الجامع لعلوم الإمام أحمد - الفقه

أحمد بن حنبل

مدونة الحنابلة (1) الجامع لعلوم الإمام أحمد تأليف خالد الرباط - سيد عزت عيد (بمشاركة الباحثين بدار الفلاح) «قسم الفقه 1» [المجلد الخامس]

كتاب الطهارة

كتاب الطهارة أبواب المياه أقسامها وأحكامها 129 - أولًا: الماء المطلق قال إسحاق بن منصور: قلتُ: ماءُ البحرِ؟ قال: هو طهورٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (48) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الوضوء بالماء الحميم؟ قال: ما بأس به. قال إسحاق: كما قال، وكذلك الغسلُ بالماءِ الحميم، وأما الماءُ المشمسُ فقد كرهه قومٌ، لحال ما يُخشى مِن نزولِ داءٍ به، يصف الأطباء ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (142) قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن الوضوء في الماء الراكد؟ فقال: يتوضأ منه ولا يتوضأ فيه. قال: وسمعتُ أبا عبد اللَّه يُسأل عن البئرِ ماؤها دائم؟ فقال: ربما كان له ماؤه، ثمَّ قال: وإن كانت له ماؤه فهو واقف لا يجري ليس هو بمنزلة الجاري. "سنن الأثرم" (61، 60) قال صالح: قلت: الغسل من ماء زمزم، وقد قال العباس: لا أحلها لمغتسل (¬1)؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في "العلل" 2/ 187، وعبد الرزاق 5/ 114 (9114)، والأزرقي في "تاريخ مكة" 2/ 58، والفاكهي في "أخبار مكة" 2/ 63 (1159).

فقال: يتمالك الناس من هذا؟ ! قال: وكان سفيان بن عيينة يحكي عن ابن عباس: لا أحلها لمغتسل (¬1)، فيحكي عن العباس وابن العباس. "مسائل صالح" (1094) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: لا يعجبنا أن يتوضأ من ماء راكد إلا أن يكثر. "مسائل أبي داود" (10) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: الماء المكشوف يتوضأ منه؟ قال: إنما أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اللَّه أن يغطى (¬2) -يعني: الإناء- لم يقل لا يتوضأ به. "مسائل أبي داود" (16) قال ابن هانئ: سألته عن الماء الدائم؟ قال: مثل آبارنا هذِه. "مسائل ابن هانئ" (25) قال ابن هانئ: ثنا أحمد بن حنبل، قال: ثنا أبو القاسم بن أبي الزناد، قال: حدثني إسحاق -يعني: ابن حازم- عن ابن مقسم -يعني: عبيد اللَّه بن مقسم- عن جابر بن عبد اللَّه قال: سئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ماء البحر، فقال: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" (¬3). "مسائل ابن هانئ" (27) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 115 - 115 (9115)، وابن أبي شيبة 1/ 41 (385)، والأزرقي في "تاريخ مكة" 2/ 58، والفاكهي في "أخبار مكة" 2/ 63 (1165). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 355، والبخاري (3280) ومسلم (2014) من حديث جابر مرفوعًا بلفظ: "غطوا الإناء، وأوكوا السقاء" الحديث واللفظ لمسلم. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 373 وابن ماجه (388)، وابن الجارود (879)، وابن خزيمة (112)، وابن حبان 4/ 51 (1244)، قال ابن منده، وقد روى هذا الحديث =

قال ابن هانئ: سألتُ أبا عبد اللَّه عن حديث العباس لا أحلها لمغتسل وهي لشارب حل وبل. قال أبو عبد اللَّه: حل محلل له. "مسائل ابن هانئ" (870) قال عبد اللَّه: قال أبي: حل وبل، قال: حل محلل. "العلل" لعبد اللَّه (2490). قال أحمد رحمه اللَّه في رواية على بن سعيد، وقد سُئل عن الوضوء من ماء البحر، فقال: لا بأس به. وذكر حيث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هو الطهور ماؤه، الحلال ميتته". "العدة في أصول الفقه" 2/ 607. قال ابن المنادى: حدَّثنا أحمد بن محمد ابن حنبل، حدثنا أبو القاسم، عن ابن أبي الزِّناج، قال: أخبرني إسحاق بن حازم، عن ابن مقسم -يعني: عبيد اللَّه- عن جابر: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل عن البحر؟ فقال: "هو الطهورُ ماؤه، الحلُّ ميتته" (¬1). "الطبقات" 1/ 340 قال في رواية أبي طالب: أهل الشام يروون فيه -أي: الماء المشمس- شيئًا لا يصح. "المبدع" 1/ 37. ¬

_ = عبيد اللَّه بن مقسم عن جابر، والأعرج عن أبي هريرة ولا يثبت. وانظر: "الإمام" 1/ 107، وفيه رجح الإمام ابن دقيق العيد تقوية ابن السكن لهذا الحديث حيث قال ابن السكن: حديث جابر أصح ما روي في الباب. (¬1) التخريج السابق.

130 - الماء المستعمل وحكم أسار بني آدم وأسار البهائم

130 - الماء المستعمل وحكم أسار بني آدم وأسار البهائم قال إسحاق بن منصور: قلتُ: مَا يُكره مِنْ سُؤْرِ الدَّوابِ؟ قال: الحمار والبَغل، وَما سوى ذَلِكَ فليس به بأسٌ. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (34) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: سُؤْر المرأةِ الجنبِ والحَائِض والمشركِ؟ قال: أما سؤر المرأة الجنب والحائض فلا بأس به، ولا أدري ما سُؤْر المشرك. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (39) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: قولُ ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: لا يجنبُ الإنسانُ ولا الأرضُ ولا الثوبُ ولا الماءُ (¬1)؟ قال الإمامُ أحمدُ: أمَّا مَا أعرفُ فهو إذا اغتسلَ أو غسلَ الشيء فقد ذهبَتْ جنابتُهُ. لم يفسره بأكثر مِنْ ذَلِكَ. قال إسحاق: إنَّما معنى قول ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: ليس على الثوبِ جنابة (¬2)، يقولُ: مَا أصابَهُ مِنْ الأقذارِ فلا يجبُ عليه الغسلُ، لأنَّ غسلَ الثياب ليسَ بفرضٍ في القرآنِ، وَكَذَلِكَ يَرى أصحابُهُ: عطاء (¬3) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 159 (1828)، والبيهقي 1/ 267. (¬2) رواه عبد الرزاق 1/ 91 (309)، 1/ 372 (1450). (¬3) رواه عبد الرزاق 2/ 357 (3689، 3690).

وطاوس (¬1)، ومجاهد (¬2)، وسعيد بن جبير (¬3)، وفي قولِهم ببيان تفسير ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، وأما قولُه: ليسَ على الأرض جنابة يقول هي محتملة للأقذارِ إذا يَبِسَتْ حتَّى يذهبَ أثرُهَا، وأما أمرُ الماءِ حيثُ قال: لا يجنب فهو بيَّن بهِ، يقول: الماءُ يُطَهِّرُ ولا يطهر، وأمَا قولُه: لا يجنب الإنسان فيقول: إذا أصابته الجنابةُ فلَهُ أَنْ يتمسحَ به أو يأخذَ بيدِهِ أو يصافحَه، أو أدخلتَ يدَك في إناءٍ أو انصب عليك ماءٌ فأصابَ ثوبَكَ مِنْهُ وما أشبه ذلك. "مسائل الكوسج" (43) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الجنبُ أو الحائضُ يغمسُ يدَه في الإناءِ؟ قال: كنتُ لا أَرى به بأسًا ثُمَّ حدثت: عن شعبة، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر (¬4) -رضي اللَّه عنهما-، كأني تهيبتهُ. قال إسحاق: وتركُه أفضل، فإنْ غَمَسَ يدَهُ وهي نظيفةٌ لم يفسد الماءَ لما وصفنا عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- وغيرهِ. "مسائل الكوسج" (45) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الدابةُ تقعُ في البئرِ؟ قال: كلُّ شيءٍ لا يُغيرُ ريحَه ولا طعمَه فلا بأسَ بِهِ إلا البول والعذرة الرطبة. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 129 (1481). (¬2) رواه عبد الرزاق 2/ 358 (3696). (¬3) رواه عبد الرزاق 2/ 358 (3695). (¬4) رواه ابن أبي شيبة 1/ 81 (892).

قال إسحاق: كما قال، والبولُ والعذرةُ لا ينجسان إلا ما يكونُ من الماءِ أقل مِنْ قُلتين. "مسائل الكوسج" (46) (*) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: يغتسلُ الرجلُ والمرأةُ مِنْ إِناءٍ واحدٍ؟ قال: نعم، ولا يعجبني أن يتوضأَ إذا خلت بِهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (57) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا وَلغَ الهِرُّ في الإِناء؟ قال: أرجو أن لا يكونَ به بأس. قال إسحاق: كما قال بلا شك كما سنَّ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذَلِكَ (¬1). "مسائل الكوسج" (140) قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن الوضوء من فضل المرأة، فقال: أما إذا خلت به فقد كرهه غير واحد من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأما إذا كانا جميعًا فلا بأس به. واحتج بحديث عائشة: كنت أغتسل أنا والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من إناء واحد (¬2). وقال: قيل لأبي عبد اللَّه: فالمرأة تتوضأ بفضل الرجل؟ فقال: أما الرجل فلا بأس به، إنما كرهت المرأة. وقال: قلت لأبي عبد اللَّه مرة أخرى: فضل وضوء المرأة؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 303، وأبو داود (75)، والترمذي (92)، والنسائي 1/ 55 من حديث أبي قتادة بلفظ: "إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم. . . ". وصححه الألباني في "الإرواء" (173)، و"صحيح أبي داود" (68). (¬2) رواه البخاري (250)، ومسلم (319). (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ورد في ملحق التصويبات بآخر الكتاب ما نصه: رواية إسحاق بن منصور رقم (46) في مسألة "الماء المستعمل" تنقل إلى مسألة "الماء المتنجس" صـ 178 من نفس المجلد.

قال: إذا خلت به فلا يتوضأ منه، إنما النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رخص أن يتوضآ معًا جميعًا، وذكر حديث الحكم بن عمرو (¬1)، وقال: هو يرجع إلى أنه إذا خلت به إلى الكراهية. "سنن الأثرم" (72، 73، 74) قال صالح: وسألت أبي عن الوضوء من الماء الذي ترد السباع؟ قال: إذا كان قدره قلتين فلا بأس. والقلتان: أربع قرب فما فوق. "مسائل صالح" (67) قال صالح: وسألت أبي عن سؤر الكلب، والسنور، والحمار يتوضأ منه؟ قال: سؤر السنور أرجو أن لا يكون به بأس. وقال: الحمار لا يعجبني أن يتوضأ منه، والكلب يُغسل منه الإناءُ سبع مرات. وقال في سؤر الفرس: لا بأس به. "مسائل صالح" (69) قال صالح: قلت: يتوضأ الرجل بوضوء الرجل؟ قال: لا يعجبني، ما سمعت في هذا شيئًا. "مسائل صالح" (304) ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (82)، والترمذي (64)، وقال: حسن، والنسائي 1/ 179، وابن ماجه (373)، بلفظ: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة. قال المنذري: قال البخاري: لا أراه يصح عن الحكم بن عمرو "مختصر سنن أبي داود" 1/ 80، وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (75) بعد أن صححه: وهذا من الإمام جرح مبهم؛ فلا يقبل، ولعل سوادة لم تثبت عنده عدالته، أو لقاؤه للحكم؛ فقد ثبت ذلك عند غيره كما سبق؛ وإنما يشترط التصريح باللقاء عند الجمهور من المدلس فقط؛ خلافًا للبخاري. اهـ.

قال صالح: وسألته عن جنب وضع له ماء، فأدخل يده ينظر حره من برده؟ قال: إن كان أصبع أرجو أن لا يكون به بأس. قلت: فاليد أجمع؟ فكأنه كرهه. "مسائل صالح" (435) قال صالح: وسألت أبي عن فضل الجنب والحائض؟ فقال: إذا خلت به فلا يعجبني، ولكن إذا كان جميعًا فلا بأس به. "مسائل صالح" (437) قال صالح: الجنب يدخل فمه في الماء، فيغسل بالماء الذي بفمه يده؟ قال: فمه ويده سواء. "مسائل صالح" (1328) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل، قال: أكره سؤر الحمار والبغل. "مسائل أبي داود" (13) قال أبو داود: سمعت أحمد سئلَ عن الوضوء بفضل وضوء المرأة؟ قال: إن خلت به فلا. قيل: فإن لم تخل؟ قال: فلا بأس، كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والمرأة من نسائه يغتسلان من إناء واحد (¬1). "مسائل أبي داود" (15) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن سؤر الحمار والبغل؟ قال: يعجبني أن أتوقاه. "مسائل أبي داود" (142) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 329، والبخاري (253) ومسلم (322) عن ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وميمونة كانا يغتسلان من إناء واحد.

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن سؤر الحمار: هل يجوز الوضوء منه؟ قال: لا يجوز الوضوء منه، ولا من نفخه، ولا من عَرَقِه. "مسائل ابن هانئ" (8) قال ابن هانئ: وسئل: عن سؤر الحمار؟ فقال: توقَّ سؤر الحمار، والبغل خاصة. "مسائل ابن هانئ" (11) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل والمرأة يغتسلان من إناء واحد؟ فقال: لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (12) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا بأس أن تتوضأ -يعني: المرأة- وهو يراها ما لم تخلو به على حديث ابن سرجس. "مسائل عبد اللَّه" (18) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: والمرأة إذا خلت به -يعني: الوضوء- لا يعجبني أن يتوضأ بفضلها إلا أن يكونا جميعًا. "مسائل عبد اللَّه" (19) قال عبد اللَّه: سألت أبي: ما يكره من سؤر البهائم كلها، وما لا بأس به منها؟ فقال: يكره سؤر الحمار، وسؤر الكلب يغسل مرات. "مسائل عبد اللَّه" (22) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: قلت: يتوضأ من سؤر الدواب والطير مما أكل لحمه، ومما لم يؤكل؟ قال: أما سؤر البغل والحمار فلا، وأما الفرس، والدابة، والشاة، والبعير، والبقرة فلا بأس به. وقال: ولا بأس بالحمام.

وقال: والدجاج إذا لم يكن مرعاه مرعى سوء. وقال: وما كان من الطير لا يضبط مرعاه، فلا يعجبني. "مسائل عبد اللَّه" (24) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن سؤر الهر؟ فقال أبي: لا بأس به. "مسائل عبد اللَّه" (27) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يدخل يده في الإناء، وهو جنب ولم يمسها أذى ولم ينم؟ قال: إن كان لم ينم فأرجو أن لا يكون به بأس، وإن نام يغسلها. "مسائل عبد اللَّه" (38) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قال: والسنور أرجو أن لا يكون بسؤره بأس. "مسائل عبد اللَّه" (1631) نقل عنه حنبل في الوضوء بالماء المستعمل: أنه لا يباح. "تهذيب الأجوبة" 1/ 531 روى عنه أبو الحارث وإسماعيل بن سعيد في سؤر السباع: أن سؤرها طاهر. قال الدينوري: قال في لعاب الحمار والبغل: إن كان كثيرًا لا يعجبني. "الطبقات" 1/ 246 قال محمد بن ماهان: سُئل أحمد -وأنا أسمع- يُتوضأ بفضل وضُوء المرأة؟ قال: نعم، إلا أن تكون خلت هي بالإناء وحدها، فلا يُتوضأ بفضل وضوئها، وإذا اغترفا من الإناء فلا بأس به. "الطبقات" 2/ 363

131 - ثانيا: الماء المتغير

وروى عنه إسماعيل بن سعيد: لا بأس بسؤر السباع؛ لأن عمر قال في السِّباع: ترد علينا، ونرد عليها. "المغني" 1/ 53: 54 قال البرزاطي: سألته: الرجل يُتوضأ بفضل وضوء المرأة وسؤرها؟ قال: أكره ذلك. قلت: فإن توضأ وصلى؟ قال: لا آمره بالإعادة. "بدائع الفوائد" لابن القيم 4/ 47 قال في رواية أبي طالب: أكثر أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولون ذلك -أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة- وهذا لا يقتضيه القياس. "معونة أولي النهى" 1/ 167. 131 - ثانيًا: الماء المتغير قال إسحاق بن منصور: قلتُ: يُتوضأ بالنبيذ واللبن؟ قال: لا يُتوضأُ بِهِمَا، وكلُّ شيءٍ غُير حتَّى ذهبَ عنهُ أسمُ الماءِ فلا يُتوضأ بِهِ. قال إسحاق: كما قال. فإن ابتلي وتوضَّأَ بالنبيذِ حلوًا -كمَا وَصَفَ أبو العالية (¬1) تمرات ألقيت في الماءِ حتَّى غيرَ اللون- فهو أحبُّ إليَّ من التيممِ وجَمْعُهُمَا أحبُّ إليَّ. ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 1/ 12 - 13.

قلتُ: الرجلُ يتوضأُ فينتضح مِنْ وضوئِهِ في إنائِهِ؟ قال: لا بأس بِهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (42) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: والماء الذي يقطرُ من ضبان (¬1) الكرم لا يجوز الوضوءُ به قال إسحاق: لأنه منسوبٌ إلى ماءِ الكرم، وكل ما يضاف إلى شيء ليس هو مِنْ أصلِ الماءِ الذي أمرَ اللَّهُ تبارك وتعالى الطهارة به لم يجزه؛ لأنه كماء البيض، وكماء الورد، وكماءِ العصفر وما أشبهه. "مسائل الكوسج" (114) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: قيل لابن عباس: أيتوضأ باللبن؟ قال: قد أحببتم اللبن. قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] إذا لم يجد الماء يتيمم. "مسائل ابن هانئ" (56) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: كل شيء يتحول عن اسم الماء لا يعجبني أن يتوضأ به، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6]. وقال: يتيمم أحب إليّ من أن يتوضأ بالنبيذ. "مسائل ابن هانئ" (26) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، قال: النبيذ وضوء -وإن لم نجد غيره (¬2). ¬

_ (¬1) الضّبْنُ: هو الإبط وما يليه. (¬2) رواه أبو يعلى 9/ 273 (5395)، وقال الهيثمي في "المجمع" 1/ 215: ورجاله ثقات. =

قال الأوزاعي: إن كان مسكرًا فلا يتوضؤا منه. سمعت أبي يقول على أثر هذا الحديث: كل شيء يتحول عن اسم الماء، لا يعجبني أن يتوضأ به. قال أبي: قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً فتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6]. قال أبي: يتيمم، أحب إلي من أن يتوضأ بالنبيذ. "مسائل عبد اللَّه" (17) قال الإمام أحمد في رواية الميموني عنه، وقد سأله رجل: أيتوضأ بالنبيذ؟ فقال: كل شيء غير الماء لا يتوضأ به. فقيل له: فحديث ابن مسعود (¬1)؛ فقال: يرويه هذا الرجل الواحد ليس بمعروف، يمنع من الوضوء بالنبيذ. واحتج في ذلك بالآية. "العدة في أصول الفقه" 1/ 341. كذلك قال في رواية الميموني: لا يتوضأ بماء الورد، هذا ليس بماء، وإنما يخرج من الورد. وقال أحمد في رواية الميموني عنه: يتوضأ بماء الباقلاء، وماء الحمص؛ لأنه ماء، وإنما أضفته إلى شيء لم يفسده، وإنما غير لونه. "العدة في أصول الفقه" 2/ 475، "التمهيد في أصول الفقه" 4/ 41. قال حرب: قال الإمام أحمد: لا تتوضأ بكل شيء زال عنه اسم الماء. ¬

_ = قال الحافظ في "الفتح" 1/ 354: وهو قول عكرمة مولى ابن عباس، وروي عن علي وابن عباس، ولم يصح عنهما. قلت: يعني مرفوعًا بهما، وموقوفًا على ابن عباس. (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 449، وأبو داود (84)، والترمذي (88)، وابن ماجه (384)، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (11).

132 - ثالثا: الماء المتنجس

وقال أبو بكر الصاغاني: قال في الماء إذا نُقع فيه الزعفران وغيره: إذا لم ينسب الماء إليه فيقال ماء كذا فلا بأس به. "الانتصار" 1/ 122 قال عبد الكريم بن الهيثم: سمعت أبا جعفر شامطًا القطيعي يقول: دخل علي أبي عبد اللَّه، فقلت: أتوضأ بماء النورة؟ فقال: ما أحب ذلك. قلت: أتوضأ بماء الباقلاء؟ قال: ما أحب ذلك. قلت: أتوضأ بماء الزردج؟ قال: ما أحب ذلك. قال: فقمت، فتعلَّق بثوبي، ثم قال: أيش تقول إذا دخلت المسجد؟ فسكت. فقال: وأيش تقول إذا خرجت من المسجد؟ فسكت. فقال: اذهب فتعلَّم هذا. "الطبقات" 1/ 87 132 - ثالثًا: الماء المتنجس قال إسحاق بن منصور: قلتُ: ما معنى قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "لا يَبُولَن أَحدُكم في الماءِ الدائِمِ. ثم يتَوَضَّأُ مِنْه" (¬1)؟ قال: إذا كان يبولُ في بئرٍ مثل آبارِنَا هذِه التي نَعْرفُ منها فَأَرى أنْ يُنزحَ الماءَ حتَّى يغلِبَهُم، وأما مثلُ هذِه المصانع المحدثة في طريقِ مكةَ فَلاَ ينجس ذَلِكَ شيء، وَمن أين كَانَ لهم مثلُ هذِه المصانع! ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 259، 346، والبخاري (239) ومسلم (282)، وأبو داود (69)، والترمذي (68)، والنسائي 1/ 49 من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

قال إسحاق: كلما بَالَ في بئرٍ فإذا كان الماءُ قَدْرَ قُلَّتَين وَهوَ نَحْو أَرْبَعين دَلْوًا أكثر ما قِيلَ في القُلَّتين لَمْ يَنْجسْ. "مسائل الكوسج" (31) قال إسحاق بن منصور: قلت: كم قدر ما لا ينجس من الماء؟ قال: أما القلتان فأخشى عليه من البول، وأما في غير البول فلا ينجسه شيء. "مسائل الكوسج" (32) قال إسحاق بن منصور: قلت: كم قدر قلتين؟ قال: كل قلة قدر قربتين. قال إسحاق: البولُ وغيره سواءٌ، إذا كان قدر قلتين لم ينجسه شيءٌ. "مسائل الكوسج" (33) قال إسحاق بن منصور: قلت: كم يجعل بين البالوعة وبين البئر؟ قال: ما لم يغير طعمه أو ريحه فلا بأس به. قال إسحاق: كما قال، وإنما وقت من وقت خمسة أذرع أو عشرة نظرًا منهم لكي لا يتغير طعم هذِه البئر، فلو كانت البالوعة بجنبها ولم يتغير طعمه فلا بأس. "مسائل الكوسج" (36) [قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الدابةُ تقعُ في البئرِ؟ قال: كلُّ شيءٍ لا يُغيرُ ريحَه ولا طعمَه فلا بأسَ بِهِ إلا البول والعذرة الرطبة. قال إسحاق: كما قال، والبولُ والعذرةُ لا ينجسان إلا ما يكونُ من الماءِ أقل مِنْ قُلتين. "مسائل الكوسج" (46)] (*) قال إسحاق بن منصور: قلت: البول في المغتسل؟ قال: هذا مكروه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (50)

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: أضفنا المسألة هنا لأنه ورد في ملحق التصويبات بآخر الكتاب ما نصه: رواية إسحاق بن منصور رقم (46) في مسألة "الماء المستعمل" تنقل إلى مسألة "الماء المتنجس" صـ 178 من نفس المجلد.

قال إسحاق بن منصور: قلتُ: سئل سفيان عن الوزغ (¬1) يقعُ في البئرِ؟ قال: يستقي منها دلاء. قال: لا، إلا ما غَيَّرَ ريحه أو طعمه. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (98) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ الإمامُ أحمدُ عن ماء الوضوء: أيجزئ في الكنيف؟ قال: إنما يكره من ذاك أن يكونَ البولُ قريبًا من مُغتسل الإنسانِ. "مسائل الكوسج" (402) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أيُغيَّرُ الماء من ورقٍ؟ قال: لا، إلا من مجانبته هذِه الحياض إذا لم يحرك ماؤها تغير فيها. قُلْتُ لإسحاقَ: فَسّر لي القلتينِ، والمصتين، وكيف حالهما، وإلى ما يؤول كل واحدٍ منهما؟ قال: أمَّا القلتانِ فهو الذي قال به أصحابُنَا كلهم بأنَّ مقدار ذَلِكَ خمسُ قِربٍ، القُلَّة قِربتانِ ونصف، ولكن ما اختار النضر بن شميل حيث فسَّر القلة: الجب العظيم. هو أحبُّ إليَّ؛ لما قال النضر: جيبة يجاء بها مِنْ مصر يُقال لها: الحلج لم نسمع بقلة أعظم منها؛ لما يقال قلال هَجَر، فإذا قست القلة على الجابية العظيمة كان نحوًا من عشرين دلوًا، فيكون ذلك تصديقًا لما قال أبو هريرة -رضي اللَّه عنه-: إذا كان الماء الدائم أربعين غربًا لم ينجسه شيءٌ (¬2). "مسائل الكوسج" (403) ¬

_ (¬1) الوزغ: نوع من الدواب شبيه بالسحالي، يطلق عليه: سامُّ أبْرَصَ، مركبة هكذا، ويسميه العوام: البرص. (¬2) رواه الدارقطني 1/ 27، وصححه.

قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عن بئرٍ مات فيها ضِفْدَع فغير ريحَ الماءِ؟ قال: فما بقي؟ ! قلت: إنهم يقولون إنَّ الضِّفْدَعَ من دواب الماء. قال أحمدُ: لا، قدْ فسدَ الماءُ. "مسائل الكوسج" (424) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عنِ شاةٍ مذبوحةٍ وقعتْ في بئرٍ تغير ريح الماءِ؟ قال: لا بأسَ، إنما إذا كان من نجاسةٍ. "مسائل الكوسج" (439) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: بئرٌ تغير ماؤها من نجاسةٍ؟ قال: يعيدُ الصلاةَ ويغسلُ الثيابَ، وإن عجن بذلك الماءِ فلا يطعمه شيئًا يُؤكلُ لحمُه أو يُشْربُ لبنُه. "مسائل الكوسج" (441) قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن البئر تقع فيها السنَّورُ وما أشبهه؟ فقال: إذا كان الماء كثيرًا ولم يتغيَّر فلا ينجس. قيل له: ولا ينزح منها شيء؟ قال: لا. فذكر لأبي عبد اللَّه: عن عبد اللَّه بن داود أنه قال: لو أن إنسانًا أصاب سنورًا قد تفسَّخ في بئر، وقد كان توضَّأ منها، لقلت له: أعد صلاة ثلاثة أيَّام. فضحك أبو عبد اللَّه كالمتعجب، وقال: من أين قال: ثلاثة أيَّام؟ ! قيل له: تقول إنَّ السنَّور لا تتفسَّخ في أقل من ثلاثة أيَّام؟

قال: فلعلَّها تفسَّخت قبل ذلك! ثمَّ قال: إنما يكون القياس على أصل يشبه، وعليه؛ هذا من أين جاء به؟ ! ثمَّ قال أبو عبد اللَّه: هو أيضًا يقول: لو أخرجها من ساعتها ينجس الماء، كالمنكر لذلك. قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه يقولُ: إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء حتَّى يتغير طعمًا أو ريحًا، إلا من البول والغائط. وقال: وسمعت أبا عبد اللَّه يسأل: كم القلتين؟ فقال: قالوا: قربتين. وقال: وسمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن تفسير القلتين فقال: القلة قربتان، هكذا فسر ابن جريج في كلام. "سنن الأثرم" (51: 54) قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن الغدير يجتمع فيها الماء، فيجيء الرجل فيتوضأ منه فيرى فيه العذرة في نواحيه؟ فجعل يظهر كراهية العذرة. "سنن الأثرم" (62) قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن المصانع التي بطريق مكة؟ فقال: ليس تنجس تلك عندي شيء. قلت له: ولا بول ولا شيء؟ ! قال: ولا بول ولا شيء إذا كثر الماء حتى يكون مثل تلك المصانع. "سنن الأثرم" (65) قال صالح: وسألت أبي عن الماء الذي يلقى فيه الجيفة، والمحايض؟ قال: إذا كان قدر القلتين فلا بأس ما لم يتغير طعم أو ريح.

وقال: والبول والعذرة ينزح حتى يغلبهم الماء، والعذرة حتى لا يبقى منها شيء. "مسائل صالح" (68) قال صالح: وسألته عن بئر يصب فيها بول؟ قال: تنزح، لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن يبال في الماء الدائم. قلت: وإن كان البول قليلًا؟ قال: لا أدري. قد نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يبال في الماء الدائم (¬1). قلت: فإنا قد توضأنا منها أيامًا وصلينا؟ قال: تعاد الصلوات. قلت: فإنا لا ندري كم يوما صلينا؟ قال: تتوخون أكثر ما ترون؛ حتى لا يكون في قلوبكم شيء. قلت: فالثياب؟ قال: تغسل الثياب. "مسائل صالح" (107) قال صالح: وقال: الذي سمعنا أن الماء إذا كان قدر قلتين أو ثلاث لم ينجس، والقلال: قلال هجر، يقال: إن القلة تَسَعُ نحو القربتين، فإذا كان الماء خمس قرب، ست قرب -كلما كان أكثر- فهو أحب إلينا لم ينجسه إلا ما كان غير طعمه أو ريحه، فإذا تغير طعم أو ريح أو لون لم يقرب، إلا البول والعذرة الرطبة التي تقع في الماء فلا يقدر عليها، فإن ذلك ينجس إلا أن تكون هذِه المصانع التي في طريق مكة؛ فإن ذلك لا ينجسه شيء. "مسائل صالح" (201) ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه.

قال صالح: قلت: بئر وقع فيها نقطة خمر؟ قال: ما لم يغير طعم أو ريح. قلت: فنقطة بول؟ قال: أتوقاه؟ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يبول أحدكم في الماء الدائم" (¬1). "مسائل صالح" (533) قال صالح قلت: ما تقول في حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يبل أحدكم في مستحمه" (¬2)؟ قال: يقال إن منه الوسواس إذا كان يبول موضعًا يغتسل فيه. "مسائل صالح" (557) قال صالح: قال أبي: الماء الدائم: ما كان ليس له مدد، وكل شيء محظور عليه. البئر يقولون: لها عيون؟ وقال: البئر هو محظور عليها. قلت: فمثل حياض مكة؟ قال: ذاك ما تكلموا في مثل بئر بضاعة، وما يشبهها. "مسائل صالح" (966) قال صالح: قال أبي: المصانع التي في طريق مكة ليس بنجسة، ولا ينجسها بول ولا شيء، والحديث الذي جاء -واللَّه أعلم- "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه" (¬3). إنما هو على آبار المدينة ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 56، وأبو داود (27)، والترمذي (21)، والنسائي 1/ 34، وابن ماجه (304). وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرف مرفوعًا إلا من حديث أشعث بن عبد اللَّه. (¬3) تقدم تخريجه.

وما أشبهها، فأما المصانع لا ينجسها شيء عندي؛ لسعتها وما فيها من الماء. "مسائل صالح" (1036) قال أبو داود: سمعت أحمد بن محمد بن حنبل قال له الوركاني (¬1): بئر لنا وقعت فيها فأرة؟ فقال أحمد: إن لم تغير طعم الماء وريحه فلا نرى لها بأسا. فقال له الوركاني: نحن نزحنا الماء؟ قال أحمد: ما بقي من الماء ما تصنع به؟ ! ثم قال أحمد: يقع في بئرنا مثل هذا كثير فنخرجه فنرمي به. ثم قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء" (¬2)، قال أحمد: فإن تغير طعمه أو ريحه؛ نزح حتى يطيب. قال له الوركاني: من ماء المطر قد تتغير (يعني: البئر)؟ قال: ليس ذلك تنجسه إنما ذاك تغيره مما أصابه من الطين. "مسائل أبي داود" (2) قال أبو داود: سمعت أحمد وقيل له: فأرة وقعت في بئر؟ قال: كم فيها من الماء؟ قال: قدر عشر قرب. قال: إذا لم يتغير طعمه ولا ريحه فلا بأس. "مسائل أبي داود" (3) ¬

_ (¬1) هو محمد بن جعفر بن زياد بن أبي هاشم الوركاني، أبو عمران الخراساني، سكن بغداد، كان جارًا لأحمد بن حنبل، وكان أحمد يرضاه ويوثقه، ويشير به، وكذا وثقه ابن معين وأبو زرعة. ترجمته: في "تاريخ بغداد" 2/ 116 و"تهذيب الكمال" 24/ 580 - 583. (¬2) تقدم تخريجه.

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: فإذا تغير طعمه أو ريحه نزح منه حتى يعود كما كان. "مسائل أبي داود" (4) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: قيل له قطيفة صبي ينام فيها وقعت في بئرٍ؟ قال: ينزحُ [. . .] إن كان يبول في القطيفة قيل له: فإن لم يكن صبي يبول؟ قال: فلا بأس. "مسائل أبي داود" (6) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: البئر يقع فيها الفأرة والسنور؟ فقال: أما مثل هذِه الآبار إذا كان الماء كثيرًا ما لم يتغير طعمًا أو ريحًا فأرجو، إلا من بولٍ. "مسائل أبي داود" (7) قال أبو داود: قلت لأحمد بن حنبل: حمامات بالشام فيها حياض تمتلئ ماء فإذا أخذ منه أو غرف زاد الماء حتى ينتهي إلى حيث كان أعني مما يصب فيه، يدخله الجنب؟ قال: لا، هذا مثل البئر. "مسائل أبي داود" (8) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: فالبئر لا يدخلها الجنب؟ قال: لا يعجبني أن يدخلها، يغتسل فيها. "مسائل أبي داود" (9) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: كم القلتان؟

قال: خمس قرب. "مسائل أبى داود" (11) قال ابن هانئ: قال: قيل لأبي عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل رضي اللَّه عنه وأنا أسمع قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الماء لا ينجسه شيء" (¬1). قال: إذا كانت البئر مثل آبارنا هذِه وآبار المدينة، فإن بال فيها إنسان نزح الماء كُلُّه، لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يبال في الماء الدائم، ثم يتوضأ منه" (¬2) إلا أن يغلبهم الماء، وأما المصانع التي بطريق مكة وما أحدث الناس، فلا ينجس هذا شيء إلا أن يقع فيه شيء فيغير الماء. "مسائل ابن هانئ" (1) قال ابن هانئ: قيل له: جب وقع فيه قطرة دم أو خمر؟ قال: يصب الماء منه. "مسائل ابن هانئ" (2، 1783) قال ابن هانئ: قلت: إناء وقع فيه وزغة لم تمت، يتوضأ منه؟ قال: أرجو ألا يكون به بأس. "مسائل ابن هانئ" (3) قال ابن هانئ: قلت: فإن وقع في الإناء فأرة لم تمت، يتوضأ منه؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل ابن هانئ" (4) ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (66)، والترمذي (66)، وقال: حسن، والنسائي 1/ 174، وصححه ابن الملقن في "البدر المنير" 1/ 394، وقال الحافظ في "تلخيص الحبير" 1/ 13: وقد جوده أبو أسامة، وصححه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو محمد ابن حزم. اهـ. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (60). (¬2) تقدم تخريجه.

قال ابن هانئ: وسمعته يقول: كل شيء وقع فيه الوزغ يُلقى كله. "مسائل ابن هانئ" (5) قال ابن هانئ: وسئل عن سِنّور وقعت في جُب؟ قال: يصب الماء. "مسائل ابن هانئ" (6) قال ابن هانئ: سألته: عن صبي له أربعون يومًا أو أكثر، إلى سبع سنين، وقعت خرقته في البئر؟ قال: هؤلاء لا يخلون أن يكون في خرقهم بول، تنزح البئر. "مسائل ابن هانئ" (7) قال ابن هانئ: سئل أبو عبد اللَّه: عن رجل توضأ من إجَّانة؟ قال: إن كان نجسًا فلا يتوضأ منه. "مسائل ابن هانئ" (9) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن البئر يقع فيها شيء ينجسها؟ قال: إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء -القلتان: خمس قرب إلى ست قرب- إلا العذرة الرطبة، والبول فإنها تنزع، وأما العذرة اليابسة فإنها تلتقط ولا تتقطع. "مسائل ابن هانئ" (24) قال ابن هانئ: قلت: إناء وقع فيه وزغة لم تمت، يتوضأ منه؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل ابن هانئ" (1759) قال ابن هانئ: قلت: فإن وقعت في الإناء فأرة لم تمت، يتوضأ منه؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل ابن هانئ" (1760)

قال ابن هانئ: وسمعته يقول: كل شيء يقع فيه الوزغ يلقى كله. "مسائل ابن هانئ" (1761) قال المروذي: سئل أبو عبد اللَّه: عن شوك المقابر، وقال له السائل: إن عندنا بخراسان، تنورًا [. . .] (¬1). تشم رائحة الكافور منه؟ قال أبو عبد اللَّه: قد كره طاوس (¬2) أن يتوضأ من البئر التي في المقبرة. "الورع" (294) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل حفر بئرًا في دار، وبين البئر وبين خندق في قرب السجن مقدار خمسة عشر ذراعًا، فخرج الماء متغير اللون، ما ترى فيه؟ قال: إن كان طيب الريح، وإن لم يكن طيب الريح فالطعم. فقال: إن كان تغير الماء من نجاسة السجن، فلا يقرب هذا الماء، يُعطل البئر، وإن كان هذا الماء إذا نزح عاد إلى ما لا يكون فيه تغير: في لون، ولا ريح، ولا طعم، فأرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل عبد اللَّه" (1) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي، قال: وإذا تغير ريح الماء من الشيء وقع فيه من الميتة، أو طير وقع فيه فمات، فلا يعجبني أن يتوضأ منه. "مسائل عبد اللَّه" (2) قال عبد اللَّه: قلت: وإن وقع صرصر في ماء وأخرج وهو حي؟ ¬

_ (¬1) قال محقق "الورع": كلمة لم أتبينها، ووقعت الجملة في "ط" هكذا: "سئل أبو عبد اللَّه عن سواك المقابر، وقال له السائل: إن عندنا بخراسان تنور أُسْجر تشم". (¬2) هو ابن كيسان اليمامي.

قال: إن كان قليلًا فلا يعجبني، وإن كانت مما يأوي الكنف والبلاليع، فلا يعجبني أن يتوضأ منه. قال: وأما السمك إذا غير الماء، فأرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل عبد اللَّه" (3) قال عبد اللَّه: قلت: الضفدع والسلحفاة؟ قال: ما أجترئ عليه، ولا بأس بأكل السلحفاة. "مسائل عبد اللَّه" (4) قال عبد اللَّه: سألت أبي: كم أقرب ما يكون بين الماء والخرج؟ قال: ما لم يكن له ريح، ولم يغير طعمه. "مسائل عبد اللَّه" (5) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن البئر يقع فيها الطير والعصفور، ونحو هذا أو ما أشبهه؟ فيقول: لا بأس به، ما لم يغير ريح أو طعم. قال: إلا أن يكون بول أو عذرة رطبة، فأعجب إلي أن ينزح ماؤها كله. "مسائل عبد اللَّه" (6) قال عبد اللَّه: سئل أبي وأنا أسمع عن الماء الراكد يتوضأ منه -يعني إذا كان فيه نجاسة؟ قال: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كان الماء قلتين لم ينجس" (¬1). والقلتان: قال ابن جريج: الذي يحيرني أن القلة من قلال هجر تَسَعُ قربتين. "مسائل عبد اللَّه" (8) ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (63)، والترمذي (67)، والنسائي 1/ 175، وابن ماجه (517). قال الزيلعي في "نصب الراية" 1/ 104 ما ملخصه أنه مضطرب في المتن والسند، وتعقبه الألباني في "صحيح أبي داود" (58) يرد هذا الاضطراب. وصححه أحمد شاكر في "سنن الترمذي" 1/ 98.

قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قلت: إذا اغتسل الجنب في بئر أو غدير من الماء أقل من قلتين أيجزيه ذلك؟ قال: لا يجزيه. "مسائل عبد اللَّه (9) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن بئر انصب فيه بول؟ قال: ينزح؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد نهى أن يبال في الماء الدائم (¬1). قلت لأبي: فإنهم لا يدركون كم قد توضئوا منها أيامًا وصلوا؟ قال: تعاد الصلوات. قيل: فإنهم لا يدركون كم يومًا صلوا؟ قال: يتوخون أكثر ما يرون حتى لا يكون في قلوبهم شيء. قلت: فالثياب؟ قال: تغسل الثياب. "مسائل عبد اللَّه" (10) قال الميموني: قيل له: إن الكنف والآبار في زيادة الماء تزيد فيسقي بعضها بعضًا. فقال: نعم، نحن إذا زادت دجلة عندنا فآبارنا والبلاليع تزيد، إلا أن الماء إذا كان قلتين ولم يتغير طعمه ولا لونه ولا ريحه فهو طاهر. "المستوعب" 1/ 104 روى إسماعيل بن سعيد عن أحمد: أن القلتين أربع قرب. قال حرب بن إسماعيل: سئل أحمد عن الماء إذا تغير طعمه أو ريحه؟ قال: لا يتوضأ به ولا يشرب، وليس فيه حديث، ولكن اللَّه تعالى حرم ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه.

133 - الشك في الماء

الميتة، فإذا صارت الميتة في الماء فتغير طعمه أو ريحه، فذلك طعم الميتة وريحها، فلا يحل له، وذلك أمر ظاهر. وقال الخلال: إنما قال أحمد: ليس فيه حديث لأنَّ هذا الحديث يرويه سليمان بن عمر، ورشدين بن سعد، وكلاهما ضعيف، وابن ماجه (¬1) رواه من طريق رشدين. "المغنى" 1/ 37 - 39 قال مهنا: سألته عمن نزل الحجر أيشرب من مائها أو يعجن به؟ قال: لا، إلا من ضرورة. "الفروع" 6/ 301. قال مهنا: سألت أحمد عن بئر غزيرة وقعت فيها خرقة أصابها بول؟ قال: تنزح؛ لأن النجاسات لا فرق بين قليلها وكثيرها. "معونة أولي النهى" 1/ 183. 133 - الشك في الماء قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عن بئرٍ كثيرةِ الماءِ وجدوا الماءَ قد تغير ريحُه، منهم من يقول: قدْ تغير، ومنهم من يقولُ: لمْ يتغيرْ، ثم وجدوا فيها عصفورًا ميتًا؟ قال: التغير شديدٌ إذا تغير من نجاسةٍ، لا يَشُكُّون أنه يعيد الصلاة من يوم تغير أو ينزح ماؤها. ¬

_ (¬1) "سنن ابن ماجه" رقم (521). قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 1/ 76: هذا إسناد فيه رشدين، وهو ضعيف، واختلف عليه مع ضعفه.

134 - استعمال الماء الذي فيه شبهة

قُلْتُ: شكوا في تغييرِهِ كأنه رَأى إذا شكُّوا أنه لا بأسَ حتَّى يستيقنوا. "مسائل الكوسج" (409) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن جرتين وقع في إحداهما بول؟ قال: البول لا يتوضأ به -يعني: أن لا يتوضأ بواحدة منهما. "مسائل أبي داود" (12) نقل عنه أبو طالب إذا اشتبه عليه إناءان أحدهما نجس: يريقهما ويتيمم. "تهذيب الأجوبة" 2/ 899 قال جعفر بن محمد: قال أحمد: إذا اشتبهت عليه إناءان طاهر ونجس لم يتوضأ منهما. "الانتصار" 1/ 459. 134 - استعمال الماء الذي فيه شبهة قال المروذي: وسمعت أبي عبد اللَّه يقول: رأيتهم بطرسوس يتوقون أمر الجواميس لا يسترون المصلي ولا غيره. قيل لأبي عبد اللَّه: إن قومًا يتوقون أن يوقد بخثي الجواميس؟ فقال: نعم، يقال إن أصلها ليس بصحيح. قيل لأبي عبد اللَّه: إنهم يقولون: إن معاوية بعث بها إليهم. قال: أرهم يصححون هذا. "الورع" (53) قال أبو بكر المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إني أسمع الشارب يقول: من بئر فلان. ممن أكره، أشرب منه؟

قال: لا. قلت: ولا أتوضأ للصلاة؟ قال: لا. قلت: فإن حضرت الصلاة ولم أجد إلا منها، أتيمم؟ قال: لا أدري. عن بلال بن كعب قال: كان طاووس إذا خرج من اليمن إلى مكة لم يشرب إلا من تلك المياه القديمة الجاهلية. "الورع" (117، 118) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إني أُدعى أغسل الميت في يوم بارد، فيفضل من الماء الحار، ترى أن أتوضأ منه؟ قال: لا، ذاك قد أسخن بكلفة، كأنه ذهب إلى أمر الورثة. سمعت موسى بن عبد الرحمن بن مهدي يقول: لما قبض عمي أغمي على أبي، فلما أفاق قال: البساط نحوه. أي: أدرجوه لعله للورثة. سمعت ابن أبي خالد الخطاب يقول: كنت مع أبي العباس الحطاب، وقد جاء يعزي رجلًا ماتت امرأته، وفي البيت بساط، فقام أبو العباس على باب البيت، فقال: أيها الرجل! معك وارث غيرك؟ قال: نعم. قال: فما قعودك على ما لا تملك، أو كلامًا ذا معناه. قال: فتنحّى الرجل عن البساط. وبلغني عن ابن الضحاك صاحب بشر بن الحارث قال: كان يجيء إلى أخته حين مات زوجها، فيبيت عندها، فيجئ معه بشيء يقعد عليه، ولم ير أن يقعد على ما خلف من غلة الورثة. "الورع" (128: 131) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: يحضر في يوم الجمعة يوم بارد، ترى أن يسخن الماء من الموضع الذي أكره؟

قال: لا. ترك الغسل أعجب إلي من هذا. "الورع" (147). قال المروذي: وسئل أبو عبد اللَّه: عن السقايات التي يعملها من تكره ناحيته، ترى أن يتوضأ منها؟ قال: لا. إلا أن يخاف فوت الصلاة. يعني: يوم الجمعة. "الورع" (433). قال ابن أبي الورد: قلت لأحمد: يا أبا عبد اللَّه الماء يسخن للميت فيغسل به، ويفضل من الماء الحار فضله: أترى للغاسل أن يغتسل به؟ قال: لا. قلت: فإنه ليس له ماء غيره. قال: يتركه حتى يبرد. "الطبقات" 2/ 354.

أبواب الوضوء

أبواب الوضوء فصل في السواك 135 - صفة استعمال السواك قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: يستاك على اللسان. "مسائل ابن هانئ" (14) 136 - أوقات استحبابه نقل حنبل عنه: لا ينبغي أن يستاك بالعشي. "الفروع" 1/ 126، "المبدع" 1/ 100، "الإنصاف" 1/ 243 137 - السواك للصائم بعد الزوال نقل الأثرم عنه: لا يعجبني. "الفروع" 1/ 126 138 - هل للصائم أن يستاك بعود رطب؟ قال في رواية الأثرم: لا يعجبني السواك الرطب. "الإنصاف" 1/ 240

صفة الوضوء

صفة الوضوء 139 - النية عند إحداث الوضوء قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا عقد النية عند إحداثِ الوضوءِ، والصلاة فَسُنَّةٌ؛ لأنَّه لابد له مِنْ أن ينوي ذلك لقول اللَّه تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَوةِ} الآية، فخاطبهم بما عقلوا وكذلك الجنابة {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ}، وقال في الصلاة: "تحريمها التكبير"، ففي ذَلِكَ أعظم الدلائل أنْ ينوي عند أخذ العمل، مع ما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الأعمال بالنية" (¬1) وكذلك الحج، يحتاج إذا حرم أنْ ينوي قضاءَ حجته المفروضة. وكذلك إذا أخرجَ الزكاة ينوي ما لزمه. والصوم إذا دخَلَ رمضان بنية صومه أجزأه، وإنْ لم يجدد النية عند كلّ يوم؛ لأنه على نيته ما لم يغيرها، فلو غير ذَلِكَ يومًا واحدًا فنواها تطوعًا لم يجزه من رمضان، وكان كالمفطر فيه، عليه الكفارة؛ لأنه لم يصم يومًا من رمضان تعمدًا، وإنما الكفارات في العمد. "مسائل الكوسج" (117) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 25، والبخاري (1)، ومسلم (1907)، وأبو داود (2201) والترمذي (1647)، وأبو داود (2201)، والنسائي 1/ 58، من حديث عمر بن الخطاب.

140 - حكم التسمية عند الوضوء، والعمل إذا نسيها

140 - حكم التسمية عند الوضوء، والعمل إذا نسيها قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا توضَّأ ولم يُسَمِّ؟ قال: لا أعلم فيه حديثًا له إسناد جيد. قال إسحاق: إذا تركَ ذلك عمدًا أعاد وإنْ كان ناسيًا أو متأولًا أجزأه. "مسائل الكوسج" (2) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ الإمام أحمدُ: إذا توضَّأ أيُسَمِّي؟ قال: إي لعمري. قِيلَ: فإنْ نسي ولمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ سبحانه وتعالى؟ قال: لا أعلم فيه حديثًا يثبت. قال إسحاق: كَمَا قال، إذا نسي أجزأه، وإذا تعمَّدَ أعادَ؛ لما صحَّ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذَلِكَ (¬1). "مسائل الكوسج" (84) قال صالح: سألت أبي عن الرجل يتوضأ ولا يُسمي؟ قال: يسمي أعجب إلي، وإن لم يسم أجزأه. "مسائل صالح" (49) قال صالح: قلت: إن توضأ ولم يسم؟ قال: أرجو. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 418، وأبو داود (101)، وابن ماجه (399) من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم اللَّه تعالى عليه". وحسنه الألباني في "الإرواء" (81).

قلت: الحديث الذي يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: لا يثبت عندي؛ إسناده ضعيف. "مسائل صالح" (302) قال صالح: قلت: ما تقول فيمن نسي التسمية عند الوضوء، أو تعمد تركه؟ قال: لا ينبغي أن يعاند، وأرجو أن يجزئه، والحديث الذي يروى فيه لا أراه ثبت. "مسائل صالح" (551) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا نسي التسمية في الوضوء؟ قال: أرجو أن لا يكون عليه شيء، ولا يعجبني أن يتركه خطأ ولا عمدًا، وليس فيه إسناد -يعني: لحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا وضوء لمن لم يسم" (¬1). "مسائل أبي داود" (31) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن التسمية في الوضوء؟ فقال: لا يثبت حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه. "مسائل ابن هانئ" (16) قال ابن هانئ: سألته: عن الذي ينسى التسمية عند الوضوء؟ قال أبو عبد اللَّه: يجزئه ذلك، حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "التسمية. . . ". ليس إسناده بقوي. "مسائل ابن هانئ" (17) ¬

_ (¬1) أورده الحافظ في "تلخيص الحبير" 1/ 75 وقال: رواه عبد الملك بن حبيب الأندلسي، عن أسد بن موسى، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس. وعبد الملك شديد الضعف.

قال ابن هانئ: وسئل عن رجل يترك التسمية عمدًا عشر سنين؟ قال: هذا معاند، ولكن لو كان ناسيًا كان أسهل، ولكن العمد أشدّ. قيل له: فترى أن يعيد؟ قال: دَعْ هذِه الأشياء. "مسائل ابن هانئ" (18) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن حديث أبي سعيد الخدري عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم اللَّه عليه" (¬1). قال أبي: لم يثبت عندي هذا، ولكن يعجبني أن يقوله. "مسائل عبد اللَّه" (85) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: الرجل يتوضأ فينسى التسمية؟ قال: يتعاهد ذلك، فإن نسي رجوت أن يجزئه. "مسائل عبد اللَّه" (86) قال في رواية أبي الحارث: إذا ترك التسمية أعاد الوضوء. وقال في رواية الأثرم: أحسنها حديث كثير بن زيد (¬2). وضعف حديث حرملة (¬3). "الانتصار" 1/ 250، 251 قال الحسن بن محمد: قال الحسن: ضعف أبو عبد اللَّه الحديث في ¬

_ (¬1) رواه أحمد 3/ 41، ابن ماجه (397)، والدارمي 1/ 542 (718)، والدارقطني 1/ 71، والحاكم 1/ 147، وحسنه البوصيري في "مصباح الزجاجة" 1/ 59. (¬2) يعنىِ حديث أبي سعيد السابق. (¬3) يعني: حديث سعيد بن زيد، رواه الإمام أحمد 4/ 70 والترمذي (25)، والدارقطني 1/ 73 - 72، والبيهقي 1/ 43، وانظر: "تلخيص الحبير" 1/ 74، وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي" (24).

141 - صفة التسمية

التسمية، وقال: أقوى شيء فيه حديث كثير عن ربيح -يعني: حديث أبي سعيد- ثم ذكر رباحًا. أي: من هو ومن أبو ثقال -يعني: الذي يروي حديث سعيد بن زيد. "شرح العمدة" 1/ 169. 141 - صفة التسمية قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: إذا بدأ يتوضأ يقول: بسم اللَّه. "مسائل أبي داود" (30) 142 - غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا استيقظَ فغمسَ يَدَهُ في وَضُوئِهِ قبلَ أَنْ يغسلَهَا؟ قال: أما أنا فأعجبُ إليَّ أنْ يهريق ذلك الماء إذا كان مِنْ منامِ الليلِ لا مِن النهار، فإنَّ نومَ النهارِ لا يقالُ: من منامه. قال إسحاق: هما سواءٌ لا يغمسُ يَدَهُ في وَضُوئِهِ حتَّى يغسلَهَا، وَلَقَدْ قيلَ في الجنبِ: لا يقيل نهارًا حتَّى يتوضأَ كنومِ الليلِ. أملاه إسحاق، أخبرنا ابن شميل قال: أخبرنا أشعثُ، عن الحسنِ أنَّه كان لا يجعلُ نومَ النهارِ مثل نوم الليلِ، يقول: لا بأسَ إذا استيقظَ من نومِ النهارِ أن يغمسَ يده في وَضُوئهَ (¬1). "مسائل الكوسج" (44) ¬

_ (¬1) ذكره ابن عبد البر في "التمهيد" 18/ 254، وعزاه إلى المروذي.

قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن الرجل يستيقظ من نومه فيغمس يده في الإناء قبل أن يغسلها؟ فقال: أمَّا بالنهار فليس به عندي بأس أن يدخل يده قبل أن يغسلها، وأمَّا إذا قام من النَّوم بالليل فلا يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها؛ لأنه قال: "لا يدريَ أين بات يده" (¬1)، فالمبيت إنما هو بالليل. قلت لأبي عبد اللَّه: وهو بالنَّهار أيضًا لا يدري أين كانت يده، فقال: نعم، ولكنَّ الحديث في المبيت بالليل، فأما بالنهار فلا بأس به. قيل لأبي عبد اللَّه: فما يصنع بذلك الماء؟ فقال: إن صبَّ الماء، أو أبدلهُ فهو أسهل. قيل لأبي عبد اللَّه: فلو ابتليت أنت بهذا فغمست يدك في الإناء، وقد قمت من نوم الليل قبل أن تغسلها، كيف كنت تصنع؟ قال: كنت أصبُّ ذلك الماء. "سنن الأثرم" (81). قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سئل: إذا نام الرجل وعليه سراويله يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها؟ قال: السراويل وغير السراويل واحد، إنما قال: "فإنه لا يدري أين باتت يده". "مسائل أبي داود" (17) قال أبو داود: وسمعت أحمد يقول: ولكنه لو نام بالنهار لا بأس أن يدخل يده في الإناء؛ لأن البيتوتة لا تكون إلا بالليل. "مسائل أبي داود" (18) ¬

_ (¬1) رواه البخاري (162)، ومسلم (278) من حديث أبي هريرة.

قال أبو داود: سمعت أحمد: سئل عن الرجل يقوم من نومه فيمس الدلو وهو رطب؟ قال: إنما نهى أن يدخل يده في الإناء؛ وكأنه سهل فيه. "مسائل أبي داود" (19) قال أبو داود: سمعت أحمد قال لرجل: إذا قمت من نومك فلا تدخل يدك في الإناء حتى تغسلها ثلاثًا. "مسائل أبي داود" (21) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل إذا توضأ فغسل يديه ثلاثًا، أول ما يدخل يده الإناء، ثم يستنجي، يغسل يده أيضًا؟ قال: نعم؛ لحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل ابن هانئ" (23) نقل حنبل عنه: إن أدخلهما في الإناء قبل الغسل أراق الماء، لما روى أبو هريرة -رضي اللَّه عنه-، عن النبي أنه قال: "إذا قام أحدكم من النوم فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا، فإن أدخلها قبل الغسل أراق الماء" (¬1). ونقل مهنا، وأبو الحارث، وإسماعيل بن سعيد، قال: أحب إلى وأعجب إلي أن يريق الماء. "الروايتين والوجهين" 1/ 69. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

143 - حكم المضمضة والاستنشاق، والعمل إذا نسيهما

143 - حكم المضمضة والاستنشاق، والعمل إذا نسيهما قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا نسي المَضْمَضَةَ والاسْتِنْشَاقَ يعيدُ؟ قال الإمامُ أحمدُ في الاستنشاقِ: يعجبني أن يعيدَ الاستنشاقَ والصلاةَ، والمضمضةُ أهونُ، وإذا بَعُدَ ذَلِكَ يعيدُ الوضوءَ والصلاةَ. قال: والمضمضةُ والاستنشِاقُ في الوضوءِ والجَنَابَةِ وَاحِد. قال: والاستنشاقُ أَوْكَدُ، إذَا صلَّى وَلمْ يستنشقْ يُعيدُ الصلاةَ. قال إسحاق: يُعيدُ مِنَ الجَنَابَةِ وَالوضوءِ إذَا تَرَكَ المضمضةَ والاستنشاقَ؛ لأنهما مِنَ الوجهِ، وَالجَنَابَةُ وَالوضوءُ وَاحِد، الجَنَابةُ يجبُ غسلُ الجَسَدِ كُلِّهِ، وَالوضوءُ يجبُ غَسْلُ الوَجْهِ مِنْهُ، فَحُكْمُهَا وَاحِد. "مسائل الكوسج" (11) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا المضمضمة والاستنشاق فهما واجبتان على كل متوضئ أو متطهر من الجنابةِ؛ لا فَرْق بينهما في نص كتابٍ أو سنة قائمة أو قياس عليهما. "مسائل الكوسج" (104) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ عمن: نسي المضمضة والاستنشاقَ؟ قال: يعيدُ. "مسائل الكوسج" (414) قال صالح: سألت أبي عمن نسي المضمضة والاستنشاق حتى يصلي؟ قال: يعيد المضمضة والاستنشاق ويعيد الصلاة. "مسائل صالح" (54) قال الأثرم: وسمعتُ أبا عبد اللَّه يسأل عن رجل نسي المضمضة والاستنشاق في وضوئه؟

قال: يعيد الصلاة. قال الأثرم: وكذلك سمعتُ أبا عبيد يقول. قلت لأبي عبد اللَّه: يعيدهما، أم يعيد الوضوء كله؟ قال: لا، بل يعيدهما، ولا يعيدُ الوضوء، لأنهما ليسا مما سمِّي في القرآن. قلت لأبي عبد اللَّه: فنسي المضمضة وحدها؟ فقال: الاستنشاق عندي أوكد. "سنن الأثرم" (35: 32) قال صالح: قلت: رجل نسي المضمضة والاستنشاق، وصلى؟ قال: يعيد الصلاة. قلت: يعيد الصلاة؟ ! قلت: ويعيد الوضوء؟ قال: لا. ولكنه يمضمض ويستنشق. "مسائل صالح" (100) قال صالح: الجنب يترك المضمضة والاستنشاق، أعاد الوضوء والصلاة؟ قال أبي: المتوضئ إذا ترك المضمضة والاستنشاق يعيد الوضوء والصلاة؛ تفريق الغسل لا بأس به. "مسائل صالح" (1069) قال صالح: وقال: إذا ترك المضمضة والاستنشاق يعيد المضمضة والاستنشاق ويعيد الصلاة. "مسائل صالح" (1318)

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن المضمضة والاستنشاق فريضة؟ قال: لا أقول فريضة إلا ما في الكتاب. "مسائل أبي داود" (37) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: عمن نسي المضمضة والاستنشاق حتى صلى؟ قال: يتمضمض ويستنشق ويعيد الصلاة. قلت: ولا يعيد الوضوء؟ قال: لا؛ ليس هذا من فرض الوضوء. "مسائل أبي داود" (38) قال أبو داود: وسمعت أحمد مرة أخرى سئل عن هذِه المسألة؟ فقال أحمد: أجف وضوؤه؟ قال السائل: نعم. قال: يمضمض ويستنشق ويعيد صلاته. "مسائل أبي داود" (34) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل نسي المضمضة والاستنشاق؟ قال: يخرج من الصلاة، فيتمضمض ويستنشق ما لم يجف. "مسائل ابن هانئ" (81) قال ابن هانئ: وسئل عن المضمضة والاستنشاق؟ قال: يأخذ لهما ماءً جديدًا غرفة واحدة. قيل: إن نسي المضمضة والاستنشاق؟ قال: يعيد الوضوء والصلاة. وسمعته يقول: من ترك المضمضة والاستنشاق يعيد الصلاة، لقول اللَّه: {فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6]، فالفم والأنف أليسا من الوجه؟ ! "مسائل ابن هانئ" (82)

قال ابن هانئ: وسئل عن المضمضة والاستنشاق؟ قال: سُنّة فعلهما النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فمن تركها، أعاد الوضوء والصلاة. سألت أبا عبد اللَّه عن رجل صلى بقوم، فذكر أنه لم يمضمض ولم يستنشق وهو في الصلاة؟ قال: لا تجزئهم، يعيدون كلهم الصلاة. وسألت أبا عبد اللَّه عمن: نسي المضمضة والاستنشاق؟ قال: يعيد الصلاة، وإذا تركهما متعمدًا يُعيد أيضًا. سألت أبا عبد اللَّه عن المضمضة: سنة أم فريضة؟ ومن تركها ناسيًا يعيد الصلاة أم لا؟ قال: من تركها ناسيًا يعيد الصلاة. قيل له: تميز بين الجنب وغير الجنب؟ قال: هو عندي سواء في المضمضة والاستنشاق. "مسائل ابن هانئ" (83) قال عبد اللَّه: وقال أبي: وأنا أذهب إلى هذا، وأقول به لأمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل عبد اللَّه" (80) قال عبد اللَّه: سألت أبي: عمن ترك المضمضة والاستنشاق ناسيًا، حتى صلى، ثم ذكر بعد ما صلى، أو ذكر وهو في الصلاة؟ قال: يتمضمض ويستنشق ويعيد الصلاة، وإن كان في صلاة انصرف فتوضأ وتمضمض واستنشق. قال: وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يروى عنه: أنه تمضمض واستنشق.

وروى أبو هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه، ثم لينثر" (¬1). وقال أبي: وروي عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "استنثروا ثنتين بالغتين أو ثلاثًا" (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (83) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن رجل نسي المضمضة والاستنشاق، وصلى؟ قال: يعيد الصلاة. قيل: ويعيد الوضوء؟ قال: لا، ولكنه يتمضمض ويستنشق. "مسائل عبد اللَّه" (84) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: رجل ترك المضمضة والاستنشاق ناسيًا حتى صلى، ثم ذكر بعد ما قد صلى، أو ذكر وهو في الصلاة. قال: يعيد الصلاة، وإن كان في الصلاة، قطع الصلاة، وتمضمض، واستنشق. ولو أن رجلًا أراد الوضوء فاغتمس في الماء، ثم اطلع رأسه وخرج من الماء فعليه أن يمسح برأسه ويغسل رجليه، إذا خرج فقد غسل وجهه باغتماسه في الماء ويديه وبقي رأسه ورجليه فلما خرج من الماء كان عليه أن يمسح برأسه ويغسل رجليه لقول اللَّه تعالى: {وَامْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6]. ¬

_ (¬1) رواه البخاري (162)، ومسلم (237). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 228، وأبو داود (141)، وابن ماجه (408)، والحاكم 1/ 148، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (129).

وإنما الذي روي عن علي وابن مسعود أنهما قالا: لا نبالي بأي أعضائنا بدأنا (¬1)، إنما ذلك في اليدين والرجلين، لا نبالي أباليمين بدأ أم باليسرى. "مسائل عبد اللَّه" (101) قال الإمام أحمد في رواية الميموني وحنبل، واللفظ لحنبل: إذا نسي المضمضة قبل الاستنشاق يعيد الصلاة، لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا استنشقت فانتثر" (¬2). "العدة في أصول الفقه" 2/ 416 - 417. قال إسماعيل بن بكر السكري: وسألته: عن رجل نسي المضمضة والاستنشاق في الوضوء وصلَّى؟ قال: يعيد الصلاة والوضوء. "الطبقات" 1/ 270 قال أبو زرعة الدمشقي: سألت أبا عبد اللَّه عن المضمضة والاستنشاق في الوضوء والجنابة واحدٌ نعيد لهما الصلاة؟ فقال: هما في الوضوء والجنابة واحدٌ، نُعيد لهما الصلاة. قلت: لما ذكر فيهما عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: نعم. "الطبقات" 2/ 74 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 43، 44، والدارقطني 1/ 88 - 89. وانظر: "المغني" 1/ 190. (¬2) رواه النسائي 1/ 67 عن سلمة بن قيس بلفظ: إذا توضأت فاستنثر.

144 - يتمضمض ويستنشق من غرفة واحدة؟

144 - يتمضمض ويستنشق من غرفة واحدة؟ قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: يتمضمض الرجلُ ويستنشق من غرفة واحدة؟ قال: نعم. فعاودته. قال: نعم؛ لحديث النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذكر حديث عبد اللَّه بن زيد (¬1)، من حديث خالد الواسطيِّ. قلت: وفي حديث عليٍّ (¬2)، شريك يقوله؟ قال: زائدة جوَّده. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه مرة أخرى يسأل: أيُّما أعجب إليك المضمضة والاستنشاق بغرفة واحدة، أم كل منهما على حدة؟ فقال: بغرفة واحدة. "سنن الأثرم" (40، 41) غسل الوجه 145 - الوجه وما يدخل فيه نقل عنه أبو الحارث في تخليل اللحية: إن شاء خللها مع وجهه، وإن شاء إذا مسح رأسه. "المغنى" 1/ 150 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 39، 42، والبخاري (191)، ومسلم (235) من حديث عبد اللَّه بن زيد في صفة وضوء النبي وفيه: فمضمض واستنشق من كف واحدة، ففعل ذلك ثلاثًا. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 135، وأبو داود (111)، والترمذي (49)، والنسائي 1/ 67، وابن ماجه (404)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (100).

146 - صفة غسله

وقال المروذي: أراني أبو عبد اللَّه ما بين أذنه وصُدغه، وقال: هذا موضع ينبغي أن يتعاهد. قال الخلال: الذي ثبت عن أبي عبد اللَّه رحمه اللَّه، في اللحية أنه لا يغسلها وليس من الوجه ألبتة. "المغني" / 1/ 162 146 - صفة غسله قَال مُحَمَّدُ بْنُ الحَكَمِ: كَرِهَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَنْ يَأْخُذَ المَاءَ، ثُمَّ يَصُبَّهُ، ثُمَّ يَغْسِلَ وَجْهَهُ، وَقال: هذا مَسْحٌ، وَلَكِنَّهُ يَغْسِلُ غَسْلًا. "المغنى" 1/ 166. 147 - حكم تخليل اللحية والعمل إذا نسيه قال إسحاق بن منصور: قلتُ: يخللُ لحيتَه إذا توضَّأ؟ قال: إِي واللَّه، وإنْ لم يفعلْ أجزأه ما سالَ على اللحيةِ. قال إسحاق: ذلك إذا سَهَا عَن التخليلِ أو كان متأولا فأمَّا إذا تركَ عمدًا أعاد. "مسائل الكوسج" (7) قال صالح: وسئل أبي: عن رجل نسي أن يخلل لحيته ثم صلى، هل يعيد؟ قال: لا يعيد. "مسائل صالح" (417)

148 - صفة تخليل اللحية

قال أبو داود: قلتُ لأحمد بن حنبلٍ: تخليل اللحية؟ قال: يخللها؛ قد روي فيه أحاديث ليس يثبت فيه حديث -يعني: عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "مسائل أبي داود" (40) قال موسى الجصاص: سألت أحمد: هل يُخلِّل لحيتهُ إذا توضَّأ؟ قال: إي واللَّه. "الطبقات" 2/ 404 148 - صفة تخليل اللحية قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يأخذ ماء للحية؟ قال: نعم، وإذا روى وجهه من الماء أجزأه. "مسائل ابن هانئ" (75) روى عن المروذي في طهارته: أنه غسل لحيته حتى وصل الماء إلى أصول شعره. "تهذيب الأجوبة" 1/ 411 قال يعقوب: سألت أحمد عن التخليل، فأراني من تحت لحيته، فخلل بالأصابع. وقال حنبل: من تحت ذقنه من أسفل الذقن، يُخلِّلُ جانبي لحيته جميعًا بالماء، ويمسح جانبيها وباطنها. "المغني" 1/ 146، 150، "المعونة" 1/ 254. ¬

_ (¬1) انظر: أحاديث تخليل اللحية في "نصب الراية" 1/ 23 - 26، و"تلخيص الحبير" 1/ 87 - 85، و"صحيح أبي داود" 1/ 245 - 249 (133).

149 - غسل اللحية أفضل، أم تخليلها؟

149 - غسل اللحية أفضل، أم تخليلها؟ قال محمد بن الحكم: سألت أحمد، أيما أعجب إليك، غُسل اللحية أو التخليل؟ فقال: غسلها ليس من السنة، وإن لم يخلل أجزأه. "المغني" 1/ 165، "الإنصاف" 1/ 336 150 - غسل الذراعين قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا توضَّأ يغسل فوق الذراعين؟ قال: لا. قال إسحاق: إنْ فعل فحسن، إذا أراد بِهِ ما وَصَفَ أبو هريرة -رضي اللَّه عنه- إذ قال: أردت أن تنتهيَ الحليةُ إلى موضعِ الطهور (¬1). "مسائل الكوسج" (6) وقال حنبل: رأيت أبا عبد اللَّه يبلغ بالماء فوق المرفقين. "الروايتين والوجهين" 1/ 71 151 - وضوء الأقطع قال عبد اللَّه: سألت أبي: عمن قطعت يده من المرفق؟ فقال: يغسل ¬

_ (¬1) هو ما رواه الإمام أحمد 2/ 400، والبخاري (136) بسنده عن نعيم المجمر قال: رقيت مع أبي هريرة على ظهر المسجد، فتوضأ فقال: إني سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًا محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل". ورواه أيضًا مسلم (246) بلفظ مقارب.

152 - تخليل الأصابع

الموضع الذي قطع: يدير عليه الماء يمسح. قلت لأبي: فإن قطعت رجله؟ قال: يغسل إلي الموضع الذي كان يغسله. قرأت على أبي: من قطعت يده من المرفق؟ فقال: يغسل الموضع الذي قطع، يدير عليه الماء بيده الأخرى فإن قطعت رجليه؟ قال: يتوضأ إلى الموضع الذي كان يتوضأ قبل أن تقطع رجله. "مسائل عبد اللَّه" (107) 152 - تخليل الأصابع قال إسحاق بن منصور: قلتُ: يخللُ أصابعَ يديْهِ وَرجليْهِ؟ قال: نعم. قال إسحاق: كَمَا قال؛ لأنَّ تخليلَ أَصَابع اليدين سنةٌ (¬1) أَيْضًا ويُقالُ: هوَ مَقيلُ الشيطان. "مسائل الكوسج" (17) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا توضأ فأدخل رجله في الماء ثم أخرجها؟ قال: ينبغي أن يمر يده على رجله ويخلل أصابعه. قلت: فلم يفعل، يجزئه؟ قال: أرجو. ¬

_ (¬1) عن لقيط بن صبرة قال: أتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "إذا توضأت فخلل الأصابع" رواه الإمام أحمد 4/ 33، وأبو داود (142)، والترمذي (38)، والنسائي 1/ 79، وابن ماجه (448) وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (130).

153 - تحريك الخاتم عند الوضوء والغسل

قلتُ: يجزئه من التخليل أن يحرك رجليه في الماء؟ قال: أرجو. قال أحمد: ربما زلق الماء عن الجسد في الشتاء. "مسائل أبي داود" (47) قال ابن هانئ: وسئل عن تخليل الأصابع عند الوضوء؟ قال: يخلل أصابعه، وإذا كان قد روى رجله من الماء فلا يأمر لا يخللها. "مسائل ابن هانئ" (76) قال عبد اللَّه: سئل أبي -وأنا شاهد- عن تخليل الأصابع في الوضوء؟ فقال: يعجبني التخليل، وإن وصل الماء إليه أجزأه. ورأيت أبي يخلل أصابع رجليه في الوضوء، ورأيته إذا مسح برأسه وأذنيه مسح قفاه (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (90) 153 - تحريك الخاتم عند الوضوء والغسل قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يُسألُ عن تحريك الخاتم في الوضوء؟ فقال: إذا كان واسعًا يدخله الماء أجزأه، وإن كان ضيقًا لا يدخله الماء، حرَكه. "سنن الأثرم" (46) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: يتوضأ يحرك خاتمه؟ قال: إذا كان ضيقا فلا بد من أن يخرجه. "مسائل أبي داود" (46) ¬

_ (¬1) أي قفى رأس -من غير أن يصل إلى الرقبة، فإن غسل الرقبة من البدع التي لم يثبت فيها حديث صحيح.

154 - حكم مسح الرأس والعمل إذا نسيه

قال حنبل: سألت أبا عبد اللَّه عن جنب اغتسل وعليه خاتم ضيق؟ قال: يغسل موضع الخاتم. قلت: فإن جف غسله؟ قال: يغسله. قلت: فإن صلى ثم ذكر؟ قال: يغسل موضعه ثم يعيد الصلاة. وذكر هارون المستملي أن أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل: أنكر تحريك الخاتم إلا ثلاثة أحاديث: حديث علي بن داود العطار، وحديث ابن مهدي عن ابن سيرين والحسن، وحديث جعفر بن برقان، عن حبيب بن أبي مرزوق (¬1)، لم يكن عنده غير هذِه الثلاثة أحاديث. "مجموع رسائل الحافظ ابن رجب" 2/ 207، 703 154 - حكم مسح الرأس والعمل إذا نسيه قال إسحاق بن منصور: قُلتُ: إذا نَسيَ أَنْ يمسحَ برأسِه؟ قالَ: إذَا كَانَ في الصَّلاةِ يقطعُ وَيمسحُ برِأسِهِ وَيغسلُ رِجْلَيْهِ، وَإذَا نَسيَ أنْ يغسلَ يَدَيهِ أَوْ بَدَأَ بِرجليهِ قَبْلَ يَدَيهِ أَوْ برأسِهِ قَبْلَ يديهِ، فَإنَّهُ يَغْسِلُ وَجْهَهُ ثُمَّ يديهِ ثُمَّ يمسحُ بِرأسِهِ، ثُمَّ يغسلُ رِجْلَيهِ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى في القرآنِ، وإنْ انغمس في الماءِ لا يُجْزِئه حتَّى يتوضأَ. ¬

_ (¬1) أثر ابن سيرين علقه البخاري قبل حديث (165)، ووصله ابن أبي شيبة 1/ 44 (424) من طريق خالد، عن ابن سيرين، وصححه ابن حجر في "الفتح " 1/ 267. وأثر الحسن رواه ابن أبي شيبة 1/ 44 (430) عن حنظلة بن ثُهلان، عن أبيه، عن الحسن. وأثر جعفر بن برقان رواه ابن أبي شيبة 1/ 44 (425) من طريق جعفر، عن حبيب، عن ميمون أنه كان يحرك خاتمه إذا توضأ.

155 - صفة مسح الرأس

فإِذَا عَلَّمَ رجلا الوضوء لا يجزئه قال: وهو في الغسلِ مِنَ الجنابَةِ أيسرُ إنَّمَا قال اللَّهُ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (10) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: سُئل سفيان رحمه اللَّه تعالى: عن رجلٍ توضَّأ ونسي أنْ يمسحَ رأسَه، فقام يُكَبر في الصَّلاةِ، ثُمَّ ضحك؟ قال: يمسحُ برأسِهِ ولا يعيد الوضوءَ، لأنَّه لمْ يكن دخلَ في صَلاتِهِ. قال الإمام أحمد: عليه أَنْ يمسحَ برأسهِ ثم يغسل رجليه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (93) قال أحمد بن هشام: قلت لأحمد: إذا نسي مسح رأسه أجزأه بلل لحيته؟ قال: قد قيل بذلك. "تهذيب الأجوبة" 1/ 526 155 - صفة مسح الرأس قال إسحاق بن منصور: قُلتُ: كيف تَمسحُ المرأةُ بِرأسِهَا؟ قال: مُقَدَّم رأسِهَا يُجْزِئُهَا، وَأَشَارَ الإمامُ أحمدُ بِيَدِهِ. قال إسحاق: تمسحُ مقدمَهَا ومؤخرَهَا وَقرنَيْهَا فإنْ اقتصرت عَلَى مُقَدَّمِ رَأسِهَا رجوتُ أَنْ يُجزِئَهَا. "مسائل الكوسج" (15) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: كَيفَ يمسحُ الرأسَ؟

قال: يمسحُ مِنْ مقدمٍ إلى مؤخرٍ، ثُمَّ مِنْ مُؤخرٍ إلى المقدَّمِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (16) قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن مسح مرة واحدة؟ فقال: نعم. "سنن الأثرم" (3) قال الأثرم: وسمعتُ أبا عبد اللَّه يسأل عن مسح الرأس، كيف هو؟ فقال: هكذا. ووضع يديه كلتيهما على مقدَّم رأسه، ثم جرَّهما إلى مؤخر رأسه، ثم ردهما جميعًا إلى المكان الذي منه بدأ، وذلك كله في مرة واحدة لم يرفعهما عن رأسه، ثم قال: على حديث عبد اللَّه بن زيد (¬1). قال أبو عبد اللَّه: وحديث عليَّ هكذا (¬2). ووضع يديه على مقدم رأسه، ثم جرهما إلى قفاه ولم يردهما. "سنن الأثرم" (7) قال صالح: قلت: مسح الرأس؟ قال: يبدأ بمقدم رأسه، ثم بمؤخر رأسه إلى المقدم. ويعجبني أن يأخذ للأذن ماءً جديدًا. "مسائل صالح" (55) قال صالح: وسألت أبي عن المرأة كيف تمسح برأسها؟ قال: لا تبالي كيف مسحت. "مسائل صالح" (58) ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) سبق تخريجه.

قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل قال له رجل شعراني -أي: شعره إلى منكبه: كيف أمسح -يعني: رأسي في الوضوء؟ فأقبل بيديه على رأسه مرة، فقال: هكذا. كراهية أن يتشوش شعره. "مسائل أبي داود" (41) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: كيف تمسح المرأة رأسها في الوضوء؟ قال: هكذا؛ ووضع على وسط رأسه ثم جرهما إلى مقدمه ثم رفعهما فوضعهما حيث منه بدأ ثم جرهما إلى مؤخره. "مسائل أبي داود" (42) قال ابن هانئ: وسئل عن مسح الرأس، يعم به الرأس؟ قال: نعم، فأراني أبو عبد اللَّه، فمسح يده من مقدم رأسه، ثم أمرّها إلى مؤخر رأسه، ثم رجع بيده إلى مقدم رأسه أيضًا. "مسائل ابن هانئ" (78) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن المرأة. كيف تمسح رأسها؟ قال: تبدأ من مؤخّر رأسها إلى مقدّمه، ثم تردُّ يدها إلى وسط رأسها. قلت: كيف تمسح المرأة رأسها؟ فأراني من مؤخر رأسها إلى مقدَّمه. "مسائل ابن هانئ" (80) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: مسح الرأس يقبل بيديه ويدبر، وإن أتى بيده يقبل وبدبر. "مسائل عبد اللَّه" (93) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: من ترك بعض رأسه ناسيًا؟ قال: أرجو أن لا يكون عليه بأس، ولكن يقبل بيديه ويدبر بهما،

يمسح رأسه. "مسائل عبد اللَّه" (109) قال أحمد في رواية حرب: يمسح رأسه كله، كذا جاء الحديث: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مسح رأسه كله (¬1). "العدة في أصول الفقه" 3/ 735، "المسودة في أصول الفقه" 1/ 205. قال أبو طالب: سمعت أحمد يقول: إذا أخذ شعره، إن شاء مسح على رأسه وإن شاء لم يمسح. قلت: لا يكون مثل العمامة؟ قال: لا، العمامة يُمسح عليها، والخف يمسح عليه، فإذا خلع أعاد، والشَّعرُ إذا مسَّ بالرأس يصيبه الماءُ، ويبلغ أصول الشعر، فإذا أخذ الشعر فالماء قد أصاب ما بقى من شعره، وليس هو مثل العمامة والخفِّ. "الطبقات" 1/ 83 قال أبو الحارث: قلت لأحمد: فإن مسح برأسه وترك بعضه؟ قال: يجزئه. ثم قال: ومن يمكنه أن يأتي على الرأس كله! وقد نُقل عن سلمة بن الأكوع، أنه كان يمسح مقدَّم رأسه، وابن عمر مسح اليافوخ. وقال مهنا: قال أحمد: أرجو أن تكون المرأة في مسح الرأس أسهل. قلت له: ولم؟ قال: كانت عائشة تمسحُ مقدَّم رأسها. "المغنى" 1/ 175 - 176. ¬

_ (¬1) رواه ابن خزيمة 1/ 81 (157).

156 - تكرار مسح الرأس

156 - تكرار مسح الرأس روى الأثرم: وقد سُئل عن مسح الرأس مرة واحدة؟ فقال: نعم؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- توضأ فغسل وجهه ثلاثًا ويديه ثلاثًا، ومسح برأسه مرة واحدة. وروى أبو الحارث: وقد سُئل عن مسح الرأس ثلاثًا أو واحدة؟ فقال: إن مسح ثلاثًا فحسن، وإن مسح مرة أجزأه. "الروايتين والوجهين" 1/ 73، 74 157 - تكرار مسح الرأس بماء واحد قال إبراهيم بن الحارث: سألت أحمد عن مسح الرأس؟ فقال: هكذا. ووضع يديه كلتيهما على مقدم رأسه، ثم جرّهما إلى مؤخر رأسه، ثم ردهما جميعًا إلى المكان الذي منه بدأ في مرة واحدة، ثم رفعهما. وقال أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي: حضرت مجلس أبي عبد اللَّه، وقد سئل عن المسح بالرأس فأومأ بيده من مقدم رأسه وردهما إلى مؤخره، ومن مؤخره إلى مقدمه. فسئل عن الردة بماء جديد؟ فقال: بماء جديد. قال أبو بكر الخلال: لم يضبط هذا الشيخ ما قيل لأبي عبد اللَّه ولا ما قال، ولولا أنها مسألة قد حدث بها قوم لم أخرج مثل هذا عنه. "الروايتين والوجهين" 1/ 73، 74

158 - إذا أصاب المطر رأسه، فمسحه، أيجزئه؟

158 - إذا أصاب المطر رأسه، فمسحه، أيجزئه؟ قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل توضأ فأصاب رأسه ماء السماء فمسحه بيده أيجزئه من مسحه رأسه؟ قال: إذا نوى، أخشى أن لا يجزئه حتى ينوي. "مسائل أبي داود" (27) 159 - هل يمسح عنقه وقفاه مع رأسه؟ ! قال عبد اللَّه: ورأيت أبي يخلل أصابع رجليه في الوضوء، ورأيته إذا مسح برأسه وأذنيه مسح قفاه (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (90) قال جعفر بن محمد: وسُئل عن مسح القفا؟ فقال: لا أدري. يعني: حديث ليث عن طلحة عن أبيه عن جده في مسح القفا (¬2)، فلم يذهب إليه. "الروايتين والوجهين" 1/ 75. قال المروذي: رأيت أبا عبد اللَّه مسح رأسه، ولم أره يمسح على عنقه، فقلت له: ألا تمسح على عنقك؟ قال: إنه لم يرو عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ¬

_ (¬1) أي قفا رأسه من غير أن يصل إلى الرقبة، فإن غسل الرقبة من البدع التي ليس يثبت فيها حديث صحيح. وقد أورد ابن قدامة هذِه الرواية في "المغني" 1/ 151 وعقب عليها بتضعيف الخلال لها. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 481، وأبو داود (132) من طريق ليث، عن طلحة، عن أبيه عن جده أنه رأى رسول اللَّه يمسح رأسه حتى بلغ القذال وما يليه من مقدَّم العنق بمرة. قال: القذال السالفة العنق. وضعفه الحافظ في "التلخيص" 1/ 92.

160 - المسح على العمامة والخمار والقلنسوة

فقلت: أليس قد روي عن أبي هريرة، قال: هو موضع الغل؟ قال: نعم، ولكن هكذا يمسح، النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يفعله. وقال أيضًا: هو زيادة. "المغني" 1/ 151 160 - المسح على العمامة والخمار والقلنسوة قال إسحاق بن منصور: قلتُ: يمسحُ على العِمَامَةِ؟ قال: نعم. قلتُ: من غيرِ أنْ يمسحَ برَأْسِهِ بشيءٍ؟ قال: نعم. قال: وإذا نزعَهَا أَعَادَ الوضوءَ مِثْل الخُفَّين. قال إسحاق: سواءً كَمَا قال؛ لأنَّ أَبا بكرٍ (¬1) وعمرَ (¬2) رضوانُ اللَّهِ عليهما بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رَأيَا ذَلِكَ اتِّباعًا لقولِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما رَوى المغيرةُ بن شعبة أنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مسحَ نَاصيتَهُ مَعَ العِمَامة (¬3)، وغير رَوى بِلاَ نَاصِيَة (¬4). "مسائل الكوسج" (24) قال الأثرم: حدثنا أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ثور، عن راشد بن سعْد، عن ثوبان، قال: بعث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سرية فأصابهم البرد، فلمَّا قدموا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شكوا إليه ما أصابهم، فأمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين. "سنن الأثرم" (15) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 28 (220)، وابن المنذر 1/ 467. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 1/ 29، (626)، وابن المنذر 1/ 467. (¬3) رواه مسلم (274) باب: المسح على الناصية والعمامة. (¬4) مثل حديث عمرو بن أمية عند البخاري (205)، وحديث بلال عند مسلم (275).

قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن المسح على العمامة: أتذهب إليه؟ قال: نعم. "سنن الأثرم" (20) قال صالح: قال أبي: أرى المسح على العمامة. "مسائل صالح" (1051) قال ابن هانئ: وسألته عن المسح على القلنسوة؟ قال: لا يمسح على القلنسوة. "مسائل ابن هانئ" (96) قال ابن هانئ: وسألته عن المرأة تمسح على شبكتها، وعلى خمارها؟ قال: لا يعجبني أن تمسح على شبكتها، ولتمسح على خمارها. "مسائل ابن هانئ" (97) قال ابن هانئ: وسألته عن المسح على العمامة؟ قال: يمسح، هي عندي بمنزلة الخف. "مسائل ابن هانئ" (104) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يمسح على العمامة؟ قال: لا بأس به. قلت لأبي: إن خلعها وهو في الصلاة؟ قال: يعيد الوضوء والصلاة. "مسائل عبد اللَّه" (132) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، ثنا يحيى بن سعيد، عن ثور، عن راشد بن سعد، عن ثوبان قال: بحث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سرية فأصابهم البرد فلما قدموا على رسول اللَّه شكوا إليه ما أصابهم من البرد، فأمرهم أن يمسحوا على

العصائب والتساخين (¬1). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: العصائب: العمائم، والتساخين: الخفاف. قال أبي: وبه أقول. "مسائل عبد اللَّه" (133) نقل الميموني عنه، وقد سأله: يمسح على القلنسوة؟ فقال: ليس فيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شيء، وهو قول أبي موسى (¬2)، وأنا أتوقاه. "العدة في أصول الفقه" 4/ 1184. قال الخرقي: سألته عن المسح على العمامة؟ فقال: لا بأس، ولكن إذا خلعها خلع وضوءه مثل الخفين. "الطبقات" 1/ 380. قال ابن بدينا: حضرت أبا عبد اللَّه، وقد سُئل عن المسح على الجوربين والخفين والعمامة عندك بمنزلة واحدة؟ فقال: نعم، إذا كان يمشي فيهما ويبيت فيهما. "الطبقات" 2/ 285. قال هارون الحمال: سئل أبو عبد اللَّه عن المسح على الكلتة؟ فلم يره. "المغني" 1/ 383، 384 ¬

_ (¬1) "المسند" 5/ 277، ورواه أبو داود (146) عن أحمد، به، ورواه الحاكم 1/ 169 من طريق عبد اللَّه بن أحمد، عن أبيه، به. وصححه على شرط مسلم. (¬2) يعني: أبا موسى الأشعري. وهذا القول المنسوب إليه هنا، ذكره ابن حزم في "المحلى" في كتاب الطهارة: 8/ 84 بقوله: وعن أبي موسى الأشعري: أنه خرج من حدث فمسح على خفيه وقلنسوته. "العدة في أصول الفقه" 4/ 1184.

161 - مدة المسح على العمامة

161 - مدة المسح على العمامة قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: كم يمسح على العمامة؟ قال: مثل الخف سواء. "مسائل أبي داود" (49) 162 - متى تنتقض الطهارة في المسح على العمامة والخمار؟ قال صالح: قلت: الرجل يمسح على عمامته ثم يخلع العمامة؟ قال: يعيد الوضوء. "مسائل صالح" (92) قال صالح: قال: وفي العمامة لا بأس أن يمسح عليها، فإذا خلعها خلع الوضوء كله. "مسائل صالح" (579) نقل صالح: من مسح على العمامة ثم خلعها يعيد الوضوء. "مسائل صالح" (1323) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا نقضها -أعني: العمامة- يعيد الوضوء؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (50) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن امرأة مسحت على الخمار، ثم خلعته، انتقض وضوؤها؟ قال: قد انتقض وضوؤها. "مسائل ابن هانئ" (85)

163 - المسح على الخضاب

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن المسح على العمامة؟ قال: تمسح عليها إذا لبستها وأنت طاهر، فإذا خلعتها فأعد الوضوء. "مسائل ابن هانئ" (95) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يمسح على عمامة ثم يخلع العمامة؟ قال: يعيد الوضوء. "مسائل عبد اللَّه" (131) 163 - المسح على الخضاب قال صالح: وسألت أبي عن المرأة إذا توضأت وهي مختضبة، أتمسح على الخضاب؟ قال: لا يعجبني أن يمسح على الخضاب. قلت: تختضب وهي حائض؟ قال: لا بأس. "مسائل صالح" (57) 164 - المسح على الجروح والجبيرة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يمسحُ على الجَبَائرِ؟ قال: نعم إذا خَافَ. قُلْتُ: المجدورُ يتيممُ إذا خَافَ؟ قال: نعم، قال: والجرح إذا خَافَ عليه يمسحُ عليه -على موضع الجرح- ويغسلُ ما حولَهُ. قال إسحاق: كما قال في كلّها سواءٌ. "مسائل الكوسج" (138)

قال صالح: حدثنا أبي سنة تسع وعشرين ومائتين في رجب، قال: حدثنا عبد المؤمن بن عبد اللَّه بن خالد أبو الحسن العبسي كوفي سنة اثنتين وثمانين، قال: حدثنا داود قال: اشتكى أبو العالية رجله ثم توضأ ومسح عليهما، وقال: هذِه مريضة (¬1). "مسائل صالح" (845) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل بعقبه علة، لا يستطيع أن يغسله إذا توضأ؟ قال: له عذر، وأمرني أن أمسح عليه، وكنت قد أريته الرجل. "مسائل ابن هانئ" (88) قال ابن هانئ: حدثنا إسحاق، قال: قرأت على أحمد: الوليد، قال: ثنا هشام بن الغاز، قال: ثنا نافع: أن ابن عمر، قال: إذا كان على الجرح عصابة فتوضأت، فاغسل ما حوله، وامسح على العصابة، وإن لم يكن عليه عصابة فامسح ما حوله (¬2). "مسائل ابن هانئ" (89) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل به جرح، تصيبه الجنابة؟ قال: إذا خاف على نفسه مسح عليه. سألته عن الرجل يكون بإصبعه الوجع، يجعل فيها مرارة، فيخلعها إذا أراد أن يتوضأ أو يغتسل؟ قال: إذا كان وجع يخاف عليها، فلا بأس أن يتوضأ وهي عليه، وأما ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 162 (628)، وابن أبي شيبة 1/ 125 - 126 (1437). (¬2) رواه عبد الرزاق 1/ 162 (625)، وابن أبي شيبة 1/ 126 (1448)، والبيهقي 1/ 228.

ابن عمر فإنه ألقم أصبعه مرارة كان يمسح عليها (¬1). وسألته، قلت: أصابني عقر في رجلي، فوضعت فيه مرارة. قال: إذا كنت تخاف عليها، فلا بأس أن تضع فيها مرارة، وابن عمر قد ألقم إصبعه مرارة. "مسائل ابن هانئ" (103) قال الأثرم: سألت أبا عبد اللَّه عن الجرح يكون بالرجل، يضع عليه الدواء، فيخاف إن نزع الدواء إن أراد الوضوء أن يؤذيه؟ قال: ما أدري ما يؤذيه! ولكن إذا خاف على نفسه، أو خوِّف من ذلك، مسح عليه. وروى حنبل عنه، في المجروح والمجدور يُخاف عليه: يمسح موضع الجرح، ويغسل ما حوله. "المغني" 1/ 357، 358 قال الميموني: وسألوه عن الجرح يكون بالإنسان يخاف عليه، كيف يمسح؟ قال: ينزع الخرقة، ثم يمسح على الجرح نفسه. "بدائع الفوائد" 4/ 55 نقل الميموني والمروذي عن أحمد: أنه لا بأس بالمسح على العصائب كيف شدها، لأن هذا لا ينضبط، وهو شديد جدًا. "المبدع" 1/ 152. ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 1/ 228.

165 - حكم مسح الأذنين والعمل إذا نسيه

165 - حكم مسح الأذنين والعمل إذا نسيه قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا ترك مسح أذنيه ناسيًا يعيد الوضوء؟ قال: لا؛ لأن الأذنين من الرأس. قلت: إذا تركه متعمدًا؟ قال: هذا أخشى أن ينبغي له أن يعيد. "مسائل أبي داود" (45) قال ابن هانئ: سألته عمن ترك مسح الأذنين ناسيًا حتى فرغ من صلاته. قال: أرجو أن يجزئه. "مسائل ابن هانئ" (77) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن من ترك مسح الأذنين ناسيًا حتى يفرغ من صلاته. قال: أرجو أن يجزئه. قال ابن عمر: الأذنان من الرأس (¬1). ورأيت أبي يأخذ لرأسه ماء جديدًا، ولأذنيه ماء جديدًا. "مسائل عبد اللَّه" (95) ونقل حرب عنه: يعيد الصلاة إذا تركه. "الإفصاح" 1/ 118 166 - صفة مسح الأذنين قال إسحاق بن منصور: قُلتُ: كَيْفَ يمسحُ الأذُنين؟ قال: ظَاهرهما وَبَاطنهما. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (14) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 11 (24)، والدارقطني 1/ 98.

167 - هل الأذنان من الرأس؟

قال أبو داود: سألت أحمد بن حنبل عن مسح الأذنين؟ فأمرني أن أمسح داخلهما وخارجهما. "مسائل أبي داود" (43) 167 - هل الأذنان من الرأس؟ قال إسحاق بن منصور: قُلتُ: الأُذُنَان مِنَ الرَّأْسِ؟ قال: الأُذُنَان مِنَ الرأسِ يَمْسَحهُمَا مَعَ الرَّأسِ. قال إسحاق: الذي أختارُ أَنْ يغسلَ مُقَدَّمَهما مَعَ الوجهِ وَمُؤَخَّرَهما مَعَ الرَّأسِ. "مسائل الكوسج" (13) قال الأثرم: وسمعت أبا عبدى اللَّه يسألُ: الأذنان من الرأس؟ قال: نعم. "سنن الأثرم" (12) قال أبو داود: قلت لأحمد: الأذنان من الرأس؟ قال: نعم. قلت: يأخذ لهما ماء جديدًا أو يمسحهما بماء الرأس؟ قال: يأخذ لهما ماء جديدًا. "مسائل أبي داود" (44) قال ابن هانئ: وسئل عن المسح، أيمسح الرجل أذنيه مع الرأس؟ أو يأخذ لهما ماءً جديدًا، فيدخل إصبعيه في صماخيه؟ قال: يأخذ لهما ماءً جديدًا، فيدخل إصبعيه في صماخيه. "مسائل ابن هانئ" (74)

168 - غسل الرجلين إلى الكعبين

قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: الأذنان من الرأس، يمسح ظاهرهما وباطنهما. مسائل ابن هانئ" (78) قال الميموني: رأيت أبا عبد اللَّه مسحهما مع الرأس. "الروايتين والوجهين" 1/ 73. 168 - غسل الرجلين إلى الكعبين قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه يسألُ عن رجل خلَّل أصابع رجليه حيَن توضأ، ثُمَّ صبَّ على سائر قدميه؟ قال: أما الحديث فإنما جاء غسل رجليه، مع أن غير واحد قد أجاز أن يخضخض قدميه. "سنن الأثرم" (48) قال صالح: وسألت أبي عن الرجل يمسح برجليه؟ قال: لا يعجبني؛ يغسلهما. قلت: فإن مسح؟ قال: لا يجزئه، يعود إلى أول الآية. "مسائل صالح" (51) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الكعبين في الوضوء؟ فأشار إلى فوق العقب إلى العظم الذي أسفل الساق. "مسائل أبي داود" (48)

فصل في المسح على الخفين

فصل في المسح على الخفين 169 - حكم المسح على الخفين قال صالح: سألت أبي عن قول إبراهيم: كان يعجبهم حديث جرير؛ لأن إسلامه كان بعد نزول المائدة؟ فقال: لقول اللَّه تبارك وتعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] وكانت الآية قبل. "مسائل صالح" (202) قال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل وقد قيل له: ما تقول فيما روي عن أبي هريرة، وأبي أيوب، وعائشة في إنكار المسح على الخفين فقال: إنما روي عن أبي أيوب أنه قال: حُبّب إليَّ الغسل (¬1) فإن ذهب ذاهب إلى قول أبي أيوب الأنصاري: حُبّبَ إليَّ الغسل لم أعبْهُ. قال: إلا أن يترك الرجل المسح ولا يراه كما صنع أهل البدع، فهذا لا يُصلَّى خلفه. "الاستذكار" 2/ 240. 170 - المسح أفضل أم الغسل؟ قال إسحاق بن منصور: قلتُ: المسحُ أفضلُ أم الغَسل؟ قال: المسحُ الاتباعُ، وإذا كان الرجل يَدَعُهُ رغبةً عنه فإنَّ هذا رجلٌ يخالفُ، وأمَّا من يَرى المسحَ وَينزعُ فَلَا بَأسَ بِهِ. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 198، وابن أبي شيبة 1/ 176، وابن المنذر في "الأوسط" 1/ 439 - 440، والبيهقي 1/ 293.

171 - الشرط الأول: أن يلبسها على طهارة كاملة

قال إسحاق: كما قال، إلَّا قوله: يرى المسحَ وينزعُ فهو جائزٌ، فإنه خطأٌ (¬1). "مسائل الكوسج" (26) روى مهنا عنه أنه سُئل: أيما أعجب إليك المسح على الخفين أو الغسل؟ فقال: كله جائز، ليس في قلبي من المسح ولا من الغسل شيء. "الروايتين والوجهين" 1/ 98. روى حنبل عنه أنه قال: كله جائز المسح والغسل، ما في قلبي من المسح شيء، ولا من الغسل. "المغني" 1/ 361. شروط صحة المسح على الخفين 171 - الشرط الأول: أن يلبسها على طهارة كاملة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: إذا توضأ وغسلَ إحدى رجليه ولبس خفَّهُ؟ فما (درى بالجوابِ) (¬2). قال: لا يمسحُ عليهما؛ لأنه لمْ يلبسْه على طهارةٍ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (440) ¬

_ (¬1) الذي يتضح من سياق قول إسحاق: كراهة النزع عمومًا، وأنَّ المسح أفضل لمخالفة أهل البدع. (¬2) هكذا وردت في الأصل، ثم ساق جواب أحمد بعدها.

قال صالح: سألته عن الرجل غسل قدميه، فلبس خفيه، ثم مشى، ثم توضأ ومسح على خفيه؟ قال: لا يجوز، فأنكره، وقال: هذا خلاف كتاب اللَّه وسنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال اللَّه: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6]. قلت: حديث ابن جريج عن عطاء؟ فأنكره، وقال: الذي يروى عن عطاء التفريق في الوضوء. وقال: أدخل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجليه الخف وهما طاهرتان بتمام الوضوء. "مسائل صالح" (399) قال ابن هانئ: قلت: فإني توضأت فغسلت رجلًا واحدة، فأدخلتها الخف، والأخرى غير طاهرة، ثم غسلت الأخرى ولبست الخف. فقال لي أبو عبد اللَّه: لا تفعل، كذا قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني أدخلتهما وهما طاهرتان" (¬1)، فهذِه واحدة طاهرة، والأخرى غير طاهرة، تعيد الوضوء من الرأس إن كان جف الوضوء. "مسائل ابن هانئ" (102) ونقل عنه أبو طالب أنه سئل فيمن غسل رجلًا ولبس خفًا ثم يغسل الأخرى ويلبس خفًّا؟ فقال: يغسلهما جميعًا. فقيل له: فإن فعل ما عليه؟ فقال: ليس عليه شيء، هو أحب إليَّ. إنما هو تأويل. "الروايتين والوجهين" 1/ 96، "الانتصار" 1/ 553 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 245، 255 والبخاري (206)، ومسلم (274) من حديث المغيرة بن شعبة ورواه الإمام أحمد 2/ 358 عن أبي هريرة.

172 - هل له أن يمسح على طهارة مسح؟

172 - هل له أن يمسح على طهارة مسح؟ قال ابن هانئ: وسألته عن الجرموق يمسح عليه؟ قال: نعم، فإذا خلع الجرموق انتقض الوضوء، ولا يمسح على مسح، كأنه مسح على خفه ذلك، ثم لبس الجرموق فأحدث فتوضأ، فلا يمسح على الجرموق، ولا يمسح مسحًا على مسحٍ. "مسائل ابن هانئ" (98) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: رجل مسح على خفيه، ثم لبس فوقهما جرموقين، أله أن يمسح فوق الجرموقين؟ قال: هذا لا يعجبني. "مسائل عبد اللَّه" (126) 173 - الشرط الثاني: أن يستر محل الغرض قال صالح: قلت: الخف إذا كان مخرقًا يمسح عليه؟ قال: إذا بدا من القدم فلا يمسح؛ إلا أن يكون عليه جورب، أو يكون خرق ينضم على القدم. "مسائل صالح" (1316) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الخف المخرق يمسح عليه؟ قال: إذا استبانت رجله فإنَّه لا يجزئه وذلك أنه وجب عليه غسلهما. "مسائل أبي داود" (56) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل على أي خف يمسح الرجل؟ قال: الذي يواري الموضع الذي يجب عليه الغسل. "مسائل أبي داود" (57)

174 - إن لبس خفا مخرقا فوق صحيح؟

قال ابن هانئ: قلت له: في خفي فتق مقدار إصبع وفيه لفافة، أمسح عليه؟ فقال: لا تمسح عليه إذا ظهر القدم، ولكن لو كان فيه جورب كنت تمسح عليه. "مسائل ابن هانئ" (90) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الخف بلا عقب؟ قال: لا يمسح عليه إذا بدا من رجله شيء، لم يمسح عليه إلا أن يكون عليه جورب من هذِه الغلاظ التي تلبس بالنعال، وتثبت في الساق. قلت: فإن كان يسترخي لا يثبت؟ قال: لا يمسح حتى يكون مثل الخف. "مسائل عبد اللَّه" (125) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يمسح على خف مقطوع؟ فقال: إذا كان فوق الكعب إلى مكان يغسل الرجل رجليه -أي: لا بأس به. "مسائل عبد اللَّه" (128) 174 - إن لبس خفًّا مخرقًا فوق صحيح؟ روى حرب عنه أنه قال: الخف المخرق إذا كان في رجليه جورب، مسح، وإن كان الخف منُخرقًا، وأما إن كان تحته لفائف أو خرق، فلا يجوز المسح. "المغني" 1/ 364.

175 - الشرط الثالث: أن يثبت في القدم بنفسه

175 - الشرط الثالث: أن يثبت في القدم بنفسه قال إسحاق بن منصور: قُلتُ: يمسحُ على الجَوْرَبين بِغَيرِ نَعْلَين؟ قال: نعم. قال إسحاق: شديدًا كما قال. "مسائل الكوسج" (23) قال صالح: وسألته عن المسح على النعلين؟ قال: إذا كان في القدم جوربان قد ثبتا في القدم، فلا بأس أن يمسح على النعلين. "مسائل صالح" (379) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يكون في رجله الجورب بلا نعل، أيمسح عليه؟ قال: نعم، إذا كان لا يسترخي مسح عليه، وعلى النعل، إذا كان عليها جورب، فإذا خلع النعل أو الجورب أحدهما، خلع الوضوء. "مسائل ابن هانئ" (86) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: لا يمسح على النعلين إلا أن يكونا في جوربين. "مسائل ابن هانئ" (93) قال ابن هانئ: وسئل عن المسح على الجوربين؟ فقال: إذا كان ثابتًا لا يسترخي، مسح عليه. "مسائل ابن هانئ" (106) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يمسح على نعليه. فكرهه وقال: لا. "مسائل عبد اللَّه" (129)

176 - صفة المسح

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المسح على النعلين؟ فقال: إذا كان في القدم جوربان قد ثبتا في القدم فلا بأس بالمسح على النعلين. "مسائل عبد اللَّه" (130) قال الخرقي: سألته عن المسح على الجوربين؟ فقال: إذا استمسكا بالقدمين فلا بأس. "الطبقات" 1/ 380. 176 - صفة المسح قال إسحاق بن منصور: قلتُ: وكيف يمسحُ على خُفَيْهِ؟ قال: أَعْلَا الخُفَّين، إنْ شاءَ مِنَ الأَصَابع إلى السَّاقِ، وإنْ شاءَ مِنَ الساقِ إلى الأصابع، ولا يمسحُ أَسْفَلَ الخُفين. قال إسحاق: يمسحُ أَعْلاه وَأَسْفَلَهُ، كما فعله ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما- (¬1) مَعَ مَا ذُكِرَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذَلِكَ (¬2)، وإنْ مَسَحَ أَعْلَاه دُون أَسْفلِهِ أَرْجُو أنْ يجزئَهُ. "مسائل الكوسج" (20) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 220 (855) عن ابن جريج قال: قال عطاء: رأيتُ ابن عمر يمسح عليهما مسحةً واحدة بيديه كلتيهما بطونهما وظهورهما. . . ورواه البيهقي 1/ 291 من طريق ابن جريج والعمري، به مختصرًا. ورواه ابن المنذر في "الأوسط" 1/ 452 من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج قال: قال لي نافع: رأيتُ ابن عمر، فذكره، بنحوه. ورواه ابن عبد البر في "التمهيد" 11/ 148 من طريق سفيان عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر. (¬2) هو حديث المغيرة الذي رواه الإمام أحمد 4/ 251، والبخاري في "التاريخ الأوسط" (1422)، وأبو داود (165)، والترمذي (97)، وابن ماجه (550)، =

قال صالح: وسألته عن المسح على الخفين: يمسح ظاهرهما وباطنهما؟ وهل يعمل بحديث المغيرة بن شعبة؟ قال أبي: المسح على الخفين فإنما يمسح أعلاها، وقال بعض الناس: وأسفلهما. وليس هو بحديث ثبت عندنا. "مسائل صالح" (271) قال صالح: قلت: ما تقول في المسح على الخفين؛ أعلاه وأسفله؟ قال: أما أنا فأرجو أن يجزئه الأعلى دون الأسفل. وروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أن المسافر يمسح ثلاثة أيام ولياليهن والمقيم يومًا وليلة" (¬1). وقال بعض الناس: مسح النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أعلاهما وأسفلهما. قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن ثور بن ¬

_ = وابن الجارود (84)، والبيهقي 1/ 290 من طريق الوليد بن مسلم، ثنا ثور عن رجاء بن حَيوة، عن كاتب المغيرة عن المغيرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- توضأ فمسح أسفل الخف وأعلاه. والحديث معلول، فالوليد بن مسلم يدل تدليس التسوية، وثور لم يسمعه من رجاء، فقد رواه الإمام أحمد كما في "مسائل صالح" (544)، وابن حزم 2/ 114 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن ابن المبارك عن ثور بن يزيد قال: حُدثت عن رجاء عن كاتب المغيرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مسح أعلى الخف وأسفله. قال الإمام أحمد: ولا أرى الحديث ثبت. والحديث وإن كان رواه الدارقطني 1/ 195 من طريق داود بن رشيد، عن الوليد وفيه: أخبرنا رجاء. فقد رواه البيهقي 1/ 290 و 291 من طريق داود أيضًا دون لفظ أخبرنا مع موافقة للحفاظ الذين رووه. (¬1) رواه مسلم (276) من حديث علي، ورواه الإمام أحمد 5/ 213 من حديث خزيمة ابن ثابت، وفي 6/ 27 من حديث عوف بن مالك.

يزيد، عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة، عن المغيرة بن شعبة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مسح أعلى الخفين وأسفله (¬1). قال أبي: فذكرت ذلك لعبد الرحمن بن مهدي، فذكر عن ابن المبارك، عن ثور، قال: حُدثت عن رجل، عن كاتب المغيرة، ولم يذكر فيه المغيرة، ولا أرى الحديث ثبت. وقد روي عن سعيد وأنس أنهما مسحا أعلى الخفين (¬2). "مسائل صالح" (544) قال صالح: وقال في المسح: على ظهور الخفين. "مسائل صالح" (945) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل كيف المسح؟ فقال: هكذا، وخط بأصبعه على ظهر رجله. "مسائل أبي داود" (51) قال أبو داود: قلت لأحمد: المسح في أعلى الخف وأسفله؟ قال: أرجو أن يجزئه أعلى الخف، قد روي عن غير واحد، وقد روي في ذلك عن ابن عمر والزهري -يعني: في أعلى الخف وأسفله (¬3). "مسائل أبى داود" (52) قال أبو داود: سمعت أحمد وقال له رجل: المسح هكذا، ومسح الرجل ببطن كفه على خفه ثم مسح بأصابعه مرة؟ ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) أثر أنى رواه ابن المنذر 1/ 453، والبيهقي 1/ 293. (¬3) أثر ابن عمر رواه عبد الرزاق 1/ 220 (855)، وابن المنذر 1/ 452. وأثر الزهري رواه مالك 1/ 41 - 42 (94)، وعبد الرزاق 1/ 219 - 220 (854).

فقال أحمد: هكذا وهكذا جائز. يعني: بالأصابع وبالكف. "مسائل أبي داود" (53) قال ابن هانئ: وسئل عن المسح على الخفين، أسفله وأعلاه؟ قال: لا يمسح على أسفله، يمسح على أعلاه خطًا بالأصابع. "مسائل ابن هانئ" (92) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يأخذ ماء ليمسح خفيه، فإذا أخذ الماء يأخذه بيده ثم ينفضه، أو يمس الماء ثم يمسح خطًّا بالأصابع؟ قال: خطًّا بالأصابع، ولا يأخذ ماءً. "مسائل ابن هانئ" (101) قال ابن هانئ: قلت: المسح، تراه على أسفل الخفين؟ قال: لا يمسح على أسفل الخفين؛ هذا شيء يذهب إليه ابن عمر، والزهري أخذه عنه. "مسائل ابن هانئ" (105) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن المسح كيف هو؟ قال: خطًا بالأصابع، كذا سمعنا، وأشار بيده، وكان أبي لا يذهب إلى أن يمسح أسفل الخفين. "مسائل عبد اللَّه" (124) قال الأثرم: سُئل عن حديث المغيرة بن شعبة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مسح أعلى الخف وأسفله؟ فقال: هذا الحديث ذكرته لعبد الرحمن بن مهدي فقال: عن ابن المبارك أنه قال عن ثور: حدثت عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة، وليس فيه المغيرة.

177 - مدة المسح

قال أحمد: وأما الوليد فزاد فيه: عن المغيرة، وجعله: ثور عن رجاء، ولم يسمعه ثور من رجاء؛ لأن ابن المبارك قال فيه: عن ثور، حدثت عن رجاء. "التمهيد" 1/ 18 قال علي بن حجر: سُئل: المسح على أعلى الخف أو أسفله؟ فقال أحمد: نحن نرى أعلاه. "الطبقات" 2/ 119. 177 - مدة المسح قال إسحاق بن منصور: قلتُ: كم يمسحُ المقيمُ على خُفَّيْهِ؟ قال: يومًا وليلةً إلى مثلِ سَاعَتِهِ التي أَحْدَثَ فِيهَا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (18) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: وَكَمْ يمسحُ المسافرُ على خُفَّيْهِ؟ قال: ثلاثًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (19) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا توضَّأَ وَلَبِسَ خُفيه فَأَحْدَثَ ومسحَ عليهما؟ قال: يمسحُ عليهما يومًا وليلةً إلى الوقتِ الذي يحدثُ، ليسَ إلى الوقتِ الذي مَسَحَ فيه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (22)

قال إسحاق بن منصور: قلتُ: رجلٌ مسحَ في الحَضَرِ يومًا وليلةً؟ ثُمَّ سافر؟ قال: يبتدئُ. يقولُ: لا يبني على مَا مَسَحَ في الحَضَرِ. قال إسحاق: إذا مَسَحَ وهو مُقِيمٌ ثمَّ سَافَرَ لَمْ يزدْ عَلَى تَمَامِ يومٍ وليلةٍ لمَّا اختلط الإقامةُ بالسفرِ. وَكَذلِكَ لو مسحَ ثُمَّ دخلَ المصرَ لَمْ يزدْ على تمامِ يومٍ وليلةٍ. "مسائل الكوسج" (27) قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن حديث عليّ في المسح: هو صحيح مرفوعًا؟ فقال: نعم، هو مرفوع (¬1). "سؤالات الأثرم" (7) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سئل: كم يمسح المسافر؟ قال: ثلاثةً ولياليهن. "مسائل أبى داود" (58) قال أبو داود: وسمعت أحمد سئل عن المسح على الخف؟ فقال: يمسح من الوقت الذي مسح إلى مثلها من الغد. قلت: إنه يدخل فيه ست صلواتٍ؟ قال: لا بأس به يمسح من الغد إلى الساعة التي مسح عليها. "مسائل أبي داود" (59) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل كان يتدين بحديث عقبة بن عامر، عن عمر في المسح. فكان يمسح أكثر من ثلاثة ولياليهن، ثم ترك ذلك. ¬

_ (¬1) انظر ما رواه الإمام أحمد 1/ 116، 120.

فقال أحمد: يعيد ما كان صلى وقد مسح أكثر من ثلاثة ولياليهن. فقال له الرجل: احتياطًا ذلك يحتاط له أو وهو عليه واجب؟ فقال أحمد: لا يمسح على خفيه أكثر من ثلاثة ولياليهن، أمر لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أولى أن يتبع من قول عقبة بن عامر. "مسائل أبي داود" (60) قال ابن هانئ: سئل أبو عبد اللَّه عن المسح على الخفين؟ قال: ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، وللمقيم يوم وليلة. "مسائل ابن هانئ" (91) قال ابن هانئ: وسئل عن المسح على الخفين؟ فقال: يمسح عليهما، للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن. قلت له: فإن هو عاقه عائق، فلم يستطع أن يخلع خفيه بعد الثلاثة أيام، أيمسح عليه؟ قال: لا يمسح عليه. قلت: فإن هو خلع خفيه، أيغسل رجليه، أو يجيء بالوضوء كاملًا؟ قال: يتوضأ وضوءه للصلاة. ويروى فيه عن إبراهيم ثلاثة أقاويل مرة يقول: يعيد الصلاة والوضوء (¬1). ومرة يقول: يغسل رجليه (¬2). ومرة يقول: يصلي بلا غسل الرجلين، ولا إعادة وضوء (¬3). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 210 (811)، وابن أبي شيبة 1/ 170 (1961)، (1963). (¬2) رواه عبد الرزاق 1/ 211 (813)، وابن أبي شيبة 1/ 170 (1960). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 1/ 171 (1968).

وأنا أرى أن يعيد الوضوء كاملًا. "مسائل ابن هانئ" (99) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يلبس الخفين وهو مقيم، ثم يسافر؟ فقال: إن كان مسح ثم خرج، فيمسح عليه تمام ثلاثة أيامٍ. فقيل له: وإن كان مسافرًا، فمسح يومًا أو يومين، ثم دخل الحضر؟ قال: يخلع خفيه. "مسائل ابن هانئ" (100) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المسح على الخفين في دار الحرب، كم يمسح عليه الرجل؟ فقال: المسح في دار الحرب وغيره واحد: للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة. "مسائل عبد اللَّه" (123) قال عبد اللَّه: سألت أبي قلت: مسافر مسح يومًا وليلة، ثم قدم الحضر؟ قال: يخلعهما، ثم يستأنف. قلت: فإن مسح صلاتين ثم قدم الحضر؟ قال: يمسح مسح المقيم. حدثني أبي قال: ثنا هشيم قال: أخبرنا داود بن عمر، عن بسر بن عبيد اللَّه الحضرمي، عن أبي إدريس الخولاني، عن عوف بن مالك الأشجعي أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بالمسح على الخفين في غزوة تبوك، ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم (¬1). ¬

_ (¬1) "المسند" 6/ 27.

178 - متى تستأنف الطهارة في المسح على الخفين؟

سمعت أبي حين حدث بهذا الحديث، حديث عوف بن مالك يقول: هذا الحديث، أجود حديث في المسح على الخفين، لأنه في غزوة تبوك، وهي آخر غزاة غزاها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو آخر فعله. "مسائل عبد اللَّه" (127) 178 - متى تستأنف الطهارة في المسح على الخفين؟ قال إسحاق بن منصور: قُلتُ: إذا مسحَ على خُفَّيه ثُمَّ نزعَهُمَا؟ قال: يعيدُ الوضوءَ كُلَّهُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (21) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا توضَّأَ ولبسَ خُفَّيه ثُمَّ نزعَهُمَا قبلَ أنْ يحدثَ؟ قال: ليس عليه شيءٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (25) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: أما مَن خلعَ خُفَّيه بعد المسحِ فإنَّه يتوضَّأ الوضوءَ كلَّه لما صار وضوؤه متفرقًا بعضه بالغداةِ وبعضه عند الظهر لو كان يغسل قدميه، وقد أمرَ النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي ترك مِنْ وضوئِهِ قدر ظفر أنْ يعيدَ الوضوءَ والصَّلاةَ (¬1)، وذلك لأنَّ التاركَ موضع الظفرِ ذكره وقد كان فرغَ مِنْ وضوئِه وأخذَ في عملٍ آخر فوضوء المسلمين ¬

_ (¬1) رواه مسلم (243)، وابن ماجه (666) من حديث عمر بن الخطاب.

بعضه في أثرِ بعضٍ. "مسائل الكوسج" (107) قال صالح: قلت: من مسح على جوربه ونعله، ونيته المسح على الجوربين، أيجوز له أن يخلع النعلين ويصلي؟ قال: إن كان مسح على النعلين مع الجوربين، ثم خلع نعليه؛ يعيد الوضوء كله، وإن كان مسح على النعلين مع الجوربين ولبس نعليه ولم يمسح على النعلين، ثم خلعهما؛ فلا بأس. "مسائل صالح" (618) قال صالح: قلت: ما تقول فيمن توضأ وخلع خفيه، وقد مسح عليه؟ قال: يعيد الوضوء كله، والحجة: أن الطهارة لا ينتقض بعضها دون بعض، فمن زعم أنه يغسل رجليه، فقد زعم أن الطهارة منتقضة عن الرجلين، وهو حيث مسح على خفيه فقد طهرت رجلاه، فمن زعم أنه يغسل قدميه، فقد زعم أن الطهارة قد انتقضت عن القدمين، وهذا محال أن ينتقض بعضها دون بعض. وقد يزعم بعض الناس أنه لو خلع أحد الخفين، وقد كان قد مسح عليهما؛ أنه يجب عليه خلع الخف الآخر حتى يغسل قدميه جميعًا. والحجة على من زعم أن الطهارة منتقضة عن القدمين إذا هو خلع الخفين، أنه يقول: إذا خلع أحد الخفين فقد انتقضت الطهارة عن الرجل الأخرى بخلع الخف الواحد، فقد زعم أن الطهارة منتقضة عن الرجل التي لم يحدث فيها شيئًا. "مسائل صالح" (543)

قال صالح: قلت: ما تقول في حديث علي: أنه مسح على نعليه ثم خلعهما، وأم القوم، ولم يحدث وضوءًا (¬1). ما معناه؟ قال: يروى هذا عن علي. قلت: فإن فعل هذا رجل؟ قال: ما يعجبني، يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "ويل للأعقاب من النار" (¬2)، فإن كان أتى المسح على الأعقاب وغسل الرجلين فلا بأس. "مسائل صالح" (578) قال صالح: الرجل يمسح الخف ثم يخلعه؟ قال: يستقبل الوضوء. "مسائل صالح" (1068) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: إذا مسح على خفيه ثم نزعها؟ قال: يعيد الوضوء. ثم قال: الذي يغسل قدميه بأي شيء يحتج؟ ! أليس حين مسح على خفيه قد طهرتا رجلاه فحين نزعهما نقض طهور رجلين ولم ينقض غير ذلك إن كان نقض بعض طهوره فقد نقض كله وإلا لم ينقض شيئًا. "مسائل أبي داود" (54) قال أبو داود: سمعت أحمد قال فيمن كان عليه خف فوق خف فمسح الأعلى، ثم نزعه: ينزع الآخر ويتوضأ. "مسائل أبي داود" (55) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 201 - 202 (784)، وابن أبي شيبة 1/ 173 (1998). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 228، 284، 406، 409، 430، والبخاري (165)، ومسلم (242) من حديث أبي هريرة.

قال ابن هانئ: سئل أبو عبد اللَّه عن رجل توضأ ومسح على جوربين وعلى خفين، فخلع الخفين، وقد أحدث، أيمسح على الجوربين؟ قال: لا يمسح على الجوربين. "مسائل ابن هانئ" (84) قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يكون عليه جرموق، وخف تحت الجرموق، فمسح على الجرموق ثم خلعه. قال أبو عبد اللَّه: ينتقض وضوؤه، يستأنف الوضوء. "مسائل ابن هانئ" (87) وسمعا الميموني ومحمد بن داود المصيصي أبا عبد اللَّه، وقد قيل له في الذي يمسح على خفيه ثم يخلع إذا غسل قدميه وصلى ولم يتوضأ، أتجزئه صلاته؟ قال: أرجو، إن كان قد صلى أرجو. "الروايتين والوجهين" 1/ 98، "الطبقات" 2/ 299

نواقض الوضوء

نواقض الوضوء 179 - ما يوجب الوضوء وما لا يوجب قال إسحاق بن منصور: قُلتُ: مَنْ نَامَ قَاعِدًا أَوْ قائِمًا؟ قال: مَا أَرى عليه وُضُوءًا؛ إلَّا أنْ يكونَ ساجدًا. قال إسحاق: كُلَّمَا نَامَ حتَّى غُلبَ على عَقْلِهِ توضأ. "مسائل الكوسج" (28) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: ما يوجبُ الوضوءَ من الغِيبة؛ أَوْ الطعامِ، أو أَذى المسلمِ، أو مَسِّ الفَرْجِ، أو شربِ اللبن، أو لحوم الإبل، أو القُبلَةِ؟ قالَ الإمام أحمدُ: مِنْ مَسِّ الفَرْجِ الوضُوءُ، ومِنْ لُحومِ الإبل الوضوءُ، ومِنَ القُبلةِ إذَا كان للشهوةِ الوضوءُ، وأَمَّا الغِيبةُ أو الطعامُ أو أذى المسلمِ، أو شربُ اللبنِ فأَرجو ألَّا يكون فيه وضوءٌ. قال إسحاق: كَمَا قال بِلَا رجاء. "مسائل الكوسج" (29) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذَا وَجَدَ المذْيَ والوَدْيَ؟ قال: أما المذْيُ ففيه الوضوءُ، وأما الوديُ فَشَيءٌ يكونُ على أَثَرِ البول فِفِيهِ الوضوءُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (30) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا مسَّ إبطهَ أو أنفه؟ قال: لا بأسَ به، وإن كانَ في الصلاةِ ليس يعيدُ إلَّا مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ.

قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ مَسَّ الذكرِ قد صحَّ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، فهو تقليد النساءُ والرجالُ في ذَلِكَ سواءٌ. "مسائل الكوسج" (52) ¬

_ (¬1) ورد الأمر بالوضوء من مس الذكر في أحاديث عن عدد من الصحابة منها: حديث بسرة بنت صفوان: "مَن مَسَّ ذَكَرهُ فَلْيَتَوَضَّأ". رواه الإمام أحمد 6/ 406، ومالك 1/ 47 (11)، والشافعي 1/ 34، وإسحاق (2174)، وأبو داود (181)، والترمذي (82)، والنسائي 1/ 105 - 151، وصححه الحاكم 1/ 136، والبيهقي في "المعرفة" 1/ 413 - 414. ومنها حديث عبد اللِّه بن عمرو، رواه الإمام أحمد 4/ 223، وابن الجارود (19)، والدارقطني 1/ 147، والبيهقي 1/ 132. ومنها حديث أبي هريرة رواه الإمام أحمد 2/ 333، وابن حبان (1118)، والدارقطني 1/ 147، والبيهقي 1/ 133. وانظر "علل الدارقطني" 8/ 131 - 132. ومنها حديث: زيد بن خالد الجهني: رواه الإمام أحمد 5/ 194، والبزار (3762)، والطبراني في "الكبير" 5/ 243 (5222). ومنها حديث أم حبيبة -رضي اللَّه عنها- رواه ابن ماجه (481) وأعله البوصيري في "مصباح الزجاجة" 1/ 69 وورد في إسقاط الوضوء منه حديث قيس بن طلق بن علي عن أبيه -رضي اللَّه عنه- قال: سأل رجل رسول اللَّه: أَيَتوضأ أَحدُنا إذا مَسَّ ذَكَرَهُ؟ قال: "إنَّما هو بِضْعة مِنْكَ". رواه الإمام أحمد 4/ 22، 23، وأبو داود (182)، والترمذي (85)، والنسائي 1/ 101، وابن ماجه (483). وله شاهد من حديث أبي أمامة رواه ابن ماجه (484). والصحيح في المذهب أن مس الذكر ينقض الوضوء كما في "الإنصاف" 1/ 202. قال في "كشاف القناع" 1/ 295 عن حديث طلق: صححه الطحاوي وغيره وضعفه الشافعي وأحمد، قال أبو زرعة وأبو حاتم: قيس لا تقوم بروايته حجة ولا سُلِّم صحته فهو منسوخ؛ لأن طلق بن علي قدم على النبي -رضي اللَّه عنه- وهو يؤسس في المسجد.

قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا أخذ مِنْ شعرِهِ أو أظفارِهِ وهو على وضوءٍ؟ قال: ما عليه شيءٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (53) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الجرحُ إذا لمْ يَرْقَأْ؟ قال: يحصنه ويصلِّي كما فعل عمرُ (¬1) وزيدٌ -رضي اللَّه عنهما-. قال إسحاق: هكذا هو كما قالَ، ولابدَّ مِن الوضوءِ لِكُلِّ صلاةٍ. "مسائل الكوسج" (69) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا خرج من أنفه شيءٌ من دمٍ؟ قال: إذا كان قليلًا فليسَ بِهِ بأسٌ إلا أنْ يكثرَ مثل الرُّعَافِ والقيء. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ القليلَ ليسَ بالسائلِ. "مسائل الكوسج" (70) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: هل في القَلْسِ (¬2) وضوءٌ؟ قال: إذا قل فلا، وإذا كثرَ حتَّى يكونَ شبه القيء فنعم. قال إسحاق: هذا قولٌ ضعيفٌ؛ قليلهُ وكثيرهُ يُعيدُ الوضوءَ؛ لأنَّه حدثٌ. حَدَّثَنَا إسحاق: أخبرنا ابن شميل قال: أخبرنا أشعثُ، عن الحسنِ أنه كان يقول في القَلْسِ ليس فيه شيءٌ حتَّى يكونَ قدرَ اللّقمةِ (¬3). "مسائل الكوسج" (71) ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" 1/ 44 (101)، وعبد الرزاق 1/ 150 (578)، والدارقطني 1/ 224، والبيهقي 1/ 357. (¬2) القلس: هو ما خرج من الجوف ملء الفم، فإن عاد فهو القيء. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 1/ 45.

قال إسحاق بن منصور: قلتُ للإمام أحمدَ -رضي اللَّه عنه-: القيحُ، والصَّديدُ، والمدةُ؟ قال: هذا كلُّهُ عندي سواءٌ؛ أيسر مِنَ الدَّمِ. قال إسحاق رَحمِهُ اللَّهُ: ما كان سِوى الدَّمِ فَلَا يُوجِبُ وضوءًا، هو عندي كالعرقِ المنتنِ وشبهه مَعَ مَا تقدمَ فيه مِنَ التمييزِ عن ابن عمرَ (¬1) وأبي مجلز (¬2)، والحسن (¬3) وغيرهم (¬4) أنهم لمْ يروا القيحَ والصديدَ كالدمِ حتَّى قال أبو مجلز في الدم. فقال في الصَّدِيدِ: لا شَيءَ إنما ذكر اللَّهُ الدمَ المسفوحَ. "مسائل الكوسج" (73) قال إسحاق بن منصور: قلتُ للإمام أحمدَ -رضي اللَّه عنه-: الدُّمَّلُ يخرجُ منه الشيءُ؟ قالَ: حتَّى يكثر. قال إسحاق: كل ما خرجَ غيرُ الدمِ فَلَا شيءَ. "مسائل الكوسج" (74) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الضحكُ في الصلاةِ؟ قال: لا يُوجِبُ عليه الوضوءَ ويعيدُ الصلاةَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (87) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 145 (553) عن بكر بن عبد اللَّه المزني أنه رأى ابن عمر عصر بثرة بين عينيه، فخرج منها شيء، ففته بين أصبعيه، ثم صلى ولم يتوضأ، والبيهقي 1/ 141. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 1/ 110. (¬3) رواه عبد الرزاق 1/ 144 (550)، وابن أبي شيبة 1/ 110. (¬4) ورد عن سعيد بن جبير أنه عصر بثرة في وجهه، وقال: ليس فيها وضوء، رواه عبد الرزاق 1/ 44 (551).

قال إسحاق بن منصور: قلتُ: قال سفيان: الضحكُ والريحُ والبولُ يعيدُ الوضوءَ والصلاةَ، والقيءُ والرعافُ، والحِبْنُ (¬1) السائلُ يتوضأ ويبني ما لمْ يتكلمْ؟ قال: أعجب إليَّ أنْ يتوضأَ في هذا كلّه ويستأنفَ الصلاةَ، فإن ذهبَ ذاهبٌ إلى الرعافِ الذي بَنَى ابن عمرَ -رضي اللَّه عنه- (¬2) فلا أعيبه. "مسائل الكوسج" (88) قال إسحاق بن منصور: ثُمَّ سألتُ أحمدَ فقلتُ: قال سفيان: الأكلُ والشربُ والكلامُ يعيدُ الصلاة ولا يعيدُ الوضوءَ، والضحكُ والريحُ والبولُ يعيدُ الوضوءَ ويعيدُ الصلاةَ، والقيءُ والرعافُ والحِبْنُ السائلُ يتوضأ ويبني ما لمْ يتكلمْ. قال الإمام أحمدُ -رضي اللَّه عنه-: الأكلُ والشربُ والكلامُ يستقبل (¬3). ويتوضأَ مِنَ البولِ والريحِ والضحكِ ويستقبل، والقيءُ والرعافُ والحِبْنُ السائلُ يستقبل، وكلما أمرته بالوضوءِ أمرته يستقبل. قال إسحاق: كلما قال يتوضأُ أو لا يتوضأُ فهو كما قال، ولكن له أن يبني عَلَى كلِّ ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (89) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا مسُّ الذكرِ فإنَّا نرى منه الوضوء لما صح ذَلِكَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬4). وجَاءَ فيه حديثٌ مِنْ وجهٍ واحدٍ ¬

_ (¬1) الحبن: هو الدُّمَّل، وهو واحد القروح. (¬2) انظر: "مصنف عبد الرزاق" 2/ 340 (3612)، و"سنن البيهقي" 2/ 256. (¬3) أي يستأنف صلاة غيرها إذا أكل أو شرب أو تكلم أثناء الصلاة. (¬4) سبق تخريجه.

عَنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رخصه، وأكثر أصحابِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على الرخصةِ (¬1)، فإنْ تأول رجل فلم يتوضأ لم آمره بإعادةِ الصَّلاةِ ولا نرى ترك الوضوء منه على حالٍ للاحتياط. "مسائل الكوسج" (108) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا لحمُ الجزورِ فإنَّه يُتوضَّأ منه الوضوء كاملًا على كلِّ حالٍ لما استثنى مِنْ جميعِ ما مسته النارُ وذلك أنَّ الوضوءَ مِما مستِ النارُ أولا (¬2)، ثمَّ رخص رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد ذَلِكَ في كلِّ ما مست النارُ (¬3) إلا لحم الجزورِ (¬4). "مسائل الكوسج" (109) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا الحجامة فإنَّه يتوضأ منها، وكذلك من الرّعافِ وكلِّ دم سائل وليس عليه الحجامةِ غسلٌ ولا من ماء الحمام إذا أخذَ من الحجر وحده أو خلا له الحوض وإنْ كان اغتسالُه من الحوضِ ومعه آخرون يُدخلون أيديهم وعليها الأقذار رأينا له أنْ يصب عليه ماء آخر؛ لأنَّ ما في الحوضِ لا يكون قدر قلتين. "مسائل الكوسج" (110) ¬

_ (¬1) روي ذَلِكَ عن علي، وابن مسعود، وابن عباس، وسعد بن أبي وقاص، وأبي هريرة، وحذيفة، وعمار، وعمران بن حصين. انظر مصنف عبد الرزاق 1/ 116 - 120 (425 - 431، 433 - 436)، وابن أبي شيبة 1/ 151 - 152. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 265، ومسلم (352)، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- بلفظ: "توضئوا مما مست النار". وفي الباب عن أبي طلحة، وأبي موسى، وزيد بن ثابت، وعائشة، وأم حبيبة -رضي اللَّه عنهم-. (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 226، والبخاري (207)، ومسلم (354)، من حديث ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أكل كتفًا ثم صلى ولم يتوضأ. (¬4) رواه مسلم (360)، وابن خزيمة (31)، من حديث جابر بن سمرة.

قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا الذي يتجشأ فيظهر على لسانِهِ شيءٌ مِنَ الطَّعامِ أو يقطع صلاتَه فإِنَّ عليه الوضوءَ؛ لأنَّ القَلْسَ قليله وكثيره سواء وأخطأ هؤلاء الذين قالوا: ملئ فم، فأما الصلاة فلا يقطعها نحو ذَلِكَ إنْ ابتلعَ ما في شدقه مِنَ الطَّعامِ وغيره. "مسائل الكوسج" (111) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما الوضوء مِنْ لحمِ الجَزُورِ؛ فقد صحَّتِ السنةُ أنَّ أولَ ما كان مِنْ أمرِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: الوضوءُ مِنْ جميعِ ما مستِ النار، ثمَّ رَخَّصَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- آخر ذَلِكَ، فلم يتوضأ مما مست النَّارُ من اللحم وغيره. وقد صَحَّ عَنْ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ وجهين متصلين برخصة في تَرْك الوضوء مما مست النار، واستثنى مِن جميع ما مسَّت النار لحم الجزور أن يتوضأ منه رواه الثقتان من أصحابِ رسولِ اللَّهِ محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-: البراء بن عازب، وجابر بن سمرة -رضي اللَّه عنهما- (¬1) ففيما بيَّنا من تمييزٍ ما بين لحمِ الجزور ولحم الغنم ما يكتفي المسلمون بذلك ولا يُنقبوا ولا يُفَتشوا؛ لأن المميزَ بينهما الذي ينزلُ الوحي عليه صلى اللَّه عليه وسلم ولا يغلطِ ولا يسهو. والعجب مِنْ هؤلاء الذين ينكرون الوضوءَ مِنْ لحمِ الجزور، ثُمَّ لا يرضون حتَّى يعيبوا الآخذين به، وهم بأجمعهم يرون الوضوء مِنَ الضَّحكِ في الصلاةِ، فإذا قيل لأحدهم: أرأيتَ لو أنَّ ضحكَ نهاره أجمع، أيجب عليه الوضوءُ؟ فيقول: لا، فيقال له: فإذا ضحكَ في ¬

_ (¬1) حديث البراء رواه الإمام أحمد 4/ 288، وأبو داود (184) (493)، والترمذي (81)، وابن ماجه (494)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" 1/ 337. أما حديث جابر بن سمرة فقد سبق تخريجه آنفًا.

الصَّلاةِ؟ فيقول: قد وجب عليه الوضوءُ، وانتقضتِ الصَّلاةُ، فيقال له: فافترى في الصلاةِ على آخر أو سب آخر وكان بينهما من المنازعة إلى أنْ هجا بعضهم بعضًا أو ما كان، أتوجب الوضوء عليه؟ فيقول: لا، فيقال له: فلم جعلتَ الضحكَ أعلى من الذي وصفنا مِنَ الكلامِ السيئ؟ فيقول: ما ذُكر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يستطيع أنَّ يحتج في الفصلِ بينهما بأكثر من هذا، فيقال له: فلِمَ عذرت نفسك أن اتَّبعت حديثًا منقطعًا مرسلا بإيجاب الوضوء على الضاحكِ في الصلاةِ (¬1)، وعِبْتَ مَنْ توضَّأ مِنْ لحمِ الجزور، والحديثان متصلان أنَّ الوضوءَ مِنْ لحمِ الجزورِ قد فعله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو أمر به؟ ! فتصير عند ذَلِكَ حجته داحضة وكلامه متناقض. "مسائل الكوسج" (112) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا مَنْ يخرجُ مِنْ دُبره الدودُ أيتوضأُ؟ فكل شيء خرجَ مِنَ الفْروجِ الثلاثةِ: القبل، والدُّبر، والذَّكر، صوتًا كان أو ريحًا أو دودًا أو غير ذَلِكَ ففيه الوضوء. "مسائل الكوسج" (115) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وقصُّ الشَّاربِ، وتقليم الأظفار يعيدُ الوضوءَ أمْ لا؟ قال: ليس عليه في هذا إعادةُ وضوءٍ. "مسائل الكوسج" (116) ¬

_ (¬1) يشير إلى حديث أبي العالية عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، رواه عبد الرزاق 2/ 376 (3760) وأبو داود في "المراسيل" (8)، والدارقطني 1/ 168، والبيهقي 1/ 146، قال الزيلعي في "نصب الراية" 1/ 50 - 51: أما مرسل أبي العالية فله وجهان: أحدهما روايته عن نفسه مرسلًا، وهو الصحيح، الوجه الثاني: روايته مرسلًا عن غيره.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الدودُ يخرجُ مِن الإنسان؟ قال: يتوضأ مِنْ كلِّ شيءٍ يخرجُ مِن الدُّبُر. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (144) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ: إذا أحس بمذي فأدخلَ يدَه فوضعه على ذكرِه، أيعيدُ الوضوءَ؟ قال: نعم. قِيلَ: وإنْ مسه فوقَ الثيابِ؟ قال: لا يعيدُ. "مسائل الكوسج" (438) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عن النومِ؟ قال: إذا نام حتَّى يَحْلُمَ، يعجبني أنْ يتوضأ، إلَّا أن يكونَ ذاك قليل. "مسائل الكوسج" (444) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عن مسِّ الذكرِ؟ قال: يتوضأ منه. "مسائل الكوسج" (456) قال إسحاق بن منصور: وسُئِلَ عن لحومِ الإبلِ؟ فقال: يتوضأ منه. "مسائل الكوسج" (457) قال إسحاق بن منصور: وسُئِلَ عن ألبان الإبلِ؟ فقال: لا يتوضأ منه. "مسائل الكوسج" (458) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاقُ عن رجلٍ توضأ ثمَّ نام ولمْ يحدثْ ألبتة، ثم قامَ أتوجبون عليه الوضوءَ من النومِ والحدث إن كان أحدث؟

قال: كلمَا كانَ نومًا مستثقلًا يعلم أنه قد ذهبَ عقلُهُ، منه الوضوء جالسًا كان، أو راكعًا، أو ساجدًا، وإن كان نومه خفيفًا: يَخْفِقُ برأسه، أو يرى في نعاسه كالحلم وما أشبهه، لمْ يلزمه الوضوء على أي حال كان. "مسائل الكوسج " (469) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما الذي ينامُ وهو قاعدٌ حتَّى يستثقل نومًا، فإنَّ الذي نختار له الوضوء، لإجماعِ أهلِ العلمِ كلهم أنَّ منْ أُغْمِيَ عليه فقد زالتْ طَهارتُهُ. "مسائل الكوسج" (471) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يصرع من الجنونِ، فإذا أفاق اغتسل؟ قال: لا، أما الوضوء فلا بأسَ به. قال إسحاق: الوضوءُ لازم، والغسلُ أحب إلينا لما أغمي على النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فلما أفاقَ اغتسلَ (¬1)، وبه أخذَ الحسن (¬2). "مسائل الكوسج" (3520) قال الأثرم: سألت أبا عبد اللَّه عن الوضوء من القيء؟ فقال: نعم، يتوضأ. قلت: على إيجاب الوضوء؟ قال: نعم، واحتج بحديث ثوبان: أنا صببت لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وضوءه (¬3). ¬

_ (¬1) رواه البخاري برقم (687)، ومسلم برقم (418) عن عائشة -رضي اللَّه عنها-. (¬2) أخرجه عبد الرزاق 1/ 132 بسنده عنه أنه قال: إذا أفاق المجنون اغتسل. (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 443، وأبو داود (2381)، والترمذي (87) وصححه ابن الجارود في "المنتقى" (8)، وابن خزيمة (1957). =

قلت له: هو يثبت عندك؟ قال: نعم. قلت له: إنهم يضطربون في هذا الحديث. فقال: حسين المعلم يجوده. قلت له: هو يقول عن عبد اللَّه بن عمرو الأوزاعي. فقال: عبد اللَّه وعبد الرحمن واحدٌ. قلت له: يعيش بن الوليد معروف؟ قال: قد روي عنه. قلت له: فأبوه؟ قال: أبوه معروف، سمع منه ابن عيينة، قال: حدثني الوليد بن هشام المعيطيُّ، وكان عامل عمر بن عبد العزيز (¬1). قلت لأبي عبد اللَّه: فيكون قول ثوبان: صدق، أنا صببتُ لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وضوءه، توكيدًا لقول أبي الدرداء في الفطر من القيء؟ فذهب إلى أنه توكيد للوضوء. "سنن الأثرم" (105). قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن المحتجم يُصلِّي ولم يتوضأ، أيعيد؟ فقال: نعم، قيل له: ويعيدُ من صلَّى خلفهُ؟ فقال: إن ¬

_ = قال الترمذي: حديث حسين أصح شيء في هذا الباب، وقال ابن منده كما في "التلخيص الحبير" 2/ 190: إسناده صحيح متصل. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" 7/ 142: إسناده صحيح. (¬1) انظر: "التاريخ الكبير" 8/ 156 (2547) و"الثقات" لابن حبان 7/ 555 و"تهذيب الكمال" 31/ 103.

كان ممَّن بهذا أنه لا وضوء فيه، فلا يعيد، وإن كان يعلم أنَّ هذا لا يجوز فتعمد أن يُصلِّي فإنهم يعيدون. "سنن الأثرم" (109). قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن الغسل من الحجامة؟ فقال: لا يغتسل، ثم قال: ذاك حديث منكر، يعني حديث مصعب بن شيبة (¬1). قلت له: فكأنه أتي عندك من مصعب بن شيبة؟ قال: نعم، يروى أحاديث مناكير. "سنن الأثرم" (110). قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه يُسألُ عن الوضوء من الدَّم؟ فقال: إذا كان فاحشًا. فقيل له: ولا توقف فيه؟ قال: لا. قيل له: فإذا قطر أو سال؟ فقال: إن كان كثيرًا عنده. قال أبو عبد اللَّه: عدَّة من أصحاب النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم تكلَّموا فيه، أبو هريرة ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 152، وأبو داود (348، 3160)، والدارقطني 1/ 113، والحاكم 1/ 163، كلهم من حديث عائشة. قال ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 49: قال أبو زرعة: لا يصح هذا، رواه مصعب ابن شيبة، وليس بالقوي، وقال الدارقطني: مصعب بن شيبة ليس بالقوي ولا بالحافظ، وقال أبو داود: وحديث مصعب ضعيف، فيه خصال ليس العمل عليه، وقال الألباني في "ضعيف أبي داود" 9/ 139: هذا إسناد ضعيف.

كان يدخل أصابعه في أنفه (¬1)، وابن عمر عصر بثرة (¬2)، وابن أبي أوفى تنخَّم دمًا (¬3)، وابن عباس قال: إذا كان فاحشًا (¬4)، وجابر أدخل أصابعه في أنفه. قيل له: يا أبا عبد اللَّه: من روى حديث جابر؟ فقال: عبيد اللَّه بن حبيب، عن أبي الزبير، عن جابر، حدَّثناه وكيع (¬5). "سنن الأثرم" (120). قال الأثرم: سمعتُ أبا عبد اللَّه يسألُ عن الصديد؟ فقال: الصديد كأنه عندي إذا لم يكن فاحشًا أن يتوقَّاه. قال الأثرم: ففرَّق أبو عبد اللَّه بين الصديد والدم لهذا الاختلاف في الدَّم، وأخذ فيه بالاحتياط، فقال: يعجبني أن يتوقَّاه. "سنن الأثرم" (122) قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه مرة أخرى: إلى أي شيء تذهب في الدم؟ فقال: إذا كان فاحشًا. قيل له: في الثوب؟ فقال: إذا خرج من الجرح. قيل له: السائل؟ فقال: إذا فحش. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 145 - 146 (556) وابن أبي شيبة 1/ 128 (1465). (¬2) رواه عبد الرزاق 1/ 145 (553)، وابن أبي شيبة 1/ 128 (1469) وذكره البخاري تعليقًا في 1/ 285 "فتح"، وصحح إسناده الحافظ في "الفتح" 1/ 282. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) رواه ابن المنذر في "الأوسط" 1/ 172. (¬5) رواه ابن أبي شيبة 1/ 128 (1474)، وابن المنذر في "الأوسط" 1/ 173 من طريق محمد بن يحيى، عن أبي نعيم، عن عبيد اللَّه بن حبيب بن ثابت، به.

قيل له: إذا سال؟ فقال: أنا أذهب إلى الفاحش منه. قيل له: فالقاطر؟ فقال: أما حديث ابن عبَّاس الذي أذهب إليه إذا كان فاحشًا. قيل لأبي عبد اللَّه: فلم وُقت في الفاحش؟ فقال: ما وُقت فيه وقت، قال: ولكن على قدر ما تستفحشه في نفسك. قيل لأبي عبد اللَّه: من كان يقول: إذا كان فاحشًا أعاد؟ فقال: سمعته من أبي عبد الصمد العمِّي عبد العزيز بن عبد الصمد، عن سليمان التيمي، عن عمار، عن ابن عباس: في الدم يخرج من الجرح (¬1)، في باب حدثنا فيه بأحاديث. "سنن الأثرم" (125) قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن تفسير قول أبي هريرة: من استحق نومًا، فقد وجب عليه الوضوء (¬2)؟ فقال: هو أن يضطجع. "سنن الأثرم" (128) قال الأثرم: قال أبو عبد اللَّه: قال إسماعيل، عن الجريري، فسألنا عن استحقاق النوم؟ فقال: هو أن يضع جنبه. "سنن الأثرم" (129) قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن رجل نام محتبيًا، أيتوضأ؟ قال: نعم، يتوضأ، قال: والمستند يتوضأ. قلت له: فنام ساجدًا؟ قال: والساجد يتوضأ إذا أطال. ¬

_ (¬1) رواه ابن المنذر في "الأوسط" 1/ 172. (¬2) رواه عبد الرزاق 1/ 129 (481)، وابن أبي شيبة 1/ 124 (1416)، وابن المنذر في "الأوسط" 1/ 145 - 146.

قال أبو عبد اللَّه: وأنا أقول: النائم قاعدًا إذا أطال النوم توضأ، إلا أن القاعد والمتربع أهون من المحتبي والمستند. "سنن الأثرم" (136) قال الأثرم: حدثنا أبو عبد اللَّه، عن يحيى بن سعيد، حدثنا شعبة، قال: حدثني قتادة، قال: سمعت واللَّه أنس بن مالك، يقول: كان أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ينامون، ثم يُصلون ولا يتوضئون (¬1). "سنن الأثرم" (139) قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه وذكر حديث أنس، فقال: ما من شيء أحسن من حديث أنس، قال: كان أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ينامون، ثمَّ يصلُّون ولا يتوضئون. فقال أبو عبد اللَّه: هكذا قال بعضهم، وقال هشام: كان أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يخفقون برؤوسهم، وقال ابن أبي عروبة: يضعون جنوبهم، [. . .] أبو عبد اللَّه قال: هذا [. . .] سعيد، فذكر الحديث. "سنن الأثرم" (142) وقال الأثرم: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يقبِّل امرأته، هل عليه وضوء؟ فقال: نعم، هو من الملامسة، فعليه الوضوء. "سنن الأثرم" (150) قال الأثرم: وسألت أبا عبد اللَّه مرَّة أخرى عن القبلة واللمس؟ فقال: فيه الوضوء إذا كان من شهوة. "سنن الأثرم" (151) ¬

_ (¬1) رواه مسلم (376/ 125) بإسناده إلى قتادة، به. ورواه البيهقي 1/ 125 بإسناده إلى يحيى بن سعيد القطان، به.

قال الأثرم: قال أبو عبد اللَّه: وأمَّا قبلة الرَّحمة فلا وضوء فيها. "سنن الأثرم" (153) قال صالح: سألت أبي عن مس الذكر يتوضأ منه؟ قال: لا يتوضأ إلا من مس الذكر وحده. قلت: وإن مس أنثييه؟ قال: من القضيب وحده الوضوء. "مسائل صالح" (63) قال صالح: سألت عن الوضوء مما غيرت النار؟ قال: لا يتوضأ مما غيرت النار. "مسائل صالح" (64) قال صالح: سألت أبي عن الرجل يرعف في الصلاة؟ فقال: أعجب إلي أن يستأنف الصلاة. "مسائل صالح" (66) قال صالح: وسألته عما يوجب الوضوء من النوم؟ فقال: إذا اضطجع، أو استثقل في النوم وهو جالس. "مسائل صالح" (70) قال صالح: وسألته عن الرجل يسجد وينام؟ قال: إذا استثقل توضأ. "مسائل صالح" (71) قال صالح: وسألته عما يوجب الوضوء من الدم؟ فقال: إذا كثر وفحش أعاد الوضوء. "مسائل صالح" (72) قال صالح: وسألت عن الرجل نام قاعدًا أو قائمًا في صلاة، وفي سجود والركوع؟

قال: أما إذا نام قائمًا أو قاعدًا، فإذا طال نومه حتى يحلم: فأحب إلي أن يتوضأ، وأما إذا نام راكعًا: فهو عندي أشد من القيام والقعود، والسجود عندي أشد من الركوع؛ لأنه ينفتح. "مسائل صالح" (139) قال صالح: قلت: الرجل يتخلل فيبصق، فيرى في بصاقه الدم، وربما كان نصف بصاقه دمًا، أو أقل، أو أكثر؟ قال: الذي أذهب إليه في الدم: أنه لا يتوضأ من الدم حتى يفحش عنده؛ لأنه يروى عن ابن عباس أنه قال: إذا كان فاحشًا أعاد (¬1). "مسائل صالح" (140) قال صالح: وسألته عن الوضوء من لحوم الإبل؟ قال: يتوضأ. قلت: فالوضوء من ألبانها؟ قال: لا يتوضأ من ألبانها. قلت: يشرب أبوالها للدواء؟ قال: لا بأس به. "مسائل صالح" (380) قال صالح: وسألته عن الرجل يقبل؟ فقال: إذا كان لشهوة عليه الوضوء، وإذا لم يكن لشهوة فليس عليه الوضوء. "مسائل صالح" (432) قال صالح: قلت: ما تقول في المتوضئ يأخذ من شعره ومن أظفاره؟ ¬

_ (¬1) رواه البيهقي في "السنن" 2/ 405.

قال: لا بأس به. "مسائل صالح" (546) قال صالح: قلت ما تقول في الغيبة، والكذب، والخنا، والفحش؛ ينقض الوضوء؟ قال: أرجو. "مسائل صالح" (547) قال صالح: وقال في الملامسة ومباشرة الرجل امرأته: إذا كان لشهوة أعاد الوضوء. "مسائل صالح" (577) قال صالح: قلت: الوضوء من الدم؟ قال: على قدر كثرة الدم. "مسائل صالح" (1002) قال صالح: قلت: الرعاف والحجامة؟ قال: فيها الوضوء. "مسائل صالح" (1003) قال صالح: قلت: والبثرة؟ قال: ليس فيه وضوء، ابن عمر: ينصرف من قليل الدم وكثيره (¬1). وابن عباس: إذا كان فاحشًا (¬2)، وأبو هريرة: أدخل أصابعه أنفه (¬3)، وابن أبي أوفى: تنخع دمًا (¬4). وجابر، يرويه أبو الزبير، عن جابر (¬5). "مسائل صالح" (1004) ¬

_ (¬1) "السنن الكبرى" للبيهقي 2/ 256. (¬2) سبق تخريجه. (¬3) رواه عبد الرزاق 1/ 145 - 146، وابن أبي شيبة 1/ 128 (1472). (¬4) ذكره البخاري تعليقًا 1/ 280 "فتح"، وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" 1/ 148 (571)، وصحح إسناده ابن حجر. انظر: "الفتح" 1/ 282. (¬5) رواه ابن أبي شيبة 1/ 128 (1474).

قال صالح: قلت: في الجسد والثوب سواء إذا كان فاحشًا؟ قال: نعم، وقال: الجنابة مثله أيضًا. "مسائل صالح" (1005) قال صالح: قلت: إذا نام الرجل جالسًا عليه الوضوء؟ قال: إذا طال ذاك. "مسائل صالح" (1008) قال صالح: وقال: يتوضأ من أشياء كثيرة: كل شيء خرج من السبيلين، والرعاف، ومس الذكر. والضحك ليس فيه حديث صحيح. "مسائل صالح" (1142) قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثني يحيى بن سعيد، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس: أن أبا طلحة كان يتوضأ مما غيرت النار (¬1). قيل له: وضوء الصلاة؟ قال: نعم، ألا ترى أن أنسًا أنكر على الحجاج كيف لم يتوضأ (¬2). "مسائل صالح" (1273) قال صالح: مالك يتأول حديث ابن عمر: يغسل الدم إذا رعف (¬3). يريد: ينصرف فيتوضأ. وقال: مالك لا يرى الوضوء إلا ما خرج من السبيلين، ويروي حديث سعيد بن المسيب: أنه رعف فذهب فتوضأ (¬4)، يتأول هذا أيضًا. "مسائل صالح" (1274) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 53، 54. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 1/ 54، 55. (¬3) رواه مالك في "الموطأ" 1/ 42 (95) باب: ما جاء في الرعاف. (¬4) "الموطأ" 1/ 42 (97).

قال صالح: وسألته، عن امرأة يخرج من فرجها الريح؟ فقال: ما خرج من السبيلين ففيه الوضوء. "مسائل صالح" (1303) نقل صالح عنه: من توضأ ثم قص أظفاره أو شعره لا وضوء عليه، ولا يمسه الماء. "مسائل صالح" (1323) قال صالح: القيح والصديد يخرج من الجرح إنهما أهون من الدم. "مسائل صالح" (1326) قال صالح: سمعت أبي يقول: إذا قبل لشهوة فأحب أن يتوضأ. "مسائل صالح" (1330) قال صالح: وقال: القلس ليس فيه وضوء، ولا في خروج الدم من الجسد وضوء حتى يكون فاحشًا، فإذا فحش عنده أعاد، وإن صار من القلس إلى لسانه شيء وهو صائم في شهر رمضان، فبلعه؛ أعاد صومه، وأما الصلاة؛ فإن كان بقدر ما يكون إلى اللسان فأرجو أن لا يكون عليه قضاء الصلاة. "مسائل صالح" (1337) قال صالح: قلت: الرجل يكون به الحب أو الدود يخرج من دبره؟ قال: كل شيء من السبيلين من دبر أو فرج فما خرج منهما من شيء من ريح كان أو غيره؛ ففيه الوضوء. "مسائل صالح" (1373) قال صالح: قلت: الرجل يخيل إليه وهو يصلي أنه قد خرج من إحليله شيء، فربما نظر، فإذا بلل وهو في الصلاة؟ قال: إن كان تخيل إليه؛ فلا يلتفت إليه حتى يستيقن، ولا يتعاهد

ذلك من نفسه. "مسائل صالح" (1380) قال صالح: قلت: الرجل به الدماميل أو جرح لا يرقأ، أيجب عليه الوضوء لكل صلاة؟ قال: يتوضأ لكل صلاة إذا كان لا يرقأ؛ بمنزلة المستحاضة يتوضأ لكل صلاة. "مسائل صالح" (1383) قال صالح: قال أبو العباس العوني: كتب أحمد بن حنبل إلى ابن مسهر أن يكتب إليه بهذا الحديث -يعني حديث أم حبيبة: من مس فرجه فليتوضأ. فقلت لأبي مسهر. يعني: لا تبجح به عنده. فقال لي: كتب إلي: اكتب بخطه، وأنا الساعة في شغل. "سيرة الإمام أحمد بن حنبل" لابنه صالح ص 68 قال أبو داود: سمعت أحمد قال: من مس ذكره يعيد الوضوء، وليس في مس الأنثيين وضوء حتى يمس القضيب. "مسائل أبي داود" (71) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: الذين قالوا إنما هو عضو منه إنما قالوا بالقياس ولم يقولوا بشيء سمعوا فيه. "مسائل أبي داود" (72) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: أصحاب ابن عباس كلهم يعيدون الوضوء من مس الذكر إلا مجاهد، وذكر ممن رأى الوضوء منه عطاء وطاوس وجابر بن زيد. "مسائل أبي داود" (73)

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: من الناس من يحتج في مس الذكر بحديث أبي هريرة: "إنه لا يدري أين باتت يده" (¬1). "مسائل أبي داود" (74) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا مس ذكره بظهر كفه؟ قال: يعيد الوضوء. قلت: فمسه بساعده؟ قال: بكله يعيد الوضوء. "مسائل أبي داود" (75) قال أبو داود: سمعت أحمد سأله رجل قال: مس الذكر، المتعمدُ والخطأ واحد؟ فقال: الخطأ والمتعمد في الصلاة وغير الصلاة واحد. "مسائل أبي داود" (77) قال أبو داود: وسئل عمن مس ذكره من فوق الثياب؟ فلم ير فيه وضوءًا. "مسائل أبي داود" (78) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن مس إبطه يتوضأ منه؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (89) قال أبو داود: سمعت أحمد لا يرى من الضحك في الصلاة وضوءًا. وقال: لا أدري بأي شيء أعادوا الوضوء من الضحك؛ أرأيت لو سب رجلًا؟ ! . "مسائل أبي داود" (90) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الضحك في الصلاة؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 241، والبخاري (162)، ومسلم (278).

قال: أما أنا فلا أوجب فيه وضوءًا؛ ليس تصح الرواية فيه. "مسائل أبى داود" (91) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن قلم أظفاره وهو على وضوء؟ قال: أرجو أن لا يلزمه شيء. "مسائل أبي داود" (92) قال أبو داود: قلت لأحمد: قص الشعر فيه الوضوء؟ قال: أرجو -أي: ليس عليه شيء. "مسائل أبي داود" (93) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: الوضوء من النوم؟ فقال: إذا أطال؛ إني لأفزع منه. قيل له: فالساجد؟ قال: إذا أطال. ثم قال أحمد: الساجد يخاف عليه الحدث. "مسائل أبي داود" (94) قال أبو داود: قيل لأحمد: فالمحتبي يتوضأ؟ قال: نعم. قيل: فالمتكئ؟ قال: الاتكاء شديد والتساند كأنه أشد من الاحتباء، ورأيي فيها كلها الوضوء إلا أن يغفو يعني: قليلًا. واحتج بحديث صفوان بن عسال: "لكن من نوم" (¬1) قال: ولم يفسر أي نوم؟ "مسائل أبي داود" (95) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 239، 240، والترمذي (96) وقال: هذا حديث حسن صحيح قال محمد بن إسماعيل يعني البخاري: هو أحسن شيء في هذا الباب، والنسائي 1/ 83 - 84، وابن ماجه (478) والحديث حسنه الألباني، انظر: "الإرواء" 1/ 140 - 141.

قال أبو داود: قيل لأحمد: فالمتعمد؟ قال: ما أدري؛ ما سمعت في المتعمد شيئًا. "مسائل أبي داود" (96) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: يتوضأ من القبلة إذا كانت للشهوة، ومن قبلة الصبي فلم يرى فيها وضوءًا. "مسائل أبي داود" (97) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الدود؟ فقال: فيه الوضوء. "مسائل أبي داود" (98) قال أبو داود: سمعت أحمد قال في الرعاف: إذا كان كثيرًا يعاد منه الوضوء. "مسائل أبي داود" (99) قال أبو داود: سمعت أحمد سأله رجل قال: بي جرح عند الدبر لا يزال يخرج منه الندى بقدر ما يلزق به الثوب؟ قال: إذا فحش فأعد الوضوء، وإن كان يخرج هذا من داخل الدبر قليلا كان أو كثيرا فأعد الوضوء. قال: فإني أعصره فيخرج القيح من الدبر؟ قال: إذا خرج من الدبر فأعد منه الوضوء. "مسائل أبي داود" (100) قال أبو داود: قلت لأحمد: ترى في الحجامة غسل؟ فأشار برأسه -أي: لا. "مسائل أبي داود" (101) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: كل شيء يخرج من القبل والدبر يتوضأ منه. "مسائل أبي داود" (102)

قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له القلس؟ قال: هو مثل ما خرج من السبيلين. "مسائل أبي داود" (103) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: يعيد الوضوء -يعني: من القيء؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (104) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن يخرج من ذكره الندى؟ قال: يتوضأ لكل صلاة إذا دخل وقتها. قال: ويوم الجمعة ينبغي أن يتوضأ بعد زوال الشمس. "مسائل أبي داود" (105) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا أمذى يجب عليه غسل أنثييه؟ قال: ما قال: غسل الأنثيين، إلا هشام بن عروة -يعني: في حديث علي (¬1) -فأما الأحاديث كلها فليس فيها ذا. "مسائل أبي داود" (106) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الوضوء مما مست النار؟ فقال: أما أنا فلا أتوضأ. "مسائل أبي داود" (107) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: يتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (108) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 124، وأبو داود (208)، والنسائي 1/ 96. قال الألباني في "صحيح أبي داود" 1/ 376: إسناده صحيح.

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول فيمن يصرعُ: يتوضأ إذا أفاق إلا أن يحتلم. قيل له: وما يدريه؟ قال: يجد أثر الاحتلام. قال أحمد: وزعموا أن ربما احتلم. "مسائل أبي داود" (132) قال أبو داود: قلت لأحمد: حديث عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أغمي عليه، فقال: "اسكبوا لي ماء" فاغتسل؟ فقال: نعم، يتوضأ إذا أغمي عليه. قلت لأحمد: إن في الحديث: اغتسل؟ قال: نعم، حديث صحيح؛ في الحديث الغسل (¬1). ثم قال: قال الحسن: يغتسل. قال أحمد: لأنه زعموا إذا كان ذلك -أو قل ما يكون ذلك، إلا أمنى. "مسائل أبي داود" (133) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل به الأبردة، فيخرج شيء من ذكره، لا يستطيع أن يغسله كل ساعة، وهو سلس لا يرقأ، فإذا استبرأ حشاه بالقطن؟ قال أبو عبد اللَّه: أكبر شيء فيه عندي، أن يتوضأ لكل صلاة، ولا يحشوه. "مسائل أبي داود" (22) ¬

_ (¬1) رواه البخاري (687)، ومسلم (418).

قال ابن هانئ: وسئل عمن: أخذ من أظفاره وشعره وهو على وضوء، يجزئه ذلك أم لا؟ قال: أرجو أن لا ينقض الوضوء. قال: يمسه الماء، فإن لم يمسه الماء فلا بأس. "مسائل ابن هانئ" (35) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في الدم: إذا فحش أعاد الوضوء، وإذا لم يستفحشه لا بأس. سألته: كم ينقض الوضوء من الدم؟ قال: إذا فحش، مثل الرعاف والقيء، لا أذهب إلى قول أهل المدينة. "مسائل ابن هانئ" (36) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يرعف في الصلاة؟ قال: ينصرف، فيتوضأ ويستقبل الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (37) قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يضحك في الصلاة؟ قال: يعيد الصلاة، ولا يعيد الوضوء. "مسائل ابن هانئ" (38) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يأكل لحم الجزور؟ قال: يتوضأ وضوءًا تامًا. قيل له: إنهم يقولون: الوضوء غسل اليد؟ قال: يتوضأ الوضوء تامًا. سمعت أبا عبد اللَّه: يتوضأ من لحوم الإبل إذا أكل، الوضوء تامًا. قلت: رجل أكل من لحم الجزور وهو على وضوء؟ قال: يعيد الوضوء، فإن كان قد صلى، يعيد الوضوء والصلاة جميعًا. "مسائل ابن هانئ" (39)

قال ابن هانئ: وسئل عن رجل يخرج من دبره الدود؟ قال: أرى أن كل شيء يخرج من السبيلين ففيه الوضوء. قال له: إنه يخرج في كل وقت؟ قال: أدنى شيء فيه عندي أن يتوضأ لكل صلاة. "مسائل ابن هانئ" (40) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يخرج منه الشيء من جوفه، أيتوضأ؟ قال: إذا لم يكن فاحشًا فليس عليه شيء، والفاحش مقدار فم. "مسائل ابن هانئ" (41) قال ابن هانئ: وسئل: فيم يجب من النوم الوضوء؟ قال: إذا نام ساجدًا، أو محتبيًا، أو رأى حلمًا. فأما قاعدًا، أو نوم خفقة فلا يتوضأ. وقيل له: حديث أنس: إنهم كانوا يضطجعون. قال: ما قال هذا شعبة قط. وقال: حديث شعبة: (كانوا ينامون) وليس فيه يضطجعون؛ وقال هشام: (كانوا ينعسون). وقد اختلفوا في حديث أنس (¬1). "مسائل ابن هانئ" (42) ¬

_ (¬1) اختلف شعبة وسعيد وهشام في حديث أنس، فقد روى مسلم (376) (125) من طريق شعبة عن قتادة عن أنس بلفظ: كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ينامون، ثم يصلون، ولا يتوضئون، وأبو داود (200) من طريق هشام عن قتادة، به بلفظ: كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رءوسهم، ثم يصلون ولا يتوضئون، وفي الحديث زيادة أخرى رواها ابن حزم في "المحلى" 1/ 224 من طريق يحيى بن سعيد عن شعبة به ولفظه: كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ينتظرون =

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل ينام وهو يصلي، فيرى حلمًا؟ قال: يعيد الصلاة والوضوء. "مسائل ابن هانئ" (43) قال ابن هانئ: وسئل عن الوضوء من لحوم الإبل؟ فقال: هذا أذكر. ثم قال: أرفق حتى أثبته لك. ثم قال: روى الزهري خمسة أحاديث صحاحًا برجال ثقات أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "توضئوا مما غيرت النار" (¬1). وقد أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن لا يتوضأ من لحوم الغنم (¬2). فالأمر من أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، سوى الفعل، لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد يفعل الشيء على جهة الفضل، ولأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد يفعل الشيء وهو له خاصة، وإذا أمر بالشيء فهو للمسلمين عامة، وأمره توكيد، وأمر ألا يتوضأ من لحوم الغنم، وأمر أن يتوضأ من لحوم الإبل. ¬

_ = الصلاة فيضعون جنوبهم، فمنهم من ينام ثم يقوم إلى الصلاة، قال ابن القطان: هذا صحيح 5/ 589 وقال الحافظ في "الفتح" 1/ 315: إسناده صحيح .. ورواه سعيد، عن قتادة، عن أنس بلفظ: يضعون جنوبهم فينامون، فمنهم من يتوضأ ومنهم من لا يتوضأ. مما سبق يتضح أن حديث أنس صحيح بمجموع رواياته، وهذا ما أشار إليه الألباني انظر: "صحيح أبي داود" 1/ 360 - 365. (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 327 - 328 من طريق معمر عن الزهري عن أبي سلمة، عن أبي سفيان بن سعيد، عن أم حبيبة. وأبو داود (195) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، به، قال الألباني في "صحيح أبي داود" 1/ 353: حديث صحيح. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 86، ومسلم (360) من حديث جابر بن سمرة.

وقال: معنى حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي أمر ألا يتوضأ من لحوم الغنم، وقد كان يأمر بالوضوء من لحوم الإبل. "مسائل ابن هانئ" (44) قال ابن هانئ: وسألته عن الوضوء مما مست النار؟ فقال: لا يتوضأ. "مسائل ابن هانئ" (45) قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يتمخط فيخرج من أنفه دم؟ قال: القليل، لا أرى أن يتوضأ منه، فإذا فحش يتوضأ منه. قلت له: مثل ايش يكون الفاحش؟ قال: قال ابن عباس: ما فحش في قلبك. "مسائل ابن هانئ" (46) قال ابن هانئ: سمعته يقول: إذا مس فرجه ثم صلى يعيد الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (47) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يمس فرج جاريته، أو تمس المرأة فرجه؟ قال: إذا كان من المرأة في ذلك الشهوة فإنها تعيد، وإذا كان من الرجل في ذلك شهوة فإنه يعيد، وإذا لم يكونا تعمدا شهوة فلا بأس. "مسائل ابن هانئ" (48) قال ابن هانئ: وقال: يعجبني إذا أفضى بيده إلى فرجه ليس بينه وبينه سترة، أن يتوضأ. "مسائل ابن هانئ" (50) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الوضوء من مس الذكر؟ قال: يعجبني أن يتوضأ منه. "مسائل ابن هانئ" (51)

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في الرجل إذا مس فرجه بباطن كفه أو بظاهره. قال: قال عطاء: بأيه مسه؛ وجب عليه الوضوء. "مسائل عبد اللَّه" (52) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل مس ذكره؟ فقال: إذا أفضى بيده إلى فرجه توضأ للصلاة، أختاره لنفسي؛ لأنه عندي أكثر، وإذا مسه من فوق الثياب فلا يتوضأ. "مسائل عبد اللَّه" (53) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يمس ذكر الصبي الصغير؟ قال: أعجب إلي أن يتوضأ. "مسائل عبد اللَّه" (54) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قال: إذا مس الرجل فرجه بباطن كفه أو بظاهرها فعليه الوضوء، وإذا أفضى بيده. "مسائل عبد اللَّه" (55) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا معتمر -مرة أخرى- عن برد، عن نافع، عن ابن عمر أنه أعاد صلاة الفجر، بعدما طلعت الشمس، لأنه كان مسّ ذكره. حدثني أبي قال: حدثنا معتمر، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يتوضأ إذا مس فرجه (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (56) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل مس ذكره؟ ¬

_ (¬1) "مصنف ابن أبي شيبة" 1/ 151 (1732، 1733).

فقال: يعيد الوضوء، ثم قال: إذا كان اعتقد هذا القول، أرى له أن يعيد الصلاة أيضًا عامدًا أو ناسيًا. قال: من ينكر هذا! ! يرى إذا ضحك أن يعيد الوضوء، كما يعيد الوضوء إذا أحدث. قال أبي: ويتوضأ من لحوم الإبل مثل مس الذكر، وإن صلى أعاد، إلا أنه يفحش عندي أن يكون الرجل يعيد صلاة عشر سنين. وقال: إذا مس ذكره يعيد الوضوء والصلاة، وإذا أكل لحوم الإبل يعيد الوضوء والصلاة. "مسائل عبد اللَّه" (57) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن الوضوء من لحوم الإبل؟ قال: يتوضأ منها قيل: فالوضوء من ألبانها؟ قال: لا يتوضأ من ألبانها. قيل: فتشرب أبوالها للدواء؟ قال: لا بأس به. "مسائل عبد اللَّه" (58) قال عبد اللَّه: سئل أبي عن الوضوء من لحوم الإبل؟ قال: نعم يتوضأ منه. سألت أبي عن الوضوء للصلاة من لحوم الإبل؟ فقال: حديث البراء (¬1) وحديث جابر بن سمرة جميعًا صحيح إن شاء اللَّه تعالى. ¬

_ (¬1) "المسند" 4/ 288.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن حبيب ابن أبي ثابت، عمن سمع جابر بن سمرة قال: كنا نتوضأ من لحوم الإبل، ولا نصلي في مبارك الإبل (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (59) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في القلس والرعاف: إذا فحش عنده، يعيد الوضوء. سألت أبي عن القلس في مقدار كم تجب فيه الوضوء؟ قال: إذا كان فاحشًا أعاد الوضوء. "مسائل عبد اللَّه" (60) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: رجل قاء أو تقيأ ينتقض الوضوء؟ قال: نعم. وإذا تعمد القيء قضى يومًا مكانه، فإذا غلبه وفحش أعاد الوضوء، ولا يعيد الصوم. "مسائل عبد اللَّه" (61) قال عبد اللَّه: سألت أبي قلت له: إن ذهب رجل إلى الوضوء مما مست النار، تعنفه؟ قال: أما أنا فلا أتوضأ. "مسائل عبد اللَّه" (62) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول -وقد سئل عن الوضوء مما مست النار: لا يتوضأ. "مسائل عبد اللَّه" (63) ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل إذا أفضى بيده أو مس امرأته، من تحت الثياب فوجد شهوة؟ قال: يتوضأ. قال أبي: إذا لمس لشهوة فعليه الوضوء. وهو قول ابن مسعود، وابن عمر (¬1). قلت لأبي: فالمرأة إذا مست فرجها؟ قال: ما سمعت فيه بشيء، ولكن هي شقيقة الرجل، يعجبني أن تتوضأ إذا لمسها لشهوة. "مسائل عبد اللَّه" (64) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: المسيس واللمس باليد، وقوله: {لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} فالملامسة: الجماع. سمعت أبي يقول: وقد روي عن ابن مسعود أنه قرأها: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} وهو قول أهل الكوفة القديم، منهم علقمة، وإبراهيم، والشعبي، كانوا يرون اللمس ما دون الجماع (¬2). قال أبي: وهو قول أهل المدينة، ما أعلمهم يختلفون فيه، إلا ابن عباس وأصحابه، فإنهم يقولون: لا وضوء من القبلة، ولا من اللمس (¬3). "مسائل عبد اللَّه" (65) ¬

_ (¬1) قول ابن مسعود رواه عبد الرزاق في "المصنف" 1/ 133 (499). وذكره مالك في "الموطأ" 1/ 49 (118) والهيثمي في "المجمع" 1/ 247 وقال: رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله موثقون إلا أن فيه حماد بن أبي سليمان وقد اختلف في الاحتجاج به. أما قول ابن عمر فرواه عبد الرزاق أيضًا 1/ 132 (496)، ومالك في "الموطأ" 1/ 49 (117) باب الوضوء من القبلة، والدارقطني 1/ 143 - 144 وصححه. (¬2) عبد الرزاق 1/ 133 (501)، وابن أبي شيبة 1/ 50 (505)، (507)، و"تفسير الطبري" 4/ 106 - 108. (¬3) عبد الرزاق 1/ 134، وابن أبي شيبة 1/ 48.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن القبلة؟ قال: إذا قبل لشهوة أعاد الوضوء، وإن كان قد صلى وقبل لشهوة أعاد الوضوء وأعاد الصلاة. يروى عن ابن مسعود، وابن عمر أنهما كانا يريان الوضوء من القبلة (¬1)، وهو قول إبراهيم، والشعبي، وعلقمة، وعبيدة، ويروا في اللمس ما دون الجماع (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (66) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الدود يخرج من الجسد؟ قال: إذا فحش أعاد منه الوضوء، وكل شيء يخرج من السبيلين يعيد الوضوء، قل أو كثر. "مسائل عبد اللَّه" (67) قال عبد اللَّه: سألت أبي عمن: خرج من ذكره بلل، بعدما اغتسل؟ قال: يتوضأ، وهو قول ابن عباس (¬3). قال: وروي عن علي أنه قال: إن كان بال، وإلا أعاد الغسل، فكل شيء خرج من السبيلين ففيه الوضوء من بول، أو ريح. "مسائل عبد اللَّه" (68) قال عبد اللَّه: قلت: الدود يخرج من الجسد؟ قال: بمنزلة الدم إذا فحش. قلت: فمن الدبر؟ قال: عليه الوضوء. "مسائل عبد اللَّه" (69) ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) تقدم تخريجه. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 1/ 129 (1483).

قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: كل ما خرج من السبيلين ففي قليله وكثيره الوضوء، وإذا كان من الجسد فإذا كان فاحشًا أعاد، وإن لم يكن فاحشًا لم يعد. قلت: ما الفاحش عندك؟ قال: ما يفحش عند الرجل، ما أحدُّه بأكثر من هذا. "مسائل عبد اللَّه" (70) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: كل ما خرج من السبيلين؟ قال: فيه الوضوء وإن كان من الجسد. قال: إذا فحش توضأ. وقال: الفاحش لا أحده، إذا فحش عنده توضأ. "مسائل عبد اللَّه" (71) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في الدم إذا فحش أعاد الوضوء، وإذا لم يستفحشه لا بأس به. "مسائل عبد اللَّه" (72) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل إذا نام حتى يستحق نومًا؟ قال: إذا نام نومًا يحلم، وكان نومًا طويلًا، أعجب إلي أن يتوضأ. "مسائل عبد اللَّه" (73) قال عبد اللَّه: سألت أبي عمن: نام قائمًا أو جالسًا، أو راكبًا فنام حتى سقط، أيعيد الوضوء؟ قال: الرجل يخفق برأسه خفقة أو خفقتين ينقض وضوؤه؟ قال: لا بأس به إن شاء اللَّه، إذا طال النوم، أو حتى يحلم أعجب إلي أن يعيد الوضوء. "مسائل عبد اللَّه" (74)

قال عبد اللَّه: سئل أبي عن حديث أبي هريرة: "من غسل الميت الغسل" (¬1)؟ قال: ليس فيه حديث يثبت. قال أبي: والوضوء يتوضأ، روي ذلك عن غير واحد من أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2). وقال أبي: يخلع نعليه في المقابر. قال أبي: ولا بأس بالبول قائمًا! إذا كان لا يصيبه. "مسائل عبد اللَّه" (75) قال عبد اللَّه: سئل أبي وأنا أسمع عن الرجل يحشي ذكره القطن بعد الوضوء، فإذا صلى أخرجه، فيجد في القطن بللًا؟ قال: لا بأس به، ما لم يظهر -يعني: خارجًا. "مسائل عبد اللَّه" (76) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يأخذ من شعره، هل عليه وضوء؟ قال: أرجو أن لا يجب عليه. فقلت: يمسح عليه بالماء؟ قال: لا بأس أن يمسح عليه، وإن لم تمسح عليه لا بأس به. قلت لأبي: فالرجل يغتسل من الحجامة؟ قال: يتوضأ للصلاة. "مسائل عبد اللَّه" (77) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 433، 454، 472، وأبو داود (3161، 3162) والترمذي (993)، وابن ماجه (1463)، قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن. وقال الحافظ: في "التلخيص" 1/ 137: وفي الجملة هو بكثرة طرقه أسوأ أحواله أن يكون حسنًا. وقال الألباني في "صحيح الترمذي" (791): صحيح. (¬2) رواه عبد الرزاق 3/ 405 (6101) عن ابن عباس، وفي 3/ 407 (6107) عن ابن عمر.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل مقعد في رجله موضع الوضوء ناسور يسيل، والناسور في القدم محشوة بالقطن، ويضع فوق القطن ألواحًا ثم يضع فوق الألواح قطنًا، ثم يشده بالخرق شدًّا جيدًا، ترى له أن يمسح على الخفين ويتوضأ لكل صلاة؟ فقال: يتوضأ لكل صلاة، ويحصن جرحه، ولا يبالي ما خرج منه بعد ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (134) قال عبد اللَّه: سمعته يقول: كان معتمر يتوضأ مما غيرت النار، كان يذهب إلى حديث أنس (¬1)، وحديث أبي طلحة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يتوضأ مما غيرت النار (¬2)؛ وإلى حديث زيد بن ثابت (¬3)، كان يرويه عن أبيه عن زيد بن ثابت مرسلًا، وإلى حديث أبي هريرة (¬4). قال أبي: كان الأوزاعي لا يتوضأ مما غيرت النار (¬5)؛ وكان سعيد بن عبد العزيز النوخي يتوضأ مما غيرت النار. قال أبو عبد الرحمن: وكان أبي لا يتوضأ مما غيرت النار. "العلل" لعبد اللَّه (2516) ¬

_ (¬1) روى ابن ماجه (487) عنه مرفوعًا: "توضؤوا مما مست النار". (¬2) روى أحمد 4/ 28 عن همام قال: قيل لمطر الوراق وأنا عنده: عمن كان يأخذ الحسن أنه يتوضأ مما غيرت النار؟ قال: أخذه عن أنس، وأخذه أنس عن أبي طلحة، وأخذه أبو طلحة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وروي أحمد أيضًا 4/ 28، 30، والنسائي 1/ 106 عنه مرفوعًا: توضئوا مما أنضجت النار. ورواه النسائي أيضًا 1/ 106 بلفظ: توضئوا مما غيرت النار. (¬3) رواه الإمام أحمد 5/ 184، 188، 189، 190، 191، ومسلم (351). (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 265، 271، 427، 469، 478، ومسلم (352). (¬5) ذكره ابن المنذر في "الأوسط" 1/ 223.

قال أبو طالب: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل صافح اليهودي والنصراني والمجوسي، أيتوضأ؟ قال: لا. "أحكام أهل الملل" 1/ 114 (116) وحكى أحمد بن علي الوراق أنه سمع أحمد قال: وقد روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "من مس ذكره فليتوضأ"، وروى عنه أنه قال: "إنما هو بضعة منك" وكلا الحديثين فيهما شيء إلا أني أذهب إلى الوضوء. "الأوسط" لابن المنذر 1/ 203 قال في رواية مهنا: إذا نام ساجدًا كثيرًا أعاد، وإن كان قليلًا فلا إعادة ولكن يعيد الركعة. ونقل حرب: إذا نام راكعًا أو ساجدًا فهو أشد لأنه يتفجج. ونقل أيضًا: أنه إذا نام مستندًا إلى الحائط فكرهه، ورأى عليه الوضوء. ونقل مهنا: سُئل عن المرأة تمس فرجها هل هي مثل الرجل تتوضأ؟ فقال: لم أسمع فيه شيئًا، إنما سمعت في الرجل. "الروايتين والوجهين" 1/ 83 - 85 قال رجاء بن مرجى الحافظ: اجتمعنا في مسجد الخيف أنا وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين فتناظروا في مس الذكر، فقال يحيى بن معين: يتوضأ منه، وقال علي بن المديني بقول الكوفيين وتقلد قولهم، واحتج يحيى بن معين بحديث بسرة بنت صفوان، واحتج علي ابن المديني بحديث قيس بن طلق، عن أبيه، وقال ليحيى بن معين: كيف تتقلد إسناد بسرة ومروان إنما أرسل شرطيًّا حتى رد جوابها إليه.

فقال يحيى: ثم لم يقنع ذلك عروة حتى أتى بسرة فسألها وشافهته بالحديث، ثم قال يحيى: ولقد أكثر الناس في قيس بن طلق وأنه لا يحتج بحديثه. فقال أحمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه-: كلا الأمرين على ما قلتما. فقال يحيى: مالك، عن نافع، عن ابن عمر أنه توضأ من مس الذكر. فقال علي: كان ابن مسعود يقول: لا يتوضأ منه وإنما هو بضعة من جسدك. فقال يحيى: عن من؟ فقال: عن سفيان، عن أبي قيس، عن هزيل، عن عبد اللَّه، وإذا اجتمع ابن مسعود وابن عمر واختلفا فابن مسعود أولى أن يتبع. فقال له أحمد بن حنبل: نعم، ولكن أبو قيس الأودي لا يحتج بحديثه. فقال علي: حدثني أبو نعيم ثنا مسعر، عن عمير بن سعيد، عن عمار ابن ياسر، قال: ما أبالي مسسته أو أتقي. فقال أحمد: عمار وابن عمر استويا فمن شاء أخذ بهذا ومن شاء أخذ بهذا. فقال يحيى: بين عمير بن سعيد وعمار بن ياسر مفازة. "سنن الدارقطني" 1/ 150، "المستدرك" للحاكم 1/ 234 قال أبو زرعة: كان أحمد بن حنبل يعجبه حديث أم حبيبة في مس الذكر (¬1)، ويقول: هو حسن الإسناد. "الاستذكار" 1/ 30 ¬

_ (¬1) رواه ابن ماجه (481) والبيهقي 1/ 130 من طريق مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان =

نقل عنه علي بن سعيد النسوي: الوضوء من مس الذكر أستحبه ولا أوجبه. "الانتصار" 1/ 326 قال أبو بكر السراج: وسُئل -وأنا أسمع- عن لحم الجزُور: أيتوضأ منه؟ قال: نعم. "الطبقات" 1/ 270 قال ابن بدينا: وسمعت أبا عبد اللَّه، وسأله رجل فقال: يا أبا عبد اللَّه، أتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: لا. قال: أتوضأ مما غيرت النَّار؟ قال: لا. قال: أتوضأ من لحوم الجزور؟ قال: نعم. وبه: حدثنا أبو بكر الأثرم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: وحديث الوضوء من لحوم الإبل: صحيح هو؟ فقال: نعم، صحيح. قال أبو عبد اللَّه: فيه حديثان صحيحان: حديث البراء، وحديث جابر بن سمرة (¬1). "الطبقات" 2/ 283 قال محمد بن موسى النهرتيري: وسمعت أبا عبد اللَّه -وسألهُ رجل خراساني عن الوضوء من لحم الجزور؟ فقال: نعم يتوضأ منه، قد فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك. "الطبقات" 2/ 369 ¬

_ = عنها به، قال البوصيري في "الزوائد" (173): هذا إسناد فيه مقال. وصححه الألباني في "الإرواء" 1/ 150 - 151 وقال: والحديث صحيح على كل حال؛ لأنه إن لم يصح بهذا السند فهو شاهد جيد لما ورد في الباب من الأحاديث. (¬1) حديث البراء أخرجه أحمد 4/ 288، 303، وأبو داود (184) والترمذي (81). أما حديث جابر بن سمرة ففد سبق تخريجه.

قال أبو الحارث: سألت أحمد عن رجل به علَّة ربما ظهرت مقعدته؟ قال: إن علم أنه يظهرُ معها ندى توضَّأ، وإن لم يعلم فلا شيء عليه. "المغنى" 1/ 232، "المعونة" 1/ 320 وقال أحمد بن الحسين: قيل لأحمد: الوضوء من مس الذكر؟ فقال: هكذا -وقبض على يده -يعني إذا قبض عليه. "المغني" 1/ 242 قال المروذي: قيل لأبي عبد اللَّه: فالجارية إذا مست فرجها أعليها وضوء؟ قال: لم أسمع في هذا بشيء. قلت لأبي عبد اللَّه: حديث عبد اللَّه بن عمرو، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ" (¬1) فتبسم، وقال: هذا حديث الزبيدي، وليس حديثه بذاك. "المغني" 1/ 244 قال مهنا: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يخرج من فيه الريح مثل الجُشاء الكثير؟ قال: لا وضوء عليه. "المغني" 1/ 250 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 223، وابن الجارود في "المنتقى" (19) والدارقطني 1/ 147، والحازمي في "الاعتبار" ص 36 من طريق بقية بن الوليد، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وذكره الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 161 وقال: قال محمد -يعني البخاري: وحديث عبد اللَّه بن عمرو في مس الذكر هو عندي صحيح. وقال الحازمي: هذا إسناد صحيح، وقال الألباني في "الإرواء" 1/ 151: رجاله ثقات لولا عنعنة بقية.

180 - الشك في الوضوء والحدث

قال أحمد في رواية بكر بن محمد في المذي: يغسل ذكره كما جاء في الأثر، ولو كان القياس لكان يغسل موضع المذي، وإنما الاتباع. "المسودة في أصول الفقه" 2/ 779 قال أبو بكر محمد بن صدقة: قيل له حديث ابن عمر أنه كان يحتجم ولا يتوضأ (¬1)، قال: لا يصح لأن عمر كان يتوضأ من الرعاف. "بدائع الفوائد" 4/ 68 نقل عنه الميموني في النوم: أنه لا ينقض. قال الخلال: هو خطأ بين. "المبدع" 1/ 159 ونقل الميموني فيمن به رعاف دائم: أنه يحتشي. "المبدع" 1/ 292 180 - الشك في الوضوء والحدث قال صالح: وسألته: يمر الرجل بالموضع فيقطر عليه قطرة أو قطرتان؟ قال: إن كان من مخرج غسله، وإن لم يكن من مخرج فلا يسأل عنه. "مسائل صالح" (1317) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل يشك في وضوئه؟ قال: إذا توضأ فهو على وضوئه حتى يستيقن بالحدث، وإذا أحدث فهو محدث حتى يستيقن أنه توضأ. "مسائل أبي داود" (70) ¬

_ (¬1) علقه البخاري قبل حديث (176) قال: قال ابن عمر: ليس عليه إلا غسل محاجمه، ووصله ابن أبي شيبة 1/ 47 (468) وابن المنذر في "الأوسط" 1/ 178، وانظر: "الفتح" 1/ 282.

قال ابن هانئ: رأيت أبا عبد اللَّه إذا بال، يشدُّ على فرجه خرقة من قبل أن يتوضأ. "مسائل ابن هانئ" (15) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يكون في الصلاة، فشك أنه يخرج منه شيء من ذكره؟ قال: يمسه ثيابه، ثم يمسحه على فخذه، ثم يضرب يده على فخذه، فإن كان شيئًا علم به. "مسائل ابن صالح" (49) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يشك في أنه قد أحدث؟ قال: لا يعيد حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحا. "مسائل عبد اللَّه" (79) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل إذا شك في الوضوء وهو على وضوء؟ قال: إذا أيقن بالطهارة، فهو على طهارته، حتى يستيقن أنه أحدث. "مسائل عبد اللَّه" (80) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل به أبردة، إذا توضأ كيف يصنع في وضوئه فإنه يجد بللًا بعد الوضوء؟ وهل ترى الحشو وغير ذلك؟ وكيف ترى إذا خيل له أنه قطر منه؟ فقال: إذا كانت تعاهده الأبردة، فإنه يُسبغ الوضوء، ثم يتنضح، ولا يلتفت إلى شيء يظن أنه خرج منه، فإنه يذهب عنه إن شاء اللَّه. "مسائل عبد اللَّه" (81) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يسلس بوله، أو يسلس منه الغائط، وهو يسيل في الصلاة فيفسد ثوبه؟

قال: يحصنه ما استطاع ويصلي؟ عمر صلى وجرحه يثغب دمًا (¬1)، وزيد بن ثابت يسلس بوله (¬2)، وهو بمنزلة المستحاضة، تتوضأ لكل صلاة. "مسائل عبد اللَّه" (82) قال حنبل: سألت أحمد، قلت: أتوضأ واستبرئ، وأجد في نفسي أني قد أحدثت بعد! قال: إذا توضأت فاستبرئ، وخذ كفًّا من ماء فرشَّه على فرجك، ولا تلتفت إليه، فإنه يذهب إن شاء اللَّه. "المغني" 1/ 213 ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" 1/ 44 باب العمل فيمن عليه الدم من جرح أو رعاف، وعبد الرزاق 1/ 150 (579)، وابن المنذر في "الأوسط" 1/ 167، والبيهقي 1/ 357. (¬2) رواه عبد الرزاق 1/ 151 (582)، وابن المنذر في "الأوسط" 1/ 165 والبيهقى 1/ 356.

فصل فيما يوجب أو يندب له الوضوء

فصل فيما يوجب أو يندب له الوضوء 181 - قراءة القرآن قال إسحاق بن منصور: قلتُ: هل يقرأُ الرجلُ على غيرِ وضوءٍ؟ قال: نعم، ولكن لا يقرأ في المصحفِ إلَّا متوضئًا. قال إسحاق: لما صحَّ قُولُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يمس القرآنَ إلَّا طاهرٌ" (¬1)، وكذلك فَعَلَ أصحابُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والتابعون (¬2). "مسائل الكوسج" (59) قال إسحاق بن منصور: قلت: القراءة على غير وضوء؟ قال: لا بأس بها، ولكن لا يقرأ في المصحف إلا متوضيء. قال إسحاق: كما قال: سنة مسنونة. "مسائل الكوسج" (380) قال عبد اللَّه: رأيت أبي إذا كان على غير وضوء فقرأ في آخر أسباع أدخل يده في ثيابه وأمسك الجزء بيده ويده في ثيابه ويقرأ، فإذا أراد أن يقلب الورقة قلبها بشيء يكون في يده لطيف، ولم يمسّ الجزء بيده: "مسائل عبد اللَّه" (110) ¬

_ (¬1) رواه الطبراني في "الكبير" 12/ 313 (13217)، والبيهقي 1/ 88 من حديث عبد اللَّه بن عمر. قال ابن حجر في "التلخيص" 1/ 131: وإسناده لا بأس به. وصححه الألباني في "الإرواء" (122) بمجموع طرقه وشواهده فقد روي عن عدد من الصحابة وهم: حكيم بن حزام، وعبد اللَّه بن عمر، وعثمان بن أبي العاص. وكلها بأسانيد لا تخلو من مقال. (¬2) رواه عبد الرزاق في "المصنف 1/ 338 - 340، وابن أبي شيبة 1/ 98 - 99.

182 - مس المصحف وما فيه ذكر الله

182 - مس المصحف وما فيه ذكر اللَّه قال إسحاق بن منصور: قلتُ: يمسُّ الدرهمَ الأبيضَ على غيرِ وضوءٍ؟ قالَ: أرجو -إن شاء اللَّه تعالى- أن لا يكونَ هذا بمنزلةِ المصحفِ، وإنْ تَوَفَّى ذَلِكَ أحب إلي. قال إسحاق: كما قال بلا شك. "مسائل الكوسج" (76) قال ابن هانئ: سألته عن النظر في المصحف على غير وضوء؟ قال: لا بأس به إذا قلبت الورق بعود، أو بطرف كمك، فلا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (509)، (512) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الدراهم؟ قال: لا بأس أن يمسها على غير وضوء. "مسائل عبد اللَّه" (111) 183 - الأكل قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يخرج من الخلاء، أيأكل قبل أن يتوضأ؟ فقال: لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (29)

فصل في الأحكام المتعلقة بالوضوء

فصل في الأحكام المتعلقة بالوضوء 184 - ما يجزئ من الماء في الوضوء والغسل قال إسحاق بن منصور: قلتُ: كَمْ يكفي الوضوء مِنَ الماءِ؟ فلم يوقِّت لي شيئًا، قال: أقل ما يتوضأ مرة مرة، لا أبالي أمُدًّا كان أو أقل أو أكثر. قلتُ: فكم يكفي للغسل؟ قال: كذلك. ولمْ يوقت فيه شيئًا. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ الصاعَ في الجنابةِ والمد في الوضوءِ ليسا بحتمٍ. يقول: لا ينبغي أقل من ذلك، ولو كان لا يجوز في الجنابة إلا صاعًا؛ لكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يغتسلُ مَعَ عائشة -رضي اللَّه عنهما- في إناء (¬1) وقد يُعقل أنَّ المغتسلَين من إناء واحد يفضل أحدُهما الآخرَ. "مسائل الكوسج" (55) قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: يُجزئ في الوضوء مدٌّ؟ قال: كذا جاء عن النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم (¬2)، فقال: إذا أحسن أن يتوضأ به فهو يجزئه. قلت له: فإنَّ النَّاس في الأسفار ربما ضاق عليهم الماء، فيتوضأ الرجل بأقل من مدٍّ، فيجزئه؟ فقال: إذا أحسن أن يتوضأ به فهو يجزئه. قال أبو عبد اللَّه: لا يمسح مسحًا، إنما هو الغسل، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ}، فإنما هو الغسل ليس هو المسح، فإذا أمكنه أن يغسل به غسلًا، فإنَّ مدًّا أو أقلَّ أجزأه. "سنن الأثرم" (90) ¬

_ (¬1) جاء هذا في حديث عائشة: كنت أغتسل أنا والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من إناء واحد. . الحديث. رواه، البخاري (250)، ومسلم (321). وفي الباب عن ميمونة، وأم سلمة. (¬2) سبق تخريجه.

قال صالح: قلت: الذي يكون في الصحاري والمفاوز فيجد الماء في مواضع شتى؟ قال: إذا اجتمع من ماء السماء، فأخذ منه رجل -وإن كان ذلك متفرقا في بقاع شتى- فاجتمع له قدر المد: وهو رطل وثلث أجزأه، وذلك لوضوئه إذا أسبغ، وإن هو أخذ منه بقدر الصاع: وهو خمسة أرطال وثلث أجزأه لغسله إذا أسبغ. "مسائل صالح" (548) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الصاع خمسة أرطال وهو صاع ابن أبي ذئب وهو صاع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "سنن أبي داود" 1/ 71 (95) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الفرق ستة عشر رطلا، وسمعته يقول: صاع ابن أبي ذئب خمسة أرطال وثلث. قال: فمن قال ثمانية أرطال؟ قال: ليس ذلك بمحفوظ. "سنن أبي داود" 1/ 112 (238) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أخبرني إنسان أنه توضأ بالمُد مرة، فأجزأه. قال أبو عبد اللَّه: إذا كان يغسل يجزئه، ولا يمسح بالماء. "مسائل ابن هانئ" (72) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: إني أكثر الوضوء. فنهاني عن ذلك، وقال: يا بني يقال: إن للوضوء شيطان يقال له: الولهان. وقال في ذلك غير مرة، نهاني عن كثرة صب الماء، وقال لي: أقلل من هذا يا بني. "مسائل عبد اللَّه" (112)

وقال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن الفرق كم هو؟ قال: ثلاثة أصوع. "التمهيد" 2/ 286. قال أبو يعقوب إسحاق بن حية: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يكفي لكل عضو غرفة من ماءٍ لمن يُحسن يتوضأ. "الطبقات" 1/ 302 وقال المروذي: وضأت أبا عبد اللَّه بالعسكر، فسترته من الناس؛ لئلا يقولوا إنه لا يُحسن الوضوء لقلة صبه للماء. وكان أحمد يتوضأ فلا يكاد يبل الثرى. "إغاثة اللهفان" 126 وقال الميموني: كنت أتوضأ بماء كثير فقال لي أحمد: يا أبا الحسن، أترضى أن تكون كذا؟ فتركته. "إغاثة اللهفان" 150 قال أبو بكر محمد بن صدقة: سُئل عن رجل توضأ بأقل من مُد، واغتسل بأقل من صاع؟ فقال: ما سمعنا بأقل من مد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، اغتسل بالصاع، وتوضأ بالمد (¬1). "بدائع الفوائد" 4/ 68 قال أحمد في رواية ابن مشيش: أن الفرق ثمانية أرطال من الماء. "المبدع" 1/ 199 ¬

_ (¬1) رواه البخاري (201)، ومسلم (325).

185 - عدد مرات الوضوء

185 - عدد مرات الوضوء قال إسحاق بن منصور: قُلتُ: يزيدُ الرجلُ على الثلاثِ في الوضوءِ؟ قال: لا واللَّهِ، إلَّا رجلٌ مُبْتَلَى. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (12) قال صالح: سألت أبي عن الوضوء؟ فقال: ثلاث أسبغ ما يكون. قلت: فإن توضأ واحدة؟ قال: ثلاثٌ أسبغُ. "مسائل صالح" (24) قال صالح: وسألت أبي عن الوضوء؟ فقال: يجزئه إذا أسبغ واحدة، وتجزئه ثنتان. "مسائل صالح" (50) قال صالح: قلت: ما تقول في الوضوء؛ مرة، أو مرتين، أو ثلاثًا؟ قال: ثلاث أعجب إلي، وإذا أسبغ بواحدة فأرجو. "مسائل صالح" (542) قال أبو داود: سمعت رجلًا قال لأحمد: علمني الوضوء. قال: إذا قمت من نومك فلا تدخل يدك في الإناء حتى تغسلها ثلاثًا وتمضمض ثلاثة واستنشق ثلاثًا واغسل وجهك ثلاثًا -ووصف غسل وجهه: فمسح الصدغين- ثم اغسل ذراعيك ثلاثًا ثلاثًا، ثم امسح برأسك مرة، ومسح أبو عبد اللَّه فوضع يديه على مقدم رأسه ثم جرَّهما إلى القفا، ثم ردهما إلى حيث بدأ منه، قال: ويأخذ لأذنيه ماء جديدًا. "مسائل أبي داود" (32)

قال أبو داود: سمعت أحمد قال: أكثر الوضوء ثلاثا. سمعت أحمد يقول: يغسل رجلين ثلاثًا ثلاثًا. قال: ونحن نغسل أكثر من ثلاثٍ. "مسائل أبي داود" (33) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل توضأ بعض وضوئه ثلاثًا وبعضه مرتين؟ قال: أرجو أن يجزئه. "مسائل أبي داود" (34) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل توضأ مرة مرة؟ قال: جائز. "مسائل أبي داود" (35) قال أبو داود: سمعت أحمد فيمن شك في وضوئه فلم يدر ثنتين توضأ أو ثلاثًا؟ قال: تجزئ ثنتان. "مسائل أبي داود" (36) قال ابن هانئ: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: المضمضة والاستنشاق في الجنابة يعجبني أن يمضمض ثلاثًا، ويعجبني التخليل، وإذا وصل الماء إليه أجزأه. "مسائل ابن هانئ" (71) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: الوضوء مرة مرة يجزئ، وإن توضأ ثلاثًا أحب إلينا، هو الذي لا اختلاف فيه. "مسائل ابن هانئ" (73) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: أكثر الوضوء ثلاثًا ثلاثًا، ثنتين تجزئ، وواحدة تجزئ إذا أنقى بالغسل.

وسمعت أبي يقول: أكثر الوضوء ثلاثًا ثلاثًا. "مسائل عبد اللَّه" (87) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن حديث أوس: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- توضأ في نعليه واستوكف ثلاثًا (¬1)؟ قال: أي توضأ ثلاثًا. "مسائل عبد اللَّه" (88) قال عبد اللَّه: سئل أبي -وأنا شاهد- عن المضمضة والاستنشاق؟ فقال: ثلاث تعجبني. "مسائل عبد اللَّه" (89) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: كم يمضمض ويستنشق؟ قال: ثلاث، أو اثنتين. "مسائل عبد اللَّه" (104) قال في رواية مهنا: الأحاديث فيه ضعيفة -يعني حديث وضوء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرة مرة (¬2). "الفروسية" (65) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 8، والنسائي 1/ 64 وفي "الكبرى" (87) وصحح إسناده الألباني في " صحيح النسائي". (¬2) حديث أن النبي توضأ مرة مرة. صحيح، فقد رواه البخاري برقم (157). أما قول الإمام أحمد: الأحاديث فيه ضعيفة. فلعله يقصد بذلك الأحاديث التي ذكرت في "سنن ابن ماجه" برقم (419، 420) أن النبي توضأ مرة مرة وقال: "هذا وضوء من لم يتوضأ به، لم يقبل اللَّه صلاته". إلى آخر الحديث فهذِه الأحاديث ضعيفة كما قال الألباني في "الإرواء" 1/ 134.

186 - الترتيب في غسل أعضاء الوضوء

186 - الترتيب في غسل أعضاء الوضوء قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: إذا قدم وضوءه بعضه قبل بعض؟ قال: لا يجوز حتى يأتي به على الكتاب والسنة. قيل: فبدأ باليسار قبل اليمين؟ قال: لا بأس؛ لأن تسميته هو في الكتاب واحد؛ قال اللَّه تبارك وتعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6]. "مسائل أبي داود" (65) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: أفتى أصحاب الرأي أنه جائز: أن يقدم بعضهما قبل بعض خلاف كتاب اللَّه وسنة رسوله. ثم قال: كيف توضأ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل أبى داود" (66) قال أبو داود: وسمعت أحمد قال له رجل: أكون في الطريق ويكون برد فأغسل رجلي ثم ألبس خفي، ثم أتوضأ إلا رجلي؟ فقال: لا. "مسائل أبي داود" (67) قال أبو داود: سألت أحمد عمن يغسل رجليه ويلبس خفيه، ثم يذهب لحاجته فيتوضأ، أيجزئه غسل قدميه؟ قال: لا يجزئه إذا قدم أو أخر يعني: في الوضوء. فقيل له: حديث علي -يعني قوله: ما أبالي بأي أعضائي بدأت؟ فقال: ذاك يعني يبدأ بالشمال قبل اليمين. "مسائل أبي داود" (68)

قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يتوضأ فيغسل يده اليسرى قبل اليمنى، والرجْل أيضًا كذلك. فقال: لا بأس به على استخراج الكتاب. "مسائل ابن هانئ" (70) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا توضأ الرجل بدأ باليمين يصب على الشمال. "مسائل عبد اللَّه" (96) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أراد الوضوء، فاغتمس بالماء يجزئه؟ قال: أما من الوضوء، فلا يجزئه، حتى يكون على مخرج الكتاب وكما توضأ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيكون أول ما يبدأ به أن يغسل كفيه، ويمضمض، ويستنشق، ويغسل وجهه، ثم يديه إلى المرفقين، ثم يمسح برأسه، ويغسل رجليه (¬1). فإذا اغتمس، ثم خرج من الماء، فقد غسل وجهه، ويغسل يديه، وعليه أن يمسح برأسه، ثم يغسل رجليه إذا كان جنبًا، فلا يبالي بأيه بدأ، لأنه قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]، ولم يحدوا تجديد الوضوء؛ لأن الوضوء بدأ فشيء قبل شيء. "مسائل عبد اللَّه" (97) قال عبد اللَّه: سألت أبي عمن توضأ للصلاة، فغسل رجليه ثم يديه ثم وجهه؟ ¬

_ (¬1) صفة وضوء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سبق تخريجها من حديث عبد اللَّه بن زيد، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس.

قال: يكون قد أجزأه غسل وجهه، ويعيد غسل ذراعيه إلى المرفقين ثم يمسح برأسه، ثم رجليه. "مسائل عبد اللَّه" (98) قال عبد اللَّه: قال أبي: والذي روي عن علي وابن مسعود: ما أبالي بأي أعضائي بدأت (¬1). قال: إنما يعني اليسرى قبل اليمنى، ولا بأس أن يبدأ بيسار قبل يمين؛ لأن مخرجها من الكتاب واحد. قال تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] فلا بأس أن يبدأ باليسار قبل اليمين. "مسائل عبد اللَّه" (99) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل لم يكن جنبًا فاغتسل؟ قال: حتى يتوضأ على مخرج الكتاب، قال اللَّه تبارك وتعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6]. "مسائل عبد اللَّه" (100) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل غسل قدميه ولبس خفيه؟ قال: لا يجوز وأنكره، وقال: هذا خلاف كتاب اللَّه وسنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال اللَّه تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6]. وقال: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أدخل رجليه في الخف وهما طاهرتان بتمام الوضوء (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (102) ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 245، 255 والبخاري (206)، ومسلم (274) من حديث المغيرة بن شعبة.

ونقل حنبل وغيره عن أبي عبد اللَّه في الطهارة أنها مرتبة على مخرج الكتاب وإن توضأ ولم يرتب كان وضوؤه باطلًا. "تهذيب الأجوبة" 1/ 530.

187 - الموالاة

187 - الموالاة قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا توضأ فترك موضع ظُفْر؟ قال: يغسلُ ذلك المكان، ثُم يغسل يديه إلى المرفقين، ويمسح برأسه، ثمَّ يغسل رجليه. وإنْ كان تركَ في الرِّجلِ فمثل ذلك يغسل الرجلين فقط. قال إسحاق: كلَّما ترك منه شيئًا أعادَ الوضوءَ كما وصف الإمام أحمد إذا كان قرب وضوئه، وإن كان قد أتى على ذلك أعاد الوضوء كله. "مسائل الكوسج" (3) قال صالح: سألت أبي عن الرجل يتوضأ ويترك شيئًا من جسده؟ قال: إذا كان قد جف الوضوء أعاد الوضوء كله، ويجزئه من جنابة أن يغسل الموضع الذي لم يصبه الماء. "مسائل صالح" (53) قال صالح: وسألت أبي عن الرجل ينسى مسح رأسه حتى يصلي؟ قال: إن كان قد جف الوضوء أعاد الوضوء كله، وإن كان لم يجف مسح رأسه وغسل رجليه على مخرج الكتاب. "مسائل صالح" (56) قال صالح: قلت: ومن نسي مسح رأسه أعاد الوضوء إذا جف وضوءه وسائر أعضائه؟ قال: نعم. "مسائل صالح" (1007) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن نسي مسح الرأس؟ قال: جف وضوءه؟ قال: نعم. قال: يعيد -يعني الوضوء، وذكر أن عمر أمره أن يعيد الوضوء. "مسائل أبي داود" (62)

قال أبو داود: قلت لأحمد: رجل لبس خفيه على غير وضوء، ثم أتى النهر فتوضأ، فلما انتهى إلى غسل رجليه نزعهما ثم غسلهما؟ قال: لا بأس بذلك إلا أن يكون جف وضوءه. "مسائل أبي داود" (63) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: إذا كان حرًا أو بردًا وهو يتوضأُ فيجفُّ بعض وضوئه قبل أن يفرغ؟ قال: إذا كان في علاج الوضوء فهو جائز -يعني: لا بأس به. قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجلٍ توضأ في إناءٍ فنفد الماء، وبقي عليه شيء من وضوئه؟ "مسائل أبي داود" (64) قال: إذا جفّ وضوؤه أعاد الوضوء. "مسائل ابن هانئ" (32) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل يتوضأ فينظر وقد بقي في رجله أو في ذراعه قدر ظفر لم يصبه الماء؛ وقد جف الوضوء؟ قال: يعيد الوضوء. "مسائل ابن هانئ" (33) قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يتوضأ ليعجز الماء فيذهب في طلبه، فيجف الوضوء؟ قال: يستقبل الوضوء وسمعته يقول: وإن تحرمت بالصلاة، وقد نسيت مسح رأسك، وقد جف وضوؤك، فاستقبل الوضوء والصلاة. وقال: قرأت على أبي عبد اللَّه: محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم قال: إذا ترك

الرجل عضوًا من أعضائه، غسل ذلك العضو وإن جف (¬1). سمعت أبا عبد اللَّه يقول: يستأنف الوضوء. "مسائل ابن هانئ" (34) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل ينسى أن يمسح برأسه وقد دخل في الصلاة؟ قال: إن كان قد جفّ وضوؤه أعاد الوضوء، وإن كان عليه رطوبة مسح برأسه وغسل رجليه على استخراج كتاب اللَّه {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6]. "مسائل ابن هانئ" (79) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا يعجبني إذا جف وضوء الرجل - يعني- أن يستقبل وضوءًا آخر. "مسائل عبد اللَّه" (91) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل توضأ ونسي مسح رأسه؟ قال: إن كان جفّ وضوؤه يعيد الوضوء كله، وإن كان لم يجفّ كله فيمسح على رأسه، ويغسل رجليه؛ لأن اللَّه يقول: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6]. "مسائل عبد اللَّه" (92) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا نسي الرجل مسح الرأس، إن كان وضوؤه قد جفّ يعيد الوضوء والصلاة، وإن كان صلى، لأن اللَّه يقول: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6]. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 46 (452) عن ابن مهدي، عن شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم، بنحوه.

188 - تجديد الوضوء

وإن كان لم يجف وضوؤه، يمسح برأسه، ويعيد غسل رجليه، حتى يكون على مخرج الكتاب. "مسائل عبد اللَّه" (94) نقل حنبل عنه: إذا نسي مسح رأسه حتى جف وضوؤه، ثم ذكر؛ مسح رأسه وغسل رجليه. "الانتصار" 1/ 260 قال الأثرم: قال الإمام أحمد: حدثنا إبراهيم بن أبي العباس، حدثنا بقية، حدثني يحيى بن سعيد، عن خالد بن معدان، عن بعض أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكر الحديث -أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى رجلاُ يُصلي، وفي ظهر قدمه لمعة درهم، لم يصيبها الماء، فأمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يعيد الوضوء والصلاة (¬1). قال الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل: هذا إسناد جيد؟ قال: جيد. "المغني" 1/ 186، "تهذيب السنن" 1/ 128 188 - تجديد الوضوء قال إسحاق بن منصور: قلت: الصلواتُ بوضوءٍ أحب إليك أو يتوضأ لكلِّ صلاة؟ قال: إن قوي أن يصلي بوضوء واحد ما بأس به. ليتَ أَنَّا قوينا عليه، ما أروحه! قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (4) ¬

_ (¬1) "المسند" 3/ 424 وفيه: (بحير بن سعد) بدلًا من (يحيى بن سعيد)، و (بعض أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-) بدلًا من (بعض أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-). ورواه أيضًا أبو داود (175) عن حيوة بن شريح، عن بقية، به، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (168).

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل أحدث بعد ما صلى الصبح، ثم توضأ ثم حضرت الظهر أيصلي بذلك الوضوء؟ قال: نعم إذا كان طاهرًا. "مسائل أبي داود" (26) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يتوضأ لكل صلاة؟ فقال: إن صلى الصلاة بوضوء واحد فلا بأس، صلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الفتح الصلوات بوضوء (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (108) قال المروذي: رأيت أبا عبد اللَّه يتوضأ عند كل صلاة، وقال: ما أحسنه لمن قوي عليه. "الروايتين والوجهين" 1/ 77 قال زهير بن صالح: حدثني أبي: قال: قلت لأبي: الصلاة بوضوء واحد أحب إليك أن يتوضأ لكل صلاة؟ قال: إن قوي بوضوء واحد ما بأس به، ليت أنَّا قوينا عليه، ما أروحه! "الطبقات" 3/ 89 قال أحمد بن القاسم: سألت أحمد عمن صلى أكثر من خمس صلوات بوضوء واحد؟ فقال: لا بأس بذلك، إذا لم ينتقض وضوؤه. ما ظننت أن أحدًا أنكر هذا، وقال: صلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الصلوات الخمس يوم الفتح بوضوء واحد (¬2). ¬

_ (¬1) رواه مسلم (277) من حديث بريدة بن الحصيب. (¬2) سبق تخريجه.

ونقل حنبل عنه: أنه كان يفعله، تجديد الوضوء. ونقل علي بن سعيد، عن أحمد: لا فضل فيه. "المغني" 1/ 197، 198، "مجموع الفتاوى" 21/ 373

189 - تنشيف ماء الوضوء

189 - تنشيف ماء الوضوء قال إسحاق بن منصور: قلتُ: ينشف بالخرقة؟ قال: نعم. قلت: كره المندِيل: ما يعني؟ قال: يعني: كره أنْ يتمسحَ بالمنديلِ. قال إسحاق: السُّنة أنْ يتمسحَ إنْ شَاءَ، وَتركُهُ أفضلُ لِمَا قِيلَ إنَّ أثرَ الوضوءِ نورٌ لما يُوزن كل قطرةٍ وَزْنًا فلا يزولُ أثرُ النورِ. "مسائل الكوسج" (8) قال صالح: وسألت أبي عن المسح بالمنديل بعد الوضوء؟ قال: ليس به بأس. "مسائل صالح" (59) قال أبو داود: قلت لأحمد: المنديل بعد الوضوء؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. قلت: ومن الغسل؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (69) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن مسح الوجه بالمنديل بعد الوضوء؟ قال: أرجو ألا يكون به بأس. "مسائل عبد اللَّه" (105) قال عبد اللَّه: قيل لأبي: حديث كريب عن ابن عباس عن ميمونة. قال: ليس ذلك بين، إنما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هكذا ووصفه -يعني: رده- أشار بيده.

190 - الوضوء في الأواني من غير الذهب والفضة

رأيت أبي -غير مرة- ينشف بمنديل بعد الوضوء، ثم رأيته بعد ذلك ينشف بخرقة. "مسائل عبد اللَّه" (106) قال البغوي: وسئل أحمد وأنا أسمع عن المسح بالمنديل بعد الوضوء فكرهه. "مسائل البغوي" (45) نقل عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز عنه: الكراهية؛ لما روت ميمونة قالت: توضأ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأتيته بمنديل فنفض يده ولم يأخذه (¬1). قال أبو بكر الخلال: ما فهم عبد اللَّه بن محمد، والمنقول عنه في رواية صالح ويعقوب وجماعة: لا بأس به. "الروايتين والوجهين" 1/ 77 190 - الوضوء في الأواني من غير الذهب والفضة قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الوضوءُ مِنَ المطاهر؟ قال: ومَا بأس بِهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (40) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الوضوء مِن تَوْرٍ من صُفير (¬2)؟ قال: لا أكرهه. قال إسحاق: كما قال، إنما يكره لرِيحِهِ فقط. "مسائل الكوسج" (41) ¬

_ (¬1) رواه البخاري (259) ومسلم (317). (¬2) التور: إناء يشرب فيه، والصفر: نحاس يصنع منه الأواني.

أبواب الغسل

أبواب الغسل 191 - من يجب عليه الغسل وما يوجب الغسل وما لا يوجب قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا استيقظ مِنْ مَنَامِهِ فرأى بلةً؟ قال: أما أنا فأعجب إلي أن يغتسلَ إلَّا رجل به أبردة فلا. فإذا كان شبقًا؛ فما تأمنه أنْ يكونَ قد احتلمَ وهو لا يدري. قال إسحاق: كما قال إذا كانت البلةُ بلةَ نطفةِ لها رائحةٌ تشبه رائحةَ الطلعِ، وكيف يجب الغسلُ مِنْ كلِّ بلةٍ والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول لأم سليم: "هل تجدين شهوةً؟ " فقالت: لعله (¬1). فسألها بعدَ ذكرِها البلةَ عن الشَهوةِ. "مسائل الكوسج" (60) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا جامعها زوجها ثم حاضت قبل أن تغتسل؟ قال: إن اغتسلت فليس به بأس، وإن لم تغتسل فليس عليها. قال إسحاق: كما قال. ألا ترى أنَّ عطاء قال: هذا في الحيضِ أكبر. "مسائل الكوسج" (63) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: مِنْ أي شيء يَغْتَسِلُ مِنْهُ الإنسانُ؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 80 (882)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" 5/ 53، 54 (2157، 2158) بسند صحيح بهذا اللفظ، ورواه الإمام أحمد 6/ 376، ومسلم (311)، وغيره بغير هذا اللفظ.

قال: يَغْتَسِلُ مِنَ المَنِي، ويوم الجمعةِ أحب إلي أنْ يغتسلَ فيه، وليس في الحجامةِ وأشباه ذَلِكَ غُسْل. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (68) قال إسحاق بن منصور: قلتُ لأحمدَ: رجل رأى في المنامِ أنَّه يُجَامِعُ فلمْ يُنزلْ، فانتبه فلمْ يَرَ شيئًا فلما أصبحَ وَجَدَ بلةً؟ قال: بلة، يغتسلُ منه. قال إسحاق: كَمَا قال، إذا كان بلة نطفة. "مسائل الكوسج" (72) قال إسحاق بن منصور: قلت: المفعول به والفاعل عليهما الغسل؟ قال أحمد: إذا كان ذلك في الدبر؛ لأن حكمها حكم الزنا، والذي يأتي البهيمة عليه الغسلُ وإن لم يُنزل. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1309) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: إذا أسْلمَ الرجلُ يؤمر بالغسلِ؟ قال: شديدًا. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (3320) قال صالح: وسألته عن الرجل يأتي المرأة فيما دون الفرج؟ قال: لا، إلا أن ينزل، فإذا التقى الختانان وجب الغسل؛ إذا توارت الحشفة. قلت وكنت تذهب إلى: أن الماء من الماء؟ قال: لا، من يكذب علي في هذا أكثر من ذلك.

قال أبي: وكان هشام بن عروة يذهب إليه (¬1)، والأعمش. "مسائل صالح" (11) قال صالح: وقال: إذا التقى الختانان ولم ينزل اغتسلا. "مسائل صالح" (1325) قال صالح: قلت: الرجل يجد على طرف إحليله بللًا وهو نائم، ولم ير أنه احتلم؟ قال: إذا كان شابًا ممن ليس له أهل فالحيطة له أن يغتسل، لأنه قد يحتلم الرجل ولا يعلم، وإن كان له أهل، فلاطف أهله أو لمسها أو قبل ثم نام على ذلك، فأرجو أن لا يجب عليه الغسل إذا لم يكن رأى في منامه شيئًا. "مسائل صالح" (1374) قال أبو داود: سمعت أحمد وسئل عن الرجل ينتبه فيجد بلة؟ فقال: إن كان شابًا أعزب يغتسل، وإن كان له أهل فكان لاعب أهله من أول الليل فلعله أن يكون انتشاره من ذلك فسهل فيه. "مسائل صالح" (126) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الخصي الذي لا يولج يواقع أهله عليهما الغسل؟ قال: إذا أنزلا. قيل: فإن لم ينزل وأنزلت هي؟ قال: فلتغتسل هي. "مسائل صالح" (127) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 249 (956).

قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: إذا التقى الختانان؟ قال: الختان: المدورة إذا غابت فالختان بعدها. "مسائل أبى داود" (128) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: إذا أتى البكر فمس فرجها؟ قال: إذا أنزلت اغتسلت، وإذا لم تنزل لم تغتسل. "مسائل أبي داود" (129) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: إذا كان يوم الجمعة يوم برد يخاف الرجل على نفسه فلا يغتسل. "مسائل أبي داود" (137) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يستيقظ فيجد بلة. فقال: له امرأة؟ قلت: لا. قال: يغتسل. "مسائل ابن هانئ " (111) قال ابن هانئ: سألته عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "الماء من الماء" (¬1)؟ قال: هذا شيء كانت الأنصار تذهب إليه. قالت: إذا جامع الرجل المرأة فلم ينزل فلا غسل عليهما. قال أبو عبد اللَّه: وحديث عائشة -رضي اللَّه عنه- أبين: "إذا التقى الختانان وجب الغسل" (¬2)، هذا المأخوذ به. "مسائل ابن هانئ " (112) قال ابن هانئ: سئل عن امرأة لم تحض، أيطؤها زوجها؟ قال: نعم، وتغتسل. ¬

_ (¬1) رواه مسلم أحمد 3/ 29، و (343) من حديث أبي سعيد الخدري. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 239 بلفظه، ورواه مسلم (349) بلفظ: "مس الختانُ الختان".

قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يستيقظ من منامه فيجد بلة؟ قال: إن كان لامس امرأته، أو قبل بشهوةٍ، يتوضأ. "مسائل ابن هانئ" (116) قال ابن هانئ: سألته عن المرأة يعزل عنها زوجها، عليها غسل؟ قال: إذا التقى الختانان وجب الغُسل. "مسائل ابن هانئ" (121) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يجامع امرأته دون الفرج، هل عليها غسل؟ قال: إذا التقى الختانان وجب الغسل. "مسائل ابن هانئ" (123) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: ما معنى حديث عائشة -رضي اللَّه عنه-: "إذا التقى الختانان وجب الغسل"؟ قال: إذا وصلت المدورة -يعني: الكمرة إذا وصلت- وجب فيها الغسل، وما كان دونها فلا يجب فيه الغسل. "مسائل ابن هانئ" (126) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن "الماء من الماء"؟ فقال: إذا التقى الختانان وجب الغسل. "مسائل عبد اللَّه" (116) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: ثلاثة أشياء تجب على الرجل في اثنين منها الوضوء، والآخر الغسل: المذي: يتوضأ وضوءه للصلاة، والودي: يخرج على أثر البول فيه الوضوء، والمني: إذا كان الماء الدافق الذي ينكسر له الذكر ففيه الغسل. "مسائل عبد اللَّه" (117)

قال عبد اللَّه: قلت لأبي: من أسلم يجب عليه الغسل؟ قال: يقال: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر الذي أسلم أن يغتسل -حديث قيس بن عاصم (¬1). قلت لأبي: فإن اغتسل قبل أن يسلم؟ قال: لا إذا أسلم اغتسل من الكفر الذي كان فيه. هؤلاء يقولون: إذا اغتسل ثم أسلم أجزأه. قرأت على أبي: من أسلم يجب عليه الغسل؟ قال: أجل. فإن اغتسل قبل أن يسلم؟ قال: لا، حتى يسلم، ثم يغتسل. "مسائل عبد اللَّه" (118) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الغسل من الجنابة كيف هو؟ قال: على ما يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حديث عائشة، حدثني أبي قال: ثنا عبد اللَّه بن الحارث المخزومي قال: ثنا الضحاك بن عثمان، عن عبد اللَّه ابن عبيد بن عمير، عن عائشة أنها قالت: إذا تماست المواسي فقد وجب الغسل. فقال أبي: يعني -تماست المواسي- موضع القطع من الختان. "مسائل عبد اللَّه" (920) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل وطئ امرأته وهي صغيرة، يجب عليها الغسل؟ قال: نعم، إذا وصل إليها وجب الغسل، وإذا التقى الختانان وجب ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 61، وأبو داود (355)، والترمذي (605)، والنسائي 1/ 109 وحسنه الترمذي.

الغسل، الصغيرة والكبيرة. "مسائل عبد اللَّه" (1210) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل تكون تحته المرأة اليهودية والنصرانية يجب عليها الغسل؟ يجبرها زوجها على الغسل؟ قال: ما أحسن ذاك، وما سمعت فيه شيئًا. "مسائل عبد اللَّه" (1211) قال صالح: قلت لأبي: من أسلم يجب عليه الغسل؟ قال: أجل. قلت: فإن اغتسل قبل أن يُسلم؟ قال: لا، حتى يُسلم ثم يغتسل. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 111 (107) قال محمد بن مثني الأنباري: سألت أبا عبد اللَّه: تذهب إلى حديث ثمامة في الغسل (¬1) الذي يسلم؟ فذهب إليه. وقال أبو الحارث: سألت أبا عبد اللَّه عن ذمي أسلم، يجب عليه الغسل إذا أسلم؟ قال: نعم، يغتسل إذا أسلم. قلت: فإن اغتسل ثم جيء به فأسلم؟ قال: لا يجزئه حتى يسلم فإذا أسلم اغتسل على حديث أبي هريرة فذكر الحديث. وقال المروذي: قلت للغلام اليهودي الذي أسلم على يدي أبي عبد اللَّه: بأي شيء أمرك؟ قال: قال: اذهبوا به فغسلوه. وقال: اغسلوا رأسه بالخطمي. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 113 - 114 (110 - 113) قال جعفر بن محمد: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن النصراني يُسلم؟ قال: آمره بالغسل. ¬

_ (¬1) يأتي تخريجه.

وقال حنبل: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل إذا أسلم؟ قال: يغسل ثيابه، ويغتسل ويتطهر بماء وسدر؛ حديث ثمامة بن أثال، وغيره: أمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يغتسل (¬1). "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 114 (114 - 115) قال الحسن لأبي عبد اللَّه: من قال الذمية تكون عند الرجل يكرهها على الاغتسال من الحيض ولا يكرهها على الغسل من الجنابة؟ قال أبو عبد اللَّه: سفيان قال هذا. قيل له: فيرى هذا أبا عبد اللَّه؟ قال: أخبرك أنه لتأويل لأن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قال: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222]، إذا اغتسلن. قال حنبل: قلت لأبي عبد اللَّه: فتجبر اليهودية والنصرانية على الغسل من الجنابة؟ قال: لا تزوجها حتى تغسلها. وقال في موضع آخر: قال: قلت: فيأمر هذِه اليهودية والنصرانية بالغسل؟ قال: أجل لا بد من ذلك. قلت: فإن هي أبت؟ قال: لا يتركها. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 115 - 116 (118 - 120) نقل المروذي عنه: إذا وطئها وهي حائض فعليها الغسل، واحتج بقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]. "الروايتين والوجهين" 1/ 100 نقل صالح عنه في المشركة تحت مسلم: يحثها على الغسل من الجنابة والحيض، فإن لم تغتسل فلا شيء عليها؛ الشرك أعظم. "الروايتين والوجهين" 2/ 101 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 304. =

قال الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل: حديث حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد، قال: سألت خمسة من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: عثمان بن عفان، وعلى بن أبي طالب، وطلحة، والزبير، وأبُي بن كعب، فقال: "الماء من الماء" (¬1) فيه علة تدفعه بها. قال: نعم، بما يروى عنهم من خلافه. قلت: عن عثمان، وعليّ، وأبي بن كعب؟ قال: نعم. وقال أحمد بن حنبل: الذي أرى: إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغُسل. قيل له: قد كنت تقول غير هذا؟ فقال: ما أعلمني قلت غير هذا قط. قيل له: قد بلغنا عنك. قال: اللَّه المستعان. "التمهيد" 2/ 300 روى عنه أحمد بن القاسم: الأمر عندي في الجماع إن أخذ بالاحتياط فيه، ولا أقول: الماء من الماء. "فتح الباري" لابن رجب 1/ 385 ¬

_ = ورواه البخاري (462)، ومسلم (1764) وليس فيه أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- له بالغسل. (¬1) رواه البخاري بنحوه (292)، وأجاب الحافظ في "الفتح" 1/ 397 على إعلال أحمد للحديث بقوله: والجواب عن ذلك أن الحديث ثابت من جهة اتصال إسناده وحفظ رواته ... وأما كونهم أفتوا بخلافه فلا يقدح ذلك في صحته لاحتمال أنه ثبت عندهم ناسخه فذهبوا إليه، وكم من حديث منسوخ وهو صحيح من حيث الصناعة الحديثية.

192 - إذا اغتسلت المرأة ثم خرج من فرجها من مني الرجل شيء؟

192 - إذا اغتسلت المرأة ثم خرج من فرجها من منيّ الرجل شيء؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المرأةُ إذا اغْتَسَلَت ثم خرج مِن فَرْجِها مِن مَنِي الرَّجُل شيء؟ قال: تتوضأ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (145) قال ابن هانئ: سألته عن المرأة يخرج منها الشيء بعد الغسل؟ قال: يروى عن الحسين أنه قال: إذا بال الجنب أجزأ عنه، وإذا لم يبل، لم يجزئه الوضوء. "مسائل ابن هانئ" (129) 193 - الجنب يغتسل ثم يخرج من ذكره شيء؟ قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الجنبُ إذا اغتسلَ ثمَّ خرج مِنْ ذَكَرِهِ شيءٌ؟ قال: يتوضأ فقط. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (66) قال صالح: قلت: الجنب يغتسل فيخرج منه الشيء ولم يبل قبل الغسل؟ فقال: يروى عن ابن عباس أنه قال: يتوضأ (¬1). وقال الحسن: يعيد الغسل (¬2). وروي عن علي: إن لم يكن بال اغتسل. "مسائل صالح" (1242) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 129 (1483). (¬2) رواه عبد الرزاق 1/ 266 (1020، 1021).

194 - من يجب عليه الغسل

قال صالح: قلت: الرجل يغتسل من الجنابة ثم يخرج من ذكره شيء بعد الغسل ولم يبل؟ قال: يتوضأ، وقد روي عن علي أنه قال: إن كان بال؟ وإلا اغتسل، وقال ابن عباس: يجزئ منه الوضوء. "مسائل صالح" (1375) 194 - من يجب عليه الغسل قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا جَامعها زوجُهَا ثمَّ حَاضَتْ قبلَ أَنْ تغتسلَ؟ قال: إنْ اغتسلت فليسَ به بأسٌ، وإن لم تغتسلْ فليسَ عَلَيْهَا. قال إسحاق: كما قال. ألا ترى أنَّ عطاء قال: هذا في الحيضِ أكبر (¬1) "مسائل الكوسج" (63) قال إسحاق بن منصور: قلت: المفعولُ به والفاعلُ عليهما الغُسل؟ قال أحمد: إذا كان ذلك في الدُّبر؛ لأن حكمها حكم الزنا، والذي يأتي البهيمة عليه الغسلُ وإن لم يُنزل. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1309) قال ابن هانئ: سئل عن امرأة لم تحض، أيطؤها زوجها؟ قال: نعم، وتغتسل. "مسائل ابن هانئ" (113) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 275 (1058).

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل وطئ امرأته وهي صغيرة، يجب عليها الغسل؟ قال: نعم، إذا وصل إليها وجب الغسل، وإذا التقى الختانان وجب الغسل، الصغيرة والكبيرة. "مسائل عبد اللَّه" (1210) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل تكون تحته المرأة اليهودية والنصرانية يجب عليها الغسل؟ يجبرها زوجها على الغسل؟ قال: ما أحسن ذاك، وما سمعت فيه شيئًا. "مسائل عبد اللَّه" (1211) نقل المروذي عنه: إذا وطئها وهي حائض فعليها الغسل، واحتج بقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]. "الروايتين والوجهين" 1/ 100 وروى حنبل عنه: يأمرها بالغسل من الجنابة -المسلم لزوجته الذمية- فإن أبت لم يتركها. "إعلام الموقعين" 4/ 347.

فصل فى صفة الغسل

فصل فى صفة الغسل 195 - الاستنجاء قبل الغسل قال صالح: قلت: الرجل تصيبه الجنابة، أو يقرب أهله، إن لم يبل يجزئه؟ قال: إن بال فلا بأس، وإن لم يبل، فإذا استبرأ فلا بأس. "مسائل صالح" (269) 196 - صفة غسل الجنابة قال صالح: قال أبي: الجنب يقع في الماء ولم يتوضأ، أحب إلي أن يبدأ بالوضوء، ولكن لا بأس به. "مسائل صالح" (1069) قال أبو داود: قلت لأحمد: وقع في ماء وهو جنب أيجزئه من غسل الجنابة؟ قال: إذا نوى. "مسائل صالح" (29) روى عنه مهنا: المرأة في غسل الجنابة كالرجل. "فتح الباري" لابن رجب 1/ 263 قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: يبدأ فيتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يغتسل؛ لأن الغسل يأتي على طهارة الوضوء، وهذا حدث يوجب الوضوء. "فتح الباري" لابن رجب 1/ 277

197 - إذا اغتسل من الجنابة ولم يتوضأ، أيجزئه؟

قال حنبل: قال أبو عبد اللَّه: يبدأ فيفيض الإناء على يده اليمنى فيصب منه ثلاث مرات، ثم يغمس يده في الإناء فيصبَّ على يده اليسرى فيغسلهما جميعًا، ثم يغسل فرجه فينقيه ثم يتوضأ. "فتح الباري" لابن رجب 1/ 295 197 - إذا اغتسل من الجنابة ولم يتوضأ، أيجزئه؟ قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن اغتسل من الجنابة ولم يتوضأ أيجزئه؟ قال: إذا نوى الوضوء. "مسائل أبي داود" (28) 198 - نقض المرأة شعرها لغسلها من الجنابة والحيض؟ قال صالح: قلت: الحائض إذا كانت ممتشطة وأرادت الطهر تحل شعرها؟ قال: نعم. "مسائل صالح" (1304) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: تنقض الحائض رأسها؟ قال: نعم، وتبلغ أصوله. وذكر شيئًا ذهب علي. "مسائل أبى داود" (134) قال ابن هانئ: سألته عن المرأة تنقض شعرها عند الغسل؟ قال: أما الحائض فإنها تنقض شعرها حتى تروي أصول شعرها، وأما الجنابة، فإنها تضرب بالماء بكفّها على رأسها، حتى تروي أصول شعرها. "مسائل ابن هانئ" (118)

199 - غسل الحائض

قال مهنا: سألت أحمد عن المرأة تنقض شعرها إذا اغتسلت من الجنابة؟ فقال: لا. فقلت له: في هذا شيء؟ قال: نعم، حديث أمِّ سلمة (¬1). قلت: فتنقض شعرها من الحيض؟ قال: نعم. قلت له: وكيف تنقضه من الحيضة، ولا تنقضه من الجنابة؟ فقال: حديث أسماء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "لا تنقضه" (¬2). "المغني" 9/ 298، "شرح العمدة" 1/ 733، "تهذيب السنن" 1/ 166، "فتح الباري" لابن رجب 2/ 109 قال جعفر بن محمد: سألت أحمد عن غُسل الحائض، فذهب إلى حديث إبراهيم بن المهاجر، عن صفية بنت شيبة (¬3)، وقال: تدلك شئون رأسها. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 98. 199 - غسل الحائض قال يعقوب بن بختان: سألت أحمد عن النفساء والحائض كم مرة يغتسلان؟ قال: كما تُغسلُ الميتة. قال: وسألته عن الحائض متى توضأ؟ قال: إن شاءت توضأت إذا بدأت، واغتسلت، وإن شاءت اغتسلت ثم توضأت. ¬

_ (¬1) رواه مسلم (330). (¬2) رواه البخاري (316) ومسلم (1211) من حديث عائشة، رواه مسلم (332/ 61) من حديث أسماء. (¬3) يعني حديث أسماء السابق.

200 - غسل دم الحيض

وقال الميموني: قرأت على أحمد بن حنبل: أيجزئ الحائض الغسلُ بالماء؟ فأملى عليَّ: إذا لم تجد إلا وحده اغتسلت به، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ماءك وسدرتك" (¬1) وهو أكثر من غسل الجنابة. قلت: وإن كانت اغتسلت بالماء ثم وجدته؟ قال: أحبُّ إليَّ أن تعود لما قال. "فتح الباري" لابن رجب 1/ 244، 2/ 98 قال جعفر بن محمد: قلت لأحمد: إذا اغتسلت من المحيض تُدخل يدها؟ قال: لا، إلا ما ظهر، ولم ير عليها أن تُدخل أصبعها ولا يدها في فرجها في غُسل ولا وضوءٍ. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 101 200 - غسل دم الحيض قال صالح: قلت: ما تقول في غسل دم الحيض، وما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اغسليه بماء وسدر" (¬2)؟ . قال: إذا أنقى، وإنما أراد الإنقاء، وقال: في بعض الحديث قال لها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اجعلي فيه ملحًا" (¬3)، وكان ابن عمر إذا لم يذهب أثر الدم ¬

_ (¬1) انظر حديث أسماء السابق. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 355، وأبو داود (363)، والنسائي 1/ 154 - 155، وابن ماجه (628) من حديث أم قيس بنت محصن. وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (300). (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 380، وأبو داود (313) من حديث أمية بنت أبي الصلت، عن امرأة من بني غفار. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (56).

201 - حكم الترتيب والموالاة في الوضوء عند الغسل؟

قرضه بالمقراض. "مسائل صالح" (614) قال ابن هانئ: قال: وكان ابن عمر يغسل الدم، فإذا لم يذهب أثره قرضه. "مسائل ابن هانئ" (172) قال ابن هانئ: قال أبو عبد اللَّه: والدم يغسل بالماء والملح. "مسائل ابن هانئ" (173) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن دم الحيض بما يغسل؟ قال: يغسل بماء وسدر، وتحكه بضلع، فإذا أنقته فلا بأس إن لم تحكّه. "مسائل عبد اللَّه" (173) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان قال: حدثني ثابت أبو المقدام، قال: حدثني عدي بن دينار قال: سمعت أم قيس بنت محصن قالت: سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الثوب يصيبه دم الحيض؟ قال: "حكيه بضلع واغسليه بماء وسدر" (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (174) 201 - حكم الترتيب والموالاة في الوضوء عند الغسل؟ قال إسحاق بن منصور: قلتُ لأحمدَ: الجُنُبُ يغتمسُ في نهرِ ماءٍ؟ قال: إذا كان قَدْ بَلَّ الشعرَ هذا غيرُ الوضوءِ، إنما قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]. ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه.

قال إسحاق: كما قال، ولا يجزئه إلا أَنْ ينويَ تَطْهِيرَ الجنابةِ ولا يلزمه أن يقدّم شيئًا قبل شيء. "مسائل الكوسج" (139) قال صالح: وسألته عن الجنب يغتمس في الماء، ولا يتوضأ وضوءه للصلاة؟ قال: يجزئه إذا أمرَّ الماء على بشرته؟ قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]، ولم يحدَّه حدَّ الوضوء. "مسائل صالح" (23) قال صالح: الغسل من الجنابة غير الوضوء؟ قال: إن بدأ ببعض أعضائه قبل بعض أجزأه؛ لأن اللَّه قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]، فإنما عليه أن يتطهر، والوضوء ليس كذلك، فرضه اللَّه في القرآن تأليف شيء بعد شيء. "مسائل صالح" (1324) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن يغتسل من الجنابة يغسل قدميه؟ قال: نعم. قيل لأحمد: قبل الغسل؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (135) قال أبو داود: قيل لأحمد: يمسح رأسه -أعني الجنب إذا توضأ؟ قال: أي شيء يمسح وهو يفيض على رأسه الماء؟ ! "مسائل أبي داود" (136) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل جنب اغتمس في الماء؟ قال: إذا كان قد مضمض واستنشق أجزأه، وإن لم يكن مضمض ولا استنشق لا يجزئه. "مسائل عبد اللَّه" (103)

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل جنب غسل رأسه، ثم أتى الكرخ فغسل سائر جسده يجزئه؟ قال: نعم، إلا أنه يعجبنا أن يغتسل من الجنابة، كما وصف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل عبد اللَّه" (119) نقل عنه حنبل في جنب اغتسل وعليه خاتم ضيق لم يخرجه فصلى ثم ذكر. قال: يغسل موضع الخاتم. قلت: فإن جفَّ غُسله؟ قال: يغسله، ليس هو بمنزلة الوضوء، الوضوء محدود، وهذا على الجملة، قال اللَّه تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]. قلت: فإن صلى ثم ذكر؟ قال: يغسل موضعه ثم يعيد الصلاة. "المغني" 1/ 291، "فتح الباري" لابن رجب 1/ 318 قال مهنا: ذكر لي أحمد، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه رأى على رجل موضعًا لم يُصبه الماء فأمره أن يعصر شعره عليه (¬1). "المغني" 1/ 293 ¬

_ (¬1) رواه ابن ماجه (663) عن ابن عباس من فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وضعف إسناده البوصيري في "مصباح الزجاجة" 1/ 85.

فصل في أحكام الغسل والحمام

فصل في أحكام الغسل والحمام 202 - اتخاذ السترة عند الغسل قال ابن هانئ: حدثني أحمد، نا حجاج بن محمد، عن شريك، عن سماك، عن عروة عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر عليًا فوضع له غسلًا، وأعطاه ثوبًا، وقال: "استرني وولني ظهرك". "مسائل ابن هانئ" (2392) 203 - لا يدخل الماء إلا بإزار قال أبو داود: قلت لأحمد: صرت في موضع يوم الجمعة وليس معي إزار وأنا عند نهر أحب إليك أن أغتسل أو أدع؟ قال: إن لم يكن يراه أحد. قلت: لا يراه؟ قال: أرجو. ثم قال أحمد: يستحب أن لا يدخل الماء إلا بمئزر. "مسائل أبي داود" (138) نقل عنه حرب في الرجل يدخل الماء بغير إزار أنه كرهه كراهية شديدة. قيل له: كل المياه؟ قال: نعم. قيل له: فإذا دخل الماء يحل إزاره؟ قال: لا. "فتح الباري" لابن رجب 1/ 336 قال عبد اللَّه: قال أبي: السفلة: هو من يدخل الحمام بلا مئزر، ولا يبالي على أي معصية رئي. "الفروع" 6/ 380

204 - لا تتجرد النساء عند دخول الحمام

قال عبد اللَّه: قال أبي: السفلى الذي لا يبالي بما قال، ولا ما قيل فيه. وقال: هو الذي يدخل الحمام بلا مئزر، ولا يبالي على أي معصية رؤي. "المبدع" 7/ 362 204 - لا تتجرد النساء عند دخول الحمام ذكر المروذي له قول ابن أسلم: لا تخلع قميصًا، لقوله عليه السلام: "المرأة إذا خلعت ثيابها في غير بيت زوجها هتكت الستر بينها وبين اللَّه" (¬1). قلت: فأي شيء تقول أنت؟ قال: ما أحسن ما احتج به. "الفروع" 1/ 207 205 - بناء الحمام، وبيعه، وشراؤه، وكراؤه قال أبو داود: سألت أحمد عن كرى الحمام؟ قال: أخشى. كأنه كرهه. وقيل له: فإن اشترط على المكتري أن لا يدخله أحد بغير إزاره؟ فقال: ويضبط هذا؟ ! وكأنه لم يعجبه. "مسائل أبي داود" (1265) روى محمد بن الحكم عنه أنه قال: لا تجوز شهادة من بناهُ للنساء. "الإنصاف" 1/ 156، "المعونة" 1/ 385 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 173، وأبو داود (4010)، والترمذي (2803)، وابن ماجه (3750) من حديث عائشة، وحسنه الترمذي.

206 - الوضوء والغسل من ماء الحمام

206 - الوضوء والغسل من ماء الحمام قال إسحاق بن منصور: قلت: يغتسل من ماء الحمام؟ قال: لا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (47) قال صالح: قلت: ما تقول في الغسل بماء الحمام؟ قال: الحمام بمنزلة الماء الجاري عندي. "مسائل صالح" (558) قال ابن هانئ: وسألته: عن ماء الحمام، يجزئ من الغسل؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (12) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن الغسل من ماء الحمام. قال: لا يغسل من ماء الحمام. "مسائل عبد اللَّه" (20) قال عبد اللَّه: سألت أبي: يغتسل من ماء الحمام؟ فقال: لا. فقلت له: [. . .] (¬1). قال: فلِمَ نذهب إذن. "مسائل عبد اللَّه" (21) قال الأثرم: قال أحمد: من الناس من يشدِّد فيه، ومنهم من يقول: هو بمنزلة الجاري؛ لأنه يُنزفُ، يخرج الأول فالأول. ¬

_ (¬1) قال محقق الكتاب: كلمة غير واضحة.

قلت: يكون كالجاري، وهو يستقر في مكان قبل أن يخرج؟ فقال: قد قلت لك فيه اختلاف. "المغني" 1/ 307 روى حنبل بإسناده عن إبراهيم: أن أصحاب عبد اللَّه كانوا لا يغتسلون من ماء الحمام وكان أصحاب علي يغتسلون منه (¬1). قال أبو عبد اللَّه: أذهب إلى فعل أصحاب عبد اللَّه. "شرح العمدة" 1/ 409 نقل عنه الأثرم في الوضوء من ماء الحمام: أحب أن يجدد ماء غيره. "الفروع" 1/ 77 ¬

_ (¬1) روى ابن أبي شيبة 1/ 102 (1147) عن إبراهيم أن علقمة والأسود كانا يغتسلان من ماء الحمام.

أبواب التيمم

أبواب التيمم 207 - صفة التيمم قال إسحاق بن منصور: قلتُ: وَكَيْفَ التيمم؟ قال: ضربةً للوجْهِ وَالكَفَّين. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (81) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا التيمم فهو ضربةٌ واحدة لِلْوجه والكفين، فإنْ كان يمسحُ وجْهَه بضربةٍ فهو أفضل. "مسائل الكوسج" (105) قال صالح: قلت لأبي: ما تقول في التيمم؟ فقال: ضربة للوجه والكفين، على حديث عمار (¬1). "مسائل صالح" (540) قال صالح: قال أبي: التيمم ضربة للوجه والكفين. قال اللَّه: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] "مسائل صالح" (988) قال صالح: قال أبي: في التيمم أذهب إلى حديث عمار بن ياسر، ضربة. "مسائل صالح" (944) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: التيمم ضربة. "مسائل أبي داود" (109) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 263، والبخاري (338)، ومسلم (368).

قال أبو داود: ورأيت أحمد علَّم رجلا التيمم، فضرب بيديه على الأرض ضربة خفيفة ثم مسح إحداهما بالأخرى مسحًا خفيفا كأنه ينفض منها التراب، ثم مسح بهما وجهه مرة، ثم مسح كفيه إحداهما بالأخرى. "مسائل أبى داود" (110) قال أبو داود: قلت لأحمد: ينفض يديه إذا ضرب بهما الأرض في التيمم؟ قال: لا يضره إن فعل أو لم يفعل. "مسائل أبي داود" (111) قال ابن هانئ: سمعته يقول: التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين. "مسائل ابن هانئ" (54) قال ابن هانئ: سألته عن التيمم؟ قال: ضربة للوجه والكفين، أذهبُ إلى حديث عمار بن ياسر، وقد قال اللَّه تبارك وتعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} فهذا في الوضوء، وقال في التيمم: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ}. فاليد من موضع يقطع السارق يمسح ما يجب عليها أن تقطع. "مسائل ابن هانئ" (60) قال ابن هانئ: قيل لأبي عبد اللَّه: ليس في قلبك شيء من حديث عمار؟ قال: لا. "مسائل ابن هانئ" (61) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن التيمم؟ قال: ضربة للوجه والكفين أعجب إلي حديث عروة (¬1) وظاهر الآية في ¬

_ (¬1) لعل الصواب: حديث عمار.

التيمم {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [المائدة: 6] وفي الوضوء: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6]، ومما يقوي قول من قال: الوجه والكفين، قوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}، وقال في التيمم: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [المائدة: 6] ولم يقل: إلى المرافق. "مسائل عبد اللَّه" (150) قال إبراهيم بن هانئ: نا موسى بن إسماعيل ثنا أبان قال: سئل قتادة عن التيمم في السفر، فقال: كان بن عمر يقول: إلى المرافقين، وكان الحسن وإبراهيم النخعي يقولان: إلى المرفقين. وحدثني محدث عن الشعبي عن عبد الرحمن بن أبزى عن عمار بن ياسر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إلى المرفقين" (¬1). قال أبو إسحاق: فذكرته لأحمد بن حنبل فعجب منه، وقال: ما أحسنه. "سنن الدارقطني" 1/ 182 قال أحمد رضي اللَّه عنه في رواية أبي الحارث: التيمم ضربة للوجه والكفين، فقيل له: أليس التيمم بدلًا من الوضوء، والوضوء، والوضوء إلى المرفقين. فقال: إنما قال اللَّه تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ}، ولم يقل: إلى المرفقين، وقال في الوضوء: {إِلَى المَرَافِقِ}، وقال: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} فمن أين تقطع يد السارق؟ من الكهف. "العدة في أصول الفقه" 2/ 638، "التمهيد في أصول الفقه" 2/ 180 قال محمد بن ماهان: التيمُّم ضربة للوجه والكفين مرة واحدةً. "الطبقات" 2/ 363 ¬

_ (¬1) ورواه البيهقي في "السنن" 1/ 210. وروى أبو داود (328) الشطر المرفوع منه. وضعف إسناده الألباني في "ضعيف أبي داود" (57).

قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: التيمم ضربة واحدة؟ فقال: نعم، ضربة للوجه والكفين، ومن قال ضربتين، فإنما هو شيء زاده. "المغني" 1/ 321، "المعونة" 1/ 408 قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد بن حنبل عمن ترك مسح بعض وجهه في التيمم؟ قال: يعيد الصلاة. فقلت له: فما بال الرأس يجزئ في المسح ولم يجز أن يترك ذلك من الوجه في التيمم؟ فقال: لم يبلغنا أن أحدًا ترك ذلك من تيممه. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 246 قال في رواية الميموني: لا ينفخهما: يداه. ثم قال: ومن الناس من ينفضهما ولست أنفضهما، وكأني للنفخ أكره. ونقل حنبل عنه أنه ذكر حديث عمار هذا، وقال: أذهب إليه. قيل له: ينفخ فيهما؟ قال: ينفخ فيهما ويمسحُهما. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 238، 239 قال حرب: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: والتيمم ضربةُ واحدة للوجه والكفين، يبدأ بوجهه ثم يمسحُ كفَّيه إحداهما بالأخرى. قيل له: صح حديث عمار عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك؟ قال: نعم قد صح. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 258

وقال في رواية الأثرم: إن كان ما روى أبو معاوية حقًا، روى عن الأعمش، عن شقيق القصة فقال: ضربة للوجه والكفين (¬1)، وتابعه عبد الواحد (¬2). قال أبو عبد اللَّه: فهذان جميعًا قد اتفقا عليه، يقولان: ضربة للوجه والكفين. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 290 وقال في رواية أحمد بن أبي عبدة: رواية أبي معاوية، عن الأعمش في تقديم مسح الكفَّين على الوجه غلط (¬3). "فتح الباري" لابن رجب 2/ 292 قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: أرني كيف التَّيمم؟ فضرب بيده باطن كفَّيه ثم مسح وجهه وكفَّيه بعضها على بعض ضربةً واحدة وقال: هكذا. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 297 ¬

_ (¬1) رواه البخاري (347)، ومسلم (368) كلاهما من طريق أبي معاوية، به. (¬2) رواه مسلم (368/ 111). (¬3) رواه البخاري (347) وفيه: مسح بها ظهر كفه بشماله أو ظهر شماله بكفه ثم مسح بهما وجهه. ورواه مسلم (368) ولفظه: مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه.

شروط صحة التيمم

شروط صحة التيمم 208 - الشرط الأول: النية قال ابن هانئ: سألته عن رجل يتيمم يعلم إنسانًا؟ قال: لا يجزئه حتى ينوي. "مسائل ابن هانئ" (53) قال البرازطي: سُئل عن رجل تيمم في السفر لسجود القرآن، أو للقراءة في المصحف، وصلى به فريضة؟ قال: يعيد ما صلى من الفرائض بذلك التيمم. "بدائع الفوائد" 4/ 46 209 - الشرط الثاني: العجز عن استعمال الماء قال إسحاق بن منصور: قلتُ: المريض إذا لم يقدرْ على الوضوءِ؟ قال: بِقَدْرِ ما يقدر. قلتُ: لا يقدر على شيء. قال: فما يصنع؟ ! هو بمنزلة المجدور. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (102) قال إسحاق بن منصور: قلتُ لإسحاق: المريض لا يقدر على الوضوءِ، وليس له مَن يوضئُه والغني والفقير فيه سواء؟ قال: لَهُ أنْ يَتيممَ، وإنْ كان في الحضرِ، وغناه وفقره في ذَلِكَ سواء. "مسائل الكوسج" (103)

قال صالح: قلت: الرجل تكون معه المرأة في السفر، فتحيض، فلا تجد الماء، أيغشاها زوجها؟ قال: تيمم، هذِه حال ضرورة. "مسائل صالح" (1147) قال أبو داود: قلت لأحمد بن حنبل: المرأة تكون في القرية والماء عنده مجتمع الفساق فتخاف أن تخرج، أتتيمم؟ قال: لا أدري. "مسائل أبي داود" (121) قال أبو داود: قلت لأحمد: الذي يخاف أن يأتي الماء أيتيمم؟ قال: مم يخاف؟ ! قلت: من لا شيء يخاف هو بالليل. قال: رجل يخاف من السبع. قلت: ليس سبع. فقال أحمد: لا بد من أن يتوضأ. "مسائل أبي داود" (122) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يكون في سفر، وحضرت الصلاة، وليس معه ماء؟ قال: يتيمم. قلت: هو في طين كيف يتيمم؟ قال: إن كان معه لبد أو شيء يقدر ما إذا نفض منه شيئًا خرج منه غبار يتيمم به. "مسائل ابن هانئ" (52)

قال ابن هانئ: قيل له: قد حقنه البول، وهو على وضوء في السفر، فإن أحدث لم يجد ماءً يعيد وضوءه، فأحب إليك أن يصلي على وضوئه بتحقين البول، أو يبول ويتيمم؟ قال: إذا لم يستعجله استعجالًا شديدًا. "مسائل ابن هانئ" (66) قال المروذي: وسُئل أبو عبد اللَّه: عن رجل أصابته جنابة وهو -في سفر- معه ماء بقدر ما يتوضأ؟ قال: يتوضأ. وقال: قال عبدة بن أبي لبابة: يجمعها. يعني: الوضوء والتيمم. قيل له: فإن كان معه مقدار ما يشرب، يتوضأ [به] أو يشربه؟ قال: إذا خافَ على نفسه شربه. "الورع" (414)، (415) قال المروذي: وسئل: عن الرجل تُصيبه الجنابة، فيتخوف أن يُصب عليه الماءُ من شدة البرد، ترى أن يؤخر ذلك أيامًا؟ قال: نعم. إذا خافَ على نفسه أخَّر الغسل، وتيمم وصلَّى، ويُؤخر ذلك حتى يمكنه. "الورع" (423) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: رجل كان في سفر فأصابته جنابة ومعه ماء فخاف على نفسه، يتيمم؟ قال: نعم، إن اللَّه يعذر بالمعذرة، فإن كان في حضر فخاف على نفسه من البرد فلا بأس، وإنما هذا لمكان الضرورة، وكذلك المجدور والذي به الجرح.

ورجل تيمم ولبس خفيه ثم وجد الماء فيمسح عليهما أو يخلعهما؟ قال: أقول يتيمم لوقت كل صلاة، فإذا وجد الماء يعجبني أن يتوضأ، لأن عليه أن يطلب الماء فقد وجده. "مسائل عبد اللَّه" (137) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل كان في سفر فأصابته جنابة ومعه ماء، فخاف على نفسه؟ قال: يتيمم. "مسائل عبد اللَّه" (148) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن كان في حضر فخاف على نفسه من البرد؟ قال: لا بأس أن يتيمم، وكذلك المجدور، والذي به الجرح إذا خاف على نفسه. "مسائل عبد اللَّه" (149) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قلت: رجل كان في سفر أصاب جسده بول وليس معه ماء؟ قال: هذا بمنزلة الجنب يتيمم. "مسائل عبد اللَّه" (153) نقل عنه الأثرم فيمن ترك على جرحه خرقة فيها دواء، وخاف إن نزعه يتأذى به. قال: إن خاف من ذلك على نفسه مسح عليه. ونقل حنبل عنه: الجنب إذا كان به الجرح والقرح وخاف على نفسه تيمم بالصعيد. "الروايتين والوجهين" 1/ 92، 93

210 - في التيمم لمن خاف فوات الصلاة، أو النسك

نقل الميموني عنه: إذا خاف المجدور تيمم، وليس على خوف النفس. "الانتصار" 1/ 447 210 - في التيمم لمن خاف فوات الصلاة، أو النسك قال إسحاق بن منصور: قلتُ: سئل سفيان عن الرجل يحدث وهو يُصلي على الجنازةِ؟ قال: يتيمم مكانه هو بمنزلةِ الصلاةِ التي يخافُ فوتها. قال الإمام أحمد: لا يتيمم على الجنازة؛ لأنه في مِصْر. قال إسحاق: كما قال سفيان: يتيمم لما جاءَ عن ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما-، وعكرمة، وإبراهيم النخعي، والشَّعبي (¬1)، وغيرهم التيمم على الجنازةِ. "مسائل الكوسج" (69) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عن التيمم على الجِنازةِ؟ قال: لا. قِيلَ: فإنه يُروى فيه أحاديث. قلت: عامةُ الناسِ قالوا: يتيمم. قال أحمدُ: أعجب إليَّ أن لا يصلي عليها إلَّا متوضئًا. قِيلَ له: فإنه يخافُ الفوت؟ قال: فإنْ فاته فما يكون؟ ! "مسائل الكوسج" (426) ¬

_ (¬1) روى هذِه الآثار ابن أبي شيبة 2/ 497 - 498.

قال صالح: قلت لأبي: ما تقول في الجنب والحائض إذا صارا في موضع الإحرام فلم يجد الماء؟ قال: يتيممان إذا لم يجد الماء، أو حيل بينهما وبينه. "مسائل صالح" (566) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا أحدث في العيد يتيمم؟ قال: من الناس من يذهب إليه، وفي الجنازة ستة من التابعين يقولون: يتيمم -يعني: في الجنازة إذا خاف أن تفوته الصلاة عليها. قلت لأحمد: أي شيء تذهب؟ قال: إني لأتفزعه -أي: أن أقول: يتيمم. "مسائل أبي داود" (123) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل إذا استيقظ من نومه وهو في سفره والماء منه بعيد إن ذهب إلى الماء طلعت الشمس، يتيمم أو يذهب إلى الماء؟ قال: يطلب الماء إلى وقت يخاف الفوات، فإذا خاف أن تطلع الشمس تيمم ثم صلى. "مسائل عبد اللَّه" (139) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل في مصر من الأمصار فخاف إن هو ذهب يجيء بالماء ليتوضأ أن تطلع الشمس، يتيمم؟ قال: لا، لا يكون هذا في مصر من الأمصار، إنما يتيمم في السفر، أو غير واجد الماء. وقال: والذي يرى الجنازة وهو غير طاهر لا يصلي عليها إلا متوضئ. وقد قال: يتيمم إذا خاف الفوت، ولا يعجبني. "مسائل عبد اللَّه" (144)

قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن الرجل تحضره الجنازة وهو غير متوضئ أيتيمم ويصلي؟ قال: اختلف الناس في هذا اختلافًا كثيرًا. وذكر عن ابن عمر أنه كان لا يصلي على الجنازة إلا وهو متوضئ. "مسائل عبد اللَّه" (143) قال عبد اللَّه: قيل لأبي: فالعيدان؟ قال: أما العيدان، فلا يصلي إلا وهو متوضئ البتة. سمعت أبي يقول: لا يتيمم الرجل حتى لا يجد الماء، فإن لم يجد تيمم. "مسائل عبد اللَّه" (146) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يحدث يوم العيد وهو يخشى فوتها؟ قال: يعيد الوضوء ولا يصلي إلا وهو طاهر. قلت: فإن خشي فوتها؟ قال: لا حتى يتوضأ. "مسائل عبد اللَّه" (156) قال عبد اللَّه: سألت أبي: تمر به الجنازة وهو غير طاهر؟ قال: يتوضأ أحب إلي من التيمم، وهذان كلاهما يجدان الماء، الذي يحدث يوم العيد، وإذا مرت به الجنازة، لا يصلي عليها إلا وهو طاهر. "مسائل عبد اللَّه" (157) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن امرأة حائض فطهرت في آخر الوقت، فإن اغتسلت خرج الوقت؟ قال: هذِه واجدة الماء تغتسل. قلت لأبي: فإن كانت مسافرة فخافت إن طلبت الماء أن يفوتها الرفقة؟ قال: تتيمم وتصلي.

211 - على حكم يطلب الرجل الماء؟

قلت لأبي: إذا لم تجد الماء إلا بثمن؟ قال: تشتريه، أو تتيمم وتصلي. قلت لأبي: وقال: بقدر ما يكون من مالها. قلت لأبي: فإن لم يمكنها تتيمم؟ قال: نعم، إن اللَّه يعذر. "مسائل عبد اللَّه" (158) ونقل البرزاطي عنه وقد قيل له: رجل تيمم في السفر، وصلى على جنازة، ثم جيء بجنازة أخرى فصلى عليها بذلك التيمم؛ فقال: إن جيء بالأخرى حين سلم من الأولى صلى عليها بذلك التيمم، وإن كان بينهما مقدار ما يمكنه التيمم لم يصلِّ على الأخرى حتى يعيد التيمم. "بدائع الفوائد" 4/ 47. 211 - على حكم يطلب الرجل الماء؟ قال إسحاق بن منصور: قلتُ: على كَمْ يطلب الماء؟ قَال: إن لم يصرفْه عن وَجدٍ يريدُ بِهِ الميلين والثلاثة، وإنْ اشتَدَّ عليه المشيُ فَلَا يطلبه. قال إسحاق: لا يلزمه الطلبُ إلَّا في موضِعِهِ، ألا تَرى أنَّ ابن عمرَ -رضي اللَّه عنه- لَمْ يكنْ يعدل إلى الماء وهو منه على غَلْوَةٍ (¬1) أو غَلْوَتين (¬2). "مسائل الكوسج" (79) ¬

_ (¬1) الغلوة: هي رمية سهم، أبعد ما يقدر عليه، ويقال: هي قدر ثلاثمائة ذراع إلى أربعمائة، والجمع: غلوات. "المصباح" 2/ 452. (¬2) رواه ابن المنذر في "الأوسط" 2/ 35، والبيهقي 1/ 233.

قال إسحاق بن منصور: قلتُ لأحمد: إذا كان بين القريتين ميلان أقل أو أكثر أيتيمم؟ قال: إذا خاف الفوت نحن نرى أنْ يؤخر إلى آخر الوقت. قال إسحاق: كما قال، ثم يتيمم في حضر كان أو في سفرٍ. "مسائل الكوسج" (101) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: يتيممُ بين القريتين بينهما فرسخ؟ قال: إذا خافَ الفوتَ، ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما- تيممَ بالمربدِ ثم دخلَ المدينةَ فلمْ يُعدْ (¬1). "مسائل الكوسج" (427) قال صالح: قلت لأبي: ما تقول في الحرَّاث أو الحطَّاب يكون على رأس فرسخ، ولا يجد الماء؟ قال: إذا كان يخاف إن طلب الماء فاتته الصلاة تيمم. فقال: إن ابن عمر كان في سفر فتيمم وصلى، ودخل المدينة وعليه نهار فلم يعد. "مسائل الكوسج" (541) قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يخرج على الميلين والثلاثة والأكثر فتحضره الصلاة أيتيمم؟ قال: إذا خاف يتيمم. قلت أو قيل له: يعيد؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (125) ¬

_ (¬1) علقه البخاري قبل حديث (337) ووصله مالك في "الموطأ" 1/ 62 (153) والشافعي في "الأم" 1/ 39 وانظر: "الفتح" 1/ 441.

212 - إذا كان معه الماء ولكنه يحتاجه؟

قال ابن هانئ: قلت له: كم يطلب الرجل الماء؟ ثم إذا لم يجده فيتيمم؟ فقال: إذا لم يجد يتيمم. "مسائل ابن هانئ" (64) 212 - إذا كان معه الماء ولكنه يحتاجه؟ قال صالح: وسألته عن الرجل تصيبه الجنابة وهو مسافر؟ قال: إذا خاف العطش يتيمم. "مسائل صالح" (77) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: الجنب معه من الماء ما يخاف منه العطش؟ قال: يتيمم. "مسائل أبي داود" (114) قال أبو داود: قلت لأحمد: معه من الماء ما يتوضأ به ولا يخاف العطش؟ قال: يتوضأ ويتيمم. "مسائل أبي داود" (115) قال أبو داود: قلت لأحمد: فإنه فعل ثم أدركته صلاة أخرى، وَقَدرَ على قَدْرِ ذلك الماء؟ قال: يتوضأ ويتيمم. قلت: لا يزال يتيمم وإن قدر من الماء على قدر ما يتوضأ حتى يغتسل؟ قال: نعم. قلت: إذا كان الماء منه قريبا يومئذ -يعني: يوم المغار في بلاد العدو ولا يمكنه الوضوء وذهب أصحابه؟ قال: يتيمم. "مسائل أبي داود" (116)

قال ابن هانئ: سألته عن رجل أصابته جنابة وهو في السفر ومعه ماء مقدار ما يتوضأ، أيتيمم أحب إليك أو يتوضأ به ويتيمم؟ قال: يتوضأ به، ويتيمم، وقال عبدة بن أبي لبابة: يجمعهما جميعًا يتوضأ، ثم يتيمم فوق الوضوء. قلت له: فإن كان ماءً مقدار ما يشرب، وحضرت الصلاة، أيتوضأ به أو يشربه؟ قال: إذا خاف على نفسه إن هو توضأ به عطش فيشربه، ويتيمم. "مسائل ابن هانئ" (59) وقيل له: الرجل معه إداوة من ماءٍ لوضوئه فيرى قومًا عطاشًا، أحب إليك أن يسقيهم ويتيمم، أو يتوضأ؟ قال: يسقيهم. ثم ذكر عدة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنهم تيمموا وحبسوا الماء لسقياهم (¬1). "مسائل ابن هانئ" (67) قال أبو طالب: سألت أحمد عن الرجل يتيمم، ومعه الماء القليل، وهو يخاف العطش؟ قال: نعم، يتيمم، ولا يتوضأ به. وقال حنبل: سمعت أبي عبد اللَّه يقول: إذا خاف على نفسه تيمم، وصلى يعين على نفسه، قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]. قال أبو عبد اللَّه: إذا كان معه ماء، أو كان معه قليل يخشى على نفسه؛ ¬

_ (¬1) انظر: "سنن البيهقي" 1/ 234.

213 - الرجل ينسى أن معه ماء فتيمم

تيمم وصلى، وترك الماء لشفقته إذا خاف على نفسه، ولا يعين على نفسه، ولا يعيد الصلاة. "النكت والفوائد السنية" 1/ 23 213 - الرجل ينسى أن معه ماءً فتيمم قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: رجل معه الماء في رحله فنسيه، فتيمم وصلى، ثم ذكر أن معه ماء أتجزئه صلاته؟ قال أبي: هذا واجد الماء أخشى أن لا يجزئه. "مسائل عبد اللَّه" (154) 214 - إذا كان الماء بالثمن الكثير، يشتريه؟ قال ابن هانئ: قيل له: يشتريه بالثمن الكثير؟ قال: إذا كان موسرًا، أو أمكنه يشتريه بشيء، ولم يوجب عليه أن يشتري بما بلغ. "مسائل ابن هانئ" (65) 215 - الرجل يجامع أهله في السفر وليس معه ماء قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الرجلُ يجامعُ أهلَهَ في السَّفَرِ وليسَ معه ماءٌ؟ قال: لا أكره ذَلِكَ، قد فعل ذَلِكَ ابن عباس (¬1). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 94 (1046).

قال إسحاق: هو سُنَّة مسنونةٌ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في أبي ذرٍ (¬1) وعمَّار (¬2) وغيرهما، وَفَعَلَهُ ابن عباس -رضي اللَّه عنهم-. "مسائل الكوسج" (78) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: قيل له -يعني: سفيان- الرَّجُل يكونُ في السَّفرِ ليس معه ماءٌ، أيأتي أهلَه؟ قال: نعم. قيل: ويتيمم؟ قال: نعم. قال أحمد: يأتي أهلَه وإن توقاه أيامًا أحب إليَّ إلا أنْ يخافَ. قال إسحاق: كما قال سفيان. "مسائل الكوسج" (99) قال صالح: وسألته عن المسافر يغشى أهله، ويعلم أن بينه وبين الماء يومين أو ثلاثة؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس؛ ويتيمم. "مسائل صالح" (78) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه رحمه اللَّه: رجل بينه وبين الماء مسيرة يوم أو يومين، ولا يقدر على الماء، يجامع أهله؟ قال: يتوقى، ذلك أعجب إليّ. "مسائل ابن هانئ" (114) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 146، وأبو داود (332)، والحاكم 1/ 176 - 177 وصححه، ووافقه وكذلك الألباني في "صحيح أبي داود" (359). (¬2) سبق تخريجه.

216 - الشرط الثالث: دخول وقت الصلاة، وهل يؤقت التيمم أم لا؟

216 - الشرط الثالث: دخول وقت الصلاة، وهل يؤقت التيمم أم لا؟ قال إسحاق بن منصور: قلتُ: يُصلي الصلواتِ بالتيممِ أو يتيممُ لكلِّ صلاةِ؟ قال: أعجبُ إليّ أن يتيممَ لكلِّ صلاةِ، لأنه ينبغي له أن يطلبَ الماءَ لكلِّ صلاةِ. قال إسحاق: هذا فرض عليه أنْ يتيممَ لكلِّ صلاةٍ. "مسائل الكوسج" (82) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: والسنة أنْ يتيممَ لكلِّ صلاةٍ؛ لقولِ اللَّهِ عز وجل {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} فعليه الطلب في وقت كلِّ صلاةٍ فإذا لم يجد تيمم. "مسائل الكوسج" (106) قال صالح: وقال: الجنب يتيمم لكل صلاة، أحدث أو لم يحدث. "مسائل صالح" (234) قال أبو داود: قلت لأحمد: التيمم لكل صلاة أم من حدث إلى حدث؟ قال: لكل صلاة أعجب إلي. "مسائل أبي داود" (112) قال أبو داود: قلت: فإن تيمم ولم يصل فمر بماء؟ فرأى أن يعيد التيمم -يعني: مرَّ بماء وهو متيمم فلم يتوضأ ثم حضرته الصلاة وليس عنده ماءٌ. "مسائل أبي داود" (113)

قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: يتيمم لكل صلاة. "مسائل ابن هانئ" (51) قال ابن هانئ: وسألته عن المتيمم يتطوّع فيما بين الصلاتين ويقضي صلاة فائتة؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (57) قال ابن هانئ: وسألته عن القوم يكونون بحيال العدو يقاتلونهم، وفيهم من قد تيمم، يصلون صلاة يوم بالتيمم أو صلاتين؟ قال: لا يصلي بالتيمم إلا صلاة واحدة، ولكن يتطوع إلى وقت صلاة أخرى. "مسائل ابن هانئ" (58) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يتيمم، أيصلي بالتيمم صلاتين؟ قال: لا. قيل له: أفيتطوع؟ قال: نعم يتطوع ولا يزيد على صلاة لكل تيمم، ويقضي صلاة فائتة بتيمم واحد. "مسائل ابن هانئ" (69) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المتيمم إذا تيمم وصلى الظهر ثم أدركه العصر. قال: يتيمم لكل صلاة إذا لم يجد الماء. "مسائل عبد اللَّه" (140) قال عبد اللَّه: قال أبي: المتيمم عليه أن يطلب الماء؛ لأنه إذا طلب

الماء فلم يجده تيمم. يروى عن ابن عمر من حديث عامر الأحول، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يتيمم لكل صلاة -رواه عبد الوارث (¬1). سمعت أبي سئل عن الرجل يتيمم للظهر، ثم أدركه العصر قبل أن يحدث؟ قال: يتيمم لكل صلاة. "مسائل عبد اللَّه" (141) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المتيمم كم يصلي بالتيمم؟ قال: يتيمم لكل صلاة، ابن عمر يروى عنه: يتيمم لكل صلاة، وعليه أن يطلب الماء. قال أبي: ولا بأس أن يؤم المتيمم المتوضئين، قد أمَّ ابن عباس وهو متيمم، وخلفه عمار بن ياسر (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (142) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: قال: لا يصلى بالتيمم إلا صلاة واحدة. قال: وذلك أن عليه أن يطلب الماء. قال: والذي أختار أن يتيمم لكل صلاة. وقال: يروى عن ابن عمر أنه كان يتيمم لكل صلاة، وعن بعض التابعين. ¬

_ (¬1) رواه ابن المنذر في "الأوسط" 2/ 57، والدارقطني 1/ 184، والبيهقي 1/ 221 من طرق عن عبد الوارث، به. وصحح البيهقي إسناده، وانظر: "الدراية" 1/ 69. (¬2) علقه البخاري قبل حديث (344) ووصله ابن المنذر في "الأوسط" 2/ 68، والبيهقي 1/ 234 وصحح الحافظ إسناده في "الفتح" 1/ 446 وعزاه أيضًا لابن أبي شيبة.

217 - الشرط الرابع: تراب طاهر له غبار

وقال: ولا بأس أن يؤم المتيمم المتوضئين قد أمَّ ابن عباس وهو متيمم. "مسائل عبد اللَّه" (143) قال في رواية الميموني: استحسنُ أن يتيمم لكل صلاة، ولكن القياس أنه بمنزلة الماء حتى يُحدث، أو يجد الماء. "العدة في أصول الفقه" 5/ 1604، "المغني" 1/ 341، "المسودة في أصول الفقه" 2/ 834 نقل حنبل وابن القاسم وبكر بن محمد عنه: يعجبني أن يتيمم لكل صلاة. "الانتصار" 1/ 429، 441 217 - الشرط الرابع: تراب طاهر له غبار قال إسحاق بن منصور: قلتُ: ما الذي يتيممُ بِهِ؟ قال: كل ما كان مِنَ الأرضِ مِنَ الترابِ، قال: "جُعِلَت الأرضُ مسجدًا وطهورًا" (¬1)، وَقال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: أطيبُ الصَّعِيدِ أرضُ الحرثِ (¬2). قال إسحاق: كما قال، قال: ومَا كان مثل الجصِّ والنُّورَةِ وترابِ السَّبِخَةِ، وما أشبه ذَلِكَ لا يتيمم بِهِ وإن كان ذَلِكَ مِنَ الأرضِ؛ لما زال عنه اسمُ الصعيدِ الطَّيبِ. "مسائل الكوسج" (83) ¬

_ (¬1) رواه البخاري (335)، ومسلم (521) من حديث جابر. (¬2) رواه عبد الرزاق 1/ 211 (814)، وابن أبي شيبة 1/ 148 (1702)، والبيهقي 1/ 214.

قال أبو داود: قلت لأحمد: التيمم بالرمل؟ قال: كأني أتوقى التيمم بالزرنيخ والنورة والرماد، والرمل أسهل من الرماد. "مسائل أبي داود" (117) قال أبو داود: قلت لأحمد: فالجصّ؟ قال: أتوقاه. "مسائل أبي داود" (118) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن التيمم بالسبخة؟ قال: من الناس من يتوقى ذلك؛ وذلك، أن السبخة تشبه الملح. "مسائل أبي داود" (119) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا لم أجد ماء ولا ترابا كيف أصنع؟ قال: تصلي على حالك وتعيد، وإن كان في السرج شيء أي: غبار تتيمم. قلت: قد ابتل السرج، والأرض كلها ثلج؟ قال: تصلي وتعيد. "مسائل أبي داود" (120) قال ابن هانئ: وسئل عن القوم يصيبهم الثلج فلا يقدرون على الوضوء، ولا يصيبون ماء، ولا شيئًا يتيممون به فيضرب [. . .] (¬1) على اللبد واللبادة. قال أبو عبد اللَّه: يصلون على الحال التي يقدرون عليها، فإذا وجدوا الماء أعادوا. قيل له: فإن حمل معه ترابًا في شيء؟ قال: هذا [. . .] (¬2) معه ترابًا. "مسائل ابن هانئ" (62) ¬

_ (¬1) قال المحقق: كلام مطموس في الأصل. (¬2) قال المحقق: كلام مطموس في الأصل.

وروى عنه الميموني وقد سُئل عن التيمم بالسهلاة (¬1)؟ فقال: كيف يتيمم بهذِه الأشياء، ليست بصعيد، ولكن يتيمم ويعيد جميع ذلك؛ لأن اسم الصعيد لا يتناوله، والآية تضمنت التيمم بما يسمى صعيدًا بقوله {صَعِيدًا} فدل على أن غيره لا يجوز التيمم به. "العدة في أصول الفقه" 2/ 465 - 461 قال أبو الحارث: قال أحمد: أرض الحرث أحبُّ إليَّ، وإن تيمم من أرض السبخة أجزأه. وقال في رواية سندي: أرض الحرث أجود من السبخ، ومن موضع النورة والحصا، إلا أن يضطر إلى ذلك، فإن اضطر أجزأه. قال الخلال: إنما سهَّل أحمد فيها إذا اضطر إليها، إذا كانت غبرة كالتراب، فأما إذا كانت قلحةً كالملح، فلا يتيمم بها أصلًا. "المغني" 1/ 326 ونقل المروذي عنه: لا يتيمم بالثلج. "الإنصاف" 2/ 219 ¬

_ (¬1) قال المحقق: هكذا في الأصل، ولعل المراد: الأرض السهلة بكسر السين، وهي تراب كالرمل، يجيء به الماء. وعن الجوهري: أنها رمل خشن، ليس بالدقاق الناعم. انظر: "اللسان" 13/ 371 - 372، مادة: [سهل].

نواقض التيمم

نواقض التيمم 218 - إذا لبس الخفين ثم تيمم، ثم خلع خفيه قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل تيمم ولبس خفيه؟ قال: إذا وجد الماء توضأ ونزع خفيه وغسل رجليه، وفي قول من قال: هو طاهر لا تنتقض طهارته إلا بوجود الماء وأنه يمسح. سمعت أبي يقول: التيمم ضربة للوجه وللكفين أعجب إليّ، على حديث عروة، وضرب بيده ضربة على الأرض، ومسح وجهه ويديه (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (135) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل تيمم وعليه خفاه ثم يخلع خفيه؟ قال: يستأنف الوضوء إن وجد ماءً، وإلا تيمم. "مسائل عبد اللَّه" (136) ونقل حنبل عنه أنه يبطل بخلع ما يمسح عليهما -الخفين- وعلى العمامة. "المعونة" 1/ 406 219 - إذا بدأ في التيمم ثم رأى الماء قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل لا يجد الماء، فيبدأ في التيمم، ثم يرى الماء؟ قال: أنا أتهيب أن أقول فيه شيئًا، ولكن قال مالك: إذا بدأ في التيمم ¬

_ (¬1) سبق تخريجه من حديث عمار.

220 - إذا رأى الماء وهو في الصلاة

فإنه فرض أبيح له، يمضي في التيمم (¬1)، وقال الثوري: لا يمضي في التيمم (¬2). قال أبو عبد اللَّه: ما أعجب ما قال مالك! كأنه أنكره، وقول الثوري كأنه مال إليه. وسئل عن الكفارات: الظهار، والصوم؟ فقال: أحب إليَّ، إذا لم يجد فصام، وبدأ في الصوم، ثم أيسر، أرى له أن يمضي في صومه، ولا أقول في الماء شيئًا. وميز بين الماء والصوم. "مسائل ابن هانئ" (63) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: سمعت أبا قرة موسى بن طارق الزبيدي يقول: سألنا مالك بن أنس عن الرجل يتيمم، ثم يرى الماء وقد فرغ من تيممه، قال: يصلي. قال: وقال سفيان الثوري: يترك التيمم ويعود إلى الوضوء. قال أبو عبد اللَّه: ما أعجب ما قال مالك! ! كأنه يرى الوضوء. "مسائل ابن هانئ" (68)، (2393) 220 - إذا رأى الماء وهو في الصلاة قال صالح: قلت: المتيمم يرى الماء وهو في الصلاة؟ قال: قد كنت أقول: يمضي في صلاته، ثم وقفت فيها. "مسائل صالح" (127) ¬

_ (¬1) "الموطأ" 1/ 61 (150). (¬2) حكاه عنه ابن المنذر في "الأوسط" 2/ 64.

221 - إذا تيمم وصلى ثم وجد الماء في الوقت

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل استفتح الصلاة وهو متيمم ثم بصر بالماء؟ قال: ما سمعنا فيه شيئًا، إلا أن مالك بن أنس بلغني عنه أنه قال: يمضي في صلاته. "مسائل عبد اللَّه" (151) نقل المروذي عنه أنه قال: كنت أقول يمضي في صلاته ثم تدبرت فإذا أكثر الأحاديث أنه يخرج فيتوضأ. "الروايتين والوجهين" 1/ 90، "الانتصار" 1/ 394، "المغني" 1/ 347، "المبدع" 1/ 228 نقل عنه الميموني: أنها تبطل. أي: صلاته. "المبدع" 1/ 228 221 - إذا تيمم وصلى ثم وجد الماء في الوقت قال إسحاق بن منصور: قُلتُ: إذا تَيَمَّمَ وصَلَّى تم وجد الماء في الوقتِ؟ قال: لا يعيدُ، وإذَا تيَمَّمَ ودَخَلَ في الصلاةِ ثُمَّ وجد الماءَ لمْ يلتفتْ إلى الماءِ. قال إسحاق: أما إذا صلَّى ثُمَّ وجد في الوقتِ فلا إعادةَ عليه، وإذا أعاد فله الأجرُ مرتين، وإذا رأى الماءَ في الصلاةِ وقَدْ تيمم وهو يطمع في وصولِهِ إلى الماءِ انصرفَ وتوضأَ وأعادَ. "مسائل الكوسج" (80) قال صالح: قلت: من تيمم ثم وجد الماء يعيد الصلاة؟

قال: لا يعيد، قد تيمم ابن عمر في وقت فلم يعد الصلاة (¬1). "مسائل صالح" (946) قال صالح: قلت: الرجل يتيمم ثم يجد الماء؟ قال: إن كان توضأ وأعاد الصلاة لا يضره. "مسائل صالح" (1190) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يتيمم ثم يجد الماء وقد صلى؟ قال: لا يعيد، تجزئه صلاته. "مسائل ابن هانئ" (55) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في رجل تيمم ثم أصاب الماء في الوقت. قال أبي: لا يعيد. قال: وقال أبو سلمة: لا يعيد (¬2). وابن المسيب قال: يعيد (¬3). "مسائل عبد اللَّه" (138) ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 195 (8034)، وروى عبد الرزاق 1/ 230 (888) أنه قال: يعيد الصلاة. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 2/ 194 (8023)، وروى عبد الرزاق 1/ 228 (281) عن ابن المسيب أنه قال: لا يعيد.

أبواب الطهارة من النجس

أبواب الطهارة من النجس ما جاء في أنواع النجاسات، والمحال التي يجب إزالة النجاسة عنها، وكيف تزال، وحكم الانتفاع بها بعد إزالة النجاسة 222 - باب إزالة النجاسة عن الماء قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عن بئرٍ بالَ فيها إنسانٌ؟ قال: تُنزح حتَّى تغلبهم. قُلْتُ: ما حده؟ قال: تغلبهم، لا يقدرون على نزحِهَا. قِيلَ: إذا وجدوا فيها عُذرة؟ قال: يُنقى من العذرة، ويُنزحُ الماءُ. "مسائل الكوسج" (425) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: بئر تغير ريحُ الماءِ؟ قال: يُنزح حتَّى يطيب. قِيلَ: وإن لمْ ينزحوا كلَّه؟ قال: نعم. "مسائل الكوسج" (437) قال إسحاق بن منصور: قال الإمامُ أبو عبد اللَّه رحمه اللَّه تعالى: والبئرُ إذا بالَ فيها إنسانٌ يُنزح الماءُ، فإذا كانت عذرة يُنزح الماءُ ويتبع ما كان فيها مِنَ العذرةِ.

223 - باب إزالة النجاسة عن غير الماء من المائعات والجامدات، وحكم الانتفاع به

قال إسحاق: كما قال إذا كان الماءُ كثيرًا أو العذرة. "مسائل الكوسج" (455) قال صالح: قلت: صبي وقع في بئر، وفيها ماء غزير، فمات فيها؟ قال: تنزح حتى يغلبهم الماء. "مسائل صالح" (453) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: قيل له: بئر وقع فيها بول؟ قال: ينزح حتى يغلبهم الماء. قال: ومن العذرة إذ انقطع فيها أيضًا ينزح حتى يغلبهم الماء. "مسائل أبي داود" (5) 223 - باب إزالة النجاسة عن غير الماء من المائعات والجامدات، وحكم الانتفاع به قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: اللبنُ يقع فيه قطرةُ دم أيحلُ أكله؟ قال: كلما كان اللبنُ حيث يُحْلَب حتَّى اختلطَ وهو يسيرٌ لا يتبين أثره فيه فلا بأسَ به؛ لأن دم الشاة وما اختلط باللبنِ كاللحم يُجْعَل في القدرِ، فيخرجُ منه الدم حتَّى يُرى أثرُ ذَلِكَ في المرقةِ، ثمَّ لا يكون به بأس، وأما دم إنسان أو غيرِ ذَلِكَ من الأقذارِ واختلط باللبن حرمَ شربه. "مسائل الكوسج" (498) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الفأرةُ تقعُ في الزيتِ؟ قال: إن كانَ جامدًا أُخذت وما حولها فأُلقيت، وإن كانَ ذائبًا لم يأكلْه. قال إسحاق: كمَا قال وإنْ كان كثيرًا، وكذلك السَّمنُ والعسلُ وما أشبهَهُما. "مسائل الكوسج" (2823)

قال صالح: وسألته عن فأرة وقعت في زيت لا يكون قلة، فخرجت منه حية، أو جرة أو غيره، أو في عشرة أرطال، أو خمسة أرطال؟ قال: أرجو أن لا تنجسه إن شاء اللَّه. "مسائل صالح" (763) قال صالح: قلت: فأرة وقعت في جب فماتت فيه، ثم أخرجت منها الدقيق، فخرجت في الدقيق، لا يدري ماتت في أعلى الجب أو وسطه أو أسفله، وقد اختلط الدقيق بعضه في بعض؟ قال: إن كان لا يضبط فلا أرى أن يؤكل، يطعم ما لا يؤكل لحمه. "مسائل صالح" (764) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل عن بنت وردان وقع في شيء؟ قال: لا يؤكل. "مسائل أبي داود" (1649) قال أبو داود: قلت لأحمد في الذباب يقع في الطعام، قلت: إذا كثر؟ قال: ما بالذباب بأس. "مسائل أبي داود" (1650) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الزيت تقع فيه الفأرة، يباع من أصحاب الصابون؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (1651) قال ابن هانئ: وسُئل عن الكدس تدوسه الحمير فتبول عليه؟ قال: لا يبيعه ولا يأكل حتى يغسله. "مسائل ابن هانئ" (1757)

قال ابن هانئ: قلت: حية وقعت في خل أو غيره، فأخرجت وهي في الحياة؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. قلت: فإنهم يخافون أن تكون قد قاءت فيه؟ قال: إن خافوا على أنفسهم أهرقوه. "مسائل ابن هانئ" (1758) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الفأرة تقع في الزيت، وهو أكثر من خمس قرب؟ قال: الزيت لا يقوم عندي مقام الماء، وذلك أن الماء طهور لكل شيء، والزيت لا يقوم عندي مقامه، ولا أجترئ أن أبيحه، لو قام الزيت مقام الماء كان إذا أصاب الثوب بول فغسل بالزيت طهر، ولا يكون تطهير بالزيت، إنما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اغسله بماء" والماء طهور هو الطهور. "مسائل عبد اللَّه" (11) قال عبد اللَّه: قلت: قال أبو موسى الأشعري لُتُّوْهُ بسويق وبيعوه، ولا تبيعوه من مسلم. قال: لا يعجبني أن تباع الميتة. "مسائل عبد اللَّه" (12) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الفأرة تقع في الزيت؟ قال: إن كان جامدًا يؤخذ ما حولها فيلقى، وما كان ذائبًا فلا يؤكل. قلت: قليلًا كان أو كثيرًا؟ قال: ما سمعت فيه بأكثر من هذا، ولا يقوم عندي مقام الماء؛ لأنه لا يشبه الماء، هو طعام يؤكل، الماء تطهر به. قال أبو موسى: لتّوا به

سويقًا بالزيت أو بالسين، وبيعوه، ولا تبيعوه من مسلم، وبينوا. "مسائل عبد اللَّه" (13) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: تستصبح به السرج؟ قال: لا بأس به إن لم يمسوه بأيديهم، لأنه نجس. "مسائل عبد اللَّه" (14) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: يدهن به الأُدم؟ قال: لا، لأنه يشرب فيه الماء ويلبس. سمعت أبي يقول: ولا يدهن به الأُدم، وذلك أنه يجعل منه الأسقية والقرب فيأخذ طعمه، ولا بأس أن تطلى به السفن. "مسائل عبد اللَّه" (15) قال عبد الله: سألت أبي عن الفأرة تقع في السمن أو الزيت؟ فقال: حديث الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي يرويه معمر قال: "إن كان جامدًا فخذوه وما حولها فألقوه، وإن كان مائعًا فلا تقربوه" (¬1)، وقال بعضهم: "فلا تطعموه" (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (16) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 265 وأبو داود (3842)، وعبد الرزاق 1/ 84 (278)، والبيهقي 9/ 353 والبغوي 11/ 257 - 258 (2812). قال ابن عبد البر في "التمهيد" 9/ 35: قال محمد بن يحيى النيسابوري: وحديث معمر أيضًا عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- محفوظ. وقال الحافظ في "التلخيص" 3/ 4: قال الترمذي: سمعت البخاري يقول: هو خطأ، والصواب: الزهري عن عبيد اللَّه عن ابن عباس عن ميمونة، وممن خطأ رواية معمر أيضًا الرازيان والدارقطني؛ وأما الذهلي فقال: طريق معمر محفوظة، لكن طريق مالك أشهر. اهـ. وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود": شاذ. (¬2) هذِه الزيادة أخرجها أحمد 3/ 342 من حديث جابر.

نقل يعقوب بن بختان، وقد سئل عن الزيت يقوم مقام الماء في النجاسات، فقال: لا، كل ما تحول عنه اسم الماء فلا. وقال في رواية أبي الحارث، وقد سئل عن الفأرة تقع في الزيت، وهو أكثر من خمس قرب، فقال: الزيت لا يقوم مقام الماء، إنما جاء الخبر في الماء، والماء طهور لكل شيء. ونقل المروذي عنه في النجاسة تقع في خل أو دبس: أما الخل فأصله ماء يعود إلى أن يكون ماء إذا حمل عليه. ونقل أيضًا في خل أكثر من قلتين وقع فيه كلب فخرج منه حي، فقال: هذا أسهل منه لو مات. ونقل الحسن بن محمد بن الحارث عنه، وقد سئل عن الزيت والسمن والخل مثل الماء إذا كان كثيرًا لم ينجس، قال: لا أقول هذا لا يطهر. فقيل له: فالخل؟ فقال: كان الخل أقرب، ثم كأنه جعله مثل الزيت. قال: أبو بكر الخلال: قول الحسن بن محمد: جعله مثل الزيت وهم منه والذي يعرف من مذهب أبي عبد اللَّه التسهيل في الخل على ما حكى المروذي. قال: وبه أقول. ونقل عبد اللَّه الحارث (¬1) وأبو طالب عنه في الزيت النجس هل يجوز أن يستصبح به؟ قال: يستصبح به ويطلي به سفينته ولا يبيعه. ونقل العباس بن محمد بن موسى الخلال عنه، وقد سئل عن السمن أو الزيت إذا مات فيه شيء من الحيوان هل يستصبح به؟ قال: وسمعته يقول في الاستصباح: ومن يسلم من هذا؟ ! "الروايتين والوجهين" 3/ 22 - 24 ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ورد في ملحق التصويبات بآخر الكتاب ما نصه: هكذا في المطبوع، والصواب: "وأبو الحارث"

قال حرب: سألت أحمد عن كلب ولغ في سمن أو زيت؟ قال: إذا كان في آنية كبيرة، مثل حب أو نحوه، رجوت ألا يكون به بأس يؤكل، وإذا كان في آنية صغيرة، فلا يعجبني أن يؤكل. وسئل عن كلب وقع في خل أكثر من قلتين، فخرج منه وهو حي؟ فقال: هذا أسهل من أنه لو مات. "الروايتين والوجهين" 3/ 23، "المغني" 13/ 347 قال مهنا: سألت أحمد عن بئر غزيرة وقعت فيها خرقة أصابها بول؟ قال: تنزح، وقال في قطرة بول وقعت في ماء: لا يتوضأ منه. وقال محمد بن يحيى: سألت عبد اللَّه عن قبور الحجارة التي للروم يجيء المطر فيصير فيها، ويشربون من ذلك، ويتوضئون؟ قال: لو غسلت كيف تغسل إنما يجيء المطر إلا أن يكون قد غسلها مرة أو مرتين. وقال في رواية المروذي: صراصير الكنيف والبالوعة، إذا وقع في الإناء أو الحبِّ (¬1)، صبَّ، وصراصير البئر ليست بقذرة، ولا تأكل العذرة. قال المروذي: قيل لأبي عبد اللَّه في الدوشاب، يعني يقع فيه النجاسة؟ قال: إن كان كثيرًا أخذ ما حوله مثل السمن. "المغني" 1/ 53 وروى صالح بن أحمد في مسائله عن أبيه أحمد بن حنبل: ثنا أبي، ثنا إسماعيل، ثنا عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة أن ابن عباس سئل عن فأرة ¬

_ (¬1) الحبّ: الجرة أو الضخمة منها.

224 - استعمال قدور وآنية أهل الكتاب والمشركين

ماتت في سمن؟ قال: تؤخذ الفأرة وما حولها. قلت: يا مولانا، فإن أثرها في السمن كله. قال: عضضت بهن أبيك، إنما كان أثرها بالسمن وهي حية، وإنما ماتت حيث وجدت. ثنا أبي، ثنا وكيع، ثنا النضر بن عزبي، عن عكرمة قال: جاء رجل إلى ابن عباس فسأله عن جر فيه زيت وقع فيه جرذ؟ فقال ابن عباس: خذه وما حوله فألقه وكله. قلت: أليس جال في الجرّ كله؟ قال: إنه جال وفيه الروح فاستقر حيث مات. ثنا أبي، ثنا وكيع، ثنا سفيان، عن حمران بن أعين، عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلمي قال: سئل ابن مسعود عن فأرة وقعت في سمن؟ فقال: إنما حرم من الميتة لحمها ودمها. "الفتاوى الكبرى" 1/ 31 224 - استعمال قدور وآنية أهل الكتاب والمشركين قال إسحاق بن منصور: قلت: يؤكل في أوعية المشركين؟ قال: إذا غُسلت. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2807) قال صالح: قلت: القدر للمشركين يطبخ فيها؟ قال: إن أصيب غيرها فلا يطبخ فيها، وإن لم يصب فلتغسل بالماء. "مسائل صالح" (943) قال أبو داود: قلت لأحمد: أيأكل من قدر المجوسي؟

قال: لا، هم يستحلون الميتة. "مسائل أبي داود" (1642) قال أبو داود: قلت لأحمد: نجد في بلاد الروم قدور الخزف أيطبخ فيها؟ قال: إنها تنشف ويطبخ فيها لحم الخنزير. "مسائل أبي داود" (1643) قال أبو داود: سألت أحمد عن جبن وجدناه في بلاد الروم وهو رطب قد عقد في قدر من قدورهم؟ قال: أخاف، وكأنه كرهه. "مسائل أبي داود" (1644) قال ابن هانئ: وسئل عن القوم يغزون فيدخلون بلاد العدو فيرون قدورًا منصوبة مطبوخة أيأكلون منها؟ قال: لا يأكلون منها شيئًا، وإن كانت قدورهم غير مطبوخ فيها واحتاجوا أن يطبخوا فيها فيغسلونها ويطبخون فيها. "مسائل ابن هانئ" (1677) قال ابن هانئ: وسئل عن القوم: يغزون فيوافقون قدرًا مطبوخة في بلاد الشرك يأكلون منها؟ قال: لا يأكلوا منها لعلها لحم خنزير، وإن أصابوها فارغة وأرادوا أن يطبخوا فيها فلا يطبخوا فيه حتى يغسلوها غسلًا جيدًا. "مسائل ابن هانئ" (1685) قال ابن هانئ: وسُئل عن تنور يوضع فيه الشيء لا يحل أكله، يشوى فيه الخنزير؟ قال أبو عبد اللَّه: لا يعجبني أن يخبز فيه حتى يغسل، ولا يخرب. "مسائل ابن هانئ" (1771)

قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجلُ يدخل إلى بيت من بيوت الروم، فيجد القدر، ترى أن يأكل منها؟ قال: لا. قيل له: فالقدر تُوجد مطبوخة، ولعلها لحم خنزير، ترى أن تُؤكل؟ قال: لا. "الورع" (420). قال المروذي: وسئل أبو عبد اللَّه: عن العسل يوجد في بلاد الروم، وقيل له: إن قوما يتورعون عنه، فترى أن يؤكل؟ قال: نعم. "الورع" (483) قال أبو بكر الخلال: أخبرني موسى بن حمدون العكبري قال: حدثنا حنبل أنه قال لأبي عبد اللَّه: فالنصراني واليهودي -في غسل قدورهم؟ قال: انضحوها بالماء -أي اغسلوها- لأنهم لعلهم يأكلون فيها ما يحلّ لهم في دينهم ما لا يحل للمسلم أكله. قال: فاغسله طهرًا عن النجاسة. "أحكام أهل الملل" 2/ 444 (1038) قال أبو بكر الخلال: أخبرني موسى بن سهل قال: حدثنا محمد بن أحمد الأسدي قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد عن آنية المشركين من غير ضرورة. قال: إن لم يجد بدًا غسله غسلًا وأكل فيه. أخبرني موسى بن الحسن أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت له: إن لنا جارًا نصرانيًا فربما استعار منا القدر، فما ترى فيه؟

225 - العدد المشترط لطهارة الإناء إذا ولغ الكلب فيه

قال: إذا غسل فلا بأس. "أحكام أهل الملل" 2/ 444 (1038) قال أبو بكر الخلال: أخبرني موسى بن حمدون قال: حدثنا حنبل أنه قال لأبي عبد اللَّه فآنية المجوس؟ قال: إذا غسلت. قلت: كم تغسل إناء المجوس؟ قال: ثلاثًا أو نحو ذلك؛ لأنه لعله أكل فيه ميتة. أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: حدثني أبو عبد اللَّه قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا عمر بن الوليد قال: سألت سعيد بن جبير عن قدور المجوس قال: اغسلها واطبخ فيها. قال حنبل سمعت أبا عبد اللَّه قال: لا بأس بذلك إذا غسلت سبعًا وطهرت. "أحكام أهل الملل" 2/ 451 (1069، 1070) 225 - العدد المشترط لطهارة الإناء إذا ولغ الكلب فيه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا وَلغَ الكلبُ في الإناء؟ قال: يُغسل سبعَ مرارٍ، هذا أقله. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (141) قال أبو داود: سمعته قال: سؤر الكلب، أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بغسله سبع مرات، وقال بعضهم: ثمان مرات، من ذهب إلى هذا أو إلى هذا كلاهما جائز، وسبع عندي تجزئ. "مسائل أبي داود" (14)

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: عن كلب شرب من ماءٍ، فأدخلت يدي في، ولم أعلم، فغسلتها، ثم مسحتها بثوبي؟ قال: يغسل الثوب ويدك جميعًا. "مسائل ابن هانئ" (13) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: في الكلب يلغ في الإناء: يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من طريق أبي هريرة: "يغسل سبعًا أولاهن بالتراب" (¬1)، وقال ابن مغفل: روي: عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "يغسل سبعًا ويعفّر الثامنة في التراب" (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (25) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الكلب السلوقي يشرب من الإناء؟ قال: يغسل سبع مرات، إحداها بالتراب. "مسائل عبد اللَّه" (26) نقل إسماعيل بن سعيد وحرب: ثمانيًا إحداهن بالتراب؛ لما روي في خبر آخر "وليعفره الثامنة بالتراب" (¬3). "الروايتين والوجهين" 1/ 65. قال مهنا: وقد ذُكر له قول مالك في الكلب يلغ في الإناء: لا بأس به. فقال: ما أقبح هذا من قولة! قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يغسل سؤر الكلب سبع مرات". "العدة في أصول الفقه" 1/ 225، "المسودة في أصول الفقه" 1/ 100 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 427، والبخاري (172)، ومسلم (279). (¬2) أحمد 4/ 86، ومسلم (280). (¬3) سبق تخريجه.

226 - العدد المشترط في غسل نجاسة غير الكلب والخنزير إذا كان على غير وجه الأرض

226 - العدد المشترط في غسل نجاسة غير الكلب والخنزير إذا كان على غير وجه الأرض نقل حنبل وأبو طالب: يجب غسلها سبعًا. ونقل أبو طالب عنه: إذا أصاب البول ثوبه غسله سبعًا، وإذا استنجى غسله سبعًا، وإذا أصاب جسده فهو أسهل. ونقل حنبل عنه في آنية المجوس: تغسل ثلاثًا. "الروايتين والوجهين" 1/ 63 227 - الانتفاع بإهاب الميتة وعصبها قال صالح: قلت: الميتة إذا دبغت؟ قال: لا يعجبني، وأذهب فيه إلى حديث عبد اللَّه بن عكيم. "مسائل صالح" (733) قال أبو داود: قلت لأحمد: كل شيء لا تذكيه الشفرة لا يذكيه الدباغ؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (282) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن جلود السباع؟ قال: هي عندي شعر من الميتة. "مسائل أبي داود" (1687) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن لبس الثعالب؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل أبي داود" (1688) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: وسئل عن حديث ابن عباس

رحمه اللَّه "أيما إهاب دُبغ فهو طهوره" (¬1)؟ فقال: قد اختلفوا فيه، أما ابن وعلة فقال: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأما الزهري فروى عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس، عن ميمونة، والشعبي، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن سودة. فقد اختلفوا فيه. وقد روي عن عطاء مرة: دبغ، ومرة لم يقل: دبغ، فقد اختلفوا. وأما حديث ابن عكيم فهو الذي أذهب إليه؛ لأنه آخر أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أحرى أن يتبع الآخر، فالآخر من أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتبع. "مسائل ابن هانئ" (109) قال ابن هانئ: وقال: لا يعجبني شيء من جلود الدواب، والحمير، والحمار، ميتًا كان، أو مذكى كان، فليس له ذكاة، ولا هو طاهر. "مسائل ابن هانئ" (1821) قال ابن هانئ: وسئل أبو عبد اللَّه -وأنا حاضر- عن جلود الثعالب؟ قال: ألبسه، ولا تصل فيه. قال أبو بكر المروذي: سألت أبا عبد اللَّه، قلت: ترى أن يعمل للخدم، أعني: مثل الجرز (¬2) وغيره؟ قال: إذا كان بطرسوس، نعم. "الورع" (428) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: أذهب إلى حديث ابن عكيم جاءنا ¬

_ (¬1) رواه مسلم بلفظ "إذا دبغ الإهاب فقد طهر"، ورواه أبو داود (4123) والترمذي (1728) والنسائي 7/ 173، وابن ماجه (3609)، وابن حبان (4/ 103 (1287). (¬2) الجرز: لباس النساء من الوبر وجلود الشتاء، والفرو الغليظ.

كتاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل موته بشهر: "أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" (¬1). وحديث ابن عباس قد اختلف فيه، قال الزهري: عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس، عن ميمونة ولم يذكر فيه الدباغ، وذكر ابن عيينة الدباغ، ولم يذكره معمر، ولا مالك، وأراه وهم، قال معمر: وقال الزهري: ينتفع بالجلد وإن لم يدبغ؛ لقوله: "ألا انتفعتم بإهابها". قال أبي: حدثناه عبد الرزاق، عن معمر. "مسائل عبد اللَّه" (39) قال عبد اللَّه: قال أبي: وحديث زيد بن أسلم، عن ابن وعلة، عن ابن عباس سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أيما إهاب دبغ فقد طهر" (¬2). قال أبي: وقال إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن عكرمة. قال أبي: وأنا أذهب إلى حديث ابن عكيم. "مسائل عبد اللَّه" (40) قال عبد اللَّه: سألت أبي: عن حديث سلمة بن المحبق في دباغ الميتة؟ ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (4127)، والترمذي (1729) وقال: هذا حديث حسن، والنسائي 7/ 175، وابن ماجه (3613)، وابن حبان 4/ 94 - 95 (1278). قال ابن عبد البر في "التمهيد" 4/ 164: وهذا اضطراب كما ترى يوجب التوقف عن العمل بمثل هذا الخبر، وقال داود بن علي: سألت يحيى بن معين عن هذا الحديث فضعفه، وقال: ليس بشيء؛ إنما يقول: حدثني الأشياخ. قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 218: وفيه: عبيدة بن معتِّب، وقد أجمعوا على ضعفه. وأومأ الحافظ في "الفتح" إلى تصحيحه 9/ 659. وصححه الألباني في "الإرواء" (38). (¬2) سبق تخريجه.

فقال: لا أجريه، حديث ابن عكيم: أتانا كتاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل وفاته لشهر أو شهرين: "لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (42) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن جلود الميتة وقرونها يتخذ نصبًا للسكاكين؟ فقال: لا ينتفع من الميتة بإهاب ولا عصب. قلت: وريشها؟ قال: لا بأس به إذا غسل. "مسائل عبد اللَّه" (44) قال أحمد بن الحسن: كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث لما ذكر فيه قبل وفاته بشهرين، وكان يقول: كان هذا آخر أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم ترك أحمد هذا الحديث لمَّا اضطربوا في إسناده حيث روى بعضهم قال: عن عبد اللَّه بن عُكيم، عن أشياخ من جهينة. "جامع الترمذي" حديث (1729) قال حرب بن إسماعيل: قلت لأحمد: حديث عائشة: كرهت أن تلبس الميتة، وقال: عُمر كتب إليهم أن لا يلبسوا إلَّا ذكيًّا؛ فقال: نعم، أحَبُّ إليَّ أن لا يلبسوا إلَّا ذكيا لحديث ابن عكيم. "تهذيب الأجوبة" 2/ 621 نقل الصاغاني عنه: أنه يطهر بالدباغ جلد كل حيوان طاهر حال الحياة لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيما إهاب دبغ فقد طهر". وقال في رواية حنبل: كل ما لا يؤكل لحمه حرام لبسه وافتراشه. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

ونقل إسماعيل بن سعيد في جلود النمور والسباع على السروج. فقال: أكره ذلك كله. وكذلك نقل الميموني في الثعلب. وقال في رواية أبي الحارث: لا يُصلى في إهاب السباع وإن دبغت، وأما اللباس فأرجو. "الروايتين والوجهين" 1/ 66، 67. قال ابن بدينا: سمعت أبا عبد اللَّه، وسأله رجل، فقال: يا أبا عبد اللَّه، أثبت عندك حديث ابن عباس، أو حديث عبد اللَّه بن عُكيم؟ فقال: حديث ابن عكيم في جلود الميتة (¬1). "الطبقات" 2/ 282 قال الموصلي: وحضرت أبا عبد اللَّه، وسئل عن مشط العاج؟ فقال: هو ميتة، وكيف يستعمل؟ ! "طبقات الحنابلة" 2/ 283 قال ابن الشافعي: وسألته عن جلود الميتة؟ فقال: لا ينتفع منها بإهاب ولا عصب إلى هذا أذهب. ثم قال: كيف يكون الدباغ ذكاة، يعقل هذا العرب؟ ! أرأيت لحم الميتة يذكيه الدباغ؟ ! إنما الدباغ قرظ وما أشبهه. فقلت: ليس يُعقل هذا في اللغة، ولكن الخبر الذي روي فيه؟ فقال: دع الخبر، الخبر فيه اضطراب، كلهم لا يذكرون فيه الدباغ، إلا ابن عيينة وحده، وقد خالفه مالك وغيره، والذين ذهبوا إلى هذا ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

الخبر ذهبوا إلى الانتفاع به غير مدبوغ، وهكذا يروى عن ابن شهاب أنه يرى الانتفاع بالجلد، وإن لم يدبغ، والخبر مضطرب، بعضهم يقول: شاة لميمونة وبعضهم يقول: لسودة. وذلك الخبر صحيح (¬1)، وقد سمعت أبا عبد اللَّه الشافعي، ورجل يناظره فيه، وكان يذهب إلى الدِّباع فيه أنَّه يطهره، فقال للذي يناظره وقد أضجره: وجلدك أيضًا إن دبغ انتفع به؟ ! وذكر أحمد حديث ابن وعلة عن ابن عباس: "أيما أَهاب دبغ فقد طهر" (¬2)، وذكر ابن وعلة فضعفه. فقال له أبو عثمان ابن الشافعي: لا يزال النَّاسُ بخير ما منَّ اللَّه عليهم ببقائك. وكلامًا من هذا النحو كثيرًا. فقال: لا تقل يا أبا عثمان. "الطبقات" 2/ 350، 351 قال محمد بن موسى النهرتيري: وسمعته يُسألُ عن حديث عبد اللَّه بن عكيم: أتانا كتاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل موته بشهر في الميتة، فقال: إليه أذهب، لا ينتفع من الميتة بإهاب ولا عصب. "الطبقات" 2/ 368، 369 قال ابن أصرم: قيل له: تذهب إلى حديث عبد اللَّه بن عكيم أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" (¬3)؟ قال: نعم. قيل له: وقد رواه خالد الحذاء عمن سمع عبد اللَّه بن عكيم. قال: قد رواه شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن عبد اللَّه بن ¬

_ (¬1) رواه البخاري (2221)، ومسلم (263). (¬2) سبق تخريجه. (¬3) سبق تخريجه.

228 - الانتفاع بشعر الميتة وريشها

عكيم أصح من هذا، وقد رواه عباد، ورواه شعبة، عن الحكم، كأنه صححه من غير حديث خالد. "بدائع الفوائد" 4/ 64 228 - الانتفاع بشعر الميتة وريشها قال إسحاق بن منصور: قلت: صوف الميتة أو الشعر؟ قال: الشعر يُغسل، ولا بأس به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2817) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ الأوزاعي عن شعرِ الخنزيرِ يخاط به؟ قال: لا بأسَ به. قال أحمدُ: ما يُعجبني، إن خرز بالليف أعجب إلي. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3285) قال المروذي: وسئل أبو عبد اللَّه: عن الرجل يجد المخرز في بلاد الروم، يخرز به خُفّه؟ قال: لا. "الورع" (421) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن القد يخرز به؟ قال: إن كان لم يدبغ فلا يجزئه ولا ينتفع به، وإن كان قد ذكي وذبح فلا بأس به.

سمعت أبي يقول: القد الذي يكون من الحمير لا يحل -يعني: لا يخرز به- أو يستعمل في شيء، وإن ذكّي الحمار لا يؤكل لحمه، والميتة لا ينتفع بها. قال أبي في الجمل: القد منه لا بأس به إذا ذكي، فإن كان ميتة أكرهه. "مسائل عبد اللَّه" (41) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن شعر الخنزير؟ قال: لا يعجبني أن يخرز به، فإن خرز به، فلا بأس بالصلاة في الخفين اللذين يخرز به، لأنه لا يعلق. "مسائل عبد اللَّه" (43) قال الأثرم: قيل لأحمد: فشعر الميتة ينتفع به؟ قال: نعم. قلت: ريش الميتة؟ قال: هو أغلظه، وأرجو أن لا يكون به بأس. "تهذيب الأجوبة" 1/ 646 قال في رواية أبي الحارث: الصوف غير الجلد. وقال أحمد بن محمد بن مسلم: حدثني أبي، قال: قلت لأبي عبد اللَّه: إن الشعر يقع من لحيتي في النسج؟ فقال: هي ميتة اقلعها. فقلت له: إني أكون قد عملت بعدها طاقات؟ قال: اقلعها. "الروايتين والوجهين" 1/ 65 قال في رواية حنبل: الصوف والريش لا يموت. وفي رواية الجرجاني: صوف الميتة ليس به بأس ليس فيه روح. وفي رواية الميموني: صوف الميتة لا أعلم أحدًا كرهه. وقال في رواية حرب في شعر الخنزير: أرجو أن لا يكون به بأس. "الانتصار" 1/ 196

229 - أنفحة الميتة ولبنها

ونقل أبو طالب عنه: ينتفع بصوفها إذا غُسل. قيل: فريش الطير؟ قال: هذا أبعد. "الفروع" 1/ 109 229 - أنفحة الميتة ولبنها قال إسحاق بن منصور: قلت: الجبن؟ قال: يؤكل من كل. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1534) قال إسحاق بن منصور: قلت: سُئل عن الجبن إذا اشتراه؟ قال: لا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2821) قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان عن شاة ميتة في ضرعها لبن؟ قال: لا يعجبني؛ لأنه في ظرف ميت. قال أحمد: صدق. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2851) نقل حنبل عنه: أنفحة الميتة طاهر؛ لأن اللبن لا يموت. "الروايتين والوجهين" 3/ 31 قال محمد بن أبي حرب الجرجرائي: وسألته عن أكل الجبن هل سمعت في كراهته شيئًا ثبت؟

230 - شحم الميتة

قال: لا. وكأنه لم يكرهه ولم يتكلم فيه. "بدائع الفوائد" 4/ 21 230 - شحم الميتة قال إسحاق بن منصور: قلت تُطلى السفن بشحم الميتة؟ قال: إذا كان لا يمسه بيده يأخذ بعود. قال إسحاق: كما قال، إذا احتيج إليه، فأما ما وجُد عنه مندوحة فلا. "مسائل الكوسج" (2820) قال المروذي: قيل له: الرجل يدهن خفّه بشيء من الشحمِ الذي يُوجد في بلاد الرومِ؟ قال: لا. "الورع" (421) 231 - إذا استحالت النجاسة إلى طهارة، هل يجوز الانتفاع بها؟ قال صالح: وسألته عن قول عمر: لا تؤكل خل من خمر أفسدت، حتى يكون اللَّه بدأ فسادها. فأفسدها رجل ماهر هل يكون سواء، أو لا يكون سواء؟ قال أبي: لا يأكلها إذا أفسدها، وذلك أنه لو جاز فسادها فانتقلت عن اسم الخمر، كان يجعلها في اللبن والكامخ والمزقة؛ لأنه انتقل اسم الخمر عنها، وانتقلت عن طباعها، ولا يجوز فسادها حتى يكون اللَّه يبدأ بفسادها. "مسائل صالح" (208)

232 - غسل الصائغ الفضة بالخمر

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الخمر يصير خلا أيؤكل؟ قال: إذا كان اللَّه عَزَّ وَجَلَّ هو الذي أفسده أكل، وإذا طرح فيه شيء حتى يصير خلًا لم يؤكل. قلت: حديث عمر في: العصير والخمر، ما أفسد اللَّه فهو حلال، وما أفسدتم أنتم فهو حرام (¬1). قال: يعني الخمر تصير خلًا وهي خبيثة حرام، فإذا تركت حتى تصير خلًا، فهو حلال، على حديث عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه. "مسائل ابن هانئ" (1753) وقال في رواية أبي الحارث: خل الخمر لا يعجبني أكله، إلا أن يعمله رجل بنفسه قبل أن يغلي فيصب عليه خلاًّ قبل أن يغلي، فأما إذا غلى فقد صار خمرًا. "الانتصار" 1/ 219 232 - غسل الصائغ الفضة بالخمر قال الفضل بن زياد: سألته، غسل الصائغ الفضة بالخمر، هل يجوز؟ قال: هذا غش. "الفروع" 9/ 107 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 253 (17110) بنحوه.

باب في إزالة النجاسة عن الأرض والمساجد

باب في إزالة النجاسة عن الأرض والمساجد 233 - البول إذا أصاب الأرض قال صالح: قال أبي: بول الأعرابي يجزئه أن يُصبَّ عليه الماء دلوا أو دلوين. "مسائل صالح" (1035) 234 - الأرض يصيبها المطر، يطهرها من النجاسة؟ قال صالح: قلت يبول الفرس، فيجيء مطر، فيختلط بعض ببعض؟ قال: ما أكل لحمه فلا بأس به، وإن كنت أحب أن يجتنبه. "مسائل صالح" (237) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن البول يصيبه المطر؟ قال: كل شيء أصابته السماء مثل الأعرابي الذي بال في المسجد، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صبوا على بوله ذنوبًا" (¬1)؛ فهو طهور، أو قال: أرجو أنه طهور. "مسائل أبو داود" (145) قال أبو داود: قيل لأحمد وأنا أسمع: فأصابته الشمس؟ قال: ما أدري ما الشمس. "مسائل أبي داود" (146) ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

باب في إزالة النجاسة عن الثياب

باب في إزالة النجاسة عن الثياب 235 - الثوب يصيبه المني أو المذي أو الودي قال إسحاق بن منصور: قلتُ: المنيُّ يُفْرَكُ أو يُغْسلُ أو يُمْسَحُ؟ قال: الفركُ والغسلُ والمسحُ كلٌّ جائزٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (64) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: يفرك الثوبَ من المذي والودي؟ قال: الودي لا يكادُ يصيب الثوبَ؛ لأنّه إنما يكون على أثرِ البولِ، والمذي أرجو أن يجزئه النَّضْحُ، والغسلُ أعجب إلي. قال إسحاق: لابدَّ للمذي مِنَ الغَسلِ. "مسائل الكوسج" (92) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: سُئلَ سفيان عَنِ الثَّوبِ يصيبه المني فلا يُعرف مكانه؟ قال: إنْ غسل الثوبَ كلَّه فحسن، وإنْ فركَ أجزأه، والودي والمذي سواء في غسلِ الثيابِ. قال الإمام أحمد: كما قال: إنْ فَرَكَ أجزأه، وإن غسلَ أجزأه، وأرجو أنْ يكونَ المذي أيسر، والودي شيء يتبع البولَ شبيه بالْبولِ. قال إسحاق: كلما كان منيًا أجزأه الفرك، وإنْ كان لا يدري مكانَه فرك الثوبَ كلَّه. "مسائل الكوسج" (95) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا احتلمَ في الثوب فلم يدرِ أين هو؟ قال: يفركه كله، أو يغسله كله.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (149) قال صالح: وسألته عن الجنب إذا أصابته الجنابة في ثيابه ولم يجد ما يغسله؟ قال: يمسحه بإذخرة أو بخرقة، وإن كان جافًا فركه، أجزأه. "مسائل صالح" (236) قال صالح: وسألته عن الرجل يجنب في الثوب فيصلي -يعني: ولا يعرف مكانه؟ قال: إن شاء غسل الثوب كله، وإن شاء فركه كله. قلت: ويجزئه الفرك؟ قال: نعم. "مسائل صالح" (407) قال صالح: وقال أبي: الفراش يصيبه المني يبسط عليه؛ فقال: المني شيء آخر، وسهل في المني جدًّا. وقال: أين المني من البول؟ ! البول شديد، والمني قد يفرك، وقد جاء أنه بمنزلة المخاط؛ يقوله ابن عباس. "مسائل صالح" (1030) قال صالح: قلت لأبي: المذي يصيب الثوب؟ قال: حديث محمد بن إسحاق لا أعرفه عن غيره، ولا أحكام لمحمد ابن إسحاق -يعني: حديث سهل بن حنيف (¬1) - في غسل المني من الثوب أحوط وأثبت في الرواية، وقد جاء الفرك أيضًا. "مسائل صالح" (1034) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 485، وأبو داود (210)، والترمذي (115)، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (506)، وابن حبان 3/ 387 - 388 (1103). وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (205).

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن ثوب أصابته جنابة؟ فقال: يفركه كله أو يغسله. "مسائل أبي داود" (148) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل أجنب في فرو لا يعرف موضعه؟ قال: يفركه. "مسائل أبي داود" (149) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن المني يكون في الثوب لا يعرف موضعه، أينضحه؟ قال: لا، النضح أي شيء ينفع؟ ! قال أبو داود: هذا لمن أيقن أن المني في الثوب. "مسائل أبي داود" (150) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن المني والبول، أسواء؟ قال: لا، ما هما سواء: روي عن عائشة -رضي اللَّه عنه- أنها كانت تفركه من ثوب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتدلكه، فكل ما فعلت من ذلك أجزأك، والبول قليله وكثيره سواء، يُغسل. "مسائل ابن هانئ" (125) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: محمد بن أبي عدي، عن سعيد، عن أبي معشر، عن النخعي، عن الأسود، عن عائشة قالت: كنت أفركه من ثوب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فإذا رأيته فأغسله، وإلا فرشه (¬1). "مسائل ابن هانئ" (127) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يجنب في الثوب فيصلي مكانه؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 35، ومسلم (288).

قال: إن شاء غسل الثوب كله، وإن شاء فركه كله. قيل: ويجزئه الفرك؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (46) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الثوب تصيبه الجنابة؟ قال: أذهب فيه إلى الخبرين جميعًا: حديث سليمان بن يسار، عن عائشة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: كان يغسله (¬1)، وحديث الأعمش، عن إبراهيم، عن همام، عن عائشة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فركه وصلى (¬2). ورواه أبو معشر، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة: فركه. قال أبي: أذهب إلى الخبرين جميعًا ولا أرد أحدهما بالآخر. ولهذا مثال منه قوله به لحكيم بن حزام: "لا تبع ما ليس عندك" (¬3). ثم أجاز السَّلم (¬4): والسلم بيع ما ليس في ملكه، وإنما هو على صفة، وهذا عندي مثل الأول. ومنه أيضًا الشاة المصرَّاة إذا اشتراها الرجل ¬

_ (¬1) رواه البخاري (229)، ومسلم (289). (¬2) سبق تخريجه. (¬3) رواه أبو داود (3503)، والترمذي (1232). والنسائي 7/ 289، وابن ماجه (2187). قال الزيلعي في "نصب الراية" 4/ 33: والصحيح أن بين يوسف، وحكيم فيه عبد اللَّه بن عصمة، وهو الجشمي حجازي، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات". وصححه ابن الملقن في "البدر المنير" 6/ 448. وأومأ لصحته الحافظ بتوثيق عبد اللَّه بن عصمة قائلًا في "التلخيص" 3/ 5: وهو جرح مردود، فقد روى عنه ثلاثة، واحتج به النسائي. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود". (¬4) روى الإمام أحمد 1/ 217، والبخاري (2239)، ومسلم (1604) من حديث ابن عباس مرفوعًا: "من أسلف في تمر، فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم".

فحلبها، فإن شاء ردها ورد صاع تمر (¬1). وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الخراج بالضمان" (¬2) فكان ينبغي أن يكون اللبن للمشتري، لأنه ضامن، بمنزلة العبد إذا استعمله فأصاب به عيبًا رده، وكان له عليه بضمانه. وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يُصلى بعد العصر" (¬3) ثم قال: "من نام عن صلاة فنسيها فليصلّها إذا ذكرها" (¬4) فلا يرد أحدهما بالآخر، إذا نسيها صلاها إذا ذكرها، ولا يتطوع بعد العصر فنستعمل الخبرين جميعًا. ومثل ما يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في سجدتي السهو: أنه يسجدهما قبل وبعد، فنستعمل الأخبار فيها كما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وكما وصف ذلك عنه فيسجدها الرجل كما سجد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل وبعد، في المواضع التي سجد فيها قبل وسجد فيها بعد، ولا يرد بعضها ببعض، هذا وشبهه استعمل الأخبار حتى تأتي الدلالة بأن الخبر قبل الخبر، فيكون الأخير أولى أن يؤخذ به، مثلما قال ابن شهاب الزهري: يؤخذ بالأحدث فالأحدث من أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذلك أنه صام في سفره، حتى بلغ الكديد، ثم أفطر (¬5). "مسائل عبد اللَّه" (47) ¬

_ (¬1) رواه البخاري (2148)، ومسلم (1515/ 11) من حديث أبي هريرة. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 49 أبو داود (3508)، (3509)، والترمذي (1285) وقال: حسن صحيح، والنسائي 7/ 254 - 255، وابن ماجه (2243)، وحسنه الألباني في "الإرواء" (1315). (¬3) رواه البخاري (586)، ومسلم (827) من حديث أبي سعيد الخدري. (¬4) رواه بنحوه البخاري (597)، ومسلم (684) من حديث أنس. (¬5) رواه الإمام أحمد 1/ 219، والبخاري (4276)، ومسلم (1113) من حديث ابن عباس.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المني يصيب الثوب؟ قال: إذا جف ففركه فلا بأس، وإن غسله فلا بأس، وإن مسحه وهو رطب فلا بأس. "مسائل عبد اللَّه" (48) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا كثير بن هشام، أنبأنا جعفر -يعني: ابن برقان- حدثنا الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: قد كان يراه في مرط إحدانا ثم يفركه. ومروطهن يومئذ الصوف (¬1). "الزهد" ص 13 قال الحسن بن الحسين: قال في المذي يُصيب الثوب، يُغسلُ، ليس في القلب منه شيء. "الطبقات" 1/ 352 قال خطاب بن بشر: سألت أحمد عن الجنابة تصيب الثوب؟ فقال: يفركه ويغسلهُ، أيَّ ذلك فعل أجزأهُ؛ لأنهما قد رويا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جميعًا. فقلت له: فإذا كان رطبًا كيف يفركه؟ قال: يمسحه، كما قال ابن عباس بإذخرة، قال: ولو كان نجسًا ما كان الفرك يطهره. "الطبقات" 1/ 407 قال هارون الحمال: سمعت أبا عبد اللَّه يذهب في المذي إلى أن يغسل ما أصاب الثوب منه، إلا أن يكون شيئًا يسيرًا. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 263، والطبراني في "الأوسط" 6/ 376 (6664)، قلت: روى مسلم (288) عنها في المني قالت: كنت أفركه من ثوب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو في "المسند" 6/ 97.

236 - الثوب يصيبه بول آدمي

وسأله محمد بن الحكم عن المذي، أشد أو المني؟ قال: هما سواء، ليسا من مخرج البول، إنما هما من الصلب والترائب، كما قال ابن عباس: هو عندي بمنزلة البصاق والمخاط. وقال: المذي يرش عليه الماء، أذهب إلى حديث سهل بن حنيف ليس بدفعه شيء، وإن كان حديثًا واحدًا. وقال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه حديث سهل بن حنيف في المذي (¬1)، ما تقول فيه؟ قال: الذي يرويه ابن إسحاق؟ قلت: نعم. قال: لا أعلم شيئا يخالفه. قال محمد بن داود: سألت أبا عبد اللَّه عن المذي يصيب الثوب، كيف العمل فيه؟ قال: الغسل ليس في القلب منه شيء. وقال: حديث محمد بن إسحاق ربما تهيبته. "المغني" 2/ 490 - 491 236 - الثوب يصيبه بول آدمي قال إسحاق بن منصور: قلتُ: بولُ الصبي الذي لمْ يُطْعَمْ؟ قال: يُرش. ¬

_ (¬1) وهو ما روى سهل بن حنيف، قال: كنت ألقى من المذي شدة وعناء، فذكرت ذلك لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "يجزئك منه الوضوء". قلت: فكيف بما أصاب ثوبي منه؟ قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يكفيك أن تأخذ كفا من ماء، فتنضح به حيث ترى أنه أصاب منه". قال الترمذي: هذا حديث صحيح وروى عنه وجوب غسله.

قال إسحاق: كَمَا قال إذا كان ذكرًا، والجارية يغسلُ على كلِّ حال. "مسائل الكوسج" (37) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: قولُ حذيفة -رضي اللَّه عنه-: إنِّي لأتَّقي أَحَدَهُمَا كما أتَّقِي الآخرَ (¬1)؟ قال الإمام أحمدُ: يعني: البولَ والعذرةَ. وقال: هكذا أقولُ إلَّا أنَّ البولَ أوكد. قال إسحاق: كما قال، وكِلَاهُمَا مؤكدان يُتَّقَيَان. "مسائل الكوسج" (90) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: قيل له [أي: سفيان]: ما ترى في بولِ الصَّبي الذي لم يُطعم؟ قال: يُصب عليه الماءُ صبًّا. قيل له: فالجارية؟ قال: سواء. قال أحمد: أمَّا الغلامُ فنعم، وأما الجارية فلا. قال إسحاق: الغلام يُرش بولُه رشًا ما لم يُطعم، ويغسل بولُ الجاريةِ طعمتْ أو لم تطعمْ. "مسائل الكوسج" (100) قال صالح: وسألته عن بول الصبي؟ قال: يرش ما لم يطعم؛ فإذا طعم غسل، وبول الجارية يغسل. "مسائل صالح" (75) قال أبو داود: قلت لأحمد: بول الصبي؟ قال: الغلام يرش ما لم يطعم والجارية يغسل. "مسائل أبي داود" (151) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 451 (1763).

237 - النعل أو الثوب يصيبهما بول الدواب وروثها

237 - النعل أو الثوب يصيبهما بول الدواب وروثها قال إسحاق بن منصور: قلتُ: ما يتنزه مِنْ أَبْوَالِ الدَّواب؟ قال: يتنزه عن أَبوالِ الدَّوابِ كُلِّهَا أحب إليّ، ولكن الحِمار والبغل أشدُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (35) قال صالح: وسألت أبي عن الرجل يطأ في عذرة هل يغسل قدميه؟ قال: في العذرة الرطبة يغسل قدميه. "مسائل صالح" (60) قال صالح: وسألته عن بول الغنم، والبقر، والإبل؟ فقال: لا بأس به إذا كان يُستشفى به. "مسائل صالح" (76) قال صالح: وسألته من أصابه شيء من روث حمار؟ قال: كل شيء من الحمار يجتنب؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "هي رجس" (¬1). "مسائل صالح" (266) قال صالح: وقال: الأبوال تغسل كلها، وقد رخص قوم فيما أكل لحمه وإبراهيم وعطاء (¬2). وقال الحسن (¬3) وجابر بن زيد: الأبوال نجس، وتأول قوم حديث أنس: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرهم أن يشربوا من ¬

_ (¬1) رواه البخاري (5528)، ومسلم (1940). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 1/ 109 (1233)، (1234) (1241). (¬3) روى ابن أبي شيبة 1/ 109 (1237) عن الحسن كان يرى أن يغسل الأبوال كلها.

أبوالها وألبانها (¬1)، وهذا على الضرورة، ليس على أنه مباح. "مسائل صالح" (1249) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن بول ما أكل لحمه؟ قال: ما أدري. "مسائل أبي داود" (140) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن خراء الدجاج؟ قال: هو مثل بول ما أكل لحمه. "مسائل أبي داود" (141) قال أبو داود: نا أحمد بن محمد بن حنبل قال: نا أبو المغيرة قال: نا الأوزاعي قال: أنبئت أن سعيد بن أبي سعيد حدث عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أِذا وطئ أحدكم بنعله في الأذى فإن التراب له طهور" (¬2). "مسائل أبي داود" (147) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في السرقين الرطب: إذا كان من حمار أو بغل، فيعجبني أن يغسله، وإذا لم يكن من حمار أو بغل فلا بأس به. سمعت أبا عبد اللَّه يقول: وكذلك إذا كان في الخف يغسل، وإذا أصاب الخف العذرة والبول، فلا بد من غسله، ويعيد الصلاة إذا لم يغسل. "مسائل ابن هانئ" (131) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 107، والبخاري (233)، ومسلم (1671). (¬2) رواه أبو داود (385) عن أحمد بن حنبل، به. وحسنه ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 22/ 167، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (411).

قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يصيبه بول شيء يؤكل لحمه؟ قال: هذا أسهل، بول ما أكل لحمه، وأعجب إليّ أن تُغسل الأبوال كلها. "مسائل ابن هانئ" (132) قال ابن هانئ: وسُئل عن البول؟ فقال: أرى أن يُغسل البول كله، إلا أن يكون مضطرًا، فلا بأس ببول ما أكل لحمه. "مسائل ابن هانئ" (133) قال ابن هانئ: قلت: إذا كان سرقين بقرة وحمار مختلط، فداسه إنسان؟ قال: يصلي ولا يغسل إذا كان فيه بقرة. "مسائل ابن هانئ" (134) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يصيب ثوبه خراء الدجاج؟ قال: يغسله. "مسائل ابن هانئ" (136) قال ابن هانئ: وسئل عن البول إذا أصاب الثوب؟ فقال: أما أنا فأغسله سبع مرّات. "مسائل ابن هانئ" (137) قال ابن هانئ: سألته: عن الكلب الرطب ينتفض على ثوب الرجل؟ قال: يغسله كله إذا لم يعلم أين أصابه منه، وإذا علم مكانه غسل المكان الذي أصابه. "مسائل ابن هانئ" (138) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يدوس القذر؟

قال: يغسله، قليله وكثيره، إذا داسه بالخف. "مسائل ابن هانئ" (139) قال ابن هانئ: سألته عن بول الخفاش؟ فقال: يروى عن الشعبي فيه شيء، وأنا لا أرى أكله، وكل شيء لا يؤكل لحمه، فبوله نجس. "مسائل ابن هانئ" (141) قال ابن هانئ: قال أبو عبد اللَّه: يروى عن جابر بن يزيد أنه قال: الأبوال كلها تغسل. قال له أبي: تذهب إلى هذا؟ قال: لا أذهب إليه، أرى أن كل ما أكل لحمه فلا بأس ببوله، ليس هو كما لا يؤكل لحمه. "مسائل ابن هانئ" (142) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: في السرقين الرطب إذا كان من حمار أو بغل: يعجبني أن يغسله -وإذا لم يكن من حمار فلا بأس، وكذلك في الخف، إذا أصاب الخف العذرة، أو البول فلا بد من غسله، ويعيد الصلاة إذا لم يغسل. "مسائل عبد اللَّه" (29) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن أرواث الدواب وأبوالها؟ قال: فيه اختلاف، منهم من يكرهها، أما الأرواث تصيب الثوب ففيه اختلاف، وإذا أصاب النعل فمسحه على موضع طاهر فلا بأس يصلي به. "مسائل عبد اللَّه" (30) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: الرجل يطأ على العذرة الرطبة، وفي رجله خف ثم يجف، يغسله أو يحكه؟ قال: يغسله.

قلت: فإن حكه؟ قال: لا تنقى العذرة بالحك، إلا بالغسل. "مسائل عبد اللَّه" (31) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: إذا مرَّ بموضع لا يعلم أنها عذرة بعينها أو بول بعينه؟ قال: يجزئه ما وطئ عليه من الأرض بَعْدُ، فالأرض يطهر بعضها بعضًا. "مسائل عبد اللَّه" (32) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: الرجل يصيب شراك نعله البول نقط صغار؟ قال: يغسله وكذلك الثوب يغسله. "مسائل عبد اللَّه" (33) قال عبد اللَّه: سألت أبي: ما يستنجس من الأبوال؟ فقال: الأبوال كلها نجسة إلا ما يؤكل لحمه. "مسائل عبد اللَّه" (34) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: الرجل يطأ العذرة وفي رجله خف ثم جفّ يغسله أو يحكّه؟ قال: ما كان عذرة بعينها أو بول بعينه يغسله، فإذا مرَّ على موضع وهو يقذره لا يعلم أنها عذرة بعينها أو بول بعينه. قال: ما بعد يطهره. "مسائل عبد اللَّه" (35) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الثوب يصيبه البول يجزئه أن يغمسه في الماء، أو لا بد من الدلك، يدلكه؟ فقال: يغسله سبعًا ويعصره. سمعت أبي يقول: ومن الناس من يسهل فيه -أظنه يعني نفسه- ويحتج أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أذن لهم أن يشربوا من أبوال الإبل. "مسائل عبد اللَّه" (36)

نقل عنه أبو طالب: إذا أصاب البول ثوبه غسله سبعًا، وإذا استنجى غسله سبعًا، وإذا أصاب جسده فهو أسهل. "الروايتين والوجهين" 1/ 63 قال أبو طالب: سألت أحمد عن الخشَّاف يكون في المسجد يبولُ، فيصيب الرجل؟ فقال: أرجو أن لا يضرَّه. قلت: إن كان كثيرًا نجس؟ قال: ما أدري. قلت: أليس البول قليله وكثيره يُغسل؟ قال: ذاك بول الإنسان. قلت: هذا لا يؤكل لحمه، يُغسل؟ قال: إن كان كثيرًا يُغسلُ. "الطبقات" 1/ 83 قال أبو جعفر الحلواني: سمعت أبا عبد اللَّه، وقال له رجل: يصيب ثوبي البول، فأخذ الرجل فجمع بعض ثيابه، وقال: يصبُّ عليه الماء مرتين، يفركه بأصابعه مرتين، يجزئه؟ قال: لا، سبع مرار؛ لمكان ما روى في الكلب. "الطبقات" 1/ 208 نقل عنه محمد بن أبي الحارث في رجل وطئ على روث لا يدري هل هو روث حمار أو برذون: أنه رخص فيه إذا لم يعرفه. "الاختيارات الفقهية" مع "الفتاوى الكبرى" 4/ 339

238 - الثوب يصيبه عرق الدواب ولعابها

238 - الثوب يصيبه عرق الدواب ولعابها قال إسحاق بن منصور: قلتُ: سُئل -يعني: سفيان- عَن لعابِ الحمارِ؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. قال أحمد: أكرهه. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (97) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاق: عرقُ الحمارِ يصيبُ الثوبَ؟ قال: لا بأسَ به. "مسائل الكوسج" (3359) قال ابن هانئ: سئل أبو عبد اللَّه: عن عرق الغراب؟ قال: إذا كان يأكل الجيف فلا يعجبني عرقه. "مسائل ابن هانئ" (10) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن لعاب الحمار، أو عرقه يصيب الثوب فكرهه. قال: هو نجس، أو رجس. "مسائل عبد اللَّه" (23) 239 - طهارة الذيل قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الأرضُ يُطَهرُ بعضُها بعضًا؟ قال: نعم، سوى العذرةِ الرطبةِ والبَوْلِ. قال إسحاق: كما قال، فَأما اليابس فلا شبهة أنَّه لا يضرُّ. "مسائل الكوسج" (51)

240 - التوب يصيبه طين المطر

قال صالح: قال أبي: حديث أم سلمة: "يطهره ما بعده" (¬1) ليس هذا عندي على أنه إذا أصابه بول ثم مرَّ بعده على الأرض أنها تطهره، ولكنه يمر بالمكان يتقذره، فيمر بعده بمكان هو أطيب منه، فيطهره الطيب. "مسائل صالح" (1037)، ونقلها ابن عبد البر عن الأثرم عن أبو عبد اللَّه "التمهيد" 2/ 109 نقل عنه الشالنجي في ذيل المرأة: يطهر بمروره على طاهر بذيلها. "الإنصاف" 2/ 316 240 - التوب يصيبه طين المطر قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الرجلُ يخوضُ طينَ المطرِ؟ قال: ليسَ به بأسٌ، كلُّ ماءٍ أو قذر يأتي عليه الماءُ فَقَدْ طهرَ. واحتجَّ بحديثِ الأعرابي الذي بال في المسجدِ فَأَمرَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فَصُبَّ عَلَى بولِهِ (¬2). قال إسحاق: كما قال، وكذلك أصحابُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ورضي اللَّه عنهم والتابعون (¬3) كانوا يخوضون ماءَ المطرِ في الطرقاتِ فلا يغسلون أرجُلَهم لما غَلَبَ الماءُ القذرَ (¬4). "مسائل الكوسج" (49) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 290، وأبو داود (383)، والترمذي (143)، وابن ماجه (531)، ومالك في "الموطأ" 1/ 27 (57) باب: ما لا يجب فيه الوضوء. (¬2) رواه البخاري (220) من حديث أبي هريرة، وأخرجه أيضًا (221)، ومسلم (284) من حديث أنس. (¬3) انظر: "مصنف عبد الرزاق" 1/ 30 - 31 (92، 93، 96)، وابن أبي شيبة 1/ 59. (¬4) انظر: "مصنف ابن أبي شيبة" 1/ 177.

قال صالح: وسألت أبي عن الرجل يصيبه من طين المطر؟ فقال: كل شيء تأتي عليه السماء أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل صالح" (61) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن طين المطر يصيب الثوب؟ قال: أرجو أن كل شيء أصابه ماء السماء فلا بأس به إلا أن يكون قذرًا بعينه. قال: فأفركه إذا جف؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (143) قال أبو داود: ورأيت أحمد احتج في الرخصة في طين المطر بحديث الأعرابي الذي بال في المسجد فأمر أن يصب على بوله ذنوبًا من ماء. "مسائل أبي داود" (144) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يصيب ثوبه من طين المطر، وقد خالطه بول البغال والدواب؟ فقال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل عبد اللَّه" (28) قال المروذي: سئل أبو عبد اللَّه عن ماء المطر يختلط بالبول؟ فقال: ماء المطر عندي لا يخالط شيئًا إلا طهره، إلا العذرة، فإنها تُقطَعُ. "المغني" 2/ 501

241 - الدم (الثوب يصيبه الدم)

241 - الدم (الثوب يصيبه الدم) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: سئل سفيان عَنْ رجلٍ معه مِنَ الماءِ قَدْرَ ما يتوضأ، وفي ثوبه شيءٌ؟ قال: يغسلُ ثوبَه، والتيمم له وضوء. قال أحمد: جيدٌ إذا كان الدَّمُ بقَدْرِ ما يفسدُ عليه صلاتَه، إذا كان فاحشًا ذراعًا في ذراعٍ أو شبرًا في شبر. قال إسحاق: لا، بل يتوضأ، ولا يكترث للدم والأقذار كلّها ما لم تكن بولًا أو غائطًا، وأعجب إلي إزالة الأقذار كلِّها عَنِ الثّيابِ إذا أمكنه ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (94) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: دم البراغيث؟ قال: لا بأسَ به؛ ليس هو دم مسفوح. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (148) قال صالح: وسألته عن القصاب يكون في ثوبه الدم؟ قال: لا يعجبني أن يصلي فيه. "مسائل صالح" (73) قال صالح: قلت: دم الحيض يصيب الثوب القطرة أو الشيء؟ قال: إذا كان فاحشًا؛ وكل شيء يخرج من السبيلين ففيه الوضوء. "مسائل صالح" (1006) قال ابن المنذر: حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، نا أحمد بن حنبل، نا أبو عبد الصمد العمي، نا سليمان، عن التيمي، عن عمار، عن ابن عباس، قال: إذا كان الدم فاحشًا، فعليه الإعادة ولو كان قليلا فلا إعادة عليه.

242 - القيح والصديد

وحكى يحيى بن محمد بن يحيى -وقد ذكر له شبر- أنه قال: هذا كثير. وحكى الأثرم عنه أنه لم يوقت في الفاحش وقتًا، ولكنه قال: على ما تستفحشه في نفسك. "الأوسط" لابن المنذر 2/ 153 242 - القيح والصديد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا كانَ بالرجلِ دَمَامِيل، كيفَ يصنعُ في ثيابه؟ قال: إذا كانَ شيءٌ لا يُرْقَأُ يُحصنه ويُصلي، وأما الثيابُ إذا كانَ قليلا فليسَ بهِ بَأسٌ وإذا كان فَاحشا. قُلْتُ: ما الفاحش؟ قال: ذِرَاعٌ، شِبرٌ. قال إسحاق: إذا أرادَ الغُسْلَ غَسَلَ الأقذارَ كلَّها ما زادَ على القَطْرة. "مسائل الكوسج" (143) 243 - الثوب يصيبه عرق الجنب والحائض قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يعرق في الثوب وهو جنب؟ قال: لا بأس بعرق الجنب والحائض. "مسائل ابن هانئ" (117)

244 - الثوب يصيبه النفط

244 - الثوب يصيبه النفط قال صالح: قلت: الثوب يصيبه النفط؟ قال: ليس النفط عندي بنجس. "مسائل صالح" (444) 245 - الثوب إذا أصابه النبيذ نقل المروذي: حدثنا كثير بن شنظير قال: سمعت الحسن يقول: إذا أصاب ثوبك نبيذ الجر فاغسله. "الورع" (522) 246 - الطهور إذا أصاب ثوبه أو نعله قال عبد اللَّه: سألت أبي عن ماء الطهور إذا تطهر به، فأصاب ذلك الماء خُفَّه أو نعله، ينبغي أن يغسل ذلك أم لا؟ فقال: لا يغسل، ولا يلتفت إلى شيء من ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (7) قال في رواية حنبل: إذا انتضح في إنائه أو على ثوبه من وضوئه فلا بأس به. وذكر المروذي: أنه أنكر قول أهل الرأي بنجاسته. ونقل عنه الحسن بن ثواب: إن أصاب ثوبك منه فأغسله. "الانتصار" 1/ 498

أبواب إزالة النجاسة عن الأبدان

أبواب إزالة النجاسة عن الأبدان باب في الاستطابة والحدث 247 - حكم الصلاة بدون الاستنجاء قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا لمْ يغسلْ ذَكَرَه يعيد الصَّلاةَ؟ قال: لا، إذا كان يمسح بالْحجارةِ، فإنْ لم يكن يمسحُ بالحجارةِ يعيد الصَلاةَ. قال إسحاق: كما قال، وكذلك إذا كان تلطخَ المقعدة أو انْتَشَرَ البولُ على الحشفةِ. "مسائل الكوسج" (5) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: من لم يستنج بالحجارة ولا بالماء أعاد الصلاة. "مسائل أبي داود" (22) ونقل حرب عنه: إذا توضأ ونسي الاستنجاء وصلى يعيد الصلاة. "الانتصار" 1/ 374 248 - متى يجب الاستنجاء؟ قال أبو داود: سمعت أحمد قال: ليس في الريح استنجاءٌ. قال أبو داود: أنا أحمد، قال: أنا الحماني قال: أنا يحيى بن اليمان، عن سفيان، عن يونس، عن الحسن قال: ليس في الريح الاستنجاء. "مسائل أبي داود" (25)

249 - صفة الاستنجاء والاستبراء بعه

قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يكون على وضوء فينزع خفيه، أيستنجي؟ قال: لا. "مسائل ابن هانئ" (19)، (94) قال ابن هانئ: قلت: هكذا إذا خرج منه الريح؟ فقال: نعم، لا يستنجي. وقال: كان الحسن يقول: ليس في الريح استنجاء. "مسائل ابن هانئ" (20) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن يونس، عن الحسن قال: ليس في الريح استنجاء. وسمعت أبي يقول: وكذلك أقول أنا. "مسائل عبد اللَّه" (113) 249 - صفة الاستنجاء والاستبراء بعه قال عبد اللَّه: رأيت أبي إذا بال استبرأ استبراءً شديدًا. وكان إذا دخل الخلاء له أحجار يتمسح بها، ثم يتبعها الماء بعد ذلك، ويتبع الاستبراء بالماء أيضًا. وقال عبد اللَّه: رأيت أبي إذا بال، له مواضع يمسح فيها ذكره وينثره مرارًا كثيرة، وكانت له أحجار، ثم يتبع الأحجار بالماء. قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن الرجل يتمسح بالأحجار؟ فقال: لا بأس بها إذا نقى ذلك الموضع. "مسائل عبد اللَّه" (113)

قال حنبل: رأيت أبا عبد اللَّه إذا خرص من الخلاء، تردد في الدار، ويقعد قعدة قبل أن يتوضأ، فظننت أنه يريد بذلك الاستبراء. وقلت لأبي عبد اللَّه: إني أجد بلة بعد الوضوء؟ فقال: ضع يدك في سفلتك، واسلت ما ثمَّ حتى ينزل، وتتردد قليلا، والْه عنه، ولا تجعل ذلك من همك، فإن ذلك من الشيطان يوسوس. وقال جعفر بن محمد: سمعت أبا عبد اللَّه، يقول: إذا نتره -يعني: الذي يبول- ثلاث مرات، أرجو أنه يجزئه. قال: وسألت إسحاق بن راهويه عن الاستبراء وهو قاعد: فرأى أن الاستبراء كذلك، وذهب إلى ثلاث مرات، ولم يذهب إلى المشي. "سير أعلام النبلاء" 11/ 357 قال حنبل: حديث حجاج المصيصي، عن شريك، عن إبراهيم [بن حزم]، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا دخل الخلاء أتيته بماء فاستنجى، ثم مسح بيده على الأرض، ثم توضأ (¬1). فقال أحمد: هذا حديث منكر، إنما هو عن أبي الأحوص عن عبد اللَّه، ولم يرفعه. "بدائع الفوائد" 3/ 167. قال حرب: قال الإمام أحمد: لم يصح في الاستنجاء بالماء حديث (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 454. (¬2) قد ثبت عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- الاستنجاء بالماء كما في حديث أنس، قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلام إدواة من ماء وعَنَزَة فيستنجي بالماء. أخرجه البخاري (149 - 151)، ومسلم (271).

250 - هل يجب غسل ما أمكن من داخل فرج ثيب في نجاسة وجنابة؟

قيل له: فحديث عائشة؟ قال: لا يصح، لأن قتادة لا يرفعه. "الفروسية" (191) 250 - هل يجب غسل ما أمكن من داخل فرج ثيب في نجاسة وجنابة؟ نقل عنه جعفر بن محمد: إذا اغتسلت فلا تدخل يدها في فرجها. "الفروع" 1/ 121 251 - ما يجزئ من الماء والأحجار في الاستطابة قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا استنجى بثلاثةِ أحجار يجزئُهُ أم لا؟ قال: إذا أنقى بالأحجارِ ولمْ يتلطخْ ماء يجزئه، إلا أنْ يكونَ رجلٌ به بطنٌ، وإذا لمْ يستنج بثلاثة أحجارٍ أعاد الصلاةَ، ولا يجزئهُ دونَ ثلاثة أحجارٍ. قال إسحاق: كما قال. وقوله إلا أن يكون ماء، يعني: أَنْ يتلطخَ لرقة البطن ما حوالي المقعدةِ، فذاك لا ينقى بالأحجارِ. "مسائل الكوسج" (75) قال صالح: وسألته عن الرجل يبول ويتمسح بالحائط أو الحجارة؟ قال: يجزئه أن لا يمس الماء. "مسائل صالح" (33) قال صالح: سألت أبي عن الرجل يستجمر بالأحجار؟ قال: لا بأس به إذا استجمر بثلاثة أحجار إذا أنقى، وأقل ما يجزئه من الماء سبع مرات. "مسائل صالح" (52)

قال صالح: قلت: الرجل يخرج من الخلاء، ثم يستنجي بثلاثة أحجار طاهرة، ولا يستنجي بماء، أترى بذلك بأسًا؟ قال: إذا لقى بالأحجار أو بماء؛ فكل ذلك يجزئ، إلا أن يكون تلطخ غير موضع الخلاء؛ فلا يجزئ. "مسائل صالح" (1381) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الاستنجاء؟ قال: بثلاثة أحجار إذا أنقى، فأما إذا تلطخ ما حول المقعدة فلا بد من الغسل، وأما المقعدة فيكفيه ثلاثة أحجار. "مسائل أبي داود" (23) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن حد الاستنجاء (يعني: بالماء)؟ قال: ينقى. "مسائل أبي داود" (24) قال ابن هانئ: وسُئل عن الرجل يستنجي بالأحجار؟ قال: أعجب إليّ أن يجمع الحجارة مع الماء. وسألته: يجمع الماء والاستنجاء بالحجارة، أيما أحب إليك، يجمعهما، أو يستنجي بأحدهما؟ قال: إن جمعهما أحب إلي، وإن استنجى بالحجارة فأنقى أجزأه ذلك. "مسائل ابن هانئ" (21) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل دخل الغائط فاستنجى بثلاثة أحجار، أو توضأ بالماء، ثم قام فصلى، قال: فهل تجزئه صلاته وهو في موضع كثير الماء؟

252 - الحجر الذي له ثلاث شعب هل يجزيه في المسح؟

قال: إذا كان أنقى بالأحجار يجزئه، أو غسل بالماء كل ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (114) وقال في رواية محمد بن الحكم: ولكن المقعدة يجزئ أن تمسح بثلاثة أحجار أو تغسلها ثلاث مرات، ولا يجزئ عندي إذا كان في الجسد أن يغسله ثلاث مرات، وذلك لما روت عائشة، أنَّ النبي كان يغسل مقعدته ثلاثًا. "المغني" 1/ 219 قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي: قال الإمام أحمد: إذا لم يكن مع الأحجار ماء، فالأحجار أحبّ إليَّ. "بدائع الفوائد" 4/ 90 252 - الحجر الذي له ثلاث شعب هل يجزيه في المسح؟ روى المروذي عنه جواز ذلك. ونقل حنبل عنه: أنه لا يجزئه. "الإفصاح" 1/ 130 253 - هل محلَّ الاستجمار بعد الإنقاء طاهر؟ قال أحمد بن الحسين: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يبول ويستبرئ ويستجمر، يعرق في سراويله؟ قال: إذا استجمر ثلاثًا فلا بأس. وسأله رجل، فقال: إذا استنجيت من الغائط يُصيب ذلك الماء موضعًا مِنِّي آخر؟

فقال أحمد: قد جاء في الاستنجاء ثلاثة أحجار، فاستنج أنت بثلاثة أحجار، ثم لا تبال ما أصابك من ذلك الماء. قال: وسألت أحمد عن رش الماء على الخف إذا لم يستجمر الرجلُ؟ قال: أحبُّ إلي أن يغسله ثلاثًا. "المغني" 1/ 218

فصل في آداب قضاء الحاجة

فصل في آداب قضاء الحاجة 254 - يكره استقبال القبلة عند قضاء الحاجة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: استقبال القبلتين في الغائطِ والبولِ؟ قال: أما الكعبة أشد، إنما الرخصةُ في بيت المقدس. قال إسحاق: كلاهما فيه رخصة في كُنُف البيوت، فأما الصحاري فلا يستقبلُ القبلتين ولا يستدبرهما إلا أن يجعلَ بينه وبين القبلة سُتْرَة. "مسائل الكوسج" (147) قال أبو داود: قلت لأبي عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل: استقبال القبلة بالغائط والبول؟ قال: ينحرف. "مسائل أبي داود" (1) ونقل الأثرم عنه: من ذهب إلى حديث عائشة -يعني: حديث خالد بن أبي الصلت، فإن مخرجه حسن، ولكنه يعجبني أن يتوقى القبلة، وأما بيت المقدس فليس في نفسي منه شيء، إنه لا بأس به. "التمهيد" 5/ 352. قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه وذكر حديث خالد بن أبي الصلت عن عراك بن مالك عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، هذا الحديث، فقال: مرسل. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 137، 227، وابن ماجه (324)، والدارقطني 1/ 60 من حديث عائشة قالت: ذُكر عند رسول اللَّه قوم يكرهون أن يستقبلوا بفروجهم القبلة، فقال: "أراهم قد فعلوها، استقبلوا بمقعدتي القبلة"، وحسنه البوصيري في "مصباح الزجاجة" 1/ 47، وقال: وأقوى ما علل به هذا الخبر أن عراك لم يسمع من عائشة نقلوه عن الإمام أحمد وقد ثبت سماعه منها عند مسلم. وتعقبه الألباني في "الضعيفة" (947) وقال: منكر.

255 - في الذكر في الخلاء

فقلت له: عراك بن مالك قال سمعت عائشة. فأنكره، وقال: عراك بن مالك من أين سمع عائشة؟ ! ماله ولعائشة؟ ! إنما يرويه عن عروة، هذا خطأ. قال لي: من روى هذا؟ قلت: حماد بن سلمة عن خالد الحذاء. قال: رواه غير واحد عن خالد الحذاء، وليس فيه: سمعت، وقال غير واحد أيضًا عن حماد بن سلمة، ليس فيه: سمعت (¬1). "تهذيب السنن" 1/ 22، 23 255 - في الذكر في الخلاء قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: إذا عطس على الخلاء؟ قال: يَحمدُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ في نفسه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (146) قال ابن هانئ: سألته عن الكلام في الخلاء؟ قال: لا ينبغي له أن يتكلم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل ابن هانئ" (28) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يدخل الخلاء فيستنجي فيه، أفترى له أن يذكر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في المخرج؟ قال: أما ابن عباس فشدد فيه، ولكن إذا أراد أن يذكر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يذكره ¬

_ (¬1) "المراسيل" لابن أبي حاتم ص 162 - 163 (606).

256 - في مصاحبة ما فيه ذكر الله: كالخاتم والدراهم، عند الخلاء

حينما يخرج، لا أرى له أن يذكر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في المخرج. "مسائل ابن هانئ" (31) قال أبو داود للإمام أحمد: أيحرك بها لسانه؟ قال: نعم. ونقل بكر بن محمد: يحرك به شفتيه في الخلاء. "الاختيارات الفقهية" المطبوع مع "الفتاوى الكبرى" 4/ 329 256 - في مصاحبة ما فيه ذكر اللَّه: كالخاتم والدراهم، عند الخلاء قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الرجلُ يكونُ معه الخَاتَمُ فيه ذكرُ اللَّهِ تباركَ وتَعَالَى يدخلُ الخلاءَ؟ قال: إنْ شاءَ جعله في بطنِ كفِّهِ. قال إسحاق: كما قال، ولكن إنْ لمْ يجعلْ فلا بأسَ بِهِ. "مسائل الكوسج" (77) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يدخل الخلاء ومعه الدراهم؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس، إنما كره أن يكون فيه اسم اللَّه، أو يكون مكتوبًا عليه {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فيكره أن يدخل اسم اللَّه الخلاء. "مسائل ابن هانئ" (30)

257 - في رد السلام عند الخلاء

257 - في رد السلام عند الخلاء قال ابن هانئ: عرضت على أبي عبد اللَّه من حديث لوين محمد بن سليمان، عن محمد بن ثابت العصري قال: ثنا نافع قال: انطلقت مع ابن عمر في حاجةٍ إلى ابن عباس، فقضى حاجته، وكان من حديثه يومئذ أن قال: مرَّ رجل بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد خرج من الغائط فسلم عليه، فلم يرد حتى إذا كاد أن يتوارى ضرب يديه إلى الجدار ثم مسح وجهه، ثم ضرب بيده على الجدار مرة أخرى، فمسح ذراعيه، ثم رد عليه السلام، ثم قال: "إنه لم يمنعني أن أرد عليك السلام إلا أني لم أكن طاهرًا" (¬1). قال لي أبو عبد اللَّه: هذا حديث منكر، ليس هو مرفوعًا. "مسائل ابن هانئ" (110) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل مرَّ على رجل وهو يبول، فسلم عليه؟ فقال: يسلم إذا فرغ، ولا يسلم وهو يبول حتى يفرغ. "مسائل عبد اللَّه" (115) 258 - في البول قائمًا؟ قال عبد اللَّه: قال أبي: ولا بأس بالبول قائمًا! إذا كان لا يصيبه. "مسائل عبد اللَّه" (75) ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (330)، والبيهقي 1/ 206، من طريق محمد بن ثابت، به، وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: روى محمد بن ثابت حديثًا منكرًا في التيمم. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (58).

باب في الدماء الخارجة من الرحم وأحكامها

باب في الدماء الخارجة من الرحم وأحكامها فصل في الحيض وأحكامه 259 - أقل سن تحيض فيه المرأة روى الميموني عنه في بنت عشر رأت الدم: قال: ليس بحيض. "المغني" 1/ 447، 448 260 - أكثر سن تحيض فيه المرأة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ للإمام أحمد: إذا قعدتِ المرأةُ خمسين سنة من المحيض، ثم رأت الدم بعد ذلك في أيام معلومة؟ قالَ: يشبه أنْ يكونَ هذا حيضًا، إنما يُروى عن عائشة ذلك الحديث، إذا أتى عليها خمسون سنة (¬1)، ويُقال: إنَّ نساءَ قريشٍ أبقى دمًا مِن غيرهن مِنَ النساء. "مسائل الكوسج" (732) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الكبيرة ترى الدم؟ قال: لا يكون هذا حيضًا إذا كانت قد حلّت. قال إسحاق: حكمُهَا حكمُ المستحاضةِ إذا جاوزتِ الخمسين؛ لأنَّها ¬

_ (¬1) يعني قول عائشة: إذا بلغت المرأة خمسين سنة خرجت من حد الحيض. قال الألباني في "الإرواء" (186): لم أقف عليه، ولا أدري في أي كتاب ذكره أحمد، ولعله في بعض كتبه التي لم نقف عليها.

261 - أكثر الحيض وأقله

لا تلد بعدَ الخمسينَ أبدًا. "مسائل الكوسج" (747) قال ابن هانئ: سمعته يقول: إن نساء العجم لا ييأسن من الحيض إلى خمسين سنة، ونساء بني هاشم إلى ستين سنة، هن أقوى في الحيض. "مسائل ابن هانئ" (157) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن امرأة، قد أتى عليها نيف وخمسون سنة، ولم تحض منذ سنة، وقد رأت منذ يومين دمًا ليس بالكثير، ولكنها إذا استنجت رأته، ولم تفطر، ولم تترك الصلاة ما ترى لها؟ فقال أبي: لا تلتفت إليه، تصوم وتصلي، فإن عاودها بعد ذلك مرتين أو ثلاثًا، فهذا حيض وقد رجع، تقضي الصوم. قلت: فالصلاة؟ قال: لا تقضي. "مسائل عبد اللَّه" (170) 261 - أكثر الحيض وأقله قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كيف يكونُ الحيضُ عشرينَ يومًا؟ قال: أكثر ما سمعنا سبعة عشر يومًا. قُلْتُ: فيكون أقلَّ مِن يومٍ؟ قال: لم أسمعْ. قال إسحاق: السُّنَّةُ فيه إذا كان حيضُهَا معتدلًا من قبل الحمل كان ذلك حيضًا إذا اختلط عليها فترى الأحيان صفرة والأحيان دمًا صيرناها كالمستحاضة، والثاني كما قال. "مسائل الكوسج" (745)

قال إسحاق بن منصور: قال: سمعتُ سفيانَ يقولُ: ما زَادَ على العشرِ فهي مستحاضةٌ. قال الإمامُ أحمد: هو أكثرُ قول أبي حنيفةَ. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (750) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: الحيضُ يكونُ أكثرَ مِنْ خمسة عشر؟ قال: لا. "مسائل الكوسج" (751) قال صالح: وسألته كم أقل الحيض؟ قال: أما الذي أختار أنا فأقله يوم. قلت: فكم أكثره؟ قال: خمسة عشر. قلت: لا يكون أكثر من خمسة عشر يومًا؟ قال: لا. "مسائل صالح" (382) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: أكثر الحيض خمس عشرة ولا يكون أكثر منه، يروى عن عطاء وروي عنه -يعني: عن عطاءٍ- أدناه يوم (¬1). "مسائل أبى داود" (152) ¬

_ (¬1) علقه البخاري قبل حديث (325) ووصله الدارمي 1/ 627 (873)، والدارقطني 1/ 208، والبيهقي 1/ 325 وعزاه الحافظ في "الفتح" 1/ 425 للدارمي وقال: بإسناد صحيح.

قال أبو داود: سمعت أحمد مرة أخرى يقول: أدنى الحيض يوم وليس هو بذاك الثبت وخمس عشرة حيض، وأجبن أن أقول في أكثر من خمس عشرة شيء. "مسائل أبي داود" (153) قال ابن هانئ: وسئل عن أدنى الحيض؟ فقال: الذي سمعناه، إنه يوم. قيل له: فأكثره؟ قال: خمسة عشر؛ قد سمعنا قول عطاء: خمسة عشر (¬1). "مسائل ابن هانئ" (148) قال ابن هانئ: وقال: الحيض عندنا على ثلاثة أحاديث: حديث حَمْنة قالت: إني أثج ثجًّا، وإنها استحيضت حيضة منكرة؛ قال: "تحيّضي -في علم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ- ستًا أو سبعًا" (¬2). "مسائل ابن هانئ" (169) قال عبد اللَّه: سمعت أبي وسئل: كم أقل الحيض؟ قال: أما الذي أختاره أنا، فأقله يوم. قيل: فكم أكثره؟ قال: خمسة عشر يومًا. ¬

_ (¬1) علقه البخاري قبل حديث (325) ووصله ابن أبي شيبة 4/ 206 (19294)، والدارقطني 1/ 208، والبيهقي 1/ 321. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 381، وأبو داود (287)، وابن ماجه (627)، والدارقطني 1/ 215 - 214 وفي إسناده ضعف، وقد بسط الكلام عليه في "تحفة الأخيار بترتيب مشكل الآثار" للطحاوي حديث (318).

قيل لأبي: لا يكون أكثر من خمسة عشر يومًا؟ قال: لا. "مسائل عبد اللَّه" (169) قال أحمد بن سعد الزهري: نا أحمد بن حنبل نا يحيى بن آدم عن مفضل وابن المبارك عن سفيان عن بن جريج عن عطاء: قال أكثر الحيض خمس عشرة. قال أبو إبراهيم الزهري: ثنا النفيلي قال قرأت على معقل بن عبيد اللَّه عن عطاء بن أبي رباح قال: أدنى وقت الحيض يوم (¬1). وقال أبو إبراهيم: إلى هذين الحديثين كان يذهب أحمد بن حنبل، وكان يحتج بهما. "سنن الدارقطني" 1/ 208 نقل حنبل والأثرم والمروذي: أقله يوم. "الروايتين والوجهين" 1/ 103 قال الحسن بن ثواب: قال أحمد: غاية الحيض ستة أيام إلى سبعة. قيل له: فإن امرأة من آل أنس كانت تحيض خمسة عشر؟ قال: قد كان ذلك، وأدنى الحيض يوم وأقصاه عندنا ستة أيام إلى سبعة. ثم ذكر حديث "تحيضي في علم اللَّه ستًا أو سبعيًا". "فتح الباري - لابن رجب" 2/ 152 ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 1/ 320.

262 - المبتدأ بها الدم

262 - المبتدأ بها الدم قال إسحاق بن منصور: قال: وأمَّا المبتدأة بالدم إذا كان مثلها تحيض فرأت الدم فليس فيها سنة، وليس فيها إلَّا الاحتياط. فيقال لها: انظري أقل ما تجلسه النساءُ فاقعدي، ثم صُومي وصلي سائر ذلك، فإنْ كانَ عرق لم تكن ضيعت، فإن عاودها مثل ما رأت، فهو حيض، إلا أنها تقضي الصومَ قبلَ أنْ يعاودَهَا الدم لوقتها، فإذا عاودها فهو حيف، وكل شيءٍ يشتبه عليكِ فأحتاط لها بأنْ تصلِّيَ وتصوم وتعود للصوم ولا يطؤها زوجها حَتَّى يستبين لها وكل دمٍ تراه في أيامها إذا كانت لها أيام فهو من الحيض؛ لقول عائشة -رضي اللَّه عنها-: حتى ترى القصة البيضاء (¬1). وكل ما رأته بعد أيامها من صفرة أو كدرة أو دمٍ فهو استحاضة إذا كان ذلك بعد أيام قد كانت تجلسها. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (743) قال إسحاق ابن منصور: قال إسحاق: وأمَّا التي ترى الدم أوَّلَ الحيضَ فيستمر بها الدم؛ فإنها تقعد وَقْتَ أمها وخالتها وعمتها فإذا جاوزت ذلك الوقتَ اغتسلَتْ وصلت، وإن كانت لا تعرفُ وقتَ الأمِّ أو الخالة أو العمة؛ فإنها تجلسُ سبعةَ أيَّامٍ كما أمرَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حمنة وتصلِّي ثلاثًا وعشرين ليلة وأيامها (¬2). "مسائل الكوسج" (759) ¬

_ (¬1) علقه البخاري قبل حديث (320)، ورواه مالك موصولًا 1/ 65 (163). (¬2) تقدم تخريجه.

قال صالح: وقال في المبتدأة بالدم: ليس فيها سنة، يقول بعض الناس: تجلس أقل ما تجلسه النساء، وهو يوم إذا كان مثلها تحيض، وتصلي فيما سوى ذلك وتصوم، فإن عاودها الدم ثانية وثالثة، فاستقام لها على أيام تعرفها فهو حيض، وينظر فيما صامت، فإن كانت صامت في رمضان في الأيام التي رأت فيها الدم سوى اليوم الذي تركت فيه الصلاة أعادت الصوم، لأنه لا يجزئها أن تصوم وهي حائض. ومن الناس من يقول: إذا استمر بها الدم؛ جلست أكثر ما تجلسه النساء، وهي خمس عشرة. قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا النفيلي، قال: قرأت على معقل ابن عبيد اللَّه، عن عطاء قال: أدنى وقت الحيض يوم. قال أبي: وكذا كان الشافعي يقول: يوم (¬1). "مسائل صالح" (527) قال صالح: وقال: المرأة إذا بدئت بالدم تجلس ستة أو سبعة. قلت: على حديث حمنة؟ قال: لا، ولكن النساء أكثر حيضهن على هذا، أو تجلس يومًا. قلت: فإن استمر بها الدم شهرين أو ثلاثة؟ قال: على إقبال الدم وإدباره. "مسائل صالح" (1001) قال صالح: وقال: أول ما يبدأ الدم بالمرأة تقعد ستة أيام أو سبعة أيام، وهو أكثر ما تجلس النساء على حديث حمنة، ومن قال: تجلس ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه.

يومًا، فهذا احتياط إلا أنها إذا حاضت ثلاث حيض، فحاضت ستًا أو سبعًا فهو حيض مستقيم، ثم تعيد الصوم إن كانت صامته في تلك الأيام؛ لأنه لم يجزئها أن تصوم وهي حائض، لأنه قد استقام بها حيضها. "مسائل صالح" (1250) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: البكر إذا استحيضت؟ قال: عندنا فيه قولان: قول أن تقعد أدنى الحيض، ثم تغتسل وتصوم وتصلي أو تقعد أكثر حيض النساء ستًا أو سبعًا، فإذا عرفت أيامها واستقامت عليه قضت ما كانت صامت في هذِه الأيام دون أيام حيضها. "مسائل أبي داود" (155) قال أبو داود: قلت لأحمد: فحديث حمنة بنت جحش لا يكون للبكر حجة؟ قال: لا، وحمنة امرأة عجوز كبيرة وهي تقول: إني استحاض حيضة كثيرة، أثجه ثجًا. سمعت أحمد مرة أخرى سئل عن هذِه المسألة قيل له فيمن تستحاض أول مرة؟ فقال: قالوا، ثم اقتص المسألة بمعناه. قال السائل: فما تختارُ أنت؟ قال: قالوا هذا وهذا. قال: فبأيها أخذت فهو جائز؟ قال: نعم، ومن قال: يوم، فهو احتياط. وسمعته مرة سئل عنها أيضًا فأجاب نحو قوله. "مسائل أبي داود" (156)

قال ابن هانئ: وسألته عن المرأة الحائض ترى الدم ولم تكن تعرف أيامها؟ قال: فإنها تقعد يومًا وليلة -وهو أقل ما تقعد النساء- ثم تصلي، فإن استمرّ بها الدم، مثل حديث حمنة قالت: إني استحاض فلا أطهر، فقال لها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كان ست أو سبع فتوضئي وصلي". وحديث فاطمة، فإنها قالت: إني أرى دم كذا وكذا، فقال لها: "إذا رأيت إقبال الدم وإدباره فدعي الصلاة" (¬1). فهده تدع الصلاة حتى تمضي أيامها التي تعرفها، ثم تتوضأ وتصلي، وهو أقل ما جاء فيه. "مسائل ابن هانئ" (147) قال عبد اللَّه: عرضت هذِه المسألة على أبي، قرأتها عليه. قال: نعم كذا هي، امرأة أول ما ترى الدم، ليس فيها سنة. "مسائل عبد اللَّه" (168) قال عبد اللَّه: قال أبي: قد يقول بعض الناس: تحبس أقل ما تحبسه النساء، وهو إذا كان مثلها تحيض وتصلي فيما سوى ذلك وتصوم، فإن عاودها الدم ثانية وثالثة فاستقام بها على أيام تعرفها، فهو حيض وتنتظر فيما كانت صامت، فإن كانت صامت في رمضان في أيام رأت فيها الدم، سواء اليوم الذي تركت فيه الصلاة، أعادت الصلاة؛ لأنه لا يجزيها أن تصوم وهي حائض. ومن الناس من يقول: إذا استمر بها الدم حبست أكثر الحيض ما تجلسه النساء، وهو خمسة عشر. "مسائل عبد اللَّه" (168) ¬

_ (¬1) رواه البخاري (320)، ومسلم (333).

نقل الميموني وغيره: أنها تجلس يومًا وليلة. وقال: أعجب من قول مالك أنها تجلس أكثر الحيض، لأن هذا هو اليقين، وما زاد عليه مشكوك فيه فجعل في حكم الطهر كسائر المستحاضات. ونقل حنبل: أنها ترد إلى عادة أقربائها فحسب، لأن ذلك أقرب إلى عادتها. ونقل علي بن سعيد ويوسف بن موسى: تجلس أكثر الحيض؛ لأنه زمان يصح فيه وجود الحيض فجاز أن تجلسه. "الروايتين والوجهين" 1/ 101، 102 قال حرب: قلت: امرأة أول ما حاضت استمر بها الدَّم، كم يومًا تجلس؟ قال: إن كان مثلها من النساء من يحيض، فإن شاءت جلست ستًا أو سبعًا، حتى يتبين لها حيض ووقت، وإن أرادت الاحتياط، جلست يومًا واحدًا، أول مرة حتى تتبين وقتها. وقال في موضع آخر: قالوا هذا، وقالوا هذا، فأيها أخذت فهو جائز. وروى الخلال، بإسناده، عن عطاء، في البكر تستحاض، ولا تعلم لها قرءًا، قال: لتنظر قرء أمها أو أختها أو عمتها أو خالتها، فلتترك الصَّلاة عدَّة تلك الأيام، وتغتسل وتصلى. قال حنبل: قال أبو عبد اللَّه: هذا حسن. واستحسنه جدًّا. "المغني" 1/ 409

263 - المرأة يضطرب عليها الدم

263 - المرأة يضطرب عليها الدم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أملى عَلَيَّ الإمام أحمد -رضي اللَّه عنه- قال: قالت فاطمة بنت أبي حبيش وجاءت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالت: إني استحاض فلا أطهر. أفأدع الصلاة؟ قال لها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا" (¬1). فلم تخبره بِطُهْرٍ، ولا أيامٍ سمته، فأمرها أن إذا أقبلت حيضتها أن تدع الصلاة، وإذا أدبرَتْ غسلت عنها الدم وصلت، وإقبالُ الدمِ أنْ يكونَ ثقيلًا بغير ما يُدبر به، إقباله أسود، وإدباره أنْ يتغيرَ مِنَ السَّوادِ إلى الصفرةِ. فهي في الإقبالِ حائضٌ، وفي الإدبار مستحاضة، فإذا كانت في مثل معنى فاطمة كان لها الجواب كما أجاب النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فاطمة، وهذِه إذا كان دمها ينفصل. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (741) قال صالح: سألت أبي عن امرأة يكون طهرها ثلاثة أشهر وأقل من ذلك، وشهرين وأقل من ذلك، ثم رأت الدم في عشر. كيف تصنع؟ قال أبي: إذا كانت لها أيام معلومة، فإنها تقعد تلك الأيام، فإن زاد على أيامها، لم تلتفت إلى الزيادة. وإن كان حيضها تقدم مرة وتأخر أخرى، فإنها تقعد أيامها التي كانت تقعد. فإن زاد حيضها على أيامها التي كانت تعرف، وعاودها، فإنها لا تلتفت إلى الزيادة حتى ترى مرة ومرتين وثلاثًا، وهذا حينئذ حيض متنقل، فإن كانت صامت في تلك الأيام التي زاد على حيضها وأيامها: قضته. "مسائل الكوسج" (146) ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه.

قال صالح: قلت: امرأة رأت الدم في غير أيامها أقل من يوم ثم انقطع؟ وكيف إذا رأته يومًا تامًّا؟ فإن رأته أقل من يوم ثم انقطع عنها، ثم رأته في اليوم الثاني أقل من يوم، ثم انقطع عنها، ثم رأته في اليوم الثالث كذلك، ثم انقطع عنها، ما يجب عليها؟ وهل يكون الحيض مع الحمل؟ قال: كل دم كانت تراه في أيام تعرفها من أيامها التي كانت تحيضها فهي حيض، إذا كان ذلك ابتداء دم رأته في أيامها، فإن انقطع عنها حتى ترى البياض خالصًا ثم عاودها فالحيضة عندنا فيها، لها أن تصلي، ولا يغشاها زوجها، حتى تمضي الأيام التي كانت تعرفها من أيامها التي كانت تحيضها، فإذا جاوزت أيامها التي كانت تعرفها من حيضها، فلا تعيد بشيء من الدم تراه، وتعده استحاضة، وتصلي في تلك الأيام. "مسائل صالح" (649) قال صالح: سألته عن امرأة رأت الدم في غير أيامها؟ فقال: تصوم وتصلي حتى تبلغ أيامها التي كانت تقعد فيها، فإذا بلغت أيامها لم تصم ولم تصل. "مسائل صالح" (774) قال صالح: قلت: الحائض إذا تغير حيضها، فكانت تحيض خمسًا أو نحو هذا، ثم زاد حيضها؟ قال: تصلي ما زاد، حتى تعلم أنه حيض متنقل، وإنما يعرف ذلك إذا عاودها ثلاث مرار، فإذا علمت أنه حيض متنقل، فإن كانت صامت في تلك الأيام صومًا أعادته؛ لأنه لا يجزئها أن تصوم وهي حائض. وإذا كانَت لا تدري ما الذي رفع حيضها؛ فعلى ما روي عن عمر: أنها

تربص سنة: تسعة أشهر للحمل، وثلاثة أشهر مكان ثلاث حيض (¬1). وإذا كانت تدري ما الذي رفع حيضها، أو كانت مريضة فارتفع حيضها، أو كانت ترضع فارتفع حيضها، فعدة هذِه بالحيض وإن تطاول بها. وإن كانت تحيض في كل سنة حيضة، فإذا استمر بها جلست ما زاد. قلت: وإن كانت تحيض عشرًا فطهرت في خمس؟ قال: تصلي وتصوم، فإن رأت الدم قبل العشر أمسكت عن الصلاة، ولا تعيد الصوم الذي صامت قبل العشر، لأنها كانت طاهرًا، فإذا جاز العشر واستمر بها الدم صلت وصامت؛ حتى تعرف أنه قد انتقل حيضها. "مسائل صالح" (1122) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن المرأة ترى في الشهرين والثلاثة الدم في أربعة عشر يومًا، وترى في سائر دهرها في أكثر من عشرين؟ قال: هذِه حائض تختلف عليها حيضتها، ولو كانت تحيض في كل نيف وعشرين ثم حاضت مرة بخمس عشرة لم تعبأ به حتى ترى ذلك مرتين وثلاثًا، فيكون حينئذ حيض متنقل. قال أبو داود: قلت لأحمد: امرأةٌ كانت ترى الدم في كل شهر فرأت في خمسة عشر يومًا؟ قال: لا تعبأ به إلا أن ترى ذلك ثلاث مرارٍ، فيكودن حينئذ حيض منتقل. "مسائل أبي داود" (163) ¬

_ (¬1) رواه ابن الجعد في "مسنده" ص 439 (3001).

قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن امرأة تختلف عليها حيضتها، تحيض مرة يومين، ومرة ثلاثًا ومرة أربعًا عرفت ذلك من نفسها؟ قال: حيضها ما رأت الدم حتى يكون لها أيام معلومة. "مسائل أبي داود" (164) قال ابن هانئ: وسئل عن التي تثقل عليها حيضتها، حتى تقف على أمر؟ قال: حتى يستمر بها ثلاث مرار ثم تقف على أمر. "مسائل ابن هانئ" (163) قال ابن هانئ: قيل له: حديث حَمْنة عندك قويّ؟ قال: ليس هو عندي بذلك، حديث فاطمة أقوى عندي وأصح إسنادًا منه. "مسائل ابن هانئ" (164) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وإذا كانت المرأة تجلس عشرة أيام، ثم زاد حيضها ثلاثة أيام أخر؟ فقال: لا تلتفت إلى ذلك، تصوم وتصلي حتى تعلم أنه حيض منتقل، وإنما تعلم ذلك بأن يعاودها الدم في تلك الأيام مرة وثنتين وثلاثًا، فإذا عاودها فقد انتقل حيضها إلى هذا، فتعيد كل صوم صامته في تلك الأيام، لأنها كانت حائضة، ولا يجزئها أن تصوم وهي حائض، والحائض لا تقضي الصلاة، وتقضي الصيام على حديث عائشة: كنا نحيض على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا نؤمر بقضاء (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (166) ¬

_ (¬1) رواه البخاري (321)، ومسلم (335).

قال عبد اللَّه: قال: سمعت أبي يقول: كل دم تراه المرأة في أيام حيضها الذي كانت تعرفه من حيضها فإنها تصوم وتصلي ثم تعيد الصوم إن كانت صامته، لأنه لا يجزئها إن كان حيض، وإن لم يكن حيض فقد أعادت الصوم. "مسائل عبد اللَّه" (167) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن امرأة كانت لها أيام من الشهر معروفة، ثم إنها بعد ذلك رأت الدم فاستمرّ بها، وطبق عليها فلم ينقطع، ونسيت أيامها كم كانت، وفي أي وقت من الشهر كانت، في أوله أو في آخره، أو في وسطه وحضر شهر رمضان أتصوم؟ كيف تصوم؟ وكيف تصلي؟ وهل يجب عليها الغسل أم الوضوء؟ وبأي الحيض تعيده بأقله أو بأكثره؟ وفي أي وقت من الشهر تدع الصلاة؟ فقال: إن كانت تعرف إقبال الدم وإدباره، وإقباله: أن يقبل أسود، ثم يدبر إلى الصفرة والتغير. وإقباله: هو الحيض. وإدباره: الاستحاضة، فلا تصوم في إقبال حيضها ولا تصلي، فإذا أدبرت صامت وصلت، وإن كانت لا تعرف إقبال الدم ولا إدباره -وهو يثج فغلبها- فلتدع الصلاة، وذلك على حديث حمنة بنت جحش: ستة أيام من الشهر لا تصليها، وذلك أن أكثر حيض النساء يدور على ست أو سبع، وتغتسل غسلًا وتتوضأ لكل صلاة، إذا هي صلت، وإما تترك الصلاة: يومًا التي ليس لها أيام ولم تحض، فإذا رأت الدم ومثلها تحيض، أمسكت عن الصلاة يومها إذا هي رأت الدم، ثم تصلي فيما سوى ذلك حتى يأتي الشهر الثاني، فإذا استمر بها الحيض عرفت أنه حيض، ثم قضت صومها إن كانت صامته في الأيام التي صامته؛ لأنها لا بأس أن

تصوم وهي حائض، وإنما ذلك احتياطًا تصوم وتصلي ذلك اليوم الذي تتركه، فإذا استقام حيضها، أعادت الصوم إن كانت صامته في تلك الأيام، التي استقام لها حيضها. "مسائل عبد اللَّه" (175) نقل حنبل عن أحمد في امرأة لها أيام معلومة، فتقدمت الحيضة قبل أيامها: لم تلتفت إليها، تصوم وتصلى، فإن عاودها في الثانية، مثل ذلك، فإنه دم حيض منتقل. ونقل الفضل بن زياد: لا تنتقل إليه إلا في الثالثة، فلتمسك عن الصلاة والصوم. وفي لفظ له قال: سألت أبا عبد اللَّه عن المرأة أيام أقرائها معلومة، فربما زاد في الأشهر الكثيرة على أيام أقرائها، أتمسك عن الصلاة أو تصلي؟ قال: بل تصلِّي، ولا تلتفت إلى ما زاد على أقرائها، إلا أن يكون دم حيض متنقلًا أو نحو هذا. قلت: أفتصلِّي إلى أن يصيبها ثلاث مرات، ثم تدع الصلاة بعد ثلاث؟ قال: نعم، بعد ثلاث. "المغني" 1/ 432، 433.

264 - الصفرة والكدوة في أيام الحيض

264 - الصفرة والكدوة في أيام الحيض قال إسحاق بن منصور: قيل له -يعني: سفيان- ترى الصُّفرة حيض؟ قال: نعم. فإذا كانت الصُّفرة في غير أيام حيضها تدع الصَّلاةَ؟ قال: لا، ولا تصلِّي (¬1). قال الإمام أحمد: إذا كانت الصُّفرة أو الكُدْرة في أيامها فتَدَعُ الصلاة، فإذا كانت في غير أيامها فلا تلتفت. قال إسحاق: سواء. "مسائل الكوسج" (749) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وإذا رأتِ الكدرةَ أو الصفرة في أيامِ حيضها المعروف وانقطعَ ذلك في آخرِ الوقتِ فذلك حيضٌ كله. "مسائل الكوسج" (763) قال صالح: وقال: المرأة ترى الصفرة أيام حيضها تجلس كما كانت تجلس في أيامها، وأما الصفرة إذا هي طهرت، لا تلتفت إليها إذا رأت القصة البيضاء، ولكن كل شيء تراه في أيامها من صفرة وغير ذلك فهو حيض. "مسائل صالح" (1124) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: الصفرة والكدرة في أيام الحيض هو حيض حتى ترى القصة البيضاء، كما قالت عائشة -رضي اللَّه عنها- (¬2). "مسائل أبي داود" (167) قال أبو داود: قلت لأحمد: الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض؟ ¬

_ (¬1) رواه بنحوه عبد الرزاق 1/ 313 (1203)، والدارمي 1/ 632 (882). (¬2) تقدم تخريجه.

265 - الأقراء ومعناه

قال: أنا لا أرى الدم العبيط في غير أيام الحيض حيضًا. "مسائل أبي داود" (173) قال ابن هانئ: وسألته عن الدم العبيط، ما هو؟ قال: الذي لا يخالطه شيء. "مسائل ابن هانئ" (171) 265 - الأقراء ومعناه قال أبو داود: قيل لأحمد وأنا أسمع: إلى أي شيء تذهبُ في الأقراء؛ هي الأطهارُ؟ فقال: كنتُ أذهب إليه، إلا أني أتهيبُ الآن من أجل أن فيه عن عليِّ وعبد اللَّه بن مسعود. قلت لأحمد: حديثُ عائشة -رحمها اللَّه- فيه حجةٌ: "تدع الصلاة أيام أقرائها"؟ قال: عائشة ترى الأقراء الأطهار؛ هذا كلام مختلطٌ، ولكن قول ابن عمر: ثم يطلقها طاهرًا من غير جماع، قال: فتلك العدةُ التي أمر اللَّه أن تطلق لها النساءُ. قال: فهذِه حجةٌ لمن قال: إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه. "مسائل أبي داود" (1217) قال ابن هانئ: وسئل عن الأقراء؟ فقال: أما عائشة -رضي اللَّه عنها- فقالت: الأقراء: الحيض (¬1)، والأكابر من ¬

_ (¬1) المعروف عن عائشة تفسيرها الأقراء بالأطهار، رواه مالك في "الموطأ" 1/ 637 (1656)، والطبري في "تفسيره" 2/ 455 - 456، وانظر: "الدر المنثور" 489.

أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، يقولون: الطهر (¬1). قيل له: تذهب إلى أنها إذا رأت الدم، إلى قول عمر، وعلي، وأبي موسى؟ فكأنه ذهب إلى قول عمر، وعلي، وأبي موسى، ولم يصرّحه لنا، وذهب إليه. "مسائل ابن هانئ" (155) قال ابن هانئ: سألته عن الأقراء؟ قال: هي الستة، أو السبعة أيام التي تجلس فيها في الحيض. "مسائل ابن هانئ" (160) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الأقراء: الأطهار أم الحيض؟ فقال: فيه اختلاف عن أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل عبد اللَّه" (1379) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا عبد الأعلى: حدثنا برد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أنها قالت: إنكم لا تدرون ما القرء، إنما القرء ما بين الحيضتين إذا دخلت في الحيضة الثالثة، أول قطرة تنزل من الحيضة الثالثة فقد حلت وانقضت عدتها. "مسائل عبد اللَّه" (1380) ¬

_ (¬1) إنما روي عن أبي بكر، وعمر، وعثمان وعلي وأبي الدرداء وأنس وابن مسعود وأبي موسى وابن عباس وغيرهم أن الأقراء: الحيض. رواه الطبري في "تفسيره" 2/ 452 - 455، وانظر: "تفسير ابن كثير" 2/ 336 - 337، و"الدر المنثور" 1/ 490 - 491، وذكر ابن كثير في "تفسيره" 2/ 337 أنها أصح الروايتين عن الإمام أحمد.

266 - مدة الطهر بين الحيضتين

قال الأثرم: قال أحمد: أنه قال: الأكابر من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولون: الأقراء: الحيض. "الاستذكار" 18/ 33، "تفسير ابن كثير" 2/ 337 قال الأثرم: قال الإمام أحمد: رأيت الأحاديث عمن قال: القروء الحيض، تختلف عمن قال: إنه أحق بها حتى تدخل في الحيضة الثالثة: أحاديث صحاح قوية. "زاد المعاد" 5/ 601 ونقل ابن القاسم عنه في المطلقة تطهر من الحيضة الثالثة قد كنت أقول بقول زيد بن ثابت وعائشة وابن عمر فهبته. وقال في رواية عبد اللَّه (¬1) النيسابوري: قد كنت أقول به، إلا أني أذهب اليوم إلى أن الأقراء الحيض. "الروايتين والوجهين" 2/ 208 - 209. 266 - مدة الطهر بين الحيضتين قال إسحاق بن منصور: سمعتُ سفيان يقول: أهلُ المدينةِ يقولون: ما بين الحيضتينِ خمسة عشر. قُلْتُ: يأخذ به؟ قال: نعم. قال أحمد: ليس ذا بشيء، بين الحيضتين على ما يكون. قال إسحاق: ليس في الطهرِ وقت، وتوقيت هؤلاء الخمسة عشر باطل. "مسائل الكوسج" (752) قال أبو داود: قلت لأحمد: تجعل بين الطهرين لها كم؟ قال: لا أقول فيه شيئًا. "مسائل أبي داود" (157) ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ورد في ملحق التصويبات بآخر الكتاب ما نصه: هكذا في المطبوع، والصواب: "أبو عبد اللَّه".

267 - الطهر في أثناء الحيض وعلامته

267 - الطهر في أثناء الحيض وعلامته قال صالح: قال أبي: قال الشافعي: القصة البيضاء هو شيء يتبع الحيض أبيض، فإذا رأت ذاك فقد طهرت. "مسائل صالح" (1130) روى عنه حنبل: القصة البيضاء هو الطهر. "فتح الباري" لابن رجب 268 - ما يندب للمرأة إذا خرجت من الحيض روى عنه حنبل: يستحب للمرأة إذا هي خرجت من حيضها أن تُمسِّك مع القطنة من المسك ليقطع عنها رائحة الدم وزفرته تتبع به مجاري الدم. وقال في موضع آخر: يستحب للمرأة إذا طهرت من الحيض أن تمس طيبًا وتُمسكه مع القطنة ليقطع عنها رائحة الدم وزفورته؛ لأن دم الحيض دم له رائحة. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 97، 98 269 - وطء المرأة قبل غسلها من حيضها قال إسحاق بن منصور: قلت: المرأة إذا رأت الطهر، هل يصيبها زوجها قبل أن تغتسل؟ قال: لا، حتى تغتسل. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (739)

قال صالح: قلت: المرأة تحيض، أيغشاها زوجها قبل أن تغتسل؟ قال: لا، حتى تغتسل بالماء، قال اللَّه: {حَتَّى يَطْهُرنَ فَإِذَا تَطَهَّرنَ} [البقرة: 222] فإذا تطهرن بالماء. "مسائل صالح" (1146) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن وطء المرأة إذا طهرت من حيضها؟ قال: لا، حتى تغتسل. "مسائل أبي داود" (176) قال ابن هانئ: وسئل عن المرأة إذا طعنت في الحيضة الثالثة؟ قال أبو عبد اللَّه: لا يغشاها ما لم تغتسل من حيضها ذلك. "مسائل ابن هانئ" (156)

فصل في أحكام الجنب والحائض

فصل في أحكام الجنب والحائض 270 - قراءة القرآن للجنب والحائض قال إسحاق بن منصور: قلتُ: يقرأُ الجنبُ مِنَ القرآنِ؟ قال: طرفَ، الآيةِ والشيءَ كذلك، والتسبيح، فأما أنْ يتعمدَ الآيةَ والسورةَ فما يعجبني. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (69) قال إسحاق بن منصور: قلت: الحائض والجنب سواء؟ قال: الجنب أهون في بعض الأحوال. قال إسحاق: كما قال، إلا أن حكمهما في القراءة واحد. "مسائل الكوسج" (381) قال أبو داود: قلت لأحمد: الحائض لا تقرأ شيئًا من القرآن؟ قال: لا وتسبح وتذكر اللَّه. وقال: الحائض أشد من الجنب ورخص في الكلمة يقرؤها. "مسائل أبي داود" (178) قال ابن هانئ: سألته عن الجنب يقرأ (بسم اللَّه الرحمن الرحيم)؟ قال: لا يتمها، هي آية من كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. "مسائل ابن هانئ" (124) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يجنب، يقرأ آية من القرآن؟

قال: لا بأس أن يقرأ دون الآية، يروى عن علي: ولا حرف -يعني: الجنب (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (121) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الجنب يذكر اسم اللَّه؟ قال: لا بأس بذكر اسم اللَّه، ويصلي على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويقرأ القرآن ولا يقرأ آية تامة. "مسائل عبد اللَّه" (122) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن حديث حدثناه الفضل بن زياد، الذي يقال له الطِّسْتِي، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يقرأ الجنب والحائض شيئًا من القرآن" (¬2). فقال أبي: هذا باطل. أنكره على إسماعيل بن عياش، يعني: أنه وهم من إسماعيل بن عياش. "العلل" لعبد اللَّه (5675) نقل المروذي عنه في الجنب: لا يُعجبني أن يؤذن ولا يقرأ حرفًا. "تهذيب الأجوبة" 2/ 823 - 824 قال موسى بن عيسى: قلت لأحمد: هل يقرأ الجنب شيئًا من القرآن؟ قال: لا، والتسبيح رُخص فيه، وأما أن يتعمد الآية أو السورة: فلا يعجبني. "الطبقات" 4/ 402 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 336 (1306)، وابن أبي شيبة 1/ 97 (1086). (¬2) رواه ابن ماجه (596) من طريق هشام بن عمار عن إسماعيل، به وقال الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (130): منكر.

271 - مس المصحف وما فيه ذكر الله

نقل عنه الحسن بن ثواب: تقرأ النفساء إذا انقطع دمها دون الحائض. "الإنصاف" 1/ 371 271 - مس المصحف وما فيه ذكر اللَّه قال صالح: قال أبي: لا يمس المصحف إلا طاهر، واحتج بحديث سعد (¬1)، وإذا أراد أن يقرأ في المصحف على غير طهارة لم يمسه؛ ويصفحه بعود أو بشيء. "مسائل صالح" (1327) قال المروذي: قال الإمام أحمد: لا يمس الدراهم إلا طاهرًا، كما لو كان مكتوبًا في ورقة. وقال في رواية أبي طالب: يجوز. "الأحكام السلطانية" 180 272 - الحائض تسبح وتكبر وتذكر اللَّه؟ قال ابن هانئ: وسئل عن الحائض تسبح وتكبر؟ قال: لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (152) ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" 1/ 47 - 48 (112) عن مصعب بن سعد قال: كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص، فاحتككتُ، فقال: لعلك مسست ذكرك، فقلت: نعم، قال فقم فتوضأ.

273 - المرور بالمسجد والجلوس به

273 - المرور بالمسجد والجلوس به قال إسحاق بن منصور: قلتُ: يجلسُ الجُنُبُ في المسجدِ أو يمرُّ بِهِ مارًا؟ قال: إذا توضَّأ فلا بأسَ أن يجلسَ فيه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (85) 274 - هل يجوز كتابة شيء فيه ذكر اللَّه لأهل الذمة؟ نقل عنه الأثرم: يجوز أن يكتب إلى أهل الذمة كتاب فيه ذكر اللَّه، قد كتب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المشركين (¬1). "الفروع" 1/ 196 275 - هل يجوز للرجل أن يغزو ومعه مصحف؟ نقل عنه إبراهيم بن الحارث: لا يجوز للرجل أن يغزو ومعه مصحف، وقيل: إلا مع غلبة السلام. "الفروع" 1/ 196 ¬

_ (¬1) من ذلك ما كتبه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى هرقل ملك الروم، رواه البخاري (7)، ومسلم (1773).

276 - ما للرجل من امرأته وهي حائض

276 - ما للرجل من امرأته وهي حائض قال إسحاق بن منصور: قلتُ: ما يصلح للرجل من امرأته حائضًا؟ قال: ما دون الجِمَاعِ، يقبلها ويباشرها ويتوضأ منهما. قال إسحاق: كما قال، حتَّى لو جامعها دون الفرجِ فأنزل لم يكن به بأس. حتَّى لقد قال الحكم: لا بأسَ أن يضعَ فرجَه على فرجِهَا ما لم يدخله (¬1)، والنخعي يقول: إن أمَّ عمران لتعلم أنِّي أطعن بين أليتيها وهي حائض (¬2). "مسائل الكوسج" (56) قال إسحاق بن منصور: قلت: هل يباشر الرجل الحائض؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (736) قال ابن هانئ: قلت: ما للرجل من المرأة الحائض؟ قال: ما فوق الإزار، وأرجو أن لا تضيق عليه ما دونه. "مسائل ابن هانئ" (159) قال حنبل: سمعت أبي عبد اللَّه يقول في الحائض: تقبل وتلمس، وإذا جامعها كان بينهما إزار إلى السرة، وإلى الركبة، ويباشرها. "النكت والفوائد السنية" 1/ 25 ¬

_ (¬1) "المحلى" 10/ 79. (¬2) رواه الدارمي في "السنن" 1/ 694 (1075).

277 - كفارة من أتى امرأته وهي حائض

277 - كفارة من أتى امرأته وهي حائض قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجل يأتي امرأتَه وهي حائضٌ؟ قال: كأنه مخير في الدينار ونصف دينار. قال إسحاق: إنما هو مخير بين أن يعتقَ رقبة إن شاء وبين أنْ يتصدَّقَ بدينارٍ أو نصف دينار معناه: إنْ كان الدمُ عبيطًا فدينار، وإن كان الصفرة فنصف دينار، وقلنا العتق لما روى الحسن: أنه يعتق رقبة (¬1). "مسائل الكوسج" (737) قال إسحاق بن منصور: قال لي إسحاق: وأمَّا الذي يأتي امرأتَه وهي حائضٌ، فإنَّ كَفَّارةَ ذَلِكَ أن يتصدَّقَ بدينارٍ إذا أتاها في فور حيضتها، وإذا صار ذَلِكَ إلى الرقة وانقطاعها تصدق بنصف دينار، وإن كان بعد ذَلِكَ عند الطهر أو نحوها يتصدق بخمسي دينار على ما أمرَ عمرُ بن الخطاب رضي اللَّه عنه (¬2)، وإن طهرت ولم تغتسل فأقل ما وصفنا، لأن حكم الدينار على فور الدم. "مسائل الكوسج" (3448) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الرجل يأتي امرأته وهي حائض؟ قال: ما أحسن حديث عبد الحميد فيه (¬3). ¬

_ (¬1) روى عبد الرزاق 1/ 329 (1267) عن الحسن أنه كان يقيسه بالذي يقع على أهله في رمضان، عتق الرقبة. حكاه ابن المنذر في "الأوسط" 2/ 210 عن سعيد بن جبير. (¬2) رواه البيهقي 1/ 316 من طريق عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن عمر مرفوعًا وقال: وهو منقطع بين عبد الحميد وعمر. (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 230، وأبو داود (264)، والنسائي 1/ 153 وابن ماجه (640) كلهم من طريق عبد الحميد، عن مقسم، عن ابن عباس مرفوعًا في الذي =

278 - وطء المبتدأة إذا طهرت بعد يوم واحد

قلت: فتذهب إليه؟ قال: نعم، إنما هو كفارة. قلت: فدينار أو نصف دينارٍ؟ قال: كيف شئت. "مسائل أبي داود" (177) قال ابن هانئ: قلت: الرجل يأتي امرأته وهي حائض؟ قال: يتصدق بنصف دينار. "مسائل ابن هانئ" (159) نقل أبو طالب عنه: يستغفر اللَّه ولا شيء عليه. "الروايتين والوجهين" 1/ 101 278 - وطء المبتدأة إذا طهرت بعد يوم واحد قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن الجارية الصغيرة تحيض يومًا واحدًا ثم ينقطع عنها الدم، ولها زوج؟ قال: لا يعجبني أن يأتيها زوجها، يتوقى ذلك حتى يعلم أيام حيضها التي بدأت تحيض لها. "مسائل ابن هانئ" (167) ¬

_ = يأتي امرأته وهي حائض قال: "يتصدق بدينار أو بنصف دينار". وصححه الألباني في "الإرواء" (197).

279 - الجنب يريد أن يأكل أو يشرب أو ينام

279 - الجنب يريد أن يأكل أو يشرب أو ينام قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الجُنُبُ إذا أرادَ أَنْ يأكلَ أو يشربَ أو ينامَ؟ قال: أمَّا إذا أراد أنْ يأكلَ أو يشربَ يغسلُ يدَه وفمَه، ولا ينام إلَّا متوضئًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (58) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا جامع امرأته فأرادَ أنْ يعودَ؟ قال: إنْ توضأ أحبُّ إلي وإنْ لمْ يفعلْ فأرجو ألَّا يكون بِهِ بَأسٌ. قال إسحاق: كما قال. ولكن لا يَدَعَنَّ غَسْلَ فرجِهِ إذا أرادَ العود. ذكر ذَلِكَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعدَ ذكرِ الوضوءِ (¬1). وقال ابن سيرين: مثل ذَلِكَ (¬2). فإنه أحرى. "مسائل الكوسج" (65) قال صالح: وسئل أبي وأنا شاهد عن الرجل يغشى أهله، ثم يريد أن يعود؟ فقال: يتوضأ أحب إلي. "مسائل صالح" (416) قال صالح: وسألته عن الجنب: يأكل أو يشرب؟ ¬

_ (¬1) حديث الوضوء لمن جامع وأراد أن يعود رواه مسلم (308) من حديث أبي سعيد وروى البخاري (288) من حديث عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه، وتوضأ للصلاة. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 1/ 79 (873).

قال: هو أسهل من النوم، والنوم يتوضأ. "مسائل صالح" (433) قال صالح: وسألته عن الرجل تكون له الجواري يأتيهن أجمع؟ قال: إذا أراد أن يعود يتوضأ. قلت: أو كذا الحرائر؟ قال: نعم. "مسائل صالح" (434) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الجنب يأكل؟ قال: إذا توضأ. "مسائل أبي داود" (130) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يطوف على نسائه بغسل واحد (¬1)؟ قال: يتوضأ كلما أراد أن يعود. "مسائل أبي داود" (131) قال ابن هانئ: سألته عن الجنب يأكل ويشرب وينام قبل أن يتوضأ؟ قال: يتوضأ، أحرز له. "مسائل ابن هانئ" (115) قال ابن هانئ: قلت: يجب لمن جامع، أن لا ينام حتى يتوضأ وضوءه للصلاة؟ قال: ما أحسنه، يتوضأ، ثم قال: أما أنا فربما كان الغسل أحب إلي من الوضوء وأخف عليَّ، ثم قال: أما أنتم يا أهل خراسان فيشتد هذا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 225، والبخاري (268)، ومسلم (309) من حديث أنس.

280 - الجنب يغتسل ويستدفئ بامرأته قبل أن تغتسل

عليكم جدًا. فكأنه أمر بالوضوء. "مسائل ابن هانئ" (122) قال ابن هانئ: قال أبو عبد اللَّه: وقال عبد الأعلى، عن سعيد، عن أبي معشر، عن النخعي، عن الأسود -أو عبد الرحمن بن يزيد- قال غندر عن الأسود. ورواه الأعمش، ومنصور، والحكم، عن إبراهيم، عن همام، قيل له: أفترى لمن احتلم وأراد الأكل والشرب أن يتوضأ؟ قال: ما أحسنه، ويتوضأ وضوءه تامًّا. "مسائل ابن هانئ" (128) قال مثنى بن جامع: سألته: الجنب ينام من غير أن يتوضأ، هل ترى عليه بأسًا؟ فلم يعجبه، وقال: يستغفر اللَّه. "فتح الباري" لابن رجب 1/ 358 280 - الجنب يغتسل ويستدفئ بامرأته قبل أن تغتسل قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الجنبُ إذا اغتسل يَسْتَدْفِئُ بامرأته قبلَ أنْ تغتسلَ؟ قال: نعم، ولكن إذا بَاشَرَهَا أَوْ قَبَّلَهَا مِنْ شَهْوةٍ فعليه الوضوءُ لحديث مسعود -رضي اللَّه عنه-: القبلةُ مِنَ اللَّمْسِ (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (67) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 133 (500)، وابن أبي شيبة 1/ 49 (492) والدارقطني 1/ 145 وصححه.

281 - مصافحة الجنب والحائض ومجالستهم ومصافحة أهل الكتاب

281 - مصافحة الجنب والحائض ومجالستهم ومصافحة أهل الكتاب قال إسحاق بن منصور: قلتُ: مصافحةُ اليهودي والنَّصراني والمجوسي؟ قال: أتوقاه: قلتُ: الجُنُب والحائض؟ قال: لا بأس بِهِ. قال إسحاق: كما قال، لأنَّ في مصافحةِ غيرِ أهلِ الملَّةِ تعظيمًا، وقد أُمِرْنَا بِتَذْلِيلهِم، إلَّا أنْ تكونَ حاجة، أو أردت أنْ تدعوه إلى الإسلام، وَمَا أشبه ذَلِكَ مِنْ أمْرِ الآخرةِ كالسلامِ ليسَ لَكَ أنْ تَبْدَأهُ لِمَا فِيهِ تعظيم وتشبيه بتحيةِ المسلم، فإذَا كانَتْ حاجة إليه فَلَكَ أنْ تَبْدَأهُ بالسَّلامِ، ومعنى قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تبدءوهم بالسلام" (¬1)؛ لما خاف أنْ يدَّعوا ذَلِكَ أمانًا وكان قد غدا إلى اليهود. "مسائل الكوسج" (54) قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يصافح الجنب؟ فقال: لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (119) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 263، ومسلم (2167)، وأبو داود (5205)، والترمذي (1602)، وعبد الرزاق 6/ 10 (9837)، والطحاوي في "شرح المعاني" 4/ 341، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 140 - 141 من حديث أبي هريرة.

282 - الجنب يأخذ من شعره وأظفاره

282 - الجنب يأخذ من شعره وأظفاره قال ابن هانئ: سألته عن الجنب يأخذ من شعره وأظفاره؟ قال: لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (130) 283 - الخضاب والزينة للحائض قال ابن هانئ: سألته عن المرأة تختضب وهي حائض؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (149) 284 - طبخ الحائض وعجنها قال حرب: قلت: تدخل يدها في طعام وشراب، وخل، وتعجن وغير ذلك؟ قال: نعم. "الفروع" 1/ 264. 285 - المرأة تشرب دواء يقطع الدم عنها قال إسحاق بن منصور: قلت: المرأةُ تشربُ دواءً يقطعُ الدمَ عنها؟ قال: إذا كان دواء يعرف فلا بأسَ به. قال إسحاق: كلما لم تُرد بذلك إسقاط ما في البطنِ فلا بأس به. "مسائل الكوسج" (735)

286 - صلاة الحائض وصيامها إذا انقطع عنها الدم

286 - صلاة الحائض وصيامها إذا انقطع عنها الدم قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: والحائضُ إذا أصبحت فرأت بعد طلوع الشمس طهرا بقي من أيام حيضتها فلها أن تتلوم الغسل إلى آخر وقت العصر، فإن رأت دما فهو الحيض؛ لأن الحائض في وقتها لا ترى الدم مستمرًا قد تطهر، ثم يعاودها الدم. "مسائل الكوسج" (764) قال أبو داود: قلت لأحمد: امرأة لها أيام معلومة كانت تقعد ستة أيام، فإذا كان خمسة أيام رأت الطهر نهارها ثم ترى من الليل دما، عرفت ذلك من حيضها؟ قال: متى ما رأت الطهر اغتسلت وصلت إلا أن تكون عرفت ذلك من أيامها. "مسائل أبي داود" (165) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: إذا كانت حائض رأت الطهر فاغتسلت، ثم طافت بالبيت ثم نفرت، ثم عاودها الدم إنها لا ترجع. وكذلك إذا كانت النفساء رأت الطهر بعد عشرين يومًا فاغتسلت وصلت وصامت خمسة أيام ثم رأت الدم؟ قال: أجزأ عنها هذا الصوم، وتصوم فيما بقي وتقضي؛ تحتاط، ولا تقضي الأيام التي صامت وهي طاهرٌ، وكذلك الحائض. "مسائل أبي داود" (166) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن امرأة حاضت في أيامها، فرأت الدم أول يوم، ويوم الثاني، ثم انقطع عنها الدم، حتى انقضت أيامها، أتصلي تلك التي لم تر فيها الدم، وهي أيامها التي كانت تجلس فيها سبعة؟

قال أبو عبد اللَّه: تصلي. قلت له: لم تصلِّ، تعيد صلاتها؟ قال: نعم، تعيد هذِه الصلاة التي انقطع عنها الدم فيها. قلت لأبي عبد اللَّه: فإذا طهرت، تصلي أيضًا؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (143) قال ابن هانئ: وسئل عن المرأة ترى الدم في أربعة أيام، أو خمسة أيام، ثم ينقطع؟ قال: تصلى. قيل له: فإن كان سبعة، أو تسعة، وهي تعرف أيامها سبعة، ثم انقطع عنها الدم؟ قال: تصلي هذِه الأيام التي انقطع عنها فيها الدم. "مسائل ابن هانئ" (144) قال ابن هانئ: وسئل عن امرأة رأت الدم يوما أو يومين، ثم انقطع عنها حتى رأته بعد أيام إقرائها، هل عليها صلاة التي انقطع عنها الدم فيها؟ قال: تصلي تلك الأيام، إلا أن تكون لم تره بعد الأيام، فعليهما أن تعيد صلاة تلك الأيام. "مسائل ابن هانئ" (150) قال الأثرم: قيل له: فإن أحبت أن تقضيها؟ قال: لا، هذا خلاف السنة. "الفروع" 1/ 260، "الإنصاف" 2/ 365

فصل في الاستحاضة وأحكامها

فصل في الاستحاضة وأحكامها 287 - في الوضوء والصلاة للمستحاضة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المستحاضةُ تغتسلُ عند كلِّ صلاةٍ؟ قال: إنِ اغْتسلَتْ فهو أحوط لها، وإنْ جمعَتْ بين الصلاتينِ أجزأها، وإن توضَّأَتْ لكلِّ صلاةٍ أجزأَهَا. قال إسحاق: كمَا قال سواء. "مسائل الكوسج" (733) قال إسحاق بن منصور: سألت الإمام أحمد بن حنبل عن حديث مجالد عن الشعبي، كأنه حكم؟ قال: فإذا كان دمها لا ينفصل فليس فيه سنة، فإذا كان لها أيَّامٌ معروفة فقد قال لها رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "امكثي قدر ما كانت تحبس حيضتك" (¬1) فلم يعديها قدر ما كانت تحبسها حيضتها، فإذا وصفت من دمها ما وصفت حمنة من أنه يثج (¬2) ويغلبها فهذِه الصفة غير صفة فاطمة، فأمَرَ فيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "تلجمي وتحيضي في اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ستًّا أو سبعًا" (¬3) ثم تصلي سائر الشهر. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (742) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المستحاضة تغتسل عندَ كلِّ صلاةٍ؟ ¬

_ (¬1) رواه مسلم (334). (¬2) الثجُّ: سَيَلان الدم. (¬3) سبق تخريجه.

قال: إنْ قويتْ على ذلك، وإنْ جمعَتْ بين كلِّ صلاتينِ، وإلَّا الوضوء يجزئها. قُلْتُ: قال: تؤخر من ذا وتعجل من ذا. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (748) قال إسحاق بن منصور: سألت أحمد عن المستحاضةِ توضَّأتْ لصلاةِ الفجرِ، ثم طلعت الشمسُ، وهي تريدُ أنْ تقضيَ صلاةَ الفائتةِ أتُصلِّي بوضوئها ذلك إلى دخولِ وقت الظهرِ؟ قال: لا، ولكن تتوضأ؛ لأنَّها خرجَتْ من وقتِ الفجرِ. قال إسحاق: أصابَ؛ لأنَّ المستحاضةَ عليها الفرضُ أن تتوضأ بوقت كل صلاة، فلما طلعت الشمسُ ذهبَ وقتُ الغداةِ وصار وضوؤها منتقضًا، فإنْ أرادت أن تُصلِّيَ تطوعًا أو تقضي فوائت أو تصلي على الجنائزِ أو العيدين فإنَّ عليها أن تحدثَ وضوءًا بعد طلوعِ الشمس، ويجزئها ذلك إلى زوالِ الشمس، فإذا زالتِ الشمسُ فلابد لها مِنَ الوضوءِ للمكتوبة إلى أولِ وقت العصر، تصلي أبدًا بين أولِ الوقتِ إلى آخره ما شاءت من التطوع وقضاء الفوائت وكل شيءٍ لا يصنع إلا بطهارة، فإذا دخلَ وقتُ صلاةٍ أخرى جددت الوضوء، ثم كذلك في كلِّ صلاةٍ كما وصفنا. "مسائل الكوسج" (758) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما التي لها وقتٌ معلوم في الشهورِ التي مضت، ثم استمر بها في بعض الشهور، فعليها أنْ تجلسَ إلى الوقتِ الذي اعتادت قبل ذلك ولو يومًا واحدًا إلى خمسة عشر يومًا؛ لأنَّ

كلَّ ذلك قد صحَّ أنْ يكونَ لهن وقت، وذلك إذا عرفت أيام أقرائها، فإنها تجلس كذلك. "مسائل الكوسج" (760) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا إذا لم تعرفْ وقتَ الأقراء، ولم تعرفِ الإقبالَ مِنَ الإدبارِ واختلطَ عليها أمرُه لما طالت استحاضتها فهي امرأة مبتلاة، فحكمُهَا حينئذٍ ما حكمَه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لحمنة بنت جحش حيث جعلَ لها في الشهر حيضة وطهرًا على مذهبِ القرآن حيث وصفَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ثلاث حيض للاتي لم يحضن، ثم جعل للائي يئسن أو للتي ارتابت ثلاثة أشهر بدل كل حيضة شهرًا، فلذلك جعلنا للمبتلاةِ المختلطة عليها حيضها من استحاضتها شهرًا، وتتحرى هذِه الأيام السبعة من الشهرِ أي وقت كان يكون فيها ترى دمها فتجلس السبعة الأيام التي كانت أكبر وهمها. "مسائل الكوسج" (761) قال إسحاق بن منصور: سُئلَ إسحاق، فقال: أمَّا وقت الحائضِ أقصاه وأدناه فإنه ليس فيه وقت مُوَقَّت عند أهلِ العلمِ، إنما تجلس قروءها، وكلّ امرأةٍ تستحاض فإنهَّا ترد إلى أقرائها، لا تكون إحداهن في استحاضتها حكمها حكم غيرها من النساء تغتسل عند انقضاء قرئها، ثم تتوضأ لكلِّ صلاةٍ، فإنْ أخرتِ الظهرَ إلى العصرِ وتغتسل لهما وتجمع بينهما كان أفضل، وكذلك المغرب والعشاء وللصبح غسلًا واحدًا، إلا أنها لا تضم إليها صلاة فيجتمعان، والوضوءُ لكلِّ صلاةٍ جائز. "مسائل الكوسج" (765)

قال صالح: وسألته عن امرأة جلست أيامها، ثم طهرت، ثم عاودها الدمُ؟ قال: تصلي ولا تلتفت إليه، وتتوضأ لكل صلاة. "مسائل صالح" (31) قال صالح: قال: للمستحاضة سنن، فإذا جاءت، فزعمت أنها مستحاضة، سئلت عن شأنها، فإذا زعمت أنه كان لها أيام معلومة تجلسها في وقت معلوم، قيل لها: إذا جاء ذلك الوقت من الشهر فاجلسي عدد تلك الأيام التي كنت تجلسين فيما خلا، فإذا جاوزت تلك الأيام، فاغتسلي غسلًا واحدًا، ثم توضئي لكل صلاة وصلي، وإن شاءت اغتسلت لكل صلاة، فذلك أكثر ما جاء فيه. وإن شاءت جمعت الظهر والعصر بغسل، وبين المغرب والعشاء بغسل، واغتسلت للصبح غسلًا، فهذا وسط ما جاء فيه، وإن توضأت، فهو أقل ما جاء فيه، وهو يجزئها إن شاء اللَّه. والحجة في أن الوضوء يجزئها قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما ذلك عرق وليست بالحيضة" (¬1) فلا يكون الغسل من غير الحيضة. وهذِه سنة التي كانت تعرف وقت جلوسها، وعدد أيام جلوسها، وهذا في حديث نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة (¬2). وسنة أخرى للمستحاضة: إذا جاءت، فزعمت أنها كانت تستحاض فلا تطهر، قيل لها: أنت الآن ليس لك أيام معلومة فتجلسينها، ولكن ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه من حديث فاطمة بنت أبي حبيش. (¬2) رواه مالك 1/ 68 - 69 (172) عن نافع به، ورواه الإمام أحمد 6/ 320، وأبو داود (274)، والنسائي 1/ 119 - 120 من طرق عن مالك، به. ورواه ابن ماجه (623) من طريق عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع به.

انظري إلى إقبال الدم وإدباره، فإذا أقبلت الحيضة، -وإقبالها: أن تري دما أسود يعرف، فإذا تغير دمها، فكان إلى الصفرة والرقة: فذلك دم الاستحاضة- فاغتسلي وصلي ثم توضئي لكل صلاة. وإن لم ينقطع الدم إلى خمس عشرة، فلا ينظر بعد خمس عشرة إلى الدم، ولتكن بعد خمس عشرة مستحاضة، لأن أكثر الحيض خمس عشرة فهذِه سنة التي لم تكن تعرف أيامها. وهذا في حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أن فاطمة ابنة أبي حبيش سألت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل صالح" (125). ونقلها ابن هانئ في "مسائله" (162) قال صالح: قلت: حديث فاطمة بنت أبي حبيش في المستحاضة، رواه أبو الزبير، عن جابر، عن فاطمة بنت قيس في المستحاضة (¬1)؟ قال أبي: ليس هذا بشيء. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا ابن جريج، قال: حدثني هشام بن عروة، عن عروة، أن عائشة حدثته أن فاطمة بنت أبي حبيش جاءت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وكانت تستحاض فقالت: يا رسول اللَّه! ما أطهر، أفأترك الصلاة أبدًا؟ قال: "إنما ذاك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي" (¬2). "مسائل صالح" (507) ¬

_ (¬1) رواه الدارقطني 1/ 219 من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير، به، وقال: تفرد به جعفر بن سليمان، ولا يصح عن ابن جريج، عن أبي الزبير، وهم فيه، وإنما هي فاطمة بنت أبي حبيش. (¬2) تقدم تخريجه، ورواه أيضًا عبد الرزاق 1/ 303 (1165) عن معمر، عن هشام، به.

قال صالح: وقال: أذهب إلى أن تغتسل المستحاضة عند انقطاع الدم، وتتوضأ لكل صلاة. وقال: هذا أقل ما نأمرها، فإن جاءت بغسل لكل صلاة فهو أفضل. "مسائل صالح" (1127) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: المستحاضة إذا كان لها أيام معلومة قعدت أيامها فإن أطبق عليها الدم حتى لا تعرف أيامها اعتبرت الدم، إذا أقبل الدم تركت الصلاة، وإذا أدبر صلت. "مسائل أبي داود" (158) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: دم الحيض كيف يعرف لونه، إذا أقبلت الحيضة؟ فقال: دم الحيض أسود. "مسائل أبي داود" (159) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: يروى في الحيض حديث ثالث حديث عبد اللَّه بن محمد بن عقيل (¬1) في نفسي منه شيء. "مسائل أبي داود" (160) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: حديث الجَلْدِ بن أيوب في الحيض (¬2)؟ ¬

_ (¬1) يعني حديث حمنة بنت جحش المتقدم تخريجه. (¬2) رواه عبد الرزاق 1/ 299 - 300 (1150)، والعقيلي في "الضعفاء" 1/ 205، وابن حبان في "المجروحين" 1/ 211، وابن عدي في "الكامل" 2/ 436، والدارقطني 1/ 209، والبيهقي 1/ 322 كلهم من طريق الجلد بن أيوب، عن معاوية بن قرة، عن أنس قال: الحيض ثلاث وأربع وخمس وست وسبع وثمان وتسع وعشر، وفي بعض الروايات: الحيض ثلاث إلى عشر، فما زاد فهي مستحاضة. وقد أنكره جمع من الأئمة، انظر مصادر التخريج.

قال: لا أذهب إليه، أحاديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خلاف ذاك. "مسائل أبي داود" (161) قال أبو داود: سمعت أحمد سئلَ عن المستحاضة تغتسل لكل صلاة؟ قال: إذا اغتسلت أخذت بالثقة، وإن توضأت لكل صلاة أرجو أن يجزئها. وسمعته يقول: أرجو أن يكفيها غسلها من الحيض، ثم توضأ بعد لكل صلاة. "مسائل أبي داود" (174) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه: وسئل عن المستحاضة إذا جاوزت أيام الحيض؟ قال: تغتسل ثم تتوضأ، وإن توضأت أجزأها. "مسائل ابن هانئ" (145) قال ابن هانئ: وسئل عن المستحاضة؟ فقال: للمستحاضة سنن، إن جاءت المستحاضة فقالت: إني مستحاضة، سئلت عن شأنها: فإن قالت: إنه كان لها أيام تجلسها معلومة، في وقت معلوم. قيل لها: إذا جاء ذلك الوقت من الشهر فاجلسي تلك الأيام التي كنت تجلسين فيما خلا، فإذا جازت تلك الأيام، فاغتسلي غسلا واحدًا ثم صلي، ثم توضئي لكل صلاة. قلت له: فتغتسل لكل صلاة. قال: هذا أشد شيء جاء فيه وأكثره. وقال: وإن شاءت جمعت بين الظهر والعصر بغسل، وبين المغرب والعشاء بغسل، واغتسلت للصبح غسلا واحدًا، وهذا أوسط ما جاء فيه.

قلت له: فإن توضأت يجزئها؟ قال: تتوضأ، فهو أقل ما جاء فيه، وهو يجزئها -إن شاء اللَّه. قلت: ما الحجة في أن الوضوء يجزئها؟ قال: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما ذلك عرق، وليست بالحيضة". "مسائل ابن هانئ" (161) قال ابن هانئ: وسئل عن المرأة الحائض إذا جاوزت الخمس عشرة؟ قال: تغتسل وتتوضأ وتصلي. قيل له: الأيام التي مضت؟ قال: تعيدها. "مسائل ابن هانئ" (168) قال ابن هانئ: وسألته عن المستحاضة؟ قال: تغتسل وتتوضأ لكل صلاة. "مسائل ابن هانئ" (170) قال عبد اللَّه: سألت أبي رحمه اللَّه فأملى عليَّ، قال: إذا كانت المرأة ممن تحيض، ولها أيام معلومة من الشهر، تحبسها، فإن استمر بها الدم، فإنها تقعد ما كانت تحبسها حيضتها، فإذا مضت تلك الأيام، اغتسلت غسلًا، وتوضأت لكل صلاة، حتى يأتي الشهر الآخر. فإن استمر بها الدم أيضًا حتى تمضي تلك الأيام التي كانت تحيضها، فإنها تحبس الأيام التي كانت تحيضها، ثم هي بعد ذلك مستحاضة، وهي التي قال لها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اجلسي قدر ما تحبسك حيضتك" فإن كانت هي في معنى مثل فاطمة بنت أبي حبيش إذ قالت لرسول اللَّه: إني أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟

قال: "إنما ذلك عرق، وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي". فلم تخبر أن لها أيامًا معلومة، كما قال للأولى: "اجلسي أيام محيضك". وإقبال الدم إن يقبل أسود خاثرًا، وإدباره أن يدبر وهو متغير عن السواد إلى الصفرة، فهي في إقباله حائض، وفي إدباره مستحاضة. وقد جاءته حمنة فقالت: يا رسول اللَّه إني استحضت حيضة منكرة، وإنه ثج ويغلبني، فأخبرت من غلبة الدم لها، ما لم تخبر فاطمة، فقال لها: "تحيضي -في علم اللَّه- ستًّا أو سبعًا، ثم صلي". فهذِه سنن رويت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، حكم لكل واحدة منهن بحكم على مثل ما سألت عنه، وقد روي عن الزهري، عن عروة، من حديث محمد بن عمر، وأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لفاطمة: "إن دم الحيضة تعرق". قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: قال ابن عباس أنها بإثر الدم الذي هو الدم بعد أيام محيضها، أن ترى إلا كغسالة ماء اللحم. "مسائل عبد اللَّه" (162) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن امرأة مستحاضة لها خمس سنين ليس تطهر، لا رمضان ولا غيره، وما تقول في قضاء رمضان؟ تقضي كله أو تقضي التي كانت تفطر فيه؟ فقال: إن كان دمها دمًا ينفصل فيعرف إقباله من إدباره، وإقباله: أن يقبل أسود فيمكث أيامًا أو ما شاء اللَّه من ذلك، وهو أسود. ثم يدبر فيكون إلى الرقة والصفرة، فما أقبل من الدم أسود فهو حيض وما أدبر إلى الصفرة فهو استحاضة. فإذا ذهب الأسود اغتسلت غسلًا، وتوضأت

لكل صلاة، حتى يحين الأسود أيضًا، فتفعل كما فعلت. إذا أقبل الأسود تركت الصلاة، فإذا أقبلت الصفرة اغتسلت وتوضأت لكل صلاة، فإن كانت تعرف فيما خلا من حيضها الأسود من الأصفر، فصامت في الأيام التي كان فيها أسود، قضت تلك الأيام التي صامتها، لا يجزئها أن تصوم، وإن كانت صامت في الصفرة فهو يجزيها. "مسائل عبد اللَّه" (171) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن امرأة مستحاضة تقضي صوم رمضان إذا كانت وجعة بعد العلة، وقد تمت أيامها، تترك الصلاة والصوم، أو تقضي صومها أو لا تقضيه؟ فقال: إذا كان للمرأة أيام معلومة لحيضها، فإنها لا تصوم ولا تصلي في تلك الأيام، فإن استمر بها الدم بعد أيامها فهي مستحاضة، تصوم وتصلي وتقضي صومها في تلك الأيام، فإن كان عليها وقد أجزأها وهي له بمنزلة الطاهر، إلا في غشيان زوجها لها، فروي عن عائشة: أنه لا يغشاها إذا كانت مستحاضة (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (172) نقل حنبل عنه في المستحاضة: تحيض اليقين يومًا وليلة من كل شهر؛ لأن ما زاد عليه مشكوك فيه. ونقل محمد بن الحكم: تحيض ستًا أو سبعًا من كل شهر. "الروايتين والوجهين" 1/ 102 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 537 (16954)، والدارمي في "سننه" 1/ 621 (857)، والدارقطني 1/ 219.

288 - النفساء إذا رأت النقاء

روى عنه حرب: نذهب إليه ما أحسنه من حديث -أي: حديث حمنة. "الباري" لابن رجب 2/ 64 288 - النفساء إذا رأت النقاء قال يعقوب: سألت أبا عبد اللَّه عن المرأة إذا ضربها المخاض، فتكون أيَّامها عشرًا، فترى النقاء قبل ذلك، فتغتسل ثم ترى الدم من يومها؟ قال: هذا أقل من يومٍ، ليس عليها شيء. "المغني" 1/ 429 (¬1) 289 - إذا انقطع الدم ثم سال وهي في الصلاة؟ قال أحمد بن القاسم سألت أبا عبد اللَّه، فقلت: إن هؤلاء يتكلمون بكلام كثير ويوقتون بوقت، يقولون: إذا توضأت للصلاة وقد انقطع الدم ثم سال بعد ذلك قبل أن تدخل في الصلاة تعيد الوضوء، ويقولون: إذا كان الدم سائلًا فتوضأت ثم انقطع الدم قولا آخر؟ قال: لست انظر في انقطاعه حين توضأت سال الدم أم لم يسل، إنما أمرها أن تتوضأ لكل صلاة فتصلي بذلك الوضوء النافلة والفائتة حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى. "المغنى" 1/ 424، "شرح العمدة" 1/ 497 ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ورد في ملحق التصويبات بآخر الكتاب ما نصه: مسألة "النفساء إذا رأت النقاء" تنقل إلى فصل: دم النفاس وأحكامه.

290 - المستحاضة يغشاها زوجها

290 - المستحاضة يغشاها زوجها قال إسحاق بن منصور: قلت: المستحاضة تطوف بالبيت ويأتيها زوجها؟ قال: تطوف بالبيت، ولا يأتيها زوجها، إلا أن يطول بها ذلك. قال إسحاق: يأتيها زوجها، الصلاة أعظم، وذلك إذا كانت استحاضة بينه. "مسائل الكوسج" (734) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما الزوج فإنَّ له أن يأتي المستحاضة إذا كانت تعرف وقتَ أقرائها، وأمَّا إذا جعلتها مستحاضة بالتحري فما كفَّ عن جماعِهَا فهو أَسْلمُ له حتَّى يتبينَ لها طهرُها من حيضتها أو تكون استحاضة بينة، وأمَّا إذا كان أيامها معلومة فترى الطهرَ بين ذلك فلها أن تتربص إن كان نهارًا إلى آخرِ وقتِ العصرِ قَدْرَ ما اغتسلت إن أمكنها أَنْ تصلِّيَ الظهرَ والعصرَ ثم تغرب، أو الظهر وركعة من العصر ثم تغرب، فإن تربصت قدر ذلك ثم رأت دمًا فهو من حيضِهَا هذا؛ لأنَّ خلقةَ المرأةِ تكونُ ألوانًا إمَّا: دم أحمر، أو أصفر، أو كدرة. "مسائل الكوسج" (762) قال أبو داود: قلت لأحمد: المستحاضة يأتيها زوجها؟ قال: لا يعجبني. "مسائل أبي داود" (175) نقل عنه المروذي: لا يجوز إلا عند الضرورة وخوف العنت. "الروايتين والوجهين" 1/ 103

291 - المستحاضة تنظر في المصحف وتقرأ؟

روى عنه حرب: المستحاضة لا يغشاها زوجها إلا أن لا يصبر. وروى علي بن سعيد عنه: لا يأتيها زوجها إلا أن يغلب ويجيء أمر شديد لا يصبر. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 182 291 - المستحاضة تنظر في المصحف وتقرأ؟ قال ابن هانئ: وسئل عن المستحاضة تنظر في المصحف وتقرأ؟ قال: نعم؛ لأنها إن كانت تستحاض، فإنها تصلي وتصوم. "مسائل ابن هانئ" (146)

فصل في دم النفاس وأحكامه

فصل في دم النفاس وأحكامه 292 - أكثر النفاس وأقله، وما يجب على النفساء قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كم تقعدُ النُّفَساءُ؟ قال: أربعينَ يومًا إذا رأتِ الدم، إلا أنْ تطهرَ قبل ذلك. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (740) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاق: رجل جَامعَ امرأتَه وهي نفساء قبلَ الأربعين، وربما طهر وربما رأت الدم؟ قال: كلما طهرت قبل الأربعين فإنَّ الصلاةَ لازمة لها، ولكن يكف الزوجُ عن غشيانها حتى تُقضى الأربعون، فإن فعلَ وهي طاهر قبلَ الأربعين، فقد أساء ولا كَفَّارةَ عليه، وإنْ كانَتْ في الأربعينَ فجامعَهَا فعليها ما على الحائضِ سواء. "مسائل الكوسج" (756) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: إذا طهرتْ دونَ الأربعينَ صامَتْ؟ قال: إذا لم تَرَ الدمَ في الأربعين، ورأت بعد الأربعين فصومُهَا جائزٌ. ثم قال: وإن رأت دون الأربعين فصومها جائز، أرأيت إن رأت في عشرين فطافت بالبيت، ثم صارت الكوفة في خمسة عشر، ثم رأت الدم، آمرها أنْ ترجعَ إلى مكَّةَ! قال إسحاق: كلما كان الطهرُ دون الأربعين حتَّى استمر الطهر بها فإن ذلك طهرٌ، فإن تمادى الطهر وجاز الأربعين، ثم رأت دمًا فهو حيضٌ مستقبل، ولو كان يوم حادي وأربعين، فما كان من طوافها، وقد استمر

الطهر بها فإن ذلك جائزٌ، فإنْ عاودَها الدمُ قبلَ الأربعين فقد قال قومٌ إنَّ بين الطهرِ ومعاودة الدم خمسة عشر يومًا. قال: كل ما عملت في ذلك الطهر فهو جائز كله، وهذا من أحسن ما سمعنا في ذلك. "مسائل الكوسج" (757) قال صالح: قال: سألت أبي عن امرأة نفساء رأت الطهر في أقل من ثلاثين يومًا، فمكثت أربعة أيام طاهرًا، ثم رأت في كل يوم بعد ذلك شيئًا كالكدرة، حتى كان الأربعين فرأت الدم الأسود، فليس ينقطع؟ قال: أما ما عاودها من الدم فيما بينها وبين الأربعين: فقد يكون استحاضة أو بقية نفاس أو حيض، فالاحتياط لها: أن تصلي وتصوم، ثم تعود للصوم؛ لأنه إن كان نفاسا أو حيضا لم يجزئها الصوم، وأما ما كان بعد الأربعين: فإن كان في أيام كانت تعرفه من أيامها التي كانت تعرفها: فهي استحاضة، فهي تصوم وتصلي، ولا تعيد الصوم. "مسائل صالح" (124) قال صالح: قال أبي: وأكثر النفاس في قول أهل الحديث: أربعون، وفي قول أهل المدينة: أكثره ستون، والحجة فيه: قول عثمان بن أبي العاص، وعائذ بن عمرو، وعمر بن الخطاب، وأنس (¬1). ¬

_ (¬1) أما أثر عثمان فرواه الدارمي 1/ 665 (990، 991)، وعبد الرزاق 1/ 313 (1202)، وابن الجارود في "المنتقى" 1/ 122 - 123 (118)، وابن المنذر في "الأوسط" 2/ 249، والدارقطني 1/ 220، وضعفه الألباني في "الإرواء" (212). وأما أثر عائذ فرواه الدارمي 1/ 668 (996)، وابن المنذر 2/ 249، والدارقطني 1/ 221 وضعفه.

وأقل النفاس: أن ترى الطهر، فمتى رأت الطهر فيما دون الأربعين اغتسلت وصلت، ولا يأتيها زوجها. وإذا رأت الطهر في عشر، فمكثت عشرا أخرى طاهرا ثم عاودها الدم فيما دون الأربعين، قيل: أفعلي كما تفعل المستحاضة في هذِه الأيام التي رأيت فيها الدم فيما دون الأربعين. فإذا كان بعد، ورأيت الطهر بعد الأربعين، فعودي إلى الأيام التي صمتيها في الدم فيما دون الأربعين فاقضيها، ولا تقضي الصلاة؛ وذلك لأنك رأيت الدم فيما دون الأربعين، وهو وقت النفاس، وقد رأيت الطهر قبل ذلك الدم، ولا تدرين لعل هذا الدم بقية من النفاس أو؛ لأنه في وقته، ولا تدرين لعله عرق عائد؛ لأنك قد رأيت الطهر، ولا تدرين لعله حيض، فإن كان حيضا فقد احتطنا لك حين أمرناك أن تصلي وتصومي. وإذا لم تعلمي حائضًا أنت أو مستحاضة. فإن كنت مستحاضة فقد قضيت، وإن كنت حائضًا، فقد أمرناك تصلي وتصومي إذا لم نعلم حائضًا أنت أو مستحاضة، فإن كنت مستحاضة فقد قضيت، وإن كنت حائضًا، فقد أمرناك تصلي وتصومي إذا لم نعلم حائضًا أنت أو مستحاضة، فإن كنت حائضًا، فقد أمرناك بقضاء الصوم بعد الطهر، ولم نأمرك بقضاء الصلاة؛ لأن الحائض لا تقضي الصلاة. "مسائل صالح" (126) ¬

_ = وأما أثر عمر فرواه عبد الرزاق 1/ 312 (1197)، وابن المنذر 2/ 249، والدارقطني 1/ 221. وأما أثر أنس فرواه عبد الرزاق 1/ 312 (1198)، وابن المنذر 2/ 250.

قال صالح: وقال في النفساء إذا طهرت في عشرين: تصوم وتصلي، فإن مكثت خمس عشرة وصامت وصلت، ثم عاودها الدم في الخمسة الأخير تصوم ثم تعيد الصيام؛ لأنه لا يأمن أن يكون بقية نفاس أو حيض، هذِه الخمسة أيام تحتاط لها في الصوم قبل الأربعين، وأما الخمس عشرة لا تعيد الصيام؛ لأنها كانت طاهرًا. وقال ابن عباس: إذا رأت الدم البحراني تدع الصلاة، وإذا رأت الطهر ولو ساعة صلت (¬1). وقال: أرأيت لو حجت وطافت طواف الزيارة، ثم رجعت إلى أهلها، ثم عاودها الدم بعد، أكنا نأمرها أن ترجع إلى البيت فتعيد طوافًا؟ ! نقول: قد أجزأها طوافها وهي طاهر. "مسائل صالح" (1123) سمعت أحمد سئل عن أكثر ما تقعد النفساء؟ قال: أكثره أربعين. قيل: وأدناه كم؟ قال: ما سمعت في أدناه. "مسائل أبي داود" (168) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا طهرت النفساء بعد يوم؟ قال: بعد يوم لا يكون ولكن بعد أيام. قلت: فبعد أيام ترى الطهر؟ قال: تغتسل وتصلي. ¬

_ (¬1) علقه البخاري قبل حديث (331) ووصله الدارمي 1/ 610 (827)، وابن أبي شيبة 1/ 120 (1367).

فذكرت له حديث جرير، كانت امرأة تسمى الطاهرة تضع أول النهار وتطهر آخره. فجعل يعجب منه. "مسائل أبي داود" (169) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: النفساء متى ما رأت الطهر اغتسلت وصلت. قلت: فيأتيها زوجها دون الأربعين؟ قال: لا، لأنه ربما عاودها الدم. "مسائل أبي داود" (170) قال أبو داود: قلت لأحمد: النفساء إذا استمر بها الدم؟ قال: إذا جازت الأربعين فهي بمنزلة المستحاضة. "مسائل أبي داود" (171) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: كم أكثر النفاس؟ قال: أكثره أربعون، وأقله أن ترى الطهر، والحجة في الأربعين ما قال عثمان بن أبي العاص، وعائذ بن عمرو، وعمر بن الخطاب، وأنس بن مالك: فإذا رأت الطهر قبل الأربعين اغتسلت وصلت، ولا يأتيها زوجها. قلت: فإن رأت الطهر في عشر فمكثت عشرًا أخرى طاهرًا، ثم عاودها الدم فيما دون الأربعين، كيف تصنع؟ قال: يقال لها: أفعلي كما تفعل المستحاضة في هذِه الأيام التي رأيت فيها الدم فيما دون الأربعين، فإن كان بعد ورأيت الطهر دون الأربعين فاقضيها، ولا تقضي الصلاة، وذلك أنك إذا رأيت الدم فيما دون الأربعين فعودي إلى الأيام التي كنت صمتيها في الدم، فيما دون الأربعين وهو وقت النفاس، وقد رأيت الطهر قبل ذلك، فلا تدرين لعل

هذا الدم بقية من النفاس أو حيض، لأنه وقته، ولا تدرين لعله عرق عائد، وذلك أنك رأيت الطهر، ولا تدرين لعله حيض، فإن كان حيضًا فقد احتطنا لك حين أمرناك أن تصلي وتصومي إذا لم تعلمي حائضًا أنت أو مستحاضة، فإن كنت مستحاضة فقد قضيت، وإن كنت حائضًا فقد أمرناك بقضاء الصوم بعد الطهر، ولم نأمرك بقضاء الصلاة؛ لأن الحائض لا تقضي الصلاة. قلت: يا أبا عبد اللَّه: أليس تذهب إلى قول أهل الحديث: أكثر النفاس أربعون، فإن زادت على الأربعين إلى الستين فإنها مستحاضة -يعني: والحيض إلى خمس عشرة، فإذا كان بعد الخمس عشرة، فإنها مستحاضة؛ لأن أكثر الحيض خمس عشرة، فلا ينظر بعد خمس عشرة، إلى الدم فإنها مستحاضة. "مسائل ابن هانئ" (165) قال ابن هانئ: سألته عن امرأة نفساء رأت الطهر في أقل من ثلاثين، فمكثت أربعة أيام طاهرًا، ثم رأت في كل يوم بعد ذلك شيئًا كالكدرة، حتى كان الأربعون، فرأت دمًا أسود وليس ينقطع عنها. قال: إذا عاودها من الدم فيما بينها وبين الأربعين، فقد يكون هذا استحاضة، أو بقية نفاس أو يكون حيضًا، فالاحتياط عندي لها أن تصوم وتصلي، فإن كان نفاس أو يكون حيض لم يجزئها -يعني: الصوم. وأما ما كان بعد الأربعين، فإن كان في أيام قد كانت تعرفه من أيام حيضها فهو حيض، وإن لم تكن تعرفه في أيام من أيامها التي كانت تحيضها، فهي استحاضة، فهذِه تصلي وتصوم فيه ولا تعيد الصوم. "مسائل ابن هانئ" (166)

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن امرأة نفساء رأت الطهر في أقل من ثلاثين، فمَكثت أيامًا طاهرًا، ثم رأت في كل يوم بعد ذلك شيئًا كالكدرة، حتى كان الأربعون؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا كان لها أيام معلومة، جلست تلك الأيام، فإن زاد حيضها لم تلتفت، وصلت حتى تعاودها مرتين أو ثلاثًا الزيادة، فإن عاودها مرتين أو ثلاثًا، أمسكت عن الصلاة وقضت الصوم، إن كانت صامت تلك الأيام. "مسائل ابن هانئ" (174) قال ابن هانئ: سألته عن رجل جامع امرأته قبل الأربعين وهي طاهر، ثم رأت بعد ذلك الدم؟ قال: لا يجامعها حتى تمضي الأربعون، وإن رأت الطهر، فإن عاودها الدم في الأربعين، وقد كانت طهرت قبل ذلك، وقد يكون هذا حيضًا، ويكون بقية نفاس، ويكون استحاضة، تصوم وتصلي، ثم تعود إلى الصوم إن كانت صامت، فإنه إن كان حيضًا لم يجزئها أن تصوم، وإن كان نفاسًا فهو بمنزلته. "مسائل ابن هانئ" (175) قال ابن هانئ: وسألته عن المرأة النفساء، كم لزوجها أن يكف عن إتيانها؟ قال: أربعين يومًا، فإن رأت الدم بعد الأربعين فلا يقربها أيضًا، فإن كان حيضًا تعرفه من أيامها التي تحيض فيها، فإنه لا يأتيها زوجها حتى ينقطع عنها الدم وتطهر. قلت: إيش الحجة في قول أهل المدينة: لا يأتيها زوجها؟

قال: ليس لهم حجة، علي وابن عباس وعائذ بن عمرو يقولون: أربعين. وسئل عن النفساء في كم أقل ما يأتيها زوجها؟ قال: إذا جاوز الأربعين يومًا، ولا يأتيها في أقل من أربعين. "مسائل ابن هانئ" (176) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: أقصى ما تقعد النفساء أربعين يومًا. قلت لأبي: فإن كان الدم استمر بها أيام تعرفه من حيضها؟ قال: [. .] (¬1) له، فإن لم يكن من الأيام التي تعرفه، فهي استحاضة تصوم وتصلي. "مسائل عبد اللَّه" (176) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا عبد الرحمن، عن أبي عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن ابن عباس قال: النفساء تنتظر أربعين يومًا، أو نحوه (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (177) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: ثنا علي بن حكم أخبره حبان بن علي عن شيخ -قد سماه- عن ابن أبي مليكة، عن عائشة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقت للنفساء أربعين يومًا (¬3). "مسائل عبد اللَّه" (178) ¬

_ (¬1) قال المحقق: كلمة غير واضحة في الأصل. (¬2) رواه الدارمي 1/ 666 (994)، وابن أبي شيبة 4/ 28 (17448)، وابن المنذر 2/ 249، والبيهقي 1/ 341 كلهم من طريق أبي عوانة، به. ورواه ابن الجارود 1/ 123 (119) من طريق هشيم، عن أبي بشر، به. (¬3) رواه الدارقطني 1/ 220 من طريق حبان بن علي، به، وسمى الشيخ فيه عطاء بن عجلان وقال عنه: متروك الحديث.

293 - متى يثبت للمرأة حكم النفاس؟

قال البغوي: وسئل أحمد وأنا أسمع عن النفساء كم تقعد إذا رأت الدم؟ ! قال: أربعين يومًا ثم تغتسل. "مسائل البغوي" (40) قال الأثرم: قلت: النفساء رأت عشرين يومًا دمًا وعشرين يومًا طهرًا ثم عاودها الدم؟ قال: تعود فتقضي الأيام التي صامتها وهي ترى الدم تحتاط. "تهذيب الأجوبة" 2/ 660 ونقل عنه أحمد بن القاسم أنه قال: فإن عاودها الدم، قبل الأربعين أمسكت عن الصلاة والصوم، فإن طهرت أيضا اغتسلت وصلت وصامت. "المغني" 1/ 430 293 - متى يثبت للمرأة حكم النفاس؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فالمرأةُ إذا ضربها الطلقُ فهي تدع الصلاةَ؟ قال: إذا كان قرب ذاك. قلتُ: ظهر الدم أو لم يظهر الولد؟ قال: إذا كان منه. قال إسحاق: كلَّما لم يظهرِ الدم أو خرص الولدُ لم تدعِ الصلاةَ، فإذا ظهرَ الدم تركتِ الصلاةَ، وإن كان قبلَ الولادةِ بيومٍ أو يومين. "مسائل الكوسج" (755) [قال يعقوب بن بختان: سألت أحمد عن المرأة إذا ضربها المخاض قبل الولادة بيوم أو يومين تُعيد الصلاة؟ قال: لا. "المغني" 1/ 445] (*)

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: أضفنا المسألة هنا لأنه ورد في ملحق التصويبات بآخر الكتاب ما نصه: رواية يعقوب بن بختان من "المغني" 1/ 445 في مسألة "الحامل ترى الدم" تنقل إلى مسألة "متى يثبت للمرأة حكم النفساء" صـ 479.

288 - النفساء إذا رأت النقاء

[288 - النفساء إذا رأت النقاء قال يعقوب: سألت أبا عبد اللَّه عن المرأة إذا ضربها المخاض، فتكون أيَّامها عشرًا، فترى النقاء قبل ذلك، فتغتسل ثم ترى الدم من يومها؟ قال: هذا أقل من يومٍ، ليس عليها شيء. "المغني" 1/ 429] (¬1) 294 - الحامل ترى الدم قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: والحبلى لا تحيض عندي. "مسائل الكوسج" (744) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الحامل ترى الدَّمَ؟ قال: لا يلتفت إليه. قال إسحاق: كما وصفت. "مسائل الكوسج" (746) قال أبو داود: قلت لأحمد: الحامل ترى الدم الأسود؟ فقال: لا تلتفت إليه، ولتصلي إذا كانت حاملًا. قلت: تغتسل؟ قال: نعم. "مسائل أبى داود" (172) قال البغوي: وسئل أحمد وأنا أسمع عن الحامل تحيض؟ قال: يختلفون فيه إلا أنها لا تترك الصلاة. "مسائل البغوي" (64) قال إسحاق بن إبراهيم الحنظلي: قال لي. أحمد بن حنبل: ما تقول في الحامل ترى الدم؟ قلت: تصلي. واحتججت بخبر عطاء عن عائشة -رضي اللَّه عنها-. قال: فقال لي أحمد: أين أنت عن خبر المدنيين، خبر أم علقمة، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- فإنه أصح. قال إسحاق: فرجعت إلى قول أحمد. "السنن الكبرى" للبيهقي 7/ 423 قال يعقوب بن بختان: سألت أحمد عن المرأة إذا ضربها المخاض قبل الولادة بيوم أو يومين تُعيد الصلاة؟ قال: لا. "المغني" 1/ 445 (¬2) ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: أضفنا المسألة هنا لأنه ورد في ملحق التصويبات بآخر الكتاب ما نصه: مسألة "النفساء إذا رأت النقاء" تنقل إلى فصل: دم النفاس وأحكامه. (¬2) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ورد في ملحق التصويبات بآخر الكتاب ما نصه: رواية يعقوب بن بختان من "المغني" 1/ 445 في مسألة "الحامل ترى الدم" تنقل إلى مسألة "متى يثبت للمرأة حكم النفساء" صـ 479.

295 - ملحق الروايات المروية عن الإمام أحمد (كتاب الطهارة) من كتاب "المغني" لابن قدامة

295 - ملحق الروايات المروية عن الإمام أحمد (كتاب الطهارة) من كتاب "المغني" لابن قدامة قِيلَ لِأَحْمَدَ فِي سِمْسِمٍ نُقِعَ فِي تِيغَارٍ، وَقَعَتْ فِيهِ فَأْرَة، فَمَاتَتْ؟ قال: لَا يُنْتَفَعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ. قِيلَ: أَفَيُغْسَلُ مِرَارًا حَتَّى يَذْهَبَ ذَلِكَ المَاءُ؟ قال: أَلَيْسَ قَدْ ابْتَلَّ مِنْ ذَلِكَ المَاءِ؛ لَا يُنَقَّى مِنْهُ وَإِنْ غُسِلَ. قال أَحْمَدُ فِي العَجِينِ وَالسِّمْسِمِ: يُطعَمُ النَّوَاضِحَ، وَلَا يُطعَمُ لِمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ. يَعْنِي لِمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ قَرِيبًا. وقال أَحْمَدُ: وَلَا يُطْعَمُ لِشَيْءٍ يُؤْكَلُ فِي الحَالِ، وَلَا يُحْلَبُ لَبَنُهُ، لِئَلَّا يَتَنَجَّسَ بِهِ، وَيَصِيرَ كَالْجَلَّالِ. "المغني" 1/ 54، 55 إذَا وَجَدَ مَاءً قَلِيلًا لَيْسَ مَعَهُ مَا يَغْتَرِفُ بِهِ وَيَدَاهُ نَجِسَتَانِ، فقال أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ بِفِيهِ وَيَصُبُّ عَلَى يَدِهِ. "المغني" 1/ 144 وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَدْخُلُ الحَمَّامَ، وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، وَلَا مَا يَصُبُّ بِهِ عَلَى يَدِهِ، أَتَرى لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِفَمِهِ؟ قال: لَا، يَدُهُ وَفَمُهُ وَاحِدٌ. "المغني" 1/ 281، 282 قال أَحْمَدُ: إنْ عَلِمْت أَنَّ كُلَّ مَنْ فِي الحَمَّامِ عَلَيْهِ إزَار فَادْخُلْهُ، وإلَّا فَلَا تَدْخُلْ. "المغني" 1/ 305، 306 فَإِنْ كَانَ فِي رِجْلِهِ شَقٌّ، فَجَعَلَ فِيهِ قِيرًا، فقال أَحْمَدُ: يَنْزِعُهُ وَلَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ. وَقال: هذا أَهْوَنُ، هذا لَا يُخَافُ مِنْهُ.

فَقِيلَ لَهُ: مَتَى يَسَعُ صَاحِبَ الجُرْحِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الجُرْحِ؟ فقال: إذَا خَشِيَ أَنْ يَزْدَادَ وَجَعًا أَوْ شِدَّةً. "المغني" 1/ 358 وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ جَوْرَبِ الخِرَقِ، يُمْسَحُ عَلَيْهِ. فَكَرِهَ الخِرَقَ. وَقَدْ قال أَحْمَدُ، فِي مَوْضِعٍ: لَا يُجْزِئُهُ المَسْحُ عَلَى الجَوْرَبِ حَتَّى يَكُونَ جَوْرَبًا صَفِيقًا، يَقُومُ قَائِمًا فِي رِجْلِهِ لَا يَنْكَسِرُ مِثْلَ الخُفَّيْنِ، إنَّمَا مَسَحَ القَوْمُ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الخُفِّ، يَقُومُ مَقَامَ الخُفِّ فِي رِجْلِ الرَّجُلِ، يَذْهَبُ فِيهِ الرَّجُلُ وَيَجِيءُ. "المغني" 1/ 374، 375 قال أَحْمَدُ: يُذْكَرُ المَسْحُ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ عَنْ سَبْعَةٍ، أَوْ ثَمَانِيَةٍ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. "المغني" 1/ 374 سُئِلَ أَحْمَدَ: كَيْفَ تَمْسَحُ المَرْأَةُ عَلَى رَأْسِهَا؟ قال: مِنْ تَحْتِ الخِمَارِ، وَلَا تَمْسَحُ عَلَى الخِمَارِ، قال: وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ كَانَتْ تَمْسَحُ عَلَى خِمَارِهَا. "المغني" 1/ 384 قال أَحْمَدُ فِي امْرَأَةٍ غَرَّتْ زَوْجَهَا: إنَّ عَلَيْهِ الكَفَّارَةَ وَعَلَيْهَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَطْءٌ يُوجِبُ الكَفَّارَةَ -يعني: الوطء أثناء الحيض. "المغني" 1/ 418 يُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ فِي مَاءِ الوَجْهِ. قال أَحْمَدُ رحمه اللَّه: يُؤْخَذُ لِلْوَجْهِ أَكْثَرُ مِمَّا يُؤْخَذُ لِعُضْوٍ مِنْ الأَعْضَاءِ. "المغني" 1/ 666

كتاب الصلاة

كتاب الصلاة 296 - رسالة الإمام أحمد في الصلاة (¬1) قال مهنا بن يحيى الشامي: هذا كتاب في الصلاة، وعظم خطرها، وما يلزم الناس من تمامها وأحكامها يحتاج إليه أهل الإسلام، لما قد شملهم من ¬

_ (¬1) هذِه الرسالة رواها القاضي ابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" 2/ 437 - 475 ترجمة مهنا بن يحيى الشامي، فقال: أخبرنا المبارك قراءة، أخبرنا إبراهيم، أخبرنا أبو عمر، أخبرنا طَيَّب، أخبرنا أحمد القطان الهِيْتيُّ، حدثنا سهل التستري، قال: قرأ علينا مهنا بن يحيى الشامي. . فذكرها. وقد ذهب الحافظ الذهبي إلى بطلان نسبة هذِه الرسالة إلى الإمام أحمد، انظر: "سير أعلام النبلاء" 11/ 287، 330 حيث ذكرها من مصنفات الإمام -نقلًا عن ابن الجوزي- ثم عقب قائلًا: هو موضوع على الإمام. اهـ كما ذهب الألباني نفس مذهب الحافظ الذهبي، انظر: "صفة الصلاة" ص 33. هذا، ولم نقف لهما على تعليل لهذا الحكم؛ إضافة إلى ذلك أنه في المقابل قد نقل منها كثير من أئمة الحنابلة الأعلام جازمين بنسبتها إلى الإمام أحمد منهم: الموفق ابن قدامة في "المغني" في أكثر من موضع 2/ 178، 210، 6/ 13. وابن مفلح في "الفروع" 2/ 8، وكذا ابن قدامة صاحب "الشرح الكبير" 4/ 343، والمرداوي في "الإنصاف" 4/ 317، 353، كذلك البهوتي في "الروض" ص 130 إضافة إلى بعض المعاصرين كالشيخ ابن عثيمين في حاشية "الروض" ص 130، هذا ومن خارج المذهب قد نقل الحافظ ابن حجر في "الفتح" 2/ 183 ما نقله صاحب "المغني"؛ كل ذلك دون تعقيب أو أدنى تشكيك، ولم يعب ذلك عليهم أحد لا في نقلهم منها ولا في نسبتهم لها إلى الإمام أحمد، وإن كان في سياق بعض الأحاديث من النكارة ما يوقع الشك في صحة نسبتها، لكن قد يوجد هذا في بعض كلام الإمام أحمد في غير هذه الرسالة، واللَّه أعلم.

الاستخفاف بها، والتضييع لها، ومسابقة الإمام فيها، كتبه أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه- إلى قوم صلى معهم بعض الصلوات: أي قوم، إني صليت معكم، فرأيت من أهل مسجدكم من سبق الإمام في الركوع والسجود، والرفع والخفض. وليس لمن سبق الإمام صلاة. بذلك جاءت الأحاديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعن أصحابه -رضوان اللَّه عليهم- جاء الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "أما يخاف الذي يرفع رأسه في الإمام أن يحول اللَّه رأسه رأس حمار" (¬1) وذلك لإساءته صلاته، لأنه لا صلاة له، ولو كانت له صلاة لرجي له الثواب، ولم يخف عليه العقاب: أن يحول اللَّه رأسه رأس حمار، وجاء عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "الإمام يركع قبلكم، ويسجد قبلكم، ويرفع قبلكم" (¬2). وجاء عن البراء بن عازب، قال: كنا خلف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكان إذا انحط من قيامه للسجود، لا يحني أحد منا ظهره حتى يضع رسول اللَّه جبهته على الأرض (¬3)، فكان أصحاب رسول اللَّه يلبثون خلفه قيامًا حتى ينحط النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويكبر ويضح جبهته على الأرض، وهم قيام، ثم يتبعونه. وجاء الحديث عن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنهم قالوا: لقد كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يستوى قائمًا، وإنا لسجود بعد. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 280، والبخاري (691)، ومسلم (427) من حديث أبي هريرة. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 401، ومسلم (404) من حديث أبي موسى، مطولًا، وسيأتي لفظه قريبًا. (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 300، والبخاري (690)، ومسلم (474).

وجاء الحديث عن ابن مسعود أنه نظر إلى من سبق الإمام فقال: لا وحدك صليت، ولا بإمامك اقتديت (¬1) والذي لم يصل وحده، ولم يقتد بإمامه: فذلك لا صلاة له. وجاء الحديث عن ابن عمر: أنه نظر إلى من سبق الإمام، فقال له: لا صليت وحدك، ولا صليت مع الإمام. ثم ضربه، وأمره أن يعيد الصلاة (¬2). ولو كانت [له] صلاة عند عبد اللَّه بن عمر ما أوجب عليه الإعادة. وجاء عن حطان بن عبد اللَّه أنه قال: صلى بنا أبو موسى الأشعري فقال رجل خلفه: أقرنت الصلاة بالبر والزكاة. فلما قضى أبو موسى الصلاة قال: أيكم القائل هذِه الكلمات؟ فأرم القوم، ثم سألهم فأرموا، فقال: لعلك يا حطان قلتها؟ قال: قلت: واللَّه ما قلتها. ولقد خفت أن تبكعني بها، فقال أبو موسى: أما تدرون ما تقولون في صلاتكم؟ إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- علمنا صلاتنا وعلمنا ما نقول فيها، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر الإمام فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا، وإذا قال: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} فقولوا: (آمين) يجبكم اللَّه، وإذا كبر وركع فكبروا واركعوا، فإن الإمام يركع قبلكم، ويرفع قبلكم". فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فتلك بتلك، وإذا رفع رأسه فقال: سمع اللَّه لمن حمده، فارفعوا رءوسكم وقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، يسمع اللَّه لكم، وإذا كبر وسجد، فكبروا واسجدوا، ¬

_ (¬1) أورده عدد من الشراح دون تخريج، ولم أقف عليه مسندا. (¬2) السابق.

وإذا رفع رأسه فكبر، فارفعوا رؤوسكم وكبروا". قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فتلك بتلك، وإذا كان في القعدة فليكن من أول قول أحدكم: التحيات للَّه والصلوات والطيبات حتى تفرغوا من التشهد" (¬1). قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كبر فكبروا" معناه: أن تنتظروا الإمام حتى يكبر ويفرغ من تكبيره وينقطع صوته، ثم تكبرون بعده، والناس يغلطون في هذِه الأحاديث ويجهلونها، مع ما عليه عامتهم من الاستخفاف بالصلاة، والاستهانة بها، فساعة يأخذ الإمام في التكبر يأخذون معه في التكبير، وهذا خطأ، لا ينبغي لهم أن يأخذوا في التكبير حتى يكبر الإمام ويفرغ من تكبيره، وينقطع صوته، وهكذا قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كبر الإمام فكبروا" والإمام لا يكون مكبرًا حتى يقول: (اللَّه أكبر). لأن الإمام لو قال (اللَّه) ثم سكت: لم يكن مكبرًا، حتى يقول: (اللَّه أكبر). فيكبر الناس بعد قوله: (اللَّه أكبر). وأخذهم في التكبير مع الإمام خطأ وترك لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنك لو قلت: إذا صلى فلان فكلمه، معناه: أن تنتظره حتى إذا صلى وفرغ من صلاته كلمه، وليس معناه: أن تكلمه وهو يصلي، فكذلك معنى قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كبر الإمام فكَبروا". وربما طول الإمام في التكبير، إذا لم يكن له فقه، والذي يكبر معه ربما جزم التكبير، ففرغ من التكبير قبل أن يفرغ الإمام، فقد صار هذا مكبرًا قبل الإمام، ومن كبر قبل الإمام فليست له صلاة؛ لأنه دخل في الصلاة قبل الإمام، وكبر قبل الإمام. فلا صلاة له. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 393، ومسلم (404).

وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كبر وركع، فكبروا، واركعوا" معناه: أن ينتظروا الإمام حتى يكبر ويركع، وينقطع صوته وهم قيام، ثم يتبعونه. وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فإذا رفع وقال: سمع اللَّه لمن حمده. فارفعوا رءوسكم، وقولوا: اللهم ربنا لك الحمد". معناه: أن ينتظروا الإمام ويثبتوا ركوعًا حتى يرفع الإمام رأسه، ويقول: سمع اللَّه لمن حمده. وينقطع صوته، وهم ركع، ثم يتبعونه، فيرفعون رءوسهم ويقولون: اللهم ربنا لك الحمد. وقوله: " إذا كبر وسجد فكروا واسجدوا" معناه: أن يكونوا قياما حتى يكبر وينحط للسجود ويضع جبهته على الأرض، وهم قيام، ثم يتبعونه، وكذلك جاء عن البراء بن عازب، وهذا كله موافق لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الإمام يركع قبلكم، ويسجد قبلكم، ويرفع قبلكم". وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وإذا رفع رأسه وكبر، فارفعوا رءوسكم وكبروا" معناه: أن يثبتوا سجودًا حتى يرفع رأسه فيكبر وينقطع الإمام صوته وهم سجود اتبعوه، فرفعوا رءوسهم. وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فتلك بتلك" يعني انتظاركم إياه قيامًا حتى يكبر ويركع وأنتم قيام، ثم تتبعونه، وانتظاركم إياه ركوعًا حتى يرفع رأسه، ويقول: (سمع اللَّه لمن حمده). وأنتم ركوع، فإذا قال: (سمع اللَّه لمن حمده) وانقطع صوته، وأنتم ركوع اتبعتموه، فرفعتم رءوسكم، وقلتم: (ربنا لك الحمد). وقوله: "فتلك بتلك". في كل رفع وخفض، وهذا تمام الصلاة، فاعقلوه وأبصروه، وأحكموه. واعلموا أن أكثر الناس اليوم ما يكون لهم صلاة؛ لسبقهم الإمام بالركوع والسجود، والرفع والخفض، وقد جاء الحديث قال:

"يأتي على الناس زمان يصلون ولا يصلون" (¬1): وقد تخوفت أن يكون هذا الزمان، لو صليت في مائة مسجد ما رأيت أهل مسجد واحد يقيمون الصلاة على ما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعن أصحابه رحمة اللَّه عليهم، فاتقوا اللَّه، وانظروا في صلاتكم وصلاة من يصلي معكم. واعلموا أن لو رجلًا أحسن الصلاة، فأتمها وأحكمها، ثم نظر إلى من أساء في صلاته وضيعها، وسبق الإمام فيها فسكت عنه، ولم يعلمه في إساءته في صلاته ومسابقته الإمام فيها، ولم ينهه عن ذلك، ولم ينصحه شاركه في وزرها وعارها. فالمحسن في صلاته شريك للمسيء في إساءته، إذا لم ينهه ولم ينصحه، وجاء الحديث عن بلال بن سعد أنه قال: الخطيئة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها، وإذا ظهرت فلم تغير ضرت العامة" (¬2). لتركهم ما لزمهم، وما وجب عليهم من التغيير والإنكار على من ظهرت منه الخطيئة، وجاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "ويل للعالم من الجاهل، حيث لا يعلمه" (¬3) فلولا أن تعليم الجاهل واجب على العالم لازم وفريضة، وليس بتطوع ما كان له الويل في السكوت عنه، وفي ترك تعليمه. واللَّه ¬

_ (¬1) لم أقف عليه. (¬2) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" 6/ 99 (7601). (¬3) رواه الديلمي في "الفردوس" 4/ 394 من حديث أنس، مطولًا، وأورده السيوطي في "الجامع" كما في "الفيض" 6/ 476، والمتقي الهندي في "الكنز" (29037) مختصرًا ثم عزواه لأبي يعلى في "مسنده"، وقد ضعف العراقي إسناده في "المغني" 1/ 143 (566)، وكذا الألباني في "الضعيفة" (4756) إلا أنه كشف عن علل الضعف، فليراجعه من شاء.

تعالى لا يؤاخذ من ترك التطوع، إنما يؤاخذ من ترك الفرائض. فتعليم الجاهل فريضة، فلذلك كان له الويل في السكوت عنه وترك تعليمه. فاتقوا اللَّه تعالى في أموركم عامة، وفي صلاتكم خاصة، واتقوا اللَّه في تعليم الجاهل، فإن تعليمه فريضة واجب لازم، والتارك لذلك مخطئ آثم، فأمروا أهل مسجدكم بإحكام الصلاة وإتمامها، وأن لا يكون تكبيرهم إلا بعد تكبير الإمام، ولا يكون ركوعهم وسجودهم ورفعهم وخفضهم إلا بعد تكبير الإمام، وبعد ركوعه وسجوده ورفعه وخفضه، واعلموا أن ذلك من تمام الصلاة، وذلك الواجب على الناس، واللازم لهم؛ كذلك جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعن أصحابه رحمة اللَّه عليهم. ومن العجب أن يكون الرجل في منزله، فيسمع الأذان، فيقوم فزعًا يتهيأ، ويخرج من منزله يريد الصلاة، ولا يريد غيرها ثم لعله يخرج في الليلة المطيرة المظلمة، ويتخبط في الطين، ويخوض الماء وتبتل ثيابه، وإن كان في ليالي الصيف، فليس يأمن العقارب والهوام في ظلمة الليل، ولعله مع هذا أن يكون مريضًا ضعيفًا، فلا يدع الخروج إلى المسجد، فيتحمل هذا كله إيثارًا للصلاة، وحبًّا لها، وقصدًا إليها، لم يخرجه من منزله غيرها، فإذا دخل مع الإمام في الصلاة خدعه الشيطان، فيسابق الإمام في الركوع والسجود والرفع والخفض، خدعًا من الشيطان له؛ لما يريد من إبطال صلاته، وإحباط عمله، فيخرج من المسجد ولا صلاة له. ومن العجب أنهم كلهم يستيقنون أنه ليس أحد ممن خلف الإمام ينصرف من صلاته حتى ينصرف الإمام، وكلهم ينتظرون الإمام حتى يسلم، وهم كلهم -إلا ما شاء اللَّه- يسابقونه في الركوع والسجود

والرفع والخفض، خدعًا من الشيطان لهم، واستخفافًا بالصلاة منهم، واستهانة بها، وذلك حظهم من الإسلام، وقد جاء الحديث قال: لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة (¬1). فكل مستخفٍ بالصلاة مستهين بها هو مستخفٌّ بالإسلام مستهين به، وإنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصَّلاة، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصَّلاة، فاعرف نفسك يا عبد اللَّه، واعلم أنَّ حظَّك من الإسلام وقدر الإسلام عندك بقدر حظِّك من الصَّلاة وقدرها عندك، واحذر أن تلقى اللَّه ولا قدر للإسلام عندك، فإنَّ قدر الإسلام في قلبك كقدر الصَّلاة في قلبك، وقد جاء الحديث عن النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "الصلاةُ عمود الإسلام" (¬2) ألست تعلم أنَّ الفسطاط إذا سقط عموده سقط الفسطاط ولم ينتفع بالطنب ولا بالأوتاد، وإذا قام عمود الفسطاط انتفعت بالطنب والأوتاد؟ ! فكذلك الصَّلاة من الإسلام. فانظروا -رحمكم اللَّه- واعقلوا، وأحكموا الصَّلاة، واتقوا اللَّه فيها، وتعاونوا عليها، وتناصحوا فيها بالتَّعليم من بعضكم لبعض، والتذكير من ¬

_ (¬1) هو من كلام عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- حين طعن وأيقظوه للصلاة. فقال: نعم. . وذكره. رواه مالك في "الموطأ" ص 50 عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن المسور بن مخرمة، عنه. (¬2) رواه هناد في "الزهد" 2/ 516 (1064)، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" 1/ 221 (200) من حديث أبي ذر قال: قلت: يا رسول اللَّه، ما تقول في الصلاة؟ قال: "عمود الإسلام". قلت: وقد روي بلفظ آخر: "الصلاة عمود الدين" قال ابن حجر: رواه أبو نعيم -شيخ البخاري- في كتاب "الصلاة" عن حبيب بن سلم، عن بلال بن يحيى قال: جاء رجل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فسأله فقال. . فذكره ثم قال: وهو مرسل رجاله ثقات. "تلخيص الحبير" 1/ 173.

بعضكم لبعض من الغفلة والنسيان، فإنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قد أمركم أن تعاونوا على البرِّ والتقوى، والصَّلاة أفضل البرِّ، وجاء الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخر ما تفقدون منه الصَّلاة، وليُصلبن أقوام لا خلاق لهم" (¬1) وجاء الحديث: "إن أوَّل ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن تقبلت منه صلاته تقبل منه سائر عمله، وإن ردّ علاته رد سائر عمله" (¬2) فصلاتنا آخر ديننا، وهي أوَّل ما نسأل عنه غدًا من أعمالنا، فليس بعد ذهاب الصَّلاة إسلام ولا دين، فإذا صارت الصَّلاة آخر ما يذهب من الإسلام، فكل شيء يذهب آخره فقد ذهب جميعه، فتمسَّكوا رحمكم اللَّه بآخر دينكم. وليعلم المتهاون بصلاته، المستخفُّ بها، المسابق الإمام فيها أنه لا صلاة له، وأنَّه إذا ذهبت صلاته فقد ذهب دينه، فعظموا الصَّلاة رحمكم اللَّه، وتمسَّكوا بها، واتقوا اللَّه فيها خاصَّةً، وفي أموركم عاقَةً. ¬

_ (¬1) بهذا اللفظ روي موقوفًا عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-، رواه عبد الرزاق 3/ 363 (5981)، وابن أبي شيبة 7/ 505 (37574)، والطبراني 9/ 141 (8699، 8700)، والحاكم 4/ 504، والبيهقي 6/ 289، والخطيب في "تاريخ بغداد" 12/ 80. والفقرتان الأوليان رويتا عن أنس مرفوعتين بلفظ: "أول ما تقدون من دينكم الأمانة وآخره الصلاة". رواه القضاعي في "مسند الشهاب، 1/ 155 (216، 217) وغيره، وصححه الألباني في "الصحيحة" (1739) بشواهده. (¬2) بلفظه رواه ابن أبي شيبة 7/ 262 (35895) عن تميم بن سلمة من كلامه. ويُروى معناه من حديث أبي هريرة مرفوعًا. رواه الإمام أحمد 2/ 290، وأبو داود (864 - 865)، والترمذي (413)، والنسائي 1/ 233، وابن ماجه (1425). قال البغوي في "شرح السنة" 4/ 159 (1019): هذا حديث حسن. وكذا قال الألباني في "الصحيحة" (1358).

واعلموا أن اللَّه عز وجل قد عظم خطر الصَّلاة في القرآن، وعظم أمرها وشرَّفها، وشرَّف أهلها، وخصَّها بالذكر من بين الطاعات كلها في مواضع من القرآن كثيرة، وأوصى بها خاصةً، فمن ذلك: أن ذكر اللَّه تعالى أعمال البر التي أوجب لأهلها الخلود في الفردوس، فافتتح تلك الأعمال بالصلاة، وختمها بالصلاة، وجعل تلك الأعمال التي جعل لأهلها الخلود في الفردوس بين ذكر الصلاة مرتين، قال اللَّه تعالى: {قَدْ أَفلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} فبدأ من صفتهم بالصَّلاة عند مديحه إيَّاهم، ثمَّ وصفهم بالأعمال الطاهرة الزاكية المرضية، إلى قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)} فأوجب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لأهل هذِه الأعمال الشريفة الزَّاكية المرضية الخلود في الفردوس، وجعل هذِه الأعمال بين ذكر الصلاة مرقين، ثم عاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الناس كلهم وذمهم، ونسبهم إلى اللوم والهلع والجزع، والمنع للخير، إلا أهل الصَّلاة، فإنَّه استثناهم منهم، فقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21)} ثم استثنى المصلِّين منهم، فقال: {إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)} ثم وصفهم بالأعمال الزاكية الطاهرة المرضية الشريفة، إلى قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33)} ثم ختم بثنائه عليهم ومدحهم، بأن ذكرهم بمحافظتهم على الصَّلاة. فقال: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (35)} فأوجب لأهل هذه الأعمال الكرامة في الجنة. وافتتح ذكر هذِه الأعمال بالصلاة وختمه بالصلاة. فجعل ذكر هذِه الأعمال بين ذكر الصَّلاة مرتين.

ثم ندب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى الطاعة كلها جملةً وأفرد الصَّلاة بالذكر من بين الطاعة كلها، والصلاة هي من الطاعة، فقال عَزَّ وَجَلَّ: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ} ففي تلاوة الكتاب فعل جميع الطاعة، واجتناب جميع المعصية. فخصَّ الصَّلاة بالذِّكر، فقال: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} وإلى الصَّلاة خاصَّة ندبه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، فقال: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ} فأمره أن يأمر أهله بالصَّلاة ويصطبر عليها. ثمَّ أمر اللَّه تعالى جميع المؤمنين بالاستعانة على طاعته كلها بالصبر، ثمَّ خصَّ الصَّلاة بالذكر من بين الطاعة كلها فقرنها مع الصبر بقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)} فكذلك أمر اللَّه تعالى بني إسرائيل بالاستعانة بالصبر والصلاة على جميع الطاعة، ثم أفرد الصَّلاة من بين الطاعة. فقال: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)}. ومثل ذلك ما أخبر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ به من حكمه ووصيته خليله إبراهيم ولوطًا وإسحاق ويعقوب، فقال: {قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69)} -إلى قوله: - {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا} إلى قوله: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} -إلى قوله: - {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ} فذكر الخيرات كلها جملةً، وهي جميع الطاعات واجتناب جميع المعصية. وأفرد الصلاة بالذكر، وأوصاهم بها خاصة، ومثل ذلك: ما أخبر عن إسماعيل في قوله: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55)} فبدأ بالصلاة، ومثل ذلك عن نجيِّه موسى عليه السلام في قوله: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9)} إلى قوله: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)} فأجمل الطاعة واجتناب المعصية في قوله لموسى:

{فَاعْبُدْنِي}، وأفرد الصَّلاة وأمر بها خاصةً، وقال عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} والتمسك بالكتاب يأتي على جميع الطاعة، واجتناب جميع المعصية، ثمَّ خصَّ الصلاة بالذكر، فقال: {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} وإلى تضييع الصَّلاة نسب اللَّه من أوجب له العذاب قبل المعاصي فقال: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)} فمن اتباع الشهوات ركوب جميع المعاصي، فنسبهم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إلى جميع معصيته في تضييع الصلاة، فهذا ما أخبر اللَّه تعالى به من آي القرآن، من تعظيم الصَّلاة، وتقديمها بين يدي الأعمال كلَّها، وإفرادها بالذكر من بين جميع الطاعات. والوصيَّة بها دون أعمال البرِّ عامةً، فالصَّلاة: خطرها عظيم، وأمرها جسيم. وبالصلاة أمر اللَّه تبارك وتعالى رسوله، أول ما أوحي إليه بالنبوة قبل كل عمل، وقبل كل فريضة، وبالصلاة أوصى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عند خروجه من الدنيا فقال: "اللَّه اللَّه في الصلاة وفيما ملكت أيمانكم" (¬1) في آخر وصيته إياهم، وجاء الحديث أنها آخر وصية كل نبي لأمته، وآخر عهده إليهم عند خروجه من الدنيا. وجاء في حديث آخر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه كان يجود بنفسه ويقول: "الصلاة الصلاة الصلاة" (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 78 من حديث علي -رضي اللَّه عنه- ولفظه: كان آخر كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الصلاة الصلاة، اتقوا اللَّه فيما ملكت أيمانكم". كما رواه بنحوه من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-3/ 117، وعن أم سلمة -رضي اللَّه عنهما- 6/ 311، وفي الباب عن غيرهم بألفاظ متقاربة، وقال البوصيري في "الزوائد" ص 365 عن رواية أنس: هذا حديث حسن. وكذا صححه الألباني في "الإرواء" (2178) وتكلم على الحديث بشيء من التفصيل، فليراجعه من شاء. (¬2) يراجع التخريج السابق.

فالصلاة أول فريضة فرضت عليهم، وهي آخر ما أوصى به أمته، وآخر ما يذهب من الإسلام، وهي أول ما يسأل عنه العبد من عمله يوم القيامة، وهي عمود الإسلام، وليس بعد ذهابها دين، ولا إسلام، فاللَّه اللَّه في أموركم عامةً، وفي صلاتكم خاصَّة، فتمسكوا بها، واحذروا تضييعها والاستخفاف بها، ومسابقة الإمام فيها، وخداع الشيطان أحدكم عنها، وإخراجه إياكم منها، فإنَّها آخر دينكم، ومن ذهب آخر دينه فقد ذهب دينه كله، فتمسكوا بآخر دينكم. وأمُر يا عبد اللَّه الإمام أن يهتم بصلاته، ويُعْنى بها ويتمكن؛ ليتمكنوا إذا ركع وسجد، فإنِّي صليت يومئذٍ، فما استمكنت من ثلاث تسبيحات في الركوع ولا ثلاث في السجود وذلك؛ لعجلته، لم يمكن ولم يستمكن، وعجَّل، فأعلمه أنَّ الإمام إذا أحسن الصَّلاة كان له أجر صلاته، ومثل أجر من يصلي خلفه، وإذا أساء كان عليه وزر إساءته، ووزر من يصلي خلفه، وجاء الحديث عن الحسن البصري أنه قال: التسبيح التام سبع، والوسط من ذلك خمس، وأدناه ثلاث تسبيحات (¬1). وأدنى ما يسبح الإمام في الرُّكوع: (سبحان ربي العظيم) ثلاث مرات، وفي السجود: (سبحان ربي الأعلى) ثلاث مرات، وإذا سبح في الركوع والسجود ثلاثًا ثلاثًا. فينبغي له أن لا يعجل بالتسبيح، ولا يسرع فيه، ولا يبادر، وليكن بتمام من كلامه وتأد وتمكن، فإنه إذا عجل بالتسبيح وبادر به لم يدرك من خلفه التسبيح، وصاروا مبادرين إذا بادر، وسابقوه، ففسدت صلاتهم، فكان عليه مثل وزرهم جميعًا، وإذا لم ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 225 (2568).

يبادر الإمام وتمكن، وأتمَّ صلاته وتسبيحه أدرك من خلفه ولم يبادروا؛ فيكون الإمام قد قضى ما عليه، وليس عليه إثم ولا وزر. وأمره إذا رفع رأسه من الركوع فقال: سمع اللَّه لمن حمده. يثبت قائمًا معتدلًا حتَّى يقول: ربنا ولك الحمد. وهو قائم معتدل، من غير عجلة في كلامه ولا مبادرة، وإن زاد على ذلك فقال: ربنا ولك الحمد، ملء السموات وملء الأرض. كان أحبَّ إليَّ؛ لأنَّه جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنَّه رفع رأسه فقال: "ربنا لك الحمد، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد" (¬1) وهذا لا يكاد يُطمع فيه اليوم من النَّاس. وجاء عن أنس قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا رفع رأسه من الرُّكوع يقوم، حتَّى يقال: قد نسي (¬2). وما في هذا مطمع من الناس اليوم ولكن ينبغي للإمام أن لا يبادر إذا رفع رأسه من الرُّكوع، ولا يعجل بقوله: (ربنا ولك الحمد). وليكن ذلك بتمام من كلامه، وتمكن وتأن من غير عجلة ولا مبادرة؛ حتى يدرك الناسُ معه. وإذا سجد ورفع رأسه من السُّجود فليعتدل جالسًا، وليثبت بين السجدتين شيئًا بقدر ما يقول: (رب اغفر لي). من غير عجلة؛ حتى يدركه النَّاس قبل أن يسجد الثانية، ولا يبادر، فساعة يرفع رأسه من السجدة الأولى يعود ساجدًا، فيبادر النَّاسُ لمبادرتهم، ويقعون في المسابقة، فتذهب صلاتهم، ويلزم الإمام وزر ذلك وإثمه، فإن النَّاس ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 270 مختصرًا، ومسلم (478) بتمامه، كلاهما من حديث ابن عباس، وفي الباب عن أبي سعيد الخدري رواه مسلم أيضًا (477). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 172، والبخاري (800)، ومسلم (472).

إذا علموا أنه يثبت ثبتوا، ولم يبادروا، وقد جاء الحديث: أنَّ كلَّ مصل راع ومسئول عن رعيته (¬1). وقد قيل: إنَّ الإمام راع لمن يصلي بهم، فما أولى بالإمام النصيحة لمن يصلي خلفه، وأن ينهاهم عن المسابقة في الركوع والسجود، وأن لا يركعوا ويسجدوا مع الإمام، بل يأمرهم بأن يكون ركوعهم وسجودهم ورفعهم وخفضهم بعده، وأن يحسن أدبهم وتعليمهم؛ إذ كان راعيًا لهم. وكان غدًا مسئولًا عنهم، وما أولى بالإمام أن يحسن صلاته، ويتمها ويحكمها، وتشتد عنايته بها، إذ كان له مثل أجر من يصلي خلفه إذا أحسن، وعليه مثل وزرهم إذا أساء. ومن الحق الواجب على المسلمين: أن يقدموا خيارهم، وأهل الدين والفضل منهم، وأهل العلم باللَّه تعالى، الذين يخافون اللَّه ويراقبونه، وقد جاء الحديث: "إذا أم بالقوم رجل، وخلفه من هو أفضل منه، لم يزالوا في سفال" (¬2) وجاء الحديث: "اجعلوا أمر دينكم إلى فقهائكم، وأئمتكم قراؤكم" (¬3) وإنما معناه: الفقهاء والقراء أهل الدين والفضل والعلم ¬

_ (¬1) لم أقف عليه. (¬2) رواه العقيلي في "الضعفاء" 4/ 355، والطبراني في "الأوسط" 5/ 28 (4582)، وابن عدي في "الكامل" 3/ 270 من حديث ابن عمر مرفوعًا، قال الهيثمي في "المجمع" 2/ 64: فيه الهيثم بن عقاب، قال الأزدي: لا يعرف، قلت: ذكره ابن حبان في "الثقات". اهـ وقال الألباني في "الضعيفة" (1415): ضعيف جدًّا. ثم أخذ يناقش علله. (¬3) لم أهتد إليه هكذا، لكن يعضد محل الشاهد -"أئمتكم قراؤكم"- ما رواه مسلم (673) من حديث أبي مسعود الأنصاري أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يؤم القوم أقرؤهم. . " الحديث، وبنحوه أيضًا برقم (672) من حديث أبي سعيد الخدري.

باللَّه، والخوف من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، الذين يعنون بصلاتهم وصلاة من خلفهم، ويتقون ما يلزمهم من وزر أنفسهم ووزر من خلفهم، إن أساءوا في صلاتهم، ومعنى القراء: ليس على الحفظ للقرآن، فقد يحفظ القرآن من لا يعمل به، ولا يعبأ بدينه، ولا بإقامة حدود القرآن، وما فرض اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عليه فيه، وقد جاء الحديث: إن أحق النَّاس بهذا القرآن من كان يعمل به، وإن كان لا يقرأ (¬1). فالإمامة بالنَّاس، المقدَّم بين أيديهم في الصلاة بهم على الفضل، فليس للناس أن يقدموا بين أيديهم إلا أعلمهم باللَّه، وأخوفهم له، ذلك واجب عليهم، ولازم لهم، فتزكوا صلاتهم، وإن تركوا ذلك لم يزالوا في سفال وإدبار، وانتقاص في دينهم، وبعد من اللَّه، ومن رضوانه، ومن جنته. فرحم اللَّه قومًا عنوا بصلاتهم، وعنوا بدينهم، فقدَّموا خيارهم، واتبعوا في ذلك سنَّة نبيهم -صلى اللَّه عليه وسلم-، وطلبوا بذلك القربة إلى ربهم عَزَّ وَجَلَّ. وأْمُرْ يا عبد اللَّه الإمام أن لا يكبر -أول ما يقوم مقامه للصلاة- حتى يلتفت يمينًا وشمالًا، فإن رأى الصف معوجًّا والمناكب مختلفة أمرهم أن يسووا صفوفهم وأن يحاذوا مناكبهم، فإن رأى بين كلِّ رجلين فرجة أمرهم أن يدنوا بعضهم من بعض، حتى تماسَّ مناكبهم. واعلم أنَّ اعوجاج الصفوف واختلاف المناكب ينقص من الصلاة، وأنَّ الفرجة التي تكون بين كل رجلين تنقص من الصلاة، فاحذروا ذلك، وقد جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "رصوا الصفوف، وحاذوا ¬

_ (¬1) رواه الخطيب في "اقتضاء العلم العمل" (109) موقوفًا عن عمر -رضي اللَّه عنه- لكن: لا يغرركم من قرأ القرآن، إنما هو كلام نتكلم به، ولكن انظروا من يعمل به.

المناكب، وسدوا الخلل، لا يقوم بينكم مثل أولاد الحذف -يعني: أولاد الغنم الصغار- من الشياطين" (¬1) وقد جاء الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه كان إذا قام مقامه للصلاة لم يكبر حتى يلتفت يمينًا وشمالًا، فيأمرهم بتسوية مناكبهم، ويقول: "لا تختلفوا، فتختلف قلوبكم" (¬2) وقد جاء عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه التفت يومًا، فرأى رجلًا قد خرج صدره من الصف، فقال: "لتسون منابكم، أو ليخالفن اللَّه بين قلوبكم" (¬3) فتسوية الصفوف، ودنوُّ الرجال بعضهم من بعض من تمام الصلاة، وترك ذلك نقص في الصلاة، وجاء الحديث عن عمر أنه كان يقوم مقام الإمام، ثم لا يكبر حتى يأتيه رجل قد وكله بإقامة الصفوف، فيخبره أنهم قد استووا، فيكبر (¬4). وجاء عن عمر بن عبد العزيز مثل ذلك. وروي: أن بلالًا كان يسوي الصفوف، ويضرب عراقيبهم بالدرة، حتى يستووا (¬5). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 162، والطبراني 8/ 174 (7727) من حديث أبي أمامة مطولًا، قال المنذري كما في "صحيح الترغيب" (491) رواه الإمام أحمد بإسناد لا بأس به، والطبراني وغيره. اهـ وقال الهيثمي في "المجمع" 2/ 91: رجال أحمد موثقون. اهـ قلت: وفي تسوية الصفوف أحاديث كثيرة عند البخاري (718) وما بعده، وعند مسلم (432) وما بعده. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 122، ومسلم (432) من حديث أبي مسعود، ورواه الإمام أحمد أيضًا 4/ 471، والبخاري (717)، ومسلم (436) من حديث النعمان بن بشير بلفظ: "لتسون صفوفكم أو ليخالفن اللَّه بين وجوهكم". (¬3) يراجع المصدر السابق. (¬4) رواه عبد الرزاق 2/ 47 (2437). (¬5) قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" 1/ 143 (567): لم أجده.

قال بعض العلماء: وقد يشبه أن يكون هذا من بلال على عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عند إقامته، قبل أن يدخل في الصلاة؛ لأن الحديث جاء عن بلال أنَّه لم يؤذن لأحد بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا يومًا واحدًا؛ إذ أتى مرجعه من الشام، ولم يكن للنَّاس عهد بأذانه حينًا، فطلب إليه أبو بكر وأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأذن، فلمَّا سمع أهل المدينة صوت بلال ذكروا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، بعد طول عهدهم بأذان بلال وصوته: جدد ذلك في قلوبهم أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وشوقهم أذانه إليه، حتى قال بعضهم: بعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، شوقًا منهم إلى رؤيته، ولما هيجهم بلال عليه بأذانه وصوته، فرقوا عند ذلك وبكوا واشتد بكاؤهم عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتَّى خرج العواتق من بيوتهن شوقًا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين سمعن صوت بلال وأذانه، وذِكْر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولما قال بلال: (أشهد أن محمدًا رسول اللَّه). امتنع بلال من الأذان فلم يقدر عليه، وقال بعضهم: سقط مغشيًّا عليه (¬1)؛ حبًّا للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وشوقًا إليه، فرحم اللَّه بلالًا والمهاجرين والأنصار، وجعلنا وإياكم من التابعين لهم بإحسان. فاتقوا اللَّه معشر المسلمين، وأحكموا صلاتكم، والزموا فيها سنة نبيكم وأصحابه وعليهم أجمعين، فإن ذلك هو الواجب عليكم واللازم لكم، وقد وعد اللَّه تعالى من اتبعهم، رضوانه والخلود في جنته، قال اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ ¬

_ (¬1) رواها ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ 137 وذكرها ابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 244، 245 وقال الحافظ في "لسان الميزان" 1/ 157 - 158: وهي قصة بيَّنة الوضع.

بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)}؛ فاتباع المهاجرين والأنصار واجب على النَّاس إلى يوم القيامة. وجاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه كان له سكتتان؛ سكتة عند افتتاح الصلاة، وسكتة إذا فرغ من القراءة (¬1)، وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يسكت إذا فرغ من القراءة قبل أن يركع، حتى يتنفس، وأكثر الأئمة على خلاف ذلك. فأمره يا عبد اللَّه، إذا فرغ من القراءة أن يسكت حتى يرجع إليه نفسه قبل أن يركع، ولا يصل قراءته بتكبيرة الركوع، وخصلة قد غلب عليها النَّاس في صلاتهم إلا ما شاء اللَّه، من غير علَّة، وقد يفعله شبابهم وأهل القوة والجلد منهم، ينحط أحدهم من قيامه للسُّجود ويضع يديه على الأرض قبل ركبتيه، وإذا نهض من سجوده أو بعد ما يفرغ من التشهُّد يرفع ركبتيه من الأرض قبل يديه، وهذا خطأ، وخلاف ما جاء عن الفقهاء، وإنما ينبغي له إذا انحط من قيامه للسجود أن يضع ركبتيه على الأرض، ثم يديه، ثم جبهته، وإذا نهض رفع رأسه، ثم يديه، ثم ركبتيه، بذلك جاء الأثر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2)، فأمروا بذلك، وانهوا عنه من رأيتم يفعل خلاف ذلك، وأمُروه أن ينهض إذا نهض على صدور قدميه، ولا يقدم ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 15، وأبو داود (779) والترمذي (251)، وحسنه وابن ماجه (844، 855)، وصححه ابن خزيمة (1578) من حديث سمرة بن جندب، وانظر "صفة الصلاة" ص 128. (¬2) رواه أبو داود (736)، والترمذي (268) والنسائي 2/ 207، وابن ماجه (882)، من حديث وائل بن حجر، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. . والعمل عليه عند أكثر أهل العلم، يرون أن يضع الرجل ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه. اهـ والحديث ضعفه الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (185).

إحدى رجليه، فإن ذلك مكروه، وقد جاء عن عبد اللَّه بن عباس وغيره أن تقديم إحدى الرجلين إذا نهض يقطع الصَّلاة (¬1). ويستحبُّ للمصلّي أن يكون بصره إلى موضع سجوده، ولا يرفع بصره إلى السَّماء، ولا يلتفت، فاحذروا الالتفات فإنه مكروه، وقد قيل: يقطع الصلاة، وإذا سجد فليرفع أصابع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه وهو ساجدٌ، ويضمُّ أصابعه، ويوجهها نحو القبلة، ويبدي مرفقيه وساعديه، ولا يلزقهما بجنبه، جاء الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه كان إذا سجد لو مرت بهمة تحت ذراعيه لنفذت (¬2)؛ وذلك لشدة مبالغته في رفع مرفقيه وضبيعه، وجاء عن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنهم قالوا: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا سجد جافى بين ضبعيه (¬3)، فأحسنوا السّجود -رحمنا اللَّه وإياكم- ولا تضيعوا شيئًا، فقد جاء في الحديث: "إن العبد يسجد على سبعة أعضاء، فأي عضو منها ضيعه لم يزل ذلك العضو يلعنه" (¬4). وينبغي له إذا ركع أن يلقم راحتيه ركبتيه، ويفرق بين أصابعه، ويعتمد على ضبعيه وساعديه، ويسوي ظهره، ولا يرفع رأسه ولا ينكسه، فقد جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه كان إذا ركع لو كان قدح من ماء على ظهره ما تحرك من موضعه (¬5)؛ وذلك لاستواء ظهره، ومبالغته في ركوعه -صلى اللَّه عليه وسلم-. ¬

_ (¬1) ذكره البيهقي في "السنن" 2/ 288. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 331، ومسلم (496) من حديث ميمونة -رضي اللَّه عنها-. (¬3) رواه البيهقي 2/ 114 عن عبد اللَّه بن مالك بن بحينة، بنحوه. (¬4) الذي وقفت عليه رواه الإمام أحمد 1/ 255، والبخاري (809)، ومسلم (490)، من حديث ابن عباس بلفظ: أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يسجد على سبعة أعظم ولا يكف شعرًا ولا ثوبًا. . الحديث. (¬5) رواه عبد اللَّه بن أحمد في زوائد "المسند" 1/ 123 وجادة من حديث علي، قال الهيثمي =

فأحسنوا صلاتكم -رحمكم اللَّه- وأتموا ركوعها وسجودها وحدودها، فإنه جاء الحديث: "إن العبد إذا صلَّى فأحسن الصلاة صعدت ولها نور، فإذا انتهت إلى أبواب السماء، فتحت لها أبواب السماء، وتشفع لصاحبها، وتقول: حفظك اللَّه كما حفظتني، وإذا أساء في صلاته، فلم يتم ركوعها وسجودها وحدودها صعدت ولها ظلمة فتقول: ضيَّعك اللَّه كما ضيعتني، فإذا انتهت إلى أبواب السَّماء غلقت أبواب السماء دونها، تم لفت كما يلف الثوب الخلق، فيضرب بها وجه صاحبها" (¬1). وينبغي للرجل إذا جلس للتشهد أن يفترش رجله اليسرى، فيجلس عليها، وينصب رجله اليمنى، ويوجِّه أصابعه نحو القبلة، ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويوجه أصابعها نحو القبلة، ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويشير بإصبعه التي تلي الإبهام، ويحلق الإبهام والوسطى، ويعقد الباقين، وإذا صلَّى إلى سترة فليدن منها، فإن ذلك مستحب، ولا يمرَّ أحد عليها، فإن ذلك يكره، جاء الحديث عن ¬

_ = في "المجمع" 2/ 123: فيه رجل لم يسم، وسنان بن هارون اختلف فيه. اهـ. وقد رواه الطبراني في "الصغير" 1/ 44 (36) عن أنس، وقال الهيثيمي في "المجمع" 2/ 123 فيه محمد بن ثابت، وهو ضعيف. اهـ (¬1) رواه أبو داود الطيالسي 1/ 479 (586)، والطبراني في "مسند الشاميين" 1/ 239 (427)، والبيهقي في "الشعب" 3/ 143 (3140) عن عبادة بن الصامت، وقال الهيثيمي في "المجمع" 2/ 122: فيه الأحوص بن حكيم، وثقه ابن المديني والعجلي وضعفه جماعة، وبقية رجاله موثقون. اهـ. ورواه الطبراني في "الأوسط" 3/ 263 (3095) عن أنس، قال الهيثيمي في المجمع 2/ 302: فيه عباد بن كثير، وقد أجمعوا على ضعفه.

النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "من صلَّى إلى سترة فليدن منها، فإن الشيطان يمرُّ بينه وبينها" (¬1). ومما يتهاون به النَّاس في أمر صلاتهم: تركهم المارَّ بين يدي المصلِّي وقد جاء الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال للمصلِّي: "ادرأه فإن أبى فادرأه، فإن أبى فالطمه، فإنما هو شيطان" (¬2) فلو كان للمارِّ بين يدي المصلي رخصة لما أمر النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بلطمه، وإنما ذلك لعظم المعصية من المارِّ بين يدي المصلي، والمعصية من المصلِّي إذا لم يدرأه، وجاء الحديث قال: "لو يعلم أحدكم ما عليه في ممرِّه بين يدي أخيه في صلاته لانتظر أربعين خريفًا" (¬3)، وجاء الحديث: أن أبا سعيد الخدري كان يصلِّي، فأراد ابن أخي مروان بن الحكم أن يمرَّ بين يديه، فمنعه أبو سعيد، فذهب ابن أخي مروان إلى مروان -وهو يومئذٍ والي المدينة- فشكا إليه صنيع أبي سعيدٍ، وجاء أبو سعيد بعد ذلك فدخل فقال له مروان: ما يذكر ابن أخي أنك لطمته، وكان منك إليه؟ فقال أبو سعيد: أمرنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن ندرأ المارَّ، فإن أبى درأناه، فإن أبى لطمناه، فإنما هو شيطان، وإنما لطمت شيطانًا (¬4). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 2، وأبو داود (695) والنسائي 2/ 62، وصححه ابن خزيمة في "صحيحه" 2/ 10 (803) وابن حبان في "صحيحه" 6/ 133 (2373) من حديث سهل بن أبي حثمة وصححه الألباني في "الصحيحة" (1386). (¬2) رواه بنحوه أحمد 3/ 63، والبخاري (509)، ومسلم (505) من حديث أبي سعيد الخدري. (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 169 والبخاري (510)، ومسلم (507) من حديث أبي جهيم الأنصاري. (¬4) تقدم تخريجه في الحديث قبل السالف.

ويستحب للرجل إذا خرج لصلاة الغداة: أن يصلي الركعتين في منزله، ثم يخرج، ويستحب له ذكر اللَّه فيما بين الركعتين وبين صلاة الغداة، ومن الجفاء الكلام بينهما، إلا كلامًا واجبًا لازمًا من تعليم الجاهل، ونصيحته، وأمره ونهيه، فإن ذلك واجب لازم، والواجب اللازم أعظم أجرًا من ذكر اللَّه تطوعًا، والتطوع لا يقبل حتى يؤدى الواجب اللازم، وقد جاء الحديث: "لا تقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة" (¬1). ويستحب للرجل إذا أقبل إلى المسجد: أن يقبل بخوف ووجل، وخشوع وخضوع، وأن يكون عليه السكينة والوقار، فما أدرك صلَّى، وما فاته قضى، بذلك جاء الأثر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اللَّه عليه وسلم (¬2)، وأنه كان يأمر بإثقال الخطى -يعني قرب الخطى- إلى المسجد، ولا بأس إذا طمع أن يدرك التكبيرة الأولى أن يسرع شيئًا، ما لم يكن عجلة تقبح، جاء الحديث عن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنهم كانوا يعجلون شيئًا إذا تخوفوا فوات التكبيرة الأولى، وطمعوا في إدراكها" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 2/ 387 من حديث علي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يا علي مثل الذي لا يتم صلاته. . " فذكره مطولًا، ثم قال البيهقي: موسى بن عبيدة لا يحتج به وقد اختلف عليه في إسناده. . اهـ وضعفه الألباني في "الضعيفة" (1257) ثم ساق تحقيقًا طيبًا في معناه، فليراجعه من شاء. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 237، والبخاري (636)، ومسلم (603) من حديث أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تأتوا الصلاة وأنتم تسعون، وأتوها وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا". (¬3) رواه ابن المنذر في "الأوسط" 4/ 147 (1929) عن عبد اللَّه بن مسعود، وكذا الطبراني 9/ 254 (9259 - 9260)، وبنحوه رواه ابن أبي شيبة 1/ 271 (3118).

فاعلموا -رحمكم اللَّه- أنَّ العبد إذا خرج من منزله يريد المسجد إنما يأتي اللَّه الجبار الواحد القهار، العزيز الغفار، وإن كان لا يغيب عن اللَّه تعالى حيث كان، ولا يعزب عنه تبارك وتعالى مثقال حبة من خردل، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، في الأرضين السبع، ولا في السماوات السبع، ولا في البحار السبعة، ولا في الجبال الصم الصلاب الشوامخ البواذخ، وإنما يأتي بيتًا من بيوت اللَّه، ويريد اللَّه، ويتوجه إلى اللَّه تعالى، وإلى بيت من البيوت التي {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} فإذا خرج أحدكم من منزله فليحدث لنفسه تفكرًا وأدبًا، غير ما كان عليه، وغير ما كان فيه قبل ذلك من حالات الدنيا وأشغالها، وليخرج بسكينة ووقارٍ، فإنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك أمر، وليخرج برغبة ورهبةٍ، وتخوف ووجلٍ، وخضوع وذل وتواضع للَّه عَزَّ وَجَلَّ، فإنه كلَّما تواضع للَّه عَزَّ وَجَلَّ، وخشع وخضع، وذل للَّه تعالى، كان أزكى لصلاته وأحرى لقبولها، وأشرف للعبد، وأقرب له من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. وإذا تكبر قصمه اللَّه، ورد عمله، وليس يقبل من المتكبر عملًا. جاء الحديث عن إبراهيم خليل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: أنه أحيا ليلةً، فلما أصبح، أعجب بقيام ليلته، فقال: نعم الرب رب إبراهيم، ونعم العبد إبراهيم، فلمَّا كان من الغد لم يجد أحدًا يأكل معه -وكان عليه السلام يحبُّ أن يأكل معه غيره- فأخرج طعامه إلى الطريق ليمرَّ به مار، فيأكل معه، فنزل ملكان من السماء، فأقبلا نحوه، فدعاهما إبراهيم إلى الغداء. فأجاباه، فقال لهما: تقدما بنا إلى هذِه الروضة، فإنَّ فيها عينًا، وفيها ماءً، فنتغدى عندها، فتقدموا إلى الروضة، فإذا العين قد غارت، وليس فيها ماء.

فاشتد ذلك على إبراهيم عليه السلام، فاستحيا مما قال إذ رأى غير ما قال، فقالا له: يا إبراهيم، ادع ربك، واسأله أن يعيد الماء في العين، فدعا اللَّه عز وجل فلم ير شيئًا، فاشتد ذلك عليه، فقال لهما: ادعوا اللَّه أنتما، فدعا أحدهما، فرجع وإذا هو بالماء في العين، ثم دعا الآخر، فأقبلت العين، فأخبراه أنهما ملكان، وأنَّ إعجابه بقيام ليلته رد دعاءه عليه، ولم يستجب له (¬1). فاحذروا -رحمكم اللَّه تعالى- من الكبر، فليس يقبل مع الكبر عمل، وتواضعوا بصلاتكم، فإذا قام أحدكم في صلاته بين يدي اللَّه عز وجل، فليعرف اللَّه عز وجل في قلبه بكثرة نعمه عليه، وإحسانه إليه، فإن اللَّه عز وجل قد أوفره نعمًا، وأنه أوفر نفسه ذنوبًا، فليبالغ في الخشوع والخضوع للَّه عز وجل. وقد جاء الحديث أن اللَّه أوحى إلى عيسى بن مريم: "إذا قمت بين يدي فقم مقام الحقير الذليل، الذام لنفسه، فإنها أولى بالذم، فإذا دعوتني فادعني وأعضاؤك تنتفض" (1). وجاء الحديث أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أوحى إلى موسى رحمه اللَّه نحو هذا (¬2)، فما أحقَّك يا أخي وأولاك بالذَّم لنفسك، إذا قمت بين يدي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. وجاء الحديث عن ابن سيرين: أنه كان إذا قام في الصَّلاة ذهب دم وجهه، كان يذهب خوفًا من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وفرقًا منه. وجاء عن مسلم (¬3): أنَّه كان إذا دخل في الصلاة لم يسمع حسًّا من صوت ولا غيره، تشاغلًا بالصلاة وخوفًا من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ (¬4). ¬

_ (¬1) لم أقف عليه. (¬2) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 109. (¬3) هو مسلم بن يسار كما في "الزهد". (¬4) رواه عبد اللَّه بن أحمد في زوائده على "الزهد" ص 307.

وجاء عن عامر العنبري -الذي كان يقال له: عامر بن عبد قيس- في حديث هذا بعضه -أنه قال: لأن تختلف الخناجر بين كتفي أحب إلي من أن أتفكر في شيء من أمر الدنيا وأنا في الصلاة (¬1). وجاء عن سعيد بن معاذ أنه قال: ما صليت صلاة قط، فحدثت نفسي فيها بشيء من أمر الدنيا حتى أنصرف (¬2). وجاء عن أبي الدرداء أنه قال في حديث -هذا بعضه-: وتعفير وجهي لربي عَزَّ وَجَلَّ في التراب فإنه مبلغ العبادة من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فلا يتق أحدكم التراب، ولا يكرهن السجود عليه؛ فلابد من المبالغة، فإنه إنما يطلب بذلك فكاك رقبته وخلاصها من النار التي لا تقوم لها الجبال الصم الصلاب الشوامخ البواذخ التي جعلت للأرض أوتادًا، ولا تقوم له السموات السبع الطباق الشداد التي جعلت سقفًا محفوظًا، ولا تقوم لها الأرض التي جعلت للخلق دارًا، ولا تقوم لها البحار السبعة التي لا يدرك قعرها ولا يعرف قدرها إلا الذي خلقها، فكيف بأبداننا الضعيفة، وعظامنا الدقيقة وجلودنا الرقيقة؟ ! نستجير باللَّه من النَّار، نستجير باللَّه من النَّار، نستجير باللَّه من النَّار. فإن استطاع أحدكم -رحمكم اللَّه- إذا قام في صلاته كأنه ينظر إلى اللَّه عز وجل؛ فإنه إن لم يكن يراه فإن اللَّه يراه. فقد جاء في الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه أوصى رجلًا، فقال له في وصيته: "اتق اللَّه ¬

_ (¬1) رواه ابن المبارك في "الزهد" ص 394 (859) بنحوه. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 7/ 152 (34758)، والبيهقي في "الشعب" 3/ 149 (3163) عن الماجشون الأكبر عن سعد بن معاذ -رضي اللَّه عنه-. وقال البيهقي بعد ما ذكره عن عبد اللَّه بن عباس عن سعد بن معاذ: الأول بإرساله أصح.

كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك" (¬1)، فهذِه وصية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للعبد في جميع حالاته، فكيف بالعبد في صلاته، إذا قام بين يدي اللَّه عز وجل في موضع خاصّ، ومقام خاص، يريد اللَّه ويستقبله بوجهه، ليس موضعه ومقامه وحاله في صلاته كغير ذلك من حالاته. جاء الحديث: "إن العبد إذا افتتح الصلاة استقبله اللَّه عز وجل بوجهه، فلا يصرفه عنه، حتى يكون هو الذي ينصرف، أو يلتفت يمينًا وشمالًا" (¬2) وجاء الحديث قال: "إن العبد ما دام في صلاته فله ثلاث خصال: البر يتناثر عليه من عنان السماء إلى مفرق رأسه، وملائكة يحفون به من لدن قدميه إلى عنان السماء، ومنادٍ ينادي: لو يعلم العبد من ينادي ما انفتل" (¬3)، فرحم اللَّه من أقبل على صلاته خاشعًا، خاضعًا، ذليلًا للَّه عز وجل، خائفًا، داعيًا راغبًا، وجلًا، مشفقًا، راجيًا، وجعل أكبر همه في صلاته لربه تعالى، ¬

_ (¬1) لم أقف عليه هكذا، لكن رواه البخاري (50)، ومسلم (8) عن عمر في حديث جبريل الطويل المعروف، أنه عليه السلام سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: أخبرني عن الإحسان. فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أن تعبد اللَّه كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك". (¬2) رواه عبد الرزاق بتمامه 2/ 257 (3272) عن حذيفة موقوفًا، وقد روي معناه مرفوعًا عند أحمد 4/ 130، والترمذي (2863، 2864) مطولًا من حديث الحارث الأشعري. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. (¬3) رواه ابن أبي الدنيا في "التهجد وقيام الليل" ص 446 (421) موقوفًا عن عباد بن كثير، بينما رواه ابن حبان مرفوعًا في "المجروحين" 2/ 170 من طريق عباد بن كثير الرملي، عن حوشب، عن الحسن، عن أنس به. قال ابن حبان في عباد: كان يحيى بن معين يوثقه، وهو عندي لا شيء في الحديث. اهـ قلت: قال البخاري: عباد بن كثير الرملي، فيه نظر. "التاريخ" 6/ 42 (1641)، وقال ابن حجر: ضعيف، قال ابن عدي: هو خير من عباد الثقفي. "التقريب" (3140).

ومناجاته إياه، وانتصابه قائمًا وقاعدًا، وراكعًا وساجدًا، وفرغ لذلك قلبه، وثمرة فؤاده، واجتهد في أداء فرائضه، فإنه لا يدري هل يصلي صلاة بعد التي هو فيها، أو يعاجل قبل ذلك؟ فقام بين يدي ربه عَزَّ وَجَلَّ محزونًا مشفقًا، يرجو قبولها، ويخاف ردها، فإن قبلها سعد، وإن ردها شقي. فما أعظم خطرك يا أخي في هذِه الصلاة، وفي غيرها من عملك! وما أولاك بالهم والحزن، والخوف والوجل فيها، وفيما سواها مما افترض اللَّه عليك! إنك لا تدري هل يقبل منك صلاة قط، أم لا؟ ولا تدري هل تقبل منك حسنة قط، أم لا؟ وهل غفر لك سيئة قط، أم لا؟ ثم أنت مع هذا تضحك وتغفل، وينفعك العيش، وقد جاءك اليقين أنك وارد النَّار، ولم يأتك اليقين أنك صادر عنها، فمن أحق بطول البكاء، وطول الحزن منك، حتى يتقبل اللَّه منك؟ ثم مع هذا لا تدري، لعلك لا تصبح إذا أمسيت، ولا تمسي إذا أصبحت، فمبشر بالجنة، أو مبشر بالنَّار. وإنما ذكرتك يا أخي لهذا الخطر العظيم إنك لمحقوق أن لا تفرح بأهل ولا مالٍ ولا ولد، وإن العجب كل العجب من طول غفلتك، وطول سهوك ولهوك عن هذا الأمر العظيم، وأنت تساق سوقًا عنيفًا في كل يوم وليلة، وفي كل ساعةٍ وطرفة عين، فتوقع يا أخي أجلك، ولا تغفل عن الخطر العظيم الذي قد أظلك، فإنك لابد ذائق الموت ولاقيه، ولعله ينزل بساحتك في صباحك أو مسائك أشدَّ ما تكون عليها إقبالًا، وكأنك قد أخرجت من ملكك كله، فإمَّا إلى الجنة وإمَّا إلى النار، انقطعت الصفات وقصرت الحكايات عن بلوغ صفتهما ومعرفة قدرهما، والإحاطة بغاية خبرهما، أما سمعت يا أخي قول العبد الصالح: عجبت للنَّار كيف نام هاربها؟ وعجبت للجنة كيف نام طالبها؟

فواللَّه لئن كنت خارجًا من الطلب والهرب، لقد هلكت وعظم شقاؤك، وطال حزنك وبكاؤك غدًا، مع الأشقياء المعذبين، وإن كنت تزعم أنك هارب طالب، فاغد في ذلك على قدر ما أنت عليه من عظم هذا الخطر، لا تغرنك الأماني. واعلموا -رحمكم اللَّه- أن الإسلام في إدبار وانتقاص، واضمحلال ودروسٍ، جاء في الحديث: ترذلون في كل يوم، وقد يسرع بخياركم (¬1). وجاء الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ" (¬2) وجاء عنه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "خير أمتي القرن الذين بعثت فيهم، ثمَّ الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، والآخر شرٌّ إلى يوم القيامة" (¬3) ¬

_ (¬1) رواه البخاري في "الأدب المفرد" (139)، وابن حبان في "الثقات" 6/ 261، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 154 من كلام الحسن البصري، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 9/ 135 - بعدما ذكر حديث أنس مرفوعًا: "لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه": ومن الناس من يروي هذا الحديث بالمعنى فيقول: كل عام ترذلون. وهذا لا أصل له، وإنما هو مأخوذ من معنى هذا الحديث واللَّه أعلم. اهـ قلت: وحديث أنس الذي ذكره الحافظ ابن كثير رواه الإمام أحمد 3/ 179، والبخاري (7068). (¬2) رواه مسلم (145) من حديث أبي هريرة، ورواه عبد اللَّه في "زوائد المسند" 4/ 74 من حديث عبد الرحمن بن سَنَّة. قال الهيثمي في "المجمع" 7/ 278: فيه إسحاق بن عبد اللَّه ابن أبي فروة، وهو متروك. اهـ قلت: وفي الباب عن غير واحدٍ من الصحابة. يراجع "المجمع". (¬3) لم أقف عليه بتمامه هكذا، لكن الشطر الأول إلى قوله: "ثم الذين يلونهم" رواه الإمام أحمد 1/ 378، والبخاري (2652)، ومسلم (2533) من حديث عبد اللَّه بن مسعود، قلت: وفي الباب عن جمع من الصحابة، انظر "كشف الخفاء" (1265)، وللشطر الثاني يراجع التخريج السابق.

وجاء عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال لأصحابه: "أنتم خيرٌ من أبنائكم، وأبناؤكم خير من أبنائهم، وأبناء أبنائكم خير من أبنائهم، وأبناء أبناء أبنائكم خير من أبنائهم ولآخر شرٌّ إلى يوم القيامة" (¬1) وجاء عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يأتي زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه" (¬2) وجاء عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أن رجلًا قال: كيف نهلك، ونحن نقرأ القرآن، ونقرئه أبناءنا، وأبناؤنا يقرئونه أبناءهم؟ قال: "ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، أَوَ لَيْسَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ"؟ قال: بلى يا رسول اللَّه، قال: "فما أغنى ذلك عنهم"؟ قال: لا شيء يا رسول الله (¬3). وقد أصبح النَّاسُ في نقص عظيم شديدٍ من دينهم عامة، ومن صلاتهم خاصَّة، فأصبح النَّاس في صلاتهم ثلاثة أصنافٍ؛ صنفان لا صلاة لهم: أحدهما: الخوارج والروافض والمشبهة، وأهل البدع يحقرون الصلاة ¬

_ (¬1) رواه البزار كما في "كشف الأستار" 3/ 292 (2774) من حديث أنس مختصرًا، بلفظ: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لأصحابه: "أنتم خيرٌ من أبنائكم، وأبناؤكم خير من أبنائهم". قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 15: فيه الحسن بن أبي جعفر، وهو متروك. (¬2) رواه ابن عدي في "الكامل" 5/ 378، والبيهقي في "الشعب" 2/ 311 من حديث علي، وفي الإسناد: عبد اللَّه بن دكين، نقل ابن عدي أن ابن معين قال فيه: ليس بشيء. اهـ والحديث أورده الألباني في "الضعيفة" (1936) ثم قال: ضعيف جدًّا. ثم ذكر له طريقين آخرين عن ابن عمر ومعاذ وقال: وجملة القول أن الحديث بهذِه الطرق الثلاث يظل على وهائه؛ لشدة ضعفها وإن كان معناه يكاد المسلم أن يلمسه، بعضه أو جله في واقع العالم الإسلامي، واللَّه المستعان. اهـ. (¬3) رواه بنحوه الطبراني 22/ 137 - 138 من حديث وحشي بن حرب، قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 201: إسناده حسن. اهـ قلت: وفي الباب عن ابن عمر، وعوف بن مالك، وأبي أمامة وأبي شجرة، ينظر "المجمع" 1/ 199 - 202، و"تاريخ دمشق" 65/ 220.

في الجماعات، ولا يشهدونها مع المسلمين في مساجدهم، بشهادتهم علينا بالكفر، وبالخروج من الإسلام. والصنف الثاني: من أصحاب اللهو واللعب، والعكوف على هذِه المجالس الرديئة على الأشربة والأعمال السيئة. والصنف الثالث: هم أهل الجماعة، الذين لا يدعون حضور الصَّلاة عند النداء بها، ومشاهدتها مع المسلمين في مساجدهم: فهؤلاء خير الأصناف الثلاثة، وهؤلاء -مع خيرهم وفضلهم على غيرهم- قد ضيعوها، ورفضوها، إلا ما شاء اللَّه؛ لمسابقتهم الإمام في الركوع والسجود، والخفض والرفع، أو مع فعله، وإنما ينبغي لهم أن يكونوا بعد الإمام في جميع حالاتهم، ولقد أخبرنا من صلى في المسجد الحرام أيام الموسم قال: رأيت خلقًا كثيرًا فيه يسابقون الإمام، وأهل الموسم من كل أفق: من خراسان، وإفريقية، وأرمينية، وغيرها من البلاد، إلا ما شاء اللَّه، وقد رأينا تصديق ذلك، ترى الخراساني يقدم من خراسان حاجًّا، يسبق الإمام إذا صلَّى معه، وترى الشَّاميَّ كذلك، والإفريقي، والحجازي، وغيرهم كذلك، قد غلبت عليهم المسابقة. وأعجب من ذلك أقوام يسبقون إلى الفضل، ويبكرون إلى الجمعة؛ طلبًا للفضل في التبكير، ومنافسةً فيه، فربما صلَّى أحدهم الفجر بالمسجد الجامع، حرصًا على الفضل، وطلبًا له، فلا يزال مصليًا، وراكعًا وساجدًا، وقائمًا وقاعدًا، وتاليًا للقرآن، وداعيًا للَّه تعالى، وراغبًا وراهبًا، وهذِه حاله إلى العصر، ويدعو إلى المغرب، وهو مع هذا كله يسابق الإمام؛ خدعًا من الشيطان لهم، واستيلاء، يخدعهم عن الفريضة الواجبة عليهم، اللازمة لهم، ويركعون ويسجدون معه، ويرفعون ويخفضون معه؛ جهلًا

منهم، وخدعًا من الشيطان لهم، فهم يتقربون بالنوافل التي ليست بواجبة عليهم، ثم يضيعون الفرائض الواجبة عليهم، وقد جاء الحديث: "لا تقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة" (¬1) وإنما يطلب الفضل في التبكير إلى الجمعة غير المضيع للأصل، فمن ضيع الأصل فقد ضيع الفضل، ومن ضيع الفضل وتمسك بالأصل وأحكمه كفى به، واستغنى عنه الفضل. وإنما مثلك في طلب الفضل، وتضييعك الأصل كمثل تاجر اتجر، فجعل ينظر في الرِّبح ويحسبه، ويفرح به قبل أن يرفع رأس المال، فلم يزل كذلك يفرح بالربح ويغفل عن النظر في رأس المال، فلمَّا نظر إلى رأس ماله رآه قد ذهب، وذهب الربح، فلم يبق رأس مالٍ ولا ربح. فرحم اللَّه رجلًا رأى أخاه يسبق الإمام، فيركع أو يسجد معه، أو يصلِّي وحده فيسيء في صلاته، فينصحه ويأمره وينهاه، ولا يسكت عنه، فإن نصيحته واجبة عليه، لازمة له وسكوته عنه إثم ووزر، فإن الشيطان يريد أن تسكتوا عن الكلام بما أمركم اللَّه، وأن تَدَعوا التعاون على البر والتقوى الذي أوصاكم اللَّه به، والنصيحة التي عليكم من بعضكم لبعض، لتكونوا مأثومين مأزورين، ولا تكونوا مأجورين، ويضمحل الدين ويذهب، وأن لا تحيوا سنة، ولا تميتوا بدعةً، فأطيعوا اللَّه فيما أمركم به من التعاون والتناصح على البر والتقوى، ولا تطيعوا الشيطان، فإن الشيطان لكم عدو مضل مبين؛ بذلك أخبركم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فقال: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} وقال تعالى: {لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ}. ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه، وهو في "الضعيفة" (1257).

واعلموا أنما جاء هذا النقص في الصلاة من المنسوبين إلى الفضل المبكرين إلى الجمعات، ممن بالمشرق والمغرب من أهل الإسلام؛ لسكوت أهل العلم والفقه والبصر عنهم، وتركهم ما لزمهم من النصيحة والتعليم والأدب، والأمر والنهي، والإنكار والتغيير، فجرى أهل الجهالة على المسابقة للإمام، وجرى معهم كثير ممن يُنسب إلى العلم والفقه والبصر والفضل، استخفافًا منهم بالصَّلاة. والعجب كل العجب من اقتداء أهل العلم بأهل الجهالة، بمجراهم معهم في المسابقة للإمام في الركوع، والسجود، والرفع، والخفض، وفعلهم معهم، وتركهم ما حملوا، وسمعوا من الفقهاء والعلماء، وإنما الحقُّ الواجب على العلماء أن يعلموا الجاهل وينصحوه، ويأخذوا على يده، فهم فيما تركوا آثمون، عصاة خائنون؛ لجريانهم معهم في ذلك، وفي كثير من مساوئهم من الغش والنميمة، ومحقرة الفقراء والمستضعفين، وغير ذلك من المعاصي مما يكثر تعداده، جاء الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "ويل للعالم من الجاهل حيث لا يعلمه" (¬1) فتعليم الجاهل واجب على العالم، لابد له؛ لأنه لا يكون الويل للعالم من تطوع تركه؛ لأن اللَّه لا يؤاخذ على ترك التطوع، إنما يؤاخذ على ترك الفريضة، وجاء الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" (¬2) والمضيع لصلاته، الذي يسابق الإمام فيها، ويركع ويسجد معه، أو لا يتم ركوعه ولا سجده، إذا صلَّى وحده فقد أتى منكرًا؛ لأنه سارق. ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه، وهو في "الضعيفة" (4756). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 20، ومسلم (49) من حديث أبي سعيد الخدري.

وقد جاء الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "شرُّ الناس سرقةً الذي يسرق من صلاته". قالوا: يا رسول اللَّه، وكيف يسرق من صلاته؟ قال: "لا يتم ركوعها، ولا سجودها" (¬1). فسارق الصَّلاة قد وجب الإنكار عليه ممن رآه، والنصيحة له. أرأيت لو أن سارقًا سرق درهمًا، ألم يكن ذلك منكرًا يجب الإنكار عليه ممن رآه؛ ! فسارق الصَّلاة أعظم سرقةً من سارق الدرهم، وجاء الحديث عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- أنه قال: من رأى من يسيء في صلاته فلم ينهه شاركه في وزرها وعارها، وجاء في الحديث عن بلال بن سعدٍ أنه قال: الخطيئة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها، فإذا ظهرت فلم تغير ضرت العامة (¬2). وإنما تضر العامة؛ لتركهم ما يجب عليهم من الإنكار والتغيير على الذي ظهرت منه الخطيئة؛ فلو أن عبدًا صلَّى حيث لا يراه النَّاسُ، فضيع صلاته، ولم يتم الركوع والسجود كان وزر ذلك عليه خاصةً، وإذا فعل ذلك حيث يراه النّاس، فلم ينكروه ولم يغيروه، كان وزر ذلك عليه وعليهم. فاتقوا اللَّه عباد اللَّه في أموركم عامةً، وفي صلاتكم خاصةً، وأحكموها في أنفسكم، وانصحوا فيها إخوانكم، فإنها آخر دينكم فتمسكوا بآخر دينكم ومما أوصاكم به ربكم خاصةً من بين الطاعات التي افترضها اللَّه عامة، وتمسكوا بما عهد إليكم نبيكم -صلى اللَّه عليه وسلم- خاصةً، من بين عهوده إليكم فيما افترض عليكم ربكم عامةً، وجاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 310، وابن خزيمة في "صحيحه" 1/ 331 (663) من حديث أبي قتادة بنحوه، والحديث صححه الألباني في "صحيح الجامع" (986) وفي الباب عن أبي سعيد الخدري وغيره انظر "مجمع الزوائد" 2/ 120. (¬2) تقدم تخريجه.

كان آخر وصيته لأمته، وآخر عهده إليهم عند خروجه من الدنيا: "أن اتقوا اللَّه في الصَّلاة، وفيما ملكت أيمانكم" (¬1)، وجاء الحديث أنها آخر وصية كل نبي لأمته، وآخر عهده إليهم عند خروجه من الدنيا. وهي آخر ما يذهب من الإسلام، ليس بعد ذهابها إسلام ولا دين، وهي أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من عمله، وهي عمود الإسلام، وإذا سقط الفسطاط، فلا ينتفع بالطنب والأوتاد، وكذلك الصَّلاة إذا ذهبت فقد ذهب الإسلام. وقد خصها اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بالذكر من بين الطاعة كلها، ونسب أهلها إلى الفضل، وأمر بالاستعانة بها، وبالصبر على جميع الطاعات واجتناب جميع المعصية. فأْمُرُوا -رحمكم اللَّه- بالصلاة في المساجد من تخلف عنها، وعاتبوهم إذا تخلفوا عنها، وأنكروا عليهم بأيديكم، فإن لم تستطيعوا فبألسنتكم، واعلموا أنه لا يسعكم السكوت عنهم؛ لأنَّ التخلف عن الصلاة من عظيم المعصية، فقد جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "لقد هممت بأن آمر بالصَّلاة فتقام، ثمَّ أخالف إلى قوم في منازلهم لا يشهدون الصلاة في جماعة، فأحرقها عليهم" (¬2) فتهددهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بحرق منازلهم، فلولا أن تخلفهم عن الصلاة معصية كبيرة عظيمة لما تهددهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بحرق منازلهم، وجاء الحديث: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" (¬3)، وجار المسجد: الذي بينه وبين المسجد أربعون دارًا. ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 375، والبخاري (644)، ومسلم (651) من حديث أبي هريرة بنحوه. (¬3) رواه الدارقطني 1/ 419 - 420، والحاكم 1/ 246، ومن طريقه البيهقي 3/ 57 من =

انتهى (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 437 - 475 ¬

_ = حديث أبي هريرة مرفوعًا، والحديث ضعفه الألباني في "الإرواء" (491) مفصلًا الكلام عن طرقه وعلله، ذاكرًا أن في الباب عن جابر، وعائشة مرفوعًا، وعن عليّ موقوفًا. (¬1) انتهت رسالة الإمام أحمد في الصلاة، وقد تقدم التعليق عليها في أولها، والكلام على نسبتها للإمام.

باب وجوب الصلاة

باب وجوب الصلاة 297 - بدء فرض الصلاة، وكيف كانت قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ: وكمْ صلَّى جبريلُ بالنبي صلى اللَّه عليهما وسلم، أربعة أو ركعتين؟ وأين صلَّى به؟ قال: كل صلاةٍ صلَّى النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم بمكةَ كانتْ ركعتين ركعتين إلَّا المغرب ثلاثًا (ما لم) (¬1) يهاجر إلى المدينةِ، ثمَّ ضمَّ إلى كلِّ ركعتين ركعتان إلَّا المغرب والفجر تُرِكَا على حالهما، وصلَّى جبريلُ بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمكةَ عند المقام مرتين (¬2). "مسائل الكوسج" (494) 298 - من أسلم على بعض الصَّلاة قال ابن هانئ: سألته عن حديث حكيم بن حزام: بايعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، على أن لا أخر إلا قائمًا (¬3). في البيوع هو، أو في الصلاة؟ قال: هذا في الصلاة، كانوا في الجاهلية يعظمون الركوع، فلما جاء الإسلام، قال حكيم بن حزام: أبايعك على ألا أخر إلا قائمًا. فهذا معناه. "مسائل ابن هانئ" (2043) ¬

_ (¬1) كذا في الأصل. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 333، وأبو داود (393)، والترمذي (149) وقال: حسن صحيح، وابن خزيمة (325)، والطبراني (10752)، والدارقطني 1/ 258، والحاكم 1/ 193، والبيهقي 1/ 364، والبغوي (348) وحسنه. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 402، والنسائي 2/ 205. قال العراقي في "المغني" (3524): رواه =

قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد قال: قلت لأبي: حديث قتادة عن نصر بن عاصم أن رجلًا منهم بايع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يصلي طرفي النهار (¬1)؟ قال أبي: إذا دخل في الإسلام صلى بصلاتهم. وقال عبد اللَّه في موضع آخر: سألت أبي عن الرجل إذا دخل في الإسلام؟ قال: يصلي صلاتهم. قال: فإن أسلم على أن يصلي صلاتين؟ قال: يقبل منه فإذا دخل أمر بالصلاة الخمس (¬2). وقال: أخبرنا صالح قال: سألت أبي ما معنى قول حكيم بن حزام: بايعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ألَّا أخر إلا قائمًا (¬3)؟ قال: أن يركع ويسجد كما هو، وذلك أن قريشًا كانت إذا انقطع شسع أحدهم قال: لا أجبّي؛ فيرمي بنعله الأخرى. قلت: وإن بعض من قال: لا أخر إلا قائمًا: لا أموت على الإسلام. قال أبي: أليس قد بايع سلمان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على أن لا يسجد سجدة؛ فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ادخل في الإسلام". ¬

_ = الإمام أحمد مقتصرًا على هذا وفيه إرسال خفي. (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 24 - 25، وذكره الألباني في "الثمر المستطاب" 1/ 51 وقال: هذا سند صحيح على شرط مسلم. (¬2) لم أهتد إليها في المطبوع من "المسائل"، و"العلل" لعبد اللَّه. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 402، والنسائي 2/ 205 بلفظ: بايعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على أن لا أخر إلا قائمًا. وقال العراقي في "المغني" (3524): رواه الإمام أحمد مقتصرًا على هذِه، وفيه إرسال خفي.

وحديث قتادة عن نصر بن عاصم: أن رجلًا منهم بايع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على أن يصلي طرفي النهار. فقال: ليس قول ذا بشيء، على أي دين كان يقول أموت وهو لم يدخل في الإسلام (¬1). وقال: أخبرنا عبد اللَّه قال: سألت أبي عن حديث حكيم بن حزام: بايعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن لا أخر إلَّا قائمًا. قال: يقول: لا أركع. قال: يقول: إذا فرغ من القراءة لا يركع يسجد كما هو. قلت لأبي: إن بعض الناس يقول: إذا ركع لم يرفع رأسه حتى يسجد. قال: لا، إذا ركع فقد خرّ: إنما هو إذا فرغ من القراءة لا يسجد كما كانت قريش يعظمون التجبية. قال: لا أجبّي. يقول: لا أقوم على أربعة يأخذ الشيء (¬2). وقال: أخبرنا منصور بن الوليد قال: حدثنا يحيى بن سعيد أنه سأل أبا عبد اللَّه عن حديث حكيم: بايعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن لا أخر إلا قائمًا؟ فقال: لا يركع ويسجد من قبل. قال: وقريش يكرهون التجبية. قال: وبلغني عن بعضهم ربما انقطع شسعه فلا يجبّي يخلع الأخرى. "أحكام أهل الملل" 1/ 117 - 119 (122 - 126) ¬

_ (¬1) لم أهتد إليها في المطبوع من "المسائل" رواية صالح. (¬2) لم أهتد إليها في المطبوع من "المسائل"، و"العلل" لعبد اللَّه.

299 - متى يؤمر الصبي بالصلاة؟

299 - متى يؤمر الصَّبي بالصلاة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: متى يُؤمر الصَّبي بالصَّلاةِ؟ قال: لسبعٍ ويُضرب عليها لعشر. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (321) قال إسحاق بن منصور: سألتُ أحمدَ عن الغلام يتركُ الصلاةَ قبلَ أربع عشرة سنة، أيعيدُ؟ قال: نعم، هو يُضربُ على الصلاة إذا بلغ العشر. قِيلَ: فالصيام؟ قال: إذا أطاق الصيام. "مسائل الكوسج" (430) قال أبو داود: قلتُ لأبي عبد اللَّه: متى يؤمرُ الغلامُ بالصلاةِ؟ قال: يضربُ عليها إذا بلغ عشرًا ويفرقُ بينهم في المضاجعِ، ويؤمرُ بالصلاة إذا بلغ سبعًا. "مسائل أبي داود" (356) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل عنده أمة نصرانية وعبد نصراني، ولهما ولد ابن تسع سنين وقد أسلم؟ فقال: يجبر على الإِسلام ويؤمر بالصلاة؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مروهم بالصلاة ابن سبع سنين واضربوهم عليها ابن عشر" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 187، وأبو داود (495، 496) من حديث عبد اللَّه بن عمرو، مرفوعًا قال النووي في "الخلاصة" (687): رواه أبو داود بإسناد حسن. اهـ وكذا صححه الألباني في "صحيح أبي داود" (509، 510).

300 - حكم تارك الصلاة، ومن ترك صلاة حتى خرج وقتها

قلت لأبي: فإن لم يسلم الغلام يجبر على الإِسلام؟ قال: لا، حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبواه يهودانه وينصرانه" (¬1). قلت لأبي: فإن لم يكن له أحد -اشترى رجل عبدًا نصرانيًا أو يهوديًا ليس معه أبواه- يجبر على الإسلام؟ قال: يعجبني ذلك، إذا لم يكن معه أبواه. "مسائل عبد اللَّه" (189) 300 - حكم تارك الصلاة، ومن ترك صلاة حتى خرج وقتها قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: إذا تركَ الصَّلاةَ استتبته ثلاثة أيام، على حديثِ ابن عمر -رضي اللَّه عنه-. "مسائل الكوسج" (3395) قال صالح: قلت: رجل فرط في الصلاة، فلما أدركه الموت أقر بذلك؟ فقال: الصلاة لا تقضى، ولكن يصدق عنه. قلت: فإنه تركها ولم يصل؟ قال: إذا كان عامدًا استتبته ثلاثًا، فإن تاب وإلا قتل. قلت: فتوبته أن يصلي؟ قال: نعم. "مسائل صالح" (295) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 233، والبخاري (1358)، ومسلم (2658) من حديث أبي هريرة.

قال ابن هانئ: قال أبو عبد اللَّه: من ترك الصلاة فقد كفر. "مسائل ابن هانئ" (1876) قال عبد اللَّه: سألت أبي رحمه اللَّه عن ترك الصلاة متعمدًا؟ قال: يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة" (¬1). قال أبي: والذي يتركها لا يصليها، والذي يصليها في غير وقتها أدعوه ثلاثًا، فإن صلى، وإلا ضربت عنقه، هو عندي بمنزلة المرتد، يستتاب ثلاثًا فإن تاب؛ وإلا قتل على حديث عمر. "مسائل عبد اللَّه" (191) وقال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل ترك العصر حتى غربت الشمس تركها عمدًا؟ قال: ادعوه إلى الصلاة ثلاثًا، فإن أبى وإلا ضربت عنقه. "مسائل عبد اللَّه" (192) وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، نا هشام بن عروة عن أبيه، عن المسور بن مخرمة أن ابن عباس دخل على عمر -وقال مرة: دخلت مع ابن عباس على عمر- بعدما طعن فقال: الصلاة؟ قال: نعم، ولاحظ في الإِسلام لامرئ أضاع الصلاة. فصلى والجرح يثغب دمًا (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (193) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 370، ومسلم (82) من حديث جابر، وفي الباب عن غيره. (¬2) رواه عبد الرزاق 1/ 150 - 151 (579 - 581)، وابن أبي شيبة 7/ 438 (37056)، والدارقطني 2/ 52، وصححه الألباني في "الإرواء" (209).

وقال عبد اللَّه: كان لي غلام أسود خصي، فحلفت أن أضربه، فذهب إلى أبي فقال: إن مولاي قد حلف أن يضربني. فدخلت عليه فقال: بحقي عليك لا تضربه. فقلت: إنه يترك الصلاة. فقال: اضربه على الصلاة يصلي. "مسائل عبد اللَّه" (194) قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عمَّن ترك الصلاة متعمدًا؟ قال: لا يكفر أحد بذنب إلا تارك الصلاة عمدًا، فإن ترك صلاة إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى يستتاب ثلاثًا. وقال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عمَّن ترك الصلاة والزكاة والصوم والجمعة والحج عمدًا -وهو يقدر على ذلك- ولم يمنعه من ذلك مرض ولا خوف؟ قال: أما في الصلاة إذا تركها إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى يستتاب ثلاثًا، فإن تاب وإلا، يعني: قتل. "تعظيم قدر الصلاة" 2/ 927، 928. قال الخلال: أخبرنا العباس بن محمد اليمامي، بطرسوس، قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الحديث الذي يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يكفر أحدًا من أهل التوحيد بذنب". موضوع لا أصل له. كيف بحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ". فقال: ليس بالملة. قال: لا يرث ولا يورث. "أحكام أهل الملل" 2/ 535 (1361) قال الخلال: كتب إليّ يوسف بن عبد اللَّه الإسكافي: أن الحسن بن علي الإسكافي حدثهم قال: قال أبو عبد اللَّه في تارك الصلاة: لا أعرفه إلَّا هكذا في ظاهر الحديث، فأما من فسّره جحودًا فلا نعرفه.

وقد قال عمر -رضي اللَّه عنه- حين قيل له: الصلاة؟ قال: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة (¬1). وقال: أخبرني أحمد بن الحسين بن حسان قال: سئل أبو عبد اللَّه عن ن ترك الصلاة متعمدًا؟ قال: ليس بين الإيمان والكفر إلَّا ترك الصلاة. وقال: أخبرني عصمة قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لم اسمع في شيء من الأعمال تركه كفر إلَّا الصلاة. وقال: أخبرني حرب قال: قيل لأحمد: رجل قال: لا أصلي؟ فكأنه ذهب إلى أنه يستتاب وقال: "بَينَ العَبْدِ وَبَيْنَ الكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ" (¬2). وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يدع الصلاة استخفافًا ومجونًا؟ قال: سبحان اللَّه إذا تركها استخفافًا ومجونًا فأي شيء بقي؟ ! قلت له: يسكر ويمجن. قال: هذا تريد تسأل عنه، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بَيْنَ العَبْدِ وَبَينَ الكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ". قلت: ترى أن تستتيبه؟ فأعدت عليه، فقال: إذا تركها استخفافًا ومجونًا فأي شيء بقي؟ ! وقال: أخبرني محمد بن موسى ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث أنه قال لأبي عبد اللَّه: فيكون من يترك الصلاة كافرًا؟ ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 370، ومسلم (82) من حديث جابر، وفي الباب عن غيره.

فقال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بَيْنَ العَبْدِ وَبَيْنَ الكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ". قلت: فإن كان رجل نراه مواظبًا على الصلاة ثم تركها، فقيل له: صل. فقال: لا أصلي. ولم يقل: أن الصلاة غير فرض. فقال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من تَرَكَ الصلاةَ فقد كفَر". وقال: أخبرني الميموني أنه قال لأبي عبد اللَّه: الرجل يقرّ بالصلاة والصيام والفرائض ولا يفعلها؟ قال: هذا أشد (. .) (¬1) ولم يجئ في شيء ما جاء في الصلاة. قال: أرى أن يضرب ويحبس ويُتهدد. قلت له: أليس تركها كفر؟ فأكثر ظني أنه قال لي: بلى. وقال لي: قد قاتل أبو بكر -رضي اللَّه عنه- حين منعوا الزكاة (¬2). قال: وسمعت قومًا ناظروه في معنى هذِه المسألة فسمعت من جوابه أنه يتأوّل الكتاب: {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ} [البقرة: 34]. وقال فيه قولًا غليظًا. "أحكام أهل الملل" 2/ 535 - 536 (1363 - 1369) وقال الخلال: أخبرنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بَيْنَ العَبْدِ وَبَيْنَ الكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ". وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن تارك الصلاة؟ فقال: إذا قال: لا أصلي؛ قتل. ¬

_ (¬1) قال المحقق: بياض في المخطوطات الثلاث. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 19، والبخاري (1399)، ومسلم (20) من حديث أبي هريرة.

قلت: إن أقرّ وقال: بلى أصلي. قال: يستتاب ثلاثًا فإن تاب وإلَّا قتل. وقال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال: أن أبا عبد اللَّه قال: من ترك الصلاة يستتاب ثلاثًا فإن تاب وإلا ضربت عنقه. قلت: أليس الحديث: "من بدّل دينه فاقتلوه" (¬1)؟ فقال: ذاك المقيم على الشيء. وقال: أخبرني عصمة قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن "من بدّل دينه فاقتلوه". قال: يعني أن يكون مقيمًا على الكفر لا يرجع، فأما إن قال: لا أصلي فإنه يستتاب ثلاثًا فإن تاب وإلَّا ضربت عنقه. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن من ترك الصلاة؟ فقال: يستتاب. قال وسمعت أبا شبرمة يقول لأبي عبد اللَّه: سمعت وكيعًا يقول في تارك الصلاة: يستتاب فإن تاب وإلّا قتل. قال أبو عبد اللَّه: قد كان عنده حديث أبي الزبير عن جابر. فأعجب أبو عبد اللَّه ذلك. "أحكام أهل الملل" 2/ 537، 538 (1372 - 1376) وقال الخلال: أخبرني أبو بكر المروذي قال: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حَدَّثَنَا زيْدُ بْنُ الحُبَابِ، حَدَّثني حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 217، والبخاري (3017) من حديث ابن عباس.

بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قال قال رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم: " بَيْنَنَا وَبَينهُمْ تَرْكُ الصَّلَاةِ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ". "أحكام أهل الملل" 2/ 538 (1378) وقال الخلال: أخبرني حرب قال: حدثنا إسحاق قال: أخبرني بقية بن الوليد عن زياد أبي حميد عن مكحول فيمن يقول: الصلاة من عند اللَّه ولا يصليها؟ قال: يستتاب وإلَّا قتل. "أحكام أهل الملل" 2/ 539 (1380) وقال الخلال: أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن من ترك الصلاة؟ قال: أما أنا فأذهب إلى أن يترك ثلاثة أيام فإن صلَّى وإلَّا. وأومأ بيده. أي: يقتل. وقال: أخبرني محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو الحارث قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت: الرجل يترك الصلاة تجوزًا، فيقال له: صلَّ. فيقول: نعم، ثم لا يفعل، وهو مقرّ بالصلاة أنها فرض عليه؟ قال: يرقب ثلاثة أيام فإن صلَّى وإلَّا ضربت عنقه. وقال: أخبرني عبد الملك قال: قرأت على أبي عبد اللَّه: من قال: أعلم أن الصلاة فرض ولا أصلي؟ فأملى عليَّ: يستتاب فإن تاب وإلَّا قتل. قلت: في صلاة أو صلاتين؟ قال: لا في ثلاثة أيام يحبس فإن تاب وإلَّا قتل. قَلت: تأوّل حديث عمر -رضي اللَّه عنه-؟

قال: نعم. "أحكام أهل الملل" 2/ 540 (1383 - 1385) وقال الخلال: أخبرني محمد بن علي في موضع آخر قال: حدثنا صالح أن أباه قال: إذا ترك الصلاة يدعى إليها ثلاثة أيام فإن صلَّى وإلَّا ضربت عنقه. وإذا قال: لا أجحد ولا أصلي. عرض عليه ثلاثًا فإن صلى وإلا قتل. وإذا قيل له صلَّ. فقال: لا أصلي. يعرض عليه ثلاثًا. "أحكام أهل الملل" 2/ 540 - 541 (1387) وقال الخلال: أخبرني عصمة قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: وأما من ترك صلاة أو صلاتين؟ قال: هذا يستتاب ويقال له: صليه فإن كان في صلاة وثنتين وثلاث وأربع ونحو ذلك فلم يصل يحبس فإن صلَّى وإلَّا قتل. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن الحسن بن يعقوب حدثهم قال: سئل أبو عبد اللَّه وأنا أسمع عن رجل قال: أنا مؤمن مُقرّ بأن الصلاة عليّ فرض واجب ولا أصلي؟ قال: يستتاب ثلاثة أيام فإن صلَّى وإلَّا قتل. قلت: إن مالكًا حدث عنه أنه قال: إذا ترك صلاة حتى يذهب وقتها قيل له: تصلي وإلَّا قتلت. فإن صلَّى وإلَّا قتل؟ قال: حديث عمر -رضي اللَّه عنه- الذي أذهب إليه في المرتد حبسه ثلاثًا. قلت: هذا ترك صلاة؟ قال: المرتد أكبر من هذا كله واحتجّ بحديث عمر -رضي اللَّه عنه-. قلت: حديث معاذ حين أتاه أبو موسى؟

فقال: إن معاذًا دفع إليه الرجل ولا أراه إلَّا قد دعاه وذلك أنه قال: لا أقعد حتى تقتله. قلت: أخاف أن يكون دعاه؟ قال: أتي به من اليمن ولم يدعَ. فرأيته يذهب إلى ثلاثة أيام واحتجّ بحديث أبي بكر على ما قاتل عليه الناس حتى يزكو فكان يرى أن يعمل على حديث عمر يستتاب ثلاثًا. فقلت: حديث علي (: فإذا ذهب وقت تلك الصلاة. .، فلم يأخذ به إلَّا باستتابته ثلاثًا. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول للهيثم بن خارجة: أتحفظ عن مكحول في تارك الصلاة؟ فقال: لا. فقيل لأبي عبد اللَّه: أي شيء قال مكحول؟ قال: كان يشدد في هذا. فقال الهيثم: كان الأوزاعي يقول: لو ترك صلاة الظهر قلت له: صلَّ. فإن جاء وقت العصر وقال: لا أصلي. فإن قال: هي عليّ ضربت عنقه. قال أبو عبد اللَّه: كان مكحول يشدّد نحوًا من هذا القول. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في الذي يدع الصلاة: يدعى إليها ثلاثة أيام فإن صلَّى وإلَّا ضربت عنقه. قال أبو عبد اللَّه: وكذا إذا قال: لا أجحد ولا أصلي عرض عليه ثلاثًا. وقيل: وإذا قيل له صلَّ، فقال: لا أصلي. عرضت عليه ثلاثًا. فحجته فيه ما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن مكانها" (¬1). ولم يكفروا بتأخيرها. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 399، ومسلم (534) من حديث ابن مسعود.

وقال لي أبو عبد اللَّه: ناظرت يسار الخفاف في هذا فقال: إذا ترك الصلاة قتل. وقال المروذي في موضع آخر قال: حكي عن حماد بن زيد: إذا ترك الصلاة. فاحتججت عليه فقلت: أليس يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة". فهذا إذا أخّر الصلاة قد صلَّى. فسكت وبقي. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا يعقوب قال: فذكر عن أبي عبد اللَّه قصة يسار إلى هاهنا وقال: قال حماد بن زيد: إذا ترك الصلاة قتل. قال المروذي قد قال أبو عبد اللَّه: إذًا فإن: "بين العبد وبين الكُفر تركُ الصَّلاة". فقد يحتمل أن يكون تاركًا أبدًا. ثم قال أبو عبد اللَّه: أذهب إلى الاستتابة. فقال له أبو طالب الخراساني سمعت وكيعًا يقول: في الرجل يقول الصلاة عليّ لكني لا اصليّ فيجيء وقتها فلا يصلي. قال وكيع: أستتيبه ثلاثًا فإن صلَّى وإلَّا ضربت عنقه. فأعجب أبو عبد اللَّه قوله وقال: قد كان عند وكيع الحديث. وقال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب: أنه سأل أبا عبد اللَّه عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من ترك الصلاة فقد كفر"، متى يكفر؟ قال: إذا تركها، بعض يقول: إذا جاء وقت الصلاة التى ترك كفر ويدخل عليهم قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُؤخرونَ الصَّلَاة عن وقتها فصلّوها في وقتها ثم صلّوا معهم". فقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يؤخّرون الصلاة عن الوقت".

قلت: إن ترك الفجر وهو عامد لتركها أصبح ولم يصلِّ ثم جاءت الظهر فلم يصل، ثم صلى العصر، وترك الفجر، فقد كفر؟ قال: هذا أجود القول؛ لأنه قد تركه حتى وجبت أخرى ولم يصلها يستتاب فإن تاب وإلَّا ضربت عنقه مثل. قال: فعل أبي بكر -رضي اللَّه عنه-. قالوا: لا نؤدي الزكاة. قال: إن أدّيتم وإلَّا قاتلتكم. فهذا إذا وجب عليه صلاة أخرى ولم يصلَّ الأولى فتركها عامدًا فقد صار إلى ترك الصلاة. ومن قال: إذا كان الوقت قبل صلاة العصر إلى أن يجوز العصر فهذا قول ضيق. وقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الأمراء يصلّون لغير وقتها فقد خرج الوقت. وإذا ترك صلاة حتى يجيء أخرى فهذا أجود؛ لأنه قد صار إلى صلاة أخرى. قلت: هؤلاء يقولون لو قال: هي عليّ إلى سنة لم يكفر، مثل ما يقول: العام أحج فلم يحج فيه، فكذلك إذا قال عليَّ صلاة أصليها وإن كان بعد سنة؟ قال: ليس هذا بشيء، إذا تركها حتى يصلي صلاة أخرى فقد تركها. فقلت: فقد كفر؟ قال: الكفر لا يقف عليه أحد ولكن يستتاب فإن تاب وإلَّا ضربت عنقه. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا يعقوب بن بختان قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن رجل ترك صلاة فقال: أما صلاة وصلاتان فينظر كما جاء: "قوم يؤخرون الصلاة" ولكن إذا ترك ثلاث صلوات.

قال الفضل بن زياد: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثني حسين بن واقد، قال: حدثني عبد اللَّه بن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بيننا وبينهم ترك الصلاة، فمن تركها فقد كفر" (¬1). وقال: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدننا الوليد بن مسلم، قال: سمعت الأوزاعي، عن القاسم بن مخيمرة في قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)} [مريم: 59] قال: أضاعوا المواقيت، ولم يتركوها، ولو تركوها صاروا بتركها كفارا (¬2). "الشريعة" 2/ 646، 647. وقال المروذي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد اللَّه بن نمير، عن محمد بن أبي إسماعيل، عن معقل بن معقل الخثعمي، قال: أتى رجل عليًا -رضي اللَّه عنه-، وهو في الرحبة، فقال: يا أمير المؤمنين: ما ترى في المرأة لا تصلي؟ فقال: من لم يصل فهو كافر (¬3). "الشريعة" 2/ 653. قال مهنا: قال أحمد: هو خطأ من الأوزاعي -أي: حديثه عن يحيى، عن أبي قلابة، عن أبي المهاجر، عن بريدة قال كنا معه في ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 355، والترمذي (2621)، والنسائي 1/ 231، وابن ماجه (1079)، وقال الترمذي: حسن صحيح. وكذا صححه الألباني في "صحيح الترغيب" (564). (¬2) رواه الطبراي في "تفسيره" 8/ 354 (23780). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 171 (30427)، وابن بطة في "الإبانة" 2/ 680 (889)، والبيهقي في "الشعب" 1/ 72 (42)، وضعفه الألباني في "ضعيف الترغيب" (309).

301 - يضرب الرجل امرأته لتركها الصلاة؟

غزاة قال سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "بكروا بالصلاة في اليوم الغيم فإنه من فاته صلاة العصر فقد حبط عمله" (¬1) -والصحيح حديث هشام الدستوائي- أي: حديثه عن يحيى، عن أبي قلابة، عن أبي المليح، عن بريدة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله" (¬2). وذكر -أيضًا- أن أبا المهاجر لا أصل له، إنما هو أبو المهلب عم أبي قلابة، كان الأوزاعي يسميه أبا المهاجر خطأ، وذكره في هذا الإسناد من أصله خطأ، فإنه ليس من روايته؛ إنما هو من رواية أبي المليح. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 311. 301 - يضرب الرجل امرأته لتركها الصلاة؟ قال ابن هانئ: سألته عن الرجل له امرأة لا تصلي فيضربها؟ قال: نعم، يضربها ضربًا رفيقًا غير مبرّحٍ؛ لعلها ترجع. "مسائل ابن هانئ" (514) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 361، وابن ماجه (694)، وقد ذكر الألباني رحمه اللَّه الخلاف في إسناده ومتنه أيضًا ثم قال: ضعيف بهذا التمام. "الإرواء" (255). (¬2) رواه الإمام إحمد 5/ 360، والبخاري (533).

302 - إذا لم تصل المرأة نزعت من زوجها، وإذا لم يصل الرجل فلا ينبغي للمرأة أن تقيم معه أيضا

302 - إذا لم تصل المرأة نُزعت من زوجها، وإذا لم يصل الرجل فلا ينبغي للمرأة أن تقيم معه أيضًا قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن أبا الحارث حدثهم قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن رجل يدع الصلاة وله امرأة تأمره بالصلاة فلا يقبل منها؟ قال: أرى أن تخلع منه. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا يعقوب بن بختان. . وأخبرني محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو الحارث قال: وأخبرني الفضل بن زياد (قال): سئل أبو عبد اللَّه عن المرأة لها زوج يسكر ويدع الصلاة؟ قال: إن كان لها ولي فرق بينهما. وقال: أخبرني موسى بن سهل قال: حدثنا محمد بن أحمد الأسدي قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب عن إسماعيل بن سعد قال: سألت أحمد عن الرجل هل يحل له أن يقيم مع امرأته لا تصلي ولا تغسل من جنابة ولا تتعلم القرآن؟ قال: أخشى أن لا يجوز المقام معها. "أحكام أهل الملل" 2/ 550، 551 (1413، 1415)

كتاب الأذان والإقامة

كتاب الأذان والإقامة باب مشروعية الأذان وحكمه 303 - بدء مشروعية الأذان قال البغوي: سمعت أحمد يقول: أذن بلال للنبي صلى اللَّه عليه وسلم بعدما قدم المدينة (¬1). "مسائل البغوي" (46) 304 - فضل الأذان قال صالح: حدثني أبي قال: حَدَّثَنَا أبو حفص المعَيْطي قال: حَدَّثنَا عبد الملك العرزمي، قال: حَدَّثنَا عطاء قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم اغفر للمؤمنين وأرشد الأئمة" (¬2). "مسائل صالح" (856) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 148، والبخاري (604)، ومسلم (377) من حديث ابن عمر، ولفظه: "يا بلال قم فناد بالصلاة". (¬2) لم أهتد إليه بهذا الإسناد، لكن رواه الإمام أحمد 2/ 284 من طريق عبد الرزاق، عن معمر والثوري، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا، ورواه في موضع آخر 2/ 232 عن محمد بن فضيل، عن الأعمش، عن رجل، عن أبي صالح به، ولمزيد بيان انظر "سنن البيهقي" 1/ 430، و"نيل الأوطار" 1/ 525.

305 - حكم الأذان

305 - حكم الأذان قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من نسي الأذان والإقامة؟ قال: أجزأته صلاتهُ. قال إسحاق: كما قال إذا كان في المصر، وإذا كان في السَفَر وحده فلا بد له مِنَ الإقامة. "مسائل الكوسج" (178) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن قوم صلوا بغير أذان ولا إقامة؟ قال: صلاتهم جائزة. "مسائل أبي داود" (202) قال ابن هانئ: قال أبو عبد اللَّه: إذا كان الرجل في مصر يسمع الأذان والإقامة فلا عليه أن لا يؤذن ولا يقيم، يجزئه أذانهم وإقامتهم. "مسائل ابن هانئ" (197) قال إسماعيل بن سعيد: قلت: هل يعيدون الأذان والإقامة إذا كانوا على ذلك، أي حال نسيان القراءة في الصلاة؟ قال: نعم. "بدائع الفوائد" 3/ 81. 306 - الأذان للفوائت قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما الرجل الذي عليه الفوائتُ، أَيُقِيم لكلِّ صلاة يصليها؟ فإن فعل فهو أحب إلينا، وإنْ لم يفعلْ فهي جائزة، لا يكون

ذَلِكَ أشدَّ منه لو فاتته الصلاةَ في الجماعةِ في المصر، فله أن يُصَلِّيهَا بغير أذانٍ ولا إقامةٍ، والفوائتُ أحسن حالا. "مسائل الكوسج" (183). قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن رجل يقضي صلوات، كيف يصنع في الأذان؟ فذكر حديث هشيم عن أبي الزبير، عن نافع بن جبير، عن أبي عبيدة بن عبد اللَّه، عن أبيه، أن المشركين شغلوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء اللَّه، قال: فأمر بلالا فأذن وأقام وصلى الظهر، ثم أمره فأقام فصلى العصر، ثم أمره فأقام فصلى المغرب، ثم أمره فأقام فصلى العشاء (¬1). قال أبو عبد اللَّه: وهشام الدستوائي، لم يقل كما قال هشيم: جعلها إقامة إقامة، قلت: فكأنك تختار حديث هشيم؟ قال: نعم هو زيادة، أي شيء يضره؟ "المغني" 2/ 75. قال حرب: قال إسحاق فيمن فاتته الصلاة يوم الجمعة مع الإمام: أجد أن يقيم الصلاة للظهر؛ لأن الأذان والإقامة يومئذ لم تكن للظهر، وإنما كانت للجمعة. "فتح الباري" لابن رجب 5/ 441. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 375، والترمذي (179)، والنسائي 2/ 17، وقال الترمذي: ليس بإسناده بأس؛ إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه. أهـ وقال الألباني: ضعيف. "الإرواء" (239).

307 - الأذان في السفر

307 - الأذان في السفر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يؤذن في السفر ويقيم؟ قال: نعم، حديث مالك بن الحويرث (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (175) قال عبد اللَّه: قلت: فيجب الأذان على الجماعة في السفر؟ قال: ما أحسنه. قلت: فإن لم يفعلوا؟ قال: يجزئهم. "مسائل عبد اللَّه" (206) قال حرب: قال أحمد في المسافر: أحب إلي أن يؤذن ووجهه إلى القبلة، وأرجو أن يجزئ. "المغني" 2/ 85 قال الميموني: قلت: يؤذن ويقيم -أي: المسافر- في الفجر، وفي غير الفجر؟ قال: يقيم إن شاء اللَّه. "فتح الباري" لابن رجب 5/ 367 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 436، والبخاري (630)، (658)، (7246)، ومسلم (674)، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له ولصاحب له: "إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما".

308 - الرجل يصلي في بيته، يؤذن؟

308 - الرجل يُصلّي في بيته، يؤذن؟ قال صالح: سألته عن الرجل يُصلي في بيته، يؤذِّنُ؟ قال: إن أذن فليس به بأس، وإن لم يؤذن أجزأه أذان الحي. "مسائل صالح" (47) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن رجلٍ أصبح وهو مؤذنُ القوم فوجد جيرانهُ قد صلَّوا، أيجزئه أن يقيم؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (190) وقال أبو داود: قلت لأحمد: يؤذن الرجل ويؤم هو نفسه؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل أبي داود" (191) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يصلي وحده، أعليه أذان وإقامة؟ قال: كان ابن مسعود، وابن عمر يصليان بلا أذان ولا إقامة (¬1). "مسائل ابن هانئ" (196) وقال ابن هانئ: قال أبو عبد اللَّه: إذا كان الرجل في مصر يسمع فيه الأذان والإقامة، فلا عليه أن لا يؤذن ولا يقيم، يجزئه أذانهم وإقامتهم. "مسائل ابن هانئ" (197) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قلت: يجب الأذان على من صلى وحده؟ قال: إذا كان في مصر أجزأه أذان أهل المصر. "مسائل عبد اللَّه" (205). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 512 (1962 - 1963) وابن أبي شيبة 1/ 199 (2289، 2290).

309 - هل يباح للمؤذن التأذين على سطح بيته إن كان قريبا من المسجد؟

وقال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يصلي في بيته الصلوات، عليه أن يؤذن ويقيم؟ قال: لا بأس، إن أذن، وإن اجتزأ بأذان أهل المصر أجزأه، وكنت أصلي مع أبي أنا وهو جميعًا -وهو مختف- فيؤذن هو ويقيم، ونصلي جميعًا. "مسائل عبد اللَّه" (219). 309 - هل يباح للمؤذن التأذين على سطح بيته إن كان قريبًا من المسجد؟ قال إبراهيم الحربي: قال أحمد فيمن يؤذن في بيته على سطح: معاذ اللَّه، ما سمعنا أن أحدًا يفعل هذا. "المغني" 2/ 91، "معونة أولي النهى" 1/ 501.

باب صفة الأذان والإقامة

باب صفة الأذان والإقامة 310 - صيغة الأذان والإقامة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: كيف الأذان؟ قال: الأذان مثنى مثنى، والإقامة فَرْدٌ؛ إلا قوله: قَدْ قامت الصلاةُ، قال: مرتين. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (166) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: آخر الأذان؟ قال: لا إله إلَّا اللَّه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (167) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: الأذان مثنى مثنى، والإقامةُ مرة مرة، إلَّا قوله: قد قامت الصلاة. ورأيته يرفع يديه إلى مَنْكِبيه. "مسائل الكوسج" (462) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا الذي نختارُ مِنَ الأذانِ والإقامة أن يؤذن مَثنى مَثنى ويقيم واحدة إلا قوله: قد قامت الصلاة مرتين، وكذلك: اللَّه أكبر اللَّه أكبر، في أوله وآخره. قال إسحاق: اللَّه أكبر اللَّه أكبر هو مرة. "مسائل الكوسج" (3450).

قال صالح: قال أبي: الأذان مثنى مثنى، والمثنى أن يقول: "اللَّه أكبر، اللَّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللَّه، أشهد أن لا إله إلا اللَّه، أشهد أن محمدًا رسول اللَّه، أشهد أن محمدًا رسول اللَّه، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، اللَّه أكبر، اللَّه أكبر، لا إله إلا اللَّه"، هذا في حديث عبد اللَّه ابن زيد (¬1). "مسائل صالح" (1394) قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ سئلَ عن الرجلِ يرجع في أذانه -يعني: مثلَ أذان أهلِ مكةَ؟ قال: إنْ رجعَ فلا بأس، وإنْ لم يرجعْ فلا بأسَ. وكانَ يؤذَّنُ في مسجد أحمد كأذان أهل العراق ويقولُ في أذان الفجر: الصلاةُ خيرٌ من النوم -مرتين- وكانت إقامته واحدةً إلا قوله إذا قال: (اللَّهُ أكبر) ثنَّاها ويقولُ: قد قامت الصلاةُ -مرتين- اللَّه أكبرُ اللَّهُ أكبرُ لا إله إلا اللَّه. "مسائل عبد اللَّه" (186) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن أذان أبي محذورة؟ فقال: نحن نذهب إلى آخر الأمرين، وهذا آخر الأمرين أذان بلال بالمدينة وأذان أبي محذورة بمكة (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 43، وأبو داود (499)، والترمذي (189)، وابن ماجه (706). قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وكذا قال الألباني في "صحيح أبي داود" (512). (¬2) أذان بلال تقدم تخريجه قريبًا، وأما أذان أبي محذورة فقد رواه الإمام أحمد 3/ 408 - 409، ومسلم (379).

قيل له: فإن بالمدينة من يؤذن بأذان أبي محذورة كثيرًا. فقال: ما كان يؤذن بها إلا أهل مكة، وهذا محدث بالمدينة، فإن فعله إنسان لم أعنفه. "مسائل ابن هانئ" (189) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يؤذن مثنى مثنى، وإذا أقام أفرد، إلا إذا قال: (قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة) مرتين، (اللَّه أكبر اللَّه أكبر) مرتين. "مسائل ابن هانئ" (190) قال ابن هانئ: قال أبو عبد اللَّه: لا أذهب إلى أذان أبي محذورة، وأذان بلال الأذان المعروف، وبه نأخذ، ونؤذن به. "مسائل ابن هانئ" (191) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل يؤذن منذ سنين، وكان يثني الإقامة، فترى له أن يفرد الإقامة؟ قال: هذا أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لبلال (¬1). "مسائل ابن هانئ" (194) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الإِقامة مثنى مثنى أحب إليك، أم واحد؟ فقال: الإِقامة واحدة واحدة إلا قوله: (قد قامت الصلاة) يقولها مرتين. "مسائل عبد اللَّه" (202) قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل: إلى أي أذان تذهب؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 103، والبخاري (605)، ومسلم (378) من حديث أنس.

فقال: إلى أذان بلال، رواه محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن محمد بن عبد اللَّه بن زيد، عن أبيه (¬1). ثم وصفه أبو عبد اللَّه فكبر أربعًا، وتشهد مرتين، ولم يرجع؛ قال أبو عبد اللَّه: والإقامة: اللَّه أكبر مرتين، وسائرها مرة مرة، إلا قوله: قد قامت الصلاة، فإنها مرتين. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: من أقام مثنى مثنى لم أعنفه، وليس به بأس. قيل لأبي عبد اللَّه: حديث أبي محذورة صحيح؟ قال: أما أنا فلا أدفعه، قيل له: أفليس حديث أبي محذورة بعد حديث أبي عبد اللَّه بن زيد؛ لأن حديث أبي محذورة بعد فتح مكة؟ فقال: أليس قد رجع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المدينة، فأقر بلالًا على أذان عبد اللَّه بن زيد؟ ! "التمهيد" 3/ 15، "معونة أولي النهى" 1/ 483 قال أبو بكر محمد بن صدقة: وسئل عن الأذان بالترجيع؟ فقال: هو أذان أبي محذورة، وأهل المدينة يؤذنون بأذان بلال، ونحن إليه نذهب، وكان آخر آذانه مثنى مثنى، والإقامة فردا إلا: قد قامت الصلاة. "طبقات الحنابلة" 1/ 156 - 157 ¬

_ (¬1) سبق تخريجه قريبًا.

311 - التثويب في الأذان

311 - التثويب في الأذان قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من أول من قال: الصلاةُ خيرُ من النوم؟ قال: يقال: إنه بلال رضي اللَّه عنه (¬1). وقال أحمد: نعم، يقوله. قال إسحاق: كما قال، هو سنة مسنونة في صلاة الصبح فلا يَدَعَنَّهُ المؤذن مغلسًا كان أو مسفرًا. "مسائل الكوسج" (168) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: التثويب في أي الصلاة هو؟ قال: لا أعرفه، وأمَّا الذي نعرف التثويب أن يُقال: الصلاةُ خيرٌ من النوم. قال إسحاق: التثويب بين الصلواتِ، وهو مما ابتدعه القوم بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وتركه أفضل. "مسائل الكوسج" (173) قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ يقولُ: قوله: التثويب في العشاء والفجر، رأيتهم بالكوفة إذا أذنُوا العشاءَ، فقبل أنْ يريد أن يقيم يقولُ: حيَّ على الصلاة حيَّ على الفلاح. قال: هذا هو التثويبُ. "مسائل أبي داود" (189) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 43 من حديث عبد اللَّه بن زيد بن عبد ربه، وكذا ابن ماجه (716) بنحوه، وقال البوصيري في "الزوائد" 1/ 95: هذا إسناد رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعًا، سعيد بن المسيب لم يسمع بلالًا، ورواه ابن أبي شيبة 7/ 269 (35984) عن طاوس قال: إن أول من ثوب في الفجر بلال.

312 - هيئة المؤذن عند الأذان

312 - هيئة المؤذن عند الأذان قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المؤذن يجعل إصبعيه في أذنيه؟ قال: إي واللَّه. قال إسحاق: نعم، وفي إقامته أيضًا. كذلك قال الأوزاعي. "مسائل الكوسج" (170) قال صالح: وسألته: يستدير المؤذن في الأذان؟ قال: يلتفت يمينًا وشمالًا، ولا يزيل قدميه. "مسائل صالح" (43) نقل عنه ابن هانئ: إذا أذن أدار وجهه، ولا يدير بدنه. "مسائل ابن هانئ" (192) قال ابن هانئ: رأيت أبا عبد اللَّه: إذا أذن يضع إصبعيه في أذنيه، ويؤذن مثنى مثنى، ويفرد الإقامة. "مسائل ابن هانئ" (193) قال عبد اللَّه: رأيت أبي يؤذن، فرأيته يجعل إصبعيه في أذنيه. "مسائل عبد اللَّه" (210). قال عبد اللَّه: رأيت أبي يؤذن في مسجده ويجعل إصبعيه في أذنيه، فأحسب أنني رأيته يقبل بوجهه يمنة مرة ومرة يسرة. "مسائل عبد اللَّه" (212) قال حرب: سئل أحمد هل يدور في المنارة؟ فقال: يلتفت عن يمينه وشماله، وأما بالدوران، فكأنه لم يعجبه. "الروايتين والوجهين" 1/ 112

نقل أبو طالب عن أحمد أنه قال: أحب إليَّ أن يجعل يديه على أذنيه على حديث أبي محذورة، وضم أصابعه الأربع ووضعها على أذنيه (¬1). "المغني" 2/ 81، "النكت والفوائد السنية" 1/ 38 نقل حنبل عنه: يجعل يديه مضمومة على أذنيه مضمومة سوى الإبهام، وعنه: مع قبضهما إلى كفيه، ويرفع وجهه إلى السماء. "الفروع" 1/ 316 قال أبو طالب: قلت لأحمد: يدخل إصبعيه في الأذن؟ قال: ليس هذا في الحديث. "فتح الباري" لابن رجب 5/ 383 ¬

_ (¬1) روى عبد الرزاق في "المصنف" 1/ 468 (1808)، وابن المنذر "الأوسط" 3/ 27 عن سويد بن غفلة قال: كان بلال وأبو محذورة يجعلان أصابعهما في آذانهما في الأذان. وقال العيني في "عمدة القاري" 4/ 315: وذكر ابن المنذر في كتاب "الإشراف" أن أبا محذورة جعل أصبعيه في أذنيه. زاد في "شرح الهداية": ضم أصابعه الأربع ووضعها على أذنيه.

باب صفة المؤذن، وما ينبغي أن يتوافر فيه من الشروط

باب صفة المؤذن، وما ينبغي أن يتوافر فيه من الشروط 313 - أذان الأعمى قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المؤذن الأعمى أو الإمام؟ قال: أما الإمام، أفليس النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- استخلف ابن أمِّ مكتوم؟ (¬1)؟ ! والمؤذن؛ إذا كان في المدينة تتبع الناس في الأذان إلَّا أن يكون في قرية وحده. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (165) قال صالح: وسألت أبي عن الأعمى يؤذن؟ فقال: إذا عرف الوقت أذَّن، أو يُؤذن بأذان غيره، فإن كان في قرية لا يعرف الوقت فلا. "مسائل صالح" (45) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: المؤذنُ يكونُ أعمى؟ قال: إذا كان له من يعرفه الوقت. "مسائل أبي داود" (192) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: روي عن الحسن: كره أذان الأعمى. قال أبي: الأذان عندي أشد من الإقامة من أجل أنه لا يعرف المواقيت. "مسائل عبد اللَّه" (204) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 132، وأبو داود (595، 2931) من حديث أنس، وقال الألباني: إسناد حسن صحيح. "صحيح أبي داود" (608).

314 - أذان الصغير

314 - أذان الصغير قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يؤذن الغلامُ وإن لم يحتلم؟ قال: إذا كان قد راهق الحلم. قال إسحاق: يجوز إذا جاوز سبع سنين لما قد أُمِرَ بالصلاة. "مسائل الكوسج" (174) 315 - أذان المرأة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: النساءُ عليهن أذانٌ وإقامةٌ؟ قال: إن فعلنَ فليسَ به بأسٌ، وإنْ لم يفعلن فليس عليهنَّ. قال إسحاق: كلَّما صلَّين في جماعة أَذَّنَّ وأقَمن. "مسائل الكوسج" (372). قال صالح: سألت أبي عن المرأة تؤذن؟ قال: يجزئها إن لم تؤذن. "مسائل صالح" (48) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن المرأة تؤذنُ وتقيمُ؟ فقال: سئل ابن عمر عن المرأة تؤذن وتقيم؟ فقال: أنا أنهى عن ذكر اللَّه! أنا أنهى عن ذكر اللَّه (¬1)! "مسائل أبي داود" (200). قال عبد اللَّه: قلت: النساء عليهن أذان أو إقامة؟ قال: إن فعلوا فلا بأس، وإن لم يفعلوا فجائز. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 202 (2324).

316 - أذان من لا يعقل

قال: سئل ابن عمر عن ذلك فغضب، وقال: أنا أنهى عن ذكر اللَّه! "مسائل عبد اللَّه" (207) 316 - أذان من لا يعقل قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن المؤذن يسكر؟ قال: ينحى. قيل: المؤذن يسكر والإمام عدل يصلي خلفه؟ قال: نعم، نَحّوُا مَنْ يسكر. "مسائل أبي داود" (193) قال جعفر بن محمد: قلت: الرجل يؤذن وهو سكران؟ قال: لعزل المؤذن أهون من الإمام. "النكت والفوائد السنية" 1/ 107 317 - أذان الفاسق قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يؤذن في صومعته، وينسى في بعض الأوقات أن يغمض عينيه، يسهو عن ذلك، فربما نظر إلى النساء، هل له أن يجتنب الأذان ويتركه إلى غيره؟ فقال: يجتنب الأذان فوقها، يؤذن أسفل، ولا يشرف على نساء المسلمين، لا يفعل ذلك. "مسائل أبي داود" (211)

318 - هل يشترط الطهارة للأذان؟

318 - هل يشترط الطهارة للأذان؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يؤذن على غيرِ وضوءٍ؟ قال: ما أعلم به بأسًا. قال إسحاق: لا يؤذن إلا متوضئًا. "مسائل الكوسج" (172) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما الأذان على غير طهارةٍ فمكروه. قال عطاء: حقٌّ وسُنَّةٌ مَسنونةٌ أنْ لا يؤذَنُ إلَّا مُتوضئًا (¬1)، وأما الإقامة فلم يختلفوا فيها أنها أشد، وأما الجُنُبُ فليس له أن يؤذنَ أصلًا ولا يقيم. "مسائل الكوسج" (182) قال صالح: قلت: المؤذِّن يؤذِّنُ على غير وضوءٍ؟ قال: يجزئ، وأحب إِلى أنْ لا يؤذن إِلا طاهر، وأما الإِقامة: فلا يقيم إِلا وهو طاهر. "مسائل صالح" (81) وقال صالح: قلت: الجُنُب يُؤذنُ؟ قال: لا. وقال مرَّة أخرى: فيها كفارة يمين. "مسائل صالح" (83) وقال صالح: قلت: الجنب يؤذن؟ قال: يعجبني أن يتوقى. "مسائل صالح" (1038) ¬

_ (¬1) علقه البخاري في "صحيحه" بصيغة الجزم قبل الرواية (634)، ورواه عبد الرزاق 1/ 465 - 466 (1799)، وابن أبي شيبة 1/ 192، والبيهقي 1/ 397.

وقال صالح: وقال: الجنب لا يؤذن، قال علي بن أبي طالب: لا يقرأ ولا حرفًا (¬1). وأحب إليّ أن يؤذن وهو طاهر. "مسائل صالح" (1328) قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ سئلَ: يؤذنُ الرجلُ وهو غيرُ طاهرٍ؟ قال: أرجو أنْ لا يكونَ به بأسٌ. "مسائل أبي داود" (197) وقال أبو داود: سمعتُ أحمَد سئلَ: يؤذنُ وهو جنبٌ؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (198) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: لا يعجبني أن يؤذن الجنب. قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل -وأنا شاهد- عن الجنب يُؤذن؟ قال: لا يعجبني. قلت لأبي: فإن كان الرجل على غير وضوء؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. قال عبد اللَّه: سألت أبي: المؤذن يُؤذِّن على غير وضوء؟ قال: يجزئ، وأحب إليّ أن لا يؤذن إلا طاهرًا، وأما الإِقامة فلا يقيم إلا وهو طاهر. نقل حرب عنه: أنه يعتد به، أي: أذان الجنب. وقال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم إذا كان مراهقًا. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 97 (1086)، والبيهقي 1/ 89.

319 - العمل إذا تشاح رجلان في الأذان

وقال علي بن سعيد: قد سئل عن الغلام يؤذن قبل أن يحتلم، فلم يعجبه. "الروايتين والوجهين" 1/ 11 319 - العمل إذا تشاح رجلان في الأذان قال أبو داود: رأيتُ رجلين تشاحا في الأذان عند أحمد فقالا: نجمعُ أهل المسجد فينظرُ من يختارون. قال أحمد: لا، ولكن اقترعا فمن أصابتْهُ القرعةُ أذن، كذلك فعل سعدُ بن أبي وقاصٍ (¬1). "مسائل أبي داود" (194) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن مسجد فيه رجلان يدعيان كلاهما أنهما أحق بالمسجد، هذا يؤذن فيه وهذا يؤذن فيه. فقال: إذا استووا في الصلاح جميعًا أقرع بينهم، فعل ذلك سفه، وإن كان أحدهما أصلح فينبغي لهم أن لا يختصموا. قلت لأبي: فإن كان أحدهما أسن وأقدم في هذا المسجد ينفق عليه ويحفظ المسجد ويتعاهده؟ قال: هذا أحق. "مسائل عبد اللَّه" (200) ¬

_ (¬1) علقه البخاري قبل حديث (615)، ورواه البيهقي 1/ 429، وابن حجر في "تغليق التعليق" 2/ 265، وقال: هذا منقطع؛ ولذلك مرضه -أي: البخاري.

320 - أخذ الأجرة على الأذان

ونقل حرب عنه: يقدم من رضي به الجيران؛ لأن نفسين لو تشاحا في الإمامة ورضي الجيران بأحدهما قدم، كذلك هاهنا. قال أبو طالب: نازعني ابن عمي في الأذان فتحاكمنا إلى أبي عبد اللَّه رحمه اللَّه، فقال: إن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تشاحوا في الأذان يوم القادسية فأقرع بينهم سعد -رضي اللَّه عنه-، فأنا أذهب إلى القرعة، أقرعا. "الطرق الحكمية" ص 423. قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عن القوم إذا اختلفوا في الأذان فطلبوه جميعًا؟ فقال: القرعة في ذلك حسن. وقال: ثنا هشيم عن ابن شبرمة: إن الناس تشاحوا يوم القادسية في الأذان فأقرع بينهم سعد في ذلك. "فتح الباري" لابن رجب 5/ 277 320 - أخذ الأجرة على الأذان قال صالح: وسألت أبي عن المؤذن يأخذ على أذانه كراء؟ فكرهه. "مسائل صالح" (46) قال أحمد بن سعيد: قال أحمد: ويقيم الإمام من المؤذنين ما أراد ويرزقهم من الغنى. "شرح العمدة" ص 142

321 - حكم تعدد المؤذنين في المسجد الواحد

321 - حكم تعدد المؤذنين في المسجد الواحد قال حرب: قلت لأحمد: فالأذان يوم الجمعة؟ قال: إذا أذن في المنارة عدة فلا بأس بذلك، قد كان يؤذن للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بلال وابن أم مكتوم (¬1)، وجاء أبو محذورة، وقد أذن رجل قبله فأذن أبو محذورة أيضًا (¬2). "فتح الباري" لابن رجب 3/ 290. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 29، والبخاري (617)، ومسلم (1592) من حديث ابن عمر، ومن وجه آخر عن ابن عمر وعائشة، رواه مسلم أيضًا (385). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 1/ 196 (2242)، والبيهقي 1/ 399، وقال: إسناد صحيح.

باب: ما يندب للمؤذن فعله عن الأذان

باب: ما يندب للمؤذن فعله عن الأذان 322 - رفع الصوت عند الأذان قال صالح: قلت: رجل ضعيف لا يرفع صوته، يجوز أذانه إذا كان لا يخرج من المسجد؟ قال: إذا كان يسمع أهل المسجد والجيران فلا بأس. "مسائل صالح" (284) قال الميموني: رأيت ابن حنبل وهو يؤذن صوتًا بين الصوتين، وكان إلى خفض الصوت أقرب. وقال حنبل: قال الإمام أحمد: لا يرفع صوته ولا يخرج من المسجد، فإذا كان يسمع أهل المسجد والجيران فلا بأس. وقال في موضع آخر: يرفع صوته ما استطاع. "النكت والفوائد السنية" 1/ 37، "فتح الباري" لابن رجب 5/ 228 - 229 323 - أن يؤذن ويقيم مكانه قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما المؤذن إذا أخذَ في الإقامةِ وهو إمام فليس له أنْ يمشي في الإقامة حتَّى يفرغَ منها وما يرجو مِنْ فضلِ الدخول في الصلاة إذا أسرع أدرك فضل ذَلِكَ في الثبوتِ في الموضعِ الذي يقيم حتَّى يفرغ مِنَ الإقامةِ. "مسائل الكوسج" (484) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: ولا ينبغي للإمامِ أنْ يكبرَ حتَّى يفرغ المؤذنُ منَ الإقامةِ كلِّها ويستوي الصف خلفه وإنْ أقامَ قبل أنْ يستوي

الصف أقبل بيديه يمنة ويسرة وهو في مقامه حتَّى يستووا. "مسائل الكوسج" (485) قال صالح: قلت: فالرجل يمشي في الإقامة؟ قال: أحب إليَّ أن يقيم في مكانه، ولم يبلغني فيه شيء إلا حديث بلال، أنه قال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا تسبقني بـ: آمين (¬1). "مسائل صالح" (82)، "مسائل عبد اللَّه" (220). قال صالح: قلت: المؤذن إذا أذن، يفرغ من أذانه في موضعه أو يتقدم؟ قال: يفرغ من أذانه في مكانه. قال: قال بلال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا تسبقني بـ: آمين. "مسائل صالح" (583) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئلَ عن المؤذن يمشي وهو يقيمُ؟ قال: يعجبني أنْ يفرغ، ثمَّ يمشي. "مسائل أبي داود" (195) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ينبغي للمؤذن أن يقيم في الموضع الذي أذن فيه، لأن بلالَّا أَقام في المنارة، ولم يمش في إقامته، فجاء إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرأ بأم القرآن- فقال: يا رسول اللَّه، لا تسبقني بآمين. يخبرك أن بلالًا لم يمش في الإقامة. "مسائل ابن هانئ" (187) نقل جعفر بن محمد عنه: يستحب ذلك -أي: الإقامة مكان الأذان- ليلحق (آمين) مع الإمام، ويجعل سبابته في أذنيه. "الفروع" 1/ 316 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 12، 15، وأبو داود (937)، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (167).

324 - أذان الراكب

324 - أذان الراكب قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما الأذان على الدابة للمسافر فسنة (¬1)، ولا بدَّ للإقامة أن يكونَ على الأرض، وكَذَلِكَ كان ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما- يفعله (¬2). "مسائل الكوسج" (181) قال صالح: وسألت أبي عن الرجل يؤذن وهو راكب؟ قال: أرجو، قد كان ابن عمر يؤذن وهو راكب. "مسائل صالح" (436) قال أبو داود: سئل أحمد عن الرجلِ يؤذنُ في السفر على راحلته؟ قال: إذا كانَ لا يقفُ في ذاك. قيل له: وهو راجلٌ يمشي؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1956) قال عبد اللَّه: وقرأت على أبي قلت: الرجل يؤذن وهو راكب على دابته، أو في محمله، أو قاعدًا في السفينة، أو هو يمشي في سفره؟ قال: لا بأس، وقد [. . .] (¬3) ابن عمر في الرحل وأذن (¬4). "مسائل عبد اللَّه" (208) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 173 - 174، والترمذي (411) من حديث يعلى بن مرة. قال الترمذي: هذا حديث غريب والحديث ضعفه الألباني في "الإرواء" (561). (¬2) رواه عبد الرزاق 1/ 470 (1816) وابن أبي شيبة 1/ 193 (2215) والبيهقي 1/ 392 وقال ابن المنذر: ثابت عن ابن عمر أنه يؤذن على البعير وينزل فيقيم "الأوسط" 3/ 49، وحسنه كذلك الألباني في "الإرواء" (226). (¬3) قال محقق المسائل: في الأصل مقدار كلمة غير واضحة. (¬4) تقدم تخريجه.

325 - الترديد خلف الأذان

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يؤذن وهو راكب؟ قال: إذا كان مسافرًا، أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل عبد اللَّه" (209) قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن الأذان على الراحلة؟ فسهل، وقال: أمر الأذان عندي سهل. "المغني" 2/ 83 325 - الترديد خلف الأذان قال أحمد بن ملاعب: سمعت أحمد بن حنبل -ما لا أحصيه- وكان يكون هو المؤذن، فإذا قال: (اللَّه أكبر اللَّه أكبر) قليلًا قليلًا، قال: (اللَّه أكبر اللَّه أكبر) كلما قال كلمة قال مثلها قليلًا قليلًا، حتى يفرغ من الأذان إلى آخره. "طبقات الحنابلة" 1/ 95

باب ما يباح للمؤذن فعله وما يكره

باب ما يباح للمؤذن فعله وما يكره 326 - الكلام في الأذان قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: هل يدور المؤذن في الأذان أو يتكلم؟ قال: لا، إلا أن يكون في مَنارةٍ يريد أن يُسمعَ الناسَ. قال: والكلام ليس به بأسٌ. قال إسحاق: كما قال، ولكن يكون كلامُه ذكرًا للَّه عز وجل أو حاجةً مِنْ سبب الصلاة. "مسائل الكوسج" (171) قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ: سئلَ عنِ الرجلِ يتكلمُ في أذانهِ؟ فقال: أرجو أنْ لا يكونَ به بأسٌ. "مسائل أبي داود" (187) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: الرجلُ يتكلمُ في أذانهِ؟ قال: نعم. قلتُ لأحمدَ: يتكلمُ في إقامته؟ فقال: لا. "مسائل أبي داود" (199) قال صالح: وسألت أبي عن الكلام والأذان؟ فقال: لا بأس به؟ وهو في الإِقامة أوكد. وقال: لا يعجبني أن يتكل في الإِقامة. "مسائل صالح" (42)

327 - التنحنح في الأذان

327 - التنحنح في الأذان قال أبو داود: قلت لأحمد: بطرسوس يتنحنح المؤذن في المنارة في ربع الليل ثم يتنحنح قبل أن يؤذن، أيكره هذا؟ قال: لا. فقيل لأحمد -وأنا أسمع: إذا أراد المؤذن أن يقيم يتنحنح، تكرهه؟ قال: لا. فقيل لأحمد: إنه قيل: إن هذا لم يكن فيما مضى؟ قال: ما أرى بالتنحنح بأسًا. "مسائل أبي داود" (188) 328 - التطريب (¬1) في الأذان قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: التَّطْرِيب في الأذان؟ قال: كل شيء مُحْدَثٌ. كأنه لمْ يعجبه. قال إسحاق: كما قال؛ لأنه بِدْعة. "مسائل الكوسج" (177). قال حرب: قال إسحاق: التسميع أحب إلي، فإن كان يؤذن بأجر، فإني أكرهه -يعني: التطريب- وإن كان بغير أجر، وكان أنشط للعامة فلا بأس. "فتح الباري" لابن رجب 5/ 219 ¬

_ (¬1) التطريب: هو مدُّ الصوت وتحسينه.

329 - الأذان قاعدا

329 - الأذان قاعدًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يؤذن وهو قاعدٌ؟ قال: ما يعجبني. قال إسحاق: كما قال، إلا مِنْ عذرِ مرضٍ أو ما أشبه ذَلِكَ، وكذلك لو كان مؤذنًا فأصابته الأَكِلَة (¬1) فقطعت رجله، أو كان قَطْعُها من سرقة أو غير ذَلِكَ أذَّنَ قاعدًا. "مسائل الكوسج" (176) قال المروذي: قلت: يؤذن وهو قاعد؟ قال: قد روي عن رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2). "تهذيب الأجوبة" ص 352 ¬

_ (¬1) الأكلة: داء يقع في الرجل، فتقطع بسببه. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 1/ 194 (2217)، والبيهقي 1/ 392 عن الحسن العبدي، قال: رأيت أبا زيد صاحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وكانت رجله أصيبت في سبيل اللَّه يؤذن وهو قاعد.

باب: ما يندب للمستمع فعله حال الأذان

باب: ما يُندب للمستمع فعله حال الأذان 330 - الترديد خلف المؤذن قال في رواية الأثرم: وقيل له: أليس ينبغي أن نقول كما يقول المؤذن؟ قال: ويجعل هذا واجبًا! إنما روي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اللَّه عليه وسلم كان إذا سمع المؤذن، قال كما يقول (¬1). فهو فضل، ليس على أنه واجب. "العدة" 3/ 737، "التمهيد في أصول الفقه" 2/ 317 قال الحسن الأنماطي: رأيت أبا عبد اللَّه إذا أقيمت الصلاة رفع يديه، وقد قال المؤذن: (لا إله إلا اللَّه) فقال أبو عبد اللَّه: (لا إله إلا اللَّه الحق المبين). "طبقات الحنابلة" 1/ 371. 331 - الدعاء عند الأذان نقل المرُّوذي عن الإمام أحمد أنه كان إذا أخذ المؤذن في الإقامة رفع يديه ودعا. "فتح الباري" لابن رجب 5/ 259 وقال الأثرم: قال أحمد: نظرت في كتب شعيب أخرجها إليَّ ابنه فإذا فيها من الصحة والحسن والشكل نحو هذا -أي: أمر الدعاء عند النداء. "فتح الباري" لابن رجب 5/ 267. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 191 والبخاري (613) من حديث معاوية.

باب في أحكام متعلقة بالأذان والإقامة

باب في أحكام متعلقة بالأذان والإقامة 332 - حكم الأذان قبل دخول الوقت قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الأذان بالليل؟ قال: في الفجر ليس به بأس. قال إسحاق: السُّنةُ في الفجر كذلك، وسائرُ الصلواتِ يعيدُ إذا أذَّن قبل الوقت. "مسائل الكوسج" (169) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما أذان الفجر فقد كان يؤذن بليل، فمن أذن بليل فهو متبع للسنة وذلك أنَّ بلالًا كان يؤذن بليل، فإن أحتج محتج أنَّ معه ابن أم مكتوم وكان يؤذن بعد الصبح قيل له: أترى لأحد يؤذن بليل إن كان المؤذنون كثيرا؟ فإن قال: لا. فقد انتقض عليه كلامه. "مسائل الكوسج" (481) قال صالح: وسألته عن رجل أذن فيه قبل زوال الشمس، وأقام بعد زوال الشمس، وأذن قبل طلوع الفجر، وأقام بعد طلوع الفجر؟ قال: أما الأذان قبل طلوع الفجر فلا بأس به إذا كانت الإِقامة بعد طلوع الفجر، وأما قبل الزوال فلا. "مسائل صالح" (171) قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ يقولُ: لا بأسَ بالأذان بالليلِ. "مسائل أبي داود" (185) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي، قلت: من أذن قبل طلوع الفجر يجزئه؟

333 - يندب للمؤذن تأخير الإقامة حتى يحضر الإمام

قال: نعم. قلت: فإن أذن قبل الزوال؟ قال: لا يؤذن. قال أبي: لا يجزئ قبل الوقت إلا الفجر، كان بلال يُؤذِّن بِليل. سمعت أبي يقول: حديث ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "إن بلالًا يؤذن بليل" (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (203). قال حنبل: قال الإمام أحمد: أهل الحجاز يقولون: هو السنة -يعني: الأذان بالليل. وكذا قال إسحاق: هو سنة. "فتح الباري" لابن رجب 5/ 338 ونقل حنبل عنه: الأذان الذي عليه أهل المدينة: الأذان قبل طلوع الفجر هو الأذان الأول، والأذان الثاني بعد طلوع الفجر. "فتح الباري" لابن رجب 5/ 340 333 - يندب للمؤذن تأخير الإقامة حتى يحضر الإمام قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: والمؤذن إذا فرغ مِنْ أذانه فله أن ينتظرَ الإمامَ قدرَ ما لا يَشُقُّ على الذين اجتمعوا، أو يفوته الوقت الذي يلزمه أَنْ يصلي فيه أو وقته لنفسه. "مسائل الكوسج" (180) قال عبد اللَّه: رأيت أبي إذا دخل المسجد أخذ المؤذن في الإقامة. "مسائل عبد اللَّه" (213) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 9، والبخاري (617)، ومسلم (1092).

334 - وقت قيام الناس للصلاة

334 - وقت قيام الناس للصلاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: متى يقوم الناس إذا أقامَ المؤذنُ؟ قال: إذا كان إمامهم في المسجد يقومون إذا قال: قد قامتِ الصلاة. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (179) قال صالح: قلت: متى يقوم الرجل إذا فرغ المؤذن من الإقامة؟ قال: إذا قال: قد قامت الصلاة. "مسائل صالح" (953) قال أبو داود: رأيتُ أحمد ينهضُ إلى الصلاة مع قول المؤذن: (قد قامت الصلاةُ)، وهو إمامٌ أو غيرُ إمام. "مسائل أبي داود" (203) وقال أبو داود: قلتُ لأحمد: متى يقومُ الناسُ -أعني: إلى الصلاة؟ قال: إذا قال -يعني: المؤذن: (قد قامت الصلاةُ). "مسائل أبي داود" (204) وقال أبو داود: قلتُ لأحمد: فإنْ كان الإِمامُ لم يأتِ بعدُ؟ قال: لا يقومونَ حتَّى يروْه. قلتُ: وهو في المسجدِ، إلا أنَّ المؤذن إلى أن يأتي يكونُ قليلًا؟ قال أحمد: كأنَّ في حديث أبي هريرة رخصةٌ: خرج النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد صفَّت الصفوف (¬1). "مسائل أبي داود" (205) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 237، والبخاري (275)، ومسلم (605) عن أبي هريرة أنه قال: أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف قيامًا، فخرج إلينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب فقال لنا: "مكانكم" ثم رجع فاغتسل، ثم خرج إلينا ورأسه يطقر، فكبر فصلينا معه.

قال ابن هانئ: وسئل عن المؤذن يقول: قد قامت الصلاة؛ متى يقوم الناس؟ قال: أرجو أن لا يضيق هذا على الناس، ولكن أُحب إذا كان المؤذن هو الإِمام، فلا يقوموا حتى يروه، وإذا كان الإمام سواه، فإذا قال: قد قامت الصلاة أول مرة، فليقوموا. "مسائل ابن هانئ" (195) وقال ابن هانئ: وذكر له حديث عبد اللَّه بن أبي قتادة (¬1)، وذكر له حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة (¬2). قال أبو عبد اللَّه: إذا كان على ما وصفت، إذا قام المؤذن، إذا لم يكن الإمام حاضرًا أن يقوموا عند أول صوت: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة. وقيل له: فإن كان الإمام في المسجد ولم يقم، يقومون؟ قال: نعم يقومون. رأيت أبا عبد اللَّه: لما قال المؤذن: قد قامت الصلاة، قام أبو عبد اللَّه، جاء المؤذن فسلم، وأبو عبد اللَّه في الصف قائم، فرد عليه السلام. "مسائل ابن هانئ" (198) قال الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل: حديث أبي قتادة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني" فقال: أنا أذهب إلى حديث أبي هريرة رواه الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد أقيمت الصفوف فأقبل يمشي حتى أتى مقامه، فذكر أنه لم ¬

_ (¬1) انظر تخريج الحديث بعد التالي، وهو يرويه عن أبيه كما سيأتي. (¬2) هو طريق حديث أبي هريرة المتقدم.

335 - يندب أن يكون القيام للصلاة من جلوس

يغتسل، ولا أدفع حديث أبي قتادة، وقال: حديث أبي هريرة إسناده جيد. "التمهيد" 3/ 101. نقل عنه حنبل: يجب على الإمام القيام عندها -أي: عند كلمة الإقامة. "الفروع" 1/ 325 335 - يندب أن يكون القيام للصلاة من جلوس قال إسحاق بن منصور: رأيتُ أحمدَ خرجَ عند المغربِ، فحين انتهى إلى موضع الصف أخذَ المؤذنُ في الإقامة جلس. "مسائل الكوسج" (429) 336 - وقت إحرام الإمام بالصلاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: متى يكبرُ الإمامُ؟ قال: أَما أنا فيعجبني إذا فَرَغَ المؤذنُ مِنَ الإقامةِ. قال إسحاق: كما قال، لا يبتدئُ بالتكبير حتَّى يفرغَ المؤذنَ مِنَ الإقامةِ. "مسائل الكوسج" (271) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الإِمام يكبر إذا قال المؤذن: (قد قامت الصلاة). أو حتى يفرغ من الإِقامة؟ قال: حديث أبي قتادة عن النبي: "لا تقوموا حتى تروني" (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (217) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 296، والبخاري (637)، ومسلم (604).

نقل أبو طالب عنه: إن انتظر الإمام المؤذن فلا بأس قد فعل ذلك عمر وإن لم ينتظره فلا بأس. ووجهه قول بلال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "بدائع الفوائد" 3/ 69 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 231 من حديث ابن عباس، والبخاري (712)، ومسلم (418) من حديث عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما مرض جاءه بلال يؤذنه بالصلاة. . الحديث.

باب: ما جاء في شروط الصلاة

باب: ما جاء في شروط الصلاة الشرط الأول: الطهارة من الحدث والنجس 337 - طهارة الثوب، والعمل إذا صلى وعلم أثناء صلاته أو بعدها بنجاسة في ثوبه قال إسحاق بن منصور: قلتُ: سئل سفيان عَنْ رجلٍ معه مِنَ الماءِ قَدْرَ ما يتوضأ، وفي ثوبه شيءٌ؟ قال: يغسلُ ثوبَه، والتيمم له وضوء. قال أحمد: جيدٌ إذا كان الدَّمُ بقَدْرِ ما يفسدُ عليه صلاتَه، إذا كان فاحشًا ذراعًا في ذراعٍ أو شبرًا في شبر. قال إسحاق: لا، بل يتوضأ، ولا يكترث للدم والأقذار كلّها ما لم تكن بولًا أو غائطًا، وأعجب إلى إزالةُ الأقذار كلِّها عَنِ الثّيابِ إذا أمكنه ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (94) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا المصلي إذا صلَّى ثُمَّ رأى ثوبهِ قذرًا، أيعيد الصَّلاة؟ فإنَّه لا يعيد من الدَّمِ والجنابةِ وسائر الأقذارِ كلها إذا رأى ذَلِكَ بعد فراغه من الصلاةِ، قلَّ ذَلِكَ أو كَثُر؛ لأنَّ غسلها من الثيابِ سنةٌ مسنونة، وليس بفرض في القرآن كمواضع الوضوء، فأما إذا كان ذَلِكَ بولًا أو غائطًا فرأى بعد ما سَلَّمَ؛ لزمته الإعادة قلَّ ذَلِكَ أم كثر؛ لأن حكمهما مختلفٌ عند إبراهيم والشعبي

ومَنْ اتبعهما (¬1)، وكذلك رأي الثوري (¬2). "مسائل الكوسج" (113) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الثوبُ يصيبه شيءٌ مِنَ الدَّم؟ قال: إذا كان كثيرًا فاحشًا أعاد. قُلْتُ: كم الكثيرُ؟ قال: إذا كان شبرًا في شبرٍ. قال إسحاق: لا يعيدُ الصلاةَ أبدًا إذا كان قد نسي غسلَه قلَّ أمْ كثر. "مسائل الكوسج" (280) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الصلاةُ في ثوبِ اليهودي والنصراني؟ قال: أما ما يَلي جِلدَهُ فلا، والذي فَوقَ ثيابِهِ فَأرجو أن لا يكونَ به بأسٌ، وأما ما ينسجون فهو أهون. قال إسحاق: كلُّ شيءٍ مِن ثِيابهم أَرى تطهيرها فما لهم إذا أَسلَموا، وكذلك إنْ صلَّى المسلمُ في ثيابهم مما يشترونها منهمَ يُطهرونها. قال إسحاقُ بنُ منصور: قولُ إسحاق أحسن. "مسائل الكوسج" (285) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما الصلاة في جلودِ الثعالب وفي جلد كلّ سبع يحرم عليه أكله؛ فإنَّ عليه إعادة في كل ما صلى في جلد الثعلب، فإنْ كان مقتديًا بإمامٍ عليه جلد ثعلب وقد كان قضى فرضه خلفه بما لزمه مِنَ القراءة؛ لم يضره الاقتداء به. قال: وأمَّا الصَلاة في أعطان الإبل، ومرابض الغنمِ فإنه يُصلَّى في ¬

_ (¬1) انظر "مصنف عبد الرزاق" 2/ 358 - 359 (3694 - 3703). (¬2) نقل ابن المنذر عن سفيان الثوري القول بنجاسة البول. "الأوسط" 2/ 138.

مرابضِ الغنم، ولا يتوضأ مِنْ لحومها ويُصلَّى في أعطان الإبل، ويتوضأ مِنْ لحومها. وأما إذا أناخوها ونزلوا منزلًا، ثمَّ ارتحلوا فجاءَ آخرون بعدهم فلهم أنْ يُصلوا في مناخ الإبل؛ لأنَّ أعطانها مواضعها التي كانت تبرك فيها. "مسائل الكوسج" (476) قال إسحاق: وأما الصلاة في جلود الميتة إذا دبغت وكانت إبلا أو بقرًا أو غنمًا أو كل ما يؤكل لحمه فإنَّ الصلاة ماضية لا يشبه ذلك جلود السباع. وفسر ابن المبارك رحمه اللَّه تعالى قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيُّما إهاب دُبغ فقدْ طَهُر" (¬1) على ما العمل عند القوم -يعني: أهل المدينة- وهم لا يستعملون الأهب إلا ما يأكلون لحومها. قال النضر بن شميل: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيُّما إهاب دُبغ فقدْ طَهُر" فإنما يقال: الأهب: الإبل والبقر والغنم، وللسباع جلود. "مسائل الكوسج" (477) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا ما سألت عَن الصلاةِ في الثعالب والفَنَكِ فإنَّ الصلاةَ في جلودِ السباع كلها محرم ونهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو مخصوص على جلودِ السباعِ حتَّى نهى أنْ تفترش، فضلًا عن اللباس فمَنْ أتى نَهْيَ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فعليه الإعادة كلما صلَّى في جلودِ السباعِ. وأما السنجاب: فمُختلَف فيه فالأكثر على أنَه ليس من السباعِ. وأما الدباغ فهو محلل وإن كانتِ الجلودُ ميتة فإذا دُبغت انتفع بها. "مسائل الكوسج" (489) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 219، 270، ومسلم (366) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.

قال صالح: وسألته عن القصاب يكون في ثوبه الدم؟ قال: لا يعجبني أن يصلي فيه. "مسائل صالح" (73) قال صالح: وسألته عن الرجل يرى في ثوبه الدم وهو في الصلاة؟ قال: إذا كان كثيرًا انصرف واستقبل الصلاة، وإذا كان قليلًا مضى. "مسائل صالح" (74) قال صالح: وسألته عن الرجل يكون في الصلاة فيرى في ثوبه دمًا؟ قال: إن كان يظن أنه فاحش فلينصرف. قلت: فيستأنف الصلاة؟ قال: نعم يستأنف. قلت: فإن كان قليلًا؟ قال: إن شاء رمى بالثوب الذي عليه، وإن شاء مضى في صلاته. "مسائل صالح" (79) قال صالح: قلت: فإن كان بولا؟ قال: أما البول والغائط: فإنه يعيد من قليله وكثيره. قلت: فإن كان البول في النعل والخف فهو مثل الثوب؟ قال: أرجو أن يكون أسهل. قال: وأما حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خلع النعل في الصلاة من شيء كان عليه (¬1)، فإنه لم يجئ ببيان ما كان في النعل، بول أو غيره. "مسائل صالح" (80) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 20، وأبو داود (650)، والدارمي 2/ 867 (1418)، وابن خزيمة 2/ 107 (1017)، وابن حبان 5/ 560 (2185) من حديث أبي سعيد الخدري، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (657).

قلت: الصلاة في جلود السباع؟ قال: أكرهه. قلت: فلبسه من غير أن يصلى فيه؟ قال: هو أسهل، وقد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه نهى أن تفترش جلود السباع (¬1). "مسائل صالح" (88) قال صالح: سمعت أبي يقول: كل ما كان من السباع فإنه لا يعجبنا أن يصلى في جلده؛ وإن دبغ. وقال: جلود الميتة إذا دبغت مما يؤكل لحمه، ففيه اختلاف في الرواية، وأعجب إليَّ أن لا يصلى فيه. "مسائل صالح" (198) قال صالح: وسألته عن ثياب المشركين أصلي فيها؟ قال: لا، حتى تغسل. "مسائل صالح" (232) قال صالح: قلت: الثوب الذي ينشف فيه الميت يصلى فيه؟ قال: أرجو إن لم يكن أثر، وقد روي عن الحسن أنه لم يكن يرى به بأسًا. "مسائل صالح" (441) قال صالح: قال أبي: ولا يصلي في ثياب المجوس، ثياب اليهود ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 74، وأبو داود (4132)، والترمذي (1771)، والنسائي 7/ 176 من حديث أبي المليح عن أبيه مرفوعًا. والحديث صححه الألباني في "الصحيحة" 3/ 10، وفي الباب عن غير واحدٍ.

والنصارى عندي أسهل، ما لم يكن ثوب يلي سفلته؛ فإنهم لا يتنزهون من البول. "مسائل صالح" (1033) قال صالح: وسألته: يمر الرجل بالموضع فيقطر عليه قطرة أو قطرتان؟ قال: إن كان من مخرج غسله، وإن لم يكن من مخرج فلا يسأل عنه. "مسائل صالح" (1317) ونقل صالح عنه: الدم في الثوب أسهل من البول، والمني والمذي والدم أسهل من البول والغائط، والمني والمذي إذا فحش في الثوب أعاد. "مسائل صالح" (1329) قال صالح: قلت: إن أصاب المسكر ثوبًا فغسله، فلم يذهب لونه، ما ترى في الصلاة فيه؟ قال: لا بأس إذا غسله وإن لم يذهب أثره، وكذلك الدم أيضًا. "مسائل صالح" (1334) قال صالح: قلت: الرجل يصلي وفي ثوبه دم أو غائط أو جنابة، فيصلي ولا يعلم، ثم يعلم به بعد؟ قال: أما البول والعذرة؛ فإنه يعيد منه قل أو كثر، يحتاط حتى لا يكون في نفسه منه شيء. "مسائل صالح" (1382) قال أبو داود: قلت لأحمد: السيف يصيبه الدم فيمسحه الرجل وهو حار يصلي فيه؟ قال: نعم، إذا لم يبق فيه أثر. قلت: فيه أثر إلا أنه مسحه؟

قال: إن لم يكن فاحشًا فلا بأس. "مسائل أبي داود" (139) قال أبو داود: قلت لأحمد: الصلاة في الكيمخت؟ قال: الكيمخت ميتة لا يصلى فيه. قلت: يكون بقدر نصل السيف في السيف؟ قال: لا يعجبني أن يُصلى في شيء من الميتة. "مسائل أبي داود" (282) قال أبو داود: قلت لأحمد: كل شيء لا تذكيه الشفرة لا يذكيه الدباغ؟ قال: لا. "مسائل أبى داود" (283) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الصلاة في الثعالب؟ قال: لا يعجبني. "مسائل أبى داود" (284) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الثوب النسيج يصلى فيه قبل أن يغسل؟ قال: نعم إلا أن يكون نسجه مشرك -أو قال: مجوسي. "مسائل أبي داود" (285) قال أبو داود: قلت لأحمد: ثياب المشركين؟ قال: أما ما يلي جسده فلا يعجبني أن يصلي فيه. "مسائل أبي داود" (286) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن دم البراغيث في الثوب؟ فقال: إذا كثر إني لأفزع منه. "مسائل أبي داود" (287)

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل له ثوبان أحدهما نجس، لا يدري أيهما هو؟ قال: من الناس من يقول يصلي مرتين في كل واحدٍ مرة إذا لم يجد غيرهما فيكون قد صلى في النظيف مرة. "مسائل أبي داود" (288) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل صلى في ثوبين أحدهما نجس؟ قال: يعيد صلاته. "مسائل أبي داود" (289) قال أبو داود: قلت لأحمد: رجل صلى وفي ثوبه قذر؟ قال: إن كان البول والعذرة فيعجبني أن يعيد. "مسائل أبي داود" (290) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول في البول والغائط يصيب الثوب: يعيد من قليله وكثيره. "مسائل أبي داود" (291) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا صلى في ثوب نجس؟ قال: يعيد في الوقت أو قد خرج من الوقت. "مسائل أبي داود" (292) قال أبو داود: رأيت أحمد إذا صلى بنا خلع نعليه وجعلهما بين يديه. "مسائل أبي داود" (293) قال ابن هانئ: رأيت أبا عبد اللَّه: خرج إلى صلاة الفجر، أتى على مرابض الغنم، فداسه، فمسح خفيه بالأرض وصلَّى. "مسائل ابن هانئ" (135)

قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: روى يزيد بن زريع، عن سعيد ابن أبي عروبة قال: كان فتيا قتادة في الرجل إذا رأى بثوبه جنابة، أو بجسده، لا يدري متى كانت: يَنظُرَ أحدثَ رقادٍ رَقَدَه، فيعيد ما كان بعدُ من صلاة. قال أبو عبد اللَّه: أنا آخذ بهذا في الرجل يرى بثوبه قذرًا، ينظر إلى أحدثِ ذلك، فيعيد من ذلك الوقت. "مسائل ابن هانئ" (940) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: ابن أبي عدي، عن ابن عون قال: كان محمد يختار إذا أخذ الثوب من النساج أن لا يلبسه حتى يغسله (¬1). قال أبو عبد اللَّه: أذهب، أو قال: أحب إلي أن لا يصلى فيه حتى يغسله. ثم قال أبو عبد اللَّه: حديث غريب. "مسائل ابن هانئ" (274) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الصياد يصطاد فيكون عليه دم كثير وهو في موضع ليس عليه غير ثوب واحد، كيف يصنع؟ قال: يصلي إذا خشي فوت الصلاة، ثم إذا قدر على غيره أعاد الصلاة، وكذا الثوب أيضًا إذا كان غير نظيف. "مسائل ابن هانئ" (276) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يصلي في الجعبة وفيها نشاشيب، وعلى النشاشيب ريش النعام، أيصلي فيه؟ ¬

_ (¬1) ذكره ابن رجب في "فتح الباري" 2/ 375.

قال: نعم، إذا لم تكن ميتة فلا بأس أن يصلي فيه، أو يكون دمًا فلا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (277) قال ابن هانئ: وسئل عن المني والبول سواء؟ قال: لا، يروى عن عائشة أنها كانت تفركه وتدلكه وتغسله (¬1)، فكل ما فعلت من هذا أجزأك. قال أبو عبد اللَّه: والبول قليله وكثيره يغسل. "مسائل ابن هانئ" (278) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الصلاة في ثوب الحائض والجنب، إذا عرقا فيه؟ فقال: لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (279) قال ابن هانئ: وسئل عن الصلاة في جلود الثعالب؟ قال: إذا كان متأولًا أرجو أن لا يكون به بأس، وإن كان جاهلًا، ينهى، ويقال له: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قد نهى عنها (¬2). "مسائل ابن هانئ" (280) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: الصلاة في ثياب اليهود والنصارى والمجوس؟ قال: تكره الصلاة في ثياب هؤلاء. "مسائل ابن هانئ" (284) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 193، ومسلم (288). (¬2) لم أقف عليه مرفوعًا، وإنما روي موقوفًا عن عمر وعلي -رضي اللَّه عنهما- فرواه ابن أبي شيبة 2/ 62 (6474)، وابن المنذر في "الأوسط" 2/ 299 عن عمر، كما رواه ابن أبي شيبة 2/ 62 (6475)، وابن المنذر في "الأوسط" 2/ 301 عن عليٍّ.

قال ابن هانئ: وقلت: أصابني من ماء المطر؟ قال: كل ما نزل من السماء إلى الأرض فهو نظيف، داسته الدواب أو لم تدسه. "مسائل ابن هانئ" (285) قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يصلي وفي ثوبه الجنابة؟ قال: إذا كان كثيرًا أعاد الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (287) قال ابن هانئ: وسئل أبو عبد اللَّه -وأنا حاضر- عن جلود الثعالب؟ قال: ألبسه، ولا تصل فيه. "مسائل ابن هانئ" (1823) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: كل ثوب يلمسه يهودي، أو نصراني، أو مجوسي، إذا كان مثل الإزار والسراويل فلا يعجبني أن يصلي فيه، وذلك أنهم لا يتنزهون من البول. "مسائل عبد اللَّه" (45) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المني يصيب الثوب؟ قال: إذا جف ففركه فلا بأس، وإن غسله فلا بأس، وإن مسحه وهو رطب فلا بأس. قلت: فإن كانت الجنابة فاحشة ففرك الثوب؟ قال: أجزأت صلاته. "مسائل عبد اللَّه" (48) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يجامع في الثوب؟ فقال: لا بأس بالصلاة فيه، إلا أن يصيبه أذى، فإن كان أصابه أذى،

غسله وفركه، فلا بأس أن يصلي فيه بعد ذلك، إذا غسله، أو فركه. "مسائل عبد اللَّه" (49) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يصلي في الثوب الذي يجنب فيه، هل تجوز صلاته؟ فقال: إن كان صلى فيه وفيه أثر جنابة، فإن كان فاحشًا عنده، أو يفحش عنده، فأعاد الصلاة التي صلاها وفيه الجنابة الفاحشة "مسائل عبد اللَّه" (50) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يصلي وفي ثوبه الدم؟ فقال: إن كان فاحشًا أعاد. قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وأنا أذهب إلى قول ابن عباس. قال أبي: إذا فحش عند الرجل أعاد. قلت لأبي: كم مقداره أو تحده؟ قال: ما أحده بأكثر من أن يستفحشه. "مسائل عبد اللَّه" (231) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يصلي في الثوب الذي يجنب فيه هل تجوز صلاته؟ قال: إن كان صلى فيه وفيه أثر جنابة، فإن كان فاحشًا عنده، أو يفحش عنده أعاد الصلاة التي صلاها وفيه أثر الجنابة الفاحشة. قلت: فإن كانت الجنابة فاحشة فعزل الثوب؟ قال: أجزأت صلاته. "مسائل عبد اللَّه" (232) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يكون في الصلاة فيرى في ثوبه دمًا؟

قال: إن كان يظن أنه فاحش فلينصرف. قيل: يستأنف الصلاة؟ قال: نعم يستأنف الصلاة. قيل له: فإن كان قليلًا. قال: إن شاء رمى الثوب الذي عليه، وإن شاء مضى في صلاته. "مسائل عبد اللَّه" (233) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: يتوضأ من الدم إذا فحش عنده ويعيد الصلاة إذا كان في ثوبه -يعني: بول. قال: أما البول والغائط فإنه يعيد قليله وكثيره. قلت لأبي: فإن كان الرجل في النعل أو الخف فهو مثل الثوب؟ قال: أرجو أن يكون أخف. وأما حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه خلع النعل في الصلاة من شيء كان (¬1)، فإنه لم يجئ بيان ما كان في النعل، بول أو غيره. "مسائل عبد اللَّه" (234) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل عليه ثوب، فيه نجاسة، النجاسة ساقطة عنه إلا أن يصلي في الثوب؟ قال: لا يصلي في الثوب. يعني: إذا كان في ثوبه نجاسة. "مسائل عبد اللَّه" (236) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن الصلاة في جلود الثعالب فكرهه. فقيل له: فإن كان صلى فيه سنة أو سنتين؟ قال: إذا كان يتأول فلا يعيد. "مسائل عبد اللَّه" (237) ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصلاة في جلود السباع؟ قال: أكرهه. قلت: فنلبسه من غير أن نصلي فيه؟ قال: هو أسهل وقد روي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن نفترش جلود السباع (¬1). سمعت أبي يقول: لا يعجبني وإن دبغ، لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن تفترش مسوك السباع. قيل: فالسمور والسنجاب أسبع هو؟ قال: لا أدري. هذا يكون في بلاد الترك. "مسائل عبد اللَّه" (238) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن السمور؟ فقال: إن كان سبعًا وذو مخلب فلا يصلى فيه. "مسائل عبد اللَّه" (239) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حَدَّثَنَا هشيم قال منصور -يعني ابن زاذان- عن الحسن عن علي: أنه كان يكره الصلاة في جلود الثعالب (¬2). قال أبي: وأنا أكرهه. "مسائل عبد اللَّه" (240) قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: تكره جلود الثعالب. وقال في رواية حنبل: أكره لبس الملحمة. "تهذيب الأجوبة" ص 759، 760. نقل عنه أبو طالب في الرجل يكون في المسجد فيصيبه بول الخفاش؟ ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه قريبًا. (¬2) رواه ابن المنذر في "الأوسط" 2/ 301.

فقال: أرجو أن لا يضر، وإن كان كثيرًا غسل. ونقل عنه الميموني في القلس: إذا ملأ الفم شبهه بالدم. وقال في رواية ابن مهران الدينوري في لعاب الحمار والبغل: إن كان كثيرًا لا يعجبني. ونقل حنبل عنه في الخمر: هو مثل البول. قيل له: قطرة مسكر؟ قال: من أقام المسكر مقام الخمر أنزله هذِه المنزلة. ونقل بكر بن محمد في المسكر: إذا كان فاحشًا أعاد. ونقل أبو طالب: إذا كان قليلًا لم يعد. ونقل أحمد بن الحسن الترمذي عنه: إذا صلى في ثوب غير طاهر يطرحه ويبني على صلاته. ونقل عنه الحسن بن الحسين في المذي يصيب الثوب: يغسل ليس في القلب منه شيء. ونقل عنه أبو طالب: أرجو أن يجزئ فيه النضح، والغسل أعجب إلي؛ لما روي في حديث سهل بن حنيف قال: كنت ألقى من المذي عناء، فذكرت ذلك لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "يجزيك أن تأخذ حثية من ماء فترش عليه" (¬1). ونقل عنه الأثرم في بول الإبل يصيب الثوب: إن كان كثيرًا فاحشًا يعيد. "الروايتين والوجهين" 1/ 151 - 155 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 485، وأبو داود (210)، والترمذي (115) وابن ماجه (506) بنحوه، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال الألباني: إسناده حسن. "صحيح أبي داود" (205).

قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن رجل صلى وعليه جلود الثعالب أو غيرها من جلود الميتة المدبوغة؟ فقال: إن كان لبسه وهو يتأول: "أيما إهاب دبغ فقد طهر" (¬1). فلا بأس أن يصلى خلفه. قيل له: فتراه أنت جائزًا؟ قال: لا، نحن لا نراه جائزًا؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" (¬2)، ولكنه إذا كان يتأول فلا بأس أن يصلي خلفه. فقيل له: كيف وهو مخطئ في تأويله؟ فقال: وإن كان مخطئًا في تأويله، ليس من تأول كمن لا يتأول، ثم قال: كل من تأول شيئًا جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعن أصحابه أو عن أحدهم فيذهب إليه، فلا بأس أن يصلى خلفه، وإن قلنا نحن خلافه من وجه آخر؛ لأنه قد تأول. قيل له: فإن من الناس من يقول: ليس جلد الثعالب بإهاب. فنفض يده، وقال: ما أدري أي شيء هذا القول؟ ! ثم قال أبو عبد اللَّه: من تأول فلا بأس أن يصلى خلفه، يعني إذا كان تأويله له وجه في السنة. "التمهيد" 10/ 377 ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 310، وأبو داود (4127)، والترمذي (1729)، والنسائي 7/ 175، وابن ماجه (3613)، وقال الترمذي: حديث حسن. وكذا حسنه الحازمي في "الاعتبار" ص 46، وصححه ابن حبان 4/ 93 - 96 مستشهدًا بكلام أبي حاتم في إثبات اتصال سنده، ثم ذكر الجمع بينه وبين قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيما إهاب دبغ فقد طهر". كذلك وصححه الألباني في "الإرواء" (38) وبسط القول فيه، مناقشًا علله، فليتأمل. وانظر كذلك "التلخيص" 1/ 46 - 47، و"الصحيحة" (2812)، و"الضعيفة" 1/ 238 - 240.

قال في رواية أبي طالب وأبي الحارث: إذا كان قميصان نجس وطاهر ولا يعرف الطاهر صلى في كل واحد منهما صلاة وخلعه، وصلى في الآخر. "الانتصار" 1/ 459 قال أحمد بن هاشم الأنطاكي: سألت أحمد عن رجل أصاب ثوبه بول، فنسي فصلى فيه؟ فقال: يعيد الصلاة من قليل البول وكثيره. قال: وابن عباس يقول في الدم إذا فحش، ثم قال: إن قومًا يساوون بين البول والدم، فعجب في قولهم. "طبقات الحنابلة" 1/ 207 - 208 قال إبراهيم بن هاشم البغوي: سئل أحمد -وأنا أسمع- عن الصلاة في الثعالب -يعني: جلودها؟ فقال: لا يعجبني، ولا في شيء من جلود السباع. "طبقات الحنابلة" 1/ 256 قال أبو هاشم دلويه: سألت أحمد عن جلود الثعالب؟ فقال: لا تعجبنا الصلاة فيها. "طبقات الحنابلة" 2/ 420 قال ابن حمدان العطار: سئل أبو عبد اللَّه عن رجل اشترى ثوبًا من السوق يتهيأ له الصلاة فيه من غير أن يغتسل؟ فقال: جائز. "طبقات الحنابلة" 1/ 290 قال أبو جعفر الدينوري: سألت أحمد عن الصلاة في جلود الثعالب؟

فقال: لا يعجبني. "طبقات الحنابلة" 2/ 314 - 315 قال الفضل بن زياد: سئل عن جلود الثعالب؟ قال: البسه، ولا تصل فيه. "بدائع الفوائد" 4/ 64 وقال حنبل: كان أبو عبد اللَّه يصبغ له يهودي جبةً فيلبسها ولا يحدث فيها حدثًا من غسل ولا غيره، فقلت له، فقال: ولم تسأل عما لا تعلم؟ لم يزل النَّاس منذ أدركناهم لا ينكرون ذلك. قال حنبل: وسئل أبو عبد اللَّه عن يهود يصبغون بالبول؟ فقال: المسلم والكافر في هذا سواء، ولا تسأل عن هذا ولا تبحث عنه، وقال: إذا علمت أنَّه لا محالة يصبغ من البول وصح عندك فلا تصل فيه حتى تغسله. وقال يعقوب بن بختان: سئل أحمد عن الثَّوب بصبغة اليهودي؟ قال: وتستطيع غير هذا؛ كأنَّه لم ير به بأسًا. وقال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن الثوب يعمله اليهودي والنصراني تصلِّي فيه؟ قال: نعم، القصَّار يقصر الثياب ونحن نصلي فيها. قال أحمد في رواية حنبل: لا بأس بالصلاة في ثوب اليهوديِّ والنصراني إلا ما يلي جلده، فأما إذا كان فوق ثيابه فلا بأس به. وقال أحمد في رواية حنبل في الصَّلاة في ثوب اليهوديِّ والنصراني: إذا لم يجد غيره غسله وصلَّى فيه، وثوب المجوسي لا يصلِّي فيه فإن غسله وبالغ في غسله فأرجو.

338 - طهارة النعل والخف في الصلاة

وقال عبد اللَّه بن أحمد: سمعت أبي قال: كل ثوب يلبسه يهودي أو نصراني أو مجوسي إذا كان مثل الإزار والسراويل فلا يعجبني أن يُصلى فيه، وذلك أنهم لا يتنزهون من البول. ونقل بكر بن محمد، عن أبيه، عن أحمد فيمن صلى في سراويل يهودي أو نصراني أو مجوسي: أحب إليَّ إن يعيد صلاته كلَّها. ونقل حرب، عن أحمد قال: لا يُصلِّي في شيء من ثياب أهل الكتاب التي تلي جلده: القميص والسراويل، وغير ذلك. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 374 - 376. قال الأثرم: سئل أحمد رحمه اللَّه عن الصلاة في ثوب الصبي؟ فكرهه. "الاختيارات الفقهية" المطبوعة مع "الفتاوى الكبرى" 4/ 339 338 - طهارة النعل والخف في الصلاة قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما الصلاة في النعالِ والخفاف سنة إذا لم يكن عليها أقذار وإنْ كان قد أصابها أقذارٌ جازَ مسحها بالأرضِ إلَّا أنْ يكونَ غائطًا أو بولا. "مسائل الكوسج" (482) قال أبو داود: رأيت أحمد إذا صلى بنا خلع نعليه، وجعلهما بين يديه. "مسائل أبي داود" (293) قال ابن هانئ: رأيت أبا عبد اللَّه: خرج إلى صلاة الفجر، أتى على مرابض الغنم، فداسه، فمسح خفيه بالأرض وصلَّى. "مسائل ابن هانئ" (135)

339 - الشك في الحدث في الصلاة

نقل الفضل بن زياد عنه فيمن وطئ بنعله فأرة فتبين أثرها عليه: يغسله. وقيل له: فيمسحه؟ قال: لا. "الروايتين والوجهين" 1/ 153 ونقل محمد بن أبي الحارث عن أحمد في رجل وطئ على روث لا يدري هل هو روث حمار أو برذون أنه رخص فيه إذ لم يعرفه. "الاختيارات الفقهية" للبعلي الملحق بمجموع الفتاوى 4/ 339 339 - الشك في الحدث في الصلاة قال ابن هانئ: سألته عن الرجل في الصلاة، فيشك أنه يخرج منه شيء من ذكره؟ قال: يمسه بثيابه، ثم يمسحه على فخذه، ثم يضرب يده إلى فخذه، فإن كان شيئا علم به. "مسائل ابن هانئ" (209) قال إسحاق بن راهويه: رأيت أحمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه- يصلي فقال بيده هكذا -يشير بأصبعيه- فلما سلم، قلت: يا أبا عبد اللَّه، ما قلت في صلاتك؟ قال: كنت على طهارة، فجاء إبليس، فقال: إنك على غير طهارة. فقلت: شاهدين عدلين. "طبقات الحنابلة" 1/ 288 - 289

340 - إذا صلى الرجل واتصل به نجاسة

340 - إذا صلى الرجل واتصل به نجاسة قلت لأحمد: السيف يصيبه الدم فيمسحه الرجل وهو حار يصلي فيه؟ قال: نعم، إذا لم يبق فيه أثر. قلت: فيه أثر إلا أنه مسحه؟ قال: إن لم يكن فاحشًا فلا بأس. "أبو داود" (139) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل وقع ضرس من أضراسه، فأخذه فأعاده في موضعه، ثم نظر إليه بعد أيام، أو شهر أو أقل أو أكثر، فإذا هو قد انقلع ولم يلتحم؟ قال: أرى أن يعيد الصلاة من يوم رجعه إلى يوم قلعة. ولو وضع ضرس شاة أو شيء قد ذكي أجزأه أن لا يعيد الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (272) نقل المروذي في الرجل ينقلع ضرسه ثم يرده إلى موضعه فيمكث أيامًا فيصلي فيه ثم ينقلع فقال: كان الشافعي يقول: يعيد؛ لأنه صلى في ميتة وما أبعد ما قال. بل لو أخذ سن شاة فوضعه لم يكن به بأس وذهب إلى أن يعيد ما صلى. ونقل الأثرم عنه في الرجل يقتص منه من أذن أو أنف فيأخذ المقتص منه فيعيد، بحرارته فيثبت هل تكون ميتة؟ فقال: أرجو أن لا يكون به بأس. وكذلك نقل صالح فيمن قطع عضوًا من أعضائه فأعاده مكانه فلا بأس. فقيل له يعيد سنه؟

341 - الصلاة على شيء أصابه قذر أو نجاسة

قال: أما سن نفسه فلا بأس. "الروايتين والوجهين" 1/ 202 قال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن رجل سقطت ثنيته فبانت منه فأخذها وأعادها؟ فقال: أرجو ألا يكون به بأس -ولم يرها ميتة. وكان يكره مشط العاج ويقول: هو ميتة لا يستعمل. "التمهيد" 3/ 125 طهارة محل الصلاة 341 - الصلاة على شيء أصابه قذر أو نجاسة قال صالح: قلت: الرجل يبسط الثوب، فيصلي عليه وناحية منه قد أصابها المني؟ قال: إذا صلى على الناحية الأخرى التي لم يصبها قذر فلا بأس. "صالح" (1031) قال ابن هانئ: قلت: أيصلى على جلد الجمل، يبسط ويصلى عليه؟ قال: لا أدري. "مسائل ابن هانئ" (348) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه: عمن صلَّى على حصير عليه مسكر؟ قال: يعيد الصلاة. "الورع" (547) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يصلي على جلد ضأن؟ فقال: لا بأس به إذا دبغ.

342 - الصلاة على بساط فيه تصاوير

وقال: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد قال: رأيت الأسود بن يزيد يصلي على جلد ضان (¬1). "العلل" (849)، (850) 342 - الصلاة على بساط فيه تصاوير قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما يكره في الصورِ؟ قال: ما يوطأ أرجو أن لا يكونَ به بأسٌ. قُلْتُ: ويصلي عليه إذا وطئ؟ قال: ويصلي عليه. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (3315) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يصلي على البساط عليه التماثيل؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. قال عبد اللَّه: قلت لأبي: ما يكره من التماثيل؟ قال: ما نصب نصبًا مثل النسر وغيره. قلت لأبي: ما افترش ومشي عليه؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس، ولكن يكره ما نصب نصبًا على حديث -يعني: حديث عائشة (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (227) ¬

_ (¬1) لم أقف عليه. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 36، والبخاري (5954)، ومسلم (2107).

343 - إذا اتصل المسجد بنجاسة يصلى فيه؟

343 - إذا اتصل المسجد بنجاسة يُصلَّى فيه؟ قال صالح: وسألته: يكبس المسجد بتراب ليس بنظيف؟ قال: لا يعجبني. "مسائل صالح" (760) قال ابن هانئ: وسئل عن المسجد يحشى بقذر، وترابه مختلط، ويفرش عليه الطوابيق والآجُر؟ فقال: كان ابن مسعود: يكره الصلاة فيه (¬1). قال أبو عبد اللَّه: لا يصلى فيه إلا أن يخرج منه فيكبس بغيره، ثم يصلي حينئذٍ. "مسائل ابن هانئ" (333) قال ابن هانئ: قلت: الجماع في سطح المسجد، أو يبال عليه، أو يتمسح بحائط المسجد؟ فقال: هذا كله مكروه. "مسائل ابن هانئ" (347) 344 - الصلاة في مسجد في قبلته كنيف ونقل عنه أبو طالب في رجل حفر كنيفًا إلى قبلة المسجد: يهدم. ونقل المروذي عنه في كنيف خلف قبلة المسجد: لا يصلى إليه وقيل له: إن الدار لأيتام والحائط لهم ترى أن يضرب على الحائط ساج أو شيء قال: وإن كان وصيًّا غير الكنيف أو حوله، وإن كانوا صغارًا لم يرخص لهم ¬

_ (¬1) لم أقف عليه.

345 - الصلاة في مواضع الخسف والعذاب

أن يضربوا عليه الساج، وقال: يعجبني أن يكون بينهما أذرع، فقيل له: يضيق المسجد؟ فقال: وإن ضاق. "شرح العمدة" ص 482 نقل حرب عن إسحاق أنه كره الصلاة في مسجد في قبلته كنيف إلا أن يكون للكنيف حائط من قصب أو خشب غير حائط المسجد، وإن صلَّى فيه أعاد، وإن كان للكنيف سترة من لبود فلا يصلَّى في المسجد من ورائه وإن كان الكنيف عن يمين القبلة أو يسارها فلا بأس. ونقل أبو طالب عنه: إذا كان الكنيف أسفل من المسجد بذراع ونصف فلا بأس. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 446، 447 345 - الصلاة في مواضع الخسف والعذاب قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن أرض الخسف يصلى فيها؟ فكره ذلك، وقال: حديث علي أنه لم يصل ببابل لأنها أرض خسف بها، حديث الثوري عن عبد اللَّه بن شريك عن ابن أبي المجالد عن علي. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حَدَّثنَا وكيع ثنا مغيرة بن أبي الحر الكندي عن حجر بن عنبس الحضرمي، قال: خرجنا مع علي إلى النهروان، حتى إذا كنا ببابل فحضرت صلاة العصر، فسكت ثم قلنا: الصلاة. فسكت مرتين فلما خرج منها وصلى. ثم قال: ما كنت لأصلي بأرض خسف بها ثلاث مرات (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (243) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 153 (7555)، والبيهقي 2/ 451.

346 - الصلاة في الأماكن القذرة والسباخ

قال مهنا: سألت أحمد عمن نزل الحجر أيشرب من مائها ويعجن به؟ قال: لا؛ إلا لضرورة، ولا يقيم بها. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 237 346 - الصلاة في الأماكن القذرة والسباخ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما يكره من الأرض أن يصلي عليها؟ قال: المقبرةُ والحَشُّ وكلُّ أرضٍ قذرة. قلتُ: السبخة؟ قال: إذا كانت نَظيفة، وموضِعٌ قَدْ خُسفَ به أَكرهُهُ. قال إسحاق: كما قال، فإن صلَّى في أرضٍ سبخةٍ أو مخسوفٍ بها جازَ ذَلِكَ، وكلما صلَّى في أرضٍ مغصوب أو استصفاها الولاة؛ فصلاةُ المسلمِ فيها فاسدةٌ إذا عَلِمَ ذَلِكَ، فإذا لمْ يعلمْ ثم علمَ جازَ ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (289) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يَبسط الرجلُ على المكان القَذِرِ ثم يُصلي عليه؟ قال: إذا كان شيءٌ لا يَعلَق بالثوبِ ولا يَرى بَولًا ولا عُذْرَةً بعينه. قال إسحاق: كل ذَلِكَ جائز إذا كان البِساط طبق الموضحِ. "مسائل الكوسج" (365) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا الصَّلاة في المواضعِ التي أصابها الأقذار فإنَّ ذَلِكَ لا يجوز إذا سجدَ عليها أو قام عليها وذلك إذا كان القذرُ بولا أو عذرة يابسة أو رطبة، فأمَّا إذا كان سرقينا أو ما أشبهه فإنَّ ذَلِكَ جائز. "مسائل الكوسج" (478)

قال صالح: وسألته عن الصلاة في أعطان الإبل؟ فكرهه. وفي دمن الغنم؟ فرخَّص فيه. "مسائل صالح" (396) قال صالح: وسألت أبي عن الصلاة في السباخ والتيمم منها؟ قال: أما الصلاة فجائز، وأما التيمم فلا يعجبني؛ لأنه لا يثبت في يديه منه شيء، يخرج منها إلى غيرها. قال: وأطيب الصعيد أرض الحرث. "مسائل صالح" (438) قال صالح: وسألته عمن صلى في أعطان الإبل، يعيد؟ قال: نعم، يعيد إذا صلى في الموضع الذي تأوي إليه. "مسائل صالح" (610) قال صالح: قلت: الرجل يكون موضع سجوده قذرًا وموضع قدميه؟ فأنكر قول من يقول: لا يضر إلى أن يكون موضع سجوده. قال: هذا كله مكروه. "مسائل صالح" (1032) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: لا يصلى في معاطن الإبل. "مسائل أبي داود" (334) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: في السنور يطأ على الشيء القذر وغيره، ثم يطأ على الحصير، يصلى عليه؟ قال: إذا علمت مكانه فاغسله. "مسائل ابن هانئ" (281) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يصلي في مشلح الحمام؟ قال: مكروه، لا يصلي فيه. "مسائل ابن هانئ" (332)

قال ابن هانئ: وسمعته يكره الصلاة في الحش، والحمام، والمقبرة، والموضع الذي غير نظيف. "مسائل ابن هانئ" (350) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: إذا كان في حبس في موضع قذر، يصلي؟ قال: يطرح شيئًا يصلي عليه. قلت: فإن لم يمكنه؟ قال: إذا لم يمكنه ما يضع؟ لو لم يمكنه إلا أن يومئ عليه إيماء أجزأه. "مسائل عبد اللَّه" (236) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصلاة في المقبرة وفي معاطن الإبل والحمام؟ فقال: تكره الصلاة في هذِه المواطن كلها. درأنا أكرهه. "مسائل عبد اللَّه" (241) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصلاة في أعطان الإبل؟ فقال: عليه إعادتها ونهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الصلاة في أعطان الإبل (¬1). قال: والعطن للإبل. التي تقيم في المكان، وأعجب إلي إن صلى أن يعيد الصلاة. "مسائل عبد اللَّه" (242) ونقل المروذي عنه أنه كره أن يصلي في القبور. "تهذيب الأجوبة" ص 763، "العدة" 5/ 1631 نقل الأثرم عنه: وقد سُئل عن المكان يصيبه البول، فيبسط عليه باريَّة وهو جاف يصلي عليه؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 100، ومسلم (360) من حديث جابر بن سمرة.

قال: أعجب إليَّ أن يتوقى. فقال له الهيثم بن خارجة: هذا جاف وعليه باريَّة، أي شيء تكره من هذا؟ قال: إنما قلت لك: أعجب إليَّ أن يتوقاه. "العدة" 5/ 1635 نقل بكر بن محمد عنه: إذا صلى في مواضع نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الصلاة فيها كمعاطن الإبل والمقبرة يعيد الصلاة لنهي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الصلاة في سبعة مواطن (¬1). قلت له: تجيء الجمال فتبول في مكانه، ثم ترتحل من ذلك المكان، وتأتي عليه الشمس فيجف، أيصلى فيه؟ قال: نعم، يصلى فيه، إنما كره أن يصلى في أعطان الإبل، إذا كانت تأوي إليه بالليل والنهار، فذلك الذي كره أن يصلى فيه. ونقل حنبل عنه: إذا صلى في أعطان الإبل فإن كان جاهلًا ولم يعلم ولم يسمع الخبر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجوت ألا يلزمه. ونقل أبو الحارث: إذا صلى في المقبرة أو الحمام يكره. فقيل له: يعيد؟ قال: إن أعاد كان أحب إليَّ. ونقل المروذي عنه في البول إذا جف فألقى عليه ثوبًا فصلى، فلم يعجبه. "الروايتين والوجهين" 1/ 156، 157 ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (346) عن ابن عمر وقال: وفي الباب عن أبي مرثد وجابر وأنس وحديث ابن عرم إسناده ليس بذاك القوي، وقد تُكلَّم في زيد بن جبيرة من قبل خفضه. وابن ماجه (746) والحديث ضعفه الألباني في "الإرواء" (287)

قال مقاتل بن صالح: قلت لأحمد: صليت على بارية شرب عليها المسكر؟ قال: المسكر حرام، أعد صلاتك. قلت: كنت أقوم وأقعد عليها، وأسجد على الأرض؟ قال: أعد صلاتك. "طبقات الحنابلة" 2/ 492 قال أبو طالب سُئل عن الصلاة إلى المقبرة والحمام والحش؟ قال: لا ينبغي أن يكون في القبلة قبر، ولا حش ولا حمام، فإن كان يجزئه. "المغني" 2/ 473 قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يُسئل عن موضع فيه أبعار الإبل نصلي فيه؟ فرخص فيه، ثم قال: إذا لم يكن من معاطن الإبل التي نُهى عن الصلاة فيها التي تأوي إليها الإبل. "شرح العمدة" ص 468 قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن الصلاة في المقبرة فكره الصلاة في المقبرة. فقيل له: المسجد يكون بين القبور أيصلى فيه؟ فكره ذلك. قيل له: إنه مسجد وبينه وبين القبور حاجز، فكره أن يصلَّى فيه الفرض، ورخص أن يُصلَّى فيه على الجنائز، وذكر حديث أبي مرثد الغنوي، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تصلوا إلى القبور" (¬1)، وقال: إسناد جيد. "شرح العمدة" ص 479، "فتح الباري" لابن رجب 3/ 194 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 135، ومسلم (972).

الشرط الثاني: دخول الوقت

قال الميموني: سئل عن الصلاة عن المقابر والحش؟ فكرهه. ونقل عنه أبو طالب وقد سئل عن الصلاة في المقبرة والحمام والحش؟ وكرهه، وقال: لا يعجبني أن يكون في القبلة قبر ولا حش ولا حمام. "شرح العمدة" ص 479 قال حرب: قلت لأحمد: هل بلغك أن أحدًا كره الصلاة في الأرض السبخة؟ قال: لا. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 268 الشرط الثاني: دخول الوقت فصل في مواقيت الصلوات الخصم 347 - وقت الفجر قال صالح: وسألته عن وقت صلاة الفجر؟ فقال: إذا طلع الفجر إلى أن تطلع الشمس، إلا أني أحب أن يُعجل. "مسائل صالح" (34) قال محمد بن حسنويه: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: الفجر يطلع بليل، ولكنه يستره أشجار جنان عدن. "الفروع" 1/ 303، "معونة أولي النهى" 1/ 512 قال حنبل: قال أحمد: إذا نور الفجر، تبين طلوعه، حلت الصلاة، وحرم الطعام والشراب على الصائم. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 426

348 - الإسفار والتغليس بالفجر

348 - الإسفار والتغليس بالفجر قال إسحاق بن منصور: قلتُ: ما الإسفار بالفجرِ؟ قال: الإسفارُ بالفجر أنْ يضحَ الفجر فَلَا يشكُّ أَنَّه قَدْ طَلعَ الفجرُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (124) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: الذي نختارُ أنْ يُصلِّيَ صلاةَ الفجر بغلس، ولا يكون التغليس عند ابتداءِ طلوع الفجر، يؤخر قليلًا عن أوَّلِ طلوعها، ولكن إذا ابتدأ حينئذ طول القراءة قليلًا، وإنما أخطأ هؤلاء حين سمعوا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "أسفروا بالفجرِ فَإِنَّه أعظم للأجرِ" (¬1) وذلك أن يؤخر عن أول الفجر قليلًا، ليس يعني: أن يؤخرها حتى تكون قرب طلوع الشمس، ثم يصليها ويقرأ فيها قصار المفصل. "مسائل الكوسج" (3451) قال صالح: قال أحمد: إسفار الفجر -عندي- طلوعه. "مسائل صالح" (1040) قال أبو داود: سمعتُ أحمد بن حنبل سئل عن صلاة الصبح؟ قال: يُعجبني أن يُغلس بها. "مسائل أبي داود" (179) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 465، وأبو داود (424)، والترمذي (154)، والنسائي 1/ 272، وابن ماجه (672) من حديث رافع بن خديج -رضي اللَّه عنه-. وصححه الألباني في "الإرواء" (258)، و"الصحيحة" 3/ 109.

قال أبو داود: فقيل لأحمد وأنا أسمع: حديثُ رافع: "أصبحوا بالصُّبح" (¬1)؟ قال: هذا مثلُ حديث عائشة ينصرفُ النساءُ متلفعاتٍ (¬2)، إذا أسفر الفجرُ فقد أصبحُوا. "مسائل أبي داود" (180) قال أبو داود: سمعتُ أحمد مرةً أخرى سئل عن التغليس بالصبح؟ قال: يغلسُ، إلا أنْ يكون ذلك يشتدُّ على الجيران ويقولون: لا نقوى فيصيرُ إلى ما يقولون. "مسائل أبي داود" (181) قال ابن هانئ: خرجت مع أبي عبد اللَّه من المسجد بعد صلاة الفجر، وكان محمد بن محرز يقيم الصلاة. قلت لأبي عبد اللَّه: هذِه الصلاة مثل حديث رافع بن خديج في الإسفار؟ قال: لا، هذِه صلاة مفرط، إنما حدّث رافع في الإسفار أنه يرى ضوء الفجر على الحيطان. "مسائل ابن هانئ" (185) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: الحديث في التغليس أقوى. وأعدنا صلاة الفجر مع أبي عبد اللَّه مرتين من شدة التغليس. "مسائل ابن هانئ" (186) نقل حنبل عنه: أرى تغليس الصبح، ولا أرى أن يصلي حتى يتبين له ضوء الفجر. "الروايتين والوجهين" 1/ 110 ¬

_ (¬1) سبق تخريجه بلفظ "أسفروا بالفجر. . " الحديث. وفي بعض طرق اللفظ المذكور. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 178، والبخاري (867)، ومسلم (232).

349 - وقت الطهر

قال الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل: ما معنى قوله: "أسفروا بالفجر"؟ فقال: إذا بان الفجر فقد أسفر. قلت: كان أبو نعيم يقول في حديث رافع بن خديج: "أسفروا بالفجر فكلما أسفرتم بها فهو أعظم للأجر" (¬1)، فقال: نعم كله سواء، إنما هو إذا تبين الفجر فقد أسفر. "التمهيد" 1/ 141 - 148 قال الحسن بن ثواب: قال أحمد: يغلس إلا أن يشق [على] (¬2) الجيران ويكون أرفق بهم. ونقل حرب، وأبو طالب، وأحمد بن أبي عبدة، والحسن بن أحمد: إذا تأخر الجيران فالأفضل تأخيرها. ونقل حنبل، ومهنا، وجعفر بن محمد: قال أحمد: التغليس أفضل من الإسفار، وهو أكثر عندي وأقوى. "الانتصار" 2/ 151 - 153 349 - وقت الطهر قال إسحاق بن منصورة قلتُ: أولُ وقت الظُّهرِ؟ قال: إذَا زَالَت الشَّمسُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (126) قال صالح: وسألته عن وقت صلاة الظهر؟ ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) ليست في المطبوع والسياق يقتضيها.

فقال: من الزوال إلى أن يصير ظل كل شيء مثله. "مسائل صالح" (35) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن وقت صلاة الظهر؟ قال: من الزوال إلى أن يصير ظل كل شيء مثله. سألته عن آخر وقت الظهر؟ فقال: إذا صار ظل كل شيء مثله؛ وآخر وقت العصر، إذا صار ظل كل شيء مثليه، ومن الناس من يقول: اصفرار الشمس. سألته عن وقت صلاة الظهر؟ قال: إذا زالت الشمس، وآخر وقت صلاة الظهر: إذا صار ظل كل شيء مثله. قلت: فصلاة العصر؟ قال: آخر وقت صلاة الظهر أول وقت صلاة العصر. "مسائل ابن هانئ" (177) وقال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: آخر وقت الظهر هو أول وقت الحصر، قال لي ذلك غير مرة. وسمعته يقول: آخر وقت العصر تغير الشمس، قيل له: ولا تقل بالمثل والمثلين؟ قال: لا هذا أكثر عندي. "التمهيد" 1/ 157 قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه، وأي شيء آخر وقت الظهر؟ قال: أن يصير الظل مثله. قيل له: فمتى يكون الظل مثله؟

350 - وقت العصر

قال: إذا زالت الشمس، فكان الظل بعد الزوال مثله فهو ذاك. "المغني" 2/ 12، "معونة أولي النهى" 1/ 505 350 - وقت العصر قال إسحاق بن منصور: قلتُ لأحمد: آخر وقت العصر؟ قال: تغيير الشمس. قال إسحاق: آخرُ وقتِهَا للمفرِّطِ أو صَاحِبِ عُذْرٍ فهوَ قَدْرُ مَا يَبقَى إلَى غُروبِ الشَّمسِ ركْعَة. "مسائل الكوسج" (118) قال صالح: وسألته عن وقت صلاة العصر؟ فقال: إذا كان ظل كل شيء مثله -وهو آخر وقت الظهر وأول وقت العصر- وآخر وقت العصر ما لم تتغير الشمس. "مسائل صالح" (36) قال صالح: قال أبي: ظل كل شيء مثله، وظل كل شيء مثليه هذا بعد الزوال، وهو أن يقدر الشمس، فإذا زالت فينظر على كم زالت. فإذا عرف ذلك، ثم صار الظل بعد ذلك مثله فهو آخر وقت الظهر وأول وقت العصر. "مسائل صالح" (1041) قال صالح: قال أحمد: تعجيل العصر أحب إليّ. آخر وقت العصر -عندي- ما لم تصفر الشمس. ولا أقول: إن آخر وقتها أن يكون ظل كل شيء مثليه، هذا أكثر. قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب. . " (¬1). قال: هذا على الفوت، ليس على أن يترك العصر إلى هذا الوقت. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 282، ومسلم (608)، من حديث أبي هريرة.

351 - وقت صلاة المغرب

وأول وقت العصر: هو آخر وقت الظهر، وآخر وقت الظهر: أن يكون ظل كل شيء مثله. إذا زالت الشمس فكان الظل بعد ذلك مثله فهو ذاك. البلدان تختلف، والزمان يختلف، فربما زالت على قدم، وربما زالت على أكثر، يكون الفيء ساعة تزول قدم، وإنما يحسب المثل بعد الزوال؛ الشمس في أول النهار يكون لها طول، ثم ينقص ذلك، ولا يزال ينقص حتى يقف، فإذا وقف ثم زاد فقد زالت. "مسائل صالح" (1042) قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ ذكر آخر وقت العصر، قال: ما لم تصفرَّ الشمسُ. "مسائل أبي داود" (183) ونقل الأثرم: أن آخر وقتها ما دامت الشمس بيضاء، فإذا اصفرت خرج وقتها المختار. "الروايتين والوجهين" 1/ 109 351 - وقت صلاة المغرب قال صالح: وسألته عن وقت صلاة المغرب؟ فقال: إذا وجبت الشمس: إذا غاب حاجبها الأعلى. وآخر وقتها إلى أن يغيب الشفق، والشفق في الحضر أن تذهب الحمرة ويذهب البياض، وفي السفر أرجو أن تكون الحمرة. "مسائل صالح" (37) قال حرب: سئل أحمد عن الرجل يصلي المغرب قبل أن يغيب الشفق؟ قال: لا أدري. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 384

352 - ذكر الشفق

352 - ذكر الشفق قال إسحاق بن منصورْ قُلْتُ: ما الشفقُ؟ قال: في الحضرِ البياضُ، وَفِي السَّفِر أرجو أنْ تكونَ الحمرة؛ لأنَّ في السَّفَرِ يجمعُ بينَ الصَّلاتين جَدَّ بِهِ السَّيرُ أَوْ لَمْ يَجِد فإذَا جَمَعَ بينهما فَلَا يُبَالِي مَتَى صَلَّاهُما. قال إسحاق: الشَّفَقُ: الحُمْرةُ في الحَضَرِ كَانَ أَوْ فِي السَّفَرِ؛ لأنَّ دخولَ الوقتِ بِهِ، وإنَّمَا رخّص لَهُ في العُذْرِ فِي المطرِ وَالسَّفَرِ أَنْ يُقَدِّمَ العِشاءَ عَن الوَقْتِ، يَجْمعهمَا جَمِيعًا أو يُؤَخِّر العِشَاءَ والمغربَ كذلِكَ إلى رُبْعِ اللَّيلِ حتَّى يَجمعهمَا جَمِيعًا هكَذا سُنَّة الجمعِ. "مسائل الكوسج" (131) قال صالح: وسئل عن الشفق؟ فقال: أما في الحضر حتى يذهب البياض، وفي السفر إذا ذهبت الحمرة. "مسائل صالح" (668) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن الشفق؟ قال: أما في الحضر فيعجبني أن يكون البياض وذلك أنه قال: إذا استوى الأفق، وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يحب تأخير العشاء وأما في السفر فالحمرة. "مسائل أبي داود" (184) قال ابن هانئ: سألته عن الشفق؟ فقال: في السفر الحمرة، وفي الحضر البياض. "مسائل ابن هانئ" (181)

قال عبد اللَّه: قال: سألت أبي عن الشفق، هو الحمرة أو البياض؟ فقال: الشفق في السفر هو الحمرة. "مسائل عبد اللَّه" (182) قال عبد اللَّه: سُئل أبي وأنا أسمع عن الشفق؟ فقال: في السفر حتى تذهب الحمرة، وفي الحضر حتى يذهب البياض ثم تصلي، أذهب إلى حديث ابن عون عن موسى بن أنس: أن أنسًا كان يقول لجاريته: إذا استوى الأفق فأتيني (¬1). قال أبي: واستواؤه: أن تذهب الحمرة والبياض، ويستوي الأفق. "مسائل عبد اللَّه" (184) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هشيم بن بشر قال: أخبرني عبد الرحمن بن يحيى، عن أبي جبلة عن ابن عباس قال: الشفق: الحمرة (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (186) قال عبد اللَّه: نا أبي قال: نا عقبة قال: نا عبد اللَّه بن نافع قال: حدثني أبي عن ابن عمر قال: الشفق. الحمرة (¬3)، فإذا ذهبت الحمرة فقد غاب الشفق. "مسائل عبد اللَّه" (187) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 279 (8956). (¬2) رواه البيهقي 1/ 373، وابن عساكر في "التاريخ" 36/ 40، من طريق الإمام بنفس هذا الإسناد. (¬3) رواه عبد الرزاق 1/ 559 (2122)، وابن أبي شيبة 1/ 293 (3362)، والدارقطني 1/ 269، والبيهقي 1/ 373 عن نافع عنه.

353 - وقت العشاء

353 - وقت العشاء قال صالح: وسألته عن وقت عشاء الآخرة؟ قال: إذا غاب الشفق إلى ثلث الليل، وقد قيل: إلى نصف الليل. "مسائل صالح" (38) قال صالح: قلت: من كان في سفر فصلى أهل القافلة العتمة قبل أن يغيب الشفق؟ قال: أرجو. "مسائل صالح" (451) قال ابن هانئ: وسئل عن وقت عشاء الآخرة؟ قال: إذا غاب الشفق، وذهب وقت المغرب. "مسائل ابن هانئ" (178) قال ابن هانئ: قلت: للمسافر أن يؤخر عشاء الآخرة إلى ثلث الليل، أو ربع الليل؟ قال: نعم، له من غيبوبة الشفق إلى ثلث الليل. "مسائل ابن هانئ" (182) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: يعجبني في الحضر أن لا تصلى العشاء الآخرة إلا بعد ذهاب البياض، وأما في السفر: فإذا ذهبت الحمرة فلا أرى بأسًا أن تصلى العشاء الآخرة، وأن يجمع بينها وبين المغرب إذا غابت الحمرة. "مسائل عبد اللَّه" (181) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: يعجبني في الحضر أن تؤخر العشاء الآخرة حتى يذهب البياض، لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يعجبه تأخير العشاء الآخرة حتى يغيب الشفق. "مسائل عبد اللَّه" (183)

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع قال: ثنا ثور الشامي عن مكحول قال: كان عُبَادة بن الصامت وشداد بن أوس يُصليان العشاء في بيت المقدس إذا غابت الحمرة (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (185) نقل حرب عنه: أن آخر وقتها -أي: العشاء- إذا ذهب نصف الليل، وهو أصح. "الروايتين والوجهين" 1/ 110 ونقل أبو طالب والمروذي: للمسافر أن يصلي العشاء قبل أن يغيب الشفق. "الاختيارات الفقهية" المطبوعة مع "الفتاوى الكبرى" 4/ 268 ونقل حرب عنه فيمن صلى العشاء قبل مغيب الشفق؟ قال: نعم. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 191 ونقل عنه الأثرم فيمن صلى العشاء في الحضر قبل مغيب البياض: يجزئه، لكن أحبُّ إليَّ أن لا يصلي في الحضر حتى يغيب البياض. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 386 وقال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: قدر كم تأخير العشاء الآخرة؟ قال: ما قدِّر ما يؤخر بعد أن لا يشق على الجيران. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 404 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 556 (2111)، وابن أبي شيبة 1/ 293 (3363).

فصل في جماع مواقيت الصلاة

فصل في جماع مواقيت الصلاة قال عبد اللَّه: سألت أبي رحمه اللَّه: ما الذي يعتمد عليه في مواقيت الصلاة، من الأحاديث التي جاءت؟ وأي حديث عندك أقوى؟ والحديث الذي روى ابن المبارك، عن الحسين بن علي، عن وهب بن كيسان، عن جابر (¬1) ما ترى فيه؟ وكيف حال الحسين؟ فقال أبي: أما الحسين فهو أخو أبي جعفر بن محمد بن علي، وحديثه الذي روى في المواقيت حديث ليس بالمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعض صفاته غيره. وقد روي في المواقيت غير حديث: حديث ابن عباس (¬2)، وبريدة (¬3)، وعبد اللَّه بن عمر (¬4)، وجابر (¬5)، وأبي موسى (¬6)، وأبي برزة (¬7)، وأبي هريرة (¬8)، فكل يصف صفة فيها بعض ما وصف الآخر، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 330، والترمذي (150) والنسائي 1/ 263. قال الترمذي: وقال محمد: أصح شيء في المواقيت حديث جابر. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 333، وأبو داود (393)، والترمذي (149). قال الحافظ في "التلخيص" 1/ 173: وصححه أبو بكر بن العربي، وابن عبد البر. (¬3) رواه الإمام أحمد 5/ 349، ومسلم (613). (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 210، ومسلم (612). من حديث عبد اللَّه بن عمرو، فإن لم يكن تصحيف. فرواه الدارقطني 1/ 259، 261 - 262 عن ابن عمر -رضي اللَّه عنه-. (¬5) سبق تخريجه. (¬6) رواه الإمام أحمد 4/ 416، ومسلم (614). (¬7) رواه الإمام أحمد 4/ 425، والبخاري (541)، ومسلم (647). (¬8) رواه الإمام أحمد 2/ 232، والترمذي (151)، ورواه النسائي 1/ 249 - 250 قال ابن الملقن: وعزاه الشيخ تقي الدين في "الإمام" إلى رواية النسائي. . . وقال: ورجال إسناده أخرج لهم مسلم في "صحيحه". وهو كما قال اهـ "البدر المنير" 3/ 159.

فمنهم من وصفها في الظهر إذا زالت الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، وإذا كان ظل كل شيء مثله فهو وقت العصر. ومنهم من لم يحدها بالميل إلا في بعض الحديث، في وقت العصر يصليها ما لم تتغير الشمس، والمغرب حتى تغرب الشمس، والعشاء الآخرة حتى يغيب الشفق إلى ثلث الليل إلى آخر وقتها، وقال بعضهم: إلى نصف الليل الأوسط، وأرجو أن يكون الأمر فيه واسع إن شاء اللَّه؛ لاختلافهم في الوصف، إلا أن العصر لا تؤخر حتى تغيب الشمس، وتأخير العشاء الآخرة يستحب تأخيرها في غير حديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، والفجر بغلس إلا أن يشق على جيران المسجد ويكون أرفق بهم إسفارها، وقد جعل لها حدين إذا طلع الفجر فهو أول وقتها. "مسائل عبد اللَّه" (179) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن وقت الظهر؟ فقال: أول وقت الظهر إذا زالت الشمس، ووقت العصر إذا خرج وقت الظهر، وهو إذا صار ظل كل شيء مثله، فهو آخر وقت الظهر وأول وقت العصر. وقد روي في بعض الحديث: أن آخر وقت العصر إذا صار ظل كل شيء مثليه. وقال بعضهم إلى أن تصفر الشمس فهو آخر وقت العصر. وأول وقت المغرب إذا غاب حاجب الشمس الأعلى إلى أن يغيب الشفق (¬2). فمن الناس من يقول: الشفق: الحمرة (¬3)، ومن ¬

_ (¬1) منها ما رواه الإمام أحمد 1/ 221، والبخاري (571)، ومسلم (642) من حديث ابن عباس. (¬2) راجع التخريجات السابقة. (¬3) سبق تخريجه.

الناس من يقول: الشفق: البياض، إذا ذهبت الحمرة بقي البياض ثم يذهب البياض فيستوي الأفق بالسواد، فذلك آخر وقت المغرب وهو أول وقت العشاء الآخرة. فمن الناس من يقول: آخر وقت العشاء الآخرة ثلثا الليل، ومنهم من يقول: نصف الليل. "مسائل عبد اللَّه" (180)

فصل في أحكام متعلقة بالمواقيت

فصل في أحكام متعلقة بالمواقيت 354 - تعجيل الصلاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: إذَا أَخَّرُوا الصَّلَاةَ، فَصَلَّى رَجُلٌ في بَيتِهِ، ثُمَّ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ مَعَهُم؟ قال: إذَا صَلوا فِي غَيرِ وَقْتٍ صَلَّى فِي بيتِهِ ثُمَّ أَتَاهُم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (132) قال صالح: وسألته عن الصلاة يوم الجمعة إذا أخروها؟ قال: يُصلِّيها لوقتها، ويصليها مع الإِمام. "مسائل صالح" (39) قال صالح: وسألته عن الصلاة تصلى لوقتها، أو ينتظرُ الإِمام؟ قال: يُصليها لوقتها. "مسائل صالح" (40) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن العبد أرسله مولاه في حاجة، فتحضر الصلاة، أيُصلي ثم يقضي حاجة مولاه، أو يقضي حاجة مولاه ثم يصلي، ولعله إذا قضى الحاجة لا يجد مسجدًا يصلي فيه؟ قال: إذا علم أنه إن قضى حاجة مولاه أصاب مسجدًا يصلي فيه، يقضي حاجة مولاه، وإن علم أنه لا يدرك، صلى ثم قضى حاجته. "مسائل ابن هانئ" (356) قال ابن هانئ: استعمل أبو عبد اللَّه قومًا من الكساحين، يكسحون له كنيفًا، فلما كان وقت الظهر، وقف على رأس المخرج، فقال: أخرجوا

355 - الإبراد في الظهر، وتأخير العشاء

من المخرج، وتوضئوا وصلوا، فلم يدعهم حتى خرجوا واغتسلوا وصلوا. "مسائل ابن هانئ" (2008) وقال الميموني: ضعفه أحمد -أي: حديث: "أول الوقت رضوان اللَّه" (¬1) - فقال: من يروي هذا؟ ! "الانتصار" 2/ 161 ونقل أبي بكر بن حماد المقري عنه في الرجل يأمره والده بأن يؤخر الصلاة ليصلي به، قال: يؤخرها. "الفروع" 2/ 310، "معونة أولي النهى" 1/ 514 355 - الإبرادُ في الظُّهرِ، وتأخير العشاء قال إسحاق بن منصور: قلتُ: ما الإبرادُ في الظُّهرِ؟ قال: الإبرادُ في الصَّيفِ يستحبُّ تأخير صَلَاتَين: الظُّهر فِي الحَرِّ والعِشَاء الآخرة. قال إسحاق: كَما قال إلَّا أنَّ العِشَاء الآخرة تَأخِيرُهَا مَحْبُوبٌ فِي الشِّتَاءِ وَالصيفِ. "مسائل الكوسج" (125) ¬

_ (¬1) رواه من حديث ابن عمرَ الترمذيُّ (172) وقال: هذا حديث غريب. ورواه من حديث أبي محذورة ابن عدي في "الكامل" 1/ 415، والدارقطني 1/ 249، والبيهقي 1/ 435. ورواه من حديث جرير بن عبد اللَّه الدارقطني 1/ 249. وقد ضعف الحافظ رواياته كلها. انظر "التلخيص الحبير" 1/ 180. وضعف الألباني في "ضعيف الجامع" (2130، 2131) حديثي جرير وأبي محذورة.

قال إسحاق بن منصور: وكان الإمامُ أحمدُ يؤخرُ الظهرَ في الحرِّ. "مسائل الكوسج" (460) قال صالح: التعجيل في الصلوات إلا في الصلاتين: صلاة الظهر يبرد بها في شدة الحر، وصلاة العشاء الآخرة تؤخر. "مسائل صالح" (1039) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: يعجبني تعجيلُ الصبح وتأخيرُ الظهر في الصيف وتأخيرُ العشاءِ الآخرةِ في الصيف والشتاء. قلتُ: وتعجيلُ العصر؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (182) قال حنبل: حدثنا أبو عبد اللَّه أحمد، حدثنا إسحاق بن يوسف، عن شريك، عن بيان، عن قيس بن أبي حازم، عن المغيرة بن شعبة، قال: كنا نصلي مع نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاة الظهر بالهاجرة، فقال لنا "أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم". "جزء حنبل" من "فوائد ابن السماك" ص 88 (44) قال الخلال: وقَال المَيْمُونِيِّ: أَنَّهُمْ ذَاكَرُوا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ حَدِيثَ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فقال: أَسَانِيدُ جِيَادٌ، ثُمَّ قال: خَبَّابُ يَقُولُ: شَكَوْنَا إلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فلَمْ يَشْكُنَا، وَالْمُغِيرَةُ كَمَا تَرى رَوى القِصَّتَيْنِ جَمِيعًا. قال الخلال: وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ المَيْمُونِيِّ: وَكَانَ آخِرُ الأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُول اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم الإِبْرَادَ. وَقال الأَثْرَمُ بَعْدَ ذِكْرِ أَحَادِيثِ التَّعْجِيلِ، وَالْإِبْرَادِ: فَأَمَّا التِي ذَكَرَ فِيهَا التَّعْجِيلَ فِي غَيْرِ الحَرِّ، فَإِنَّ الأَمْرَ عَلَيْهَا.

356 - إذا شك في الزوال وهو في السفر

وَأَمَّا حَدِيثُ خَبَّابُ وَجَابِرٍ، وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ شِدَّةِ الحَرِّ، فَإِنَّ ذَلِكَ عِنْدَنَا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَ بِالْإِبْرَادِ، وَقَدْ جَاءَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ بَيَانٍ عَنْ قَيْسٍ عَنْ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قال: كُنَّا نُصلِّي مَعَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالْهَاجِرَةِ فقال لَنَا: أَبْرِدُوا. فَتَبَيَّنَ لَنَا أَنَّ الإِبْرَادَ كَانَ بَعْدَ التَّهْجِيرِ، وَالْحَدِيثُ الآخَرُ أَبْيَنُ مِنْ هذا خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ أَبُو خَلْدَةَ قال سَمِعْت أَنَسًا يَقُولُ: كَانَ: النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذَا كَانَ البَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلَاةِ، وَإِذَا كَانَ الحَرّ أَبْرَدَ بِالصَّلَاةِ. "طرح التثريب" 2/ 154 قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: أي الأوقات أعجب إليك؟ قال: أول الأوقات أعجب إلى في الصلوات كلها، إلا في صلاتين: صلاة العشاء الآخرة، وصلاة الظهر في الحر يبرد بها، وأما في الشتاء فيعجل بها. "التمهيد" 1/ 2 - 3 356 - إذا شك في الزوال وهو في السفر: قال إسحاق بن منصور: قُلتُ: إذَا شَكَّ فِي الزَّوالِ وَهوَ فِي السَّفَرِ؟ قال: لا، حتَّى لا يشكّ ويَسْتَيقِن. سألتُهُ مرةً أخرى، فقال: حتَّى يستيقنَ. ثُمَّ سألتُهُ فقال: حتَّى يستيقنَ. قال إسحاق: كَمَا قال، لا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ كالفَجْرِ، لا يجوزُ أَبَدًا في عذرٍ أو غيرِ عُذْرٍ أنْ يُصْلِّي قبلَ طُلُوعِ الفَجْرِ، وَكذَلِكَ المغرب قَبْلَ غروبِ الشَّمْسِ. "مسائل الكوسج" (127)

357 - الصلاة يوم غيم

قال حنبل: قال أحمد: لا يصلي حتى لا يشك في الزوال في السفر والحضر. "شرح العمدة" ص 251 357 - الصلاة يوم غيم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في يوم غيمٍ كيف يصلي الظُّهرَ وَالعصرَ؟ قال: يؤخِّرُ الظُّهرَ وَيعجلُ العصرَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (128) 358 - إذا وضع العشَاءُ وحضرت الصلاة قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا وُضِعَ وحَضَرَتِ الصَّلاةُ؟ قال: فابدءوا بالعَشَاءَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (130) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن قوله: "إذا حضر الصلاة والعشاء" (¬1)؟ قال: إذا كان نال منهُ شيئًا يقومُ إلى الصلاة. واحتجَّ بحديث عمرو بن أمية (¬2) والمغيرة بن شعبة (¬3). "مسائل أبي داود" (271) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 20، والبخاري (673)، ومسلم (559) من حديث ابن عمر. (¬2) رواه الإمام 4/ 139، والبخاري (208)، ومسلم (355). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 253، وأبو داود (188)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (184).

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجلٍ قعد على طعامه ثم أقيمت الصلاة، أيقوم إلى الصلاة أم يقعد؟ قال: إذا كان قد أكل منه شيئًا يقوم إلى الصلاة، وإن لم يكن أكل منه شيئًا، أكل وقام إلى الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (355) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن حديث عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تصلي بحضرة الطعام" (¬1) ما معناه؟ قال: إذا حضر الرجل طعام وأقيمت الصلاة، قال: يبتدئ بالطعام إلا أن يكون قد نال منه شيئًا على حديث جعفر بن عمرو بن أمية الضمري عن أبيه: احتز النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من كتف ثم صلى (¬2)، وحديث ابن عمر أنه كان يسمع الإِقامة فلا يقوم عن العَشَاء، من حديث عبيد اللَّه عن نافع عن ابن عمر (¬3). "مسائل عبد اللَّه" (300) قال أبو الحارث: وسئل عن العشاء إذا وضع وأقيمت الصلاة؟ فقال: قد جاءت أحاديث، وكان القوم في مجاعة، فأما اليوم فلو قام رجوت. وقال حنبل: قال أحمد: إن كان أخذ من طعامه لقمة أو نحو ذلك فلا بأس أن يقوم إلى الصلاة فيصلي، ثم يرجع إلى العشاء؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يحتز من كتف الشاة فألقى السكين وقام. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 179، والبخاري (208)، ومسلم (355). (¬3) رواه البخاري (673)، ومسلم (559)، ورواه الإمام أحمد 2/ 103 من طريق وهيب، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر بنحوه.

359 - النوم قبل العشاء والحديث بعدها

وقال حرب: قال أحمد: إن كان قد أكل بعض طعامه فأقيمت الصلاة فإنه يتم أكله، وإن كان لم يأكل شيئًا فأحب أن يصلي. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 101، 102، 103، بدائع الفوائد" 3/ 68 قال أحمد بن الحسين: سألت أحمد إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة؟ قال: أبدأ بالعشاء. قلت: أنال منه شيئًا ثم أخر إلى الصلاة؟ قال: لا، بل تعشّ. قلت: أخاف أن تفوتني الصلاة جماعة. قال: إن الرجل إذا تناول منه شيئًا ثم تركه فكان في نفسه شغل من ترك الطعام إذا لم ينل منه حاجته. قلت: فيأتي على ما يريد من الطعام ثم يصلي؟ قال: نعم، وإن خاف أن تفوته الصلاة ما دام في وقت. "بدائع الفوائد" 3/ 68 359 - النوم قبل العشاء والحديث بعدها قال عبد اللَّه: قال سألت أبي عن الحديث الذي نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن النوم قبل العشاء الآخرة، وعن الحديث بعدها (¬1)، فالرجل يقعد مع عياله بعدما يصلي يتحدث ثم يقوم فينام هل يخرج لقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ونهيه؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 421، والبخاري (547)، ومسلم (647) من حديث أبي برزة الأصلي.

قال: ينبغي له أن يتجنب الحديث والسمر بعدها -يعني العشاء الآخرة- وكان ابن عمر ينام قبل العشاء ويوكل من يوقظه (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (294) قال الحسين بن إسحاق التستري: سئل عن السمر بعد العشاء الآخرة؟ قال: لا، إلا لمسافر أو مصل، فأما الفقه فأرجو أن لا يكون به بأس. "فتح الباري" لابن رجب 5/ 176 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 122 (7194).

360 - فصل في جماع أوقات النهي

360 - فصل في جماع أوقات النهي قال صالح: قال أبي: إذا طلعت الشمس فارتفعت قِيد رمح أو رمحين فالصلاة مقبولة حتى يقوم قائم الظهيرة، وذلك قبل الزوال، فإذا قارب الزوال فأمسك عن الصلاة حتى تزول الشمس، فإذا زالت فهو وقت الظهر؛ ما بدا لك حتى يدخل وقت العصر، إذا صار ظل كل شيء مثله من حين تزول إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه، أو تصفر الشمس؛ فهو آخر وقت العصر، فصل ما بين ذلك، فإذا صليت العصر فلا تصل حتى تغرب الشمس، وهو وقت المغرب إلى أن يغيب الشفق، فصل ما بدا لك، فإذا غاب الشفق فهو وقت العشاء الآخرة، فإذا صليت العشاء الآخرة فآخر وقتها؛ فمنهم من يقول: إلى ثلث الليل، ومنهم من يقول: إلى نصف الليل، فإذا صليت العشاء فتطوع ما بدا لك، إلى أن يطلع الفجر، فإذا طلع واعترض فهو وقت صلاة الفجر، فإذا صليت الفجر فلا تطوع بشيء، حتى تطلع الشمس وتكون قيد رمح أو رمحين. "مسائل صالح" (591) قال ابن هانئ: رأيت أبا عبد اللَّه يمسك عن الصلاة في هؤلاء الساعات، وكان يصلي الضحى قريبًا من الزوال، وإذا كان في الجمعة صلّى ما شاء اللَّه أن يصلّي، ثم أمسك عن الصلاة حتى يؤذن المؤذن، فإذا أذن قام فصلّى ركعتين، أو أربع ركعات. "مسائل ابن هانئ" (180)

فصل في أحكام متعلقة بأوقات النهي

فصل في أحكام متعلقة بأوقات النهي 361 - إذا دخل عليه وقت النهي وهو في الصلاة قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل: صلى بالغداة، فلما صلى ركعة قام في الثانية طلعة الشمس؟ قال: يتم الصلاة هي جائزة. قلت لأبي: فمن زعم أن ذلك لا يجزيه؟ فقال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أدرك من صلاة الغداة ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك" (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (190) 362 - صلاة ذوات الأسباب في أوقات النهي قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الصلاةُ نصف النهارِ؟ قال: أكرهه يوم الجُمعةِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيفِ. قال إسحاق: أما يوم الجمعةِ فهوَ أَهْوَن. "مسائل الكوسج" (119) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الصلاةُ بعدَ العصرِ؟ قال: لا يُصلي بعد العصرِ إلَّا صلاةً فائتةً أو عَلَى الجنَازَةِ إلَى أنْ تُطَفَّل (¬2) الشمسُ للغيبوبةِ. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 254، والبخاري (595)، ومسلم (681) من حديث أبي هريرة. (¬2) طفل الشمس: مالت إلى الغروب.

قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ العصرَ لا يكونُ بعدَهُ سنَّة ولا تَطوعٌ ولكن يُصلى بعدَه الفوائِتُ والجنائز، وإنْ كانَ كسوفًا صُلِّيت؛ لأنَّها فائتةٌ. "مسائل الكوسج" (120) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الصلاةُ بعدَ العصرِ؟ قال: ما يُعجبني أن يصليَ بعد العصرِ إلا أنْ يكونَ فَاتَهُ شيءٌ كما فَعَلَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1) قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (387) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عن ركعتي الفجر: أيهما أحب إليك أيصليهما في بيته أو في المسجد؟ قُلْتُ: حديثُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا دخل أحدُكم المسجدَ فليركع ركعتين قبل أن يجلس" (¬2). قال: إذا كان في مثل هذِه الساعة -يعنى: قبلَ الفجرِ أو بعدَ العصرِ- في وقت لا تصلحُ الصلاةُ فيه أو كان على غير وضوء. "مسائل الكوسج" (423) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكره الصلاة نصف النهار في الشتاءِ والصيفِ؟ قال: نعم، في يوم الجمعةِ وغيرها. قال إسحاق: لا بأسَ بها يوم الجمعة. "مسائل الكوسج" (505) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 293 مختصرًا من حديث أم سلمة -رضي اللَّه عنهما-. ورواه البخاري (1233)، ومسلم (834) مطولًا من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 295، والبخاري (444، 1163)، ومسلم (714)، من حديث أبي قتادة -رضي اللَّه عنه-.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قوله: يوم الجمعة صلاة كله (¬1)؟ قال: ليس هذا استثناء، لا يعجبني الصلاة نصف النهارِ، ولو كان كما قال لصلوا بعدَ العصرِ. قال إسحاق: بل يوم الجمعة صلاة كله. "مسائل الكوسج" (534) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: أي وقت تمسك عن الصلاة يوم الجمعة؟ قال: قبل أن تزول الشمس، إذا قام قائم الظهيرة حتى تزول. "مسائل ابن هانئ" (17) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يتحرى الزوال يوم الجمعة؟ قال: هؤلاء مؤذنونا يتحرون الزوال يوم الجمعة، فوقته إذا زالت. "مسائل ابن هانئ" (183) قال ابن هانئ: قلت إنه: يروى عن ابن طاوس، عن أبيه، أنه قال: الجمعة كلها صلاة؟ قال أبو عبد اللَّه: فإن كان كما قال، كأن تكون صلاة بعد العصر! لا أرى هذا. "مسائل ابن هانئ" (184) قال البغوي: سمعت أحمد يقول: إذا سمع الرجل إقامة الصلاة ولم يركع ركعة الفجر خرج إلى الصلاة. "البغوي" (58) نقل الفضل بن زياد، وحبيش بن سندي، وإسماعيل بن سعيد: تجوز ¬

_ (¬1) روي ذَلِكَ عن طاوس موقوفًا، رواه عبد الرزاق 3/ 204 (5335)، وابن أبي شيبة 1/ 469. وعن الحسن موقوفًا، رواه البيهقي 2/ 465.

صلاة الكسوف والآيات في غير وقت صلاة. ونقل مهنا عنه: يجوز سجود القرآن بعد صلاة الفجر، وقبل طلوع الشمس. ونقل المروذي عنه: يقضي الوتر بعد طلوع الشمس. ونقل الأثرم عنه: أحب إلي أن يقضي ركعتي الفجر عن الضحى، فإن صلاهما بعد الفرض أجزأه. وقال بكر بن محمد: قال: لا يصلي صلاة الكسوف نصف النهار وبعد العصر. ونقل المروذي عنه: يصلي تحية المسجد إلا أن يكون وقتًا لا تجوز فيه الصلاة. ونقل الأثرم عنه: لا يسجد للقرآن بعد طلوع الفجر. ونقل: لا يصلي ركعتي الفجر حتى تطلع الشمس. "الروايتين والوجهين" 1/ 160، 161. قال أحمد في رواية حنبل: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الصلاة بعد العصر وبعد الصبح (¬1)، والنهي من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جملة، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من نام عن صلاة ¬

_ (¬1) روى الإمام أحمد 4/ 152، ومسلم (831) من حديث عقبة بن عامر أنه قال: ثلاث ساعات كان ينهانا رسول اللَّه أن نصلي فيهن. . الحديث. وروى الإمام أحمد أيضًا 2/ 13، والبخاري (582)، ومسلم (828) من حديث ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها. . " الحديث. وروى الإمام أحمد 2/ 462، والبخاري (588)، ومسلم (825) من حديث أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس.

أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها"، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أدرك من صلاة العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس، فقد أدركها"، فكان هذا مخصوصًا من جملة نهيه عن الصلاة بعد العصر، يستعمل كل خبر منها على وجهه، ولا يضرب أحدهما بالآخر. "العدة" 2/ 537 - 538 قال الأثرم: قيل لأحمد بن حنبل: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس" (¬1)، فقال: هذا على الفوات، ليس على أن يترك العصر إلى هذا الوقت. "التمهيد" 1/ 153 قال الأثرم: سألت أبا عبد اللَّه عن الصلاة نصف النهار يوم الجمعة؟ فقال: يعجبني أن تتوقاها، فذكرت له حديث ثعلبة بن أبي مالك القرظي: كنا نصلي يوم الجمعة حتى يخرج عمر (¬2). قلت له: هذا يدل على الرخصة في الصلاة نصف النهار؟ فقال: ليس في هذا بيان، إنما جاء الكلام مجملًا: كنا نصلي ثم قال: لا، ولكن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من وجوه إنما نهى عن الصلاة نصف النهار، وعند طلوع الشمس، وعند الغروب: حديث عمرو بن عبسة، وعقبة بن عامر، والصنابحي (¬3). "التمهيد" 1/ 292 ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) رواه مالك في "الموطأ" برواية يحيى ص 85، والشافعي في "المسند" 2/ 17 (425)، والبيهقي 3/ 193. (¬3) سبق تخريجه من حديث عقبة بن عامر، وأبي هريرة، وابن عمر -رضي اللَّه عنهما-. =

قال الأثرم: سألت أبا عبد اللَّه عن الصلاة على الجنازة إذا طلعت الشمس؟ قال: أما حين تطلع فما يعجبني. "المغني" 2/ 518 قال الأثرم: قال: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن الكسوف يكون في غير وقت الصلاة، كيف يصنعون؟ قال: يذكرون اللَّه، ولا يصلون إلا في وقت صلاة. قيل له: وكذلك بعد الفجر؟ قال: نعم، لا يصلون. "المغني" 3/ 332 قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد: هل ترى بأسا أن يصلي الرجل تطوعا بعد العصر والشمس بيضاء مرتفعة؟ قال: لا نفعله، ولا نعيب فاعله. قال: وبه قال أبو حنيفة. "فتح الباري" لابن رجب 5/ 49 ¬

_ = وأما من حديث عمرو بن عبسة فرواه الإمام أحمد 4/ 385، ومسلم (832). وأما من حديث الصنابحي فرواه الإمام أحمد 4/ 348، والنسائي 1/ 275، وابن ماجه (1253)، ومالك في "الموطأ" برواية يحيى ص 153. قال العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" (654): هو مرسل، ومالك الذي يقول: عبد اللَّه الصنابحي، ووهم فيه، والصواب عبد الرحمن ولم ير النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وضعفه الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (258).

جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة لدار الْفَلاح وَلَا يجوز نشر هَذَا الْكتاب بِأَيّ صِيغَة أَو تَصْوِيره PDF إِلَّا بِإِذن خطي من صَاحب الدَّار الْأُسْتَاذ/ خَالِد الرِّبَاط الطبعة الأولى 1430 هـ - 2009 م رقم الْإِيدَاع بدار الْكتب 19194/ 2009 دَار الْفَلاح للبحث العلمي وَتَحْقِيق التراث 18 شَارِع أحمس - حَيّ الجامعة - الفيوم ت: 01000059200 [email protected]

الْجَامِعُ لِعُلوْم الإِمَامِ أَحْمد [6]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

باقي كتاب الصلاة

[قضاء الفوائت]

أبواب: قضاء الفوائت 363 - وقت قضاء الفائتة قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمدَ: إذا فَاتتهُ الصلاةَ -نام أو نَسي- متَى يصلِّيهَا؟ قال: يُصَلِّيهَا إذَا ذَكَرَ، وإنْ كَانَ فِي السَّاعاتِ التي نُهي عَنْهُنَّ. قال إسحاق: كما قال سَواء. "مسائل الكوسج" (121) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من نسيَ صلاةً فليصلهما إذا ذكرها؟ قال: لا يقضي إلَّا ما فاته، الأحاديث كلها على غير ما قال أبو قتادة (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (308) قال صالح: وقال أبي: أذهب إلى من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها إلا أن يكون في صلاة يخاف فوتها. "مسائل صالح" (278) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل تكون عليه الصلاة فيذكرها في الساعات التي لا تجوز الصلاة فيها؟ قال: يصليها إذا ذكرها، أيَّ وقت كان. "مسائل عبد اللَّه" (371) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 298، ومسلم (681).

364 - إذا فاتته صلاة، وقد حضرت أخرى

قال أبو طالب: قال أحمد: هو موقوف -يقصد حديث سمرة: "من نسي صلاة فليصلها حين يذكرها من الغد للوقت" (¬1). "فتح الباري" لابن رجب 5/ 127 364 - إذا فاتته صلاة، وقد حضرت أخرى قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا فَاتَتْهُ الظُّهْرُ، وَهوَ يَخْشَى فَوْتَ العَصرِ بَأيهمَا يَبْدأُ؟ قال: يَبْدَأُ بِالذي يَخَافُ فَوْتَهَا: العَصْر أو الفَجْر. قال إسحاق: كَمَا قال لكن لا يَكُونُ مُضَيِّعًا لهذِه؛ لأنَّه لو بدأَ بالظهرِ عندَ غروبِ الشمسِ فَاتَهُ وقتُ العصرِ. "مسائل الكوسج" (133) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاق: فيمن يقضي صلوات فائتات فتحضره صلاةٌ أيؤخرهَا إلى آخرِ الوقتِ فَإذا صَلَّاهَا يعيدهَا بعد أمْ لا؟ قال: بل يصلِّيهَا في الجماعةِ إذَا حضرتْ إذا كان لا يطمعُ أنْ يقضيَ الفوائتَ كلها إلى آخرِ وقتِ هذِه الصَّلاةِ التي حضرت، فَإنْ طَمعَ في ذَلِكَ قَضَى الفوائتَ ما لمْ يخشَ فوتَ وقتِ هذِه الصلاةِ، وَلَا قضاء عليه إذا صلَّاهَا مَرَّة. "مسائل الكوسج" (134) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 22 والطبراني 1/ 235 (6978). قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 322: رجاله رجال الصحيح.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يقضي الصلواتِ الفائتة فتحضر صلاةٌ مكتوبةٌ، وبسمعُ الإقامةَ؟ قال: لا يصلي حتَّى يخافَ الفوتَ. قُلْتُ: إنه يعلم ألا يَفرغ منها حتَّى يفوتَ وقتُ هذِه الصلاة؟ قال: لا يصلي حتَّى يخافَ الفوتَ. قال إسحاق: بل يُصليها معهم في الجماعةِ؛ لأنَّ جميعَ ما بَقي عليه لا يستطيع قضاءها في هذا الوقتِ. "مسائل الكوسج" (278) قال صالح: وسألته عن رجل نسي صلاة الظهر، فذكرها في آخر وقت العصر؟ قال: إذا خاف فوت العصر: صلى العصر ثم صلى الظهر. وإذا ذكر الظهر وقد فرغ من العصر: صلى الظهر ولم يعد العصر. فإن ذكرها وهو في الصلاة: أعاد الظهر والعصر. وإن كان وحده: انصرف وأعاد. "مسائل صالح" (131) قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ يقولُ فيمن عليه صلواتٌ فائتةٌ؟ قال: يصلِّي. قيل: فأدركته الظهرُ ولم يفرغْ من الصلوات؟ قال: يصلِّي مع الإِمام الظهر وبحسبُها من الفوائت ويصلِّي الظهرَ في آخر الوقت لا يصلِّيها وعليه صلاةٌ فائتةٌ إلا حتى يخشى فوتها ويكون في آخر وقتها. "مسائل أبي داود" (346)

قال ابن هانئ: سألته عن رجل ترك صلاة سَنةٍ أو أكثر، كيف يصليها؟ قال: يصلّي حتى لا يشك، ويصلي في أي وقت كان، يصلي الفائتة ويؤخر الفجر حتى يخشى فوتها ويصلي صلاة فائتة حتى إذا خشي فوتها صلاّها، ويؤخر أيضًا الظهر ويفعل كمثل، ولا يتطوّع، وعليه صلاة متقدمة إلا أن تكون الوتر، فإنه يوتر. "مسائل ابن هانئ" (365) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل فرط في صلوات شهرين؟ فقال: يصلي ما كان في وقت يحضره ذكر تلك الصلوات فلا يزال يصلي حتى يكون آخر الوقت الصلاة التي ذكر فيها هذِه الصلوات التي فرط فيها، فإنه يصلي هذِه التي يخاف فوتها، ولا يضيع مرتين. ثم يعود فيصلي أيضًا حتى يخاف فوت الصلاة التي بعدها، إلا أن أُكثر عليه فيكون ممن يطلب المعاش، ولا يقوى أن يأتي بها فإنه يصلي حتى يحتاج إلى أن يطلب ما يقيمه من معاشه، ثم يعود إلى الصلاة لا تجزئه صلاة وهو ذاكر الفرض المتقدم قبلها فهو يعيدها أيضًا إذا ذكرها وهو في صلاة. "مسائل عبد اللَّه" (195) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل ترك صلاة شهر؟ قال: يعيد ما ترك حتى يضعف، أو لا يكون له ما يقيمه يومه، فيكسب ما يقيمه يومه، ثم يعود إلى الصلاة. فإن خاف فوت صلاته بدأ هذِه التي خاف فوتها، ثم قضى بعد. قلت لأبي: فإن ضعف فلا يقدر أن يصلي؟ قال: يتركها حتى يقوى. "مسائل عبد اللَّه" (197)

365 - إذا ذكر الفائتة وهو في الحاضرة

نقل مهنا عنه في رجل نسي صلاة فذكرها عند حضور الجمعة، قال: يبدأ بالجمعة، هذِه يخاف فوتها. فقال له: كنت أحفظ عنك أنك تقول: إذا صلى وهو ذاكرٌ لصلاة فاتته أنه يعيد. قال: كنت أقول. "الروايتين والوجهين" 1/ 133 قال إبراهيم الحربي: سئل عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "لا صلاة لمن عليه صلاة" (¬1)؟ قال: لا أعرف هذا اللفظ. "فتح الباري" لابن رجب 5/ 147 365 - إذا ذكر الفائتة وهو في الحاضرة قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا نَسِي الظُّهرَ؛ فصلى العصر؛ ثُمَّ ذَكَرَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، أيعيدُ العصرَ أَمْ لا؟ قال: لا يُعِيدهَا؛ إلا أنْ يكونَ ذَكَرَهَا وَهو في العصرِ إذا كان في جَمَاعَةٍ فَلَا يَقْطعُهَا كَمَا فَعَلَ ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما- (¬2) ثم يصلي الظهرَ ثُمَّ يُعِيدُ العَصْرَ؛ لأنَّهُ كان فيها وَهوَ ذاكرٌ للظُّهرِ. ¬

_ (¬1) قال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" 1/ 443 (750): هذا حديث نسمعه عن ألسنة الناس، وما عرفنا له أصلًا، ثم روى كلام الإمام أحمد بإسناده. وقال الحافظ في "التلخيص" 1/ 272 قال ابن العربي في "العارضة": هو باطل. (¬2) روى عبد الرزاق 2/ 5 (2254)، والطحاوي 1/ 467 (2683)، والبيهقي 2/ 222 أن ابن عمر قال: من نسي صلاة من صلواته فلم يذكرها إلا وهو وراء الإمام، فإذا سلم الإمام فليصل الصلاة التي نسيها، ثم ليصل بعد الصلاة الأخرى. ورواه البيهقي 2/ 221 عن ابن عمر مرفوعًا ثم قال: والصحيح أنه من قول ابن عمر موقوفًا.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (123) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا فاتته الظهرَ وهو مع الإمامِ في العصرِ فذكرهَا؟ قال: يُتمُّ وَيعيدُهَا بعد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (136) قال إسحاق بن منصور: قال أحمدُ رضي اللَّه عنه: لا تجزئه صلاةٌ وهو يذكرُ صلاةً فائتةً إلَّا أنْ يكون فيها، فإن كان نسيانًا لا يعيد. قلتُ: فالمعنى فيه واحدٌ إذا ذكر الصلواتِ وهو يقضيها ثمَّ جاءتْ صلاةٌ وهو في قضاءٍ. فقال: على ذَلِكَ هو أهون. قال إسحاق: لا، بل هذِه مثلُ الأولى، إذا جاء وقتُ صلاةٍ دخلَ مع الجميعِ. "مسائل الكوسج" (279) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن رجلٍ نسيَ صلاةَ الغداة حتَّى دخلَ في صلاةِ الجمعة؟ قال: يمضي في الجمعةِ. قال أحمد: يمضي في الجمعةِ، ولكن يعيد. قُلْتُ: الظهرَ أربعًا؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (533)

قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ سئل عن رجل ترك صلاة سنَةٍ، ثمَّ تعبَّد ثلاثين سنةً ولم يكترث إلى ما ترك من الصلاة؟ قال: يصلِّيها ويعيدُ كلَّ صلاةٍ صلَّاها وهو ذاكر لما تركَ من الصلاة -يعني: ذاكرًا لها حين يدخلُ الصلاة، أو يذكرُها وهو يصلِّي، فأمّا من يذكرُها أحيانًا وينساها أحيانًا فإنما يعيدُ ما دخل فيها، وهو ذاكرٌ أنّ عليه صلاةً قبلها -ولا يعيد ما دخل فيها وهو ناسٍ ساعتئذٍ لما عليه من الصلوات قبلها ولم يذكرها حتَّى فرغ من صلاتهِ. "مسائل أبي داود" (343) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عمَّن نسي صلاةً فذكرها وهو في صلاةٍ أخرى؟ قال: يتمُّ تلك الصلاة، ثم يصلي التي نسي، ثمَّ يعيدُ هذِه التي ذكرها وهو فيها. فقيل لأحمد: فذكرها وهو يصلِّي العصر في آخر وقتها؟ قال: يبدأُ بالتي يخافُ فوتها. "مسائل أبي داود" (344) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: إذا نسي رجل صلاةً، ثمَّ صلَّى بعدها صلوات أنَّه يعيدُ كلَّ صلاةٍ صلَّاها وهو ذاكرٌ لتلك الصلاة، فأمَّا إذا كان ساهيًا فأرجو أنَّها جائزةٌ. "مسائل أبي داود" (345) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل ينسى صلاةً، فيذكر بعد يومين أو ثلاثة وهو في صلاة؟ قال: فسدت عليه صلاته التي هو فيها فيعيدها. "مسائل ابن هانئ" (362)

قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: رجل صلى العصر فذكر أنه لم يصل الظهر؟ قال: إذا كان في جماعة مضى فيها ثم أعاد تلك الفائتة وأعاد هذِه. رواه مالك، عن نافع عن ابن عمر. قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: فإن ذكر وهو في آخر الوقت؟ قال: إذا خاف فوت هذِه بدأ بها، لأنه إن صلى تلك الفائتة ضيع هذِه، فيكون قد فاتته تلك وهذِه. "مسائل عبد اللَّه" (199) قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: إن بعض الناس يقول: إذا دخلت في الصلاة فأحرمت بها، ثم ذكرت صلاة نسيتها، لم تقطع التي دخلت فيها، ولكنك إذا فرغت منها قضيت التي نسيت، وليس عليك إعادة هذِه. فأنكره وقال: ما أعلم أحدًا قال بهذا، إنما أعرف أن من الناس من قال: أنا أقطع وإن كنت خلف الإمام، وأصلي التي ذكرت، لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فليصلها إذا ذكرها" (¬1) قال: وهذا شنيع أن يقطع وهو خلف الإمام! قيل له: فما تقول أنت؟ قال: يتمادى مع الإمام وإن كان وحده قطع. "التمهيد" 1/ 225، "الاستذكار" 6/ 299. قال مهنا: قلت لأحمد: إني كنت في صلاة العتمة، فذكرت أني لم أكن صليت المغرب، فصليت العتمة ثم صليت المغرب والعتمة؟ قال: أصبتَ. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

366 - إذا نسي صلاة ولا يدري عينها

فقلت: أليس كان ينبغي أن أخرج حين ذكرتها؟ قال: بلى. قلت: فكيف أصبت؟ قال: كل ذلك جائز. "المغني" 2/ 339 366 - إذا نسي صلاة ولا يدري عينها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ نسي صلاةً واحدةً لا يدري أيتهن نسي؟ قال أحمد: عندي أنه يُصلي الصلواتِ كُلَّهَا. قال إسحاق: يصلي الصلواتِ كُلَّهَا حتَّى يأتيَ على الفائتةِ بيقين. "مسائل الكوسج" (135) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: رجلٌ ترك صلوات كثيرةً كان يصلّي بغير وضوءٍ فيجعلُ على نفسه كلَّ يومٍ صلاة يومٍ؟ قال: لا يفعلُ، ولكنْ لا يزالُ يصلي لا يشتغلُ إلا بشيء لا بدَّ منه. قيل لأحمد: فيصلِّي بعد العصر؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (347) وقال أبو داود: وسئل أحمدُ عن هذِه المسألة مرةً أخرى وقيل له: صلواتٌ كثيرةٌ لا يدري كم هي؟ فيقولُ -يعني: فيقدمُ النية-: أنَّ ما صليتُ من تطوعٍ فهو لما تركت؟ فلم يعجبهُ. "مسائل أبي داود" (348)

وقال أبو داود: وسمعتُ أحمد سئل عن رجل فرط في صلاته يومًا العصر ويومًا الظهر صلوات لا يعرفُها؟ قال: يعيدُ حتَّى لا يكون في قلبه شيءٌ. "مسائل أبي داود" (349) قال ابن هانئ: سألته عن رجل ترك صلاة من صلاة يوم، لا يدري أيّ الصلاة هي؟ قال: يصلي صلاة يوم. "مسائل ابن هانئ" (364)

فصل في من يجب عليه قضاء الفوائت

فصل في من يجب عليه قضاء الفوائت 367 - قضاء الصلاة للمغمى عليه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المغمى عليه ما يَقضي مِنْ الصلوات؟ قال: يَقضي الصلوات كلها، نام النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عنِ الصَّلاةِ فقضاها (¬1). وذكر حديث أبي مجلز عنْ عمران بن حصين وسمرة بن جندب (¬2) وعمار بن ياسر (¬3) -رضي اللَّه عنهم- قال: إما أنْ يقضيها كلَّها وإمَّا أن لا يقضي شيئًا مِنَ الصَّلوات. قال إسحاق: لا يقضي إلَّا صلاةَ يومِهِ الذي أفاقَ فيه، وإنْ أفاقَ قبل طلوعِ الشَّمسِ قضى الفجرَ، وإن لمْ يفقْ حتَّى انتصف النَّهارُ فإنَّه يقضي الفجر قط. "مسائل الكوسج" (318) قال صالح: وسألته عن المغمى عليه؟ قال: يعيد الصلاة كلها. "مسائل صالح" (374) قال صالح: قلت: المغمى عليه كم يعيد؟ قال: يعيد الصلاة كلها. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 434 - 435، والبخاري (344)، ومسلم (682) من حديث عمران مرفوعًا. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 71 (6584). (¬3) رواه عبد الرزاق 2/ 479، 480 (4156)، وابن أبي شيبة 2/ 71 (6583)، والدارقطني 2/ 81 عنه موقوفًا.

قلت: فإن ابن عمر أغمي عليه أكثر من ليلة فلم يعد الصلاة؟ ! [قال]: وروي عن عمار أنه أغمي عليه ثلاثًا فقضى، وروي عن عمران ابن حصين وسمرة بن جندب: أنه يعيد، قال سمرة: مع كل صلاة صلاة، يقول: مع الظهر الظهر، ومع العصر العصر. قال عمران: بل يعيدهن جميعًا (¬1). فمن ذهب إلى حديث ابن عمر يقول: إن القلم عنه مرفوع فلا يعيد شيئًا (¬2). فأما من قال: خمس صلوات، فلا نعلم له معنى، إِما أن لا يعيد، وإما أن يعيد الصلوات كلهن، ويروى عن إبراهيم النخعي: أنه يعيد خمس صلوات (¬3). "مسائل صالح" (612) قال صالح: قال: المغمى عليه يقضي الصلوات كلها؛ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نام عن الصلاة فقضى. "مسائل صالح" (1014) قال صالح: قلت: المغمى عليه؟ قال: يقضي الصلاة، ويعيد الصيام إلا اليوم الذي أغمي عليه فيه؛ لأنه كان قد عزم من الليل. وقالت حفصة وابن عمر: لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل. "مسائل صالح" (1280) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: المُغْمَى عليه يقضي؟ قال: نعم، يقضي ما فاته جميعًا، واحتجَّ بحديث عمارٍ (¬4). ¬

_ (¬1) هو هو حديث أبي مجلز عنهما، السابق. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 71 (6585، 6586). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 2/ 71 (6588). (¬4) يراجع قول الشافعي وابن التركماني في تخريجه المتقدم.

قلتُ لأحمد: يقيمُ لكلِّ صلاةٍ؟ قال: إنْ أقام فلا بأس، وإنْ لم يقمْ فليس عليه شيءٌ. "مسائل أبي داود" (350) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل مريض فغلب على عقله لم يصل؟ قال: يعيد إذا أطاق الصلاة على قدر طاقته. "مسائل عبد اللَّه" (196) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: من أغمي عليه يومًا وليلة، أو أكثر أو أقل ما يجب عليه من إعادة الصلوات؟ قال: المغمى عليه يعيد كل ما فاته، فإن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نام عن صلاة، فانتبه وقد طلعت عليه الشمس فأعاد وأعاد القوم معه الفجر (¬1). وقد كان القلم مرفوع عنهم لأن النائم: القلم عنه مرفوع، فأعادوا الصلاة. وروي عن عمار أنه أغمي عليه ثلاثًا فأعاد الصلاة. وعن عمران بن حصين وسمرة: المغمى عليه يعيد. قال سمرة: يعيد مع كل صلاة صلاة. وقال: بل يصلين جميعًا. "مسائل عبد اللَّه" (198) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وقد روي عن عمار أنه أغمي عليه ثلاثًا فقضى من حديث عبد اللَّه بن الحارث بن فضيل. وروي عن عمران وسمرة: أنهما قالا: يقضي المغمى عليه. وقد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نام عن الفجر فقضاها بعد طلوع الشمس، فإن ذهب ذاهب إلى أن المغمى عليه مرفوع عنه القلم، ففي نوم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الصلاة وقضائه ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

368 - في قضاء الصلاة للمجنون

دفع لمن زعم أنه لا يقضي، لأنه مرفوع عنه القلم، والنائم كذلك مرفوع عنه القلم، فقد قضى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الصلاة وقد كان نام عنها. "مسائل عبد اللَّه" (888) 368 - في قضاء الصلاة للمجنون قال صالح: قال أبي: المجنون لا يقضي صلاته؛ قد رفع عنه القلم، ويطلق عنه وليه إذا خافوا على امرأته أن يقتلها أو يعقرها، يطلق عنه. قلت: المفقود؟ قال: المفقود أبعد؛ لأنه غائب، وهذا حاضر. قال: المغمى عليه يقضي الصلوات. قلت له: فإن قومًا يقولون: إن ابن عمر لم يقض (¬1)، وما كان أكثر من يوم وليلة لم يقض؟ قال: هؤلاء يقولون: لا يقضي أكثر من خمس صلوات، وكان ابن عمر لا يرى قضاء. "مسائل صالح" (990) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئل عن المجنون عليه قضاءُ صلاته وصومه؟ قال: أرجو أن لا يكون عليه. "مسائل أبي داود" (351) نقل عنه حنبل: أن المجنون إذا أفاق يعيد الصلاة. "المستوعب" 2/ 14 ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

369 - من لم تجب عليه الصلاة لعذر ثم زال عذره

369 - مَنْ لم تجب عليه الصلاة لعذر ثم زال عذره قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الحائضُ تطهرُ قبلَ الليلِ؟ قال: تقضي الظهرَ والعصرَ، وإذا طهرتْ قبلَ طلوعِ الفجر قضت المغربَ والعشاء. قال إسحاق: السُّنَّةُ كمَا قال. "مسائل الكوسج" (738) قال صالح: وقال: المرأة ترى الطهر قبل المغرب؛ أذهب إلى حديث عبد الرحمن بن عوف تعيد الظهر والعصر (¬1)، وإذا طهرت قبل الفجر تعيد المغرب والعشاء، على حديث ابن عباس وعبد الرحمن بن عوف. "مسائل صالح" (1125) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن المرأة الحائض تطهر قبل غروب الشمس؟ قال: تصلي الظهر والعصر. قلت: فإن طهرت قبل طلوع الفجر؟ قال: تصلي المغرب والعشاء. "مسائل ابن هانئ" (151) قال ابن هانئ: سألته عن المرأة تطهر عند الظهر، ثم تؤخر غسلها إلى العصر؟ قال: تصلي الظهر والعصر جمعًا. "مسائل ابن هانئ" (154) ¬

_ (¬1) يأتي تخريجه قريبًا.

370 - في قضاء الحائض للصلاة؟

ونقل عنه أبو طالب: إذا حاضت حين دخل الوقت فعليها أن تعيدها، إذا دخل الوقت وجبت عليها. "الانتصار" 2/ 104 قال يعقوب بن بختان: قال في غلام احتلم في بعض الليل: يصلي المغرب والعشاء. فقيل له: وإن كان قد صلاها؟ فقال: نعم، أليس صلاها وهو مرفوع عنه القلم؟ ! "الانتصار" 2/ 127 370 - في قضاء الحائض للصلاة؟ قال الأثرم: قيل: فإن أحبت أن تقضيها؟ قال: لا، هذا خلاف السنة. "معونة أولي النهى" 1/ 428 371 - من طرأ عليه عذر أول الوقت أو آخره قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: امرأةٌ حَاضَتْ بعدما زالتِ الشمسُ في أؤَلِ الوقتِ؟ قال: قال بعضهم: لا تعيد الصلاةَ فإنَّها في الوقتِ. وأمَّا أنا فيعجبني أنْ تعيدَ. قال إسحاق: كمَا قال: تعيدُ. "مسائل الكوسج" (754)، (2390)

قال صالح: قلت: المرأة تحيض في وقت صلاة كم يجب عليها إذا طهرت أن تصلي؟ قال: إذا حاضت في وقت صلاة؛ فمن الناس من يقول: تقضيها إذا طهرت، تجعلها أول صلاة تصليها. ومن الناس من يقول: لا قضاء عليها؛ لأنه قد كان لها أن تؤخرها إلى آخر وقتها. فأما التي تطهر، فإنها طهرت في وقت العصر قضت الظهر والعصر، فإذا طهرت في وقت عشاء الآخرة قضت المغرب والعشاء. "مسائل صالح" (1372) قال ابن هانئ: سألته عن المرأة يدخل وقت الصلاة وهي طاهر، فأخرت الصلاة عن وقتها بقليل حتى حاضت؟ قال: تصليها. "مسائل ابن هانئ" (153) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن امرأة حاضت في آخر وقت الظهر ولم تكن صلت الظهر؟ قال: تصلي الظهر والعصر، فإذا حاضت في وقت العصر قضت العصر والظهر، وإذا طهرت في وقت العشاء الآخرة قضت المغرب والعشاء. وقد روي عن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس: إذا طهرت في وقت العشاء قضت المغرب والعشاء (¬1)، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جمع بين الظهر ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 123 (7204)، والبيهقي 1/ 387 عن عبد الرحمن، قلت: في إسناده مولى عبد الرحمن بن عوف، قال الحافظ في "التلخيص" 1/ 192: لم يعرف حاله. اهـ وقال ابن التركماني: مجهول. ورواه البيهقي 1/ 387 أيضًا عن ابن عباس. قال ابن التركماني: في سنده يزيد بن أبي زياد، وليث بن أبي سليم.

372 - قضاء الصلاة عن الميت

والعصر، والمغرب والعشاء (¬1). كأنه يدلل على ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (188) نقل أبو الحارث والفضل بن زياد عنه: إذا أخرت المرأة الصلاة في آخر وقتها، فحاضت قبل خروج الوقت، ففيها قولان: أحدهما: لا قضاء عليها؛ لأن لها أن تؤخر إلى آخر الوقت. والقول الآخر: أن الصلاة قد وجبت عليها بدخول وقتها فعليها القضاء، وهو أعجب إليَّ. وكذلك نقل عنه الفضل بن زياد في هذِه المسألة. "العدة" 5/ 1621، "التمهيد في أصول الفقه" 4/ 365 372 - قضاء الصلاة عن الميت قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل مرض وأصابه وجع البطن فسهل عليه بطنه واشتد مرضه، فلم يصل عشرين يومًا أو عشرين صلاة ومات، هل يقضى عنه؟ قال: ليس يقضى عنه شيء ليس عليه شيء. "مسائل عبد اللَّه" (399) قال البغوي: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل كانت عليه صلاة فرَّط فيها، كانت عليه مرضه الذي مات فيه، هل يُصلَّى عنه؟ قال: لا يصلي أحد عن أحد. "مسائل البغوي" (104) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 223، والبخاري (543)، ومسلم (705) من حديث ابن عباس.

373 - صفة قضاء الفائتة

قال الفضل بن زياد: سألت أحمد عن الرجل يصلي تطوعًا، فيصير بعض ذلك عن والديه؟ قال: أما الطواف فقد سمعنا، وأما الصلاة فما أدري، أحتاج أن انظر فيه. "بدائع الفوائد" 4/ 56 373 - صفة قضاء الفائتة قال صالح: قال: المصلي الذي يقضي صلاة يجهر فيها بالقراءة، قال: ليس عليه أن يجهر، إنما الجهر على الإِمام؛ يسمع الناس. "مسائل صالح" (1107) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عمن نسي صلاةً في السفرِ فذكرها في الحضرِ؟ قال: يصليها أربعًا. قيل لأحمد: فنسيها في الحضر فذكرها في السفر؟ قال: يصليها أربعًا يستوثقُ. "مسائل أبي داود" (528) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل ينسى الصلاة في الحضر، فيذكرها في السفر؟ قال: يصليها أربعًا. قلت: فتلك وجبت عليه أربعًا، وإذا نسي صلاة السفر في الحضر؟ قال: فهو يصليها أربعًا. "مسائل ابن هانئ" (418)

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل نسي صلاة في السفر، فذكرها في الحضر، ثم خرج في سفر فذكرها؟ قال: يصليها أربع ركعات. "مسائل عبد اللَّه" (422) ونقل الحسن بن ثواب عنه: أن الترتيب -أي: في قضاء الفوائت- لا يسقط. "الروايتين والوجهين" 1/ 132 ونقل مهنا عنه في من نسي الظهر والعصر من يومين، لا يدري أيهما قبل الأخرى: يصلي وينوي أنها الظهر ثم يصلي وينوي أنها العصر. "الروايتين والوجهين" 1/ 135 ونقل مهنا عنه: الترتيب مستحق في قضاء الفوائت وإن كثرت. "الانتصار" 2/ 325 قال الأثرم: قال أحمد: أما المقيم إذ ذكرها -أي صلاة نسيها- في السفر، فذاك بالإجماع يصلي أربعًا، وإذ نسيها في السفر فذكرها في الحضر، صلى أربعًا بالاحتياط. "المغني" 3/ 141 قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عمن نسي صلاة في السفر فذكرها في الحضر؟ قال: يصلي أربعًا، في السفر ذكرها أو في الحضر. "النكت والفوائد السنية" 1/ 131

374 - أداء الفائتة جماعة

374 - أداء الفائتة جماعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل سفيان عن رجلين نسيا الظهرَ مِنْ يومٍ واحدٍ؟ قال: يصليان جميعًا فإنْ كان نسي هذا الظهرَ أمس، وهذا الظهر أول مِنْ أمس لا يجمعان، يُصلي كلُّ رجلٍ منهما على حِدَةٍ. قال الإمام أحمد رحمه اللَّه تعالى: يجمعان جميعًا من يوم واحدٍ أو أيام متفرقةٍ. قال إسحاق: كما قال أحمد سواء. "مسائل الكوسج" (335) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: لو أنَّ رجلًا نسي الظهرَ فرأى قومًا يصلون الظهر مِنَ الغدِ فذكر ما نسي؟ قال: لا يدخل معهم يصليها وحده. وكان يقول: لا تكون صلاة واحدة لشتى. قال الإمام أحمد رحمه اللَّه: يُصلي معهم. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (336) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن قوم نامُوا عن الصلاة حتَى خرجَ الوقتُ فيصلون جميعًا؟ قال: نعم؛ فقد صلَّى رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قيل: فيتنحوا عن الموضع الذي ناموا فيه؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (354)

الشرط الثالث: ستر العورة وأحكام اللباس في الصلاة

الشرط الثالث: ستر العورة وأحكام اللباس في الصلاة 375 - عورة الرجل قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ بن إبراهيم: مَنْ صَلَّى في ثوبٍ واحد قد توشح به فلمَّا كان في التَّشهدِ سقطَ الثَّوبُ عن مَنكِبيه، أو أحدِهما فأعاده مِن ساعتِه يدخل عليه فسادٌ؟ قال: صلاته تامةٌ إنما يكره إعراء المناكب تعمدًا، ألا ترى أنَّ جابرًا رضي اللَّه عنه صَلَّى في ثوبٍ قد توشح به (¬1)، ويقال: إنه صَلى في إزار محتجزًا فوق الثديين، وإنما كان يفعل ذَلِكَ؛ لينظر الناسُ إليه فيقتدون به. ففي ذا تحقيق أنَّ إعراء المناكب لا يُفسد الصلاةَ. "مسائل الكوسج" (245) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل سفيان عن رجلٍ كان يُصلي فوقعَ ثوبُه فبدت عورتُه؟ قال: ما أرى أن يعيد. قال أحمد: أحسن، إذا كان ذَلِكَ بقرب. قال إسحاق: كما قالا. "مسائل الكوسج" (344) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الفخذ من العورة؟ قال: نعم، حديث جرهد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الفخذ عورة" (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 294، ومسلم (518) عن جابر ورفعه. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 478، وأبو داود (4014)، والترمذي (2795 - 2797) قال الترمذي: هذا حديث حسن. =

قلت لأبي: رجل صلى وفخذه مكشوفة، يعيد؟ قال: أخشى أن يجب عليه أن يعيد الصلاة. ورأيت مذهبه في الإِعادة. قلت: الفخذ ما حدّه؟ قال: فوق الركبة وأشار. "مسائل عبد اللَّه" (221) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن السرة من العورة؟ قال: لا. قلت: فإن صلى رجل وسرته مكشوفة ترى به بأسًا؟ قال: لا، فإن صلى وهو مغطيها فلا بأس، وإن صلى وهي مكشوفة فلا بأس بذلك. "مسائل عبد اللَّه" (222) نقل المروذي وأحمد بن هشام عنه: حدها -أي: عورة الرجل- من السرة إلى الركبة لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعلي كرم اللَّه وجهه: "غط فخذك فإن الفخذ عورة" (¬1). "الروايتين والوجهين" 1/ 136 ¬

_ = وقال الألباني في "الإرواء" 1/ 298: ولا يشك الباحث العارف بعلم المصطلح أن مفردات هذِه الأحاديث كلها -يعني أحاديث: الفخذ عورة- معللة وأن تصحيح أسانيدها من الطحاوي والبيهقي فيه تساهل ظاهر، غير أن مجموع الأسانيد تعطي للحديث قوة فيرقى بها إلى درجة الصحيح، لاسيما وفي الباب شواهد أخرى .. (¬1) رواه عبد اللَّه بن أحمد في زوائده على "المسند" 1/ 146، وأبو داود (3140)، وابن ماجه (1460)، بلفظ: "لا تبرز فخذك. . " الحديث بزيادة. قلت: وقد اختلف في إسناده، وملخص ذلك ما قال الألباني في "الإرواء" 1/ 297: والخلاصة أن الحديث منقطع في موضعين. . اهـ ويراجع كلامه رحمه اللَّه في حديث جرهد السابق.

376 - ما يجزئ الرجل للصلاة فيه

قال أبو بكر بن محمد بن صدقة: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل عن السرة من العورة؟ فقال: أسفل السرة إلى الركبة عورة. "طبقات الحنابلة" 1/ 156 قال مهنا: سألت أحمد عن رجل صلَّى في ثوب ليس بصفيق؟ قال: إن بدت عورته يعيد، وإن كان الفخذ فلا. قلت لأحمد: وما العورة؟ قال: الفرج والدبر. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 412 376 - ما يجزئ الرجل للصلاة فيه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يُصلي في القميص ليس عليه غيرُهُ؟ قال: إذا كان قميصًا صفيقا، ليس يشف تُرى مِنْه العورة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (284) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمد: يُصلِّي الرجلُ مئتزرًا؟ قال: في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-: "لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء" (¬1). قال: لا يصلي. "مسائل الكوسج" (3436) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 243، والبخاري (359)، ومسلم (516).

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يصلي في القميص الواحد؟ قال: إذا كان ضيق الجيب أن لا تبدو عورته إذا ركع؛ لأنه يلزق بالصدر إذا كان ضيق الجيب فأرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل أبو داود" (276) قال أبو داود: حَدَّثنَا محمد بن خلف: ثنا إسحاق بن منصور، قال: سألت داود الطائي عن الرجل يركع؟ قال: إذا كان كبير اللحية، إذا ركع غطت جيبه، فلا بأس. قلت لأحمد في هذِه المسألة: فإن كان رآها -أعني عورته؟ قال: إن كان رآها في كل حالاته فإنه يعيد. سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يصلي في قميص محلول الأزرار وعليه رداء؟ قال: إذا كان يلزم بصدره فلا يرى عورته. "مسائل أبي داود" (277) قال ابن هانئ: سأله هارون الديك، وأنا حاضر، عن الرجل يصلي في قميص واحد؟ قال: إذا كان صفيقًا فلا بأس. "مسائل ابن هانئ" (275) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يصلي في قميص واحد؟ قال: يزره عليه. "مسائل ابن هانئ" (282) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصلاة في ثوب واحد؟ قال: إذا كان صفيقًا فلا بأس به. قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا بأس بالصلاة في ثوب واحد.

قال: ورأيت أبي يصلي في قميص وحده يزر عليه ويصلي. "مسائل عبد اللَّه" (228) قال الأثرم: وسمعته يسأل عن الرجل يصلي في قميص واحد غير مزرور؟ فقال: ينبغي أن يزره. قيل: فإن كانت لحيته تغطي، ولم يكن القميص متسع الجيب أو نحو هذا؟ فقال: إن كان يسيرًا فجائز. قال: ولا أحب لأحد أن يصلي في ثوب واحد إلا أن يكون على عاتقه منه أو من غيره شيء، وقال مالك: إن صلت المرأة الحرة وشعرها مكشوف، أو قدماها، أو صدرها، أعادت ما دامت في الوقت. "الأوسط" لابن المنذر 5/ 63، "التمهيد" 4/ 322 قال هارون بن سفيان بن بشر: سألت أحمد عن الرجل يصلي في قميص واحد؟ قال: إذا كان صفيقًا فلا بأس به. "طبقات الحنابلة" 2/ 513 ونقل حنبل عن أحمد: أنه يجزئه أن يأتزر بالثوب الواحد، ليس على عاتقه منه شيء، في التطوع؛ لأن النافلة مبناها على التخفيف. "المغني" 2/ 292 قال الميموني: رأيت أبا عبد اللَّه يصلي الفرض وعليه إزار واحد متوشحًا به، وقد عقد طرفيه في قفاه. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 352

377 - ما يجزئ الإمام للصلاة فيه

قال حنبل: قيل لأبي عبد اللَّه: الرجل يكون عليه الثوب اللطيف لا يبلغ أن يعقده، ترى أن يتزر به ويصلي؟ قال: لا أرى ذلك مجزئًا عنه، وإن كان الثوب لطيفًا صلى قاعدًا، وعقده من ورائه على ما فعل أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الثوب الواحد. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 367 قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عمن صلى ولم يزر عليه ولم يحتزم؟ فقال: جائز. فقلت له: إنه لو نظر إلى فرجه رآه؟ فقال: لا يمكن أن يرى ذاك. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 390 377 - ما يجزئ الإمام للصلاة فيه قال صالح: كنت أراه إذا صلى، في سراويل وإزار. "مسائل صالح" (220) قال صالح: قال أبي: ونسخنا من كتاب الأشجعي: عن سفيان، عن عبد الملك بن أبي سليمان الفزاري (¬1) -وهو: العرزمي- عن أنس بن سيرين قال: رأيت على ابن زيد بن ثابت إزارًا ورداء وعمامة، ليس عليه قميص. "مسائل صالح" (711) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 181 (34978) من طريق آخر عن ثابت بن عبيد قال: رأيت زيد بن ثابت. . فذكره.

378 - صلاة العريان

قال ابن هانئ: سألته عن الإمام يصلي بلا إزار؟ قال: أحب أن يصلي بإزار، وإن صلى بغير إزار، أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل ابن هانئ" (273) ونقل عنه أبو طالب: أن يكون للإمام ثوبان. "الفروع" 1/ 331 378 - صلاة العريان قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قوم خرجوا من البحر عراةً كيف يُصلون؟ . قال: يُصلون قُعودًا أعجب إلي. يصلون جماعة إمامهم وسطهم. قال إسحاق: قيامًا؛ لأنهم يطيقون ذَلِكَ، ويستر كل واحد منهم بيده على فَرْجِهِ من غير أن يمسَّ الفرجَ يُومِئُونَ إيماء. "مسائل الكوسج" (151) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن القوم تنكسر بهم السفينة فيخرجون عراة، كيف يصلّون؟ قال: يصلّون قعودًا، ويقعد إمامهم وسطهم، لا يبدون شيئًا من عوراتهم. "مسائل ابن هانئ" (423) وقال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه، الوليد قال: ثنا الأوزاعي قال حدثني واصل، أن مجاهدًا قال سألني عمر بن عبد العزيز، عن قومٍ يخرجون من البحر عُراة كيف يصلّون؟

قال: يصلّون صفًا واحدًا، إمامهم يتستر بهم، ويستر كل واحدٍ منهم فرجه بيده من غير أن يمسه. "مسائل ابن هانئ" (425) وقال ابن هانئ: وسئل عن الغرقي يخرجون عراة كيف يصلّون؟ قال: يصلّون قعودًا ويقوم إمامهم وسطهم، ولا يبدون عوراتهم. "مسائل ابن هانئ" (427) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قلت: العريان كيف يصلي؟ قال: أعجب إلي أن يصلي قاعدًا، وإن كانوا جماعة يكون إمامهم في وسطهم. ومن الناس من يقول: يومئون إيماءً. "مسائل عبد اللَّه" (226) قال المروذي: وسئل عن العراة؟ قال: فيه اختلاف إلا أن إمامهم يقوم وسطهم، وعاب على من قال: يقعد وسطهم. وقال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: السجود؟ قال: السجود لا بد منه. "تهذيب الأجوبة" 417. ونقل عنه أبو طالب في القوم إذا كانوا عراة: لا يصلون قيامًا إذا ركعوا أو سجدوا بدت عوراتهم. ونقل إبراهيم الحربي عنه: يومئ -أي: العريان إذا صلى جالسًا. ونقل المروذي عنه: يسجد بالأرض. "الروايتين والوجهين" 1/ 137 نقل الأثرم والميموني عنه: يسجد ولا يتربع هنا، بل يتضام.

379 - عورة المرأة

ونقل الأثرم: إن توارى بعض العراة عن بعض فصلوا قيامًا فلا بأس. ونقل محمد بن جيب عنه: يتربع. وعنه: تلزمه قائمًا ويسجد بالأرض. ونقل بكر بن محمد عنه: أحب إلي أن يصلوا قعودًا. "الفروع" 1/ 340، "معونة أولي النهى" 2/ 19 379 - عورة المرأة قال أبو داود: قلتُ لأحمد بن حنبل: المرأةُ إذا صلتْ ما يُرى منها؟ قال: لا يرى منها، ولا ظُفرها، تغطي كلَّ شيءٍ منها. "مسائل أبو داود" (280) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: امرأةٌ صلتْ وساعدُها مكشوف؛ تعيدُ؟ قال: نعم. "مسائل أبو داود" (281) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الأمة تصلي بخمار أو مكشوفة الرأس؟ قال: أعجب إليَّ بخمار، فإن صلت مكشوفة الرأس فلا بأس. "مسائل عبد اللَّه" (223) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فأم الولد؟ قال: تصلي بالخمار أعجب إليَّ. قلت لأبي: فإذا أعتقت؟ قال: تصلي بخمار. قلت: فإنها صلت بغير خمار. قال: تعيد الصلاة. "مسائل عبد اللَّه" (224)

قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قلت: إذا صلت المرأة وبعض شعرها مكشوف، أو بعض ساقها، أو بعض ساعدها؟ قال: لا يعجبني. قلت: فإن كانت قد صلّت؟ قال: إذا كان شيئًا يسيرًا فأرجو. "مسائل عبد اللَّه" (225) نقل أبو طالب عنه في الأمة وأم الولد: هي في جميع أحوالها أمة في الحد والجناية، وإن ماتت فمالها لسيدها. فقيل له: في القناع في الصلاة؟ فقال: يحتاط لها؛ لأنها لا تباع فهي كالحرة. "الروايتين والوجهين" 1/ 136. قال الأثرم: سئل أحمد بن حنبل عن المرأة تصلي وبعض شعرها مكشوف وقدمها؟ قال: لا يعجبني إلا أن تغطي شعرها وقدميها. وسمعته يُسئل عن أم الولد كيف تصلي؟ فقال: تغطي رأسها وقدميها؛ لأنها لا تباع وهي تصلي كما تصلي الحرة. "التمهيد" 4/ 322، "المغني" 2/ 335.

380 - ما يجزئ المرأة لصحة صلاتها

380 - ما يجزئ المرأة لصحة صلاتها قال إسحاق بن منصور: فقلت: في كم تصلي المرأة؟ قال: أَقَلُّه ثوبان: قميص ومِقْنَعَة (¬1). قال إسحاق: كما قال عند الضرورة، والذي يُستحب لها ثلاثة أثواب. "مسائل الكوسج" (150) قال ابن هانئ: سألته عن المرأة في كمْ ثوب تصلَّي؟ قال: أقلّه درع وخمار، وتغطّى رجليها ويكون درعًا سابغًا يغطّي رجليها. "مسائل ابن هانئ" (286) قال حرب: ثنا إسحاق ابن راهويه، ثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت أبي يحدِّث عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن عمر بن الخطاب قال: تُصلِّي المرأة في ثلاثة أثواب إذا قدرت: درع، وخمار، وإزار (¬2). وقال أبو طالب: قيل لأحمد: الدرع: القميص؟ قال: يشبه القميص لكنه سابغ يغطي رجليها. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 414. ¬

_ (¬1) المقنعة: ما تغطي به المرأة رأسها. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 36 (6167)، والبيهقي 2/ 235.

فصل في أحكام متعلقة باللباس في الصلاة

فصل في أحكام متعلقة باللباس في الصلاة 381 - الصلاة في الحرير قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: أكره التكة تكون من الحرير. يعني: أن يصلي بها. قال: لأنها من المصمت كلها. "مسائل عبد اللَّه" (229) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل صلى وفي كمه منديل فيه صور حرير؟ فكرهه. وقال: حديث عقبة بن عامر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (230) 382 - الصلاة في الثوب المغصوب وما كان في ثمنه شيء من حرام نقل عنه علي بن سعيد في من صلى في ثوب غصب: لا آمره بإعادة الصلاة. "الروايتين والوجهين" 1/ 158 نقل عنه أبو طالب فيمن سرق ثوبًا وصلى فيه: ما هو بأهل أن تجوز صلاته، ولا بأهل أن يعيد. "الانتصار" 2/ 407 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 143، والبخاري (375)، ومسلم (2075) عنه: أهدي إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فروج حرير فلبسه، ثم صلى فيه، ثم انصرف فنزعه نزعًا عنيفًا شديدًا كالكاره له ثم قال: "ينبغي هذا للمتقين".

383 - التلثم في الصلاة

قال أبو طالب: قال أحمد: هذا ليس بشيء، ليس له إسنادا يشير إلى ضعف إسناده -يقصد حديث ابن عمر مرفوعًا: "من اشترى ثوبًا بعشرة دراهم، وفيه درهم حرام لم تقبل له صلاة ما دام عليه" فإنه من رواية بقية، عن يزيد بن عبد اللَّه الجهني، عن هاشم الأوقص، عن نافع (¬1). وقال مهنا: قال أحمد: لا أعرف يزيد بن عبد اللَّه ولا هاشم الأوقص. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 434 383 - التلثم في الصلاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكره التلثم في الصلاةِ وفي القتالِ وعند الذكرِ؟ قال: نعم. قُلْتُ: ما التلثمُ؟ قال: أراه على الفم. قال إسحاق: كما قال، والتلثمُ: وضعُ الثوبِ على الأنفِ. "مسائل الكوسج" (275) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: التلثم على الفم، وأشارَ إلى نواحي الفم، قال: يغطي هذا كله. وصلَّى بنا الإمام أحمدَ -رضي اللَّه عنه- فلم أره سها فسلَّم ثمَّ سجد سجدتين ثمَّ تشهد ثمَّ سلم. "مسائل الكوسج" (421) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 98، وعبد بن حميد في "المنتخب" (847)، والبيهقي في "شعب الإيمان" 5/ 142 (6114). قال البيهقي: تفرد به بقية بإسناده وهو إسناد ضعيف، وقال الحافظ العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" 1/ 436 (1656): رواه الإمام أحمد من حديث ابن عمر بسند ضعيف. وقال الألباني في "الضعيفة" (844): ضعيف جدًّا.

384 - الرجل يصلي مشدود الوسط

نقل حنبل عنه: أن ذلك على الفم دون الأنف فقال: أكره تغطية الفم في الصلاة، ولا بأس بالتلثم على الأنف لما روى أبو هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نهى عن السدل، وأن يغطي الرجل فاه في الصلاة (¬1)، فخص ذلك الفم. "الروايتين والوجهين" 1/ 159 نقل أحمد بن إبراهيم الكوفي عنه: ويكره للمرأة. "الفروع" 1/ 343 384 - الرجل يُصلّي مشدود الوسط قال إسحاق بن منصور: سألتُ إسحاقَ عَنِ الرجلِ يُصلِّي ويشد وسطه بخيط، فكرهه إلَّا أَنْ يكونَ عمامة. "مسائل الكوسج" (3464) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن قول إبراهيم: كره الصلاة في المنديل (¬2)؟ قال: لا أدري، أيش هذا؟ ! "مسائل أبي داود" (278) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يصلي مشدود الوسط؟ قال: هو عندي أسهل، إذا كان يريد بشد وسطه أن لا يتترب ثوبه فلا يصلي مشدود الوسط، إلا أن يكون لعمل. "مسائل ابن هانئ" (289) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 295، وأبو داود (643)، والترمذي (378) وصححه ابن خزيمة (772) وابن حبان (2289)، والألباني في "صحيح أبي داود" (650). (¬2) رواه البغوي في "مسند ابن الجعد" ص 112 (666).

قال علي بن سعيد: سألت أحمد عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يصلي أحدكم إلا وهو محتزم" (¬1). قال: كأنه من شد الوسط. "المغني" 2/ 300 قال أبو طالب: سألت أحمد عن الرجل يصلي وعليه قميص يأتزر بالمنديل فوقه؟ قال: نعم، فعل ذلك ابن عمر (¬2). "المغني" 2/ 300، "معونة أولي النهى" 2/ 26 قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يشد وسطه بخيط ويصلي؟ قال: على القباء لا بأس به، وكرهه على القميص، وذهب لما أنه من زى اليهود، فذكرت له السفر وأنا نشد ذلك على الوسط، فرخص فيه قليلًا، أما المنطقة والعمامة ونحو ذلك فلم يكرهه، إنما كره الخيط، وقال: هو أشنع فقد كره ما وافق زي أهل الكتاب وهو الخيط على القميص ونحوه، ولم يكره على القباء؛ لأنه ليس من زيهم ولم يكره ما سوى الخيط ونحوه، ورخص في الخيط على القميص عند الحاجة. "شرح العمدة" ص 360، "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 136 قال حرب: سألت إسحاق عن الصلاة في المنديل وأريته منديلًا له أعلام خضر وخطوط؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 387، 458 وأبو داود (3369) والبيهقي 2/ 240، وقال المنذري في "المختصر" المطبوع مع "معالم السنن" للخطابي 5/ 42: فيه رجل مجهول. (¬2) لم أقف عليه.

385 - كف الشعر وكفت الثوب

فقال: جائز. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 424 قال حرب: سئل أحمد عن الصلاة في الدراج؟ (¬1) فقال: وما بأسه؟ ! قيل: إنه ذكر عن ابن المبارك ووكيع أنهما كرهاه، فرخص فيه، وقال: ما أنفعه من ثوبٍ. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 432 385 - كف الشعر وكفت الثوب قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل رأى رجلًا مشمرًا كميه في الصلاة أترى عليه أن يأمره؟ قال: يستحب له أن يصلي غير كاف شعرًا ولا ثوبًا، وليس هذا من المنكر الذي يغلظ ترك النهي عنه. "ففح الباري" لابن رجب 3/ 147 قال محمد بن الحكم: قلت لأحمد: الرجل يقبض ثوبه من التراب إذا ركع وسجد لئلا يصيب ثوبه؟ قال: لا، هذا يشغله عن الصلاة. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 270 386 - جر الثوب وإرساله قال إسحاق بن منصور: ورأيتُ أحمدَ محلول الأزرار في الصلاة وغيرِهَا، ورأيتُه يضعُ نعليه بين رجليه إمامًا كان أو غير إمام، ورأيته وهو ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ورد في ملحق التصويبات بآخر الكتاب ما نصه: هكذا في المطبوع، والصواب: "الدواج"، وهو ضرب من الثياب غليظ.

387 - اشتمال الصماء

إمامٌ حين سلَّمَ يقوم فيدخل بيتَهُ. "مسائل الكوسج" (420) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: جَرُّ الإزارِ وإرسال الثوبِ في الصلاةِ؟ قال: إذا لم يردْ به الخيلاءَ، فلا بأسَ به، قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن جر ثوبَه مِنَ الخيلاء" (¬1). قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (3305) قال حنبل: قال أحمد: جر الإزار وإرسال الرداء في الصلاة إذا لم يرد الخيلاء لا بأس به. "شرح العمدة" ص 1/ 361 نقل عنه ابن القاسم: يكره أن يشمر ثيابه؛ لقوله: ترب ترب. "معونة أولي النهى" 2/ 181 387 - اشتمال الصماء قال إسحاق بن منصور: قلتُ: ما اشْتِمَال الصَّمَّاء؟ فوصفت له شيئًا، فكأنه لمْ يقمْ على حده. قال إسحاق: اشْتمَال الصَّمَّاء أن يلتحفَ، ثمَّ يُخرج إحدى يَديه من تحت صدرِه، وقال: هذِه الصَّمَّاءُ. "مسائل الكوسج" (283) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 67، والبخاري (3665)، ومسلم (2085). من حديث عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما-.

388 - السدل في الصلاة

نقل حنبل عنه: إذا كان عليه قميص فأخرج إزاره تحت يده، فألقاه على عنقه، لم يكن صماء، إنما الصماء إذا صنع ذلك وليس عليه إلا إزار واحد، تبدو منه عورته. وقال بكر بن محمد: قلت: يلتحف الصماء فوق القميص؟ فقال: لا يعجبني، يروى عن ابن عباس أنه كرهه (¬1)، وإن كان عليه قميص، وإن كان حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه ثوب واحد، ولكن ابن عباس كرهه وإن كان عليه ثوب واحد. "الروايتين والوجهين" 1/ 158، 159 قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن الصماء في غير الصلاة؟ فقال: كرهت في الصلاة. ثم قال: أكرهها إذا لم يكن على عاتقه قميص. "التمهيد" 15/ 143 388 - السدل في الصلاة قال صالح: وسألته عن السدل؟ قال: يلبس الثوب، فإذا لم يطرح أحد طرفيه على الآخر فهو سدل، فلا يصلي وهو مسدل الثوب. "مسائل صالح" (293) قال أبو داود: قلت لأحمد بن حنبل: السدل في الصلاة؟ قال: ما أكثر ما جاء فيه من الكراهية. ¬

_ (¬1) لم أقف عليه.

وكثيرًا ما رأيت أحمد يصلي سادلًا وذلك أنه كان له كساء صغير مربع فكان يعطفه عليه فيسقط طرفه عن عاتقه الأيسر إذا ركع أو سجد فربما كثر عليه فيتركه. "مسائل أبي داود" (279) قال ابن هانئ: سألته عن السدل؟ قال: أن يرخي الرجل ثوبه على عاتقه ثم لا يمسه، هذا السدل مكروه. "مسائل ابن هانئ" (288) نقل عنه محمد بن موسى: إنما يكره (¬1) السدل، والنهي فيه صحيح عن علي. ونقل مهنا عنه في خبر أبي هريرة (¬2): ليس بصحيح. وقال: ولكن رواه أبو داود بإسناد جيد، لم يضعفه أحمد. "معونة أولي النهى" 2/ 23 ¬

_ (¬1) في "الفروع" 1/ 342: أنا أكره السدل. (¬2) سبق تخريجه.

الشرط الرابع: استقبال القبلة

الشرط الرابع: استقبال القبلة 389 - جهة القبلة قال أبو إبراهيم الزهري: حدثنا أحمد بن حنبل، حدثني عبد الرحمن ابن مهدي، عن زائدة بن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: صلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نحو بيت المقدس ستة عشر شهرًا، ثم تحولت القبلة بعد (¬1). "طبقات الحنابلة" 2/ 106 - 107 390 - تعلم أدلة القبلة قال الأثرم: قلت لأحمد: ما ترى في تعليم هذِه النجوم التي يُعلم بها كم مضى من النهار وكم بقي؟ فقال: ما أحسن تعليمها وأقواها. "معونة أولي النهى" 2/ 69 391 - إذا صلى لغير القبلة وهو لا يعلم ثم علم؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا صلَّى لغيرِ القبلةِ وهو لا يعلمُ، ثمَّ علمَ؟ قال: يستديرُ. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 357، وابن أبي شيبة 1/ 294 (3373)، والطبراني 11/ 285 (11751) قال الهيثمي في "المجمع" 2/ 12: رواه الإمام أحمد والطبراني في "الكبير" والبزار، ورجاله رجال الصحيح، وصحح الحافظ في "الفتح" 1/ 96 إسناده.

قُلْتُ: يعيدُ ما صلى؟ قال: لا. قال إسحاق: كما قال إذا كان ذَلِكَ في موضعٍ لا يستطيعُ معرفةَ عين الكعبةِ. "مسائل الكوسج" (286) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما المصلي لغيرِ القبلةِ وهو لا يعلم ثمَّ عَلِمَ فإن ذَلِكَ إذا كان في مصر من الأمصارِ، ويمكنه معرفة القبلة فإنه يعيدُ كما لو كان يمكنه فصلى لغيرها؛ لأنه مفرط حينئذٍ لما يمكنه معرفة عين القبلة. وأما إذا كان في سفر، أو في بيت مظلمٍ لا يمكنه معرفة القبلة لو أرادها فصلَّى لغيرِ القبلةِ فإنَّهُ إذا ذكرها وهو في الصلاة اعتد بما مضى، وإن ذكرهَا بعدَ فراغِهَا أجزأته. "مسائل الكوسج" (492) قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ سئل عن رجل تحرى القبلة في يوم غيمٍ في سفر أو غيرِ غيم فأخطأ؟ فقال: صلاتُه جائزةٌ. قلتُ لأحمد: فإنْ كان معه غيرهُ؟ قال: يعيدُ، لأنَّ عليه أنْ يسألَ. قيل لأحمد: فإن اختلفُوا؟ قال: يتحرى. فقيل لأحمد وأنا أسمع: هو في مدينةٍ فتحرى فصلَّى لغير القبلة في بيتٍ؟ قال: يعيدُ؛ لأنَّ عليه أنْ يسألَ. قيلَ لأحمد: فالأعمى؟ قال: الأعمى أشدُّ؛ لأنه عليه أنْ يسأل، نرى أنْ يعيد. "مسائل أبي داود" (322)

392 - تأويل قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما بين المشرق والمغرب قبلة"

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يصلّي لغير القبلة، وهو لا يعلم، وهو على راحلته؟ قال: إذا توجّه وكبّر افتتاح الصلاة، وهو إلى القبلة لم يضرّه أين توجهت به القبلة، أو توجهت به لغير القبلة في التطوع. "مسائل ابن هانئ" (327) قال عبد اللَّه: سألت أبي فقال: إذا تحرى القبلة فلا يعيد، فإن كان غيم فتحرى فاستبانت له القبلة، استدار إلى القبلة، ولم يعد. "مسائل عبد اللَّه" (245) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: من صلى في غيم، أو ظلمة، ثم تبين أنه صلى لغير القبلة، تجزئه؟ قال: نعم إذا تحرى، وإن كان صلى بعد، استدار إلى القبلة إذا تبين له. "مسائل عبد اللَّه" (246) 392 - تأويل قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما بين المشرق والمغرب قبلة" (¬1) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما بين المشرق والمغرب قبلة؟ قال: نعم، إذا استقبلتَ القبلةَ، وهذا لأهلِ المشرقِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (291) ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (342 - 344) وابن ماجه (1011) من حديث أبي هريرة. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وكذا صححه الألباني في "الإرواء" (292).

قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ: ما بين المشرقِ والمغربِ قبلةٌ؟ قال: هذا لأهلِ المشرقِ، وإذا جعل المغربَ عن يمينهِ والمشرق عن يسارِهِ توخَّى ما بينهما. فرادَّهُ، فقال: إذا لمْ يخرج بينهما فهذا كلُّه واسعٌ. "مسائل الكوسج" (463) قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ يقولُ: ما بين المشرق والمغربِ قبلةٌ لأهلِ المشرقِ، وإنْ الحذف يمنةً أو يسرةً إذا كانَ بين المشرقِ والمغربِ فصلاتُه جائزةٌ. "مسائل أبي داود" (319) وقال أبو داود: وسمعتُه سئل عن مسجد سمرقند كيف قبلتُه؟ فذكر معنى أول هذا الكلام. فقيل لأحمد: مشرقُ الشتاءِ والصيف فإنّ قبلتنا تكونُ في الشتاء إلى المغرب؟ قال: فحيدُوا عنه حتَّى يكون في الشتاء والصيف المغربُ عن يمينكم. "مسائل أبي داود" (320) قال ابن هانئ: سئل عن القبلة؟ فقال: ما بين المشرق والمغرب قبلة، للحاج وغيرهم من المسافرين. وسئل عن القبلة للمسافر وأهل خراسان؟ فقال: ما بين المشرق والمغرب قبلة. قيل له: أفي الصيف وفي الشتاء؟ قال: ما سمعنا إلا ما بين المشرق والمغرب قبلة. "مسائل ابن هانئ" (323)

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا جعل أهل العراق وأهل خراسان المشرق عن يسارهم، والمغرب عن يمينهم، فما بين ذلك قبلة لهم حيث صلوا، فكان المشرق عن يسارهم، والمغرب عن يمينهم، لم تخرج قبلتهم عن ذلك فهو قِبلة لهم، ولكن يعجبني أن يتوسطوا ذلك، فكل قبلة. "مسائل عبد اللَّه" (247) قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: هذا في كل البلدان. قال: وتفسيره أن هذا المشرق وأشار بيساره، وهذا المغرب -وأشار بيمينه: قال: وهذِه القبلة بينهما، وأشار تلقاء وجهه، قال: وهكذا في كل البلدان إلا بمكة عند البيت، ألا ترى أنه إذا استقبل الركن، وزال عنه شيء وإن قل فقد ترك القبلة، قال: وليس كذلك قبلة البلدان. "التمهيد" 4/ 372 - 373 ونقل عنه أبو طالب: الاستدارة في المحمل شديدة يصلي حيث كان وجهه. "زاد المعاد" 1/ 341 قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: فإن صلى رجل فيما بين المشرق والمغرب، ترى صلاته جائزة؟ قال: نعم، صلاته جائزة، إلا أنه ينبغي له أن يتحرى الوسط. قال أبو عبد اللَّه: وقد كنا نحن وأهل بغداد نصلي هكذا نتيامن قليلًا، ثم حرفت القبلة منذ سنين يسيرة. قيل لأبي عبد اللَّه: قبلة أهل بغداد على الجدي؟ فجعل ينكر الجدي، وقال: ليس على الجدي ولكن على حديث عمر: ما بين

393 - تأويل قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تجتمع قبلتان"

المشرق والمغرب قبلة (¬1). قيل لأبي عبد اللَّه: قبلتنا نحن أي ناحية؟ قال: على الباب قبلتنا، وقبلة أهل المشرق كلهم وأهل خراسان الباب. قال أحمد: إذا طلعت الشمس من المشرق فقد ثبت أنه مشرق وإذا غربت فقد ثبت أنه مغرب، فما بين ذلك قبلة لأهل المشرق إذا كان متوجهًا إلى الكعبة. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 64 393 - تأويل قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تجتمع قبلتان" (¬2) قال ابن هانئ: وسألته عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "لا تجتمع قبلتان"؟ قال: أما قبلتان في مصر فإنهما لا تجتمعان في مصر، ولكن أهل مكة يصلون، وأهل اليمن يصلون إلى نحو العراق، فلا أدري لعل هذا معناه. "مسائل ابن هانئ" (2039) ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" ص 138، وعبد الرزاق 2/ 345 (3633، 3634) وابن أبي شيبة 2/ 142 (7430، 7431، 7438)، وقد تقدم تخريجه مرفوعًا عن أبي هريرة. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 223، وأبو داود (3032)، والترمذي (633، 634) عن جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تصلح قبلتان في أرض. . ". والحديث ضعفه الألباني في "الضعيفة" (4379).

394 - الصلاة فوق الكعبة وداخلها

394 - الصلاة فوق الكعبة وداخلها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الصلاةُ في جوفِ الكعبةِ؟ قال: لا بأسَ بها. قال إسحاق: أمَّا النافَلةُ فلَا بأسَ بِها، ولا تجوزُ المكتوبةُ فيها ولا فوقَها. "مسائل الكوسج" (1544) قال الأثرم: قال أحمد: أما فوق الكعبة فلم يختلفوا أنه لا يجوز واحتج بالحديث: لا قبلة له. ونقل ابن الحارث عنه: لا يصلي فوق بيت اللَّه الحرام. وقال ابن القاسم: سئل عن الصلاة المكتوبة في الكعبة؟ فقال: في نفسي منه شيء. "شرح العمدة" ص 488، 489، 500. نقل الأثرم: يصلي فيه إذا دخله وجاهه. كذا فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يصلي حيث شاء. ونقل أبو طالب: يقوم كما قام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بين الأسطوانتين (¬1). "معونة أولي النهى" 2/ 56 395 - الصلاة في السفينة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الصلاةُ في السَّفينةِ؟ قال: إن قَدَرَ على القيام صَلَّى قائمًا، وإلا صلَّى قاعدًا مستقبلَ القبلة. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 3، والبخاري (397)، ومسلم (1329) من حديث ابن عمر.

قال إسحاق: كما قال، ويَدورُ حيثُ دارت. "مسائل الكوسج" (371) قال صالح: قال: الصلاة في السفينة إذا أمكنه صلى قائمًا، وإذا لم يمكنه قائمًا صلى جالسًا. "مسائل صالح" (1026) قال أبو داود: سمعتُ أحمد بن حنبل سئل عن رجل صلَّى في السفينة قاعدًا؟ قال: إنْ كان يقدرُ على أنْ يصلي قائمًا فأحبُّ إليَّ أنْ يعيدَ. "مسائل أبي داود" (532) وقال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن الصلاة في السفينة؟ قال: قائمًا إنْ استطاع. "مسائل أبي داود" (533) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصلاة في السفينة، قيام أو قعود أحب إليك وهي تسير، وإذا كانت موقوفة في الحد؟ قال: فإن صلى في جوفها فإن أمكنهم قيامًا صلوا، وإن لم يمكنهم قيامًا صلوا قعودًا، وكذلك إذا كانوا في الحد إن أمكنهم صلوا قيامًا، صلوا وإلا خرجوا إلى الحد حتى يصلوا قيامًا. "مسائل عبد اللَّه" (244) ونقل الأثرم وأبو الحارث عنه: جواز الصلاة فيها مع القدرة على الخروج. "الروايتين والوجهين" 1/ 178 ونقل حرب عنه في القوم إذا لم يقدروا أن يصلوا في السفينة قيامًا جماعة وأمكنهم الصلاة فرادى قيامًا، فهل يصلون جماعة؟

396 - الصلاة على الدابة وفي المحمل

قال: يصلي كل إنسان على حدته. وقال-في رواية الفضل بن زياد: تصلي وحدك قائمًا. "بدائع الفوائد" 4/ 90. قال حرب: قلت لأحمد: في الصلاة في السفينة يسجدون على الأحمال والثياب ونحو ذلك؟ فسهل فيه. وقال إسحاق: يصلي فيها قائمًا على البسط. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 9 396 - الصلاة على الدابة وفي المحمل قال صالح: وسألته أيصلي الرجل على دابته التطوع؟ قال: يصلي حيثما توجهت به، ويعجبني أن يستقبل القبلة في أول صلاته. "مسائل صالح" (32) وقال صالح: وسألته عن الرجل يصلي التطوع على ظهر الدابة أينما توجهت به؟ قال: إذا كبر جعل وجهه إلى القبلة، فكبر ووجهه إلى القبلة، وإن كان في محمل فقدر أن يسجد في المحمل: فليسجد. "مسائل صالح" (358) قال صالح: وسألته: هل يجوز للرجل في السفر أن يصلي المكتوبة على راحلته؟ قال: لا تصلى المكتوبة إلا على الأرض مريضًا كان أو غيره. "مسائل صالح" (757)

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: إذا تطوع الرجل على راحلته يعجبني أن يستقبل القبلة بالتكبير؛ على حديث أنس (¬1). "مسائل أبي داود" (534) وقال أبو داود: وسمعت أحمد سُئِلَ عن الصلاة في المحمل؟ قال: إن قدر أن يستقبل القبلة فليستقبل. "مسائل أبي داود" (535) وقال أبو داود: وسمعت أحمد سئِلَ عن الصلاة في المحمل يركع ويسجد؟ قال: ربما اشتد هذا على البعير. "مسائل أبي داود" (536) قال ابن هانئ: وسئل عن الصلاة على الراحلة؟ قال: يصلي عليها إذا خاف على ثيابه. "مسائل ابن هانئ" (412) قال ابن هانئ: وسئل عن التطوع على الراحلة؟ قال: لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (414) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 204، والبخاري رقم (1100)، ومسلم برقم (702) من حديث أنس بن سيرين، قال: استقبلنا أنسًا حين قدم من الشام، فلقيناه بعين التمر، فرأيته يصلي على حمار ووجهه من ذا الجانب -يعني: عن يسار القبلة- فقلت: رأيتك تصلي لغير القبلة، فقال: لولا أني رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعله لم أفعله. كما رواه الإمام أحمد أيضًا 3/ 203، وأبو داود (1225) من حديث الجارود بن أبي سبرة، حدثني أنس بن مالك: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا سافر، فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة فكبر، ثم صلى حيث وجهه ركابه.

قال ابن هانئ: وسألته عن صلاة المريض في المحمل إذا لم يستطع النزول؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس، وأعجب إلي أن ينزل حتى يصلي في الأرض الفريضة، وأما ابن عمر فكان ينزل مرضاه فيصلون في الأرض (¬1). "مسائل ابن هانئ" (417) قال ابن هانئ: وسألته عن القوم يكونون في سفر، وقد أصابهم مطر شديد، يصلّون على دوابّهم؟ قال: إذا كان ثلج ومطر صلّوا على دوابهم. "مسائل ابن هانئ" (424) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يصلي على راحلته المكتوبة؟ قال: لا يصلي على راحلته المكتوبة. ثم قال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي على راحلته التطوع، وإذا أراد أن يصلي المكتوبة، نزل فصلّى (¬2). "مسائل ابن هانئ" (428) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: في الرجل يصلي التطوع على ظهر الدابة أينما توجهت به، ولكن إذا كبر وجعل وجهه إلى القبلة وكبر ووجهه إلى القبلة، وإن كان في محمل فقدر أن يسجد في المحمل فليسجد. "مسائل عبد اللَّه" (249) ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 2/ 7 (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 2446، والبخاري (1097) بنحوه ومسلم (701) مختصرًا، كلهم من حديث عامر بن ربيعة، وفي الباب عن ابن عمر وجابر في الصحيحين أيضًا.

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا بأس بالصلاة على الراحلة. "مسائل عبد اللَّه" (336) نقل أبو طالب عنه: لا يجوز. نقل مهنا عنه: الجواز. "الروايتين والوجهين" 1/ 181 قال الأثرم: قيل لأحمد بن حنبل: يصلي المريض المكتوبة على الدابة والراحلة؟ فقال: لا يصلي أحد المكتوبة على الدابة مريض ولا غيره إلا في الطين والتطوع، وكذلك بلغنا يصلي ويومئ. قال: وأما في الخوف فقد قال اللَّه تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} قال ابن عمر: مستقبل القبلة وغير مستقبلها (¬1). قيل لأحمد: الصلاة على الدابة في الحضر؟ فقال: أما في السفر، فقد سمعنا، وما سمعت في الحضر. "الاستذكار" 6/ 131 قال أبو بكر محمد بن إسحاق الصاغاني: أخبرنا أحمد بن محمد بن حنبل، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن عجلان، قال: حدثني نافع، عن ابن عمر: أنه كان يصلى على راحلته، ويوتر عليها، ويذكر ذلك عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2). "طبقات الحنابلة" 1/ 239 نقل الميموني عنه: إذا صلى في المحمل أحب إلي أن يسجد؛ لأنه يمكنه. "زاد المعاد" 1/ 341 ¬

_ (¬1) رواه البخاري (4535) مطولًا. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 13، والبخاري (1095)، ومسلم (700).

نقل عنه الفضل بن زياد: يسجد على المحمل إذا أمكنه. ونقل عنه جعفر بن محمد: السجود على المرفقة، إذا كان في المحمل، ربما اشتد على البعير ولكن يومئ ويجعل السجود أخفض من الركوع. ونقل عنه أبو طالب: الاستدارة في المحمل شديدة، يصلي حيث كان وجهه؛ لأن الاستدارة في المحمل شديد على الجمل فجاز تركها، كما جاز في الراحلة؛ لأجل المشقة على الراكب. ونقل عنه محمد بن الحكم: من صلى في محمل فإنه لا يجزئه إلا أن يستقبل القبلة؛ لأنه يمكنه أن يدور، وصاحب الراحلة والدابة لا يمكنه؛ والحجة أمر اللَّه تعالى باستقبال القبلة حيث كان المصلي، وذلك ممكن في المحمل، كما في السفينة بخلاف الدابة تسقط؛ لعدم الإمكان. "بدائع الفوائد" 4/ 91.

فصل في اتخاذ السترة للمصلي

فصل في اتخاذ السترة للمصلي 397 - وجوب السترة وما يصلح الاستتار به قال أبو داود: وأما أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني فكانا يصححان هذا الحديث -حديث أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا فليخطط خطًّا ثم لا يضره ما مر أمامه" (¬1). وقال: سمعتُ أحمد سئل عن رجل صلَّى في فضاءٍ ليس بين يديهِ سترة ولا خطٌّ؟ فقال: صلاتُه جائزةٌ؟ . "مسائل أبي داود" (315) قال أبو داود: قلتُ لأحمدَ: الخطُّ بالطولِ إذا لم يجدْ عصا؟ فقال: هكذا، وأشار بالعرض فعطف مثل الهلال. "مسائل أبى داود" (316) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 249، وأبو داود (689، 690)، وابن ماجه (943)، وابن خزيمة 2/ 13 (811، 812)، وابن حبان 6/ 125 (2361). قال أبو داود بعده: قال سفيان: لم نجد شيئًا نشد به هذا الحديث، ولم يجيء إلا من هذا الوجه. ونقل النووي عن القاضي عياض في اتخاذ الخط سترة أنه قال: وإن كان جاء به حديث وأخذ به أحمد بن حنبل رحمه اللَّه تعالى فهو ضعيف. ثم قال النووي: هذا كلام القاضي، وحديث الخط رواه أبو داود وفيه ضعف واضطراب. "شرح مسلم" 2/ 216، 217. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (107، 108).

وقال أبو داود: وسمعتهُ مرةً؛ أعني الخطَّ؟ فقال: قال بعضُهم وأشار برأسه -يعني بالطول- وقال بعضهم هكذا -يعني بالعرضِ- ولكنْ يُعجبني هكذا -يعني: بالعرض معطفًا مثل الهلال. "مسائل أبي داود" (317) قال ابن هانئ: رآني أبو عبد اللَّه يومًا وأنا أصلي وليس بين يديَّ سترة، وكنت معه في المسجد الجامع. فقال لي: استتر بشيء. فاستترت برجلٍ. "مسائل ابن هانئ" (323) قال ابن هانئ: وصليت يومًا في المسجد وباب المسجد بحذائنا مفتوح. فقال لي: قم فرد. فقمت فرددته. "مسائل ابن هانئ" (324) قال ابن هانئ: وسئل عن الصلاة على شط النهر والطريق أمامه؟ قال: أرجو أنه لا يكون به بأس، ولكن طريق مكة يعجبني أن يتنحى عن الطريق ويصلي يمينه عن الطريق. "مسائل ابن هانئ" (329) قال المروذي: وسمعت أبي عبد اللَّه يقول: رأيتهم بطرسوس يتوقون أمر الجواميس لا يسترون المصلي ولا غيره. قيل لأبي عبد اللَّه: إن قومًا يتوقون أن يوقد بخثي الجواميس؟ فقال: نعم، يقال إن أصلها ليس بصحيح. قيل لأبي عبد اللَّه: إنهم يقولون: إن معاوية بعث بها إليهم. قال: أرهم يصححون هذا.

وقال: وسمعت أبا عبد اللَّه وذكر الجواميس التي بطرسوس، فقال: أصلها فاسد، يقال: إن فسادها من قبل بني أمية. يعني: غضبت منهم. قلت لأبي عبد اللَّه: أرويه عنك؟ فأجازه. قال الأثرم: قال أحمد: قالوا: طولًا، وقالوا: عرضًا. وقال: أما أنا فاختار هذا. ودور بإصبعيه مثل القنطرة. قلت لأحمد: الرجل يكون معه عصا، لم يقدر على غرزها فألقاها بين يديه، أيلقيها طولًا أم عرضًا؟ قال: لا بل عرضًا. وقال حنبل: قال أحمد: إن شاء معترضًا وإن شاء طولًا. "المغني" 3/ 86 قال الأثرم: قيل لأحمد: الرجل يصلي بمكة ولا يستتر بشيء؟ فقال: قد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه صلى ثم ليس بينه وبين الطواف سترة (¬1). "المغني" 3/ 89 قال أبو طالب: سألت أحمد: يصلي الرجل إلى بعيره؟ قال: نعم، النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل ذلك، وابن عمر (¬2). "فتح الباري" لابن حجر 3/ 217 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 399، وأبو داود (2016)، والنسائي 5/ 235، وابن ماجه (2958)، وابن خزيمة 2/ 15 (815)، وابن حبان 6/ 127 (2363) وغيرهم من حديث المطلب بن أبي وداعة. قال الألباني: الحديث المذكور ضعيف؛ لأنه من رواية كثير بن كثير بن المطلب، وقد اختلف عليه في إسناده. . . اهـ "تمام المنة" 1/ 303. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 4، والبخاري (430)، ومسلم (502) من حديث ابن عمر.

398 - مقدار ما يدنو المرء من السترة

قال الأثرم: قال أحمد: ما كان أعرض فهو أعجب إلي، لما روي عن سبرة (¬1)، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "استتروا في الصلاة ولو بسهم" (¬2). "معونة أولي النهى" 2/ 195 398 - مقدار ما يدنو المرء من السترة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كمْ مؤخرة الرَّحْل؟ قال: ذراع. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (152) قال ابن هانئ: وسألت أبا عبد اللَّه: ما معنى حديث جاء "أرهقوا القبلة" (¬3)؟ قال: ما أدري ما هو، ولكن شيء رواه ابن المبارك، عن معمر، عن الحسن، وما أدري أيش هذا. "مسائل ابن هانئ" (2012) ¬

_ (¬1) في الأصل: سمرة، والمثبت من مصادر التخريج. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 404، وابن خزيمة 2/ 13 (810) والحاكم 1/ 252 من حديث سبرة الجهني -رضي اللَّه عنه-، وانظر: "الصحيحة" (2783). (¬3) رواه البزار كما فى "كشف الأستار" 1/ 383 (588)، وأبو يعلى 7/ 350 (4387)، والعقيلي في "الضعفاء" 4/ 196، والعسكري في "تصحيفات المحدثين" 1/ 318، والبيهقي في "الشعب" 4/ 334 (5312) من طريق مصعب بن ثابت، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به. قلت: ومصعب، نقل العقيلي عن أحمد أنه قال فيه: أراه ضعيف الحديث. وعن يحيى بن معين أنه قال: ليس بشيء. ثم قال العقيلي بعده: لا يعرف إلا به. . اهـ والحديث قد ضعفه الألباني في "الضعيفة" (2746). وقوله: "ارهقوا القبلة": أي ادنوا من السترة.

399 - ما يكره أن يكون بين يدي المصلي

قال الميموني: قلت لأبي عبد اللَّه: كيف إسناد حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا صلى أحدكم فليدن من سترته" (¬1)؟ قال: صالح، ليس بإسناده بأس. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 27 قال مهنا: سألت أحمد عن الرجل يصلي كم يكون بينه وبين القبلة؟ قال: يدنو من القبلة ما استطاع، ثم قال: إن ابن عمر قال: صلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الكعبة فكان بينه وبين الحائط ثلاثة أذرع (¬2). وقال الأثرم: سئل أبو عبد اللَّه عن مقدار ما بين المصلي وبين السارية؟ فذكر حديث ابن عمر هذا. قيل له: يكون بينه وبين الجدار إذا سجد شبر؟ قال: لا أدري ما شبر. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 29 قال ابن القاسم: قلت: في قدر ما يستر المصلي؟ قال: قدر عظم الذراع من الأشياء وهو كمؤخرة الرحل. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 35 399 - ما يكره أن يكون بين يدي المصلي قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما يكره للمصلي أن يكونَ بين يديه؟ قال: كلُّ شيءٍ في القبلة فهو مكروهٌ حتَّى المصحف. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 2، وأبو داود (695)، والنسائي 2/ 62 من حديث سهل بن أبي حثمة، وقد صححه النووي في "المجموع" 3/ 225، وكذا الألباني في "صحيح أبي داود" (692). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 138، والبخاري (506).

قال إسحاق: كما قال، وعن يمينه وعن شماله لا بأسَ. "مسائل الكوسج" (290) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: لا بأسَ أَنْ يكونَ بين يدي المصلي شيء موضوع بالأرضِ إلَّا أنْ يكونَ بُعد ولا يكون معلقًا بالقبلة. "مسائل الكوسج" (3473) قال ابن هانئ: سألته عن قبلة من ورائها كنيف، كيف يصنع به؟ يصلي فيها؟ قال: لا يصلي فيها، ويعطل الكنيف، وتهدم القبلة، ويغيّر حائطها. "مسائل ابن هانئ" (320) وقال ابن هانئ: رأيت أبا عبد اللَّه جاء إلى مسجد ليصلي فيه الفجر، فرأى رجلًا قاعدًا في القبلة، أو قريبًا منها بلزق القبلة، فقال له: يا هذا، تنحّ فإن هذا مكروه. "مسائل ابن هانئ" (321) قال جعفر بن محمد النسائي: سمعت أحمد يقول: يكره أن يعلق في القبلة شيء يحول بينه وبين القبلة، ولم يكره أن يوضع في المسجد المصحف، أو نحوه. "طبقات الحنابلة" 1/ 342، "الآداب الشرعية" 3/ 378 - 379. قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يصلي وامرأة بحياله قائمة تصلي أو بين يديه؟ فقال: إن كانت بحياله فهو أسهل من أن تكون بين يديه. قلت: أيعيد الصلاة؟

قال: ما أدري، وقال: إن كانت المرأة في غير الصلاة فإنه لا بأس، قد كانت عائشة بين يدي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "فتح الباري" لابن رجب 3/ 6 وقال حرب: قال إسحاق: السراج لا بأس به والكانون أكرهه. وقال الميموني: سألت أحمد عن السراج والقنديل يكون في قبلة المسجد؟ قال: أكرهه وأكره كل شيء، حتى كانوا يكرهون أن يجعلوا في القبلة شيئًا حتى المصحف. وكان ابن عمر يكره أن يكون بينه وبين القبلة شيء (¬2). وقال الميموني: قال أحمد: لا تصلي إلى صورةٍ منصوبةٍ في وجهك. قال البرزاطي: قال أحمد: إذا كان التنور في قبلته لا يصلي إليه كان ابن سيرين يكره أن يصلي إلى التنور (¬3). "فتح الباري" لابن رجب 3/ 229، 230 قال صالح: قال أحمد: هذا منهيٌّ عنه، أي: أن يستقبل الرجل الرجل في الصلاة. قال حرب: قال أحمد: نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عنه (¬4). وقال: الفريضة أشد، وكأنه ذهب إلى أنه يعيد. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 109 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 37، والبخاري (384)، ومسلم (512). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 1/ 398 (4578). (¬3) روى ابن أبي شيبة 2/ 156 (7584) عن بكر بن قيس عن ابن سيرين أنه كره الصلاة إلى القبور، وقال: بيت نار. (¬4) لم نقف عليه.

400 - المرور بين يدي المصلي

400 - المرور بين يدي المصُلّي قال ابن هانئ: ورأيت أبا عبد اللَّه: إذا صلّى فمر بين يديه أحد دفعه دفعًا رفيقًا، فإن أبى إلا أن يمرّ، دفعه دفعًا شديدًا، إذا لم يكن له موضع يتنحى حتى يجوز، دفعه دفعًا شديدًا. "مسائل ابن هانئ" (325) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه قلت: أيدفع الرجل من يمرّ بين يديه وهو في الصلاة؟ قال: شديدًا. ورأيته دفع غير رجل وهو يصلي، مروا بين يديه، فلم يدعهم. "مسائل ابن هانئ" (328) قال ابن عنبر الخراساني: تبعت أحمد بن حنبل يوم الجمعة إلى مسجد الجامع، فقام عند قبة الشعراء يركع والأبواب مفتحة، فكان يتطوع ركعتين، فمر بين يديه سائل فمنعه منعًا شديدًا، وأراد السائل أن يمر بين يديه فقمنا إليه فنحيناه. "طبقات الحنابلة" 2/ 575 قال الأثرم: قلت: الرجل يكون خلف الإمام وبين يديه صف فيكون في الصف الذي بين يديه خلل عن يساره ليس هو بحذاه، أيمشي إليه فيسده؟ قال: إن كان بحذاه فعل، فأما أن يمشي معترضًا فيؤذي الذي إلى جنبه ويمر بين يديه فلا. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 14 قال أبو طالب: ذُكر حديث أبي سعيد، فقال أحمد: يمنعه، فإن أبى عليه فهو في صلاته يدرأ عن نفسه ما استطاع.

401 - ما يقطع الصلاة؟

وقال حنبل: قال أحمد: إذا أراد أن يمر بين يديك رجل فامنعه ما قدرت. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 83 قال أبو طالب: قلت لأحمد: قول ابن مسعود: أن ممر الرجل يضع نصف صلاته (¬1). قال: نعم، يضع من صلاته، ولكن لا يقطعها، ينبغي له أن يمنعه. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 99 401 - ما يقطع الصلاة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما يقطع الصلاةَ؟ قال: ما أعلمُه يقطعها إلَّا الكلب الأسود الذي لا أشكُّ فيه، وفِي قلبي من الحمارِ والمرأةِ شيءٌ. قال إسحاق: لا يقطعُ إلَّا الكلبُ الأسودُ. "مسائل الكوسج" (287) قال إسحاق بن منصور: قال الإمام أحمد: ومن الناسِ من يقولُ إن قولَ عائشة -رضي اللَّه عنهما- حيثُ قالت: كنت أنامُ بين يدي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2). ليست بحجة على هذا الحديث، يعني: من قال يقطعُ الصلاةَ الحمارُ والمرأةُ والكلبُ؛ لأن النائمَ غير المارِ. وقول ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- في الحمار حيث مرَّ بين يدي بعض الصفِّ (¬3). ¬

_ (¬1) لم أقف عليه. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 148، والبخاري (382)، ومسلم (512). (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 219، والبخاري (493)، ومسلم (504).

ليست بحجةٍ، لأنَّ سترةَ الإمامِ سترةُ مَنْ خلفَهُ. قال إسحاق: كل هذا حجة، ولا يحتاج إلى هذا المبهم مع المفسر، قول عائشة -رضي اللَّه عنها-: عدلتمونا بالحمار (¬1)؟ ! "مسائل الكوسج" (288) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل: ما يقطعُ الصلاة؟ قال: الكلبُ الأسودُ أخشى أنْ يقطع. قيل له: إن في حديث أبي ذرٍ (¬2) الحمارَ والمرأةَ؟ فقال: جاء لذاك -يعني فيما أُري: أراد حديث عائشةَ كان النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم يصلِّي وأنا معترضةٌ بين يديه، وحديثُ ابن عباسٍ (¬3): جئتُ على حمارٍ والنبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم يصلِّي فنزلتُ بين يدي الصفِّ -قال: ولم يجئ لهذا -يعني: للكلب الأسود. أي: ما ينسخُه (¬4). "مسائل أبي داود" (318) قال ابن هانئ: قلت: يقطع الصلاة، الكلب، والحمار، والمرأة؟ قال: أما الحمار والمرأة فإنهما لا يقطعان الصلاة، وأما الكلب الأسود فإنه يقطع الصلاة. قالت عائشة: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصلّي فمررت على أتان فلم ينهني (¬5). "مسائل ابن هانئ" (319) ¬

_ (¬1) رواه إسحاق ابن راهويه (1487)، وأحمد 6/ 44، والبخاري (508)، ومسلم (512). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 149، ومسلم (510). (¬3) سبق تخريجه. (¬4) انظر: "فتح الباري" لابن رجب 2/ 706. (¬5) لم أقف عليه.

وقال ابن هانئ: وسئل عن الكلب الأبيض، هل يقطع؟ قال: لا، إنما يقطع الصلاة الأسود. وسألته عن الصلاة هل يقطعها شيء؟ قال: لا يقطعها إلا الكلب الأسود. فقيل له: في حديث عُبادة بن الصامت (¬1)؟ قال: ما في قلبي منه شيء. "مسائل ابن هانئ" (330) قال عبد اللَّه: سألت أبي: ما يقطع الصلاة؟ قال: الكلب الأسود، قال أنس: يروى أنه يقطع الصلاة الكلب والمرأة والحمار. قال: أما المرأة، فأذهب إلى حديث عائشة كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي وأنا معترضة بين يديه، وإلى حديث ابن عباس: مررت بين يدي رسول اللَّه وأنا على أتان. فقلت لأبي: إذا مر الكلب الأسود بين يدي المصلي، قطع صلاته؟ قال: نعم. فقلت له: يعيد؟ قال: نعم إذا كان أسود. "مسائل عبد اللَّه" (365) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل يصلي إلى حائط ثلاثة أذرع، أو نحوه فيمر الرجل عليه؟ قال: لا بأس. "مسائل عبد اللَّه" (414) ¬

_ (¬1) لم أجده هكذا عن عبادة، وإنما الذي في "المسند" 5/ 149، ومسلم (510) وغيرهما في هذا الباب يرويه عبد اللَّه بن الصامت عن أبي ذر مرفوعًا، فلعل (عبادة) تحرفت عن (عبد اللَّه)، واللَّه أعلم.

قال عبد اللَّه: قلت: وإن مرت امرأة بين يدي المصلي أو كلب أو حمار؟ قال: لا يقطع الصلاة إلا الكلب الأسود. فإن صلت امرأة معهم في صف يفسد عليهم؟ قال: دعها. "مسائل عبد اللَّه" (415) ونقل حبيش بن سندي، وأبو طالب: أن المرأة والحمار لا يقطعان الصلاة. "الروايتين والوجهين" 1/ 136 قال الميموني: قال أحمد: يقطع الصلاة الكلب الأسود، فأما المرأة فأرجو أن لا تنقطع. "طبقات الحنابلة" 2/ 96 قال الأثرم: سئل أبو عبد اللَّه ما يقطع الصلاة؟ قال: لا يقطعها عندي شيء إلا الكلب الأسود البهيم. "المغني" 3/ 97 قال المروذي: قال أحمد: إليه أذهب، وهو صحيح الإسناد -أي-: الحديث. وقال على بن سعيد: قال أحمد: هو حديث ثبت، يرويه شعبة، وسليمان بن المغيرة -يعني: عن حميد بن هلال. ثم قال: ما في نفسي من هذا الحديث شيء. وقال الحسن بن ثواب: قيل له: ما ترى في الحمار والكلب والمرأة؟ قال: الكلب الأسود يقطع، إنه شيطان.

قيل له: حديث أبي ذر (¬1)؟ قال: هاتوا غير حديث أبي ذر، ليس يصح إسناده. ثم ذكر حديث الفضل بن عباس أنه مر على بعض الصف وهو على حمار (¬2). قيل له: إنه كان بين يديه عنزة. قال: هذا الحديث في فضاء. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 118 - 119. قال الميموني: ذكر له أن الحوضي روى من طريق الأسود عن عائشة مرفوعًا: "يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود" (¬3) فقال أحمد: غلط الشيخ، عندنا هذا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهي تقول: عدلتمونا بالكلب والحمار (¬4) يعني: لو كان هذا عندها عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما قالت ما قالت. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 124 ¬

_ (¬1) يراجع التخريج السابق. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 219، وابن ماجه (947)، والنسائي 2/ 64 من حديث ابن عباس، قال: جئت أنا والفضل .. . الحديث، ورواه البخاري (76)، ومسلم (504) عن ابن عباس وحده، دون ذكر الفضل فيه، وقد تقدم. والحديث رواه الإمام أحمد 1/ 211، وأبو داود (718)، والنسائي 2/ 65 عن الفضل بن عباس بلفظ: زار النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عباسًا في بادية لنا، ولنا كليبة وحمارة ترعى، فصلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- العصر، وهما بني يديه، فلم تؤخرا ولم تزجرا. قال الألباني: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان. . . اهـ "ضعيف أبي داود" (114). (¬3) لم أقف عليه. (¬4) تقدم تخريجه.

الشرط الخامس: النية

الشرط الخامس: النية 402 - إذا نوى صلاة وأراد تحويلها؟ قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يقوم في الصلاة، فإذا كبّر فأراد أن يركع ينوي به التطوع، ثم يبدو له فينوي به أيضًا الفرض؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا فرض صلاة لم يحولها إلى غيرها. "مسائل ابن هانئ" (234) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن الرجل يدخل في الصلاة تطوعًا -يعني: فيدخل نفسه شيء؟ قال: أرجو أن يعطي على ما دخل فيه وإن تغيرت نيته. قال: وكل شيء من أعمال البر يدخل فيه الرجل بنية حسنة، فإن تم على ذلك، وهو الذي ليس فيه اختلاف، وإن تغيرت نيته فأرجو أن يعطي على أول ما دخل فيه مثل الصوم والصلاة. "مسائل عبد اللَّه" (250) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل صلى الظهر، فلما كان في التشهد أدخل صلاة التطوع في الفريضة؟ فقلت: إن أعاد أحب إليك. قال: دع هذِه المسألة، ورأيته كأنه يذهب نحوها. "مسائل عبد اللَّه" (293) 403 - اختلاف نية المأموم والإمام قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل سفيان عن رجلين صليا جميعًا ائتم كل واحد منهما بصاحبه؟ قال: يُعيدان جميعًا.

قال أحمد: يعيدان جميعًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (333) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: لو أنَّ رجلًا ائتم برجلٍ ولم ينو ذَلِكَ الرجلُ أنْ يكونَ إمامه؟ قال: تجزئ الإمامَ صلاتُه ويعيدُ هو. قال الإمام أحمد: كما قال. قال إسحاق: كُلَّما لم ينو الإمامةَ واقتدى الآخرُ به لم يجزئه إلَّا أن يكون قد قرأ. "مسائل الكوسج" (334) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما الرجلان يصليان في شهر رمضان التطوعَ في مسجدٍ واحد أحدها يأتم بالآخر وهو ناحية المسجد فلا يأتم بالآخر وإن كان المسجد واسعًا والإمام يصلي بهم التراويح فقام رجل ناحية المسجد يصلي لنفسه لما يحب أنْ يختم القرآن أو اختار القراءة لنفسه فإن ذَلِكَ جائز بعد أن لا يؤذي برفعِ صوته أهلَ المسجدِ، كان المجتهدون يفعلون ذَلِكَ في شهرِ رمضان على عهدِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن بعده -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل الكوسج" (487) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل جاء إلى الصف فدخل فيه وهو يرى أنها الفريضة، فإذا هم يصلون التراويح، يصلي معهم؟ قال: يخرج ويصلي الفريضة. "مسائل ابن هانئ" (302)، (363)

قال أحمد بن هشام: وسئل عن حديث أبي الدرداء أنه صلى عشاء الآخرة، وهو يرى أنه المغرب (¬1)، كأنه ذهب إليه، وكأنه يهابه. "تهذيب الأجوبة" ص 895 ونقل أبو الحارث، وأبو طالب، وحنبل، ويوسف بن موسى، والمروذي، ومهنا في إمامة المتنفل للمفترض، ومن يصلي صلاة لمن يصلي صلاة أخرى مشابهة لها في الهيئة: لا يجوز ذلك. ونقل الشالنجي، والميموني: يجوز. "الروايتين والوجهين" 1/ 171. قال إسماعيل بن سعيد: قال أحمد: لا بأس أن يؤم الرجل القوم في صلاة قد صلاها، وإذا صلى خلف إمام ينوي الظهر، وهو ينوي العصر جاز. "الانتصار" 2/ 441 قال المروذي: قال أحمد: لا يعجبنا أن يصلي مع قوم التراويح ويأتم بها للعتمة. "المغني" 3/ 69 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 7 (2264).

أبواب: صفة الصلاة

أبواب: صفة الصلاة 404 - واجبات الصلاة وتمامها قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاق عن الواجِبِ في الصلاةِ عندكم وعن ما لا بدَّ منه؟ فقال: وأما ما سألت عن الواجبِ في الصلاة أيها هي: فإن الصلاةَ كلَّها مِنْ أولها إلى آخرها واجبة، والذين يقولون للناسِ: في الصلاة سنة وفيها فريضة خطأ من المتكلم، لكن رسول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حين بين لهم إقامة الصلواتِ بين فيها سننا نتكلم فيها على ما بيّن القومِ، كنحو التسبيح في الركوع ثلاثًا فأعلى، ولا يجوز أن يقول إنَّ مَنْ سبح واحدةً أو ثنتين إن صلاتَهُ فاسد؛ لأنه قد سبح في الركوع، وكذلك لو ترك تكبيرةً ناسيًا سِوى الافتتاحِ إن صلاته فاسدة وما أشبه ذَلِكَ؛ لأنا وجدنا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الأشياء التي بينها على المصلين أن يقيموها فتركها تاركٌ سهوًا أن لا يعيد، وفَعَلَ النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم بعضَ ما وصفنا في الصلاةِ مثل التشهدِ في الأوليين وشِبْهه ناسيًا فلم يُعِدْ الصلاةَ، ولكن لا يجوز لأحدٍ أنْ يجعلَ الصلاةَ أجزاءً مجزأةً فيقول: فريضتُه كذا وسنته كذا، فإنَّ ذَلِكَ بدعة. "مسائل الكوسج" (189) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: يصلِّي الرجلُ في المسجد فيرى أهل المسجد يسيئون الصلاة؟ قال: يأمرهم. قلت: إنَّهم يكثرون ربما يكون عامة أهل المسجد؟ قال: يقول لهم.

قيل له: يقول لهم مرتين أو ثلاثًا فلا ينتهون؛ يتركهم بعد ذلك؟ قال: أرجو أن يسلم، أو كلمةً نحوها. "مسائل أبي داود" (1797) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه -وقد صلينا يومًا إلى جنب رجل لا يتم ركوعه، ولا سجوده- يقول: يا هذا أقم صلبك في الركوع والسجود، وأحسن صلاتك. "مسائل ابن هانئ" (1950) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: كل شيء من الصلاة فيما وكده اللَّه فهو فرض. "مسائل عبد اللَّه" (354) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد اللَّه قال: من لم تأمره الصلاة بالمعروف، وتنهاه عن المنكر لم يزدد بها إلا بعدًا. "الزهد" ص 198 - 199 قال أبو الحارث: قال أحمد: كل ما في الصلاة فرض. "العدة" 2/ 378 قال حنبل: قيل لأبي عبد اللَّه: ترى الرجل إذا رأى الرجل لا يتم ركوعه ولا سجوده ولا يقيم صلبه ترى أن يأمره بالإعادة أو يمسك عنه؟ قال: إن كان يظن أنه يقبل منه أمره وقال له ووعظه حتى يحسن صلاته، فإن الصلاة من تمام الدين. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 144

405 - التلفظ بالنية، أو يقول كلاما قبل التكبير

405 - التلفظ بالنية، أو يقول كلامًا قبل التكبير قال أبو داود: قلتُ لأحمد: قبل التكبير يقولُ شيئًا؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (210) 406 - الخشوع في الصلاة قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا سعيد بن خثيم، قال: حَدَّثَنَا محمد بن خالد، عن سعيد بن جبير، قال: نظر سعيد إلى رجل وهو قائم في الصلاة. قال: وهو يعبث بلحيته فقال سعيد: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه (¬1). "مسائل صالح" (593) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هاشم، حدثنا ابن المبارك، عن الحسن قال: ابن آدم، أي دينك يعز عليك إذا هانت عليك صلواتك، إذا هانت عليك صلواتك فهي على اللَّه أهون. "الزهد" ص 345 قال صالح: قال لي أبي: يا بني، اعلم أن إبليس موكل بالمسلمين، معه خر فيه رقاع حوائج بني آدم كلهم، فإذا وقفوا للصلاة أخرجها فعرضها عليهم؛ ليخرج المصلين من حد الصلاة، فيشغل قلوبهم. واعلم أنه قد وكل بي، فإذا وقفت للصلاة وقف بحذائي، فإذا صليت ركعتين، قال لي: يا أحمد قد صليت ثلاثًا، فأقول له بيدي: لا، بلا كلام، فلا يزال يقول كذلك حتى تنقضي الصلاة. "طبقات الحنابلة" 1/ 466 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 266، وعبد اللَّه بن المبارك في "الزهد" ص 419 (1188).

407 - التكبير فى الصلاة

407 - التكبير فى الصلاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما الذي كانوا نقصوا من التكبير؟ قال: إذا انحطُّوا للسجودِ مِنَ الرُّكوعِ وإذا أراد أن يسجدَ السجدةَ الثانية. قال إسحاق: إنَّمَا نقصُوا التكبيرَ إذا انحطّ للسجودِ فقط. "مسائل الكوسج" (190) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل: ما كانوا لا يُتمون التكبير؟ قال: إذا رفع لا يكبرُ وإذا وضع لا يكبرُ. "مسائل أبي داود" (256) قال ابن هانئ: قيل له: يقول: اللَّه أكبر كبيرًا؟ قال: ما سمعت يقول: اللَّه أكبر سبحانك. "مسائل ابن هانئ" (232) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل ركع ونسي أن يكبر؟ قال: أرجو أن لا يكون عليه شيء. وقال: روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان لا يتم التكبير. "مسائل عبد اللَّه" (291) ونقل عنه حبيش بن سندي: إذا قال: اللَّه أجل، لم يجزئه. "الانتصار" 2/ 178

408 - إذا فاتته تكبيرة الافتتاح أو نسيها

408 - إذا فاتته تكبيرة الافتتاح أو نسيها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا نسي تكبيرةَ الافتتاح؟ قال: إنه ليس في الصلاةِ، قرأ ولم يكنْ دخلَ في الصلاة، فكيف تجزئه تكبيرةُ الركوع؟ وإذا جاء والإمام راكع كبر تكبيرة وركع، حديث زيدٍ وابنِ عمرَ -رضي اللَّه عنه- (¬1). قيل له: ينوي بها الافتتاح؟ قال: نوى أو لم ينوِ، ما نعلم أحدًا قال ينوي، أليس جاء وهو يريد الصلاة؟ ! قُلْتُ: جاء والإمامُ جالسٌ؟ قال: يكبر تكبيرةً ثم يقعد. قُلْتُ: يكبر للقعود؟ قال: لا. قال إسحاق: عليه تكبيرتان إحداهما ينوي بها الافتتاحَ، ثم الثانية للركوع والجلوسِ، فإن كَبَّرَ واحدةً نوى بِها الافتتاح، ثم ركع ولمْ يكبرْ له أجزأه. هكذا معنى قول زيدِ بن ثابت، وإنْ كبر تكبيرةً لم ينوِ بها افتتاحها لم يجزئه لِمَا جاء: "مِفْتَاح الصلاةِ التكبير"، ولا بد من إحداث نية إذا دخلها، فإن نوى بالتكبير الافتتاحَ والركوعَ لمْ يجزْئه. "مسائل الكوسج" (187) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: إذا لم يكبر تكبيرة الافتتاح وكبر للركوع والسجود. قال: يعيدُ صلاتهُ. "مسائل أبي داود" (313) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 278 (3355).

قال ابن هانئ: قيل لأبي عبد اللَّه: إذا لم يكبر الرجل في الصلاة؟ قال: يعيد الصلاة. قال: وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تحريمها التكبير وتحليلها التسليم" (¬1). "مسائل ابن هانئ" (233) ونص أحمد في رواية إبراهيم بن الحارث على أنه: إذا لم يدرك التكبيرة مع الإمام لم يدرك التكبيرة الأولى. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 60 قال حنبل: سألت أبا عبد اللَّه عن قول: إذا سها المأموم عن تكبيرة الافتتاح وكبر للركوع رأيت ذلك مجزئًا عنه؟ فقال أبو عبد اللَّه: يجزئه إن كان ساهيًا؛ لأن صلاة الإمام له صلاة. ونقل إسماعيل بن سعيد الشالنجي عن أحمد فيمن ترك تكبيرة الافتتاح في الصلاة، قال: إن تركها عمدًا لم تجزئه صلاته. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 315 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 123، 129، وأبو داود (61، 618)، والترمذي (3). من حديث علي بن أبي طالب. قال الترمذي: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وقال النووي في "المجموع" 3/ 289: رواهما أبو داود والترمذي وغيرهما بإسناد صحيح وقال ابن حجر في "الفتح" 2/ 267: أخرجه أصحاب السنن بسند صحيح. وقال الألباني في "الإرواء" (301): صحيح.

409 - رفع اليدين في الصلاة وكيفيته

409 - رفع اليدين في الصلاة وكيفيته قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كيف يرفعُ يديه في الصلاةِ؟ قال: حذو منكبيه إذا كَبَّرَ وإذا ركعَ وإذا رفعَ رأسَهُ مِنَ الرُّكوعِ. قال إسحاق: كما قال، ولا يفعل في شيء من السجودِ ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (186) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما رفعُ اليدين عند الركوعِ فإن ذَلِكَ سنةٌ، يرفعُ يديه عند افتتاحِ الصلاةِ حَذو مَنكِبيه، وإذا ركعَ، وإذا رفعَ رأسَهُ، ولا يفعل ذَلِكَ في السجودِ ولا من السجدتين. "مسائل الكوسج" (472) قال صالح: وسألته عن رجل يُبلى بأرض ينكرون فيها رفع اليدين في الصلاة وينسبون إليه الرفض إذا فعل ذلك، هل يجوز له ترك الرفع؟ قال أبي: لا يترك ولكن يداريهم. "مسائل صالح" (161) قال صالح: وسألت أبي عن رفع الأيدي عند الركوع وبعد الروع، والجهر بآمين عند {وَلَا الضَّالِّينَ} وفصل الوتر؟ فقال: يرفع يديه قبل الركوع وبعد الركوع، ويوتر بركعة إذا كان قبلها صلاة متقدمة، على حديث ابن عمر: يفصل بين الركعتين. وقال: يجهر بآمين عند: {وَلَا الضَّالِّينَ}. "مسائل صالح" (538) قال صالح: قلت: ما تقول في رفع اليدين عند الافتتاح، وقد جاء القولان، قول عمر ووائل ابن حجر؟

قال أبي: يرفع يديه عند الافتتاح، وقبل الركوع، وبعد الركوع. وفي بعض ما روي عن وائل بن حجر: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يرفع يديه إذا كبر، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا أراد أن يسجد رفع يديه (¬1). "مسائل صالح" (549) قال صالح: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد ابن زيد، عن هشام، عن محمد قال: هو من تمام الصلاة؛ رفع اليدين. "مسائل صالح" (1244) قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا السالحيني والأشيب، عن ابن لهيعة، عن عبد اللَّه بن هبيرة، عن أبي مصعب مشرح بن هاعان، عن عقبة ابن عامر قال: إن للرجل بكل إشارة يشير بها في الصلاة عشر حسنات (¬2). قال السالحيني: بكل إصبع. "مسائل صالح" (1245) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 317، وأبو داود (723) بنحوه وقال: روى هذا الحديث همام عن ابن جحادة، لم يذكر الرفع مع الرفع من السجود. قلت: رواه مسلم (504) دون رفع اليدين عند السجود. (¬2) رواه الطبراني 17/ 297 من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ، عن ابن لهيعة به بلفظ: يكتب في كل إشارة يشيرها الرجل بيده في الصلاة بكل أصبع حسنة أو درجة قال الهيثمي في "المجمع" 2/ 103: رواه الطبراني وإسناده حسن. وقال الألباني في "الصحيحة" (3286): إسناده صحيح. اهـ قلت: وقد روي مرفوعًا، رواه المؤمل بن إهاب في "جزئه" ص 98 (26) بلفظ: "في كل إشارة في الصلاة عشر حسنات".

قال صالح: قال أبي: رأيت إسماعيل ابن علية يرفع يديه، وكان حسن الصلاة. ومعتمر بن سليمان وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد كانوا يرفعون أيديهم في الصلاة. "مسائل صالح" (1246) قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن حطان قال: صلى بنا أبو موسى وكان يرفع يديه (¬1). "مسائل صالح" (1247) قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ سئل: تذهبُ إليه أي: إلى نشرة الأصابع إذا كبَّرت؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (212) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: افتتح الصلاة ولم يرفع يديه يعيدُ؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (213) قال أبو داود: رأيتُ أحمد يرفعُ يديه عند الركوع وعند الرفع من الركوع كرفعه عند الاستفتاح يحاذيان أذنيه وربما قصر عن رفع الافتتاح. "مسائل أبى داود" (234) ¬

_ (¬1) رواه الدارقطني 1/ 192 من طريق النضر بن شميل عن حماد بن سلمة به بلفظ: هل أريكم صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . الحديث. وذكره الزيلعي في "نصب الراية" 1/ 415 وقال: وأخرجه البيهقي عن محمد بن حميد الرازي، وقال الشيخ في "الإمام": وهاتان الروايتان مرفوعتان، ورواه ابن المبارك عن أبي موسى اهـ بتصرف، وأشار الدارقطني في "العلل" 7/ 254 إلى هذا الطريق وقال: والصواب من حديث الأزرق بن قيس عن حطان قول من وقفه عن حماد بن سلمة.

قال أبو داود: سمعتُ أحمد قيل له: رجل سمع هذِه الأحاديث عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثمَّ لا يرفعُ، هو تامُّ الصلاة؟ قال: تمامُ الصلاة لا أدري، ولكنْ هو عندي في نفسه متغرِّض، وقال محمد -يعني: ابن سيرين: هو من تمام الصلاة (¬1). "مسائل أبي داود" (235) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن الرفع إذا قام من الثنتين؟ قال: أمَّا أنا فلا أرفعُ يدي. فقيل له: بين السجدتين أرفعُ يدي؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (236) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: الوليد بن مسلم، عن زيد بن واقد، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان إذا رأى رجلًا لا يرفع يديه حصبه (¬2). "مسائل ابن هانئ" (909) قال ابن هانئ: سُئل: إذا نهض الرجل من الركعتين، يرفع يديه؟ قال: إن فعلهُ فما أقربه، فيه عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبي حميد (¬3). وأحاديث صحاح، ولكن قال الزهري في حديثه: ولم يفعل في شيء من صلاته. وأنا لا أفعله. "مسائل ابن هانئ" (236) ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "رفع اليدين" (41). (¬2) رواه البخاري في "رفع اليدين" ص 53 (36)، والحميدي في "مسنده" 1/ 515 (627)، والدارقطني 1/ 289. (¬3) حديث ابن عمر رواه الإمام أحمد 2/ 62، والبخاري (735)، ومسلم (390). وحديث أبي حميد رواه الإمام أحمد 5/ 424.

قال ابن هانئ: وسئل عن حديث مجاهد: ما رأيت ابن عمر يرفع يديه إلا حين يفتتح الصلاة (¬1)؟ قال: هذا خطأ. نافع، وسالم، أعرف بحديث ابن عمر، وإن كان مجاهد أقدم، فنافع أعلم منه. وسئل عن حديث ابن عمر في الرفع؟ قال: رواه أبو بكر بن عياش، عن حصين، عن مجاهد، عن ابن عمر: وهو باطل. وقد روي عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خلاف ذلك. وقد روي عنه مرسلًا خلاف ذلك؛ حديث الوليد: أنه كان إذا رأى رجلًا لم يرفع يديه حصبه. "مسائل ابن هانئ" (237) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وذكر الرفع، فقال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يرفع يديه في الصلاة. وقال عقبة بن عامر: له بكل إشارة عشر حسنات (¬2). وكان ابن عمر إذا رأى رجلًا لا يرفع يديه حصبه. وقال ابن سيرين: الرفع من تمام الصلاة (¬3). قال أبو عبد اللَّه: من رفع فهو أتم صلاة ممن لا يرفع، ومن ترك الرفع فقد رغب عن سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قرأت على أبي عبد اللَّه: الوليد بن مسلم، عن زيد بن واقد، عن نافع، ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 214 (2452) من طريق أبي بكر بن عياش، عن حصين، عن مجاهد به قال ابن التركماني في "الجوهر النقي" 2/ 74: وهذا سند صحيح. (¬2) سبق تخريجه. (¬3) رواه البخاري في "رفع اليدين في الصلاة" ص 97 (85).

عن ابن عمر أنه كان إذا رأى رجلًا لا يرفع يديه حصبه. "مسائل ابن هانئ" (240) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رفع اليدين في الصلاة؟ فقال: من رفع أفضل. "مسائل عبد اللَّه" (251) قال عبد اللَّه: سألت أبي عمن يتقدم في الصلاة: رجل يحفظ القرآن لا يرفع يديه إذا ركع أو رجل يرفع لا يحفظ القرآن؟ قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اللَّه، وينبغي له أن يرفع يديه؛ لأنه السنة. "مسائل عبد اللَّه" (252) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن الرفع في الصلاة؟ فقال: يرفع إذا رفع رأسه، ولا يرفع بين السجدتين. قال عبد اللَّه: رأيت أبي إذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا الوليد بن مسلم قال: سمعت زيد بن واقد يُحدِّث عن نافع قال: كان ابن عمر إذا رأى مصليًا لا يرفع يديه في الصلاة حصبه وأمره أن يرفع يديه. قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: يروى عن عقبة بن عامر أنه قال في رفع اليدين في الصلاة: له بكل إشارة عشر حسنات (¬1). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: حديث عاصم بن كليب، عن عبد الرحمن ابن الأسود، عن علقمة؟ ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه قريبًا.

قال: قال ابن مسعود: ألا أصلي بكم كما رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي حدثنا أبو عبد الرحمن الضرير قال: كان وكيع ربما قال -يعني: ثم لا يعود. قال أبي: وكيع يقول هذا من قبل نفسه -يعني: ثم لا يعود. قال أبي: وقال الأشجعي في هذا الحديث فرفع يديه أول شيء. قال أبي: وحديث عاصم بن كليب رواه ابن إدريس فلم يقل: ثم لا يعود. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن آدم قال: أملى علي عبد اللَّه ابن إدريس عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود قال: حدثنا علقمة، عن عبد اللَّه بن مسعود قال: علمنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فكبر ورفع يديه وركع وطبق يديه فجعلهما بين ركبتيه، فبلغ سعدًا فقال: صدق أخي، قد كنا نفعل ذلك ثم أمرنا بهذا، وأخذ بركبتيه، عاصم بن كليب هكذا (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 388، وأبو داود (848)، والترمذي (257). قال الترمذي: حديث ابن مسعود حديث حسن، وصححه ابن حزم في "المحلى" 4/ 88، والألباني في "صحيح أبي داود" (733). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 418، وأبو داود (747)، والنسائي 2/ 184، والدارقطني 1/ 339 من طرق عن عبد اللَّه بن إدريس بهذا الإسناد. قال الدارقطني: هذا إسناد ثابت صحيح. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (732): إسناده صحيح على شرط مسلم.

قال أبي: لفظ غير لفظ وكيع، وكيع كان رجل يحمل على نفيه في حفظ الحديث. "مسائل عبد اللَّه" (253) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل إذا رفع رأسه فقال: سمع اللَّه لمن حمده، يرفع يديه؟ (¬1) قال عبد اللَّه: وذكرت لأبي حديث محمد بن جابر عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه في رفع اليدين. قال: هذا ابن جابر، أيش حديثه؟ ! هذا حديث منكر، أنكره جدًّا. قال عبد اللَّه: سألت يحيى عن محمد بن جابر فتكلم فيه بكلام غليظ وقال: ما يحدث عنه إلا من هو أشر منه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا أبو بكر النهشلي، عن عاصم ابن كليب، عن أبيه، عن علي: أنه كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يعود (¬2). قال: وكان قد شهد صفين. قال أبي: ولم يروه عن عاصم غير أبي بكر النهشلي! أعلمه، كأنه أنكره. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، ثنا روح أن زكريا بن إسحاق قال: نا أبو الزبير: أنه رأى ابن عمر وعبد اللَّه بن الزبير يرفعان أيديهما إذا كبرا ¬

_ (¬1) جواب المسألة ساقط من الأصل. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 1/ 213 (2442)، والبخاري في "رفع اليدين في الصلاة" ص 46 (29)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 225، وذكره الزيلعي في "نصب الراية" 1/ 406 وقال: وهو أثر صحيح.

في الصلاة، اذا رفعا رءوسهما من الركوع (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي: نا هشيم [قال: أخبرنا] (¬2) أبو حمزة قال: رأيت ابن عباس رفع يديه حين افتتح الصلاة، وحيث ركع وحيث رفع رأسه من الركوع (¬3). "مسائل عبد اللَّه" (269) قال البغوي: رأيت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل رحمه اللَّه إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع فعل ذلك. "مسائل البغوي" (1) قال البخاري: قال أحمد بن حنبل: رأيت معتمرا ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن، ويحيى، وإسماعيل، يرفعون أيديهم عند الركوع إذا رفعوا رءوسهم. "رفع اليدين" للبخاري ص 160 قال في رواية محمد بن موسى وقد سُئل عن قوم ينهون عن رفع اليدين في الصلاة؟ فقال: لا ينهاك إلا مبتدع، فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك. "العدة" 1/ 323 ¬

_ (¬1) لم أقف عليه هكذا، لكن رواه البخاري في "رفع اليدين في الصلاة" ص 111 (104) من طريق معمر، عن إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير قال: رأيت ابن عمر حين قام إلى الصلاة رفع يديه حتى تحاذي أذنيه .. (¬2) زيادة أثبتناها من مصادر التخريج. (¬3) رواه عبد الرزاق 2/ 69 (2523)، وابن أبي شيبة 1/ 212 (2431)، والبخاري في "رفع اليدين" ص 61 (47).

قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل يقول: حدثنا أبو النضر عن الربيع عن صبيح، قال: رأيت عطاء، وطاوسًا، ومجاهدًا، والحسن، وابن سيرين، ونافعًا، وابن أبي نجيح، والحسن بن مسلم، وقتادة، يرفعون أيديهم عند الركوع وعند الرفع منه (¬1). قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: رأيت معمر بن سليمان، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي وإسماعيل بن علية، يرفعون أيديهم عند الركوع وإذا رفعوا رءوسهم. "التمهيد" 3/ 76 - 77 قال الأثرم: حضرت أحمد بن حنبل -وقال له رجل غريب: رأيتك ترفع يديك إذا أردت الركوع. ونحن عندنا لا نفعل ذلك، أفتراه ينقص من الصلاة إذا لم نفعل؟ فقال: ما أدري. أما نحن فنفعله وهو الأكثر عندنا، وأثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه، وقال بعض أصحابه: له بكل إشارة عشر حسنات، بكل أصبع حسنة (¬2). وسمعته غير مرة يسأل عن رفع اليدين عند الركوع وإذا رفع رأسه؟ قال: ومَنْ شك في ذلك! كان ابن عمر إذا رأى من لا يرفع؛ حصبه (¬3). قيل لأحمد بن حنبل: رفع اليدين من السجدتين. فذكر حديث سالم عن ابن عمر، ولا يرفع بين السجدتين، ثم قال: نحن نذهب إلى حديث ابن عمر. "التمهيد" 3/ 81، "الاستذكار" 4/ 106 - 107. ¬

_ (¬1) ذكره البخاري في "رفع اليدين في الصلاة" ص 118 (120)، وابن عبد البر في "التمهيد" 9/ 218. (¬2) تقدم تخريجه عن عقبة بن عامر -رضي اللَّه عنه-. (¬3) تقدم تخريجه.

روى الأثرم عن أحمد: كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يرفعون أيديهم في الصلاة إذا ركعوا، وإذا رفعوا كأنها المراوح (¬1). قال أحمد بن شاكر: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا لم يرفع -يعني: يديه في الصلاة- فهو ناقص الصلاة. "طبقات الحنابلة" 1/ 111 - 112. قال عبد الرزاق: حدثنا أحمد بن حنبل، عن الوليد -يعني ابن مسلم- عن زيد بن واقد قال: سمعت نافعًا مولى ابن عمر يقول: إن ابن عمر كان إذا رأى مصليًا لا يرفع يديه في الصَّلاة حصبه، وأمره أن يرفع (¬2). "طبقات الحنابلة" 2/ 84 قال حنبل: وسأله رجل عن رفع اليدين في الصلاة؟ فقال: يروى عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من غير وجهٍ، وعن أصحابه: أنهم فعلوه إذا افتتح الصَّلاة، وإذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه من الركوع. قلت له: فبين السجدتين؟ قال: لا. قلت: فإذا أراد أن ينحط ساجدًا؟ قال: لا. فقال له العبَّاس العنبريُّ: يا أبا عبد اللَّه، أليس يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه فعله؟ ! قال: هذِه الأحاديث أقوى وأكثر. "طبقات الحنابلة" 2/ 154. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 212 (2432)، والبخاري في "رفع اليدين في الصلاة" ص 75 (65)، والبيهقي 2/ 75. (¬2) تقدم تخريجه.

قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: إلى أين يبلغ بالرفع؟ قال: أما أنا فأذهب إلى المنكبين، لحديث ابن عمر، ومن ذهب إلى أن يرفع يديه إلى حذو أذنيه فحسن. "المغني" 2/ 138 نقل أبو الحارث عنه: يجاوز بها أذنيه. "الفروع" 1/ 411 قال المروذي: قلت: من ترك الرفع يكون تاركًا للسنة؟ قال: لا نقول هكذا، ولكن نقول راغب عن فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "الفروع" 1/ 434 قال أحمد بن الحسن الترمذي: رأيت أبا عبد اللَّه إذا افتتح الصلاة رفع يديه قريبًا من شحمة أذنيه ونشر أصابعه. قال الفضل بن زياد: سألته عن رجل بُلِي بأرض ينكرون فيها رفع اليدين في الصلاة، وينسبونه إلى النقص، يجوز له ترك الرفع؟ قال: لا يترك ذلك، يداريهم، إنما قال: يداريهم، لأنه لا طاقة له بهم، وأمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عائشة بالرفق. قال في رواية ابن مشيش: رفع اليدين في الصلاة من السنة. قال الأثرم: وقد سئل عن رفع اليدين؟ فقال: في كل خفض ورفع. وقال: رأيت أبا عبد اللَّه يرفع يديه في الصلاة في كل خفض ورفع. قال الحسن الأنماطي: رأيت أبا عبد اللَّه إذا رفع رأسه من الركوع لا يرفع يديه حتى يستتم قائمًا. "بدائع الفوائد" 3/ 75، 76، 77، 78.

ونقل عنه المروذي: لا يرفع يديه بين السجدتين، فإن فعل فهو جائز. وقال جعفر بن محمد: قال أحمد: يرفع يديه في كل موضع إلا بين السجدتين. "بدائع الفوائد" 3/ 77، "فتح الباري" لابن رجب 6/ 352 قال أبو بكر السراج: سئل أحمد بن حنبل عن حديث أبي حميد الساعدي، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في رفع الأيدي (¬1)؟ فقال: صحيح. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 337 قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل، ثنا هاشم بن القاسم، حدثنا الربيع ابن صبيح، قال: رأيت الحسن وابن سيرين وعطاء وطاوسًا ومجاهدًا ونافعًا وقتادة وابن أبي نجيح والحسن بن مسلم إذا دخلوا في الصلاة كبروا ورفعوا أيديهم، وإذا كبروا للركوع رفعوا أيديهم، وإذا كبروا للركوع رفعوا أيديهم (¬2) غير أن أهل الحجاز كانوا يرفعون أيديهم إذا قاموا من الركعتين من الفريضة وكانوا يقعون على أعقابهم. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 348 قال مهنا: سألت أحمد ويحيى عن هذا الحديث؟ فقالا جميعًا: ليس بصحيح. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 357 ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) سبق تخريجه.

410 - موضع اليدين في الصلاة

410 - موضع اليدين في الصلاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أين يضعُ يمينه على شماله؟ قال: كلُّ هذا عندي واسعٌ. قُلْتُ: إذا وضع يمينَه على شماله أين يضعهما؟ قال: فوقَ السرةِ وتحته، كل هذا واسمع كلّ هذا ليس بذاك. قال إسحاق: كما قال تحت السُّرَّة أقوى في الحديث وأقرب إلى التواضعِ. "مسائل الكوسج" (211) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: وضعُ اليمين على الشمال في الصلاة تختارُه؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (219) قال أبو داود: وسمعتهُ سئل عن وضعه فقال: فوق السرة قليلًا وإن كان تحت السرة فلا بأس. "مسائل أبي داود" (220) قال أبو داود: وسمعتُه يقولُ: يكرهُ أن يكون -يعني: وضع اليدين- عند الصدر. "مسائل أبي داود" (221) قال عبد اللَّه: رأيت أبي إذا صلى وضع يديه إحداهما على الأخرى فوق السرة. قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا يحيى بن زكريا بن زائدة أبو سعيد، عن عبد الرحمن بن إسحاق عن زياد بن زيد السوائي عن أبي جحيفة، قال:

قال علي: إن من السنة في الصلاة وضع الأكف على الأكف تحت السرة (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (260) وقال أبو إسحاق الرقي: سُئل أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل -وأنا حاضر- ما معنى وضع اليمين على الشمال في الصلاة؟ فقال: ذلٌّ بين يدي عزّ. "طبقات الحنابلة" 1/ 213 ونقل أحمد بن أصرم عنه: يقبض بيمينه على رسغ يساره. ونقل أبو طالب عنه: يضع يده اليمنى واضعًا بعضها على كفه اليسرى، وبعضها على ذراعه الأيسر. وقال أبو طالب: سألت أحمد أين يضع يده إذا كان يصلي؟ قال: على السرة أو أسفل. ونقل المزني عنه: أسفل السرة بقليل، ويكره أن يجعلهما على الصدر، وذلك لما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نهى عن التكفير، وهو وضع اليد على الصدر (¬2). "بدائع الفوائد" 3/ 78، 79. ¬

_ (¬1) رواه عبد اللَّه في زوائده على "المسند" 1/ 110 عن محمد بن سليمان، عن يحيى به، كما رواه أبو داود (756) من طريق حفص بن غياث، عن عبد الرحمن بن إسحاق به. قال الحافظ في "تلخيص الحبير" 1/ 272: وفيه عبد الرحمن بن إسحاق وهو متروك. (¬2) "النهاية في غريب والحديث والأثر" 4/ 100، و"لسان العرب" 6/ 3720.

411 - ما يقول إذا افتتح الصلاة

411 - ما يقول إذا افتتح الصلاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما يقول إذا افتتحَ الصلاةَ؟ قال: أما أنا فأذهبُ إلى قول عمر -رضي اللَّه عنه- (¬1)، وإنْ قال كُلَّ ما رُوِيَ عَن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فليس به بأسٌ، وعامته ما قال في صلاة الليل. ذكر له حديث علي ابن علي (¬2) فلم يعبأ به شيئًا. قال إسحاق: ونختارُ له أن يقولَ: "وجَّهْتُ وجهي للذي فطر السمواتِ والأرض" حديث علي (¬3)، ويُلْحِق: "سبحانك اللَّهُمَّ وبحمدك" بِهِ، فقد جمعهما علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- في حديث ذُكِرَ عنه. "مسائل الكوسج" (185) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: استفتاحُ الصلاة: سبحانكَ اللَّهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدُّك ولا إله غيرك؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (208) ¬

_ (¬1) روى مسلم (399) أن عمر بن الخطاب كان يجهر بهؤلاء الكلمات يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 50، وأبو داود (775)، والترمذي (242)، والدارمي 1/ 282، والبيهقي 2/ 34 - 35، والدارقطني 1/ 298 - 299 من طريق علي بن علي اليشكري عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا قام من الليل واستفتح صلاته وكبر قال: "سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك". . الحديث. وقال الترمذي: وقد تكلم في إسناد حديث أبي سعيد، كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي الرفاعي. وقال أحمد: لا يصح هذا الحديث. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (748). (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 94 - 95، ومسلم (771).

قال أبو داود: وسألتهُ مرةً أخرى؟ فقال: نحن نذهبُ إلى استفتاح عمر. "مسائل أَبي داود" (209) قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يصلي تطوّعًا، يفتتح الصلاة عند التسليم، إذا سلّم ثم قام بتكبير يفتتح الصلاة؟ قال: إذا افتتح في أول الركعتين أجزأه. "مسائل ابن هانئ" (239) قال عبد اللَّه: سألت أبي قلت: ما يقول في هذِه السكتة التي بين تكبيرة الافتتاح والقرآن، أهي أحب إليك أم إضافة القرآن إلى التكبير؟ فقال أبي: أما الذي نذهب إليه في الافتتاح: فإنه إذا كبر أو رفع يديه، فإنا نذهب إلى ما روينا عن عمر أنه كان يقول: إذا افتتح الصلاة قال: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك" (¬1). قال أبي: وقد روى ذلك بعض الناس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم يقول: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، ثم يقرأ فاتحة الكتاب ولا يجهر بـ (بسم اللَّه الرحمن الرحيم)، ويستحب إذا فرغ من قراءة سورة قبل أن يركع أن يسكت سكتة ثم يكبر للركوع، بلغنا ذلك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (270) قال عبد اللَّه: وقال: أختار افتتاح الصلاة بـ (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم، إن اللَّه هو السميع العليم) هذا أعجب إلي. وحديث أبي المتوكل عن أبي ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) تقدم تخريجه.

سعيد! كأنه لم يحمد إسناده. "مسائل عبد اللَّه" (271) قال أبو طالب: وسئل عمن ترك شيئًا من الدعاء في الصلاة عامدًا؟ فقال: يعيد. "الانتصار" 2/ 279 ونقل حنبل عنه: كان ابن مسعود وأصحابه لا يعرفون الافتتاح يكبرون، ولو فعل هذا رجل أجزأه، وأهل المدينة لا يعرفون الافتتاح. ونقل عنه أيضًا: إذا أراد أن يبتدئ الصلاة يكبر، ثم يستفتح استفتاح عمر ثم يتعوذ: أعوذ باللَّه السميع العليم، من الشيطان الرجيم، إن اللَّه هو السميع العليم، ثم يقرأ ويبدأ بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، هذا كله يخافت به فإن جهر بها فهو سهو يسجد سجدتي السهو إذا جهر بها. ونقل حرب عنه: اختار افتتاح الصلاة بـ (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم، إن اللَّه هو السميع العليم) هذا أعجب إلي. وحديث أبي المتوكل عن أبي سعيد! كأنه لم يحمد إسناده. قال: لا يقرأ الإمام إلا بعد سكتة حتى يقرأ من خلفه الفاتحة. "بدائع الفوائد" 3/ 79، 80 قال الميموني: قال أحمد: ما أحسن حديث أبي هريرة في الاستفتاح -يعني: الحديث الذي خرجه البخاري -فقيل له: فإن بعض الناس يقول: هذا كلام. فقال متعجبًا: وهل الدعاء إلا كلام في الصلاة وتجوز؟ ! والمنكر لهذا هو من يقول من الكوفيين: إنه لا يجوز الدعاء في الصلاة إلا بلفظ القرآن. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 386

فصل في القراءة في الصلاة

فصل في القراءة في الصلاة 412 - الاستعاذة في الصلاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: إذا تعوذ قبلَ فاتحةِ الكتاب يجزئه أو لا؟ قال: أجزأه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (195) قال أبو داود: سمعتُ أحمد قيل له: يستعيذُ الرجلُ؟ قال: نعم إذا استفتح الصلاة. "مسائل أبي داود" (211) قال ابن هانئ: سألته عن التعوذ؟ قال: يقول: أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم. "مسائل ابن هانئ" (231) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الاستعاذة؟ فقال: أذهب إلى حديث مسلم بن يسار: أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم (¬1). "مسائل ابن هانئ" (238) نقل جعفر بن محمد: يستعيذ في كل ركعة، لأنها ركعة فيها قراءة، فكان فيها استعاذة كالأولى. نقل أبو طالب المشكاني: أنها تختص بالركعة الأولى. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 215 (2458).

413 - الاستعاذة خلف الإمام

ونقل مهنا: لا يستعيذ قياسًا على القراءة -يقصد المأموم خلف الإمام. ونقل الأثرم، وأحمد بن إبراهيم الكوفي: يستعيذ -أي: المأموم- لأنه ذكر يسر به الإمام. "الروايتين والوجهين" 1/ 116 نقل حنبل عنه: لا يقرأ في صلاة ولا غير صلاة إلا الاستعاذة، لقوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)}. ونقل ابن مشيش عنه: كلما قرأ يستعيذ. "إغاثة اللهفان" ص 104 ونقل المروذي عن أحمد: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم، إن اللَّه هو السميع العليم. ونقل حنبل عن أحمد: أعوذ باللَّه السميع العليم من الشيطان الرجيم، إن اللَّه هو السميع العليم. "زاد المسير" 4/ 490 413 - الاستعاذة خلف الإمام قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل سفيان أيستعيذُ الإِنسانُ خلفَ الإمامِ؟ قال: إنما يَستعيذ من يقرأُ. قال أحمد: صدق. قال إسحاق: كما قال، إلا أنه إذا كان مسبوقًا فقام يقضي استعاذَ أيضًا؛ لأن الاستعاذةَ وإن لم يَقرأ فإنَّ عَليه أنْ يستعيذَ لئلا يكونَ له في الصلاةِ وَسوسة الشيطانِ وما أشبهها. "مسائل الكوسج" (346)

414 - الجهر بالبسملة وقراءتها

نقل عنه أبو طالب: أنها -أي الاستعاذة- تختص بالركعة الأولى. ونقل عنه جعفر بن محمد النسائي: يستعيذ في كل ركعة. وقال في رواية مهنا: لا يستعيذ قياسًا على القراءة. وقال في رواية أحمد بن إبراهيم، والأثرم: يستعيذ. "الروايتين والوجهين" 1/ 116 414 - الجهر بالبسملة وقراءتها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قول ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: الجهرُ قراءةُ الأعرابِ (¬1)؟ قال: كأنه يُخفتهم بذلك -يعني: من قرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. قال إسحاق: إنَّمَا معنى ذَلِكَ ما كان يعني به: الجهر بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، يقول: الأعرابُ يحسنون ذَلِكَ، يعيرهم بفعلِ الأعرابِ. "مسائل الكوسج" (198) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا تركوا الجهرَ بها؟ قال أحمد: يقرأ بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في كلِّ سورةٍ ولا يجهر بها. قال إسحاق: كما قال إذا لمْ يرد الجهرَ. "مسائل الكوسج" (199) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ: رجلٌ صلَّى صلواتٍ فلمْ يقرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}؟ قال: يعيدُ الصلواتِ. "مسائل الكوسج" (500)، (3472) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 89 (2605)، وابن أبي شيبة 1/ 360 - 361 (4143).

قال صالح: وسمعته يقول: يقرأ الرجل: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، في أول كل سورة. قلت: الرجل يقرأ فاتحة الكتاب وهو في الصلاة، فإذا فرغ وافتتح سورة أخرى: يقرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}؟ قال: نعم، ولا يجهر بها؛ لأن ابن عمر قرأها مرتين حين ابتدأ الحمد وسورة، وعدها ابن عباس آية. "مسائل صالح" (415) قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا إسماعيل، قال: كان سليمان التيمي يجهر بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (¬1). "مسائل صالح" (721) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: إذا صلَّى بقومٍ في رمضان يقرأُ عند كلِّ سورة: بسم اللَّه الرحمن الرحيم؟ قال: نعم لا يجهرُ به. قلتُ: يقرأ به في نفسه؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (214) قال أبو داود: سمعتُه يقولُ: يعجبني أن يقرأُ عند كلِّ سورةٍ فإنهم عدُّوهُ آيةً. "مسائل أبي داود" (215) ¬

_ (¬1) رواه الدارقطني 1/ 308، والحاكم 1/ 233 - 234 من طريق محمد بن المتوكل بن أبي السري عن المعتمر بن سليمان عن أبيه به، وفي آخره زيادة أنه قال: ما آلو أن أقتدي بصلاة أن بن مالك، وقال أن: ما آلو أن أقتدي بصلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال الحاكم: رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات. اهـ قلت: وقول أن هذا يعارضه ما رواه البخاري عنه (743) وكذا مسلم (399) -واللفظ له- حيث قال أن: صليت مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدًا منهم يقرأ: بسم اللَّه الرحمن الرحيم.

قال أبو داود: قلتُ لأحمد: إذا قرأ في المصحف أعني في غير الصلاة يقرأُ عند كل سورةٍ؟ قال: نعم. قلتُ: يجهرُ قال: إنْ شاء جهر وإنْ شاء أخفى. "مسائل أبي داود" (216) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: إذا ابتدأتُ حين نشرتُ المصحف أقرأُ: بسم اللَّه الرحمن الرحيم؟ قال: يعجبني أن تقرأ ما في المصحف. "مسائل أبي داود" (217) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئل عن الرجل يقرأُ العشر أو أوَّل السبع يقرأُ: بسم اللَّه الرحمن الرحيم؟ قال: إن قرأ فلا بأس، والذي نستحب أن يقرأ كما هو في المصحف في مواضعها. "مسائل أبى داود" (218) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الإمام يفرغ من السورة، ويريد أن يبتدئ في الأخرى أيقول: بسم اللَّه الرحمن الرحيم؟ قال: يقرأ في رأس كل سورة بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، مثل ما في المصحف، فإن قرأ سورتين أو ثلاثًا، يقرأ في كل خاتمة سورة: بسم اللَّه الرحمن الرحيم. وقال: هي آية من كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. وقال: لا يجهر بها. فقلت: من نسي آمين، وبسم اللَّه الرحمن الرحيم، توجب عليه سجدتي السّهو؟ قال: لا. "مسائل ابن هانئ" (247)

قال ابن هانئ: سألته: هل يجهر في كل خاتمة سورة بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}؟ قال: لا يجهر. "مسائل ابن هانئ" (264) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: يقول الرجل: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. في أول كل سورة. قيل لأبي: الرجل يقرأ فاتحة الكتاب وهو في الصلاة، فإذا فرغ افتتح سورة أخرى يقرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}؟ قال: نعم، ولا يجهر بها، لأن ابن عمر قرأها مرتين حتى ابتدأ الحمد وسورة (¬1)، وعدها ابن عباس آية (¬2). قال عبد اللَّه: وعلمني أبي قال: استعذ هكذا. "مسائل عبد اللَّه" (272) ¬

_ (¬1) رواه الشافعي في "المسند" 1/ 81 (226) من طريق ابن جريج عن نافع به ومن طريقه البيهقي في "الشعب" 2/ 439 (2335)، كما رواه ابن أبي شيبة 1/ 361 (4155) من طريق عبيد اللَّه عن نافع به، بينما رواه الطبراني في "الأوسط" 1/ 257 (841)، والبيهقي 2/ 48 كلاهما عن ابن عمر مرفوعًا، وقال البيهقي: الصواب موقوف. اهـ وذكره الهيثمي في "المجمع" 2/ 109، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عبد الرحمن بن محمد بن عبد اللَّه بن عمر العمري، وهو ضعيف جدًّا. اهـ. وقد ذكر ابن حجر أيضًا أن الصواب في ذلك عن ابن عمر أنه غير مرفوع. "التلخيص" 1/ 234. (¬2) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 200.

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: في الرجل يجهر: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فيما بين السورتين في شهر رمضان أو غيره؟ قال: أرجو أن لا يلزمه منه في هذا بشيء. "مسائل عبد اللَّه" (273) قال عبد اللَّه: قال أبي: يعجبني إذا قرأ الرجل بدأ بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ثم يقرأ بفاتحة الكتاب، فإذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} قال: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} يقرأ كما في المصحف. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عن ابن سعد، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان إذا استفتح الصلاة قال: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وإذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} قال: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (274) نقل أبو زرعة الدمشقي وأحمد بن إبراهيم الكوفي عنه: البسملة إحدى آياتها لما روى أبو هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "الحمد سبع آيات، إحدى آياتها {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (¬2). "الروايتين والوجهين" 1/ 118 ¬

_ (¬1) رواه الشافعي في "مسنده" ص 81 (226)، وعبد الرزاق 2/ 90 (2608) من طريق ابن جريج عن نافع عن ابن عمر به ورواه من طريق عبيد اللَّه عن نافع عن ابن عمر البيهقي 2/ 192. (¬2) رواه الدارقطني 1/ 312، والطبراني في "الأوسط" 5/ 208 (5102)، والبيهقي في 2/ 45، 376، وقد اختلف في إسناده؛ فروي عن أبي هريرة موقوفًا أيضًا، حكى ذلك الاختلاف الدارقطني في "العلل" 8/ 148، وقال عن الطريق الموقوف: هو أشبهها بالصواب. اهـ. =

نقل حنبل، أبو طالب: إذا سها أن يقرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} أجزأه. "الانتصار" 2/ 225 ونقل حنبل: هي آية لا يترك قراءتها عند فصل السور في أول قراءته كما هي في المصحف. "الانتصار" 2/ 237 قال الحسن بن ثواب: قال: يقرؤها في نفسه. قال مهنا: قال: أكره أن يجهر بها. "الانتصار" 2/ 239 قال أحمد بن هشام الأنطاكي: سئل عن {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} من فاتحة الكتاب؟ فقال: نعم هي إحدى آياتها. "بدائع الفوائد" 3/ 80 قال مهنا: قال أحمد: عامة أهل المدينة يجهر بها، الزهري وربيعة، وذكر ابن عباس وابن الزبير (¬1). قال أبو طالب: قلت: يُجهر بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}؟ قال: بالمدينة نعم، وهاهنا من كان يرى أنها آية من كتاب اللَّه مثل ما قال ابن عباس وأبو هريرة وابن الزبير كانوا يجهرون بها ويتأولونها من كتاب اللَّه. ¬

_ = وقال الحافظ في "التلخيص" 1/ 233: وصحح غير واحد من الأئمة وقفه على رفعه، وأعله ابن القطان بهذا التردد، وتكلم فيه ابن الجوزي من أجل عبد الحميد ابن جعفر. فإن فيه مقالًا، ولكن متابعة نوح له مما يقويه، وإن كان نوح وقفه لكنه في حكم المرفوع، إذ لا مدخل للاجتهاد في عدَّ آي القرآن. اهـ. (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 361 - 362، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 200.

415 - حكم قراءة الفاتحة

وقال أبو طالب: سئل أحمد: هل يصلي الرجل خلف من يجهر {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}؟ قال: بالمدينة نعم. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 423، 424 415 - حكم قراءة الفاتحة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ قَال لا تجزئ صلاة إلا بفاتحةِ الكتابِ؟ قال: إذا كان خلفَ الإمامِ أَجْزَأته على حديث جابر: إلا وراء الإمام (¬1) قال: وإذا جهر الإمامُ فلا يقرأ. قال إسحاق: إذا جهرَ الإمامُ -يعني: قرأ قبلَهُ أو بعدَهُ بفاتحة الكتابِ- لابد؛ لقول عمرَ وعبادة -رضي اللَّه عنه- (¬2). "مسائل الكوسج" (192) ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (313)، ومالك في "الموطأ" ص 74، والبخاري في "القراءة خلف الإمام" (285) والدارقطني 1/ 327، والبيهقي 2/ 160. قال الترمذي: حسن صحيح. وقال الدارقطني: والصواب موقوف. وقال البيهقي: هذا هو الصحيح عن جابر من قوله غير مرفوع. وقال الألباني في "صحيح الترمذي" (258): صحيح موقوف. وقد روي من طرق مرفوعًا: رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 218، وابن عدي في "الكامل" 9/ 124 وأعله بيحيى بن سلام. والبيهقي 2/ 160. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (591). وانظر: "الإرواء" (500). (¬2) رواه عبد الرزاق 2/ 129 - 131 (2770، 2771، 2776، 2777)، والبخاري في "القراءة خلف الإمام" (15، 16) والدارقطني 1/ 317.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا لمْ يقرأْ في الأخيرتين؟ قال: لا تُجزئُهُ، كلُّ صلاةٍ لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب في كلِّ ركعةِ لا تجزئه إلا وراءَ الإمام. قال إسحاق: بلى، إذا قرأ في ثلاث ركعات بفاتحةِ الكتابِ أجزأه لا شكَّ في ذَلِكَ؛ لإجماع الأمةِ، أنه إذا أدرك الإمامَ راكعًا كَبَّرَ وقد أدركَ الركعةَ وقراءتَها. "مسائل الكوسج" (193) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ عمن نسي القراءةَ؟ قال: يعيدُ. "مسائل الكوسج" (413) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ عن رجلٍ صلَّى فنسيَ الحمد وقرأَ السورةَ، فلمَّا فرغ منها ذَكَرَ، أترى له أن يقرأ: الحمدُ للَّه، ثمَّ يركع؟ قال: كلما كان قبلَ أن يركعَ، كان ناسيًا، قرأ: الحمدُ للَّه، قراءة سورةٍ غيرها، فإنه يعودُ في الحمد، ثمَّ يقرأُ السورة بعدَ الحمد، فيكون كلٌّ في موضعه كما أمر، فإن كان ركع فذكر تركَ الحمد فإن الباقي عليه ركعتان، فله أن يقرأ الباقيتين، ولا يرجع مِنَ الركوعِ إلى القراءةِ، والعامد: أن يعمد، ولا يقرأ وهو راكعٌ. "مسائل الكوسج" (468) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا لم يقرَأ في الأخريين؟ قال: لا يجزئه، كلُّ صلاةٍ لا يقرأُ فيها بفاتحةِ الكتابِ في كلِّ ركعةٍ لا يجزئه إلا وراء الإمامِ. قال إسحاق: كلما قرأ في ثلاث ركعات، إمامًا كان أو منفردًا فصلاته

جائزةٌ؛ لما أجمع الخلق أنَّ كلَّ مَنْ أدركَ الإمامَ راكعًا، فركعَ معه ركعة أدركَ تلك الركعةَ وقراءتها. "مسائل الكوسج" (3263) قال صالح: قلت: حديث عمر: أنه لم يقرأ في الركعة الأولى من المغرب، فقرأ في الثانية الحمد وسورة ثم أعادها، أليس هو هكذا؟ قال أبي: هكذا يروي عكرمة بن عمار، ولا أذهب إليه. قال: وأذهب إلى أن عمر صلى فلم يقرأ: فأعاد الصلاة (¬1). "مسائل صالح" (279) قال صالح: قلت: من نسي القراءة في الركعتين من المغرب؟ قال أبي: كل ركعة لا يأتي بفاتحة الكتاب لا تجزئه. "مسائل صالح" (281) قال صالح: وسألت أبي، عن الإمام إذا لم يقرأ؟ قال: يعيد ويعيد من خلفه. قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن همام أن عمر صلى المغرب فلم يقرأ، فلما انصرف قالوا: يا أمير المؤمنين، إنك لم تقرأ. قال: إني حدثت نفسي وأنا في الصلاة بعيرٍ جهزتها من المدينة حتى دخلت الشام. ثم أعاد وأعاد القراءة (¬2). ¬

_ (¬1) يأتي تخريجهما قريبًا. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 1/ 349 (412)، ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" 2/ 958 (1036)، وقد ذكره الحافظ في "الفتح" 3/ 90 من عدة طرق عن عمر -وهي التالية بعدُ- ثم قال: ورجال هذِه الآثار ثقات.

قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا معمر بن سليمان الرقي، قال: حدثنا الحجاج، عن الحكم بن عتيبة، عن النخعي، عن همام بن الحارث، وعن عطاء، عن عبيد بن عمير: أن عمر بن الخطاب صلى بالناس الفجر -قال: ومن الناس من يقول: هي صلاة المغرب- فلم يقرأ، فلما انصرف قال الناس: يا أمير المؤمنين إنك لم تقرأ. قال: إني جهزت عيرًا، ثم نزلتها منزلًا منزلًا حتى أتيت الشام. ثم قال للمؤذن: أقم؛ فأعاد الصلاة. قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن أبي عدي، عن ابن عون، عن الشعبي، قال: قال الأشعري: صلى بنا عمر، فدخل ولم يقرأ، فابتغيت، وابتغيت حتى ابتغيت الأطناب، فقلت: يا أمير المؤمنين! إنك لم تقرأ. قال: ما قرأت شيئًا؟ قلت: ما قرأت شيئًا. قال: لقد رأيتني أجهز عيرًا بكذا وأفعل كذا. قال: فأمر المؤذنين، فأذنوا وأقاموا، وأعاد بنا الصلاة. قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا معاذ بن معاذ، قال: حدثنا ابن عون، عن الشعبي، عن أبي موسى الأشعري قال: صلى بنا عمر بن الخطاب المغرب، فدخل ولم يقرأ شيئًا. .، فذكر مثله. قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا يحيى بن أبي زائدة، قال: حدثنا عبد اللَّه بن عون، عن عامر قال: قال أبو موسى: صلى عمر المغرب بالناس، فلم يقرأ فيها شيئًا. .، فذكر معناه. قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن الشعبي: أن عمر بن الخطاب صلى المغرب فنسي أن يقرأ، فأعاد الصلاة، وقال: لا صلاة إلا بقراءة.

قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا وكيع، قال: زاد سفيان، عن جابر، عن عامر، عن زياد بن عياض الأشعري: أنه أمر المؤذنين -يعني: عمر- فأذنوا، وأعاد الصلاة (¬1). قال صالح: حدثنا أبي، قال: نا مسلم بن قتيبة، قال: حدثنا يونس، عن الشعبي، عن زياد بن عياض الأشعري: أن عمر صلى بهم المغرب، فلم يقرأ شيئًا، فقال له أبو موسى: يا أمير المؤمنين، ما قرأت شيئًا! فأقبل على عبد الرحمن بن عوف فقال: ما يقول؟ قال: صدق، فأمر مؤذنه فأقام، ولم يؤذن، فلما فرغ من صلاته قال: لا صلاة ليست فيها قراءة، إنما شغلني عن الصلاة عير جهزتها إلى الشام، فجعلت أفكر في أحلاسها وأقتابها (¬2). قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا عكرمة بن عمار، عن ضمضم بن جوْس الهفَّاني، عن عبد اللَّه بن حنظلة بن الراهب، قال: صلى بنا عمر المغرب فنسي أن يقرأ في الركعة الأولى، فلما قام في الثانية: قرأ بفاتحة الكتاب مرتين وسورتين، فلما قضى الصلاة سجد سجدتين (¬3). وقال معاذ: الهزاني. قال أبي: وإنما هو الهفاني. "مسائل صالح" (609) ¬

_ (¬1) رواه البيهقي في "السنن" 2/ 382. (¬2) رواه عبد الرزاق 2/ 124 (2753). (¬3) رواه عبد الرزاق 2/ 123 (2751)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 441 (2563)، والبيهقي 2/ 382، وليراجع كلام الحافظ عند أول موضع للأثر.

قال صالح: أخبرني محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة قال: صلى عمر المغرب فلم يقرأ في الركعتين شيئًا، فقيل له، فقال: كيف كان الركوع والسجود؟ قالوا: حسن. قال: فلا بأس، إني جهزت عيرًا بأحقابها وأقتابها ومنازلها (¬1). قال أبي: أبو سلمة: لم يدرك عمر. وتلك أثبت، قالوا: صلى بنا عمر. . قال أبي: يدخل على من قال: يعيد من لم يقرأ، لو أنه أدرك الإِمام راكعًا ولم يقرأ وركع أنه لا تجزئه صلاته؛ لأنه لم يقرأ خلف الإِمام، ولو أن الإِمام لم يقرأ فهو يزعم أنه إذا صلى خلفه أجزأته صلاته، فكأن صلاته تجزئه وإن لم يقرأ الإِمام. "مسائل صالح" (611) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن رجل قرأ في أربع ركعاتٍ بفاتحةِ الكتاب؟ قال: أرجو أنَّ صلاتهُ جائزةٌ. "مسائل أبي داود" (226) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عمن صلى فقرأ ولم يقرأ بفاتحة الكتاب؟ قال: لا تجزئُه صلاتُه. فقيل لأحمد: فقرأ بفاتحة الكتاب لم يقرأ بغيرهِ؟ قال: تجزئُه. "مسائل أبي داود" (227) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 348 (4006) والبيهقي 2/ 347، 381. قال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" 2/ 461: هذا حديث لا يصح، بل باطل. قال ابن حبان: محمد بن مهاجر كان يضع الحديث

قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عمن نسي أن يقرأ في الأوليين -يعني: وهو وحده- أيجزئهُ أن يقرأ في الآخرتين؟ قال: لابدَّ من أنْ يأتي في كلِّ ركعةٍ بفاتحة الكتاب، واحتجَّ بحديث وهب بن كيسان عن جابر (¬1). "مسائل أبي داود" (228) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب. "مسائل ابن هانئ" (245) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يصلي الظهر، فيقرأ في الركعتين الأوليين الحمد وسورة، ولا يقرأ في الآخرتين شيئًا؟ قال: يعيد الصلاة. وسألته عن الرجل يقرأ في الصلاة في الآخرتين بالحمد؟ فقال: نعم يقرأ بالحمد. فقلت: إن قومًا يقولون: يُسبح؟ فقال: لا يسبح. "مسائل ابن هانئ" (248) قال ابن هانئ: قلت له: فإن صلّى ثلاث ركعات يقرأ فيهن، إلاّ آخر ركعة، فإنه لم يقرأ؟ قال: يعيد الصلاة، ولا صلاة إلا بقراءة. قلت: فإلى أي شيء ذهبت فيه؟ ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه.

قال: إلى حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صلاة إلا بقراءة" (¬1). وقال: يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنه قال: "في كل ركعة قراءة" (¬2). وقال أبو عبد اللَّه: لا يجزئه حتى يقرأ في كل ركعةٍ. "مسائل ابن هانئ" (249) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل نسي أن يقرأ في الأوليين، يقرأ في الآخرتين؟ قال: يستقبل. "مسائل ابن هانئ" (257) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: كل صلاة لا يقرأ فيها فاتحة الكتاب لا يجزيه إلا وراء الإِمام، فإن قرأه الإِمام تجزيه فاتحة الكتاب وإن لم يقرأ سورة من القرآن، ولكن يعجبنا أن يقرأ سورة من القرآن. "مسائل عبد اللَّه" (276) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يصلي الظهر فقرأ في الركعتين الأوليين: الحمد وسورة، ولا يقرأ في الركعتين الأخريين شيئًا؟ قال: لا يعجبني، يعيد الصلاة. قلت لأبي: فإن صلى ثلاث ركعات يقرأ فيهن إلا آخر ركعة لا يقرأ؟ قال: يعيد الصلاة. قلت لأبي: بأي شيء تحتج؟ قال: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صلاة إلا بقراءة". ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 258، والبخاري (772)، ومسلم (396) من حديث أبي هريرة واللفظ لمسلم. (¬2) لم أقف عليه.

وقال: يروى عن جابر بن عبد اللَّه قال: في كل ركعة قراءة، قال أبي: لا يجزيه حتى يقرأ في كل ركعة. "مسائل عبد اللَّه" (279) قال خطاب بن بشر: وقال له أبو عثمان الشافعي: تذهب إلى الحديث: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"؟ فقال: قد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة". "العدة في أصول الفقه" 2/ 618 - 619 نقل عنه جعفر بن محمد في إمام صلى ولم يقرأ فاتحة الكتاب: يعيد الصلاة. "العدة فى أصول الفقه" 5/ 1546 ونقل حنبل عنه: لا تجزئ ركعة حتى يقرأ فيها فاتحة الكتاب. ونقل ابن القاسم عنه: إذا نسي الفاتحة يعيد. "الانتصار" 2/ 193 قال إبراهيم بن أبي طالب: سألته عن القراءة فيما يجهر فيه الإمام؟ قال: يقرأ الفاتحة. "الفروع" 1/ 428 روى حرب عنه فيمن نسي أن يقرأ بفاتحة الكتاب، وقرأ قرأنًا؟ قال: وما بأس بذلك، أليس قد قرأ القرآن. قال وسمعته مرة أخرى يقول: كل ركعة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فإنها ليست بجائزة، وعلى صاحبها أن يعيدها. وروى عنه أبو طالب: من نسي أول ركعة، ثم ذكر في آخر ركعة أنه لم

416 - التأمين خلف الإمام

يقرأ، لا يعتد بالركعة التي لم يقرأ فيها، ويصلي ركعة أخرى مكان تلك الركعة، فإن ذكرها وقد سلم وتكلم أعاد الصلاة. "بدائع الفوائد" 3/ 80، 82 416 - التأمين خلف الإمام قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أبو هُريرة -رضي اللَّه عنه- اشترطَ على الإمام أن لا يسبقه بآمين؟ قال: يقول يَتَّئد حتَّى يجيءَ المؤذنُ، لفضل التأمين، كيف تَرك الناسُ التأمينَ؟ ! قال إسحاق: كما قال، وهذا مما يدلك على أنه كان يقيم في موضعه. "مسائل الكوسج" (157) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: يجهرُ بآمين؟ قال: إي لعمري، الإمامُ وغير الإمامِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (208) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما الجهرُ بآمين فإنه سنةُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابِهِ -رضي اللَّه عنهم- من بعدِهِ وذلك ليوافق تأمينُهُم تأمينَ الملائِكَةِ، وهو على الإمامِ ألزم، وعليه أنْ يجهرَ جهرًا حتَّى يسمعَ مَنْ يليه فقط، وإن زادَ على ذَلِكَ حتَّى يُسمعَ آخر الصفوفِ فحسن أيضًا؛ لما ذُكِرَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أول قال "آمين" حتَّى أسمعَ صفَّ النساءِ وهنَّ خلفَ الرجالِ (¬1)، فلا يدعن ذَلِكَ ¬

_ (¬1) رواه الطبراني 25/ 158 (383). وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 114: فيه إسماعيل بن مسلم المكي، وهو ضعيف.

إمامٌ ولا مأمومٌ لحال ترك الناس، أو يدعه استحياءً أو خوفًا مِنْ أنْ ينسبَ إلى مكروهٍ فإن اللَّه لا يستحيي من الحق. "مسائل الكوسج" (209) قال صالح: وقال: يجهر الإِمام ومن خلفه بآمين. "مسائل صالح" (406) قال أبو داود: سمعتُ أحمد قيل له: آمين يجهرُ بها؟ قال: نعم حتى يسمع من في المسجد. وكان مسجدُ أحمد صغيرًا. "مسائل أبي داود" (229) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: آمين أمرٌ من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، إذ قال صلى اللَّه عليه وسلم: "إذا أمّن القارئ فأمّنوا" (¬1) فهذا أمرٌ من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ والأمر أوكد من الفعل. "مسائل ابن هانئ" (217) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن آمين؟ قال: يسمع الإِمام من خلفه. "مسائل عبد اللَّه" (258) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الجهر ب، (آمين)؟ قال: يجهر بـ (آمين) إذا قرأ فاتحة الكتاب الإِمام ومن خلفه. "مسائل عبد اللَّه" (259) قال أبو الفضل المتطيب: سمعت أحمد بن حنبل يجهر بـ (آمين) في الصلاة، يمد بها صوته خلف الإمام. "طبقات الحنابلة" 1/ 468 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 238، والبخاري (6402).

417 - مقدار القراءة في الصلاة وما يستحب أن يقرأ به

قال الأثرم: سُئل إذا كان خلف الإمام فقرأ خلفه فيما يجهر فيه أيقول: آمين؟ قال: لا أدري ولا أعلم به بأسًا. ونقل أبو الحارث، والفضل بن زياد: سئل عن الجهر بـ (آمين)؟ قال: أجهر بها؛ فإنها سنة ذهبت من الناس. "بدائع الفوائد" 3/ 80 قال حرب: سمعت أحمد يجهر بآمين جهرًا خفيفًا رفيقًا، وربما لم أسمعه يجهر بها. قال حرب: وسمعت إسحاق قال: يجهر بها حتى يسمع الصف الذي يليه. قال: ويجهر بها كل صف حتى يسمع الصف الذي يليهم حتى يؤمن أهل المسجد كلهم. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 97 417 - مقدار القراءة في الصلاة وما يستحب أن يقرأ به قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما يقرأ في الظهر؟ قال: قدر ثلاثين آية، قدر {تَنْزِيلٌ}. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (191) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ عمن قرأ في أول ركعة سورةً خفيفةً، وقرأ بالثانيةِ سورةً طويلةً؟ قال: تجزئه صلاته، ولكن ينبغي له أن لا يفعل. "مسائل الكوسج" (454)، (3366)

قال أبو داود: قلتُ لأحمد: ركعتا الظهر تكونُ إحداهما أطولُ من الأخرى؟ قال: نعم في حديث أبي الصديق عن أبي سعيدٍ (¬1). قلتُ لأحمد: فركعتا الآخرتين من العصر تكونان أخفَّ من الركعتين الآخرتين من الظهر؟ قال: هكذا هو في حديث أبي سعيدٍ. "مسائل أبي داود" (266) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يقرأ في الصلاة المكتوبة بالحمد وحدها، يجزئه؟ قال: نعم، يجزئه "مسائل ابن هانئ" (251) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يقرأ السورة في ركعتين؟ قال: لا بأس به. قلت لأبي عبد اللَّه: حديث أبي بكرة: "زادك اللَّه حرصًا، ولا تعد" (¬2). قال: هذا حجة على من لم يجز صلاة إلا بقراءة، أليس النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أجاز صلاة أبي بكرة بلا قراءة؟ ! وسمعته يقول: يقرأ بالمعوذتين في الصلاة؟ ولم لا يقرأ بهما؟ ! وكانوا سألوه عنهما. "مسائل ابن هانئ" (254) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 2، ومسلم (452). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 39، والبخاري (783).

قال ابن هانئ: قيل له: تجوز، وإن قرأ بالحمد في الأربع في الظهر والعصر؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (258) قال ابن هانئ: قيل له: أقرأ في آخر ركعة تبقى من صلاة الفجر، بآخر (آل عمران)، وآخر (الفرقان)؟ قال: لا بأس. "مسائل ابن هانئ" (262) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يقرأ في الركعتين الأوليين بالحمد وسورة، ويقرأ في الأخريين، كما قرأ في الأوليين، هل يجزئه ذلك؟ قال: كان ابن عمر يقرأ في جميعهن بالحمد وسورة، وحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الأخريين بالحمد، الحمد (¬1)، أرى أن يقرأ كما قرأ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا أن يكون نسيان، فأرجو أن تكون صلاته تامّة. وأما أبو بكر الصّديق -رضي اللَّه عنه- فكان يقرأ في الركعتين الأوليين بالحمد، الحمد، وفي الركعة الأخرى بالحمد، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيتَنَا} الآية (¬2). قال: وإذا لم تسمع الإمام يقرأ يوم الجمعة تقرأ. قلت لأبي عبد اللَّه: تأمرني أن أقرأ كما قرأ أبو بكرٍ الصديق، رضي اللَّه عنه؟ قال: نعم، افعل فهو حسن، وأمرني بها. "مسائل ابن هانئ" (265) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 307 والبخاري (776) ومسلم (451). (¬2) رواه مالك في "الموطأ" ص 71، وعبد الرزاق 2/ 109 (2698)، والبيهقي 2/ 64.

قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قلت: ما أقل ما يجزئ من القرآن في الصلاة؟ قال: فاتحة الكتاب وسورة. قلت: فإن قرأ فاتحة الكتاب وحدها؟ قال: يجزئه. "مسائل عبد اللَّه" (277) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يقرأ القرآن كله في صلاة الفريضة؟ قال: لا أعلم أحدًا فعل هذا، وقد روي عن عثمان: أنه كان يقرأ من بعض القرآن سورًا على التأليف، سور معروفة على التأليف (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (296) ونقل عنه حرب، وأحمد بن هاشم الأنطاكي فيمن يقرأ مع فاتحة الكتاب آية أو آيتين؟ فقال: إذا كانت آية كبيرة مثل آية الدين وآية الكرسي. "الروايتين والوجهين" 1/ 120 قال المروذي: كان لأبي عبد اللَّه قرابة يصلي به، فكان يقرأ في الثانية من الفجر بآخر السورة، فلما أكثر، قال أبو عبد اللَّه: تقدم أنت فصلِّ. فقلت له: هذا يصلي بك منذ كم؟ قال: دعنا منه، يجيء بآخر السور وكرهه. ¬

_ (¬1) روى عبد الرزاق 3/ 354 (5952) عن معمر عن رجل عن ابن سيرين أن عثمان كان يقرأ القرآن في ركعة يحيى بها ليلة. وكذا ابن أبي شيبة 2/ 94 (6881) عن حفص بن غياث عن عاصم عن ابن سيرين. . . وروى البيهقي 3/ 25 عن عبد الرحمن بن عثمان أن عثمان قرأ القرآن في ركعة.

قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يقرأ آخر السورة في الركعة؟ قال: أليس قد روي في هذا رخصة عن عبد الرحمن بن يزيد وغيره. "المغني" 2/ 167 قال حرب: سألته عمن يقرأ أو يكتب من آخر السورة إلى أولها؟ فكرهه شديدًا. "الفروع" 1/ 421، "معونة أولي النهى" 2/ 123 قال الميموني: قلت: أي القراءات تختار لي فأقرأ بها؟ قال: قراءة أبي عمرو بن العلاء لغة قريش والفصحاء من الصحابة. "الفروع" 1/ 423، "معونة أولي النهى" 2/ 128 نقل إبراهيم بن محمد بن الحارث عنه: يقرأ بها -أي البقرة- في عشاء الآخرة. "الفروع" 1/ 548 قال حرب: الرجل يقرأ على التأليف في الصلاة: اليوم سورة الرعد وغدًا التي تليها، ونحو ذلك؟ قال: ليس في هذا شيء إلا أن يروى عن عثمان أنه فعل ذلك في المفصل وحدها. ونقل مهنا عنه: أنه رخص أن يقرأ في الفرائض حيث ينتهي. وروى المروذي أن أحمد سئل عن حديث أنس هذا؟ فقال: هذا حديث منكر. وروى حنبل عنه: إذا كان المسجد على قارعة الطريق، أو طريق يسلك فالتخفيف أعجب إلي، وإن كان مسجدًا معتزلًا أهله فيه، ويرضون بذلك، فلا أرى به بأسًا، وأرجو إن شاء اللَّه.

وروى عنه أبو الحارث: إذا قرأ بفاتحة الكتاب وهو يحسن غيرها إن كان عامدًا فلا أحب له ذلك، وإن كان شيء ساهيًا فلا بأس، صلاته تامة. وعنه محمد بن الحكم: هو عندي مسيء إذا عمد ذلك. قلت: يريد الاقتصار على الفاتحة، وكلامه يدل على أحد أمرين: إما أن تكون السورة واجبة، وإما أن يكون تارك سنة الصلاة مسيئًا. وروى الفضل بن زياد عنه، وقد سئل الرجل: يقرأ في المكتوبة في كل ركعة بالحمد للَّه وسورة؟ قال: قد كان عمر يفعل. قيل: فتراه أنت؟ قال: لا، قد فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- غير هذا، اقرأ في الأوليين. . انتهى. وروى أبو طالب: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يصلي بالناس المكتوبة فيقرأ في الأربع كلها بالحمد للَّه وسورة؟ قال: لا ينبغي أن يفعل. قلت: ساهيًا. قال: يسجد سجدتين. وروى عنه أحمد بن هاشم، وقد سئل عن رجل قرأ في الركعتين الأخريين بالحمد للَّه سورة ناسيًا هل عليه سجدتا السهو؟ قال: لا. وكذلك قال مهنا والميموني. وروى عنه أبو الحارث في إمام صلى بقوم، فقرأ بفاتحة الكتاب ثم قرأ بعض السورة ولم يتمها ثم ركع: لا بأس، ثم قال أحمد: ثنا عبد اللَّه بن إدريس، ثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ابن أبزى

قال: صليت خلف عمر فقرأ سورة يوسف حتى إذا بلغ: {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84)} وقع عليه البكاء فركع، ثم قرأ سورة النجم فسجد فيها ثم قام فقرأ: {إِذَا زُلْزِلَتِ} (¬1). وروى عنه صالح، وقد سأله رجل عن رجل يصلي فيبدأ من أوسط السورة أو من آخرها؟ قال: أما آخر السورة فأرجو، وأما وسطها فلا. وروى عنه محمد بن حبيب: يكره أن يقرأ الرجل في صلاة الفجر بـ {قُل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {أَرَءَيْتَ} إلا أن يكون في سفر. وروى الميموني: صلى بنا أبو عبد اللَّه الفجر فقرأ في الأولى وفي الثانية بـ (الفجر)، وكنا نصلي خلف أبي عبد اللَّه بغلس فيقرأ بنا في الأولى {تَبَارَكَ} ونحوها ويقرأ في الثانية {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}. وروى عنه أحمد بن الحسين بن حسان في إمام يقصر في الركعة الأولى ويطول في الأخيرة: لا ينبغي هذا، يطوّل في الأولى ويقصر في الآخرة. "بدائع الفوائد" 3/ 82، 83، 84 قال علي بن سعيد: قلت لأحمد: ما يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في صلاة المغرب: الطور والأعراف والمرسلات (¬2)؟ ¬

_ (¬1) رواه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 137، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 181، 348، 993، (1893). (¬2) روى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقرأ في المغرب بالطور: الإمام أحمد 4/ 80، والبخاري (765)، ومسلم (463) من حديث جبير بن مطعم. وروى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقرأ في المغرب بالمرسلات: الإمام أحمد 6/ 338، والبخاري (763)، ومسلم (462) من حديث أم الفضل.

418 - سؤال الرحمة والتعوذ من العذاب في القراءة في الصلاة

قال: قد روي عنه ذلك من حديث معاذ. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 32 قال الأثرم: سألت الإمام أحمد عن هذِه الزيادة، أثبت هي؟ قال: رواه عدة، ورواها بعضهم عن الأوزاعي. فقال له -أي: الأثرم: هشام لا يقولها؟ قال: نعم، هشام لا يقولها. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 78 قال ابن أبي قيماز: سئل أيما أحب إليك: الترسل أو الإسراع؟ قال: أليس قد جاء بكل حرف كذا وكذا حسنة! قالوا له: في السرعة؟ قال: صور الحرف بلسانه ولم يسقط من الهجاء. ونقل حرب عنه أنه: كره السرعة إلا أن يكون لسانه كذلك لا يقدر أن يترسل. "تقرير القواعد" 1/ 133، 134. 418 - سؤال الرحمة والتعوذ من العذاب في القراءة في الصلاة نقل حرب عنه: لا يعجبني ذلك في المكتوبة؛ لأن زمان الوقوف ليس بموطن للدعاء، فيأتي بالدعاء في غير محله ولا يقطع نظم القراءة، ولأنه يترك القراءة ويأت بغيرها. نقل الفضل بن زياد عنه: أن ذلك في التطوع. قيل له: ويدعو بمثل ذلك في الفرض؟ قال: نعم؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يفعله، فروى حذيفة

419 - الجمع بين السور في الركعة

قال: صليت خلف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فما مر بآية رحمة إلا سألها، ولا بآية عذاب إلا استعاذ منها، ثم قرأ سورة آل عمران، وسورة النساء مثل ذلك فهممت بأمر سوء، فقيل له: ما هو؟ قال: أردت أن أقطع الصلاة (¬1). "الروايتين والوجهين" 1/ 142 419 - الجمع بين السور في الركعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يجمعُ بين السورِ في الركعةِ؟ قال: لا بأسَ به في التطوعِ، وأما في الفريضةِ فلا. قال إسحاق: هو في الفريضة يجوز، ولكن قراءة سورة سورة في كل ركعة أفضل. "مسائل الكوسج" (210) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يقرأ في الظهر أو العصر السورتين في ركعة؟ قال: لا بأس به. قلت لأبي: فإن قرأ فاتحة الكتاب وآيتين أو آية؟ قال: لا بأس به. "مسائل عبد اللَّه" (268) ¬

_ = وروى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقرأ في المغرب بالأعراف: الإمام أحمد 5/ 185، 188 والبخاري (764) من حديث زيد بن ثابت. ولم أقف على شيء من ذلك من حديث معاذ. (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 382، ومسلم (772).

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل صلى فقرأ بسورة مع أم الكتاب، وقرأ في الركعة الثانية بأم الكتاب وسورتين؟ قال: يجزيه. قلت: وإن قرأ بأم الكتاب وسورتين في كل ركعة، وفي الثانية بأم الكتاب وسورة؟ قال: يجزئه. قال: وإن قرأ بشيء من القرآن ولم يقرأ بفاتحة الكتاب فلا يجزيه حتى يقرأ بفاتحة الكتاب، كل ركعة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فلا صلاة له إلا وراء الإمام على حديث مالك، عن وهب بن كيسان قال: سمعت جابرًا يقول: هذا (¬1). قلت: فإن صلى خلف إمام ولم يقرأ بشيء؟ قال: يجزئه، إلا أنه أعجب إلي أن يقرأ خلف الإِمام فيما لا يجهر به الإمام، فإن جهر أنصت له، وذلك لو أنه أدرك الإِمام وهو راكع، فلم يعلم الناس اختلفوا أنه إذا ركع مع الإِمام أن الركعة تجزئه وإن لم يقرأ. "مسائل عبد اللَّه" (278) قال أبو طالب: قلت: الرجل يصلي بالناس، يقرأ سورتين في ركعة؟ قال: نعم. "النكت والفوائد السنية" 1/ 54 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 316 (3621).

420 - القراءة بغير القرآن الكريم

420 - القراءة بغير القرآن الكريم قال ابن هانئ: قيل لأحمد: يقرأ الإنسان بالتوراة والإنجيل إذا كان يحسنهما؟ قال: أفٍّ أفٍّ، هذِه مسألة مُسلم؟ ! وغضب. "مسائل ابن هانئ" (256) 421 - القراءة والدعاء بغير العربية قال إسماعيل بن سعيد: قال أحمد: فمن يقرأ بالفارسية، وهو يحسن العربية لا يجزئه. "الانتصار" 2/ 188 قال يحيى بن سعيد: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل الذي لا يحسن العربية، يدعو في الصلاة بالفارسية؟ قال: لا. "طبقات الحنابلة" 2/ 525 - 526 422 - إذا لا يحسن أن يقرأ من القرآن شيئًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا لمْ يحسنْ أن يقرأَ مِنَ القرآنِ شيئًا؟ قالَ: يسبحُ ويكبر. قال إسحاق: يسبح ويكبِّرُ قدر سبع آيات: سبحانَ اللَّهِ والحمدُ للهِ ولا إله إلا اللَّه واللَّه أكبر ولا حولَ ولا قوة إلا باللَّه. "مسائل الكوسج" (194)

423 - الجهر بالقراءة في الصلاة

نقل صالح: يحمد ويكبر -أي من لم يحسن أن يقرأ. ونقل الميموني: ويهلل. "الفروع" 1/ 418، 419. 423 - الجهر بالقراءة في الصلاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يرفعُ صوتَه بالقرآنِ بالليل؟ قال: نعم، إن شاءَ رفعَ. ثمَّ ذكر حديثَ أمِّ هانئ -رضي اللَّه عنهما-: كنتُ أسمعُ قراءةَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا على عريشي من الليلِ (¬1). قال إسحاق: الذي نختارُ له، إذا أمن العجبَ أو أن يدخله شيءٌ يكرهه أن يرفعَ صوتَه. "مسائل الكوسج" (303) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يكون وحده في بيت بالنهار، فينشط فيرفع صوته بالقراءة في الصلاة؟ قال: لا. قيل: قدر كم يرفع؟ قال: قال ابن مسعود: من أسمع أذنيه فلم يخافت (¬2). "مسائل أبى داود" (500) نقل أحمد ابن أصرم عن أحمد فيمن جهل ما قرأ به إمامه: يعيد الصلاة. "الاختيارات الفقهية" للبعلي المطبوع مع "مجموع الفتاوى" 4/ 355 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 343، والنسائي 2/ 178 - 179، وابن ماجه (1349)، وقال البوصيري في "زوائده" (442): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1109). (¬2) أخرجه عبد الرزاق 2/ 493.

424 - في جهر المرأة في القراءة

نقل عنه حنبل في قراءة النهار: ترى للرجل أن يسمع من يليه؟ قال أحمد: الحرف ونحو ذلك لا يُغلط صاحبه، كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يسمعهم الآية أحيانًا (¬1). وقال: صلاة النهار عجماء لا يجهر فيها. ونقل إسماعيل بن سعيد الشالنجي في الإمام يسمع من يليه، فكره ذلك في صلاة النهار، وقال: لا أرى عليه سهوًا في ذلك -أي: سجود سهو. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 87 424 - في جهر المرأة في القراءة قال الخلال: أخبرني محمد بن علي الوراق، أن مهنا الشامي حدَّثهم قال: سألت أحمد عن المرأة ينبغي لها أن تخفض من صوتها إذا كانت في بيتها، في قراءتها إذا قرأت بالليل؟ قال: نعم. "أحكام النساء" (26) 425 - هيئة الركوع قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئل سفيان عَنْ رجلٍ وضَعَ يديه على فخذيه في الركوع أو وضع إحدى يديه على ركبته ولم يضع الأخرى؟ قال: يجزئه. قال الإمام أحمد: أرجو أنْ يجزئه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام 4/ 383، والبخاري (759)، و (451) من حديث أبي قتادة.

426 - وضع اليدين بعد الرفع من الركوع

قال إسحاق: كما قال، إذا كانت به علة. "مسائل الكوسج" (322) 426 - وضع اليدين بعد الرفع من الركوع قال صالح: قلت: كيف يضع الرجل يده بعد ما يرفع رأسه من الركوع، أيضع اليمنى على الشمال، أم يسدلهما؟ قال: أرجو أن لا يضيق ذلك -إن شاء اللَّه. "مسائل صالح" (615) 427 - ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا قال الإمامُ: (سمعَ اللَّهُ لمنْ حَمده) ما يقول هو ومَنْ خلفَهُ؟ قال: يقولُ مَنْ خلفَه: (ربنا ولك الحمد) ويقولُ الإمامُ: (سمعَ اللَّه لمن حمده ربنا ولك الحمد). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (265) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: ما يقولُ مَنْ خلفَ الإمامِ إذا رفعَ رأسَه مِنَ الركوعِ؟ قال: يقولُ: (اللَّهُمَّ ربنا ولكَ الحمدُ) وإذا كان إمامًا أو وحده قال: (سمع اللَّه لمن حمده) إنما قال: (إذا قال الإمامُ: سمع اللَّه لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد). "مسائل الكوسج" (416)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ: هل على مَنْ خلفَ الإمامِ أن يقولَ: (سمع اللَّه لمن حمده، اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد) كما يقول إذا صلى مفردًا؟ قال: لابدَّ لمن خلْفَ الإمامِ أنْ يقولَ: (سمع اللَّه لمن حمده) كما يقولُ الإمام، وعلى الإمامِ أنْ يقولَ: (اللَّهُمَّ ربنا ولك الحمد) كما يقول إذا صلَّى مفردًا. "مسائل الكوسج" (497) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا رفع رأسَه مِنَ الركوعِ يزيدُ على: "ربنا ولك الحمدُ"؟ قالَ: إذا كان وحدَهُ يقَولُ: (ملء السماءِ، وملء الأرضِ، وملء مَا شِئْتَ مِن شيء بعد)، وإذا كان خلفَ الإمامِ فقال الإمامُ: (سمع اللَّهُ لمن حمدَهُ) قال مَن خلفه: (ربنا وَلكَ الحمدُ)، وإن شاءَ قال: (اللَّهُمَّ ربنا ولك الحمدُ). قال إسحاق: كما قال ولكن من خلفَهُ يقولون مثلَ ما قَال الإمامُ: (ربنا ولك الحمد) إلى قولِهِ: (وملء ما شئتَ من شيء بعد) وإن مد إلى: (منك الجَدُّ) إذا كان إمامًا أحب إليَّ في المكتوبة والتطوع. "مسائل الكوسج" (230) قال صالح: وسألته عن رجل كان يصلي، فأراد أن يركع فعطس، فلما رفع رأسه من الركوع قال: (ربنا ولك الحمد). ينوي بذلك لما عطس وللركوع؟ قال: لا يجزئه، إذا عطس في الصلاة يحمد اللَّه في نفسه، ويقول إذا رفع رأسه من الركوع: (ربنا ولك الحمد). وإذا كان وحده أو كان إمامًا يقول: (سمع اللَّه لمن حمده). والذي نختار أن يقول: (ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد).

وإذا كان خلف الإِمام قال: (ربنا ولك الحمد). فقط لا يزيد. "مسائل صالح" (309) قال صالح: وسألته: ترى أن يقول الرجل: (اللهم ربنا ولك الحمد)؟ فقال: أحاديث الزهري كلها: (ربنا ولك الحمد)، وما سمعنا أحدًا قال: (اللهم ربنا لك الحمد). إلا أن يقول: (ربنا لك الحمد). كما جاء الحديث، أو يقول: (ربنا ولك الحمد). قلت: لا يعجبك أن يقول: (اللهم ربنا ولك الحمد)؟ فقال: ما سمعنا في هذا شيئًا. "مسائل صالح" (350) قال صالح: قال أبي: أختار (ربنا ولك الحمد). ومن قال: (لك). فلا بأس. "مسائل صالح" (876) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل: ما يقولُ إذا رفع رأسه من الركوع مع الإمام؟ قال: إذا قال الإمامُ: (سمع اللَّهُ لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ملء السموات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعدُ). ويقولُ من خلفه: (ربنا ولك الحمدُ). وإن شاءُوا: (اللَّهم ربنا لك الحمدُ). لا يزيدون على ذلك. "مسائل أبي داود" (237) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن إمام رفع رأسه فأطال القيام؟ قال: لا يقولُ من خلفه إلا: (ربنا ولك الحمدُ). أو: (اللَّهم ربنا لك الحمدُ). وسمعتُه يقولُ: أمَّا أنا فأحبُّ: (ربنا ولك الحمدُ).

قلتُ لأحمد: إذا قال: (اللَّهم). لا أقول: أعني: الواو في (ولك الحمدُ)؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (238) قال أبو داود: قلتُ لأحمد مرةً أخرى: أدعو بدعاء ابن أبي أوفى (¬1) إذا رفعتُ رأسي من الركوع؟ قال: إذا كنت تصلِّي وحدك تقولُه، أو يكونُ الإمام يقولُه. قلت: في الفريضة؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (239) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يصلّي وحده، فإذا قال: سمع اللَّه لمن حمده قال: ربنا ولك الحمد؟ قال: إنما هذا للإمام يجمعهما، وليس هذا لأحدٍ سوى الإمام، إذا قال: سمع اللَّه لمن حمده. قالوا: ربنا ولك الحمد. سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أنا أختار: ربنا ولك الحمد. "مسائل ابن هانئ" (218) قال عبد اللَّه: قال: سألت أبي عن الرجل إذا رفع رأسه من الركوع فكان إمامًا أو كان وحده؟ فقال: يقول: سمع اللَّه لمن حمده ربنا ولك الحمد. "مسائل عبد اللَّه" (262) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول فيما بين أن يرفع رأسه إلى أن يسجد: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 353، ومسلم (476).

ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد. "مسائل عبد اللَّه" (263) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل ما يقول بعد الركوع؟ قال: يقول: ربنا ولك الحمد، ملء السماء وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد. كما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل عبد اللَّه" (264) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: كل شيء رواه الزهري يقول فيه: ولك الحمد. قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: يقول هذا الإِمام، ولا يقوله من خلفه، لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان هو الإِمام، أو يكون الرجل يصلي وحده فيقوله وحده. "مسائل عبد اللَّه" (265) نقل الفضل بن زياد عنه: فيقول ربنا ولك الحمد ملء السماء وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد. قيل له: فيقول بعدها: اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت؟ فقال: لا يزيد على شيء بعده. وقال أبو الحارث: سألت أحمد إذ قال: سمع اللَّه لمن حمده، فليقل ربنا ولك الحمد وإن شاء قال: اللهم ربنا ولك الحمد. ويقول: ملء السماء وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد. وإن شاء قال بعدها: أهل الثناء والمجد. قال أبو عبد اللَّه: وأنا أقول ذلك.

428 - هيئة السجود

قلت: إن صلى وحده، أو كان إمامًا يقول ذلك؟ قال: نعم إن كان إمامًا، أو صلى وحده. "الروايتين والوجهين" 1/ 123 قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يثبت أمر الواو في ربنا ولك الحمد. "التمهيد" 4/ 276، "المغني" 2/ 188، "طرح التثريب" 2/ 333 قال الأثرم: قال أحمد: ليس يسقط خلف الإمام عنه غير سمع اللَّه لمن حمده. "معونة أولي النهى" 2/ 139 - 140 428 - هيئة السجود قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا لمْ يسجدْ عَلى أنفه؟ قال: حديثُ عاصم عَنْ عِكرمة (¬1) ما أجترئُ أنْ أحكمَ به. قال إسحاق: كما قال لإرساله، لا يجزئه دون أَنْ يسجدَ على أنفه. "مسائل الكوسج" (218) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يسجدُ ويداه في ثوبِهِ؟ قال: مِنْ بَرْدٍ أو علةٍ، وأما لغيرِ علةٍ فَلَا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (219) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 182 (2982)، والبيهقي 2/ 104 من طريق عاصم الأحول عن عكرمة مرسلًا بلفظ: لا يقبل اللَّه صلاة لا يصيب الأنف منها ما يصيب الجبين. ورواه البيهقي: كذلك رواه شريك، ورواه حرب بن ميمون عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس، ونقل قول الترمذي: حديث عكرمة عن النبي مرسلًا أصح.

قال ابن هانئ: ورأيت أبا عبد اللَّه: إذا سجد جافى حتى يرى بياض إبطه شديدًا. قرأت على أبي عبد اللَّه: عبد الرزاق، قال: ثنا معمر، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد اللَّه قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، إذا سجد جافى حتى يُرى بياض إبطه (¬1). "مسائل ابن هانئ" (220) قال ابن هانئ: قلت: أيسجد الرجل ويده في طيلسانه؟ قال: لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (226) قال ابن هانئ: قال أبو عبد اللَّه: ولا يضع الرجل يديه على ركبتيه، إذا أراد أن يسجد، إلا أن يكون شيخًا كبيرًا، أو إنسانًا ضعيفًا. "مسائل ابن هانئ" (261) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل إذا أراد أن يسجد، يبدأ بركبتيه قبل أن يضع يديه على الأرض؟ قال: أعجب إلي أن يبدأ بركبتيه قبل يديه. وهو الذي أختار. "مسائل عبد اللَّه" (261) نقل حرب: إن سجد على جبهته دون أنفه لم يجزه لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أمرت أن أَسجد على سبعة أعظم: على الجبهة والأنف" (¬2). ¬

_ (¬1) رواه: أحمد 3/ 294، وعبد الرزاق في "مصنفه" 2/ 168 (2922)، وابن خزيمة في "صحيحه" (649). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 279، والبخاري (812)، ومسلم (490).

429 - السجود على الثوب والعمامة والخصرة والطنفسة

ونقل الحارث: إن سجد على جبهته دون أنفه أجزأه. "الروايتين والوجهين" 1/ 124، 125. قال الأثرم: رأيت أبا عبد اللَّه سجد ويداه بحذاء أذنيه. "المغني" 2/ 201 نقل أبو طالب: قريب من أذنيه نحو ما يرفع يديه، وله أن يعتمد بمرفقيه على فخذيه إن طال. "الفروع" 1/ 439 ونقل إسماعيل بن سعيد عن أحمد: إذا وضع من يديه على الأرض قدر الجبهة أجزأه. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 253 429 - السجود على الثوب والعمامة والخصرة والطنفسة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يسجدُ على عمامتِهِ؟ قال: لا يعجبني، اللَّهُمَّ إلَّا أنْ يكونَ يتأذى بالبردِ أو الحرِّ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (220) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما كَوْرُ (¬1) العِمَامَةِ فالصلاةُ عليه مكروه فإن سجدَ على العمامةِ مِنْ غَيرِ علةٍ فإنَّ ذَلِكَ مكروهٌ، وهو جائزٌ ولا يتعمدن لذلك، فإنْ فعلَ فلا إعادة عليهِ. "مسائل الكوسج" (221) ¬

_ (¬1) الكور: هو الزيادة، وتطلق على كل لفة من لفات العمامة.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الصلاة على الخُمْرة (¬1) والطُّنفُسة (¬2)؟ قال: لا بأسَ بهما. الخُمْرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬3) والطنفسة عن ابن عَبَّاس -رضي اللَّه عنهما- (¬4). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (225) قال أبو داود: قلت لأحمد: السجود على كور العمامة؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (252) قال أبو داود: سمعت رجلًا سأل أحمد وأشار إلى قلنسوته، فقال: أسجد عليها؟ قال: لا. قال: فما صليت هكذا -أي: سجدت عليها- أعيد؟ قال: لا، ولكن لا تسجد عليها. "مسائل أبي داود" (253) قال ابن هانئ: رأيت أبا عبد اللَّه: إذا سجد يضع طرف ردائه على البوري ويسجد عليه. "مسائل ابن هانئ" (224) ¬

_ (¬1) الخمرة قال الحافظ في "الفتح" 1/ 430: بضم الخاء المعجمة وسكون الميم، قال الطبري: هو مصلى صغير يعمل من سعف النخل، سميت بذلك؛ لسترها الوجه والكفين من حر الأرض وبردها، فإن كانت كبيرة سميت حصيرًا. اهـ. (¬2) الطنفسة: بضم الطاء وكسرها: هي البساط الرقيق له أهداب. (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 330، 335، 336، والبخاري (381)، ومسلم (513)، من حديث ميمونة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي على الخمرة. (¬4) رواه عبد الرزاق 1/ 395 (1541)، والبيهقي 2/ 436.

قال ابن هانئ: وسمعته يقول: في السجود على كور العمامة، لا يعجبنى. "مسائل ابن هانئ" (225) قال ابن هانئ: وسئل عن السجود على كور العمامة؟ قال: لا، حتى يفضي بجبهته إلى الأرض. "مسائل ابن هانئ" (227) قال ابن هانئ: سمعته يقول: لا يعجبني أن يعتمَّ الرجل العمامة وهو في الصلاة، وليس تحت حلقه منها شيء. ويروى عن طاوس أنه كرهه (¬1). "مسائل ابن هانئ" (283) قال ابن هانئ: وسئل عن الصلاة على كور العمامة؟ قال: لا، حتى يفضي بجبهته إلى الأرض. وسمعته يقول في السجود على كور العمامة. قال: لا يعجبني. "مسائل ابن هانئ" (290) نقل أبو طالب عنه: لا يسجد على كور العمامة. "الروايتين والوجهين" 1/ 127 نقل حرب عن إسحاق قال: مضت السنة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه صلَّى على الخمرة والبساط، وعلى الثوب الحائل بينه وبين الأرض (¬2). قال: وإن سجد الرجل على الأرض فهو أحب إليَّ، وإن أفضى بجبهته ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 11/ 80 (19978) البيهقي في "الشعب" 5/ 176 (6265). (¬2) تقدم تخريجه.

430 - الصلاة على ماء وطين وثلج

ويديه إلى الأرض فهو أحب إلينا. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 19 قال المروذي قال: كان أبو عبد اللَّه لا يرى السجود على ثوب ولا خرقة إلا من حر أو برد. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 26 430 - الصلاة على ماء وطين وثلج قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا صلَّى في ماء وطين كيف يسجد؟ قال: إذا كان لا يَقدرُ على السجود، يفسد ثيابه، يومئُ إيماءً كما فعل أنس -رضي اللَّه عنه- (¬1). قال إسحاق: كما قال. قال: وتُجْزِئُه المكتوبة في الحضر كما فعل أنس -رضي اللَّه عنه-. "مسائل الكوسج" (158) قال أبو داود: قلت لأحمد: في الرجل يكون في السرية ويكون في الثلج كثيرًا لا يقدر يسجد عليه الرجل؟ قال: يصلي على دابته. "مسائل أبى داود" (529) قال أبو داود: قلت لأحمد: يكون مطر فيخاف أن تبتل ثيابه؟ قال: يصلي على دابته. "مسائل أبي داود" (530) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 573 - 574 (4511 - 4512)، وعلقه الترمذي بعد حديث (411).

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يكون على وضوء وهو في الثلج كيف يصلي؟ قال: يصلي على دابته. "مسائل ابن هانئ" (413) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: الرجل يخوض الطين في السفر، ولا يقدر على أن يصلي إلا على راحلته؟ قال: يومئ برأسه إيماءً، ويجعل السجود أخفض من الركوع. "مسائل ابن هانئ" (416) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: قال: إذا كان في سفر فمطرت السماء، والأرض مبتلة، هل يصلي الفريضة على الدابة؟ قال: لا بأس به، فعل ذلك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ صلى الفريضة على راحلته (¬1). "مسائل ابن هانئ" (544) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن كان طين أو مطر؟ قال: يومئ. "مسائل عبد اللَّه" (418) نقل المروذي عنه فيما كان في ماء: يومئ لأن الماء ليس بقار فهو كما لو صلى على الراحلة فإنه يومئ. ونقل عنه أيضًا: يسجد على متن الماء "الروايتين والوجهين" 1/ 137 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 173 - 174، والترمذي (411) من حديث يعلى بن مرة وقال: هذا حديث غريب تفرد به عمر بن الرماح البلخي لا يعرف إلا من حديثه. وضعفه الألباني في "الإرواء" (561).

431 - ما يقال في السجود

قال حرب: وسمعت إسحاق بن راهويه يقول: إذا صلَّيت في الثلج أو الرمضاء أو البرد أو الطين فآذاك، فاسجد على ثوبك، وإن اشتدَّ عليك وضع اليدين على الأرض فضعهما على ثوبك أو أدخلهما كميك واسجد. كذلك قال. وسمعته مرة أخرى يقول: إن كنت في ردغةٍ أو ماء أو ثلج لا تستطيع أن تسجد فأومئ إيماءً، كذلك فعل أنس بن مالك، وجابر بن زيد، وغيرهما. وقال حرب: ثنا إسحاق بن راهويه، ثنا سويد بن عبد العزيز، عن أبي جبيرة: زيد بن جبيرة، عن داود بن حصين، عن نافع، عن ابن عمر قال: أصاب الناس الثلج على عهد عمر بن الخطاب، فبسط بساطًا، ثم صلَّى عليه (¬1) وقال: إن الثلج لا يتيمم به ولا يُصلَّى عليه. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 448، 449 431 - ما يقال في السجود قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما يقول في ركوعِهِ وسجودِهِ؟ قال: يقولُ في ركوعِهِ: سبحانَ ربي العظيم، وفي سجودِهِ: سُبْحَانَ ربي الأعلى. قال إسحاق: كما قال ثلاثًا ثلاثًا فأعلى. "مسائل الكوسج" (215) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كَمْ يسبحُ في سجودِهِ؟ ¬

_ (¬1) لم أقف عليه. وقال ابن رجب في "فتح الباري" بعد روايته: واحتج إسحاق بهذا الحديث، وإسناده ضعيف فإن زيد بن جَبيرةَ وسويد بن عبد العزيز ضعيفان.

قال: ما أمكنه إذا أمكن يديه مِنْ ركبتيه وأمكن جبهته مِنَ الأرض والثلاث وسط. قال إسحاق: كَمَا قال، إلَّا أنْ يكونَ إمامًا فَلَا يدعن أن يبلغَ بعددِ التسبيح سبعًا أو خمسًا لكي يدرك مَنْ خلفه ثلاثًا فأعلى. "مسائل الكوسج" (216) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا قرأ سجدةً فسجد، ما يقول في سجودِهِ؟ فتلكَّأ ساعةً. فقلتُ: أعجب إليَّ أن أقولَ فيه ما أقولُ في الصلاةِ. قال: أنا كذلك أفعلُ. قال إسحاق: ليقل ما جاءَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سجد وجهي للذي خلقَهُ وصَوَّره، وشقَّ سمعَهُ وبصرَهُ، فتبارك اللِّه أحسن الخالقين" (¬1) و: "رب إنِّي ظلمتُ نفسي فاغفر لي إنه لا يغفرُ الذنوبَ إلَّا أنت" (¬2). "مسائل الكوسج" (217) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئل عمن سبح تسبيحةً في سجوده؟ قال: تجزئُه. "مسائل أبي داود" (259) قال ابن هانئ: قلت: كم يجوز من التسبيح في الركوع والسجود خلف الإمام؟ قال: ثلاث. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه عند المسألة رقم (185). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 3 - 4، والبخاري (834)، ومسلم (2705) من حديث أبي بكر -رضي اللَّه عنه-.

432 - ما يقال بين السجدتين

قيل له: خمس تجوز؟ قال: نعم، وسبع. "مسائل ابن هانئ" (219) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: يسبح الرجل في ركوعه (سبحان ربي العظيم) ثلاثًا، وفي سجوده: (سبحان ربي الأعلى) ثلاثًا. "مسائل عبد اللَّه" (266) قال ابن عبد الملك الدقيقي: صلى بنا أحمد العصر، فسبحت خلفه في الركوع والسجود أربع تسبيحات، خمس تسبيحات. "طبقات الحنابلة" 2/ 326 - 327 432 - ما يقال بين السجدتين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما يقولُ بين السجدتين؟ قال: "رب اغفر لي، رب اغفر لي" حديث حذيفة (¬1). قال إسحاق: إن شاء قال ذَلِكَ ثلاثًا، وإن شاء قال: "اللهم اغفر لي وارحمني وعَافني واهدني وارزقني"؛ لأن كليهما يُذكران عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بين السجدتين (¬2). "مسائل الكوسج" (229) قال أبو داود: قلتُ لأحمد ما يقولُ بين السجدتين؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 398، وأبو داود (874)، والنسائي 2/ 199، وابن ماجه (897)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (815). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 315، وأبو داود (850) والترمذي (284) وابن ماجه (898) من حديث ابن عباس وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" (796).

433 - الدعاء في الصلاة

قال: ربِّ اغفر لي. قلتُ: في الفريضة؟ قال: نعم. قلتُ: وإنْ كان خلف الإِمام؟ قال: نعم. قيل فيطيلُ بين السجدتين؟ قال: يقولُ: ربّ اغفر لي. "مسائل أبي داود" (240) قال ابن هانئ: وسألته عن الإمام إذ صلّى بقوم يقول: ربنا اغفر لنا؟ قال: أما الذي سمعنا: رب اغفر لي، رب اغفر لي، وما سمعنا: رب اغفر لنا. "مسائل ابن هانئ" (223) 433 - الدعاء في الصلاة قال إسحاق بن منصور: قلتُ: بِما يدعو الرجلُ في الفريضةِ؟ قال: يدعو بِما جَاءَ في القرآنِ، ويدعو لِوالِدَيهِ ما لمْ يكنْ دعاءً شَنَعًا. قال إسحاق: يدعو بما شاء مِما في القرآنِ والسننِ وإن جرى في دعائه تسمية الرجال. "مسائل الكوسج" (226) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يدعو في صلاة الفريضة بالشيء من أمر الدنيا ويدعو وهو ساجد؟ قال: لا يدعو في السجود، يسبح في السجود، الذي يعجبنا هذا. "مسائل عبد اللَّه" (283)

434 - القيام من السجود، وجلسة الاستراحة

قال أحمد بن إبراهيم الكوفي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إن دعا في الصلاة بحوائجه أرجو. ونقل حنبل عنه: لا يكون من دعائه رغبة في الدنيا. "طبقات الحنابلة" 1/ 47 قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: إن هؤلاء يقولون: لا يدعو في المكتوبة إلا بما في القرآن. فنفض يده كالمغضب، وقال: من يقف على هذا، وقد تواترت الأحاديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بخلاف ما قالوا. "المغني" 2/ 234، "معونة أولي النهى" 2/ 161 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في سجوده: اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك، فصن وجهي عن المسألة لغيرك. "المغني" 2/ 236 قال الميموني: سمعت أبا عبد اللَّه يقول لابن الشافعي: أنا أدعو لقوم منذ سنين في صلاتي، أبوك أحدهم. "المغني" 2/ 238 "معونة أولي النهى" 2/ 163 قال صالح: وسألته عن الاعتداء؟ فقال: يدعو بدعاء معروف. "الفروع" 1/ 458 434 - القيام من السجود، وجلسة الاستراحة قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا قامَ مِنَ القعدةِ الأولى يضعُ يديه على الأرضِ أو ينهض على صدورِ قدميه؟ قال: بل ينهضُ على صدور قدميه وَيعتمدُ على ركبتيه، قال: وفي الركعةِ الأولى والثالثة ينهضُ على صدورِ قدميه.

قال إسحاق: ينهضُ على صدورِ قدميه ويعتمدُ بيديه على الأرضِ، فإنْ لمْ يقدرْ أنْ يعتمدَ على يديه وصدورِ قدميه جلسَ، ثمَّ اعتمدَ على يديه وقامَ. "مسائل الكوسج" (223) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: ينهضُ على صدور القدمين لا يقعدُ. "مسائل أبي داود" (246) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل ينهض على يديه في الصلاة؟ قال: لا ينهض على يديه إلا أن يكون شيخًا كبيرًا، فينهض على يديه، ولينهض على صدور قدميه. "مسائل ابن هانئ" (259) قال ابن هانئ: رأيت أبا عبد اللَّه ربما يتوكأ على يديه إذا قام في الركعة الأخيرة، وربما استوى جالسًا، ثم ينهض. "مسائل ابن هانئ" (260) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: مالك بن الحويرث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان إذا صلى فكان في وتر من الصلاة في أول ركعة رفع رأسه من السجدتين، فكان إذا رفع رأسه من السجدة الأخرى من الركعة الأولى والثالثة جلس قبل أن يقوم، ثم قام ولم ينهض على صدور قدميه (¬1). وحديث علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه، عن عمه كذا قال ابن عجلان، وقال ابن إسحاق: عن عمه رفاعة بن رافع، قال يحيى عن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 436، والبخاري (823).

ابن عجلان: "ثم ارفع حتى تطمئن قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم قم". وكذا قال داود بن قيس، وافق ابن عجلان (¬1). قال أبي: وأذهب أنا إلى حديث رفاعة بن رافع، وزاد إسماعيل بن جعفر في حديث رفاعة بن رافع عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فإن كان معك قرآن فاقرأ به وإلا فاحمد اللَّه وكبره وهلله، ثم اركع" (¬2). قال أبي: وكذلك أقول أنا: إن لم يحسن يقرأ، يفعل كما أمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على حديث رفاعة بن رافع. قال أبي: بلغني أن حماد بن زيد كان يذهب إلى حديث رفاعة، إلى ما روى عن عبد اللَّه بن مسعود وغيره، من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنهم كانوا ينهضون على صدور أقدامهم (¬3)، أذهب إلى هذا. "مسائل عبد اللَّه" (287) ¬

_ (¬1) طريق محمد بن عجلان رواه الإمام أحمد 4/ 340، والنسائي 3/ 59 - 60، وابن حبان 5/ 88 (1787). وطريق محمد بن إسحاق رواه أبو داود (860) وابن خزيمة 1/ 302 (597)، والطبراني 5/ 39 (4528)، وطريق داود بن قيس رواه النسائي 3/ 60، وعبد الرزاق 3/ 370 (3739) والبخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 320، والطبراني 5/ 35 (4520). (¬2) رواه أبو داود (861)، والترمذي (302) وقال: حديث رفاعة بن رافع حديث حسن، وصححه ابن خزيمة (545). (¬3) رواه عن عبد اللَّه بن مسعود عبدُ الرزاق 2/ 178 (2966، 2967)، وابن أبي شيبة 1/ 346 (3979)، الطبراني في "الكبير" 9/ 266 (9327، 9328، 9329)، والبيهقي 2/ 125. =

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل إذا قام من الركعة الثالثة والأولى يستعين بيديه على ركبتيه أم لا؟ فقال: ينهض على صدور قدميه ولا يعتمد على ركبتيه. "مسائل عبد اللَّه" (288) نقل أبو طالب عنه: لا يجلس ويقوم على صدور قدميه. ونقل المروذي عنه: يجلس على أليته. "الروايتين والوجهين" 1/ 127 قال الأثرم: رأيت أحمد بن حنبل ينهض بعد السجود على صدور قدميه ولا يجلس قبل أن ينهض. "التمهيد" 3/ 229 قال الأثرم: رأيت أحمد بن حنبل إذا نهض يعتمد على فخذيه، وذكر عن علي -رضي اللَّه عنه-، قال: إن من السنة في الصلاة إذا نهض الرجل في الركعتين الأوليين ألا يعتمد بيديه على الأرض إلا أن يكون شيخًا كبيرًا لا يستطيع (¬1). "التمهيد" 3/ 231 قال حنبل: رأيت أبا عبد اللَّه يصلي، فإذا جلس في الجلسة بعد الركعتين أخف الجلوس، ثم يقوم كأنه كان على الرضف، وإنما قصد الاقتداء بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وصاحبه. "المغني" 2/ 224 ¬

_ = وعن عمر وابنه وعلي وعبد اللَّه بن الزبير وابن عباس وأبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه- انظر عبد الرزاق 2/ 179، وابن أبي شيبة 1/ 346، والبيهقي 2/ 125. (¬1) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 1/ 347 (3998)، والبيهقي 2/ 136.

435 - هيئة الجلوس

قال الخلال: رجع أحمد إلى حديث مالك بن الحويرث في جلسة الاستراحة، وقال: أخبرني يوسف بن موسى أن أبا أمامة سئل عن النهوض فقال: على صدور القدمين على حديث رفاعة. "زاد المعاد" 1/ 241 قال حرب: قال إسحاق: تستحب جلسة الاستراحة لكل أحد. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 286 435 - هيئة الجلوس قال صالح: وسألته عن القعود في الصلاة؟ فقال: أذهب في الأخريين إلى حديث أبي حميد: يتورك في الأوليين: يقعد على رجله اليسرى وينصب اليمنى (¬1). "مسائل صالح" (820) قال أبو داود: سمعتُ أحمد قال: يقعدُ في الرابعة من الفريضة يؤخر رجله اليسرى ويقعد متوركًا. "مسائل أبى داود" (242) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن التورُّك في الصلاة؟ قال: في الظهر، والعصر، والمغرب، وعشاء الآخرة. "مسائل ابن هانئ" (389) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن التورُّك في الصلاة؟ فقال: حديث أبي حميد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يتورَّكُ في الرابعة. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 424، والبخاري (828).

قلت لأبي: ففي الفجر، وفي صلاة الجمعة يتورك؟ قال: لا يتورك في الفجر، ولا في الجمعة: إنها جلسة واحدة. قلت لأبي: فإن الشافعي يقول: يتورك، لأن التورك إنما جعل من طول القعود. قال أبي: ليس هو عندي كذا، لا يتورك الرجل إلا في الصلاة التي يجلس فيها جلستين، والعشاء يتورك أيضًا فيها، لأنه يجلس فيها جلستين، وهو الذي اختار. قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا جلس الرجل في الركعتين من الصلاة لا يتورك في الفجر، ولا في الجمعة؛ لأنه يجب عليه على حديث أبي حميد قال: يجلس في الثنتين على رجله اليسار وينصب اليمنى نصبًا. "مسائل عبد اللَّه" (284) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يصلي الغداة، كيف يجلس؟ قال: يجلس على رجله اليسرى. قلت: وعلى رجله اليمنى؟ قال: نعم عليهما جميعًا، وكذلك في الجمعة وفي العيد إلا أن تكون صلاة أكثر من ركعتين، فإن كان أكثر من ركعتين نصب رجله اليمنى وافترش اليسرى وجلس على أليته اليسرى، هذا في الرابعة وفي الثالثة في صلاة المغرب. "مسائل عبد اللَّه" (285) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن التشهد في آخر صلاة الفجر الجلوس فيه مثل الجلوس في الرابعة في آخر الصلاة؟ قال: أن يجلس في الفجر على ساقه لا يكون مثل جلوسه في الرابعة.

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إن ذهب رجل إلى حديث مالك ابن الحويرث فأرجو أن لا يكون به بأس، وذلك إذا أراد أن يقوم في أول ركعة، وفي الثالثة إذا أراد أن يقوم يقعد قعدة: إما أن يستوي على أليته جالسًا، أو يرفعها من الأرض قليلًا، يكون ذلك في فرد من الصلاة. قال أبي: وكان حماد بن زيد يفعله. وأما حديث ابن عجلان حديث الزرقي فهو خلافه، كأنه ينهض على صدور قدميه. "مسائل عبد اللَّه" (286) قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يجيء فيدرك مع الإمام ركعة، فيجلس الإمام في الرابعة، أيتورك معه الرجل الذي جاء في هذِه الجلسة؟ فقال: إن شاء تورك. قلت: فإذا قام يقضي، يجلس في الرابعة هو، فينبغي له أن يتورك؟ فقال: نعم يتورك؛ هذا لأنها هي الرابعة له. نعم يتورك ويطيل الجلوس في التشهد الأخير. "المغني" 2/ 228 قال الأثرم: تفقدت أبا عبد اللَّه -يعني: أحمد بن حنبل- في صلاته فرأيته يفتح أصابع رجله اليمنى فيستقبل بها القبلة، ويجعل بطون أصابع رجله اليمنى مما يلي الأرض. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 50 - 51، "معونة أولي النهى" 2/ 151

436 - الإقعاء في الصلاة

436 - الإقعاء في الصلاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما الإقْعَاءَ؟ قال: أنْ يضعَ أليتيه على عقبيه وأهلُ مكةَ يفعلون ذَلِكَ، وبعضهم يقولُ: أن يقومَ على رجليه ويضعَ أليتيه على عقبيه كأنه قاعدٌ عليهما كما يُقْعِي الكلبُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (227) قال مهنا الشامي: سألت أحمد عن الإقعاء في الصلاة، قلت: ما تقول أنت فيه؟ قال: أليس يروى عن العبادلة أنهم كانوا يفعلون ذلك (¬1)؟ ! قلت: ومن العبادلة؟ قال: عبد اللَّه بن عباس، وعبد اللَّه بن عمر، وعبد اللَّه بن الزبير، وعبد اللَّه بن عمرو، قلت لأحمد: وابن مسعود؟ قال: ليس عبد اللَّه بن مسعود من العبادلة. "طبقات الحنابلة" 2/ 437، "الذيل على طبقات الحنابلة" 1/ 305 - 306 437 - يصفن بين قدميه أو يراوح بينهما؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يصفن بين قدميه أو يراوح بينهما؟ قال: بل يراوحُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (212) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 191 (3033)، وابن أبي شيبة 1/ 255 (2943).

438 - صفة جلوس المرأة

قال الأثرم: رأيت أبا عبد اللَّه يفرج بين قدميه، ورأيته يراوح بينهما. "المغني" 2/ 391، "معونة أولي النهى" 2/ 182 438 - صفة جلوس المرأة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كيف تجلسُ المرأةُ؟ قال: تقعدُ تسدل رجليها، وإن شاءتْ تربعتْ. قال إسحاق: كما قال، والتربع أحب إلي. قال: فإذا فاتَ التربع فالإسدالُ. "مسائل الكوسج" (214) قال صالح: وسألته عن المرأة كيف تجلس في الصلاة؟ قال: تربع، أو تسدل. قلت: كما يسدل الرجل؟ قال: نعم. قلت: تقعي؟ قال: لا. "مسائل صالح" (390) قال أبو داود: سألتُ أحمد عن المرأة كيف تسجد؟ قال: تضمُّ فخذيها. قلتُ لأحمد: فجلوسُها مثلُ جلوسِ الرجلِ؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (360)

قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قلت: كيف تسجد المرأة وكيف تقعد للتشهد؟ قال: كيف كان أستر. فقلت: وتتربع في التشهد أو تسدل رجليها. "مسائل عبد اللَّه" (281) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول سئل عن المرأة كيف تجلس في الصلاة؟ قال: تتربع أو تسدل. قلت لأبي: كما يسدل الرجل؟ قال: نعم. قلت لأبي: تقعى؟ قال: لا. قال عبد اللَّه: قال: نا داود بن عمرو قال: نا عبد اللَّه بن عمر العمري، عن نافع: أن ابن عمر كان يأمر نساءه يتربعن في الصلاة (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (282) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا إسحاق الأزرق عن شريك عن زهير بن مالك قال: زهير يقول: ذاك قال: سمعت عاصم بن ضمرة يحدَّث قال زهير: ولا أرى حدثنيه إلا عن علي قال: سجود الرجل في الصلاة أن يخَوّي ولا يفترش ذراعيه وسجود المرأة أن تُفرش فخذيها بطنها وتضمُها (¬2). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 242 (2789). (¬2) بنحو عبد الرزاق 3/ 138 (5072)، ورواه ابن أبي شيبة 1/ 242 (2777).

439 - حكم التشهد

سألت أبي: كيف تجلس المرأة في الصلاة؟ قال: كيف كان أستر لها. "العلل" (4317) 439 - حكم التشهد قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما التشهد فإنه سنةٌ، ولا يدع ذَلِكَ على حالٍ. "مسائل الكوسج" (473) نقل عنه أبو زرعة: كنت أتهيب أن أقول: لا تبطل صلاة من لم يصلَّ على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم تبينتُ، فإذا الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- واجبة، فمن تركها أعاد الصلاة. قال علي بن سعيد: سألت أحمد بن حنبل عمن ترك التشهد؟ فقال: يعيد. قلت: فحديث علي -رضي اللَّه عنه-: من قعد مقدار التشهد. .؟ (¬1) فقال: لا يصح، وقد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بخلاف حديث علي، وعبد اللَّه بن عمرو (¬2). "جلاء الأفهام" ص 489 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق في "مصنفه" 2/ 246 (3232)، وابن أبي شيبة 2/ 234 (8469 - 8470)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 273 (1635)، والدارقطني 1/ 360، والبيهقي 2/ 173. (¬2) حديث عمرو بن العاص مرفوعًا رواه أبو داود (617)، والترمذي (408)، والطيالسي في "مسنده" 4/ 12 (2366)، وعبد الرزاق في "المصنف" 2/ 353 (3673)، وابن أبي شيبة 2/ 234 (8468)، والبزار في "المسند" 6/ 421 (2451)، والطحاوي في شرح معاني الآثار" 1/ 274 (1636 - 1640)، والدارقطني 1/ 379، والبيهقي 2/ 139. من طرق عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم =

ونقل عنه حرب فيمن نسي التشهد الأول: هو أسهل، فأما الأخير فهو أشد. "الانتصار" 2/ 284 ونقل الكحال عن أحمد فيمن سلم ولم يتشهد: لا إعادة، واستدل بحديث ابن بحينة. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 319 ¬

_ = الإفريقي، عن عبد الرحمن بن رافع وبكر بن سوادة، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا قضى الإمام الصلاة وقعد فأحدث قبل أن يتكلم فقد تمت صلاته ومن كان خلفه ممن أتم الصلاة". قال الترمذي: هذا حديث ليس إسناده بالقوي، وقد اضطربوا في إسناده. وقال: وعبد الرحمن بن زياد -هو الإفريقي- وقد ضعفه بعض أهل الحديث، منهم يحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل. وقال الدارقطني: عبد الرحمن بن زياد ضعيف لا يحتج به. وقال البيهقي: وعبد الرحمن بن زياد -هو الإفريقي- ضعفه يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وغيرهم من أئمة الحديث، وقد اختلف عليه فيه. قلت: ولعله يقصد بقوله: وقد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بخلاف حديث علي وعبد اللَّه بن عمر، حديث على مرفوعًا "تحريمها التكبير وتحليلها التسليم". رواه الإمام أحمد 1/ 123، وأبو داود (61، 618)، والترمذي (3)، وابن ماجه (275). من حديث علي رضي اللَّه عنه. قال الترمذي: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (55)، إسناده حسن صحيح، وصححه الحاكم وابن السكن. وكذا الحافظ وحسنه النووي.

440 - صيغة التشهد، والدعاء بعده

440 - صيغة التشهد، والدعاء بعده قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: التشهد، أيهم تختار؟ قال: تشهد ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (224) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: التشهد؟ قال: حديثُ ابن إسحاق (¬2) لا أدري ما هو. "مسائل الكوسج" (443) قال صالح: قلت: إذا شهد الرجل في آخر ركعة فقال: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد؟ قال: يعجبني يدعو بدعاء ابن مسعود: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة (¬3). "مسائل صالح" (301) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 382، والبخاري (831)، ومسلم (402). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 491، والبيهقي 4/ 39 من حديث سهل بن حنيف. (¬3) رواه عبد الرزاق 2/ 206 (3082)، وابن أبي شيبة 1/ 264 (3025)، والطبراني 10/ 55 (9940)، عن عمير بن سعيد، عن ابن مسعود أنه كان يعلمهم التشهد ثم يقول: اللهم إني أسألك. . . قال الحافظ في "الفتح" 2/ 321: وقد ورد فيما يقال بعد التشهد أخبار أحسنها ما رواه سعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة من طريق عمير بن سعد قال: كان عبد اللَّه -يعني ابن مسعود- يعلمنا التشهد في الصلاة ثم يقول: إذا فرغ أحدكم من التشهد فليقل: اللهم إني أسألك. . .

قال أبو داود: سمعتُ أحمد قيل له في التشهد: (وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه) (يجزئ) (¬1)؟ قال: أرجو -أي يعني: أن لا يذكر (وأشهدُ). "مسائل أبي داود" (244) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل: ما تختارُ في التشهد من الدعاء؟ قال: دعاء ابن مسعود. "مسائل أبي داود" (245) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل ما يقول بعد تشهد ابن مسعود في الركعتين الآخرتين؟ قال: يقول: اللهم: قني عذابك يوم تبعث عبادك. ويدعو بما أحبّ. "مسائل ابن هانئ" (392) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أعجمي سمع، ما يقول الرجل بعد تشهده؟ قال: يقول: (اللهم صلّ على محمد)، ولم يحفظ العجمي قوله، وكان إذا قرأ العجمي أم الكتاب يقول: (اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد) فقال أبي: لا بأس، ليس عليه شيء لأنه جاهل، ولكن لا يفعل هذا. "مسائل عبد اللَّه" (275) قال عبد اللَّه: أملى علي أبي التشهد، فقال: التحيات للَّه، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة اللَّه وبركاته، السلام علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين، أشهد أنه لا إله إلا اللَّه وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ¬

_ (¬1) في المطبوع (يجائ) وليس له وجه، ولعل ما أثبتناه هو الصواب.

ثم يقول في آخر صلاته إذا تشهد قال: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد). "مسائل عبد اللَّه" (72) قال عبد اللَّه: سألت أبي: ما يدعو به الرجل بعد التشهد؟ فقال: حديث أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يتعوذ من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن شر فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال" (¬1). قال أبي: ثم يدعو بدعاء ابن مسعود، وما أحب إلي من الدعاء بعد ذلك: اللهم إني أسألك من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبادك الصالحون وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبادك الصالحون، اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار، ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد. قال لنا أبو عبد الرحمن: أملى عليَّ أبي هذا التشهد، وقال: هذا تشهد ابن مسعود. "مسائل عبد اللَّه" (298) نقل المروذي عنه: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 258، والبخاري (1377)، ومسلم (588).

وقال أبو زرعة الدمشقي: قال أحمد: إذا نسي أن يصلي على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إن أعاد فليس في نفسه منه شيء. قلت: بلغني عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أنه قال: من لم يصل على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فصلاته باطلة. فقال: قد كنت أتهيب ذلك، ثم تبينت فإذا الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر فمن تركها في الصلاة أعاد الصلاة. "تهذيب الأجوبة" ص 891، "الروايتين والوجهين" 1/ 129. قال المروذي: قيل لأبي عبد اللَّه: إن ابن راهويه يقول: لو أن رجلًا ترك الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في التشهد، بطلت صلاته. قال: ما أجترئ أن أقول هذا. وقال في موضع آخر: هذا شذوذ. "المغني" 22/ 28، "جلاء الأفهام" ص 472. قال الأثرم: قلت لأحمد: بماذا أدعو بعد التشهد؟ قال: بما جاء في الخبر. قلت له: أوليس قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثم ليتخير من الدعاء ما شاء" (¬1)؟ قال: يتخير مما جاء في الخبر، فعاودته، فقال: ما في الخبر. "مجموع فتاوى ابن تيمية" 22/ 474 قال الطوسي: وسمعته يقول: لا تسمي في التشهد إلَّا ما روي عن عبد اللَّه: التحيات للَّه. "بدائع الفوائد" 4/ 53 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 382، والبخاري (835)، ومسلم (402)، من حديث أبي هريرة.

قال أبو بكر بن محمد: سمعت أبا عبد اللَّه وقد سئل عن رجل قال: بسم اللَّه التحيات؟ فقال: لا تقل: بسم التحيات، ولكن لتقل: التحيات للَّه. "بدائع الفوائد" 4/ 68 قال حرب: سألت إسحاق، قلت: الرجل إذا تشهد فلم يصل على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: أما أنا فأقول: إن صلاته جائزة، وقال الشافعي رحمه اللَّه: لا تجوز صلاته. ثم قال: أنا أذهب إلى حديث الحسن بن الحر، عن القاسم بن مخيمرة، فذكر حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-. قال حرب: سمعت أبا يعقوب -يعني إسحاق- يقول: إذا فرغ من التشهد، إمامًا كان أو مأمومًا؛ صلى على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يجزيه غير ذلك؛ لقول أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "جلاء الأفهام" ص 471. قال حرب: قال أحمد: إذا لم يقدر أن يتعلم التشهد يدعو بما أحب. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 319 قال حرب: قال إسحاق: يحمد اللَّه بعد التشهد، وقبل الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 351 قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: إذا جلس في الرابعة يدعو بعد التشهد بما شاء؟ قال: بما شاء، لا أدري، ولكن يدعو بما يعرف وبما جاء.

441 - الإشارة بالسبابتين في الصلاة

فقلت: على حديث عمير بن سعد؟ قال: سمعت عبد اللَّه يقول: إذا جلس أحدكم في صلاته ذكر التشهد، ثم ليقل: اللهم إني أسألك من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبادك الصالحون، وأعوذ بك من شر ما استعاذ منه عبادك الصالحون، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، ربنا اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار، ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد. "معونة أولي النهى" 2/ 161 - 162 441 - الإشارة بالسبابتين في الصلاة قال ابن هانئ: وسئل: هل يشير الرجل بإصبعيه في الصلاة؟ قال: نعم شديدًا. "مسائل ابن هانئ" (393) 442 - إذا أطال الإمام الجلوس في التشهد قال صالح: قلت: الإِمام يتشهد فيطيل في الجلسة الأولى فيفرغ الرجل؟ قال: يعيد التشهد. قلت: فالتشهد الثاني إذا فرغ من التشهد بأي شيء يدعو؟ قال: يتخير من الدعاء بمثل ما قال ابن مسعود. "مسائل صالح" (952)

443 - التسليم في الصلاة

قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: إذا أطالَ الإِمامُ الجلوس قال: يتشهدُ مرة أخرى -يعني: من خلفه. "مسائل أبي داود" (243) قال ابن هانئ: وسئل عن الإمام أُدركه وقد بقي من صلاة القوم ركعة، ويجلس للتشهد فيطوّل الإمام، أكرر التشهد أو أسكت؟ قال أبو عبد اللَّه: كررّ التشهد. "مسائل ابن هانئ" (394) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في رجل فاته مع الإمام بعض الصلاة، قال: إذا جلس مع الإِمام في آخر صلاته فإنه يردد التشهد، ولا يدعو. "مسائل عبد اللَّه" (299) 443 - التسليم في الصلاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كَمْ يسلم في الصلاةِ؟ قال: تسليمتين، وفي الجِنازة واحدة. قال إسحاق: كما قال. قال: وليقلْ فِي الجِنازة على يمينه: السلامُ عليكم فقط. "مسائل الكوسج" (233) قال صالح: سمعت أبي يقول: صليت خلف إبراهيم بن سعد غير مرة فكان يسلم واحدة. "مسائل صالح" (751) قال أبو داود: وكان أحمد يسلم عن يمينه وعن شماله في الصلاة: السلام عليكم ورحمة اللَّه، السلام عليكم ورحمة اللَّه. "مسائل أبي داود" (507)

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل صلّى المغرب فسلّم ثلاث تسليمات، ثنتين عن يمينه وشماله، وواحدة تلقاء وجهه، قلت: ما تقول في صلاته؟ قال: صلاته تامّة، وإما أن يسلم واحدة، وإما أن يسلم ثنتين، وفي التسليمتين قد جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- غيرُ حديث أنه سلم ثنتين (¬1). ويروى أنه سلم واحدة أيضًا (¬2). وأما ثلاث فما سمعناه. "مسائل ابن هانئ" (315) قال عبد اللَّه: قال: سألت أبي عن التسليم في الصلاة عن يمين وشمال أحب إليك، أم التسليم في الصلاة عن يمين؟ فقال أبي: قد ثبت عندنا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من غير وجه أنه كان يسلم عن يمينه، وعن يساره، حتى يُرى بياض خده (¬3). "مسائل عبد اللَّه" (295) نقل هارون بن يعقوب الهاشمي: إنها واجبة. أي: التسليمة الثانية. ونقل أبو زرعة: غير واجبة. وقال أحمد بن الحسين: قال أحمد: ينوي بالسلام الخروج من الصلاة. ¬

_ (¬1) منها ما رواه الإمام أحمد 1/ 444، ومسلم (581) عن عبد اللَّه بن مسعود أنه رأى أميرًا كان بمكة يسلم تسليمتين فقال: أنَّى علقها. زاد الحكم عند مسلم: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يفعله. (¬2) رواه الترمذي (296)، وابن ماجه (919)، وابن خزيمة 1/ 360 (729)، وابن حبان 5/ 334 (1995) عن عائشة -رضي اللَّه عنها-. قال الترمذي: لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (242). (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 172، مسلم (582) عن سعد -رضي اللَّه عنه-.

ونقل على بن سعيد: إنما يخرج به من الصلاة. "الروايتين والوجهين" 1/ 130، 131. قال ابن هانئ: قال أحمد: لو ترك السلام أمرته أن يعيد الصلاة. "الانتصار" 2/ 314 قال صالح بن علي: سئل: أي التسليمتين أرفع؟ قال: الأولى. "طبقات الحنابلة" 1/ 470 - 471 قال أحمد بن أصرم: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: حذف السلام سنة. وهو أن يطول به صوته، وطول أبو عبد اللَّه صوته. "المغني" 2/ 249 قال ابن هانئ: قال أحمد: إذا نوى بتسليمه الرد على الحفظة أجزأه. وقال أيضًا: ينوي بسلامه الخروج من الصلاة. قيل له: فإن نوى الملكين، ومن خلفه؟ قال: لا بأس، والخروج من الصلاة نختار. "المغني" 2/ 251 قال أبو بكر بن محمد بن صدقة: وسئل عن حديث أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا إغرار في الصلاة ولا تسليم" (¬1)؟ قال: الإغرار عندنا أن يسلم منها ولا يكملها، وأما التسليم فلا أدري. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 461، وأبو داود (928، 929)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 4/ 274 (1597)، والحاكم 1/ 264، والبيهقي 2/ 260 - 261، والبغوي في "شرح السنة" 12/ 257 (3299). قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وكذا الألباني في "صحيح أبي داود" (861).

444 - إذا أحدث قبل أن يسلم

قيل له حديث ابن عمر أنه كان يحتجم ولا يتوضأ (¬1)؟ قال: لا يصح؛ لأن عمر كان يتوضأ من الرعاف (¬2). "بدائع الفوائد" 4/ 68. قال الأثرم: قال أحمد: أحاديث التنيسي عن زهير بواطل. قال الأثرم: أظنه قال: موضوعة. قال الأثرم: فذكرت له هذا الحديث في التسليمة الواحدة، فقال مثل هذا. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 368 قال حرب: قال: ذكرت هذا الحديث لأحمد، فرده، ولم يصححه. إذا أحدث بعدما رفع رأسه من آخر سجدة واستوى جالسًا تمت صلاته. . الحديث. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 378 444 - إذا أحدث قبل أن يُسلّم قال إسحاق بن منصور: قلتُ لأبي عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه- إذا أحدَثَ قبل أن يُسلِّم؟ ¬

_ (¬1) روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" 1/ 47 (468)، والبيهقي 1/ 140. عن ابن عمر أنه كان إذا احتجم غسل أثر محاجمه. وعلقه البخاري في "صحيحه" قبل ح (176) بصيغة الجزم قال: وقال ابن عمر والحسن فيمن يحتجم: ليس عليه إلا غسل محاجمه. (¬2) روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" 2/ 12 (5898)، عن عباد بن العوام، عن الحجاج، عن رجل، عن عمرو بن الحارث ابن أبي ضرار، عن عمر بن الخطاب في الرجل إذا رعف في الصلاة قال: ينفتل فيتوضأ تم يرجع فيصلي ويعتد بما مضى.

قال: يعيدُ الصلاةَ ما لم يُسلِّم فإن انقضاء الصلاة التسليم، فإن لم يُسلِّم رجع فقعد ثم سَلَّم ما دام قريبًا فإذا تباعد ذَلِكَ أعاد. قيل له: فإن لم يتشهد وسلم؟ قال: التشهدُ أهون؛ قام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ثنتين فلم يتشهد (¬1). قال إسحاق بن إبراهيم رضي اللَّه عنه: لا تجوزُ صلاةٌ إلا بتشهد، إنما قامَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في تنتين ساهيًا فمضى، وقد صحَّ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث الحسن بن الحر أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "فإذا فرغتَ منَ التحيات فقد قضيتَ ما عَلَيك" (¬2)، ويمكن قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تحليلها التسليم" (¬3) أنَّه عَنَى التشهدَ؛ لما رَوى أبو سفيان السعدي في حديثٍ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "في كلِّ ركعتين فَسَلَّم" (¬4) يعني: تشهد، وفي هذا القولِ دلالة أنَّ التشهدَ لما ¬

_ (¬1) ورد ذَلِكَ ضمن حديث عبد اللَّه بن مالك بن بحينة رضي اللَّه عنه رواه الإمام أحمد 5/ 345، والبخاري (835)، ومسلم (570). (¬2) هو حديث ابن مسعود؛ رواه الحسن بن الحر، عن القاسم بن مخيمرة، عن علقمة، عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: رواه الإمام أحمد 1/ 422 (4006)، والطيالسي (275)، والدارمي 1/ 309، وأبو داود (975)، وابن حبان (1961)، والطحاوي 1/ 275، والدارقطني 1/ 353، والبيهقي 2/ 174. ورجَّحَ ابن حبان والدارقطني في "السنن" و"العلل" 5/ 127 أن الزيادة -المذكورة هنا- من كلام ابن مسعود. (¬3) روي ذَلِكَ عن علي -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا. رواه الإمام أحمد 1/ 123، وأبو داود (61) و (618)، والترمذي (3)، وابن ماجه (275)، وصححه النووي وابن حجر، وانظر: "الإرواء" (301). (¬4) رواه العقيلي 2/ 229 وابن حبان في "المجروحين" 1/ 377، والدارقطني 1/ 366 من طريق أبي سفيان طريف بن شهاب السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعًا. وأبو سفيان هذا قال فيه الإمام أحمد: ليس بشيء، لا يكتب حديثه. وضعفه غير واحد من أهل العلم.

فيه من ذكر السَّلام على النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم وعلى عباد اللَّه الصالحين يجوز أنْ يُقالَ: سلَّم. يعني: تشهد. وكذلك قال عطاء: إذا انتهى في التشهدِ إلى سلام التشهد أجزأه (¬1). وهو رَوى أنَّ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم كان إذا تشهد أقبلَ على أصحابه ثمَّ تركَ السلام أدنى الانقضاء (¬2)، مع ما جاء عن علي بن أبي طالب كرم اللَّه تعالى وتبارك وجهه أنه جائز يعني دونَ تسليم (¬3). وحديث الإفريقي واضح أنَّ التشهد يجزئه إذا أحدث بعد ذلك لما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا قضى صلاته فأحدث قبَل أن يسلِّم" (¬4) فالأثر على ذلك. "مسائل الكوسج" (1) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 235 عن عطاء قال: إذا قال: السلام علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين. أجزأه. (¬2) رواه البيهقي 2/ 175 - 176 وهو مرسل. (¬3) روي هذا بالمعنى عن علي -رضي اللَّه عنه- موقوفًا بإسناد ضعيف، رواه الإمام أحمد (كما في "العلل" و"معرفة الرجال": 939)، والطحاوي 1/ 273، والدارقطني 1/ 360، والبيهقي 2/ 173 من طريق أبي عوانة عن الحكم، عن عاصم بن ضمرة عن علي، بهذا المعنى. قال أبو حاتم في " (العلل" 1/ 113): هذا حديث منكر لا أعلم روى الحكم بن عتيبة عن عاصم بن ضمرة شيئًا وقد أنكر شعبة على أبي عوانة روايته عن الحكم. وقال البيهقي: عاصم بن ضمرة ليس بالقوي، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه لا يخالف ما رواه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإن صحّ ذَلِكَ فهو محجوج بما رواه هو وغيره عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. (¬4) رواه الترمذي (408)، والطيالسي (2366)، والطحاوي 1/ 274 من طريق ابن المبارك، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن عبد الرحمن بن رافع، وبكر بن سوادة، عن عبد اللَّه بن عمرو، به مرفوعًا. وتمامه: "فقد جازت صلاته" أو بهذا المعنى. قال أبو عيسى: هذا حديث إسناده ليس بذاك القوي، قد اضطربوا في إسناده، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم هو الإفريقي، وقد ضعفه بعض أهل الحديث منهم: يحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل. =

قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عمن أحدث قبلَ أن يسلمَ؟ قال: يعيدُ. "مسائل الكوسج" (412) قال صالح: قلت: الرجل يقعد في الركعة الآخرة بعد التشهد ثم يحدث؟ قال: هو في الصلاة ما لم يخرج منها بالتحليل -وهو: التسليم- وما أفسد أولها أفسد آخرها. "مسائل صالح" (684) قال صالح: قال: إذا أحدث وهو في الصلاة يستقبل الصلاة، ويستقبل القوم إذا لم يكن في صلب الصلاة. والرعاف أيضًا يستقبل. قلت: فالدم ليس هو أسهل؟ قال: بلى، ولكن أرى أن يستقبلوا. "مسائل صالح" (1278) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يحدث والإمام في التشهد؟ قال: هو في صلاةٍ ما لم يسلّم. قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تريمها التكبير، وتحليلها التسليم" (¬1). "مسائل ابن هانئ" (367) ¬

_ = وقال الخطابي 1/ 175: هذا الحديث ضعيف. قلتُ: وقد رواه أبو داود (617) من طريق زهير عن الإفريقي، به بلفظ: "فأحدَثَ قبل أن يتكلَّمَ". رواه الطحاوي من طرق أخرى نحوه. انظر: "شرح معاني الآثار" 1/ 274 - 275، و"سنن الدارقطني" 1/ 379، والبيهقي 2/ 176، والبغوي (751)، و"نصب الراية" 2/ 63، و"الفتح" 2/ 323. (¬1) سبق تخريجه قريبًا.

قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يحدث قبل التشهد؟ فذكر الحديث: "تحليلها التسليم". قيل له: فترى أن يستقبل؟ قال: إذا أمرته بالوضوء أمرته أن يستقبل، وأكثر أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولونه. "مسائل ابن هانئ" (398) قال ابن هانئ: قيل له: فالإحداث، يبني أو يستقبل؟ قال: يستقبل. "مسائل ابن هانئ" (399) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: الوليد قال: ثنا الأوزاعي، عن واصل، عن مجاهد قال: إذا صرفت وجهك من القبلة فاستقبل الصلاة (¬1). "مسائل ابن هانئ" (400) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل يتشهد فأحدث قبل أن يسلم؟ قال: يعيد الصلاة، لأنه في صلاة ما لم يسلم، يذهب إلى حديث علي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تحليلها التسليم". "مسائل عبد اللَّه" (290) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: من صلى ركعة من التطوع ثم أحدث؟ قال: يعجبني أن يستقبل، لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صلاة إلا بطهور" (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (355) ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 2/ 257. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 20، ومسلم (224) من حديث ابن عمر رضي اللَّه عنه.

445 - التسبيح دبر الصلاة والدعاء

445 - التسبيح دبر الصلاة والدعاء قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ وسئل عن تفسير حديث النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يجلس بعد التسليم إلا قدر ما يقولُ: اللهمَّ أنت السلام ومنك السلامُ" (¬1) يعني: في مقعده حتَّى ينحرفَ؟ قال: لا أدري. "مسائل أبي داود" (542) قال أبو داود: قيل لأحمد وأنا أسمعُ: إذا سلم الرجلُ -يعني من صلاته- ما يقول؟ قال: يقول ما شاء. "مسائل أبي داود" (543) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن التسبيح في دبر الصلاة يقطعُهُ أو يقول: سبحان اللَّه، والحمدُ للَّه، ولا إله إلا اللَّهُ، واللَّه أكبرُ؟ فقال: يقولُ هكذا ولا يقطعْهُ. "مسائل أبي داود" (544) قال البغوي: ورأيت أحمد إذا سلَّم حوَّل وجهه عن القبلة وقعد يسبح ويذكر اللَّه. "مسائل البغوي" (35) قال الميموني: سمعت أبا عبد اللَّه يقول بعد التسليم من الصلاة: سبحان ربك، رب العزة، عما يصفون. "طبقات الحنابلة" 2/ 95 ¬

_ (¬1) بهذا اللفظ رواه ابن حبان 5/ 342 (2002) من حديث ابن مسعود، ورواه مسلم (592)، عن عائشة قالت: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: "اللهم أنت السلام. . ".

قال ابن ماهان: قلت: وهل يجمع بينهما أو يفرد -يعني: التسبيح والتحميد والتهليل. .؟ قال: لا يضيق. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 114 ونقل جعفر بن محمد النسائي عنه في الرجل يقول قبل أن يتم الصلاة: اللهم أنت السلام ومنك السلام. قال: ليس هذا من شأن الصلاة، سابق الصلاة. وقال أبو طالب: قال أحمد: لا بأس بذلك قبل السلام وبعده. "فتح الباري" لابن رجب 5/ 261 قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: حدثنا علي بن ثابت: حدثنا واصل قال: رأيت علي بن عبد اللَّه بن عباس إذا صلى كبر ثلاث تكبيرات (¬1). قلت لأحمد: بعد الصلاة؟ قال: هكذا. قلت له: حديث عمرو عن أبي معبد عن ابن عباس: كنا نعرف انقضاء صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالتكبير (¬2)، هؤلاء أخذوه عن هذا؟ قال: نعم. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 396 قال الفضل بن زياد: وسئل عن التسبيح بعد الصلاة ثلاثة وثلاثين أحب إليك أم خمسة وعشرين؟ ¬

_ (¬1) لم أقف عليه. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 222، والبخاري (842)، ومسلم (583).

446 - مسح المصلي جبينه بعد الصلاة

قال: كيف شئت. وقال علي بن سعيد: قال أحمد: أذهب إلى حديث ثلاث وثلاثين. "فتح البارى" لابن رجب 7/ 413، 414. قال حرب: قال إسحاق: الأفضل أن يسبح ثلاثًا وثلاثين، ويحمد ثلاثًا وثلاثين، ويكبر ثلاثًا وثلاثين، ويختم المائة بالتهليل، قال: وهو في دبر صلاة الفجر آكد من سائر الصلوات؛ لما ورد من فضيلة الذكر بعد الفجر إلى طلوع الشمس. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 414 446 - مسح المصلي جبينه بعد الصلاة ونقل الميموني عن أحمد: أنه كان إذا فرغ من صلاته مسح جبينه. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 360 447 - التسبيح بالنوى قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُسبحُ الرجل بالنوى؟ قال: قَدْ فَعلَ ذَلِكَ أبو هريرةَ وسعد -رضي اللَّه عنهما- (¬1)، وما بأس بذلك، النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد عَدَّ (¬2). قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (3507) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة عنهما 2/ 163 (7658 - 7660). (¬2) انظر: "الضعيفة" 1/ 188 - 193 بعد حديث (83).

أبواب: سجود السهو

أبواب: سجود السهو 448 - مشروعية سجود السهو قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: حديث ذي اليدين فَسِّرهُ لي؟ قالَ: انصرف النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم مِنَ الصلاةِ وسلَّمَ مِنْ ثنتين وهو على يقين أنه قد كملت صلاتُهُ، فقال ذو اليدين: أَقَصرت الصلاةُ أم نسيتَ؟ ففي قول ذي اليدين دليلٌ على أنه لا يدري لعلها قد قَصَرت الصلاةُ؛ لأنها كانت مقصورةً فأُتِمت، فقال: أقصرت الصلاة يا رسولَ اللَّهِ، أم نسيتَ؟ فرد عليه النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو على يقينه أنها لم تقصر ولم أنسَ، فلم يقبلْ قوله حتَّى قالَ: "أَكَمَا يقولُ ذو اليدين؟ " فصدقه القومُ فأتم الصلاةَ، فذو اليدين تكلم وهو لا يدري لعلها قد قَصَرتْ، وليسَ يتكلم اليوم أحدٌ على معنى ذي اليدين، والقوم لما أجابوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وجب عليهم أن يجيبوه بسؤالِهِ إياهم، وليس يجب اليوم على أحدٍ أَن يجيبَ أحدًا، فإذا فعل الإمامُ مثلَ ما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وتكلَّم بمثلِ كلامِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذلك لما كان مِنْ شأن الصلاة أتم، وإنْ تكلَّمَ غيرهُ يعيد؛ لأنه لا يكون اليوم في معنى ذِي اليدين أحدٌ. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (268) قال صالح: وسألت أبي قلت: قصة ذي اليدين كانت قبل بدر أو بعد بدر؟ فقال: أبو هريرة -رضي اللَّه عنه-، وإنما كان إسلامه بعد بدر عند فتح خيبر، وإنما صحب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلاث سنين وشيئا. "مسائل صالح" (143)

449 - حكم سجود السهو

449 - حكم سجود السهو قال الأثرم: قلت: من نسي سجود السهو؟ فقال: إذا كان في سهو خفيف فأرجو أن لا يكون عليه. قلت: فإن كان فيما سهى فيه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقال: هاه، ولم يجب. قال الأثرم: فبلغني عنه أنه يستحب أن يعيده. "مجموع فتاوى ابن تيمية" 23/ 33 450 - إذا أدرك الإمام وعليه سهو قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا فات الرجلَ شيءٌ مِنَ الصَّلاة وسها الإمامُ؟ قال: يسجدُ معه ثم يقضي. قِيلَ له: فإن قام قبلَ أنْ يسجدَهما مع الإمامِ؟ قال: إن شاء قعدَ فسجدهما مع الإمامِ، وإن شاءَ مضى في صلاته، ثمَّ يسجدهما بعد. قال إسحاق: لا، بل يسجدُ أبدًا بعدما يقضي فرضَهُ، ولا يخلط بين ظهراني صلاته. "مسائل الكوسج" (241) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل سفيان عن رجل أدرك إحدى سجدتي السهو أيضيفُ إليها أخرى إذا سَلَّم؟ قال: لا.

قال الإمام أحمد: بلى يَقْضي السجدةَ ثم يقومُ فيقضي ما فاته. قال إسحاق: كما قال، ويقضي السَّجدةَ الثانيةَ إذا كان قدْ سجدَ معه واحدةً وتجزئه، والذي نختار أن لا يسجد حتَّى يَقضيَ فريضته ثُم يسجد. "مسائل الكوسج" (330) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاق عَن الرجلِ يُدرك مع الإمامِ ثلاثَ ركعات وعلى الإمام سهو، أيسهو مع الإمام أمْ يقوم إلى ركعتِهِ؟ قال: يقومُ إلى ركعتِهِ فيقضيها ثُمَّ يسهو، وكذلك قال ابن سيرين، وبه آخذ، لأنَّ السجدتين سنةٌ ويدخل سنة في فريضة. "مسائل الكوسج" (486) قال صالح: وسألته عن رجل فاتته مع الإمام ركعة، وسها الإمام، يسجد معه سجدتي السهو، أو يقوم يقضي؟ قال: يسجد معه، أذهب إلى حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما جعل الإمام ليؤتم به" (¬1). "مسائل صالح" (25) قال صالح: وسألته عن رجل صلى مع الإمام وقد سبقه بركعة، فلما كان في آخر صلاته أراد الإمام أن يسجد سجدتي السهو، أيسجد مع الإمام أم يتم صلاته ثم يسجد؟ قال: يسجد مع الإمام. وقال: أذهب إلى قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما جعل الإمام ليؤتم به". "مسائل صالح" (311) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 314، والبخاري (722)، ومسلم (414). من حديث أبي هريرة.

قال صالح: قلت: رجل سبقه الإمام ببعض، وقد سها الإمام فيما سبقه، أو فيما أدرك، فلم يسجد مع الإمام، قام ليقضي، فسها هو في القضاء، هل تجزئه سجدتان لسهوه وسهو الإمام؟ قال: تجزئه سجدتان لسهوه وسهو الإمام، وقد كان ينبغي له أن يتبع الإمام في سهوه. "مسائل صالح" (647) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن سبق ببعض الصلاة فسها الإمام؟ قال: يسجد معه السهو من الصلاة، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما الإمام ليؤتم به"، فإن قام أليس قد خالف إمامه؟ ! "مسائل أبي داود" (386) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجلٍ فاتته مع الإمام ركعة، وسها الإمام؟ قال: يسجد معه سجدتي السهو ثم يصلي ما فاته، ثم يسلم. "مسائل ابن هانئ" (381) قال ابن هانئ: سألته عن رجلٍ جاء والإمام قد سبقه بركعة، ثم سها الإمام، أيسجد مع الإمام ثم يقوم فيقضي؟ أو يقضي ثم يسجد؟ قال: يسجد معه ثم يقضي، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما جعل الإمام ليؤتم به". فإذا سجد معه في السهو فقد ائتم به، وإذا لم يسجد معه فلم يأتم. "مسائل ابن هانئ" (386) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: قلت: رجل فاتته ركعة وقد سها الإمام في الركعة؟

451 - في تنبيه الإمام إذا سها، وإذا لم يستجب

قال: يسجد مع الإمام سجدتي السهو ثم يقضي. "مسائل عبد اللَّه" (312) قال عبد اللَّه: سُئِلَ أبي عن رجل فاتته ركعة مع الإمام فقعد؟ قال: سمعت أبي يقول: وأحب إلي أن يتشهد مع الإمام. "مسائل عبد اللَّه" (314) ونقل عنه حنبل في المسبوق إذا سها إمامه: أنه يسجد مع إمامه ويقضي ما فاته، ويقضي سهوه. وقال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: رجل أدرك بعض الصلاة، فلما قام ليقضي، إذا على الإمام سجود سهو؟ فقال: إن كان عمل في قيامه، وابتدأ القراءة، مضى ثم سجد. قلت: فإن لم يستتم قائمًا؟ قال: يرجع ما لم يعمل. قيل له: قد استتم قائمًا؟ فقال: إذا استتم قائمًا وأخذ في عمل القضاء، سجد بعدما يقضي. ونقل أبو الحارث عنه: ينحط فيسجد معه ثم يقضي ما فاته. "الروايتين والوجهين" 1/ 150، "المغني" 2/ 441 451 - في تنبيه الإمام إذا سها، وإذا لم يستجب قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: التسبيحُ للرجال والتصفيقُ للنساءِ؟ قال: إي واللَّه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (267)

قال أحمد في رواية أبي طالب: لا يتنحنح في صلاته فيما نابه، فإن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا نابكم في صلاتكم شيء" فليسبح الدجال، ولتصفق النساء" (¬1). "العدة" 2/ 368 - 369 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل صلى فقام في الخامسة فسبحوا به فلم يرجع به فيتبعوه أم لا؟ قال أبي: يجلسونه، فإن لم يجلس لا يتبعونه؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يقبل قول ذي اليدين، يقول: إذا سبح به رجل واحد لم يلتفت إلى قوله، فإن سبحوا به كلهم أو أكثرهم جلس. "مسائل عبد اللَّه" (304) قال أبو طالب: قال أحمد: لا يتنحنح في صلاته فيما نابه، فإن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا نابكم في صلاتكم شيء، فليسبح الرجال، ولتصفق النساء". "العدة" 2/ 368 - 369 قال محمد بن يحيى المتطيب: قال أحمد: إذا قام إلى خامسة فسبحوا به فلم يقعد يسلمون وصلاتهم تامة. وقال أبو طالب: قال أحمد: إذا صلى أربع ركعات ثم قام إلى خامسة وهو يظن أنها رابعة ومن خلفه لا يشك أنه قد صلى أربعًا معه حتى صلى الخامسة فقد أحسن الذين قاموا معه، وقد صلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خمسًا. ونقل عنه المروذي فيمن صلى بقوم فقام إلى خامسة فسبحوا به فلم يلتفت إلى قولهم: يقعدون ولا يتبعونه حتى يقعد فيسلم بهم. "الروايتين والوجهين" 1/ 174 - 175 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 241، والبخاري (1203)، ومسلم (422) من حديث أبي هريرة.

452 - سجود المأمومين للسهو إذا تركه الإمام

452 - سجود المأمومين للسهو إذا تركه الإمام نقل المروذي عنه: أنهم يسجدون. ونقل يوسف بن موسى عنه: لا يسجدون. "الروايتين والوجهين" 1/ 149 453 - السهو خلف الإمام قل أبو داود: سمعت أحمد يقول في رجل نعس خلف الإمام حتى صلى الإمام ركعتين؟ قال: كأنه أدرك ركعتين، فإذا سلم الإمام صلى ركعتين. "مسائل أبي داود" (361) قال أبو داود: قلت لأحمد: شهدت مع الإمام افتتاح الصلاة، ثم ركع فلم أركع حتى رفع -أعني: ساهيًا؟ قال: لا تعتد بتلك الركعة، ثم قال: لو افتتح مع الإمام، ثم نعس حتى صلى الإمام ركعتين أليس يتبعه ولا يعتد بما صلى الإمام؟ "مسائل أبي داود" (364) قال أبو داود: قلت لأحمد: سبقت ببعض الصلاة فسهوت فيما أدركت مع الإمام، أسجد سجدتي السهو؟ قال: لا؛ ليس مع الإمام سهو. قلت لأحمد: فسهوت فيما أقضي؟ قال: اسجد سجدتي السهو. "مسائل أبي داود" (387)

454 - السهو عن سجود السهو

454 - السهو عن سجود السهو قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا شك، فلم يدر سجد سجدتي السهو أم لا؟ قال: يسجدهما. "مسائل أبي داود" (388) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: ليس في سجدتي السهو سهو. "مسائل أبي داود" (389) قال أبو داود: سمعت أحمد سأله رجل عمن سجد سجدتي السهو مرتين. قال الرجل: أي شيء علينا؟ قال أحمد: أي شيء عليكم! زدتم في صلاتكم شيئًا، ولم يأمره بإعادة. "مسائل أبي داود" (390) 455 - السهو والشك في الصلاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا جهرَ فيما يخافت فيه أو خافتَ فيما يجهر فيه؟ قال: إن سجد لا يضره ذَلِكَ، وإنْ لمْ يسجدْ فَلا بأسَ. قال إسحاق: بل يسجدُ في ذَلِكَ وفي كلِّ سهوٍ سجدتان. "مسائل الكوسج" (200) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا صلَّى الظهرَ خمسًا؟ قال: يسجدُ سجدتين، وَقَد تمت صلاتُهُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (232)

قال إسحاق بن منصور: قِيلَ لأحمدَ -رضي اللَّه عنه-: صلَّى الغداةَ ثلاثًا، فلما كان في الثالثةِ ذَكَرَ أنه نسي سجدة؟ قال: يركعُ ركعةً ويسجدُ سجدتين. قلتُ: فقدْ صلَّى ثلاثَ ركعاتٍ، أمَا تجزئه؟ قال: ما أحسنه! كأنه مال إلى قولي. قُلْتُ: فيسجدَ سجدةً واحدةً؟ قال: لا، قد كفاه ذَلِكَ، صلى ثلاثَ ركعاتٍ. قال إسحاق: كلما ذكر سجدةً في آخر صلاته لا يدري مِنْ أي الركعاتِ تركها إذا تركها من الركعة الثانية، فأما إن كان تَركها مِن الأولى فلا بد من أن يبني. "مسائل الكوسج" (234) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا شك في صلاته؟ قال: يرجعُ إلى اليقين، واليقينُ: أن يكون يشكّ في واحدة أو ثنتين، أكثر وهمه أنها ثنتان، وهو التحري الثنتان واليقين واحدة، وإن كان هو وآخر فكان اليقينُ عنده خلاف ما أخبره صاحبه لمْ يقبلْهُ مِنه، وإن كانوا أكثرَ مِنْ واحد قَبِلَ منهم؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لمْ يقبلَ قولَ ذي اليدين حتَّى استشهدَ القومَ فشهدوا (¬1)؛ وهذا إذا سَبَّح به، وكل من تكلم وراءَ الإمامِ أعادَ. قال إسحاق: كما قال، إلَّا أنه إذا لقنه واحدٌ فشكَّ قَبِلَ منه. "مسائل الكوسج" (235) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 234 - 235، والبخاري (482)، (6051)، ومسلم (573) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا صلَّى المغربَ أربعًا؟ قال: يسجد سجدتين مثل من صلَّى الظهرَ خمسًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (237) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا سها وقام من الثنتين يمضي؟ قال: ما أبالي، إنْ شاءَ قامَ فمضى، وإن شاءَ قعدَ وهذا إذا يَقِنَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (238) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدَ عن رَجُلٍ شكَّ في الثنتين والثلاث، ثمَّ استيقن أنهما ثنتان؟ قال: يسجدُ سجدتي السهوِ، وإن لمْ يسجدْهما، فلا بأسَ. قال إسحاق: بلْ يسجدهما أحبُّ إلينا. "مسائل الكوسج" (239) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا أدرك من الصلاة وترا يسجد سجدتي السهو؟ قال: لا. قال إسحاق: بل يسجدهما كما جاء. "مسائل الكوسج" (242) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان في رجلٍ نسي سجدةً وهو ساجد، قال: يرفعُ رأسَه وليسجد التي نسي ولا يعتد بالسَّجدةِ التي كان سجدها، فإن ذكرها وهو راكع لم يفرغ من الركوعِ فليسجد ولا يعتد بتلك الركعة، فإن ذكرها وهو يقرأ فليسجد ولا يعتد بالقراءة التي قرأ؛

لأنه إنَّما هو شيء لم يفرغ منه بعد. قال أحمد: كلّ ركعةٍ لا يأتي فيها بسجدتين حتَّى يأخذَ في عملِ الأخرى لم تجزه تلك الركعة؛ لأنَّ الفرضَ عليه في كلِّ ركعة سجدتان، فإذا ذكرَ سجدةً وهو ساجد مِنْ ركعة متقدمة لم يعتد بالركعةِ المتقدمة واعتد بهذِه السجدةِ وركعتها. قال إسحاق: أجاد، كما قال. "مسائل الكوسج" (324) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: قال سفيان في السهو إذا قمت فيما لا ينبغي لك أنْ تقومَ أو قعدت فيما لا ينبغي لك أنْ تقعدَ أو سلمت ناسيًا أو جهرت فيما لا ينبغي لك أنْ تجهرَ فيه أو خافَتَّ فيما لا ينبغي لكَ أنْ تخافت ناسيًا فعليك سَجدتا السَّهو، والسَّهُو في المكتوبةِ والتطوع سواءٌ؟ قال الإمام أحمد: كله جيدٌ إلَّا جهره بالقرآنِ أو إخفاته فيما لا ينبغي له أن يجهرَ إنْ سجدَ فلا بأسَ، وإنْ لم يسجدُ فليس عليه. "مسائل الكوسج" (325) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عَنْ رجلٍ ركعَ أربع ركعاتٍ وسجدَ في كلِّ ركعةٍ سجدة سجدة، فذكر وهو جالس في الرابعةِ؟ قال: يسجد الأول فالأول وهو جالس، وإنْ كان قَدْ تشهد يعيدُ التشهدَ، ثمَّ يسجد سجدتي السهو بعد ما يسلم، وإنْ كان قد تكلَّم قبل أن يسجدَ أعاد. قال الإمام أحمد: يستأنف أربع ركعات كأنَّه لم يصلِّ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (327)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل سفيان عن رجلٍ قرأَ فسجد ولم يركع، ثُمَّ قامَ فقرأ وركع فذكر في الثانيةِ أنَّه لم يركعْ في الأولى؟ قال: لا يحتسب بالأولى، ويسجد سجدتي السهو. قال أحمد: جيد هذا صحيح. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (328) قال إسحاق بن منصور: قلتُ لأحمد: سُئل سفيان عَنْ رجلٍ قرأ، فركع، ثم رفعَ رأسَه فقرأ، وركع، ثمَّ ذكرَ في الثانيةِ، قال: يجعل هذِه الآخرة الأولى ولا يحتسب بالأولى ويسجد سجدتي السَّهو. قال أحمد: جيد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (329) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: سألتُ -يعني: سفيان- عن رجلٍ صلى الظهرَ خمسًا؟ قال: أَجَلَسَ في الرابعةِ؟ قُلْتُ: لا. قال: أحبُّ إليَّ أن يُعيدَ. قال أحمد: يَسجدُ سَجدتين بعدما يُسلم. قال إسحاق: هو جائزٌ، وصارت جلسته عِوضًا من الرابعةِ، ويَسجدُ سَجدتين. "مسائل الكوسج" (351) قال إسحاق بن منصور: قال: صلَّى بنا العصرَ فنهضَ على ركبتيه في الثنتين، فلما قعدَ وتشهدَ ودعَا سجد سجدتين ثمَّ سلَّم. "مسائل الكوسج" (428)

قال صالح: قلت: من قال في سجوده: أعوذ باللَّه. أو في ركوعه: بسم اللَّه، أو نحو هذا مما يذكره في الصلاة؟ قال: لا ينبغي أن يفعل، فإن فعل فأرجو. "مسائل صالح" (445) قال صالح: قال: قال الشافعي في الذي تفوته سجدة -يعني: ينساها- إذا صلى ركعة أخرى، وسجد فيها سجدة أضافها إلى تلك السجدة، فيكون له ركعة قد أتى بسجدتين، وكان يحتج على أصحاب أبي حنيفة. قالوا: إذا قيد بسجدة أجزأه. قال: فكذلك إذا أجزتم أنتم هذا، أجزنا نحن هذا. "مسائل صالح" (498) قال صالح: وقلت لأبي: ما تقول في الصلاة المكتوبة من ترك من التسبيح في الركوع والسجود ناسيًا أو عامدًا؟ قال: إذا عمد لشيء من تركها أعاد الصلاة، وإن كان ساهيًا فأرجو، وإذا ترك التشهد عامدًا أعاد، والحجة في أنه لا إعادة عليه إذا كان ساهيًا: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهض من ثنتين، فقد ترك التشهد، فلم يتشهد في الأوليين، وترك تكبيرة الجلوس للتشهد، فنهض، فسجد سجدتي السهو قبل السلام، فقد ترك تشهدًا وتكبيرًا، فلم تفسد صلاته، وسجد سجدتين قبل التسليم لم يتشهد فيهما (¬1). "مسائل صالح" (552) قال صالح: قلت: الرجل يصلي مع الإمام، فينهض وقد نسي التسليم؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 345، والبخاري (829)، ومسلم (570) من حديث عبد اللَّه ابن بحينة.

قال: إن كان قد تكلم أعجب إلي أن يعيد الصلاة، وإن لم يكن تكلم رجع فسلم؛ لأن تحليل الصلاة التسليم. "مسائل صالح" (584) قال صالح: قال أبي: سألت إسماعيل عمن نسي القنوت في الوتر، هل عليه سجدتا السهو؟ قال: ما أرى عليه ذلك. وقال: وسألت هشيمًا عن ذلك، فقال: يعجبنا أن يسجد لذلك سجدتي السهو. "مسائل صالح" (717) قال صالح: وقال في رجل ركع وسجد سجدة: لا تجزئه، لأن كل ركعة معقودة بسجدتين. وأصحاب أبي حنيفة يقولون: لو أن رجلًا نسي أربع سجدات من أربع ركعات أنه يسجد أربع سجدات وهو جالس. وآخرون يقولون في رجل ترك سجدتين من أول صلاته وآخر صلاته: أنه يجعل السجدة الآخرة مع الأولى ويقوم فيصلي ركعة، يقول هذا الشافعي، ولا يعجبني هذا. وأذهب أن كل ركعة معقودة بسجدتين، فإذا لم يأت في ركعة بسجدتين لم يعتد بتلك الركعة. "مسائل صالح" (927) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل نسي سجدة من ركعة؟ قال: يعيد تلك الركعة كأنه لم يركعها. "مسائل أبي داود" (362) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن نسي سجدة من آخر صلاته فتشهد ثم ذكر وقد تشهد؟ قال: يسجد أخرى. "مسائل أبي داود" (363)

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن أي شيء يوجه حديث ابن عمر، قال: لا تعاد الصلاة (¬1)؟ قال: لعله يقول من الشك. "مسائل أبي داود" (365) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن وهم في صلاته وهو إمام؟ قال: يسبحون به من خلفه حتى ييقنوه. قيل: سبحوا به فلم يقبل وصلى؟ قال: يعيد ويعيدون. "مسائل أبي داود" (366) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: لا يقبل من واحد واحتج بقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أصدق ذو اليدين؟ " (¬2). "مسائل أبي داود" (367) قال أبو داود: سمعت أحمد ذكر حديث: "لا غرار في صلاة ولا تسليم" (¬3)؟ قال -يعني: فيما أرى: أن لا تسلم ويسلم عليكَ، ويُغَررُ الرجل بصلاته: ينصرف هو فيها شاك. "مسائل أبي داود" (371) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 19، وأبو داود (579)، والنسائي 2/ 114، عنه قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا تصلوا صلاة في يوم مرتين". وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (592). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 235، والبخاري (482)، ومسلم (573) من حديث أبي هريرة. (¬3) أخرجه أبو داود (928) وأحمد 2/ 461 والحاكم 1/ 264. ونقل أبو داود في "السنن" تفسير أحمد هذا أيضًا. =

قال أبو داود: قلت لأحمد: رجل صلى المغرب أربعًا فذكر وهو في التشهد؟ قال: يسجد سجدتي السهو وقد تمت صلاته. "مسائل أبي داود" (378) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل شك في الثنتين أو الثلاث من المغرب؟ قال: يجعلها ثنتين. "مسائل أبي داود" (379) قال أبو داود: سمعت أحمد قال فيمن صلى المغرب أربعًا لم يقعد في الثالثة؟ قال: يسجد سجدتين وقد تمت صلاته. "مسائل أبي داود" (381) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن خافت فيما يجهر فيه حتى فرغ من فاتحة الكتاب، ثم ذكر؟ قال: يبتديء فاتحة الكتاب فيجهر. قيل: يسجد سجدتي السهو؟ قال: نعم. فقيل لأحمد: فإن كان جهر فيما يخافت فيه، ثم ذكر؟ قال: يسكت ويمضي من حيث انتهى. "مسائل أبي داود" (382) ¬

_ = وروى أحمد في "المسند" بعقبه، عن سفيان، قال: سمعت أبي يقول: سألت أبا عمرو الشيباني عن قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا إغرار في الصلاة"، فقال: إنما هو: "لا غرار في الصلاة"، ومعنى (غرار)، يقول: لا يخرج منها وهو يظن أنه قد بقى عليه منها شيء، حتى يكون على اليقين والكمال.

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن إمام صلى ركعتين، ثم سلم، فظن أنهما أربع، ثم علم فصلى ركعتين، أيسجد سجدتين أيضًا؟ قال: نعم. "مسائل أبى داود" (383) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل عمن قام من الثنتين فسبحوا به؟ فقال: إن مضى فهو أكثر ما جاء فيه الحديث، وإن جلس فلا بأس. قال أحمد: حديث الأعرج ليس فيه أنهم لقنوه (¬1). "مسائل أبي داود" (384) قال أبو داود: ورأيت أحمد غير مرة يسجد في التطوع سجدتي السهو. "مسائل أبي داود" (392) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل وهم في التراويح فلم يسلم، عليه سجدتي السهو؟ قال: أرجو -أي: أنه ليس عليه شيء. "مسائل أبي داود" (447) قال أبو داود: قلت لأحمد: رجل صلى المغرب أربعًا فذكر وهو في التشهد؟ قال: يسجد سجدتي السهو وقد تمت صلاته. "مسائل أبي داود" (755) قال ابن هانئ: سمعته يقول: إذا سها الإمام، فسبح به اثنان أو ثلاثة فليجلس، وإذا سبح به واحد فلا يجلس. "مسائل ابن هانئ" (372) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 345، والبخاري (829)، ومسلم (570) عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد اللَّه ابن بحينة -رضي اللَّه عنه-.

قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يحتج بحديث ذي اليدين لما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأصحابه: "أحق يقول ذو اليدين"؟ قالوا: نعم يا رسول اللَّه (¬1). قال أبو عبد اللَّه: فلم يسجد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بقول ذي اليدين. "مسائل ابن هانئ" (373) قال ابن هانئ: قال أبو عبد اللَّه: وإذا سبح واحد لم يسجد، وإذا سبح به اثنان سجد. وقال: وسمعته يقول: إذا سها الإمام، فسبح به اثنان أو ثلاثة، فليجلس، فإن سبح به واحد، فلا يجلس. "مسائل ابن هانئ" (374) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل ينهض في الركعتين فيقوم قائمًا؟ قال: إذا استوى قائمًا، فأكثر من روى يقول: إذا استوى فإنما يمضي في الصلاة، ويسجد سجدتين قبل السلام. "مسائل ابن هانئ" (375) قال ابن هانئ: سألته عن رجل صلى المغرب أربعًا؟ قال: يسجد سجدتي السهو. قلت: فإن كان قد جلس في الثالثة قليلًا؟ قال: ذاك حسن، يسجد أيضًا سجدتي السهو. "مسائل ابن هانئ" (376) قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يصلي فيسهو قال: إذا أراد أن يركع يقول: سمع اللَّه لمن حمده؟ ¬

_ (¬1) سلف تخريجه قريبًا.

قال: يسجد سجدتي السهو قبل السلام، ولا يتشهد فيهما. "مسائل ابن هانئ" (377) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل نسي سجدة من ركعة؟ قال: يعيد تلك الركعة. قيل له: فإن كان قد خرج من الصلاة وذكرها بعد؟ قال: يعيد الصلاة إن كان قد تكلم، وإن كان لم يتكلم وذكرها، قام فصلى ركعة وسجد سجدتين. "مسائل ابن هانئ" (378) قال ابن هانئ: سألته عن رجل سها فشك، في الركعتين أو في الثلاث؟ قال: يذهب إلى قول ابن مسعود، يرجع إلى اليقين، ويسجد قبل التسليم. "مسائل ابن هانئ" (382) قال ابن هانئ: وسُئِلَ: عن الرجل يصلي ويترك السجدة من صلاته؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا ترك سجدة من صلاته فكأنما تركها، يعيد تلك الركعة ولا يبالي بها. "مسائل ابن هانئ" (384) قال ابن هانئ: سألته عن رجلٍ نسي سجدة من ركعة؟ قال: لا تجزئ ركعة لا يجيء فيها بركعة وسجدتين، يعيد الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (385) قال ابن هانئ: وسئل عن الإغرار؟ قال أبو عبد اللَّه: أبو عمرو الشيباني ألغى الألف: لا غرار، يعني إذا صلى وترك ركعة أو شيئًا من الصلاة، فهو غرار إذا اعتد بها. "مسائل ابن هانئ" (387)

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل سها فقرأ في التشهد، وتشهد في القراءة؟ قال: لا يجزئه، يعيد الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (388) قال ابن هانئ: سمعته يقول: إذا زاد على التشهد -تشهد ابن مسعود- شيئًا من دعاء في الركعتين الأوليين، يسجد سجدتين بعد السلام. "مسائل ابن هانئ" (395) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: لو أن رجلًا ترك التسليم أمرته أن يعيد الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (396) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل سها أن يقرأه {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في أول ركعة. وسها أيضًا أن يقرأ بفاتحة الكتاب، وذكر بعد أنه قرأ سورة؟ قال: لا يجزئه حتى يقرأ بفاتحة الكتاب. وإذا سها أن يقرأ {بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} يجزئه. "مسائل عبد اللَّه" (302) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل ترك سجدة من ركعة فلم يذكرها حتى صار في الركعة الثانية؟ قال: فإنه لا تجزئه تلك الركعة حتى يأتي فيها بسجدتين. "مسائل عبد اللَّه" (303) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل سها في الركعة الثانية فقام، فذكر من بعد قيامه أنه قد سها؟

فقال: يمضي على صلاته ويسجد سجدتين قبل أن يسلم، وإن هو جلس فأرجو أن لا يكون بذلك بأس. "مسائل عبد اللَّه" (305) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل سها في التشهد في الركعة الثانية فقال: اللهم صلِّ على محمد، وقال: أشهد أن الجنة حق وأن النار حق؟ فقال: أرجو أن لا تفسد عليه صلاته. "مسائل عبد اللَّه" (306) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل نعس في التشهد في الركعة الثانية وقد تشهد بعض التشهد، ثم انتبه فلا يدري من أي موضع انقطع تشهده وذلك في صلاة المكتوبة؟ فقال: إن كان نومه خفيفًا يبتدئ التشهد من أوله. "مسائل عبد اللَّه" (307) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل سها في آخر ركعة فنهض وذكر بعد نهوضه؟ فقال: يجلس متى ما ذكر ويسجد سجدتين قبل أن يسلم. "مسائل عبد اللَّه" (309) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل صلى من الليل فنهض في الركعة الثانية وذكر من بعد نهوضه؟ فقال: يجلس متى ما ذكر ويسجد سجدتين قبل أن يسلم. "مسائل عبد اللَّه" (310) قال عبد اللَّه: قال سألت أبي عن رجل قام من ركعتين في صلاة الظهر فاستوى قائمًا، يقعد أو يمضي في صلاته؟

فقال: أكثر ما جاء فيه أن يمضي على صلاته، ويسجد سجدتي السهو قبل أن يسلم، ولا يتشهد فيهما. قلت لأبي: فإن هو ذكر فجلس؟ قال: لا بأس، وذإ ك أعجب إلي أن يمضي ويسجد سجدتي السهو. "مسائل عبد اللَّه" (313) قال عبد اللَّه: سمعت، أبي يقول: فيمن شك فى صلاته، قال: يأخذ بما استيقن ويصلي حتى يكون الشك في الزيادة. "مسائل عبد اللَّه" (315) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن حديث أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا إغرار في صلاة ولا تسليم" (¬1)؟ فقال أبي: أبو عمرو الشيباني أنكرهها بالألف، يقول: لا غرار في صلاة، أي لا تخرج منها وأنت تظن أنها كاملة، حتى لا تكون في شك، حتى تكون على الكمال واليقين. قال أبي: أن ينصرف منها، ولا يدري أتمها أم لا، ينصرف وهو على إغرار منها، كذا هو عندي. "مسائل عبد اللَّه" (1602) وحكى عنه حمدان بن علي، أنه قال في الرجل يجهر فيما يخافت فيه، قال: إن لم يسجد أرجو أن لا يضره، يروى عن أنس أنه لم يسجد، ويروى عن إبراهيم أنه قال: يسجد. وحكى الشالنجي عنه أنه قال في الإمام يسمع من يليه الآية، ونحو ذلك: لا يرى عليه سهوًا في ذلك. "الأوسط" البن المنذر (302) ¬

_ (¬1) سلف تخريجه قريبًا.

نقل المشكاني عنه فيمن جهر في موضع الإسرار أو عكسه: ليس عليه سجود. وقال: إن سجد لم يضره. "الروايتين والوجهين" 1/ 122 ونقل ابن القاسم عنه في الإمام إذا شك في عدد الركعات، هل يبني على اليقين، أم على غالب ظنه؟ قال: أنا أذهب إلى أن أبني على اليقين، لا آخذ بالتحري. ونقل أبو طالب عنه: يتحرى فإن قاموا قام، وإن سبحوا به تحرى. "الروايتين والوجهين" 1/ 145، "الانتصار" 2/ 355 ونقل بكر بن محمد فيمن نسي أربع سجدات من أربع ركعات، قال: يستأنف الصلاة. ونقل علي بن سعيد والأثرم: الصلاة صحيحة ويسجد في الحال سجدة فيأتي بثلاث ركعات. "الروايتين والوجهين" 1/ 145، 146 ونقل أبو الصقر: وقد سأله عن الرجل يتشهد في قيامه ناسيًا أو قرأ بأم الكتاب في جلوسه للتشهد، هل يسجد للسهو؟ فقال: إنما يسجد من سلم من السجدتين أو قعد في الثالثة أو أراد أن يقعد فقام. وقال في رواية الميموني وأحمد بن هشام: إذا قرأ في الأخيرتين بالحمد وسورة لا يسجد؛ لأن هذِه الزيادة لا يبطل الصلاة عمدها، فإذا فعلها ناسيًا لم يسجد لها، دليله العمل في الصلاة. ونقل أبو طالب فيمن سها فقرأ في الأربع بالحمد وسورة: يسجد للسهو. "الروايتين والوجهين" 1/ 146، 147

قال الأثرم: سألت أحمد بن حنبل عن حديث أبي سعيد في السهو (¬1)، أتذهب إليه؟ قال: نعم أذهب إليه. قلت: إنهم يختلفون في إسناده؟ قال: إنما قصر به مالك (¬2)، وقد أسنده عدة، منهم: ابن عجلان وعبد العزيز بن أبي سلمة. "التمهيد" 3/ 276، "الاستذكار" 4/ 349 - 351 ونقل الأثرم عنه: حديث التحري ليس يرويه إلا منصور (¬3). قلت له: ليس يرويه إلا منصور؟ قال: لا، كلهم يقول: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى خمسًا. قال: إلا أن شعبة روى عن الحكم عن أبي وائل عن عبد اللَّه موقوفًا نحوه، قال: إذا شك فليتحر (¬4). قال الأثرم: سألت أبا عبد اللَّه عن تفسير هذا الحديث؟ فقال: أما أنا فأرى أن لا يخرج منها إلا على يقين، لا يخرج منها على غرر حتى يستيقن أنها قد تمت، ولو ترك سجدة من الأولى فذكرها في التشهد، أتى بركعة، وأجزأته. "التمهيد" 3/ 284، "المغني" 2/ 436، "معونة أولي النهى" 2/ 230 ¬

_ (¬1) الإمام أحمد 3/ 72، ومسلم (571). (¬2) "الموطأ" رواية يحيى ص 80. (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 379، والبخاري (401)، ومسلم (572) عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه بن مسعود مرفوعًا. (¬4) رواه ابن أبي شيبة 1/ 384 (4408) عن الحجاج، عن الحكم به.

قال أحمد بن أصرم: سألت أحمد عن رجل نسي سجدة من أربع ركعات، فذكر وهو في التشهد؟ فقال: بطلت تلك الركعة، ويقوم فيأتي بركعة وسجدتي السهو. "طبقات الحنابلة" 1/ 49 قال يعقوب بن بختان: سُئل أحمد عن رجل نسي التشهد حتى قام؟ قال: يعود فيقعد، ثم يسلم ويسجد. قيل له: فإن خرج؟ قال: يرجع ما كان في المسجد، فإن خرج فتكلم: أعاد. "طبقات الحنابلة" 2/ 556 قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن رجل سها، فجهر فيما يخافت فيه، فهل عليه سجدتا السهو؟ قال: أما عليه فلا أقول عليه، ولكن إن شاء سجد. وذكر أبو عبد اللَّه الحديث عن عمر أو غيره، أنه كان يسمع منه نغمة في صلاة الظهر (¬1). قال: وأنس جهر فلم يسجد (¬2). وقال: إنما السهو الذي يجب فيه السجود ما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال صالح: قال أبي: إن سجد فلا بأس، وإن لم يسجد فليس عليه؛ ولأنه جبر لما ليس بواجب. "المغني" 2/ 428 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 312 (3573). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 1/ 319 (3647).

قال الأثرم: قال أحمد: بين التحري واليقين فرق، أما حديث عبد الرحمن بن عوف فيقول: "إذا لم يدر أثلاثًا صلى أو اثنتنن جعلهما اثنتين" (¬1)؟ . قال: فهذا عمل على اليقين فبنى عليه، والذي يتحرى يكون قد صلى ثلاثًا، فيدخل قلب شك أنه إنما صلى اثنتين إلا أن أكثر ما في نفسي أنه قد صلى ثلاثًا وقد دخل قلب شيء، فهذا يتحرى أصوب ذلك، ويسجد بعد السلام، قال: فبينهما فرق. "مجموع الفتاوى ابن تيمية" 23/ 8 قال أبو جعفر الورَّاق: صلى بنا أبو عبد اللَّه يوم الجمعة صلاة الفجر، فقرأ تنزيل السجدة وعبس، فسها أن يقرأ السجدة، فجاوزها، فسجد سجدتي السهو قبل التسليم، قيل له: لم سجدت سجدتي السهو؟ قال: لا يضره، وذكر حديث ابن عباس: إن استطعت أن لا تصلى صلاة إلا سجدت بعدها سجدتين (¬2)، أما رأيتني ما صنعت يقول: إني لم أقرأ السجدة. "بدائع الفوائد" 4/ 52، "فتح الباري" لابن رجب 8/ 134 ونقل أبو طالب: إذا صلى بقوم تحرى، ونظر إلى من خلفه، فإن قاموا، تحرى وقام، وإن سبحوا به، تحرى وفعل ما يفعلون. "الإنصاف" 4/ 17 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 190، والترمذي (398)، وابن ماجه (1209)، من حديث ابن عباس عنه مرفوعًا. وفيه قصة كما عند أحمد. قال الترمذي: حسن غريب صحيح. وانظر: "تلخيص الحبير" 2/ 5، و"العلل" للدراقطني 4/ 257 - 265. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 82 (6718).

456 - سجود السهو وإن لم يكن هناك سهو

قال الأثرم: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل صلى ركعة، ثم قام إلى أخرى، فذكر أنه إنما سجد سجدة واحدة في الركعة الأولى؟ فقال: إن كان ذلك أول ما قام قبل أن يحدث عملًا للثانية فإنه ينحط ويسجد ويعتد بها، وإن كان قد أحدث عملًا لها جعل هذِه الأولى وألقى ما قبلها. فقلت: فيستفتح أو يجتزئ بالاستفتاح الأول؟ قال: يجزئه الأول. قلت: فنسي سجدتين من ركعتين؟ قال: لا يعتد بتلك الركعتين. "معونة أولي النهى" 2/ 226 456 - سجود السهو وإن لم يكن هناك سهو قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: التلثم على الفم، وأشارَ إلى نواحي الفم، قال: يغطي هذا كله، وصلَّى بنا الإمام أحمدَ -رضي اللَّه عنه-، فلم أره سها فسلَّم، ثمَّ سجد سجدتين، ثمَّ تشهد ثمَّ سلم. "مسائل الكوسج" (421) 457 - محل سجود السهو قال إسحاق بن منصور: قال أبو عبد اللَّه: يسجدُ فيما سجدَ فيه النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم نهض من ثنتين فسجد قبلَ السلامِ، وسلم من ثنتين فسجد بعدَ السلامِ، وسلم في ثلاث فسجدَ بعدَ السلامِ، والشَّكُّ أمر فيه على التحري أن

يسجدهما بعد، وعلى اليقين أن يسجدهما قبل، وكلُّ سهوٍ سِوى ذَلِكَ يسجدُ قبلَ السلام. "مسائل الكوسج" (201) قال إسحاق بن منصور: أملى عليَّ الإمام أحمدُ -رضي اللَّه عنه-، قال: سجدتا السهو إذا نهضَ من ثنتين سَجدهما قبلَ التسليمِ، ولمْ يتشهدْ فيهما على حديث ابن بحينةَ -رضي اللَّه عنه-، وإذا شكَّ فرجع إلى اليقينِ سَجدهما قبلُ على حديث عبدِ الرحمنِ بن عوف (¬1) وأبي سعيد الخدري (¬2) -رضي اللَّه عنهما-، وإذا سلَّم من ثِنتين أو من ثلاثٍ سجدهما بعدَ التسليمِ، وتشهد على حديثِ أبي هريرة وعمران بن حصين -رضي اللَّه عنهما- (¬3)، وإذا شكَّ فكان ممن يرجع إلى التحرِّي سجدهما بعدَ التسليمِ على حديثِ ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- (¬4)، وكل سهو يدخلُ عليه يسجدهما قبلَ التسليمِ سِوى ما رُوي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال إسحاق: كلُّ ذَلِكَ كما قال، إلَّا قوله: كل سهو يدخل عليه يسجدهما قبلَ التسليمِ إنما هذا إذا كان نقصانُ تكبيرٍ أو تسبيحِ أو تركُ جلسةٍ أو ما أشبهَ ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (307) قال صالح: سألته عن السهو في السجود قبل أو بعد؟ فقال: حديث ابن بحينة: السجود قبل التسليم، وحديث أبي سعيد: قبل التسليم. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 190، والترمذي (398)، وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح وابن ماجه (1209). وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (326). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 72، ومسلم (571). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 234 - 235، والبخاري (482)، ومسلم (573). (¬4) رواه البخاري (401)، ومسلم (572).

فقلت له: إن مالك بن أنس يقول: ما كان من نقصان فهو قبل، وما كان من زيادة فهو بعد؟ فقال: ما أدري ما هذا، حديث أبي سعيد مخالف لقول مالك. قال أبي: إن كانت خامسة شفعتا صلاته، وإن كانت رابعة ترغيمًا للشيطان. وقد أمرنا بالسجود قبل التسليم، يسنده محمد بن عجلان، والماجشون، وسليمان بن بلال، وكان في حلق زيد بن أسلم شيء؛ فكان مرة يسنده لهم ومرة يقصر. "مسائل صالح" (989) قال صالح: وقال: يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه سجد سجدتي السهو في خمس مواضع: فموضعين قبل التسليم، وثلاث مواضع بعد التسليم، فأما قبل التسليم: فإنه نهض من ثنتين، فلما كان قبل أن يسلم سجد سجدتين كأنه لم يتشهد فيهما، ثم سلم. وأما اليقين: فأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يسجد قبل التسليم، واليقين: أن يشك في الثنتين، والواحدة لا يشك فيها، أو يشك في الثلاث، والثنتين لا يشك فيهما، فأمر فيهما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالسجود قبل التسليم، واليقين: أن يرجع إلى الواحدة أو الثنتين التي لا يشك فيهما، والذي بعد التسليم هو التحري، هو أكثر ظنه ووهمه، والذي يرجع إلى التحري يسجدهما بعد التسليم. فإذا سجدهما بعد التسليم تشهد فيهما، وإذا سجدهما قبل التسليم لم يتشهد فيهما، وإذا سلم من ثنتين أو ثلاث سجدهما بعد التسليم فهذِه يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هكذا، يعطى كل حديث منهما وجهه لا يعدى، والذي نختار بعد هذِه الخمسة مواضع، أن يأتي بسجدتي السهو قبل التسليم؛ لأنه إنما هو يكمل به الصلاة، فلا يكون أن يخرج منها بالتسليم، ثم يعود

فيها إلا بمعناها الأول كما يبتدئ الصلاة. "مسائل صالح" (1338) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كل سهو يعجبنا أن يؤتى به قبل السلام إلا في ثلاثة مواضع: إذا سلم من ثنتين، أو سلم من ثلاث، أو كان ممن يرجع إلى التحري، وكان أبو عبد اللَّه لا يذهب إلى التحري، وكان يرى أن يبني إذا شك على الأقل. "مسائل أبي داود" (368) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن السهو؟ فقال: ثلاثة أوجه: قبل السلام يسجد، ووجهان بعد السلام. "مسائل أبي داود" (369) قال أبو داود: قلت لأحمد: حديث عبد اللَّه: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى الظهر خمسًا؟ قال: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يذكر إلا بعد ما سلم وتكلم. قلت لأحمد: فإذا صلى خمسًا وذكر في التشهد يسجد قبل السلام؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (370) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن سها في الركعتين اللتين قبل الوتر متى يسجدهما؟ قال: إذا سلم من الركعتين. "مسائل أبي داود" (385) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في سجدتي السّهو: يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيها على خمسة وجوه: نهض النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من ثنتين

فسجدهما قبل السلام. قال ابن بُحينة: فانتظرنا تسليمه، فسجد سجدتين، ثم سلم (¬1). قال أبو عبد اللَّه: إن سجدهما قبل السلام لم يتشهد فيهما. والشك على وجهين: يقين وتحري، فاليقين كأنه شك في واحدة وثنتين، فواحدة لا يشك فيها، فيرجع إلى واحدة، وهو اليقين، وإذا شك في ثنتين أو ثلاث رجع إلى ثنتين وهو اليقين، فإذا رجع إلى اليقين سجدهما قبل، فإن كانت خامسة شفعتا صلاته، وإذا كانت رابعة كانتا ترغما للشيطان. والتحري: أن يكون يبني على أكثر وهمه وأكثر ما يظن، فإذا ذهب إلى التحري سلم، ثم سجد سجدتين بعد التسليم ويتشهد فيهما. وإذا سلم من ثنتين أو ثلاث -على حديث أبي هريرة، وعمران بن حصين- سجدهما بعد التسليم ويتشهد فيهما. وكل سهو يأتي غير هذِه الخمسة مواضع بدأ به قبل التسليم؛ لأنه أصح في المعنى، ولأنه شيء تكمل به صلاته، فإنه إذا سلم فقد خرج من حكم الصلاة، فلا يدخل فيها إلا بالمعنى المعروف. "مسائل ابن هانئ" (371) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن سجدتي السهو إذا صلى خمسًا، يسجد سجدتي السهو بعد ما يسلم؟ قال: نعم. قال أبو عبد اللَّه: فإن كان تكلم بكلام من غير ما تكمل به الصلاة أعاد، ساهيًا أو متعمدًا، حتى يكون كلامه شيئًا تكمل به صلاته. "مسائل ابن هانئ" (380) ¬

_ (¬1) سلف تخريجه قريبًا.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن السهو؟ قال: فأملى علي، قال حديث أبي هريرة وعمران بن حصين في سهو النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال أبو هريرة: سلم من ثنتين، وقال عمران: سلم من ثلاث، فسجد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد التسليم (¬1). هذا في الحديثين جميعًا، وحديث ابن مسعود عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في التحري، وهو أكثر ما يظن الإنسان، فإن ذهب ذاهب إليه سجدة بعد التسليم، كذلك حكى ابن مسعود عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. فهذِه ثلاثة مواضع سجد النبي فيها بعد التسليم. وحديث عبد الرحمن بن عوف، وحديث أبي سعيد الخدري في الشك حين أمر أن يرجع إلى اليقين أمر بالسجود فيهما قبل التسليم. قال أبي: والتحري أكثر ما يظن الإنسان، واليقين الذي لا شك فيه هو الذي يسجدهما قبل التسليم، لا تشهد فيهما إلا التشهد الأول. فإذا سجدهما بعد التسليم تشهد فيهما. "مسائل عبد اللَّه" (308) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في سجدتي السهو أنه يسجدهما قبل وبعد فيستعمل فيها الأخبار فيها كما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل وبعد في المواضع التي سجد فيها قبل وسجد فيها بعد، ولا يرد بعضها ببعض. هذا وشبه يستعمل الأخبار حتى تأتي دلالة بأن الخبر قبل الخبر الأخير لولا أن يؤخذ به، مثل ما قال ابن شهاب الزهري: يؤخذ بالأحدث فالأحدث من أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل عبد اللَّه" (310) ¬

_ (¬1) حديث أبي هريرة سبق، وحديث عمران رواه الإمام أحمد 4/ 427، ومسلم (574).

نقل عنه الحسن بن علي أنه قال: العمل عندنا في سجود السهو على حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل السلام في النقصان، وبعد السلام في الزيادة. ونقل ابن بدينا عنه: يصنع كما صنع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولولا ما جاء عنه لكان السجود قبل السلام، لأنه من تمام الصلاة، لكن حديث ذي اليدين سلم من ركعتين فسجد بعد السلام (¬1). "الروايتين والوجهين" 1/ 147، "الانتصار" 2/ 366 قال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن السجود للسهو قبل السلام أو بعده؟ فقال: في مواضع قبل السلام، وفي مواضع بعد السلام، كما صنع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، إذا سلم من اثنتين سجد بعد السلام على حديث ذي اليدين، وإذا سلم من ثلاث سجد بعد السلام، على حديث عمران بن حصين، وفي التحري بعد السلام على حديث منصور، حديث عبد اللَّه، وفي القيام من اثنتين يسجد قبل السلام على حديث ابن بحينة، وفي الشك يبني على اليقين، ويسجد قبل السلام على حديث أبي سعيد، وعبد الرحمن بن عوف. قلت له: فما كان سواها من السهو؟ قال: يسجد فيه كله قبل السلام؛ لأنه يتم ما نقص من صلاته. قال: ولولا ما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لرأيت السجود كله في السهو قبل السلام، لأنه من شأن الصلاة، فيقضيه قبل أن يسلم، ولكني أقول: كل ما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه سجد فيه بعد السلام، فإنه يسجد فيه بعد ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم (573).

السلام، وسائر السهو يسجد فيه قبل السلام. "التمهيد" 3/ 280 - 282، "الاستذكار" 4/ 360 - 363، "طرح التثريب" 3/ 22 قال أبو العباس النسائي: سمعت أحمد يقول: سجدتا السهو قبل السلام زيادة كان أو نقصانًا. "الانتصار" 2/ 367 قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن رجل جلس في الركعة الأولى من الفجر، فسبحوا به، فقام، متى يسجد للسهو؟ فقال: قبل السلام. "المغني" 2/ 414 قال حرب: سمعته يقول: السهو على خمسة أوجه: السهو في التحري على حديث ابن مسعود، ويسجد بعد السلام والتشهد، وفي حديث زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد (سجدهما قبل السلام) (¬1) ولا يتشهد. وفي حديث ابن بحينة (سجدها قبل السلام ولا يتشهد) (¬2) وفي حديث أبي هريرة وعمران بن حصين في التسليم من ثنتين أو ثلاث (سجد بعد التسليم ويتشهد فيهما). وقال: كل سهو يدخل عليه سوى هذا فإنه يأتي به قبل السلام؛ لأنه أصح في المعنى، فإنه ترك سجدة أو فاتحة الكتاب. "النكت والفوائد السنية" 1/ 83 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 72، ومسلم (571). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 345، والبخاري (829)، ومسلم (570).

458 - إذا سها عن سجود السهو

458 - إذا سها عن سجود السهو قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا سها ولم يسجدْ سجدتي السهو حتَّى تكلم؟ قال: يسجدهما بعدَ الكلامِ. قِيلَ له: فإذا تباعد؟ قال: في حديث عمران بن الحصين أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان دخلَ الحجرةَ فخرجَ فبنى (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (236) قال صالح: وقال: إذا نسي التسليم: إن تكلم أعاد الصلاة، وسجدتي السهو: يسجد ما كان بالقرب في المسجد. "مسائل صالح" (1292) قال أبو داود: صلى بنا أحمد مرة صلاة الظهر ثلاثًا لم يقعد في اثنتين فلما سلم أخبرناه. فقال: صلينا ثلاثًا؟ قال له بعضنا: نعم. فتكلم، ثم قام فأعاد بنا الصلاة بغير إقامة. "مسائل أبي داود" (373) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن صلى ركعتين، ثم دخل في تطوع، ثم علم أنهما ركعتان؟ قال: فيه اختلاف. "مسائل أبي داود" (380) ¬

_ (¬1) حديث عمران بن الحصين عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سلم في ثلاث ركعات من العصر، ثم قام فدخل ثم ذكر حديث ذي اليدين، رواه الإمام أحمد 4/ 427، ومسلم (574).

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن نسي سجدتي السهو؟ قال: ما دام لم يخرج من المسجد أرجو -يعني: يرجع فيسجد. قيل لأحمد: إن نسي سجدتي السهو حتى يخرج من المسجد؟ قال: فيه اختلاف، ولم ينفذ له فيه قول. "مسائل أبي داود" (391) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل صلى ركعتين ثم سلم، وكان من صلى خلف الإمام قد تكلم إلا بعضهم؟ قال: يعيدون الصلاة إلا الإمام، فإنه يبني هو على صلاته إذا كان تكلم؛ لأنه تكلم وهو يرى أنها قد تمت صلاته. ثم ذكر قصة ذي اليدين حين قال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أقصُرت الصلاة أم نسيت؟ قال: "لم تقصر ولم أنس". ثم قال للناس: "أكما يقول ذو اليدين؟ " فأجابوه: هو كما يقول ذو اليدين (¬1). وكان قد وجب عليهم أن يجيبوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وليس لأحد اليوم أن يجيب أحدًا؛ لأن هؤلاء اليوم على خلاف ما ظن أولئك؛ لأن الصلاة لا تقصر اليوم، وأن أولئك ظنوا أن الصلاة قد قصرت، فتكملوا، فلم يأمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بإعادة الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (379) قال ابن هانئ: سألته عن الإمام يصلي بقوم فيتكلم؟ قال: إذا تكلم فليعد الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (383) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 234، والبخاري (482)، ومسلم (573) من حديث أبي هريرة.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل صلى ونسي أن يسلم حتى مضى في حاجته؟ قال: إن كان تكلم بكلام من غير شأن الصلاة، أو عمد الكلام أعاد صلاته، لما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تحليلها التسليم". وقال بعض الناس: إذا قعد مقدار التشهد ولم يتشهد: فإن ضحك فقد تمت صلاته هذِه ويعيد الوضوء لصلاة أخرى. ثم قال أبي: رأيت كلامًا أعجب من هذا؟ ! قال أبي: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تحليلها التسليم". "مسائل عبد اللَّه" (289) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: قلت: من نسي سجدتي السهو حتى تكلم أو خرج من المسجد؟ قال: إذا لم يخرج من المسجد سجد، فإذا خرج فلا. قلت: فيسجد من صلى خلفه؟ قال: إذا كانوا في المسجد، سجدها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو في المسجد بعد السلام والكلام في حديث ابن مسعود. "مسائل عبد اللَّه" (311) قال الأثرم: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل صلى ركعة، ثم قام ليصلي أخرى، فذكر أنه إنما سجد للركعة الأولى سجدة واحدة؟ فقال: إن كان أول ما قام قبل أن يحدث عملًا للأخرى، فإنه ينحط ويسجد، ويعتد بها، وإن كان قد أحدث عملًا للأخرى، ألغى الأولى، وجعل هذِه الأولى. قلت: يستفتح أو يجزئ الاستفتاح الأول؟

459 - كيفية سجود السهو

قال: لا يستفتح ويجزئه الأول. قلت: فنسي سجدتين من ركعتين؟ قال: لا يعتد بتلك الركعتين، والاستفتاح ثابت. وهذا قول إسحاق. "المغني" 2/ 424 قال الأثرم: قال أحمد فيمن نسي سجدة من الركعة الرابعة، ثم سها وتكلم: إذا كان الكلام الذي تكلم به من شأن الصلاة، قضى ركعة، لا يعتد الركعة الأخيرة؛ لأنها لا تتم إلا بسجدتيها، فلما لم يسجد مع الركعة سجدتيها، وأخذ في عمل بعد السجدة الواحدة، قضى ركعة، ثم تشهد وسلم وسجد سجدتي السهو، وإن تكلم بشيء من غير شأن الصلاة ابتدأ الصلاة. "المغني" 2/ 847 459 - كيفية سجود السهو قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: وإذا سجدَ بعدَ التسليمِ يتشهدُ ويسلمُ؟ قال: نعم، وإذا سجدهما قبلَ التسليمِ لا يتشهد، يسجُدُهما ويسلمُ. قال إسحاق: هو كما قال في كله إلَّا قوله: وفي كلِّ سهوٍ يسجدهما قبلَ السلامِ، فإن ذَلِكَ إذا كان سهو نقصان تكبيرٍ أو تسبيحٍ أو ما أشبهه. "مسائل الكوسج" (202) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سجدتا السهوِ فيهما تشهدٌ وتسليمُ؟ قال: أما إذا سجدهما قبلَ السلامِ فلا يتشهد، وإذا سَجَدهما بعدَ التسليمِ تشهَّد فيها وسلَّم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (240)

460 - تكرار السهو

قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: إذا سجدهما -يعني: سجدتي السهوِ- قبلَ التسليمِ، فلا يتشهد فيهما. "مسائل الكوسج" (452) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن سجدتي السهو فيهما تشهد؟ قال: إن سجد قبل السلام لم يتشهد، وإن سجد بعد السلام يتشهد. "مسائل أبي داود" (375) قال أبو داود: وسمعته مرة أخرى قال: إذا سجد قبل السلام فإنه لا يتشهد فيه، لا يتشهد مرتين. "مسائل أبي داود" (376) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا رفع رأسه يسلم؟ قال: إذا استوى سلم. وكذلك رأيت أبا عبد اللَّه يفعل، صلى بنا غير مرة ولم نر سهوًا، فلما انتظرنا التسليم سجد بنا سجدتين، فلما رفع رأسه واستوى جالا سلم عن يمينه وعن يساره. "مسائل أبى داود" (377) 460 - تكرار السهو قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال [أي: سفيان]: فإن سهوتَ في صلاةٍ واحدةٍ عشرينَ مرةً يَكفي سجدتا السَّهو. قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال سفيان. "مسائل الكوسج" (326)

أبواب سجود التلاوة

أبواب سجود التلاوة 461 - حكم سجود التلاوة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: السجدةُ على مَنْ يسمع السجدة؟ قال: لا، إلا أن يشاءَ. قال إسحاق: السجدةُ على مَنْ سَمِعَها. "مسائل الكوسج" (367) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا كان آخرُ السورةِ سجدةً رَكع إن شاءَ؟ قال: إن شاء ركعَ، وإن شاءَ سجدَ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (376) قال صالح: قلت: هل يجوز للرجل أن يقرأ في الفريضة بسورة فيها سجدة، وهو إمام في غير يوم جمعة، أيسجد؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل صالح" (616) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الإمام يقرأ في الظهر السجدة؟ قال: لا. فُذكر له حديث ابن عمر؟ فقال: لم يسمعه سليمان التيمي من أبي مجلز. بعضهم لا يقول فيه: عن ابن عمر (¬1). "مسائل أبي داود" (267) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 83، وأبو داود (807) عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز، عن ابن عمر -وعند أبي داود بين التيمي وأبي مجلز (عن أمية) وقال يعده: قال =

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن إمام سها فقرأ في الظهر سجدة يسجد ولا يسجد من خلفه؟ قال: لا يسجد أي شيء يسجد قوم من غير سجدة سمعوها؟ "مسائل أبى داود" (268) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا سجد الإمام في الظهر أسجد خلفه؟ قال: إن شاء لم يسجد لأي شيء يسجد؟ ! أو قال: من أي شيء يسجد؟ ! "مسائل أبي داود" (269) قال أبو داود: أنا محمد بن عيسى، قال: نا معتمر بن سليمان وهشيم ويزيد بن هارون، عن سليمان التيمي، عن أمية، عن أبي مجلز، عن ابن عمر، أن النبي صلى بهم الظهر، فسجد، فحزروا قراءته قرأ: {الم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} قال محمد: لم يذكر أمية إلا معتمر (¬1). ¬

_ = ابن عيسى: لم يذكر أمية أحد إلا معتمر. قال الحافظ في "التلخيص" 2/ 10: فيه أمية شيخ لسليمان التيمي رواه له عن أبي مجلز، وهو لا يعرف، قاله أبو داود في رواية الرملي عنه، وفي رواية الطحاوي: عن سليمان، عن أبي مجلز، قال: ولم أسمعه منه. لكنه عند الحاكم بإسقاطه، ودلت رواية الطحاوي على أنه مدلس. اهـ قلت: رواية الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 207 - 208، ورواية الحاكم في "المستدرك" 1/ 221. وقول التيمي: ولم أسمعه من أبي مجلز. في رواية أحمد المخرجة. فهو إذن منقطع أو فيه جهالة. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (143)، وسيأتي قريبًا. (¬1) انظر التخريج السابق.

قال: أنا أحمد، قال: أنا أحمد بن يونس، قال: أنا زهير، قال: أنا سليمان التيمي، قال: حدث ابن عمر، أن النبي صلى -نحوه. "مسائل أبي داود" (270) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يقرأ السجدة. وهو يطوف بالبيت؟ قال: قوم يقولون: يومئ إيماء. وقوم يقولون: يسجد على الحائط. ولا عليه ألا يسجد. "مسائل ابن هانئ" (491) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن السجود تراه واجبًا؟ وهل في المفصل: اقرأ وفي الحج سجدتان، تأخذ بذلك؟ فقال أبي: ما كان في الصلاة فأحب إليَّ أن يسجد؛ لأنه أوكد. وفي الحج سجدتان كذا يقول، ومن قرأها ولم يكن في صلاة فلم يسجد فلا بأس إن شاء اللَّه. "مسائل عبد اللَّه" (368) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في الإمام إذا أتى على السجدة ولم يسجد قال: يؤمنون (¬1) الذين يصلون خلفه. قال: لا بأس. "مسائل عبد اللَّه" (370) قال البغوي: وسمعت أحمد بن حنبل يقول: السجود (¬2) في الفريضة سنة يعني في صلاة المكتوبة. "مسائل البغوي" (11) ¬

_ (¬1) هكذا بالمطبوع ولعلها يومئون، أي: إذا لم يسجد الإمام أومأ المأمومون خلفه بدلا من السجدة، واللَّه أعلم. (¬2) يقصد بالسجود: سجود التلاوة.

ونقل عنه يوسف بن موسى، وأحمد بن الحسين: إذا سمع السجدة وهو في صلاة، فأحب إليّ أن يسجد، ولو كان في غير صلاة، فليس عليه. ونقل محمد بن الحكم: إذا سمع السجدة فلا يسجد، أخشى أن تفسد صلاته عليه. "الروايتين والوجهين" 1/ 144 قال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يُسئل عن الرجل يقرأ السجدة في الصلاة فلا يسجد؟ فقال: جائز ألا يسجد، وإن كنا نستحب أن يسجد، فإن شاء سجد، واحتج بحديث عمر: ليست علينا إلا أن نشاء (¬1)، قيل له: فإن هؤلاء يشددون -يعني أصحاب أبي حنيفة؟ فنفض يده وأنكر ذلك. "التمهيد" 6/ 80 ونقل عنه الأثرم، وحنبل: ما كان في الصلاة فأحب أن يسجد؛ لأنه أوكد ومن قرأ ولم يكن في صلاة ولم يسجد فلا بأس. "الانتصار" 2/ 381 قال البرزاطي: قلت: رجل دخل المسجد ورجلان يقرآن سورتين فيهما سجدة فسجدا جميعًا. قال: إذا سمعهما جميعًا يقرآن السجدة وقد سجدا، سجد الرجل سجدتين. "بدائع الفوائد" 4/ 47 ¬

_ (¬1) بلفظه رواه عبد الرزاق 3/ 346 (5912)، ورواه البخاري (1077) بنحوه.

462 - صفة سجود التلاوة

462 - صفة سجود التلاوة قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا قرأ، ما يقول في سجودِهِ؟ فتلكَّأ ساعةً. فقلتُ: أعجب إليَّ أن أقولَ فيه ما أقولُ فى الصلاةِ. قال: أنا كذلك أفعلُ. قال إسحاق: ليقل ما جاءَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سجد وجهي للذي خلقَهُ وصَوَّره، وشقَّ سمعَهُ وبصرَهُ، فتبارك اللَّه أحسن الخالقين" (¬1)، و: "رب ظلمتُ نفسي فاغفر لي إنه لا يغفرُ الذنوبَ إلا أنت" (¬2). "مسائل الكوسج" (217) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُكَبِّر إذا سجد أو يُسَلِّم إذا رفع رأسه؟ قال: يكبرُ إذا سجدَ وأما التسليمُ لا أدري ما هو. قال إسحاق: بل يكبرُ إذا سجدَ ويرفعُ رأسَه بالتكبيرِ، ثم يقولُ عن يمينه: السلامُ عليكم. "مسائل الكوسج" (378) قال أبو داود: رأيت أحمد إذا أراد أن يسجد في سجود القرآن في الصلاة رفع يديه حذاء أذنيه، ثم هوى ساجدًا. "مسائل أبي داود" (452) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن قرأ السجدة، يقوم ثم يسجد؟ قال: يسجد وهو قاعد. "مسائل أبي داود" (492) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 94، ومسلم (771) من حديث علي -رضي اللَّه عنه-. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 3 - 4، والبخاري (834)، ومسلم (2705)، والترمذي (3531)، والنسائي 3/ 53، وابن ماجة (3835) من حديث أبي بكر رضي اللَّه عنه.

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عما يقول الرجل في سجوده القرآن؟ قال: أمَّا أنا فأقول: سبحان ربي الأعلى. "مسائل أبي داود" (453) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن قرأ سجدة وهو راكب؟ قال: أرجو أن يجزئه أن يومئ. "مسائل أبي داود" (454) قال ابن هانئ: صليت إلى جنب أبي عبد اللَّه، فقرأ الإمام: الم تنزيل، السجدة، فبلغ إلى السجدة، فسجد. وسمعته يقول: سبحان ربي الأعلى، كما يقول في سائر السجود. "مسائل ابن هانئ" (489) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يقرأ وهو في الصلاة فيمر بالسجدة، فإذا أراد أن يسجد يرفع يديه. قال: نعم يرفع يديه. "مسائل ابن هانئ" (492) قال ابن هانئ: رأيت أبا عبد اللَّه يرفع يديه في الصلاة إذا قرأ السجدة. "مسائل ابن هانئ" (493) قال بشر بن موسى: قلت: الرجل يسجد للتلاوة هل يسلم إذا رفع رأسه؟ فقال: روي عن بعضهم أنه كان يسلم، ولا بأس به وإن لم يسلم. ونقل الأثرم: يسلم ولا يتشهد. "الروايتين والوجهين" 1/ 145 قال الأثرم: وأخبرت عن أحمد أنه كان يرفع يديه في سجود القرآن خلف الإمام في التراويح في رمضان.

463 - مواضع سجود التلاوة

قال: وكان ابن سيرين ومسلم بن سيار يرفعان أيديهما في سجود التلاوة إذا كبر (¬1). وقال أحمد: يدخل هذا في حديث وائل بن حجر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يرفع يديه مع التكبير (¬2)، ثم قال: من شاء رفع، ومن شاء لم يرفع يديه هاهنا. "التمهيد" 6/ 81 463 - مواضع سجود التلاوة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل في المفَصَّل سجودٌ: في النجم، وإذا السماء انشقت، واقرأ باسم ربك وفي الحج سجدتان؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (366) قال صالح: حدثني أبي، قال: حَدَّثنَا محمد بن جعفر، قال: حَدَّثنَا شعبة، عن مروان الأصفر، قال: سمعت أبا رافع قال: رأيت أبا هريرة سجد في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] قال: فسألته، قال: سجد فيها خليلي، ولا أزال أسجد حتى ألقاه (¬3). "مسائل صالح" (775) ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 2/ 325 عنهما. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 316، ومسلم (401). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 229، والبخاري (766)، مسلم (578) من طرق عن أبي رافع به.

قال أبو داود: رأيت أحمد يسجد في {ص} خلف إمامه في التراويح وفي {إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} عند {يسَجُدُونَ} وفي {اقرأ} وختم به ليلة سبع وعشرين، فلما فرغ من قراءة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} رفع الإمام يديه في الصلاة ورفع الناس وأحمد معنا فقام ساعة يدعو ثم ركع، وكان ذلك عن رأي أبي عبد اللَّه، فيما أخبرت أنه أمره بذلك، وشهدته يأمره بذلك ويخاوضه فيه. "مسائل أبي داود" (450) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه -أو سئل- عن سجود القرآن؟ فقال: في الأعراف، وفي الرعد، وفي النحل، وبني إسرائيل، ومريم، والحج، والفرقان، والنمل، وتنزيل السجدة، وص، والنجم، وحم السجدة، وإذا السماء انشقت. وفي اقرأ، ويسجد في الحج سجدتين. "مسائل ابن هانئ" (488) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن سجود التلاوة كم هو؟ قال: خمس عشرة، وفي الحج سجدتين، فتلك خمس عشرة. فقلت: يسجد بها في الفريضة كلها؟ قال: نعم. هو أوكد عندي. قلت: وفي التطوع؟ قال: نعم كل سجدة يقرأها في صلاة تطوع، أو فريضة، فهو أوكد أن يسجد في الصلاة. قلت: فإن قرأ ترى له أن يسجد؟

قال: كان ابن الزبير يقول: إن كان في صلاة ثم لم يسجد (¬1) -يعني- لم يبال أن لا يسجد. "مسائل عبد اللَّه" (367) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن السجدة في حم؟ قال: في الآية الأولى منهما وفي الآخرة يعرف ذلك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "في حم السجدة سجدتان" (¬2). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: يعجبنا أن يسجد فيها كلها ومنها (اقرأ باسم ربك)، و (النجم)، و (إذا السماء انشقت)، و (اسجد واقترب)، في (الحج) سجدتان. حديث عقبة بن عامر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فهذِه خمس عشرة سجدة، يعجبنا أن يسجد بها. وقال علي: عزائم السجود أربع: (ألم تنزيل) السجدة و (اقرأ باسم ربك) و (حم) و (النجم). "مسائل عبد اللَّه" (369) نقل الأثرم والفضل بن زياد: أنها -أي السجدات- خمسة عشر. نقل المروذي وحرب: أنها أربعة عشر. "الروايتين والوجهين" 1/ 143 قال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يسأل كم في الحج؟ فقال: سجدتان؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 381 (4382)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 354 (2086). (¬2) لم أقف عليه.

464 - هل يشترط الطهارة لسجود التلاوة؟

قال: نعم، رواه ابن لهيعة عن مشرح، عن عقبة بن عامر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: في الحج سجدتان "فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما" (¬1). قال: وهذا توكيد لقول عمر، وابن عمر، وابن عباس؛ لأنهم قالوا: فضلت سورة الحج بسجدتين (¬2). "التمهيد" 6/ 79 464 - هل يشترط الطهارة لسجود التلاوة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: قُلْتُ يعني لسفيان: الرجل يسمع السجدة وهو على غيرِ وضوءٍ؟ قال: يتوضأ ويسجد. قال أحمد وضحك، لم يره. قال إسحاق: كما قال سفيان. "مسائل الكوسج" (368) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يسمع السجدة، وهو غير طاهر، أيسجد؟ قال: لا يسجد، وإن سجد وهو طاهر، وإلا فليس عليه أن يسجد. "مسائل ابن هانئ" (494) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 151، وأبو داود (1402)، والترمذي (578) وقال: إسناده ليس بالقوي. (¬2) رواه عبد الرزاق 3/ 341 (5890، 5894) وابن أبي شيبة 1/ 372 - 373 (4287، 4290) عنهم.

465 - سجود التلاوة في أوقات النهي

465 - سجود التلاوة في أوقات النهي قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قرأ السجدة بعدَ الصبحِ وبعدَ العصرِ يسجد؟ قال: لا يَسجد ولا يُعيدها. قال إسحاق: يعيدها إذا غَربت الشمسُ. "مسائل الكوسج" (359) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يقرأ السجدة بعد العصر هل يسجد؟ قال: قال عمر: ما علينا أن نسجدها، إلا أن نشاء (¬1). "مسائل ابن هانئ" (490) قال الأثرم: قال: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عمن قرأ سجود القرآن بعد الفجر وبعد العصر، أيسجد؟ قال: لا. "المغني" 2/ 363 466 - اختصار السورة لإصابة الآية التي بها السجدة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: اختصارُ السجودِ؟ قال: أكرهُه، وإنما هِي أنْ يقرأَ آيةً أو آيتينِ، ثم يسجدُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (377) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: يكره اختصار السجود. "مسائل أبي داود" (449) ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1077).

467 - في السجود مرة لعدة مواضع تلاوة

467 - في السجود مرة لعدة مواضع تلاوة قال بشر بن موسى: وسألته عن الرجل يقرأ السجدة فلا يسجدها، حتى يقرأ عدة سجدات، ثم يسجد لهن جميعًا؟ فكره ذلك. "طبقات الحنابلة" 1/ 328

باب: سجود الشكر

باب: سجود الشكر 468 - حكم سجدة الشكر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: سجدةُ الشكرِ؟ قال: لا بأسَ بها. قال إسحاق: سنةٌ. "مسائل الكوسج" (3300)

أبواب مباحات ومكروهات الصلاة

أبواب مباحات ومكروهات الصلاة 469 - العمل اليسير في الصلاة لحاجة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكره الإشارة في الصلاةِ؟ قال: قد أشارَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اجلسوا" (¬1)، إذا كان يُفهمهم شيئًا مِنْ أمرِ صلاتِهم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (277) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: عد الآي في الصلاةِ؟ قال: ليس به بأسٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (282) قال إسحاق بن منصور: رأيت أحمد بعدما كبَّرَ في الفريضة والتطوع يجر نعليه ويسويهما برجله، ويمسح رأسه ووجهه بيديه جميعًا، ويسوي ثيابه، ويقارب صلاة التطوع لا يطول، ويتم ركوعها وسجودها. "مسائل الكوسج" (418) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن عد الآي في الصلاة؟ قال: أرجو. "مسائل أبي داود" (230) قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يزر عليه؟ أو يأخذ قلنسوته في الصلاة؟ قال: أرجو. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 334، ومسلم (413). من حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما-.

عاودته، فقال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي وهو حامل أمامة (¬1)، وفتح لعائشة بابًا (¬2)، أي: لا بأس به. "مسائل أبي داود" (232) قال أبو داود: رأيت أحمد بزق في الصلاة فعطف بوجهه حتى ألقاه خارجًا من المسجد عن يساره. "مسائل أبي داود" (233) قال عبد اللَّه: سُئِلَ أبي عن عدّ الآي في الصلاة؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل عبد اللَّه" (253) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا بأس به. يعني: حديث أبي قتادة أن النبي صلى وهو حامل أمامة وهو يصلي. وحديث عائشة أنها استفتحت الباب فمشى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو في الصلاة حتى فتح لها. "مسائل عبد اللَّه" (361)، (362) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: نا يحيى بن أبي زائدة، عن عكرمة بن عمار، حدثني عاصم بن شميج الغيلاني قال: رأيت أبا سعيد الخدري رضي اللَّه عنه يصلي عند الزوال، وهو معتمد على جريدة إذا قام اعتمد عليها، وإذا ركع أسندها إلى الحائط، وإذا سجد اعتمد عليها. "السنة" لعبد اللَّه (1510) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 295، والبخاري (516)، 8/ 8، ومسلم (543) من حديث أبي قتادة الأنصاري -رضي اللَّه عنه-. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 31، أبو داود (922)، والنسائي 3/ 11، والترمذي (601)، وقال: حديث غريب وصححه الألباني رحمه اللَّه في "مشكاة المصابيح" (1005).

قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل: أيأخذ الرجل ولده وهو يصلي؟ قال: نعم. واحتج بحديث أبي قتادة وغيره في قصة أمامة بنت زينب. "التمهيد" 5/ 143 قال علي بن سعيد: رأيت أبا عبد اللَّه مشى في الصلاة أذرعًا حتى دنا إلى سترة. "طبقات الحنابلة" 1/ 342 قال الأثرم: سئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يكبر للصلاة وبين يديه رمح منصوب فيريد أن يسقط فيأخذه فيركزه مرة أخرى. وقيل له: حكوا عن ابن المبارك أنه أمر رجلًا صنع هذا أن يعيد التكبير. فقال: أرجو أن لا يكون به بأس أن يعيد التكبير، ثم ذكر حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه يصلي الفرض بالناس وأمامة على عاتقه. قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه سئل: أيأخذ الرجل ولده وهو يصلي؟ قال: نعم. وقال (أي: الأثرم): وأخبرني محمد بن داود المصيصي، قال: رأيت أبا عبد اللَّه رأى رجلًا قد خرج عن الصف فرده وهو في الصلاة. قال: وربما رأيته يسوي نعليه برجليه في الصلاة. قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد بن حنبل عمن يحمل صبيًّا ووضعه في صلاته كما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: صلاته جائزة.

470 - ما تقطع الصلاة من أجله

قلت له: فمن فعل في صلاته فعلًا كفعل أبي برزة حين مشى إلى الدابة فأخذها حينَ أقبلت منه وهو في صلاته (¬1)؟ فقال: صلاته جائزة. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 144، 145 قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يكون في الصلاة فيسقط رداؤه عن ظهره أيحمله؟ قال: أرجو أن لا يضيق ذلك. قلت: فيفتح الباب بحيال القبلة؟ قال: في التطوع. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 147، 9/ 315 قال حرب: سألت أحمد عن الرجل يصلي فتحتك ساقهُ فيحله، فكأنه كرهه. قلت: يحكه بقدمه؟ قال: هو بالقدم أسهل، وكأنه رخص فيه. "فتح الباري" لابن رجب 9/ 285 470 - ما تقطع الصلاة من أجله قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يصلي المكتوبة، فيرى الصبي يقع في بئر، أيقطع صلاته ويأخذه؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (214) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 420، والبخاري (1211).

قال ابن هانئ: سألته عن حديث أميمة؟ فقال: أنا أذهب إليه، في الرجل يرى الرجل أو الشيء الذي يريد أن يقع في بئر، أو يقع في نهر، أو في شيء، يخشى إن هو تركه أن يهلك. قال: يأخذه، ويقطع الصلاة. قلت: فالذمي يراه المسلم وهو يصلي في هذِه الحال؟ قال: لا أقول فيه شيئًا. "مسائل ابن هانئ" (215) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يدخل في الصلاة وهو لا يجد في بطنه شيئًا، ثم إنه لما أن صلى ركعة وجد في بطنه شيئًا يكاد أن يحجزه عن الصلاة؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا كان شيئًا يحجزه عن الصلاة قطما، وخرج وتوضأ ثم استأنف الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (369) قال حرب: قيل لأحمد: الحديث الذي جاء: "إذا دعاك أبوك وأنت في الصلاة فأجبه" (¬1)؟ فرأيته يُضعف الحديث. "فتح الباري" لابن رجب 9/ 319 نقل المروذي عنه: أجب أمك، ولا تجب أباك. "الإنصاف" 5/ 659 ¬

_ (¬1) لم أقف عليه بهذا اللفظ، لكن أورد العجلوني في "الكشف" (1762) حديث: "علموا بنيكم السباحة والرمي، ولنعم لهو المرأة مغزلها، وإذا دعاك أبوك وأمك فأجب أمك". وقال: رواه ابن منده في "المعرفة" والديلمي عن بكر بن عبد اللَّه الأنصاري، سنده ضعيف. =

471 - قتل الحية والعقرب والقمل في الصلاة

471 - قتل الحية والعقرب والقمل في الصلاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تَقْتُلُ الحيةَ والعقربَ في الصلاة؟ قال: إي واللَّه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (153) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يقتلُ القملَ في الصلاةِ؟ قال: ما أَحبُّ العبثَ به، وإن قتلَ فليس به بأسٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (273) قال صالح: وسألته عن الرجل يكون في الصلاة، فيأخذ القمل؟ قال: إن قتلها فلا بأس، وإن دفنها فلا بأس (¬1). "مسائل صالح" (388) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يقتل خمسة أو ستة أو أقل أو أكثر بفركه من القمل في الصلاة؟ قال: ليس فيه وضوء. "مسائل ابن هانئ" (212) ¬

_ = وأورده الشوكاني في "الفوائد المجموعة" 1/ 137 (62) ثم قال: قال في "المقاصد": ضعيف لكن له شواهد. وروى ابن أبي شيبة 2/ 193 (8013) عن محمد بن المنكدر مرفوعًا مرسلا: "إذا دعتك أمك في الصلاة فأجبها وإذا دعاك أبوك فلا تجبه حتى تفرغ". (¬1) وهو ما نقله ابن هانئ، وعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل عنه. انظر: "مسائل ابن هانئ" (204)، "مسائل عبد اللَّه" (358).

472 - البزق في الصلاة

472 - البزق في الصلاة قال ابن هانئ: رأيت أبا عبد اللَّه يبزق في رجليه في الصلاة، رأيته يبزق في الصلاة في التطوع. "مسائل ابن هانئ" (208) قال مهنا: قال أحمد: يكره أن يبصق الرجل عن يمينه في الصلاة وفي غير الصلاة، وقال: أليس عن يمينه الملَك؟ ! فقلت (مهنا): وعن يساره أيضًا ملك. قال أحمد: الذي عن يمينه يكتب الحسنات، والذي عن يساره يكتب السيئات. "الآداب الشرعية" 3/ 143، "اجتماع الجيوش الإسلامية" ص 98، "فتح الباري" لابن رجب 3/ 123 وقال أبو طالب: قال أحمد: ويبصق الرجل في الصلاة وغير الصلاة عن يساره، وقال: من فقه الرجل أن يبصق عن يساره. "الآداب الشرعية" 3/ 143 قال أبو طالب: قال: لا يبصق الرجل في المسجد تحت البارية (¬1)، فإنه يبقى تحت البارية، وإذا كان حصباء فلا بأس به؛ لأنه يواري البصاق. قال بكر بن محمد النسائي: قلت لأبي عبد اللَّه: ما ترى في الرجل يبزق في المسجد ثم يدلكه برجله؟ قال: هذا ليس هو في كل حديث. قال: والمساجد قد طرح فيها بواري، ليس كما كانت، فأعجب إلي إذا أراد أن يبزق وهو يصلي أن ¬

_ (¬1) الحصير المنسوج، وهو فارسي معرب. "لسان العرب" 1/ 386.

473 - النفخ والتنحنح والتجشؤ والانتحاب في الصلاة

يبزق عن يساره إذا كان البزاق يقع في غير المسجد -يقع خارجا- وإذا كان في مسجد لا يمكنه أن يقع بزاقه خارجا أن يجعله في ثوبه. "فتح الباري" للابن رجب 3/ 128، 129 473 - النفخ والتنحنح والتجشؤ والانتحاب في الصلاة قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن النفخ في الصلاة؟ قال: قال ابن عباس: هو بمنزلة الكلام (¬1). "مسائل ابن هانئ" (202) قال ابن هانئ: سئل عن النفخ في الصلاة؟ فقال: أخشى إن نفخ أن يكون قد قطع صلاته. "مسائل ابن هانئ" (205) قال أبو طالب: قال أحمد: إذا تجشأ وهو في الصلاة، فليرفع رأسه إلى السماء حتى تذهب الريح، وإذا لم يرفع رأسه آذى من حوله من ريحه، قال: وهذا من الأدب. وقال مهنا: قال أحمد: إذا تجشأ الرجل ينبغي أن يرفع وجهه إلى فوقه لكيلا يخرج من فيه رائحة تؤذي الناس. "الآداب الشرعية" 2/ 329، "معونة أولي النهى" 2/ 177 وقال مهنا: صليت إلى جنب أحمد، فتثاءب خمس مرات وسمعت لتثاؤبه: هاه هاه. "المغني" 2/ 447، "معونة أولي النهى" 2/ 225 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 67 (6540، 6541، 6542).

474 - الصلاة في الثوب المزعفر والمعصفر

قال المروذي: كنت آتي أبا عبد اللَّه فيتنحنح في صلاته؛ لأعلم أنه يصلي. وقال مهنا: رأيت أبا عبد اللَّه يتنحنح في الصلاة. "المغني" 2/ 452 قال أبو الحارث: قال أحمد: إن كان غالبًا عليه أكرهه -يقصد: البكاء. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 264 474 - الصلاة في الثوب المزعفر والمعصفر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كيف تصنعُ المرأة بالخضابِ (عند الصلاة)؟ قال: مَا دامَتْ على وضوءٍ، وتمكن يديها مِنَ الركوعِ والسجود، فإذا احتاجَتْ إلى الوضوءِ سلتته. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (3323) قال صالح: قلت: من صلى وبيده شيء من أثر زعفران أو خلوق أو على أنفه؟ قال: أرجو، وقد نهي أن يتزعفر الرجل. "مسائل صالح" (446) قال صالح: قلت: أيصلي الرجل وعليه القميص المصبوغ بالنشاشج؟ فقال: قد نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يتزعفر الرجل ونهى عن المعصفر (¬1)، ¬

_ (¬1) أما نهيه عن التزعفر فرواه الإمام أحمد 3/ 101 والبخاري (5846) ومسلم (2101) من حديث أنس بن مالك. وأما نهيه عن المعصفر فرواه الإمام أحمد 1/ 126، ومسلم (2078). من حديث علي بن أبي طالب.

475 - الالتفات في الصلاة

فأما النشاشج والزعفران فإن كان شيئًا خفيفًا فلا بأس. "شرح العمدة" ص 382 475 - الالتفات في الصلاة قال إسحاق بن منصور: قلتُ لأحمدَ: إذا التفت في صلاتِهِ يعيدُ الصلاةَ؟ قال: أساءَ، مَا أعلمُ أني سمعتُ فيه حديثًا، أي: أنه يعيد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (222) قال الميموني: قيل لأبي عبد اللَّه: إن بعض الناس أسند أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُلاحظ في الصلاة (¬1). فأنكر ذلك إنكارًا شديدًا، حتى تغير وجهه، وتغير لونه، وتحرك بدنه، ورأيته في حال ما رأيته في حال قط أسوأ منها، وقال: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يلاحظ في الصلاة؟ ! يعني أنه أنكر ذلك. وأحسبه قال: ليس له إسناد، وقال: من روى هذا؟ ! إنما هذا من سعيد بن المسيب. قال الخلال: قال لي بعض أصحابنا: إن أبا عبد اللَّه وهَّن حديث سعيد هذا، وضعف إسناده، وقال: إنما هو عن رجل عن سعيد. وقال عبد اللَّه بن أحمد: حدثت أبي بحديث حسان بن إبراهيم عن عبد الملك الكوفي قال: سمعت العلاء قال: سمعت مكحولًا يحدث عن أبي أمامة وواثلة: كان ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 275، وأبو داود كما في "التحفة" 5/ 117، والترمذي (587) وقال: هذا حديث غريب. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (5011).

476 - صلاة الحاقن

النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا قام إلى الصلاة لم يلتفت يمينًا ولا شمالًا، ورمى ببصره في موضع سجوده (¬1)، فأنكره جدًّا، وقال: اضرب عليه (¬2). فأحمد رحمه اللَّه أنكر هذا وهذا، وكان إنكاره للأول أشد، لأنه باطل سندًا ومتنًا، والثاني: إنما أنكر سنده، وإلا فمتنه غير منكر، واللَّه أعلم. "زاد المعاد" 1/ 249 - 250 قال أبو طالب: قال أحمد: الالتفات في الصلاة لا يقطع، إنما كره ذلك؛ لأنه يترك الخشوع والإقبال على صلاته، قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هو اختلاس يختلسه الشيطان" (¬3) فلو كلف الإعادة شق، إذ المصلي لا يكاد يسلم من اختلاسه. "بدائع الفوائد" 2/ 79 476 - صلاة الحاقن قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا وجد البولَ وهو في الصلاةِ؟ قال: أما قبلَ الدُّخولِ فلَا يدخل حتَّى يبدأَ بالخلاءِ، وإذا كان في الصلاةِ ما لمْ يشغلْهُ ويثبت فَلَا ينْصَرِف. قال إسحاق: كما قال وأحسن الإجابة. "مسائل الكوسج" (91) ¬

_ (¬1) رواه العقيلي عن عبد اللَّه بن أحمد به في "الضعفاء الكبير" 1/ 255. وابن عدي في "الكامل" 3/ 254. (¬2) "العلل" رواية عبد اللَّه (2701) (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 70 والبخاري (751) من حديث عائشة.

قال صالح: وسألته عن الرجل يحقن البول؟ قال: ما لم يعجله فلا بأس. "مسائل صالح" (346) قال ابن هانئ: قيل لأبي عبد اللَّه: كان إبراهيم النخعي، إذا أراد أن يبول لبس خفيه (¬1)، ترى ذلك؟ قال: إذا كان بولًا يعجله فلا يعجبني، لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يصلي أحدكم وهو يدافع الأخبثين" (¬2). "مسائل ابن هانئ" (107) قال ابن هانئ: قيل له: الرجل قد حقنه البول وهو على وضوء في السفر، فإن أحدث لم يجد ما يعيد وضوءه، فأحب إليك أن يصلي على وضوئه بتحقين البول، أو يبول ويتيمم؟ ، قال: إذا لم يستعجله استعجالًا شديدًا. "مسائل ابن هانئ" (108) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يجد مس الغائط والبول يصلي أو يتوضأ؟ قال: ما لم يدافعه أو يشغله. "مسائل عبد اللَّه" (301) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: الرجل يجد من الغائط والبول، يصلي أو يتوضأ؟ قال: ما لم يدافعه أو يشغله "مسائل عبد اللَّه" (359) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 218 (849)، وابن أبي شيبة 1/ 182 (2095). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 43، ومسلم (560) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنهما-.

477 - التروح في الصلاة

قال ابن حمدان: وسئل أبو عبد اللَّه عن رجل دخل يوم الجمعة الجامع ليصلي مع الإمام الجمعة، فحين صعد الإمام المنبر ضغطته بولة، فصلَّى وهو حاقن: أيش تقول في صلاته؟ فسمعت أبا عبد اللَّه يقول: يعيد الظهر ويعيد الصلاة، فإذا صلَّى يصلي أربع ركعات، لا يصلّي ركعتين كما يصلي الإمام. "طبقات الحنابلة" 2/ 287 477 - التروح في الصلاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: تكره التروح في الصلاةِ؟ قال: نعم إلَّا أنْ يأتيَ الأمرُ الشديدُ أو الغمُّ الشديدُ، كما لو أَنه آذاه الحرُّ أو البردُ سجد على ثوبِهِ. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (276) قال إسحاق بن منصور: سئل إسحاق عن الرواح، فكرهه. قال أبو محمد الطيالسي: الرواح: يعني: في الصلاة. "مسائل الكوسج" (3446) 478 - تشبيك الأصابع في الصلاة قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يشبك أصابعه في الصلاة؟ قال: مكروه. قلت لأبي: يعيد؟ قال: لا يعيد ولا يشبك. "مسائل عبد اللَّه" (357)

أبواب مبطلات الصلاة

أبواب مبطلات الصلاة 479 - من أمر الصلاة متعمدًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا لم يتم الركوع والسجود يعيدُ؟ قال: يعيدُ، ما لمْ يقمْ صلبَه في الركوع والسجود أعاده. قال إسحاق: كما قال لما سنَّ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذَلِكَ (¬1). "مسائل الكوسج" (184) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما مَنْ ترك التكبيراتِ عمدًا سِوى تكبيرةِ افتتاحِ الصلاةِ فعليه إعادة الصلاة، لا تتم الصلاةُ إلَّا بالتكبيراتِ والتسبيحِ والتشهدِ والقراءة، فإذا تركها تاركٌ عمدًا كان تاركًا لِمَا أمر به فعليه إعادتها، ألا ترى أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حين رأى رجلًا لا يتمُّ ركوعًا ولا سجودًا فقال له: "أعد صلاتك فإنك لم تصلَّ"، فأعاد ثم قال له: "أعد فإنك لم تصلَّ"، فَقال: لقد حرصت وجهدت، فعلمني (¬2). ومَنْ يشك أن صلاةَ المرة الثانية حين حذره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنذره أن يكون ركوعُهُ واضعًا يديه على ركبتيه، ولكنه إذا لمْ يستوِ في ركوعه حتَّى يطمئنَّ راكعًا ولا في قيامه حتَّى يستوي معتدلا مِنْ غير علة تمنعه مِنْ ¬

_ (¬1) روى أبو داود (855)، والترمذي (265)، والنسائي 2/ 183، وابن ماجه (870) من حديث أبي مسعود البدري مرفوعًا: "لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود". وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7224)، وصحيح أبي داود (806). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 437، والبخاري (757، 793، 6252)، ومسلم (397). من حديث أبي هريرة.

ذَلِكَ أن لا صلاة له، وكذلك قال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لهذا المصلي: "سو صلبك حتَّى تعتدلَ قائمًا واركع حتَّى تطمئنَّ راكعًا". "مسائل الكوسج" (188) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: من ترك شيئًا من الصلاة تعمدًا يعجبني أن يعيد، ونقص التكبير أهون، فأما من ترك التشهد عمدًا فإنه يعيد. "مسائل أبي داود" (255) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل صلى فخفف فلم يتم ركوعه ولا سجوده؟ قال: من ترك شيئًا من أمر الصلاة متعمدًا يعيد. "مسائل أبي داود" (257) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل ترك التسبيح في سجود؟ قال: يعجبني أن يعيد. قيل له: فتركه ناسيًا؟ قال: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد قام من ثنتين وهو ساهٍ (¬1). "مسائل أبي داود" (258) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل ترك التسبيح والتكبير في الصلاة؟ قال: إذا فعله عمدًا فعليه الإعادة. "مسائل ابن هانئ" (243) نقل أبو الحارث عنه: إذا ترك التسبيح في الركوع والسجود عامدًا يعيد. "الانتصار" 2/ 273 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 345، والبخاري (829)، ومسلم (570) عن ابن بحينة -رضي اللَّه عنه-.

480 - الضحك في الصلاة

480 - الضحك في الصلاة قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عن الضحك في الصَّلاةِ؟ قال: لا أرى عليه وضوءًا فإن توضأ فذاك إليه. "مسائل الكوسج" (459) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: أمَّا القهقهة في الصلاةِ فإنَّ الذي يعتمد عليه ما صح عَنْ جابر بن عبد اللَّه وأبي موسى الأشعري (¬1) -رضي اللَّه عنهم- وغيرهم من أصحابِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- والتابعين يُعيدون الصَّلاةَ ولا وضوء عليهم فلم يذكر في حديث متصل عَنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إعادة الوضوء منه، لو كان ذَلِكَ لاتبعناه وتركنا الخوضَ بالعقولِ والمقاييس فيه، وكنا نتوضأ منه كما نتوضأ مِنْ لحمِ الجزورِ اتباعًا لسنةِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل الكوسج" (490) قال صالح: وقال: الضحك في الصلاة لا يعاد منه الوضوء، والحديث الذي عن أبي العالية ضعيف. ويروى عن أبي موسى، وجابر: يعيد الصلاة ولا يعيد الوضوء، والشعبي أيضا يقول ذلك. "مسائل صالح" (924) قال صالح: سمعت أبي يقول: من ضحك في الصلاة لا وضوء عليه، ¬

_ (¬1) رواه عن جابر: عبد الرزاق 2/ 377 (3766)، وأبو يعلى في "مسنده" 4/ 4 (2313)، والدارقطني في "سننه" 1/ 172 وصححه. والبيهقي 1/ 144 وعلقه البخاري كتاب: الوضوء، باب: من لم ير الوضوء إلا من المخرجين وقال الحافظ في "الفتح" 1/ 280: هذا التعليق وصله سعيد بن منصور والدارقطني وغيرهما وهو صحيح من قول جابر. ورواه عن أبي موسى: البيهقي 1/ 145.

481 - الأكل والشرب في الصلاة

وإن توضأ لم يضره. حديث أبي العالية مرسل. "مسائل صالح" (1322) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل ضحك في الصلاة؟ قال: لا يعيد الوضوء. قلت لأبي: فالصلاة؟ قال: يعيد الصلاة، ليس فيه احتمالان. "مسائل عبد اللَّه" (350) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن القهقهة؟ قال: تعاد منها الصلاة، وأرجو أن لا يعيد فيها وضوءًا. "مسائل عبد اللَّه" (351) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل إذا ضحك في الصلاة؟ قال: يعيد الصلاة، وأرجو أن لا يعيد الوضوء، وإنما مدار الحديث على أبي العالية، وقد روي عن جابر بن عبد اللَّه أنه يعيد الصلاة ولا يعيد الوضوء من حديث الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (352) 481 - الأكل والشرب في الصلاة قال صالح: حدثني أبي قال: حَدَّثَنَا هشيم قال: منصور أخبرنا عن الحكم، قال: رأيت عبد اللَّه بن الزبير يشرب وهو في الصلاة (¬2). قال أبي: أراه التطوع. "مسائل صالح" (826) ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 28/ 174 من طريق أبي القاسم البغوي عن علي ابن الجعد عن شعبة عن منصور بن زاذان قال: أخبرني من رأى ابن الزبير شرب في =

482 - حكم الكلام ورد السلام في الصلاة

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: من شرب أو تكلم في الصلاة فليعد الصلاة. "مسائل أبي داود" (314) ونقل حرب وحنبل عنه فيمن أكل أو شرب في التطوع: الصلاة صحيحة؛ لأنه عمل يسير أشبه المشي اليسير. "الروايتين والوجهين" 1/ 142 482 - حكم الكلام ورد السلام في الصلاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأبي عبدِ اللَّه -رضي اللَّه عنه-: هل يسلم على القومِ وهمْ في الصلاةِ؟ قال: نعم، فذكَرَ قصةَ بلال حين سَأَله ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهم- (¬1) كيف كان يرد؟ قال: كان يشيرُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (269) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: لو أنَّ إنسانًا سَلَّم على إنسانٍ وهو في الصلاةِ فردَّ عليه استقبلَ الصلاةَ. قال أحمد: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (339) ¬

_ = صلاته. وهو في "مسند ابن الجعد" ص 259 (1717): حدثنا علي أنا شعبة، عن منصور بن زاذان أنا من رأى ابن الزبير يشرب في صلاته، وكان من المصلحين. (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 12، وأبو داود (927)، والترمذي (368).

قال صالح: حديث ذي اليدين: قصرت الصلاة أو نسيت؟ قال: هذا الإمام يسأل إذا ارتاب كي يتثبت بنحو ما تكلم به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلت: فالرجل يكلم الإمام؟ قال: الإمام لا يعيد صلاته، ومن كلمه أعاد صلاته. قلت: فقد كلم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فلم يأمره بالإعادة؟ قال: لأن ذا اليدين كانت الصلاة عنده مقصورة ثم تمت، فخاف أن يكون رجعت إلى القصر، فقال: أنسيت يا رسول اللَّه أم قصرت الصلاة؟ فقال: "لم أنس ولم تُقْصر الصلاةُ" (¬1)، واليوم قد كملت، فهذا لا يشبه حال ذي اليدين. "مسائل صالح" (949) قال صالح: قلت: الرجل يعطس في الصلاة فيقول: الحمد للَّه؟ قال: يعيد الصلاة إذا رفع صوته؛ لأنه ليس من شأن الصلاة إلا أن يجهر به. قلت: فإن قال في نفسه؟ قال: فلا شيء عليه. "مسائل صالح" (1074) قال صالح: رجل صلى بقوم، فأراد أن يركع فسجد، فسبح به القوم، فلم يدر؟ قال: إن كان تكلموا أعادوا الصلاة. قلت: فالإمام حين كلمهم يعيد الصلاة؟ ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

قال: لا، هذا إذا كان يستثبت، وليس على الناس أن يجيبوا الإمام، فإذا كلموا الإمام أعادوا الصلاة. احتجوا بحديث معاوية بن الحكم (¬1)، قالوا: لم يأمرهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يعيدوا الصلاة؟ قال أبي: ألا يرون إلى حديث ابن مسعود لما أن تكلموا في الصلاة. "مسائل صالح" (1083) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يعطس في الصلاة المكتوبة وغيرها؟ قال: يحمد اللَّه ولا يجهر. قلت: يحرك بها لسانه؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (260) قال أبو داود: قلت لأحمد: يسلم علي وأنا في الصلاة؟ قال: إن شاء إشارة، وأما بالكلام فلا يرد. "مسائل أبي داود" (261) قال أبو داود: قلت لأحمد: حديث ذي اليدين، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أصدق ذو اليدين". فقالوا: نعم. قال: لم يكن لهم أن لا يجيبوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأما اليوم فمن تكلم خلف الإمام يعيد الصلاة. قال أحمد: وإن كثر كلام الإمام فيه أعاد. "مسائل أبي داود" (372) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجلٍ صلى ركعتين فسلم، فلما سلَّم أُخبر أنه صلى ركعتين؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 447، ومسلم (537).

قال: كل من تكلم وراء الإمام يعيد. قيل لأحمد: فتكلم الإمام فقال: ما لكم، صليت ركعتين؟ فأشاروا إليه برءوسهم. قال: يبني على صلاته. قال أحمد: تكلم ذو اليدين وهو لا يدري أقصرت الصلاة أم لا؟ واليوم لا تقصر الصلاة. "مسائل أبي داود" (374) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن إمام صلى بقوم فتكلم ناسيًا؟ قال: يعيد الصلاة، إذا كان كلامه شيئًا لا تتم به الصلاة أعاد الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (203) قال ابن هانئ: قلت: رجل صلى بقومٍ صلاة الفريضة، فمرت به آيات العذاب، قال الرجل: نستجير باللَّه من النار، أتكون صلاته تامة أم ناقصة؟ قال: مضت صلاته، ولا يعيد الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (206) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يصلي فيأتي على ذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو في الصلاة، يُصلي عليه؟ قال: إذا كان تطوعًا صلى عليه. وأما في الفريضة فلا. "مسائل ابن هانئ" (207) قال ابن هانئ: سئل عن الرجل يُسلم عليه وهو يصلي، هل يرد؟ قال: لا يرد، إلا أن تكون تطوعًا، فيشير بيده، ولا يتكلم بلسانه. "مسائل ابن هانئ" (211) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يقرأ الآية في الصلاة، فيستغفر اللَّه؟ فسكت أبو عبد اللَّه ولم يقل فيها شيئًا. "مسائل ابن هانئ" (213)

قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا عطس الرجل في صلاته يحمد اللَّه في نفسه. "مسائل ابن هانئ" (545) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يعطس في الصلاة، أيجهر بالحمد؟ قال: يحمد اللَّه في نفسه. "مسائل ابن هانئ" (546) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي، قلت: ينفخ الرجل في الصلاة موضع سجوده؟ قال: لا يعجبني، فإن فعل أخشى أن يكون قد فسدت صلاته. قال: يروى عن ابن عباس: من نفخ في صلاته فقد تكلم (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (356) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وإذا تكلم الرجل بشيء تكمل به الصلاة فصلاته تامة، وكل شيء ليس من أم الصلاة وهو ناس صلاته باطل، إلا أن يكون شيء مما يكمل به الصلاة. "مسائل عبد اللَّه" (360) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن حديث معاوية بن الحكم السلمي أنه تكلم في الصلاة؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 189 (3017) وقال الألباني في "الإرواء" 2/ 123 بعد قول صاحب "منار السبيل": رواه سعيد، وعن أبي هريرة نحوه وقال ابن المنذر: لا يثبت عنهما: موقوف، ولم أقف على سنده، لكن رواه البيهقي (2/ 252) من طريق الحمد بن الخضر الشافعي ثنا إبراهيم بن علي بن الجعد ثنا شعبة عن الأعمش عن أبي الضحى عن ابن عباس بلفظ: إنه كان يخشى أن يكون كلامًا. يعني النفخ في الصلاة. قلت [الألباني]: ورجاله ثقات كلهم غير أحمد بن الخضر هذا. .

فقال أبي: ليس فيه بيان أن النبي أمره أن يعيد الصلاة. "مسائل عبد اللَّه" (363) قال عبد اللَّه: قال أبي: إذا تكلم الرجل في الصلاة عامدًا وتكلم بشي لا تكمل به الصلاة ليس هو من شأن الصلاة، أعاد الصلاة -إذا قال: يا جارية اسقني ماء، أو كلمه رجل فكلمه أعاد الصلاة- والذي هو من شأن الصلاة مثل قول ذي اليدين: يا رسول اللَّه أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فأجابه: "لم أنس ولم تقصر الصلاة" (¬1) فهذا من شأن الصلاة. "مسائل عبد اللَّه" (364) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا عطس الرجل وهو في صلاته يحمد اللَّه في نفسه ولا يرفع صوته. "مسائل عبد اللَّه" (366) قال الأثرم: قال أحمد: ما تكلم به الإنسان في صلاته لإصلاحها لم تفسد عليه صلاته، فإن تكلم بغير ذلك فسدت عليه. وقال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يقول في قصة ذي اليدين: إنما تكلم ذو اليدين، وهو يرى أن الصلاة قد قصرت، وتكلم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو دافع لقول ذي اليدين، فكلم القوم فأجابوه؛ لأنه كان عليهم أن يجيبوه. "التمهيد" 3/ 246، 247 نقل عنه المروذي: إذا قال: اسقني ماءً. عامدًا أو ساهيًا استقبل الصلاة. ونقل أبو طالب في رجل رد السلام ناسيًا: يعيد الصلاة. "الانتصار" 2/ 291 ¬

_ (¬1) سبق تخريجه قريبًا.

قال يوسف بن موسى: قال أحمد: من تكلم ناسيًا في صلاته فظن أن صلاته قد تمت إن كان كلامه فيما تتم به الصلاة، بنى على صلاتهن كما كلم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذا اليدين. "المغني" 2/ 452 ونقل عنه مهنا فيمن قيل له وهو يصلي: ولد لك غلام. فقال: الحمد للَّه. أو قيل له: احترق دكانك. قال: لا إله إلا اللَّه. أو ذهب كيسك، فقال: لا حول ولا قوة إلا باللَّه؟ قال: فقد مضت صلاته. ولو قيل له: مات أبوك. فقال: إنا للَّه وإنا إليه راجعون. فلا يعيد صلاته. "المغني" 2/ 457 قال حنبل: قلت: إذا قرأ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} هل يقول: سبحان ربي الأعلى؟ فقال: إن شاء في نفسه ولا يجهر بها في المكتوبة وغيرها. "الفروع" 1/ 426 قال حرب: قال إسحاق: إن تعمده فهو كلام يعيد الصلاة، وإن سبق منه من غير تعمد فليس عليه إعادة. وقال مرةً: إن تعمد فأحب إليَّ أن يعيد فلا يتبين لي. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 126 قال حرب: قال إسحاق: إن قرأ آية فيها (لا إله إلا اللَّه) فأعادها لا تفسد صلاته، وإن انقض كوكبٌ فقال: (لا إله إلا اللَّه). تعجبًا وتعمد فهو كلام يعيد الصلاة، وكذا إذا لدغته عقرب فقال: بسم اللَّه. "فتح الباري" لابن رجب 9/ 298

483 - في من نظر إلى عورة في الصلاة

483 - في من نظر إلى عورة في الصلاة قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل نظر إلى رجل عريان، أو إلى جاريته عريانة في الصلاة؟ قال: يغض بصره. قلت: فتفسد عليه؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (254) 484 - الإشارة في الصلاة قال ابن هانئ: وسئل عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعد الصلاة" (¬1)؟ قال: لا يثبت بهذا الحديث، إسناده ليس بشيء. "مسائل ابن هانئ" (2038) ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (944) وقال: هذا الحديث وهم.

أبواب صلاة الجماعة

أبواب صلاة الجماعة 485 - حكم صلاة الجماعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ جيران المسجدِ؟ قال: كلُّ مَنْ سمع النداءَ. قال إسحاق: كما قال، فإن كان ذَلِكَ لحال وصية يوصي بها الميت فأربعون دارًا في كل ناحية لما ذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذَلِكَ (¬1) وإن لم يكن متصلًا اعتبر به وأخذ به الأوزاعي. "مسائل الكوسج" (154) قال صالح: وقال أبي: الصلاة جماعة أخشى أن تكون فريضة، ولو ذهب الناس يجلسون عنها لتعطلت المساجد، ويروى عن علي وابن مسعود وابن عباس: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له (¬2). وقال: حدثني أبي، قال: حَدَّثنَا هشيم، عن يحيى -يعني: أبا حيان التيمي- عن أبيه، عن علي قال: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد (¬3). ¬

_ (¬1) رواه أبو داود في "المراسيل" (350) عن الزهري، وأبو يعلى 10/ 385 (5982) من حديث أبي هريرة، والطبراني 19/ 73 (143) من حديث كعب بن مالك، والبيهقي 6/ 276 من حديث عائشة. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (275، 276). (¬2) رواه عبد الرزاق 1/ 497 (1914)، والبيهقي 3/ 174 عن علي وابن عباس -رضي اللَّه عنهم-، ولم أقف عليه عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-. (¬3) سيأتي تخريجه قريبًا.

وقال: حدثني أبي، قال: حَدَّثنَا هشيم، عن منصور، عن الحسن، عن علي قال: من سمع النداء فلم يأته لم تجاوز صلاته رأسه إلا من عذر (¬1). وقال: حدثني أبي، قال: حَدَّثَنَا وكيع، قال: حَدَّثنَا مسعر، عن أبي حصين، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال: من سمع المنادي فلم يجب من غير عذر فلا صلاة له (¬2). وقال: حدثني أبي، قال: حَدَّثَنَا وكيع، قال: حَدَّثَنَا سليمان بن المغيرة، عن أبي موسى الهلالي، عن ابن مسعود قال: من سمع النداء فلم يجب من غير عذر فلا صلاة له (¬3). وقال: حدثني أبي، قال: حَدَّثَنَا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن عدي بن ثابت، عن عائشة -رضي اللَّه عنهما- قالت: من سمع المنادي فلم يجب من غير عذر فلم يجد خيرًا، ولم يرد به (¬4). وقال: حدثني أبي، قال: حَدَّثنَا وكيع، قال: حَدَّثنَا شعبة، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: من سمع المنادي فلم يجب من غير عذر فلا صلاة له (¬5). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 498 (1916)، ورواه بإسناده ولفظه ابن أبي شيبة 1/ 303 (3470). (¬2) رواه علي بن الجعد في "مسنده" (3087) بإسناده ولفظه: جار المسجد يسمع النداء لا يأتيه من غير علة، لا صلاة له. (¬3) لم أقف عليه. (¬4) رواه عبد الرزاق 1/ 497 (1917)، وابن أبي شيبة 1/ 303 (3466). (¬5) رواه عبد الرزاق 1/ 498 (1917)، وابن أبي شيبة 1/ 303 (3466)، والبيهقي 3/ 57.

وقال: حدثني أبي، قال: حَدَّثَنَا وكيع، عن سفيان، عن أبي حيان التيمي، عن أبيه، عن علي قال: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد، قيل: ومن جار المسجد؟ قال: من سمع المنادي (¬1). وقال: حدثني أبي، قال: حَدَّثَنَا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد (¬2). "مسائل صالح" (157) قال أبو داود: قلت لأحمد: رجل بطرسوس في حيه مسجد يؤذن فيه ويقيم، أو يصلي في مسجد الجامع؟ قال: يضيع مسجده -يعني: إن ترك هو القيام به؟ قلت: لا. قال: فكثرة الجماعة أحب إلي لكن إن كان نفير أو خبر من عدوهم علموا بذاك. "مسائل أبي داود" (338) وقال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل في حيه مسجد يتركه ويجيء إلى المسجد الجامع؟ فكأنه اختار مسجد الجامع ولم يصرح به. "مسائل أبي داود" (339) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 497 (1915). (¬2) رواه عن على من طريق آخر عبد الرزاق 1/ 497 (1915)، وابن أبي شيبة 1/ 353 (3469) وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 2/ 31: حديث "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" مشهور بين الناس، وهو ضعيف ليس له إسناد ثابت أخرجه الدارقطني عن جابر وأبي هريرة، وفي الباب عن علي وهو ضعيف أيضًا. اهـ.

وقال أبو داود: سمعت أحمد سأله خصي قال: خدم جماعة في الدار نصلي جمعيًا ونقدم خادمًا يصلي بنا؟ قال: لم لا تحضرون الجماعة؟ قال: لا يمكننا. قال: إذا كان عذر فنعم. "مسائل أبي داود" (340) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصلاة في جماعة، حضورها واجب؟ فعظم أمرها جدًا، وقال: كان ابن مسعود يشدد في ذلك، وروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك تشديدًا كثيرًا: "لقد هممت أن آمر بحزم الحطب فأحرق على قوم لا يشهدون الصلاة" (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (378) قال حنبل: قال أحمد: إجابة الداعي إلى الصلاة فرض. "الانتصار" 2/ 476 نقل عنه البرزاطي في رجل في سوقه مسجد لا يصلي فيه إلا الظهر والعصر، ويسأله أهل سوقه أن يصلي بهم فيه هاتين الصلاتين، قال: أحب له أن يخرج يصلي مع الناس في مساجد الجماعة التي يصلي فيها الصلوات الخمس. "بدائع الفوائد" 4/ 47 قال حرب: قلت لأحمد: فالقوم نحو العشرة يكونون في الدار فيجتمعون وعلى باب الدار مسجد؟ قال: يخرجون إلى المسجد ولا يصلون في الدار. وكأنه قال: إلا أن يكون في الدار مسجدٌ يؤذن فيه ويقام. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 171 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 370، والبخاري (644)، ومسلم (651).

486 - اعتذار التخلف عن الجماعة

وقال حرب: سئل إسحاق عن قوله: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد (¬1)؟ فقال: الصحيح أنه لا فضل، ولا أجر، ولا أمن عليه -يعني: لا صلاة له. "فتح الباري" لابن رجب 5/ 450 قال المروذي: قال الإمام أحمد: الأخبار في الفجر والعشاء -يعني في الجماعة- أوكد وأشد. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 36 486 - اعتذار التخلف عن الجماعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل تُرخص لأحد في تركِ الجمعةِ والجماعةِ في المطرِ؟ قال: أمَّا الجمعة فعلى حديث عبدِ الرحمن بن سمرة (¬2)، وأما الجماعة فعلى حديث أبي المليح (¬3). قال إسحاق: على كلا الحديثين العمل، لأنه عذر. "مسائل الكوسج" (243) ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 62، وابن خزيمة (1862)، وابن المنذر في "الأوسط" (4/ 25، والحاكم 1/ 292 - 293 مرفوعًا بلفظ: "إذا كان يوم مطر وابل، فليصل أحدكم في رحله". (¬3) رواه الإمام أحمد 5/ 74، وأبو داود (1057)، وابن خزيمة (1658)، والطبراني 1/ 189 - 188 (497)، والبيهقي 3/ 71 وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" بلفظ: إن يوم حنين كان مطيرًا فأمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مناديه أن الصلاة في الرحال.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: رجلٌ صحيحٌ لا يشهدُ الجماعةَ؟ قال: هذا رجلٌ ليس له علمٌ، وأما مَنْ علمَ الحديثَ يتخلف عن الجماعة! وقد قِيلَ: "لا صلاةَ لجارِ المسجدِ إلَّا في المسجدِ" (¬1) إن هذا الرجل أي رجل سوء. "مسائل الكوسج" (419) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما آكل الثوم فإنه لا يشهد الجماعةَ حتَّى يذهبَ ريحُه منه؛ لأنَّ أهل المسجدِ يتأذون بذلك، وكذلك الملَك الموكل به فإنْ أكله مِن علة حادثة به فإنَّ ذَلِكَ مباح، وإن لم يكن علة لا يسعه أكلها؛ لكي لا يترك الجماعة. "مسائل الكوسج" (480) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من رخص له في تركِ الجمعة؟ قال: أما صاحب الزرع. قُلْتُ: فالخائفُ؟ قال: نعم، إذا خافَ أن يعتلَّ المريضُ قدْ رخص اللَّه عَزَّ وَجَلَّ له في ذَلِكَ، وابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما- ترك الجمعةَ للجِنازةِ إذا كان لابد من دَفْنِهِ (¬2). قال إسحاق: ما قال. "مسائل الكوسج" (502) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمد: عَنِ الرجلِ يكونُ في بيته مريض ليس لَهُ مَنْ يخدمه؟ قال: يؤخر إلى آخر الوقتِ. لم ير له أنْ يتركَ الجمعةَ. "مسائل الكوسج" (3378) ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) رواه البخاري (3990).

قال صالح: وسألت أبي عن الصلاة في الرحال في الليلة القارة؟ فقال: إذا كان يحال بينه وبين ذلك فلا بأس. "مسائل صالح" (62) قال أبو داود: سمعت شيخًا سأل أحمد قال: إذا أتيت الجمعة أقعد في الطريق مرارًا ثم لا أقدر أشهد الجماعة بعد ذلك بيومين -يعني: من النصب، فما ترى في تركي الجمعة؟ فقال: لا أدري. فأعاد. فقال: لا أدري. وقال: الجمعة لها فضل والجماعة أيضًا. "مسائل أبي داود" (394) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا جرير، عن أبي حيان، عن أبيه قال: أصاب الربيع الفالج فكان يحمل إلى الصلاة، فقيل له: إنه قد رخص لك قال: قد علمت ولكني أسمع النداء بالفلاح. "الزهد" ص 408 (2026) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا ابن حيان، حدثني أبي قال: كان الربيع بعدما سقط شقه يهادى بين رجلين إلى مسجد قومه وكان أصحاب عبد اللَّه يقولون: يا أبا يزيد قد رخص لك لو صليت في بيتك، فيقول: إنه كما تقولون ولكني سمعته ينادي حي على الفلاح، فمن سمعه منكم ينادي حي على الفلاح فليجبه ولو زحفًا ولو حبوًا. "الزهد" ص 409 (2028) نقل عنه أبو طالب: من قدر أن يذهب في المطر -أي: إلى الجمعة- فهو له أفضل. "الفروع" 2/ 42

487 - فضل صلاة الجماعة والسعي إليها

وقال أبو طالب: قلت: إذا شم الإمام ريح الثوم ينهاهم؟ قال: نعم، يقول: لا تؤذوا أهل المسجد بريح الثوم. ونقل عنه محمد بن يحيى: أن النبي أمر بإخراج رجل من المسجد شم منه ريح الثوم. "الفروع" 2/ 44 قال ابن رافع: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إن قال المؤذن في أذانه: صلوا في الرحل، فلك أن تتخلف، وإن لم يقل فقد وجب عليك إذا قال: حي على الصلاة، على الفلاح. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 91 قال إسماعيل بن سعيد: قال أحمد: إن أكل وحضر المسجد أثم. "فتح الباري" لابن رجب 8/ 15 487 - فضل صلاة الجماعة والسعي إليها قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا جاء الرجلُ إلى المسجد وقد صلوا، يطلبُ مسجدًا يصلي فيه؟ قال: لِمَ لا يطلب؟ ! قلت: مَنْ فعلَهُ؟ قال: الأسود (¬1). قال إسحاق: كما قال، وقَدْ فعله حذيفة (¬2) أيضًا -رضي اللَّه عنه-. "مسائل الكوسج" (262) ¬

_ (¬1) علقه البخاري في "صحيحه" قبل الرواية (645)، ورواه عبد الرزاق 1/ 515 (1974)، وابن أبي شيبة 2/ 21 (5990). ولفظ البخاري: وكان الأسود إذا فاتته الجماعة ذهب إلى مسجد آخر. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 21 (5989).

قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: ابن أبي عدي، عن شعبة: عن سعيد، عن قتادة، عن أبي الأحوص، عن عبد اللَّه بن مسعود: أن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: " صلاة الجميع تفضل على صلاة الرجل وحده خمسًا وعشرين ضعفًا، كلها مثل صلاته" (¬1) قال أبو عبد اللَّه: رواه شعبة عن عقبة بن وسَّاج، وهمام، عن مُورق (¬2). "مسائل ابن هانئ" (352) قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كنت مع وكيع، وهو يذهب إلى الجمعة، فمررنا بطريق مختصر، وكان الناس قد استطرقوه، فرأيت وكيعًا ودعه، ويباعد على نفسه. "الورع" (259) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا جرير بن عبد اللَّه العدوي، عن أبيه قال: قلت للعلاء بن زياد: إذا صليت وحدي لم أعقل صلاتي؟ قال: أبشر، فإن ذلك علم من الخير، أما رأيت اللصوص مروا بالبيت الخرب ولم يلووا عليه، فإذا مروا بالبيت الذي يروا فيه المتاع زاولوه حتى يصيبوا منه شيئا، وقال: إنه يسوءني قرب داري من المسجد -يعني: يحب أن يكون منزله بعيدا لكثرة الخطا. "الزهد" ص 312 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 376، -لكن دون ذكر (شعبة) - وعبد الرزاق 1/ 523 (2003)، وابن أبي شيبة 2/ 227 (8389)، والبزار (2059)، وأبو يعلى الموصلي (4995)، وصححه ابن خزيمة 2/ 393 (1470)، والطبراني 10/ 104 (10103). قال الهيثمي في "المجمع" 2/ 38: رجال أحمد ثقات. اهـ. والحديث قد رواه من حديث أبي هريرة الإمام أحمد 2/ 233 البخاري (477)، ومسلم (573). (¬2) "المسند" 1/ 437.

قال عبد اللَّه: وقرأت عليه: حدثنا عفان، عن حماد، عن ثابت، عن عقبة بن عبد الغافر: العشاء في جماعة كحجة، وصلاة الفجر في جماعة كعمرة. "الزهد" صالح 378 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسحاق الأزرق، عن شريك، عن الأعمش، عن عبد الرحمن بن معقل، عن بعض أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: المسجد حصن من الشيطان شديد. "الزهد" ص 441 قال بكر بن محمد: وسئل عن مسجد إلى جنب رجل، ومسجد آخر كان أبوه يؤذن فيه، أترى أن يصلي في المسجد الذي إلى جنبي؟ قال: إذا كانا عتيقين جميعًا، فكلما بعد فهو خير. "الروايتين والوجهين" 1/ 168، "بدائع الفوائد" 4/ 68 قال حرمي بن يونس: قال لي أحمد: يا حرمي كم فضل الصلاة عند الناس من الفرادى إلى الجماعة؟ فقال حرمي: خمسة وعشرون، فقال أحمد: إني سمعت عبد الرزاق يقول: إنها مائة صلاة من أجاب الداعي فهي خمسة وعشرون، ومن صلى في الصف الأول فهي خمسون، ومن صلى يمنة الإمام فهي خمس وسبعون، ومن صلى في نقرة الإمامة فهي مائة صلاة. "طبقات الحنابلة" 1/ 404 - 405 قال المروذي: قلت: الرجل يدخل المسجد فيرى قومًا فيحسن صلاته، يعني الرياء؟ قال: لا، تلك بركة المسلم على المسلم. "الفروع" 1/ 496

488 - فضل الجلوس بالمسجد

488 - فضل الجلوس بالمسجد قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سفيان، عن مسعر، عن الوليد بن العيزار، عن عمرو بن ميمون قال: المساجد بيوت اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وحق على المزور أن يكرم زائره. "الزهد" ص (2081) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حجاج، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني قال: المساجد مجالس الكرام. "الزهد" ص (2272)

فصل: صفة صلاة الجماعة

فصل: صفة صلاة الجماعة موقف المأمومين من الإمام، ومن يلي الإمام، وفضل الصف الأول، وأي نواحي الصف أفضل 489 - صلاة المنفرد خلف الصف قال إسحاق بن منصور: قلتُ للإمامِ أحمد -رضي اللَّه عنه-: إذا جاء الرجلُ وقد امتلأ الصفُّ، يقوم وحدَه حتَّى يجيءَ إنسانٌ؟ قال: أما أنا فأستقبح أنْ يَمُدَّ رجلا ليرده معه، يدخل مع القومِ في الصفِّ، أو يتبرع رجلٌ من الصفِّ فيرجع معه، ويكره أن يمدَّ رجلًا إليه. قال إسحاق: كما قال، ويمد إليه رجلًا إذا لمْ يجد آخرَ. "مسائل الكوسج" (256) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا صلَّى خلفَ الصفِّ وحدَه يعيدُ؟ قال: يعيدُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (259) قال إسحاق بن منصور: قلت لسفيان: رجل صلى خلف الصف وحده؟ قال: ما أرى عليه إعادة. قال الإمام أحمد: خلافًا أبدًا. قال إسحاق: إذا صلَّى خلفَ الصفِّ وحدَه فَعليه الإعادةُ. "مسائل الكوسج" (349) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا دخل رجلٌ المسجدَ والإمامُ راكعٌ،

يركعُ قبلَ أنْ يصلَ إلى الصفِّ؟ قال: إذا كان وحدَه وظنَّ أنه يدركُ فَعلَ، وإذا كان مع غيره فيركع حيثُ ما أدركه الركوعُ. قال إسحاق: لا يركعُ أبدًا إذا كان وحدَه، وإذا كان معه آخرُ ركعا، ثمَّ مشيا حتَّى يلحقا الصفَّ. "مسائل الكوسج" (260) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يصلي الرجلُ فوقَ البيتِ بصلاة الإمامِ؟ قال: إن كان في موضع ضيق يوم الجمعةِ كما فعل أنس -رضي اللَّه عنه- (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (266) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: إذا ركع دون الصفَ ثمَّ مشى. قال: في حديثِ أبي بكرة "زادك اللَّه تعالى حرصًا" (¬2). "مسائل الكوسج" (435) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: لمْ يدرك الصَّفَ حتَّى رفع الإمامُ رأسَه؟ قال: يُروى عن ابن مسعود (¬3)، وعن زيد بن ثابت (¬4) كأنه لمْ يرَ أن يعيدَ على هذه الحال. "مسائل الكوسج" (436) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 83 (4887)، والبيهقي 3/ 111. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 39، والبخاري (783)، وأبو داود (683، 684)، والنسائي 2/ 118. (¬3) رواه عبد الرزاق 2/ 283 (3381)، والطبراني فى "الكبير" 9/ 313 (9359)، والبيهقي 2/ 90. (¬4) رواه عبد الرزاق 2/ 283 (3380)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 398، والبيهقي 2/ 90.

قال إسحاق بن منصور: قلتُ لإسحاقَ: وجانبا الصفِّ إذا تقدما أمامَ الإمامِ حتَّى وُجِّهَ كل الجانبين إلى غيرِ القبلةِ، وكان الذي يلي يميل مِنْ أحدِ الجانبين، ووجهه إلى القبلةِ فيصيرُ مؤديًا فرضَ نفسِهِ يجوز أم لا؟ وإن كان هذا خَلف الإمامِ يوم جمعةِ أله جمعةٌ؟ قال: كلما كان خلفَ الإمامِ إلَّا أن أحدَ جانبي الصفِّ ربما تقدم حتَّى كانَ بحذاءِ الإمامِ أو أمامه؛ فإن صلاتهم جائزة وسيما إذا كان يوم الجمعةِ، واختلافُ الصفوفِ يكثر حتَّى لا يُدْرى من تقدمَ ومن تأخرَ، ولقدْ أخبرني حمادُ بنُ سلمة عن تمام قال: أخبرني رجلٌ من بني نمير أنه سأل الحسن عن اختلافِ الصفوفِ يوم الجمعةِ فلمْ يرَ به بأسًا، ولكن إنْ كان أحدُ جانبي الصفِّ مالَ عن القبلة حتَّى صاروا إلى غيرِ القبلةِ، فصلاتهم فاسدة إلَّا أن يتداركوا سريعًا فيرجعوا إلى القبلةِ. "مسائل الكوسج" (493) قال صالح: وسألته عن الرجل يصلي خلف الصف وحده؟ قال: يعيد الصلاة. "مسائل صالح" (364) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: ينبغي أن تقام الصفوف قبل أن يدخل الإمام فلا يحتاج أن يقف. "مسائل أبي داود" (206) قال أبو داود: رأيت أحمد إذا صلى بنا يلتفت يمنة ويسرة قبل أن يكبر. "مسائل أبي داود" (207) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل ركع دون الصف، ثم مشى حتى دخل الصف، وقد رفع الإمام قبل أن ينتهي إلى الصف؟

قال: تجزئه ركعة، وإن صلى خلف الصف وحده أعاد الصلاة. "مسائل أبي داود" (250) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن صلى خلف الصف وحده بحذاء الإمام؟ قال: بحذائه وناحيته سواء يعيد. فقيل لأحمد: فإن جاء رجل قبل أن يركع؟ قال: أرجو أن تجزئه. "مسائل أبي داود" (251) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يصلي خارجًا من المسجد يوم الجمعة وأبواب المسجد مغلقة؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل أبي داود" (415) قال أبو داود: وسمعته أيضًا سُئِلَ عن الرجل يصلي الجمعة وبينه وبين الإمام سترة؟ قال: إذا لم يقدر على غير ذلك. "مسائل أبي داود" (416) قال ابن هانئ: قلت: رجل أدرك القوم وهم ركوع؟ قال: إن خشي أن تفوته ركع، وإن علم أنه يدرك لم يركع؛ لحديث أبي بكرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "زادك اللَّه حرصًا، ولا تعد" (¬1). وقال أبو عبد اللَّه: أرى إذا علم أنه يدرك الركوع، لم يركع دون الصف، وإذا علم أنه لا يدرك الركوع ركع، ورجلين أحب إلي يكبرا ¬

_ (¬1) سبق تخريجه، وهو في "المسند" 5/ 39، والبخاري (783).

جميعًا، ويدنوا إلى الصف. "مسائل ابن هانئ" (221) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل صلى بقوم فتقدمه بعضهم، فصلى قدامه؟ قال: من صلى قدام الإمام يعيد الصلاة. قلت له: إن همامًا حدث عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك: أنه صلى بهم في سفينة، وصلى قوم قدامه، فلم ير بذلك بأسًا (¬1). قال أبو عبد اللَّه: ليس يقول هذا غير همام. قال أبو عبد اللَّه: أخبرت أن همامًا رجع عن هذا الحديث بعد، ورواه شعبة عن أنس ابن سيرين. والثوري، عن أيوب عن أنس بن سيرين لم يقولا كما قال همام. وقال: أذهب إلى أن من صلى هذِه الصلاة يعيدها. وقال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا" (¬2) فكيف يمكن هذا أن يسجد إذا سجد الإمام، والإمام خلفه؟ ! ليس هذا بشيء، يعيدها. "مسائل ابن هانئ" (326) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل ينتهي إلى الصف الأول وقد تم، يدخل بين رجلين؟ قال: نعم، إذا علم أنه لا يشق عليهم. قلت: الرجل يجيء والقوم في الصلاة وقد تم الصف، كيف يصنع؟ ¬

_ (¬1) رواه العقيلي في "الضعفاء الكبير" 4/ 368. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 162، البخاري (689)، ومسلم (417).

قال: يدخل مع القوم إذا لم يشق عليهم. "مسائل ابن هانئ" (430) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل مكفوف دخل في الصف، فلما أراد أن يركع، التزق الذين كانوا معه في الصف بصفٍ آخر، وبقي هو وحده؟ قال: إذا صلى وحده أعاد الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (431) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يجيء والإمام راكع، أيركع من باب المسجد؟ قال: إذا كان معه آخر كبرا جميعًا ومشيا، وإذا كان وحده حتى يتصل بالصف. "مسائل ابن هانئ" (432) قال ابن هانئ: وسئل: يصلي الرجل خلف الصف وحده؟ قال: يعيد الصلاة. قلت له: فإنه قائم مع غلام لم يدرك، أو غير محتلم؟ قال: لا يجزئه. "مسائل ابن هانئ" (433) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يصلي مع الرجل فيجيء غلام خصي فيقوم مع الرجل الآخر؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا كان في القد والقامة، ومثله إذا كان فحلًا يحتلم فصلاته جائزة، يعني الرجل الذي صلى معه، وإن كان مثله من الغلمان الفحولة لا يحتلم، فيعيد صلاته. "مسائل ابن هانئ" (434)

قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يصلي بالرجل الواحد فيقوم المصلى به على يسار الإمام، صلاته تامة؟ أو يعيد الصلاة؟ قال أبو عبد اللَّه: هذا بمنزلة حديث وابصة بن معبد (¬1)، كأنه صلى خلف الصف وحده: يعيد الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (435) قال ابن هانئ: وسئل عن حديث أنس: صليت مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأم سليم خلفنا (¬2)؟ فقال: هذا قد سمعنا في الرجال بأعيانهم، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمره أن يعيد، فأما النساء فلا أدري. "مسائل ابن هانئ" (436) قال ابن هانئ: وسألته عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تراصوا فإني أراكم من خلفي كما أراكم من بين يديَّ" (¬3)، ما تفسيره؟ قال أبو عبد اللَّه: يراهم صلى اللَّه عليه وسلم من خلفه كما يراهم من بين يديه، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219)} [سورة الشعراء: 219] هذا تفسيره. "مسائل ابن هانئ" (2044) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل صلى بقوم، فتقدمه بعضهم، فيصلي قدامه؟ فقال: يعيد الصلاة، من صلى قدام الإمام. ¬

_ (¬1) سيأتي تخريجه قريبًا. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 110، والبخاري (727)، ومسلم (658). (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 263، والبخاري (718)، ومسلم (434)، عن أنس رضي اللَّه عنه.

قلت لأبي: إن همامًا يحدث، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك أنه صلى بهم في سفينة، فصلى قوم قدامه. فلم ير ذلك بأسًا؟ فقال: ليس يقول هذا غير همام، وأخبرت أن همامًا رجع عن هذا الحديث بعد، ورواه شعبة، عن أنس بن سيرين، والثوري، عن أيوب، عن أنس بن سيرين، لم يقولا كما قال همام. وقال: أذهب إلى من صلى هذِه الصلاة يعيدها لحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا"، فكيف يمكن هذا أن يسجد إذا سجد الإمام خلفه، ليس هذا بشيء يعيد الصلاة. "مسائل عبد اللَّه" (412) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل صلى خلف الصف وحده؟ قال: يعيد الصلاة، أذهب فيه إلى حديث وابصة بن معبد: أن النبي أمره أن يعيد الصلاة (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (413) قال البغوي: ورأيت أبا عبد اللَّه صلى بنا فلما أقيمت الصلاة التفت عن يمينه وعن شماله وقال: استووا. "مسائل البغوي" (34) قال أحمد بن الحسين بن حسان: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: الخصي يقوم مع الرجل في صف خلف الإمام. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 228، الترمذي (230) وقال: وفي الباب عن علي بن شيبان وابن عباس، وحديث وابصة حديث حسن. وابن ماجه (1004)، والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي" (191).

قلت: إذا كان في مثل قامة المحتلم، أو في مثل سن المحتلم. "أحكام النساء" للخلال (71) ونقل عنه أبو الحارث في من أحرم وركع فذًا ثم دخل في الصف: إذا كبر وركع ودخل في الصف يجزيه. وذكر حديث أبي بكرة. "الروايتين والوجهين" 1/ 174 قال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يكره أن يقوم مع الناس في المسجد خلف الإمام إلا من قد احتلم، أو أنبت، أو بلغ خمس عشرة سنة، فقلت له: ابن اثنتي عشرة سنة أو نحوها؟ قال: ما أدري. قلت له: فكأنك تكره ما دون هذا السن؟ قال: ما أدري. فذكرت له حديث أنس واليتيم، فقال: ذاك في التطوع. "التمهيد" 5/ 28 قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني أراكم من وراء ظهري"؟ فقال: كان يرى من خلفه كما يرى من بين يديه. قلت له: إن إنسانًا قال لي: هو في ذلك مثل غيره، وإنما كان يراهم كما ينظر الإمام من عن يمينه وشماله. فأنكر ذلك إنكارًا شديدًا. "التمهيد" 5/ 130، "طرح التثريب" 2/ 376 قال ابن الهيثم العاقولي: كنت مع أحمد، فجعلت أتأخر عنه في الصف إجلالًا له، فوضع يده على يدي فقدمني إلى الصف. "طبقات الحنابلة" 2/ 101

نقل عنه الأثرم: أذهب إلى حديث أبي هريرة: خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد أقمنا الصفوف (¬1). "المغني" 2/ 125 قال الأثرم: قال أحمد: إذا صلى بين الصفين وحده يعيدها؛ لأنه فذ وإن كان بين الصفين. قال: قلت لأبي عبد اللَّه: حديث ملازم بن عمرو في هذا أيضًا حسن؟ قال: نعم. "المغني" 3/ 50 قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أيُّ نواحي الصفِّ أفضل؟ قال: الذي على يمين الإمام. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (257) نقل الحسن بن محمد عنه في غلام حر وشيخ عبد: يقدم الحر إلى الإمام. نقل أبو الحارث عنه: يقدم أكبرهما إلى الإمام. قال الميموني: سمعت أحمد غير مرة يقول: يلي الإمام الكبر وذوو الأسنان والأكبر فالأكبر، فإن تساووا قدم السابق. "المغني" 3/ 511 نقل علي بن سعيد عنه في الرجل الجاهل يقوم خلف الإمام فيجيء من هو أعلم بالسنة منه فيؤخره أو يدفعه، ويقوم في مقامه: لا أرى ذلك، فذكر ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 237، والبخاري (275)، ومسلم (605).

له حديث قيس بن عباد حين أخره أبي بن كعب -رضي اللَّه عنهما- (¬1)، فقال: إنما كان غلامًا. ونقل عنه جعفر بن محمد النسائي في الرجل يقيم الصلاة وليس معه إلا غلام: لا يؤمه في الفريضة، وإنما أَمَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ابن عباس في تطوع صلاة الليل (¬2). ونقل الميموني عنه: يلي الإمام الشيوخ وأصحاب القرآن ويؤخر الغلام والصبيان. وقال في رواية أبي طالب في الصف يكون طويلًا فيكون في آخره صبي، فيجيء رجل فيقوم خلف الصبي، قال: لا بأس هو متصل بالصف. وقال المروذي: كان أبو عبد اللَّه يقوم خلف الإمام فجاء يومًا، وقد تجافى الناس أن يصلي أحد في ذلك الموضع، فاعتزل وقام في طرف الصف، وقال: قد نهى أن يتخذ الرجل مصلاه مثل مربض البعير. "بدائع الفوائد" 3/ 69، 70 وقال في رواية أبي طالب: إذا صلى الإمام مع رجل، وجلس وجاء رجل، فليجلس عن يساره، حتى يقوم لأن تأخير الجالس يثقل عليه، وكون المأموم عن يسار الإمام إذا كان عن يمينه رجل موسع. وقد سهل أبو عبد اللَّه في ذلك، قال: وأرجو أن يكون الإمام في الثلاثة واسعًا، وأحب إليَّ أن يتقدم، كما فعل عمر. وروى عنه المروذي في الرجل يجيء والإمام في التشهد وإلى لزقه ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 140، والنسائي 2/ 88، وابن خزيمة 3/ 33 (1573)، وابن حبان 5/ 555 (2181). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 220، والبخاري (728)، ومسلم (605).

رجل هل يقوم معه أو يجذبه؟ قال: أعجب إليِّ أن يتقدم الإمام ويجذب الرجل. وقال مهنا: قلت: رجل صلى يوم الجمعة مع الإمام ركعة وسجدتين في الصف، ثم زحموه فصلى الركعة الأخرى خلف الصف وحده؟ قال: يعيد الركعة التي صلى وحده. ونقل الحسن بن محمد عنه: إذا ركع ركعة وسجد، ثم دخل في الصف يعيد الركعة التي صلاها، ولا يعيد الصلاة كلها. قال مهنا: قلت: رجل ركع ركعة وسجدتين دون الصف، ثم جاء الناس فقاموا إلى جنبه في الثلاث ركعات يعيد الصلاة كلها؟ قال: لو ركع ركعة وحدها ولم يسجد السجدتين لم يكن عليه إعادة، لأن أبا بكرة ركع دون الصف ولم يسجد. قال المروذي: قال أحمد: إذا جاء وليس يمكنه الدخول في الصف، هل يمد رجلًا يصلي معه؟ قال: لا، ولكن يزاحم الصف ويدخل؛ لحديث أبي بكرة. "بدائع الفوائد" 3/ 72، 73، 74 قال البرزاطي: قلت: يخرج الرجل من الصف ويقدم أباه في موضعه؟ قال: ما يعجبني هو يقدر أن يبر أباه بغير هذا. "النكت والفوائد السنية" 1/ 211، "بدائع الفوائد" 4/ 47 قال حنبل: قال أحمد: وقد سئل عن الرجل يتأخر عن الصف الأول ويقدم أباه في موضعه؟ قال: ما يعجبني، يقدر أن يبر أباه بغير هذا. "الروح" صـ 198

نقل أبو طالب عن الإمام أحمد في الرجل يُصلِّي فوق السطح بصلاة الإمام: إن كان بينهما طريق أو نهر فلا، قيل له: فأنس صلَّى يوم جمعة في سطح (¬1)؟ فقال: يوم جمعة لا يكون طريق الناس. يشير إلى أن يوم الجمعة تمتلئ الطرقات بالمصلين فتتصل الصفوف. قال أبو طالب: فإن الناس يصلون خلفي في رمضان فوق سطح بيتهم؟ فقال أحمد: ذاك تطوع. ونقل حرب عنه في امرأة تصلِّي فوق بيت، وبينها وبين الإمام طريق؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس، وذكر أن أنس بن مالك كان يفعل ذلك. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 444 ونقل عنه حنبل ويعقوب بن بختان: لا يكون الإمام موضعه أرفع من موضع من خلفه؛ ولكن لا بأس أن يكون من خلفه أرفع. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 454 قال حرب: سألت إسحاق عن ذلك -أي: الاقتداء بالإمام مع وجود فاصل بينه وبين المأموم- فقال: إن كان نهرًا تجري فيه السفن فلا يصلي، وإن لم يكن تجري فيه فهو أسهل. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 39 نقل المروذي وأبو طالب وابن القاسم عن أحمد: أن الصف الأول هو الذي يلي المقصورة وأن ما تقطعه المقصورة فليس هو الأول. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 275 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 83 (4887)، وابن أبي شيبة 2/ 35 (6157).

قال حرب: قال أحمد: المرأة وحدها صف. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 288 قال حرب: سألت إسحاق عن رجل صلى وحضره رجل وغلام ابن ست سنين كيف يقيمهما؟ قال: يقيمهما خلفه. قلت: يقيمها جميعًا عن يمينه؟ فلم يرخص فيه، وذكر حديث أنس: صليت أنا ويتيم لنا خلف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "فتح الباري" لابن رجب 6/ 292 قال حرب: قلت لإسحاق: الرجل يصلي في دار وبينه وبين المسجد طريق يمر فيه الناس؟ قال: لا يعجبني. ولم يرخص فيه. قلت: صلاته جائزة؟ قال: لو كانت جائزة كنت لا أقول: لا يعجبني. قال: إلا أن يكون طريق يقوم فيه الناس ويصفون فيه للصلاة. قلت: فإنا حين صلينا لم يمر فيه أحد؟ فذهب إلى أن الصلاة جائزة. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 298 ونقل عنه حنبل: إذا صلى الرجل وهو يسمع قراءة الإمام في دار أو في سطح بيته كان ذلك مجزئًا عنه. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 301 ونقل عنه أبو طالب في الرجل يركع دون الصف وهو جاهل؟ قال: أجزأه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 164، والبخاري (380)، ومسلم (658).

وقيل له: لا يعيد كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي بكرة: "لا تعُد" فأجاز له صلاته لمَّا لم يعلم ونهاه أن يصلِّي بعد ذلك فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "زادك اللَّه حرصًا، ولا تعد". قيل له: فإن كان يعلم يقول: صلى فلان، وصلى فلانٌ؟ قال: لا تجزئه صلاته، يعيد صلاته؛ قال أبو هريرة: لا يركع أحدكم حتى يأخذ مقامه من الصف (¬1). وقال أبو الحارث: وسأله رجل كبَّر قبل أن يدخل في الصف، وركع دون الصف؟ فقال: قد كبَّر أبو بكرة فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "زادك اللَّه حرصًا ولا تعد"، ولم يأمره أن يعيد -أيضًا- وقد روي -أيضًا- عن ابن مسعود وزيد أنهما ركعا دون الصف. وقال الأثرم: قال أحمد: لا يعجبني فعل زيد وابن منصور. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 121، 122، 123 قال حرب: قال: لا بأس أن يركع دون الصف إذا أدرك الإمام راكعًا. قلت: فإن رفع رأسه قبل أن يصل هو إلى الصف؟ فكأنه أحب أن لا يعتد بهذِه الركعة. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 126 ونقل حرب عن إسحاق بن راهويه: إن صلى الصلاة كلها خلف الصف أعاد صلاته، فإن صلى ركعة فذًّا ثم جاء آخر فقام إلى جنبه فإنه يعيد تلك الركعة. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 230 (2633).

490 - التبليغ خلف الإمام

ونقل عنه مهنا في رجل صلى يوم الجمعة ركعة وسجدتين في الصف ثم زحموه فصلَّى الركعة الأخرى خلف الصف وحده، قال: يعيد تلك الركعة التي صلاها وحده. وقال الحسن بن محمد: أحمد قال: إذا ركع ركعةً سجد ثم دخل في الصف يعيد التي صلاها، ولا يعيد الصلاة كلها. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 134، 135 نقل أبو طالب عنه في رجل أمَّ رجلًا قام عن يساره: يعيد، وإن صلى الإمام وحده. "الإنصاف" 4/ 421 490 - التبليغ خلف الإمام نقل محمد بن الحكم عن أبيه: قلت: الرجل يكبر يوم الجمعة يُسمع الناس؟ قال: صلاته تامة، هذا منفعة للناس؛ قد كان عمر يسمع صوته بالبلاط. قيل له: فيأخذ على هذا أجرًا في تكبيره يسمع الناس؟ قال: لا أدري. قال مهنا: قال فيمن صلَّى الجمعة فلم يسمع تكبير الإمام ولا غير الإمام: ليس عليه إعادة. وقال: كل الناس يسمعون التكبير؟ إنما ينظر بعضهم إلى بعض. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 249، 250

491 - سكتتا الإمام

491 - سكتتا الإمام قال صالح: سألت أبي قلت: للإمام سكتتان؟ قال: نعم، إذا فرغ من الحمد، وسكتة بعدما يفرغ من السورة. "مسائل صالح" (322) قال صالح: قلت: ما تقول في سكتتي الإمام، وموضع سكتته، وإن عجل الإمام قبل أن يفرغ من خلفه من قراءة فاتحة الكتاب؟ قال: إذا قرأ مع الإمام فسبقه يتبع الإمام. وفي سكتتي الإمام يقرأ إن شاء. وهو إن أدرك الإمام راكعًا أجزأه قراءة الإمام. "مسائل صالح" (550) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن السكتتين؟ فقال: إذا افتتح الصلاة سكت، وإذا فرغ من السورة سكت سكتة أخرى. قيل له: إذا قرأ الحمد؟ قال: إذا قرأ سورة بعد الحمد سكت. "مسائل عبد اللَّه" (271) 492 - القراءة خلف الإمام قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل يقرأُ خلف الإمامِ؟ قال: يقرأُ فيما لا يجهرُ وإن أمكنه أن يقرأَ فيما يجهرُ قبلَ أنْ يأخذَ الإمامُ في القراءة، ولا يعجبني أن يقرأ والإمامُ يجهرُ، أحب إلي أن ينصت. قال إسحاق: هو كما قال، لا يقرأن أبدًا خلفه معه، إذا جهرَ يقرأ قبلَه أو بعدَه. "مسائل الكوسج" (205)

قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما القراءة خلفَ الإمامِ فإنه يقرأُ في الظهرِ والعصرِ خلفَ الإمامِ كما يقرأُ وحدَه لما لا يجهر، وأما المغربُ والعشاءُ فيقرأ في سكتاتِ الإمامِ فاتحةَ الكتابِ، وفي الفجرِ ينصتُ خلفَهُ ويقرأُ فاتحةَ الكتابِ عندَ سَكْتَتهِ الأُولَى فإنْ لمْ يمكنه ذَلِكَ فحين يريدُ أنْ يركعَ بعدَ سكوتِهِ قرأ، ثمَّ اتبع الإمامَ راكعًا. "مسائل الكوسج" (206) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: والقراءةُ في الركعتين الآخرتين بفاتحةِ الكتابِ سنةٌ (¬1) وعلى ذَلِكَ عشرة من أصحاب محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- بعدهُ (¬2)، وما قال هؤلاء في التسبيحِ في الآخرتين خطأٌ. "مسائل الكوسج" (207) قال إسحاق بن منصور: أخبرنا أحمد قال: حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيانَ، عَنِ الصلت الربعي، عن سعيد بنِ جبير قال: إذا لم تسمعْ قراءة الإمامِ يومَ الجمعةِ فاقرأ (¬3). قال إسحاقُ: أخبرنا أحمدُ قال: حَدَّثَنَا عبدُ الرحمنِ، عن قرة، عن الحسن مثله (¬4). قال أحمد: كذاك أقولُ. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (3260) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 295، البخاري (776)، ومسلم (451) من حديث أبي قتادة قال: ويقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب. (¬2) انظر: "مصنف عبد الرزاق" 2/ 100 - 102 (2656، 2657، 2661 - 2664). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 1/ 476 (5506). (¬4) رواه ابن أبي شيبة 1/ 328 - 329 (3762).

قال صالح: قلت: الرجل يكون خلف الإمام يوم الجمعة، ولا يستمع قراءة الإمام؟ قال: إن شاء قرأ. "مسائل صالح" (106) قال صالح: قلت: فيقرأ إذا سكت الإمام؟ قال: يقرأ، فإذا قرأ الإمام أمسك. "مسائل صالح" (323) قال صالح: وقال: يقرأ يوم الجمعة خلف الإمام إذا لم يسمع القراءة. "مسائل صالح" (925) قال صالح: وقال: قول عمر: من لم يقرأ في الصلاة أنه يعيد الصلاة (¬1) إذا لم يقرأ أذهب فيه إلى حديث جابر: مالك، عن وهب بن كيسان، عن جابر قال: لا صلاة إلا بقراءة في كل ركعة (¬2). "مسائل صالح" (926) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن القراءة خلف الإمام؟ قال: اقرأ فيما لا يجهر. قيل له: ففيم يجهر؟ قال: لا تقرأ إلا أن تبتدره فتقرأ بفاتحة الكتاب قبل أن يقرأ. "مسائل أبي داود" (222) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: إن فلانًا قال: قراءة فاتحة الكتاب -يعني: خلف الإمام- مخصوص من قوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 317 (3624). (¬2) سبق تخريجه.

فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الأعراف: 204] فقال: عمن يقول هذا؟ ! أجمع الناس أن هذِه الآية في الصلاة. "مسائل أبي داود" (223) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن قراءة فاتحة الكتاب، يعني: خلف الإمام إذا جهر في كل ركعة؟ قال: في الركعة الأولى تجزئ. "مسائل أبي داود" (224) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن القراءة خلف الإمام يوم الجمعة؟ قال: نعم إذا لم يسمع قراءة الإمام. قيل لأحمد -وأنا أسمع: فإن قرأ بفاتحة الكتاب ثم سمع قراءة الإمام؟ قال: يقطع إذا سمع قراءة الإمام فينصت للقراءة. "مسائل أبي داود" (225) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن القراءة فيما يجهر الإمام، وعن الركعتين الآخرتين التي لا يجهر فيهما؟ فقال: اقرأ بأم القرآن، إن قدرت. "مسائل ابن هانئ" (244) قال ابن هانئ: وسئل عن القراءة فيما يجهر الإمام؟ قال: لا يقرأ فيما يجهر الإمام. "مسائل ابن هانئ" (246) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل إذ لم يقرأ خلف الإمام؟ قال: مضت صلاته وليس عليه شيء، وأحب إلي أن يقرأ فيما لا يجهر فيه. "مسائل ابن هانئ" (250)

قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يصلي خلف الإمام، فيسمع قراءته؟ قال: إذا أصاب منه سكتة قرأ بأم القرآن، وإذا لم يصب منه سكتة أنصت للقرآن. وسئل عن الرجل يقرأ خلف الإمام فيفرغ من قراءته والإمام لم يفرغ، أيقرأ أو يسكت؟ فقال: يسكت. "مسائل ابن هانئ" (255) قال ابن هانئ: قيل له: كيف نأخذ في القراءة خلف الإمام؟ قال: اقرأ فيما خافت، وأنصت فيما جهر. قلت: تأخذ به أنت؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (263) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يدرك مع الإمام بعض صلاته، أيقرأ فيما أدرك مع الإمام أو فيما يقضي؟ قال: أذهب إلى حديث ابن عمر ومسروق (¬1). "مسائل ابن هانئ" (267) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فأقرأ في نفسي: الحمد؟ قال: لا، وقال: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}. "مسائل عبد اللَّه" (254) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا صلى الرجل وحده، فلم يقرأ الحمد فلا يجزيه ركعة حتى يأتي في كل ركعة بفاتحة الكتاب وإذا صلى ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

خلف الإمام فقرأ الإمام أجزأه أن ينصت له وإن لم يقرأ خلفه بشيء. "مسائل عبد اللَّه" (255) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن الرجل يصلي خلف الإمام؟ قال: إذا سمع القراءة أنصت له، وإذا لم يسمع يقرأ. "مسائل عبد اللَّه" (256) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن القراءة خلف الإمام فيما يجهر وما لم يجهر؟ فقال: إذا قرأ ينصت للقرآن، ويقرأ فيما لا يجهر. قال عبد اللَّه: سألت أبي عن القراءة خلف الإمام فيما جهر أقرأ أو أسمع؟ فقال: تقرأ فيما لا يجهر. قال عبد اللَّه: سألت أبي عن القراءة خلف الإمام؟ فقال: يقرأ فيما لا يجهر، وينصت للقرآن فيما جهر به الإمام. قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن الرجل يصلي خلف الإمام فلا يقرأ خلفه؟ قال: أعجب إلي أن يقرأ، فإن لم يقرأ يجزئه. قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا قرأ الإمام فأنصت. قلت: فالركعتين الأخريين إذا لم يسمع الإمام يقرأ فقرأ هو في نفسه؟ قال: نعم، إن شاء قرأ وإن شاء لم يقرأ. "مسائل عبد اللَّه" (257) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الظهر والعصر، وما لا أسمع الإمام يقرأ فيها؟ قال: أقرأ في نفسك في كل ما لم يجهر به الإمام، فإذا جهر فأنصت واستمع لما يقرأ. "مسائل عبد اللَّه" (280)

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يسمع القراءة يوم الجمعة في الصلاة؟ قال: ينصت. قلت: فإن لم يسمع؟ قال: يقرأ. قلت: فإن سمع بعض القراءة، ولم يسمع بعض؟ قال: ينصت حتى يسمع. "مسائل عبد اللَّه" (461) قال الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل: من يقول عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من وجه صحيح: "إذا قرأ فأنصتوا؟ " (¬1). فقال: حديث ابن عجلان الذي يرويه أبو خالد الأحمر، والحديث الذي رواه جرير عن التيمي، وقد زعموا أن المعتمر رواه. قلت: نعم قد رواه المعتمر. قال: فأي شيء تريده؟ ! "الاستذكار" 4/ 232 قال الأثرم: سئل عن رجل ترك القراءة خلف الإمام في ركعة؟ فقال: يجزئه. قلت له: تركها فيما يجهر وفيما لا يجهر خلف الإمام؟ فقال: يجزئه. "الانتصار" 2/ 211 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 420، أبو داود (604)، ابن ماجه (846) قال أبو داود: وهذِه الزيادة ليست بمحفوظة الوهم عندنا من أبي خالد. اهـ. قال الألباني في "الإرواء" 2/ 120 - 121 أبو خالد هو سليمان بن حيان وهو ثقة، وقد صحح هذِه الزيادة مسلم وإن لم يخرجها في "صحيحه". انتهى مختصرًا.

قال أبو العباس النخشبي: رأيت أبا عبد اللَّه يقرأ في صلاة العصر خلف الإمام. "طبقات الحنابلة" 1/ 127 - 128 وسئل إبراهيم الحربي: كيف سمعت أحمد يقول في القراءة خلف الإمام؟ فقال: إما ألف مرة إن لم أقل، فقد سمعته يقول: يقرأ فيما خافت، وينصت إذا جهر. "طبقات الحنابلة" 1/ 234 - 235 قال ابن معبد: سألت أحمد بن حنبل عن القراءة خلف الإمام؟ فقال: اقرأ إذا لم يجهر. "طبقات الحنابلة" 1/ 332 قال ابن الشافعي: سئل أحمد عن القراءة خلف الإمام؟ فقال: لا يقرأ فيما يجهر، ويقرأ فيما أسر في الركعتين الأوليين بالحمد وسورة، وفي الركعتين الأخريين بالحمد. فقال له رجل: فإن كان للإمام سكتة فيما يجهر: يقرأ؟ فقال: إن كان يمكنه أن يقرأ يقرأ، ولا أحب أن يقرأ والإمام يجهر، وجعل يعجب ممَّن يذهب إلى هذا. وقال: أليس يدرك الإمام راكعًا فيركع معه، ولا يقرأ. وهذا أبو بكرة قد جاء والإمام راكع فركع دون الصف، فاحتسب بها. فقال له ابن الشافعي: الذي يذهب إلى هذا يذهب إلى الحديث: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" (¬1)؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 339، والبخاري (756)، ومسلم (394) من حديث عبادة بن الصامت رضي اللَّه عنه.

فقال: قد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة" (¬1). "طبقات الحنابلة" 2/ 352. قال الأثرم: وقال الإمام أحمد: من لم يسمع فعليه أن يقرأ ولو بأم القرآن؛ لأن المأمور بالإنصات والاستماع من سمع دون من لم يسمع. قال: قيل لأبي عبد اللَّه، فيوم الجمعة؟ قال: إذا لم يسمع قراءة الإمام، ونغمته قرأ، فأما إذا سمع فلينصت. قيل له: فالأخرس؟ قال: لا أدري. "المغني" 2/ 267 قال إسحاق بن بهلول: قال أحمد: لا أقرأ فيما جهر الإمام؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] وما خافت قرأت فيه، لأني لست آمن على الإمام النسيان. "النكت والفوائد السنية" 1/ 69 قال الأثرم: قلت: إذا كان خلف الإمام فقرأ خلفه فيما يجهر فيه أيقول آمين؟ قال: لا أدري ولا أعلم به بأسًا. "بدائع الفوائد" 3/ 80 قال الميموني: قال أبو عبد اللَّه: إنما الجهر بالقراءة في الجماعة، أرأيت إن صلى وحده عليه أن يجهر، إنما الجهر في الجماعة إذا صلى. "بدائع الفوائد" 4/ 55 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 339، وابن ماجه (850)، ومن حديث جابر وحسنه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (692).

493 - الفتح على الإمام

493 - الفتح على الإمام قال إسحاق بن منصور: قلتُ: يفتحُ على الإمام؟ قال: إي واللَّه، يفتح على الإمامِ. قال إسحاق: كما قال في المكتوبة والتطوعِ "مسائل الكوسج" (251) قال أبو داود: قلت لأحمد: تلقين الإمام؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل أبي داود" (231) قال صالح: قلت لأبي: يفتح على الإمام، قال: إي واللَّه. "إعلام الموقعين" 4/ 167 494 - إذا أتى والإمام راكع، كم يكبر؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا نسي تكبيرةَ الافتتاح؟ قال: إنه ليس في الصلاةِ، قرأ ولم يكنْ دخلَ في الصلاة، فكيف تجزئه تكبيرةُ الركوع؟ ! وإذا جاء والإمام راكع كبر تكبيرة وركع، حديث زيدٍ وابنِ عمرَ رضي اللَّه عنهما (¬1). قيل له: ينوي بها الافتتاح؟ قال: نوى أو لم ينوِ، ما نعلم أحدًا قال ينوي، أليس جاء وهو يريد الصلاة؟ ! قُلْتُ: جاء والإمامُ جالسٌ؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 278 (3355).

قال: يكبر تكبيرةً ثم يقعد. قُلْتُ: يكبر للقعود؟ قال: لا. قال إسحاق: عليه تكبيرتان إحداهما ينوي بها الافتتاحَ، ثم الثانية للركوع والجلوسِ، فإن كَبَّرَ واحدةً نوى بِها الافتتاح، ثم ركع ولمْ يكبرْ له أجزأه. هكذا معنى قول زيدِ بن ثابت، وإنْ كبر تكبيرةً لم ينوِ بها افتتاحها لم يجزئه لِمَا جاء: "مِفتَاح الصلاةِ التكبير"، ولابد من إحداث نية إذا دخلها، فإن نوى بالتكبير الافتتاحَ والركوعَ لمْ يجزْئه. "مسائل الكوسج" (187) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا وجد الإمامَ راكعًا كمْ يكبرُ؟ قال: يكبرُ واحدةً يريدُ بها الافتتاحَ. قال إسحاق: وإن أمكنه أنْ يكبرَ أُخرى للركوعِ، ولكن لابدَّ من أن ينوي بالأولى الافتتاحَ. "مسائل الكوسج" (264) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: تجزئه تكبيرة إذا نوى بها افتتاح الصَّلاةِ. قال الإمام أحمد: إي واللَّه، تجزئه إذا نوى كقولِ ابن عمر وزيد -رضي اللَّه عنهما- (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (338) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 278 (3355)، والبيهقي 2/ 91.

قال أبو داود: قلت لأحمد: أدركت الإمام راكعًا؟ قال: يجزئك تكبيرة. قلت: فتكبيرتين أحب إليك؟ قال: إن كبر تكبيرتين ليس فيه اختلاف. "مسائل أبي داود" (248) قال ابن هانئ: قلت: أدرك الإمام راكعًا، أتجزئه التكبيرة الأولى من افتتاح الصلاة؟ قال: نعم، ينوي بها الافتتاح، قول ابن عمر، وزيد بن ثابت. سألته عن الرجل يجيء والإمام راكع، أتجزئه التكبيرة التي يركع بها دون تكبيرة الافتتاح؟ قال: نعم، إذا نوى بها تكبيرة الافتتاح، أذهب إلى حديث ابن عمر، وزيد بن ثابت. قرأت على أبي عبد اللَّه: عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن سالم: أن عبد اللَّه بن عمر، وزيد بن ثابت قالا: إذا أدرك الرجل القوم ركوعًا فإنه يجزئه تكبيرة (¬1). "مسائل ابن هانئ" (230) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يجيء والإمام راكع يجزئه الركوع من تكبيرة الافتتاح؟ قال: إذا نوى بها تكبيرة الافتتاح أجزأه. "مسائل ابن هانئ" (242) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 218 - 219 (2505).

495 - إذا ركع الإمام فسمع خفق النعال

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول عن الرجل يدرك الإمام وهو راكع، أتجزئه تكبيرة واحدة؟ قال: نعم، وكذلك إن أدركه ساجدا. قال عبد اللَّه: حدثني أبي: نا زكريا بن يحيى وحمويه قال: نا إبراهيم ابن سعد قال: نا ابن شهاب قال: كان زيد بن ثابت وابن عمر إذا أتيا الإمام وهو راكع كبرا تكبيرة واحدة يركعان بتلك التكبيرة الواحدة (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (379) 495 - إذا ركع الإمام فسمع خفق النعال قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا ركع الإمامُ فسمع خفقَ النِّعالِ ينتظرهم؟ قال: أما أنا فيعجبني أن ينتظرَهم ما لمْ يشق على أصحابِهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (250) قال أبو داود: قلت لأحمد: الإمام يركع فيحس بالرجل يجيء من خلفه؟ قال: ينتظره بقدر ما لا يشق على من خلفه. "مسائل أبى داود" (247) قال ابن هانئ: وسألته عن الإمام يركع فيسمع الوطء خلفه، وهو راكع، أينتظرهم؟ قال: قدر ما لا يشق على من خلفه. "مسائل ابن هانئ" (299) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 278 (3355)، وابن أبي شيبة 1/ 219 (2506).

496 - إذا سلم الإمام قبل أن ينتهي المأموم من صلاته

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يكون إمامًا، فيسمع خفق النعال خلفه، ينتظرهم أحب إليك؟ أم لا يزيد على ركوعها الذي كان يركع؟ قال: ينتظر ما لم يشق على من خلفه، فإذا كثر ذلك عليه رفع رأسه. "مسائل عبد اللَّه" (400) قال عبد اللَّه: قال أبي: أحب إلي أن يخفف الإمام، ولا يشق على من خلفه، وقد جاء في التخفيف أحاديث. "مسائل عبد اللَّه" (401) 496 - إذا سلم الإمام قبل أن ينتهي المأموم من صلاته قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا سلم الإمامُ وقد بَقِيَ على الرجلِ شئٌ من الدُّعاء؟ قال: يُسلِّمُ معه. قال إسحاق: كما قال، إذا كان قد تَشَهَّدَ وصلَّى على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنْ لم يفعلْ ذَلِكَ وسلَّم الإمامُ فليفعله ثم لِيُسلِّم. "مسائل الكوسج" (156) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الإمامِ إذا سلم وقد بقي عليه من الدعاء شيء؟ قال: يسلم إلا أن يكون شيئًا يسيرًا، واحتج بحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما الإمام ليؤتم به" (¬1). "مسائل أبي داود" (505) ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

497 - رد السلام على الإمام

497 - رد السلام على الإمام قال إسحاق بن منصور: سألتُ أحمدَ عن الرد على الإمامِ إذا سلّم؟ قال: لا أدري ما هو، ليس هو سلام عليَّ إنما هو إذن. قُلْتُ: ترد أنت؟ قال: لا. قالَ أبو يعقوب: نحن نرى أن يرد. "مسائل الكوسج" (410) قال صالح: قلت: ما تقول في الرد على الإمام إذا سلم، ومتى يرد عليه؟ قال: إذا سلم الإمام: فهو خروجه من الصلاة، ومن سلم خلفه؛ فإن نوى الرد عليه بتسليمه وخروجه فلا بأس. "مسائل صالح" (545) قال أبو داود: قلت لأحمد: الرد على الإمام؟ قال: ما أعرف فيه حديثًا، أي: حديث عالٍ يعتمد عليه، فإن شاء رد. قلت: فإذا رد أيرد قبل السلام؟ قال: لا. قلت: بعد؟ قال: نعم. قال: وإن شاء نوى بالسلام الرد، واحتج في ترك الرد بقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "انقضاؤها التسليم" (¬1). "مسائل أبي داود" (506) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 123، 129، وأبو داود (61، 618)، والترمذي (3) من حديث علي بن أبي طالب. قال الترمذي: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن. والحديث صحح إسناده النووي في "المجموع" 3/ 289، وابن حجر في "الفتح" 2/ 322، والألباني في "صحيح أبي داود" (55).

498 - الانفتال والانصراف من الصلاة

قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يرد السلام على الإمام؟ قال: إذا نوى بتسليمه الرد على الإمام، أجزأه. "مسائل ابن هانئ" (314) نقل المروذي عن أحمد في الرجل يرد السلام على الإمام؟ قال: إذا نوى بتسليمه الرد فقد ردَّ عليه، فإن فعل رجل فليخفه، قال: ومعناه إن رد عليه بالقول فليخفه. وقال جعفر بن محمد النسائي: قال أحمد: السلام على الإمام لا نعرف له موضعًا، وتسليم الإمام هو انقضاء الصلاة، ليس هو سلام على القوم فيجب عليهم أن يردوا ولكن ابن عمر شدد في هذا: يسلم الرجل وينوي به السلام من الصلاة، والرد على الإمام -كأنه يقوله على الوجه الإنكار لذلك، قيل له: إنهم يقولون: إن رد السلام على الإمام واجب. قال: أرجو أن لا يكون واجبًا، وإن رد فلا بأس. وقال يعقوب بن بختان: قال أحمد: ينوي بسلامه الردَّ. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 389، 390، 391 498 - الانفتال والانصراف من الصلاة قال إسحاق بن منصور: ورأيته في صلاة الغداة وهو إمامٌ حين سلَّمَ قعدَ ناحية اليسرى، وتساند إلى الحائطِ. "مسائل الكوسج" (422) قال أبو داود: كان أبو عبد اللَّه -يعني: أحمد- ينحرف عن يمينه. "مسائل أبي داود" (541)

وقال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سئل عن تفسير حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا يجلس بعد التسليم إلا قدر ما يقول: "اللهم أنت السلام ومنك السلام" (¬1) -يعني: في مقعده حتى ينحرف؟ قال: لا أدري. "مسائل أبي داود" (542) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يصلي بالقوم، فإذا فرغ من الصلاة خرج من بين رجلين، أفهو تخطٍّ؟ قال: نعم، هذا تخطٍّ إذا خرج بين رجلين، وأحب إلي أن يتنحى عن القبلة قليلًا حتى يتفرق الناس فيخرج، وإن هو خرج مع الحائط، فهذا ليس بتخط. "مسائل ابن هانئ" (313) قال الأثرم: رأيت أبا عبد اللَّه إذا سلم يلتفت ويتربع. "المغني" 2/ 256 قال أبو يحيى زكريا بن يحيى بن عبد الملك: صليت خلف أبي عبد اللَّه فكان إذا سلم من الصلاة لبث هُنيةً ثم ينحرف. قال: فظننته يقول: ما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 436 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 235، ومسلم (592) من حديث عائشة.

499 - بم تدرك الجماعة؟

499 - بم تدرك الجماعة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل سفيان عن الرجل يدرك الإمامَ وهو راكع فيرفع الإمامُ رأسَه قبل أنْ يستمكن مِنَ الرّكوع؟ قال: كان ابن أبي ليلى يقولُ: هو بمنزلةِ الناعس (¬1). قال سفيان: وأرى أن يستقبل. قال الإمام أحمد: كما قال سفيان. قال إسحاق: كما قالا. "مسائل الكوسج" (337) قال صالح: قلت: من أدرك الإمام وهو في سجدتي السهو، كبر معه، يكون لحق صلاة؟ قال: أرجو أن يكون يضاعف له -إن شاء اللَّه. "مسائل صالح" (282) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن أدرك الإمام راكعًا فكبر، ثم ركع فرفع الإمام؟ قال: إذا أمكن يديه من ركبتيه قبل أن يرفع الإمام فقد أدرك. "مسائل أبي داود" (249) قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يدرك السجدة من ركعة؟ قال: لا يعتد بها، يقول بتلك الركعة والسجدة، ويجيء بركعة وسجدتين، يقوم فيصلي ركعة وسجدتين يبني على الثلاث ويلغي التي أدركهم فيها. "مسائل ابن هانئ" (222) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 279 (3362).

500 - صلاة المسبوق

500 - صلاة المسبوق قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما الرجلُ يسبقُ ببعض الصلاةِ، فإنَّ الذي نختار له إذا قام أن يكونَ يقضي آخرَ صلاتِه ويجعل ما أدرك مع الإمام أولا على ما قال علي -رضي اللَّه عنه- (¬1)، وإن جعل ما أدرك مع الإمام آخر صلاته على ما قال ابن مسعود رضي اللَّه عنه (¬2) فحسن مع أن ابن مسعود رأى (كليهما) (¬3) صوابا، وأختار الذي يجعل آخر صلاته أولا على ما قال علي رضي اللَّه عنه وإن جعل ما أدرك مع الإمام آخر صلاته (ما أدرك) (¬4). "مسائل الكوسج" (475) قال صالح: قلت: رجل أدرك ركعة من العصر يقرأ الحمد وسورة فيما يقضي؟ قال: يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب وسورة ثم يجلس، ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب وسورة ثم يقوم ولا يجلس، ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب وحدها. "مسائل صالح" (290) قال صالح: وسألته عن رجل فاته بعض الصلاة مع الإمام؟ قال: إذا جلس مع الإمام في آخر صلاته؛ فإنه يردد التشهد، ولا يدعو. "مسائل صالح" (357) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 114. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 115. (¬3) في المطبوع من "مسائل الكوسج" (كلاهما) والصحيح المثبت. (¬4) كذا في الأصل، ولعلها: فلا بأس.

قال صالح: وسألته عن الرجل يدرك ركعتين من الظهر مع الإمام؟ قال: يقرأ فيما يقضي في كل ركعة الحمد وسورة، وإن أدرك ركعة مع الإمام فإنه يقوم فيقرأ الحمد وسورة ثم يجلس، ثم يقوم فيقرأ الحمد وسورة، ولا يجلس، ثم يقوم فيقرأ الحمد وحدها، ثم يجلس. "مسائل صالح" (33) قال صالح: وسألته عن رجل أدرك مع الإمام ركعة؟ قال: يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب وسورة، ثم يجلس فيتشهد، ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب وسورة ولا يقعد، ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب وحدها ويقعد فيتشهد ويسلم، ويروى عن أبي هريرة وأنس بن مالك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: " صل ما أدركت، واقض ما سبقك" (¬1). قلت: فكأنه يتشهد ثلاث مرات؟ قال: الأولى إنما يتبع الإمام، ويروى عن علي: يقرأ فيما أدرك (¬2)، وقال ابن عمر: يقرأ فيما يقضي، وقال ابن مسعود: ما أدركت مع الإمام فهو آخر صلاتك (¬3). "مسائل صالح" (666) قال صالح: قلت: رجل أدرك مع الإمام بعض الصلاة، كيف يقضي؟ قال: يقرأ فيما يقضي. ¬

_ (¬1) رواه من حديث أبي هريرة الإمام أحمد 2/ 427، والبخاري (636)، ومسلم (602)، ورواه من حديث أنس الإمام أحمد 3/ 106 وغيره من غير أصحاب: الكتب الستة. (¬2) رواه ابن شيبة 2/ 114 (7112). (¬3) رواه عنهما ابن أبي شيبة 5/ 112 (7120)، (7123).

قلت: فالجلوس؟ قال: يصيره أول صلاته كما صنع ابن مسعود (¬1). "مسائل صالح" (1169) قال أبو داود: قلت لأحمد: أدركت ركعة من المغرب أقوم فأقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، ثم أتشهد، ثم أقوم فأقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، ثم أتشهد وأسلم؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (265) قال ابن هانئ: قلت: الرجل يدرك مع الإمام ركعة وتفوته ركعتان، يصلي ركعة ويجلس في التشهد؟ أو يصلي الركعتين ثم يتشهد؟ قال: يصلي ركعة ثم يجلس فيتشهد، ثم يقوم فيصلي ركعة أخرى، ثم يتشهد الثالثة، ويتورك فيهما. ثم ذكر حديث جُندب ومسروق: أن مسروقًا وجندبًا صليا، فجلس مسروق وقام جُندب، فبلغ ذلك ابن مسعود فقال: أتفعل ما فعل مسروق (¬2)؟ كأنه حسن رأي مسروق، حين جلس، وكانا في صلاة المغرب. "مسائل ابن هانئ" (361) ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) رواه عبد الرزاق 2/ 227 (3165)، وابن أبي شيبة 2/ 235 (8482)، (8483)، والطبراني في "الكبير" 9/ 274 (9370)، قال الهيثمي في "المجمع" 2/ 274: رواه الطبراني بأسانيد بعضها ساقط فيه رجل، وفي هذِه الطريق جابر الجعفي، والأكثر على تضعيفه.

قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا فات الرجل من صلاة الظهر الركعة، فإنه يتشهد مع الإمام، إلا في آخر جلسة الإمام، فإن الإمام يجلس ويطيل الجلوس في التشهد، فليس له أن يدعو كما يدعو الإمام، وليجئ بالتشهد الذي تشهد به أول جلسة. "مسائل ابن هانئ" (390) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: فاتني مع الإمام ركعتان، فأتورك مع الإمام أو فيما أقضي؟ قال: فيما تقضي في آخر صلاتك. "مسائل ابن هانئ" (391) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يأتي لصلاة الجماعة وقد سبقه الإمام بالتكبير والاستفتاح فربما لحق قراءة السورة أو أقل يتبع الإمام في ركوعه (¬1)؟ "مسائل عبد اللَّه" (380) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في الرجل تفوته بعض الصلاة مع الإمام، يجعل ما أدرك أول صلاته. "مسائل عبد اللَّه" (382) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أدرك ركعة من صلاة الظهر؟ قال: إذا قام يقضي قرأ في ركعة فاتحة الكتاب وسورة وركع، ثم جلس فتشهد، فقام فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، ثم ركع فإذا قضى الركعة الثالثة من صلاته قرأ بفاتحة الكتاب وحدها. قال: يذهب فيه إلى أن يحتاط في الوجهين جميعًا يقرأ فيما يقضي ¬

_ (¬1) سقط جواب هذِه المسألة من الأصل.

ويكون جلوسه على ما اختار ابن مسعود يقعد في الثالثة. "مسائل عبد اللَّه" (383) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أدرك مع الإمام آخر ركعة من الظهر فقام يقضي قلت: أيش يقرأ؟ قال: في الركعتين الأوليين ما يقضي الحمد وسورة، ويجعل ما أدرك مع الإمام أول صلاته فيقعد في الركعة التي يقضي من أولها ثم يقوم ويقعد في آخر صلاته، ويقرأ في آخر ركعة بفاتحة الكتاب وحدها. وإن أدرك ركعتين من الظهر فقام فقرأ فما يقضي الحمد للَّه وسورة. قال أبي: يروى عن ابن عمر وابن مسعود قالا: يقرأ فيما يقضي ويروى عن علي: ما أدرك مع الإمام فهو أول صلاته، وقال ابن مسعود: ما أدرك مع الإمام فهو آخر صلاته (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (384) قال عبد اللَّه: قرأ على أبي محمد بن جعفر، قال: نا: سعيد عن أبي معشر، عن النخعي، أن مسروقًا وجندبًا أدركا مع الإمام ركعة من المغرب، فلما قاما يقضيان قعد مسروق في كلتا الركعتين، وقعد جندب في آخر صلاته، فذكر ذلك لابن مسعود. فقال: أصاب مسروق ولم يأل جندب. قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: فعل مسروق أحب إلي، ويقرأ فيما يقضي. "مسائل عبد اللَّه" (385) ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد، عن عبيد اللَّه قال: أخبرني نافع: أن ابن عمر، كان إذا سبق بالأوليين، قرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب وسورة، ثم يجلس (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (386) قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: أرأيت قول من قال: يجعل ما أدرك مع الإمام أول صلاته، ومن قال: يجعله آخر صلاته، أي شيء الفرق بينهما؟ قال: من أجل القراءة فيما يقضي. قلت له: فحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على أي القولين يدل عندك؟ قال: على أنه يقضي ما فاته، قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلوا ما أدركتم واقضوا ما سبقكم" (¬2). "التمهيد" 3/ 36 قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: الإمام إذا سجد، فرفع رأسه قبل أن أسجد؟ قال: إن كانت سجدة واحدة فاتبعه إذا رفع رأسه. وهذا لا أعلم فيه خلافًا. "المغني" 2/ 211 ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" ص 72 عن نافع أن عبد اللَّه بن عمر كان إذا فاته شيء من الصلاة مع الإمام، فيما جهر فيه الإمام بالقراءة، أنه إذا سلم الإمام قام عبد اللَّه بن عمر فقرأ لنفسه فيما يقضى وجهر. وعن مالك رواه عبد الرزاق في "المصنف" 2/ 228 (3170) ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" 2/ 115 (7122) من طريق حفص، عن عبيد اللَّه، عن نافع به. (¬2) سبق تخريجه.

قال بكر بن أحمد بن خالد البرائي: سألت أبا عبد اللَّه، فقلت: إذا فاتتني أول صلاة الإمام فأدركت معه من آخر صلاته، فما أعتد به أول صلاتي؟ فقال لي: تقرأ فيما مضى يعني: الحمد وسورة، وفي القعود تقعد على ابتداء صلاتك. "بدائع الفوائد" 4/ 53، 4/ 71 نقل عنه الميموني: يحتاط ويقرأ في الثلاث بالحمد وسورة. "تقرير القواعد" 3/ 272

فصل في أحكام متعلقة بصلاة الجماعة

فصل في أحكام متعلقة بصلاة الجماعة 501 - المساجد التي يجمع فيها قال صالح: سألت أبي عن المساجد التي في الحانات أيجمع فيها؟ قال: إذا كان مسجد ينادى فيه بالصلاة فلا بأس بالجماعة فيه، إذا كان لا يمنع منه أحد. "مسائل صالح" (192) 502 - آداب المشي إلى الجماعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل يُسعى إلى الصلاةِ؟ قال: لا، على حديثِ أبي هريرة (¬1). قال إسحاق: بلى، إذا خافَ فوتَ التكبيرةِ الأولى. "مسائل الكوسج" (246) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: عن المشي إلى الصلاة، يسرع في مشيه، أم يمشي على هيئته؟ قال: يأتيها وعليه السكينة. "مسائل ابن هانئ" (268) قال ابن هانئ: سألته عن المشي إلى الصلاة إذا كان لا يخاف الفوت؟ قال: يمشي على هينته. "مسائل ابن هانئ" (271) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 237، والبخاري (908)، ومسلم (602).

503 - العدد الذي تنعقد به الجماعة

قال مهنا: قال أحمد: ويستحب للرجل إذا أقبل إلى المسجد أن يقبل بخوف ووجل وخشوع وخضوع، وأن تكون عليه السكينة والوقار فما أدرك صلى وما فات قضى، بذلك جاء الأثر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يعني: وجاء عنه أنه كان يأمر بإثقال الخطا -يعني: قرب الخطا- إلى المساجد (¬1). "شرح العمدة" ص 596 قال مهنا: قال أحمد: لا بأس إذا طمع أن يدرك التكبيرة الأولى أن يسرع شيئًا ما لم يكن عجله تقبح، جاء عن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنهم كانوا يعجلون شيئًا إذا تخوفوا فوات التكبيرة الأولى وطمعوا في إدراكها. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 393 503 - العدد الذي تنعقد به الجماعة قال صالح: قلت: الرجل يصلي وخلفه رجل وغلام؟ قال: أما الفريضة فلا يصلي حتى يدرك، وأما التطوع فلا بأس به. "مسائل صالح" (324) من صلى ثم أدرك الجماعة، وإذا أقيمت الصلاة وهو في صلاة، وإعادة الصلاة لمن صلى في جماعة. قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: حديث معاذ رضي اللَّه عنه أنه كان يُصلي مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثُمَّ يرجعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ (¬2)؟ ¬

_ (¬1) رواه البخاري في "الأدب المفرد" (458) والطبراني 5/ 117 (4797). قال الهيثمي في "المجمع" 2/ 32: وفيه الضحاك بن نبراس، وهو ضعيف. وضعفه الألباني في تحقيقه "للأدب المفرد". (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 308، والبخاري (711)، ومسلم (465). من حديث جابر.

قال: لا أجدُ شيئًا يدفعه، إنْ ذهبَ ذاهبٌ إليه لا أَلُومه. قال إسحاق: هذِه سُنَّةٌ مسنونةٌ، وهو بناء على قولِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في صلاةِ الخَوْفِ حين صلَّى ركعتين وكلُّ طائفةٍ خلفه ركعوا ركعةً (¬1). "مسائل الكوسج" (137) قال إسحاق بن منصور: قلت: يصلي في مسجد قد صُلِّي فيه مرة جماعة؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. قال إسحاق: وأما إعادةُ الجماعةِ في مسجدِ الجماعةِ بعد مما صُلِّيَ فيه مرة فحسنٌ جميلٌ، قد فعلَ ذَلِكَ أنسُ بن مالك -رضي اللَّه عنه- (¬2) وغيره من أصحابِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل الكوسج" (253) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا صلى مرة يعيدُ في الجماعةِ؟ قال: إذا أُقيمت الصلاةُ وهو في المسجدِ يعيدُ، وإذا لمْ يكنْ في المسجدِ فلا يدخل. وقال: كل الصلواتِ يصليها إذا كان في المسجدِ إلا أنه يشفع المغرب. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (255) ¬

_ (¬1) فيه حديث ابن عباس، رواه الإمام أحمد 1/ 232، والنسائي 3/ 169، وصححه ابن حبان (2871)، والحاكم 1/ 335. (¬2) علقه البخاري في "صحيحه" قبل الرواية (645)، ورواه عبد الرزاق 2/ 291 - 292 (3416، 3417)، وابن أبي شيبة 2/ 113، والبيهقي 3/ 70 بلفظ: وجاء أنس بن مالك إلى مسجد قد صلي فيه، فأذن وأقام وصلى جماعة ..

قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان عن الرجل يُصلي العصر، ثم يدرك مع الإمام ركعتين من العصر؟ قال: ركعتين يتم. قيل له: فإن أدرك ركعتين من المغرب؟ قال: يتم ويشفع. قيل له: يجلس في الثانية أو في آخرهن؟ قال: في آخرهن. قال أحمد: كما قال. قال إسحاق: كما قالا. "مسائل الكوسج" (347) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لسفيان: رجل صلى في أهله ثمَّ دخلَ المسجدَ فأقيمت الصلاة فصلَّى معهم بأيهما يعتدُّ؟ قال: بالأولى. قيل: وكذلك العصرُ؟ قال: نعم. قال الإمام أحمد: جيد. قال إسحاق: كما قَالا سواء. "مسائل الكوسج" (350) قال صالح: قلت: الرجل يصلي ثم يدرك الجماعة يعيد الصلاة؟ قال: ابن عمر كره أن تعاد الصلاة. فأما إذا دخلت وأنت لا تعلم فلا تخرج حتى تصلي على حديث جابر بن يزيد بن الأسود (¬1)، والعصر والغداة كذلك. وإن دخل متطوعًا يصلي مع الناس لا بأس، إلا المغرب فإنه يضيف إليها ركعة. "مسائل صالح" (964) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 161، وأبو داود (575)، والترمذي (219)، وقال: حسن صحيح والنسائي 2/ 112 - 113 من حديث جابر بن يزيد، عن أبيه، وانظر: "التلخيص الحبير" 2/ 29.

قال صالح: قال أبي: إذا كان الرجل في المسجد، وقد صلى قبل أن يدخل، وأقيمت الصلاة وهو في المسجد، فلا يخرج حتى يصلي أي صلاة كانت. "مسائل صالح" (991) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن رجل صلَّى العصر، ثمَّ جاءَ فنسي فتقدمَ يصلِّي بقوم تلك الصلاة، ثمَّ ذكر لما أنْ صلَّى فمضى في صلاته؟ قال: لا بأس. "مسائل أبي داود" (311) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: لا يصلي في المسجد الحرام ومسجد المدينة صلاة مرتين -يعني جماعة- وأما غير ذلك من المساجد فأرجو، أنس فعله. "مسائل أبي داود" (336) قال أبو داود: سمعت أحمد قال له رجل: إذا دخلت المسجد وقد صليت العصر وأقيمت الصلاة؟ قال: صلِّ معهم. قيل: والظهر؟ قال: والصلواتُ كلها. قلت: فالمغرب إذا صليتها أضيف إليها ركعة؟ قال: نعم. قلت: أقرأ فيها بفاتحة الكتاب وسورة؟ قال: نعم إنما هي بمنزلة التطوع. "مسائل أبي داود" (341)

قال ابن هانئ: سألته عن حديث معاذ في الصلاة؟ فقال: أما ابن عيينة فإنه يقول: ما خبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك، وكان معاذ لي ولا يعلم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال إسحاق: ولا أذهب إليه، ولا يعجبني أن يجمع بين فرضين. سألته عن حديث أبي الدرداء: أنه صلى المغرب؟ قال: ذاك فرضان مختلفان (¬1). "مسائل ابن هانئ" (316) قال ابن هانئ: قيل له: إذا صلى جماعة يؤم قومًا؟ قال: لا. "مسائل ابن هانئ" (317) قال ابن هانئ: وقال له رجل: أصلي في بيتي الفريضة، ثم أدرك جماعة؟ قال: لا تتعمد ذاك، ولكن إذا كنت في المسجد وأقيمت الصلاة فصل، ولا تخرج وتجعلها تطوعًا. قال: تصلي معهم، أحب إلي، واحتج بحديث أبي هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم (¬2). "مسائل ابن هانئ" (353) قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يكون قد صلى في منزله، ثم أتى المسجد فإذا هم يقيمون الصلاة؟ قال: لا أحب أن يتعرض لها، وإن أقيمت الصلاة وهو في المسجد صلى معهم، وإذا لم يكن في المسجد فلا يصل. "مسائل ابن هانئ" (354) ¬

_ (¬1) في المطبوع من "مسائل ابن هانئ" (فرضين مختلفين) والمثبت أصح. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 410، ومسلم (839).

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل صلى في رحله، ثم أتى مسجد جماعة، أيعيد؟ قال: ما أحب أن يتعرض لها، ولكن إذا قامت الصلاة وهو في المسجد، وقد كان صلى في بيته فإنه يدخل معهم في الصلاة، وإذا كان مارًّا وقد صلى في بيته، وأقيمت الصلاة فلا يدخل معهم. "مسائل ابن هانئ" (357) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يصلي في بيته، ثم يصادف المسجد يصلون جماعة؟ قال: أما الفجر والعصر فلا يصل إذا كان قد صلى، إلا أن يكون في المسجد، وقد أقيمت الصلاة، فإنه يصلي إلا هاتين الصلاتين، وما أحب أن يتعرض لها، إلا أن يكون في المسجد. "مسائل ابن هانئ" (358) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يدخل في المسجد فيصلي من المكتوبة ركعة وركعتين، فجاء قوم، فأذنوا وأقاموا، أيصلي معهم أو يتم صلاته؟ قال: إذا افترد بالصلاة يتمها. قيل له: وكذلك إن كان في المسجد وهو يصلي، فيسمع الأذان من مسجدٍ آخر، يخرج من صلاته؟ قال: لا يخرج إذا افترد. "مسائل ابن هانئ" (359) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قلت: إن صلى في المسجد جماعة مرتين بأذان وإقامة؟ قال: لا بأس بذلك. "مسائل عبد اللَّه" (387)

روى عنه أبو طالب: إذا صلى المغرب في منزله ثم أدرك الجماعة كره له أن يدخل في صلاة الإمام فإن دخل فيها أتمها أربعًا. ونقل الأثرم: لا بأس أن يدخل في صلاة الإمام ويتمها أربعًا. "الروايتين والوجهين" 1/ 166 ونقل حنبل عنه في رجل دخل المسجد فصلى ركعتين أو ثلاثًا ينوي الظهر أو العصر ثم جاء مؤذن وأقام، قال: لا يدخل معهم، فإن دخل معهم في الصلاة لم يجزه حتى ينوي بها الصلاة مع الإمام ابتداء الفرض. ونقل بكر بن محمد عن أبيه عنه: إذا صلى ركعتين من فرض ثم أقيمت الصلاة، فإن شاء دخل مع الإمام، فإذا صلى ركعتين سلم، وأعجب إلي أن يقطع الصلاة ويدخل مع الإمام. ونقل عنه محمد بن يحيى المتطيب في الرجل يصلي فرضه فلما صلى ركعة جاء الإمام وأقام الصلاة فقطع الصلاة، قال: يقطع الصلاة ويتكلم ويصلي مع الإمام. ونقل عنه حنبل: إذا صلى ركعتين أو ثلاثًا ثم أقيمت الصلاة يسلم من هذِه وتصير له تطوعًا ويدخل معهم. "الروايتين والوجهين" 1/ 175، 176 قال إبراهيم بن إسحاق الحربي: وسئل أحمد عن رجل صلى في جماعة، أيؤم بتلك الصلاة؟ قال: لا، ومن صلى خلفه يعيد. قيل له: فحديث معاذ؟ قال: فيه اضطراب، وإذ ثبت فله معنى دقيق لا يجوز مثله اليوم. "طبقات الحنابلة" 1/ 233

504 - تخفيف الإمام في صلاته

قال إبراهيم بن إسحاق الحربي: قال أبو عبد اللَّه: وأي شيء أحسن من أن يجتمع الناس فيصلوا، ويذكروا ما أنعم اللَّه عليهم كما قالت الأنصار. "طبقات الحنابلة" 2/ 560 قال إسماعيل بن سعيد: قال أحمد: لا بأس به -يعني حديث معاذ. قال: ومما يقوي حديث معاذ حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه صلى صلاة الخوف بطائفتين، بكل طائفة ركعتين (¬1)، ولا أعلم شيئًا يدفع هذا. قال المروذي: قال أحمد: كنت أذهب إليه -يقصد حديث معاذ- ثم ضعف عندي. وقال حنبل: قال أحمد: هذا على وجه التعليم من معاذ لقومه -يعني لم يكن يصلي بهم إلا ليعلمهم صلاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، كما علم مالك بن الحويرث قومه. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 241، 242، 243 504 - تخفيف الإمام في صلاته قال حنبل: قال أبو عبد اللَّه: إذا كان المسجد على قارعة الطريق أو طريق يسلك، فالتخفيف أعجب إلى، فإن كانت مسجدًا يعتزل أهله ويرضون بذلك فلا بأس وأرجو إن شاء اللَّه. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 217 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 132، والبخاري (942)، ومسلم (839).

505 - تطوع الإمام في موضعه

505 - تطوع الإمام في موضعه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الإمامُ يصلي في المكان الذي أمَّ فيه؟ قال: لا، مكروهٌ، كرهه عليٌّ رضي اللَّه عنه (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (231) قال أبو داود: ورأيت أحمد ما لا أحصي يتطوع في موضعه الذي يصلي فيه المكتوبة لا يزول عنه، وكان إمامًا: تأخر عن يمينه. "مسائل أبي داود" (501) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، أو سألته عن الرجل يصلي بالقوم، ويريد أن يركع مكانه الذي صلى فيه الفريضة؟ قال: لا يصلي في المكان الذي صلى فيه الفريضة. وسُئِلَ عن الإمام يتطوع في المكان الذي صلّى فيه؟ قال: لا، وغير الإمام يتطوع لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (303) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: الوليد قال: ثنا الأوزاعي قال: ثنا عطاء بن أبي رباح قال: لا تتطوع في مقامك حتى تتقدم أو تتأخر (¬2). قال عطاء: ورأى ابن عمر رجلًا صلّى المكتوبة فتطوع في مقامه ذلك، ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 24 (6026)، والبيهقي 2/ 191. (¬2) ذكره ابن رجب في "فتح الباري" 7/ 432 من رواية حرب الكرماني بإسناده عن عطاء أنه قال فيمن صلى المكتوبة: لا يصلي مكانه نافلة إلا أن يقطع بحديث أو يتقدم أو يتأخر.

فدفعه ابن عمر دفعة شديدة، وقال: هلا تقدمت أمامك (¬1). فسمعتُ (أبا عمرو) (¬2) يقول: إنما يجب ذلك على الإمام، ويجزئه أن يزيل قدميه من موضعهما. "مسائل ابن هانئ" (308) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا كان الرجل إمامًا لا يصلي في مقامه -يعني: الذي فيه- وغير الإمام لا بأس أن يصلي. "مسائل عبد اللَّه" (409) إذا سئل الرجل: صليتم؟ فقال: لم نصل قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا سُئِلَ الرجلُ: صليتم؟ يكره أن يقولُ: لمْ نصلَّ؟ قال: لا بأسَ أن يقولَ: لمْ نصلَّ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (274) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 416 (3915). (¬2) في المطبوع: (أبا عمر). والصواب: أبا عمرو، وهو الإمام الأوزاعي.

أبواب الإمامة وأحكامها

أبواب الإمامة وأحكامها 506 - مراتب الأئمة قال إسحاق بن منصور: قلتُ: يَؤُمُّ المتيممُ المتوضئين؟ قال: نعم، أليسَ ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أَمَّهُمْ (¬1)؟ ! قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (86) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا لَحَنَ الإمامُ أو قرأ حرفًا ليس مِنَ القرآنِ يعيدُ مَنْ خلفه الصلاةَ؟ قال: إذا لمْ يحسنْ أنْ يقرأَ الرجلُ أليس تجزئه صلاتُهُ؟ ! فلم يرَ أن يعيدَ من خلفَهُ إذا لَحَنَ الإمامُ ولا الإمام. قال إسحاق: كما قال لا، ولا الإمام أيضًا ولا المصلي وحده. "مسائل الكوسج" (196) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما القاريء آية رحمة آيةَ عذابٍ، أو آية عذابٍ آية رحمة أيعيدُ مِنْ خلفَهُ الصلاةَ؟ قال: إنه لا تلزم الإعادة على أحدٍ إمامًا كان أو مأموما، أو مصليًا وحده. "مسائل الكوسج" (197) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: العبدُ يؤم الحرَّ، وولدُ الزنا؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) علقه البخاري بصيغة الجزم. كتاب التيمم، باب: الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء.

قُلْتُ: وولدُ الزنا؟ قال: وولدُ الزنا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (245) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يؤمُ القومَ مَنْ لمْ يحتلمْ؟ فسكتَ. قُلْتُ: حديث أيوب عن عمرو بن سلمة (¬1)؟ قال: دعه ليس هو شيء بَيِّن. جَبُنَ أن يقولَ فيه شيئًا. قال إسحاق: كلما بلغَ عشرًا، أو جاوز التسع فقد عَلِمَ ما أُمِرَ بِهِ من الصلاةِ فصلى فهو جائز. قال إسحاق: يعني تسع سنين. "مسائل الكوسج" (247) قال إسحاق بن منصور: قلتُ لأحمدَ: الرجلُ يؤمُّ قومًا وفيهم مَنْ يكرهُ ذَلِكَ؟ قال: إن كان رجلٌ، رجلان فلا، حتَّى تكونَ جماعة ثلاثة فما فوقه. قال إسحاق: حتَّى يكونَ أكثر القومِ. "مسائل الكوسج" (254) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المرأةُ تؤم النساءَ؟ قال: نعم، تقومُ وسطهن. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (306) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 30، والبخاري (4302)، وأبو داود (585)، والنسائي 2/ 80 - 81، والدارقطني 2/ 242.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئل سفيان عَنِ الصَّبي إذا أَمَّ قبلَ أنْ يحتلمَ؟ قال: أحب إليَّ أن يعيدوا. قال أحمد: دعها. قال إسحاق: كلَّما أم بعد عشر سنين فإنَّه جائزٌ. "مسائل الكوسج" (331) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: سألوني عن مُقعدٍ ماتَ أبوُه أَيُصَلي عليه؟ فنهيتهم. قُلْتُ: لا يؤمهم في الصلاةِ ولا على الجنائزِ إلا قائمًا، بالسُّنةِ قائمٌ. قال الإمام أحمد: لا يؤم المقعد إلا أنْ يكونَ رجلًا يؤمهم، ثُم مرضَ أيامًا كما فعلَ جابر وأسيد بن حضير (¬1) -رضي اللَّه عنهما-. قال إسحاق: كما قال، السنة اتباعهم. "مسائل الكوسج" (332) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لسفيان: رجل صَلَّى بقومٍ جالسًا وهم جلوس وهو مريض؟ قال: تجزئه ولا تُجزئهم. قال أحمد: بلى إن الني صلى اللَّه عليه وسلم يقول: "إذا صَلَّى قَاعدًا فصَلُّوا قُعودًا" (¬2). قال إسحاق: السنة إذا صَلَّى قاعدًا أنْ يُصلُّوا قعودًا. "مسائل الكوسج" (348) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 462 (4085) عن أسيد بن حضير. وابن أبي شيبة 2/ 116 (7137). عن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما-. (¬2) رواه أحمد 2/ 314، والبخاري (722)، ومسلم (414)، من حديث أبي هريرة.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مسافرٌ صلى بمُسَافرين ومُقيمين أربعًا؟ قال: صلاتُهم كلهم تامة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (370) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: قيل له، يعني لسفيان: مسافرٌ أمَّ مسافرين ومقيمين فأتمَّ بهم أربعا؟ قال: أحبُّ إليَّ أنْ يُعيدَ المقيمون. قال أحمد: صلاتهم جائزةٌ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (375) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُصَلِّي الرجلُ خلفَ مَن يشربُ المسكر؟ قال: لا. قال إسحاق: إذا كان معلنًا، يشربه، ويدعو الناسَ إليه فلا يُصلينَّ خَلفه. "مسائل الكوسج" (401) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا إذا صلَّى بالقومِ وهوَ على غيرِ وضوءٍ أو كان جنبًا فعليه الإعادة، ولا إعادةَ على من خلفَهُ سنة مسنونة، والقياسُ على الأصولِ على ذَلِكَ أيضًا، لأن لكل مؤدٍّ فرضَ نفسِهِ لنفسِهِ، لا لغيرهم. "مسائل الكوسج" (474) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما إمامة ولد الزنا والأقلف والمخنث فإن أموا فإمامتهم جائزة، وولد الزنا أحسنهم حالًا في الإمامةِ إذا كان عدلًا قارئًا. "مسائل الكوسج" (483)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ: قوله: "الصلاة خلفَ كلِّ برٍّ وفاجرٍ" (¬1) ما يعني به؟ قال: معناه: إن ملك الناسَ بخلافةٍ عليهم أو ولاية، فلا يتخلفن عن الجماعةِ أحدٌ بحالِ جورٍ، ما يبلغ ذَلِكَ كفرًا عيانًا، أو يؤخر الصلاةَ عن الوقتِ، (وإذا أعد به) (¬2) إذا بلغَ ما فيه الكفرَ فكأنك لمْ تصلَّ معه. "مسائل الكوسج" (499) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل مِنْ إمامٍ تترك الجمعة معه؟ قال: لا، لا تترك الجمعة لشيءٍ. قال إسحاق: كما قال، إلَّا أن يجاوزَ الوقت. "مسائل الكوسج" (506) قال صالح: وقال: إذا صلى الإمام وهو على غير وضوء فإنه يعيد ولا يعيدون، وإن كان في الصلاة ثم انتقض عليه الوضوء في الصلاة يعيد ويعيدون. "مسائل صالح" (90) قال صالح: قلت: من خاف أن يصلي خلف من لا يعرف؟ قال: يصلي، فإن تبين له أنه صاحب بدعة أعاد. "مسائل صالح" (452) ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (594، 2533)، والدارقطني 2/ 57، والبيهقي 3/ 121، وابن الجوزي في "العلل" (719)، وفي "التحقيق" 1/ 475 (726) من رواية مكحول عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: صلوا خلف كل بر وفاجر. وقال الدارقطني: مكحول لم يسمع من أبي هريرة ومن دونه ثقات. وانظر "الدراية في تخريج أحاديث الهداية" 1/ 168. (¬2) كذا قراءتها في الأصل.

قال صالح: قلت: ما تقول في رجل يؤم قومًا، ويرفع يديه في الصلاة، ويجهر بآمين، ويفصل الوتر، والمأمومون لا يرضون بذلك، ومنهم من يرضى، حتى إن أحدهم ليترك الوتر لحال التفصيل، ويخرج من المسجد، فترى أن يرجع إلى قول المأمومين، أم يثبت على ما يأمره أهل الفقه؟ فقال: بل يثبت على صلاته، ولا يلتفت إليهم. "مسائل صالح" (539) قال صالح: وسألته عن رجل يصلي في مسجد وهو يشرب من النبيذ ما يسكر منه، فيقيم المؤذن والإمام غائب، فيتقدم هو، أيصلى خلفه؟ قال: إذا كان متأولًا ولم يسكر فأرجو، فإن سكر لم يصل خلفه. أو، قال: ونحن نروي عمن كان يشرب. "مسائل صالح" (570) قال صالح: قلت: ما تقول في رجل يؤذن ويؤم قومًا، وقد عرف بالغيبة، حتى لا يكاد يسلم عليه كثير من الناس، يصلى خلفه؟ قال: دعها. ثم قال: لا يحل لنا أن نغتاب أحدا، لو كان كل من عصى أو أتى ذنبًا لا يصلى خلفه، متى كان يقوم الناس على هذا! "مسائل صالح" (571) قال صالح: قلت: في الذي يصلي بالناس وهو جنب؟ قال: يعيد ولا يعيدون. قلت: فغير متوضئ؟

قال: الجنب أكثر، يروى عن عمر، ويرويه عن ابن عمر سالم ونافع (¬1). حدثني أبي، قال: حَدَّثَنَا حماد الخياط، عن عبد اللَّه العمري، عن نافع، عن ابن عمر. ويروي الحجاج، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي: يعيد ولا يعيدون (¬2). "مسائل صالح" (987) قال صالح: سألت أبي عن رجل صلى بقوم، فلما ركع ركعة الثالثة، فذكر أنه قد ترك ذراعه لم يغسله؟ قال: ينفتل من صلاته، ويعيد ويعيدون. قلت: فيتم صلاته؟ قال: لا؛ ينصرف كما هو. "مسائل صالح" (1078) قال صالح: قلت: الصلاة خلف من يجهر أو يقنت؟ فقال: نحن نجهر ولا نقنت، فإن جهر رجل وليس بصاحب بدعة، يتبع ما روي عن ابن عمر وابن عباس، فلا بأس بالصلاة خلفه، والقنوت هكذا إذا كان يتبع ما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قنت في الفجر، فدعا على قوم ودعا لقوم (¬3). "مسائل صالح" (1332) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة عن سالم عن ابن عمر 2/ 398 (4569)، والذي فيه عن عمر أنه أعاد وأمرهم أن يعيدوا (4570)، ورواه البيهقيُّ عن عمر 2/ 399 أنه لم يأمر أحدًا بالإعادة، وعن ابن عمر 2/ 400 عن سالم عن أبيه. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 1/ 398 (4575)، والدارقطني 1/ 364، والبيهقي 2/ 400. (¬3) أما المرفوع فروي من حديث أبي هريرة رواه الإمام أحمد 2/ 255 والبخاري (4560)، ومسلم (675). =

قال صالح: قال أبي: الإمام إذا صلى جالسًا: صلوا جلوسًا: قال بعض الناس: لا يؤم أحد جالسًا فيصلي من وراءه قيامًا. لا ينتقل فرض أحد دون أحد، يصلي كل إنسان فرضه، واحتج هذا بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى قاعدًا وأبو بكر قائمًا، فكان أبو بكر يأتم بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، والناس يأتمون بأبي بكر، فكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هو الإمام، وهذا قول الشافعي. وقال بعض الناس: وروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه جحش شقه قال: فدخلنا عليه نعوده، فحضرت الصلاة، فصلى قاعدًا، وصلينا قعودًا، فلما قضى الصلاة قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا قال: سمع اللَّه لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإن صلى قاعدًا فصلوا قعودًا أجمعون" (¬1). قال صالح: حدثني أبي، قال: حَدَّثنَا سفيان، عن الزهري سمعه من أنس. ويروى عن جابر بن عبد اللَّه أنه قال: صرع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من فرس، فوثئت رجله، فدخلنا عليه نعوده، وهو يصلي قاعدًا، فأشار إلينا بيده أن اجلسوا، ثم دخلنا عليه من الغد، وهو يصلي المكتوبة قاعدًا، فأشار إلينا بيده أن اجلسوا فلما انصرف قال: "إذا صلى الإمام قاعدًا فصلوا قعودًا، وإذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا" (¬2). ¬

_ = وأما أثر ابن عباس فرواه ابن أبي شيبة 2/ 105 (7002 - 7003) وأما عن ابن عمر فلم أقف عليه. (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 110، والبخاري (689)، ومسلم (411) من حديث أنس رضي اللَّه عنه. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 305، وهو في مسلم (413) دون قصة صرعه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

والذي احتج بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى قاعدًا إذ جلس عن يسار أبي بكر، فكان أبو بكر يأتم بالنبي، والناس يأتمون بأبي بكر (¬1)، فهذا الموضع كان المبتدئ بالصلاة أبو بكر، فكانوا يأتمون بأبي بكر، وأبو بكر وهم قيام، وحيث أومأ إليهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قعدوا كان هو المبتدئ للصلاة، فقال: "اقعدوا"، فقعدوا، وليس ثم إمام غير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فصلوا بصلاته قعودًا وهو قاعد. وروي عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كبر الإمام فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإن صلى جالسًا فصلوا جلوسًا" (¬2). والذي يذهب إليه أبي إلى هذِه الأحاديث. وروت عائشة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل عليه الناس في مرضه يعودونه، فصلى بهم جالسًا، فجعلوا يصلون قيامًا، فأشار أن اجلسوا، فلما فرغ قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا صلى جالسًا صلوا جلوسًا" (¬3). وقد روي في ذلك، عن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أن جابرًا صلى بهم وهو جالس وهم جلوس وأسيد بن حضير وأبو هريرة (¬4) معنى قولهم وفعلهم: إذا صلى الإمام قاعدًا فصلوا قعودًا. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 356، والبخاري (687)، ومسلم (418). (¬2) سبق تخريجه. (¬3) سبق قريبًا. (¬4) رواه ابن أبي شيبة 2/ 116 - 117 (7137 - 7140) عنهم، ورواه عبد الرزاق 2/ 462 (4085)، عن أسيد بن حضير، وعزاه الحافظ عن أسيد لابن المنذر وصحح إسناده، وإسناد جابر في ابن أبي شيبة، انظر: "الفتح" 2/ 176.

فأما من قال: لا يؤمن أحد -يعني: جالسًا- فهذا خلاف ما روي، عن أبي هريرة وعائشة وأسيد وجابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وخلاف فعله، إذ مرض فصلى قاعدًا وأبو بكر قائم يأتم به، فهو خلاف هذِه الأخبار جميعًا، فإن كان مبتدئ للصلاة، فصلى بقوم بعض صلاته، فجاء الإمام الأكبر وهو مريض، فإن شاء جلس، عن يساره كفعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيكون الإمام الأول الذي ابتدأ الصلاة يأتم به الناس، ويأتم هو بالإمام الذي جاء كفعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل صالح" (1389) قال أبو داود: قلت لأحمد: فرجل لا يرى من مس الذكر وضوءًا، أصلي خلفه وقد علمت أنه مس الذكر؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن رأى أن يمسح بلا وقت أصلي خلفه؟ قال: نعم. قلت: ولا يرى في الرعاف وضوءًا أصلي خلف وقد رعف؟ قال: نعم، تأول شيئًا فهو عنده جائز. "مسائل أبي داود" (61) قال أبو داود: قلت لأحمد: فرجل لا يرى من مس الذكر وضوءًا أصلي خلفه وقد علمت أنه مس؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (76) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن المتيمم يؤم المتوضئين؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس، واحتج بفعل ابن عباس. "مسائل أبي داود" (124)

قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا يؤم الغلام حتى يحتلم. فقيل لأحمد: حديث عمرو بن سلمة؟ قال: لا أدري، أي شيء هذا. وسمعته مرة أخرى وذكر هذا الحديث، فقال: لعله كان في بدء الإسلام (¬1). "مسائل أبي داود" (294) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا كان صبي ورجل مع الإمام كيف يقومان؟ قال: لا يعجبني أن يتقدمهما. "مسائل أبي داود" (295) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الأعمى يؤم؟ قال: لا بأس. "مسائل أبي داود" (296) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ: عن خصي يقرأ يؤم الناس؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (297) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: إذا كان الإمام يسكر؟ قال: لا يصلى خلفه البتة. "مسائل أبي داود" (299) قال أبو داود: سمعت أحمد وسأله رجل قال: صليت خلف رجل، ثم علمت أنه يسكر، أعيد؟ قال: نعم أعد. قال: أيتهما صلاتي؟ ¬

_ (¬1) هذا الحديث رواه الإمام أحمد 5/ 30، والبخاري (4302).

قال: التي صليت وحدك. "مسائل أبي داود" (300) قال أبو داود: سمعت رجلًا سأل أحمد قال: رأيت رجلًا سكرانًا أصلي خلفه؟ قال: لا. قال: فأصلي وحدي؟ قال: أين أنت؟ ! في البادية؟ ! المساجد كثير. قال: أنا في حانوتي. قال: تخطه إلى غيره من المساجد. "مسائل أبي داود" (301) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن من يشرب المسكر على تأول؟ قال: صلِّ خلفه، نعم نحن هو ذا نأخذ عنهم الحديث. "مسائل أبى داود" (302) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: شرب المسكر، ثم تقدم يصلي بي أصلي خلفه؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (303) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجلٍ تكلم ببدعة فقيل له: إن هذا بدعة فرجع عنه؟ قال: فصلوا خلفه إذا كنتم ترضونه ورجع عن الذي تكلم به. "مسائل أبي داود" (304) قال أبو داود: قلت لأحمد: أيام كان يصلي الجمع الجهمية. قلت له: لجمعة؟

قال: أنا أعيد، ومتى ما صليت خلف أحدٍ ممن يقول: القرآن مخلوق فأعد. قلت: ويُعَرفَه؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (305) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن صلى خلف الواقفي؟ قال: يعجبني أن يجفوا. "مسائل أبي داود" (306) قال أبو داود: قلت لأحمد: يصلي خلف المرجئ؟ قال: إذا كان داعيًا فلا يصلى خلفه. "مسائل أبي داود" (307) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا صلى الإمام جالسًا يصلون جلوسًا؟ قال: هذا الذي أذهب إليه. قلت لأحمد: فإن الحميدي كان يقول: يصلون قيامًا؛ لأنه آخر فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقال أحمد: إنما ذاك أبو بكر الذي افتتح الصلاة، وهذِه الصلاة هذا يبتدئها، حكم هذا غير حكم ذاك، أليس أشار إليهم أن اجلسوا حيث جُحِشَ شقهُ الأيمن! . "مسائل أبي داود" (308) قال أبو داود: وسمع أحمد مرة أخرى سُئِلَ عن هذِه المسألة؟ قال: إني لأستوحش منه، لم أدر أحدًا فعله، فإن صلى قاعدًا فليصلوا قعودًا، وحديث عائشة إنما كانت الصلاة ابتدأها أبو بكر وكأنهما إمامان كانا. "مسائل أبي داود" (309)

قال أبو داود: وسمعته سئل: يصلي بقوم قعود من علة وهو قائم؟ قال: نعم. قيل: فبرجل قائم وآخر قاعد؟ قال: نعم ويتقدمهما. "مسائل أبي داود" (310) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن من صلى بقوم وهو على غير وضوء؟ قال: يعيد ولا يعيدون. "مسائل أبي داود" (312) قال أبو داود: سمعت أحمد وسئل: يصلي المقيم خلف المسافر؟ قال: إذا كان أميرًا. "مسائل أبى داود" (522) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: ما ترى في الصلاة خلف من يقول -يعني: في القرآن: كلام اللَّه ويقف؟ قال: يعجبني أن يجفو. "مسائل أبي داود" (1710) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الإمام إذا صلى جالسًا، يصلي من خلفه جلوسًا؟ قال: إذا كان إمام جماعة، أو إمام حي، فإذا صلى جالسًا، صلوا هم جلوسًا، وقد فعله عمران بن حصين، وجابر، وأبو هريرة. وسمعته يقول: إذا كان إمام مسجد لا يخلو عنه، فإذا صلى جالسًا، صلى من خلفه جلوسًا، فإذا كان يحضر مرة، ويغيب مرة، فإذا صلى جالسًا صلى من خلفه قيامًا. "مسائل ابن هانئ" (216)

قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يصلي خلف رجل لا يرفع يديه؟ قال: أيش يصنع؟ ! قد أخطأ السنة. "مسائل ابن هانئ" (235) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يصلي بالقوم، فيجهر: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، أيصلى خلفه؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس، إذا لم يكن يجهر به شديدًا، قد فعله الصالحون، لا يجهر به شديدًا. قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه قلت: يقرأ الرجل: بسم اللَّه الرحمن الرحيم في كل ركعة؟ فقال: نعم يقرأ على ما في المصحف. "مسائل ابن هانئ" (252) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: إذا كان الإمام يلحن لحنًا كثيرًا لا يعجبني أن يصلّى خلفه إلا أن يكون قليلًا، فإن الناس لا يسلمون من اللحن، يصلى خلفه إذا كان مثل لحن أو لحنين. "مسائل ابن هانئ" (266) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: عمن يقرأ بقراءة عبد اللَّه، أيصلى خلفه؟ ويحتج بقراءته: (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة، فامضوا إلى ذكر اللَّه)، (فجعلهم كالصوف المنفوش)؟ قال: لا يصلى خلفه. "مسائل ابن هانئ" (291) قال ابن هانئ: سألته عن الصلاة خلف من يشرب المسكر؟ قال: لا تصل. "مسائل ابن هانئ" (292)

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يتأول شرب المسكر، أصلي خلفه؟ قال: إذا كان يسكر فلا تُصل خلفه. "مسائل ابن هانئ" (293) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يُربي، أيصلى خلفه؟ قال: وما رباه؟ قلت: يعطي الدينار بالدينار، وفضل ثلاثة دراهم، أو أكثر أو أقل؟ قال: لا يُصلى خلفه. "مسائل ابن هانئ" (294) قال ابن هانئ: وسئل عمن يقول: لفظي بالقرآن مخلوق، أيصلى خلفه؟ قال: لا يصلى خلفه، ولا يجالس، ولا يُكلم، ولا يُسلم عليه. "مسائل ابن هانئ" (295) قال ابن هانئ: وسئل عن الذي يشتم معاوية، أيصلي خلفه؟ قال: لا يُصلى خلفه، ولا كرامة. "مسائل ابن هانئ" (296) قال ابن هانئ: وسئل عن إمام صلى بقومٍ فذكر -وهو في الصلاة- أنه لم يمسح برأسه فصلى بهم؟ قال أبو عبد اللَّه: يعيد الصلاة، إذا ذكر وهو في الصلاة، أعاد وأعادوا، وإذا ذكر وهو خارج من الصلاة أعاد هو وحده ولم يعيدوا هم. "مسائل ابن هانئ" (297) قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يدخل مع القوم في الصلاة وقد استيقن أنه على غير وضوء، كيف يصنع؟

قال: يخرج من الصف. "مسائل ابن هانئ" (298) قال ابن هانئ: قلت: أصلي خلف الواقفة؟ قال: لا. "مسائل ابن هانئ" (300) قال ابن هانئ: سألته عمن قال: الإيمان قول، يصلى خلفه؟ قال: إذا كان داعية إليه لا يصلى خلفه، وإذا كان لا علم لديه، أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل ابن هانئ" (301) قال ابن هانئ: وسئل: أيصلى خلف صاحب بدعة؟ فقال: إذا كان داعية، أو يخاصم فيها، أو يدعو إليها، لا يصلى خلفه ولا يكلم. قلت: يبايع أو يشترى منه؟ قال: يجتنب أحب إلي. فقلت: فمن كان فيه شيء، إلا أنه لا يخاصم فيه؟ قال: هو أهون. قلت: فيصلى خلف هذا؟ قال: نعم. قلت: أفليس هذا صاحب بدعة؟ قال: بلى، ولكن هذا لعله لا يدري، يرجع. وهذا يدعو إليها. "مسائل ابن هانئ" (309) قال ابن هانئ: سألته: أيصلى خلف رجل يشرب هذا المسكر؟

قال: أيتأول شربه؟ فقلت: ربما تأول. قال: ليس هذا متأولًا، لا يصلى خلف هذا. "مسائل ابن هانئ" (310) قال ابن هانئ: قلت: أيصلى خلف من قدم عليًّا على أبي بكر؟ قال: إذا كان جاهلًا لا علم له بمن فضل، أرجو أن لا يكون به بأس، وإن كان يتخذه دينًا فلا يصلى خلفه. "مسائل ابن هانئ" (311) قال ابن هانئ: وسئل عن الصلاة خلف الجهمية؟ قال: لا تصل، ولا كرامة. "مسائل ابن هانئ" (312) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجلٍ كان إمام مسجد قومه ومؤذنه، فتوفي وخلف ابنا مدركًا فاستخلفه، فجعل يؤذن ويقيم ويصلي بهم وبمن حضر من غير الجيران، وهو على غير الطريق -على معاصي وشرب مُسكر- فحمله الجهل أن صلى بهم جنبًا -وهو يعلم- غير صلاة، لا يعلم كم هي، ولا يعرف منهم رجلًا بعينه في يومه هذا. فمكث يؤذن ويقيم ويصلي كم من السنين، ثم إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَنَّ عليه بالتوبة، فماذا يجب عليه من قضاء الصلاة؟ ويأمر من حضر تلك الصلاة خلفه، وبعضهم ميت، وبعضهم شاهد، لا يعرف أنهم حضروا تلك الصلاة بعينها، وإنما يعمل على الشك أنهم حضروا، إذ لم يحضروا؟ قال أبو عبد اللَّه: يقضي، حتى لا يشك أنه قد بقي عليه من صلاة تلك السنين شيء، يصلي إذا طلع الفجر ما قدر حتى يخشى فوت الفجر، فإذا

خشي فوت الفجر قطع تلك الصلاة، وصلى هذِه التي وجبت عليه الساعة، ثم الظهر هكذا، ثم العصر هكذا، ثم المغرب هكذا، ثم العشاء هكذا. حتى يعلم أنه لم يبق عليه شيء، ولا يعيد شيئًا من التطوع، ويُعلم من علم أنه صلى خلفه من الجيران وغيرهم، حتى يعيدوا الصلاة، ويستغفر اللَّه، ولا يعود فإنه قد أتى أمرًا عظيمًا. "مسائل ابن هانئ" (318) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في المرأة تؤم النساء: أرجو أن لا يكون به بأس، عائشة وأم سلمة فعلتاه، ولكن إن أمتهنَّ تقوم وسطهنَّ. "مسائل ابن هانئ" (360) قال ابن هانئ: وسئل عن رجلٍ صلى بقومٍ فأحدث، وهو في الصلاة فمضى على صلاته وجهل، وقد مضى على ذلك سنون، ومات بعض القوم الذين صلى بهم وبقي قوم؟ قال: يأمر من بقي منهم أن يعيد تلك الصلوات ويستغفر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. "مسائل ابن هانئ" (370) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يصلي خلف من يقرأ قراءة حمزة؟ قال: لا تعجبنا قراءة حمزة، فإن كان رجلًا يقبل منك فانهه. "مسائل ابن هانئ" (507) قال ابن هانئ: وسئل عمن يقول: لفظي بالقرآن مخلوق، أيصلى خلفه؟ قال: لا يصلى خلفه، ولا يجالس، ولا يكلم، ولا يسلم عليه. "مسائل ابن هانئ" (1851)

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه قلت: نصلّي خلف من يقرأ قراءة حمزة (¬1)؟ قال: إن كان رجلًا يقبل منك، فانهه. "مسائل ابن هانئ" (1953) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قال عبد الرحمن بن مهدي: لو صليت خلف من يقرأ قراءة حمزة أعدت الصلاة. أرى أني سمعته يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي، يقول ذلك. "مسائل ابن هانئ" (1954) قال عبد اللَّه: قال أبي: ولا بأس أن يؤم المتيمم المتوضئين، قد أم ابن عباس وهو متيمم، وخلفه عمار بن ياسر (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (142) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يتيمم أيؤم أصحابه؟ قال: لا بأس به. ¬

_ (¬1) هو حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل الإمام الحبر أبو عمارة الكوفي التيمي مولاهم، أحد الأعلام، ولد سنة 80 وأدرك الصحابة بالسن فيحتمل أن يكون رأى بعضهم توفي سنة 156 وقيل 158. قال الذهبي: وقبره بحلوان مشهور. وقال الجزري في "غاية النهاية في طبقات القراء" ص 263: وما نقل من كراهية أحمد بن حنبل والشافعي محمول على قراءة من سمعا منه ناقلا عن حمزة، وما آفة الأخبار إلا رواتها. وكان حمزة يكره المد والهمز وغير ذلك من التكلف. (¬2) علقه البخاري قبل حديث (344) ووصله ابن المنذر في "الأوسط" 2/ 68، والبيهقي 1/ 234، وصحح الحافظ إسناده في "الفتح" 1/ 446 وعزاه أيضًا لابن أبي شيبة.

ثم قال: يروى عن ابن عباس أنه أم وهو متيمم وخلفه عمار بن ياسر (¬1). قال أبي: وأنا أذهب إلى فعل ابن عباس بعمار. "مسائل عبد اللَّه" (147) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يصلي خلف من يقنت؟ قال: لا بأس بالصلاة خلفه إذا كان يقنت على فعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يدعو على المشركين، إلا أن يكون رافضيًا فلا يصلى خلفه. قال: قلت لأبي: من الرافضي؟ قال: الذي يسب أبا بكر وعمر. "مسائل عبد اللَّه" (349) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يصلي بالقوم، وهو جنب؟ قال: يعيد، ولا يعيدون. "مسائل عبد اللَّه" (391) قال عبد اللَّه: سألت أبي -مرة أخرى- عن الإمام يصلي وهو غير طاهر؟ فقال: يتوضأ ويعيد، ولا يعيدون. "مسائل عبد اللَّه" (392) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 93، 94 (1036، 1046)، والبيهقي 1/ 218، وذكره البخاري في "الصحيح" بعد رقم (344) بصيغة الجزم. قال الحافظ في "الفتح" 1/ 446: وصله ابن أبي شيبة والبيهقي وغيرهما وإسناده صحيح.

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا صلى الإمام وهو على غير وضوء فإنه يعيد ولا يعيدون. قال أبي: وإن كان في صلاة ثم انتقض الوضوء في الصلاة. قال: يعيد ولا يعيدون. "مسائل عبد اللَّه" (392) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن غلام أم قومًا قبل أن يحتلم؟ قال: لا يعجبني أن يؤم، إلا أن يحتلم. "مسائل عبد اللَّه" (394) قال عبد اللَّه: أعطاني محمد بن عبد الملك الدقيقي، هذِه المسألة -إمام صلى برجلين، فكان أحد الرجلين غير طاهر، هل يجزئ الطاهر صلاته، وإن لم يكن الطاهر حيال الإمام- فسألت أبي عنها؟ فأجابني فيها، فقال أبي: إذا صلى الرجل بالقوم وهو غير طاهر أعاد هو، ولم يعد من خلفه، ومن كان على طهر. "مسائل عبد اللَّه" (402) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن كانا رجلين يصلي بهم الرجل؟ قال: يتقدمهما أحب إلي. فأما الغلام فلا اجترئ عليه، وذلك أني أخاف أن لا يكون طاهرًا. ولا يحسن يتطهر حتى يدرك مدرك الرجال. وكأنه عنده الغلام بمنزلة الرجل يصلي خلف الصف وحده، ولا تجزئ صلاته حتى يكون آخر معه. قال: أذهب فيه إلى حديث وابصة بن معبد. "مسائل عبد اللَّه" (403) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصلاة خلف من يسكر؟

قال: لا تعجبني الصلاة خلفه إذا سكر. "مسائل عبد اللَّه" (404) قال عبد اللَّه: قلت: فإن كان ممن يشرب ويتأول -وذكرت له رجلًا؟ فقال: ذاك أسهل، إذا لم يكن ممن يسكر. "مسائل عبد اللَّه" (405) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصلاة خلف من يسكر؟ فقال: لا تعجبني. فقلت: ولم؟ قال: أخشى أن لا ينتثر من البول. "مسائل عبد اللَّه" (406) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: إذا صلى الغلام الذي لم يدرك؟ قال: يعجبني أن يكون قد بلغ. قلت: في رمضان؟ قال: لا يعجبني إلا من بلغ، والفريضة أشد. "مسائل عبد اللَّه" (407) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: إذا أمَّت المرأة نساءً تجزئهن صلاتهن؟ قال: نعم، تقوم في وسطهن. "مسائل عبد اللَّه" (408) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل وغلام لم يدرك مدرك الرجال، أين يقوم الغلام إذا صلى؟ قال: يقوم الإمام وسطهم، كما صنع عبد اللَّه بعلقمة والأسود، وزعم أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فعله وسطهم ولم يتقدمهم.

قال عبد اللَّه: قلت لأبي: حديث أنس، أليس كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنس واليتيم وأم سليم خلفهم (¬1)؟ قال: هذا حديث إسحاق بن عبد اللَّه كذا. وأما حديث شعبة، عن عبد اللَّه بن المختار، عن موسى بن أنس، عن أنس لم يذكر فيه اليتيم. وعن أنس أيضًا من غير هذا الوجه. وكان أبي لا يصر على هذا -حديث إسحاق- لأن حديث شعبة يعني خلافه. "مسائل عبد اللَّه" (416) قال عبد اللَّه: قلت: إذا صلى بهم وهو جنب؟ قال: يعيد ولا يعيدون. "مسائل عبد اللَّه" (453) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: مسافر صلى بمقيمين الجمعة؟ قال: دعها. وقال: ليس على المسافر جمعة. "مسائل عبد اللَّه" (457) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن من شرب الخمر ولم يسكر يصلى خلفه؟ فقال: ما أخذنا عنهم العلم. "مسائل عبد اللَّه" (1564) قال عبد اللَّه: سمعت أبي وأملاه علي أملاء فقال: اكتب: وأما من قال ذاك القول؛ لم تصل خلفه الجمعة، ولا غيرها، إلا أنا لا ندع إتيانها، فإن صلى رجل أعاد الصلاة -يعني: من قال القرآن مخلوق. "العلل" (729) ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا شربه الرجل على التأويل ولا يسكر صليت خلفه وإذ كان يسكر لم أصل خلفه. قلت: لِمَ؟ قال: لأنه لا يتنزه من البول ولا من غيره. "العلل" لعبد اللَّه (2552) نقل علي بن سعيد وأحمد بن أبي عبده في الرجل يكذب كذبة واحدة: لا يكون في موضع العدالة الكذب الشديد. وزاد في رواية أحمد بن أبي عبده: إن كثر كذبه لا يصلى خلفه. "المستوعب" 2/ 331 نقل عنه المروذي: قراءة العامة أعجب إلي، وإن قرأ بقراءة ابن مسعود لا أقول يعيد. "تهذيب الأجوبة" ص 803 قال إسماعيل بن سعيد: قال أحمد: إذا قرأ بقراءة تثبت عن عبد اللَّه، فصلاته جائزة، لا أحب أن يقرأها؛ لأن قراءة عبد اللَّه كانت مستفيضة. "الروايتين والوجهين" 1/ 122 نقل الميموني عنه: يجزيهم -أي: يجزي المقيمين صلاة المسافر بهم إمامًا. ونقل أبو طالب عنه: لا يجزيهم. "الروايتين والوجهين" 1/ 171 قال حرب: كنت أصلي بأبي عبد اللَّه في شهر رمضان التراويح وأنا غلام مراهق، وكان أبو عبد اللَّه يصلي بهم المكتوبة. ونقل أبو الصقر: لا يصلي خلف من يأكل الربا لما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-

أنه قال: "لا يؤمن فاجر برًّا" (¬1). "الروايتين والوجهين" 1/ 172 نقل عنه المروذي في إمام تكلم بكلام الجهمية لا يصلي خلفه الجمعة؛ لأنه كافر بذلك، والكافر تزول إمامته الكبرى والصغرى فلا تتبع. ونقل حنبل: يصلي ويعيد، ولا يدع إتيان الجمعة. "الروايتين والوجهين" 1/ 185 نقل عنه الأثرم فيمن صلى خلف من احتجم ولم يتوضأ: إن كان ممن يتدين بهذا وأنه لا وضوء فيه لا يعيد، وإن كان يعلم أنه لا يجوز فيعمد يعيد. وكذلك نقل الأثرم وإبراهيم بن الحارث فيمن صلى خلف من عليه جلود الثعالب، فإن تأول: "أيما إهاب دبغ فقد طهر" (¬2) يصلى خلفه. قيل له: أفتراه جائزًا؟ قال: لا، ولكن إذا كان يتأول فلا بأس أن يصلى خلفه. قيل له: كيف وهو مخطئ في تأويله؟ ! فقال: وإن كان مخطئًا في تأويله، ليس هو كمن لم يتأول. ثم قال: من يرى الوضوء من الدم فلا يصلِّ خلف سعيد بن المسيب ومالك، ومن سَهَّل في الدم، قال: بل يصلي. كذلك نقل عنه ابن مشيش في جلود الثعالب. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 270، ومسلم (366). (¬2) رواه ابن ماجه (1081) وأبو يعلى في "مسنده" 2/ 381 (1856)، والطبراني في "الأوسط" 2/ 64 (1261)، وضعف إسناد ابن ماجه البوصيري في "مصباح الزجاجة"، وضعفه الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه" (224).

وقال في رواية محمد بن أحمد بن واصل ومهنا: لا يصلى خلف من يقول الماء من الماء. "العدة" 5/ 1544 - 1545، 1546 قال بكر بن محمد: قلت: الرجل يصلي في المسجد الجامع غير صلاة الجمعة والإمام يعطى أجر الإمامة والأذان -أحب إليك أم يصلي في مساجد القبائل؟ فقال: مازلنا نصلي في المسجد الجامع خلف هؤلاء الذين يعطون أجرًا. "الأحكام السلطانية" ص 98 قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يقول فيمن تأول: أنه لا بأس أن يصلى خلفه إذا كان لتأويله وجه في السنة. "التمهيد" 2/ 230 قال الأثرم: قيل لأحمد: فمن احتج بحديث عائشة: آخر صلاة صلاها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو جالس وأبو بكر قائم يأتم به والناس قائمون يأتمون بأبي بكر؟ فقال: قد كان الشافعي يحتج بهذا، وليس في هذا حجة؛ لأن أبا بكر ابتدأ الصلاة قائمًا بقيام. "التمهيد" 4/ 280 قال أبو الحارث: قال أحمد رحمه اللَّه: إذا أحدث الإمام وهو في الصلاة استقبل الصلاة ومن خلفه، إذا فسدت صلاة الإمام فسدت صلاة من خلفه. "الانتصار" 2/ 420

قال أبو عبد اللَّه النجاد: ذكر له حديث عمرو بن سلمة، فقال: دعه ليس بشيء فضعفه. ونقل عنه جعفر بن محمد النسائي: هذا كان في أول الإسلام من ضرورة. "الانتصار" 2/ 459 قال أبو الحارث: وقد سئل عمن يغتاب الناس أيصلى خلفه؟ قال: لو كان كل من عصى اللَّه تعالى لا يصلى خلفه متى كان يقوم الناس على هذا؟ ! "الانتصار" 2/ 466 قال يعقوب بن بختان: سئل عن الحديث: " صلوا خلف كل بر وفاجر" (¬1)؟ فقال: ما سمعنا بهذا. "الانتصار" 2/ 469 ونقل عنه المروذي، ويعقوب بن بختان، وأبو طالب، ومحمد بن الحكم أنه كان يعيد صلاته إذا كان الإمام فاسقًا. قال أحمد: أنا أصلي الجمعة وأقوم فأصلي الظهر أربعًا، فإن كانت تلك الصلاة فرضًا فلا تضر صلاتي، وإن لم تكن كانت الصلاة ظهرًا. "الانتصار" 2/ 475، "الإنصاف" 4/ 360، "معونة أولي النهى" 2/ 370 قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل يقول: إذا عرف الرجل بالكذب فيما بينه وبين الناس، ولا يتوقى في منطقه، فكيف يؤتمن هذا على ما استند فيما بينه وبين اللَّه؟ مثل هذا لا يكون إمامًا ولا يصلى خلفه. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

قلت: يا أبا عبد اللَّه، فيعيد من يصلي خلفه؟ قال: لا أدري، ولكن أحب أن يعتزل الصلاة خلفه. "طبقات الحنابلة" 1/ 179 - 180 قال إبراهيم بن جعفر: قلت لأحمد: الرجل يبلغني عنه صلاح فأذهب أصلي خلفه؟ قال لي أحمد: انظر ما هو أصلح لقلبك فافعله. "طبقات الحنابلة" 1/ 237 قال حرب: قلت لأحمد: أنصلي خلف رجل يقدم عليًّا على أبي بكر وعمر؟ قال: لا تصل خلف هذا. "طبقات الحنابلة" 1/ 389 - 390 قال سعيد الأرطائي: سمعت أحمد بن حنبل -وسئل عن الصلاة خلف المبتدعة؟ فقال: أما الجهمية؛ فلا. وأما الرافضة الذين يؤدون الحديث؛ فلا. "طبقات الحنابلة" 1/ 445 - 446 قال ابن السميدع: وسألت أبا عبد اللَّه، قلت: أصلي خلف الجهمي؟ قال: لا تصلِّ خلف الجهمي، ولا خلف الرافضي. "طبقات الحنابلة" 1/ 461 - 462 قال علي بن عبد الصمد: سألت أحمد بن حنبل عن الصلاة خلف من يقرأ بقراءة حمزة؟ فقال: أكرهه. قلت: يا أبا عبد اللَّه: إذا لم يدغم ولم يكسر؟ قال: إذا لم يدغم ولم يضجع ذلك الإضجاع، فلا بأس به. "طبقات الحنابلة" 2/ 139

قال علي بن الموفق: سئل أحمد عن الصلاة خلف من يشرب النبيذ الذي يلقى فيه الداذي، والأكشوت، واللوز المر؟ فقال أحمد: لا يصلى خلف من يشرب هذا، ولا خلف من يجلس إلى من يشرب هذا. "طبقات الحنابلة" 2/ 144 قال ابن الطباع: سمعت رجلًا سأل أحمد بن حنبل، فقال: يا أبا عبد اللَّه، أصلي خلف من يشرب المسكر؟ قال: لا. قال فأصلي خلف من يقول: القرآن مخلوق؟ فقال: سبحان اللَّه! أنهاك عن مسلم، تسألني عن كافر؟ ! "طبقات الحنابلة" 2/ 378 قال مثنى بن جامع: وسئل عن رجل قرأ في صلاة الفرض: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوْا} فقال: {لِلَّذِينَءَامَنُواْ} وأراد أن يقرأ في الآية الأخرى: {وضرب اللَّه مثلًا للذين آمنوا امرأة} فقرأ: {لِلَّذِينَ كَفَرُواْ}؟ فلم ير عليه إعادة. قلت: فإن قرأ آية رحمة أو آية عذاب، فهل يعيد؟ فلم ير عليه إعادة، إذا لم يتعمد. "طبقات الحنابلة" 2/ 411 - 412 قال يوسف بن موسى: سمعت أحمد بن حنبل، يقول: صلاة الجمعة والعيدين جائزة خلف الأئمة: البر والفاجر؛ ما داموا يقيمونها. "طبقات الحنابلة" 2/ 567 قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: إمام يصلي بقراءة حمزة، أصلي خلفه؟ قال: لا يبلغ به هذا كله، ولكنها لا تعجبني قراءة حمزة. "المغني" 2/ 165

قال الأثرم: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل صلى بقوم، وهو غير طاهر بعض الصلاة، فذكر؟ قال: يعجبني أن يبتدئوا الصلاة. قلت له: يقول لهم استأنفوا الصلاة؟ قال: لا، ولكن ينصرف ويتكلم، ويبتدئون هم الصلاة. "المغني" 2/ 505 قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: الرافضة الذين يتكلمون بما تعرف؟ فقال: نعم، آمره أن يعيد. قيل لأبي عبد اللَّه: وهكذا أهل البدع كلهم؟ قال: لا، إن منهم من يسكت ومنهم من يقف ولا يتكلم. وقال: لا تصل خلف أحد من أهل الأهواء إذا كان داعية إلى هواه. وقال: لا تصل خلف المرجئ إذا كان داعية. "المغني" 3/ 17 ونقل عنه أبو الحارث: لا يصلى خلف مرجئ ولا رافضي ولا فاسق، إلا أن يخافهم فيصلي، ثم يعيد. "المغني" 3/ 18 قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يكون في المسجد، فتقام الصلاة ويكون الرجل الذي يصلي بهم لا يرى الصلاة خلفه، ويكره الخروج من المسجد بعد النداء؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، كيف يصنع؟ قال: إن خرج كان في ذلك شنعة، ولكن يصلي معه، ويعيد، وإن شاء أن يصلي بصلاته، ويكون يصلي لنفسه، ثم يكبر ويركع لنفسه، ويسجد لنفسه، ولا يبالي أن يكون سجوده مع سجوده، وتكبيره مع تكبيره.

قلت: فإن فعل هذا صلى لنفسه، أيعيد؟ قال: نعم. قلت: فكيف يعيد وقد جاء أن الصلاة هي الأولى، وحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اجعلوا صلاتكم معهم سبحة" (¬1)؟ قال: إنما ذاك صلى وحده فنوى الفرض، أما إذا صلى معه وهو ينوي أن لا يعتد بها؛ فليس هذا مثل هذا. "المغني" 3/ 25 - 26 قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: اطلعنا من رجل على فجور، وهو يتقدم يصلي بالناس، أخرج من خلفه؟ قال: أخرج من خلفه خروجًا لا تفحش عليه. "الآداب الشرعية" 1/ 251 قال الميموني: سمعت أحمد قال: إذا كان الإمام من أئمة الأحياء يسكر، فلا أحب أن أصلِّي خلفه البتة؛ لأنَّ لي اختيار الأئمة، وليس هو والي المسلمين؛ لأن ابن عمر سئل عن الصلاة خلف الأمراء، فقال: إنما هي حسنة لا أبالي من شركني فيها (¬2). وقال: والصلاة خلف الولاة لابد، والصلاة خلف أئمة الأحياء لنا أن نختار. "بدائع الفوائد" 4/ 56، "فتح الباري" لابن رجب 6/ 192 نقل الميموني عنه في إمامة المقعد والجالس: أن لا يجوز ذلك إلا خلف الإمام الأعظم خاصة إذا كان مرضه يُرجى برؤه. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 153 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 124 عن شداد بن أوس، قال الألباني في "الثمر المستطاب" 1/ 91، هذا إسناد شامي حسن. ورواه مسلم (534) عن عبد اللَّه بن مسعود. (¬2) رواه عبد الرزاق 2/ 386 (3800).

ونقل عنه أبو طالب في إمامة الغلام: لا يصلي بهم حتى يحتلم لا في المكتوبة ولا في التطوع. قيل له: فحديث عمرو بن سلمة أليس أم بهم وهو غلام (¬1)؟ فقال: لعله لم يكن يحسن يقرأ غيره. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 174 ونقل أبو طالب عنه في إمام لا يتم ركوعه ولا سجوده: لا صلاة له ولا لمن خلفه. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 183 قال مهنا: سألت أحمد عن الصلاة خلف كل بر وفاجر؟ قال: ما أدري ما هذا ولا أعرف هذا، ما ينبغي أن نصلي خلف فاجر، وأنكر هذا الكلام. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 188 قال حرب: قلت لأحمد: فتكره الصلاة خلف أهل البدع كلهم؟ فقال: إنهم لا يستوون. وقال أحمد بن القاسم: سئل أحمد عن الصلاة خلف من لا يرضى؟ قال: قد اختلف فيه؛ فإن كان لا يظهر أمره في منكر أو فاحشةٍ بينةٍ أو ما أشبه ذلك: فليصلِّ. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 192 قال مهنا: قال أحمد: لا يعجبني أن يؤم الرجل النساء، إلا أن يكون في بيته يؤم أهل بيته، أكره أن تسمع المرأة صوت الرجل. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

507 - من أحق بالإمامة؟

قال الميموني: قال الإمام أحمد: إذا كان خلفه صف رجال صلى خلفه النساء؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى بأنس، واليتيم، وأم سليم وراءهم. قيل له: فإن لم يكن رجالٌ كانوا نساءً؟ قال: هذِه مسألة مشتبهة. قيل له: فصلاتهم جائزة؟ قال: أما صلاته فهو جائزة. قيل له: فصلاة النساء؟ قال: هذِه مسألة مشتبهة. "فتح الباري" لابن رجب 8/ 44، 45 نقل أبو طالب: لا ينبغي أن يؤمهم -أي: من كرهه القوم. "الإنصاف" 4/ 404 507 - من أحق بالإمامة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يؤم الرجل أباه؟ قال: إي واللَّه يؤم القومَ أقرؤهم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (155) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قوله: "ولا يؤم الرجل في أهله ولا يجلس على تكرمته إلَّا بإذنه" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 118، 121، ومسلم (673)، وأبو داود (582)، والترمذي (235)، والنسائي 2/ 76، وابن ماجه (980) من حديث أبي مسعود الأنصاري البدري -رضي اللَّه عنه-.

قال: أرجو أنْ يكونَ الاستثناء على كله، وأما التكرمة، فلا بأسَ إذا أذن له. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (244) قال صالح: وقال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اللَّه، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة" (¬1)، فينبغي للذي يقرأ القرآن أن يتعلم من السنة ما يقيم به صلاته، فهو حينئذ أولى بالصلاة. "مسائل صالح" (536) قال صالح: حَدَّثنَا أبي قال: حَدَّثنَا أبو معاوية، قال: حَدَّثنَا داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد -مولى أبي أسيد- قال: تزوج وكان عبدًا، فحضره عبد اللَّه بن مسعود وأبو ذر وحذيفة وغيرهم من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فحضرت الصلاة، فقدموه وهو مملوك، ثم قالوا له: إذا دخلت على أهلك: فصل ركعتين، ثم خذ برأس أهلك فقل: اللهم بارك في أهلي، وبارك لأهلي في، وارزقهم مني، وارزقني منهم، ثم شأنك وشأن أهلك (¬2). قال صالح: حدثني أبي، قال: حَدَّثنَا ابن فضيل، قال: حَدَّثنَا داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد -مولى أبي أسيد- قال: تزوجت وأنا عبد مملوك، فدعوت ناسًا من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيهم أبو ذر وأبو مسعود -قال أبي: وهو خطأ، إنما هو ابن مسعود- وحذيفة، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 121، ومسلم (673). (¬2) رواه عبد الرزاق 2/ 393 (3822) عن الثوري وإسماعيل بن عبد اللَّه ورواه ابن أبي شيبة 2/ 30 (6103)، 3/ 555 (17147) عن محمد بن فضيل، وابن إدريس. أربعتهم، عن داود بن أبي هند به.

فحضرت الصلاة، فتقدم أبو ذر، فقالوا له: وراءك، فالتفت إلى أصحابه، فقال: أكذلك؟ قالوا له: نعم، فقدموني (¬1). .، نحوًا من حديث أبي معاوية. قال أبي: فيه أنهم أجابوا مملوكًا، وقدموه، أنه صاحب البيت. "مسائل صالح" (716) قال أبو داود: قلت لأحمد يؤمُّ الرجل أباهُ؟ قال: من الناس من يتوقى ذلك إجلالًا لأبيه، ثم قال: إذا كان أقرأهم فأرجو، يعني أن لا بأس به. "مسائل أبي داود" (298) قال ابن هانئ: وسألته عن المُقيَدّ يؤم المطلقين؟ قال: إذا كان يمكنه الركوع والسجود فليؤمهم، لا بأس به، وقد أممت بهم، وأنا في السجن مقيّد. "مسائل ابن هانئ" (304) قال ابن هانئ: وسئل عن العبد يؤم القوم؟ قال: إذا قرأ. "مسائل ابن هانئ" (305) قال ابن هانئ: قيل له: فيؤم الأعرابي؟ قال: لا يعجبني، إلا أن يكون قد سمع أو فقه. "مسائل ابن هانئ" (306) قال ابن هانئ: قلت: يؤم الخادم القوم إذا كان يحفظ القرآن؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (307) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 192 (10462)، ابن أبي شيبة 2/ 30 - 31 (6103).

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يصلي بالناس، هل له في ذلك من ثواب؟ قال: إن كان في قرية هو أقرأ القوم، أو في موضع فليتقدمهم لقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اللَّه. . " قال: سمعت أبي يقول: قال رسول اللَّه: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اللَّه، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة". قال أبي: فينبغي لهذا أن يقرأ القرآن، وأن يتعلم من السنة ما يقيم به صلاته، فهو أولى بالصلاة. قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن من الأئمة طرادين" (¬1) يعني: ينقلون الصلاة. "مسائل عبد اللَّه" (393) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجلين أحدهما يحفظ، والآخر أعرف بالفقه، أيهما يتقدم؟ قال: الذي يحفظ يؤمهم. قال عبد اللَّه: قلت لأبي: إذا كان رجلان: أحدهما حافظ للقرآن ولا فقه له، والآخر ليس بحافظ وهو فقيه؟ قال: يؤمهم أقرؤهم للقرآن. "مسائل عبد اللَّه" (399) قال إسماعيل بن سعيد: قال أحمد: الخليفة والأمير والإمام المنصوب إذا جاءوا وقد عقد الإمام الثاني الصلاة فعل كما فعل النبي ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 405 (4661)، والدارقطني 2/ 85.

-صلى اللَّه عليه وسلم- يصير إمامًا للأول، والأول على إمامته. ونقل عنه المروذي في إمام مسجد جامع مرض، فتقدم إلى رجل ليصلي بهم، هل يفعل كما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: لا، ليس هذا لأحد إلا للخليفة. "الروايتين والوجهين" 1/ 170 قال الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل: رجلان أحدهما أفضل من صاحبه والآخر أقرأ منه؟ فقال: حديث أبي مسعود: "يؤم القوم أقرؤهم". قال: ألا ترى أن سالمًا مولى أبي حذيفة كان مع خيار أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منهم عمر، وأبو سلمة بن عبد الأسد وكان يؤمهم؛ لأنه جمع القرآن، وحديث عمرو بن سلمة أفهم للقرآن. فقلت له: حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "مروا أبا بكر فليصل بالناس" أليس هو خلاف حديث أبي مسعود عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "يؤم القوم أقرؤهم"؟ فقال: إنما قوله لأبي بكر يصلي بالناس إنما أراد الخلافة، وكان لأبي بكر فضل بيِّن على غيره، وإنما الأمر في الإمامة إلى القراءة، وأما قصة أبي بكر فإنما أراد به الخلافة. "التمهيد" 5/ 151 - 152، "الاستذكار" 6/ 326 - 327 قال ابن القاسم: قال أحمد: إذا حضر الأمير فهو أحق على ما فعل الحسين بن علي. "الأحكام السلطانية" ص 37 قال حنبل: قال أحمد: وإذا اختلفا في الإمامة يقرع بينهما، على ما فعل سعد.

ونقل عنه المروذي في الإمام إذا كرهه قوم ورضي به قوم: إن كان أكثرهم قد رضي به يؤمهم. "الأحكام السلطانية" ص 99 قال الفضل بن زياد: قلت: من أقرأهم؟ قال: أحفظهم. "بدائع الفوائد" 4/ 36 نقل حرب عنه: إمام كل قرية واليها. قال ابن مفلح: وخطأه الخلال. "الفروع" 2/ 253 ونقل حرب عن أحمد: إذا كان الرجل في قريته وداره فهو في سلطانه لا ينبغي لأحد أن يتقدمه إلا بإذنه. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 136 قال إبراهيم بن جعفر: قلت: الرجل يبلغني عنه صلاح، فأذهب فأصلي خلفه؟ قال لي أحمد: انظر إلى ما هو أصلح لقلبك فافعله. "الاختبارات الفقهية" المطبوع مع "مجموع الفتاوى" 4/ 361 قال مهنا: قال أحمد: لا يجوز أن يقدموا إلا أعلمهم وأخوفهم، وإلا لم يزالوا في سفال. "الإنصاف" 4/ 353

508 - الاستخلاف في الصلاة

508 - الاستخلاف في الصلاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل سفيان عَن رجلٍ أقامَ الصلاة فكبَّرَ وحده، ثُم جاءَ آخر فقام إلى جنبه فدخلَ معه في الصَّلاةِ فأحدث الإمام، ولم يقدم هذا، ولم يغمزه فانصرف فتوضأ، ثمَّ جاءَ ولم يركعِ الآخرُ؟ قال: كان ينبغي له أنْ يأخذَ بيدِهِ فيقدمه فإن لم يفعل فيؤمه الآخرُ. قال الإمام أحمد: الذي أحدث يستقبلُ الصلاة والذي كان خلفه يبني. قال إسحاق: كلاهما صلاتهما جائزة. "مسائل الكوسج" (340) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل سفيان عن إمامٍ أحدث فَقدَّم رجلًا، ولم يدخل معهم في صلاتهم جاءَ تلك السَّاعة؟ قال: أرى أنْ يستقبلوا. قيل له: فإن جاء فكبر خلف الإمامِ قبل أنْ يحدَث أو بعدما أحدث؟ قال: بعدما أحدث لا شيء. قال الإمام أحمد: إذا قدَّم رجلا قبلَ أن يُحدث أو بعدمَا أحدثَ أو لم يقدِّم فتقدم رجلٌ فصلى بهم فصلاتهم تامة، ويستقبل الذي أحدثَ. قال إسحاق: كلهم جائزٌ. "مسائل الكوسج" (341) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان في إمام أحدثَ وهو ساجدٌ؟ قال: يرفعُ رأسَه مِنَ السُّجودِ، ثُمَّ يستأخر، ويقدم رجلًا يسجد بهم ولا يعتد بالسجدة التي أحدث فيها قبل أنْ يرفعَ رأسَه. قال أحمد: يقدم رجلًا ويأتمون به في بقية صلاتهم. قال إسحاق: جائز. "مسائل الكوسج" (342)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل سفيان عن رجل أمَّ قومًا فضحكَ في آخر صلاته بعدما تشهد؟ قال: تجزئه ويتوضأُ لما يستقبل. قال الإمام أحمد: الإمامُ يستقبلُ صلاتَه ومَنْ خلفه يُسلمون، وقد تمت صلاتُهم، أو يقدمون رجلًا فيسلم بهم. قُلْتُ: قيل له: مَن خلفه مِمَّن أدركَ ركعةً أو ركعتين؟ قال: أحبُّ إليَّ أن يعيدوا. قال أحمد: يبنون على ما صلَّوا. قال إسحاق: السنة في ذَلِكَ أنَّ المتشهدَ في الصَّلاةِ إذا ضحكَ أو أحدثَ أن صلاتَه تامة، وإنْ لم يُسلم ولا وضوء عليه في الضحك لصلاةٍ أخرى. "مسائل الكوسج" (343) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما مَنْ قرأ {الحَمْدُ} حتَّى بلغ {غَيرِ المَغضُوبِ} فأحدث، ثمَّ قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 1 - 7] ثم قدَّمَ رجلًا، قال: يأخذُ الذي قدمه من حيثُ بلغَ الإمامُ قبلَ أنْ يحدثَ. "مسائل الكوسج" (496) قال صالح: قلت: فمن استخلف؟ قال: علي قدم. إسماعيل بن سميع، عن أبي رزين، عن علي. ويروى من حديث حصين، عن عمرو ابن ميمون: أن عمر قدم عبد الرحمن بن عوف، ويروى اختلاف أن عبد الرحمن تقدم. "مسائل صالح" (1279) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: يكون حجة لمن يرى الاستخلاف -يعني: لمن أحدث في صلاته وهو إمام- حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه تقدم أبا بكر

يعني في مرضه حين جاء وأبو بكر يصلي بالناس؟ قال السائل: قالوا: صاحب الحدث أولى؟ قال: هذا ما هو من ذاك. "مسائل أبي داود" (263) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يحدث فيقدم رجلا؟ قال: يعجبني أن يعيد. قلت: من الدم؟ قال: الدم عندي أيسر من غيره. قيل: من الريح؟ قال: لا يبني. قلت لأحمد: أفأحب إليك أن يستأنف الصلاة ويستأنفون من الأحداث كلها؟ قال: نقض وضوءه فأحب إلي أن يعيدوا. "مسائل أبي داود" (263) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الإمام إذا أحدث وهو في الصلاة، كيف يصنع؟ قال: يستخلف. قلت: فإن استخلف رجلًا قد فاتته ركعة، أيستأنف، أم يبني على صلاة الأول؟ قال: إن شاء استأنف، وإن شاء بنى على صلاة الأول. قلت: كيف يصنع الذي استخلف وقد فاتته مع الإمام ركعة؟ قال: إذا أراد أن يسلم، يقدم رجلًا فيسلم بهم، ويتم هو صلاته. "مسائل ابن هانئ" (228)

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يرعف في الصلاة، يبني أو يستأنف؟ قال: يستأنف أحب إلي. "مسائل ابن هانئ" (229) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وبه آخذ؛ لحديث أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-في قم الصلاة- أومأ إليهم، أي كما أنتم، ثم خرج (¬1)، يعني: ولم يستخلف. "مسائل عبد اللَّه" (390) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قلت: إذا أحدث -يعني الإمام في الصلاة- فخرج فتوضأ، يبني، أو يستقبل ويستخلف، أم لا؟ قال: يستقبل إذا أفسد صلاته بحدث، وإن قدم فلا بأس، قد قدم عمر، وعلي. وإن لم يستخلف كما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-ن فلا بأس. وإن صلوا وحدانًا فقد طعن معاوية وصلى الناس وحدانًا، من حيث طعن فأتموا صلاتهم (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (395) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل صلى بقوم، فأحدث في صلاته، فقدم رجلًا يصلي بهم من حيث انتهى الإمام. فقلت لأبي: يستخلف رجلًا؟ قال: نعم، استخلف عمر عبد الرحمن بن عوف حيث طعن، وعلي في الرعاف (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 237، البخاري (640)، مسلم (605). (¬2) رواه البيهقي 4/ 114. (¬3) رواه البخاري (3700)، البيهقي 4/ 114.

قال: يقدم رجلًا إذا رعف فيستخلف، ومعاوية حيث طعن صلوا لأنفسهم وحدانًا، فكل جائز. إذا استخلف، أو استخلفوا هم، فقدموا رجلًا فصلى بهم فلا بأس، أو صلوا وحدانًا فلا بأس، كان الشافعي يقول: لما أشار إليهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أي مكانكم، رأى أنهم في الصلاة. قال أبي: وكان عثمان بن عمر يقول في حديث يونس عن الزهري: استقبل بهم الصلاة، وكأنه لم يرض ذلك الحديث. "مسائل عبد اللَّه" (396) قال عبد اللَّه: سألت أبي: إذا أحدث الإمام في الصلاة فخرج -يعني: يتوضأ- يستخلف؟ قال أبي: إن استخلف صلوا وأتموا صلاتهم، وإن لم يستخلف قضوا صلاتهم وحدانًا. "مسائل عبد اللَّه" (397) قال عبد اللَّه: قلت: إذا أحدث الإمام فخرج فتوضأ يبني أو يستقبل؟ قال: لا يبني على صلاته، ولكن يستقبل؛ لأنه يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صلاة إلا بطهور" (¬1)، ولا يكون في صلاة وهو غير طاهر، وقد خرج النبي وأومأ إليهم، كأنه رأى أنهم في صلاة فاغتسل ثم رجع. ويقال: إن معاوية لما طعن صلى القوم لأنفسهم وحدانًا (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (398) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 39، ومسلم (224). (¬2) سبق تخريجه.

نقل مهنا عنه في الاستخلاف بعد سبق الحدث: إذا أحدث استخلف. ونقل أحمد بن سعيد عنه: إذا أحدث استقبلوا الصلاة ولم يستخلف. وقال: كنت أذهب إلى الاستخلاف. ونقل علي بن سعيد: أنهم يعيدون الصلاة. "الروايتين والوجهين" 1/ 141 قال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن رجل أحدث وهو يصلي أيستخلف؟ أم يقول لهم يبتدءون، وهو كيف يصنع؟ فقال: أما هم، ففيه اختلاف. قال أبو بكر الأثرم: ومذهب أبي عبد اللَّه: أن لا يبني في الحدث، سمعته يقول: الحدث أشد، والرعاف أسهل. "التمهيد" 2/ 325 قال ابن ثواب التغلبي: سألت أحمد في السجن عن رجل صلى بقوم فلما قضى تشهده أحدث من غائط أو بول؟ قال: يرجع فيتوضأ، ويستقبل الصلاة لنفسه، وتتم صلاة من خلفه. قلت: فيستخلف؟ قال: أما أنا فلا آمره أن يستخلف، ولو أمرته أن يستخلف لم آمره أن يستقبل. "طبقات الحنابلة" 1/ 353 قال أبو الحارث: قال أحمد: من فعل كما فعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يكبر ويقعد إلى جنب الإمام يبتدئ القراءة من حيث بلغ الإمام، ويصلي للناس قيامًا، وذلك لأن الأصل أن فعله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان جائزًا لأمته، ما لم يقم دليل على اختصاصه به.

وقال المروذي: قال أحمد: ليس هذا لأحد إلا للخليفة؛ وذلك لأن رتبة الخلافة تفضل رتبة سائر الأئمة، فلا يلحق بها غيرها، وكان ذلك للخليفة؛ لأن خليفة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقوم مقامه. "المغني" 3/ 65 قال الحسن بن ثواب: قيل لأبي عبد اللَّه، وأنا أسمع: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين أومأ إليهم: أن أمكثوا، فدخل فتوضأ، ثم خرج أكان كبر؟ فقال: يروى أنه كبر، وحديث أبي سلمة: لما أخذ القوم أماكنهم من الصف قال لهم: "امكثوا" ثم خرج فكبر. "فتح الباري" لابن رجب 5/ 430

باب التطوع

باب التطوع 509 - السنن الرواتب قال إسحاق بن منصور: قلتُ لأحمدَ: الصلاةُ قَبْلَ المغربِ؟ قال: لا أعلم به بأسًا. وقال: آخرُ وقتِ المغرب مَغيبُ الشَّفقِ. قال إسحاق: كلاهما كما قال. "مسائل الكوسج" (122) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ: للرجلِ إذا غربتِ الشَّمسُ أَنْ يزيد على ركعتينِ إن أبطأ الإمام؟ قال: لا يزيد على ركعتينِ إذا غربَتِ الشَّمسُ قبلَ أَنْ يصلِّيَ المغربَ؛ لأنَّ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم حيث سن ذَلِكَ، فقال: "بينَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاةٌ لِمَنْ شَاءَ" (¬1)، فعلَ أصحابُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذَلِكَ ولم يزيدوا على ركعتينِ بعد الغروبِ قبلَ أَنْ يصلوا المغربَ، وإن تركهما تارك فلا حرجَ عليه؛ لأنَّ ذَلِكَ ليس بسنة كالصلاةِ قبل الظهرِ وبعده وبعد المغربِ وبعد العشاءِ، إنَّما هي رخصة، وإنَّ عابَ قومٌ ذَلِكَ فقد جهلوا أو أخطئوا؛ لأنَّ الرخصةَ مباحة مِنَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه -رضي اللَّه عنهم- بعده في ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (3444) قال صالح: حدثني أبي، قال: حَدَّثنَا أبو المغيرة، قال: حَدَّثنَا حريز، عن يزيد بن خمير، عن كريب بن يزيد الرحبي، أنه كان يستحب أن يركع ركعتي الفجر، وركعتين بعد المغرب، وليس بينهم وبين القبلة شيء. "مسائل صالح" (780) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 86، والبخاري (627)، ومسلم (838)، من حديث عبد اللَّه ابن مغفل -رضي اللَّه عنه-.

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن صلاة السنة ما (هو) (¬1)؟ قال: ما قال ابن عمر: ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها -يريد الحديث كله (¬2). "مسائل أبي داود" (495) قال أبو داود: سمعت أحمد وسُئِلَ عن الركعتين قبل المغرب؟ قال: أنا لا أفعله، فإن فعله رجل لم يكن به بأس، وقد سمعته قبل ذلك بزمان يستحسنه ويراه. "مسائل أبى داود" (499) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن المؤذن إذا أذن يقومون يصلون مثل حديث أنس، كانوا يبتدرون الصلاة إذا أذن المؤذن (¬3)؟ فقال: هذا شيء كانوا يفعلونه -أهل بيت أنس- وفعله عبد اللَّه بن مغفل (¬4). وقال: من شاء فعل، ومن شاء لم يفعل. قلت له: تأخذ به؟ قال: ما فعلته أنا إلا مرة، ولا آخذ به. "مسائل ابن هانئ" (199) قال ابن هانئ: قلت: رجل لما أذن المؤذن قام فركع ركعتين؟ قال: إن صلى، فقد صلاها من قبله جابر. "مسائل ابن هانئ" (200) ¬

_ (¬1) كذا بالمطبوع، والصواب (هي). (¬2) أخرجه البخاري 9371)، ومسلم (882) وغيرهما، ولفظه: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين في بيته، وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 280، والبخاري (503)، ومسلم (837). (¬4) يراجع أول حديث في الباب.

قال ابن هانئ: وسألته عن ركعتين قبل المغرب؟ قال: إن شئت فصلهما. "مسائل ابن هانئ" (201) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المؤذن إذا أذن المغرب، هل يجلس بين الأذان والإِقامة أم لا؟ فقال: أما الجلسة بين أذان المغرب والإِقامة فإن بعض الناس يستحب أن يجلس بينهما جلسة، ويحتج بحديث ابن مغفل أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: أبين رضي اللَّه عنه أذانين صلاة" (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (218). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الركعتين قبل المغرب؟ فقال: ما أكثر ما جاء فيه من الحديث، قلت لأبي: إن فعله رجل فلم [. . .] (¬2) ولم يعبه. "مسائل عبد اللَّه" (339) قال عبد اللَّه: كان أبي يصلي ركعتي الفجر في البيت، ثم يخرج إلى المسجد، فيصلي الغداة، وربما جلس إلى وقت طلوع الشمس، وأكثر ذلك إذا صلى دخل البيت، فإذا كان وقت الظهر، وأذن المؤذن، خرج إلى المسجد، فيصلي أربع ركعات، يفصل بين كل ركعتين بسلام، وربما صلى أكثر من أربع، ثم يصلي الظهر، ثم يدخل البيت فيصلي ركعات يفصل بين كل ركعتين بسلام، في كل ركعتين، وربما صلى ما بين الظهر والعصر، وإذا أذن المؤذن العصر، خرج فصلى في المسجد أربع ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 86، والبخاري (627)، ومسلم (838). (¬2) قال محقق "مسائل عبد اللَّه": بياض بالأصل.

ركعات، يفصل بينهن بسلام، ثم يصلي العصر، ويدخل إلى البيت، فإذا كان وقت المغرب، فربما خرج إلى المسجد قبل أن يؤذن المؤذن، وربما خرج إذا أذن فيصلي المغرب ولا يتطوع بعدها في المسجد شيئًا. ويصلي ركعتين بعد المغرب في بيته، وربما صلى أكثر من ركعتين إلا أنه يفصل بينهن بسلام وما رأيته قط صلى الركعتين بعد المغرب إلا في بيته. وأكثر علمي أنه قال لي: يعجبنا إذا صلى الرجل المغرب أن لا يكلم أحدًا، ولا يتكلم حتى يصلي الركعتين بعد المغرب في بيته. وقال لي يوم: بلغني في رجل سماه لي أنه قال: لو أن رجلًا صلى الركعتين بعد المغرب في المسجد ما أجزأه إلا أن يكون صلاها في بيته على حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. فقال أبي: ما أحسن ما قال هذا الرجل، أو ما أجود ما ابتدع هذا الرجل، وأعجبه قول الرجل في ذلك. ورأيته كأنه استحسنه. "مسائل عبد اللَّه" (346) قال عبد اللَّه: رأيت أبي يصلي ركعتين قبل الخطبة، فإذا قرب الأذان والخطبة جلس ونكس، رأيته لا يتكلم. وحركت الحصا يومًا بيدي -وأحسب الإمام يخطب- فنهاني، أشار بيده فأمسكت. قال أبو هاشم دلويه: سمعت أحمد يقول: لا تعجبنا الصلاة قبل المغرب وقد روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عبد اللَّه بن مغفل أنه قال: "بين كل أذانين صلاة إن شاء" (¬1)، وقال أنس: إن كان المؤذن يؤذن فيدخل ¬

_ (¬1) سبق تخريجه قريبًا.

الداخل، والناس يركعون قبل المغرب (¬1)، فإن فعل ذلك فاعل لم يبدع، وقد روى عن أبي بكر وعمر -رضي اللَّه عنهما-: أنهما لم يصليا قبل المغرب (¬2). "طبقات الحنابلة" 1/ 420 - 421 قال أبو الفضل الدوري: وسئل أحمد -وأنا أسمع- ما تقول في الركعتين قبل المغرب؟ فجعل يقول: سعيد عن موسى السنبلاني عن أنس، والمختار بن فلفل عن أنس، قال: كان اللباب من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا أذن المؤذن ابتدروا السواري (¬3). وذكر اللباب، ونحو هذِه الأحاديث. فقال له الرجل: أنت يا أبا عبد اللَّه كيف تفعل؟ قال: ما صليتها قط، حيث يراني الناس. "طبقات الحنابلة" 2/ 161 - 162 قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن الرجل يقوم حين يسمع المؤذن مبادرًا يركع؟ فقال: يستحب أن يكون ركوعه بعدما يفرغ المؤذن أو يقرب من الفراغ؛ لأنه يقال: إن الشيطان ينفر حين يسمع الأذان، فلا ينبغي أن يبادر القيام وإن دخل المسجد فسمع المؤذن استحب له انتظاره ليفرغ، ويقول مثل ما يقول جمعًا بين الفضيلتين، وإن لم يقل كقوله وافتتح الصلاة فلا بأس. "المغني" 2/ 89، "فتح الباري" لابن رجب 5/ 217 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 280، والبخاري (625)، ومسلم (837). (¬2) رواه عبد الرزاق 2/ 435 (3985). (¬3) سبق تخريجه.

قال المروذي: قال أحمد: بين الأذانين جلسة في المغرب وحدها؛ لأن في حديث الأنصاري الذي رأى الأذان: رأيت رجلًا كأن عليه ثوبين أخضرين، فقام على المسجد فأذن ثم قعد قعدة، ثم قام فقال مثلها (¬1). "شرح العمدة" ص 133 قال مهنا: سألت أحمد عن إمام أذن لصلاة المغرب، فرأى أن ينتظر القوم إلى أن يتوضأ ما لم يخف فوت الوقت. قال أحمد: ينبغي للمؤذن إذا أذن أن لا يعجل بالإقامة ويلبث حتى يأتيه أهل المسجد ويقضي المعتصر حاجته يجعل بين أذانه وإقامته نفسا. "شرح العمدة" ص 135 نقل الأثرم عنه: في الركعتين قبل المغرب أحاديث جياد، أو قال صحاح، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعن الصحابة والتابعين، فمن شاء صلى بين الأذان والإقامة. ونقل حنبل عنه: ما فعلته إلا مرة، فلم أر الناس عليه فتركتها. ونقل أيضًا: السنة أن يصلي الرجل الركعتين بعد المغرب في بيته، كذا روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه. وقال المروذي: قلت: من صلى ركعتين بعد المغرب في المسجد يكون عاصيًا؟ قال: ما أعرف هذا. قلت له: يحكى عن أبي ثور أنه قال: هو عاص. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 43، وأبو داود (506)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (523).

510 - التطوع وقد حضرت المكتوبة

قال أحمد: لعله ذهب إلى قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فاجعلوها في بيوتكم" (¬1) ووجهه أنه لو صلى الفرض في البيت، وترك المسجد أجزأه، فكذا السنة في البيت. وقال المروذي: رأيت أبا عبد اللَّه يركع فيما بين المغرب والعشاء. وقال الميموني، والمروذي: قال أحمد: يستحب ألا يكون قبل الركعتين بعد المغرب إلى أن تصليهما كلام. وقال الحسن بن محمد: رأيت أحمد سلم الإمام من صلاة المغرب، قام ولم يتكلم، ولم يركع في المسجد، وتكلم قبل أن يدخل الدار. "بدائع الفوائد" 4/ 98، 99 510 - التطوع وقد حضرت المكتوبة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا دَخَلَ المسجدَ وقد صلَّى أهلُه، أيتطوع؟ قال: يبدأُ بالمكتوبةِ، فعله ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- (¬2). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (263) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ الإمامُ أحمدُ: إذا دخل المسجدَ والمؤذنُ يؤذن؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 427 عن محمود بن لبيد، وابن ماجه (1165) بلفظ: "اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم" عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج. وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (909). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 112.

قال: يستحب أن يقولَ مثلَ ما يقول المؤذن، وإن لمْ يقلْ: وافتتحَ الصلاةَ -أي: فلا بأسَ- إلَّا في صلاةِ الغداة. يعني: إذا جاء عند الإقامة فإنه يُقال: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلّا المكيّ بة" (¬1). "مسائل الكوسج" (434) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عن رجلٍ بقي عليه ركعتَا الفجرِ، والمؤذن يقيمُ، أي ذَلِكَ أحبُّ إليكِ: يكبرُ مع الإمامِ ثمَّ يقضي، أو يركعهما، ثمَّ يدخلُ في صلاةِ الإمامِ؟ قال: السنةُ فيه إذا أقيمت الصلاةُ فلا يصلي ركعتي الفجرِ في المسجدِ أبدًا، ولو ركعهما في المنزلِ قبلَ أن يخرجَ رجونا أنه لا يضيق عليه، وقد كرهه قومٌ أيضًا، وتركُ ذَلِكَ أحبُّ إليَّ، ولكن إنْ افتتحَ بركعتي الفجرِ ثمَّ أخذَ المؤذنُ في الإقامةِ، فطمع إن خففها أدرك التكبيرةَ مع الإمامِ؛ مضى فيهما. "مسائل الكوسج" (466) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا جاء لصلاة الغداة وقد أقيمت ولم يكن صلى الركعتين؟ قال: يدخل مع القوم. قلت: متى يقضيها؟ قال: من الضحى. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (272) (300) بمعناه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 455، ومسلم (710)، وقد استوفينا تخريجه في كتابنا "تحفة الأخيار بترتيب شرح مشكل الآثار" (873).

قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاقُ عَن ركعتي الفجرِ؟ قال: إذا أقيمت الصَّلاة لا يصليهما في بيته أحبُّ إليَّ، وأمَّا في المسجدِ فلا وإن قضاهما بعد الصَّلاةِ بعد طلوعِ الشمسِ أحبُّ إليَّ، وإن شاء لم يصلهما. "مسائل الكوسج" (3474) قال صالح: وسألته عن الرجل يفتتح الركعتين قبل صلاة الفجر ثم تقام الصلاة؟ قال: يتم الركعتين، ثم يدخل مع القوم في الصلاة. "مسائل صالح" (378) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل إذا افتتح الصلاة فأقام المؤذن؟ قال: أحب إلي أن يتم. قال: ومن الناس من يقول: يقطع. قيل لأحمد: وإن فاتته التكبيرة الأولى؟ قال: نعم أي يتم أولًا، ثم يدخل مع الإمام في الفريضة. "مسائل أبي داود" (342) قال أبو داود: قلت لأبي عبد اللَّه: ركعتي الفجر أين أصليهما؟ قال: في البيت. قلت: إمامًا كان أو غير إمام؟ قال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يصليهما في بيته (¬1). ¬

_ (¬1) يأتي تخريجه قريبًا.

وما رأيت أحمد ركعهما في المسجد قط، إنما كان يخرج فيقعد في المسجد حتى تقام الصلاة. "مسائل أبي داود" (355) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يجيء والإمام في آخر ركعة من صلاة الفجر، ولم يكن صلى الركعتين. أدخل مع الإمام؟ أو أركعهما مكاني؟ قال: ادخل مع الإمام، واركعهما في الضحى. "مسائل ابن هانئ" (515) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يجيء إلى الإمام -وهو في صلاة الصبح- ولم يكن صلى الصبح، ولم يكن صلى الركعتين؟ فقال: يدخل مع القوم في صلاتهم، ولا يُصلي الركعتين إلا بعدما يفرغ، عند طلوع الشمس من الضحى، وأذهب إلى حديث أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. فقرأته عليه: محمد بن جعفر، قال ثنا شعبة، عن ورقاء، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" (¬1). "مسائل، ابن هانئ" (517) قال ابن هانئ: وقرأت عليه: بشر بن المفضل، قال ثنا سلمة، عن نافع، قال: خرج ابن عمر يومًا ولم يكن صلى الركعتين قبل الصبح، فأقيمت الصلاة، فأمسك عنهما حتى كان من الضحى صلاهما. وأراد أن يخرج يومًا، فسمع الإقامة فخرج فصلاهما (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 331، 455، ومسلم (710). (¬2) رواه عبد الرزاق 2/ 443 عن نافع عن ابن عمر قريبًا منه.

قال سلمة: قال محمد: وكانوا يكرهون أن يصلوهما إذا أخذ المؤذن في الإقامة. قال محمد: ولا أعلم بأسًا أن يصليهما في بيته إن شاء، ولكن ما يفوته من صلاة الإمام أحب إلي من الركعتين. "مسائل ابن هانئ" (518) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسُئِلَ عن ركعتي الفجر أيما أعجب إليك، أن يصليهما في المسجد أو في البيت؟ قال: في البيت، كذا قالت حفصة بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: كان يصلي ركعتي الفجر في بيته ثم يضطجع (¬1). قرأت على أبي عبد اللَّه: عبد الرحمن ابن مهدي، ومحمد بن جعفر قالا: حَدَّثنَا شعبة، عن سهيل، عن أبي صالح، قال محمد عن ابن ذكوان عن أبيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: كان إذا صلى ركعتي الضحى اضطجع (¬2). "مسائل ابن هانئ" (519) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: إذا جئت والإمام في الفريضة؛ فلا صلاة تطوع. "مسائل ابن هانئ" (521) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يدخل المسجد بين الأذان والإقامة، فيصلي ركعة تطوعًا، ثم تقام الصلاة، فأحب إليك أن يقطعها ¬

_ (¬1) رواه بهذا اللفظ عبد الرزاق 2/ 55 وأصله عند أحمد 6/ 284، والبخاري (618)، ومسلم (723) دون ذكر الاضطجاع. (¬2) رواه أبو نعيم في "الحلية" 9/ 33 عن عبد الرحمن بن مهدي، ثنا شعبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "أنه كان إذا صلى الفجر اضطجع" فأثبت أبا هريرة بين ذكوان والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، (الفجر) بدل (الضحى) واللَّه أعلم.

ويدخل في الفريضة، أو يصلي ركعة أخرى ويتشهد في هذِه الركعة، ويعجل في الفريضة معهم؟ قال: يصلي ركعتين أحب إلي من أن يقطعها. "مسائل عبد اللَّه" (215) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن الرجل يفتتح الركعتين قبل صلاة الفجر ثم تقام الصلاة؟ فقال: يتم الركعتين ثم يدخل مع القوم في الصلاة. "مسائل عبد اللَّه" (216) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل إذا أقيمت الصلاة -صلاة الصبح- ولم يصل الركعتين يدخل معهم، أو يصلي وإن فاتته؟ قال: إي نعم يدخل معهم. "مسائل عبد اللَّه" (388) قال البغوي: وسمعت أحمد يقول: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" (¬1). "مسائل البغوي" (57) قال البغوي: وسئل أحمد وأنا أسمع عن الرجل يخرج إلى المسجد فوجدهم قد صلوا ووجد رجلًا يتوضأ، أيتطوع حتى يجيء الرجل؟ قال: إن شاء تطوع. "مسائل البغوي" (63) قال الأثرم: سئل أحمد بن حنبل، وأنا أسمع عن الرجل يدخل المسجد والإمام في صلاة الصبح ولم يركع الركعتين؟ ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

فقال: يدخل في الصلاة؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة"، واحتج أيضًا بقول: "أصلاتان معًا؟ " (¬1). قال أحمد: ويقضيهما من الضحى. قيل له: فإن صلاهما بعد سلامه وفراغه من صلاة الفجر؟ فقال: يجزيه، وأما أنا فأختار أن يصليهما من الضحى. ثم قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن أيوب، عن نافع، قال: كان ابن عمر يصليهما من الضحى (¬2). "التمهيد" 4/ 211 قال محمد بن الحكم: قلت: رجل صلى ركعتين من فرض، ثم أقيمت الصلاة؟ قال: إن شاء دخل مع الإمام، فإذا صلى معه ركعتين سلم وأعجب إلى أن يقطع الصلاة، ولدخل مع الإمام. وقال أبو طالب: سألت أحمد عن الرجل يدخل المسجد يظن أنهم قد صلوا فيصلي ركعتين فتقام الصلاة؟ قال: قد اختلفوا فيها، بعضهم قال: يمضى، لا يدخل فرض في فرض، وبعضهم قال: يسلم. ¬

_ (¬1) رواه الترمذي 422 عن قيس بن عمرو بهذا اللفظ، وهو عند أبي داود (1267) بلفظ: " صلاة الصبح ركعتان؟ "، وابن ماجه (1154) بلفظ: "أصلاة الصبح مرتين؟ " ورواه مالك ص 99 رواية يحيى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن مرسلًا. ورواه ابن خزيمة في "صحيحه" 1/ 170 (1126) عن أنس. وصححه الألباني في "الصحيحة" (2588) بشواهده. (¬2) رواه عبد الرزاق 2/ 344 (4017، 4018، 4019) بمعناه.

511 - التطوع في السفر

قلت: ما تقول؟ قال: ما يبالي كيف. قلت: يسلم ويدخل معه؟ قال: نعم. "بدائع الفوائد" 3/ 66، 67 قال إسماعيل بن سعيد: قال أحمد: لا يصليهما -أي: ركعتي الفجر، إذا أقيمت الصلاة- في المسجد، ولا في البيت. وقال حرب: قال إسحاق: إذا دخل المسجد وقد أذن المؤذن في الإقامة، فإن كان الإمام افتتح الصلاة دخل معه، وإن لم يكن افتتح الصلاة فلا بأس. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 61، 62 قال أبو طالب: قال أحمد: إذا سمع الإقامة، وهو في بيته فلا يصلي ركعتي الفجر ببيته ولا بالمسجد. "الإنصاف" 4/ 290 511 - التطوع في السفر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: التطوعُ في السفرِ؟ قال: ما أعلمُ به بأسًا إذا كان لا يَشُقُّ على أصحابِهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (354) قال أبو داود: قلت لأحمد: التطوع في السفر؟

قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل أبي داود" (537) قال أبو داود: قلت لأحمد: ركعتي الفجر يدعهما في السفر؟ قال: لا، لا يدعهما. وسألته يصليهما يوم المغار على دابته؟ قال: كل شيء يفعلون هم، أرجو أن يكون واسعًا. "مسائل أبي داود" (538) قال ابن هانئ: وسألته عن التطوع في السفر؟ قال: يتطوع أفضل. "مسائل ابن هانئ" (411) قال ابن هانئ: وسئل عن التطوع في السفر؟ فقال: وما بأس به. قيل له: فإن ترك التطوع؟ قال: لا عليه أن لا يتطوع. "مسائل ابن هانئ" (426) قال ابن أبي مطر: بت عند أحمد بن حنبل فوضع لي صاخرة ماء، قال: فلما أصبحت وجدني لم أستعمله، فقال: صاحب حديث لا يكون له ورد بالليل؟ ! قال: قلت: مسافر. قال: وإن كنت مسافرًا، حج مسروق فما نام إلا ساجدًا. "طبقات الحنابلة" 2/ 103

512 - الضجعة بعد ركعتي الفجر

512 - الضجعة بعد ركعتي الفجر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يضطجعُ بعد رَكعتي الفجرِ؟ قال: إن فعلَ يُريد الاتباعَ فلا بأسَ به. قال إسحاق: حسن، وتركه لا بأسَ به. "مسائل الكوسج" (295) قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يُصلي ركعتي الفجر، أيضطجع؟ قال: يضطجع. ثم أخرج إلي كتابًا فيه أحاديث قرأتها عليه. "مسائل ابن هانئ" (523) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: إسماعيل قال: ثنا عبد الرحمن ابن إسحاق، عن الزهري، عن عروة. عن عائشة قالت: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا ركع ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن (¬1). "مسائل ابن هانئ" (524) قال ابن هانئ: وسألته عن الاضطجاع؟ فقال: ما فعله إلا مرة، يروى عن أبي هريرة، عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وليس هو أمرًا من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما فعله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل ابن هانئ" (526) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: يعقوب قال: حدثني أبي، عن ابن إسحاق قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث. عن أبي صالح السمان قال: سمعت أبا هريرة يحدث مروان بن الحكم وهو على المدينة أن رسول اللَّه: كان يفصل بين ركعتيه من الفجر. ومن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 34، والبخاري (6310)، ومسلم (724) دون قولها ثم: اضطجع على شقه الأيمن.

الصبح، بضجعة على شقه الأيمن (¬1). "مسائل ابن هانئ" (532) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، فإذا فجر -يعني الصبح- صلى ركعتين خفيفتين ثم اتكأ على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن فيؤذنه بالصلاة (¬2). "مسائل ابن هانئ" (533) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: محمد بن مصعب قال: ثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا ثوب المؤذن، صلى ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن ¬

_ (¬1) رواه بهذا الإسناد وهذا السياق حكاية عن فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والبيهقيُّ في "الكبرى" 3/ 45 وقبله رواه مرفوعًا من حديث أبي هريرة أيضا. ثم قال بعدما رواه حكاية: وهذا أولى أن يكون محفوظًا لموافقته سائر الروايات عن عائشة وابن عباس. اهـ. قلت: ورواه عن أبي هريرة مرفوعًا الإمامُ أحمد 5/ 415، وأبو داود (1261)، والترمذي (425) وقال: حديث أبي هريرة حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وصححه النووي في "المجموع" 4/ 28. وقد صححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1146) قائلًا بعدما ذكر كلام البيهقي السالف: قلت: وهذا التعليل -أو الإعلال- لا يساوي عندي شيئا، وذلك لأن ابن إسحاق وإن كان ثقة فإن في حفظه ضعفًا ولذلك كان حديثه حسنًا دون الصحيح، فمثله لا يعارض به رواية عبد الواحد بن زياد المحتج به في الصحيحين فضلًا عن أن ترجح روايته على روايته وتقدم عليها، على أنه يمكن الجمع بين الروايتين، والكل صحيح. اهـ. بتصرف. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 34، والبخاري (6310).

حتى يأتيه بلال المؤذن، فيؤذنه بالصلاة (¬1). "مسائل ابن هانئ" (534) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: عثمان بن عمر قال: ثنا يونس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، فكانت تذكر صلاته، يسجد السجدة من تلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية، قبل أن يرفع رأسه، ويركع ركعتين قبل الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن (¬2). "مسائل ابن هانئ" (535) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: يحيى بن سعيد، عن هشام، عن محمد أن أنسًا، وأبا موسى، والحارث الأعور كانوا يضطجعون اللين -يعني من الفرش- وكان رافع، وأنس وأبو موسى يُصلون بالاضطجاع وما رأيت أبا عبد اللَّه اضطجع قط (¬3). وقال لي يومًا: ما تعرف العامة الاضطجاع! وسألته عن الاضطجاع؟ قال: ما فعلته إلا مرة، يروى عن أبي هريرة، عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وليس هو أمرًا من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وإنما فعله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل ابن هانئ" (536) ¬

_ (¬1) انظر السابق. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 248، ورواه البخاري (994)، ومسلم (736) مختصرًا. (¬3) روى عبد الرزاق في "المصنف" 3/ 42 (4719) وابن أبي شيبة 54/ 2 (6379 - 6385) عن ابن سيرين أن أبا موسى الأشعري ورافع بن خديج، وأنسًا كانوا يضطجعون عند ركعتي الفجر ويأمرون بذلك.

قال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يسئل عن الاضطجاع بعد ركعتي الفجر؟ فقال: ما أفعله أنا، فإن فعله رجل ثم سكت، كأنه لم يعبه إن فعله. قيل له: لم لم تأخذ به؟ فقال: ليس فيه حديث يثبت، قلت له: حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: رواه بعضهم مرسلًا. "التمهيد" 4/ 148، "طرح التثريب" 3/ 54، 57 قال أبو طالب: قلت لأحمد: حدثنا أبو الصلت، عن أبي كدينة، عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنه اضطجع بعد ركعتي الفجر. قال: شعبة لا يرفعه. قلت؟ فإن لم يضطجع عليه شيء؟ قال: لا، عائشة ترويه وابن عمر ينكره. قال المروذي: قال أبو عبد اللَّه: حديث أبي هريرة ليس بذاك. قلت: إن الأعمش يحدث به عن أبي صالح عن أبي هريرة. قال: عبد الواحد وحده يُحدث به. وقال إبراهيم بن الحارث إن أبا عبد اللَّه سئل عن الاضطجاع بعد ركعتي الفجر؟ قال: ما أفعله، وإن فعله رجل، فحسن. "زاد المعاد" 1/ 321

513 - الكلام بعد ركعتي الفجر

513 - الكلام بعد ركعتي الفجر قال إسحاق بن منصور: قلتُ: يُكره الكلام بعدَ رَكعتي الفجرِ؟ قال: يُرْوى عن عبدِ اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- أنه كرهه (¬1). قلتُ له: حديثُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: ليسَ ذَلِكَ ببين. كأن السكوتَ أعجبُ إليه. قال إسحاق: كما قال، إلَّا أن يكونَ مِن ذكرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، أو حديث لا يكون فيه خوضٌ للدنيا. "مسائل الكوسج" (298) قال صالح: قلت: ركعتا الغداة أين يصليها؟ قال: في بيته. قلت: يتكلم فيما بين الركعتين وصلاة الغداة؟ قال: الكلام في قضاء الحاجة، ليس الكلام الكثير كان عبد اللَّه يعز عليه أن يسمع متكلمًا. "مسائل صالح" (951) نقل أبو طالب عنه: يكره الكلام قبل الصلاة، إنما هي ساعة تسبيح. وقال الميموني: كنا نتناظر في المسائل أنا وأبو عبد اللَّه قبل صلاة الفجر. "الفروع" 1/ 544 قال مهنا: سألت أبا عبد اللَّه عن الكلام والحديث قبل صلاة الفجر؟ فكرهه. "الآداب الشرعية" 3/ 380 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 60 - 61 (4795، 4796).

فصل في صلاة الوتر

فصل في صلاة الوتر 514 - حكم الوتر قال صالح: وسألته عن الرجل يترك الوتر متعمدًا ما عليه في ذلك؟ قال أبي: هذا رجل سوء؛ هو سنة سنها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه. قلت لأبي: هذِه الأحاديث التي تروى: أن الوتر على من يقرأ القرآن أفيكون من لا يقرأ القرآن في الوتر كمن يقرأ القرآن؟ قال: إنما يروى هذا مرسل، ليس هو بإسناد جيد، يروى عن علي قال: هي سنة سنها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "مسائل صالح" (159) قال صالح: وقال: الوتر سنة سنها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والمسلمون بعده. قلت: من ترك الوتر؟ قال: هذا رجل سوء. "مسائل صالح" (235) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: نا وكيع: نا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي قال: الوتر ليس بحتم مثل الصلاة، ولكنهما سنة سنها -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل عبد اللَّه" (334) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا هاشم قال: حدثنا فرج قال: حدثنا إبراهيم عن أبيه عبد اللَّه بن عمرو قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه زادني صلاة الوتر". "الأشربة" للخلال (210) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 86، والترمذي (454)، والنسائي 3/ 229، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (456).

نقل حنبل عنه: ليس بعد المكتوبة أفضل من قيام الليل، والوتر مستحب. "الروايتين والوجهين" 1/ 537 قال محمد بن عبد الملك: قيل لأبي عبد اللَّه: أليس تروي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "زادكم اللَّه صلاة وهي الوتر" (¬1)؟ فقال أحمد: فالفرض إذًا ست؟ ! إنما الوتر سنة. "الانتصار" 2/ 488 - 489 قال ابن المثنى: قيل لأحمد: الرجل يترك الوتر متعمدًا؟ قال: هذا رجل سوء، يترك سنة سنها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ثم قال: هذا ساقط العدالة إذا ترك الوتر متعمدًا. "طبقات الحنابلة" 2/ 418 قال محمد بن الحكم: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يترك الوتر؟ فقال: لا يكون عدلًا. "طبقات الحنابلة" 2/ 573 قال الأثرم: قلت لأحمد: قال سليمان بن حرب: إنما ترك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- التطوع لأنه كان إمامًا. قال أحمد: فالذين رووا هذا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يتطوعوا. ثم قال: ابن عمر وابن عباس هما راوياه. "المغني" 2/ 282 نقل عنه أبو طالب في من ترك الوتر متعمدًا: هذا رجل سوء؛ وذلك لقول اللَّه تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: 63] وقد أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "بدائع الفوائد" 4/ 94، "الفروع" 6/ 560 "المبدع" 10/ 222، "معونة أولي النهى" 12/ 43 ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

515 - وقت الوتر

قال جعفر بن محمد النسائي: قال أحمد: هو رجل سوء لا شهادة له -يعني: تارك الوتر. "فتح الباري" لابن رجب 9/ 121 515 - وقت الوتر قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الوتر أحب إليك أول الليل أو آخره؟ فقال: أما أنا فأوتر أولى، ومن قوي عليه أخره، فليس به بأس. وقال أبو هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا أنام إلا على وتر". (¬1) قال: قلت لأبي: فمن خشي أن ينام؟ قال: يوتر أول الليل. "مسائل عبد اللَّه" (346) ونقل عنه أبو بكر بن حماد أذهب إلى حديث أبي هريرة: أوصاني خليلي بثلاث (¬2). ونقل عنه الميموني: لست أنام إلا على وتر. ونقل الفضل بن زياد: آخره أفضل -أي: الليل- فإن خاف رجل أن ينام أوتر أول الليل. "بدائع الفوائد" 4/ 94 قال الأثرم: ذُكر لأبي عبد اللَّه حديث ابن أبي زائدة هذا من الوجهين. فقال: في الإسناد الأول: عاصم لم يرو عن ابن شقيق شيئًا، ولم يروه ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 258، ورواه البخاري (1178)، ومسلم (721) بمعناه. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 229، وقد تقدم تخريجه.

إلا ابن أبي زائدة وما أدري، فذكر له الإسناد الثاني، فقال أحمد: هذا أراه اختصره من حديث " صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة" (¬1) وهو بمعناه. قال: فقلت له: روى هذين أحد غيره؟ قال: لا. قلت: والظاهر أنه اختصر حديث عبد اللَّه بن شقيق عن ابن عمر - أيضا- كما اختصر حديث عبيد اللَّه عن نافع، عنه. واللَّه أعلم. وقال الميموني: قال أحمد: لم يسمعه ابن جريج من سليمان بن موسى إنما قال: قال سليمان. قيل له: إن عبد الرزاق قد قال عن ابن جريج: أنا سليمان. فأنكره، وقال: نحن كتبنا من كتب عبد الرزاق، ولم يكن بها، وهؤلاء كتبوا عنه بآخره. "فتح الباري" لابن رجب 9/ 149، 150 ونقل مهنا عن أحمد أنه كان يوتر قبل أن ينام، وقال: هو أحوط وما يدريه لعله لا ينتبه. "فتح الباري" لابن رجب 9/ 162 قال حرب: وقال إسحاق: كانوا يستحبون أن يوتروا آخر الليل، وأن يوتروا وقد بقي من الليل نحو ما ذهب منه من صلاة المغرب. "فتح الباري" لابن رجب 9/ 164 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 10، والبخاري (993)، ومسلم (749) من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنه-.

516 - عدد ركعات صلاة الوتر

516 - عدد ركعات صلاة الوتر قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ: عن الوتر بركعة؟ قال: ما يعجبني أن يوترَ بركعةٍ، يصلي بركعتين ويوترُ بركعةٍ. "مسائل الكوسج" (404) قال صالح: وقال: يروى عن أربعة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه أوتر بركعة، ابن عباس وعائشة وابن عمر وزيد بن خالد. وكان ابن عمر يستحب أن يتكلم بينهما، يفصلهما بكلام (¬1). "مسائل صالح" (238) قال صالح: سألته عن رجل نام عن وتره حتى يسمع الأذان أو قبل أن يوتر، ترى له بركعة ويخفف أو بثلاث؟ فقال: أما حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا خفت الفوت فأوتر بركعة" (¬2)، وأحب أن يكون قبلها صلاة متقدمة. "مسائل صالح" (308) قال أبو داود: سمعت رجلًا قال لأحمد: أي شيء تختار من الوتر؟ قال: إن أوترت بثلاث فلا بأس وإن أوترت بصلاة متقدمة قبلها أن يسلم في الثنتين فلا بأس، نحن نذهب إلى ذا. "مسائل أبي داود" (459) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 311، ومسلم (753) عن ابن عباس وابن عمر رضا، ورواه الإمام أحمد 5/ 193، ومسلم (765) عن زيد بن خالد لحبه، ورواه الإمام أحمد 6/ 35، ومسلم (736) عن عائشة -رضي اللَّه عنهما-. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 10، والبخاري (993) ومسلم (749) من حديث ابن عمر بنحوه.

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: الوتر يعجبني أن يسلم في الركعتين، وكذلك كان يفعل بنا إمامه في شهر رمضان: يقرأ في الركعتين {سَبِّحِ} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ}، ثم يسلم من الثنتين، ثم يقوم فيركع واحدة يقرأ فيها بفاتحة الكتاب و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. "مسائل أبي داود" (460) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن يوتر بتسع؟ قال: إذا كان يوتر بتسع فلا يقعد إلا في الثامنة. "مسائل أبي داود" (461) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن يوتر فيسلم في الثنتين فيكرهونه -يعني: أهل مسجده؟ قال: فلو صار إلى ما يريدون. "مسائل أبى داود" (462) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: الأحاديث التي جاءت أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أوتر بركعة، كان قبلها صلاة متقدمة. "مسائل أبي داود" (465) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل تنفل بعد العشاء الآخرة، ثم تعشى، ثم أراد أن يوتر، يعجبك أن يركع ركعتين، ثم يوتر؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (466) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن صلى من الليل، ثم نام ولم يوتر؟ قال: يعجبني أن يركع الرجل ركعتين، ثم يسلم، ثم يوتر بواحدة. "مسائل أبي داود" (468)

قال أبو داود: سمعت رجلًا قال لأحمد: أوتر في السفر بواحدة؟ قال: صل قبلها ركعتين، ثم سلم. "مسائل أبي داود" (469) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل صلى ركعتين في السفر الفريضة، ثم أوتر بركعة، لم يكن قبلها صلاة متقدمة؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس، قد فعله سعد، وابن عباس، ومعاوية -رضي اللَّه عنهم- (¬1). "مسائل ابن هانئ" (420) قال ابن هانئ: سئل عن الرجل يكون في سفر، فصلى الفريضة ركعتين، ثم قام فصلى ركعة أوتر بها؟ قال: لا يعجبني أن يوتر بركعة مفردة، ولكن تكون صلاة متقدمة قبل الركعة، عامة ما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه صلى عشر ركعات، وثمانيًا، وستًا، وأربعًا، يفصل بينهما بالسلام. "مسائل ابن هانئ" (495) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يوتر بركعة، أحب إليك، أو بثلاث يفصل بينهن؟ قال: الواحدة أفضل، يصلي ركعتين، ثم يوتر بواحدة. "مسائل ابن هانئ" (502) ¬

_ (¬1) روى البخاري (3764) عن ابن أبي مليكة قال: أوتر معاوية بعد العشاء بركعة، وعنده مولى لابن عباس فأتى ابن عباس فقال: دعه فإنه قد صحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وفي رواية بعدها (3765) قال: أصاب إنه لفقيه. وروى أحمد 5/ 432 والبخاري (6356) عن عبد اللَّه بن ثعلبة بن صعير وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد مسح وجهه -أنه رأى سعد بن أبي وقاص يوتر بركعة.

قال ابن هانئ: سألته عن الوتر في شهر رمضان، مع الناس أحب إليك، أو في بيته؟ قال: يوتر مع الناس. أعجب إلي. قلت: يوتر بثلاث، أو بركعة؟ قال: إذا كانت صلاة متقدمة أوتر بركعة، وإذا لم تكن صلاة متقدمة أوتر بثلاث، يقرأ في أول ركعة بـ {الْحَمْدُ} و {سَبِّحِ}، والأخرى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ويسلم، والأخرى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وهي التي يوتر بها. "مسائل ابن هانئ" (503) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الوتر بركعة؟ قال: يعجبنا لمن أوتر بركعة أن تكون قبل ذلك صلاة متقدمة، إما ست، وإما ثمان، وأقل من ذلك ثنتين، ويسلم ثم يوتر بواحدة، إن أوتر بخمس لم يجلس إلا في الخامسة، لا يسلم إلا في آخر الخمس، يصلي ولا يجلس في شيء منهن إلا في الخامسة. "مسائل عبد اللَّه" (328) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الوتر بركعة، وثلاث، وخمس، وسبع وتسع؟ فقال: لا بأس بهذا كله. والذي تختار يسلم في ثنتين ويوتر بواحدة. "مسائل عبد اللَّه" (329) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الوتر بركعة أفضل أو ثلاث؟ قال: الذي تختار أن يسلم في ثنتين ويوتر بواحدة، ولا يوتر بواحدة إلا أن يكون قبلها صلاة متقدمة، ابن عمر، وابن عباس، وزيد بن خالد،

رووا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يوتر بواحدة. قال: ولا يوتر بواحدة منفردة ليس قبلها تطوع. قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قلت: من ترك القنوت ساهيًا؟ قال: يسجد إذا كان ممن يقنت. "مسائل عبد اللَّه" (330) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه أوتر بركعة من أربعة وجوه عن ابن عباس وابن عمر وزيد بن خالد وعائشة، وهو الذي أخذ به وأذهب إليه، يسلم في الركعتين، ويوتر بواحدة. وروي عن ابن عباس أنه أوتر بثلاث (¬1). قلت لأبي: قال بعض الناس أوتر بركعتين؟ قال: لا يكون هذا وترًا، حتى يكون واحدة أو ثلاثًا أو خمسًا، أو سبعًا. وهذا كله يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأحب إلي أن يوتر بواحدة إذا كان قبلها صلاة متقدمة. "مسائل عبد اللَّه" (335) قال الخلال: قد روي عن أبي عبد اللَّه كراهية أن يوتر بركعة لا يكون قبلها صلاة قريب من عشرين نفسًا. "الروايتين والوجهين" 1/ 161 قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عن الوتر بركعة واحدة؟ فقال: إن كان قبلها تطوع فلا بأس. قلت: ما معنى قولك: إن كان قبلها تطوع، أرأيت إن لم يرد أن يصلي تطوعًا، تأمره بذلك؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 585 (2230).

قال: لا بأس بذلك، إن أخذ بفعل سعد -رضي اللَّه عنه-، وغيره. "مختصر قيام الليل" ص 295 قال ابن أصرم: وسمعت أحمد يسأل عن الوتر؟ فقال: يصلي ركعتين ثم يسلم، ثم يوتر بركعة أحب إليَّ. "طبقات الحنابلة" 1/ 49 قال أبو النضر العجلي: قلت لأبي عبد اللَّه: يشتري من الزكاة رقبة كاملة؟ قال: نعم. قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في الوتر إذا فات، قال: يعيده قبل أن يصلى الغداة. قيل له: فالوتر كم هو؟ قال: ركعة، إذا كان قبلها تطوع. "طبقات الحنابلة" 1/ 277 - 278 قال أبو هاشم بن دلويه: سمعت أحمد يقول: الوتر ركعة روي عن خمسة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنهم كانوا يوترون بركعة. "طبقات الحنابلة" 11/ 421 قال مهنا: سألت أبا عبد اللَّه: إلى أي شيء تذهب في الوتر، تُسلم في الركعتين؟ قال: نعم. قلت: لأي شيء؟ قال: لأن الأحاديث فيه أقوى وأكثر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الركعتين. الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، سلم من الركعتين (¬1). ¬

_ (¬1) رواه ابن حبان في "صحيحه" 6/ 188 (2432) من طريق يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة بنحوه في باب: الوتر، ذكر الخبر الدال على أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يفصل بالتسليم بين الركعتين والثالثة، وقد روي عن عائشة من غير طريق.

517 - القراءة في الوتر

وقال حرب: سئل أحمد عن الوتر؟ قال: يُسلم في الركعتين. وإن لم يسلم، رجوت ألا يضرَّه، إلا أن التسليم أثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال أبو طالب: سألت أبا عبد اللَّه: إلى أي حديث تذهب في الوتر؟ قال: أذهب إليها كلّها: من صلَّى خمسًا لا يجلس إلا في آخرهن، ومن صلَّى سبعًا لا يجلس إلا في آخرهن، وقد روي في حديث زرارة عن عائشة: يُوتر بتسع يجلس في الثامنة (¬1). قال: ولكن أكثر الحديث وأقواه ركعة، فأنا أذهب إليها. قلت: ابن مسعود يقول: ثلاث؟ قال: نعم، قد عاب على سعد ركعة، فقال له سعد أيضًا شيئًا يرد عليه. "زاد المعاد" 1/ 330 - 331 قال إسماعيل بن سعيد: قال أحمد: لا بأس به. "فتح الباري" لابن رجب 9/ 108 517 - القراءة في الوتر قال إسحاق بن منصور: وكان إسحاقُ: يوتر بنا فربما، قرأَ في أوَّلِ ركعة بالأعرافِ، ويصادف وتره بعد الصبح. "مسائل الكوسج" (3467) قال أبو داود: قلت لأحمد: تختار أن يقرأ -أعني في الوتر- بـ {سَبِّحِ} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}؟ ¬

_ (¬1) رواه مسلم (746).

518 - الوتر على الراحلة

قال: نعم. "مسائل أبي داود" (456) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن نسي أن يقرأ في الوتر بـ {سَبِّحِ}، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}؟ قال: لا بأس. "مسائل أبي داود" (457) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل يقرأ المعوذتين في الوتر؟ قال: ولم لا يقرأ؟ ! "مسائل أبي داود" (458) 518 - الوتر على الراحلة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الوتر على الراحلةِ؟ قال: لا بأسَ به، ولا يُعجبني أنْ يوترَ بركعةٍ إلَّا أنْ يكونَ قبلها صلاة، يُصلي ركعتين، ثم يسلمُ، ثمَّ يوتر بركعةٍ. قال إسحاق: السنةُ الوترُ على الراحلةِ في السفرِ، ولا يوتر بواحدةٍ إلَّا مِنْ عذرِ مرضٍ أو سفرٍ أو حادث أمر. "مسائل الكوسج" (294) قال صالح: وسألته عن الرجل يوتر على ظهر الدابة؟ قال: نعم. قلت: أينما كان وجهه؟ قال: نعم. "مسائل صالح" (371) قال صالح: سألت أبي: يوتر الرجل على بعيره؟

519 - نقض الوتر، والصلاة بعده

قال: نعم، قد أوتر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على بعيره (¬1). "مسائل صالح" (658) قال ابن هانئ: وسئل عن الوتر على الراحلة؟ قال: لا بأس به، ولا يصلى عليها شيء من الفريضة. "مسائل ابن هانئ" (415) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: الوتر على ظهر الدابة؟ قال: أين كان وجهه. "مسائل عبد اللَّه" (248)، (318) 519 - نقض الوتر، والصلاة بعده قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا أوترَ أول الليلِ، ثم قامَ آخره فصلَّى؟ قال: أما أنا فلا يُعجبني أن يَنقض وتره. قال إسحاق: أما إذا أحبَّ أن يصليَ بعدَ وترِه وقد نامَ نومة، فالذي نختارُ له أن ينقض وترَهُ بركعةٍ ثم يصلي مَثنى مَثنى ثمَّ يوتر؛ حتَّى لا يكون مصليًا بعد الوترِ، ولا يكون له وِتران في ليلة. "مسائل الكوسج" (296) قال أبو داود: قلت لأحمد: نقض الوتر؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (463) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول فيمن أوتر أول الليل، ثم قام يصلي. قال: يصلي ركعتين ركعتين. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 7، والبخاري (999)، ومسلم (700) من حديث ابن عمر.

قيل: وليس عليه وتر؟ قال: لا. وسمعته وسئل عمن أوتر يصلي بعدها مثنى مثنى؟ قال: نعم، ولكن يكون بعد الوتر ضجعة. "مسائل أبي داود" (464) قال ابن هانئ: قلت: يوتر الرجل أول الليل، ثم يكون له ورد يقوم في بعض الليل يصلي، فيشفع ركعة إلى وتره؟ قال: لا، يُصلي ركعتين. "مسائل ابن هانئ" (504) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن نقض الوتر؟ قال: لا يعجبني، قد كرهته عائشة (¬1)، وأنا أكرهه. قال عبد اللَّه: قلت لأبي: وكيف ينقض الوتر؟ قال: إذا أوتر الرجل يقوم فيصلي ركعة أخرى يشفع إليها فيكون نقض الوتر، ويكون أيضًا أن يوتر ثم ينام، فإذا استيقظ صلى ركعة يشفع بها إلى وتره فيكون هذا قد نقض الوتر، ولا يعجبني أن يفعل ذلك. وقد روي عن ابن عباس وأسامة رخصا فيه (¬2)، وروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا وتران في ليلة" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 84 (6743). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 83 (6727) (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 223 وأبو داود (1439)، والترمذي (470)، والنسائي 3/ 229، من حديث طلق بن علي، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1293).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي عن عبد الملك بن عمير عن موسى بن طلحة أنه قال: رأيت عثمان يوتر بركعة، ثم يقوم بعد ذلك يشفع وتره (¬1). قال: فما شبهتهما إلا بالناقة تضم إلى الإبل. "مسائل عبد اللَّه" (325) ونقل إبراهيم بن الحارث عن أحمد: لا أرى نقض الوتر، وكرهه. "الروايتين والوجهين" 1/ 162 قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن الركعتين بعد الوتر، قيل له: قد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من وجوه (¬2)، فما ترى فيهما؟ فقال: أرجو إن فعله إنسان أن لا يضيق عليه، ولكن يكون وهو جالس، كما جاء الحديث. قلت تفعله أنت؟ قال: لا، ما أفعله. "المغني" 2/ 547 "معونة أولي النهى" 2/ 272 قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يوتر ثم يصلي بعد ذلك؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 83 (6729)، بلفظ: كان يشفع بركعة ويقول: ما أشبهما إلا بالغريبة من الإبل. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 227، ومسلم (738/ 126) من حديث عائشة، وذكرتا في حديث أم سلمة: رواه الإمام أحمد 6/ 298، والترمذي (471)، وابن ماجه (1195). وحديث ابن عباس: رواه الإمام أحمد 1/ 350، والنسائي 3/ 236 - 237. وحديث أبي أمامة: رواه الإمام أحمد 5/ 269، والطبراني 8/ 277 (8565)، والبيهقي 3/ 33 - 34. وحديث ثوبان: رواه ابن خزيمة 2/ 159 (1106)، وابن حبان 6/ 315 (2577). وحديث أنس بن مالك: رواه الدارقطني 2/ 41، والبيهقي 3/ 33.

520 - قضاء الوتر

قال: لا بأس به، يصلي مثنى مثنى. قال: وأحب أن يكون بينهما ضجعة أو نوم أو عمل أو شيء. قلت ضجعة من غير نوم؟ فما أدري ما قال. ونقل المروذي عن أحمد في الرجل يصلي شهر رمضان يقوم فيوتر بهم، وهو يريد يصلي بقوم آخرين؛ يشتغل بينهما بشيء يأكل أو يشرب أو يجلس (¬1). "فتح الباري" لابن رجب 9/ 174، 175 520 - قضاء الوتر قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا أصبحَ ولمْ يوتر؟ قال: ما أعرفُ الوتر بعدَ صلاةِ الغداةِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (297) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ، يعني: لسفيان: أقضي الوتر إذا طَلَعَت الشمسُ؟ قال: نعم. قال الإمام أحمد: لا. قال إسحاق: كما قال أحمد "مسائل الكوسج" (369) قال إسحاق بن منصور: وكان إسحاقُ يرى قضاءَ الوترِ بعدَ الصبحِ ما لم يصل الفجرَ، ويرفع يديه في القنوتِ الشهر كله، ويقنت قبلَ ¬

_ (¬1) نقلها ابن القيم رحمه اللَّه في "بدائع الفوائد" 4/ 93 عن الميموني.

الركوعِ، ويضع يديه على ثديه أو تحت الثديين، ويقرأُ بالسورتينِ ويقرأُ في كلِّ واحدةٍ: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، ثم يدعو ويؤمنُ مَنْ خلفه، يدعو للمؤمنينَ والمسلمين، ويدعو على الكافرين، ويصَلِّي على النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويدعو بدعاءِ الحسن بن علي -رضي اللَّه عنه- ويقرأ بآخر سورة البقرة، ثم يسكت ساعة، ثم يرح. "مسائل الكوسج" (3468) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل أصبح ولم يوتر؟ قال: لا يوتر بركعة إلا أن يخاف طلوع الشمس. قيل: يوتر بثلاث؟ قال: نعم، ثم يصلي الركعتين إلا أن يخاف طلوع الشمس. "مسائل أبي داود" (467) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل عليه صلوات فوائت أيوتر؟ قال: إن فعل لم يضره. "مسائل أبي داود" (489) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن أصبح ولم يوتر؟ قال: يوتر ما لم يصل الغداة، ما أقل ما اختلف الناس فيه. "مسائل أبي داود" (490) قال ابن هانئ: سئل عمن فاته الوتر؟ قال: يصلي، ما لم تطلع الشمس. "مسائل ابن هانئ" (496) قال عبد اللَّه: سألت أبي عمن نسي الوتر حتى أصبح، يجب عليه القضاء؟

قال: إن قضى لم يضره. قال ابن عمر: ما كنت صانعًا بالوتر (¬1). وقال أبي: ما سمعنا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى شيئًا من التطوع إلا ركعتين قبل الفجر فإنه حين نام عن الصلاة أمر بلالًا فأذن وصلى ركعتين، ثم أقام وصلى الفجر، ويقال: إنه شغل عن الركعتين بعد الظهر فصلاهما بعد العصر. قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا هارون بن معروف، قال عبد اللَّه: وسمعته أنا من هارون قال: نا ابن وهب، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، عن عبد اللَّه بن زَحْر، عن عبد الرحمن ابن رافع التنوخي -قاضي أفريقية: أن معاذ بن جبل قدم الشام- وأهل الشام لا يوترون -فقال لمعاوية: ما لي أرى أهل الشام لا يوترون، فقال معاوية: وواجب ذلك عليهم؟ قال: نعم، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "زادني ربي صلاة وهي الوتر، وقتها ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر" (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (327) قال عبد اللَّه: سألت أبي عمن عليه صلاة أيام، فيقضى الوتر بعد، أو ركعتي الفجر؟ قال: لا يقضي إلا أن يكون يكثر ذلك عليه فيقضي الوتر بعد. "مسائل عبد اللَّه" (331) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول فيمن أصبح ولم يوتر: إن أوتر فحسن، وإن لم يوتر فأرجو أن لا يكون عليه شيء. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 411 (4731). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 242، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (3566) وانظر: "الصحيحة" (108).

قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن ذكر من الغد؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل عبد اللَّه" (333) قال أبو النضر العجلي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في الوتر إذا فات، قال: يعيده قبل أن يصلي الغداة. قيل له: فالوتر كم هو؟ قال: ركعة، إذا كان قبلها تطوع. "طبقات الحنابلة" 1/ 277 قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل: أيوتر الرجل بعدما يطلع الفجر؟ قال: نعم. قال: وروي ذلك عن ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس وحذيفة، وأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وفضالة ابن عبيد، وعائشة، وعبد اللَّه بن عامر بن ربيعة (¬1). "المغني" 2/ 529، "مجموع فتاوى ابن تيمية" 23/ 197 ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" ص 98، عن ابن عباس، وعبادة بن الصامت، وعبد اللَّه بن مسعود، وعبد اللَّه بن عامر بن ربيعة، ورواه عبد الرزاق 3/ 13 (4592، 4603، 4606 - 4604، 4615، 4612)، عن ابن عباس، وعائشة، وابن مسعود، وعبد اللَّه ابن عامر بن ربيعة، وعبد اللَّه بن عمر. ورواه ابن أبي شيبة 2/ 84 (6750 - 6752) عن أبي الدرداء، وابن مسعود، وابن عباس، 2/ 88 (6793) عن ابن عمر. وعن فضالة رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 296 (1756)، أما حذيفة فلم أقف عليه إلا ما رواه عبد الرزاق 3/ 25 (4658) عن ابن سيرين قال: سمر عبد اللَّه بن مسعود وحذيفة بن اليمان عند الوليد بن عقبة بن أبي معيط ثم خرجا من عنده فقاما يتحادثان حتى رأيا تباشير الفجر فأوتر كل واحد منهما بركعة. واللَّه أعلم.

القنوت في الوتر

نقل عنه الميموني: إذا استيقظ وقد طلع الفجر، ولم يكن تطوع ركع ركعتين، ثم يوتر بواحدة؛ لأن الركعتين من وتره. "بدائع الفوائد" 4/ 94 قال حرب: قال إسحاق: من فاته الوتر وحده لم يقضه، ومن فاته الوتر مع صلاة الفجر قضاه قبلها. "فتح الباري" لابن رجب 5/ 116 القنوت في الوتر 521 - حكم القنوت في الوتر قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عن القنوت في الوتر؟ قال: أما أنا فأختار النصفَ الأخيرَ، وإن قنتَ السنةَ أجمع لا أعيبه. قال إسحاق بن منصور: أبنا النضرُ بنُ شميل قال: أبنا الأشعثُ، عن الحسنِ أنه كان يقول في القنوت في شهر رمضان: في النصف بعدَ الركوعِ (¬1). "مسائل الكوسج" (432) قال صالح: وسألته عن القنوت؟ فقال: في النصف من شهر رمضان، فإن قنت السنة كلها: فلا بأس به، وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا دعا على قوم واستنصر لقوم قنت في صلاة الغداة (¬2). "مسائل صالح" (233) ¬

_ (¬1) رواه عن الحسن عبد الرزاق 3/ 121 (4996)، وابن أبي شيبة 2/ 99 (6936) أنه كان يقنت في النصف -يعني الآخر- من رمضان. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 255، والبخاري (4565) من حديث أبي هريرة.

قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن مروان الأصفر، قال: سألت أنسًا؛ قنت عمر؟ قال: وخير من عمر (¬1). قال أبي: ليس في كتاب غندر إلا هذِه الثلاثة عن مروان الأصفر. "مسائل صالح" (777) قال أبو داود: قلت لأحمد: القنوت في الوتر السنة كلها؟ قال: إن شاء. قلت: فما تختار أنت؟ قال: أما أنا ما أقنت إلا في النصف الباقي، إلا أن أصلي خلف إمام يقنت فأقنت معه. "مسائل أبي داود" (470) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا كان يقنت النصف الآخر متى يبتدئ؟ قال: إذا مضى خمس عشرة ليلة سادس عشرة. وكذلك صلى به إمامه في مسجده في شهر رمضان. "مسائل أبي داود" (471) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل نسي القنوت؟ قال: إن كان ممن تعود القنوت فليسجد سجدتي السهو. "مسائل أبي داود" (487) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: سألت ابن علية عن الرجل ينسى القنوت في الوتر؟ فقال: لا شيء عليه. ¬

_ (¬1) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 244 (1459) عن أحمد بن داود، عن سليمان بن حرب، عن شعبة به. وهو في "المسند" 3/ 166 لكن عن ابن سيرين قال: سألت أنس بن مالك.

قال أحمد: وسألت هشيمًا قال: يسجد سجدتي السهو. "مسائل أبي داود" (488) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يقنت السنّة أجمع؟ قال: كنت أرى أن يقنت نصف السنة، وإنما هو دعاء، يقنت السنة أجمع لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (497) قال ابن هانئ: قلت له: كنت ترى القنوت نصف السنة، وأنت اليوم ترى أن يقنت السنة أجمع؟ قال: قد كنت أرى هذا، ولكن هو دعاء أرى أن يقنت السنة أجمع. "مسائل ابن هانئ" (500) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن القنوت في الوتر كل ليلة أفضل؟ أم في السنة كلها؟ أو النصف من شهر رمضان؟ قال: لا بأس إن قنت كل ليلة، ولا بأس إن قنت السنة كلها. قال: وإن قنت في النصف من شهر رمضان، فلا بأس. قلت لأبي: ما يقرأ به من القرآن في القنوت. قال: أعجب إلي أن يقرأ إذا هو أوتر في الركعة بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} وفي الثانية {قُلْ يَاأَيُّهَا الكَافِرُونَ} ثم يسلم، ثم يوتر بركعة يقرأ فيها {الحَمْدُ لِلَّهِ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. قال عبد اللَّه: سألت أبي عن القنوت في الوتر بعد الركوع، أو قبل الركوع؟ قال: بعد الركوع إذا رفع رأسه. سمعت أبي يقول: أعجب إلي أن يقرأ إذا هو أوتر في الركعة الأولى بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)}، وفي الثانية {قُلْ يَاأَيُّهَا الكَافِرُونَ} ثم يتشهد، ثم يسلم، ثم يوتر بركعة يقرأ فيها بـ {الحَمْدُ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.

قال: واختار أن يقنت بعدما يرفع رأسه من الركوع. "مسائل عبد اللَّه" (320) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن القنوت في السنة كلها أفضل، أو النصف من شهر رمضان؟ قال: لا بأس أن يقنت كل ليلة، ولا بأس إن قنت السنة كلها، وإن قنت النصف من شهر رمضان فلا بأس. قال عبد اللَّه: حدثني أبي: نا: إسماعيل، أخبرنا أيوب عن نافع أن ابن عمر كان لا يقنت إلا في النصف الثاني من رمضان (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (337) قال عبد اللَّه: وقال أبي: مذهبي في القنوت في شهر رمضان أن يقنت في النصف الأخير، وإن قنت في السنة كلها فلا باس، وإذا كان إمام يقنت قنت خلفه. "مسائل عبد اللَّه" (348)، (354) نقل أبو طالب، وأبو الحارث عنه: أذهب إلى أني أقنت في النصف الأخير من شهر رمضان؛ لما رُوي أن عمر قدَّم أبي بن كعب ليصلي بالناس في رمضان، فلم يقنت إلا في النصف الأخير من رمضان (¬2). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 99 (6931 - 6932). (¬2) رواه أبو داود (1428)، والبيهقي 2/ 498 (4404) من طريق هشام عن محمد عن بعض أصحابه، قال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 2/ 127 فيه رجل مجهول، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (257) ورواه أبو داود (1429)، والبيهقي 2/ 498 (4405) من طريق هثيم عن يونس بن عبيد عن الحسن، قال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 2/ 127 والحسن البصري ولد في سنة إحدى وعشرين ومات عمر في أواخر سنة ثلاث وعشرين، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" 258.

522 - حكم القنوت في غير الوتر من الصلوات

قال خطاب بن بشر: قال أحمد: كنت أذهب إلى أن أقنت في النصف الأخير من رمضان، ثم رأيت السنة كلها. "الروايتين والوجهين" 1/ 163، "معونة أولي النهى" 1/ 202 قال المروذي: قال أحمد: كنت أذهب إلى أنه في النصف من شهر رمضان، ثم إن قنت هو دعاء وخير. "المغني" 2/ 581 قال محمد بن يحيى الكحال: سألت أبي عبد اللَّه عن القنوت في الوتر؟ فقال: ليس يُروى فيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شيء، ولكن كان عمر يقنت من السنة إلى السنة (¬1). "زاد المعاد" 1/ 334 522 - حكم القنوت في غير الوتر من الصلوات قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: القنوتُ في المغرب؟ قال: لا يقنتُ. قال إسحاق: إذا فعله الإمامُ وكان مُحارَبًا جازَ. "مسائل الكوسج" (203) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في الفجرِ؟ قال: أمَّا الفجرُ فإنْ ذهبَ إليه ذاهبٌ. يقولُ: كأنه ليس به بأسٌ. قال إسحاق: أما الفجرُ فهو سنة عند حوادثِ الأمورِ؛ مِنْ أَمرِ حروبٍ وغيرها، لا يدعن الأئمة ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (204) ¬

_ (¬1) روى عبد الرزاق 4/ 260 (7728)، وابن أبي شيبة 2/ 99 (6935) عن عطاء قال: عمر أول من قنت في النصف الآخر من رمضان.

قال إسحاق بن منصور: قلتُ: القنوت في صلاة الغداةِ؟ قال: أما الأئمةُ فلا بأسَ أن يقنتوا يدعون للجيوشِ إذا أوغَلوا. قال إسحاق: كما قال، وكذلك كُلَّمَا حَزَبَ المسلمين أرُ شدةٍ من حربٍ أو غير ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (292) قال أبو داود: سمعتُ أحمد بن حنبل سئل عن القنوت في الفجر؟ فقال: لو قنت أيامًا معلومةً ثمَّ يتركُ كما فعل النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، لو قنت على الخُرَّمِية، لو قنت على الروم. "مسائل أبي داود" (272) قال أبو داود: قلت لأحمد: كأنَّه يغزو الجيشُ فيقنت أهلُ الثغرِ؟ قال: نعم. قال أحمد: إنما كان قنوتُ عليٍّ وهو محارب (¬2). "مسائل أبي داود" (273) قال أبو داود: ورأيتُ أحمد بن حنبل لا يقنتُ في الفجر. "مسائل أبي داود" (275) قال ابن هانئ: وسئل عن القنوت في الفجر؟ قال: إذا قنت، كما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، يدعو على الكفار ويستنصر، فلا بأس أن يقنت (¬3). وكان عمر بن الخطاب يقنت (¬4). وإذا كان صاحب ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 115، والبخاري (1002)، ومسلم (677) من حديث أنس. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 7/ 268 (35970)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 252 (1496). (¬3) سبق تخريجه. (¬4) سيأتي تخريجه.

سريّة قد عبأ السرايا، فلا بأس أن يقنت ويدعو، ولا يعجبني أن يقنت في الحضر. "مسائل ابن هانئ" (498) قال ابن هانئ: سألته عن القنوت في صلاة الفجر؟ قال: إذا قنت كما قنت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يدعو على الكفار ويستنصر، كما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، دعا على أبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وإذا كان أمير جيش فصف الناس للقتال، أو بعث بهم للقتال، فإنه يدعو ويستنصر، كما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يعجبني غير هذا، لا يقنت في الحضر. "مسائل ابن هانئ" (501) قال عبد اللَّه: قال: قلت لأبي: يقنت في الغداة على ما قنت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: دعا على المشركين واستنصر للمسلمين؟ فقال: لا بأس إذا قنت الإِمام قنوتًا. "مسائل عبد اللَّه" (345) قال بشر بن موسى: وسألته عن القنوت في الفجر؟ فقال: أما أنا فلا أفعله. "طبقات الحنابلة" 1/ 328 قال إبراهيم بن إسحاق الحربي: سمعت أبا ثور يقول لأبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل: ما تقول في القنوت في الفجر؟ فقال أبو عبد اللَّه: إنما يكون القنوت في النوازل. فقال له أبو ثور: أي نوازل أكثر من هذِه النوازل التي نحن فيها؟ قال: فإن كان كذلك فالقنوت.

523 - محل القنوت

قال الأثرم: سألت أبا عبد اللَّه عن القنوت في الفجر؟ فقال: نعم في الأمر يحدث، كما قنت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يدعو على قوم. قلت له: ويرفع صوته؟ قال: نعم ويؤمن من خلفه، كذلك فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: القنوت في الفجر بعد الركوع، وسمعته قال لما سئل عن القنوت في الفجر، فقال: إذا نزل بالمسلمين أمر، قنت الإمام وأمني من خلفه. ثم قال: مثل ما نزل بالناس من هذا الكافر. يعني بابك. "الصلاة وحكم تاركها" ص 212 523 - محل القنوت قال صالح: حدثني أبي، قال: حَدَّثنَا محمد بن جعفر، قال: حَدَّثنَا شعبة، عن مروان الأصفر، قال: سمعت أبا رافع قال: صليت خلف عمر، فقنت بعد الركوع، فدعا على الكفرة (¬1). "مسائل صالح" (776) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: كل ما روى البصريون في القنوت عن عمر فهو بعد الركوع، وروى الكوفيون قبل الركوع. "مسائل أبي داود" (274) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: إذا كان يقنت قبل الركوع افتتح القنوت بتكبيرة. قال: القنوت بعد. ¬

_ (¬1) رواه بنحوه عبد الرزاق في "المصنف" 3/ 110 (4968) من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن أبي رافع.

قال أبو داود: سألته عن القنوت، بعد الركوع؟ قال: بعد أحب إلي. "مسائل أبي داود" (484)، "مسائل ابن هانئ" (499) بمعناه. قال عبد اللَّه: سألت أبي عن القنوت في صلاة الصبح أحب إليك قبل الركوع أم بعد الركوع؟ وفي الوتر أحب إليك أم تركه؟ قال أبي: أما القنوت في صلاة الغداة، فإن كان الإمام يقنت مستنصرًا لعدو حضره فلا بأس بذلك على معنى ما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه دعا لقوم ودعا على قوم فلا بأس بالقنوت في الفجر، وأما غير ذلك فلا يقنت، ويقنت بعد الركعة في الفجر، وفي الوتر بعد الركعة إذا هو قنت. قال: سمعت أبي يقول: اختار القنوت بعد الركعة؛ لأن كل شيء يثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في القنوت إنما هو في الفجر لما رفع رأسه من الركعة، فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللهم أنج الوليد بت الوليد، وسلمة بن هشام. . " (¬1). وقنوت الوتر أيضًا، أختاره بعد الركوع. قال أبي: وقد روي عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- أنه قنت في الوتر بعد الركوع. ولم يصح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في قنوت الوتر قبل أو بعد شيء. "مسائل عبد اللَّه" (323) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن القنوت في أي صلاة؟ قال: في الوتر بعد الركوع، وإن قنت رجل في الوتر اتباع ما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قنت: فدعا للمستضعفين فلا بأس. قلت: إن قنت في الصلوات كلها؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 418، والبخاري (804)، ومسلم (675) من حديث أبي هريرة.

قال: لا، إلا في الوتر والغداة، فإذا كان يستنصر ويدعو للمسلمين. قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: خالف إبراهيم عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه أن ابن مسعود قنت في الوتر قبل الركعة. قال إبراهيم: عمر (¬1)، وقال عبد الرحمن: ابن مسعود (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (324) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن القنوت في الوتر؟ فقال: إن شاء قنت، وأختار أن يقنت بعد الركوع. "مسائل عبد اللَّه" (344) قال الأثرم: أملى علينا أبو عبد اللَّه من كتابه: ثنا الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعي، حدثني عبدة بن أبي لبابة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، أن عبد اللَّه بن مسعود قنت في الوتر بعد القراءة قبل الركوع. "سؤالات الأثرم" (13) قال الأثرم: حدثنا أبو عبد اللَّه، ثنا يحيى بن سعيد، عن العوام بن حمزة قال: سألت أبا عثمان عن القنوت، فقال: بعد الركوع. قلت: عن من؟ قال: عن أبي بكر وعمر وعثمان -رضي اللَّه عنهم- (¬3). "سؤالات الأثرم" (15) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 97 (6899) عن إبرهيم عن الأسود بن يزيد أن ابن عمر قنت في الوتر قبل الركوع. (¬2) ابن مسعود من طريق عبد الرحمن رواه ابن أبي شيبة 2/ 97 (6903)، والبخاري في "رفع اليدين" ص 146 (163)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 253 (1506)، والطبراني 9/ 238 (9165 - 9166) قال الألباني في "الإرواء" 2/ 166 وسنده صحيح. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 2/ 106 (7011) قال: حدثنا يحيى بن سعيد، به. وفيه -المطبوع- عن أبي بكر وعثمان.

قال الأثرم: حدثنا أبو عبد اللَّه، ثنا يزيد بن هارون، أنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عمر أنه كان يقنت في الوتر قبل الركوع (¬1). "سؤالات الأثرم" (19) قال الأثرم: قال سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن هذِه المسألة؟ فقال: اقنت بعد الركوع. "المغني" 2/ 582 قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: أيقول أحد في حديث أنس (¬2): إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قنت قبل الركوع غير عاصم الأحول؟ فقال: ما علمت أحدًا يقوله غيره. قال أبو عبد اللَّه: خالفهم عاصم، كلهم، هشام عن قتادة عن أنس، والتيمي، عن أبي مجلز، عن أنس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: قنت بعد الركوع، وأيوب عن محمد بن سيرين قال: سألت أنسًا وحنظلة السدوسي عن أنس أربعة وجوه. وأما عاصم فقال: قلت له؟ فقال: كذبوا، إنما قنت بعد الركوع شهرًا قيل له: من ذكره عن عاصم؟ قال: أبو معاوية وغيره. قيل لأبي عبد اللَّه: وسائر الأحاديث أليس إنما هي بعد الركوع؟ فقال: بلى كلها عن خفاف ابن إيماء بن رحضة (¬3)، وأبي هريرة (¬4). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 3/ 247 (6965) ط. الرشد، ووقع في الطبعة الهندية عن ابن عمر، وهو خطأ؛ لأن الأسود معروف بالرواية عن عمر. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 167، والبخاري (1002)، ومسلم (677). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 57، ومسلم (679). (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 255، والبخاري (804)، ومسلم (675).

524 - صفة القنوت

قلت لأبي عبد اللَّه: فلم ترخص إذًا في القنوت قبل الركوع، وإنما صح الحديث بعد الركوع؟ فقال: القنوت في الفجر بعد الركوع، وفي الوتر يختار بعد الركوع، ومن قنت قبل الركوع، فلا بأس، لفعل أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- واختلافهم، فأما في الفجر، فبعد الركوع. "زاد المعاد" 1/ 280 - 281، "فتح الباري" لابن رجب 9/ 194 قال الفضل بن زياد القطان: وسمعته يسأل عن القنوت قبل الركوع أو بعد؟ فقال: كل حسن إلا أني أختار بعد الركوع. "بدائع الفوائد" 4/ 56 524 - صفة القنوت قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يرفعُ يديه في القنوت؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (293) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كيفَ يدعو في الوِتر؟ قال: يدعو الإِمامُ ويُؤَمِّن مَنْ خلفه. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (386) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عمَّنْ يرفعُ يديه في قنوتِ الوترِ. فقال: إنْ شاءَ، وأما أنا فأختارُ النصفَ الآخرَ من شهرِ رمضان. "مسائل الكوسج" (464)

قال إسحاق بن منصور: قال أبو يعقوب: كذا أيسر أن يرفع يديه إذا قنت ويضمها حين يفرغ، وإن لم يرفع وأشارَ بالسبابة جازَ، ولا يمسح بهما وجهْهُ في شيءٍ مِنَ الصلَّواتِ، إنما يستحبُ مسح الوجْهِ بعدَ الدعاءِ (¬1). "مسائل الكوسج" (465) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: إن لم يسلم في ركعتي الوتر ففيه شيء، وأما الذي لا اختلاف فيه أن يدعو الإمام ويؤمن من خلفه. "مسائل الكوسج" (3463) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمد: يرفعُ يديه في قنوتِ الوتر. قال: إنْ شاء، وأمَّا أنا فأختارُ في النصفِ: الأواخر من رمضان. "مسائل الكوسج" (3367) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: إن لم يسلم في ركعتي الوتر ففيه شي، وأما الذي لا اختلاف فيه أن يدعو الإمام ويؤمن من خلفه. "مسائل الكوسج" (3468) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: يرفع يده في القنوت؟ قال: نعم يعجبني. ورأيت أحمد يرفع يديه في القنوت وكنت أكون خلفه أليه، فكنت أسمع نغمته في القنوت فلم أسمع منه شيئًا. "مسائل أبي داود" (472) قال أبو داود: سمعت أحمد سألته عن الرفع في القنوت، قلت: هكذا أو هكذا؟ فبسطت يدي ووجهت بأطراف الأصابع إلى القبلة، وجعلت مرة ¬

_ (¬1) لم يرد في المسح بعد الدعاء حديث صحيح يستند عليه.

بعضها إلى بعض. فلم نقف منه على حد وكان يقنت إمامه بعد الركوع. "مسائل أبي داود" (473) قال أبو داود: ورأيت أحمد إذا فرغ من القنوت وأراد أن يسجد رفع يديه كما يرفعهما عند الركوع. "مسائل أبي داود" (474) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن القنوت؟ فقال: الذي يعجبنا: أن يقنت الإمام ويؤمن من خلفه. قيل لأحمد: قال: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك يقول من خلفه: آمين؟ قال: يؤمن في موضع التأمين. "مسائل أبي داود" (475) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن قول إبراهيم في القنوت قدر {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}؟ قال: هذا قليل، يعجبني أن يزيد. "مسائل أبي داود" (476) قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل قال: أنا وكيع قال: أنا يونس بن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم السلولي، عن أبي الحوراء، عن الحسن بن علي بن أبي طالب قال: علمني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كلمات أقولهن في قنوت الوتر: "اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت" (¬1). "مسائل أبي داود" 479 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 199، وأبو داود (1425)، والترمذي (464) وقال: وهذا حديث حسن إلا من هذا الوجه، والنسائي 3/ 248، وابن ماجه (1178)، =

قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل قال: أنا عبد الرزاق ومحمد بن بكر قالا: أنا ابن جريج قال: أخبرني عطاء أنه سمع عبيد بن عمير يأثر عن عمر بن الخطاب في القنوت أنه كان يقول: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، وألف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم، اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يكذبون رسلك، ويقاتلون أولياءك، اللهم خالف بين كلمتهم، وقال ابن بكر: كلمهم، وزلزل أقدامهم، وأنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، بسم اللَّه الرحمن الرحيم، اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يكفرك، بسم اللَّه الرحمن الرحيم، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد، إن عذابك بالكافرين ملحق (¬1). "مسائل أبي داود" (480) قال أبو داود: حدثنا أحمد، قال: أنا محمد بن جعفر قال: أخبرنا ابن جريج عن عطاء، عن عبيد بن عمير: أن عمر كان يقول في القنوت، قال أحمد فذكر هذا الحديث، إلا أنه قال: بين كلمهم، قال: وكان يقول ذلك في الصبح، وفي رمضان. "مسائل أبي داود" (481) قال أبو داود: قيل لأحمد وأنا أسمع: تختار من القنوت شيئًا؟ قال: كل ما جاء فيه الحديث لا بأس به. "مسائل أبي داود" (483) ¬

_ = وصححه ابن خزيمة في "صحيحه" (1095)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1281). (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 111، والبيهقي في "السنن الكبرى" 2/ 10 - 11.

قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا لم أسمع قنوت الإمام أدعو؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (485) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يمسح وجهه بيده إذا فرغ في الوتر؟ قال: لم أسمع به. وقال مرة: لم أسمع فيه بشيء. ورأيت أحمد لا يفعله. "مسائل أبي داود" (486) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل إذا أراد أن يوتر في الصلاة يرفع يديه؟ فقال: إذا قنت الرجل يرفع يديه حذو صدره، ورفع يديه في قنوته في الوتر. "مسائل عبد اللَّه" (319) قال عبد اللَّه: قال: سُئِلَ أبي، وأنا أسمع، عن رفع الأيدي في القنوت يمسح بها وجهه؟ قال: الحسن يروى عنه أنه كان يمسح بها وجهه في دعائه إذا دعا (¬1). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن القنوت، ترفع يديك؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (322) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رفع اليدين في القنوت؟ قال: لا بأس به. رواه ليث عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه أن ابن مسعود، كان يرفع يديه في القنوت (¬2). ¬

_ (¬1) رواه محمد بن نصر في "كتاب الوتر" كما في "مختصره" ص 327. (¬2) رواه علي بن الجعد في "مسنده" (2277)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 41.

قال: قلت لأبي يمسح بهما وجهه؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. قال لنا أبو عبد الرحمن: لم أر أبي يمسح بهما وجهه. "مسائل عبد اللَّه" (332) قال عبد اللَّه: رأيت أبي إذا صلى القيام في شهر رمضان، فدعا الإمام ظننت أنه يؤمن خلف الإمام لا أعلم إلا كذلك إن شاء اللَّه. ورأيت أبي -وهو مختف- لا يظهر، يصلي القيام بالليل في رمضان وحده. "مسائل عبد اللَّه" (342) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رفع اليدين في الوتر في رمضان؟ فقال: إنما أرفع يدي في الوتر وأنا أقنت في النصف الأخير من رمضان، وإن قنت الرجل الشهر كله لم أر به بأسًا، وإن قنت رجل السنة لم أر به بأسًا في الوتر، وإن هو قنت في الفجر إذا دعا دعا على الكفرة ويدعو للمسلمين، لم أر به بأسًا. "مسائل عبد اللَّه" (347) قال أبو حفض المؤدب: صليت مع أحمد بن حنبل في شهر رمضان التراويح، وكان يصلي به ابن عمير، فلما أوتر، رفع يديه إلى ثدييه، وما سمعنا من دعائه شيئًا، ولا من أحد ممن كان في المسجد، وكان في المسجد سراج على الدرجة، لم يكن فيه قنديل ولا حصير ولا خلوق. "طبقات الحنابلة" 2/ 109 قال الأثرم: كان أبو عبد اللَّه يرفع يديه في القنوت إلى صدره، واحتج بأن ابن مسعود رفع يديه في القنوت إلى صدره (¬1). "المغني" 2/ 584 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 101 (6953)، والبيهقي 3/ 41.

قال الفضل بن زياد: وسألته: إذا قنت الرجل في الوتر يكبر ثم يقنت؟ فقال: إذا قنت قبل الركوع ففرغ من القراءة كبر ثم قنت، وإن قنت بعد الركوع فرفع رأسه من الركوع قال: اللهم إنا نستعينك ونستهديك، ولم يكبر. وسألته عن قدر القيام في القنوت؟ فقال: كقنوت عمر (¬1). وسهته وسئل عن الإمام يقنت ويؤمن من خلفه؟ قال: ما أحسنه إلا أنا نحن ندعو جميعًا. "بدائع الفوائد" 4/ 56 نقل عنه يوسف بن موسى: لا بأس أن يدعو الرجل في الوتر بحاجته. وقال على الأنماطي: قال أحمد: يصلي على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في دعاء القنوت. وقال المروذي: كان أبو عبد اللَّه في دعاء الوتر لم يكن يسمع دعاءه من يليه (أي أنه كان مأمومًا، والمأموم لا يجهر). وقال مهنا: سئل أحمد عن الرجل يقنت في بيته أيعجبك يجهر بالدعاء في القتوت أو يسره؟ قال: يسره، وذلك أن الإمام إنما يجهر ليؤمن المأموم. "بدائع الفوائد" 4/ 95، 96 ¬

_ (¬1) قنوت عمر رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 249 وهو اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير كله ونشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق.

فصل في قيام رمضان

فصل في قيام رمضان 525 - عدد ركعات القيام في شهر رمضان قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كم مِنْ ركعةٍ تُصلى في قِيام شهرِ رَمضان؟ قال: قد قيلَ فيهِ ألوان، يُروى نحو من أربعين، إنما هو تَطَوُّع. قال إسحاق: نختارُ أربعين ركعة، وتكونُ القراءةُ أخف. "مسائل الكوسج" (383) 526 - النداء القيام للتراويح قال أبو طالب: سألت أحمد عن الرجل يقول بين التراويح: الصلاة؟ قال: لا يقول الصلاة. 527 - القراءة في التراويح قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاقُ: كم يقرأ في قيامِ شهرِ رمضان؟ فلم يرخص في دون عشر آيات. فَقِيلَ له: إِنَّهم لا يرضون. قال: لا رَضوا، فلا تأمهم إذا لم يرضوا بعشرِ آيات مِنَ البقرةِ، ثم إذا صرت إلى الآياتِ الخفاف، فبقدرِ عشر آيات مِنَ البقرةِ. "مسائل الكوسج" (3465)

528 - القراءة من المصحف في القيام

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يقرأ القرآن مرتين في رمضان يعني بالناس؟ قال: هذا عندي على قدر نشاط الناس؛ لأن فيهم العمال، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لمعاذٍ: "أفتان أنت؟ " (¬1). "مسائل أبي داود" (444) قال إبراهيم بن الحارث: سمعت أحمد يقول؟ أستحب للإمام أن يقرأ أول ليلة من شهر رمضان في عشاء الآخرة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} لأنها أول سورة نزلت من القرآن. "طبقات الحنابلة" 1/ 249 528 - القراءة من المصحف في القيام قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل يؤم في المصحفِ في شهرِ رمضان؟ قال: ما يعجبني إلا أَنْ يضطَّروا إلى ذَلِكَ فليسَ به بأس. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (385) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما المصلي وحده وهو ينظر في المصحف، أو يقلب الورق أو يقلب له وكل ما كان من ذلك حين أراده أن يختم القرآن أو يؤم قومًا ليسوا ممن يقرءون، فهو سنة كان أهل العلم عليه وقد فعلت عائشة (¬2) -رضي اللَّه عنها-، ومن بعدها من التابعين اقتدوا بفعالها، لم ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 299، والبخاري (705)، ومسلم (465). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 124.

يجئ ضده عن أهل العلم، وإن قلب له الورق كان أفضل، وإن لم يكن له قلب هو لنفسه. "مسائل الكوسج" (491) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا المصلي وحدَه وهو ينظرُ في المصحفِ أو يَقلب الورق أو يُقلب له، وكل ما كان من ذلك منه إرادة أن يختم القرآن، أو يؤم قومًا ليسوا ممن يقرؤون فهو سنة، كان أهلُ العلم عليه، قد فعلَتْ ذَلِكَ عائشةُ -رضي اللَّه عنها- (¬1) ومَنْ بعدها مِنَ التابعينَ اقتدوا بفعلها (-رضي اللَّه عنها-)، ولم يجئ ضده من أهل العلم وإنْ قُلب له الورق كان أفضل، فإِنْ لم يكن له من يقلب قلب هو لنفسِهِ. "مسائل الكوسج" (3457) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يؤم في شهر رمضان في المصحف؟ فرخص فيه. قيل: في الفريضة؟ قال: يكون هذا؟ ! قال أبو داود: على الإنكار. "مسائل أبي داود" (443) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يؤم في شهر رمضان في المصحف؟ فقال: لا بأس به، قد كانت عائشة تأمر مولى لها، يؤمها في شهر رمضان في المصحف، وعدة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والحسن، ومحمد ابن سيرين، وعطاء، لم يكونوا يرون به بأسًا (¬2). "مسائل ابن هانئ" (485) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 124 (7216، 7217، 7218)، البيهقي 2/ 253، وعلقه البخاري باب: إمامة العبد والمولى قبل حديث (692). (¬2) رواه عن الحسنِ عبدُ الرزاق 2/ 420 (3929)، وابن أبي شيبة 2/ 124 (7219، 7221). =

529 - القرآن في التراويح

قال ابن هانئ: أمرني أبو عبد اللَّه: أن أؤم النال في المصحف، ففعلته. "مسائل ابن هانئ" (487) نقل المروذي عن أحمد: أنه كان يصلي وهو ينظر في جزء إلى جنبه. "معونة أولي النهى" 2/ 187 529 - القرآن في التراويح قال إبراهيم بن الحربي: سئل أحمد عن الرجل يختم القرآن في شهر رمضان: أيدعو قائمًا في الصلاة، أم يركع ويسلم ويدعو بعد السلام؟ فقال: لا، بل يدعو في الصلاة وهو قائم بعد الختمة. قيل له: فيدعو في الصلاة بغير ما في القرآن؟ قال: نعم. "طبقات الحنابلة" 1/ 232 - 233 قال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد اللَّه، قلت: أختم القرآن، أجعله في الوتر أو في التراويح، حتى يكون لنا دعاء بين اثنين، كيف أصنع؟ قال: إذا فرغت من آخر القرآن فارفع يديك قبل أن تركع، وادع بنا، ونحن في الصلاة، وأطل القيام. قلت: بم أدعو؟ قال: بما شئت. ففعلت كما أمرني، وهو خلفي يدعو قائمًا ورفع يديه. "طبقات الحنابلة" 2/ 192، "بدائع الفوائد" 4/ 56 ¬

_ = ورواه عن ابن سيرينَ عبدُ الرزاق 2/ 42 (3931)، وابن أبي شيبة 2/ 124 (7214، 7219). ورواه عن عطاءٍ ابن أبي شيبة 2/ 124 (7220).

530 - يصلي القيام جماعة، أم وحده أفضل؟

قال أبو طالب: سألت أحمد: إذا قرأ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} يقرأ من البقرة شيئًا؟ قال: لا. "المغني" 2/ 609 قال حنبل: سمعت أحمد يقول في ختم القرآن: إذا فرغت من قراءتك {قُل أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} فارفع يديك في الدعاء قبل الركوع. قلت: إلى أي شيء تذهب في هذا؟ قال: رأيت أهل مكة يفعلونه، وكان سفيان بن عيينة يفعل معهم بمكة. "جلاء الإفهام" ص 568 - 569 قال محمد بن علي الوَّراق: قلت: الإمام إذا ختم يقرأ المعوذتين، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب، ويبتدئ بالقراءة؟ قال: لا أدري ما سمعت في هذا بشيء. "بدائع الفوائد" 4/ 53. 530 - يصلي القيام جماعة، أم وحده أفضل؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الصلاةُ في الجماعةِ أحبُّ إليك أم يُصلي وحده في قيامِ شهرِ رمضان؟ قال: يُعجبني أنْ يُصليَ في الجماعة يُحيي السنة. قال إسحاق: أجادَ، كما قال. "مسائل الكوسج" (384) قال أبو داود: سمعت أحمد وقيل له: يعجبك أن يصلي الرجل مع الناس في رمضان أو وحده؟ قال: يصلي مع الناس.

وسمعته أيضًا يقول: يعجبني أن يصلي مع الإمام ويوتر معه، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له بقية ليلته" (¬1). "مسائل أبي داود" (437) قال أبو داود: قلت لأحمد: الإمام يصلي التراويح بالناس وناس في المسجد يصلون لأنفسهم؟ فقال: لا يعجبني، يعجبني أن يصلوا مع الإمام. فقيل لأحمد وأنا أسمع: يوتر الإمام بثلاث، أوتر أو أنصرف، فأوتر وحدي؟ قال: توتر معه. قيل: يضجون في القنوت؟ قال: أوتر معه. قيل لأحمد وأنا أسمع: يؤخر القيام -يعني التراويح إلى آخر الليل؟ قال: لا، سنة المسلمين أحب إلي. وكان أحمد يقوم مع الناس حتى يوتر معهم ولا ينصرف حتى ينصرف الإمام، شهدته شهر رمضان كله يوتر مع إمامه إلا -أُرى- ليلة لم أحضر. "مسائل أبي داود" (438) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: يُصلى تطوع في غير رمضان في جماعة؟ قال: ما سمعت. "مسائل أبي داود" (439) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 163، وأبو داود (1375)، والترمذي (806) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي 3/ 83، وابن ماجه (1327) من حديث أبي ذر، وصححه ابن خزيمة (2206)، وابن حبان (2547)، وكذا الألباني في "صحيح الجامع" (1615).

531 - أولى المساجد بصلاة التراويح

قال الأثرم: كان أحمد بن حنبل يصلي مع الناس التراويح كلها، يعني الأشفاع إلى آخرها، ويوتر معهم، ويحتج بحديث أبي ذر، قال أحمد بن حنبل: كان جابر وعلي وعبد اللَّه يصلونها في جماعة (¬1). "التمهيد" 4/ 99 531 - أولى المساجد بصلاة التراويح قال محمد بن بحر: رأيت أبا عبد اللَّه في شهر رمضان وقد جاء فضل ابن زياد القطان فصلى بأبي عبد اللَّه التراويح، وكان حسن القراءة، فاجتمع المشايخ وبعض الجيران حتى امتلأ المسجد، فخرج أبو عبد اللَّه فصعد درجة المسجد فنظر إلى الجمع فقال: ما هذا؟ ! تدعون مساجدكم وتجيئون إلى غيرها، فصلى بهم ليالي، ثم صرفه؛ كراهية لما فيه. يعني من إخلاء المساجد، وعلى جار المسجد أن يصلي في مسجده. "بدائع الفوائد" 4/ 94 532 - التطوع قبل التراويح قال المروذي: كان أبو عبد اللَّه إذا سلم من المكتوبة ركع ركعتين قبل التراويح. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 258 (7722)، وابن أبي شيبة 2/ 166 (7693) عن علي -رضي اللَّه عنه-. ورواه عبد الرزاق 4/ 264 (7741)، وابن أبي شيبة 2/ 166 (7672) عن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-، ولم أقف عليه عن جابر -رضي اللَّه عنه-.

533 - التطوع بين التراويح

وروى أحمد بن الحسين: صليت مع أبي عبد اللَّه في شهر رمضان التراويح، فكان إذا صلى العتمة لا يصلي حتى يقوم إلى التراويح. "بدائع الفوائد" 4/ 92 533 - التطوع بين التراويح قال صالح: قال أبي: لا يتطوع بين التراويح، يروى عن عقبة بن عامر، وعبادة بن الصامت، وأبي الدرداء، يرويه عيسى بن يونس، عن ثور، عن راشد بن سعد أن أبا الدرداء كان يكره الصلاة بين التراويح. وسعيد بن المسيب وزيد بن أسلم كانا يكرهان الصلاة بين كل شفع (¬1). "مسائل صالح" (1025) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل، قيل له: لا يصلي الإمام بين التراويح ولا الناس؟ قال: لا يصلي الإمام، ولا الناس. "مسائل أبي داود" (446) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الصلاة بين التراويح؟ فقال: مكروه لا يُصلي بين التراويح شيء، لا تشبه بالمكتوبة، كانوا يضربون عليها. يعني: من تطوع بين التراويح. "مسائل ابن هانئ" (483) قال عبد اللَّه: رأيت أبي يصلي في شهر رمضان ما لا أحصي التراويح، ولا يصلى بين التراويح شيئًا، وكان يكرهه. وقال: أذهب إلى حديث عبادة ¬

_ (¬1) رواه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 137 عن عبادة بن الصامت -رضي اللَّه عنه- وكذا ابن أبي شيبة 2/ 169 (7729).

534 - التروح بين ركعات التراويح

وعقبة بن عامر أنهم كرهوه. قال عقبة بن عامر: لا تشبهوها بالفريضة (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (338) قال في رواية أبي الحارث، وقد سأله: إلى أي شيء ذهبت في ترك الصلاة بين التراويح؟ فقال: ضَربَ عليها عقبة بن عامر ونهى عنها عبادة بن الصامت. فقيل له: يروى عن سعيد والحسن: أنهما كانا يريان الصلاة بين التراويح؟ فقال: أقول لك: أصحاب رسول اللَّه، وتقول التابعين! . "العدة في أصول الفقه" 4/ 1153 قال الأثرم: وسمعت أحمد بن حنبل يسأل عن الصلاة بين التراويح فكرهها. فذكر له في ذلك رخصة عن بعض الصحابة. فقال: هذا باطل، وإنما فيه رخصة عن الحسن، وسعيد بن جبير، وإبراهيم. قال أحمد: وفيه عن ثلاثة من الصحابة كراهيته: عبادة بن الصامت، وعقبة بن عامر، وأبو الدرداء. "التمهيد" 4/ 99 534 - التروح بين ركعات التراويح قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن قوم صلوا في رمضان خمس تروايح لم يتروحوا بينها؟ قال: لا بأس. "مسائل أبي داود" (338) ¬

_ (¬1) لم أقف عليه.

535 - التعقيب في رمضان

قال حنبل: كان أبو عبد اللَّه يصلي معنا، فإذا فرغنا من الترويحة جلس وجلسنا، وربما تحدث ويسأل عن الشيء فيجيب، ثم يقوم فيصلي، ثم يدعو بعد الصلاة بدعوات، ثم يوتر، ثم ينصرف. وقال الفضل: رأيت أحمد يقعد بين التراويح ويردد هذا الكلام: لا إله إلا اللَّه وحده، شريك له، أستغفر اللَّه الذي لا إله إلا هو. وجلوس أبي عبد اللَّه للاستراحة؛ لأن القيام إنما سمي تراويح لما يتخلله من الاستراحة بعد كل ترويحة. "بدائع الفوائد" 4/ 92 535 - التعقيب في رمضان قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما الإمام إذا صلى بالقوم ترويحةً أو ترويحتين، ثُم قامَ من آخر الليلِ فأرسلَ إلى قوم فاجتمعوا فصلَّى بهم بعد ما ناموا فإنَّ ذَلِكَ جائز إذا أراد به قيام ما أمر أن يصلى من التراويح وأقل من ذَلِكَ خمسة. مع أنَّ أهْلَ المدينةِ لم يزالوا مِنْ لدن عمر -رضي اللَّه عنه- إلى زماننا هذا يصلون أربعين ركعة في قيام شهر رمضان يخففون القراءة وأمَّا أهل العراق فلم يزالوا من لدن علي -رضي اللَّه عنه- إلى زماننا هذا على خمس ترويحات (¬1)، فأمَّا أنْ يكونَ إمام يُصلي بهم أول الليل تمام الترويحات ثم يرجع آخر الليل، فيصلي بهم جماعة فإنَّ ذَلِكَ مكروه ألا ترى إلى قولِ عمرَ -رضي اللَّه عنه- حيث قال: التي تنامون عنها خير من التي تقومون فيها (¬2). فكانوا يقومون أول الليل، فرأى القيام آخر الليل ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 2/ 497. (¬2) رواه البخاري (2010).

536 - العطاء لمن يقوم للناس في رمضان

أفضل. فإنما كرهنا ذَلِكَ لما روي عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- وسعيد بن جبير رحمه اللَّه تعالى كراهية التعقيب (¬1). "مسائل الكوسج" (488) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن التعقيب في رمضان؟ قال: عن أنس فيه اختلاف. "مسائل أبي داود" (440) قال أبو داود: سحت أحمد سُئِلَ عن قوم يعقبون في رمضان فيقول المؤذن في الوقت الذي يعقبون فيه: حي على الصلاة حي على الفلاح؟ قال: أخشى أن يكون هذا بدعة، وكرهه. قلت لأحمد: فيجيء رجل إلى أبواب الناس فيناديهم؟ قال: هذا أيسر. "مسائل أبي داود" 441 قال محمد بن الحكم: وسئل عن التعقيب في رمضان؟ فقال: أكرهه. ونقل المروذي، وأبو طالب عنه وقد سئل عن التعقيب: لا بأس به، وقد روي عن أنس فيه. "الروايتين والوجهين" 9/ 175، "فتح الباري" لابن رجب 9/ 175 536 - العطاء لمن يقوم للناس في رمضان قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: العطاءُ للذي يقوم للناسِ في شهرِ رمضان؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة عنهما 2/ 170 (7731، 7732).

537 - من فاته ركعات من التراويح، يقضيها؟

قال: ما يعجبني أنْ يأخذَ على شيءٍ مِنَ الخيرِ أجرًا. قال إسحاق: لا يسعه أنْ يؤمَّ على نيةِ أخذ، وإنْ أمَّ ولمْ ينوِ شيئًا مِنْ ذَلِكَ فأُعْطِيَ أو أُكْرِمَ جَازَ ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (712) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن إمام قال لقوم: أصلي بكم رمضان بكذا وكذا درهما؟ قال: أسأل اللَّه العافية، من يصلي خلف هذا؟ ! "مسائل أبي داود" (442) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يُصلي بالناس في رمضان بأجر؟ قال: وهل يفعل هذا أحد؟ ! قلت له: أكثر من ذاك. قال: لا يُصلى خلفه ولا كرامة. "مسائل ابن هانئ" (486) قال عبد اللَّه: قال: سألت أبي عن الرجل يؤم قومًا بأجر؟ فكرهه. قلت: الفريضة؟ قال: أكرهه. "مسائل عبد اللَّه" (390) 537 - من فاته ركعات من التراويح، يقضيها؟ قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن أدرك من ترويحه ركعتين أيصلي إليها ركعتين؟ فلم ير ذلك، وقال: هي تطوع. "مسائل أبى داود" (448)

فصل: صلاة الضحى

فصل: صلاة الضحى 538 - حكم صلاة الضحى قال الميموني: قال أحمد: ما سمعناه إلا من وكيع، وإسناده جيد. (يقصد حديث أبي هريرة: ما صلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الضحى قط إلا مرة) (¬1). "بدائع الفوائد" 4/ 97 539 - عدد ركعاتها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: صلاةُ الضُّحى؟ قال: ثماني ركعاتٍ المثبتُ عن أمِّ هانئ -رضي اللَّه عنهما- (¬2). قال إسحاق: إن صلّى ثمانيًا فهو أفضلُ وأعلى، ثم الست، ثم أربع، ثم ركعتين، كلّ ذَلِكَ قدْ ذُكِرَ عن -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل الكوسج" (304) قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه بن حنبل: أليس قد روي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى قبل الظهر أربعًا (¬3)؟ فقال: وقد روي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى الضحى ثماني ركعات، أفتراه لم يسلم فيها؟ ! قال أبو عبد اللَّه: هذا حديث أم هانئ أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى الضحى ثماني ركعات، حديث ثبت (¬4). "التمهيد" 5/ 8 - 9 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 446، ورواه البخاري (1128)، ومسلم (718) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 341، 342، 343، والبخاري (1176)، ومسلم (336). (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 30، والبخاري (1182)، ومسلم (730) من حديث عائشة. (¬4) رواه الإمام أحمد 6/ 342، والبخاري (1176)، ومسلم (336).

فصل: صلاة التسبيح

فصل: صلاة التسبيح 540 - حكم صلاة التسبيح قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ابن عمر -رضي اللَّه عنه-؟ قال: لقد قُتل عثمان وما أحد يُسَبِّحُها! لمْ تكنْ تُسَبَّح. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (163) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: صلاةُ التسبيحِ ما ترى فيها؟ قال أحمد: مَا أَدْرِي، لَيس فيها حديث يثبت. قال إسحاق: لا أرى بأسًا أنْ يستعملَ صلاةَ التسبيح على ما قد جاءَ أنَّ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم أمرَ العباسَ له بذلك (¬1)؛ لأنَّه يروى من أوجه مرسلًا، وإنَّ بعضَهم قد أسنده ويشد بعضهم بعضًا، وقد ذكر فيه من الفضل ما ذكر. "مسائل الكوسج" (3309) قال ابن هانئ: سئل عن صلاة التسبيح؟ قال: إسناده ضعيف. "مسائل ابن هانئ" (520) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لم تثبت عندي صلاة التسبيح، وقد اختلفوا في إسناده، لم يثبت عندي، وكأنه ضعف عمرو بن مالك البكري. "مسائل عبد اللَّه" (315/ ب) ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (1297)، وابن ماجه (1386)، (1387) من حديث عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنهما-، وقال الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" 1/ 425 (678): صحيح لغيره.

قال مهنا: قال أحمد: صلاة التسبيح لم يثبت عندي فيها حديث. "بدائع الفوائد" 4/ 67 قال أبو الحارث: قال أحمد: صلاة التسبيح حديث ليس لها أصل، ما يعجبني أن يصليها يصلي غيرها. وقال علي بن سعيد: ذكرت لأبي عبد اللَّه حديث عبد اللَّه بن مرة من رواية المستمر بن الريان. فقال: المستمر شيخ ثقة. وكأنه أعجبه. "بدائع الفوائد" 4/ 98

فصل: التطوع المطلق

فصل: التطوع المطلق 541 - وقت التطوع المطلق قال أبو داود: قلت لأحمد: متى يمسك الرجل عن الصلاة بالليل؟ قال: إذا اعترض البياض. "مسائل أبي داود" (491) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: يعجبني أن يكون للرجل ركعات من الليل والنهار معلومة: فإذا تنشط طولها، وإذا لم ينشط خففها وجاء بها. "مسائل أبي داود" (503) قال أبو داود: سمعت رجلًا سأل أحمد عن رجل له جزء بين المغرب والعشاء وجزء بالليل فيبطئ الإمام بالإقامة للعشاء فيقرأ من جزء الليل؟ قال: لا بأس أن يتقدم من جزئه. "مسائل أبي داود" (504) نقل عنه المروذي: أفضل القيام قيام داود، وكان ينام نصف الليل ثم يقوم سدسه، أو ربعه. "الإنصاف" 4/ 187 542 - صفة التطوع المطلق قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: سألت سفيان عن رجلٍ صلى ستَّ ركعاتٍ بالنهار؟ فلم يَر بأسًا أن لا يُسَلِّم فيهن. قال أحمد: أستحب أن يصليَ ركعتين ركعتين، فإن صلى أربعًا لا أرى بهِ بأسًا.

قال إسحاق: كما قال أحمد، ولا يجاوزُ الأربعَ أبدًا إلا بسلام. "مسائل الكوسج" (352) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما صلاة الليل والنهار فالذي نختارُ له أن تكونَ صلاته بالليل مَثنى مَثنى إلا الوتر فإن له أحكامًا مختلفةً وأما صلاةُ النهارِ فأختارُ له أن يصلَّي قبلَ الظهرِ أربعًا وقبلَ العصرِ أربعًا، وضَحْوةً أربعًا؛ لما جاء عن ابن مسعود وعلي وابن عمر -رضي اللَّه عنهم- مِنْ وجهٍ واحد، فإن صلى في النهار ركعتين ركعتين وسَلَّم كان جائزًا، مع أن قومًا مِنْ أهلِ العلمِ مثل مالك ومَن اتبعهُ اختاروا صلاةَ الليلِ والنهارِ مثنى، الفصل بين الأربع. "مسائل الكوسج" (353) قال إسحاق بن منصور: صلّى بنا ابن عم الإمامِ أحمدَ فتحرك للقيامِ في الركعتين، فسجدَ قبلَ التسليمِ ولمْ يتشهد وأحمدُ خلفَهُ، ورأيت أحمدَ رحمه اللَّه تعالى يسلمُ في كل ركعتين في التطوعِ بالنهار، ورأيتُه كثيرًا يصلي قبلَ الظهرِ ثمان ركعات، يسلمُ في كل ركعتين، ورأيتُ أحمدَ يصلي قد سَدَل كساءَه وأمسَك (ناحيتيه) (¬1) بيديه، فإذا رفع رأسَه مِنَ الركوعِ خلى عنهما إلى أن يسجدَ، ورأيتُ أحمد رحمه اللَّه تعالى إذا سجدَ في تلاوة في الصلاةِ رفعَ يديه، ورأيتهُ إذا قرأ الإمامُ {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] قال: آمين. يسمع مَنْ يليه. قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عن التطوعِ؟ "مسائل الكوسج" (405) ¬

_ (¬1) في المطبوع من المسائل: (ناحيته).

فقال: ركعتان -واحتج بأحاديث- قال: حديث ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما- (¬1) في تطوع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: ركعتان بعد الظهر وركعتان أقبله، (¬2). وحديث العيدين: ركعتان (¬3). والاستسقاءُ: ركعتان (¬4). وحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا دخل أحدُكم المسجدَ فليركع ركعتين قبلَ أن يجلسَ" (¬5)، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا دخل بيته صلى ركعتين (¬6). قال الإمام أحمد: كلُّ هذا يقوي الصلاة ركعتين. قال إسحاقُ بن منصور: أبنا النضرُ بن شميل قال: أبنا الأشعثُ عن الحسنِ رحمه اللَّه تعالى أنه قال: صلاةُ النهارِ ركعتان ركعتان (¬7). "مسائل الكوسج" (433) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاقُ عن الرجلِ يدخلُ المسجدَ فيتطوع بركعةٍ واحدةٍ ويسلم ويخرج؟ قال: السنة في التطوعِ أنها تكون ركعة فمَا زادَ، إلَّا أن الذي يستحب أن لا يقصر على ركعتين إلَّا عند حالِ العذرِ. "مسائل الكوسج" (470) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 17، والبخاري (1180)، ومسلم (729). (¬2) زيادة يقتضيها السياق. (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 331 - 332، والبخاري (965)، ومسلم (884) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها. (¬4) رواه الإمام أحمد 4/ 39، والبخاري (1025)، ومسلم (894) من رواية عبد اللَّه بن زيد المازني قال: خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يستسقي فاستقبل القبلة وحول رداءه، وجهر بالقراءة، وصلى ركعتين. (¬5) رواه الإمام أحمد 5/ 295، والبخاري (444، 1163)، ومسلم (714) من حديث أبي قتادة. (¬6) رواه مسلم (730). (¬7) رواه ابن أبي شيبة 2/ 75 (6638) بنحوه.

قال صالح: وقال: صلاة النهار مثنى مثنى. "مسائل صالح" (1104) قال صالح: قلت: حديث أنس بن سيرين: أن أنسًا صلى بهم ركعتين، ثم ركعتين (¬1)؟ فقال: هو عندي التطوع. "مسائل صالح" (1298) قال أبو داود: قلت لأحمد: الجلوس في الركعتين من التطوع على حديث أبي حميد (¬2) في الأربع؟ قال: لا. قلت: فيقعد في الثنتين من التطوع كما يقعد في الثنتين من الفريضة؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (241) قال أبو داود: قلت لأحمد: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى؟ قال: كذا أختار. قلت: أسلم في كل ركعتين؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (496) قال أبو داود: سمعته مرة أخرى يقول: أما صلاة الليل فمثنى مثنى ليس فيه اختلاف، وأما صلاة النهار فإن شئت أربعًا وإن شئت ركعتين. قال: ويعجبني مثنى مثنى بالليل والنهار. "مسائل أبي داود" (497) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 69 (6560). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 424، البخاري (828).

قال أبو داود: وسمعت أحمد وقيل له: لا يصلي بعد صلاة مثلها زعموا أن يقرأ في الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة وفي الآخرتين سورة؟ قال: هذا قول أصحاب الرأي. "مسائل أبي داود" (498) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أذهب إلى حديث ابن عمر، حديث علي الأزدي " صلاة الليل مثنى مثنى" (¬1). "مسائل ابن هانئ" (525) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن صلاة النهار مثنى مثنى أو أربع ركعات؟ قال: الذي اختاره، مثنى مثنى، وإن صلى أربعًا فلا بأس. قلت: يسلم في آخرهن؟ قال: لا يسلم إلا في آخرهن. "مسائل عبد اللَّه" (316) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن صلاة النوافل بالليل والنهار؟ فقال: ركعتين ركعتين. "مسائل عبد اللَّه" (317) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن صلاة الليل والنهار. فقال: مثنى مثنى، وإن صلى أربعًا لم أعبه. كان ابن عمر لا يرى بأسًا أن يصلي أربعًا (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (343) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 9، والبخاري (470)، ومسلم (749) لكن ليس من طريق الأزدي وأما حديث الأزدي عن ابن عمر فلفظه: " صلاة الليل والنهار. . " بزيادة: النهار. رواه الإمام أحمد 2/ 26، وأبو داود (1295)، والترمذي (597) والنسائي 3/ 227، وابن ماجه (1322) وأنكرت هذِه اللفظة مع صحة الإسناد. انظر "الفتح" 2/ 479. (¬2) رواه عبد الرزاق 2/ 501 (4226 - 4227)، وابن أبي شيبة 2/ 75 (6634).

قال البغوي: وسمعت أحمد يقول: أرى إذا أوتر الرجل أن يسلم في الركعتين. "مسائل البغوي" (25) قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن صلاة الليل والنهار في النافلة؟ فقال: أما الذي أختار فمثنى مثنى، وإن صلى أربعًا فلا بأس، وأرجو ألا يضيق عليه. فذكر له حديث يعلى بن عطاء عن علي الأزدي. فقال: لو كان ذلك الحديث يثبت (¬1). ومع هذا حديث ابن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي ركعتين في تطوعه بالنهار (¬2)، ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، والفجر، والضحى، وإذا دخل المسجد صلى ركعتين، فهذا أحب إلي، وإن صلى أربعًا فقد روي عن ابن عمر أنه كان يصلي أربعًا بالنهار (¬3). "التمهيد" 4/ 171، "طرح التثريب" 3/ 77 ¬

_ (¬1) هو حديث ابن عمر مرفوعًا: " صلاة الليل والنهار مثنى مثنى" رواه الإمام أحمد 2/ 26، وأبو داود (1295)، والترمذي (597)، والنسائي 3/ 227، وابن ماجه (1322). قال ابن حجر في "الفتح" 2/ 479: تعقب بأن أكثر أئمة الحديث أعلوا هذِه الزيادة وهي قوله: والنهار. بأن الحفاظ من أصحاب ابن عمر بم يذكروها عنه وحكم النسائي على راويها بأنه أخطأ فيها، وقال يحيى بن معين: من علي الأزدي حتى أقبل منه؟ . . (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 6، والبخاري (937)، ومسلم (729). (¬3) رواه عبد الرزاق 2/ 501 (4226)، وابن أبي شيبة 2/ 75 (6636)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 334 (1964).

543 - التطوع جالسا أو محتبيا

543 - التطوع جالسا أو محتبيًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: الرجل يُصلي محتبيًا؟ قال: نعم، إذا كان تطوعًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (320) قال ابن هانئ: وسئل عن الصلاة جالسًا؟ قال: متربعًا أحب إلي، وما خف عليه فعله، فإذا أراد أن يركع ركع متربعًا، وإذا أراد أن يسجد استوى قاعدًا، كما يقع للتشهد إذا سلم، ثم قام بتكبير .. قال: إذا افتتح في أول الركعتين أجزأه. "مسائل ابن هانئ" (528) قال ابن هانئ: رأيت أبا عبد اللَّه، إذا صلى جالسًا يتربع، ويرفع يديه وهو متربع وإذا أراد أن يسجد استوى كما يجلس للتشهد. ورأيته أيضًا: إذا أراد أن يصلي قاعدًا، يجلس ينصب اليمنى، ويفترش اليسرى، ويكبر كما هو قاعد، ويسجد كما هو. "مسائل ابن هانئ" (529) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل يصلي محتبيًا، أو متكئًا، تطوعًا؟ قال: لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (530) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يصلي ثلاث ركعات، ثم يجلس فيقرأ، ثم يقوم فيركع؟ قال: إذا كان بقي عليه من ورده بقدر أربعين آية، أو ما كان، فليقم

544 - رفع الصوت بالقراءة في التطوع

فليقرأ، ثم ليركع، وكذا كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يفعل (¬1). "مسائل ابن هانئ" (531) قال حنبل: سألت أحمد عن المتطوع جالسًا هل يتربع؟ قال: إن كان يطيل القراءة تربع، وإن كان يكثر الركوع والسجود لم يتربع. "بدائع الفوائد" 4/ 56 قال البغوي: حدثنا أحمد وجدي (¬2) قالا: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن الوليد بن أبي هشام، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عَمْرة، عن عائشة قالت: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرأ وهو قاعد، فإذا أراد أن يركع قام قَدْر ما يقرأ الإنسان أربعين آية (¬3). "مسائل البغوي" (3) 544 - رفع الصوت بالقراءة في التطوع قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يرفعُ صوتَه بالقرآنِ بالليل؟ قال: نعم، إن شاءَ رفعَ. ثمَّ ذكر حديثَ أمِّ هانئ -رضي اللَّه عنهما- كنتُ أسمعُ قراءةَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا على عريشي من الليلِ (¬4). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 189، والبخاري (1118)، ومسلم (731، 738). (¬2) ابن منيع. (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 217، والبخاري (1118)، ومسلم (731). (¬4) رواه الإمام أحمد 6/ 343، والنسائي 2/ 178 - 179، وابن ماجه (1349)، وصححه الألباني في "مختصر الشمائل المحمدية" ص 167.

545 - طول القنوت أفضل أم كثرة الركوع والسجود؟

قال إسحاق: الذي نختارُ له؟ إذا أمن العجبَ أو أن يدخله شيءٌ يكرهه أن يرفعَ صوتَه. "مسائل الكوسج" (303) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الرجل يكون وحده في بيت بالنهار، فينشط فيرفع صوته بالقراءة في الصلاة؟ قال: لا. قيل: قدر كم يرفع؟ قال: قال ابن مسعود: من أسمع أذنيه فلم يخافت (¬1). "مسائل أبي داود" (500) نقل مهنا عنه: ينبغي للمرأة أن تخفض من صوتها إذا كانت في قراءتها، إذا قرأت بالليل. "معونة أولي النهى" 9/ 28 545 - طول القنوت أفضل أم كثرة الركوع والسجود؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: طولُ القنوتِ أحبُ إليك أم كثرة الركوعِ والسجودِ؟ قال: هذا فيه حديثان، لمْ يقضِ فيه بشيء. ثمَّ سألته قلتُ: طولُ القنوتِ أحبّ إليك أم كثرة الركوعِ والسجودِ؟ قال: أحبّ إلي أن يكونَ للرجلِ ركعات معلومات بالليلِ والنهارِ، إن شاء طوَّل فيهن، وإن شاء قصَّر. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 200 (8091)، 2/ 321 (3680)، والطبراني في "الكبير" 9/ 279 (9398)، وقال الهيثمي في "المجمع" 2/ 267: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

546 - الأفضل التطوع في أم البيت؟

قال إسحاق: أما بالليل فطولُ القنوتِ، وأما بالنهارِ فكثرةُ الركوعِ والسجودِ، إلَّا أن يكونَ له جزء يحييه بالليلِ- يأتي عليه بالليل- فكثرة الركوعِ والسجودِ أحبُّ إليَّ؛ لأنه يأتي على جزئهِ وقد ربح الركوعَ والسجودَ. "مسائل الكوسج" (302) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو الأشهب، عن الحسن قال: الصلاة خير موضوع من شاء استقل ومن شاء استكثر. "الزهد" ص 349 (1673) نقل المروذي عنه: أن كليهما حسن. "الروايتين والوجهين" 1/ 166 قال حنبل: قلت: ما أحب إليك ما يتقرب به العبد من العمل إلى اللَّه؟ قال: كثرة الصلاة والسجود، وأقرب ما يكون العبد من اللَّه إذا عفر وجهه له ساجدًا. وقال المروذي: قال أحمد: كل تسبيح في القرآن صلاة إلا موضع واحد، قال: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)} [الطور: 49]: ركعتين قبل الفجر، {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)} [ق: 40]: ركعتين بعد المغرب. "بدائع الفوائد" 4/ 96 546 - الأفضل التطوع في أم البيت؟ قال إسحاق بن منصور. قُلْتُ: التطوعُ في البيتِ أفضلُ أو في المسجدِ؟ قال أحمد: لم يُعزمْ لي على شيء.

وقال: الذي يروى عن زيد، والذي يروى عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- كل هذا في المسجد إلا ما ذكر أنه صلى في بيته. قال إسحاق: في البيتِ أفضلُ؛ لأنه أسلم من الحوادث التي تعرضُ لابنِ آدمَ، فأمَّا إذا صَلَّى في المسجدِ وهو ممن يقتدى به فأَحبَّ إحياء سنة؛ ليقتدى به فهو أفضلُ مِنَ الصَّلاةِ في البَيْتِ. "مسائل الكوسج" (301)، (3234) قال أبو داود: ورأيت أحمد أكثر أمره لا يتطوع بعد الصلاة في المسجد إلا أن يكون يريد أن يقعد مع بعض من يجيئه، وكان يتطوع قبل الصلاة كثيرًا حتى تقام الصلاة أو يأتي في وقت الإقامة. "مسائل أبي داود" (502) قال ابن هانئ: رأيت أبا عبد اللَّه لا يصلي الركعتين قبل الفجر، ولا الركعتين بعد المغرب، ولا شيئًا من بعد المكتوبة، إلا أن يكون يُصلي في بيته. "مسائل ابن هانئ" (527) قال عبد اللَّه: ورأيت أبي يدخل غير مرة المسجد، فيصلي ركعات، يعني ركعتين ركعتين، ثم تقام الصلاة. "مسائل عبد اللَّه" (214) قال الأثرم: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثنا محمد ابن سلمة، عن ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، أن رسول اللَّه صلى المغرب ثم قال: "صلوا هاتين الركعتين في بيوتكم" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 427، وابن ماجه (1165) عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 180: وإسناد حديث رافع بن =

قال أبو بكر: وسئل أبو عبد اللَّه عن الركعتين بعد المغرب؟ فقال: يصليها في منزله أعجب إلي. قيل له: فإن بعد منزله؟ فقال: لا أدري. قال: ورأيت أبا عبد اللَّه، ما لا أحصي، إذا صلى المغرب دخل قبل أن يتطوع. قال وسألت أبا عبد اللَّه عن تفسير قوله (لا يصلي بعد صلاة مثلها)؟ قال: هو أن يصلي الظهر فيصلي أربعًا بعدها لا يسلم، ثم قال: أليس قد قال سعيد بن جبير: إذا سلم في أثنين فليس مثلها. ثم قال: أما أنا فأذهب في الأربع قبل الظهر إلى أن أسلم في الاثنتين منها. ثم قال: أما الركعتان قبل الفجر ففي بيته، وبعد المغرب في بيته. ثم قال: ليس هاهنا أوكد من الركعتين بعد المغرب في بيته. ثم ذكر حديث ابن إسحاق: "صلوا هاتين الركعتين في ببيوتكم". "التمهيد" 5/ 124، "المغني" 2/ 543، 546 قال ابن بدينا: ورأيت أبا عبد اللَّه يصلي ركعتي المغرب وركعتي الفجر في منزله، ولم أر أبا عبد اللَّه يتطوع شيئًا في المسجد، إلا يوم الجمعة، فإني رأيته يتطوع في مسجد الجامع، فما انتصف النهار أمسك عن الصلاة. "طبقات الحنابلة" 2/ 282 ¬

_ = خديج ضعيف، لأن رواية إسماعيل بن عياش عن اليمانيين ضعيفة، وقد صرح ابن إسحاق لراويه في مسند أحمد بن حنبل تدليسه، وعبد الوهاب كذاب. وقد حسن الألباني حديث رافع في "صحيح ابن ماجه" (954).

547 - قضاء التطوع

قال حنبل: رأيت أحمد لا يصلي بعد المكتوبة شيئًا في المسجد إلا مرة بعد الظهر كان يومًا. "بدائع الفوائد" 4/ 97 ونقل حنبل عنه: السنة أن يصلي الرجل الركعتين بعد المغرب في بيته، كذا روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه، قال السائب بن يزيد: لقد رأيتُ الناس في زمن عمر بن الخطاب، إذا انصرفوا من المغرب، انصرفوا جميعًا حتى لا يبقى في المسجد أحد، كأنهم لا يُصلون بعد المغرب حتى يصيروا إلى أهليهم انتهى كلامه. وقال الميموني، والمروذي: قال أحمد رحمه اللَّه: يستحب ألا يكون قبل الركعتين بعد المغرب إلى أن يصليهما كلام. قال الحسن بن محمد: رأيت أحمد إذا سلم من صلاة المغرب قام ولم يتكلم، ولم يركع في المسجد قبل أن يدخل الدار. "زاد المعاد" 1/ 312 - 313 547 - قضاء التطوع قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل يُقْضَى شيءٌ من التطوع؟ قال: أما النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقد قضى الركعتين قبلَ الفجرِ، والركعتين بعدَ الظهرِ قَضاهما بعد العصرِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (299) قال صالح: وقال: من فاته ركعتا الفجر فإنه يقضيها إذا أضحى بعد طلوع الشمس، وهو مذهبه. "مسائل صالح" (355)، "مسائل أبى داود" (353) بمعناه.

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: إذا أصبح الرجل وهو يخاف طلوع الشمس أخر ركعتي الفجر حتى يصليهما بعد ما تطلع الشمس. "مسائل أبي داود" (352)، "مسائل عبد اللَّه" (373) بمعناه. قال ابن هانئ: وسمعته يقول: إذا فاتت الرجل ركعتا الفجر، فمانه يصليهما إذا طلعت الشمس، وابن عمر كان يجعلهما من صلاة الضحى. "مسائل ابن هانئ" (522) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: من فاتته ركعة الفجر فإنه يقضيها. "مسائل عبد اللَّه" (340) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل جاء إلى المسجد وقد أقيمت الصلاة الغداة فتقدم فصلى مع الإمام بصلاته؟ فقال أبي: لا يصلي ركعتي الفجر حتى ترتفع الشمس. فقلت: حكى عنك رجل أنك تقول: يصليها إذا فرغ من صلاة الغداة قبل طلوع الشمس. قال: ما قلت هذا قط. "مسائل عبد اللَّه" (372) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل صلى الفجر ونسي ركعتي الفجر حتى العصر؟ قال: لا يصليها؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن الصلاة في تلك الساعة. قلت لأبي: كيف؟ قال: لو صلاها ضحى كان أعجب إلي من أن يصليها بعد العصر. "مسائل عبد اللَّه" (374)

نقل عنه محمد بن الحكم في الرجل يفوته ورده من الليل: لا يقرأ به في ركعتي الفجر كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يخففهما، لكن يقرأ إذا أصبح أرجو أن يحسب له لقيام الليل. وقال حرب: قال أحمد: إن ترك ركعتي المغرب لا يعيدها إنما هي تطوع. وقال الميموني: مرّ بي أحمد بن حنبل ومعه المروذي وأنا في المسجد قبل الزوال أصلي الضحى؛ لأني كنت شغلت عنها، فوقف عليّ، فقال: ما هذِه الصلاة، وليس هذا وقت الظهر؟ ! قال: قلت يا أبا عبد اللَّه هذِه ركعات كنت أصليها ضحى فشغلت عنها إلى هذا الوقت. قال: لا تتركها ولو ذكرتها بعد العتمة. "بدائع الفوائد" 4/ 96، 97 نقل مهنا عنه: يقضي سنة الفجر، لا الوتر. "الفروع" 1/ 307

باب: صلاة الجمعة

باب: صلاة الجمعة 548 - فضل التبكير إلى صلاة الجمعة قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: كان مالك بن أنس يقول: لا ينبغي التهجير يوم الجمعة باكرًا. فقال: هذا خلاف حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنكره، وقال: سبحان اللَّه إلى أي شيء ذهب في هذا، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: كالمهدي جزورًا، وكالمهدي كذا (¬1). "التمهيد" 4/ 7، "زاد المعاد" 1/ 401، "طرح التثريب" 3/ 173 ونقل الخلال أن الإمام أحمد كان يبكر إلى الجمعة وينصرف أول الناس. "فتح الباري" لابن رجب 8/ 34 549 - حكم صلاة الجمعة والسعي إليها قال عبد اللَّه؟ قلت لأبي: الجمعة واجبة على المسلمين؟ قال: ليس فيها شك. "مسائل عبد اللَّه" (460) نقل حنبل عن أحمد أنه قال: الصلاة -يعني: صلاة الجمعة- فريضة، والسعي إليها تطوع سنة مؤكدة. "فتح الباري" لابن رجب 8/ 59، "معونة أولي النهى" 2/ 500 ¬

_ (¬1) الحديث رواه الإمام أحمد 2/ 512، من حديث أبي هريرة، ورواه البخاري (881)، ومسلم (850) بنحوه.

550 - على من تجب الجمعة؟

550 - على من تجب الجمعة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل يجمع أهلُ القرى؟ قال: إذا كانوا أربعين رجلًا، إذا كان تجب عليهم الجمعةُ. قال إسحاق: السنة أنْ يكونَ أهلُ القرى إذا بلغوا أربعين رجلًا فصاعدًا أنْ يصلي بهم بعضُهم ويخطب. "مسائل الكوسج" (507) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: على مَنْ تجبُ الجمعةُ؟ قال: من أسمعه المنادي لا شكَّ فيه. قال إسحاق: كما قال، فإن كان خارجًا مِنْ المصر بعدَ أن يسمعَ النداءَ. "مسائل الكوسج" (508) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: لا جمعة ولا تشريق إلَّا في مصر جامع؟ قال: هذا لا شيء. قال إسحاق: القرى إذا كانوا أربعين، فإنَّهُ يسعها أن يُقال: هذا مصر جامع. "مسائل الكوسج" (509) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: على المسافرِ جمعة؟ قال: لا. "مسائل الكوسج" (510) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: على العبدِ جمعة؟ قال: ولا على العبدِ إلَّا أن يأذن له سيدُه. "مسائل الكوسج" (511)

قال إسحاق بن منصور: ذكرت له قولَ عليٍّ عليه السلام: لا جمعةَ ولا تشريق إلَّا في مصر جامع (¬1). قال: الأعمشُ لم يسمعه من سَعْد. وقال: كتبَ عمر -رضي اللَّه عنه- أن جمعوا حيث ما كنتم (¬2)، وأول جمعة جمعت بالمدينة، جَمَّع بهم مصعبُ بنُ عمير ليهبه فذبحَ لهم شاة فكفتهم، وكانوا أربعينَ (¬3)، وليس ثَمَّ أحكام تجري، لكن أهل الشام. "مسئل الكوسج" (3441) قال صالح: وقال: المسافرون يجمعون يوم الجمعة، قد صلى عبد اللَّه يوم الجمعة في الحضر فجمع. "مسائل صالح" (929) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سُئِلَ عن الجمعة على من تجب؟ قال: أما على من سمع النداء فلش في نفسي منه شيء أنه عليه. قال: ويبلغ فرسخ، يعني: النداء. "مسائل أبي داود" (393) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 167، 301 (5175، 5719)، وابن أبي شيبة 1/ 440 (5064) واللفظ له، والبيهقي 3/ 179، وضعفه ابن حجر في "التلخيص" 2/ 54. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 1/ 440 (5068). (¬3) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط " 6/ 241 (6294) من طريق صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي مسعود الأنصاري. وقال: لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا صالح بن أبي الأخضر، ولا عن صالح إلا عبد الغفار بن عبيد اللَّه، تفرد به: عباس العنبري. وذكره الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 2/ 56 وقال: وفي إسناده صالح بن أبي الأخضر وهو ضعيف.

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: على المسافر جمعة؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (395) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن أهل القرى يجمعون؟ قال: نعم إذا كان لهم أمير. "مسائل أبي داود" (399) قال أبو داود: قلت لأحمد: قوله مصر جامع، ما معنى: مصر جامع؟ قال: إذا كان فيه الناس يجتمعون. "مسائل أبي داود" (400) قال أبو داود: قلت لأحمد: كان علينا والٍ فتوفي ولم يستخلف كيف يصنع الناس؟ قال: يؤمرون عليهم رجلًا يصلي بهم الجمعة. "مسائل أبي داود" (401) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن أهل السجن يجمعون يوم الجمعة؟ قال: فيه اختلاف. "مسائل أبي داود" (405) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن أهل القرى يجمعون يوم الجمعة؟ قال: فيه اختلاف. "مسائل أبي داود" (406) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن أهل القرى يوم الجمعة يؤذنون ويقيمون الصلاة ويصلون الجماعات؟

قال: نعم إذا كانوا لا تجب عليهم الجمعة. "مسائل أبي داود" (74) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن قول علي: لا تشريق إلا في مصر (¬1)، ما يعني بالتشريق؟ قال: الصلاة. "مسائل أبي دود" (424) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: من كم تؤتى الجمعة؟ قال: كان أهل ذي الحليفة يجتمعون مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهي على ستة أميال من المدينة (¬2)، وأما ابن عمر فكان يقول: الجمعة على من آواه الليل إلى أهله (¬3). "مسائل ابن هانئ" (440) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يأتي المسجد الجامع، فيخاف إن هو توضأ قبل الصلاة مع الإمام أحدث، فيؤخره إلى خروج الإمام، فإذا خرج الإمام توضأ وصلى معه، ولا يصلي قبلها ولا بعدها، فإن خاف الحدث مع الإمام يصلي وحده؟ قال: نعم، إذا خاف على نفسه الحدث صلى، ولا تكون صلاته صلاة القوم في التمام. "مسائل ابن هانئ" (442) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق في "المصنف" 167/ 3 (5175)، وابن أبي شيبة 1/ 440 (5064)، وضعفه ابن حجر في "التلخيص" 2/ 54. (¬2) رواه البيهقي 3/ 175. (¬3) رواه ابن المنذر في "الأوسط" 4/ 35.

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: على من تجب الجمعة؟ قال: على من يبلغه الصوت، وهو يبلغ فرسخًا. وقد كان يجمع مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من ذي الحليفة، وهي على رأس أميال من المدينة. "مسائل ابن هانئ" (445) قال عبد اللَّه: سألت أبي: الجمعة على من تجب؟ قال: على من يبلغه الصوت. قال: فبلغ الصوت فرسخًا. وقال: سمعت أبي يقول: تجب الجمعة على من سمع النداء، والنداء يسمع من فرسخ -الصوت يذهب بالليل، يقال: فرسخ. "مسائل عبد اللَّه" (434)، "العلل" برواية عبد اللَّه (3431) قال عبد اللَّه: سألت أبي على من تجب الجمعة؟ قال: على من سمع النداء. وقال: قال ابن عمر: من آواه الليل إلى أهله، وقد كان أهل ذي الحليفة يجمعون مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وبينهم وبين المدينة ستة أميال، إلا أنه من سمع النداء تجب عليه، والنداء يذهب فرسخًا في وقت ما يهدأ الناس. "مسائل عبد اللَّه" (435) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المريض: يؤخر الجمعة حتى يصلي الإمام؟ قال: لا بأس ولا يتقدم الإمام، وليس على المسافر جمعة، إلا أن يدخل مصرًا، ليشهد الجمعة. "مسائل عبد اللَّه" (440) قال عبد اللَّه: سألت أبي: عن أهل السجون كيف يصلون الجمعة؟ قال: أربعًا. "مسائل عبد اللَّه" (444)

قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: على من تجب الجمعة من أهل القرى؟ قال: تجب على من يبلغه الصوت، والصوت يبلغ فرسخًا. "مسائل عبد اللَّه" (451) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: مسافر صلى الظهر، ثم دخل المصر ولم يصل مع الإمام الجمعة. قال: صلاته هي الأولى، إذا كان لا يريد المقام. وإن جمع فلا بأس. "مسائل عبد اللَّه" (455) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال: حدثنا شعبة قال: قرئ علينا كتاب عمر بن عبد العزيز إلى أهل السواد أن يُجَمعوا. "العلل" (1167) قال أحمد بن الحسن: كنا عند أحمد بن حنبل فذكروا على من تجب الجمعة، فلم يذكر أحمد فيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئًا. قال: فقلت لأحمد بن حنبل: فيه عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال أحمد بن حنبل: عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قلت: نعم، حدثنا حجاج بن نصير، حدثنا معارك بن عباد، عن عبد اللَّه بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الجمعة على من آواه الليل إلى أهله" (¬1). فغضب عليَّ أحمد وقال: استغفر ربك، استغفر ربك. "جامع الترمذي" (502) ¬

_ (¬1) قال الترمذي في "الجامع": إنما فعل أحمد بن حنبل هذا لأنه لم يعد هذا شيئًا، وضعفه لحال إسناده. وقال الشيخ الألباني في "المشكاة" (1376): بل هو إسناد تالف هالك، فيه عبد اللَّه بن سعيد المقبري وقد كذبوه، وعنه معارك بن عباد وعنه حجاج بن نصير وكلاهما ضعيف.

551 - حكم إقامة جمعتين في مصر واحد، والصلاة في غير المسجد الجامع

نقل عنه المروذي في عبد سأله أن مولاه لا يدعه، هل يذهب من غير علمه؟ قال: إذا نودي فقد وجبت عليك وعلى كل مسلم؟ لقوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا}. "الروايتين والوجهين" 1/ 182 نقل ابن القاسم عنه وقد سئل على من تجب الجمعة؟ قال: أما الواجب فالذي يسمع النداء أو أهل القرية إذا كانت مجتمعة. وقال أبو النضر العجلي: قال أحمد: ليس على أهل البادية جمعة؛ لأنهم ينتقلون. "الأحكام السلطانية" ص 100 551 - حكم إقامة جمعتين في مصر واحد، والصلاة في غير المسجد الجامع قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن المسجدين اللذين يجمع فيهما ببغداد هل فيه شيء متقدم؟ فقال: أكثر ما فيه أمر علي أن يصلي بالضعفة، ويقول: أبو إسحاق مرسل أمر أن يصلي ركعتين. "مسائل أبي داود" (397) قال أبو داود: قلت لأحمد: قال ابن المبارك: إذا كان تقام الحدود في موضعين مثل بغداد فلا بأس به. قال: هو يذهب في هذا إلى قول أصحاب الرأي يقولون: الجمعة في الموضع الذي تقام فيه الحدود.

552 - هل يشترط إذن الإمام لإقامة الجمعة؟

سمعت أحمد يقول: أي حد كان يقام بالمدينة؟ ! قدمها مصعب بن عمير وهم مختبئون في دار فجمع بهم وهم أربعون. "مسائل أبي داود" (398) قال الأثرم: سئل أحمد: هل علمت أن أحدًا جمع جمعتين في مصر واحد؟ قال: لا أعلم أحدًا فعله -أي: من الماضين- وجمعة بعد جمعة لا أعرف. "الأحكام السلطانية" ص 103 قال المروذي: وقد سُئل عن صلاة الجمعة في مسجدين؟ فقال: صل. فقيل له: إلى أي شيء تذهب؟ فقال: إلى قول علي -رضي اللَّه عنه- في العيد: أنه أمر رجلًا يصلي بضعفه الناس. "النكت والفوائد السنية" 9/ 144 552 - هل يشترط إِذن الإمام لإقامة الجمعة؟ قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في الجمعة: إذا كانوا أربعين رجلًا، أجتمعوا بإذن السلطان، قد جمع بهم أسعد بن زرارة، وكانت أول جمعة جمعت في الإسلام، وكانوا أربعين رجلًا (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (433)، "العلل" (3430) ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (1069)، وابن ماجه (1082) وصححه ابن خزيمة (1724) من حديث كعب بن مالك. قال البيهقي في "السنن" 3/ 177: حسن الإسناد صحيح. وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 2/ 56: إسناده حسن وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (980).

نقل عنه أبو الحارث، وإسماعيل بن سعيد: ليس من شرطها إذن الإمام ولا أمره؛ لأنها إقامة صلاة، فلم تقتصر إلى إذن الإمام كسائر الصلوات. ونقل المروذي، ومحمد بن الحسين ابن هارون، وعلي بن سعيد عنه ما يقتضي أنها لا تنعقد إلا بإذن الإمام أو بأمره، لأنه لا يصح لكل أحد إقامتها على الانفراد، فوجب أن يكون من شرطها إذن السلطان. "الروايتين والوجهين" 1/ 185 قال الأثرم: حدثنا العباس بن عبد العظيم أنه سأل أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل قال: قلت: فإن لم يكن إمام، أترى أن يصلي وراء من جمع بالناس وصلى ركعتين؟ فقال: أليس قد صلى علي بن أبي طالب والسلطان محصور (¬1). "الاستذكار" 7/ 34 ونقل عنه الميموني: إذا كانوا أربعين أجتمعوا يخطبهم أحدهم ويصلي بهم ركعتين. قيل له: فإن كانوا بغير أمير؟ فقال: ليس في الحديث أمير. "الانتصار" 2/ 567 قال مهنا: قلت: هل يجمع القاضي إذا لم يخرج الوالي؟ فقال: إذا أمره، فإن لم يأمره لا يخرج إلا بإذنه. "الأحكام السلطانية" ص 94 ¬

_ (¬1) رواه البخاري (5571)، ومسلم (1969) مطولًا من حديث أبي عبيد مولى ابن الأزهر.

553 - العدد الذي تنعقد به الجمعة

ونقل أبو الحارث، وإسماعيل بن سعيد عنه: إذا كان بينه وبين المصر قدر ما يقصر فيه الصلاة جمعوا ولو بلا إذن. "الفروع" 2/ 101 553 - العدد الذي تنعقد به الجمعة قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: يُقال: أقل ما يكون سبعة نفر. قُلْتُ: أليس ترى في قُرى مَرو لو جمعوا؟ قال: نعم. "مسائل الكوسج" (3442) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: أول جمعة جمعت في الإسلام كانوا أربعين رجلًا، جمعوا في بيت، وذبحت لهم شاة فكفتهم. "مسائل ابن هانئ" (439) قال ابن هانئ: سمعت أبي يقول: فاتني وأبا عبد اللَّه ورجل آخر الجمعة، فدخل أبو عبد اللَّه بعض المساجد، فصلى بنا وقام وسطنا. أو قال: صليت بهما وقمت وسطهما. "مسائل ابن هانئ" (450) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: إذا فاتت الرجل الجمعة فأدرك رجلين فيصلون جميعًا ويؤمهم واحد ويقوم في وسطهم، كذا فعل عبد اللَّه بن مسعود بعلقمة والأسود (¬1). "مسائل ابن هانئ" (452) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 231 (5456)، وابن المنذر في "الأوسط" 4/ 108، والطبراني 9/ 308 (9544).

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في الجمعة: إذا كانوا أربعين رجلًا، أجتمعوا بإذن السلطان، قد جمع بهم أسعد بن زرارة، وكانت أول جمعة جمعت في الإسلام، وكانوا أربعين رجلًا (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (433)، (462) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قلت: كم أقل ما يجزئ الإمام يوم الجمعة أن يصلي معه فيكون جمعة؟ قال: أربعون رجلًا. قلت: وإن كانوا أقل؟ قال: ما سمعت. "مسائل عبد اللَّه" (452) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: حديث حصين عن سالم أبي الجعد وأبي سفيان عن جابر كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب فتقدمت عير فتركوه على المنبر، إلا اثني عشر رجلًا (¬2). أليس في هذا دليل على أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جمع باثني عشر رجلًا؟ فقال أبي: أليس قد أنزل اللَّه هذِه الآية: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}. وقال أبي: أعجب إلي أن يكونوا أربعين. "مسائل عبد اللَّه" (463) ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (1069)، وابن ماجه (1082) من حديث كعب بن مالك قال البيهقي في "السنن" 3/ 177: حسن الإسناد صحيح، وحسن إسناده ابن حجر في "التلخيص" 2/ 56 وكذا الألباني في "صحيح أبي داود" (980). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 370، والبخاري (936)، ومسلم (863).

554 - الأذان الذي يجب به شهود الجمعة

قال عبد اللَّه: قلت: إن بعض الناس يقول: إذا كان الإمام يصلي الجمعة، فذهبوا وبقي وحده، فإنه يصلي الجمعة، ولو لم يبق معه إلا رجل واحد؟ فقال: سبحان اللَّه، ما أعجب هذا! يجمع برجل واحد، يصلي ركعتين. ثم قال: أعجب إلي أن لا يجمع حتى يكونوا أربعين. "مسائل عبد اللَّه" (464) قال ابن المنذر: ورأيت في حكايات الميموني عن أحمد أنه قال: كان عكرمة يقول: إذا كانوا سبعة جمعوا. قال: ورأيته كأنه يعجبه. "الأوسط" لابن المنذر 4/ 29 نقل ابن الحارث عنه: أربعون -أي: العدد الذي تنعقد به الجمعة. ونقل محمد بن الحكم: إذا كان القوم في موضع واحد خمسين جمعوا الجمعة. "الروايتين والوجهين" 1/ 182 قال الميموني، والأثرم: قال أحمد: إذا كانوا أربعين يجمعون. وقال ابن القاسم: قال أحمد: تجب الجماعة إذا كان أهل القرية أربعين رجلًا. "الأحكام السلطانية" ص 102 554 - الأذان الذي يجب به شهود الجمعة قال مثنى بن جامع: وسألته عن الأذان الذي يوجب على من كان خارجا من المصر أن يشهد الجمعة، هو الأذان الذي على المنارة أو الأذان الذي بين يدي المنبر؟

555 - وقت الجمعة

قال: هو الذي في المنارة. "بدائع الفوائد" 4/ 45، "فتح الباري" لابن رجب 8/ 230. نقل حرب عن إسحاق بن راهويه أن الأذان الأول للجمعة محدث أحدثه عثمان (¬1)، رأى أنه لا يسمعه إلا أن يزيد في المؤذنين ليعلم الأبعدين ذلك، فصار سنة؛ لأن على الخلفاء النظر في مثل ذلك للناس. "فتح الباري" لابن رجب 8/ 220. 555 - وقت الجمعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الجمعةُ قبلَ الزوالِ أم بعدَ الزوالِ؟ قال: إن فعل ذاك -يعني: قبلَ الزوالِ- فلا أعيبه، وأما بعدَه فليس فيه شكّ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (535) قال أبو داود: رأيت أحمد بن حنبل أتى الجمعة قبل الزوال بيسير. "مسائل أبي داود" (408) قال عبد اللَّه: قلت: إمام صلى الجمعة، فلما تشهد، قبل أن يسلم، دخل وقت العصر؟ قال: تجزئه صلاته. "مسائل عبد اللَّه" (454) قال عبد اللَّه: سُئِلَ أبي -وأنا أسمع- عن الجمعة هل تصلى قبل أن تزول الشمس؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 450، والبخاري (912).

فقال: حديث ابن مسعود: أنه صلى بهم الجمعة ضحى (¬1)، أنه لم تزل الشمس. وحديث أبي حازم عن سهل بن سعد: كنا نقيل ونتغدى بعد الجمعة (¬2)، فهذا يدل على أنه قبل الزوال، ورأيته كانه لم يدفع هذِه الأحاديث أنها قبل الزوال، وكأن رأيه على أنه إذا زالت الشمس فلا شك في الصلاة، ولم تره يدفع حديث ابن مسعود؛ سهل بن سعد على أنه كان ذلك عنده قبل الزوال. "مسائل عبد اللَّه" (458)، (459) قال الأثرم: قلت له: يا أبا عبد اللَّه، ما ترى في صلاة الجمعة قبل زوال الشمس؟ فقال: فيها من الاختلاف ما قد علمت. "الأوسط" لابن المنذر 2/ 355، "التمهيد" 1/ 116 قال حنبل: قال أحمد: صلاة الجمعة تعجل، يؤذن المؤذن قبل أن تزول الشمس وإلى أن يخطب الإمام وتقام الصلاة، قد قام قائم الظهيرة ووجبت الصلاة. قال أبو طالب: قال أحمد: ما ينبغي أن يصلّى قبل الزوال، وقد صلى ابن مسعود. وقال ابن القاسم: قال أحمد: وقت الجمعة قبل الزوال وبعد الزوال، أي ذلك فعل جائز. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" 1/ 445 (5134). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 336، والبخاري (939)، ومسلم (859).

556 - متى يحرم البيع والشراء يوم الجمعة؟

قال أبو الحسن الترمذي: قال أحمد: على ما جاء من فعل أبي بكر وعمر (¬1): لا أرى به بأسًا؛ لأنها عيدٌ والأعياد كلها في أول النهار. "فتح الباري" لابن رجب 8/ 176، 177 556 - متى يحرم البيع والشراء يوم الجمعة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: متى يحرم البيع والشراء يوم الجمعة؟ قال: أليس يُقَالُ: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ}. قُلْتُ: أيّ النداء؟ قال: الوقت، وإني خائفٌ أن يوجب إذا أذن المؤذنُ وإنْ لمْ يكنْ الوقت. قال إسحاق: إذا أذن المؤذنُ حرم البيع والشراء وإن كان قبلَ الوقت، مع أنهم لا يؤذنون إلَّا في الوقت. "مسائل الكوسج" (501) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: متَى يترك البيع والشراء يوم الجمعةِ؟ قال: إذا زالت الشمسُ. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 175 (5210)، وابن أبي شيبة 1/ 444 - 445 (5132) والدارقطني 2/ 17 مطولا من طريق جعفر بن برقان عن ثابت بن الحجاج، عن عبد اللَّه بن سيدان. . الحديث. وذكره ابن رجب الحنبلي في "الفتح" 8/ 172 - 173 وقال: وهذا إسناد جيد. وقال الحافظ في "الفتح" 2/ 387: رجاله ثقات إلا عبد اللَّه بن سيدان فإنه تابعي كبير، إلا أنه غير معروف العدالة، وقال أبو الطيب العظيم آبادي في "التعليق المغني على الدارقطني" الحديث رواته كلهم ثقات إلا عبد اللَّه بن سيدان فمتكلم فيه.

557 - تخطي الرقاب في المسجد يوم الجمعة

قال إسحاق: لا، يثرب يوم الجمعة. "مسائل الكوسج" (512) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يشتري يوم الجمعة بعد الأذان؟ قال: إذا باع أو اشترى بعد الزوال، فهو بيع رديء. قيل لأبي: فيفسخ هذا البيع؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (445) ونقل عنه حنبل، والمروذي: إذا زالت الشمس يوم الجمعة حرم البيع. "الروايتين والوجهين" 1/ 186 557 - تخطي الرقاب في المسجد يوم الجمعة نقل حنبل عنه: لا يتخطى؛ لأنه يؤذي من مر أمامه. ونقل ابن القاسم: يتخطى؛ لأنهم اسقطوا حرمة أنفسهم بتركهم الخلل أمامهم. "الروايتين والوجهين" 1/ 185 قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: يشق الصفوف إذا قاموا إلى الصلاة على نحو حديث المسور بن مخرمة؟ كأنه لم يعجبه، ثم قال: اللهم إلا أن يضيق الموضع بالناس وتؤذيهم الشمس، فإذا أقيمت شق الصفوف ودخل، ليس به التخطي، إنما به ما أذاه الشمس. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 126

558 - الصلاة قبل الجمعة وبعدها

558 - الصلاة قبل الجمعة وبعدها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كَمْ يصلي قبلَ الجمعةِ وبعدها؟ قال: أما بعدها إن شاءَ صلَّى ركعتين، وإن شاءَ أربعًا، وإن شاءَ التطوع كلها مَثنى مَثنى. قال إسحاق: كما قال، إلَّا أنه يجوز الأربع بالنهارِ. "مسائل الكوسج" (520) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الإمامُ لا يركع في المسجد بعدَ الجمعةِ؟ قال: ليس حديثُ السائب بن يزيد (¬1) يدل، وقالَ ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما-: كان النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي بعدَ الجمعة ركعتين في بيته (¬2). قال إسحاق: هو كما قال، إنْ صلَّى في بيته، وإن صلى في المسجدِ صلَّى أربعًا لا يسلم إلا في آخرهن. "مسائل الكوسج" (536) قال صالح: سألت أبي: كم يصلي بعد الجمعة؟ قال: ست ركعات. قلت: قبل الأذان؟ قال: كثير، وكان ابن عمر يطيل الصلاة يوم الجمعة (¬3). "مسائل صالح" (428) ¬

_ (¬1) رواه مسلم (883). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 11، والبخاري (937)، ومسلم (882). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 103 مطولا، ومسلم (882) بلفظ: أن عبد اللَّه بن عمر كان إذا صلى الجمعة أنصرف فصلى سجدتين في بيته، ويقول: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يفعل ذلك.

قال صالح: قلت: كم يصلي الرجل قبل الجمعة وبعدها؟ قال: لا بأس بما صلى، إن صلى بعدها ستًّا أو أربعًا أو ركعتين، فلا بأس. "مسائل صالح" (1387) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: الصلاة بعد الجمعة إن صلى أربعًا فحسن، وإن صلى ركعتين فحسن، وإن صلى ستة فحسن. "مسائل أبي داود" (417) قال أبو داود: سمعت أحمد وقيل له: قبل الظهر كم يصلي؟ قال: يعجبني كله ركعتين. قيل له: بعد الجمعة؟ قال: ركعتين كله. "مسائل أبي داود" (418) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل صلى الجمعة، ثم قعد في مصلاه حتى صلى العصر لم يصل بينهما؟ قال: يعجبني أن يصلي. "مسائل أبي داود" (419) قال ابن هانئ: رأيت أبا عبد اللَّه: إذا كان يوم الجمعة يُصلي إلى أن يعلم أن الشمس قد قاربت أن تزول، فإذا قاربت أمسك عن الصلاة، حتى يؤذن المؤذن، فإذا أخذ في الأذان، قام فصلى ركعتين أو أربعًا يفصل بينهما بالسلام، فإذا صلى الفريضة انتظر في المسجد، ثم يخرج منه فيأتي بعض المساجد التي بحضرة الجامع فيصلي فيه ركعتين ثم يجلس، وربما صلى أربعًا ثم يجلس، ثم يقوم فيصلي ركعتين أخر، فتلك ست

ركعات على حديث علي -رضي اللَّه عنه- (¬1)، وربما صلى بعد الست سئا أخرى أو أقل أو أكثر على صفة الأذان وطوله. "مسائل ابن هانئ" (438) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: الذي اختار يوم الجمعة، قبلها ركعتين وبعدها ستًّا، يسلم بين كل ركعتين. "مسائل ابن هانئ" (443) قال ابن هانئ: رأيت أبا عبد اللَّه إذا أذن المؤذن يوم الجمعة صلى ركعتين، وربما صلى أربعًا على خفة الأذان وطوله. "مسائل ابن هانئ" (447) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصلاة بعد الجمعة؟ فقال: ركعتين، ركعتين، ركعتين، وهي ست ركعات، يسلم من كل ركعتين، يفصل بينهن. "مسائل عبد اللَّه" (436) قال عبد اللَّه: سألت أبي: كم يصلي الرجل بعد الجمعة؟ قلت: الذي هو أحب إليك؟ قال: إن شاء صلى أربعًا بعد الجمعة، وإن شاء صلى ستًّا، إلا أنه يسلم في كل ركعتين، وكذلك صلاة النهار كلها مثنى مثنى. "مسائل عبد اللَّه" (437) قال عبد اللَّه: سألت أبي كم أصلي بعد الجمعة؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 85، والترمذي (424) وقال: حديث علي حديث حسن، والنسائي 2/ 120، وابن ماجه (1161) ولفظه: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي قبل الظهر أربعًا وبعد ركعتين. عند الترمذي مختصرًا. والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي" (348).

قال: إن شئت صليت أربعًا، وإن شئت صليت ست ركعات، مثنى، مثنى، كذا أختار أنا، وإن صليت أربعًا فلا بأس. "مسائل عبد اللَّه" (446) قال البغوي: وسأل رجل أحمد وأنا أسمع: كم أصلي يوم الجمعة؟ قال: ما شئت: إن شئت صليت ستًّا وإن شئت صليت أربعًا. "مسائل البغوي" (6) قال البغوي: وسئل أحمد وأنا أسمع: من صلى بعد الجمعة أربعًا أو ستًّا أيسلم في كل ركعتين؟ قال: أنا أختار أن يسلم، وإن لم يسلم لم يضره. "مسائل البغوى" (7) قال ابن عنبر الخراساني: تبعت أحمد بن حنبل يوم الجمعة إلى مسجد الجامع، فقام عند قبة الشعراء يركع، والأبواب مفتحة، فكان يتطوع ركعتين، فمر بين يديه سائل فمنعه، منعًا شديدًا، وأراد السائل أن يمر بين يديه، فقمنا إليه فنحيناه. "طبقات الحنابلة" 2/ 575 نقل إبراهيم بن الحربي عن أحمد رحمه اللَّه أنه قال: أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأربع ركعات، وصلى ركعتين (¬1)، فأيهما فعلت فحسن، وإن أردت أن تحتاط صليت ركعتين وأربعًا، جمعت فعله وأمره. "تقرير القواعد" 1/ 86 ¬

_ (¬1) أما أمره بأربع ركعات فرواه الإمام أحمد 2/ 249، ومسلم (881) من حديث أبي هريرة. وأما صلاته بعد الجمعة ركعتين فرواه الإمام أحمد 2/ 11، والبخاري (937)، ومسلم (882) من حديث ابن عمر.

559 - حكم الخطبة يوم الجمعة

قال أبو طالب: قلت: أيما أحب إليك، أصلي قبل الصلاة أو بعدها؟ قال: بعد الصلاة، ولا أصلي قبل. "الإنصاف" 4/ 360 559 - حكم الخطبة يوم الجمعة قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن إمام جهل فلم يخطب؟ قال: يصلي أربعًا. "مسائل أبي داود" (402) قال ابن هانئ: سألته عن الإمام إذا لم يخطب كم يصلي؟ قال: إنما عدلت الخطبة بركعتين، إذا لم يخطب صلى أربعًا. "مسائل ابن هانئ" (441) قال عبد اللَّه: حدثني، وقرأت على أبي: قلت: الخطبة من الصلاة؟ قال: لو كانت من الصلاة لم يتكلم فيها، ولكن الصلاة تقصر لمكانها. "مسائل عبد اللَّه" (448) 560 - استقبال الإمام أثناء الخطبة والإنصات قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: متى يستقبل الإمام بوجهِهِ يوم الجمعةِ؟ قال: لا أدري. قال إسحاق: حين يخرجُ الإمامُ فعليهم استقباله، وإذا أخذ في الكلام حرم الكلام. "مسائل الكوسج" (515) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل يذكر اللَّهَ عز وجل المرءُ والإمامُ يخطبُ؟

قال: نعم، ويقرأ القرآنَ إذا لمْ يسمع الخطبة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (516) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا عطس الرجلُ والإمامُ يخطبُ يوم الجمعة أشمته؟ قال: شمته. قال إسحاق: شديدًا، كما قال. "مسائل الكوسج" (518) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: وهل يَرد السلامَ والإمامُ يخطبُ؟ قال: يرد السلامَ. قال إسحاق: نعم. "مسائل الكوسج" (519) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجل يحتبي يوم الجمعة والإمام يخطبُ؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأسٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (523) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن الإمامِ إذا صلَّى على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الجمعة؟ قال: السكوت. قال أحمد: ما بأس أن يصلِّي على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما بينه وبين نفسِهِ. قال إسحاق: كما قال أحمد رضي اللَّه عنه. "مسائل الكوسج" (538)

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل نعس يوم الجمعة والإمام يخطب؟ قال: يتحول عن مكانه؛ فإنه يذهب عنه. "مسائل أبي داود" (409) قال أبو داود: قلت لأحمد: يرد السلام والإمام يخطب؟ قال: إذا كان ليس يسمع الخطبة فيرد. قلت: ويشمت العاطس؟ قال: إذا كان ليس يسمع الخطبة، لقول اللَّه: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204]، فإذا كان يسمع فلا. "مسائل أبي داود" (410) قال أبو داود: قيل لأحمد وأنا أسمع: الرجل يسمع نغمة الإمام بالخطبة ولا يدري ما يقول، أيرد السلام؟ قال: لا، إذا سمع شيئًا. قيل لأحمد: فيقرأ؟ قال: إذا كان لا يسمع الخطبة فيقرأ. "مسائل أبي داود" (411) قال أبو داود: سمعت رجلًا قال لأحمد: أرى الرجل يتكلم والإمام يخطب؟ قال: أشر إليه، أومئ إليه. "مسائل أبي داود" (413) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن حديث ابن عمر في تقليب الحصى؟ قال أبو عبد اللَّه: حدثناه ابن عيينة، فقرأته على أبي عبد اللَّه: ابن عيينة

قال: حدثني مسلم بن أبي مريم، عن علي بن عبد الرحمن المعافري قال: صليت إلى جنب ابن عمر فقلبت الحصى، فقال: لا تقلب الحصى، فإنه من الشيطان، ولكن كما رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يفعل، كان يحركه هكذا (¬1)، وأشار أبو عبد اللَّه بالسباحة. قلت له: ابن فضيل يقول: مسلم بن أبي يسار؟ قال: أخطأ ابن فضيل. وحدثناه ابن نمير ويزيد بن هارون، ويحيى بن سعيد، عن مسلم بن أبي مريم، إلا أن شعبة يقول: عبد الرحمن ابن علي المعافري، وإنما هو علي بن عبد الرحمن، أخطأ شعبة. "مسائل ابن هانئ" (210) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: في الرجل يأتي، والإمام في الخطبة، وهو يتكلم. قال: لا بأس بالكلام ما لم يجلس. "مسائل ابن هانئ" (449) قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يكون في مسجد الجامع يوم الجمعة والإمام يخطب فينعس فيجنب، كيف يصنع؟ قال: يمسك على أنفه، كأنه يُري الناس أنه قد رعف، فيذهب فيغتسل. "مسائل أبن هانئ" (453) ¬

_ (¬1) "المسند" 2/ 10 وفيه في إسناده: علي بن عبد الرحمن المعاوي. بدل: المعافري. و (المعاوي) هو الصواب كما في كتب التراجم. وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" 21/ 53، وقد ساق المزي بإسناده هذا الحديث له من طريق الإمام أحمد، ورواه أيضا مسلم برقم (580).

قال ابن هانئ: سألت عن الرجل يشمت العاطس والإمام يخطب؟ قال: نعم. وقال: تشمت العاطس إذا لم تسمع الخطبة. "مسائل ابن هانئ" (458) قال ابن هانئ: قلت له: فترى أن يشرب ماء والإمام يخطب؟ قال: لا يشرب ماء. "مسائل ابن هانئ" (459) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يرد السلام والإمام يخطب، وهو لا يسمع؟ قال: يرد إذا لم يسمع الخطبة. فقلت له: أيشمت العاطس؟ قال: كل ذلك إذا لم يسمع الخطبة. قلت له: إن سمع الخطبة؟ قال: لا يرد. "مسائل عبد اللَّه" (449) قال أبو الحسن الترمذي: قلت: إذا تكلم والإمام يخطب؟ قال: ليس عليه شيء لحديث أنس، أن رجلًا سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يخطب، فقال: استسق لنا (¬1). ونقل علي بن سعيد عنه: لا بأس برد السلام وتشميت العاطس والإمام يخطب. "الروايتين والوجهين" 1/ 183، 184 قال الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل: هل يرد السلام يوم الجمعة والإمام يخطب؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 245، والبخاري (1015)، مسلم (897).

561 - صفة خطبة الجمعة

قيل له: ويشمت العاطس؟ قال: نعم. "التمهيد" 4/ 50 قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: يكون الإمام عن يميني متباعدًا فإذا أردت أن أنحرف إليه حولت وجهي عن القبلة. فقال: نعم، تنحرف إليه. "المغني" 3/ 172 561 - صفة خطبة الجمعة قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن الخطبة قاعدًا، أو يقعد في إحدى الخطبتين؟ فلم يعجبه، وقال: قال اللَّه تعالى: {وَتَركُوكَ قَائِمًا} وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب قائمًا (¬1)، فقال له الهيثم بن خارجة: كان عمر بن عبد العزيز يجلس في خطبته فظهر منه إنكار. "المغني" 3/ 291 قال محمد بن الحكم: سأله عن الرجل يخطب يوم الجمعة، فيكبر ويصلي على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ويحمد اللَّه تكون خطبةً (¬2)؟ وقلت له: إن أصحاب ابن مسعود يقولون: إذا كبر وصلى على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وحمد اللَّه تكون خطبةً. قال: لا تكون خطبةً إلا كما خطب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو خطبة تامة. "الفروع" 2/ 110، "فتح الباري" لابن رجب 8/ 272، "معونة أولي النهى" 2/ 484 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 35، والبخاري (920)، ومسلم (861) من حديث ابن عمر، وفي الباب عن جابر بن سمرة وأن وابن عباس وجابر بن عبد اللَّه وأبي هريرة. (¬2) لم أقف عليه، والذي رواه عنه ابن أبي شيبة 1/ 476 (5499) أنه قام فخطب ثم صلى الجمعة ركعتين.

562 - إذا جاء النفير والإمام يخطب يوم الجمعة

وسئل في رواية أبي طالب: تجزئه سورة؟ فقال: عمر قرأ سورة الحج على المنبر (¬1). قيل: فتجزئه؟ قال: لا، لم يزل الناس يخطبون بالثناء على اللَّه عز وجل والصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "معونة أولي النهى" 2/ 484 - 485 562 - إذا جاء النفير والإمام يخطب يوم الجمعة قال أبو داود: قلت لأحمد: يجيء النفير والإمام يخطب يوم الجمعة أينفرون؟ فذكر شيئا، كأنه لا يرى أن ينفروا. "مسائل أبي داود" (414) 563 - تحية المسجد والإمام يخطب قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا جاء والإمامُ يخطبُ يوم الجمعةِ، يصلي ركعتين؟ قال: يصلي ركعتين. قال إسحاق: نعم، فإنهما من السنة. "مسائل الكوسج" (517) قال صالح: وسألته عمن جاء يوم الجمعة والإمام يخطب؟ فقال: يصلي الركعتين. ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1077) بلفظ: قرأ عمر بن الخطاب يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل.

قلت: فإن قال قائل: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد رخص في لبس الحرير لعبد الرحمن وللزبير (¬1)، فهل للناس أن يلبسوا؟ فقال: ما يشبه هذا من الحرير، إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن لبس الحرير ثم رخص لعبد الرحمن، ولم ينه عن الصلاة، وإنما ذلك أمر منه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل أبي داود" (813) قال أبو داود: قلت لأحمد: فيصلي الركعتين وإن كان يسمع الخطبة؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (412) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: إذا جاء والإمام يخطب فليصل ركعتين خفيفتين. "مسائل ابن هانئ" (344) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل إذا جاء إلى الجمعة والإمام في الخطبة؟ قال: يصلي ركعتين خفيفتين. "مسائل ابن هانئ" (448) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: إذا جئت والإمام في الخطبة فصل ركعتين خفيفتين. "مسائل ابن هانئ" (451) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يصلي ركعتين، والإمام يخطب؟ قال: نعم يصلي ركعتين خفيفتين. ¬

_ (¬1) رواه أحمد 3/ 122، والبخاري (2919)، ومسلم (2076)، من حديث أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه-.

564 - هل يشترط كون الخطيب المصلي؟

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يدخل يوم الجمعة والإمام يخطب؟ قال: يركع ركعتين يخففهما. "مسائل عبد اللَّه" (441) 564 - هل يشترط كون الخطيب المصُلِّي؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا خطب رجل يوم الجمعةِ يصلي آخر؟ قال: لا أعرفه. قال إسحاق: إذا خطب الإمامُ أو من أمره الإمام فإنه يصلي ركعتين ولو خطب آخر. "مسائل الكوسج" (503) قال إسحاق بن منصور: سألتُ سفيان عن رجل أمره الأميرُ أنْ يخطبَ يوم الجمعةِ، فخطبَ وصلَّى الأميرُ؟ قال: لا بأسَ به إذا حضر الأمير الخطبةَ، فإن لم يحضر الأميرُ الخطبةَ فصلَّى بِهِم ركعتين فصلاتُهُمْ فاسدة. قال أحمد: أما ما أعرفُ أن يكون هو يخطبُ ويصلِّي للناسِ إلَّا أنْ يأتيه موضع يحذرُ من رعاف أو حدث، فإذا كان موضع فمن شَهدَ الخطبةَ ومَنْ لمْ يشهدْ واحدٌ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (528) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان في إمامٍ خطبَ يوم الجمعةِ، فلما فرغَ من الخطبةِ جاءَ أميرٌ غيرُه، قال: يصلي الذي خطبَ، فإن صلَّى الذي قدمَ عليه صلَّى أربعًا، وإن شاءَ الذي قدمَ عليه أنْ يخطبَ ويصلِّي ركعتين فعل.

565 - ما تدرك به الجمعة

قال أحمد: الذي يخطبُ إنْ صلَّى بهم فصلاتُه تامة، وإنْ بنى الذي جاءَ على خطبةِ الأولِ فصلاتُه تامةٌ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (529) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إنْ أحدثَ الإمامُ يوم الجمعة قبلَ أن يدخلَ في الصلاةِ فلا يُقدّمَنَّ إلَّا مَنْ شهد الخطبة، فإذا دخل الإمامُ في الصلاة فصلَّى ركعةً، ثمَّ أحدثَ فلا بأسَ أنْ يقدمَ مَنْ كان دخلَ معه في صلاتِهِ، وإن لمْ يكنْ شهد الخطبةَ. قال الإمام أحمد: إن شاءَ قدَّمَ مَنْ شهد الخطبةَ أو لمْ يشهدْ، هو واحدٌ إذا كان عذر، وأما مِنْ غيرِ عذرٍ فما يعجبني أنْ يصليَ رجلٌ ويخطبَ آخر. قال إسحاق: أجاد، كما قال. "مسائل الكوسج" (526) نقل حنبل عنه: لا يجوز ذلك. ونقل أبو طالب عنه جواز ذلك. "الروايتين والوجهين" 1/ 184 565 - ما تدرك به الجمعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا أدرك مِنَ الجمعةِ ركعة؟ قال: يضيفُ إليها أُخرى، وإذا أدركهم يصلي أربعًا. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (504)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن مسافرٍ انتهى إلى الإمامِ يوم الجمعةِ وهو جالس في اَخرِ صلاته؟ قال: يصلي. قال أحمد: جيدٌ؛ لأنه دخلَ في صلاةِ المقيمين. قال إسحاق: المسافرُ إذا جاءَ [. . .] (¬1) صلاتِهِم يوم الجمعةِ فإنَّ عليه ركعتين. "مسائل الكوسج" (532) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا أدرك المسافر يوم الجمعة الإمام ساجدًا في آخر صلاته؟ قال: يصلي أربعًا. "مسائل أبي داود" (420) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: إذا أدرك الناس جلوسًا يوم الجمعة صلى أربعًا. "مسائل أبي داود" (403) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يخرج من بيته يوم الجمعة، ينوي؟ قال: خروجه نيته. وقلتُ: إن أصحاب الرأي يقولون: إذا هو نوى أن يصلي بصلاة الإمام، ثم حدث به حدث فإنه يصلي ركعتين؟ قال أبو عبد اللَّه: أيش هذا وأنكره، وقال: قال ابن مسعود، وابن عمر: إذا أدرك من صلاة الإمام ركعة أضاف إليها أخرى (¬2)، وخروجه من منزله نيته. "مسائل ابن هانئ" (269) ¬

_ (¬1) قال المحقق: طمس بالأصل بمقدار كلمتين. (¬2) رواه عبد الرزاق 3/ 234 - 235 (5470 - 5473، 5477) وابن أبي شيبة 1/ 461 (5334 - 5332) عنهما.

قال ابن هانئ: قلت: فإن لحق الإمام وهو في التشهد؟ قال: إن كان يوم الجمعة، صلى أربعًا. "مسائل ابن هانئ" (454) قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يدرك أول تكبيرة مع الإمام الجمعة، ولا يقدر أن يركع ولا يسجد، ولا يستطيع أن يصلي؟ قال: إذا شهد أول تكبيرة صلى ركعتين، وإذا لم يشهد أول تكبيرة صلى أربعًا. "مسائل ابن هانئ" (456) قال ابن هانئ: قلت له: فإن أدرك معه الشهد؟ قال: يصلي أربعًا. قلت له: يومئ إيماء؟ قال: لا يومئ، وينتظر القوم حتى يصلوا، فإذا فرغوا صلى أربعًا، إذا أدركهم في التشهد. "مسائل ابن هانئ" (457) قال ابن هانئ: سألته عن قوم دخلوا دارًا، وأغلق عليهم الباب يوم الجمعة دون جماعة الناس؟ قال: يعيدون الصلاة. قيل له: أربع؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (462) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حَدَّثنَا محمد بن جعفر، حَدَّثنَا شعبة، عن مغيرة، قال: سألت إبراهيم عن الرجل يدرك الإمام يوم الجمعة، هو قاعد،

قبل أن يسلم؟ قال: يصلي أربعًا (¬1). قال: سألت أبي عن ذلك، قال: وأنا أقول بهذا. قلت لأبي: فإن فاته ركعة؟ قال: يضيف إليها أخرى. "مسائل عبد اللَّه" (443) قال الأثرم: وقال أحمد: إذا فاته الركوع صلى أربعًا، وإذا أدرك ركعة، صلى إليها أخرى عن غير واحد من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- منهم: ابن مسعود، وابن عمر، وأنس. ثم قال الأثرم: حدثنا أحمد، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب عن نافع عن ابن عمر، قال: إذا أدرك من الجمعة ركعة صلى إليها أخرى وإذا أدركهم جلوسًا صلى أربعًا (¬2). قال أبو عبد اللَّه: ما أغربه. يعني أن هذا الحديث غريب عن ابن عمر. "التمهيد" 1/ 190 قال حنبل: قال أحمد: لولا الحديث الذي في الجمعة لكان ينبغي أن يصلي ركعتين إذا أدركهم جلوسًا. "النكت والفوائد السنية" 1/ 155 "فتح الباري" لابن رجب 8/ 318 قال مهنا: قلت لأحمد: إذا أدركت التشهد مع الإمام يوم الجمعة كم أصلي؟ قال: أربعًا. "النكت والفوائد السنية" 1/ 156 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق في "مصنفه" 3/ 235 (5474) وابن أبي شيبة 1/ 462 (5345، 5354) عن إبراهيم بنحوه. (¬2) رواه عبد الرزاق 3/ 234 (5471).

566 - من زحم يوم الجمعة فلم يستطع ركوعا ولا سجودا

566 - من زُحم يوم الجمعة فلم يستطع ركوعًا ولا سجودًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من زحم يوم الجمعة، فلمْ يقدرْ على الركوع والسجودِ كيف يصنعُ؟ قال: يتبع الإمام أو يسجد على ظهرِ الرجلِ، فإذا لمْ يقدرْ على الركعتين جميعًا استقبل الصلاة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (521) قال أبو داود: وسمعت أحمد وسُئِلَ عن رجل كبر يوم الجمعة مع الإمام أو جاء وقد افتتح الإمام الصلاة فكبر، ثم زحم فلم يقدر يركع ولا يسجد؟ قال: يصلي ركعتين. "مسائل أبي داود" (404) قال ابن هانئ: قيل له: إذا لم يمكنه الركوع والسجود؟ قال: أدرك الركعة الأولى؟ قلت: نعم. قال: إذا فرغ الإمام يصلي ركعتين. "مسائل ابن هانئ" (270) قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يزحم يوم الجمعة فلا يقدر على الركوع والسجود؟ قال: إذا افتتح الصلاة وأدرك أولها ثم غلب، يصلي ركعتين. وإن أدركهم في التشهد يصلي أربعًا. "مسائل ابن هانئ" (446)

567 - إذا عرض عارض للمأموم فخرج، ثم جاء وقد صلوا

قال ابن هانئ: وسئل عمن: لم يمكنه السجود، أيسجد على ظهر رجل ويبقى قائمًا؟ قال: قوم يقولون: يصلي ركعتين، وقوم يقولون: يصلي أربعًا، وأرجو أن يجزئه أن يصلي ركعتين، إذا كان شهد الخطبة مع الإمام وافتتاح الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (455) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن قوم زحموا يوم الجمعة، فسجد بعضهم على ظهر بعض وبقي آخرون قيام، لم يمكنهم أن يركعوا ولا يسجدوا؟ قال: يصلون ركعتين الذين لم يمكنهم أن يركعوا ولا يسجدوا، يصلون الركعتين بصلاة الإمام متصلة لا يسلموا. ومن سجد على ظهر إنسان يجزئه. أذهب فيه إلى حديث عمر قال: يجزئه. حديث الأعمش، عن ابن المسيب، عن زيد بن وهب عن عمر (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (447) 567 - إذا عرض عارض للمأموم فخرج، ثم جاء وقد صلوا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن رجلٍ صلَّى مع الإمامِ يوم الجمعةِ ركعةً، ثم رعف، فخرجَ فتوضأ، ثمَّ جاء وقد صلُّوا؟ قال: يقضي تلك الركعةِ إن لمْ يكنْ تكلم، فإن كان تكلم صلَّى الظهرَ أربعًا. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق في "مصنفه" 3/ 234 (5469) والبيهقي 3/ 183 من هذا الطريق غير أنه سقط من إسناد عبد الرزاق (زيد بن وهب) وفيهما (المسيب بن رافع) بدل (ابن المسيب) وهو الصواب فليحرر.

568 - إذا صلى الطهر في بيته ثم أتى الجمعة

قال أحمد: إذا أمرته بالوضوءِ أمرته بالصلاةِ، يصلي الظهرَ أربعًا. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (530) 568 - إذا صلى الطهر في بيته ثم أتى الجمعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: جلس رجلٌ عن الجمعة فصلَّى في بيته أربعًا، ثمَّ بدا له أنْ يأتيَ الجمعةَ؟ قال: إن أدركَ الإمامَ جمع، وإنْ لمْ يدركْ الجمعةَ أعاد الظهرَ؛ لأنَّهُ إنما ينبغي له أنْ يصفَيَ الظهرَ إذا فاتته الجمعة. قال الإمامُ أحمدُ رحمه اللَّه تعالى: آمره أنْ يعيدَ، ولكن الفرض الذي صلَّى في بيته هذا إذا كان إمامٌ يؤخرُ الجمعة، وأما إذا كان إمامٌ يعجلُ الجمعة فينبغي له أن يأتيَ الجمعة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (525) قال عبد اللَّه: قال وإن صلى في بيته الظهر بعد الزوال، ثم خرج، فإذا الإمام لم يصل الجمعة؟ قال: يصلي مع الإمام ولا يعتد بتلك. "مسائل عبد اللَّه" (456)

569 - قضاء الجمعة جماعة

569 - قضاء الجمعة جماعة قال عبد اللَّه: سُئِلَ أبي عن القوم تفوتهم الجمعة؟ فقال: صلى ابن مسعود بعلقمة والأسود -يعني جمع بهم (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (438) قال عبد اللَّه: وفاتتنا الجمعة فجمعنا في مسجد جماعة، فحدثت أبي بذلك تبسم، ولم ينكره. "مسائل عبد اللَّه" (439) قال صالح: مضيت مع أبي يوم الجمعة إلى الجامع، فوافقنا الناس قد انصرفوا. فدخل إلى المسجد، وكان معنا إبراهيم بن هانئ، فتقدم أبي فصلى بنا الظهر أربعًا. وقال: قد فعله ابن مسعود بعلقمة والأسود. "سير أعلام النبلاء" 11/ 298 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 231 (5456)، وابن المنذر في "الأوسط" 4/ 108، والطبراني 9/ 308 (9544).

فصل في الخصائص والأحكام والآداب المتعلقة بيوم الجمعة

فصل في الخصائص والأحكام والآداب المتعلقة بيوم الجمعة 570 - ساعة الإجابة يوم الجمعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الساعة التي تُرْجَى في يوم الجمعة، متى هي؟ قال: أكثرُ الأحاديث على بعد العصرِ. قال إسحاق: بعدَ العصر، لا أكادُ أشكّ فيه، وأرجو زوالَ الشمسِ. "مسائل الكوسج" (524) ونقل الميموني عنه أنها -أي: ساعة الإجابة- بعد العصر. قيل له: قبل أن تطفل الشمس للغروب؟ قال: لا أدري إلا أنها بعد العصر. "فتح الباري" لابن رجب 8/ 304 571 - ما يقرأ ليلة الجمعة قال حرب: قلت لأحمد: فنقرأ ليلة الجمعة في العتمة بسورة الجمعة و {اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)}؟ قال: لا لم يبلغني في هذا شيء. وكأنه كره ذلك. وقال الحسن بن الحسين: قلت لأحمد: فتقرأ في ليلة الجمعة بسورة الجمعة؟ قال: لا بأس، ما سمعنا بهذا شيئًا أعلمه، ولكن لا يدمنُ، ولا يجعله حتمًا. "فتح الباري" لابن رجب 7/ 48

572 - ما يقرأ في فجر يوم الجمعة

572 - ما يقرأ في فجر يوم الجمعة قال إسماعيل بن سعيد: سألته عن القراءة في الفجر يوم الجمعة؟ فقال: نراه حسنًا أن يقرأ {الم (1) تَنْزِيلٌ} [السجدة: 1، 2]، و {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ} [الإنسان: 1]. وقال حرب: قال إسحاق: لا بأس أن يقرأ الإمام في المكتوبة سورةً فيها سجدة، وأحب السور {الم (1) تَنْزِيلٌ} [السجدة: 1، 2]، و {هَلْ أَتَى} [الإنسان: 1] ويقرأ بهما في الجمعة ولابد منهما في كل جمعة، وإن أدمتهما جاز. وروى محمد بن علي الوراق: أن أحمد صلى بهم الفجر يوم الجمعة، فنسي قراءة آية السجدة، فلما فرغ من صلاته سجد سجدتي السهو. "فتح الباري" لابن رجب 8/ 133، 134 573 - الغسل يوم الجمعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: على النساء غسل يوم الجمعة؟ قال: لا. قال إسحاق: أما من شهدتْ الجمعةَ فلتغتسل. "مسائل الكوسج" (514) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: إذا كان يوم الجمعة يوم برد يخاف الرجل على نفسه فلا يغتسل. "مسائل أبي داود" (137) قال ابن هانئ: سألته عن الغسل يوم الجمعة؟

قال: أخشى أن يكون واجبًا، في كم حديث أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أمرنا بالغسل يوم الجمعة. وعمر بن الخطاب يخطب يقول: من أتى منكم الجمعة فليغتسل (¬1). "مسائل ابن هانئ" (460) قال ابن هانئ: قلت: أيجزئ دخول الحمام من الغسل يوم الجمعة؟ قال: ومن يسلم من دخول الحمام؟ ! "مسائل ابن هانئ" (461) قال عبد اللَّه: رأيت أبي إذا أراد الذهاب إلى الجمعة اغتسل، ثم راح إلى الجمعة. "مسائل عبد اللَّه" (442) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، أن عمر بن عبد العزيز، كان يأمر نساءه وبناته بالغسل يوم الجمعة. "الزهد" (1738) ونقل حرب عنه: أخاف أن يكون واجبًا، إلا أن يكون برد شديد. "فتح الباري" لابن رجب 8/ 81 قال حرب: قال إسحاق: إن كان مغتسلًا سبعة أيام مرة فجاء يوم الجمعة، وقد كان غسل رأسه واغتسل في كل سبعة أيام مرة؛ جاز له ترك غسل يوم الجمعة، قال ذلك ابن عباس (¬2) ومن بعده أنهم كانوا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 15، والبخاري (882)، ومسلم (845/ 4) من حديث أبي هريرة أن عمر بن الخطاب بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ جاء رجل فقال عمر: لم تحتبسون عن الصلاة؟ فقال الرجل: ما هو إلا أن سمعت النداء فتوضأت. فقال: أولم تسمعوا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل". (¬2) رواه ابن المنذر في "الأوسط" 4/ 42.

574 - إذا اغتسل يوم الجمعة ثم أحدث

يؤمرون بغسل رءوسهم وأجسادهم في كل سبعة أيام مرة، فحول الناس ذلك إلى يوم الجمعة. "فتح الباري" لابن رجب 8/ 150 574 - إذا اغتسل يوم الجمعة ثم أحدث قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا اغتسل أول النهارِ يوم الجمعة، ثمَّ أحدث؟ قال: أرجو أن يجزئه. قال إسحاق: كلما كان بعدَ طلوعِ الفجرِ أجزأه. "مسائل الكوسج" (513) قال الأثرم: سئل أحمد بن حنبل عن الذي يغتسل سحر الجمعة ثم يحدث أيغتسل أم يجزئه الوضوء؟ فقال: يجزئه ولا يعيد الغسل، ثم قال: ما سمعت في هذا حديثًا أعلى من حديث ابن أبزى. "التمهيد" 4/ 39 575 - أدب القصد إلى الجمعة نقل حنبل عنه في تأويل قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} قال: فسروه على غير وجه، قالوا: قال ابن مسعود: لو قرأتها لسعيت حتى يسقط ردائي (¬1). "معونة أولي النهى" 2/ 500 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 207 (5349)، وابن أبي شيبة 1/ 482 (5557)، والطبراني في "المعجم الكبير" 9/ 307.

576 - في السفر يوم الجمعة

576 - في السفر يوم الجمعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يسافرُ يوم الجمعةِ؟ قال: ما يعجبني. قال إسحاق: كما قال في التجارة أو غيره. "مسائل الكوسج" (522) قال صالح: وقال في الرجل يخرج يوم الجمعة من المصر: لا يخرج حتى يجمع، ليس هو بمنزلة المسافر ليس عليه جمعة. "مسائل صالح" (932) ونقل أبو طالب عنه: خرجنا من اليمن نريد عبد الرزاق يوم الجمعة، ولم نصل فأصابنا شقًا. ونقل أبو طالب عنه: يجوز الخروج للجهاد خاصة. "الروايتين والوجهين" 1/ 187

باب: صلاة العيدين

باب: صلاة العيدين 577 - من يجب عليه شهود العيد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُمنع النساءُ في الخروجِ في العيدين؟ قال: إذا أَردن ذَلِكَ فلا أُحب أن يُمنعنَ. قال إسحاق: لا بل يُسْتَحَبُّ الخروجُ لهن في العيدينِ؛ لما مَضت السُّنَّةُ بذلك، ولكنْ لا يَتزيَّن، ولا يَتطيَّبن. "مسائل الكوسج" (2865) قال صالح: وسألته عن النساء يخرجن إلى العيدين؟ قال: لا يعجبني في زماننا هذا. قلت: فالعيدين؟ قال: أما العيدين: فلا يصلي إلا متوضئًا البتة. "مسائل صالح" (402) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن أهل القرى يوم العيد يجتمعون فيصلون ركعتين؟ قال: يصلون أربعًا. "مسائل أبي داود" (425) قال ابن هانئ: وسئل: أَعَلى المرأة صلاة العيد؟ قال: ما بلغنا في هذا شيء، ولكن أرى أن تصلي، وعليها ما على الرجال، يصلين في بيوتهن. "مسائل ابن هانئ" (476) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: خرجنا مع عبد الرزاق يوم عيد، وخرج

أهل قريته معه، فجمع عبد الرزاق في يوم عيد. "مسائل ابن هانئ" (477) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن أهل قرية يكونون ثلاثمائة، أيجمعون فيها للعيدين؟ قال: لا بأس بإذن الإمام. قلت: فإن صلوا وحدانًا كم يصلون؟ قال: أربعًا. "مسائل عبد اللَّه" (479) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن النساء يخرجن إلى العيدين؟ قال: لا يعجبني في زماننا هذا؛ لأنهن فتنة. "مسائل عبد اللَّه" (480) قال حنبل: قلت لأحمد: كم ترى أن يصلوا العيد إذا كانوا في قرية؟ قال: مائة ونحوه. "الروايتين والوجهين" 1/ 190 قال المروذي: أخبرني حرب بن إسماعيل، قال: سألت أحمد، قلت: النساء يخرجن في العيدين؟ قال: لا يعجبني في زماننا هذا؛ لأنهن فتنة. "الورع" (106) ونقل حنبل عنه -وقد سئل عن خروج النساء إلى العيد؟ فقال: يفتن الناس، إلا أن تكون امرأة قد طعنت في السن. "الفروع" 1/ 578

578 - صلاة العيد في المصلى

578 - صلاة العيد في المصلى قال ابن هانئ: قلت: أيما أفضل: الصلاة في المصلى أو في مسجد الجامع؟ قال: روى عامة أصحاب علي عن علي قال: إذا لم يصل الرجل في المصلى، وصلى في المسجد الجامع، صلى أربعًا. وأما أبو إسحاق فقال: يصلي ركعتين. ويروى عن رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، مخنف بن سليم: أن الصلاة في المصلى تعدل حجة (¬1). "مسائل ابن هانئ" (465) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللهْ عبد الرزاق قال: أخبرنا المعتمر بن سليمان التيمي، عن أبيه، عن مخنف بن سليم- وكان من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-- قال: الخروج يوم الأضحى يعدل حجة، ويوم الفطر يعدل عمرة (¬2). "مسائل ابن هانئ" (478) نقل حنبل عنه: الخروج إلى المصلى في العيد أفضل، إلا ضعيفًا أو مريضًا ولم يزل أبو عبد اللَّه يأتي المصلى حتى ضعف. "الفروع" 2/ 138، "معونة أولي النهى" 2/ 511 579 - كيفية الخروج لصلاة العيد قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: كيف يخرج الناس إلى العيدين؟ قال: على ما يطيقون. ¬

_ (¬1) انظر ما بعده. (¬2) رواه عبد الرزاق 3/ 289 (5666).

580 - التكبير في العيدين

قال: يستحب أن يذهبوا رجالة إلى العيدين، والجمعة. "مسائل عبد اللَّه" (472) 580 - التكبير في العيدين قال إسحاق بن منصور: قال: رأيتُ الإمامَ أبي عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- كبرَ مِنْ صلاةِ الفجرِ يوم عرفة إلى آخر أيامِ التشريقِ؛ كبر بعد العصر. "مسائل الكوسج" (453) قال إسحاق بن منصور: قلت: التَّكبيرُ أيَّام التَّشرِيقِ؟ قال: أمَّا أنَا فاختَارُ أن يكبر من غَدَاةِ عَرَفة إلى آخرِ أيام التَّشريقِ، يُكبّر في العَصرِ ثُمَّ يقطعُ، هذا مجتمع الأقاويل كُلِّها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1448) قال صالح: وسألته عن الناس يكبرون في دبر كل صلاة يوم النحر كما يكبرون في المكتوبة أم لا؟ قال أبي: إن ذهب رجل إلى ذا فقد روي ذاك عن بعض الناس، والمعروف في المكتوبة. "مسائل صالح" (162) قال صالح: قلتُ: المحرم في أيام التشريق يبدأ بالتكبير يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، يكبر في العصر ويقطع، وهو قول علي (¬1)، وذلك في الأمصار، وقد يقول بعض الناس: إنما يكبر الناس بمنى إذا رموا ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 488 (5630 - 5631)، والبيهقي 3/ 314، وصححه الألباني في "الإرواء" 3/ 125.

الجمرة، فإذا ترك التلبية بدأ في الظهر من يوم النحر. لا يجتمع التكبير والتلبية؛ لأنه إذا رمى الجمرة يوم النحر فقد انقضت التلبية، فيبدأ بالتكبير. "مسائل صالح" (596) قال صالح: قال أبي: التكبير أيام التشريق إذا صلى جماعة كبر، وإذا لم يصل جماعة لم يكبر، كان ابن عمر إذا صلى جماعة كبر، وإذا لم يصل جماعة لم (¬1) يكبر. "مسائل صالح" (1046) قال أبو داود: سمعت أحمد غير مرة سئل: متى يكبر أيام التشريق؟ قال: غداة يوم عرفة، ويقطع آخر أيام التشريق عند العصر. قلت لأحمد: يكبر العصر، ثم يقطع؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (428) قال أبو داود: قلت لأحمد: كيف التكبير؟ قال: كتكبير ابن مسعود، يعني: اللَّه أكبر اللَّه أكبر، لا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر اللَّه أكبر، وللَّه الحمد (¬2). قال أحمد: يروون عن ابن عمر: يكبر ثلاثًا اللَّه أكبر اللَّه أكبر اللَّه أكبر، قال أحمد: كبر تكبير ابن مسعود. "مسائل أبي داود" (429) قال أبو داود: قلت لأحمد: فيمن سبق ببعض الصلاة أيام التشريق؟ قال: لا يكبر حتى يفرغ، يعني: يقضي ما سبق، التكبير ليس من الصلاة. "مسائل أبي داود" (430) ¬

_ (¬1) رواه الطبراني 12/ 268 (13074). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 1/ 490 (5650).

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل على المسافر تكبير أيام التشريق؟ قال: إن صلوا جماعة. "مسائل أبي داود" (431) قال أبو داود: سمعت أحمد مرة أخرى سُئِلَ عن التكبير أيام التشريق؟ قال: من حين يرمون الجمرة إلى أن يرجع الناس من منى. "مسائل أبي داود" (433) قال أبو داود: قلت لأحمد بن حنبل رضي اللَّه عنه: ويكبر في التطوع -أعني: في دبر صلاة التطوع أيام التشريق؟ قال: لا، كان ابن عمر إذا صلى وحده لم يكبر، فهذا أكثر. "مسائل أبي داود" (434) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: كيف التكبير يوم الفطر؟ قال: اللَّه أكبر اللَّه أكبر. قيل لأحمد: ابن المبارك يقول في الفطر يعني مع التكبير: الحمد للَّه ما هدانا. قال: هذا واسع. "مسائل أبي داود" (435) قال أبو داود: ثنا أحمد، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن نافع؛ أن ابن عمر كان يكبر تلك الأيام بمنى في دبر الصلوات وفي فسطاطه وفي ممشاه وفي طريقه، تلك الأيام جميعًا. "مسائل أبي داود" (799) قال ابن هانئ: سألته عن التكبير في الفطر والأضحى؟ قال: هو في الفطر أوجب، لقول اللَّه عز وجل: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا

اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185]. وأما ابن عمر فكان يكبر في الفطر، وفي الأضحى (¬1). قلت له: يكبر إذا رجع الناس من الصلاة؟ قال: يكبر إذا رجع الناس من الصلاة؟ ! قال: يكبر إذا ولى الإمام راجعًا. قلت: فنرى أن يكبر من ساعة الإفطار من المغرب؟ قال: كان ابن عمر يكبر إذا صلى العشاء. "مسائل ابن هانئ" (472) قال ابن هانئ: سألته عن التكبير في أيام التشريق؟ قال: من صلاة الصبح يوم عرفة، إلى آخر أيام التشريق، يكبر العصر، ولا يكبر المغرب. "مسائل ابن هانئ" (473) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: هل على أهل القرى تشريق؟ قال: كل من صلى في جماعة، يعجبني أن يكبروا. "مسائل عبد اللَّه" (465) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: إذا خرج الناس يوم الفطر ويوم النحر يكبرون؟ قال: يوم الفطر أشد؛ لقوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ} قال: ابن عمر كان يكبر في العيدين جميعًا، ويعجبنا ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (473) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 487 (8/ 56).

قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قلت: على من يجب التكبير في أيام التشريق؟ قال: على من صلى جماعة، ومن صلى وحده لا يكبر. قال: ابن عمر صلى وحده فلم يكبر، ولا يكبر النساء. قال عبد اللَّه: خرجت مع أبي في يوم الفطر، إلى العيد، إلى مسجد الجامع، وكان يكبر في الطريق، وأسمع تكبيره، وربما كان يخفى على بعض تكبيره وأنا خلفه، وكان أبي يكبر في يوم العيد، إذا خرج في الطريق. وروي عن ابن عمر وأبي قتادة كانا إذا خرجا كبرا. "مسائل عبد اللَّه" (474) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن تكبير أيام التشريق؟ فقال: من غداة عرفة، إلى آخر أيام التشريق، أيام التشريق ثلاثة أيام بعد يوم النحر يكبر إلى العصر، ثم يقطع، وهذا تكبير علي بن أبي طالب. قال أبي: ونحن نأخذ بهذا. "مسائل عبد اللَّه" (476) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حَدَّثنَا حسين بن علي الجعفي قال: نا: زائدة، عن عاصم، عن شقيق قال: كان علي يكبر بعد الغداة يوم عرفة، إلى آخر أيام التشريق يكبر بعد العصر، ثم يقطع (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (477) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن التكبير أيام التشريق؟ قال: من غداة عرفة إلى آخر أيام التشريق، وأيام التشريق ثلاثة أيام بعد يوم النحر تكبير إلى العصر، ثم يقطع، وهذا تكبير علي بن أبي طالب. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 488 (5630).

قال أبي: ونحن نأخذ بهذا. "مسائل عبد اللَّه" (481) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المحرم في أيام التشريق يبدأ بالتكبير أو بالتلبية؟ قال: يبدأ بالتكبير يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، يكبر في العصر ويقطع، وهو قول علي، وذلك في الأمصار. وقد يقول بعض الناس: إنما يكبرَّ الناس بمنى إذا رموا الجمرة، وإذا ترك التلبية بدأ في الظهر من يوم النحر، لا يجمع التكبير والتلبية؛ لأنه إذا رمى الجمرة يوم النحر فقد انقطعت التلبية، فيبدأ بالتكبير في الظهر من يوم النحر. "مسائل عبد اللَّه" (895) نقل الأثرم عنه في وقت انقطاع التكبير في عيد الفطر: إذا جاء الإمام إلى المصلى قطع. ونقل حنبل: بعد فراغ الإمام من الخطبة. "الروايتين والوجهين" 1/ 189 ونقل المروذي عنه في الأيام المعلومات التي يشرع فيها الذكر في شهر ذي الحجة: هي يوم النحر ويومان بعده. "الروايتين والوجهين" 1/ 192 قال الحسن بن ثواب: قال أحمد: أذهب في التكبير غداة يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق. فقيل له: إلى أي شيء تذهب؟ قال: بالإجماع: عمر وعلى وعبد اللَّه بن مسعود، وعبد اللَّه بن عباس. "العدة أصول الفقه" 4/ 117، "المسودة في أصول الفقه" 2/ 617 - 618

581 - تكبير المرأة أيام التشريق

قال زياد بن أيوب: سئل أحمد عن التكبير أيام التشريق؟ فقال: أذهب فيه إلى قول علي، من غداة يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، خمسة أيام. "طبقات الحنابلة" 1/ 313 قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه في الجهر بالتكبير حتى يأتي المصلي، أو حتى يخرج الإمام؟ قال: حتى يأتي المصلى. "المغني" 3/ 263 ونقل هارون بن عبد اللَّه عن أحمد، قال: ليس يروى في التكبير في العيدين حديث صحيح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "فتح الباري" لابن رجب 9/ 85 قال المروذي حدثني أبو محمد النسائي، سمعت إسحاق بن راهويه قال: كنا عند عبد الرزاق أنا وأحمد بن حنبل، فمضينا معه إلى المصلى يوم عيد، فلم يكبر هو ولا أنا ولا أحمد، فقال لنا: رأيت معمرًا والثوري في هذا اليوم كبَّرا، وإني رأيتكما لم تكبرا فلم أكبر، فلم لم تكبرا؟ قلنا: نحن نرى التكبير، ولكن شغلنا بأي شيء نبتدئ من الكتب. "سير أعلام النبلاء" 11/ 193 581 - تكبير المرأة أيام التشريق قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قالَ، يعني: سفيان: ما ترى في المرأةِ تكبرُ أيام التشريقِ؟ قال: لا، إلَّا في جماعةٍ. قال أحمد: أحسنَ. قال إسحاق: بل تكبرُ المرأةُ وحدَها كلما صلَّت. "مسائل الكوسج" (531)

582 - الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن المرأة تكبر أيام التشريق؟ قال: أرجو أن لا يلزمها. "مسائل أبي داود" (432) قال ابن هانئ: قلت: على المرأة تكبير أيام التشريق؟ قال: ليس عليها تكبير. "مسائل ابن هانئ" (470) 582 - الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الصلاةُ في العيدين قبل خروجِ الإمام؟ قال: لا يُصلَّي قبلُ ولا بعدُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (393) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الصلاة بعد العيد؟ قال: لا يصلى قبلها ولا بعدها. "مسائل أبي داود" (426) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: روى الكوفيون: الصلاة بعدها، المصريون: قبلها، والمدنيون: لا قبلها ولا بعدها. قال أحمد: روى ابن عمر وابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه لم يصل قبلها ولا بعدها، وأخذا به (¬1). "مسائل أبي داود" (427) قال ابن هانئ: وسألته عن الصلاة في العيد، قبل وبعد؟ ¬

_ (¬1) حديث ابن عباس، أخرجه البخاري 2/ 23 - 30 - 140، ومسلم 3/ 21 وغيرهما، وحديث ابن عمر، أخرجه الترمذي (538) وأحمد 2/ 57، والحاكم 1/ 295.

قال: لا صلاة قبل ولا بعد، خرج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، إلى العيد فلم يصل قبل ولا بعد، وأهل البصرة يصلي بعضهم قبل، وأهل الكوفة بعضهم يصلي بعد. "مسائل ابن هانئ" (479) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: روي عن ابن عباس (¬1)، وابن عمر (¬2)، وسلمة بن الأكوع، وبريدة الأسلمي: لم يصلوا قبلها ولا بعدها (¬3). قال أبي: ليس قبل العيد، ولا بعده صلاة قط. "مسائل عبد اللَّه" (469) قال الأثرم: قال أحمد: لا يتطوع قبل صلاة العيد ولا بعدها، وذكر الحديث. يعني: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يصل قبلها ولا بعدها. "العدة" 1/ 322 قال أحمد بن القاسم وسئل أحمد لو كان على رجل صلاة في ذلك الوقت هل يصلي؟ قال: أخاف أن يقتدي به بعض من يراه. قيل له: فإن لم يكن ممن يقتدى به؟ قال: لا أكرهه، وسهل فيه. "فتح الباري" لابن رجب 9/ 95 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 276 (5624). (¬2) رواه عبد الرزاق 3/ 274 (5611 - 5615) وابن أبي شيبة 1/ 497 (5734، 5736، 5741). (¬3) روى عبد الرزاق 3/ 273 (5607) أن علقمة بن قيس سئل عن الصلاة قبل خروج الإمام يوم العيد، فقال: كان أصحاب النبي لا يصلون قبلها.

فصل: صفة صلاة العيدين

فصل: صفة صلاة العيدين 583 - التكبير في صلاة العيدين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كم التكبير في العيدين؟ قال: أما أنا فأختارُ حديثَ أبي هريرة (¬1) -رضي اللَّه عنه- سبعًا وخمسًا. قُلْتُ: يُوالي بين القراءتين؟ قال: لا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (394) قال أبو محمد: حَدَّثنَي بعضُ أصحابنا، عن أحمدَ قال: يقول بين التكبيرتين في العيدين: الحمدُ للَّهِ وصلى اللَّهُ على محمد، اللهم اغفر لي. "مسائل الكوسج" (398) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يَرافع يَديه في كلِّ تكبيرةٍ؟ قال: نعم، الإمام وغيره. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (2868) قال صالح: قلت: التكبير في العيدين؟ قال: في الركعة الأولى سبع، ثم يقرأ وفي الثانية يكبر خمسًا، ثم يقرأ، يبدأ بالتكبير في الركعتين جميعًا. "مسائل صالح" (685) ¬

_ (¬1) "الموطأ" 1/ 230 (590) من رواية ابن عمر قال: شهدت الفطر والأضحى مع أبي هريرة فكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة وفي الآخرة خمس تكبيرات قبل القراءة.

قال أبو داود: قلت لأحمد بن حنبل: تكبير العيدين؟ قال: يكبر في الأولى سبعًا وفي الثانية خمسًا، يكبر سبع تكبيرات إذا افتتح مع تكبيرة الافتتاح، يرفع يديه مع كل تكبيرة، ثم يكبر للركوع وهي ثامنة، ثم يقوم فيكبر خمس تكبيرات يرفع يديه في كل تكبيرة، ثم يقرأ، ثم يكبر فيركع. "مسائل أبي داود" (421) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن أدرك ركعة من صلاة العيد؟ قال: يكبر في التي يقضي. قيل لأحمد: فأدرك وقد كبر بعض التكبير؟ قال: يكبر ما أدرك لأنه أدرك الركوع ولا يكبر ما فاته. "مسائل أبي داود" (422) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: التكبير في العيدين، أذهب إلى حديث أبي هريرة سبع في الأولى، وخمس في الأخرى، وأما ابن مسعود: فإنه كان يوالي بين القراءتين. "مسائل ابن هانئ" (464) قال ابن هانئ: سألته عن التكبير في العيدين؟ قال: يكبر سبعًا في الأول وخمسًا في الآخر. قلت: ماذا يقول بين التكبير؟ قال: صلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وكل ما دعا به من دعاء فحسن. قلت: أيش يقول بين التكبيرتين؟ قال: يسبح، ويهلل، ويصلي على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل ابن هانئ" (466)

قال ابن هانئ: قلت: رجل لحق ركعة مع الإمام من صلاة العيد، كم يكبر؟ قال: يتوخى ما فاته من تكبير الإمام، ويكبر ما كبر الإمام. "مسائل ابن هانئ" (469) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حَدَّثَنَا وكيع (بن عبد الرحمن) (¬1)، سمعه من عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كبر (ثلاث عشرة) (¬2)، سبعًا في الأولى، وخمسًا في الآخرة، ولم يصل قبلهما ولا بعدها (¬3). قال أبي: وبهذا آخذ، ولا أصلي قبلها ولا بعدها. "مسائل عبد اللَّه" (467) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حَدَّثنَا يحيى بن سعيد، عن عبد اللَّه قال: أخبرني نافع: قال: صليت مع أبي هريرة الفطر، فكبر ثنتي عشرة، سبعًا في الأولى، وخمسًا في الآخرة، قبل القراءة في كلتا الركعتين (¬4). قال أبي: وبهذا آخذ، بحديث أبي هريرة. "مسائل عبد اللَّه" (468) ¬

_ (¬1) كذا في "المسائل"، والذي في "المسند" (حدثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن). (¬2) كذا في "المسائل" والذي في "المسند" (ثنتي عشرة). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 180، وأبو داود (1151)، وابن ماجه (1278). والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1145). (¬4) رواه مالك في "الموطأ" رواية محمد بن الحسن 1/ 349 (237) قال: أخبرنا نافع قال: شهدت الأضحى والفطر مع أبي هريرة. . الحديث. ومن طريقه عبد الرزاق 3/ 292 (5680).

584 - ما يقال بين التكبيرتين في العيد

قال عبد اللَّه: قلت لأبي: ما تقول عن التكبير، إذا كبر في العيدين؟ قال: حديث ابن مسعود هو أرفعها. "مسائل عبد اللَّه" (470) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن تكبير الفطر والنحر واحد؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (471) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رفع اليدين؟ فقال: في كل تكبيرة -يعني في العيد. ورأيت أبي ذهب في طريق ورجع في طريق آخر، ورأيته -وهو مختف- يصلي العيد في البيت وحده أربعًا. "مسائل عبد اللَّه" (478) ونقل أبو طالب، وأبو الحارث عنه: أن التكبير قبل القراءة في الركعتين جميعًا. "الروايتين والوجهين" 1/ 190 ونقل الميموني عن أحمد قال: التكبير في العيدين سبعًا في الأولى وخمسًا، وقد أختلف أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في التكبير وهو جائز. "فتح الباري" لابن رجب 9/ 86 584 - ما يقال بين التكبيرتين في العيد قال عبد اللَّه بن العباس الطيالسي: سألت أحمد بن حنبل: ما يقول الرجل بين التكبيرتين في العيد؟ قال: يقول: سبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر،

585 - افتتاح صلاة العيد، متي يكون؟

اللهم صلِّ على محمد النبي، وعلى آل محمد، واغفر لنا وارحمنا، وكذلك يروى عن ابن مسعود (¬1). "طبقات الحنابلة" 2/ 27 قال أبو بكر بن أبي الدنيا: سألت أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني: ما أقول بين التكبيرتين في صلاة العيد؟ قال: تحمد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وتصلي على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "طبقات الحنابلة" 2/ 42 قال علي بن أحمد الأنماطي: سئل أحمد بن حنبل: ما يقول الرجل بين التكبيرتين في العيدين؟ قال: يقول: سبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، واغفر لنا وارحمنا، وكذلك يروى عن ابن مسعود. "طبقات الحنابلة" 2/ 117 نقل حرب عنه: أن الذكر غير مؤقت. "معونة أولي النهى" 2/ 517 585 - افتتاح صلاة العيد، متي يكون؟ قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن افتتاح الصلاة يوم العيد، في أول تكبيرة أو في آخر تكبيرة؟ قال أبو عبد اللَّه: في أول تكبيرة. وبعض الناس يقول: في آخر تكبيرة. "مسائل ابن هانئ" (463) ¬

_ (¬1) لم أقف عليه.

586 - القراءة في العيدين

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الإمام إذا كبر في العيد، كيف يستفتح، أول التكبير أو في آخره؟ قال: أعجب إلي أن يستفتح أول التكبير. "مسائل عبد اللَّه" (485) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: أي وقت تقول، سبحانك اللهم وبحمدك؟ قال: إذا كبر تكبيرة يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وإن أخر ذلك إلى أن يفرغ من التكبير، لم يكن به بأس إن شاء اللَّه، ثم يستعيذ، ثم يقرأ إذا فرغ من التكبير. "مسائل عبد اللَّه" (487) 586 - القراءة في العيدين قال عبد اللَّه: سألت أبي: ما يقرأ به في صلاة العيد؟ قال: ما روي عن سمرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقرأ في العيد بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)} (¬1)، وكذلك روي عن النعمان بن بشير عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الجمعة أيضًا (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (483) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: يروى عن أبي واقد الليثي، أن عمر سأله: ما كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرأ في العيدين؟ قال: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)} و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)} (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 13، وأبو داود (1125). وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1535). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 273، ومسلم (878). (¬3) رواه الإمام أحمد 5/ 217، ومسلم (891).

587 - إذا صلى بالضعفة في المسجد كيف يصلى بها؟

قال أبي: بأي شيء قرأهما، روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أجزأه. "مسائل عبد اللَّه" (484) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا قرأ استعاذ باللَّه من الشيطان الرجيم يقول: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم، إن اللَّه هو السميع العليم. "مسائل عبد اللَّه" (486) نقل محمد بن الحكم، والمروذي عنه: يجهر بالقراءة فيها لحديث عبد اللَّه بن زياد. "بدائع الفوائد" 3/ 65 587 - إذا صلى بالضعفة في المسجد كيف يصلى بها؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا صلَّى بالضَّعَفةِ في المسجدِ كيفَ يصلي بهم؟ قال: ركعتين، أرجو ألا يكونَ به بأسٌ إذا خَطبَ. قُلْتُ: ويَخطبُ بهم؟ ! قال: نعم، وإن لم يخطب صَلَّى أربعًا. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (2867)

فصل: خطبة العيد

فصل: خطبة العيد 588 - حكم الخطبة قال ابن هانئ: قال أبو عبد اللَّه: إذا لم يخطب الإمام صلى أربعًا. "مسائل ابن هانئ" (478) قال ابن هانئ: سألته عن حضور الخطبة يوم العيد؟ قال: ينتظر حتى يفرغ الإمام من الخطبة. قلت له: إن عطاء يقول: لا عليه أن لا ينتظر (¬1). قال: لا أذهب إلى ما قال عطاء، أرأيت لو ذهب الناس كلهم على من كان يخطب الإمام؟ ! "مسائل ابن هانئ" (481) 589 - تكبير الإمام على المنبر في العيدين قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الإمام إذا خطب يوم العيد، يكبر على المنبر؟ قال: نعم يكبر. "مسائل ابن هانئ" (480) 590 - الإنصات للخطبة في العيدين قال عبد اللَّه: إذا كان الإمام يخطب، وعطس رجل يشمت ويرد عليه؟ ¬

_ (¬1) لم أقف عليه.

591 - إذا اجتمع عيدان في يوم واحد

قال: إذا كان لا يسمع الخطيب، سبح وقرأ. قلت: فيأكل أو يشرب؟ قال: لا. "مسائل عبد اللَّه" (466) قال عبد اللَّه: قال: سألت أبي: إذا خطب يوم العيد ينصت أم لا؟ قال: إذا سمع أنصت، وإذا لم يسمع فإن شاء رد السلام إذا سلم عليه، وشمت العاطس، وإن كان يسمع فلا يشمت ولا يرد السلام لقوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)}. قال: وذلك في الجمعة والإمام يخطب. قال عبد اللَّه: قلت لأبي والجمعة؟ قال: الجمعة قبل، وليس في العيدين أذان ولا إقامة. "مسائل عبد اللَّه" (488) 591 - إذا اجتمع عيدان في يوم واحد قال عبد اللَّه: سألت أبي عن عيدين اجتمعا في يوم يترك أحدهما؟ قال. لا بأس به، أرجو أن يجزئه. "مسائل عبد اللَّه" (482) قال الميموني: قلت لأحمد: اجتمع عيدان في يوم أيكفي أحدهما من الآخر؟ قال: أما الإمام فيجمعهما جميعًا، ومن شاء ذهب في الآخر ومن شاء قعد. "طبقات الحنابلة" 2/ 95 - 96

592 - إذا فاتته صلاة العيد، هل يقضيها؟ وإن كان عليه قضاؤها فكيف يكون القضاء؟

592 - إذا فاتته صلاة العيد، هل يقضيها؟ وإن كان عليه قضاؤها فكيف يكون القضاء؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَن فاته العيدُ كم يُصلِّي؟ قال: إن صلَّى ركعتين أرجو أن يُجزئه. قال إسحاق: إن كانَ في الجَبَّانِ (¬1) فَيُصلي ركعتين كما صَلَّى الإمام يُكَبِّر، وإن لم يُصلِّ في الجَبَّان صَلَّى أربعا. "مسائل الكوسج" (395) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: يروى عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنَّه كان لا يكبر إذا صَلَّى وحدَه (¬2). قال: وكان قتادةُ يكبر وأحبُّ أن يكبرَ، وأمَّا التّطوعُ فلا. "مسائل الكوسج" (3434) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا فاته العيد كم يصلي؟ قال: أربعًا. "مسائل أبي داود" (423) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل لا يدرك صلاة العيد، كم يصلي؟ قال: يصلي أربعًا. "مسائل ابن هانئ" (467) قال ابن هانئ: وسئل: هل على النساء صلاة العيد؟ قال: ما سمعنا فيه شيئًا، وأرى أن يفعلنه، يصلين. ¬

_ (¬1) الجبَّان: المقصود بها الصحراء. (¬2) رواه الطبراني 12/ 268 (13074).

وقال في مرة أخرى: ما سمعنا أن على المرأة صلاة العيدين، وإن صلت فحسن، وهو أحب إلي. "مسائل ابن هانئ" (468) قال ابن هانئ: وسئل عن صلاة العيد إذا لم يلحق الإمام؟ قال: يصلي أربعًا، ولا يكبر. قلت: فإن حضر الصلاة، لم ينتظر الخطبة؟ قال: ينبغي له أن ينتظر الخطبة، أرأيت لو ذهب الناس كلهم، على من كان يخطب الإمام؟ كأنه لم ير فيه شيئًا. ويروى عن عطاء، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه صلى ثم خطب (¬1). "مسائل ابن هانئ" (471) ¬

_ (¬1) رواه عطاء: عن ابن عباس قال: أشهد على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى قبل الخطبة في العيد ثم خطب. . الحديث. عند أحمد 1/ 220، ومسلم (884). ورواه عطاء: عن جابر قال: صلى بنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في العيدين بغير أذان ولا إقامة ثم خطبنا. . الحديث. عند أحمد 3/ 310، والبخاري (958)، ومسلم (885). ورواه عطاء عن عبد اللَّه بن السائب قال: حضرت العيد مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فصلى بنا العيد ثم قال: "قد قضينا الصلاة فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس. . الحديث عند أبي داود (1155)، وقال: هذا مرسل عن عطاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. والنسائي 3/ 185، وابن ماجه (1290) والبيهقي 3/ 301. ورواه عن عطاء عن النبي مرسلا البيهقي: 3/ 301 وصحح المرسل حيث روى عن ابن معين أنه قال: عبد اللَّه بن السائب الذي يروى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى بهم العيد. هذا خطأ، إنما هو عن عطاء فقط، وإنما يغلط فيه الفضل بن موسى الذي يقول: عن عبد اللَّه بن السائب. وصحح الألباني المسند عن عبد اللَّه بن السائب، في "الإرواء" (629)، "صحيح أبي داود" (1048) معتبرًا إياها زيادة ثقة يجب قبولها.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عمن فاتته العيد؟ قال: لا بأس أن يجمع أهله وولده ويجمع بهم، إذا فاته العيد، فأما أن لا يفوته، فلا أرى ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (475) نقل أبو طالب عنه: أنه يصلي أربع ركعات بلا تكبير ولا خطبة. نقل بكر بن محمد، وأحمد بن الحسين عنه: أنه يصلي ركعتين بتكبيرة. "الروايتين والوجهين" 1/ 191 قال عباس الخلال: ذكر أبو عبد اللَّه أن أنسًا جمع أهله ثم أمر مولى له يخطب (¬1) -يعني: إذا فاتته صلاة العيد في جماعة، وإنما حملنا هذا على أن أنسًا فعله بأرض له خارج البصرة. "طبقات الحنابلة" 2/ 163 قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: أذهب إلى فعل ابن عمر، أنه كان لا يكبر إذا صلى وحده؟ قال أحمد: نعم. "المغني" 3/ 291 قال الأثرم: قال أحمد: إن صُلِّيت؛ ذهب إلى الجبَّان فصلى، وإن شاء صلى مكانه. ونقل عنه إسماعيل بن سعيد: إذا صلى وحده لم يجهر بالقراءة، وإن جهر جاز. وروى حنبل عنه أنه مخير في التكبير إن شاء صلى بتكبير، وإن شاء صلى بغير تكبير. ¬

_ (¬1) لم أقف عليه.

وروى أحمد بن القاسم عنه: إن صلى من فاته العيد جماعة صلى كصلاة الإمام ركعتين كما فعل أنس فإن صلى وحده صلى أربعًا كما قال ابن مسعود (¬1). "فتح الباري" لابن رجب 9/ 76، 77، 78 - 79. وروى محمد بن الحكم عنه في من تفوته صلاة العيد: يجمع أهله وولده كما فعل أنس ويكبر سبع تكبيرات في الركعتين، ويوالي بين القراءتين. "فتح الباري" لابن رجب 9/ 83 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 300 (5713)، والطبراني 9/ 306 (9532). وقال الهيثمي في "المجمع" 2/ 205: رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات.

فصل: أحكام وآداب متعلقة بالعيدين

فصل: أحكام وآداب متعلقة بالعيدين 593 - التعريف بالقرى والأمصار قال ابن هانئ: وسئل عن التعريف في القرى؟ فقال: قد فعله ابن عباس بالبصرة، وفعله عمرو بن حريث بالكوفة. قال أبو عبد اللَّه: ولم أفعله أنا قط، وهو دعاء، دعهم، يكثر الناس. قيل له: فنرى أن ينهوا؟ قال: لا، دعهم، لا ينهون. وقال مبارك: رأيت الحسن، وابن سيرين، وناسًا يفعلونه. "مسائل ابن هانئ" (474) قال ابن هانئ: سألته عن التعريف في الأمصار؟ قال: لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (475) قال الأثرم: سألت أبا عبد اللَّه عن التعريف في الأمصار يجتمعون في المساجد يوم عرفة؟ قال: أرجو ألا يكون به بأس، فعله غير واحد. قال أبو عبد اللَّه: الحسن، وبكر، وثابت ومحمد بن واسع كانوا يشهدون المسجد يوم عرفة. "طبقات الحنابلة" 1/ 165 قال ابن الهيثم العاقولي: وسألت أبا عبد اللَّه عن التعريف بهذِه القرى، مثل جراجرايا ودير العاقول؟ فقال: قد فعله ابن عباس بالبصرة، وعمرو بن حريث بالكوفة، هو دعاء.

594 - قيام ليلة العيد

قيل له؟ يكثر الناس؟ قال: وإن كثروا هو دعاء وخير، وقد كان يفعله محمد بن واسع وابن سيرين، والحسن وذكر جماعة من البصريين. "طبقات الحنابلة" 2/ 101 - 102 594 - قيام ليلة العيد نقل حنبل عنه: أما قيام ليلة الفطر فما يعجبني ما سمعنا أحدًا فعل ذلك إلا عبد الرحمن، وما أراه لأن رمضان قد مضى، وهذِه ليلة ليست منه، وما أحب أن أفعله، وما بلغنا من سلفنا أنهم فعلوه، وكان أبو عبد اللَّه يصلي ليلة الفطر المكتوبة، ثم ينصرف، ولم يصلها معه قط، وكان يكرهه للجماعة. ونقل الفضل بن زياد عنه: شهدت أحمد ليلة أفطر وقد اختلف الناس في الهلال فصلى المكتوبة، وركع أربع ركعات، وجلس يستخبر خبر الهلال، فبعث رسولًا فقال: إذهب نحو أبي إسحاق فاستخبر خبر الهلال، فلم يزل جالسًا ونحن معه حتى رجع الرسول فقال قد رئي الهلال، فانتقل أحمد، ثم قال فدخل منزله. ونقل أبو طالب عنه أنه قال في الجماعة يقومون ليلة العيد إلى الصباح يجمعون، قال: من فعل ذلك؛ هو زيادة خير. "بدائع الفوائد" 4/ 93

595 - المبيت في المصلى ليلة العيد والذبح والنحر به

595 - المبيت في المصلى ليلة العيد والذبح والنحر به قال إسحَاق بن منصور: واعتكفَ في العشرِ الأواخر، وكان يستنجي في الطستِ في المسجد، وباتَ ليلةَ الفطرِ في المسجدِ، ثم دخلَ بسحر الحمام، ثم صلَّى الغداةَ ثُمَّ قَعدَ في المسجدِ، واجتمعَ إليه بعضُ أصحابِه فأفطر بما حضر، ثم تطيب فلمَّا طلعتِ الشمس (حسنا) (¬1) خرجَ إلى المصلى فكانَ يُكبِّرُ في الطريقِ. "مسائل الكوسج" (3477) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان عبد الرحمن بن الأسود يصلي ليلة العيد، ثم يذهب إلى المصلى يبيت به، ولم يبلغني هذا عن أحد. "مسائل ابن هانئ" (484) قال حنبل: قال أحمد: هو منكر -يعني الذبح والنحر بالمصلى. "فتح الباري" لابن رجب 9/ 58 596 - الأكل يوم الفطر قبل الخروج للصلاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الأكل يوم الفطر قبل الخروج؟ قال: إن أكلَ في الفطرِ فلا بأسَ -كأنه لَم يرَ بأسًا بالأكلِ في الأَضحى. قال: أما يومُ الفطرِ يُستحب أن يأكلَ قبل أن يخرجَ، وأما الأضحَى فلا أعرفُ فيه حديثًا. ¬

_ (¬1) كذا في "المسائل" ولعلها: حسناء. واللَّه أعلم.

597 - الزينة ولبس الجديد في ذلك اليوم

قال إسحاق: أما الفطرُ فكما قال، وأما الأَضحَى فإنَّ السُّنَّةَ ألَّا يأكلَ حتى يرجعَ فيبدأ فيأكل من كَبدِ أضحيته. "مسائل الكوسج" (2866) 597 - الزينة ولبس الجديد في ذلك اليوم قال المروذي: قلت لأحمد: أيما أحبُّ إليك أن تخرج يوم العيد في ثياب جياد، أو ثياب رثة؟ قال: أما طاوس، فكان يأمر بزينه الصبيان حتى يخضبوا، وأما عطاء فقال: لا، هو يوم تخشُّع (¬1). فقلت لأحمد: فإلى ما تذهب؟ قال: قد روي هذا وهذا، واستحسنهما جميعًا. "فتح الباري" لابن رجب 8/ 414 598 - التهنئة بالعيد، ومخالفة الطريق عند العودة من صلاة العيد، والنهي عن ترويع الناس في ذلك اليوم قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا حسين، عن سفيان، عن جوبير، عن الضحاك: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن يحمل السلاح يوم عيد (¬2). "مسائل صالح" (861) ¬

_ (¬1) رواه عن طاوس عبد الرزاق 3/ 332 (5856)، والبيهقي في "الشعب" 5/ 217 (6422). (¬2) رواه عبد الرزاق 3/ 289 (5668) قال البيهقي في "سننه" 3/ 285: وروينا عن الضحاك بن مزاحم عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا أنه نهى أن يخرج يوم العيد بالسلاح.

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن قولهم يوم العيد: تقبل اللَّه منا ومنك؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل أبي داود" (436) قال ابن هانئ: وحضرت معه العيد فلم يصل قبلها ولا بعدها، قلت له لما فرغ من الصلاة وأخذ في الطريق الذي جئنا فيه، فقال لي: روى العمري الصغير، عن نافع عن ابن عمر: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: كان إذا خرج إلى العيد لم يرجع في الطريق الذي جاء فيه (¬1). فقال: لو رواه عبيد اللَّه كان. ثم أخذ أبو عبد اللَّه في غير الطريق الذي جاء فيه. "مسائل ابن هانئ" (482) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يلقى الرجل يوم الفطر فيقول: تقبل اللَّه منا ومنك؟ قال: يرد عليه، وإن ابتدأ به فلا بأس. "مسائل ابن هانئ" (673) قال حرب: سئل أحمد عن قول الناس في العيدين: تقبل اللَّه منا ومنكم. قال: لا بأس به، يرويه أهل الشام عن أبي إمامة. قيل: وواثلة بن الأسقع؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 109، وأبو داود (1156)، وابن ماجه (1299) وصححه الألباني في "الإرواء" (637). وللحديث شاهد من حديث جابر عند البخاري (986) بمعناه.

قال: نعم. قيل: فلا تكره أن يقال هذا يوم العيد. قال: لا. "المغني" 3/ 294، "معونة أولي النهى" 2/ 526 قال مهنا: قلت لأحمد: هل سمع سعيد بن الحارث من أبي هريرة (¬1)؟ فلم يقل شيئًا. يقصد: مخالفة الطريق. "فتح الباري" لابن رجب 9/ 70 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 338، والترمذي (541) وقال: حديث أبي هريرة حسن غريب وقال البخاري: إثر الحديث (986): تابعه يونس بن محمد عن فليح عن سعيد عن أبي هريرة وحديث جابر أصح. فتعقبه ابن التركماني في "الجوهر النقي" 3/ 308 - 309: بل حديث أبي هريرة أصح، وكذلك الألباني في "الإرواء" (637).

باب: صلاة الكسوف

باب: صلاة الكسوف 599 - مشروعية صلاة الكسوف قال عبد اللَّه: رأيت أبي إذا كان ريح، أو ظلمة، أو أمر يفزع الناس منه، يفزع إلى الصلاة كثيرًا والدعاء حتى ينجلي ذلك، وأحسب أني رأيته فعل ذلك في الكسوف. "مسائل عبد اللَّه" (492) قال إسماعيل بن سعيد: قال أحمد: صلاة الآيات وصلاة الكسوف واحد. "فتح الباري" لابن رجب 9/ 249 قال حرب: نا إسحاق: نا جرير، عن الأعمش عن إبراهيم، عن علقمة قال: إذا فزعتم من أفق من آفاق السماء فافزعوا إلى الصلاة (¬1). "فتح الباري" لابن رجب 9/ 249 قال أبو بكر المروذيُّ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: سألني إنسان عن الرجفة؛ فكتبت له هذا الحديث -وقال: ما أحسنه: أنا أبو المغيرة قال: أصاب الناس رجفة بحمص سنة أربع وتسعين، ففزع الناس إلى المسجد، فلما صلَّى أيفع بن عبد الكلاعي صلاة الغداة قام في الناس فأمرهم بتقوى اللَّه، وحذرهم وأنذرهم ونزع القوارع من القرآن وذكر الذين أهلكوا بالرجفة قبلنا، ثم قال: واللَّه ما أصابت قومًا قطُّ قبلكم إلا أصبحوا في دراهم جاثمين فاحمدوا اللَّه الذي عافاكم ودفع عنكم ولم يهلكم بما أهلك به الظالمين قبلكم، وكان أكثر دعائه: لا إله إلا اللَّه، ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 221 (8318) عن جرير به.

600 - هل يشترط إذن الإمام لصلاة الكسوف؟

واللَّه أكبر، والحمد للَّه، وسبحان اللَّه، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه، واستغفر اللَّه، ويقول: يا أيها الناس عليكم بهؤلاء الكلمات؛ فإنهن القرآن، وهي الباقيات الصالحات. ثم إن أيفع قال لأبي ضمرة القاضي: قم في الناس، فقام فصنع كما صنع أيفع، فلما قضى موعظته انصرف، ثم صنع ذلك دبر الصلوات ثلاثة أيام، فاستحسن ذلك المسلمون. قال حرب: وسألت إسحاق بن راهويه عن الرجل يكونُ في بيته فتصيبه الزلزلة، هل يقوم فيخرج من البيت؟ قال: إن فعل فهو أحسن. "فتح الباري" لابن رجب 9/ 151 - 152 600 - هل يشترط إذن الإمام لصلاة الكسوف؟ روى عنه يعقوب ابن حسان: لا بأس به. وقال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: ابن مهدي عن حماد بن يزيد قال: بلغ أيوب أن سليمان التيمي لما انكسفت الشمس صلى في مسجده، فبلغ أيوب فأنكر عليه، فقال: إنما هذا للأئمة. فقال أبو عبد اللَّه: إلى هذا نذهب في كسوف الشمس، الأئمة يفعلون ذلك. "بدائع الفوائد" 4/ 101

601 - صلاة الكسوف جماعة وفرادى

601 - صلاة الكسوف جماعة وفرادى قال أبو داود: قلت لأحمد: يصلي الرجل وحده صلاة الكسوف؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (508) قال أبو داود: قلت: يصلي بأهل مسجده؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (509) قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عن صلاة كسوف الشمس والقمر والزلازل؟ قال: تصلى جماعة ثمان ركعات وأربع سجدات، وكذلك الزلزلة. قال: وبذلك قال أبو أيوب -يعني: سليمان بن داود الهاشمي- وأبو خيثمة. "فتح الباري" لابن رجب 8/ 246 602 - صفة صلاة الكسوف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: القراءةُ في صلاةِ الكُسوف: يُعلن أو يُسِر؟ قال: في حديث الزهري أنه جَهرَ (¬1). قال إسحاق: كما قال، يجهرُ. "مسائل الكوسج" (360) ¬

_ (¬1) روى ابن شهاب عن عروة عن عائشة -رضي اللَّه عنها-: جهر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في صلاة الخسوف بقراءته. . . الحديث مطولًا، رواه الإمام أحمد 7/ 76، والبخاري (1065)، ومسلم (901).

قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ: عن صلاةِ الكسوفِ؟ قال: فيه اختلاف كثير، وما يُروى عن عائشة -رضي اللَّه عنها- حديث الزهري- ركعتان وسجدتان في كل ركعة (¬1). "مسائل الكوسج" (408) قال أبو داود: قلت: كيف يصلي؟ قال: أربع ركعات في أربع سجدات. فقلت: يركع ركعتين، ثم يسجد سجدتين، ثم يقوم فيركع ركعتين، ثم يسجد سجدتين؟ قال: نعم، أختار هذا. "مسائل أبي داود" (510) قال أبو داود: قيل له: يجهر بقراءته -يعني: في صلاة الكسوف؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (511) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الصلاة في الكسوف؟ قال: فيه اختلاف: أما ابن عباس وعائشة فيقولان: أربع ركعات في أربع سجدات (¬2)، ويطيل فيهن القراءة، ويقرأ بما شاء من القرآن. وأمَّا علي بن أبي طالب، فإنه يقول: ست ركعات في أربع سجدات (¬3). ¬

_ (¬1) يراجع التخريج السابق. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 87، والبخاري (1046)، ومسلم (902). (¬3) رواه البيهقي 3/ 343 عن الشافعي. قال الشافعي: بلاغًا، عن عباد، عن عاصم الأحول، عن قزعة، عن علي أنه صلى في زلزلة ست ركعات في أربع سجدات. .

وأذهب إلى قول عائشة وابن عباس: أربع ركعات في أربع سجدات. "مسائل ابن هانئ" (537) قال ابن هانئ: سألته عن صلاة الكسوف؟ فقال: أرى أن تصلى أربع ركعات وأربع سجدات، إلى حديث عائشة. "مسائل ابن هانئ" (538) قال ابن هانئ: سألته عن الصلاة في الآيات؟ قال: يصلي أربع ركعات، في أربع سجدات، يطيل فيه من القراءة، ويكون قيامه في الأول أطول من الثانية، وهي ركعتان فيهما أربع ركعات، وأربع سجدات. "مسائل ابن هانئ" (539) قال عبد اللَّه: قال أبي: كان وكيع يقول في حديث الكسوف حديث سفيان عن حبيب، عن طاوس: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الكسوف ست ركعات في أربع سجدات (¬1). قلت له: إن إسماعيل بن علية ويحيى بن سعيد قالا: ثمان ركعات في أربع سجدات (¬2)، فلما كان بعد ذلك رجع إلى ثمان. "العلل" برواية عبد اللَّه (633) ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (560) عن محمد بن بشار، عن يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه صلى في كسوف فقرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم سجد سجدتين، والأخرى مثلها. (¬2) رواه مسلم (908، 909) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن إسماعيل ابن علية، عن سفيان، وعن محمد بن المثني وأبي بكر بن خلاد كلاهما عن يحيى، عن سفيان، عن حبيب، عن طاوس، عن ابن عباس.

603 - العتاقة عند الكسوف

ثقل إسماعيل بن سعيد عنه: ثمان ركعات، وأربع سجدات. "الروايتين والوجهين" 1/ 193 قال الميموني: سمعت أحمد يقول: يجهر بالقراءة في كسوف الشمس والقمر. "طبقات الحنابلة" 2/ 96 قال المروذي: قال أحمد: وأذهب إلى أن صلاة الكسوف أربع ركعات، وأربع سجدات، وفي كل ركعة ركعتان وسجدتان، وأذهب إلى حديث عائشة، وأكثر الأحاديث على هذا. "زاد المعاد" 1/ 456 603 - العتاقة عند الكسوف ونقل عنه محمد بن الحكم: يستحب العتاقة في صلاة الكسوف. "بدائع الفوائد" 4/ 101

باب: صلاة الاستسقاء

باب: صلاة الاستسقاء 604 - الاستسقاء بغير إمام نقل عنه الميموني: إن أخرجهم الإمام خرجوا، وإلا فيخرجون لأنفسهم يستسقون، لا بأس بذلك. وقال في موضع آخر: يصلي بهم بعضهم. ونقل حرب عنه أنه قال في أهل قرية ليس فيها والٍ، خرجوا يستسقون، يصلي بهم إمامهم جماعة؟ قال: أرجو ألا يضيق. ونقل أحمد بن القاسم عنه: إن لم يخرج الإمام؛ لا تخرجوا. "بدائع الفوائد" 4/ 101 605 - خروج أهل الذمة إلى الاستسقاء قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد البرتي القاضي قال: قيل لأبي عبد اللَّه: يخرج أهل الذمة يدعون مع المسلمين في الاستسقاء؟ فلم ير به بأسًا. وقال: أخبرني عبد الملك أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الاستسقاء، قلت: ويخرج أهل الكتاب معهم يستسقون؟ قال: ويخرجون معهم يستسقون لا بأس بذلك. "أحكام أهل الملل" 1/ 120 (127 - 128)

606 - الخطبة قبل صلاة الاستسقاء

606 - الخطبة قبل صلاة الاستسقاء نقل محمد بن الحسن بن هارون عنه: يبدأ بالخطبة قبل الصلاة. "الروايتين والوجهين" 1/ 114 نقل حنبل، وبكر بن محمد عنه: فيها خطبة. ونقل يوسف بن محمد بن موسى، والمروذي، والفضل بن زياد: ليس فيها خطبة؛ لأنها نافلة تفعل لأجل عارض، فلم يكن من سببها الخطبة، كالكسوف. "الروايتين والوجهين" 1/ 193 607 - صفة صلاة الاستسقاء قال إسحاق بن منصور: قال الإمامُ أحمدُ في صلاة الاستسقاء: يصلي ثم يدعو، ويجهرُ بالقراءة. وقال مالك: يحولُ رداءه. يقولُ: يجعل اليمينَ على اليسرى. "مسائل الكوسج" (407) قال أبو داود: قلت لأحمد: تقليب الرداء -أعني في صلاة الاستسقاء هكذا وجعلت طرف ردائي اليمين إلى اليسار، واليسار إلى اليمين؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (512) قال أبو داود: قلت لأحمد: ولم يكون التقليب؟ قال: يقول: تقلب؛ السنة. "مسائل أبي داود" (513) نقل إسماعيل بن سعيد عنه: لا يجهر بالقراءة في صلاة الاستسقاء،

608 - ما يقول إذا رأى الغيم، وعند انهمار المطر

ويصلي صلاة الناس ليس فيها تكبير مثل تكبير العيدين. ونقل محمد بن الحكم والمروذي: يجهر بالقراءة فيها لحديث عبد اللَّه بن زياد. "بدائع الفوائد" 3/ 65 608 - ما يقول إذا رأى الغيم، وعند انهمار المطر قال صالح: قال: حدثني أبي، قال: حَدَّثنَا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن القاسم بن محمد، عن عائشة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا رأى الغيم قال: "اللهم صبا هنيئًا -أو: صيبًا هنيئًا" (¬1). "مسائل صالح" (475) قال صَالح: حَدَّثنِي أبِي، قال: حَدَّثنَا بَهْزٌ وَحَدَّثنَا حَجَّاجٌ قالا: حَدَّثنَا سُلَيْمَانُ بْنُ المُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ قال: قال أَنَسٌ: إِنِّي لَقَاعِدٌ عِنْدَ المِنْبَرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يخْطُبُ، إِذْ قال بَعْضُ أَهْلِ المَسْجِدِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حُبِسَ المَطَرُ، هَلَكَتْ المَوَاشِي، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا. قال أَنَسٌ: فَرَفَعَ يَدَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَمَا أَرى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ فَأُلِّفَ بَيْنَ السَّحَابِ قال حَجَّاجٌ: فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ السَّحَابِ فَوَأَلْنَا. قال حَجَّاجٌ: سَعَيْنَا حَتَّى رَأَيْتُ الرَّجُلَ الشَّدِيدَ تَهُمُّهُ نَفْسُهُ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ، فَمُطِرْنَا سَبْعًا. ¬

_ (¬1) رواه بهذا الإسناد عبد الرزاق 11/ 88 (19999)، كما رواه الإمام أحمد 6/ 90، والبخاري (1032) كلاهما من طريق القاسم، عن عائشة به؟ إلا أن لفظ البخاري: "صيبًا نافعًا".

وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يخْطُبُ فِي الجُمُعَةِ المُقْبِلَةِ، إِذْ قال بَعْضُ أَهْلِ المَسْجِدِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَتْ البُيُوتُ، حُبِسَ السِّفَارُ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرْفَعَهَا عَنَّا، قال: فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقال: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا". قال: فَتَقَوَّرَ مَا فَوْقَ رَأْسِنَا مِنْهَا حَتَّى كَأَنَّا فِي إِكْلِيلٍ يُمْطَرُ مَا حَوْلَنَا وَلَا نُمْطَرُ (¬1). "مسائل صالح" (476) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 194، والبخاري (1013)، ومسلم (897).

باب: صلاة الاستخارة

باب: صلاة الاستخارة 609 - الاستخارة، هل هي يما يخفى أو في كل شيء؟ قال جعفر بن الصائغ: سمعت أحمد يقول: كل شيء من الخير يبادر به. وقال محمد بن نصر العابد: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كل شيء من الخير يبادر فيه. وقال: وشاورته في الخروج إلى الثغر، فقال لي: بادر بادر. "الآداب الشرعية" 2/ 228

باب في صلوات أهل الأعذار

باب في صلوات أهل الأعذار باب: صلاة المسافر 610 - في كم يقصر الصلاة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في كم يقصر الصَّلاة؟ قال: في أربعةِ بُردٍ. قيل: وإذا [. . .] (¬1) أربعة برد. قال: لا، إذا أراد أربعة برد، قال: ويفطر في أربعة برد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (310) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ في كَمْ يقصرُ الصلاةَ؟ قال: في قدرِ ستة عشر فرسخًا. قِيلَ له: إنَّ عليًا -رضي اللَّه عنه- يقول: في مسيرة ثلاث؟ قال: لا، أربعة بُرُد. "مسائل الكوسج" (431) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاقُ عن رَجلٍ أخبر أنه قصر في مسيرة يوم أو أربعة فراسخ، هل تأمر بالإعادة؟ قال: كلما قصر الصلاةَ إذا سافر في أدنى من ستةِ عشر فرسخًا -وهو ثمانية وأربعون ميلًا بالهاشمي- فعليه الإعادةُ، وإن كان أفطر في شهرِ رمضان قضى ما أفطرَ منه. "مسائل الكوسج" (467) ¬

_ (¬1) بياض بمقدار أربع كلمات.

قال صالح: وسألته في كم تقصر الصلاة؟ قال: في أربعة برد، وهي: ستة عشر فرسخًا. "مسائل صالح" (15) قال صالح: وقال في الرجل: يقصر من أربعة برد. "مسائل صالح" (933) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل في كم تقصر الصلاة؟ قال: في أربعة برد ستة عشر فرسخًا. "مسائل أبي داود" (514) قال أبو داود: قيل له وأنا أسمع: ولفطر فيه؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (515) قال ابن هانئ: سألته عن تقصير الصلاة؟ قال: مسيرة اليوم التام، مسيرة البغل أربعة برد. "مسائل ابن هانئ" (402) قال ابن هانئ: سألته عن المسافر في كم يقصر الصلاة؟ قال: في مسيرة أربعة برد، ستة عشر فرسخًا، في مسيرة اليوم التام. "مسائل ابن هانئ" (404) قال ابن هانئ: وسئل عن القوم ينادى فيهم النفير، فيتبعون العدو أكثر من عشرين فرسخًا؟ قال: هؤلاء حين نفروا لم يدروا كم يتبعونهم، فإذا بلغوا عشرين فرسخًا، إذا رجعوا قصروا الصلاة، ولا يقصرون في الذهاب. "مسائل ابن هانئ" (429) قال عبد اللَّه: سألت أبي: في كم تقصر الصلاة؟ قال: في أربع برد وهي ستة عشر فرسخًا.

قلت: فإن كان في تجارة؟ قال: نعم يقصر كان في حج أو عمرة. قال: وفي معصية لا يقصر. "مسائل عبد اللَّه" (419) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن قول ابن مسعود: أنه لا يقصر رجل إلا في غزو أو حج؟ فقال: رواه شعبه، وسفيان عن الأعمش، عن عمارة، عن الأسود، عن عبد اللَّه (¬1). ورواه هؤلاء الصغار عن الأعمش، عن عمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد اللَّه (¬2). وقد روي، عن عبد اللَّه بن مسعود غير هذا. روى عمران بن عمير، عن أبيه: أن عبد اللَّه قصر إلى ضيعة له (¬3). وروي عن ابن مسعود أنه قال: بُعْدُ كَمْ جسركم هذا -يعني: السواد؟ لا يقصر إلا من أفق إلى أفق، المكان البعيد (¬4). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا كان الرجل مسافرًا، فقدم على أهله وما ينسب له، أتم الصلاة، وهو قول ابن عباس (¬5). "مسائل عبد اللَّه" (423) ¬

_ (¬1) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 427. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 204 (8149). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 2/ 204 (8148) عن عمران بن عمير عن أبيه قال: خرجت مع عبد اللَّه إلى مكة فصلى ركعتين بقنطرة الحرة. (¬4) رواه عبد الرزاق 2/ 522 (4287)، وابن أبي شيبة 2/ 205 (8155). (¬5) رواه عبد الرزاق 2/ 524 (4296).

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصلاة بمنى، لمن يريد أن يقيم للعمرة، يقصر أو يتم؟ فقال: لا يقصر الصلاة إلا في أربعة برد، وذلك ثمانية وأربعون ميلًا. قلت لأبي: كان هذا قد نوى الإقامة بمكة لعمرة الموسم؟ قال: فإنه يتم الصلاة، بمنى، وبعرفات، حتى يرجع إلى مكة. "مسائل عبد اللَّه" (428) قال عبد اللَّه: سألت عمن يعتمر في الرباط، ثم يخرج في المدركة ذاهبًا وجائيًا يومًا وليلة يقصر أو يتم؟ قال: لا يقصر حتى يكون غاية ما يريد أربعة برد. "مسائل عبد اللَّه" (429) قال عبد اللهْ سألت أبي عمن يقصر في الرباط، ثم يخرج في البدرقة فيكون في البدرقة ذاهب جاءٍ يومًا (¬1) وليلة، يقصر أو يتم، يعني: الصلاة؟ قال: لا يقصر حتى يكون غاية ما يزيد على أربعة برد. "مسائل عبد اللَّه" (937) قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: في كم تقصر الصلاة؟ قال: في أربعة برد. قيل له: مسيرة يوم تام؟ قال: لا، أربعة برد، ستة عشر فرسخًا ومسيرة يومين، وذلك لما روى ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد من مكة إلى عسفان" (¬2). "المغني" 3/ 105، "معونة أولي النهى" 2/ 426 ¬

_ (¬1) كذا في المطبوع (جائي يومًا) ولعل الصواب ما أثبتناه. (¬2) رواه الدارقطني 1/ 387، والطبراني 11/ 96 (11162)، والبيهقي 3/ 137 - 138 =

611 - من أين يقصر الصلاة؟

611 - من أين يقصر الصلاة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يقصر الصلاة؟ قال: إذا فارق القريةُ قصر ويقصر حتَّى يصيرَ إليها. قال إسحاق: كما قال، وكذلك إذا كانتِ القرية خارجًا من المصر، فإذا خرجَ من بيوتِ القريةِ وهو يريدُ المرور بمصره قصر يجاوز البيوت، ثمَّ إذا رجع قصر حتَّى ينتهي إلى بيوتِ قريته، وكذلك إنْ كان في صحراءَ أو في بطن وادٍ فإنه حين يجاوزُ المظال (¬1) يقصر حتَّى يعودَ إليه. قال إسحاق: وأمَّا إذا خرجَ في طلبِ غريم له أو ما أشبهه فإنَّه لا يقصر الصلاة حتَّى يكونَ سفرِه أربعةَ برد وهو ستة عشر فرسخًا. "مسائل الكوسج" (311) قال صالح: قلت: يقصر إذا وارى البيوت ويفطر؟ قال: نعم. "مسائل صالح" (16) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يخرج في تجارة متى يقصر؟ قال: إذا برز عن البيوت، أو في تجارة، أو غير تجارة، إلا أن يكون في معصية فلا يقصر. ¬

_ = ثم قال: وهذا حديث ضعيف، إسماعيل بن عياش لا يحتج به وعبد الوهاب بن مجاهد ضعيف بمرة، والصحيح أن ذلك من قول ابن عباس. وقال الهيثمي في "المجمع" 2/ 157: رواه الطبراني في "الكبير" من رواية ابن مجاهد عن أبيه وعطاء ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. والحديث ضعفه الألباني في "الإرواء" (565). (¬1) هي البيوت الكبيرة من الشعر.

612 - متى يتم المسافر الصلاة؟

وقال: يقصر الصلاة في أربع برد. والبريد: اثنا عشر ميلًا، وأربع برد، ستة عشر فرسخًا، وكذا أتفق عليه ابن عمر، وابن عباس في أربعة برد (¬1). وقال أبي: يعجبنا أن يقصر في السفر؛ يأخذ برخصة اللَّه. "مسائل عبد اللَّه" (420) قال عبد اللَّه: سألت أبي متى تقصر الصلاة؟ قال: إذا جاوز البيوت قصر، ونوى سفر أربعة برد، ستة عشر فرسخًا. "مسائل عبد اللَّه" (425) نقل الميموني عنه في رجل يريد سفرًا فيقصر يومًا ثم يبدو له فيرجع فيتم وجاءه رسول الخليفة رده من بعض الطريق في الليل فأتم الصلاة وقيل له: أليس نحن مسافرون؟ قال: أما الساعة فلا، وكان نحوًا من سبع فراسخ. "بدائع الفوائد" 4/ 99 612 - متى يتم المسافر الصلاة؟ قال إسحاق بن منصور: قال الإمام أحمد رحمه اللَّه تعالى: إذا أزمعَ إقامةً زيادة على أربعٍ أتم الصَّلاةَ، واحتج بحديثِ جابرٍ رضي اللَّه عنه قَدِمَ النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صُبْحَ رابعةٍ (¬2). قال: فما نعلم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أزمعَ المُقامَ في شيءٍ من أسفاره إلا في حجته هذِه فإنه أَجمع أنْ يقيمَ إلى يومِ الترويةِ ثُمَّ خرجَ إلى مِنًى يوم التروية فأنشَأَ ¬

_ (¬1) علقه البخاري قبل حديث (1086)، ورواه البيهقي 3/ 137، وابن حجر في "تغليق التعليق" 2/ 415. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 317، والبخاري (1557)، ومسلم (1216).

السَّفَرَ، وكذلك حديث ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما- حين كان يقيم بمكةَ فإذا خرجَ إلى منى قَصر (¬1)، وكذلك حديث أنس (¬2) لكنه حيث قال: أقامَ بمكة عشرًا، فصيَّر أنس هذا كله إقامة صبح رابعة إلى آخر أيام التشريق. قال إسحاق: لا نعلم شيئًا مما وُصف يُؤكد قَولَ مَن يقول: لا يقصر إذا سافر أكثر مِن مسيرة ثلاث؛ لأنَّ إقامة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان قَدر ما وُصف، فلا بَيان فيه أن لو كان أكثرَ كان يُتم، ومُقامه بتبوك وفتح مكة سبع عشرة ليلة أو تسع عشرة يُصلي ركعتين أبين مِن قدومه صُبْح رابعة؛ لأنَّ ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما- حين ذكرَ مقامَه بتبوك، وفتح مكة قال: فنحن فيما بيننا وبين سبع عشرة نقصر فإذا زدنا أتممنا (¬3). قيل لإسحاق: ما تقول؟ قال: ما أحسنه! . "مسائل الكوسج" (312) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاق: معنى قوله: فإذا رجعت إلى أهلٍ أو ماشية فأتمَّ، لو أن رجلًا مِن أهلِ مرو كان مقيمًا بنيسابور، ثُمَّ خرجَ منها يريدُ بخارى فإذا قدم مرو يقصر أو يتم أو يصوم إذا كان ينوي مقام يوم أو يومين؟ قال: يقصر إلا أن يتوطنها أو يُجمع على إقامةٍ لحاجةٍ لا بد له منها، فحينئذ يأخذ بالثقةِ، ويُتم أحبُّ إليَّ لما اختلفَ أهلُ العلمِ مِنْ أصحاب النبي والتابعين في المُكثِ في فإذا زال اسم السَّفرِ عنه ونوى الإقامة لحاجةٍ قل أم كثر؛ لأنَّ الاحتياطَ له في المكتوبات الأخذُ بالثقة، فأمَّا ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 208. (¬2) رواه البخاري (1081)، ومسلم (693). (¬3) رواه البخاري (1080)، ولفظه فيه: . . . تسعة عشر.

لو أقامَ أيامًا لما حبسه الكرى أو كان إبله يرعاها أو ما أشبهه قصر ولو أقام أيامًا. "مسائل الكوسج" (313) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ خرجَ مسافرًا فبدَا له في حاجة إلى بيته ليأخذَها فأدركته الصلاة؟ قال: هو مسافرٌ إلا إذا لم يكن له أهل فهو أَهون؛ لأنَّ ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: إذا قَدِما على أهلٍ أو ماشيةٍ فأَتِم (¬1). رَادَدْتُّه فقال: هو مسافر، ثم راددته فقال: هو مسافر يقصر. قال إسحاق: كما قال إذا كانَ موضع الحاجة قدرَ ستة عشر فرسخًا، فإنْ كان أقل لَمْ يقصر، وإذا رجعَ مِنْ قريب أَتَمَّ حتَّى يعودَ إلى موضعِهِ. "مسائل الكوسج" (355) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: نظرنا اختلافَ الرواياتِ عن رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في التقصير في إقامته، وفي أسفاره، وفي ظعنه حين يقصد إلى الحرب، وما أجاب السائلين في التقصير في السفرِ، فوجدنا ألفاظًا تكون في الظاهر، ولكن المذهب في ذَلِكَ ائتلافُ معانيها، وتصرف علتها عن معانيها على تحقيق إرادته، واللَّه عز وجل أعلم. مِنْ ذاك مَا أقامَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم فتح مكة سبعة عشر أو تسعة عشر يقصرُ، وبتبوك عشرين ليلة يقصرُ، وقصدَ للحج في العشر صبح أربع ليالٍ خلون فقصرَ إلى خروجِهِ إلى مِنًى وبمنى، وحَكَى عمران بن حصين -رضي اللَّه عنهما-: غزوتُ مع رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وحَجَجْتُ معه فلمْ يزلْ يصلِّي ركعتين حتَّى ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 524 (4296)، وابن أبي شيبة 2/ 204 (8140)، والبيهقي 3/ 155.

رجعَ إلى المدينة، وكذلك فعل أبو بكرٍ وعمرُ وعثمان -رضي اللَّه عنهم- (¬1). وقد سُئِلَ ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- عن التقصيرِ؟ فقالَ: كان رسولُ اللَّه إذا خرجَ مِنْ منزلِه إلى مكةَ لا يزال يصلّي ركعتين حتَّى ينصرفَ، وكذلك كُتبَ إلى ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: إنَّا بفارس نقيم السنتين والثلاث فكم أصلي؟ قال ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما-: كان إذا خرجَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من منزلِه إلى بكة صلَّى ركعتين حتَّى يرجع، وأشباه ذَلِكَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه بعده -رضي اللَّه عنهم-، يُذْكرُ عنهم كنحو ما وصفنا من إجماع إقامة على عشرة، واثنتى ليلة، وعشرين ليلة، ومن بعدهم من التابعين مثل ذَلِكَ أيضا، ومنهم مَنْ قال: فأربعة أيام فقط، وأكثر أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والتابعين على أنهم كانوا يقيمون في أسفارِهم الأشهرَ والسنةَ والسنتين لا يصلون إلَّا ركعتين، فنرى -واللَّه سبحانه وتعالى أعلم- أن الأوائل أن الرجلَ إذا خَرَج مسافرًا من أهلِهِ لا يريدُ التوطنَ ببلدة يمر بها، ولا مقام به حيث قصدَ إليه حتَّى يرجعَ إلى منزله أن يصلِّي ركعتين، وإن طال مقامه في مصرٍ أو أكثر أو أقل؛ لأنَّ ذَلِكَ المقام لي بتوطن ولا اختيار دارٍ، فإذا لمْ يقل العالم بهذا القول فعدل يقول: كلُّ مسافرٍ قدم بلدةً فأجمع الإقامة بها أيامًا لا بشخص فمتَى يقضي نهمته مِنْ إقامة قلَّ أم كثر أن يصلِّي صلاةَ المقيمِ؛ لأن اسم الإقامة وإجماعها قد وقع عليه، وهذا أحب الأقاويل إليَّ أن يؤخذ بها؛ لأنَّ في ذَلِكَ يجمعُ الاختلاف والاحتياط إذا اختلفوا في توقيت الإقامةِ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 430، 431، وأبو داود (1229)، والترمذي (545)، والطيالسي (840)، (858)، وابن المنذر في "الأوسط" (2243)، (2295)، والطحاوي 1/ 417، والبيهقي 3/ 135 - 136، 151، 153. وقال الترمذي: صحيح وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (225).

بمصر، وقد أجمعوا كلهم على أنَّ المقيمَ يتمُّ الصلاةَ، فالأخذُ بما اجتمعوا عليه حتَّى يتبين ما اختلفوا أولى، من غير أنْ يعيبَ اقتداءً من أهلِ العلمِ وقت أربعا وعشرًا أو اثنتي عشرة ليلة، فأمَّا إذا قدم فأقامَ يومًا أو يومين أو أكثر لانتظار إبلهِ أو الذين هم معه وأوانا كان أو غيره لم يُجمعوا على إقامة بينة وأنَّ التقصير لهم مباح لا شك في ذَلِكَ مع أنَّ هؤلاء الذين بَايَنُونا فيما وصفنا مِن الإجماع على الإقامةِ وإنْ قَلَّتْ أو على طولِ المقامِ بالأسفارِ قالوا: كلَّما أَقامَ بِبَلَد مع أميرٍ قد غزا بهم وإن كان مقامهم لتجارةٍ في سفرهم ذَلِكَ فأقاموا شهرًا أو شهرين أو سنة أو سنتين أو أكثر بعد إذ لم يجمعوا على إقامةِ خمسة عشر فإنهم يَقْصُرون الصلاةَ، منهم الثوريُّ وأصحابُ الرأي ومَنْ لحق بهم وفيما اجتمعوا تَصْدِيقَ ما أنكروا مِن قولنا. "مسائل الكوسج" (540) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: المسافرُ والمريضُ بمنزلةٍ واحدةٍ. "مسائل الكوسج" (3407) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إنِ اسْتقر به الدار عشرة أيام؟ قال: بقدر ذلك. "مسائل الكوسج" (3408) قال صالح: وسألته عمن دخل مكة أيقصر الصلاة؟ قال: إذا زاد على إقامة أربعة أيام وزيادة صلاة أتم؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل صبيح رابعه وخامسه وسادسه وسابعه، وصلى يوم الثامن الفجر بمكة، ومضى إلى منى، كل ذلك يقصر، فإذا زاد على إقامة أربعة أيام وزيادة صلاة أتم. "مسائل صالح" (18)

قال صالح: وسألته عن المسافر إذا دخل مكة فنوى أن يقيم أربعة أيام وزيادة صلاة؟ قال: يتم إذا خرج إلى منى قصر؛ لأنه قد ابتدأ في السفر حين خرج إلى منى. "مسائل صالح" (370) قال أبو داود: قلت لأحمد: المسافر متى يتم -أعنى الصلاة؟ قال: إذا أزمع على إقامة أحد عشرين صلاة. "مسائل أبي داود" (519) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل قال فيمن أزمع إقامة عشر ليالٍ، ثم قصر في ذلك الصلاة. قال: يعيد صلاته. "مسائل أبي داود" (520) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: إذا انتهى الرجل إلى أهله أو أرضه أو ماشيته وهو مسافر؟ قال: يتم الصلاة. "مسائل أبي داود" (521) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا نوى المسافر أن يقيم ببلدة أربعة أيام وزيادة صلاة، إحدى وعشرين صلاة، أتم الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (403) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: أهل مكة لا يقصرون من مكة إلى منى، ومن دخل من الغرباء مكة، قبل العشر بأربعة أيام وزيادة صلاة، يتم الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (405)

قال ابن هانئ: سألته عن المسافر إذا قدم بلدة، في كم يوم يتم الصلاة؟ قال: إذا صلى إحدي وعشرين صلاة، أتم الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (408) قال ابن هانئ: سمعته يقول: دخل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مكة صبح رابعة وخامسة وسادسة، وسابعة، وصلى يوم الثامن الفجر بمكة، ومضى إلى منى، كل ذلك يقصر الصلاة (¬1). "مسائل ابن هانئ" (409) قال ابن هانئ: وسُئِلَ عن حديث عمران بن حصين: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أقام بتبوك، سبع عشرة يقصر الصلاة؟ قال: هذا ليس له أصل، إنما أراد: الخروج إلى حنين، ولم يرد الحج. وقد روى أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه أقام عشرًا (¬2). حديث عباس فيه أيضا. "مسائل ابن هانئ" (421) ¬

_ (¬1) ذكره ابن ضويان كما في "الإرواء" (572) بلفظ: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أقام بمكة فصلى بها إحدى وعشرين صلاة يقصر فيها وذلك أنه قدم صبح رابعة فأقام إلى يوم التروية، فصلى الصبح، ثم خرج. ذكره الإمام أحمد. قال الشيخ الألباني: صحيح المعنى، وهو مستنبط من أحاديث صفة حجته وهي كثيرة جدًّا أنسبها بالمقام حديث جابر قال: قدمنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأربع مضين من ذي الحجة. . . الحديث أخرجه النسائي 2/ 43 وإسناده صحيح، ومسلم (1218) وليس عنده تاريخ القدوم من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر. وقد تابعه قيس بن سعد عن عطاء به، مثل رواية النسائي. أخرجه أحمد 3/ 362 وإسناده على شرط مسلم. وفي رواية لمسلم [(1218)] وغيره من طريق محمد بن جعفر عن أبيه عن جابر في حديث الطويل في حجته ا. هـ بتصرف كبير. ملحوظة: في رواية مسلم: جعفر بن محمد عن أبيه. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 190، والبخاري (1081)، ومسلم (693).

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المسافر إذا قدم بلدًا، توطن فيه على إقامة، كم يؤمر أن يؤم فيه بالصلاة؟ قال: إذا نوى أن يقيم إحدى وعشرين صلاة قصر، وإن نوى أكثر من ذلك يتم. "مسائل عبد اللَّه" (424) قال ابن شاصو: سألت أحمد، متى يقصر المسافر الصلاة؟ قال: إذا عزم على إقامة أكثر من أربعة أيام، وصلاة إحدى وعشرين صلاة. "طبقات الحنابلة" 3/ 83 قال الأثرم: قال أحمد: زعموا أن عثمان إنما أتم سفره لأنه تزوج بمنى فصلى أربعًا. "التمهيد" 4/ 367 قال الأثرم: سئل أحمد بن حنبل عن حديث أنس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أقام عشرًا يقصر الصلاة؟ فقال: قدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مكة لصبح رابعة قال: فرابعة وخامسة وسادسة وسابعة وثامنة التروية وتاسعة وعاشرة (¬1). قال: فإنما حسب أنس مقامه بمكة ومنى، لا وجه لحديث أنس غير هذا. قال أحمد: فإذا قدم الصبح رابعة قصر، وما قبل ذلك يتم، قال: أقام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اليوم الرابع والخامس والسادس والسابع وصلى الصبح بالأبطح في اليوم الثامن. فهذِه إحدى وعشرون صلاة. قصر فيها في هذِه الأيام وقد أجمع على إقامتها، فمن أجمع أن يقيم كما أقام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قصر. فإن أجمع على أكثر من ذلك أتم. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

قلت له: فلم لا تقصر فيما زاد على ذلك؟ قال: لأنهم اختلفوا؛ فنأخذ بالاحتياط ونتم. قيل لأحمد بن حنبل فإذا قال: أخرج اليوم أخرج غدًا يقصر؟ قال: هذا شيء آخر، هذا لم يعزم. "التمهيد" 4/ 379 - 380 نقل الأثرم عنه: إذا أجمع أن يقيم إحدى وعشرين صلاة مكتوبة قصر، فإذا عزم على أن يقيم أكثر من ذلك أتم، واحتج بحديث جابر وابن عباس: قدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لصبح رابعة (¬1). ونقل المروذي عنه: إذا عزم على مقام إحدى وعشرين صلاة فليتم؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى الغداة يوم التروية بمكة. ونقل حرب عنه: إذا دخل إلى قرية نوى أن يقيم أربعة أيام وزيادة صلاة أتم. وقال الفضل بن زياد: قيل له: يا أبا عبد اللَّه يحكون أنك تقول: إذا أجمع على إقامة أكثر من أربعة وصلاة أتم؟ فقال: لا يفهمون، النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أجمع على إقامة أربع وصلاة فقصر. ونقل أيوب بن إسحاق عنه: إن أزمع على إقامة خمسة أيام يتم، وما دون ذلك يقصر. ونقل طاهر التميمي عنه: إذا نوى إقامة أربعة أيام وأكثر من صلاة اليوم الخامس أتم. "بدائع الفوائد" 4/ 99 - 100 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 317 البخاري (2506)، ومسلم (1216)، (1240).

613 - إذا نوى المقام وهو في الصلاة؟

613 - إذا نوى المقام وهو في الصلاة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مسافر نوى المقامَ وهو في الصلاةِ؟ قال: يُتِمُّ. قُلْتُ: فإنه قعدَ في الركعتينِ قبل أَنْ يتشهّد؟ قال: يتم حتَّى يخرجَ منها بتسليمٍ، وإذا افتتحَ المقيمُ الصلاةَ ثم بدا له أن يسافرَ قال: يتم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (356) 614 - القصر رخصة أم عزيمة؟ قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: من ذهب إلى أن لا يقصر في السفر ولا يفطر؟ قال: لا يعجبني هذا. "مسائل أبي داود" (516) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قلت: رجل أراد سفرًا، فلما مضى خمسة فراسخ بدا له فرجع، وقد قصر من الصلاة، يعيد الصلاة؟ قال: لا يعيد ما قصر. "مسائل عبد اللَّه" (421) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن حديث المغيرة بن زياد، عن عطاء، عن عائشة قالت: قصر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في السفر، وأتم وصام وأفطر (¬1). يصح؟ ¬

_ (¬1) رواه: أبو داود الطيالسي في "مسنده" (1595)، وابن أبي شيبة 2/ 208 (8187)، =

قال: له أحاديث منكرة، وأنكر هذا الحديث. "مسائل عبد اللَّه" (426) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا يعجبنا أن يصوم في السفر، ويقصر، يأخذ برخصة اللَّه تعالى. "مسائل عبد اللَّه" (430) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يتم الصلاة في السفر؟ قال: هذا مخالف، سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- التقصير، يقصر أحب إلينا. "مسائل ابن هانئ" (401) قال الأثرم: قلت له: للرجل أن يصلي في السفر أربعًا؟ قال: لا يعجبني. ثم قال: السنة ركعتان. "التمهيد" 4/ 375 قال أبو الحسن النسوي: وسمعت أحمد يقول وسئل عن القصر في السفر والإفطار عندك واحد؟ قال: القصر أوكد، وقد صام بعض أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في غزاة حنين، فلم يعب بعضهم على بعض (¬1). ولا أعلم من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يتم، إلا أن تكون عائشة (¬2). "طبقات الحنابلة" 2/ 127 - 128 ¬

_ = والدارقطني في "السنن" 1/ 189 وقال: المغيرة بن زياد ليس بالقوي. وابن عبد البر في "التمهيد" 16/ 304، والبيهقي 3/ 141، والحديث ضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (4594). (¬1) بلفظه رواه الإمام أحمد 3/ 24 من حديث أبي سعيد، وصومهم مع النبي في السفر ثابت في البخاري ومسلم من حديث ابن عباس وأنس وأبي الدرداء، وغيرهم. (¬2) روى البخاري (1090)، ومسلم (685/ 3) عن الزهري قال: فقلت لعروة: ما بال عائشة تتم في السفر؟ قال: تأولت كما تأول عثمان.

615 - في أي الأسفار تقصر الصلاة؟

615 - في أي الأسفار تقصر الصلاة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في أي الأسفار لا تُقصر الصلاة؟ فإنَّ ابن مسعودٍ رضي اللَّه عنه قال: لا يقصر إلا حاجّ أو غازٍ (¬1). قال: يُقصر في كلّ سفرٍ، ويفطر في أربعة بُرُدٍ، ويقصر في أربعة بُردٍ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (309) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عمن قال: لا يُقصرُ إلا في حجِّ أو عمرةٍ أو غزوٍ؟ قال إسحاق: كما قال، والتَّقصِيرُ في غيرِهِم سنَّةٌ أيضًا. "مسائل الكوسج" (1711) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما المكاري والجمّال [وملاح] السفينة والرعاء ومن يخرج إلى جشرة في ضيعة لا يؤم سفرًا في غزو ولا حج ولا عمرة ولا غير ذَلِكَ، فإن الاختيار لهم أن يتموا الصلاة؛ لما رأى عثمان وابن مسعود -رضي اللَّه عنهما- وغيرهما من التقصير في الحج والعمرة والجهاد وغير ذَلِكَ مما يشبهه (¬2)، فقد خرج من معنى ما وصفنا من المكاري والرعاء والجمّال؛ لذلك قلنا الاختيار لهم إتمام الصلاة مع ما فسر عطاء (¬3) ونظراؤه من التابعين ذَلِكَ كما وصفنا وبينا. "مسائل الكوسج" (3479) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 521 (4286)، وابن أبي شيبة 2/ 204. (¬2) رواه عبد الرزاق 2/ 521 (4285، 4286)، وابن أبي شيبة 2/ 204 (8149، 8151) عنهما. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 2/ 214 عنه: في الراعي يقصر؟ قال: إنما يقصر المسافر. =

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن قول ابن مسعود: أنه لا يقصر رجل إلا في غزو، أو حج. فقال: رواه شعبة، وسفيان، عن الأعمش عن عمارة عن الأسود، عن عبد اللَّه. ورواه هؤلاء الصغار، عن الأعمش، عن عمارة، عن عبد الرحمن ابن يزيد، عن عبد اللَّه. "مسائل عبد اللَّه" (423) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل سافر في سفينة، يقصر ويفطر؟ قال: يقصر ويفطر، كما يفعل في الظهر. "مسائل عبد اللَّه" (431) نقل مهنا عنه فيمن خرج إلى بلد يريد النزهة بها: لا يقصر الصلاة. "الروايتين والوجهين" 1/ 176 قال محمد بن العباس المؤدب، أبو عبد اللَّه الطويل: سئل أحمد بن حنبل عن التقصير إلى سامراء؟ فأظهر التبسم. وقال: إنما التقصير في سفر طاعة. "طبقات الحنابلة" 2/ 348، "معونة أولي النهى" 2/ 425 نقل ابن الحكم عنه، في رجل يخرج إلى بعض البلدان يتنزه أو إلى بلد يتلذذ فيه، ليس يطلب فيه حجًا ولا عمرة ولا تجارة، ما يعجبني أن يقصر الصلاة. "بدائع الفوائد" 4/ 99 ¬

_ = وروى عنه 2/ 70 (6578، 6580) في الملاحين أيضًا: يتمون قال: هم مطمئنون.

616 - أي الصلوات تقصر؟

616 - أي الصلوات تقصر؟ قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل كان يصلي المغرب في السفر ثنتين ثنتين؟ قال: يعيد ثلاثًا ثلاثًا. "مسائل أبي داود" (527) 617 - المسافر يدخل في صلاة المقيمين، والعكس قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مسافر أدرك من صلاة المقيمين ركعةً، أو أدركهم جلوسًا؟ قال: يصلي بصلاتهم. وإذا أدركهم جلوسًا يصلي بصلاتهم، أولو على، الحديث في الجمعة لكان ينبغي له أن يصلي ركعتين إذا أدركهم جلوسًا. قال إسحاق: كلما دخل المسافر في صلاة المقيمين فنوى أن يصليَ كصلاتهم لزمه ذَلِكَ، وله أنْ ينويَ صلاةَ نفسِهِ ويدخل مع المقيم، فإذا صلى ركعتين وجلس سلم وخرج، وإن شاء تطوع معه فيما بَقي. فأما إذا أدرك المسافرُ المقيمَ جالسًا في آخر صلاته فعليه صلاة المسافر؛ لأن المقيم قد فرغ كالجمعة إذا أدركهم جلوسا. "مسائل الكوسج" (162) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن المقيم يدخل في صلاة المسافر؟ قال: يصلي صلاة المقيم. "مسائل ابن هانئ" (406) قال ابن هانئ: وسألته عن المسافر يدخل في صلاة المقيمين؟ قال: يصلي بصلاتهم. "مسائل ابن هانئ" (407)

618 - دائم السفر يتم أم يقصر؟

قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: مسافر أدرك مقيمًا في التشهد في الرابعة؟ قال: إذا دخل المسافر مع المقيم، صلى بصلاته. قال: ويروى عن ابن عمر وابن عباس: إذا دخل المسافر صلى بصلاتهم (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (432) قال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا دخل مع الإمام في التشهد، فقد دخل في التضعيف. "التمهيد" 1/ 189 قال الأثرم: سألت أبا عبد اللَّه عن المسافر يدخل في تشهد المقيمين؟ قال: يصلي أربعًا. "المغني" 3/ 143 618 - دائم السفر يتم أم يقصر؟ قال صالح: قال أبي: والملاح إذا كان معه أهله وبنوه أتم الصلاة، وإن لم يكن أهله معه قصر الصلاة، مثل الراعي، يروى عن الحسن وعطاء قالا في الملاح: إذا كان معه أهله أتم الصلاة (¬2). "مسائل صالح" (1027) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 204 (8149). (¬2) أثر ابن عباس رواه الإمام أحمد 1/ 216، ومسلم (688) بنحوه، ورواه أيضا ابن أبي شيبة 1/ 335 (3849) واللفظ له. أما أثر ابن عمر فرواه عبد الرزاق 2/ 542 (4381)، وابن أبي شيبة 1/ 335 (3851).

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن التاجر يقصر ويفطر في السفر؟ قال: نعم، إلا أن يكون في معصية. "مسائل أبي داود" (517) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول في المكاري الذي هو دهره السفر؟ قال: لا بد من أن يقدم فيقيم اليوم واليومين والثلاثة. قيل لأحمد: يقيم اليوم واليومين والثلاثة في تهيئة الخروج؟ قال: هذا يقصر فيها. قال: وأما الملاح الذي معه أهله وتنوره فإنه عندي لا يقصر. "مسائل أبي داود" (518) قال ابن هانئ: وسئل عن الراعي يقصر الصلاة؟ قال: ليس على الراعي ولا الملاح إذا كان سكنه وأهله بها، تقصير. "مسائل ابن هانئ" (437) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الملاح ليس معه أهله، أيتم أو يقصر؟ قال: إذا كان معه أهله أتم، وإذا كان له أهل ومنزل ليس هم معه في السفينة، رجع إلى أهله يقصر. "مسائل عبد اللَّه" (427) قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن الملاح أيقصر ويفطر في السفينة؟ قال: أما إذا كانت السفينة بيته فإنه يتم ويصوم. قيل له: وكيف تكون بيته؟ قال: لا يكون له بيت غيرهم. "المغني" 3/ 118

619 - الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر، والتقديم والتأخير والأفضل في ذلك

619 - الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر، والتقديم والتأخير والأفضل في ذلك قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل يجمعُ بينَ الصَّلَاتَين فِي المغرب والعشاء؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قَال. وَجَمعْهُمَا: أنْ يؤخرَ المغربَ قَلِيلًا، ثُمَّ يُصلي الإمامُ قَبْلَ أَنْ يغيبَ الشَّفَقُ، وَيَضُمُّ إليها العِشَاءَ قبلَ غيبوبةِ الشَّفق. "مسائل الكوسج" (129) قال إسحاق بن منصور: هل يجمع بين الصلاتين في السفر والحضر، وكيف يجمع بينهما؟ قال: وجه الجمع أن يُؤخر الظهرَ حتَّى يدخلَ وقتُ العصرِ ثم ينزل فيجمع بينهما، ويؤخر المغربَ كذلك وإن قَدَّم فأرجو أن لا يكونَ به بأسٌ. قال إسحاق: كما قال بلا رجاء. "مسائل الكوسج" (164) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أيجمعُ بين الصلاتين؟ قال: نعم، يجمع ولا يكون الجمع إلا في وقت إحدى الصلاتين فلو كان صلى كل صلاة في وقتها، أين كانت تكون الرخصة؟ ! قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (357) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: قولُه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ثمانيًا وسبعًا أو ثمانيًا جميعًا (¬1)؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 70 (6578 - 6580) عنهما.

قال: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. قلت: قدْ عرفتُ، ولكن ما هذا؟ قال: هو في الحضرِ، قال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: أراد التوسعةَ على أمتِهِ (¬1). "مسائل الكوسج" (417) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عن الجمعِ بين الصلاتين. فقالَ: يؤخرُ الظهرَ إلى العصرِ، والمغربَ إلى العشاءِ. "مسائل الكوسج" (461) قال صالح: قلت: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه جمع بين الظهر والعصر في غير سفر ولا خوف (¬2)؟ قال: يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلت: قوله: صليت مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سبعًا جمعيًا وثمانيًا جميعًا بالمدينة من غير خوف ولا مطر؟ (¬3) قال: قد جاءت الأحاديث بتحديد المواقيت للظهر والعصر والمغرب والعشاء، فأما المريض فأرجو. "مسائل صالح" (582) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سأله رجل عن الجمع بين الصلاتين في السفر؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 221، والبخاري (1174)، ومسلم (705) من حديث ابن عباس. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 283، ومسلم (705) بلفظ: أراد أن لا يحرج أحدا من أمته، ورواه عبد الرزاق 2/ 555 (4434)، وابن أبي شيبة 2/ 212 (8235) باللفظ المذكور. (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 283، ومسلم (705) من حديث ابن عباس وانظر التخريجات السابقة.

قال: أخر المغرب حتى تصليهما جميعًا. قال: أنعس؟ قال: إن نعست فتوضأ. "مسائل أبي داود" (533) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الجمع بين الصلاتين في السفر؟ قال: نعم، ويكون في وقت الآخر. "مسائل أبي داود" (524) قال أبو داود: قلت: يكون في السرية يريد الركوب عند زوال الشمس فيصلي الظهر والعصر، ثم يركب؟ قال: أرجو أن يكونوا هم في عذر. "مسائل أبي داود" (525) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الجمع بين المغرب والعشاء في الحضر من مطر قبل أن يغيب الشفق؟ قال: أرجو. "مسائل أبي داود" (526) قال ابن هانئ: وسئل عن الجمع بين الصلاتين؟ قال: يؤخر الظهر إلى وقت العصر، والمغرب إلى أول وقت صلاة العشاء. سألته عن صلاة المسافر؟ قال: يؤخر الظهر إلى أول العصر ثم يصليهما، ثم يؤخر المغرب إلى أول وقت العشاء ثم يصليهما. "مسائل ابن هانئ" (410)

قال ابن هانئ: سألته عن حديث أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا زالت الشمس صلى الصلاتين" (¬1)؟ قال: هذا ليس بشيء، جمع، الجمع أعجب إلينا، ومن جمع يومًا وصلى يومًا، على صلاة المقيمين لم يضره. قيل له: فحديث ابن عمر الجمع بين الصلاتين من الكبائر إلا من عذر (¬2)؟ قال أبو عبد اللَّه: السفر عذر. "مسائل ابن هانئ" (419) قال ابن هانئ: وسألته عن الصلاة في السفر؟ قال: يؤخر الظهر إلى وقت العصر، ثم يصلي الظهر والعصر جميعًا. والعشاء إلى وقت العتمة، ثم يصليهما جميعًا. "مسائل ابن هانئ" (422) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الجمع بين الصلاتين في السفر؟ فقال: أكثر ما جاء أنه يؤخر الظهر إلى وقت العصر، ثم يجمعهما في وقت العصر. وكذلك المغرب والعشاء الآخرة، يؤخر المغرب حتى يغيب الشفق ثم يجمع بينهما. وقد روي عن ابن عباس: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 247، والبخاري (1111)، ومسلم (704). (¬2) رواه عبد الرزاق 1/ 535 (2035)، وابن أبي شيبة 2/ 214 (8253) عن عمر -رضي اللَّه عنه- ولم أقف عليه عن ابن عمر. (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 368 والترمذي كما في "تحفة الأشراف" 5/ 120 (6021) =

قال أبي: والذي يعجبنا أن يؤخر الظهر إلى وقت العصر، والمغرب إلى وقت العشاء على فعل ابن عمر (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (417) قال الأثرم: سألت أحمد بن حنبل: أيجمع بين الصلاتين في المطر؟ قال: نعم، المغرب والعشاء. قلت له: بعد مغيب الشفق؟ قال: لا، إلا قبل، كما صنع ابن عمر. "التمهيد" 4/ 353 قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: يجمع بين الصلاتين: الظهر والعصر المطر؟ قال: ما سمعت. قلت له: فالمغرب والعشاء؟ قال: نعم. وفي السفر يؤخر حتى يغيب الشفق. "الاستذكار" 6/ 31 - 32. قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: أي شيء تقول في حديث ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى ثمانيًا جميعًا، وسبعًا جميعًا من غير خوف ولا سفر؟ ¬

_ = وقال: حسن صحيح غريب من حديث ابن عباس. والطبراني في "الكبير" 11/ 211 (11523) والدارقطني في "السنن" 1/ 389، والبيهقي 3/ 163. قال الحافظ في "التلخيص" 2/ 48: حديث ابن عباس رواه الإمام أحمد والدارقطني والبيهقي من طريق حسين عن عكرمة عن ابن عباس، وحسين ضعيف، واختلف عليه فيه، وجمع الدارقطني في "سننه" بين وجوه الاختلاف فيه إلا أن علته ضعف حسين. ويقال: إن الترمذي حسنه وكأنه باعتبار المتابعة. (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 51، والبخاري (1091)، ومسلم (703).

فقال: ابن عباس كما ترى قد أثبت هذا أو صححه، وغيره يقول: ابن عمر ومعاذ وغير واحد يقولون إنه في السفر. فقلت: أيفعله الإنسان؟ فقال: إنما فعله لئلا يحرج أمته. وزاد -أي الأثرم: قال أحمد: أليس قال ابن عباس: أن لا يحرج أمته. إن قدم رجل أو أخر نحو هذا. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 273 نقل الأثرم عنه: جمع التقديم أفضل في جمع المطر، وأن في جمع السفر يؤخر. "الإنصاف" 5/ 100، "معونة أولي النهى" 2/ 444 قال محمد بن مشيش: قال أحمد: الجمع في الحضر إذا كان من ضرورة، مثل: مرض أو شغل. "معونة أولي النهى" 2/ 442

فصل: أحكام وآداب متعلقة بالسفر

فصل: أحكام وآداب متعلقة بالسفر 620 - صلاة ركعتين عند القدوم من السفر قال حرب: قال إسحاق: هو حسن جميل. قال: وإن صليتها في بيتك حين تدخل بينك فإن ذلك يستحب. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 268

باب: صلاة المريض

باب: صلاة المريض 621 - وجوب الصلاة مع العجز عن أفعالها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: إذا لمْ يقدرْ أنْ يصلِّي؟ قال: لابدَّ من شيءٍ إذا كان يعقل، إلَّا أن [لا] يعقل. قال إسحاق: إن استطاع مستلقيًا يومئ إيماءً برأسِهِ، فإنْ لمْ يقدرْ أومأ بحاجبيه، فإنْ لمْ يقدرْ الإيماءَ بحاجبِيهِ فإنه يكبِّرُ، فإن لمْ يقدرْ أنْ يكبرَ فليكبر عنه رجل وليجمع بين الصلاتينَ، هكذا قال إبراهيم والحكم بن عتيبة. "مسائل الكوسج" (415)، (495) قال أبو بكر المستملي: مرض أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل رضي اللَّه عنه، فوضأته، فقلت له تصلي مرة أو مرتين؟ فقال: أما سمعت حديث أبي سعيد فلم يصل (¬1). "الروايتين والوجهين" 1/ 179 قال حرب: قال إسحاق: إن لم يقدروا على ركعة فسجدة واحدة، فإن لم يقدروا فتكبيرة واحدة، واستدل بقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} فإذا قدر على الإتيان بشيء من الصلاة، وعجز عن الباقي لزمه أن يأتي به في وقته وتجزئه ولا يجوز له تأخيره عن الوقت. "فتح الباري" لابن رجب 8/ 400 ¬

_ (¬1) لعله يعني ما روى ابن أبي شيبة 1/ 246 (2826) عن رجاء بن ربيعة قال: كنا عند أبي سعيد في مرضه الذي توفي فيه، قال: فأغمي عليه فلما أفاق: قلنا له: الصلاة يا أبا سعيد. قال: كفان -يعني: أومأ.

622 - صفة المرض المبيح لتغيير هيئة الصلاة

622 - صفة المرض المبيح لتغيير هيئة الصلاة قال إسحاق بن منصور: قلتُ: متى يُصلي المريضُ جالسًا؟ قال: [إذا كان] قيامُه يَزيده وهنًا، ويشتد عليه، ولا يخرج في حاجةٍ مِنْ حوائج الدُّنيا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (314) قال ابن هانئ: سألته عن المريض متى يجب أن يصلي قاعدًا؟ قال: إذا كان قيامه مما يوهنه ويضعفه صلى قاعدًا. "مسائل ابن هانئ" (366)، (682) بمعناه. قال عبد اللَّه: مرضت في سنة ثمان وثلاثين فجاءني أبي يعودني فقلت له: المريض متى يقوم إلى الصلاة؟ قال: إذا أطاق القيام صلى قائمًا. فقلت: إن أطاق القيام في آخر الصلاة؟ فقال: يقوم. قلت: ذلك جائز؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (376) قال عبد اللَّه: سُئِلَ أبي عن المريض متى يصلي قاعدًا؟ قال: إذا كان قيامه يضعفه ويوهنه أحب إلي أن يصلي قاعدًا. "مسائل عبد اللَّه" (377) قال ابن حمدان العطار: سئل أبو عبد اللَّه، وأنا أسمع، متى يجب على العبد الصلاة من قعود؟

623 - كيفية صلاة المريض

قال: إذا أخذ جميع ما يملكه فوضعه في كوة في جدار، وقعد تحته، وجاء ليأخذه، لم يكن معه من الاستطاعة ما يقوم يتناوله. "طبقات الحنابلة" 2/ 286 - 287 623 - كيفية صلاة المريض قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الرجلُ متربعًا؟ قال: يجعل قيامه متربعًا فإذا أراد أن يركعَ ثنى رجليه. قُلْتُ: إذا صلى متربعًا كيف يركعُ؟ قال: إذا أراد أن يركعَ ثنى رجليه كما يركعُ القائمُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (228) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا لم يَستطع المريضُ أنْ يُصلي جالسًا كيف يصلي؟ قال: على ما قدَرَ وتَيسَّر عَليه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (315) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل يسجدُ المريضُ على شيء يَرفعه إلى جَبهتِهِ؟ قال: أحبُّ إليَّ أن لا يَرفعَهُ، وإنْ فعل فلا بأسَ به، ولا يرفعه أحبُّ إليَّ، ثُم قال: ويسجدُ على المرفقة أحبُّ إليَّ مِن أنْ يومئ برأسِهِ حديث أم سلمة وابن عباس (¬1) -رضي اللَّه عنهم-. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 477 (4145)، وابن أبي شيبة 1/ 243 (2800 - 2853)، والبيهقي 2/ 307.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (316) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا صلَّى جالسَا يركع جالسًا أو يقوم فيركع؟ قال: كلا الحديثين إنْ فعلهما فلا بأس به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (319) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن صلاة الجالس؟ قال: متربع، فإذا ركع ثنى رجليه ولا يركع متربعًا. "مسائل أبي داود" (357) قال أبو داود: قلت لأبي عبد اللَّه: كيف يصلي المريض على جنبه أو رجليه إلى القبلة؟ قال: كل أرجو أن يجزئه. "مسائل أبي داود" (358) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: قيام الجالس متربع. "مسائل أبي داود" (359) قال ابن هانئ: وسألته عن المريض يصلي على المرفقة والفراش؟ قال: إذا لم يستطع أن يصلي على الأرض يصلي عليهما. "مسائل ابن هانئ" (367) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المريض يومئ أو يسجد على مرفقه؟ قال: كل ذلك قد روي لا بأس به إن شاء اللَّه. "مسائل عبد اللَّه" (375) قال حرب: سألت إسحاق قلت: رجل وقع في عينيه الماء ففجره، وصلى على قفاه سبعة أيام؟

624 - الجمع بين الصلاتين للمريض

قال: أكره ذلك، وإن فعل فلا بأس. "مسائل حرب" ص 298 نقل حنبل، والميموني: إن شاء سجد على المرفقة، وإن شاء أومأ إلا أنه لا يسجد على عود. "الروايتين والوجهين" 1/ 180 قال أبو طالب: سألت أحمد عن الصلاة على السرير، الفريضة والتطوع؟ قال: نعم، إذا كان يمكنه مثل السطح. قال حرب: سألت إسحاق عن الصلاة على السرير من الخشب؟ قال: لا بأس به. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 442 قال حرب: وقال إسحاق: يصلي بالأرض ويومئ إيماءًا. "فتح الباري" لابن رجب 8/ 391 624 - الجمع بين الصلاتين للمريض قال إسحاق بن منصور: قلتُ: المريض يجمع بين الصلاتين؟ قال: إي واللَّه، إذا كان، وليسَ يجمع إلا بين الظُّهر والْعصر، والمغرب والعشاء. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (317) قال صالح: وقال: المريض يجمع بين الصلاتين، كان عطاء يرخص له أن يجمع (¬1). "مسائل صالح" (1264) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 214 (8258).

قال أبو بكر الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يسأل ما وجه حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة (¬1)؟ فقال: أليس قد قال ابن عباس: لئلا يحرج أمته إن قدم رجل أو أخر نحو هذا. قال أبو بكر: وأخبرنا عبد السلام بن أبي قتادة أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول هذِه عندي رخصة للمريض والمرضع "التمهيد" 4/ 356 قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: المريض يجمع بين الصلاتين؟ قال: إني لأرجو له ذلك إذا ضعف، وكان لا يقدر إلا على ذلك. "المغني" 3/ 136 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 221، والبخاري (1174)، ومسلم (705).

باب: صلاة الخوف

باب: صلاة الخوف 625 - مشروعية صلاة الخوف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: صلاة الخوف؟ قال: صلاةُ الخوفِ كلها جائزة، ولا أعلم فيها إلا إسنادًا جيدًا. قُلْتُ: فالذي يقول: إنما صلى مرة واحدة. قال: وما عِلْمُ من يقول هذا؟ قال: وأختار قولَ سهل ابن أبي حَثْمَة (¬1). قال إسحاق: كما قال في كلها أنها على أوجه خمسة أو أكثر فأيتها أخذتَ بها أَجزأك، وقول سهل بن أبي حثمة يُجزئ، ولَسنا نختارهُ على غيره مِنْ الوجوه. "مسائل الكوسج" (358) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ الإمامُ أحمدُ عن صلاةِ الخوفِ، فقال فِيها بتكثير، ويختلف عن جابر بنِ عبدِ اللَّهِ -رضي اللَّه عنهما- (¬2). قال: وكان مالك بنُ أنس يذهبُ إلى حديث سهلِ بن أبي حثمة وهو أشبه بالآية يصل {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا}. "مسائل الكوسج" (406) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن صلاة الخوف؟ فقال: أوجه، يروى فيه أو سبعة (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 448، والبخاري (4131)، ومسلم (841). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 298، 319، ومسلم (840). (¬3) هكذا بالمطبوع والمعنى بذلك لا يستقيم ولعل هناك كلمة محذوفة بالأصل.

626 - صفة صلاة الخوف

قيل له: تختار منه؟ قال: من الناس من يختار حديث ابن أبي حثمة. فقلت: إن فلانًا قال: إن لها مخارج أن يكون العدو بينه وبين القبلة، أي: وجه منه، وأن يكون الخوف أشد، أي: وجه آخر، ونحو هذا؟ فلم يعجبه هذا التفسير، وقال: جابر يروى عنه وحده وجوه. "مسائل أبي داود" (539) قال أبو داود: وسمعت أحمد سُئِلَ عن القوم يخافون أن تفوتهم الغارة فيؤخرون الصلاة حتى تطلع الشمس أو يصلون على دوابهم؟ قال: كل أرجو. "مسائل أبي دود" (540) قال عباس المستملي: سئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يسمع النفير وتقام الصلاة؟ قال: يصلى ويخفف. فقال له الرجل: يخفف الركوع والسجود؟ قال: لا ولكن يقرأ سورًا صغارًا، ويتم الركوع والسجود. "طبقات الحنابلة" 2/ 152 626 - صفة صلاة الخوف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئل سفيانُ عن صلاةِ المغربِ إذا كان خوفٌ كيفَ تُصلَّى؟ قال: رَكعتين ورَكعة. قال أحمد: جَيّد ولا يَقْصُر. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (373) قال ابن هانئ: وسئل أبو عبد اللَّه عن صلاة الهارب من العدو. فكيف يصلي؟ قال: إذا كان يخاف، قال: يصلي إيماء، ويجعل السجود أخفض من الركوع. "مسائل ابن هانئ" (540)

قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن صلاة الخوف؟ قال: يصلي بهم الإمام ركعة، ثم يقوم الإمام قائمًا، ثم يقومون هم. فيقضون لأنفسهم ركعة أخرى وهو قائم ثم يسلمون ثم يمضون إلى أصحابهم فيصفون مكانهم، ثم يجيء الآخرون فيصلي بهم ركعة أخرى، ثم يقعد الإمام، ويقومون فيقضون هم لأنفسهم ركعة أخرى، والإمام قاعد للتشهد، فذا صلوا ركعة بعد ركعة الإمام، يجلسون بقدر التشهد، ثم يسلم الإمام عليهم، فصارت للإمام ركعتين ولهم ركعتين. إلى هذا أذهب. "مسائل ابن هانئ" (541) قال ابن هانئ: وسُئِلَ عن صلاة الطالب والمطلوب؟ قال: إذا كنت الطالب، وكان موضع لا تقصر فيه الصلاة؛ نزلت فصليت أربعًا، وإذا كنت أنت المطلوب فأومئ إيماء على دابتك. "مسائل ابن هانئ" (542) قال ابن هانئ: سألته عن صلاة المطلوب؟ قال: يصلي على دابته يومئ، فإذا كان هو الطالب نزل فصلى. "مسائل ابن هانئ" (543) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يطلبه العدو، كيف يصلي؟ قال: كيفما قدر، يجعل السجود أخفض من الركوع. قلت: إن كان هو الطالب؟ قال: ينزل يصلي. قلت لأبي: فإن خاف أن يعود عليه إن نزل؟ قال: يصلي على ظهر الدابة لقوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239]. "مسائل عبد اللَّه" (489)

قال عيد اللَّه: سألت أبي عن الرجل إذا كان خائفًا من الطلب وقد حضر وقت الصلاة، فنزل وتوضأ؟ قال: إن كان خائفًا يؤخر إلى آخر وقت، فإن خاف أيضًا إن نزل عادوا عليه، أخر وضوءه حتى يمكنه الوضوء. وقد أخر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الخندق حتى صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء (¬1). قال أبو سعيد: ذلك قبل نزول هذِه الآية: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}. "مسائل عبد اللَّه" (490) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قلت: إذا طلب العدو، كيف يصلي؟ قال: قال الأوزاعي: ما دام يطلب، فلا بأس أن يصلي على ظهر. وقال الحسن: يترك إذا كان هو الطالب. قلت: فإن لم يكن طاهرًا، وهو يجد الماء؟ قال: ينزل. قلت: فإن كان مطلوبًا؟ قال: هذا يغرر بنفسه. قال: وإن أخر الصلاة رجوت أن لا يكون عليه شيء. وقد أخر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الخندق حتى مضى الظهر (¬2)، والعصر، والمغرب، والعشاء. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 375، والترمذي (179) عن عبد اللَّه بن مسعود قال: وفي الباب عن أبي سعيد وجابر. حديث عبد اللَّه ليس بإسناده بأس إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد اللَّه. والنسائي 2/ 17. والحديث ضعفه الألباني في "ضعيف النسائي" (621 - 622). (¬2) سبق تخريجه.

قال أبي: إلا أن بعض الناس يقول: هذا قبل نزول هذِه الآية: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}. "مسائل عبد اللَّه" (491) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصلاة تجوز على الدابة صبيحة المغار وهم في الطلب؟ قال: ما علمت أحدًا رخص في ذلك إلا (¬1) وكأنه كرهه. قلت لأبي: فإن خاف أن ينقطع به إن نزل إلى الصلاة، ينقطع من الخيل ويبقى وحده؟ قال: يلحق بأصحابه ولا يتخلف. "مسائل عبد اللَّه" (917) قال المروذي: قلت له: يصلي بقوم الفرض ثم يأتي بآخرين يصلي بهم على حديث معاذ؟ قال: قد كنت أذهب إليه، فقد ضعف عندي. "تهذيب الأجوبة" ص 894 قال الأثرم: قلت له: حديث سهل بن أبي حثمة تستعمله والعدو مستقبل القبلة وغير مستقبلها؟ قال: نعم هذا أنكى لهم؛ لأنه يصلي بطائفة ثم يذهبون، ثم يصلي بأخرى ثم يذهبون. "الاستذكار" 7/ 70 قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: تقول بالأحاديث كلها كل حديث في موضعه، أو تختار واحدًا منها؟ ¬

_ (¬1) كذا في المطبوع ويبدو أن هناك نقص.

627 - صلاة المسايفة

قال: أنا أقول: من ذهب إليها كلها فحسن، وأما حديث سهل فأنا أختاره. "زاد المعاد" 1/ 531 - 532، "معونة أولي النهى" 2/ 449 ونقل أبو الحارث عنه: إذا كان طالبًا وهو لا يخاف العدو، فما علمت أحدًا رخص له في الصلاة على ظهر الدابة، فإن خاف إن نزل أن ينقطع من الناس، ولا يأمن العدو، فليصل على ظهر دابته ويلحق بالناس، فإنه في هذِه الحال مثل المطلوب. "فتح الباري" لابن رجب 8/ 361 ونقل حرب عنه: كل حديث روي في صلاة الخوف فهو صحيح الإسناد وكل ما فعلت منه فهو جائز. "فتح الباري" لابن رجب 8/ 366 627 - صلاة المسايفة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: صلاة المسَايفَة أينما كان وجهُه فإنْ لم يَستطع أن يقرأَ يُجزئه التكبيرُ؟ قال الإمام أحمد: لا، لابدَّ مِنْ القراءةِ. قال إسحاق: كما قال أحمد، لابدَ مِنْ القراءة. "مسائل الكوسج" (374) قال أبو داود: قلت لأحمد: القوم في الغزو يصلون فتشغب الدواب فتثب بعضها على بعض فيقوم الرجل بينه وبين صاحبه ذراعان أو ثلاثة؟ فلم ير به بأسًا. قلت: هكذا أحب إليك يصلون، أو فرادى؟

628 - الأسير إذا منع من الصلاة

قال: هكذا، أليس صلاة الخوف يذهبون ويجيئون؟ ! "مسائل أبي داود" (531) 628 - الأسير إذا منع من الصلاة قال صالح: وقال في الأسير يمنع أن يصلي: فيترك الصلاة ويقضيها بعد. قلت: يومئ إيماء وهو يخاف؟ قال: نعم {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239]، هو بمنزلة المطاردة. "مسائل صالح" (936) قال صالح: حدثني أبي، قال: حَدَّثنَا إسحاق بن عيسى الطباع، عن عبد اللَّه بن وهب، عن يونس، عن الزهري. وابن وهب، عن ليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد قالا: الأسير يتم الصلاة. قال: إذا كان قد منع وطال أمره يتم الصلاة. "مسائل صالح" (1305) قال أبو داود: قلت لأحمد: يخافهم أن يصلي وهو يسار به؟ قال: لا يدع الصلاة. قلت: فيوميء إيماءً؟ قال: أرجو. "مسائل أبي داود" (1586) 629 - الأسير متى يتم الصلاة؟ قال أبو داود: قلت لأحمد: الأسير متى يتم الصلاة؟

630 - هل يقطع الصلاة إذا سمع النفير؟

قال: إذا صار في حصونهم. قيل لأحمد، وأنا أسمع: فأما ما كانوا يسيرون به فإنه يقصر؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1585) 630 - هل يقطع الصلاة إذا سمع النفير؟ قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: يقام الصلاة وينادى بالنفير؟ قال: يخففون الصلاة. وقد سمعت أحمد مرة يقول: ينفر إن كان عليه وقت يصلي، فأخبرت أحمد: أنه إذا أقيمت الصلاة مع النفير إنما يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} في صلاة الصبح. فقال: ينفر. "مسائل أبي داود" (1489) قال أبو داود: فقلت لأحمد: إن أكثر النفير لا يكون حقا؟ قال: ينفر، يكون يعرف مجيء عددهم كيف هو. "مسائل أبي داود" (1489) قال أبو داود: قلت لأحمد: يقطع الصلاة المكتوبة -أعنى: وقد وقع النفير؟ قال: لا؛ إذا كان قد دخل فيها. "مسائل أبي داود" (1490)

باب: أحكام المساجد

باب: أحكام المساجد فصل في ما يستحب وما يكره من الأفعال في المسجد 631 - الرجل يكتب الرقاع للمريض ويلقيها في المسجد قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يكتب هذِه الرقاع ويُلقيها في المسجد لمريض له؟ قال: لا أدري. "مسائل أبي داود" (545) 632 - النوم في المسجد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: النوم في المسجد؟ قال: إذا كان رجلٌ على سفرٍ وما يُشبهه، فأمَّا أن يَتخذَه مَقيلًا أو مَبيتًا فلا. قال إسحاق: كما قال، وإن باتَ لانتظارِ صلاةٍ فلا بأسَ. "مسائل الكوسج" (361) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُكره لهؤلاء الخَياطِين الذين في المساجد؟ قال: إي لعمري، شديدًا. قال إسحاق: كلما كان حِرفتهم فلا خيرَ فيه. "مسائل الكوسج" (362) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن النوم في المسجد؟

633 - الجلوس في المسجد على غير طهارة أو المرور به

قال: لا بأس- أو قال: أرجو أنه لا بأس به ما لم يكن مبيتًا أو مقيلًا. ومرة قال: أرجو أن لا يكون به بأس، ولم يذكر المبيت والمقيل. "مسائل أبي داود" (330) ونقل عنه يعقوب بن بختان أنه قد رخص في المبيت في المسجد، وقال: إن وفدًا قدموا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأنزلهم المسجد (¬1). "الروايتين والوجهين" 1/ 148 633 - الجلوس في المسجد على غير طهارة أو المرور به قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تَكْرَهُ أن يمر الرجل في المسجدِ ولا يُصَلّى فيه؟ قال: أما مارًا فلا أكرهُه، ولكن لا يجلسُ حتَّى يُصلي ولا يتخذُه طَريقًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (363) قال أبو داود: رأيت أحمد ما لا أُحصي يخرج إلى بعض من يجيئه، فيدخل المسجد فيقعد ولا يصلي شيئًا حتى يدخل بيته، وربما قعد على أسكفة باب المسجد. "مسائل أبي داود" (337) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 218، وأبو داود (3026)، وابن خزيمة 2/ 285 (1328)، من حديث عثمان بن أبي العاص قال الألباني في "ضعيف أبي داود" (529): إسناده ضعيف؛ لعنعنة الحسن، وهو البصري. اهـ.

634 - الغرس في المسجد

قال ابن هانئ: سألته عن الجنب والحائض يمران في المسجد؟ قال: يمران مجتازين في المسجد، والمجتاز يمر ولا يقعد. "مسائل ابن هانئ" (339) قال ابن هانئ: وسئل عن المشي في المسجد؟ قال: لا تتخذوا المسجد طرقًا، قد نهي عن ذلك. قلت: فإن اضطر إلى أن يمشي في المسجد؟ قال: إذا كانت علة فلا بأس. "مسائل ابن هانئ" (340) قال المروذي: ورأيت أبا عبد اللَّه كثيرًا يدخل المسجد يقعد ولا يصلي ثم يخرج ولا يصلي في أوقات الصلوات. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 273 634 - الغرس في المسجد قال البرزاطي: مسجد فيه نخلة، أفترى لجيران المسجد أن يأكلوا من ثمرتها؟ فقال: إن كانت النخلة في أرض لرجل فجعلها مسجدًا والنخلة فيه، لا بأس أن يأكلوا منها، وإن كانت النخلة غرست بعد أن صار مسجدًا، وصلي فيه، فهذِه غرست بغير حق، والذي غرسها ظالم غرس فيما لا يملك، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس لعرق ظالم حق" (¬1)، فلا أحب الأكل ¬

_ (¬1) رواه البخاري معلقًا قبل حديث (2335)، ووصله الحافظ في "تغليق التعليق" 3/ 309، من حديث عمرو بن عوف المزني، وفي الباب عن سعيد بن زيد وغيره، رواه أبو داود (3073)، وانظر صحيح أبي داود (2698) وما بعده.

635 - إنشاد الشعر في المسجد

منها، والتوقي منها أحب إليّ. قلت: فترى إن كانت النخلة هكذا غرست أن تقلع؟ قال: من يقلعها لو فعل ذلك الإمام جاز. "بدائع الفوائد" 4/ 46 635 - إنشاد الشعر في المسجد نقل حنبل عن أحمد، قال: مسجد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خاصةً لا ينشد فيه شعر، ولا يمر فيه بقطع اللحم، بحديث ذلك كله كرامة لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 335 636 - تشبيك الأصابع في المسجد قال حرب: رأيت إسحاق جالسًا في المسجد يقرأ وشبك أصابعه. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 422 637 - الصدقة والسؤال في المسجد قال ابن هانئ: ودفع أبو عبد اللَّه إلي يومًا في مسجد الجامع ثلاثة قطع، فيها قريب من دانقين، فقال: أعطها هذا، وأشار إلى رجل، فجاء معي حتى وقف عليه، فدفعتها إليه وهو ينظر إلي، فلما أن دخلنا المسجد وصلينا الفريضة، إذا نحن بالسائل يقول: واللَّه واللَّه -مرارًا- ما دفع إلى اليوم شيء، ولا وقع بيدي اليوم شيء.

فلما صرنا في الطريق، قال لي أبو عبد اللَّه: ألم تر إلى ذاك السائل ويمينه باللَّه؟ يروى عن عائشة عن النبي -إن صح- "لو صدق السائل ما أفلح من رده" (¬1). وقال لي أبو عبد اللَّه: يكذبون خير لنا، لو صدقوا ما وسعنا حتى نواسيهم مما معنا. وما رأيته تصدق قط في مسجد غير تلك المرة. "مسائل ابن هانئ" (1966) قال ابن حمدان العطار: سمعت أبا عبد اللَّه وقد صلى في مسجد باب التبن، فنظر التبانون إليه، فصلى خلفه جماعة، فسمعت رجلًا من الصف الثاني أو الثالث، وهو قاعد يقول: تصدقوا عليه. فسمعته يقول: أيها الشاب قم قائمًا عافاك اللَّه، حتى يرى إخوانك ذل المسألة في وجهك فيكون لك عذر عند اللَّه عز وجل. "طبقات الحنابلة" 2/ 287 قال على بن محمد بن بحر: صليت يوم الجمعة فإذا أحمد بن حنبل يقرب مني، فقام سائل فسأل، فأعطاه أحمد قطعة، فلما فرغوا من الصلاة ¬

_ (¬1) رواه العقيلي في "الضعفاء" 2/ 275 ترجمة (839)، والقضاعي في "الشهاب" 2/ 311 (1428) والبيهقي في "الشعب" 3/ 227 (3398) بألفاظ متقاربة من حديث عائشة به، قال العجلوني في "كشف الخفاء" 2/ 155: حكم الصغاني عليه بالوضع. .، وإسناده ليس بالقوي، كما قاله ابن عبد البر، وسبقه ابن المديني لذلك وأدرجه في خمسة أحاديث، قال: لا أصل لها. وقال أحمد: لا أصل له. وقال العقيلي: لا يصح في الباب شيء. اهـ قلت: وفي الباب عن أبي أمامة وغيره، وقد ذكر الألباني في "السلسلة الضعيفة" (4365) طرقه مفصلة، ثم قال عنه: ضعيف جدًا من جميع طرقه وبعضها أشد ضعفًا من بعض.

638 - هيئة الجلوس في المسجد وما يكره منه

قام رجل إلى ذلك السائل فقال: أعطني تلك القطعة فأبى، فقال أعطني وأعطيك درهمًا فلم يفعل، فما زال يزيده حتى بلغ خمسين درهمًا، فقال: لا أفعل، فإني أرجو من بركة هذِه القطعة ما ترجوه أنت. "الآداب الشرعية" 3/ 386 638 - هيئة الجلوس في المسجد وما يكره منه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كيف ينتظرون الإمام؟ قال: ينتظرونه قعودًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (270) قال إسماعيل بن سعيد: ما رأيت أحمد بن حنبل جالسًا إلا القرفصاء إلا أن يكون في الصلاة. "الآداب الشرعية" 3/ 391 قال أحمد بن أصرم: رأيت أبا عبد اللَّه دخل المسجد لصلاة الصبح فإذا رجل سند ظهره إلى القبلة ووجهه إلى غير القبلة قبل صلاة الغداة، فأمر أن يتحول إلى القبلة، وقال: هذا مكروه. "شرح العمدة" ص 613 قال المروذي: قيل لأبي عبد اللَّه: حديث حميد بن عبد الرحمن، عن هشام بن سعيد، عن نعيم المجمر، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه دخل المسجد فاحتبى ولم يصل الركعتين، أمحفوظ هو؟ قال: نعم. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 273

639 - الوضوء في المسجد

639 - الوضوء في المسجد قال إسحاق بن منصور: قلتُ: يتوضأُ الرجلُ في المسجدِ؟ قال: قَدْ فعلَ ذَلِكَ قومٌ. قال إسحاق: هُوَ حسنٌ، مَا لَمْ يستنج فِيهِ. "مسائل الكوسج" (9) قال عبد اللَّه: سئل أبي وأنا أسمع عن مسجد قوم أحتفر فيه بئر وجعل عنده سقاية، يتوضأ منها ويغتسل في السقاية؟ فقال: أكرهها تطمّ البئر، لأنها تقذر المسجد، إلا أن يكون مسجد بُنيَّ وحفر البئر، فيحوط عليها حائط وتخرج من المسجد. "مسائل عبد اللَّه" (161) 640 - البيع والشراء في المسجد والتكسب بالحرف قال ابن هانئ: وسئل عن البيع والشراء في المسجد، فكرهه. "مسائل ابن هانئ" (1183) نقل الأثرم عنه: ما يعجبني مثل الخياط والإسكاف وما أشبه، وسهل في الكتابة فيه، وقال: وإن كان من غدوة إلى الليل، فليس هو كل يوم. وقال حرب: سئل أحمد عن العمل في المسجد نحو الخياط وغيره بعمل؟ فكأنه كرهه ليس بذلك الشديد. وقال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يكتب بالأجر فيجلس في المسجد؟ فقال: أما الخياط وأشباهه فلا يعجبني، إنما بني المسجد ليذكر اللَّه فيه، وكره البيع والشراء فيه. "الآداب الشرعية" 3/ 375

641 - غلق أبواب المسجد

قال حنبل: قال أحمد: لا أرى لرجل إذا دخل المسجد إلا أن يلزم نفسه الذكر والتسبيح، فإن المساجد إنما بنيت لذكر اللَّه عز وجل. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 344 641 - غلق أبواب المسجد قال يعقوب بن بختان: سئل أبو عبد اللَّه عن المسجد يجعل له أبواب؟ فلم ير به بأسًا، وقال: ثنا ابن عيينة، عن ابن جريج قال: قال لي ابن أبي مليكة: لو رأيت مساجد ابن عباس وأبوابها (¬1). وقال جعفر بن محمد النسائي: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن المسجد يغلق بابه؟ قال: إذا خاف أن يدخله كلب أو صبيان. ونقل مهنا عنه: ينبغي أن تجنب الصبيان المساجد. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 386 642 - دخول أهل الذمة المسجد قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا دخول أهل الذمة المسجد فإنَّ ذَلِكَ مكروه لما قال عمر بن عبد العزيز لأصحابِهِ أنْ يحولوا بين دخول اليهود والنصارى المسجد واتبع فيه قول اللَّه عز وجل: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} الآية. "مسائل الكوسج" (479) ¬

_ (¬1) رواه البخاري قبل (468).

643 - السلام على من في المسجد عند الدخول

قال أبو طالب: سئل عن اليهودي والنصراني يدخلان المسجد؟ فقال: لا. "الروايتين والوجهين" 1/ 160 قال الأثرم: وقد سئل: هل يترك أهل الذمة يدخلون المسجد؟ قال: ينبغي أن يتوقى ذلك. قيل له: فإن رأى رجل منا ذميًّا، أيخرجه؟ قال: قد روي في هذا وفد ثقيف أتوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأنزلهم المسجد (¬1)، وعمر كرهه. "الروايتين والوجهين" 2/ 386 643 - السلام على من في المسجد عند الدخول قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يدخل المسجد وبعضهم يصلي وبعضهم قعود أيسلم؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (262) 644 - دلك النعلين والبزق في المسجد قال ابن هانئ: رأيت أبا عبد اللَّه: إذا دخل مسجد الجامع مسح نعليه بالأرض من أول ما يدخل من باب المدينة، وما رأيت أبا عبد اللَّه يبزق في ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 218، وأبو داود (3026) من حديث عثمان بن أبي العاص وضعفه الألباني في "الضعيفة" (4319).

645 - الخروج من المسجد بعد الآذان

مسجد الجامع في الأرض، إلا أن يبزق في نعليه ويدلكهما. "مسائل ابن هانئ" (335) قال ابن هانئ: ورأيته في مسجد الجامع يبزق في التراب ويدفنه، ورأيته يبزق في نعليه في الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (338) قال ابن هانئ: ورأيته إذا دخل المسجد دلك نعليه بالتراب. "مسائل ابن هانئ" (349) 645 - الخروج من المسجد بعد الآذان: قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يؤذن، ثم يذهب لحاجته إلى البيت؟ قال: نعم، إذا أراد أن يجدد وضوءا، إذا أراد كذا لشيء ذكره أحمد. "مسائل أبي داود" (209). ونقل ابن الحكم عنه: أحب إلي ألا يخرج. ونقل أبو طالب عنه: لا ينبغي. "الفروع" 1/ 325، "معونة أولي النهى" 1/ 501 646 - إخراج بواري المسجد للجنازة قال ابن هانئ: ماتت ابنة لصالح بن أحمد بن حنبل، فذهب إلى المسجد، فأخرجت لهم بارية من بواري المسجد، فانتهرهم أبو عبد اللَّه، وقال: هذا مكروه، أن يخرجوا بواري المسجد للجنازة. "مسائل ابن هانئ" (341)

647 - توطين الأماكن في المسجد، وكراهة إيثاره غيره بمكانه إذا سبق إليه

قال ابن هانئ: رأيته إذا دخل مسجد الجامع قبل أن يجلس يصلي ركعتين، وكان يصلي في الرحبة كثيرًا، وربما صلى داخلًا. "مسائل ابن هانئ" (516) 647 - توطين الأماكن في المسجد، وكراهة إيثاره غيره بمكانه إذا سبق إليه قال المروذي: كان أحمد لا يوطن الأماكن ويكره إيطانها. "معونة أولي النهى" 5/ 402 وقال سندي: رأيت الإمام أحمد قام له رجل من موضعه فأبى أن يجلس فيه، وقال له: ارجع إلى موضعك فرجع إليه. "معونة أولي النهى" 2/ 502

فصل في أحكام تختص بمواضع الصلاة

فصل في أحكام تختص بمواضع الصلاة 648 - الصلاة في الرحبة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ للإمام أحمد رحمه اللَّه تعالى: الرَّحْبَةُ إذا كانت نائية مِن المسجد؛ فكرهها. قلتُ: إذا كانت قُدَّام المسجدِ؟ قال: هذا على ذاك إذا لم يكن بينهما شيء. "مسائل الكوسج" (396) قال أبو جعفر الجوزجاني: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يوم الجمعة يقدر على الدخول داخل المسجد يصلي في الرحبة؟ قال: إذا كان ذلك من علة من الحر أرجو أن لا يضره. "طبقات الحنابلة" 2/ 330 649 - الصلاة في المقصورة قال إسحاق بن منصور: قلتُ: تكره الصلاة في المقصورة؟ قال: إي واللَّهِ. قلتُ: لِمَ؟ قال: لأنها تُحْمَى عَنِ الناسِ. قال إسحاق: كما قال، فإنْ صلوا فيها جاز. "مسائل الكوسج" (261) قال أبو طالب: سئل أحمد عن الصلاة في المقصورة؟

650 - الصلاة في المحراب وطاق القبلة

قال: لا يصلي فيها هو الذي يلي المقصورة، فيخرج من المقصورة، فيصلي في الصف الأول. "فتح الباري" لابن رجب 6/ 275 650 - الصلاة في المحراب وطاق القبلة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكره المحراب في المسجدِ؟ قال: ما أعلم فيه حديثًا يثبتُ، ورُبَّ مسجدٍ يحتاجُ إليه يُرتفق بِهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (248) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما المحاريب فجائزة، للأئمةِ أن يعدلوا يمنة عن الطّاق، فإن لمْ يفعلوا فقاموا في الطّيقان أجزأتهم صلاتُهم. "مسائل الكوسج" (249) قال صالح: حدثني أبي، قال: حَدَّثنَا علي بن مجاهد، عن أبي شهاب قال: رأيت سعيد بن جبير يصلي في الطاق (¬1). "مسائل صالح" (854) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن محراب يريد أن ينحرف عنه الإمام؟ قال: ينبغي بأن يحول ويحرف. "مسائل أبي داود" (321) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 412 (3898)، وابن أبي شيبة 1/ 409 (4705).

651 - الصلاة بين السواري والأساطين

651 - الصلاة بين السواري والأساطين: قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يقومُ الإمامُ بين الساريتين يؤمُّ القومَ؟ قال: إنما يكره للصف، إذا كان يستتر بشيءٍ فلا بأسَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (258) قال صالح: وسألته عن الصلاة بين الأساطين؟ فقال: تكره الصلاة بينهما. "مسائل صالح" (147) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الصلاة بين الأسطوانتين؟ قال: إنما كره لأنه يقطع الصف فإذا تباعد بينهما فأرجو. "مسائل أبي داود" (335) قال ابن هانئ: وسُئِلَ عن الصلاة بين السواري؟ فقال: مكروه. "مسائل ابن هانئ" (337) قال حرب: قال أحمد: يكره ذلك قلوا أو كثروا، وإن كانوا عشرة. "فتح الباري" لابن رجب 4/ 60 652 - الصلاة في الكنيسة قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الصلاةُ في الكنيسة؟ قال: إذا كانت نَظيفة. قال إسحاق: كما قال، ويكره إن فيها تَماثيلُ. "مسائل الكوسج" (281)

653 - الصلاة في المسجد المغصوب والمسجد الذي في الطريق

653 - الصلاة في المسجد المغصوب والمسجد الذي في الطريق قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: مسجدٌ، موضعُ الإمام ليس يطيبُ؟ قال: كيف؟ قُلْتُ: إما أن يكونَ مِن الطريقِ أو غصبًا، وأَقُوم أنا في موضع طيبٍ أينفعني ذاك؟ قال: يوم الجمعة؟ قُلْتُ: لا، في غير مسجد الجامع. قال: لا. قال إسحاق: لا بد أن يكونَ مقام الإمام مَقامًا طيبًا، أَجزأهم وينفعهم ذاك. "مسائل الكوسج" (400) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال رجلٌ من أهلِ خراسانِ لسفيان: إنَّ مسجدَ مرو أُخِذَ غصبًا، وهُدِمَ ما حوله في المسجدِ، وسأله عن الصلاة فيه؟ وقال: ليس لنا جمعة إلَّا فيه. فقالَ: فَصَلِّ الجمعةَ ولا تطوع فيه. قال أحمد: ما أحسن ما قال! قلتُ: السوق؟ قال: ولا يدخل السوق إلا شيئًا كان يعرف أنه قبلَ ذَلِكَ فَيُصَلّي فيه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (539)

قال صالح: وسألته: الكناسة تكون في الحارة، يعمد بعض أهل الحارة فيتخذها مسجد؟ قال: لا يُبنى مسجدًا أبدًا إلا بملك يملكه رجل فيبنيه، ولا يُبنى مسجد في الطريق. "مسائل صالح" (759) قال صالح: وسألته: إذا كان في المسجد خشبة غصب، هل تحل الصلاة فيه؟ قال: يجتنب ذلك الموضع الذي فيه الغصب. "مسائل صالح" (761) قال صالح: سألته: عمنْ بنى مسجدًا في طريق المسلمين؟ قال: لا يعجبني أن يصلي فيه. "مسائل صالح" (762) قال أبو داود: سألت أحمد عن الصلاة في مسجد بني في الطريق؟ قال: كان أبو جعفر يكره الصلاة في المساجد التي في الطرق. "مسائل أبي داود" (331) قال أبو داود: قلت لأحمد: مسجد محرابه في موضع غصب أصلي فيه؟ قال: لا. قلت لأحمد: مسجد آخره من الطريق إلا أن مقامي فيها ليس من الطريق؟ قال: هذا أيسر. قلت لأحمد: فإن كان مقام الإمام من الطريق فقط؟ فقال: لا يعجبني الصلاة فيه. "مسائل أبي داود" (332)

قال أبو داود: قلت لأحمد: مسجد له باب مع الصف فيجيء الرجل فيخاف أن تفوته الركعة إن دخل فيقوم في الطريق يلزق الصف، آمره بالإعادة؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (333) قال ابن هانئ: سمعته يقول: لا بأس بالصلاة في المسجد فوق النهر، ما لم يكن قذرًا. "مسائل ابن هانئ" (336) قال ابن هانئ: سمعته يقول: قال ابن المبارك: إن أبا مسلم غصب [. . .] (¬1) فكان ابن المبارك لا يصلي فيه. "مسائل ابن هانئ" (342) قال ابن هانئ: وسئل عن المسجد إما أن يكون غصبًا، وإما أن يكون من الطريق، والرجل يقوم في موضع ليس بغصب؟ قال: يوم الجمعة جائز، وغير الجمعة لا يجوز، ولا يتنفل يوم الجمعة في المسجد، يعني متطوع. "مسائل ابن هانئ" (344) قال ابن هانئ: وسألت أبا عبد اللَّه عن ساباط معلق فوق مسجد، أيصلى فيه؟ قال: لا يصلى فيه، إذا كان من الطريق. "مسائل ابن هانئ" (345) قال ابن هانئ: وسألته عن المساجد التي تتخذ في الطريق، أيصلى فيها؟ ¬

_ (¬1) قال محقق "مسائل ابن هانئ": أفسدت الكلمة بالحبر الجديد. ولعلها بيتًا، أو شيئًا.

قال: لا يصلى فيها. "مسائل ابن هانئ" (346) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المساجد التي تكون بالكوخ يجعل بناها على الأنهار، نصلي فيها؟ قال: أخاف أن تكون من الطريق. "مسائل عبد اللَّه" (52) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان ابن المبارك لا يصلي بمرو في المسجد الجامع إلا الجمعة، لا يرى أن يتطوع فيه. قلت لأبي عبد اللَّه: لأي علة؟ قال: لأن أبا مسلم كان اغتصب منه شيئًا. "الورع" (107) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا قال: وذكر مسجد الجامع، فقال: خارج المسجد أعجب إليّ أن أصلي فيه! فقال أبو عبد اللَّه: صاحب هذا نازل ببغداد؟ قلت: نعم. قال: هذا لا يليق بصاحب هذا الكلام، ولا يحسن به، هو نازل هاهنا، وهو يتكلم بهذا! كيف يصنع؟ هذا يمشي تحت الطاقات، أخاف أن يخرجه هذا إلى أمرٍ -وخشي- ليت لا يكون من وراء هذا الأمر، وغلظ في هذا. وقال: هذا شديد، قد كان هاهنا قوم أخرجهم هذا الأمر إلى أن أباحوا السرقة. فقالوا: لو سرق هذا لم يكن عليه قطع. قلت لأبي عبد اللَّه: هؤلاء كانوا قد مرقوا من الإسلام؟ قال: نعم.

قلت لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا قال: لو ناظروا بشرًا في مشيته تحت الطاقات أيش ترى كان يقول؟ قال أبو عبد اللَّه: لو تكلم بشر في مثل هذا لم يكن ينبغي أن ينزل ببغداد. وذكر لأبي عبد اللَّه: حديث أبي زرعة، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لو أن الناس اعتزلوهم؟ " (¬1). قال: هو حديث رديء -أراه قال: هؤلاء المعتزلة يحتجون به، يعني: في ترك حضور الجمعة. وقال أبو عبد اللَّه -قبل موته بشيء يسير: قد دخلت إلى داخل المسجد، وصليت على الحصير. ثم قال أبو عبد اللَّه: هذا مسجد الحرام ينفقون عليه، ويعمرونه. "الورع" للمروذي (136: 139) نقل عنه محمد بن ماهان في ساباط يمر الناس تحته إذا صلى عليه: أرجو أن لا يكون به بأس، وإن صلى على ظهر مسجد وتحته نهر أخشى أن يكون النهر من الطريق. "الروايتين والوجهين" 1/ 157، "شرح العمدة" ص 476 نقل إسماعيل بن سعيد عنه فيمن صلى في ثوب غصب: لا آمره بالإعادة، وكذلك إن صلى في دار غصبها: لا آمره بالإعادة. ونقل عنه جعفر بن محمد في مسجد محرابه غصب وقدِّر بما يقوم الإمام فيه: أن صلاة الإمام فاسدة. "الانتصار" 2/ 407 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 301، والبخاري (3604)، ومسلم (2917).

قال ابن بكار: سئل عن مسجد بني على الطريق؟ قال: يقطع ويرد الطريق إلى ما كان. "طبقات الحنابلة" 3/ 106 قال محمد بن يحيى الكحال: قلت لأحمد: الرجل يزيد في المسجد من الطريق؟ قال: لا يصلي فيه. "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام 30/ 404 قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد: هل يبنى على خندق مدينة المسلمين مسجد للمسلمين عامة؟ قال: لا بأس بذلك إذا لم يضيَّق الطريق. ونقل عنه جعفر بن محمد: أكره الصلاة على نهر على ساباط. "شرح العمدة" ص 47 - 476 قال ابن مشيش: قلت: بناء ساباط فوق المسجد؟ قال: لا يصلي فيه إذا كان من الطريق. وسأله حنبل عن المساجد على الأنهار؟ قال: أخشى أن تكون من الطريق. "الفروع" 4/ 519. نقل عنه البرزاطي في مسجد في بعضه غصب، قال: إذا كان موقف الإمام منه في الغصب أعاد الإمام، ومن صلى خلفه، وإذا لم يكن موقف الإمام في الغصب، أعاد من صلى في الغصب. "بدائع الفوائد" 4/ 47 قال محمد بن الحكم: قال أحمد: أكره الصلاة في المسجد الذي يؤخذ من الطريق، إلا أن يكون بإذن الإمام.

قال المروذي: قال أحمد: المساجد التي في الطرقات حكمها أن تهدم. قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عن طريق واسع للمسلمين عنه غني وبهم إلى أن يكون هناك مسجد حاجة، هل يجوز أن يبنى هناك مسجد؟ قال: لا بأس بذلك إذا لم يضر بالطريق. وقال إسماعيل بن سعيد: وسألت أحمد: هل يُبنى على خندق مدينة المسلمين مسجد للمسلمين عامة؟ قال: لا بأس بذلك، إذا لم يضر بالطريق. "تقرير القواعد" 2/ 304 ونقل عنه أحمد بن القاسم: إذا كان الطريق قد سلكه الناس وصير طريقًا فليس لأحد أن يأخذ منه شيئًا قليلًا ولا كثيرًا. "تقرير القواعد" 2/ 306 ونقل المروذيُّ، عن أحمد قال: كره ابن مسعود أن يصلَّى في المسجد الذي بني على القنطرة. قال: وقلت لأبي عبد اللَّه: ترى أن أصلِّي في مسجد بني على ساباط؟ قال: لا، هذا طريق المسلمين. "فتح الباري" لابن رجب 2/ 445 قال أبو طالب: قلت: ثابت كان لا يدع خلف الخندق شيئًا كراهية ستر العدو في الرمي والسهام، فاليوم قد بنوا المساجد والبناء. قال: إذا كان هذا ضرر للمسلمين. "مجموع رسائل ابن رجب" 3/ 288

فصل: أحكام تختص ببناء المسجد وترميمه

فصل: أحكام تختص ببناء المسجد وترميمه 654 - توسعة المسجد، وترميمه نقل عنه حرب في مسجد خرب فنقلت آلاته وبني بها مسجد في مكان آخر أن العتيق يرم ولا يعطل ولا يبني في مكانه بيت ولا خان للسبيل، ولكن يرم ويتعاهد. نقل حرب عن إسحاق بن راهويه أنه أجاز للسلطان خاصة أن يبني مكان المسجد الخراب خانا للسبيل أو غيره مما يكون خيرا للمسلمين فيفعل ما هو خير لهم. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 289 قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: الصف الأول في مسجد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أي صف هو؟ فإني رأيتهم يتوخون دون المنبر ويدعون الصف الأول؟ قال: ما أدري. قلت لأبي عبد اللَّه: فما زيد في مسجد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو عندك منه؟ فقال: وما عندي؟ ! إنما هم أعلم بهذا -يعني: أهل المدينة. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 291 655 - إذا أدخل بيته في المسجد، له أن يرجع فيه؟ قال أبو داود: سمعته سئل عمن أدخل بيتا في المسجد أله أن يرجع فيه؟ قال: لا، إذا أذن. "مسائل أبي داود" (611)

656 - إذا أرادوا تحويل المسجد من مكانه

نقل أبو طالب عن أحمد فيمن بنى مسجدًا من داره أذن فيه وصلى مع الناس ونيته حين بناه وأخرجه أن يصلي فيه فإذا مات رد إلى الميراث. فقال أحمد: إذا أذن فيه ودعا الناس إلى الصلاة فلا يرجع بشيء، ونيته ليس بشيء. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 171 656 - إذا أرادوا تحويل المسجد من مكانه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا ضَاق المسجدُ بأهله فبنوا مَسْجِدًا في مكانٍ آخر؟ قال: أليس مسجدُ الكوفةِ حُوِّلَ حين نُقِبَ بيت المالِ. قال أبو يعقوب: هذا بأمرِ الوالي يُحَوَّل المسجدُ مِن مكانٍ إلى مكانٍ، ولا يجوزُ إلا بأمر الوالي. "مسائل الكوسج" (397) قال أبو يعقوب: هذا بأمر الوالي يحول المسجد من مكان إلى مكان، ولا يجوز إلا بأمر الوالي. قلت: فأعطى رجل موضع المسجد بدل هذا المسجد أوسع منه؟ قال: إذا لم يكن رغبة في هذا الموضع لا بأس. "مسائل الكوسج" (93) قال صالح: سألت أبي: كم يستحب أن يكون بين المسجدين إذا أراد أن يبنوا إلى جانبه مسجدًا؟

قال: لا يُبنَى مسجد يراد به الضرر لمسجد إلى جانبه، فإن كثر الناس حتى يضيق عليهم فلا بأس أن يبنى، وإن قرب ذلك منه. "مسائل صالح" (191) قال صالح: وسألته عن رجل بني مسجدًا، ثم أراد تحويله إلى موضع آخر، أله أن يحوله ويهدم الأول، أو يدعه على حاله ويبني الآخر، وإن كان الذي يبنيه ضرر بالأول ما ترى؟ قال: إن كان المسجد الذي بناه يريد أن يحوله خوفًا من لصوص أو يكون موضعه موضع قذر: فلا بأس أن يحوله يقال: إن بيت المال نقب وكان في المسجد، فحول المسجد ابن مسعود (¬1). "مسائل صالح" (193) قال صالح: قلت: المسجد يخرب أو يذهب أهله ترى أن يحول مكانًا آخر؟ قال: نعم. قلت له: مسجد يحول من مكان إلى مكان؟ قال: إذا كان إنما يريد منفعة الناس فنعم وإلا فلا. وابن مسعود قد حول مسجد الجامع من التمارين، فإذا كان على المنفعة فنعم وإلا فلا. "مسائل صالح" (1000) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل بنى مسجدًا فعتق، فجاء رجل أراد أن يهدمه فيبنيه بناءً أجود من ذلك فأبى عليه الباني الأول وأحب الجيران لو تركه يهدمه؟ قال: لو صار إلى رضى جيرانه لم يكن به بأس. "مسائل أبي داود" (327) ¬

_ (¬1) لم أقف عليه.

657 - تجصيص المساجد وزخرفتها

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن مسجد يريدون أن يرفعوه من الأرض فمنعهم عن ذلك مشايخ يقولون: لا نقدر نصعد؟ قال أحمد: ما تصنع بأسفله؟ قال: أجعله سقاية. قال: لا أعلم به بأسًا. قال أحمد: ينظر إلى قول أكثرهم، يعني أهل المسجد. "مسائل أبي داود" (328) قال أبو طالب: سئل أبو عبد اللَّه هل يحول المسجد؟ قال: إذا كان ضيقًا لا يسع أهله فلا بأس أن يجعل إلى موضع أوسع منه. "مجموع الفتاوى" 31/ 216 657 - تجصيص المساجد وزخرفتها قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قال ابن أبي مُليكة لابن جريج: يا عبد الملك! لو رأيت مساجد ابن عباس وأبوابها (¬1). قال أبو عبد اللَّه: يعني أنها مزخرفة حسنة. "مسائل ابن هانئ" (334) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: أن ابن أسلم الطوسي لا يجصص مسجده، ولا بطوس مسجد مجصص إلا قلع جصه. فقال أبو عبد اللَّه: هو من زينه الدنيا. ¬

_ (¬1) رواه البخاري قبل حديث (468).

عن أبي الدرداء قال: إذا حليتم مصاحفكم وزخرفتم مساجدكم فعليكم الدبار (¬1). عن أبي قلابة، عن أنس أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تقوم الساعة حتى يتباهى في المساجد" (¬2). عن أبي فزارة، عن يزيد بن الأصم، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما أمرت بتشييد المساجد" قال: وقال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفتها اليهود والنصارى (¬3). عن أبي فزارة عن مسلم البطين قال: مر علي بمسجد التيم وهو مشرف فقال: هذِه بيعة التيم (¬4). وذكرت لأبي عبد اللَّه مسجدا قد بني وأنفق عليه مال كثير. فاسترجع، وأنكر ما قلت. عن عبد اللَّه بن ميسرة عن شيخ لهم أن عثمان رأى أترجة في قبلة المسجد فأمر بها فكسرت (¬5). قال أبو عبد اللَّه: قد سألوا النبي أن يكحل المسجد. قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عريش كعريش موسى" (¬6). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 154 (5132) وابن أبي داود في "المصاحف" ص 150. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 134، أبو داود (449)، والنسائي 2/ 32، وابن ماجه (739)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (432)، "صحيح ابن ماجه" (604). (¬3) رواه أبو داود (448) عن أبي فزارة عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه. . الحديث، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (475). (¬4) رواه عبد الرزاق 3/ 153 (5128). (¬5) لم أقف عليه. (¬6) رواه عبد الرزاق 3/ 154 (5135) عن خالد بن معدان أن أبيّ بن كعب وأبا الدرداء ذرعا المسجد ثم أتيا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالذراع: قال: "بل عريش تعريش موسى. . " الحديث. =

قال أبو عبد اللَّه: إنما هو شيء مثل الكحل يطلي. أي: فلم يرخص النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. عن طاوس، قال: قدم معاذ أرضنا وهم يعاملوننا بالثلث والربع فلم يغير ذلك (¬1)، وقيل: لو أمرت فجمع لك من هذا الصخر والخشب نبني لك مسجدًا؟ قال: أخاف أن أكلف حمله يوم القيامة على ظهري (¬2). "الورع" (605: 613) قال المروذي: ذكرت لأبي عبد اللَّه مسجدًا قد بني وأنفق عليه مال كثير. فاسترجع وأنكر ذلك. وقال حرب: قلت لإسحاق -يعني: ابن راهويه- فتجصيص المساجد؟ قال: أشد وأشد، المساجد لا ينبغي أن تزين إلا بالصلاة والبر. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 284 ¬

_ = وابن أبي شيبة عن الحسن مرسلًا 1/ 274 (3145) والطبراني في "مسند الشاميين" (2153) عن عبادة بن الصامت. وفيه عن سالم بن عطية والزهري وراشد بن سعد مرسل، والحديث أورده الألباني في "الصحيحة" (616) متقصيًا طرقه ورواياته ثم قال: وجملة القول: إن الحديث بمجموع المرسلين الصحيحين، وهذا الموصول يرتقي إلى درجة الحسن إن شاء اللَّه تعالى. (¬1) رواه ابن ماجه (2463)، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1995). (¬2) رواه هناد في "الزهد" 2/ 376 (725) وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 2366.

658 - الصلاة في المسجد العتيق أفضل من الحديث

658 - الصلاة في المسجد العتيق أفضل من الحديث قال ابن هانئ: سئل عن مسجد بُني حديث، وآخر عتيق، في أيهما يُصلي؟ قال: أفضل في العتيق. "مسائل ابن هانئ" (351) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل كان في حي آخر، فتحول إلى حي آخر، والمسجد الأول أقدم من المسجد الآخر؟ فقال أبي: كان أنس يتبع الأقدم، ويتجاوز المحدثة. قلت لأبي: أيما أعجب إليك؟ فرأيته كأن الأقدم أعجب إليه. وقال: إلا أن يشق على رجل بعد المسجد الأقدم فلا بأس أن يصلي في هذا المحدث، إذا كان الأقدم يشق عليه. "مسائل عبد اللَّه" (381) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن مسجد عتيق على باب رجل، يره الرجل الذي يصلي الصلاة، يتجاوزه إلى مسجد ليس بالقديم؟ قال: إذا كان الإمام صاحب بدعة أكرهه، فيجاوزه إلى غيره أحب إلي. "مسائل عبد اللَّه" (389) 659 - إذا كان المسجد فيه شيء ينتفع به يُباع لمصلحة المسجد أو لينفق على غيره؟ قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن مسجد فيه خشبتان لهما ثمن فتشعب المسجد وخافوا سقوطه، أتُباع هاتان الخشبتان وينفق على المسجد ويبدل مكانهما جذعين؟

فقال: ما أرى به من بأس. واحتج بدواب الحُبُس التي لا ينتفع بها تُباع، ثم يجعل ثمنها في الحبسِ. "مسائل أبي داود" (329) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، سئل عن البوري أو الخشب يَفضُل عن المسجد، ما يصنع به؟ قال: يتصدق به، أو يجعل في مسجد آخر قد تخرب، ويصلى فيه. "مسائل ابن هانئ" (331) قال ابن هانئ: وسئل عن المسجد ينقض، فيفضل من البواري والخشب؟ قال: لا يباع ويتصدق به، فإن لم يتصدق به جعل في مسجد غيره، مما يراد أن يبني. "مسائل ابن هانئ" (343) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن مسجد خَرِب: ترى أن تباع أرضه وتنفق على مسجد آخر أحدثوه؟ قال: إذا لم يكن له جيران، ولم يكن أحد يعمره، فلا أرى به بأسًا أن يباع وينفق على الآخر. "مسائل عبد اللَّه" (1178) قال المروذي: وسألت أبا عبد اللَّه عن الجص والآجر يفضل من المسجد؟ قال: يصير في مثله. "الورع" (133)

660 - الانتفاع بسفل المسجد وعلوه

660 - الانتفاع بسفل المسجد وعلوه قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: يكره أن يكون أسفل غلة المسجد وفوق ذلك المسجد. ويكره أن يكون للمسجد بيت غلة. "مسائل أبي داود" (323) قال أبو داود: قلت لأحمد: أسفل المسجد حوانيت لرجل فجعل فوقه مسجدًا وغلة الحوانيت للرجل؟ قال: هذا لا بأس به. "مسائل أبي داود" (43) قال أبو داود: قلت لأحمد: أتختار الصلاة في غيره من المساجد منها عليه؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (325) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يتخذ المسجد وتحته الغلةُ؟ قال: إذا أذن فيه فليس يورث، وإن بناه في داره فأذن فيه ودخل الناس إليه أي: كذلك أيضًا. "مسائل أبي داود" (610) قال حنبل: قال أحمد: لا ينتفع بسطح المسجد، فإن جعل السطح مسجدًا أنتفع بأسفله، وإن جعل أسفله مسجدًا لا ينتفع بسطحهما. "شرح العمدة" ص 473

جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة لدار الْفَلاح وَلَا يجوز نشر هَذَا الْكتاب بِأَيّ صِيغَة أَو تَصْوِيره PDF إِلَّا بِإِذن خطي من صَاحب الدَّار الْأُسْتَاذ/ خَالِد الرِّبَاط الطبعة الأولى 1430 هـ - 2009 م رقم الْإِيدَاع بدار الْكتب 19194/ 2009 دَار الْفَلاح للبحث العلمي وَتَحْقِيق التراث 18 شَارِع أحمس - حَيّ الجامعة - الفيوم ت: 01000059200 [email protected]

الْجَامِعُ لِعُلوْم الإِمَامِ أَحْمد [7]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قسم الفقه (3) 1 - كتاب الجنائز 2 - كتاب الزكاة 3 - كتاب الصوم 4 - كتاب الاعتكاف 5 - كتاب الحج

كتاب الجنائز

كتاب الجنائز باب ما يفعل عند الموت وقبض الروح 661 - تلقين الميت عند الموت قال إسحاق بن منصور: قلت: تلقين الميت عند الموت؟ قال: إي لعمري، قال: "لقنوا موتاكم" (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (834) نقل مهنا، وأبو طالب عنه: يُلقن مرة. "الإنصاف" 6/ 13، "المعونة" 1/ 216 662 - تغميض المرأة للرجل قال جعفر بن محمد: سمعت أبا عبد اللَّه يُسئل عن المرأة تغمض الميت، قال: إذا كانت ذات محرم. "أحكام النساء" (32) 663 - تغطية وجه الميت نقل حنبل عنه: إن فعله أو تركه فلا بأس. "الإنصاف" 6/ 60، 61 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 3، ومسلم (916).

664 - في الإذن بالجنازة والنداء عليها

664 - في الإذن بالجنازة والنداء عليها قال إسحاق بن منصور: قلت: تَكرُه الإذَن بالجنازة؟ قال: إذا أذن إخوانه وأصحابه، وأما أن يُنادى عليه فلا أدري ما هذا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (833) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يموت فُيؤذنُ به الناسُ؟ قال: إذا صاح إن فلانًا قد مات فلا يعجبني، وأما أن يخبر به في رفق فلا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (947) ونقل حنبل عنه كراهة إعلام الجار. "الفروع" 2/ 192 665 - الإسراع بتجهيز الميت قال أبو داود: قلت: الغريق يُتربص له؟ قال: أيُّ شيء يتربص بالغريق؟ ! "مسائل أبي داود" (1007) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن المصعق وكم يُنتظر به؟ قال: يُروى عن الحسن ثلاث، وإنه ربما تغير في الصيف في يوم وليلة، وفي الشتاء على ذلك أهون. وكره أن يحد فيه شيئًا. "مسائل أبي داود" (1008)

أبواب الغسل والتكفين

أبواب الغسل والتكفين فصل: من يجب غسله من الموتى 666 - غسل المحرم إذا مات وتكفينه قال إسحاق بن منصور: قلتُ: المحرم إذا مات يُغطَى وجهُه؟ قال: لا يُغطَّى وجهُه، ولا يقرب الطيب. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1471) قال أبو داود: قلت لأحمد بن حنبل: المحرم إذا مات؟ قال: لا يقرب مسك ويُكفَّن في ثوبين ولا يُغطى رأسُه. "مسائل أبي داود" (943) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن المحرم الميت يُطيب؟ قال: لا يطيب. "مسائل ابن هانئ" (793) نقل حنبل عنه: لا تُغطى رجلاه (¬1). ونقل ابن مشيش: يُغطى وجهه ولا يغطى رأسه. "الروايتين والوجهين" 1/ 217، "المغني" 3/ 479، "الفروع " 2/ 211 نقل حنبل: قيل له يُغسَّل؟ قال: يصب عليه الماء. وقال: لا يغسل كما يغسل الحلال. ¬

_ (¬1) قال الخلال: لا أعرف هذا في الأحاديث، ولا رواه أحد عن أبي عبد اللَّه غير حنبل، وهو عندي وهم من حنبل، والحمل على أنه يغطي جميع المحرم، إلا رأسه، لأن إحرام الرجل في رأسه، ولا يمنع من تغطية رجليه في حياته، فكذلك في مماته.

وقال أبو الحارث: سألت أبا عبد اللَّه عن المحرم إذا مات يغسل كما يغسل الحلال أو يغسل بالسدر والماء؟ قال: يغسل بالماء والسدر، حدثنا ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "اغسلوه بماء وسدر، ولا تخمروا رأسه، ولا تمسوه طيبًا" (¬1). قلت: فإذا غُسِّل يُدلك رأسه بالسدر؟ قال: ما أدري كذا جاء الخبر يغسل بماء وسدر. قيل له: فتذهب إلى أن يُخمَّر وجهه ويكشف رأسه؟ قال: نعم على ما جاء عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو أصح من غيره. قال أبو عبد اللَّه: وكان عطاء يقول: يُخمر رأسه ويُغسل رأسه بالسدر، وقد روى عطاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه يخمر رأسه وهو محرم (¬2) مرسل، وحديث ابن عباس أصح. وقال ابن جريج: أنا أقول يُغسَّل بالسدر ولا يُخمر رأسُه. قلت: فما ترى؟ قال: أهاب أن أقول يُغسِّل بالسدر وأحب العافية منها. قلت: فيجزئه أنْ يُصبَّ على رأسهِ الماء فقط؟ قال: يجزئه إن شاء اللَّه. قال أبو عبد اللَّه: الذي أذهب إليه حديث ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يغسل بماء وسدر، ولا يُخمر رأسه، ولا يمس طيبًا". ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 215، والبخاري (1265)، ومسلم (1206). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 291 (14434) بلفظ: "خمروا وجوهكم ولا تشبهوا باليهود".

667 - هل يغسل شهيد المعركة، ويصلى عليه؟

قال الخلال: ما رواه أبو الحارث في غسله: فيه توقف وجبن، غير أنه قد روى ما روى حنبل: أنه لا يُدلك رأسه ويُصب عليه الماء صبًا، ويكون فيه السدر، وبين عنه حنبل أنه يصب الماء ولا يُغسَّل كما يُغسل الحلال، وعلى هذا استقر قوله. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 118 وقال مهنا: سألت أحْمَد عن المحرم يموت، هل يغطى وجهه؟ قال: قد اختلفوا فيه عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال بعضهم: لا يغطى رأسه. قُلْتُ: أيهما أعجب إليك يغطي وجه المحرم إذا مات أو لا يغطي؟ قال: أما الرأس: فلا أرى أن يغطوه وأما الوجه: فأرجو أن لا يكون به بأس. وقال في رواية إسماعيل بن سعيد الشالنجي: والمحرم يموت لا يغطى رأسه ولا وجهه، وذلك لما روى ابن عباس: أن رجلًا أوقصته راحلته -وهو محرم- فمات، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تخمروا وجهه، ولا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا". "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 52 - 54 667 - هل يغسل شهيد المعركة، ويصلى عليه؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: وهل يُغسل الشهيد؟ قال: إذا مات في المعركة لم يُغسل. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (810)

قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل قتله اللصوصُ أيُغسَّل أم لا؟ قال: كلُّ قتيل يُغسَّل إلَّا من قتل في المعركة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2764) قال ابن هانئ: قيل له: فالشهيد إذا قُتل في المعركة، يُغسل ويصلى عليه؟ قال: إذا قتل في المعركة لم يُغسل، ويُصلى عليه، وإذا حمل وبه رمق، أو أكل، أو شرب، أو بال، أو نام، أو عطس، فإنه يُغسل ويُصلى عليه، إلا أن تكون به جراحات كثيرة. "مسائل ابن هانئ" (930) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن حديث جابر أن النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يصل على قتلى أحد، ولم يغسلهم (¬1)؟ قال: قد اختلفوا فيه فقال عبد ربه بن سعيد: عن الزهري، عن جابر. وقال الأوزاعي: عمن حدثه عن جابر (¬2). وقال ابن أبي صُعير (¬3) حديث محمد بن إسحاق: ابن أبي صعير قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬4). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 299 من طريق عبد ربه، عن الزهري، عن ابن جابر، عن جابر. (¬2) رواه البخاري (1348) من طريق الأوزاعي، عن الزهري، عن جابر. (¬3) هو عبد اللَّه بن ثعلبة بن صعير المدني. روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعن أبيه وعمر وعلي وسعد وجابر، وروى عنه الزهري وسعد بن إبراهيم، وفي صحبته وسماعه من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اختلاف. "تهذيب التهذيب" 2/ 21. (¬4) رواه الإمام أحمد 5/ 431، والبيهقي 4/ 11 من طريق الزهري، عن ابن أبي صعير.

وقال الليث بن سعد: عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن جابر (¬1). وقال زيد بن أسلم: عن الزهري، عن أنس (¬2). وقد اختلفوا فيه. وأرى إذا كان بهم رمق أن يغسلوا، ويصلى عليهم، وما يضرهم من الصلاة؟ ! هذا عمر بن الخطاب قد كان شهيدًا قد صُلي عليه، ولكنه حمل وبه رمق، وأرى إذا حمل من المعركة وبه رمق أن يُغسل ويصلى عليه. "مسائل ابن هانئ" (965) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الشهيد يُغسَّل؟ قال: إذا حمل من المعركة وبه رمق غسل، وإن مات في المعركة لم يغسل. "مسائل عبد اللَّه" (498) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قلت: من قتل في المعركة وبه رمق حمل؟ قال: يغسل. ومن قتل ولا رمق فيه، يدفن في ثيابه، يلف في دمائه، إلا أن يكون عليه جلد، أو خف، ينزع ذلك عنه، وإن كان عليه سرد. قال: يعجبني أن ينزع عنه الحديد. "مسائل عبد اللَّه" (511) ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1343). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 128، وأبو داود (3135)، والترمذي (1016) كلهم من طريق أسامة بن زيد، عن الزهري، عن أنس. وقال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه من حديث أنس إلا من هذا الوجه، وقال: وسألت محمدًا -أي البخاري- عن هذا الحديث فقال: حديث الليث، عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن جابر أصح.

668 - هل يغسل شهيد غير المعركة والمقتول؟

668 - هل يُغسل شهيد غير المعركة والمقتول؟ قال إسحاق بن منصور: قلت لإسحاق: ما يُصنع بجيفته -أي: المرتد؟ قال: تدفن. قال إسحاق بن منصور: قال بعضهم: يترك كما هو. "مسائل الكوسج" (619) قال إسحاق بن منصور: قلت: سُئِلَ -يعني: سفيان- يُغسل الغريق؟ قال: نعم. قال أحمد: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (832) قال إسحاق بن منصور: قلت: سُئِلَ سفيان عن الرجل يصيبه الحريق، فيحترق أو يغرق في الماء؟ قال: يغسل. قال أحمد: جيد إن قدروا على ذلك إلا أن يكون قد تهرى. قال إسحاق: كما قال. قلت: يُيمم؟ قال: لا. "مسائل الكوسج" (837) قال إسحاق بن منصور: قلت: سُئِلَ سفيان عن المجدور إذا مات كيف يُغسل؟ قال: يُغسل فإن لم يقدروا على غسله صبوا عليه الماء صبًا. قال أحمد: إذا خشوا من أن يتهرى أو يسيل الدم يمموه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (838)

قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: المرتد إذا قتل ما يُصنع بجثته؟ فقال: يُترك حيث ضرب عنقه، كأن ذلك المكان قبره، ويعجبني هذا. "مسائل الكوسج" (843) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: من يقتل في القصاص يُغسل؟ قال أحمد: نعم. قال إسحاق: شديدًا. "مسائل الكوسج" (2627) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: سمعتُ -يعني: سفيان- يقول: من قتل بعصًا أو بحديدة وهو مظلوم لم يغسل. قال أحمد: إذا حمل وبه رمق يغسل، وأعجب إلي أن يغسل إلا أن يكون في معركة. قال إسحاق: كما قال؛ لأن العصا والحديدة مما يقاد منهما؛ فلذلك يغسل في غير المعركة ولا يغسل في المعركة. "مسائل الكوسج" (2628) قال صالح: حدثني أبي، قال: حَدَّثَنَا علي بن مجاهد، عن حجاج قال: سألت عطاءً عن الميت يموت في البحر. قال: فقالوا: يكفنون، ويحنطون، ويغسلون، ويصلون عليه، ويستقبلون به القبلة، ويضعون على بطنه حجرًا حتَّى يرسب (¬1). "مسائل صالح" (852) قال ابن هانئ: وسئل أبو عبد اللَّه عن الغريق يخرج من الماء، وله ريح شديدة، فيجيء الغاسل إليه ليُغسله، فلا يصيب أحدًا يصب عليه الماء، فكيف ترى له أن يغسله، ترى له أن يغسله بيد، ويصب الماء بيد؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 35 (11849).

قال: نعم، هذا ضرورة، يغسله بيد، ويصب بيد. "مسائل ابن هانئ" (913) قال ابن هانئ: قلت: ربما انتفخ الغريق، فلا يقدر أن تدخل يده في الكفن؟ قال: يغطي ثدييه وصدره وعورته ولا يبالي ألا يغطي يديه. قلت له: فإنه إذا وضع في اللحد لا يسعه أن يلحد بلبن؟ قال: يُحثى عليه التراب حثيًا ولا يُنصب عليه اللبن. "مسائل ابن هانئ" (920) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يصيبه الحريق فيحترق، أو يغرق في الماء أيُغسَّل؟ قال: نعم إن قدروا على ذلك، إلا أن يتهرأ فيصبوا عليه الماء وييمم. "مسائل ابن هانئ" (929) قال عبد اللَّه: قلت لأبي يُغسل الغريق؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (499) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي، قلت: من قتله اللصوص، يغسل ويصلى عليه؟ قال: إذا قتل في المعركة، فهو بمنزلة الشهيد، إلا أن يحمل وبه رمق. "مسائل عبد اللَّه" (500) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قلت: المرجومة تُغسَّل وتُكفَّن؟ قال: سُئِلَ علي بن أبي طالب عن شراحة وكان رجمها فقال: اصنعوا كما تصنعوا بموتاكم" (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (501) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 459 (11013) وفيه (سراحة) بالمهملة.

669 - هل يغسل المسلم الكافر؟

قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: إذا مات في البحر، ولم يصلوا إلى أرض يدفن فيها؟ قال: يغسل، ويحنط، ويكفن، ويجعل في رجله شيء ثقيل، ويصلى عليه، ويطرح في الماء. "مسائل عبد اللَّه" (502). نقل أبو طالب عنه: أنه كسائر الأموات يُغسل ويُصلى عليه. "الروايتين والوجهين" 1/ 203 ونقل أبو طالب عنه: يُكفَّن ويُصلى عليه من غير غسل. "الروايتين والوجهين" 1/ 205 669 - هل يغسل المسلم الكافر؟ قال الخلال: أخبرنا الحسن بن الهيثم أن محمد بن موسى بن مشيش حدثهم أنه قال لأبي عبد اللَّه: فإن مات للرجل قرابة يهودي أو نصراني، وكان له عنده أيادي يغسله؟ قال: لا يغسل المسلم الكافر. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 294 (613) 670 - في تغسيل مجهول الحال قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد قال: حدثنا علي بن سعيد أنه سمع أبا عبد اللَّه وسأله رجل عن رجل يوجد قتيلًا في أرض العدو قد قطع رأسه، لا يدرى من المسلمين هو أو من العدو؟ قال: يستدل عليه بالختان والثياب.

فقال رجل: فإن لم يعرف؟ قال: لا يصلى عليه. قيل: فإن وجد في أرض الإسلام على هذِه الحالة؟ قال: يصلى عليه ويُغسل. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 296 (619)

فصل: من يجوز له أن يغسل الميت

فصل: من يجوز له أن يغسل الميت 671 - صفة الغسل، والشروط الواجب توافرها فيه قال إسحاق بن منصور: قلت: المرأة تُغسل زوجها والزوج امرأته؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس إذا لم يكن من يُغسلها أو يغسله. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (782) قال إسحاق بن منصور: قلت: المرأة تموت مع الرجال، كيف يُصنع بها؟ قال: التيمم أعجب إلي. قال إسحاق: إن صبوا عليها الماء صبًّا، فهو أفضل، وإلا يمموها. "مسائل الكوسج" (784) قال إسحاق بن منصور: قلت: الرجل يموت مع النساء؟ قال: التيمم أعجب إلي. قال إسحاق: كذلك. "مسائل الكوسج" (785) قال صالح: وسألته عن رجل ماتت امرأته: هل يجوز له أن ينظر إلى شيء من محاسنها ويدخلها قبرها؟ قال أبي: الناس يختلفون في هذا، وقد روي عن عمر أنه قال في امرأته لما توفيت فقال لأوليائها: أنتم أحق بها (¬1). وروي عن أبي بكرة: ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 472 (6373)، وابن أبي شيبة 3/ 46 (11959).

أنه واثب أخو امرأته حتَّى أدخلها القبر (¬1). "مسائل صالح" (165) قال صالح: حدثني أبي، قال: حَدَّثَنَا هشيم، قال: أنا أيوب أبو العلاء، عن أبي هاشم: أن علقمة غسل امرأته. "مسائل صالح" (1053) قال أبو داود: حَدَّثنَا أحمد بن حنبل، قال: أنا هشيم قال: أنبأ يونس عن الحسن قال: كان لا يرى بأسًا للمرأة أن تغسل فوق الفطيم (¬2). "مسائل أبي داود" (961) قال أبو داود: أحمد بن حنبل قال: هذا سمعناه من هشيم، عن أيوب أبي العلاء، عن أبي هاشم أن علقمة غسل امرأته. "مسائل أبي داود" (962) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الرجل يُعين النساء في غسل المرأة بضرب السدر ويبقي الشيء؟ قال: لا بأس ما لم يرها، يكونوا في بيت وهو في بيت آخر. "مسائل أبي داود" (992) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الحائض تغسل الميت؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (993) قال أبو داود: سمعت أحمد بن محمد بن حنبل سئل عن الرجل يغسل امرأته؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 473 (6374). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 457 (10988) عن هشيم، به.

قال: بلى ما اختلفوا فيه لا بأس به، والمرأة تغسل زوجها أيضًا. "مسائل أبي داود" (994) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الرجل يغسل ابنته إذا كانت صغيرة، والمرأة تغسل الصبي إلى أن يبلغ سبع سنين (¬1). "مسائل أبي داود" (995) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: إن رجلًا غسل أمه؟ قال: سبحان اللَّه واستعظمه، ثُمَّ قال: أليس قد قيل: "استأذن على أمك" (¬2) غير مرة. رأيتُ أحمد يستعظم ذلك وينكره على من فعله. "مسائل أبي داود" (998) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن المرأة تموت مع الرجال ليس معهم نساء، من يغسلها؟ قال: قال بعضهم: تيمم، وقال بعضهم: يُصَب عليها من فوق الثياب. "مسائل أبي داود" (999) قال أبو داود: قلت لأحمد: يغسل الرجل الجارية الصغيرة وليست بنته؟ ¬

_ (¬1) أورد الخلال في "أحكام النساء" الرواية بأطول من ذلك: قال الخلال: أخبرنا أبو داود، قال: سمعت أحمد يقول: الرجل يغسل ابنته إذا كانت صغيرة، والمرأة تغسِّل الصبي إلا أن يبلغ سبع سنين، قلت لأحمد: الصبي الصغير يُستر كما يُستر الكبير، أعني الصبي الميت؟ قال: أي شيء يُستر، وليست عورته بعورة؟ ! بل يُغسله النساء، قلت لأحمد: متى يُستر الصبى؟ قال: إذا بلغ سبع سنين. "أحكام النساء" (83). (¬2) روى مالك في "الموطأ" 2/ 141 (2028) ومن طريقه البيهقي 7/ 97 عن صفوان ابن سليم، عن عطاء بن يسار مرسلًا أن رسول اللَّه سأله رجل: يا رسول اللَّه أستأذن على أمي؟ فقال: "نعم". . .

قال: النساء أعجب إلي. "مسائل أبي داود" (1000) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يكون في السفر يموت وليس معه إلا امرأته، أتغسله؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (915) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل تكون امرأته معه في سفر فتموت وليس معهم امرأة، أيغسلها زوجها؟ قال: نعم. قيل له: فكيف يصنع؟ قال: يصب الماء من فوق الثوب، ولا يكشف ثوبها. "مسائل ابن هانئ" (916) قال ابن هانئ: وسئل عن الحائض تغسل المرأة الميتة؟ قال: لا يعجبني أن تغسل الحائض شيئًا من الميت، والجنابة أيسر من الحيض. "مسائل ابن هانئ" (917) قال ابن هانئ: سألته عن المرأة تموت مع القوم وليست معهم امرأة؟ قال أبو عبد اللَّه: تيمم، وكذلك الرجل مع النساء ييمم. "مسائل ابن هانئ" (918) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الخنثى من يغسله إذا مات؟ قال: أما ما كان دون خمس سنين أو سبع سنين فلا بأس كل من غسله. "مسائل ابن هانئ" (1471) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حَدَّثَنَا عمر بن علي المقدمي قال: سمعت إسماعيل بن حماد -يعني ابن أبي سلمان- يذكر أن أباه سُئِلَ

عن امرأة ماتت مع رجال ليس معهم امرأة؟ فقال أبي: تيمم الصعيد (¬1). قال أبي: والذي ييممها يضع يده في ثوب ثُمَّ يضرب به الصعيد ثُمَّ ييمم به. سمعت أبي يقول: وأنا أرى ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (155) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: يغسل الرجل امرأته؟ فلم يجب فيها بشيء. قلت: فتغسل زوجها؟ قال: نعم، فأما غير الزوج فلا. "مسائل عبد اللَّه" (503) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي، قلت: المرأة الحائض تغسل الميتة تموت مع الرجال؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل عبد اللَّه" (504) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: النصرانية، واليهودية، والمجوسية تغسل المسلمة؟ قال: لا (¬2). قلت لأبي: فتقبل -أعني: القابلة؟ قال: لا. "مسائل عبد اللَّه" (505)، "العلل" (505) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 455 (10965 من طريق مغيرة، عن حماد. (¬2) نقلها الخلال في "أحكام أهل الملل" 2/ 457 (1091) عن صالح ابن الإمام.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن امرأة ماتت مع رجال، ليس معهم امرأة؟ قال: تيمم الصعيد، والذي ييممها يضع يده في ثوب ثُمَّ يضرب به الصعيد ثُمَّ ييممها. "مسائل عبد اللَّه" (506) قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد قال: سألت أبا عبد اللَّه عن المرأة تموت ولا يجدوا إلا يهودية أو نصرانية تغسلها؟ قال: يعلموها. ثم قال: لا يعجبني أن تطلع على عورة المسلمة. "أحكام أهل الملل" 2/ 458 (1093) نقل حرب عنه: تيمم -أي: المرأة إذا ماتت مع الرجال. "الروايتين والوجهين" 1/ 200 روى حنبل عنه: لا بأس أن تغسل المرأة زوجها والزوج امرأته. "الانتصار" 2/ 660 روى بكر بن محمد عن أبيه أنه قال لأبي عبد اللَّه: غسَّل عليٌّ فاطمة (¬1)؟ قال: ليس له إسناد. وروى الفضل بن زياد عنه أنه قال: يروى من طريق ضعيف. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 409 - 410 (6122)، والحاكم 3/ 163 - 164، والبيهقي 3/ 396 - 397 وحسنه الحافظ في "التلخيص الحبير" 2/ 143، والألباني في "الإرواء" (701).

وروى عنه أنه قال في حديث ابن عباس (¬1): هو منكر من حديث ابن أبي يحيى. "الانتصار" 2/ 666، 667 نقل عنه أحمد بن أبي عبدة في الخنثى: أنه ييمم؛ لأنه يحتمل أن يكون ذكرًا، فلا تغسله النساء ويحتمل أن يكون أنثى فلا يُغسله الرجال. ونقل عنه أحمد بن العباس بن الأشرس: يُغسِّله الرجال، ويصلون عليه. "الطبقات" 1/ 129 قال أبو الفضل القافلاني: سألت أحمد عن الخُنثى، من يغسله إذا مات؟ قال: ما كان له خمس سنين، أو سبع سنين، فلا بأس كل من غسَّله. "الطبقات" 3/ 32 قال مهنا: سألت أحمد عن الرجل يُغسل أُخته إذا لم يجد نساءً؟ قال: لا. قلت: فكيف يصنع؟ قال: يُغَسَّلُها وعليها ثيابها، يَصُب عليها الماء صَبًّا. قلت لأحمد: وكذلك كل ذات محرمٍ تُغسل وعليها ثيابها. قال: نعم. "المغني" 3/ 463 قال أبو الحارث: قلت لأحمد: المحرم يغسل الميت؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 409 - 410 (6122)، وابن أبي شيبة 3/ 46 (11956) كلاهما من طريق داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: أحق الناس بغسل المرأة والصلاة عليها زوجها. وليس فيهما ابن أبي يحيى.

قال: نعم فإذا فرغ من غسله طيبه غيره، لأن المحرم لا يمس طيبًا، فيجعله رجل حلال. "شرح العمدة" 2/ 119 قال فوران: ماتت امرأة لبعض أهل العلم، قال: فجاء يحيى بن معين والدورقي، قال: فلم يجدوا امرأة تغسلها إلا امرأة حائضًا، قال: فجاء أحمد بن حنبل وهم جلوس، فقال: ما شأنكم؟ فقال أهل المرأة: ليس نجد غاسلة إلا امرأة حائضًا، قال: فقال أحمد بن حنبل: أليس تروون عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا عائشة ناوليني الخمرة؟ قالت: إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك" (¬1) يجوز أن تغسلها، قال: فخلجوا وبقوا. "ذيل طبقات الحنابلة" 1/ 297 قال محمد بن عبدة: دخلت إلى داود، فغضب علي أحمد بن حنبل، فدخلت عليه. فلم يكلمني فقال له رجل: يا أبا عبد اللَّه! إنه رد عليه مسألة. قال: وما هي؟ قال: الخنثى إذا مات من يغسله الخدم. فقال محمد ابن عبدة: الخدم رجال، ولكن ييممن فتبسم أحمد وقال: أصاب، أصاب، ما أجود ما أجابه! "سير أعلام النبلاء" 13/ 104 نقل حنبل عنه: لا ينبغي إلا ذلك. أي: أن يكون الغاسل ثقة عارفا بأحكام الغسل. "الإنصاف" 6/ 26 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 70 من حديث ابن عمر رضي اللَّه عنه، ومسلم (298)، (299) من حديث عائشة وأبي هريرة -رضي اللَّه عنهما-.

فصل: ما يجب على الغاسل عند الغسل وبعده

فصل: ما يجب على الغاسل عند الغسل وبعده 672 - على الغاسل ستر ما رآه إن لم يكن حسنًا نقل محمد بن الحكم عنه: لا يحدث به أحدًا. "الإنصاف" 6/ 113 673 - هل يجب على الغاسل الغسل؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: من غسل ميتًا، أيغتسل؟ قال: أرجو أن لا يجب عليه الغسل، فأما الوضوء فأقل ما قيل فيه. قال إسحاق: كما قال لا يدعن الوضوء على حال. "مسائل الكوسج" (783) قال صالح: وسألته عمن غسل ميتًا أيتوضأ أم يغتسل؟ قال: أكثر ما فيه الوضوء. "مسائل صالح" (247) قال صالح: وسألت عن الرجل يغسل الميت أيغتسل؟ قال: لا يصح الحديث فيه، ولكن يتوضأ. "مسائل صالح" (393) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الغسل من غسل الميت؟ قال: ليس يثبت فيه حديث؛ حديث أبي هريرة، قال سهيل، عن إسحاق مولى زائدة يعني: عن أبيه، عن إسحاق، وحديث مصعب فيه خصال ليس العمل عليه. قلت لأحمد: ترجو أن يجزئه الوضوء؟ قال: نعم.

قلت لأحمد: فعلى أحد في غير ذلك الوضوء مَنْ كفنه أو أدخله القبر؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (1009) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل، وسئل عن الغسل من غُسلِ الميت؟ فقال: يجزئه الوضوء. "سنن أبي داود" 2/ 218 (3162) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل، وسئل عن الغسل من غُسلِ الميت؟ فقال: يجزئه الوضوء. "سنن أبي داود" 2/ 218 (3162) قال ابن هانئ: وسئل عمن غسل الميت أعليه الغسل أم الوضوء؟ قال: يتوضأ وقد أجزأه. سألته: هل علي من غُسل الميت غسل؟ قال: عليه الوضوء فقط. "مسائل ابن هانئ" (919) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الغسل من غسل الميت" (¬1) وليس يثبت، ولا "يتوضأ من حمل الجنازة" (¬2) ليس ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 272، وأبو داود (3161)، والترمذي (993)، وابن ماجه (1463) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- بلفظ: "من غسله الغسل، ومن حمله الوضوء" قال الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن. والحديث صححه الألباني في "صحيح الجامع" (5918). (¬2) انظر: الحديث السابق.

يثبت، ولا "يغتسل من الحجامة" (¬1) ليس يثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل عبد اللَّه" (78) قال أحمد بن سعيد: قلت لأحمد: أرأيت إن كان الميت كافرًا؟ قال: عليه الغسل؛ لحديث علي -يعني: على غاسله الغسل- وهو قول أبي أيوب. "بدائع الفوائد" 4/ 83 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 152، وأبو داود (348، 3160) عن عائشة -رضي اللَّه عنهما- قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 307: وفي إسناد الحديث مقال. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (59).

فصل فى صفة الغسل والتكفين

فصل فى صفة الغسل والتكفين 674 - ستر الميت عند الغسل قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: كان أبو قلابة يغطيه بالثوب ويغسله تحت الثوب. وقال أيوب: يُغطى منه كل ما نغطيه في الحياة. قال أحمد: وبعضهم كان يغطي عينيه. "مسائل الكوسج" (842) قال أبو داود: ثنا أحمد قال: ثنا معانُ بن حَمْضةَ أبو محفوظ -قال أحمد: لم يكن عنده غير ذا بصري- قال: سمعت عائشة بنت عرار القيسية قالت: كان ابن لمحيرين يستحب أن يكثر الكافور مع السدر، وكان يستحب أن يكون البيت الذي يُغسل فيه الميت مظلمًا. "مسائل أبي داود" (963) قال أبو داود: قلت لأحمد: الصبي يستر كما يستر الكبير أعني: الصبي الميت في الغسل؟ قال: أي شيء يُستر وليست عورته بعورة ويغسلنه النساء؟ ! "مسائل أبي داود" (996) قال أبو داود: وقلت لأحمد: متى يُستر الصبي؟ قال: إذا بلغ سبع سنين. "مسائل أبي داود" (997) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: الميت إذا غسل يُغطى وجهه؟ قال: أما محمد بن سيرين فيقول: يغطى ما كان يستر منه في حياته. وكان أبو خلابة إذا غسل ميتًا جلله بثوب. "مسائل عبد اللَّه" (494)

675 - كيفية الغسل

نقل الأثرم عن أحمد أنه قال: يغطي ما بين سرته وركبته. "المغني" 3/ 368 نقل المروذي عن أحمد أنه قال: يعجبني أن يغسل الميت وعليه ثوب يدخل يده من تحت الثوب. قال: وكان أبو قلابة إذا غسل ميتًا جلَّله بثوب. "المغني" 32/ 368 نقل المروذي عنه: أنه يُغسل في بيت مظلم. "الفروع" 2/ 202 نص أحمد في رواية الأثرم: يُسن تجريده. "معونة أولي النهى" 3/ 32 675 - كيفية الغسل قال إسحاق بن منصور: قلت: يُؤخذ من الميت شيء: من شعره أو ظفره؟ قال: إذا كان فاحشًا فنعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (797) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في غسل الميت: يبدأ فيوضأ، الغسلة الأولى بماء قراح يبدأ برَأْسِه ولحيته فيفرغ منهما، ثُمَّ الأيمن، ثُمَّ بشقه الأيسر ولا يُكبه على بطنه، ويجعل على عورته خرقة وعلى بدنه خرقة ولا ينظر إلى عورته، وإذا غسله الغسلة الأولى فليقعده وليمسح بطنه مسحًا رفيقًا، خرج منه شيئًا أم لم يخرج، ثُمَّ يغسله الثانية

بماءٍ وسدر كغسله الأولى ولا يوضئه بعد المرة الأولى، والثالثة بماءٍ قراح، ويجعل فيه شيئًا من كافور. قال أحمد: كل ما قال جيد، ولا أعرف القعدة ويمسح بطنه مسحًا رفيقًا، وتكون الغسلات ثلاث بماءٍ وسدر ويكون في الآخرة شيء من كافور، إلا أن السدر يكون شيئًا رقيقًا. قال إسحاق: كما قال، والقعدة حسنة. "مسائل الكوسج" (839) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا الميت أدرج (¬1) في الأكفان ثُمَّ خرج منه؟ قال: إن كان شيئًا قليلًا رفع إلا أن يكثر يظهر من الكفن شيء فاحش يُعاد عليه الغسل. قال أحمد: تجعل الذريرة على مغابنه -وهي: كل شيء ينثني منه. قال: وتوضع القطنة في الدبر. قيل: على العينين؟ فلم يعرفه. "مسائل الكوسج" (841) قال صالح: قلنا: إذا غسل إلى سبع، ثُمَّ خرج منه شيء؟ قال: يصب على ذلك ماء، ولا يلتفت إليه بعد السبع. "مسائل صالح" (624) قال صالح: وقال: الميت يغسل بماء وسدر الثلاث غسلات. قلت: فيبقى عليه؟ ¬

_ (¬1) في الأصل: (وأدرج) بزيادة واو. وقد يكون هناك سقط فتكون العبارة: إذا الميت غسل وأدرج، واللَّه أعلم.

قال: وأي شيء يكون هو أنقى له: حديث ابن عباس أن رجلًا وقصت به راحلته، فقال النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اغسلوه بماء وسدر" (¬1)، حديث أم عطية: "اغسلنها بماء وسدر" (¬2)، ويوضأ مرة مرة واحدة، إلا أن يخرج منه شيء فيعاد عليه الوضوء، ويغسل إلى سبع مرار، ولا يزاد عليه؛ لأنه يسترخي. قلت: وينقي ما في الأظفار من وسخ؟ قال: نعم، ويقص أظفاره إن كانت فاحشة، وترد في أكفانه. وقال: العانة تحلق، إذا كان الشعر كثير دعا بموسى. قال: ويكفن في ثلاثة أثواب، يدرج فيها إدراجًا. "مسائل صالح" (1211) قال أبو داود: قلت لأحمد بن حنبل: أكلُّ غسلة فيها السدر؟ قال: نعم. قلت: إنه يبقى عليه إن لم يُغسل بماء قراح؟ قال: وإن بقي. قلت: أفلا يصبون ماء قراحًا ينظفه؟ قال: إن صبوا فلا بأس. قلت: فإنهم يأتون بسبع ورقات من سدر فيلقونه في الغسلة الآخرة؟ فأنكر ذلك، ولم يعجبه. "مسائل أبي داود" (929) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 215، البخاري (1265)، ومسلم (1206). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 84، والبخاري (1253)، ومسلم (939).

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: فى حديث ابن عباس: أن رجلًا وقصته راحلته وهو محرم (¬1)، خمس سنن: "كفنوه في ثوبيه"، أي: أن الميت يكفن في ثوبين، "ولا تخمروا رأسه"، ولا "تمسوه طيبًا"، و"غسلوه بماءٍ وسدرٍ"، أي: في الغسلات كلها سدر، وكان الكفن من جميع المال. "مسائل أبي داود" (930)، "سنن أبي داود" 2/ 238 (3238) قال أبو داود: قلت لأحمد: الميت يدلك بالأشنان؟ قال: إذا كان وسخ. قيل لأحمد فإن لم يكن وسخ، يجزئه السدر؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (931) قال أبو داود: سمعت أحمد بن محمد يقول: إذا طال ضنى المريض غسل بالأشنان معه -يعني: من السدر. "مسائل أبي داود" (932) قال أبو داود: سألت أحمد: يعصر -أعني: بطن الميت- أولا أو يُؤضأ؟ قال: يوضأ ويغسل غسلا، يقولون: حتَّى يلين. "مسائل أبي داود" (935) قال أبو داود: سُئِلَ أحمد -وأنا أسمع عن الميت يُوضأ في كل غسلة؟ قال: ما سمعت إلا أنه يوضأ أول مرة. "مسائل أبي داود" (936) ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

قال أبو داود: سمعت أحمد بن محمد بن حنبل سُئِلَ عن الميت إذا كان يسيل منه الدم؟ قال: يطين بطين الحر؛ فإنه يستمسك، زعموا. "مسائل أبي داود" (937) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ يُؤخذ أظفاره؟ قال: من الناس من يقول ذلك، ومنهم من يقول: إن كان أقلف أيُختن؟ يعني استفهام -يعني: لا يفعل. "مسائل أبي داود" (938) قال أبو داود: سمعت أحمد غير مرة يقول في الميت يخرج منه الحدث بعد الغسلة السابعة؟ قال: يزاد على سبع. "مسائل أبي داود" (939) قال أبو داود: سمعت أحمد بن محمد بن حنبل سُئِلَ عن الميت يخرج منه شيء إذا وضع في أكفانه؟ قال: إذا أدرج فيها فلا يعاد -يعني: لا يعاد عليه الغسل. "مسائل أبي داود" (940) قال أبو داود: قيل لأحمد وأنا أسمع: كان يسيل من أنفه الدم فحشاه بالقطن فلما وضعه في الكفن الدم على القطن؟ فلم ير به بأسًا. "مسائل أبي داود" (941) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: الدم أيسر من الحدث إذا خرج من الميت. "مسائل أبي داود" (942) قال أبو داود: قلت لأحمد: يحشى الميت؟

قال: إذا خافوا منه -يعني: الحدث. "مسائل أبي داود" (959) قال أبو داود: وقال أحمد بن حنبل: حَدَّثنَا عبد الرزاق قال: أنبأ ابن جريج قال: قلت -يعني: لعطاء: إن كان ذا ضفيرتين مضفورتين، أليس ينشران ويغسلان؟ قال: بلى (¬1). "مسائل أبي داود" (970) قال أبو داود: حَدَّثنَا أحمد بن محمد بن حنبل، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، قال: الميت يوضأ وضوءه للصَّلاةِ، ثُمَّ يغسل بماءٍ، ثُمَّ يترك حتَّى ينضب عنه الماء، ثُمَّ يغسل بماء وسدرٍ، ثُمَّ يترك حتَّى ينضب عن الماء، ثُمَّ يغسل بماء، ثُمَّ يترك حتَّى ينضب عنه الماء (¬2). "مسائل أَبى داود" (979) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: تضفر المرأة ثلاثة قرون ويسدل من خلفها. "مسائل أبي داود" (1005) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل يقول: وسئل عن الميت يغسل، فيبدو منه الشيء بعد الغسلة الثانية؟ قال: يوضأ ويغسل، وكذلك أيضًا في الثالثة، كل ذلك يغسل. "مسائل ابن هانئ" (910) قال ابن هانئ: وسئل أبو عبد اللَّه عن الميت تكون له طرة شعر، ما يفعل بها؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 398 (6078). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 450 (10904) عن جرير، عن منصور، به مختصرًا.

قال: تفرق. "مسائل ابن هانئ" (911) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يكون له الشارب الطويل فيموت، ولم يأخذه؟ قال: يأخذه الغاسل. "مسائل ابن هانئ" (912) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قال: لا يعصر بطن الميت في المرة الأولى، ولكن يعصر في الثانية؟ قال: ويغسل ثلاث غسلات. قال: وإذا خرج منه شيء بعد ثلاث رفع إلى خمس، فإن خرج منه شيء رفع إلى سبع، ولا يزاد على السبع. وقال: سمعت أبي يقول: يغطيه -يعني الميت- بعد الغسل ويجلله بثوب، ويدخل يديه لا يرى منه شيئًا. "مسائل عبد اللَّه" (493) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قلت: تقلم أظفار الميت، أو يؤخذ شعره أو يقص شاربيه؟ قال: إذا كان شيء فاحش. ويقال: إن سعد بن أبي وقاص غسل ميتًا فدعا بموسى. وقال: قرأت على أبي: وكيع، عن سفيان، عن خالد، عن أبي قلابة: أن سعدًا جزَّ عانة ميت (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (495) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 453 (10947) من طريق خالد الحذاء، به.

قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن رجل ميت غسل، فلما جعل في أكفانه خر من أذنه دم؟ فقال: إذا جعل في أكفانه رفع، على حديث عيسى بن أبي عُروة، عن الشعبي في ابنته، أمرهم برفعها، وإن خرج منه شيء ولم يجعل في الأكفان، يعيد عليه الغسل. "مسائل عبد اللَّه" (497) قال الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل تذهب إلى السدر في الغسلات كلها؟ قال: نعم السدر فيها كلها، على حديث أم عطية، أغسلنها ثلاثًا، أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدرا (¬1)، وحديث ابن عباس: بماء وسدر (¬2)، ثم قال: ليس في غسل الميت أرفع من حديث أم عطية، ولا أحسن منه، فيه: "ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا، وابدأن بميامنها"، ثم قال: ما أحسنه! وقال الأثرم: قيل لأحمد بن حنبل: يغطى وجه الميت؟ قال: لا، إنما يغطى ما بين سرته إلى ركبته. "التمهيد" 6/ 193 وروى حنبل أن أحمد سئل: تُرى أن تستعمل النورة؟ قال: الموسى أو مقراض يؤخذ به الشعر من عانته. "المغني" 3/ 483 ونقل حنبل عنه: ثلاثًا بسدر وآخرها بماء. ونقل أيضًا: يجعل السدر فى أول مرة. "الفروع" 2/ 206، "الإنصاف" 6/ 68 ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) سبق تخريجه.

676 - تكفين الميت على المغتسل

ونقل المروذي عنه في شعر الرأس: لا يقص. "الفروع" 2/ 207 ونقل أبو طالب عنه: لا تجوز الزيارة. ونقل ابن واصل: يُزاد إلى خمس. "الإنصاف" 6/ 74 ذكر المروذي عن أحمد أنه روى: أن عليّ بن أبي طالب حين غسّل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لف على يده خرقة حين غسل فرجه. "معونة أولي النهى" 3/ 34 676 - تكفين الميت على المغْتَسَل قال صالح: قلت: يكفن الميت على المغتسل؟ قال: إذا كان جافًا فأرجو. "مسائل صالح" (442) قال عبد اللَّه: قلت: يكفن في ثوب صوف؟ قال: بياض كله. قلت: تكفن المرأة في ثوب مصبوغ بالورس والزعفران والخز والوشي، والرجل يكفن في ذلك؟ قال: لا يعجبني أن يكون الكفن إلا في البياض. ويكره كل شيء من الحرير. قلت لأبي: فإن كفنت فيه؟ قال: يعجبني أن ينزعوه عنها. قلت لأبي: فإن دفنت فيه؟ قال: يترك عليها. "مسائل عبد اللَّه" (510)

677 - في الكفن، وما يجزئ فيه

ونقل مثنى بن جامع عنه أنه: لم يعجبه أن يكون في الكفن ثوب رقيق، قال: وكانوا يكرهون الرقيق. "بدائع الفوائد" 4/ 46 677 - في الكفن، وما يجزئ فيه قال إسحاق بن منصور: قلت: في كم يُكفن الميت؟ قال: أما الرجل في ثلاثة أثواب يُدرج فيه إدراجًا ليس فيها قميص ولا عمامة. "مسائل الكوسج" (792) قال إسحاق بن منصور: قلت: كيف يُكفن؟ قال: يُدر إدراجًا. قال إسحاق: إن فعلوا هذا فحسن، وإن كان إزارًا وقميصًا ولفافة فحسن يُلبس واحدًا واحدًا. "مسائل الكوسج" (793) قال إسحاق بن منصور: قلت: في كم تُكفن المرأة؟ قال: المرأة في خمسة أثواب. "مسائل الكوسج" (794) قال إسحاق بن منصور: قلت: كيف تُكفن المرأة؟ قال: إزار ولفافة وقميص وخرقة وعمامة، الخرقة يشد بها على رجليها، ثُمَّ إزار تؤزر بها، ثُمَّ قميص مخيط بلا كُمَّين، ثُمَّ عمامة، ثُمَّ ثوب تُلفف فيه فوق هذِه الثياب. قال إسحاق: كما قال.

قلت: بلا كُمين! قال: هو، ولكن الخرقة تكون حِقوًا من وسطها فهو أحسن ما قال النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أشعرنها إياه" (¬1). "مسائل الكوسج" (795) قال إسحاق بن منصور: قلت: في أي الأثواب أحب إليك أن يُكفن الميت؟ قال: البياض، ويستحب حسن الكفن. قال إسحاق: كما قال، وإن كان مُوسرًا ففي ثوبي حبرة فهو على قدر الميسرة. "مسائل الكوسج" (796) قال إسحاق بن منصور: قلت: في كم يُكفن الصبي؟ قال: في خرقة، وإن كفنوه في ثلاث ليس به بأس. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (825) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: الإزار للميت يكون تحت القميص، أليس النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أشعرنها إياه" (¬2) وهذا لا يكون إنما يلي الجلد، والقميص يكون قميصًا مخيطًا. قال إسحاق بن منصور: قلت: مع الكُمين؟ ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) أعطى النبي النساء اللواتي غسلن ابنته حَقْوه فقال: "أشعرنها إياه" أي: اجعلنه شعارها. والشعار: الثوب الذي يلي الجسد؛ لأنه يلي شعره، "النهاية" 2/ 479 - 480. والحديث سبق تخريجه.

قال: نعم، يُدخل يداه في الكُمين، وذكر حديث راشد بن سعد، أخبرني من رأى معاذ بن جبل -رضي اللَّه عنه- يُكفن في القميص وهو معجب به. قال إسحاق: كما قال، وله أزرار ولا يزر عليه. "مسائل الكوسج" (844)، (3354) قال صالح: وسألته عن الكفن: البياض أعجب إليك أو غير ذلك؟ قال: يقال: إنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كفن في ثلاثة أثواب سحولية بيض، ليس فيها قميص ولا عمامة (¬1). وهذا أثبت ما روي. "مسائل صالح" (167) قال صالح: حدثني أبي، قال: حَدَّثَنَا إسماعيل، قال: بلغني أن أيوب كان يختار أن يكفنه فيما قد صلى فيه. "مسائل صالح" (719) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول في كفن الرجل: يُعجبني ثلاثة أتواب، يُدرج فيها إدراجًا؛ لحديث الزهري، عن عروة، عن عائشة وهشام، عن أبيه -يعني حديثهما عن عائشة: أن النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة (¬2). "مسائل أبي داود" (944) قال أبو داود: وسمعت أحمد بن حنبل يقول: يستحب الوتر من الكفن، والغسل كله وتر، ولكن قال النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كفنوه في ثوبيه" (¬3)، فكأن هذا فيه سهولة، وأبو بكر كفن في ثوبين (¬4)، وسمعته غير مرة ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1271)، ومسلم (941). (¬2) سبق تخريجه. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) رواه ابن أبي شيبة 2/ 463 (11064)، وابن المنذر في "الأوسط" 5/ 355، وقال: والذي رويناه عن عائشة أنه قال: اغسلوا ثوبي هذا واجعلوا معه ثوبين. أصح. اهـ.

يختار الوتر من الكفن. "مسائل أبي داود" (945) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سُئِلَ في ثوب واحد؟ قال: إذا كان ضرورة؛ وإلا فليكفن في ثلاثة أثواب. "مسائل أبي داود" (946) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا أتي بالكفن وهو قميص وإزار ولفافة؟ قال: يؤزر، ثُمَّ يقمص، ثُمَّ يلف في الثوب الثالث، وأنكر إجعال الإزار فوق القميص. "مسائل أبي داود" (947) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل قيل له: إنهم لا يخيطون القميص إنما يخرقون خرقًا ويدخلونه فيه؟ فقال: إنما سمعنا: قميص أو ثلاث لفائف، وأنكر ذلك. "مسائل أبي داود" (948) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: زعموا أن أيوب كان يقول لأي شيء يُتخذ الأزرار إذا لم يُزَرَّ عليه؟ ! "مسائل أبي داود" (949) قال أبو داود: قلت لأحمد: يكفن الميت، أيدخل يديه في الإزار؟ قال: لم أسمع، ولكن إذا لُفَّ في ثلاثة أثواب تكون يده داخل الإزار. "مسائل أبي داود" (950) قال أبو داود: وسمعت أحمد وسألته عمن يكفن في قميص وإزار ولفافة؟ ¬

_ رواه البخاري (1387).

قال أحمد: الإزار يلي الجسد، قال النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحقو: "أشعرنها إياه" (¬1). "مسائل أبي داود" (951) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: المرأة تكفن في خمسة أثواب تُعمم أو قال: تخمر، ويترك قدر ذراع يسدل على وجهها، ويُشَد فخذيها بالحقو. "مسائل أبي داود" (1001) قال أبو داود: وسمعت أحمد بن حنبل سُئِلَ عن الحقو ما هو؟ قال: الإزار. قيل: الخامسة؟ قال: الخرقة الذي تشد على فخذيها. "مسائل أبي داود" (1002) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل، وقيل له: قميص المرأة؟ قال: يخيط. قيل: يكف ويزرر؟ قال: نعم، ولا يزرر عليها. "مسائل أبي داود" (1003) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن المرأة تكفن في الخز؟ قال: لا يعجبني أن تكفن في شيء من الحرير. "مسائل أبي داود" (1004) قال ابن هانئ: وسئل عن الميت يكفن في قميص له أزرار؟ ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

قال: أما ابن سيرين، فكان يستحب أن يكون له أزرار وكمان ولا تشد أزراره ولا تُدخل يداه في كميه. وأنا أرى: أن يكفن في ثلاثة أثواب، يدرج فيها إدراجًا. "مسائل ابن هانئ" (921) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن امرأة ماتت ولها أقل من تسمع، في كم تكفن؟ قال: أذهب إلى قصة عائشة أن النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بنى بها وهي ابنة تسع (¬1). قال أبو عبد اللَّه: إذا بلغت تسع سنين تكفن في خمسة أثواب، وإذا ماتت في أقل من تسع تكفن في ثلاثة أثواب. "مسائل ابن هانئ" (922) قال ابن هانئ: سألته: في كم تكفن المرأة؟ قال: في خمسة أثواب. قلت: فثمن الكفن؟ قال: من مالها. قلت: فإن لم يكن لها مال؟ قال: من ربعها، أو من ثمنها. "مسائل ابن هانئ" (926) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في حديث النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه ألقى إليهم حقوه. قال: "أشعرنها" (¬2). قال: الإشعار على الجلد. "مسائل عبد اللَّه" (496) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 280. (¬2) سبق تخريجه.

678 - تطييب الميت بالمسك وغير ذلك

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الخرقة الخامسة أين تشد من المرأة؟ قال: تشد به فخذها. "مسائل عبد اللَّه" (507) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: ويكفن في ثلاثة أثواب، يدرج إدراجًا. فإن لم يكن له ثلاث؟ قال: يكفن فيما يقدر به عليه. "مسائل عبد اللَّه" (508) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي فقلت: المرأة تكفن في خمسة أثواب خرقة تشد بها فخذها، وإزار فوق ذلك، وقميص، ولفافة، وخمار. "مسائل عبد اللَّه" (509) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه: في كم تكفن الجارية إذا لم تبلغ؟ قال: في لفافتين وقميص لا خمار فيه. "المغني" 3/ 392، معونة أولي النهى" 3/ 53 678 - تطييب الميت بالمسك وغير ذلك قال إسحاق بن منصور: قلت: يُطيب الميت بالمسك؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (787) قال أبو داود: سألت أحمد بن حنبل عن الحنوط يتبع به مساجد الميت؟ فاختار المساجد والمغابن، وقال مرة: كان ابن عمر يذهب إلى المغابن وكل ما يتثنى. "مسائل أبي داود" (955)

قال أبو داود: قلت لأحمد: الميت يدخل الكافور في عينه؟ قال: ما سمعنا إلا في المغابن والمساجد. وقلت لأحمد بن حنبل: حديث طلحة: رأيت الكافور في عينه؟ قال: هذا حديث يرويه علي بن زيد. "مسائل أبي داود" (957) قال أبو داود: قلت لأحمد: القتيل يحنط؟ قال: إذا غسل حنط. "مسائل أبي داود" (958) قال أبو داود: حَدَّثنَا أحمد بن محمد بن حنبل، قال: ثنا عبد الرزاق ابن همام، قال: أنبأ معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع قال: كان ابن عمر يتبع مغابن الميت ومراقه بالمسك (¬1). "مسائل أبي داود" (982) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: الميت إذا لم يوجد له الماء ييمم، الوجه، والكفان. قلت: يطيب بالمسك؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (923) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه، أحمد بن محمد بن حنبل: عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، قال: كان ابن عمر يتتبع مغابن الميت ومراقه بالمسك (¬2). "مسائل ابن هانئ" (924) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 414 (6141). (¬2) انظر السابق.

679 - هل يطيب النعش؟

قال ابن هانئ: قال لي أبو عبد اللَّه: إليه أذهب، أحب أن يتبع مغابن الميت ومرافقه بالمسك. "مسائل ابن هانئ" (925) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: يطيب الميت بالمسك، والعنبر؟ فقال: لا بأس به. "مسائل عبد اللَّه" (512) 679 - هل يُطيب النعش؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: تكره الذريرة (¬1) على النعش؟ قال: هذا مكروه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (790) قال أبو داود: وسمعت أحمد بن حنبل سُئِلَ عن المسك للميت؟ قال: يكون في مساجده. قيل له: على النعش؟ قال: لا، ذاك رياء، تذهب به الريح. قلت: وعلى اللفافة؟ قال: ما ظهر منه فلا. "مسائل أبي داود" (956) ¬

_ (¬1) هي الطيب المسحوق.

أحكام متعلقة بالغسل والتكفين

أحكام متعلقة بالغسل والتكفين 680 - هل ينجس الآدمي بالموت؟ نقل عنه أبو الحارث: الآدمي إذا مات في الماء فهو نجس، ينزح. وسأله المروذي عن الماء الذي ينتضح من غسل الميت فيصيب الثوب أو الخف ترى أن يغسل؟ قال: نعم؛ لأنه حيوان لا يؤكل لحمه بعد الموت؛ فحكم بنجاسته كسائر الحيوانات غير السمك والجراد. وقال جعفر بن محمد: قلت: الميت يغسل في البيت فيدخل الماء في الخفيرة، ينجس البيت؟ قال: لا، ولكن يرش عليه. "الروايتين والوجهين" 1/ 202 681 - هل يشترط طهارة الماء الذي يُغسل به الميت؟ قال أبو داود: قلت لأحمد فيمن يقول: الغسلة الآخرة من غسل الميت بماء النهر، فإنه ربما يكون قد وقع في البئر فأرة؟ قال: نعم، إنه ربما أصابهم ذلك؛ فإذا كان ماء النهر لم يكن فيه شيء، ولكن النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- غُسلَ من ماء البئر. "مسائل أبي داود" (934)

682 - هل يسخن الماء، لغسل الميت؟

682 - هل يسخن الماء، لغسل الميت؟ قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سُئِلَ يسخن الماء لغسل الميت؟ قال: نعم. يعني: إن أرادوا ذلك. "مسائل أبي داود" (933) قال أبو داود: حَدَّثَنَا أحمد بن حنبل، قال: ثنا يحيى عن سفيان، عن يزيد ابن أبي زياد، أن عبد اللَّه بن الحارث كان يغسل الميت بالحميم (¬1). "مسائل أبي داود" (973) 683 - هل يُغسل الميت في الحمام؟ نقل عنه مهنا: لا بأس بغسله في الحمام. "الفروع" 2/ 206، "الإنصاف" 6/ 78، "معونة أولي النهى" 3/ 39 684 - إذا تعذر استعمال الماء ييمم الميت؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: كيف يُيمم الميت إذا لم يوجد له ماء؟ قال: الوجه والكفين. قال إسحاق: كذا، وهو كحكم الأحياء. "مسائل الكوسج" (786) قال الفضل بن زياد: سألته عن قوم مات فيهم ميت وليس عندهم ماء. فقال: ييمم. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" 2/ 453 (10943) من طريق يحيى بن سعيد، به.

685 - ما ينزع عن الشهيد، والقتيل؟

قلت: فإنهم يمّموه وصلوا عليه وأصابوا الماء. قال: لا أدري ما هذا لم أسمع فيه شيء. "بدائع الفوائد" 4/ 59 685 - ما ينزع عن الشهيد، والقتيل؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: ما يُنزع عن القتيل؟ قال: ينزع الجلد والحديد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (815) قال ابن هانئ: وقيل له: ما يُنزع عن القتيل؟ قال: يُنزع الجلد والحديد. "مسائل ابن هانئ" (966) 686 - إذا سقط من الميت شيء أثناء غسله قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا سقط من شعره أيدُفن معه؟ قال: يُعاد عليه الغسل ويُدفن معه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (798) 687 - الرجل يتخذ كفنه ليصلي فيه أو يحج قال أبو داود: قلت لأحمد: يتخذ الرجل كفنه ويصلي فيه أيامًا،

688 - الكفن يشق لكي لا يسلب

أو قلت: يحرم فيه، ثُمَّ يغسله ويضعه لكفنه؟ فرآه حسنًا. "مسائل أبي داود" (953) قال أبو داود: وسمعته قال في الرجل يتخذ الكفن فيلبسه في الموقف، ثُمَّ يضعه لكفنه؟ قال: يعجبني أن يكون جديدًا أو غسيلًا، وكره أن يلبسه حتَّى يدنسه. "مسائل أبي داود" (954) 688 - الكفن يُشق لكي لا يُسلب قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سُئِلَ عن الكفن يشق لكيلا يُسلب؟ قال: هذا مكروه. "مسائل أبي داود" (952) 689 - الكفن يجعل فيه السعف والجريد قال إسحاق بن منصور: قلت: سُئِلَ -يعني: سفيان- يجعل في الكفن سعفة؟ فكرهه. قال أحمد: ما أدري ما هذا. قال إسحاق: لا أعلم أحدًا من أهل العلم فعله، ولكن يجعل في القبر. "مسائل الكوسج" (3286)

690 - تغطية الجنازة بالثوب الأحمر

690 - تغطية الجنازة بالثوب الأحمر قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: الثوب الأحر تغطى به الجنازة؟ فكرهه. قلت: ترى أن أجذبه؟ قال: نعم. حدثنا حرب بن ميمون الأنصاري قال: رأينا محمد بن سيرين يغسل النصر بن أنس -والحسن شاهد- قال حرب: وأنا أعاطيهم، فقال حرب: فقال لي محمد: جئنا بنمط، فجئته بنمط أحمر. قال محمد: هذا زينة قارون. فقال له الحسن: نعم. فقال له محمد: جئني بغيره، فأتيته بنمط أخضر، فلفه فيه. "الورع" (575 - 576)

أبواب صلاة الجنازة

أبواب صلاة الجنازة صفة صلاة الجنازة 691 - التكبير ورفع اليدين في الجنازة قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا كبر الإمام خمسًا أو ثلاثًا على الجنازة؟ قال: أما في الخمسة فنتبعه. قلت: إذا كبر ثلاثًا؟ قال: أما الثلاث فما يُعجبني. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (189) قال إسحاق بن منصور: قلت: كم التكبير على الميت؟ قال: أربع عندي أثبت. قال إسحاق: كما قال. وكذلك لو كبر ستًا أو سبعًا، فلا يُزاد على سبع ولا يُنقص من أربع. "مسائل الكوسج" (388)، (390) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: [. .] لا، التكبير على الجنازة من أربع، ولا يزاد على سبع. "مسائل الكوسج" (442) قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا سفيان قال: ثنا ابن الأصبهاني عن ابن معقل أن عليًّا صلى على سهل بن حنيف فكبر عليه

ستًّا وقال: إنه بدري (¬1). "مسائل أبي داود" (1017) قال أبو داود: حدثنا أحمد قال: ثنا معتمر قال: سمعت إسماعيل هو ابن أبي خالد، قال: سمعت موسى بن عبد اللَّه -هو: ابن يزيد الخطمي الأنصاري- قال: أخبرت أن عليًا صلى على أبي قتادة فكبر عليه سبعًا (¬2). "مسائل أبي داود" (1018) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئلَ إذا كبر على الجنازة ست؟ قال: يكبر ما كبر -يعني: ما رُوي فيه من الحديث أنه كبر- قال: وإذا زاد على سبع ينبغي أن يُسبح له. "مسائل أبي داود" (1019) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن إمام كبر خمسًا فسلم بعض الناس في الرابعة؟ فأنكره وقال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما الإمام ليؤتم به" (¬3)؛ فقال ابن مسعود: كبروا ما كبر إمامكم (¬4). "مسائل أبي داود" (1020) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 480، 481 (6399)، (6403)، وابن أبي شيبة 2/ 497 (11465)، (11466)، والطبراني 6/ 72 (5548)، والحاكم 3/ 409، والبيهقي 4/ 36 كلهم من طريق عبد اللَّه بن معقل، به، وقال الهيثمي في "المجمع" 3/ 34: رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله رجال الصحيح. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 497 (11459)، وابن المنذر في "الأوسط" 5/ 434، والبيهقي 4/ 36 كلهم من طريق إسماعيل بن أبي خالد، به. (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 311، والبخاري (722)، ومسلم (414) من حديث أبي هريرة. (¬4) رواه عبد الرزاق 3/ 481 - 482 (6403) وابن أبي شيبة 2/ 496 (11450)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 497 (2854)، والطبراني في "الأوسط" 4/ 217 (4019) وقال الهيثمي في "المجمع" 3/ 34: رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عطاء بن السائب وفيه كلام وهو حسن الحديث.

قال أبو داود: ورأيت أحمد يرفع يديه مع كل تكبيرة على الجنازة إلى حذاء أذنيه. "مسائل أبي داود" (1021) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن الصلاة على الجنازة كم يكبر؟ فقال: قال ابن مسعود: كبر ما كبر إمامك (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (516) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصلاة على الجنازة، قلت لأبي: يرفع يديه مع كل تكبيرة؟ قال: نعم. روي ذلك عن ابن عمر (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (518) قال البغوي: وسأل رجل أحمد وأنا أسمع: كم أكبر على الجنازة؟ قال: أربع وسلم تسليمة. "مسائل البغوي" (60) قال أبو القاسم: وأنا رأيت أحمد يكبر على الجنازة أربعًا ويسلم تسليمة عن يمينه ودخل المقبرة وأخذ نعله بيده بيمينه. "مسائل البغوي" (61) وقال الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل: فإن كبر الإمام خمسًا أكبر معه؟ قال: نعم، قال ابن مسعود: كبر ما كبر إمامك (¬3). ¬

_ (¬1) انظر السابق. (¬2) علقه البخاري قبل حديث (1322)، ورواه عبد الرزاق 3/ 470 (6360)، وابن أبي شيبة 2/ 490 (11380)، وابن المنذر في "الأوسط" 5/ 426، والبيهقي 4/ 44 وصحح إسناده الحافظ في "التلخيص" 2/ 146، وانظر: "أحكام الجنائز" ص 148. (¬3) سبق تخريجه.

قيل لأبي عبد اللَّه: أفلا ننصرف إذا كبر الخامسة؟ فقال: سبحان اللَّه! النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كبر خمسًا. رواه زيد بن أرقم (¬1)، قال: ما أعجب الكوفيين! سفيان رحمنا اللَّه وإياه يقول: ينصرف إذا كبر الخامسة، وابن مسعود يقول: ما كبر إمامكم فكبروا. وقال أبو عبد اللَّه: الذي نختاره يكبر أربعًا، فإن كبر الإمام خمسًا كبرنا معه، لما رواه زيد بن أرقم، ولقول ابن مسعود قيل له: فإن كبر ستًّا، أو سبعًا، أو ثمانية، قال: أما هذا فلا. "التمهيد" 6/ 230 قال عمرو بن حفص السدوسي: رأيته -الإمام أحمد- يكبرِّ على الجنازة أربعًا. "الطبقات" 2/ 107 روى حرب عنه: إذا كبر خمسًا، لا يكبر معه، ولا يُسلِّم إلا مع الإمام. قال الخلال: وكل من روى عن أبي عبد اللَّه يخالفه. "المغني" 3/ 447 قال حرب: سئل الإمام أحمد عن حديث أبي المليح، عن ميمون، عن ابن عباس فذكر الحديث (¬2). فقال أحمد: هذا كذب ليس له أصل، إنما رواه محمد بن زياد الطحان وكان يضع الحديث. "زاد المعاد" 1/ 508 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 367 مسلم (957) كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على القبر. (¬2) رواه ابن حبان في "المجروحين" 2/ 298 من طريق محمد بن معاوية، عن أبي المليح، به: أن آخر جنازة صلى عليها رسول اللَّه كبر عليها أربعًا.

692 - الدعاء بعد التكبيرة الرابعة في صلاة الجنازة

قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه قال: رأيت أحاديثه موضوعة -محمد ابن معاوية النيسابوري- فذكر منها عن أبي المليح، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس: "أن الملائكة لما صلت على آدم، كبرت عليه أربعًا" (¬1)، واستعظمه أبو عبد اللَّه، وقال: أبو المليح كان أصح حديثًا وأتقى للَّه من أن يروي مثل هذا. "زاد المعاد" 1/ 508 قال الخلال: ثبت القول عن أبي عبد اللَّه أنه يكبر مع الإمام سبع ثم لا يزاد عليه. "معونة أولي النهى" 3/ 70 692 - الدعاء بعد التكبيرة الرابعة في صلاة الجنازة قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: يعجبني أن يقف وقفة بعد الأربعة، يعني التكبير على الجنازة. "مسائل الكوسج" (450) قال صالح: قلت: الرجل إذا صلى على الجنازة فكبر الرابعة؟ قال: أعجب إلي أن يقف بعد الرابعة قليلًا، ثُمَّ يسلم. قلت: فيقول شيئًا؟ قال: لا. "مسائل الكوسج" (111) ¬

_ (¬1) رواه ابن عدي في "الكامل" 7/ 297، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 96. من طريق محمد بن زياد، عن ميمون، به. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (2872).

693 - إذا كبروا على جنازة فجيء بأخرى

قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن الرجل إذا صلى على الجنازة، فكبر الرابعة. قال: أعجب إلي أن يقف بعد الرابعة قليلًا، ثُمَّ يسلم. قال عبد اللَّه: رأيت أبي صلى على جنازة، كل ذلك كان يكبر أربع تكبيرات ثُمَّ يقف بعد الرابعة قليلًا، لم أره قط كبرَّ أكثر من أربع تكبيرات. "مسائل عبد اللَّه" (517) نقل حرب عنه: إذا كبر الرابعة وقف قليلًا ثم يسلم ولا يقول شيئًا. "الروايتين والوجهين" 1/ 210 693 - إذا كبروا على جنازة فجيء بأخرى قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يكبر على الجنازة، فيجيئون بجنازة أخرى؟ قال: يكبر إلى سبع، ثُمَّ يقطع، ولا يزيد على سبع. "مسائل ابن هانئ" (937) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: جيء بجنازة فكبر عليها رجل تكبيرة، ثُمَّ جيء بأخرى فكبر تكبيرة، ثُمَّ أتي بأخرى فكبر تكبيرة، ثُمَّ أتي بأخرى؟ قال: يُكبر أربع، فذلك تسع (¬1) لا يزيد على ذلك حتَّى يرفع هذِه الأربع -يعني الجنائز- ثُمَّ يستأنف التكبير، إن جاءوا بجنازة أخرى. "مسائل عبد اللَّه" (514) ¬

_ (¬1) كذا بالأصل، ولعلها سبع.

694 - هل يستفتح في صلاة الجنازة؟

قال عبد اللَّه: قال أبي: صلى علي -رضي اللَّه عنه- على جنازة أبي قتادة، فكبر عليها سبعًا (¬1)، وهو أكثر ما جاء فيه من التكبير على الجنازة، فلا يزاد على السبع، وذلك إذا جيء بواحدة بعد أخرى، كان يكبر على الأخرى، فهن ثلاثة على الأولى. "مسائل عبد اللَّه" (515) 694 - هل يستفتح في صلاة الجنازة؟ قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سُئِلَ عن الرجل: أيستفتح الصلاة على الجنازة: سبحانك اللهم وبحمدك؟ قال: ما سمعت. "مسائل أبي داود" (1022) قال ابن هانئ: وسئل: هل على الجنازة افتتاح الصلاة؟ قال: ما سمعت أن عليها افتتاحًا. "مسائل ابن هانئ" (935) نقل أحمد بن الحسين بن حسان عنه: يستفتح، ويستعيذ. ونقل أحمد بن علي الوراق وأحمد بن واصل، وقد سئل هل يقول سبحانك اللهم وبحمدك؟ فقال: ما سمعت أن أحدًا قال هذا؛ لأن هذِه الصلاة مبناها على التخفيف ألا ترى أنه يسقط فيها قراءة السورة بعد الفاتحة والتشهد. "الروايتين والوجهين" 1/ 209 ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

695 - موضع اليدين في الصلاة

695 - موضع اليدين في الصلاة نقل الفضل بن زياد عنه: أنه أرسلها. "الفروع" 2/ 238 696 - القراءة والدعاء في صلاة الجنازة قال إسحاق بن منصور: قلت: الدعاء للميت في الصلاة عليه؟ قال: يقرأ فاتحة الكتاب، ثُمَّ يُصلي على النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثُمَّ يدعو للمؤمنين، ثُمَّ يدعو للميت. قال إسحاق: كما قال إلا أن في الرابعة يقف قدر التشهد يستغفر أو يتشهد، كل قد فُعل. "مسائل الكوسج" (812) قال أبو داود: سألت أحمد عن الدعاء على الميت، قلت: في الأولى بفاتحة الكتاب؟ قال: نعم. قلت: في الثانية ماذا؟ قال: يصلي على النَّبيّ عليه السلام. قلت: في الثالثة الدعاء للميت؟ قال: نعم. قلت: الرابعة أسلم، أو أدعو ثُمَّ أسلم؟ قال: تدعو ثُمَّ تسلم. "مسائل أبي داود" (1024) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الصلاة على الجنازة؟

قال: يقرأ في أول تكبيرة الحمد، ثُمَّ الثانية الصلاة على النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثُمَّ الثالثة الدعاء للميت وللمؤمنين والمؤمنات، ويشير بالسبابة، ثُمَّ الرابعة يسلم، وفي كل ذلك يرفع يديه مع كل تكبيرة، ويسلم واحدة عن يمينه. "مسائل ابن هانئ" (931) قال ابن هانئ: قال إسحاق: صليت إلى جنب أبي عبد اللَّه على جنازة، فلما كبر الإمام أول تكبيرة قرأ بالحمد، ثُمَّ كبر الثانية، فصلى على النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثُمَّ كبر الثالثة ودعا للميت والمؤمنين والمؤمنات، ثمَّ كبر الرابعة فلم يقل شيئًا حتَّى سلم واحدة عن يمينه، أسمع من يليه، ثُمَّ خلع نعليه وهو قائم في المسجد، فجعلهما في يده ومشى في المقابر، ولم يتقدم إلى القبر، ولم يطرح عليه ترابًا، وما قعد حتَّى وضعت الجنازة على شفير القبر. "مسائل ابن هانئ" (932) قال عبد اللَّه: أخبرني أبي عن الصلاة على الميت، قال: يرفع يديه، ثُمَّ يكبر، ثُمَّ يقرأ فاتحة الكتاب، ثُمَّ يكبر ويرفع يديه ويصلي على النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ويصلي على الملائكة المقربين، ثُمَّ يرفع يديه ويكبر، ويدعو للميت: اللهم اغفر لحينا وميتنا، ثُمَّ يرفع يديه فيكبر ويخلص الدعاء للميت، ثُمَّ يقف قليلًا ثُمَّ يعد إلى الرابعة، ثُمَّ يسلم، أو كما قال أبي. "مسائل عبد اللَّه" (513). قال أبو جعفر محمد بن علي الوراق: لت لأبي عبد اللَّه: يقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب؟ قال: نعم. "الطبقات" 2/ 337

697 - التسليم على الجنازة

نقل حنبل وغيره عنه: ويشير بإصبعه في الدعاء. ونقل الأثرم وغيره: لا بأس. "الفروع" 2/ 239 "الإنصاف" 6/ 154 697 - التسليم على الجنازة قال إسحاق بن منصور: قيل: كم يسلم على الجنازة؟ قال: تسليمة. "مسائل الكوسج" (449) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن التسليم على الجنازة؟ فقال: هكذا، ولوى عنقه عن يمينه، وقال: السلام عليكم ورحمة اللَّه. "مسائل أبي داود" (1025) قال أبو داود: حَدَّثَنَا أحمد قال: ثنا وكيع، عن أبيه، وثنا أحمد قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن الجراح بن مليح، عن عطاء بن السائب، قال: رأيت ابن أبي أوفى صلى على جنازة فسلم تسليمة واحدة (¬1). "مسائل أبي داود" (1031) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: نرى أن يسلم على الجنازة تسليمة واحدة. "مسائل ابن هانئ" (933) قال عبد اللَّه: رأيت أبي صلى على جنازة، فكبر عليها أربع تكبيرات، ثُمَّ وقف قليلًا، ثُمَّ سلم تسليمة واحدة عن يمينه. ¬

_ (¬1) رواه ابن المنذر في "الأوسط" 5/ 446 من طريق وكيع بن الجراح، عن أبيه، به.

698 - حال المسبوق في الجنازة

فقلت له: سلمت عليها تسليمة واحدة؟ فقال: ابن عباس وابن عمر كذا كانا يقولان، أو يسلمان. "مسائل عبد اللَّه" (522) روى عنه علي بن سعيد أنه قال: إذا قال: السلام عليكم، أجزأه. "المغني" 3/ 419 قال أحمد بن القاسم: قيل لأبي عبد اللَّه: أتعرف عن أحد من الصحابة أنه كان يُسلم على الجنازة تسليمتين؟ قال: لا، ولكن عن ستة من الصحابة أنهم كانوا يُسلمون تسليمةً واحدة خفيفة عن يمينه، فذكر ابن عمر، وابن عباس، وأبا هريرة، وواثلة بن الأسقع، وابن أبي أوفى، وزيد بن ثابت. "الفروع" 2/ 240 - 241، "زاد المعاد" 1/ 510 روى الأثرم عن أحمد قال: هذا الحديث -أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى على جنازة فكبر أربعًا، وسلم تسليمة واحدة (¬1) - عندي موضوع. "زاد المعاد" 1/ 509 698 - حال المسبوق في الجنازة قال إسحاق بن منصور: قلت: فات الرجل شيء من التكبير على الجنازة؟ قال: إن قضاها فليس به بأس وإن لم يقضها فليس عليه، يروى عن ابن ¬

_ (¬1) رواه الدارقطني 2/ 72، والحاكم 1/ 360، والبيهقي 4/ 43 من حديث أبي هريرة وحسنه الألباني في "أحكام الجنائز" ص 163.

عمر -رضي اللَّه عنه- أنه قال: لا يقضيه (¬1). من حديث العمري. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (392)، (829) قال صالح: وسألته عن الرجل يفوته التكبير على الجنازة، أيقضيه؟ قال: نعم. "مسائل صالح" (394) إذا سُبق بالتكبير على الجنازة يبادر، يكبر قبل أن ترتفع. "مسائل صالح" (1057) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يسبق على الجنازة، ببعض التكبير؟ فقال: كان ابن عباس يقول: إن لم يقض لا بأس به. قلت لأبي: وتروي أنت ذلك؟ قال: نعم. وقال أبي: إن بادر فقضى التكبير قبل أن يرفع، فلا بأس. قلت لأبي: فإن لم يقض تكون صلاته تامة؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (519) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في الرجل يفوته التكبير على جنازة، أيقضيه؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (520) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 498 (11480) عن نافع عن ابن عمر أنه لم يكن يقضي ما فاته من التكبير على الجنازة.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يسبق بالتكبير على الجنازة. فقال: يوالي عن التكبير، أو قال: يبادر فيكبر قبل أن ترفع. "مسائل عبد اللَّه" (528) نقل بكر بن محمد عن أبيه عنه قال: إنه ينتظر حتى يكبر الإمام ولا يكبر. ونقل الأثرم عنه، وقد سئل هل يدخل بتكبير أم يقف حتى يكبر الإمام؟ فسهَّل فيهما جميعًا. "الروايتين والوجهين" 1/ 211

أحكام متعلقة بصلاة الجنازة

أحكام متعلقة بصلاة الجنازة 699 - هل يشترط الطهارة لصلاة الجنازة؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: من فجأته جنازة وهو على غير وضوء؟ قال: أعجب إلي أن يتوضأ؛ لأن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: لا يصلي عليها إلا طاهر (¬1). "مسائل الكوسج" (802) قال إسحاق بن منصور: أخبرنا ابن شميل، قال: أبنا الأشعث، عن الحسن في الرجل تدركه الجنازة وليس [. . .] (¬2) قال: يطلب الماء فإن لم يجد لم يصل عليها (¬3). قال إسحاق: يتيمم إذا لم يمكنه الوضوء؛ ليدرك التكبيرة الأولى. "مسائل الكوسج" (803) قال صالح: وسألته عن الرجل يحضر الجنازة وهو غير متوضئ، أيتيمم ويصلى؟ قال: اختلف الناس في هذا اختلافًا كثيرًا، وذكر عن ابن عمر: أنه كان لا يصلي على الجنازة إلا وهو متوضئ (¬4). "مسائل صالح" (401) ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" 1/ 383 (969). (¬2) كذا بالأصل فيها نقص، ولعله: وليس على وضوء. (¬3) علقه البخاري قبل حديث (1322) قال: يطلب الماء ولا يتيمم، ورواه ابن أبي شيبة 2/ 498 (11475) من طريق أشعث عن الحسن قال: لا يتيمم ولا يصلي إلا على طهر. (¬4) علقه البخاري قبل حديث (1322) وقد تقدم تخريجه من قوله -رضي اللَّه عنه-.

700 - الصلاة على الجنازة جماعة وفرادى

700 - الصلاة على الجنازة جماعة وفرادى قال إسحاق بن منصور: قلت: كيف يصلي على القبر؟ قال: جماعة. "مسائل الكوسج" (448) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا من أدرك الجنازة وقد صُلي عليها، أيُصلي عليها جماعة أم على الانفراد؛ فإن النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قد صَحَّ عنه من أوجه كثيرة أنه صلى بأصحابه على الميت بعد ما دُفن بالمدينة بعد ليلة وليلتين وأيام [. . .] (¬1) (¬2) عن سعد بن عُبادة -رضي اللَّه عنه- أنه كان غائبًا فقدم المدينة فسأل النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك وقد أتى على ذلك شهر: أفأصلي عليها؟ قال: "نعم" (¬3). وقد صح في الحضر أنه يصلى على من تجب الصلاة عليه من أهل العلم والقرابات أو ما أشبه ذلك إلى ثلاثة أيام، فإن كان غائبًا فقدم، فإلى شهر، فهذا الذي يُعتمد عليه، وما كان بعد الوقت للغائب أو لأهل الحضر فصلوا لم نعب، وكذلك إذا أدرك الجنازة وقد صُلي عليها فله أن يصلي مع أصحابه قبل أن تدفن، أمر بذلك علي بن أبي طالب وابن مسعود قرظة بن كعب وأصحابه (¬4). "مسائل الكوسج" (845) ¬

_ (¬1) موضع كلمة تُقرأ (قد). (¬2) وردت الأحاديث بذلك عند: الإمام أحمد 2/ 353، البخاري (458) من حديث أبي هريرة، والإمام أحمد 4/ 388، والنسائي 4/ 72 من حديث يزيد بن ثابت، وابن ماجه (1527 - 1530) من حديث أبي هريرة وابن عباس. (¬3) سيأتي في "مسائل الكوسج" (451) عن سعيد بن المسيب مرسلًا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى على أم سعد بعد شهر. (¬4) رواه ابن أبي شيبة 3/ 44 (11936)، والبيهقي 4/ 44 - 45.

701 - من يصلي عليه الإمام ومن لا يصلي عليه

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الجنازة كم يصلى عليها؟ قال: يصلى عليها ثلاثة أفواج، كلما جاء فوج صلوا عليها. "مسائل ابن هانئ" (940) 701 - من يصلي عليه الإمام ومن لا يصلي عليه قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمد: أيُصلى على البدن وإن لم يكن عليه رأس؟ قال: نعم حتَّى ذكر أن بعضهم صلى على رِجْلٍ. "مسائل الكوسج" (446) قال إسحاق بن منصور: قلت: وهل يُصلى على الشهيد؟ قال: لم لا يصلى عليه! فلا بأس به، أهل المدينة لا يرون الصلاة عليه. قال إسحاق: لابد من الصلاة على الشهداء، صُلي على النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، وهو أعظم الشهداء. "مسائل الكوسج" (814) قال إسحاق بن منصور: قلت: متى يُصلى على المولود؟ قال: إذا علم أنه ولد يغسل ويصلى عليه. قال إسحاق: كلُّ ما نُفخ فيه الروح صلي عليه. "مسائل الكوسج" (821) قال إسحاق بن منصور: قلت: الصلاة على ولد الزنا والذي يُقاد منه حد؟ ¬

_ (¬1) جاء ذلك في حديث مرض النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ووفاته عند عائشة رواه أبو يعلى (4962) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-.

قال: كل هذا يُصلى عليه إلا أن الإمام لا يصلي على قاتل نفسٍ ولا على غال. قال إسحاق: يُصلى على كلٍّ. "مسائل الكوسج" (822) قال إسحاق بن منصور: قلت: وإذا وُجد القتيل صُلي عليه وعقل، وإذا وجد رأس أو رِجْل لم يُصل عليه ولم يعقل؟ قال أحمد: لا يُصلى على الجوارح. قال إسحاق: كلما وُجد منه يد أو رجل أو رأس صُلي عليه. ومنهم من قال: لا يصلى على البدن. قال أحمد: أما القتيل يصلى عليه، إلا أن يدعي أولياؤه على قوم فتكون قسامة. قال إسحاق: يُصلى عليه على كل حال. "مسائل الكوسج" (3249) قال صالح: سألت أبي: على من لا يصلي الإمام؟ قال: على قاتل نفسه، وعلى الغال. "مسائل صالح" (267)، ورواها ابن هانئ عنه برقم (952) قال صالح: وقال: السقط يصلى عليه إذا تمَّ خلقُه. سعيد بن المسيب قال: قال أبو بكر: أحق من صلينا عليه أطفالنا (¬1)، والصلاة لا تضر. والمغيرة بن شعبة يرفعه إلى النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يُصلى عليه" (¬2). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 10 (11585). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 247، وأبو داود (3180)، والترمذي (1031)، والنسائي 4/ 55 - 56 وقال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (823).

إذا تم خلقه: عتقت به الأمة -يعني: أم الولد- إذا تبين يد أو رجل، وانقضت به العدة، ويصلى ويغسل، كان محمد بن سيرين يرى أن يسميه (¬1). "مسائل صالح" (1263) قال أبو داود: قلت لأحمد بن حنبل: يصلى على الرءوس -أعني بغير أجساد؟ قال: صلى أبو عبيدة -يعني: ابن الجراح- على رءوسٍ (¬2). "مسائل أبي داود" (1040) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن السقط يصلى عليه؟ قال: إذا بلغ أربعة أشهر يغسل ويصلى عليه؛ لأنه ينفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر. "مسائل أبي داود" (1044) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: الغال والقاتل نفسه لا يصلي عليهما الإمام ويصلي عليهم الناس. قلت لأحمد: من سواهما يُصلَّى عليه؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1045) قال ابن هانئ: وسئل عن امرأة حامل، وضعت ميتًا لسبعة أشهر أو أكثر، ما يُصنع به؟ قال أبو عبد اللَّه: يسمى باسم، ويغسل ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن في المقابر. "مسائل ابن هانئ" (938) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 10 (11588). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 40 (11899)، وابن المنذر في "الأوسط" 5/ 410، والبيهقي 4/ 18.

قال ابن هانئ: وسئل عن الصلاة على الزاني والزانية؟ قال: يصلى عليهما. "مسائل ابن هانئ" (951) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن امرأة وضعت صبيًا ميتًا لأربعة أشهر فما دون كيف يصنع به؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا بلغ الصبي أربعة أشهر، يصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، وذلك لحديث ابن مسعود: "إن أحدكم ينفخ فيه الروح. . " فذكر الحديث (¬1). "مسائل ابن هانئ" (962) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن السقط أيصلى عليه؟ قال: إذا نفخ فيه الروح صُلي عليه. "مسائل ابن هانئ" (963) قال ابن هانئ: قلت له: إلى متى ينفخ فيه؟ قال: إذا تمت له أربعة أشهر نفخ فيه الروح لحديث عبد اللَّه: "إنَّ أحدَكم يمكث في بطنِ أُمه أربعين صباحًا، ثُمَّ يَكون نطفة، ثُمَّ يكون علقة" (¬2) فذكر الحديث يصلى عليه ويدفن في المقابر. "مسائل ابن هانئ" (964) قال عبد اللَّه: سألت أبي قلت: يُصلى على الشهيد؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (964) ¬

_ (¬1) يعني حديث "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا. . . " وسيأتي تخريجه. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 382، البخاري (3208)، ومسلم (2643).

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصلاة على رأس أحمد بن نصر الخزاعي (¬1)؟ فقال: لا بأس بذلك. قلت لأبي: رأيت رجلًا جاء إلى خشبة أحمد بن نصر الخزاعي، ورأسه منصوب فيصلي على رأسه، فلم ينكر ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (524) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل خرج من قرية إلى قرية، فأكلته السباع فوجد وقد قطع: رجل في موضع، وفخذه في موضع، وقد تقطع؟ قال: يحمل ويغسل، ويحنط، ويكفن، ويصلى عليه. قلت لأبي: فيترك ولا يغسل ولا يصلى عليه؟ فقال: لابد من أن يغسل، ويصلى عليه. قال عبد اللَّه سمعت أبي يقول: يقال: إن أبا أيوب صلى على رجلٍ (¬2)، وصلى أبو عبيدة على رؤوس، وأسماء غسلت ابن الزبير. "مسائل عبد اللَّه" (525) قال عبد اللَّه: قلت: الميت إذا أصيبت منه عضو. أو رأس، أو يد، أو رجل، أو نصفه. قال: يغسل ويكفن ويحنط ويصلى عليه، فلا بأس بذلك. صلى ¬

_ (¬1) هو الإمام الشهيد، كتب عن مالك وجماعة، وحمل عن هشيم مصنفاته، قتله الواثق بيده لامتناعه من القول بخلق القرآن، ولكونه أغلظ للواثق في الخطاب، وكان رأسًا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. انظر: "الجرح والتعديل" 2/ 79، "تاريخ بغداد" 5/ 173، "شذرات الذهب" 2/ 69. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 40 (11901).

أبو أيوب على رِجْلٍ، ويقال: إن عمر في طاعون عمواس كان يجمع العظام ويصلي عليها (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (526) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن المولود متى يُصلى عليه؟ قال: إذا كان السقط لأربعة أشهر صُلِّى عليه. قيل: يصلى عليه وإن لم يستهل؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (529) قال الميموني: لا يصلي على الغال والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يصل على الغال. "تهذيب الأجوبة" (338 - 339) نقل المروذي عنه في الصلاة على شهيد المعركة أنه قال: الصلاة أجود، وإن لم يُصل عليه أجزأ. ونقل عنه جعفر بن محمد: إن صلى عليه فلا بأس. "الانتصار" 2/ 626 قال ابن أبي الدنيا: سألت أحمد بن حنبل: متى يُصلَّى على السقط؟ فقال: إذا كان أربعة أشهر صلي عليه، وسمِّي. "الطبقات" 2/ 38 قال الميموني: قلت لأحمد: من قتل نفسه ظلمًا يصلِّي عليه الإمام؟ قال: لا يُصلي الإمام على من قتل نفسه، ولا على من غلَّ. قلت: فالمسلمون؟ قال: يصلون عليهما. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 41 (11902)، وابن المنذر في "الأوسط" 5/ 410 - 411 والآثار عن أبي أيوب، وعمر، وأبي عبيدة ضعفها الألباني في "الإرواء" (715).

قال أحمد بن أبي عبدة: سألت أحمد: متى يجب أن يُصلَّى على السِّقط؟ قال: إذا أتى عليه أربعة أشهر؛ لأنه ينفخ فيه الروح. قلت: فحديث المغيرة بن شعبة: "الطفل يُصلَّى عليه" (¬1)؟ قال: صحيح مرفوع. قلت: ليس في هذا بيان الأربعة أشهر ولا غيرها؟ قال: قد قاله سعيد بن المسيب. "زاد المعاد" 1/ 513 روى حنبل عنه أنه قال: هذا حديث منكر جدًا -حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- مات إبراهيم بن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو ابن ثمانية عشر شهرًا، فلم يُصل عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2) ووهى ابن إسحاق. "زاد المعاد" 1/ 514 نقل حنبل عنه: يصلى على كل مولود يولد على الفطرة. "الفروع" 2/ 211، "الإنصاف" 6/ 111 "المبدع" 2/ 239 نقل الميموني عنه: أنا لا أشهد الجهمية ولا الرافضة، ويشهده من شاء، قد ترك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الصلاة على أقل من ذا: الدَّين، والغلول، وقاتل نفسه. "الفروع" 5/ 52 ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 267، وأبو داود (3187) وحسنه الحافظ في "الإصابة" 1/ 93، والألباني في "أحكام الجنائز" ص 104.

702 - الصلاة على الغائب

702 - الصلاة على الغائب قال أبو الفضل الدوري: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا [هشيم، أخبرنا] (¬1) يونس، عن أبي قلابة، عن أبي المهلَّب، عن عمران بن حصين أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن أخاكم النجاشي قد مات فصلوا عليه"، قال: فقام، فصفنا عليه، وإني في الصف الثاني، فصلَّى عليه (¬2). "الطبقات" 2/ 159 703 - الصلاة على مجهول الحال قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل عن الغريق لا يدرى، أمسلم هو، أو نصراني، أو يهودي أيُصلَّى عليه؟ قال: نعم. ثُمَّ قال: عليه أثر خضاب؟ قلت له: ليس كل من غرق يكون عليه أثر الخضاب؟ فقال: يُصلى عليه ويُتحرى ذلك إلى الصواب. قلت لأبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل: فيدفن مع المسلمين؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (914) قال الخلال: حدثني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أحمد أبو طالب الساساني أنه سأل أبا عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل: عن مسلمين ونصارى غرقوا كيف يصلى عليهم ولا يعرفون؟ ¬

_ (¬1) ساقطة من "الطبقات" ومن "معجم الطبراني" واستدركناها من "المسند". (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 431، ورواه مسلم (953) من طريق أبي قلابة، به.

فقال: لابد من الصلاة عليهم ويتولى ذلك المسلمين. وقال: أخبرنا يوسف بن موسى قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن الغريق لا يدرى أمسلم هو أو غير مسلم، أيصلي عليه؟ قال: نعم -يتحرى الصواب- يصلى عليه. ثم قال أبو عبد اللَّه: ما أحسن الخضاب. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 295 - 296 (615 - 616) قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد قال: حدثنا علي بن سعيد أنه سمع أبا عبد اللَّه وسأله رجل عن الرجل يوجد قتيلًا في أرض العدو قد قطع رأسه، لا يدرى من المسلمين هو أو من العدو؟ قال: يستدل عليه بالختان والثياب. فقال رجل: فإن لم يعرف؟ قال: لا يصلى عليه. قيل: فإن وجد في أرض الإسلام على هذِه الحالة؟ قال: يصلى عليه ويُغسل. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 296 (619) روى عنه مثنى بن جامع في الرجل يوجد ميتًا مخضوبًا أقلف؟ فرأى الصلاة عليه. قلت: فإن وجد ميتًا أقلف؟ فرأى دفنه ولم ير الصلاة عليه. "بدائع الفوائد" 4/ 46

704 - أيصلى على صبي صار في سهام المسلمين؟

704 - أيصلى على صبي صار في سهام المسلمين؟ قال إسحاق بن منصور: قلت لإسحاق: الصبي بين أبويه فيموت، أيُصلى عليه قبل أن يقسم أو بعدما قسم؟ قال: كلما كان بعد القسمة في سهم مسلم فلا شك أنه مسلم، إن مات صُلي عليه، وإن كان أبواه كافرين؛ لأن مصيره في سهام المسلمين صيره من المسلمين، وكذلك قبل القسمة؛ لأنه إذا صار في سهام المسلمين فقد ملكوه، وهم أولى به من الأبوين. "مسائل الكوسج" (3362) 705 - موقف الإمام من الجنازة، والعمل إذا تعددت قال إسحاق بن منصور: قلت: غلام ورجل وحر ومملوك اجتمعوا في جنازة؟ قال: أما الرجل والنساء فالرجل يلي الإمام، والصبي وأمه فالصبي يلي الإمام، والحر والمملوك فالحر يلي الإمام. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (391) قال إسحاق بن منصور: قيل لأحمد: أين يقوم من المرأة والرجل في الصلاة عليه؟ قال: من المرأة وسطها، حديث سمرة، وأنس (¬1) -رضي اللَّه عنهما- والرجل عند صدره. ¬

_ (¬1) حديث سمرة رواه البخاري (1332)، ومسلم (964)، وحديث أنس رواه الإمام =

قال الإمام أحمد: من الناس من ينكر القيام من المرأة وسطها. "مسائل الكوسج" (445) قال إسحاق بن منصور: قلت: الجنائز إذا اجتمعن، رجال ونساء إذا اجتمعن؟ قال: سووا بين رءوسهم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (806) قال أبو داود: حَدَّثنَا أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن جعفر، عن سعيد -يعني: ابن أبي عروبة- عن عمار مولى بني هاشم، أنه شهد سعيد بن العاص صلى على أم كلثوم بنت علي وابنها فجعل ابنها مما يليه، وقدمها مما يلي القبلة، قال: وفي القوم يومئذ زيد بن ثابت وأبو هريرة وابن عمر (¬1). "مسائل أبي داود" (1041) قال أبو داود: حَدَّثنَا أحمد: ثنا وكيع قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عمار مولى بني هاشم قال: شهدت جنازة أم كلثوم بنت علي وزيد بن عمر، فصلى عليهما سعيد بن العاص، وكان أمير المدينة وخلفه يومئذ ثمانون من أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- فمنهم: ابن عمر والحسن والحسين. "مسائل أبي داود" (1042) ¬

_ = أحمد 3/ 118، وأبو داود (3194)، والترمذي (1034) وحسنه، وابن ماجه (1494) وصححه الألباني في "أحكام الجنائز" ص 139. (¬1) رواه أبو داود (3193) من طريق يحيى بن صبيح، والنسائي 4/ 71 من طريق عطاء، كلاهما عن عمار مولى بني هاشم. وصححه النووي في "المجموع" 5/ 183.

قال أبو داود: قلت لأحمد: القتلى يكونون في بلاد الروم لا يمكن دفنهم قلت: يقوم -يعني: الرجل- وسطهم فيصلي عليهم؟ قال: يقوم خلفهم فيجعلهم بينه وبين القبلة، ثُمَّ يصلي عليهم. "مسائل أبي داود" (1043) قال ابن هانئ: وسئل: أين يقام من الرجل إذا أراد أن يُصلي عليه؟ قال: يقام من الرجل حيال صدره، ويقام من المرأة حيال وسطها. "مسائل ابن هانئ" (934) قال ابن هانئ: وسئل عن جنائز الرجال والنساء إذا اجتمعت؟ قال: يجعل الرجل مما يلي الإمام والنساء وراء الرجال مما يلي القبلة. "مسائل ابن هانئ" (942) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا اجتمع جنازة حر وعبد؟ قال: يجعل الحر مما يلي الإمام، والعبد وراءه، وكذلك الرجل والمرأة يجعل الرجل مما يلي الإمام. "مسائل عبد اللَّه" (530) نقل أبو الحارث عنه: إذا اجتمع جنازة صبي ورجل حر ومملوك فالرجل يلي الإمام، والصبي يلي الرجل، والعبد يلي الصبي. ونقل: فإن صلى على حر وعبد يصير أكبرهما مما يلي الإمام. "الروايتين والوجهين" 1/ 209 روى الحسن بن محمد عنه أنه قال في غلام حرٍّ وشيخ عبدٍ: يُقدم الحرُّ إلى الإمام. وقال حنبل: صليت مع أبي عبد اللَّه على جنازة امرأة منفوسة، فصلَّى

706 - أولى الناس بالصلاة على الميت

أبو إسحاق على الأم، واستأمر أبا عبد اللَّه، فقال: أصلي على ابنتها المولودة أيضًا؟ قال أبو عبد اللَّه: لو أنهما وضعا جميعًا كانت صلاتهما واحدة، تصير إذا كانت أنثى عن يمين المرأة، وإذا كان ذكرًا عن يسارها. "البغوى" 3/ 511، 512 نقل الميموني عنه: في رجال ونساء -ولعله أو نساء- يجعلون درجًا، رأس هذا عند رجل هذا، وأن هذا والتسوية بينهم سواء. قال الخلال: على هذا ثبت قوله. "الفروع" 2/ 237، "المبدع" 2/ 250 روى أبو الحارث وأبو طالب وجعفر ومحمد بن القاسم وأبو الصقر وحنبل وحرب وسندي الخواتيمي عنه: أن يقف منفردًا عند صدر الرجل، ووسط المرأة. "معونة أولي النهى" 3/ 58 706 - أولى الناس بالصلاة على الميت قال إسحاق بن منصور: قلت: من أحق بالصلاة على الميت؟ قال: إذا أوصى فهو بيِّن، وإذا لم يوص فلا يُدفع الأولياء، وإذا شهد الأمير فهو أحق به، والأب أحق من الزوج. قال إسحاق: الأمير أولى، ثُمَّ الإمام الذي يصلي بهم، ثُمَّ الأولياء، والزوج أحب إلينا من الأب، وإن كان أوصى إلى رجلٍ يصلي عليه فهو أولى من كلٍّ. "مسائل الكوسج" (811)

قال صالح: قلت: الرجل يوصي أن يُصلي عليه رجل، هو أحق أو ولده؟ قال: الموصى إليه أحق، أبو بكر صلى عليه عمر (¬1) وعمر صلى عليه صهيب (¬2). وأبو بكرة صلى عليه أبو برزة (¬3)، ومسروق صلى عليه شريح (¬4)، ويونس بن جبير صلى عليه أنس بن مالك (¬5). "مسائل صالح" (1194) قال أبو داود: حَدَّثَنَا أحمد قال: ثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار قال: لما توفيت أم سلمة أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد، وكان أمير المدينة يومئذٍ مروان (¬6). "مسائل أبي داود" (1026) قال أبو داود: حَدَّثنَا أحمد قال: ثنا هشيم، عن يونس، عن ابن سيرين قال: أوصى يونس بن جبير أن يصلي عليه أنس بن مالك. "مسائل أبي داود" (1027) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن المرأة من يُصلِّي عليها؟ قال: أما أنا فيعجبني أولياؤها: أبُوها أو أخوها أو ابنها. "مسائل أبي داود" (1038) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل أيضًا سُئِلَ من أحق بالصلاة على الجنازة: الزو أو أخوها؟ ¬

_ (¬1) رواه الحاكم 3/ 66، الطبراني في "الكبير" 1/ 59. (¬2) رواه الحاكم 3/ 99، البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 52. (¬3) "تهذيب الكمال" 30/ 9. (¬4) لم أقف عليه. (¬5) رواه ابن أبي شيبة 2/ 483 (11300). (¬6) رواه ابن أبي شيبة 2/ 483 (11299)، الحاكم 4/ 21، البيهقي 4/ 29.

707 - إمامة المقعد في الجنازة

قال: يتأولون في ذلك، أبو بكرة كَابَر إخوتها حتَّى دخل قبرها -يعني حديث أبي بكرة حين ماتت امرأته، كابر إخوتها حتَّى دخل قبرها (¬1). "مسائل أبي داود" (1039) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: إذا شهد الأمير الصلاة على الجنازة، فهو أحق، والأب أحق من الزوج. "مسائل ابن هانئ" (936) نقل محمد ابن الحكم عنه: يُقدم زوج على عصبة. "الفروع" 2/ 233 نقل ابن الحكم عنه: إذا ماتت ولها زوج وأخ فالزوج أولى من الأخ، أذهب إلى حديث أبي بكر: لما روي عن ابن عباس وابن عمر وأبي بكرة أنه أحق بغسلها والصلاة عليها (¬2). ونقل حنبل: إذا حضر الأب والأخ والزوج، فالأب والأخ أولى من الزوج؛ فإن لم يكن إلا الزوج فهو أولى. "الروايتين والوجهين" 1/ 205، 206 707 - إمامة المقعد في الجنازة قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: سألوني عن مُقعدٍ مات أبوه أيصلي عليه؟ فنهيتهم. قلت: لا يؤمهم في الصلاة ولا على الجنائز إلا قائمًا، بالسنة قائم. ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) "مصنف ابن أبي شيبة" 3/ 46.

708 - إذا دفن الميت ولم يصلوا عليه

قال الإمام أحمد: لا يؤم المقعد إلا أن يكون رجلًا يؤمهم، ثُمَّ مرض أيامًا كما فعل جابر وأسيد بن حضير -رضي اللَّه عنهما-. قال إسحاق: كما قال، السنة اتباعهم. "مسائل الكوسج" (33)، (322) 708 - إذا دفن الميت ولم يُصلوا عليه قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن ميت دفن فنسوا الصلاة عليه، فذكروه من ساعتهم، أينبش ويصلى عليه؟ قال: نعم. وقال في ذلك: قال إذا تأخر: لو صلوا على القبر فإنه ربما يتفسح. "مسائل أبي داود" (1046) 709 - الصلاة على الجنازة بعدما صُليَّ عليها قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمد: أيُصلى على الميت قبل أن يدفن بعدما صُلِّيَ عليه؟ قال: نعم يُروى عن خمسةَ (¬1). "مسائل الكوسج" (447) قال أبو داود: قلت لأحمد: يصلَّى على الجنازة بعدما صُلي عليها قبل أن تدفن؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1049) ¬

_ (¬1) روي ذلك عن علي بن أبي طالب وأبي موسى وأنس وقرظة بن كعب -رضي اللَّه عنهم- وقتادة. انظر: عبد الرزاق 3/ 519، وابن أبي شيبة 3/ 44، والبيهقي 4/ 45.

710 - إذا اجتمعت الجمعة والجنازة

ونقل عنه أحمد بن نصر: إذا صلى عليه مرة يكفيه، ولكن من لم يصل فإذا وضعت فإن شاء صلى على القبر. "المستوعب" 3/ 936 "الفروع" 2/ 248 قال الأثرم: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن حرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير، أن أنس بن سيرين حدثه: أن أنس بن مالك أتى جنازة وقد صلي عليها، فصلى عليها (¬1). قال: وحدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد اللَّه بن إدريس، قال: سمعت أبي عن الحكم، قال: جاء سلمان بن ربيعة وقد صُلِّي على جنازة فصلَّى عليها (¬2). قال الأثرم: وحدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا الضحاك بن مخلد، قال: حدثنا سفيان بن سعيد، عن شبيب بن غرقدة عن المستظل بن حصين، أن عليا صلى على جنازة بعدما صلي عليها (¬3). "التمهيد" 6/ 243 نقل حرب عنه: يصلى على الجنازة بعدما صلي عليها قبل أن تدفن. "الانتصار" 2/ 636 710 - إذا اجتمعت الجمعة والجنازة محمد بن الحسن سمعت أبا عبد اللَّه سئل: تحضر الجمعة والجنازة، وتخاف الفوت، فبأيهما نبدأ؟ قال: نبدأ بالجنازة. "بدائع الفوائد" 4/ 67 ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 4/ 45 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، به. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 44 (11937) عن عبد اللَّه بن إدريس، به. (¬3) رواه البيهقي 3/ 45 من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، به.

711 - أوقات الكراهة في الصلاة على الميت ودفنه

711 - أوقات الكراهة في الصلاة على الميت ودفنه قال إسحاق بن منصور: قلت: هل يُكره شي من الساعات أن يدفن فيها أو يصلى عليه؟ قال: نعم، حديث عقبة بن عامر رضي اللَّه عنه ثلاث ساعات (¬1). قال إسحاق: معنى قول عقبة بن عامر: أو نَقْبُرَ فيهنَّ مَوْتَانا أو يُصلّى على موتانا؛ لأنَّه يدفن بعد العصر. "مسائل الكوسج" (820) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الصلاة على الجنازة عند غروب الشمس؟ قال: إذا تدلت الشمس للغروب فلا يُصلى عليها. "مسائل أبي داود" (1034) قال أبو داود: قيل لأحمد: الشمس على الحيطان مصفرة؟ قال: يُصلى عليها ما لم تدلي للغروب. "مسائل أبي داود" (1035) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: الذي أختار أن لا يصلى على الجنازة، إذا صلوا الصبح حتَّى تطلع الشمس. "مسائل أبي داود" (1036) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 152، ومسلم (831)، وأبو داود (3192)، والترمذي (1030)، والنسائي 1/ 275 - 276، وابن ماجه (1519)، والدارمي (1472) وتمامه: ثلاث ساعات كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب.

قال أبو داود: سمعت أحمد قال: إذا حضرت صلاة الفجر والجنازة، بُديء بالجنازة، وإذا حضر المغرب والجنازة بُديء بالمغرب. "مسائل أبي داود" (1037) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الصلاة إذا حضرت الجنازة بأيهما يبدأ؟ قال: إذا حضرت صلاة العصر والجنازة، صلي على الجنازة؛ لأنه لا صلاة بعد العصر، وإذا حضرت المغرب، صلي المغرب، ثُمَّ صلي عليها، وإذا حضرت الجنازة في صلاة الفجر صلي على الجنازة، وقال: أذهب إلى حديث معاذ بن عفراء. حدثني أحمد بن محمد بن حنبل قال: حَدَّثَنَا غُندر -محمد بن جعفر- قال: حَدَّثَنَا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن نصر بن عبد الرحمن، عن جدَّه معاذ القرشي، أنه طاف بالبيت مع معاذ بن عفراء، بعد العصر أو بعد الصبح، فلم يصلْ فسألته فقال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صلاة بعد صلاتين، بعد الغداة حتَّى تطلع الشمس، وبعد العصر حتَّى تغرب الشمس". أو قال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن صلاة بعد الغداة حتَّى تطلع الشمس، وبعد العصر حتَّى تغرب الشمس (¬1). حدثني أحمد بن حنبل قال: حَدَّثَنَا روح قال: حدثنا شعبة قال: حَدَّثنَا سعد بن إبراهيم، عن نصر بن عبد الرحمن، عن جدِّه -وكان قد شهد بدرًا مع المشركين- قال: رأيت معاذ بن عفراء، يطوف بالبيت بعد الصبح ولا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 219، ورواه النسائي 1/ 258، والطبراني في "الكبير" 20/ 176 (378) والبيهقي في "سننه" 2/ 464.

يصلي، فقلت له: ألا تصلي؟ فقال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا صلاة بعد صلاتين: بعدَ الصبح حتى تطلع الشمس، وبعدَ العصر حتى تغرب الشمس" حتَّى تغرب الشمس". "مسائل ابن هانئ" (943) قال ابن هانئ: سألته عن الجنازة تحضر وما صلي العصر؟ قال: يبدأ بالجنازة فيصلَّى عليها، ثُمَّ يُصلَّي العصر. قلت: فإن جيء بالجنازة عند اصفرار الشمس؟ قال: ينتظر بها حتَّى تصلَّى المغرب ثُمَّ يُصلَّى عليها. "مسائل ابن هانئ" (945)

مواضع صلاة الجنازة

مواضع صلاة الجنازة 712 - الصلاة على الجنازة في المسجد قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: الصلاة على الميت في المسجد؟ قال أحمد: لا بأس به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (537، 3239) قال أبو داود: رأيت أحمد ما لا أحصي يصلي على الجنائز في المسجد. "مسائل أبي داود" (1050) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن النعش يوضع في المسجد؟ قال: من الناس من يتوقاه. "مسائل أَبي داود" (1010) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن حديث أبي هريرة عن النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له" (¬1)؟ فقال: حديث عائشة أن النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى على سهيل بن بيضاء في المسجد" (¬2)، ثُمَّ قال: حتَّى يثبت حديث صالح مولى التوأمة (¬3). كأنه عنده ليس يثبت، أو ليس بصحيح. "مسائل عبد اللَّه" (527) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 444، وابن ماجه (1517) والبيهقي 4/ 52 صححه الألباني في "الصحيحة" (2351) وقال: شذ عنهم أبو داود في روايته، فلفظها "فلا شيء عليه". (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 79، مسلم (973). (¬3) يعني حديث أبي هريرة السابق.

713 - صلاة الجنازة عند القبر، وإلى كم يجوز؟

713 - صلاة الجنازة عند القبر، وإلى كم يجوز؟ قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمد: بعد كم يُصلى على القبر؟ قال: أكثر ما سمعنا عن سعيد بن المسيب: أن النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى على أم سعد بعد شهر (¬1). قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: أما تراه يقول: مر بقبر جديد (¬2)، مر بقبر امرأة كانت في المسجد (¬3)، هذا كله يدل أنه قريب، لولا هذا كان ينبغي أن يصلوا أبدًا، متى كان ينقطع هذا. "مسائل الكوسج" (451) قال صالح: وسألته عن الصلاة على القبر؟ قال: جائز. قلت: إلى كم تجوز؟ قال: إلى شهر. قلت: بإمام؟ قال: نعم. "مسائل صالح" (400)، (429) ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (1038)، وابن أبي شيبة 3/ 44 (11934)، والطبراني 6/ 25 (5378)، والبيهقي 4/ 48 وقال: وهو مرسل صحيح. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 388، والنسائي 4/ 84 - 85، وابن ماجه (1528) من حديث يزيد بن ثابت قال: خرجنا مع رسول اللَّه فلما وردنا البقيع، إذا هو بقبر جديد، . . الحديث. وصححه الألباني في "الإرواء" 3/ 185. (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 388، رواه البخاري (1337)، ومسلم (956) من حديث أبي هريرة أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد فماتت. . . الحديث، وفيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أتى قبرها فصلى عليها.

قال صالح: قلت: ما تقول فيمن غاب عن بلده سنة، فرجع وقد مات بعض أقاربه، هل يصلي على تلك القبور؟ وإن حضر جنازة وقد صلوا عليها كيف يصلي؟ قال: يصلي ما بينه وبين شهر. وقال: إن النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى على قبر أم سعد بعد شهر. وانتهى إلى قبر جديد فصلى عليه. "مسائل صالح" (554) قال صالح: الصلاة على قبر؟ قال: يصلى عليه، صلى النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على قبر، وأكثر ما بلغنا: شهر. "مسائل صالح" (1056) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: هل يُصلَّى على القبر؟ قال: نعم. قيل: جميعًا أو فرادى؟ قال: جميعًا. قيل: إلى متى يصلى عليه؟ قال: سمعنا إلى شهر. "مسائل أبي داود" (1047) قال أبو داود: قيل له: الأجنبي ومن هو من أهله واحد -يعني: في الصلاة على القبر؟ فقال: سعد أي شيء كان من النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حين صلى النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على قبرها -يعني: أم سعد بن عبادة- بعد شهر. "مسائل أبي داود" (1048) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الصلاة على القبر؟

قال: يصلى عليه إلى شهر. "مسائل ابن هانئ" (939) قال عبد اللَّه: سمعت أبي: سُئِلَ عن الصلاة على القبر؟ قال: جائز. قلت: إلى كم تجوز؟ قال: إلى شهر. قلت لأبي: بإمام؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (521) نقل عنه المروذي، وقد سئل هل يُصلى عليها وهي في المقبرة عند اللحد؟ فقال: لا يعجبني، يخرج من المقابر ويُصلى عليها. "الروايتين والوجهين" 1/ 214 قال الإمام أحمد في رواية حنبل عنه: لا يُصلى على القبر بعد شهر، على ما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على قبر أم سعد بعد شهر. "العدة في أصول الفقه" 2/ 478 قال الأثرم: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب: أن أم سعد بن عبادة ماتت، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- غائب فأتى قبرها، وصلى عليها، وقد مضى لذلك شهرا (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (1038)، وابن أبي شيبة 3/ 44 (11934)، الطبراني في "الكبير" 620، وابن الجوزي في "التحقيق" 2/ 16 (899) وضعفه الألباني في "ضعيف الترمذي" 1/ 116.

قال الأثرم: حدثنا أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل، قال: حدثنا إسماعيل ابن إبراهيم، قال: حدثنا أيوب، عن ابن أبي مليكة، أن عبد الرحمن ابن أبي بكر توفي في منزل له كان فيه، فحملناه على رقابنا ستة أميال إلى مكة وعائشة غائبة فقدمت بعد ذلك، فقالت أروني قبر أخي، فأروها، فصلت عليه (¬1). "التمهيد" 6/ 236 قال البغوي: حدثنا إبراهيم بن هانئ قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة: عن حبيب بن الشهيد، عن ثابت، عن أنس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى على قبر بعدما دفن (¬2). "التمهيد" 6/ 246 قال الأثرم: وحدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: أخبرنا أيوب، عن نافع، قال: توفي عاصم بن عمر، وابن عمر غائب، فقدم بعد ذلك. قال أيوب: أحسبه قال: بثلاث، فقال: أروني قبر أخي، فأروه فصلى عليه (¬3). "التمهيد" 6/ 244 قال أحمد بن ملاعب: حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا عبد اللَّه بن إدريس، عن الشيباني، عن الشعبي: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى على قبر بعد ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 518 (6539) عن معمر، عن أيوب، وابن أبي شيبة 3/ 44 (11938) عن يحيى بن سعيد، عن أبان كلاهما عن ابن أبي مليكة، به. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 130 ورواه مسلم (955) عن إبراهيم بن محمد، ثنا غندر، به. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 3/ 44 (11938) عن إسماعيل بن إبراهيم، به وعبد الرزاق 3/ 519 (6546) من طريق أيوب، عن نافع، به.

ما دفن، قال: فقلت: من حدَّثك؟ قال: الثقة ابن عباس (¬1). "الطبقات" 1/ 195 ¬

_ (¬1) رواه مسلم (954/ 68) من طريق عبد اللَّه بن إدريس، به. ورواه الإمام أحمد 1/ 338، البخاري (1340) ومسلم (954) كلهم من طرق عن سليمان الشيباني، به.

أبواب حمل الجنازة

أبواب حمل الجنازة 714 - صفة حمل الجنازة قال إسحاق بن منصور: قلت: كيف يُحمل السرير؟ قال أحمد: يجعله على منكبه الأيمن ثُمَّ الرجل ثُمَّ يتقدم فيضعه على منكبه الأيسر ثُمَّ الرِجْل وأشار أحمد بيده قال أن يدور. "مسائل الكوسج" (800) قال إسحاق بن منصور: قلت: القيام بين عمودي السرير؟ قال: ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- كرهه، وإن فعله فاعل لم أر به بأسًا. قال إسحاق: هو مكروه. "مسائل الكوسج" (805) قال أبو داود: قلت لأحمد: حمل الجنازة يدور عليها؟ قال: إن شاء. قلم لأحمد: الذي يعجبك؟ قال: يضع الشق الأيمن من الميت على شقه الأيمن، ثُمَّ الرِجْل، ثُمَّ الرأس من قبل الأيسر، ثُمَّ الرِجْل. ورأيت أحمد بن محمد بن حنبل حيل جنازة محمد بن جعفر بن زياد الوركاني هكذا. ورأيت أحمد يتبع الجنائز ما لا أحصيه ولا يحملها. "مسائل أبي داود" (1012) نقل عنه بكر بن محمد: إن بدأ بالرأس وختم بالرأس فلا بأس. "الروايتين والوجهين" 1/ 205

715 - هل يشترط الوضوء لحمل الجنازة؟

نقل حنبل عنه: أنه يبدأ بالرأس، ويختم بالرأس. "معونة أولي النهى" 3/ 83 715 - هل يشترط الوضوء لحمل الجنازة؟ قال الفضل بن زياد: سمعت أحمد يقول في حديث أبي هريرة: "من حمل جنازة فليتوضأ" (¬1). فقال: كأنه يقول: لا يحملها حتى يتوضأ، أو كما قال. "بدائع الفوائد" 4/ 59 716 - فضل اتباع الجنازة قال إسحاق بن منصور: قلت: اتباع الجنازة أحب إليك أم القعود في المسجد؟ قال: اتباعها أعجب إلي. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (828) حَدَّثَنَا صالح، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا قران، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد قال: اتباع الجنائز أفضل من النافلة (¬2). "مسائل صالح" (828) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 454، وأبو داود (3161)، وصححه الألباني في "الإرواء" (144). (¬2) رواه عبد الرزاق 3/ 451 (6274).

717 - كيفية اتباع الجنازة

قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سُئِلَ عمن يذهب إلى مسجد الجنائز فيجلس يصلي على الجنائز إذا جاءت؟ قال: لا بأس. سمعته غير مرة رخص فيه وكأنه رأى إذا تبعها من أهلها هو أفضل، قال في حديث يحيى بن جعدة: "وتبعها من أهلها" (¬1) يعني: "من صلى على جنازة فتبعها من أهلها فله قيراط". ورأيتُ أحمد صلى على جنازة تبعها من أهلها فأتي بجنائز غير ذلك فصلى على الجنائز، ثُمَّ انصرف ولم يتبع شيئًا منها. "مسائل أبي داود" (1106) سأله مثنى بن جامع: الجنازة تكون في جوار رجل وقت صلاة أيتبعها ويُعطل المسجد؟ فلم أره يُعجبه تركها ولو تعطل. ونقل عنه حنبل: أنه أفضل من صلاة النافلة. "الفروع" 2/ 260 717 - كيفية اتباع الجنازة قال إسحاق بن منصور: قلت: كيف المشي مع الجنازة؟ قال: يبعد منها أحب إلي. قال إسحاق: يتأخرها أحب إلينا إلا أن يكون زحام فحينئذ ينظر أيسر ذاك على الناس. "مسائل الكوسج" (801) ¬

_ (¬1) روى ابن المنذر في "الأوسط" 5/ 373 من حديث أبي سعيد مرفوعًا: "من جاء جنازة في أهلها فتبعها حتى يصلى عليها فله قيراط"، وليس فيه يحيى بن جعدة ورواه البخاري (47)، ومسلم (945) من حديث أبي هريرة بنحوه.

قال إسحاق بن منصور: رأيت -رضي اللَّه عنه- (¬1) في جنازة قليلة الرجال يمشي أمامها فلما انتهى إلى المصلى قام قائمًا حتَّى جيء بالجنازة فكان يرفع يده مع كل تكبيرة ويضع يمينه على شماله، فلما سلم خلع نعليه ودخل المقابر في طريق عاتية مشيًا على القبور حتَّى بلغ القبر. "مسائل الكوسج" (847) قال صالح: وقال: المشي أمام الجنازة أعجب إلي ويكون قريبًا منها. "مسائل صالح" (376) قال صالح: قلت: ما تقول في المشي مع الجنازة، أي ذلك أحب إليك؟ وقد ذكر عن النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ما ذكر، وما قال علي: واللَّه إن فضل الماشي خلفها على الماشي أمامها كفضل المكتوبة على التطوع (¬2)، وما قال علي: إذا صرتَ إلى المقبرة فقم ولا تقعد، حتَّى يدلى في حفرته؟ قال: يروى عن النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من تبع جنازة فلا يجلس حتَّى توضع" (¬3). وقال: يروى عن النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يمشي أمامها (¬4). وقال ربيعة بن ¬

_ (¬1) كذا بالأصل، ولعل الكوسج يتحدث عن الإمام أحمد. (¬2) رواه عبد الرزاق 3/ 445 - 446 (6263)، وابن أبي شيبة 2/ 477 (11239)، والبيهقي 4/ 25. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 85، رواه البخاري (1310)، ومسلم (959) من حديث أبي سعيد الخدري. (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 8، وأبو داود (3179)، والترمذي (1007)، والنسائي 4/ 56، وابن ماجه (1482) كلهم من حديث ابن عمر، وصححه الألباني في "الإرواء" (739).

عبد اللَّه ابن هدير: رأيت عمر تقدم الناس أمام جنازة زينب بنت جحش (¬1). "مسائل صالح" (553) قال أبو داود: قلت لأحمد: المشي مع الجنازة؟ قال: أمامها. وما رأيت أحمد في جنازة قط إلا وراءها. "مسائل أبي داود" (1014) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن حديث حجاج، قرأت على ابن جريج قال: حدثني زياد (¬2) أن ابن شهاب حدثه، قال: حدثني سالم، عن عبد اللَّه بن عمر (¬3) أنه كان يمشي بين يدي الجنازة. وقد كان رسول اللَّه وأبو بكر وعمر يمشون أمامها. من كلام من هو؟ فقال: هذا من كلام الزهري. وقد كان رسول اللَّه وأبو بكر وعمر يمشون أمامها. "مسائل ابن هانئ" (2035) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن حديث الزهري، عن سالم عن ابن عمر: رأيت رسول صلى اللَّه عليه وسلم وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة (¬4). فقال: أما سفيان فكان أكثر ما يقول عن الزهري عن سالم عن أبيه أنه ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" 1/ 404 (1025)، وعبد الرزاق 3/ 445 (6260)، والبيهقي 4/ 24. (¬2) هو زياد بن سعد. (¬3) في الأصل عن عبد اللَّه عن عمرو. والصحيح عبد اللَّه بن عمر. كما في "المسند" (2/ 371). (¬4) تقدم تخريجه.

رأى النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبا بكر وعمر، قال أبي: فقد رواه عقيل عن خالد عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أنه كان يمشي أمام الجنازة، وأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة، وما هو إلا فعل ابن عمر والنَّبيّ، مرسل عن الزهري (¬1)، قال أبي: كان هذا من قول الزهري أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول حدثناه حجاج عن ليث عن عقيل. قال أبي: ورواه ابن جريج أيضًا فوافق عقيل كما قال أيضًا سواء. قال: ورأيت أبي إذا كان في جنازة، يتقدم يمشي أمامها. "مسائل عبد اللَّه" (531) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: المشي أمام الجنازة أعجب إلي ويكون قريبًا منها. "مسائل عبد اللَّه" (540) قال عمرو بن حفص السدوسي: رأيت أحمد يمشي أمام الجنازة. "الطبقات" 2/ 107 قال الأثرم: ذكرت لأبي عبد اللَّه الحديث الذي روي عن علي أنه مشى خلف الجنازة، وأبو بكر وعمر أمامها، وقال: إنهما ليعلمان أن المشي خلفها أفضل (¬2)، فتكلم في إسناده، وقال: ذلك عن زائدة بن فراش. ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" 1/ 404 (1024)، وعبد الرزاق 3/ 444 - 445 (6259)، والترمذي (1009) وقال: أهل الحديث كلهم يرون أن الحديث المرسل في ذلك أصح. (¬2) رواه البيهقي 4/ 25.

718 - أين يسير الراكب من الجنازة؟

قلت له: لأنه مجهول؟ فقال: نعم؛ لأنه ليس بمعروف. "التمهيد" 6/ 216 718 - أين يسير الراكب من الجنازة؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: أين يسير الراكب من الجنازة؟ قال: الراكب خلف الجنازة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (804) من يتبع الجنازة متى يجلس ومتى ينصرف؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: من يتبع الجنازة متى يجلس؟ قال: لا يجلس حتَّى توضع عن أعناق الرجال. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (808) قال إسحاق بن منصور: قلت: وهل ينتظر الإذن؟ قال: متى ما شاء انصرف. قال إسحاق: إذا كان أولياء الميت يأذنون ينتظر إذنهم، وإن لم يكن أوليائه ذهب متى شاء. "مسائل الكوسج" (809) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ: على الجنازة إذن؟ قال: أرجو إن شاء اللَّه أي: أرجو أن ليس عليها إذن. "مسائل أبي داود" (1058)

719 - القيام للجنازة

قال أبو داود: شهدت أحمد ما لا أحصي صلى على جنائز، ثُمَّ انصرف ولم يتبعها إلى القبر ولم يستأذن. "مسائل أبي داود" (1059) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: إذا تبعت الجنازة فلا تجلس حتَّى توضع من أعناق الرجال. "مسائل ابن هانئ" (949) قال الميموني: سمعته يقول: إذا تبع الجنازة فلا يجلس حتى توضع، كذا قال أبو هريرة وأبو سعيد، وإذا رآها قام، قال: كان هذا أكثر في الخبر من عشرة من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يروونه. "بدائع الفوائد" 4/ 82 قال المروذي: رأيت أبا عبد اللَّه إذا صلى على جنازة هو وليُّها لم يجلس حتى تُدفن. ونقل عنه حنبل: لا بأس بقيامه على القبر حتى تدفن، خيرًا وإكرامًا. "الفروع" 2/ 262 719 - القيام للجنازة قال إسحاق بن منصور: قلت: متى يقوم إذا رأى الجنازة؟ قال: إن قام لم أعبه، وإن قعد فلا بأس. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (807) قال إسحاق بن منصور: قلت: يُقام للجنازة إذا مرت؟ قال: إن لم يقم فقد ترخص لحديث علي -رضي اللَّه عنه-، ورووا لابن عمر عن

720 - هل يشهد المسلم جنازة الكافر؟

عامر بن ربيعة أنه كان يقوم (¬1). قال إسحاق: الرخصة بعد النهي أنه قام ثُمَّ قعد (¬2). "مسائل الكوسج" (831) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن القيام إذا رأى الجنازة؟ قال: إن لم يقم أرجو وإن قام أرجو. قيل: القيام أفضل عندك؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (1015) قال ابن هانئ: وسئل: أيتقدم الرجل إلى الجنازة؟ قال: لا يتقدم، وإن رآها، فقام فلا بأس، وإن لم يقم فلا بأس. "مسائل ابن هانئ" (944) قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يرى الجنازة أيقوم لها؟ فقال: قد رُوي عن علي أن النبي قام ثم قعد، وكان ابن عمر يقوم، وسهل أبو عبد اللَّه فيه. "بدائع الفوائد" 4/ 83 720 - هل يشهد المسلم جنازة الكافر؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل له جار رجل مسلم، ماتت أمه نصرانية. يتبع هذا جنازتها؟ قال: لا يتبعها، يكون ناحيةً منها. ¬

_ (¬1) روى البخاري (1307)، ومسلم (958) عن ابن عمر، عن عامر بن ربيعة مرفوعًا: "إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تُخلفكم أو توضع". (¬2) رواه مسلم (962) من حديث علي بن أبي طالب.

قال إسحاق: كما قال، لا يحمل، يكون قريبًا منها. "مسائل الكوسج" (835) قال الخلال: أخبرني الحسين بن الهيثم أن محمد بن موسى حدثهم أنه قال لأبي عبد اللَّه: يتبع المسلم جنازة المشرك؟ قال: نعم. وقال: أخبرني محمد بن الحسن بن هارون قال: قيل لأبي عبد اللَّه: ويشهد جنازته؟ قال: نعم نحو ما صنع الحارث بن أبي ربيعة كان يشهد جنازة أمه وكان يقوم ناحية ولا يحفر؛ لأنه ملعون. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الرجل يموت وهو يهودي وله ولد مسلم كيف يصنع؟ قال: يركب دابته ويسير أمام الجنازة ولا يكون خلفه فإذا أرادوا أن يدفنوه رجع، مثل قول عمر. وقال: أخبرني حرب قال: حدثني سعيد قال: حدثنا عيسى بن يونس عن محمد بن إسماعيل عن عامر بن شقيق عن أبي وائل قال: ماتت أمي نصرانية فأتيت عمر -رضي اللَّه عنه- فسألته، فقال: اركب في جنازتها وسر أمامها. وقال: حدثنا علي بن سهل بن المغيرة البزار قال: حدثنا أبي سهل بن المغيرة قال: حدثنا أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي، عن عبد اللَّه بن كعب بن مالك عن أبيه قال: جاء قيس بن شماس إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال له: إنَّ أمي توفيت وهي نصرانية وهو يحب أن يحضرها. فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اركب دابتك وسر أمامها فإذا ركبت وكنت أمامها فلست معها".

قال على بن سهل: رأيت أحمد بن حنبل يسأل -أي عن هذا الحديث- فحدثه به. وقال: أخبرني حمزة بن القاسم الهاشمي وعصمة بن عصام -وبعضهم يزيد على بعض- قالا: حدثنا قال: سألت أبا عبد اللَّه عن المسلم تكون أمّه نصرانية، أو أبوه، أو أخوه، أو ذو قرابة، ترى أن يلي شيئًا من أمره حتى يواريه؟ قال: إن كان أبًا أو أخًا أو قرابة قريبة، فوليه وحضره، فلا بأس، قد أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- أن يواري أبا طالب. قلت: فترى أن يغسل هو إذا فعل ذلك؟ قال: أهل دينه يلونه وهو حاضر يكون معهم، حتى إذا ذهبوا به تركه معهم. وهم يلونه. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 267 - 301 (633 - 628) وقال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه سُئل عن شهود جنازة النصارى الجيران؟ قال: على نحو ما صنع الحارث بن أبي ربيعة وكان يقوم ناحية ولا يحضر؛ لأنه ملعون. وقال: أخبرني محمد بن علي حدثنا صالح أنه قال لأبيه: رجل مسلم ماتت له أم نصرانية يتبع جنازتها؟ قال: يكون ناحية منها. قال أبو بكر الخلال: وكان أبو عبد اللَّه لم يعجبه ذلك في مسألة محمد ابن موسى ثم روى عنه هؤلاء الجماعة: أنه لا بأس. واحتجّ بالأحاديث ولا بأس. وباللَّه التوفيق. "أحكام أهل الملل" 1/ 301، 302 (630 - 632)

721 - هل يشهد المسلم جنازة أهل البدع؟

721 - هل يشهد المسلم جنازة أهل البدع؟ نقل الميموني عنه: أنا لا أشهد الجهمية ولا الرافضة، ويشهده من شاء، قد ترك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الصلاة على أقل من ذا: الدين، والغلول، وقاتل نفسه. "الفروع" 5/ 52، "الإنصاف" 18/ 283

أبواب الدفن

أبواب الدفن 722 - الدفن ليلًا قال صالح: وسألته عن الدفن ليلًا؟ فقال: لا بأس به. وكره جداد النخل والحصاد بالليل. "مسائل صالح" (386) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الميت يموت ليلًا: يدفن ليلًا؟ قال: وما بأس. "مسائل أبي داود" (1011) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن الدفن بالليل؟ فقال: لا بأس به. "مسائل عبد اللَّه" (541) 723 - السنة في الحفر قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: "الشق لغيرنا" (¬1) ليس يقوم فيه حديث يثبت. "مسائل عبد اللَّه" (545) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 357، وابن ماجه (1555) من حديث جرير بن عبد اللَّه، ورواه أبو داود (3208)، والترمذي (1045)، والنسائي 4/ 80، وابن ماجه (1554) من حديث ابن عباس، وقال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه. وقال الألباني في "أحكام الجنائز" ص 184 بعد أن ذكر طرق حديث جرير: فهذِه طرق أربعة لحديث جرير يقوي بعضها بعضًا، فإذا ضمت إلى حديث ابن عباس شدَّتن من عضده، وارتقى إلى درجة الحسن، بل الصحيح.

724 - كم يدخل القبر؟

724 - كم يدخل القبر؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: كم يدخل القبر؟ قال: ما شاءوا. قال إسحاق: يُختار أربعة. "مسائل الكوسج" (789) قال إسحاق بن منصور: قلت: هل يوجه الميت إلى القبلة؟ قال: نعم، لم لا يوجه! قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (812) قال إسحاق بن منصور: قلت: من أين يُدخل الميت القبر؟ قال: من حيث يكون أسهل عليهم. قال إسحاق: يُدْخَلُ من قبل القبلة إلا أن لا يمكن ذلك. "مسائل الكوسج" (788) قال إسحاق بن منصور: قلت لإسحاق: إذا وضع الميت في اللحد كيف يُصنع بيده؟ قال: تحت جنبه. "مسائل الكوسج" (3355) قال أبو داود: قلت لأحمد بن حنبل: الميت كيف يوجه؟ قال: إن جعل على شقه إلى القبلة أي فذاك، وإن أراه قال: إن شاءوا مستلقيًا على قفاه، هذا يختاره سعيد بن المسيب، قلت رجليه إلى القبلة؟ قال: نعم. قلت لأحمد: فكذلك يُغسل؟ قال: إنما في التوجيه سمعنا. "مسائل أبي داود" (921)

725 - ما يوضع على الميت في قبره

قال أبو داود: سمعت أحمد قال: يدخل القبر إن شاء شفعًا، وإن شاء وترًا. "مسائل أبي داود" (1054) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل إذا دخل القبر يحل أزراره؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (1055) قال أبو داود: قلت لأحمد: في الميت يُسل أو يؤخذ من قبل القبلة؟ قال: لا بأس به إن شاء اللَّه. "مسائل أبي داود" (1056) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِل عن العقد تُحل -يعني: في القبر؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1057) قال عبد اللَّه: مات أخ لي صغير فلما وضعته في القبر وأبى قائم على شفير البئر قال لي: يا عبد اللَّه حل العقد فحللتها. "مسائل عبد اللَّه" (538) 725 - ما يوضع على الميت في قبره نقل الميموني عنه، وقد سئل: أيما أحب إليك اللبن أو القصب؟ فقال: اللبن. لما روى عن [سعيد] (¬1) أنه قال: اصنعوا بي كما صنع برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، انصبوا علي اللبن وهيلوا علي التراب (¬2). ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل، ولعل الصواب: (سعد)، وهو سعد بن أبي وقاص. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 169، مسلم (966)، والنسائي 4/ 80، وابن ماجه (1556)، =

ونقل عنه عبد اللَّه بن محمد الفقيه: القصب أحب إليّ؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وضع على قبره طن قصب، وروي عن الشعبي قال: جعل على لحد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- طن قصب (¬1). "الروايتين والوجهين" 1/ 202 قال أحمد بن محمد بن عبد الحميد: سألت أبا عبد اللَّه: أيُّما أعجب إليك في القبر: اللبن، أو القصب؟ فقال: القصب. "الطبقات" 1/ 159 قال حنبل: قلت لأبي عبد اللَّه: فإن لم يكن لبن؟ قال: ينصب عليه القصب والحشيش، وما أمكن من ذلك، ثم يُهال عليه التراب. قال الخلال: كان أبو عبد اللَّه يميل إلى اللبن، ويختاره على القصب، ثم ترك ذلك ومال إلى استحباب القصب على اللبن. "المغني" 3/ 429 قال له مهنا: يكره في القبر خشب؟ قال: نعم. قلت: والألواح فيه؟ قال: نعم. "الفروع" 2/ 271 ¬

_ = من حديث سعد بن أبي وقاص. (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 22 (11722).

726 - تعدد الأموات في القبر

726 - تعدد الأموات في القبر قال إسحاق بن منصور: قلت: تدفن المرأتان في قبر؟ قال: إذا اضطروا إلى ذلك جعلوا بينهما حاجزًا من الصعيد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (830) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الاثنين والثلاثة يدفنون في قبر واحد؟ قال: أما في مصر فلا، ولكن في بلاد الروم. قلت: يكثر الموتى فيُحفر شبه النهر رأس هذا عند رجل هذا؟ قال: يُجعل بينهما حاجز، لا يُلزق واحد بالآخر. "مسائل أبي داود" (1052) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الحفار إذا انتهى إلى العظام؟ قال: يدع -يعني: الحفر، كسر عظام الميت ككسره حيًّا (¬1). "مسائل أبي داود" (1053) قال ابن هانئ: وسئل أتدفن المرأتان في قبر؟ قال: إذا اضطروا إلى ذلك، جُعل بينهما حاجزٌ من الصعيد. "مسائل ابن هانئ" (959) ونقل عنه أبو طالب وغيره: لا بأس. "الفروع" 2/ 277 ¬

_ (¬1) يشير الإمام أحمد إلى حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كسر عظم الميت مثل كسر عظم الحي". رواه في "المسند" 6/ 100، وأبو داود (3207)، ابن ماجه (1616) من حديث عائشة، وصححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" (1310).

727 - هل يمد الثوب على القبر؟

727 - هل يُمَد الثوب على القبر؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: يُمد الثوب على القبر؟ قال: إذا كان امرأة فنعم. قال إسحاق: كما قال. وإن كان رجل يُمد عليه، فقد فُعِل (¬1). "مسائل الكوسج" (826) 728 - حث التراب على القبر قال أبو داود: سمعت أحمد، قال: لا يزاد على القبر من تراب غيره، إلا أن يستوي بالأرض فلا يعرف، فكأنه رخص إذ زاد. "مسائل أبي داود" (1060) قال أبو داود: ورأيته يقعد قرب القبر ولا يقرب القبر ولا يحثي فيه حتَّى ينصرفون فينصرف. "مسائل أبي داود" (1064) قال ابن هانئ: وقال أبو عبد اللَّه: أكره أن يجعل على القبر تراب من غيره. "مسائل ابن هانئ" (950) قال عبد اللَّه: حَدَّثني أبي، حَدَّثَنَا أبو كَامِل مظفر بن مدرك، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا ثَابِت البُنَانِيُّ، عن أَنَسٍ بن مالك قال: قالتْ فَاطِمَةُ: يَا أَنَسُ أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تحثوا على رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- التُّرَاب. ¬

_ (¬1) روى ابن أبي شيبة 3/ 17 (11666) أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فعله.

729 - هل يرش القبر؟

قال: وقالت فَاطِمَةَ: يَا أَبَتَاهُ مِنْ رَبِّهِ مَا أَدْنَاهُ، يَا أَبَتَاهُ جنة الفردوس مأواه، يا أَبَتَاهُ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهُ أو قالت: أنعاه -شك أبو كامل- يَا أَبَتَاهُ، أجاب ربًا دعاه. "الزهد" ص 22 - 23 ونقل عمرو بن حفص السدوسي، وأبو بكر بن محمد بن صدقة: ورأيته لما حُثي التراب على الميت انصرف ولم يجلس. "الطبقات" 2/ 107، "بدائع الفوائد" 4/ 69 729 - هل يُرش القبر؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: هل يُرش القبر؟ قال: إن شاءوا فعلوا. قال إسحاق: بل السنة أن يُرش القبر (¬1). "مسائل الكوسج" (817) قال ابن هانئ: وقيل له: يرش على القبر ماء؟ قال: إن شاءوا فعلوا. "مسائل ابن هانئ" (956) قال عبد اللَّه: أحسب أني رأيت أبي في بعض الجنائز لم ينصرف حتَّى رشوا على القبر ماء. وكان أبي يستحب أن يرشوا على القبر ماء. "مسائل عبد اللَّه" (539) ¬

_ (¬1) روى أبو داود في "المراسيل" (424) عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب مرسلًا: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رش على قبر إبراهيم وانظر: "سنن البيهقي" 3/ 411.

730 - الماء يوضع للقبور

730 - الماء يوضع للقبور قال ابن هانئ: سألته عن الماء يوضع للقبور؟ فقال: لا دري. "مسائل ابن هانئ" (1785) 731 - تسوية القبر قال إسحاق بن منصور: قلت: تسوية القبور؟ قال: لا أدري. قال إسحاق: السنة أن يسوى القبر إلا أن يكون مسنمًا قليلًا (¬1). "مسائل الكوسج" (818) قال صالح: وقال في القبر: أعجب إلي أن يكون مسنمًا. "مسائل صالح" (517) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: ما أدري ما تسوية القبور. "مسائل ابن هانئ" (957) قال أبو حامد: سُئل أحمد عن القبور مرتفعة أحب إليك، أو مسنَّمة؟ قال: مسنَّمة، مثل قبور أحد، مسنمة حثى. "الطبقات" 1/ 205 ¬

_ (¬1) الأمر بتسوية القبور رواه مسلم (968)، (969).

732 - تمييز القبر

732 - تمييز القبر قال إسحاق بن منصور: قلت: أتكره أن يُضرب على القبر فسطاط؟ قال: إي لعمري. قال إسحاق: إذا تُخوف على نبش القبر، فإن فعلوا فلا بأس، فأما للتعظيم فلا. "مسائل الكوسج" (791) نقل الميموني: لا بأس بلوح، ونقل المروذي: يكره، ونقل الأثرم: ما سمعت فيه بشيء. "الفروع" 2/ 270 733 - تطيين القبور وتجصيصها قال صالح: وسألته عن تطيين القبور وتجصيصها؟ فقال: أما التجصيص مكروه، والتطيين أسهل. "مسائل صالح" (154) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن تطيين القبور؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل أبي داود" (1061) 734 - البناء على القبور نقل عنه أبو طالب فيمن اتخذ حجرة في المقبرة لغيره، قال: لا يُدفن فيها. "الفروع" 2/ 272 - 273، "المبدع" 2/ 273

735 - تلقين الميت بعد الدفن

735 - تلقين الميت بعد الدفن قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: فهذا الذي يصنعونه إذا دفن الميت يقف الرجل ويقول: يا فلان بن فلانة، اذكر ما فارقت عليه الدنيا: شهادة أن لا إله إلا اللَّه. فقال: ما رأيت أحدًا فعل هذا إلا أهل الشام، حين مات أبو المغيرة، جاء إنسان فقال ذلك، وكان أبو المغيرة يروي فيه عن أبي بكر بن أبي مريم، عن أشياخهم، أنهم كانوا يفعلونه، وكان ابن عياش يروي فيه ثم قال فيه: إنما لا يثبت عذاب القبر. "المغني" 3/ 438، "زاد المعاد" 1/ 523، "معونة أولي النهى" 3/ 101 736 - الدعاء للميت بعد الدفن قال إسحاق بن منصور: قلت: هل يدعى للميت إذا فرغ من دفنه؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. قال إسحاق: إذا دفن أتاه وليه أو من أحب فسلم عليه من قبل وجهه ثُمَّ استقبل القبلة فدعا له ثُمَّ انصرف. "مسائل الكوسج" (819) 737 - وضع اليدين على القبر، والجلوس عليه قال إسحاق بن منصور: قلت: الجلوس على القبر؟ قال: مكروه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (816)

قال محمد بن حبيب البزار: كنت مع أبي عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل في جنازة فأخذ يدي وقمنا ناحية فلما فرغ الناس وانقضى الدفن جاء إلى القبر وأخذ بيدي وجلس ووضع يده على القبر، وقال: اللهم إنك قلت في كتابك: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94)} إلى آخر السورة. اللهم إنا نشهد أن هذا فلان ابن فلان ما كذب بك، ولقد كان يؤمن بك وبرسولك اللهم فاقبل شهادتنا له، ودعا وانصرف. ونقل الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: قبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يمس ويتمسح به؟ فقال: ما أعرف هذا. قلت له: فالمنبر؟ قال: أما المنبر فنعم قد جاء فيه. قيل لأبي عبد اللَّه: إنهم يلصقون بطونهم بجدار القبر. وقيل له: رأيت من أهل العلم من أهل المدينة لا يمسون ويقومون ناحية فيسلمون. قال أبو عبد اللَّه: نعم، وهكذا كان ابن عمر يفعل (¬1). "الروايتين والوجهين" 1/ 214، 215 وقال أحمد في رواية حنبل: القعود على القبور والحديث عندها، والتغوط بين القبور: كل ذلك مكروه. وكذلك نقل أبو طالب عنه. "النكت والفوائد السنية" 1/ 213 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 576 (6724)، وابن أبي شيبة 3/ 29 (11792).

738 - أخذ الشوك والحشيش وغيره من المقابر

738 - أخذ الشوك والحشيش وغيره من المقابر قال إسحاق بن منصور: قلت لإسحاق: ما تقول في أخذ الشوك والحشيش من المقابر؟ قال: ما أحسنه وأجمله بعد أن يأخذه بأرفق ما يمكنه، ولا يدخل بحذاء ولا بخف إلا أن يضطر إليه من شدة برد أو حر. "مسائل الكوسج" (3353) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمد عن الشوك والحشيش من المقابر؟ قال: لا أدري إلا أن طاوسًا كره أن يستقى من البئر التي في المقابر (¬1). "مسائل الكوسج" (3437) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: إذا اتخذ الرجل المقابر وأذن للناس أو السقاية: فليس له أن يرجع فيه. "مسائل الكوسج" (612) 739 - هل يدفن المسلم الكافر؟ قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: إن جوبير قال لي: إن جارتي نصرانية قد ماتت وهؤلاء الروم يطلبون مني دراهم، فترى إن كان الليل أحفر لها في مقابر النصارى فأدفنها؟ قال: لا أدفعها إليهم حتى يلونها. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 295 (614) ¬

_ (¬1) "مصنف ابن أبي شيبة" 3/ 68 (12143)

740 - أين يدفن مجهول الحال؟

قال الخلال: أخبرني حرب قال: قلت لأحمد: نصراني مات مع المسلمين؟ قال: يدفنوه. وقال: أخبرني عصمة بن عصام وعبيد اللَّه بن حنبل -وبعضهم يزيد في اللفظ- قال: حدثنا حنبل حدثنا إبراهيم، قال: حدثنا الأشجعي عن سفيان: في القوم يكون معهم المجوسي والنصارى فيموتون معهم؟ قال: لا بأس أن يدفنهم مع المسلمين. قال حنبل: سألت أبا عبد اللَّه عن ذلك؟ قال: لا يصلي عليهم ولا يلحد لهم قد أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عليًّا -رضي اللَّه عنه- أن يواري أبا طالب، وكان مشركًا. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد عن أبيه عن أبي عبد اللَّه وسأله عن اليهودي والنصراني يموت مع القوم في سفر ليس معه إلَّا المسلمين -أوفي موضع لا يكون إلَّا المسلمين- يواريه المسلمون؟ قال: نعم يدفنونه ولا يغسلونه؛ لأنهم إن تركوه تأذى به المسلمون والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لعلي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-: اذهب فواره -يعني: أبا طالب. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 296 - 297 (620 - 622) 740 - أَين يدفن مجهول الحال؟ قال الخلال: أخبرني حرب قال: حدثنا أبو موسى بن سليمان، قال: حدثنا سلمة بن صالح، عن حماد عن إبراهيم: في قوم مسلمين ونصارى يموتون جميعًا لا يعرف المسلمين من النصارى؟

741 - إذا ماتت النصرانية وفي بطنها ولد من مسلم

قال: يصلى عليهم وينوي الإمام المسلمين ويدفنون في مقابر المسلمين. قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه قال لأبي عبد اللَّه: مسلمون ونصارى غرقوا أين يدفنون؟ قال: إن قدروا: يعزلون، وإلَّا مع المسلمين. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 296 (617 - 618) 741 - إذا ماتت النصرانية وفي بطنها ولد من مسلم قال إسحاق بن منصور: قلت: النصرانية إذا حملت من مسلمٍ فماتت حاملًا؟ قال: على حديث واثلة (¬1). قال إسحاق: تدفن في حواشي قبور المسلمين. "مسائل الكوسج" (824) قال أبو داود: سألت أحمد عن النصرانية تموت حبلى من مسلم؟ قال: لو كان لهن مقبرة على حدة، ثُمَّ قال لي أحمد: فيه ثلاثة أقاويل. قلت: الذي تختار؟ فذكر قوله هذا. "مسائل أبي داود" (1051) قال ابن هانئ: وسألته عن المرأة النصرانية إذا حملت من مسلم؟ قال: تدفن بين مقابر المسلمين والنصارى على حديث واثلة. "مسائل ابن هانئ" (928) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 528 (6586)، وابن أبي شيبة 3/ 40 (11894)، والبيهقي 4/ 59 عن واثلة بن الأسقع أنه دفن امرأة نصرانية في بطنها ولد مسلم في مقبرة ليست بمقبرة النصارى ولا المسلمين.

قال الخلال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل في آخرين قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في امرأة نصرانية حملت من مسلم فماتت وفي بطنها حمل من مسلم؟ قال: يروى عن واثلة: تدفن بين مقابر المسلمين والنصارى. وقال حنبل في موضع آخر: قلت: فإن ماتت وفي بطنها ولد منه، أين ترى أن تدفن؟ قال: قد قالوا تدفن في حجرة بين قبور المسلمين. وقال: أرى أن تدفن في ناحية من قبور المسلمين. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 301 (633) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث، وأخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد قال: سمعت أحمد وسُئل عن المرأة النصرانية تموت وفي بطنها ولد مسلم؟ قال: فيه ثلاثة أقاويل: يقال: تدفن في مقبرة المسلمين. ويقال: في مقابر النصارى. قال أبو الحارث: قال سمرة: تدفن ما بين مقابر المسلمين والنصارى. قيل له: فما ترى؟ قال: لو كان لهؤلاء مقابر على حدى، ما كان أحسنه! قال أبو بكر الخلال: أخطأ أبو الحارث في قوله سمرة إنما هو واثلة. وقال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن أم ولد نصرانية في بطنها ولد مسلم؟ قال: تدفن في ناحية ولا تكون مع النصارى؛ لمكان ولدها، ولا مع المسلمين فتؤذيهم.

742 - المرأة تموت وليس معها محرم

وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن النصرانية يكون في بطنها المسلم؟ فتبسم وقال: ما أحسن أن تدفن بين مقبرتين -يعني مقابر المسلمين النصارى. قال المروذي: وكأن كلام أبي عبد اللَّه أنه لا يرى أن تدفن في مقابر المسلمين للتي في بطنها ولد مسلم. وسئل أيضًا: ما تقول في النصرانية تموت في بطنها ولد مسلم أين تدفن؟ قال: فيها ثلاثة أقاويل: عن عمر رحمه اللَّه: تدفن في مقابر المسلمين. وعن واثلة: تدفن بين مقابر المسلمين والنصارى. وذكر آخر: أنها تدفن مع النصارى. وقال: أعجب إليّ أن تدفن بينهما. قلت له: فإن لم يوجد إلَّا مقابر المسلمين؟ فتبسم، ولم يكرهه. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون قال: حدثنا مثنى الأنباري أنه سأل أبا عبد اللَّه فذكر مثل مسألة المروذي الأخيرة. "أحكام أهل الملل" 1/ 303 - 604 (363 - 639) 742 - المرأة تموت وليس معها محرم قال إسحاق: وأمَّا المرأة تموت وليس معها محرم. من يدفنها الرجال أم النساء فإن ذلك إلى أقرب من يكون منها بسبيل وإن لم يكن ذا محرم أو من كان يراها في حياتها ويحمل سفلتها، أقربهم إليها، أو يجعل الحامل ذلك على يديه شيئًا لا تفضي يده إلى كفنها فذلك أحب إلينا من النساء؛ لما لاحظ للنساء لشهود الجنائز ولا دفن الموتى، فإن لم يوجد الرجال فحينئذ

743 - إذا أوصى الميت بدفنه في داره

النساء لأنه موضع ضرورة، فحال الضرورة في الأشياء يخالف لغير الضرورة. "مسائل الكوسج" (846) 743 - إذا أوصى الميت بدفنه في داره قال ابن هانئ: وسُئل عن الرجل يموت، فيوصي أن يدفن في داره؟ قال: يدفن في مقابر المسلمين، وإن دفن في داره أضر بالورثة، والمقابر مع المسلمين أعجب إلي. "مسائل ابن هانئ" (948) قال هارون المستملي: قال أبو عبد اللَّه في الرجل يدفن في بيت من داره: لا بأس أن يبيعه الورثة، أو يدخلوه في الدار إن شاء اللَّه ما لم يبيحوا للمسلمين، فيدفنون فيه إذا أباحوه فليس لهم أن يرجعوا فيه. وأمَّا إذا كان هكذا: فلا بأس أن يبيعوه أو يدخلوه في الدار إن شاء اللَّه. "الطبقات" 2/ 511، 512

فصل في نبش القبور

فصل في نبش القبور 744 - تحويل الميت من قبره إلى غيره قال في رواية أبي طالب: في الميت يُخرج من قبره إلى غيره: إذا كان من شيء يؤذيه قد حُوِّل طلحة (¬1). وقال في رواية المروذي في قوم دفنوا في بساتين ومواضع رديئة، فقال: قد نبش معاذ امرأته، وكانت قد كفنت في خلقان فكفنها، ولم ير بأسًا أن يحولها. "الأحكام السلطانية" 307 745 - باب نبش قبور المشركين قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يوصي أن يبنى مسجد في داره فتخرج فيه مقبرة؟ فقال: مقابر المسلمين أو المشركين؟ قلت: المسلمين؟ قال: لا يخرجون ولا يبنى عليهم. قلت: فإن كانوا مشركين؟ قال: نخرج عظامهم؛ كسر عظم الميت ككسره حيًا. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 293 (610) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 63 (12095).

أبواب زيارة القبور

أبواب زيارة القبور 746 - حكم زيارة القبور قال إسحاق بن منصور: قلت: زيارة القبور؟ قال: لا بأس بها. قال إسحاق: كما قال، والنساء والرجال في ذلك سواء إلا أن يتخذن النساء من ذلك ما يكره لهن: المساجد والسروج. "مسائل الكوسج" (823) قال صالح: سألته عمن رأى القبر، أيقف قائمًا أو يجلس فيدعو؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل صالح" (211) قال أبو داود: سألت أحمد عن زيارة النساء القبر؟ قال: لا. قلت: فالرجل أيسر؟ قال: نعم، ثُمَّ ذكر حديث ابن عباس: لعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- زوَّارات القبور (¬1). "مسائل أبي داود" (1065) قال ابن هانئ: وسئل عن النساء أيخرجن إلى المقابر؟ قال: لا تخرج المرأة إلى المقابر ولا إلى غيرها. "مسائل ابن هانئ" (955) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 229، وابن ماجه (1575)، وحسنه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1280).

قال ابن هانئ: قلت: ما تقول في زيارة القبور؟ قال: لا بأس بها. "مسائل ابن هانئ" (958) قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يُسئل عن المرأة تزور القبر؟ فقال: أرجو إن شاء اللَّه أن لا يكون به بأس، عائشة زارت قبر أخيها، قال: ولكن حديث ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعن زوَّارات القبور، ثم قال: هذا أبو صالح ماذا؟ كأنه يضعفه، ثم قال: أرجو إن شاء اللَّه، عائشة زارت قبر أخيها (¬1). قيل لأبي عبد اللَّه، فالرجال؟ قال: أما الرجال، فلا بأس به. "التمهيد" 10/ 301، 302 قال علي بن سعيد: سألت أحمد عن زيارة القبور، تركها أفضل عندك أو زيارتها؟ قال: زيارتها. "المغني" 3/ 517، "الإخنائية" (237) قال أحمد بن القاسم: سئل أحمد بن حنبل عن الرجل يزور قبر أخيه الصالح ويتعمد إتيانه؟ قال: وما بأس بذلك؟ ! قد زار الناس القبور. قال: وقد ذهبنا نحن إلى قبر عبد اللَّه بن المبارك. "الإخنائية" (236) ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي الدنيا في "القبور" 228 (75)، والحاكم 1/ 376، وعنه البيهقي 4/ 78، وقال العراقي في "تخريج الإحياء" 2/ 1227 (4428): رواه ابن أبي الدنيا =

747 - فضل زيارة القبور

قال حنبل: سئل أبو عبد اللَّه عن زيارة القبور؟ فقال: قد رخص فيها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأذن فيها بعد، فلا بأس أن يأتي الرجل قبر أبيه وأمه أو ذي قرابته فيدعو له ويستغفر له وينصرف. "الإخنائية" (236) ونقل محمد بن الحسن بن هارون: وقد سئل عن المرأة تزور القبر؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس لما روى عبد اللَّه بن أبي مليكة أن عائشة -رضي اللَّه عنها- أقبلت يومًا من المقابر فقلت: يا أم المؤمنين من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن. فقلت لها: أليس قد نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن زيارة القبور؟ قالت: نعم، قد نهى عنها ثم أمر بزيارتها. "الروايتين والوجهين" 1/ 212 747 - فضل زيارة القبور نقل أبو طالب أن رجلًا سأل أحمد: كيف يرق قلبي؟ قال: ادخل المقبرة، وامسح رأس يتيم. "الفروع" 2/ 299 ¬

_ = بإسناد جيد. اهـ، ورواه أيضًا ابن ماجه (1570) مختصرًا، وقال البوصيري في "الزوائد" (1/ 98): إسناد صحيح رجاله ثقات. اهـ وصححه الألباني ورواه عبد الرزاق 3/ 570، ابن أبي شيبة 3/ 31 (11810)، الترمذي (1055) ثلاثتهم من طريق ابن جريج عن ابن أبي مليكة لكن بزيادة للأخيرين. قال الألباني في "الإرواء" 3/ 235: كلهم ثقات رجال الشيخين فهو على طريقته صحيح ولولا أن ابن جريج مدلس وقد عنعنه، لحكمت عليه بالصحة.

748 - ما يقال عند دخول المقابر

748 - ما يقال عند دخول المقابر قال ابن هانئ: وسمعته يقول: قول النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين .. وإنا -إن شاء اللَّه- بكم لاحقون" (¬1) استثناء النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وقع هاهنا على البقاع، إنه لا يدري أين يموت، في هذِه البقعة أو غيرها. "مسائل ابن هانئ" (954) روى عبد اللَّه عن أبيه أنه قال في زيارة الرجل القبر: يجيء ويسلم ويدعو. "طبقات الحنابلة" 2/ 7 749 - حال زائر القبر، يقف أم يجلس؟ قال صالح: سألته عمن رأى القبر، أيقف قائمًا أو يجلس فيدعو؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل صالح" (211). قال الفضل بن زياد: كتبت إليه أسأله عن زائر القبر يقف قائمًا أو يجلس فيدعو؟ فأتى الجواب: أرجو أن لا يكون به بأس. "بدائع الفوائد" 4/ 59 750 - خلع النعلين قرب المقابر قال أبو داود: رأيت أحمد إذا تبع جنازة فقرب من المقابر خلع نعليه. "مسائل أبي داود" (1063) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 300، مسلم (249) من حديث أبي هريرة.

قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قول النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا عنه مدبرين" (¬1). وقوله: "يا صاحب السبتيتين اخلع سبتيتيك" (¬2). قال أبو عبد اللَّه: خلع النعال أمر من النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في المقابر. وقوله: "إنه ليسمع خفق نعالكم"، مثل ضربه النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من سرعة ما يسأل الرجل في قبره. "مسائل ابن هانئ" (953) قال عبد اللَّه: قال أبي: يخلع نعليه في المقابر. "مسائل عبد اللَّه" (75) قال عبد اللَّه: رأيت أبي في آخر جنازة خرج فيها فرأيته يمشي أمام الجنازة (¬3) الذي يصلى فيه على الجنائز، قدمه الولي فصلى عليها، فجعل يرفع يديه مع كل تكبيرة، ورجعنا فقعد بعد ذلك شيئًا يسيرًا على بواري أخرجت من مسجدنا ثُمَّ دخل إلى البيت، ورأيته إذا أراد أن يخرج إلى الجنازة لبس خفيه، وكان يأمر بخلع النعال في المقابر، وقال: حديث بشير بن الخصاصية حديث النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل عبد اللَّه" (533)، "العلل" (3091) قال عبد اللَّه: ورأيت أبي في جنازة ينظر إلى رجل من الجيران وعليه ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 233، البخاري (1338)، مسلم (2870) من حديث أنس. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 83، 84، وأبو داود (3230) والنسائي 4/ 96، وابن ماجه (1568) والحاكم 1/ 373 وصححه، ووافقه الذهبي كلهم من حديث بشر بن الخصاصية. وانظر: "أحكام الجنائز" ص 173. (¬3) كذا في المسائل وبهامشها: كذا الأصل ولعل هنا نقصًا.

نعليه يمشي في المقابر بطرًا، كأنه منكر عليه. "مسائل عبد اللَّه" (534) قال عبد اللَّه: رأيت أبي إذا أراد أن يدخل المقابر خلع نعليه، وربما رأيته يريد أن يذهب إلى الجنازة، وربما لبس خفيه أكثر ذلك وينزع نعليه. "مسائل عبد اللَّه" (535) قال عبد اللَّه: سألت أبي: هل يكره أن يدوس الرجل القبر برجله؟ قال: نعم يكره أن يدوس الرجل القبر. "مسائل عبد اللَّه" (536) وقال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن المشي بين القبور في النعلين؟ فقال: أما أنا فلا أفعله، أخلع نعلي على حديث بشير، قال. وقد تأول بعض الناس "إنه ليسمع خفق نعالهم" (¬1). وقال أبو عبد اللَّه: الأسود بن شيبان: ثقة، وبشير بن نهيك: ثقة، روى عنه عدة. قلت: روى عنه النضر بن أنس، وأبو مجلز، وبركة. قال: نعم. قال الأثرم: حدثنا عفان، وسليمان بن حرب وهذا لفظ عفان: قال حدثنا الأسود بن شيبان، قال حدثنا خالد بن سمير، قال حدثني بشير بن نهيك، عن بشير، قال: بينما أنا أماشي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا على قبور المسلمين فقال: "لقد أدرك هؤلاء خيرًا"، ثم حانت من رسول ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

751 - القراءة على القبر

اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نظرة، فإذا برجل يمشي في القبور عليه نعلاه، فناداه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا صاحب السبتيتبن، ويحك ألق سبتيتيك"، فنظر الرجل، فلما عرف رسول اللَّه، خلع نعليه فرمى بهما (¬1). قال: وحدثنا عفان، قال حدثنا حماد بن سلمة، قال أخبرنا محمد ابن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "إنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا" (¬2) قال: ورأيت أبا عبد اللَّه عند المقابر معلقًا نعليه بيده. "التمهيد" 8/ 101 - 102 قال أبو بكر بن محمد بن صدقة: واللَّه لما بلغ المقابر خلع نعليه -يعني: الإمام أحمد. "بدائع الفوائد" 4/ 69 751 - القراءة على القبر قال أبو داود: سمعت أحمد سئِلَ عن القراءة عند القبر؟ فقال: لا. "مسائل أبي داود" (1062) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن القراءة على القبر؟ قال: القراءة على القبر بدعة (¬3). "مسائل ابن هانئ" (946) ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 347، الحاكم 1/ 380 - 381، ورواه عبد الرزاق 3/ 567 (6703)، وابن حبان في "صحيحه" 7/ 380 (3113)، والحاكم 1/ 379 من طرق عن محمد بن عمرو، به. وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. (¬3) هذِه هي الرواية الصحيحة عن الإمام أحمد، وحكاية رجوعه عنها المروية في كتاب =

قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن رجل يقرأ عند القبر على الميت. قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل عبد اللَّه" (543) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يحمل معه المصحف إلى القبر يقرأ عليه؟ قال: هذِه بدعة. قلت لأبي: وإن كان يحفظ القرآن يقرأ؟ قال: لا، يجيء ويسلم، ويدعو وينصرف. الزيارة بعد حين رخص النَّبي صلى اللَّه عليه وسلم فيها. يقولون ذاك. "مسائل عبد اللَّه" (544) قال الدوري: سألت أحمد بن حنبل قلت: تحفظ في القراءة على القبور شيئا؟ فقال: لا. "القراءة عند القبور" للخلال ص 82 (3)، "الروح" ص 33 قال الخلال: وأخبرني الحسن بن أحمد الوراق قال: حدثني علي بن موسى الحداد وكان صدوقًا وكان ابن حماد المقرئ يرشد إليه فأخبرني قال: كنت مع أحمد بن حنبل ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة فلما دفن الميت، جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر. فقال له أحمد: يا هذا إن القراءة عند القبر بدعة، فلما خرجنا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد اللَّه ما تقول في مبشر الحلبي؟ ¬

_ = "الروح" ص 13 للإمام ابن القيم، عن الخلال لا تصح، ففيها مجاهيل. انظر: مناقشة ذلك في "أحكام الجنائز وبدعها" ص 192.

قال: ثقة. قال: كتبت عنه شيئا؟ قال: نعم قال: فأخبرني مبشر عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها وقال: سمعت ابن عمر يوصي بذلك. فقال له أحمد: فارجع فقل للرجل يقرأ. "القراءة عند القبور" للخلال ص 83 (5، 6)، وانظر "الطبقات" 2/ 155، 1116، و"الروح" ص 33. قال سلمة بن شبيب: أتيت أحمد بن حنبل فقلت له: إني رأيت عفان يقرأ عند قبر في المصحف فقال لي أحمد بن حنبل: ختم له بخير. "القراءة عند القبور" للخلال ص 84 (7) قال الحسن بن الهيثم البزاز: رأيت أحمد بن حنبل خلف رجل ضرير يقرأ على القبور. "القراءة عند القبور" للخلال ص 84 (8)، و"المغني" 3/ 519 نقل المروذي عنه: القراءة عند القبر بدعة، وإن نذر أن يقرأ كفر عن يمينه ولم يقرأ؛ لما روى أبو هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر، فإن الشيطان ليفر من البيت يقرأ فيه البقرة" (¬1) فلولا أن المقبرة لا يقرأ فيها لم يشبه البيت الذي لا يقرأ فيه بالمقبرة. "الروايتين والوجهين" 1/ 212، "الفروع" 2/ 305 وقال محمد بن البزار: كنت مع أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل في جنازة، فأخذ بيدي، وقمنا ناحية، فلمَّا فرغ الناسُ من دفنه وانقضى الدفن، جاء إلى القبر وأخذ بيدي وجلس ووضع يده على القبر فقال: اللهمَّ إنك ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 284، مسلم (780)، الترمذي (2870).

752 - الصدقة عند القبر

قلت في كتابك الحق: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94)} إلى آخر السورة. اللهم وأنا أشهد أن هذا فلان بن فلان، ما كذب بك، ولقد كان يؤمن بك وبرسولك رحمه اللَّه، اللهمَّ فاقبل شهادتنا له، ودعا له وانصرف. "الطبقات" 2/ 391 - 392 قال المروذي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا دخلتم المقابر فاقرءوا آية الكرسي وثلاث مرات {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ثم قولوا: اللهم إن فضله لأهل المقابر. "الطبقات" 2/ 224، "الفروع" 2/ 308، "معونة أولي النهى" 3/ 145 وفي رواية محمد بن يحيى الكحال قال: قيل لأبي عبد اللَّه الرجل يعمل الشيء من الخير من صلاة أو صدقة أو غير ذلك فيجعل نصفه لأبيه أو لأمه؟ قال: أرجو، أو قال: الميت يصل إليه كل شيء من صدقة أو غيرها، وقال أيضًا: اقرأ آية الكرسي ثلاث مرات، {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وقل: اللهم إن فضله لأهل المقابر. "الروح" ص 190، "الفروع" 2/ 308 752 - الصدقة عند القبر نقل أبو طالب عنه: لم أسمع فيها بشيء، وأكره أن أنهي عن الصدقة. "الفروع" 2/ 298، "معونة أولي النهى" 3/ 133

753 - في القربات وقضاء العبادات عن الميت

753 - في القربات وقضاء العبادات عن الميت قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُتصدقُ عن الميتِ؟ قال: نعم، يُحجُّ عنه ويُسعى عنه ويُعتق عنه ويُصام عنه النذرُ إلا الصلاة. قال إسحاقُ: كلٌّ جائزٌ حتى الصلاةَ والتسبيحَ والذكر، ألا تَرى أن الحاجَّ عن غيرِه لابدَّ له من أن يُصلي خلف الأسبوع، فيجزئه أن ينويه عن نفسِهِ. "مسائل الكوسج" (1745) قال صالح: قلت رجل فرط في الصلاة فلما أدركه الموت أقر بذلك؟ فقال: الصلاة لا تقضى ولكن يصدق عنه. قلت: فإن تركها ولم يصل؟ قال: إذا كان عامدًا استتبته ثلاثًا، فإن تاب وإلا قتل. قلت: فتوبته أن يصلي؟ قال: نعم. "مسائل صالح" (295) قال أبو داود: سمعت أبا عبد اللَّه ذكر حديث عطاء: أنه كان يعطي صدقة الفطر حتى مات -يعني: عن أبويه، وهما ميتان- قلت: يعجبك هذا يا أبا عبد اللَّه؟ قال: ما أحسنه إن فعله. "مسائل أبي داود" (604) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل مرض وأصابه وجع البطن فسهل عليه بطنه واشتد مرضه فلم يصل عشرين يومًا أو عشرين صلاة ومات هل يقضي عنه؟ قال: ليس يقضي عنه شيء، ليس عليه شيء، الصائم يكتحل ويفطر. "مسائل عبد اللَّه" (699)

قال الخلال: أخبرنا أحمد بن أصرم المزني: أنه سمع أبا عبد اللَّه سأله رجل قال: مات أبي وترك ضيعة بطرسوس، إن أنا أوقفتها يلحق أبي أجرها؟ فقال له: لك مال ها هنا؟ قال: نعم، قدر ما يقيمنا. فقال: أوقفها، فإنه يلحقه أجرها، إن فعلت فقد أحسنت. وقال: أخبرني عبد الملك الميموني: أنه قال لأبي عبد اللَّه: الرجل يرابط يكثر ينوي: عن أخيه، عن أبيه؟ قال: أرجو أن يتقبل منه عن هذا، وكل ما فعل من هذا -أو كلمة أخرى- يريد الأجر والثواب. أخبرنا محمد بن علي: حَدَّثَنَا الأثرم، أن أبا عبد اللَّه قال له رجل: أوصاني أخي بكفارات قال: أعط مُدًّا مُدًّا، فإن تطوعت عنه بأكثر جاز؟ قال: نعم! قال: فيلحق ذلك الميت؟ قال: نعم. وقال: أخبرني حرب قال: قلت لأحمد: أليس يعتق عن الموتى؟ قال: نعم. (. . .) أخبرني الحسن بن عبد الوهاب: حَدَّثَنَا إبراهيم بن هانئ. ح وأخبرني إبراهيم: حَدَّثَنَا نصر، حَدَّثَنَا يعقوب قالا: سئل أبو عبد اللَّه: يعتق عن الموتى. .، فذكر مثل مسألة حرب. أخبرني محمد بن جعفر: حَدَّثنَا أبو الحارث قال: قال أبو عبد اللَّه: لا بأس أن يعتق عن الميت ويتصدق عنه. أخبرني أحمد بن علي الأبّار قال: سمعت أحمد بن حنبل وقال له رجل: أنا من هذِه البلاد الذي زلزل بها، وقد صار مواتًا بجنب

الحيطان، وقد كنت قلت لأمي: إني أحج بك العام، فهي ممن مات في هذا الهدم، أفأتصدق عنها، أو أحج عنها؟ قال: حج عنها أحب إلي. أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد: قال حدثني أبي قال: سمعت سفيان قال: الدعاء أفضل من الحج عن الميت، إلا أن كان لم يحج، وقد كان وجب عليه الحج، فيحج عنه. "الوقوف" للخلال (223 - 229) قال الخلال: أخبرني حرب قال: قلت لأحمد: الابن يصلي عن أبيه، وهو ميت؟ قالِ: ما بلغنا أن أحدًا صلى عن أحد. قيل: فإن كان عليه نذر يقضيه عنه؟ قال: نعم. أخبرني عبد اللَّه بن محمد: حَدَّثنَا بكر بن محمد، أن أبا عبد اللَّه قال: لا تُقضى عن الميت الصلاة. أخبرني عبد اللَّه بن محمد: أنه سأل أبا عبد اللَّه: عن رجل كانت عليه صلاة فرط فيها، كانت عليه قبل مرضه الذي مات فيه، يُصلى عنه؟ قال: لا، لا يصلي أحد عن أحدٍ. (. . .) أخبرني منصور بن الوليد: أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا يصلي أحد عن أحد. أخبرني موسى بن سهل: حَدَّثَنَا محمد بن أحمد الأسدي: حَدَّثَنَا إبراهيم بن يعقوب، عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد: هل يُصلى عن الميت؟

قال: لا يصلى عنه. قلت له: إنه يحج عنه، ويصلى عنه الطواف؟ قال: ذاك من عمل الحج. أخبرني محمد بن علي: حَدَّثَنَا مهنا قال: سئل أبو عبد اللَّه: عن الرجل يصلي عن أبيه، وقد مات، أو يصلي الرجل عن الرجل وقد مات؟ قال: ما سمعت في هذا بشيء، أن يصلي الرجل عن الرجل. وقال: لا يعجبني أن يصلي أحد عن أحد. "الوقوف" للخلال (231 - 235) أخبرني عبد اللَّه بن محمد: حَدَّثنَا بكر بن محمد: أنه سأل أبا عبد اللَّه: يصوم أحدً عن أحد؟ قال: النذر يصام عنه، أما رمضان -يعني: لا. قلت: يصلي أحد عن أحد نذرًا؟ قال: لا. وقال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال: أنه قال لأبي عبد اللَّه: الرجل يعمل الشيء من الخير من صلاة أو صدقة، أو غير ذلك فيجعل نصفه لأبيه أو لأبنه؟ قال: أرجو. وقال: الميت يصل إليه كل شيء من صدقة أو غيره. أخبرني زكريا بن يحيى: حَدَّثَنَا أبو طالب، أنه قال لأبي عبد اللَّه: وحديث محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد ابن أبي أنيسة، عن زيد بن أسلم، عن عبد اللَّه ابن أبي قتادة، عن أبيه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "خير ما يخلف الرجل ثلاثة: ولد صالح يدعو له، وصدقة يبلغه أجرها، وعلم يعمل به بعده".

754 - في تقديم النية لما تدخله النيابة من الأعمال

فقال: زيد بن أسلم، عن عبد اللَّه ابن أبي قتادة! ما أغرب هذا من حديث! قلت: سمع زيد ابن أبي أنيسة من زيد بن أسلم؟ قال: ما أدري. "الوقوف" للخلال (238 - 240) 754 - في تقديم النية لما تدخله النيابة من الأعمال نقل حنبل عنه: يشترط تقدم النية. "معونة أولي النهى" 3/ 146 755 - ما كره من عمل الدنيا في المقابر قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: فترى للرجل أن يعمل المغازل ويأتي المقابر، فربما أصابه المطر، فيدخل في بعض القباب، فيعمل فيها؟ فقال: المقابر إنما هي أمر الآخرة. وكأنه كره ذلك. "الورع" للمروذي (204)

أبواب التعزية

أبواب التعزية 756 - مكان التعزية، والجلوس لها قال أبو داود: قلت لأحمد: أولياء الميت يقعدون في المسجد يعزون؟ قال: أما أنا فلا يعجبني، أخشى أن يكون تعظيمًا للميت أو للموت. فقيل لأحمد: أيوب -يعني: رخص فيه؟ فقال: إنه خاف على عبد الوهاب -يعني: الثقفي- فقال: الزموه فإنه حدث - يعني: حين مات عبد المجيد أبو عبد الوهاب. "مسائل أبي داود" (924) قال أبو داود: قلت لأحمد: التعزية عند القبر؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل أبي داود" (924) قال الخلال: سهل أحمد الجلوس إليهم في غير موضع. ونقل عنه: المنع. ونقل حنبل عنه: الرخصة لأهل الميت. "الفروع" 2/ 295 وقال أحمد الساويُّ: رأيت أبا عبد اللَّه جاء يُعزَّي أبا طالب فوقف بباب المسجد، فقال: عظم اللَّه أجركم، وأحسن عزاءكم، ثم جلس، ولم يقصد أحدًا منهم. "الطبقات" 1/ 188 قال في رواية أبي الحارث: ما أحب الجلوس مع أهل الميت والاختلاف إليهم بعد الدفن ثلاثة أيام؛ هذا تعظيم للموت. "معونة أولي النهى" 3/ 130

757 - صفة التعزية

757 - صفة التعزية قال أبو داود: رأيت أحمد بن حنبل عزى مصابًا فقال: عظم اللَّه أجرك، وتكلم بكلام نحوه، ولم أحفظه. قال: ورحم ميتكم. "مسائل أبي داود" (923) قال أبو داود: قلت لأحمد: آخذ بيد الرجل في التعزية؟ قال: إن شئت أخذت وإن شئت لم تأخذ، ورأيت أحمد يأخذ بيد الرجل في التعزية يسلم عليه وذاك لبعد عهده به "مسائل أبي داود" (926) قال أحمد بن الشهيد: عزاني أحمد بن حنبل، فقال: آجرنا اللَّه وإيَّاك في هذا الرجل. "الطبقات" 1/ 112 وقال ابن المكين الأنطاكي: سمعت أحمد بن حنبل، وقال لرجل: ما فعلت الوالدة؟ قال: توفيت يا أبا عبد اللَّه. فقال له أحمد: أعظم اللَّه أجرك. "الطبقات" 1/ 193 وقال أحمد بن الحسين: سمعت أبا عبد اللَّه وهو يعزي في عَبْثّر ابن عمه، وهو يقول: استجاب اللَّه دعاك، ورحمنا وإياك. "المغني" 3/ 487 نقل أبو بكر محمد بن صدقة عنه: وقد سُئل عن الرجل يعزي الميت يصافحه؟ قال: ما أذكره سمعت. "بدائع الفوائد" 4/ 69

758 - المشرك يعزي المسلم، كيف الرد عليه؟

وقال أحمد في عزائه لأبي طالب: أعظم اللَّه أجركم، وأحسن عزاءكم. "الفروع" 2/ 294 758 - المشرك يعزي المسلم، كيف الردّ عليه؟ قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون أنه سمع العباس بن محمد الدوري قال: سألت أحمد بن حنبل في جنازة سهل بن حليمة قلت: اليهودي والنصراني يعزيني أي شيء أردّ عليه؟ فأطرق ساعة ثم قال: ما أحفظ فيه شيئًا. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 305 (643) 759 - في عزاء المسلم للمشرك قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا حمدان الوراق قال: سُئل أبو عبد اللَّه، وأخبرنا محمد بن علي الوراق قال: حدثنا الأثرم قال: سُئل أبو عبد اللَّه، قال حمدان سمعت أبا عبد اللَّه وسُئل: يعزى أهل الذمة؟ فقال: ما أدري أخبرك! قال حمدان: ما أدري! ما سمعت في هذا. زاد حمدان بن علي، والأثرم قالا: حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا إسحاق بن منصور والسلولي حدثنا هريم قال: سمعت الأجلح عزى نصرانيًا فقال: عليك بتقوى اللَّه والصبر. وزاد الأثرم قال: حدثنا منجاب قال: حدثنا شريك عن منصور عن إبراهيم قال: إذا أردت أن تعزي رجلًا من أهل الكتاب: فقل: أكثر اللَّه

760 - الطعام والبيتوتة عند أهل الميت

مالك وولدك وأطال حياتك أو عمرك. وقال: أخبرني محمد بن الحسين قال: حدثنا الفضل بن زياد قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت: كيف يعزى النصراني؟ قال: لا أدري. ولِمَ يعزيه؟ "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 304 - 305 (640 - 641) 760 - الطعام والبيتوتة عند أهل الميت قال إسحاق بن منصور: قلت: يكره الطعام على أهل الميت والبيتوتة عند أهل الميت؟ قال: يكون الطعام لأهل الميت وأما أن يجمع عليهم مثل العُرس فلا، وأما المبيت فأكرهه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (836) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الطعام على الميت؟ قال: يعمل لهم ولا يعملون هم. "مسائل أبي داود" (925) قال ابن هانئ: قلت: يكره الطعام لأهل الميت؟ قال: إذا كان مثل عرس فلا، ولكن يكون الطعام لأهله. "مسائل ابن هانئ" (960) قال ابن هانئ: قلت: البيتوتة عند أهل الميت؟ قال: أكرهه. "مسائل ابن هانئ" (961)

نقل جعفر عنه: لم يرخص لهم. ونقل المروذي: هو من أفعال الجاهلين. وأنكره شديدًا، وقال: كانوا إذا مات لهم الميت نحروا جزورًا، فنهى عليه السلام عن ذلك (¬1). "الفروع" 2/ 296، "معونة أولي النهى" 3/ 311، 132 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 197، وأبو داود (3222) وصححه ابن حبان 7/ 415 (3146) من حديث أنس بلفظ: "لا عقر في الإسلام" قال أبو داود: قال عبد الرزاق: كانوا يعقرون عند القبر -يعني: بقرة أو شاة. والحديث صححه الألباني في "الصحيحة" (2436).

أبواب بدع الجنائز

أبواب بدع الجنائز 761 - الكلام ورفع الصوت حال الجنازة قال إسحاق بن منصور: قلت: يُكره أن يُقال في الجنازة: استغفروا له (¬1)؟ قال الإمام أحمد: ما يعجبني. قال إسحاق: كما قال يكره ذلك. "مسائل الكوسج" (799) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل، عن قول الناس في الجنازة إذا تناوله من صاحبه: سلم رحمك اللَّه؟ فلم يعرفه. "مسائل أبي داود" (1013) 762 - الندب والنياحة على الميت نقل حنبل عنه: النياحة معصية. "عدة الصابرين" 168 763 - بناء قبر يختص به سأله أبو طالب: عمَّن اتخذ حجة في المقبرة لغيره؟ قال: لا يدفن فيها. "الفروع" 2/ 272 - 273 ¬

_ (¬1) الظاهر أن المقصود بالسؤال الكلام حال الجنازة ورفع الصوت بطلب المغفرة للميت والمطلوب في هذا الموضع السكينة، أما عند الدفن فقد صح ذلك عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، واللَّه أعلم.

764 - من رأى منكرا من أهل الميت

764 - من رأى منكرًا من أهل الميت قال إسحاق بن منصور: قلت: الجنازة إذا كان معها نساء، يرجع الرجال؟ قال: ما يعجبني أن يرجع. قال إسحاق: كما قال، ولكن يأمر. "مسائل الكوسج" (827) قال أبو داود: قلت لأحمد: أرى الرجل قد شق على الميت، أعزيه؟ قال: لا يترك حق لباطل. "مسائل أبي داود" (927) قال أبو داود: وسمعت أحمد بن حنبل سُئِلَ عن الدار فيها النوح يغسل الغاسل ميتهم أم لا؟ قال: بلى، ولكن ينهاهم. "مسائل أبي داود" (928) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: يكون مع الجنازة وعليها جريد أيتبع الجنازة؟ قال: إذا رأى شيئًا مما يصنعه أهل الميت، تبع الجنازة فصلى عليها، ويأمرهم وينهاهم ويقول: هذا مكروه. "مسائل ابن هانئ" (941) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الجنازة معها نوائح أو صوائح تتبع؟ قال: قال الحسن: لا ندع حقًا لباطل. "مسائل عبد اللَّه" (537) قال عبد اللَّه سئل عن رجل شق ثيابه أيعزى؟

قال: لا يترك حق لباطلٍ قيل: أيؤخذ بيده؟ قال: خُذ. "العلل" (3202) نقل أبو الحارث عنه في الرجل يدعى ليغسل الميت وعنده النوح. فقال: يدخل فيغسله وينهاهم. ونقل الفضل بن زياد وقد سئل عن الرجل يتبع الجنازة فيرى ما ينكر: يتبعها ولا يترك حقًا لباطل. ونقل المروذي عنه: إذا جاء يغسل الميت فيسمع صوت طبل فلا يدخل إلا أن يكسره صغيرًا كان أو كبيرًا. "الروايتين والوجهين" 1/ 216

جامع في الجنائز

جامع في الجنائز 765 - موت الفجأة قال إسحاق بن منصور: قلت: أتكره موت الفجأة؟ قال: من الناس من يتوقاه، ويروى عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-: تهوين على المؤمن، وأسف على الكافرة" (¬1). قال إسحاق: بلى هو مكروه لما لم يكن استعد أهبة الموت. "مسائل الكوسج" (3277) 766 - المؤمن يموت بعرق الجبين نقل عنه حنبل: إذا رأيت المؤمن يعرق جبينه عند الموت فإنها علامة خير، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المؤمن يموت بعرق الجبين" طوبى لمن كان له عند اللَّه خير (¬2). "المستوعب" 3/ 96 767 - إذا ماتت المرأة، وهي حامل، يشق عنها؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: سُئِلَ سفيان عن امرأة ماتت وفي بطنها ولد يتحرك؟ قال: ما أرى بأسًا أن يشق. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 596 - 597 (6776)، الطبراني في "الكبير" 9/ 175 (8865)، الدارقطني في "العلل" 5/ 272 (873). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 350، والترمذي (982)، والنسائي 4/ 106 وابن ماجه (1452) والحاكم 1/ 361، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" 1/ 289.

قال الإمام أحمد: بئس واللَّه ما قال -يردد ذلك- سبحان اللَّه، بئس ما قال. قال إسحاق: لا يحل أن يُشق عنها؛ لأنه وإن كان على طمع في إحياء موءودة فهو على شرف أن يكون قتل مسلمة. قال إسحاق: سمعت النضر بن شميل يقول وهو يعجب ممن أمر بهذا. قال: وسمعت الرعاء يقول: ما في الدنيا مولود في البطن إلا مخرج روحه بروح أمه وذلك أنه ذُكر على الجنين "وأن ذكاتَه ذكاة أمه" (¬1). فقال: كيف تكون المسلمة ميتًا في بطنها ولد حي وتكون روح أمه قد خرج، هذا لا يمكن، وكذلك ذكروا عن الحسن أنه لا يُشق عنها. قال إسحاق بن منصور: سمعت النضر يقول هذا -أراني- خمسين مرة فلم أكتبه، وكذلك أيوب السختياني كرهه أشد الكراهية. "مسائل الكوسج" (840) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 31، 39، وأبو داود (2827)، والترمذي (1476)، وابن ماجه (3199)، وابن الجارود في "المنتقى" (900)، وابن حبان (5889)، والدارقطني 4/ 273، 274، والبيهقي 9/ 335 من حديث أبي سعيد الخدري وقال الترمذي: حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وغيرهم وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق. ورواه أبو داود (2828)، والدارقطني 4/ 273، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 92، والحاكم 4/ 114، والبيهقي 9/ 334 - 335 من حديث جابر بن عبد اللَّه، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. ورواه الحاكم 4/ 114، والدارقطني 4/ 271، الطبراني في "الصغير" (1067)، والبيهقي 9/ 335 من حديث ابن عمر. وصححه الألباني في "الإرواء" (2539) بمجموع طرقه وشواهده.

قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاق عن المرأة إذا ماتت وفي بطنها ولد حي، كيف تدفن؟ قال: دفنها كدفن من لا ولد في بطنها، وما يدريه أحي في بطنها الولد أم لا، عسى أن تكون تلك الحركة من بعض أعضائها، فمن هاهنا غلط هؤلاء فقالوا: يشق بطن المرأة إذا ارتكض في بطنها ولد، وكيف يجوز ذلك وليس أحد يستيقن بأنه ولد حي، وقال هؤلاء: قد فعل ذلك بامرأة فخرج منها ولد فعاش، وعسى أن يكونوا أحيوا موءودة وقتلوا نفسًا مسلمة؛ لأنه لا يُدرى موتها إذا كان منها تحرك، ألا ترى أن المصعوق والغريق ومن يموت تحت البيوت لا يتحرك منه شيء فرأى أهل العلم التربص بدفنه أيامًا خشية أن يكون حيًا. ولقد قال النضر بن شميل سألت الرعاء فقالوا: ما من دابةٍ تموت وفي بطنها جنين إلا خرج روحه لروح أمه. "مسائل الكوسج" (2714) قال صالح: وسألته عن المرأة تموت وفي بطنها ولد؟ قال: إذا لم يقدر النساء: فليسطُ عليها رجل يخرجه. "مسائل صالح" (520) قال صالح: وقال في المرأة تموت وفي بطنها صبي حي يشق عنها؟ قال: لا يشق عنها، وإن أراد اللَّه أن يخرجه أخرجه. "مسائل صالح" (522) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن المرأة تموت والولد يتحرك في بطنها يشق عليها؟ قال: لا، كسر عظم الميت ككسره حيًا (¬1). "مسائل أبي داود" (1006) ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه.

768 - إعارة المسلم النعش وغيره لأهل الذمة

قال عبد اللَّه: سُئِلَ أبي وأنا أسمع عن المرأة تموت في بطنها ولد، إذا لم يقدر النساء (يسلط عليها) (¬1) الرجل (يخرجه (¬2)؟ قال: لا. قلت: والصبي يولد في أصبعه زيادة يقطع؟ قال: لا. والمرأة تموت وفي بطنها صبي؟ قال: لا يشق عن بطنها يخرجه اللَّه إن شاء، ينتظر بها ما دام حيًا. "مسائل عبد اللَّه" (542) 768 - إعارة المسلم النعش وغيره لأهل الذمة قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد عن أبيه عن أبي عبد اللَّه قال: حدثنا محمد بن يزيد عن أبي العلاء قال: لا بأس أن يعير المسلم النعش أو المغسل أهل الذمة. قال أبو عبد اللَّه: لا يعجبني أن يعيرهم. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 293 (609) ¬

_ (¬1) في المطبوع: بياض في الأصل، والمثبت من "مسائل صالح" (520). (¬2) في المطبوع: بياض في الأصل، والمثبت من "مسائل صالح" (520).

كتاب الزكاة

كتاب الزكاة باب: وجوب الزكاة وأحكام مانعها 769 - حكم من كتم صدقة ماله وأخفاها نقل ابن الحكم عنه، وقد سأله عن حديث بهز بن حكيم (¬1) عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أعطاها مؤتجرًا فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله" (¬2). فقال: لا أدري ما وجهه إذا منع الصدقة أخذها منه الإمام ولم يأخذ غير ما وجب عليه. "الروايتين والوجهين" 1/ 222 قال الأثرم: وذكر هذا الحديث -يعني: ما رواه بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يقول: "في كل سائمة الإبل، في كل أربعين بنتُ لبُون، لا تُفَرَّق عن حسابها، من أعطاها مؤتجرًا فلهُ أجرها، وعن أباها فإنا آخذوها وشطر ماله، عزمة من عزمات ربنا، لا يحل لآل محمد منها شيء" -لأحمد فقال: ما أدري ما وجهه؟ وسُئل عن إسناده، فقال: هو عندي صالح الإسناد. "المغني" 4/ 7 ¬

_ (¬1) هكذا في المطبوع، وهو حديث: بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 2، وأبو داود (1575)، والنسائي 5/ 15 - 17، والحاكم 1/ 398 - 397 وصحح إسناده وقال الألباني في "الإرواء" (791): حسن.

770 - حكم من منع زكاة ماله وقاتل عليها

770 - حكم من منع زكاة ماله وقاتل عليها قال إسحاق بن منصور: قلتُ: يُقَاتَلُ مَن منعَ الزكاةَ؟ قال أحمد: نعم، أبو بكر -رضي اللَّه عنه- قاتلَهم حتَّى يؤدوا ذَلِكَ. قال: وكل مَن يمنعُ فريضةً، فعلى المسلمينَ قتاله حتَّى يأخذوها منه. قال إسحاق: كما قال، إذا أجمعوا على ذَلِكَ، وناصبوا للقتال. "مسائل الكوسج" (2343) قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم -يعني: ابن راهويه، قال: حدثني بقية بن الوليد عن زياد بن أبي حميد، عن مكحول فيمن يقول: الصلاة من عند اللَّه لا أصليها، والزكاة من عند اللَّه تعالى ولا أُؤديها. قال: يستتاب، فإن تاب وإلَّا قتل (¬1). "مسائل حرب" ص 375 قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل يعرف أنه ليس ممّن يؤتي الزكاة ولا ينشر في الجيران زكاة؟ فقال أبو عبد اللَّه: ينبغي أن: ينكح بها في وجهه على رؤوس الناس. فيقال له: أنت ممن ليس يؤدي الزكاة. قال: وسألت أبا عبد اللَّه عن القوم يمنعون الزكاة، يقاتلون عليها؟ قال: إذا كان إمام عدل قاتلهم عليها. وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا منعوا الزكاة يحاربون مع الإمام العادل. وذهب إلى فعل أبي بكر. ¬

_ (¬1) رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية" 4/ 598 (664). وفيه (إباد بن أبي حميد) بدل (زياد بن أبي حميد).

قلت لأبي عبد اللَّه: فقالوا للإمام: لا نؤدي. ترى أن يحاربوا؟ قال: إذا كان إمام عدل حاربهم، أو قال: قاتلهم عليها حتى يؤدّوا. ولم ير أن تسبى الذرية؛ لأن لهم عهدًا. وقال: ما أحسن ما احتجت امرأة علقمة بن علاثة على أبي بكر فقالت: إن كان زوجي كفر، فإني لم أكفر (¬1) قال أبو عبد اللَّه: ما أحسن ما احتجت عليه. قال وحدثنا أبو عبد اللَّه قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا رَبَاحٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَفَرَ مَنْ كَفَرَ قال: يَا أَبَا بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قال رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إله إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ قال لَا إله إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ". قال أَبُو بَكْرٍ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ إِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ (¬2). وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن أبا الصقر حدثهم أن أبا عبد اللَّه قال: من ترك الزكاة ليس بمسلم. هكذا قال ابن مسعود: ما تارك الزكاة بمسلم. وقد قاتل أبو بكر أهل الردّة على ترك الزكاة، وقال: لو منعوني عقالًا ممّا أدّوا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قاتلتهم. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: قيل لأبي عبد اللَّه: تارك الزكاة؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 6/ 441 (32722). (¬2) رواه الإمام في "المسند" 1/ 47 بسنده ومتنه سواء، ورواه البخاري (1399 - 1400)، ومسلم (20).

قال: قد جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما تارك الزكاة بمسلم" (¬1). وأبو بكر قاتلهم عليها. والحديث في الصلاة. وقال: أخبرني الميموني قال: قلت يا أبا عبد اللَّه: من منع الزكاة يقاتل؟ قال: قد قاتلهم أبو بكر. قلت: فيورث ويصلى عليه؟ قال: إذا منعوا الزكاة كما منعوا أبا بكر وقاتلوا عليها لم يورثوا ولم يصل عليهم. فإذا كان الرجل يمنع الزكاة -يعني: من بخل أو تهاون- لم يقاتل ولم يحارب على المنع، يورث ويصلى عليه حتى يكون يدفع عنها بالخروج والقتال كما فعل أولئك بأبي بكر، فيكون حينئذٍ يحاربون على منعها، ولا يورث، ولا يصلى. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب قال: سألت أبا عبد اللَّه عن من قال الصلاة فرض ولا أصلي؟ قال: يستتاب أيامًا فإن تاب وصلَّى وإلَّا ضربت عنقه. قلت: فرجل قال: الزكاة عليّ ولا أزكي؟ قال: يقال له: مرتين أو ثلاثًا زكِّ فإن لم يزك يستتاب ثلاثة أيام، فإن تاب، وإلَّا ضربت عنقه. ¬

_ (¬1) لم أقف عليه مرفوعًا، ورواه ابن أبي شيبة 2/ 353 (9828)، وعبد اللَّه بن الإمام أحمد في "السنة" 1/ 373 (812)، وابن بطة في "الإبانة" 2/ 681 (891)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" 2/ 927 (1575) من طرق عن مطرف، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللَّه بن مسعود، قوله.

771 - هل في المال حق سوى الزكاة؟

قلت لأحمد: ابن أبي خالد الخطابي روى عنك أنك قلت في الزكاة: تضرب عنقه على المكان ولا يستتاب؟ قال: لم يحفظ، يستتاب ثلاثة أيام. "أحكام أهل الملل" 2/ 552 - 554 (1416 - 1420) وقال في رواية أحمد بن سعيد في صدقة الماشية والعين: إذا أبى الناس أن يعطوها الإمام قاتلهم عليها إلا أن يقولوا نحن نخرجها. "الفروع" 2/ 557 771 - هل في المال حق سوى الزكاة؟ قال صالح: قلت: في المال حق سوى الزكاة؟ قال: قد قال ذلك ابن عمر (¬1)؛ لقرابته وغيرهم، والزكاة إنما هي حق المال. "مسائل صالح" (1184) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 412 (10526).

شروط وجوب الزكاة

شروط وجوب الزكاة ما جاء في الشروط بالنسبة لمن عليه الزكاة 772 - هل يشترط الإسلام؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل على نساءِ أَهْلِ الذِّمةِ وصِبْيانهم وكَيلهم وكرومهم وزُرُوعهِم ومَوَاشِيهم صَدَقة؟ قال: ليسَ عليهم فيها شيء، إلا عَلَى مَوَاشي أهلِ تغلب، فإنّه تضاعف عليهم الصدقة "مسائل الكوسج" (557) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قول ابن عباس في أموال أهلِ الذمَّةِ: العفو (¬1)؟ قال أحمد: عمرُ -رضي اللَّه عنه- جعلَ عليهم مَا قَدْ بلغَكَ (¬2)، كأنَّه لم يَرَ ما قال ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما-. قال إسحاق: معناه -واللَّه عَزَّ وَجَلَّ أعلم- أنَّه إذا صارَ في أيديهم من أرضِ المسلمين، فزرعوا ألا يُؤْخَذَ منهم العشر؛ لأنَّه لا طهرةَ لهم. "مسائل الكوسج" (577) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 98 (10122)، وابن أبي شيبة 6/ 432، والبيهقي 9/ 205. (¬2) "مصنف عبد الرزاق" 6/ 95 - 100 (10112 - 10114، 10117 - 10119، 10121، 10124 - 10127).

773 - هل يشترط المزكي أن يكون عاقلا؟

773 - هل يشترط المزكي أن يكون عاقلًا؟ قال إسحاق بن منصور: شَهدتُ سفيانَ، وسَألَتْهُ امرأةٌ عن أخٍ لها يُرَهَّقُ (¬1)، له مال فَنَأمُره بالزكاةِ، فيقول: زَكُّوه، ثم يقولُ: على عِيالي، على عيالي! أفتزكيه بغيرِ أمرِه؟ قال: لا، دَعوُه وقُولوا له: زَكِّ مالَكَ، فإذا قال: نعم، فزَكُّوه عند ذلك، ولا تؤخِّروه. قال الإمامُ أحمدُ: يُزكَّى مالُ الصغيرِ والمجنونِ بغير أمرِهما. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (544) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن مال المجنون يزكى؟ قال: نعم، الصبي أليس مثله يزكى ماله؟ ! "مسائل أبي داود" (553) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: المجنون تجب في ماله زكاة؟ قال: نعم. إنما تجب الزكاة على المال. "مسائل عبد اللَّه" (30) 774 - هل يشترط البلوغ؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: زكاةُ مالِ اليتيمِ؟ قال: فيه الزكاةُ، وفي الماشيةِ والإبل لا يختلفون -أي: أنَّ فيه الزكاة. قال إسحاق: وفي كل مالِ اليتيمِ زكاةٌ. "مسائل الكوسج" (636) ¬

_ (¬1) الرهق: جهل في الإنسان وخفة في عقله.

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: مال اليتيم يزكيه الوصي؟ قال: لا أعلم فيه عن أحد من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئًا صحيحًا، يعني ممن لم ير فيه زكاة. "مسائل أبي داود" (552) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: يزكى مال اليتيم؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (579) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: في مال اليتيم زكاة. وقال: سمعت أبي يقول: حدثنا يزيد بن هارون عن سفيان عن عبد اللَّه ابن دينار عن ابن عمر أنه كان يزكي مال اليتيم (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (591) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول -مرة أخرى- وسُئِلَ عن مال اليتيم يزكى؟ قال: نعم. وقال: حدثني أبي: حدثنا يحيى بن سعيد، عن حسين قال: نا مكحول قال: قال عمر: ابتغوا بأموال اليتامى، لا (تهلكه) (¬2) الصدقة (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الشافعي "مسند" 2/ 154 (716) ط غراس، عن أيوب، وعبد الرزاق 4/ 69 (6992) عن عبيد اللَّه بن عمر، وابن أبي شيبة 2/ 379 (10116) عن الليث كلهم عن نافع، عن ابن عمر به. (¬2) في ابن أبي شيبة (تستغرقه) بدل: (تهلكه). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 2/ 379 (10119) من طريق مكحول، به. ورواه أيضًا (10117) من طريق الزهري، عن عمر، ورواه عبد الرزاق 4/ 68 - 69 (6990) من طريق أبي عون، عن عمر.

قال: وحدثني عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن عمر مثل ذلك (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (592). قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن القاسم وأيوب ويحيى بن سعيد سمعوا القاسم قال: كانت عائشة تزكي أموالنا ونحن أيتام في حجرها -زاد فيه يحيى- وأنه ليتجر به في البحر (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (593) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن حبيب عن ابن لأبي رافع قال: باع لنا علي أرضًا بثمانين فأعطاناها فإذا هي تنقص. قال: فقال: إني كنت أزكيها (¬3). وقال: حدثني أبي: حدثنا عبد الرزاق وابن بكر قالا: أخبرنا ابن جريج: قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يقول في الرجل يلي مال اليتيم: قال: يعطي زكاته (¬4). "مسائل عبد اللَّه" (594) ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 4/ 157 من طريق عمرو بن شعيب، به. (¬2) رواه مالك 1/ 256 (656) عن عبد الرحمن بن القاسم، به. ورواه عبد الرزاق 4/ 67 (6985) عن الثوري، عن عبد الرحمن بن القاسم، به. ورواه عبد الرزاق 4/ 67 (6984) من طريق أيوب، به. ورواه أيضًا 4/ 66 (6983)، وابن أبي شيبة 2/ 379 (10114)، (10118) من طريق يحيى بن سعيد، به. (¬3) رواه عبد الرزاق 4/ 67 (6986) عن سفيان، به، ورواه البيهقي 4/ 107 من طريق سفيان، به. (¬4) رواه عبد الرزاق 4/ 66 (6981)، وابن أبي شيبة 2/ 379 (10115) من طريق أبي الزبير، به.

775 - هل يشترط الحرية؟

قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا وكيع، قال: نا القاسم بن الفضل عن معاوية بن قرة عن الحكم بن أبي العاصي، قال: قال لي عمر: إن عندي مال يتيم قد كادت الصدقة أن تأتي عليه (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (595) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي: حدثني وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن بن أبي رافع. قال: باع علي أرضًا لنا بثلاثين ألفًا فلما دفع إلينا المال وجدناه ناقصًا فقلنا له، فقال: إني كنت أزكيه. "مسائل عبد اللَّه" (596) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا أزهر عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر: أنه كان يؤدي صدقة مال اليتيم (¬2). وقال: حدثني أبي: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه كان يلي مال اليتم. قال: منه ما يستقرض ومنه ما يدفع مضاربة. كل ذلك يؤدي عنه الزكاة (¬3). "مسائل عبد اللَّه" (597) 775 - هل يشترط الحرية؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في مالِ العبدِ زكاةٌ؟ قال: أرجو ألا يكونَ في مالِ العبدِ زكاةٌ. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 67 - 68 (6987)، (6988) مطولا. (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 69 (6992)، وابن أبي شيبة 2/ 379 (10116) من طريق نافع، به. (¬3) رواه البيهقي 4/ 108 من طريقه أيوب، به مختصرًا.

قال إسحاق: فيه زكاةٌ على مولاه، يَضُم مالَ عبدِه إلى مالِه عند حولِ الحْولِ. "مسائل الكوسج" (572) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: ليس في مالِ مكاتبٍ زكاةٌ؛ لأنَّه ليس بمالكٍ لمالِه تامًا، ولا للسيدِ أنْ يأخذَ مِن مالِ مكاتبه. قال إسحاق: كما قال، إلا أن يملكَ تمام ما عليه، وزيادة مائتينِ، فيحول الحولُ على المائتينِ، فعليه حينئذٍ الزكاةُ. "مسائل الكوسج" (566) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن مكاتبٍ له فضل مال عما عليه؟ قال: ليس عليه زكاةٌ حتَّى يؤدي ما عليه، فإنه لا يدري لعله أن يُسْتَرَقَّ، فإذا أدى استأنف. قال أحمد: نعم ليس على المكاتب زكاةٌ. قال إسحاق: كلما كان عنده فضل عن مكاتبته ما يجب فيه الزكاة، فإن عليه الزكاة إذا حال عليه الحول. "مسائل الكوسج" (614) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: وسئل سفيان فقيل: وليس على سيدِه زكاةٌ؟ قال: لا؛ لأنَّه لا يقدر عليه، فإذا قبضه أدى لما غاب عنه. قال أحمد: ليس على السيدِ زكاةٌ حتَّى يحولَ عليه الحولُ مِن يومِ قبضه. قال إسحاق: كما قال سفيان. "مسائل الكوسج" (615) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: سُئل سفيانُ عن زكاةِ مالِ المملوكِ،

على من هو؟ قال: على السَّيد. قال أحمد: ليسَ في مالِ العبدِ زكاةٌ. قال إسحاق: كما قال سفيان. "مسائل الكوسج" (616) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في مالِ المملوكِ زكاةٌ؟ قال: أرجو ألا يكونَ فيه زكاةٌ. قلتُ: ألا يكون فيه زكاة على حديث عمر ونافع عنِ ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، ليس فيه زكاة؟ ! (¬1) قال: أليس يتسرى العبد في ماله؟ ! هو مالُه ما لم يأخذْه منه سيدُه. قال إسحاق: ليس هذا شيئًا، ما في ماله زكاة، إلا أن المولى يؤدي. "مسائل الكوسج" (634) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: على المكاتبِ زكاة؟ قالَ: ليس عليه زكاة في مالِهِ. قُلْتُ: لمَ؟ قالَ: لأنَّه ليس بمالكٍ لمالِهِ؛ إنْ عجزَ كانَ مَالُهُ لسيدِه، ولا يَقْدِرُ السيد أنْ يأخذ مِن مالِه شيئًا. قالَ إسحاق: كما قال، حتَّى يُؤَدِّيَ كِتابتهُ، ثم ما فضلَ مِن كتابتهِ في يدهِ فَعَليهِ الزكاة إذا حَال عليه الحولُ مِن يومِ مَلكَ فَضْلًا عنْ كتابتهِ. "مسائل الكوسج" (3132) قال صالح: وسألته في عبد له مال: عليه فيه الزكاة، أم الزكاة على ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 72 (7009)، وابن أبي شيبة 2/ 388 (10237) والبيهقي 4/ 108 عن ابن عمر، ورواه البيهقي 4/ 108 - 109 عن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-.

سيده؟ وهل في مال مكاتب زكاة؟ قال: أما العبد: يستأذن سيده والمكاتب ليس في ماله زكاة؛ وذلك أن المكاتب قد حيل بين سيده وبين ماله بالمكاتبة؛ وذلك أنه ليس له أن يأخذ ماله فيعجز عن مكاتبته. "مسائل صالح" (312) قال ابن هانئ: قلت: في مال العبد زكاة؟ قال: أرجو ألا يكون في مال العبد زكاة. "مسائل ابن هانئ" (580) قال ابن هانئ: سألته: هل في مال مكاتب زكاة؟ قال أحمد: ليس في مال مكاتب زكاة؛ لأنه ليس يملك ماله كله. قلت: يأخذ السيد من ماله شيئًا؟ قال: لا يأخذ من مال مكاتبه. "مسائل ابن هانئ" (581) قال عبد اللَّه: حدثنا إبراهيم بن الحجاج النيلي، قال: حدثنا سلام بن أبي مطيع عن أنس بن سيرين قال: سألت جابر بن الحذاء: هل قال ابن عمر على العبد زكاة؟ قال: نعم، إن كان مسلمًا فعليه في كل مائتين خمسة فما زاد فبحساب (¬1). قال وكيع: وكذا نقول. قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وكذا نقول. "مسائل عبد اللَّه" (603) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 72 (7007) وابن أبي شيبة 2/ 389 (10245) كلاهما من طريق ابن سيرين، به وقد جاء فيها (خالد الحذاء) بدلًا من (جابر).

776 - زكاة من عليه الدين

قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: حدثنا أبو إسحاق، عن عاصم، عن علي قال: ما زاد فبحساب (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (604) 776 - زكاة من عليه الدين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: كان حماد (¬2) وابن أبي ليلى يقولانِ: إذا كان على الرجلِ دين فعليه الزكاة -يعني: الذي عليه الدين- وكان سفيانُ لا يرى ذلك. قال أحمد: لا، كما قال سفيان. قال إسحاق: كما قالا، يعني: سفيانَ وأحمدَ، ولكن إن كان الدينُ في ثقةٍ، فتركه محاباة كما في يده يزكيه قبل القبض. "مسائل الكوسج" (617) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: الوليد قال: ثنا سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول قال: الدين: بين يدي الذهب، والفضة، والزرع. "مسائل ابن هانئ" (604) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: الوليد قال: سمعت أبا عمرو يقول: الدين: بين يدي الذهب، والفضة. والعشر: بين يدي الدين في الزرع، والإبل، والبقر، والغنم. قال أبو عبد اللَّه: ابن عباس، وابن عمر اختلفا في هذا، قال ابن ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 88 (7074)، (7076) وابن أبي شيبة 2/ 357 (9873) كلاهما من طريق أبي إسحاق، به. (¬2) أثر حماد رواه ابن أبي شيبة 2/ 414 (10556).

عمر: يقضي الدين، ويزكي ما بقي، وقال ابن عباس: ما استدان على الثمرة، فليقض من الثمرة وليزك (¬1). ثم أخرج إليّ هذِه الأحاديث فقرأتها عليه. "مسائل ابن هانئ" (605) قال ابن هانئ: وقرأت على أبي عبد اللَّه: عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد ابن زيد، عن أيوب، عن محمد قال: كان المصدّق يجيء؛ فإذا رأى إبلًا قائمة، أو زرعًا قائمًا، أو غنمًا قائمة، أخذ منها الصدقة (¬2). "مسائل ابن هانئ" (606) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: عبد الرحمن بن مهدي، عن ابن المبارك، عن ابن جريج، عن عطاء قال: لا نعلم عن رجل دَيْنُه أكثر من ماله صدقة ماشية، ولا في أصل، ولا أن يؤدي حقّه يوم حصاده. وقال ابن جريج، عن أبي الزبير قال: سمعت طاووسًا يقول: ليس عليه صدقة (¬3). "مسائل ابن هانئ" (607) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: عبد الرزاق قال: حدثنا ابن جريج قال: قلت لعطاء: حرث لرجل دينه أكثر من ماله، يحصد ليؤدي حقه يوم حصاده؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 377 (10096)، والبيهقي 4/ 148 بنحوه. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 394 - 395 (10320) من طريق حماد، به. (¬3) رواه عبد الرزاق 4/ 93 (7089، 7090)، وابن أبي شيبة 2/ 415 (10567 - 10568).

قال: ما يُرى على رجل دينه أكثر من ماله صدقة ماشية، ولا أن يؤدي حقه يوم حصاده. "مسائل ابن هانئ" (608) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: عبد الرزاق قال: أنبأ ابن جريج قال: قال لي أبو الزبير: سمعت طاووسًا يقول: ليس عليه صدقة (¬1). "مسائل ابن هانئ" (609) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: عبد الرزاق قال: أنبا ابن جريج قال: قال عطاء: إنما الصدقة فيما أحرزت بعد ما تطعم منه، وبعد ما تُعطي (الأجراء) (¬2)، أو تنفق في دق أو غيره، حتى تحرزه في بيتك، إلا أن تبيع شيئًا، فالصدقة فيما (بعد) (¬3) (¬4). "مسائل ابن هانئ" (610) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: عبد الرزاق قال: أنبأ معمر، عن رجل، عن عكرمة قال: ما أعطيت من طعامك في نفقته فهو في الطعام، وما أكلت أيضًا، إلا شيئًا تقوته لأهلك، يقول: تكيله لهم (¬5). "مسائل ابن هانئ" (611) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 93 (7090). (¬2) في "المصنف": الأجر. (¬3) في "المصنف": بعث. (¬4) رواه عبد الرزاق 4/ 94 (7091). (¬5) رواه عبد الرزاق 4/ 94 (7092).

قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: وكيع قال: ثنا إسماعيل بن عبد الملك، قال: قلت لعطاء: إنّا بالعراق نزرع الزرع، فننفق عليه في البذر والنفقة قال: ارفع النفقة وزكِّ ما بقي (¬1). "مسائل ابن هانئ" (612) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: حجاج قال: ثنا الليث قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب أنه قال: إذا كان الحب، فهو يجتمع، ولا تقع فيه الصدقة حتى يبلغ خمسة أوسق، فإذا كان خمسة أوسق، فخذ من كل نصيب على قدر ما يصيبه، صدقة التمر وحده، وصدقة الزبيب وحده، كل ذلك لا تكون فيه صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق. "مسائل ابن هانئ" (613) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: يبدأ بالدين: إذا كان استقرض على الثمرة فأنفق عليها يبدأ بالدين فيقضيه، ثم ينظر ما بقي عنده بعد إخراج النفقة فيزكي ما بقي، ولا يكون على رجل دينه أكثر من ماله صدقة، في ضرع، أو إبل، أو بقر، أو زرع. صدقة، ولا زكاة. "مسائل ابن هانئ" (614). قال عبد اللَّه: سألت أبي قلت: هل تجب عليه زكاة في مال عنده وعليه دين بأكثر من ذلك المال الذي عنده؟ فقال أبي: إذا وجبت عليه الزكاة نظر ما كان عليه من الدين فرفعه، ثم زكَّى بقية ماله. "مسائل عبد اللَّه" (589) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 377 (10097) عن وكيع به.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يكون له ألف دينار وعليه ألف دينار؟ قال: ليس عليه زكاة. "مسائل عبد اللَّه" (590) ونقل أبو الحارث والمروذي فيمن عليه دين وله عروض للتجارة: يزكي ما معه بخلاف ما لو كان للقنية. "الفروع" 2/ 333

ما جاء في الشروط التي ترجع إلى المال

ما جاء في الشروط التي ترجع إلى المال 777 - الملك التام قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: سُئلَ سفيانُ عن رجلٍ له أرضٌ حرةٌ منحها رجلًا فزرعها؟ قال: أرى الزكاةَ على مَنْ زرعَهَا. قال أحمدُ: كذا هو. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (597) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئلَ سفيانُ عمَّا يأخذُ السَّيدُ من المكاتبِ: أيزكيه حين يقعُ في يدِه؟ قال: نعم، هو بمنزلةِ الدينِ. قال أحمد: هذا شيءٌ لا أملكه، إنَّما ملكتُه الساعة، حتَّى يحولَ عليه الحولُ. قال إسحاق: كما قال أحمد، وهذا أمرٌ بيِّنٌ فلا أدري مم قال سفيان ذَلِكَ؟ ! "مسائل الكوسج" (601) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا كان لك على رجلٍ دين فدخل عليه الزكاةَ، فما أخذت منه فزكه، ولو درهمًا بالحساب. قال أحمد: جيد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (610) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل سفيان عن رجلٍ أسلفَ في أثوابِ حريرٍ، كل ثوب بعشرين درهمًا فحلَّ عليه الزكاةُ، وحلَّ أجلُ الحريرِ، وقيمة الحريرِ كل ثوب بخمسة وعشرين درهمًا ولم يقبضها بعد؟ قال:

يزكيه إذا حلَّ عليه من خمسٍ وعشرين درهمًا. قال أحمدُ: لم يصير الملك له، ليس عليه زكاةٌ، فإذا قبضه قوَّمهُ وزكَّاهُ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (611) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئلَ سفيانُ عن رجلٍ كان له على رجلٍ ألفُ درهمٍ دينًا، فارتد، فكان عليه زمانًا، ثم أسلم؛ قال: يزكي لما مضى مِنَ السنينِ. قال أحمد: إذا كان لرجلٍ على رجلٍ دين ألف درهم فارتدَّ الذي عليه الألف، ثم أسلم فقبضها صاحبها من الذي ارتد فإن عليه الزكاة لما مضى، وأمَّا الرجل إذا ارتدَّ وله مالٌ منع من مالِهِ حتَّى يقتلَ، فإذا قتل صارَ مالُه في بيتِ مالِ المسلمين، فإنْ هو أسْلمَ وقد حالَ على ذلك المالِ الحولُ، أو لم يقتلْ كان المال له الملك ولا يزكيه؛ يستأنف به الحول؛ لأنه كان ممنوعًا من ماله. قال إسحاق: كما قال أحمد، إلَّا أنَّا نرى المرتد إذا قُتِلَ أنَّ مالَهُ لورثتِهِ مِنَ المسلمينَ. "مسائل الكوسج" (698) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في الدينِ زكاةٌ؟ قال: إذا قبضه فليزكه على حديث عليٍّ -رضي اللَّه عنه- (¬1)، عاودته في ذلك، فقال مثل ذلك. ¬

_ (¬1) يعني قول علي في الدين الظنون: يزكيه لما مضى إذا قبضه إن كان صادقًا. رواه ابن أبي شيبة 2/ 390 (10256)، والبيهقي 4/ 150 وصححه الألباني في "الإرواء" (785).

قال إسحاق: لا زكاة فيه حتَّى يقبضَه، إلَّا أنْ يكونَ تركه حياءً أو معروفًا، فإنه يزكيه قبل أنْ يقبضَهُ، وإذا لم يقدرْ على قبضِه فإذا قبضه أدى لما مضى. "مسائل الكوسج" (632) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما زَادَ على المائتين؟ قال: فبالحساب. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (635) قال صالح: وسألته: إلى أي شيء تذهب في الدين، يزكى؟ قال: إذا قبضه زكاه لما مضى، وفيه اختلاف، إلا أني أذهب إلى أن يزكيه لما مضى. "مسائل صالح" (2) قال صالح: وسألته عن رجل وهب لمملوكه مالا، ثم حال عليه الحول، هل فيه زكاة؟ قال أبي: يزكيه. "مسائل صالح" (240) قال صالح: وسألته عن رجل يكون له على رجل مال، فيمكث عليه سنين، يقبضه، أيش عليه من الزكاة؟ قال: يزكيه لما مضى. "مسائل صالح" (242) قال صالح: قلت: رجل له دين على رجل موسر هل يجب عليه الزكاة؟ قال: إذا قبضه منه زكى لما مضى. "مسائل صالح" (1370)

قال أبو داود: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل قيل له: امرأة مهرها على زوجها عشرين سنة؟ قال: إذا أخذته فلتزكي لما مضى. "مسائل أبو داود" (547) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل أوقف أرضًا على المساكين؟ قال: لا أرى فيها العشر؛ لأنها تصير إلى المساكين، إلا أن يوقف على ولده، فيصيب الرجل خمسة أوسق ففيها العشرُ. "مسائل أبو داود" (560) قال ابن هانئ: وسُئِلَ عن الرجل يكون له على الرجل الدين يرتجى، هل عليه زكاة إذا زكى ماله يحسبه معه يزكيه؟ قال: فيه اختلاف، وأرى أنا إذا هو قبضه أن يزكيه لما مضى عليه من السنين. قرأت على أبي عبد اللَّه: محمد بن جعفر غندر قال: ثنا شعبة، عن مغيرة، عن فضيل، عن إبراهيم أنه قال: يحسبه (¬1)، وإليه أذهب. "مسائل ابن هانئ" (569) قال ابن هانئ: وسُئِلَ عن الرجل يكون له على الرجل ألف درهم، فارتد الذي عليه الألف، ثم أسلم فقبضها صاحبها من الذي ارتد؟ قال: عليه الزكاة لما مضى. "مسائل ابن هانئ" (571) قال ابن هانئ: وسئل: الرجل يأخذ من مال مكاتبه ما حل له عليه، أيزكيه ساعة يأخذه؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 389 (10249) بنحوه.

قال: لا يزكيه حتى يحول عليه الحول، إنما يملكه الساعة. "مسائل ابن هانئ" (582) قال ابن هانئ: وسُئِلَ عن الرجل يكون له على الرجل ألف درهم، فارتد الذي عليه الألف، ثم أسلم، فيقبضها صاحبها من الذي ارتد؟ قال: عليه الزكاة لما مضى، وإن كان الرجل الذي ارتد له مال، منع من ماله حتى يقتل، فإذا قتل صار ماله في بيت مال المسلمين، فإن هو أسلم، وقد حال على ذلك المال الحول، ولم يقتل، كان المال له ولا يزكي، يستأنف به الحول، فإنه كان ممنوعًا من ماله. أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في رجل تزوج امرأة أبيه أن يقتل ويؤخذ ماله (¬1). "مسائل ابن هانئ" (596)، (1582) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن مهر المرأة يكون على الرجل سنين، هل فيه زكاة؟ وهل على المرأة إذا قبضته، فيه زكاة لما فات من السنين؟ قال: تزكيه إذا اقتضته لما فات حتى يكون أقل من مائتين، فإذا صار أقل من مائتين لم تزكه. "مسائل عبد اللَّه" (577) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المرأة يكون لها على زوجها صداق متى شاءت أخذته، عليها فيه زكاة؟ فقال: نعم إذا قبضته لما مضى من السنين. "مسائل عبد اللَّه" (578) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 290، وأبو داود (4457)، والترمذي (1362)، والنسائي 6/ 109 - 110، وابن ماجه (2607) من حديث البراء بن عازب وقال الترمذي: حسن غريب وصححه الألباني في "الإرواء" (2351).

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل له دين على قوم يزكيه كل سنة؟ أو إذا قبضه؟ فقال: إذا قبضه زكاه، وكذلك المرأة تزكي مالها على زوجها من الصداق إذا قبضته تزكيه لما مضى. "مسائل عبد اللَّه" (579) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل إذا كان له المال على ثقة يزكيه أحب إليك؟ أو إذا قبضه منه حسب ما صار عليه فأخرجه؟ قال: يزكيه إذا قبضه لما مضى عليه. يروى عن علي قال: إن كان صادقًا يزكيه إذا قبضه (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (580) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يكون له المال على الرجل المفلس لا يقدر منه على شيء، أو على من قد مات لا يعلم أين هو فيرجع المال بعد سنين فحسب زكاة عام واحد، أو زكاة ما مضى من السنين؟ قال: كذلك يزكيه إذا أخذه أو قبضه. "مسائل عبد اللَّه" (581) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وكان الشافعي يقول: ليس في الدَّينِ زكاة. "مسائل عبد اللَّه" (582) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل كان له دين على رجل يجحده، ثم أعطاه بعد بعضه؟ فقال: أعجب إلي أن يزكيه. "مسائل عبد اللَّه" (583) ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا يحيى بن سعيد قال: نا: هشام، عن محمد عن عَبيدَة عن علي -رضي اللَّه عنه-: في الدَّين الظنون، إن كان صادقًا فليزكه إذا قبضه (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (584) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن آدم قال: نا: مفضل عن منصور عن الحكم عن علي في الرجل يكون له الدين؟ قال: يزكيه، فإن خاف أن (ينوء) (¬2) فلينتظر، فإذا خرج زكاه لما مضى (¬3). "مسائل عبد اللَّه" (585) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا حماد الخياط عن عبد اللَّه عن نافع كان ابن عمر لا يرى في الدَّين زكاة حتى يقبضه صاحبه (¬4). "مسائل عبد اللَّه" (586) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا حماد عن عبد اللَّه عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم عن عائشة مثل ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (587) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا زيد بن الحباب، قال: نا عبد اللَّه بن المؤمل، قال: سمعت عبد اللَّه بن أبي مليكة يذكر عن عائشة قالت: ليس في الدَّين زكاة حتى يقبض (¬5). "مسائل عبد اللَّه" (588) ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه من طريق يزيد بن هارون، عن هشام، به. (¬2) كذا في المطبوع، ولعله (يقوي) كما في "المصنف". (¬3) رواه ابن أبي شيبة 2/ 389 (10246) بنحوه. (¬4) رواه ابن أبي شيبة 2/ 389 (10251). (¬5) رواه ابن أبي شيبة 2/ 390 (10259) عن زيد بن الحباب، به.

778 - كون المال ناميا، أو فاضلا عن الحاجة

778 - كون المال ناميًا، أو فاضلًا عن الحاجة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئل الأوزاعي عَنِ المرأةِ تؤدِّي زكاة مهرها إذا كان زوجُهَا مليًّا؟ قال: ليس تعد المرأة صداقها مالًا. قال أحمد: تزكيه إذا قبضته لما مضى. قال إسحاق: كما قال، وإن كان زوجها مليًّا، تقدر على أخذه أخرجت الزكاة كل عام. "مسائل الكوسج" (661) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قولُ عليٍّ -رضي اللَّه عنه- أربعةُ آلافٍ فما دونها نفقةٌ، وما فوق ذَلِكَ كنزٌ (¬1)؟ قال أحمد: يعني: لا ينبغي له أن يمسكَ فوقَ أربعةِ آلافٍ. قال إسحاق: معناه: أربعة آلاف يحتاجُ إليها، إنْ غزا أنفقَ على أهلِهِ وخدمِه، كأنَّه يقول: لا يُسألُ عن ذَلِكَ، فما فوق ذَلِكَ فهو كنزٌ، والكنزُ إذا أَدى زكاتَه زايله اسم الكنز. "مسائل الكوسج" (3295) 779 - زكاة المال المستفاد أثناء الحول قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ ورث مالا، علي فيهِ زكاةٌ قبل أن يَحولَ علي الحولُ؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 109 (7150) عن الثوري، عن أبي الحصين، عن أبي الضحى، عن جعدة، عن علي به. ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 1788 (10082)، ورواه الطبري في "تفسيره" 6/ 358 (16672 - 16674) من طريق عن أبي الحصين به.

قال: لا، ولا في الفائدةِ حتَّى يحولَ عليه الحولُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (548) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا استفاد الرجلُ ألفَ درهمٍ ثم استفادَ قبل أنْ يحولَ على الألفِ الحولُ مالًا يزكيه معه؟ قال أحمد: ليس ذا شيئًا، ليس في الفائدةِ زكاةٌ حتَّى يحولَ عليها الحولُ. قال إسحاق: كما قال أحمد سواء. "مسائل الكوسج" (602) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فإن سُرقت الألف قبلَ الحولِ فليس فيما استفاد بعد شيءٌ حتَّى يحولَ على ما استفاد الحولُ من يومِ استفاد فإن بقي من الألف مائتا درهمٍ وذهبت بقيتها، فإن فيها الزكاةَ وفيما استفاد. قال أحمد: ليس فيما استفاد زكاة. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (603) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: قال سفيانُ: إذا كانت خمس مائة درهم يزكِّيها، فذهبَتْ وأنفقَ سائرَها فلم يبق منها إلا درهم، ثم استفدتَ مالًا أو ورثتَ ميراثًا فحلَّ على ذَلِكَ الدرهمِ الزكاةُ، زكيت ما أصبت، ولو قبله بيوم. قيل له: هذا لمكان الدرهم؟ قال: نعم. قال الإمام أحمد: سبحان اللَّه تعالى. وتعجب من قولِه: هذا درهمٌ يُوجبُ على مائةِ ألفٍ الزكاةَ.

قال إسحاق: كما قال أحمد كما لا زكاةَ في الفائدةِ أبدًا حتَّى يحولَ عليها الحولُ عند ربِهِ، وإنْ كانَ ملك قبل ذَلِكَ مائتي درهمٍ أو لم يملك، فهما سواء. "مسائل الكوسج" (604) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: لو أنَّ رجلًا اصطاد بقر وحشٍ أو حمرَ وحشرٍ، أو ظباءً، أو سَمَكًا، أو وُهب له، أو ورِثه فبلغ مالًا فليس عليه زكاةٌ حتَّى يبيعَهُ بدراهم، ويحولَ عليه الحولُ من يومِ يبيعه. قال أحمد: جيد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (607) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: وإنْ ورثَ طعامًا أو ثيابًا أو آنيةً أو سفنًا فليس عليه فيه زكاةٌ حتَّى يبيعَه بدراهم، ويحولَ عليه الحولُ. قيل له: وإنْ كان مائةَ ألف؟ قال: وإن كان، ما خلا الذّهب والفضَّة والإبل والبقر والغنم فإنَّ عليه فيها الزَّكاةُ إذا حالَ عليها الحولُ من يومِ يرثها. قال أحمدُ: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (608) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: في المالِ المستفاد زكاةٌ؟ قال: ليس فيه زكاةٌ حتَّى يحولَ الحولُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (630/ ب)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كان أبو بكر -رضي اللَّه عنه- إذا أعطى الناسَ أعطياتهم سألَ الرجلَ: هل عندك من مال وجب عليك فيه الزكاة؟ فإن قال: نعم. أخذ من عطائه زكاة ذَلِكَ المال، وإن قال: لا، سلم إليه عطاء (¬1). قال أحمد: هذا يقول: إنه ليس في مالٍ زكاة حَتَّى يحولَ عليه الحولُ. قال إسحاق: كما قال. وفيه بيانُ خطأ هؤلاء؛ لأنهم يقولون: إذا ملكَ مائتي درهمٍ أول السنة، ثم استفاد قبلَ الحولِ بيومٍ مالًا عظيمًا فعليه أنْ يضمَّه إلى المائتينِ ويزكيه، وهذا ردّ لما قالوا. "مسائل الكوسج" (3236) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ كانت عنده عشرةُ دنانير فحالَ عليها الحولُ، ثُمَّ اشْترى بها سلعةً فربحَ فيها عشرةَ دنانير أخرى إنه يزكيها مكانها؟ قال أحمد: لا، حَتَّى يحولَ عليها الحولُ مِن يومِ صارَتْ عنده عشرين. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (3237) قال صالح: قلت: على المال المستفاد زكاة؟ قال: لا، حتى يحول عليه الحول. قال: والمستفاد من العطاء والهبة ونحو ذلك. فأما ما كان من ربح المال، أو ما كان من أصل المال فليس مستفاد. قلت: فإذا حال عليه الحول، فزكاه، وضمه إلى ماله بعد؟ قال: نعم. "مسائل صالح" (96) ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" 1/ 251 (638).

قال صالح: قلت: الفائدة من المال يضم بعضه إلى بعض؟ قال: لا يضم بعضها إلى بعض، ما كان من ميراث أو صدقة أو هبة أو عطاء فلا يزكى حتى يحول عليه الحول، إلا أن يكون تاجر قد زكى ماله ثم ربح، فإنه يزكي الربح مع ماله؛ وذلك لقول عمر إذا مرَّ على صاحب الجعاب والأدم فقال: قوم وزك (¬1)؛ وذلك لأن نماءها منها، وكذلك في الإبل والبقر والغنم إذا توالدت، فإنه يزكيها صغارها وكبارها. "مسائل صالح" (740) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل كان له ألف درهم فزكاها، ثم استفاد ألف درهم أخرى؟ قال: لا يزكيها حتى يحول عليها الحول. "مسائل ابن هانئ" (558) قال ابن هانئ: سأل أبا عبد اللَّه -أبي، وأنا حاضر- عن رجل تزوج امرأة على ألف درهم ودخل بها، فأعطته ألف درهم. قالت: اعمل بها والربح لك. فلما كان الحول ربحت ألف درهم، فهل علي في الألف التي دفعت إلي زكاة؟ قال أبو عبد اللَّه: ليس عليك في الألف التي لها زكاة. وإنما عليك فيما ربحت الزكاة. "مسائل ابن هانئ" (559) قال عبد اللَّه: سألت أبي: على المال المستفاد زكاة؟ قال: لا حتى يحول عليه الحول. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 96 (7099)، وابن أبي شيبة 2/ 406 (10456)، (10457).

قال: والمستفاد من العطاء والهبة ونحو ذلك، فأما ما كان من ربح المال، أو كان من أصل المال فليس بمستفاد. قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإذا حال عليه الحول فزكاه ضمه إلى ماله بعد؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (605) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول. "مسائل عبد اللَّه" (606) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا وكيع: حدثنا سفيان وعبد الرزاق قال: أخبرنا معمر والثوري عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي قال: من استفاد مالًا فلا زكاة فيه حتى يحول الحول (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (607) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا عبد الصمد: نا حماد قال: نا قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس في المال المستفاد يزكيه حين يستفيده. وقال ابن عمر حتى يحول عليه الحول (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (608) قال حنبل عنه: قال ابن عباس في الفائدة: يُزكيه لوقته. "تهذيب الأجوبة" 2/ 810 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 75 (7023). وفيه: عن معمر، عن الثوري. ورواه ابن أبي شيبة 2/ 386 (10214) من طريق شريك عن أبي إسحاق، به. (¬2) أثر ابن عباس رواه ابن أبي شيبة 2/ 387 (10226) من طريق عكرمة، وأثر ابن عمر رواه أيضًا ابن أبي شيبة 2/ 386 (10216) من طريق نافع.

قال الأثرم: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: حدثنا أبو يزيد خالد بن حبان الخراز، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس في الرجل يستفيد المال، قال: يزكيه: حين يستفيد. قال: وقال ابن عمر: ليس عليه زكاة حتى يحول عليه الحول. قال ميمون: ما اختلف ابن عمر وابن عباس في شيء إلا أخذ ابن عمر بأوثقهما، إلا في هذا. قال أبو عبد اللَّه: هذا حديث غريب (¬1)، وخالد بن حبان لم يكن به بأس. "التمهيد" 7/ 28 قال أحمد في رواية أبو طالب: والحديث: ليس على مال المستفيد زكاة حتى يحول عليه الحول (¬2). "الانتصار" 3/ 217 ونقل الميموني عنه: إذا نض الربح قبل الحول: لم يستأنف له حولًا، ولا يبني الوارث على حول الموروث. "الفروع" 1/ 49، "المبدع" 2/ 303 ¬

_ (¬1) رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" 8/ 295 إسناد عن الأثرم به. (¬2) رواه الترمذي (631)، والدارقطني 2/ 90، والبيهقي 4/ 104 من حديث ابن عمر. وصححه الألباني في "الإرواء" (787).

باب: المال الذي تجب فيه الزكاة وأقسامه

باب: المال الذي تجب فيه الزكاة وأقسامه زكاة الأنعام 780 - مقدار النصاب، والقدر الواجب فيه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: ليس فيما دون الثلاثينَ مِنَ البقرِ شيءٌ وفي كلِّ ثلاثينَ تبيع، وفي كلِّ أربعينَ مسنَّة، وفي ستين تبيعانِ، وفي سبعينَ تبيعة ومسنة، وفي ثمانين مسنتانِ، وفي تسعين: ثلاثُ أتَابيع، وفي مائة: تبيعانِ ومسنة، وفي عشر ومائةٍ: مسنتان وتبيعة، وفي عشرين ومائة ثلاث مسنات أو أربع تبائع، فإذا كثرتِ البقرُ فعلى هذا الحساب نأخذ بالأكثر، والجواميس والثيران والبقر يحسب صغارها وكبارها، وليس على بقر الوحش السائمة زكاةٌ إلَّا أنْ تكونَ للتجارةِ. قال الإمام أحمد: على بقرِ الوحش السائمةِ زكاة! ومتى يجتمع عند الرجل بقر الوحش؟ ! قال إسحاق: كما قال الثوري في هذا كله. "مسائل الكوسج" (581). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال إبراهيم: إذا زادت على عشرين ومائة استأنف الفرائض، قال إبراهيم: وليس في الأشناق شيءٌ. قال سفيان: الأشناقُ: ما بين خمسة إلى عشرة، وما بين العشرة إلى خمسة عشر. قال أحمد: لا. قُلْتُ: ما يعني به؟

قال: يقولُ في كلِّ خمس شاة. قال إسحاق: ما زاد على العشرينَ والمائة فلا يكون فيه شيءٌ مِنَ الغنمِ، وفي كلِّ خمسين حِقَّة، وفي كلِّ أربعين بنت لبون وسقط الغنم؛ لأن ما بين العشرين والمائة أو أكثر أوقاصًا. "مسائل الكوسج" (582) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: لولا ما جاء في الأثر كان ما بين القيمتين ما بين السنين، ولكنَّ الأثرَ أحقُّ أن يُتبع. قال أحمد: ليس في الأوقاصِ شيءٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (584) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: قيل له -يعني: سفيان- في ستٍّ وتسعين ومائة؟ قال: أربعُ حقاق. قال أحمد: لا، فيها ثلاث حِقَاق وابنة لَبُون، وفي خمسين ومائة ثلاث حِقَاق، وفي أربعين بنت لَبُون. وليس في الستَّةِ شيءٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (585) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: الحقة التي قد استحقت أن يحمل عليها الفحل فتحمل. "مسائل عبد اللَّه" (1618) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: سنةُ الإبلِ والشاء واحدةٌ في الصدقاتِ أحد وعشرون. "مسائل الكوسج" (3476)

قال صالح: وسألته عن صدقة البقر كم في خمس منها؟ وكم في ثلاثين؟ وكم في أربعين؟ وكم في خمسين؟ فقال: ليس في خمسة شيء إلى أن تبلغ ثلاثين، فإذا بلغت ثلاثين: ففيها تبيع، وفي أربعين: مسنة، فإذا صارت ستين: ففيها تبيعان. "مسائل صالح" (243) قال صالح: وقال: إذا كان ثلاثين شاة وعشر سخال، ففيها شاة مسنة. يحتسب بالسخال عليهم، ولا يؤخذ في الصدقة إلا الثني، والجذع من الضأن كذلك. "مسائل صالح" (1359) قال ابن هانئ: قال أبو عبد اللَّه: الرُّبَّى: التي وضعت، وهي التي تربي ولدها، والماخض: التي قد حان ولادها. "مسائل ابن هانئ" (593) قال عبد اللَّه: سألت أبي فأملى عليَّ، قال: وليس في أقل من خمس من الإبل شيء، فإذا بلغت خمسًا ففيها شاة، وليس فيها إلا شاة حتى تبلغ عشرًا، فإذا بلغت عشرًا ففيها شاتان، فإذا بلغت خمس عشرة ففيها ثلاث شياه، فإذا بلغت عشرين ففيها أربع شياه، فإذا بلغت خمسًا وعشرين ففيها بنت مخاض -يعني: أنها تمخض بغيرها- فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر -يعني: وضعت وهي ترضع وهو ابن لبون- إلى خمس وثلاثين، فإذا زادت ففيها ابنا لبون إلى خمس وأربعين فإذا زادت ففيها حقة إلى ستين، فإذا زادت إلى خمس وسبعين ففيها جذعة، فإذا زادت ففيها ابنتا لبون إلى تسعين، فإذا زادت إلى تسعين ففيها حقتان إلى عشرين ومائة، فإذا كثرت الإبل ففي كل خمسين حقة، وفي كل أربعين ابنة لبون، ومن

الناس من يقول: إذا زادت على عشرين ومائة ففي كل خمس شاة، يقول: في كل خمس وعشرين ومائة الحقتان وشاة، وفي ثلاثين ومائة ابنتا لبون وحقة. ومن قال: إذا كثرت الإبل ففي كل خمسين حقة، وفي كل أربعين ابنة لبون أسقط ما زاد على العشرين ومائة، لا يجعل فيها شيئًا حتى تبلغ ثلاثين ومائة، فإذا بلغت ثلاثين ومائة ففيها حقة وابنتا لبون، فإذا بلغت أربعين ومائة فيها حقتان وابنة لبون، فإذا بلغت خمسون ومائة ففيها ثلاث حقات. "مسائل عبد اللَّه" (653) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وأقل من خمس من الإبل فهو السبق. "مسائل عبد اللَّه" (654) قال عبد اللَّه: سألت أبي، فأملى عليّ: وفي أربعين من الغنم شاة إلى عشرين ومائة، فإذا زادت ففيها شاتان إلى مائتين، فإذا زادت ففيها ثلاث شياه، فإذا كثرت الغنم ففي كل مائة شاة، وليس فيما زاد على الثلاث مائة شيء حتى يبلغ أربع مائة، فإذا بلغت أربع مائة ففيها أربع شياه. "مسائل عبد اللَّه" (633) قال عبد اللَّه: سألت أبي، فأملى عليَّ، قال: وفي البقر في كل ثلاثين تبيع. قال: والتبيع: الذي قد استوى قرناه، وفي أربعين مسنة، وليس في كل خمسين إلا مسنة، فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان، فإذا بلغت سبعين ففيها مسنة وتبيع، فإذا بلغت ثمانين ففيها مسنتان، وإذا بلغت تسعين ففيها ثلاث تبايع، على هذا الحساب.

قال أبي: والأوقاص: ما بين الفريضتين، وما بين الفريضتين في ثلاثين تبيع، وفي أربعين مسنة ما بين الأربعين إلى الخمسين فهي الأوقاص فليس فيها شيء حتى تبلغ ستين فيكون فيها تبيعان. قال أبي: والسبق ما لم تبلغ الفريضة، وهو ما كان أقل من ثلاثين من البقر، وأقل من خمس من الإبل فهو السبق. وجدت في كتاب أبي -وأكثر علمى: أني سمعته منه- قال: أول ما تضع الناقة يقال لها: اللقوح حتى إذا مضى الصيف كله، وهو ثلاثة أشهر، والقيظ (¬1) كله وشهر من الشتاء فذلك سبعة أشهر، فإذا مضت تلك سميت النائلة، واسم ولدها يوم تضع ربع، فإذا سميت هي النائلة وسمي ولدها الفصيل، حتى إذا مضى أشهر الربيع وهي ثلاثة أشهر من الشتاء، وذلك تمام السنة من يوم تضع فيقال لها النايل في هذا الوقت، فإذا جاء هذا الوقت أرسل عليها الحمل، وهي قبل أن يرسل عليهما الحمل يقال لها الحقة وهي التي قد بدأت تريد الفحل. فإذا أرادت الفحل يقال، أضبعت، والإضباع: أن ينتفخ حياها فيقال: قد أضبعت، فيرسل عليها حينئذ، فإذا ضربها الفحل كف عنها أيام ثمانية، فإذا مضت ثمان ليال اشتاق توها، والاشتياق: أن ينظر إليها ويدنوها من الجمل وينيخون يقولون: أخ أخ، فإذا رأوها قد خطرت فرفعت رأسها وذنبها ولم ترغ قالوا: لاقح، وإن هي لم تفعل شيئًا من ذلك فرعت ونعت الحمل أو علامة ذلك أن لا تخطر بذنبها، ويقال للرجل: ما صنعت ناقتك؟ فيقول: لم تلقح مل سلفاتها الجمل، رجعت لم تلقح. ¬

_ (¬1) القيظ: صميم الصيف.

والبلبلة، طول طرده إياها، ويبرك عليها، ولا يضربها، فإذا هي لقحت سميت الحلفة، ولا تزال حلفة شتاها، كله وصيفها، وذلك خمسة أشهر، ويسمى ولدها الحلول، وإذا مضى هذا الوقت ودخل حر القيظ سميت عرًا، وفصل الحلول فسمي فصيل، فصل عنها وذهب اللبن فيقال لها أيلت. والإيلاء: استحقاق التعشير من العشر، أو لم تحلب وتورمت، فلا تزال كذلك قيظها، فإذا وضعت سميت اللقوح فلا يزال ولدها فصيل حتى تضع. "مسائل عبد اللَّه" (656) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: كل خلفة حامل. وبنت مخاض: التي أمها تمخض بغيرها وبنت لبون التي أمها ترضع غيرها. والحقة: التي قد استحقت أن يحمل عليها الفحل فتحمل. "مسائل عبد اللَّه" (1618) نقل أحمد بن سعيد عن الإمام أحمد: أنه يأخذ من المائتين أربع حقاق. "الروايتين والوجهين" 1/ 227 نقل حنبل: قال أحمد: ما بين الفريضتين ما بين الأربعين إلى الخمسين، ليس فيها شيء، حتى تبلغ ستين فتكون فيها الفريضة. "الانتصار" 3/ 233 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: بنت مخاض: التي أمها تمخض بغيرها وبنت لبون التي أمها ترضع غيرها. "مسائل عبد اللَّه" (1618)

781 - معنى الأوقاص

781 - معنى الأوقاص قال الأثرمُ: قلتُ لأبي عبد اللَّه، رحمه اللَّه: ما تفسير الأوقاص؟ قال: الأوقاص ما بين الفريضتين. قلت له: كأنه ما بين الثلاثين إلى الأربعين في البقر وما أشبه هذا؟ قال: نعم، والسبق، ما دون الفريضة. قلت له: كأنه ما دون الثلاثين من البقر، وما دون الفريضة؟ فقال: نعم. "المغني" 4/ 29

صفة النصاب، والشروط الواجب توافرها فيه

صفة النصاب، والشروط الواجب توافرها فيه 782 - السوم قال صالح: قل: رجل له مائة من الإبل، فيستعملها نصف السنة، ويسيبها نصف السنة لمرعى، ولا يستعملها، هل فيها صدقة؟ قال: إذا سيبها أكثر مما يستعملها ففيها الصدقة. قال: وأهل الحجاز يقولون: السائمة والمستعملة كلها سواء، فيها الصدقة. "مسائل صالح" (95) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل له مائة من الإبل، يستعملها نصف السنة، ويسيبها نصف السنة لترعى، ولا يستعملها، هل فيها صدقة؟ قال: إذا سيبها أكثر مما يستعملها ففيها الصدقة. قال أبي: وأهل الحجاز يقولون: السائمة والمستعملة كلها سواء فيها الصدقة. سمعت أبي يقول: السائمة والمستعملة كلها سواء فيها الصدقة. سمعت أبي يقول: كلها خلفة هي الحامل، فابنة مخاض: التي أمها تمخض بغيرها، وابنة لبون: التي أمها ترضع غيرها. والحقة: التي قد استحقت أن يحمل عليها الفحل، فتحمل. "مسائل عبد اللَّه" (659) قال البغوي: وسمعت أحمد يقول: السائمة التي ترعى، والسائبة التي تسيب وليس لها رعي، وفي السائمة الزكاة. "البغوي" (9)

783 - صفة الواجب في السوائم، وما يجزئ فيها، وما لا يجزئ

783 - صفة الواجب في السوائم، وما يجزئ فيها، وما لا يجزئ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: كيف تُؤخذُ الصدقةُ مِن الغنمِ؟ قال: يجعلها ثلاثة أثلاث ثم يأخذ من الأوسط. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (571) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قيل له -يعني: سفيان: أربعون جملًا مسنة؟ قال: خذ المسنة. قال أحمد: جيد، إلا أن لا يجد الثني؛ لأنه لا يؤخذ فيها. قال إسحاق: يؤخذ من أربعينَ جملًا جملٌ يجد فيها مسنًا أو ثنيًا؛ لو كانت كبارًا كانت مراضًا أو مهازيل أخذ زكاتها منها "مسائل الكوسج" (628) قال في رواية الميموني: لا يأخذ كرائم أموالهم، ولكن يأخذ الوسط. وقال في رواية الأثرم: إذا كان أربعون جملًا يؤخذ منها. "الروايتين والوجهين" 1/ 226 نقل حنبل عنه فيمن له أربعون حملًا: ليس عليه فيها صدقة. ونقل حرب في رجل عنده خمس بنات مخاض ليس فيها كبيرة وهي صغار: ففيه اختلاف. "الروايتين والوجهين" 1/ 231، "الانتصار" 3/ 192 نقل حنبل عنه: إن أخرج أجود ما يقدر عليه فذلك فضل له. وعنه أيضًا: لا تؤخذ عوراء ولا عرجاء، ولا ناقض الخلق. "الفروع" 2/ 371

784 - إذا أتى الساعي فلم يجد السن الواجبة؟

ونقل أحمد بن سعيد عنه: لا يأخذ إلا ما يجوز في الضحايا. ونقل حنبل عنه في ضأن ومعز: يخير الساعي لاتحاد الواجب. "الفروع" 2/ 375، "المبدع" 2/ 321، 322 نقل حرب عنه: لا زكاة في بنات مخاض حتى تكون فيها كبيرة. "الإنصاف" 6/ 359 784 - إِذا أتى الساعي فلم يجد السن الواجبة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قول علي -رضي اللَّه عنه-: إذا أخذ سنا دون سن أو سنا فوق سن (¬1)؟ قال: عَلَى ما في كتاب عمرو بن حزم لم نحفظه. قال إسحاق: عَلَى ما في كتاب ثمامة (¬2) إذا ارتفع السِّنُّ أو انخفض. "مسائل الكوسج" (583) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: قال سفيان: إذا أخذت سنين أو أكثر من ذَلِكَ كان ما بين القيمتين. قال الإمام أحمد: يقول: إذا أخذ حِقَّة مكان ابنة مَخاض أو ابن مَخاض يرد ما بين القيمتين كما قال. قال إسحاق: كل ما كان على ما وصف بين السنين يرد ما بين القيمتين على ما روى ثمامةُ بنُ أنسٍ. "مسائل الكوسج" (586) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال مكحولُ في المصدقِ يأتي المالَ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 39 (6902)، وابن أبي شيبة 2/ 432 (10743). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 11 - 12، والبخاري (1448).

785 - حولان الحول، وحكم المال المستفاد خلاله

فلا يجد فيها السِّن التي عليه. قال: أرى أنْ يأخذَ قيمتَها. قال أحمد: هذا خلافُ ما رُوِيَ عَنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). قال إسحاق: لا يأخذ إلَّا منها من أوساطِها ولو كنَّ كلها هرمة أو ذات عوارٍ؛ لأنَّ زكاتَها منها كالدراهم التي لا ينقُّوا عليه الجياد في الزكاةِ. "مسائل الكوسج" (599) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاقُ عن المصدق يأخذ سنًا دون سن، وسنًا فوق سن، ماذا يَردُّ؟ قال: السنة في ذَلِكَ أن يَرد شاتينِ أو عشرينَ درهمًا إذا انخفض في السن أو ارتفع، سُنَّة مسْنُونةٌ لا يختلف فيها عالم، فأحدث هؤلاء أنه يرد القيمة. "مسائل الكوسج" (3446) ونقل إبراهيم بن الحارث عنه: إذا وجب على صاحب الغنم سن فلم يكن عنده، يعطيه ما عنده وزيادة ولا يشتري له على حديث عليّ عليه السلام (¬2). "المستوعب" 3/ 232 785 - حولان الحول، وحكم المال المستفاد خلاله قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من اسْتَقَال ماشيةً من إبلٍ أو بقرٍ أو غنمٍ، متى يَجب فيها الزكاةُ؟ قال: حينَ يحولُ عليها الحولُ. ¬

_ (¬1) يعني حديث ثمامة السابق. (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 36 (6901 - 6952)، وابن أبي شيبة 2/ 432 (10743).

786 - إذا باع ماشية قبل الحول بمثلها

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (549) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: والغنمُ بمنزلةِ الورقِ، وليس عليها صدقة حتَّى يحولَ عليها الحولُ. قال أحمد: جيد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (578) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجلٍ ورثَ من أبيه غنمًا أو إبلًا أو بقرًا يستقبل بها حولًا، فإنْ كانت عند الأَبِ للتجارة، وهو يُريدُ أن يتخذَهَا سائمة يستقبل بها حولًا. قال أحمد: جيد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (580) 786 - إذا باع ماشية قبل الحول بمثلها قال أحمد بن سعيد: سألت أحمد، عن الرجل يكون عنده غنم سائمة، فيبيعها بضعفها من الغنم، أعليه أن يُزكيها كلها، أم يعطى زكاة الأصل؟ قال: بل يُزكيها كلها، على حديث عمر في السخلة يروح بها الراعي؛ لأن نماءها معها (¬1). ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" ص 179، وعبد الرزاق 4/ 10 (6806)، وابن أبي شيبة 2/ 368 (9985).

787 - البناء على حول السائمة إذا كملت نصابا بنتاجها أثناء الحول

قلت: فإن كانت للتجارة؟ قال: يُزكيها كلها على حديث حماس (¬1)، فأما إن باع النصاب بدون النصاب انقطع الحول، وإن كان عنده مائتان فباعهما بمائةٍ فعليه زكاةُ مائةٍ وحدها. "المغني" 4/ 135 - 136، "الفروع" 2/ 341، "المعونة" 3/ 175 787 - البناء على حول السائمة إذا كملت نصابًا بنتاجها أثناء الحول نقل حنبل، وقد حكى له قول مالك في رجل له غنم لا تجب فيها الصدقة فتوالدت: إن عليه الصدقة إذا بلغت الغنم بأولادها. قال أحمد: أنا أرى ذلك إذا كان تمامها منها فهي بمنزلة أمهاتها. وجبت فيها الصدقة؛ لأن الأولاد وإن كان ظهورها في أثناء الحول فهي في حكم الموجودة من أول الحول؛ لأنها كانت موجودة في بطون أمهاتها، فإذا حال حول الأمهات، كان كأنه حال على أربعين من أول الحول فوجب تجب فيها الزكاة. ونقل الميموني في الرجل يكون له ثلاثون شاة لم يحل عليها الحول، فولدت قبل تمام الفريضة ثم حال الحول: فلا زكاة فيها حتى يحول عليها الحول فيكون فيها وفي أولادها الزكاة تشبيها بالدراهم، لا زكاة فيها حتى يحول عليها الحول، وقد أومأ إليه أحمد في رواية الأثرم أيضًا. "الروايتين والوجهين" 1/ 230. ¬

_ (¬1) يعني حديث عمر السابق: قوَّم وَزَكِّ.

فصل: حكم الخلطة (المال المشتركـ)

فصل: حكم الخلطة (المال المشتركـ) 788 - تأثير الخلطة في الزكاة نقل حنبل: تُضم كالمواشي -الذهب والفضة؟ فقال: إذا كانا رجلين لهما من المال ما تجب فيه الزكاة من الذهب والورق، فعليهما الزكاة بالحصص. "الفروع" 2/ 398، "الإنصاف" 6/ 487، "معونة أولي النهى" 3/ 214. 789 - ما يشترط للخلطة قال صالح: قال أبي: لو أن لأربعين رجلًا أربعين شاة في موضع مجتمع كان عليهم فيها شاة إذا كانوا خلطاء، والخليط: أن يكون مشرعها واحدًا، ومراعها واحدًا. "مسائل صالح" (1360) 790 - ما يأخذه الساعي في الخلطة، وتراجع الخليطين في صدقة المواشي قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما كان من خليطين يتراجعان بالسوية؟ قال: إذا كان أربعونَ شاةً، لرجل عشرة وللآخر ثلاثون، إنْ أخذ مَنَ الثلاثينَ رجعَ على صاحبِ العشرةِ بربعِ شاة. قال إسحاق: كما قال. قال إسحاق الكوسج: لقد فَسَّر وأَجمَل. "مسائل الكوسج" (629)

791 - لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل له تسع وثلاثون شاة، ولرجل آخر شاة، فصارت أربعين فجاء المصدق فأخذ؟ قال: إذا كان راعيهما واحدًا، ومبيتهما واحدًا، ومُراحهما واحدًا تعطى شاة. "مسائل عبد اللَّه" (657) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل له شاة ليس له غيرها، وعلم المصدق بذلك، يجوز للمصدق أن يأخذها؟ قال: لا يعطى إلا من كل أربعين شاة. "مسائل عبد اللَّه" (658). وقال الهيثم بن خارجة قلت لأبي عبد اللَّه: أنا رأيت مسكينًا كان له في غنم شاتان فجاء المصدق فأخذ إحداهما. فقال أبو عبد اللَّه: فما تصنع؟ ! هذا عمل صاحبك الأوزاعي. "الطبقات" 2/ 506، "المغني" 4/ 60 791 - لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع قال في رواية الميموني وحنبل في من له مائة شاة في بلدان متفرقة: لا يأخذ المصدق منها شيئًا؛ لأنه لا يجمع بين متفرق، وصاحبها إذا ضبط ذلك وعرفه أخرج هو بنفسه، يضعها في الفقراء. "المغني" 4/ 64، "الفروع" 2/ 395 ونقل الأثرم وغيره في من له أربعون شاة في بلد وأربعون في بلد آخر، وبينهما مسافة القصر؛ لزمه شاتان، وإن كان في كل بلد عشرون فلا زكاة. "الفروع" 2/ 395

792 - قسمة ما يخرج من البهائم الخلطة

792 - قسمة ما يخرج من البهائم الخلطة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ: قومٌ جماعة لكلِّ واحدٍ منهم عشرةُ أعنز جعلوها قطيعةً واحدة، ثم قسموا ما يخرجُ منها؟ قال: كلما اتفقَتْ كلمتُهم على الانتفاعِ بما يخرجُ من ألبانها وسمنِهَا على أمرٍ معلوم بينهم جَازَ ذَلِكَ، ولا ينظر إنْ كان فيه مَا لا ينتفع به، ولصاحبه ما ينتفع به بعد إذ خلطوا ما يخرج من جميعها، ثم جزءوه بينهم أجزاء كل على قدر ما يطمع أن يصيبه من أعنزِه على الانفراد؛ لأنَّ هذا الصلح اصطلحوا عليه. "مسائل الكوسج" (3356)

فصل: زكاة الخارج من الحيوان

فصل: زكاة الخارج من الحيوان 793 - زكاة العسل قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: العسلُ والعنبر فيهما زكاة؟ قال: أمَّا العسلُ ففيه العشر، والعنبر قد قال فيه ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- (¬1). قال إسحاق: في العسل العشر والعنبر كذلك أيضا يُؤخذ منه الخمس. "مسائل الكوسج" (644). قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن العسل فيه العشر؟ قال: نعم. قيل: من كم يخرج؟ قال: من عشر قربٍ: قربة. "مسائل أبو داود" (555). قال أبو داود: سمعت أحمد مرة أخرى ذكره، فقال: قال الزهري في عشرة أفراقٍ: فرقٌ، (¬2) والفرقُ: ستة عشر رطلًا. "مسائل أبو داود" (556). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن العسل هل تجب فيه الزكاة؟ قال: في العسل العشر. "مسائل عبد اللَّه" (620). ¬

_ (¬1) علقه البخاري قبل حديث (1498) عن ابن عباس قال: ليس العنبر بركاز، وهو شيء دسره البحر، ووصله الشافعي في "الأم" 2/ 36، وعبد الرزاق 4/ 65 (6977)، وابن أبي شيبة 2/ 374 (10059). (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 63 (6971)، وابن أبي شيبة 2/ 373 (10054).

794 - هل في المسك زكاة؟

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا وكيع عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى، عن أبي سيارة قال: قلت يا رسول اللَّه إني لي نحلًا. قال: "أد العشر" فقلت: يا رسول اللَّه: احمها لي. قال: فحماها لي (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (621) قال الأثرم: سُئل أبو عبد اللَّه أنت تذهب إلى أن في العسل زكاة؟ قال: نعم، أذهب إلى أنّ في العسل زكاة العشر، قد أخذ عمر منهم الزكاة (¬2). قلت: ذلك على أنهم تطوعوا به. قال: لا، بل أخذه منهم. "المغني" 4/ 183، "معونة أولي النهى" 3/ 243 794 - هل في المسك زكاة؟ قال الميموني: قال أحمد: كان الحسن يقول: في المسك إذا أصابه صاحبه الزكاة (¬3). "المبدع" 2/ 360، "الإنصاف" 6/ 587 ¬

_ (¬1) "المسند" 4/ 236، ورواه أيضًا ابن ماجه (1823) من طريق وكيع، به. ونقل الترمذي في "العلل" 1/ 313 عن البخاري قوله: هو حديث مرسل، سليمان لم يدرك أحدًا من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وضعف إسناده كذلك البوصيري في "المصباح " 2/ 91. وحسنه الألباني لغيره. في "صحيح ابن ماجه" (1476). (¬2) رواه أبو داود (1600) والنسائي 5/ 46. من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. صححه الألباني في "الإرواء" 3/ 284. (¬3) لم أقف عليه.

زكاة الخارج من الأرض

زكاة الخارج من الأرض النوع الأول: زكاة الحبوب والثمار 795 - ما تجب فيه الزكاة من الزروع، ومقدار نصابها، والمقدار الواجب فيه قال إسحاق بن منصور: قلت: ما سقت السماء والأنهار والعيون العُشر، وما سقي بالرشاء فنصف العشر؟ قال: نعم. قال إسحاق: شديدًا. "مسائل الكوسج" (575) قال إسحاق بن منصور: قلتُ لابن عيينة: إنَّ سفيانَ كان يقولُ: كلُّ شيءٍ أخرجَتِ الأرضُ مما يكالُ إذا بلغ خمسة أوسق وله بقاء إذا يَبس الزكاة. قال: لن ترى بعينيكَ مثل سفيانَ حتَّى تموتَ. قال أحمد: هو كما قال. قال إسحاق: كما قال في الأَوساق. "مسائل الكوسج" (587) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في الزيتون العشرُ؟ قال: نعم، العشر. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3521) قال صالح: وسألته عن الحبوب ما زكاتها؟

فقال: أما ما كان من الخضر التي لا تبقي ولا تدخر، ولا يقع فيها القفيز فلا زكاة إلا في أثمانها. وأما ما كان يدخر أو يقع فيه القفيز حتى يكون معناه معنى البر والتمر والزبيب والشعير؛ ففيه العشر، إذا كان يسقى بماء تأتي به السماء، وما كان بالكلفة فنصف العشر، إذا كان الرجل يملك رقبة الأرض. "مسائل صالح" (173) قال صالح: قلت: ما تقول فيما أخرجت الأرض من البقول، والزعفران، والرياحين، والطرفاء، والقصب الفارسي، والحشيش، فيه العشر أو الزكاة إذا بيع وقيمته مائتا درهم درهم، وحال عليها الحول؟ قال: كل شيء من الخضر والقثاء والخيار والبطيخ فليس فيه زكاة إلا في ثمنه إذا حال عليه الحول، وكل ما كان مثل العدس والحمص واللوبيا والأرز والذرة وما يدخر من الفواكه حتى يقع فيه الكيل، ويكون مفارقًا للخضر، وكل ما كان يضرب فيه القفيز؛ ففيما سقي منه بالدوالي نصف العشر، وما كان سيحًا، أو سقيًا بالأنهار، أو سقته السماء؛ ففيه العشر. "مسائل صالح" (314) قال أبو داود: قلت لأحمد: الحبوب فيها العشر؟ قال: كل شيء يدخر حتى يصير أن يكال. قلت: مثل العدس وغيره؟ قال: نعم. ثم قال أحمد: قوم قالوا ليس في الأرز -يعني الصدقة؟ ! قال هذا إنكارًا لقولهم. قال أحمد: ولعل الأرز أكثر غلات الناس -أي: أن فيه العشر. "مسائل أبو داود" (554)

قال أبو داود: قلت لأحمد: القطن فيه العشر؟ قال: ليس في القطن شيء. "مسائل أبو داود" (557) قال ابن هانئ: قلت: متى تجب على الرجل الزكاة؟ قال: إذا بلغ خمسة أوسقٍ زكّاه، فإذا بلغ خمسة أوسق، كل نوع حبوب خمسة أوسق، حمّص خمسة أوسق، حنطة خمسة أوسق، زكاه إذا بلغ كل نوع خمسة أوسق. "مسائل ابن هانئ" (616) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الزكاة فيما تجب؟ فقال: تجب الزكاة في: الحنطة والشعير والتمر والزبيب والذرة والسلت، وكل شيء يقوم مقام هذِه حتى يدخر، ويحوي فيه القفيز، فيقوم مقام هذِه مثل اللوبيا والعدس والتين والسماسم والقطنية والرز، وكل شيء يدخر فيقوم مقام هذِه الأربعة: التمر والحنطة والزبيب والشعير. وإن كان مما خرج في أرض الخراج فعلى الأرض الخراج، وفي الحب العشر وهو زكاته، وإن كان في أرض حرة يملكها صاحبها فعليه فيها العشر إذا كانت على نطف السماء من الأمطار، وإن كان خروج هذا الحب على كلفة مثل النواضح وما يستقى بالغرف فعليه فيها نصف العشر. قال أبي: وكذلك أيضًا في الأرض التي يؤدى عنها الخراج فيها العشر ونصف العشر. "مسائل عبد اللَّه" (622)

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا: يحيى بن سعيد عن سفيان عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر: الصدقة في كذا وكذا وفي السلت (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (625) قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده حدثني خالد بن خداش قال: نا عبد اللَّه بن وهب، قال: أخبرنا يونس عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فرض فيما سقت السماء والأنهار والعيون، وكان عدنًا -وقال خالد مرة يقول: وكان بعلًا- العشر، وفيما سقي بالنواضح نصف العشر (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (626) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا حسن بن موسى، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير عن جابر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: فيما سقت السماء والعيون العشر، وفيما سقت السَّانية نصف العشر (¬3). "مسائل عبد اللَّه" (627) ونقل يعقوب بن بختان عنه في الزيتون هل فيه صدقة؟ قال: ليس فيه صدقة؛ لأنه لا يدخر في العادة فأشبه التين. ¬

_ (¬1) رواه الشافعي في "مسند" ط. غراس 2/ 163 (739) قال: أخبرنا أنس بن عياض، عن موسى بن عقبة، عن نافع: أن عبد اللَّه بن عمر كان يقول: صدقة الثمار والزروع ما كان نخلًا أو كرمًا أو زرعًا أو شعيرًا أو سُلتًا. (¬2) رواه البخاري (1483)، وأبو داود (1596)، والترمذي (640)، والنسائي 5/ 41 وابن ماجه (1817)، والنسائي 5/ 41 من طرق عن عبد اللَّه بن وهب، به. (¬3) هو في "المسند" 3/ 341 بسنده ومتنه سواء، ورواه مسلم (981) من طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن أبي الزبير به.

796 - مقدار الوسق

ونقل عنه في القطن هل فيه صدقة؟ قال: فيه الزكاة لعموم قوله: فيما سقت السماء العشر. "الروايتين والوجهين" 1/ 239 قال في رواية أبي طالب: يعطى من كل شيء يكال ويدخر، مثل الحنطة، والشعير، والذرة، والسلت، والزبيب، والتمر، والعدس، والحمص، والخردل، وأشباهه. وقال في رواية الأثرم: في الباقلاء والأرز واللوبيا. وقال في رواية مهنا: في السمسم والشهدانج. "الأحكام السلطانية" (122) 796 - مقدار الوسق قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الوسق؟ فقال: الوسق ستون صاعًا. "مسائل ابن هانئ" (619). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: الوسق ستون صاعًا، وفي كل خمسة أوسق صدقة. حدثني أبي قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن إسماعيل بن أمية عن محمد بن يحيى بن حبان، عن يحيى بن عمارة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس فيما دون خمسة أوسق من ثمر ولا حب صدقة" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 97، ورواه مسلم (979/ 4) من طريق وكيع، ورواه البخاري من طريق عمرو بن يحيى بن عمارة، عن أبيه، به مطولًا.

797 - زكاة ما زاد على النصاب

حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن أبي الزبير عن جابر قال: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة من القمح (¬1)، والوسق: ستون صاعًا. "مسائل عبد اللَّه" (628) 797 - زكاة ما زاد على النصاب قال عبد اللَّه: وسألت أبي عن العشر ما زاد على ثلاث مائة صاع، تسع آصع أو عشرة آصع، هل فيها العشر أم لا؟ قال: يزكي بالحساب بالعشر. "مسائل عبد اللَّه" (624) 798 - لو ملك اللقَّاط النصاب، هل يجب عليه العشر؟ قال ابن هانئ: سئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يلتقط الحنطة والشعير، وقد وجب فيه العُشر، والسلطان لا يعرض لِلقَّاطِين في العشر، كيف يصنع؟ أيخرج عُشْره فيفرقه أو لا يجب عليه، وإنما هو قوته أو أكثر قليلًا، وربما كان خمسة أوسق وأكثر؟ قال أبو عبد اللَّه: ليس عليه صدقة. "مسائل ابن هانئ" (615) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 139 (7250)، وابن أبي شيبة 2/ 369 (10006) من طرق عن جابر بنحوه.

799 - صفة الواجب في الزروع والثمار

799 - صفة الواجب في الزروع والثمار قال أبو الحارث: قال أحمد: النخل والعنب يخرص على أهله ويؤخذ منهم العشر إذا أتمر. ونقل الأثرم ما يدل على أن النصاب معتبر في حال رطوبته، فإذا بدا الصلاح في النخل والكرم ومبلغه خمسة أوسق رطبًا وينقص إذا جف وجبت الزكاة، ولفظ كلامه: أنه سئل عن الخارص يخرص مائة وسق، وهذا يؤول إلى أن يكون تسعين وسقًا؟ فقال: كان الشافعي يقول: يخرص على ما يؤول إليه وإنما هو على ظاهر الحديث، ومعناه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خرص عليهم (¬1) ولم يعتبر الجفاف. وقيل له أيضًا: إذا خرص عليه مائة وسق رطبًا يعطي عشرة أوسق تمرًا؟ فقال: نعم على ظاهر الحديث. "الروايتين والوجهين" 1/ 236 - 237، "المبدع" 2/ 344 روى الأثرم عنه: أنه يعتبر نصاب النخل والكرم عنبًا ورطبًا، ويؤخذ منه مثل عشر الرطب تمرًا. "المغني" 4/ 162 ¬

_ (¬1) انظر ما رواه الإمام أحمد 5/ 424، والبخاري (1481) من حديث أبي حميد الساعدي.

800 - ما يجمع من الحبوب والثمار في الصدقة، وما لا يجمع

800 - ما يجمع من الحبوب والثمار في الصدقة، وما لا يجمع قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الحِنطةُ والشعيرُ والسُّلْتُ صِنفٌ، والتمرُ صنف، والزَّبيب صنفٌ؟ قال: ما هذا بِبعيدٍ، ما أحسن ما قال! ثمَّ سمعتُه بعد يقولُ: لا تُجمع الحنطةُ والشعيرُ. ولا يَرى بأسًا أن تُباع واحد باثنين. قال الإمامُ أحمدُ: مالكٌ يكرهُ أن تُباع الحنطةُ بالشَّعيرِ اثنينِ بواحد ويجمعهما في الصَّدقةِ، ولا نَرى بالقِطْنِيَّة بأسًا اثنينِ بواحدٍ ويجمعهمُا في الصدقَةِ. قال إسحاق: كما قال سَواء، وليس قولُه الأوَّلُ بشيءٍ. "مسائل الكوسج" (551) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الحمَّصُ والعَدَسُ واللُّوبِيا والجُلبَان (¬1) ونحو ذَلِكَ صنف واحدٌ؟ قال: ما أحَسن! قال إسحاق: سوى الحِنطة والشعير، الحبوبُ كلّها صنفٌ إذا بلغ خمسة أوسق زُكِّي. قال إسحاق: الوسق: ستونَ صاعًا. "مسائل الكوسج" (552) قال ابن القاسم: قال أحمد: ما أخرجت الأرض لا أضم بعضه إلى بعض. ¬

_ (¬1) الجُلْبَان: بالتخفيف، نبات أعجمي، وقيل: هو الفول.

قال الميموني: قال أحمد: اختلفوا في هذا، والأحوط أن يجمعها كلها إذا كانت تكال بالقفيز مثل الحنطة، والأرز، والعدس، فتزكى هذِه تكال ويقع عليها اسم الحب فتجمع فتزكى، وليس هذا مثل التمر فيضمه إليه؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فرق بينهما فقال: ليس على مال مسلم صدقة في حب ولا ثمر (¬1). قال أبو الحارث: قلت: إذا أخرجت أرضه حنطة وسمسما من يضم؟ فقال: فيه اختلاف، وكل ما كان من القطاني يضم بعضه إلى بعض. "الروايتين والوجهين" 1/ 240 - 241 قال الميموني: سألته عن الحب يجمع؟ قال: مسألة فيها اختلاف. قلت: إذا كنا نذهب في الذهب والفضة إلى أن لا نجمعها لم لا تشبه الحبوب بها؟ قال: هذِه يقع عليها اسم طعام واسم حبوب. قال: ورأيت أبا عبد اللَّه في الحبوب يحب جمعها، ومذهبه في الذهب والفضة والبقر والغنم أن يزكى كل واحد منها على حده، ولا يجمع بعضها إلى بعض. "بدائع الفوائد" 4/ 55 ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه من حديث أبي سعيد الخدري.

801 - زروع في بلدان شتى، يضمها ويزكى عنها؟

801 - زروع في بلدان شتى، يُضمها ويزكى عنها؟ ونقل عنه الأثرم: في زروع في بلدان شتى، في كل بلد ثلاثة أوسق، أيجمعها فيزكيها؟ قال: الزرع غير الماشية، إنما سمعنا في الماشية، ولم نسمع في الزرع. "الأحكام السلطانية" (121) 802 - مقدار ما يتركه الخارص لرب المال قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان، وبلغني عن الحسنِ أنَّه قال: وما أكلَ يحسب عليه. قال أحمد: ليس ذا شيء، يترك لهم في الخرصِ بقدرِ ما يأكلونَ. قال إسحاق: كما قال، الريعُ لا يخرص عليه. "مسائل الكوسج" (596) 803 - تصرفات صاحب الزرع في زرعه قبل خرصه؟ قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن فريك السنبل قبل أن يقسم؟ فقال: لا بأس أن يأكل غير صاحب الأرض. فأرى أنه ذكر الحديث الذي يروى في الخرص: "دعوا لهم بمقدر ما يأكلون" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 130 (7222)، وابن أبي شيبة 2/ 414 (10560) عن عمر أنه كان يبعث أبا خيثمة خارصًا للنخل فقال: إذا أتيت أهل البيت في حائطهم فلا تخرص عليهم قدر ما يأكلون ورواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 40، والبيهقي 4/ 124 بنحوه. =

804 - إذا هلكت الثمار بعد الخرص

وقال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن الجَلّ (¬1) الذي يبقى بعد التبن؟ فقال: هو لصاحب الأرض لم يبق منه شيء للسلطان. "الورع" (216 - 217) 804 - إذا هلكت الثمار بعد الخرص وقال حنبل: قال أحمد: إذا خرص عليهم، وترك في رءوس النخل فعليهم حفظه، فإن أصابته جائحة من السماء فذهبت بالثمرة لم يؤخذ، وسقط عنهم الخرص. "الروايتين والوجهين" 1/ 236 "الأحكام السلطانية" (122) 805 - إذا باع الحبوب والثمار بعد وجوب الزكاة فيها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: وإذا بَاعَ زرعًا أخضرَ بقلًا أو نخلًا فيه طلعٌ، فليس على البائعِ زكاةٌ. قيلَ له: فالذي اشتراه؟ قال: إنْ أدركَ حتَّى يصيرَ حبًّا أو ثمرًا عليه الزكاة. ¬

_ = ويروى مرفوعًا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا خرصتم فجدوا ودعوا، دعوا الثلث، فإن لم تجدوا وتدعوا، فدعوا الربع". رواه أحمد 3/ 448، وأبو داود (1605)، والترمذي (643)، والنسائي 5/ 42 من حديث سهل بن أبي حثمة. وفي إسناده عبد الرحمن بن مسعود بن نيار قال الذهبي في "الميزان" 3/ 303: لا يعرف. (¬1) الجل: هو قصب الزرع وسوقه إذا حصد عنه السنبل.

قال أحمد: هذا الأصل، مكروه أنْ يبيعَ الثمرَ حتَّى يطيبَ، فإذا باعَ قبل أدنْ يطيبَ فسخته، فإن باع ثمرةً قد طابتْ فالزَّكاةُ على البائعِ، وليس في الخضرِ شيء إنَّما الزكاة في أثمانِها إذا حَالَ عليها الحولُ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (591) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا كان ابتاعَ الزَّرعَ والنَّخلَ للتجارةِ قومه قيمةً إذا حَالَ عليه الحولُ فزكَّار؟ قال أحمد: جيد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (592) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: وإن كان اشتراه لغير التجارةِ فأدرك زكاةً، وإن كان قبلَ ذَلِكَ بشهرٍ؟ قال أحمد: ما لم يشتره للتجارةِ فليس عليه زكاةٌ إلا زكاةَ ما أخرجتِ الأرضُ إذا استحصد فهو على البائعِ، وإذا لم يستحصد فسخته يعني: البيعَ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (593). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: وإذا باع الزَّرعَ والنَّخلَ وقد أدركَ، فالزَّكاة؟ على البائع. قال أحمد: نقول كذا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (594)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ بَاعَ ثمرةَ حائِطِهِ، أوْ زَرْعَ أرْضِهِ، الزَكاة؟ قال: الزكاةُ إِنَّمَا تكونُ عَلى البَائِعِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1935) قال صالح: سئل، عن العنب إذا كان خمسة أوسق فبيع؟ قال: يخرج من الدراهم العشر. "مسائل صالح" (661) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل باع ثمر نخله؟ قال: عشره على الذي باعه. قال: فيخرج ثمرًا أو ثمنهُ؟ قال: إن شاء أخرج ثمرًا، وإن شاء أخرج من الثمن. "مسائل أبو داود" (565) قال في رواية أبي طالب: إذا ابيض السنبل فباعه بألف درهم يتصدق بعشرها، بمائة. "الأحكام السلطانية" (121) نقل أبو طالب عنه فيمن باع ثمره أو زرعه وقد بلغ: يتصدق بعشر الثمن. "الفروع" 2/ 565

806 - زكاة المال المستفاد خلال الحول

806 - زكاة المال المستفاد خلال الحول قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: إذا أخرجَ زَكاته من هذِه الأصنافِ كلِّها: التمرِ والزَّبيبِ والحبوب، ثُمَّ امْتَلَكَ بعد ذَلِكَ ستين ثمَّ باعها؛ أنَّهُ ليسَ عليه في ثمنها الزكاةُ حتَّى يحولَ على ثمنها الحولُ مِنْ يومِ باعَهُ إذا كان أصلُ ذَلِكَ مِنْ فائدةٍ ولم يَكن للتجارة فإن كان للتجارة فعَلَى صاحبها فيها الزَّكاة حين يَبيعها إذا كانَ قدْ حَبسها مِن يومِ زكَّى المالَ الذي ابتاعه به. قال أحمد: كما قال. قال إسحاقُ: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (553) 807 - زكاة الأرض المستأجرة على المالك أم المستأجر؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: الأكَّارُ إِذَا خَرَجَ في نصِيبهِ مَا يجبُ فِيهِ العُشر؛ أَيُعْطِي؟ قال: نعم. قال إسحاقُ: شديدًا (كما قال)، وجهل أبو حنيفة قال: ليسَ عليه شَيءٌ. "مسائل الكوسج" (1875) نقل حرب عنه في أرض العشر تؤجر على من يأخذ السلطان؟ قال: على الرقبة. "الفروع" 2/ 436

زكاة المال المدفون (الكنز، والمعدن، والجوهر)

زكاة المال المدفون (الكنز، والمعدن، والجوهر) زكاة الكنز أو الركاز 808 - الركاز: تعريفه، وفي أي شيء يكون قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الركازُ، أين يكون، في أرضِ الإسلامِ أو في أرض الشرك؟ قال: الركاز: الكنز العادي. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (645) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في أي شيءٍ يكونُ الركازُ؟ قال: الذهب والفضة العادية. قُلْتُ: يكون في الصُّفْرِ؟ قال: الصُّفْر يكون في الحجارة، ولا يؤخذ إلا بالمئونة، هو معدن. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (646) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الركاز؟ قال: الكنز العادي ضرب الجاهلية، ضرب الأكاسرة، وكل شيء يكون من ضرب الإسلام، فهو لقُطة تعرف. "مسائل عبد اللَّه" (629)، "العلل" (5927) نقل أبو طالب عنه في إناء نقدٍ: إن كان يشبه متاع العجم، فهو كنز،

809 - مصرف الركاز، وقدر الواجب فيه

وما كان مثل العرق فمعدن، وإلا فلقطة، وكذا ما أخذ من دار الحرب بلا منعة فهو كالركاز. "الفروع" 2/ 497، "الإنصاف" 6/ 603 809 - مصرف الركاز، وقدر الواجب فيه قال حنبل: قال أحمد: يُعطى الخمس من الركاز على مكانه، وإن تَصدَّق به على المساكين أجزأه. "المغني" 4/ 236 وروى عنه محمد بن الحكم أنه لأهل الفيء. "المبدع" 2/ 360 810 - إذا اكترى دارًا فوجد فيها ركازًا نقل الفضل بن زياد عنه: من وصفه حلف وأخذه. "الفروع" 2/ 496 نقل الأثرم عنه: لا يدفع إلى البائع بلا صفة. "الفروع" 2/ 497، "الإنصاف" 6/ 600 811 - إذا أَصاب الحفار كنزًا، هل يكون للحفار أو لصاحب الدار؟ قال في رواية أبي الحارث: فيمن استأجر حفارًا يحفر بئرًا في داره، فحفر فأصاب كنز في البئر.

812 - زكاة المستخرج من المعادن

قال: ركازًا عاديا، فهو لصاحب الدار، وإن كان ضرب الإسلام عرفه. "الأحكام السلطانية" (128) ونقل محمد بن يحيى الكحال: هو للأجير. "المغني" 4/ 234 812 - زكاة المستخرج من المعادن قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المَعْدِن لا يُؤخذ منه زكاة؟ قال: في المعادنِ الزَّكاة حين يخرجها هكذا عشر، والكَنز فيه الخُمَس. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (547) نقل مهنا عنه: لم أسمع في معدن القار والنفط والكحل والزرنيخ شيئًا. "الفروع" 2/ 484 813 - زكاة المستخرج من البحر من الجوهر (كالعنبر واللؤلؤ) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: العسلُ والعنبر فيهما زكاة؟ قال: أمَّا العسلُ ففيه العشر، والعنبر قد قال فيه ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- (¬1) ¬

_ (¬1) علقه البخاري قبل حديث (1498) عن ابن عباس قال: ليس العنبر بركاز، وهو شيء دسره البحر، ووصله الشافعي في "الأم" 2/ 36، وعبد الرزاق 4/ 65 (6977)، وابن أبي شيبة 2/ 374 (10059).

قال إسحاق: في العسل العشر، والعنبر كذلك أيضًا يُؤخذ منه الخمس. "مسائل الكوسج" (644) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن العنبر واللؤلؤ يستخرجه الرجل، ما فيه؟ فذكر قول ابن عباس فيه. أحسبه حديث أذينة عن ابن عباس: "ليس في العنبر زكاة، إنما هو شيء دسره البحر". "مسائل أبو داود" (558) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: ليس في الجوهر ولا اللؤلؤ زكاة إلا أن يكون للتجارة. فإذا كان للتجارة قوم وزكي، وكل شيء يراد به التجارة يزكى إذا حال عليه الحول بقيمته يومئذ، وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول. "مسائل عبد اللَّه" (619)

زكاة الأثمان المطلقة (الذهب والفضة)

زكاة الأثمان زكاة الأثمان المطلقة (الذهب والفضة) 814 - مقدار النصاب وصفته، والقدر الواجب فيه وصفته قال صالح: قال أبي: إذا نقصت -يعني: الزكاة- عن عشرين دينارًا نصف دينار فلا زكاة فيها، والذي سمعنا: ليس في أقل عن عشرين دينارًا شيء. "مسائل صالح" (1212) قال عبد اللَّه: سألت أبي: هل في تسعة عشر دينارًا زكاة؟ قال: إذا كانت عشرين غير ثلث دينار زكاها. قلت لأبي: فإن كانت غير نصف دينار؟ قال: لا يزكيها حتى تكون أكثر من النصف -يعني: حتى تكون أكثر من تسعة عشر دينارًا ونصف. "مسائل عبد اللَّه" (598) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، نا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي قال: في أربعين دينار دينار، فما نقص فبالحساب، فإذا بلغت عشرين ففيها نصف دينار (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (599) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 88 (7074)، وأبن أبي شيبة 2/ 357 (9873) من طريق أبي إسحاق، به.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي قال: إذا حال على المال الحول ففي كل مائتين خمسة دراهم فما زاد فبالحساب (¬1). قال: سمعت أبي يقول: وأنا أذهب إلى هذا. "مسائل صالح" (600) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا أيوب، عن محمد، عن جابر الحذاء: أن ابن عمر قال: في كل مائتين خمسة (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (601) فنقل حنبل عنه: لا يكسو مسكينًا، ولكن يمضيها كما أمر اللَّه عز وجل، وكما فرض اللَّه تعالى. ونقل الحسن بن ثواب: إذا كان عنده مائة دينار فأخرج زكاتها ورقًا فلا أحب إلا أن يخرج ذهبًا؛ لأنه عدل عن النصوص إلى قيمته فلم يجزه كما لو أخرج زكاة الحبوب والمواشي ذهبًا وورقًا فإنه لا يجزيه رواية واحدة. قال بكر بن محمد ويعقوب بن بختان: قال أحمد: إذا أعطى زكاة الدنانير دراهم جاز ليس هو عرض. "الروايتين والوجهين" 1/ 235 ¬

_ (¬1) روراه عبد الرزاق 4/ 88 - 89 (7076)، ورواه عبد اللَّه بن أحمد في زوائده على "المسند" 1/ 148 مختصرًا. كلاهما من طريق أبي إسحاق، به. (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 72 (7007) من طريق أيوب، به، وابن أبي شيبة 2/ 389 (10245) عن طريق ابن سيرين، وجاء فيها (خالد الحذاء) بدلًا من (جابر).

سأله الميموني عمن عنده شيء وزنه درهم أسود، وشيء وزنه دانقين، وهي تخرج في مواضع، ذا مع نقصانه على الوزن سواء؟ فقال: يجمعها ثم يخرجها على وزن سبعة مثاقيل. "الأحكام السلطانية" (116، 175)، "المعونة" 3/ 257 حكى الأثرم عن أحمد بن حنبل أنه ذكر اختلاف الدرهم والدينار باليمن وناحية عدن، فقال: قد اصطلح الناس على دراهمنا -وإن كان بينهم في ذلك اختلاف- قال: وأما الدنانير، فليس فيها اختلاف. "التمهيد" 7/ 17، "الاستذكار" 9/ 18، "المعونة" 3/ 257 ونقل عنه الأثرم في الرجل يكون له مرة دنانير ومرة دراهم تنقلب في يديه ثم جاء الحول. قال: زكَّاها ما كانت. "الانتصار" 3/ 225 قال المروذي: قلت لأحمد -وقد ذكر دراهم باليمن صغارًا الدرهم منها دانقان ونصف- كيف تزكى هذِه؟ قال: تُرد إلى المثاقيل. وقال الميموني: سمعت رجلًا يقول لأحمد: عندنا دراهم بخراسان وذكر صنفًا منها وزن بعضها مثقال -وأقل وأكثر- فكيف تزكى؟ فسمعته يقول: اجمعها جميعًا ورُدَّها إلى وزن سبعة مثاقيل ثم زكها على ذلك. "المستوعب" 3/ 280، 281، "المعونة" 3/ 256، 257 وسأله محمد بن الحكم عن الدراهم السود؟ فقال: إذا حلت الزكاة في مائتين من دراهمنا هذِه وجبت فيها الزكاة

815 - ضم الفضة إلى الذهب لإكمال النصاب

-فأخذ بالاحتياط- فأما الدية فأخاف عليه. وأعجبه في الزكاة أن يؤدي من مائتين من هذِه الدراهم، وإن كان على رجل دية أن يُعطى السود الوافية، وقال: هذا الكلام لا تحتمله العامة. "الفروع" 2/ 454 - 455 ونقل حنبل عنه في دراهم مغشوشة لو خلصت نقصت الثلث أو الربع. قال: لا زكاة فيها؛ لأن هذِه ليست بمائتين مما فرض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإذا تمت ففيها الزكاة. "الفروع" 2/ 456. "المعونة" 3/ 257 قال أحمد في رواية المروذي: أنه يجزئ دينار مكسر عن دينار صحيح، ومغشوش عن خالص وجيد، ودراهم سود عن دراهم بيض مع الفضل. "معونة أولي النهى" 3/ 261 815 - ضم الفضة إلى الذهب لإكمال النصاب ونقل أبو عبد اللَّه النيسابوري أنه سُئل: إذا كان عنده مائة درهم، وعشرة دنانير، وأربعة من الإبل، وأوساق من طعام هل يضم بعضها إلى بعض فيزكيها؟ فقال أحمد: أما الدراهم والدنانير فأحب له أن يضم بعضها إلى بعض، فيضم الأقل إلى الأكثر، فيحسبها، ويزكيها. ونقل عنه الأثرم في رجل عنده مائة درهم وثمانية دنانير، قال: هذِه مسألة فيها اختلاف، وإنما قال من قال فيها: الزكاة إذا كانت عشرة دنانير ومائة درهم. "الأحكام السلطانية" (125)

816 - هل في الحلي زكاة؟

816 - هل في الحلي زكاة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الحُلِيُّ فيه زَكَاةٌ؟ قال: الحُلِيُّ ليسَ فيه زكَاةٌ. قال إسحاق: كما قال، إلا أنْ يكونَ سَرَفًا بينًا أو اختيالًا. "مسائل الكوسج" (573)، (631) صالح: قلت: التبر من الذهب والفضة هل تجب فيه الزكاة؟ قال: تجب فيه الزكاة، إلا الحلي الذي يعار ويلبس. "مسائل صالح" (676) قال صالح: قلت: هل على النساء زكاة في حليهن وفي مهورهن؟ قال: إذا قبضن مهورهن زكين لما مضى، وأما الحلي إذا كان يعار فلا زكاة فيه. "مسائل صالح" (1371) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: الحلي ليس عندنا فيه زكاة. "مسائل أبو داود" (549) قال أبو داود: وسمعته مرة أخرى قال: زكاته أن يعار ويلبس. "مسائل أبو داود" (550) قال ابن هانئ: سألته عن الحلي، فيه زكاة؟ قال: زكاته عاريته. "مسائل ابن هانئ" (561) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الحلي هل فيه زكاة؟ فقال: إذا كان يعار ويلبس أرجو أن لا يكون فيه زكاة. "مسائل عبد اللَّه" (614)

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: سنة الحلي شيء غير سنة الحنطة والقطنية. "مسائل عبد اللَّه" (615) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا سفيان، عن عبد الرحمن -يعني ابن القاسم- عن أبيه، أن عائشة كانت تحلى بنات أخيها الذهب، ثم لا تزكيه (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (616) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا وكيع قال: نا شريك عن علي بن سليم قال: سألت أنس بن مالك عن الحلي؟ فقال: ليس فيه زكاة (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (617) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: نا هشام، عن فاطمة أن أسماء كانت تحلي بناتها بالذهب قيمته خمسون ألفًا كانت لا تزكيه (¬3). "مسائل عبد اللَّه" (618) قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد اللَّه، وسُئل عن زكاة الحلي؟ فقال: يروى فيه عن خمسة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنهم لا يرون في الحلي زكاة (¬4). "الطبقات" 3/ 35 ¬

_ (¬1) رواه مالك 1/ 256 (656) عن عبد الرحمن بن القاسم، به، ورواه عبد الرزاق 4/ 83 (7052) عن سفيان، به، وابن أبي شيبة 2/ 383 (10175) من طريق سفيان، به. (¬2) رواه البيهقي 4/ 138، من طريق وكيع، به. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 2/ 383 (10179) عن وكيع، به، والبيهقي 4/ 138 من طريق وكيع، به. (¬4) روي ذلك عن ابن عمر، وجابر، وأنس، وعائشة، وأسماء.

817 - من ملك نصابا مصوغا من الذهب والفضة

وقال الأثرم: قال أحمد: يروى فيه عن خمسة عشر من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-يعني: أنه لا زكاة فيه. "الانتصار" 3/ 139 وقال حرب: قال أحمد: لا زكاة في الحلي إذا كان يلبس وإن كثر. "الانتصار" 3/ 163 نقل الجوزجاني عنه أنه قال: ليس في الحلي زكاة، وإن بلغ ألف مثقال، لأنه يُعار ويلبس. "المبدع" 2/ 375 817 - من ملك نصابًا مصوغًا من الذهب والفضة قال أبو داود: قلت لأحمد: الخاتم من الحلي، فيه الزكاة؟ قال: نعم. قلت: والسيف المحلى؟ قال: نعم. قلت: والسرج -أعني السرج المفضض؟ فقال: أخشى أن لا يكون السرج، كأنه أراد أنه حلية السرج بالفضة تكره. "مسائل أبو داود" (551)

زكاة العروض المعدة للتجارة

زكاة العروض المعدة للتجارة من شروط وجوب زكاة العروض 818 - أن تكون معدَّة بنية التجارة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: طاوس والشعبي وعطاء قالوا: إذا زكيت طعامكَ أو شعيرك خمسة أوسق ثم حبسته سنتين للتجارةِ، أو لغيرِ التجارةِ فليس عليك فيه زكاةٌ، فإذا بعته استقبلتَ بالمالِ حولًا (¬1). قال أحمد: إذا كنت لا تريدُ به التجارةَ، فليس عليك فيه الزكاةُ إذا حسبته سنين، فإذا كان يريدُ التجارةَ، فأعجب إليَّ أن يقومه ويزكيه. قال إسحاق: كما قال أحمد؛ لابدَّ أنْ يزكيه إذا نوى التجارةَ. "مسائل الكوسج" (588) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في العروضِ زكاةٌ إذا كانَتْ للتجارَةِ؟ قال: يقوِّمه ويزكيه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (633) قال إسحاق بن منصور: قلت: الشاة إذا كانت للتجارة؟ قال: في ثمنها الزكاة، قال: إلا أن تكون اتخذت للولادة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (654) قال صالح: وسألته عن حديث عمر: أنه كان يأخذ من الرأس عشرة، ¬

_ (¬1) رواه بنحوه عبد الرزاق 4/ 95، 96 (7097)، (7098).

ومن الفرس عشرة، ومن البرذون خمسة (¬1). ما معناه؟ قال أبي: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس على الرجل في عبده ولا في فرسه صدقة" (¬2) وكان عمر يأخذ منهم، ثم يرزق عبيدهم بعد. وقال أبي: وكل عبد أو أمة أو فرس لا يراد به التجارة: فليس فيه زكاة، وكل شيء يراد به التجارة: يقوم ويزكى. "مسائل صالح" (241) قال صالح: قلت: رجل له ألف درهم، وعليه دين ألف درهم، وله من العروض لغير التجارة قيمة ألف درهم، هل تجب عليه زكاة أم لا؟ قال: إن كان عرض لا يديره للتجارة، فليس عليه فيه زكاة. "مسائل صالح" (313) قال صالح: حدتني أبي، قال: حدثنا حسين بن الوليد، قال: حدثنا خارجة، عن معمر، عن الحسين قال: ليس في الطواحين صدقة. "مسائل صالح" (863) قال ابن هانئ: سألته عن الشّاة يتخذها الرجل؟ قال: إذا كانت للتجارة، ففي ثمنها الزكاة، إلا أن تكون اتخذت للولادة. "مسائل ابن هانئ" (594) قال ابن هانئ: وسُئِلَ عن المتاع يكون في الدكان مثل: لفافة وصندوق، أيزكيه؟ ¬

_ (¬1) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 26 - 27. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 242 البخاري (1463)، ومسلم (982) من حديث أبي هريرة.

قال: إذا كان يريد به البيع، زكّاه. "مسائل ابن هانئ" (597) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يشتري الطعام، فيجلسه وقد أتى عليه عام. فزكاه عامه ذلك، تم أراده لمنزله فحال عليه حول آخر؟ قال: إذا أراده لمنزله لم يزكه، وإذا أراده للتجارة زكَّاه، كل عام يحول عليه فيه زكاة. "مسائل ابن هانئ" (617) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: نا حفص بن غياث، قال: حدثنا عبيد اللَّه ابن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: ليس في العروض زكاة إلا أن تكون للتجارة (¬1). "مسائل ابن هانئ" (612) نقل مهنا عنه: إن اتخذ سفينة أو أرحية للغلة فلا زكاة، يروى عن عليّ وجابر ومعاذ -رضي اللَّه عنهم-: ليس في العوامل صدقة (¬2). "الفروع" 2/ 513، "الانتصار" 3/ 130 وقال في رواية إبراهيم بن الحارث: إن كانت العروض للتجارة فعليه ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 406 (10459) من طريق عبيد اللَّه، به. ورواه البيهقي 4/ 147 من طريق أحمد، وصححه الحافظ في "الدراية" 1/ 261. (¬2) أثر علي رواه عبد الرزاق 4/ 19 (6829)، وابن أبي شيبة 2/ 365 (9952)، والبيهقي 4/ 116. ورواه مرفوعًا الدراقطني 2/ 103، والبيهقي 4/ 116، وأثر جابر رواه عبد الرزاق 4/ 19 (6828)، وأبن أبي شيبة 2/ 365 (9961)، والدارقطني 2/ 103، ومن طريقه البيهقي 4/ 116 - 117 وصححه البيهقي. وأثر معاذ رواه عبد الرزاق 4/ 20 (6830)، وابن أبي شيبة 2/ 365 (9953).

819 - متى تصير العروض للتجارة؟

زكاة الألف، وإن لم تكن للتجارة فلا شيء عليه. "المستوعب" 3/ 198 819 - متى تصير العروض للتجارة؟ نقل المروذي عنه: أن العروض تصير للتجارة بمجرد النية. "المستوعب" 3/ 301 820 - وقت نصاب زكاة عروض التجارة، وكيفيته قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا ابتعتَ غلامًا أو جارية لتجارة، ثم بدا لك أنْ تمسكَهُ لغيرِ التجارةِ، ثم بدا لك أنْ تبيعَه فبعته، فليس عليك فيه زكاةٌ حتَّى يحولَ على ثمنِهِ الحولُ. قيل له: مِنْ يوم يبدو له بيعُه، أو مِن يومِ يبيعُه؟ قال: من يوم يبيعه. قال أحمد: نعم من يوم يبيعه. قال إسحاق: كما قال أحمد، ولكنْ إن أجمعَ على بيعِهِ، ثم لم يبعْهُ كانَ كالبيعِ يكون ذَلِكَ في قيمتِه يومَ أجمعَ. "مسائل الكوسج" (609) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إذا ابتعت بُرًّا للتجارةِ فقوَّمتهُ قيمة، فحالَ عليه الحولُ وقد نقص من تلك القيمة؛ فزكِّه من القيمة يعني: الآخرة. قال الإمام أحمدُ -رضي اللَّه عنه-: إنَّما يزكيه من يومِ يحول عليه الحولُ: نقصان أو زيادة.

قال إسحاق: كما قال أحمد؛ لما قال عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: قوِّمه ثم زكِّه (¬1). "مسائل الكوسج" (612) قال إسحاق بن منصور: سألتُ سفيان في رجلٍ اشترى متاعًا بمائةٍ، وهو ثمن مائتين يومَ اشتراهُ ثم أتى عليه الحولُ وهو ثمن مائتين؟ قال: عليه فيه الزَّكاة. قال الإمام أحمد: يزكِّيه بقيمته على المائتين ولو أنَّه اشتراه بمائةٍ وهو يساوي مائةً يومَ اشتراه، لمْ تجبْ فيه الزكاةُ حتَّى يحولَ عليه الحولُ، وهو يساوي مائتين، وإنَّما تجب فيه الزكاةُ من يوم يساوي مائتينِ إلى أنْ يحولَ عليه الحولُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (613) قال صالح: وسألته عن قول ابن عباس في المتاع إذا كان للتجارة فحال عليه الحول؟ قال: يزكي الثمن، فإن كان فيه ربح زكاه بعد. ما معناه؟ قال: أما الذي يروى عن عمر أنه قال لحماس: قوم وزك (¬2)؛ فهو عندنا على ما قال عمر، يقوم متاعه يوم يحول عليه الحول ويزكيه. وأما قول ابن عباس؛ يرويه عامر الأحول، قال: يُزكي الثمن الذي اشتراه به. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 96 (7099)، وابن أبي شيبة 2/ 406 (10457)، والبيهقي 4/ 147. (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 96 (7099)، وابن أبي شيبة 2/ 406 (10456)، (10457).

قلت: يروى في اليتامى شيء يشبه هذا؟ قال: لا. "مسائل صالح" (217) قال صالح: قلت: رجل حسب ماله، فوجب عليه الزكاة في السنة ألفان، فمكث يعطي على ذلك سنين، ولا يدري نقص من ماله أو زاد، إلا أنه يرى أنه قد زاد؟ قال: ينبغي له أن يحسب ماله في كل سنة وثمن متاعه، يقومه بقيمة يوم حال عليه الحول فيزكيه. "مسائل صالح" (300) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا كان عنده متاع للتجارة فحال عليها الحول؟ قال: يقومه، ثم يزكيه. "مسائل أبو داود" (548) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا اشترى الرجل متاعًا بخمسمائة درهم، فحال عليه الحول، وهو يساوي ألف درهم، أيزكيه وهو يساوي ألف درهم؟ قال أبو عبد اللَّه: يزكيه يوم حال عليه الزكاة. "مسائل ابن هانئ" (595) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: ليس فيما يبتاع من العروض زكاة حتى يحول عليه الحول فإذا حال عليه الحول قومت وزكيت، وكل شيء يكون فيه من نماء، فهو يزكي معها، لأن عمر قال لصاحب الجعاب والأدم: قوم وزك، فقد يكون فيها نماء فيزكي النماء مع الأصل، وإذا

كان الأصل منفردًا لم يكن فيه نماء فلا يزكي حتى يحول عليه الحول، وهو بمنزلة المال ليس فيه زكاة حتى يحول عليه الحول. "مسائل عبد اللَّه" (609) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: كل شيء من العروض فلا زكاة فيه إلا ما كان للتجارة فإنه يزكى إذا حال عليه الحول، على حديث أبي عمرو ابن حماس. "مسائل عبد اللَّه" (610) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا يحيى بن سعيد: قال: حدثنا عبد اللَّه بن أبي سلمة عن أبي عمرو بن حماس عن أبيه قال له عمر: زكّ مالك -وكان يبيع الأدم والجعاب- قال: قال إنه أدم وجعاب. قال: قوّمه (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (611) نقل حنبل: أنه قيل له: قال مالك في إجارة العبيد والمساكين لا تجب الزكاة في ذلك حتى يحول عليه الحول من يوم قبضه. قال أحمد: وأنا أرى ذلك من يوم قبضه ويصير مالًا ففيه الزكاة. "الروايتين والوجهين" 1/ 245 قال محمد بن الحكم: قال أحمد: إذا كَرى دَارًا أو عَبْدًا في سَنَةٍ بألفٍ، فحصلت له الدراهم وقبضها، زكاها إذا حال عليها الحول، من حين قبضها، وإن كانت على المُكْتَرى، فمن يوم وجبت له فيها الزكاة، بمنزلة الدين إذا وجب له على صاحبه، زكاهُ من يوم وجب له. "المغني" 4/ 75 - 76 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 96 (7099)، وابن أبي شيبة 2/ 406 (10456)، والبيهقي 4/ 147.

821 - زكاة المال المستفاد خلال الحول

وسأل الميموني أبا عبد اللَّه عن قول ابن عباس في الذي يحول عنده المتاع للتجارة؟ قال: يزكيه بالثمن الذي اشتراه. فقلت: ما أحسنه. فقال: أحسن منه حديث: قوَّمه. "الفروع" 2/ 503 821 - زكاة المال المستفاد خلال الحول قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إذا كان عندك طعام مِن زرعِكَ وقد زكيته في شعبان، فبعته بدراهمَ، وعندك مالٌ تزكيه في شهرِ رمضانَ سوى ذَلِكَ المال، فجاءَ شهرُ رمضان وعندك ذَلِكَ المال فلا تزكيه حتَّى يحولَ عليه الحولُ. لا يجتمع في مالٍ واحدٍ زكاةٌ مرتينِ. قال أحمد: صَدَقَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (589) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إذا كان الطعامُ الذي بِعْتَ تجبُ فيه الزكاةُ، فإذا كان الطعامُ لم تجبْ فيه الزَّكاةُ، ثم بعته بورق قبل أنْ يحلَّ في مالك الزَّكاةُ فزكه مع مالِكَ. قال أحمد: لا يزكى شيء من الفائدة أبدًا حتى يحولَ عليه الحولُ. مثل الصلة والميراث وكل نماءٍ يكون من شيءٍ وجبتْ فيه الزَّكاةُ فيقوّمه ويزكِّيه؛ لأنَّه منه، والصلة والميراث بائن منه. قال إسحاق: كما قال سواءٌ. "مسائل الكوسج" (590)

822 - صفة الواجب في أموال التجارة

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا كان عندَ الرجلِ طعام مِنْ زرعٍ وقد زكَّاه في شعبان فباعه بدراهم، وعنده مالٌ يزكيه في شهرِ رمضان سوى ذَلِكَ المالِ، فجاءَ شهرُ رمضان وعنده ذَلِكَ المال يزكيه مع مالِه أم لا؟ قال: ليس عليه في ذَلِكَ شيءٌ حتَّى يحولَ عليه الحولُ. قال إسحاق: كما قال، إذا لم يحل عليه الحول من يوم باع. "مسائل الكوسج" (630) 822 - صفة الواجب في أموال التجارة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: لأَن يعطِها عَلى وَجهِها أحبُّ إليَّ، وإن أَعْطَى العروض أجزأَه. قال أحمدُ: ما يعجبني أَن يعطي العروض. قال إسحاق: كما قال أحمد، إلا أن يَكون في موضِع ضَرورة. "مسائل الكوسج" (545) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تُؤخذُ العروض في الزكاة؟ قال: قد رُوي هذا عن معاذ -رضي اللَّه عنه- (¬1)، وأما أنا فلا يعجبني. قال إسحاق: هو جَائز إذا كان على وجه النظر للمساكين. "مسائل الكوسج" (656) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل يكون عنده دراهم صحاح، يزكي غله؟ ¬

_ (¬1) علقه البخاري قبل حديث (1448) ورواه عبد الرزاق 4/ 105 (7133)، وابن أبي شيبة 2/ 404 (10440). عن طاوس عن معاذ، قال الحافظ في "الفتح" 3/ 312: هذا التعليق صحيح الإسناد إلى طاوس لكن طاوس لم يسمع من معاذ فهو منقطع.

823 - زكاة مال المضاربة

قال: لا يزكي إلا صحاحًا، ينظر إلى قدر ما بينهما من الزيادة فيخرجه. "مسائل ابن هانئ" (578) 823 - زكاة مال المضاربة قال إسحاق بن منصور: قلتُ لأحمد: قال سفيانُ في رجلٍ دفع إلى رجلٍ مالًا مضاربة، ألف درهم، فابتاع به المضارب بُرًّا، فحالَ عليها الحولُ، وبُرُّهُ ثمن ألف درهم وأربعمائة درهم، ولم يبع البُرَّ بعدُ صاحب المال، يزكي عن ألف ومائتي درهم قيمة البُرِّ، وليس على المضارب في المائتين زكاةٌ؛ لأنه لم يُسَلَّم لهُ بعدُ، فإن باعوه بنقدٍ استأنفَ به المضاربُ حولا، وإن باعوه بنسيئة سنة بألف وأربعمائة درهم فأخذ المضاربُ الربحَ أدى الزكاة حين يصلُ إليه. قال أحمد: جيدٌ. قلتُ: ولِمَ، وقد باعه بنسيئة؟ قال: هو بمنزلة الدَّين. قال إسحاق: كما قال أحمد؛ لأنَّ الدَّين الذي في نفسِه كشيءٍ في يده. "مسائل الكوسج" (605) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: سئلَ سفيانُ عن رجلٍ أخفى مالًا مضاربةً، فربحَ فيه، أيؤدي زكاتَه، أو ينتظر حتَّى يؤدي إلى صاحب المالِ ماله؟ قال: بل ينتظرُ حَتَّى يؤدي إلى صاحبه؛ لأنهُ لم يسلم له بعدُ. قال أحمد: إن كان احتسبا زكَّى المضاربة إذا حالَ عليه الحولُ من يوم

احتسبا، لأنه علمَ ماله في المالِ، لأنه إن وضع بعد ذَلِكَ كانت الوظيفةُ على صاحبِ المالِ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (606) قال إسحاق بن منصور: قلت: المضاربة؟ على من الزكاة؟ قال: على رب المال. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1950) قال المروذي: قلت: يشترط المضارب على رب المال أن الزكاة من الربح؟ قال: لا، الزكاة على رب المال. "معونة أولي النهى" 3/ 166

أبواب: إخراج الزكاة

أبواب: إخراج الزكاة 824 - المبادرة بإخراج الزكاة وحكم تأخيرها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئل سُفيان عن الرَّجلِ إذا وجبت عليه الزكاة، فأخرجَ الزكاةَ، فجعلها في كيسٍ، فجعل يعطيه قليلًا قليلًا سُئِلَ عن الموضع؟ قال: لا بأس به إذا كان لا يجد، فإذا وجدَ أنْ يفرغَ منه أحب إليَّ. قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال إذا كانت الإرادة على أن تثبت في وضعها لم يضره التأخيرُ. "مسائل الكوسج" (622). قال صالح: قلت: فيؤخر الزكاة؟ قال: لا. "مسائل صالح" (5). قال ابن هانئ: قيل له: فيؤخر الزكاة؟ قال: لا يؤخر. "مسائل ابن هانئ" (574). قال جعفر بن محمد: قال أحمد: إذا وجبت الزكاةُ لا يخرجها إلَّا جملة، لا يُفرَّط. وقال بكرُ بن محمد: سُئل أبو عبد اللَّه عن رجل يكون وقت زكاته، فيخرج فيُعطي قليلًا قليلًا، فكأنه كره إذا حلَّت عليه إلَّا أن يُقدمها. قال: ما يأمن الحِدْثان. قال: ولكن يُخرج قليلًا قليلًا قبل أنْ تحل، فإذا حلَّت تعيَّن تخريجُها.

وقال الأثرم: سُئل أبو عبد اللَّه عن رجل يحول الحولُ على ماله، فيؤخَّر عن وقت الزكاة؟ قال: ولمَ يؤخر، يُخرجها إذا حال الحولُ. وشدَّد في ذلك. قيل له: فإنْ حال الحولُ فابتدأ في إخراجها، فجعل يُخرج أوَّلًا فأولًا. قال: لا يخل، يخرجها كلَّها إذا حال عليه الحول. وشدَّد في ذلك. وقال في رواية العبَّاس بن محمد الخلال، في الرجل يؤخَّر الزكاةَ حتى تأتي عليها سنين، ثم يُزكي: نخافُ عليه الإثم في تأخيره. وقال في رواية يعقوب ابن بُختان، في رجل عليه زكاة عام لم يُعطه، وأعطى زكاة عام قابل. قال: جائز، ولكن يُعطي الماضي. ونقل عنه يعقوب بن بُختان أيضًا، في الرجل تجب عليه الزكاة، وله قرابة وقوم قد كان عوَّدهم، فيعطيهم وهم عنه غيّبٌ، يدفعها إليهم؟ قال: ما أحب أن يؤخرها إلَّا أنْ لا يجد مثلهم في الحاجة. وقد نصَّ في مواضع أُخر، على أنه لا يؤخرها عند الحول ليُجريها على أقاربه، نقله عنه جماعة منهم: محمد بن يحيى الكحال، والحسن بن محمد، والفضل بن زياد. ونقل عنه إسحاقُ بن هانئ وعبد اللَّه أبو مسعود الأصبهاني وأبو طالب، وسندي وغيرهم الجواز. ولكن لأحمد نصوص أُخر تدل على كراهة إجرائها عليهم شيئًا فشيئًا قبل الحول؛ معللًا بأنه يخص بزكاته قرابته دون غيرهم ممن هو أحوج منهم. وقال: لا يُعجبني، فإن كانوا مع غيرهم سواء في الحاجة فلا بأس. نقله عنه جعفرُ بن محمد.

825 - تعجيل الزكاة

قال إبراهيم بنُ الحارث: سُئل أحمد عن قول عثمان: هذا شهر زكاتكم؟ قال: ما فُسَّر أي وجه هو. قيل: فليس يُعرف وجهه؟ قال: لا. قال الأثرم: قلتُ لأبي عبد اللَّه: حديثُ عثمان: هذا شهر زكاتكم. ما وجهه؟ قال: لا أدري. وأما حديثُ عثمان: فحدَّثنا به مَن قال: ثنا ابن المبارك، ثنا معمر، عن الزهري، عن السائب بن يزيد، قال: سمعتُ عثمان، يقول: هذا شهر زكاتكم. يعني: رمضان (¬1). "مجموع رسائل ابن رجب" 2/ 611. 825 - تعجيل الزكاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تعجيل الزكاةِ؟ قال: لا بأسَ به. قال إسحاق: كما قال بعد أن يكون نظرا لأهل الحاجة ولا يفرقه الدرهم والدرهمين ليهون عليه. "مسائل الكوسج" (638). ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 172، وعبد الرزاق 4/ 92 - 93 (7086) عن الزهري، به ورواه ابن أبي شيبة 2/ 414 (10555) عن ابن عيينة، عن الزهري، به.

قال صالح: وسألته عن تعجيل الزكاة؟ قال: لا بأس إذا وجد لها موضعًا. قال: ولا يعطي لكل نفس أكثر من خمسين. "مسائل صالح" (3) (195) قال صالح: قلت: حديث منصور، عن الحكم قصة العباس وتعجيل الزكاة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لعمر: "أما علمت أنا أخذنا منه زكاة العام أول" (¬1) "مسائل صالح" (1173) قال صالح: سألت عن تعجيل الزكاة؟ فقال: لا بأس أن يعجل لسنة إذا وجد لها موضعًا. وقال سفيان: بلغنا، عن العلماء: لا يحابي بها قريب، ولا يمنع منها بعيد، ولا يدفع بها مذمة، ولا يقي الرجل بها ماله. قال أبي: وإنما هي لمن ذكر اللَّه تعالى في القرآن. "مسائل صالح" (1339). قال صالح: قال أبي: يعجل من الزكاة للسنة؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تعجل صدقة العباس، وقال: "إنا كنا تعجلنا صدقة العباس العام عام أول" (¬2). "مسائل صالح" (1390). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في "فضائل الصحابة" (1759) من طريق منصور، عن الحكم، عن الحسن بن مسلم، مرسلًا. وعلقه أبو داود بعد حديث (1624) وصححه، وقال الألباني في "الإرواء" 3/ 348: مرسل صحيح الإسناد، وله شواهد تقويه. (¬2) رواه الإمام أحمد في "فضائل الصحابة" (1763) عن ابن أبي مليكة وعطاء بن أبي رباح، مرسلًا. =

قال أبو داود: سمعت أحمد قال: تعجل الزكاة -أي: قبل حلها- ولا يؤخرها عن حلها. "مسائل أبو داود" (584). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن تعجيل الزكاة؟ قال: لا بأس به. أليس قد تعجل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- زكاة عمه العباس، العام، عام أول. "مسائل ابن هانئ" (552). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يعجل زكاة ماله؟ قال: إذا وجد لها موضعًا عجّلها. "مسائل ابن هانئ" (554). قال عبد اللَّه: سألت أبي: هل يجوز للرجل أن يتصدق بصدقة فيحسب ذلك ويكتبه، فإذا بلغ رأس الحول فصيَّره من زكاته؟ قال: لا بأس بتعجيل الزكاة إذا وجد لها موضعًا. قلت لأبي: فإن زكى قبل أن تجب عليه؟ فقال: لا بأس: النبي تعجل صدقة العباس وهي الزكاة. "مسائل عبد اللَّه" (565). ونقل أبو الحارث عنه: يجوز تعجيل صدقته لسنتين لما روي عن النبي ¬

_ = ورواه الترمذي (679)، والدارقطني 2/ 124 من حديث علي مرفوعًا بلفظ "إنا قد أخذنا من العباس زكاة العام عام الأول". ورواه الإمام أحمد 1/ 104، وأبو داود (1624)، والترمذي (678)، وابن ماجه (1795) من حديث علي: أن العباس سأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك. والحديث حسنه الألباني في "الإرواء" (857).

826 - إذا تم الحول ونصابه ناقص قدر ما عجل؟

-صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه استسلف من العباس صدقة عامين (¬1). "الروايتين والوجهين" 1/ 233 وقال إبراهيم بن الحارث سُئل الإمام أحمد: إلى أي شيء تذهب في تعجيل الصدقة؟ فقال على حديث العباس: تعجلتها منه عام أول. "الانتصار" 3/ 309. نقل عنه الأثرم: هو مثل الكفارة قبل الحنث، فيصير من تقديم الحكم بعد وجود سببه، وقبل وجود شرطه. "المبدع" 2/ 410 826 - إذا تم الحول ونصابه ناقص قدر ما عجَّل؟ نقل مهنا أنه لو عجل عن ثلاثمائة درهم خمسة دراهم ثم حال الحول لزمه زكاة مائة، درهمان ونصف. "الفروع" 2/ 577. 827 - إذا سُرق المال أو تلف بعد وجوب الزكاة فيه، وحكم تصرفات المزكي في مال الزكاة ببيع ونحوه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئل سفيانُ عَن رجلٍ بَاعَ غنمًا قد حلَّتْ فيها الزكاةُ ببقرٍ قد حَلَّتْ فيها الزكاةُ؟ قال: على البائعِ والمشتري الزكاةُ. ¬

_ (¬1) رواه الدراقطني 2/ 124 - 125، والبيهقي 4/ 111.

قال أحمد: وَجبتْ على كلِّ واحدٍ منهما فيما باعَ إذا كان قد حالَ عليه الحولُ، وكذلك إذا كانت عَطِبَتْ، وقد حَالَ عليها الحولُ، قبلَ مجيء المصدق، وكذلك لو كانتْ عنده مائتا درهمٍ فحالَ عليها الحولُ فسُرِقَ بعضها أو كلها، كان عليها الزَّكاةُ؛ لوجوبِ الحولِ. قال إسحاق: أمَّا البقرُ والغنمُ: كما قال أحمد، وأما الدراهمُ: فإذا سرقت فإن كان فرَّط حتَّى أتى عليه أيام، فلم يؤدِّ حتَّى سُرِق، فهو ضامنٌ، وإن لم يُفَرِّطْ فسرق، فلا ضمانَ عليه. ذهبتِ الزكاةُ بما فيها. "مسائل الكوسج" (579) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الحسن: إذا حلَّتِ الزكاةُ فسرق المال فهو ضامن. قال سفيان: وكان غيره لا يرى عليه ضمانًا. قُلْتُ لسفيان: ما ترى أمضمونة هي أم لا؟ قال: ما أرى عليه ضمانًا إلا أن يغيرها، فإن غيرها ضمن (¬1). قال سفيان: وتغييرها أن يبتاع بها شيئًا أو يخلطها بمال لا يعرف. قال أحمد: هو ضامن. قال إسحاق: لا يضمن أبدًا إذا لم يفرط أو يغيرها عن حالها كما قال سفيان. "مسائل الكوسج" (620) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئلَ سفيان عَن دراهم وجبَتْ فيها الزكاةُ خمسة وعشرين درهمًا فَسُرِقَ أصلُ المالِ من قبل أنْ يؤديها؟ قال: يؤدي زكاة الخمسة والعشرين درهما بالحساب وليس عليه غير. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرازق 4/ 50 (6938)، وابن أبي شيبة مختصرًا 8/ 402 (10487).

قال أحمد: يؤدي الخمسة والعشرين درهما كلها. قال إسحاق: كما قال سفيان. "مسائل الكوسج" (621) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا حَلَّتِ الزَّكاةُ فَسُرِقَ المالُ؟ قال: فعليه الزكاة؟ . قال إسحاق: ليس عليه فيه شيء. "مسائل الكوسج" (640) قال صالح: قلت: الرجل يكون في يده المال قد وجبت فيه الزكاة، ثم يتلف، هل يجب عليه الزكاة؟ قال: أما أنا فيعجبني أن يزكي، وقال بعض الناس: إذا كانت عنده مائتا درهم فسرق منها مائة درهم؛ يزكي ما بقي في يديه. "مسائل صالح" (675) قال ابن هانئ: وسُئِلَ عن رجل وجب في ماله ثلاثون درهمًا أو أكثر زكاة، فسُرق أصل المال إلا قدر ثلاثين درهمًا. أو خمسة وعشرين درهما قبل أن يؤديها؟ قال: يؤديها كلها. قيل له: إن سفيان يقول: يؤدي الخمسة والعشرين بالحساب. قال أبو عبد اللَّه: ليس العمل على ذا. "مسائل ابن هانئ" (584) قال ابن هانئ: وقال في الرجل تجب عليه الزكاة في مال، فضاع؟ قال: الزكاة لا بد منها. "مسائل ابن هانئ" (585)

828 - إذا أخرج زكاة ماله فسرقت أو ضاعت

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل تكون له الغنم قد صدقها، ثم مكثت عنده ستة أشهر من السنة المقبلة، ثم باعها فمكث ثمنها عنده ستة أشهر أخرى؟ قال: إذا فرّ بها من الزكاة، زكّى ثمنها إذا حال عليه الحول. "مسائل ابن هانئ" (591) نقل أبو عبد اللَّه النيسابوري عنه: أنها تسقط في الأموال الظاهرة دون الباطنة. وروى عنه أنه فرق بين الماشية والمال. "الفروع" 2/ 348، "المبدع" 2/ 308 828 - إذا أخرج زكاة ماله فسرقت أو ضاعت قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا أخرجَ زكاةَ مالِه، ثم سُرِقَتْ أو ضَاعت؟ قال: يستأنف. قال إسحاق: ليس عليه شيءٌ إلَّا أنْ يفرط. "مسائل الكوسج" (639) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع عن سفيان في رجل له مئتا درهم فأخرج زكاتها خمسة دراهم فضاعت. قال: يعيد. وقال الحسن: يجزئه. قال وكيع: قول سفيان أحب إليَّ. قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: يعيد. "مسائل عبد اللَّه" (576)

829 - تراكم الزكاة

829 - تراكم الزكاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرّجلُ تَجب عليهِ الصَّدقةُ وإبلُه مائةُ بعيرٍ فلا يَأتيه السَّاعي حتَّى تجب عليه صدقَة أُخرى، فيأتيه المصدِّق وقد هَلكت إبلُه إلا خَمس ذود؟ قال: يأخذُ من ماله كلِّه الصدقتين جَميعًا كما أنَّه لو وجَبت عليهِ الزَّكاةُ ففرَّط فيها حتَّى ذهب المالُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (550) قال إسحاق بن منصور: وسُئل إسحاق: ما يرى واجبًا على رجلٍ مِنَ الزكاةِ في مال له اجتمعَ في غير البلدِ الذي هو به منذ أحوال حال على بعضها الحول، وصاحبُ المالِ مختلطٌ ثم أفاق من ذَلِكَ، والمالُ مجتمع له على حاله، وهل تجب الزكاة عليه في الوقتِ الذي بينت؟ فقال: السنةُ في ذَلِكَ أنْ ينظرَ إلى يومِ ملكَ المالَ الذي يجبُ في مثلِه الزكاةُ، فكلما أتى عليه أحوال وفي بعضِ ذَلِكَ لم يعقل لما كان مختلطًا فإنَّ الزكاةَ واجبةٌ عليه أنْ يؤدِّيَ لما مضى؛ لأنَّ أموالَ المجانينَ ومَن يُرَدُّ إلى أرذلِ العمرِ فعليهم الزكاة عند أهلِ العلمِ كلهم، وعندَ من قالَ بالرأي أيضًا. "مسائل الكوسج" (664) قال صالح: سألت أبي عن رجل كانت عنده مائتا درهم، فلم يزكها، فحال عليه حول آخر؟ قال: يزكيها للعام الذي مضى؛ لأنها هذِه السنة تصير مائتين غير خمسة. "مسائل صالح" (604)

قال ابن هانئ: قلت: الرجل يرث المال وهو ببلده، فجاء بعد سنة أو سنتين متى يزكيه؟ قال: يزكيه يوم ذكر له. "مسائل ابن هانئ" (560) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا كان عند الرجل مائتا درهم وعشرة دراهم فلم يزل حتى حال عليه حول آخر، قال: يزكي لسنة خمسه وربع، والسنة الثانية خمسه والباقي بالحساب. ولو كان عنده مائتان وخمسة ولم يزكها حتى حال عليه حولان: ففي الحول الأول تجب عليه خمسة دراهم المائتين، والخمسة دراهم ثمن، فقد نقصت من المائتين الثمن لا تجب عليه الزكاة لأنها ناقصة من المائتين ثمن. "مسائل عبد اللَّه" (602) قال محمد بن الحكم: قال أحمد: إذا كانت الغنم أربعين، فلم يأته المصدق عامين فإذا أخذ المصدق شاة، فليس عليه شيء في الباقي، وفيه خلاف. وقال الأثرم: قال أحمد: المال غير الإبل إذا أدى من الإبل، لم ينقص، والخمس بحالها، وكذلك ما دون خمس وعشرين من الإبل لا تنقص زكاتها فيما بعد الحول الأول، لأن الفرض يجب من غيرها، فلا يمكن تَعَلُّقُه بالعين. "المغني" 4/ 142

830 - في المزكي يسلم في زكاته غير ما أوجب الله عليه في ماله؟

830 - في المزكي يسلم في زكاته غير ما أوجب اللَّه عليه في ماله؟ قال صالح: قلت: الرجل يشتري من زكاته الطعام أو الكسوة، فيتصدق بها؟ قال: يعطي كما يجب من الورق وغير ذلك. "مسائل صالح" (736) قال صالح: قلت: الرجل يشتري للرجل فرسًا من زكاته؟ قال: يدفع إليه الدنانير حتى يشتري هو. "مسائل صالح" (1340)، (1392) قال ابن هانئ: سُئِلَ عن الرجل يحمل على الدابّة من الزكاة؟ قال: لا يعجبني أن يحمل هو، ولكن يدفع إليه دراهم، فيكون هو يشتري لنفسه ما أراد. "مسائل ابن هانئ" (576) قال ابن هانئ: وسئِلَ عن الرجل يخرج زكاة ماله، يكسو بها أقارب له؟ قال: أرى أن يدفعها إليهم دراهمَ كما وجب عليه في ماله، فإن شاءوا أن يعطوه ليشتري لهم شيئًا فلا بأس، إذا صار لهم ما وجب عليه في ماله. "مسائل ابن هانئ" (577) قال عبد اللَّه: سألت أبي هل يجوز لرجل أن يرم حصنًا في الثغر أو يحفر بئرًا أو يكسو الفقراء من الزكاة؟ فقال: يعجبني للمزكي أن يسلم ما أوجب اللَّه عليه في ماله لمن قال اللَّه: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ

831 - مكان تفريق الزكاة، ونقلها من بلد لآخر

وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)} [التوبة: 60]. "مسائل عبد اللَّه" (559) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل تجب عليه الزكاة يشتري بها ثيابًا أو دقيقًا أو غير ذلك؟ قال: لا يعجبني إلا أن يسلمها إليهم كما وجبت عليهم دراهم فيعطيهم دراهم. "مسائل عبد اللَّه" (562) نقل محمد بن الحكم عنه في شراء رب المال ما يحتاج إليه الغازي ثم يصرفه إليه أنه يجوز. "الفروع" 2/ 621 831 - مكان تفريق الزكاة، ونقلها من بلد لآخر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أيُخرِجُ الزكاةَ مِنْ بلدِه إلى بلدٍ؟ قال: لا يُخرجها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (650) قال صالح: سألت أبي: تخرج الزكاة من بلد إلى بلد؟ قال: لا. قيل له: فإذا كان قال: يدور؟ قال: ينظر أكثر مقامه وأكثر ماله أين هو، يزكيه ثَمَّ. "مسائل صالح" (424)

قال صالح: وقال: لا تخرج الزكاة من بلد إلى غيره، ولا يعطى أكثر من خمسين درهمًا. "مسائل صالح" (973) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الزكاة يبعث بها من بلد إلى بلد؟ قال: لا. قيل: وإن كان قرابته بها؟ قال: لا. "مسائل أبو داود" (583) قال أبو داود: قلت لأحمد: رجل له قرابة بالثغر يبعث إليه من زكاة ماله؟ قال: لا. "مسائل أبو داود" (584) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الزكاة أين تجب على المسافر؟ قال: إذا كان قد وجب عليه بمكة أطعم بمكة. "مسائل ابن هانئ" (564) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسأله دَلَّوَيْه بن كامل فقال له: يا أبا عبد اللَّه، لي أخ يجهز علي من نيسابور، وبيني وبينه أموال تختلف، فأين أزكيها؟ بنيسابور أم ببغداد؟ قال: زكها في الموضع الذي أنت مقيم أكثر. "مسائل ابن هانئ" (565) قال ابن هانئ: سمعته يقول: لا تخرج الزكاة من مصر إلى مصر. قيل له: من مصر إلى قرية؟ قال: إذا كان بينهما ما تقصر الصلاة فلا تخرج، وإن كان لا تقصر

الصلاة، أخرجها. "مسائل ابن هانئ" (566) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل كان له مال مع أخيه بمدينة، وهو بمدينة أخرى، يذهب المال في التجارة بينهما، أين تجب عليه الزكاة؟ قال: تجب عليه، موضع هو فيه مقيم أكثر. "مسائل ابن هانئ" (567) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: ألا ترى إلى هؤلاء المكافيف يأخذون من الديوان الأرزاق الكثيرة، كيف ترى يطيب لهم؟ قال: ينبغي للإمام إذا أخذ العشر أو الزكاة أن يتصدق به في البلدة التي يؤخذ منها، ولا يجاوز بها غيرها، فكيف يطيب لها، ولا أن يأخذوا من هذا شيئًا، يؤثرونهم بها دون العامة. "مسائل ابن هانئ" (583) قال ابن هانئ: وسئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يسمي شيئًا من زكاته لأهل قرية وبها غيرهم؟ قال: لا يجاوز بها إلى أهل قرية أخرى. "مسائل ابن هانئ" (1354) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن زكاة بلد هل يخرج عن رستاق إلى رستاق إلى من له حرمة وقرابة أو استحقاق في نفسه؟ فقال: لا تخرج الزكاة من بلد إلى بلد، تقسم الزكاة إلى البلد الذي هو فيه. قلت لأبي: فإن كان له قرابة فقراء؟

قال: كان معاذ بن جبل يقول: لا تخرج من مخلاف إلى مخلاف، يقول: طسوج إلى طسوج (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (556) قال عبد اللَّه: وسمعت أبي وسُئِلَ عن الزكاة تخرج من بلد إلى بلد؟ قال: لا يخرجها من بلد إلى بلد. "مسائل عبد اللَّه" (557) نقل محمد بن يحيى المتطبب عنه: إذا نقل صدقته إلى الثغر جاز. "الروايتين والوجهين" 1/ 234 قال أحمد بن محمد بن واصل: سمعت أحمد، وقد سُئل: أيجوز أن يُخرج الزكاة من بلد إلى بلد؟ فقال: لا يجوز. فقيل له: إن كان لقرابة؟ فقال: لا. "الطبقات" 1/ 197 نقل إسحاق بن حية الأعمش: سُئل أحمد عن الزكاة تخرج من بلد إلى بلد؟ قال: لا. "الطبقات" 1/ 303 وقال بكر بن محمد عن أبيه: سأَلتُ أحمد عن الرجل يكون في بلد وماله في بلد آخر؟ فكأنه كان أحب إليه أن يُؤدي حيث يكون المال. قلتُ: فإن كان المال بعضه حيث هو، وبعضه في مصر آخر؟ ¬

_ (¬1) الطسوج: القرية أو الناحية بلغة فارس.

قال: يؤدي زكاة كل مالٍ حيثُ هو. قُلْتُ: فإن كان غائبًا عن مصره وأهله، والمالُ معه؟ قال: إن كان هذا المال يوجهه في تجارة، تذهب وتجُيء من هذا المصر إلى البلد الذي هُو فيه. فكأنه سهل فيه أن يُعطي الزكاة بعضه في هذا البلد، وبعضه شي البلد الآخر، وأما إذا كان المال في البلد الذي هو فيه حتى يمكث المال حولًا تامًا، فكأنه لم يُعجبه أن يبعث بزكاته إلى بلد آخر. "الطبقات" 1/ 319 - 320 قال هارون الحمَّال: قلت لأبي عبد اللَّه: من له قرابة بالقرب من بغداد على خمس فراسخ، وأقل وأكثر؟ قال: يبعث إلى قربته بزكاة ماله، لا بأس أن يعطيهم ما لم يكن سفرًا تقصر فيه الصلاة. وقال أيضًا: قيل لأبي عبد اللَّه: تجارة في المصَّيصة، يُجهز إليها وهو مقيم ببغداد، فترى أن يُعطى زكاة ماله ببغداد؟ قال: لا أرى بأسًا أن يعطيها ببغداد. "الطبقات" 2/ 515 - 516 وسأله الميموني: تخرج صدقة قوم من بلد إلى بلد؟ قال: لا، إلا أن يكون فيها فضل عنهم. قلت: كيف يكون عن فضل؟ قال: يعطيهم ما يكفيهم، ويخرج الفضل عنهم، لأن الذي كان يجيء المدينة إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر وعمر إنما كان من فضل عنهم. "بدائع الفوائد" 4/ 55

قال أحمد في رواية يوسف بن موسى: في الرجل يغيب عن أهله فتجب عليه الزكاة. قال: يزكيه في الموضع الذي أكثر حقاق فيه. ونقل نحوه يعقوب بن بختان. "معونة أولي النهى" 3/ 316

فصل في أداء الزكاة وولاية الصدقات

فصل في أداء الزكاة وولاية الصدقات 832 - هل يفرق الوجل زكاته بنفسه، أم يدفعها إلى السلطان أو نائبه؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إلى مَن يدفعُ الزكاةَ أحبُّ إليكَ، السلطان أو يقسمها هو؟ قال: يُفرِّقها هو أحبُّ إليَّ، وإنْ أعطاها السلطان فهو وجه العملِ، ولا يعدي بالزكاة هذِه الأصناف. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (653) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إنَّ رجلًا أتى عليًا بزكاةِ مالِه فقال: هل نعطيك شيئًا؟ قال: لا. قال: يقول: اقسمه أنت (¬1). قال إسحاق: كما قال عَلِيٌّ -رضي اللَّه عنه-، وهذا مِن عَلِيٍّ إذن له. "مسائل الكوسج" (662) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الزكاة، هل ترى لمن وجبت عليه أن يتولى دفعها بنفسه، أو يدفعها إلى غيره؟ فقال أبي: إذا كان ثقة فلا بأس بذلك. "مسائل عبد اللَّه" (549) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 117 (7182)، وابن أبي شيبة 2/ 386 (10213).

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الزكاة تدفع إلى السلطان، أو يقسمها هو؟ قال: يقسمها هو. "مسائل عبد اللَّه" (563) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا وكيع: حدثنا: إسرائيل، عن جابر، عن خيثمة، قال: سألت ابن عمر عن الزكاة؟ فقال: ادفعها إليهم، وسألته مرة أخرى فقال: لا تدفعها إليهم فإنهم قد أضاعوا الصلاة (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (564) قال عبدوس: قال أحمد: ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمى أمير المؤمنين، فدفع الصدقات إليه جائز، برًا كان أو فاجرًا. "الأحكام السلطانية" ص 20 "منهاج السنة" 1/ 529 قال المروذي: قال أحمد: قد قيل لابن عمر: إنهم يقلدون بها الكلاب، ويشربون بها الخمر؟ فقال: ادفعوها إليهم. وقد روي عن أبي هريرة وغير واحد من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنهم قالوا ادفعوها إليهم، إلا عبيد بن عمير قال: لا تدفعوها إليهم (¬2). وقال في رواية حنبل: وذكر حديث خيار بن سلمة قلت لابن عمر: يجيء مصدق ابن الزبير فيأخذ من صدقة مالي: ويجئني مصدق نجدة، فيأخذ مني فقال: لأيهما أعطيت أجزأ عنك (¬3). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 386 (10212) عن وكيع، به. (¬2) انظر: "الأموال" لأبي عبيد ص 562 - 565، "مصنف ابن أبي شيبة" 2/ 384 - 385. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 2/ 435 (10763) قال: حدثنا عفان، قال: نا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا حميد، عن حيان السلمي قال: قلت لابن عمر، فذكره.

833 - إرسال السلطان العاملين لجمع الزكاة وصرفها

قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لأيهما أعطى أجزأه إذا أداها على حقها إن شاء اللَّه. "الأحكام السلطانية" ص 130 نقل أحمد بن سعيد عنه في صدقة الماشية والعين: إذا أبى الناس أن يعطوها الإمام قاتلهم عليها إلا أن يقولوا نحن نخرجها. ونقل المروذي عنه في الرجل يفرق زكاته بنفسه: أنه يجوز في صدقة الفطر. "الفروع" 2/ 557، 558 قال حنبل: قال أحمد: كانوا يدفعون الزكاة إلى الأمراء، وهؤلاء أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يأمرون بدفعها وقد علموا فيما ينفقونها، فما أقول أنا! "معونة أولى النهي" 3/ 309 833 - إرسال السلطان العاملين لجمع الزكاة وصرفها قال الميموني: والذي فارقته عليه: أن المصدق إذا جاءهم وأخذ صدقات أموالهم، فإن كانوا أغنياء عنها أخرجها وردها إلى الإمام، وإن كانوا فقراء أعطاهم ما يغنيهم، فإن فضل عنهم شيء أخرجه عنهم. "الأحكام السلطانية" (116)

834 - الأمر بالرفق عند جمع الزكاة

834 - الأمر بالرفق عند جمع الزكاة قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا مالك بن دينار قال: دخلت على جار لي في مرضه وكان عشارا، فقال: كلمني راحم المساكين في المنام، وقال: إن راحم المساكين غضبان عليك، قال: إنك لست مني ولست منك. قال: ما لك؟ فقلت: هذي، قال: فأعاد قوله مثل ما كان فأفزعني، فقلت: على من؟ فأومأ بيده على صدره، أي: عليه. "الزهد" ص 394 835 - الاستحلاف على الصدقات قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُسْتَحْلَفُ الناسُ على صدقاتهم، أو ما جاءوا به أُخِذَ منهم؟ قال: لا، مَنْ جَاء بشيءٍ قُبِلَ منه. قال إسحاق: هذا إلا أن يُتَّهَمَ أو يأتيَ بريبة. "مسائل الكوسج" (576) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يمر على العاشر بمال فيقول: استفدته منذ شهرين أو ثلاثةٍ؟ قال: ينبغي أن يصدقه. "مسائل أبو داود" (559) نقل حنبل عنه: لا يسأل المتصدق عن شيء، ولا يبحث، إنما يأخذ ما أصابه مجتمعًا. "الفروع" 2/ 546، "المبدع" 3/ 402، "المعونة" 3/ 306

836 - تضمين العمال لأموال الخراج والعشر

836 - تضمين العمَّال لأموال الخراج والعشر قال أحمد في رواية أبي طالب: في الذي يتقبل الآجام لا يدري ما فيها، والطسوج يتقبله لا يدري ما فيه من الطعام فهو أشر ما يكون. وقال في رواية حرب وقد سُئل عن تفسير حديث ابن عمر: القبالات ربا (¬1)؟ قال: هو أن يتقبل بالقرية وفيها العلوج والنخل. "الأحكام السلطانية" (186)، "المعونة" 3/ 246 837 - إذا أخد السلطان أو العاشر ما لا يحق له؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما يأخذه العَشَّارُ يحتسب به من الزكاة؟ قال: نعم، يحتسب به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (655) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قوله: "المتعدي في الصدقةِ كمانعها" (¬2)؟ ¬

_ (¬1) رواه أبو عبيد في "الأموال" ص 76 (179) كتاب فتوح الأرضين صلحًا، باب: أرض العنوة تقر في أيدي أهلها. (¬2) رواه أبو داود (1585)، والترمذي (646)، وابق ماجه (1808) كلهم من طريق سعد بن سنان، عن أنس، وتكلم أحمد في سعد، انظر: "تهذيب الكمال" 10/ 265، وقال الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 321: سألت محمدًا -يعني البخاري- عن سعد بن سنان فقال: . . .، وهو صالح مقارب الحديث. وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" (1413). وله شاهد من حديث أبي هريرة رواه إسحاق بن راهويه (410).

838 - إذا لم يأخذ السلطان تمام المؤدى

قال: يعني: يتعدى المتصدق بأخذ ما لا يجب له. "مسائل الكوسج" (657) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يمر بالعشَّارِ فيقولُ: تعطيني أو أحل متاعك؛ فيعطيه شيئًا ولا يحل متاعه؟ قال: جيّدٌ يحتسبه مِنَ الزكاةِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2091) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يأخذ منه العشارون الشيء أيحسبه من الزكاة؟ قال: نعم، يحسبه من الزكاة. نقل عنه أحمد بن سعيد في السلطان يأخذ زيادة على ما عليه. قال: يحتسب به مما فيه العشر. "الروايتين والوجهين" 1/ 224 قال حرب: قال أحمد في أرض صُلح يأخذ السلطان منه نصف الغلة: ليس له ذلك. قيل له: فيُزكي المالك عمَّا بقي في يده؟ قال: يُجزئ ما أخذه السُّلطانُ عن الزكاة. "الفروع" 2/ 576، "الإنصاف" 7/ 194 838 - إذا لم يأخذ السلطان تمام المؤدى قال في رواية حرب: إذا لم يأخذ السلطان من تمام العشر يخرج تمام العشر يتصدق به. "الأحكام السلطانية" (119)

839 - إذا غلب الخوارج على قوم فأخذوا زكاة أموالها

839 - إذا غلب الخوارج على قوم فأخذوا زكاة أموالها قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن الخوارج إذا غلبوا فأخذوا العشر يعادُ عليهم؟ قال: لا يعاد عليهم -يعني لا يؤخذ منهم- الخراج ثانية، ولكن يحسب السلطان ما أخذ منهم من خراجهم. "مسائل أبو داود" (567) قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يكون له عندنا أرض تزرع وهو هنا فلابد من أن يؤدوا إلى الخوارج شيئًا -أعني: عشر زروعهم- أعليه فيما يعطيهم إثمٌ؟ فقال: لا أدري. "مسائل أبو داود" (568) قال ابن هانئ: قلت: إذا غلبت الخوارج على قوم فأخذوا زكاة أموالهم، هل يجزئ عنهم؟ قال: يروى فيه عن ابن عمر أنه قال: يجزئ عنهم. قلت له: تذهب إليه؟ قال: أقول لك فيه عن ابن عمر، وتقول لي: تذهب إليه؟ "مسائل ابن هانئ" (570) قال مثنى بن جامع: سألت أحمد بن حنبل عَمَّا أخذ هؤلاء منَّى من الزكاة؟ فرأى أن أحتسب به. يعني: السُّلْطَان. "الطبقات" 2/ 411

840 - هل يشترط تمليك الزكاة للمؤدى إليه؟

840 - هل يشترط تمليك الزكاة للمؤدى إليه؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئل سفيانُ عن رجلٍ دَفَعَ إلى رجلٍ مالًا يُصدقه، فماتَ المعطِي. قال: ميراثٌ. قال أحمد: أقولُ إنه ليس بميراثٍ إذا كانَ من الزكاةِ، أو شيءٍ أخرجه للحجِّ، وإن كانَ غير ذلك فهو ميراثٌ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (546) قال صالح: قلت: رجل له مال على رجل مسكين تحل له الصدقة، فيتركه له ويحسبه من زكاة ماله؟ قال: لا يحسبه من الزكاة، لأن هذا مال لا يدري يصل إليه أم لا. "مسائل صالح" (1369) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يكون له على الرجل الدين فيحسبه من زكاته؟ قال: لا يجوز، قلت: وإن كان مليًّا، قال: وإن؛ إنَّه ربَّما ذهب الدين. "مسائل أبو داود" (583) قال أبو داود: سمعت أحمد وسئل يكفن الميت من الزكاة؟ قال: لا، لا يقضى من الزكاة دين الميت. "مسائل أبو داود" (585) قال مهنا: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل له على رجل دين برَهْنٍ، وليس عنده قضاؤه، ولهذا الرجل زكاة مال، قال: يفرقه على المساكين، فيدفع إليه رهنه، ويقول له: الدين الذي لي عليك هو لك، ويحسبه من زكاة ماله؟ قال: لا يجزئه ذلك.

841 - دفع الزكاة للصبي والمجنون أو وليهما

فقلت له: فيدفع إليه زكاته فإن رده إليه قضى مما أخذه من ماله؟ قال: نعم. وقال في موضع آخر -وقيل له: فإن أعطاه ثم رده إليه؟ قال: إذا كان بحيلة فلا يعجبني. قيل له: فإن استقرض الذي عليه الدين دراهم فقضاه إياها ثم ردها عليه وحسبها من الزكاة؟ قال: إذا أراد بهذا إحياء ماله فلا يجوز. "المغني" 4/ 106، "إعلام الموقعين" 3/ 309 وقال أبو الحارث: قلت للإمام أحمد: رجل عليه ألف، وكان على رجل زكاة ماله ألف، فأداها عن هذا الذي عليه الدين، يجوز هذا من زكاته؟ قال: نعم، ما أرى بذلك بأسًا. "إعلام الموقعين" 3/ 310 - 311، "معونة أولي النهى" 3/ 334 ونقل ابن القاسم: إذا أراد الحيلة، لم يصلح ولا يجوز. "الفروع" 2/ 620، "المعونة" 3/ 353 841 - دفع الزكاة للصبي والمجنون أو وليهما قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: لا يقبض للصبي إلَّا أب أو وصي أو قاضي. قال أحمد: جيد. قال إسحاق: قبض هؤلاء له قبض، وكذلك قبض أمهم لهم فيما يوهب لهم أو تهب هي نفسها. "مسائل الكوسج" (3087)

قال صالح: وقال: لا بأس أن يعطى من الزكاة الصغار والكبار ممن يأكل الطعام. "مسائل صالح" (195) قال المروذي: كان أبو عبد اللَّه لا يرى أن يُعْطَى الصَّغِيرُ من الزكاةِ، إلا أن يطعم الطعام. قال هارون الحمال: قلتُ لأحمد: فكيف يُصْنَعُ بالصغار؟ قال: يُعْطى أولياؤهم. فقلتُ: ليس لهم وليٌّ. قال: فيعطى من يُعنى بأمرهم من الكبار. وقال مُهَنَّا: سألتُ أبا عبد اللَّه: يُعطى من الزكاة المجنون، والذاهب عقله؟ قال: نعم. قلتُ: من يقبضها له؟ قال: وليه. قلت: ليس له ولي؟ قال: الذي يقوم عليه. قال المروذي: قلتُ لأحمد: يُعطي غلامًا يتيما من الزكاة؟ قال: نعم. قلت: فإنى أخاف أن يُضيعهُ. قال: يدفعه إلى من يقوم بأمره. "المغني" 4/ 97، "الفروع" 2/ 644 - 645 قال بكر بن محمد: سُئل أحمد: يُعطى من الزكاة الصبي الصغير؟ قال: نعم، يُعطى أباه أو من يقوم بشأنه. "الإنصاف" 7/ 212، "الفروع" 2/ 645، "المعونة" 3/ 342.

842 - ندب لمخرج الزكاة ألا يخبر الفقير أنها زكاة

842 - نُدب لمخرج الزكاة ألا يخبر الفقير أنها زكاة قال أحمد بن الحسين: قلت لأحمد: يدفع الرجل الزكاة إلى الرجل، فيقول هذا من الزكاة، أو يسكت؟ قال: ولم يُبكّتهُ بهذا القول؟ ! يعطيه وشكت، وما حاجتُهُ إلى أن يُقرِّعَهَ! ! "المغني" 4/ 98

فصل في أهل الزكاة

فصل في أهل الزكاة 843 - الأصناف التي يجوز صرف الزكاة إليها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: لا تُدْفَعُ الصَّدَقَةُ إلى غني ولا عبد ولا يستأجر عليها منها، ولا في بناء مسجدٍ ولا في شراءِ مصحفٍ، ولا في دين ميت، ولا في كفنِ ميت، ولا تُشترى نسمة يجر بها الولاء، ولا يُعطي منها مكاتبًا، ولا تحج بها، ولا تحجج ولا تعطي من ذوي قرابتك من تُجْبَر على نفقتِه لو خاصمكَ، ولا تخرجها من بلدِكَ إلى غيرِه إلَّا أنْ لا تجدَ. قال أحمد: يشتري بها نسمة؛ لقولِ ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: أعتق من زكاة مالك (¬1). فإن ورث منها شيئًا جعله في الرقاب، ويعان به في الرقاب، ويعطي في الحج، ويعطي قريبه ممن لا يعول إذا لم يدفع به عن نفسه مذمة، ولم يفِ بها ماله، والباقي كله على ما قال سفيان. قُلْتُ: فما شأنُ دينِ الميتِ؟ قال: لأنه ليس بحي يقبض، لا يكون غارمًا. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (627). قال صالح: قلت: يعان منها في السبيل؟ قال: يجهز منها في السبيل. قلت: وفي الحج؟ قال: لا. ¬

_ (¬1) علقه البخاري قبل حديث (1468) ووصله أبو عبيد في "الأموال" (1785)، (1967)، وابن أبي شيبة 2/ 403 (10424).

قلت: في العتق؟ قال: قد كنت أذهب إليه، ثم إني جبنت عنه، ولكن يعين فيه. "مسائل صالح" (4). قال صالح: وسألته عن هذِه الآية: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)} [التوبة: 60] قال أبي: {الصَّدَقَاتِ}: زكاة الإبل، والبقر، والغنم، والمال، وكل شيء. وبعض الناس يقول: {الفُقَراءَ}: فقراء المهاجرين. وبعض الناس يقول: {الفُقَراءَ}: الذين لا يسألون. وَ {الْمَسَاكِينِ}: مساكين الناس. {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا}: السلطان. و {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ}: قال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يتألف قريشًا على الإسلام؛ ألا تراه أعطى الأقرع بن حابس، وغيره، يتألفهم على الإسلام. و {وَفِي الرِّقَابِ}: يعتق منها. و {وَالْغَارِمِينَ}: المديونون. و {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}: يحمل منها في سبيل اللَّه. {وَابْنِ السَّبِيلِ}: المنقطع بهم. "مسائل صالح" (26). قال صالح: وقال: يُقضى الدين من الزكاة بالغًا ما بلغ. "مسائل صالح" (974) قال صالح: قلت: الرجل يشتري للرجل فرسًا من زكاته؟ قال: يدفع إليه الدنانير حتى يشتري هو. قلت: يعتق منها رقبة؟ قال: يعان منها في الرقاب؛ لأنه إذا أعتق جر ولاء. "مسائل صالح" (1340).

قال صالح: قلت: الرجل يحمل من زكاته في سبيل اللَّه؟ قال: يعطي الذي يريد حمله دنانير، فيكون يشتري هو لنفسه، ولا يعتق من الزكاة ويعين فيها، وقد كنت أذهب مرة إلى أن يعتق ثم إني جبنت عنها، لا يجر ولاء ويكون له منفعة. "مسائل صالح" (192). قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يعتق من زكاته؟ قال: أجبنُ عنه. "مسائل أبو داود" (574). قال ابن هانئ: وقيل له: يعان من الزكاة في السبيل؟ قال: يجهز منها في السبيل. قيل له: وفي الحج؟ فقال: لا. قيل له: في العتق؟ قال: قد كنت أذهب إليه، ثم إني جبنت عنه، ولكن يعين فيه. "مسائل ابن هانئ" (573) قال ابن هانئ: سألته: هل يشترى من الزكاة الأسير من المسلمين؟ قال: نعم يشترى، لأن اللَّه تبارك وتعالى يقول: {وَفِى الرِّقَابِ}. "مسائل ابن هانئ" (575) قال عبد اللَّه: أملى علي أبي فقال: قال اللَّه تبارك وتعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}. قال أبي: هي الزكاة للفقراء، والمساكين، والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب، والغارمين، وفي سبيل اللَّه، وابن السبيل، ولا يعطى منها غير هؤلاء.

ومن الناس من يقول: {الْفُقَرَاءِ} فقراء المهاجرين. {وَالْمَسَاكِينِ} مساكين الناس، ومن الناس من يقول المسكين الذي يسأل. {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا}: هم السعاة يسعون عليها، وهو السلطان. {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ}: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يتألف قومًا على الإسلام وأعطى الأقرع بن حابس وغيره يتألفهم (¬1). فمن الناس من يقول: رفعت ليس اليوم مؤلفة، ومن الناس من يقول: يعطى منها إن احتيج أن يتألف قومًا على الإسلام مثل الروم والترك، يتألفون حتى يسلموا. و{وَفِي الرِّقَابِ}: قد روي عن ابن عباس أنه قال: يعتق منها (¬2). وقال غير ابن عباس: لا يعتق منها لأنه يجر الولاء (¬3). {وَالْغَارِمِينَ}: كل من كان عليه دين يقُضَى دينه وإن كثر ذلك. و{وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}: مما كان من سبيل اللَّه يعطى منها فيسلم إليه حتى يتجهز ويخرج، وإن كثر ذلك. و{وَابْنِ السَّبِيلِ}: كل منقطع به، فيعطى من الزكاة حتى يبلغ ماله وأهله وإن كثر ذلك، ولا يخرج بها من بلد إلى بلد على حديث معاذ. "مسائل عبد اللَّه" (547) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: نا: الأعمش ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 68، والبخاري (3344) (4667)، ومسلم (1046) من حديث أبي سعيد الخدري. (¬2) أثر ابن عباس تقدم تخريجه ويأتي قريبًا. (¬3) انظر: "مصنف ابن أبي شيبة" 3/ 403.

عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: قال ابن عباس: أعتق من زكاتك (¬1). قال أبي: ما سمعناه من أحد غير أبي بكر بن عياش. "مسائل عبد اللَّه" (548) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الزكاة يعطى منها في بناء مسجد أو في كفن؟ قال: لا يعطى. قال عبد اللَّه: قلت: في حفر بئر؟ قال: لا يعطى. "مسائل عبد اللَّه" (558) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل الغني إذا خرج في سبيل اللَّه يأكل من الصدقة؟ فقال أبي: قال اللَّه تبارك وتعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} حتى بلغ {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}. إذا خرج في سبيل اللَّه فلا بأس أن يأكل من الصدقة. "مسائل عبد اللَّه" (560) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: يعطى من الزكاة في الحج لأنه من سبيل اللَّه، وقال ابن عمر: الحج من سبيل اللَّه (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (561) وسأله الأثرم: يحمل من الزكاة في السبيل: قال اللَّه تعالى: و {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}. ¬

_ (¬1) رواه أبو عبيد في "الأموال" (1785)، (1967) عن أبي بكر بن عياش، به. (¬2) رواه أبو عبيد في "الأموال" (1977) وصحح إسناده الحافظ في "الفتح" 3/ 332، وانظر: "تمام المنة" ص 381، ورواه بنحوه ابن الجعد في "مسنده" (1151).

قال: وبلغني أن قومًا يقولون: لا يحمل منها في السبيل، لا أدري. "الأحكام السلطانية" صـ 40 قال المروذي: قلت لأحمد: العاملون عليها قوم خاص؟ قال: لا بل عام. وقال أبو طالب: بعض الناس يقول: للعامل الثمن. فقال: ليس كذا، إن وليّ الرجل على البصرة [لا] يأخذ الثمن لكن يأخذ على قدر عمالته. "الأحكام السلطانية" صـ 116 وقال في رواية بكر بن محمد: والغارم يكون عليه غرم وهو غني. فقال: في هذا حجة عندي؛ يُعطى وهو غني. " الأحكام السلطانية" صـ 133، "الفروع" 2/ 616 وقال محمد بن الكحال: قلت لأبي عبد اللَّه: يوجه من زكاته إلى الثغر؟ قال: نعم. "الأحكام السلطانية" صـ 138 قال المروذي قلت لأحمد: العاملين على الصدقة يكون الكتبة معهم؟ قال: ما سمعت الكتبة. "الأحكام السلطانية" صـ 140 وقال أبو النضر العجلي: قلت لأبي عبد اللَّه: يشتري من الزكاة رقبة كاملة؟ قال: نعم. "الطبقات" 1/ 277 ونقل الميموني عنه: الحج والعمرة من سبيل اللَّه. "المستوعب" 3/ 355

قال الميموني: قال أحمد: الزكاة أهون من الصدقة؛ لأن اللَّه قال فيها: {وَابْنِ السَّبِيلِ} وهو حين يأخذ الزكاة فيخرج من منزله تلك الساعة هو ابن السبيل. وقال الميموني: قلت: يعتق من زكاته؟ قال: نعم. قلنا له: فإن جنى جناية، أو أحدث حدثًا أليس يرجع عليه؟ قال: بلى. قلنا له: فميراثه له؟ قال: لا. قلنا: ولم؟ قال: إن ذا للَّه فإذا ورث منه شيئًا جعله في مثله. قلت: يعقل عنه ويؤخذ بجريرته في جنايته فلذا مات ذهب ميراثه، قال: هو أراده وضيعه بنفسه. "بدائع الفوائد" 4/ 54 نقل جعفر عنه: العمرة من سبيل اللَّه. "الفروع" 2/ 624، "المبدع" 2/ 425 قال في رواية أبي طالب: كنت أقول: يعتق من زكاة ماله، ولكن أهابه. "المبدع" 2/ 422 قال محمد بن عبد الحكم: قال أحمد: ابن السبيل هو المنقطع به يريد بلدًا آخر. "معونة أولي النهى" 3/ 340

844 - هل يشترط تعميم الزكاة على الأصناف كلها؟

844 - هل يشترط تعميم الزكاة على الأصناف كلها؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأبي عبدِ اللَّهِ أحمد بن محمد بن حنبل رحمه اللَّه: تجزيه الزكاة في صنف واحد؟ قال: لأن يفرق أحب إلي، ويجزئه في صنفٍ واحد. قال إسحاق: كما قال: إلا المؤلفة قلوبهم والعاملين فإنَّ الأصنافَ الستة قد ثبتت لهم الصدقةُ. "مسائل الكوسج" (648) 845 - كم يُعطى الواحد من الزكاة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: قولُ عمرَ: إِذَا أعطيتم فأغنوا (¬1)، مَا غَنَى؟ وقال: ما قِيلَ: خمسون درهمًا أو عدلها مِنَ الذهبِ. "مسائل الكوسج" (2340) قال صالح: سمعت أبي يقول: لا يعطى من الزكاة أكثر من خمسين درهمًا، ولا يعطى من عنده خمسون درهمًا، أو قيمتها ذهبًا، إلا أن يكون رجلًا مديونًا فيُعْطى عن دينه، وإن كان له عيال أعطي كل عيل خمسين. "مسائل صالح" (180) قال صالح: وقال: لا بأس أن يعطى من الزكاة الصغار والكبار ممن يأكل الطعام خمسين خمسين، إذا لم يكن لهم خمسون درهمًا أو قيمتها من الذهب، ولا بأس بتعجيل الزكاة إذا وجد لها موضعًا. "مسائل صالح" (195) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 150 - 151 (7286)، وابن أبي شيبة 2/ 403 (10425).

قال صالح: قلت: الرجل له العيال؟ قال: يُعطون من الزكاة كل إنسان خمسين درهمًا. "مسائل صالح" (975) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ فيمن يعطى من الزكاة وله عيال. قال: يعطى كل واحد من عياله خمسين خمسين. "مسائل أبو داود" (571) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل: كم يعطي المجاهد من الزكاة؟ قال: يحمل منه. قيل: بألف؟ قال: نعم. "مسائل أبو داود" (572) قال أبو داود: وسمعته مرة أخرى قيل له: يحمل في السبيل بألف من الزكاة؟ قال: ما أعطى فهو جائز. "مسائل أبو داود" (573) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: لا يعطى من الزكاة رجل واحد أكثر من خمسين إلا أن يكون عليه دين، فيقضى دينه، أو يكون عيلًا فتعطى كل نفس خمسون، ويعطى من له دار وخادم من الزكاة، ما لم تكن له خمسون درهمًا أو قيمتها من الذهب. فإن كان له متاع البيت بقيمة مائتين فلا بأس، يعطى من الزكاة، وإذا أراد أن يعطي زكاة رأسه ببلده، نظر إلى بلدة يقيم بها أكثر من الأخرى، أعطى. "مسائل ابن هانئ" (555)

قال عبد اللَّه: سألت أبي: كم يعطي الرجل قرابته من الزكاة؟ قال: خمسين درهمًا؛ إلا أن يعطيه ليقضي دينًا، ولا تخرج الزكاة من بلد إلى بلد وإن كان قرابة. "مسائل عبد اللَّه" (554) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل له قرابة، وقال: أعطني من زكاتك أشتري بها خادمًا؟ قال: لا يعطى أكثر من خمسين درهمًا إلا أن يكون عليها دين يقضيه عنها. "مسائل عبد اللَّه" (555) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا يعطى من الزكاة من له خمسون درهمًا أو حسابها من الذهب إلا أن يكون عليه دين فيقضى دينه كله؛ لأن اللَّه تعالى قال: {وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} فإن كان رجل له عيال أعطي كل رجل منهم خمسين درهمًا. "مسائل عبد اللَّه" (566) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل له قرابة وجيران من أهل التحمل ليس له ما يغنيهم ويعيشهم هل يعطيهم من زكاة ماله ويكون لأحدهم العقدة إن باعها قد يزجى بها، وليس بها فضل يقيمه، هل يعطى من الزكاة؟ قال: لا يعطى من الزكاة أكثر من خمسين درهمًا إلا أن يكون على المعطى دين، فيقضى دينه، أو يكون له عيال فيعطى كل عيل خمسين درهمًا. "مسائل عبد اللَّه" (567)

846 - حكم من أعطى من الزكاة لوصف فزال الوصف وهي في يده

846 - حكم من أعطى من الزكاة لوصف فزال الوصف وهي في يده ونقل حنبل أنه قال فيمن تصدق على مكاتبه بشيء، وعجز مكاتبه ورُدَّ في الرق: إذا عجز يَرُدّ ما في يديه في المكاتبين. "المغني" 4/ 131 847 - حكم من أخذ من الزكاة وليس من أهلها قال ابن هانئ: وسمعته يقول: لا تدخل الصدقة في مال إلا محقته. "مسائل ابن هانئ" (1993) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن صفوان بن صفوان بن أمية الجمحي، قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما خالطت الصدقة مال إلا أهلكته" (¬1). قال أبي: تفسيره: أن الرجل يأخذ الصدقة وهي الزكاة وهو مؤسر أو غني، إنما هي للفقراء. "العلل ومعرفة الرجال" (5352) قال أحمد فى رواية أبى داود: عن عائشة مرفوعًا: "ما خالطت الصدقة مالًا إلَّا أهلكته" (¬2) -حديث منكر. "الفروع" 2/ 639 ¬

_ (¬1) رواه البيهقي في "الشعب" (3522) من طريق عبد اللَّه بن أحمد. (¬2) رواه الشافعي في "مسنده" -بترتيب السندي- 1/ 220 (607)، وابن عدي في "الكامل" 7/ 430 - 431، والبيهقي 4/ 159 وضعفه العجلوني في "كشف الخفاء" (2213)، والألباني في "المشكاة" (1793).

848 - إذا أعطي العاملون على الصدقات من لا يستحق؟

848 - إذا أعطي العاملون على الصدقات من لا يستحق؟ نقل المروذي عنه في العامل يخطى ويعطي الأغنياء من الصدقة: يعيد، إنما هي للفقراء. "الأحكام السلطانية" (135) 849 - إذا دفع زكاته إلى من لا يستحقها ثم علم؟ قال في رواية مهنا في من دفع زكاته إلى رجل ثم علم غناه: يأخذها منه. "الإنصاف" 7/ 198

الأصناف التي لا يجوز إعطاء الزكاة لها

الأصناف التي لا يجوز إعطاء الزكاة لها 850 - 1 - آل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه وقال له رجل من بني هاشم -وهو ابن الكردية: ما تقول في صدقة الماء ترى أن أشرب منه؟ قال: أحب أن تتوقوا فإني لا آمن أن تكون من الزكاة، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تحل الصدقة لبني هاشم". وذكر حديث أبي رافع (¬1). عن عطاء بن السائب، قال: حدثتني أم كلثوم ابنة علي، قال: أتيتها بصدقة كان أمر بها. قالت: احذر شبابنا؛ فإن ميمونا أو مهران مولى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبرني أنه مر على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "يا ميمون - أو يا مهران- إنا أهل بيت نهينا عن الصدقة وأن موالينا من أنفسنا فلا تأكل الصدقة" (¬2). أنبأنا عبد اللَّه بن جعفر، قال: أخبرتني عمتي أم بكر -ابنة المسور- قالت: كان المسور لا يشرب من الماء الذي يسقى في المسجد ويكرهه، يرى أنه صدقة، وأن المسور كان إذا قدم مكة لم يخرج منها حتى يطوف لكل يوم غاب عنها أسبوعًا. عن أم بكر: أن المسور كان لا يشرب من الماء الذي يوضع في المسجد (¬3). "الورع" (236 - 338) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 10، وأبو داود (1650)، والترمذي (657)، والنسائي 5/ 107، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وصححه الألباني "صحيح الترمذي" (531). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 34، وعبد الرزاق 4/ 51 (6942). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 5/ 110 (24219).

ونقل عنه المروذي: أن أبا رافع أستأذن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يخرج مع ساع بعثه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مصدقًا قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا، اجلس يا أبا رافع فإنه لا ينبغي لنا أن نأكل من الصدقة". قال المروذي: قيل لأبي عبد اللَّه: الرجل يجد التمرة قد ألقاها العصفور. قال: لا يتعرض لها، قد امتنع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من تناول من التمرة في الليل مخافة أن تكون من الصدقة. حدثنا أبو هريرة، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراشي -أو في فواشي- فأرفعها لآكلها ثم أَخشى أن تكون من الصدقة فألقيها" (¬1). "الورع" (435 - 438) قال عبد اللَّه: سألت أبي فأملى علي. قُلْتُ رجل توفي أبوه، وأوصى إليه أن ينفذ ثلثه من العين في الفقراء والمساكين، وإن أجرى ذلك مجرى الزكاة، فأنفد من ثلثه أكثره، وأعطى فيمن أعطى موالي بني هاشم من جيرانه وغيرهم، فقال قائل: إن الصدقة لا تجوز أن يعطى منها موالي بني هاشم، وهل تحل؟ وترى أن يعطى موالي بني هاشم من الزكاة شيئًا، وكم أكثر ما يعطى الرجل من الزكاة لأعرفه؟ فقال أبي: أما الذي سمعنا: أن الصدقة -وهي الزكوات- لا تجوز لبني هاشم، ولا لمواليهم، وقد يكون هذا الموصي أوصى، وليس ما أوصى به من الزكاة. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 317، والبخاري (2432)، ومسلم (1070).

فإن كانت وصية ليست من الزكاة، فهو يجوز عندي أن يعطي موالي بني هاشم، ولعله إنما أراد الحيطة في وصيته وأن تجري مجرى الزكاة، فإن كانت وصيته من الزكاة فلا أحب أن يعطى إلى بني هاشم من ذلك شيئًا، ولا يجوز أن يعطى عندنا من الزكاة أكثر من خمسين درهمًا لفقير، ولا لمسكين إلا لغارم أو ابن السبيل {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ}. والغارم: هو المديون، فيعطى حتى يقضى عنه دينه. قال أبي: إلا أن يكون رجل له عيال، فيعطى كل عيل خمسين درهمًا، أو حساب ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (1385) قال الميموني: سمعت أحمد يقول: الصدقة التي لا تحل للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأهل بيته: صدقة الفطر وزكاة الأموال، والصدقة يصرفُها الرجال على مُحتاج يُريدُ بها وجه اللَّه تعالى، فأما غيرُ ذلك فلا، أليس يُقالُ: "كل معروف صدقة" (¬1)، وقد كان يُهدى للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ويسْتَقْرضُ، فليس ذلك من جنس الصدقة على وجه الحاجة. "المغني" 4/ 117 نقل الميموني: وكذا إن لم تحرم -أي: وإن لم تحرم الصدقة على آل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فالصدقة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- محرمة. وقال: لا يجوز التطوع أيضًا، فالوصية للفقراء أولى. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 344، والبخاري (6021) من حديث جابر مرفوعًا.

851 - 2 - ألا تكون منافع الأملاك متصلة بين المؤدي والمؤدى إليه (فالزكاة لا يدفع بها مذمة، ولا يحابى بها)

وقال الميموني: سُئل عن مولى قريش، يأخذ الصدقة؟ قال. ما يُعجبني. قيل له: فإن كان مولى مولى؟ قال: هذا أبعد. "الفروع" 2/ 642، 643، "المبدع" 2/ 438 851 - 2 - ألا تكون منافع الأملاك متصلة بين المؤدي والمؤدى إليه (فالزكاة لا يدفع بها مذمة، ولا يحابى بها) قال إسحاق بن منصور: قال: قلتُ لأبي عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-: سُئلَ سفيانُ الثوري: أَيُعطِي مَن في عِياله وليسَ بقريب له؟ قال: يُعطِي مَنْ لا يُجبر على نَفقتِه وإنْ كانوا في عِياله. قال الإمامُ أحمدُ: لا يُعطي مَنْ كان في عِياله، وإن لَم يكن بقريبٍ له. قال إسحاق: كما قال سفيانُ. "مسائل الكوسج" (541) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: قال الحسن: كلّ وارثٍ يُجبر على وارثِه إذا لم يكنْ له حِيلة (¬1). قال سفيانُ: وكان حَماد يقولُ: يُجبر كلُّ ذي مَحرمٍ على مَحرمِهِ (¬2). قال سفيانُ: وقولُ الحسنِ أحبُّ إليَّ. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 134 (16649)، وابن أبي شيبة 4/ 192 (19174). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 192 (19173).

قال أحمد: على قولِ الحسنِ إنَّما هو على المُعَصِّبَة، إن عمر -رضي اللَّه عنه- وقف بني عَمِّ مَنفوس (¬1). قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (542) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: سألتُ الحسنَ عن الرَّجُلِ يشتري أباهُ من الزَّكاةِ فَيعَتقهُ؟ قال: لا بأسَ به (¬2). قال أحمد: لا، ما يُعجبني، كيفَ يجوزُ وهو إذا مَلَكَ أباهُ عَتَقَ، يَشتريه مِن غيرِ الزَّكاة. قيل: يُجبر على ذَلِكَ؟ قال: لا. قال إسحاقُ: بل يجزئه عِتقه من الزَّكاة، وإذا اشتراهُ فعَتَقَ ثم استعارَ من ميراثِه شيئًا جَعلهُ في مِثله، أَخبرني بذلكَ يَحيى بنُ آدمَ عن هُشيم، عن يُونس عن الحسنِ -رضي اللَّه عنه-. "مسائل الكوسج" (543) قال إسحاق بن منصور: قال الإمام أحمد: يعجبني أن يُعْطِي من زكاةِ ماله الجيرانَ مع قرابتهِ. قال إسحاق: كما قال شديدًا يبدأ بالقرابة. "مسائل الكوسج" (568) قال إسحاق بن منصور: قال الإمام أحمد رحمه اللَّه: ولا يُعطَى من الزكاةِ الولدُ وإن سفل، ولا يُعطَى الجدُّ وإنِ ارْتفعَ. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 59 (12181)، وابن أبي شيبة 4/ 190 (19152). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 403 (10423).

قال إسحاق: كما قال كانوا مِن ذكوره أو مِن إناثه وإن لم يرثوا. "مسائل الكوسج" (569) قال إسحاق بن منصور: قال الإمام أحمدُ: سمعتُ سفيانَ بنَ عيينة يقول: لا يُحابَي بها قريب، ولا تُمنَعُ مِن بعيدٍ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (570) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُعطَى الأخُ أو الأخت أو الخالة مِنَ الزكاةِ؟ قال الإمام أحمد: كل القرابةِ إلا الأبوينِ، والولد يُعطَى مِنَ الزكاةِ ما لم يفِ به ماله، أو مذمة يدفعها. قال إسحاق: كما قال سواء وقد أجَادَ. "مسائل الكوسج" (574) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يشتري أباه وأمَّه مِنَ الزكاةِ فيعتقهما؟ قال: لا يشتري أباه، ولكن يشتري غيرَ أبيه فيعتقه، وإن ورث منه شيئًا جعله في الرقاب. قال إسحاق: هو كما قال، قال: والأب جائز أيضًا. "مسائل الكوسج" (652) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: الغني يجبر على الفقير إذا كان منه بسبيل. قال إسحاق: كما قال وهم ذوات الرحم المحرم. "مسائل الكوسج" (3267) قال صالح: وسألته عن رجل له أهل بيت لا يقيمون الصلوات،

ولا يعرفون السنن والفرائض، وفي جيرانه قوم يقيمون الصلاة والفرائض والسنن، أيضع زكاة ماله في جيرانه هؤلاء، أو في أهل بيته؟ قال: ينبغي له أن يعلمهم الفرائض والسنن، وزكاته هم أولى بها حينئذ، وإذا كانت حاجتهم وحاجة غيرهم سواء: فالقرابة أولى. ويقال: لا يحابى بها قريب، ولا تمنع من بعيد، وإنما هو حق اللَّه في المال. "مسائل صالح" (175) قال صالح: قل: ما تقول في امرأة مسكينة تكون معي في داري، فربما أولى بشيء للمساكين، فأعطيها منه إذا قسمته في المساكين؟ قال: لا تحابيها من ذلك، وتعطيها كما تعطي غيرها. "مسائل صالح" (560) قال صالح: قال أبي: سمعت سفيان يقول: سمعت العلماء يقولون في الزكاة: لا يحابي بها، ولا يدفع بها مذمه. "مسائل صالح" (972) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يعطي ابنه من الزكاة؟ قال: لا يعطي الابن ولا ابن الابن، ولا ابن الابنة، لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال للحسن: "إن ابني هذا سيد" (¬1) فسماه ابنا، ولا يعطي الوالدين. "مسائل أبو داود" (575) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: لا تعطي المرأة زوجها من الزكاة. كررتها عليه، فقال مثل ذلك. قيل: يعطي أخاهُ وأختهُ من الزكاة؟ قال: نعم إذا لم يق به ماله أو يدفع به مذمة. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 37 - 38، والبخاري (2704) من حديث أبي بكرة.

وقال مرة: يكون قد عوده، يعني: عوده شيئًا يعطيه، فإذا أعطاهُ ذلك يدفعُ عن نفسه الذي عودهُ. "مسائل أبو داود" (576) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل يضع الرجل زكاته كلها في قرابته؟ قال: إذا كان غيرهم أحوج منهم وإنما يريد يغنيهم ويدع غيرهم: فلا. قيل: إذا استوى فقر قرابتي والمساكين؟ قال: فهم إذ ذاك أولى به. "مسائل أبو داود" (577) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل يعطي امرأة ابنه -أعني: من الزكاة؟ قال: إن كان لا يريد به كذا -شيئًا ذكره: فلا بأس كأنه إن لم يدرك به منفعة ابنه. "مسائل أبو داود" (578) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل له قرابة يُجري عليها، يعطيها من الزكاة؟ قال: إن كان عدها من عياله. أي: فلا يعطيها من الزكاة. قيل له: إنما يجري عليها شيئًا معلومًا كل شهر؟ قال: إذا كفاها ذلك. قيل: لا يكفيها؟ فلم يرخص له أن يعطيها من الزكاة. ثم قال: لا يوقى بالزكاة مال. "مسائل أبو داود" (579) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: سمعت ابن عيينة يقول: كان العلماء يقولون في الزكاة: لا يدفع بها مذمة، ولا يحابى بها قريب،

ولا يقي بها مالًا. "مسائل أبو داود" (580) قال ابن هانئ: سمعته يقول: ابن عيينة يقول: تدفع الصدقة على ثلاثة أوجه: على أن لا يقي بها ماله، ولا يحابي بها، ولا يدفع بها مذمّة. "مسائل ابن هانئ" (553) قال ابن هانئ: وسُئِلَ عن رجل عليه زكاة وله قرابة -ممن ينفق عليهم- أيجري عليهم من الزكاة؟ قال: إذا لم يكونوا في عياله، أرجو أن لا يكون به بأس. قلت: تعطى الأخت أو الأخ أو الخالة من الزكاة؟ قال: يُعطى كل القرابة، إلا الأبوين أو الولد، وولد الولد لا يعطى من الزكاة. "مسائل ابن هانئ" (556) قال ابن هانئ: وسئل: هل يجوز أن يعطي أخته من الزكاة، ولها زوج لا يمونها ما يكسب؟ قال: يعطيها إذا لم يحاب بها، ولا يعجبني أن يجري عليها، ولكن يعطيها ولا يحابي بها، ولا يقي بها ماله، ولا يدفع بها مذمة. وقال: لا يعطى الولد من الزكاة وإن سفل، ولا يعطى الجد وإن ارتفع. "مسائل ابن هانئ" (557) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: هل ترى أن يؤثر بها قرابته إذا كانوا معه في المصر الذي هو فيه إلا أنهم ليسوا في جواره وهم في سكةٍ أخرى، ترى أن يعطيهم كما يعطي غيرهم أو لا يعطيهم منها شيئًا إذا لم يكونوا في جواره، وهل ترى أن يصرفها إليهم كلها حتى يعينهم بها؟

فقال أبي: الزكاة ينبغي لصاحبها أن يخلصها ولا يدفع بها عن نفسه مذمة، ولا يحابي بها قريبًا، فإذا استوت القرابة في الفقر وغيرهم فالقرابة أولى. "مسائل عبد اللَّه" (550) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل تبلغ زكاة ماله خمس مائة درهم وأكثر، هل يجوز له أن يدفعها إلى أخيه أو ولد أخيه وهم عصبة صغار؟ فقال لي أبي: اكتب، وأملَى علي: لا يدفع بها مذمة، والمذمة: أن يعطيهم ويصلهم فهذِه لازمة، أو تكون بخدمة الرجل فيدفع بزكاته مذمته، ولا يجوز للرجل أن يدفع المذمة بالزكاة، ولا تجزئه ولا يحابى بها قريب، ولا يمنع من بعيد وإنما الزكاة حق اللَّه في المال، فإذا استوت القرابة وغير القرابة في الفقر فالقرابة أولى إذا لم يدفع بها عن نفسه مذمة، ولا يجوز له أن يعطي ولده ولا ولد ولده ولا أباه ولا أمه ولا جده، ويعطي سوى ذلك من قراباته إذا كان لا يقي بها ماله. "مسائل عبد اللَّه" (551) قال عبد اللَّه: قلت: هل يجوز للرجل أن ينفق على قراباته في كل شهر بقدر قوتهم، فإذا بلغ رأس الحول حسب ذلك فصيره من زكاته؟ فقال: إذا كان لا يدفع به عن نفسه مذمة ولا يقي بها ماله. "مسائل عبد اللَّه" (552) قال عبد اللَّه: قلت لأبي، يعطي الرجل ابنه من الزكاة؟ قال: لا. قلت: فإن لم يكن في عياله؟ قال: لا يعطيه.

قال أبي: ولا يعطي ابنه ولا ابن الابن ولا جده ولا أباه ولا الأم، وإن كانوا فقراء كلهم. وقال: يعطيهم من غير الزكاة. "مسائل عبد اللَّه" (553) نقل أحمد بن القاسم عنه: لا يدفع الزكاة للوالدين ولا إلى الولد ولا إلى الجد، ويُعطي من سوى ذلك. "الروايتين والوجهين" 1/ 246 وقال مثنى بن جامع: كنت على باب أحمد، فجاء رجل يسأله عن رجل أراد أن يتصدق -يعني: بمال يشتري به موضع غلته أو يتصدق به- فخرج إليه الجواب: أنه لا يدري من يقوم بها. وقال: إن كان له قرابة محتاجون تصدق عليهم. "بدائع الفوائد" 4/ 46 قال محمد بن الحكم: قد سئل عن الرجل يعطي أخاه أو أخته من الزكاة؟ فقال: نعم، إذا كان لا يخاف مذمتهم، وإن كان قد عوّدتهم فأعطهم. "بدائع الفوائد" 4/ 68 نقل عنه المروذي: إذا دفعها إلى أقارب له محتاجين إن كان على طريق المحاباة لا يجوز، وإن كان لم يحابهم؛ فقد تصدق. ونقل عنه حرب: إذا كان له أخوان محاويج قد كان يصلهم؛ أيجوز له أن يدفعها إليهم؟ فكأنه استحب أن يعطي غيرهم، وقال: لا يحابي بها أحدًا. "تقرير القواعد" 2/ 242

852 - 3 - صاحب المال والقادر على الكسب

852 - 3 - صاحب المال والقادر على الكسب قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: لا يُعْطَى مَنْ عنده خمسون درهمًا أو من الحُلِيِّ ذهب أو فضة ما يساوي خمسينَ درهمًا؛ لقولِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أو حسابها مِنَ الذهب" (¬1). قال إسحاق: كما قال سواء، وإنِ احْتاط للزَّكاةِ فلم يُعْطِ مَنْ لَه أربعون دِرهما. "مسائل الكوسج" (567). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: أبو سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تحلُّ الصدقة لغني إلا لخمسةٍ: لعاملٍ عليها، أو لغنيٍّ اشتراها بماله، أو غازٍ في سبيل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، أو مسكينٍ تُصدق عليه منها فأهداها لغنيٍّ، أو غارمٍ" (¬2)؟ قال: نعم، هكذا حُدثنا عن أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-. قال إسحاق: كما قال، تفسيره: أنَّ الغارمَ الذي أصابه السيلُ أو الحريق وما أشبهه حَتَّى ذهبَ مالُه وبقي له قدر خمسين ما يكون الفقير يسع أن يعطى من الزكاة أعطي هذا الغارم مثل ابن السبيل وهو ¬

_ (¬1) ورد ذلِكَ في حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "من سأل وله ما يغنيه جاءت مسألته يوم القيامة خدوشًا أو كدوحًا في وجهه" قالوا: يا رسول اللَّه وما غِناه؟ قَالَ: "خمسون درهمًا أو حسابها من الذهب". رواه الإمام أحمد 1/ 441، وأبو داود (1626)، والترمذي (655) وحسنه، والنسائي 5/ 97. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (526). (¬2) رواه أحمد 3/ 56، وأبو داود (1636)، وابن ماجه (1841)، والحاكم 1/ 407 - 408 وصححه على شرط الشيخين وصححه الألباني في "الإرواء" (870).

غني في أرضِهِ احتاج في سفره أعطي أيضًا، وكذلك الغازي أيضًا يُعطى وهو غني. "مسائل الكوسج" (3227). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إنَّ عمرَ -رضي اللَّه عنه- كتبَ إليهم: أنْ أعطوا مِنَ الصدقةِ مَنْ أبقت له السنة غنمًا وراعيًا، ولا تعطوا منها من أبقت له السنة غنمين أو راعيين (¬1). قال أحمد: لا أدري ما هذا الحديث. قال إسحاق: هذا تفسيرُه: ما فَسَّره الذي رواه، قال: الغنمُ مائةٌ يقول: مَن كانَتْ له قدرُ مائة شاةٍ أُعْطِيَ مِنْ بيتِ المالِ ما يجبرُ به هو وعياله، ولا يلزم أن يخرجَ ذَلِكَ مِن يدِه. "مسائل الكوسج" (3228). قال صالح: وسألته عن قوله: "الصدقة لا تحل لغني، ولا لذي مرة سوي"؟ (¬2) فقال: المرة السوي: الذي ليس به علة، يقول: أن يعتمل، لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا حظ فيها لغنى ولا لقوي مكتسب" (¬3). فقد يكون قويًّا لا يتوجه للكسب. "مسائل الكوسج" (229). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 110 (7156). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 164، وأبو داود (1634)، والترمذي (652) وحسنه من حديث عبد اللَّه بن عمرو. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (527). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 224، وأبو داود (1633)، والنسائي 5/ 99 - 100 من طريق عبيد اللَّه بن عدي أن رجلين حدثاه أنهما أتيا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يسألانه من الصدقة. .، وصححه الألباني في "الإرواء" (876).

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل له دار يقبل الزكاة؟ قال: نعم. قيل: هي دار واسعة؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. قيل: فإن كان له خادم؟ قال: أرجو. قيل: له فرسٌ؟ قال: إن كان الفرس يغزو عليه في سبيل اللَّه فأرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل أبو داود" (569) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: لا يعطى -يعني: من الزكاة- من له خمسون درهما أو قيمتها من الذهب. "مسائل أبو داود" (570) قال ابن هانئ: سمعته يقول: لا يعطى من عنده خمسون درهمًا أو حسابها من الحلي، أو الذهب ما يساوي خمسين درهمًا، لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "أو حسابها من الذهب" (¬1). "مسائل ابن هانئ" (563). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل موسر وله أخت لها زوج موسر أيجوز لأخيها أن يعطيها من الزكاة؟ قال: لا، إلا أن يكون زوجها يضارها ولا ينفق عليها فيعطيها. ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه.

قلت لأبي: فإن كان عندها حلي قيمته خمسون درهمًا؟ قال: لا يعطيها. "مسائل عبد اللَّه" (568). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل عنده خمس مائة درهم، وعليه دين ألف درهم يأخذ من الزكاة؟ قال: هذا مالك لهذا الشيء، فإن قضى دينه فلا بأس أن يأخذ من الزكاة. "مسائل عبد اللَّه" (569). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: متى لا يحل للرجل أن يأخذ من الزكاة؟ قال: إذا كان عنده خمسون درهمًا أو حسابها من الذهب، لم يحل له أن يأخذ منها. قلت لأبي: إن الشافعي يقول: يأخذ من الزكاة وإن كان عنده ألف دينار. قال: قال اللَّه تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: 60] فإذا أخذ الرجل خمسة آلاف فمتى يصير إلى الفقير شيء، أذهب فيه إلى حديث حكيم بن جبير، وقد رواه زبيد (¬1). وقد روي عن سعد وابن مسعود وعلى: من كان له خمسون درهمًا غناء (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (570) ¬

_ (¬1) الحديث تقدم تخريجه من طريق حكيم بن جبير، وانظر رواية زبيد في "الكامل" لابن عدي 2/ 509. (¬2) روى الدارقطني 2/ 122، وابن أبي شيبة 2/ 404 (10431) عن الحسن بن سعد، عن أبيه، عن علي وعبد اللَّه قالا: لا تحل الصدقة لمن له خمسون درهما أو عرضها من الذهب.

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: من لم يكن عنده خمسون درهمًا أو حسابها من الذهب فلا بأس أن يأخذ من الزكاة حتى يكون عنده خمسون درهمًا وكذلك صدقة الفطر. "مسائل عبد اللَّه" (571). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يلتقط أيام اللقاط مع الناس وهو يملك خمسين درهمًا؟ قال: نعم، يلتقط كل من شاء ومن له خمسون درهمًا ليس هو صدقة. قلت لأبي: لمن يطيب اللقاط ويحل له؟ قال: يطيب لكل إنسان، ليس هو صدقة. "مسائل عبد اللَّه" (572). قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا هشيم قال: أخبرنا حجاج عن الحسن بن عطية، كذا قال هشيم، عن أبيه، عن سعد بن أبي وقاص قال: لا تحل الصدقة لمن له خمسون درهمًا أو قيمتها من الذهب. وقال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا هشيم، أخبرنا حجاج عمن حدثه عن ابن مسعود أنه كان يقول مثل ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (575) قال صالح بن زياد السوسي: سألت أحمد بن حنبل عن الرجل يكون له الزرع القائم، وليس له عدة يحصده، أيأخذ من الزكاة؟ قال: نعم يأخذ. "الطبقات" 1/ 469. ونقل مهنا عنه: إن ملك خمسين درهمًا أو قيمتها من الذهب ولا تقوم بكفايته جاز له الأخذ. "المستوعب" 3/ 367، "المعونة" 3/ 337

وقال في رواية محمد بن الحكم: يعطى من الزكاة من له الغلة والضيعة إذا لم يقمه، ويعطى صاحب المسكن وإن كان له مسكن يفضل عنه؟ قلت: يأخذ من الزكاة إذا كان له عقار يساوي عشرة ألف أو أكثر أو أقل؟ قال: نعم يأخذ من الزكاة وإذا كان له ضيعة يستغلها عشرة ألف أو أقل أو أكثر لا يقيمه يأخذ من الزكاة. يعطى خمسين درهمًا لا يزاد عليها؛ لأنه إذا كان له خمسون درهمًا فهو عندي غني. ونقل عنه جعفر بن محمد وقد سئل عن رجل عنده جارية تساوي مائة دينار يحتاج إليها للخدمة، يأخذ من الزكاة؟ قال: نعم. "المستوعب" 3/ 368 - 369 قال الميموني: ذاكرت أبا عبد اللَّه، فقلت: قد يكون للرجل الإبل والغنم تجب فيها الزكاة وهو فقير، ويكون له أربعون شاة، وتكون له الضيعة لا تكفيه، فيعطى من الصدقة؟ قال: نعم. وذكر قول عمر: أعطوهم، وإن راحت عليهم من الإبل كذا وكذا. قلت: فهذا قدر من العدد أو الوقت؟ قال: لم أسمعه. "المغني" 4/ 121 - 122، "المبدع" 2/ 416، "المعونة" 3/ 327 قال عيسى بن جعفر لأبي عبد اللَّه: الرجل له الصنعة يغل منها ما يقوته ثلاثة أشهر من أول السنة يأخذ من الصدقة؟

قال: إذا نفدت، ويأخذ من الزكاة تمام كفايته سنة. "الفروع" 2/ 588، 639. 4 - الكافر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُعطَى مِنَ الزكاة مشرك أو عبدٌ أو نصراني أو يهودي؟ قال: لا يُعطَى إلا المسلمون. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (649) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن اليهودي والنصراني يعطون من الزكاة؟ قال: من غير الفريضة يعطون. "مسائل أبو داود" (581). ونقل حنبل عنه: إن حكمهم -الكفار- قد انقطع. "المستوعب" 3/ 351، "المعونة" 3/ 333 ونقل أحمد بن أصرم وسأله رجل أن والدي توفي وترك دينًا، أفأقضيه من زكاة مالي؟ قال: لا. "بدائع الفوائد" 4/ 59. إذا كان سهم المؤلفة قلوبهم قد انقطع، فأين يُصرف سهمهم؟ نقل حنبل عنه: أن للإمام صرفه فيما شاء. "معونة أولي النهى" 3/ 333

باب صدقة الفطر

باب صدقة الفطر 853 - حكم صدقة الفطر قال صالح: وسألته عن رجل ترك صدقة الفطر على عمد، ما عليه في ذلك؟ فقال: لا يعجبنا تركها؛ قال ابن عمر: "فرض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صدقة الفطر" (¬1). "مسائل صالح" (164) نقل المروذي عنه، وقد سأله عن صدقة الفطر، أفرض هي؟ قال: ما أجترئ أن أقول إنها فرض. "العدة في أصول الفقه" 2/ 377، "المسودة في أصول الفقه" 1/ 165 854 - من تجب عليه صدقة الفطر قال إسحاق بن منصور: قلت: العبدُ يكونُ في الماشيةِ أو الحائط، عليه صدقةُ الفطرِ؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (660) قال صالح: قلت لأبي: الأجير يعمل بطعام بطنه وكسوته، تجب عليه صدقة الفطر؟ ويجوز للذي يعمل عنده أن يعطيه من زكاته ومن الكفارات وصدقة الفطر؟ ويجوز لغيره أن يعطيه من ذلك شيئًا؟ ويجوز له هو أن يأخذ من ذلك شيئًا وقد كفى طعامه وكسوته؟ ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1503)، ومسلم (984).

قال: لا بأس أن يستأجر الرجل الأجير بطعام بطنه وكسوته، وأقل ما يكون من الطعام مُدُّ بُرٍّ، وهو رطل وثلث، ومن الكسوة: ثوب جامع، ولا تجب صدقه الفطر على المستأجر، وإنما تجب صدقة الفطر على من يمون ويكون في عياله. وإنما هذا مستأجر. ولا يجوز لرجل أن يعطي من زكاته ما يدفع عن نفسه به مذمة أو يقي بها ماله، ولا بأس أن يأخذ الرجل من الزكاة ومن صدقة الفطر" إذا كان يوم يعطي ليس يملك خمسين درهمًا أو حسابها من الذهب، فإذا ملك خمسين درهمًا أو حسابها من الذهب؛ لم يأخذ من الزكاة ولا صدقة الفطر ولا شيء من الكفارات، فإن كان له من الحلي ما يبلغ أربعين درهمًا أو قيمتها من الذهب؛ فلا يأخذ من الزكاة إلا ما يكمل الخمسين. "مسائل صالح" (1336) قال صالح: قلت: الفقير الذي وظفه عمر؟ قال: لا أدري قد اختلفوا فيه. قلت: كيف يؤدون؟ قال: يكون ذلك أيضًا على قدر طاقتهم. "مسائل صالح" (1341) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الفقير عليه زكاة الفطر؟ قال: إذا كان عنده قوت يومه فما فضل عنه فليؤدي. قيل لأحمد: ليس عنده؟ قال: ليس عليه شيء. "مسائل أبو داود" (601)

قال أبو داود: سمعت أحمد ذكر حديث عثمان: أنه كان يعطي صدقة الفطر عن الحبل إذا تبين (¬1)؟ . فقال أحمد: ما أحسن ذلك إذا تبين صار ولدًا. "مسائل أبو داود" (602) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: زكاة الفطر على الصغير، وا لكبير، والذكر، والأنثى، والحر، والعبد، والحُبْلى. "مسائل ابن هانئ" (547) قال ابن هانئ: وسُئِلَ عن زكاة الفطر متى تجب على الرجل؟ قال: إذا كان عنده فضل قوت يوم أطعم، وإذا أراد أن يعطي زكاة رأسه بِبَلَدِه، نظر أي بلدة يقيم بها أكثر من الأخرى، أعطى. "مسائل ابن هانئ" (549) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: يعطى زكاة الفطر عن الحمل إذا تبين. حدثني أبي قال: حدثنا معمر بن سليمان التيمي عن حميد بن بكر وقتادة: أن عثمان كان يعطي صدقة الفطر عن الصغير والكبير والحمل (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (644) ¬

_ (¬1) سيأتي قريبًا بتخريجه. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 432 (10737) عن إسماعيل بن إبراهيم، عن حميد أن عثمان كان يعطي صدقة الفطر عن الحبل. قال الألباني في "الإرواء" 3/ 331 عن إسناد الإمام أحمد هذا وهذا إسناد صحيح لولا أنه منقطع بين قتادة وعثمان، وبين هذا وبين حميد.

855 - من أسلم قبل غروب شمس ليلة الفطر

855 - من أسلم قبل غروب شمس ليلة الفطر قال أبو بكر الخلال: أخبرني محمد بن علي أن مهنّا حدثهم قال: سألت أحمد بن حنبل عن رجل أسلم قبل غروب الشمس في آخر ليلة من رمضان؟ قال: عليه زكاة الفطر. أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن رجل يهودي أو نصراني أسلم ليلة الفطر؟ قال: ليلة الفطر قد ذهب الشهر. فلم ير عليه زكاة الفطر، قال: إن فعل لم يضره. ولم يُوجبه عليه. أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد عن أبيه عن أبي عبد اللَّه وسمعته يقول: وسئل عن الرجل يسلم يوم الفطر؟ قال: ليس عليه زكاة الفطر لأن رمضان قد خرج. "أحكام أهل الملل" 1/ 130 (151 - 153) 856 - عمن يعطي الرجل صدقة الفطر؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: ولا يطعم عن الآبق؟ قال أحمد: كذا هو الآبق مثل الطير، أين يقدر عليه؟ ! قال إسحاق: كلما علم موضع إِبَاقِه، أو طمع لما يقال: إنه قريب منك؛ أطعم عنه. "مسائل الكوسج" (623)

قال إسحاق بن منصور: قلتُ: قال سفيان ت رقيقُ امرأتِهِ ليس بواجب عليه، إنْ شاءَ فعلَ، وإنْ شَاءَ لم يَفعلْ، يعني: صدقةَ الفطرِ إن كان يمونهم. قال أحمد: إذا كان يمونهم فعليه الزكاة على حديثِ أسماء ابنة أبي بكر -رضي اللَّه عنهما- (¬1). قال إسحاق: كما قال أحمد. وكذلك كان ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- يعطي عَنِ امْرأتِهِ ورقيقها إذا كانوا في عيالِه (¬2). "مسائل الكوسج" (624) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: مَنِ ابتاعَ عبدًا قبلَ الفطرِ بيومٍ أطعمَ عنه. قال الإمام أحمد: ما أحسنه. قال إسحاق: كما قال أحمد إذا غربتِ الشمسُ ليلةَ الفطرِ فكلُّ مَنْ كان في ملكِه مِنْ مملوكٍ أو مولود فعليه أنْ يؤدِّيَ عنهم زكاةَ الفطرِ، وما كان بعدَ غروبِ الشمسِ فلا شيء عليه؛ لأنَّ ليلةَ الفطرِ مِنْ شوال وإنَّما عليه أنْ يؤدي زكاةَ شهر رمضان. "مسائل الكوسج" (625) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: قال سفيان: فإذا أهلَّ هلالُ شوال فمَن ولِدَ له ولد أو اشترى عبدًا بعدَ الهلالِ فليس عليه الزكاةُ. قال أحمد: جيد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (626) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 399 (10379)، أن أسماء كانت تعطي زكاة الفطر عمن تمون، ووقع في المطبوع منه (عمن يموت)، وانظر: "المحلى" 6/ 129. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 399 (10381) البيهقي 4/ 161.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُعطي صدقةَ الفطرِ عَنِ المكاتبِ؟ قال: لا يعطي عن المكاتب. قال إسحاق: يعطي عنه إذا كان في عياله، وإلا فلا. قُلْتُ: وعن رقيقِ امرأتِه؟ قال: وعَنْ رقيقِ امرأتِه يُعطى. قُلْتُ: عن الآبق؟ قال: والآبقُ إذا علمَ مكانَه، أعْطَى عنه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (642). قال إسحاق بن منصور: قال: قُلْتُ: يُعطي عَنِ العبدِ إذا كان للتجارةِ؟ قال: يُعطي إلا عن مملوكِين نصارى. قال إسحاق: ويعطي عن النصارى أيضًا. "مسائل الكوسج" (643). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: صدقةُ الفطرِ على مَن جرتْ عليه نفقَتُه؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (659). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: مَنْ قال: لا يُعْطَى عَنِ اليتيمِ صدقةُ الفطرِ؟ فقال: قال عليُّ -رضي اللَّه عنه-: عَلَى مَنْ جَرَتْ عليه نفقتك (¬1)، وكَانَتْ أسماءُ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 315 (5773)، وابن أبي شيبة 2/ 398 (10365)، والدارقطني 2/ 152.

بنتُ أبي بكرٍ -رضي اللَّه عنهما- تُخرجُ عَن منْ تمون (¬1). "مسائل الكوسج" (731) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا مات ليلة الفطر عليه زكاة الفطر؟ فرأى أن يؤدى عنه. "مسائل أبو داود" (603) قال أبو داود: سمعت أحمد ذكر حديث عطاء: أنه كان يعطي عن أبويه صدقة الفطر حتى مات -يعني: وهما ميتان. قلت: يعجبك هذا يا أبا عبد اللَّه؟ قال: ما أحسنه إن فعله. "مسائل أبو داود" (604) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل له رقيق لتجارة يؤدي عنهم زكاة الفطر؟ قال: نعم. قيل له: وهو يزكي أثمانهم؟ قال: نعم. "مسائل أبو داود" (605) قال أبو داود: سمعت أحمد ذكر صدقة رمضان عن العبد النصراني؟ قال: إنما هي طهرةٌ، فأي شيء يطهرُ من النصارى؟ ! "مسائل أبو داود" (606) قال أبو داود: قيل له: يؤدى عن الآبق صدقة الفطر؟ قال: الآبق لعله مات. "مسائل أبو داود" (607) ¬

_ (¬1) تمون: يقال: مانه: حمل مئونته، وقام بكفايته، وأثر أسماء سبق تخريجه.

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل عمن يؤدي الرجل زكاة الفطر؟ قال: عمن هو في عياله. قيل لأحمد: ضم إلى نفسه يتيمةً؟ قال: يؤدي عنها. قلت: إن كان يجري على قرابته يؤدي عنهم؟ قال: قد فرغنا لك منه، كل من هو في عياله يؤدي عنه. "مسائل أبو داود" (608). قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن زكاة الفطر، فقال: كل من تجري عليه نفقتك. "مسائل عبد اللَّه" (632). قال عبد اللَّه: فقلت لأبي: عندي يهودي أو نصراني أو نصراني أؤدي عنه؟ فقال: لا يؤدي عنه. "مسائل عبد اللَّه" (633). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المكاتب الذي لا يزكي عنه مولاه زكاه الفطر؟ قال: هو يزكي عن نفسه لأنه مكاتب يؤدي إلى مولاه مكاتبته، وذلك أن مولاه لا يقدر أن يأخذ من ماله شيئًا. "مسائل عبد اللَّه" (634). قال عبد اللَّه: سألت عن رجل له عبد مشرك أيزكي عنه؟ فقال: لا. "مسائل عبد اللَّه" (635). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن العبد الآبق، إذا أبق وأخبر أنه ببلده يؤدي عنه الزكاة؟

فقال: نعم: أظنه يعني زكاة الفطر. سمعت أبي يقول: الآبق عرف مكانه أو لم يعرف مكانه، يزكى عنه إذا رجع، وإن لى يرجع يكون عليه شبه الدين حتى يرجع. سمعت أبي يقول في الزكاة: تجب على الحر والعبد وولد الرجل وامرأته، وكل من يعوله، وتجب نفقته عليه -يعني: زكاة الفطر. "مسائل عبد اللَّه" (637) قال أبو الحارث: قلت لأبي عبد اللَّه: صدقة الخيل والرقيق؟ فقال: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس على الرجل في عبده ولا فرسه صدقة" (¬1). "تهذيب الأجوبة" 1/ 334 وقال في رواية الفضل بن زياد: نافع عن ابن عمر قال: كان يبعث بها قبل الفطر باليومين والثلاثة إلى المجمع، (¬2) وكان عطاء يعطي عن أبويه صدقة الفطر حتى مات (¬3). قيل لأبي عبد اللَّه يعجبك هذا؟ قال: هذا تبرع ما أحسن هذا. "بدائع الفوائد" 4/ 58، "الفروع" 2/ 540 - 541، "الإنصاف" 7/ 137 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 242، البخاري (1463)، مسلم (982) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-. (¬2) رواه مالك 1/ 296 (759)، وعبد الرزاق 3/ 329 (5837)، وابن أبي شيبة 2/ 438 (10792). (¬3) رواه ابن سعد في "الطبقات" 5/ 469.

857 - العبد بين اثنين، كيف يزكيان عنه؟

857 - العبد بين اثنين، كيف يزكيان عنه؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: إذا كان مملوكٌ بين اثنينِ، مَن يُؤدِّي عنه صدقةَ الفطرِ؟ قال: يؤدي كلُّ واحدٍ بحصته. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (651) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن عبد بين رجلين كيف يزكيان عنه؟ قال: كل واحد يؤدي عنه النصف نصف صاع نصف صاع -يعني: صدقة الفطر- قال: وإن كان هذا العبد للتجارة يقوم فيزكي كل واحد عن قيمته. "مسائل عبد اللَّه" (613). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن عبد بين رجلين كيف يزكيان عنه؟ فقال: كل واحد يؤدي عنه النصف نصف صاع نصف صاع. "مسائل عبد اللَّه" (636). قال فوران: رجع أبو عبد اللَّه عن هذِه المسألة، وقال: يُعطي كل واحد منهما نصف صاع. وقال: لا تحكها عن أبي عبد اللَّه. "الروايتين والوجهين" 1/ 247.

858 - مقدار صدقة الفطر وجنسها

858 - مقدار صدقة الفطر وجنسها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: صدقةُ الفطرِ؟ قال: على حديث أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه- (¬1). قال إسحاق: يُخرج صاعًا صاعًا. "مسائل الكوسج" (658) قال صالح: قال أبي: حديث أبي سعيد في زكاة الفطر ليس هو مثل حديث ابن عمر. قال أبو سعيد: كنا نخرج على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال ابن عمر: فرض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من كل شيء صاعًا صاعًا (¬2). "مسائل صالح" (976) قال صالح: قال أبي: والتمر أحب إلي أن يُعطى. كان ابن سيرين يحب أن ينقي الطعام وهو أحب إلي. "مسائل صالح" (977) قال صالح: قلت: زكاة الفطر؟ قال: البر: خمسة أرطال وثلث، وإذا كان عنده أكثر من قوت يوم أطعم. "مسائل صالح" (1367) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن زكاة الفطر؟ قال: صاع من تمر، أو صاعٌ من برٍّ، أو صاعٌ من شعيرٍ. "مسائل صالح" (587) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 73، والبخاري (1506)، ومسلم (985) عن أبي سعيد قال: كنا نخرج زكاة الفطر، صاعًا من طعام، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من أقط، أو صاعًا من زبيب. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 55، والبخاري (1503)، ومسلم (984).

قال أبو داود: سمعت أحمد عن صدقة الفطر؟ فقال: صاع من كل شيءٍ. "مسائل أبو داود" (588) قال أبو داود: سمعت أحمد عن التمر يعطى في صدقة الفطر يوزن؟ قال: إن التمر لا يكاد يستوي؛ يكون منه أخف وأثقلُ، ولكن لا يكاد يبلغ صاع تمر خمسة أرطال وثلث. "مسائل أبو داود" (590) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: من أعطى من رطلنا تمرًا خمسة أرطال وثلث فقد أوفى. فقيل له: الصيحاني ثقيل؟ قال: الصيحاني أطيب. قال: لا أدري. "مسائل أبو داود" (591)، "سنن أبي داود" 2/ 111 (238) قال أبو داود: قلت لأحمد: صدقة الفطر؟ قال: التمر أحب إلي. "مسائل أبو داود" (593) قال أبو داود: قلت لأحمد: زكاة الفطر تخرج تمرًا في موضعٍ ليس التمر طعامهم مثل الثغر؟ قال: نعم أحب إلي التمر. "مسائل أبو داود" (594) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الشهريز (¬1) في صدقة الفطر؟ فقال: الشهريز وسط لا بأس به. "مسائل أبو داود" (595) ¬

_ (¬1) الشهريز: ضربٌ من التمر، معرب.

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن صدقة الفطر؟ قال: صاع صاع من كل شيء، على الحر والعبد، والذكر والأنثى. ويروى عن عثمان بن عفان: أنه أعطى عن الحامل (¬1). "مسائل ابن هانئ" (550) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: يعطى الرجل من التمر والشعير والحنطة والأقط على حديث أبي سعيد وحديث ابن عمر صاع تمر أو صاع شعير. والصاع خمسة أرطال وثُلثُ قدر ذلك التمر لا يكاد يبلغ ذلك من أعطى خمسة أرطال وثلث فقد أوفى. "مسائل عبد اللَّه" (638) قال عبد اللَّه: سألت أبي: كم أعطي زكاة الفطر؟ قال: صاع صاع من كل شيء. رأيت أبي ما لا أحصي يعطي زكاة الفطر عن كل نفس خمسة أرطال وثُلثُ تمرًا، وكان يختار التمر، لم أره يعطي إلا التمر. قال أبو عبد اللَّه: رأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كل ما أمر به إنما أمر بإعطاء التمر لأنه كان قوتهم، وكان الأكثر عندهم. "مسائل عبد اللَّه" (639) قال عبد اللَّه: وسمعت أبي يقول: الزكاة عن كل رأس خمسة أرطال وثلث عن كل رأس والصاع قدره خمسة أرطال وثلث. "مسائل عبد اللَّه" (640) قال عبد اللَّه: قلت: كم صدقة الفطر من الدقيق؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 432 (10737).

قال: خمسة أرطال وثلث دقيق، وخمسة أرطال وثلث تمر، وكذلك من كل شيء. "مسائل عبد اللَّه" (641) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: من يؤدي زكاة الفطر أربعة أرطال أتجزئ عنه؟ فقال: خمسة أرطال وثلث أعجب إلي. "مسائل عبد اللَّه" (643) نقل حنبل عنه: إذا أخرج الأقط أجزأه. "الروايتين والوجهين" 1/ 247. قال ابن مشيش: قلت لأحمد: أهل البادية الذين ليس لأحدهم تمر؟ قال: فأقط. "الطبقات" 2/ 366 قال مهنا: ذكرت لأحمد حديث ثعلبة بن أبي صُعَيْر (¬1)، فى صدقة الفطر نصف صاع من بر. فقال: ليس بصحيح إنما هو مُرْسل، يرويه معمر وابن جريج، عن الزهرى مرسلًا. قلت من قبل من هذا؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 432، وأبو داود (1619 - 1621)، وفيه اختلاف كثير فيراجع "نصب الراية" 2/ 406 - 410. وإن لخصه الحافظ في "الدراية" 1/ 269 قائلًا: ومداره على الزهري عن عبد اللَّه بن ثعلبة، فمن أصحابه من قال عن أبيه، ومنهم من لم يقله، وذكر الدارقطني الاختلاف فيه على الزهري وحاصله الاختلاف في اسم صحابيه.

859 - مقدار الصاع

قال: من قبل النعمان بن راشد، ليس هو بقوي في الحديث، ضَعَّف حديث ابن أبي صُعَيْر. وسألته عن ابن أبي صُعَيْر، أمعروف هو؟ قال: من يعرف ابن أبي صُعَيْرِ، ليس هو بمعروف. "المغني" 4/ 287 نقل الأثرم عنه: صاع من كل شيء. "الفروع" 2/ 534، "المبدع" 2/ 395 ونقل حنبل عنه إن عدم الأصناف: ما يقوم مقامهما صاع. "الفروع" 2/ 537 859 - مقدار الصاع قال صالح: قلت: الصاع كم رطلًا؟ قال: قدرناه فهو خمسة أرطال وثلث حنطة أو تمر. "مسائل صالح" (86) قال صالح: قلت: الصاع كم هو؟ قال: خمسة أرطال وثلث بالبر. قلت: فالمد كم هو من الصاع؟ قال: رطل وثلث. قال: وأقل ما يجزئ في كفارة اليمين: مد بر، ومن التمر: ثلاثة أرطال غير ثلث. "مسائل صالح" (303) قال صالح: قال أبي: الصاع خمسة أرطال وثلث من البر، تمرنا يتجافى، لا يجيء الصاع خمسة أرطال وثلث، وتمر المدينة ثقيل يدخل

في الصاع أكثر من تمرنا. "مسائل صالح" (979) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل كم الصاعُ؟ قال: خمسةُ أرطالٍ وثلثٌ. سمعت أحمد قيل له: فمن قال: ثمانية؟ قال: ليس ذلك بمحفوظ. "مسائل أبو داود" (589) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: صاع ابن أبي ذئب خمسة أرطال وثلث -يعني: برطل العراق. "مسائل أبو داود" (592) قال ابن هانئ: سألته عن الصاع؟ فقال: الصاع خمسة أرطال وثلث برطل العراق. ويعطي صاعًا من كل شيء. في زكاة الفطر، أذهب إلى حديث أبي سعيد؛ والمد ربع الصاع، وهو رطل وثلث. "مسائل ابن هانئ" (551) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الصاع؟ فقال: الصاع خمسة أرطال وثلث برطل العراق، ويعطي صاعًا من كل شيء في زكاة الفطر، أذهب إلى حديث أبي سعيد (¬1)، والمُدّ ربع الصاع، وهو رطل وثلث. "مسائل ابن هانئ" (619)، (675) قال عبد اللَّه: قلت: الصاع كم رطل هو؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 5، والبخاري (1503)، ومسلم (984).

860 - حكم إعطاء القيمة في زكاة الفطر

قال: قدرناه خمسة أرطال وثلث حنطة. "مسائل عبد اللَّه" (642) وقال حنبل: قال أحمد: أخذت الصاع من أبي النضر، وقال أبو النضر: أخذته من ابن أبي ذئب. وقال: هذا صاع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي يُعرف بالمدينة. قال أبو عبد اللَّه، فأخذنا العدس، فعيرنا به، وهو أصلح ما يكال به، لأنه لا يتجافى عن مواضيعه، فكلنا به، ثم وزناه، فإذا هو خمسة أرطالٍ وثلث. قال: هذا أصلح ما وقفنا عليه، وما بين لنا من صاع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "المغني" 4/ 168، 288 860 - حكم إعطاء القيمة في زكاة الفطر قال صالح: قلت: قوم يقولون: الطعام أنفع للمساكين، وقوم يقولون: الخبز خير؟ فكرهه أبي، وقال: توضع السنن على مواضعها، قال اللَّه تعالى: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 4] ولم يأمرنا بالقيمة ولا الشيء، نعطي ما أمرنا به. وحديث ابن عمر: فرض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صدقة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير (¬1)، فيعطي ما فرض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال: لم يلتفت أبو سعيد ولا ابن عمر إلي قيمة مقومة. "مسائل صالح" (978) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 63، والبخاري (1512)، ومسلم (984).

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الخبز في زكاة الفطر؟ قال: لا. قيل لأحمد وأنا أسمع: يعطي دراهم؟ قال: أخاف أن لا يجزئه، خلاف سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل أبو داود" (596) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يكره أن يعطي القيمة في زكاة الفطر، يقول: أخشى إن أعطى القيمة ألا يجزئه ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (647) قال الأثرم: قلت أعطيت لكل مسكين؟ قال: نحن لا نرى القيمة. قلت: ما ترى؟ قال: لا أشير عليك، ونحن نخشى أن القيمة لا تجزئ. "تهذيب الأجوبة" 2/ 596 قال إبراهيم بن الحارث: قال أحمد: إذا أخرج القيمة من الزكاة أخشى أن لا يجزيه، لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بكذا وكذا. "الروايتين والوجهين" المسائل الأصولية صـ 39، "المسودة في أصول الفقه" 1/ 98 قال الميموني: قال أحمد: إذا أعطى القيمة، أخاف أن لا يجزئ. "العدة في أصول الفقه" 5/ 1625. قال أبو طالب: قال لي أحمدُ: لا يُعْطِى قيمته. قيل له: قوم يقولون: عمر بن عبد العزيز كان يأخُذ بالقيمة (¬1). قال: يَدَعُون قَوْلَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويقولون قال فلان، قال ابن عمر: ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 398 (10368)، (10369).

861 - وقت إخراج صدقة الفطر، وحكم تأخيرها

فرض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: وقال اللَّه تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}. وقال قوم يُردون السنن: قال فُلان، قال فُلان. "المغني" 4/ 295 861 - وقت إخراج صدقة الفطر، وحكم تأخيرها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: متى يُعطي زكاةَ الفطرِ؟ قال: يومُ الفطرِ أحبُّ إلي. قال إسحاق: كما قال، قبل الصلاة. "مسائل الكوسج" (641) قال إسحاق بن منصور: كره إسحاقُ أَنْ يُعطَى صدقَةَ الفطرِ قبلَ يومِ الفطرِ المساكينُ، فإن أَعْطى الذين يقبضون قبل الفطر فلا بأس به؟ لأنهم يقسمونها بعد الفطر. ودعا إسحاق يوم الفطر ببر إلى المسجد، فربما أعطى الرجل ثلاثة آصعٍ وربما أعطى صاعين، وأعطى رجلًا ستة آصع، وكره أن يُعطَى مسكين أقل من صاع. "مسائل الكوسج" (3470) قال صالح: قلت: ما تقول في زكاة الفطر ووقت إعطائه، يحمله إلى مسجد، أو يفرقه على أهل بيت من المحاويج؟ قال: إن حمله إلى السلطان فلا بأس، وإن قسمه فلا بأس، ويعطي قبل العيد بيوم أو يومين، ويقدمها قبل صلاة العيد. "مسائل صالح" (559) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن زكاة الفطر قبل الصلاة؟

قال: كان ابن عمر يخرجه قبل الفطر بيوم أو يومين، وهو الذي روى الحديث. "مسائل أبو داود" (599). قال ابن هانئ: وسمعته يقول: لا بأس أن يعطي الرجل صدقة الفطر، قبل الفطر بيوم أو بيومين. "مسائل ابن هانئ" (548). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: صدقة الفطر: كان ابن عمر يقدمها قبل الفطر بيوم أو يومين (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (648). قال عبد اللَّه: ورأيت أبي ما لا أحصي يعطي زكاة الفطر قبل ذلك بيوم. "مسائل عبد اللَّه" (649). قال عبد اللَّه: حدثنا مصعب قال: حدثني مالك عن نافع أن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر الذي يجمع عنده قبل الفطر بيوم أو يومين أو ثلاثة (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (650). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا حجاج عن عطاء، عن ابن عباس أنه كان يعطيها قبل أن يعيدوا يوم الفطر (¬3). "مسائل عبد اللَّه" (651). قال في رواية الدينوري، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وسُئل عن ¬

_ (¬1) سبق قريبًا. (¬2) رواه مالك في "الموطأ" 1/ 296 (759) وقد تقدم. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 1/ 484 (5583)، والطبراني 11/ 141 (11296)، والدارقطني 2/ 44 عن حجاج أرطأة به.

862 - مكان أداء صدقة الفطر

صدقة الفطر: متى تُعطى؟ قال: قبل أن يخرج إلى الصلاة. قيل له: فإن خرج؟ قال: كان ابن عمر يُعطي قبل ذلك بيوم أو يومين. "الطبقات" 1/ 242، 243، 246. قال محمد بن يحيى الكحال: قلت لأبي عبد اللَّه: فإن أخرج الزكاة ولم يُعطها؟ قال: نعم، إذا أعدَّها لقوم. "المغني" 4/ 298، "طرح التثريب" 4/ 64، "المبدع" 2/ 394 862 - مكان أداء صدقة الفطر قال صالح: قلت: ما تقول في زكاة الفطر ووقت إعطائه، يحمله إلى مسجد، أو يفرقه على أهل بيت من المحاويج؟ قال: إن حمله إلى السلطان فلا بأس، وإن قسمه فلا بأس، ويعطي قبل العيد بيوم أو يومين، ويقدمها قبل صلاة العيد. "مسائل صالح" (559). قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يجيء بزكاته -يعني صدقة الفطر إلى المسجد أو يطعمه؟ قال: يطعمه. "مسائل أبو داود" (597). قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن زكاة الفطر تجمع في المسجد؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل أبو داود" (598).

863 - كيفية توزيع صدقة الفطر

863 - كيفية توزيع صدقة الفطر قال أبو داود: قلت لأحمد: يدفع زكاة نفسٍ واحدة إلى اثنين -يعني: زكاة الفطر؟ قال: إذا كان على نظرٍ فأرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل أبو داود" (600) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن زكاة الفطر يعطي الرجل رأس عن رأس؟ قال: لا بأس به، ويعجبني أن يفرقه. "مسائل عبد اللَّه" (645) قال عبد اللَّه: وسألته عن صدقة الفطر، تعطى لكل مسكين صاع؟ أم يجعل بين عدة مساكين أو يعطى رجل واحد صدقة خمسة أو يفرقها، كيف ترى له أن يعمل أو يعطي؟ قال: يفرقها أعجب إلي. "مسائل عبد اللَّه" (646) 864 - إعطاء غير المسلمين من زكاة الفطر قُلْتُ: يُعطَى مِنَ الزكاة مشركٌ أو عبدٌ أو نصراني أو يهودي؟ قال: لا يُعطَى إلا المسلمون. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (648) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا: وكيع، عن سفيان، [عن أبي إسحاق] (¬1) عن أبي ميسرة أنه كان يعطي الرهبان من زكاة الفطر (¬2). سمعت أبي يقول: لا يعجبنا هذا. "مسائل عبد اللَّه" (652) ¬

_ (¬1) ساقطة من المطبوع، وأثبتناها من مصادر التخريج. (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 113 (7168) عن الثوري، به، وابن أبي شيبة 2/ 401 (10403) عن وكيع، به.

قال أبو بكر الخلال: أخبرني محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو الحارث قال: سئل أبو عبد اللَّه عن اليهودي والنصراني يعطى من الزكاة؟ قال: الناس فيها مختلفون، قال الحَكَم في رجل لا يجد مساكين مسلمين ويصيب يهودي ونصراني؟ قال: لا يجزئه، وقال الشعبي: تجزئه. وقال إبراهيم: إذا لم يجد غيرهم أرجو أمن يجزئه. أخبرني حمزة قال: حدثنا حنبل قال: حدثنا قبيصة قال: سمعت سفيان يقول: لا يعطى من الزكاة يهودي ولا نصراني ولا مجوسي. قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه (يقول): وأنا أرى مثل لك. أخبرني حرب قال: قلت لأحمد: يعطى اليهودي والنصراني من الزكاة؟ قال: لا. "أحكام أهل الملل" 1/ 130 - 131 (154 - 156) قال أبو بكر الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح أنه لأبيه: يعطى من الزكاة مشرك يهودي أو نصراني؟ قال: لا يعطى إلا المسلمون. أخبرني عبد اللَّه قال سمعت أبي يقول: سمعت إسماعيل سئل: يعطى المحتاج من الزكاة؟ قال: لا إنما ذلك على مولاه. قلت: لإسماعيل: فالمشرك؟ قال: لا. أخبرني حرب قال: قلت لأبي عبد اللَّه: يعطى اليهودي والنصراني من صدقة الفطر؟ فكرهه وقال: لا يعجبني لأن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: أمرنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن نخرج صدقة الفطر. فكأنه جعله واجبًا.

أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه سئل: أيعطى من الزكاة اليهودي والنصراني؟ قال: لا يعطون من الواجب. ثم قال: لا يعطى من الواجب أهل الذمة. قيل له: فمن زكاة الفطر؟ قال: لا يعجبني. "أحكام أهل الملل" 1/ 131 - 132 (158 - 161) قال أبو بكر الخلال: أخبرنا عبد اللَّه قال: أخبرني أبي قال: حدثنا هشيم عن يونس عن أنس بن سيرين قال: سمعت ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- يقول: لا يعطى من الزكاة أحد من غير أهل الإسلام. وقال مرة: سأل رجل ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: أعطي زكاة مالي أهل الذمة؟ قال: لا يعطى منه غير مسلم. "أحكام أهل الملل" 1/ 130 - 131 (154 - 156)

كتاب الصوم

كتاب الصوم القسم الأول: صوم الفريضة أولًا: صوم رمضان باب وجوب الصوم ووقته 865 - ما تثب به رؤية هلال رمضان قال إسحاق بن منصور: قال: قُلْتُ: تجوزُ شهادةُ رجلٍ على رؤيةِ الهلالِ لرمضان أوْ لشوال؟ قال: أمَّا لشوال فَلا، ولكن لرمضان تجوزُ شهادةُ رجلٍ واحدٍ. قال إسحاق: لا يجوزُ في الصَّومِ حتَّى يشهدَ عدلان كالفطرِ والأضْحَى. "مسائل الكوسج" (678). قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا شهدت الأمةُ في الاستهلال أو الرضاع؟ قال: نعم، تجوز شهادتها في موضع الضرورة إذا كانت مرضية، وتستحلف في الرضاع وحده. قال إسحاق: كما قال، ولكن لابد من امرأتين؛ لأنه لا يمكن ذلك في الاستهلال وغيره. "مسائل الكوسج" (2904). قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان لا يجوز شهادة الأمة إلا في الاستهلال.

قال أحمدُ: يجوز إذا كانت ثقة مرضية. قال إسحاق: لابد من امرأتين. "مسائل الكوسج" (2916) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: تجوز شهادة رجل وامرأتين في الأهلة. قال أحمدُ: تجوز شهادةُ رجلِ واحد، تجوز على رؤيته للصوم والإفطار شاهدين. قال إسحاق: لابد من شاهدين على الصوم والإفطار. "مسائل الكوسج" (2937) قال إسحاق بن منصور: قلت: سُئل سفيان عن شهادة المحدودين في الإهلال؟ قال: لا يجوز. قال أحمدُ: إذا تابوا جازت شهادتهم. قال إسحاق: كما قال؛ لأنه إذا تاب جازت شهادته في كل شيء كشهادة من لم يُحد. "مسائل الكوسج" (2938) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رؤية الهلال إذا شهد على رؤيته رجل واحد؟ قال: يأمر الإمام الناس بالصيام. قلت لأبي: فإن شهد على رؤية الهلال رجل واحد في الإفطار. قال: لا، حتى يكونا رجلين يشهدان، فأما رجل واحد فلا. "مسائل عبد اللَّه" (664) قال عبد اللَّه: حدثني أبو عبد اللَّه السلمي قال: سألت أحمد ابن حنبل

عن رجل رأى الهلال وحده؟ فقال: قد اختلفوا في هذا عن عثمان وابن عمر. فقلت له: من ذكر هذا عن ابن عمر؟ فحدثني عن حفص بن غياث عن الشيباني عن عبد الملك بن ميسرة: قال: كنت بالمدينة فشهد رجل أنه رأى الهلال فأمر ابن عمر أن يجيزوا شهادته (¬1). قال عبد اللَّه: وحدثنيه أبي قال: نا حفص بن غياث، عن الشيباني عن عبد الملك بن ميسرة قال: كنت بالمدينة فذكر نحوه. "مسائل عبد اللَّه" (671). قال عبد اللَّه: حدثني أبو عبد الرحمن السلمي: قلت لأبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل: عبد الملك بن ميسرة أدرك ابن عمر؟ فقال: ألم تسمع قوله: كنت بالمدينة فشهد رجل أنه رأى الهلال، وأمر ابن عمر أن يجيزوا شهادته. "مسائل عبد اللَّه" (672). قال عبد اللَّه: سألت عن رجل يترك الشواذ شهد عنده رجل أو رجلان أو ثلاثة أو أربعة أنهم رأوا هلال رمضان وليسوا عنده بعدول أترى له أن يصوم أو يفطر؟ قال أبي: إن كان حال دون منظره شيء صام. "مسائل عبد اللَّه" (676). روى الميموني عنه: لا يقبل إلا عدلان كسائر الشهور. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 136. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 320 (9466) من طريق الشيباني، به.

من رأى الهلال وحده، يلزمه الصوم؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: مَنْ رأى هلالَ رمضانَ وَحْدَه أيصُومُ؟ ومَنْ رأى هِلال شَوَّالَ وحده، أيفطرُ؟ قال: يَصومُ، ولا يُفطر. قال إسحاق: لا يَومُ ولا يُفطر؛ لأنْ الصَّومَ مع الجَماعةِ. "مسائل الكوسج" (665) قال ابن هانئ: سألته عن: الرجل يرى هلال رمضان وحده؟ قال: يصوم. قلت: فإن رأى هلال شوال وحده؟ قال: لا يفطر. "مسائل ابن هانئ" (629). نقل حنبل عنه في رجل رأى هلال رمضان وحده، هل يصوم؟ فقال: لا يصوم إلا في جماعة من الناس، ولا يفطر حتى يفطر الإمام. "الروايتين والوجهين" 1/ 257، "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 132. صيام يوم الشك قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: صيامُ اليوم الذي يُشَكُّ فيهِ مِنْ رمضان؟ قال: أكرهه إِذَا وضحَ. قال إسحاق: كلَّمَا كانت تلك الليلةُ مُصحِيَةٌ (¬1) فلَا يسعه إلَّا أنْ يصبحَ مفطرًا يبكر بالأكلِ، وإذا كانتْ متغيمةً، أو بها علة أصبحَ مفطرًا أيضًا إلَّا أنه يَتَلَوَّمَ (¬2) بالأكلِ يتربص أنْ يأتيَهُ الخبرُ. "مسائل الكوسج" (691) ¬

_ (¬1) مُصْحِيَةٌ: منقشعة الغمام. (¬2) يَتَلَوَّمُ: يمكث وينتظر.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاق: معنى قول ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما-، إِذَا كانَ في السَّماءِ قترةٌ أو غَيَايَة (¬1) أصبح صائمًا (¬2)؟ قال: إنما ذلك مِنْ فعلِ ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما-، لما رأى أنَّ الشهرَ يكونُ تسعًا وعشرين، وَرَوى هو عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنهُ قال: "إنْ غم عليكم فاقْدروا لَهُ" (¬3) ولمْ يَرْوِ: "فأكملوا العدةَ ثلاثين" كما روى ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- (¬4) وغير عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنَّ أحسنَ ما يقدر له أن ينظرَ، فإنْ مضى تسع وعشرون فنظرت فلمْ ترَ الهلالَ وهي مصحية أنْ تصبحَ مفطرًا إِذَا لمْ ترَهُ، وإنْ كانتْ متغيمة أصبحتَ صَائمًا؛ لما رَوى هو عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فاقدروا له" فقال: يمكنُ أنْ يكونَ الشهرُ تسعًا وعشرين، فأخذَ بالثقةِ، ولا نَرى ذلك لما صحَّ عنِ النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم ما لمْ يتم الشهر ثلاثين يومًا أنْ لا تصومَ أبدًا فتكون قَدْ تقدمت الهلال بصومٍ، ولكن تصبح مفطرًا وتتلوم بالأكلِ ضحوة إِذَا كان غيمًا فلعل أحدًا خارج المصر قَدْ رآه فيشهد، وإنْ لمْ يكنْ ذلك أفطر، فأمَّا إِذَا كانت مصحية بادر بالأكلِ من غدوة. "مسائل الكوسج" (692). ¬

_ (¬1) غياية: كل ما أظلك فوق رأسك من غبار وسحاب وغيره. (¬2) رواه أبو داود (2320)، والبيهقي 4/ 204، وأبو نعيم في "المستخرج" (2415). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 5 البخاري (1906)، ومسلم (1080)، من حديثه. (¬4) رواه الإمام أحمد 1/ 226، والترمذي (688)، والنسائي 4/ 136، والدارمي (1725، 1728)، وأبو يعلى (2355)، وابن خزيمة (1912)، وابن حبان (3590)، والطبراني (11756)، والحاكم 1/ 424 - 425 من حديث ابن عباس، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم والألباني انظر: "صحيح الجامع" (3810).

قال صالح: قلت: رجل صام يوم الشك؟ قال: كان في السماء غيم، فأصبح وقد أجمع الصيام من الليل، فصام، فإذا هو من رمضان: فإنه لا يعيد، وقد جاز صومه، وإذا لم يجمع الصيام، ولكنه أصبح وهو يقول: أصوم إن صام الناس، وأفطر إن أفطر الناس، ولم يجمع الصيام كذلك، فصام ذلك اليَّوم، وإذا هو من رمضان: فإنه يعيد يومًا مكانه. "مسائل صالح" (93) قال صالح: وسألته، عن يوم الشك؟ فقال: الشك على جهتين: يوم غيم، فهو الذي يصبح الناس فيه صيامًا، ويوم صحو لا يرى، فذلك يصبح الناس مفطرين، كان ابن عمر إذا حال دون منظره شيء أصبح صائمًا، وبعث الحكم بن أيوب -وكان على البصرة- إلى أنس: إني صائم، فصام أنس، وقال: هذا يكمل لي أحدًا وثلاثين، وقد صامت أسماء وعائشة (¬1) ومعاوية وجماعة من التابعين يوم الشك. "مسائل صالح" (1315) قال صالح: قلت: الرجل يتلوم يوم الشك، يقول: إذا كان من رمضان صمت، وإن كان من غير رمضان لم أصم؟ قال: ليس هذا بمجمع. في قول ابن عمر وحفصة: لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل (¬2). "مسائل صالح" (586) ¬

_ (¬1) البيهقي 4/ 211. (¬2) رواه مالك 1/ 301 (775)، (776) وسيأتي تخريجه من حديث حفصة مرفوعًا.

قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يوم الشك على وجهين: فأما الذي لا يصام فإذا لم يحل دون منظره سحاب أو قتر، فأما إذا حال دون منظره سحاب أو قتر: يصام. "مسائل أبي داود" (613). قال أبو داود: وسألت أحمد في عقب شعبان ليلة الثلاثين منها بعد المغرب عن الصوم؟ فنظر إلى السماء فقال: إذا قتر ولطخ يصبح صيام. فسمعته من الغد سئل فقال: نحن صيام. فقيل له: إن أفطر الناس؟ فقال: لا، نحن صيام. أي: لا نفطر وإن أفطر الناس. وسمعته قال: أنا أذهب إلى حديث ابن عمر: إن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائمًا (¬1). فقال له رجل: أصبح -يعني ابن عمر- صائمًا ينتظر الأخبار؟ قال: لا -يعني: أن ابن عمر كان يتمُّ صيامه، ولم يكن يفطر إذا أزمع على الصوم من الليل، فأفطر الناس يومئذ وأتممنا مع أحمد صيامنا. "مسائل أبي داود" (614). قال أبو داود: وسمعت أحمد سئل عن يوم الشك يصومه الرجل؟ قال: يعيد الصوم ولا يجزئه؛ وذلك أن حفصة قالت: لا صيام لمن لم يجمع الصوم من الليل، وهذا ليس بمجمع. "مسائل أبي داود" (615). ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه.

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن حديث كريب، تذهب إليه؟ يعني حديث محمد بن أبي حرملة، عن كريب: قدمت -يعني: من الشام- فسألني ابن عباس. قال: لا. يعني: لا أذهب إليه. قال أحمدُ: إذا استبان لهم أنهم رأوه في بلدة -يعني؟ قبل اليوم الذي صاموا- قضي -يعني: ذلك اليوم يعني: هذا الحديث. قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا إسماعيل -يعني: ابن جعفرٍ قال: أخبرني محمد بن أبي حرملة، قال: أخبرني كريب: أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها فاستهل علي رمضان وأنا بالشام، فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني ابن عباس: متى رأيتم الهلال؟ قلت: رأيته ليلة الجمعة، قال: أنت رأيته؟ قلت: نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، قال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصومه حتى نكمل الثلاثين أو نراه، قلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - (¬1). "مسائل أبي داود" (616)، (617) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: إذا صام شعبان كله؟ قال: لا بأس أن يصوم اليوم الذي يشك فيه إذا لم ينو أنه من رمضان. "مسائل عبد اللَّه" (675) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: إذا كان يوم تسع وعشرين من شعبان فحال دون منظره سحاب فلم يُرَ؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 306، ومسلم (1087).

قال: تصبحون صيامًا على حديث ابن عمر أنه كان إذا حال دون منظره أصبح صائمًا. قلت لأبي: فإن لم يحل بينه وبينه شيء، ولم يُر؟ قال: يتمون ثلاثين سوى شعبان. "مسائل عبد اللَّه" (724). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن حال دونه سحاب أوقر؟ قال: يجمع على الصيام من الليل على حديث حفصة: "لا صيام لمن لم يجمع من الليل" (¬1). قلت لأبي: فإن قال: أصبح غدًا فإن صام الناس صمت وإن أفطروا أفطرت؟ قال: هذا متلوم: لا. حتى يكون على حديث حفصة: لا صيام لمن لم يجمعه من الليل. "مسائل عبد اللَّه" (725). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يتلوم يوم الشك؟ والمتلوم يقول: إن كان من رمضان صمت، وإن كان غير رمضان لم أصم. قال أبي: فهذا ليس يجمع في قول ابن عمر وحفصة لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل. "مسائل عبد اللَّه" (705، 726). قال عبد اللَّه: قال أبي: اليوم الذي يشك فيه يجزئه إذا نوى صيامه من ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 287، وأبو داود (2454)، والترمذي (730)، والنسائي 4/ 196، وابن ماجه (1700) من حديث حفصة مرفوعًا وصححه الألباني في "الإرواء" (914).

الليل على حديث ابن عمر إذا كان من رمضان. "مسائل عبد اللَّه" (704) قال عبد اللَّه: سألت أبي رحمه اللَّه عن رجل صام يوم الشك؟ قال: إذا كانت في السماء علة فأصبح وقد أجمع الصيام من الليل فصام، فإذا هو من رمضان فإنه لا يعيد، وقد جاز صومه، وإذا لم يجمع الصيام ولكنه أصبح وهو يقول: أصوم إن صام الناس، وأفطر إن أفطر الناس، ولم يجمع الصيام كذلك، فصام ذلك اليوم وإذا هو من رمضان فإنه يعيد يومًا مكانه. "مسائل عبد اللَّه" (727) ونقل المروذي عنه: إذا حال دون مطلع الهلال غيم وصام ذلك اليَّوم، فقيل له: يصومه على أنه من رمضان؟ فقال: نحن أجمعنا على أنَّا نصبح صيامًا، ولم نعتقد أنه من رمضان فهو يجزينا من رمضان. ونقل الأثرم عنه في يوم الشك: لا يجزيه إلا بعزيمة على أنه من رمضان. "الروايتين والوجهين" 1/ 254 نقل المروذي عنه: يكون يوم الشك يوم غيم إذا أجمعنا على أننا نصبح صيامًا يجزئنا من رمضان، وإن لم نعتقد أنه من رمضان؟ قال: نعم. فقلت: فقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات" (¬1) أليس يريد أن ينوي أنه من رمضان؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 25، والبخاري (1)، ومسلم (1907) من حديث عمر -رضي اللَّه عنه-.

قال: لا، إذا نوى من الليل أنه صائم أجزأه. "المغني" 4/ 338. ونقل الأثرم عنه: ليس ينبغي أن يصبح صائمًا إذا لم يحل دون منظر الهلال شيء من سحاب ولا غيره. "شرح العمدة" كتاب الصيام 1/ 126، "الفروع" 3/ 117، "معونة أولي النهى" 3/ 446. روى عنه حنبل: إذا حال دون منظر الهلال حائل، أصبح الناس متلومين ما يكون بعد، وإذا لم يحل دون منظره شيء، أصبح الناس مفطرين، فإن جاءهم، خبر كان عليهم يوم مكانه، ولا كفارة. وروى عنه حنبل في موضع آخر وقد سئل عن صوم يوم الشك؟ فقال: صم مع جماعة الناس والإمام، فإن السلطان أحوط في هذا وأنظر للمسلمين وأشد تفقدًا، والجماعة؛ يد اللَّه على الجماعة، ولا يعجبني أن يتقدم رجل الشهر بصيام، إلا من كان يصوم شعبان، فليصله برمضان. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا أرى صيام يوم الشك إلا مع الإمام ومع الناس. وقال: وأذهب إلى حديث ابن عمر (¬1)؛ لأن الصلاة والصيام والجهاد إلى الإمام. "شرح العمدة" كتاب الصيام 1/ 77 - 78. روى الفضل بن زياد عن أحمد بإسناده عن أبي عثمان، قال: قال عمر: ليتق أحدكم أن يصوم يومًا من شعبان، ويفطر يومًا من رمضان، فإن تقدم قبل الناس، فليفطر إذا أفطر الناس (¬2). "شرح العمدة" كتاب الصيام 1/ 95. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 5، والبخاري (1906)، ومسلم (1080). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 324 (9507).

قال أحمدُ -رضي اللَّه عنه- في رواية المروذي، وقد سُئل عن نهي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن صيام يوم الشك (¬1)، فقال: هذا إذا كان صحوًا؛ لم يصم، فأما إن كان في السماء غيم؛ صام. "شرح العمدة" كتاب الصيام 1/ 125 قال الفضل بن زياد: قال أحمدُ: حدثنا المغيرة، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، قال: حدثني مكحول ويونس بن ميسرة بن حَلْبَس، أن معاوية ابن أبي سفيان كان يقول: لأن أصُومَ يومًا من شعبان، أحب إليَّ من أن أفطر يوما من رمضان. وقال أحمدُ: حدثنا زيدُ بن الحباب، أخبرنا ابن لهيعة، عن عبد اللَّه بن هُبيرة، عن عمرو بن العاص، أنه كان يصوم اليوم الذي يُشك فيه من رمضان. وقال أحمدُ: حدثنا روح بن عباد، عن حماد بن سلمة، عن هشام ابن عروة، عن فاطمة، عن أسماء، أنها كانت تصوم اليوم الذي يُشك فيه من رمضان (¬2). وقال في رواية الأثرم: إذا كان في السماء سحابةٌ أو علة، أصبح صائمًا، وإن لم يكن في السماء علة، أصبح مفطرًا، وكذلك نقل عنه ابناه صالح، وعبد اللَّه، والمروذي، والفضل بن زياد، وغيرهم. "زاد المعاد" 2/ 44 - 45. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 234، والبخاري (1914)، ومسلم (1082) من حديث أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تقدموا بين يدي رمضان بيوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صومًا فليصمه". (¬2) رواه البيهقي 4/ 211.

866 - إذا ثبت صيام يوم الشك، هل يثبت معه قيام رمضان؟

وروى حنبل: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد العزيز بن حكيم الحضرمي، قال: سمعت ابن عمر يقول: لو صمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذي يشك فيه (¬1). وحدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا عبيدة بن حميد، قال: أخبرنا عبد العزيز بن حكيم، قال: سألوا ابن عمر: قالوا: نسبق قبل رمضان حتى لا يفوتنا منه شيء؟ فقال: أفٍّ أفٍّ، صوموا مع الجماعة. "زاد المعاد" 2/ 48 - 49. 866 - إذا ثبت صيام يوم الشك، هل يثبت معه قيام رمضان؟ قال الإمام أحمد: في رواية الفضل بن زياد عنه: القيام قبل الصيام. "معونة أولي النهى" 3/ 379 867 - من عمي عليه الشهر، فصام، ثم تبين له خطأه قال أحمدُ: في رواية مهنا -في أسير في بلاد الروم مكث ثلاث سنين يصوم شعبان وهو يرى أنه رمضان، ثم علم- يعيد شهرًا على إثر شهر كما يعيد الصلاة إذا فاتته. "شرح العمدة" كتاب الصيام 1/ 160. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 322 (9491)، والبيهقي 4/ 209.

868 - صيام رمضان والفطر منه إذا رئي الهلال يوم الشك نهارا

868 - صيام رمضان والفطر منه إذا رُئي الهلال يوم الشك نهارًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا رَأى هِلالَ -يعني: شوَّال- بالعَشِيِّ يُفطرُ؟ . قال: إِذَا رَأى بالنَّهارِ فلا يُفطرِ، وإنْ كان أوَّل النَّهارِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (666) قال صالح: سألته عن قوم رأوا الهلال لتمام ثلاثين قبل الزوالَ؟ قال: لا يفطرون. "مسائل صالح" (199) قال ابن هانئ: وسألته عن هلال شوال إذا رئي نهارًا؟ قال: لا يفطرون، إن رأوه قبل الزوال وبعده، فإنهم لا يفطرون حتى د رجلان من المسلمين أنهما رأياه بالأمس؛ أذهب إلى حديث عمر (¬1). سألته عن: القوم يرون الهلال بعد الزوال. قال: يفطرون، فإذا رأوه قبل الزوال لم يفطروا. "مسائل ابن هانئ" (623) قال عبد اللَّه: سألت أبي رحمه اللَّه عن: الهلال إذا شهد قوم عند الإمام أنهم رأوه بالأمس؟ ¬

_ (¬1) حديث عمر رواه عبد الرزاق في "المصنف" 4/ 162 - 163 (7331) من طريق معمر عن الأعمش عن أبي وائل عن عمر وابن أبي شيبة 2/ 320 (9460) من طريق وكيع عن الأعمش به، البيهقي 4/ 248 من طريق جعفر بن عون وشعبة، عن الأعمش به. وقال: هذا أثر صحيح عن عمر -رضي اللَّه عنه-.

قال: يفطرون ويخرجون لعيدهم إن كان قبل الزوال، وإن شهدوا بعد الزوال أفطروا أيضًا ويخرجون من الغد لعيدهم -يعني الصلاة. "مسائل عبد اللَّه" (660). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن رأوا الهلال يوم الشك قبل الزوال ترى للناس أن يفطروا ساعة رأوا الهلال؟ قال: لا يعجبني ذلك، أرى أن يتموا صومهم على حديث ابن مسعود أنه قال: لعله أهلّ ساعتئذ (¬1). وحديث عمر أيضًا: الأعمش عن أبي وائل عن عمر نحو هذا القول أو مثله (¬2). قلت لأبي؛ فيخرجون للعيد إذا كانوا رأوه قبل الزوال؟ قال: نعم، يخرجون لعيدهم، ولا أرى أن يفطروا على حديث ابن مسعود. (¬3) قلت لأبي: فإن رأوه بعد الزوال؟ قال: كذلك أيضًا لا يفطرون، يتمون صومهم ذلك. قلت لأبي: فأي وقت يخرجون للعيد إذا كانوا رأوه بعد الزوال؟ قال: يخرجون من الغد. "مسائل عبد اللَّه" (661). قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش عن أبي وائل قال: كنا بخانقين فأهللنا هلال رمضان، فمنا من صام، ومنا من أفطر، فأتانا كتاب عمر: إن الأهلة بعضها أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 319 (9453). (¬2) سبق تخريجه. (¬3) سبق تخريجه.

نهارًا فلا تفطروا فإنما مجراه في السماء، ولعله أهل ساعتئذ، وإنما الفطر للغد من يوم يرى الهلال (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (662) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا أبو كامل واسمه مظفر بن مدرك، حدثنا عبد العزيز بن عبد اللَّه بن أبي سلمة قال: حدثنا ابن شهاب عن سالم بن عبد اللَّه قال: كان عبد اللَّه بن عمر يقول: إن ناسًا يفطرون إذا رأوا الهلال نهارًا، وأنه لا يصلح لكم أن تفطروا حتى تروه من حيث يرى (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (663) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن هلال شوال إذا رأوه نهارًا؟ قال: لا يفطرون قبل الزوال أو بعده. فإنهم لا يفطرون حتى يشهد رجلان من المسلمين أنهما رأياه بالأمس (¬3). يذهب إلى حديث عمر بن الخطاب. "مسائل عبد اللَّه" (665) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الهلال إذا رئي يوم الثلاثين في آخر يوم من رمضان؟ فقال أبي: إذا رأوه نهارًا لم يفطروا قبل الزوال أو بعده لم يفطروا، روي عن عمرو بن منصور وابن عمر (¬4). "مسائل عبد اللَّه" (666) ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 319 (9450) من طريق الزهري، عن سالم، به والبيهقي 4/ 213 من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة عن ابن شهاب به. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) سبق تخريجه.

قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن رأوا الهلال يوم الإثنين؟ (¬1) قال: إذا رأوه قبل الزوال أو بعد الزوال لم يفطروا ويخرجون لعيدهم من الغد. "مسائل عبد اللَّه" (667). قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن مغيرة عن سماك عن إبراهيم قال: بلغ عمر أن قومًا رأوا الهلال بعد زوال الشمس وأفطروا، فكتب إليهم يلومهم ويقول: إذا رأيتم الهلال قبل زوال الشمس فانظروا، فإذا رأيتموه بعد زوال الشمس فلا تفطروا (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (668). قال محمد بن ماهان: وسئل أحمد -وأنا أسمع- عمن رأى الهلال قبل الزوال: أيفطر؟ قال: لا يفطر، إذا رأى قبل الزوال أو بعد الزوال، على حديث عمر ابن الخطاب: إذا رأيتم الهلال نهارًا فلا تفطروا (¬3). "طبقات الحنابلة" 2/ 362. نقل الأثرم عنه: إذا رئي الهلال قبل الزوال ففي الصوم يصومون هو أحوط، وأما في الفطر، فلا يفطرون، وأما بعد الزوال فليس فيه اختلاف أنهم يصومون. "الروايتين والوجهين" 1/ 254، "شرح العمدة" كتاب الصيام 3/ 163. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، ولعلها الثلاثين. (¬2) رواه عبد الرزاق في "المصنف" 4/ 163 (7332) من طريق الثوري، عن مغيرة، عن سماك، عن إبراهيم، به، والبيهقي 4/ 213 عن طريق عبد الرزاق (وفيهما شباك بدلا من سماك). (¬3) سبق تخريجه.

869 - إذا رأى أهل بلد الهلال، يلزم سائر البلدان الصوم؟

نقل حرب عنه: إذا رئي قبل الزوال في أول الشهر يكون للماضية. "شرح العمدة" كتاب الصيام 1/ 163. 869 - إذا رأى أهل بلد الهلال، يلزم سائر البلدان الصوم؟ قال أبو طالب: قال أحمدُ: إذا رأى أهل المصر الهلال، ولم نره نحن، ولم يكن سحابة في السماء، فصاموا أولئك وأفطرنا، نقضي يومًا، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قَبل أولئك الذين جاؤوه وقالوا رأيناه، ولم يكن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رآه (¬1). "شرح العمدة" كتاب الصيام 1/ 170. 870 - شهرا عيد لا ينقصان قال إسحاق بن منصور: سألتُ أحمدَ عن شهري عيدٍ لا ينقصانِ؟ قال: لا يكون كلاهما ناقصينِ، إنْ نقص رمضانُ تَمَّ ذو الحجة، فإنْ نقص ذو الحجة تم رمضانُ. قال إسحاقُ: شهرا عيدٍ لا ينقصان: نقول: إنكم ترون العدد تسعًا وعشرين فترونه نقصانًا، فليس ذَلِكَ نقصانا إذ جعلَه اللَّه شهرًا تامًا كما جعلَ الثلاثين تامًّا، وإنما قصد قَصْد رمضان وذي الحجة؛ لأنَّ الناسَ كلهم إنما يخوضون في شهورِ السنةِ في نقصان عدد أيامه وكماله في هذين الشهرين، فمضى من النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- القول فيهما؛ لذلك نقول: وإن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 57، وأبو داود (1157)، والنسائي 3/ 180، وابن ماجه (1653) من حديث أنس. صححه الألباني في "الإرواء" (634).

رأيتم العدد نقصانا فهو تام، فلا تسموه ناقصًا. "مسائل الكوسج" (3308). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: شهرا عيد لا ينقصان. حدثنا أبو بكرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). قال أبي: لا يجتمع نقصانهما. قال أبي: يكون أحدهما تسعًا وعشرين والآخر ثلاثين. هذا معناه. "مسائل عبد اللَّه" (673). قال حنبل: حدثني أبو عبد اللَّه: حدثنا يحيى بن سعيد، عن حميد بن عبد الرحمن، قال أبو عبد اللَّه: قلت ليحيى: الذين يقولون الملائى. قال: نعم، عن الوليد بن عقبة قال: صمنا على عهد علي رضي اللَّه عنه ثمان وعشرين فأمرنا علي أن نتمها يوما. (¬2) أبو عبد اللَّه رحمة اللَّه عليه يقول: العمل على هذا الشهر؛ لأن هكذا وهكذا وهكذا تسعة وعشرون فمن صام هذا الصوم قضى يوما، ولا كفارة عليه. "مجموع الفتاوى" 25/ 154. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 47 البخاري (1912) ومسلم (1089). (¬2) رواه عبد الرزاق في "المصنف" 4/ 156 (7308) من طريق الثوري عن حميد، عن الوليد بن عتبة، والبيهقي 4/ 251 من طريق أبي نعيم، عن حميد بن عبد اللَّه الأصم الكوفي عن الوليد. جاء في المطبوع من "مجموع الفتاوى": الوليد بن عقبة. ولعل الصواب: الوليد بن عتبة كما في مصادر التخريج. أهـ.

فصل في بدء صيام اليوم ونهايته

فصل في بدء صيام اليوم ونهايته 871 - وقت بدء الصيام اليومي قال إسحاق بن منصور: سألت أبي، عن الفجر الذي يحرم الطعام والشراب؟ فقال: هما فجران: الفجر المستطيل، والفجر المعترض، فالذي يحرم الطعام والشراب الفجر المعترض. "مسائل صالح" (1414) وقال في رواية يوسف بن موسى: تأخير السحور حتى يعترض الفجر، فإذا كان الطول ناحية القبلة، فذلك هو الكاذب، وإذا كان هكذا وأبعد ومدَّ يده باع؛ فذلك هو الصادق. وقال في رواية حنبل وقد ذكر حديث عدي بن حاتم: ولكن بياض النهار وسواد الليل (¬1). قال أبو عبد اللَّه: إذا طلع، فهو وقت لا يأكل ولا يشرب؛ فجعل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الفجر علمًا وفصلًا بين الليل والنهار. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 524 - 525. 872 - الوصال في الصوم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ واصلَ مِن السّحرِ إلى السَّحرِ تكرهه؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 377، والبخاري (1916)، ومسلم (1090).

قال: لا أكرهه، الوصالُ أنْ يكونَ لا يأكلُ شيئًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (672). قال الإمام أحمد في رواية حنبل: يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يفطر على تمرات أو شربة ماء (¬1)، فيستحب له أن يفطر على تمرات أو ماء، ولا يعجبني أن يواصل، نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك (¬2). "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 534 - 535 "معونة أولي النهى" 3/ 448. روى حنبل عن أحمد: أنه واصل بالعسكر ثمانية أيام، ما رآه طعم فيها ولا شرب حتى كلمه في ذلك، فشرب سويقًا، لما طلبه للمتوكل. وذكر المروذي عن أحمد أنه كان إذا واصل: شرب شربة ماء. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 537، 538. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 28، وأبو داود (2356)، والترمذي (696) من حديث أنس ابن مالك. حسنه الألباني في "الإرواء" (922). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 231، والبخاري (1965) ومسلم (1103) من حديث أبي هريرة.

باب من يجب عليه الصوم

باب من يجب عليه الصوم 873 - متى يؤمر الغلام بالصيام قال أبو داود: قلتُ لأحمدَ: متى يؤمر الغلامُ بالصيامِ؟ قال: إذا أطاقَهُ، قيلَ: إنْ لم يحتلمْ؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (660) وسأله الفضل بن زياد: غلام أتى عليه أربع عشرة سنه أيصوم؟ قال: لا. قيل له: أتى عليه خمس عشرة سنة يصوم؟ قال: نعم. وسأله المروذي غلام ابن أربع عشرة سنة لم يحتلم هل عليه صيام؟ قال: نعم، يضرب على الصوم والصلاة. "الروايتين والوجهين" 1/ 166. قال في رواية حنبل: إذا احتلم في بعض الشهر، لا يقضي، ويصوم فيما يستقبل، واليهودي والنصراني إذا أسلما يصومان ما بقى ولا يقضيان ما مضى إنما وجبت الأحكام عليهما بعدها أسلما. وقال في رواية المروذي: إذا حاضت في بعض الشهر، تصوم الباقي. وقال في رواية ابن إبراهيم: تصوم إذا حاضت، فإن أجهدها؛ فلتفطر ولتقض. وقال في رواية حرب؛ وقال له: غلام احتلم لثلاثة عشرة، فقيل له: صم، فقال: لا أقدر. قال: إذا احتلم صام لا يترك. قلت: فالجارية. قال: إذا حاضت. "شرح العمدة" كتاب الصيام 1/ 47 - 48.

874 - هل يجب الصوم على المجنون والمغمى عليه؟

874 - هل يجب الصوم على المجنون والمغمى عليه؟ قال صالح: وسألته عن المغلوب على عقله؛ هل يكفر عنه لتركه صيام شهر رمضان أم لا؟ فقال: إذا كان بمنزلة الذي قد أيس منه؛ يكون بمنزلة الشيخ الكبير، يطعم عنه كل يوم مسكينًا، وأقل ما يطعم مد. "مسائل صالح" (264). قال صالح: سألته عن رجل صرع في شهر رمضان، فرش على وجهه ماء، فأخذ الكوز فشرب منه، فقيل له، فقال: عقلت به؟ وقال: حدثني أبي، حدثنا هشيم، قال: أخبرنا يونس، عن الحسن، عن علي قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "رفع القلم عن الصغير حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المصاب حتى يكشف عنه" (¬1). وقال: حدثني أبي، قال: حدثني بهز، قال: حدثنا همام، عن قتادة، عن الحسن، عن علي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المعتوه -أو قال: المجنون- حتى يعقل، والصغير حتى يشب" (¬2) قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا حسن بن موسى وعفان وروح، عن حماد بن سلمة، عن حماد -يعني: ابن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 116 وسعيد بن منصور 2/ 68 (2082) قال: حدثنا هشيم، به. ومن طريق هشيم أيضًا رواه البيهقي 8/ 265. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 118، ورواه الترمذي (1423) من طريق همام به. وقال: حديث علي حديث حسن غريب. وصححه الألباني في "الإرواء" (297).

حتى يحتلم، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يعقل" (¬1). قال عفان: "وعن المجنون حتى يعقل". وقال حماد: "عن المعتوه حتى يعقل". كان حماد مرة يقول: "المعتوه"، يقول: "المجنون". "مسائل صالح" (633) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن رجل صرع فجاء رجل بكوز ماء فصبه على وجهه فشرب وهو صائم، هل عليه قضاء؟ قال: لا، يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رفع القلم عن المجنون حتى يفيق" (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (693) ونقل حنبل عنه: أن المجنون يلزمه قضاء شهر رمضان، وإن لم يفق إلا بعد خروجه. "المستوعب" 3/ 383. قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل اختلط عليه عقله، يطعم عنه مكان صوم شهر رمضان؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 100 - 101، 144، وأبو داود (4398)، والنسائي 6/ 156، وابن ماجه (2041) والحاكم 2/ 59 وقال: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وذكره الزيلعي في "نصب الراية" 4/ 162 وقال: ولم يعله الشيخ في "الإمام" بشيء وإنما قال: هو أقوى إسنادا من حديث علي وقال الترمذي في "العلل الكبير" 2/ 593: سألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال: أرجو أن يكون محفوظا، قلت له: روى هذا الحديث غير حماد قال: لا أعلمه. وصححه الألباني في "الإرواء" 2/ 4 - 5 (297). (¬2) سبق تخريجه.

875 - المريض الذي يتضرر بالصوم، هل له أن يفطر؟

فقال: أعجب إليَّ أن يطعم عنه مُدَّين كل يوم على حديث ابن عمر (¬1). قلت لأبي: فترى أن يضطر رجلًا؟ قال: إن فعل فحسن، وقول ابن عمر أعجب إلى (¬2). "الغيلانيات" 1/ 227. قال الأثرم: وقد سُئل عن المجنون يفيق؛ يقضي ما فاته من الصوم؟ فقال: المجنون غير المغمى عليه. قيل له: لأن المجنون رُفع عنه القلم؟ قال: نعم. "العدة في أصول الفقه" 1/ 315. 875 - المريض الذي يتضرر بالصوم، هل له أن يفطر؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا مرضَ في رمضان؟ قال: إِذَا فرط يطعم ويَقْضِيه، وإذَا لمْ يفرطْ قَضَى ولا إطعامَ عَليه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (709). ¬

_ (¬1) روى الترمذي (718)، وابن ماجه (1757) عنه مرفوعًا: "من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكينًا". قال الترمذي: لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، والصحيح عن ابن عمر موقوف قوله. (¬2) روى الشافعي في "المسند" 2/ 121 (653) عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر سئل عن الحامل إذا خافت على ولدها فقال: تفطر وتطعم عن كل يوم مسكينًا مدًا من حنطة.

876 - الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما، أو على طفلهما، هل لهما أن تفطرا؟

قال صالح: قلت: المريض متى يفطر؟ قال: إذا لم يستطع. قلت: مثل الحمى؟ قال: وأي مرض أشد من الحمى؟ ! قال اللَّه تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة: 185]. "مسائل صالح" (969). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن المريض متى يفطر -يعني في رمضان؟ قال: يعجبني إذا أُجهدَ. "مسائل أبي داود" (646). قال ابن هانئ: سألته عن: المريض يفطر في رمضان؟ قال: إذا فرّط أطعم ويقضيه، وإذا لم يفرّط قضى ولا إطعام عليه. "مسائل ابن هانئ" (671). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المرأة يكون بحلقها وجع يقال له اللوزتين، تفطر في رمضان؟ فقال: إذا كانت تخاف على نفسها أفطرت. "مسائل عبد اللَّه" (717). 876 - الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما، أو على طفلهما، هل لهما أن تفطرا؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الحاملُ والمرضعُ؟ قال: يفطران ويقضيان أعجبُ إليَّ.

قُلْتُ: الشيخُ؟ قال: الشيخُ لا يقدر أنْ يقضيَ. قال إسحاق: لا يقضيان جميعًا إلَّا أنْ يختارَا القضاءَ لكي لا يُطْعِمَا. "مسائل الكوسج" (705). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الحاملُ والمرضعُ تفطرانِ؟ قال أحمدُ: تُطعمانِ وتقضيانِ. قُلْتُ: الشيخُ؟ قال: الشيخُ لا يقدِرُ أنْ يقضيَ. قال إسحاق: السُّنةُ في ذلك ما قال ابن عباسٍ وابن عمر -رضي اللَّه عنه-: تفطران وتطعمان كلَّ يومٍ مسكينًا (¬1)، وإن شاءتا قضتا من غير أن يوجب ذلك عليهما، وإن شاءتا قضتا والإطعام عليهما. "مسائل الكوسج" (775). قال صالح: قلت: المرضع والحامل تخاف على نفسها، أتفطر؟ قال: إذا أفطرت تقضي وتطعم؛ أذهب فيه إلى حديث أبي هريرة. "مسائل صالح" (970). قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن امرأة ترضع في رمضان فخافت على صبيها؟ قال: تفطر وتقضي وتطعم. يعني: مكان كل يوم أفطرت. "مسائل أبي داود" (649). قال ابن هانئ: سمعته يقول: الحامل والمرضع يفطران، ويطعمان، ويقضيان؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 217 - 219 (7558، 7561، 7567) عنهما.

877 - العاجز عن الصيام كالشيخ الكبير والمريض الذي لا يرجى برؤه، هل عليهما الصيام؟

وقال: الشيخ لا يقدر أن يقضي. "مسائل ابن هانئ" (651). قال أحمدُ في رواية الميموني: الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على ولدهما يفطران ويطعمان ويصومان إذا أطاقا. وقال في رواية حرب في الحامل والمرضع يشتد عليهما الصيام: يفطران ويقضيان ويكفران لكل يوم مدًا لمسكين، والشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم يفطر ويطعم مدًا أيضًا. "شرح العمدة" كتاب الصيام 1/ 250. 877 - العاجز عن الصيام كالشيخ الكبير والمريض الذي لا يُرجى برؤه، هل عليهما الصيام؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الشيخُ الكبير إِذَا لمْ يُطِق الصَّومَ؟ قال: يُطْعِم، إنْ أطعمَ مدًّا أجزأ عنه وإن جفن جفانا، كما صَنَعَ أنس -رضي اللَّه عنه- (¬1). قال إسحاق: كما قال. ومن زادَ زِيدَ لَهُ. "مسائل الكوسج" (708). قال أحمدُ في رواية إسماعيل بن سعيد فيمن به شهوة غالبة للجماع يجزيه أن يطعم ولا يصوم إذا كان لا يملك نفسه، وذلك أنه لا يؤمن ¬

_ (¬1) رواه البخاري معلقًا قبل حديث رقم (4505) ووصله عبد الرزاق 4/ 220 (7570) والبيهقي 4/ 271.

878 - القصر والفطر للقتال

عليه عند ذلك أن تنق أنثياه. "طبقات الحنابلة" 1/ 274، "شرح العمدة" كتاب الصيام 1/ 254 878 - القصر والفطر للقتال نقل الأثرم عنه في القوم يخرجون إلى النفير ومسافة سفرهم أقل من يوم، فلقوا العدو في رمضان، هل يفطرون ليتقووا على عدوهم؟ قال: لا يفطرون، ولا يقصرون. قيل له: يضعفون عن قتال العدو؟ قال: كيف يفطرون في الحضر؟ ! ونقل حنبل: إذا جاءهم العدو في منازلهم في رمضان أجهدوا أفطروا. "الروايتين والوجهين" 2/ 378 879 - المسافر الذي له القصر، يصوم أم يفطر؟ قال إسحاق بن منصور: قال أحمدُ -رضي اللَّه عنه-: الإفطارُ في السَّفرِ أحبُّ إليَّ مِنَ الصومِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (674). قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاق عن الصَّومِ في السفرِ. قال: لا أراه، الإفطارُ أحبُّ إليَّ. "مسائل الكوسج" (3462). قال صالح: قلت: الرجل يصوم في سبيل اللَّه فله كذا وكذا؟ قال: الفريضة لا يصوم، فإن صام لا يعيد.

قلت: حديث حمزة بن عمرو الأسلمي؟ (¬1) قال: ذاك على الرخصة؛ قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس البر الصوم في السفر" (¬2). وقال أبو سعيد: لم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم (¬3). وقال ابن عباس: الإفطار عزمة من كان مريضًا أو على سفر (¬4). وابن عباس قال: صام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى بلغ الكديد، ثم أفطر. قال الزهري: فيؤخذ بالآخر من فعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. يعني: أفطر (¬5). "مسائل صالح" (950). قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الفطر في السفر أفضلُ. "مسائل أبي داود" (650) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل عمن صام رمضان في السفر؟ قال: لا يعجبني رمضان وغير رمضان، في السفر أختار الإفطار، فإن صام يجزئهُ. "مسائل أبي داود" (651). قال ابن هانئ: وسئل عن: رجل صام بعض رمضان وهو مقيم ثم سافر أيفطر؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 494، والبخاري (1942)، ومسلم (1121). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 299 البخاري (1946) ومسلم (1115) من حديث جابر بن عبد اللَّه. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 12، ومسلم (116) (¬4) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" 2/ 279، والطبري في "تفسيره" 2/ 151. (¬5) رواه الإمام أحمد 1/ 219 البخاري (1944)، ومسلم (1113) من حديث الزهري عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن ابن عباس.

قال أبو عبد اللَّه: أرجو ألا يكون به بأس. "مسائل ابن هانئ" (624). قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل يسافر في شهر رمضان، فيدخل بلدة؟ قال: إن زاد على إقامة أربعة أيام، وزيادة صلاة، صام. "مسائل ابن هانئ" (625). قال ابن هانئ: وسمعته يقول: الإفطار آخر الأمرين من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومن صام في السفر لم يُعِد. وقال مرة أخرى: الإفطار أعجب إليَّنا، وإن صام أجزأه. "مسائل ابن هانئ" (626). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن: القوم يغزون في شهر رمضان فيصومون، هل ترى عليهم قضاءً؟ قال: ليس عليهم قضاء، وذلك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من صام يومًا في سبيل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. . " (¬1). "مسائل ابن هانئ" (639). قال ابن هانئ: سألته عن الصوم في السفر إذا قوي؟ قال: لا يصوم في السفر. "مسائل ابن هانئ" (640). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: رجل صام أيامًا في شهر رمضان، وهو مقيم ثم سافر، يصوم أو يفطر؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس إن أفطر؟ قلت: فإن سافر في شهر رمضان، فإذا دخل مصرًا أيأكل؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 26، والبخاري (2840)، ومسلم (1153).

قال: يجتنب الأكل أحبّ إليَّ، إلا أن يريد فيه إقامة. فإذا زاد على إقامة أربعة أيام وزيادة: صام، وأتم الصلاة. وقال مرة أخرى: الإفطار أعجب إلينا، وإن صام أجزأه. "مسائل ابن هانئ" (641). قال ابن هانئ: سألته عن: الصيام في السفر؟ فقال: لا يصوم، والإفطار أعجب إليَّ، وإن صام أجزأ عنه. "مسائل ابن هانئ" (666). قال ابن هانئ: قيل له: فإن وافق صيامه في شعبان؟ قال: يصومه ما لم يكن يأتي عليه رمضان آخر. "مسائل ابن هانئ" (667). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يصوم تطوعًا في السفر فهل يأثم لقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "ليس من البر الصوم في السفر"؟ (¬1) فقال: إن صام في سفر صوم فريضة أجزأه، ولا يعجبني أن يصوم تطوعًا ولا فريضة في سفر. "مسائل عبد اللَّه" (694). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصيام في السفر؟ فقال: يعجبنا أن يفطر، فإن صام لم يعد صومه. "مسائل عبد اللَّه" (695). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا عاصم الأحول، عن مورق العجلي، عن أنس بن مالك قال: خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في سفر، فمنا الصائم، ومنا المفطر، قال: فنزلنا في يوم شديد الحر، وكان ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

أكثرنا ظلًا صاحب الكساء، ومنا من يتقي الشمس بيده، قال: فسقط الصوام، وقام المفطرون فضربوا الأبنية، وسقوا الركاب، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ذهب المفطرون اليوم بالأجر". "الزهد" صـ 13 (32) قال البغوي: وسئل أحمد وأنا أسمع: وأصوم في السفر؟ قال: لا. "مسائل البغوي" (8). وقال أبو بكر السراج وسألت أحمد عن الصوم في السفر؟ قال: الإفطار أحب إليَّ. "طبقات الحنابلة" 1/ 270. وقال على بن سعيد وسمعت أحمد يقول وسئل عن القصر في السفر، والإفطار عندك واحد؟ قال: القصر أوكد وقد صام بعض أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في غزاة حنين فلم يَعب بعضهم على بعض، ولا أعلم من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أحدًا كان يتم، إلا أن تكون عائشة (¬1)، والإفطار أعجب إليَّنا. "طبقات الحنابلة" 2/ 127 - 128. قال محمد بن ماهان: وسئل أحمد وأنا أسمع عن الصوم في السفر أحب إليَّك أن تصوم أو تفطر؟ قال: أحب إليَّ أن أفطر. "طبقات الحنابلة" 2/ 362. قال المروذي: قال أبو عبد اللَّه: قد سافروا مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقالوا: كان منا الصائم ومنا المفطر. ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1090)، ومسلم (685).

880 - حكم قضاء الصوم في السفر للمسافر

وقال في رواية حنبل: لا يُعجبني الصيام في السفر؛ لأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ليس من البر الصوم في السفر" وكان عُمر، وأبو هريرة يأمرانه بالإعادة (¬1). "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 210 - 211، "الإنصاف" 7/ 374. 880 - حكم قضاء الصوم في السفر للمسافر قال في رواية الأثرم: أنا أكره أن يصوم في السفر؛ فكيف بقضاء رمضان في السفر؟ "شرح العمدة"، كتاب الصوم 1/ 236. 881 - متى يفطر المسافر ومتى يمسك؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا خَرَجَ مُسافرًا متَى يفطر؟ قال: إِذَا برز عَنِ البيوتِ. قال إسحاق: لا، بلْ حين يضع رجلَهُ في الرّحلِ فله الإفطارُ، كما فعلَ ذلك أنس بنُ مالك -رضي اللَّه عنه-. وسنَّ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2)، وإذَا جَاوزَ البيوتَ قصر. "مسائل الكوسج" (683). قال أبو داود: قلت لأحمد: ينادى بالنفير في شهر رمضان ولا يدرون أين يذهبون ولعلهم يرجعون من أميال؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 282 - 283 (8996، 8998). (¬2) رواه الترمذي (799، 800)، وقال: هذا حديث حسن وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" 1/ 240 (641).

قال: لا يفطر. "مسائل أبي داود" (654). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن العدو إذا جاء إلى باب الحصن في رمضان؟ قال: لا يفطر. يعني: أهل الحصن. قيل لأحمد: فمتى يفطر -يعني في النفير؟ قال: إذا قالوا: لا نفير إلى موضع كذا وكذا -موضع تقصر فيه الصلاة. "مسائل أبي داود" (655). قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: لا يفطر من يسافر في رمضان حتى يخرج من البيوت، وذهب إلى الرخصة أن يفطر يوم يخرج فيه. "مسائل أبي داود" (656). قال أبو داود: سمعت أحمد يقولُ: إذا علمَ -يعني: المسافرُ- أنَّه يدخلُ يعني إلى أهله- وعليه نهارٌ أصبحَ صائمًا. "مسائل أبي داود" (657). قال ابن هانئ: سألته عن: الرجل يريد أن يسافر، متى ترى له أن يفطر؟ قال: إذا برز عن البيوت أفطر وقصر. "مسائل ابن هانئ" (631).

882 - إذا ابتدأ السفر في أثناء النهار، أو وجد سبب الفطر، له أن يفطر؟

882 - إذا ابتدأ السفر في أثناء النهار، أو وجد سبب الفطر، له أَن يفطر؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سألتُ سفيانَ عن رجلٍ أصبحَ صائمًا في شهرِ رمضان، ثم سافرَ مِنَ النهارِ أيفطرُ؟ قال: لا يعجبني. قُلْتُ: فإنْ فعلَ أترى عليه كفارة؟ قال: لا. قال أحمدُ: هو نحو مما قال. قال إسحاق: كما قال سفيان. "مسائل الكوسج" (773). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الأوزاعي في رجلٍ أرَادَ السّفرَ في شهرِ رمضانَ فأدركَه الفجرُ وهو في أهلِه، ثم خرج: فليس له أنْ يفطرَ يومَه ذلك. قال: إذا كان قد حدَّثَ نفسَه مِنَ الليلِ بالسفرِ يفطر، وإن أدركه الفجر في أهله، إلَّا أنْ يكونَ نوى السفر في بعضِ النَّهارِ فلا يُعجبني أنْ يفطرَ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (774). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن كانت امرأة صامت ثم حاضت؟ قال: تمسك عن الطعام إلى آخر النهار وتعيد ذلك اليوم، وكذلك المسافر أيضًا إذا قدم المصر وهو مفطر يمسك أيضًا يقيم على صيام

883 - في المسافر إذا غلب على ظنه قدومه بالنهار على أهله، هل يبيت الصيام تلك الليلة؟

ذلك اليوم ولا يفطر. وكذلك إن قدم من سفر وهو مفطر يتم صلاته إذا دخل "مسائل عبد اللَّه" (691). 883 - في المسافر إذا غلب على ظنه قدومه بالنهار على أهله، هل يبيت الصيام تلك الليلة؟ قال أبو طالب: قال أحمدُ: إذا كان في سفر، فأراد أن يدخل المدينة إلى أهله من الغد؛ فليجمع الصوم من الليل؛ فإذا دخل المدينة كان صائمًا. هكذا كان ابن عمر (¬1). "شرح العمدة" كتاب الصيام 1/ 60. 884 - من خرج في سفر معصية: يفطر؟ قال ابن هانئ: وسمعته يقول: ليس لمن خرج في معصية تقصير ولا إفطار شهر رمضان. "مسائل ابن هانئ" (627). 885 - متى تعمد السفر، له أن يفطر؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: السفرُ في رمضان؟ قال أحمدُ: ما أعلمُ به بأسًا. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 565 (4476).

886 - من لم يجب عليه الصوم لعذر، ثم زال عذره وقت الصيام؟

قال إسحاق: يكره له تعمد ذلك، إلا أن يكونَ في حجٍّ أوْ عمرةٍ أو غزوٍ. "مسائل الكوسج" (704). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن السفر في رمضان؟ فرخص فيه، قال: سافر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في رمضان (¬1). "مسائل أبي داود" (653). 886 - من لم يجب عليه الصوم لعذر، ثم زال عذره وقت الصيام؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: المسافرُ يقدم في بعضِ النهارِ والنصرانيُّ واليهوديُّ يسلمان، يصومون؟ قال أحمدُ: يكفون عنِ الطَّعامِ، ويقضون ذلك اليومَ، والحائضُ كذلك أيضًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (693). قال إسحاق بن منصور: قُلتُ: قال الأوزاعي في امرأة طهرت في شهر رمضان بعد نصف النهار: فلا تأكل بقية يومها ذلك وعليها قضاء. قال الإمام أحمد: ما أحسن ما قال! قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (769). ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

قال إسحاق بن منصور: قلت: قال الأوزاعي في امرأة طهرت في شهر رمضان بسحرٍ فأخرت الغسل حتى طلع الفجر: تمسك عن الطعام يومها ذلك وتقضيه. قال أحمدُ: بئس ما قال، ليس عليها قضاء. قال إسحاق: كما قال إذا صامت يومئذ فلا قضاء عليها، ليس بالغسل يجب الصوم ولا يسقط. "مسائل الكوسج" (770). قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيانُ عن امرأة طهرت بعد طلوع الفجر أتطعم؟ قال: لا. قيل له: تقضي يومها ذلك؟ قال: نعم. قال أحمدُ: جيد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (772). قال ابن هانئ: قيل له: الرجل يقدم المصر في رمضان -وهو مسافر- يصوم تلك الأيام التي يكون مقيمًا بها بالحضر؟ قال: نعم، يصوم. "مسائل ابن هانئ" (642). قال ابن هانئ: سألته عن: المرأة تطهر في أول النهار في رمضان، فترى أن تمسك عن الأكل؟ قال: شديدًا. لا تأكل شيئًا أصلًا. "مسائل ابن هانئ" (652). قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: إذا طهرت قبل طلوع الفجر في شهر رمضان فلم تفرغ من طهرها حتى طلع الفجر يجب عليها صيام ذلك اليوم؟

قال: نعم، تصوم ذلك اليوم، ولو أنها طهرت في بعض النهار أمرتها أن تمسك عن الطعام، ولكن تقضي ذلك اليوم. قال: وإن طهرت وقد طلع الفجر لم يجزئها ذلك، ولكن تتم وتقضي. "مسائل عبد اللَّه" (685). قال أبو بكر الخلال: أخبرني جعفر بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم أن أبا عبد اللَّه سئل عن النصراني إذا أسلم في رمضان؟ قال: يصوم ساعتئذ. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح قال: قلت لأبي: المسافر يقدم في بعض النهار واليهودي والنصراني يسلمان، يصومون؟ قال أبي: يكفون عن الطعام ويقضون ذلك اليوم والحائض كذلك. وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن النصراني واليهودي يسلم في النصف من رمضان والصبي يدرك في آخر الشهر من رمضان؟ قال: يصوم ما بقي ولا يقضي ما مضى؛ لأنه لم يجب عليه شيء من ذلك إنما وجب عليه الأحكام في الصلاة والطهور بعدما أسلم فلا أرى أن يقضي ما مضى، ويصوم ما بقي من يومه ذلك. وقال حنبل في موضع آخر: سألت أبا عبد اللَّه عن اليهودي والنصراني إذا أسلم في بعض الشهر هل يقضي؟ قال: لا يقضي ويصوم ما يستقبل. قال حنبل: حدثني أبو عبد اللَّه قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن قتادة في النصراني واليهودي يسلم في شهر رمضان، قال: يصوم ما بقي من الشهر.

887 - إذا نوى صاحب العذر الصوم من الليل، ثم شرع في الفطر من نهاره؟

قال: وكان يقول: عليه صيامه كله. قال: نعم، وقول قتادة أحب إلى. قال: وحدثني أبو عبد اللَّه قال: حدثنا معاذ بن معاذ قال: حدثنا أشعث عن الحسن قال في الكافر يسلم في بعض النهار والغلام يحتلم والجارية تحيض. قال: كان يقول: يصومون. يعني: ولا يقضون ما مضى (¬1). "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 124 - 125 (134 - 137) قال الأثرم: قلت: إذا رأت الطهر قبل الفجر، وتوانت في الغسل، تعتد بصوم يومها؟ قال: أرجو أن يجزئها. "تهذيب الأجوبة" 2/ 647 887 - إذا نوى صاحب العذر الصوم من الليل، ثم شرع في الفطر من نهاره؟ قال إسحاق بن منصور: قال: قُلْتُ: رجل أصبحَ صائمًا في السَّفرِ، ثمَّ قدمَ أهله مِنْ يومِهِ ذلك فأفطرَ؟ قال: ما يعجبني أنْ يفطرَ، عليه قضاءُ يومٍ، وإذَا أفطرَ بأهلِهِ فعليه الكفارةُ. قال إسحاق: كلما أصبحَ في السَّفرِ صائمًا، ثم دَخَلَ نهارًا فجامعَ فقد أسَاءَ، ولا كفارة عليه. "مسائل الكوسج" (681). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 171 (7363)، وابن أبي شيبة 2/ 310 (9344) ببعضه.

قال إسحاق بن منصور: قال أحمدُ: وإذَا أصبحَ مفطرًا في السَّفرِ، فدخلَ أهلهُ، فأكلَ فليسَ عليه شيءٌ، ويعجبني أنْ لا يأكلَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (682). قال إسحاق بن منصور: قال: قُلْتُ: سُئل سفيان عن رجلٍ أصبح صائمًا في السفر، فقدم أهله، فأفطر، أترى عليه كفارة؟ قال: نعم. قال أحمدُ: إن كان جامعَ أهلَه فعليه القضاءُ والكفارةُ، وإن لم يكنْ جامعَ فعليه القضاءُ وليس عليه كفارةٌ. قال إسحاق: لا كفارةَ عليه، لأنَّه صامَ وقد أُبيحَ له الفطرُ. "مسائل الكوسج" (766)، (776) قال ابن هانئ: وسئل عن: رجل أصبح صائمًا في السفر، ثم قدم على أهله فأفطر في أهله، أعليه كفارة؟ قال: ليس عليه كفارة، إلا أن يكون إفطاره بأهله. وقال الثوري: عليه كفارة، إذا أفطر. "مسائل ابن هانئ" (654). قال عبد اللَّه: قال: وكذلك لو أن مسافرًا ورد على أهله أمسك عن الطعام وأتم الصلاة إلا أن يكون مارًا، وإذا كان مسافرًا يقوم على أهله أو ماشية له أتم الصلاة، وهذا قول ابن عباس (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (690). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 524 (4297)، والبيهقي 3/ 156.

888 - ما يجب على المسافر إذا قدم مفطرا

888 - ما يجب على المسافر إذا قدم مفطرًا قال إسحاق بن منصور: قال: قُلْتُ: إِذَا قدم مِنَ سفرٍ في رمضان وهوَ مفطر وامرأتُهُ مفطرة حينَ طهرتْ مِنْ حيضها؟ قال: ما أحبُّ أنْ يغشَاهَا، يكفّ عنْ غشيانها إِذَا قدمَ البلدَ. قال إسحاق: كما قال، فإنْ غَشيها نهارًا لم يكن عليه كفارة. "مسائل الكوسج" (667). قال أبو داود: قلتُ لأحمد: إذا قدم -أعني المسافر- وقد أكل أول النهار ووجد امرأته قد طهرت من حيضتها؟ قال: يعجبني أن لا يصيبها، قال: ويروى عن جابر بن زيد: أنه فعل ذلك -أي أصابها (¬1). "مسائل أبي داود" (658). نقل عنه الأثرم: إذا قدم مفطرًا: ينبغي أن يتوقى الأكل في الحضر، كذلك الحائض. "الروايتين والوجهين" 1/ 263. نقل حنبل عنه في مسافر قدم في آخر النهار فواقع أهله قبل الليل، قال: عليه القضاء والكفارة. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 312 ¬

_ (¬1) ذكره ابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 53 قال: وروى الثوري، عن أبي عبيد، عن جابر بن زيد أنه قدم من سفر في شهر رمضان فوجد امرأة قد اغتسلت من حيضها فجامعها.

889 - من وجب عليه الصوم، ثم طرأ عليه عذر أثناء الوقت؟

889 - من وجب عليه الصوم، ثم طرأ عليه عذر أَثناء الوقت؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الأوزاعي: أيما امرأةٍ حاضَتْ قبلَ غروبِ الشمسِ فلتفطرْ وعليها قضاءُ يومٍ مكانه. قال أحمد: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (771). 890 - ما يجب على من أفطر في رمضان متعمدًا أو ناسيًا؟ قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل يفطر عامدًا؟ قال: عليه القضاء. "مسائل ابن هانئ" (621). قال في رواية حرب: من أفطر يومًا من رمضان متعمدًا، صام يومًا مكانه. ولم يوجب عليه الكفارة، وقال: الكفارة على من أتى أهله. "شرح العمدة" كتاب الصيام 1/ 273. 891 - إذا أفطر متعمدًا ثم طرأ عليه عذر قبل الغروب، تلزمه الكفارة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل سفيان عن رجلٍ أفطرَ في شهرِ رمضان متعمدًا، ثم أدركه المرض من آخر النهار أترى عليه كفارة؟ قال: لا.

قال أحمدُ: أما أنا فلا أرى عليه كفارة إلا في الغشيان الذي أمر به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، وذلك أنَّ المعصيةَ بالفرجِ غيرُ المعصيةِ بالأكل والشرب. فإنْ جامعَ فقدْ وجبَتْ عليه الكفارةُ مرضَ بعد ذلك أو سافر أم قعد. قال إسحاق: كلما أفطرَ بأكلٍ أو شربٍ لزمته الكفارة، فإذا مرضَ أو حاضت المرأة فالكفارةُ ثابتةٌ. "مسائل الكوسج" (753). قال صالح: قلت: امرأة أفطرت يومًا في شهر رمضان متعمدة، فلما كان في آخر النهار حاضت؟ قال: لا أوجب الكفارة إلا في الغشيان، وإن فعلت خيرًا فلا بأس. فإن كان بغشيان؛ أمرته بما أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال بعض الناس: يجب عليه في الأكل والشرب ما يجب على المظاهر. "مسائل صالح" (321). نص أحمد في رواية ابن القاسم وحنبل على أنه: لو أكل ثم سافر وحاضت المرأة؛ فإنهما يمسكان عن الطعام ويقضيان ذلك اليوم؛ لأنهما تعمدا الفطر بالمعصية. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 309. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 241، والبخاري (1936)، ومسلم (1111) من حديث أبي هريرة.

892 - حكم تارك الصيام

892 - حكم تارك الصيام قال أبو بكر الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه قال لأبي عبد اللَّه: فإن قال الصوم فرض ولا أصوم؟ قال: أليس الصوم مثل الصلاة والزكاة لم يجئ فيه شيء. عمر -رضي اللَّه عنه- استتاب في المرتد وأبو بكر له في الزكاة (¬1)، والصوم لم يجئ فيه شيء. قلت: ولا تجعله مثل الصلاة والزكاة؟ قال: لم يقولوا فيه شيئًا. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: تارك صوم شهر رمضان مثل تارك الصلاة؟ فقال: الصلاة أوكد إنما جاء في الصلاة (¬2) فليست كغيرها. وقال: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن الرجل يترك الصوم متعمدًا جاحدًا؟ قال: يستتاب وتضرب عنقه ويحبس. وقال: أخبرني الميموني قال: قرأت على أبي عبد اللَّه: من قال: أعلم أن الصوم فرض ولا أصوم؟ فأملي عليّ: يستتاب فإن تاب وإلَّا ضربت عنقه. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 346 - 547 (1398 - 1402) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 423، والبخاري (1399)، ومسلم (20) من حديث أبي هريرة. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 370، ومسلم (82) من حديث جابر بن عبد اللَّه: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة".

باب: شروط صحة الصوم

باب: شروط صحة الصوم النية في الصيام 893 - فمحلها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قولُهُ: "لا صيامَ لمن لمْ يجمعْ الصيامَ منَ الليلِ" (¬1)؟ قال: هذا عندي عَلَى رمضان. قال إسحاق: كما قال، وكلٌّ واجبٌ: نذرٌ أو قضاءٌ. "مسائل الكوسج" (698). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ -أي: لسفيان: ابن المسيبِ جاءه رجلٌ بعدما ارتفع النهارُ، فقال: عَلَيَّ يومٌ مِن شهرِ رمضان، أفأصومُ اليوم يجزئ عني؟ قال: نعم. قال سفيان: لا يُعجبني، إلا أن يدخلَ فيه بنيةٍ تُنوى من الليل. قال أحمدُ: ما أحسن ما قال سفيان! قال إسحاق: كما قَالَا. "مسائل الكوسج" (777). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 287، وأبو داود (2454)، والترمذي (730)، والنسائي 4/ 196 - 197 وابن ماجه (1700) من حديث حفصة مرفوعًا، ورواه النسائي 4/ 197، وابن أبي شيبة 2/ 293، والدارقطني 2/ 173 موقوفًا على حفصة، ورواه البيهقي 4/ 202 موقوفًا على ابن عمر. وقال الترمذي: حديث حفصة حديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وقد روي عن نافع عن ابن عمر قوله وهو أصح، وصحح الألباني حديث حفصة في "الإرواء" (914).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا نوى الصوم بالنَّهارِ أنْ يصومَ غدًا من قضاءِ شهر رمضان، ثم لم ينوه مِنَ الليلِ؟ قال: قد تقدم منه نية لا بأسَ به إلَّا أنْ يكونَ فسخ النيةَ بعد ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (3398) وقال الميموني: سألت أحمد عنه حديث: "لا صيام لمن لم يمت الصيام من الليل (¬1)؟ فقال: أخبرك ما له عندي ذاك الإسناد، إلا أنه عن ابن عمر وحفصة: إسنادان جيدان. "المغني" 4/ 241. قال في رواية الميموني: ويحتاج في رمضان أن يبيت الصيام من الليل، فلو أن رجلًا حمق، فقال: لا أصوم غدًا، ثم أصبح، فقال: أصوم؟ لا يجزيه عندي. قال في رواية الأثرم: إذا لم يعزموا الصيام في أول الشهر، فأصبحوا على غير صوم، ثم تبين لهم أنه من رمضان، فصاموا بقية يومهم، فيقضون يومًا مكانه، وإن كانوا لم يأكلوا؛ لأنه لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 176. وقال الميموني: سألت أحمد عنه -قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "من لم يجمع الصيام قبل الفجر، فلا صيام له"- فقال: أخبرك، ما له عندي ذاك الإسناد إلا أنه عن ابن عمر وحفصة إسنادان جيدان. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 183. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

وقال في رواية الميموني، وقد سأله عن الذي ينوي الصيام بعد الفجر: أليس يتأول حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه أتاهم فقال: "هل عندكم طعام؟ " بعدما تعالى النهار؟ قال: نعم. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 191. قال أبي طالب: قال أحمدُ: من صام فرضًا أو قضاءً أو نذرًا، أُجمع عليه من الليل، ابن عمر وحفصة يقولان: من أجمع من الليل صام، ومن لم يجمع من الليل فلا صوم. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 193. قال الميموني: قلت لأحمد: ونحن نحتاج في رمضان أن نبيَّت الصوم من الليل؟ فقال: إي واللَّه. "إعلام الموقعين" 4/ 167. هل يشترط تجديد النية لكل يوم؟ قال إسحاق بن منصور: قال الإمام أحمدُ -رضي اللَّه عنه-: يحتاجُ في شهرِ رمضان أنْ يجمعَ كلّ يوم على الصومِ. قال إسحاق: لا يحتاج إلَّا إِذَا دخلَ في شهرِ رمضان نوى صيامه كله. "مسائل الكوسج" (690). قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: أينوي الرجل في كل ليلة من شهر رمضان صومًا؟ قال: نعم، ينوي. "مسائل ابن هانئ" (620).

894 - هل يشترط تعيين النية؟

قال في رواية حنبل: يحتاج الرجل في شهر رمضان أن يجمع على الصيام في كل يوم من الليل. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 196. وقال حنبل: قلت: هل يحتاج في شهر رمضان إلى نية كل ليلة؟ قال: لا، إذا نوى من أول الشهر يجزيه. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 198. 894 - هل يشترط تعيين النية؟ قال عبد اللَّه: سألت أبي عن من: صام شهر رمضان وهو ينويه تطوعًا يجزئه هذا؟ قال: يفعل هذا إنسان من أهلَ الإسلام؟ ! ! لا يجزئه حتى ينوي، لو أن رجلًا قام يصلي أربع ركعات لا ينوي بها معنى صلاة فريضة أكان يجزئه؟ ! ! ثم قال: لا يجزئه صلاة حتى ينويها. "مسائل عبد اللَّه" (703) وقال في رواية المروذي: إذا حال دونه حائل؛ فإنه يصوم. فقيل له يصومه على أنه من رمضان؟ فقال: نحن أجمعنا على أن نصبح صيامًا، ولم نعتقد أنه من رمضان؛ فهو يجزينا من رمضان. فقيل له: أليس تريد أن ينوي أنه من رمضان؟ قال: لا، إذا نوى من الليل أنه صائم أجزأه. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 200.

895 - من أصبح متلوما وقال: إن كان من رمضان، فأنا صائم، وإلا، فأنا مفطر

895 - من أصبح متلومًا وقال: إن كان من رمضان، فأنا صائم، وإلا، فأنا مفطر قال الأثرم: سألت أحمد: تقول إذا كان في السماء سحابة أو علة أصبح صائمًا، فإن لم يكن في السماء علة أصبح مفطرًا. ثم قال: كان ابن عمر إذا رأى في السماء سحابًا؛ أصبح صائمًا. قلت لأبي عبد اللَّه: فيعتد به؟ قال: كان ابن عمر يعتد به، فإذا أصبح عازمًا على الصوم؛ اعتد به ويجزيه. قلت لأبي عبد اللَّه: فإن أصبح متلومًا يقول: إن قالوا: هو من رمضان صمت، وإن قالوا: ليس من رمضان أفطرت؟ قال: هذا لا يعجبني، يتم صومه ويقضيه؛ لأنه لم يعزم. وكذلك نقل حرب في يوم الشك إن لم يجمع الصيام ولكنه أصبح يقول: أصوم إن صام الناس، وأفطر إن أفطر الناس، ولم يجمع الصيام، وصام ذلك اليوم؛ فإذا هو من رمضان، يعيد يومًا مكانه. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 206. 896 - إن تردد في قطع الصوم، أو نوى أنَّهُ يقطعه فيما بعد قال في رواية الأثرم: لا يجزيه إذا أصبح صائمًا ثم عزم على أن يفطر فلم يفطر حتى بدا له، ثم قال: لا، بل أتم صيامي، من الواجب فلا يجزيه حتى يكون عازمًا على الصوم يومه كله، وإن كان تطوعًا كان أسهل. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 196.

897 - إذا نوى من الليل ثم أغمى عليه أو جن جميع النهار

897 - إذا نوى من الليل ثم أغمى عليه أو جن جميع النهار قال إسحاق بن منصور: قال: قلتُ: رجلٌ أُغمِي عَليه في شهرِ رمضان؟ قال: أمَّا أول يومٍ إِذَا كانَ قَدْ طلعَ الفجرُ، ثمَّ أغمي عَلَيهِ، وكَانَ قَدْ نَوى الصومَ أجزأه يومه ذلك. قال: وأمَّا سِوى ذلك فإنه يقضي. قال إسحاق: كُلَّمَا لمْ يأكلْ يومه ذلك، وقَدْ دخلَ في النهارِ بصيامٍ فلا قضاءَ عليه ولوْ كانَ ذلك أيامًا. "مسائل الكوسج" (689) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئل سفيانُ عن رجلٍ أغمي عليه في شهرِ رمضان قبيلَ الفجرِ ثلاثة أيام. قال: يجزئه ذلك اليوم، ويقضي يومين، فإن أغمي عليه يومًا أجزأه ذلك، وإن أغمي عليه يومين يجزئه يومًا ويقضي يومًا. قال أحمدُ: يقضي كلها، الصوم والصلاة، إلَّا أنْ يكونَ أدركَ بعضَ النهارِ فيجزئه صوم ذلك اليوم وأما الصلوات فيقضيها كلها. قال إسحاق: كما قال في الصوم، وأمَّا الصلاةُ فلا يقضي إلا صلاةَ يومِهِ الذي أفَاقَ فيه. "مسائل الكوسج" (778). قال صالح: وسألته عن رجل نوى الصيام من الليل، ثم أغمي عليه بعد طلوع الفجر في أول يوم من رمضان؟ فقال: يجزئه صيام ذلك اليوم، ويعيد صيام بقية الشهر. "مسائل صالح" (585).

قال أبو داود: قلت لأحمد: في المغمى عليه يقضي صيامه الذي أغمي عليه؟ قال: يجزئه صيام يومه الذي أغمي عليه فيه، فأما غيرُ ذلك فيقضي، وذلك أنه نوى صيام يومه فأجزأه وغير ذلك لم يكن له نية، وقد قيل: لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل. "مسائل أبي داود" (648). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المغمى عليه إذا كان ذلك في أول يوم من شهر رمضان ما يقضي من الصوم والصلاة. قال أبي: أما الصلاة فيقضيها كلها، وأما الصيام فإنه يجزئه أول يوم إذا كان قد نوى الصوم من الليل، ولا يجزئه ما سوى ذلك لأنه يحتاج أن ينوي في كل يوم لما روي عن حفصة، رفعه بعضهم عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صيام لمن لم يجمع عليه من الليل" (¬1). قال أبي: والمغمى عليه يوم أو أكثر يقضي الصلاة. "مسائل عبد اللَّه" (706). قال عبد اللَّه: قلت: فإن أغمي عليه قبل رمضان يومًا فلم يقض حتى خرج شهر رمضان؟ قال: يقضي الشهر كله لا يجزئه إلا أن ينوي، حديث حفصة (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (707). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل نوى الصيام من الليل ثم أغمي عليه بعد طلوع الفجر في أول يوم من رمضان. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) سبق تخريجه.

قال: يجزئه صيام ذلك اليوم، ويعيد صيام بقية الشهر. وأملى عليَّ أبي فقال: إن كان أغمي عليه. فقلت: يفرق بين الإغماء عليه قبل أن يطلع الفجر وبين بعد الفجر؟ فقال: نعم، إذا أغمي عليه بعد الفجر أجزأه، وإذا أغمي عليه قبل الفجر فلا يجزئه لأنه لم يدركه. "مسائل عبد اللَّه" (708).

باب ما يستحب للصائم

باب ما يستحب للصائم 898 - يستحب للصائم البعد عن كل لغط لا يعنيه قال الحسن بن ثواب: قلت الغيبة؟ فلم ير ذلك شيئًا إلا إثمًا، وقال: لو كان الفطر بالغيبة ما كان لنا صوم. "الطبقات" 1/ 354. وقال أبو عبد اللَّه في رواية حنبل: ينبغي للصائم أن يتعاهد صومه من لسانه ولا يماري، ويصون صومه. وقال حرب: قلت لأحمد: الرجل يغتب (¬1) وهو صائم، يعيد الصوم؟ قال: لا أدري كيف هذا. وأمسك عنها، وقال: ما أدري. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 541. 899 - تعجيل الفطر قبل المغرب قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الفطرُ قبلَ المغربِ أحبُّ إليَّك؟ قال: تعجيلُ الفطرِ يستحبُّ، فأما إنْ كَانَ لرجلٍ حاجة أو شغل. قال إسحاق: لا، بلْ يجتهد أنْ يفطرَ قَبلَ الصلاةِ. "مسائل الكوسج" (685). ¬

_ (¬1) ليست موجودة بالأصل، وأضيفت ليصح السياق ويُفهم.

900 - تحري ليلة القدر

900 - تحري ليلة القدر قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: حدثنا شعبة: قال عبد اللَّه بن دينار: أخبرني قال: سمعت ابن عمر يحدث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ليلة القدر قال: "من كان متحريًا فليتحرها في ليلة سبع وعشرين". قال شعبة: وذكر لي رجل ثقة، عن سفيان أنه كان يقول: إنما قال: "من كان متحريًا فليتحرها في السبع البواقي". قال شعبة: فلا أدري قال: ذا أو ذا (¬1). قال أبي: أظن أن هذا الرجل الثقة: يحيى بن سعيد القطان. "مسائل صالح" (713). قال أبو عبد اللَّه في رواية حنبل: ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، وحديث ابن عمر هو أصحها (¬2)، والرواية في ليلة القدر صحيحة أنها في كل سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر، واختلف في ذلك؛ قالوا: عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: في سبع يبقين، وقالوا: في ثلاث يبقين، فهي في العشر، في وتر من الليالي، لا يخطى ذلك إن شاء اللَّه تعالى، كذا روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اطلبوها في العشر الأواخر لثلاث بقين أو سبع بقين أو تسع تبقى" (¬3)؛ فهي في العشر الأواخر. وقال في رواية أبي داود: الثبت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في العشر الأواخر ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 4/ 311 عن أسود بن عامر به. وقال: الصحيح رواية الجماعة دون رواية شعبة. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 5، والبخاري (1165) ومسلم (1165). (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 71 من حديث أبي سعيد.

-يعني: ليلة القدر. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 669.

باب ما يباح للصائم، وما يكره للصائم فعله

باب ما يباح للصائم، وما يكره للصائم فعله 901 - دخول الماء والاغتماس فيه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الصائمُ يدخل الحمامَ؟ قال: إنْ لم يخف الضّعفَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (671). قال صالح: وسألته عن الصائم: يغط في الماء؟ فكرهه. قلت: فيستنقع؟ قال: إذا أجهد. قلت: يتمضمض؟ قال: إذا أجهد. "مسائل صالح" (12). قال أبو داود: قلت لأحمد: الصائم يدخل الماء؟ قال: يدخل ولا يغتمس فيه، وذاك أنه يدخل في سمعه. قيل: من الجنابة أو من الجمعة يغتمس في النهر؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل أبي داود" (621). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الصائم يدخل الحمام؟ قال: نعم إن لم يخش ضعفًا. "مسائل أبي داود" (628).

902 - التبرد بالماء، والمضمضة من شدة العطش

قال حنبل: قال أحمدُ: الصائم إن لم يخف أن يدخل مسامعه وحلقه الماء، فلا بأس أن ينغمس فيه. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 387، "الإنصاف" 7/ 436. 902 - التبرد بالماء، والمضمضة من شدة العطش قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل عن الصائم يعطش فيمضمض ثم يمجه؟ قال: لو رش على صدره الماء كان أحب إليَّ. "مسائل أبي داود" (643). قال ابن القاسم: قال أحمدُ: وقد يتبرد بالماء في الضرورة من شدة الحر. وقال حنبل: قلت: الرجل يصوم، ويشتد عليه الحر؛ ترى له أن يبل ثوبًا أو يصب عليه يتبرد بذلك ويتمضمض ويمجه؟ قال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالعرج، يصب على رأسه الماء، وهو صائم (¬1). وأما المضمضمة؛ فلا أحب أن يفعل، لعله أن يسبقه إلى حلقه، ولكن يبل ثوبًا ويصب عليه الماء. وسئل عن الصائم يعطش فيتمضمض ثم يمجه؟ قال: يرش على صدره أحب إليَّ. ونقل عنه: لا بأس بالاغتسال من الحر. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 470 - 472. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 475، وأبو داود (2365)، ورواه الإمام ما لك في "الموطأ" ص 197. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 47: هذا حديث مسند صحيح.

903 - السواك والطيب للصائم

903 - السواك والطيب للصائم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: السّواكُ بالرطبِ واليَّابسِ أول النهارِ وآخره؟ قال: أمَّا الرطبُ فأكرهه، ولا يعجبني آخر النهار. قال إسحاق: كما قال: قال: لأنَّ آخرَ النهارِ إِذَا تسوكَ يكونُ قَدْ ذهبَ خُلُوفُ فمِهِ. "مسائل الكوسج" (702). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل -وسألته أنا مرة أخرى- عن السواك ثم بالعشي؟ قال: أرجو. وسألته مرة أخرى عنه؟ فقال: من الناس من يتوقاه -يعني: بالعشي. "مسائل أبي داود" (618). قال ابن هانئ: رأيت أبا عبد اللَّه يستاك وهو صائم، في العصر. "مسائل ابن هانئ" (643). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن السواك للصائم؟ فقال: لا بأس بالسواك والطيب إلى الظهر. قال: ويتوقاه آخر النهار. "مسائل عبد اللَّه" (685). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن السواك للصائم آخر النهار؟ فقال: كان ابن عمر يستاك عند الظهر (¬1)، ويقال: خلوف فم الصائم ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 202 (7488)، وابن أبي شيبة 2/ 296 (9157).

904 - شم الطيب للصائم

أطيب عند اللَّه من ريح المسك (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (686). ونقل البرزاطي عنه: إذا كان في أول النهار فالرطب واليابس سواء لا بأس به. "الروايتين والوجهين" 1/ 67. قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن السواك للصائم، فقال: ما بينه وبين الظهر، ويدعه بالعشي، لأنه يستحب له أن يفطر على خلوف فيه. "التمهيد" 7/ 305. ونقل الأثرم عنه: لا يعجبني السواك الرطب. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 483. 904 - شم الطيب للصائم قال صالح: قلت: يشم الصائم الطيب؟ قال: نعم. "مسائل صالح" (6). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الطيب للصائم؟ قال: لا بأس. "مسائل عبد اللَّه" (687). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 234، والبخاري (1894)، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة.

905 - أيذر الصائم عينيه، ويكتحل؟

905 - أيذر الصائم عينيه، ويكتحل؟ قال إسحاق بن منصور: قال: قلت: الكحل للصائم؟ قال: إني أتوقى منه ما يجد طعمه. قال إسحاق كما قال، لأنه قل ما يسلم الإنسان منه حتى يدخل رأسه. "مسائل الكوسج" (67). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الكحل للصائمِ؟ قال: إنْ كان منه ما يصلُ إلى حلقِه أكرهه، إلا أن يقل ذاك. قال إسحاق: هو مكروه لما يدخل الرأس. "مسائل الكوسج" (768) قال صالح: سألت أبي عن الصائم يكتحل بالإثمد؟ قال: يقل منه. قلت: والبرود؟ قال: يجتنبه أحب إليَّ. "مسائل صالح" (1). قال صالح: وسألته عن الكحل للصائم؟ فقال: يعجبني أن يقل منه. قلت: فالبرود؟ قال: البرود أكثر من الكحل. فكأنه كرهه. "مسائل صالح" (773). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الذرور للصائم؟ قال: لا. فقيل لأحمد: الكحل للصائم؟

قال: إذا كان شيء قليل لا يصل إلى الحلق، فأما الكثير فلا. "مسائل أبي داود" (619). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يقطر في عينيه وهو صائم ويكتحل هل عليه في ذلك شيء؟ قال: أكرهه، لا يقطر في عينيه شيئًا، ويقلّ من الكحل، لا يكثر الميل ونحوه. "مسائل عبد اللَّه" (700). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصائم أيذر عينيه؟ قال: لا، وكرهه وقال: يعالج عينيه بالليل. "مسائل عبد اللَّه" (701). قال عبد اللَّه: حدثنا: سألت أبي عن التكحل للصائم. فقال: كثير لا يعجبني، ولكن الشيء اليسير. حدثنا: قال: سمعت أبي يقول في الصيام يكتحل إذا كان شيئًا يسيرًا مثل الميل الواحد ونحوه فلا بأس، وذلك أن الكحل يخرج إلى الحلق وفي البزاق. "مسائل عبد اللَّه" (702). قال حنبل: قال أحمد: إن كان فيه طيب يدخل حلقه؛ فلا. قال الأثرم: قال أحمد: الصائم لا يكتحل بالصبر وما أشبهه، هذا يوجد طعمه، فأما الإثمد؛ فما خف منه وجعله عند الإفطار؛ فهو أسهل. قال الصقر: قال أحمد: إذا علم أنه قد دخل؛ فعليه القضاء، وإلا؛ فلا شيء عليه. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 388.

باب ما يفسد الصوم ويوجب القضاء والكفارة

باب ما يفسد الصوم ويوجب القضاء والكفارة 906 - من أكل أو شرب أو استعط أو وصل إلى جوفه شيئًا من أي موضع كان متعمدًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ أكلَ أو شربَ في رمضان؟ قال: ليسَ عليه كفارةٌ. قُلْتُ: كيف لا تجعله مثلَ مَنْ أصابَ أهلَهُ؟ قال: أنا أجعله؟ ! ليسَ فيهِ حديثٌ، كيف أُوجِبُ عليه بالأكلِ والشُّربِ كفارةً، وإنما أوجبَ عليه النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالجماعِ (¬1)؟ وإنْ كَانت هذِه كلها معصية فَلَا تشبه الأكلَ والشُّربَ بالجماعِ، في الجماع يُرجَم ويوجبُ عليه الغسل، ومَا يشبهه شيءٌ من الأكلِ والشُّربِ. قِيلَ له: فالعمدُ والخطأُ في الجماعِ واحدٌ؟ فمَال إِلى أنَّ عليه الكفارة، وفي الخطأ قال: ليسَ في حديثِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بيانُ خطأ ولا عمدٍ، هوَ مُخَّيرٌ في الكفارةِ، وفي الأكلِ والشُّربِ عليه القضاءُ. قال إسحاق: عليه في الأكلِ والشُّربِ عمدًا الكفارةُ تشبيهًا بقولِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في المجامعِ، وكَذلك أفْتَى الحسنُ وغيرُه مِنَ التابعين أنَّ الكفارةَ في الأكلِ والشربِ. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 241، والبخاري (1936)، ومسلم (1111)، من حديث أبي هريرة.

قال إسحاق: في النسيانِ في الغشيان ليسَ عليه شيءٌ. "مسائل الكوسج" (670). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الحقنةُ للصائمِ وغيرِ الصَّائمِ تكرهها؟ قال: أما للمفطر فلا بأسَ بِها، وأمَّا الصَّائمُ إِذَا كان في رمضان فَقَدْ أفطرَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (673). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئل سفيان عن الرجل يَسْتَعِط وهو صائمٌ؟ قال: أفطرَ. قيل له: أَتَرى أن يُكَفِّرُ. قال: أحبّ إليَّ أنْ يُكَفِّر. قال أحمدُ: الكفارة الغشْيان، وهو في الكفارة مخير أي ذلك شاء فَعَلَ، إن شاء أعتق أو صام أو تصدق. قال إسحاق: في السَّعُوط (¬1) عليه القضاء ولا كفارة، وهو في الكفارة مخير. "مسائل الكوسج" (767). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ أكلَ وشربَ ناسيًا؟ قال: ليس عليه شيءٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (694). قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان عن رجل احتلم بالنهار في شهر رمضان، فأكل جاهلًا ترى عليه كفارة؟ قال: ليس عليه كفارة، ويقضي ذلك اليوم. ¬

_ (¬1) السَّعوط: الدواء يُصبُّ في الأنف.

قال أحمدُ: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (781). قال صالح: وقال: إذا أكل في رمضان وهو ناس، فليس عليه قضاء، يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إذا أكل ناسيًا: فإنما هو رزق أطعمه اللَّه وسقاه" (¬1). وقال: وبلغني عن مالك أنه كان يقول: عليه القضاء. "مسائل صالح" (305). قال أبو داود: قلت لأحمد: الصائمُ إذا أكلَ ناسيًا عليهِ القضاءُ؟ قال: لا. وسألهُ غيري وقال له: في رمضان؟ فقال: مثله. "مسائل أبي داود" (638). قال أبو داود: قلت لأحمد: الصائم يبتلع الحمصة؟ قال: يقضي. "مسائل أبي داود" (639). قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عمن أكلَ في رمضان متعمدًا عليه كفارةٌ؟ قال: أرجو. أي: أن ليس عليه. سمعته مرة أخرى يقول في هذِه المسألة: إن الجماع لا يشبهه شيء: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 395، والبخاري (1933، 6669) ومسلم (1155) من حديث أبي هريرة.

يقتل به -يعني: الرجم- ويجب فيه الغسلُ. "مسائل أبي داود" (640). قال ابن هانئ: سألته عن: القلس إذا خرج على طرف اللسان، ثم بلعه؟ قال: إذا خرج شيء فاحش فقد أفطر، إذا بلعه. "مسائل ابن هانئ" (637). قال ابن هانئ: قلت فملء الفم؟ قال: لا أقول فيه شيئًا. "مسائل ابن هانئ" (638). قال ابن هانئ: وسمعته يقول: إذا احتقن فقد أفطر. "مسائل ابن هانئ" (649). قال عبد اللَّه: قيل لأبي: فإن أكل متعمدًا؟ قال: إن كفر فهو أفضل. قال: ويقضي يومًا مكانه. "مسائل عبد اللَّه" (716). قال عبد اللَّه: قال: سألت أبي عمن أفطر يومًا من رمضان ناسيًا؟ قال: ليس عليه قضاء ولا كفارة ولا شيء، أذهب إلى حديث أبي هريرة (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (719). قال عبد اللَّه: قيل لأبي: فإن أكل متعمدًا يعني في رمضان؟ قال: إن كفرّ فهو أفضل. قال: ويقضي يومًا مكانه. "مسائل عبد اللَّه" (720). ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

قال الأثرم: قال أحمدُ بن حنبل: لا أقول بالكفارة إلا في الغشيان. وقيل له مرة أخرى رجل أكل متعمدا في رمضان؟ فقال: هذا الذي أتهيبه أن أفتي بكفارة، أقول: يقضي يومًا مكانه، وإن كفر لم يضره. "التمهيد" 7/ 348 - 349 وقال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عمن أكل ناسيا في رمضان؟ فقال: ليس عليه شيء على حديث أبي هريرة. ثم قال أبو عبد اللَّه: مالك زعموا أنه يقول: عليه القضاء، وضحك، وحديث أبي هريرة في ذلك أحسن (¬1). "التمهيد" 7/ 257. قال أحمد بن الحسين: وقال أحمدُ في الرجل يصب في إحليله الدهن بالدواء: أرجو أن لا يكون عليه شيء ما لم يصل إلى البطن. "المغني" 4/ 355، "شرح العمدة" كتاب العمدة 1/ 393 قال حنبل: قال أحمد: تكره الحقنة للصائم وغير الصائم، إلا من علة وعلاج، فإن فعل؛ فعليه الكفارة والقضاء. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 273. قال أبو الصقر: قال أحمدُ: إذا بلع الصائم خاتمًا أو ذهبًا أو فضة أو جوزة بقشرها أو خرزة أو حبة لؤلؤ أو طينًا متعمدًا، فعليه القضاء ولا كفارة، ولا قضاء عليه ما لم يتعمد. ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه.

907 - ما يوضع في الفم من طعام وغيره ولا يدخل حلقه، يفطر؟

ونقل عنه أيضًا: إذا استعط، أو وضع على أسنانه دواء، فدخل حلقه فعليه القضاء. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 385 - 386. 907 - ما يوضع في الفم من طعام وغيره ولا يدخل حلقه، يفطر؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الصائمُ يمضغ العِلكَ (¬1)؟ قال: لا. قال إسحاق: إنْ فَعَلَ لمْ يفسدْ صومه، وتركُه أفضل، ولا يزدرد ريقه على حال. "مسائل الكوسج" (684). قال ابن هانئ: قلت: يصير الصائم خاتمًا في فيه؟ قال: هذا عيب. "مسائل ابن هانئ" (633). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصائم يفتل الخيوط؟ قال: أعجب إليَّ أن لا يتبزق. "مسائل عبد اللَّه" (723). قال حنبل: قال الإمام أحمد: عن عكرمة، عن ابن عباس: لا بأس أن يذوق الصائم الخل والشيء الذي يريد شراءه ما لم يدخل حلقه (¬2). ومنصور ¬

_ (¬1) العِلْك: نوع من أصماغ الشجر يمضغ فلا يذاب. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 305 (9277 - 9278).

908 - ما يدخل حلق الصائم، بغير اختياره، ولا يمكنه دفعه

عن الحسن: أنه كان يمضغ الجوز والشيء لابنه، وهو صائم (¬1). قال أبو عبد اللَّه: أحب إليَّ أن يجتنب الصائم ذوق الشيء، فإن فعل لم يضره، ولا بأس به. قال أبو الحارث: قال الإمام أحمد: يمضغ للصبي الخبز في شهر رمضان ضرورة. وقال المروذي: قال الإمام أحمد: إذا وضع الصائم في فمه دينارًا أو درهمًا وهو صائم؛ أرجو أن لا يكون به بأس؛ ما لم يجد طعمه، وما وجد طعمه لا يُعجبني. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 480 - 481. 908 - ما يدخل حلق الصائم، بغير اختياره، ولا يمكنه دفعه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل استنشقَ، فدخلَ الماءُ حلقَهُ وهوَ صائمٌ؟ قال: إِذَا كَانَ لا يريدُ ذلك فلا بأسَ به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (675). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الصائم يمضمض فيدخل حلقه؟ قال: إن كان شيئًا لا يملكه ساهيًا أرجو. فقيل لأحمد: يمضمض ثلاثًا، ثم يمضمض الرابعة فدخل في حلقه؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 207 (7512)، وبنحوه ابن أبي شيبة 2/ 305 (9279).

قال: هذا أخشى، هذا يعبث بالماء. "مسائل أبي داود" (620). قال أبو داود: قلتُ لأحمد: الصائم يدخل في حلقه الذباب؟ قال: ليس عليه قضاء. "مسائل أبي داود" (622). قال ابن هانئ: قلت: يبتلع الصائم ريقه؟ قال: لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (632). قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل يستنشق فدخل حلقه الماء؟ قال: إذا كان لا يتعمد فلا بأس به إذا كان صيام الفريضة. "مسائل ابن هانئ" (635). قال ابن هانئ: قلت: فإن هو أدخل الماء فمه، ولم يمضمض؟ قال: أعجب إليَّ أن يمضمض. "مسائل ابن هانئ" (636). قا رضي اللَّه عنه ابن هانئ: وسألته عن: الرجل يصوم الفريضة، فيتوضأ، ويستنشق أكثر من ثلاث، فيدخل حلقه؟ قال: إذا لم يرد به إدخال حلقه، مثل الذباب والبقة وأشباه ذلك، أرجو أن لا يكون عليه قضاء. "مسائل ابن هانئ" (665). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يكون صائمًا فيتمضمض، فيغلبه الماء فيدخل حلقه، ما عليه؟ وقال: أرجو أن لا يكون عليه شيء؛ غلبه ذلك. قال: إن تمضمض أكثر من ثلاث ودخل حلقه يعجبني أن يعيد الصوم، وإن كثر ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (684).

909 - إن ابتلع الصائم النخامة، هل يفطر؟

قال ابن القاسم: قال الإمام أحمد في الرجل يتوضأ فيسبقه الماء فيدخل حلقه: لا يضره ذلك، وكذلك الذباب يدخل حلقه، والرجل يرمي بالشيء فيدخل حلق الآخر، وكل أمر غلب عليه الصائم؛ فليس عليه قضاء ولا غيره، وهذا كله سواء ذكر أو لم يذكر. قلت له: فرق بين من توضأ للفريضة وبين من توضأ للتطوع؛ فإنهم يفرقون بينهما؟ قال: هو سواء إذا لم يتعمد وإنما غلب عليه. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 331، 462، "أعلام الموقعين" 4/ 94. 909 - إن ابتلع الصائم النخامة، هل يفطر؟ قال المروذي: قال أحمد: ليس عليك قضاء إذا ابتلعت النخاعة وأنت صائم، إلا أنه لا يعجبني أن يفعل. وقال حنبل: قال أحمد: إذا تنخم الصائم، ثم ازدرده؛ فقد أفطر، فإن بلع ريقه لم يفطر؛ لأن النخامة تنزل من الرأس والريق من الفم، فبينهما فرق. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 404. 910 - القيء عمدًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فمن اسْتَقَاءَ وهو صائمٌ؟ قال: عليه القضاءُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (701). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن قاء في رمضان؟

قال: إن كان متعمدًا؛ قضى، وإن ذرعه؛ فليس عليه قضاء. "مسائل أبي داود" (623). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في: رجل تقيأ لم يتعمد ذلك في رمضان. فقال أبي: أرى أن لا يعيد صوم ذلك. فقلت لأبي: فإن هو تقيأ، تعمد ذلك؟ قال: أرى أن يعيد الصوم ذلك اليوم، وليس عليه كفارة. "مسائل عبد اللَّه" (688). قال عبد اللَّه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: نا: أبو بكر بن عياش: عن عبد اللَّه بن سعيد: عن جده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا استقاء الصائم أعاد" (¬1). حدثني أبي: حدثنا العمري عن نافع عن ابن عمر قال: من استقاء فعليه القضاء، ومن ذرعه فلا قضاء عليه (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (692). وقال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل قال: ليس من ذا شيء. قال الخطابي: يريد أن هذا الحديث -حديث: من ذرعه قيء وهو صائم فليس عليه قضاء، وإن استقاء فليقض- غير محفوظ (¬3). "مختصر سنن أبي داود" 3/ 261 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 298 (9189)، وأبو يعلى 11/ 482 (6604)، والدارقطني 2/ 185 - 184. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 298 (9188) عن عبيد اللَّه بن عمر العمري به، ورواه مالك "الموطأ" ص 253 عن نافع أيضا. (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 498، وأبو داود (2380)، والترمذي (720)، وابن ماجه =

911 - من جامع في نهار رمضان متعمدا أو ناسيا

قال الأثرم: قلت لأحمد: قد اضطربوا في هذا الحديث -ما رواه أحمد، عن حسين المعلم، عن أبي الدرداء: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قاء فتوضأ- فقال: حسين المعلم يجوده. "مجموع الفتاوى" 25/ 222. قال حنبل: قال أحمدُ: إذا استقاء عمدًا أفطر. قيل له: ما القلس؟ قال: إذا كان فاحشًا. قيل له: ما الفاحش؟ قال: ما كان كثيرًا في الفم. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 405 911 - من جامع في نهار رمضان متعمدًا أو ناسيًا قال صالح: وسألته عن الرجل يقع على امرأته في شهر رمضان متعمدًا؟ قال: عليه الكفارة على حديث الزهري الذي يرويه عن حميد (¬1)، أما سفيان ومعمر وإبراهيم بن سعد وغيرهم فمعنى حديثهم أنه قال له: ¬

_ = (1676) من طرق عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض" وقد تكلم في إسناده، وصححه الألباني في "الإرواء" (923) وناقش ما عُلل به وبين صحة إسناده بيانًا شافيًا. (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 208، والبخاري (1936) ومسلم (1111) من حديث أبي هريرة.

"تجد ما تعتق؟ " قال: لا. قال: "تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ "، فكان معنى الحديث على معنى المظاهر. وأما ابن جريج ومالك فإنهما قالا: أعتق أو صم أو تصدق، روياه عن الزهري، فكأنه مخير. وكذا معنى حديث عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أين المحترق؟ " وأتى بعرق فيه تمر قال: "أطعم هذا" (¬1). وأما الناسي؛ فإن مجاهدا والحسن كانا يعذرانه. وقال عطاء: ليس مثل هذا ينسى (¬2)؛ فلما يعذره. وقال: يعجبني قول عطاء. "مسائل صالح" (694). قال صالح: سألت أبي عمن وقع بأهله في رمضان؟ قال: أذهب فيه إلى حديث الزهري في الرجل الذي جاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال له: قد وقعت بأهلي. فقال له: "أعتق رقبة". فقال: لا أستطيع. قال: "صم شهرين، أو أطعم ستين مسكينًا" (¬3). قلت: فإن لم يجد أن يطعم؟ قال: لا بد له من أن يطعم. قلت: فإن لم يكن عنده، وأطعم عنه رجل يكون له ولعيانه؟ فقال: نعم، على حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلت: أفليس يروى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ليس لأحد بعدك "؟ فقال: ليس هذا بشيء. قلت: ويقضي يومًا مكانه مع الكفارة؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 140 والبخاري (1935) ومسلم (1112). (¬2) رواه عنهم عبد الرزاق 4/ 174 (7375 - 7377). (¬3) سبق تخريجه.

قال: نعم. "مسائل صالح" (782). قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن الرجل يأتي أهله في رمضان ناسيًا؟ قال: أجبنُ عنه، أي أن أقول: ليس عليه شيء، وبعضهم ليس يبين في حديثه عمدًا، يعني: حديث حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة (¬1)، وكان عطاءٌ يقول: مثل هذا لا ينسى (¬2)، سمعته غير مرة يقول نحو هذا، ولا ينفذ له فيه قولٌ. "مسائل أبي داود" (635). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن أتى امرأته في رمضان عليها كفارةٌ؟ قال: ما سمعنا أنَّ على المرأة كفارةٌ، وكان الحسن يقول: ليس الكفارة على النساء في شيء إلا في المحرمين (¬3). "مسائل أبي داود" (636). قال أبو داود: سمعت أحمد قال: الصائم إذا جامع في رمضان عليه القضاء والكفارة. "مسائل أبي داود" (637). قال عبد اللَّه: سألت أبي رحمه اللَّه عن الرجل يجامع أهله في شهر رمضان؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 241، والبخاري (1936)، ومسلم (1111). (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 174 (7376). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 3/ 180 (13293) عن الحسن وعطاء قالا في المحرم إن استكره امرأته فعليه كفارتها، فإن طاوعته فعلى كل واحد منهما كفارة.

قال: اختلفوا في حديث الزهري فقال مالك وابن جريج عن الزهري في الحديث عليه عتق رقبة أو صيام شهرين، أو إطعام ستين مسكينا على التخيير (¬1). قال أبي: وخالفهما ابن عيينة وإبراهيم بن سعد وغيره فقالوا: عن الزهري في الحديث عليه عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يقدر على الصيام فإطعام ستين مسكينًا (¬2) -خالفوهما- ولم يقل: يقولا على التخيير، والحيطة عندي فيما قال هؤلاء. وأما مالك، وابن جريج فحافظان، ابن جريج سمعه من الزهري سماعًا، يقول: حدثنا ابن شهاب. مالك وابن جريج مستثنيان. "مسائل عبد اللَّه" (709). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أفطر من رمضان يومًا؟ فقال: إذا كان من جماع فعليه الكفارة والقضاء. قال أبي: ومن الناس من يقول: كذلك الطعام والشراب. "مسائل عبد اللَّه" (711). قال عبد اللَّه: سئل أبي وأنا أسمع عن رجل جامع في شهر رمضان؟ قال: عليه الكفارة. قيل لأبي: حديث (حميد عن الزهري) (¬3) عن أبي هريرة؟ (¬4) قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (714). ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) سبق تخريجه. (¬3) كذا في المطبوع، والصواب (الزهري عن حميد). (¬4) سبق تخريجه.

قال الأثرم قلت لأبي عبد اللَّه: الذي يجامع في نهار رمضان فَكَفَّرَ، أليس عليه أن يصوم يومًا مكانه؟ قال: ولابد من أن يصوم يومًا مكانه. "التمهيد" 7/ 247. قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: رجل نسي فجامع؟ فقال: ليس الجماع مثل الأكل، عليه القضاء والكفارة ناسيًا كان أو عامدًا؛ لأن الذي جاء إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: وقعت على امرأتي. ولم يسألهُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنسيت أم تعمدت. قال أبو عبد اللَّه: وظاهر قول الرجل للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقعت على امرأتي- النسيان والجهالة، فلم يسأله: أنسيت أم تعمدت؟ وأفتاه على ظاهر الفعل. "التمهيد" 7/ 258، "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 313. قال علي بن سعيد: سمعت أحمد، وسئل إن جامع ناسيًا؟ قال: عليه الكفارة. "الطبقات" 2/ 127. وقال عبد الكريم بن الهيثم سمعت أبا عبد اللَّه يحكي عن مقاتل بن محمد قال: شهدت هشامًا وهو يقرئ كتابًا، فانتهى بيده إلى مسألة فجازها، فقيل له في ذلك، فقال: دعوه، وكره مكاني، فتطلعت في الكتاب، فإذا فيه: لو أن رجلًا لف على ذكره حريرة في شهر رمضان ثم جامع امرأته نهارًا فلا قضاء عليه ولا كفارة (¬1). "إعلام الموقعين" 3/ 180. ¬

_ (¬1) لم أقف عليه.

912 - إذا أصاب أهله في القضاء، هل يكفر؟

قال أبو طالب: قال الإمام أحمد: إذا وطئ ناسيًا، يعيد صومه. قيل له: عليه كفارة؟ قال: لا. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 313. روى إسماعيل بن سعيد عن أحمد في الرجل يأخذه الشبق في رمضان للجماع، فقال أحمد: يجامع ولا يكفر، ويقضي يومًا مكانه. "معونة أولي النهى" 3/ 393. 912 - إذا أصاب أهله في القضاء، هل يكفر؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَن أفطرَ يومًا مِنْ قضاء رمضان بإِصابةِ أهلهِ؟ قال: هذا ليسَ عليه كفارةٌ، إنما الكفارةُ في رمضان لحرمتِهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (668). قال ابن هانئ: سألته عمّن: أفطر يومًا من قضاء رمضان، بإصابة أهله؟ قال: هذا ليس عليه كفارة، إنما الكفارة في رمضان لحرمته. "مسائل ابن هانئ" (630). 913 - هل يفسد الصوم بالمباشرة، والنظر بشهوة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الصائمُ يُقَبِّلُ، أو يباشرُ؟ قال: أمَّا المباشرَةُ شديدةٌ، والقبلةُ أهون.

قال إسحاق: كما قال، إلا أنهما مباحان جميعًا. "مسائل الكوسج" (699). قال إسحاق بن منصور: قال: وأمَّا القبلةُ للصائمِ والمباشرةُ فهذا مباحٌ، إنما رَأى أصحابُ النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم ومَنْ بعدهم أنْ يَتَحَامَاهَا النَّاسُ لكي لا يدخل عليهم في صومِهم شبهةٌ؛ لذلك نهوا الشبابَ أنْ يتعرضوا لها، ورخَّصُوا للشيوخِ لما هم عليه أكثر أمنًا، وإنما الأصلُ في ذلك أنْ لا يُجاوزوا الحدَّ حتَّى يفضي إلَى جماعٍ في الفرجِ أو دونه عمدًا؛ لأنَّ حكمَ ما دونَ الفرجِ إِذَا تعمَّده حتَّى أمْنَى كالحكمِ في الفرجِ: عليه القضاءُ والكفارةُ. "مسائل الكوسج" (725). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: صائمٌ وجدَ شهوةً فخشي أنْ يمذي فجعلَ ينتر ذَكَرَه لكي ينقَطِع المذي؟ قال: إِذَا وجد انتشارًا؛ ودفَقَ الماءُ الأعظمُ، فإن عليه القضاءُ دون الكفارةِ؟ قال إسحاق: عليه القضاءُ ولا كفارةَ؛ لأنَّه لمْ يتعمدْ لاحتيال خروج النطفةِ. "مسائل الكوسج" (727). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئلَ -أي: سفيان- عَن رجلٍ قَبَّلَ فَأَمْنَى، أو جامعَ في غيرِ الفرجِ؟ قال: أشدُّ شيءٍ يكونُ عليه قضاءُ يومِهِ. قال أحمدُ: إنِّي أحبُّ أنْ تكونَ وجَبَتْ عليه الكفَّارةُ. ولم يستجزئ عليه.

قال إسحاق: عليه القضاءُ والكَفَّارَةُ إذا جَامَعَ دون الفرجِ. "مسائل الكوسج" (780). قال صالح: قلت: ما تقول في الصائم يقبل امرأته في رمضان؟ قال: إن كان شابًا فخاف أن يجرح صومه فلا يفعل. فإن فعل عامدًا أعاد صومه ولا كفارة عليه. "مسائل صالح" (576). قال صالح: قلت لأبي: ما تقول في الذي يقبل؟ قال: إذا أمذى يعجبني أن يقضي. قال: وبعض يقول: ليس عليه شيء. إلا أنه يعجبني أن يعيد يومًا مكانه؛ لأنه قد جرح صومه بالإمذاء. قلت: فإذا لم يمذ؟ قال: ليس عليه قضاء، ولا شيء عليه. "مسائل صالح" (812). قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن القبلة للصائمِ؟ قال: إذا كان لا يخاف أن يأتي منه شيء فإنه ربما كان شابًا فأمنى. "مسائل أبي داود" (630). قال أبو داود: وسمعته مرة قيل له: يقبل الصائم؟ قال: إذا كان شابًا لا. وقال مرةً: لا يعجبني. "مسائل أبي داود" (631). قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يكون نائمًا مع امرأته في شهر رمضان فيطلع الفجر؟

قال: يعجبني إذا تقارب الصبحُ أن يجتنبها إذا كان شابًا، وذكر حديث عائشة: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يباشر وهو صائم ولكنه كان أملك لإربه (¬1). "مسائل أبي داود" (632). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن صائم في رمضان نظر إلى جاريته فأمنى؟ قال: يقضي يومًا مكانه. قيل لأحمد: فباشر حتى أمنى؟ قال: هذا أشد، ولو جامع دون الفرج لأمرته بالكفارة. "مسائل أبي داود" (633). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الصائم يُقَّبل فيُمذي؟ قال: يقضي يومًا مكانه. "مسائل أبي داود" (634). قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: قلت: الصائم إذا وطئ أهله فيما دون الفرج. قال: إذا أنزل فعليه كفارة المظاهر. وقال: وليس هو المخير. قلت: له: فإن لم يجد؟ قال: إذا لم يجد فعليه صيام. قلت: فالمخير ما هو؟ قال: في كفارة اليمين: ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام هذا المخير كل شيء فيه، أفهو مخير. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 216 والبخاري (1927) ومسلم (1106).

قال: والقتل ليس بمخير عليه العتق، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين. قال أبي: هي في أربعة مواضع: في موضعين مخير، وفي موضعين ليس بمخير. "مسائل عبد اللَّه" (710). قال عبد اللَّه: فقيل لأبي: فإن جامع في غير الفرج؟ قال: الفرج وغير الفرج سواء، إذا أنزل الماء فعليه الكفارة. "مسائل عبد اللَّه" (715). قال حنبل: قال أحمدُ: إذا غشي دون الفرج؛ فعليه القضاء والكفارة. وقال الأثرم: قال أحمد: فأما المعانقة والقبلة والمباشرة، فلا كفارة فيه. وقال حرب: قال أحمد: الجماع في الفرج وغير الفرج سواء، إذا أنزل فعليه الكفارة. وقال أبو طالب: قال أحمدُ: في صائم وجد شهوة، فخشي أن يمذي؛ فجعل ينتر ذكره لكي يقطع المذي فأدفق الماء الأعظم؛ فعليه القضاء والكفارة. ونقل حنبل والأثرم: إن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفارة. وقال في رواية حنبل في رجل نظر إلى امرأته في شهر رمضان لشهوة، فأمنى من غير أن يكون أحدث حدثًا غير ذلك، فعليه القضاء ولا كفارة، إلا أن يكون قبل أو لمس أو عمل عملًا يدعو إلى أن جاء الماء الدافق، فتجب عليه الكفارة. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 301 - 304.

914 - حكم الجماع لمن لا يجب عليهم الصوم كالمسافر والمريض

وقال حنبل: وقد سئل عن القبلة للصائم؟ فقال: لا يُقبَّل، وينبغي له أن يحفظ صومه، والشاب ينبغي له أن يجتنب ذلك؛ لما يخاف من نقض صومه. "شرح العمدة" كتاب الصيام 1/ 450، 487. 914 - حكم الجماع لمن لا يجب عليهم الصوم كالمسافر والمريض قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: الزهري كره للمسافر أن يجامع امرأته في السفر نهارًا في شهر رمضان. فلم ير بأسًا في السفر. قال إسحاق: كما قال أحمد؛ لأن حكم الجماع والأكل واحد. "مسائل الكوسج" (724) قال أبو داود: قلت لأحمد: يجامع أهلهُ بالنهارِ في رمضان وهو مسافرٌ؟ فذهبَ إلى السهولة فيه وقال: هو يأكلُ. "مسائل أبي داود" (652) وسأله مهنا: المريض يفطر يأكل، فقلت: يجامع؟ قال: لا أدري، فأعدت عليه فحول وجهه عني. "الفروع" 3/ 32. ونقل مهنا عنه: في محرمة غصبها رجل نفسها فجامعها وهي كارهة؟ قال: أخاف أن يكون قد فسد حجها. فقيل له: فإن غصبها رجل نفسها وهي صائمة فجامعها؟ قال: هو كذلك. "المغني" 4/ 376، "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 331.

915 - من أكل أو جامع يرى أن عليه ليلا أو كان في يوم غيم

915 - من أكل أو جامع يرى أن عليه ليلًا أو كان في يوم غيم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ أكلَ وهوَ يرى أنَّ عليه ليلًا، وقَدْ أصبحَ؟ قال: يقضي. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (677). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا أفطرَ في يومِ غيمٍ يصوم يومًا مكانَهُ؟ قال: بلَى. قال إسحاق: كلما ظنَّ أنَّ الشمسَ قدْ غربتْ فأفطر، ثمَّ تبين لَهُ أنها لمْ تغربْ؛ لمْ يكنْ عليه القضاءُ؛ لأنَّهُ كالآكلِ ناسيًا حكمُهمَا واحِدٌ. "مسائل الكوسج" (695). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: إِذَا كانَ علَى الرجلِ صومُ شهرين متتابعين فظنَّ أنه أمسَى فأفطرَ؟ قال: يقضي يومًا مكَانَهُ. قال إسحاق: أرى أنْ يتمَّ ما بقي ولا يستأنف، وإنْ قضى ذلك اليوم فحسن. قُلْتُ لأحمدَ: قال ابن المبارك: يستقبل؟ قال: فرمضان ينبغي لَهُ أن يستقبل. "مسائل الكوسج" (720). قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما المتسحر في البيتِ وهو يرى أَنَّ عليه ليلًا، فإذا هو قد أصبح، أيقضي يومًا مكانه أو لا؟ فإنه

ليس عليه القضاءُ، وحكمه كمن أكلَ ناسيًا نهارًا؛ لأنَّه أكلَ وهو عند نفسِه في حد مَن يَحِلُّ له الأكل؛ لأنَّ الأكلَ بالليلِ مباحٌ، فهو كمن أكلَ نهارًا ناسيًا وهو يرى أنَّه غيرُ صائمٍ، فإن أخذَ بالاحتياطِ فقضى يومًا مكانه؛ لما لم يجمع العلماء عليه كما لم يجمعوا على الأكل ناسيًا فهو أحبُّ إليَّنا. "مسائل الكوسج" (3452). قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا تسحر وهو يرى أن عليه ليلًا وقد أصبح؟ قال: يقضي، قلتُ لأحمد: فإذا أفطر وهو يرى أنَّه أمسى؟ قال: يقضي. "مسائل أبي داود" (645) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل وطئ أهله في رمضان وهو يرى أن عليه ليلًا، فإذا هو قد أصبح. فقال: عليه القضاء يقضي يومًا ويكفر، ما أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي وطئ أهله في رمضان (¬1). "مسائل أبي داود" (712) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإذا لم يكن عنده؟ قال: إن كفر عنه وهو محتاج إليَّه أخذه هو وأهله إذا كان فقيرًا لا يقدر على شيء. "مسائل أبي داود" (713) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل إذا أكل وهو يرى أن عليه ليلًا؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 140، والبخاري (1935)، ومسلم (1112) من حديث عائشة.

قال: يقضي يومًا مكانه، ولا أرى عليه كفارة. "مسائل عبد اللَّه" (718). نقل عنه أبو طالب في رجل يصوم شهرين من كفارة، فتسحر بعد طلوع الفجر وهو لا يعلم، ثم علم، فقال: يقضي يومًا مكانه، وإن أكل ناسيًا بالنهار، فليس عليه شيء. فقيل: فإذا لم يعلم، فهو كالناسي؟ فقال: كذا في القياس، ولكن عمر أكل في آخر النهار يظن أنه ليل، قال: اقض يومًا مكانه (¬1). "العدة في أصول الفقه" 4/ 1182 - 1183، "التمهيد في أصول الفقه" 3/ 333. وقال حرب: قلت: رجل يأكل بعد طلوع الفجر في رمضان وهو لا يعلم؟ قال: يعيد يومًا مكانه. قلت: فالأحاديث التي رويت في هذا -وذكرت له حديث حذيفة (¬2)؟ قال: إنه ليس في الحديث أن الفجر كان قد طلع. وقال أحمدُ في رواية الميموني في رجل أخذ في سحوره، ثم نظر إلى الفجر: فإن كان قد أكل بعد طلوعه؛ فعليه القضاء، وإن لم يعلم أنه أكل بعد طلوع الفجر؛ فليس عليه شيء. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 532 - 533. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 287 (9045). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 396، والنسائي 2/ 142، وابن ماجه (1695) عنه قال: تسحرت مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1375).

916 - إن أكل أو جامع شاكا طلوع الفجر

916 - إن أكل أو جامع شاكًّا طلوع الفجر قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن شكَّ في الفجرِ؟ قال: يأكلُ حتى يستيقن. "مسائل أبي داود" (644). وقال حرب: قيل لأحمد: رجل يتسحر وقد طلع الفجر؟ قال: إذا استيقن بطلوع الفجر، أعاد الصيام، وإن شك فليس عليه شيء أرجو. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 496. قال أحمدُ في رواية ابن القاسم: الجماع في السحر [. . .] (¬1) في وقت ليس هو مثل الأكل، الأكل أخف وأيسر، وأخاف عليه من الجماع لا يسلم. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 524. 917 - إذا كان واطئًا، فطلع الفجر، عليه شيء؟ قال أحمدُ في رواية حنبل: إذا كان واطئًا، فطلع الفجر، نزع وعليه القضاء والكفارة. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 338. ¬

_ (¬1) بياض في الأصل.

918 - الصائم يحتلم أو يصبح جنبا، عليه شيء؟

918 - الصائم يحتلم أو يصبح جنبًا، عليه شيء؟ قال أبو داود: قلت لأحمد: يجنب في رمضان، ثم ينام متعمدًا حتى يصبح؟ قال: لا بأس. "مسائل أبي داود" (641). قال أبو داود: وسمعت أحمد قيل له: الجنب يصبح صائما؟ قال: وما بأس. "مسائل أبي داود" (642). قال ابن هانئ: سألته عن: الرجل يصبح جنبًا في شهر رمضان؟ قال: يصوم، ولا يضرّه، وما بأس به، وينبغي للرجل إذا أراد أن ينام وهو جنب أن يغتسل، أو يتوضأ للصلاة. "مسائل ابن هانئ" (653). قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: عبيدة بن حبيب قال: حدثني منصور عن إبراهيم في الرجل يجنب في رمضان، ثم ينام حتى يدركه الصبح قال: فقال إبراهيم: يتم صومه ذلك اليوم، ثم يصوم يومًا مكانه (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (669). قال ابن زياد: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل رحمه اللَّه يقول لرجل ألح عليه في تعقيد المسائل، فقال أحمدُ تسأل عن عبد بين رجلين؟ سل عن الصلاة والزكاة، شيئًا تنتفع به، ونحو هذا، ما تقول في صائم احتلم؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 330 (9579) عن وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم قال: يجزيه في التطوع ويقضيه في الفريضة.

919 - الحجم والاحتجام للصائم

فقال الرجل: لا أدري. فقال أبو عبد اللَّه: تترك ما تنتفع به، وتسأل عن عبد بين رجلين ثم حدثنا عن روح عن حبيب بن أبي حبيب عن عمرو بن هرم عن جابر بن زيد: في صائم احتلم؟ قال: لا شيء عليه، ولكن يعجل الغسل (¬1). "أخلاق العلماء" للآجري (152). 919 - الحجم والاحتجام للصائم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الحجامةُ للصائمٍ؟ قال: أكرهه ويَقْضي يومًا مكانه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (700). قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا الحجامةُ للصائمِ في رمضان فَلَا، فإن فعلَ فَقَدْ أفطرَ وعليه القضاءُ، ولا كفارةَ عليه لما اخْتُلف فيهِ، ولا يشبه لمنْ تعمده كمنْ تعمدَ فطره بجماعٍ أو أكلٍ. قال إسحاق: والحَاجِمُ والمحجومُ إِذَا تعمَّدَا ذلك أفطرَا وعليهما قضاءُ يومٍ مكانَ يومٍ ولا كفارةَ عليهما. "مسالك الكوسج" (726). ¬

_ (¬1) روى ابن أبي شيبة 2/ 322 (9480) عن يزيد بن هارون، عن حبيب، عن عمرو بن هرم قال: سئل جابر بن زيد عن رجل نظر إلى امرأته فأمنى من شهوتها هل يفطر؟ قال: لا ويتم صومه.

قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا الحجامةُ في رمضان فإنَّ الحاجمَ والمحجومَ إِذَا تعمدَا ذلك أفطرا، وعليهما يوم مكان يوم ولا كفارةَ عليهمَا، ونختارُ للذي يحتجمُ في رمضان إِذَا كَانَ تَبَيَّغَ (¬1) به الدم، أو احتاجَ إلى ذلك لعلةٍ نزلتْ بِهِ أنْ يلزق محاجمه -قبلَ أنْ تغيبَ الشمسُ- في عنقه، فإذَا غَابَتْ شرطَ، أو يحتجم ليلًا. "مسائل الكوسج" (729). قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا مَنْ كانت حرفته الحجامة فعليه تركُ ذلك في رمضان ولا يحجمن أحدًا، ولَهُ أنْ يأخذَ مِنْ شعورِ النَّاسِ ويأخذَ عَلَى ذلك أجرًا إنْ شاءَ. "مسائل الكوسج" (730). قال الأثرم: وقلت له: إني سألت يحيى بن معين عن الصائم يحتجم، قال: لا شيء عليه، ليس يثبت فيها خبر. قال أبو عبد اللَّه: هذا كلام مجازفة. "سؤالات الأثرم" (87) قال أبو داود: سألت أحمد عمن احتجم في رمضان؟ قال: يقضي يومًا مكانه. "مسائل أبي داود" (624). قال أبو داود: سألت أحمد عن الحجامة للصائم؟ قال: في رمضان لا يعجبني. قلت: فإن احتجم؟ ¬

_ (¬1) تبيغ: زاد الدم وغلبه.

قال: يقضي يومًا مكانه. قلت لأحمد: الحجام إذا حجم في رمضان أيقضي يومًا مكانه؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (625). قال أبو داود: سمعت أحمد ناظره رجل في الحجامة للصائم؛ فقال الرجلُ لأحمد: ثابت عن أنس: كره الحجامة للصائم مخافة الضعف؟ (¬1) قال: أحمد: روي عن أنس: أنه احتجم في السراج، وابن عمر احتجم بالليل (¬2) وأبو موسى -يعني: الأشعري- احتج بهذا في ترك الحجامة ولم (¬3) يحتج فيه بشيء يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل أبي داود" (626). قال أبو داود: سمعت أحمد قال: يشنع أصحاب الرأي قول عطاء: إذا احتجم ناسيًا فليس عليه شيء، وهم يقولون مثله؛ يقولون: إن تقيأ متعمدً أعليه القضاء، وإن كان ناسيًا ليس عليه شيء، فهذا لم يدخل في جسده شيء؛ إنما أخرج من جسده كما أخرج هذا. "مسائل أبي داود" (627). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: رجل احتجم شهر رمضان؟ قال: يصوم يومًا مكانه. "مسائل ابن هانئ" (643). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1940) وأبو داود (2375). (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 211 - 212 وابن أبي شيبة 2/ 308 - 309 (¬3) رواه ابن أبي شيبة 2/ 307.

قال ابن هانئ: سمعته يقول في حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أفطر الحاجم والمحجوم" (¬1). يقولون: إنما كانا يغتابان. قال أبو عبد اللَّه: الغيبة أيضًا أشد للصائم تفطر، احذر أن تفطر الغيبة. "مسائل ابن هانئ" (644). قال ابن هانئ: وسئل عن: الذي يحتجم في رمضان؟ قال: لا يعجبني، يقضي يومًا مكانه. "مسائل ابن هانئ" (645). قال ابن هانئ: قيل له: فأي حديث أقوى عندك في الحجامة؟ قال: حديث ثوبان (¬2). "مسائل ابن هانئ" (646). قال ابن هانئ: قيل له: يحتجم الصائم؟ قال: لا يحتجم. قيل: فإن احتجم؟ قال: عليه قضاء يوم مكانه. فقيل له: عليه كفارة مع القضاء؟ قال: لا أرى عليه الكفارة. "مسائل ابن هانئ" (647). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 277، وأبو داود (2367) من حديث ثوبان. وذكره الألباني في "الإرواء" 4/ 65 وقال: صحيح. (¬2) سبق تخريجه.

قال ابن هانئ: سألته عن: الرجل يحتجم على ساقه أو على يده أو شيء منه في رمضان؟ قال: قد أفطر إذا كان فيه ذكر الحجامة. "مسائل ابن هانئ" (648). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصائم يحتجم في رمضان؟ فقال: يفطر. "مسائل عبد اللَّه" (677). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في الحجامة للصائم في الساق ولا في غيره. "مسائل عبد اللَّه" (678). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: الصائم لا يحتجم، فإن احتجم أعاد يومًا مكانه فإن أنكره إنسان يقال له: ما تقول إن تقيأ؟ فإن قال: يعيد. فأمر الحجامة والمتقيء عامدًا في معنى واحد: لم يأكلا شيئًا وإنما أخرجا. قال عبد اللَّه: وقد احتجمت أنا وأبي في رمضان بعدما غابت الشمس أو أذن بصلاة المغرب. "مسائل عبد اللَّه" (679). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الحجامة للصائم؟ قال: إذا احتجم في رمضان فقد أفطر يقضي يومًا مكانه ولا كفارة عليه. قلت لأبي: فإن صام تطوعًا؟ قال: قد أفطر إن قضى لم يضره، وأرجو أن لا يلزمه. "مسائل عبد اللَّه" (680).

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصائم يحتجم في رمضان؟ قال: لا يحتجم في رمضان. "مسائل عبد اللَّه" (681). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يحتجم في رمضان؟ قال: عليه القضاء ولا كفارة عليه إلا أن عطاء يقول: عليه كفارة. قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا حسن بن موسى قال: حدثنا شيبان عن يحيى بن أبي كثير، قال: أخبرني أبو قلابة الجرمي أنه أخبر أن شداد بن أوس بينما هو يمشي مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في البقيع: مرَّ على رجل يحتجم بعد ما مضى من رمضان ثمان عشرة ليلة فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أفطر الحاجم والمحجوم" (¬1). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: هذا من أصح حديث يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في إفطار الحاجم والمحجوم لأن شيبان جمع الحديثين جميعًا. يعني حديث ثوبان وحديث شداد بن أوس (¬2). قال: قلت لأبي: إن شيبان لم يسند حديث شداد -يعني ترك من إسناده رجلًا؟ قال أبي: هو وإن لم يسنده، فقد صحح الحديثين حين جمعهما. "مسائل عبد اللَّه" (682). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 283 وأبو داود (2368) قال الترمذي في "العلل الكبرى" 1/ 362: سألت محمدا -يعنى البخاري. عن هذا الحديث، فقال: ليس في هذا الباب شيء أصح من حديث شداد بن أوس وثوبان. والحديث صححه الألباني في "الإرواء" 4/ 65 - 70. (¬2) انظر ما قبله.

قال عبد اللَّه: حدثنا خلف بن هشام: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع أن ابن عمر كان يحتجم وهو صائم. قال: فبلغه حديث أوس فكان إذا كان صائمًا احتجم بالليل (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا شعبة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن رجل عن أبي بريدة أنه قال: أفطر الحاجم والمحجوم (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (683). قال عثمان بن سعيد الدارمي: صح عندي حديث: " أفطر الحاجم والمحجوم" من حديث ثوبان، وشداد بن أوس وأقول به. وسمعت أحمد بن حنبل يقول به، وذكر أنه صح عنده حديث ثوبان وشداد. وقال أحمد بن يحيى: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أحاديث "أفطر الحاجم والمحجوم"، و"لا نكاح إلا بولي" أحاديث يشد بعضها بعضا، وأنا أذهب إليها. "السنن الكبرى" البيهقي 4/ 267، "تهذيب السنن" مع "مختصر سنن أبي داود" 3/ 244. وقال الترمذي: ذُكر عن أحمد بن حنبل أنه قال: أصح شيء في هذا الباب حديث رافع بن خديج (¬3). "سنن الترمذي" (705) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق في "المصنف" 4/ 211 من طريق معمر عن أيوب به، وابن أبي شيبة 9/ 302 (9320) من طريق ابن علية عن أيوب به. (¬2) لم أقف عليه. (¬3) سيأتي تخريجه قريبًا.

قال الحسن بن ثواب: سألت أحمد في السجن عن رجل صلى بقوم، فلما قضى تشهده أحدث من غائط أو بول؟ قال: يرجع فيتوضأ، ويستقبل الصلاة لنفسه، وتتم صلاة من خلفه، قلت: فيستخلف؟ قال: أما أنا فلا آمره أن يستخلف، ولو أمرته أن يستخلف لم آمره أن يستقبل قلت: فالحجامة للصائم؟ قال: تفطره. قلت: لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أفطر الحاجم والمحجوم"؟ قال: نعم. "الطبقات" 1/ 353 - 354. وقال أبو زرعة الدمشقي: سألت أبا عبد اللَّه قلت: تذهب إلى حديث ثوبان "أفطر الحاجم والمحجوم" (¬1)؟ قال: إليه أذهب. قلت: هو صحيح عندك؟ قال: هو صحيح، وحديث شداد بن أوس أيضًا مثله (¬2). قلت: فإن احتجم رجل في شهر رمضان نهارًا، تأمره بالإعادة؟ قال: نعم، يقضي يومًا بدل ذلك اليوم لابد منه، ولم لا يقضي؟ ! ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 123 - 124، وأبو داود (2369)، قال الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 362: وسألت محمدًا -يعني البخاري- عن هذا الحديث، فقال: ليس في هذا الباب شيء أصح من حديث شداد بن أوس، وقال أيضًا: وهكذا ذكروا عن علي بن المديني أنه قال: حديث شداد وثوبان صحيحان، وصححه البيهقي 4/ 266، وصححه الألباني في "الإرواء" 4/ 67 - 70.

والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: " أفطر الحاجم والمحجوم" (¬1). "طبقات الحنابلة" 2/ 75 - 76. وروى على بن سعيد: حدثنا أحمدُ بن حنبل، حدثنا يزيد بن هارون، عن أيوب، عن أبي العلاء، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن بلال قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أفطر الحاجم والمحجوم" (¬2). وبه قال. وسُئل أحمدُ -وأنا أسمع- أي الحديث أثبتُ في هذا الباب؟ فقال: حديث ثوبان، رواه غير واحد (¬3)، فقيل له: حديث رافع؟ فقال: إنما رواه عبد الرزاق وحده (¬4). فقيل له: إن احتجم؟ قال: عليه القضاء. فقلت: على الحاجم والمحجوم؟ قال: نعم، هكذا جاء الحديث. "الطبقات" 2/ 127. ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وقد تقدم تخريجه عن جماعة من الصحابة. (¬2) "المسند" 12/ 6. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (1122) من طريق يزيد بن هارون به. وقال الهيثمي في "المجمع" 3/ 168: رواه الإمام أحمد والبزار والطبراني في الكبير، وشهر لم يلق بلالا. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) رواه الإمام أحمد 3/ 465 من طريق عبد الرزاق، عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن عبد اللَّه بن قارظ عن السائب بن يزيد، عن رافع بن خديج، والترمذي (1275) والحاكم 1/ 428، والبيهقي 4/ 465. =

وقال عباس الدوري: سألت أحمد بن حنبل: ما تقول فيمن احتجم وهو صائم؟ قال: أرى أن يصوم يومًا مكانه. "الطبقات" 2/ 161. وقال محمد بن عبدك القزاز: سألت أحمد عمن احتجم في شهر رمضان؟ قال: إن كان بلغه الخبر فعليه القضاء والكفارة، وإن لم يبلغه الخبر فعليه القضاء. "الطبقات" 2/ 347. قال ابن الجوزي: أَخبرنا عبد الملك بن أَبي القاسم قال: أَنا عبد اللَّه ابن محمد الأَنصاري قال: أَنا أَبو يعقوب قال: أَنا أبو بكر بن أَبي الفضل قال: أَنا أَبو إسحاق البزاز قال: ثنا عثمان بن سعيد الدَّارِمي قال: سمعت علي بن المديني يقول: صح في "أَفطر الحاجم والمحجوم" حديث شداد وثوبان (¬1). وأَقول أَفطر الحاجم والمحجوم. ¬

_ = قال الترمذي: حديث رافع بن خريج حديث حسن صحيح، وذكر عن الإمام أحمد ابن حنبل أنه قال: أصح شيء في هذا الباب حديث رافع بن خريج. وقال الحاكم وليعلم طالب هذا العلم أن الإسنادين ليحيى بن أبي كثير، قد حكم لأحدهما أحمد بن حنبل بالصحة، وحكم على بن المديني للآخر بالصحة، فلا يعلل أحدهما بالآخر وقد حكم إسحاق بن إبراهيم الحنظلي لحديث شداد بن أوس بالصحة. اهـ. وقال البيهقي: وكأن يحيى بن أبي كثير روى الحديث بالإسنادين جميعًا والحديث صححه الألباني في الإرواء 4/ 70 - 71 (938) وقال: لا مطعن في السند. أهـ. (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 277، وأبو داود (2367)، وابن ماجه (1680) من حديث ثوبان، وروى الإمام أحمد 4/ 122، وأبو داود (2369)، وابن ماجه (1681) من حديث شداد.

قيل: فما عليه؟ قال: يقول أَبو عبد اللَّه: عليه قضاء يوم. قال عثمان: وسمعت أَحمد يقول: عليه قضاء يوم، قد صح عندنا فيه حديث ثوبان وشداد. "المناقب" لابن الجوزي ص 6 قال مهنا: سألت أحمد عن حديث حبيب بن الشهيد، عن ميمون ابن مهران، عن ابن عباس: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- احتجم وهو صائم (¬1)؟ فقال: ليس بصحيح، وقد أنكره يحيى بن سعيد الأنصاري. ¬

_ = قال الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 362: قال البخاري: ليس في الباب أصح من حديث ثوبان وشداد بن أوس. وكذلك صححهما الألباني. انظر: "الإرواء" (931). (¬1) رواه الترمذي (776) من طريق أبي موسى عن محمد بن عبد اللَّه الأنصاري عن حبيب بن الشهيد به، والنسائي 2/ 235 (3231) من طريق محمد بن المثنى، عن محمد بن عبد اللَّه، به قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقال أبو عبد الرحمن: هذا منكر ولا أعلم أحدًا رواه عن حبيب غير الأنصاري. والحديث رواه البخاري برقم (1938) من طريق وهيب عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم. قال الحافظ في "تلخيص الحبير" 2/ 191: واستشكل كونه وجمع بين الصيام والإحرام؛ لأنه لم يكن من شأنه التطوع بالصيام في السفر، ولم يكن محرمًا إلا وهو مسافر، ولم يسافر في رمضان إلى جهة الإحرام إلا في غزاة الفتح، ولم يكن حينئذ محرمًا. قلت: وفي الجملة الأولى نظر، فما المانع من ذلك، فلعله فعل مرة لبيان الجواز، وبمثل هذا لا ترد الأخبار الصحيحة، ثم ظهر لي أن بعض الرواة جمع بين الأمرين في الذكر، فأوهم أنهما وقعا معًا، والأصوب رواية البخاري: احتجم وهو صائم، واحتجم وهو محرم فيحمل على أن لكل واحد منهما وقع في حالة مستقلة، وهذا لا مانع منه فقد صح أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- صام في رمضان وهو مسافر. أهـ.

قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه رد هذا الحديث فضعفه؛ وقال: كانت كتب الأنصاري ذهبت في أيام المنتصر فكان بعد يحدث من كتب غلامه وكان هذا من تلك. وقال مهنا: سألت أحمد عن حديث قبيصة، عن سفيان، عن حماد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس (¬1) الخ، فقال: هو خطأ من قبل قبيصة. وسألت يحيى عن قبيصة فقال: رجل صدق، والحديث الذي يحدث به عن سفيان عن سعيد خطأ من قبله. قال مهنا: سألت أحمد عن حديث ابن عباس: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- احتجم وهو محرم صائم، فقال: ليس فيه (صائم) إنما هو (محرم) ذكره سفيان، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس: احتجم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على رأسه وهو محرم، وعن طاوس وعطاء مثله عن ابن عباس (¬2)، وعن عبد الرزاق عن معمر عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (¬3) مثله، وهؤلاء أصحاب ابن عباس لا يذكرون (صائمًا). "مجموع الفتاوى" 25/ 253. ¬

_ (¬1) رواه النسائي في "الكبرى" 2/ 235 (3229)، قال أبو عبد الرحمن. هذا خطأ لا نعلم أن أحدًا رواه عن سفيان غير قبيصة، وقبيصة كثير الخطأ. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 221 من طرق عن عطاء وطاوس عن ابن عباس، والبخاري (1835) من طريق سفيان عن عمرو، عن عطاء من ابن عباس، ومسلم (1202) (87) من طريق سفيان بن عيينة، به. (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 284 من طريق عبد الرزاق، عن سفيان، عن عبد اللَّه بن عثمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: تزوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو محرم، واحتجم وهو محرم.

وقال أحمدُ في رواية المروذي فيمن نذر صيام عشرة أيام فاحتجم فيها: عليه القضاء والكفارة، وإن احتجم في رمضان فعليه القضاء. وقال حرب: سألت أبا عبد اللَّه: قلت: الصائم يحتجم؟ قال: أما في رمضان؛ فأحب إليَّ أن لا يحتجم، وأما في غير رمضان، فإن شاء احتجم إذا لم يكن فريضة. قلت: فإن احتجم في رمضان يكفر أو يقضي يومًا؟ قال: يقضي يومًا مكانه، ولا يكفر. وروى عنه محمد بن عبدك القزار فيمن احتجم في شهر رمضان: فإن كان قد بلغه الخبر، فعليه القضاء والكفارة، وإن لم يبلغهُ؛ فعليه القضاء. "شرح العمدة" كتاب الصيام 1/ 272 - 273. وقال أحمدُ في رواية حنبل: الحجامة تُفطر. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 406. قال الأثرم: ذكرت لأبي عبد اللَّه: حديث ثوبان وشداد بن أوس: صحيحان هما عندك؟ قال: نعم. وقال في رواية الميموني: حديث رافع بن خديج إسناده جيد، إلا أنه لا أحد رواه غير عبد الرزاق. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 410 - 411. وقال حرب: سمعت إسحاق يقول: مضت السنة من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أن من احتجم في شهر رمضان، فقد أفطر الحاجم والمحجوم. وصح ذلك عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأخبار متصلة. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 419.

قال حنبل: قال الإمام أحمد: الذي في الحديث -حديث ابن عباس: أنه احتجم صائمًا- أن بلغني عن يحيى ومعاذ أنهما أنكراه عليه. يعني: على الأنصاري. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 440. قال حرب: قلت لأحمد: فاحتجم ناسيًا؟ قال: لا شيء. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 456 وقال حنبل: حدثنا أبو عبد اللَّه، حدثنا وكيع، عن ياسين الزيات، عن رجل، عن أنس، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- احتجم في رمضان بعد ما قال: "أفطر الحاجم والمحجوم" (¬1). قال أبو عبد اللَّه: الرجل: أراد أبان بن أبي عياش. يعني: ولا يحتج به. وقال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: روى محمد بن معاوية النيسابوري، عن أبي عوانة، عن السدي، عن أنس، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، احتجم وهو صائم، فأنكر هذا، ثم قال: السدي، عن أنس! قلت: نعم. فعجب من هذا. قال أحمدُ: وفي قوله "أفطر الحاجم والمحجوم" غير حديث ثابت. وقال إسحاق: قد ثبت هذا من خمسة أوجه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "زاد المعاد" 2/ 62. ¬

_ (¬1) رواه الدارقطني 2/ 182 عن يحيى بن العلاء الرازي، عن ياسين الزيات، عن أيوب ابن محمد العجلي، عن ابن لأنس بن مالك عن أبيه. وقال: هذا إسناد ضعيف. و 2/ 183 عن وكيع به. كما هنا. وطرق أخرى.

920 - الصائم ينخع دما

920 - الصائم ينخع دمًا قال أبو داود: سمعت أحمدَ قالَ في رجلٍ ينخعُ دمًا كثيرًا في رمضانَ: أجبنُ عنهُ، ولو كانَ من غيرِ الجوفِ كانَ أهونَ. "مسائل أبي داود" (629).

فصل في الكفارات

فصل في الكفارات 921 - الترتيب والتخيير في الكفارة قال ابن القاسم: قال الإمام أحمد: مالك يقول في حديثه: إنه خيره في الكفارة، وليس أحد يقول في الحديث: إنه خيره إنما قال له شيئًا بعد شيء، وإنما يقال له عندنا شيئًا بعد شيء، ومن روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: أعتق أو صم أو تصدق، فرواه بالمعنى من حيث الجملة فإن الرجل قد يقول: افعل كذا أو كذا، ومعناه الترتيب. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 295. 922 - حكم من عجز عن الكفارات الثلاثة قال الأثرم: قلت لأحمد: حديث أبي هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أطعمه عيالك" (¬1)، أتقول به؟ قال: نعم إذا كان محتاجًا، ولكن لا يكون في شيء من الكفارات؛ إلا في الجماع في رمضان وحده، لا في كفارة اليمين، ولا في كفارة الظهار. قيل له: أليس في حديث سلمة بن صخر حين ظاهر من امرأته ووقع عليها (¬2) نحو هذا؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 241، والبخاري (1939)، ومسلم (111). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 37، وأبو داود (2217)، والترمذي (3299)، وابن ماجه (2062) قال الترمذي: هذا حديث حسن. وصححه الألباني في "الإرواء" (2091).

923 - إن عجز عن الكفارة، يجوز أن يؤديها عنه غيره؟

قال: ومن يقول هذا؟ ! إنما حديث سلمة تفرد بهذا: "واستعن بسائره على أهلك"، وإنما أمر له بما بقي. قلت له: فإن كان المجامع محتاجًا فأطعمه عياله؟ قال: يجزئ عنه. قلت: ولا يكفر إذا وجد؟ قال: لا؛ إلا أنه خاص في الجماع وحده. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 296. 923 - إن عجز عن الكفارة، يجوز أن يؤديها عنه غيره؟ نقل مهنا عنه في رجل عليه عتق رقبة، وليس عنده ما يكفر فقال له رجل: أنا أعتق عنك هذِه الجارية؟ قال: لا يجوز، إلَّا أنه يملكه إياها، فيعتقها هو، فإذا لم يملكها؛ فلا تجزيه؛ لأن ولاءها للذي أعتقها، وفي الإطعام يجوز أن يطعم عنه غيره، فأما في الرقبة؛ فلا. "شرح العمدة" كناب الصوم 1/ 299. 924 - هل يجوز للرجل الأكل من كفارته؟ وقال الأثرم: قلت لابن حنبل: حديث الزهري، عن حميد، عن أبي هريرة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أطعمه عيالك" (¬1) أتقول به؟ قال: نعم إذا كان محتاجًا، ولكن لا يكون في شيء من الكفارات ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 241، والبخاري (1936)، ومسلم (1111).

925 - إن أدى عنه غيره، هل يجوز له الأكل منها؟

إلا في الجماع في رمضان وحده، لا في كفارة اليمين، ولا في كفارة الظهار. قيل له: أليس في حديث سلمة بن صخر حين ظاهر من امرأته ووقع عليها نحو هذا؟ قال: ولمن تقول هذا؟ إنما حديث سلمة بن صخر: "تصدق بكذا واستعن بسائره على أعلك" (¬1)، فإنما أمر له بما بقى. قلت: فإن كان المجامع محتاجًا فأطعمه عياله؟ قال: يجزئ عنه. قلت: ولا يكفر إذا وجد؟ قال: لا، إلا أنه خاص في الجماع وحده. "الاستذكار" 1/ 106 - 107، "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 298. 925 - إن أدى عنه غيره، هل يجوز له الأكل منها؟ قال في رواية الأثرم: فإذا لم يكن عنده، وأطعم عنه غيره، يكون له ولعياله؟ قال: نعم؛ على حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وروى إبراهيم بن الحارث: أنه يأكلها إذا أطعم عنه غيره، ويمتنع في غير كفارة الوطء في الصيام أن يأكل منها شيئًا. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 37، وأبو داود (2217)، والترمذي (3299)، وابن ماجه (2562) قال الترمذي: هذا حديث حسن. وصححه الألباني في "الإرواء" (2091).

926 - تعدد الكفارات واتحادها

وروى عنه أبو الحارث: أن كل الكفارات لا بأس بأكلها إذا كفرت عنه. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 299. 926 - تعدد الكفارات واتحادها نقل حنبل عنه في مسافر قدم في آخر النهار فواقع أهله قبل الليل، قال: عليه القضاء والكفارة. قال حرب: سئل أحمد عن رجل جامع في رمضان أيامًا متتابعة، كم كفارة؟ قال: قد اختلف الناس في هذا. فلم يجبه. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 312.

فصل: أحكام القضاء للصوم

فصل: أحكام القضاء للصوم 927 - حكم قضاء رمضان متفرقًا وحكم التتابع قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قضاءُ رمضان؟ قال: لا بأسَ بِهِ متفرقًا. قال إسحاق: كما قال، والتتابعُ أفضلُ. "مسائل الكوسج" (707). قال صالح: وقال: من أفطر من رمضان أو غيره من مرض أو سفر إن صام متتابعًا فهو الذي لا اختلاف فيه، وإن صام متفرقًا فهي رخصة قال اللَّه: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184]، وقد قيل: أحص العدة، وصم كيف شئت وقال ابن عمر: صمه كما أفطرته (¬1). وأنكر أبي على من يقول: لا يجزئه إلا متتابع. "مسائل صالح" (920). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن قضاء رمضان؟ قال: إن شاء فرق وإن شاء جمع. "مسائل أبي داود" (659). قال ابن هانئ: سألته عن: قضاء رمضان متتابعًا أو متفرقًا؟ قال: إن قضى رمضان متفرقًا فلا بأس، قال اللَّه تبارك وتعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. "مسائل ابن هانئ" (661). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 241 (6756)، وابن أبي شيبة 2/ 294 (9132).

928 - من كان عليه صيام شهرين متتابعين فأفطر بعض الشهر

قال البغوي: وسئل أحمد وأنا أسمع عن رجل نذر أن يصوم شهرًا، أيصومه مفرقًا؟ قال: لا، فإن قال ثلاثين يومًا إن شاء فرق. "مسائل البغوي" (12). قال البغوي: سمعت أحمد وسئل عن قضاء رمضان متفرقًا؟ قال: لا أرى به بأسًا. "مسائل البغوي" (74). قال الأثرم: سألت أحمد عن قضاء رمضان، يفرق؟ قال: نعم، إنما قال اللَّه تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. "المسودات في أصول الفقه" 9/ 120 - 121. نقل مهنا عن أحمد في أسير وقع في أيدي الروم مكث ثلاث سنين يصوم شعبان، وهو يرى أنه رمضان؟ قال: يعيد. قيل له: كيف؟ قال: شهرًا على أثر شهر، كما يعيد الصلوات. "بدائع الفوائد" 4/ 71. 928 - من كان عليه صيام شهرين متتابعين فأفطر بعض الشهر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ أفطرَ يومًا مِنْ صيامِ شهرين متتابعين؟ قال: إِذَا كَانَ من مرضٍ أو حَيضٍ أو مِنْ أمرٍ يغلبه من قيءٍ يبني، وإذَا أفطرَ عمدًا يستأنفُ.

929 - من كان عليه صيام شهرين متتابعين فوافق ذلك أيام يحرم صومها

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (680). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ نذرَ أنْ يصومَ شهرين متتابعين فَمَرِضَ؟ قال: يقضي، يعني: يبني عَلَى مَا صَامَ. قال إسحاق: صَدَقَ. "مسائل الكوسج" (719). قال صالح: قلت: الرجل يكون عليه صيام شهرين متتابعين ثم يمرض؟ قال: هذا معذور، يبني على صيامه. "مسائل صالح" (1189). 929 - من كان عليه صيام شهرين متتابعين فوافق ذلك أيام يحرم صومها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فامرأةٌ عليها شهران متتابعان فوافقَ ذلك اليوم يومَ النَّحْرِ وأيامَ التشريقِ أو وافق أيامَ حيضها؟ قال: تصومُ أيامَ التشريق، وقد أجزأ عنها. قال إسحاق: أجادَ، كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (721).

930 - هل يجزئه القضاء في السفر؟

930 - هل يجزئه القضاء في السفر؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا كَانَ عليه صوم شهرين متتابعين فصام شعبان ورمضان في السفر؟ قال: لا أدري مَا هذا؟ ! قال إسحاق: أمَّا شعبان فجائزٌ عنه؛ لأنَّه لا يُصام عنْ غيرِهِ أبدًا وأنت تعلمه، وإذَا لمْ يعلمْ جَازَ عنه، وإنَّما جَوَّزْتُ شعبان وقَدْ ألحق بِهِ رمضان ناسيًا مِنْ غيرِ تعمدٍ، فإذَا علم أنه مِنْ رمضان وهوَ ظن أنهُ يجوز عنه، لمْ يجزْ حتَّى يضم إلى شعبان شهرًا آخر، ويكون قَدْ قَضَى فرضَهُ؛ ولأنَّ رمضانَ قَدْ قَطع بين تمامِ صومِهِ، وهو عذر بَيِّن، لا يجوزُ ذلك في الحضرِ. "مسائل الكوسج" (723). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاق: مسافرٌ أفطرَ في رمَضَان في سفرٍ، ثمَّ طالَ سفر أله أنْ يقضيَ رمضان في سفرهِ؟ قال: شديدًا؛ لأنه زَالَ معنى رمضان، وجعَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عليه عدةٌ من أيامٍ أُخر، فإذَا خشيَ أنْ يفوتَهُ القضاءُ لما طال سفرُهُ جازَ له أنْ يقضيها وهو مسافرٌ. "مسائل الكوسج" (728). 931 - إذا اجتمع عليه نذر مطلق وقضاء رمضان نقل عنه أبو الحارث: إذا نذر صيام أيام، وعليه من صوم رمضان: بدأ بالنذر. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 358.

932 - إذا أخر القضاء حتى فات وقته

932 - إذا أخر القضاء حتى فات وقته قال صالح: قلت: في رجل توالى عليه رمضانان؟ قال: قال أبو هريرة: يقضي ويطعم كل يوم مسكينًا. وابن عباس وابن عمر يقولان: يطعم ولا يصوم (¬1)، كان ابن عباس يتأولى يقرؤها (يطوقونه) قال: يكلفونه. ومن قرأ {يُطِيقُونَهُ} [البقرة: 184]، فإنها منسوخة تنسخها {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] يرويه سعيد، عن قتادة، عن عروة عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس (¬2). "مسائل صالح" (971). قال ابن هانئ: سألته عن: قضاء رمضان، وقد توالى عليه رمضان آخر؟ قال: أما في التفريط يصوم هذا، ويطعم عن الآخر، مكان كل يوم نصف صاع. "مسائل ابن هانئ" (628). قال ابن هانئ: سئل عن: امرأة فرّطت في أيام عليها من رمضان ثم أدركها رمضان آخر؟ قال: تصوم هذا الذي أدركها، وتطعم عن الآخر كل يوم مسكينًا مُدّ بُر أو نصف صاع تمر، وتقضيها وتطعم. "مسائل ابن هانئ" (662). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 234 - 236 (7620 - 7621، 7623 - 7624، 7628) عنهم، وفيه بعض اختلاف عن ابن عباس فينظر. (¬2) من هذا الطريق رواه البيهقي 4/ 230، ورواه البخاري عنه من طريق آخر في "الصحيح" (4505).

933 - من مات قبل القضاء في الفريضة والنذر

وقال حرب: قلت: رجل أفطر في رمضان من مرض أو علة، ثم صح ولم يقض حتى جاء رمضان آخر؟ قال: يصوم هذا اليوم الذي جاء، ويقضي الذي ترك، ويطعم لكل يوم مسكينًا. قلت: مُدا؟ قال: نعم. قال القاضي: نص عليه في رواية الأثرم والمروذي وحنبل. قال في رواية المروذي في الرجل يلحقه شهر رمضان وعليه شهر رمضان قبله: إن كان فرط؛ أطعم عن كل يوم مسكينًا، وإن كان لم يفرط؛ صام الذي أدركه وقضى بعدد ما عليه. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 348 - 349. 933 - من مات قبل القضاء في الفريضة والنذر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ مَاتَ وعليه صومُ شهرٍ؟ قال: يُطْعَمُ عنه في الصيامِ، والنَّذْرُ يُقْضَى عنه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (679). قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ الإمامُ أحمد عن امرأةٍ مرضتْ في شهرِ رمضان، فأفطرتْ فمَاتَتْ في مرضها؟ قال: إنْ أطعموا عَنها فلا بأسَ، وإنْ لمْ يطعموا عنها فلا بأسَ. "مسائل الكوسج" (706).

قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل مرض في رمضان، ثم استمر به المرض حتى مات؟ قال: ليس عليه شيء؛ لأنه كان في عذر، إلا أن يكون صح؛ فيطعم عنه لكل يوم مسكين مدّ بُر، والمد: رطل وثلث حنطة، فإن كان نذرًا: صام عنه وليه إذا مات؛ يقال: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر أن يصام عن النذر، وكذا يروى عن ابن عباس (¬1). ويطعم عنه إذا كان قد فرط في ذلك بقدر الأيام التي فرط، كأنه مرض شهر رمضان فبرأ منه خمسة عشر يومًا. "مسائل صالح" (599). قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن امرأة أفطرت من مرضٍ، ثم صحت بين ذلك، وكانت تخرج وتدخل ولا تقدر تصوم، فجاءها رمضان آخر فأفطرت منه يومين، ثم ماتت؟ قال: مد لكل مسكين. فقال: أطعمهم؟ قال: نعم. قال: كم أفطرت؟ قال: ثلاثين يومًا. قال: فاجمع ثلاثين مسكينا وأطعمهم مرة واحدة أشبعهم. قال: ما أطعمهم؟ قال: إن قدرت خبزا ولحمًا، أو من أوسط طعامكم. "مسائل أبي داود" (647) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 224، ومسلم (1148)، وعلقه البخاري (1953) من حديث ابن عباس. لفظ مسلم عنه: قال: جاءت امرأة إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها؟ قال: "أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدى ذلك عنها؟ " قالت: نعم. قال: "فصومي عن أمك".

قال أبو داود: سمعت أحمد قال: لا يصام عن الميت إلا في النذر. قلت لأحمد: فشهر رمضان؟ قال: يطعم عنه. "مسائل أبي داود" (661) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في رجل مات وترك صوم يوم متعمدًا؟ قال: إن كفر عنه فلا بأس، يعتق عنه، أو يطعم عنه ستين مسكينًا. قلت لأبي: الصيام؟ قال: لو كان حيًا صام. "مسائل أبي داود" (696) قال عبد اللَّه: سئل أبي عن الرجل يموت وقد فرط في صيام رمضان؟ قال: يطعم عنه. وعن النذر؟ قال: يصام عنه. "مسائل عبد اللَّه" (697). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل لم يزل مريضًا حتى مات، هل عليه قضاء الصوم؟ قال: ليس عليه شيء إلا أن يكون قد فرط، فإن فرط في صحته قال: يطعم عنه لكل مسكين يوم مدّ بُر أو نصف صاع تمر. والمد: رطل وثلث. فإن كان نذر قال: صام عنه وليه إذا مات. قال أبي: وكذلك إذا صح ولم يقدر على أن يصوم ليس عليه شيء. "مسائل عبد اللَّه" (698). قال الأثرم: سئل عن رجل مات وعليه نذر صوم شهر، وعليه صوم رمضان؟ قال: أما رمضان فليطعم عنه، وأما النذر فيصام. "تهذيب السنن" 3/ 281، "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 361 - 362.

قال إسحاق بن بهلول الأنباري: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يُصام عن الميت في النذر، فأما الفريضة فالكفارة. "الطبقات" 1/ 297. قال مثنى بن جامع الأنباري: سألته عن الرجل يموت وعليه شهر رمضان مما قد فرط فيه، فرأى أن يطعم عنه، وفي النذر: أن يصام عنه. "الطبقات" 2/ 412. نقل عنه المروذي فيمن صام من رمضان خمسة عشر يومًا ثم مرض فعاش شهرين ومات: أطعم عنه كل يوم مسكينًا، وإن مات في مرضه؛ فلا شيء عليه. وقال حرب: سألت أحمد: قلت: رجل أفطر في رمضان في السفر، أو مرض، فلم يقضه، فمات؟ قال: إذا توانى في ذلك؛ يطعم عنه؛ إلا أن يكون من نذر. قلت: فإن كان من نذر؟ قال: يصام عنه. قلت: أقرب الناس إليه أو غيره؟ قال: نعم. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 361. نقل حنبل عنه فيمن مات وعليه نذر صيام شهر؛ صام عنه؛ فإن مات وعليه صيام شهر من كفارة؛ يطعم عنه، النذر فيه الوفاء. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 374. قال حنبل: قال أحمد: إذا نذر أن يصوم شهرًا، فحيل بينه وبين ذلك

934 - يجوز أن يصوم عنه أكثر من واحد في يوم؟

من مرض أو علة حتى يموت؛ صام عنه وليه النذر، وأطعم لكل يوم مسكينًا لتفريطه. وإن عجز عن الصوم المنذور لكبر أو مرض لا يرجى برؤه، فقال: لا يمتنع أن نقول: يصح الصوم عنه كما نقول في الحج إذا عجز عنه في حال الحياة: يحج عنه. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 376. 934 - يجوز أن يصوم عنه أكثر من واحد في يوم؟ ونقل عنه أبو طالب، وقد ذكر له فيمن كان عليه صوم شهر هل يصوم عشرة أنفس شهرًا؟ فقال: طاووس يقول ذلك (¬1). قيل له: فما تقول أنت؟ قال: يصوم واحد. "شرح العمدة" كتاب الصوم 9/ 377، "معونة أولي النهى" 3/ 437. ¬

_ (¬1) روى ابن أبي شيبة 2/ 339 (9692)، 3/ 108 (12558) عن جرير، عن ليث قال: سئل طاوس عن امرأة ماتت وعليها أن تعتكف سنة في المسجد الحرام ولها أربعة بنون كلهم يجب أن يقضي عنها، قال طاوس: اعتكفوا أربعتكم في المسجد ثلاثة أشهر وصوموا. وروى 3/ 108 (12560) عنه كان يقول في النذر على الميت: يقضيه ورثته بينهم، إن كان على رجل صوم سنة إن شاءوا صاموا كل إنسان ثلاثة أشهر.

ثانيا: صوم النذر

ثانيًا: صوم النذر 935 - إذا نذر صيام شهر فأفطر بعضه قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: من نذر أن يصوم شهرًا متتابعًا فأفطر يومًا؟ قال: إن كان من عذر، ثم صام ذلك الشهر، ويقضى يومًا مكانه. قلت لأبي: فإن لم يكن من عذر؟ فقال: شهر بعينه سماه. قال: فإن أفطر فيه عامدًا قضى ذلك اليوم وكفرّ عن يمينه. "مسائل عبد اللَّه" (721). 936 - من نذر صوم أيام يحرم صومها أو وافقها صومه؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: قال الحسنُ: إِذَا كَانَ على الرَّجلِ أنْ يصومَ سنةً؟ قال: يفطرُ الأيامَ التي نُهِي عنهن وقد أجزأ عنه. قال الإمام أحمد: وقال عطاء: إِذَا أفطرَ في يومِ غيمٍ، أي: أنَّهُ يبني (¬1). "مسائل الكوسج" (722). قال صالح: قلت: من نذر أن يصوم الفطر ويوم الأضحى كيف يصنع؟ وما يجب عليه؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 72 (12186، 12189) عنهما.

قال: أما ابن عمر فقال: أمر اللَّه بوفاء النذر، ونهانا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن صيام هذين اليومين (¬1). وأما عقبة بن عامر فقال: النذر حلفة (¬2). وقال: لا يصوم يوم النحر ولا يوم الفطر، ويكفر عن يمينه، ويصوم يومًا. "مسائل صالح" (320). قال ابن هانئ: سألته عن: الرجل يصوم أيام التشريق -الأيام التي بعد لنحر؟ قال: إنما قال النبي: "لا صام ولا أفطر" (¬3) للذي يصوم تلك الأيام ثلاثة بعد يوم النحر، وكره صومها جدًا. "مسائل ابن هانئ" (658). قال ابن هانئ: سمعته يقول: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صيام الدهر فلا صام ولا أفطر" إنما معناه: من صام أيام التشريق فقد صام السّنة. "مسائل ابن هانئ" (659). قال ابن هانئ: قال أبو عبد اللَّه: سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الإفطار، الأكل والشرب أيام التشريقٍ هي سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أمر مناد به فنادى أن "أيام التشريق أيام أكلٍ وشربٍ" (¬4). "مسائل ابن هانئ" (660). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 2، والبخاري (1993)، ومسلم (1139). (¬2) روى الإمام أحمد 4/ 144، ومسلم (1645) عنه قال عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "كفارة النذر كفارة اليمين". (¬3) رواه الإمام أحمد 5/ 296، ومسلم (1162) من حديث أبي قتادة. (¬4) رواه الإمام أحمد 3/ 460، ومسلم (1142) من حديث كعب بن مالك.

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: سئل ابن عمر عن رجل نذر أن يصوم الاثنين والخميس فوافق ذلك يوم فطر أو أضحى؟ فقال: أمر اللَّه بوفاء النذر، ونهانا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن صيام هذين اليومين فلم يجبه إلا بذلك. "مسائل عبد اللَّه" (670). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل يصوم السنة ما عليه أن يفطر منها؟ قال: يفطر العيدين وأيام التشريق. "مسائل عبد اللَّه" (674). قال علي بن سعيد: وقال فيمن جعل على نفسه صيام سنة: أحب إليَّ في الفطر والأضحى أن يُكفَّر ثم يقضي. "تهذيب الأجوبة" (620)، "العدة" 5/ 1630. وقال في رواية أبي طالب: من نذر صيام يوم العيد انعقد نذره ولزم إفطاره وقضاؤه وكفارة يمين. "المستوعب" 3/ 463.

القسم الثاني من أقسام الصوم: صوم التطوع

القسم الثاني من أقسام الصوم: صوم التطوع 937 - فضيلة الصيام وروى الكحال أن أبا عبد اللَّه قال: ليس في الصوم رياء. قلت: رمضان وغيره؟ قال: كل الصوم، وقال: كيف يكون الرياء؟ ! إنما يترك أكل الخبز وشرب الماء. "طبقات الحنابلة" 2/ 384، "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 600. 938 - حكم استئذان المرأة لزوجها إذا أرادت الصوم تطوعا قال حرب: قلتُ لأحمدَ: فهل للمرأة أن تصوم تطوعًا، وزوجها شاهد إلا بإذنه؟ قال: لا. قلتُ: فإن صامت فوقع عليها زوجها، هل عليها قضاء؟ قال: لا بأس أن تقضي. "مسائل حرب" ص 67. قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن المرأة تصوم فيمنعها زوجها، ترى لها أن تصوم؟ قال: لا تصوم، ولا تحدث في نفسها من صلاة ولا صيام إلا أن يأذن

939 - أفضل الصيام

لها، إلا الواجب الفرض، فأما غير ذلك، فلا تصوم إلا بإذنه وتطيعه. "الآداب الشرعية" 1/ 466 نقل أبو زرعة الدمشقي عنه: تصوم النذر بلا إذنه. "الفروع" 5/ 586 939 - أفضل الصيام قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يصومُ يومًا، ويفطرُ يومًا أحبُّ إليَّكَ؟ قال: إنْ قوي عَلَى هذا فأفضل الصِّيام هذا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (686). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ قال: أَنت بالخيارِ إلى آخرِ النظرين؟ قال: إنما قال هذا في التطوعِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (687). 940 - حكم صوم الدهر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: صيامُ الدهرِ متَى لا يكون صيام الدهر؟ قال: أمَّا إِذَا أفطرَ الخمسةَ الأيامَ، ويعجبني أنْ يفطرَ مِنْهُ أيامًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (711). وقال الأُثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: فسر مسدد قول أبي موسى: من صام

941 - صوم عاشوراء والأيام ذات الفضل

الدهر ضيقت عليه جهنم فلا يدخلها (¬1). فضحك وقال: من قال هذا؟ ! فأين حديث عبد اللَّه بن عمرو: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كره ذلك (¬2)، وما فيه من الأحاديث. قال أحمدُ في رواية صالح: إن صام رجل وأفطر أيام التشريق والعيدين؛ رجوت أن لا يكون بذلك بأس، وليس بصائم الدهر. وقال في رواية حنبل: إذا أفطر العيدين. .، فليس ذلك صوم الدهر؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هن أيام عيد، وأيام أكل وشرب" (¬3). قال: ويعجبني أن يفطر منه أيامًا. "المغني" 4/ 430، "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 538 - 539. 941 - صوم عاشوراء والأيام ذات الفضل قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: عاشوراء يوم التاسع أو العاشر؟ قال: يصومُ يوم التاسعِ والعاشرِ. قال إسحاق: كما قال، لمخالفةِ اليهود؛ فإنَّهم يصومون يومًا واحدًا. "مسال الكوسج" (688). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 414، والنسائي -كما في "تحفة الأشراف" 6/ 422 - 423، وابن خزيمة 3/ 313 (2154)، وابن حبان 1/ 349 (3584). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 189، والبخاري (1153)، ومسلم (1159). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 152، وأبو داود (2419)، والترمذي (773) والنسائي 5/ 252 من حديث عقبة بن عامر. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (627).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: صيامُ يوم عرفة، ويوم عاشوراء، ورجب؟ قال: أمَّا عاشوراء وعرفة، أعجبُ إليَّ أنْ أصومَهُمَا لفَضيلتهما في حديثِ أبي قتادة (¬1)، وأمَّا رجب فأَحَبُّ إليَّ أَنْ أفطرَ مِنْهُ. قال إسحاق: كما قال سواءٌ. "مسائل الكوسج" (710). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: صوم يوم الإثنين والخميس أفضل، أم صيام أيام البيض، أيما أحب إليَّك؟ قال أبو عبد اللَّه: يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه كان يصوم الإثنين والخميس (¬2). "مسائل ابن هانئ" (657). قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: إسماعيل بن إبراهيم عن منصور ابن عبد الرحمن عن الشعبي عن علقمة قال: أتيت ابن مسعود فيما بين رمضان إلى رمضان، فما رأيته في يوم صائمًا، إلا يوم عاشوراء (¬3). قال لي أبو عبد اللَّه: وهمٌ من منصور إن شاء اللَّه، جميع من روى عن ابن مسعود: أنه لم يكن يصوم يوم عاشوراء (¬4). "مسائل ابن هانئ" (668). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 296، ومسلم (1162) ولفظ الإمام أحمد: "صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة، وصوم عاشوراء يكفر سنة ماضية". (¬2) انظر التخريج السابق (حديث أبي قتادة). (¬3) رواه عن إسماعيل بن إبراهيم ابن علية به، النسائي في "الكبرى" 2/ 159 (2847). (¬4) رواه الإمام أحمد 1/ 455، والبخاري (4503)، ومسلم (1127).

قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: عتاب بن زياد قال: ثنا عبد اللَّه قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن عبد الرحمن بن حميد، عن أبيه: أن عبد الرحمن بن عوف، فزع يومًا ضحى فقال: أيوم عاشوراء؟ قالوا: نعم؛ قال: صوموا صوموا. قال أبو عبد اللَّه بعقبه: حديث غريب، ما أعرفه من حديث ابن أبي ذئب. "مسائل ابن هانئ" (669). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: حديث وكيع عن شريك، عن الحر بن صياح رأيت ابن عمر يصوم عاشوراء، ورأيت ابن عمر يصوم العشر بمكة (¬1). حديث الحر بن صياح حديث منكر، نافع أعلم بحديث ابن عمر منر (¬2). "مسائل ابن هانئ" (670). قال حنبل: قال أحمدُ: يستحب صيام عرفة ها هنا، وأما بعرفة؛ فلا، يروون عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه أفطر (¬3)، وقال: "لا يصام يوم عرفة بعرفة" (¬4). ¬

_ (¬1) رواه البغوي في "مسند ابن الجعد" (2247) عن الحر قال: جاورت مع ابن عمر فرأيته يصوم العشر. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 4، والبخاري (1892)، ومسلم (1126). (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 217، والبخاري (1661)، ومسلم (1123) من حديث ابن عباس. (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 304، وأبو داود (2440)، وابن ماجه (1732) من حديث أبي هريرة قال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن صوم عرفة بعرفات. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (404).

و"عرفة صيامها كفارة سنتين سنة ماضية، وسنة مستقبلة" (¬1). "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 562. قال في رواية الميموني وأبي الحارث: من أراد أن يصوم عاشوراء؛ فليصم التاسع والعاشر؛ إلا أن يشكل الشهر، فيصوم ثلاثة أيام، ابن سيرين يقول ذلك. وقال في رواية الأثرم: أنا أذهب في عاشوراء أن يصام يوم التاسع والعاشر، حديث ابن عباس: صوموا التاسع والعاشر. وقال حرب: سألت أحمد عن صوم عاشوراء؟ فقال: يصوم التاسع والعاشر. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 580، "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 172 قال حرب: سمعت أحمد يقول: من صام ثلاثة أيام من الشهر فقد صام الشهر كله. يقوله بتوكيد. وقال في رواية عبد اللَّه، عن عبد الملك بن قتادة بن ملحان، عن أبيه: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يأمر بصيام أيام البيض (¬2): ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة. قيل له: فصيام ثلاثة أيام من كل شهر يصام من أول الشهر؟ قال: نعم، ولكن يكون قصده لهذِه. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 587 - 588. ¬

_ (¬1) رواه الإمام 5/ 296، ومسلم (1162) من حديث أبي قتادة. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 165، وأبو داود (2449)، والنسائي 4/ 224 - 225، وابن ماجه (1707).

942 - فضل الأيام العشر من ذي الحجة

942 - فضل الأيام العشر من ذي الحجة قال الأثرم: أتينا أبا عبد اللَّه في عشر الأضحى فقال: قال أبو عوانة: كنا نأتي الجريري في العشر فيقول: هذِه أيام شغل، وللناس فيها حاجات، وابن آدم إلى الملال ما هو. "سؤالات الأثرم" (31) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا المنذر أنه سمع وهبا يقول: قال الرب تبارك وتعالى لموسى -صلى اللَّه عليه وسلم-: مر قومك أن ينيبوا إلي، ويدعوني في العشر -يعني: عشر ذي الحجة- فإذا كان اليوم العاشر؛ فليخرجوا إلي أغفر لهم. قال وهب: وهو اليوم الذي طلبته اليهود فأخطئوه، وليس أصوب من عدد العرب. "الزهد" ص 86 943 - فضل التوسعة يوم عاشوراء قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه قلت: هل سمعت في الحديث: أنه "من وسع على عياله في يوم عاشوراء وسّع اللَّه عليه سائر السّنة" (¬1)؟ قال: نعم، شيء رواه سفيان، عن جعفر الأحمر، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر. ¬

_ (¬1) روي عن جمع من الصحابة جمع أغلبهم البيهقي في "الشعب" 3/ 365 - 367 (37961 - 379) عن جابر وعبد اللَّه بن مسعود وأبي سعيد وأبي هريرة. وصنف فيه بعض العلماء. وآحاد أسانيده ضعيفة فقواه بعض العلماء ببعضها البعض، وآخرون رأوا ضعفها لا يجبر بمجموعها. وجزم ابن تيمية في "الفتاوى" 25/ 30 أنه حديث موضوع مكذوب. =

قال سفيان- وكان من أفضل من رأينا أنه بلغه: أنه "من وسّع على عياله يوم عاشوراء وسّع اللَّه عليه سائر سنته". قال ابن عيينة: قد جربناه منذ خمسين سنة أو ستين سنة فما رأينا إلا خيرًا (¬1). وقال في إثره: كان ابن عُيينة، يطري ابن المنتشر، فقال لي: في إسناده ضعف. ثم قلت: أيا رحم اللَّه ابن عُيينة، دراهم السلطان، فسكت. "مسائل ابن هانئ" (674). قال أبو الفضل صالح: حدثني أبي: حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة، قال: حدثني جعفر الأحمر، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر -قال أبي: ثقة صدوق-: أنه بلغه أنه: "من وسع على عياله يوم عاشوراء، أوسع اللَّه عليه سائر سنته" (¬2). "مسائل صالح" (342) ¬

_ = وضعفه الألباني انظر: "تمام المنة" ص 412. (¬1) رواه ابن أبي الدنيا في "العيال" 2/ 567 (386) قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل: حدثنا سفيان بن عيينة به. (¬2) روى البيهقي في "شعب الإيمان" 3/ 366 - 367 (3796) عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر قال: كما يقال: من وسع على عياله. . إلخ. ورواه ابن حبان في "المجروحين" 3/ 97، والطبراني 10/ 77 (10007)، ابن عدي في "الكامل" 6/ 361، والبيهقي في "شعب الإيمان" 3/ 365 (3792) جميعًا من طريق علي بن أبي طالب البزاز عن الهيصم الشداخ عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه بن مسعود به. قال ابن حبان: هيصم بن الشداخ: شيخ يروي عن الأعمش الطامات في الروايات، لا يجوز الاحتجاج به. =

944 - إفراد شهر رجب بالصوم

قال حرب: سئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث: "من وسع على أهله يوم عاشوراء" فلم يره شيئًا. "الفتاوى الكبرى" 2/ 257، "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 585 - 586 944 - إفراد شهر رجب بالصوم قال حنبل: قال أحمدُ: يفطر في رجب ولا يشبه برمضان. وقال: من كان يصوم السنة صامه، وإلا فلا يصومه متواليا. قال ابن الحكم: قال أحمد: يروى في صوم رجب عن عمر أنه كان يضرب على صوم رجب، وابن عباس قال: لا يصومه إلا يومًا أو أيامًا. وقال: يروى عن وبرة، عن خرشة بن الحر، عن عمر -رضي اللَّه عنه- أنه كان يضرب على صوم رجب (¬1). وإن صامه رجل؛ أفطر في يومًا أو أيامًا بقدر ما لا يصومه كله. وروي عن أبي بكرة: أنه دخل على أهله، فرأى عندهم سلالًا جُددًا وكيزانًا، فقال: ما هذا؟ قالوا: رجب نصومه. قال: أجعلتم رجب رمضان؟ ! فأكفا السلال وكسر الكيزان (¬2). ¬

_ = وقال الهيثمي في "المجمع" 3/ 189: فيه الهيصم بن الشداخ، وهو ضعيف جدًّا وروي في الباب عن جابر، وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وابن عمر وكلها ضعيفة لا تثبت، وانظر: "شعب الإيمان" 3/ 365 - 366 "العلل المتناهية" 2/ 62 - 63، "مجمع الزوائد" 3/ 189. وقد ضعفه الألباني بشواهده الأربعة في الضعيفة (6824). (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 345 (9758) من طريق وبرة به. (¬2) لم أقف عليه.

945 - استقبال رمضان باليوم واليومين

وذلك لما روى داود بن عطاء، حدثني زيد بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن سلمان، عن أبيه، عن ابن عباس: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن صيام رجب (¬1). قال أحمدُ: لا يُحدث عن داود بن عطاء بشيء. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 550 - 552. 945 - استقبال رمضان باليوم واليومين قال محمد بن يحيى الكحال: قال أحمدُ: هذا الحديث: العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كان النصف من شعبان، فلا تصوموا" (¬2) ليس هو محفوظ، والمحفوظ الذي يروى عن أبي سلمة، عن أم سلمة: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصوم شعبان ورمضان (¬3). "الطبقات" 2/ 385. ¬

_ (¬1) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" 3/ 375 (3814) وقال: فهكذا رواه داود بن عطاء، وليس بالقوي، إنما الرواية فيه عن ابن عباس من فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما قدمنا ذكره في أول هذا الباب فحرف الفعل إلى النهي. واللَّه أعلم. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 442، وأبو داود (2338) والترمذي (738)، وابن ماجه (1651)، قال أبو داود: وكان عبد الرحمن لا يحدث به، قلت لأحمد: لما قال: لأنه كان عنده أن النبي كان يَصِل شعبان برمضان، وقال: عن النبي خلافه، قال أبو داود: وليس هذا عندي خلافه، ولم يجيء به غير العلاء عن أبيه، قال الترمذي: حديث أبي هريرة: حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1339). (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 293، وأبو داود (2336)، والترمذي (736)، والنسائي =

946 - إتباع رمضان بست من شوال

وقال حرب: سمعت أحمد يقول في الحديث الذي جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كان النصف من شعبان؛ فلا صوم إلا رمضان". قال: هذا حديث منكر. قال: وسمعت أحمد يقول: لم يحدث (يعني: العلاء) حديثًا أنكر من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كان النصف من شعبان؛ فلا صوم إلا رمضان" وأنكر أحمد هذا الحديث، وقال: كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث عن سهيل. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 649. 946 - إتباع رمضان بست من شوال قال عبد اللَّه: سألت أبي عن هذِه الأيام التي تصام بعد رمضان؟ قال: لا بأس بصيامها، إنما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ستة أيام من شوال (¬1)، فإذا صام ستة أيام من شوال لا يباليَّ فرق أو تابع. "مسائل عبد داود" (722). قال الأثرم: قال الإمام أحمد: روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من ثلاثة أوجه، عن أبي أيوب وجابر وثوبان: "من صام ستًا من شوال؛ فكَأنما صام السنة كلها" (¬2). "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 556. ¬

_ = 4/ 200. وابن ماجه (1648)، واللفظ لأحمد. قال الترمذي: حديث أم سلمة حديث حسن، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (1025). (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 417، ومسلم (1164) من حديث أبي أيوب. (¬2) حديث أبي أيوب سبق، وحديث جابر رواه الإمام أحمد 3/ 308. وحديث ثوبان رواه الإمام أحمد 5/ 280، وابن ماجه (1715).

947 - النهي عن صوم أيام التشريق، والرخصة للمتمتع

947 - النهي عن صوم أيام التشريق، والرخصة للمتمتع نقل المروذي عنه: إذا لم يصم المتمتع قبل يوم التروية لم يصم أيام التشريق. ونقل حنبل عنه: يصوم المتمتع أيام التشريق. ونقل الفضل بن زياد عنه: كنت أذهب إلى هذا -يعني صوم المتمتع لأيام التشريق- إلا أني رأيت الأحاديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنها أيام أكل وشرب وبعال (¬1). "الروايتين والوجهين" 1/ 264، 265 قال في رواية المروذي: أيام التشريق قد نُهي عن صيامها. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 643. ونقل الترمذي عن أحمد: يجوز صومها عن دم المتعة خاصة (¬2). "الفروع" 3/ 129. 948 - صيام يومي النيروز والمهرجان قال عبد اللَّه: قال أبي: حدثنا وكيع عن سفيان عن رجل عن أنس والحسن: أنهما كرها صوم يوم النيروز والمهرجان. قال عبد اللَّه. قال أبي: الرجل -يعني: في الرواية- أبان بن أبي عياش (¬3). "تهذيب السنن" مع "مختصر سنن أبي داود" 3/ 301، "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 667، "اقتضاء الصراط المستقيم" صـ 265. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 75، ومسلم (1142) من حديث بسيسة الهذلي. (¬2) "السنن" بعد الرواية" (773). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 2/ 344 (9739 - 9740) عن الحسن.

949 - إفراد يوم الجمعة بالصيام

949 - إفراد يوم الجمعة بالصيام قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: صيامُ يوم الجمعةِ مفردًا؟ قال: أكرهه، إي لعمري. قال إسحاق: كما قال: لما خصّ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- النهي فيه (¬1). "مسائل الكوسج" (697). قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا كان الرجل يصوم يومًا ويفطر يومًا فيوافق يوم الجمعة؟ قال: لا بأس؛ إنما كره صوم يوم الجمعة أن يتعمده الرجل. قلت لأحمد: فيوافق يوم الشك. قال: إذا كان لا ينوي به الشك أرجو. "مسائل أبي داود" (662). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: رجل كان يصوم يومًا، ويفطر يومًا فيوافق ذلك يوم الجمعة؟ قال: إذا كان قد تقدمه بيوم فلا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (655). قال ابن هانئ: سألته عن: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: نهى عن الصوم يوم الجمعة الذي يخصه، أو ما ترى؟ قال: لا يختص يوم الجمعة بصيام، يصوم قبله يومًا أو بعده يومًا. "مسائل ابن هانئ" (656). روى حنبل: قال عكرمة عن ابن عباس: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 422، والبخاري (1985)، ومسلم (1144)، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-. ولفظ البخاري: "لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يومًا قبله أو بعده".

950 - إفراد يوم السبت بالصيام

"لا تصوموا يوم الجمعة وحده" (¬1). قال أبو عبد اللَّه: ولا أحب لرجل أن يتعمد صيامه، فإن وافق نذرًا؛ صامه؛ لأن هذا أسهل من العيدين، ولا يخصه رجل بصيام. وقال في رواية الأثرم، وقد سئل عن صيام يوم الجمعة، فذكر حديث النهي أن يفرد، ثم قال: إلا أن يكون في صيام كان يصومه، فأما أن يفرد؛ فلا. فقيل له: فإن كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، فوقع فطره يوم الخميس وصومه الجمعة وفطره السبت، فصام الجمعة مفردًا؟ فقال: هذا الآن لم يتعمد صومه خاصة، وإنما كره أن يتعمد، وهذا لم يتعمد. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 651 - 652، "زاد المعاد" 2/ 416، "الإنصاف" 7/ 531. 950 - إفراد يوم السبت بالصيام قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن صيام يوم السبت يفرد به؟ فقال: أما صيام يوم السبت يفرد به: فقد جاء فيه ذلك الحديث، حديث الصماء، يعنى حديث ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد اللَّه ابن بسر عن أخته الصماء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" (¬2) قال أبو عبد اللَّه: يحيى بن سعيد ينفيه، أبى أن يحدثني به، وقد كان سمعه من ثور. قال: فسمعته من أبي عاصم. قال الأثرم: حجة أبي عبد اللَّه في الرخصة في صوم يوم السبت: أن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 288. وتفرد به بروايته. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 468، وأبو داود (2421)، والترمذي (744)، وابن ماجه =

الأحاديث كلها مخالفة لحديث عبد اللَّه بن بسر. منها: حديث أم سلمة، حين سئلت: أي الأيام كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أكثر صيامًا لها؟ فقالت: السبت والأحد (¬1). ومنها: حديث جويرية: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لها يوم الجمعة: "أصمت أمس؟ " قالت: لا. قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أتريدين أَن تصومى غدًا؟ " (¬2) فالغد: هو يوم السبت. وحديث أبي هريرة: نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن صوم يوم الجمعة، إلا مقرونًا بيوم قبله، أو يوم بعده. فاليوم الذي بعده: هو يوم السبت (¬3). ومنها: أنه كان يصوم شعبان كله، وفيه يوم السبت. ومنها: أنه أمر بصوم المحرم، وفيه يوم السبت. وقال: "من صام رمضان وأتبعه بست من شوال" وقد يكون فيها السبت (¬4). وأمر بصيام الأيام البيض (¬5)، وقد يكون فيها السبت، ومثل هذا كثير. "تهذيب السنن" 3/ 297 - 298، "المغني" 4/ 428، "الفروع" 3/ 122 - 124، "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 652 - 654. ¬

_ = (1726) قال الترمذي: هذا حديث حسن. وصححه الألباني في "الإرواء" (960). (¬1) رواه أحمد 6/ 324، والنسائي في "الكبرى" 2/ 146 (2775 - 2776)، وابن حبان 8/ 381 (3616)، وابن خزيمة 3/ 318 (2167). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 324، والبخاري (1986). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 422، والبخاري (1985)، ومسلم (1144). (¬4) رواه الإمام أحمد 5/ 417، ومسلم (1164) من حديث أبي أيوب. (¬5) رواه الإمام أحمد 2/ 229، والبخاري (1178) ومسلم (721) من حديث أبي "أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل =

951 - هل له التطوع وعليه الفريضة؟

951 - هل له التطوع وعليه الفريضة؟ قال ابن هانئ: سألته عن: الرجل هل يصوم تطوعًا وعليه صوم فريضة؟ قال: لا يصوم. "مسائل ابن هانئ" (672). قال حنبل: قال أحمد: لا يجوز له التطوع بالصوم، وعليه صوم من الفرض حتى يقضيه، يبدأ بالفرض، وإن كان عليه نذر صامه. يعني: بعد الفرض. "المغني" 4/ 401 "معونة أولي النهى" 3/ 433. قال حنبل: قال أحمدُ: يقضي رمضان في العشر. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 356. قال أبو طالب: قال أحمدُ: لا يقضي رمضان في العشر. قال حرب: قيل لأحمد: يُقضى رمضان في العشر؟ فقال: يُروى عن علي كراهته. وكان أحمد يُسهل فيه. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 359. 952 - المواضع التي يستحب فيها قطع صوم التطوع نقل عنه أبو الحارث في رجل يصوم التطوع فيسأله أبواه أو أحدهما أن يفطر؛ قال: يروى عن الحسن: أنه يفطر، وله أجر البر وأجر الصوم إذا أفطر. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 631. ¬

_ = شهر. . . " وروي عن أبي ذر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا أبا ذر إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة. رواه الإمام أحمد 5/ 162، والترمذي (761)، والنسائي 4/ 222 - 223.

953 - قضاء صيام التطوع

نقل هارون عنه: لا يعجبني أن يصوم إذا نهاه. أي: والده. "الفروع" 2/ 310 953 - قضاء صيام التطوع قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ أصبحَ صائمًا، ثمَّ بدَا لَهُ فأفطر؟ قال: إنْ قَضَى يومًا فحسن، وإنْ لمْ يقضِ لمْ أعبْ عليه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (696). قال ابن هانئ: سألته عن: الرجل ينوي الصوم قبل طلوع الفجرَ، ثم يفطر بعدما يصبح؟ قال: لا بأس، إلا أن يكون نذرًا، أو صومًا واجبًا؛ قال: وإن قضى فليس فيه اختلاف. "مسائل ابن هانئ" (622). قال الأثرم: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل عن رجل أصبح صائمًا متطوعًا ثم بدا له فأفطر، أيقضيه؟ قال: إن قضاه فحسن، وأرجو ألا يجب عليه شيء. "الاستذكار" 10/ 203، "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 601. قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يصبح صائمًا متطوعًا، أيكون بالخيار؟ والرجل يدخل في الصلاة أله أن يقطعها؟ فقال: الصلاة أشد، أمَّا الصلاة فلا يقطعها. قيل له: فإن قطعها قضاها؟ قال: إن قضاها فليس فيه اختلاف. "المغني" 4/ 413، "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 633

قال حرب: سُئل أحمد قيل: ما تقول فيمن نوى الصيام من الليل، ثم أصبح فأفطر؟ قال: إن قضى فهو أحب إليَّ، وإلا، فليس عليه شيء. وسئل عن رجل صام تطوعًا، فأراد أن يفطر: أعليه قضاء أم لا؟ قال: إذا كان من نذر أو قضاء رمضان يقضي، وإلا فلا. وروى حنبل عنه: إذا أجمع على الصيام فأوجبه على نفسه، فأفطر من غير عذر أعاد يومًا مكان ذلك اليوم. ونقل عنه: إذا كان نذرًا قضى وأطعم لكل يوم مسكينا. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 601 - 602. قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: تحفظ عن يحيى عن عمرة عن عائشة: أصبحت أنا وحفصة صائمتين (¬1). فأنكره، وقال: مَنْ رواه؟ قلت: جرير. فقال: جرير يحدث بالتوهم، وأشياء عن قتادة يسندها جرير بن حازم باطلة. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 612. ¬

_ (¬1) رواه من طريق جرير بن حازم بهذا الإسناد -النسائي في "الكبرى" 2/ 248 (3299) والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 109، وابن حبان 8/ 284 (3517)، وابن حزم 6/ 275، وابن عبد البر في "التمهيد" 12/ 70 - 71. ورواه الإمام أحمد 6/ 141، وأبو داود (2457)، والترمذي (735) من طرق عن عروة عن عائشة. وفي إسناده كلام طويل انظر: "الضعيفة" للألباني (5202) وقد ضعفه.

كتاب الاعتكاف

كتاب الاعتكاف 954 - فضل الاعتكاف قال أبو داود: قلت لأحمد: تعرف في فضل الاعتكاف شيئًا؟ قال: لا، إلا شيئًا ضعيفًا. "مسائل أبي داود" (663). 955 - إقراء القرآن، وتدريس العلم أفضل، أم الاعتكاف؟ قال المروذي: قلتُ لأبي عبد اللَّه: إن رجلا يقرئ في المسجد، وهو يُريدُ أن يعتكف، ولعله أن يختم في كل يوم؟ فقال: إذا فعل هذا كان لنفسه، وإذا قعد في المسجد كان له ولغيره، يقرئ أحب إليَّ. وفي لفظ: لا يتطيب المعتكف، ولا يقرئ في المسجد هو معتكف، وله أن يختم في كل يوم، فإذا فعل ذلك؛ كان لنفسه، وإذا قعد في المسجد كان له ولغيره، يقعد في المسجد يقرئ أحب إليَّ من أن يعتكف. "المغني" 4/ 481، "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 789. 956 - هل يشترط الصوم للاعتكاف؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يكونُ الاعتكافُ بغيرِ صومٍ؟ قال: أليس حديث عمرَ -رضي اللَّه عنه- نذر أنْ يعتكفَ ليلةً في الجاهلية فأمره

957 - هل يصح الاعتكاف للمرأة؟

النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنْ يفيَ بِهِ (¬1). قال إسحاق: هوَ عَلَى ما ينوي المعتكفُ إنْ نَوى صيامًا صامَ، وإلَّا فإنَّه يجوزُ لَهُ بغيرِ صيامٍ. "مسائل الكوسج" (684). قال أبو داود: قلتُ لأحمدَ: يكونُ اعتكافٌ بغيرِ صومٍ؟ قال: فيه اختلاف. "مسائل أبي داود" (669). وقال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الصوم يجب على المعتكف. فعاوده السائل، فقال: يصوم. "التمهيد" 7/ 339. نقل عنه حنبل، وقد سُئل عن الاعتكاف في غير شهر رمضان؟ فقال: لا يكون إلا في شهر رمضان؛ إلا النذر، فإن كان نذرًا، فلا بأس، وإنما الاعتكاف في شهر رمضان؛ لأنه لا اعتكاف إلا بصوم. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 754. 957 - هل يصح الاعتكاف للمرأة؟ قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه سُئل عن النساء يعتكفن؟ قال: نعم، قد اعتكف النساء. "التمهيد" 7/ 334، "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 746. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 37، والبخاري (2042)، ومسلم (1656)، من حديث عمر.

958 - مكان الاعتكاف

958 - مكان الاعتكاف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الاعتكافُ، في أي المساجدِ يكون؟ قال: في كلِّ مسجدٍ تُقامُ فيه الصلاةُ. "مسائل الكوسج" (714). قال أبو داود: قلت: في كل المساجد يعتكف؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (667). قال أبو داود: قلت: المرأة تعتكف في بيتها؟ قال: فذكر النساء يعتكفن في المسجد ويضرب لهن فيه بالخيم، قد ذهب هذا من الناسِ. "مسائل أبي داود" (668). قال ابن هانئ: وسمعته يقول: الاعتكاف في كل مسجد تقام فيه الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (679). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: الاعتكاف في كل مسجد. "مسائل عبد اللَّه" (729). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المعتكف يتجهز إلى الجمعة، أو يأتيها عند الأذان؟ وهل يكره له القعود في المسجد إلى أن يصلي في العصر؟ فقال: لا بأس به أن يتجهز إلى الجمعة، وأكره أن يقعد في المسجد إلى العصر، يرجع إلى معتكفه، يروى عن سعيد بن المسيب: لا اعتكاف إلا في مسجد بني (¬1): مسجد الرسول، والمسجد الحرام، ومسجد بيت المقدس. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 346 (8008)، وابن أبي شيبة 2/ 338 (9672) ولفظ عبد الرزاق: مسجد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

959 - حدود المسجد

ورخص في ذلك فيما سواه من المساجد سعيد بن جبير (¬1) وأبو قلابة وغير واحد. ورخص في ذلك ابن عباس (¬2)، وأرجو أن يكون ذلك واسعًا إن شاء اللَّه. "مسائل عبد اللَّه" (732). قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا بهز بن أسيد: حدثنا همام، عن قتادة، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس قال: لا اعتكاف إلا في مسجد تجمع فيه الصلوات. "مسائل عبد اللَّه" (733). قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن الاعتكاف في المسجد الكبير أعجب إليك أو مسجد الحي؟ قال: المسجد الكبير. وأرخ لي أن أعتكف في غيره. "المغني" 4/ 468، "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 828. 959 - حدود المسجد قال في رواية المروذي: يخرج المعتكف إلى الرحبة، هي من المسجد. وقال في رواية ابن الحكم: إذا سمع أذان العصر في رحبة المسجد الجامع، انصرف ولم يصل، ليس هو بمنزلة المسجد، حدّ المسجد هو الذي جعل عليه حائط وباب. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 723، "معونة أولي النهى" 3/ 461. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 347 (8011). (¬2) رواه البيهقي 4/ 316 عن ابن عباس والحسن.

960 - الاعتكاف بخيمة في المسجد وخارجه للرجل والمرأة

960 - الاعتكاف بخيمة في المسجد وخارجه للرجل والمرأة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يعتكفُ الرجلُ في المسجدِ في خيمةٍ؟ فكرهه، وقال: لا، إلَّا أنْ يشتدَّ البردُ. قال إسحاق: لا يكره لَهُ ذلك، إِذَا كانَ يحبُّ أنْ يقيَ المسجدَ لما يكون منه مِنْ حدثٍ أو سقوط شيءٍ مما يأتدم به. "مسائل الكوسج" (713). قال ابن هانئ: قيل له: يعتكف الرجل في المسجد في الخيمة؟ قال: لا يعتكف في الخيمة إلا من بردٍ شديد. "مسائل ابن هانئ" (678). 961 - من نذر الاعتكاف في مسجد فاعتكف في غيره قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ نذرَ أنْ يعتكفَ في مسجدِ إيلياء، فاعتكفَ في مسجدِ النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم يجزيه أمْ لا؟ قال: نعم، وكذلك لو نذرَ أنْ يعتكفَ في مسجدِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أجزأه أن يعتكف في المسجدِ الحرامِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (717). قال أبو طالب: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل نذر أن يصلي في بيت المقدس، ثم خرج إلى مكة أو المدينة؛ أجزأته الصلاة؟ قال: نعم.

962 - وقت دخول المعتكف معتكفه

قلت: ولا يخرج إلى بيت المقدس؟ قال: نعم، حديث ابن عمر: أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بوفاء النذور (¬1)، وقال اللَّه تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: آية 7]. قلت: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صل هاهنا" (¬2) للذي نذر أن يصلي في بيت المقدس. قال: نعم. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 770. 962 - وقت دخول المعتكف معتكفه قال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن المعتكف في أي يوم يدخل معتكفه؟ فقال: يدخله قبل غروب الشمس فيكون يبتدأ ليلته. فقيل له: قد روى يحيى بن سعيد، عن عمرة عن عائشة أم المؤمنين أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي الفجر ثم يدخل معتكفه (¬3)؟ فسكت. "التمهيد" 7/ 335، "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 777 - 778. قال حنبل: قال أحمدُ: أحب إليَّ أن يدخل قبل الليل، ولكن حديث عائشة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُصلي الفجر ثم يدخل معتكفه. "المغني" 4/ 460، "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 778. قال في رواية أبي طالب: إذا أراد أن يعتكف؛ دخل من صلاة المغرب، فيعتكف اليوم والليلة. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 2، والبخاري (1994)، ومسلم (1139). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 363، وأبو داود (3305) من حديث جابر. (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 84، والبخاري (2033)، ومسلم (1173).

963 - من نذر اعتكاف ليلة يلزمه يومها؟

قلت: ما تقول أنت؟ قال: إن قال: أيام؛ اعتكف من صلاة الفجر، إنما ذكر الأيام، وإن كان يريد الشهر، فمن صلاة المغرب من أول الشهر، إنما هو زيادة خير. "شرح العمدة" كتاب الصوم /778. 963 - من نذر اعتكاف ليلة يلزمه يومها؟ قال على بن سعيد: وقيل له: مالك يقول: إذا نذر أن يعتكف ليلة؛ فعليه أن يعتكف يومًا وليلته؟ فقال أحمد: هذا خلاف ما أوجبه على نفسه. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 780. 964 - من نذر صوم عشرة أيام أو شهرًا أو ثلاثين يومًا، يلزمه التتابع؟ نقل محمد بن الحكم عنه في رجل قال: للَّه عليَّ أن أصوم عشرة أيام؟ قال: يصومها متتابعًا، وإذا قال: شهرًا؛ فهو متتابع، وإذا قال: ثلاثين يومًا؛ فله أن يفرق. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 784.

باب: ما يستحب للمعتكف فعله في معتكفه

باب: ما يستحب للمعتكف فعله في معتكفه 965 - المعتكف إذا أراد أن ينام قال أحمدُ في رواية ابن حرب: المعتكف إذا أراد أن ينام؛ نام متربعًا؛ لئلا تبطل عليه الطهارة، فإذا كان نهارًا، وأراد أن ينام؛ فلا بأس أن يستند إلى سارية، ويكون ماء طهارته معلومًا؛ لئلا يقوم من نومه وليس مع ماء. قال علي بن حرب: إنما أراد أحمد أن يكون ماؤه معلومًا، لا يكون يستيقظ يشتغل قلبه بالطلب. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 789. 966 - ينبغي للمعتكف اجتناب ما لا يعنيه من القول والعمل قال أحمدُ في رواية المروذي: يجب على المعتكف أن يحفظ لسانه، ولا يؤويه إلا سقف المسجد، ولا ينبغي له إذا اعتكف أن يخيط أو يعمل. وقال في رواية الأثرم: لا بأس أن يقول للرجل: اشتر لي كذا واصنع كذا. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 792.

باب: ما يباح فعله للمعتكف

باب: ما يباح فعله للمعتكف 967 - النظافة والتطيب سألت أبا عبد اللَّه عن: المعتكف أيتطيب؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (677). قال أحمدُ في رواية المروذي: لا يتطيب المعتكف. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 799. 968 - ما يرخص للمعتكف من العمل والخروج والاشتراط في ذلك قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المعتكفُ، أي شيءٍ رُخِّصَ لَهُ أنْ يعملَ مِنِ اتباعِ الجِنَازة ونحوه؟ قال: حديثُ عائشة (¬1) أحبُّ إليَّ. قال إسحاق: لا يخرج المعتكفُ إلَّا لغائطٍ أو بول، وإنْ خرجَ إلى الجمعةِ فجائزٌ، وليخرج نحو الزوالِ أحبُّ إلينَا، فأمَّا عيادةُ المرضَى وشهود الجنازةِ فَلَا يفعل حتَّى يشترط. "مسائل الكوسج" (715). ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (2473)، والبيهقي 4/ 321، أن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: السنة على المعتكف أن لا يعود مريضًا، ولا يشهد جنازة. . الحديث. قال الألباني في "صحيح أبي داود" (2135): حسن صحيح.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل سفيان عَنِ المعتكف يشتري ويبيعُ؟ قال: يشتري من الخبزِ إذا لم يكنْ مَن يشتري له. قال أحمدُ: لا بأسَ أنْ يشتريَ الشيءَ إذا لم يكن له مَنْ يشتري له، ولا يُصَيِّرها تجارةً. قُلْتُ: لعودُ المريضَ، ويشهدُ الجنازَةَ؟ قال: نعم. قال إسحاق: لا يفعل شيئًا من ذلك أعجبُ إلينا، فإن اشترط إلا الجمعة، فإنه قد رُخِّصَ له في ذلك. "مسائل الكوسج" (779). قال أبو داود: قلتُ لأحمدَ: المعتكفُ يعودُ المريضَ ويتبعُ الجنازةَ؟ قال: أرجو. "مسائل أبي داود" (664). قال أبو داود: قلتُ لأحمدَ: يركعُ -أعني: المعتكفُ بعدَ الجمعةِ في المسجدِ؟ قال: نعم بقدر ما كان يركعُ، قلتُ: يتعجل إلى الجمعةِ؟ قال: أرجو. "مسائل أبي داود" (665). قال أبو داود: قلت: فيشتري طعامهُ الذي يأكلُ؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (666).

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في المعتكف: يعود المريض. أي: لا بأس به. "مسائل عبد اللَّه" (728). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: المعتكف يشهد الجنازة ولا يطيل. "مسائل عبد اللَّه" (734). قال حنبل: قال أحمدُ: يعود المريض ولا يجلس، ويقضي الحاجة ويعود إلى معتكفه. "الروايتين والوجهين" 1/ 268، "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 797. قال في رواية المروذي في المعتكف: يشترط أن يعود المريض ويتبع الجنازة؟ قال: أرجو. كأنه لم ير به بأسًا. "الروايتين والوجهين" 1/ 269، "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 805. قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن المعتكف: يشترط أن يأكل في أهله؟ قال: إذا اشترط، فنعم. قيل له: وتجيز الشرط في الاعتكاف؟ قال: نعم. قلت: فيبيت في أهله؟ فقال: إذا كان تطوعًا جاز. "المغني" 4/ 471، "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 809، 811. قال أبو طالب: سألت أحمد عن المعتكف يعمل عمله من الخياط وغيره؟ قال: ما يعجبني أن يعمل.

قلت: إن كان يحتاج؟ قال: إن كان يحتاج لا يعتكف. "المغني" 4/ 472، "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 797. قال حنبل: سمعتُ أبا عبد اللَّه يقول: المعتكف لا يبيع ولا يشترى إلا ما لا بد له منه، طعام أو نحو ذلك، فأما التجارة، والأخذ والعطاء، فلا يجوز شيء من ذلك. وقد روى المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه، عن المعتكف، ترى له أن يخيط؟ قال: لا ينبغي له أن يعتكف إذا كان يُريدُ أن يفعل. "المغني" 4/ 479، "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 797، 805. قال محمد بن الحكم: قال أحمد: المعتكف يعود المريض ويشهد الجنازة. وقال حرب: سُئل أحمد عن المعتكف يشهد الجنازة ويعود المريض ولأتي الجمعة؟ قال: نعم. ويتطوع في مسجد الجامع؟ قال: نعم، أرجو أن لا يضره. قيل: فيشترط المعتكف الغداء أو العشاء في منزله؟ فكره ذلك. قيل: فيشترط الخياطة في المسجد؟ قال: لا أدري. قيل: فهل يكون اعتكاف إلا بصيام؟ قال: قد اختلفوا فيه.

969 - المعتكف إذا طرأ عذر يمنعه من المكث في المسجد

وكذلك نقل الأثرم: يخرج لصلاة الجنازة. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 804 - 805، "الفروع" 3/ 200. قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن الاعتكاف في المسجد الكبير أعجب إليك أو مسجد الحي؟ قال: المسجد الكبير. وأرخص لي أن أعتكف في غيره. قل: فأين ترى أن أعتكف في هذا الجانب أو في هذا الجانب؟ قال: في ذاك الجانب هو أصلح. قلت: فمن اعتكف في هذا الجانب ترى أن يخرج إلى الشط يتهيأ؟ قال: إذا كان له حاجة لابد له من ذلك. قلت: يتوضأ الرجل في المسجد؟ قال: لا يعجبني أن يتوضأ في المسجد. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 828. نقل حرب عنه، وقد قيل له: يشترط أن يخيط؟ قال: لا أدري. "المبدع" 3/ 82. 969 - المعتكف إذا طرأ عذر يمنعه من المكث في المسجد قال ابن هانئ: سألته عن: المعتكفة إذا حاضت كيف تصنع؟ قال: تضرب لها خيمة. خارج المسجد. "مسائل ابن هانئ" (680). وقال في رواية أبي داود: المعتكف ببغداد إذا وقع فتنة يدع اعتكافه،

970 - إذا زال عذره يبني على اعتكافه؟

وليس عليه شيء إنما هو تطوع، والمعتكف ينفر إذا سمع النفير. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 826، 842. قال الأثرم: قال أحمدُ: الخروج إلى عبادان أحب إليَّ من الاعتكاف، وليس يعدل الجهاد والرباط شيء. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 845. ونقل عنه أبو طالب: لا يعتكف في الثغر لئلا يشغله عن النفير. "الإنصاف" 7/ 563 970 - إذا زال عذره يبني على اعتكافه؟ نقل عنه محمد بن الحكم عن أبيه، في الحائض إذا طهرت: تذهب إلى بيتها، فإذا طهرت؛ بنت على اعتكافها. "الفروع" 3/ 177.

باب ما يبطل الاعتكاف

باب ما يبطل الاعتكاف 971 - الجماع قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: المعتكفُ إِذَا وَقَع على امرأتِهِ؟ قال: انتقضَ اعتكافُهُ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قال: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] والمباشرةُ الجماعُ. "مسائل الكوسج" (718). قال صالح: وسألته عن المعتكف إذا جامع بطل اعتكافه يكون عليه قضاء إذا كان نذرًا أو لا؟ قال أبي: إن كان نذرًا، فعليه قضاؤه، وإن كان تكلم به متطوعًا، وأوجبه على نفسه فعليه قضاؤه. "مسائل صالح" (275). قال أبو داود: قلتُ لأحمد: والمعتكف إذا جامع عليه الكفارةُ؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (670). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: المعتكف يقع بأهله، ماذا عليه؟ قال: بطل اعتكافه، وعليه الاعتكاف من قابل. قلت: فإن كان في رمضان، وهو صائم؟ قال: عليه الكفّارة. "مسائل ابن هانئ" (676).

وقال في رواية حنبل: وذكر له قول ابن شهاب: من أصاب في اعتكافه؛ فهو كهيئة المظاهر (1). فقال أبو عبد اللَّه: وإذا كان نهارًا أوجبت عليه الكفارة. وقال في موضع آخر من مسائل حنبل: إذا واقع المعتكف أهله؛ بطل اعتكافه، وكان عليه أيام مكان ما أفسده، ويستقبل ذلك، ولا كفارة عليه إذا كان الذي واقع ليلًا وليس هو واجبًا فتجب عليه الكفارة. "الروايتين والوجهين" 1/ 268، "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 817.

972 - باب ما يستحب للمعتكف إذا أدى اعتكافه

972 - باب ما يستحب للمعتكف إذا أدى اعتكافه قال في رواية الأثرم: يخرج من معتكفه إلى المصلى. وقال في رواية المروذي: لا يلبس ثيابه يوم العيد، ويشهد العيد في ثيابه التي اعتكف فيها. "شرح العمدة" كتاب الصوم 2/ 846.

باب قضاء الاعتكاف

باب قضاء الاعتكاف 973 - من نذر الاعتكاف فأصابه عذر أو مات قبل الأداء قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: رجل نذر أن يعتكف، فمات قبل أن يعتكف، أيعتكف عنه أهله؟ قال: يعتكف عنه. قلت له: فإن لم يعتكفوا عنه؟ قال: ينبغي لهم أن يعتكفوا عنه، هذا نذر ينبغي أن يوفي به. "مسائل ابن هانئ" (681). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل جعل على نفسه أن يعتكف فمرض؟ قال: يقضي ما عليه من اعتكاف. قلت لأبي: يقضيه في غير رمضان؟ قال: نعم. قلت لأبي: فإن جاء رمضان آخر يعيد اعتكافه؟ قال: لا. "مسائل عبد اللَّه" (730). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن امرأة نذرت أن تعتكف في مسجد الجامع فمنعت. قال أبي: تعتكف في غير ذلك الموضع.

قلت: فإن منعت؟ قال: قال شريح: تصوم وتفطر معها كل يوم مسكين (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (731). انتهى كتاب الصوم ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 354 (8040).

كتاب الحج

كتاب الحج باب ما جاء في الحج وعلى من يجب 794 - فضل الحج نقل المروذي عنه في قوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} [المائدة: 97] قال: كان ابن عباس يقول: لو ترك الناس الحج سنة واحدة مالوا طُرًّا (¬1). "بدائع الفوائد" 3/ 99 نقل أبو طالب عنه: ليس يشبه الحج شيء؛ للتعب الذي فيه، ولتلك المشاعر، وفيه مشهد ليس في الإسلام مثله، عشية عرفة، وفيه إهلاك المال والبدن، وإن مات بعرفة، فقد طهر من ذنوبه. "الفروع" 1/ 531، "الإنصاف" 4/ 103. 975 - حكم تكرار الحج والعمرة قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل قد حج، يأخذ كل سنة حجة؟ قال: لا يعجبني هذا. "مسائل عبد اللَّه" (753). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 5/ 13 (8827) بلفظ: لو ترك الناس زيارة هذا البيت عامًا واحدًا ما مطروا.

ما جاء في شروط وجوب الحج

ما جاء في شروط وجوب الحج 976 - مَنْ حجَّ ثم ارتد ثم أَسلم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل حجَّ، ثُمَّ ارتد، ثمَّ أسلمَ، من قال: يستأنف الحج؟ قال أحْمَد: يستأنفُ. قال إسحاق: كما قال: لمَّا قال جلَّ ذكرهُ: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65]. "مسائل الكوسج" (1581). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: قال سفيانُ في رجلٍ حجَّ، ثُمَّ ارتدَّ، ثُم أسْلمَ؟ قال: يستأنفُ الحجَّ لا تجزئه حجتُهُ تلكَ. قيلَ له: فإن أصَابَ في حجتِهِ تلكَ ما يجبُ عليهِ من الكفَّاراتِ، ثم ارتَدَّ، ثُم أَسَلمَ تَرى عليهِ كفارةً؟ فقال: لا، كلُّ شيءٍ عملَهُ وهوَ مُسْلم من الفرائِضِ، ثم ارتدَّ فليسَ عليه قضاءٌ، يستأن إذا أسلمَ؛ لأنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى يقولُ: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65]. قال أحْمَد: كلُّ شيءٍ وجَبَ عليهِ وهوَ مسلم فهُو عليهِ لابدَّ له من أن يَأتي به. قال إسحاق: كما قال أحمد؛ لأن ارتداده لا يخففُ عنه فرضًا كان لزمَه في إسلامِهِ. "مسائل الكوسج" (1680)

977 - حج الأقلف

977 - حج الأقلف قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحْمَد عن رجلٍ أَسْلَمَ وهو أقلف يحجُّ أو يختتن؟ قال: يختتنُ ثم يحجُّ؛ لأنَّ ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنه- قال: لا تُقبلُ للأقلفِ صلاة ولا ولاء (¬1). "مسائل الكوسج" (3377). 978 - حج الصبي قال أبو داود: سمعت أحْمَد يقول في الصبي يحج به أهله، ثم يدرك؟ قال: يحج. يعني: حجة أخرى. "مسائل أبي داود" (708). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل يحج بولده ولم يحتلم، هل يجوز حجه؟ قال: أكثر شيء عندنا إذا هو احتلم، وأما الإنبات وابن خمس عشرة في الحدود، يجوز عليهم. "مسائل ابن هانئ" (713). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل تحج به أمه وهو صغير، أله حج؟ قال: إذا بلغ الرجل خمس عشرة سنة فله حج، وإذا احتلم فله حج. "مسائل ابن هانئ" (714). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 483 - 484 (8562)، وابن أبي شيبة 5/ 20 (23324) بنحوه.

979 - ما يفعله الصبي بنفسه أو بغيره في حجه

قال الأَثْرَمُ: قُلْتُ لأبي عبد اللَّه: الذي يصح في هذا الحديث (¬1) حديث كريب مرسل؟ أو عن ابن عباس (¬2)؟ فقال: هو عن ابن عباس صحيح. قيل لأبي عبد اللَّه: أن الثوري ومالكًا يرسلانه، فقال: معمر وابن عيينة وغيرهما قد أسندوه. "التمهيد" 9/ 283. 979 - ما يفعله الصبي بنفسه أو بغيره في حجه قال أبو دَاود: ثنا أحْمَد قال: ثنا عبد الأعلى، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يحج بصبيانه، فمن استطاع منهم أن يرمي رمى، ومن لم يستطع رمى عنه (¬3). "مسائل أبي داود" (773). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا روح قال: ثنا ابن جريج، عن عطاء قال: فإن كان صبيًّا رطبا لا يرمي إن علم، فليركب به إلى الجمرة فليرمها عنه، ولا يترك في المنزل، وليوقف به في المدعى كما يذهب إلى عرفة، فهذا مثل ذلك إلا أن يكون معتلا، لا يستطيع أن يركب. "مسائل أبي داود" (774). ¬

_ (¬1) يعني حديث ابن عباس أن امرأة رفعت صبيًّا لها فقالت: يا رسول اللَّه ألهذا حج؟ قال: "نعم ولكِ أجر". (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 343، ومسلم (1336) (411) عن كريب مرسلًا، ورواه الإمام أحمد 1/ 219، ومسلم (1336) من طريق كريب، عن ابن عباس. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 3/ 233 (13841) من طريق عبد الأعلى، به.

قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا عبد اللَّه بن نمير، عن عبد الملك، عن عطاء في الصبي يحج ولا يحسن يلبي. قال: يلبي عنه أبوه أو وليه (¬1). "مسائل أبي داود" (775). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا روح قال: ثنا ابن جريج، عن عطاء، قال: والصبي الرطب وغيره إذا فرض أهله عليه الحج فعليه ما على الكبير في المناسك يمنع الطيب، ولا يصدر به حتى يكون آخر عهده بالبيت، وإذا أراد أهله أن يتمتعوا به فهي له. "مسائل أبي داود" (776). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا روح قال: ثنا ابن جريج قال: قال عطاء: ويجزئ عن الصغير والمريض أن يرمى عنهما؟ قُلْتُ: من يرمي عنهما؟ قال: ذو رحم أقربهم إليه أحب إلي، فإن لم يكن رجل فامرأة ذات رحم، وإن لم يكن ذو رحم فمولاك أو غلامك. "مسائل أبي داود" (777). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا عفان قال: ثنا حماد بن سلمة قال: أنبأ ابن جريج، عن عطاء في الصبي والشيخ الكبير إذا بلغا الوقت، فلم يستطيعا أن يلبيا، لبي عنهما. "مسائل أبي داود" (778). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا عبد الرزاق قال: أنبأ ابن جريج، عن عطاء قال: قُلْتُ له: الغلام لم يبلغ يطاف به أيوضأ؟ قال: ما عليه، ما على ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 233 (13842).

980 - المجنون عليه حج

العاقل إلا أن يبتغي أهله البركة في وضوئه (¬1). وقال: إذا رمى الرجل عن الصغير رمى رميين جميعا، عن نفسه وعن الصغير. "مسائل أبي داود" (779). ونقل حنبل عنه: يُحْرمُ عنه أبوه، أو وليه. "المغني" 5/ 51. 980 - المجنون عليه حج قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: المجنون عليه حج إذا مات؟ قال: لا، إلا أن يفيق. "مسائل أبي داود" (711). 981 - إذا نذر العبد الحج؟ قال ابن هانئ: سألته عن مملوك لرجل؟ فقال: المملوك: إذا دخل أول يوم من رمضان، فامرأته طالق ثلاثًا إن لم يحرم أول يوم من رمضان؟ قال: يحرم ولا يطلق امرأته. قُلْتُ: فإن منعه سيده أن يخرج إلى مكة؟ قال: : ليس له أن يمنعه أن يخرج إلى مكة، إذا علم منه رشدًا. "مسائل ابن هانئ" (717)، ونقلها عبد للَّه عن أبيه "مسائل عبد اللَّه" (906)، (907). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 5/ 70 (9024).

فصل: الاستطاعة في الحج

فصل: الاستطاعة في الحج 982 - ما جاء في تأويل الاستطاعة في الحج قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قوله عَزَّ وَجَلَّ: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}؟ قال: الزادُ والراحلةُ مِنْ موضعِهِ الذي يكونُ فيه. قال إسحاق: كما قال، ولكن لا تحسب عليه الدار والخادم. "مسائل الكوسج" (1363). قال أبو داود: سمعت أحْمَد يقول: قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]. "مسائل أبي داود" (671). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا هشيم، عن يونس، عن الحسن قال: لما نزلت هذِه الآية: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]، قال رجل: يا رسول اللَّه: ما السبيل؟ قال: "الزاد والراحلة" (¬1). "مسائل أبي داود" (672)، ورواها عبد اللَّه عن أبيه في "مسائله" (737) ¬

_ (¬1) رواه أبو داود في "مراسيله" 143 - 144 (133)، وسعيد بن منصور في "السنن" 3/ 1076 (518) تحقيق: سعد آل حميد، والبيهقي 4/ 327 وقال: ورويناه من أوجه صحيحة عن الحسن البصري، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. اهـ قلت: وقد روي موصولا من حديث ابن عباس، وجابر، وعبد اللَّه بن عمر وابن مسعود، وأنس، وعائشة وغيرهم، وليس فيها إسناد يحتج به كما قاله عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 2/ 258، قال ابن الملقن في "البدر المنير" 6/ 29: وأسانيده صحيحة إلى الحسن إلا أنه مرسل، وقال ابن المنذر: الصحيح من الروايات رواية الحسن البصري. اهـ. وقال الألباني في "الإرواء" (988): إن طرق هذا الحديث كلها واهية وبعضها أو هى من بعض، وأحسنها طريق الحسن البصري المرسل.

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}. "مسائل عبد اللَّه" (735). قال عبد اللَّه: قُلْتُ: قوله: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}؟ قال: الزاد والراحلة من الموضع الذي يكون فيه. "مسائل عبد اللَّه" (736).

أقسام الاستطاعة وحدودها

أقسام الاستطاعة وحدودها الأول: المستطيع بنفسه وماله، وحدوده 983 - أ- ملك ما يحصل به قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا وكيع قال: ثنا عمران بن حدير، عن [النزال] (¬1) بن عمار، عن ابن عباس أنه قال: من ملك ثلاثمائة درهم وجب عليه الحج وحرم عليه نكاح الإماء (¬2). سمعت أحْمَد قال: تكلم بهذا ابن عباس بالبصرة، يعني: أن الأمصار في هذا تختلف لبعد المسافة وقربها. "مسائل أبي داود" (673). قال ابن هانئ: سألته عن حديث ابن عباس: أنه خطب فقال: من ملك ثلاثمائة درهم وجب عليه الحج؟ قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إنما خطب ابن عباس بالبصرة، فهذا من البصرة، يمكنه الحج بثلاثين دينارًا، فأما من خراسان وغيره من البعد فلا يمكنه هذا. "مسائل ابن هانئ" (777). قال ابن هانئ: حضرت أبا عبد اللَّه، ورجل يسأله عن رجل وعده حجة، فعمد الرجل فأحرم، فلم يعطه شيئًا، كيف ترى له أن يعمل؟ قال أبو عبد اللَّه للرجل: معك شيء؛ قال: نعم، معي ثلاثة دنانير. قال: فهذِه .. . (¬3)، لا أرى لك أن تتخلف، تخرج فإنها تبلغك إن شاء ¬

_ (¬1) في الأصل: النوال. والمثبت من مصادر التخريج. (¬2) رواه عبد الرزاق 7/ 264 (13085)، وابن أبي شيبة 3/ 418 (15711). (¬3) قال محقق "مسائل ابن هانئ": هنا مقدار كلمه أفسدها الحبر، لعلها: (تكفيك).

اللَّه إن مشيت. "مسائل ابن هانئ" (815). قال أبو الطيب: قال لي أبو القاسم البغوي: قال لي أحْمَد بن حنبل: خرجت أشيع الحاج إلى أن صرت في ظهر القادسية، فوقع في نفسي شهوة الحج. ففكرت، فقُلْتُ: بماذا أحج، وليس معي إلا خمسة دراهم -أو قيمة ثيابي خمسة، شك الراوي- فإذا أنا برجل قد عارضني، وقال: يا أبا عبد اللَّه: اسم كبير ونية ضعيفة، عارضك كذا وكذا. فقُلْتُ: كان ذاك. فقال: تعزم على صحبتي؟ فقُلْتُ: نعم. فأخذ بيدي، وعارضنا القافلة، فسرنا بسيرها إلى وقت الرواح -وهو بين العشاء والعتمة- ونزلنا، فقال: تعزم على الإفطار؟ فقُلْتُ: ما آبى ذلك. فقال لي: قم فأبصر أي شيء هناك فجئ به؟ فأصبت طبقا فيه خبز حار وبقل وقصعة فيها عراق تفور، وزقًّا فيه ماء، فجئت به وهو قائم يصلي فأوجز في صلاته، فقال: يا أبا عبد اللَّه، كل. فقُلْتُ: فأنت؟ فقال: كل، ودعني أنا. فأكلت وعزمت على أن أدخر منه. فقال لي: يا أبا عبد اللَّه، إنه طعام لا يدخر. فكان هذا سبيلي معه كذلك، فقضينا حجنا. وكان قوتي مثل ذلك، حتى وافينا إلى الموضع الذي أخذني منه، فودعني وانصرف، فقال أبو الطيب للبغوي: أتعرف الرجل؟ فقال: أظنه الخضر عليه السلام. "مسائل البغوي" (105). قال في رواية حنبل: وليس على الرجل الحج إلا أن يجد الزاد والراحلة. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 124، 125.

984 - إن كان قادرا على تحصيل السبيل من صنعة أو تجارة الحج، هل يلزمه الحج؟

نقل أبو طالب: يجب عليه الحج إذا كان معه نفقة تبلغه مكة ويرجع، ويخلف نفقة لأهله حتى يرجع. "الفروع" 3/ 330. 984 - إن كان قادرًا على تحصيل السبيل من صنعة أو تجارة الحج، هل يلزمه الحج؟ قال صالح: قُلْتُ: المحرم يحتاج فيعمل في إحرامه؟ قال: نعم، ويستقي الماء، ولكن لا يدخله في صدره، يحمله على رأسه، كذا قال عطاء، فإذا حمل على صدره أفتدى. وقال ابن عباس لما رد عليه: كفِّر. "مسائل صالح" (1209). قال أبو داود: سمعت أحْمَد وسأله رجل قال: أريدُ الحجَّ فأحملُ معي متاعًا للتجارة؟ فقال: من الناس من يتناول هذِه الآية {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] في مواسم الحجِّ، ولكنْ لو لم يكن معهُ تجارةٌ كان أخلصَ. "مسائل أبي داود" (819). قال أبو دَاود: سمعت أحْمَد سُئِلَ عن رجل ضمن لامرأته أن يحج عنها، وحاله ضعيف، فأخذ من أقوام متاعًا استأجروا أن يحمله إلى منى فيبيعهُ بعد الموسم؟ قال: لا، ينفق في إقامته عليه من مالها. "مسائل أبي داود" (899)

985 - الرجل يكري نفسه للخدمة ليحج

985 - الرجل يكري نفسه للخدمة ليحج قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: فيمن يكري نفسه، يحج؟ قال: نعم. قال إسحاق: جائز كما قال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- في هذا {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا} (¬1). "مسائل الكوسج" (1374). قال عبد اللَّه: سألت أبي عمن يكري نفسه للحج ويحج؟ قال: لا بأس به. "مسائل عبد اللَّه" (828). قال حرب: قُلْتُ: رجل استأجر رجلا ليخرج معه فيخدمه فحج عن نفسه؟ قال: أرجو أن يجزئه. قلت: إذا كان أجيرا؟ قال: نعم. قُلتُ: الرجل يحج مع الرجل فيكفيه نفقته، وما يحتاج إليه أترجو أن يجزئ عنه؟ قال: نعم، يجزئ عنه، وهو بمنزلة من يكري دوابه في هذا الوجه أو يتجر فيه. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 251 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 363 (15136)، والبيهقي 4/ 333.

986 - من استطاع الحج ماشيا، يمشي أم يركب؟

986 - من استطاع الحج ماشيًا، يمشي أم يركب؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الحج ماشيًا أحبُّ إليكَ أَمْ رَاكبًا؟ قال: لا أدري. قال إسحاق: الماشي أفضلُ إلا أن يحمل على نفسه ما يشق عليه، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {يَأتوُكَ رِجَالًا} بدأَ بالرجالِ. "مسائل الكوسج" (1425). 987 - ب- فاضلًا عما يحتاج إليه قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن رجل رأسُ ماله عشرون دينارًا وله عيال؛ أعليه حج؟ قال: أرجو أن لا يكون عليه حجٌّ؛ إذا حج ضيع عياله، يعني: من بغداد. "مسائل أبي داود" (709) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه، قُلْتُ، رجل معه ما يحج ولم يكن تزوج وهو يخاف على نفسه؟ قال: يتزوج ويترك الحج. "مسائل ابن هانئ" (708). قال ابن هانئ: سألته عن رجل له ضيعة تقيم خمسة عشر ألفًا، وله عيال وما يقوته. فإن باع منها شيئًا وخرج لا تقوته له ولعياله؟ فقال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إذا كان لا يفضل من ضيعته شيء فليس عليه حج. "مسائل ابن هانئ" (716).

قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: حدثنا سفيان، قال: حدثني صاحب لنا، قال: قال -يعني: أبا إسحاق: أيشتري الرجل طيلسانًا ولم يحج؟ ! "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (305) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: رجل يملك خمسمائة درهم وهو رجل جاهل أيحج بها، أم يطلب العلم؟ قال: لا يحج؛ لأن الحج فريضة، وطلب الحديث عليه فريضة، وينبغي له أن يطلب العلم. "مسائل عبد اللَّه" (738). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل له كرم يستغل منه كل سنة ما يقوته يبيعه ثم يحج؟ قال أبي: لا أرى أن يبيع عقارًا ثم يحج، إلا أن يكون شيء يفحش مثل ضيعة تسوي مائة ألف، فأما أن يكون قوته فلا أراه. "مسائل عبد اللَّه" (866). قال ابن سعيد الكندي: سئل أحْمَد: إذا كان مع الرجل مال، فإن تزوج به لم يبق معه فضل يحج به، وإن حج خشي على نفسه؟ قال أحْمَد: إذا لم يكن له صبر عن التزويج تزوج، وترك الحج. "طبقات الحنابلة" 1/ 51. قال في راوية أبي طالب: إذا كان معه مائتا درهم ولم يحج قط فإنه يقضي دينه، ولا يحج، فإن كان على أبيه دين فليحج الفريضة، وإن كان قد حج الفريضة يقضي دين أبيه، إن كان الأب لم يحج دفع إلى أبيه حتى يحج.

وقال أيضا: ويجب على الرجل الحج إذا كان معه نفقة تبلغه إلى مكة ويرجع، ويخلف نفقة لأهله ما يكفيهم حتى يرجع. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 152 - 153. نقل عنه جعفر بن محمد في رجل عنده أربعمائة درهم، ويخاف على نفسه العنت، ولم يحج وأبواه يأمرانه بالتزويج، قال: يحج ولا يطيعهما في ذلك. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 156. نقل عنه الميموني: أرأيت إن كان عنده عشرة آلاف، وعليه عشرة آلاف لا يحج ما تقول في حج هذا إذا حج؟ قال الميموني: على القياس حجه فاسد على قول من قال: ليس له أن يحج من هذا المال (¬1). فقال لي: ما يرى هذا إلا شنيع. "بدائع الفوائد" 4/ 55. قال الميموني: قال أحْمَد: إذا كان المسكن والمسكنين والخادم، أو الشيء الذي يعود به على عياله، فلا يباع إذا كان كفاية لأهله، وقد تكون المنازل يكريها إنما هي قوته وقوت عياله، فإذا خرج عن كفايته ومؤنته ومؤنة عياله باع، والضيعة مثل ذلك، إذا كان فضلًا عن المؤنة باع. ¬

_ (¬1) قال القاضي أبو يعلى: هذا القياس غير صحيح؛ لأنه وإن كان دينه بقدر ما بيده فهو لم يحج بمال حرام، حتى تكون مسألة الحج بالمال الحرام، وإنما حج بماله نفسه، ولكنه أثم بتأخير قضاء الدين من هذا المال، ولو أنه اكتسب في هذا المال ونما، لكان نماؤه لم يختص به، ولو تصدق منه لكان ثوابه له، فلا يصح قياسها على ما لو سرق مالًا لغيره وحج به. "بدائع الفوائد" 4/ 55.

وقال في رواية ابن الحكم: إذا كان لرجل أرض، فلا أرى أن يبيع ويحج، ولا يجب عليه عندي إلا أن يشاء. "تقرير القواعد" 3/ 726.

المستطيع بغيره في الحج

2 - المستطيع بغيره في الحج 988 - هل تثبت الاستطاعة ببذل ابنه لطاعة أو المال، أو ببذل غيره المال؛ وهل يستوي في ذلك ون المبذول له حيًّا -معضوب أو غير معضوب- أو ميتًا؟ وحكم الاستئجار على القربات الشرعية، وأخذ الأجرة على ذلك. قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: حجُّ الرجلِ عَنِ الرَّجلِ وقد ماتَ؟ قال: إذا كان يحج عَن أبيه أو عن أمِّهِ، وأمَّا أنْ يأخذَ دراهمَ ويحج فلا يعجبني، لا أدري ما هو؟ ! قال إسحاق: هو جائز، من يقول: كل الناس؟ ومن الآباء والأبناء والقرابة. "مسائل الكوسج" (1368). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: أكره أن يُستأجرَ الرجلُ عن أَبويه يحجُّ عنهُمَا. قال أحْمَد: نحن نكرهُ هذا كلَّه إلَّا أن يعينه في الحجِّ. قال إسحاق: لا أرى استئجارَ حاجّ عَن مَيتٍ أبدًا، بل يُعطى قدرَ ما يحجُّ به عن الميِّتِ، فيكونُ حَجُّه كلُّه مِنه، وما فضل رده حتَّى يصرفوه في مثلِه. "مسائل الكوسج" (1665). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: أكْرَهُ أنْ يَسْتَأجرَ الرجل الرجلَ أنْ يحجَّ عَنْ آخر، فإنْ فعَل قضَى عنهُ المنَاسكَ فإنِّي أرجُو أنْ يجزئه.

قال أحْمَد: أكْرهُ أنْ يَسْتَأجرَ الرجلُ الرجلَ أنْ يحجَّ عن آخر، إنَّمَا يُجَهَّزُ الرجلُ أن يحجَّ عن الميتِ. قال إسحاق: كما قال، وقد أحسنَ سفيان إذ قاطعَ، فإنَّا وإن كرهنَا المقاطعة فإنَّ قومًا من علماءِ أهلِ الحجازِ رأوهُ جائزًا، فلا يغرمه وقدْ تمَّ الحجُّ عنْ صاحبِه. "مسائل الكوسج" (1705). قال صالح: وسألت أبي عن الحج عن الميت؟ فقال: لا بأس بأن يعان في الحج، وأمَّا يستأجر، فلم أسمع به. "مسائل صالح" (196). قال صالح: وسئل عن: رجل لم يحج يصلح له أن يأخذ دراهم ويحج عن غيره؟ قال: لا. قال أبي: ولا يعجبني أن يأخذ الدراهم ويحج عن غيره. "مسائل صالح" (419). قال صالح: سألت أبي عن الرجل يعطي الدراهم ليحج بها عن الميت؟ فقال: أكرهه. قُلْتُ: فالقرابة؟ قال: أليس يقال: إن رجلا لبى: لبيك عن شبرمة، فقال: "من شبرمة؟ " فقال: قرابة (¬1). ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (1811)، وابن ماجه (2903)، وصححه ابن الجارود 2/ 113 - 114 (499)، وابن خزيمة 4/ 345 (3039) والبيهقي 4/ 336 من حديث ابن عباس. قال البيهقي: إسناده صحيح، وليس في هذا الباب أصح منه. =

قال: وأنا أرى أن يوصي الرجل بالحج، ولكن أكره للرجل أن يكون يأخذ على شيء من فعل الخير أجرًا. "مسائل صالح" (1084). قال أبو داود: سمعت أحْمَد، قال له رجل: أريد أن أحج عن أمي، أترجو أن يكون لي أجر حجةٍ أيضًا؟ قال: نعم، تقضي عنها دينًا عليها. "مسائل أبي داود" (893). قال أبو داود: سمعت قال له رجل: أريد أن أحج عن أمي فأنفق من مالي وأنوي عنها، أليس جائزًا؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (894). قال ابن هانئ: سألتُ أبا عبدِ اللَّه عن رجل مقعد لا يستطيع أن يحج، عليه حج؟ . قال: نعم، يجهز رجلًا فيحج عنه. "مسائل ابن هانئ" (711)، (893). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل زَمِن، قال: إني لا أستطيع الحج، عليه حج؟ قال: نعم، إن كنت تثبت على الراحلة. قال: لا أثبت. قال: تجهز رجلًا فيحج عنك. "مسائل ابن هانئ" (712) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يكون قد حج فيريد أن ¬

_ = وقال ابن الملقن في "البدر المنير" 6/ 46: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقال الألباني في "الإرواء" (994): صحيح.

يحج ولم يكن والداه قد حجَّا؟ قال: يجعل حجة التطوع عنهما، عن كل واحد منهما حجة. "مسائل ابن هانئ" (889). قال ابن هانئ: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: سمعت ابن عيينة يقول -وسأله رجل- أيحج عن الرجل وهو في الحياة؟ قال: إذا كان قد وجب عليه الحج يحج عنه. "مسائل ابن هانئ" (906). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الحج عن الحي؟ قال: نعم، حيث قالت المرأة: يا رسول اللَّه إن أبي شيخ كبير، لا يستطيع الحج، أفأحج عنه؟ قال: "نعم" (¬1)، فإذا كان رجل كبير على مثل ما روت المرأة، فلا بأس أن تحج عنه، وإن كانت امرأة معتلة لا تستطيع الحج، حج عنها، أو رجل به علة لا يستطيع الحج حج عنه، وكذلك كل من لا يستطيع الحج عنه، وكذلك كل من لا يستطيع الحج حج عنه. "مسائل عبد اللَّه" (881). قال حنبل: قال أحْمَد: لا يعجبني أن يأخذ دراهم فيحج بها، إلا أن يكون الرجل متبرعًا بحج عن أبيه، عن أمه، عن أخيه، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للذي سأله: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 133 - 134 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 219، والبخاري (1513)، ومسلم (1334) من حديث ابن عباس.

قال أبو طالب: قال أحْمَد: يحج الرجل عن الرجل وهو حي وعن المرأة وإذا كان شيخا كبيرا لا يستمسك على الراحلة يحج عنه وليه، وإذا كانت امرأة ثقيلة لا يقدر مثلها تركب، والمريض الذي قد أُيس منه أن يبرأ فيحج عنهم وليهم، وهذا الذي أمر فيه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الخثعمية قالت: يا رسول اللَّه: إن أبي شيخ كبير وقد أدركته فريضة اللَّه في الإسلام، وهو لا يستمسك على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: " نعم، حجي عن أبيك". "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 161. وسئل في رواية الجرجرائي عن الرجل يعطى للحج عن ميت؟ قال: لا، لا يأخذ. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 234. قال أبو الحارث، وقد سئل: يحج الرجل عن أبيه وعن أمه؟ فقال: إن حج من مال نفسه متبرعا، وإن كان من مال الميت فلا يحج وارث عن وارث. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 235. قال أبو طالب: قال أحْمَد: والذي يحج عن الناس بالأجر ليس عندنا فيه شيء، وما سمعنا أن أحدًا استأجر من حج عن ميت. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 241. نقل عنه الجرجرائي في المعضوب: يحج عنه وليه. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 243.

989 - من أراد الحج عن أبويه، بمن يبدأ؟

989 - من أراد الحج عن أبويه، بمن يبدأ؟ قال ابن راشد القطان: قال أحْمَد: إذا أراد الرجل أن يحج عن أبويه فليبدأ بالأم إلا أن يكون الأب قد وجب عليه. "طبقات الحنابلة" 2/ 567، "شرح العمدة"، كتاب الحج 1/ 234. نقل أبو طالب عنه: يقدم دين أبيه على نفله لنفسه، فأمه أولى. "الفروع" 3/ 271، "المبدع" 3/ 106، "معونة أولي النهى" 4/ 34 990 - الحج عن غير القادر ثم قدر قال إسحاق بن منصور: قال أحْمَد: إذا كان الرجلُ لا يقدرُ على الحجِّ فحجوا عنه، ثم صح بعد ذَلِكَ قدر فقد قضي عنه الحج. قال إسحاق: كما قال؛ لأنه حين فعله أتى ما أُمر به. "مسائل الكوسج" (1436) 991 - الحج عمن لم يجب عليه الحج. قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحْمَد عن امرأةٍ اجتمعَ لها خمسمائة درهم مما بيع من الخَرْفِي (¬1)، أوصت يحج عنها؟ قال: هذِه لم يجب عليها حج، ثم قال: أما الثلث فيحج بها من حيث بلغ. "مسائل الكوسج" (3372). ¬

_ (¬1) قال الدينوري: الخرفي: معرب، وأصله فارسي؛ من القطاني وهو الحب الذي يسمى الجلبان -اللام مشددة وربما خففت- ولم أسمعها من الفصحاء إلا مشددة، واسمه بالفارسية: الخلر والخربى. "العباب الزاخر" [خرف].

992 - إذا أدى حجة الإسلام، وأراد التطوع فهل له أن يستنيب عنه؟

قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال: كان سفيان بن عيينة إذا قيل له في الحج عمن لم يجب عليه الحجُّ؟ لا يأمرُ بهِ، يقولُ: استغفر لهُ، ادعُ اللَّه لهُ، إلا أن يكون وجب عليه. "مسائل أبي داود" (892). 992 - إذا أدى حجة الإسلام، وأراد التطوع فهل له أن يستنيب عنه؟ قال الأَثْرَمُ: وقد سئل عن: الصحيح هل له أن يعطي من يحج عنه بعد الفريضة يتطوع بذلك؟ فقال: إنما جاء الحديث في الذي لا يستطيع، ولكن إن أحج الصحيح عنه فأرجو أن لا يضره. وقال أبو جعفر محمد بن أبي حرب الجرجرائي: سألته عمن قد حج الفريضة، يعطي دراهم يحج عنه؟ فقال: أيش يكون له، ليس عليه شيء. رأى أنه ليس له أن يحج عنه بعد الفريضة. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 236. 993 - قضاء باقي النسك عَمَّن مات في الحج أو عجز عنه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَن ماتَ وقد بقي عليه من نُسكِهِ؟ قال: يُقْضَى عنه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1371).

قال صالح: وسئل عن رجل وجب عليه الحج من خراسان يحج عنه من مكة؟ قال: لا، يُحَجُّ عنه من موضع وجب عليه الحج. "مسائل صالح" (420). قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: إذا ماتَ الرجلُ بمنى يقضى عنه ما بقي عليه من المناسك؟ قال: نعم. قُلْتُ: يفعله الذي هو حاجٌّ عن نفسه؟ قال: نعم. قُلْتُ: فيوقف عنه بالمزدلفة -أعني: إنْ لم يقفْ؟ قالَ: نعم. "مسائل أبي داود" (891). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن رجل خرج حاجًا فلما بلغ بغداد مات فأوصى أن يحج عنه؟ قال: يحج عنه. قُلْتُ: من بغداد؟ قال: نعم؛ لأنه قد انتهى إليها. "مسائل أبي داود" (904). قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: رجل من أهل الري وجب عليه الحج بنيسابور، ثم مات ببغداد وأوصى، من أين يحج عنه؟ قال: أقام بنيسابور؟ قُلْتُ: لا، قدمها مسافرًا فأصاب مالًا. قال: يحج عنه من حيث وجب عليه. "مسائل أبي داود" (905).

قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: فرجل من أهل الريِّ وجب عليه الحج ببغداد ومات بنيسابور فأوصى بحج؟ قال: يحج عنه من بغداد. "مسائل أبي داود" (906). قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: ثنا رَوح قال: حدثنا ابن جريج قال: وأما عمرو بن دينار فقال: إذا مات المتمتع، وقد لبّى بالحج حيثما مات بمكة أو بغير عرفة، [في غير يوم عرفة حيثما مات] (¬1) وقد لبّى بالحج، فهو حاج عليه ما على الحاج. "مسائل ابن هانئ" (752). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن متمتع مات قبل أن يذبح؟ قال: إذا وقف بعرفة وجب عليه الهدي، وبعض الناس يقول: ويجب عليه، وقف، أو لم يقف. "مسائل ابن هانئ" (770). قال ابن هانئ: وسألت أبا عبد اللَّه عن معتمر مات، وقد لبّى بالحج، فمات بمكة أو بغير عرفة في يوم عرفة؟ قال: يجب عليه الهدي. "مسائل ابن هانئ" (771). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل يريد أن يحج عن الميت، فيحرم للميت من عند قبره حتى يبلغ الميقات، ثم يستأجر رجلا للميت أن يحج عنه وهو محرم لنفسه، ما ترى؟ قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يحج عنه من البلد التي يجب عليه منه الحج. "مسائل ابن هانئ" (894). ¬

_ (¬1) هكذا في المطبوع من "مسائل ابن هانئ".

قال عبد اللَّه: سألت أبي عمن مات وقد بقي عليه من نسكه شيء؟ قال: يُقضى عنه، لا بأس به. "مسائل عبد اللَّه" (827). ونقل الأثرم عنه يحج عنه من حيث وجب عليه من حيث أيسر. قيل له: فرجل من أهل بغداد خرج إلى خراسان فأيسر، ثم تحج عنه من حيث أيسر، فذكر له أن رجلًا قال: يحج عنه من الميقات، فأنكره. "شرح العمدة" 1/ 194. وقال الفضل بن زياد: وسمعته وقد سئل عن محرم أحرم من خراسان، فلما صار ببغداد مات أوصى أن يحج عنه. يحرم عنه من بغداد أو من المواقيت؟ قال: من المواقيت. "بدائع الفوائد" 4/ 57.

فصل: أحكام النائب عن الغير في الحج

فصل: أحكام النائب عن الغير في الحج 994 - لا يحج عن غيره من لا يحج عن نفسه قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا الرَّجُلُ الذي عليهِ الحجُّ وقد ذَهَبَ مالُهُ ولم يحج، وكانَ مفرطًا، ألهُ أنْ يحجَّ لغيرهِ؛ فإنَّ السُّنَّةَ في ذَلِكَ ما جَاءَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مُجْمَلًا، حيثُ رأى رجلًا يُلبِّي عن شبرمةَ، فقال لهُ: "أحججتَ عن نَفسِك؟ " قال: لا. قال: "فاجعل هذِه عن نفسك، ثم حجّ لصَاحِبِكَ" (¬1) فهذا الذِي يُعتمدُ عليه، والَّذي ذُكرَ عنِ النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم في الفقير أنه يحجُّ عن غيرِه لا يُعرَفُ مذهَبه. "مسائل الكوسج" (1715). قال صالح: قُلْتُ: ما تقول في رجل لم يحج عن نفسه، أيحج عن غيره؟ وما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "حُجَّ عن نفسك، ثم احجج عن شبرمة" وما سألت الخثعمية: إن أبي شيخ كبير، أفأحج عنه؟ فقال: "نعم" (¬2)؟ فقال: لا يحج عن أحد حتى يحج عن نفسه، وقد بين ذلك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "احجج عن نفسك ثم احجج عن شبرمة". وحديث ابن عباس إذ قالت المرأة: يا رسول اللَّه، إن أبي شيخ كبير، لا يستمسك على الرحل، أفأحج عنه؟ قال: "نعم حجي عن أبيك". وهو جملة لم ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (1811)، وابن ماجه (2903) والبيهقي 4/ 336 من حديث ابن عباس قال البيهقي: إسناده صحيح. والحديث صححه الألباني في "الإرواء" (994) وقد تقدم تخريجه. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 219، والبخاري (1513)، ومسلم (1334) من حديث ابن عباس.

تبين حجت أو لم تحج. "مسائل صالح" (561). قال أبو داود: سمعت أحْمَد يقول: لا يحج عن الميت إلا من قد حج عن نفسه. "مسائل أبي داود" (896). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل ليس له مال ولم يحج، أحب إليك أن يحج عن الميت أو يجلس في بيته؟ قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ما أحب أن يتعرض له. "مسائل ابن هانئ" (895). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول، وسئل عمن لم يحج عن نفسه: أيحج عن الميت؟ قال: لا يحج، لحديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين سمع رجلًا يلبّي عن شبرمة. وقال مرة أخرى: لا يحج عن الميت إلا من حج عن نفسه. وسئل عن الرجل يحج عن الميت وغيره بالدراهم؟ قال: مكروه، وشدد فيه. وسمعته يقول: لا يعجبني أن يحج عن الميت إلا ذو قرابة؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سمع رجلًا يلبيّ عن شبرمة، فقال "من شبرمة"؟ فذكر أنه قرابة له، فقال: "حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة". "مسائل ابن هانئ" (898). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يحب الحج، ترى له أن يحج عن الناس؟

قال: لا يعجبني أن يحج عن الناس، إن ابتدأ فقيل له: حجّ فلا بأس به. "مسائل عبد اللَّه" (905). قال إسماعيل بن سعيد: قال أحْمَد: الصرورة (¬1) يحج عن غيره، لا يجزئه إن فعل؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لمن لبى عن غيره وهو صرورة: "اجعلها عن نفسك" (¬2). ونقل محمد بن ماهان عنه في رجل عليه دين وليس له مال يحج الحج عن غيره حتى يقضي دينه؟ قال: نعم. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 289 وذكر الأثرم عن أحْمَد أن رفعه خطأ -أي: حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سمع رجلًا يقول: لبيك عن شبرمة، قال: "من شبرمة؟ "، قال: أخ لي. قال "حججت عن نفسك؟ " قال: لا، قال: "حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة"- وقال: رواه عدة موقوفًا على ابن عباس (¬3)، وهو مشهور من حديث قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن جبير، وقد قال يحيى: عزرة لا شيء. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 291. ¬

_ (¬1) الصرورة: التبتل وترك النكاح، والصرورة أيضًا: الذي لم يحج قط، وهو المقصود هنا، ينظر: "النهاية في غريب الحديث" 3/ 22. (¬2) رواه أبو داود (1811)، وابن ماجه (2903)، وصححه الألباني في "الإرواء" (994) وقد تقدم آنفا. (¬3) رواه موقوفًا الشافعي في "مسنده" 1/ 389، والدارقطني 2/ 271، والبيهقي 4/ 337، وذكره عبد الحق مرفوعًا في "الأحكام الوسطى" 2/ 327 ثم قال: علله بعضهم بأنه روي موقوفًا، والذي أسنده ثقة فلا يضره. =

995 - في حج المرأة عن الرجل، والرجل عن المرأة

995 - في حج المرأة عن الرجل، والرجل عن المرأة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تحج المرأةُ عَنِ الرجلِ والرجلُ عن المرأةِ؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال لقول النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حجي عن أبيك" (¬1). "مسائل الكوسج" (1369). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل: تحج المرأة عن الرجل؟ قال: لا بأس إذا كانت متبرعةً. "مسائل أبي داود" (895). قال عبد اللَّه: سألت أبي قُلْتُ: تحج المرأة عن المرأة، والرجل عن المرأة؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (846). 996 - نفقة النائب في الحج قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا قالَ الرجلُ: حُجُّوا عني بألفِ درهمٍ يحجُّ بها رجال، وإذا قال: حُجُّوا عني بألف درهم ¬

_ = وقال الحافظ في "التلخيص" 2/ 223: وكذا رجح عبد الحق وابن القطان رفعه، وأما الطحاوي فقال: الصحيح أنه موقوف، وقال ابن المنذر: لا يثبت رفعه. اهـ. وانظر: "البدر المنير" 6/ 46 - 53. وقد استوفينا تخريجه في "تحفة الأخيار بترتيب شرح مشكل الآثار" 3/ 191 - 197. (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 219، والبخاري (1513)، ومسلم (1334) من حديث ابن عباس.

حجة. يُحجُّ عَنْه حجةً، وما بقي يُردُّ إلى الورثةِ. قال أحْمَد: جيِّد. قال إسحاق: كلما قالَ: حجُّوا عَنِّي. فإنَّما يحجُّ عَنْه برجالٍ إن احتَملَ المال حجًّا، فما فضل يصرف إلى الحج أبدًا لما نوى الميت استغراق الألف في الحج، وإذا قال: حجُّوا عنِّي بألفِ درهم حجةً. فما فضل لا يكون أبدًا راجِعًا إلى الورَثةِ لما قال: الحجةُ بألفِ درهم فما فضل يجعلُ في مثلِهِ، يُعَانُ به حاجّ أو يحجُّ بهِ من الموضع الذي بلغَ. "مسائل الكوسج" (1662). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: وإذا قال: لفلانٍ ألفُ درهمٍ يحجُّ بِهَا. يُعطى ألفَ درهمٍ، فإن شاءَ حجَّ، وإن شاءَ لم يحج؟ قال أحْمَد: لا بل يحج عَنْه. وما فضل فهوَ له. قال إسحاق: كما قال؛ لأن الميتَ قد رَضي بالفضلِ أن يكونَ له. "مسائل الكوسج" (1663). قال إسحاق بن منصور: قال سفيان: وإذا حجَّ الرجلُ عن آخر أكره أن يأخذَ ما فضل من حجه شرطًا كان عليه أو غير شرطٍ. قال أحْمَد: يرد الفضل، وأكره له أن يأخذَ الدَّراهِمَ عَلَى أن يَحجَّ عن آخر. قيلَ لَه: فكيفَ يصنعُ؟ قال: يُجهز رجلًا يحجُّ عنه. قال إسحاق: إن فَعل كما قال أحمد فحسن، وإن أعْطَوه حتَّى يتجهزَ هُوَ فلا بأسَ. "مسائل الكوسج" (1666).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: قال سفيان: إذا حجَّ رجل عن رجلٍ، ثمَّ أقامَ بعدَ النفر فالنفقة عليه، إلَّا أنْ يكون أذنوا له. قال أحْمَد: النفقةُ عليه، فإنْ أذنُوا لَهُ إذا كانتْ وصية، إلَّا أنْ يكونُوا تَبرَّعوا مِنْ أموالهم. قال إسحاق: كما قال أحمد سواءٌ؛ لأن المالَ لغيرِ المعطى إلَّا أنْ يكونُوا تبرَّعُوا. "مسائل الكوسج" (1704). قال صالح: قال أبي: إذا قال: حجوا عني حجة بألف درهم؛ فما فضل فهو للذي يحج، وإذا قال: حجوا عني حجة؛ فما فضل فهو بين الورثة، وإذا قال: حجوا عني بألف درهم؛ فما فضل فهو في الحج. "مسائل صالح" (132). قال صالح: وسألته عن رجل أوصى فقال: أعتقوا عني رقبة بعشرين دينارًا، مسلم أو غير مسلم، هل يجوز ذلك؟ قال: لا يعتق عنه إلا مسلم. "مسائل صالح" (328). قال صالح: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل، قال: بلغني أن أيوب أحج رجلًا، فجهزه بكل شيء يحتاج إليه، حتى صنع له سفرة. "مسائل صالح" (718). قال صالح: حدثني أبي حدثنا إسماعيل قال: بلغني أن أيوب كان ول في الذي يحج عن الميت فيفضل معه الفضل، فقال: يخرج كما دخل. "مسائل صالح" (720).

قال صالح: قُلْتُ: الرجل يوصي بالحج؟ قال: الحج على ثلاثة أوجه: إذا قال: حجوا عني بألف، فما فضل رد في الحج حتى يستغرق ألفًا، وإذا قال: حجوا عني حجة بألف، فما بقي فللحاج، وإذا أوصى أن حجوا عني حجة، فما فضل رد على الورثة. "مسائل صالح" (996). قال أبو داود: سمعت أحْمَد يقول: إذا قال: حجُّوا عنِّي بألف درهم حجَّ عنه حجةً، وما فضلَ فللذي حجَّ، فإن قال: حجُّوا عني بألف درهم قال: يحجُّ عنهُ، فما فضل جعل في الحج أيضا. "مسائل أبي داود" (901). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا أوصى رجلًا يحج عنه فلا أرى أن يقاطع، ولكن تدفع إليه الدراهم تقول: حج بهذِه. "مسائل ابن هانئ" (887) قال ابن هانئ: سألته عن الميت يسمي شيئًا للحج قدر عشرين دينارًا، فإن حج وفضل شيء من الدنانير؟ قال: تجعل في أبواب البر: في سبيل اللَّه، أو في سبيل الحج. "مسائل ابن هانئ" (1352). قال ابن هانئ: وسمعته يقول: إذا أوصى الرجل بالحج لم يقاطع ويدفع إليه ويقول: حج. عنه بهذِه، إلا أن يقول: حج عني بهذِه الألف، فإن فضل منه شيء، كان له، وإذا قال: هذِه الألف درهم، حج بها حجة، فإن فضل شيء، أعطى الورثة ورده عليهم. "مسائل ابن هانئ" (1373).

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا قال الرجل: حجوا عني حجة بألف درهم، فإنه يحج عنه بألف، وما فضل فهو لهذا الذي يحج، فإن قال: حجوا عني ولم يسمّ دراهم، فما فضل رده إليهم. "مسائل عبد اللَّه" (901) قال في رواية حنبل في رجل أوصى أن يحج عنه ولا تبلغ النفقة، فقال: يحج عنه من حيث تبلغ النفقة للراكب من أهل مدينته. "المغني" 8/ 542 قال في رواية حنبل في الذي يأخذ دراهم يحج: لا يمشي، ولا يقتر، ولا يُسرف إذا كان ورثته صغارًا. وقال في رواية أبي طالب: إذا قال: حجوا عني بألف فما فضل من الألف رده على الحج، ولو قال: حجوا عني حجة بألف. فما فضل فهو للذي يحج، وإذا قال: حجوا عني حجة فما فضل مما دفع إليه رد إلى الورثة، وإذا دفع إلى الرجل حجة فقال: ما فضل لك. فأخذها الرجل فاشترى بها متاعًا يتجر به، قال: لا يجوز له، قد خالف، إنما قال له: امض فما فضل فهو لك لم يقل: اتجر قبل. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 249، 250 ونقل أبو جعفر، ومحمد بن علي: قد قيل له: قال: حج عني؟ قال: يحج عنه. يعني: يفرد الحج. قيل له: قال: وما فضل فهو لك. كيف ترى؟ قال: إذا قال فأرجو أن تطيب له. "بدائع الفوائد" 4/ 52

997 - وقت دفع النفقة إلى النائب

997 - وقت دفع النفقة إلى النائب قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا أوصى بالحج لا يدفع إليه حتى تجيء أيام الحج. "مسائل ابن هانئ" (1350). 998 - إذا فات النائب الحج أو تلفت النفقة أو ضاعت قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا حجَّ رجل عن رجلٍ فَفَاتَهُ الحجُّ فَهوَ ضَامن. قال أحْمَد: أنَا لا أرى أنْ يأخذَ الدراهم ويحجّ، وعلى قَوْلهم يضمن. قال إسحاق: كلما حج فلمْ يفرِّطْ ففَاتَهُ الحجُّ لم يضمنْ؛ لأنَّ الأخذ للحجِّ هو مباح إذا كانت إرادته فضل شهود المشاهد، والآخر لمْ تكنْ إرادتُهُ المواكلة ودفع الأيام بالحجِّ، ولأنَّا نَرى أنْ يحجَّ كلُّ مَنْ كَان أدى الفريضةَ أنْ يأخذَ مَالًا فيحجّ عن غيره، ولا يأخذهُ مقاطعة، بلْ يجعَل كلَّما احتاجَ مِنْ كسوةٍ أوْ نفقَةٍ أو كراءٍ مِنْ مالِ الميتِ، فإن فَضَلَتْ فَضْلة ردَّها عَليه، ولا يكونُ ذَلِكَ للورثةِ أبدًا، كما قال هؤلاء عليهم صرفُ ذَلِكَ إلى معُونةٍ في حجّ أو حج حيث بَلغَ، قال الميتُ: حجُّوا عني بالذي سمى حجته، أو قال: حجُّوا عني، وقدْ أخطأ هؤلاء حيثُ مَيَّزوا بينهما إذ قال: حجُّوا عني صرف في الحجِّ كما قال، وإذا قال: حجة فللورثةِ. "مسائل الكوسج" (1703). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه، وسُئِل عن الرجل يحج عن الميت فيمرض في الطريق فتنفد نفقته فيأخذ من رجل نفقة ويحج عنه؟

قال: هو علي حجه الأول، لا يأخذ شيئًا من آخر. "مسائل ابن هانئ" (896). قال محمد بن موسى: قال أحْمَد: إذا أخذ حجة عشرين دينارًا فلما بلغ الكوفة مرض فرجع؛ فإنه يرد عليهم جميع ما أخذ ولا يحتسب منه ما أنفق، فإن تلف منه أو ضل الطريق: فهذا يضمن ذلك. وقال في رواية أحْمَد بن الحسين: إذا دفع إلى رجل مالًا يحج به عن رجل فضاع منه في بعض الطريق فلا غرم عليه، قيل له: فيجزئ عن الموصي حجته؛ قال: ما أدري أخبرك أرجو إن شاء اللَّه. وكذلك نقل الميموني. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 47 - 248.

999 - فصل: مخالفة النائب في الحج عن الغير، والعمل إذا أوصى الرجل بالحج ولم يسم شيئا

999 - فصل: مخالفة النائب في الحج عن الغير، والعمل إذا أوصى الرجل بالحج ولم يسم شيئًا قال إسحاق بن منصور: قال الإمام أحْمَد: وإذا أوصى إلى رجلٍ بحجة فاعتمر. قال: إذا جعله للميتِ فهذا زيادة خير ولكن يذبح من ماله. قال إسحاق: سواء كما قال، ولكن الذبح أيضًا من مال الرجل، أو من مال الميت ينويه عَنِ الميتِ. "مسائل الكوسج" (1435). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ -يعني: لسفيان: إذا أوصَى بحجَّةٍ؟ قال: يُفرِدُ. قال أحْمَد: نعم. قال إسحاق: إنْ أفَردَ كما أمر فحسن، وإن ضَمَّ معهُ عُمرةً بمالِ الميِّتِ عَنِ الميِّتِ، جازَ. "مسائل الكوسج" (1707). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يحج عنه حجة الإسلام ترى له أن يمر بالمدينة قبل أن يصل إلى البيت؟ قال: لا يمر حتى يرجع؛ لأنه إن حدث به حدث كان في سبيل الحج، وإذا كان قد حج فلا يمر إلا بالمدينة. "مسائل ابن هانئ" (888). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يحج عن الميت ولم يأمره بالعمرة أيعتمر عنه؟

قال: إذا لم يأمره أن يعتمر اعتمر هو عن نفسه، وحسب ما ينفق من ماله هو. "مسائل ابن هانئ" (891). قال ابن هانئ: قُلْتُ لأبي عبد اللَّه: امرأة أوصت أن يحج عنها ولم تسمَّ شيئًا معلومًا، ترى أن يحج عنها راجل أو راكب؟ قال: يحج عنها كيف شاء، راجلًا أو راكبًا. "مسائل ابن هانئ" (897)، (1387). وقال في رواية أبي طالب: إذا دفع إلى الرجل حجة فقال: ما فضل لك. فأخذها الرجل فاشترى بها متاعًا يتجر به، قال: لا يجوز له، قد خالف، إنما قال له: امض فما فضل فهو لك لم يقل: اتجر قبل. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 249 - 250، "الفروع" 4/ 691. قال أبو طالب: قال أحْمَد: إذا حج الرجل عن الرجل فتمتع لنفسه فما سمعت أحدًا يقول: يتمتع عن نفسه. وقال في رواية حنبل: إذا قرن أو تمتع فالدم في ماله والحج والعمرة عن صاحب المال. ونقل عنه علي بن سعيد، وسأله عن الرجل يحج عن غيره، هل يعتمر قبل الحج؟ فقال: ينبغي له أن ينتهي إلى ما أمر فإن لم يكن أمر أن يعتمر اعتمر عن نفسه، فإذا حلَّ من عمرته حج عن الميت. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 255

1000 - ما يلزم النائب من الدم إذا فعل محظورا

1000 - ما يلزم النائب من الدم إذا فعل محظورًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجلٍ حجَّ عن رجلٍ فأصابَه أذى من رأسهِ، أو تَطيَّب أو لَبِسَ ثوبًا، أو أصَابَ صيدًا؟ قال: ما جنى فهو عليه في مالِهِ وليسَ علَيهِم مِنهُ شيءٌ، وإن اشتَرَطَهُ عليهم. قال أحْمَد: هوَ عليه ليسَ عليهم. قُلْتُ: وإن اشترطَهُ عليهم؟ قال: وإن اشتَرَطهُ لا يدري أيكونُ أم لا يكون. قال إسحاق: كما قال أحمد إلّا أنَّ الشرطَ إن اشتَرطَه على الذي يعطى الحجَّ، وكان مُتَطَوعًا عن الذي يحج عنه، فشرطُه على الأمرِ جائزٌ وإن كان منفذًا عن ميتٍ بما أشترط عليه من مثل هذا لم ينتَفِعْ بشرطِهِ. "مسائل الكوسج" (1661).

فصل: طرق تحصيل الاستطاعة فى الحج

فصل: طرق تحصيل الاستطاعة فى الحج 1001 - الحج من الديوان قال عبدوس: سألت أبا عبد اللَّه: قُلْتُ: رجل حج من الديوان، أترى له أن يعيد؟ قال: نعم. "طبقات الحنابلة" 2/ 165 1002 - الحج من مال حرام أو فيه شبهة قال المروذي: سمعت امرأة تقول: جاءت امرأة إلى أبي عبد اللَّه من هؤلاء الذين يمشطون، فقالت: إني أصل رأس المرأة بقرامل وأمشطها، ى أن أحج مما أكتسب؟ فقال: لا، وكره كسبها لنهي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، رضي اللَّه عنه: تكون من مال أطيب منه. "الورع" المروذي (214). قال عبد اللَّه: سَألت أبي عن رجل سرق مائة درهم يحج بها؟ قال: لا يجزئه. قُلْتُ: فإن أداها؟ قال: لا يجزئه. "مسائل عبد اللَّه" (869). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 21، والبخاري (5937)، ومسلم (2124) من حديث ابن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لعن اللَّه الواصلة والمستوصلة. . ".

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل سرق ثلاثمائة فتزوج بها؟ قال: ليس هذا مثل الحج، الحج لا يكون إلا باستطاعة، بزاد، أو براحلة، وهذا لا يكون إلا بمال. وأرجو أن يكون هذا أسهل من الحج. "مسائل عبد اللَّه" (870). قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: سمعت أبا عبد اللَّه وسألته جارة لنا ماشطة، فقالت: قد جمعت شيئًا من كسب يدي، وأريد أحج به؟ فقال لها: غيره أحب إلي لك. قالت: ليس عندي. قال: من الغزل تَحُجِّين أحب إليّ. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: سمعت حُسنَ أمَّ ولد أبي عبد اللَّه تقول؛ جاءتني امرأة من جيراننا فقالت: قد جمعت من العلف شيئًا، وأريد أن أحج؟ فقال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لا تحج به ليس هاهنا أجل من الغزل. "الترجل" للخلال (215)، (216)

فصل: ما جاء في شروط لزوم السعي للمرأة

فصل: ما جاء في شروط لزوم السعي للمرأة 1003 - وجود الزوج أو المحرم أو الرفقة المأمونة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: امرأة موسرةٌ ليسَ لها محرمٌ؟ قال: المحرمُ مِنَ السبيلِ. قال إسحاق: كما قال، وليس على المحرم بواجب حملها، ولكن يستحب له حملها فإن لم تفعل وأعطته من مالها فعليه حملها. "مسائل الكوسج" (1364) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مسيرةُ كَمْ لا تسافر المرأةُ إلا مع ذي مَحْرَم؟ قال أحْمَد: لا تسافر سفرًا وإن كان ساعةً في حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، لا تسافر سفرًا. وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَخلوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ إلَّا ومعها ذو محرَم" (¬1). قال إسحاق: لا يكون سفرًا إلا ثلاثة أيام فصاعدًا سير المبطئ الماشي ويوم للمسرع، وذلك ثمانية وأربعون ميلًا بالهاشمي فلا يدخل معنى قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "لا يخلون رجل بامرأة" في معنى السفر؛ لأنَّ السفرَ لا يخلو منَ الناسِ والرفاق. "مسائل الكوسج" (1375). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 222، 346، والبخاري (1862)، (3006)، ومسلم (1341)، من حديث عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنه.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: امرأةٌ موسرةٌ، ليس لها محرمٌ؟ قال أحْمَد: المحرمُ مِنَ السبيلِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3242). قيل لأحْمَد: فتخرج من بيتها بلا محرم مع جيرانها؟ قال: لا. "مسائل البغوي" (50). قال الأَثْرَمُ: قال أحْمَد بن حنبل: أرجو في الفريضة أن تخرج مع النساء، وكل من تأمنه. "الاستذكار" 13/ 369، "الفروع" 3/ 235. قال الميموني: قُلْتُ لأحْمَد: تحُجُّ المرأة من مكة إلى منى بغير محرم؟ قال: لا يُعجبني. قُلْتُ: لم؟ قال: لأن مذهبنا لا تسافر امرأة سفرًا إلا مع ذي محرم. "طبقات الحنابلة" 2/ 96. نقل الأثرم عنه: لا تحج إلا مع ذي محرم؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن تحج المرأة إلا مع ذي محرم. "شرح العمدة" كتاب الحج 6/ 176. قال الحسن بن ثواب: قُلْتُ: ما ترى في المرأة تحج أو تسافر من غير محرم؟ قال: أعوذ باللَّه.

1004 - هل يختلف الحكم بين الشابة والعجوزة؟

قلت: ترى إن حجت من غير محرم يبطل؟ قال: أعوذ باللَّه تعالى، إن حجها جائز لها، ولكنها أتت غير ما أمرها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "بدائع الفوائد" 4/ 67، 68. 1004 - هل يختلف الحكم بين الشابة والعجوزة؟ أنكر في رواية الميموني التفرقة، فقال: من فرق بين الشابة والعجوز؟ ! "الفروع" 3/ 234. قال المروذي: سئل عن امرأة عجوز كبيرة ليس لها محرم ووجدت قومًا صالحين؟ فقال: إن تولت هي النزول والركوب ولم يأخذ رجل بيدها فأرجو؛ لأنها تفارق غيرها في جواز النظر إليها، للأمن من المحذور، فكذا هنا. "الفروع" 3/ 236. نقل المروذي عنه في امرأة لها خمسون سنة لا محرم لها: لا تخرج إلا مع محرم، وأرجو أن ترزق زوجًا تتزوج به. "الفروع" 3/ 247، "معونة أولي النهى" 4/ 44. 1005 - إذا أرادت المرأة الحج فمنعها زوجها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أهلَّتْ امرأة وزوجُهَا كاره؟ قال: لا يَنبغي له أنْ يمنَعهَا إذا لم تكن حَجَّت حجَّةَ الإسَلامِ، وإذا كان تَطوعًا فلزَوجِهَا أنْ يمنَعهَا، وإذا كَان على وَجِهِ اليمِينِ فعليهَا كفَّارةُ اليمَينِ.

قال إسحاق: التَّطوعُ إذا لم تكُنْ أحرَمَتْ وَتُرِيدُ الإحرام فَلهُ مَنعُهَا إن شاء إلا أن يتفَضَّلَ عليهَا، وإذا أحْرَمَت في التَّطَوع مضت إلا أنْ يكُونَ قد حَلفَ بالطَّلاقِ فلها المضيُ، تعملُ عملَ المحصَر، تحلُّ بعُمرةٍ وعليهَا الحجُّ مِنْ قابلٍ وهذا إذا حَلفَ: إنْ حججتِ العَامَ. "مسائل الكوسج" (1564) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: قال الحسن في امرأةٍ تريدُ أنْ تحجَّ، فلم يأذن لها زوجهَا، ألها أنْ تحجَّ بغيرِ إذنِ زوجِهَا، وليسَ له أنْ يمنعهَا (¬1)؟ قال أحْمَد: لا ينبغي لهُ أن يمنعهَا، ولا تحج إلَّا بإذنه. قال إسحاق: كلما كانَ عليها الحجُّ فرضًا فلهَا أن تحجَّ بغيرِ إذنهِ مع محرم، وإن كانَ تطوعًا لمْ يحل لهَا أنْ تحجَّ، وله منعهَا لما أدتِ الفريضةَ. "مسائل الكوسج" (1706). قال إسحاق بن منصور: قيلَ لأحْمَد: فإن أبَى زَوْجُها أن يَدعَها تخرج، وهي تجدُ محرمًا؟ قال: إذا وجَبَ علَيْها الحجُّ فلَا تُطِعْ زَوْجهَا. "مسائل الكوسج" (1722). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن امرأة لم تحج، ولها زوج، فأرادت الخروج فمنعها زوجها عن الخروج إلى مكة، وهو يريد الإضرار بها ليأخذ نشبها. ¬

_ (¬1) روى ابن أبي شيبة 3/ 322 (14715، 14717) روايتين عن الحسن، الأولى: ليس لها ذاك. والثانية: تستأذن زوجها فإذا أذن لها فذاك أحب إليَّ، وإن لم يأذن لها خرجت مع ذي محرم، فإن ذلك فريضة من فرائض اللَّه وليس له عليها فيها طاعة.

1006 - إن كان الزوج غائبا، ماذا تفعل؟

قال أبو عبد اللَّه: لها أحد سوى زوجها؟ قُلْتُ: نعم، ختنها. قال: ما يعجبني أن يمسها، ولكن تتخذ سلمًا، ويحج بها. قُلْتُ: ولا تستأمر زوجها؟ قال: هذا فرض قد وجب عليها فتحج ولا تستأمره. قُلْتُ: فإن لم تستأمره، ترى عليها فيما بينها وبين اللَّه شيئًا؟ قال: لا، وذلك أنه سبيل قد وجب عليها، وهي موسرة له. "مسائل ابن هانئ" (707). 1006 - إن كان الزوج غائبًا، ماذا تفعل؟ نقل أبو طالب: إن كان غائبًا كتبت إليه، فإن أذن، وإلا حجت بمحرم. "الفروع" 3/ 223. 1007 - السن التي تحتاج الجارية فيه لمحرم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الجاريةُ متى تحتاجُ إلى محرمٍ؟ قال: إذا كان مثلها تشتهى، بنت تسعٍ امرأةٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1064). 1008 - أقسام المحرم للنساء في الحج قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل سفيان: تسافر المرأة مع زوج ابنتها؟ قال: ما أرى به بأسًا.

قال أحْمَد: ما أرى به بأسًا، ولكن لا يرى منها حرمةً. قال إسحاق: كما قال، وليكونوا في رفقةٍ معهم نساءٌ ولا يخلون بها. "مسائل الكوسج" (1658). قال ابن هانئ: سألته: يخرج بالمرأة خادمها وهو خصي، وقد أعتقته؟ قال: لا تخرج إلا مع ذي محرم. "مسائل ابن هانئ" (684). قال ابن هانئ: وسُئل عن المملوك يحج بمولاته؟ قال: لا يعجبني أن يسافر بها. "مسائل ابن هانئ" (685). قال ابن هانئ: قُلْتُ: ينظر إلى وجهها وكفيها؟ قال: لا ينظر إلى وجهها وكفيها. "مسائل ابن هانئ" (686). قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: يحيى بن بكير قال: ثنا شعبة، عن هشام بن حسان، قال: أمرني محمد بن سيرين: أن أخرج بامرأة من أهله، إلى مكة. قلت له: ما تقول في هذا؟ قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لا يعجبني أن يخرجها غير محرم منها، لا تُحرم إلا مع ذي محرم. "مسائل ابن هانئ" (705). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن امرأة تريد أن تحج مع عبدها هل يجوز لها ذلك؟ قال: لا تحج مع عبدها. "مسائل ابن هانئ" (710). قال الأَثْرَمُ: سمعت أحْمَد يُسألُ: هل يكون الرجل محرمًا لأم امرأته، يخرجها إلى الحج؟

1009 - امتناع المحرم عن الخروج مع المرأة

فقال: أما في حجة الفريضة فأرجو؛ لأنها تخرج إليها مع النساء، ومع كل من أمنته، وأما في غيرها فلا. قال الأَثْرَمُ -في موضع آخر: كأنه ذهب إلى أنها لم تذكر في قوله: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: 31]. قال الأَثْرَمُ: قيل لأحْمَد: فيحج الرجل بأخت امرأته؟ قال: لا؛ لأنها ليست منه بمحرم؛ لأنها تحل له. قيل له: فالأخ من الرضاعة يكون محرمًا؟ قال: نعم. قيل له: فيكون الصبي محرمًا؟ قال: لا حتى يحتلم؛ لأنه لا يقوم بنفسه، فكيف تخرج معه امرأة في سفر؛ لا حتى يحتلم وتجب عليه الحدود، أو يبلغ خمس عشرة سنة. "التمهيد" 16/ 268، 269، "المغني" 5/ 30، 33. 1009 - امتناع المحرم عن الخروج مع المرأة قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: امرأة موسرة لم يكن لها محرم هل وجب عليها الحج؟ قال: لا. قلت لأحْمَد: إذا كان لها محرم تخاف عليه الإثم -أعني: إن لم يخرج معها؟ قال: قد يكون ضعيفًا أو مشتغلًا. كأنَّه لم ير عليه شيئًا إن لم يحج بها. "مسائل أبي داود" (712).

1010 - إذا أيست المرأة من محرم

1010 - إذا أيست المرأة من محرم قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن امرأة ليس لها محرم ولم تحج، تدفع إلى رجل ليحج عنها؟ قال: إذا كانت قد أيست من المحرم فأرى أن تجهز رجلًا يحج عنها، ولا تدفع إليه شيئًا، فتقول: حج عن فلانة، ويمكن أن تدفع إليه شيئًا، فتقول: اذهب فحج بهذِه. "مسائل ابن هانئ" (905). نقل محمد بن علي الجرجرائي عنه في امرأة ليس لها ولي هل تعطي من يحج عنها؟ فقال: إذا أيست تعطي من يحج عنها في حياتها. "الروايتين والوجهين" 1/ 303، "الفروع" 3/ 247. 1011 - نفقة الزوج أو المحرم في الحج قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: يجبُ على المرأةِ إذَا لم يَحج بِهَا محْرمُهَا أنْ تُعطِيَه شيئًا حتَّى يحجَّ بِهَا وهي موسرة؟ فكأنه حسَّنَ لها أن تُعطِيَ. قال إسحاق: ما أحسن ما قال! "مسائل الكوسج" (1717). قال صالح: وسئل عن رجل أخذ دراهم يحج بها فأخرج معه أمه أو بعض نسائه؟ قال: إذا كان ينفق عليها من عنده فلا بأس به. قيل له: فيخدمها وينزلها ويصعدها يجوز لها ذلك؟

1012 - المرأة يموت زوجها أو محرمها في الحج

قال: نعم، أرجو ألا يضيق هذا عليه. "مسائل صالح" (426). قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن رجل ضمن لامرأته أن يحج عنها، وحاله ضعيفٌ، فأخذ من أقوام متاعًا استأجروا أن يحمله إلى منى فيبيعهُ بعد الموسم؟ قال: لا، ينفق في إقامته عليه من مالها. "مسائل أبي داود" (899). 1012 - المرأة يموت زوجها أو محرمها في الحج قال صالح: سئل أبي عن المرأة -وأنا شاهد- تخرج بمحرم إلى الحج، فإذا صارت إلى مكة يموت محرمها، كيف تصنع، ترجع أو تقيم؟ قال: هذِه مضطرة؛ أرجو. "مسائل صالح" (626). قال ابن هانئ: سألته عن المرأة، يموت محرمها في الطريق، أتمضي مع القوم، أو ترجع؟ قال: تمضي مع القوم، أو ترجع. قُلْتُ: تمضي مع القوم؟ قال: وترجع إذا قضت حجها معهم. إذا كان طريق مكة. "مسائل ابن هانئ" (706). قال البغوي: وقيل لأحْمَد: فإن كان زوجها مات في الطريق؟ قال: تصحب الناس إن لم يكن لها محرم. "مسائل البغوي" (49).

1013 - الحج المرأة في عدتها؟

1013 - الحج المرأة في عدتها؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يكره للمرأة أن تحج في عدتها من طلاق؟ قال: لا بأس به. قال إسحاق: كما قال، إذا كانت مبتوتة. "مسائل الكوسج" (1160). قال ابن هانئ: سألته عن المتوفى عنها زوجها هل لها أن تخرج إلى الحج -الفريضة- مع أختها، أو أمها، وهي في عدتها؟ قال: لا تخرج حتى تنقضي عدتها، يقال: إن عمر ردّهن من ذي الحليفة (¬1). قيل له: يروى عن عثمان أنه ردّهن أيضا (¬2)؟ قال: لا يثبت، وقد رخصت في ذلك عائشة، وابن عباس (¬3). "مسائل ابن هانئ" (1162). قال البغوي: وسئل أحْمَد وأنا أسمع: أتحج المرأة في العدة؟ قال: نعم. "مسائل البغوي" (48). ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور في "السنن" 1/ 317 (1344)، وابن أبي شيبة 3/ 311 (14642). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 311 (14644)، عن عثمان وعمر -رضي اللَّه عنهما-. (¬3) أثر عائشة رواه عبد الرزاق 7/ 29 (12053)، وابن أبي شيبة 3/ 311 (14639)، والبيهقي 7/ 436 (15508) بلفظ: أحجت أم كلثوم في عدتها. أما أثر ابن عباس فرواه ابن أبي شيبة 3/ 311 (14638) أن ابن عباس كان لا يرى بأسا بالمطلقات ثلاثا والمتوفى عنهن أزواجهن في عدتهن.

فصل: وقت وجوب الحج

فصل: وقت وجوب الحج 1014 - هل الحج على الفور أم على التراخي؟ نقل المروذي عنه: من أخر الحج قادرًا كمن لم يؤدَّ الزكاة. "الفروع" 6/ 571 1015 - من وجب عليه الحج وهو موسر، وفرط حتى أعسر؟ قال ابن هانئ: سُئل عن امرأة وجب عليها الحج فلم تحج، وكان لها يسار فأتلفته، وفضل لها فضلة مقدار خمسة وثلاثين دينارًا، وليس لها غيرها؟ قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هذِه قد وجب عليها الحج حيث أيسرت، فتحج بما فضل معها، فإن كانت لا تقدر على الحج، يحج عنها. "مسائل ابن هانئ" (682). قال ابن هانئ: وسئل عن رجل كانت له أم، وقد وجب عليها الحج، وكانت موسرة وليس اليوم عندها شيء، إلا شيء أنفقته عليها في مرضها؟ قال: يحج عنها ابنها، إذا كان موسرًا. "مسائل ابن هانئ" (683).

1016 - من فرط في الحج حتى مات؟

1016 - من فرط في الحج حتى مات؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ مَاتَ ولم يحج، فهو من جميعِ المالِ؟ قال: إذا كان مال كثير فأحبُّ إليَّ للورثة أن ينفذوا ذاك، وأمَّا إذا كان مال قليل فإنما هو شيءٌ ضيعه ليس هذا مثلَ الزكاةِ. قال إسحاق: كلُّ فريضةٍ على الميتِ مِنْ حجٍّ أو زكاةٍ أو نذرٍ أو أشباه ذلك من الواجب، فماتَ ولم يقضه فإنَّ ذَلِكَ يُقْضَى من جميعِ المالِ قَلَّ المالُ أو كثر؛ لأنَّ ذَلِكَ كان فرضا عليه في الحياةِ وفي قول رسول اللَّه بيان لذلك حين قال السائل: أحج عن أبي وقد ماتَ؟ فقال له: "لو كان على أبيك دينٌ فقضيته أمَا كان يجزئ؟ " قال: بلى. قال: "فدينُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أحقُّ" (¬1). "مسائل الكوسج" (1372). قال ابن هانئ: وقيل لأبي عبد اللَّه: ترى الحج عن الميت؟ قال: نعم، إذا كان أوصى. قيل له: فإن لم يوص ووجب عليه الحج؟ قال: يحج عنه من الثلث، والزكاة والكفارات من الثلث. "مسائل ابن هانئ" (907). قال عبد اللَّه: سمعت أبي وسئل عن رجل موسر للحج فمات ولم يحج؟ قال: يحج عنه من جميع المال، بيد أنه بمنزلة الدين، وكذلك الزكاة، ¬

_ (¬1) رواه أحمد 1/ 239 - 240، والبخاري 1852 من حديث ابن عباس بنحوه.

وهو قول الحسن، وعطاء، وطاوس (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (843). قال عبد اللَّه: سألت أبي: عن رجل مات وأوصى أن يحج عنه بعشرين دينارًا، وأوصى لقرابته بستة دنانير، ولم يكن الرجل حج حجة الإسلام؟ فقال: يبدأ بالحج فيحج عنه؛ لأنه شيء قد وجب عليه، وكان الحسن وطاوس يقولان: هو من جميع المال (¬2) -يعني: الحج- وهو الذي أذهب إليه، ثم ينظر فيما بقي فيخرج الستة دنانير من ثلث البقية فينفذ. "مسائل عبد اللَّه" (844). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل مات وترك ألفي درهم، وعليه دين ألف درهم، ولم يحج حجة الإسلام وعليه زكاة فرط فيها؟ قال: يبدأ بالدين فيقضي، والحج والزكاة فيه احتمالان، فمن الناس من يقول: إن لم يوص فهو ميراث، وإن أوصى فهو من ثلثه. ونحن نقول: يحج عنه ويزكي من جميع المال، وما بقي فهو ميراث. "مسائل عبد اللَّه" (845). قال في رواية ابن القاسم: إذا مات وعليه دين وزكاة تحاصَّ الغرماء من الزكاة نصفين. وقال أبو جعفر الجرجرائي: سألته عن الرجل يحج عنه؟ قال: إذا لم يكن حج فمن جميع المال. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 232 - 233 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 94 - 95 (16483، 16484)، وابن أبي شيبة 6/ 220 (30816، 30820)، والبيهقي 6/ 274. (¬2) رواه البيهقي 6/ 274.

1017 - من أوصى بحج ولم يبلغ ماله أن يحج عنه

1017 - من أوصى بحج ولم يبلغ ماله أن يحج عنه قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن امرأة ماتت وخلفت. . فذكر نحوًا من ألف ومائتين من دراهم وحليًّ، وأوصت بحج؟ قال أحْمَد: هذا لا يبلغها الحج ومحرمها؛ فأرى أن يؤخذ ثلثه فيعان به في الحج، أو يحج به من حيث يبلغ، قيل لأحْمَد: فالرجل؟ قال: إذا وجد زادًا وراحلة. قيل: عنده ما يتزوج به ولم يحج؟ قال: يحج إلا أن يخشى العنت على نفسه. "مسائل أبي داود" (710). نقل الأثرم عنه: ما يكون عندي إلا من حيث وجب عليه، وما فعل عنه من خير يقرب إلى اللَّه تعالى لم يضره. "المستوعب" 4/ 338

أبواب صفة الحج والعمرة

أبواب صفة الحج والعمرة باب: الإحرام 1018 - قصد الحج ونيته قال صالح: قُلْتُ: رجل لبس إزارًا ورداء ونوى الإحرام فقال: اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني، ولم يلب في ذلك الوقت، ثم لبى بعد مع الناس حتى قضى مناسكه، أيكون داخلًا في الإحرام وقاضيًا لحجه؟ قال: هو وإن لم يسم؛ فهو على نيته، ومتى لبى فقد أوجب عليه الحج. "مسائل صالح" (317). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: عن رجل خرج إلى الحج ونوى التمتع، فلما بلغ الميقات أخطأ التلبية وقال: لبيك بعمرة وحجة، فدخل البيت فرمل وطاف وقصّر وحلق، هل عليه بإخطاء التلبية شيء؟ قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: له ما نوى. "مسائل ابن هانئ" (757). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أحرم فقال: اللهم إني أريد العمرة بالحج، وكانت نيته التمتع، وكان أكثر ظنه أن التمتع أن يقول: إني أريد العمرة بالحج؟ فقال: له نيته على التمتع، فيكون متمتعًا، أذهب فيه إلى نيته. قال: سمعت أبي يقول: لا بأس بالحج عن الرجل ولا يسميه، قال

ابن عمر: تجزئه النية (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (752). قال الأَثْرَمُ: قال أحْمَد: الرجل يكون محرمًا بالنية إذا عقد على الإحرام. وحديث قيس بن سعد أنه نظر إلى هديه مقلدًا؟ (¬2) فقال: ذاك كان قد عقد الإحرام بتقليده الهدي وكان ابن عمر لا يسمي حجًّا ولا عمرة (¬3)، وقد يكون الرجل محرمًا بغير تلبية إذا عزم على الإحرام، وقد يلبي الرجل، ولا يحرم، ولا يكون عليه شيء وهو يعزم على الإحرام، فإذا انبعثت به راحلته لبى. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 434 - 435. ونقل عنه مهنا فيمن أحرم ولم ينو حجًّا، ولا عمرة حتى مضت أيام. قال: يقدم مكة بعمرة ولطوف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ثم يحلق ولقصر، ثم يحرم بالحج. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 555. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 335 (14842) بمعناه. (¬2) رواه البخاري (2974) مختصرًا دون موضع الشاهد، وذكره بتمامه الحافظ في "الفتح" 6/ 127 وعزاه للإسماعيلي. ورواه بتمامه أيضًا الطبراني 18/ 347 (881)، وقال الهيثمي في "المجمع" 3/ 228: ورجاله رجال الصحيح. وانظر: "نصب الراية" 3/ 97. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 3/ 126 (12718) بمعناه.

1019 - إذا كان عليه حجة الإسلام فأحرم ينوي تطوعا أو الوفاء بنذر

1019 - إذا كان عليه حجة الإسلام فأحرم ينوي تطوعًا أو الوفاء بنذر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من نذر أن يحج ولم يحج حجة الإسلام؟ قال: لا يجزئه، يبدأ بفرض اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عليه، ثم يقضي ما أوجبَ على نفسِهِ، واحتج بحديث ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما- (¬1). قال إسحاق: أحب إليَّ أن يفعلَ كما قال، وأرجو أن تجزئ حجةُ الإسلام عنه، وإن كان حجَّ الإسلامِ لابد مِن وفاءِ النَّذرِ إذا كان طاعة. "مسائل الكوسج" (1370). قال عبد اللَّه: سألت أبي قُلْتُ: من نذر أن يحج، وما حج حجة الإسلام؟ قال: لا يجزئه، يبدأ بفريضة اللَّه ثم يقضي ما أوجب على نفسه، واحتج بحديث ابن عمر. "مسائل عبد اللَّه" (825). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن هو حجّ ولم يكن حج حجة الإسلام؟ قال: كان ابن عباس يقول: يجزئه من حجة الإسلام (¬2)، وقال ابن عمر: هذِه حجة الإسلام أوف بنذرك. قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن زيد بن جبير، سمعت ابن عمر يقول: إن امرأة سألته، فقال: هذِه حجة الإسلام، أوف نذرك. "مسائل عبد اللَّه" (837). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 128 (12736)، والبيهقي 4/ 339. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 128 (12737).

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل نذر أن يحج في سنة من السنين، إلا أن يحول بينه وبينه حائل، وهو يتخوف أن يحول بينه وبين الخروج شغل، وقد أخرج الحجة، فترى له أن يتصدق بها على المساكين، أو يدعها إلى من يحج عنه، وكذا كانت نيته إن شغل عنها أن يدفعها إلى من يحج عنه؟ قال: قال اللَّه: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} فليس إلا الوفاء بالنذر، فإن حيل بينه وبين الحاج في عامه هذا فأرجو أن يكون معذورًا، ويكفر عن يمينه ويحج من قابل، أو إذا أمكنه ذلك فإن حدث به حدث يحج عنه. "مسائل عبد اللَّه" (839). قال عبد اللَّه: قُلْتُ لأبي: فإن هو حج ولم يكن حج حجة الإسلام، تجزئه عن حجة الإسلام؟ قال: كان ابن عباس يقول: تجزئه من حجة الإسلام، وقال ابن عمر، هذِه حجة الإسلام، أوف بنذرك. "مسائل عبد اللَّه" (840). نقل أبو طالب عنه فيمن نذر أن يحج وعليه حجة مفروضة، فأحرم عن النذر، قال: وقعت عن المفروض، ولا يجب عليه شيء آخر. "الروايتين والوجهين" 3/ 69، "المغني" 5/ 44، 13/ 645، "معونة أولي النهى" 4/ 32. نقل عنه أحْمَد بن القاسم في الرجل يحج ينوي التطوع، قال: فالحج والصوم سواء لا يجزئ إلا بنية. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 299.

1020 - الحج للقي

1020 - الحج لِلُّقيَّ قال صالح: حدثني أبي، قال: حسين، عن سفيان، عن أيوب -يعني السختياني- قال: كانوا يحجون لِلُّقيَّ (¬1). "مسائل صالح" (860). ¬

_ (¬1) رواه الفاكهي في "أخبار مكة" 2/ 382 (1684) من طريق الحسن بن ربيع، عن سفيان، به. ووقع في مطبوع "مسائل صالح": كانوا يحجون للفيء.

فصل: سنن الإحرام

فصل: سنن الإحرام 1021 - الاغتسال للرجل والمرأة قال صالح: قُلْتُ لأبي: ما تقول في الجنب والحائض إذا صارا في موضع الإحرام فلم يجدا الماء؟ قال: يتيممان إذا لم يجدا الماء أو حيل بينهما وبينه. "مسائل صالح" (566) قال في رواية صالح: ويغتسل الرجل والمرأة إذا أرادا أن يهلا، ويغتسلان إذا أرادا أن يدخلا الحرم، فإن لم يفعلا فلا بأس. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 401. قال الأَثْرَمُ: سمعت أبا عبد اللَّه قيل له عن بعض أهل المدينة: من ترك الاغتسال عند الإحرام فعليه دم؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأسماء وهي نفساء: "اغتسلي" (¬1). فكيف الطاهر؟ ! فأظهر التعجب من هذا القول. "المغني" 5/ 75. 1022 - التنظيف قال المروذي: قال أحْمَد: فإذا أردت أن تحرم فخذ من شاربك، وأظفارك، واستحد، وانتف ما تحت يدك، وتنظف واغتسل إن أمكنك، وتوضأ وضوءك للصلاة، فإن وافقت صلاة مكتوبة صليت، وإلا فصل ركعتين، فإن أردت المتعة، فإنها آخر الأمرين من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لقوله: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 320، ومسلم (1210) من حديث جابر بن عبد اللَّه.

1023 - التطيب

"لو استقبلت من أمري ما استدبرت، لم أسق الهدي ولجعلتها عمرة" (¬1) فلم يحل لأنه ساق الهدي. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 407. 1023 - التطيب قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الطِّيبُ قَبلَ الإحرام؟ قال: لا بأسَ بهِ، وبعدَ الإحرام قبلَ أنْ يَطُوفَ بالبيتِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1452). قال ابن هانئ: وسمعته يقول: يروى عن عائشة أنها قالت: طيبت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لإحرامه، وحين رمى الجمرة، قبل أن يطوف بالبيت (¬2). قال أَبُو عَبدِ اللَّهِ: به آخذ. "مسائل ابن هانئ" (792). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وإن مُس بطيب قبل أن يحرم، وقد ذكر ذلك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل عبد اللَّه" (755). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المحرم: الطيب أحب إليك له، أم يترك الطيب؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 320، ومسلم (1218) من حديث جابر بن عبد اللَّه، ورواه البخاري (1785) بنحوه. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 98، والبخاري (1539)، ومسلم (1189).

قال: لا بأس أن يتطيب قبل أن يحرم، يذهب إلى حديث عائشة: طيبت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. لإحرامه حين أحرم، ولحله حين أحلّ. "مسائل عبد اللَّه" (756). قال المروذي: قال أحْمَد: إن شاء تطيب قبل أن يحرم. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 409.

فصل: ذكر الأنساك

فصل: ذكر الأنساك 1024 - وجوه الإحرام وأفضلها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قولُ ابن الزبير: المتعةُ لمن أحصر. وقال ابن عباس: هي لمن أحصر ولمن خُلِّيَتْ سبيله (¬1)؟ قال: قول ابن الزبير -رضي اللَّه عنهما-: المتعة لمن أحصر. وقال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: لمن أحصر ولغيره، قول ابن الزبير -يعني: بعذر، وقال ابن عباس: بعذر وغيره. قال إسحاق: كما قال، معنى قولهما هكذا في النظر. "مسائل الكوسج" (1394). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الإقران والإفراد والتمتع؟ قال: التمتعُ آخرُ فعلِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يعني: أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال إسحاق: التمتعُ هو ما رَخَّصَ فيه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وآخر شيء من فعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذلك أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لما قرن وساق الهدي، وأصحابه من بين مُهل بالحجِّ وبالعُمرِة، دخلَ قلوبهم من ذَلِكَ إذ خالفَ فعلُهم فعلَ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال لهم حينئذ: "لو استقبلت من أمري ما استدبرتُ، لفعلت ما أقول لكم" أي: إذ دخلكم من فعلكم. فقال: "دخلت العمرة في الحج" (¬2) أي: تجوز العمرةُ في شهورِ الحجِ، فإنما أمرهم بما يجوز ¬

_ (¬1) رواهما الطبري في "تفسيره" 2/ 253 (3425، 3426)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 341 (1795). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 236، ومسلم (1241) من حديث ابن عباس مختصرا، ورواه الإمام أحمد 1/ 253 - 254 من طريق آخر عن ابن عباس مطولا.

ويراه، ولم يقل هاهنا: إنَّ ما أمرتكم أفضل من فعلي. وهو القرآن بالسَّوق، فكلما ساق الهدي فالقران أفضل، فإن لم يسق فالتمتع. "مسائل الكوسج" (1398). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قول عمر -رضي اللَّه عنه- لصبي بن معبد: هُدِيتَ لسنةِ نبيكَ (¬1)؟ قال: يعتبرُ الحجَّ والقرانَ مِنْ سنةِ النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم، والحج والمتعة كلُّ هذا من سنةِ النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1401). قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاقُ عَنِ الحج؟ فقالَ: يتمتع. "مسائل الكوسج" (3461). قال الأَثْرَمُ: حدثنا أبو عبد اللَّه، حَدَّثنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ المُزَنِيُّ قال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا، فَحَدَّثْتُ ابن عُمَرَ بِذَلِكَ فَقال: لَبَّى بِالْحَجِّ وَحْدَهُ. فَلَقِيتُ أَنَسًا فَحَدَّثْتُهُ بِقَوْلِ ابن عُمَرَ، فَقال: مَا تَعُدُّونَا إِلَّا صِبْيَانًا! سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "لبّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا" (¬2). قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لم يذكر فيه الإحلال، وابن أبي عدي وحماد بن سلمة يذكران الإحلال. "سؤالات الأثرم" (28) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 14، وأبو داود (1799)، والنسائي 5/ 146، وابن ماجه (2970)، قال الدارقطني في "العلل" 2/ 166: وهو حديث صحيح، وصححه أيضا الألباني في "الإرواء" (983). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 100 بإسناده ومتنه وسيأتي تخريجه قريبًا.

قال صالح: قُلْتُ: الحج أي ذلك أحب إليك: الإفراد أم القرآن؟ قال: روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه أفرد، وروي عنه أنه قرن، وروي عنه أنه خرج من المدينة ينتظر القضاء، ولم يذكر لا حجًّا ولا عمرة، فلما قدم مكة أمر أصحابه أن يحلوا، وقال: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ولحللت كما تحلون"، وهدا بعد أن قدم مكة، وهو آخر الأمرين منه، وقال هذا القول وهو بمكة: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي" فالذي يختار المتعة" لأنه آخر ما أمر به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو يجمع الحج والعمرة جميعًا، ويعمل لكل واحد منهما على حدة. "مسائل صالح" (565) قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا يحيى بن أبي إسحاق وعبد العزيز بن صهيب وحميد الطويل، عن أنس بن مالك أنهم سمعوه يقول. سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يلبي بالحج والعمرة جميعًا: "لبيك عمرة وحجًّا، لبيك عمرة وحجًّا" (¬1). "مسائل أبي داود" (686) قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: وقد روي عن جابر بن عبد اللَّه أنه قال: أهللنا أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- بالحج خالصًا وحده فأمرنا أن نحل، فقال: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، فحلوا" (¬2) فحللنا. "مسائل أبي داود" (687) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 99، ومسلم (1251). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 305، والبخاري (1651)، ومسلم (1216).

قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا ابن جريج قال: أنبأ عطاء قال: سمعت جابر بن عبد اللَّه -فذكر هذا الحديث. "مسائل أبى داود" (688). قال أبو داود: قال أحْمَد: وكان ابن عباس يختار المتعة من أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أصحابه بالإحلال. "مسائل أبي داود" (689). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن عطاءٍ قلت له: من أين كان ابن عباس يأخذ أنه من طاف بالبيت فقد حل؛ قال: من قول اللَّه: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33)} [الحج: 33]، ومن أمرِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أصحابه أن يحلوا في حجة الوداع (¬1). "مسائل أبى داود" (690). قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال: والمتعة آخر الأمر من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ويجمع اللَّه فيه الحج والعمرة واختيار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لها، أن قال: "واستقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي". فلم يحل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنه ساق الهدي. "مسائل أبي داود" (691). قال أبو داود: سمعت أحمد بن محمد بن حنبل يقول: نرى التمتع أفضل من الإقران والحج. "مسائل أبي داود" (818). قال ابن هانئ: وسئل عمن لم يحج قط، كيف يصنع؟ أيجب أن يدخل متمتعًا؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (699). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (4396)، ومسلم (1245).

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن القرآن والإفراد والتمتع؟ قال: التمتع آخر فعل رسول اللَّه -يعني: أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل عبد اللَّه" (747). قال عبد اللَّه: قُلْتُ لأبي: قول عمر للصبي بن معبد: هديت لسنة نبيك -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). قال: يعني: الحج والإقران من سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، والحج والمتعة كل هذا من سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل عبد اللَّه" (822). قال أحْمَد بن القاسم: اختيار أبي عبد اللَّه المتعة؛ لأنها آخر الأمرين من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "تهذيب الأجوبة" 1/ 403 قال أبو جعفر محمد بن عبد اللَّه بن سليمان الحضرمي: حدثنا أحمد بن محمد ابن حنبل، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثني أبي، عن (ابن) (¬2) إسحاق قال: أخبرني يحيى بن عباد بن عبد اللَّه بن الزبير، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن الزبير قال: واللَّه إنَّا لمع عثمان بن عفان بالجحفة ومعه رهط من أهل الشام -منهم حبيب بن مسلمة الفهري -إذ قال: عثمان- وذكر له التمتع بالعمرة إلى الحج -قال: إنَّ أتم الحج والعمرةِ ألا يكونا في أشهر الحج، فلو أخرتم هذِه العمرة حتى تزوروا هذا البيت كان أفضل؛ فإن اللَّه قد وسع لكم في الخير. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 14، وأبو داود (1799)، والنسائي 5/ 146، قال الدارقطني في "العلل" 2/ 166: حديث صحيح. وصححه الألباني في "الإرواء" (983). (¬2) في الأصل: أبي، والمثبت من مصادر التخريج.

فقال له علي -رضي اللَّه عنه-: عمدت إلى سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ورخصة رخصها اللَّه للعباد في كتابه، تضيق عليهم. فقال عثمان: وهل نهيت عنها؟ ! إنما كان رأي شُرتُ به، فمن شاء أخذ، ومن شاء ترك (¬1). "طبقات الحنابلة" 2/ 311 قال محمد بن ماهان: وسألت أحْمَد قُلْتُ: الرجل يحج أيما تختار له: الإفراد أو القِران؟ قال: أختار التمتع. قُلْتُ: يسعى سعيين، ويطوف طوافين؟ قال: نعم. قال أحْمَد: إذا دخل متمتعا يكون شبه قارن. "طبقات الحنابلة" 2/ 363 قال المروذي: قال أحْمَد: إن ساق الهدي، فالقران أفضل، وإن لم يسقه فالتمتع أفضل؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قرن حين ساق الهدى ومنع كل من ساق الهدي من الحل حتى ينحر هديه. "المغني" 5/ 83، "الفروع" 3/ 300 ونقل عنه أبو طالب فيمن قال: إن الإفراد أفضل: هذا كان في أول الأمر بالمدينة، فلما قدم مكة قال: اجعلوا حجكم عمرة فأمرهم بالعمرة، وهي آخر الأمرين من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 439، "المبدع" 3/ 6121 "معونة أولي النهى" 4/ 62. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 92، والبزار في "مسنده" 2/ 118 (473) وقال: وهذا الحديث يروى عن علي من وجوه، وهذا أحسن إسناد يروى عن علي في ذلك وأرفعه، ولا نعلم أسند ابن الزبير عن علي غير هذا الحديث.

وقال حرب: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أنا أختار في الحج التمتع. قال: وقال ابن عباس: هي واجبة. وسألته مرة أخرى ما تختار في الحج؟ قال: أنا أختار التمتع يدخل مكة بعمرة ويطوف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ويحل إن لم يكن معه هدي فإذا كان يوم التروية أهل بالحج من المسجد، وإن كان ساق الهدي طاف بالبيت، وبين الصفا والمروة لعمرته، ثم قام على إحرامه فإذا كان يوم التروية أهل بالحج. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 441. قال أبو طالب: قال أحْمَد: إذا دخل بعمرة فيكون قد جمع اللَّه عمرة وحجة ودمًا. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 543، "المبدع" 3/ 170. قال الأَثْرَمُ: قيل لأبي عبد اللَّه: فإنهم يحكون عنك أنك تقول: المتعة أفضل من غيرها؟ فقال: أما أفضل من الحج وحده، فليس فيه شك. ثم قال: أيما أفضل أن يجيء بعمرة وحج، أو أن يجيء بحج وحده؟ ! هي أفضل من إفراد الحج. قلت له: وأفضل من القرآن؛ لأنه جاء بكل واحد على حدة، فهو أفضل من أن يجمع بينهما، فقال: نعم، وأفضل من القرآن، ثم قال: نحو ما قلت. وقال الأَثْرَمُ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: التمتع أحب إلي، هو آخر الأمرين من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. أنه قال: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت كما صنعتم". وقوله لأصحابه: "حلوا" وما جاء فيها من الحديث.

وقال أيضًا: قيل لأبي عبد اللَّه: أنت تذهب إلى المتعة؟ فقال: هي أحب إلي وأفضل، وذاك أنا نذهب إلى أن العمرة واجبة؛ قال تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]. ثم قال: هذا بين. "مجموع الفتاوى" 26/ 47. قال الأَثْرَمُ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان ابن المبارك -زعموا- يقول بالمتعة، فقيل له: يكون مجيئه حينئذ للعمرة؟ فقال: أرأيتم لو أن رجلًا خرج يريد صلاة الظهر في جماعة، فتطوع قبلها بأربع ركعات، ثم صلى الظهر، أزاده ذلك خيرًا أم نقصه؟ ! ثم قال أحْمَد: ما أحسن ما قال! ثم قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يقول مجيئه حينئذ للظهر، أو للتطوع؟ ! أي: إنما مجيئه للظهر. قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هذا قول محدث، يعني: قولهم: حجة مكية. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه مرة أخرى، وذكر قول ابن المبارك: إنه قول محدث، يعني قولهم: حجة مكية. قيل لأبي عبد اللَّه: قول عبد اللَّه قول محدث؟ ! قال: إي واللَّه قول محدث، كلام بغيظ، ما أدري ما هو، وكيف لا يكون محدثًا ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعلم به، ويأمر به أصحابه؟ ! وغلظ القول فيه. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه مرة أخرى، قيل له: من قال: حجة مكية؟ قال: هذا قول محدث. قيل له: عمن يروى؟

فقال: عن الشعبي، وسعيد بن جبير. "فتاوى شيخ الإسلام" 26/ 52 - 53. قال الأَثْرَمُ: ذكر لنا أحْمَد بن حنبل، أن عبد الرحمن بن مهدي حدثه عن سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبي ذر، في متعة الحج كانت لنا خاصة (¬1). فقال أحْمَد بن حنبل: رحم اللَّه أبا ذر، هي في كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وأجمع الناس عليها. وقال: حدثنا أحْمَد بن حنبل، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك بن أنس، عن أبي الأسود، عن عُروة، عن عائشة: خرجنا مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم، فمنَّا من أهل بالحج، ومنا من أهل بالعمرة، ومنا من أهل بالحج والعمرة، وأهل بالحج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم، فأمَّا من أهل بالعمرة، فأحلوا حين طافوا بالبيت وبالصفا والمروة، وأما من أهل بالحج والعمرة، فلم يحلوا إلى يوم النحر (¬2). فقال الأَثْرَمُ: فقلت له: الزهري، عن عروة، عن عائشة، بخلافه؟ فقال: نعم، وهشام بن عروة. "زاد المعاد" 2/ 194، 202، "الفروع" 3/ 305. ¬

_ (¬1) رواه مسلم (1224). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 36، والبخاري (1562)، ومسلم (1211).

1025 - صفة التمتع

1025 - صفة التمتع قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: المتمتع يعمل للعمرة على حدة، وللحج على حدة. "مسائل عبد اللَّه" (751). 1026 - المتعة من الميقات قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: وإذا اعتمر عن غيره، ثم أرادَ الحجَّ لنفسِه يَخرجُ إلى الميقات؟ قال: إن اعتمر عن نفسِهِ، وإن أراد الحجَّ لغيرهِ خرجَ إلى الميقاتِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1389). قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال: ثنا وكيع قال: هو قول سفيان -يعني: رجل من أهل الآفاقِ كان بمكة فخرج إلى بعض المواقيت فدخل مكة بعمرة في أشهر الحج، ثم حج: إنه ليس عليه متعة إلا أن يأتي وقته. "مسائل أبى داود" (907). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: قُلْتُ: رجل تمتع من مكة؟ قال: لا تكون متعة حتى يخرج إلى الميقات، فإذا خرج إلى التنعيم لم يكن متمتعًا، حتى يخرج إلى ميقاته. "مسائل ابن هانئ" (719). قال ابن هانئ: وقيل له: لا تكون متعة إلا من ميقات؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (723).

1027 - فسخ الحج: حكمه وكيفيته

قال ابن هانئ: سألته عن رجل كان أهله وراء الميقات، فاعتمر؟ قال: يعتمر من الميقات، وإذا كان منزله دون الميقات فهو من أهل مكة، وإذا كان وراء الميقات مما تقصر فيه الصلاة فهو متمتع. "مسائل ابن هانئ" (745) قال ابن هانئ: سألته عن رجل من أهل الآفاق قدم مكة، فخرج إلى بعض المواقيت فدخل مكة بعمرة في أشهر الحج، ثم حج. قال عطاء: ليست له متعة قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ما أحسن ما قال! "مسائل ابن هانئ" (746) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: عن رجل قدم معتمرًا في غير أشهر الحج، فحلّ ثم جمع بين حج وعمرة في أشهر الحج؟ قال: إنما المتعة من الميقات، والحج من مكة، إذا أراد أن يعتمر خرج إلى الميقات، فأهل بعمرة أخرى، ويلبي بالحج من مكة. "مسائل ابن هانئ" (866) 1027 - فسخ الحج: حكمه وكيفيته قال صالح: وسألت أبي عن فسخ الحج؛ كيف هو؟ إذا أراد أن يفسخ ما يقول؟ وكيف يعمل؟ قال: يطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، ثم يحل. "مسائل صالح" (274). قال أبو داود: سمعت أحْمَد يقول: فسخ الحج مباح. "مسائل أبي داود" (817).

قال ابن هانئ: قُلْتُ لأبي عبد اللَّه: تذهب إلى حديث جابر (¬1)، فيمن أهل بالحج، يفسخ؟ قال: إن شاء فسخ، وإن شاء أقام. "مسائل ابن هانئ" (728). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل أهل بحجة في شوال، فقدم مكة في النصف من شوال، فثقل عليه أن يقيم على إحرامه، ترى له أن يجعل إحرامه عمرة، ويطوف لها ويحل؟ قال: نعم، أرى أن يجعل إحرامه عمرة، ويطوف لها، ويحل. "مسائل ابن هانئ" (730). قال ابن هانئ: وقيل له: في الفسخ؟ فقال: نعم، هذا عن عشرة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 302، والبخاري (1568)، ومسلم (1216). (¬2) فقد روي عن جابر بن عبد اللَّه مرفوعا: رواه الإمام أحمد 3/ 302، والبخاري (1568) ومسلم (1216). وعائشة: رواه الإمام أحمد 6/ 219، والبخاري (1516)، ومسلم (1211). وعن ابن عباس: رواه الإمام أحمد 1/ 371 والبخاري (1085)، ومسلم (1240). وعن حفصة: رواه الإمام أحمد 6/ 285، والبخاري (1566)، ومسلم (1229). وعن أنس: رواه الإمام أحمد 2/ 41، والبخاري (4353، 4354)، ومسلم (1232). وعن أسماء بنت أبي بكر: رواه الإمام أحمد 6/ 350، ومسلم (1236). وعن أبي موسى الأشعري: رواه الإمام أحمد 4/ 410، والبخاري (1559). عن البراء بن عازب: رواه الإمام أحمد 4/ 286. عن سبرة بن معبد الجهني: رواه الإمام أحمد 3/ 404 - 405، وأبو داود (1801). قال عنه الألباني في "صحيح أبي داود" (1580): إسناده صحيح على شرط مسلم.

قيل: فحديث بلال بن الحارث (¬1)؟ قال: ومن بلال بن الحارث؟ ! ومن روى عنه؟ ! أما أبوه فمن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأما هو فأنكره. فقيل له: إنه روى حديثًا. فقال: من رواه؟ وأنكره. قُلْتُ: ترى فسخ الحج؟ قال: نعم، إن شاء هو فسخ، أذهب إلى حديث جابر: أنهم أهلوا بالحج وحده، فأمرهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يحلوا. "مسائل ابن هانئ" (732). قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: يحيى عن عبد الملك، عن عطاء، عن جابر قال: قدمنا -يعني: مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-- لأربع ليالٍ مضين من ذي الحجة ونحن محرمون بالحج، فأمرنا أن نجعلها عمرة، فضاقت بذلك صدورنا وكبر علينا، فبلغه ذلك فقال: "يا أيها الناس أحلوا فلولا الهدي الذي معي لفعلت مثل ما تفعلون" ففعلنا حتى وطئنا النساء، وفعلنا ما يفعل الحلال، حتى إذا كانت عشية التروية أو يوم التروية جعلنا مكة بظهرٍ، وأتينا بالحج (¬2). قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إلى حديث جابر أذهب. "مسائل ابن هانئ" (733). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 469، وأبو داود (1808)، والنسائي 5/ 179 وابن ماجه (2984) قال ابن حزم في "المحلى" 7/ 108: الحارث بن بلال مجهول ولم يخرج أحد هذا الخبر في صحيح الحديث، وقد صح خلافه من طريق جابر بن عبد اللَّه. اهـ. وقال ابن القيم في "زاد المعاد" 2/ 193: هذا الحديث لا يصح عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. والحديث ضعفه الألباني، انظر: "الضعيفة" (1003). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 302، والبخاري (1568)، ومسلم (1216).

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن فسخ الحج؟ قال: هو الرجل يريد الحج، يقول: اللهم إني أريد الحج، فيسره لي. فإذا قدم فأراد أن يفسخ الحج طاف بالبيت سبعًا، وسبعًا بين الصفا والمروة ثم يقصر، ثم يكون عمرة، كما يفعل المعتمر، ويلبس أيضًا ثيابه، ويأتي النساء، ثم يهل بالحج يوم التروية أيضًا، فهذا فسخ الحج. وأنا أراه عن عشرة: ابن عباس وجابر والبراء وأسماء وأنس بن مالك. أنس يقول: أهلوا بالحج والعمرة، ثم صارت عمرة. "مسائل عبد اللَّه" (757). قال عبد اللَّه: قُلْتُ لأبي: فحديث بلال بن الحارث المزني في فسخ الحج؟ قال: لا أقول به. قال أبي: لا نعرف هذا الرجل، ولم يروه إلا الدراوردي، هذِه الأحاديث أحب إليَّ. "مسائل عبد اللَّه" (758). وقال في رواية الميموني وقد ذكر له حديث بلال بن الحارث في فسخ الحج لنا خاصة: لو عرف بلال أن أحد عشر رجلًا من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يروون ما يروون من الفسخ، أين يقع بلال بن الحارث منهم؟ ! "العدة في أصول الفقه" 3/ 1020 - 1021، "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 517. وقال سلمة بن شبيب لأبي عبد اللَّه: كل أمرك عندي حسن إلا خلة واحدة. قال: وما هي؟ قال: تقول بفسخ الحج إلى العمرة.

1028 - إن قدم مفردا ومعه الهدي، له أن يحل ويتمتع؟

فقال: يا سلمة، كنت أرى لك عقلًا، عندي في ذلك أحد عشر حديثًا صحاحًا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أتركها لقولك؟ ! "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 523 - 183، "المبدع" 3/ 127 ونقل أبو طالب: يجعلها عمرة إذا طاف بالبيت، ولا يجعلها وهو في الطريق. "الفروع" 3/ 329، "المبدع" 3/ 128. 1028 - إن قدم مفردًا ومعه الهدي، له أن يحل ويتمتع؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل قدمَ مفردًا بالحجِّ ومعه هدي، أَلَهُ أنْ يتمتعَ؟ قال الإمام أحْمَد: إذا كان معه هدي فليس له أن يفسخَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1373). قال صالح: وسألته عن حديث معاوية: قصرت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على المروة بمشقص (¬1). كأن التقصير في العمرة أفضل من الحلق؟ قال: إنما يراد من حديث معاوية حيث قصر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على المروة، إنما كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حاجًّا، وأصحابه منهم من أهل بالحج، ومنهم من أهل بحج وعمرة، ومنهم من أهل بعمرة، فلما قدموا مكة، أمرهم أن يجعلوا حجهم عمرة، ولم يفعل هو ذاك؛ لأنه ساق الهدي، فلم يحل إلا من رأسه، حيث أخذ من شعره، فكأن معاوية ينهى عن المتعة، فقال ابن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 96، والبخاري (1730)، ومسلم (1246).

عباس: هذا حجة على معاوية، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد حل من بعض إحرامه، ولم يحل من شيء سوى رأسه؛ لسوقه الهدي. وكان عطاء يقول: لا يحل إلا مما حل منه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وكان عطاء يذهب إلى ما يذهب إليه ابن عباس من أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أصحابه بالإحلال. "مسائل صالح" (227) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يقدم مكة ومعه هدي، أيحل؟ قال: لا يحل؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يحل، فإن قدم وليس معه هدي أحل. "مسائل ابن هانئ" (629). قال حنبل: قال أحْمَد: إذا قدم في أشهر الحج وقد ساق الهدي لا يحل حتى ينحره، والعشر أوكد إذا قدم في العشر لم يحل؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قدم في العشر ولم يحل (¬1). "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 468. قال في رواية أبي طالب في الذي يعتمر قارنًا، أو متمتعًا ومعه الهدي: قصر من شعرك ولا تمس شاربك ولا أظفارك ولا لحيتك كما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن شاء لم يفعل، وإن شاء أخذ من شعر رأسه وهو حرام. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 471، "المبدع" 3/ 129. قال في رواية يوسف بن موسى وحرب فيمن قدم متمتعًا وساق الهدي: فإن قدم في شوال نحر الهدي وحل وعليه هدي آخر، وإذا قدم في العشر أقام على إحرامه ولم يحل. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 219، والبخاري (1516)، ومسلم (1211) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-. وقد تقدم.

1029 - إضافة الحج إلى العمرة

فقيل له: معاوية يقول: قصرت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمشقص؟ فقال: إنما حل بمقدار التقصير ويرجع حرامًا مكانه. وقال في رواية أبي طالب: إذا كان قبل العشر نحر (ولا يضيع، لا يموت، لا يسرق) (¬1). "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 473. نقل أبو طالب عنه: الهدي يمنعه من التحلل من جميع الأشياء في العشر وغيره. "الفروع" 3/ 330، "معونة أولي النهى" 4/ 72 1029 - إضافة الحج إلى العمرة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: مَنْ أهلّ بعمرةٍ يضم إليها حجة؟ قال: نعم. قُلْتُ: مَن أهلَّ بحجٍّ يضم إليها عمرة؟ قال: لم أسمعه. قال إسحاق: كما قال، لا يضم إلى الحجِّ عمرةً أبدًا. "مسائل الكوسج" (1400) قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن: رجل أهل بعمرة فخاف أن يفوته الحج إن دخل بعمرةٍ؟ قال: يضم إلى عمرته حجة، وهو قارن، وعليه الهدي. قيل لأحْمَد: وليس عليه قضاء عمرته؟ قال: لا. ¬

_ (¬1) هكذا في المطبوع.

قيل: عائشة حين أعمرها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من التنعيم؟ قال: كأنه لم يكن عليها. "مسائل أبي داود" (856). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن الرجل قدم معتمرًا، فوافق قدومه يوم عرفة، فخاف أن يفوته الحج؟ قال: يمضي ويدخل الحج على العمرة. قيل له: فيعتمر مكان تلك العمرة؟ قال: لا، ولكن يطوف لها طوافًا واحدًا ويكون قارنًا. "مسائل ابن هانئ" (863). قال عبد اللَّه: سألت أبي: من أهل بحجة يضم إليها عمرة؟ قال: لم أسمع في هذا إلا شيئًا ضعيفًا. "مسائل عبد اللَّه" (821) نقل عنه أبو طالب فيمن قدم بعمرة فخشي الفوت: لم يطف، وأهل بالحج وأمسك عن العمرة كما فعلت عائشة. وقال أبو طالب: سألته عن حديث عائشة -لما حاضت- كيف يصنع مثلها؟ قال: لما دخلت بعمرة حاضت بعدما أهلت، فقال لها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أمسكي عن العمرة، وأهلي بالحج" (¬1)، فهذِه شبهت بالقارن، فتذهب فتقضي المناسك كلها، فإذا كان يوم النحر جاءت إلى مكة فطافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 163 - 164، والبخاري (319)، ومسلم (1211/ 113) وقد تقدم أنفا.

قيل له: طواف؟ قال: نعم، طواف واحد يجزئ القارن، وهذِه يجزئها طواف واحد. وقال في رواية الميموني: وقد ذكر له عن أبي معاوية (¬1) يرويه: "انقضي عمرتك" (¬2). فقال: غير واحد يرويه: "أمسكي عن عمرتك" أيش معنى "انقضي"؟ ! هو شيء ينقضه. هو ثوب تلقيه، وعجب من أبي معاوية. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 559 - 560. نقل عنه المروذي فيمن قدم يوم عرفة معتمرًا فخاف أن يفوته الحج إن طاف، قال: أدخل الحج على العمرة، ويكون قارنًا. قيل له: فيدخل العمرة على الحج؟ فقال: لا. ونقل عنه حنبل: إذا أهل بعمرة أضاف إليها الحج، وإذا أهل بالحج لم يضف إليه عمرة. ونقل عنه أبو الحارث: إذا أحرم بعمرة فلا بأس أن يضيف إليها حجة، فإذا أهل بالحج لم يضف إليه عمرة. وقد روى عنه حرب وقد سأله عمن أهل بالحج، فأراد أن يضم إليها عمرة، فكرهه. ¬

_ (¬1) هو أبو معاوية الضرير التميمي السعدي الكوفي، انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" 25/ 123. (¬2) رواه البخاري (1783) من طريق أبي معاوية عن هشام، عن أبيه، عن عائشة بلفظ "ارفضي عمرتك".

1030 - من قرن الحج والعمرة يتمتع إذا شاء؟

ونقل عنه الأثرم: إذا أهل بعمرة أضاف إليها الحج ولا بأس، إنما الشأن في الذي يهل بالحج أيضيف إليه عمرة، ثم قال: عليٌّ يقول: لو كنت بدأت بالعمرة (¬1). "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 567. 1030 - من قرَنَ الحجَّ والعمرةَ يتمتعُ إذا شاءَ؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ قَرَنَ الحجَّ والعمرةَ يتمتعُ إذا شاءَ؟ قال: إذا لمْ يسق الهديَ إنْ شاءَ صيَّرَهما عمرةً. قال إسحاق: كما قال، ولا يجوزُ القرآن إلَّا بسوقٍ. "مسائل الكوسج" (1602). 1031 - حكم فسخ نية القران إلى العمرة قال ابن هانئ: سألته عن الرجل دخل بعمرة في أشهر الحج، أَلَه أن يرجع إذا قضى عمرته؟ قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قال سعيد: هذا رجل سوء، لا يخرج حتى يقضي حجه. "مسائل ابن هانئ" (744). ¬

_ (¬1) رواه الدارقطني 2/ 265، والبيهقي 4/ 348 وقال: كذلك رواه ابن عيينة عن منصور، وأبو نصر هذا غير معروف.

1032 - يجب على المتمتع والقارن دم لنسكه؟

1032 - يجب على المتمتع والقارن دم لنسكه؟ رضي اللَّه عنه إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُكرْه القرآن إلا بسوق؟ قال: لا. قال إسحاق: أكرهُهُ إلَّا بسوق، فإذا لمْ يَسُقْ تَمَتَّعَ ولا يقرن. "مسائل الكوسج" (1575) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: القارنُ إذا لم يذبح أو لم يصم؟ قال: لابد، هو مثل المتمتع. حَدَّثَنَا إسحاق، ثنا أحْمَد، حَدَّثَنَا هُشيم قال: أخبرنا أبو بشر، عن سليمان اليشكري، عن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما- أنه قال: لو أهللت بالحج والعمرة جميعًا طفت لهما طوافًا واحدًا ولكنت مهديًا (¬1). قال أبو يعقوب: لم يسمع أبو بشر من سليمان شيئًا. "مسائل الكوسج" (3426). قال إسحاق بن منصور: قال أحْمَد: يروى عن أبي معشر في حديث الصُّبَيِّ أن عمر -رضي اللَّه عنه- قال له: اذبح تيسًا (¬2). ومن الناس من يقول: لا يكون قران إلا بسَوْق مجراه مجرى المتمتع. "مسائل الكوسج" (3427). قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال في رجل تمتع، قال: عليه شاةٌ. قيل لأحْمَد: فاشترى شاة فذبحها يوم النحرِ؟ ¬

_ (¬1) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 157 من طريق حجاج عن هشيم به. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 14، أبو داود (1799) وغيرهم دون ذكر قوله: اذبح تيسًا. وقد تقدم تخريجه، ورواه ابن أبي شيبة 3/ 234 (13854) بلفظ: أمر عمر بن الخطاب الصُّبَيَّ بن معبد أن يذبح كبشا.

1033 - عمرة القارن تجزئ عن عمرة الإسلام؟

قال: إذا لم ينوها لمتعته لا تجزئه. "مسائل أبي داود" (861). نقل بكر بن محمد: عليه هدي -القارن- وليس كالمتمتع؛ لأن اللَّه أوجب على المتمتع هديًا في كتابه، والقارن إنما رُوي أن عمر قال للصبيِّ: اذبح تيسًا. وسأله ابن مشيش: القارن يجب عليه الدم وجوبًا؟ فقال: كيف يجب عليه وجوبًا؟ ! وإنما شبهوه بالمتمتع. "الفروع" 3/ 365، "المبدع" 3/ 124، "معونة أولي النهى" 8/ 169 1033 - عمرة القارن تجزئ عن عمرة الإسلام؟ قال أحْمَد في رواية الأثرم وغيره: إن عمرة القارن، والعمرة المكية لا تجزئ عن عمرة الإسلام. واحتج بحديث عائشة لما أعمرها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فإنها كانت قارنة، وأعمرها بعد ذلك. "مجموع الفتاوى" 26/ 43.

فصل: ذكر المواقيت

فصل: ذكر المواقيت المواقيت الزمانية 1034 - الأشهر الحرم قال إسحاق بن منصور: قال أحْمَد: الأربَعةُ الأشهُر: ذو القعدةِ، وذو الحجةِ، والمحرَّمُ، ورَجب. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1708) 1035 - أشهر الحج قال ابن هانئ: قُلْتُ: أشهر الحج كم هي؟ قال: شوال، وذو القعدة، وعشر ذي الحجة. "مسائل ابن هانئ" (718). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: أشهر الحج شوال، وذو القعدة، وعشر ذي الحجة، فإذا اعتمر الرجل في هذِه الأشهر ثم أقام حتى يحج، فمات ولم يحج فهو متمتع، وعليه ما استيسر من الهدي. "مسائل عبد اللَّه" (842). 1036 - الإحرام قبل أشهر الحج قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: يُهلُّ الرجلُ قبلَ شهور الحجِّ؟ قال: لا هذا مكروه.

1037 - يحرم بالعمرة متى شاء؟

قال إسحاق: كما قال، فإن فعل كنت قائلًا له: اجعلها عمرة كما قال عطاء؛ لأنَّ ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: من السنةِ أنْ لا يحرمَ بالحجِّ إلا في أشهرِ الحج (¬1). "مسائل الكوسج" (1376). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أحرم بالحج، في غير أشهر الحج؟ قال: يجعل حجه عمرة. "مسائل عبد اللَّه" (872). نقل أبو طالب وسندي: من أحرم بالحج في غير أشهر الحج لزمه؛ إلا أن يريد فسخه بعمرة فله ذلك. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 388، "الفروع" 3/ 114، "الإنصاف" 8/ 131، "معونة أولي النهى" 4/ 52. 1037 - يحرم بالعمرة متى شاء؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يعتمرُ الرجلُ في الشهرِ كما شاء؟ قال: ما أمْكَنَهُ، ليس لها وقتٌ كوقتِ الحجِّ. قال إسحاق: كما قال. إلا أنه يعتمرُ في كلِّ شهرٍ أفضل لكي يجمعَ الاختلافَ، ويكون أمكن للحلقِ. "مسائل الكوسج" (1552). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا حميد بن عبد الرحمن قال: ثنا همام ابن يحيى قال: سئل قتادة، عن عمرتين في شهر، فروى عن سعيد بن ¬

_ (¬1) رواه ابن خزيمة 4/ 162 (2596)، والدارقطني 2/ 234 (77)، والحاكم 1/ 616، وعلقه البخاري قبل (1560) بصيغة الجزم.

المسيب وعطاء والحسن، قالوا: لا بأس. قال: وسئل عنها ابن عمر، فلم يكرهها. "مسائل أبي داود" (801). قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: العمرة في كل شهر؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأسٌ. "مسائل أبي داود" (865). قال ابن هانئ: سألته عن العمرة؟ فقال: اعتمر في كل شهر مرارًا إن قدرت. "مسائل ابن هانئ" (703). قال ابن هانئ: قُلْتُ لأبي عبد اللَّه: فالعمرة في كل شهر مرة أو مرتين؟ قال: كل ذلك جائز، اعتمر في كل شهر مرارًا. قيل لأبي عبد اللَّه: كم عمرة يعتمر الرجل في الشهر؟ قال: إن شئت فاعتمر ثلاثًا، وإن شئت فاعتمر اثنتين. "مسائل ابن هانئ" (727). ونقل محمد بن الحكم عنه: ويروى عن عائشة: أنها اعتمرت في السنة مرارًا (¬1)، وتكون العمرة في الشهر مرارًا. وقال عكرمة: يعتمر إذا أمكن الموسى من شعره. وإذا اعتمر الرجل فلا بد له من أن يحلق أو يقصر، في عشرة أيام يمكن حلق الرأس. "طبقات الحنابلة" 2/ 297 وقال الأَثْرَمُ: قال أحْمَد: إن شاء اعتمر في كل شهر. "المغني" 5/ 27. ¬

_ (¬1) رواه الشافعي في "مسنده" 1/ 380 (378 - 980) والبيهقي 4/ 344.

1038 - ثواب العمرة في رمضان

قال أبو الحارث: قال أحْمَد: يعتمر الرجل متى شاء في شعبان أو رمضان. وقال في رواية الأثرم: العمرة بعد الحج لا بأس بها عندي. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 399 - 400 1038 - ثواب العمرة في رمضان قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ قال: "عُمرَةٌ في رمَضانَ تعدِلُ حجَّةَ" (¬1) أثَبَتَ هُو؟ قال: بلى، هُو ثبتَ. قال إسحاق: ثبتَ كما قال، ومعناهُ: أن يُكتبَ له كأجرِ حجَّةٍ، ولا يَلحقُ بالحاجِّ أبدًا. "مسائل الكوسج" (1500). قال أحْمَد بن محمد بن واصل: سمعت أحْمَد يقول: عمرة في شهر رمضان تعدل حجة، فإن أدرك يومًا من رمضان فقد أدرك عمرة في رمضان. "طبقات الحنابلة" 2/ 223. 1039 - زمان الإحرام للمكي والمتمتع إذا أراد الحج قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: متى يُهلُّ أهلُ مكةَ بالحجِّ؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 229، والبخاري (1782)، ومسلم (1256) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.

قال: إن يعجلوا فما بأس قبل التروية، قال عمرُ -رضي اللَّه عنه-: إذا رأيتمُ الهلالَ فأهلوا (¬1). قال إسحاق: كما قال، والذي يلزم يوم التروية ولكل قادم حل بمكةَ. "مسائل الكوسج" (1378). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قول عمرَ -رضي اللَّه عنه-: تجردوا بالحج وإن لم تحرموا" (¬2)؟ قال: يعني: تشبهوا بالحاج. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1379)، ونقلها عبد اللَّه عنه "مسائل عبد اللَّه" (830). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: يتعجلُ الرجلُ إلى منى قبل التروية؟ قال: نعم، لم لا يتعجل؟ ! قال إسحاق: إنْ فعلَ جازَ، وخروجُه يومَ الترويةِ أفضلُ. "مسائل الكوسج" (1421)، ونقلها عبد اللَّه عن أبيه "مسائل عبد اللَّه" (813). قال أبو داود: قلْتُ لأحْمَد: رجلٌ قدم مكة متمتعًا متى يهل بالحج؟ قال: يوم التروية، وهو آخر فعل ابن عمر (¬3). قلت: يهل بالحج إذا توجه من المسجد إلى منى؟ قال: نعم. هذا معنى ما قلت له. "مسائل أبي داود" (807). ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 224، والفاكهي في "أخبار مكة" 2/ 335 (1613). (¬2) رواه الفاكهي في "أخبار مكة" 2/ 334 (1612). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 66، والبخاري (166)، ومسلم (1187).

قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: فقول عمر لأهلِ مكة: إذا رأيتم الهلال فأهلوا؟ قال: هذا لأهل مكة. "مسائل أبي داود" (808). قال أبو داود: فقلت لأحْمَد: إذا كان مكي، يهل إذا رأى الهلال؟ قال: هكذا روي عن عمر. "مسائل أبي داود" (809). قال عبد اللَّه: سألت أبي قُلْتُ: من أين يهل أهل مكة بالحج؟ قال: منها، فإن تعجلوا فلا بأس قبل يوم التروية. قال عمر: إذا رأيتم الهلال فأهلوا. "مسائل عبد اللَّه" (829). قال حرب: قال أحْمَد: إذا كان يوم التروية أهل بالحج من المسجد. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 432. قال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد اللَّه عن متمتع أهل بالحج حين رأى هلال ذي الحجة؟ فقال: كان ابن عمر يفعل ذلك، ثم أخر ذلك إلى يوم التروية. وقال في رواية الميموني عنه: الوجه أن يهل المتمتع بالحج في اليوم الذي أهل فيه أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن أهل قبله فجائز. وقال في رواية أبي طالب في المكي إذا كان يوم التروية: صلى الفجر وطاف بالبيت، فإذا توجه إلى منى أحرم بالحج، لقول جابر: فلما توجهنا أهللنا بالحج (¬1). "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 485 - 486 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 318، ومسلم (1214).

1040 - المواقيت المكانية

1040 - المواقيت المكانية قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال: فإذا أراد الحج أو العمرة. حدثنا أحْمَد قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرنًا، وذكر لي -ولم أسمعه- أنه وقت لأهل اليمن يلملم (¬1). "مسائل أبي داود" (674)، (675). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا سفيان، عن ابن طاوس، عن أبيه: أن النبى صلى اللَّه عليه وسلم قال: "هذه المواقيت لأهلها ولكل آتٍ عليها من غير ألها لمن أراد الحج والعمرة، حتى يأتي ذلك على أهل مكة" (¬2). "مسائل أبي داود" (676) قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا وكيع قال: ثنا سفيان -يعني الثوري- عن يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن علي بن عبد اللَّه ابن عباس، عن ابن عباس، قال: وقت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأهل المشرق العقيق (¬3). "مسائل أبي داود" (677). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 9، والبخاري (133)، ومسلم (1182). (¬2) رواه الشافعي 1/ 292 (761). (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 344، وأبو داود (1740)، والترمذي (832) وقال: هذا حديث حسن. وقال المنذري في "المختصر" 2/ 284 (1665): وأخرجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن. هذا آخر كلامه، وفي إسناده يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف، وذكر البيهقي أنه تفرد به. =

قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا وكيع، عن هشام، عن أبيه قال: وقت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأهل المشرق ذات عرقٍ (¬1). "مسائل أبي داود" (678). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد اللَّه قال: حدثني نافع، عن ابن عمر: أن عمر حد لأهل العراق ذات عرقٍ (¬2). "مسائل أبي داود" (679). قال أبو داود: سمعت أحْمَد يقول: وقت أهل العراق ذات عرقٍ. قلت لأحْمَد: فالعقيق؟ قال: العقيق أقرب إلينا من ذات عرقٍ. "مسائل أبي داود" (805). وقال في رواية المروذي: فإن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام ومصر الجحفة ولأهل الطائف ونجد قرنًا، ولأهل اليمن يلملم، ولأهل العراق ذات عرق" (¬3). "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 302. ¬

_ = وقال الزيلعي: ورواه البيهقي في "المعرفة"، وقال: تفرد به يزيد بن أبي زياد. . قال ابن القطان في "كتابه": هذا حديث أخاف أن يكون منقطعًا، فإن محمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس إنما عُهد يروي عن أبيه عن جده عن ابن عباس. . وقال مسلم في "التمييز": لا نعلم له سماعًا من جده، ولا أنه لقبه، ولم يذكر البخاري ولا ابن أبي حاتم أنه يروي عن جده وذكر أنه يروي عن أبيه ا. هـ بتصرف. وقال الألباني في "الإرواء" 4/ 180: منكر. (¬1) رواه البيهقي 5/ 29. (¬2) رواه البخاري (1531). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 78 من حديث ابن عمر، وروى مسلم (1183) من حديث جابر -قال الراوي: أحسبه رفعه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "مُهلُّ أهل المدينة من ذي الخليفة والطريق الآخر من الجحفة، ومهل أهل العراق من ذات عرق، ومهل أهل نجد من قرن ومهل أهل اليمن من يلملم".

1041 - حكم الإحرام قبل الميقات

1041 - حكم الإحرام قبل الميقات قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قوله: كانوا يحبونَ أنْ يحرمَ الرجلُ أوَّل ما يحج مِنْ بيتهِ، أو يحرم الرجلُ من بيتِ المقدسِ، أو من دون الميقاتِ؟ قال: وجه العمل المواقيت. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حيثُ وقَّتَ المواقيت قَد نَظَرَ فيها يرفق بأمته، والانتهاء إليه أفضل. "مسائل الكوسج" (1386). قال أبو داود: سمعته سئل عن الرجل يحرم من المكان البعيد، قال: كأني أتهيبه. "مسائل أبي داود" (810). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن رجلٍ أحرم من بغداد فحبس في السجن ثم خلي عنه، أيحرم من هاهنا -يعني: من بغداد؟ قال: يحرم من المواقيت أحب إليَّ. "مسائل أبي داود" (888). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: أرى أن يحرم من ذات عرق. "مسائل عبد اللَّه" (742). قال الأثرم: وقد سُئل: أيما أعجب إليك يحرم من الميقات أم قبل؟ فقال: من الميقات أعجب إلي. وقال في رواية محمد بن الحسن بن هارون: إذا أحرم الرجل، أحرم من الميقات أعجب إليَّ، ولا يحرم من قبل الميقات فإن أحرم قبل الميقات انعقد إحرامه.

1042 - الإحرام من ميقات الغير لمن مر به

وقال حرب: قُلْتُ لأحْمَد: الرجل يحرم قبل الميقات؟ قال: قد فعل ذلك قوم. وكأنه سهل فيه. وقال في رواية صالح: إن قوي على ذلك أرجو أن لا يكون فيه بأس. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 361 - 362. 1042 - الإحرام من ميقات الغير لمن مرَّ به قال صالح: قال أبي: أحرمتُ من يلملم -وهي قريبة من مكة- وأنا جاءٍ من عند عبد الرزاق. "مسائل صالح" (20)، ونقلها عبد اللَّه عن أبيه "مسائل عبد اللَّه" (742). قال أحْمَد بن القاسم: قال أحْمَد: إذا مرَّ رجل من أهل الشام بالمدينة وأراد الحج، فإنه يهل من ذي الحليفة. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 318. 1043 - من مرَّ على ميقاتين من أيهما يحرم قال ابن هانئ: وسمعته يقول: إذا أردت أن تحرم، فأخذت بطريق المدينة، فأحرم من الشجرة -ذي الحليفة- وإن أردت أن تأخذ على طريق الجادة، فأحرم من ذات عِرق. وكلما تباعدت في طريق مكة، فلك أجرٌ. "مسائل ابن هانئ" (715).

1044 - في دخول مكة بغير إحرام

1044 - في دخول مكة بغير إحرام قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكره أن يجاوزَ أحد ذا الحليفةِ بغيرِ إحرامٍ؟ قال: نعم، إذا كان ممن يمر بها، فهذا مكروه. قال إسحاق: كما قال، وكذلك كلُّ مَنْ كان له الوقتُ في موضع لا تحلّ له مجاوزته حتَى يحرمَ، إلَّا مِن عذرِ نسيان أو غيره. "مسائل الكوسج" (1385). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: لأحدٍ أنْ يدخلَ مكةَ بغيرِ إحرامٍ؟ قال: لا يدخلها أحد إلا بإحرامٍ. قال إسحاق: كما قال، إلا ما كان من الحطابين وأشباههم فلهم ذلك. "مسائل الكوسج" (1391). قال صالح: قال أبي: ولا يدخل مكة أحد إلا محرم في أيام الحج ولا غيرها، ثم يطوف بالبيت. "مسائل صالح" (1086). قال ابن هانئ: وسألته عن رجل أراد أن يدخل مكة بتجارة، يجوز له أن يدخل بغير إحرام؟ قال: لا يدخل مكة إلا بإحرام، يحرم ويطوف بالبيت، وبالصفا والمروة، ويحلق، ثم يحل، ويبيع. "مسائل ابن هانئ" (758). قال ابن هانئ: قُلْتُ له: فمن دخل في الحرم، يدخل بإحرام؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (759).

قال ابن هانئ: قُلْتُ له: فكل الناس: التجار، ومن نحا إليها؟ قال: نعم، واحتج بحديث ابن عباس (¬1). وقال: كان ابن عمر يقول: بغير إحرام (¬2). "مسائل ابن هانئ" (760). قال عبد اللَّه: سألت أبي: قُلْتُ: لأحد أن يدخل مكة بغير إحرام؟ قال: لا يدخلها إلا بإحرام. "مسائل عبد اللَّه" (739). قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: قُلْتُ: يكره أن يتجاوز أحد ذا الحليفة بغير إحرام؟ قال: نعم، إذا كان ممن يمر بها، فهذا مكروه. قال: لا يجاوز ذا الحليفة إلا محرم. "مسائل عبد اللَّه" (740). قال في رواية الأثرم والمروذي: لا يعجبني أن يدخل مكة تاجر ولا غيره إلا بإحرام تعظيمًا للحرم، وقد دخل ابن عمر بغير إحرام (¬3). "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 340 قال في رواية ابن القاسم وسندي: لا يدخل أحد مكة بغير إحرام، وقد أرخص للحطابين والرعاة، ونحو هؤلاء أن يدخلوا بغير إحرام. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 394 (15458) عن سعيد بن جبير مرفوعًا بإسقاط (ابن عباس) لكن عزاه إليه الزيلعي في "نصب الراية" 3/ 15 بإثباته. ورواه عبد الرزاق 2/ 566 (4482)، وابن أبي شيبة 3/ 394 (15459) موقوفًا. (¬2) رواه مالك ص 273، وابن أبي شيبة 3/ 203 (13524) (¬3) رواه مالك ص 273، وابن أبي شيبة 3/ 203 (13524).

فقيل له: إنهم يقولون: ابن عمر لم يكن بلغ الميقات فمن أجل ذلك دخل بغير إحرام؟ فقال: الميقات وغيره سواء، وإنما رجع لاضطراب الناس والفتنة، فدخل كما هو، وكان ابن عباس يشدد في ذلكَ (¬1). فقيل له: فالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دخلها عام الفتح بغير إحرام؟ فقال: ذلك من أجل الحرب، ألا تراه يقول: "حلت لي ساعة من نهار" (¬2) وهذا يدخل مع فعل ابن عمر. وقال في رواية الأثرم في الرجل يقيم بمكة متمتعًا أو غيره، ثم يخرج منها لبعض الحاجة: فيعجبني أن لا يدخلها إلا بإحرام، وأن لا يخرج منها أبدًا حتى يودع البيت. وقال حرب: قُلْتُ لأحْمَد: فإن قدم من بلدة بعيدة تاجر فقدم مكة بغير إحرام؟ قال: يرجع إلى الميقات فيهل بعمرة إن كان في غير أيام الحج، وإن كان في أيام الحج: أهل بحجة. وقال في رواية أبي طالب فيمن دخل مكة بغير إحرام، وهو يريد الحج -فإن كان عليه وقت رجع إلى الميقات فأهل منه، ولا شيء عليه. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 342 - 345 قال حرب: قُلْتُ لأحْمَد: الرجل يدخل مكة بغير إحرام؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 202 (13515)، والبيهقي 5/ 177. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 253، والبخاري (1149) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.

1045 - من دخل مكة من غير أهل الوجوب، ثم صار من أهل الوجوب وأراد الحج؟

قال: إذا كان من الحطابة، وهؤلاء الذين يختلفون كل يوم فإنه لا بأس، فقيده بيوم. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 353. 1045 - من دخل مكة من غير أهل الوجوب، ثم صار من أهل الوجوب وأراد الحج؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: نصراني أسْلَمَ بمكة، ثم أراد الحجَّ؟ قال: هو بمنزلةِ مَن ولِدَ بمكةَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1387). قال عبد اللَّه: سألت أبي قُلْتُ: نصراني أسلم فأراد أن يحج؟ قلت: هو بمنزلة من ولد بمكة؟ قال: أرجو. "مسائل عبد اللَّه" (836). قال البغوي: قال أحْمَد: ولو أن نصرانيًّا أسلم بمكة ثم أراد الحج، قال: يرجع إلى ذي الحليفة فيحرم. "مسائل البغوي" (30). قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى قالا: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن تاجر قدم مكة حلالًا فأراد أن يحج أو يعتمر؟ قال: يخرج إلى ميقاته فإن خشي الموت أحرم من مكة وعليه دم. قال وسألته عن نصراني أسلم بمكة من أين يحرم؟

1046 - في من جاوز الميقات

قال: هو مثل هذا، أيضا يخرج إلى ميقاته فيحرم فإن خشي الموت أحرم من مكة. أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا أنه قال لأبي عبد اللَّه: تعرف حديث مجاهد بن رومي عن عطاء في نصراني أسلم بمكة؟ قال: نعم. قلت: كيف يصنع إذا أحرم من مكة؟ قال: يخرج خارجًا من الحرم يحرم منه. "أحكام أهل الملل" 1/ 129 (148 - 149) 1046 - في من جاوز الميقات قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في مملوكٍ جازَ المواقيتَ بغيرِ إحرامٍ، منعَهُ مواليه أن يحرمَ حتَّى وقفَ بعرفة. قال: يحرمُ مكانَهُ وليسَ عليهِ دمٌ؛ لأن سَيِّدَهُ الذي منعَهُ. قال أحْمَد: جَيِّدٌ، حَدَيْثُ أبي رجاء عَنْ ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1642). نقل أبو طالب عنه: إذا خشي الفوات أحرم من مكة وعليه دم. ونقل حنبل عنه: أن عطاء يقول في الذمي يُسلم بمكة: يخرج إلى الميقات. قال أحْمَد: يحرم من مكة من موضع أسلم. "الروايتين والوجهين" 1/ 300.

1047 - المجاوز للميقات ولا يريد الحج ثم أراد الحج

1047 - المجاوز للميقات ولا يريد الحج ثم أراد الحج قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَن دخلَ مكةَ بغيرِ إحرام، تم أراد الحج، من أين يحرمُ بالحج؟ قال: من مكة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1388). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَن دخلها بغيرِ إحرامٍ، ثُمَّ أرادَ الحجَّ؟ قال: يخرجُ إلى الميقاتِ. قال إسحاق: كما قال، إلا أن يخشى فواتًا فحينئذ أهل من مكانه فأهراق لذلك دمًا، كذلك ذُكر عن ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما- (¬1). "مسائل الكوسج" (1390). قال ابن هانئ: قُلْتُ لأبي عبد اللَّه: رجل تاجر دخل مكة حلالًا، فأراد الحج؟ قال: يهل من الميقات. "مسائل ابن هانئ" (847). قال ابن هانئ: وسألت أبا عبد اللَّه عن المرأة تدخل مكة بلا إحرام؟ قال: إذا خشيت أن يفوتها الوقوف بعرفة كان عليها دم، وإلا رجعت إذا لم تخف إلى الميقات وتهل. "مسائل ابن هانئ" (867) ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 5/ 30.

1048 - المرأة إذا بلغت الميقات ثم حاضت أو نفست

قال البغوي: وسئل أحْمَد -وأنا أسمع- عن رجل خرج لحاجة وهو لا يريد الحج، فجاز ذا الحليفة ثم أراد الحج؟ قال: يرجع إلى ذي الحليفة فيحرم. "مسائل البغوي" (29). 1048 - المرأة إذا بلغت الميقات ثم حاضت أو نفست قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الحائضُ إذا بلغتِ الميقاتَ؟ قال: تغتسل وتهل، وتصنع ما يصنع الحاج، غير أن لا تطوفَ بالبيتِ والصفا والمروة، ولا تدخل المسجدَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1381). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المرأةُ إذا أحرمتْ بعمرةٍ فأدركها الحجُّ وهي حائضٌ؟ قال أحْمَد: تهل بالحجِّ وتكونُ قارنًا وعليها الهدي. قال إسحاق: كما قال، إلا أنها صَارتْ كالمتمتعِ. "مسائل الكوسج" (1382). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا هشيم عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب أن أسماء ابنة عميس حجت مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فنفست بذي الحليفة بمحمد بن أبي بكرٍ، فأمرها أبو بكرٍ أن تغتسل، ثم تحرم (¬1). "مسائل أبي داود" (694). ¬

_ (¬1) رواه من طريق سعيد بن المسيب هذا: مالك ص 214، والطبراني 24/ 141 (374)، والبيهقي 5/ 32. =

قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لها وقد حاضت بسرف قبل أن تدخل مكة؛ فقال لها: "اقضي ما يقضي الحاج" (¬1). قال: أحْمَد: قال سفيان مرة أخرى قال: "اعملي ما يعمل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت". "مسائل أبي داود" (767). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن موسى بن عقبة عن نافع، عن ابن عمر قال: تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة (¬2). "مسائل أبي داود" (768). قال أبو داود: سمعت أحْمَد يقول: الحائض تقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة. "مسائل أبي داود" (886). قال ابن هانئ: وسئل عن المرأة تبلغ الميقات وهي حائض؟ قال: تفيض عليها الماء، وتهل بالحج. "مسائل ابن هانئ" (687). قال ابن هانئ: قيل له: فإن أصبحت يوم التروية، ولم تطهر؟ قال: تمضي إلى عرفات. "مسائل ابن هانئ" (688). ¬

_ = وروى الإمام أحمد 3/ 320، ومسلم (1212) من طريق أبي جعفر محمد الباقر عن جابر -رضي اللَّه عنه- أنها نفست بمحمد بن أبي بكر فأرسلت إلى رسول اللَّه: كيف أصنع؟ قال: "اغتسلي، ثم استذفري بثوب، ثم أهلي". (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 39، والبخاري (294)، ومسلم (1211/ 119). (¬2) رواه الإمام مالك ص 225، وابن أبي شيبة 3/ 284 (14361).

قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: سفيان، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لها -وقد حاضت بسرف قبل أن تدخل مكة: "أقضي ما يقضي الحاج" (¬1). وقال مرة أخرى: "اعملي ما يعمل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت". "مسائل ابن هانئ" (689). قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: هشيم، عن يحيى بن سعيد، قال: ثنا سعيد بن المسيب: أن أسماء بنت عميس، حجت مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنفست بذي الحليفة، بمحمد بن أبي بكر، فأمرها أبو بكر: أن تغتسل وأن تحرم (¬2). "مسائل ابن هانئ" (690). قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: وكيع قال: حدثنا العُمري، عن نافع، عن ابن عمر قال: تقضي الحائض المناسك كلها، إلا الطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة (¬3). "مسائل ابن هانئ" (691). قال ابن هانئ: وسئل عن النفساء تريد أن تحرم؟ فاحتج بحديث أسماء بنت عميس، أنها حجت مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فنفست بمحمد بن أبي بكر، فأمرها أبو بكر أن تغتسل، وأن تحرمَ (¬4). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 39، والبخاري (294)، ومسلم (1211/ 119). (¬2) رواه من طريق ابن المسيب مالك ص 214، والطبراني 14/ 141 (374)، والبيهقي 5/ 32 وأصله عند الإمام أحمد 3/ 320، ومسلم (1212) عن جابر بن عبد اللَّه. (¬3) رواه الإمام مالك ص 225، وابن أبي شيبة 3/ 284 (14361). (¬4) رواه الإمام أحمد 3/ 320، ومسلم (1212) من حديث جابر.

وقال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: تغتسل وتحرم. "مسائل ابن هانئ" (692). قال ابن هانئ: سألته عن الحائض؟ قال: تقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة. "مسائل ابن هانئ" (693) قال ابن هانئ: وسئل عن امرأة حائض بمكة؟ قال: تقضي كل شيء إلا الطواف بالبيت، ولا تدخل المسجد، وتلبس كل شيء كانت تلبسه وهي حلال، فإنها تلبسه وهي محرمة. "مسائل ابن هانئ" (694). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: الحائض لا تدخل البيت الحرام. "مسائل ابن هانئ" (871). قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قُلْتُ: المرأة إذا أحرمت بعمرة فأدركها الحج وهي حائض؟ قال: تهل بالحج وتكون بمنزلة القارن وعليها الحج. "مسائل عبد اللَّه" (831). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الحائض إذا بلغت الميقات؟ قال: تغتسل وتهل وتصنع ما يصنع الحاج، غير أن لا تطوف في البيت، وبالصفا والمروة، ولا تدخل المسجد أعجب إلينا. "مسائل عبد اللَّه" (847).

1049 - مكان الإحرام للمكي والمتمتع إذا أراد الحج

1049 - مكان الإحرام للمكي والمتمتع إذا أراد الحج قالَ إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: سمعنا أنَّ الحرمَ ميقاتُ أهل مكةَ، فَمَنْ خرجَ مِنْ الحرمِ، ولم يهل أمرتُهُ أن يرجعَ، وأرى عليهِ إذا كانَ ذاكَ حدهُم، ما أرى على غيرهِم إذا جاوزوا الميقاتَ. قال أحْمَد: ليس لهُم حدٌّ محدودٌ، إلا أنه أعجبُ إليَّ أن يحرِمُوا مِنَ الحرمِ إذا توجهوا إلى مِنَى. قال إسحاق: كما قال أحمد، فإنْ أَخذوا بما رَوى ابن سيرينَ: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أعلمَ لأهل مكةَ التَّنْعِيمَ (¬1)، كانَ أفضلَ. "مسائل الكوسج" (1643). قال إسحاق بن منصور: قيل لأحْمَد: إذا قدمَ معتَمرًا فطافَ، وصلَّى، ثم خرجَ إلى التنعيمِ فأهل بالحجِّ منها؟ قال: كان ميقاتُه مَكَّةَ. قُلْتُ: فهل يجب عليه شيء إذا تركَ ميقاته؟ قال: لا. "مسائل الكوسج" (3400). قال صالح: قُلْتُ: رجل دخل بعمرة، فلما حل أراد أن ينشئ الحج، من أين ينشئ؟ قال: من المسجد، أو من أحب. "مسائل صالح" (1091) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن الرجل يحج عن قرابته، ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 256 (14072)، وأبو داود في "المراسيل" (135) وقال: سفيان: هذا حديث لا يعرف.

وقال له: اعتمر عني، واذبح عني، وحج عني، يحتاج أن يخرج إلى الميقات؟ قال: لا، هذا إنما العمل له، ولكن إذا كانت العمرة لهذا الرجل المستأجر خرج على الميقات فأهلّ منه. "مسائل ابن هانئ" (892). قال أبو داود: سمعت أحْمَد يقول: ينبغي لمن أراد أن يهل بالحج، وهو بمكة أن يهل من جوف مكة. "مسائل أبي داود" (806). قال عبد اللَّه: قُلْتُ لأبي: من أين يهل بالحج؟ قال: إذا جعل البيت خلف ظهره. قُلْتُ: فإن بعض الناس يقول: يحرم من الميزاب؟ قال: إذا جعل البيت خلف ظهره أَهَلَّ. "مسائل عبد اللَّه" (749) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل دخل مكة بإحرام، ثم أراد الحج من أين يخرج بالحج؟ قال: يهل من مكة. وإذا اعتمر عن غيره، ثم أراد الحج لنفسه خرج إلى الميقات، أدر اعتمر عن نفسه وأراد الحج لغيره؟ قال: يخرج إلى الميقات. "مسائل عبد اللَّه" (837). قال المروذي: قال أحْمَد: فإن كنت متمتعًا قصرت من شعرك وحللت، فإذا كان يوم التروية صليت ركعتين في المسجد الحرام وأهللت بالحج تقول: اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني،

وأعني عليه. وإنما تشترط إذا كنت في الحرم، ثم قل: لبيك اللهم. . إلى آخره. وقال في رواية حرب في وصف المتعة: ويحل إن لم يكن معه هدي، فإذا كان يوم التروية أهل بالحج من المسجد، وإن كان ساق الهدي أهل بالحج يوم التروية مع كونه باقيًا على إحرامه. وقال الأَثْرَمُ: قُلْتُ لأبي عبد اللَّه: الذي يحرم من مكة من أين يحرم؟ قال: إذا توجه إلى منى، كما صنع أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 484، 485. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 317، والبخاري (1557)، ومسلم (1216) من حديث جابر.

فصل: التلبية وأحكامها

فصل: التلبية وأحكامها 1050 - الوقت الذي يستحب فيه الإحرام، وأول أوقات التلبية وصيغتها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يحرمُ في دبرِ الصلاةِ أحبُّ إليكَ؟ قال: أعجب إلي أن يصلِّيَ، فإن لم يُصَلِّ فلا بأسَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1380)، ونقلها عبد اللَّه عن أبيه "مسائل عبد اللَّه" (741). قال أبو داود: سمعت أحْمَد بن حنبل يقول: فإذا أراد الرجل الإحرام فيستحب له أن يغتسل ويلبس إزارًا ورداء، فإذا وافق صلاة مكتوبة صلى، ثم أحرم، وإن شاء إذا استوى على راحلته فلبى بتلبية رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهي فيما ذكر ابن عمر: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك" (¬1). وكذلك ذكر عن جابر بن عبد اللَّه. "مسائل أبي داود" (682)، ونقلها عبد اللَّه عن أبيه "مسائل عبد اللَّه" (744). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى بن سعيد قال: ثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: أتينا جابر بن عبد اللَّه. . فذكر الحديث. قال: والناس يزيدون: (ذا المعارج) ونحوه من الكلام، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يسمع فلا يقول لهم شيئًا (¬2). "مسائل أبي داود" (682). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 3، والبخاري (1549)، ومسلم (1184). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 320، وأبو داود (1813) من طريقه من حديث جابر رضي اللَّه عنه. =

قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن التلبية؟ فقال: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. "مسائل أبي داود" (813). قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: يكره أن يزيد الرجل على هذا؟ قال: وما بأس أن يزيد. "مسائل أبي داود" (814). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد بن حنبل، حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثنَا ابن جُرَيْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ أَنَسٍ قال صَلَّى رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَصَلَّى العَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ باتَ بِذِي الحليفَةِ حَتَّى أَصْبَحَ، فَلَمَّا رَكِبَ راحلتهُ واسْتَوَتْ بِهِ أَهَلَّ (¬1). "سنن أبي داود" (1773). وقال أبو داود: حدثنا أحْمَد بن حنبل، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ، عَنْ الحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَلَمَّا عَلَا عَلَى جَبَلِ البَيْدَاءِ أَهَلَّ. "سنن أبي داود" (1774). قال الأَثْرَمُ: سألت أبا عبد اللَّه: أيما أحب إليك: الإحرام في دبر الصلاة، أو إذا استوت به ناقته؟ ¬

_ = ورواه مسلم (1216) بلفظ: وأهل الناس بهذا الذي يهلون به. فلم يرد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئًا منه، ولزم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تلبيته. (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 3، والبخاري (1546)، ومسلم (690).

فقال: كل قد جاء، في دبر الصلاة، وإذا علا البيداء، وإذا استوت به ناقته. فوسع في ذلك كله. "المغني" 5/ 81، "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 420. قال المروذي: قال أحْمَد: فإن وافقت صلاة مكتوبة صليت، وإلا فصل ركعتين. وكذلك قال في رواية حنبل: إذا أراد الإحرام فإن وافق صلاة مكتوبة صلى ثم أحرم، وإن شاء إذا استوى على راحلته، وإن أحب أن يحرم من المسجد أحرم، وإن شاء بعدما صلى في دبر الصلاة، فأي ذلك فعل أجزأه بعد خروجه من المسجد في حديث ابن عمر. وقال في رواية أبي طالب: إذا أراد الإحرام استحب له أن يغتسل ويلبس إزارًا ورداء، فإن وافق صلاة مكتوبة صلى، ثم أحرم، وإن شاء إذا استوى على راحلته فلبى تلبية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال في رواية الأثرم: قد يكون الرجل محرمًا بغير تلبية إذا عزم على الإحرام وقد يلبي الرجل ولا يحرم ولا يكون محرمًا ولا يكون عليه شيء وهو يعزم على الإحرام فإذا انبعثت به راحلته لبى. قال حرب: قلت: الرجل إذا أحرم في دبر الصلاة أيلبي ساعة يُسلم أم متى؟ قال: يلبي متى شاء ساعة يُسلم، وإن شاء بعد ذلك وسهل فيه. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 419: 422. وقال في رواية حنبل: إذا لبى يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 575.

1051 - تسمية ما أحرم به في تلبيته

وقال الأَثْرَمُ: قُلْتُ له هذِه الزيادة التي يزيدها الناس في التلبية؟ فقال شيئًا معناه الرخصة. ونقل حرب عنه في الرجل يزيد في التلبية كلامًا أو دعاء، قال: أرجو أن لا يكون به بأس. وقال في رواية المروذي: كان في حديث ابن عمر: "والملك لا شريك للك" فتركه؛ لأن الناس تركوه، وليس في حديث (. . .) (¬1). "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 586. 1051 - تسمية ما أحرم به في تلبيته ونقل المروذي عنه: فإن أردت المتعة فقل: اللهم إني أريد العمرة، فيسرها لي، وتقبلها مني، وأعني عليها. تسر ذلك في نفسك، مستقبل القبلة، وتشترط عند إحرامك، تقول: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني. وإن شئت أهللت على راحلتك. وذكر في الإفراد والقرآن مثل ذلك إلا أنه قال: فقل اللهم إني أريد العمرة، والحج فيسرهما لي، وتقبلهما مني لبيك اللهم عمرةً وحجًّا قبل ذلك. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 419. ¬

_ (¬1) كذا في "شرح العمدة"، وعلق محققه قائلًا: . . . وفي كتاب "التعليق" للقاضي: وليس في حديث عائشة اهـ. قلنا: ثبتت هذِه الزيادة من حديثها في "مسند الإمام أحمد" 6/ 32. فليحرر.

1052 - إن حج عن غيره أو اعتمر، يسمي: لبيك عن فلان؟

1052 - إن حج عن غيره أو اعتمر، يُسمي: لبيك عن فلان؟ قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال لرجل يريد أن يحج عن أمه تمتع: أحب إلي تلبي عنها بعمرةٍ، ثم تحل، ثم تلبي بالحج عنها من مكة. قلت لأحْمَد: يسمي لبيك عن فلانةٍ؟ قال: إن شاء فعل، وإن نوى أجزأه. "مسائل أبي داود" (902). قال محمد بن الحكم: سمعت أحْمَد يقول: إذا حج عن الرجل، فيقول أول ما يلبي: عن فلان، ثم لا يبالي أن يقول بعد. "طبقات الحنابلة" 2/ 295، "الفروع" 3/ 271. 1053 - الاشتراط عند الإحرام قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الشرطُ في الحجِّ؟ قال: جيد، صحيح إذا اشترط لا يكون محصرًا هو يقول: محلي حيث حبستني. قال إسحاق: أجاد؛ لما صحَّ عن عمر (¬1) وعثمان (¬2) -رضي اللَّه عنهما- بعد موت النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم، والنبيّ صلى اللَّه عليه وسلم قال لضُباعة ذَلِكَ (¬3). "مسائل الكوسج" (1367). ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 5/ 222. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 324 (14732، 14733). (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 164، والبخاري (5089) ومسلم (1207) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-.

قال صالح: قُلْتُ: تذهب في الاشتراط إلى حديث ضباعة؟ قال: نعم. "مسائل صالح" (17). قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: يشترط الرجل إذا حج؟ قال: إن اشترط فلا بأس. "مسائل أبي داود" (811). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عمن اشترط في الحج، ثم أحصر؟ قال: ليس عليه شيء. ثم ذكر أحْمَد قول الذي قال: كانوا يشترطون ولا يرونه شيئًا؛ قال: كلام منكوس، أراد أن يحسن رد حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لقولِ النبي لضباعة: "قولي: محلي حيث حبستني" (¬1). "مسائل أبي داود" (812). قال عبد اللَّه: سألت أبي: قُلْتُ: الشرط في الحج؟ فقال: جيد صحيح. "مسائل عبد اللَّه" (754). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 164، والبخاري (5089)، ومسلم (1207) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-.

1054 - رفع الصوت بالتلبية

1054 - رفع الصوت بالتلبية قال التّرمِذي: حَدَّثنَا هَنَّاد حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قال: قال رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبِّي إِلَّا لَبَّى مَن عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ حَتَّى تَنْقَطِعَ الأَرْضُ مِنْ هاهنا وَهَاهُنَا" (¬1). وقال الترمذي: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ أَبُو عَمْرٍو البَصْرِيُّ قالا: حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَحْوَ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ. قال: وَفِي البَاب عَنْ ابن عُمَرَ وَجَابِرٍ. قال أَبُو عِيسَى: سمعت أحْمَد بْنَ الحَسَنِ يَقُولُ: قال أحْمَد بن حنبل: مَنْ قال فِي هذا الحَدِيثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ عَنْ ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَربوعٍ عَنْ أَبِيهِ فَقَدْ أَخْطَأَ. "جامع الترمذي" (828). وقال في رواية مهنا: أصل الحديث معروف، ويختلفون في إسناده. "الفروع" 3/ 343. وقال حرب: قال أحْمَد: تجهر المرأة بالتلبية ما تسمع زميلتها؛ لما روى سليمان بن يسار: أن السنة عندهم أن المرأة لا ترفع الصوت بالإهلال. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 597. ¬

_ (¬1) رواه ابن ماجه (2921)، وصححه ابن خزيمة (2634)، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (662)، و"صحيح ابن ماجه" (2362).

1055 - التلبية لمن لا يحسن التلبية بالعربية

1055 - التلبية لمن لا يحسن التلبية بالعربية قال ابن هانئ: وسألته عن العجمي الذي لا يحسن أن يلبّي، يذكر اللَّه، أيجزيه؟ قال: نعم له نيته. "مسائل ابن هانئ" (812). قال في رواية حنبل: والأعجمي والأعجمية إذا لم يفقها يعلمان على قدر طاقتهما. .، ويشهد مع الناس المناسك واللَّه أعلم بالنية، وأرجو أن يجزئ ذلك عنهما. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 607. 1056 - إذا عجز عن التلبية، يُلبى عنه؟ قال ابن هانئ: سألته عن الأخرس يُلبّى عنه؟ قال: نعم يلبى عنه. قال: قُلْتُ: فالمريض أيضًا يلبّى عنه؟ قال: نعم. قُلْتُ: والصبي أيضًا؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (811). قال أبو طالب: قال أحْمَد: الأخرس والمريض والصبي يُلبى عنهم. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 607 - 608.

1057 - إذا أحرم بحجتين أو عمرتين

1057 - إذا أحرم بحجتين أو عمرتين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ أهلَّ بحجتينِ؟ قال: لا يلزمه إلا حجة. قال إسحاق: كما قال، ولكن يصير متمتعًا حتَّى يجزيه عنهما جميعًا. "مسائل الكوسج" (1377). قال في رواية أبي طالب: إذا قال: لبيك العام وعام قابل، فإن عطاء يقول: يحج العام ويعتمر قابل، فإن قال: لبيك بحجتين فليس عليه إلا حجة واحدة التي لبى بها ولا يكون إهلالًا بشيئين. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 569، "الفروع" 3/ 338، "معونة أولي النهى" 4/ 78. 1058 - إذا نسي المحرم ما أحرم به قالَ إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: سُئِلَ سفيانُ عنْ رجلٍ أهَلَّ لا يَدري بحج أو بعُمْرَةٍ؟ قال: إن كان لا يدري فأحب إليَّ أن يجمعَهما جميعًا، فإنْ كان هذا كان قد أَخَذَ به، وإنْ كان هذا قد أخَذ به. قال أحْمَد: وأنا أقولُ: إن كان أَهَلَّ بحج فشَاءَ أنْ يَجعلَهَا عُمْرَة إذا قَدِمَ مكةَ فعَلَ، وإن كان أهَلَّ بحج وعُمْرَة فلم يَسق فشاء أنْ يجعلَها عمرة فعل. قال إسحاق: كما قال أحمد؛ لا بأس له أنْ يكون مُتَمَتِّعًا حتَّى يأتي على الأمْرَين جميعًا. فإن كان نوى واحدًا منهما كان قد بَرَّ. "مسائل الكوسج" (1646). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سُئل عن رجل لبى فنسي فلا يدري بحجة لبى أو بعمرة؟

1059 - مواطن استحباب التلبية

قال: يجعلها عمرةً، ثم يلبي بالحج من مكة؛ لو أنه أهل بالحج لجعلها عمرة لم يكن به بأس. "مسائل أبي داود" (816). 1059 - مواطن استحباب التلبية قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: فعل ابن أبي نعيم يلبي بالحجِّ حين يصدرُ الناسُ مِنْ منى؟ قال: قد كَرِهَهُ أصحابُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1593). قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال: ويستحب التلبية إذا لقي الرفاق بعضها بعضًا، وإذا علا نشزًا أو هبط واديًا، والتلبيةُ إذا برز الرجل عن البيوت. "مسائل أبي داود" (683)، ونقلها عبد اللَّه عن أبيه "مسائل عبد اللَّه" (745). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا وكيع، قال: ثنا ابن أبي ذئبٍ، عن خاله الحارث، أنه أخبره من رأى عمر يلبي وهو يغتسل بعرفة. "مسائل أبي داود" (781). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد بن حنبل، حَدَّثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قال: غَدَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ مِنًى إلى عَرَفَاتٍ مِنَّا المُلَبِّي وَمِنَّا المُكَبِّرُ (¬1). "سنن أبي داود" (1816) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 22، ومسلم (1284).

1060 - التلبية في الأمصار

قال ابن هانئ: قُلْتُ: أيُلبّى حول البيت؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (813). قال ابن هانئ: وسمعته يقول: لا بأس أن يلبي الرجل في الطواف. "مسائل ابن هانئ" (814). 1060 - التلبية في الأمصار قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا محمد بن فضيل، عن ليث، عن عطاء: أن ابن عباسٍ سمع رجلًا يلبي بالمدينة فقال: إن هذا لمجنون، ليست التلبية في البيوت، إنما التلبية إذا برزت (¬1). "مسائل أبي داود" (684). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل؛ يلبي الرجل في مثل بغداد؟ قال: لا يعجبني حتى يبرز. "مسائل أبى داود" (815). قال أحْمَد بن علي: وقد سُئل إذا أحرم في مصره يُلبي؟ فقال: ما يعجبني. كأنه ذهب إلى التلبية من وراء الجدر. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 433. وقال في رواية المروذي: التلبية إذا برز عن البيوت. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 612. ¬

_ (¬1) رواه ابن الجعد في "مسنده" ص 331 (2271).

1061 - متى يترك التلبية في الحج وفي العمرة

1061 - متى يترك التلبية في الحج وفي العمرة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يلبي حتَّى يرمي الجمرَ في الحجِّ؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1429). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: متى يتركُ التلبيةَ في العمرة؟ قال: حتَّى يستلمَ الحجرَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1430). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا هشيم قال: أنبا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: يمسك المعتمر عن التلبية إذا استلم الحجر، والحاج إذا رمى جمرة العقبة. "مسائل أبي داود" (702). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن المعتمر متى يقطع التلبية؟ قال: إذا استلم الركن. "مسائل أبي داود" (864). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد بن حنبل حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثنَا ابن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابن عَبَّاسٍ عَنْ الفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ. "سنن أبي داود" (1815) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: فإذا برق الفجر صلى مع الإمام إن قدر، ثم وقف فدعا، ثم دفع قبل طلوع الشمس حتى يأتي منى، وهو في ذلك يلبي حتى يأتي منى، فإذا رمى الجمرة كف عن التلبية. "مسائل عبد اللَّه" (803).

1062 - التلبية للحلال

قال عبد اللَّه: سألت أبي: يلبي الرجل حتى يرمي الجمرة في الحج؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (804). قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء عن ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أردف الفضل بن عباس من جمع. قال عطاء: فأخبرني ابن عباس أن الفضل أخبره أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (805). 1062 - التلبية للحلال قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يذكر الحج فيلبي، أعليه شيء؟ قال: لا بأس أن يلبي، أو يعلم التلبية، في أشهر الحج، له نيته. "مسائل ابن هانئ" (810). قال في رواية الأثرم: قد يلبي الرجل ولا يحرم ولا يكون عليه شيء، لما روي عن إبراهيم قال: أقبل عبد اللَّه من ضيعته التي دون القادسية فلقي قومًا يلبون عند النجف، فكأنهم هيجوا أشواقه، فقال: لبيك عدد التراب لبيك (¬2). "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 616. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 210، والبخاري (1685)، ومسلم (1281). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 356 (15068)، والطحاوي في "معاني الآثار" 2/ 227 (4024) والبيهقي 5/ 121، وابن عبد البر في "التمهيد" 13/ 83. من طرق دون ذكر قصة إقباله من ضيعته.

1063 - ما يجزئ من التلبية دبر الصلوات

1063 - ما يجزئ من التلبية دبر الصلوات قال الأَثْرَمُ: قُلْتُ لأبي عبد اللَّه: ما شيء يفعله العامة، يلبون في دبر الصلاة ثلاث مرات؟ فتبسم، وقال: ما أدري من أين جاءوا به؟ ! قُلْتُ: أليس يجزئه مرة واحدة؟ قال: بلى. "المغني" 5/ 106، "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 604.

باب: دخول مكة

باب: دخول مكة 1064 - البدء بمكة قبل المدينة في الحج نقل صالح عنه في الذي يحج الفريضة: يبدأ بمكة قبل المدينة، فإني لا أدري لعله يحدث به شيء. "مسائل صالح" (1061). نقل أبو طالب عنه: إذا حج للفرض لم يمر بالمدينة؛ لأنه إن حدث به حدث الموت كان في سبيل الحج، وإن كان تطوعًا بدأ بالمدينة، فيسلم عليه. "الفروع" 3/ 523، "المبدع" 3/ 259. 1065 - دخول مكة ليلًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: دخولُ مكة ليلًا؟ قال: لا أكرهُه. قال إسحاق: كما قال، ونهارًا أفضل فلا يتعمدن أحد أنْ يدخلَ ليلًا؛ لما يراه أفضل. "مسائل الكوسج" (1406). 1066 - من أين يدخل مكة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من أين يدخلُ مكةَ؟ ومِن أين يخرجُ؟ قال: دخَلَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من الثنية الأعلى وهو ناحيةُ الأبطحِ، وخرجَ مِنَ

1067 - ما يقول إذا دخل الحرم، وما يقول إذا دخل مكة

الثنية السفلى وهي في دبرِ الكعبةِ (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1405). قال عبد اللَّه: سألت أبي قُلْتُ: من أين يدخل مكة، ومن أين يخرج؟ قال: دخل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الثنية العليا وهي ناحية الأبطح، وخرج من الثنية السفلى وهو في دبر الكعبة. "مسائل عبد اللَّه" (787). 1067 - ما يقول إذا دخل الحرم، وما يقول إذا دخل مكة قال المروذي: قال أحْمَد: فإذا دخلت الحرم فقل: اللهم هذا حرمك وأمنك، الذي من دخله كان آمنًا، فأسألك أن تحرم لحمي ودمي على النار، اللهم أجرني من عذابك يوم تبعث عبادك. فإذا دخلت مكة فقل: اللهم أنت ربي وأنا عبدك، والبلد بلدك، جئت فارًّا منك إليك؛ لأؤدي فرائضك، متبعًا لأمرك، راضيًا بقضائك، أسألك مسألة المضطر إلى رحمتك، المشفق من عذابك، الخائف من عقوبتك، أسألك أن تستقبلني اليوم بعفوك، واحفظني برحمتك، وتجاوز عني بمغفرتك، وأعني على أداء فرائضك. "شرح العمدة" كتاب 2/ 411. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 14، والبخاري (1576)، ومسلم (1257) من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-.

1068 - جواز دخول المسجد الحرام من أي باب

1068 - جواز دخول المسجد الحرام من أي باب قال صالح: قُلْتُ: من دخل المسجد من غير باب بني شيبة؟ قال: لا بأس. قُلْتُ: فإن خرج إلى السعي من غير باب الصفا؛ قال: لا بأس. "مسائل صالح" (447). 1069 - ما يندب فعله عند رؤية البيت قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رفعُ اليدين إذا رأى البيتَ؟ قال: ما أحسنه! قال إسحاق: كما قال ولا يَدَعنَّ ذَلِكَ أحد. "مسائل الكوسج" (1404). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا هشيم قال: أنبأ يحيى بن سعيد، عن محمد بن سعيد بن المسيب، عن أبيه: أن عمر بن الخطاب كان إذا نظر إلى البيت قال: اللهم أنت السلام ومنك السلام حيِّنَا ربَّنا بالسلامِ (¬1). "مسائل أبي داود" (695)، ونقلها أبو عبد اللَّه عن أبيه "مسائل عبد اللَّه" (794). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رفع اليدين إذا رأى البيت؟ قال: لا بأس به، أو ما أحسنه! "مسائل عبد اللَّه" (793). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 422 (15752)، والبيهقي 5/ 73 من طرق عن محمد بن سعيد به.

قال المروذي: قال أحْمَد: إذا رأيت البيت فارفع يديك بباطن كفيك وقل: اللَّه أكبر اللَّه أكبر، اللهم أنت السلام ومنك السلام، فأحينا ربنا بالإسلام، اللهم زد بيتك هذا تعظيمًا وتكريمًا وإيمانًا ومهابة (. . .) (¬1). "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 414. ¬

_ (¬1) وفي كتاب "الهداية" لأبي الخطاب 1/ 100 قال -بعد ذلك-: وبرا، وزد من عظَّمَهُ وشرَّفهُ ممن حجه واعتمره تعظيمًا، وتشريفًا وتكريمًا ومهابة وبرًّا. اهـ.

جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة لدار الْفَلاح وَلَا يجوز نشر هَذَا الْكتاب بِأَيّ صِيغَة أَو تَصْوِيره PDF إِلَّا بِإِذن خطي من صَاحب الدَّار الْأُسْتَاذ/ خَالِد الرِّبَاط الطبعة الأولى 1430 هـ - 2009 م رقم الْإِيدَاع بدار الْكتب 19194/ 2009 دَار الْفَلاح للبحث العلمي وَتَحْقِيق التراث 18 شَارِع أحمس - حَيّ الجامعة - الفيوم ت: 01000059200 [email protected]

الْجَامِعُ لِعُلوْم الإِمَامِ أَحْمد [8]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قسم الفقه (4) 1 - باقي كتاب الحج 2 - كتاب الأضاحي والعقيقة 3 - كتاب الجهاد

فصل: ما جاء في خصائص الحرمين

فصل: ما جاء في خصائص الحرمين 1070 - فضل المسجد الحرام على غيره من المساجد: قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن أبي عدي، عن حميد، عن مورق العجلي، عن جارية بن قدامة قال: قدمت الشام، قال: فانتهيت إلى عامر بن عبد وهو قاعد في المسجد، قال: فقعدت إليه ومعه جليس لا أعرفه، قال: فقلت له: وددت أني لقيت كعبا، قال: لأي شيء؟ قال: لشيء بلغني عنه أنه قال: لا يأتي أحد هذا المسجد -يعني: بيت المقدس- لا يريد إلا الصلاة فيه رجع كيوم ولدته أمه من الذنوب، قال: فقال عامر: الرجل جليسك -يعني: كعبا- قال: فقال كعب: ما الليل بليل ولا النهار بنهار، وإنه لم يكن ذاك كذلك، ولعمرة أفضل من تقديستين، وحجة أفضل من عمرتين، وما من عبد يقوم من الليل فيتوضأ فيحسن الوضوء ثم يصلي ركعتين ويستغفر اللَّه إلا غفر له. "الزهد" ص 275 1071 - فضل مكة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يكره الجِوار بمكةَ؟ قال: قد جَاوَر جابر وابنُ عمر -رضي اللَّه عنهم- (¬1)، ليتَ أنِّي الآن بمكة مجاورٌ. قال إسحاق: كما وصَفَ. "مسائل الكوسج" (1594). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 5/ 22 (8850)، وابن أبي شيبة 3/ 180 (13298).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأبي عبدِ اللَّهِ: أبلغكَ في شيءٍ من الحديثِ أنَّ السيئةَ تكتبُ بأكثرَ من واحدةٍ؟ قال: لا، ما سمعتُ إلا بمكةَ؛ لتعظيم البلدِ، قال: لو أنَّ رجلًا بعَدَن (أَبْيَن) (¬1) هَمَّ أن يقتل عند البيت أذاقه اللَّهُ مِن العذاب الأليم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3224). قال الأَثْرَمُ: وقد سئل عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "مكة أحلت لي ساعة من نهار ولم تحل لأحد قبلي" (¬2) ما وجهه؟ فقال: وجهه: أنها كانت حرامًا ولم تزل. "الأحكام السلطانية" 192، "معونة أولي النهى" 4/ 165. قال أبو طالب: قال أحْمَد: فضلت مكة بغير شيء: يُصلى فيها أي ساعة شاء من ليل أو نهار، ولا يقطع الصلاة فيها شيء، تمر المرأة بين يدي الرجل، ومن دخله كان آمنًا، والصيد. "الأحكام السلطانية" 195. قال أبو طالب: وقد سُئل عن الجوار بمكة؟ فقال: كيف لنا به وقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إنك لأحب البقاع إلى اللَّه، وإنك لأحب البقاع إليّ" (¬3). ¬

_ (¬1) (أبين): بفتح الهمزة وسكون الباء وفتح الياء مخلاف من مخاليف اليمن وتضاف إليه (عدن) تمييزا لها عن عدن لاعة، وهي صغيرة. انظر: "معجم البلدان" 4/ 89. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 238، والبخاري (2434)، ومسلم (1355) من حديث أبي هريرة، وفي الباب عن غيره. (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 305، والترمذي (3925) وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح، وابن ماجه (3108) من حديث عبد اللَّه بن عدي ابن خمراء -رضي اللَّه عنه-. =

1072 - المقام بالمدينة أفضل أم بمكة

وقال في موضع آخر: كيف لنا بالجوار بمكة؟ ! وابن عمر كان يقيم بها، ومن كان باليمن وجميع البلاد ليس هم بمنزلة من يخرج ويهاجر، أي: لا بأس به. نقل حنبل: إنما كره عمر الجوار بمكة لمن هاجر منها. "الفروع" 3/ 489، 493. 1072 - المقام بالمدينة أفضل أم بمكة قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: المقامُ بمكة أحبُّ إليك أم بالمدينة؟ قال: بالمدينة لمن قوي عليه. قيل: لم؟ قال: لأنه مهاجر المسلمين. "مسائل أبي داود" (912). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل إذا كره ما هو فيه من مسكن بأرض، فإلى أين ترى له أن ينتقل؟ قال: إلى المدينة. قَيلَ له: فغير المدينة؟ قال: مكة. قيل له: فغير مكة؟ قال: أما الشام إلى دمشق؛ لأنها يجتمع إليها الناس إذا غلبت عليهم الروم. ¬

_ = وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2523).

1073 - في الخروج من المدينة طائعا غير مكره

قيل له: فإلى الرملة؟ قال: هي قريبة من الساحل. "مسائل ابن هانئ" (742). 1073 - في الخروج من المدينة طائعًا غير مكره قال صالح: قال أبي: جاء علي بن حسين وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام إلى باب طارق -والٍ كان بالمدينة- فوقفا بالباب، فسمعاه يقول: واللَّه لأضربن الذي فيه عينا سعيد بن المسيب، فأتياه، فقال علي بن حسين: إنا مررنا بباب طارق، فسمعناه يقول كذا وكذا. قال: (فتقولان) (¬1) ماذا؟ قالا: تخرج من المدينة. فقال: أمن مدينة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- طائعًا غير مكره؟ ! قالا: فتختفي بالبيت. قال: والمنادي ينادي: حي على الصلاة، حي على الفلاح! قالا: فتتنحى عن الكوة التي يصلي إلى جنبها. فقال: واللَّه لا أحدث لما جئتماني شيئًا. قال أبي: صحت نيته؛ فسلم. قال أبي: وما قبل منهما. "مسائل صالح" (1321) 1074 - في دخول اليهود والنصارى الحرم قال إسحاق بن منصور: قال أحْمَد: ليس لليهوديِّ والنصراني أنْ يدخلوا الحرمَ. ¬

_ (¬1) في "مسائل صالح": (فتقولا) ولعل المثبت هو الصحيح.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3306). قال عبد اللَّه: وسمعت أبي يقول حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يبقى دينان بجزيرة العرب" تفسيره: ما لم تكن به فارس والروم. وقال الأصمعي: كل ما كان دون أطراف الشام. ولم أسمع أبي يحدث عن الأصمعي غير هذا الحرف، ولا أراه سمعه منه، وحرف آخر عن عفان عن الأصمعي. "مسائل عبد اللَّه" (1609) قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثني بكر بن محمد عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، وسأله عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَخْرِجُوا المُشْرِكينَ مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ" (¬1). قال: إنما الجزيرة موضع العرب، وأما موضع يكون فيه أهل السواد والفرس فليس هي جزيرة العرب، موضع العرب الذي يكونون وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سئل أبو عبد اللَّه عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَخْرِجُوا المُشْرِكينَ مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ". قال: هم الذين قاتلوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليست لهم ذمة ليس هم مثل اليهود والنصارى. أي يخرج من مكة والمدينة ودون الشام. "أحكام أهل الملل" 1/ 127 (140، 141) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 222، والبخاري (3053)، ومسلم (1637) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.

1075 - قلع شجر الحرم وحشيشه

قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي قال: قال عمي: جزيرة العرب يعني المدينة وما والاها؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أجلى يهود فليس لهم أن يقيموا بها. "أحكام أهل الملل" 1/ 127 (143) قال أبو بكر الخلال: أخبرني الحسن بن عبد الوهاب قال: حدثني إبراهيم بن هانئ قال: سئل أبو عبد اللَّه عن جزيرة العرب؟ فقال: ما لم يكن في يد فارس والروم. قيل له: ما كان خلف العرب؟ قال: نعم. "أحكام أهل الملل" 1/ 128 (145) 1075 - قلع شجر الحرم وحشيشه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَا يرخص منْ شجر الحرمِ ومن نبتهَا أنْ يقلَع؟ قال: كلُّ ما زُرع عَلى مائك، والشجرُ البالي الميت الساقطُ؟ قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1588). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قطع السدر. قال: إني أحبُّ أَنْ أتوقاه. قُلْتُ: الحديث في الحرم أو الحرم وغير الحرم. قال: الحرم وغير الحرم. "مسائل الكوسج" (3485).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فالرجل يريد أن يبني في مكانِه كيف يصنع؟ قال: إذا كان في موضع الضرورة فهو أهون من أن يقطعه من غير شيء. قال إسحاق: كما قال، ومعنى ذَلِكَ في الأصل في الحرم إلا أن التوقي في غير الحرم أيضًا حسن. "مسائل الكوسج" (3486). قال ابن هانئ: فالكمأة؟ قال: هذا شيء ليس له أصل فلا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (795). قال في رواية أبي طالب: ليس في النبق حديث صحيح، ما يعجبني قطعه؛ لأنه على حال قد جاء فيه كراهة. "العدة في أصول الفقه" 14/ 179 - 1181، "المسودة في أصول الفقه" 1/ 547 قال في رواية أبي طالب، وقد سأله عن قطع النخل؟ فقال: لا بأس به لم نسمع في قطع النخل شيئًا. قيل فالسدر؟ قال: ليس فيه حديث صحيح، وما يعجبني؛ لأنه قد ورد فيه على حال، والنخل لم يجئ فيه بشيء. "التمهيد في أصول الفقه" 4/ 269 نقل حنبل عنه: قال: يؤكل من شجر الحرم الضَّغابيس، والعشرِق، وما سقط من الشجر، وما أنبت الناس. "المغني" 5/ 188.

1076 - حكم إخراج تراب الحرم وحصاه وأغصانه وماء زمزم منه

قال الفضل بن زياد: وسألته عن معنى قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "لا يختلى خلاها" (¬1)؟ فقال: لا يحتش من حشيش الحرم، ولا يعضد شجره. فقيل له: يأخذ المقرعة من الشجرة؟ فقال: ما كان يابسًا. "الفروع" 3/ 477، "المبدع" 3/ 303. 1076 - حكم إخراج تراب الحرم وحصاه وأغصانه وماء زمزم منه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: هل يخرجُ منْ حجارةِ مكةَ أو ترابِهَا إلى الحلّ؟ قال: كان الخروجُ مِنْهَا أشد إلا ماء زمزم أهون؛ أخْرَجه كعب (¬2). قال إسحاق: لا يخرج شيء مِنْ تُرَابِهَا، ولا مِنْ حجارتِهَا، وأمَّا ماءُ زمزم فمباحٌ، ولا يدخل في شيء مِمَّا وصَفْنَا. "مسائل الكوسج" (1590). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن تراب الحجر يخرج من مكة. قال: لا. "مسائل أبى داود" (913). قال أبو داود: سمعت أحْمَد يقول: لا يخرج من مكة شيء. "مسائل أبى داود" (914). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 199 واللفظ له، والبخاري (1867)، ومسلم (1366) من حديث أنس بن مالك. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 62 (23712).

1077 - مضاعفة الثواب للمحسن في مكة، ومضاعفة العقاب لمن أساء

قال أبو داود: وقال أحْمَد: أما الطيب فهو أسهل، وماءُ زمزم فلا بأس. "مسائل أبي داود" (915). قال أبو داود: قيل لأحْمَد: الأراك؟ قال: الأراك إنما هو من خارجٍ. "مسائل أبي داود" (916). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل: أيخرج من مكة شيء؟ قال: إذا خاف أن يضيق على أهلها فلا. قيل لأحْمَد؛ فالثغور؟ قال: لعله أشد. "مسائل أبي داود" (917). 1077 - مضاعفة الثواب للمحسن في مكة، ومضاعفة العقاب لمن أساء قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأبي عبدِ اللَّهِ أحمد بن محمد بن حنبل رحمه اللَّه: أبلغكَ في شيءٍ من الحديثِ أنَّ السيئةَ تكتبُ بأكثرَ من واحدةٍ؟ قال: لا، ما سمعتُ إلا بمكةَ؛ لتعظيم البلدِ، قال (¬1): (لو أنَّ رجلًا بعد أن أبين همَّ أن يقتل عند البيت أذاقه اللَّه من العذاب الأليم) (¬2). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3224) ¬

_ (¬1) في (ع): لأحمد -رضي اللَّه عنه-. (¬2) هكذا رسمتها في "ظ" (ع): وربما قرئت غير هذا.

1078 - لا تحل لقطه الحرم إلا لمنشد

1078 - لا تحل لقطه الحرم إلا لمنشد قال إسحاق بن منصور: قال الإمام أحْمَد -رضي اللَّه عنه-: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تحلُّ لُقَطَتها إلَّا لِمُنْشِدٍ" (¬1)، قال: فكأن لقطة الحرمِ لمن يغشى الحرم مِنَ النَّاسِ، إنهم متفرقون مِن بلدان شتَّى، فالذي يأخذ لُقَطَتَهَا يقولُ: متَى أجد صاحبها. فلا يحلُّ لَهُ إلا أن ينشدَ لُقَطَةَ الحرمِ كَمَا ينشدُ غيرَ لقطةِ الحرمِ، فإذا أنْشَدَهَا سَنَةً حلَّت لَهُ. قال إسحاق: قال جرير الرازي: معنى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تحل لُقَطَتُها إلَّا لِمُنْشِدٍ" يقول: إلّا الرجل سَمِعَ صَاحِبَهَا ينشدُهَا قبْلَ ذَلِكَ، فحينئذ لهُ أخْذُهَا، وهذا الذي أختارُه. "مسائل الكوسج" (1600). نقل أبو طالب والميموني والترمذي ومحمد بن داود: أنها تملك. قال في رواية حرب: اللقطة في الحرم ليس بمنزلة اللقطة في غير الحرم، لا تحل إلا لمنشد. "الروايتين والوجهين" 2/ 9. 1079 - ما جاء في آداب زيارة المدينة ونقل عنه صالح في الذي يدخل المدينة: ولا يمس الحائط، ويضع يده على الرمانة، وموضع الذي جلس فيه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يقبل الحائط. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 238، والبخاري (112)، ومسلم (1355) من حديث أبي هريرة.

وكان ابن عمر (يمسح النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-) (¬1)، وكان شِبع آثار النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يمر بموضع صلى فيه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2)؛ حتى مرَّ بشجرهَ صب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في أصلها ماء، فصب في أصلها الماء (¬3). "مسائل صالح" (1062). ¬

_ (¬1) كذا في المطبوع. (¬2) كذا في الأصل العبارة ناقصة، ولعل هنا سقطًا، وهو: إلا صلى فيه. (¬3) رواه البيهقي 5/ 245.

أبواب: الطواف

أبواب: الطواف 1080 - في طواف القدوم، وهل الطواف أفضل أم الصلاة؟ قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى عن ابن جريج، عن عطاءٍ قال: الصلاة لأهل البلد أفضل، والطواف للغرباء (¬1). "مسائل أبي داود" (878). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى، عن أشعث، عن الحسن، ووكيعٌ قال: ثنا عمر بن ذرّ، عن مجاهدٍ مثلهُ (¬2). "مسائل أبي داود" (879). نقل محمد بن أبي حرب عنه: والقدوم لا يجب على غير الحاج. "الفروع" 3/ 527. نقل حنبل عنه: نرى لمن قدم مكة أن يطوف؛ لأنه صلاة، والطواف أفضل من الصلاة، والصلاة بعد ذلك، وعن ابن عباس الطواف لأهل العراق، والصلاة لأهل مكة (¬3)، وكذا عطاء. "الفروع" 1/ 528، 3/ 496، "المبدع" 3/ 213، "الإنصاف" 4/ 103، "معونة أولي النهى" 2/ 249. 1081 - حكم من أخر طواف القدوم إلى الإفاضة قالَ إسحاق بن منصور. قُلْتُ: قال: سُئِلَ سفيان عن إنسان أخَّر الطوافَ إلى الإفَاضَة؛ قال: يهريق دمًا. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 5/ 70 (9027)، وابن أبي شيبة 3/ 353 (15039). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 353 - 354 (15040). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 3/ 353 (15038).

قال أحْمَد: ليس شيئًا. قال إسحاق: لا شيءَ عليه. "مسائل الكوسج" (1635).

فصل: ما جاء في شروط ستة الطواف

فصل: ما جاء في شروط ستة الطواف 1082 - النية عند الطواف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا طَافَ الرَّجُل بالصبي والمريض يجزئ عنهما. قيل له: أليس ذاك إذا نوى؟ قال: هل يستقيمُ إلا بالنية! قال أحْمَد: نعم. "مسائل الكوسج" (1647) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يجزئ عنهما؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال، ولابُدَّ من النيةِ. "مسائل الكوسج" (1648). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سُفيانُ فيمن طَافَ يومَ النَّحرِ لَمْ ينو بِهِ طوافَ الزّيَارة يُجزِئُهِ منهُ. قال أحْمَد: معاذَ اللَّهِ، لا يُجزِئُهِ إلا بالنِّيَّةِ. قال إسحاق: كما قال أحمد؛ لأنَّهُ واجبٌ بهِ يَتمّ الحجُّ، ولا تُقضَى المكتُوبَات إلا بالنّيَّةِ كما قال. "مسائل الكوسج" (1691) 1083 - الطهارة من الحدث والنجس قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ قدمَ مكةَ بعمرةٍ، فطافَ بالبيتِ وبالصفا والمروة وهو جُنُبٌ أو على غيرِ وضوء ناسيًا، ثم وقعَ بأهلِهِ، ثمَّ ذكر؟ قال: يعيدُ الطَّوافَ وعليه دَم، وقَدْ أجْزَأه.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1605). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا أصابَهُ شيءٌ في الطَّوافِ مِمَّا ينقض وضوءهُ أيَبْني أمْ يستأنف؟ قال: يبني. قال إسحاق: يبني، كما قال. قُلْتُ: وبالصَّفَا والمروة؟ قال: يبني، وإذا خرجَ مَن في الجِنَازَةِ والصَّلَاةِ المكتوبة يبني. قال إسحاق: يبني، كما قال. "مسائل الكوسج" (1619). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل طَافَ بالبيتِ تَطَوعًا فانتقض وضوؤهُ، ألَه أنْ يَتْركَ ذَلِكَ الطوافَ فلَا يعيده؟ قال: إنْ شَاءَ تركهَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1620). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن امرأةٍ طَافَتْ وهي حائضٌ الطوافَ الواجِبَ، أو على غيرِ وضوءٍ، أو جنبٌ، ثم رجعت إلى الكوفة؟ قال: تعودُ كَمَا هي محرمة. قال أحْمَد: ما أدري، دعها. ثمّ قال: أمَّا رجُوعُهَا إلى البيت فلا بدَّ مِنَ الرجوع إليه فتَطُوف إذا كَانَتْ قَدْ طَافَتْ جنبًا أو حائضًا. قُلْتُ: فإن كانَ أصَابَ أهْلَه؟

قال: ليس عليه شيءٌ ولمْ نر مَا قال سفيان أن تعود كما هي محرمةٌ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1659). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، قال: إذا طاف على غير وضوءٍ فليعدْ طوافهُ (¬1). "مسائل أبي داود" (764). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يحدث في الطواف؟ قال: ينصرف فيتوضأ ويبني على ما طاف وإن استأنف كان أحب إليَّ. "مسائل ابن هانئ" (852). قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر قال: سئل عن الرجل، يطوف فيحدث في طوافه، قال: ينصرف ثم يستأنف طوافه. قرأت على أبي عبد اللَّه: هشيم، قال لنا يونس: عن الحسن، قال: يستقبل الطواف. "مسائل ابن هانئ" (853) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يطوف بالبيت، وهو غير متوضئ؟ فقال: أحب إلي أن يطوف بالبيت وهو متوضئ؛ لأن الطواف صلاة. "مسائل عبد اللَّه" (784). قال الأَثْرَمُ: سألت أبا عبد اللَّه إذا طاف طواف الواجب على غير وضوء؟ قال: شديد يعيد. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 5/ 44 (8940).

ثم قال: استحب له أن لا يشهد المناسك إلا على وضوء، والطواف أشد. "تهذيب الأجوبة" 2/ 667 - 668. نقل عنه حنبل: إذا طاف بالبيت طواف الواجب غير طاهر. قال: لم يُجزِه. قال في رواية ابن الحكم وقد سأله عن الرجل يطوف للزيارة، أو الصدر، وهو جنب، أو على غير وضوء، قُلْتُ: إن مالكًا يقول: يعود للحج والعمرة، وعليه هدي؟ قال: هذا شديد. قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أرجو أن يجزئه أن يهريق دما إن كان جنبا؛ أو على غير وضوء ناسيًا، والوقوف بعرفة أهون من طواف الزيارة، وإن ذكر وهو بمكة أعاد الطواف. وفي لفظ: إذا طاف طواف الزيارة وهو ناس لطهارته حتى يرجع، فإنه لا شيء عليه، وأختار له أن يطوف وهو طاهر. وإن وطئ فحجه ماض ولا شيء عليه. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 586 - 587. قال الميموني: قُلْتُ لأحْمَد: من سعى وطاف طواف الواجب على غير طهارة، ثم واقع أهله؟ فقال: هذِه مسألة الناس فيها مختلفون، وذكر قول ابن عمر، وما يقول عطاء، وما يسهل فيه، وما يقول الحسن، وأمر عائشة، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين حاضت: "افعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت، إن هذا أمر قد كتبه اللَّه على بنات آدم" (¬1) فقد بليت به نزل بها ليس من قبلها. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 273، والبخاري (305)، ومسلم (1211).

1084 - الحائض تشرب دواء يقطع عنها الدم، تطوف بالبيت

قال الميموني: قُلْتُ: فمن الناس من يقول: عليه الحج؟ فقال: نعم كذلك أكثر علمي، ومن الناس من يذهب إلى أن عليه دما. قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أولًا وآخرًا هي مسألة مشتبهة فيها نظر، دعني حتى انظر فيها. ومن الناس من يقول: وإن رجع إلى بلده يرجع حتى يطوف. قُلْتُ: والنسيان؟ قال: والنسيان أهون حكمًا بكثير. يريد أهون ممن يطوف على غير طهارة متعمدًا. "شرح العمدة" كتاب 2/ 588، "مجموع الفتاوى" 26/ 307 قال أبو طالب: قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وإذا طاف رجل في ثوب نجس، فإن الحسن كان يكره أن يفعل ذلك، ولا ينبغي له أن يطوف إلا في ثوب طاهر. "شرح العمدة" كتاب 2/ 589، "مجموع الفتاوى" 26/ 211 قال أبو طالب: قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ولا يطوف بالبيت أحد إلا طاهرًا، والتطوع أيسر، ولا يقف مشاهد الحج إلا طاهرًا. وقال في رواية أبي طالب أيضًا: إذا طاف بالبيت وهو غير طاهر يتوضأ ويعيد الطواف، وإذا طاف وهو جنب فإنه يغتسل ويعيد الطواف. "مجموع الفتاوى" 26/ 210 - 211. 1084 - الحائض تشرب دواء يقطع عنها الدم، تطوف بالبيت قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا معاذ بن معاذ، عن أشعث عن الحسن أنه قال في امرأة قضت المناسك كلها إلا الطواف الواجب، ثم حاضت فشربت دواء فقطع الدم عنها فطافت في أيام حيضتها وهي طاهرٌ؟ قال: أجزأ عنها. "مسائل أبى داود" (772).

1085 - المستحاضة تطوف بالبيت

1085 - المستحاضة تطوف بالبيت قال صالح: قُلْتُ: فالمستحاضة تطوف بالبيت؟ قال: نعم؛ المستحاضة بمنزلة الطاهر تطوف بالبيت. "مسائل صالح" (815). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا حماد بن خالد، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري قال: تطوف المستحاضة بالبيت، وبين الصفا والمروة، ويأتيها زوجها (¬1). "مسائل أبي داود" (771) 1086 - الطواف سبعًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: طواف الإفاضة يومَ النحرِ مَنْ قال: لا يزيدُ على سبعٍ؟ قال: وإن زاد لا يدخلُ عليهِ شيءٌ. قال إسحاق: لا يزيد على سبع. "مسائل الكوسج" (1445). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: امرأةٌ طافت خمسَة أشواطٍ، ثم حاضتْ؟ قال: لا، إلا التَّمامَ. قال إسحاق: لا يجزِئها إلا السبعُ الوافيةُ في الطوافِ الواجبِ يوم النحر، فأما في الوداع فيجزِئها أكثرُ السبع. "مسائل الكوسج" (1493). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 300 (14529).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ؛ قال سفيانُ: إذا لَم تُكْمِلْ سبعةً فهي بمنزلةِ من لم تطف، تكون حرامًا حتَّى ترجعَ فتقضي حجةً كَانت أو عُمرةً. قال أحْمَد: ما أحسنَ ما قال! قال إسحاق: كما قال في السبعةِ الواجبِ. "مسائل الكوسج" (1660). قال صالح: وقال: في امرأة طافت بالبيت خمسة أشواط أو أقل، فحاضت قبل أن تتم أسبوعًا. قال: لا يجزئها الطواف حتى تتم سبوعًا. يعني: طواف الزيارة. "مسائل صالح" (85). قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: كم يطوفُ طوافَ الزيارة؟ قال: واحدة. "مسائل أبي داود" (876). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل طاف ستًّا وصلى ركعتين؟ قال: يطوف طوافًا آخر ويصلي ركعتين. "مسائل ابن هانئ" (841). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن المرأة تطوف بالبيت الطواف الواجب فإذا طافت بالبيت ثلاثًا أو أربعًا حاضت؟ قال: كان عطاء يقول: حتى تكون إلى الأقرب ما هي (¬1). قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ليس العمل على هذا حتى تأتي بسبعٍ. "مسائل ابن هانئ" (861). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 193 (13425)، (13428).

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في امرأة طافت بالبيت خمسة أشواط أو أقل، فحاضت قبل أن تتم سبوعًا. سمعت أبي يقول: لا يجزئها الطواف حتى تتم سبوعًا -يعني: طواف الزيارة. "مسائل عبد اللَّه" (899). وقال في رواية محمد بن الحكم: إذا طاف طواف الزيارة أقل من سبع ناسيًا، ثم ذكر بعد ما بلغ منزله، فإنه يعود فيطوف سبعًا، لا يجزئه، قال اللَّه تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوْا بِالبَيْتِ العَتِيقِ} فلا يكون الطواف أقل من سبع. "طبقات الحنابلة" 2/ 296 - 297. قال الفضل بن زياد: وسألته عن طواف الزيارة كم هو؟ قال: واحد وعشرون طوافًا، ثلاثة أسابيع لذلك أعجب إلينا. "بدائع الفوائد" 4/ 57. وقال في رواية الأثرم فيمن ترك طوفة من الطواف الواجب: لا يجزئه حتى يأتي بسبع تام لا بد منه. ونقل عنه أبو طالب -وذكر له قول عطاء إذا طاف أكثر الطواف خمسًا، أو ستا- فقال: أنا أقول يعيد الطواف. قيل له: فإن كان بخراسان؟ قال: يرجع فإذا بلغ التنعيم أهل، ثم طاف، ويهدي مثل قول ابن عباس. وقد نقل عنه الميموني فيمن وطئ وقد بقي عليه شوط: فالدم قليل ولكن يأتي ببدنة، وأرجو أن يجزئه، ولم يذكر إعادة الطواف. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 591 - 592.

1087 - إذا زاد على سبع في الطواف

1087 - إذا زاد على سبع في الطواف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ طَافَ ثمانيًا أو تسعًا يتم طوافين أو يقطع؟ قال: إن شاءَ أتم طوافين، وإنْ شاءَ قطع، ولا ينصرف إلَّا عَلَى وتْرٍ. قال إسحاق: كما قال، ولكن يبني عَلَى مَا طَافَ حتَّى يتمَّ طَوَافَين. "مسائل الكوسج" (1617). 1088 - الشك في الطواف قال في رواية أبي طالب: لو اختلف رجلان فقال أحدهما: طفنا سبعًا، وقال الآخر: ستَّا. فقال: لو كانوا ثلاثة فقال اثنان: طفنا سبعًا، وقال الآخر: طفنا ستًّا، قبل قولهما؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل قول القوم. يعني: في قصة ذي اليدين. "معونة أولي النهى" 2/ 217 1089 - القرآن في الطواف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يقْرِنُ بينَ الطوافِ؟ قال: إن قرنَ فأرجو أنْ لا يكونَ بهِ بأسٌ، وإن لم يقْرنْ فهو الأصلُ. قال إسحاق: كما قال سواءٌ. "مسائل الكوسج" (1542).

1090 - الترتيب في الطواف

قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن الرجل يقرن الطواف؟ فرخص فيه، وقال: قد قرنت عائشة (¬1) والمسور بن مخرمة (¬2). "مسائل أبي داود" (874). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يقرن الأسابيع، وهو الرجل يطوف السبوع والسبوعين والثلاثة، ثم يصلي لكل سبوع ركعتين؟ قال: لا بأس به يقرن الأسابيع، رخصت فيه عائشة، ورخص فيه المسور بن مخرمة، وطاوس. وابن عمر كرهه: يعني: أن يقرن بين الأسابيع. قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: ولا أرى به بأسًا على حديث عائشة، والمسور بن مخرمة. "مسائل عبد اللَّه" (871). 1090 - الترتيب في الطواف قال في رواية حنبل: من طاف بالبيت طواف الواجب منكوسًا لم يجزه، حتى يأتي به على ما أمر اللَّه، وسنه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن طاف كذلك وانصرف: فعليه أن يأتي به لا يجزئه. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 592. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 5/ 65 (9016). (¬2) رواه عبد الرزاق 5/ 64 (9014).

1091 - الموالاة في الطواف

1091 - الموالاة في الطواف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: إذا قَطَعَ الطَّوَافَ يَبْني أو يستأنف؟ قال: يبني. قال إسحاق: يبني، كما قال، وكذلكَ إنْ أحْدَثَ فذهَبَ فتوضَّأ، ورَجعَ فبنَى واجبًا كان أو غيرَ واجب. "مسائل الكوسج" (1539). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل يطوف ويرى جنازة أيقطع الطواف ويصلي عليها؟ قال: نعم يقطع ويصلي عليها. قلت له: يبني أو يستأنف؟ قال: يستأنف أحب إليّ، وإن كان قد طاف فبنى فلا بأس. "مسائل ابن هانئ" (838). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يطوف بالبيت فيعيا أيستريح؟ قال: نعم، قد فعله ابن عمر (¬1)، وابن الزبير، طافا واستراحا. قرأت على أبي عبد اللَّه: وكيع، عن سفيان، عن جميل بن زيد قال: رأيت ابن عمر طاف ثلاثة أطواف ثم جلس فاستراح. "مسائل ابن هانئ" (839) قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يطوف ثلاثة أطوفة أو أربعة ثم تقطع به الصلاة أو رعاف أو غيره، ما يصنع؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 5/ 56 (8980).

1092 - أن يطوف بالبيت جميعه

قال: يبني على ما طاف. "مسائل ابن هانئ" (844). قال ابن هانئ: قُلْتُ لأبي عبد اللَّه: هكذا الصلاة أيضًا؟ قال: الصلاة ليس مثل الطواف، الصلاة ينصرف فيتوضأ ثم يستأنف. "مسائل ابن هانئ" (845). وقال في رواية حنبل في رجل طاف ستة أشواط، وصلى ركعتين، ثم ذكر بعد يطوف شوطًا، ولا يعيد، وإن طاف ابتداءً فهو أحوط. قال في رواية حرب في امرأة طافت ثلاثة أشواط، ثم حاضت -تقيم حتى تطوف. قيل له: تبني على طوافها؟ قال: لا، تبتدئ. وقال في رواية أبي طالب: إذا طاف خمسًا، أو ستّا، ورجع إلى بلده: يعيد الطواف. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 593. نقل حنبل عن أحْمَد في من طاف ثلاثة أشواطٍ أو أكثر: يتوضأ، فإن شاء بنى، وإن شاء استأنف. قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يبني إذا لم يحدث حدثًا إلا الوضوء، فإن عمل عملًا غير ذلك، استقبل الطواف. "المغني" 5/ 249. 1092 - أن يطوف بالبيت جميعه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يدخلُ البيتَ والحِجرَ بالنَّعْلَيْنِ؟

1093 - أن يطوف في المسجد الحرام

قال: مكروه، والحجرُ من البَيتِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1546). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا طاف الرجل بالبيت، واخترق الحجر، ولم يطف خلف الحجر؟ قال: أرى أن يعيد الطواف من عند الحجر الأسود. "مسائل عبد اللَّه" (867). قال أحْمَد في رواية الأثرم فيمن طاف في الحجر فاخترقه: لا يجزئه؛ لأن الحجر من البيت، فإن كان شوطًا واحدًا أعاد ذلك الشوط، وإن كان كل الطواف أعاده. وكذلك نقل حنبل فيمن طاف أخترق الحجر: لا يجزئه ويعيد. ونقل حرب كذلك؛ لأن اللَّه أمر بالطواف بالبيت، ومن سلك شيئًا من البيت في طوافه: لم يطف به كله، وإنما طاف فيه. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 594. 1093 - أن يطوف في المسجد الحرام قال أحْمَد بن أصرم: وقد سئل عمن طاف وراء المقام، وقِيل له: روي عن عطاء أنه قال: من لم يمكنه الطواف إلا خلف المقام جلس. كأن عطاء كره الطواف خلف المقام (¬1). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق في "المصنف" 5/ 69 (9023).

فقال: من روى هذا؟ ! ليس هذا بشيء، الذي يكره من هذا هو أكثر، لتعبه وأعظم لأجره. قيل له: طاف من وراء السقاية؟ قال: نعم هو أكثر؛ لتعبه. "بدائع الفوائد" 4/ 60

فصل: صفة الطواف

فصل: صفة الطواف 1094 - حكم الاضطباع لمن دخل المسجد الحرام قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: الطواف بالبيت مضطبعًا؟ قال: لا بأس به. "مسائل عبد اللَّه" (849) 1095 - صفة الاضطباع قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: كيف الاضطباعُ؛ فوصفه لي، والتحف بثوبه، وعطفه على منكبه الأيسر، قلت له: أخرج يدي من هنا -أشرت إلى يدي اليمنى من فوق الرداء- فيبدُو منكبي الأيمنُ؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (867) نقل الأثرم عنه: يَجعَل وسطه تحت كتفه الأيمن وطرفيه فوق الأيسر. "الفروع" 3/ 495. 1096 - وقت الاضطباع قال المروذي: قال أحْمَد: يضطبع بعد أن يستلم الحجر؛ لأن الاضطباع إنما يكون [. . .] (¬1). "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 422. ¬

_ (¬1) كذا في "شرح العمدة" وبهامشه: بياض في الأصل، ولعل تتمة الكلام: للرمل، وهو لا يكون إلا بعد استلام الحجر.

1097 - حكم الرمل في الطواف

1097 - حكم الرمل في الطواف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَن تركَ الرمل ما عليه؟ قال: ليس عليه شيء. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1409). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عمن نسي الرمل؛ فلم يجعل عليه شيئًا. "مسائل أبي داود" (869). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عمن يترك أن يرمل؟ قال: ليس عليه شيء. وسئل عمن: لم يرمل بين الصفا والمروة؟ فقال: فيها اختلاف، ولم يجب فيها بشيء. "مسائل ابن هانئ" (900). قال عبد اللَّه: سألت أبي: قُلْتُ: من ترك الرمل ما عليه؟ قال: أرجو أن لا يكون عليه شيء. "مسائل عبد اللَّه" (848). نقل حنبل عنه: إذا نسي الرمل فلا شيء عليه إذا نسي. "الفروع" 3/ 527، "المبدع" 3/ 265. نقل محمد بن أبي حرب عنه: هو واجب. "الإنصاف" 9/ 295.

1098 - السعي والرمل على النساء في الوادي أو البيت

1098 - السعي والرمل على النساء في الوادي أو البيت قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل على النساءِ سعي في الوادي أو رمل بالبيت أو رُقيّ على الصفا والمروة؟ قال: ليس عليهن شيءٌ من ذَلِكَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1411) قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد اللَّه، قال: أخبرني نافع، عن ابن عمر، قال: ليس على النساء رمل بالبيت، ولا بين الصفا والمروة. "مسائل أبي داود" (762) قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا عبد الرزاق، عن (عمير) (¬1)، عن الزهري، قال: ليس على النساء، ذكر مثلهُ، زاد: ولا رقي عليهما. "مسائل أبي داود" (763) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: على النساء سعي في الوادي ورمل بالبيت، أو (رقي) (¬2) على الصفا والمروة؟ قال: ليس على النساء شيء من ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (850) ¬

_ (¬1) كذا في المطبوع ولعل الصواب: معمر. (¬2) في المطبوع من "مسائل عبد اللَّه": (رقا) والمثبت من "العلل" له، وهو الصحيح.

1099 - حكم الرمل لأهل مكة

1099 - حكم الرمل لأهل مكة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: على أهلِ مكة رمل بالبيتِ أو سعي بين الصفا والمروة؟ قال: إذا كان يهلُّ مِن مكةَ لم يكن عليه رمل ولا سعي. قال إسحاق: لابدَّ من السعي بين الصفا والمروةِ إذا رَجَعوا. "مسائل الكوسج" (1412). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا طافَ بعد الإفاضةِ رمل؟ قال: من أهل مكة لا يرمل بعد الإفاضة. قال إسحاق: كما قال؛ لأنه لا رمل يومَ النحرِ على طائفٍ. "مسائل الكوسج" (1413). قال صالح: وقال أبي: ليس على أهل مكة رمل. "مسائل صالح" (954). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا محمد بن مسلم، عن أيوب بن موسى، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ، قال: إنما الرملُ على من جاء من أهل الآفاق وليس على أهل مكة. "مسائل أبي داود" (759). قال أبو داود: سمعت أحْمَد يقول: ليس على من أهل من مكة رملٌ. "مسائل أبي داود" (871). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: هل على أهل مكة رمل بالبيت أو سعي بين الصفا والمروة؟ قال: إذا كان يهل من مكة، لم يكن عليه رمل ولا سعي. "مسائل عبد اللَّه" (851).

1100 - كيفية الرمل في الطواف

قال عبد اللَّه: قلت لأبي: إذا طاف بعد الإفاضة يرمل؟ قال: من أهل من مكة، لا يرمل بعد الإفاضة. "مسائل عبد اللَّه" (852) 1100 - كيفية الرمل في الطواف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كيف يرمل في الطَّوافِ؟ قال: اختلفوا، ويستوعب -أحب إلي- من الحجر إلى الحجر. قال إسحاق: كما قال، لا يَدعَنَّ الرمل من الحجر إلى الحجرِ لما صحَّ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذَلِكَ (¬1)، فإن لم يرمل بين الركن اليماني إلى الحجر الأسود جازَ ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (1408) قال أبو داود: سمعت أحْمَد يقول: يرمل من الحجر إلى الحجر. قلت لأحْمَد: أليس أيوب يروي -أعني عن نافعٍ، عن ابن عمر، أنَّه مشى ما بين الركن إلى الحجر؟ قال: بلى، ولكن يخالف أيوب فيه، وذكر أن غيره روى: أنه رمل من الحجر إلى الحجر -يعني ابن عمر. "مسائل أبي داود" (868) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 13، والبخاري (1617)، ومسلم (1262) من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: رمل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الحجر إلى الحجر ثلاثا ومشى أربعًا.

1101 - من نذر أن يطوف على أربع؟

1101 - من نذر أن يطوف على أربع؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ نَذَرَ أنْ يطُوفَ على أربع؟ قال: قال ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما-: طَوافا للرِّجلينِ وطوافًا لليدينِ (¬1). عَاوَدْتُهُ في ذَلِكَ فقال مثل ذلك. قال إسحاق: كما قال، لِمَا لمْ نَجِدْ في هذا أعلى مِن قولِهِ، وجَهِلَ هؤلاء حين خطَّئوا ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما-. "مسائل الكوسج" (1565). 1102 - استلام الأركان وتقبيل الحجر الأسود والسجود عليه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُزاحمُ عَلَى الحجرِ؟ قال: لا، ولا يُؤذِي ولا يُؤذى. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1535). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تقبل اليد إذا مسَّ الحجرَ؟ قال: لا بأسَ به. قال إسحاق: هو سنَّة. "مسائل الكوسج" (1537). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 457 أن رجلًا نذر أن يطوف على ركبتيه فقال ابن عباس: لم يؤمروا أن يطوفوا حبوًا، ولكن ليطف سبعّا ليديه وسبعًا لرجليه، ورواه صعيد بن منصور كما في "الشرح الكبير" 28/ 249 أن امرأة نذرت أن تطوف بالبيت على أربع. قال ابن عباس: تطوف عن يديها سبعًا وعن رجليها سبعًا.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يسْتَلمُ الأرْكانَ كلَّها؟ قال: لا، إلَّا اليماني والحجرَ. قال إسحاق: هكذا هو. "مسائل الكوسج" (1616). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا بشر بن المفضل، عن عطاء ابن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أنه كان إذا حاذى بالركن اليماني قال: اللهم قنعني بما رزقتني، واخلف علي كل غائبة لي بخيرٍ. "مسائل أبي داود" (700) قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا حسين بن الوليد -من أهل نيسابور- عن ابن أبي رواد قال: كان عطاءٌ وطاوس إذا أتيا الحجر كبرَا ورفعا أيديهما (¬1). "مسائل أبي داود" (758) قال عبد اللَّه: سألت أبي فأملى عليَّ حين خرجت إلى مكة، قال: يحوم أهل العراق من ذات عرق، فالذي يستحب أن يهل بعمرة حين يدخل مكة إن شاء اللَّه فيطوف بالبيت سبعًا، يرمل في ثلاثة أطواف، ويمشي أربعة، فإن قدر على الحجر استلمه وإلا إذا حاذى به كبر ورفع يديه ومضى، ويستحب استلام الركن اليماني، وهو الذي يلي الحجر الأسود، ولا يستلم غيرهما، ثم يخرج إلى الصفا بعد أن يستلم الحجر ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 5/ 36 - 37 (8911) عن طاوس. ورواه ابن أبي شيبة 3/ 167 (13155) عن عطاء أنه قال: كبر ولا ترفع يديك بالتكبير.

إذا فرغ من طوافه إن قدر على ذلك، ويقف على الصفا حيث يرى البيت، فيدعو بدعاء ابن عمر (¬1)، وكل ما دعا به أجزأه. ويأتي المروة فيقف عليها حيث يرى البيت ويكثر من الدعاء، فإذا سعى بين الصفا والمروة قصر من شعره، ثم قد حل، فلا يزال حلا، حتى يوم التروية، فإذا كان يوم التروية طاف بالبيت، فذا خرج من المسجد لبى بالحج، ومضى إلى منى فيصلي بها الظهر والعصر، والمغرب والعشاء والفجر، ثم يمضي إلى عرفات فيشهد مع الإمام الظهر والعصر ولا تطوع بينهما، ثم يمضي إلى عرفات فيقف، وإن شاء جعل قيامه خلف الإمام، أو عن يمينه، فإذا غربت الشمس فدفع الإمام دفع، ولا يصلي المغرب إلا لجمع يجمع بين المغرب والعشاء، يجمع كل صلاة بقامة ثم يقف إذا طلع الفجر فيدعو، ثم يدعو قبل طلوع الشمس حتى يأتي منى فيرمي جمرة العقبة، ولا يقف عندها. "مسائل عبد اللَّه" (743). قال عبد اللَّه: سألت أبي: ما يقبل الرجل؟ قال: يقبل الحجر الأسود. قلت لأبي: فالركن اليماني يقبل؟ قال: لا. إنما يستلم، ولا يقبل إلا الأسود وحده. "مسائل عبد اللَّه" (868)، "العلل" رواية عبد اللَّه (5408). نقل عنه المروذي: ثم ائت الحجر الأسود، فاستلمه إن استطعت، وقبله، وإن لم تستطع فقم بحياله، وارفع يديك وقل: اللَّه أكبر اللَّه أكبر، ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 5/ 94، وابن أبي شيبة 3/ 297 (14499).

لا إله إلا اللَّه، وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا اللَّه وحده، لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، اللهم تصديقا بكتابك، واتباعًا لسنتك وسنة نبيك محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، لا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر، اللهم إليك بسطت يدي، وفيما لديك عظمت رغبتي، فاقبل دعوتي، وأقلني عثرتي، وارحم تضرعي، وجُدْ لي بمغفرتك يا إلهي، آمنت بك، وكفرت بالطاغوت. وقال في رواية الأثرم: إن لم يمكن استلامه؛ لأجل الزحمة قام حياله، ورفع يده وكبر. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 428. ونقل عنه المروذي: ولا تستلم من الأركان شيئًا إلا ما كان من الركن اليماني، والحجر الأسود، فإن زحمك الناس ولم يمكنك الاستلام فامض وكبر؛ وذلك لما روي عن ابن عمر قال: لم أر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يمس من الأركان إلا اليمانيين (¬1). "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 444. وقال في رواية الأثرم: لا يقبل اليماني. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 446. نقل الأثرم عنه: ويسجد عليه -الحجر الأسود- وأن ابن عمر وابن عباس فعلاه (¬2). وإن شق قَبَّل يده. "الفروع" 3/ 496، "المبدع" 3/ 214. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 66، البخاري (166)، ومسلم (1187). (¬2) رواه عبد الرزاق 5/ 37 (8912، 8913) عن ابن عباس وعمر -رضي اللَّه عنهم-.

1103 - مس المقام

نقل الأثرم عنه: ورفع يديه- كلما حاذى الحجر. "الفروع" 3/ 498، "المبدع" 3/ 217. 1103 - مس المقام قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مسّ المقام؟ قال: لا يمسُّه. قال إسحاق: كما قال. أيضًا: إنَما أمرَ بالصَّلاةِ إليهِ. "مسائل الكوسج" (1538). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا ابن مهدي، عن سفيان، عن بشير قال: رأيت ابن الزبير أتى على قوم يمسحون المقام، فقال: إنكم لم تؤمروا بمسحه إنما أمرتم بالصلاة. "مسائل أبي داود" (760). نقل الفضل بن زياد عنه: يكره مسه وتقبيله. "الفروع" 3/ 503. 1104 - من نذر أن يُلقي شيئا في مقام إبراهيم قال ابن هانئ: سألته عن رجل نذر أن يطرح غزلًا أو فضة، في مقام إبراهيم؟ قال: يُلقي، لمكان النذر. "مسائل ابن هانئ" (739).

1105 - الذكر والدعاء أثناء الطواف

1105 - الذكر والدعاء أثناء الطواف قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال: فإذا قدمت -إن شاء اللَّه- مكة فإن يحيى بن سعيد حدثنا قال: أنبا جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: أتينا جابر بن عبد اللَّه -فذكر الحديث قال: استلم نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الحجر الأسود، ثم رمل ثلاثة ومشى أربعةً، حتى إذا فرغ عمد إلى مقام إبراهيم فصلى خلفه ركعتين، ثم قرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، ثم استلم الحجر وخرج إلى الصفا، ثم قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158]، ثم قال: "نبدأ بما بدأ اللَّه به" فرَقِيَ على الصفا حتى إذا نظر إلى البيت كبر، ثم قال: "لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، لا إله اللَّه أنجز وعده، وصدق عبده، وهزم الأحزاب وحده"، ثم دعا، ثم رجع إلى هذا الكلام، ثم دعا، ثم رجع إلى هذا الكلام، ثم نزل حتى إذا انصبت قدماه في الوادي رمل، حتى إذا صعد مشى، حتى أتى المروة فرَقِي عليها حتى نظر إلى البيت، فقال عليها كما قال على الصفا (¬1). "مسائل أبي داود" (696) قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا إسماعيل قال: أنبأ أيوب، عن نافعٍ قال: كان ابن عمر إذا انتهى إلى ذي طوى بات به حتى يصبح، ثم يصلي الغداة ويغتسل ويحدث أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يفعل ذلك (¬2)، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 320 - 321، ومسلم (1218). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 16، والبخاري (491)، ومسلم (1259).

ثم يدخل مكة ضحى، فيأتي البيت فيستلم الحجر ويقول: بسم اللَّه واللَّه أكبر فإذا استلم الحجر رمل ثلاثة أطواف يمشي ما بين الركن والحجر، وإذا أتى على الحجر استلمه، وكبر أربعة أطواف مشيًا، ثم يأتي المقام فيصلي خلفه ركعتين، ثم يرجع إلى الحجر فيستلمُه، ثم يخرج إلى الصفا من الباب الأعظم، فيقوم عليه، فيكبر سبع مرات ثلاثًا ثلاثا يكبر، ثم يقول: لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، لا إله إلا اللَّه ولا نعبد إلا إياهُ، لا إله إلا اللَّه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، ثم يدعو يقول: اللهم اعصمني بدينك وطواعيتك وطواعية رسولك، اللهم جنبني حدودك، اللهم اجعلني ممن يحبك، ويحب ملائكتك، ويحب رسلك، ويحب عبادك الصالحين، اللهم حببني إليك وإلى ملائكتك وإلى رسلك وإلى عبادك الصالحين، اللهم يسرني لليسرى وجنبني العسرى، واغفر لي في الآخرة والأولى، واجعلني من أئمة المتقين، واجعلني من ورثة جنة النعيبم، واغفر لي خطيئتي يوم الدين، اللهم إنك قُلْتَ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] وإنك لا تخلف الميعاد، اللهم إذ هديتني إلى الإسلام فلا تنزعني منه، ولا تنزعه مني حتى توفاني وأنا على الإسلام، اللهم لا تقدمني بعذاب، ولا تؤخرني لسيّئ الفتن، قال: ويدعو بدعاءٍ كثير، حتى إنه ليبطلنا وإنا لشبابٌ، وكان إذا أتى المسعى سعى وكبر. "مسائل أبي داود" (697). قال أبو داود: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: ثنا وكيع، عن المسعودي، عن أبي إسحاق قال: كان علي إذا استلم الحجر قال:

اللهم وتصديق كتابك وسنة نبيك (¬1). "مسائل أبي داود" (698) قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا عبد الرزاق قال: ثنا ابن جريج قال: أخبرني يحيى بن عبيد -مولى السائب- أن أباه أخبره أن عبد اللَّه ابن السائب أخبره أنه سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول فيما بين ركن بني جمح والركن الأسود: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" (¬2) "مسائل أبي داود" (699) ¬

_ (¬1) رواه أبو داود الطيالسي في "مسنده" 1/ 148 (174)، وابن أبي شيبة في "المصنف" 3/ 426 (15792، 15793)، و 6/ 82 (29620)، والطبراني في "الأوسط" 1/ 157 (492)، والبيهقي 5/ 79، وقال الألباني في "الضعيفة" (1049): موقوف ضعيف. (¬2) رواه عبد الرزاق في "المصنف" 5/ 50 (8963)، ومن طريقه الإمام أحمد 3/ 411، وأبو داود (1892)، والنسائي في "الكبرى" كما في أطراف المزي 4/ 347 (5316) والحديث صححه ابن الجارود في "المنتقى" (456)، وابن خزيمة في "صحيحه" 4/ 215 (2721)، وكذا الحاكم 1/ 455، ووافقه الذهبي. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (1653): حديث حسن.

فصل: ركعتي الطواف وأحكامهما

فصل: ركعتي الطواف وأحكامهما 1106 - حكم ركعتي الطواف قال ابن هانئ: وسألته عن رجل لم يصل ركعتي الطواف ناسيًا؟ قال: يصلي إذا ذكر. "مسائل ابن هانئ" (857). قال عبد اللَّه: قيل: أليس (ركعتا) (¬1) الطواف من نفس الطواف؟ قال: قد صلاهما عمر بذي طوى (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (833). 1107 - تجزئ المكتوبة من ركعتي الطواف؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المكتوبة تجزئ من ركعتي السبع؟ قال: أعجب إلي أن يصلي ركعتي السبع. قال إسحاق: كما قال، وإن اقتص على ذلك أجزأه. "مسائل الكوسج" (1540). نقل أبو طالب عنه: يجزئه ليس هما واجبتين. ونقل الأثرم عنه: أرجو أن يجزئه. "تقرير القواعد" 1/ 154. ¬

_ (¬1) المطبوع من "مسائل عبد اللَّه": (ركعتي)، ولعل الصواب ما أثبتناه. (¬2) رواه مالك ص 241، وعبد الرزاق 5/ 63 (9008)، وعلقه البخاري قبل حديث (1628) بصيغة الجزم.

1108 - حيض المرأة بعد الطواف وقبل ركعتيه

1108 - حيض المرأة بعد الطواف وقبل ركعتيه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا طافتْ بِالبيتِ، ثمُّ حاضتْ قبلَ أنْ تُصلي الركعتين؟ قال: تمضي تصلي حيث شاءتْ واحتجَّ بحديثِ عمرَ بنِ الخطاب -رضي اللَّه عنه- (¬1). قال إسحاق: كما قال، إن عمرَ حينَ طافَ بعدَ الصبحِ ثم خرج منْ مكة، فلما طلعتِ الشَّمسُ صلى فأمرُ الحائضِ شبيه بقولِ عمر رضي اللَّه عنه. "مسائل أبي داود" (1494) قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا روح قال: ثنا أشعثُ، عن الحسن في امرأة تحيض بعد الطواف بالبيت قبل أن تصلي الركعتين وقبل أن تسعى؟ قال: تسعى وتنفرُ وتصلِّي ركعتين إذا طهرت. "مسائل أبي داود" (770) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن امرأة طافت طواف الزيارة ثم حاضت قبل أن تصلي ركعتين؟ قال: أرجو أن يجزئها أن تصلي ركعتين إذا طهرت. "مسائل عبد اللَّه" (832). 1109 - إذا قرن بين الطواف، كم يُصلي؟ قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل جمع بين الطواف، فطاف أربعة عشر طوافًا؟ ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 241، وعبد الرزاق 5/ 63 (9008)، وعلقه البخاري قبل حديث (1628).

1110 - إذا شك في الطواف بعدما ركع الركعتين؟

قال: إذا جمع بين أربعة عشر طوافًا صلّى أربعًا. "مسائل ابن هانئ" (837). 1110 - إذا شك في الطواف بعدما ركع الركعتين؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل شكَّ في طوافِهِ بعدَما رَكَعَ الركعتين؟ قال أحْمَد: إن كانَ الطواف الواجب فإنه يُعيد، وإنْ كان تطوعًا فَقَدْ ذهب. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1618).

فصل: ما يباح وما يكره فى الطواف

فصل: ما يباح وما يكره فى الطواف 1111 - التزاحم في الطواف قال أبو داود: سمعت أحْمَد يقول: لا بأس بالتزاحم في الطواف، ولا يعجبني التخطِّي. "مسائل أبي داود" (873). 1112 - طواف المنتقبة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المرأةُ تطوفُ مُنْتَقبة؟ قال: إذا كانت غير مُحْرِمةٍ فلا بأسَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1543). 1113 - التعوذ بالبيت من دبر الكعبة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ يتعوذُ بالبيتِ مِنْ دُبُرِ الكعبةِ؟ قال: هذا قد رُويَ فيه، وأمَّا البَينُ فهُو بين الرُّكنِ والبابِ. قال إسحاق؛ كما قال، كلٌّ سنة. "مسائل الكوسج" (1545). 1114 - الطواف في أي وقت قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الطوافُ بعدَ العصرِ وبعدَ الصبح؟ قال: لا بأسَ بالصلاة أيضًا.

قال إسحاق: كما قال، لما خصَّ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أهلَ مكةَ بذلَكَ (¬1). "مسائل الكوسج" (1541). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الطواف بالبيت بعد طلوع الفجر. قال: لا بأس به، ولا بأس بالصلاة يعني: الركعتين خلف المقام بعد الطواف. "مسائل عبد اللَّه" (788). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن صلى غير ركعتين؟ قال: لا يعجبني، وكرهه. حسن وحسين طافا بعد العصر وصليا (¬2). وقال ابن أبي مليكة: رأيت ابن عباس طاف بالبيت وصلى (¬3). "مسائل عبد اللَّه" (789). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الطواف بالبيت بعد العصر؟ فقال: لا بأس بالصلاة -يعني: الركعتين خلف المقام- بعد الطواف. "مسائل عبد اللَّه" (790). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل طاف سبوعًا بالبيت بعد طلوع الفجر، ترى له أن يصلي الركعتين بعد الطواف مع ركعتي الغداة؟ حدثنا قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن ذر، عن مجاهد أن ابن عمر كان يطوف بالبيت، ويصلي بعد العصر لكل سبوع ركعتين ما دامت ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 165، وابن خزيمة (2748) من حديث أبي ذر -رضي اللَّه عنه-، وقال ابن خزيمة: وقال: أنا أشك في سماع مجاهد من أبي ذر. والطبراني في "الأوسط" 1/ 258 (847)، والبيهقي 2/ 461. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 175 (13245)، 7/ 317 (36434)، والبيهقي 2/ 463. (¬3) رواه البيهقي في "المعرفة" 3/ 436 (5220).

1115 - الطواف راكبا

الشمس بيضاء حية، فإذا ضعفت وتغيرت طاف سبوعًا واحدًا، ثم قعد حتى يصلي المغرب، وكان يطوف بعد الصبح ويركع لكل سبوع ركعتين. "مسائل عبد اللَّه" (791)، (792) 1115 - الطواف راكبًا نقل حنبل عنه: لا يطوف راكبًا، والنبى صلى اللَّه عليه وسلم إنما طاف راكبًا ليراه الناس (¬1). "الروايتين والوجهين" 1/ 283 1116 - الشرب أثناء الطواف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الشربُ في الطَّوَافِ؟ قال أحْمَد: لا بأسَ بِهِ. قال إسحاق: أخبرنَا أحْمَد قال: حَدَّثنَا معتمر، عن هشام، عن قيس ابنِ سعد، عن طاوس قال: لا بأسَ بالشربِ في الطواف. قال إسحاق: كما قال في المسألة. "مسائل الكوسج" (1592) قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن الرجل يشرب وهو يطوف؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل أبي داود" (875) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 317، ومسلم (1273) من حديث جابر بن عبد اللَّه.

1117 - الكلام أثناء الطواف

1117 - الكلام أثناء الطواف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل يقفُ الرجلُ في الطَّوافِ يتحدثُ مَعَ الرَجلِ؟ قال: مكروهٌ. قُلْتُ: بينَ الصَّفَا والمروة؟ قال: في السَّعي أهْوَنُ. قال إسحاق: كما قال، وإنْ تحدَّثَ مِنَ السُّنَنِ أو أمرِ الآخرةَ في الطَّوَافِ بالبيتِ فَلَا بأسَ بِهَ. "مسائل الكوسج" (1621). 1118 - القراءة في الطواف قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل: القراءةُ أحبُّ إليكَ أمِ الدعاءُ في الطوافِ بالبيتِ؟ قال: كلٌّ. "مسائل أبي داود" (872) نقل الأثرم وأبو طالب عنه: القراءة في الطواف جائزة. ونقل الميموني عنه: لا يقرأ في الطواف. "الروايتين والوجهين" 1/ 282.

أبواب: السعي بين الصفا والمروة

أبواب: السعي بين الصفا والمروة 1119 - حكمه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَن تركَ السعي بين الصفا والمروةِ؟ قال: كلاهما عندي شيءٌ واحدٌ. قال إسحاق: لا ينبغي لأحدٍ أن يتعمده؛ لما صحَّ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذَلِكَ (¬1)، فإن نسي أو سها أجزأه ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (1490). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: امرأةٌ طَافَتْ بالْبَيتِ، ثُم حاضَتْ قبلَ أنْ تطوفَ بالصَّفا والمروة؟ قال: لابد مِنْ أنْ تَطوفَ بالصَّفا والمروَةِ إذا كان مِنَ الطَّوافِ الواجبِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1714). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: امْرأةٌ طافَتْ بالبيتِ، ثُم حاضَتْ قبلَ أنْ تطوفَ بالصفا والمروةِ؟ قال أحْمَد: تقضي. قُلْتُ: ولا تطوف بالصفا والمروةِ؟ قال: لا. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 144، والبخاري (1643)، ومسلم (1277) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- أنها قالت: سألوا رسول اللَّه عن ذلك قالوا: يا رسول اللَّه؛ إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة فأنزل اللَّه تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] قالت عائشة: وقد سن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما.

ثم عاودته، فقال: لابد من أنْ تطوفَ بالصفا والمروةِ إذا كان الطواف الواجب. قال إسحاق: كما قال أخيرًا. "مسائل الكوسج" (3241). قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحْمَد عن رجلٍ لم يطف بالصفا والمروة؟ قال: قالت عائشةُ -رضي اللَّه عنها-: ما تم حجه ولا عمرته إلا بالطواف بينهما (¬1). وكان ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- يرخص فيه، ويقرأ: {فَلَا جُنَاحَ عَليهِ أَن يَطَوَّفَ بِهِمَا} (¬2). هذا عبد اللَّهَ بن أبي سليمان، وأما ابن جريج فروى عن عطاء قال: في قراءة ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- (بينهما) وهذا أشبه. ورأيُ أحْمَد على ما قالت عائشة -رضي اللَّه عنها-. قيل له: يرجع من لم يطف بينهما كمن ترك الزيارة؟ قال: نعم. "مسائل الكوسج" (3411). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن الرجل يطوف بالصفا والمروة شيئًا. قيل له: إنه خرج ويستيقن أنه قد تركه؟ قال: أواجب هو؟ قال: لا. قال: هو أسهل، ثم مكث وقال: هذا أسهل عندنا من الواجب. "مسائل ابن هانئ" (862). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 144، والبخاري (1643)، ومسلم (1277). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 269 (14203).

قال في رواية الأثرم فيمن انصرف ولم يسع: يرجع فيسعى وإلا فلا حج له. وقال في رواية أبي طالب: في معتمر طاف فواقع أهله قبل أن يسعى: فسدت عمرته وعليه مكانها، ولو طاف وسعى ثم وطئ قبل أن يحلق أو يقصر فعليه دم، إنما العمرة: الطواف والسعي، والحلاق. وقال في رواية أبي طالب: فيمن نسي السعي بين الصفا والمروة، أو تركه عامدًا: فلا ينبغي له أن يتركه، وأرجو أن لا يكون عليه شيء. وقال في رواية الميموني: السعي بين الصفا والمروة تطوع، والحاج والقارن والمتمتع عند عطاء واحد إذا طافوا ولم يسعوا. وقال في رواية حرب فيمن نسي السعي بين الصفا والمروة حتى أتى منزله: لا شيء عليه. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 623 - 624.

فصل: ما جاء في شروط وسنن السعي

فصل: ما جاء في شروط وسنن السعي 1120 - أن يتقدمه طواف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَن بدأَ بالصفا والمروةِ قبل البيتِ؟ قال: لا يجزئه. قال إسحاق: كما قال حتَّى يبدأَ بما بدَأَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ به. "مسائل الكوسج" (1415). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: وإذا طافَ بالصفا والمروة قبلَ البيتِ في العمرةِ، ثمَّ حلقَ؟ قال: عليه دم. قال إسحاق: عليه دم إذا فاته الطوافُ بالبيتِ أصلًا، فأمَّا إذا طافَ بالبيتِ بعد الصفا والمروة فلا شيءَ عليه. "مسائل الكوسج" (1416). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل طاف بين الصفا والمروة، قبل البيت؟ قال: لا يعجبني حتى يطوف بالبيت، ثم بالصفا والمروة. "مسائل ابن هانئ" (840). قال عبد اللَّه: سألت أبي: إذا طاف الرجل بالصفا والمروة قبل البيت في العمرة ثم حلق عليه دم؟ قال: أرجو أن يكون كذا. "مسائل عبد اللَّه" (807) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: من بدأ بالصفا والمروة قبل البيت؟

1121 - الترتيب في السعي بين الصفا والمروة

قال: لا يجزئه. "مسائل عبد اللَّه" (809). 1121 - الترتيب في السعي بين الصفا والمروة قال ابن هانئ: قيل لأبي عبد اللَّه: الرجل يبدأ بالمروة قبل الصفا؟ قال: يعيد حتى يبدأ بالصفا قبل المروة؛ لقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158]. نبدأ بما بدأ اللَّه، ونؤخر ما أخر اللَّه. "مسائل ابن هانئ" (842). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا، حتى ختم الطواف؟ قال: يبتدئ إذا رجع إلى الصفا، يلغي ذلك الشوط، ويستأنف بسبع تام من الصفا. "مسائل عبد اللَّه" (810). 1122 - الموالاة في السعي قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن الرجل يطوف بين الصفا والمروة، فيسمع الإقامة؟ قال: يقطع ثم يصلي، ثم يبني على ما طاف. "مسائل ابن هانئ" (848). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن الرجل يطوف فتحضر الصلاة؟ قال: يقطع الطواف. "مسائل ابن هانئ" (849).

1123 - الطهارة من الحدث والخبث

قال ابن هانئ: قيل له: فإذا أراد أن يصلي الركعتين؟ قال: تجزئه الصلاة من الركعتين. "مسائل ابن هانئ" (850). قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: يحيى بن زكريا، قال: أخبرني ابن جريج، عن نافع قال: أقيمت الصلاة، وابن عمر يطوف بين الصفا والمروة، فدخل فصلى ثم خرج فبنى بناءً. "مسائل ابن هانئ" (854). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يطوف بالبيت فيقعد؟ قال: إذا كانت له حاجة قعد، كما فعل ابن عمر (¬1). "مسائل ابن هانئ" (855). ونقل حنبل عنه وذكر له أن الحسن طاف بين الصفا والمروة أسبوعًا فغشي عليه، فحمل إلى أهله، فجاء من العشي فأتمه؟ فقال أحمد: إن أتمه فلا بأس، وإن استأنف فلا بأس. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 639. 1123 - الطهارة من الحدث والخبث قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يطوفُ بين الصفا والمروة على غيرِ وضوءٍ؟ قال: أعجب إليَّ أنْ يكونَ على وضوءٍ، وإذا طافَ بالبيتِ على غيرِ وضوءٍ ساهيًا فإنَّه يُعيدُ. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 5/ 56 (8980)، وابن أبي شيبة 3/ 346 (14966).

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1418). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري قال: إذا حاضت المرأة بعد ما تطوف بالبيت طافت بين الصفا والمروة حائضا. "مسائل أبي داود" (769). قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال: إذا طافت بالبيت، ثم حاضت؛ سعت بين الصفا والمروة، ثم نفرت. "مسائل أبي داود" (887). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: يطوف الرجل بين الصفا والمروة على غير وضوء؟ قال: أعجب إلي أن يكون على وضوء، إذا طاف بالبيت على غير وضوء ساهيًا. قال: يعيد أعجب إليّ. "مسائل عبد اللَّه" (785). قال في رواية الأثرم: الطهارة في السعي كالطهارة في الطواف. "المستوعب" 4/ 224. قال في رواية أبي طالب: إذا حاضت المرأة وهي تطوف بالبيت قبل أن تقضي خرجت، ولا تسعى بين الصفا والمروة؛ لأنها لم تتم الطواف. فإن طافت بالبيت ثم خرجت تسعى فحاضت، فلتمض في سعيها فإنه لا يضرها، وليس عليها شيء. وقال في رواية حرب: الحائض لا تطوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، إلا أن تكون قد طافت قبل ذلك: فإنها تسعى. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 640.

1124 - الموالاة بين الطواف والسعي

1124 - الموالاة بين الطواف والسعي قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: إذا طافَ بالبيتِ يؤخّرُ الصفا والمروةَ؟ قال: نعم، إن شاء إذا كانت علة. قال إسحاق: شديدًا كما قال. "مسائل الكوسج" (1417). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن رَجُلٍ طَافَ بالبيتِ، ثمَّ دَخَلَ الكعبة قبلَ أنْ يسعى بين الصفا والمروة؟ قال: لا بأسَ. قال أحْمَد؛ لا بأسَ بِهِ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنه ربما سهل عليه دخول الكعبةِ حينئذٍ، فله أنْ يغتنم ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (1636). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: إذا طاف بالبيت يؤخر الصفا والمروة؟ قال: نعم إن شاء، إذا كانت علة -يعني: لا بأس به. "مسائل عبد اللَّه" (808). 1125 - السعي ماشيًا وحكم الوجوب من غير علة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الركوبُ بين الصفا والمروةِ مِن غيرِ علةٍ أو من علة؟ والطوافُ حولَ البيتِ من علةٍ؟ قال: أكرهه من غير علةٍ، وإذا كانتْ علة يركب ويُحمل حول البيتِ واحتج بحديثِ أمِّ سلمة -رضي اللَّه عنها- أن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لها: "طوفي من وراءِ

1126 - الدعاء عند الصفا والمروة، وفي السعي بينهما

الناس وأنتِ راكبةٌ" (¬1). قال إسحاق: كما قال سواء لما صَحَّ عَنِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الرخصة في ذَلِكَ إذا كان من علة، وكذلك إن ضعف لسنه، قد ركبَ أنسُ بنُ مالكٍ رضي اللَّه عنه بين الصفا والمروةِ على حمارٍ (¬2). "مسائل الكوسج" (1414). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الركوب بين الصفا والمروة من غير علة، أو من علة، والطواف بالبيت من علة؟ قال: أكرهه من غير علة، إذا كان عليلًا يركب، ويحمل حول البيت، واحتج بحديث أم سلمة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لها: "طوفي من وراء الناس وأنت راكبة". "مسائل عبد اللَّه" (853). 1126 - الدعاء عند الصفا والمروة، وفي السعي بينهما قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن الزبير بن عدي، عن إبراهيم، قال: يقال على الصفا والمروة قدر سورة النجم. "مسائل أبي داود" (765) قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا وكيع، قال: ثنا الأعمش، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، أنه كان إذا سعى في الوادي قال: رب اغفر وارحم ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 290، والبخاري (464)، ومسلم (1276) من حديث أم سلمة -رضي اللَّه عنها-. (¬2) رواه الشافعي في "مسنده" 1/ 246 (896)، وابن أبي شيبة 3/ 166 (13143)، والطبراني 1/ 243 - 244 (683).

إنك أنت الأعز الأكرم. "مسائل أبى داود" (766). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: ويقف الرجل على الصفا حيث يرى البيت فيدعو بدعاء ابن عمر (¬1)، وكل ما دعا به أجزأه، ويأتي المروة فيقف عليها حيث يرى البيت، ويكثر من الدعاء. "مسائل عبد اللَّه" (799). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: فإذا قدمت مكة -إن شاء اللَّه- فأتِ يحيى بن سعيد. "مسائل عبد اللَّه" (800). نقل عنه المروذي: ثم اصعد على الصفا، وقف حيث تنظر إلى البنيان إن أمكنك ذلك وقل: اللَّه أكبر. سبع مرات، ترفع بهن صوتك، وتقول: لا اللَّه إلا اللَّه، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير لا إله إلا اللَّه وحده، أنجز وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا اللَّه، ربنا ورب آبائنا الأولين. اللهم اعصمني بدينك. .، وذكر دعاء ابن عمر نحوًا مما يأتي، وفي آخره: اللهم إنا قد دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا، واقض لنا حوائج الدنيا والآخرة. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 457. ونقل عنه المروذي في موضع آخر: ثم انحدر من الصفا وقُل: اللهم استعملني بسنة نبيك، وتوفني على ملته، وأعذني من مضلات الفتن. ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 243، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 308، والبيهقي 5/ 94 مع اختلاف ألفاظ الدعاء.

1127 - متى يحلق أو يقصر المعتمر والمتمتع

وامش حتى تأتي العلم، وقل في رملك: رب اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم، واهدني للتي هي أقوم، إنك أنت الأعز الأكرم. اللهم نجنا من النار سراعًا سالمين، وأدخلنا الجنة بسلام آمنين. وامش حتى تأتي المروة فتصعد عليها، وتقف منها حيث تنظر إلى البيت، ثم تكبر أيضًا، وتدعو بما دعوت به على الصفا، ثم تقول: اللهم إني أعوذ بك من الفواحش ما ظهر منها وما بطن. وما دعوتَ به أجزأك، تفعل ذلك ثلاث مرات. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 465. 1127 - متى يحلق أو يقصر المعتمر والمتمتع قال أبو داود: سمعت أحْمَد يقول: فإن كان ممن أهل بالعمرة طاف وسعى وحلق أو قصر، ثم حل، فإذا كان يوم التروية أهل بالحج ومضى إلى منى، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، ثم يغدو إلى عرفة فيصلي مع الإمام الظهر والعصر جميعًا، ويستحب شهودهما مع الإمام، ثم يمضي إلى عرفة، فيقف ويدعو ويرفع يديه. "مسائل أبي داود" (703)، ونقلها عبد اللَّه عن أبيه "مسائل عبد اللَّه" (750). قال أبو داود: سمعت أحْمَد يقول: يُعجبني إذا دخل متمتعًا أن يقصر ليكون الحلق للحج. "مسائل أبي داود" (859) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قال عطاء: إذا جئت متمتعًا، أو قارنًا فخذ من شعرك فقط كما قال معاوية: وقصّرت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-

1128 - إذا لم يقصر حتى كان يوم التروية؟

بمشقص (¬1) تجاوز ذلك. كما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل ابن هانئ" (774). وقال في رواية محمد بن الحكم: وإذا اعتمر الرجل فلا بد له من أن يحلق أو يقصر، في عشرة أيام يمكن حلق الرأس. "طبقات الحنابلة" 3/ 629. 1128 - إذا لم يقصر حتى كان يوم التروية؟ قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل: من دخل مكة معتمرًا فلم يقصر حتى كان يوم التروية، عليه شيءٌ؟ قال: هذا لم يحل بعدُ، يقصّرُ، ثم يهل بالحج، وليس عليه شيءٌ، وبئس ما صنع. "مسائل أبي داود" (863). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 292، والبخاري (1730)، ومسلم (1246)، من حديث ابن عباس عن معاوية -رضي اللَّه عنهم-.

باب: ما جاء في أعمال يوم التروية

باب: ما جاء في أعمال يوم التروية 1129 - الطواف لتوديع البيت إذا حل، وهل عليه شيء إذا لم يأت البيت؟ نقل عنه الأثرم في رجل تمتع بعمرة فحل منها ثم أقام بمكة فلما كان يوم التروية خرج إلى التنعيم، فأحرم بالحج، ثم توجه إلى منى وعرفات ولم يأت البيت: ليس عليه شيء. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 325. 1130 - استحباب النزول بمسجد الخيف عند النزول بمنى قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا روح، عن هشام، عن حفصة بنت سيرين، قالت: كانوا يستحبون أن ينزلوا بخيف الأيمن من منى. "مسائل أبي داود" (798). 1131 - وقت الغدو إلى عرفة بعد المبيت بمنى قال أبو داود: حدثنا أحْمَد بن حنبل قال: ثنا أبو معاوية قال: ثنا عاصم الأحول، عن أبي مجلز عن ابن عمر أنه صلى يوم التروية الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، فلما وقعت الشمس على قلة ثبيرٍ غدَا إلى عرفة. "مسائل أبي داود" (705).

1132 - ما يقول عندما يتوجه من منى إلى عرفة

قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: حدثنا ابن علية قال: أنبأ سليمان التيمي، عن أبي مجلز أنه كان مع ابن عمر بمنى، فلما طلعت الشمس أمر براحلته فرحلت ثم ارتحل من منى فسار؛ فإن كان أعجبنا إليه لأسفهنا رجلًا، كان يحدثه عن النساء ويضحكه، فلمَّا صلَّى العصر وقف بعرفة فجعل يرفعُ يديه -أو قال: يمد- قال: لا أدري لعله قد قال: دون أذنيه. "مسائل أبي داود" (788). 1132 - ما يقول عندما يتوجه من منى إلى عرفة قال أبو عبد اللَّه في رواية المروذي: ثم يغدو -يعني: بعد المبيت بمنى- إلى عرفات ويقول: اللهم إليك توجهت وعليك اعتمدت، ووجهك أردت، أسألك أن تبارك لي في سفري، وتقضي حاجتي، وتغفر لي ذنوبي، اللهم إني لك أرجو، وإياك أدعو، وإليك أرغب، فأصلح لي شأني كله من الآخرة والدنيا. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 489.

أبواب: الوقوف بعرفة

أبواب: الوقوف بعرفة 1133 - حكمه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قوله: "الحج عرفات" (¬1)، والعمرةُ الطواف (¬2)؟ قال: كان ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما- يقولُ: مَنْ طافَ بالبيتِ فَقدْ [حَلَّ] (¬3) هذا في العمرةِ، وقوله: "الحج عرفات" مثل قوله: "من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة" (¬4). قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ الحجَّ إنَّما بدخوله عرفة قبل طلوعِ الفجرِ. "مسائل الكوسج" (1384). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قولُ ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما-: الحجُّ: عَرَفَاتٍ (¬5)؟ قال: نعم لا يَتمُّ الحجُّ إلا بعَرَفاتٍ. قُلْتُ: والعُمرَةُ: الطَّوَافُ؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 309، وأبو داود (1949)، والترمذي (889)، والنسائي 5/ 256، وابن ماجه (3015) من حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي. وصححه ابن الملقن في "البدر المنير" 6/ 230 وكذا الألباني في "الإرواء" (1064). (¬2) رواه مسلم (1244) من حديث ابن عباس موقوفًا. (¬3) في الأصل: دخل. والمثبت من مصادر التخريج. والأثر رواه الإمام أحمد 1/ 278، 280، ومسلم (1244)، ومن وجه آخر رواه البخاري (4396)، ومسلم (1245). (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 271، 2/ 280، والبخاري (580)، ومسلم (607). من حديث أبي هريرة. (¬5) رواه الطبراني في "الأوسط" 6/ 77 (5844) من طريق مجاهد، عن ابن عباس مرفوعًا. وانظر: "الإرواء" 4/ 257.

قال: يقُولُ: لا تتمُّ العُمرَةُ إلا بالطَّوافِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1499). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فسّر لي حديثَ عبدِ الرحمن بن يعمر (¬1)، وحديثَ عروة بن مضرس (¬2). قال: أمَّا حديثُ عبدِ الرحمن بن يعمر فهو على كمالِ الحجّ، بهِ يكمل الحجُّ، وقوله: "الحج عرفة" يُشبه قوله: "مَنْ أدْرك مِنَ الصَّلاةِ ركعةً فقَدْ أدْركهَا" فإن أفسدَها شيءٌ أليسَ كانتَ تفسد صلاته؟ ! وكَذلكَ الحجّ إذا هو وطئ قبلَ رمي الحجارةِ فَقَدْ أفسدَ حجه، وحديثُ عروة توكيد بجمع. قال إسحاق: كما قال، ولا بدَّ عن الوقوفِ بجمعٍ قلَّ أم كَثُرَ. "مسائل الكوسج" (1555). قال ابن هانئ: لسمعت أبا عبد اللَّه يقول: الحج عندنا من وقف بعرفة، ومن طاف طواف الزيارة؛ لأن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يقول: {وَليَطَوَّفُوْا بِالبَيْتِ العَتِيقِ} [الحج: 29]. "مسائل ابن هانئ" (825). ¬

_ (¬1) هو حديث "الحج عرفات" وسبق تخريجه. . (¬2) حديث عروة رواه الإمام أحمد 4/ 15، وأبو داود (1950)، والترمذي (891)، والنسائي 5/ 263، وابن ماجه (3016) أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من شهد معنا هذِه الصلاة بجمعٍ، وقف معنا حتى نفيض منه وقد أفاض قبل ذلك منى عرفات ليلًا أو نهارًا، فقد تم حجه، وقضى تفثه"، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وصححه ابن الملقن في "البدر المنير" 6/ 241، وكذا الألباني في "الإرواء" (1066).

قال ابن هانئ: سمعته يقول: إن كان ما يقولون: من أدرك عرفة، فقد أدرك الحج، فقد كان الرجل إذا أدرك عرفة ينصرف إلى منزله، هذا رجل أدرك مع الإمام ركعة وأفسد ما بعدها. أليس يبغيها جميعًا، ماذا أدرك عرفة؛ فإن بعد عرفة، حلق الرأس، والنحر، ورمي الجمار، والزيارة فهذا كله، أليس هو من بعد عرفة! ! "مسائل ابن هانئ" (827). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: واحتج بعض الناس بما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "الحج عرفة" وإنما يكون الحج عرفة بأن يأتي بما يجب عليه من رمي الجمار، وطواف يوم النحر، وهو الطواف الواجب، وإقامته بمنى حتى يحل النفر، فهذا الذي يسلم له حجه ووقوفه بعرفة، فمن لم يأت بطواف الزيارة ورمي الجمار وما تجب عليه فليس حجه بتمام، وإنما قوله: "الحج عرفة" إذا جاء بهذِه الأشياء يشبه قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها"، فلو كان على ظاهر هذا الكلام كان قد كملت صلاته إذا أدرك ركعة، ولكل عليه أن يأتي بالصلاة على كمالها وأن [. . .] (¬1) فكذلك الواقف بعرفة ما لم يأت برمي الجمر وهذِه الأشياء، فحجه فاسد إذا وطئ قبل الجمرة، وإن كان قد وقف بعرفة كان الإحرام قائمًا عليه، فإذا رمى الجمرة فقد انتقض بعض إحرامه، وحل له كل شيء إلا النساء. "مسائل عبد اللَّه" (834). قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قوله: "الحج عرفة"، والعمرة الطواف. ¬

_ (¬1) كذا في "مسائل عبد اللَّه" وبهامشها: بياض بالأصل.

1134 - زمان الوقوف بعرفة

قال: كان ابن عباس يقول: من طاف بالبيت فقد حل، هذا في العمرة، وقوله "الحج عرفات" مثل قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة". "مسائل عبد اللَّه" (835). 1134 - زمان الوقوف بعرفة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: متى يفوت الحج؟ قال: إذا أدركه الفجرُ قبلَ أنْ يأتي عرفةَ، إذا لم يَطَأ عرفة ليلًا فقد فاته الحجُّ. قال إسحاق: كما قال مع أن الوقوف بجمع حتى يستتم الحج له مما يستحب لما روى عروة ذَلِكَ عَنِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "مسائل الكوسج" (1426). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن المُغْمَى عليه: هل يُلَبَّى عنه؟ قال: أرى أنْ يمضي، فإذا أفاق لبَّى، فإنْ كان عليه أيامٌ ترجع رجع، فإن لم يكن عليه أيام فرجع لبَّى وأهراق دمًا، ومضَى. قال أحْمَد: جيّدٌ، وإنْ وقفَ بعرفة وهو مُغْمًى عليه فليس له حجٌّ إلَّا أنْ يفيقَ قبلَ طلوعِ الفجرِ. "مسائل الكوسج" (1697). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 15، وأبو داود (1950)، والترمذي (891)، وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي 5/ 263 - 264، وابن ماجه (3016) من حديث عروة بن مضرس الطائي، وصححه النووي في "المجموع" 8/ 163. قال الحافظ في "التلخيص" 2/ 256: وصحح هذا الحديث الدارقطني والحاكم والقاضي أبو بكر ابن العربي على شرطهما. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1704)، و"الإرواء" (1066).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قِيلَ لسفيان: فإن لمْ يفقْ؟ قال: مَا أرى أنْ يُلَبَّى عنه، ليس هو بمنزلَةِ الصَّبي. قال أحْمَد: جيّدٌ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّهُ لابدَّ مِنْ أنْ يكونَ واقِفًا وقَدْ عقلَ، قَلَّ الوقوفُ أم كَثُرَ؛ لما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الحجُّ عرفة" (¬1). "مسائل الكوسج" (1698). قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحْمَد عن رجلٍ وقفَ بعرفة فندَّ به بعيرُه، فذهبَ، فلم يقدرْ على الرجوعِ، ولا وقفَ بالمزدلفة؟ قال: إذا كان مغلوبًا ووطئ عرفة، فقد تَمَّ حَجُّهُ. "مسائل الكوسج" (3399). قال إسحاق بن منصور: قال أحْمَد: إذا كانَ مريضًا أهل مِنَ الميقاتِ، ثم أغمي عليه فلم يُفِق بعرفات حَتَّى أصبح فلا حَجَّ له، وإن أفاقَ ولو ساعة من ليلٍ أو نهار فقد تَمَّ حجُّه يُرمَى عنه. "مسائل الكوسج" (3409). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 309، وأبو داود (1949)، والترمذي (889) (990)، والنسائي 5/ 256، وابن ماجه (3015) من حديث عبد الرحمن بن يعمر -رضي اللَّه عنه-. قال الترمذي: وقال ابن أبي عمر: قال سفيان بن عيينة: هذا أجود حديث رواه الثوري، والعمل على حديث عبد الرحمن بن يعمر عند أهل العلم من أصحاب لنبي صلى اللَّه عليه وسلم وغيرهم. وقال ابن ماجه: قال محمد بن يحيى: ما أر للثوري حديثًا أشرف من منه. والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1703) وقال: إسناده صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي، وقال سفيان بن عيينة: ليس بالكوفة حديث أشرف ولا أحسن من هذا.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا عقل عند الميقاتِ فأهل، ثم أفاقَ بعرفة ساعة إلى أَنْ يطلعَ الفجر؟ قال: قد أجزأ عنه "مسائل الكوسج" (3418). قال صالح: وسألته عمن لم يدرك عشية عرفة؟ قال: إن أدرك قبل أن يطلع الفجر فقد حج. "مسائل صالح" (8). قال صالح: قال أبي: كل من وطئ عرفة بليل إلى طلوع الفجر فقد أدرك الحج، فإذا طلع الفجر، فقد فاته، فعليه أن يطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة وعليه الحج من قابل وما استيسر من الهدي. "مسائل صالح" (294). قال صالح: قلت: بلغ الميقات وهو مغمى عليه، فأحرم عنه رفيقه أو غلامه، وقدم مكة فطاف به وسعى وأوقفه بعرفات، وقضى عنه جميع المناسك، أيجزئه ذلك من حجة الإسلام؟ قال: إن كان أفاق بعرفة حتى عقل؛ أجزأه الحج، وإن كان لم يعقل بعرفة؛ فلا حج له. "مسائل صالح" (318). قال صالح: قلت: المغمى عليه يوقف بعرفة؟ فقال: إذا لم يعقل الوقوف حتى ينفجر الفجر فلا حج له، يروى عن الحسن وعطاء، وما علمت أن أحدًا قال: يجزئه، ومن احتج فزعم أن الحج عرفة، فلو كان هذا على ظاهر الكلام، فوقف بعرفة، ورجع إلى

أهله ووطئ وأصاب الصيد كان يلزمه أن يقول: ليس عليه شيء؛ لأن الحج عرفة، وإنما قوله: "الحج عرفة". على السلامة إذا هو عمل ما يعمل الناس من طواف يوم النحر، وهو الواجب؛ لأنه لم يختلف الناس علمنا أنه من لم يطف يوم النحر، أنه يرجع حتى يطوف، وإن كان قد أتى أهله، وذلك يشبه قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها" (¬1) فإذا أدرك ركعة فليس عليه أن يأتي بها على كمالها، وما أفسد آخرها أفسد أولها، وإنما ذلك على إكمالها. قال: ومن قال: إن المغمى عليه يجزئه الوقوف بعرفة؛ فقد يجزئه أن لا يعيد الصلاة، وكذلك الصوم، ولو أغمي عليه في يوم من رمضان حتى ينسلخ عنه رمضان أنه يجزئه؛ لأنه لم يطعم فيه. وقال: إذا أجمع الصيام من الليل، ثم أصبح وهو على نيته، ثم أغمي عليه أجزأه أول يوم، وعليه إعادة بقية الشهر سوى ذلك اليوم. "مسائل صالح" (528). قال صالح: وسألته عن الرجل يغمى عليه يوم عرفة حتى يدفع الإمام؟ قال: أخاف قد يكون فسد حجه. "مسائل صالح" (607). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل أغمي عليه حتى بلغ الميقات، فأحرم عنه رفيقه، وقدم به مكة وطاف به وسعى، وشهد به المشاهد كلها، حتى قضى حجّه. وهو في ذلك كله، لا يعقل حتى قضى عنه ما أراد هو أن يقضيه، جميع ذلك، أيجزئه ذلك؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 65، والبخاري (580)، ومسلم (670) من حديث أبي هريرة.

قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إن كان أفاق بعرفة حتى عقل، أجزأه الحج، وإن كان لم يعقل بعرفة لم يجزئه الحج، إذا لم يعقل بعرفة. "مسائل ابن هانئ" (826). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يدرك يوم عرفة والناس بعرفات؟ قال: إذا وطئها بليل فإنه يجزئه ذلك إذا وقف بعرفة قبل طلوع الفجر. "مسائل ابن هانئ" (828). قال ابن هانئ: قلت: متى يفوت الرجل الحج؟ قال: إذا لم يطأ عرفة بليل قبل طلوع الفجر، فقد فاته الحج. قُلْتُ: فإن كان معه هدي؟ قال: ينحره ولا يجزئه. وعليه الحج من قابل، وعليه هدي آخر. "مسائل ابن هانئ" (830). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: ما يفوت الحج؟ قال: إذا أدركه الفجر قبل أن يأتي عرفة، إذا لم يطأ عرفة ليلًا، فقد فاته الحج. "مسائل عبد اللَّه" (811). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المغمى عليه بعرفة؟ قال: عليه الحج من قابل. "مسائل عبد اللَّه" (886). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الذي يشرد بعيره بعرفة؟ قال: كل من وطئ عرفة بليل أو نهار بعد أن يقف الناس بها فقد تمَّ حجه إذا أتى ما يجب عليه، ويدخل في قول من قال: يجزئه حجه إذا أغمي

عليه بعرفة. ولو أن رجلًا أغمي عليه في أول يوم من شهر رمضان حتى انسلخ عنه الشهر، فلم يأكل ولم يشرب، وهو في ذلك مغمى عليه؛ أنه يجزئه صوم رمضان، لا يقضي شيئا من الصلاة. "مسائل عبد اللَّه" (887). قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن المغمى عليه بعرفة، إذا لم يعقل الوقوف بعرفة حتى ينفجر الفجر؟ قال: فلا حج له. وكذلك روي عن الحسن وعطاء. قال أبي: وما علمت أن أحدًا قال: يجزئه. "مسائل عبد اللَّه" (889). قال عبد اللَّه: قال أبي: ومن احتج فزعم أن الحج عرفة فلو كان على ظاهر الكلام، وقف بعرفة، ورجع إلى أهله، ووطئ أهله، وأصاب الصيد؛ كان يلزمه أن يقول: ليس عليَّ في هذا شيء، إن الحج عرفة. وإنما قوله: "الحج عرفة" على السلامة، إذا هو عمل بما يعمل الناس من طواف يوم النحر، وهو الطواف الواجب لأنه لم يختلف الناس -فيما علمنا- أنه من لم يطف يوم النحر، أنه يرجع حتى يطوف، وإن كان قد أتى أهله. وذلك يشبه قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها" (¬1) فإذا أدرك ركعة أفليس عليه أن يأتي بها على كمالها؟ ! وما أفسد آخرها أفسد أولها، وإنما ذلك عن إكمالها. "مسائل عبد اللَّه" (890). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 65، والبخاري (580)، ومسلم (670) من حديث أبي هريرة.

1135 - إذا أخطأ الحجيج ووقفوا في غير يوم عرفة

وقال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كل من وقف بعرفة من ليل أو نهار ولو ساعة، فقد تم حجه. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 579. 1135 - إذا أخطأ الحجيج ووقفوا في غير يوم عرفة قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن اليوم الذي يشك فيه، فقال قوم: اليوم عرفة، وقال قوم: اليوم يوم النحر، فوقف الإمام بالناس يوم النحر، وهو لا يعلم إلا أنها عشية عرفة، ثم علم بعد ذلك بتواطؤ الأخبار أنه إنما وقف يوم النحر، هل يفسد على الناس الحج؟ فقال: إني أرجو أن يجزئهم، ورخص في ذلك. قال: أرجو أن يكون الأمر فيه واسعًا إن شاء اللَّه. "مسائل عبد اللَّه" (892). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يحتج بحديث العوام عن السفاح بن مطر، عن عبد العزيز بن عبد اللَّه بن خالد بن أسيد أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قَال: "يوم عرفة اليوم الذي يعر الناس فيه" (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (893). ¬

_ (¬1) رواه أبو داود في "مراسيله" (149)، والدارقطني 2/ 223، والبيهقي 5/ 176، وقال: هذا مرسل جيد أخرجه أبو داود في "المراسيل".

1136 - من لم يجب عليه الحج لعذر ثم زال عذره بعرفة

1136 - من لم يجب عليه الحج لعذر ثم زال عذره بعرفة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الصبي يحتلمُ بعرفة والعبد يعتق؟ قال: أرجو أن يجزئ حجهما. قُلْتُ: فإن لم يكن العبد أحرم بعد ما عتق؟ قال: ذاك أجود. قال إسحاق: كلاهما جائزٌ حجهما، وصار ترك الإحرام بعد العتق والاحتلام جاز إن فعلا ذَلِكَ قبل الاحتلام والعتق. "مسائل الكوسج" (1366) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: العبدُ يُعْتَقُ في الموقفِ بعرفة يجزئ عَنْه حجةِ الإسلام؟ قال: يجزيه. قُلْتُ: محرمًا كان أو غيرَ محرمٍ؟ قال: غير محرمٍ أجود. قال إسحاق: هو جائزٌ محرمًا كانَ أو غيرَ محرم. "مسائل الكوسج" (1625) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصبي يحتلم بعرفة؟ قال: يجزئ. "مسائل عبد اللَّه" (795). قال عبد اللَّه: وسألت أبي عن العبد يعتق؟ قال: تجزئ حجه. "مسائل عبد اللَّه" (796).

1137 - ما يترتب على فوات الوقوف بعرفة

قال عبد اللَّه: قلت لأبي: إن لم يكن العبد أحرم بعد ما عتق؟ قال: ذلك أجود. "مسائل عبد اللَّه" (797). قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حده ثنا عبد الرزاق: قال: أخبرنا معمر عن ليث عن طاوس عن ابن عباس. قال: إذا أعتق العبد بعرفة أجزأت عنه تلك الحجة، إذا أعتق بجمع لم تجزئ عنه. "مسائل عبد اللَّه" (798). قال الخلال: أخبرني محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم أن أباه حدثه قال: حدثني أحمد بن القاسم، وأخبرني زكريا بن الفرج عن أحمد بن القاسم أن أبا عبد اللَّه قال في النصراني يسلم وهو بعرفة: إن حجه يجزيه. أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: النصراني إذا أسلم عشية عرفة قد أجزأت عنه حجته. "أحكام أهل الملل" 1/ 128 - 129 (146 - 147) 1137 - ما يترتب على فوات الوقوف بعرفة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ فاته الحجُّ؟ قال: يحل بعمرةٍ، وإن كان معه هديٌ نحرَه، ويحجُّ منْ قابلٍ، وعليه الهديُ، وإذا كان أهلَّ بحجًّ وعمرةٍ؛ فعليه قضاؤُهما وهَديٌ واحدٌ يجزئهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1490).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان في رجلٍ قدم مكة، وقد فاته الحج: يطوفُ طوافين طوافًا لحجه، وطوافًا لعُمْرَته، ويَنحر، وعليه الحج من قابل، ويُسْتَحَبُّ أنْ يَنْحَرَ مِنْ قبل أنْ يُحِلَّ. قال أحْمَد: طوافٌ واحد يجزئ عنه، وإن كان معه هديٌ نحره، وعليه الهَدْيُ مِنْ قابل. قُلْتُ: هَدْيٌ واحدٌ؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1649). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان في قَارِنٍ قدمَ مكة فاتَه الحجُّ ومعَهُ بدنةٌ يطوفُ طوافين: طوافًا لحجه وطوافًا لعمرَته، ويمسكُ البدنةَ، فإن باعَهَا فلَا شيءَ عليه. قال أحْمَد: إن كانَ قدْ أوجبها فلَا بُدَّ من أنْ ينحرَها، وعليه مثلُ ما أهلَّ بهِ مِنْ قابلٍ. قال إسحاق: كما قال أحمد؛ لما مضَت السُّنةُ مِنَ النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم في القارنِ بالطَّوافِ الواحدِ، والسعي الواحدِ (¬1). "مسائل الكوسج" (1702). قال ابن هانئ: سألته عن رجل فاته الحج، ومعه هدي؟ قال: ينحره، وعليه هدي من قابل. "مسائل ابن هانئ" (829). ¬

_ (¬1) روى الإمام أحمد 2/ 54، والبخاري (1640)، ومسلم (1230) من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- عام نزل الحجاج بابن الزبير أنه طاف لهما طوافا واحدًا ثم قال: كذلك فعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل فاته الحج، وقدم يوم النحر؟ قال: يجعلها عمرة، وإن كان معه هدي نحره، فإذا كان قابل يُهل بما كان أهل، ويسوق معه هديًا. "مسائل ابن هانئ" (865). نقل ابن القاسم عنه: عليه القضاء وعليه دم. ونقل الميموني: إذا فاته الحج فليس عليه دم، ويأتي من قابل بما أهل به. ونقل أبو طالب: عليه الهدي والحج من قابل، ولكن إن كان قد حج الفريضة فليس عليه حج. "الروايتين والوجهين" 1/ 295. نقل عنه أبو طالب: إذا فاته الحج تحلَّلَ بعمرة. ونقل عنه الأثرم فيمن قدم حاجًّا، فطاف وسعى، ثم مرض فحيل بينه وبين الحج حتى مضت أيامه: يحل بعمرة. فقيل له: يجدد إهلالًا فيمن فاته الحج للعمرة، أم يجزئه الإهلال الأول؟ فقال: يجزئه الإهلال الأول. ونقل عنه ابن القاسم في الذي يفوته الحج: يفرغ من عمله -يعني: عمل الحج. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 656 - 657.

1138 - مكان الوقوف بعرفة

1138 - مكان الوقوف بعرفة قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا وكيع، عن عكرمة بن عمارٍ، عن طيسلة بن علي أن ابن عمر نزل الأراك يوم عرفة. "مسائل أبي داود" (785) قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج قال: قُلْتُ لنافع: أين كان ابن عمر يقف بعرفة؟ قال: يحاذي الإمام أو من ورائه؛ لا يبرح ما هنالك حتى يدفع الإمام؛ إلا أن يرحله أحد من ورائه فيقدمه. "مسائل أبي داود" (793) 1139 - أحوال الواقف بعرفة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الوقوفُ على الدابةِ أحبُّ إليك إذا كانت معه دابة؟ قال: لا أحفظُ الساعةَ شيئًا. قال إسحاق: كلما كان يخشى أنْ تضيعَ دابته فليقف على دابته، وكذلك إن خشي ضعفًا وقفَ على الدابة، وإن لم يكن به علة، وإن كان له من يحفظ دابته وقوي؛ فتركُ الركوبِ أفضلُ. "مسائل الكوسج" (1423). قال ابن القاسم: قُلْتُ لأحْمَد: روي عن مالك أنه كان يقول: الوقوف بعرفة على ظهور الدواب سنة، والوقوف على الأقدام رخصة، فكيف تقول في هذا؟ قال: قد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه وقف وهو راكب (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 320، ومسلم (1218) من حديث جابر -رضي اللَّه عنه-.

1140 - الإكثار من الدعاء والرغبة إلى الله عز وجل إلى غروب الشمس

وقال محمد بن الحسن بن هارون: سألته عن الوقوف بعرفة راكبًا، فرخص في ذلك وقال: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقف على راحلته. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 502 - 503. 1140 - الإكثار من الدعاء والرغبة إلى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إلى غروب الشمس قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا ابن علية، عن التيميِّ، عن أبي مجلزٍ قال: كان ابن عمر يقول: اللَّه أكبر وللَّه الحمد، اللَّه أكبر وللَّه الحمد، اللَّه أكبر وللَّه الحمد، لا إله إلا اللَّه، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، اللهم اهدني بالهدى، وقني بالتقوى، واغفر لي في الآخرة والأولى. ثم يرد يديه فيسكت كقدر ما كان إنسان قارئًا بفاتحة الكتاب، ثم يعود فيرفع يديه ويقولُ مثل ذلك، فلم يزل يفعل ذلك حتى أفاض. "مسائل أبي داود" (706). نقل عنه أبو الحارث: يصلي مع الإمام الظهر والعصر بعرفة، ثم يمضي إلى مرًّ [. . .]، (¬1)، ثم يدعو ويرفع يديه. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 509. ¬

_ (¬1) كذا في "شرح العمدة" وفي حاشيته: هكذا في النسختين، وبعده بياض، ولعل تتمة الكلام: إلى الموقف بعرفة.

1141 - شهود غير الحاج للمسجد يوم عرفة

1141 - شهود غير الحاج للمسجد يوم عرفة قال يعقوب الدورقي: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يحضر في المسجد يوم عرفة؟ قال: لا بأس أن يحضر المسجد، فيحضر دعاء المسلمين، فقد عَرَّفَ ابن عباس بالبصرة (¬1)، فلا بأس أن يأتي الرجل المسجد فيحضر دُعاء المسلمين، لعُلَّ اللَّه أن يرحمهُ، إنما هو دعاء. "طبقات الحنابلة" 2/ 553 - 554. 1142 - الخطبة في الحج قال صالح: وسألته عن خطبة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- التي خطبها: "أي يوم هذا" (¬2)، كأنه واحدة في جميع الرواية؟ قال: يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه خطب غير خطبة، فأما الذي رواه أبو بكرة فقد بين. "مسائل صالح" (225). قال صالح: وسألته عن خطبة الحج: كم هي التي يعمل الناس عليها، ما يصح من الرواية؟ قال: الذي روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه خطب غير خطبة، يروى عن مجاهد أنه قال: خطب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بين الجمرتين في أيام التشريق (¬3). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 376 (8122). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 37، والبخاري (67)، ومسلم (1679) من حديث أبي بكرة. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 3/ 246 (13970).

وقال الزهري: خطب يوم النحر، ولم يخطب في غيره من أيام منى إلا يوم النحر فقط، ثم أخر الناس ذلك بعد ذلك إلى الغد ليصيبهم يومئذ (¬1). وروي عن مرة قال: حدثني رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: قام فينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على ناقة حمراء مخضرمة؛ فقال: "أتدرون أي يوم هذا؟ " قلنا: يوم النحر (¬2). وروي عن أبي بكرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خطب الناس بمنى يوم النحر. وكان ابن الزبير يضع منبره بين الظهر والعصر أيام العشر، فيعلم الناس الحج. وخطبته بعرفة لم يختلف الناس فيها، فقال بعض الناس: عن نبيط بن شريط: رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على بعير قبل الصلاة بعرفة (¬3). "مسائل صالح" (226). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا يعقوب قال: ثنا أبي، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني نافعٌ قال: كان عبد اللَّه بن عمر يرى أن حضور الخطبة ¬

_ (¬1) رواه أيضًا ابن أبي شيبة 3/ 246 (13969). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 412 عن مرة عن رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وابن ماجه (357) عن مرة عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-. وقال البوصيري في "الزوائد" (1007) هذا إسناد صحيح. وقال في "إتحاف الخيرة المهرة" 3/ 227: رواه مسدد، ورجاله ثقات، ورواه النسائي في "الكبرى" وابن ماجه مختصرًا من طريق مرة عن عبد اللَّه به، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2481). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 305 والنسائي 5/ 253، وابن ماجه (1286)، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1064).

1143 - الجمع والقصر للصلاة في الحج

في يوم عرفة مع الإمام من الحج، إذا أقام الإمام السنة. "مسائل أبي داود" (786). قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، قال حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ نُبَيْطٍ قال: كَانَ أَبِي وَجَدِّي وَعَمِّي مَعَ النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: أَخْبَرَنِي أَبِي قال: رَأَيْتُ النَّبِيّ صلى اللَّه عليه وسلم يَخْطُبُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ. "الزهد" (1044) قال أحْمَد بن القاسم: قلت: هل يخطب في يوم النحر؟ فقال: يخطب بعد يوم النحر. "المستوعب" 4/ 248. 1143 - الجمع والقصر للصلاة في الحج قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قصر الصَّلاة بمنى وعرفات؟ قال: أمَّا أهلُ مكة فلا يقصرون، وأمَّا مَنْ أقامَ بمكة ثُمَّ خَرجَ إلى منى وهو يريدُ بلده قصر الصلاة؛ لأنَّه أنشأ السفرَ حين خَرجَ إلى منى. قال إسحاق: يقصرون كلهم؛ لما سن النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكر وعمر -رضي اللَّه عنهما- القصر بمنى (¬1) ولم يتبين عنهم التمييز والفرق بين أهل مكة والقادمين مِنْ الأمصارِ، وهكذا مذهبُ ابن عيينة. "مسائل الكوسج" (1419). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المحرمُ يُقصر عن الحلالِ؟ قال: نعمْ. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 16، والبخاري (1082)، ومسلم (694) من حديث ابن عمر.

قال إسحاق: نعم. "مسائل الكوسج" (1470). قال إسحاق بن منصور: قال أحْمَد: يُولَّى عَلى أهلِ مكةَ رجُل ليسَ مِن أهلِهَا، هكذا السُّنَّةُ في ذَلِكَ. قال إسحاق: إن فَعلوا ذَلِكَ فحسن، وإن كانَ الذي يُستأهَلُ من أهلهَا جازَ ذلك. "مسائل الكوسج" (1710). قال إسحاق بن منصور: قيل لأحْمَد -رضي اللَّه عنه-: إنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أقَامَ بمكةَ ثماني عشرةَ زمنَ الفتح (¬1). قال: إنَّما أرادَ حُنينًا لم يكُنْ ثمَّ إجماعٌ، وأقامَ بتبوكَ عشرينَ (¬2) لمْ يكُنْ ثَمَّ إجماعٌ، ولكن إذا أُجمِعَ على إقامةٍ زيادة على أربع أتَمَّ الصَّلاةَ. قال إسحاقُ به: هذِه الأشياءُ تتبعُ كَما جاءتْ، والأربعُ ليسَ بقوي. "مسائل الكوسج" (1712). قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: إذا كان مقيمًا بمكة ثم خرج إلى منى يقصر؟ قال: لا، إلا أن يكون غريبًا لا يريد المقام بمكة فيقصر. قُلْتُ: يقول إذا تهيأ لي الكرى: خرجتُ؟ ¬

_ (¬1) بهذا اللفظ رواه الإمام أحمد 4/ 430 وأبو داود (1229) من حديث عمران بن حصين. قال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 2/ 61: حديث لا تقوم به حجة لكثرة اضطرابه. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (225) وقال: قوله ثماني عشرة. منكر لمخالفته لرواية الصحيح. اهـ. قلت: رواه البخاري (4298) من حديث ابن عباس ولفظه: أقام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمكة تسعة عشر يومًا يصلي ركعتين. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 295، وأبو داود (1235) من حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-.

قال: هذا بعد مجمع على المقام. "مسائل أبي داود" (880) قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال: كان سفيان -يعني: ابن عيينة- يقصرُ في آخر أمره بمنى. "مسائل أبي داود" (881) قال ابن هانئ: قُلْتُ لأبي عبد اللَّه: إذا وافق يوم الجمعة يَوم عرفة، كيف يصلي أهل مكة؟ قال: إذا خرج أهل مكة إلى عرفات أربعة وعشرين ميلًا، فليس في هذا المقدار تقصر الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (831) قال ابن هانئ: قُلْتُ لأبي عبد اللَّه: فالإمام يستخلف على أهل منى من يصلي بهم؟ قال: نعم، يستخلفه عليهم من غير أهل مكة. "مسائل ابن هانئ" (832) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: هل على أهل مكة تقصير الصلاة؟ قال: ليس على أهل مكة تقصير الصلاة. قال مالك: يقصر أهل مكة، ولا أرى أن يقصروا. وليس من مكة إلى منى، وإلى عرفات تقصير، إنما التقصير إذا كان ثمانية وأربعين ميلًا. لا يقصر في مثل هذا. "مسائل ابن هانئ" (833) قال ابن هانئ: وسئل هل يُصلَّى خلفه -يعني إمام مكة وهو يصلي ركعتين؟ . قال: لا يصلي إلا أن يُصلي الجمعة فيُصَلى خلفه. "مسائل ابن هانئ" (834)

قال ابن هانئ: قُلْتُ لأبي عبد اللَّه: يقولون: إن إمام مكة يقصر الصلاة هل يُصلّى خلفه؟ قال: لا يصلى خلفه، إلا أن تكون صلاة الجمعة فيصلى خلفه. وإذا صلى ركعتين في سائر ذلك لم يصلَّ خلفه. "مسائل ابن هانئ" (836). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: المكّي لا يقصر الصلاة، ويعيد صلاته إن قصر. "مسائل ابن هانئ" (872). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من أهل بالحج من أهل مكة يكون بمنزلة البادي. "مسائل ابن هانئ" (873). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أهل مكة لا يقصرون من مكة إلى منى، ومن دخل من الغرباء مكة قبل العشر بأربعة أيام وزيادة صلاة، يتم الصلاة. "مسائل ابن هانئ" (874). قال ابن هانئ: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: قال مالك: يقصر أهل مكة، ولا أرى أن تقصروا، وإنما التقصير إذا كان ثمانية وأربعين ميلا. "مسائل ابن هانئ" (875). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وإذا كان رجل مقيم بمكة عشرًا أو أكثر، فخرج يحج، فإن كان يريد أهله بالعراق أو بالمدينة قصر الصلاة بمنى وعرفة، فإن أراد الرجعة إلى مكة ليقيم بها أتم بعرفة ومنى.

قال أبي: والحجة في أن [. .] (¬1) من غير أهل مكة؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حج من المدينة فأمهم، وأبو بكر وعمر وعثمان فحجوا من المدينة وهم الخلفاء. "مسائل عبد اللَّه" (779). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: تقصر الصلاة بمنى وعرفات؟ قال: أما أهل مكة فلا يقصرون، وأما من أقام بمكة ثم خرج إلى منى وهو يريد بلده قصر الصلاة؛ لأنه أنشأ السفر حتى خرج إلى منى. "مسائل عبد اللَّه" (780). قال عبد اللَّه: سألت أبي تقصر الصلاة بمنى لمن يريد أن يقيم للعمرة يقصر أو يتم؟ قال: لا يقصر الصلاة إلا في أربعة برد، وذلك ثمانية وأربعون ميلًا. قلت لأبي: هذا كان نوى الإقامة بمكة لعمرة المحرم، قال: فإنه يتم الصلاة بمنى وبعرفات حتى يرجع إلى مكة. "مسائل عبد اللَّه" (781). قال عبد اللَّه: سألت أبي: ما تقول في رجل صلى خلف رجل -أعني: محمد بن داود إمام مكة- لأن ابن داود كان يقصر الصلاة، وكان يجب عليه أن يتم الصلاة؟ قال: أرى أن يعيد الصلاة، إذا صلى خلف من قصر الصلاة، لا يعتد بها؛ لأن الإمام ينبغي له أن يصلي أربعًا. "مسائل عبد اللَّه" (854). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الجمع بين الصلاتين في السفر؟ ¬

_ (¬1) كذا في "مسائل عبد اللَّه".

قال: يؤخر الظهر إلى العصر حتى تبرد، ثم يصلي الظهر، ثم العصر في كل سفر تقصر فيه الصلاة، وكذلك العشاء المغرب تؤخر إلى العتمة أيضا، ثم يصليهما جميعًا. "مسائل عبد اللَّه" (855). قال عبد اللَّه: قُلْتُ: فترى أن يجمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر؟ قال: ذاك أعجب إلي -يعني: يؤخر الظهر إلى العصر، ثم يجمع. وقد سئل عن ذلك سالم بن عبد اللَّه، فلم ير به بأسًا أن يتعجل لجمع، ويصلى الظهر والعصر. قال سالم: ألم تر إلى صلاة الناس بعرفة (¬1)؟ ! يقول: إنهم يجمعون الظهر والعصر في أول وقت الظهر. قال أبي: وكان ابن عيينة لا يقصر الصلاة إذا خرج من مكة إلى منى، ثم قصر واحتج بحديث عمرو، عن جابر بن زيد قال: أقصر بعرفة (¬2)؟ قال ابن عيينة؛ وأي سفر أشد منه؟ قال رجل لسفيان بن عيينة: إن مالكًا، وابن أبي حازم يرون القصر بعرفات، فأعجبه ذلك -يعني: وبمنى. "مسائل عبد اللَّه" (856). ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 109، وعبد الرزاق 2/ 550 (4414)، والبيهقي 3/ 165 من طريق مالك عن ابن شهاب أنه سأل سالمًا. هل يجمع بين الظهر والعصر في السفر؟ فقال: نعم، لا بأس بذلك، ألم تر إلى صلاة الناس بعرفة؟ ! (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 204 (8141).

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: أرسله لنا سفيان عن طاوس: أترى الناس صلوا خلاف صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ يقول: في التقصير. قال أبي: والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان مسافرًا، جاء من المدينة إلى مكة فقصر، ثم زار البيت، ثم رجع إلى منى يقصر. "مسائل عبد اللَّه" (857). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فما تقول أنت في أهل مكة، ترى لهم أيقصروا إذا خرجوا إلى منى وعرفات؟ قال: لا؛ لأنه لا يكون سفرهم أربعة برد. وقد كان ابن عيينة لا يقصر، ثم قصر. "مسائل عبد اللَّه" (858). قال عبد اللَّه: سئل أبي وأنا أسمع عن الجمع بين الصلاتين؟ فقال: يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر، ثم يجمع، على حديث حسين بن عبد اللَّه، عن عكرمة عن ابن عباس. ليس في قلبي منه شيء، يعني: إذا جمع هكذا. "مسائل عبد اللَّه" (859). قال عبد اللَّه: قيل لأبي عبد اللَّه: فإن صلى الظهر والعصر -أي: في أول وقت الظهر؟ قال: قد كنا نفعل هذا، وذاك الفعل مثل حديث حسين أعجب إليَّ. "مسائل عبد اللَّه" (860). قال عبد اللَّه: سألت أبي: قُلْتُ: أمير بمكة كان إذا دخل العشر خرج إلى الطائف فأحرم، ثم قصر الصلاة إذا قدم مكة وبمنى وبعرفات، فما ترى في الصلاة خلفه إذا هو قصر؟

فقال أبي: الذي أذهب إليه في قصر الصلاة إلى ما يروى عن ابن عمر، وابن عباس: أن الصلاة لا تقصر إلا في أربعة برد (¬1). قال أبي: وهذا أمير مكة إذا هو خرج إلى الطائف ورجع إلى مكة، فعليه أن يتم الصلاة؛ لأن له بمكة أهلًا. وقد قال ابن عباس: إذا أتيت على أهل أو ماشية فأتم (¬2). قال أبي: فإذا خرج إلى منى وعرفات فليس هذا مما تقصر فيه الصلاة؛ لأنه أقل من أربعة برد، وأربعة برد: ستة عشر فرسخًا وهي ثمانية وأربعون ميلًا. وأذهب إلى حديث ابن عباس: إذا أتيت على أهل أو ماشية فأتم الصلاة. قال أبي: وإذا كان من غير أهل مكة لم يقصر إذا أتى على أهل أو ماشية. واحتج بعض الناس فزعم: أنه لا يقصر الصلاة إلا في ثلاثة أيام فصاعدًا وقال: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تسافر المرأة ثلاثًا إلا مع ذي محرم" (¬3). ¬

_ (¬1) أما أثر ابن عباس فرواه مالك ص 110، وعبد الرزاق 2/ 524 (4296)، والبيهقي 3/ 196. وأما أثر ابن عمر فرواه مالك ص 110، والشافعي 1/ 185 (528، 529)، وعبد الرزاق 2/ 525 (4300)، والبيهقي 3/ 195. (¬2) رواه الشافعي 1/ 184 (525)، وعبد الرزاق 2/ 524 (4297) وابن أبي شيبة 2/ 204 (8140)، والبيهقي 3/ 155. (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 13، والبخاري (1087)، ومسلم (1338) من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-.

وقد روي عنه قال: "لا تسافر سفرًا مع ذي محرم" (¬1) وروي عنه أنه قال: "لا تسافر يومين" (¬2)، وروي عنه أنه قال: "لا تسافر يومًا وليلة إلا مع ذي محرم" (¬3)، فيلزم من زعم أنه لا يقصر الصلاة إلا في ثلاث أنه يقول: تقصر الصلاة فيما وقع عليه اسم سفر من يوم أو يومين أبدًا. "مسائل عبد اللَّه" (861). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: الجمع بين الصلاتين في السفر؟ قال: يؤخر الظهر إلى وقت العصر، والمغرب إلى وقت العشاء الآخرة، وهذا أعجب إلينا. "مسائل عبد اللَّه" (862). قال عبد اللَّه: وسألت أبي: هل يجمع الرجل بين الظهر والعصر في وقت الظهر في السفر؟ فقال: قد قال ذلك قوم، وذاك أعجب إلينا -يعني: القول الأول. "مسائل عبد اللَّه" (863). قال عبد اللَّه: سألت أبي: هل يصلي الرجل بصلاة الإمام بعرفة، والإمام من أهل مكة؟ فقال: أينبغي له أن يتم الصلاة؟ ! "مسائل عبد اللَّه" (864). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: رجل من غير أهل مكة، وقد أقام بمكة عشرًا، ثم شهد الموسم مع الإمام، هل يجوز له أن يصلي مع الإمام المكي بعرفة؟ ¬

_ (¬1) رواه مسلم (1345). (¬2) البخاري (1197)، ومسلم (827) من حديث أبي سعيد الخدري. (¬3) رواه البخاري (1088)، ومسلم (1339) من حديث أبي هريرة.

قال أبي: والسنة أن يولى الموسم رجل من غير أهل مكة، حتى يقصر بالناس الصلاة. فإن أمر على الموسم رجل من أهل مكة، أو هو مقيم بها، فمن صلى خلفه من أهل مكة بمنى أو بعرفات، فقصر الأمير المكي أو الذي من أهل مكة، فن أهل مكة يعيدون صلاتهم ويتمون. قال أبي: وإذا كان رجل مقيم بمكة عشرًا، أو أكثر، فخرج يحج، فإن كان يريد أهله بالعراق أو بالمدينة قصر الصلاة بمنى وعرفة، فإن أراد الرجعة بمكة ليقيم بها أتم بعرفة وبمنى. قال أبي: والحجة في أن يولى من غير أهل مكة؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حج من المدينة فأمهم، وأبو بكر وعمر وعثمان، فحجوا من المدينة وهم الخلفاء. "مسائل عبد اللَّه" (865). قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن المسافر إذا دخل مكة فنوى أن يقيم أربعة أيام وزيادة أتم الصلاة، فإذا خرج إلى منى قصر؛ لأنه قد ابتدأ الحج في السفر حين خرج إلى منى. "مسائل عبد اللَّه" (903). قال أبو عبد اللَّه في رواية المروذي: فإذا أتيت فقل: اللهم هذِه عرفة عرف بيننا وبين نبينا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، واغتسل إن أمكنك، وصل مع الإمام الظهر والعصر، فإن لم تدرك الإمام جمعت بينهما، ثم صرت إلى عرفات، فوقفت على قرب من الإمام في أصل الجبل إن استطعت، وعرفات كلها موقف، وارفع عن بطن عُرنة، وقل: اللَّه أكبر اللَّه أكبر ولله الحمد لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، وذكر

1144 - الأذان والإقامة عند الجمع بين الصلاتين

دعاء كثيرا. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 494 1144 - الأذان والإقامة عند الجمع بين الصلاتين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الجمعُ بين الصلاتينِ بعرفة أو بجمع بأذانٍ وإقامة، أو بإقامة؟ قال: لا، ولكن بإقامَةِ إقامةٍ، لكلِّ صلاةٍ إقامة وهو خلافُ ما روي عن سعيدِ بنِ جبير عن ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما- (¬1)، هذا سالم عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- (¬2). قال إسحاق: كما قال، ولكن إن كان الإمامُ يتبع روايةَ سعيدِ بنِ جبير إقامة واحدة كان أفضل لما لا ينبغي لكل من يجمع بين الصلاتين إلا أن يحدث بينهما عملًا فالإقامة، وإن كان مفتاح الصلاة فتركه أفضل. "مسائل الكوسج" (1422). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا عبد الوهاب، وثنا القعنبيُّ قال: ثنا سليمانُ -يعني: ابن بلال- وهذا لفظهُ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى الظهر والعصر بأذان واحد بعرفة وإقامتين، ولم يسبح بينهما، وصلى المغرب والعشاء بجمع بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما، وصلى المغرب والعشاء بجمع بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما (¬3). "مسائل أبي داود" (782). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 280، ومسلم (1288). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 8، والبخاري (1092)، ومسلم (703). (¬3) رواه أبو داود (1906)، وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (1664): قلت: =

1145 - الجمع بين الصلاتين لمن فاتته الصلاة مع الإمام

قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: الصلاة بجمع؟ قال: بأذان وإقامتين. "مسائل أبي داود" (885). 1145 - الجمع بين الصلاتين لمن فاتته الصلاة مع الإمام قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا لم يُصلّ مع الإمامِ يومَ عرفة يجمع بينهما في منزله؟ قال: يجمعُ بينهما في رحلهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1420). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى بن آدم قال: ثنا سفيانُ، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان إذا فاتتهُ الصلاة مع الإمام يوم عرفة جمعهما. "مسائل أبي داود" (783). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى بن آدم، عن سفيان عن ابن جريج، عن عطاء قال: إن شئت جمعت وإن شئت فرقت. "مسائل أبي داود" (784). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عمن تفوته الصلاة مع الإمام بعرفة الظهر والعصر؟ قال: يجمعُ بينهما. "مسائل أبي داود" (884) ¬

_ = حديث صحيح، وإسناده مرسل، والصواب أنه من مسند جابر، وهذا القدر في " صحيح مسلم" وابن الجارود وابن حبان عن جابر ا. هـ بتصرف.

1146 - الأذان والإقامة لمن فاتته الصلاة مع الإمام

قال عبد اللَّه: قلت لأبي: إذا لم يصل مع يوم عرفة؟ قال: يجمع بينهما في رحله. "مسائل أبي داود" (814). 1146 - الأذان والإقامة لمن فاتته الصلاة مع الإمام قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن الجمعة بمنى، فقال: لا جمعة بمنى. قُلْتُ: فكانت الجمعة يوم التروية؟ قال: إذا كان والي مكة بمكة يجمع بهم. "مسائل أبي داود" (882) قال أبو داود: قيل لأحْمَد: يركب من منى فيجيء إلى مكة فيجمع بهم؟ قال: لا إذا كان بعدُ هو بمكة. "مسائل أبي داود" (883) قال ابن هانئ: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: لو وافق الإمام يوم عرفة وهو يوم جمعة لا يجهر، وليس بمنى ولا بعرفة جمعة. "مسائل ابن هانئ" (835) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لو وافق الإمام يوم عرفة، وهو يوم الجمعة لم يجهر، وليس بمنى ولا بعرفة جمعة. "مسائل ابن هانئ" (868) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: ولو أن الإمام يوافق يوم عرفة يوم جمعة لم يجمع، وليس بمنى ولا عرفة جمعة. "مسائل ابن هانئ" (908)

1147 - وقت الإفاضة من عرفات

نقل عنه الأثرم فيمن فاتته الصلاة مع الإمام: إن شاء جمع بينهما بأذان وإقامتين، وإن شاء بإقامة إقامة. "التمهيد" 9/ 149. 1147 - وقت الإفاضة من عرفات قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا يعقوبُ، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق قال: ثنا إبراهيم بن عقبة، عن كريب مولى ابن عباس، عن أسامة بن زيد، قال: كنت ردف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عشية عرفة، فلما وقعت الشمس دفع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فلما سمع حطمة الناس خلفه قال: "رويدًا أيها الناس؛ عليكم السكينة؛ فإن البر ليس بالإيضاع"، قال: فكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا التحم عليه الناس أعنق، وإذا وجد فجوة نص (¬1). "مسائل أبي داود" (789). نقل عنه المروذي: فإذا دفع الإمام دفعت معه، ولا تُفِض حتى يدفع الإمام، وأنت في خلال ذلك تلبي، فإذا أفضت من عرفات، فهلَّلْ وكَبَّرْ ولبَّ، وقلِ: اللهم إليك أفضْتُ، وإليك رغبت، ومنك رهبت، فاقبل نسكي، وأعظم أجري، وتقبل توبتي، وارحم تضرعي، واستجب دعائي، وأعطني سؤلي. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 511. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 202، وأبو داود (1924) مختصرًا دون قوله: فلما سمع حطمة الناس. . إلخ. قال الألباني في "صحيح أبي داود" (1680) وهذا إسناد حسن. وهو في "المسند" 5/ 202. . بأتمَّ منه، وفيه سير النص. أ. هـ

قال أبو الحارث: سألت أحْمَد: هل يجوز لأحد أن يفيض قبل الإمام؟ قال: إذا أفاض الإمام أفاض معه، ويفيض الإمام إذا غربت الشمس، وعليه السكينة، ويفيض الناس معه. قُلْتُ: فإن أفاض قبل الإمام؟ فقال: ما يعجبني. قُلْتُ: فما يجب على من دفع قبل الإمام؟ قال: أقل ما يجب عليه دم، ثنا يحيى، عن ابن جريج، عن عطاء: إذا دفع قبل أن تغيب الشمس فعليه دم، وقال الحسن: يرجع، فإن لم يرجع فعليه بدنة، وقال مالك: إذا دفع قبل أن تغرب الشمس فسد حجه. وقال في رواية الأثرم وقد سئل عن رجل دفع قبل الإمام من عرفة بعد ما غابت الشمس، فقال: ما وجدت أحدًا سهل فيه كلهم يشدد فيه، وما يعجبني أن يدفع قبل الإمام. وقال في رواية حرب: إذا دفع من عرفة قبل غروب الشمس يهريق دمًا. وقال أيضًا في رواية الأثرم: مالك يقول: إذا دفع قبل غروب الشمس فسد حجه. وقَال أبو طالب: سألت أحْمَد عن الرجل يقف بعرفة مع الإمام من الظهر إلى العصر، ثم يذكر أنه نسي نفقته بمنى؟ قال: إن كان قد وقف بعرفة فأحب إلي أن يستأذن الإمام يخبره أنه نسي نفقته، فإذا أذن له ذهب، ولا يرجع، قد وقف: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: 62]، وهم معه على أمر جامع. وإن كان لم يقف بعرفة يرجع فيأخذ نفقته، ويرجع إلى عرفة فيقف بها، ومن وقف بعرفة من ليل أو نهار قبل طلوع الفجر فقد تَمَّ حجُّه، فهذا يرجع "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 604 - 606.

فصل: أحكام متعلقة بالباب

فصل: أحكام متعلقة بالباب 1148 - هل يشترط الطهارة للوقوف بعرفة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الوقوفُ بعرفة بغيرِ وضوءٍ؟ قال: كلُّ شيء من المناسك يُكْرهُ أن يكونَ بغيرِ وضوءٍ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1424). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا روح وابن بكر، عن ابن جريج قال: كان عطاء يحب أن يعرف الإنسان ويقف متوضئًا، قال روح: ويدفع متوضئًا، ويقول: بال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين دفع من عرفة، ثم توضأ قبل أن يأتي جمعًا. قال: وغدونا إلى عرفة، ورواحنا إلى منى، ومسيرنا من عرفة إلى جمع، ومن جمع إلى منى والرمي. قال: توضأ في ذلك كله فإنه أفضل، فإن لم يفعل فلا حرج، ليس بواجب؛ الحائض تفعل ذلك كله. "مسائل أبي داود" (787). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: الوقوف بعرفة بغير وضوء؟ قال: كل شيء من المناسك يكره أن يكون بغير وضوء. "مسائل عبد اللَّه" (786). 1149 - لا جمعة في عرفة ومنى قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يجهرُ الإمامُ في الظُّهرِ يوم عرفة؟ قال: لا.

1150 - المتمتع يقدم يوم عرفة يحل إلى النساء

قُلْتُ: وإنْ كَانَ يوم الجمعةِ؟ قال: ليس ثمّ جمعة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1622). 1150 - المتمتع يقدم يوم عرفة يحل إلى النساء قال ابن هانئ: سألته عن المتمتع يقدم يوم عرفة، يحل إلى النساء؟ قال: لا يحل إلى النساء، ولا يعجبني أن يحل إلى النساء، وكان عطاء يقول: يحل إلى النساء إذا قدم يوم عرفة (¬1). "مسائل ابن هانئ" (749). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 263 (14140).

باب: المبيت بمزدلفة

باب: المبيت بمزدلفة 1151 - الدفع إلى مزدلفة، وهيئة الدفع قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: أنبأ عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم قال: كان ابن عمر إذا أفاض من عرفة سار على هينته الموكب حتى يأتي محسرًا، ويستحث راحلته شيئًا، ثم يسير على هينته الموكب حتى يرمي الجمرة. "مسائل أبي داود" (790). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى، عن ابن جريج قال: قُلْتُ لعطاء: كيف يدفع الماشيء قال: يدفع أيسر المشي. "مسائل أبي داود" (791). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك بن أنس قال: سأل رجل نافعًا: أين كان سير ابن عمر عشية عرفة منه غداة جمع؛ فرأيت وجهه تغير وقال: لم يكن معي ميزان. "العلل" (5389) قال أبو طالب: سألت أحْمَد عن: قول عطاء: لا بأس بطريق ضب (¬1)؟ قال: طريق مختصر من عرفات إلى منى. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 513. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 209 (13581)، والأزرقي في "أخبار مكة 2/ 193، والفاكهي في "أخبار مكة" 4/ 325 (2711).

1152 - الجمع بين المغرب والعشاء إذا وصل إلى مزدلفة

1152 - الجمع بين المغرب والعشاء إذا وصل إلى مزدلفة قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال: فإذا أتى جمعًا جمع بين المغرب والعشاء بإقامة إقامة، ولا يتطوع بينهما، وكذلك فعل رسول اللَّه (¬1)، فإذا برق الفجر صلى الفجر مع الإمام إن قدر، ثم وقف فدعا، ثم دفع قبل طلوع الشمس حتى يأتي منى، فإذا رمى الجمرة كف عن التلبية، ثم نحر هديًا إن كان معه، وحلق، ثم زار البيت من يومه أو ليلته، ثم قد حل من كل شيء إلا أنه يرمي الجمرة -جمرة العقبة- بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة في إثرها، ولا يقف عندها، وذلك يوم النحر، فإذا كان من الغد رمى الأولى بسبع، وكان ابن عمر يتقدم حتى يكون بينها وبين الوسطى فيدعو بدعائه الذي دعا به بعرفة، ويزيد: وأصلح لي، وقال: أتم لنا مناسكنا (¬2)، ويدعو به أيضًا بالموقف بجمع، ثم يرمي الوسطى، ثم يرمي العقبة ولا يقف عندها، وكل ما دعا به من دعاء أجزأه، ويستحب طول القيام عند الجمار في الدعاء، فإذا جاء مكة لم يخرج حتى يودع البيت؛ فيكون آخر عهده الطواف بالبيت. "مسائل أبي داود" (707). نقل عنه المروذي: فإذا انتهيت إلى مزدلفة، وهي جمع فاجمع بين المغرب والعشاء؛ كل صلاة بإقامة، ولا بأس إن صليتهما مع الإمام فهو أفضل، وقل: اللهم هذِه جمع فأسألك أن توفقني فيها لجوامع الخير كله؛ فإنه لا يقدر على ذلك إلا أنت، رب المشعر الحرام ورب ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 8، والبخاري (1109)، ومسلم (703) من حديث ابن عمر. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 318 - 319 (14701).

1153 - الصلاة قبل أن يأتي جمعا

الحرمات العظام أسألك أن تبلغ روح محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- عني السلام، وتصلح لي نيتي، وتشرح لي صدري، وتطهر لي قلبي، وتصلحني صلاح الدنيا والآخرة. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 514. 1153 - الصلاة قبل أن يأتي جمعًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُصلي قبلَ أنْ يأتي جمعًا؟ قال: لا يعجبني أن يصلِّي إلا بجمع فإن صلى أجزأه. قال إسحاق: كما قال، ولو أخره إلى نصف الليلِ حتَّى يجمعَ بينهما كما كان يجمع أفضل. "مسائل الكوسج" (1427). قال صالح، قلت: فإن صلى المغرب بعرفة؟ قال: أرجو، وقد رخص بعض الناس في الصلاة دون جمع. "مسائل صالح" (511). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يصلي قبل أن يأتي جمعًا. قال: لا يعجبني أن يصلي إلا بجمع، فإن فعل أجزأه. "مسائل عبد اللَّه" (812) قال أبو الحارث: قُلْتُ لأحْمَد فإن صلى المغرب بعرفة، أو في الطريق؟ قال: إن وصل إلى جمع أرجو أن يجزئه والسنة أن يُصلي المغرب بجمع. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 516.

1154 - الدعاء عند المشعر الحرام

1154 - الدعاء عند المشعر الحرام نقل عنه المروذي: فإذا برق الفجر، فصل الفجر مع الإمام إن قدرت، ثم قف مع الإمام في المشعر الحرام، وتقول: اللهم أنت خير مطلوب منه. . إلى آخره. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 518. 1155 - المبيت بمزدلفة، وجواز الدفع للضعفة ليلًا قال صالح: سألته عن رجل فاته الوقوف بجمع، وقد وقف بعرفة، ومر بجمع بعد طلوع الشمس؟ قال: عليه دم. "مسائل صالح" (608). روى صالح عن أبيه قال: إذا لم يمر بجمع يهريق دمًا. "مسائل صالح" (1290). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا سفيان، عن عبيد اللَّه بن أبي يزيد أنه سمع ابن عباس يقول: أنا ممن قدَّم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة المزدلفة في ضعفة أهله (¬1). "مسائل أبي داود" (796). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا سفيان، عن عمرو سمعه من عبد اللَّه مولى أسماء؛ كانت أسماء تصلي الصبح في منزلها بمنى، يعني: يوم النحر. "مسائل أبى داود" (797) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 221، والبخاري (1678)، ومسلم (1293).

قال ابن القاسم: قال أحْمَد: ليس أمر جمع عندي كعرفة، ولا أرى الناس جعلوها كذلك. وقال أبو طالب: سألت أحْمَد عن حديث عروة الطائي: "من صلى معنا صلاة الصبح، وقد أتى عرفات قبل ذلك، ليلًا أو نهارًا: فقد تم حجه" (¬1)؟ قال: هذا شديد. قُلْتُ: فكيف يصنع من أتى عرفات ولم يشهد جمعًا مع الإمام؟ قال: هذا أحسن حالًا ممن لم يجئها، وقد رخص رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- للضعفة أن يتعجلوا بليل، وصلى عمر رضوان اللَّه عليه، وجعل ينتظر الأعرابي وقد جاء الأعرابي. قُلْتُ: فيجزئه إذا أتى عرفة ثم لم يدرك جمعا؟ قال: هذا مضطر أرجو أن يجزئه؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قدم الضعفة ولم يشهدوا معه. قُلْتُ: أليس من لم يقف بجمع عليه دم؟ قال: نعم عليه دم؛ إذا لم يقف بجمعَ عليه دم، لكن يأتي جمع فيمر قبل الإمام. قُلْتُ: قبل الإمام يجزئه؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 15، وأبو داود (1950)، والترمذي (891)، وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي 5/ 263 - 264، وابن ماجه (3016)، قال الحافظ في "التلخيص" 2/ 256: وصحح هذا الحديث الدارقطني والحاكم والقاضي أبو بكر بن العربي على شرطهما. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1704)، و"الإرواء" (1066).

1156 - زمان الدفع من المزدلفة

قال: نعم، قد قدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الضعفة. وقال حنبل: قال عمي: من لم يقف غداة المزدلفة ليس عليه شيء؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: قدم الضعفة. ولا ينبغي له أن يفعل إلا أن يون معه ضعفة، أو غلبة، وعليه أن يبيت ليلة المزدلفة، وإن لم يبت فعليه دم. وسئل عمن لم يأت جمع؟ قال: ليس عليه شيء إذا أخطأ الطريق، أو كان جاهلًا: فليس عليه شيء إذا لم ينزل، وهو قول الحسن -رضي اللَّه عنه-. وقال حرب: قُلْتُ لأحْمَد: رجل أتى عرفة قبل طلوع الفجر؟ قال: حجه جائز إذا وقف بعرفة قبل طلوع الفجر. قيل: فإن لم يقف بجمع جائز. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 607 - 608. ونقل عنه المروذي: إذا وقف بعرفة فغلبه النوم حتى طلعت الشمس؛ عليه دم. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 611. قال حنبل: قال أحْمَد: وعليه أن يبيت بمزدلفة، وإن لم يبت فعليه دم. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 615. 1156 - زمان الدفع من المزدلفة قال أبو عبد اللَّه في رواية أبي الحارث: فإذا برق الفجر صلى مع الإمام إن قدر ثم وقف فدعا، ثم دفع قبل طلوع الشمس حتى يأتي منى. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 516.

قال حرب: قُلْتُ لأحْمَد: رجل خرج من المزدلفة نصف الليل فأتى منى وعليه ليل يرمي الجمار؟ قال: نعم أرجو أن لا يكون به بأس، قلت لأحْمَد: فإنه مضى (من) (¬1) حتى أتى مكة فطاف طواف الزيارة قبل أن يطلع الفجر؟ قال: لا يمكنه أن يأتي مكة بليل. ونقل عنه في موضع آخر وقد سئل عن الإفاضة من جمع من غير عذر؟ فقال: أرجو. إلا أنه قال: في وجه السحر. قال في رواية حرب أيضًا: لا يجوز أن يخرج من جمع حتى القمر. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 615 - 617. وقال الأَثْرَمُ: قيل لأبي عبد اللَّه: يدفع من مزدلفة قبل الإمام؟ قال: المزدلفة عندي غير عرفة، وذكر حديث ابن عمر أنه دفع قبل ابن الزبير (¬2). قيل لأبي عبد اللَّه: كأن سنة المزدلفة عندك غير سنة عرفة؟ قال: نعم. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 620. ¬

_ (¬1) كذا في "شرح العمدة" وبهامشه: هكذا في النسختين، وفي هامش (ب) لعله: (من منى). (¬2) رواه ابن الجعد في "مسنده" (2590).

1157 - من وافاها بعد جواز الإفاضة منها

1157 - من وافاها بعد جواز الإفاضة منها نقل عنه أبو الحارث فيمن أفاض من جمع بليل قبل طلوع الفجر: إذا نزل بها أو مرَّ بها: فأرجو أن لا يكون عليه شيء إن شاء اللَّه تعالى. وقال أبو طالب: قُلْتُ: أليس من لم يقف بجمع عليه دم؟ قال: نعم، إذا لم يقف بجمع عليه دم، لكن يأتي جمع فيمر قبل الإمام. قُلْتُ: قبل الإمام يجزئه؟ قال: نعم قد قدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الضعفة. "شرح العمدة" كتاب الحج 3/ 619. 1158 - الإسراع إذا بلغ وادي محسر قال أبو داود ثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى، عن عبيد اللَّه، عن نافع عن ابن عمر، أنه كان يوضع في وادي محسر قدر رمية بحجر. "مسائل أبي داود" (795).

أبواب: ما جاء في أعمال يوم النحر

أبواب: ما جاء في أعمال يوم النحر فصل: رمي جمرة العقبة (¬1) 1159 - حكمه قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل ينسى يرمي جمرة العقبة، فذكرها في التشريق؟ قال: يروى عن سعيد بن المسيب في الرجل ينسى الرمي، قال: يرمي ذكر في أيام منى، فإذا جازت أيام منى ثم ذكر فعليه دم. سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن الرجل ينسى رمي الجمار إلى الغد؟ قال: لا بأس برميها من الغد. قيل له: فأي شيء عليه إذا نسي حتى خرج من البلاد؟ فقال: كان عطاء يقول: عليه دم (¬2). قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فإن هو نسي أن يرمي بعضها ورمى بعضًا؟ قال: يتصدق بشيء. وسئل: هل يغسل حصى الجمار؟ قال: نعم يغسلها. "مسائل ابن هانئ" (901). ¬

_ (¬1) سيأتي تفصيل أقوال الإمام أحمد في الرمي وأحكامه في فصل: رمي الجمار. (¬2) رواه بن أبي شيبة 3/ 194 (13436).

فصل: نحر الهدي

فصل: نحر الهدي 1160 - نحر الهدي إن كان معه قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: ثم نحر هديًا إن كان معه وحلق، ثم زار البيت من يومه وليلته، ثم قد حل من كل شيء إلا أنه يرمي الجمرة -جمرة العقبة- بتسع حصيات يكبر مع كل حصاة في إثرها، ولا يقف عندها، وذلك يوم النحر، فإذا كان من الغد رمى الأولى بسبع، وكان ابن عمر يتقدم حتى يكون بينها وبين الوسطى، ثم يدعو بدعائه الذي دعا به بعرفة، ويزيد وأصلح أو قال: وأتمم لنا مناسكنا (¬1)، ويدعو أيضًا بالموقف بجمع، ثم يرمي الوسطى، ثم يرمي العقبة ولا يقف عندها. وكل ما دعا به من دعاء أجزأه. ويستحب طول القيام عند الجمار في الدعاء، فإذا جاء مكة لم يخرج حتى يودع البيت فيكون آخر عهده الطواف بالبيت. "مسائل عبد اللَّه" (706) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 8/ 313 - 319 (14701).

فصل: الحلق أو التقصير (التحلل الأصغر)

فصل: الحلق أو التقصير (التحلل الأصغر) 1161 - الحلق أو التقصير قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ لبَّدَ أو ضفَّر أو عقَص فليحلِق؟ قال أحْمَد: يعني: وَجَبَ عليهِ الحلقُ، ليسَ لهُ أنْ يقصِّرَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1442). 1162 - من حج فحلق خارجًا من الحرام قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عمن حج فحلق خارجًا من الحرام؟ قال: ما أعلم عليه شيئًا. "مسائل أبي داود" (909). 1163 - القدر الذي تقصره المرأة من شعرها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كم تُقصِّرُ المرأةُ من رأسِها. قال: قَدرَ الأُنمُلَةِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1443) قال صالح: وقال في المرأة: تقص من أطراف شعرها قدر أنملة. "مسائل صالح" (640).

1164 - تأخير الحلق أو التقصير عن أيام التشريق

قال أبو داود: سمعت أحْمَد بن حنبل سئل عن: المرأة تقصرُ من كل رأسها؟ قال: نعم. قال الرجل: تجمع شعرها إلى مقدم رأسها، ثم تأخذ منه؟ قال أحْمَد: تأخذ من أطراف شعرها كله قدر أنملةٍ. "مسائل أبي داود" (908). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن المرأة إذا أرادت أن تقصر من شعرها، تقص منه كله، أو من بعضه؟ قال: تقصر منه كله. وذكر حديث معاوية قال: قصرت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمشقص (¬1). قال يحل بقدر ما قصّر. "مسائل ابن هانئ" (775). 1164 - تأخير الحلق أو التقصير عن أيام التشريق قال في رواية مهنا: إذا أخرت المرأة التقصير حتى خرجت أيام منى: عليها دم. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 650 - 651. نقل مهنا في معتمر تركه ثم أحرم بعمرة: الدم كثير، عليه أقل من الدم. "الفروع" 3/ 514 - 515، "الإنصاف" 9/ 214 - 215. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 292، والبخاري (1730)، ومسلم (1246) من حديث ابن عباس عنه -رضي اللَّه عنهما-.

1165 - ما يحل للمحرم إذا رمى جمرة العقبة

1165 - ما يحل للمحرم إذا رمى جمرة العقبة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما يحل للمحرمِ إذا رمى جمرةَ العقبةِ؟ قال: يحل له كلُّ شيءٍ إلا النساءَ ويحل من الطيب. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ الطيبَ مباح له؛ لما طيبت عائشةُ -رضي اللَّه عنها- رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل أن يفيض (¬1). "مسائل الكوسج" (1437). قال صالح: قلت: المحرم إذا رمى وحلق وذبح قبل أن يطوف بالبيت؛ أله أن يصيد في غير الحرام؟ قال: نعم، أليس قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا حلقتم وذبحتم فقد حل لكم كل شيء إلا النساء" (¬2)؟ ! "مسائل صالح" (1128). قال أبو طالب: وقد سألته عن القبلة بعد رمي جمرة العقبة قبل أن يزور البيت؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 39، والبخاري (1539)، ومسلم (1189). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 143 بنحوه وأبو داود (1978) بلفظ: "إذا رمى أحدكم جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء" جميعًا من طريق الحجاج بن أرطاة عن الزهري عن عمرة عن عائشة -رضي اللَّه عنهما-. قال أبو داود: هذا حديث ضعيف؛ الحجاج لم ير الزهري ولم يسمع منه. وقال المنذري في "مختصره" 2/ 411 (1897)، والحجاج هذا هو ابن أرطاة، قد ذكر غير واحد من الحفاظ أنه لا يحتج من الزهري، وذكر عباد بن العوام ويحيى بن معين وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان أن الحجاج لم يسمع من الزهري شيئًا، وذكر عن الحجاج نفسه أنه لم يسمع منه شيئا. أهـ. وصحح الألباني لفظ أبي داود في "صحيح أبي داود" (1727) بشواهده.

1166 - فيما يحصل به التحلل الأول

فقال: ليس عليه شيء، قد حل له كل شيء إلا النساء. "المغني" 5/ 377، "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 538 قال الأَثْرَمُ: قال لي أبو عبد اللَّه: حدثنا أبو معاوية، عن هشام عن أبيه، عن زينب بنتِ أم سلمة، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرها أن تُوافيه يومَ النحر بمكة" (¬1)، لم يُسنده غيره، وهو خطأ. "زاد المعاد" 2/ 249. 1166 - فيما يحصل به التحلل الأول (¬2) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المحرمُ يغسلُ رأسَهُ قبلَ أنْ يحلقَهُ؟ قال: إذا رمَى الجمرةَ فقَدْ انْتَقَضَ إحرامُه إن شاءَ غَسَلَهُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1556). نقل الميموني عنه في المتمتع إذا دخل الحرم: حل له بدخوله كل شيء ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 291، ومن طريق الأثرم عن الإمام أحمد الطحاويُّ في "شرح معاني الآثار" 2/ 221 موصولا عن زينب عن أم سلمة، ثم قال: قال أحمد: وقال وكيع عن هشام عن أبيه مرسلًا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرها أن توافيه صلاة الصبح يوم النحر بمكة. وقال في "شرح مشكل الآثار" 9/ 140: وهذا منقطع؛ لأن عروة لم نعلم له سماعا من أم سلمة. وقال ابن التركماني في "الجوهر النقي" 5/ 132: حديث أم سلمة مضطرب سندا وقال الألباني في "الإرواء" 4/ 279 (1077) وخلاصة القول أن الحديث ضعيف لاضطرابه إسنادا ومتنا. (¬2) تراجع مسألة الوطء في الفرج، باب: ما يتوقى المحرم.

1167 - تقديم الأنساك على بعضها

إلا النساء والطيب قبل أن يقصر أو يحلق. ونقل أيضًا: إذا جامع قبل أن يقصر، فقال ابن عباس: عليه دم، وإنما يحل بالحلق والتقصير. وقال في رواية الأثرم في معتمر حل من عمرته وقصر فوقع على امرأته قبل أن يقصر، فعليه دم، يذبح شاة. "الروايتين والوجهين" 1/ 288. قال في رواية أبي الحارث: حجه فاسد إذا وطئ قبل أن يرمي، وإن كان قد وقف بعرفة؛ لأن الإحرام قائم عليه، فإذا رمى الجمرة انتقض بعض إحرامه، وحل له كل شيء إلا النساء. وقال في رواية المروذي: ابدأ بشق رأسك الأيمن وأنت متوجه إلى الكعبة، وقل: اللهم هذِه ناصيتي بيدك، اجعل لي بكل شعرة نورًا يوم القيامة، اللهم بارك لي في نفسي، وتقبل عملي، وخذ من شاربك وأظفارك، ثم قد حل من كل شيء إلا النساء. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 539 - 540. 1167 - تقديم الأنساك على بعضها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ قَدَّمَ نُسكًا قبلَ نسكٍ، وأيّ شيء حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-؟ قال أحْمَد: من نسي فقدَّمَ شيئًا قبلَ شيءٍ فليسَ عليهِ شيءٌ، وحديثُ ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أنَّه قال: من تركَ من مناسِكه شيئًا، وإن حَلقَ قبلَ أنْ يرمي على السهو فليس عليهِ شيءٌ. قال إسحاق: كما قال إلا أنَّ المذهبَ كما قال ابن عباسِ -رضي اللَّه عنهما- فيمن

نسيَ أو تركَ حتَّى فاتَ ذَلِكَ، فعليهِ دمٌ (¬1) وليس هذا بمُخالفٍ لما قَدَّم شيئًا قبلَ شيء؛ لأنَّه قدْ أتَى على كلّهِ. "مسائل الكوسج" (1449). قال صالح: قال أبي: كان سفيان إذا سئل عن شيء من الحيض أو المناسك يقول: لا حرج، لا حرج. وإذا سئل عن شيء من الطلاق يقول: من يحسن هذا؟ ! من يحسن هذا؟ ! "مسائل صالح" (129). قال أبو داود: سألت أحْمَد عمن قدم شيئًا قبل شيء في الحج؟ قال: إذا كان جاهلًا بذلك ناسيًا فليس عليه شيءٌ. قُلْتُ: هو عالمٌ إلا أنه نسي؟ قال: أرجو أنه ليس عليه شيءٌ. "مسائل أبي داود" (885). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل نحر قبل أن يحلق؟ قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لا بأس إذا كان ناسيًا. "مسائل ابن هانئ" (778). قال عبد اللَّه: سئل عمن حلق قبل أن يرمي الجمرة؟ قال: إذا كان جاهلًا فليس عليه شيء. "مسائل عبد اللَّه" (876). قال الأَثْرَمُ: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن رجل حلق قبل أن يذبح؟ فقال: إن كان جاهلًا، فليس عليه. فأما التعمد فلا؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 230، والدارقطني 2/ 244، والبيهقي 5/ 30.

سأله رجل، فقال: لم أشعر (¬1). قيل لأبي عبد اللَّه: سفيان بن عيينة لا يقول: لم أشعر. فقال: نعم، ولكن مالكًا والناس عن الزهري: لم أشعر، وهو في الحديث. وقال مالك: إن قدم الحلق على الرمي فعليه دم، وإن قدمه على النحر أو النحر على الرمي فلا شيء عليه. "المغني" 5/ 322 - 323. نقل أبو طالب عنه فيمن حلق قبل أن ينحر أو نحر قبل أن يرمي أو زار البيت قبل أن يرمي: إن كان ناسيًا فلا بأس، وإن كان عامدًا فلا، إنما هذا على النسيان. ونقل أحْمَد بن الحسن الترمذي فيمن قدم من نسكه شيئًا أو أخره: فإن كان جاهلًا أو ناسيًا فلا شيء عليه، وإذا تعمد فهو أشد عندي، ومن قال: لا شيء عليه إذا تعمد، فقد قال بأكثر الأحاديث. ونقل أبو مسعود عنه وقد حكي له قول مالك: من حلق قبل أن يرمي فعليه الفدية، فقال: إن كان جاهلًا فلا شيء عليه، وإن كان عالمًا فعليه دم. "الروايتين والوجهين" 1/ 286. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 192، والبخاري (83)، ومسلم (1306) من حديث عبد اللَّه ابن عمرو -رضي اللَّه عنهما-.

فصل: طواف الإفاضة

فصل: طواف الإفاضة 1168 - طواف الإفاضة، هل هو طواف الزيارة؟ قال ابن هانئ؟ وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: الإفاضة هي الزيارة. "مسائل ابن هانئ" (851). 1169 - حكم طواف الإفاضة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: ما الطوافُ الواجبُ الذي لابدَّ مِنْهُ؟ قال: لابدَّ مِنْ طوافِ الزِّيَارَةِ يوم النحرِ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ الحجَّ به يتمُّ. "مسائل الكوسج" (1601). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل نسيَ طوافَ الإفاضةِ حتَّى رجعَ إلى بلادِهِ؟ قال: إذا تركَ الإفَاضَةَ فَلَابدَّ مِنْ أنْ يرجعَ إلى البيتِ يعتمر، فإن كانَ أصَابَ أهلَهُ فعليهِ دَم. قُلْتُ: فإن كَانَ طافَ طَوافَ الوداع؟ قال: لا يجزئ الوداعُ مِنَ الإفَاضَةِ إلَّا أنْ ينويَ ذَلِكَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1631). قال صالح: وقال أبي: إذا نسي طواف الواجب -وهو طواف يوم النحر- لم يزل حرامًا حتى يعود من قابل. "مسائل صالح" (128).

قال أبو داود: سمعت أحْمَد سُئل عمن ترك طواف الزيارة؟ قال: يرجع. "مسائل أبي داود" (910). قال ابن هانئ: سألته عن رجل ينسى طواف الزيارة؟ قال: لا بد من طواف الزيارة وأما إذا ترك طواف الصدر، فعليه فيه دم، والزيارة لا بد من أن يطوف. "مسائل ابن هانئ" (847). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن الرجل ينسى طواف الزيارة، وطاف طواف الصدر، هل يجزئه ذلك من الزيارة؟ قال: لا، وكيف يجزئه التطوع من الفريضة؟ ! قيل له: قال مالك: يجزئه. قال: لا. ما قال بهذا مالك قط، وليس هذا من كلام مالك. قال: وقال: لو تطوع رجل فنوى بتطوعه الظهر أو العصر أيجزئه ذلك؟ قال: لا يجزئه حتى يطوف طواف الزيارة. "مسائل ابن هانئ" (856). قال ابن هانئ: وسألت أبا عبد اللَّه عن الرجل ينسى طواف الزيارة؟ قال: يرجع من حيث ما كان حتى يطوف؛ لأنه إذا حلق وذبح فقد حل له كل شيء إلا النساء والطيب، يقول بعضهم: والطيب. ولا يجزئه إلا أن يطوف طواف الزيارة. قلت لأبي عبد اللَّه: فإن كان -الذي نسي طواف الزيارة- واقع أهله؟ قال: عليه دم، وعليهما الحج من قابل ويتعجلا الحج. "مسائل ابن هانئ" (858).

1170 - لا ركن إلا الوقوف بعرفة وطواف الزيارة

ونقل محمد بن أبي حرب الجرجرائي: وسئل عن الطواف؟ فقال: ثلاثة واجبة: طواف القدوم وطواف الزيارة وطواف الصدر. وأما طواف الزيارة فلا بد منه، ولو أنسيه الرجل حتى يرجع إلى مدينته لى أن يأتي به. قيل له: كيف يصنع؟ قال: يدخل معتمرًا، فيطوف بعمرة، ثم يطوف للزيارة بعد ذلك. "بدائع الفوائد" 4/ 40. نقل عنه يعقوب بن بختان فيمن طاف بالحجر ورجع بغداد: يرجع؛ لأنه على بقية إحرامه. فإن وطئ أحرم من التنعيم على حديث ابن عباس، وعليه دم. "معونة أولي النهى" 4/ 268 1170 - لا ركن إلا الوقوف بعرفة وطواف الزيارة نقل عنه أبو الحارث والفضل بن زياد أنه قال فيمن وقف بعرفة، وزار البيت يوم النحر، وانصرف ولم يعمل غير ذلك: فحجته صحيحة وعليه دم. قال: وبهذا أقول. قال حرب: قيل لأحمد: رجل حج فوقف بعرفة، ثم زار البيت يوم النحر، فمضى على وجهه، ولم ينصرف إلى منى، ولم يرم الجمار؟ قال: عليه دم. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 600 - 601

1171 - هل يجوز تأخير الإفاضة إلى آخر النفر؟

1171 - هل يجوز تأخير الإفاضة إلى آخر النفر؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: مَنْ أخَّرَ الإفَاضَةَ إلى آخر النَّفرِ؟ قال: لا بأسَ به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1444). نقل ابن القاسم عنه: لا بأس أن يؤخر طواف الإفاضة حتى يريد الانصراف. "الروايتين والوجهين" 1/ 289. 1172 - الطواف والسعي للمتمتع بعد طواف الإفاضة للعمرة، وهل عليه سعي آخر للحج؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا قرنَ الحجَّ والعمرةَ كم يطوفُ؟ قال: طوافٌ واحدٌ يجزئه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1399). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: المتمتع كم يسعى بين الصفا والمروة؟ قال: إنْ طاف طوافينِ فهو أجود، وإن طاف طوافًا واحدًا فلا بأس. قُلْتُ لأحْمَد: كيف هذا؟ قال: أصحابُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما رجعوا من منى، لم يطوفوا بين الصفا والمروة (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 177، والبخاري (1556)، ومسلم (1211) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-.

قال إسحاق: يجزئه طوافٌ بين الصفا والمروة لحجه وعمرته. "مسائل الكوسج" (1407) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عَن رجُلٍ أَهَلَّ بالحجِّ والعمرةِ، فقرنَ بينَ الطَّوافِ بالبيتِ والسَّعي بينَ الصَّفَا والمرْوَة؟ قال: يُعيْدُ. قال أحْمَد: طوافٌ واحد يُجزِئه. ولم يَرَ مَا قال سفيانُ. قال إسحاق: كما قال أحمد "مسائل الكوسج" (1671) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا قدمَ معتمرًا في العشرِ ومعه الهدي؟ قال: يقيمُ على إحرامِه، فإذا كان يوم التروية أحرمَ بالحجِّ، فإذا رجعَ يوم النحرِ طافَ وسعى بين الصَّفا والمروة. قُلْتُ: يجزئه من طوافِ الزيارةِ؟ قال: لا يجزئه مِن طوافِ الزيارة. "مسائل الكوسج" (3438) قال صالح: من سها فابتدأ بطواف الحج قبل طواف العمرة؟ قال: نحن نقول: يجزئه طواف واحد. قُلْتُ: وحين اشترط ابتدأ بذكر الحج قبل؟ قال: على نيته. "مسائل صالح" (448) قال صالح: المتمتع متى يطوف لحجه؟ قال: إذا رجع من منى، غير أن ليس عليه رمل بالبيت، وعليه أن يسعى بين الصفا والمروة، ويجزئه للحجة وللزيارة، ولا يجزئه طواف الزيارة من الطواف بحجة.

وقال أبي: ليس على أهل مكة رمل. وقال: كان ابن عمر إذا أهل بهما جميعًا طاف لهما طوافًا واحدًا، وإذا تمتع طاف لهما طوافين، طوافًا لعمرته وطوافًا لحجه (¬1). ويقول جابر: ما طاف أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا طوافًا واحدًا (¬2). "مسائل صالح" (954). قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال: فإن كان ممن جمع بين الحج والعمرة فأجزأه طوافا بالبيت وسعيًا بين الصفا والمروة، وكذلك إن كان أهل بالحج أو بالعمرة. "مسائل أبي داود" (701). قال أبو داود: سمعت أحْمَد يقول: من أهل من مكة فليطف بالبيت وبين الصفا والمروة إذا رجع من منى. "مسائل أبي داود" (870). قال ابن هانئ: وسألته عن رجل دخل بعمرة، فطاف بالبيت، وبالصفا والمروة، هل عليه أن يطوف بحجه أيضًا؟ قال: نعم، يطوف، ولكن لا يطوف بين الصفا والمروة، حتى يرجع من منى؛ لأن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، الذين خرجوا طافوا بالبيت وبالصفا والمروة، ثم طافوا بعد أن رجعوا من منى لحجهم. "مسائل ابن هانئ" (695). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن المتمتع إذا قدم بعمرة يسعى، ثم إذا حج وزار البيت يوم النحر، أيسعى بين الصفا والمروة ثانيًا؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 138، والبخاري (1639)، ومسلم (1230). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 317، ومسلم (1215).

قال: نحن نختار السعي. وقال جابر: لم نطف لحجنا ومتعتنا إلا طوافًا واحدًا (¬1). وقال ابن عباس: يجزئه طواف واحد. "مسائل ابن هانئ" (753). قال ابن هانئ: قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إذا قرن طاف لذا على حدة، ولهذا على حدة، طوافين: للحج، وللمتعة. "مسائل ابن هانئ" (843). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن القارن أيجزئه طواف واحد وسعي واحد؟ قال: يجزئه. "مسائل ابن هانئ" (860). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن القارن يطوف طوافًا واحدًا، وسعيًا واحدًا؟ قال: نعم. قيل له: المتمتّع؟ قال: المتمتّع يطوف بين الصفا والمروة إذا رجع. "مسائل ابن هانئ" (864). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: المتمتع كم يسعى بين الصفا والمروة؟ قال: إن طاف طوافين فهو أجود، وإن طاف طوافًا واحدًا فلا بأس. وقال: وإن طاف طوافين فهو أعجب إلي. قال: : وسمعت أبي يقول: المتعة آخر الأمر من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ويجمع اللَّه فيها الحج والعمرة، واختيار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لها أن قال ¬

_ (¬1) رواه الدارقطني 2/ 262 (120 - 123).

"لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي" (¬1). فلم يحل -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنه ساق الهدي. "مسائل عبد اللَّه" (748). قال عبد اللَّه: قال أبي: فإن كان ممن جمع الحج والعمرة أجزأه طوافه بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، وكذلك إن كان أهل بالحج أو بالعمرة. "مسائل عبد اللَّه" (802). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: المتمتع كم يسعى بين الصفا والمروة؟ قال: إن طاف طوافين فهو أجود، وإن طاف طوافًا واحدًا فلا بأس. قال: وإن طاف طوافين فهو أعجب إلي. "مسائل عبد اللَّه" (824). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: القارن يجزئه طواف واحد. "مسائل عبد اللَّه" (841). قال الأَثْرَمُ: قُلْتُ لأبي عبد اللَّه: فإذا رجع أعني المتمتع، كم يطوف ويسعى؟ قال: يطوف ويسعى لحجه، ويطوف طوافًا آخر للزيارة. عاودناه في هذا غير مرة، فثبت عليه. "المغني" 5/ 315، "زاد المعاد" 2/ 271 ¬

_ (¬1) قال الزيلعي في "نصب الراية" 2/ 109: قال في "التنقيح": إسناده صحيح فإن عبد الملك صدوق. روى له مسلم، ومنصور وثقة ابن معين وغيره، وهو شيعي، وداود من شيوخ مسلم اهـ.

قال الأَثْرَمُ: قال أحمد: القارن يجزئه طواف واحد، وسعي واحد، والمتمتع: طوافان وسعيان. ونقل حنبل عنه وقد سئل عن القارن كم يطوف ويسعى بين الصفا والمروة؟ فقال: يجزئه طواف واحد إذا دخل بالحج والعمرة، فإن دخل متمتعا بعمرة ثم حج، فأرى أن يسعى سعيًا للعمرة، وسعيًا للحج. وقال المروذي: قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إن شاء القارن طاف طوافًا واحدًا، وإن شاء المتمتع طاف طوافًا واحدًا. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 564 - 565.

أبواب: أعمال أيام التشريق

أبواب: أعمال أيام التشريق فصل: المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 1173 - الرجوع إلى منى والمبيت بها قال أبو داود: أنا أحْمَد، قال: ثنا عبد الرزاق قال: أنبأ عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أفاض يوم النحر، ثم صلى بمنى، يعني: راجعًا (¬1). "مسائل أبي داود" (800). قال أبو طالب: ثنا أحْمَد بحديث ابن عمر هذا: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى. قال: فهو أحب إليَّ. وقال: كان أحْمَد يسأل عن هذا الحديث. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 546، "المبدع" 3/ 250. 1174 - حكم من ترك المبيت قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: مَنْ باتَ دون منًى ليلة هَلْ عليهِ شيء؟ قال: يُطعِمُ شيئًا، قال عطاءٌ هذا، قال: يُطعِمُ دِرهمًا (¬2) قال إسحاق: كما قال، وليسَ فيهِ وقتٌ. "مسائل الكوسج" (1447). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 34، ومسلم (1308). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 285 (14376)، والبيهقي 5/ 153.

قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عمن: بات وراء العقبة؟ فقال: كان إبراهيم يقول: عليه دم (¬1). وأنا أرى إذا كان خارجًا من مكة أجزأه. إذا كانت تغلبه عينه في الطريق -طريق العقبة. "مسائل ابن هانئ" (808). قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يبيت من ليالي منى بمكة؟ قال: يتصدق بدرهم، أو بنصف درهم. "مسائل ابن هانئ" (809). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل رمى الجمار يوم النفر الأول، ثم عرضت له حاجة بمكة، فسأل بعض العلماء، فأفتاه بأن ليس عليه حرج إن أتى مكة، فأتى مكة وبنيته أن لا يرجع إلى منى، وهو يظن أن ذلك جائز له فبات بمكة، وأصبح ولم يرجع إلى منى وكان يتأول قول اللَّه تبارك وتعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} فهو الذي جرأه على ترك الرجوع إلى منى، فوقع في قلبه بعد أن أخطأ التأويل، فهل عليه في ذلك شيء؟ فقال: بعض الناس يرى عليه دمًا. قال أبي: روي عن ابن عباس أنه قال: إذا رميت الجمرة فبت حيث شئت (¬2)، وروي عن ابن عمر أن العباس استأذن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يبيت بمكة ليالي منى فأذن له من أجل السقاية (¬3). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 285 (14375). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 286 (14380). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 22، والبخاري (1634)، ومسلم (1315).

وقال عطاء: يتصدق بدرهم، ويقال: إن عمر بن الخطاب كان يردهم ولا يدع أحدًا أن يبيت من وراء العقبة (¬1)، وقال قتادة: ما علمت عليه شيئًا. وقال سالم: يتصدق بدرهم (¬2). وقال أبي: وأرجو أن لا يكون عليه شيء، وإن شاء تصدق بشيء. "مسائل عبد اللَّه" (885). نص في رواية حنبل: من ترك المبيت بمنى ليالي أيام التشريق وهو من غير الرعاة، وأهل السقاية أساء ولزمه. ونقل عنه أبو طالب: يلزمه درهم أو نصف درهم، ذكره القاضي. وعنه: لا شيء عليه أصلًا، أومأ إليه في رواية حرب. "المستوعب" 4/ 257 - 258. نقل عنه المروذي: من بات بمكة ليالي منى يتصدق بشيء وإن بات من غير عذر أرجو أن لا يكون عليه شيء. قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه قال: ولا يبيت أحد ليالي منى من وراء العقبة، ومن زار البيت رجع من ساعته، ولا يبيت آخر الليالي إلا بمنى؟ لأن عمر -رضي اللَّه عنه- منع من ذلك، فمن بات فعليه دم. وقال في رواية حرب في الرجل يبيت وراء العقبة ليالي منى: يتصدق بشيء. ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" ص 262، والبيهقي 3/ 153، وذكره ابن حزم في "المحلى" 7/ 185 وقال: وصح هذا عنه. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 285 (14378).

1175 - وقت النفر من منى

وقال في رواية الأثرم فيمن جاء للزيارة فبات بمكة: يعجبني أن يطعم شيئًا، وخففه بعضهم يقول: ليس عليه شيء، وإبراهيم قال: عليه دم، وضحك وقال: الدم شديد. وكذلك نقل ابن أبي عبدة. وقال في رواية أبي طالب وابن إبراهيم: لا يبيت أحد بمكة ليالي منى فمن غلبته عينه فليتصدق بدرهم، أو بنصف درهم، كذا قال عطاء، ولا يبيت عامدا. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 643 - 645. 1175 - وقت النفر من منى قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: منْ أدرَكهُ المساءُ يومَ الثَّاني بمِنًى؟ قال: يقيم إلى الغدِ حتَّى تزولَ الشَّمسُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1446). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: قول عُمرَ رضي اللَّه عنه: لينفر من شاءَ يومَ النَّفرِ إلا آل خزيمة (¬1)؟ قال: لأنَّهم أهلُ حَرَمٍ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1450). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 184 (1337) بمعناه.

1176 - تأويل قول عمر -رضي الله عنه-: (من قدم ثقله فلا حج له)

قال صالح: وسألته عن رجل نفر من منى، ثم قدم ثقله ميلا أو ميلين، أو أقل من ذلك أو أكثر، ثم ودع البيت، ولحق بهم، هل يجوز له ذلك؟ قال أبي: إذا خرج ثقله من منى فلا بأس أن ينفر، وإن كان تأخر خروجه من مكة. "مسائل صالح" (156). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن القوم ينفرون النفر الأول فلم تسر بهم الجمال إلى النفر الثاني؟ قال: إن أمسوا بمنى لم ينفروا وإن لم يمسوا بمنى فلا بأس أن يقيموا بمكة. "مسائل ابن هانئ" (899). 1176 - تأويل قول عمر -رضي اللَّه عنه-: (من قدم ثقله فلا حج له) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قولُهُ: مَنْ قَدَّمَ ثقله فلا حجَّ لهُ (¬1)؟ قال: كَأنَّه أحَبَّ أنْ يبيتَ النَّاسُ بمنى ليسَ لهُ ذَاكَ الإسنادُ. "مسائل الكوسج" (1561). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إبراهيمُ عن عمرو بن شرحبيل (¬2)؟ قال: ما أرى سَمِعَهُ منهُ. ¬

_ (¬1) رواه ابن الجعد 1/ 47 (185)، وابن أبي شيبة 3/ 387 (15384) من قول عمر بن الخطاب، وذكره ابن حزم في "المحلى" 7/ 197 وصححه. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 387 (15387) بهذا الإسناد عن عمر به.

1177 - النفر من منى ثم العودة إليها لحاجة

قال إسحاق: قد صَحَّ هذا ومَعنَاهُ لا فَضَيلة لهُ، وأحبُّ أنْ لا يقدمَ أحَدٌ ثقلهُ. "مسائل الكوسج" (1561 - 1562). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن قول عمر: من قدم ثقله فلا حج له، فقال: هذا على التغليظ، واللَّه أعلم؛ لئلا يتقدم الناس فتخلو مني. قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الحج عرفة" (¬1) هي أكبر الحج وأعظمه. "مسائل عبد اللَّه" (891). 1177 - النفر من منى ثم العودة إليها لحاجة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا أَدْرَكَه المساءُ بغيرِ مِنى في اليومين، ثم أتى مِنى لحاجة بعدما أَمْسَى بغيرها فلا يَرَون عليه شيئًا. قُلْتُ: يذهب؟ قال: نعم. قال أحْمَد: إذا كان قد نَفَر قبل المساءِ، ثم عادَ إلى مِنى لحاجةٍ له فأدْرَكَهُ المساءُ بمنى فليَنْفِرْ. قال إسحاق: كما قال: لما كان نَفْرُه حيث نَفَرَ أولًا فإنما قِيل له أن يَتَعَجَّل في اليومين قبل المساء، فإذا أمسى لم يكن له أن يَنْفِرَ فإذا كان نَفَرَ في الوقت الذي أُمِرَ فذاك نفرُه، ثم رجوعه إليه لحاجة لَمْ يضرَّه ذَلِكَ، ورَجَعَ مِنْ ساعتهِ ليلًا كان أو نهارًا. "مسائل الكوسج" (1651). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 309، أبو داود (1949)، والترمذي (889)، والنسائي 5/ 256، وابن ماجه (3015). وصححه الألباني في "الإرواء" 4/ 256 (1064).

1178 - إتيان البيت للطواف أيام منى

1178 - إتيان البيت للطواف أيام منى قال صالح: وسألته عن الرجل يأتي البيت في أيام منى، فيطوف في كل ليلة ويرجع، هل يحب له ذلك، أو يستحب له المقام بمنى؟ قال أبي: لا بأس أن يأتي البيت إذا كان أحد طرفي الليل بمنى. "مسائل صالح" (163). نقل الأثرم عنه: من الناس من يقول: يزور البيت كل يوم من أيام منى، ومنهم من يختار الإقامة بمنى. واحتج أحمد بحديث ابن عباس: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يفيض كل ليلة. "المبدع" 3/ 254

فصل: رمي الجمرات

فصل: رمي الجمرات 1179 - حكمه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا نَسِيَ رمي الجمارِ؟ قال: في جمرةٍ واحدةٍ دَمٌ، والجمارُ كلُّها دَمٌ، وإذا نسيَ فرَمَى بستٍّ فلَيْسَ عليه شيءٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1439). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: فمن نسي رَمي الجمار أو تَرَكَه عَمدًا فعليه كفارةٌ واحدة. قال الإمام أحْمَد: النسيانُ والعمدُ في هذا واحد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1654). قال صالح: قلت: رجل حج فوقف بعرفة، ثم زار البيت يوم النحر، فمضى على وجهه، ولم ينصرف إلى منى، ولم يرم الجمار؟ قال: عليه دم. "مسائل صالح" (110). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عمن: نسي رمي جمرة واحدة؟ قال: عليه دم. قيل: فإن نسي رمي الجمار الثلاثة؟ قال: عليه دم واحد. "مسائل ابن هانئ" (904).

1180 - حكم من ترك من رميه حصاة

قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن رجل حج فوقف بعرفة، ثم زار البيت يوم النحر فمضى على وجهه ولم ينصرف إلى منى، ولم يرمِ الجمار؟ قال: عليه دم. "مسائل عبد اللَّه" (900). 1180 - حكم من ترك من رميه حصاة نقل الأثرم عنه: يتصدق بشيء. "الفروع" 3/ 519. 1181 - كفارة من نسي الرمي لمن أمر به قال إسحاق بن منصور: قال سفيان في رجل أمر رجلًا أن يرمي عنه وهو مريض فنسي أن يرمي الذي أمر حتى يرجع إلى مصره، قال: على الذي أُمِرَ عن المريض دم. قال أحْمَد: قد أساء المأمورُ، ولكن الدم على الآمر. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1656) 1182 - حكم الاغتسال لرمي الجمار قال ابن هانئ: وسئل: هل يغتسل الرجل إذا أراد أن يرمي الجمار؟ قال: نعم يغتسل. "مسائل ابن هانئ" (902).

1183 - هل يغسل حصى الجمار؟

1183 - هل يغسل حصى الجمار؟ قال ابن هانئ: وسئل هل يغسل حصى الجمار؟ قال: نعم يغسلها. "مسائل ابن هانئ" (901). نقل أبو طالب عنه: يغسله. ونقل حنبل عنه: ما علمنا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل ذلك. "الروايتين والوجهين" 1/ 285. 1184 - من أين يؤخذ حصى الجمار؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: من أين يؤخذ حصى الجمار؟ قال: من حيث شاء. قال إسحاق: من المزدلفة أحب إلينا؛ لما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- غداة جمع لابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: "التقط لي سبع حصيات" (¬1)، لكن لا ينزل حتى يرمي. "مسائل الكوسج" (1431). قال عبد اللَّه: سألت أبي: من أين يؤخذ حصى الجمار؟ قال: من حيث شاء. "مسائل عبد اللَّه" (816). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 347، والنسائي 5/ 268 - 269، وابن ماجه (3029) بلفظ مقارب، والحديث صححه النووي في "المجموع" 8/ 171، والألباني في "الصحيحة" (1283).

1185 - وقت رمي الجمار

1185 - وقت رمي الجمار قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: متى تُرمى الجمار؟ قال: في الأيامِ الثلاثةِ ترمى بعد الزوالِ. قال إسحاق: كما قال، وإن رمى قبل الزوالِ في اليومِ الأولِ والثاني أعادَ الرمي، وأمَّا اليوم الثالث فإنْ رمى قبلَ الزوالِ أجزأه. "مسائل الكوسج" (1433). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا رمى قبلَ الزَّوال يعيدُ الرميَ؟ قال: نعم، يعيدُ الرَّميَ إلَّا يوم النحرِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1557). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: مَنْ رمى قبل الزَّوَالِ، قال: يُعِيد الرمي. قال أحْمَد: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1652). قال إسحاق بن منصور: قال أحْمَد: وإذا رَمَى عندَ طلُوعِ الشَّمسِ في النَّفرِ الأوَّلِ، ثُمَّ نَفَرَ كأنَّه لم ير عليهِ دمًا، وإذَا رمَى قبلَ طلوعِ الشَّمسِ فعليهِ دمٌ. قال إسحاق: إذا رمى بعدَ طلوعِ الشَّمسِ يومَ النَّفرِ الأوَّلِ فلا شيء عليهِ؛ لِمَا رُويَ عن ابن عبَّاسٍ -رضي اللَّه عنهما-: إذا ارتَفعَ النَّهارُ في النَّفرِ الأوَّلِ حلَّ النَّفرُ لمن أرادَ التَّعجيلَ. فأمَّا قبلَ طُلوع الشَّمسِ فعليهِ دمٌ، كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1713).

1186 - في رمي الجمار قبل طلوع الشمس

قال صالح: أي وقت يرمي الجمار؟ قال: بعد الزوال. قُلْتُ: من رمى الجمار قبل الزوال؟ قال: يعيد. قُلْتُ: إن كان قد مضى؟ قال: من ترك رمي الجمار فعليه دم. قُلْتُ: من لم يقم عند الجمرتين إلا مقدار عشر آيات؟ قال: ينبغي له أن يقوم ويطيل. "مسائل صالح" (450) قال صالح: حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، قال: سمعت عبيد اللَّه يحدث، عن هشام بن حسان، عن نافع، عن ابن عمر قال: إذا رمى الرجل قبل الزوال أعاد الرمي، وإذا نفر قبل الزوال أهراق دمًا. أذهب إليه. "مسائل صالح" (1272) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل ينفر قبل الزوال؟ قال: عليه دم. "مسائل صالح" (762) 1186 - في رمي الجمار قبل طلوع الشمس قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الضعفةُ يرمونَ الجمارَ قبلَ أنْ تطلعَ الشمسُ؟ قال: لا بأسَ به.

1187 - وقت الرمي لمن فاته

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1428). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: الضعفة يرمون الجمار قبل أن تطلع الشمس؟ قال: لا بأس به. "مسائل عبد اللَّه" (815) 1187 - وقت الرمي لمن فاته قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرمي بالليل إذا فاته؟ قال: أمَّا الرعاء فقد رخص لهم، وأما غيره فلا يرمي إلا بالنهارِ من الغد إذا زالتِ الشمسُ يرمي برميين. قال إسحاق: كما قال، لا يرمي بالليلِ. "مسائل الكوسج" (1438). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في الذي يُؤَخّرُ الرَّمي إلى الليلِ ناسيًا أو مُتعمدًا: يُهْريقُ دمًا. قال أحْمَد: قد غلظ عليه: أما الناسي فأرجو أن لا يكون عليه شيء؛ لأنك تجدُ أقوامًا رَخَّصُوا الرمي بالليل، فأما العَامِدُ كأنه تَرَكَ الرمي أصلًا وهو أسْهَل من المسألة الأولى التي نَسي الجمار أو تركه. قال إسحاق: كلما تَرَكَه نَاسيًا رمى إذا ذكَر، وإذا تعمَّد تَرْكَهُ إلى الليل رَمَى وعليه دَم. "مسائل الكوسج" (1655). قال ابن هانئ: قُلْتُ لأبي عبد اللَّه: لا يفوت الرجل الرمي حتى الليل، حتى يفطر الصائم؟

1188 - الرمي عن أصحاب الأعذار

قال: نعم. قلت لأبي عبد اللَّه: فإن نسي الرجل؟ قال: يرمي إذا ذكر. "مسائل ابن هانئ" (903) 1188 - الرمي عن أصحاب الأعذار قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يرمي عن الصغيرِ والكبيرِ والمريضِ؟ قال: نَعَم. قال إسحاق: كَما قال، والكبير إذا كانَ قد ضعف. "مسائل الكوسج" (1440) قال الأَثْرَمُ: قُلْتُ لأبي عبد اللَّه: إذا رمي عنه الجمار، يشهد هو ذاك أو يكون في رحله؟ قال: يعجبني أن يشهد ذاك إن قدر حين يرمى عنه. قُلْتُ: فإن ضعف عن ذلك، أيكون في رحله ويبعث من يرمي عنه؟ قال: نعم. "المغني" 5/ 379، "معونة أولي النهى" 4/ 251.

صفة رمي الجمار

صفة رمي الجمار 1189 - الرمي بحصى كحصى الخذف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: ومَنْ رَمَى الخَذَفَ والمَدَرَ لم يُعد الرَّمي. قال أحْمَد: لا أدري ما الخَذَفُ، والمَدَر؛ وإذا رَمَى بالتفاح أو بالنَّوى أو ما أشبهه لا، حتَّى يَرمي بالحَصَى. قال إسحاق: لا يجزئه حتَّى يرمي بالحصى، وما أشبه الحصى إذا لم يجد الحَصَى. "مسائل الكوسج" (1653). قال صالح: سألت أبي عمن رمى الجمرة بخذف أو جص. فقال: لا يجزئه؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ارم بمثل حصى الخذف" (¬1). "مسائل صالح" (510). 1190 - الرمي بسبع حصيات قال صالح: الرجل يرمي الجمرة بخمس أو ست؟ قال: خمس لا، ولكن ست أو سبع كما قال سعد بن أبي وقاص (¬2). "مسائل صالح" (955). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 301 بنحوه، ومسلم (1299) بلفظ: رأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رمى الجمرة بمثل حصى الخذف. جميعًا من حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما-. وفي الباب عن ابن عباس وأخيه الفضل ورجل اسمه معاذ. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 168، والنسائي 5/ 275، والبيهقي 5/ 149 جميعًا من طريق مجاهد عن سعد -رضي اللَّه عنه- قال ابن التركماني في "الجوهر النقي" سكت عنها -يعني: =

1191 - الرمي واحدة واحدة، والعمل إذا رمى الكل دفعة واحدة

1191 - الرمي واحدة واحدة، والعمل إذا رمى الكل دفعة واحدة نقل الأثرم عنه: لو رمى دفعة، فواحدة، ويؤدب. "الفروع" 3/ 512. 1192 - الرمي بحصاة رُمِي بها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يرمي الجمار بحصاةٍ قدْ رُمِي بها؟ قال: لا، هذا مكروهٌ. قال إسحاق: مكروهٌ كما قال، فإنِ اضطر فرَمَى جَازَ "مسائل الكوسج" (1558). 1193 - حكم رمي الجمرة بفص الخاتم نقل عنه المروذي فيمن رمى بفص وكان حجرًا: لا يُرمى إلا بمثل ما رُوِيَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بمثل حصى الخذف". ¬

_ = البيهقي- وقال ابن القطاني: لا أعلم لمجاهد سماعًا من سعد. وقال الطحاوي في "أحكام القرآن": حديث منقطع لا يثبت أهل الإسناد مثله، وذكر ابن جرير في "التهذيب" أنه لم يستمر العمل به؛ لأنه لم يصح لاختلاف الرواة عن ابن أبي نجيح فيه؛ فقد رواه الحجاج بن أرطاة عنه، عن مجاهد، عن سعد أن اختلاف رميهم كان بالزيادة على السبع لا بالنقصان عنها، وهو أولى بالصواب، وإن كان من رواية الحجاج؛ لموافقة ما تظاهر به الأخبار من وجوب الرمي بسبع، ولأن سعدًا لم يذكر أن ذلك كان عن أمره وفعله، ولأنه لو حج فهو منسوخ للنقل المستفيض بوجوب السبع اهـ.

1194 - يكبر مع كل حصاة ويرفع يده

قيل له: فإن رمى من غير تلك الحجارة؟ فقال: يرمي بمثل ما أمر الحاج. "مجموع رسائل الحافظ ابن رجب" 2/ 711 - 712. 1194 - يكبر مع كل حصاة ويرفع يده قال المروذي: قال أحْمَد: يكبر في أثر كل حصاة يقول: اللَّه أكبر، اللهم اجعله حجًّا مبرورًا، وسعيًا مشكورًا، وذنبًا مغفورًا، وتجارة لن تبور. وقال حرب: قُلْتُ لأحْمَد: فيكبر؟ قال: نعم يكبر مع كل حصاة تكبيرة، قلت: بعد الرمي، أو قبل الرمي؟ قال: يرمي ويكبر. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 530. نقل حنبل عنه: يستحب رفع يديه عند الجمار، ثم العقبة، ولا يقف عندها، ويستبطن الوادي. "الفروع" 3/ 518، "معونة أولي النهى" 4/ 248. 1195 - من أين يرمي الجمار؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: من أين يَرْمي الجمارَ؟ قال: مِنْ بطنِ الوادي. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1432). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: من أين يرمى الجمار؟

1196 - المشي لرمي الجمار

قال: من بطن الوادي. "مسائل عبد اللَّه" (817). وقال حرب: سألت أحْمَد: قُلْتُ: فإن رمى الجمرة من فوقها؟ قال: لا، ولكن يرميها من بطن الوادي. قلت لأحْمَد: يكبر؟ قال: يكبر مع كل حصاة تكبيرة. قلت: بعد الرمي أو قبل الرمي؟ قال: يرمي ولكبر. وذكر القاضي عن حرب عن أحْمَد: لا يرمي الجمرة من بطن الوادي، ولا يرمي من فوق الجمرة، قال القاضي: يعني لا يرميها عرضا من بطن الوادي. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 530. 1196 - المشي لرمي الجمار قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رمي الجمارِ ماشيًا أحبُّ إليكَ أمْ راكبًا؟ قال: المشي إي لعمري، إن قدرَ على ذَلِكَ. قال إسحاق: السنة المشي إلا من ضرورة. "مسائل الكوسج" (1434). قال حرب: قُلْتُ لأحْمَد فالركوب إلى الجمار؟ قال: للنساء والضعفة. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 562.

1197 - الترتيب عند رمي الجمار

1197 - الترتيب عند رمي الجمار قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل رَمَى جمْرة قَبْلَ جمرةٍ؟ قال: يبتدئ تحسب لهُ واحدة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1559). قال الأثرم: قال أحمد: إذا رمى الجمار فبدأ بالثالثة، ثم الثانية، ثم الأولى؛ لم يصح، قد فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الرمي، وبين فيه سنته. "العدة في أصول الفقه" 3/ 735 - 736، "المسودة في أصول الفقه" 1/ 250 1198 - القيام عند الجمرتين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: يوم النّفْرِ يقومُ عندَ الجمارِ؟ قال: مِنَ النَّاسِ مَنْ يقومُ يومَ النفرِ أخف، وأمَّا الذي يُسْتَحبُّ فطولُ القيامِ. قال إسحاق: إنْ لمْ يقمْ يومئذٍ أصلًا لِنَصَبِهِم للحجِّ جَازَ، ولكن ليقمْ قيامًا خفيفًا. "مسائل الكوسج" (1560). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: امرأةٌ لمْ تقمْ عندَ الجمرتين أو إحدهما؟ قال: تطعمُ شيئًا، وأن تهريق دمًا أحبّ إلي. قال أحْمَد: إن أطعمت شيئًا فليسَ به بأسٌ، وإنْ لمْ تطعمْ فليس عليها شيءٌ. قال إسحاق: كما قال. قال أحْمَد: لأنَّ الوقوفَ هناك سنة، وليس من الفرضِ. "مسائل الكوسج" (1639).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: مَنْ رَمَى الجمرتين، ولم يَقُم عندهما فَلْيَذْبَح شاةً، أو يَتَصَدَّق بصاعٍ. قال أحْمَد: لا نعلمُ عليه شيئًا، ويتقرب إلى اللَّه بما شاء وقد أساء. قال إسحاق: كما قال أحمد -رضي اللَّه عنهما-. "مسائل الكوسج" (1650). وقال الأَثْرَمُ: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل: أيقوم الرجل عند الجمرتين إذا رمى؟ قال: إي لعمري شديدًا، ويطيل القيام أيضًا. قيل: فإلى أين يتوجه في قيامه؟ قال: إلى القبلة، ويرميها في بطن الوادي. "المغني" 5/ 327. قال حرب: قُلْتُ لأحْمَد: كم يقوم الرجل بين الجمرتين؟ قال: يقوم، ويدعو، ويبتهل، ولم يؤقت وقتًا. وقال في رواية المروذي: فإذا كان من الغد وزالت الشمس رميت الجمرة الأولى بسبع حصيات تكبر مع كل حصاة، وتقول بين كل تكبيرتين: اللهم اجعله حجًّا مبرورًا، وذنبًا مغفورًا، وسعيًا مشكورًا، وعملًا متقبلًا، وتجارة لن تبور، ثم امش قليلًا حتى تأتي موضع يقام عن يسار الجمرة التي رميت مستقبل القبلة، وتدعو بدعائك بعرفة، وتزيد: وأتمم لنا مناسكنا. ثم تأتي الجمرة الوسطى كذلك، ثم ترمي جمرة العقبة ولا تقف عندها، وكل ما دعوت به أجزأك. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 561.

1199 - حكم من ترك القيام عند الجمرتين

1199 - حكم من ترك القيام عند الجمرتين نقل حرب: إذا لم يقم عند الجمرتين أو إحداهما أطعم شيئًا، ودم أحبُّ إليَّ، وإن لم يطعم فلا شيء عليه. "الفروع" 3/ 519. 1200 - رمي الرجل لليوم الثالث إذا تعجل قال صالح: وقال أبي في الرجل يتعجل في يومين يرمي لليوم الآخر، قال: لا، إنما يرمي لما حضر. "مسائل صالح" (956)

أبواب: طواف الوداع

أبواب: طواف الوداع 1201 - حكمه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: طوافُ المكي قبل المغربِ؟ قال أحمد: لا يخرج مِنْ مكةَ حتَّى يودعَ البيتَ، فطوافه بالبيتِ بعد أن يرجعَ مِن منى. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ الطوافَ مِنَ الزيارة هو الطوافُ الواجبُ الذي به يتم الحج، ومن لم يطف يومئذ مِنَ النَّاسِ كلهم فلا حج له. "مسائل الكوسج" (1383) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَن نَفَرَ ولم يودِّعَ البَيتَ؟ قال: إذا تَباعدَ فعليهِ دمٌ، وإنْ كَانَ قريبًا يَرجِع. قال إسحاق: كما قال، ومَنْ تَركَ الزّيارِةَ فعليهِ الرجُوعُ أبدًا؛ لأنَّهُ الطَّوافُ الواجبُ الذي بِه يَتِمُّ الحجَّ. "مسائل الكوسج" (1563) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: من خرج ولم يودّع فإنَّ عليه الكَفَّارة؟ قال عَبَّاد بنُ كثير: ليس عليه كفَارة. قال أحْمَد: عليه دم. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1657) قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: إذا توجه إلى منى يودع البيت؟ قال: نعم، كان سفيان -يعني: ابن عيينة- يقول: لا يخرج أحدٌ من الحرم حتى يودع البيت. "مسائل أبي داود" (877)

1202 - الحائض تودع البيت؟

قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عمن ترك طواف الوداع؟ قال: يجزئه دمٌ. "مسائل أبي داود" (911). قال ابن هانئ: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا نسي الرجل طواف الصدر وتباعد بقدر ما تقصر الصلاة، فعليه دم. "مسائل ابن هانئ" (846) قال ابن هانئ: قُلْتُ لأبي عبد اللَّه: فإن نسي طواف الصدر؟ قال: إذا تباعد عنه مقدار ما تقصر فيه الصلاة مرحلتين أو أقل أو أكثر فعليه دم. "مسائل ابن هانئ" (859). وقال في رواية الأثرم: من ترك طواف الصدر عليه دم؛ وذلك لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا ينفرن أحد حتى يكون عهده بالبيت" (¬1). "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 652. نقل حرب عنه: إذا قدم معتمرًا فيستحب أن يقيم بمكة بعد عمرته ثلاثة أيام، ثم يخرج، فإن التفت ودع. "الفروع" 3/ 523. 1202 - الحائض تودع البيت؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: قصة صفيةَ بنت حُيي -رضي اللَّه عنها- حين أرادَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يَنفر (¬2)؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 222، ومسلم (1327) من حديث ابن عباس. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 164، والبخاري (1561)، ومسلم (1211/ 128).

1203 - الخروج من الحرم بظهره

قال: هو هكذا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1492) قال صالح: سألت أبي عن الحائض تودع البيت؟ فقال: لا تودع البيت حتى تطهر، فن كانت قد طافت يوم النحر نفرت؛ وهو الطواف الواجب، طواف يوم النحر. "مسائل صالح" (814) 1203 - الخروج من الحرم بظهره قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا مروان بن معاوية الفزاري قال: ثنا عثمان بن الأسود قال: كان مجاهد يكره إذا انصرف الرجل إلى أهله أن يقوم على باب المسجد -مسجد الحرام- مستقبل الكعبة ينظر إليها ويدعو، ويقول: إن اليهود يفعلون ذلك. "مسائل أبي داود" (803). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا مروان بن معاوية قال: ثنا رباح بن أبي معروف، عن عطاء، عن ابن عباس مثله. "مسائل أبي داود" (804). روى حنبل في "المناسك" عن المهاجر قال: قلت لجابر بن عبد اللَّه: الرجل يطوف بالبيت ويصلي فإذا انصرف خرج ثم استقبل القبلة فقام، فقال: ما كنت أحسب يصنع هذا إلا اليهود والنصارى. قال أبو عبد اللَّه: أكره ذلك. "معونة أولي النهى" 4/ 259

1204 - آخر عهده بالبيت

1204 - آخر عهده بالبيت قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يكون آخرُ عهدهِ بالبيت؟ قال: إذا خرج إلى الأبْطح فقد خرج من حد مكة، يقول: إن اشترى بعدَ ذَلِكَ أو باع فلا شيء عليه. قال إسحاق: أحسن، كما قال "مسائل الكوسج" (1495). قال صالح: من زار البيت وودعه يأخذ في أي طريق شاء؟ قال: نعم. قُلْتُ: يدخل المسجد من أي باب شاء؟ قال: نعم. قُلْتُ: ويتكلم في طوافه؟ قال: نعم. قُلْتُ: ويشتري بعد زيارته أو وداعه؟ قال: لا يشتري بعد وداعه، ولكن يمضي إذا ودع كما هو. قُلْتُ: فإن وقف وقفة أو رجع جاهلًا أو ناسيًا مقدار غلوة؟ قال: أرجو. "مسائل صالح" (449). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عمن حج عن غيره فقضى نسكه؛ أيمضي إلى الشام أو ينصرف إلى بلاده؟ قال: إن شاء مضى إلى الشام وإن شاء رجع. "مسائل أبى داود" (900). قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: إذا ودع البيت ثم نفر، أيشتري طعامًا يأكله؟

1205 - هل ينزل الأبطح بعد الوداع؟

قال: لا، يقولون: حتى يجعل الدور وراء ظهره. "مسائل أبي داود" (918). نقل عنه أبو طالب: لا يلتفت، فإن التفت ودع. "المبدع" 3/ 255 1205 - هل ينزل الأبطح بعد الوداع؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: النزول بالأبطحُ؟ قال: مَنْ لمْ يَنزِلْ فليسَ عليهِ شيءٌ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ نزُولَ النَّبي صلى اللَّه عليه وسلم إنَّما كان لانتظارِ عائِشةَ -رضي اللَّه عنها- (¬1). "مسائل الكوسج" (1449) 1206 - زيارة قبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نقل أبو الحارث: يدنو منه ولا يتمسح به، بل يقوم حذاءه فَيُسَلِّم؛ لفعل ابن عمر. "المبدع" 3/ 260، "الإنصاف" 9/ 278. ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (2005) من حديث عائشة، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1750).

أبواب ما يتوقى المحرم، وما أبيح له

أبواب ما يتوقى المحرم، وما أبيح له 1207 - اجتناب الرفث والفسوق والجدال قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال: قال اللَّه تبارك وتعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197]. قال: والرفث: الجماع، والفسوق: السباب، والجدال: المراء؛ فإذا أحرمت -إن شاء اللَّه- فانته عما نهاك اللَّه عنه، وقد روي عن شريح، أنه كان إذا أحرم كأنه حية صماء. فإن شئت لبيت بالحج، وإن شئت لبيت بالحج والعمرة، وإن شئت بعمرة، فإن لبيت بالحج والعمرة بدأت بالعمرة فقُلْتُ: لبيك بعمرة وحج؛ وكذا روي. "مسائل أبي داود" (685). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: قال اللَّه: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}. قال أبي: فالرفث الجماع، والفسوق السباب، والجدال المراء، فإذا أحرمت -إن شاء اللَّه- فانته عما نهاك اللَّه عنه. وقد روي عن شريح أنه كان إذا أحرم كان كأنه (حية صماء) (¬1). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وإن شئت لبيت بالحج والعمرة، وإن ¬

_ (¬1) في "مسائل عبد اللَّه": (جبل صمًا) ولعل تحريف، والصحيح المثبت كما مرَّ من "مسائل أبي داود"، ولم أقف على الأثر، واللَّه أعلم.

1208 - حكم قول الرجز في الحج

شئت بالعمرة، فإن لبيت بالحج والعمرة بدأت بالعمرة، فقُلْتَ: لبيك بعمرة وحج. "مسائل عبد اللَّه" (746). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: حججت خمس حجج منها ثنتان راكبًا، وثلاثٌ ماشيًا، أو ثنتان ماشيًا وثلاث راكبًا، فضللت الطريق في حجة وكنت ماشيًا فجعلت أقول: يا عباد اللَّه دلونا على الطريق، فلم أزل أقول ذلك حتى وقعت على الطريق، أو كما قال أبي. "مسائل عبد اللَّه" (992). 1208 - حكم قول الرجز في الحج قال حرب: قلت: فحديث ابن عباس حيث قال: وهن يمشين بنا هَمِيسًا. يختلفون في إسناده، بعضهم يقول عوف، عن زياد بن حصين، عن أبيه، وبعضهم يقول: زياد بن حصين، عن أبي العالية؟ قال: الناس يختلفون في إسناده. قلت: فأيها أصح؟ قال: يختلفون في إسناده، ما أدري. "مسائل حرب" 469

فصل: أحكام اللباس والزينة في الحج

فصل: أحكام اللباس والزينة في الحج يحرم على المحرم لبس المخيط إلا أن لا يجد إزارًا فيلبس سراويل، أولا يجد نعلين، فيلبس خفين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ لمْ يجد نعلين؟ قال: يلبسُ خفَّين والراويلُ كذلِكَ. قُلْتُ: يقطعهمَا؟ قال: لا. قال إسحاق: بلَى، يقطعُ الخفين أسْفَل منَ الكعبين. "مسائل الكوسج" (1455). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: سأل رجل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما يترك المحرم من الثياب؛ فقال: "لا يلبس القميص ولا البرنس ولا السراويل ولا العمامة، ولا ثوبًا مسه الورس ولا الزعفران، ولا الخفين إلا لمن لا يجد نعلين، فمن لم يجد نعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين" (¬1). "مسائل أبي داود" (680). قال أبو دَاود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا هشيم قال: أخبرنا عمرو بن دينار، عن جابر بن زيدٍ، عن ابن عباسٍ قال: خطب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "إذا لم يجد المحرمُ الإزار فليلبس السراويل، وإذا لم يجد ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 4، والبخاري (134)، ومسلم (1177).

النعلين فليلبس الخفين" (¬1). "مسائل أبي داود" (681). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا عبدُ الأعلى عن هشامٍ، عن الحسن وعطاءٍ: أنهما كانا لا يريان بأسا أن يرتدي المحرم بالقميص (¬2). "مسائل أبى داود" (713). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا عبد الأعلى، عن هشام، عن عبيد اللَّه، عن نافع: أن ابن عمر كان يكره ذلك (¬3). "مسائل أبي داود" (714). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن المحرم يلبس الخفين إذا لم يجد النعلين؟ قال: نعم. قيل لأحْمَد: ولا يقطعهما؟ قال: لا، هذا فساد. قُلْتُ: يلبس -أعني: الخفين إلى الركبتين؟ قال: نعم؛ حديث ابن عباس ليس فيه قطع (¬4). "مسائل أبي داود" (821). قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد وسألته عن المحرم: يتخذ لنعله مثل هذا -وأشرت إلى السير الذي يعمل على النعل بالعرض عند أطراف الأصابع ليضبط أصابع الرجلين- قال: لا يعجبني. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 215، والبخاري (1841)، ومسلم (1178). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 419 (15725). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 3/ 419 (15726). (¬4) سبق تخريجه.

قُلْتُ: وما عليه؟ قال: إن فعله يفتدي. قُلْتُ: لم؟ قال: لأنا نعرف النعال هكذا. "مسائل أبي داود" (822). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عمن لبس الخف وهو يجد النعل إلا أنه لا يمكنه لبسها؟ قال: يلبسه ويفتدي. "مسائل أبي داود" (823). قال ابن هانئ: وسئل عن المحرم يلبس الخفين دون الكعبين؟ قال: يلبسه ما لم يقدر على النعلين، إذا اضطر إلى لبسهما فلا بأس. "مسائل ابن هانئ" (788). قال ابن هانئ: سألته عن المحرم يلبس النعل بمحمل؟ قال: لا يلبس النعل بمحمل. "مسائل ابن هانئ" (790). قال ابن هانئ: وسألته عن المحرم يلبس المقطوع؟ قال: لا يلبس المقطوع إلا من لم يجد النعلين. "مسائل ابن هانئ" (791). قال ابن هانئ: سألته عن المحرم إذا لم يجد النعلين، يلبس الخفين؟ قال: نعم، يلبسهما ولا يقطعهما، ثم قال: أذهبُ إلى حديث ابن عباس. قُلْتُ: فحديث ابن عمر. قرأت على أبي عبد اللَّه: سفيان، عن

الزهري، عن سالم، عن أبيه: سأل رجل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال: " لا يلبس التقيص، ولا البرنس، ولا السراويل، ولا العمامة، ولا ثوبًا مسّه الورس، ولا الزعفران، ولا الخفين، إلا لمن لا يجد نعلين، فمن لم يجد نعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين" (¬1). أليس هذا إسناد جيد؟ قال: حديث ابن عباس أبين. قرأت على أبي عبد اللَّه: هشيم قال: حدثنا عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس قال: خطب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "إذا لم يجد المحرم الإزار فليلبس السراويل، وإذا لم يجد النعلين فليلبس الخفين (¬2). قال: هذا أثبت عندي، وذاك أن القطع من الفساد، واللَّه لا يحب الفساد. "مسائل ابن هانئ" (806). قال ابن هانئ: السراويل بمنزلة الخفين؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (78). قال المروذي: قال أحْمَد: وإذا أحرمت فاقطع المحمل الذي على النعل والعقب الذي يجعل للنعل، وقد كان عطاء يقول: فيه دم. "طبقات الحنابلة" 1/ 148، "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 45 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 4، والبخاري (134)، ومسلم (1177). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 215، والبخاري (1841)، ومسلم (1178).

قال في رواية حنبل: الزهري عن سالم عن ابن عمر. .، وذكر الحديث إلى قوله: "وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين" (¬1). وظاهره أنه أخذ به. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 22. قال المروذي: احتججت على أبي عبد اللَّه بقول ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قُلْتُ: وهو زيادة في الخبر، فقال: هذا حديث وذاك حديث. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 30، "المبدع" 3/ 142. وذكر مهنا عن الإمام أحْمَد وقد حكى له أنه ناظر بعض أصحاب الشافعي في قطع الخفين، وأن سبيل السراويل وسبيل الخف واحد. فتبسم أبو عبد اللَّه، وقال: ما أحسن ما احتججت عليه! "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 34. قال مهنا: قال أحْمَد: ويلبس الخفين ولا يقطعهما حديث ابن عباس لا يقول فيه: (يقطعهما) هشيم عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب: "إذا لم يجد المحرم نعلين فليلبس الخفين" (¬2)، وذكر حديث ابن عباس قال: وقد رواه جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أبو الزبير عن جابرٌ (¬3). وقال في رواية أبي طالب: ويروى عن علي بن أبي طالب: قطع الخفين فساد يلبسهما كما هما. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 39، 40. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 4، البخاري (134)، مسلم (1177). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 215، والبخاري (1841)، ومسلم (1178). (¬3) رواه أحمد 3/ 323، ومسلم (1179).

1209 - إذا أحرم وعليه مخيط أو لبس مخيطا ناسيا

ونقل عنه الميموني في حديث عائشة وأنها كانت تلبس مماليكها التبابين (¬1)، أنهم مماليك. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 42. وقال في رواية الأثرم: لا يلبس نعلًا لها قيد وهو السير يجعل في الزمام معترضا. فقيل له: فالخف المقطوع؟ قال: هذا أشد. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 44. وقال حرب: سئل أحْمَد عن النعل يوضع عليها شراك بالعرض على ظهر القدم كما يفعله (المحرس) (¬2) يلبسه المحرم؟ فكرهه. وقال في رواية المروذي: أكره الحمل والعقب الذي يجعل للنعل. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 47. 1209 - إذا أحرم وعليه مخيط أو لبس مخيطًا ناسيًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من أحرم وعليه قميص؟ قال: يخلعه ولا يشقه. قال إسحاق: كما قال، لما سنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذَلِكَ (¬3). "مسائل الكوسج" (1453) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 170 (24857). (¬2) كذا في شرح العمدة، وبهامشها: هكذا في النسختين، ولعل صحة العبارة: الحركة وهم خدم السلطان والمرتبون لحفظه وحراسته. (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 222، والبخاري (1536)، ومسلم (1180) من حديث يعلى ابن أمية.

1210 - حكم تعدد الثياب للمحرم

قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن رجل أحرم في قميص؟ قال: يخلعه. "مسائل أبي داود" (820) قال في رواية ابن القاسم: إذا أحرم الرجل وعليه قميص أو جبة: يخلعهما خلعًا ولا يشقهما، وهؤلاء يقولون: إن خلعهما فقد غطى رأسه فعليه فدية وعجب من قولهم، وقال: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر الأعرابي أن ينزع الجبة -حديث يعلى بن أمية- ولم يأمره بشقها. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 72. 1210 - حكم تعدد الثياب للمحرم قال ابن هانئ: سئل عن المحرم إذا وجد البرد، يلبس فوق الإزار إزارًا؟ قال: نعم، يلبس من الثياب ما شاء. "مسائل ابن هانئ" (781). 1211 - حكم لبس الثياب المصبوغة والمطيبة للمحرم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما يلبسُ المحرمُ منَ الثِّيابِ؟ قال: يلبسُ الخَزَّ والقَزَّ والمصابيغ بالعصفر، لا بالطيب، والحليَّ، ولا تلتثم ولا تتبرقعَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1460).

قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا زيد بن الحباب قال: إبراهيم بن نافعِ، قال: ابن أبي نجيح، عن عطاء، أنه كره الزينة الرائعة للمحرم. "مسائل أبي داود" (718). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: كنا نلبس إذا أهللنا الممشق إنما هو بطين (¬1). "مسائل أبي داود" (719). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: أنبا هشيم، عن يونس، عن الحسن ومغيرة، عن إبراهيم، أنهما كانا لا يريان بأسًا أن يحرم الرجل في الثوب المصبوغ بالورس والزعفران إذا غسله غسلًا يذهب ريحه ونفضه (¬2). "مسائل أبي داود" (720). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا معاذ بن معاذ، قال: حدثنا ابن عونٍ، قال: نبئت أن ابن عمر كان يكره أن يجلس على الفراش المصبوغ بالزعفران وهو محرم (¬3). "مسائل أبي داود" (721). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا حميد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: إذا لم يكن في الثوب المعصفر طيب فلا بأس على المحرم أن يلبسه (¬4). "مسائل أبي داود" (722). ¬

_ (¬1) رواه ابن خزيمة 4/ 202 (2689)، والبيهقي 5/ 52، عن ابن جريج به. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 164 (13122 - 13124) عنهما. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 3/ 438 (15897). (¬4) رواه ابن أبي شيبة 3/ 141 (12878).

قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال: ثنا عبد الرحمن -يعني: ابن مهدي- قال: سمعت مالك بن أنسٍ قال: لا باس بالمرفقة الصفراء إذا كان عليها إزار. يعني: للمحرم. "مسائل أبي داود" (825). قال ابن هانئ: وسئل: أيلبس المحرم شيئا فيه طيب؟ قال: لا يلبس كل شيء فيه طيب. ولا يكتحل، ولا يتزين. "مسائل ابن هانئ" (768). قال ابن هانئ: سألته: أيلبس المحرم ثوبًا مسّه الوَرْس، والزعفران؟ قال: لا يلبس شيئًا مسّه الطيب، وتلبس المرأة المعصفر إن شاءت؛ لا أرى المعصفر طيبًا. "مسائل ابن هانئ" (782). قال ابن هانئ: وسأله رجل عن كساء طرفه مصبوغ بشيء من الطيب؟ قال: لا يلبس شيئًا فيه طيب. "مسائل ابن هانئ" (783). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن المحرم يلبس الكساء الأسود في طرفه قدر أربع أصابع حمرة؟ قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: بلغني أنه يصبغ بالدم. فقيل له: إنه لا يصبغ بالدم. فقال: إذا لم يصبغ بالدم فلا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (786). قال ابن القاسم: وقد سُئل عن المحرم يفترش الفراش والثوب المطيب، قال: هو بمنزلة ما يلبس. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 83.

1212 - لا يشم المحرم الطيب، وما تستطاب رائحته

قال في رواية حنبل: لا بأس أن يلبس المحرم الثوب المصبوغ ما لم يمسه ورس ولا زعفران؛ وإن كان غير ذلك فلا بأس، ولا بأس أن تلبس المحرمة الحلي والمعصفر. وقال في رواية الفضل بن زياد: لا بأس أن تلبس المرأة الحلي والمعصفر من الثياب، ولا تلبس ما مسه ورس ولا زعفران. وقال حرب: قُلْتُ لأحْمَد: المحرم يلبس الثوب المصبوغ؟ تال: إذا كان شهرة فلا يعجبني. وقال حنبل: حدثنا أبو عبد اللَّه، حدثنا روح قال، حدثنا حماد عن أيوب عن عائشة بنت سعد قالت: كن أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يحرمن في المعصفرات. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 94 - 95. 1212 - لا يشم المحرم الطيب، وما تستطاب رائحته قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المُحرِمُ يَشَمُّ الرَّيحان وينظُرُ في المرآةِ؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال لا بأسَ بهِ، وتَركُ ذَلِكَ أفضلُ. "مسائل الكوسج" (1451). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: يشمُّ المحرِمُ الرَّيحانَ؟ قال سفيان: أكرَهُهُ. قال أحْمَد: لَيس هو من آلة المحرم شمُّ الريحانِ، ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- كرهَهُ (¬1). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 307 (14604)، والبيهقي 5/ 57.

قال إسحاق: تَرْكُهُ أحبُّ إلي وإن شمَّ لمْ يكنْ عليهِ فديَةٌ. "مسائل الكوسج" (1640). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا محمد بن الحسن الواسطي قال: أنبا أصبغ بن زيد، عن أبي عبد اللَّه، عن زيد بن علي أنه قال: يمسك المحرم على أنفه من الريح الطيبة. "مسائل أبي داود" (754). نقل عنه أحْمَد بن مضر القاسم في المحرم يشم الطيب: عليه الكفارة. وقال -أيضًا- في رواية ابن القاسم في الرجل يحمل معه الطيب وهو محرم: كيف يجوز هذا؟ ! وعطاء يقول: إن تعمد شمه فعليه الفدية (¬1). قيل له: يحمله للتجارة؟ فقال: لا يصلح إلا أن يكون مما لا ريح له. وقال في رواية حرب: أما الطيب فلا يقربه، والريحان ليس هو مثل الطيب. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 88. وقال في رواية جعفر بن محمد: المحرم يشم الريحان ليس هو من الطيب. وقال في رواية أبي طالب والأثرم: لا يشم المحرم الريحان، كرهه ابن عمر، ليس هو من آلة المحرم. قال حرب: قُلْتُ لأحْمَد: فالمحرم يشم الريحان؟ قال: يتوقاه أحب إليّ. قُلْتُ: فالطيب؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 308 (1460، 1461).

1213 - الطيب إذا جعل في مأكل ومشرب

قال: أما الطيب فلا يقربه، والريحان ليس مثل الطيب. قُلْتُ: فيشرب دواء؟ قال: لا بأس إذا لم يكن فيه طيب. "شرح العمدة" كتاب الحج 91 - 92. 1213 - الطيب إذا جُعل في مأكل ومشرب قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الخُشْكَنَانُ (¬1) الأصفرُ للمحرمِ؟ قال: إذا كانَ قد ذهبَ ريحُهُ وطعمُه، وما لمْ تمسّه النارُ فلا يأكل. قال إسحاق: لا بأسَ بذلِكَ إذا لمْ يكنْ لهُ رائحة بيّنة "مسائل الكوسج" (1457). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل سفيانُ: إذا وجد ريحَهُ أو طعمَهُ؟ قال: ما أرى بِه بأسًا إذا مستهُ النارُ. قال أحْمَد: ما يعجبني إذا كان يجدُ ريحهُ أو طعمَهُ إلا أَنْ يكونَ شَيْئًا قليلًا. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1645). قال صالح: قلت: ما تقول في التظليل للمحرم، وأكل الملح الأصفر، والخشكنانج؟ قال: أما الملح: فلا يعجبني لأنه لم تصبه النار، وأما الخشكنانج: فلا بأس. ¬

_ (¬1) الخشكنان: فطيرة رقيقة محشوة بالسكر وشيء من اللوز تُسوى بالنّار.

1214 - حكم لبس القباء والدواج والتوشح بالرداء

والتظليل للمحرم: قال ابن عمر: أضح لمن أحرمت له (¬1). فإن استظل بعود أو ما يشبهه فأرجو. "مسائل صالح" (581). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن المحرم يأكل شيئًا فيه زعفران؟ قال: إذا كان شيئًا قد مسته النار. ولم تجد له طعمًا، ولا ريحًا. فأرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل ابن هانئ" (780). قال ابن هانئ: قُلْتُ: ما ترى في الريحان، والبقول للمحرم؟ قال: ما زرعت أنت فلا بأس به، وما نبت فلا. "مسائل ابن هانئ" (794). 1214 - حكم لبس القباء والدواج والتوشح بالرداء قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا هشيم، عن يونس، عن الحسن. ومغيرة، عن إبراهيم. وحجاج وعبد الملك، عن عطاء، أنهم كانوا لا يرون بأسًا أن يلبس المحرم القباء ما لم يدخل فيه الطيلسان ما لم يزره عليه (¬2). "مسائل أبي داود" (715). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا روح قال: ثنا أشعث، عن الحسن أنه كان لا يرى بأسًا أن يتوشح الحرام بالثوب ويكره أن يعقده. "مسائل أبي داود" (716). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 274 (14250)، والبيهقي 5/ 57. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 435 (15866 - 15868) عنهم بنحوه.

قال ابن هانئ: وسئل عن لبس القباء للمحرم؟ قال: لا يلقى على العاتق. "مسائل ابن هانئ" (804). قال ابن هانئ: وسألته عن المحرم يلبس القباء واللبادة؟ قال: يلبسهما ولا يدخل عاتقه فيهما. فأريته أنا ما ملبسها، ولم ألق شيئًا منها على العاتق فقال: نعم هكذا يفعل. "مسائل ابن هانئ" (805). قال في رواية حرب: لا يلبس الدواج، ولا شيئًا يدخل منكبيه فيه. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 50. قال الميموني: قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إن كان قاله النبي. أي: ما روي عن أنه أجاز لبس الغسيل من الثياب المورسة والمعصفرة. ثم قال: كان -يعني: أبا معاوية راوي الحديث- مضطرب في أحاديث اللَّه، ولم يجئ بها أحد غيره "إلا أن يكن غسيلًا" (¬1). "التوضيح" لابن الملقن 5/ 432 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 41 عن أبي معاوية به. بهذِه الزيادة. وعن أبي معاوية بها أيضًا رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 137 (3635 - 3636)، وقال: قال ابن أبي عمران: ورأيت يحيى بن معين وهو يتعجب من الحماني أن يحدث بهذا الحديث، فقال له عبد الرحمن: هذا عندي. ثم وثب من فوره فجاء بأصله، فأخرج منه هذا الحديث، عن أبي معاوية كما ذكره الحماني، فكتبه عنه يحيى بن معين.

1215 - حكم لبس الهميان والمنطقة للمحرم

1215 - حكم لبس الهميان والمنطقة للمحرم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المْنطقةُ (¬1) للمحرمِ؟ قال: لا بأسَ بها. قال إسحاق: لا بأسَ بذلكَ وهو الهميان (¬2)، وليس لهُ أنْ يعقدَه، ولكن ليدخل السيورَ بعضها في بعضٍ. "مسائل الكوسج" (1458). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا سفيان، عن هشام بن حجير، وليث، عن طاوس قال: رأيت ابن عمر يطوف بالبيت وعليه عمامةٌ قد شدها على وسطه، قد أدخلها هكذا. "مسائل أبي داود" (717). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن الهميان؟ قال: لا بأس به؛ ولا يعقده عليه؛ يدخل السير في النقبة. قُلْتُ: فلا يعقد السير؟ قال: لا. قُلْتُ: إنَّه ينسلُّ إنْ لم يعقد؟ قال: فليعقد. "مسائل أبي داود" (829). قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: الهميان فوق الإزار؟ قال: لا بأس فوق أو تحت. "مسائل أبي داود" (830). ¬

_ (¬1) المنطَقة: حزام عريض يربط على الوسط. (¬2) الهميان؛ تكِّة اللباس، أي: ما يشدُّ به السروال.

1216 - يتقلد المحرم بالسيف عند الضرورة؟

قال أبو داود: رأيت محرمًا أرى أحْمَد عمامة حزمها على بطنه سأله عنها، فقال: عقدتها؟ قال: لا، أدخلتها في بعضها. قال: لا بأس. "مسائل أبي داود" (831). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل: يشد المحرم على إزاره الدراهم يصرُّها؟ قال: يكره أن يعقد عليه شيئًا. "مسائل أبي داود" (832). 1216 - يتقلد المحرم بالسيف عند الضرورة؟ قال صالح: وسألته عن المحرم يتقلد السيف؟ قال: إذا خاف من عدو. "مسائل صالح" (418). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا صفوان بن عيسى، عن بسطام بن مسلم، قال: سألت الحسن وابن سيرين عن الرجل يخرج إلى مكة ويحمل معه السلاح؛ فلم يريا به بأسًا. "مسائل أبي داود" (37). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن المحرم يُلقي جرابه في رقبته كهيئة القربة؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل أبي داود" (827). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن المحرم يتقلد السيف؟ قال: إذا خاف على نفسه يتقلد، لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (785).

1217 - قتال المحرم إذا اضطر للدفاع عن نفسه

نقل الأثرم عنه: لا يتقلده بمكة إلا لخوف. "الفروع" 3/ 374، "المبدع" 3/ 145. 1217 - قتال المحرم إذا اضطر للدفاع عن نفسه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المحرمُ يقاتلُ العدُوَّ؟ قال: إذا أُريدَ؛ ما له بُدٌّ من أنْ يدفعَ عن نفسهِ. قال إسحاق: كلَّما أرادَ مالهُ فلهُ أنْ يقاتلَهُ يبدأ بالنَّشد. "مسائل الكوسج" (1508). 1218 - الزينة للمحرم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: الكحلُ للمحرمِ؟ قال: ما لمْ يكنْ فيهِ طيبٌ، ولا يعجبني أنْ يكتحلَ للزينةِ، وأمَّا المرأةُ فلا تكتحل بالسَّواد إلا بالذرورة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1464). قال أبو داود: ثنا أحمد قال: ثنا وكيع، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن ابن جبير، عن ابن عباس قال: لا بأس بالخاتم للمحرم. "مسائل أبي داود" (737) قال أبو داود: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا روح بن عبادة: ثنا هشام، عن الحسن وعطاء، أنهما كانا لا يريان بأسًا أن يخضب المحرم رجليه إذا تشققتا. "مسائل أبي داود" (756).

1219 - الدهن للمحرم

قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا أسود بن عامر قال: ثنا شريك، عن عبد الكريم، عن سعيد بن جبير قال: المحرم يتداوى بالحناء ولا يختضب. "مسائل أبي داود" (757) قال محمد بن حرب الجرجرائي: وقد سئل عن الخضاب للمحرم، فقال: ليس بمنزلة طيب ولكنه زينة، وقد كره الزينة عطاء للمحرم (¬1). قال العباس بن محمد: وقال أحْمَد: ويكتحل بالإثمد -المحرم- ما لم يرد به الزينة، قلت الرجال والنساء؟ قال: نعم. وقال في رواية الميموني: الحناء مثل الزينة، ومن يرخص في الريحان يرخص فيه. وقال في رواية حنبل وسئل عن المحرم يخضب رجله بالحناء إذا تشققت؟ فقال: الحناء من الزينة، ومن يرخص في الريحان يرخص في الحناء. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 102 - 103 1219 - الدهن للمحرم قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال: الزيت الذي يؤكل لا يدهن به المحرم رأسه؛ فذكرت له حديث فرقد، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن ¬

_ (¬1) روى عن ابن أبي شيبة 3/ 338 (14881) قال: يجتنب الصبي في إحرامه ما يجتنب الكبير من الزينة والطيب.

1220 - النظر في المرآة للمحرم

عمر: أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ادهن وهو محرم بزيت غير مقتتٍ (¬1). لم يعبأ به. "مسائل أبي داود" (835). قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال: المحرم الأشعث: الأغبر الأذفر. "مسائل أبي داود" (836). وقال الأَثْرَمُ: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن المحرم يدهن بالزيت والشيرج؟ فقال: نعم، يدهن به إذا احتاج إليه. "المغني" 5/ 149. قال أبو بكر: قال أحْمَد: إن دهن رأسه بغير طيب: كرهته ولا فدية. وقال في رواية المروذي: لا يرجل شعره ولا يدهنه. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 119 - 120. 1220 - النظر في المرآة للمحرم قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: ثنا عبد الواحد، عن يونس، عن الحسن، أنه كان لا يرى بأسًا أن ينظر المحرم في المرأَة والسيف. "مسائل أبي داود" (752). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا روح قال: ثنا ابن جريج قال: قال عطاء: لا بأس أن ينظر المحرم في المرآة إلا لزينة، فأما أن يمسح ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 25، والترمذي (962)، وابن ماجه (3083) قال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث فرقد السبخي، عن سعيد، وقد تكلم يحيى بن سعيد في فرقد. . وقال الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (658): ضعيف الإسناد.

1221 - المحرم يستظل

عنه أو لوجع فلا بأس. "مسائل أبي داود" (753). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن المحرم ينظر في المرآة؟ قال: إذا كان يريد به زينة فلا. قيل: كيف يريد به زينة؟ قال: يرى شعرة فيسويها. "مسائل أبي داود" (834) 1221 - المحرم يستظل قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: القبةُ للمحرمِ؟ قال: القبةُ للمحرمِ لا، وهذِه الظلال إلَّا أنْ يكون شيئًا يسيرًا باليد، أو ثوبًا يلقيه على عُودِ يَسْتترُ بهِ. قال إسحاق: كما قال، وإن تظلَّلَ بالقبَّة لمْ يضره. "مسائل الكوسج" (1459). قال إسحاق بن منصور: قال أحْمَد: إنمَّا يُكرهُ أن يظلَّ المحرمُ إذَا كانَ راكبًا، فأمَّا إذا كانَ على القرانِ فلا بأسَ بهِ. "مسائل الكوسج" (1721). قال صالح: ما تقول في التظليل للمحرم، وأكل الملح الأصفر، والخشكنانج؟ قال: أما الملح: فلا يعجبني لأنه لم تصبه النار، وأما الخشكنانج: فلا بأس. والتظليل للمحرم: قال ابن عمر: أضح لمن أحرمت له، فإن استظل بعود أو ما يشبهه فأرجو. "مسائل صالح" (581).

قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن المحرم يستظل هكذا -ورفع السائل بيده طرف كسائه كأنه يتقي به إنسانًا رماهُ؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل أبي داود" (833). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المحرم يستظل أحب إليك، أم تأخذ بقول ابن عمر فيه- وقال: أضح (لمن أحرمت) (¬1) له؟ فقال: لا يستظل لقول ابن عمر: أضح لمن أحرمت له. قال أبي: لا يعجبني أن يظلل. قال أبي: يستتر قدر ما يرمي الجمرة على حديث أم الحصين (¬2). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المحرم يستظل؟ قال: لا يستظل، فإن استظل أرجو أن لا يكون عليه شيء، وابن عمر يروى عنه كراهيته في ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (760). وقال الفضل بن زياد: وسألته عن المحرم يستظل؟ قال: لا يستظل. قُلْتُ: عليه دم؟ فقال: الدم عندي كثير. "بدائع الفوائد" 4/ 57. ¬

_ (¬1) في المطبوع (اصح لما خرجت) والمثبت من "سنن البيهقي" 5/ 70، ورواه ابن أبي شيبة 3/ 274 (14250). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 402، ومسلم (1298).

قال الأَثْرَمُ: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن المحرم يستظل على المحمل؟ قال: لا. وذكر حديث ابن عمر: أضح لمن أحرمت له. قيل له: فإن فعل أيهريق دما؟ قال: أما الدم فلا. قيل: فإن أهل المدينة يقولون: عليه دم! قال: نعم، أهل المدينة يغلظون فيه. "المغني" 5/ 130. قال في رواية حنبل: لا يستظل على المحمل، ويستظل بالفازة في الأرض والخيمة، وهو بمنزلة البيت. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 59. قال الأَثْرَمُ: وذكر له حديث ابن عمر: أضح لمن أحرمت له، فقال: هذا في الساعة رفع له ثوب بالعود يرفعه بيده من حر الشمس. وقال حرب: وقد سُئل هل يتخذ على رأسه الظل فوق المحمل، فقال: لا، إلا الشيء الخفيف وكرهه جدًّا. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 70 - 71. وقال في رواية الأثرم: إذا كان يسيرًا، بعود يرفعه بيده من حر الشمس كان جائزا، وابن عمر إنما كرهه على الرحل. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 75. وقال في رواية جعفر بن محمد: لا يستظل المحرم، فإن استظل يفتدي بصيام أو صدقة أو نسك بما أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كعب بن عجرة (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 242، والبخاري (1816)، ومسلم (1201).

1222 - تغطية المحرم رأسه

وقال في رواية الأثرم: أكره ذلك. فقيل له: فإن فعل يهريق دمًا؟ فقال: لا، وأهل المدينة يغلظون فيه. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 77. 1222 - تغطية المحرم رأسه قال صالح: سألته عن المحرم يخمر رأسه؟ قال: لا يخمر ولا يمس طيبًا. "مسائل صالح" (623). قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: النوم في المحمل يبتطح فيه؟ قال: ومن يملك نفسَهُ عن هذا. "مسائل أبي داود" (889). قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال: وكيعٌ، زعموا كان لا ينامُ في المحملِ. "مسائل أبي داود" (890). نقل أبو طالب عنه: وإحرام الرجل في رأسه، ومن نام فوجد رأسه مغطى فلا بأس والأذنان من الرأس يخمر أسفل من الأذنين وأسفل من الأنف، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تخمروا رأسه" (¬1) فاذهب إلى قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: وإحرام المرأة في وجهها؛ لا تنتقب وتبرقع وتسدل الثوب على رأسها من فوق، وتلبس من خزها ومعصفرها وحليها في إحرامها، مثل قول عائشة -رضي اللَّه عنها- (¬2). "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 268. ¬

_ (¬1) رواه أحمد 1/ 215، والبخاري (1850)، ومسلم (1206) من حديث ابن عباس. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 272 (14234).

1223 - تغطية الوجه للمحرم والمحرمة

1223 - تغطية الوجه للمحرم والمحرمة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المحرمُ يغطي وجهَه؟ قال: إنْ ذهب ذاهبٌ إلى قولِ عثمان -رضي اللَّه عنه- لا أعيبُه. يُرْوى عن عثمان رحمة اللَّه تعالى عليه وزيدٍ ومروان ولمْ يرَ بِهِ بأسًا (¬1). قال إسحاق: السُّنة أنْ يغطيَ المحرمُ وجهَهُ إذا نامَ مِن الذّبان وغيره، وإنْ لمْ يضربْ مَا غطى بِه وجهَهُ كان أفضل. "مسائل الكوسج" (1461). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: المحرمةُ تسدلُ على وجْهِهَا؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1463). قال صالح: تسدل على وجهها شيئًا رقيقًا. "مسائل صالح" (641). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يقول: يغشي المحرم وجهه بثوبه حتى شعر رأسه. "مسائل أبي داود" (734). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى، عن ابن جريج قال: أخبرني عبدُ الرحمن بن القاسم أنه سمع أباه يقول: بلغني عن عثمان، أنه كان يخمر وجهه وهو حرام. ¬

_ (¬1) روى هذِه الآثار ابن أبي شيبة 3/ 272 - 274، والبيهقي 5/ 54.

قُلْتُ: حتى شعر رأسه؟ قال: نعم، وعن زيد بن ثابت، وكان ابن الزبير يصنعه أيضًا، القاسم (يقوله) (¬1) (¬2). "مسائل أبي داود" (735). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج قال: أخبرني ميمون بن مهران أنه سمع رجلًا حرامًا سأل ابن عباس عن شعرٍ لهُ بخلفِ كتفيهِ ماذا يلبسُ؟ قال: يلبس منه ما تحت الأذنين. "مسائل أبي داود" (736). قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: المحرم يغطي وجهه؟ قال: نعم. قُلْتُ: يغطي الحاجبين؟ قال: نعم. قُلْتُ: يغطي المحرم أذنيه؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (828). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا هشيم، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود قال: قالت عائشة: تسدل المحرمة جلبابها من فوق رأسها على وجهها. "مسائل أبي داود" (731). ¬

_ (¬1) في "مسائل أبي داود": (بقوله) ولعل المثبت أصح فالقاسم يرويه عنهم. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 274 (14249) والبيهقي في "المعرفة" 7/ 154 (9637) عنهم.

قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى وروحٌ، عن ابن جريج قال: آخر ما قال لي عطاءٌ: أخبرني أبو الشعثاء أن ابن عباسٍ قال: تدني الجلباب إلى وجهها ولا تضرب به، قال روح في حديثه: قُلْتُ: وما لا تضرب به؛ فأشار لي: كما تجلبب المرأة، ثم أشار لي ما على خدها من الجلباب قال: تعطفه وتضرب به على وجهها كما هو مسدول على وجهها. "مسائل أبي داود" (732). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا هشيم، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن عائشة، قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- محرمات، فإذا جاوزوا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه (¬1). "مسائل أبي داود" (733). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن المرأة المحرمة، تسدل ثوبها على وجهها؟ قال: تسدله على وجهها إذا لقيت الرفاق، فإذا جاوزت الرفاق، كشفت عن وجهها، ولا تغطيه عمدًا. "مسائل ابن هانئ" (787). وسئل في رواية حنبل عن المحرم يغطي وجهه، قال: لا بأس بذلك. وقال في رواية أبي طالب: يخمر أسفل من الأنف ويضع يديه على فمه دون أنفه يغطيه من الغبار. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 30، وأبو داود (1833)، وابن ماجه (2935) وضعف إسناده الألباني في "ضعيف أبي داود" (317).

1224 - ما يباح للمحرمة من اللباس والزينة

وفي لفظ قال: إحرام الرجل في رأسه ووجهه، ولا يغطى رأسه ومن نام فوجد رأسه مغطى فلا بأس. والأذنان من الرأس يخمر أسفل من الأذنين، وأسفل الأنف، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تخمروا رأسه"، فأذهب إلى قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: وإحرام المرأة في وجهها لا تنتقب ولا تتبرقع، وتسدل الثوب على رأسها من فوق، وتلبس من خزها، وقزها، ومعصفرها، وحليها في إحرامها مثل قول عائشة (¬1). "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 52 - 54. 1224 - ما يباح للمحرمة من اللباس والزينة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: المحرمةُ تلبسُ الخفّين والقفازين؟ قال: أمَّا الخفان فنَعَمْ، وأمَّا القفازَان فلا يعجبني. قال إسحاق: كما قال، القفازَان شِبْهُ الدستموز. "مسائل الكوسج" (1462). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما الذي لا تلبسُ المحرمة مِنَ الثيابِ؟ قال: المطيب والقفازين، ولا تتبرقع، وتلبس السراويل والخفين. "مسائل الكوسج" (3389). قال صالح: وسألته عمن قال: إحرام المرأة في وجهها (¬2)، ما معناه؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 272 (14234). (¬2) رواه الدارقطني 2/ 294، والبيهقي 5/ 47 من حديث أيوب بن محمد أبي الجمل عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا. وضعف البيهقي أيوب هذا، وكذا =

كأنها لا تجتنب الزينة إلا في وجهها، أو كيف؟ قال: لا تخمر وجهها، ولا تنتقب، والسدل ليس به بأس، تسدل على وجهها. "مسائل صالح" (213) قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعدٍ قال: حدثني أبي، عن محمد بن إسحاق، عن نافعٍ، عن ابن عمر، أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب، ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب من معصفرٍ أو خز أو حلي أو سراويل أو قمص أو خفٍّ (¬1). "مسائل أبي داود" (723) قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن هشام قال: حدثتني فاطمة ابنة المنذر أن أسماء كانت تلبس الدرع المعصفر المشبع ليس فيه زعفرانٌ وهي محرمةٌ. "مسائل أبي داود" (724) قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: تلبس المحرمة ما شاءت ¬

_ = الدارقطني في "العلل" 13/ 28 (2938) وقال: خالفه ابن عيينة وهشام بن حسان وعلي بن مسهر ومحمد بن بشر وعبد الرحمن بن سليمان وابن نمير وإسحاق الأزرق وغيرهم، رووه عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر موقوفا. وهو الصواب اهـ. وانظر: "تلخيص الحبير" 2/ 272. (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 22 عن محمد بن إسحاق بنحوه مختصرًا وأبو داود (1827)، وقال الألباني في " صحيح سنن أبي داود" (1603): إسناده حسن صحيح.

إلا البرقع، وتلبس ما شاءت إلا المثرود بالعصفر. "مسائل أبي داود" (725). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى بن سعيد (¬1): عن يحيى بن سعيد (¬2)، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، أنها كانت تلبس المعصفر وهي محرمة. "مسائل أبي داود" (726). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى بن سعيد ووكيع، عن الأوزاعي، عن عبدة، عن هلال بن يساف قال: سألت عائشة: ما تلبس المحرمة؟ قالت: تلبس في إحرامها ما تلبس في حلها من خزها وقزها وحليها ومصابيغها. "مسائل أبي داود" (721). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا روح، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، أنه كان لا يرى بأسًا أن تلبس المرأة الخاتم والقرط وهي محرمة، وكره السوار والدملجين والخلخالين. "مسائل أبي داود" (728) قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم، أنه كان يكره الحلي للمحرمة إلا ما خفي منه. "مسائل أبي داود" (729). ¬

_ (¬1) هو يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص الأموي. انظر: "تهذيب الكمال" 31/ 318 (6831). (¬2) هو يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو بن سهل الأنصاري. انظر: "تهذيب الكمال" 31/ 346 (6836).

قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى، عن عبيد اللَّه، عن نافع، قال: كن نساء عبد اللَّه وبناته يلبسن الحلي والمعصفرات وهن محرمات، لا ينكر ذلك عبد اللَّه. "مسائل أبي داود" (730) قال أبو داود: قُلْتُ لأحْمَد: تلبس المحرمة المعصفرة؟ قال: إن لم يكن فيه زعفران. "مسائل أبي داود" (824). قال حنبل: قال أحْمَد: تلبس المحرمة الحلي والمعصفر. "المغني" 5/ 195 وقال الفضل بن زياد: وسمعته وقد سئل عن المرأة تلبس الحلي وهي محرمة؟ فقال: لا بأس به. "بدائع الفوائد" 4/ 57.

فصل: أحكام النظافة والتداوي للمحرم

فصل: أحكام النظافة والتداوي للمحرم 1225 - النظافة للمحرم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يبدلُ المحرمُ مَا شاءَ مِنَ الثيابِ. قال: نعم. قال إسحاق: نعم. "مسائل الكوسج" (1456). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المحرمُ يغْتَسُل؟ قال: إي لعمري. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1465). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يغسلُ المحرمُ ثيابهُ؟ قال: نعمْ. قال إسحاق: نعم كما قال. "مسائل الكوسج" (1468). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المحرمُ يحكّ رأسَه؟ قال: يحكّه ببطنِ أناملهِ، لا يقتل دابَّةً، ولا يقطع شعرًا. قال إسحاق: كما قال، وكذلك كل جسده يحكّهُ بالأصابع، ولا يحكّه بظفرهِ فإنْ حكَّه بظفرهِ حتَّى أدمَى تصدَّق بشيء. "مسائل الكوسج" (1469). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَن نتفَ شيئًا من شعرهِ؟ قال: في ثلاثِ شعراتٍ دمٌ! هو عندِي كثيرٌ، كان ابن عُيينة يستكثرُهُ.

قال إسحاق: فيه دمٌ. "مسائل الكوسج" (1507) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المُحْرِمُ ينزعُ ضرسَهُ وإذا انكسرَ ظُفُرُهُ طرحَهُ؟ قال: نعم. قال إسحاق: يفعلُ ذَلِكَ سنة. "مسائل الكوسج" (1553) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المحرمُ يغسلُ رأسَهُ قبلَ أنْ يحلقَهُ؟ قال: إذا رمَى الجمرةَ فقَدْ انْتَقَضَ إحرامُه إن شاءَ غَسَلَهُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1556) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يدخلُ المحرمُ الحمام؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1598) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن الرجلِ يتوضَّأُ وهو محرمٌ فيقعُ في يدِه الشعرةُ؛ فلمْ يرَ عليه بأسًا. قال أحمد: ليسَ عليه شيءٌ. قال إسحاقُ: ليسَ عليه شيءٌ كما قال. "مسائل الكوسج" (1638) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سُفيانُ: أرَأيتَ إنْ كَثُرَ عليهِ القملُ، أترى أنْ يُلقيها ويُكفِّرَ؟ قال: نعم.

قال أحْمَد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يأمُرهُ بتعذِيبِ نَفسِهِ. "مسائل الكوسج" (1693). قال صالح: وقال في المحرم يغسل رأسه بالخطمي، قال: عليه دم، قد رجل شعره ولعله يقطع الشعر من الغسل. "مسائل صالح" (133) قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال: ولا يتفلى المحرم، ولا يقتل القمل، ويحك رأسه وجسده حكا رفيقا، ولا يقتل قملة، ولا يقطع شعرًا، ويغتسل إن شاء، ويصب على رأسه الماء، ولا يرجل شعره ولا يدهنه، وينظر في المرآة، ولا يصلح شيئا، ويتداوى بما يأكل، ويقلم ظفره إن انكسر، ويحتجم، ولا يحلق شعرًا. "مسائل أبى داود" (692). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن المحرم ينكسر ظفره؟ قال: يقلمه. "مسائل أبي داود" (837). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن محرم خلل لحيته فيسقط شعره؟ قال: إن كان شعرًا ميتًا فليس عليه شيء. "مسائل أبي داود" (838). قال أبو دَاودْ سمعت أحْمَد يقول: إذا نتف شعره أطعم مدًّا -يعني: المحرم. "مسائل أبي داود" (839). قال أبو داود: سمعت رجلًا محرمًا سأل أحْمَد وقد كثر شعره كهيئة الجمة، قال: شعري هذا يؤذيني؛ أحلقه؟

قال: إن حلقت فكفر بذبح شاةٍ أو تصوم ثلاثة أيام. "مسائل أبي داود" (840). قال أبو داود: سمعته قال في الفدية: ثلاثة آصع بين ستة مساكين. "مسائل أبي داود" (841). قال ابن هانئ: سألتُ أبا عبد اللَّه عن المحرم يقطع ثلاث شعرات من جسده؟ قال: كان ابن عُيينة، يستكثر دمًا. "مسائل ابن هانئ" (761) قال ابن هانئ: وسُئِلَ عن محرم به حكة؟ قال: يحكها ما لم يقطع شعرًا. "مسائل ابن هانئ" (764) قال ابن هانئ: وسُئِلَ عن المحرم يتوضأ، فيخلل لحيته، فيقطع شعرة، فقال: إذا لم يتعمده، فلا بأس. "مسائل ابن هانئ" (765) قال ابن هانئ: وسألتُه عن الرجل يضع يده على لحيته، أو على رأسه، فيقطع من رأسه أربع شعرات، أو اثنتين، أو ثلاثًا؟ فقال: كان ابن عيينة يستكثر دمًا في ثلاث شعرات، وأنا أقول: إذا لم يتعمده يطعم شيئًا، وإذا تعمده يطعم مقدار كفارة، إذا كثر. "مسائل ابن هانئ" (766) قال ابن هانئ: قُلْتُ: تحك المحرمة جسدها؟ قال: نعم، ولا تقطع شعرًا، وتلبس السراويل والقميص، وكل شيء كانت تلبسه وهي حلال. "مسائل ابن هانئ" (769)

قال ابن هانئ: حضرت أبا عبد اللَّه، ورجل يسأله عن رجل وعده حجة، فعمد الرجل فأحرم، فلم يعطه شيئًا، كيف ترى له أن يعمل؟ قال أبو عبد اللَّه للرجل: معك شيء؟ قال: نعم، معي ثلاثة دنانير. قال: فهذِه. .، لا أرى لك أن تتخلف، تخرج فإنها تبلغك إن شاء اللَّه إن مشيت. فقال له: إنَّ الدواب آذاني في رأسي. قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: اخلق رأسك وصم ثلاثة أيام. قال له الرجل: إذا حلقت رأسي أحل حتى أحرم من الشجرة؟ قال له: لا تحل، وكن على إحرامك، إنما أمرتك بالحلق؛ لأنك شكوت الدواب في رأسك، فأمرتك كما أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كعب بن عجرة، قال: كنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالحديبية ونحن محرمون، وقد حضرنا المشركون. وكانت لي وفرة، فجعلت الهوام تَسَّاقط على وجهي، فمر بي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "أيؤذيك هوام رأسك"؟ قُلْتُ: نعم، فأمره أن يحلق، قال: ونزلت هذِه الآية {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] (¬1). "مسائل ابن هانئ" (815) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المحرم يدخل الحمام. قال: نعم، ولا يمر بيده الشعر مرًّا شديدًا، قليل قليل، ولا بأس بالحجامة للمحرم ما لم يقطع شعرًا، ولا بأس بالكساء إذا أصابه البرد. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 241، والبخاري (4191)، ومسلم (1206).

قال: وسمعت أبي يقول: ولا يتفلى المحرم، ولا يقتل القمل، ويحك رأسه وجسده حكّا رفيقًا، ولا يفتل شعرًا، ويغتسل إن شاء، ويصب على رأسه الماء، ولا يرجّل شعره ولا يدهنه، ويتداوى بما يأكل، ويقلم ظفره إذا انكسر، وينظر في المرآة، ولا يصلح شيئا، ويتداوى بالأكحال كلها ما لم يكن فيه طيب. "مسائل عبد اللَّه" (759) قال حبيش بن سندي: قال أحْمَد: شعر الرأس واللحية والإبط سواء، لا أعلم أحدًا فرق بينهما. وقال في رواية حنبل: إذا نتف المحرم ثلاث شعرات أهراق لهن دمًا، فإذا كانت شعرة أو اثنتين كان فيهما قبضة من طعام. وقال في رواية مهنا في محرم قص أربعة أصابع من يده: فعليه دم. وقال في رواية المروذي: كان عطاء يقول: إذا نتف ثلاث شعرات فعليه دم (¬1). وكان ابن عيينة يستكثر. الدم في ثلاث، ولست أؤقت. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 7 - 11. وقال في رواية حنبل: إذا كانت شعرة أو اثنتين كان فيهما قبضة من طعام. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 12. وقال في رواية حنبل: المحرم يدخل الحمام وليس عليه كفارة، ولا بأس أن يغسل رأسه وثوبه. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 210 (13587).

1226 - السواك للمحرم

وقال حرب: قُلْتُ لأحْمَد يبيع المحرم الثوب الذي أحرم فيه ويشتري غيره؟ قال: نعم، لا بأس به. وقال محمد بن أبي حرب الجرجرائي: وسُئل عن المحرم يغسل بدنه بالمحلب، فكرهه، وكره الأشنان. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 110 - 111. وقال في رواية المروذي: لا يغسل رأسه بالخطمي ولكن يصب على رأسه الماء صبُّا ولا يدلكه. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 114. قال في رواية المروذي: لا يتفلى المحرم ولا يقتل القمل، ويحك رأسه وجسده حكًّا رفيقًا، ولا يقتل قملة، ولا يقطع شعرًا، ويغتسل إن شاء، ويصب على رأسه ولا يرجل شعره، ولا يدهن ولا ينظر في المرآة، ولا يصلح شيئًا. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 119. 1226 - السواك للمحرم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: السّواكُ للمحرمِ؟ قال: لا بأسَ بهِ. قال إسحاق: كما قال، أخضرَ كان أو يابسًا؛ لأنَّ بينَهُ وبين الصَّومِ فرقًا؛ لأنَّ الأخضر يُخْشَى دخولُ طعمِه الحلقَ، والمحرمُ لا يضرُّه. "مسائل الكوسج" (1454).

1227 - الحجامة للمحرم

قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم قال: كان ابن عمر يُقطعُ له السواك من الأراك وهو محرم فيستاك به. "مسائل أبي داود" (751). 1227 - الحجامة للمحرم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الحجامَةُ للمحرمِ؟ قال: لا بأسَ بهِ، ولكن لا يقطعُ الشعرَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1466). قال صالح: حدثني أبي، حدثنا قران، عن عثمان بن الأسود، عن عطاء قال: لا بأس أن يحتجم المحرم، ما لم يحلق شعرًا. "مسائل صالح" (825) 1228 - التداوي للمحرم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: ما يَتداوى بهِ المحرمُ؟ قال: كلُّ شيءٍ ليسَ فيه طيبٌ. قال إسحاق: كما قال، وكل شيء يؤكل. "مسائل الكوسج" (1509). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى بن زكريا قال: حدثني العلاء بن المسيب، عن عطاء قال: يعصر المحرم القرحة والدمل. "مسائل أبي داود" (746).

1229 - المحرم إذا شج أو انكسرت يده

قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: حدثنا وكيع قال: ثنا سفيان، عن موسى بن عقبة عن نافع، عن ابن عمر، قال: يتداوى المحرم بكل شيء إلا دواء فيه طيب. "مسائل أبي داود" (747). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا وكيع، عن أسامة بن زيد، عن نافع قال: كان ابن عمر تشقق كفاه حتى تقطر دمًا وهو محرم، فيقول: أما إني لا أرى بالسمن والزيت بأسًا، ولا أكره هذا. "مسائل أبى داود" (748). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا سفيان، قال: قال ابن جريج: قال عطاء: ليس الأدهان الفارسية طيبًا، إنما هي حل. "مسائل أبي داود" (749). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا وكيع، عن يان، عن ابن جريج، عن عطاء قال: لا بأس أن يتداوى بالسنا والعتر -يعني: المحرم. قال أبو داود السجستاني: العتر: شجر، كذا بلغني. "مسائل أبي داود" (750). 1229 - المحرم إذا شُج أو انكسرت يده قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، قال: إذا شج المحرم أو انكسرت يده عصب على الشج وعلى اليد ويعقدُ عليه، وقال منصور: ليس عليه كفارة. "مسائل أبي داود" (743).

قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى بن زكريا، عن عبد الملك، عن عطاء، قال: إن صدع المحرم عصب رأسه. "مسائل أبي داود" (744). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: إذا عصب على الشج وعلى الكسر فلا يعقد الخرقة؛ ولكن يدخل طرفها في أثنائها. "مسائل أبي داود" (745). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن المحرم يشد في رأسه سيرًا؟ قال: لا. قيل: من صداعٍ؟ قال: إن فعل يفتدي. "مسائل أبي داود" (826). قال ابن هانئ: سألته عن المحرم يكون به الفتق، يشدّ عليه السير؟ قال: هذا ضرورة، ولم ير به بأسًا. "مسائل ابن هانئ" (784).

فصل: ما يحرم على المحرم قتله من الصيد

فصل: ما يحرم على المحرم قتله من الصيد 1230 - يحرم على المحرم قتل صيد البر، فأما صيد البحر والأهلي، وما حرم أكله فلا شيء فيه إلا ما كان متولدًا من مأكول وغيره قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يقردُ المحرمُ بعيرَهُ؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1517). قال أبو داود: سمعت أحْمَد يقول: ويقتل المحرم الغراب، والحدأة، والعقرب، والكلب العقور، وكل سبع عدا عليك أو عقرك، ولا كفارة عليه، ويقتل الحية، ولا يقتل صيدًا ولا يذبحه، ولا يشير إليه ولا يرميه، ويذبح الإبل والبقر والغنم، ويقرد المحرم بعيره، وإن شاء تطيب قبل أن يحرم؛ فقد ذكر ذلك عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، ويغسل ثيابه ويدخل الحمام، ويتداوى بالأكحال كلها، ما لم يكن فيه طيب. "مسائل أبي داود" (693). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن المحرم يقتل الزنبور؟ قال: نعم؛ يقتل كل شيء يؤذيه. "مسائل أبي داود" (842). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 39، والبخاري (1539)، ومسلم (1189).

قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن المحرم يذبح الحمام الأهلي؟ قال: لا، كل شيء أصله صيدٌ، يعني: لا يذبح المحرم ما أصله صيدٌ. "مسائل أبي داود" (848). قال أبو داود: حدثنا أحْمَد بن حنبل، حَدَّثنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، حَدَّثنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ البَجَلِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سُئِلَ عَمَّا يَقْتُلُ المُحْرِمُ؟ قال: "الْحَيَّةُ والعَقْرَبُ والفُوَيْسِقَةُ وَيَرْمِي الغُرَابَ وَلا يَقْتُلُه وَالْكَلْبُ العَقُورُ والْحِدَأَةُ والسَّبُعُ العَادِي" (¬1). "سنن أبي داود" (1848). وقال أبو داود: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل، حَدَّثنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قال: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِقَتْلِ الوَزَغِ وَسَمَّاهُ فُوَيْسِقًا (¬2). "سنن أبي داود" (2526). قال ابن هانئ: وسئل عن المحرم يصطاد الحيتان في البحر، والأنهار، وما أشبه ذلك؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 3 وأبو داود (1848)، والترمذي (838) وقال: هذا حديث حسن. وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 2/ 274: فيه يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف، وإن حسنه الترمذي، وفيه لفظة منكرة وهو قوله: "ويرمي الغراب ولا يقتله". وقال الألباني في "ضعيف أبي داود" (319): إسناده ضعيف؛ لسوء حفظ يزيد بن أبي زياد، وقوله: "ويرمي الغراب ولا يقتله" منكر -كما قال الحافظ- لمخالفة الأحاديث الصحيحة المصرحة بقتله؛ كحديث ابن عمر وهو في "الصحيح " برقم (1619)، ثم إنه قد اضطرب في متنه على وجوه منها: أنه لم يذكر في رواية عند الجملة المنكرة. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 176، ومسلم (2238).

قال: لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (821). قال ابن هانئ: سألته عن حديث محمد بن ربيعة؟ قال: نا أبو سعيد بن عون قال: نا محمد بن المرتفع قال: سمعت ابن الزبير على المنبر يقول: فينا أنزل التنزيل، ونحن حضرنا التأويل. قال: فقال له رجل من أهل العراق مما يلي زمزم: فأرة دخ في وعائي وأنا محرم؛ قال: اقتل الفويسقة. "مسائل ابن هانئ" (2278). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: ويقتل المحرم الغراب والحدأة والعقرب والكلب العقور، وكل سبع عدا عليك أو عقرك، ولا كفارة عليك، ويقتل الحية، ولا يقتل صيدًا، ولا يذبحه، ولا يشير إليه، ولا يرميه. "مسائل عبد اللَّه" (764). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: يذبح المحرم الإبل والبقر والغنم ويرد بعيره. "مسائل عبد اللَّه" (766). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن صاد المحرم السمك؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس؛ لأنه من صيد البحر، إنما حرم عليكم صيد البر. "مسائل عبد اللَّه" (771). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الضبع؟

قال: ليس بها بأس، روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الضبع، قال: "هي من الصيد" حديث جرير بن حازم (¬1). قال عبد اللَّه؛ ورواه ابن جريج عن عبد اللَّه بن عبيد، عن عبد الرحمن بن أبي عمار، عن جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (782)، (783) نقل حنبل عنه: إذا أصاب المحرم الجراد تصدق عن كل جرادة بتمرة. وقال في موضع آخر في الجراد والسمك: لا بأس بأكلهما للمحرم؛ ليس لهما ذكاة. "الروايتين والوجهين" 1/ 300. نقل مهنا: يقتل البرغوث. فقيل له: يقتل القملة؟ قال: لا. "الروايتين والوجهين" 1/ 302. قال في رواية حنبل: إنما جعلت الكفارة في الصيد المحلل أكله، فأما السبع فلا أرى فيه كفارة. وفي موضع آخر: سَألتُ أبا عبد اللَّه: عن أكل الضبع؟ فقال: يؤكل لا بأس بأكله. قال: وكل ما يؤذي إذا أصابه المحرم فإنه يؤكل لحمه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 297، وأبو داود (3801)، وابن ماجه (3085) وصححه ابن خزيمة (2646)، والحاكم 1/ 452، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وصححه كذلك الألباني في "الإرواء" (1050). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 318، والترمذي (851): وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي 5/ 191.

وقال في موضع آخر: وفيها حكومة إذا أصابها المحرم. قيل له: نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أكل كل ذي ناب من السباع (¬1)؟ قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هذِه خارجة منه، وقد حكم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيها، وجعلها صيدًا، وأمر فيه بالجزاء إذا أصابه المحرم، فكل ما ودي وحكم فيه أكل لحمه. وكذلك قال -في غير موضع- محتجًّا على إباحتها بأنها صيد، يعني أن كل ما كان صيدًا فهو مباح. وعن أبي الحارث أنه سأله عن لحوم الحمر الوحشية؟ فقال: هو صيد، وقد جعل جزاؤه بدنة، يعني أنه مباح. وقال في رواية ابن القاسم، وسندي: في الثعلب الجزاء. قال أبو بكر الخلال: أكثر مذهبه وإن كان يودى فإنه عنده سبع لا يؤكل لحمه. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 129 - 130. [وقال في رواية الميموني: الثعلب يودى لتعظيم الحرمة، ولا يلبسه؛ لأنه سبع. ونقل عنه بكر بن محمد وقد سئل عن محرم قتل ثعلبًا؟ قال: عليه الجزاء هو صيد، ولكنه لا يؤكل. وقال في رواية أبي الحارث: الضفادع لا تؤكل ولا تقتل، نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن قتل الضفدع (¬1). وقال ابن القاسم: قلت: يا أبا عبد اللَّه، الضفدع لا يؤكل؟ فغضب وقال: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن أن يجعل في الدواء، من يأكله! (¬2). فهذا يقتضي أن قتلها وأكلها سواء، وأنه محرم. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 130.] (*) وقال في رواية حنبل: يقتل المحرم الكلب العقور والذئب والسبع، وكل ما عدا من السباع، ولا كفارة عليه، ويقتل القرد والنسر والعقاب إذا وثب، ولا كفارة. فإن قتل شيئًا من هذِه من غير أن يعدو عليه فلا كفارة عليه، ولا ينبغي له. وفي لفظ: يقتل المحرم الحدأة والغراب الأبقع والزنبور، والحية، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 193، والبخاري (5530)، ومسلم (1932) من حديث أبي ثعلبة الخشني. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 453، وأبو داود (3871)، والنسائي 7/ 210 من حديث عبد الرحمن بن عثمان. وصححه الألباني كما في "صحيح الجامع الصغير" (6971). (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 453، وأبو داود (3871)، والنسائي 7/ 210 من حديث عبد الرحمن بن عثمان، وصحح إسناده الألباني في "المشكاة" (4545). (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: أضفنا المسألة هنا لأنه ورد في ملحق التصويبات بآخر الكتاب ما نصه: رواية الميموني وبكر بن محمد تنقل إلى صفحة 219 ويعدل مصدرها إلى "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 130.

والعقرب، والفأرة، والذئب، والسبع، والكلب، ويقتل القرد، وكل ما عدا عليه من السباع، ولا كفارة عليه، ويقتل النسر والعقاب، ولا كفارة عليه شبيه بالحدأة؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بقتلها محرمًا، وغير محرم؛ (¬1)، وهو يخطف، ولا كفارة عليه، وإنما جعلت الكفارة والجزاء في الصيد المحلل أكله، وهذا سبع فلا كفارة، ولا بأس أن يقتل الذر. وقال في رواية أبي الحارث: يقتل السبع عدا عليه أو لم يعدُ. وقال في رواية مهنا: يقتل القمل، ويقتل المحرم النملة إذا عضته، ولا يقتل النحلة، فإن آذته قتلها، وقد نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن قتل الذر والصرد (¬2). والصرد: طير. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 135 - 936، "المبدع" 3/ 156. وقال في رواية حنبل: فإن قتل شيئًا من هذِه من غير أن تعدو عليه فلا كفارة عليه، ولا ينبغي له. وقال -أيضًا- يقتل ما عدا عليه من السباع، ولا كفارة عليه. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 142. [وقال في رواية الميموني: الثعلب يودى لتعظيم الحرمة، ولا يلبسه؛ لأنه سبع. ونقل عنه بكر بن محمد وقد سئل عن محرم قتل ثعلبًا؟ قال: عليه الجزاء هو صيد، ولكنه لا يؤكل. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 3، والبخاري (1828)، ومسلم (1199) من حديث ابن عمر. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 332، وأبو داود (5267)، وابن ماجه (3224) من حديث ابن عباس. قال الألباني في "الإرواء" (2490): إسناد صحيح على شرط الشيخين.

1231 - ما حرم قتله فإنه يحرم قصد قتله بمباشرة أو تسبب

وقال في رواية أبي الحارث: الضفادع لا تؤكل ولا تقتل، نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن قتل الضفدع (¬1). وقال ابن القاسم: قلت: يا أبا عبد اللَّه، الضفدع لا يؤكل؟ فغضب وقال: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن أن يجعل في الدواء، من يأكله! (¬2). فهذا يقتضي أن قتلها وأكلها سواء، وأنه محرم. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 148.] (*) 1231 - ما حرم قتله فإنه يحرم قصد قتله بمباشرة أو تسبب قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: محرمٌ دلَّ حلالًا على الصَّيدِ فقتلَهُ، هل عليه الكفارةُ؟ قال: نعم، عليه الكفارةُ، ولا ينبغي له أنْ يفعلَ ذَلِكَ، وإنما ذَلِكَ بمنزلَةِ رجل أمرَ رجلًا أنْ يقتلَ مسلمًا فقتله. قال إسحاق: كما قال. قال الإمام أحْمَد -رضي اللَّه عنه-: وهذا عليه أدبٌ، ينكل به. قال إسحاق: أجَادَ. "مسائل الكوسج" (1611). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 453، وأبو داود (3871)، والنسائي 7/ 210 من حديث عبد الرحمن بن عثمان. وصححه الألباني كما في "صحيح الجامع الصغير" (6971). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 453، وأبو داود (3871)، والنسائي 7/ 210 من حديث عبد الرحمن بن عثمان، وصحح إسناده الألباني في "المشكاة" (4545). (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ورد في ملحق التصويبات بآخر الكتاب ما نصه: رواية الميموني وبكر بن محمد تنقل إلى صفحة 219 ويعدل مصدرها إلى "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 130.

1232 - ما حرم قتله، هل يحرم عليه تملكه؟

قال صالح: قال أبي في المحرم يشير إلى الحلال بالصيد؛ قال: عليه الجزاء. "مسائل صالح" (1114). قال ابن هانئ: قُلْتُ لأبي عبد اللَّه: إذا دل محرم حلالًا على صيد فصاده الحلال؟ قال: على المحرم الجزاء. "مسائل ابن هانئ" (817). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن محرم أشار إلي صيد؟ فقال: إن قتل الصيد فعلى المشير كفارة، وإذا كانوا جماعة محرمين فعليهم كفارة واحدة. "مسائل عبد اللَّه" (773). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن الذي قتله ليس بمحرم؟ قال: ليس عليه شيء -يعني: الذي يقتل الصيد وليس هو محرم. "مسائل عبد اللَّه" (774). 1232 - ما حرم قتله، هل يحرم عليه تملكه؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان له: إذا أحرم الرجل، وفي بيته صيد فهو ضامن له. قال أحْمَد: ما أعرف هذا. كالمنكر لما قال. قال إسحاق: كلما أحرم وفي يده صيد فعليه إرساله، فأما في البيت فلا يضره. "مسائل الكوسج" (1690).

قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال: من أحرم وفي يده صيدٌ فليرسله، وإن كان في رحله فليرسله، إلا أن يحرم بمكة وفي بيته بالكوفة فهذا لا يرسله. "مسائل أبي داود" (844). قال أبو داود: سمعت أحْمَد يقول: من أدخل مكة صيدًا ينبغي له أن يرسله. "مسائل أبي داود" (845). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل صاد صيدًا في الحل، أو اشتراه فأدخله الحرم؟ قال: إذا أدخله الحرم أرسله. "مسائل ابن هانئ" (818). قال ابن هانئ: سألته عن رجل أحرم وعنده صيد في قفص؟ قال: يخلّي سبيله إذا دخل الحرم. "مسائل ابن هانئ" (819). قال في رواية ابن القاسم وسندي في رجل أحرم وفي يده صيد: يرسله، فإن كان في منزله ليس عليه، وقد كان عبد اللَّه بن الحارث يحرم وفي بيته النعام. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 150.

1233 - ما قتله المحرم من الصيد، فهو بمنزلة الميتة يحرم أكله

1233 - ما قتله المحرم من الصيد، فهو بمنزلة الميتة يحرم أكله قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في محرم أصابَ صيدًا، أيأكُلُه الحلالُ؟ قال: لا يأكُلُه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل ابن هانئ" (1586). قال ابن هانئ: سألته عن المحرم يذبح الصيد، يحل للحلال أكله؟ فقال: لا يأكله الحلال، هو ميتة. قال: لأن اللَّه قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95]، فكل ما صاده المحرم، أو ذبحه، فإنما هو قتل قتله. "مسائل ابن هانئ" (823). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المحرم يذبح الشاة، أو يذبح الصيد، يؤكل أم لا؟ قال: لا بأس أن يذبح المحرم كل شيء ليس أصله من الصيد؛ لأن اللَّه تعالى يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] سماه قتلًا، فإذا ذبح المحرم الصيد لم يأكله؛ لأن اللَّه سماه قتلًا، فلا يعجبنا لأحد أن يأكله. "مسائل عبد اللَّه" (765) قال في رواية حنبل: إذا ذبح المحرم لم يأكله حلال ولا حرام، هو بمنزلة الميتة. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 153.

1234 - صيد الحرم إذا ذبح فيه فهو بمنزلة الميتة

1234 - صيد الحرم إذا ذبح فيه فهو بمنزلة الميتة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل حلالٌ أصَابَ صيدًا في الحرمِ، يُحْكمُ عليه كما يُحكمُ على المحرمِ؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1610). 1235 - رجلٌ رَمَى صيدًا في الحلِّ فأصَابَه في الحرمِ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ رَمَى صيدًا في الحلِّ فأصَابَه في الحرمِ؟ قال: عليه جَزَاؤه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1609). 1236 - إذا أرسل كلبه في الحل على شيء فصاده في الحرم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ أرسلَ كلبَه في الحل على الصيدِ، فصادَه في الحرمِ؟ قال: ليسَ عليه شيءٌ. قال إسحاق: كَمَا قال، إلَّا أنْ يتعمدَ إرسالَه كي يصيد في الحرمِ "مسائل الكوسج" (1607). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل أرسلَ كَلَبَه في الحرمِ فصادَ في الحلِّ؟

1237 - إذا رمى صيدا على شجرة أصلها في الحل، أو في الحرم

قال: ولا عَلى هذا شيءٌ. قال إسحاق: بَلَى، هذا يغرم؛ لأنَّه ارتكب مَا لَا يحلُّ لهُ. "مسائل الكوسج" (1608). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجلٍ أرسلَ كلبه في الحلِّ على شيءٍ فطَردَه حتَّى دخلَ الحرمَ، فأخَذَه قال: ليسَ عليهِ شيء، ليسَ هو بمنزلةِ يدِهِ. قال أحْمَد: كما قال. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1684). قال صالح: الرجل يرسل كلبه في الحل، فيصيد في الحرم؟ قال: ليس عليه جزاء إذا لم يكن بالقرب. "مسائل صالح" (1123) 1237 - إذا رمى صيدًا على شجرة أصلها في الحل، أو في الحرم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: قال سُفيانُ في شَجرَةٍ أصلُهُا في الحَرَمِ، وأغصَانُهَا في الحِلِّ، فوقعَ على أغصانها طيرٌ، فَرمَاهُ إنسَانُ فَضربَهُ: ليسَ عليهِ شيءٌ؛ لأنَّ الطَّيرَ في الحِلِّ، ولا تُقطعُ أغصَانُهَا التي في الحِل. قال أحْمَد: عليه جَزَاؤهُ؛ لأنَّ أصلَهَا في الحرمِ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ الأغصَانَ تبعٌ للأصلِ أبدًا. "مسائل الكوسج" (1687).

1238 - الصيد إذا ذبحه في الحل، ومات في الحرم، يأكله

قال إسحاق بن منصور: قُلْت: وقال سفيان في: شَجرَ أصلُهَا في الحِلِّ، وأغصَانُهَا في الحرمِ، وعليها طيرٌ، فرَمَاهُ إنسان فصرَعهُ؟ قال: ما كَانَ في الحلِّ فليرْمِ، ومَا كانَ في الحرمِ فلا يرمِ. قال أحْمَد: ما أحسنَ ما قال! قال إسحاق: كما قال، فإنْ أصَابَ الأغصَانَ التي في الحرمِ لم يكُنْ عليهِ شيءٌ؛ لأنَّها تبعٌ للأصلِ. "مسائل الكوسج" (1688). قال صالح: الشجرة يكون أصلها في الحل، وأغصانها في الحرم، أصاد رجل منها طيرًا؟ قال: عليه الجزاء. "مسائل صالح" (1133). 1238 - الصيد إذا ذبحه في الحل، ومات في الحرم، يأكله قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: الصيدُ يدخل الحرمَ حيًّا؟ قال: ما يعجبني. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1310). قال إسحاق بن منصور: قلْتُ: يؤكل لحمُ الصَّيدِ في الحرمِ؟ قال: إذا ذُبحَ في الحلِّ لا بأسَ به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1516).

1239 - إذا رمى صيدا في الحل فأصاب صيدا في الحرم

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن صَيدٍ رُمِيَ في الحِلِّ، فتحاملَ، فَدخلَ في الحرَم، فمَاتَ؟ قال: ليسَ عليهِ فِيهِ كَفَّارةٌ، ويُكرهُ أكلُهُ؛ لأنَّهُ مَاتَ في الحرمِ. قال أحْمَد: ما أحسن ما قال! قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ الإرادَةَ مَضتْ فِيهِ في الحِلِّ. "مسائل الكوسج" (1689). قال في رواية حنبل: وإن دخل الحرم فلا يصطاد ولا أرى أن يذبح، إلا أن يدخل مذبوحًا من خارج الحرم فيأكله، ولا أرى أن يذبح شيئًا من صيد الحل ولا الحرم وكذلك صيد المدينة الذي يصطاد فيه. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 158. 1239 - إذا رمى صيدًا في الحل فأصاب صيدًا في الحرم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: قال سفيان: لو رَمَى شيئًا في الحلّ، فدخلَ رميَتُهُ في الحَرَم فأصابَت شيئًا ضمِنَ؛ لأنَّ يدَهُ التي جَنَتْ. قال أحْمَد: ما أحْسَن ما قال! قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1685). قال ابن هانئ: وقال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ما تقول في رجل رمى صيدًا في الحل، فأصاب صيدًا في الحرم؟ قلت؛ ماذا عليه؟ قال: عليه دم، وعمد الحرم وخطؤه واحد. "مسائل ابن هانئ" (1795).

1240 - إذا طرد في الحوم شيئا، فأصابه شيء قبل أن يقع، أو حين يقع

1240 - إذا طرَدَ في الحومِ شيئًا، فأصَابه شَيءٌ قبل أن يَقعَ، أو حِيَن يقعُ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إذا طَرَدْت في الحرمِ شيئًا، فأصَابَه شَيءٌ قبلَ أن يَقعَ، أو حِينَ يقعُ ضَمِنْتَ وإن وقعَ مِن ذَلِكَ المكَانِ إلى مكانٍ آخر فلَيس عليهِ شيءٌ. قال أحْمَد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1686) 1241 - صيد الحرم إذا خرج منه، له صيده قال ابن هانئ: سألته عن حمام الحرم، إذا خرج من الحرم؟ قال: اصطده إن شئت. "مسائل ابن هانئ" (779). ما صاده الحلال، بغير معونة من المحرم، وذكاه، هل يباح للمحرم؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: لحمُ الصِّيد؟ قال: لا بأسَ بِهِ للمحرمِ إلَّا مَما أُريدَ به الرَّجل إذا صِيدَ منْ أجلِه على مَا قال عُثمان -رضي اللَّه عنه- (¬1). قال إسحاق: كما قال سواءٌ. "مسائل الكوسج" (1518). ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 233، وعبد الرزاق 4/ 433 (8345)، والبيهقي 5/ 191.

قال صالح: ما تقول في محرم أكل صيدًا اصطاده حلال؟ قال: إذا لم يصد من أجله فلا بأس به. "مسائل صالح" (101). قال صالح: ما تقول في أكل الصيد للمحرم؟ قال: إذا كان يصاد له لم يأكله، وإذا صيد لغيره فلا بأس أن يأكله المحرم إذا صيد في الحل وذبح في الحل، وقد روي عن جابر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "ما صيد لكم فلا تأكلوه" (¬1)، وروي عن عثمان أنه قال: إنما صيد من أجلي؛ فلم نأكله، وما قال أبو قتادة: إنه قتل وهو حلال الصيد، ولم يرد به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا محرمًا يصيبه، فأتى الصحابة وهم محرمون، فأبوا أن يأكلوه، حتى سألوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فأمرهم بأكله (¬2). "مسائل صالح" (580). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن حديث الصعب بن جثامة أهديت للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حمار وحش فردّه وهو محرم (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 362، وأبو داود (1851)، والترمذي (846)، والنسائي 5/ 187. قال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 2/ 363. أخرجه الترمذي والنسائي. وقال الترمذي: والمطلب لا نعرف له سماعًا من جابر، وقال في موضع آخر: المطلب بن عبد اللَّه بن حنطب. يقال: إنه لم يسمع من جابر، وذكر أبو حاتم الرازي أنه لم يسمع من جابر، وقال ابنه عبد الرحمن ابن أبي حاتم: يشبه أن يكون أدركه. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (320). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 296، والبخاري (1821)، ومسلم (1196). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 37، والبخاري (1825)، ومسلم (1193) من حديث ابن عباس عن الصعب بن جثامة -رضي اللَّه عنهم-.

وقال بعضهم: عجز حمار (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (767). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وقد روي عن جابر بن عبد اللَّه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لحم الصيد لكل حلال إلا ما صدتم، أو صيد لكم" وكرهه عثمان لم صيد له. "مسائل عبد اللَّه" (768). قال عبد اللَّه: قال أبي: فأما حديث أبي قتادة فن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرهم أن يأكلوه وهم حرم، كان أبو قتادة صاده وهو حلال، فأمرهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأكله. "مسائل عبد اللَّه" (769). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: المحرم إذا صيد الصيد من أجله لا يأكله المحرم؛ لأنه من أجله ويأكله غيره، ولا بأس أن يأكل المحرم من الصيد الذي لم يصده من أجله، إذا صاده حلال. قال أبي: علي وعائشة وابن عمر كانوا يكرهون للمحرم أن يأكل لحم الصيد (¬2)، كأنهم ذهبوا إلى ظاهر الآية {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96]. "مسائل عبد اللَّه" (770). قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن محرم أكل صيدًا صاده حلال؟ قال: إذا لم يصد من أجله فلا بأس. "مسائل عبد اللَّه" (772). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 290، ومسلم (1194/ 54) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-. (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 427 (8326 - 8327) عن عائشة وعلي، ورواه ابن أبي شيبة 3/ 295 - 294 (14470، 14474، 14476) عن عائشة وعلي وابن عمر.

1242 - محرم اضطر: يأكل الميتة، أو يصيد

ذكر مهنا عن أحْمَد أنه قال: أذهب لحديث جابر (¬1)، قال: ويروى عن طلحة والزبير وعمر وأبي هريرة (¬2): فيه رخصة. ثم قال: عائشة تكرهه وغير واحد. ولَمَّا ذكر له حديث عبد الرزاق عن الثوري، عن قيس، عن الحسن بن محمد، عن عائشة: أهدي لرسول اللَّه وشيقة لحم وهو محرم فأكله (¬3)، فجعل أبو عبد اللَّه ينكره إنكارًا شديدًا، وقال: هذا سماع منكر. "التوضيح" 5/ 353 1242 - محرمٌ اضطرَّ: يأكل الميتة، أو يصيد قال إسحاق بن منصور. قُلْتُ: محرمٌ اضْطرَّ يأكلَ الميتةَ، أو يصيد الصيد فيأكله؟ قال: يأكلُ الميتةَ. قال إسحاق: يأكل الصيد وعليه الجزاء "مسائل الكوسج" (1606). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 362، وأبو داود (1851)، والترمذي (846) والنسائي 5/ 187 قال الترمذي: حديث جابر حديث مفسَّر، والمطلب لا نعرف له سماعًا عن جابر، والحديث ضعفه الألباني في "ضعيف النسائي"، (178)، وقال فى "ضعيف أبي داود" (325)، إسناده ضعيف لانقطاعه. (¬2) رواه عبد الرزاق 429/ 4 - 434 (8336، 8340، 8342، 8348)، وابن أبي شيبة 3/ 293 - 294 (14461 - 14464) عنهم. (¬3) رواه عبد الرزاق في "مصنفه" 4/ 427 (8324) بإسناده ومتنه إلا أن فيه (فلم يأكله) بدل (فأكله) فليحرر.

قال صالح: وسألته عن المحرم يضطر إلى الميتة والصيد؟ قال: يأكل الميتة. قلت فإن اضطر إلى الصيد؟ قال: يصيد ويأكل ويكفر. "مسائل صالح" (369). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن المحرم يضطر إلى الميتة والصيد؟ قال: يأكل الميتة. وسألته مرة أخرى، فقال: أما أنا فأختار له الميتة. "مسائل أبي داود" (843). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن المحرم يضطر إلى الصيد والميتة؟ قال: يأكل الميتة ولا يقرب الصيد؛ لأن الميتة قد أحلت له. "مسائل ابن هانئ" (1754). قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن المحرم يضطر إلى الميتة والصيد؟ قال: يأكل الميتة. قيل: فإن اضطر إلى الصيد؟ قال: يصيد ويأكل ويكفر. "مسائل عبد اللَّه" (902).

1243 - هل يحرم صيد المدينة، كما يحرم صيد مكة؟

1243 - هل يحرم صيد المدينة، كما يحرم صيد مكة؟ ونقل عنه أحْمَد بن الفرات: إن قتل في حرم المدينة صيدًا عليه الجزاء. "طبقات الحنابلة" 1/ 133، 134. قال في رواية حنبل: صيد المدينة حرام أكله، حرام صيده. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 158. 1244 - حدود حرم المدينة قال عبد اللَّه: سألت أبي عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المدينة حرام ما بين عير إلى ثور" (¬1). فقال: قال وكيع: "عير إلى ثور" جبالها. "مسائل عبد اللَّه" (911). ¬

_ (¬1) رواه الإمام 1/ 81، والبخاري (1870)، ومسلم (1370) من حديث علي -رضي اللَّه عنه-.

فصل: الخطبة والزواج للمحرم، وما يحل له من زوجته وما لا يحل

فصل: الخطبة والزواج للمحرم، وما يحل له من زوجته وما لا يحل 1245 - لا يتزوج المحرم ولا يزوج قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المحرمُ ينكح؟ قال: لا، وإن نكح فُرِّق بينهما. قال إسحاق: كما قال، قد سنَّ ذَلِكَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، وأخذَ به عمرُ ابنُ الخطابِ -رضي اللَّه عنه- (¬2). "مسائل الكوسج" (1467). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مُحرِمٌ تزوَّجَ؟ قال أحْمَد: يُفَرَّقُ بينَهما. قال إسحاق: كما قال؛ لما صحَّ نهيُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذَلِكَ، وفَرق بينهما عمرُ بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-. "مسائل الكوسج" (1683). قال صالح: وسألته عن المحرم: أله أن يتزوج؟ قال: لا يتزوج، وإن تزوج فرق بينهما "مسائل صالح" (246). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 64، ومسلم (1409)، وأبو داود (1841)، وابن ماجه (1966)، والنسائي 5/ 192، 6/ 88، وابن خزيمة (2649)، وابن حبان (4123) من حديث عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه-. (¬2) رواه مالك ص 229، والبيهقي 5/ 66.

قال صالح: قال أبي: المحرم إذا تزوج يفرق بينهما، عمر وزيد بن ثابت قالا: يفرق بينهما (¬1). حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المحرم لا ينكح ولا ينكح". "مسائل صالح" (1201). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن محرم أراد أن يتزوج ويخرج إلى مكة؟ قال: لا ينكح، لا يتزوج، ولا ينكح. يعني: ولا يزوج ابنته ولا أخته. "مسائل عبد اللَّه" (877). قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: قُلْتُ يتزوج المحرم؟ قال: لا يتزوج. قال: يروى عن علي وعمر: يفرق بينهما، وزيد بن ثابت قال: يفرق بينهما، وابن عمر قال: لا ينكح ولا ينكح (¬2). وروي عن عثمان عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا ينكح المحرم ولا ينكح" (¬3). "مسائل عبد اللَّه" (877). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن محرم يتزوج؟ قال: أذهب إلى حديث عثمان، ولا بأس أن يشتري الأمة، ولا بأس أن يراجع المحرم امرأته إذا طلقها، طلاقًا يملك الرجعة راجعها. يروى عن عمر: أنه رد نكاح المحرم، وزيد بن ثابت، وابن المسيب (¬4). "مسائل عبد اللَّه" (879). ¬

_ (¬1) أثر زيد بن ثابت رواه البيهقي 5/ 66. (¬2) رواه مالك ص 229، والبيهقي 7/ 213. (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 57، ومسلم (1409). (¬4) أثر سعيد بن المسيب رواه مالك ص 229 - 230، والبيهقي 5/ 66.

نقل الميموني عنه: إن نكح فالنكاح باطل، وإن زوج لم أفسخه. "الروايتين والوجهين" 1/ 281. قال ابن خداش المهلبي: سألت أحْمَد عن نكاح المحرم؟ فقال: عُمَرُ وعثمان وابن عمر يفرقون بينهما. وذكروا قصة ميمونة، وقول أبي رافع، فقال أبو عبد اللَّه: يزيد بن الأصم هي خالته، قال: تزوجها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حلالًا، وبنى بها حلالًا. يذهب ذا عليهم، وهي خالتهم؟ "طبقات الحنابلة" 1/ 409 - 410. قال أبو الحارث: وقد سُئل عن حديث ابن عباس (¬1)؟ فقال: هذا الحديث خطأ. وقال في رواية المروذي: أذهب إلى حديث نبيه بن وهب. قلت: إن أبا ثور قال لي: بأي شيء تدفع حديث ابن عباس، وميمونة تقول: تزوج وهو حلال (¬2)؟ ! وقال: إن كان ابن عباس ابن أخت ميمونة، فيزيد بن الأصم ابن أخت ميمونة، وقال أبو رافع: كنت السفير بينهما (¬3). "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 195. نقل حنبل عنه: لا يخطب. "الإنصاف" 8/ 330. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 330، والبخاري (1837)، ومسلم (1410). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 332، ومسلم (1411). (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 393، والترمذي (841) وقال: هذا حديث حسن، وقال ابن حجر في "الدراية" 2/ 56: صححه ابن خزيمة وابن حبان.

1246 - المحرم يراجع امرأته

1246 - المحرم يراجع امرأته قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المحرم يراجع امرأته؟ قال: لا، هذا عندي تزويج. قال إسحاق: يراجع، ولكن إذا بانَتْ بواحدةٍ لم يتزوجها؛ لأنَّه لا بد مِن رضاها. "مسائل الكوسج" (1076). نقل أحْمَد بن أبي عبدة والفضل بن زياد: لا يراجع المحرم امرأته. فقيل له: فيخاف أن تبين منه؟ قال: وإن خاف. "الروايتين والوجهين" 1/ 281 - 282. وقال أبو زرعة الدمشقي: سألت أبا عبد اللَّه عن المحرم يُراجع زوجته؟ قال: لا. قُلْتُ: فإنه يخاف أن تنقضي العدة، قبل أن يحل؟ قال: فما الحيلة؟ ! "طبقات الحنابلة" 2/ 75. 1247 - النظر بشهوة لامرأته قال إسحاق بن منصورْ قُلْتُ: مُحرمٌ نظرَ إلى امرأتهِ من شهوة حتَّى إذا انتشرَ أو لمسَ من شهوةٍ؟ قال: إذا ردَّد النظرَ؛ أعجب إليَّ أنْ يُهريقَ دمًا (¬1). ¬

_ (¬1) روى ابن أبي شيبة 3/ 136 (12820، 12825) فيمن قبل امرأته عنه: عليه دم، وفي 3/ 137 (12835) في رجل يلمس امرأته فينزل: عليه بدنة والحج من قابل.

قال إسحاق: كما قال، ولو أمنى كذلك بعدُ أيضًا إذ لم يمس. "مسائل الكوسج" (1582). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عمن نظر فأمنى وهو محرم؟ قال: إذا لم يكن نظر يردد أي: يردد النظر. قيل لأحْمَد: فعليه دم؟ قال: أدناه دم. "مسائل أبي داود" (851). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل ينظر إلى امرأته وهو محرم فينزل؟ قال: أما عطاء فله فيها قولان: مرة يقول: فسد حجه. ومرة يقول: عليه دم. قلت له: فإلى أي شيء تذهب؟ قال: إذا هو نظر وكرر النظر فعليه دم. "مسائل ابن هانئ" (881). قال في رواية حنبل: إذا أمنى من نظر وكان لشهوة فعليه بدنة، وإن أمذى فعليه شاة. . وقال في رواية أبي طالب وأحْمَد بن جميل في محرم نظر فأمنى: فعليه دم قيل له: فإن ذكر شيئا فأمنى؟ قال: لا ينبغي أن يذكر. قيل له: وقع في قلبه شيء؟ قال: أرجو أن لا يكون عليه شيء. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 224 - 225.

1248 - المباشرة للحاج

نقل عنه الأثرم فيمن جرد امرأته ولم يكن منه غير التجريد: عليه شاة. "الفروع" 3/ 403، "المبدع" 3/ 183. 1248 - المباشرة للحاج قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: المحرمُ إذا باشَر امرأتَهُ وهي محرمةٌ؟ قال الإمام أحْمَد رحمه اللَّه تعالى: عليهِ دمٌ. قال إسحاق: نعم. "مسائل الكوسج" (1502). قال إسحاق بن منصور: من قبَّل امرأته وهو محرم؟ قال: عليه دم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1505). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الماءُ الدافقُ مِنَ المباشرةِ والجس والقبلةِ والنظرة يفسد الحجَّ؟ قال: هذا أهل أن يفسد حجه، والنظرةُ أهونُ مَا هنالك. قال إسحاق: يفسد من كل حجه إذا نزَل الماءُ الدافقُ وتعمَّد الجِماعَ، وإن كَانَ دون الفرجِ، إلَّا النظرة فعليه دَم، وحجَّتُه جائزةٌ. "مسائل الكوسج" (1628). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: وأصحابُنا يقولونَ: إن قبَّلَ فأمنَى فَبَدَنَةٌ، وإن قَبَّلَ فأمْذى فبقرةٌ، وإن قَبَّل قبلةً لم يُمنِ ولمْ يُمْذِ فشاةٌ. قال أحْمَد: أرجو أن يجزئ عنه شاةٌ، يعني: في هذا كُلِّه.

قال إسحاق: يجزئه شاة في كلِّ واحدةٍ من تِلْكَ ما لم يَكُنْ تَعمُّد جِماعٍ دُونَ الفَرج، فإذا جَامَعَ دُونَ الفَرج فحُكمُه حُكمُ المجامعِ في الفَرجِ. "مسائل الكوسج" (1676). قال إسحاق بن منصور: قال أحْمَد: لكن إنْ غَشيَها دُون الفرجِ وَجَبَت عَليْهِ بَدَنَة، ولا أُفْسد الحجَّ إلا بالتقاءِ الختانين، وكُلما وَقَع عَلى أهلِه ولم يَرمِ الجمرةَ فعليهِ أن يأتي الحجَّ مِن قَابِلٍ. قال إسحاق: كما قال إلا قوله: مَا لَم يجامِع في الفَرجِ ما لم يَكُن جماعًا. "مسائل الكوسج" (1677). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عَنِ: المُحرمِ يجامعُ أهلَه في غير الفرَج وَينزِلُ؟ [قال: ] (¬1) يقولون: علَيه بَدَنَة وتَمَّ حجُّهُ. قُلْتُ: فالمرأةُ؟ قال: عليهَا دمٌ إذَا كانت تَشْتَهِي. قيلَ لهُ: فإن أنزلَتْ؟ قال: عليها مَا عَلَى الرَّجُل. قال أحْمَد: جيد. قال إسحاق: كما قال إذا لَم يكنْ الجماعُ دونَ الفرجِ إنزالًا، فإن حُكمَ ذَلِكَ والجماع واحدٌ إذا تعَمَّدَ. "مسائل الكوسج" (1678). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إذا لمس من شهوةٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ. قال أحْمَد: جيدٌ. ¬

_ (¬1) ليست في المطبوع من "مسائل الكوسج" أثبتناها ليتم بها المعنى.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1681). قال أبو داود: وسمعته غير مرة سئل عمن قبل وهو محرم فأمنى؟ قال مرة: أجبن عنه. وقال مرة: ما أشده! يعني: أجبن عن أن أقول بفساد الحج فيه. "مسائل أبي داود" (852). قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال: إذا أتاها دون الفرج حتى أمنى فسد حجه. "مسائل أبي داود" (853). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن المحرم يضرب يده على فخذ امرأته فينزل؟ قال: عليه دم، وليتق اللَّه ولا يعود. "مسائل ابن هانئ" (883). قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قال: وفي القبلة دم. يعني: المحرم يقبل. "مسائل عبد اللَّه" (761). قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قُلْتُ: المحرم إذا وطئ امرأته فيما دون الفرج؟ قال: إذا أنزل فقد فسد حجه. قُلْتُ: فإن لم ينزل؟ قال: عليه بدنة. وقال: في القُبلة دم. "مسائل عبد اللَّه" (897). نقل الفضل بن زياد فيمن نظر فأنزل: يهريق دمًا. "الروايتين والوجهين" 1/ 291 - 292.

1249 - الوطء في الفرج

نقل عنه ابن الحكم في الذي يقبض على فرج امرأته، قال: يهريق دم شاة تجزئه. وقال في رواية المروذي في المحرم يُقبل امرأته: علية دم، فإن أنزل فقد فسد حجه؛ لأنه استمتاع مجرد لا إنزال معه. وقد قال في رواية أبي طالب في محرم أتى أهله دون الفرج: فسد حجه؛ لأنه قد قضى حاجته. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 218 - 220. 1249 - الوطء في الفرج قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من طافَ يوم النَّحرِ، ثُمَّ جامعَ امرأتهُ قبلَ أن يصلِّي الركعتينِ؟ قال: ما عليه شيءٌ، يصلِّي متى شاء. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ الذي يَتمُّ بهِ الحجُّ هو الطواف، وقد فرغَ منهُ. "مسائل الكوسج" (1584) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا التقى الخِتَانَان ولمْ ينزلْ، أَفَسَدَ حجهما؟ قال: إذَا مَسَّ الختانُ الختان فقد أفسدا حجهما. "مسائل الكوسج" (1627). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا أَصَابَ الرجلُ امرأتَهُ قبلَ أَنْ تقصرَ مِنْ شعرِ رأسِهَا، وقد أَفَاضَتْ؟ قال: تهريق دمًا، وقَدْ تمَّ حجّهَا وحجُّه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1632).

قال صالح: الرجل يقع على امرأته قبل أن يرمي الجمرة؟ قال: أفسد حجه. "مسائل صالح" (1101). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن: رجل وقع بأهله قبل أن يفيض؟ قال: يعتمر وعليه دم. قُلْتُ: شاةٌ؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (850). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن رجل وقع بأهله بعدما يفيض -يعني: بعدما رمى الجمرة- قال: يعتمر وعليه دم. قُلْتُ: شاة؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (854). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن الرجل يجامع امرأته يوم عرفة؟ قال: فسد حجه، إلا أن يكون قد رمى الجمرة ثم واقع بعد رمي الجمرة، فإن كان بعد فعليه دم، وإذ كان قبل فقد فسد حجه. سألت أبا عبد اللَّه عن رجل وطئ قبل أن يرمي الجمرة؟ قال: لا يجزئه حجه حتى يرمي الجمرة. "مسائل ابن هانئ" (882). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن المحرم يجامع؟ قال: بطل حجه، وعليه الحج من قابل، ويهريق لذلك دمًا.

قُلْتُ: فإن وقع بأهله قبل أن يرمي الجمرة؟ قال: فسد حجه. قُلْتُ: فإن قبّل قبل أن يرمي؟ قال: عليه دم. "مسائل ابن هانئ" (885). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن محرم وقع بأهله قبل أن يفيض؟ قال: عليه دم. قيل له: المحرم إذا وطئ دون الفرج؟ قال: إذا أنزل فسد حجه. قيل: وإن لم ينزل؟ قال: عليه بدنة. "مسائل ابن هانئ" (886). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا وطئ الرجل قبل رمي الجمار فسد عليه حجه، وعليه الحج من قابل على حديث ابن عمر من حديث علي البارقي عن ابن عمر (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (896). وقال في رواية أبي الحارث: الإحرام قائم عليه، فإذا رمى الجمرة انتقض إحرامه. وقال في رواية ابن القاسم وسندي فيمن لم يرم جمرة العقبة إلى الغد، ووطئ النساء قبل الغد: فسد حجه. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 344 (14939).

1250 - إذا وطئ امرأته وأفسد حجه أو عمرته

فقيل له: إنهم يقولون: إذا كان الوطء بعد خروج وقت الرمي فليس هو بمنزلة من وطئ قبل الرمي؟ فقال: أليس قد وطئ قبل الرمي، وإنما يحل الوطء بالرمي؟ ! ونقل الميموني عنه فيمن بقي عليه شوط، هل عليه دم؟ قال: الدم قليل، ولكن عليه بدنة، وأرجو أن تجزئه، لما روى مجاهد عن ابن عباس قال: إذا وقع الرجل على امرأته بعد كل شيء غير الزيارة: فعليه ناقة ينحرها (¬1). ونقل بكر بن محمد عنه: عليه دم شاة أو غيرها. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 235 - 237. 1250 - إذا وطئ امرأته وأفسد حجه أو عمرته قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في الذي يُصِيبُ امرأتَه بعدَ رمي الجمرة؟ فمال: إذا رَمى الجَمرةَ فقد انتقضَ الإحرام ويعتمُر من التَّنعيم. قال إسحاق: حجته جائزة ولئن يعتمر من التنعيم حتَّى يكونَ الطَّوافُ بالبيتِ بدلَ الزِّيارةِ محرمًا فهو أفضَل؛ لأنَّه لو كان ترك طوافَ الزِّيارةِ، ولم يكُنْ جَامع جازَ لهُ أنْ يرجعَ محرِمًا فيطُوفَ طوافَ الزيارةِ. "مسائل الكوسج" (1503). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في الذي يُصيبُ أهلهُ في العمرةِ قبل أنْ يُقصِّرَ؟ قال: الدمُ لهذا كثيرٌ عندِي. ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 5/ 168، وقد رواه أيضًا ابن أبي شيبة 3/ 342 - 343 (14928) لكن من طريق سعيد بن جبير عنه، وكذا البيهقي، وزاد من رواية عكرمة أيضًا عنه.

قال إسحاق: كما قال، يتصدَّقُ بشَاةٍ لا بُدَّ لهُ. "مسائل الكوسج" (1504). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد -رضي اللَّه عنه-: إذا جامعَ في العمرةِ قبلَ أنْ يطوفَ بالصفا والمروة؟ قال: لا تتمُّ العمرةُ إلا بالطَّوافِ بينهما، يقضي العمرة، ويكون عليه فيها الهدي. قال إسحاق: لا قضاءَ عليه إذا كان قد طافَ بالبيتِ؛ لما قال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: العمرةُ الطواف (¬1)، وعليه دم كما قال "مسائل الكوسج" (1585) قال أبو داود: سئل أحْمَد عن المعتمر يقع بامرأته قبل أن يقصر؟ تال: عليه الفدية. قيل لأحْمَد: فسدت عمرته بجماع، ثم اعتمر من عامه ينويه؟ قال: لا يجزئه حتى يأتي بعمرةٍ أخرى؛ وعليه دمٌ. "مسائل أبي داود" (855). قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يقع بأهله قبل أن يطوف بالبيت في عمرته؟ قال: فسدت عمرته، فن كان عليه وقت عمرة اعتمر، وإلا فإذا قضى حجه اعتمر. "مسائل ابن هانئ" (776). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل واقع قبل الزيارة، متى يعتمر؟ ¬

_ (¬1) رواه مسلم (1244).

قال: إذا انقضت أيام التشريق. "مسائل ابن هانئ" (877). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل وقع بأهله قبل أن يرمي؟ قال: قد فسد حجه، وأحب إليَّ أن يعتمر من التنعيم، وإليه كان يذهب مالك. "مسائل ابن هانئ" (884). قال أبو طالب: قال أحْمَد: وإذا واقع المحرم امرأته وهما معتمران: فقد أفسدا عمرتهما، وعليهما قضاء يرجعان إن كان عليهما فيهلان من حيث أحرما من الميقات، ولا يجزئهما إلا من الميقات الذي أهلا بالعمرة وقضيا مثل ما أفسدا، وإن خشيا الفوات، ولم يقدرا أن يرجعا أحرما من مكة وحجا، حجهما صحيح، فإذا كان يوم النحر ذبحا لتركهما الميقات لما دخلا بغير إحرام من الميقات، فإذا فرغا من حجهما خرجا إلى ذي الحليفة، فأحرما بعمرة مكان العمرة التي أفسدا، فإذا قدما مكة ذبح كل واحد منهما هديًا لما أفسدا من عمرتهما من الوقوع، فإذا كانت بدنة كانت أجود وإلا فشاة تجزئه وعلى كل واحد منهما هدي إن كان استكرهها، وابن عباس يقول: على كل واحد منهما هدي أكرهها أو لم يكرهها (¬1). وقال في رواية أبي طالب في معتمر طاف فواقع أهله قبل أن يسعى: فسدت عمرته وعليه مكانها، ولو طاف وسعى ثم وطئ قبل أن يحلق ويقصر: فعليه دم. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 244 - 245. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 161 (13091).

قال في رواية أبي الحارث في الذي يطأ ولم يرم جمرة العقبة: أفسد حجه، وإن سمى وطئ بعد رمي الجمرة فعليه أن يأتي مسجد عائشة فيحرم بعمرة: فيكون أربعة أميال مكان أربعة أميال، وعليه دم. وقال في رواية المروذي فيمن وطئ قبل رمي جمرة العقبة: فسد حجه وعليه الحج من قابل، فإن رمى وحلق وذبح ووطئ قبل أن يزور البيت عليه دم ويعتمر من التنعيم؛ لأن عليه أربعة أميال مكان أربع. وكذلك نقل أبو طالب عنه: يعتمر من التنعيم؛ لأنه من منى إلى مكة أربعة أميال، ومن التنعيم أربعة أميال. وقال في رواية الفضل بن زياد فيمن واقع قبل الزيارة: يعتمر من التنعيم بعد انقضاء أيام التشريق. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 238 - 239. وقال في رواية أبي طالب في الرجل إذا واقع امرأته في العمرة: عليهما قضاؤها من حيث أهلا بالعمرة لا يجزئهما إلا من حيث أهلا {وَالحرُمَاتُ قِصَاصٌ}. وقال في رواية ابن مشيش: إذا أفسد الرجل الحج فعليه الحج من قابل من حيث أوجب الإحرام. قيل له: فإن كان من أهل بغداد وقد أوجب الإحرام على نفسه، ولم يكن له من قابل زاد ولا راحلة؟ قال: فعليه متى وجد. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 257. نقل عنه أبو طالب فيمن وطئ في العمرة؛ أنها تفسد، ويجب بإفسادها شاة. "المبدع" 3/ 167، "معونة أولي النهى" 4/ 122.

1251 - نفقة المرأة في القضاء من يتحملها؟

نقل أبو طالب، والميموني عنه: فإذا فرغ منه أحرم من ذي الحُليفة بعمرة مكان ما أفسد. "الإنصاف" 8/ 343 - 344 1251 - نفقة المرأة في القضاء من يتحملها؟ نقل الأثرم فيمن أكرهت: على الزوج حملها ولو طلقها وتزوجت بغيره، ويجبر الزوج الثاني على إرسالها إن امتنع. "المبدع" 3/ 181، "الإنصاف" 8/ 339. 1252 - هل للزوج الذي وطئها أن يكون محرمها في الحج؟ نقل ابن الحكم: يُعتبر أن يكون معها محرم غير الزوج. "المبدع" 3/ 164، "الإنصاف" 8/ 342. 1253 - حكم التفرق في القضاء وصفته قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: في الذي يُصيبُ أهلَهُ مُهلّا بالحجِّ؟ قال: يحجَّانِ مِن قابلٍ ويتفرقَانِ، وأرجو أنْ يُجزِئهما هديٌ واحدٌ. قال إسحاق: كما قال؛ بل يُجزِيهما هديٌ واحدٌ. "مسائل الكوسج" (1501). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا أَفسَدَا حجهما بجماعٍ، منْ أينَ يهلان منْ قابلٍ؟ قال: مِنْ حيثُ كانا أهلَّا من مواقيتهما. قال إسحاق: كما قال، والافتراقُ مِنْ حيثُ أصابَا. "مسائل الكوسج" (1580).

1254 - إذا أفسد حجه وقضاه، فأيهما يصح؟

قال في رواية الأثرم في الرجل يصيب أهله وهما محرمان: يتفرقان إذا عادا إلى الحج في النزول والمحمل والفسطاط وما أشبه ذلك. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 263. 1254 - إذا أفسد حجه وقضاه، فأيهما يصح؟ قيل لأحْمَد في رواية أبي الحارث: أيتهما حجة التي أفسدها، أو التي قضاها؟ قال: لا أدري. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 258، "الفروع" 3/ 392. 1255 - وقت نحر هدي الفساد قال في رواية أبي طالب: إذا وطئ وهو محرم أو قارن: فسد حجه في سنته التي وطئ فيها، فن كان معه هدي نحره، وإلا فليس عليه هدي، وقد فسد حجه إلى قابل إذا حج أهدى. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 258 - 259. 1256 - ما يجب على المحرم إذا زنا؟ قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المحرم إذا زنا عليه الكفارة؟ قال: إذا كان غير محصن، فقال: عليه الحد، وعليه أن يحج من قابل ويهدي. "مسائل عبد اللَّه" (762)

أبواب ما جاء في الفدية وأقسامها

أبواب ما جاء في الفدية وأقسامها باب: ما جاء على التخيير 1257 - فدية الأذى واللبس والطيب قال في رواية ابن القاسم وسندي في المحرم يحلق رأسه من غير أذى ليس هو بمنزلة من يحلق من أذى، إذا حلق رأسه من أذى فهو مخير في الفدية. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 276. 1258 - جزاء الصيد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما قد حُكِمَ فيهِ من الصَّيد؟ قال: كلَّما تقدم فيه حُكمٌ فهو على ذَلِكَ. قال إسحاق: كما قال، كلُّ شيءٍ قد حَكمَ فيه أصحابُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو مَا حُكمَ فيه إلى يومِ القيامَةِ، وما لمْ يحكموا فيه حكمَ فيه ذَوا عدلٍ، ويجوزُ أنْ يحكمَ فيه ذَوا عدلٍ والذي أصابَ الصيد. "مسائل الكوسج" (1511). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: الثعلبُ؟ قال: أمرُه مشتبهٌ. قال إسحاق: إنَّ أهلَ العلم اختلفوا فيه، منهُم من جعلَه صيدًا يرى فيه حكومة، ومنْ جعلَهُ سبعًا لمْ يحكمْ فيهِ، والحكم فيه أحبُّ إليَّ. "مسائل الكوسج" (1512).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: القَملةُ؟ قال: يُطعِم عنها شيئًا. قال إسحاق: تمرة فما فوْقَهَا. "مسائل الكوسج" (1513). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: حمامُ الحلِّ والحرمِ؟ قال: سواءٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1514). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سئل سُفيانُ عَنِ السّنَّوْرِ الأهلِي؟ قال: ليسَ فيهِ حكُومَة، وإنْ لم يكُنْ أهليًّا فَفيهِ حكومةٌ. قال أحْمَد: أهليّ وغيرُ أهلي فيهِ حكُومَةٌ. قال إسحاق: كما قال سفيانُ، لما يلزمُ حكومة المحرمِ فيما يُصيبُ في غيرِ الأهْلِي. "مسائل الكوسج" (1692). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: سُئِلَ سفيان عن الضفدع؟ قال: فيه حكومةٌ. قال أحْمَد: لا أعرف فيه حكومة، من أين يكون فيه حكومة؟ ! قد نُهِيَ عن قتله. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1696). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل: من يصيب الصيد يريد أن يحكم عليه، الحكم عليه، أو يتبع ما جاء من الحديث: "في مثل الظبي شاة

وفي الحمامة شاة" (¬1)؟ قال: يتبع ما جاء، قد حكم وفرغ منه. "مسائل أبي داود" (846). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن محرمٍ قتل ظبيًا؟ قال: عليه شاةٌ. "مسائل أبي داود" (847). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن محرمٍ ألقى جرادة في النار؟ فقال: قال عمر: تمرة خير من جرادةٍ (¬2). "مسائل أبي داود" (849). قال ابن هانئ: وسئل عن رجل أغلق بابه على حمام من حمام مكة؟ قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: عليه بكل حمامة، شاة، شاة. "مسائل ابن هانئ" (763). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المحرم يصيب الصيد؟ قال: يحكم عليه بمثله {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] في الظبي شاة، وفي النعامة بدنة، وفي الحمامة شاة، حكم بها ابن عباس، "وفى الضبع كبش" (¬3) يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-! "مسائل عبد اللَّه" (778). ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 5/ 182 عن سعيد بن المسيب. (¬2) رواه مالك ص 269، وعبد الرزاق 4/ 410 (8246)، وابن أبي شيبة 3/ 410 (15620). (¬3) رواه أبو داود (3801) واللفظ له، والترمذي (851)، وابن ماجه (3085) من حديث جابر -رضي اللَّه عنه- قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال الألباني: صحيح انظر: "الإرواء" (1050).

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: حكم عبد اللَّه فيه بجفرة -يعني: في اليربوع. قال أبي: الجفر: الصغير من الغنم. "مسائل عبد اللَّه" (1616) قال في رواية حنبل: حكم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الضبع بكبش وهي جارحة من جملة السباع. وقال في رواية أبي الحارث: وإذا اصَّاد المحرم بقرة فقد قال اللَّه: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] عليه بقرة، وفي النعامة بدنة، وفي حمار الوحش بدنة كذلك. قال عطاء: في حمار الوحش، بدنة وفي الثبتل بقرة، وفي الوعل بقرة، وفي الأيل بقرة، وفي الظبي شاة، وفي الأرنب جفرة، وفي اليربوع جفرة. والجفرة: الصغيرة من الغنم. وقال في رواية أبي طالب: أذهب إلى حديث عمر في الضبع كبش وفي الظبي شاة، وفي الأرنب جفرة وفي اليربوع جدي (¬1). "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 289. نقل عنه ابن القاسم وسندي: كل طير يعب الماء مثل الحمام -يشرب كما يشرب الحمام- فيه شاة، وما كان مثل العصفور ونحوه: ففيه القيمة، ويلزم المحرم كما يلزم الحلال في حمام الحرم، والطير صيد والدجاج ليس بطير، وإنما أهلي. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 297، "المبدع" 3/ 195. نقل عنه إسماعيل بن سعيد: هو على ما حكم به الصحابة. ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" ص 267، والبيهقي 5/ 184، وصححه الألباني في "الإرواء" (1051).

1259 - هل يضمن المحرم بيض الصيد؟

وزاد أبو النضر العجلي: لا يحتاج أن يحكم عليه مرة أخرى. "معونة أولي النهى" 4/ 153 1259 - هل يضمن المحرم بيض الصيد؟ قال في رواية حنبل في المحرم يصيب بيض النعام: فيه قيمته، فإذا لم يجد صام. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 306. 1260 - لو أفزع الصيد وأذعره، هل يضمن؟ قال الإمام أحْمَد في رواية الميموني في محرم أخذ صيدًا، ثم أرسله، فإن كان حين أخذه أعنته: تصدق بشيء لمكان أذاه وإذعاره إياه؛ لأنه قد حرم عليه ترويعه بقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا ينفر صيدها" (¬1) وإذا أرسله وقد ذعر وفزع: لم يعده إلى مثل حالته الأولى. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 305 - 306. 1261 - التخيير في جزاء الصيد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: فيمن أصابَ الصيدَ هو مُخَيَّرٌ في الطعامِ والصيامِ والذبح؟ قال: هو مُخَيَّرٌ. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 253، والبخاري (1349)، ومسلم (1353).

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1591). قال البغوي: وسمعت أبا عبد اللَّه سنة ثمان وعشرين ومائتين وسئل عن محرم قتل صيدًا؟ قال: يكفرها في القرآن. "مسائل البغوي" (20). قال في رواية الميموني في قوله: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} إلى قوله: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: 95] فهو في هذا مخير. وعنه رواية أخرى نقلها حنبل وابن الحكم: أن بدل الصيد على التخيير إذا كان مؤسرًا ووجد الهدي لم يجزه غيره، وإن كان مؤسرًا ولم يجده اشترى طعامًا فإن كان معسرًا صام. قال في رواية ابن الحكم في الفدية: هو بالخيار، وفي جزاء الصيد لا يكون بالخيار؛ عليه جزاء الصيد لا يجزئه إلا العدل، ليس هو مخير في الهدي والصوم والصدقة. وقال في رواية حنبل: إذا أصاب المحرم صيدًا ولم يصب له عدل مثل حكم عليه قوم طعامًا إن قدر على طعام؛ وإلا صام لكل نصف صاع يوما هكذا يروي عن ابن عباس (¬1). ونقل عنه الأثرم وقد سئل: هل يطعم في جزاء الصيد؟ فقال: لا، إنما جعل الطعام في جزاء الصيد؛ ليعلم الصيام؛ لأن من قدر على الطعام قدر على الذبح. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 315 - 316. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 186 (13359)، والبيهقي 5/ 186.

1262 - كيفية التخيير في جزاء الصيد

1262 - كيفية التخيير في جزاء الصيد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سُفيانُ في رجُلٍ أصابَ صَيدًا وعَندَه طعامٌ لا يتمُّ جزاء الصيدِ صَامَ، لا يكونُ بعضُهُ صومًا وبعضُهُ طَعامًا، يكُونُ صَومًا. قال أحْمَد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1694). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الصيد، يصيد المحرم عامدًا وليس عنده ما يكفر؟ فقال: قال اللَّه تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}، فإذا لم يوجد جزاؤه قوم الجزاء دراهم، ثم قوم الدراهم طعامًا، فصام عن كل مد يومًا. قلت لأبي: فإن صام بعض الأيام ثم وجد ما يكفر؟ فقال: قد مضى في صومه ويجزئه. وكذلك الذي يكون عليه صيام شهرين متتابعين من ظهار، أو قتل خطا فصام وهو غير واجد للكفارة بعض الصوم، ثم وجد فإنه يمضي في صومه، وكذلك كفارة اليمين إذا صام يومًا أو يومين ثم أيسر مضى صومه. "مسائل عبد اللَّه" (775). نقل الميموني إن أعطى طعامًا جعله في أهل مكة، فإن أراد أن يصوم بدل الطعام صام. "الروايتين والوجهين" 1/ 293.

1263 - الصيام عن الإطعام في جزاء الصيد

ونقل عنه ابن الحكم: عن ابن عباس في الذي يصيب الصيد يحكم عليه جزاؤه، فإن لم يجد حكم عليه ثمنه يقوم طعام يتصدق به، فإن لم يجد حكم عليه صام (¬1). "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 317 - 318. قال في رواية ابن القاسم: إذا قتل المحرم الصيد ولم يكن عنده جزاء، فإنما يقوم المثل ولا يقوم الصيد قد عدل بمثله من النعم، فلا يقُوم ثعلب ولا حمار ولا طير، وإنما يقوم المثل في الموضع الذي أصابه فيه وفيما يقرب فيه الفدي. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 321، "المبدع" 3/ 205، "الإنصاف" 8/ 384. 1263 - الصيام عن الإطعام في جزاء الصيد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل سفيان: أرأيتَ إنْ كانَ جَزاؤهُ مُدًّا أو نِصفًا؟ قال: يصومُ يومًا. قال أحْمَد: لا بدَّ من تمامِ يوم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1695). نقل حنبل: يصوم عن كل نصف صاع بر يومًا. "الروايتين والوجهين" 1/ 293. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 186 (13359)، والبيهقي 5/ 186.

ما يجزئ في جزاء الصيد والمتعة

ما يجزئ في جزاء الصيد والمتعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: لا تجزئ المهزولَةُ في جزاء الصَّيدِ وَلَا في المتعةِ. قال أحْمَد: كل مَا لا. يجزئ في الأضاحي لا يجزِئ فيهما. قال إسحاق: كما قال؛ لأنّها إذا كانتْ لا تجزئ في الأضحيةِ فمَا كانَ مِنَ الواجبِ فهوَ ألزمُ لهُ. "مسائل الكوسج" (1701). 1264 - محرمون اشتروا في صيد، ما يجب عليهم؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قوم محرمون اشتركوا في صَيدًا؟ قال: عليهم جزاءٌ واحدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1519). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قومٌ أحلةٌ صادَوا في الحرمِ صيدًا؟ قال: عليهم الجزاءُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1520). قال صالح: قال أبي: إذا قتل المحرم الصيد عليه جزاء، وإذا اشتركوا عليهم جزاء واحد. "مسائل صالح" (1290). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن جماعة محرمين، اجتمعوا على صيدٍ فقتلوه؟

1265 - جزاء من قلع أو قطع شجر الحرم وحشيشه

فقال: عليهم جزاء واحد. "مسائل ابن هانئ" (816). ونقل عنه الأثرم: إذا دل محرم حلالًا على صيد في الحرم، فقتله؛ ضمناه بجزاء واحد. "المبدع" 3/ 201 1265 - جزاء من قلع أو قطع شجر الحرم وحشيشه قال ابن هانئ: سألته عن العصا تقطع من شجر الحرم؟ قال: إذا قطعت الدوحة -يعني: الشجرة- ففيها بقرة. "مسائل ابن هانئ" (767). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: الدوحة: الشجرة العظيمة تقطع في الحرم، وقال عطاء: فيها بقرة. "مسائل عبد اللَّه" (1615). نقل عنه ابن القاسم: في الغصن الكبير شاة، ومن لم يجد قوَّمه، ثم صام. "الفروع" 3/ 479. 1266 - جزاء صيد المدينة وقبع شجرها وحشيشها قال في رواية بكر بن محمد: لم يبلغنا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا أحدًا من أصحابه حكموا فيه بجزاء. ونقل الأثرم والميموني وحنبل: فيه الجزاء. "الفروع" 3/ 487، "المبدع" 3/ 208، "معونة أولي النهى" 4/ 181.

1267 - أبواب: ما جاء في الفدية على الترتيب

1267 - أبواب: ما جاء في الفدية على الترتيب فصل: هدي التمتع في شروط التمتع ووجوب الهدي 1268 - 1 - أن يعتمر في أشهر الحج قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: العمرةُ في شهورِ الحجِّ؟ قال: لا بأس به، قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دخلت العمرة في الحج" (¬1) يعني: لا بأس بالعمرةِ في شهورِ الحجِّ. قال إسحاق: كما قال، فتصير حينئذٍ متعة إذا أقام حتَّى يحجَّ. "مسائل الكوسج" (1365). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فقوله يه: "دخلت العمرة في الحج"؟ قال: يعني: العمرة لا بأس بها في أشهرِ الحجِّ، كان أهلُ الجاهليةِ يكرهون العمرةَ في أشْهرِ الحجِّ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1402). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ دخلَ مكةَ بعمرةٍ في أشهرِ الحج وهو يريدُ الإقامة بمكةَ، ثمَّ يُنشئ الحج، أمتمتعٌ هو؟ قال: نعَم. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 236، ومسلم (1241)، من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.

قال إسحاق: شديدًا كما قال. "مسائل الكوسج" (1603). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل مِنْ أهلِ مكة انقطعَ إلى بلدٍ سِوَاها، ثمَّ قدمَ معتمرًا في أشهرِ الحج، ثمَّ أقامَ بمكةَ حتَى أنشأ الحجِّ مِنْهَا، أمتمتع هو؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1604). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى، عن ابن جريج، عن أبي الزبير أنه سمع جابرًا سئل عن العمرة بعد أيام التشريق؟ قال: لا بأس بها، وليس فيها هدي. "مسائل أبي داود" (802). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن العمرة في الحرم؟ قال: ليس على صاحبها هدي؛ ولا بأس بها، فيها فضل. "مسائل أبي داود" (866). قال ابن هانئ: وسمعته يقول: لا تكون متعة إلا في أشهر الحج، في شوال، أو في ذي القعدة، أو عشر ذي الحجة. "مسائل ابن هانئ" (696). قال ابن هانئ: سمعته يقول: لا يجب على من اعتمر بعد الحج هدي. "مسائل ابن هانئ" (697). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل دخل مكة في شهر رمضان فاعتمر، ثم قام إلى الحج، أيجزئه من المتعة؟ قال: هي في شهر رمضان أفضل، عمرة في رمضان تعدل حجة.

وقال: هي في غير أشهر الحج أفضل. "مسائل ابن هانئ" (724). قال ابن هانئ: قُلْتُ له: فإذا دخل في شهر رمضان هل عليه هدي؟ قال: لا. قُلْتُ: وقد كان أقام إلى الحج، هل عليه هدي متعة؟ قال: لا، إلا أن يكون في شوال، أو في ذي القعدة، أو عشر ذي الحجة. "مسائل ابن هانئ" (726) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يدخل بعمرة في رمضان، أو قد دخل في رمضان أيام، أيكون معتمرًا؟ قال: لو دخل وقد بقي من رمضان يوم، كان معتمرًا. "مسائل ابن هانئ" (755) قال ابن هانئ: الرجل يريد أن يخرج إذا انقضت متعته؟ قال: إذا أراد أن يعتمر، خرج إلى بعض المواقيت فيعتمر، ولا يجب عليه الهدي، وإذا دخل في شوال، وجب عليه ما استيسر من الهدي. وكان اختيار أبي عبد اللَّه الدخول بعمرة؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما سقت الهدي، ولحللت معكم" (¬1) فكأنه يختار المتعة. وسمعته يقول: العمرة كانت آخر الأمرين من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل ابن هانئ" (756) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 175، ومسلم (1211) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-. وفي الباب عن جابر رواه الإمام أحمد 3/ 302، والبخاري (1568)، ومسلم (1216).

1269 - العمرة في شهر الإحلال أم الإحرام

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أراد أن يدخل مكة؟ فقال: إذا دخل في رمضان، فدخل بعمرة فلا يكون عليه الهدي، وإنما يكون عليه الهدي إذا أهل بعمرة في شوال أو في ذي القعدة، أو في عشرة ذي الحجة، وأقام حتى يهل بالحج، فعليه هدي المتعة وهو متمتع، وهو الذي يعجبنا أن يهل بعمرة في أشهر الحج وفي غيرها، ثم يقيم إلى الحج، ثم يهل من مكة بالحج. "مسائل عبد اللَّه" (873). 1269 - العمرة في شهر الإحلال أم الإحرام قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: العمرةُ في الشهر الذي يحرم فيه أو الذي يحل فيه؟ قال: الذي يحل فيه عن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما-. قال إسحاق: كما قال، وقال: في الشهر الذي يحرم فيه، أو الذي يحل فيه، قال: الشهر الذي يحل فيه إلا أن قول جابرٍ أحبُّ إلينا؛ لأنَّه أعلى شيء فيه. "مسائل الكوسج" (1396). قال ابن هانئ: سألته عن رجل أحرم بعمرة في شهر رمضان، فدخل الحرم في شوال؟ قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: عمرته في الشهر الذي أهلّ، على حديث جابر. "مسائل ابن هانئ" (772). قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: محمد بن بكر: حدثنا ابن جريج.

وروح قال: حدثنا ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير: أنه سمع جابر بن عبد اللَّه سئل عن المرأة تجعل على نفسها عمرة في شهر مُسمّى، ثم يخلو إلا ليلة واحدة، ثم تحيض؟ قال: لتحرم ثم لتهل بإحرام بعمرة، ثم لتنتظر حتى تطهر، ثم لتطف بالكعبة، ثم لتصل (¬1). "مسائل ابن هانئ" (773) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: روح حدثنا هشام، عن حفصة بنت سيرين، قالت: أردنا العمرة، فأحرمنا في رمضان فأبطأنا السير، فقدمنا في شوال فسألنا الفقهاء، والناس يومئذ متوافرون فما سألنا أحدًا إلا قال: عمرة (¬2). "مسائل ابن هانئ" (869) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن العمرة في الشهر الذي يهل فيه؟ قال: في الشهر الذي يحرم فيه على حديث جابر بن عبد اللَّه. "مسائل ابن هانئ" (818) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا محمد بن بكر البرساني، قال: أخبرنا ابن جريج. وروح، قال: حدثنا ابن جريج: قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد اللَّه: سئل عن المرأة تجعل على نفسها عمرة في شهر مسمى؛ لم تخل إلا ليلة واحدة، ثم تحيض. قال: لتخرج ثم لتهل بعمرة، ثم لتنتظر حتى تطهر، ثم لتطف بالكعبة ولتصل. "مسائل عبد اللَّه" (819). ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 10/ 85 من طريق روح به. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 232 (13831).

1270 - إذا اعتمر مرارا في أشهر الحج، كم يجزئه من الهدي؟

قال الأَثْرَمُ: سَمِعْت أبا عبد اللَّه، سُئِلَ عَمَّنْ أَهَل بِعُمْرَةٍ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الحَجّ، ثُمَّ قَدِمَ فِي شَوَّالٍ، أَيَحِلّ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي شَوَّالٍ، أَوْ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا؟ فَقال: لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا. وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ جَابِرٍ، وَذَكَرَ إسْنَادَهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدَ اللَّهِ يُسْأَلُ عَنْ امْرَأَةٍ تَجْعَلُ عَلَى نَفْسِهَا عُمْرَةً فِي شَهْرٍ مُسَمًّى، ثُمَّ تَحِلّ إلا لَيْلَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ تَحِيضُ؟ قال: لِتَخْرُجْ، ثُمَّ لِتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ لِتَنْتَظِرْ حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ لِتَطُفْ بِالْبَيْتِ. قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَجَعَلَ عُمْرَتَهَا فِي الشَّهْرِ الذِي أَهَلَّتْ فِيهِ، لَا فِي الشَّهْرِ الذِي حَلَّتْ فِيهِ. "المغني" 5/ 353، "معونة أولي النهى" 4/ 67. 1270 - إذا اعتمر مرارًا في أشهر الحج، كم يجزئه من الهدي؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنِ اعتمرَ في ذي القعدة، ثم استمتع في ذي الحجة يجزئه هدي واحد؟ قال: نعم، هدي واحد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1403)، ونقلها عبد اللَّه عن أبيه "مسائل عبد اللَّه" (823). 1271 - 2 - ألَّا يسافر بعد العمرة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا اعتمرَ الرجلُ في أشهرِ الحجِّ، ثم رجعَ ولم يحج، أو رجع إلى أهلهِ، ثم حَجَّ؟

قال: إذا سافرَ سفرًا تقصر فيه الصلاة فليس بمتمتعٍ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1397). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل غير مرة عمن يدخل مكة معتمرًا في شوال، ثم خرج، ثم حج من عامه؟ قال: إذا سافر سفرًا تقصر فيه الصلاة انتقضت عمرته فليس بمتمتع. "مسائل أبي داود" (857). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه قُلْتُ: من أين يكون متمتعًا؟ قال: إذا أنشأ سفرًا تقصر فيه الصلاة وهو متمتع، وأذهب إلى قول عطاء. "مسائل ابن هانئ" (721) قال ابن هانئ: سألته عن: الرجل يدخل مكة متمتعًا، ثم يخرج لسفر؟ قال: إنما المتمتع الذي يقيم للحج، فإن لم يقم للحج فليس بمتمتع قال اللَّه تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196]. "مسائل ابن هانئ" (750) قال ابن هانئ: قرأت عليه: سفيان: عن ابن جريج، عن عطاء: إذا سافر سفرًا تقصر فيه الصلاة، فقد انفسخت فيه عمرة. "مسائل ابن هانئ" (751) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يدخل بعمرة في العشر، فسافر سفرًا تقصر فيه الصلاة؟ قال: هذِه ليست له بعمرة. وقد انفسخت عمرته. "مسائل ابن هانئ" (754)

قال عبد اللَّه: سألت أبي قُلْتُ: إذا اعتمر في أشهر الحج ثم رجع ولم يحج، أو رجع إلى أهله ثم حج؟ قال: إذا سافر سفرًا يقصر فيه الصلاة فليس بمتمتع. "مسائل عبد اللَّه" (820). قال البغوي: حدثنا أحْمَد بن حنبل قال: قال سفيان عن ابن جريج، عن عطاء: إذا سافر سفرًا يقصر فيه الصلاة نسخت عمرته؟ قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أي انتقضت عمرته. "مسائل البغوي" (31). قال أبو طالب: قال أحْمَد: إذا اعتمر في أشهر الحج، ثم سافر سفرًا يقصر فيه الصلاة فليس بمتمتع -ويعجبني هذا القول- وإنما يكون المتمتع: من جاء إلى مكة في شوال، أو ذي القعدة، ومن جاء في غير هذِه الشهور فإنما هي عمرة وليس هو متمتعًا، وإذا دخل بعمرة في هذِه الشهور ثم انتظر حتى يهل بالحج من مكة فهو متمتع. فإن خرج إلى الميقات وأهل بالحج فليس بمتمتع. وقال في رواية حرب، والأثرم: من أحرم بعمرة في أشهر الحج فهو متمتع إذا أقام حتى يحج، فإن خرج من المحرم سفرًا يقصر في مثله الصلاة، ثم رجع فحج: فليس بمتمتع ولا هدي عليه. وقال في رواية يوسف بن موسى، وأحْمَد بن الحسين: إذا أقام فأنشأ الحج من مكة فهو متمتع، فإن خرج إلى الميقات فأحرم بالحج، فليس بمتمتع. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 361 - 362.

1272 - لا يجب عليه الهدي حتى يكون واجدا له

1272 - لا يجب عليه الهدي حتى يكون واجدًا له قال في رواية الأثرم: إذا وجب عليه هدي متعة وليس معه نفقة وهو ممن لو استقرض أقرض فلا يستقرض ويهدي، قال اللَّه: {فَمِنَ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ} وهذا ليس بواجد. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 328. 1273 - من وجب عليه الهدي فلم يجد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ وجبَ عليه هديٌ فلمْ يجدْ، يُقوِّم عليه قيمة دراهم، ثمَّ يقوم طعامًا، ثمَّ يصوم مَكَان كلِّ مدّ يومًا؟ قال: يصومُ مكانَ كلّ نصفِ صاعٍ يومًا، هكَذَا في حديث الحكم عن مقسم عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1587). 1274 - متى يجب على المتمتع الصوم؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: صيامُ المتمتِّع؟ قال: يصومُ في أشهرِ الحجِّ على حديثِ ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما- ما بين أن يهل بالحج ويجعل آخرَها يومَ عرفةَ (¬2). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 186 (13359)، والبيهقي 5/ 186. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 139 - 140، والبخاري (1691)، ومسلم (1227).

قال إسحاق: كما قال، ولا يصومنَّ إلا وهوَ محرمُ، وكذلك قال ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- (¬1). "مسائل الكوسج" (1485). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من قال: لا يصومُهنَّ حتَّى يحرمَ؟ قال: إذا علم أنَّه لا يجدُ فيقدمُ الصومَ، ويعجبه أن يكونَ محرمًا. قال إسحاق: كما قال. لا يصومُ إلا وهو محرمٌ. "مسائل الكوسج" (1486). قال صالح: وسألته عن المتمتع متى يجب عليه الصوم؟ قال: إذا خاف أن يقطع به صام. "مسائل صالح" (425). قال في رواية ابن القاسم وسندي، وقد سُئل متى يجب صيام المتعة؟ فقال: إذا عقد الإحرام فصام أجزأه إذا كان في أشهر الحج. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 328 - 329، "الفروع" 3/ 321. وقال في رواية الأثرم: قال اللَّه تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} قال: يصومها إذا أحرم، والإحرام يوم التروية، ويريد أن يصوم يومًا قبل التروية، ويكره أن يصومها قبل أن يقدم مكة، ولا يبالي أن يُقدم أولها بعد أن يصومها في أشهر الحج، فإن صامها قبل أن يحرم؛ فجائز. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 337. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 150 (12979).

1275 - إذا فاته الصوم

1275 - إذا فاته الصوم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا فاتَهُ الصومُ؟ قال: إذا فاتَهُ الصومُ حديث ابن عمرِ وعائشة -رضي اللَّه عنها- (¬1) أرجو أن لا يكون به بأسٌ يصومُ أيامَ منًى. قال إسحاق: كما قال، يصومُ أيامَ التَّشريقِ بلا شك، لما رخص لهم في ذَلِكَ، وهوَ مُسْتثنى منْ جُملةِ نَهْي النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أيام التشريق (¬2). "مسائل الكوسج" (1487). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المتمتعُ لا يجدُ هديًا؟ قال: يصومُ أيام منى، حديثُ ابن عمرَ وعائشة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1488). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: فإنْ لَمْ يَصُم في العشرِ فَعَليْهِ دمٌ. قال أحْمَد: يصوم أيامَ مِنى. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1668). قال صالح: كان ابن عمر وعائشة يقولان: يصوم المتمتع حين يهل، فإن فاته صام أيام التشريق. "مسائل صالح" (1050) قال في رواية المروذي: إذا صام فأفطر يوم عرفة: فإن عليه دمين. ¬

_ (¬1) رواه البخاري (1999). (¬2) رواه البخاري (1997 - 1998).

1276 - كيفية الصيام لمن لم يجد الهدي، ومكانه

وكذلك نقل يعقوب بن بختان في المتمتع إذا لم يصم قبل يوم النحر، قال: عليه هديان يبعث بهما إلى مكة. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 353 - 354، "المغني" 5/ 367. نقل عنه أبو طالب: إذا لم يكن معه هدي ولم يصم حتى جاز أيام النحر صام عشرة إذا رجع وعليه دم قد فرط. وقال في رواية ابن الحكم: إذا وجب عليه الهدي من تمتع، أو جزاء صيد، أو كفارة ظهار، أو زكاة ففرط فيها حتى ذهب ماله؛ فإن عليه هديين، وإذا فرط في الصوم وهو متمتع؛ صام بعدما يرجع إلى أهله وعليه دم. ويروى عن ابن عباس: عليه هديان (¬1). قال في رواية ابن القاسم: إن لم يصم في الحج فليصم إذا انصرف، ولا يرجع إلى الدم لأن عليه الصيام، وذلك لأن الصوم قد وجب في ذمته فلم يجب عليه غير قضائه كصوم رمضان وصوم الكفارات كلها. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 356 - 357. نقل حرب عنه في متمتع رجع إلى بلاده ولم يهد يجزئ عنه دم واحد إذا كان له عذر، وبعضهم يقول: عليه وإن، وهذا لم يكن له عذر. "الروايتين والوجهين" 1/ 305. 1276 - كيفية الصيام لمن لم يجد الهدي، ومكانه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: يصومُ السَّبعةَ الأيام في الطَّريقِ؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن الجعد في "مسنده" ص 340 (2339).

قال: إنْ شاء صامَ في الطَّريقِ. قال إسحاق: جائزٌ كما قال. "مسائل الكوسج" (1571). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إن شاءَ صامَ الثلاثةَ الأيام متفرقًا، والوصالُ أحبُّ إليَّ. قال أحْمَد: لا بأسَ بهِ مُتفرِّقًا. قال إسحاق: كَمَا قال لما لم يُسَمِّ اللَّهَ في كِتَابِه مُتَتابِعًا. "مسائل الكوسج" (1667). وقال الأَثْرَمُ: قلت لأبي عبد اللَّه: فصيام السبعة أيام إذا رجع متى يصومهن، أفي الطريق أم في أهله؟ قال: كل ذلك قد تأوله الناس. قيل لأبي عبد اللَّه: ففرّق بينهن؟ فرخص في ذلك. "زاد الميسر" 1/ 207 وقال في رواية المروذي: فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 335. وقال في رواية أبي طالب: إن قدر على الهدي وإلا يصوم بعد الأيام. قيل له: بمكة أم في الطريق؟ قال: كيف شاء. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 343.

1277 - إذا شرع الصوم ثم أيسر

1277 - إذا شرع الصوم ثم أيسر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: متمتّعٌ لا يجدُ ما يَذبَحُ فَصامَ، ثُمَّ وَجَدَ يومَ النَّحرِ ما يَذبَحُ؟ قال: إذا دخل في الصَّومِ فَليسَ عليهِ، وبقولُ في الكَفَّاراتِ كُلّها إذا دَخَلَ في الصَّومِ يَمضي فيهِ، وكَذلك إذا تيمَّمَ، ثُمَّ دَخَلَ في الصَّلاةَ فَليمضِ. قال إسحاق: الذي نختَارُ أنْ يُعيدَ الصَّومَ والتَّيمم جَميعًا ما لمْ يَفرغْ. "مسائل الكوسج" (1569). قال صالح: الرجل يدخل بعمرة فيخاف أن لا يجد ما يذبح، فيصوم، ثم يجد ما يذبح؟ قال: إذا دخل في الصوم أجزأه. "مسائل صالح" (1089). قال ابن هانئ: سألته عن المتمتع يصوم الثلاثة الأيام، ثم أيسر؟ قال: يمضي في صيامه. "مسائل ابن هانئ" (748). نقل عنه المروذي وابن القاسم في المتمتع إذا لم يجد الهدي ثم قدم بلده ووجد: أنه يصوم. "الروايتين والوجهين" 2/ 188. نقل حنبل عنه في المتمتع إذا صام أيام ثم أيسر: أرجو أن يجزئه الصيام ويمضي فيه. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 347.

1278 - إذا مات قبل أن يتم الصوم

1278 - إذا مات قبل أن يتم الصوم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: صيامُ السبعة إذا مَاتَ قبلَ أن يصُومهنَّ؟ قال: يُطْعَمُ عنهُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1489). قال في رواية المروذي: إذا مات ولم يصم السبعة أيام يطعم عنه بمكة موضع وجب عليه، وكل صوم وجب في ذمته فله البدار إلى فعله كقضاء رمضان والنذر. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 345. 1279 - ما يجزئ عن الفرد في الهدي، والأفضل فيه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما استيسر منَ الهدي ما هو؟ قال: شاةٌ. قال إسحاق: كما قال، والبقرة والبدنةُ أفضلُ، والشاةُ وشرك في الدم يجزئ. "مسائل الكوسج" (1472). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: عَنْ كَمْ تُنحرُ البَدَنة؟ قال: عن سبعةٍ، والبقرةُ عن سبعةٍ (¬1). قال إسحاق: كما قال، فإنْ نحرَ البدنةَ عنْ عشرةٍ أجزأهُ، لما جاءَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذَلِكَ (¬2). "مسائل الكوسج" (1496). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 293، ومسلم (1318) من حديث جابر -رضي اللَّه عنه- أنه قال: نحرنا بالحديبية مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة. (¬2) رواه البيهقي 5/ 235.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أُناسٌ اشْتَركُوا في بقرةٍ، وظنُّوا أنَّهُم سبعةٌ، فلمَّا ذَبحوا إذا هُم ثمانيةٌ؟ قال: أقُولُ: يذبَحوا شاةً، وقد أجزَأتْ عنهم. قال إسحاق: قد أَجزَأهُم ذَلِكَ، وإنْ ذَبَحُوا شَاةً كَان أفضلَ. "مسائل الكوسج" (1570). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان يجزئ القارن شاة؟ قال: نعم. "مسائل الكوسج" (1634). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ عَلِيٌّ عن القرن؟ فقال: لا يضرك (¬1). قُلْتُ: العرجاء؟ قال: إذا بلغت المنسكَ. "مسائل الكوسج" (2838). قال صالح: حدثني أبي، حدثنا علي بن مجاهد، عن موسى بن عبيدة، عن إياس بن سلمة، عن أبيه قال: أهدى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في أبي البدن عام الحديبية جملًا كان تحت أبي جهل يوم بدر، في رأسه برة من فضة (¬2). "مسائل صالح" (851). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 95، والترمذي (1503)، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي" (1216). (¬2) رواه من طريق عبد اللَّه عن أبيه الطبرانيّ 7/ 23 (6224) به وقال: قال عبد اللَّه: حدثني أبي عن -يعني: علي بن مجاهد- قديمًا، ثم تركه بعد. وقال الذهبي في "الكاشف" 2/ 46: علي بن مجاهد. . كذبه يحيى بن الضُّرَيس ووثقه غيره، وقال الحافظ في "التقريب" 1/ 405: علي بن مجاهد بن مسلم =

1280 - من نذر أن يهدي رجلا

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد الرحمن عما استيسر من الهدي؟ فقال: شاةٌ، وما عظمت من حرمات اللَّه فهو خير. "مسائل ابن هانئ" (797). 1280 - من نذر أن يهدي رجلًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرَّجُلُ يُهدِي الرَّجُلَ؟ قال: إذا أرادَ اليمينَ فَكفَّارةُ اليمينِ، إلا أنْ ينذر أن ينحرَه فعليه كبشٌ، كَما قال ابن عبَّاس -رضي اللَّه عنهما- (¬1). قال إسحاق: كما قال، لمَّا استَعملَ هاهنا النِّيةَ. "مسائل الكوسج" (1567). 1281 - إذا عين الهدي ثم ضلَّ أو سرق أو وجد به عيبًا قال إسحاق بن صور: قُلْتُ: رجلٌ أهدى بَدَنَة فضَلَّتْ فاشْترى أخرى، ثم وجدَ الأولَى؟ ¬

_ = القاضي الكابلي. . متروك من التاسعة، وليس في شيوخ أحمد أضعف منه. قلت: الحديث له شاهد من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- رواه الإمام أحمد 1/ 234، وأبو داود (1749)، وابن ماجه (3100) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1535). (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 460 (15904)، وابن أبي شيبة 3/ 104 (12513)، والطبراني 11/ 353 (11995)، والبيهقي 10/ 72، 73 أنه قال: من نذر أن ينحر نفسه أو ولده فليذبح كبشا، ثم تلا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21].

1282 - إذا اختلط هديه بآخر؟

قال: ينحرهُما جميعًا. قال إسحاق: كما قال "مسائل الكوسج" (1549). قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحْمَد عن رجل قدم ومعه الهَدْيُ فوقف بعرفة، فلما كان بالمزدلفة قام عليه فلم ينبعث. قال: كلُّ هدي دخلَ الحرم فقد أجزأ عن صاحبه. قال الإمام أحْمَد: بَلَى. قال إسحاق: لا يجزئه إلَّا الهدي يسوقُهُ معَهُ، فإنْ لمْ يفعلْ فهوَ مُتمتعٌ، حكمُه حكمُ المتمتعِ، عليه ما استيسر من الهدي. "مسائل الكوسج" (3428). قال البغوي: وسئل أحْمَد وأنا أسمع عن رجل ضاع هديه فاشترى غيره ثم أصاب الأول؟ قال: ينحرهما جميعًا. "مسائل البغوي" (27). نقل علي بن سعيد عنه: لو بان مستحقًّا بعد تعيينه لزمه بدله. "الفروع" 3/ 549. 1282 - إذا اختلط هديه بآخر؟ وقال في رواية المروذي في رجل اشترى لقوم نسكًا، فاشترى لكل واحد شاة، ثم لم يعرف هذِه من هذِه: يتراضيان ويتحللان، ولا بأس أن يأخذ كل واحد شاة بعد التحليل. "تقرير القواعد" 2/ 376.

1283 - ما يضمن من الهدي؟

1283 - ما يضمن من الهدي؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما يضمن من الهدي؟ قال: هديُ المتعةِ، وجزاءُ الصيدِ، وكلُّ شيءٍ منَ الكفَاراتِ. قال إسحاق: كما قال، ومنَ التَّطوُّعِ ما يأكلُ منه، فإذا أكلَ غرمَ كالهدي. "مسائل الكوسج" (1481). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: البدنةُ تهلكُ قبلَ أن تبلغَ؟ قال: إن كان تطوعًا فليسَ عليه البدلُ، وإن كانَ هديَ المتعةِ وجزاءَ الصيدِ والكفاراتِ؛ فعليه البدلُ ولا يأكلُ منَ التطوّع هو ولا أحد من أهل رفقتهِ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّه إن أكلَ غرِمَ. "مسائل الكوسج" (1482). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: البَدَنةُ تَهلِكُ قبل أن تَبْلُغَ الحرمَ؟ قال: أمَّا إذا كانت نذرًا أو جزاء الصيدِ، أبْدَلها ويأكل وإن شاء باع، وإذا كان تطوعًا لم يأكلْ هو ولا أحد مِنْ أهلِ رفقتِهِ، وخلى بينَها وبينَ الناسِ. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (1550). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هَديُ التَّطوع إذا عَطبَ يأكلُ؟ قال: إذا كانَ عليهِ البدلُ فله أن يأكل وَيبيعَ والتَّطوعُ ينحرُهُ، ويخلِّى بينَهُ وبينَ الناسِ، ولا يأكل هو ولا أهلُ رفقته. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1573).

1284 - إذا نتجت البدنة فمات ولدها

قال أبو داود: سمعت أحْمَد يقول: من ساق هديًا من جزاء، أو قران، أو ما كان من واجب فعطب، أو مات فعليه البدل، وإن شاء باعه أو إن نحره يأكل منه ويطعم؛ لأن عليه البدل، وإن كان تطوع فعطب فلينحره، ثم لا يأكل هو منه ولا أحد من أهل رفقته، وليخله للناس. "مسائل أبي داود" (862). قال ابن هانئ: سمعته يقول: من أهدى هديًا فعطب قبل أن يبلغ محله، فعليه البدل. "مسائل ابن هانئ" (802). 1284 - إذا نتجت البدنة فمات ولدها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا نتجت البدنَةُ فَمَاتَ وَلَدُهَا؟ قال: ليس عليه شيءٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1576). 1285 - تقليد الهدي أو إشعاره قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من قال: من قَلّدَ هَدْيَه فقد أَحْرمَ؟ قال: قالت عائشةُ -رضي اللَّه عنها-: كنتُ أفْتِلُ قَلائِدَ هَدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). وقال: مَنْ قَلَّدَ هَدْيهُ وهو يريد الحج فقدْ وجبَ عليهِ الإحرام. وحديث عائشة -رضي اللَّه عنها- أنَّه إن كان مقيمًا لا يحرمُ عليهِ شيءٌ. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 36، والبخاري (1698)، ومسلم (1321).

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1484). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُقلِّدُ الشاةَ؟ قال: إنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أَهدى مرة غنمًا، فقلَّدها (¬1). قال إسحاق: سنة مسنونة تقليدُ الغنم عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ومَنْ بعدَهُ. "مسائل الكوسج" (1572). قال ابن هانئ: من أين أحب إليك الإشعار؟ قال: [. .] (¬2) من أين أشعرتها بمكة أو غيرها. "مسائل ابن هانئ" (796). قال ابن هانئ: الغنم إذا قلدت يذهب بها إلى عرفة؟ قال: إن شاء ذهب بها، إن شاء لم يذهب بها، أذهبُ إلى حديث عائشة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقلّد وهو معتمر (¬3). "مسائل ابن هانئ" (798). قال ابن هانئ: قيل لأبي عبد اللَّه: الإشعار أحب إليك أم التقليد؟ قال: أفعل كما فعل ابن عمر (¬4). "مسائل ابن هانئ" (800). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أراد أن يشعر بدنته؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 42، والبخاري (1701)، ومسلم (1321)، من حديث عائشة. (¬2) كذا في "مسائل ابن هانئ"، وبهامشها: بياض في الأصل. (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 327، والبخاري (1694). (¬4) كان فعله -رضي اللَّه عنه- الإشعار، رواه عنه ابن أبي شيبة 3/ 233 (13845)، والبيهقي 5/ 232.

1286 - موضع إشعار الهدي

قال: يلبس ثوبه، ثم يقلد بدنته، ثم يشعر، ثم يحرم، هكذا الأمر، كذا يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه فعل، وليس فيه لبس الثوبين إلا ابن عمر كان إذا أراد أن يشعر بدنته لبس ثوبيه. "مسائل عبد اللَّه" (909). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن حديث ابن عمر وعطاء فيمن قلد وأشعر فقد أحرم، تذهب إليه؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (910). نقل حنبل عنه: لا ينبغي أن يسوقه حتى يشعره، ويجلله بثوب أبيض، ويقلده نعلًا أو علاقة قربة. "الفروع" 3/ 547، "الإنصاف" 9/ 411. 1286 - موضع إشعار الهدي قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مِنْ أينَ يُشعرُ البُدْنَ؟ قال: صفحةُ سِنامِهِ الأيمنِ؛ حديثُ أبي حسان، عنْ ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1548). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه قال: من أين أشعرت البدنة أجزأك، لحديث ابن عمر (¬2). "مسائل ابن هانئ" (799). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 216، ومسلم (1243). (¬2) رواه الشافعي في "مسنده" 1/ 307 (799)، والبيهقي 5/ 232.

1287 - هل يجوز ركوب البدنة؟

نقل حنبل عنه: من الجانب الأيسر، لما روي عن ابن عمر أنه أشعر بدنته من الشق الأيسر (¬1). "الروايتين والوجهين" 1/ 303. 1287 - هل يجوز ركوب البدنة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تُركبُ البدنَة؟ قال: إي واللَّه، النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اركَبها" (¬2). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1483). 1288 - مكان بلغ الهدي قال البغوي: وسمعت أحْمَد يقول في قوله: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} قال: حتى يبلغ الحرم. "مسائل البغوي" (28). ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 247، وابن أبي شيبة 3/ 233 (233 (13845)، والبيهقي 5/ 232. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 254، والبخاري (1689)، ومسلم (1322)، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

1289 - وقت ذبح الهدي ومكانه

1289 - وقت ذبح الهدي ومكانه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أين تُقضَى الفِديةُ؟ قال: على حديث على -رضي اللَّه عنه- إلا ما كانَ ممَّا تركَ من أمرِ الحجّ وهو بمكَّة (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1506). قال إسحاق بن منصور: قال أحْمَد: إذا كان هدي المتمتع أو القارن فدخل الحرم فلا ينحره إلا يوم النَّحْر إذا بقي بالمزدلفة أو بمكة؛ لأن مكة كلها مَنْحر، وإذا كان نذرًا أو جزاء الصيد فدخل الحرم فلينحره إن شاء. "مسائل الكوسج" (3430). قال إسحاق بن منصور: قال أحْمَد: قال عطاء: إذا قدمَ في العشرِ لم ينحر هديه إلا يومَ النحر، وإذا قدمَ قبلَ العشرِ فلينحرْ هديه (¬2). وقال الحسنُ وإبراهيم: وإن كان قبلَ العشرِ ينحر هديه، ولا يُحل إلى يومِ النحرِ. "مسائل الكوسج" (3439). قال صالح: قال أبي: وإذا ساق الهدي في العشر فلا يحل من إحرامه. "مسائل صالح" (1085). قال صالح: الرجل يدخل بعمرة في العشر، ويسوق معه الهدي؟ قال: لا يحل حتى ينحر، أليس أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما دخلوا في العشر؟ ! "مسائل صالح" (1103). ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 252، والبيهقي 5/ 218. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 265 (14158).

قال أبو داود: سمعت أحْمَد قال فيمن قدم متمتعًا في أشهر الحج وساق الهدي، قال: إن دخلها في العشر لم ينحر الهدي حتى ينحر يوم النحر، وإن قدم قبل العشر نحر الهدي. "مسائل أبي داود" (860). قال ابن هانئ: وسئل عن رجل قالت له أمه: لا تذبح هديًا -يعني: بمكة- ولم تعلم، فلم يذبح، يذبح بخراسان؟ قال: الدم بمكة يهراق. "مسائل ابن هانئ" (801). قال ابن هانئ: وسمعته يقول: وإن لم يصم الرجل الثلاثة الأيام بمكة، يومًا قبل التروية، ويوم التروية، ويوم عرفة، فصامها في بيته فعليه دم بمكة، وكل شيء من الدماء لا يجزئ إلا بمكة. "مسائل ابن هانئ" (803). وقال أبو طالب: سمعت أحْمَد، قال في الرجل يدخل مكة في شوال ومعه هدي؟ قال: ينحر بمكة، وإن قدم قبل العشر نحره، لا يضيع أو يموت أو يسرق. "المغني" 5/ 359. قال في رواية المروذي وإبراهيم (¬1): ويجب على المتمتع الدم إذا وقف بعرفة والقارن مثله، يروى فيه عن عطاء. وفي لفظ آخر -في متمتع مات قبل أن يذبح- قال: إذا وقف بعرفات وجب عليه الهدي. "شرح العمدة" كتاب الحج 3/ 330. ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ورد في ملحق التصويبات بآخر الكتاب ما نصه: أشار محقق الكتاب أنها هكذا في النسختين، وفي "التعليق" للقاضي ابن أبي يعلى: ابن إبراهيم، وهو إسحاق بن إبراهيم بن هانئ.

1290 - إذا وجب عليه الهدي ولم يهد حتى حج وقت الذبح

قال في رواية يوسف بن موسى فيمن قدم متمتعًا وساق الهدي، فإن قدم في شوال نحر الهدي وحل، وعليه هدي آخر، وإذا قدم في العشر أقام على إحرامه ولم يحل. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 332. 1290 - إذا وجب عليه الهدي ولم يهد حتى حج وقت الذبح قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل تمتعَ فلمْ يذبحْ حتَّى رجعَ إلى أهلِهِ؟ قال: يبعث بالدَّم إلى مكة إذا كان ساهيًا، قال: والعامدُ عليه دَم واحدة، إلَّا أنَّه أساءَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1599). قال ابن هانئ: سئل ابن عباس عن رجل تمتع، ولم ينحر إلى قابل؟ قال: ينحر بدنتين. "مسائل ابن هانئ" (704). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل تسرق نفقته، فلا يجد ما ينحر؟ قال: أما سعيد بن جبير فقال: يستقرض من قومه، فإن لم يجد قرضًا سأل فيهم، فإن لم يعطوه شيئًا فعليه دمان: دم لتأخيره الدم، ودم الواجب. "مسائل ابن هانئ" (734).

قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل لا يجد الهدي من عزّة به، فلم يجدوا ما ينحرون ولم يكونوا صاموا الثلاثة الأيام. قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إذا لم يجدوا الهدي حتى تمضي أيام النحر فعليهم وإن، دم لتأخير الدم، والهدي. "مسائل ابن هانئ" (735). قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: عبد الرحمن، عن سفيان، قال: أخبرني علي بن بذيمة، عن مولى لابن عباس قال: سئل ابن عباس: عن رجل تمتع ولم ينحر إلى قابل؟ قال: ينحر بدنتين. "مسائل ابن هانئ" (736). قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: وكيع قال: حدثنا شريك، عن علي بن بذيمة، عن مولى لابن عباس قال: تمتعت فلم أهد ولم أصم حتى مضت الأيام، فسألت ابن عباس فقال: عليك هديان، هدي للمتعة، وهدي للتأخير (¬1). "مسائل ابن هانئ" (737). قال ابن هانئ: سألته عن رجل دخل بعمرة فحج مع الناس ثم ضل رفيقه فلم يجد ما يذبح؟ قال: إذا لم يجد ما يذبح فعليه دم لما لم يجد دمه. "مسائل ابن هانئ" (738). قال في رواية المروذي: إذا تمتع فلم يهد إلى قابل يهدي هديين، هكذا قال ابن عباس، وإذا صام يوم عرفة، فإن عليه دمين، كذلك نقل يعقوب بن بختان. ¬

_ (¬1) رواه ابن الجعد في "مسنده" ص 340 (2339).

1291 - صفة النحر وكيفيته

وقال في رواية أبي طالب في متمتع لم يكن معه هدي ولم يصم حتى جاز أيام النحر: صام عشرة إذا رجع، وعليه دم، قد فرط. وابن عباس يقول: من كان عليه دم فلم يذبحه حتى جاز يوم النحر: فعليه دمان؛ دم الذي وجب عليه، ودم لما فرط. قيل له: تقول به؟ قال: نعم عليه وإن، دم لما عليه، ودم لما أخره. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 350. قال حرب: قيل لأحْمَد: رجل حج وعليه دم فدفع نفقته إلى رجل وغاب الرجل فلم يكن معه ما يذبح حتى رجع إلى بلاده؟ قال: يبعث بدم إذا كان له عذر رجوت أن يجزئ عنه دم واحد، ويروى عن بعضهم أنه قال: عليه دمان. وهذا إذا لم يكن له عذر. قيل له: فإن لم يقدر أن يبعث بدم؟ قال: لا أدري. وكأنه أوجبه عليه إذا وجد. وقال في رواية حرب في متمتع رجع إلى بلاده ولم يهد: يجزئ عنه دم واحد إذا كان له عذر، وبعضهم يقول: عليه وإن، وهذا إذا لم يكن له عذر. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 352. 1291 - صفة النحر وكيفيته قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كيف تُنحرُ البُدنُ؟ قال: معقولةً على ثلاث، وإن خشيَ عليها أن تنفرَ أناخهَا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1473).

1292 - إذا نتجت اللبدنة بأيهما يبدأ في الذبح؟

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يوجه بالذبيحة إلى القبلةِ؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1474). 1292 - إذا نتجت اللبدنة بأيهما يبدأ في الذبح؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجل اشتَرى بَدَنَةً فنتجت، قال: إذا نحرها يبدأُ بالأمِّ، ثم ولدها. قال أحْمَد: لا تُبالي بأيها بَدَأت. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1474). 1293 - هل يجوز أن يذبح أهل الكتاب نسك المسلم؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يذبحُ أهلُ الكتاب للمسلمين؟ قال: أمَّا النسك فلا، وأمَّا ما سوى ذَلِكَ فلا بأسَ. قال إسحاق: لا يذبح أضحية ولا غيرها للمسلمين، فإذا ذبحهَا لنفسِه وسمَّى غيرَ اللَّه أكلتُهُ إذا لمْ أسمعْ منهُ ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (1475). نقل حنبل عنه: لا بأس أن يذبح اليهودي والنصراني نسك المسلم. "الروايتين والوجهين" 1/ 304.

فصل: هدي الإحصار

فصل: هدي الإحصار 1294 - متى يكون المحرم محصرًا؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أهلَّتِ امرأةٌ وزوجُهَا كاره؟ قال: لا يَنبغي له أنْ يمنَعهَا إذا لم تكن حَجَّت حجَّةَ الإسَلامِ، وإذا كان تَطوعًا فلزَوجِهَا أنْ يمنَعهَا، وإذا كَان على وَجِهِ اليمِينِ فعليهَا كفَّارةُ اليمَينِ. قال إسحاق: التَّطوعُ إذا لم تكُنْ أحرَمَتْ وَتُرِيدُ الإحرام فَلهُ مَنعُهَا إن شاء، إلا أن يتفَضَّلَ عليهَا، وإذا أحْرَمَت في التطَوع مضَت، إلا أنْ يكُونَ قد حَلفَ بالطَّلاقِ فلها المضيُّ، تعملُ عملَ المحصَر، تحلُّ بعُمرةٍ وعليهَا الحجُّ مِنْ قابلٍ، وهذا إذا حَلفَ: إنْ حججتِ العَامَ. "مسائل الكوسج" (1564). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل أحرمَ بالحج فكرِه ذاكَ أبُوه أو أمُّه؟ قال: إذا وجَبَ فعليه الإنفاذُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1579). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: امرأةٌ أرادها زَوْجهَا، فَلَبَّتْ بحجٍّ أو عمرةٍ؟ قال أحْمَد: وَجَبتْ عليها ما لبَّت به. قال إسحاق: لا، بَلْ هي بمنزلَةِ المحصَرِ؛ لأنَّهَا عصَتِ الزَّوجَ؛ لما قال عطاء نحو ذَلِكَ (¬1). ¬

_ (¬1) علقه البخاري قبل (1806)، ووصله الحافظ في "تغليق التعليق" 3/ 122، وانظر: "فتح الباري" 4/ 3 - 4.

قال: إن قال لامرأتِه: إنْ حججت العام فأنتِ طالق ثلاثًا! وهما مُحْرِمَان، إنها بمنزلةِ المحصَرِ تهلّ بالعُمرَةِ وعَلَيْهَا الحجُّ من قابلٍ. قال إسحاق: أخبرني بذلك عيسى بنُ يُونُسَ، عن الأوزاعي، عن عطاء، وكذلكَ إذا خَالَفَتْهُ فأهَلَّتْ بحجةٍ. "مسائل الكوسج" (1699). قال صالح: أيما أقوى في المذهب: لا حصر إلا حصر العدو (¬1) وقول ابن مسعود: اجعلوا بينكم وبينهم يومًا أمار (¬2) (¬3)؟ قال: أذهب أنه لا حصر إلا حصر العدو، وحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حديث ابن عمر: أصنع كما صنع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬4)، يعني: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما منعه المشركون ذبح وحلق ورجع. وقال: ابن عمر لا يختلف عنه، وابن عباس يختلف عنه، يعني: في الحصر. وقال: الرجل يفوته الحج عليه دم، وعليه الحج قابل. حديث ضباعة، عبد الرزاق يرويه، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة (¬5). ¬

_ (¬1) رواه الشافعي في "المسند" 1/ 381 (983) عن ابن عباس، وصححه الحافظ في "التلخيص" 2/ 288، وقد رواه أيضًا ابن أبي شيبة 3/ 206 (13553) عن ابن عمر، وغيره. (¬2) الأمار والأمارة: العلامة، وقيل: الأمار جمع الأمارة. "اللسان" مادة/ أمر. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 3/ 159 (13076)، والبيهقي 5/ 221. (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 4، والبخاري (1806، 1807)، ومسلم (1235). (¬5) رواه الإمام أحمد 6/ 164، ومسلم (1207) بهذا الإسناد.

وابن عمر أنكر الشرط أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لضباعة (¬1). وأبو أسامة يرويه، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة (¬2). وحديث عباد، عن هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ سمعته من عباد (¬3). قال صالح: حدثني أبي، حدثنا البرساني، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن عكرمة وطاوس، عن ابن عباس (¬4). قال: أخشى أن يكون ليس بمحفوظ في قصة ضباعة، عن جابر (¬5)، إنما هو عن ابن عباس. "مسائل صالح" (1172). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يفرض الحج، فيمنعه والده؟ قال: يعجبني إذا فرض الحج، أن يفي به. قُلْتُ: فإن منعه سلطان؟ قال: يكون هذا محصورًا، عليه ما على المحصر. "مسائل ابن هانئ" (731). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 33، والبخاري (1810)، من طريق سالم عن ابن عمر أنه كان يكره الاشتراط في الحج ويقول: أما حسبكم بسنة نبيكم -صلى اللَّه عليه وسلم- إنه لم يشترط. واللفظ للإمام أحمد. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 202، والبخاري (5089)، ومسلم (104/ 1207). (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 360، وأبو داود (1776)، والترمذي (941)، ومن طريق آخر عن هلال رواه النسائي 5/ 167، وانظر: "الإرواء" (1010). (¬4) رواه الإمام أحمد 1/ 337، ومسلم (1208). (¬5) رواه الطبراني 24/ 335، والبيهقي 5/ 22 من طريق أبي الزبير عنه.

1295 - هل على أهل مكة إحصار؟

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن محرم رده السلطان من الطريق، ولم تكن معه نفقة؟ قال: لا يزال محرمًا حتى يطوف بالبيت. قال أبي: ليس هذا مثل العدو. "مسائل عبد اللَّه" (898). نقل مهنا عن أحْمَد أنه سُئل عن هذِه المسألة: إن أحرمت المرأة بواجب، فحلف زوجها بالطلاق الثلاث ألا تحج العام، فقال: قال عطاء: الطلاق هلاك، هي بمنزلة المحصر. "المغني" 5/ 433، "معونة أولي النهى" 4/ 17. 1295 - هل على أهل مكة إحصارٌ؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: على أهلِ مكةَ إحصارٌ؟ قال: أهل مكةَ يهلون، وَلا يحلون إلا بالوقوفِ بعرفة، وبالرمي، وبالطَّوافِ مثل الحاج. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1612). قال ابن هانئ: قُلْتُ لأبي عبد اللَّه: على المكي إحصار؟ قال: لا، قد وجب عليه الحج ساعة يلبي بالحج. وقال: أذهب إلى قول عمرو بن دينار: لا تكون متعة إلا من الموقت. "مسائل ابن هانئ" (720).

1296 - ما يفعل المحرم بالعمرة أو الحج إذا حصر؟

1296 - ما يفعل المحرم بالعمرة أو الحج إذا حصر؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: المحصرُ؟ قال: إذا كان إحصارُ عدوُّ نحرَ هديهُ ورجع، وإن كان من مرضٍ أو كسرٍ فهو محرمٌ حتَّى يطوفَ بالبيتِ هذا على الحج والعمرة، وإن كان معه هديٌ بعثَ به إلى البيتِ إن وصلَ إلى ذَلِكَ، وإن لم يصل فالهديُ معه أبدًا، حتَّى يصلَ إلى البيتِ وهو محرمٌ. وإن أصابَهُ أذى، أو احتاج إلى دواءٍ، أو ما كان فعلَ وافْتَدى فإنْ وصلَ إلى البيتِ وقدْ كانَ بعث بهديه ذَلِكَ وقد فاته الحجُّ فعليهِ هديٌ واحدٌ. والقارنُ والمُحصرُ بتلكَ المنزلةِ عليهِ فيهِما هديٌ واحدٌ. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (1491). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل قدمَ معتمرًا في أشهر الحج حتَّى إذا قضَى عمرَتهُ أهلَّ بالحجِّ منْ مكةَ، ثمَّ كُسرَ أو أصابَهُ أمرٌ لا يقدر على أنْ يحضرَ معَ الئاسِ المواقفَ؟ قال: نرى إنْ لمْ يجدْ مَنْ يحمله إلى المواقفِ أن يقيم حتَّى إذا برأ وصحَّ خَرجَ إلى الحلِّ، فدخَلَ بعمرةٍ فَقَضَاهَا، ثمَّ عليه حجُّ قابلٍ والهدي. قال إسحاق: كما قال سَواءٌ. "مسائل الكوسج" (1613). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لسفيان: رجلٌ أهلَّ بالحجِّ فأحْصِرَ بعدوٍّ؟ قال: يحلّ مِنْ كلِّ شيءٍ، وينحر هديَهُ، ويحلق، ويرجع وليس عليه قضاءٌ. قال الإمام أحْمَد: إذا كان منْ عدو فليس عليه قضاءٌ.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1614). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: وإذا أهلَّ بالحجِّ فكُسِرَ أو مَرِضَ فهوَ حرامٌ حتَّى يصل إلى البيتِ، فيحل بعمرةٍ وعليه الحجّ مِنْ قابل والهدي؟ قال: نَعَم، أنَا أعتقدُ هذا مِنْ قَولِ المدنيين. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1615). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا أهَلَّ بالحجِّ دونَ الميقاتِ، ثُم تركَ إحْرَامَهَ؟ قال: لا يستطيع أن يتركَه، وهو مُحرمٌ وكل مَا أصابَ من لِباسٍ أو غير ذَلِكَ فعليه في كل واحد كفارة، فإن أتى أهلَه فقد بَطُلَ حَجُّهَ إلا أنَّه مُحرمٌ أبدًا، نحن نقولُ في المُحصرِ هوَ على إحرامه أبدًا إلا أن يكونَ بعدوٍّ. "مسائل الكوسج" (1723). قال صالح: وسألته عمن أهل بعمرة وساق الهدي فأحصر؟ قال: إن كان من عدو نحر هديه وحل؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صده المشركون فنحر هديه بالحديبية، وكان أهل بعمرة، وحل ورجع إلى المدينة (¬1)، وإن كان أهل بحج ثم أحصر: فقد اختلف الناس فيه، فقال ابن عمر: لا يحله إلا الطواف بالبيت، لا يزال محرمًا حتى يأتي البيت فيطوف به (¬2)، وقال ابن مسعود: يبعث بهدي ويواعد الذي يبعث معه الهدي، فإذا جاء الوقت ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 4، والبخاري (1807)، ومسلم (1230) من حديث ابن عمر. (¬2) رواه مالك ص 237، وابن أبي شيبة 9/ 153 (13078).

1297 - هل على المحصر حلق أو تقصير؟

الذي واعده فيه نحر هديه، ثم حل هو هاهنا (¬1)، وقد روي عنه أنه يستظهر بيوم أو يومين، وذلك في العمرة التي قال ابن مسعود. وإن كان أهل بحج أو عمرة فقد أوجب على نفسه شيئًا، فهو لا يحل إلا بالطواف بالبيت، إذا كان إحصاره بغير عدو، فلا يزال محرمًا حتى يأتي البيت. وإنما قلنا: يحل من العمرة إذا كان عدو؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حل (¬2)، وإن حل قبل أن ينحر هديه فعليه فدية من صيام أو صدقة أو نسك، والفدية: ثلاثة آصع من تمر بين ستة مساكين، والنسك: شاة، والصيام: ثلاثة أيام، وهو في ذاك مخير. "مسائل صالح" (291). 1297 - هل على المحصر حلق أو تقصير؟ نقل الميموني عنه: إذا حصره العدو فإن كان معه هدي نحره مكانه وحل، وليس عليه شيء أكثر من هذا. "الروايتين والوجهين" 1/ 296 - 297. 1298 - المحصر إذا حلَّ وفعل محظورًا قبل الحلق قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سُفيانُ في المحصر: إذا حلّ، ثم جَامَع قبلَ أن يحلقَ أو أصابَ صيدًا شيءٌ ليس هو بمنزلةِ النُّسكِ. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 159 (13076)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 251 (4134). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 323، والبخاري (2731) من حديث المسور بن مخرمة.

1299 - قضاء المحصر النسك الذي أحصر عنه؟

قال أحْمَد: نحنُ نكرهُ له أن يحلَّ إلا أن يكون إحصار عدوٍّ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1672). 1299 - قضاء المحصر النسك الذي أحصر عنه؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ أهلَّ بالحجِّ فأحْصِرَ بعدوٍّ؟ قال: يحلّ مِنْ كلّ شيءٍ، وينحر هديَهُ، ويحلق، ويرجع وليس عليه قضاءٌ. قال الإمام أحْمَد: إذا كان منْ عدو فليس عليه قضاءٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1614). نقل أبو طالب عنه: أنه إذا تحلل بالحصر وجب عليه القضاء، تطوعًا كانت، أو واجبة بأصل الشرع أو بالنذر ولكنه إن كان مفردًا فعليه القضاء وعمرة معها، وإن كان قارنا فعليه القضاء وعمرتان. "المستوعب" 4/ 307 - 308. قال في رواية ابن القاسم: ولا يعيد من أحصر بعدو حجًّا ولا عمرة إلا أن يكون رجلًا لم يحج قط. كذلك نقل أبو طالب والميموني. ونقل أبو طالب في موضع آخر: إن كان معه هدي نحره، وإلا فلا ينحر وعليه الحج من قابل كما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين منع الحديبية (¬1). "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 379 - 380. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 323، 327، والبخاري (1811) عن المسور، وقد سلف تخريجه من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهم-. وفي الباب عن غيرهما.

1300 - موضع ووقت نحر هدي الإحصار، ووقت الصوم لمن لا يجد الهدي

1300 - موضع ووقت نحر هدي الإحصار، ووقت الصوم لمن لا يجد الهدي قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من قال: لا يجزئ هدي المتعة والإحصار إلا يوم النحر وما سوى ذَلِكَ يجزئك في أي شهر شئت؟ قال: أما هديُ المتعةِ فإنه يذبح يوم النحر، وأما الإحصارُ فإنه يختلفُ، يكون من عدوٍّ فيذبح مكانَهُ ويرجع، وكل شيءٍ تصيب بمكةَ فكفَّارَتُه بمكةَ، وأمَّا مَا كانَ معناه حديث عليٍّ -رضي اللَّه عنه- فعلَى ما صنع عليٌّ -رضي اللَّه عنه-. قال إسحاق: كما قال. يعني: حديث حسين بن علي -رضي اللَّه عنهما- (¬1). "مسائل الكوسج" (1574). نقل الميموني عنه: ينحره مكانه ويحل. "الروايتين والوجهين" 1/ 296. نقل عنه أبو الحارث فيمن أحصر بعدو: أقام حتى يعلم أن الحج قد فاته، فإذا فاته الحج نحر الهدي، وإن كان معه في موضعه، ورجع إلى أهله، وعليه الحج من قابل، وإن كان إحصاره [من] مرض لم يحل من إحرامه حتى يطوف بالبيت. ونقل عنه الأثرم في محرم أحصر بحج ومعه هدي قد ساقه: لا ينحر إلا يوم النحر. فقيل له: قد يئس من الوصول إلى البيت، فقال: وإن يئس كيف ينحر قبل يوم النحر، ولا يحل إلى يوم النحر. فإن لم يكن معه هدي صام عشرة أيام قبل أن يحل، وليس هذا بمنزلة القارن والمتمتع، القارن والمتمتع: ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 252، والبيهقي في 5/ 218.

يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، وهذا يصومهن كلهن قبل أن يحل. وقال في رواية أبي الحارث: إذا لم يكن مع المحصر هدي يصوم عشرة أيام قبل يوم النحر، وإذا كان يوم النحر حل، فإن كان إحرامه بعمرة يصوم عشرة أيام ثم يحل. "شرح العمدة" كتاب الصحيح 2/ 373 - 375. نقل حنبل عنه: إنه لا يحل ولا ينحر الهدي إلى يوم النحر. "زاد المعاد" 3/ 379.

فصل: أحكام متعلقة بمحظورات الإحرام والفدية

فصل: أحكام متعلقة بمحظورات الإحرام والفدية 1301 - ما يُفعل بهدايا البيت قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الشيءُ يُهْدى إلى البيتِ؟ قال: إنَّ قسمَهُ في فقراءِ مكةَ أعجبُ إلي، ولا يدفعه إلى بني شيبة. قال إسحاق: كما قال، وذلكَ لما أحدثوا من المحاباةِ. "مسائل الكوسج" (1536). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل أو امرأ نذرت بشيءٍ أن يُهدى إلى البيتِ. قال: لا يُعطى لبني شَيبة، يُقسَّمُ في مَساكينِ مكةَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1755). قال ابن هانئ: سألته عن رجل جعل شيئًا هديًا للبيت دراهم يحملها إلى البيت أو يتصدق بها؟ قال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يبعث به إلى مكة، فيتصدق به على فقرائها ومساكينها. "مسائل ابن هانئ" (740). 1302 - ما يؤكل من الكفارات والنذور وجزاء الصيد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: ما يؤكلُ من الكفاراتِ والنذورِ وجزاءِ الصَّيد؟

قال: لا يؤكل من النذورِ، ولا مِنْ جزاءِ الصَّيد، ويؤكلُ ما سوى ذَلِكَ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ النذور وجزاءَ الصيد واجبانِ، ويتحامى الأكلَ من كلِّ واجبٍ أحبُّ إلينا. وكذلكَ قال ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: لا يؤكلُ من جزاءِ الصيدِ، والنذورِ، ويؤكلُ ما سوى ذَلِكَ (¬1). "مسائل الكوسج" (1479). قال إسحاق بن منصور: قال أحْمَد: بلغني عن أبي يعقوبَ إسحاقَ أنّه قال: لا يؤكَلُ من هَدي المتعةِ. قال أحْمَد: فذكرتُ حديثَ عمرةَ عن عائشةِ -رضي اللَّه عنه- أنَّها قالت: أدخل علينا لحمُ بقرٍ فقالوا: ذبحَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أزواجِه ببقر (¬2). قُلْتُ: مِن شاءٍ؟ قال: لم يأكلن منَ اللحمِ. قال: ويكونُ هذا. قُلْتُ: يأكلُ؟ قال: يأكل ما سِوى ذَلِكَ جَزاء الصيدِ والنذرِ، واحتج بحديثِ ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما-. قال إسحاق: كما قال، ولم أقله ما بلغه. "مسائل الكوسج" (1480). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان: إنْ أكلَ مِنْهُ شيئًا؟ قال: يغرم قيمةَ مَا أكلَ. يعني: من الفديةِ أو جزاء الصَّيدِ. ¬

_ (¬1) رواه البخاري معلقًا قبل حديث (1719)، ووصله ابن أبي شيبة 3/ 171 (13194)، وانظر: "تعليق التعليق" 3/ 93. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 194، والبخاري (1709)، ومسلم (1211/ 125).

قال أحْمَد: إذا أكلَ منهُ شيئًا فعليه البدل. قال إسحاق: كما قال أحمد؛ لما قال ابن عبَّاس ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (1700). قال ابن هانئ: قيل له: فيأكل من هدي متعته؟ قال: يأكل، واحتج بحديث عائشة: أدخل عليها لحم بقر، قالت: فقلت ما هذا؟ قالوا: ذبح النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن نسائه جزورًا، جزورًا (¬1). "مسائل ابن هانئ" (700). قال ابن هانئ: قيل له: إن عطاء قد كرهه؟ قال: ما أدري ما قال عطاء. وذكر له حديث جابر بن عبد اللَّه: فأمر من كل جزور بضعة فأكلا من اللحم (¬2). فقال: حديث عائشة أبين؛ لأنهم كانوا متمتعين. "مسائل ابن هانئ" (701). قال ابن هانئ: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا يؤكل من النذر، وجزاء الصيد شيء؛ وما كان مما سوى ذلك يؤكل، واحتج بحديث عائشة: دخل علينا لحم بقر: فقُلْتُ: ما هذا؟ فقالوا: نحر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أزواجه بقرة، بقرة. "مسائل ابن هانئ" (824). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 39، والبخاري (1709)، ومسلم (1211). (¬2) رواه ابن ماجه (3158)، وصححه ابن خزيمة 4/ 297 (2924)، وابن حبان 9/ 250 (3943)، وقال الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2556): صحيح.

1303 - إذا سرق الهدي قبل الإطعام منه

1303 - إذا سُرق الهدي قبل الإطعام منه قال إسحاق بن منصور: سئل سفيان عن رجل نحر فلم يطعم منه حتى سرق؟ قال: لا أرى عليه شيئًا، إذا نحره فقد فرغ. قال أحْمَد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1670) 1304 - في محظورات الإحرام بين السهو والعمد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ قتلَ الصَّيدَ يُحكم عليه كما قتل في الخطأ والعمد؟ قال: كَلَّما قتَل يُحكم عليه في الخطأ والعمدِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1510) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يقتل صيدها متعمدًا ويُكَفّر؟ قال: لا يعجبني أنْ يفعل ذَلِكَ متعمدًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1595) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل يقطع مِنْ شجرِ الحرمِ متعمدًا ويُكَفّر؟ قال: لا، إلَّا ما كان منه ميت ساقط. قال إسحاق: كما قال، لا يتعمد أحدٌ بهذا. "مسائل الكوسج" (1596)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن محرمٍ غَطَّى رأسه وهو نائمٌ ناسيًا، فَلَمْ ير عليه شيئًا. قال أحْمَد: ليس عليه شيءٌ. قال إسحاق: كما قال، ليس عليه في الناسي شيءٌ، والعامدُ عليه فديةٌ دون الدَّم. "مسائل الكوسج" (1637). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا لبسَ قميصَهُ عشرةَ أيامٍ ناسيًا لم أرَ عليهِ شيئًا. قال أحْمَد: أقولُ عليه الكفارة. قُلْتُ: كفارة واحدة؟ قال: كفارة واحدةٌ ما لم يُكَفّر. قال إسحاق: ليس عليه شيءٌ. "مسائل الكوسج" (1644). قال صالح: قال أبي: الخطأ والعمد في قتل الصيد سواء، وقال: عبد اللَّه بن مسعود حكم عليه حين ألقى على الصيد جوالق (¬1). وعمر بن الخطاب أشرك بين العمد والخطأ (¬2). "مسائل صالح" (1105). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا هشيم، عن عبد الملك وحجاج، عن عطاء قال: إذا غطّى رأسه ناسيًا فلا شيء عليه، فإن تعمد ذلك فعليه الفدية. "مسائل أبي داود" (738). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 401 (8217)، والبيهقي 5/ 180. (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 406 (8239)، والطبراني 1/ 127 (258)، والحاكم 3/ 310، والبيهقي 5/ 181.

قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء قال: النسيان والجهالة سواء، ليس عليه في الثياب ولا في الطيب شيء، يقول: إذا لبس أو تطيب ناسيًا. "مسائل أبي داود" (739). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا روح، عن أشعث عن الحسن، أنه كان لا يرى بأسًا إن تظاهر المحرم بما شاء من الأزر والأردية، ويبدل ثيابه التي أحرم فيها بغيرها من الثياب. "مسائل أبي داود" (740). قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: إذا استيقظ المحرم من منامه وقد غطى رأسه فليكشفه عنه، ولا شيء عليه، ويلبي. "مسائل أبي داود" (741). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من زعم أن الخطأ والنسيان مرفوع، يلزمه لو أن رجلًا قتل صيدًا ناسيًا، أو وطئ امرأته ناسيًا، أو تنور ناسيًا، لم يكن عليه شيء. وقد أوجب اللَّه في الخطأ عتق رقبة مؤمنة، ودية مسلمة إلى أهله. وهذا خطأ، وقد أوجب اللَّه فيه. وقال: الخطأ والنسيان عندي سواء. "مسائل ابن هانئ" (820). قال ابن هانئ: قيل له: عمد الحج وسهوه سواء؟ قال: في الوطء، وقتل الصيد، إلا في الطيب، فإن فيه اختلافًا. "مسائل ابن هانئ" (876).

قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كل شيء من النسيان فإنه عند عطاء، أسهل من الفعل متعمدًا (¬1). "مسائل ابن هانئ" (878). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قال ابن عيينة: ثلاثة ليس فيها نسيان؛ قتل الصيد، والوطء، ونتف الشعر، هذا عمده وخطؤه سواء. "مسائل ابن هانئ" (880). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن صاد ناسيًا عليه كفارة؟ قال: نعم، كل من يكفر إذا تعمد. وقال ابن عباس: إذا صاد المحرم ناسيًا ليس عليه شيء. إنما على العامد (¬2). قال أبي: أعجب إلي أن يكفر مثل كفارة العامد مثل ما حكم أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: في الظبي شاة (¬3)، ويروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "في الضبع كبش" (¬4) فإذا أصاب ظبيًا فعليه شاة، وحكموا في النعامة بدنة، شبهوا النعامة بالبدنة فحكموا فيها ببدنة، فإذا لم يجد الجزاء، ولم يكن عنده ما يشري به الجزاء دراهم، وقومت الدراهم طعامًا، ويصام عن كل مد يومًا. "مسائل عبد اللَّه" (776). قال عبد اللَّه: قال أبي: وقال بعض الناس: يصوم عن كل نصف صاع يومًا. "مسائل عبد اللَّه" (777). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 390 (8175). (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 393 (8184)، وابن أبي شيبة 3/ 423 (15762) بنحوه. (¬3) انظر: "مصنف عبد الرزاق" 4/ 405 - 408. (¬4) رواه أبو داود (3801)، وصححه الألباني في "الإرواء" (1055). وسبق تخريجه.

1305 - في محظورات الإحرام بين المكره والمختار

قال في رواية أبي طالب: إذا وطئ يعني ناسيًا؛ بطل حجه، وإذا قتل صيدًا، وحلق شعره لم يقدر على رده، فهذِه الثلاثة: العمد والنسيان سواء، وكل شيء من النسيان بعد الثلاثة فهو يقدر على رده؛ مثل إذا غطى رأسه ثم ذكر ألقاها عن رأسه، وليس عليه شيء، أو لبس ثوبا أو خفًّا، وليس عليه شيء. وقال في رواية ابن القاسم: إن تعمد التغطية وجب عليه، والناسي يفزع إلى التلبية. ونحوه نقل حرب. "شرح العمدة" كتاب الصحيح 2/ 396 - 397. 1305 - في محظورات الإحرام بين المكره والمختار قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل يجبُ على المرأةِ شيءٌ إذا كانت كارهةً حين وقعَ بِهَا زوجُها؟ قال: المُستكرَهة، لا. قال إسحاق: ما قال. "مسائل الكوسج" (1630). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: نحنُ نقولُ: إذا طَاوَعَتْهُ امرأتُه فَعَلى كُلِّ واحدةٍ مِنهُما كفارةٌ، وإنْ باشَرَها وليسَ علَيهما ثوبٌ فعليهِما فديةٌ. قال أحْمَد: أما في الوَطءِ فما أَحسنَه! وفي المباشَرَةِ عَليهِما دمٌ. قال إسحاق: ما قال أحمد، إذَا أرادَ بالدَّمِ شاةً. "مسائل الكوسج" (1675).

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يستكره امرأته على الجماع، هل على المرأة كفارة؟ قال: إذا استكرهها فليس عليها كفارة، وإذا هي طاوعته فعليها أو عليه كفارة. "مسائل ابن هانئ" (879). نقل جعفر بن محمد، ويعقوب بن بختان عنه في المرأة المطاوعة: عليها بدنة كالرجل، وإن أكرهها على الوطء: لا كفارة عليها. ونقل أبو طالب عنه: على كل واحد هدي؛ أكرهها أو لم يكرهها، هكذا قال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- (¬1). "الروايتين والوجهين" 1/ 290. نقل مهنا عنه في محرمة غصبها رجل نفسها فجامعها وهي كارهة، قال: أخاف أن يكون قد فسد حجها. فقيل له: فإن غصبها رجل نفسها وهي صائمة فجامعها؟ قال: هو كذلك. "المغني" 4/ 376، "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 337. قال في رواية أبي طالب: ليس على المرأة كفارة، إنما هي على الرجل إلا أن يكونا محرمين، فيكون عليهما كفارة. كذا قال ابن عباس ولم أسمع على المرأة هدي إلا في الحج. وقال الأَثْرَمُ: قال أحْمَد: إذا أكرهها في الحج، على كل واحد منهما هدي. "شرح العمدة" كتاب الصوم 1/ 333. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 161 (13091، 13092).

1306 - هل له تقديم الفدية قبل فعل المحظور؟

1306 - هل له تقديم الفدية قبل فعل المحظور؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يقدم الفدية قبلَ حلقِ الرَّأْسِ إذا آذاه القملُ؟ قال: لا بأسَ بِهَ، ويقدمُ الكفارة قبلَ الحنث، الأعمالُ بالنِّيةِ، أليسَ يقدمُ الزَّكاةَ قبل محلها، والمُظَاهِرُ يُكَفرُ قبلَ أن يتماسَّا؟ ! قال إسحاق: لا يعجبني في الفدية، والباقي كما قال. "مسائل الكوسج" (1623). 1307 - تعدد الكفارات وتداخلها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: محرمٌ مسَّ طيبًا، ولبسَ ثوبًا، وحلقَ رأسَهُ ولبسَ الخفَّين وأشباه ذَلِكَ ممَّا لا ينبغي لهُ أنْ يفعلَ؟ قال: كأنه حَلَّ عليه كفارةٌ واحدة، وإن فعل واحدة بعدَ واحدةٍ، فعليه دم في كلِّ واحدةٍ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1554). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: القارنُ يصيبُ شيئًا مِنْ طِيبٍ أو شعرٍ أو لباسٍ ما عليه مِن الكفَّارة؟ قال: عليه كفارةٌ واحدةٌ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ إحرامَه وإحرامَ المفردِ والمتمتع إحرامٌ واحدٌ. "مسائل الكوسج" (1578). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحْمَد: رجلٌ جامعَ أهلَهُ، ثمَّ أصابَ صيدًا، أو حلقَ رأسَهُ، أو أشباهُ ذَلِكَ؟

قال: الإحرام عليهِ قائمٌ، كُلَّما أصابَ من ذَلِكَ فعليهِ الكفارة. قال إسحاق: أعجَبُ إليَّ أن يكون يلزمُه ما يلزمُ الحرام. "مسائل الكوسج" (1583). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قتلَ المحرمُ الصيدَ، ثمَّ أكَلَهُ؟ قال: كفارةٌ واحدةٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1624). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: القارنُ إذا فسَدَ حجّهُ بصابةِ أهلهِ ما عليه من الهدي؟ قال: عليه هديٌ واحدٌ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ عليه طَوافًا واحدًا وسعيًا واحدًا، وكذلك سائر الأشياء، تشبيهًا به. "مسائل الكوسج" (1626). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ وقعَ بأربع نسوةٍ وهو محرمٌ في يوم واحد أو في أيام متفرقةٍ؟ قال: فسد حجه وعليه كفارةٌ واحدةٌ ما لم يكفرْ، فإذا قَتَلَ بعدَ ذَلِكَ صيدًا أو حلَقَ رأسَه ففي كلِّ واحدةٍ هدي على حده. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1629). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجلٍ جاوزَ الميقاتَ فأهَلَّ، ثم جامع؟ قال: عليه أن يحجَّ مِنْ قابلٍ، وعليهِ بَدَنةٌ، وليس عليه دمٌ لترك ميقاته؛ لأن عليه القضاء، فإن رَجعَ إلى ميقاتِه فما أحسَنَهُ!

قال أحْمَد: عليهِ دمٌ؛ لتركِهِ الميقاتَ ويمضي في حجتهِ، يصنعُ ما يصنعُ الحاجُّ ويلْزمُ ما يلْزمُ المحرمُ في كلِّ ما أتى؛ لأن الإحرام عليه قائمٌ وعليه حجُّ قابِلٍ والهدي. قال إسحاق: كما قال أحمد -رضي اللَّه عنهما-. "مسائل الكوسج" (1641). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: في الطيب كفارةٌ، وفي الثياب كفارةٌ، وفي الشعرِ كفَّارةٌ. قال أحْمَد: جيد، في كلّ واحِدٍ كَفَّارةٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1673). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إذا قرن بينَ الحجِّ والعُمرةِ، فأصابَ شيئًا مِن طيبٍ أو شعرٍ أو لباسٍ فعَليهِ كفَّارتانِ، ومَن قال: طوافا واحدًا، فكفارةٌ واحدةٌ. قال أحْمَد: عليه كفَّارةٌ واحدةٌ. قال إسحاق: كفَّارةٌ واحدةٌ لا يكونُ حكمُه أعظمَ من حكمِ الطوافِ، وإنما عَليه طواف واحد. "مسائل الكوسج" (1674). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجلٍ أهَلَّ بعُمرةٍ في أَشْهَرِ الحجِّ، ثُمَّ جامعَ أهلَهُ قبلَ أن يَطُوفَ بالبيتِ، ثم أقامَ إلى الحجِّ قال: يحج مَعَ النَّاسِ وعَلَيهِ دَم لعُمرَتِهِ لما أفْسَدَ من العُمرةِ، وليسَ عليه دمٌ للمتُعةِ؛ لأنهُ أفسدَ ما عليه قضاؤهُ لعمرتهِ. قال أحْمَد: بَلَى، عَليه دم المتعة ودم لما أفسدَ مِنَ العمرةِ.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1679). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجلٍ قارن قدم مكة فطافَ بالبيتِ، وسَعَى بينَ الصفَا والمروةِ لعمرته، ثُمّ جامَع قبلَ أن يأتيَ مِنى: عليهِ شاةٌ لعمرتِهِ، ويَنْحرُ بَدَنَةً لحجِّه، وعليه الحجُّ من قابل. قال أحْمَد: إن كانَ نوى بطَوَافِه أن يُحِلَّ من حَجِّهِ ومِن عُمرتهِ فَقَد حَلَّ إذَا هُوَ قَصرَ أو حَلَقَ. قُلْتُ: وله أن يحلَّ مِنْهَا إذا قَرَن؟ قال: نَعم، إذا لم يَسُقْ لابدَّ مِن أن يهلَّ بالحجّ في عامه ذَلِكَ وَلَيْسَ عليهِ شيء إذا وطئ بعد الحلق، وليس عليه لعمرتِهِ شيءٌ عَلَى قَولنا؛ لأنَّ العمرةَ إنما هُوَ الطوافُ بالبيتِ وعليهِ دمٌ إن تعجلَ بهِ العام، وليسَ عليه في قَابِلٍ وعليه أن يحجَّ ويعتمرَ من قَابِلٍ. قُلْتُ: فإن أهل بحج وساقَ، ألَه أن يفسخَهُ ويجعلَه عمرةً؟ قال: لا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1682). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رَجُل جَامعَ امرأته، ثم أصابَ صيدًا أو حلق رأسه وأشباه ذَلِكَ. قال أحْمَد: لكلِّ شيء كفارةٌ، وذلك أن الإحرام عليه قائم. قال إسحاق: كما قال، ليس له أنْ يخرجَ مِن إحرامِه إلَّا بالطوافِ بالبيتِ. "مسائل الكوسج" (3243).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: محرمٌ مسَّ طيبًا ولبس ثوبًا، وحلقَ رأسَه، ولبس الخفينِ وأشباه ذَلِكَ؟ قال أحْمَد: هذا كفارةٌ واحد. فأعدت عليه، فقال: فيه بعض الشنعة، دعه. قُلْتُ: إنك قُلْت فيه مرة: عليه كفارةٌ واحدة. قال: هاه، دعه. قال إسحاق: عليه في كلِّ واحدٍ كفارته الذي أمر به، وإن فعله بمرة واحدة فأهراق دمًا فقد أتى على كله. "مسائل الكوسج" (3244). قال ابن هانئ: وسئل عن المحرم يمرض في الطريق، فيحلق رأسه، ويلبس ثيابه ويطيل؟ قال: عليه هديان. "مسائل ابن هانئ" (789). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: المحرم إذا حلق رأسه ولبس ثيابه؟ قال: عليه كفارة: للرأس فدية، وللجسد فدية، كفارتين. "مسائل عبد اللَّه" (763). قال عبد اللَّه: سألت أبي: إذا وطئ المحرم ثم أصاب الصيد عليه جزاء؟ قال: الإحرام على هذا قائم؛ لأنه يؤمر أن يتم على حجه الحج، فلا ينبغي له أن يصيد صيدًا، ولا يحلق رأسه، وهو في حالاته كالمحرم، ولو كان بمنزلة المحل رجع إلى أهله، وحج من قابل، ولكن قيل: امض في حجك. "مسائل عبد اللَّه" (904).

نقل ابن القاسم عنه في المحظورات إذا كانت من جنس واحد وتكرر فعلها ولم يكفر عن الأول: تتداخل وتجب كفارة واحدة ما لم يكفر عن الأول؛ لأنه استمتاع تكرر لم يتخلله تكفير فوجب ألا تجب إلا كفارة واحدة، كما لو كان كله دفعة واحدة في مجلس واحد. "الروايتين والوجهين" 1/ 276. نقل ابن القاسم وسندي عنه في القارن والمتمتع إذا فعل محظورًا: عليه جزاء واحد. "الروايتين والوجهين" 1/ 300. قال في رواية مهنا في رجل جاوز الميقات إلى مكة، ثم أحرم بعمرة فأفسدها: عليه قضاؤها، يرجع إلى الوقت الذي يحرم منه. فقيل له: أفلا يكون عليه شيء لتركه الوقت أول مرة؟ قال: لا. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 260. وقال في رواية أبي طالب فيما إذا وطئ وهو محرم بعمرة أو قارن إن كان معه هدي نحره، وإلا فليس عليه هدي إلى قابل، فإذا حجَّا أهديا. وقال المروذي: وقد سئل عن متمتع دخل مكة فوطئ قبل أن يطوف بالبيت؟ فقال: لا تقل: متمتع. ولكن قل: معتمر. يرجع إلى الميقات الذي أهل منه، فيحرم بعمرة وعليه دم، وإن كان الوقت ضيقًا أهل بالحج، فإذا فرغ منه أهل بالعمرة. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 261.

نقل عنه سندي: شعر الرأس واللحية والإبط سواء، لا أعلم أحدًا فرق بينهما. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 393. قال في رواية الأثرم: على أنه إذا لبس اليوم عمامة، وغدًا جبة، وبعد غد قميصًا لمرض واحد: فكفارة واحدة. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 394، "الإنصاف" 8/ 422. نقل عنه حنبل في تعدد كفارة الصيد بتعدده: لا تتعدد إن لم يكفر عن الأول. ونقل حنبل عنه: إن تعمد قتله ثانيًا؛ فلا جزاء، ينتقم اللَّه منه. "الفروع" 3/ 458، "المبدع" 3/ 184، "الإنصاف" 8/ 423 - 424.

أبواب: العمرة

أبواب: العمرة 1308 - حجُّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعمراتُه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كَمْ حجَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكمِ اعتَمرَ؟ قال: ما حجَّ مِنْ المدينةِ إلا واحدًا، والعمرة يقولون: ثلاثًا، ويقولون: أربعًا. قال إسحاق: حجَّ صلى اللَّه عليه وسلم حجتَينِ قبلَ أنْ يُهاجر (¬1)، وأما من المدينة فكما قال، والعمرةُ أربعٌ (¬2). "مسائل الكوسج" (1551). قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه سئل: كم حج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقال: واحدة، الذي في الظاهر، ويقال: حجة أخرى قبل هجرته. قال أبو عبد اللَّه: مجاهد وأبو إسحاق يقولان حج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل أن يهاجر حجة. ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (815) وقال: هذا حديث غريب من حديث سفيان، لا نعرفه إلا من حديث زيد بن حباب، ورأيت عبد اللَّه بن عبد الرحمن روى هذا الحديث في كتبه عن عبد اللَّه بن أبي زياد. وسألت محمدًا عن هذا فلم يعرفه من حديث الثوري عن جعفر، عن أبيه، عن جابر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ورأيته يَعُدَّ هذا الحديث محفوظا، وقال: إنما يروى عن الثوري عن أبي إسحاق عن مجاهد مرسلًا. اهـ وابن ماجه (3076). وصححه ابن خزيمة (3056) والألباني في "صحيح الترمذي" (652)، و"صحيح ابن ماجه" (2496). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 129، والبخاري (1775)، ومسلم (1255) من حديث عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما-.

1309 - حكم العمرة

قيل لأبي عبد اللَّه: وكم اعتمر؟ قال: أربع عمر، ومن الناس من يقول ثلاثًا. "سؤالات الأثرم" (32) 1309 - حكم العمرة قال إسحاق بن منصور: قال: قُلْتُ لأبي عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل: العمرةُ واجبةٌ؟ قال: هي وَاجبة. قُلْتُ: وتقضى منها المتعة؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال وأجاد، ظننت أن أحدًا لا يتابعني عليه، وبيانُ ذَلِكَ في كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} [البقرة: 196] ألا ترى من رآها تطوعًا قرأها: {وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} حتَّى تكونَ استئنافًا. "مسائل الكوسج" (1362). قال ابن هانئ: سألته عن رجل حج، ولم يدخل بعمرة؟ فقال: نرى أن العمرة واجبة مع الحج؛ لأن اللَّه تبارك وتعالى يقول: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}. "مسائل ابن هانئ" (702). قال ابن هانئ: وسمعت أبا عبد اللَّه وسأله رجل فقال: إني خرجت من خراسان أريد الحج ومعي مائة وثلاثون درهمًا وأنا عليل، وأردت أن أعتمر عمرة رمضان بمكة، كيف ترى لي أن أصنع؟ فأمره أبو عبد اللَّه أن يرجع إلى بلاده وأن لا يخرج.

فقال له: إني حججت عام أول فأهللت بحجة مفردة ولم أعتمر. فقال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: العمرة عندنا واجبة؛ لأن اللَّه يقول: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ولابد لمن فرض الحج أن يعتمر، ثم دفع إلينا أبو عبد اللَّه، وكنا سألناه لرجل يريد الحج يريد أن يعتمر؟ فكتب له بخطه، فقال: إن كنت تحج عن نفسك، إن علمت أنك تدرك عمرة رمضان أهللت بعمرة من الوقت، ثم دخلت مكة إن شاء اللَّه فطفت بالبيت سبعًا، ثم ترمل ثلاثًا، ثم تمشي أربعًا، وتسعى بين الصفا والمروة سبعًا، وترمل في الوادي من العلم إلى العلم، وإذا سعيت سبعًا حللت وأحللت إلى يوم التروية، فإذا كان يوم التروية أهللت بالحج ولا هدي عليك ومضيت إلى منى، فإذا كان يوم النحر رميت الجمرة -جمرة العقبة- بسبع حصيات، وإذا أردت أن تذبح ذبحت، ثم حلقت، ثم زرت البيت يوم النحر إن قدرت عليه، ولا بأس أن تؤخره إلى غد إن كان لك شغل، وطفت بالبيت لحجك وبين الصفا والمروة لا ترمل في شيء من ذلك. ثم طفت أيضًا طوافًا بالبيت وهو الواجب الذي لا تحل إلا به من حجّك، ثم رجعت إلى منى، إن أردت أن تنفر إلى أهلك لم تخرج من مكة حتى تودع البيت بأسبوع، ثم تخرج إن شاء اللَّه إلى أهلك. وإن اعتمرت في شوال ثم أقمت للحج، وجب عليك ما استيسر من الهدي. ثم يذبح ويحلق، فإن شاء زار البيت من يومه وليلته، فإذا زار البيت وهو ممن قد كان أهلَّ بالعمرة طاف للحج وسعى بين الصفا والمروة، ولا يرمل فيهما، وكان ابن عمر إذا أهل من مكة لم

يرمل (¬1)، وكذلك أهل مكة ليس عليه رمل بالبيت، ولا بين الصفا والمروة ثم يطوف طواف الزيارة وهو الذي يحل به، ثم يرجع إلى منى، وإن شاء تطيب قبل أن يأتي مكة إذا هو رمى الجمرة، ونحر وحلق تطيب إن شاء، ثم زار البيت، ويستحب أن يكون آخر عهده الطواف بالبيت وهو طواف الوداع، والواجب أن يحل به طواف يوم النحر. "مسائل ابن هانئ" (908). قال أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ: سَأَلْتُ مُسْلِمَ بْنَ الحَجَّاجِ عَنْ هذا الحَدِيثِ -يَعْنِى: حَدِيثَ أَبِى رَزِينٍ "حج عن أبيك واعتمر"- فَقال: سمعت أحْمَد ابن حنبل يَقُولُ: لَا أَعْلَمُ في إِيجَابِ العُمْرَةِ حَدِيثًا أَجْوَدَ مِنْ هذا، وَلَا أَصَحَّ مِنْهُ، وَلَمْ يَجُوِّدْهُ أَحَدٌ كَمَا جَوَّدَهُ شُعْبَةُ. "السنن الكبرى" للبيهقي 4/ 350 وقال محمد بن الحكم: سمعت أحْمَد يقول: والعمرة عندي واجبة؛ قال تعالى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وعن ابن عباس وابن عمر -رضي اللَّه عنهم-: أنها واجبة (¬2). وفي حديث أبي رزين: "حج عن أبيك واعتمر" (¬3) وحديث ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 239، وابن أبي شيبة 3/ 266 (14163)، والبيهقي 5/ 84 من طريق مالك. (¬2) رواه ابن خزيمة 4/ 356 (3066)، والدارقطني 2/ 285، والحاكم 1/ 644، والبيهقي 4/ 351، والبخاري معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث (1773)، وانظر: "تغليق التعليق" 3/ 116 - 117. (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 10، وأبو داود (1810)، الترمذي (930) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي 5/ 111، 117، ابن ماجه (2906). وصححه ابن الجارود 1/ 144 (500)، وابن خزيمة (3040)، وابن حبان (3991)، وقال الدارقطني 2/ 283: كلهم ثقات -يعني: رواته- وقال الحاكم =

يرويه سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر، قال: جاء رجل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: أوصني. فقال: "تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم، وتحج، وتعتمر" (¬1) فالعمرة واجبة، ومالك يقول: ليست بواجبة، وابن عباس وابن عمر أكبر. "طبقات الحنابلة" 2/ 295 - 296. ¬

_ = 1/ 481: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (188، 3127)، وقال في "صحيح أبي داود" (1588): قلت: إسناده صحيح، وقد صححه الإمام أحمد، والترمذي، وابن حبان، وابن الجارود، والحاكم، ووافقه الذهبي. اهـ. (¬1) رواه ابن أبي عاصم في "السنة" (1070)، والحاكم 1/ 51 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فإن رواته عن آخرهم ثقات، ولم يخرجاه توقيًا لما سمعت علي بن عيسى يقول: . . ثم ساق إلى الحسن أنه قال: جاء أعرابيّ إلى عمر فسأله عن الدين فقال: يا أمير المؤمنين، علمني الدين قال: . . قال القباني: قلت لمحمد بن يحيى: أيهما المحفوظ، حديث يونس عن الحسن عن عمر، أو نافع عن ابن عمر؛ فقال محمد بن يحيى: حديث الحسن أشبه. هـ. ورواه أيضا البيهقي في "الشعب" 3/ 429 (3975، 3976)، وقال: خالفه محمد بن بشر فرواه عن عبيد اللَّه عن يونس بن عبيد عن الحسن قال: جاء أعرابي إلى عمر فسأله عن الدين. فذكره موقوفًا. وقال الألباني في "ظلال الجنة في تخريج السنة" (1070): إسناده جيد ورجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير الحصين بن البزار، فلم أعرفه وهو مقرون فلا تضر جهالته، ولا أستبعد أن يكون (الحصين) محرفًا من (الحسن)، وهو ابن الصباح البزار، وهو من شيوخ المصنف، يعني: ابن أبي عاصم.

1310 - هل لأهل مكة العمرة، ومن أين يحرموا؟

1310 - هل لأهل مكة العمرة، ومن أين يحرموا؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من أين يعتمرُ أهلُ مكة؟ وعليهم العمرة؟ قال: ليس عليهم عمرة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1395). قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا حسين، عن عبد اللَّه بن المؤمل، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس: أنه كان إذا أراد أن يعتمر خرج إلى التنعيم. "مسائل صالح" (859). قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن مكي قدم من مصرٍ من الأمصار في أشهر الحج، ثم أقام حتى الحج، ثم حج متمتع هو؟ قال: ليس على أهل مكة متعة، إنما المتعة على الغرباء. "مسائل أبي داود" (858). قال ابن هانئ: وسئل: من أين يعتمر الرجل؟ قال: إذا خرج من المسجد. "مسائل ابن هانئ" (698). ونقل عنه الأثرم وقد سئل عن أهل مكة، فقال: أهل مكة ليس عليهم عمرة إنما قال اللَّه تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}. فقيل له: إنما ذلك في الهدي في المتعة. فقال: كان ابن عباس يرى المتعة واجبة، ويقول: يا أهل مكة ليس عليكم عمرة إنما عمرتكم طوافكم بالبيت (¬1). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 416 (15688)، والفاكهي في "أخبار مكة" 3/ 72 (1819).

1311 - من هم أهل مكة؟

قيل له: كأن إقامتهم بمكة يجزيهم من العمرة؟ فقال: نعم. وكذلك قال في رواية ابن الحكم: ليس على أهل مكة عمرة لأنهم يعتمرون في كل يوم يطوفون بالبيت فمن أراد منهم أن يعتمر خرج إلى التنعيم، أو تجاوز الحرم. وقال في رواية الميموني: ليس على أهل مكة عمرة، وإنما العمرة لغيرهم، قال اللَّه تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} إلا أن ابن عباس قال: يا أهل مكة من أراد منكم العمرة فليجعل بينه، وبينها بطن محسر (¬1). وإذا أراد المكي وغيره العمرة: أهل من الحل، وأدناه من التنعيم. وقال أيضًا: ليس على أهل مكة عمرة؛ لأنهم يعتمرون في كل يوم ويطوفون بالبيت فمن أراد منهم أن يعتمر خرج إلى التنعيم، وتجاوز الحرم. "شرح العمدة" كتاب الحج 4/ 101 - 105، 327. نقل المروذي عنه: ليس لأهل مكة متعة. "الفروع" 3/ 314، "معونة أولي النهى" 4/ 68. 1311 - من هم أهل مكة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: لأهلِ مكة متعة؟ ومَنْ أهل مكة؟ قال أحْمَد: كلُّ مَنْ كان من مكة على نحو ما تقصر فيه الصلاة فليس هو من أهلِ مكة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1393). ¬

_ (¬1) رواه الفاكهي في "أخبار مكة" 3/ 73 (1820).

1312 - أي العمرة أتم؟

نقل عنه أبو طالب فيمن كان حول مكة فيما لا تقصر فيه الصلاة: هو مثل أهل مكة ليس عليهم عمرة، ولا متعة إذا قدموا في أشهر الحج. ومن كان منزله فيما يقصر فيه الصلاة: فعليه المتعة إذا قدم في أشهر الحج وأقام إلى الحج. وقال في رواية المروذي: إذا كان منزله دون الميقات مما لا يقصر فيه الصلاة فهو من أهل مكة. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 361. 1312 - أي العمرة أتم؟ قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن العمرة من التنعيم؟ قال: هي على قدر النفقة والتعب. "مسائل ابن هانئ" (722). قال ابن هانئ: قُلْتُ له: فالعمرة من أي موضع أحب إليك؟ قال: ينشئ لها سفرًا من أهله. "مسائل ابن هانئ" (725). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن عمرة المحرم، أتراه من مسجد عائشة، أو من الميقات، أو من المقام بمكة؟ والطواف بقدر ما تعب أفضل، والخروج إلى الميقات للعمرة؟ فقال: يروى عن عائشة أنها قالت في عمرة التنعيم: هي على قدر نصيبها ونفقتها (¬1)، وكلَّما أكثر من النفقة والتعب فالأجر على قدر ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (894). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 153 (13016).

قال أبو بكر الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: فأي العمرة عندك أفضل؟ قال: أفضل العمرة عندي أن تكون في غير أشهر الحج (¬1)، كما قال عمر، فإن ذلك أتم لحجكم، وأتم لعمرتكم، أن تجعلوها في غير أشهر الحج. قيل لأبي عبد اللَّه: فأنت تأمر بالمتعة، وتقول: العمرة في غير أشهر الحج أفضل؟ فقال: إنما سئلت عن أتم العمرة، فقلت في غير أشهر الحج، وقُلْتُ: المتعة تجزئه من عمرته، فأتم العمرة أن تكون في غير أشهر الحج. وقال عليٌّ رضي اللَّه عنه: من تمام العمرة أن تقدم من دويرة أهلك (¬2)، وكان سفيان بن عيينة يفسره أن ينشئ لها سفرًا يقصد له، ليس أن تحرم من أهلك، حتى تقدم الميقات. وقال عمر -رضي اللَّه عنه- في العمرة: من دويرة أهلك (¬3). قيل لأبي عبد اللَّه: فيجعل للحج سفرًا على حدة، وللعمرة سفرًا على حدة؟ ¬

_ (¬1) رواه مالك رواية محمد بن الحسن 2/ 233 (336)، والطحاوي في "معاني الآثار" 2/ 147 (3692) من طريق مالك، والبيهقي 5/ 5. (¬2) رواه ابن الجعد في "مسنده" (63)، وابن أبي شيبة 3/ 123 (12687)، والطبري 3/ 122 (3198، 3199)، والحاكم 2/ 276 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. والبيهقي 4/ 341، 5/ 30. قال الحافظ في "التلخيص" 2/ 228: رواه الحاكم في تفسير "المستدرك" من طريق عبد اللَّه بن سلمة عن علي. . وإسناده قوي. (¬3) قال الحافظ في "التلخيص" 2/ 228: وعن عمر كذلك -بعد ما ذكر عن علي -رضي اللَّه عنه- قلت: ذكره الشافعي في "الأم". أهـ.

قال: نعم. قلت له: فإن اعتمر في غير أشهر الحج، ثم أقام بمكة حتى يحج، أيكون هذا قد جعل له سفرًا على حدة، وللحج سفرًا على حدة؟ فقال: لا، حتى يرجع، ثم يحج. فهذا مد للعمرة من أهله، وقصد للحج من أهله، هذا معناه. "مجموع الفتاوى" 26/ 46. قال أبو طالب: قيل لأحْمَد بن حنبل: ما تقول في عمرة المحرم؟ فقال: أي شيء فيها؟ ! العمرة عندي التي تعمد لها من منزلك، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وقالت عائشة: إنما العمرة على قدره (¬1)؛ تعني: على قدر النصب والنفقة. وذكر حديث علي وعمر: إنما إتمامها أن تحرم بها من دويرة أهلك. قال أبو طالب: قُلْتُ لأحْمَد: قال طاوس: الذين يعتمرون من التنعيم لا أدري يؤجرون، أو يعذبون؟ قيل له: لم يعذبون؟ قال: لأنه ترك الطواف بالبيت، ويخرج إلى أربعة أميال، ويخرج إلى أن يجيء من أربعة أميال قد طاف مائتي طواف، وكلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي في غير شيء. "مجموع الفتاوى" 26/ 264 - 265. نقل عنه الحسن بن محمد، وقد سئل: من أين يعتمر الرجل؟ فقال: يخرج إلى المواقيت فهو أحب إلي، كما فعل ابن عمر، وابن الزبير، وعائشة رضوان اللَّه عليهم، أحرموا من المواقيت، فإن أحرم من ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 153 (13016).

التنعيم فهو عمرة، وذاك أفضل، والعمرة على قدر تعبها. وقال في رواية أبي طالب: قال اللَّه: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}، وقالت عائشة: إنما العمرة على قدر سفرك ونفقتك، وقال عمر -رضي اللَّه عنه- للرجل: اذهب إلى علي -رضي اللَّه عنه-. فقال علي: أحرم من دويرة أهلك. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 330 - 331. قال حرب: سمعت أحْمَد يقول: قال سفيان بن عيينة في تفسير الحديث: أن تحرم من دويرة أهلك، قال: هو أن ينشئ سفرها من أهله. ونقل عنه ابن الحكم، وقد سئل عن الحديث: أن تحرم من دويرة أهلك؟ قال: ينشئ لها سفرًا من أهله، كأنه يخرج للعمرة عامدًا، كما يخرج للحج عامدًا، وهذا مما يؤكد أمر العمرة. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 369. وقال سعدان بن يزيد: قيل لأبي عبد اللَّه: تأمر بالمتعة، وتقول: العمرة في غير أشهر الحج أفضل؟ فقال: إنما سئلت عن أتم العمرة، فالمتعة تجزئه من عمرته، فأما أتم العمرة فأن تكون في غير أشهر الحج. "شرح العمدة" كتاب الحج 1/ 551. قال في رواية بكر بن محمد: يخرج إلى المواقيت أحب إليَّ؛ لأنه عزيمة، ومن أدنى الحل رخصة للمكي. "الفروع" 3/ 280.

كتاب الأضاحي والعقيقة

كتاب الأضاحي والعقيقة 1312 - حكم الأضحية قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الأضاحي فريضة؟ قال: لا أقول فريضة أو كلمة نحوها، ولكنه يستحب. "مسائل أبي داود" (1628). قال عبد اللَّه: حدثني أبي من كتابه الأصل، قال: حدثنا عبد الأعلى ابن عبد الأعلى الساعي قال: حدثنا يونس -يعني: ابن عبيد- عن العلاء ابن زياد، عن رجل من بكر بن وائل، قلت لابن عمر: ما تقول في الأضحية؟ قال: لعلك تراها حتما. قال أبي: وقال هشيم عن يونس، عن العلاء بن هلال، وهو الصواب. "العلل" برواية عبد اللَّه (4861) 1313 - الأضحية عن اليتيم قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل قال: قلتُ لأحمد: يضحى عن اليتيم؟ قال: نعم، إذا كان له مال. قال جعفر بن محمد النيسابوري: سمعتُ أبا عبد اللَّه يُسأل عن وصي يتيمة: يشتري لها أُضحية؟ قال: نعم يشتري لها. "تحفة المودود" ص 181.

1314 - الأسنان التي تجوز في الأضحية

1314 - الأسنان التي تجوز في الأضحية قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أي الأسنان يجوزُ في الضحيةِ من البقرِ والإبلِ والغنمِ؟ قال: لا يجوزُ في الأضاحي إلا الثَّني فَصاعدًا من الإبلِ والبقرِ، والغنمِ إلا الجذعَ من الضأنِ. قال إسحاق: كما قال سواءٌ. "مسائل الكوسج" (2831) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الحسنُ: الحُوار -جَنين الناقة- يجزئ عن إنسان. قال أحمد: لم يقل هذا إلا الحسنُ، نقولُ: لا تجزئ إلا الثني. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2863). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: هل يجزئ الجذع من المعز؟ فقال: لا يجزئ الجذع من المعز، ولكنه يجزئ من الضأن، إذا كان سمينًا وافيًا أيضًا. "مسائل ابن هانئ" (1731). قال ابن هانئ: وسمعته يقول: لا يجزئ إلا الثنى من الإبل والبقر والمعز، إلا الضأن فإنه يجزئ مع الجذع إذا كان وافيًا سمينًا. "مسائل ابن هانئ" (1735). قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: قال: لا تجزئ من البُدن إلا الثني، إلا الضأن فإنه يجزئ منه الجذع. "مسائل عبد اللَّه" (990).

1315 - يستحب اختيار الأفضل في الأضحية

1315 - يستحب اختيار الأفضل في الأضحية قال إسحاق بن منصور: قلتُ: بَدَنتَان سَمِينتَان بتسعةٍ وبدنةٌ بعشرةٍ؟ قال: ثنتان أعجبُ إليَّ. قال إسحاقُ: أحبُّ إليَّ أكثرها ثمنًا، فإذا استوتا في الثمنِ فثنتان أعجبُ إلي لكثرةِ اللحم. "مسائل الكوسج" (1577). قال عبد اللَّه: قال أبي: قال ابن مهدى، عن سفيان، عن مالك بن مغول، عن أبي حصين عن الشعبي في هذا الحديث -يعني: حديث وكيع عن سفيان، عن أبي حصين عن الشعبي في الخصي يضحى به- ما زاد فيه شحمه ولحمه أكثر مما نقص منه. "العلل" برواية عبد اللَّه (1416) قال في رواية بكر بن محمد: الخصي أحب إلي من النعجة. "المستوعب" 4/ 359 نقل حنبل عنه: أكره السواد. "المبدع" 3/ 277، "الإنصاف" 9/ 332. 1316 - لا تجزئ في الأضحية معيبة عيبًا ينقص لحمها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا اشترى الضحيةَ صحيحةً، فأصابها مرضٌ أو عَورٌ أو كسرٌ؟ قال: يقال: إنها تَفي. قال إسحاقُ: كما قال؛ لأنه اشترى على الصِّحة، ثم أصابَها ذَلِكَ بعد ذَلِكَ فهي وافية عنه.

قُلْتُ: قولُ عليّ -رضي اللَّه عنه-: لا مُقابلَة ولا مُدابَرة، ولا شَرقَاء ولا خَرقاء (¬1). "مسائل الكوسج" (2839). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل تُجَزُّ الضحية؟ قال: إذا كان ذَلِكَ ضررًا بها فذاك مكروهٌ، إلا أن يَطول صُوفها. قال إسحاق: كما قال، لا يُنِقِصنَّ المسلمُ شيئا منها صوفًا كان أو غيرَه حتى يَدعها بكمالها حسنًا جميلًا. "مسائل الكوسج" (2842). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا ابتاعَ الضحيةَ فأصابها عَمًى، أو شيءٌ لا يضره، ولا يضحى ببقر الوحشِ، ولا حمر الوحشِ. والجواميس تجزئ عن سبعة. قال أحمد: كما قال. قال إسحاق: كما قَالَا. "مسائل الكوسج" (2860). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إذا كانت العينُ فيها بياضٌ لا يرون به بأسًا إذا كان إنسانُ العينِ قائمًا -يعني: الحدَقَةَ- سوداءَ ليسَ فيها بياضٌ. قال أحمد: أما حَديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "استشرف العين والأذنَ" (¬2) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 108، وأبو داود (2804)، والترمذي (1498)، والنسائي 7/ 217، وابن ماجه (3142)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني بشواهده، انظر: "الإرواء" 4/ 363. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 95، وأبو داود (2804)، والترمذي (1503)، والنسائي 6/ 217، وابن ماجه (3143) من طرق مختلفة عن علي -رضي اللَّه عنه-. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2544).

كأنه لم يَر ما قال سفيان. قال إسحاق: كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "العين والأذن" فما كان في سواهما فهو أَهون. "مسائل الكوسج" (2862). قال صالح: الأضحية إذا اشتراها فاعورت أو عجفت؟ قال: يذبحها، تجزئه، فإن أراد أن يبيع الأضحية فلا بأس أن يبيعها ويشتري ما هو خير منها، فأما أن يشتري ما هو دونها فلا. "مسائل صالح" (998). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: "لا تجوز العوراء، ولا العجفاء، ولا الجداء ولا الجرباء" (¬1) قال أبي: الجداء: التي يبس ضرعها، والعجفاء: المهزول. "مسائل عبد اللَّه" (1617) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لم يسمع سفيان من ابن أشوع سعيد غير هذا الحديث. يعني: حديث شريح بن النعمان، عن علي في الضحية لا مقابلة ولا مدابرة (¬2). "العلل" برواية عبد اللَّه (5738) ¬

_ (¬1) رواه الطبراني في "الأوسط" 4/ 48 (3578)، والحاكم 4/ 225 من طريق علي بن عاصم، عن ابن طاوس، عن أبيه، عنه به. قال الهيثمي في "المجمع" 4/ 19: فيه علي بن عاصم بن صهيب، وفيه ضعف، وقد وثق. ورواه الطبراني أيضًا في "الكبير" 11/ 26 (10928) من الطريق السابق لكن وقع فيه علي بن عامر خطأ، وهو ابن عاصم، وهو علته كما قال الهيثمي 3/ 226. (¬2) رواه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 229 (2614) عن أبي نعيم عن وكيع عن سفيان عن سعيد بن أشوع سمعت شريح بن النعمان يقول: لا مقابلة ولا مدابرة. . دون ذكر عليٍّ فيه من كلام شريح بن النعمان.

قال أبو طالب: ثنا أحمد بن حنبل، ثنا يحيى بن آدم، ثنا شريك عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر قال: لا بأس بالأبتر أن يُضحى به. قال: لم أسمع رواه غير شريك. قلت: أليس هو منكر؟ قال: قد أخبرتك، ورواه وكيع، عن شريك، عن ليث، عن مجاهد، عن رجل، عن ابن عمر فقال: هذا من شريك. "تهذيب الأجوبة" 1/ 378 - 380. نقل حنبل عنه: العضب ما كان أكثر من النصف من الأذن أو القرن، فإذا انقطع أكثر من نصف الأذن والقرن لم يضح به. "الروايتين والوجهين" 3/ 26، "الفروع" 3/ 542، "المبدع" 3/ 280، "معونة أولي النهى" 4/ 292 نقل المروذي: لا يضحى بالمكسورة القرن إذا كان فيما بينها وبين الثلث. "الروايتين والوجهين" 3/ 26 نقل أبو طالب: أن العضب ذهاب النصف فأكثر من الأذن أو القرن. "الفروع" 3/ 542، "المبدع" 3/ 280، "معونة أولي النهى" 2/ 293 ونقل جعفر في التي يقطع من أليتها دون الثلث: لا بأس. ونقل هارون: كل ما في الأذن وغيره من الشاة دون النصف لا بأس به. قال الخلال: روى هارون وحنبل في الألية ما كان دون النصف أيضًا. ونقل حنبل: لا يضحى بأبتر ولا ناقصة الخلق ولا ذات عيب من مرض إذا لم تبلغ المنسك. "الفروع" 3/ 543، "المبدع" 3/ 281

1317 - إذا أوجب أضحية بعينها ثم أراد أن يستبدله أو وجد بها عيبا، أو هلكت، أو سرقت؟

1317 - إذا أوجب أضحية بعينها ثم أراد أن يستبدله أو وجد بها عيبًا، أو هلكت، أو سرقت؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تُستبدلُ الضحيَّةُ؟ قال: نعم، بخيرٍ منها. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2844). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الضَّحية تَهلك أو تُسرق، ثم يَبتاعُ غيرها، ثم يجدُ الأُولى؟ قال: إذا أَوجبها فهو مثل الهَديِ إذا أوجَبها ثم وجد الأولى يَذبحهُما جَميعًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2859). قال صالح: الأضحية أو البدنة تضيع فيشتري غيرها ثم يجدها؟ قال: ينحرهما معًا، يروى ذلك عن ابن عمر وعائشة وابن عباس وابن الزبير (¬1). "مسائل صالح" (997). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يشتري أضحية، فيريد أن يبدلها ويأخذ بدلها؟ قال: إذا كانت أسمن منها فلا بأس، ما لم تكن أهزل منها. "مسائل ابن هانئ" (1732). ¬

_ (¬1) روى الآثار عنهم في ذلك ابن أبي شيبة 3/ 291 - 292 (14437، 14438، 14440، 14441، 14442، 14443) وابن الزبير هو عروة كما في الأثر الأخير.

1318 - إذا أوجب أضحية بعينها، فمات قبل التضحية بها

قال عبد اللَّه: قلت لأبي: إذا اشترى الرجل الشاة فأراد أن يستبدل ما هو خير منها؟ قال: لا بأس. "مسائل عبد اللَّه" (987). نقل عنه أبو طالب في الرجل يشتري الأضحية يسمنها للأضحى: يبدلها بما هو خير منها، لا يبدلها بما هو دونها. فقيل له: فان أبدلها بما هو خير منها، يبيعها؟ قال: نعم. "مجموع الفتاوى" 31/ 240 وقال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يشتري الأضحية ثم يبدو له أن يشتري خيرًا منها؟ قال: إذا سماها فلا يبيعها إلا لمن يريد أن يضحي بها. "بدائع الفوائد" 4/ 57. 1318 - إذا أوجب أضحية بعينها، فمات قبل التضحية بها قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل: يشتري الشاة ليضحي بها، فمات؟ قال: يُضحى عنه، قد أوجبها وسماها أنها للتضحية. "مسائل ابن هانئ" (1738). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يشتري الشاة فيموت الرجل؟ قال: إذا أوجبها وسماها أنها أضحية قال: يضحى بها. وقال مغيرة: هي ميراث. قال أبي: حدثناه جرير عن مغيرة. "مسائل عبد اللَّه" (986).

1319 - ما يجزئ في الأضحية عن الفرد

1319 - ما يجزئ في الأضحية عن الفرد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يَذبحُ الشاةَ عن أهلِ بيتِهِ؟ قال: قد فعل ذَلِكَ أبو هُريرة -رضي اللَّه عنه- (¬1)، وحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، عن أُمَتِهِ (¬2). قال إسحاقُ: كما قالَ. "مسائل الكوسج" (2834). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: البقرةُ عن سبعةٍ من غيرِ أهلِ البيتِ؟ قال: إي واللَّه، اشتركَ أصحابُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يَكونوا من أهلِ البيتِ (¬3). قال إسحاق: لا يُعجبني أن يَخرج ذَلِكَ إلى غيرِ أهلِ البيتِ لما ذُكِرَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذَلِكَ، وحديثُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مُجمل مع أن أولئك مَع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كانوا لا يقاسمون اللحمَ، فلو كان اليومَ قومٌ يفعلون ذَلِكَ، وهُم غير أهل البيتِ لجاز ذَلِكَ أيضًا. "مسائل الكوسج" (2835). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الجواميسُ تُجزئ عن سَبعة؟ قال: لا أعرفُ خلافَ هذا، قال الحسنُ: تُذبح عن سبعة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2843). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 384 (8152)، والبيهقي 9/ 269. (¬2) رواه أحمد 6/ 78، ومسلم (1967)، من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ضحى بكبش ثم قال: "اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد". (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 304، ومسلم (1318) من حديث جابر بن عبد اللَّه.

قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاقُ. عن الاشتراكِ في البدنةِ لغيرِ أهلِ البيتِ إن كانوا رُفقة مجتَمعينَ من شتَّى تُجزى عنهم؟ قال: أرجو أن تُجزئ عَنهم إذا كانوا في الاجتماعِ كنحو أهل البيت لا يُريدون مُقاسمةَ اللحمِ، كما اشتركَ أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في البقرةِ عن السبعةِ، وكانوا زيادةً على ألف، فنرى أن كلَّ من اشترك في بقرةٍ لم يكونوا كلهم من أهل البيتِ، فإذا كانوا على استيفاء مقاسمة اللحمِ كرهنا لهم ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (2871). قال صالح: قال أبي: البقرة عن سبعة مثل البدنة، يروى عن علي: يضحى بها عن سبعة. "مسائل صالح" (1049). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يضحي بالشاة عن أهل بيته؟ قال: لا بأس أن يضحي بالكبش عن أهل بيته، قد ذبح النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كبشين، قرب أحدهما، فقال: "باسم اللَّه، هذا عن محمد وأهل بيته"، وقرب آخر فقال: "باسم اللَّه، اللهم منك ولك، هذا عمن وحدك من أمتي". "مسائل ابن هانئ" (1737). قال عبد اللَّه (¬1): سألت أبي قلت: يضحى بالشاة عن أهل البيت؟ قال: لا بأس، قد ذبح النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كبشين قرب أحدهما، فقال: "باسم اللَّه هذا محمد وأهل بيته" وقرب الآخر فقال: "باسم اللَّه، اللهم هذا ¬

_ (¬1) ذكرها ابن النجار في "معونة أولي النهى" 3/ 289 عن صالح.

منك ولك، هذا عمن وحدك من أمتي" (¬1) قال نحو هذا الكلام. قال أبي: يحكى عن أبي هريرة أنه كان يضحي بالشاة، فيقول: وعنكِ (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (971). وقال الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل: ثمانية نفر ضحوا -أو أهدوا- بدنة أو بقرة؟ قال: لا يجزئهم، ولا يجزئ عن أكثر من سبعة. "التمهيد" 10/ 310 "الاستذكار" 1/ 186 - 187. نقل أبو طالب عنه: جذع إبل وبقر عن واحد. وسأله حرب: أيجزئ عن ثلاثة؟ قال: يروى عن الحسن. وكأنه سهل فيه. ونقل ابن القاسم: ولو بانوا بعد الذبح ثمانية ذبحوا شاة وأجزأهم. ونقل مهنا: يجزئ سبعة وُيرضون الثامن ويُضَحّي. "الفروع" 3/ 540 - 541، "المبدع" 3/ 277 "الإنصاف" 9/ 339. ¬

_ (¬1) رواه بهذِه السياقة أبو يعلى 5/ 427 (3118) من حديث أنس بإسناد فيه الحجاج بن أرطاة، والحديث أصله في البخاري (5553)، ومسلم (1966) من حديث أنس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ضحى بكبشين أقرنين أملحين فذبحهما بيده. ورواه الإمام أحمد 6/ 220 من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-. (¬2) تقدم تخريجه.

1320 - إذا اشترك القوم في الضحية، هل يسمون أنفسهم عند نحرها؟

1320 - إذا اشترك القوم في الضحية، هل يسمون أنفسهم عند نحرها؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا ذُبحت البقرةُ عن سَبعةٍ هل يُسمون؟ قال: إن لم يُسموا تجزئهم النية. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2858). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم، عن حجاج، عن عطاء في القوم يشتركون في البدنة أيسمون أنفسهم عند نحرها إذا نحروها؟ فقال: تجزيهم من ذلك النية. سمعت أبي يقول: لم يسمعه هشيم من حجاج. "العلل" رواية عبد اللَّه (2261) 1321 - ما يجتنب الرجل إذا أراد أن يضحي قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الأخذُ من الشَّعرِ في العشرِ؟ قال: أمَّا إذا أرادَ أنْ يُضحِّي فلا يأخُذ؛ حديث أمِّ سلمةَ -رضي اللَّه عنها- (¬1). قال إسحاق: كما قال، والأمصارُ في ذَلِكَ سواءٌ. "مسائل الكوسج" (1497). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الحَلقُ يومَ النَّحرِ في غيرِ الحجّ؟ قال: ما أعرفُهُ. قال إسحاق: كما قال، لا يحلقَنَّ أحد بغيرِ مكة إلا من علةٍ لمَا يكُونُ ¬

_ (¬1) رواه أحمد 6/ 289، 301، 311، ومسلم (1977).

شبيْهًا بالخوارج. "مسائل الكوسج" (1498). قال صالح: قلت لأبي: ما يجنتب الرجل إذا أراد أن يضحي؟ قال: لا يأخذ من شعره، ولا من بشره. قال أبي: سألت يحيى بن سعيد القطان عن حديث عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يبعث بالهدي، ولا يجتنب ما يجتنبه المحرم (¬1)، وعن حديث أم سلمة: "إذا أراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذن من شعره ولا من ظفره". فقال يحيى بن سعيد: لهذا وجه، ولهذا وجه. "مسائل صالح" (263). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن حديث أم سلمة: "إذا أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره"؟ فقال: سألت عنه يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، فقالا: إذا أراد الرجل أن يضحي، فلا يأخذ من شعره ولا بشرته. فقال يحيى: إذا بعث بالهدي فلا يجتنب عن شيء مما يريد من أخذه، وإذا أراد أن يضحي بمصره، فلا يأخذ شيئًا من شعره وبشرته. وقال أبو عبد اللَّه: آخذ بالقولين جميعًا. قال أبو عبد اللَّه: وأما عبد الرحمن فلم يدر ما هو، قال: أيش هذا؟ ! "مسائل ابن هانئ" (1733). قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: محمد بن جعفر قال: حَدَّثنَا شعبة، عن مالك بن أنس، عن عمر -أو عمرو- بن مسلم، عن سعيد بن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 53، والبخاري (1703)، ومسلم (1321).

المسيب، عن أم سلمة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أراد أن ينحر فرأى هلال ذي الحجة فلا يأخذ من شعره وأظفاره" (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1734). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا دخل العشر فأراد أحدكم أن يضحي فلا يقصر من شعره شيئًا. "مسائل عبد اللَّه" (972). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أراد أن يضحي؟ قال: لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره. قلت له: يحتجم؟ قال: نعم، ما لم يحلق شعرًا، ذهب إلى حديث أم سلمة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا دخل العشر فلا يأخذ من شعره ألا من أظافره". "مسائل عبد اللَّه" (973). ذكر الأثرم أن أحمد بن حنبل كان يأخذ بحديث أم سلمة هذا، فقيل له: فإن أراد غيره أن يضحي وهو لا يريد أن يضحي؟ فقال: إذا لم يرد أن يضحي لم يمسك عن شيء. إنما قال: "إذا أراد أحدكم أن يضحي" وقال: ذكرت لعبد الرحمن بن مهدي حديث عائشة: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا بعث بالهدي. وحديث أم سلمة: إذا دخل العشر. فبقي عبد الرحمن، ولم يأت بجواب، فذكرته ليحيى بن سعيد، فقال يحيى: ذاك له وجه، وهذا له وجه، حديث عائشة: إذا بعث بالهدي وأقام، وحديث أم سلمة: إذا أراد أن يضحي بالمصر. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 311.

قال أحمد: وهكذا أقول. قيل له: فيمسك عن شعره وأظفاره؟ قال: نعم، كل من أراد أن يضحي. فقيل له: هذا على الذي بمكة؟ فقال: لا، بل على المقيم، وقال: هذا الحديث رواه شعبة، عن مالك، عن عمرو بن مسلم، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ورواه ابن عيينة، عن عبد الرحمن بن حميد، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة رفعه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: وقد رواه يحيى بن سعيد القطان عن عبد الرحمن بن حميد هكذا، ولكنه وقفه على أم سلمة، قال: وقد رواه محمد بن عمرو، عن شيخ مالك. قيل له: إن قتادة يروي عن سعيد بن المسيب أن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كانوا إذا اشتروا ضحاياهم أمسكوا عن شعورهم وأظفارهم إلى يوم النحر. فقال: هذا يقوي هذا، ولم يره خلافا، ولا ضعفه. "التمهيد" 8/ 145، "العدة في أصول الفقه" 1/ 339 - 341، "التمهيد في أصول الفقه" 1/ 269. قال في رواية أبي طالب: حديث أم سلمة: "من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره"، وحديث عائشة عام، وحديث أم سلمة مخصوص، فهو آكد؛ أنه قد خص من العام: إذا أراد أن يضحي أمسك، وإذا بعث لم يمسك، هذا على وجهه، وهذا على وجهه. "العدة في أصول الفقه" 2/ 616.

1322 - للضحي أن يستنيب غيره في الذبح

1322 - للضحي أن يستنيب غيره في الذبح قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عن رجلٍ خَرج إلى المصلَّى فوكَّل بضَحِيَّتِه أن تُضحى عَنه إذا صَلَّى الإمامُ؟ قال: جائزٌ. "مسائل الكوسج" (2793). 1323 - ذبح الكتابي لأضحية المسلم قال إسحاق بن منصور: قلت: يذبح أهل الكتاب للمسلمين؟ قال: أما النسك فلا، وأما ما سوى ذلك فلا بأس. قال إسحاق: لا يذبح أضحية ولا غيرها للمسلمين، فإذا ذبحها لنفسه وسمى غير اللَّه أكلته إذا لم أسمع منه ذلك. "مسائل الكوسج" (1475). نقل حنبل عنه: لا بأس أن يذبح اليهودي والنصراني نسك المسلم، والمسلم أحب إلي. "الروايتين والوجهين" 6/ 28 1324 - وقت ذبح الأضحية قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا كانَ في غيرِ مصرٍ يَذبح قَبل أن يُصلي الإمامُ؟ قال: لا يُعجبني. قال إسحاقُ: بل يَذبحون إذا طلعَ الفجرُ، إلا أنْ يكونَ يُصلي فيها إمام. "مسائل الكوسج" (2832).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُذبحُ بعد الصلاةِ والإمامُ يخطبُ بمصرٍ؟ قال: حتَّى ينصرفَ الإمام. قال إسحاقُ: كلَّما فَرغ الإمام من الخطبة؛ حلَّ الذبحُ. "مسائل الكوسج" (2833). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كَم الأضحَى، ثلاثةَ أيامٍ؟ قال: ثلاثةُ أيامٍ: يومُ النحرِ ويومان بعدَه. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2836). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُذبح في الأيام بالليلِ؟ قال: إنما قيلِ: يومان بعد يوم النحر لم يقل: بالليلِ. قال إسحاق: كلما كان بعدَ ليلة الأضحى في الليالي التي يُنحر في أيامها؛ فلا بأسَ. "مسائل الكوسج" (2837). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل يُضحَّى بالليل؟ قال أحمد: كره عامَّةُ الناسِ ذَلِكَ. قال إسحاقُ: إنما ذَلِكَ ليلةَ الأضحى. "مسائل الكوسج" (2855). قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: أهلُ القرى لا يُضحون حتى يَكون أوانُ انصرافِ الإمام، أهل القرى والمدائن في هذا قريب، ما يعجبني قول من يقول: إذا طَلع الفجرُ أو الشمسُ. "مسائل الكوسج" (2872).

1325 - إذا أخطأ فذبح أضحية غيره

قال صالح: قال أبي: إذا ذبح قبل الصلاة أعاد الذبح. "مسائل صالح" (1047). 1325 - إذا أخطأ فذبح أضحية غيره قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا ذبحَ الرجلُ أضحيةَ غيرِهِ غَلطَ بها تُجزئه، وقد ضمن، ولا تجزئ عن الآخر؟ قال أحمد: يترادَّانِ اللحم، وقد أجزأَ عَنهما جميعا إذا كان ذبح هذا أضحيةَ هذا، وهذا ضحيةَ هذا. قال إسحاقُ: كما قال أحمدُ سواءٌ. كذلك قال الحسنُ وقتادةُ. "مسائل الكوسج" (2845). روى الأثرم عنه في الأضاحي إذا اشترى أضحية فأصاب معها أخرى فقال: مثل قصة عدي بن حاتم: ثم أرسل كلبي خالطه غيره. قال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تأكل" (¬1) قال: إذا كانت ذكية وميتة لا يأكل، يذكيا جميعًا، وهؤلاء يقولون: يأكل واحدًا ويدع واحدًا. "تهذيب الأجوبة" 1/ 512 - 513 1326 - كيف تقسم الأضحية؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كمْ يؤكلُ مِن التطوع؟ قال: الثلثُ، ويطعمُ أصحابَه الثلثَ، ويتصدقُ بالثلثِ. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 256، والبخاري (175)، ومسلم (1929).

1327 - جواز الأكل من لحوم الأضاحي فوق ثلاث

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1477). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إن شاءَ لم يأكل من ضَحيته؟ قال: إن شاءَ، ولكن يستحب أن يأكلَ. قال إسحاق: يستحبُّ له أن يأكلَ من الأضحية، أوَّل ذَلِكَ من كَبدِها. "مسائل الكوسج" (2840). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الأضحية كم يقسم منها؟ قال: تجعل ثلاثة أثلاث: يؤكل ثلث، ويتصدق بثلث، ويطعم قرابته وجيرانه ثلثًا. "مسائل عبد اللَّه" (970). 1327 - جواز الأكل من لحوم الأضاحي فوق ثلاث قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الأكلُ من لحومِ الضَّحَايَا فوق ثلاثةِ أيامٍ؟ قال: لا بأسَ. قال إسحاق: كما قال، سُنَّةٌ مسنونة (¬1). "مسائل الكوسج" (1476). ¬

_ (¬1) لما روي في الرخصة في ذلك عن جمع من الصحابة منهم: أبو سعيد الخدري روى حديثه الإمام أحمد 3/ 57، ومسلم (1973)، وسلمة بن الأكوع روى حديثه البخاري (5569)، ومسلم (1974)، وبريدة روى حديثه الإمام 5/ 350، ومسلم (977). وجابر روى حديثه الإمام أحمد 3/ 388 البخاري (1719)، ومسلم (1972)، وغيرهم كثير.

أبواب: العقيقة

أبواب: العقيقة 1328 - حكمها والواجب فيها قال إسحاق بن منصور: قال: قُلْتُ لأحمد رضي اللَّه عنه: العقيقةُ عن الغلامِ والجاريَةِ؟ قال: عن الغلامِ شاتان، وعن الجاريةِ شاة. قال إسحاق -رضي اللَّه عنه-: كما قال. "مسائل الكوسج" (2788). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: العقيقة ما هي؟ قال: الذبيحة، وأنكر قول الذي قال: هو حلق الرأس. "مسائل أبي داود" (1632). قال أبو داود: قلت لأحمد: العقيقة كم عن الغلام؟ قال: شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة. قال أحمد: مكافئتان: مستويتان أو متقاربتان. "مسائل أبي داود" (1633). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الغلام مرتهن بعقيقتة" ما معناه؟ قال: نعم، سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يُعق عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة، فإذا لم يعق عنه فهو محتبس بعقيقته حتى يعُق عنه. "مسائل ابن هانئ" (1736). وقال أبو هاشم دلويه: سألت أحمد بن حنبل عن العقيقة؟

فقال: ليست بواجبة، وأشد ما سمعنا فيها حديث (سَلمان) (¬1) ابن عامر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "الغلام مُرتهن بعقيقته فأميطوا عنه" (¬2) وقد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه عق عن الحسن والحسين (¬3). قال زياد بن أيوب أبو هشام: وأخبرني ابنه عبد اللَّه أنه قال: تعطى القابلة الرِّجْلَ. "الطبقات" 1/ 420 قال مهنا: قلتُ لأحمد: من أسماء -يقصد ما روي عن إسماعيل بن عياش، عن ثابت بن عجلان، عن مجاهد، عن أسماء، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: ¬

_ (¬1) في "الطبقات" سُليمان والمثبت هو الصحيح كما في مصادر التخريج. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 17، 18، البخاري (5472). (¬3) ورد هذا الحديث عن جماعة من الصحابة منهم: بريدة، وعبد اللَّه بن عباس، وعائشة، وأنس بن مالك، وعبد اللَّه بن عمرو، وجابر، وعلي: أما حديث بريدة فرواه الإمام أحمد 5/ 355، 361، والنسائي 7/ 164، قال الحافظ في "التلخيص" 4/ 147: وسنده صحيح. وقال الألباني في "الإرواء" 4/ 381: قلت وهو على شرط مسلم. وأما حديث عبد اللَّه بن عباس فرواه أبو داود (2841) من طريق أيوب، عن عكرمة، عنه بزيادة كبشًا كبشا. قال الألباني في "الإرواء" 4/ 379: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري ورواه النسائي 7/ 165 من طريق قتادة عن عكرمة وزاد بكبشين كبشين. قال الحافظ في "التلخيص" 4/ 147: وصححه عبد الحق وابن دقيق العيد. قال الألباني: إسنادهما صحيح. وأما حديث عائشة فرواه الطحاوي في "المشكل" 3/ 74 (1051) وابن حبان 12/ 127 (5311)، والحاكم 4/ 237، والبيهقي 9/ 299. قال الحافظ في "التلخيص" 4/ 147: صححه ابن السكن بأتم من هذا. وفي روايته عن باقي الصحابة المذكورين انظر: "الإرواء" 4/ 382 - 385.

"يعق عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة" (¬1)؟ فقال: ينبغي أن تكون أسماء بنت أبي بكر (¬2). "زاد المعاد" 2/ 330 قال الأثرم: قال أبو عبد اللَّه: ما في هذِه الأحاديث أوكد من هذا -يعني: في العقيقة- "كل غلام مرتهن بعقيقته" (¬3). وقال يعقوب بن بختان: سُئل أبو عبد اللَّه عن العقيقة، فقال: ما أعلم فيه شيئًا أشد من هذا الحديث: "الغلام مرتهن بعقيقته". قال أحمد بن القاسم: قال أبو عبد اللَّه: ولا أحب لمن أمكنه وقدر أن لا يعق عن ولده ولا يدعه؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الغلام مرتهن بعقيقته". وهو أشد ما روي فيه. وإنما كره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من ذلك الاسم (¬4)، وأما الذبح، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 456، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 6/ 130 (3353)، والطبراني 24/ 183 (461)، وفي "مسند الشاميين" 3/ 290 (2289) من حديث أسماء بنت يزيده قال الهيثمي في "المجمع" 4/ 57: رواه أحمد والطبراني، ورجاله محتج بهم، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (4133). (¬2) هي أسماء بنت يزيد كما في "المسند" وبقية مصادر التخريج، لا كما قال الإمام ردًّا على سؤال مهنا، واللَّه أعلم. (¬3) رواه الإمام أحمد 5/ 17، وأبو داود (2837)، والترمذي كما في تحفة الأشراف 4/ 64، والنسائي 7/ 166، وابن ماجه (3165). قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه ابن الجارود في "المنتقى" 3/ 191 (910)، وقال الحافظ في "التلخيص" 4/ 146: أرواه، أحمد وأصحاب السنن والحاكم والبيهقي من حديث الحسن عن سمرة، وصححه الترمذي والحاكم وعبد الحق، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2563). (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 182، وأبو داود (2842)، والنسائي 7/ 162 من حديث عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنهما-. =

فالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد فعل ذلك. وقال أحمد بن القاسم لأبي عبد اللَّه: العقيقة واجبة هي، فقال: أما واجبة فلا أدري، لا أقول: واجبة. ثم قال: أشد شيء فيه: "إن الرجل مرْتهن بعقيقته". وقد قال أحمد في موضع آخر: مرتهن عن الشفاعة لوالديه. "تحفة المودود" 61 قال الإمام أحمد في رواية حنبل: وقد حكي عن بعض من كرهها أنها من أمر الجاهلية. قال: هذا لقلة علمهم وعدم معرفتهم بالأخبار، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد عق عن الحسن والحسين، وفعله أصحابه، وجعلها هؤلاء من أمر الجاهلية، والعقيقة سنة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد قال: "الغلام مرتهن بعقيقته". وقال في رواية الأثرم: في العقيقة أحاديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مسندة عن أصحابه وأتباعه، وقال هؤلاء: هي من أعمال الجاهلية! وتبسم كالمعجب. وقال الميموني: قلتُ لأبي عبد اللَّه: يثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في العقيقة شيء؟ فقال: إي واللَّه، غير حديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة". قلت له: فتلك الأحاديث التي تعترض فيها؟ ¬

_ = ورواه الإمام أحمد 5/ 369 من طريق مالك، ومالك 310، عن زيد بن أسلم، عن رجل من بني ضمرة، عن أبيه. قال الهيثمي 4/ 57: فيه رجل لم يسمَّ، وبقية رجاله رجال الصحيح. قال الحافظ في "الفتح" 9/ 588، ويقوي أحد الحديثين بالآخر.

فقال: ليست بشيء، لا يعبأ بها. "تحفة المودود" 64 قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن العقيقة واجبة هي؟ قال: لا، ولكن من أحب أن ينسك فلينسك. قال: وسألت أبا عبد اللَّه عن العقيقة: أتوجبها؟ قال: لا. ثم ذكر عن أحمد بن القاسم أن أبا عبد اللَّه قيل له في العقيقة: واجبة هي؟ قال: أما واجبة فلا أدري، لا أقول: واجبة. ثم قال: أشد شيء فيه "إن الرجل موتهن بعقيقته". وقال الأثرم: قلتُ لأبي عبد اللَّه: العقيقة واجبة؟ قال: لا، وأشد شيء روي فيها: حديث "الغلام مرتهن بعقيقته"، هو أشدها. وقال أبو الحارث: سألت أبا عبد اللَّه عن العقيقة: واجبة هي على الغني والفقير، إذا ولد له أن يعقَّ عنه؟ قال أبو عبد اللَّه: قال الحسن، عن سمرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل غلام رهينة بعقيقته حتى يذبح عنه يوم سابع يُحلق" هذِه سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإني لأحب أن تحيا هذِه السنة، أرجو أن يخلف اللَّه عليه. "تحفة المودود" 73 - 74 وقال زياد الطوسي: سألته عن العقيقة، فقال: ليست بواجبة، وقد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه عق عن الحسن والحسين. "بدائع الفوائد" 4/ 53.

1329 - من لم يعق عن نفسه صغيرا

1329 - من لم يعق عن نفسه صغيًرا روى الخلال عن إسماعيل بن سعيد الشالنجي، قال: سألت أحمد عن الرجل يخبره والده أنه لم يعق عنه، هل يعق عن نفسه؟ قال: ذلك على الأب. قال الميموني: قلتُ لأبي عبد اللَّه: إن لم يعق عنه، هل يعق عن نفسه كبيرًا؛ فذكر شيئًا، يروى عن الكبير ضعفُه، ورأيتُه يستحسن إن لم يعقَّ عنه صغيرًا أن يعق عنه كبيرًا، وقال: إن فعله إنسان لن أكرهه. قال: وأخبرني عبد الملك في موضع آخر أنه قال لأبي عبد اللَّه: فيعقُّ عنه كبيرًا؟ قال: لم أسمع في الكبير شيئًا. قلتُ: أبوه معسر ثم أيسر، فأراد أن لا يدع ابنه حتى يعق عنه؟ قال: لا أدري ولم أسمع في الكبير شيئًا. ثم قال لي: ومن فعله فحسن، ومن الناس من يُوجبه. "تحفة المودود" 103 وذكر ابن أيمن من حديث أنس -رضي اللَّه عنه- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عق عن نفسه بعد أن جاءته النبوة (¬1)، وهذا الحديث قال أبو داود في "مسائله": سمعت أحمد ¬

_ (¬1) رواه البزار كما في "كشف الأستار" (1237) من طريق عبد اللَّه بن محرر، عن قتادة، عنه به، والطبراني في "الأوسط" 1/ 298 (994) من طريق عبد اللَّه، عن ثمامة، عن أنس به قال البزار: تفرد به عبد اللَّه بن المحرر، وهو ضعيف جدًّا، إنما يكتب عنه ما لا يوجد عند غيره. وابن عدي في "الكامل" 5/ 214. والبيهقي 9/ 300 من طريق عبد اللَّه بن محرر، عن قتادة عنه به؛ وقال: قال عبد الرزاق: إنما تركوا عبد اللَّه بن محرر لحال هذا الحديث. =

1330 - الرجل يسلم هل عليه عقيقة؟

حدثهم بحديث الهيثم بن جميل، عن عبد اللَّه بن المثنى، عن ثمامة، عن أنس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عق عن نفسه، فقال أحمد: عبد اللَّه بن محرر، عن قتادة عن أنس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عق عن نفسه. قال مهنا: قال أحمد: هذا منكر، وضعف عبد اللَّه بن المحرر. "زاد المعاد" 2/ 332. 1330 - الرجل يسلم هل عليه عقيقة؟ قال الخلال: أخبرنا موسى بن سهل قال: حدثنا محمد بن أحمد الأسدي قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد: الرجل يسلم هل ترى عليه العقيقة؟ قال: لا، وذلك موضوع عنه؛ لأن وقت العقيقة في الصغر على الأب. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 435 (1004) 1331 - الأضحية تجزئ عن العقيقة قال عبد اللَّه: سألت أبي عن العقيقة يوم الأضحى، وهل يجوز أن تكون أضحية وعقيقة؟ قال: لا، إما عقيقة، وإما أضحية على ما سمى. "مسائل عبد اللَّه" (994). ¬

_ = وقال الهيثمي في "المجمع" 4/ 59: رجال الطبراني رجال الصحيح خلا الهيثم بن جميل، وهو ثقة، وشيخ الطبراني أحمد بن مسعود الخياط ليس هو في الميزان. وقال الحافظ في التلخيص 4/ 147 قال النووي في "شرح المهذب": هذا حديث باطل.

1332 - فضل العقيقة على الصدقة

قال في رواية حنبل: أرجو أن تجزئ الأضحية عن العقيقة إن لم يعق. "المستوعب" 4/ 381، "تحفة المودود" 1/ 101 قال الخلال: أنا عبد الملك الميموني أنه قال لأبي عبد اللَّه: يجوز أن يضحى عن الصبي مكان العقيقة؟ قال: لا أدري. ثم قال: غير واحد يقول به. قلتُ: من التابعين؟ قال: نعم. وأتى عبد الملك في موضع آخر، قال: ذكر أبو عبد اللَّه أن بعضهم قال: فإن ضحى أجزأ عن العقيقة. وأخبرني عصمة، في موضع آخر، قال حنبل: إن أبا عبد اللَّه قال: فإن ضحى عنه أجزأت عنه الضحية عن العقوق. قال: ورأيت أبا عبد اللَّه اشترى أضحية ذبحها عنه وعن أهله، وكان ابنه عبد اللَّه صغيرًا فذبحها -أراه أراد بذلك العقيقة والأضحية- وقسم اللحم وأكل منها. "تحفة المودود" ص 101 1332 - فضل العقيقة على الصدقة قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: العقيقة أحب إليك أو يدفع ثمنها في المساكين؟ قال: العقيقة. "مسائل أبي داود" (1630).

1333 - الاستقراض للعقيقة

1333 - الاستقراض للعقيقة قال صالح: الرجل يولد له ابن، وليس عنده ما يعق عنه، أحب إليك أن يستقرض ويعق عنه، أم يؤخر ذلك حتى يوسر له؟ قال: أشد ما سمعنا في العقيقة ما روى الحسن، عن سمرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل غلام رهينة بعقيقته، يذبح عنه يوم سابعه، ويسمى فيه، ويحلق رأسه" (¬1) وروي عن سلمان بن عامر الضبي، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مع الغلام عقيقة أميطوا عنه الأذى، وأريقوا عنه دمًا" (¬2). وسئل الحسن عن قوله: "أميطوا عنه الأذى" قال: يحلق رأسه (¬3). وكان يستحب لمن عق عن ولده أن يذبح عنه يوم السابع، فإن لم يفعل ففي أربع عشرة، فإن لم ففي إحدى وعشرين، والعقيقة لا يكسر لها عظم، تفصل جداول، فيؤكل منها ويطعم، وإني لأرجو إن استقرض أن يعجل اللَّه له الخلف؛ لأنه أحيا سنة من سنن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، واتبع ما جاء عنه، وقد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عن الغلام شاتان متكافئتان، وعن الجارية شاة" (¬4). وقال بعضهم: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عق عن الحسن بكبش وعن الحسين بكبش، ويقال: إن فاطمة حلقت رءوسهما وتصدقت بوزن شعرهما ورقًا. "مسائل صالح" (621). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 17، وأبو داود (2837) والترمذي كما في "تحفة الأشراف" 4/ 64، والنسائي 7/ 166، وابن ماجه (3165)، وقد تقدم تخريجه وتصحيحه. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 17 - 18، والبخاري (5472). (¬3) علقه الحاكم 4/ 238 عن جرير بن حازم عنه بلفظ: هو الشعر. (¬4) تقدم تخريجه.

1334 - الاشتراك في العقيقة

قال جعفر بن محمد: قيل لأبي عبد اللَّه في العقيقة: فإن لم تكن عنده؟ قال: ليس عليه شيء. قال أبو الحارث: قيل لأبي عبد اللَّه في العقيقة: فإن لم تكن عنده. يعني ما يعقُّ؟ قال: إن استقرض رجوتُ أن يُخلف اللَّه عليه؛ أحيا سنة. "تحفة المودود" ص 74 1334 - الاشتراك في العقيقة قال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد أنه قال لأبي عبد اللَّه: يعق بجزور؟ قال: الليث قد عق بجزور. قلت: يعق بجزور عن سبعة؟ قال: أنا لم أسمع في ذلك بشيء. ورأيته لا ينشط لجزور عن سبعة في العقوق. "تحفة المودود" ص 97. 1335 - ما يستحب من الأسنان في العقيقة قال الخلال: عن أبي طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن العقيقة: تجزئ بنعجة أو حمل كبير؟ قال: فحل خير، وقد روي ذكرانا وإناثًا، فإن كانت نعجة فلا بأس. قلت: فالحمل؟

1336 - متى تذبح العقيقة؟

قال: الأسن خير، وفي قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من ولد له مولود، فأحب أن ينسك عنه فليفعل". "تحفة المودود" (95). 1336 - متى تذبح العقيقة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: متى تُذبح العقيقةُ؟ قال: يومَ السابعِ. قال إسحاق: كما قال، فإن لم يتهيأ فإلى أربعة عشر، فإن لم يتهيأ فإلى إحدى وعشرين كل سُّنَّة. "مسائل الكوسج" (2790). قال أبو داود: سمعت أحمد قال: العقيقة تذبح يوم السابع. "مسائل أبي داود" (1631) قال صالح: قال أبي: وكان يستحب لمن عق عن ولده أن يذبح يوم السابع، فإن لم يفعل ففي أربعة عشر، فإن لم يفعل ففي أحد وعشرين. "مسائل صالح" (621) وقال الميموني، قلت لأبي عبد اللَّه: متى يعق عنه؟ قال: أما عائشة: فتقول: سبعة أيام، وأربعة عشر، ولأحد وعشرين (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الحاكم 4/ 238 - 239 قال الألباني في "الإرواء": 4/ 395 - 396: رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال مسلم غير إبراهيم بن عبد اللَّه السعدي، وهو صدوق كما قال الذهبي في "الميزان" وغير أبي عبد اللَّه محمد بن يعقوب الشيباني وهو حافظ كبير، وعلى هذا فظاهر الإسناد الصحة ولكن له عندي علتان: =

1337 - ما يقول عند ذبح العقيقة

وقال أبو طالب: قال أحمد: تذبح العقيقة لأحد وعشرين يومًا. "تحفة المودود" ص 78 1337 - ما يقول عند ذبح العقيقة قال الخلال: أنا أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى أن أبا طالب حدثهم أنه: سأل أبا عبد اللَّه: إذا أراد الرجل أن يعق، كيف يقول؟ قال: يقول: باسم اللَّه، ويذبح على النية، كما يضحي بنيته، يقول: هذِه عقيقة فلان بن فلان فيها. "تحفة المودود" ص 86، 108 1338 - ما يصنع بالعقيقة قال صالح: قال: والعقيقة لا يكسر لها عظم، تفصل جداول، فيؤكل منها ويطعم. "مسائل صالح" (621) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: العقيقة تذبح يوم السابع. قيل له: أيطبخ؟ قال: نعم. قيل: إنه يشتد عليهم. يعني: طبخه؟ ¬

_ =1 - الانقطاع بين عطاء وأم كرز. 2 - الشذوذ والإدراج. فقد ثبت الحديث عن عائشة من طريقين ليس فيهما قوله (تقطع جدولا) فالظاهر أن هذا مدرج من قول عطاء انتهى بتصرف.

قال: يتحملونه ذلك. "مسائل أبي داود" (1631). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: وكم يقسم من العقيقة؟ قال: ما أحب. قال عبد اللَّه: قلت: لأبي: كيف يصنع بالعقيقة؟ قال: تفصل، ولا يكسر لها عظم، ويؤكل منها ويهدى. "مسائل عبد اللَّه" (992 - 993) قال الخلال: أخبرني عبد الملك الميموني أنه قال لأبي عبد اللَّه: العقيقة تطبخ؟ قال: نعم. وأخبرني محمد بن علي قال: ثنا الأثرم أن أبا عبد اللَّه قال في العقيقة: تطبخ جداول. وأخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم أن أبا عبد اللَّه، قيل له في العقيقة: تطبخ بماء وملح؟ قال: يستحب ذلك. قيل له: فإن طيبت بشيء آخر؟ قال: ما ضرَّ ذلك. "تحفة المودود" ص 92 قال الخلال: أخبرنا عصمة بن عصام، ثنا حنبل قال: سمعتُ أبا عبد اللَّه يُسأل عن العقيقة: كيف يُصنع بها؟ قال: كيف شئت. قال: وقال ابن سيرين: يقول: اصنع ما شئت. قيل له: يأكلها أهلها؟

قال: نعم، ولا تُؤكل كلها، ولكن يأكل ويُطعم جيرانه، وكذلك قال في رواية الأثرم ورواية ابن الحارث. وقال الميموني: سألت أبا عبد اللَّه: أيؤكل من العقيقة؟ قال: نعم، يُؤكل منها. وقال الميموني: قال أبو عبد اللَّه: يهدي ثلث الأضحية إلى الجيران. قلتُ: الفقراء من الجيران؟ قال: بلى، فقراء الجيران. قال: تشبه العقيقة به؟ قال: نعم، من شبه به فليس بعيد. قال الخلال: وأخبرني محمد بن علي، ثنا الأثرم أن أبا عبد اللَّه، قيل له في العقيقة: يُدَّخر منها مثل الأضاحي؟ قال: لا أدري. أخبرني منصور أن جعفرًا حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن العقيقة، قيل: يُبعث منها إلى القابلة شيء؟ أراه قال: نعم. وأخبرني عبد الملك أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: ويُهدى إلى القابلة منها، يحكى أنه أهدى إلى القابلة حين عقّ عن الحسين. يعني: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "التحفة" ص 99 - 100 ¬

_ (¬1) روى أبو داود في "المراسيل" (379)، عن جعفر عن أبيه: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين: "أن يبعثوا إلى القابلة منها برجل، وكلوا وأطعموا ولا تكسروا منها عظمًا". ورواه البيهقي 9/ 302 من طريق أبي داود.

1339 - الانتفاع بجلود وسواقط الأضاحي والعقيقة

قال زياد الطوسي: وأخبرني أبو عبد اللَّه أنه قال: تعطى القابلة الرجل. "بدائع الفوائد" 4/ 53 1339 - الانتفاع بجلود وسواقط الأضاحي والعقيقة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مُسوكُ الضحايا كيف يصنع بهَا؟ قال: يتصدقُ بهَا، وينتفعُ بهَا ولا يبيعها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1478). قال إسحاق بن منصورْ قُلْتُ: جُلود الأضاحي، ما يُصنعُ بها؟ قال: ينتفعُ بها، ويُتصدق بها، وتُباع ويتصدقُ بثمنها. قُلْتُ: تُباع ويتصدقُ بثمنها؟ ! قال: نعم حديثُ ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2864). نقل الميموني عنه: أنه يجوز بيع جلود العقيقة ورءوسها وسواقطها ويتصدق بثمنها. "المستوعب" 4/ 373، "تحفة المودود" ص 105 قال عبد اللَّه بن أحمد: ثنا أبي، ثنا يزيد، ثنا هشام عن الحسن، أنه قال: يكره أن يُعطى جلد العقيقة والأضحية، على أن يعمل به. قلتُ: معناه يكره أن يُعطى في أجرة الجزار والطباخ. قال الخلال: وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد أن أبا عبد اللَّه قال: ابن عمر باع جلد البقرة وتصدق بثمنه. قال: وهذا لا يباع؛ لأن جلد البعير والبقرة ليس ينتفع به أحد يتخذه في البيت يجلس عليه، ولا يصلح ها هنا لشيء، إنما يُباع ويُتصدق بثمنه، وجلد الشاة يُتَّخذ لضروب.

وقال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه وذكر قول ابن عمر؛ أنه كان يقول في جلد البقرة: يُباع ويتصدق به. وكأنه يذهب إلى أن ثمنه كثير. وقال المروذي: مذهب أبي عبد اللَّه أن لا يُباع جلود الأضاحي وأن يتصدق بها، واحتج بحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه أمر أن يتصدق بجلودها وأجلتها (¬1). وقال في رواية حنبل: لا بأس أن يتخذ من جلود الأضحية وطاء يقعد عليه، ولا يُباع إلا أن يتصدق به، وقال: لا ينتفع بجلود الأضاحي. قيل له: يأخذ لنفسه ينتفع به؟ قال: ما كان واجبًا أو كان عليه نذرًا وما أشبه هذا، فإنه يبيعه ويتصدق بثمنه، وما كان تطوعًا فإنه ينتفع به في منزله إن شاء، وفي رواية الميموني: لا يباع ويتصدق به. قالوا له: فيبيعه ويتصدق بثمنه؟ قال: لا، يتصدق به كما هو. وقال أحمد بن القاسم: إن أبا عبد اللَّه قال في جلد الأضحية: يستحب أن يكون ثمنها في المنخل أو الشيء مما يستعمل في البيت، ولا يعطى أجرًا لجزار. قال أبو طالب: سألتُ أبا عبد اللَّه عن جلود الأضاحي؟ قال: الشعبي وإبراهيم يقولان: لا يبتاع به غربال أو منخل. قال: يقولون: يبتاع بالجلد غربال أو منخل ولا يبيعه ويشتري به. قلت: يعاوض به؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 132، والبخاري (1707)، ومسلم (1317) من حديث علي.

قلتُ: يعجبك هذا؟ قال: إنما يجعله للَّه ولا يبيعه؛ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر عليًّا أن يتصدق بالجلال والجلود. قلت: فيعطى الذي يذبح؟ قال: لا. قلت: أبيعه بثلاثة دراهم، أعطيه ثلاثة مساكين؟ قال: اجمعهم وادفعه إليهم. قال: وكان مسروق وعلقمة يتخذونه مصلى أو شيئًا في البيت، هذا أرخص ما يكون فيه أن يتخذه في بيته. وقال حرب: قلتُ لأحمد: رجل أخذ جلد أضحية فقومه وتصدق بثمنه وحبس الجلد؟ قال: لا بأس أن يبيع جلد الأضحية. ثم قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد، حدثهم أن أبا عبد اللَّه قيل له: جلد البقرة؟ قال: قد روي عن ابن عمر أنه قال: يبيعه ويتصدق به، وهو مخالف لجلد الشاة يتخذ منه مصلى، وهذا لا ينتفع به في البيت، قال: إن جلد البقرة يبلغ كذا. وقال أبو الحارث: إن أبا عبد اللَّه سئل عن جلد البقرة إذا ضحى بها؟ قال: ابن عمر يُروى عنه أنه قال: يبيعه ويتصدق به. وقال مهنا: سألت أحمد عن الرجل يشتري البقرة يضحي بها، يبيع جلدها بعشرين درهمًا وأكثر من عشرين، فيشتري بثمن الجلد أضحية يضحي بها، ما ترى في ذلك؟

فقال: يُروى فيه عن ابن عمر مثل هذا. "تحفة المودود" ص 105 - 107 قال الميموني: قالوا لأبي عبد اللَّه: فجلد الأضحية نعطيه السلاخ؟ قال: لا. "معونة أولي النهى" 4/ 304

فصل: في أحكام المولود

فصل: في أحكام المولود 1340 - تحنيك المولود قال الخلال: أخبرني محمد بن علي، قال: سمعتُ أم ولد أحمد بن حنبل تقول: لما أخذني الطلق كان مولاي نائمًا، فقلتُ له: يا مولاي، هو ذا أموت، فقال: يفرج اللَّه. فما هو إلا أن قال: يفرج اللَّه، فولدت سعيدًا. قال: هاتوا ذلك التمر -لتمر كان عندنا من تمر مكة- فقال لأم علي: امضغي هذا التمر وحنكيه. ففعلت. "التحفة" ص 52 1341 - ذكر حلق رأسه والتصدق بوزن شعره قال الخلال: وقال حنبل: سمعتُ أبا عبد اللَّه يقول: يُحلق رأس الصبي. وقال الفضل بن زياد: قلتُ لأبي عبد اللَّه: يحلق رأس الصبي؟ قال: نعم. قلتُ: فيدمى؟ قال: لا، هذا من فعل الجاهلية. وقال حنبل: سمعتُ أبا عبد اللَّه قال: لا بأس أن يُتصدق بوزن شعر الصبي. "تحفة المودود" ص 112.

1342 - حكم حلق الرأس واللطخ بالدم

1342 - حكم حلق الرأس واللطخ بالدَّم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: حلقُ الرأسِ ولطخ بالدَّمِ؟ قال: هذا مَكروه، لم يُروى إلا في حديث سمرة (¬1). قال إسحاق: أما حَلق الرأس فَسُنة، وأما الدَّم فالزعفران بدله في الإسلامِ. "مسائل الكوسج" (2789). قال صالح: قال: أشد ما سمعنا في العقيقة ما روى الحسن، عن سمرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "كل غلام رهينة بعقيقته، يذبح عنه سابعه، ويسمى فيه، ويحلق رأسه" وروي عن سلمان بن عامر الضبي، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مع الغلام عقيقة، أميطوا عنه الأذى، وأريقوا عنه دمًا" (¬2). وسئل الحسن عن قوله "أميطوا عنه الأذى" قال: يحلق رأسه (¬3). ويقال: إن فاطمة حلقت رءوسهما أي: الحسن والحسين وتصدقت بوزن شعرهما ورقا. "مسائل صالح" (621) ¬

_ (¬1) حديث سمرة أخرجه الإمام أحمد 5/ 7 - 8، وأبو داود (2837)، والترمذي (1522)، والنسائي 7/ 166، وابن ماجه (3165) واللفظ لأحمد. عن سمرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قَالَ: "كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه -وقال بهز في حديثه: ويدمى- ويسمى فيه ويحلق". قَالَ يزيد: "رأسه". صححه الألباني في "صحيح الترمذي" 2/ 94. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 17، البخاري (5472)، أبو داود (2839)، الترمذي (1515)، النسائي 7/ 164، ابن ماجه (3164). (¬3) علقه الحاكم 4/ 238 عن جرير بن حازم عنه بلفظ: هو الشعر.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن العقيقة تذبح ويدمى رأس الصبي أو الجارية؟ قال أبي: لا تدمى، وعن الغلام شاتان، وأكثر من قال: عن الجارية شاة، ويفصل لحم العقيقة، ولا يكسر لها عظم. وقال: يؤكل منها ويهدى. "مسائل عبد اللَّه" (991). قال الخلال: أخبرني العباس بن أحمد، أنا أبا عبد اللَّه سئل عن تلطيخ رأس الصبي بالدم، فقال: لا أحبه، إنه من فعل الجاهلية. قيل له: فإن هماما كان يقول: يدميه. فذكر أبو عبد اللَّه عن رجل قد كان يقول: يسميه، ولا أحب قول همام في هذا. وأخبرنا أحمد بن هاشم الأنطاكي قال: قال أحمد: اختلف همام وسعيد في العقيقة، قال أحدهما: يدمى. وقال الآخر: يُسمَّى. قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام، قال: ثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه في الصبي يدمى رأسه، قال: هذِه سنة. قال الخلال: وأخبرني عصمة بن عصام في موضع آخر، ثنا حنبل، قال: سمعتُ أبا عبد اللَّه يقول: يحلق رأس الصبي. وأخبرني محمد بن الحسين أن الفضل حدثهم أنه قال لأبي عبد اللَّه: فيحلق رأسه؟ قال: نعم. قلتُ: فيدمى؟ قال: لا، هذا من فعل الجاهلية. قلت: فحديث قتادة عن الحسن، كيف ويُدمى؟ فقال: أما همام، فيقول: ويدمى، وأما سعيد فيقول: ويسمى.

1343 - ثقب الأذن للصبي والصبية

وقال في رواية الأثرم: قال ابن أبي عروبة: يسمى. وقال همام: ويدمى. وما أراه إلا خطأ (¬1). "تحفة المودود" ص 62 نقل حنبل عنه: أنه سنة؛ لما روي في حديث سمرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "الغلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم السابع، ويُدمى" "الروايتين والوجهين" 3/ 327، "المبدع" 3/ 302 قال مهنا ذكرت هذا الحديث (¬2) لأحمد. فقال: ما أظرفه. "سنن ابن ماجه" (2166) 2/ 1057 1343 - ثقب الأذن للصبي والصبية قال مهنا: سألت أحمد رحمه اللَّه عن الغلام تثقب أذنه؛ فقال: أكره ذلك للغلام إنما هو للبنات. فقلت: من كرهه؟ فقال: حريز بن عثمان كره ثقب أذن الصبي. "المستوعب" 1/ 266 1344 - كراهة تسخط البنات وقال صالح بن أحمد: كان أبي إذا وُلد لي ابنة يقول: الأنبياء كانوا آباء بنات، ويقول: قد جاء في البنات ما قد علمت. "سيرة الإمام" ص 41 ¬

_ (¬1) (ويدمى) قَالَ أبو داود: خولف همام في هذا الكلام، وهو وهم من همام، وإنما قالوا: (يسمى) فقال همام: (يدمى). وقال أبو داود: ليس يؤخذ بهذا. (¬2) أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يُعق عن الغلام ولا يمس رأس بدم".

1345 - وقت التسمية

وقال يعقوب بن بختان: وُلد لي سبع بنات، فكنت كلما ولد لي ابنة دخلت على أحمد بن حنبل، فيقول لي: يا أبا يوسف، الأنبياء آباء بنات. فكان يُذهب قوله همي. "تحفة المودود" ص 41. 1345 - وقت التسمية قال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: تذاكرنا: لِكَمْ يسمى الصبي؛ فقال لنا أبو عبد اللَّه: أما ثابت فروى عن أنس أنه يسمى لثلاثة، وأما سمرة، فيسمى يوم السابع -يعني: حديث سمرة- فيقتضي التسمية يوم السابع. أخبرني جعفر بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم، أن أبا عبد اللَّه قال: حدثني أنس: يسمى لثلاثة، وحديث سمرة قال: يُسمَّى يوم سابعه. حدثنا محمد بن علي. "التحفة" ص 117 1346 - الأذان للمولود قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا أبو حفص المعيطي، عن ابن حفص، قال: حدثنا أبو حيان التيمي، قال: حدثني أبي، قال: قال علي: ما ندمت على شيء ندامتي أن لا أكون سألت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الأذان للحسن والحسين. "مسائل صالح" (865).

1347 - متى يختن الصبي؟

1347 - متى يختن الصبي؟ قال صالح: قلت: يختن الصبي لسبعة أيام؟ قال: يروى عن الحسن أنه قال: هو فعل اليهود. وسئل وهب بن منبه عن ذلك فقال: إنما يستحب ذلك -أي: في يوم السابع- لخفته على الصبيان، فإن المولود يولد وهو خدر الجسد كله، لا يجد ألم ما أصابه سبعًا، فإذا لم يختن لذلك فدعوه حتى يقوى. "مسائل صالح" (617) قال الخلال: قال مهنا: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل يختن ابنه لسبعة أيام، فكرهه وقال: هذا من فعل اليهود. وقال لي أحمد بن حنبل: كان الحسن يكره أن يختتن الرجل ابنه لسبعة أيام. وقال حنبل: إن أبا عبد اللَّه قال: إن ختن يوم السابع فلا بأس، وإنما كرهه الحسن؛ لئلا يتشبه باليهود وليس في هذا شيء. "طبقات الحنابلة" 7/ 313، "التحفة" (190)، "زاد المعاد" 2/ 333 قال عبد الملك بن عبد الحميد أنه ذاكر أبا عبد اللَّه ختانه الصبي لكم يختن؟ قال: لا أدري لم أسمع فيه شيئًا. فقلتُ: إنه يشقُّ على الصغير ابن عشر يغلظ عليه، وذكرت له ابني محمدًا أنه في خمس سنين، فأشتهي أن أختنه فيها، ورأيتُه كأنه يشتهي ذلك. ورأيتُه يكره العشرة لغلظه عليه وشدته، فقال لي: ظننتُ أن الصغير يشتدُّ عليه هذا، ولم أرَهُ يكرهُ للصغير للشهر أو السنة، ولم يقله في

ذلك شيئًا إلا أني رأيته يعجب من أن يكون هذا يؤذي الصغير. قال عبد الملك: وسمعتُه يقول: كان الحسن يكره أن يختتن الصبي يوم سابعه. "التحفة" ص 190، "زاد المعاد" 2/ 133

1348 - باب: الفرع والعتيرة

1348 - باب: الفرع والعتيرة قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: سئل سفيان عن العتيرة فقال: كان أهل الجاهلية يذبحونها في رجب، مكان الأضحية، فلما جاء الإسلام قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا فرع ولا عتيرة" (¬1). قال أبي: والفرع: أول شيء ينتج يذبحونه. "مسائل عبد اللَّه" (1603) قال الخلال: قال مهنا: قلتُ لأحمد: حدثنا خالد بن خداش، قال: حدثنا عبد اللَّه بن وهب، قال: حدثنا عمرو بن الحارث أن أيوب بن موسى حدثه، أن يزيد بن عبد المزني حدثه، عن أبيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يعق عن الغلام، ولا يمس رأسه بدم" وقال: "في الإبل الفرع، وفي الغنم الفرع" (¬2) فقال أحمد: ما أعرفه، ولا أعرف عبد بن يزيد المزني، ولا هذا الحديث. فقلت له: أتنكره؟ فقال: لا أعرفه، وقصة الحسن والحسين -رضي اللَّه عنهما- حديث واحد. "زاد المعاد" 2/ 330 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 279، البخاري (5473)، مسلم (1976) من حديث أبي هريرة. (¬2) رواه الطحاوي 1/ 460، الطبراني في "الأوسط" 1/ 107 (333)، وفي "الكبير" كما في "المجمع" 4/ 58، قال الهيثمي: رجاله ثقات كما صححه الألباني في "الصحيحة" (1996).

نقل حنبل عن أحمد: تستحب العتيرة، لقول عائشة أمرنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالفرعة من كل خمسين واحدة (¬1). "المبدع" 3/ 306، "معونة أولي النهى" 3/ 332 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 340 (7997)، الطبراني في "الأوسط" 2/ 149 (1537)، البيهقي 9/ 312.

كتاب الجهاد

كتاب الجهاد 1349 - فضل الجهاد، وما جاء في أعماله من فضل، وأن بعضها أفضل من بعض قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد بن حنبل: قول النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الخيلُ معقودٌ في نَواصِيها الخيرُ إلى يومِ القيامةِ" (¬1). قال: يقولُ: الجهادُ إلى يومِ القيامةِ. قال إسحاق -رضي اللَّه عنه-: إنما قال ذَلِكَ تحريضًا على ارتباطِ الخيلِ، وقد فسَّر ذَلِكَ الشَّعبي فقال: الخير: الأجرُ والمغنمُ (¬2)، والنبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لوى ¬

_ (¬1) حديث صحيح روي عن عدد من الصحابة، فرواه الإمام أحمد 4/ 375، والبخاري (3119)، ومسلم (1873) من حديث عروة بن أبي الجعد البارقي. والإمام أحمد 4/ 361، ومسلم (1872)، من حديث جرير -رضي اللَّه عنه-. والإمام أحمد 2/ 13، والبخاري (3644)، ومسلم (1871)، من حديث عبد اللَّه بن عمر. والإمام أحمد 4/ 361، ومسلم (1872)، من حديث جرير -رضي اللَّه عنه-. والإمام أحمد 2/ 13، والبخاري (3644)، ومسلم (1871)، من حديث عبد اللَّه ابن عمر. والإمام أحمد 2/ 262، ومسلم (987) من حديث أبي هريرة. والإمام أحمد 3/ 39 من حديث أبي سعيد. و3/ 352 من حديث جابر. و4/ 104 من حديث زيد بن سهل. (¬2) في حديث عروة البارقي السابق.

ناصية فرسِهِ بيده (¬1) تعظيمًا للخيلِ، وقوله: الجهادُ ماضٍ إلى يومِ القيامةِ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2725). قال أبو داود: سمعت أحمد قال: صلاة في المسجد الحرام تجيء بمائة ألف صلاة فيما سواهُ (¬2). قلت لأحمد: فالثغور، يدخل فيها؟ قال: نعم. قلت: إن بعضهم يحتج بقوله: "مقام يوم في سبيل اللَّه أفضل من مقام أحدكم ألف يوم؟ " (¬3). قال: ذاك في المقام؛ فأما فضل الصلاة هذا شيء خاصة فضل لهذِه المساجد. "مسائل أبي داود" (1479). قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: ليس يعدل [عندنا شيء] (¬4) من الأعمال الغزو ثم الرباط. "مسائل أبي داود" (1480). ¬

_ (¬1) في حديث جرير السابق. (¬2) روي من حديث جابر بن عبد اللَّه مرفوعًا رواه الإمام أحمد 3/ 343، وابن ماجه (1406). قال البوصيري في "زوائد ابن ماجه" 2/ 13: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات .. وصححه الألباني في "الإرواء" 4/ 146. وانظر: "تلخيص الحبير" 4/ 179. (¬3) روي من حديث عُثْمَانَ بن عفان رواه الإمام أحمد 1/ 62، والترمذي (1667) والنسائي 6/ 39 - 40 بلفظ: "رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ المَنَازِلِ". حسنه الترمذي. وكذا الألباني في "صحيح الترمذي" (1361). (¬4) في المطبوع: عنه ناشيء. ولعل الصواب ما أثبتناه.

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: المقام بمكة أحب إليك أم الرباط؟ قال: الرباط أحب إلي. "مسائل أبي داود" (1481) قال أبو داود: قلت لأحمد: الخروج في السرايا أحب إليك أو لزوم الساقة؟ قال: ما كان أنكى في العدو، ثم قال: لا يعدل عندي السرايا شيء. "مسائل أبي داود" (1513) قال أبو داود: وسألته عن التقدم يوم المغار أحب إليك أو يتخلف في الساقة؟ قال: ما كان أحوطُ. قلت: أحوط هذا -أعني: التخلف أحوط- وهؤلاء يجيئون بالغنائم؟ قال: ما يصنع بالغنائم؟ ! إنَّما يُرادُ سلامةُ المسلمينَ. "مسائل أبي داود" (1515) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا كان يوم العيد بالثغر يركب قوم فيدبون إلى الدروب يحفظونها، وقوم يصلون -أعني: صلاة العيد- أيما أحب إليك؟ قال: كل. "مسائل أبي داود" (1621) قال ابن هانئ: سألته: أيما أحب إليك: النزول بطرسوس أو بمكة؟ قال: بطرسوس أحب إليَّ. "مسائل ابن هانئ" (743) قال ابن هانئ: سمعته يقول: الغزو أفضل من الرباط. "مسائل ابن هانئ" (1587)

قال ابن هانئ: سأله رجل فقال له: أخرج إلى طرسوس، أو إلى عبادان، وأنا قيم مسجد ليس فيه غيري؟ فقال: ليس شيء يعدل أبواب البر إلا الجهاد في سبيل اللَّه، أفضل من الرباط. "مسائل ابن هانئ" (1634) قال ابن هانئ: وسئل: طلب العلم أحب إليك أم الجهاد؟ قال: لا يعدل الجهاد شيء. "مسائل ابن هانئ" (1638) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن أعمال البر؟ [قال: ليس] (¬1) أفضل من الغزو بعد حجة الإسلام، ثم الرباط في الموضع المخوف. "مسائل عبد اللَّه" (914) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الفضل في الغزو لأهل السرايا؟ فقال أبي: السرايا أحب إلي من أن يخرج مع العسكر إذا كان أنكى في العدو، إذا لم يخف الضيعة وكان الأغلب عليه السلامة. "مسائل عبد اللَّه" (929) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن فضل الساقة؟ فقال: يروى فيه عن بعضهم له فضل. "مسائل عبد اللَّه" (930) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن فضل الكمين؟ ¬

_ (¬1) زيادة يقتضيها السياق.

فقال أبي: هو غياث المسلمين، له فضل. "مسائل عبد اللَّه" (931) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الطلائع؟ فقال: بعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- طليعة (¬1)، وكل ما كان فيه قوة للمسلمين فله فضل كبير. "مسائل عبد اللَّه" (932) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن فضل استقبال الرسول إذا خرج من بلاد العدو، وفي الوالي يقدم، فينادي في الناس: اخرجوا فاستقبلوا وإليكم بالسلاح. فقال أبي: كل ما كان فيه ترهيبًا للعدو وغيظًا لهم، فإنَّ في ذلك أجرًا؛ يقول اللَّه تعالى: {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة: 120]. "مسائل عبد اللَّه" (934) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: الخروج إلى الغزو أفضل أم الصدقة بدل ذلك، أم الجلوس في الرباط؟ فقال أبي: ليس يعدل لقاء العدو والمباشرة بنفسه، وبعد ذلك الرباط. "مسائل عبد اللَّه" (938) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا الأسود بن عامر، أنبأنا أبو بكر، عن الأعمش قال: خرج علقمة بن قيس وعمرو بن عتبة ومعضد في بعث بلنجر، قال: فاشترى عمرو بن عتبة فرسا بأربعة آلاف، قال: ¬

_ (¬1) روى الإمام أحمد 3/ 307، والبخاري (2846)، ومسلم (2414) عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من يأتيني بخبر القوم" يوم الأحزاب، قال الزبير: أنا.

فقالوا: أغليت، قال: فقال: ما أحب أن لي بكل حافر يرفعه ويضعه درهمًا درهمًا. "الزهد" برواية عبد اللَّه ص 422 قال محمد بن نصر: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كل شيء من الخير بادر فيه. وقال: وشاورته في الخروج إلى الثغر، فقال لي: بادر بادر. "تاريخ بغداد" 3/ 315 أخبرنا القاضي أبو الحسين ابن المهتدي باللَّه، عن الدارقطني، ثنا علي بن صالح المصري، حدثنا سليمان، ونقلت من خط ابن حزا: سئل أحمد: فقيل له: المقام بالثغر أفضل من المقام بمكة؟ فقال: إي واللَّه. "المسائل التي حلف عليها الإمام أحمد" ص 49 قال عيسى بن جعفر: سألت أحمد: أيما أفضل عندك العمل بالسيف والرمح والفروسية، أو الصلاة التطوع؟ قال: إذا كان هاهنا -يعني: بغداد- فينال من هذا وهذا، وإذا كان بالثغر، فاشتغاله بذلك أفضل من التطوع؛ لأن اللَّه يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60]. "طبقات الحنابلة" 2/ 180 قال الأثرم: قال أحمد: لا نعلم شيئًا من أبواب البر أفضل من السبيل. وقال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد اللَّه -وذكر له أمر الغزو- فجعل يبكي، ويقول: ما من أعمال البر أفضل منه؟ ! "المغني" 13/ 10

1350 - تعلم الفروسية

قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد اللَّه، وذكر له أمر الغزو، فجعل يبكي ويقول: ما من أعمال البر أفضل منه. "معونة أولي النهى" 4/ 342 1350 - تعلم الفروسية قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ سُئِلَ عمن يلعب؟ قال: لا يعجبني إلا بسيف خشب لا يعجبني الحديد البتة. "مسائل أبي داود" (1491) قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ غير مرة ينهى عن سيف الحديد أن يشير به في اللعب. "مسائل أبي داود" (1492) قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ سُئِلَ عن: تعلم الملح من أمر الرمح والسيف؟ قال: إذا كان يريد به غيظ العدو ولا يريد به التظرف. "مسائل أبي داود" (1493)

باب وجوب الجهاد وعلى من يجب

باب وجوب الجهاد وعلى من يجب 1351 - حكم الجهاد قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن القوم يكونون بطرسوس، فيقعدون ولا يغزون، ويحتجون يقولون: متى ما غزونا، إنما نوفر الفيء على ولد العباس. قال أبو عبد اللَّه: هؤلاء قوم سوء، هؤلاء القعدة، هؤلاء جهال، وإن لم يكونوا يعلمون، ولا لهم علم بالعلم، فيقال لهم: أرأيت لو أن طرسوس وأهل الثغور جلسوا عما جلسوا عنه هؤلاء، أليس كان قد ذهب الإسلام؟ هؤلاء قوم سوء. "مسائل ابن هانئ" (1612) نقل حنبل: الغزو واجب على الناس كلهم، فإذا غزا بعضهم أجزا عنهم. "المسودة في أصول الفقه" 1/ 170 1352 - إذا وجب على الرجل الحج ووجب الجهاد، بأيهما يبدأ؟ قال ابن هانئ: سألته عن رجل قدم يريد الغزو ولم يحج، فنزل على قوم ثبطوه عن الغزو، وقالوا: إنك لم تحج؟ قال أبو عبد اللَّه: يغزو ولا عليه، فإن أعانه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عليه حج، لا نرى بالغزو قبل الحج بأسًا. "مسائل ابن هانئ" (1590)

1353 - الغزو في شدة الحر والبرد

1353 - الغزو في شدة الحر والبرد قال المروذي: وسئل أبو عبد اللَّه: عن الغزو في شدة البرد في مثل الكوانين (¬1)، فيتخوف الرجل إن خرج في ذلك الوقت أن يفرط في الصلاة، ترى له أن يغزو أو يقعد؟ قال: لا يقعد، بل يغزو خير له وأفضل. "الورع" (422) 1354 - حكم غزو البحر قال إسحاق بن منصور: قلت: تكره غزو البحر، أن يحمل المسلمون في البحر؟ قال: لا بأس به إن شاء اللَّه تعالى. فقال إسحاق: كما قال إذا كان غزو البحر، واحتاج المسلمون إلى ذلك فغزوه سنة. "مسائل الكوسج" (2746) قال أبو داود: سألت أحمد عن الغزو في البحر قلت: يكون في المركب من يتعرى وقوم يغتابون الناس، قلت: ما ترى في الركوب معهم؟ قال: يغزو معهم ويأمرهم، أي: بالمعروف. "مسائل أبي داود" (1509) ¬

_ (¬1) المراد بذلك كانون الأول (ديسمبر)، وكانون الثاني (يناير) وهما شهران في قلب الشتاء.

1355 - ما ينبغي توافره في أمراء السرايا والقادة

1355 - ما ينبغي توافره في أمراء السرايا والقادة قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يكون في الغزو، فيريد الوالي أن يبعث النفر فيجعله عليهم -أعني: يؤمره عليهم- أو يجعله على ضعفاء، وهو لا يحب أن يعرفه الوالي؟ قال: لا بأس إذا كان عليهم. فراجعته، فقال: إن كان رجلًا عنده نجدة يرجو أن ينجوا بسببه (¬1) فيكون عليهم ما أحسنهُ! . "مسائل أبي داود" (1619). 1356 - صفة أهل الساقة قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الولي ينادي في الساقة غدا على أصحاب الخيول من أهل الثبات، فيخرج الرجل إن لم يصر في الساقة أو لا يخرج؟ فقال: إنما يخرج في الساقة أهل القوة وأصحاب الثبات، وقد كان مكحول يختار الساقة. "مسائل عبد اللَّه" (935) 1357 - جهاد امرأة قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو المغيرة عبد القدوس قال: حدثنا محمد بن مهاجر قال: سمعت أبا بكر: أنها ¬

_ (¬1) في "المطبوع: يتجوز بسبيه. ولعل المثبت أقرب للصواب.

1358 - حكم الاستعانة بالمشرك

-يعني: أسماء بنت يزيد- قتلت يوم اليرموك رجلين من المشركين بعمودٍ. "مسائل أبي داود" (1478). 1358 - حكم الاستعانة بالمشرك (¬1) قال إسحاق بن منصور: قلت: هل يتسخر المسلم العجمي يدلُّه على الطريق؟ قال: إذا اضطروا إليه لا يجدون منه بدًّا يتسخرون العلج. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2744) ومال في رواية أبي طالب: سأله عن مثل الخراج؟ فقال: لا يستعان بهم في شيء. "الفروع" 6/ 205، "الإنصاف" 10/ 122 ¬

_ (¬1) إذا اضطر الإمام إلى استعمال المشركين في الغزو، هل يسهم الإمام لهم من الغنيمة، أم لا؛ سيأتي تفصيل ذلك في مسالة: (إذا غزا أهل الذمة مع المسلمين، هل يسهم لهم) فانظرها هناك.

فصل ما جاء في شروط الجهاد

فصل ما جاء في شروط الجهاد 1359 - هل يشترط إذن ولي الأمر في الخروج للجهاد أو التخلف عنه، ومتى يحوز الغزو بلا إذن الإمام؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: هل يبارز الرجل الرجل بغير إذن الإمام؟ قال: لا واللَّه. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2757) قال أبو داود: قلت لأحمد: بلاد غلب عليها رجل فنزل البلاد يغزو بأهلها، نغزو معهم؟ قال: نعم. قلت: نشتري من سبيه؟ قال: دع هذِه المسألة، ثم قال: الغزو ليس مثل شراء السبي، الغزو إنما هو دفع عن المسلمين لا يترك لشيء. "مسائل أبي داود" (1508) قال أبو داود: قلت لأحمد: يذكر الغزو فيخرج الرجل فيبيت في المزرعة مخافة أن يعد الناس فيكثرون فيمنع بعضهم؟ قال: لا يفعل. قلت: إذا قال الإمام: لا يغزون أحد من أهل عين زببة؟ قال: فلا يغزون أحد منها. "مسائل أبي داود" (1510)

قال أبو داود: قلت لأحمد: إنه ربما قام بالرجل في السرية فرسه، ويقال: قام رجل -يعني: قام برجل فرسه، ويخاف الرجل أن يرجع فيبقى عن الناس؟ قال أحمد: فكيف يرجع هذا؟ ! أشك. "مسائل أبي داود" (1514) قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يحمل على العلج -أعني: وقد برز من الصف- بغير إذن الإمام؟ قال: لا، إلا بإذن الإمام. "مسائل أبي داود" (1612) قال أبو داود: قلت لأحمد: نغزو في البحر فنمر بالساحل فيريد الرجل أن يقيم بالساحل، يحتاج أن يستأذن الوالي؟ قال: نعم. قلت: فلا بد من إذن؟ قال: لا. قلت: فيستأذن صاحب مركبه أو والي المراكب كلها لكل مركب وال وعلى جميعهم وال؟ قال: يستأذن الوالي الذي على جميعهم. "مسائل أبي داود" (1614) قال أبو داود: قلت لأحمد: متى يتقدم الرجل في الغزو من غير أن يستأذن الوالي؟ قال: إذا صار إلى أرض الإسلام. قلتُ: إنه صار إلى أرض الإسلام وربما يعرض العلجُ للرجل وللحطاب؟

قال: لا يتقدم حتى يأمن، ثم تلا {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: 62]. قلتُ: إذا أذن له في أرض الخوف أن يتقدم أله ذاك؟ قال: نعم، قد يبعث المبشر وفي الحاجة. "مسائل أبي داود" (1615) قال أبو داود: قلت لأحمد: المتسرع يقدم فيسلم عليه الرجل؟ قال: ما يعجبني أن يخطى إليه. قلت لأحمد: يعجبك الذي قال: الحمد للَّه الذي سلمك، ولا يقل: آجرك اللَّه؟ قال: كيف يقول: سلمك؟ ! ومن أين سلمهُ؟ ! "مسائل أبي داود" (1616) قال أبو داود: قلت لأحمد: قال الإمام: في حرج من برح -يعني من العسكر- فبرح رجل؟ قال: عصى وينبغي للإمام أن يحللهم. قيل: يجيء إلى الإمام فيسأله أن يجعله في حل؟ قال: إن فعل لا يضره ذلك. "مسائل أبي داود" (1617) قال أبو داود: سألت أحمد عن شيء من أمر أمير السرية؟ فقال: ينبغي أن ينتهوا إلى أمره، إذا جاء الخلاف جاء الخذلان. "مسائل أبي داود" (1618) قال ابن هانئ: وسئل عن القوم يأتيهم العدو، فيريدون أن يخرجوا، فيقاتلونهم؟

قال: إذا لم يكن عليهم أمير، أو يأمر السلطان فلا يعجبني، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} [الأنفال: 46]، إذا لم يكن عليهم أمير تجادلوا. "مسائل ابن هانئ" (1591) قال المروذي: وسئل أبو عبد اللَّه: عن الرجل يكون في الغزو، فيمر بالرجل المريض؟ فقال: لا يقيمون عليه، ينبغي للوالي أن يُقيم عليه. قلت: قد مضى ومضى الناس يتركه ويمضي، يلحق بالناس؟ فقال: هذا إن أقام عليه، تخوف على نفسه وعليه، يتركه ويمضي، يلحق بالناس "الورع" (487) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن أمير السرية يقول: أنتم في حرج إن سرتم حتى يطلع الفجر، ثم يسير ويسير الناس، ترى أن يقف الرجل؟ فقال: لأي شيء يفعل هذا؟ قلت: إنه يأمر بالأمر ثم يخالفه، وهو معروف بهذا. قال: هذا أحمق، إذا دفع دفع الناسُ. "الورع" (488) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الوالي إذا حَرَّجَ على الناس أن يتقدم أحد، أو يتأخر، أو يأخذ يمنة أو يسرة، والقرى يمنة ويسرة، ويحتاج الناس إلى العدد والطعام، هل يجوز لأحد أن يعصي الأمير ويتخلف؟ وإن تخلف يطيب له ذلك؟ أم كيف يصنع بما تخلف؟ فقال: لا، هؤلاء عصاة إن خالفوا، لا أرى ذلك، لا يعجبني وشدد في خلافهم للوالي.

قال: إذا خالفوه عصوا. "مسائل عبد اللَّه" (953) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا أذن الإمام القوم يأتيهم النفير فلا بأس أن يخرجوا. قلت لأبي: فإن خرجوا بغير إذن الإمام؟ قال: لا، إلا أن يأذن الإمام إلا أن يكون يفاجئهم أمر من العدو، ولا يمكنهم أن يستأذنوا الإمام فأرجوا أن يكون ذلك دفعًا من المسلمين. "مسائل عبد اللَّه" (958) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن قوم من أهل خراسان بينهم وبين العدو حائط، ترى لهم أن يقاتلوا؟ فقال: إن كانوا يخافون على أنفسهم وذراريهم فلا بأس أن يقاتلوا، من قبل أن يأذن لهم الأمير، ولكن لا يقاتلوا إذا لم يخافوا على أنفسهم وذراريهم إلا أن يأذن الإمام. "مسائل عبد اللَّه" (959) نقل المروذي عنه: يجب الجهاد بلا إمام إذا صاحوا بالنفير. ونقل الميموني عنه: لو اختلفوا على رجلين لم يتعطل الغزو والحج. "الفروع" 6/ 190 نقل عنه المروذي: لا يخالفوه يتشعب أمرهم، فإن كان يقول: سيروا وقت كذا ويدفع قبله دفعوا معه. "الفروع" 6/ 208 نقل محمد بن يحيى الكحال: من غزا بغير إذن الإمام لم يكن له في الغنيمة حق.

1360 - القيام على الأهل والوالدين أفضل، أم الجهاد؟

ونقل يعقوب بن بختان في رجل غزا وحده وغنم: يؤخذ منه الخمس. "المبدع" 3/ 343 1360 - القيام على الأهل والوالدين أفضل، أم الجهاد؟ قال صالح: وقال في رجل له بنات وأم، وعليه دين، وله من يقوم بدينه، وأذنت له أمه أن يغزو: فإن لم يكن له حرمه يقوم بأهله، يدخل عليهم لموت أو حياة لا أرى له الخروج لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هل تركت في أهلك من كاهل" (¬1) وأنا أذهب إلى ذا. ولكني أرى له أن يجهز غازيا أو يخلفه في أهله، وقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من جهز غازيا فله مثل أجره" (¬2). "مسائل صالح" (921) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يخرج إلى الرّباط، أو إلى الغزو، وله زوجة، أيخلفها ويخرج؟ قال: إذا ترك عندها محرمًا منها مثل أخ أو ابن، ويخلف عندها ما يكفيها، فنعم، إذا لم تطل غيبته، فإن تركها وطالت غيبته ففيه بعض ما فيه: كأنه كرهه. قلت له: سنة وسنتين؟ كأنه كرهه. "مسائل ابن هانئ" (1639) ¬

_ (¬1) رواه الحارث في "مسنده" كما في "بغية الباحث" (301)، والبيهقي في "شعب الإيمان" 6/ 413 (8712). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 114، والبخاري (2843)، ومسلم (1895) من حديث زيد ابن خالد الجهني.

1361 - هل يشترط إذن الوالدين؟

قال ابن هانئ: وسئل عن رجل خلف عيالًا وضيعة، ويخشى أن يضيعوا، وقد حج ويريد الخروج إلى الكوفة، ولعله أن يحج من الكوفة؟ قال: لا يخرج، ولا يضيعهم، ثم قال: "كفى بالمرء إثمًا أن يضيع مات يقوت" (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1640) قال ابن هانئ: ثم سأله رجل فقال: لي أخت وأخ يغيب عنها الشهر والشهرين، ولها امرأة تقوم بحوائجها، وأردت الخروج إلى الثغر فما ترى؟ قال أبو عبد اللَّه: أقم على أختك أحب إلي، أرأيت إن حدث بها حدث من يليها؟ ! أقم عليها. "مسائل ابن هانئ" (1641) نقل عنه حرب أنه قال لرجل له مال كثير: أقم على ولدك وتعاهدهم أحب إليَّ، ولم يرخص له. يعني: في غزو غير محتاج إليه. "الفروع" 1/ 522، "الإنصاف" 4/ 100 1361 - هل يشترط إذن الوالدين؟ قال أبو داود: سمعت أحمد سأله رجل قال: أريد أن أخرج إلى الثغر في تجارة ولي والدة فتأذن لي في الغزو؟ فقال: انظر سرورها فيما هو؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 160، وأبو داود (1692)، هو في مسلم (996) بلفظ: "كَفَى بِالمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ" من حديث عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنه-.

قال: هي تأذن لي. قال: إن أذنت من غير أن يكون في قلبها لطخٌ، وإلا فلا تغز. "مسائل أبي داود" (1511) قال المروذي: وأدخلت على أبي عبد اللَّه رجلًا -وهو حطاب- فقال: إن لي إخوة، وكسبهم من الشبهة، فربما طبخت أمُّنا، وتسألنا أن نجتمع، ونأكل. فقال له: هذا موضع بشر (¬1)، لو كان حيًّا كان موضعًا تسأله، أسأل اللَّه ألا يمقتنا، ولكن تأتي أبا الحسن عبد الوهاب (¬2)، فتسأله. فقال له الرجل: فتخبرني بما في العلم. قال: قد روي عن الحسن: إذا استأذن والدته في الجهاد، فأذنت له، وعلم أن هواها في المقام، فليقم. "الورع" (118) قال أبو نعيم: سألت أحمد بن حنبل قلت: النفير يجيء، أيخرج الرجل من غير أن يأذن له أبواه؟ قال: إذا صح عنده أنهم قد جاءوا يخرج فيغيث المسلمين. "طبقات الحنابلة" 2/ 496 روى عنه أبو الحارث في الرجل يغزو وله والدةُ، قال: إذا أذنت له، وكان له من يقوم بأمرها. "الآداب الشرعية" 1/ 462 ¬

_ (¬1) أي: بشر بن الحارث رحمه اللَّه. (¬2) هو: عبد الوهاب بن عبد الحكم صاحب الإمام أحمد وخاصته.

1362 - الرجل عليه دين وليس له وفاء، هل له الغزو؟

1362 - الرجل عليه دين وليس له وفاء، هل له الغزو؟ قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يغزو بدين، وليس له وفاء، أيغزو أحب إليك أو تركه؟ قال: لا يعجبني أن يغزو بدين لا يترك له وفاء إذا مات لم يكن له شيء يقضى عنه. "مسائل ابن هانئ" (1589) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: الشهيد يغفر له كل ذنب إلا الدين أو الأمانة، فإذا كان يوم القيامة، قيل له: أد عن أمانتك، أو أد الأمانة، فيقول: يا رب، ذهبت الدنيا، فمن أين أؤديها؟ ! ، فينطلق به إلى الهاوية، فإذا أمانته في قعرها، فهوى فيها ليأخذها، فإذا أخذها ليخرجها زلت من يده، وهوى خلفها، فلا يزال يزل من هذِه ويهوي خلفها في الهاوية أبدًا (¬1). فقال أبي: هذا الحديث حديث رواه الثوري وأبو سنان الصغير، وهو: الشيباني، إسناده جيد. "مسائل عبد اللَّه" (943) ¬

_ (¬1) رواه مسدد كما في "المطالب العالية" 14/ 586 (3574)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" ص 69 (159 - 161)، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 201 والبيهقي 6/ 288، وفي "الشعب" 4/ 323 عن ابن مسعود قوله، وزاد الخرائطي وأبو نعيم طرفا أخرى عنه مرفوعًا. قال الدارقطني في "العلل" 5/ 78: الموقوف هو الصواب.

باب ما جاء في الرباط وأحكام الثغور

باب ما جاء في الرباط وأحكام الثغور 1363 - مواضع الرباط وأفضلها قال صالح: وسألته: هل يروى في شهود الفدا أنه أفضل من الغزو؟ قال: ما سمعت، إن شهد فقد شهد خيرًا كثيرًا. "مسائل صالح" (228) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: واسط نعم الموضع. "مسائل أبي داود" (1477) قال أبو داود: قلت لأحمد: المقام بعين زربة أحب إليك أم بطرسوس لرجل لا يغزو؟ قال: حيث يكونون إليه أحوج. قلت: إنهم ليست نكاية في العدو، ولا يمكنهم أن يطلبوهم -أعني: في النفير. قال: ما أصنع بالنكاية! إنما انظر إلى حيث هم أحوج إليهم. "مسائل أبي داود" (1482) قال أبو داود: قلت لأحمد: عبادان رباط؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1483) قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل أحب إليك أن يحج أو يشهد الفداء؟ قال: قد حج؟ قلت: حج. قال: يشهد الفداء أحب إلي. "مسائل أبي داود" (1484)

قال أبو داود: سمعت أبا صالح قال: أشار عليَّ أبو إسحاق الفزاريُّ ومخلد بن الحسين أن أتزوج من أنطاكية. "مسائل أبي داود" (1485) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل بحضرته العدو -كان ببلاد الترك- وهو يريد أن يخرج إلى طرسوس فيقاتل؟ . . . قال أبو عبد اللَّه: وقرأ هذِه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} [التوبة: 123]. ليس لأحد أن يخرج من بلاده وبها العدو، فيقاتل غيرهم. "مسائل أبي داود" (1592) قال ابن هانئ: ورأيته عاب على ابن المبارك خروجه إلى طرسوس. "مسائل أبي داود" (1594) قال ابن هانئ: سألته عن رجل خرج من بلاده يريد التجارة بأرض، فنوى أن يغزو فيخرج إلى طرسوس، وهو من خراسان وبحضرة بلاده ثغر؟ قال: لا يخرج، وليخرج إلى بلاده، فليجاهد من بحضرته من الأعداء. "مسائل أبي هانئ" (1595) قال أحمد بن أبي عوف: حضرت أبا عبد اللَّه -أحمد بن حنبل- وسأله رجل خراساني: إن أمي أذنت لي في الغزو، وإني أريد الخروج إلى طرسوس، فما ترى؟ فقال له: اغز الترك، وأحسب أبا عبد اللَّه ذهب إلى قول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} [التوبة: 123]. "طبقات الحنابلة" 1/ 122 - 123

1364 - وقت الرباط وقدره

1364 - وقت الرباط وقدره قال إسحاق بن منصور: قلت: هل للرباط وقت؟ قال: أربعون يومًا. فقال إسحاق: كما قال هذا أكثره، والثلاث لمن لم يحب أن يبلغ ذلك حسن. "مسائل الكوسج" (2745) 1365 - حمل الذرية والأهل إلى الثغور: قال صالح: وقال: لا أرى أن يخرج بالنساء إلى الثغور. "مسائل صالح" (1161) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن النقلان بالعيال إلى الثغر؟ فقال: لا أرى ذلك ولا أشير به، فذكرت له منعة طرسوس وعزها؟ فكرهه، وسمعته غير مرة ينهى عن ذلك. "مسائل أبي داود" (1471) قال أبو داود: قلت لأحمد: تخاف على المنتقل بعياله إلى الثغر الإثم؟ قال: كيف لا أخاف وهو يعرض بذريته للمشركين! فسمعت أحمد سأله رجل قال: فأنطاكية؟ قال: لا ينقل إليها بالعيال، فإنه قد أغير عليهم منذ سنين. يعني: غارة غريقا الرومي في البحر عام عمورية. وسمعته ذكرها فقال: أنطاكية قرية من الساحل. يعني: أنها عورة. "مسائل أبي داود" (1472)

قال أبو داود: وسمعت أحمد يقول: الشام كلها إذا وقعت الفتنة فليس لأهل خراسان عندهم قدر. يقول ذلك في الانتقال إليها بالعيال. "مسائل أبي داود" (1473) قال أبو داود: قيل لأحمد: فهذِه الأحاديث التي جاءت: "إن اللَّه تكفّل لي بالشام" (¬1) وما جاء نحو هذا؟ فقال: ما أكثر ما جاء فيه. قلت: فلعلها في الثغور؟ قال: إلا أن تكون الأحاديث في الثغور. وذكرت له مرة هذا في العورة؟ فأنكره، وقال: الأرض المقدسة أين هي؟ "ولا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق" (¬2): هم أهل الشام. قلت لأحمد: فلا يتزوج فيها؟ قال: التزويج فيها هو أهون من الانتقال إليها. "مسائل أبي داود" (1474) قال أبو داود: وسمعت أحمد ذكر له مرة نقل العيال إلى الشام؟ فقال: الرملة أهيأ المواضع كما يبلغنا. "مسائل أبي داود" (1475) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: حران ينتقل إليها بالعيال؟ قال: نعم لا بأس. "مسائل أبي داود" (1476) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 110، وأبو داود (2483) من حديث ابن حوالة، قال الألباني في "صحيح أبي داود" (2244): إسناده صحيح، وله طرق صحح أحدها الحاكم والذهبي. (¬2) رواه مسلم (1925) من حديث سعد بن أبي وقاص.

قال ابن هانئ: وسئل عن رجل بطرسوس، وعياله بالدينور، هل ينقلهم إلى طرسوس؟ فقال: لا، والقعود عليهم أفضل. "مسائل ابن هانئ" (1588) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل له جدة عجوز كبيرة، ترى أن تحمل إلى الثغر؟ قال أبي: لا يحمل شيء من الذرية إلى الثغر، فإن كان أبر هذِه الجدة يقوم بشأنها، والغزو لهذا أحب إلي من الإقامة عليها ولا يدع برها. "مسائل عبد اللَّه" (936) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يرابط، فيشتري الجارية للخدمة، أو ليطأها. فقال: أما أن يحمل الحرم إلى الثغر فإنه يكره، وكلما اشترى من ثم فهو أسهل. حدثني، وحدثني ابن معمر قال: أخبرنا هشيم قال: أخبرنا منصور عن الحسن في الغال -يعني: الذي يغل- يُحرق رحله إلا أن يكون فيه مصحف. سمعت أبي يقول: وكذلك -يعني أقول: أو حيوان -يعني: لا يحرق. "مسائل عبد اللَّه" (960) نقل حنبل عنه؛ ينتقل بأهله إلى المدينة تكون معقلًا للمسلمين، كأنطاكية، والرملة، ودمشق. "الفروع" 6/ 196، "الإنصاف" 10/ 31

1366 - السكنى بين أهل الحرب

1366 - السكنى بين أهل الحرب قال عبد اللَّه: سألت أبي هل ترى قومًا في سعة من السكنى في بلد بينهم وبين مددهم من المسلمين بحر، وعدوهم في جزيرة، إلا أنهم ظاهرون عليهم؟ فقال أبي: إن كانت أحكام أهل الإسلام ظاهرة عليهم، وكانوا هم أقوى، فأرجو أن لا يكون بذلك بأس، وإذا لم يكونوا كذلك فلا يسكن بين ظهراني قوم يحكمون بغير حكم الإسلام. "مسائل عبد اللَّه" (913) 1367 - شراء الأرض بالثغور قال المروذي: وسألته عن شراء الأرض بالثغور؟ فقال: هو أيسر من غيره؛ لأنهم بإزاء العدو، وهم يدفعون عن المسلمين. "بدائع الفوائد" 4/ 41 1368 - النهي عن احتكار شيء ينتفع به المسلمين ويتقوون به على عدوهم قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: يخرج من مكة شيء؟ قال: إذا خاف أن يضيق على أهلها، -يعني: فلا. قيل لأحمد وأنا أسمع: فالثغور؟ قال: لعله أشد. "مسائل أبي داود" (1625)

1369 - إن كان الرجل يجهز لأهل الثغور المتاع وغيره، ويتعرض للخطر أحيانا، هل له أن يمتنع؟

قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن الرجل تكون عنده البضاعة وقد سكن الثغر فيقدم الزيت والبزر فيباع رخيصًا فله أن يشتريه، يكبسه ويقته، إن فضله يقويه على المقام بالثغر، وبسمسم أيضًا يفعل به مثل ذلك، أله أن يكبس شيئًا من هذِه الأصناف؟ أو يخرج به منها وليس يخرجها من البلد إلى غيره؟ قال أبو عبد اللَّه: لا يحتكر على الثغر شيئًا من هذِه الأصناف وغيرها، مما ينتفع به المسلمون ويتقوون به على عدوهم. "مسائل ابن هانئ" (1610) 1369 - إن كان الرجل يجهز لأهل الثغور المتاع وغيره، ويتعرض للخطر أحيانا، هل له أن يمتنع؟ قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل يحمل المتاع من الشام إلى البحر، فيسلم أحيانًا، ويصاب أحيانًا، يأخذه الروم في مجيئه، إذا سلم رخص الثغر، أله أن يحمل على ما وصفت، أم يخرج له منه والبحر مخيف؟ قال أبو عبد اللَّه: يحمل فليس كل مرة يقطع عليه، يحمل، ويجهز، حتى ينتفع به المسلمون. "مسائل ابن هانئ" (1611)

1370 - يستحب لأهل الثغور الاجتماع للصلاة في المسجد الواحد

1370 - يستحب لأهل الثغور الاجتماع للصلاة في المسجد الواحد قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه أملى علي وأنا أكتب بين يديه: قال: بلغني عن الأوزاعي أنه قال: لو كان لي سبيل لأسمرت أبواب هذِه المساجد، حتى تكون صلاتهم في مسجد واحد؛ لأنهم إن جاء النفير وهم في مسجد واحد، نفروا بأجمعهم، وإذا كانوا متفرقين، لم يكونوا مثل ما إذا كانوا مستجمعين. "مسائل ابن هانئ" (1585)

فصل في النفير قال أبو داود: قلت لأحمد: لو نزل عدو بأهل عين زربة يسع أهل طرسوس أن لا ينفروا إليهم؟ قال: إن لم يأمنوا أن يجيئهم عدو، وظنوا إن جاءهم يكون بمن يبقى منهم بهم قوة فلينفروا. "مسائل أبي داود" (1486) قال أبو داود: قلت لأحمد: فإن منعهم الأمير؟ قال: فإن منعهم فما عليهم. قلت لأحمد: ينادى بالنفير والرجل في المسجد، وقد أذن؟ قال: هذا أوجب عليه -يعني: النفير. قلت: إنه لا يدري نفير حق هو أم لا؟ قال: إذا نادوا بالنفير فهو حق، ولعله يغيب بقدر ما تقام الصلاة. "مسائل أبي داود" (1487) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: تقام الصلاة وينادى بالنفير؟ قال: يخففون الصلاة. وقد سمعت أحمد مرة يقول: ينفر إن كان عليه وقد يصلي. فأخبرت أحمد: أنه إذا أقيمت الصلاة مع النفير إنما يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1]، في صلاة الصبح؟ فقال: ينفر. "مسائل أبي داود" (1488) قال أبو داود: فقلت لأحمد: إن أكثر النفير لا يكون حقًا، قال: ينفر،

يكون يعرف مجيء عدوهم كيف هو. "مسائل أبي داود" (1489) قال أبو داود: قلت لأحمد: يقطع الصلاة المكتوبة -أعني: وقد وقع النفير؟ قال: لا، إذا كان قد دخل فيها. "مسائل أبي داود" (1490)، ونقلها ابن هانئ عن الإمام "مسائل ابن هانئ" (1590) قال ابن هانئ: وسئل عن النفير، يكون وعند الرجل الفرس الواحد، ويكون غيره ممن يسارع، أيخرج، أو لا يكون عليه خروج، إذا عرف كثرة من ينفر -والنفير هو عطب الخيل؟ قال أبو عبد اللَّه: يخرج إلى النفير ولا يتخلف عنه. "مسائل ابن هانئ" (1586)

باب كيفية القتال

باب كيفية القتال فصل الاستعداد للقتال وما يستحب فعله قبل الغزو 1371 - إعانة الغزاة والنفقة عليهم قال إسحاق بن منصور: قلت: قال: سألت ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قلت: يخرج علينا البعث، فيخرج من أربعة واحد (¬1)؟ قال: كان يضرب على القبيلة البعث يكونون ألفًا، فيضرب على المائة منهم، فيعين الذي يقعد الذي يخرج. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2763) قال أبو داود: قلت لأحمد: رجل أوصى بمال في السبيل وله قرابة في الثغر، فدفع ذلك المال إليه وهو يغزو به، ولعل في الثغر من هو أشجع منه، ولو لم يكن قرابتهم لم يعط المال كله، أيأخذه؟ فلم ير بأسًا أن يأخذه. "مسائل أبي داود" (1495) ¬

_ (¬1) كذا بالمطبوع، وروى عبد الرزاق 5/ 231 (9461). عن الثوري عن أبي إسحاق عن عبيد بن الأعجم قال: سألت ابن عباس عن الجعائل فخرج علينا من كل أربعة واحد، ومن كل ثلاثة واحد؟ قال: إن جعلتها في كراع أو سلاح فلا بأس. وإن جعلته في عبد أو أمة أو غنم فهو غير طائل.

قال أبو داود: قلت: رجل له قرابة بالثغر يبعث إليه بالمال، يكتب إليه: أن أغزو به، ترى له أن يرده أو يقبله؟ قال: القرابة غير البعيد. "مسائل أبي داود" (1496) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: إذا بعث إليه بالمال وقد كان أشرفت نفسه، فلا بأس أن يرده، وكأنه اختار الرد. قلت لأحمد: إشراف النفس بالقلب؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1497) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسأله رجل فقال: آخذ فرسًا فأغزو عليه؟ قال: لا تغزُ على ما ليس لك، ولا تسأل أحدًا شيئًا، إلا أن يعطي عن غير إشراف نفس إليه. "مسائل ابن هانئ" (1632) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: قبول الحملان أحب إليك أم الغزو بغير؟ قال: الغزو أحب إلي من الرباط، والرباط أحب إلي من أن يغزو بشيء ليس له. "مسائل ابن هانئ" (1633) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل، تدفع إليه الدراهم وشيء من متاع الناس، فيقال له: أغز بهذِه، فيأخذها عن غير إشراف نفس إليها؟ قال: نعم، قد كان الناس يجهزون ويأخذون ويغزون لا بأس. "مسائل ابن هانئ" (1635)

1372 - كراء الحملان للغزو

قال ابن هانئ: قيل له: يحمل الرجل على الفرس، فترى أن يدفع إليه شيء حتى يشتري هو لنفسه، أو يشتري له؟ قال: يدفع إليه حتى يشتري هو لنفسه، ولا يشتري له، إلا أن يستعين به. "مسائل ابن هانئ" (1643) 1372 - كراء الحملان للغزو قال عبد اللَّه: سألت أبي: عن رجل يغزو فيستكري من رجل دابة؟ قال: لا بأس به. "مسائل عبد اللَّه" (919) 1373 - الدعوة قبل القتال قال إسحاق بن منصور: قلت: هل يدعون قبل القتال أحدًا؟ قال: لا أعرف اليوم أحدًا يدعى. فقال إسحاق: إن تقدم إليهم في الدعوة فحسن، يكون ذلك أهيب، وأجدر أن يتبين لهم إرادة المسلمين في العدل عليهم. "مسائل الكوسج" (2752) 1374 - تأليف القلوب على الإسلام قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا بن يحيى أن أبا طالب حدثهم قال: سئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يقول لليهودي: أسلم حتى أعطيك ألف درهم فيسلم فلا يعطيه شيئا؟

1375 - ما يندب فعله عند محاصرة العدو

قال: قد كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يتألف الناس على الإسلام. لا يعجبني إلا أن يفي له. قلت: فإن قال اليهودي لا أسلم حتى تعطيني الألف كما شرطت؟ قال: إن رجع عن إسلامه ضربت عنقه وينبغي له أن يفي له. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 64 (12) 1375 - ما يندب فعله عند محاصرة العدو نقل المروذي: إذا حصر حصنًا لزمه عمل المصلحة من مصابرته والموادعة بمال والهدنة بشرطها. "الفروع" 6/ 219 1376 - البيات للعدو ليلًا قال إسحاق بن منصور: قلت: هل نبيت العدو ليلًا؟ قال: نعم. فقال إسحاق: نعم شديدًا. "مسائل الكوسج" (2735) قال إسحاق بن منصور: قلت: هل يبيت أهل الدار من المشركين فيصاب من نسائهم وأبنائهم؟ قال: أما أن يتعمدوا قتلهم فلا. وقال: كأن النهي قد كان تقدم من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك، ثم سئل فقال: إن أهل الدار يبيتون، فيصاب من ذراريهم ونسائهم، فقال: "هُمْ مِنْهَمْ" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 37، والبخاري (3012، 3013)، ومسلم (1745)، مرفوعًا من حديث الصعب بن جثامة.

1377 - صفة الحرس وما يستخدم فيه

فقال إسحاق: الرخصة في ذلك إذا أراد الإمام الإغارة مباح. "مسائل الكوسج" (2762) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: لا بأس بالبيات، وهل غزو الروم إلا بالبيات؟ ! . "مسائل أبي داود" (1516) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن حديث الصعب بن جثامة في أهل الدار يبيتَّون؟ قال: كأن النهي قد كان تقدم. ثم سئل عن هذا، قال أحمد: كأنهم يصيبونهم من غير أن يريدوا. "مسائل أبي داود" (1520) 1377 - صفة الحرس وما يستخدم فيه قال أبو داود: قلت لأحمد: الحرس بالجرس؟ قال: أكرهه. قلت لأحمد: فترى أن يركب الرجل فيحرس معهم؟ قال: ينهاهم. قلت: لا ينتهون قال: يحرس معهم ولا يضرب بالجرس. "مسائل أبي داود" (1622) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رفع الصوت بالتكبير في الحرس.

1378 - إيقاد النار في موضع يرونه

قال: الذي نهى عنه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان في السفر (¬1)، فأما أن يكونوا في الحرس يرون العدو أن عندنا عدة فلا بأس. "مسائل أبي داود" (1623) قال أبو داود: قلت موضع خوف يحرس فيه الرجل يكون على ظهر الدابة أحب إليك أو رجلًا؟ قال: ما يكون أنكى. قلت: هو حصن يحرس أن لا يخرج أهل الحصن؟ قال: هذا على ظهر الدابة أفضل. "مسائل أبي داود" (1624) 1378 - إيقاد النار في موضع يرونه: قال صالح: وسمعته يسأل عن معنى "لا تراءى ناراهما" (¬2). فقال: لا تنزل من المشركين في موضع إذا أوقدت رأوا فيه نارك، وإذا أوقدوا رأيت فيه نارهم، ولكن تباعد عنهم. "مسائل صالح" (1154) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 394، والبخاري (2992)، ومسلم (2704) من حديث أبي موسى الأشعري. (¬2) رواه أبو داود (2645)، والترمذي (1604) عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد اللَّه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث سرية إلى خثعم فاعتصم ناس منهم بالسجود فأسرع فيهم القتل فبلغ ذلك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأمر لهم بنصف العقل، وقال: "أنا بريء من كل مسلم؟ ؟ ؛ بين أظهر المشركين" قالوا: يا رسول اللَّه، ولم؟ قال "لا تراءى ناراهما". =

فصل ما يجوز فعله عند الغزو، وما يجوز من النكاية بالعدو

فصل ما يجوز فعله عند الغزو، وما يجوز من النكاية بالعدو 1379 - الدعوة إلى البراز ومعاونة بعضهم البعض قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا بارز الرجل الرجل فرأى المسلم من صاحبه ضعفا يعينه؟ قال: لم لا يعينه، أليس أعانوا يوم بدر بعضهم بعضًا؟ ! فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2755) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: إذ بارز المسلم المشرك فرأى ضعفًا من صاحبه أيعينه؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (1627) ¬

_ = قال أبو داود: رواه هشيم ومعمر وخالد الوسطي وجماعة لم يذكروا جريرًا اهـ. وقال الترمذي: حدثنا هناء، حدثنا عبدة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم مثل حديث أبي معاوية -أي الموصل السابق تخريجه عنده. ولم يُذْكَرْ فيه: عن جرير. وهذا أصح. . . وأكثر أصحاب إسماعيل قالوا: عن إسماعيل عن قيس بن أبي حازم: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث سرية. ولم يذكروا فيه: عن جرير. ورواه حماد بن سلمة، عن الحجاج بن أرطأة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن جرير مثل حديث أبي معاوية. وسمعت محمدًا يقول: الصحيح حديث قيس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسل. اهـ. قلت: ورواه النسائي أيضًا عن قيس مرسلًا "السنن" 8/ 36. وأطال الكلام عليه الألباني في "الإرواء" (1207) وصححه موصولًا فيه، وفي "صحيح أبي داود" (2377).

1380 - من يجوز قتله من العدو

نقل الميموني، وابن مشيش في الرجل يعرف نفسه بالجلد: يدعو إلى البراز. "الأحكام السلطانية" ص 42 1380 - من يجوز قتله من العدو قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الصبي إذا قاتل يقتل؟ قال: نعم. قلت: هو يرمي بالحجارة من الحصن؟ قال: يقتل. قال أبو داود: قلت لأحمد: الأعمى يقتل؟ قال: كل من يقاتل فإنه يقتل. "مسائل أبي داود" (1521) قال أبو داود: قلت لأحمد: نمر بالراهب ندعه أو نأخذه معنا؟ قال: بل يترك وما تخلى له. قلت فيترك بغير جزية؟ قال: لا يعرض له إلا أن يخافوا أن يدل عليهم. قلت: فإن خافوا أن يدل عليهم؟ قال: يأخذوه معهم. "مسائل أبي داود" (1620) قال ابن هانئ: وسئل أبو عبد اللَّه عن: الراهب إذا خافوا عليه أن يدلهم على المسلمين يقتل؟ قال: لا يقتل، فلا أدري ما يدلهم عليه وما علمهم أن يدلهم، نهي عن

1381 - إذا تترس العدو بمسلمين أو بمن لا يجوز قتلهم

قتل الراهب (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1681) نقل أبو طالب في المريض: لا يخليه ولا يقتله. "الإنصاف" 10/ 79 [قال عصمة بن عصام: سمعت أبا عبد اللَّه قال: لا تقتل النساء في دار الحرب، إلا من قاتل منهن، فإذا قاتلن وحاربن؛ قوتلن، ولا يقتلن صبرًا، يستأنى بهن. "طبقات الحنابلة" 2/ 176] (*) 1381 - إذا تترس العدو بمسلمين أو بمن لا يجوز قتلهم قال ابن هانئ: سألته عن الحصن من حصون الروم ينزل عليهم المسلمون، ومع الروم أسارى من المسلمين، فيقول لهم المشركون: إن ارتحلتم عنا، وإلا قتلنا المسلمين الذين معنا، فأيش ترى، يرتحلون عنهم، أو يحاصرونهم في الحصن؟ قال أبو عبد اللَّه: يرتحلون عنهم، ولا أرى أن يدخلوا عليهم؛ لأن معهم مسلمين لا آمن إن لم يرتحلوا عنهم أن يقتلوا المسلمين. "مسائل ابن هانئ" (1616) نقل عنه بكر بن محمد عن أبيه في القوم يحاصرون فيقفون بأولاد المسلمين، ينصبونهم أمامهم: فأحب إلي أن لا يعرض لهم إلا أن يخافوا أن يخرجوا عليهم، ويكون تركهم ضررًا للمسلمين فيرميهم. "الأحكام السلطانية" ص 43 نقل المروذي: لا يقتل معتوه، مثله لا يقاتل، فإن تترسوا بهم رميناهم بقصد المقاتلة، وإن تترسوا بمسلمين رميناهم بقصد الكفار إن حيف علينا فقط. "الفروع" 6/ 211، "الإنصاف" 10/ 73 ¬

_ (¬1) رواه الإمام مالك ص 277، وعبد الرزاق 5/ 199 (9375)، وابن أبي شيبة 6/ 487 (33117). (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: أضفنا المسألة هنا من ملحق التصويبات بآخر الكتاب

1382 - لو قتل ما نهي عن قتله

1382 - لو قتل ما نهي عن قتله نقل عنه الميموني: لا كفارة ولا دية في قتله. "الفروع" 6/ 217 1383 - حكم قتل المشرك صبًرا والتمثيل به قال إسحاق بن منصور: قلت: تكره قتل المشرك صبرًا (¬1)؟ قال: إلا إذا كان في ذلك تهييب للعدو. فقال إسحاق: أما الصبر على وجه المثلة (¬2)، فلا. "مسائل الكوسج" (2739) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يكون أمير السرية، فيأخذ الرومي فيقطع رأسه ويرمي به في المنجنيق إليهم؟ قال: لا يفعل، ولا يحرقه. "مسائل ابن هانئ" (1680) 1384 - حكم الرمي بالمنجنيق والنيران قال أبو داود: قلت: في البحر يرمون بالنيران؟ قال: إن بدءوهم فلا بأس. قلت: فيرمون في المجانيق بالنيران؟ قال: إن كانوا هم يبدءون يرمون بالنيران. ¬

_ (¬1) القتل صبرًا: هو الحبس مع منع الطعام والشراب حتى الموت. (¬2) المثلة: أصله تقطيع جسد الميت.

1385 - التدخين على من ليس من أهل الحرب النساء والأطفال

قلت: هم يرمون بالحجارة فنرميهم بالنار؟ قال: لا يعجبني. قلت: فأمد معهم فيه -أعني في المنجنيق- إذا رموا بالنار؟ قال: لا يعجبني. قلتُ: رمي المجانيق؟ قال: لا بأس به. "مسائل أبي داود" (1518) 1385 - التدخين على من ليس من أهل الحرب النساء والأطفال قال أبو داود: قلت لأحمد: المطمورةُ فيها النساء والصبيان يتقدم إليهم ونسألهم الخروج فيأبون، ندخن عليهم؟ فكرهه ولم يصرح بالنهي. "مسائل أبي داود" (1517) 1386 - تحريق الزرع والنخيل قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكره التحريقَ بأرضِ العدو؟ قال: قد يكونُ في مواضع لا يجدونَ منه بدّا، فأمَّا بالعبثِ فلا يحرق. فقال إسحاق: التحريق سنة إذا كان ذَلِكَ إنكاءً فيه. "مسائل الكوسج" (2740) قال صالح: وقال: تحريق النخل، قد قطع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نخل بني

النضير (¬1)، وحرق. "مسائل صالح" (923) قال صالح: قلت: الزرع يحرق؟ قال: لا يحرق؛ لأنه مضرة عليهم وعلى المسلمين؛ لأنه تجيء السرية فلا يصيبون علفًا. "مسائل صالح" (941) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن القبور تكون في بلاد المشركين -من قبور المسلمين- فينبشونها ويصلبونهم، فترى للمسلمين إذا دخلوا بلادهم أن يقطعوا شجرهم ويحرقوا عليهم كل ما أصابوا كي يضروا بهم، ويحرقوا نخلهم، ويعرقبوا دوابهم، كي ينتهوا عما يفعلون؟ قال: ينكو فيهم شديدًا، حتى لا يعودوا أن ينبشوا أيضا. "مسائل ابن هانئ" (1697) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل والرجلين يصابون في القرية قد قتلوهم وشقوا بطونهم، فينكمش الناس في حرق بيوتهم وزروعهم وقطع أشجارهم، وهل يجوز أن يفعل ذلك بمن فعل بأصحابنا مثل فعل أولئك؟ قال أبو عبد اللَّه: تحرق زروعهم، وينكى فيهم فلعلهم أن ينتهوا. "مسائل ابن هانئ" (1698) قال عبد الكريم بن الهيثم: وسمعت أحمد يقول في الكفار: إذا أحرقوا غلتنا فعلنا بهم ذلك؛ لأنهم يكافئون على أفعالهم، وإلا فلا تحرق بيوتهم، ولا يقطع شجرهم، وكذا في حديث أبي بكر الصديق ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 7، والبخاري (2326)، ومسلم (1746) من حديث ابن عمر.

1387 - هدم الدور وتحريقها

-رضي اللَّه عنه-: ولا تحرق نخلًا (¬1). وذلك أنه إذا قطع الشجر وحرق لم يجدوا في الموضع الذي أحرق ما يأكلون، ففيه مضرة؛ فلهذا كره. "طبقات الحنابلة" 2/ 101 1387 - هدم الدور وتحريقها قال أبو داود: قلت لأحمد: ينزل القرية فيحتاجُ إلى حطب فيهدم دورهم؟ قال: إذا كان ضرورة فلا بأس، فأما أن يخرج من غير حاجة إلى العامر فيخربه فلا. "مسائل أبي داود" (1575) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: لا بأس بالحريق في بلاد الروم إذا أخذوا المضيق أو فعلوا هم بالمسلمين. "مسائل أبي داود" (1576) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: الحرق في بلاد الروم إذا أحرقوا هم -يعني في المسلمين- فلا بأس أن ينكلوا. فذكرت له حرق الروم بزبطرة، فرأى أن لا يديموا عليهم بالحريق تنكيلًا لذلك. قال أحمد: أبو بكر حين أمر أن يحرقوا كانوا قد أحرقوا. "مسائل أبي داود" (1577) قال ابن هانئ: قيل له: فالتحريق؟ ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 277، وعبد الرزاق 5/ 199 (9375)، وابن أبي شيبة 6/ 487 (33111)، والبيهقي 9/ 89.

1388 - نبش قبور العدو

قال: إذا هم حرقوا فليحرق عليهم، وأذهب إلى حديث أبي بكر الصديق رحمة اللَّه عليه، وحديث أسامة: أمرني النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن أغير على أُبنى (¬1)، وقال أبو بكر: لا تحرق نخلًا. "مسائل ابن هانئ" (1675) نقل المروذي عنه: إن فعلوا بنا فعلنا بهم، وقال: لا أذهب إليه إلا إذا هم فعلوا بنا ذلك. ونقل الأثرم عنه: أكرهه، إلا أن يكون ذلك يغيظهم ويبلغ منهم. قال الميموني: سئل أبو عبد اللَّه: أيما أكثر، يحرق في بلاد الروم، أو لا يحرق؟ قال: التحريق أكثر وأثبت. "الأحكام السلطانية" ص 50 1388 - نبش قبور العدو قال عبد اللَّه: قلت لأبي: كنت عند سويد بن سعيد في قرية يقال لها: الحديثة، فوق الأنبار، فزعم أهل التسوية أنه كان في جبلهم مجوس منذ زمان كسرى، إذا مات المجوسي حفروا له في الجبل بيتًا وصفه، ونحو ذلك، وألقوه فيها، وألقوا ما كان معه من ذهب أو فضة أو جوهر، حتى جاءهم معلم من بغداد فزعم أنه سلب المجوس ذلك الجوهر والحلية والذهب، فلما علم به السلطان طلبه فهرب. قلت لأبي: ما يقول فيه؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 205، وأبو داود (2616)، وابن ماجه (2843). ضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (451).

1389 - قتل الخنزير وإفساد الخمر

قال: هو عندي بمنزلة الكنز لا بأس به. وقد كان عبد الرحمن بن غنم يكره نبش القبور بالشام؛ وذلك أن معاذ بن جبل حدثه أنها قبور الأنبياء، فإنما كره عبد الرحمن ذلك من أجل هذا، وأما المجوس فلا بأس، إنما هو بمنزلة الكنز. "مسائل عبد اللَّه" (942) 1389 - قتل الخنزير وإفساد الخمر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ عن قتلِ الخنازير، وإفساد الخمر، وكسرِ الصليبِ؟ قال: أكره قتلَ البهائمِ، فأَمَّا الخمرُ والصليب فأفسدْ إنْ شئتَ. قال الإمام أحمد: قتل اللَّه تعالى كل خنزير. قال إسحاق كما قال أحمد: يفعل هذا كله. "مسائل الكوسج" (2767) قال أبو داود: قلت لأحمد: نصيب الخمر في بلاد الروم نكسر الدنان أو نهريقه؟ قال: أهرقه. "مسائل أبي داود" (1574) ونقل عنه أبو طالب: إذا أسلم وله خمر أو خنازير: تصب الخمر وتسرح الخنازير، قد حرما عليه، وإن قتلها فلا بأس. "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 244

1390 - تخريب الكنائس

1390 - تخريب الكنائس قال صالح: وقال: تخريب الكنائس وما أشبهها ما أدري ما هو؟ ! "مسائل صالح" (922) 1391 - إلقاء الشمِّ في أنهارهم قال ابن هانئ: وسئل عن السم يلقى في أنهار العدو؟ قال: لا يعجبني أن يلقى فيه شيء من السم، لعله أن يشرب منه مسلم فيموت. "مسائل ابن هانئ" (1699) 1392 - مواراة قتلى الكفار قال أبو داود: قلت لأحمد: نمر بالقتلى -أعني في الروم- قد جردوا فينبغي أن نلقي عليهم شيئًا ونحن نعلم أنهم يجردون ويسلبون؟ قال: ينبغي أن تواروهم. قلت: لا يمكنا؛ العدو في أثرنا. قال: فلا شيء عليكم في هذا إذًا. "مسائل أبي داود" (1611)

باب ما يباح في الحرب وما يكره

باب ما يباح في الحرب وما يكره 1393 - التجارة في الغزو قال أبو داود: قلت لأحمد في التجارة في الغزو. فرخص فيه ورخص في الرجل يعمل في الغزو في سياقة الغنم، قال: لم يزل أهل الشام يفعلون هذا. "مسائل أبي داود" (1606) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الرجل يعمل في الغزو بكرى؟ فقال: أرجو، ولكن ليس كمن لا يشوب غزوه بشيء من هذا. "مسائل أبي داود" (1607) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يبيع من العدو شيئًا؟ قال: لا يباع ممن يتقوى على المسلمين. "مسائل ابن هانئ" (1614) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن المشرك يغير على المشرك، أيشترى منه؟ قال: نعم يشترى منه. "مسائل ابن هانئ" (1687) قال أحمد بن عثمان: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل قلت: أبيع للجند؟ فتبسم وقال: الدرهم أين ضرب؟ أليس في دراهم! . "طبقات الحنابلة" 1/ 125

1394 - لبس العصائب والحرير في الحرب

1394 - لبس العصائب والحرير في الحرب نقل حنبل عنه: والعصائب في الحرب تستحب؛ لقوله تعالى: {مُسَوِّمِينَ} [آل عمران: 125] وذلك لما روى عبيد اللَّه بن عون، عن عمير ابن إسحاق أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال يوم بدر: "تسوموا فإن الملائكة قد تسومت" (¬1). "الأحكام السلطانية " ص 41 قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن لبس الحرير في الحرب؟ فقال: أرجو ألا يكون به بأس. "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 137 نقل حنبل عنه: يستحب ألوية بيض والعصائب في الحرب؛ لأن الملائكة إذا نزلت بالنصر نزلت مسومة بها. "الفروع" 6/ 206 1395 - حمل المصحف في الغزو نقل عنه إبراهيم بن الحارث: لا يجوز للرجل أن يغزو ومعه مصحف، وقيل: إلا مع غلبة السلام. "الفروع" 1/ 996 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 440 (32712). وابن جرير في "تفسيره" 3/ 427 (7775) عن عمير بن إسحاق.

1396 - ضابط الفرار من المعركة من قلة

1396 - ضابط الفرار من المعركة من قلة قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: يحمل الرجل على مائة؟ قال: إذا كان مع فرسان. "مسائل أبي داود" (1613) نقل أبو طالب أنه سئل عن الفرار من الزحف، فقال: لا يفر رجل من رجلين، فإن كانوا ثلاثة فلا بأس. "زاد المسير" 3/ 332 1397 - من مات فرسه في الغزو، هل يلزم من معه حمله معهم؟ نقل عنه محمد بن يحيى فيمن مات فرسه في غزاة: لم يلزم من معه فضل حمله. ونقل أبو طالب: يذكر الناس فإن حملوه، وإلا مضى معهم. "الفروع" 6/ 13

باب حكم أموال الكفار وأمتعتهم

باب حكم أموال الكفار وأمتعتهم أولًا: الغنيمة حكم تصرفات الإمام في الغنيمة قبل أن تقسم قال أبو داود: قلت لأحمد: الإمام ينادي: من أراد السلامة والغنيمة فليخرج -يعني: في السرية- ولكم الثلث أو الربع بعد الخمس، ترى الخروج فيها؟ قال: لا بأس، هذا يحرضهم على القتال. "مسائل أبي داود" (1522) قال أبو داود: قلت: إذا أباح الخُرْثِيُّ للناس، فقال: من أخذ شيئًا فهو له؟ قال: لا يفعل هذا، إذا ينهب الناس. "مسائل أبي داود" (1523) قال أبو داود: قلت لأحمد: الإمام يخرج السرية وقد نفلهم جميعًا، فلما كان يوم المغار وأغار نادى: من جاء بعشر رؤوسٍ فله رأس، ومن جاء بكذا فله كذا، فيذهبُ الناسُ فيطلبون، فما ترى في هذا النفلِ؟ قال: لا بأس به إذا كان يحرضهم بذلك، ما لم يستغرق الثلث. غير مرة سمعته يقول: لا بأس به ما لم يستغرق الثلث. قلت: فلا بأس به في الشيء أو الواحد؟ قال: نعم ما لم يستغرق الثلث.

قلت: أغار على قرية فنزل فيها والسبي والدواب والخُرْثِيُّ معهم في القرية (¬1). "مسائل أبي داود" (1524) قال أبو داود: قلت لأحمد مرة: يمنع الناس من جمعه الكسل لا يخافون عليه عدوًا، فيقول الإمام: من جاء بعشرة أثواب فله ثوب، ومن جاء بعشر رءوسٍ لهُ رأس، فيجمعونها بغير سلاحٍ؟ فرخص فيه. وقال مرة: أرجو أن لا يكون به بأس، إذا كان يريد به جمع الغنيمة. "مسائل أبي داود" (1525) قال أبو داود: قلت: قال الإمام: من جاء بعلج فله كذا وكذا، فجاء بعلج فقتل (¬2)، أيطيب له ما يعطى؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1526) قال أبو داود: قلت: إذا قال: من رجع إلى الساقة فله دينار، والرجل يعمل في سياقة الغنم؟ قال: لم يزل أهل الشام يفعلون هذا، وقد يكون في رجوعهم إلى الساقة، وسياقهم الغنم منفعةٌ. "مسائل أبي داود" (1527) قال أبو داود: قلت: قال -أعني: الإمام: من جاء بعدل دقيقٍ من دقيق الروم فلهُ دينارٌ يريدهُ لطعام السبي، ما ترى في أخذ الدينار؟ فلم ير به بأسًا. "مسائل أبي داود" (1528) ¬

_ (¬1) في هامش المطبوع: كذا المسألة في الأصول. (¬2) في هامش المطبوع: "في ل وم: (فقيل) مكان (فقتل) وهو أشبه".

قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن أمير الجيش يبعث بالسرية فيقول: من جاء بشيء فله نفله، فيصيب بعض أهل السرية وبعض لا يصيب شيئًا، فهل يجوز هذا؟ وما الحجة فيه؟ قال أحمد: للإمام أن يفضل من شاء على حديث حبيب بن مسلمة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان ينفل إذا قفل في الغزو الربع بعد الخمس، وينفل إذا قفل الثلث بعد الخمس. "مسائل ابن هانئ" (1621) قال ابن هانئ: وسئل عن النفل صبيحة المغار؟ فقيل: الخيل تصبح المغار، فيصيب بعضهم غنيمة، وبعض لا يأتي بشيء، هل يجوز للأمير أن يخص هؤلاء بشيء من النفل دون هؤلاء الذين لم يصيبوا شيئًا؟ قال: نعم، كل ما صنع الأمير من شيء فهو جائز. قلت: حديث سلمة بن الأكوع: نفلني أبو بكر جارية؟ قال: النفل جائز، للإمام أن ينفل ما شاء. "مسائل ابن هانئ" (1624) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الإمام يعطي لرجل شيئًا من المغنم قبل أن يقسم؟ قال: إذا حرَّضهم، فقال: من جاء بكذا فله كذا، ومن جاء بكذا فله كذا، يحرضهم على العدو، فلا بأس أن يعطيه. "مسائل ابن هانئ" (1630) نقل أبو طالب في أمير الجيش إذا أمر لرجل من الركاضة أو طليعة أو ردءا برأس من السبى، هل لهم أن يرجعوا فيما أمر له به إذا لم تطب أنفسهم؟

1398 - النفل من جميع المال، أم من خمس الإمام

قال: لا بأس بذلك، يعني: يدفعه إليه إذا كان أنفع لهم وكان فيه تحريض -يعني: على القتال. ونقل إبراهيم بن الحارث: قد سئل: هل يعطي الأمير من المغنم لقوم دون قوم في بلاد الروم؟ فقال: ينبغي أن يسوي بينهم ولا يخص قوما. "الروايتين والوجهين" 2/ 377 1398 - النفل من جميع المال، أم من خمس الإمام قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نفل إذا فصل بالرُّبعِ بعد الخُمسِ، وإذا قفل الثلث بعد الخمسِ؟ (¬1). قال: يُخرجُ الخُمسُ ثم ينفل مما بقي، ولا يجاوز هذا، يبعثُ الإمامُ سَريَّةً فيقولُ لهم: ما أصبتم فلكم الربعُ أو الثلث بعد الخُمسِ. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2730) قال إسحاق بن منصور: قلت: لا ينفل إلا في خمس الخمس؟ قال: هذا يريد أن النفل من الخمس، وهذا الحديث على ما قال ابن المسيب: النفل من الخمس. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2731) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 160، وأبو داود (2749) وابن ماجه (2853) من حديث حبيب بن مسلمة، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (2455).

قال صالح: وسألته عن: الإمام يبعث السرية، يسمي لها النفل حين يبعثها؟ قال: إذا كان يريد أن يضربها على العدو فلا بأس. وقال: النفل يخرج الخمس ويكون النفل في الباقي. والذي يقول مالك وسعيد بن المسيب: النفل من الخمس (¬1). خلاف ما يروى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نفل الربع بعد الخمس، والثلث بعد الخمس (¬2). ومما يقوي ذلك قول اللَّه تبارك وتعالى في كتابه: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41]، الآية، ويكون أربعة أخماس لمن قاتل، ويكون النفل في الأربعة أخماس. "مسائل صالح" (119) قال صالح: وسألته عن قول ابن عباس: النفل من الخمس (¬3). كأنه من خمس الإمام إذا عزله. قال: النفل يجعل للقوم شيء، فيكون ذلك في الخمس، ولا يكون من الأربعة الأخماس التي لمن قاتل. وهذا شيء يرويه الأوزاعي والناس يخالفونه عن الزهري. وأما حديث حبيب بن مسلمة فإنه قال: شهدت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نفل في بدأته الربع بعد الخمس، وفي رجعته الثلث بعد الخمس، فهذا إنما يكون برفع ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" ص 282، وعبد الرزاق 5/ 192 (9342)، وابن أبي شيبة 6/ 504 (33284). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 165، وأبو داود (2749)، وابن ماجه (2853) من حديث حبيب بن مسلمة، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (2455). (¬3) رواه البيهقي 6/ 312.

الخمس، فيكون لمن سماه اللَّه، ثم يعطى النفل، ثم يكون ما بقي بعد النفل لمن قاتل. وهذا أشبه بمعنى الكتاب؛ لأنه قال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] فجعله لهؤلاء الذين سماهم. "مسائل صالح" (218) قال ابن هانئ: وتعجب أبو عبد اللَّه، من قول سعيد ابن المسيب: لا نفل إلا من الخمس، وقال: مثل سعيد بن المسيب وعلمه كيف ذهب عليه هذا؟ ! وكان مالك يقول أيضًا هكذا. قال أبو عبد اللَّه: لا يخمس السلب، ما سمعنا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خمس السلب وإن كثر. "مسائل ابن هانئ" (1626) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن النفل يكون من جميع الغنيمة، أو من خمس الإمام؟ فقال أبي: يكون النفل بعد الخمس. "مسائل عبد اللَّه" (952) نقل أبو طالب عنه وقد سئل: إذا جمعوا الغنائم هل يعطيهم النفل؟ قال: لا يعطيهم شيئًا حتى يخمس جميع الغنيمة، فإذا خمس جميع الغنيمة أعطاهم النفل. "الأحكام السلطانية" ص 151

1399 - ما يجوز فيه النفل من المال

1399 - ما يجوز فيه النفل من المال قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ قال: لا نفل في أوَّلِ شيء يُصاب مِنَ المغانمِ؟ قال: هذا لا أعرفهُ، النفلُ يكونُ في كلِّ شيءٍ. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2732) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سألتُ الأوزاعي: هل في الفضةِ والذهب نفلٌ؟ قال: لا. قال أحمد: ما أدري. فقال إسحاق: كما قال الأوزاعي. "مسائل الكوسج" (2766) 1400 - المقدار الذي يجوز للإمام التصرف فيه بالنفل قال أبو داود: قلتُ لأحمد: لا يزادُ على الثلث في النفل؟ قال: لا يزادُ في البداءَةِ على الربع، وفي القفل على الثلث. قلت: إذا أباح الخُرْثِيُّ للناس. فقال: من أخذ شيئًا فهو له؟ قال: لا يفعل هذا، إذًا ينهب الناس. "مسائل أبي داود" (1523)

1401 - هل يشترط إذن الإمام لاستحقاق النفل؟

1401 - هل يشترط إذن الإمام لاستحقاق النفل؟ قال ابن هانئ: وسئل عن القوم يكونون في العسكر يسيرون فتعتزل فرقة منهم عن الطريق فيصيبون السبي ثم يأتون به الأمير يطلبون نفله، أللوالي أن يعطيهم نفلهم؟ ولم يكن قال لهم قبل ذلك: من جاء بشيء فله نفله؟ قال أبو عبد اللَّه: له أن ينفل لكل من أراد الثلث والربع، على حديث حبيب بن مسلمة (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1622) قال ابن هانئ: قيل له: الرجل يكون في العسكر، والقربة إلى جنبه، فيصيب الرأس من السبي أو الحربي، فيأتي به الإمام فينفله إياه الإمام؟ قال: أحب أن يكون ينفل الثلث بعد الربع. "مسائل ابن هانئ" (1625) 1402 - الشركة في الغنيمة والنفل قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ [الأوزاعي] عن القومِ يخرجون عن العسكرِ بإذنٍ أو بغير إذنٍ يتعلقونَ فيصيبون غنيمة أو يُصيبها بعضُهم دون بعضٍ، أيكونون شركاء فيما أَصَابوا مِنَ النفلِ؟ قال: مَن أصابَ مِنَ النفلِ شيئًا دون صاحبهِ، أُعطي نفله منه. قال أحمد: السّرايا تردُّ على العسكرِ، والعسكر يردُّ على السرايا. فقال إسحاق: كما قال الأوزاعي: السرايا إنما تُرَدُّ على العسكرِ إذا ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

بعثَ الإمام طليعةً، ثم غنمَ الإمامُ، أو غنمتِ الطليعةُ يردُّ بعضهم على بعضٍ. "مسائل الكوسج" (2777) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ: نادوا في الجبلِ والرحالة بطرسوس فخرجوا إلى الرومِ، فلما تراءى العسكرانِ جميعًا بموضعٍ نادوا في الجبلِ فخرجَتْ سريةٌ، ثم نادوا الغد من خروج السرية في الرحالة: أخرجوا استقبلوا إخوانكم وأنتم شركاء فيما تجيئون به مِنَ الغنائمِ. فخرجوا ثلاثمائة رجلٍ، فاستقبلوا السرية راجعين بالغنائم، وجاءهم العدو، فلما رأوا الرحالة وقفوا، فقالت الرحالة على العدو، فانهزم العدو، فهل للرحالة نصيبٌ في نفل هؤلاء السريةِ أصحاب الجبل أم لا؟ فقال إسحاق: شديدًا؛ لما قَوَّوا. "مسائل الكوسج" (2786) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسُئِلَ عن العسكر يسير، فينزل القوم على الطريق، فيصيبون السبي، ثم يأتون به العسكر يطلبون نفله، هل للوالي أن يعطيهم ولم يكن قال لهم قبل ذلك: من جاء بشيء فله نفله؟ قال أبو عبد اللَّه: هؤلاء شركاء الذين حفظوا عليهم العدو، وللإمام بعد ذلك إن شاء أن ينفل؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نفل في البداءة الربع بعد الخمس والثلث بعد الخمس (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1631) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 160، وأبو داود (2749)، وابن ماجه (2853) من حديث حبيب بن مسلمة وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (2455).

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن القوم يكونون في حصن أو رباط، فيخرج منهم قوم إلى قتلاهم ليدفنوهم، فيصيبون دوابًا وسلاحًا، لمن يكون؟ قال: يكون بين أهل الرّبَاط وأهل الحصن من القرية. "مسائل ابن هانئ" (1654) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الدابة تخرج من بلاد العدو، أو تنفلت فتدخل القرية، لمن تكون؟ قال: تكون لأهل القرية. "مسائل ابن هانئ" (1655) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن القوم من العدو يضلون عن الطريق فيدخلون القرية من قرى المسلمين فيأخذونهم، لمن يكونون؟ قال: أرى أن يتقاسموهم بين أهل القرية. "مسائل ابن هانئ" (1656) قال ابن هانئ: وسئل عن القوم يغزون فيصيبون مغنما قليلًا، وأهل السرية كثر؟ قال: يتواسون بينهم. "مسائل ابن هانئ" (1659) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن السرية إذا خرجت ونفلهم الأمير الثلث أو الربع، فجاء قوم بشيء وخرثي، وآخرون لم يجيئوا بشيء، فيكونون فيه شركاء، أو إنما النفل لمن جاء بالشيء؟ قال: إذا بعثهم جميعًا قسمه بينهم جميعًا؛ لأن الذين جاءوا بالمتاع إنما جاءوا بقوة الآخرين. "مسائل عبد اللَّه" (951)

هل يخمس السلب؟

هل يخمس السلب؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل يخمس السَّلَب؟ قال: لا. قيل: وإذا كثرَ؟ قال: وإن كثر، ما سمعنا أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- خمس السَّلَبَ، وقد قال: "مَنْ قتلَ قتيلًا فله سَلط" (¬1). قُلْتُ: وإن لم يعطه الإمام؟ قال: كَأَنَه يقولُ: هو له. فقال إسحاق: ذاك إلى الإمامِ إذا استكثرَ فله أنْ يفعلَ ما فعلَ عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-، وهذا معنى حديثِ عوف (¬2). "مسائل الكوسج" (2756) قال ابن هانئ: وتعجب أبو عبد اللَّه، من قول سعيد ابن المسيب: لا نفل إلا من الخمس، وقال: مثل سعيد بن المسيب وعلمه كيف ذهب عليه هذا؟ ! وكان مالك يقول أيضًا هكذا. قال أبو عبد اللَّه: لا يخمس السلب، ما سمعنا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خمس السلب وإن كثر. "مسائل ابن هانئ" (1626) ¬

_ (¬1) أخرجه عن أنس بن مالك الإمام أحمد 3/ 114، والبزار كما في "كشف الأستار" 1835. وأخرجه عن أبي قتادة الإمام أحمد 5/ 306، والبخاري (3142)، ومسلم (1751). وأخرجه عن سلمة بن الأكوع أحمد 4/ 45 وابن ماجه (2836). (¬2) راوه الإمام أحمد 6/ 26، ومسلم (1753).

1403 - ما للقاتل سلبه

1403 - ما للقاتل سلبه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ [الأوزاعي] عن رجلٍ بارزَ علجًا، ومِقْوَدُ فَرسِ العِلجِ بيده، فقتله الرجل، هل ينفل فرسه؟ قال: لا. قُلْتُ: فإن كان العلج على فرسه، هل ينفله؟ قال: نعم. قال أحمد: جيدٌ. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2782) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل بارز علجًا بيده فقتله، هل ينفل فرسه؟ قال: لا ينفل. قيل له: فإن كان العلج على فرسه هل ينفله؟ قال أبو عبد اللَّه: نعم ينفله. "مسائل ابن هانئ" (1623) قال ابن هانئ: قيل له: فالفرس من السلب؟ قال: لا. قيل له: قد كان ابن عباس يقول: قد كان الرجل ينفل فرس الرجل (¬1). قال: لا نرى هذا في النفل، ألا ترى إلى قول عمر: كنا لا نخمس السلب (¬2). ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" ص 282، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 230 (5203) بنحوه. (¬2) رواه عبد الرزاق 5/ 233 (9468)، وسعيد بن منصور 2/ 263 (2708)، وابن أبي شيبة 6/ 482 (33078 - 33079)، والبيهقي 6/ 310.

1404 - ما جاء في شروط استحقاق القاتل السلب

قيل له: حديث أبي قتادة: بارزت رجلًا (¬1)، وحديث شبر بن علقمة: بارزت رجلًا (¬2)؟ فقال: إنما هذا في المبارزة. "مسائل ابن هانئ" (1629) 1404 - ما جاء في شروط استحقاق القاتل السلب قال أبو داود: قلت لأحمد في القوم يدخلون المغار وفيه أعلاج فيركبون يفرون يلحق الرجل العلج فيقتله: أله سلبه؟ قال: إنما سمعنا له سلبه في المبارزة. قلت: وإذا التقى الزحفان؟ قال: وإذا التقى الزحفان. "مسائل أبي داود" (1545) قال ابن هانئ: وسئل أبو عبد اللَّه عن سلب المقتول؟ لْقال: ذاك عند المبارزة، فأما عند الزحام فلا يعجبني أن يأخذ سلب أحد. "مسائل ابن هانئ" (1628) قال في رواية حرب: له السلب إذا أنفرد بقتله. "المغني" 13/ 68 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 306، والبخاري (3142)، ومسلم (1751). (¬2) رواه عبد الرزاق 5/ 235 (9473)، وسعيد بن منصور 2/ 258 (2692)، وابن أبي شيبة 6/ 482 (33077)، والبيهقي 6/ 311.

1405 - حكم انتفاع الغانمين بالغنيمة قبل أن تقسم، وما يجوز الانتفاع به من غير قسم

1405 - حكم انتفاع الغانمين بالغنيمة قبل أن تقسم، وما يجوز الانتفاع به من غير قسم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الطعام يُحملُ مِنْ أرضِ العدو؟ قال: أعجب إليَّ أنْ يُنظر إلى قيمتهِ فيلقيه في المغنمِ، وأهلُ الشامِ يرخصون. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2727) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ [الأوزاعي] عن رجلٍ نزلَ على أميرِ حصن، فأُهديتْ إليه هديةٌ هل يأكلُ الذي نزلَ عليه؟ فكره ذَلِكَ. قال أحمد: ليس به بأسٌ. فقال إسحاق: كما قال أحمد، إذا كان الأميرُ الذي أُهدي إليه أذنَ له في أكلِه. "مسائل الكوسج" (2774) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ [الأوزاعي] عن الرجلِ يَشتري الطعامَ والعلف يصاب في أرضِ العدو إذا اضطُرَّ إليه، كيف يصنعُ بثمنِه؟ قال: إذا كان اشْتَراه وقد قُسمتِ المقاسم يتصدقُ بثمنِهِ على المساكين عن ذَلِكَ الجيشِ، وإذا كانتْ لم تقسمْ أَدَّاه إلى صاحبِ المقسم. قال أحمد: جيدٌ. فقال إسحاق: كما قَالَا سواء. "مسائل الكوسج" (2776) قال أبو داود: سألتُ أحمد بن حنبل قلت: إذا قال الإمام: من كان عنده من دقيق الروم فليأت به للسبي؟

قال: ينبغي لهم أن يأتوا به، ينبغي لهم أن ينتهوا إلى ما يأمرهم. "مسائل أبي داود" (1546) قال أبو داود: قلت لأحمد: يشتري الرجل السبي في بلاد الروم يطعمهم من طعام الروم؟ قال: نعم، يطعمهم. "مسائل أبي داود" (1547) قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يموت في بلاد الروم ومعه شيءٌ من طعامهم -أعني: من طعام الروم- مما أخذه من بيوتهم، قلت: يأكله رفقاؤه؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1548) قال أبو داود: قلت لأحمد: الزيت -أعني: من زيت الروم- يدهن به في بلاد الروم؟ قال: إذا كان من صداع أو ضرورة إليه -يعني: فلا بأس- فأما للتزين فلا يعجبني. "مسائل أبي داود" (1549) قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يضطر وليس عندهُ علفٌ فيشتري شعيرًا روميًّا عن رجل في السر، ثم يرفعه إلى المقسم؟ قال: لا. كررته عليه غير مرة، وقلت: إنه إذا رفعه -أعني إلى صاحب المقسم- يأخذه منه -أعني: ثمنه؟ قال: لا، أليس هو الذي حمله على البيع؟ ! وكره أن يشتريه وأبى أن يرخص فيه. "مسائل أبي داود" (1551)

قال أبو داود: قلت لأحمد: ما أصاب في بلاد الروم مما ليس له هناك قيمة؟ قال: لا بأس بأخذه. قيل له: إن به بطرسوس قيمة؟ قال: هذا قد حمله، وعني به. أي: هو له. "مسائل أبي داود" (1552) قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يمر بالجلد -أعني: من جلود الغنم- في بلاد الروم قد طرح وبدابته دبر فيأخذ من صوفه فيجعله عليه؟ قال: هذا ليس له ثم قيمة، وما ليس له قيمة فلا بأس بأخذه. "مسائل أبي داود" (1553) قال أبو داود: قلت لأحمد بن حنبل: من مرَّ بحائط، أعني: يأكل منه؟ قال: إذا كان محيطًا فلا يدخله، وإن لم يكن عليه حائط فهو أسهلُ. "مسائل أبي داود" (1555) قال أبو داود: قلت لأحمد: قبرس يحمل الرجل منها الحجر -أعني: حجر المسن والكير؟ فرخص في ذلك. "مسائل أبي داود" (1572) قال أبو داود: قلت: يحمل الملح من ساحل قبرس ليأكله فيفضل معه منه؟ فرخص في أخذه -يعني: يأتي به منزله. "مسائل أبي داود" (1573) قال أبو داود: قلت لأحمد: قد قوموا الجلود -أعني: أصحاب المقاسم- شيئًا معلومًا: الماعز بكذا والخرفان بكذا، فيأخذ الرجل -أعني الجلد- يحتاج إليه بذلك القيمة ولا يأتي به المقسم؟ فرخص فيه. "مسائل أبي داود" (1602)

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: هل يغار على علافة المشركين؟ قال: نعم يغار عليهم. "مسائل ابن هانئ" (1613) قال ابن هانئ: سئل عن الرجل يحتاج إلى الدابة من دواب السبي يركبها؟ قال: نعم، ولا يعجفها. "مسائل ابن هانئ" (1660) قال ابن هانئ: قيل له: يأخذ السيف، ويلبس الثياب؟ قال: نعم. واحتج بحديث ابن مسعود: أنه أخذ سيف أبي جهل فضربه به (¬1) فهذا قد عمل به في ذلك الوقت. "مسائل ابن هانئ" (1661) قال ابن هانئ: وسئل عن الثياب يحتاج إليها صاحبها وهو عريان؟ قال: يلبس من ثيابهم، فإذا بلغ المقسم طرحها في المقسم. "مسائل ابن هانئ" (1662) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يسقط فيأخذ قضيبًا من شجر الجبل مما غرسه الروم فيعمل منه مقرعة، أله أن يدخلها المدينة؛ وإن هو جاء بها إلى المقسم فمثلها لا يباع؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 304 وأبو داود (2709) من طريق أبي إسحاق السبيعي عن أبي عُبيدة عن أبيه عبد اللَّه بن مسعود. قال المنذري في "المختصر" 4/ 38 (2594): وأخرجه النسائي مختصرًا، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (2427): قلت: حديث صحيح، وروى بعضه البخاري وأبو عوانة.

قال أبو عبد اللَّه: أرى أن تطرح في المقسم. "مسائل ابن هانئ" (1663) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يفضل معه الخبز واللحم إلى منزله، فينظر كيف يباع في السوق، فيلقي ثمنه في المقسم، أيكره ذلك؟ قال: أرجو أن لا يضيق على الناس، قدر هذا يأكله ولا يطرح ثمنه في المقسم. "مسائل ابن هانئ" (1664) قال ابن هانئ: سئل عن القدور، توجد في بلاد الروم خزف مثلها إن جيء به إلى المقسم لم يبيعوه غاليًا ولا رخيصًا، وبالرجل إليها حاجة يطبخ فيها وهم منتفعون، أله أن يكسرها، فإن لم يكسرها يلقي ثمنها في المقسم؟ قال أبو عبد اللَّه: إن لم يلق ثمنها في المقسم لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (1665) قال ابن هانئ: وسئل: هل يفرق بين أكل العسل واللحم والجبن وغيره من المأكولات، والفلفل والكزبرة؟ قال أبو عبد اللَّه: يأكل ما أراد، وما يقويه عليهم، ويحمل معه بقدر ما يبلغه البلاد من الطعام. "مسائل ابن هانئ" (1666) قال ابن هانئ: وسئل عن القشار والكندر وليس مما يكون في بلاد الروم، وإنما يحمل إليهم من بلاد الإسلام؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا جاوزوا به إليهم، وصار في حرزهم، وأخذوا منه الشيء الذي له ثمن مما لا يكون ببلاد الروم، فنه ينتفع منه بما ينتفع، وما فضل معهم منه يخرج في المقسم. "مسائل ابن هانئ" (1667)

قال ابن هانئ: وسئل عن السبي يشتريه المسلمون من المقسم، فيطعمونه في بلاد الروم من جميع ما يأكلون، فهل بين أكله وبين أكل رقيقة فرق، وقد علم أصحاب المقسم والمسلمون أن كل من اشترى شيئا إنما يأكل من بلاد الروم مما في أيديهم من متاعهم؟ قال أبو عبد اللَّه: يطعمهم، حتى إذا صار إلى مأمنه وأصاب شيئًا يشتريه، لم يأخذ من ذلك الطعام شيئًا إلا أن يضطر إليه. "مسائل ابن هانئ" (1668) قال ابن هانئ: وسئل عن جلود الضأن والماعز فمن احتاج إلى جلد ضان أخذه ولم يجئ إلى المقسم فيشتريه، وقيمته عندهم دانقين، ومن أخذ جلد ماعز فقيمته نصف درهم، يلقيه في المقسم، من احتاج إلى جزة صوف فأخذها أن عليه دانقين، فأيش تقول في هذا؟ قال أبو عبد اللَّه: أعجب إلي أن يقوم بطرسوس بقيمته ما يسوى، فيلقيه في المقسم. "مسائل ابن هانئ" (1669) قال ابن هانئ: سئل عن الرجل تنفق فرسه في السرية أو تعجف، أله إن أصاب من دواب الروم دابة أن يركبها إلى العسكر، هل يجوز إذن الأمير له أم لا؟ قال أبو عبد اللَّه: يركبها. "مسائل ابن هانئ" (1670) قال ابن هانئ: وسئل عن القوم ينظرون إلى كلاب الروم تصلح للمزارع فيخرجونها معهم، هل يجوز لهم إخراجها؟ قال أبو عبد اللَّه: ليس للكلاب عندي قيمة. "مسائل ابن هانئ" (1671)

قال ابن هانئ: وسئل عن الباز يباع في المقسم، هل يجوز بيعه وفي أهل الثغر من يكرهه؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا كان متعلمًا ألقى ثمنه في المقسم، وإن كان غير متعلم فلا أدري. "مسائل ابن هانئ" (1672) قال ابن هانئ: وسئل عن القوم يخرجون من أرض العدو بغلمان، وقوم يخرجون بعلف، فيحتاج الذين معهم الغلمان إلى العلف فيبيعونهم من الغلمان، ويشترون منهم العلف؟ قال: لا يبيعونهم حتى يقسم، ولكن يتواسون بالعلف. "مسائل ابن هانئ" (1673) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يدخل إلى بلاد الروم، فيذبح العشر دجاجات، وأقل وأكثر؟ قال: إذا لم يكن فساد فلا بأس. قيل: إنه فساد عليهم هم. فسكت. "مسائل ابن هانئ" (1674) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل تنفق فرسه فيأخذ دابة من المغنم فيركبها ويقاتل عليها؟ قال: لا يأخذ الدابة، ولكن إن أخذ السيف فلا بأس به، وكل شيء من السلاح فلا بأس به أن يأخذه فيقاتل به. "مسائل ابن هانئ" (1676) قال ابن هانئ: وسئل عن القوم يغزون فيدخلون بلاد العدو فيرون قدورًا منصوبة مطبوخة، أيأكلون منها؟

قال: لا يأكلون منها شيئًا، وإن كانت قدورهم غير مطبوخ فيها واحتاجوا أن يطبخوا فيها فيغسلونها ويطبخون فيها. "مسائل ابن هانئ" (1677) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يأكل العسل في بلاد الروم؟ قال: نعم، يأكل ما وجد من شيء من الطعام ولا حرج. "مسائل ابن هانئ" (1682) قال ابن هانئ: سئل عن الرجل يحمل معه العسل والزبيب وأشياء قد سماها، فهل يحل له أكلها؟ قال: يحل له أكلها ما لم يبلغ المأمن، فإذا بلغ المأمن طرحها في المقسم. "مسائل ابن هانئ" (1683) قال ابن هانئ: قيل له: يعطيه أصحاب المصالح؟ قال: لا يعطيه حتى يحمله إلى المقسم. "مسائل ابن هانئ" (1684) قال ابن هانئ: وسئل عن القوم يغزون فيوافقون قدرًا مطبوخة في بلاد الشرك، يأكلون منها؟ قال: لا يأكلون منها؛ لعلها لحم خنزير، وإن أصابوها فارغة وأرادوا أن يطبخوا فيها فلا يطبخوا فيها حتى يغسلوها غسلًا جيدًا. "مسائل ابن هانئ" (1685) قال ابن هانئ: وسُئِلَ عن القوم يكونون في الغزو، فيمرون فيأخذون المواشي فيذبحون منه ويأكلون؟ قال: إذا خشوا أن يموت منها شيء ذبحوه، ولا يسرفوا في الذبح،

ويأكلون القوت منها، ويحمل الباقي إلى المقسم، يوفرون الفيء على أصحابهم. "مسائل ابن هانئ" (1686) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل يدخل بلاد الروم معه الجارية أو الدابة للتجارة، فإن أطعمها -يعني: الجارية- وأعلف الدابة؟ قال: لا يعجبني ذلك. قلت لأبي: فإن لم تكن للتجارة؟ فلم ير به بأسًا. "مسائل عبد اللَّه" (924) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل كان في غزو فمر بنهر أو موضع فاصطاد منه سمكًا فباعه؟ فقال أبي: فإن كان شيئًا يسيرًا مقدار دانق أو قيراط فلا بأس به، وإن كان كثيرًا يرده إلى المقسم. قلت لأبي: وإن كان مقدار درهم؟ قال أبي: نعم يرده. قال أبي: الحجة فيه أنه إنما دخل ذلك الموضع بقوة المسلمين. "مسائل عبد اللَّه" (955) نقل أبو طالب عنه في الطبخة والطبختين من اللحم والعليق والعليقتين من الشعير يدخله طرسوس: لا بأس به إذا كان قليلًا. "الروايتين والوجهين" 2/ 355، "المبدع" 3/ 352 نقل عنه الأثرم وإبراهيم بن الحارث في الرجل يأخذ الفرس في الغزو يقاتل عليها العدو. فقال: إذا كان عند الضرورة ويخاف على نفسه فلا بأس، ولا يركبه في غير ذلك.

1406 - بيع المغانم قبل أن تقسم

ونقل عنه المروذي: لا يأخذ الدابة من المغنم ليقاتل عليها إذا نفق فرسه، ولكن إن أخذ السيف فلا بأس، وكذلك كل شهيد من السلاح. "الروايتين والوجهين" 2/ 356، "الفروع" 6/ 234 - 235 نقل عنه أبو طالب: لا يغسل ثوبه بالصابون، فإن غسل رد قيمته في المغنم. "الأحكام السلطانية" ص 51، "الفروع" 16/ 235، "الإنصاف" 10/ 190 وقال في رواية الفضل بن زياد القطان وقد سأله عن الطعام في أرض العدو إلى متى يأكلون؟ فقال: إذا بلغوا الدرب ألقوا ما سمعهم. "بدائع الفوائد" 4/ 164 نقل عنه المروذي: لا بأس أن يركب الدابة من الفيء ولا يعجفها. "الفروع" 6/ 235، "الإنصاف" 10/ 193 1406 - بيع المغانم قبل أن تُقسم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ له: نُهي عن بيع المغانم حتى يُعْلَمَ ما هي؟ قال: لا؛ لأنه لا يدرى ما يصيبه، ومثلُ ذَلِكَ سهامُ القصابين. فقال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (2754) نقل عنه حرب في بيع المغنم قبل أن يقسم كراهته. "تقرير القواعد" 1/ 397

1407 - حكم الغال والتصرف معه

1407 - حكم الغال والتصرف معه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يوجدُ معه الغلول، ما يُصنع به؟ قال: يحرقُ رحله إلا أنْ يكونَ مصحف أو حيوان. قُلْتُ: ويحرمُ نصيبه مِنَ المغنمِ؟ فلم يعرفْهُ. قال الإمام أحمد: ولا يُصلِّي عليه الإمَامُ. فقال إسحاق: كما قال، ويُمنع سهمه إلَّا أنْ يرى الإمَامُ إعطاءه. "مسائل الكوسج" (2771) قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ سُئِلَ عن رجلٍ أخذ عشر رؤوسٍ -يعني: في بلاد الروم- فخبأهم حتى ينادي الإمام: من جاء بعشر رؤوسٍ له رأسٌ؟ فيجيءُ بهم؟ قال: ليس له شيءٌ من النفل فيه. "مسائل أبي داود" (1529) قال أبو داود: قلت لأحمد: الغال يحرم سهمه؟ قال: يقولون ذاك. "مسائل أبي داود" (1605) قال عبد اللَّه: حدثني، وحدثني ابن معمر قال: أخبرنا هشيم قال: أخبرنا منصور عن الحسن في الغال -يعني: الذي يغل- يُحرق رحله إلا أن يكون فيه مصحف. سمعت أبي يقول: وكذلك -يعني أقول: أو حيوان -يعني: لا يحرق. "مسائل عبد اللَّه" (960) نقل الأثرم، وإبراهيم بن الحارث عنه: قد قالوا: يحرم سهمه من الغنيمة ويضرب. "الروايتين والوجهين" 2/ 360

1408 - تقسيم الغنيمة

1408 - تقسيم الغنيمة قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: الخمس كم يقسم؟ قال: أربعة لمن قاتل، والخمس الباقي للَّه عَزَّ وَجَلَّ، وللرسول، ولذي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل. "مسائل ابن هانئ" (1689) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الخمس كيف يقسم؟ فقال: على خمسة، قال اللَّه تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} إذا اجتمعت الغنيمة يقسم خمسها على خمسة وأربعة أخماس لمن قاتل: خمس اللَّه والرسول واحدة، ولذي القربى سهم وهم قرابة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهم بنو هاشم وبنو المطلب، لم يقسمه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا فيهم، ولليتامى سهم، وللمساكين سهم، ولابن السبيل سهم. قلت لأبي: ابن السبيل من هو؟ قال: منقطع به. "مسائل عبد اللَّه" (915) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن قرية فتحت، فقال بعضهم: إنها عنوة. فقال أبي: وإن كانت عنوة، فإن العنوة لمن قاتل أربعة أخماس وخمس يقسم على خمسة على ما سمى اللَّه فقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} وخمس اللَّه والرسول واحد. "مسائل عبد اللَّه" (916) قال عبد اللَّه: أخبرنا: قال: سألت أبي: ما الجواب فيهم إن كانوا أخذوا عنوة؟ فقال: كل أرض تؤخذ عنوة فهي لمن قاتل عليها بمنزلة الأموال:

1409 - الصفي

أربعة أسهم لمن قاتل، وسهم للَّه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين بمنزلة الأموال. "مسائل عبد اللَّه" (965) 1409 - الصفي قال الميموني: قلت ما تقول في الصفي. قال: ذلك شيء للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خاصة. قلت: فيكون للخليفة بعده؟ قال: لا، إنما كان للنبي صلى اللَّه عليه وسلم خاصة. - قلت: قال اللَّه: {لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 24] إن جعلها رجل في صنف واحد أجزأ عنه. قال لي: ما علمت أن أحدًا قال بذا، يجعل في الأصناف كلها. "بدائع الفوائد" 4/ 54 - 55 1410 - سهم ذي القربة، ومن هم؟ قال صالح: وقال أبي في سهم ذي القربى: أذهب إليه فقيرهم وغنيهم فيه سواء. وقال ابن عباس: أرادنا عمر على أن تزوج أيامانا، وأن نقضي عن مديوننا، فأبينا إلا كله (¬1). قال: قسم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سهم ذوي القربى إلى أربعة آباء. "مسائل صالح" (1168) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 5/ 238 (9480)، وابن أبي شيبة 6/ 521 (33439) بنحوه ورواه الإمام أحمد 1/ 320، وأبو داود (2982)، والنسائي 7/ 128 - 129 عنه بلفظ: =

1411 - سهم الفرس والفارس والبرذون والراجل

قال ابن هانئ: وقال: قسم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، سهم ذي القربى في بني هاشم، وبني المطلب (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1690) 1411 - سهم الفرس والفارس والبرذون والراجل قال إسحاق بن منصور: قلت: لكم من فرس يسهم له؟ قال: لا يسهم لأكثر من فرسين أربعة أسهم. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2728) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ [الأوزاعي] عَن رجلٍ بَاعَ فرسَه في أرضِ العدو بعدما أصابَ عليه غنيمة، ثم أصاب عليه الآخر بعدُ غنيمة. قال: سهامه فيما بينهما. قُلْتُ: فإن كان قد أصاب كل واحد منهما معروفًا بعينه؟ قال: إذا عُرِفَ ذَلِكَ بعينه كان لكل واحدٍ منهما ما أصَابَ. قال أحمد: ما أحسن ما قال! فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2768) ¬

_ = وقد كان عمر رضي علينا منه شيئًا رأيناه دون حقنا فرددونا عليه، وأبينا أن فقبله. وكان الذي عرض عليهم: أن يعيق ناكحهم، وأن يقضي عن غارمهم، وأن يعطي فقيرهم، وأبى أن يزيدهم على ذلك. اهـ. قلت: أصله في "مسلم" (1812) عنه بلفظ: وإنا كنا نرى أن قرابة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هم نحن، فأبى ذلك علينا قومنا. (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 85، والبخاري (3140) من حديث جبير بن مطعم -رضي اللَّه عنه-.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: رجلٌ جاوزَ الدروب، ثم ماتَ فرسه: أُسهم له؟ قال أحمد: لا يُعجبني هذا، الغنيمةُ لمنْ شهدَ الوقعةَ. فقال إسحاق: كلّ ما لَمْ يكنْ قاتلَ عليه فلا سَهمَ لَهُ. "مسائل الكوسج" (2785) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ: سرية جبل ورجالة دخلت فلما جاوزا الدروب باعَ فارسٌ فرسه من راجلٍ، كم يأخذ الفارسُ من السهمِ، وكم يأخذ الراجل من السهم؟ فقال إسحاق: كلما اشترى فرسًا من صاحبِه قبل أنْ يغنمَ القوم فأصابوا الغنيمةَ لم يكنْ لصاحبِ الفرسِ الذي باع من سهم الفرس شيءٌ، سَهمُ الفرسِ كلُّه لمن اشترى الفرسَ. هكذا قال الأوزاعي، وإنما أخطَأَ هؤلاء، فقالوا: إذا جاوزَ الدروب، فباعَ فرسَه فإنَّ سهم الفرسِ له. وهو جهل بَيِّنٌ. "مسائل الكوسج" (2787) قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا أبو معاوية قال: ثنا عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أسهم للرجل ولفرسه ثلاثة أسهم: سهمًا له وسهمين لفرسه (¬1). "مسائل أبي داود" (1531) قال أبو داود: ثنا ابن حنبل قال: ثنا وكيع، قال: ثنا محمد بن عبد اللَّه الشعيثي، عن خالد بن معدان قال: أسهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- للفرس سهمين ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 2، والبخاري (2863)، ومسلم (1762).

وللرجل سهمًا (¬1). "مسائل أبي داود" (1532) قال أبو داود: ثنا أحمد بن حنبل، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا أسامة بن زيد، عن مكحول، قال: أسهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله (¬2). "مسائل أبي داود" (1533) قال أبو داود: ثنا أحمد قال: قال وكيع: كان سفيان يختار حديث مكحول وخالد -يعني: ابن معدان- يفتي فيه. "مسائل أبي داود" (1534) قال أبو داود: حدثنا أحمد قال: إن عبد الرحمن بن مهدي وحماد بن خالد وزيد بن حباب، أنهم حدثوهم، عن معاوية بن صالح، عن أبي بشر، عن مكحول: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هجن الهجين يوم خيبر، وعرب العربي؛ للعربي سهمان، وللهجين سهم (¬3). "مسائل أبي داود" (1536) قال أبو داود: قلت لأحمد: أليس للفارس ثلاثة أسهم؟ قال: بلى. "مسائل أبي داود" (1536) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 493 (13169) من طريق وكيع. وأبو داود في "المراسيل" (286) من طريق الإمام أحمد عن وكيع، والبيهقي 6/ 328 من طريق أبي داود، وقال: وهو منقطع لا تقوم به حجة. (¬2) رواه سعيد 2/ 279 (2769) من طريق عبد العزيز بن محمد، عن أسامة بن زيد. وابن أبي شيبة 6/ 494 (33163) من طريق وكيع. والبيهقي 6/ 53 من طريق محمد ابن عبد اللَّه الدمشقي، عن مكحول وخالد بن معدان. (¬3) رواه أبو داود في "مراسيله" (287) بإسناده ومتنه. والبيهقي 6/ 328 وقال: هذا هو الحفوط مرسل.

قال أبو داود: سمعت أحمد قال: يسهم الفرسين قط، لكل فرس سهمين، لرجل ولفرسيه خمسة أسهم. "مسائل أبي داود" (1537) قال أبو داود: سمعت أحمد غير مرة سئل عن سهم البرذون؟ قال: سهم واحد. قيل: معه برذونان؟ قال: يسهم لاثنين. "مسائل أبي داود" (1538) قال أبو داود: قلت لأحمد: إنهم جعلوا سهم الفرس والهجين واحدًا، يأخذ صاحب البرذون سهمين؟ قال: لا يأخذ. "مسائل أبي داود" (1539) قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يغزو لفرس وهجين؟ قال: يسهم للفرس وللهجين. قلتُ: إنهم لا يسهمون له -أعني: للهجين- إذا كان مع فرس؟ فقال: يسهم للفرس والهجين. قلت: فترى أن يحمل راكبًا معه على ثقل على الهجين فيعترض عليه فيكتب له الهجين؟ قال: لا يعجبني أن يحتال كما يحتال أصحاب أبي حنيفة. "مسائل أبي داود" (1540) قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يغزو بفرس فينفق قبل الغنيمة. قال: لا سهم له. قلت: فيشتري من المغنم فرسًا أيسهم له؟ قال: لا، ليس للفرس غنيمة إلا أن يشهد الواقعة. "مسائل أبي داود" (1541)

قال ابن هانئ: وسئل أبو عبد اللَّه: هل يفرق بين الأشهب من الخيل، وبين الكميت في السهام، أو سهامهما سواء؟ قال أبو عبد اللَّه: يفرق بينهما. "مسائل ابن هانئ" (1644) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: للفرس سهمان، وللراجل سهم، ويعرب العربي، ويهجن الهجين. "مسائل ابن هانئ" (1645) قال ابن هانئ: سألته عن: الرجل يدْرب وهو فارس، فتنفق فرسه فيما دون الدرب إلى الروم فيعطى سهم فارس، أو سهم راجل؟ قال: يعطى على الحالة التي شهد فيها الوقعة، إذا شهد فارسًا أعطي سهم فارس، وإذا شهد راجلًا أعطي سهم راجل. "مسائل ابن هانئ" (1646) قال ابن هانئ: سئل عن: الرجل يدْرب في بلاد الروم وهو راجل، فإذا دخل بلاد الروم أشترى دابة فغزا عليها، وشهد عليها الوقعة؟ قال أبو عبد اللَّه: كان سلمان بن موسى يعرضهم إذا أدربوا، الفارس فارس، والراجل راجل، وأنا أرى كل من شهد الوقعة على أي حالة كان يعطى، إن كان فارسًا ففارس، وإن كان راجلًا فراجل. قرأت على أبي عبد اللَّه: هشيم وأبو معاوية قالا: حدثنا عبد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جعل للفارس سهمين، وللراجل سهمًا (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1647) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 2، والبخاري (2863)، ومسلم (1762).

1412 - هل يسهم للبغال؟

قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل يأتيه الرجل فيقول: أنا راجل اجعلني على بعض دوابك، وإنما سهمي سهم راجل والفرس فرسك، وإنما يحمل رجل فيحمله فذا هو رجع خاصمه في سهم الفرس، وقد شرط له ألا يسهم له إلا سهم راجل؟ قال أبو عبد اللَّه: ينظر إلى سهمه فيأخذه، وإنما له سهم الراجل، وسهم الفرس الذي غنم عليه يطرح في المقسم، إذا كان مع الرجل أكثر من فرسين. "مسائل ابن هانئ" (1650) قال ابن هانئ: وسئل عن: الخيل والبراذين سهامها واحد، أم للخيل سهمان، وللبراذين سهم واحد؟ قال أبو عبد اللَّه: لا، إلا أن يهجن الهجين، ويعرب العربي. "مسائل ابن هانئ" (1651) نقل مهنا: ولا بأس بغزوهما على فرس لهما، هذا عقبة وهذا عقبة، والسهم بينهما. "الفروع" 16/ 232 قال أبو جعفر محمد بن أبي حرب الجرجرائي: قلت: فيأخذ الفرس أو لا يأخذ في السبيل، قال: يأخذ، لم يزل الناس يأخذون، فإذا بلغ مغزاه فهو كسائر ماله. "بدائع الفوائد" 4/ 40 وقال في رواية مهنا: يسهم للبعير مطلقًا. "المبدع" 3/ 368 1412 - هل يسهم للبغال؟ نقل الميموني: لا يسهم للبغال إلا النفل. "الإنصاف" 10/ 265

فصل ما جاء في شروط استحقاق الغنيمة

فصل ما جاء في شروط استحقاق الغنيمة 1413 - لا يسهم إلَّا لمن شهد الواقعة من أهل القتال قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ عن السريةِ تخرجُ وقد نفلت، فأخطأَ رجلٌ منهم الطريقَ أو أزحفت دابته قبلَ أنْ يصيبوا شيئًا أو بعدما أصابوا، فانصرفَ الرجلُ إلى العسكرِ الأعظم، وغنمت السريةُ التي كان معها بعد فراقِه إياهم غنيمة أيضًا، أيشاركُهم فيما أصابوا قبلَ فراقِه إياهم أو بعد؟ قال [الأوزاعي]: مَا أصَابوا قبلَ أنْ يصلَ إلى العسكرِ الأعظمِ فهو شريكُهم فيه، وليس له فيما أصابوا بعدَ وصولِه إلى العسكرِ شيء مِنْ غنائِمهم. قال أحمد: ليس لهذا الرجلِ شيءٌ، إلا مَا شهدَ معهم. فقال إسحاق: كما قال الأوزاعي. "مسائل الكوسج" (2780) 1414 - من شهد الواقعة ثم مات قبل أن تقسم الغنيمة، هل يسهم له؟ قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا أدرب الرجل، ثم مات قبل الغنيمة؟ قال: يعجبني أن يسهم لمن شهد الواقعة. "مسائل أبي داود" (1542)

1415 - من مات في الواقعة، هل يقوم وارثه مقامه في سهمه؟

1415 - من مات في الواقعة، هل يقوم وارثه مقامه في سهمه؟ نقل عنه يعقوب بن بختان فيمن قتل في المعركة: يعطى ورثته نصيبه. "تقرير القواعد" 2/ 261 من كان من غير أهل القسمة، ثم صار من أهل القسمة وشهد الواقعة، هل يسهم له؟ 1416 - الرجل يشتري السبي في بلاد الروم ثم غلب عليه العدو قال عبد اللَّه: سألت أبي: إذا اشترى الرجل السبي أو الحربي في بلاد الروم وصار في ملكه، ثم غلب عليه العدو، هل يجب عليه الثمن للمقسم؟ قال: نعم، يجب عليه الثمن. قلت لأبي: فإن مات المشتري بعدما غلبه عليه العدو، يرجع بالثمن في ماله؟ قال: نعم، يرجع عليه في ماله. "مسائل عبد اللَّه" (918) نقل الميموني: وإن أسلم أو بلغ أو عتق أو لحق مددًا وأفلت أسيرًا وصار رجل فارسا أو عكسه قبل تقضي الحرب فكمن شهدها وبعده، وقيل: وقبل إحرازها لا يؤثر، ولو لحقهم عدو وقاتل المدد معهم حتى سلموا بالغنيمة؛ لأنهم إنما قاتلوا عن أصحابها؛ لأن الغنيمة في أيديهم وحووها. "الفروع" 6/ 232 - 233، "المبدع" 3/ 362

1417 - من ليس من أهل القتال إذا شهد القتال، هل يسهم له؟

1417 - من ليس من أهل القتال إذا شهد القتال، هل يسهم له؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل يُسهمُ للعبدِ إذا قاتلَ؟ قال: يُرضخ له. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2741) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ الأوزاعي عن المدبر يكونُ مع سيدِه في السريةِ، فيقتل سيده، أو يموت هَلْ يُسهمُ له؟ قال: يعتقُ العبدُ، ويُعطى سهمه. قال أحمد: إذا شهدَ الوقعةَ بعد موتِ السيد، وللسيدِ من المالِ بقدرِ مَا يخرج العبد من ثلثه، فهو حرٌّ في ثلثِه، ويُسهم له، فإنَّه شهدَ الوقعةَ وهو حُر، وإن لم يخرج وشهدَ الوقعةَ يرضخ له. فقال إسحاق: كما قال الإمام أحمد. "مسائل الكوسج" (2772) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ عَنِ الصبيِّ يولدُ، والعبد يعتق، والفرس يموتُ. قال: يُسْهمُون. قيل: فإن كان القاسمُ قَسَّمَ بعضَهَا؟ قال: يُسهمون مما بقي. قال أحمد: الغنيمةُ لمن شهدَ الواقعةَ. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2773)

قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، قال: سمعت العوام القيسي -وقال وكيع: العوام ابن مراجم- يحدث عن خالد بن شمير قال: شهدت تستر، فكان فينا أربع نسوة منهن: أم مجزأة، فكن يسقين الماء ويداوين الجرحى، فأسهم لهم أبو موسى. "مسائل صالح" (789) قال أبو داود: قلت لأحمد: العبد يعطى نفلًا؟ قال: يحذى. "مسائل أبي داود" (1530) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: العبد، يقولون: ليس له في الغنيمة شيء. "مسائل أبي داود" (1544) قال ابن هانئ: قيل لأبي عبد اللَّه: يقسم للعبد؟ قال: لا يقسم له، ولكن يحذى ويعطى. "مسائل ابن هانئ" (1652) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: العبد يقدمه سيده هل له في الغنيمة شيء؟ قال: ليس له فيها شيء ولا سهم معلوم، ولكن يعطى كذا شيء، على حديث (عمير) (¬1) مولى أبي اللحم (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (926) ¬

_ (¬1) في "مسائل عبد اللَّه": (ابن عمير) والمثبت كما في مصادر التخريج. (¬2) رواه الإمام أحمد 35/ 22، وأبو داود (2730)، والترمذي (1557)، وابن ماجه (2855)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه ابن الجارود في "منتقاه" 3/ 341 (1078)، وابن حبان (4831)، والحاكم 1/ 327. =

1418 - من أعطي شيئا يسيرا فلا يرده

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المدبر يغزو مع الناس هل يعطى أيضًا شيئًا؟ قال: لا يعطى سهمًا إلا ما يعطى العبد؛ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- باع مدبرًا (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (927) قال ابن هانئ: سألته: هل يؤاجر الرجل نفسه في المغنم؟ قال: لا يؤاجر نفسه في المغنم. "مسائل ابن هانئ" (1657) نقل عنه أبو طالب في المتاع لا يقدرون على حمله: إذا حمله رجل يقسم. "المغني" 13/ 124، "الإنصاف" 10/ 272 1418 - من أعطي شيئًا يسيرًا فلا يرده قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده: حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال حدثنا حيوة قال: أخبرني أبو يونس شعيب بن أبي سعيد أن أبا هريرة كان يقول: من أعطي قبالًا (¬2) في سبيل اللَّه فلا يرده. "العلل" (6027) ¬

_ = وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (2440): قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال البيهقي، وأخرجه أبو عوانة من طريق المؤلف، وصححه الترمذي وابن الجارود وابن حبان والحاكم والذهبي. اهـ. ولفظه: شهدت خيبر مع سادتي، فكلموا فيَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأمر بي فقلدت سيفا فإذا أنا أجّره، فاخبر أني مملوك، فأمر لي بشيء من خرثي المتاع. (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 370، والبخاري (2141)، ومسلم (997) من حديث جابر -رضي اللَّه عنه-. (¬2) القبال: زمام النعل وهو السير الذي يكون بين الإصبعين ومنه قول الأعشى: أخو الحرب لا ضرع واهن ... ولم ينتعل بقبال خذم

هل يسهم للأجير؟

هل يسهم للأجير؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الأجيرُ إذا غَزَا يُسهمُ لَهُ؟ قال: لِمَ لا يسهمُ له؟ ! فقال إسحاق: كلما غَزا بأجرةٍ معلومةٍ لم يُسهمْ له. "مسائل الكوسج" (2751) قال أبو داود: قلت لأحمد: المكاري يسهم له؟ قال: كل من شهد القتال يسهم له. قلت: هو على بغال الساقة؟ قال: نعم. قلت: فالتاجر؟ قال: نعم، يسهم له. قلت: الغلام غزى به قبل أن يدرك، يسهم له؟ قال: أرجو أن لا يكون له سهم ولكن يحذى له. "مسائل أبي داود" (1543) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الإمام يستأجر قومًا قبل أن يدخل البلاد يغزو بهم، فما غنموا فله دونهم؟ فقال: لا يسهم لهم، ولكن يوفي لهم ما استؤجروا عليه. "مسائل عبد اللَّه" (925) 1419 - إذا غزا أهل الذمة مع المسلمين يسهم لهم؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: أهل الذمة يغزون مع المسلمين، أيسهم لهم؟ قال: الغالب على أن لا يستعان بمشرك. فقال إسحاق: لا يستعان بمشرك، فإن غزوا أو غزي بهم أسهم خيولهم بسُهمان للمسلمين ويسهمون أيضًا. "مسائل الكوسج" (2729)

قال ابن هانئ: وسئل عن القوم من أهل الذمة يغزون مع المسلمين، هل يضرب لهم بسهم؟ وكيف إن كانوا مستأمنة، هل لهم سهم؟ قال: من شهد الوقعة منهم أسهم له. "مسائل ابن هانئ" (1649) قال الخلال: أخبرني منسي بن سهل قال: حدثنا محمد بن أحمد الأسدي قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد عن أهل الذمة؟ قال: يسهم لهم في الفيء إذا شهدوا القتال. قال: يرضخ لهم. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال: سألت أحمد عن أهل الذمة إذا شهدوا حربًا؟ قال: يرضخ لهم في الغنيمة. "أحكام أهل الملل" 2/ 317 (663، 664) قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب، وزكريا بن يحيى قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن اليهودي والنصراني يستعان بهم في العدو، أيسهم لهم؟ قال: لا يستعان بهم؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا نَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ" (¬1) فإن اضطروا فاستعانوا بهم يسهم لهم. "أحكام أهل الملل" 2/ 317، 318 (666) قال الخلال: رأيت في كتاب الحسن البزار قال: سئل أبو عبد اللَّه عن أهل الذمة يغزون مع المسلمين؟ قال: فيه اختلاف، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يستعان بالمشركين على المشركين" ما أحب أن يغزوا، ولكن إن غزوا وشهدوا الوقعة ضرب ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 67، ومسلم (1817) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- وفي الباب من حديث خبيب بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده، وأبي حميد الساعدي.

لهم بسهم. قيل له: فالحربي، يستأمن إلينا ثم يغزو معنا؟ قال: لا يغزون، فإن غزوا وشهدوا الوقعة ضرب لهم بسهم. وقال: كتب إلى أحمد بن الحسين قال: حدثنا بكر بن محمد عن أبيه عن أبي عبد اللَّه، وسألته عن المشركين يغزون مع المسلمين؟ قال: لا يعجبني. قلت: حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- مسند أيضًا؛ حديث خُبيب عن أبيه عن جده. وقال: أخبرنا بكر بن محمد قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا المستلم بن سعيد الثقفي قال: حدثنا خُبيب بن عبد الرحمن بن خُبيب عن أبيه قال: أتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يريد غزوًا أنا ورجل من قومي، ولم نسلم فقلنا: إنا نستحيي أن يشهد قومنا مشهدًا لا نشهده معهم. قال: وأسلمتما؟ قلنا: لا. قال: "فَإِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى المُشْرِكِينَ". قال: فأسلمنا وشهدنا معه، فقتلت رجلًا وضربني ضربة، فتزوجت ابنته بعد ذلك، فكانت تقول: لا عدمت رجلًا وشحك هذا الوشاح، فأقول: لا عدمت رجلًا عجل أباك إلى النار (¬1). قال أبو بكر الخلال: الذي أذهب إليه من قول أبي عبد اللَّه أنه لا يستعان بهم، فإن غزوا أسهم لهم سهام المسلمين. "أحكام أهل الملل" 2/ 318: 319 (668: 670) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 454 والطبراني (4194، 4195)، والحاكم 2/ 121 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد وله شاهد عن أبي حميد. وساقه. =

فصل أحكام متعلقة بتقسيم الغنيمة

فصل أحكام متعلقة بتقسيم الغنيمة 1420 - تعدد الغنيمة قال ابن هانئ: سئل أبو عبد اللَّه وأنا أسمع عن القوم يغزون مع أميرهم فيجزون مغانمهم ويعرضون، فلما دخلوا في الأمن ناداهم أمير لؤلؤة (¬1)، فنفروا فأصابوا غنيمة أيضًا، ألهم من هذا الأول شيء؟ قال: نعم إذا كانوا قد دخلوا به في الأمن، وعرضهم الأمير في الأمن فلهم سهمان، سهم من طرسوس وسهم من لؤلؤة (¬2). "مسائل ابن هانئ" (1658) 1421 - إذا وجد في الغنيمة مال غير متقوم هل للإمام أن يجعله في الفيء نقل صالح: ولا يجعل في الفيء ثمن كلب وخنزير، بل باز لا بأس بثمنه. "الفروع" 16/ 236 ¬

_ = قال الهيثمي في "المجمع" 5/ 303: رواه أحمد والطبراني، ورجالهما ثقات. قلت: وشاهده من حديث عائشة عند الإمام أحمد ومسلم سبق تخريجه. (¬1) في المطبوع: لولاه، وفي هامشه: كذا في الأصل، والصحيح: لؤلؤة: وهي قلعة قرب طرسوس غزاها المأمون وفتحها. (¬2) انظر السابق.

1422 - إذا أصاب الرجل من المغنم جارية معها حلي أو مال، هل يرده؟

1422 - إذا أصاب الرجل من المغنم جارية معها حُلي أو مال، هل يرده؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا أصابَ الرجلُ من المغنمِ جاريةً معها حُلِيّ أو مال؟ قال: يرده؛ لحديثِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا بَاعَ الرجلُ عبدًا وله مال، فماله للبائع" (¬1). فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2753) 1423 - إذا بقي شيء من الغنيمة بعد القسمة ونقل أبو طالب وغيره: إن بقي ما لا يباع ولا يشترى فمن أخذه فهو له. "الفروع" 6/ 229 - 230، "الإنصاف" 10/ 272 1424 - التنزه عن أمر المقسم والفضل منه قال المروذي: وقلت لأبي عبد اللَّه: الجارية ينادى عليها في المقسم، فتشترى بعشرين دينارًا، ولعلها أن تساوي مئة دينار، فيعزل صاحب القسم ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 9، ومسلم (1543)، من حديث عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما-.

1425 - ما حاز العدو من متاع المسلمين وغيره ثم استنقذوه منهم

من هؤلاء جواري، فيدفع إلى كل رجل منهم جارية، فكيف يصنع؟ فكأنه رأى أن تباع، ويقسم الفضل على الذين شهدوا الوقعة. قلت: فمن مات منهم؟ قال: يدفع إلى ورثته. "الورع" (146) 1425 - ما حاز العدو من متاع المسلمين وغيره ثم استنقذوه منهم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المتاع يُصيبه العدو، ثم يفيئه اللَّهُ على المسلمينَ؟ قال: يُردُّ على صاحبِه ما لم يقسمْ، واحتجَّ بحديثِ العضباء حيث أخذها النبَّيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من المرأةِ (¬1)، فإذا قسم فقد ذهبَ إلا بالثمنِ. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2733) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا أصَابَ العدو شيئًا مِنَ المسلمينَ، فأصابه المسلمونَ فصاحبه أحقُّ به ما لم يقسمْ؟ قال أحمد: هو هكذا. قُلْتُ: فإذا قسم؟ قال أحمد: إذا قُسم فقد ذهبَ. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 430، ومسلم (1641) من حديث عمران بن حصين -رضي اللَّه عنه-.

قُلْتُ: إلا بالثمنِ؟ قال: إن شاء، واحتج في الذي لم يقسم بحديث ناقة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- العضباء التي جاءت بها العجوز. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3238) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: إذا اشترى الرجل عبدًا لرجلٍ في أيدي العدو، فمولاه يأخذه بالثمن الذي أعطى كما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالعضباء (¬1). قال أحمد: وقال مالك بن أنس: وإن كان كافأه بشيء فيعطيه مولاه بقدر ما كافاه، وإذا قسم فقد ذهب. "مسائل الكوسج" (3422) قال أبو داود: قلت لأحمد: كان الناس قد غزوا فصار في أيديهم مراكب للمسلمين، أعني فيه الطعام مما استنقذوه من أيدي الروم فأصابتهم مجاعة وهم بقبرس لا يقدرون على طعام، فرأى إن اضطروا يأكلون منه. قال: أي شيء يصنعون؟ ! ولكن يردون على أربابها بعد. "مسائل أبي داود" (1554) ¬

_ (¬1) لعله يقصد ما رواه الإمام أحمد 4/ 430، ومسلم (1641) من حديث عمران بن حصين في المرأة التي نجت على العضباء -وقد أسرت- ونذرت ذبحها إن نجاها اللَّه عليها، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا وفاء لنذر في معصية اللَّه ولا فيها لا يملك ابن آدم" واللَّه أعلم.

قال أبو داود: قلت لأحمد: فالجواميس تدرك، أعني: وقد ساقها العدو للمسلمين وقد أدرب بها. قلت: يؤكل منها؟ قال: إذا عرف لمن هي، فلا يؤكل منها. "مسائل أبي داود" (1557) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: ما أحرزه العدو، ثم أدركه صاحبه قبل أن يقسم فهو أحق به، فان قسم فلا شيء له. قال أحمد: وزعم قوم أن شيء الرجل هو له حتى يبيع أو يهب أو يتصدق، وهو قول متعدٍ ليس سنةُ المغازي مثل هذا، كل من قال قال بغير هذا، وأما من قال: هو أحق به بالقيمة، فهو قول ضعيف عن مجاهد (¬1). "مسائل أبي داود" (1558) قال أبو داود: قلت لأحمد: فما حاز العدو للمسلمين، فأصابه المسلمون، عليهم أن يوقفوه حتى يتبين صاحبه؟ فقال: إذا عرف فقيل: هذا لفلان، وكان صاحبه بالقرب. "مسائل أبي داود" (1559) قال أبو داود: قلت لأحمد: أصيب غلام، أعني: في بلاد الروم فقال: أنا عبد فلان. لرجل هو بمصر؟ ¬

_ (¬1) روى ابن أبي شيبة 6/ 511 (33350)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 263 (5287) عن ليث عنه قال: ما أصاب المسلمون مما أصابه العدو قيل ذلك، فإن أصابه صاحبه قبل أن يقسم فهو أحق به، ان قسم فهو أحق به بالثمن.

قال: إذا عرف -يعني: إذا عرف الرجل- لم يقسم ورد على صاحبه. "مسائل أبي داود" (1560) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سئل عن الفرس الحبيس يصاب في بلاد الروم؟ قال: إن عرف صاحبه رد عليه، وإلا حبس كما كان. "مسائل أبي داود" (1561) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن المكاتب يصاب في بلاد الروم؟ قال: يرد إلى كتابته. "مسائل أبي داود" (1562) قال أبو داود: قلت لأحمد: أخذنا مراكب في بلاد الروم فيها النواتيه -قال أبو داود: يعني: الملاح- فقالوا: هذا المركب لفلان وهذا لفلان؟ فقال: هذا قد عرف صاحبه لا يقسم. "مسائل أبي داود" (1563) قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يرمي الحصن فيقع فيها السهام -أعني: من سهامه- ثم فتح الحصن فعرف سهامه؟ قال: يأخذه. وأنكر قول الأوزاعي أنه لا يأخذه. "مسائل أبي داود" (1565) قال أبو داود: قلت لأحمد: مراكب تجيء من مصر فيقطع عليها الروم فيأخذونها، ثم يأخذها المسلمون منهم وقد صارت إلى قبرس؟ قال: قبرس ليس من بلادهم. قلت: هم أغلب عليها منا؟

قال: لا. قلت لأحمد بن حنبل -مرة أخرى: قبرس؟ قال: قبرس ليس من بلاد الروم. ورأى ما صار إلى قبرس مما صار في أيدي العدو، ثم استنقذوه منهم المسلمون وقد بلغوا به قبرس أن يرد إلى أصحابه ولا يكون غنيمة ولا يؤكل منه إن كان طعاما؛ لأنهم يحوزونه إلى بلادهم ولا إلى أرض هم أغلب عليها عنده. "مسائل أبي داود" (1566) قال أبو داود: قلت لأحمد: أصبنا في جوف قبرس من القند (¬1) ومتاع المسلمين؟ قال: يعرَّف. "مسائل أبي داود" (1567) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل قال: أهل قبرس كانوا سبوا، فدخل بقية -يعني ابن الوليد- في شيء من أمرهم فنقموا عليه ذلك. "مسائل أبي داود" (1568) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: قبرس يقولون: أصله صلح. "مسائل أبي داود" (1569) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن العبد يأبق فيصير في بلاد الروم متنصرًا، فيقتل ويسبى، ثم يظهر عليه المسلمون فيستنقذونه من المشركين، أيرد إلى مولاه؟ قال أبو عبد اللَّه: يكون في المقسم إذا كان داخلا في بلاد الروم. "مسائل ابن هانئ" (1709) ¬

_ (¬1) الفند هو عسل أو عصارة قصب السكر (العسل الأسود) انظر: "الصحاح" (قند)، "المعجم الوسيط" (عسل)، و"المحيط" (قند).

قال ابن هانئ: وسُئِلَ عن العبد يأبق، والفرس يشرد، فيصيران في بلاد الروم فيؤخذان، فيباعان في المقسم فيجيء المولى أو صاحب الفرس، فهل يفرق بينهما قبل البيع أو بعد؟ قال أبو عبد اللَّه: كل هذا يصير إلى المولى ما لم يقسم، فإذا قسم فهو أحق بالثمن. "مسائل ابن هانئ" (1710) قال ابن هانئ: وسُئِلَ عن الرجل يأبق له الغلام، فيأتي الأمير فيسأله أن يُنَفرَ له الخيل، على غير حقيقة أنه أخذ في طريق معروف، ولا يعلم المسلمون القصة، أَلِلأمير أن يفعل ذلك؟ قال أبو عبد اللَّه: لا ينفر له الخيل، لعلهم أن يُعطبوا إذا نفروا، لا ينفر له شيئًا من الخيل. "مسائل ابن هانئ" (1711) قال ابن هانئ: وسُئِلَ عن أمة أسرت، فظهر المسلمون عليها؟ قال: هو أحق بها، ما لم تقسم. "مسائل ابن هانئ" (1714) قال ابن هانئ: قيل له: فإن أبقت؟ قال: سبيلها واحد، أُسرت أو أبقت. "مسائل ابن هانئ" (1715) قال ابن هانئ: وسئل عن عبد أبق من العسكر، فلحق بالعدو، ولبث فيهم ما شاء اللَّه، ثم إنه جاء، وجاء معه برمك وخرثي، ما تقول فيما جاء به؟ قال: يرد العبد إلى المولى، واحتج بحديث ابن عمر: أنه رد عبدًا له

أبق إليه (¬1). وذكر حديث ثور أن أمة لحقت بالعدو فردت إلى مولاها (¬2)، قيل له: فالمتاع والخُرْثِيُّ؟ فلم يجب فيه بشيء. قيل له: فلا يكون هذا بمنزلة الغنيمة؟ قال: العبد له غنيمة؟ "مسائل ابن هانئ" (1716) قال ابن هانئ: قيل له: فيفرق بين الإباق والسبي؟ قال: لا، وقد قاله قوم. قيل له: يرد إلى مولاه بعدما يقسم؟ قال: لا يرد إليه بعدما يقسم، ولكن يرد إليه قبل أن يقسم. وقد قال إنسان: إنه أحق به ما لم يزل عن ملكه، فهذا لم يزل عن ملكه، وإنما قال: هذا بأخِرَة والذي كنت أعرف من قوله غير هذا ولم يسمه. قال أبو عبد اللَّه: فأيش تقول في الحربي يسلم على ما في يديه؟ ! أليس هو أحق به؟ ! قال: هذا قياس واحد. "مسائل ابن هانئ" (1717) قال ابن هانئ: وسئل عن أم ولد رجل ظهر عليها العدو، ثم ظهر المسلمون عليها فأخذوها، أتدفع إلى مولاها؟ قال: نعم، إذا لم تقسم. "مسائل ابن هانئ" (1718) ¬

_ (¬1) سيأتي قريبًا مسندًا. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 510 (33344) قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن ثور، عن أبي عون، عن زهرة بن يزيد المرادي أن أمة. . فذكره.

قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: محمد بن جعفر، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن رجاء بن حيوة، عن قبيصة بن ذؤيب أن عمر بن الخطاب قضى فيما أصاب المشركون من المسلمين، ثم أصابه المسلمون بعد ذلك، قضى في ذلك: أنه إذا أبصر شيئًا كان له، قبل أن تجري فيه السهام فهو أحق به، وإذا أبصره بعد أن جرى فيه السهام، فليس له، هو للمسلمين. "مسائل ابن هانئ" (1720) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: يحيى بن سعيد، عن عبد اللَّه، قال: حدثني نافع عن ابن عمر أن عبدًا له أبق، ولحق بالروم، وظهر عليه خالد بن الوليد، فرده على عبد اللَّه. وأن فرسًا لابن عمر غار فلحق بالعدو، فظهر عليه فرده على عبد اللَّه. وحديث ابن عمر في الناقة (¬1) احتج به أيضًا. "مسائل ابن هانئ" (1721) نقل عنه أبو طالب، وأحمد بن القاسم وسندي، واللفظ لأبي طالب، في الأموال إذا أخذها الكفار وظهر عليها المسلمون: فما أدركه صاحبه فهو له، وإن أدركه قد قسم فلا حق له، كذا قال عمر (¬2). "الروايتين والوجهين" 2/ 361، "التمهيد في أصول الفقه" 3/ 333 ¬

_ (¬1) لم أقف عليه وإنما يعرف من حديث عمران بن حصين رواه الإمام أحمد 4/ 430، ومسلم (1641). (¬2) رواه عبد الرزاق 5/ 194 (9354، 9359)، وسعيد بن منصور 2/ 287 (2799) وابن أبي شيبة 6/ 510 (33341)، والبيهقي 9/ 112.

1426 - الرجل إن لحق لدار الحرب فارتد ويزوج ثم ظهر عليهم المسلمون

نقل بكر بن محمد عن أبيه عنه، في أم الولد إذا كانت لرجل سباها العدو ثم أصابها المسلمون فقسمت ثم عرفها سيدها: فعلى السيد أن يفديها بالثمن الذي اشتراها به. ونقل المروذي وعبد الكريم بن الهيثم عنه، في أم الولد يظهر عليها العدو ثم يظهر عليها المسلمون ترد إلى مولاها قسمت أو لم تقسم. "الروايتين والوجهين" 2/ 362 نقل عنه الفضل بن زياد في عبد أبق فلحق بالعدو: يُرد إلى مولاه، وهو ملك لسيده. "الروايتين والوجهين" 2/ 363 1426 - الرجل إن لحق لدار الحرب فارتدّ ويزوّج ثم ظهر عليهم المسلمون قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سُئل عن رجل ارتدَّ في بلاد الروم فتزوج فيهم فولد له أولاد، ثم أخذهم المسلمون؟ قال: ما ولد له في ارتداده فإنهم يسترقون. قيل: فما هم؟ قال: أحبّ إليَّ أن يردوا إلى الإمام. "مسائل أبي داود" (1564) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسُئل عن رجل لحق بالعدو هو وأهله وولده، وولد له في بلاد العدو، قد أخذه المسلمون؟ قال: ليس على ولده وأهله شيء، ولكن ما ولد له في أيديهم يسترقون، ويردون هم إلى الحرية. "مسائل ابن هانئ" (1719)

قال الخلال: وأخبرني محمد بن يحيى الكحال قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يتنصّر في بلاد الروم فيولد له الأولاد فيغزوا المسلمون فيخرجونه هو وولده؟ قال: كل ما ولد في نصرانيته فهو فيء له إذا خرج قهرًا. "أحكام أهل الملل" 2/ 507 (1268) قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن رجل ارتدّ في أرض الشرك فتزوج فيهم وولد له ما يصنع بولده؟ قال: يردّون إلى الإسلام إلَّا أنهم يكونون عبيدًا للمسلمين. وقال: أخبرنا جعفر بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم أن أبا عبد اللَّه سُئل عن رجل ارتدّ وتزوج في بلاد الروم فولد له أولاد ثم ظهر عليهم المسلمون؟ قال: هم عندي عبيد ويردّون إلى الإسلام. وقال: أخبرنا المروذي قال: سئل أبو عبد اللَّه عن الذرية يسبون إذا نقضوا العهد؟ قال: لا عهد لهم ثابت للنساء والصبيان. قلت: أليس إنما يثبت عهدهم بالرجال؟ قال: نعم. قلت: فإذا نقض العهد الرجال فلِمَ لا تسبى الذرية؟ قال: قد تقدم، ثم قال: مَثل هذا الذي يسبي أهل أرمينية ما كان له أن يفعل. قلت له: إن قدم رجل من أهل أرمينية بسبي ترى أن يشترى منه؟

قال: لا بحال ما فعل معه. قال: وقرأ عليه أسباط قال: حدثنا أشعث عن ابن سيرين أن علقمة بن علاثة ارتدّ في إمارة أبي بكر -رضي اللَّه عنه- فأرسل أبو بكر -رضي اللَّه عنه- إلى امرأته وابنتها، فقالت: إن كان علقمة كفر لم أكفر أنا ولا ابنتي. وإن علقمة بن علاثة أسلم في إمارة عمر -رضي اللَّه عنه- فرجع إلى امرأته بالنكاح الأول. قال أبو عبد اللَّه: ما أحسن ما احتجت عليه ما أحسن ما قالت. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن حبيش بن سندي حدثهم قال: قال أبو عبد اللَّه: عقد عثمان -رضي اللَّه عنه- لمن دون النهر. فهو يكره رقيقهم إلَّا أن يكون فيهم قوم ارتدوا ونقضوا العهد. وقال: أخبرني أبو المثنى العنبري أن هارون بن عبد اللَّه البزار حدثهم قال: قيل لأبي عبد اللَّه: القوم يرتدون وهم في مدينة وحولهم أهل الإسلام، فقال: أما رجالهم فيقتلون، وأما أولادهم فمن كان ولد منهم قبل الارتداد فقد جرى فيهم حكم الإسلام، ومن كان ولد بعد الارتداد فسبيلهم سبيل آبائهم: يباعون ويقتلون إذا كانوا قد بلغوا. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن حبيش بن سندي حدثهم قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن القرية يظهر عليها العدو من المسلمين فيصيرون معه ويقاتلون ما تقول في سبيهم؟ قال: ما كان من الردّة قبل أن يظهر عليهم العدو فهم أحرار وما كان ممّا ولدوا بعدما ظهر العدو فهم عبيد. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى قالا: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن قوم ارتدّوا فصاروا إلى بلاد الروم مع نسائهم وصبيانهم ثم أخذهم المسلمون مع عيالهم؟

فقال: يقتل الرجال، والصبيان لا يقتلون. قال: كذا قال عمر بن عبد العزيز. إذا قالوا: لم نرتد لم يقتلن، مثل ما قال النساء لأبي بكر -رضي اللَّه عنه-: لم نرتد، وإن كانوا ارتدوا معهم قتلوهم إلَّا أن يكون الصبيان ولدوا بعد ما ارتدوا فهم معهم، وإن كان الصبيان ولدوا قبل أن يرتدوا وهم صغار لم يقتلوا. كذا قال عمر بن عبد العزيز. قلت: يستتابون؟ قال: إن صاروا إلى دار الحرب وقاتلوا معهم قتلوا. قلت: فإن لم يقاتلوا وكانوا في قرية؟ قال: يستتابون فإن تابوا وإلَّا قتلوا. قلت: فأولادهم الذين ولدوا معهم يسترقون؟ قال: إن قاتلوا قتلوا واسترقوهم وإن استتابوها فسبوا قتلوا واسترقوهم الذين ولدوهم بعد ارتدادهم وما كان قبل ارتدادهم فلا يسترقون. وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه سُئل عن قوم كان لهم مع المسلمين عقد فنقضوه وقاتلوا المسلمين؟ قال: لا تقتل الذرية ويسبون يقتل رجالهم إذا حاربوا. قيل له: فهرب من الذرية إلى دار الحرب فسباهم المسلمون؟ قال: الذرية لا يقتلون ولا يسترقون. قلت: ترى سبي المرتدين من النساء والرجال؟ قال: إذا نقضوا العهد ورجعوا وحاربوا أهل الإسلام حوربوا بعدما يدعون فإن أجابوا ودخلوا من الباب الذي خرجوا منه لم يسبوا وإن أبوا فالقتل والسبي.

قلت له: بالنار؟ قال: لا أحب النار لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يعذب بالنَّارِ إلَّا ربّ النَّارِ". فقد قتل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الذين ارتدوا بعدما أسلموا وقتلوا راعي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وساقوا الإبل فقتلهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وسمل أعينهم، فالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل ذلك بمن ارتدّ، فأما النار فلا يعجبني في حرب ولا غيره؛ لأن القوم لعل فيهم من لا يحب ذلك فتقتله النار، وقد نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك، وإنما حرق أبو بكر -رضي اللَّه عنه- شيئًا لم يكن فيه الأنفس، إنما حرق المتاع والسلاح وما لا يطاق حمله، فهذا لا بأس به. "أحكام أهل الملل" 2/ 507 - 510 (1270 - 1277)

ثانيا: الفيء

ثانيًا: الفيء 1427 - تعريف الفيء، وفيما يكون قال إسحاق بن منصور: قال الإمام أحمد -رضي اللَّه عنه-: الغنيمةُ: ما غلب عليه بالسيفِ، والفيء: ما صُولحوا عليه، وهي الجزية: جزية الرءوس، وخراج الأَرضين، والصدقات والعشور منَ الحبوبِ والمواشي: الإبل، والبقر، والغنم. فكل شيء عشرته، فهي صدقة. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2770) ونقل عنه أبو الحارث: كل أرض جلا عنها أهلها بغير قتال فهي فيء. ونقل عنه حنبل: ما فتح عنوة هو فيء للمسلمين وما صولحوا عليه فهو لهم يؤدون إلى ما صولحوا عليه، ومن أسلم منهم تسقط عنه الجزية، والأرض فيء للمسلمين. "الأحكام السلطانية" 148 - 149 قال أحمد في رواية المروذي: في الأرض الميتة إذا كانت لم تملك، فإن ملكت فهي فيء للمسلمين، مثل من مات وترك مالا لا يعرف له وارث. "الأحكام السلطانية" ص 231 1428 - من ضل من أهل الحرب الطريق، فوقع في دار الإسلام، هل يكون فيئًا، أم لمن أخذه؟ قال أبو طالب: قال في قوم حملتهم الريح فألقتهم في بعض السواحل فقالوا: جئنا للتجارة: فإن لم يعرفوا بالتجارة ولا يشبهون التجار لم

1429 - قسم الفيء

يصدقوا، ولا يخمس مالهم؛ إنما الخمس في الغنيمة وما قاتلوا عليه، وهذا لم يقاتلوا عليه، فلا يكون. "الأحكام السلطانية" ص 137 1429 - قسم الفيء قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: قولُ عمر -رضي اللَّه عنه-: ما على وجه الأرضِ مسلم إلَّا له في هذا الفيء حقّ إلَّا مَا ملكَتْ أيمانُكم (¬1)؟ قال: تقول: الفيء للغني والفقير إلَّا العبيد. فقال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ الفيء هو فيما صولحوا عليه، أو أخذ عَنْوة فوضع عليه الخراج، فحكمه حكم الصلح. فقال إسحاق: الفيء حكمُه حكمُ الصلحِ في القسمة للغني والفقير في العطية؛ لأنَّه رأي الإمام، والعنوة يزاد عليها وينقص على قدر مبلغ رأي الإمام، والصلح لا يزاد عليها أبدًا وإن احتملوا ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (3313) نقل عنه الحسن بن على الإسكافي وقد سأله عن الفيء: للمسلمين عامة، أو لقوم دون قوم؟ قال: للمسلمين عامة، إلا أن الإمام يفضل قومًا على قوم. ونقل بكر بن محمد عن أبيه عنه قال: الأموال كالفيء والغنيمة والصدقة، فالفيء: ما صولح عليه من الأرضين وجزية الرءوس، وخراج الأرضين السواد وغيره، وهذا لكل المؤمنين فيه حق، وهو على ما يرى ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 11/ 101 (20039).

-يعني: الإمام- أليس عمر -رضي اللَّه عنه- قد فرض لأمهات المؤمنين في الفيء ولأبناء المهاجرين سواء (¬1)؟ ! وكان يقول: لكل أحد في هذا المال حق إلا العبد (¬2)، وكان يقضي للمنفوس (¬3). "الأحكام السلطانية" 138 - 139 ونقل عنه أبو النضر العجلي: والفيء بين الغني والفقير. "الأحكام السلطانية" ص 243 نقل أبو طالب عنه في حرورية كان لهم سهم في قرية فخرجوا يقاتلون المسلمين فقتلهم المسلمون: فأرضهم فيء للمسلمين، فيقسم خمسة على خمسة، وأربعة أخماسه للذين قاتلوا يقسم بينهم أو يجعل الأمير الخراج على المسلمين ولا يقسم، مثل ما أخذ عمر السواد عنوة ووقفه على المسلمين. "مجموع الفتاوى" 28/ 515 - 516 قال في رواية المروذي: من كان في العطاء؛ إنما أخذوا على الفقر. وأعجبه حديث طلحة قال مالك: قلت لطلحة: يا أبا عبد اللَّه لو وجدت غنى عن العطاء لتركته. قال طلحة: هكذا نقول. وقال في رواية بكر بن محمد: الفيء لكل مسلم فيه حق إن رآه الإمام وأعطى الناس، وأن يبلغ ذلك ولم يعط الإمام وكان عدلًا وهو على ما يرى فيه ويجتهد. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 88 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 457 عن مجاهد قال: فرض عمر لأهل بدر في ستة آلاف سنة ستة آلاف، وفرض لأزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثل ذلك. (¬2) رواه أبو داود (2966)، والنسائي 7/ 135. (¬3) رواه عبد الرزاق 6/ 59 (12181)، وابن أبي شيبة 4/ 190 (19152).

1430 - هل يجوز للإمام تفضيل البعض عن البعض في الفيء؟

وقال في رواية أبي طالب: ولا يخمس الفيء. "معونة أولي النهى" 4/ 440 1430 - هل يجوز للإمام تفضيل البعض عن البعض في الفيء؟ قال أحمد في رواية المروذي: وأما أبو بكر فلم يفضل أحدًا على أحد، وعمر قد أعطى أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وفضلهن، وأعطى عبد الرحمن بن عوف وفضله، وأعطى المهاجرين الأولين وفضلهم على من سواهم، وأما عثمان فأعطى وفضل، وأما علي فلم يفضل. وكذلك قال في رواية أبي طالب: وأبو بكر قسم بالسوية ولم يفضل أحدا، فلما كان عمر فضل، فلما كان عثمان مضى ست سنين على الأمر، ثم فضل قومًا، فهذا حكايته عنهم الاختلاف. ونقل المروذي عنه، وذكر حديث عمر، قال: ما أحد من المسلمين إلا وله فيه نصيب إلا العبيد، فليس لهم فيه شيء. "الأحكام السلطانية" ص 240 - 241

ثالثا: الأرضون

ثالثًا: الأرضون أقسامها وأحكامها 1431 - أقسام الأرضيين وما يوضع عليها الخراج منها وما لا يوضع وشروط ذلك قال إسحاق بن منصور: سألتُ أبا عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه-: عن السَّوَاد (¬1)؟ قال: أمرُ السَّوَادِ عندنا بيّن. قُلْتُ: هات، كيف هو؟ قال: فَتَحَ المسلمونَ السَّوَادَ عَنْوَةً إلا ما كانَ منه صُلح، وهي أرض الحيرة، وأرض بانِقْيَا؛ فإنها زعموا صلح، فأَرَاد عُمَرُ -رضي اللَّه عنه- أَنْ يقسمَ السَّواد بين المسلمينَ فاسْتشارَ النَّاسَ فيهم عَليّ -رضي اللَّه عنه-، فقالوا: دَعهم ينزلُ عليهم المسلمون فأَقرُّوا الأرضَ في أيديهم، ووضعَ عليها الخَراج على كُلّ جريبٍ دِرهمًا وقفيزًا مِن حِنطة، والشعير وما سِوى ذَلِكَ من القَضْبِ (¬2) والزيتون والنخيل أشياء موظفة دونها ومَسَح عليهم العامرَ، والغامِرَ إذا الماءُ [بلغه] (¬3). وأسلمَ رجلٌ منهم، فقال عمرُ -رضي اللَّه عنه-: إن تحولتَ عنها فالمسلمون أحقُّ بأرضهم، وإن أقمتَ عليها فأنتَ أحق. ¬

_ (¬1) السواد: هي أرض العراق المتاخمة لجزيرة العرب، والتي افتتحها المسلمون في عهد عمر -رضي اللَّه عنه-، وسميت بذلك لكثرة زرعها وشجرها. انظر "معجم البلدان" 3/ 272. (¬2) القضب: ما أُكل من النبات بعد قطعه غضا ليِّنًا. (¬3) زيادة يقتضيها السياق.

وفي ذَلِكَ دليل أنهم ليسوا بمالكينَ للأرضِ، وإنما أقرهم فيها عُمر -رضي اللَّه عنه- ليعمَلوا فيها وَيعْمُروها، فما أخرجَ اللَّهُ منها من شيءٍ أخذوا منه ما يقيمهم وردوا سائر ذَلِكَ على المسلمين، وما يبين ذَلِكَ قوله لعثمان ابن حُنيف: واللَّهِ لئن وضعت على كلِّ جريبٍ دِرهمًا وقفيزًا لا يُجهدهم ولا يضر بهم. قال: فكانت ثمانية وأربعين فَجَعَلَها خمسين (¬1). قُلْتُ: ما هذا؟ قال: عَلى رِقابهم، وأخَذَ مِنَ الغنيِّ ثمانيةً وأربعين، ومِنَ الوسطِ أربعةً وعشرين، ومِنَ الفقيرِ اثني عشر. ومما يُبين أنهم لَيسوا بمالكين للأرضِ أنَّ عثمان -رضي اللَّه عنه- أَقْطَع في السَّواد، فأقْطَعَ سعدًا وابنَ مسعود وخبابًا والزبيرَ وأُسامةَ -رضي اللَّه عنهم- فأَقْطَعهم فيها (¬2)، فلو كانوا مالِكين ما أقطَعَ فيها، فرأى عمرُ -رضي اللَّه عنه- أنْ يَدَعَها للمسلمين، ورأى عثمان -رضي اللَّه عنه- لمنزلة هؤلاء مِنَ الإسلامِ وما كانوا فيه؛ أن يُقطعَهم فيها. قال: فالأرضُ التي يملكها ربها ليسَ عليه فيها خَراج، وإنما عَليه فيها الصَّدقة وهو العُشر من كل خمسةِ أوسق، يعني: مثل هذِه القطائع التي اقتطَعَها عثمان -رضي اللَّه عنه- لهؤلاء. قال: والسَّواد على الرَّقبة: الخراج قبل جزية الرءوس، ومما يُبين ذَلِكَ أنه مسحَ العامرَ والغامرَ؛ لأن الغامر ليست بمعمورةٍ؛ فقد أَوْجَبَ عليها الخراجَ، فمِنْ ثمَّ يجبُ على الأرضِ الخَراجُ والعُشرُ وهو الذي قال عمرُ بن عبدِ العزيزِ أنَّ العُشرَ في الحبِّ، والخراجُ على الأرضِ (¬3). ¬

_ (¬1) رواه ابن الجعد (148). (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 99 (14470)، وابن أبي شيبة 6/ 476 (33017 - 33018)، والبيهقي 6/ 145. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 2/ 419 (10604 - 10605)، والبيهقي 4/ 131.

فقال إسحاق: كما قال سواءٌ. "مسائل الكوسج" (561) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: فَخَيْبرُ؟ قال: ما صحَّ لي مِنْ أمرِ خيبرَ شيءٌ. وأما أهلُ المدينةِ فقولُهم قولٌ واحدٌ: كلُّ ما فَتَح المسلمون مِنَ الأرضِ عَنْوَةً أو أخذوا الرقاب عَنْوَةً أو مالا أو حرثًا فهم يقسمونه قسمًا واحدًا: الخُمس فيه للَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وللرسُولِ ولذي القُربى؛ الآية، والباقي بين مَنْ شهد الوقعة، فهذا قول أهلِ المدينة. فقال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (562) قال صالح: حدثني أبي قال: معاوية بن عمرو قال: حدثنا أبو إسحاق قال: قال عبد اللَّه -يعني: ابن عمر-: بلغني أن عمر قال في أول ما فتحت كرمان: من يخبرنا عن قدابيل؟ قال: فقال رجل: يا أمير المؤمنين، ماؤها وشل، وتمرها دقل، ولصها بطل، إن كان بها الكثير جاعوا، وإن كان بها القليل ضاعوا. قال: أنت رجل شاعر. قال: بل أنا رجل خابر. قال عمر: لا يسألني اللَّه عن أحد من المسلمين بعثته إليها أبدًا. "مسائل صالح" (867) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: قبرس يقولون: أصله صلح. "مسائل أبي داود" (1569) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن قرية فتحت، فقال بعضهم: إنها عنوة، فقال بعضهم: إنها صلح. قال أبي: فإن كانت صلحًا فهم على ما صولحوا عليه، فلينظروا إلى قديم ما كانوا عليه فهم على ذلك، لا يحدثون شيئًا.

وإن كانت عنوة فإن العنوة لمن قاتل، أربعة أخماس، وخمس يقسم على خمسة أسهم على ما سماه اللَّه تعالى. قال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41] وسهم اللَّه والرسول واحد، إلا أن تكون هذِه القرية أوقفها من فتحها على المسلمين؛ كما وقف عمر أرض السواد وضرب عليهم الخراج، فهم على ما فعل الفاتح لها، إذا كان من أئمة الهدى. "مسائل عبد اللَّه" (1453) نقل عنه أبو الحارث: يجب على أرض السواد على العامر إذا ناله الماء. ونقل عنه الميموني: يمسح العامر والجبال، وإن لم ينله الماء، ماء السماء يناله. "الروايتين والوجهين" 2/ 374 وقال في رواية حرب ومحمد بن أبي حرب: الأرض الخراج ما فتحها المسلمون فصارت فيئًا لهم ثم دفعوها إلى أهلها وأضافوا عليها وظيفة، فتلك الوظيفة جارية للمسلمين أبدًا. وقال في رواية أبي الحارث وصالح: كل أرض جلا عنها أهلها بغير قتال فهي فيء. وقال في رواية حنبل: ما فتح عنوة فهو فيء للمسلمين، وما صولحوا عليه فهو لهم يؤدون إلى ما صولحوا عليه، ومن أسلم منهم تسقط عنه الجزية، والأرض فيء للمسلمين. "الأحكام السلطانية" ص 148 - 149 نقل عنه أبو الصقر وقد سأله عن أرض موات في دار الإسلام لا يعرف لها أرباب ولا للسلطان عليها خراج، أحياها رجل من المسلمين، فقال:

من أحيا أرضًا مواتًا في غير أرض السواد كان للسلطان عليه فيها العشر، ليس له عليه غير ذلك. "الأحكام السلطانية" ص 162، "الفروع" 2/ 443 ونقل حنبل عنه فيمن أسلم على شيء فهو له ويؤخذ منه خراج الأرض. ونقل حرب عنه في أرض الصلح هي خراج. قيل: كيف قال الرجل يكون في يده الأرض فيسلم ويصالح على أرضه فهذا هو خراج. قال حرب: هذا عندي وهم، ولا أدري كيف هذا؛ لأن الرجل إذا لم يسلم وصالح على أرضه أخذ منه ما صالح عليه، فإذا أسلم بعد الصلح فإن أرضه عشر إنما الخراج العنوة. وقال لي أحمد مرة أخرى: أرض الصلح هي عشر، كيف يؤخذ منها الخراج؟ ! ولا أدري لعلي أنا لم أنهم عن أبي عبد اللَّه القول الأول في أرض الصلح. وسمعت أحمد مرة أخرى بقول: إذا فتح المسلمون الأرض عنوة فصارت فيئًا لهم فهو خراج. قال: وأرض العشر الرجل يسلم بنفسه من غير قتال وفي يده الأرض، فهو عشر مثل المدينة ومكة. "الأحكام السلطانية" ص 163، "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 11، 12 قال في رواية الأثرم ومحمد بن أبي حرب، وقد سئل عن رجل في يده أرض من أراضي الخراج ولم يزرعها، يكون عليه خراجها؟ قال: نعم، العامر والغامر. "الأحكام السلطانية" ص 169، "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 56

قال في رواية يعقوب بن بختان وقد سأله: ترى أن يخرج الرجل عما في يده من دار أو ضيعة على ما وصف عمر على كل جريب، فيتصدق به؟ قال: ما أجود هذا. قال له: فإنه بلغني عنك أنك تعطي عن دارك الخراج، فتصدق به؟ قال: نعم. "الأحكام السلطانية" ص 171 قال في رواية الميموني وقد سئل عن مكة، هل فتحت صلحًا؟ فالتفت إليَّ وقال: أليس إنما أخذت بالسيف؟ ! وقال في رواية حرب بن إسماعيل أرض العشر: الرجل يسلم نفسه من غير قتال، وفي يده الأرض فهي عشر، مثل المدينة ومكة. وقال في رواية سعيد بن محمد الرفا -وقد سئل عن مكة فقال: دخلت صلحا. واستدل بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعِ" (¬1). وقال في رواية أبي طالب إذا كانت أرض حرة؛ مثل مكة وخراسان، فإنما عليهم الصدقة؛ لأنهم يملكون رقبتها. "الأحكام السلطانية" ص 188 - 189 قال في رواية حنبل في أرض السواد: أوقفه عمر ولم يقسمه. أشار عليٌّ عليه بذلك. وقال في رواية المروذي: إنما أذهب إلى أن السواد وقف، وعمر ترك السواد ولم يقسمه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 201، والبخاري (1588) ومسلم (1351) من حديث أسامة ابن زيد.

وقال في رواية الميموني: السواد إنما أوقف على من يجيء من المسلمين. وقال في رواية الأثرم، وذكر قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} تأول عمر في ذلك: أن الأرض موقوفة لمن يجيء من بعدهم. "الأحكام السلطانية" ص 205 ونقل المروذي عنه: الأرض الميتة إذا كانت لم تملك، فإن ملكت فهي فيء للمسلمين، مثل من مات وترك مالًا لا يُعرف له وارث. وقال أحمد في رواية حنبل: ما كان عنوة كان المسلمون فيه شرعًا واحدًا، وعمر ترك السواد لذلك. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 14، 15 ونقل حنبل: أن عمر -رضي اللَّه عنه- كان أقطع بجيلة من السواد (¬1)، ثم رجع. وروى أبو طالب عن أحمد، قال في حربة كان لهم سهم في قرية فخرجوا يقاتلون المسلمين فقتلهم المسلمون: كيف تصنع بأرضهم هذِه؟ قال: هذِه فيء المسلمين من قاتل عليه حتى أخذه، فيؤخذ خمسه فيقسم بين خمسة وأربعة أخماس للذين أفاءوا، ويكون سهم الأمير خراجًا للمسلمين؛ مثل ما أخذ عمر -رضي اللَّه عنه- السواد عنوة، فأوقفه على المسلمين. وقال حرب سألت أحمد، قلت: أرض صلح على النصف، أو أكثر، أو أقل، أخذ السلطان حقه هل فيما بقى العشر؟ قال: أرض الصلح هي أرض العشر كيف يؤخذ النصف؟ قلت: إنهم يأخذون. قال: إنهم يظلمون. ولم ير عليه فيما بقى شيئًا. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 470 (32963)، والبيهقي 6/ 360.

وقال: إذا أخذ منه السلطان فلا شيء عليه. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 29 وقال أبو عبد اللَّه في رواية حنبل: الذي صولحوا عليه فهو لهم، وعليهم الجزية، ويؤدون إلى المسلمين الذي صولحوا عليه في رقابهم. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 34 قال أحمد في رواية حرب وغيره: الأرض أرضان: أرض خراج، وأرض العشر. قال: وأرض العشر هي الصلح. قال الأثرم: سئل أبو عبد اللَّه عن أرض العنوة من أين هي إلى أين؟ وأرض الصلح من أين هي؟ قال: ومن يقوم على هذا؟ قال: وذكر أبو عبد اللَّه أرض خراسان، فقال: ما دون النهر صلح وما وراءه عنوة. ونقل حرب عن أحمد، قال: ما وراء النهر كله عنوة. قال حرب: قلت لأحمد، قال: ما وراء النهر كله عنوة. قال حرب: قلت لأحمد: كرمان عشرًا أو خراج؟ قال: لا أدري. قال: وطبرستان خراج. وقال أحمد في رواية جعفر بن محمد: أرض الشام عنوة إلا حمص وموضع آخر. وقال في رواية المروذي: أرض الذي خلطوا في أمرها فأما ما فتح عنوة فمن نهاوند. وقال في رواية يعقوب بن شعيب: خراسان أرضهم صلح، وكل ما كان صلحًا فرقابهم وأموالهم حلال، وكل ما كان من أرض العنوة فإنهم

أرقاء؛ لأن عمر -رضي اللَّه عنه- تركهم يؤدون الخراج. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 41 وقال في رواية الأثرم: الكوفة من السواد والبصرة موات أحيوها. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 45 وقال أبو بكر الدوري: خرج أحمد بن حنبل إلى مدينة الرسول صلى اللَّه عليه وسلم وبها نسله المبارك الذين افتتحوا الجانب الغربي، فأرسل إليهم دراهم صالحة واستحلهم من نزوله. وذكر أبو جعفر بن المنادى، عن جده عبد اللَّه بن محمد قال: قال لي أحمد بن حنبل: أنا أبيع هذِه الدار التي أسكنها وأخرج الزكاة عنها في كل سنة، أذهب في ذلك إلى قول عمر بن الخطاب في أرض السواد. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 46 وقال في رواية أبي الحارث: الخراج يجب على أرض السواد على العامر إذا ناله الماء. وقال في رواية الميموني: يمسح العامر والجبال وإن لم يبله الماء، ماء السماء يناله. ونقل عنه الأثرم: قال عمر رضي اللَّه عنه: وضع على العامر والغامر. قيل له: وأنت تذهب إليه. قال: نعم. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 54 قال حنبل: قال أبو عبد اللَّه: مكة إنما كره إجارة بيوتها؛ لأنها عنوة دخلها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالسيف، فكل ما كان عنوة كان المسلمون فيه شرعًا واحدَا، وعمر رضي اللَّه عنه إنما ترك السواد لذلك، وقال عمر -رضي اللَّه عنه-: لا تمنعوا نازلًا بليل أو نهار. لأهل مكة؛ لأنه لم يجعل لهم ملكًا دون الناس

1432 - إذا عجز رب الأرض عن عمارتها، يدفعها الإمام إلى من يعمرها

فالحاج فيه سواء العاكف فيه والباد والمقيم فيه والقادم، والسواد وكل عنوة كذلك. وقال: لا يعجبني بيع منازل السواد ولا أرضهم. قيل لأبي عبد اللَّه: فأراد السلطان أن يفعل ذلك؟ قال: كل إمام يقوم بذلك وكان له ذلك إلى السلطان، الإمام يصرف كيف شاء، إلا الصلح لهم ما صولحوا عليه. "الاستخراج" ص 90 - 91 1432 - إذا عجز رب الأرض عن عمارتها، يدفعها الإمام إلى من يعمرها قال في رواية حنبل: من أسلم على شيء فهو له ويؤخذ منه خراج الأرض، فإن ترك أرضه فلم يعمرها، فذلك إلى الإمام يدفعها إلى من يعمرها، لا تخرب، تصير فيئا للمسلمين. "الأحكام السلطانية" ص 172 1433 - إن عدم الانتفاع بالأرض لزراعتها، وأمكن الانتفاع بها في غير الزراعة لمصائد، أو مراع، هل يجوز أن يستأنف وضع الخراج بحسب ما يحتمله الصيد والمرعى؟ نقل خضر بن إسحاق: أن صيادًا سأل أحمد عن الصيد في أجمة -يعني: قطربل- وأنهم يمنعون أن نصيد فيها حتى نعطيهم شيئًا؟

1434 - اجتماع الخراج والعشر

فقال: احرص أن لا تعطيهم، فإن شارطتهم فلا تخنهم. "الأحكام السلطانية" ص 168 1434 - اجتماع الخراج والعشر قال إسحاق بن منصور: قال الإمامُ أحمد: لمَّا مَسَح عُمر -رضي اللَّه عنه- العامِر والغامر؛ فالعامر: قد بَان أمرُه، والغامر: الذي لا يزرع فإنما هو جزية رقبة الأرض، ففي هذا دليل على أنَّ في الحبِّ العشر ولابد مِن أداءِ ما على رقبة الأرض وهو: الخراج، فمِنْ ثَمَّ مسح الغامِرَ عليهم وهو مما لا يعمر؛ فمن عمر شيئًا وجبَ عليه الخراجُ في الأرضِ والعُشر في الحبِّ. فقال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (563) قال إسحاق بن منصور: قلت: وكان سفيان والأوزاعي يقولان: على أرض الخراج الزكاة حيثما زرع المسلم. قال أحمد: أجود، وأعجبه. قال إسحاق: كما قالوا، إلا أنا نرى أن يكون يرفع من جملة الطعام نفقاته والخراج أيضًا، ثم ما حصل بعد ذلك عشرة. "مسائل الكوسج" (598) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الأكّار (¬1) إذا أخرجَ في نصيبه ما يجب فيه العشر، أيعطي؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) الأكَّار: الحرَّاث أو الزارع.

فقال إسحاق: وأمَّا الخراجُ والعشر فيجتمعانِ، فإنَّ السُّنَّةَ مضَتْ من رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- والخلفاء بعده أنَّ العشرَ فرض مِن فرائضِ اللَّه في البُر والشعير والتمر والزبيب، كما قال اللَّه تبارك وتعالى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267] يعني: الحبوب والثمار، واختلفوا فيما سوى الأصناف الأربعة من الحبوبِ فرأى طائفة مِن أهلِ العراقِ ومَنْ سلكَ طريقَهم مِن أهلِ الأمصارِ أن لا زكاة في شيءٍ مِنَ الحبوبِ إلَّا في الأصنافِ الأربعة؛ لما تأولوا حديثَ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، حيث أخذ من الأصناف الأربعة، منهم: الثوري، وابن المبارك، ومَنْ سَلكَ طريقَهما. ورأى عامةُ علماءِ أهلِ الحجاز، ومَنِ اتبعهم مِن علماءِ أهلِ الشامِ وأهل العراق أنَّ كلَّ حب يدخر أو تصير تلك الحبوب أُطْعِمَات أهل مصر من الأمصار فإنَّه مثلُ الأصناف الأربعة، هذا الذي يُعتمد عليه؛ لما قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس في أقل من خمسة أوسق من حب صدقة" (¬1) فكل ما وقع عليه اسمُ الحب، وهو مما يبقى في أيدي الناس مما يصير في بعض الأزمنة عند الضرورة طعامًا لقوم، فهو حب يُؤخذُ منه العشر إذا بلغَ خمسةَ أوسق، فكل ما أخرجت الأَرَضون شيئًا من الحبوب التي وصفنا كانت أرض خراج أو عشر، فإن العُشرَ فرضٌ عليه لا يسقط الخراجُ العشرَ الذي فرض اللَّه. قال اللَّه: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267] فسَّرَه أهلُ العلمِ أنه الحب والثمار، فصار العشر فرضًا مفروضًا في الكتابِ الناطقِ والسُّنَّة ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 59، ومسلم (979)، من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا.

الماضية، فكيف يسقطُ الخراجُ الذي وضعه أهلُ العلمِ مِن أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- عَامِرها وغامرها زرعت أم لم تزرع العشرَ الذي فرضَهُ اللَّه في الحبوبِ التي أخرجتها الأرض؟ وقد قيل ذَلِكَ لعمرَ بنِ عبدِ العزيز حيث رأى أن يأخذ العشر أنها أرض خراج. قال: الخراجُ على الأرضِ، والعشر على الحبّ (¬1). فقال إسحاق: وأمَّا الرجلُ الذي يملك الدارَ وقيمتها عشرة آلاف درهم ولا شيء له سواها أيأخذ من الزكاة؟ فإنَّ السنةَ قد مضَتْ بأنَّ صاحب المسكن والخادم ومَن لم يكنْ له شيءٌ احتاج إلى ذَلِكَ الشيء -يعني: من لباس وأثاث البيت وما أشبهه- فإذا كانتِ الدار مسكنه وفيها سعة وما يبلغ فوق مسكنه قيمة خمسين درهمًا أو أكثر لم يُعط من الزكاة؛ لأنَّه قادرٌ على أنْ يخرجَ الفضل من يده. واختلفَ أهلُ العلمِ في فضل سعة الدار، فرأى ابن المبارك إذا لم يمكنه بيع فضل المسكن إلا أنْ يكونَ الطريقُ عليه ولا يقدر أن يصرف الفضل من وجه آخر فإنه يعطى لا يحتسب عليه الفضل. ورأى الأوزاعي ومَنِ اتَّبعه أن يُباعَ المسكن فإذا أخذ ثمنا اشترى مسكنًا قدر ما يسعه، ثم حينئذٍ يُعْطى إذا لم يكنْ عنده فضلٌ عن المسكن وعليه الحج إذا كان مسكنه ذا ثمن، ويكتفي بدون ذَلِكَ، وهذا الذي يُعتمدُ عليه؛ لأنَّ ما قال الأوزاعي أشبه بالسنةِ، لا يُعطى رجل مِنَ الزكاةِ وله دار قيمتها خمسة آلاف درهم أو أكثر. "مسائل الكوسج" (663) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 419 (10604 - 10605)، والبيهقي 4/ 131.

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن أرض الخراج يزرع فيها المسلم؟ قال: يخرج الخراج والعشر -يعني بالخراج: وظيفة عمر. "مسائل أبي داود" (561) قال أبو داود: وسمعت أحمد مرة أخرى سئل عن أرض الخراج، فقال: ينظر ما أخذ منه -يعني: في الخراج- فإن كان يبلغ العشر وما وظف عليهم عمر فقد أجزأه، وإن كان أقل -يعني: من العشر ووظيفة عمر- أخرج حتى يبلغ العشر وما وظف عليها عمر. "مسائل أبي داود" (562) قال أبو داود: قلت لأحمد: بلاد صولحوا على مال مسمى، فكان على أرض رجل مائة درهم فيخرج عليه -أعني: زيادة على المائة- قلت: فيحسب الزيادة التي زادوا عليه من العشر؟ قال: لا؛ هذا مثل غصب يغصب، هذا على أنه يؤخذ منه بغير غلة الخراج، مثل مؤنةٍ يحفر الأنهار والمؤن التي يلزم ولا يلزم صاحب الأرض. "مسائل أبي داود" (563) قال أبو داود: قلت لأحمد: أرض صُولحوا على مال -أعني: مالًا مسمى- يؤدى كل سنة، فيؤدون العشر -أعني: من غلاتهم من الزرع والثمر- أيؤدون هذا الذي صولحوا عليه؟ قال: نعم يؤدونهُ. "مسائل أبي داود" (564) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل جعل داره بستانًا، عليه فيه الخراجُ؟

قال: إذا خرج منه ما يجب عليه فيها العشر. ففيه العشر، ثم كرر عليه الرجل المسألة، فقال أحمد: أرض السواد فيها الخراج، ولكن القطائع ليس يؤدى عنها الخراج. "مسائل أبي داود" (566) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: قال سفيان: يدفع الخراج ثم ينظر إلى ما بقي في يده. فإن كان خمسة أوسق أدى العشر ونصف العشر. سمعت أبي يقول: إلى هذا أذهب أنا. "مسائل عبد اللَّه" (623) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا بأس أن يأخذ الرجل من غلته بقدر ما يأكل هو وعياله، والباقي حتى يأخذ السلطان، وكل شيء يخرج من الأرض ففيه الزكاة، بعد وظيفة عمر ما كان يسيح ففيه العشر، وما كان بكلفة نصف العشر، وإن كان السلطان يأخذ أكثر مما وظف عمر فليس عليه شيء، وإن كان أقل يخرج منه الزكاة. "مسائل عبد اللَّه" (1448) قال عبد اللَّه: سألت أبي: رجل في يده أرض من أرض الخراج، فيها العشر، ويلزمه السلطان فيها الخراج، ويتحامل عليه، هل يجوز له أن يحتال في تخفيفه عن نفسه؛ وكم يجوز له أن يحتال فيه؛ وهل يجزئ عنه إخراج العشر، ويلزمه السلطان من الخراج؟ قال: إن كانت هذِه الأرض مما وظف عليها عمر وظيفة أو إمام من أئمة الهدى فليخرج كل ما وظف عليها ثم ينظر إلى ما حصل في يديه، فإن كانت خمسة أوسق من تمر أو شعير، أو حنطة أو زبيب، أو ما يكال، حتى

1435 - توريث الأرض الخراجية

يقوم مقام هذِه الأربعة، ويدخرها كما يدخر هذِه فليخرج مما حصل في يديه، إن كانت مما يسقى بكلفة نصف العشر، وإن كانت مما سقاها السماء فالعشر. "مسائل عبد اللَّه" (1454) نقل عنه أحمد بن منصور بن سيار الرمادي: قال أحمد: يؤدي الخراج والزكاة جميعًا في أرض الخراج. "الطبقات" 1/ 187 روى ابن المنادي، حدثني جدي محمد، قال: قال لي أحمد ابن حنبل: أنا أذرع هذِه الدار التي أسكنها، فأخرج الزكاة عنها في كل سنة. ذهب في ذلك لقول عمر بن الخطاب في أرض السواد. "الطبقات" 3/ 8 1435 - توريث الأرض الخراجية قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه، وذكر ورع يزيد بن زريع، فقال: قد تنزه عن ميراث أبيه. سمعت عبد الوهاب يقول: سمعت أبا سليمان الأشقر -وكفاك بأبي سليمان- قال: قد تنزه يزيد بن زريع عن خمسمائة ألف من ميراث أبيه، فلم يأخذه. وسمعت أمية بن بسطام، ابن عم يزيد بن زريع، يقول: كان يزيد يعمل الخوص، وكان يكون في هذا البيت، وأشار إلى بيت لطيف في المسجد. سمعت أبا الخطاب يقول: لما أخذ زريع، قال يزيد للقوم: ارفقوا بالشيخ وذكر أن زريعًا كان واليًا. "الورع" (11 - 14)

قال المروذي: وقال رجل لأبي عبد اللَّه: إني قد ورثت عن أبي دارًا ولي أخ، وقد عمد أخي إليها يبيعها، وينفقها فيما يكره، فترى أن أمنعه؟ فقال: شيء تنزهت عنه، مالك تعرض له. "الورع" (191) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا ورث ضياعًا، فقال: لإخوته: أوقفوني على شيء. فليس يوقفونه، فترى له ان يدعها في أيديهم ويخرج إلى الثغر؟ أو كيف ترى أن يفعل؟ فقال: لا يدعها في أيديهم، ويخرج! وأنكر تركها، وقال: أشهد أن ما ورث من هذِه الضياع فهي وقف، وأعجب إلى أن يُوقفها على قرابته، فإن لم يكن فجيرانه، أو من أحب من أهل المسكنة، قوم يعرفهم يوقفها لهم، ويدعهم في أيديهم ثم يخرج. ثم قال: بارك اللَّه على هذا. وقد كان أبو عبد اللَّه، أبى أن يُجيبه فيها، وقال: هو حدث السنِّ! فقلت: إن عبد الوهاب كتب إلى في أمره فأجابه بعدُ. "الورع" (444) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: سمعت شعيب بن حرب يقول: سألت سفيان عن ميراث أبي وشددت عليه، فقال: لا تأكله. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (260) وقال في رواية حنبل: السواد وقفه عمر على المسلمين، فمثله كمثل رجل أوقف دارًا على رجل وعلى ولده لا تباع، وهي للذي أوقف عليه، فإن مات الموقوف عليه كان لولده بالوقف الذي أوقف الأب لا يباع، وكذلك السواد لا يباع، ويكون الذي بعده يملك منه مثل الذي ملك قبله على ذلك، وقفًا أبدًا للمسلمين. "الأحكام السلطانية" ص 207

قال أبو جعفر المنادي: سأل رجل أحمد بن حنبل عن العقار الذي كان يستغله وسكن في دار منه كيف سبيله عنده؟ فقال: هذا شيء قد ورثته عن أبي فإن جاءني أحد فصحح أنه له خرجت عنه ودفعت إليه. وقال الخلال: أخبرني محمد بن علي السمسار، قال: كانت لأم عبد اللَّه بن أحمد دار معنا في الدرب يأخذ منها درهمًا حق ميراثه، فاحتاجت إلى نفقة فأصلحها عبد اللَّه، فترك أبو عبد اللَّه الدرهم الذي كان يأخذه. وقال: قد أفسده عليّ. ونقل المروذي أن أحمد سُئل: هل ترى أن يورث الرجل من السواد؟ قال: وهل يجري في هذا ميراث. ونقل صالح: سألت أبي عن رجل مات وترك ورثة وترك دكانًا عليه خراج للسلطان، فأحرق الدكان فأعطى بعض الورثة الخراج كله وبنى الدكان من عنده بعلم الورثة إلا أنهم لم يروا فجاءوا بعد يطلبون حصتهم من الدكان وقالوا هو بيننا؟ قال أبي: أما الخراج فيلزمهم كلهم وأما البناء فإن كانوا أذنوا فهو بينهم جميعًا، فإن لم يكونوا أذنوا فالبناء بناؤه، ولهم أن يقولوا انقض بناءك فهو لك، وحقهم ثابت في الدكان إلا أن يتراضوا به بينهم ويؤدوا إليه ما أنفق. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 98

1436 - حكم دخول المسلم في الخراج

1436 - حكم دخول المسلم في الخراج قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قد سمعتُ الأوزاعي يقول: جمعَ أصحابُنا خصلتي سُوء دَخَلُوا في الخراج وهي شريعة مِنْ شرائعِ الكُفْر، ومَنَعُوا الزَّكاةَ وهي فريضة مِنْ فرائضِ الإسلام. قال: صدق رحم اللَّه تعالى الأوزاعي. فقال إسحاق: هذا مِن الأوزاعي طعنٌ على من دخل فيه، ويحرضهم على الدخول في أرضِ العشرِ. "مسائل الكوسج" (565) قال صالح: وسألته عن حديث رواه نصير بن محمد الرازي صاحب ابن المبارك، عن عثمان بن زائدة، عن الزبير بن عدي، عن أنس بن مالك رفعه قال: "من أقر بالخراج وهو قادر على ألَّا يقر به، فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل إلله منه صرفا ولا عدلا". فقال: ما سمعنا بهذا، هذا حديث منكر، وقد روي عن ابن عمر أنه كان يكره الدخول في الخراج (¬1)، وقال: إنما كان الخراج على عهد عمر. "مسائل صالح" (174) قال الفضل بن زياد: وكتبت أسأله عن الحديث: "من أقر بالخراج وهو قادر على أن لا يقر به فعليه لعنة اللَّه" (¬2) فأتى الجواب: ما سمعت بهذا، هو حديث منكر. وقد روي عن ابن عمر أنه كان يكره الدخول في ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 342 (20793). (¬2) لم أقف عليه، وروى أبو داود (3081) عن معاذ أنه قال: من عقد الجزية في عنقه فقد برئ مما عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

1437 - انتقال أرض الخراج والعشر إلى الذمي وآثار ذلك

الخراج (¬1)، وإنما كان الخراج على عهد عمر. "بدائع الفوائد" 4/ 57 وقال الميموني: كتبت إلى أحمد أسأله عن هذا الحديث، فأتاني الجواب؛ ما سمعنا بهذا، هو حديث منكر. قد روي عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنه كان يكره الدخول في الخراج، وإنما كان الخراج في عهد عمر -رضي اللَّه عنه-. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 7 قال أحمد في رواية حنبل: لا تشتري الضياع بالسواد يؤدي الخراج هو من الصغار. وقال في رواية حرب: في المسلم يشتري من أرض الخراج ويؤدي الخراج، قال: مكروه. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 81 1437 - انتقال أرض الخراج والعشر إلى الذمي وآثار ذلك قال ابن هانئ: وسئل عن دار البطيخ بطرسوس كانت بين الفصيلين، وما كان عليها خراج، فحولها علي الأرمني إلى خارج الخندق، ووضع عليها خراج فقال الحمالون: لا نحمل؛ لأنها لم تكن خراجًا وقد وضع الآن عليها خراج، ولا نعين السلطان، فقعدوا. فقال: قد أحسنوا لا يعينوهم. "مسائل ابن هانئ" (2001) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 342 (20792 - 20793)، والبيهقي 9/ 139.

قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قال: حدثنا أبو الحارث أن أبا عبد اللَّه سئل عن أرض أهل الذمة؟ قال: من الناس من يقول: ليس عليهم شيء، ومن الناس من يقول: يضاعف عليهم الخراج. قلت: فما ترى؟ قال: فيها اختلاف. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم. وأخبرني محمد بن علي قال: حدثني صالح أنه قال لأبيه: كم يؤخذ من أهل الذمة فيما أخرجت أرضوهم؟ فقال: من الناس من يقول: لا يكون عليهم إلَّا فيما اتجروا، ومن الناس من يقول: يضاعف عليهم وقال: أخبرني حرب قال: سألت أحمد عن الذمي يشتري أرض العشر؟ قال: لا أعلم عليه شيئا، إنما الصدقة كهيئة مال الرجل. وهذا المشرك ليس عليه. وأهل المدينة يقولون في هذا قولًا حسنًا يقولون: لا يترك الذمي أن يشتري أرض العشر. قال: وأهل البصرة يقولون قولًا عجيبًا يقولون: يضاعف عليهم. قال: ويعجبني أن يحال بينه وبين الشراء. وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا أبو بكر الصاغاني قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: يمنع أهل الذمة أن يشتروا من أرض المسلمين. قال أبو عبد اللَّه: وليس في أرض أهل الذمة صدقة إنما قال: {صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ} [التوبة: 103]، فأي طهرة للمشركين. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا محمد بن موسى أن أبا عبد اللَّه سئل -يعني عن الذمي- على أرضه الخراج؟

فقال: أما ما كان للتجارة فمروا نصف العشر، وأما أرضهم فمن الناس من يقول: يضاعف عليهم العشر، ومنهم من يقول: على أرضهم الصدقة، ما أدري ما هو؟ إنما الصدقة طهرة، قال اللَّه تبارك وتعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ} [التوبة: 103]. يروى عن الحسن، وقد روى عن حماد بن زيد عن أبيه عن عمر -رضي اللَّه عنه- (¬1): أنه ضاعف عليهم الخراج. وهذا ضعيف. وأما أهل الحجاز فحكي عنهم: أنهم كانوا لا يدعونهم يشترون أرضهم يقولون: يكون في شرائهم ضرر على المسلمين. وقال: أخبرني الحسين بن الحسن قال: حدثنا إبراهيم بن الحارث قال: سئل أبو عبد اللَّه عن أرض يؤدى منها الخراج أيؤدى عنها العشر بعد الخراج؟ قال: نعم كل مسلم فعليه أن يؤدي العشر بعد الخراج إذا كان مسلمًا، فأما غير المسلم فلا عشر عليه. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه وسأله عن الذمي أيشتري أرض المسلمين؟ قال: لا أرى عليه زكاة. قال: وحكوا عن إسماعيل ابن علية أنه ما كان يعرف حتى ولي خالد الحذاء فكان يأخذ من أهل الذمة الخمس كأنه أضعف عليهم. قال: وحكوا عن سفيان أنه قال: ليس عليهم شيء. ¬

_ (¬1) هو عمر بن عبد العزيز، وسيأتي مسندًا.

قال: وحكى لي رجل من أهل المدينة: أن أهل المدينة لا يدعون ذميًا يشتري من أموال المسلمين يقولون: تذهب الزكاة. قال أبو عبد اللَّه: لا أرى بأسًا أن يشتري، وليس عليه زكاة ماله. ألا ترى أن أموالهم ليس عليها شيء إلا أن يختلفوا بها في بلاد المسلمين، فأما لو كانت في منازلهم لم يكن عليها شيء. وقال: أخبرني عمر بن عبد اللَّه بن إبراهيم أن أباه حدثه قال: حدثني ابن القاسم. وأخبرني زكريا بن الفرج قال: حدثنا أحمد بن القاسم أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الذمي أله أن يشتري أرض عشر؟ قال: إذا اشترى الذمي أرض العشر سقط عنها العشر إذا ملكها ذمي. قال: لا يكون عليه فيها شيء؟ قال: ينبغي أن يمنعوا من شرائها. وقال: أليس يحكى أن مالكًا يقول: يمنعون من ذلك؛ لأن أهل المدينة لو أجازوا الأرض فاشتروا ما حولنا ذهب الزكاة وذهب العشر؟ ! قال: وهذا في أرض العشر. فأما الخراج فلا. وقال أخبرني الحسن بن الهيثم أن محمد بن موسى بن مشيش حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه قال: قلت: للمسلم أن يؤجر أرض الخراج من الذمي؟ قال: لا يؤجر للذمي إنما عليه الجزية وهذا ضرر. قال: وأهل المدينة يقولون- وذكر مالكًا: لا ندع ذميًّا يزرع؛ لأنه يبطل العشر إنما يكون عليه الخراج. قال أحمد: لا يعطى أهل الذمة إن تكن أرضًا كانت لهم.

وقال: أخبرني منصور بن الوليد قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا تكرى أرض الخراج من أهل الكتاب؛ لأنهم لا يؤدون الزكاة. وقال أخبرني عبد الملك الميموني أنه قال لأبي عبد اللَّه: أرض أهل الذمة فيها الخراج؟ قال: نعم. قلت: فإن اشتراها مسلم؟ قال: ففيها الخراج أيضًا؛ لأن الخراج حق على الأرض فهو للمسلمين لا يذهب منهم حقهم. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثنا عفان قال: حدثني سهل -يعني: ابن صقير- قال: حدثنا الأشعب أبو هانئ عن الحسن أنه قال في أهل الذمة: إذا اشترى شيئًا من العشر. قال: فيه الخمس. قال أبو عبد اللَّه: أضعفه عليهم قال: هذا مذهب البصريين. قال أبو عبد اللَّه: أما في قول مالك: فيمنعون أن يشتروا؛ لأنه إنما عليها الزكاة وليس عليهم الزكاة. يمنعون لأنهم يذهبون بالزكاة. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثنا ابن مهدي قال: سألت سفيان عن رجل من أهل الذمة اشترى أرضًا من أرض العشر يكون عليها الخراج؟ قال: لا. وسمعت عبيد اللَّه بن الحسن يقول: يضاعف عليهم. وقال: أخبرنا عبد اللَّه قال: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا يونس بن عبيد، عن عمرو بن ميمون، عن أبيه أنه كتب إلى عمر بن

عبد العزيز في مسلم زارع ذميًا. قال: فكتب إليه عمر: أن خذ من المسلم ما عليه من الحق في نصيبه، وخذ من النصراني ما عليه. وقال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا عبد الوهاب قال: أخبرنا يونس بن عبيد عن الحسن أنه لم يكن يرى بأسًا بكراء الأرض البيضاء بذهب أو فضة من أهل الذمة وكان يكره أن يستكري من المسلمين. قال أبو بكر الخلال: قد أخرجت اختلافًا من أهل الذمة في أرضهم التي في أيديهم وإحيائهم الأرضين وشراء أرض العشر وأرض الخراج. وما كان في أيديهم من أرض الخراج. والذي عليه العمل في قول أبي عبد اللَّه: أنه ما كان في أيديهم من صلح أو خراج فهم على ما صولحوا عليه أو جعل على أرضهم من الخراج. وما كان من أرض العشر فيمنعون من شرائها؛ لأنهم لا يؤدون العشر، وإنما عليهم الجزية والخراج. وذكر أبو عبد اللَّه قول أهل المدينة وأهل البصرة. - فأهل المدينة يقولون: لا يترك الذمي يشتري أرض العشر. - وأهل البصرة يقولون: يضاعف عليهم. ثم رأيت أبا عبد اللَّه بعد ذكره لذلك والاحتجاج لقولهم مال إلى قول أهل البصرة، أنه إذا اشترى الذمي أرض العشر يضاعف عليه. وهو أحسن القول أن لا ندعهم أن يشتروا، فإن اشتروا ضوعف عليهم كما تضاعف عليهم الزكاة إذا مروا على العاشر وهي في الأصل ليست عليهم لو لم يمروا بها على العاشر واتجروا في منازلهم لم يكن عليهم شيء فلما مروا جعلت عليهم وأضعف عليهم وهو بمعنى واحد.

وإلا فأرض المسلمين هم أحق بها من أهل الذمة، وكذلك ما كان في أيديهم مما صولحوا عليه، فإنما يضاعف عليهم العشر؛ لأن في أرضهم العشر، وإنما ينظر ما يخرج من الأرض ويؤخذ منهم العشر مرتين. هذا معنى ما كان في أيديهم وما اشتروه أيضًا من أرض العشر على هذا النحو يضاعف عليهم، وأنا أفسر ذلك من قول أبي عبد اللَّه إن شاء اللَّه تعالى. وقال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: قال لي أبو عبد اللَّه في أرض أهل الذمة: من الناس من تأول، يأخذ من أرضهم الضعف. قلت: فإذا لم تكن أرض خراج كيف يؤخذ منهم الضعف؟ قال: ينظر إلى ما يخرج. قلت: فهذا إذًا في الحب إذا أخرجت نظر إلى قدر ما أخرج فيؤخذ منه العشر ويضاعف عليه مرة أخرى؟ قال: نعم. ثم قال: يؤخذ من أموال أهل الذمة إذا اتجروا فيها قومت، ثم أخذ منهم زكاة مرتين يضاعف عليهم فمن الناس يشبه معنى الزرع على ذا. قال عبد الملك: والذي لا أشك فيه من قول أبي عبد اللَّه غير مرة: أن أرض أهل الذمة التي في الصلح ليس عليها خراج، إنما ينظر ما أخرجت فيؤخذ منهم العشر مرتين. قال عبد الملك: قلت لأبي عبد اللَّه: فالذمي يشتري أرض العشر ما عليه؟ قال لي: الناس كلهم يختلفون في هذا منهم من لا يرى عليه شيئًا ويشبه بماله، ليس عليه فيه زكاة إذا كان مقيمًا ما كان بين أظهرنا وبماشيته. فنقول: هذِه أموال وليس عليه فيها صدقة. ومنهم من يقول:

هذِه حقوق لقوم ولا يكون شراؤه الأرض يذهب بحقوق هؤلاء منهم. والحسن يقول: إذا اشتراها ضوعف عليه. قلت: كيف يضعف عليه؟ قال: لأن عليه العشر فيؤخذ منه الخمس. قلت: تذهب إلى أن يضعف عليه فيؤخذ منه الخمس؟ فالتفت إليّ فقال: نعم يضعف عليهم. ثم قال لنا: ويدخل على الذي قال: لا نرى بأن يؤخذ لو أن رجلًا موسرًا منهم عمد إلى أرض من أرض العشر كثيرة فاشتراها فلم يؤخذ منه شيء أضر هذا بحقوق هؤلاء. قال عبد الملك: وذكرنا لأبي عبد اللَّه: أن مالكًا كان لا يرى أن يؤخذ منهم شيء، وكان يحول بينهم وبين الشراء لشيء منها. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر أن أبا طالب حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الرجل من أهل الذمة يشتري الأرض من العشر يكون عليها العشر أو الخراج؟ قال: عمر بن عبد العزيز يضاعف عليه وقال بعض الناس: إنما الخراج على ما كان في أيديهم وفي المال العشر ويضعف العشر. قلت: ما تقول أنت؟ قال: قول عمر والحسن: يضعف عليهم. فقلت: فهو أحب إليك؟ قال: نعم. قال أبو بكر الخلال فقد بين أبو عبد اللَّه هاهنا مذهبه، وحسن مذهب من جعل عليهم الضعف وقول من قال: إنما الخراج على ما كان في أيديهم

وفي المال العشر. وفي هذا الشرح مع ما تقدم له من الشرح أيضًا في مسألة أحمد بن القاسم وأبي بكر الأحول المشكاني وغيرهما دلالة أنه يضاعف عليهم، وعبيد عن السكني وذلك بعد هذا الشرح الذي نشرحه في الأقاويل الأولة المختلفة في أرضهم وما اختار آخرًا. قال أبو بكر الخلال: وأقول من قول عمر بن عبد العزيز والحسن رحمة اللَّه عليهما في الزيادة عليهم ما روي عن عائذ بن عمرو. وإن كان أبو عبد اللَّه لم يذاكر به في هذِه الأبواب، فإنه قد رواه، وهو صحيح والعمل عليه على ما تقدم من أبي عبد اللَّه لاختياره له. وقال: أخبرني عبد اللَّه قال: حدثني أبي قال: حدثنا وهب بن جرير قال: حدثنا شعبة، عن أبي عمران الجوني قال: سألت عائذ بن عمرو المزني عن الزيادة على أهل فارس فلم ير به بأسًا وقال: إنما هم خولكم. قال عبد اللَّه: قال أبي: إني لم أسمعه إلا من وهب. وقال: أخبرنا يعقوب بن سفيان أبو يوسف قال: حدثني محمد بن فضيل قال: حدثنا سويد الكلبي قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن شعبة، عن أبي عمران الجوني، عن عائذ بن عمرو فيما أخذ عنوة: قال: زيدوا عليهم؛ فإنهم خولكم. قال: وحدثنا محمد قال: أخبرنا وكيع، عن محمد بن قيس قال: سمعت الشعبي يقول: لم يكن لأهل السواد عهد فلما رضوا منهم بالجزية صار لهم عهد. قال: أخبرنا محمد قال: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر قال: ترك أهل السواد على الحكم. "أحكام أهل الملل" 1/ 954 - 164 (219 - 238)

1438 - إذا غلب الخوارج على أرض هل للمسلمين أن يصالحوهم على شيء من ضياعهم؟

قال حرب: سألت أحمد قلت: إن أحيا رجل من أهل الذمة مواتًا ماذا عليه؟ قال: أما أنا فأقول: ليس عليه شيء. قال: وسألت أحمد مرة أخرى، فقلت: إن أحيا رجل من أهل الذمة مواتًا؟ قال: هو عشري. وقال مرة أخرى: ليس عليه شيء. "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 239 1438 - إذا غلب الخوارج على أرض هل للمسلمين أن يصالحوهم على شيء من ضياعهم؟ قال ابن هانئ: وسئل عن الخوارج يصالحهم المسلمون على شيء من ضياعهم، يعطونهم إياها؟ قال: لا يعطوا شيئًا. يعينونهم على المسلمين، فإن استطعت أن تخرج من تلك البلدة فاخرج منها. "مسائل ابن هانئ" (572) 1439 - قدر الخراج المضروب، وما يجب أن يراعيه الإمام فيه قال ابن هانئ: وسمعته يقول: خراج السواد على حديث الحكم، عن عمرو بن ميمون (¬1): قفيز ودرهم. إلا أني لا أدري كم القفيز، ولكن قد حُدّ فيه مثل درهمين وأشباهه. "مسائل ابن هانئ" (601) ¬

_ (¬1) رواه ابن الجعد في "مسنده" ص 42 (148)، وابن أبي شيبة 2/ 430 (10720)، والبيهقي 6/ 196.

قال في رواية بكر بن محمد عن أبيه، وقد سأل عن القفيز: ينبغي أن يكون قفيزًا صغيرًا. وقال: قفيز الحجاج صاع عمر، ينبغي أن يكون ثمانية أرطال. "الأحكام السلطانية" ص 184 قال أبو عبيد بن سلام: قلت لأحمد بن حنبل: كيف تصنع بمنازلك ببغداد؟ قال: أؤدي عن مسكني وغلتي عن كل جريب قفيزا أو درهما. قال: فقلت له: المسكن لا شيء فيه؟ قال: قد أذن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- لهم أن يسكنوا، ولكن أؤدي عما فضل عن مسكني عن كل جريب قفيزًا أو درهمًا. "الطبقات" 2/ 213 روى صالح بن أحمد، حدثنا هشيم بن خالد، عن الشعبي أن عمر -رضي اللَّه عنه- بعث عثمان بن حنيف فأمره أن يمسح السواد ففعل، قال: فبلغت مساحته بضعة وثلاثين ألف جريب. قال: وأمره أن يضع على كل جريب قفيزًا ودرهمًا. قال: إني أخشى ألَّا يكون سمعه -يعني: هشيمًا- ليس فيه خبر. قال وحدثني أبي، حدثنا بهز بن أسد حدثني سلمة بن علقمة حدثنا داود عن عامر قال: بعث -يعني: عمر -رضي اللَّه عنه- إلى جرير وإلى الأشعث، أنْ ردا عليَّ ما كنت جعلت لكما. قال: فكتبا إليه أن قد رددناه عليك. فبعث عثمان بن حنيف إلى السواد قال: طرز عليهم خراجًا، ودع لأهل الأرض ما يصلحهم. قال: فقدم عثمان فطرز الخراج فوضع على كل جريب الشعير درهمين، وعلى الحنطة أربعة، وعلى القضب -يعني:

1440 - حكم الزيادة أو النقصان على ما وظفه عمر -رضي الله عنه- في الخراج

الرطبة- ستة، وعلى النخل ثمانية، وعلى الكرم عشرة، وعلى الزيتون اثني عشر، ووضع على الرجال درهمين في الشهر. قال: فجبيا الأموال. قال مثنى بن جامع: قال الإمام أحمد: وظيفة عمر -رضي اللَّه عنه- في أرض السواد في أرض الكرم عشرة وفي النخل ثمانية، وفي القضيب ستة، وفي الحنطة أربعة، ومن الشعير درهمان من كل جريب، والقضب -الرطبة- وعلى الدقلتين درهم، وعلى القادسية درهم. واختار حديث عمرو بن ميمون: على الجريب قفيزا ودرهمًا. وقال في رواية الأثرم ومحمود بن داود في الخراج: في كل جريب في البر والشعير قفيز ودرهم. ونقل صالح عن أبيه، قال: لكل جريب من الحنطة قفيز ودرهم، وعلى جريب الكرم عشرة، وعلى جريب الرطبة خمسة. قال: وقال الشعبي: وضع على جريب الشعير درهمين، وعلى الحنطة أربعة، وعلى القضب ستة، وعلى النخل ثمانية وعلى الكرم عشرة، وعلى الزيتون اثني عشر. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 63 - 64 1440 - حكم الزيادة أو النقصان على ما وظفه عمر -رضي اللَّه عنه- في الخراج قال إسحاق بن منصور: جاء رجلٌ إلى عمر (-رضي اللَّه عنه-) فقال: إنّ أرضَ كذا وكذا يُطيقون من الخراجِ أكثرَ مما عليهم. فقال: لا سبيل إليهم؟

إنَّما صولحوا صُلحًا (¬1). قال: هؤلاء قد ملكوا، أليسَ عليهم إلا ما صَالحوا عليه؟ ! فقال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (559) وقاله في رواية محمد بن داود، وقد سُئل عن حديث عمر: وضع على جريب الكرم كذا وعلى جريب كذا كذا (¬2)، هو شيء موصوف على الناس لا يزاد عليهم، أو إن رأى الإمام غير هذا زاد ونقص؟ قال: بل هو على رأى الإمام، إن شاء زاد عليهم، وإن شاء نقص. وقال: هو بين في حديث عمر: إن زدت عليهم كذا لا يجهدهم؛ إنما نظر عمر إلى ما تطيق الأرض. "الأحكام السلطانية" ص 165 ونقل العباس بن محمد بن موسى الخلال عن أحمد أنه قال: الخراج يقرر في أيديهم مقاسمة على النصف وأقل إذا رضي بذلك الأكرة، يُحملهم بقدر ما يطيقون، وقال بعد: ليس للإمام أن يغيرها على ما أقرها عليه عمر -رضي اللَّه عنه-. قال الخلال: هذا قول أولي لأبي عبد اللَّه، وذكر غير واحد عنه أن للإمام النظر في ذلك فيزيده وينقص. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 65 - 66 ونقل الأثرم: قال أحمد: كان عمر -رضي اللَّه عنه- قد زاد عليهم، وقال: ما أرى هذا يضر بهم. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 101 - 102 (10130)، والبيهقي 9/ 142. (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 100 (10128)، وابن أبي شيبة 2/ 438 (32702 - 32704).

وروى شعبة عن الحكم قال: سمعت عمرو بن ميمون قال: دخل عثمان بن حنيف على عمر -رضي اللَّه عنه- فسمعته يقول: لئن زدت على كل رأس درهمين وعلى كل جريب أرض درهمًا وقفيزًا من طعام، لا يضرهم ذلك ولا يجهدهم. أو كلمة نحوها، قال: نعم. قال: فكان على كل رأس ثمانية وأربعون فجعلها خمسين. وعن شعبة عن أبي عمران الجوني قال: سئل عائذ بن عمرو عن الزيادة على أهل فارس فلم ير بذلك بأسًا، وقال: إنما هو حق لكم. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 67 - 68 ونقل يعقوب بن بختان: تجوز الزيادة دون النقص. ونقل أبو طالب عن أحمد: إن زاد أرجو أن لا بأس إذا كانوا يطيقون مثل ما قال عمر -رضي اللَّه عنه-. وقال في رواية ابن مشيش: إن أخذ منه أقل من قفيز ودرهم؛ أخرج من عنده التمام. ونقل عنه أيضًا: إن أخذ السلطان منه الخراج وكن أقل مما وضع عمر لعبه فقد أجزأ. قال أبو بكر الخلال: الإمام الذي يغير الخراج هو الخليفة، ولا يجوز لمن دونه النقص بحال. قال الميموني: قلت لأبي عبد اللَّه: الوالي قبلنا يدع خراجًا أقبله. قال لي: إنما الخراج منيء، فكيف يدعه لك لو تركه. وذكر الأثرم: أن مراد أحمد بقوله: هو على قدر ما يرى الإمام. أنه الإمام العادل. قال: لأنه أنكر على من في زمانه أنهم لا يجعلون على الغامر شيئا؛ لمخالفتهم لعمر -رضي اللَّه عنه-. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 68 - 69

1441 - المقاسمة

قال في رواية الأثرم: أي شيء يفعل. يشير إلى أنه كمغصوب منه ماله قهرًا. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 123 1441 - المقاسمة نقل محمد بن هارون الجمال عنه: السواد كله أرض خراج، والمقاسمة لم تكن، إنما هي شيء أحدث. "الطبقات" 1/ 376، "الأحكام السلطانية" ص 184، "الاستخراج" ص 70 1442 - إذا أَخذ السلطان، أو من يوليه على الخراج، ما لا يحق له، هل يحتسب بها صاخب الأرض من العشر؟ قال أحمد في رواية حرب فيمن أخذ السلطان منه بعض ثمرته مقاسمة على وجه الخراج من أرض الصلح أنه يحتسب بها من العشر. قال حرب: سألت إسحاق بن راهويه عن قناة كانت عشرًا فجاء سلطان جائر فحولها إلى الخراج، هل يحل لنا أن ندخر عنهم شيئا؟ قال: هي عشر كما كانت. وقال: يحل ذلك ورخص فيه -يعني: الادخار. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 123

فصل استيفاء الخراج

فصل استيفاء الخراج 1443 - إذا أُجرت أرض الخراج، أو أُعيرت، فمن يدفع خراجها؟ قال أحمد في رواية أبي الصقر في أرض السواد تقبلها (¬1) الرجل: يؤدي وظيفة عمر ويؤدي العشر بعد وظيفة عمر. وقال في رواية محمد بن أبي حرب: أرض السواد من استأجر منها شيئًا ممن هي في يده فهو جائز، ويكون فيها مثله. "الأحكام السلطانية" ص 171 قال الأثرم: سئل أبو عبد اللَّه عن الذي يأخذ السلطان من الخراج من أصحاب القرى أيدخل في المعونة لهم؟ قال: لا. ثم قال: أرجو أن لا يدخل. ثم قال: الخراج لا بد منه، والخراج مكروه. قال: وسئل عن المؤدى إليهم، آثم في جور السلطان؟ قال: أرجو أن لا يكون عونًا لهم. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 82 ¬

_ (¬1) القّبّالة بالفتح: الكفالة وهي في الأصل مصدر: قَبَل إذا كفل، وفي حديث ابن عباس: "إياكم والقبالات فإنها صغار وفضلها ربا". هو أن يتقبل بخراج أو جباية أكثر مما أعطي فذلك الفضل ربا فإن تقبل وزرع فلا بأس. انظر: "النهاية في غريب الحديث" 4/ 10.

1444 - حكم الاستعانة بأهل الذمة في الخراج

1444 - حكم الاستعانة بأهل الذمة في الخراج سأله أبو طالب عن مثل الخراج؟ فقال: لا يستعان بهم في شيء. "الفروع" 6/ 205 1445 - هل يتولى من عليه الخراج تفرقته بنفسه؟ قال أحمد في رواية محمد بن العباس وسئل عن الرجل يكون له الغلات في مثل هذا البلد -يعني: بغداد- فيمسحها ويخرج خراجها على ما وظف عمر -رضي اللَّه عنه- على السواد ويقسم على المساكين. قال: إن فعل فهو حسن. ونقل يعقوب بن بختان في الرجل عما في يديه على ما وظف عمر -رضي اللَّه عنه- على كل جريب يتصدق به، قال: ما أجود هذا. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 116 1446 - هل يباع على أهل الخراج شيء لسداد الخراج؟ قال صالح: سألت أبي عن الرجل يبيع الشيء على حد الضرورة أيشترى منه؟ قال: لا، كأنه يؤخذ بخراج. فيبيع ليؤدي؟ قال: لا يعجبني أن يشتري منه. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 114

فصل مسقطات الخراج

فصل مسقطات الخراج 1447 - هل يسقط الخراج بإسلام مالك الأرض الخراجية، أو انتقالها إلى مسلم؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: جاء رجل إلى عمر -رضي اللَّه عنه- فقال: إني قد أسلمتُ؛ فضَعِ الخراجَ عن أرضي. قال: لا؛ إنَّما أُخِذت أرضُكَ عَنوة (¬1)؟ قال: الخراجُ على الأرضِ مثل الجزية على الرقَبَةِ، والصدقةُ فيها ثابتة وهي: العُشر. فقال إسحاق: كما قال؛ لأنها كانت عَنوةً فوضع عليها الخَراجَ. "مسائل الكوسج" (558) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد بن حنبل: قال سفيان: ما كانَ مِن أرضٍ صُولِحَ عليها، ثم أسْلمَ أهلُها بعدُ، وُضِعَ عنها الخراجُ؟ قال أحمد: جيدٌ. قلتُ: وما كان من أرضٍ أُخِذَتْ عَنْوَةً، ثم أسْلمَ صاحبُهَا وُضِعَتْ عنه الجزية واقِر على أرضِه بالخراجِ. قال أحمد: جيدٌ. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (564) نقل حنبل عنه: لا يسقط. "الفروع" 6/ 241، "الإنصاف" 10/ 122 1448 - هل يجوز للإمام إسقاط الخراج؟ نقل حرب عن إسحاق: لا يجوز، بل يجب فيه القبض كعشر الزكاة. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 116 - 117 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 101 (10129)، والبيهقي 9/ 142.

رابعا: الأسرى والسبي

رابعًا: الأسرى والسبي أولًا: ما جاء في الأسرى وأحكامهم فصل ما جاء في أحكام أسرى المشركين 1449 - من يجوز أسره ومن لا يجوز قال أبو داود: قلت لأحمد: أخذوا مركبًا للروم فيها ناس من أهل قبرس، فقالوا: أكرهنا على الخروج، أيقتلون؟ قال: لو تركوا كان أحسن، لا يقتلون. "مسائل أبي داود" (1571) نقل عنه أبو طالب في الأسير إذا كان مريضًا: لا يخليه ولا يقتله. "الفروع" 6/ 211 - 212، "المبدع" 3/ 324 1450 - أهل العهد من أَهل الذمة إذا أغار عليهم الروم واستعادهم المسلمون قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن نصارى يؤدّون الجزية أغار عليهم الروم وأخذوهم وعيالهم. فلما كان بعد حين أغار عليهم المسلمون فأخذوهم؟ قال: هؤلاء قد لزمهم حرمة الإسلام، وكانوا يؤدّون الجزية يخلى عنهم.

أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم سُئل أبو عبد اللَّه عن قوم من النصارى ممّن يؤدّون الجزية أغار عليهم الروم، ثم إن المسلمين غلبوا على حصن من حصون الروم فوجدوا في الحصن بعض هؤلاء النصارى كيف الحكم فيهم؟ قال: يقرّون على ما كانوا عليه من دينهم. أخبرني محمد بن أبي هارون أن إسحاق بن إبراهيم حدثهم قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن من أَسر الروم من اليهود، ثم إن المسلمين ظهروا عليهم يبيعونهم؟ قال أبو عبد اللَّه: هؤلاء قد وجبت لهم الحرمة إلَّا من ارتدّ منهم عن دينه فهو بمنزلة المملوك. قال: وسألت أحمد عن امرأة من أهل الذمّة سباها المشركون فظهر عليهم المسلمون فاستنقذوها من أيديهم، إلى من تردّ؟ قال أبو عبد اللَّه: تردّ إلى أهل دينها. وأخبرني روح بن الفرج قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في الذميّ يسبيه المشركون من أهل النصرانية أو غيرهم من أهل الشرك فيغلب عليهم المسلمون. قال: هم على دينهم إذا كانوا يؤدّون الجزية في قديم أمرهم ولا يسترقون، وهم أهل جزية. "أحكام أهل الملل" 2/ 321 (676: 679)

1451 - حكم أخذ أسرى من أهل العهد لمعرفة أخبار العدو منهم ثم ردهم

1451 - حكم أخذ أسرى من أهل العهد لمعرفة أخبار العدو منهم ثم ردهم قال أبو داود: قلت لأحمد بن حنبل في غزاة البحر ينتهون إلى قبرس، فيريد الأمير أن يأخذ من الروم خبرًا، فيبعث سرية ليأخذوا أعلاجًا من أهل قبرس ليستخبرهم خبر الروم، ثم يتركهم، فما ترى في الخروج في هذِه السرية؟ قال: ما أدري أخبرك؛ أخاف أن يكونوا يرعبون ولهم ذمة. "مسائل أبي داود" (1570) 1452 - طبيعة يد الأسير على آسره، وحكم قتل الرجل أسير غيره قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل يَقتل الرجلُ أسير غيره؟ قال: لا، إلَّا أنْ يشاءَ الوالي ليكون ذَلِكَ نكايةً في العدو. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2738) 1453 - من قتل أسيًرا مملوكًا، هل عليه كفارة أو دية؟ نقل عنه الميموني في الأسير القن وقتله: لا كفارة ولا دية في قتله. "الفروع" 6/ 217

1454 - حكم التصرف في الأسرى قبل نقلهم لدار الإسلام

1454 - حكم التصرف في الأسرى قبل نقلهم لدار الإسلام قال صالح: قلت: إذا حاصر العدو المسلمين أو أخذوا عليهم الطريق يضربون أعناق الأسارى؟ قال: نعم يغيظونهم به كي يخلوا لهم. "مسائل صالح" (942) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن بيع السبي في بلاد الروم؟ قال: لا بأس به. "مسائل أبي داود" (1600) 1455 - حكم بيع الأسرى والسبي لغير المسلمين قال إسحاق بن منصور، قلت لأبي عبد اللَّه: سئل الثوري عن رقيق العجم يخرجون من البحر وغيره. هل يباعون من اليهود والنصارى؟ قال: إن كانوا كبارًا عرض عليهم الإسلام فان أسلموا فذاك. وإلا بيعوا من اليهود والنصارى إن شاء صاحبهم، والذي يستحب من ذاك أن اليهود والنصارى إذا ملكهم المسلم ببيع أو سبي يدعوهم إلى الإسلام، فإن أبوا إلا التمسك بدينهم فإنه للمسلم إن شاء باعهم من أهل دينهم، لا يبيعهم من أهل الحرب. قال أحمد: لا يباعون صغارًا ولا كبارًا من اليهود والنصارى. فقال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2035) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: قال الثوري: فإن كانوا على غير دين مثل الهند والزنج فإن المسلم لا يبيعهم من أحد من أهل الذمة

ولا من أهل الحرب؛ لأنهم يجيبون إذا دعوا، وليس لهم دين يتمسكون به، ولا ينبغي أن يترك اليهودي والنصراني أن يهوِّدهم ولا ينصرهم. قال أحمد: لا يباع هؤلاء ولا أولئك من أهل الكتاب. "مسائل الكوسج" (2036) قال صالح: قال أحمد: لا يباع الرقيق من يهودي أو نصراني أو مجوسي من كان منهم، وذلك أنه إذا باعه أقام على الشرك. وكتب فيه عمر بن الخطاب ينهى عنه أمراء الأمصار: ما سبى المسلمون لم يباعوا من أهل الذمة. "مسائل صالح" (918) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن العبد يباع من اليهودي والنصراني ليعتقه؟ فقال: كيف يباع؟ قيل لأحمد: إنه أخوه؟ قال: كيف يباع منه المسلم ولم يأمر بالبيع منه؟ "مسائل أبي داود" (1346) قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل يشتري العجوز أو الجارية الشابة، فيجيء زوجها يطلبها يشتريها، أيبيعها منه؟ قال: لا يبيعها منه ولا من غيره. "مسائل ابن هانئ" (1598) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الصبي يؤخذ مع أبويه أو أحدهما فيباع في المقسم، أيجوز بيعه من أحد من أهل الذمة؟ أو يجوز بيعهم جملة من أهل الذمة؟ إذا كانوا صغارًا أو كبارًا، أو يجيء علج فيطلب فداءهم، أيجوز دفعهم إليه؟

قال أبو عبد اللَّه: لا يجوز أن يباح سبي من أحد من أهل الذمة لا يفادى بصغارهم؛ فإنه أقرب إلى الإسلام من الكبار. "مسائل ابن هانئ" (1619) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن: الصبي يوجد مع أبويه، أو أحدهما، فيباع في المقسم، أيجوز بيعهم جملة مع أهل الذمة، أو يجيء علج فيطلب فداءهم أيجوز دفعهم؟ وكان ولدهم مستقلا يأكل ويشرب، أو صغيرًا لا يطعم، والذي عليه أهل الثغر، ألا يبيعون من ذمي من كان مع أحد أبويه أو معهما؟ قال أبو عبد اللَّه: لا يباع شيء من أهل الذمة. "مسائل ابن هانئ" (1620) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل كانت عنده أمة نصرانية ولها ولد، يبيعها للنصارى مع ولدها؟ قال: لا يبيعها للنصارى، ليس لهم أن يشتروا مما سبى المسلمون شيئا. قلت لأبي: فمن أين يشترون؟ قال: بعضهم من بعض. "مسائل عبد اللَّه" (920) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: ليس لأهل الذمة أن يشتروا مما سبينا شيئًا، يمنعون من ذلك؛ لأنه إذا صار لهم يثبتوا على كفرهم للسبي، ويقال: إن عمر كان في عهده لأهل الشام أن يمنعوا من شراء ما سبينا (¬1). ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 9/ 202، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 2/ 121.

قلت لأبي: فإن باعها من رجل مسلم وحدها وفرق بينهما وبين ولدها. فقال: لا يعجبني أن يفرق بينهما. "مسائل عبد اللَّه" (921) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل عنده جارية نصرانية، أيبيعها للنصارى؟ فقال: إذا كان من سبي المسلم فلا أرى أن يبيعها من النصارى. "مسائل عبد اللَّه" (923) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا يعقوب بن بختان أنه سأل أبا عبد اللَّه أيباع السبي من أهل الذمة؟ قال: لا، يروى فيه عن الحسن. وقال الخلال: كتب إليّ أحمد بن الحسين قال: حدثنا بكر بن محمد قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يبيع العبد النصراني من النصراني؟ قال: لا يباعون من سبينا. قيل له: فيكون عند النصراني فيشترى منه ثم يباع للنصراني؟ قال: نعم. وكره أن يباع المملوك النصراني إذا كان من سبي المسلمين من النصارى. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سُئل أبو عبد اللَّه: هل يشتري أهل الذمة من سبينا؟ قال: لا، إذا صاروا إليهم قد يئسوا من الإسلام وإذا كانوا في أيدي المسلمين فهو أقرب إلى الإسلام.

قال: وسألته تباع الجارية النصرانية من النصراني. قال: لا، إذا باعها فقد يئسنا من إسلامها. "أحكام أهل الملل" 2/ 325 - 326 (692 - 694) وقال الخلال: أخبرني حمزة بن القاسم وعبيد اللَّه بن حنبل وعصمة بن عصام -كلهم يحدث عن حنبل، وبعضهم يزيد على بعض، قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: ليس لنصراني ولا لأحد من أهل الأديان أن يشتري من سبينا شيئًا ولا يباع منهم وإن كان صغيرًا؛ لعله يسلم، وهذا دخله في ذمة الإسلام أولى. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه سُئل عن رجل كانت عنده نصرانية ولها ولد أيبيعها من النصراني وولدها؟ قال: لا يبيعها منهم ليس لهم أن يشتروا مما سبى المسلمون شيئًا ولا يفرق. وقد روي عن الحسن: أنه كره أن تباع النصرانية من النصراني، واليهودية من اليهودي. قال أبو عبد اللَّه: وأنا أرى ذلك. وقال: ليس لأهل الذمة أن يشتروا مما سبينا. قلت: فإن كان كبيرًا وأبى الإسلام؟ قال: لا يباع إلا لمسلم لعله يسلم. وأما الصبي فلا يتركوه أن يدخلوه في دينهم، ولا يباع شيئًا من سبينا، نحن أحق بهم أقرب إلى الإسلام. وقال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب قال: سألت أبا عبد اللَّه: يشتري أهل الذمة من سبينا؟

قال: وقرأت عليه: عفان قال: حدثنا معاذ قال: حدثنا أشعث، عن الحسن أنه كان يكره أن يبيع الرقيق الذي جرت عليهم سهام المسلمين من أهل الذمة وإن كان الرقيق لم يسلموا بعد. قال: نعم، لا يباعون من أهل الذمة. قلت: أليس هي نصرانية وهو نصراني؟ قال: إذا كانت عند المسلمين فهي أقرب إلى الإسلام، وإذا كانت عند أهل الذمة لم يقبل ذلك. "أحكام أهل الملل" 2/ 327 (697، 698) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: إن أبا الحارث حدثهم في هذِه المسألة. قال: يمنع من ذلك إلا ما صولحوا عليه. وقد روي عن عمر -رضي اللَّه عنه- هذا الكلام بعينه (¬1)، وروي عن الحسن هذا (¬2). وقال: أخبرني عبد الملك قال: قال لي أبو عبد اللَّه: ليس لهم -يعني أهل الذمة- أن يشتروا من سبينا شيئًا. قلت: كيف وهم أهل كفر؟ قال؛ لأنه إذا كان في أيدينا فهو أقرب إلى الإسلام منه إذا كان في يده، هكذا حكى أهل الشام أن يمنعوهم شيئًا مما كان في أيدينا يزعمون أن في أيديهم كتاب من عمر بهذا. ¬

_ (¬1) سبق قريبًا. (¬2) سبق قريبًا.

1456 - إذا اشترى سبيا ونحوه من أرض العدو ثم استنقذه منه العدو

قلت: عمر بن الخطاب؟ قال: نعم، وليس له ذلك الإسناد. والحسن يقول ذاك. قلت: من عن الحسن؟ قال: أشعث، عن الحسن. قلت: كيف قال؟ قال: شيئًا معناه أن يمنعوا من الشراء فيما قلت -يعني: في أن لا نبيعهم شيئًا؟ قال لي: كيف قال: ليس لنا أن نبيعهم؛ لأنهم إذا منعوا من الشراء فلم يكن لنا أن نبيعهم. قلت: فإن باع رجل منهم مملوكه يرده؟ قال: نعم يرده. قال له رجل: من أين يكون رقيقهم؟ قال: مما في أيديهم مما صولحوا عليه فتناسلوا، فأما أن يشتروا منا فلا. قال لي: وما في أيدينا يكرهون أن يشترونه أيضًا. "أحكام أهل الملل" 2/ 328، 329 (701، 702) 1456 - إذا اشترى سبيًا ونحوه من أرض العدو ثم استنقذه منه العدو قال ابن هانئ: وسئل عن: القوم يشترون السبي في بلاد الروم في السرية، ثم يرجع العدو عليهم، فيأخذون السبي منهم، هل يلزم البيع؟ فلم يجب فيها بشيء. "مسائل ابن هانئ" (1599)

1457 - حكم الإمام في الأسرى

قال عبد اللَّه: سألت أبي: إذا اشترى الرجل السبي أو الحربي في بلاد الروم وصار في ملكه، ثم غلب عليه العدو، هل يجب عليه الثمن للمقسم؟ قال: نعم، يجب عليه الثمن. قلت لأبي: فإن مات المشتري بعدما غلبه عليه العدو، يرجع بالثمن في ماله؟ قال: نعم، يرجع عليه في ماله. "مسائل عبد اللَّه" (918) قال أبو طالب: إذا اشترى الغنيمة في أرض العدو ثم غلبوا عليها، لا يؤخذ منهم الثمن؛ لأنه لم يسلم لهم ما اشتروه. "الروايتين والوجهين" 3/ 376 1457 - حكم الإمام في الأسرى قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا أسر الأسير هل يقتل أو يفادى أحبُّ إليكَ؟ قال: إنْ قدروا أن يفادوا فليس به بأسٌ، وإن قتله فلا أعلمُ به بأسًا. فقال إسحاق: الإنجازُ أحبُّ إلي إلَّا أنْ يكونَ معروفًا يطمع به الكثير. "مسائل الكوسج" (2760) قال أبو داود: سمعت أحمد وسأله علي بن عثام بن علي حين ذكر محنة الأسرى عند فداهم؟ فقال أحمد: يأبون -يعني: يأبون الإجابة- ويدفعونه أشد الدفع. قيل: فيقاتلون؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (1701)

1458 - استرقاق العرب من أهل الكتاب

قال ابن هانئ: سئل أبو عبد اللَّه عن البطريق من أهل الشرك يؤخذ، فأحب إليك أن يقتل، أو يفادى بمائة من المسلمين؟ فقال أبو عبد اللَّه: إن رجلًا واحدًا من المسلمين خير من الدنيا، وإن فداءهم مما يعجبني، ولكن ربما كان من هذا ضرر على المسلمين، يستجيش على المسلمين فيقتل ويسبي، يقتل ولا يفادى به. "مسائل ابن هانئ" (1615) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الفداء. فقال أبي: لهم من الفضل أكثر من ذلك، فقد فادى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (933) 1458 - استرقاق العرب من أهل الكتاب نقل بكر بن محمد، عن أبيه، عنه وقد سئل عن قول عمر: ليس على عربي ملك (¬2). قال: لا أذهب إلى هذا قد سبى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- العرب في غير حديث (¬3). وأبو بكر سبى بني ناجية حين ارتدوا (¬4). "الروايتين والوجهين" 2/ 356 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 30، ومسلم (1763) من حديث ابن عباس عن عمر -رضي اللَّه عنهما-. (¬2) رواه عبد الرزاق 7/ 278 (13160)، وابن أبي شيبة 6/ 430 (32619) والبيهقي 9/ 74 وقال: وهذِه الرواية منقطعة عن عمر -رضي اللَّه عنه-. (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 326 - 327، والبخاري (2539، 2540). من حديث مروان ابن الحكم والمسور بن مخرمة. (¬4) لم أقف عليه عن أبي بكر مسندًا.

1459 - التمثيل بالأسرى

1459 - التمثيل بالأسرى نقل عباس بن أحمد اليمامي المستملي: سُئل أبو عبد اللَّه عن سبي عمورية؟ فكرهه وقال: ما سمعت بمثل ما صنعوا في تلك الغزاة. "طبقات الحنابلة" 2/ 152 1460 - التصدق على الأسرى من المشركين قال ابن هانئ: وسئل عن: الأسرى من المشركين، أيتصدق عليهم؟ قال: نعم يتصدق عليهم. "مسائل ابن هانئ" (1695) 1461 - إسلام الأسير وقال عبد اللَّه بن أحمد: قال أبي: ما تقول في نصراني له مملوك فأسلم المملوك؟ قلت: لا أدري؟ قال: يباع المملوك من المسلمين ويدفع إليه ثمنه. "مسائل عبد اللَّه" (1417) نقل عنه أبو طالب في العرب إذا أسلموا بعد أن أخذوا: صاروا في حيز المسلمين وقبضتهم، يجرى فيه سهام المسلمين؛ يقسمون بين من قال اللَّه. "الأحكام السلطانية" ص 141

فصل ما جاء في السبي وأحكامهم

فصل ما جاء في السبي وأحكامهم 1462 - التفريق بين السبي والآثار المترتبة عليه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: التفريقُ بين الوالدةِ وَوَلَدِهَا؟ قال: في السبي عَلَى الصغيرِ والكبيرِ، وأمَّا المولدات فهو أحسن. "مسائل الكوسج" (2339) قال صالح: قلت: السبية إذا رضيت؛ يفرق بينها وبين ولدها؟ قال: لا يفرق بينها وبين ولدها. "مسائل صالح" (506) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن التفريق بين السبي؟ فقال: لا. فقيل له: الصغار والكبار؟ قال: نِعْم عثمان حيث قال: لا يفرق بين أهل البيت بد من أن يكون فيهم كبارٌ (¬1). "مسائل أبي داود" (1601) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: إذا اشترى جاريتين من السبي على أنهما أختان فإذا ليس بينهما قرابة؟ قال: إذا ثبت عنده. قلتُ: بإقرارهما؟ ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 2/ 247 (2659)، ابن أبي شيبة 4/ 527 (22801) بنحوه.

قال: لا بأس أن يفرق بينهما. قلت لأحمد: فيلزمه ردهما إلى المقسم؟ قال: ولم يلزمه! "مسائل أبي داود" (1603) قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يشتري الجارية من السبي معها أمها فيخلي عنها -أعني: عن الأم- في بلاد الروم ليكون أثمن لابنتها، قال: هذِه يطمع في إسلامها. وكره أن يخلى عنها. قلت لأحمد: فإن تهاون في تعاهدها رجاء أن تهرب؟ فقال: هذا قد اشتهى أن تهرب. وكأنه كرهه. "مسائل أبي داود" (1604) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن الرجل يشتري أهل بيت من السبي، فيقولون: نحن أخوات وإخوة، وربما قالوا: نحن أخوان، وهذِه أمنا، وهذا زوجي، وهذا أخي، وهذا ابني، فإذا صاروا في يدي المشتري، قالوا: نحن أهل قرية واحدة، وليس بيننا قرابة، وهذا زوجي، ليس هذا أخي، وهذا أخي ليس هذا زوجي، وقد اشتراهم على الذي قالوا، أولادهم على النصف من ثمنهم، قالوا هذا، وهم صغار؟ قال أبو عبد اللَّه: يستثبت فيهم، فإذا كبروا وتفرقوا، وعرف بعضهم أنه ليس بينهم قرابة، رد فضل ما بينهم -صغارًا إلى حيث صاروا كبارًا- إلى المغنم. قلت له: فإن كان قد كساهم؟ قال: يحسبه عليهم. "مسائل ابن هانئ" (1596)

قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يشتري الجارية الحديثة السن، ومعها أم لها عجوز كبيرة، فيثقل عليه حملها، ويقول: إن قدمت هذِه دار الإسلام، كسرت هذِه العجوز ابنتها؛ لأنها عجوز، فيخلي سبيلها أو يحملها وهي عجوز كبيرة مثلها لا تلد، وربما كان مثلها يلد؟ قال أبو عبد اللَّه: تحمل ولا تخلف؛ لعلها تسلم إذا رأت ابنتها تحمل، شديدًا. "مسائل ابن هانئ" (1597) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل يشتري الوصيفة معها الأم الكبيرة لا يفرق بينهما في المقسم تباعان بأقل مما تسوى إحداهما، هل يجوز لمن يشتريها أن يعتق الأم في بلاد الروم، فترجع إلى الروم، وإنما يفعل هذا [. . و] (¬1) يبقى في يديه؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا كان في الأم مستمتع تحمل لعلها تسلم، وهي إلى الإسلام أقرب، إن حملت تحمل مع ابنتها. "مسائل ابن هانئ" (1601) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل عنده جاريتان أختان، أيفرق بينهما؟ قال: إذا كانتا سبيًا فلا يفرق بينهما، ولا أراه، وشدد فيه. قلت: فإن رضيتا؟ قال: إذا كانتا سبيًا فلا يفرق بينهما. قلت: فإن كانتا مولدتين؟ ¬

_ (¬1) ورد في هامش المطبوع: ثلاث كلمات غير واضحة، ولعلها: ليكثر ثمن ما في الأصل.

قال: بعض الناس يرخص أن يفرق بينهما، وأحب إليّ أن لا يفرق بينهما، وإن فرق فقد تساهل بعض الناس فيه. "مسائل ابن هانئ" (1604) قال ابن هانئ: قيل له: الرجلان يشتريان رأسين في السبي أختين، فيقول أحدهما: أنا آخذ واحدة، وأنت واحدة، على أنا إن أردنا أن نبيعهما لا نبيعهما إلا جميعًا، هل يجوز أن يفرق بينهما على أنهما يبيعانهما؟ قال: إذا افترقت الديار، فلا يعجبني. قيل له: يفرق بين السبي إذا أدركوا؟ قال: لا يفرق بينهم، وذكر حديث عثمان: اشتر أهل أبيات ولا تفرق بينهم. قيل له: حديث حكيم (¬1)؟ قال: نعم. قيل له: في المولدات. قال: قد اختلفوا فيه، ولا يعجبني، هو أسهل من السبي عندي. "مسائل ابن هانئ" (1607) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يشتري الرأسين على أنهما أختان أو أخوان، قيمتهما جميعًا عشرون دينارًا، ثم ينكران جميعًا أن يكونا أخوين، كيف ترى فيه؛ لأنهما إذا تفرقا سويا أربعين دينارًا؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 527 (22801) من طريق حميد بن هلال، عن حكيم بن عقال قال: كتب عثمان بن عفان إلى عقال أن يشتري مائة أهل بيت، يرفعهم إلى المدينة ولا يشتري شيئا يفرق بينه وبين والده. اهـ. والبيهقي 9/ 126 - 127.

قال: أي القولين يقبل منهما، قد قالا أولًا: إنا أخوان. ولكن يستثبت، أرأيت حين قالا: إنا أخوان، قبل منهما؟ ! ينتظر بهما، حتى يستثبت فيهما. "مسائل ابن هانئ" (1608) قال ابن هانئ: وسئل عن العسكر يخرج فيأخذ أهل قرية، ثم يخرج آخرون عن ذلك العسكر، فيجيء بقوم أيضًا من قرية أخرى، فيقول السبي: هذا أخي وهذِه أختي، هل يجمع بينهم؟ قال: نعم يجمع بينهم. "مسائل ابن هانئ" (1609) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه، قلت: مسألة وردت من طرسوس يسأل عن الرجل يشتري السبي في بلاد الروم على أنهم أهل بيت، فإذا خرجوا تفرّقوا؟ فقال أبو عبد اللَّه: يسأل عن ذا، فإن اختلفوا عليه أرى أن يردوا إلى المقسم. قلت: فإن فات المقسم، وفي ثمنهن فضل؟ قال: يقسم على الذين شهدوا الوقعة. وأظنه ذكر السَّفَط الذي ردَّه -يعني: عمر بن الخطاب- على أهل جلولاء (¬1). "الورع" (144) قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه مناولة: عن أبي أيوب الأنصاري، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "من فرق بين الوالد وولده في البيع، فرق اللَّه ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 2/ 179 - 185 (2476).

بينه وبين أحبته يوم القيامة" (¬1). "الورع" (145) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل اشترى أمة يهودية ولها ولد، يفرق بينهما؟ قال: لا. وقال: أذهب إلى حديث عثمان: لا يفرق بين ولد ووالد (¬2). قال أبي: وكذا أقول أنا: لا يفرق بينهم. قلت لأبي: إن رضيت الأم يفرق بينهم؟ قال: لا، وإن رضيت الأم. "مسائل عبد اللَّه" (944) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن التفرقة بين السبايا؟ فقال: لا أرى أن يفرق بينهم. "مسائل عبد اللَّه" (945) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن أيوب السختياني، عن حميد بن هلال، عن حكيم بن عثمان قال: كتب عثمان بن عفان إلي أن أشتري مائة أهل بيت، ولا يفرق بين والدة وولد. سمعت أبي يقول: لا أرى أن يفرق بينهم. "مسائل عبد اللَّه" (946) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 414، والترمذي (1283) وقال: هذا حديث حسن غريب، حسنه الألباني في "صحيح الترمذي" (1032). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 527، والبيهقي 9/ 126 - 127.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل عنده جاريتين أختين، أيفرق؟ قال: إذا كانتا سبيًا لا يعجبني أن يفرق بينهما، وقال: ولا أراه. وشدد فيه. قلت لأبي: فإن رضيتا؟ قال: إذا كانا سبيًا لا يفرق بينهما. قال: وإن كانا مولدين فبعض الناس يتساهل أن يفرق بينهما، وأحب إلي ألَّا يفرق بينهما، وإن فرق بينهما فقد يتساهل بعض الناس، ولا يعجبني أن يفرق. "مسائل عبد اللَّه" (947) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا يفرق بين القرابات؛ لحديث عثمان، ومن الناس من يسهل في الولدان. "مسائل عبد اللَّه" (949) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل اشترى جارية من الخمس وأمها معها فقالت: دعني حتى أجيء بذهب أو دراهم من بلادي، فتركها ولم ترجع، فترى أنه فيما بينه وبين اللَّه يأثم؟ قال: أرجو إن شاء اللَّه -يعني: ألا يأثم-. "مسائل عبد اللَّه" (956) نقل عنه الأثرم وابن القاسم: الصغير والكبير والذكر والأنثى سواء، أدركوا أم لم يدركوا. ونقل مهنا: لا يفرق بينهم حتى يبلغوا. "الروايتين والوجهين" 2/ 367 نقل حنبل في الأمة ذات الزوج: وللسيد بيعهما وبيع أحدهما. "الفروع" 6/ 239

1463 - أثر السبي في الحكم بإسلام المسبي، وأحوال ذلك

1463 - أثر السبي في الحكم بإسلام المسبي، وأحوال ذلك قال أبو داود: قلت لأبي عبد اللَّه: والسبي يموتون في بلاد الروم. قال: معهم آباؤهم؟ قلت: لا. قال: يصلى عليهم. قلت: لم يقسموا ونحن في السرية؟ قال: إذا صاروا إلى المسلمين وليس معهم آباؤهم، فإن ماتوا يصلى عليهم وهم مسلمون. قلت فإن كان معهم آباؤهم؟ قال: لا. قلت لأبي عبد اللَّه: إن أهل الثغر يجبرونهم على الإسلام وإن كان معهم آباؤهم؟ قال: لا أدري. "مسائل أبي داود" (1579) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه قلت: الرجل يكون ببلدة، فيكتب أن تخرج إليه امرأته، فأخرجت إليه، ثم إن العدو ظهر عليهم، فانتزعوا المرأة منهم، فاستكرهها رجل منهم، فوطئها فأولدها أولادًا، ثم إن المسلمين ظهروا عليهم، فاستخرجوا المرأة وهي مسلمة، وولدها نصراني وهو معها، فلما دخلوا أرض المسلمين، قالت لابنها: اتق اللَّه يا بني، فإني إنما سبيته، واستكرهني أبوك، وأنا مسلمة، قال لها: ما أعرف ما تقولين، وأنا على دين أبي، نصراني؟ قال أبو عبد اللَّه: يكره على الإسلام، ويحبس ويضرب، حتى يسلم

ولا يعجبني أن يقتل، إن أبى الإسلام، وتعتد المرأة من المشرك، أبي الغلام، وترجع إلى زوجها الأول إن شاءت. "مسائل ابن هانئ" (1036) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: الصبي الصغير يرضع، يخرج به من بلاد الروم وليس معه أحد يرضعه، أيُخرج به، أم لا؟ قال أبو عبد اللَّه: تخرج به فإن مات، مات وهو مع المسلمين، وإن عاش فإن اللَّه يرزقه، ويصير مع المسلمين. "مسائل ابن هانئ" (1603) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن النصرانيين يكون بينهما ولد فيموت الأبوان. أيجبر على الإسلام -يعني: السبي؟ قال: نعم، يجبر على الإسلام. قلت: وكيف إن مات أحدهما على دين الحي؟ قال: يجبر على الإسلام، لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبواه يهودانه، أو ينصرانه" (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1605) قال ابن هانئ: قلت: فإن سبي مولود ومعه أبواه، أو أحدهما، ثم مات، يصلى عليه؟ قال: إذا كان أحد الأبوين مسلمًا، صلي عليه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 404، وأبو داود (494)، والترمذي (407) من حديث سبرة بن معبد الجهني قال الترمذي: حسن صحيح. وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" (508)، ويروى من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في "المسند" 2/ 187، وأبو داود (495).

قلت: فإن سبي وحده، ما يكون؟ قال: مسلمًا. "مسائل ابن هانئ" (1606) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل عنده أمة نصرانية وعبد نصراني ولهما ولد ابن تسع سنين، وقد أسلم؟ فقال: يجبر على الإسلام ويؤمر بالصلاة؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال "مروهم بالصلاة ابن سبع سنين واضربوهم عليها ابن عشر" (¬1) قلت لأبي: فإن لم يسلم الغلام يجبر على الإسلام؟ قال: لا، حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبواه يهودانه وينصرانه" (¬2). قلت لأبي: فإن لم يكن له أحد اشترى رجل عبدا نصرانيا أو يهوديا ليس معه أبواه، يجبر على الإسلام؟ قال: يعجبني ذلك إذا لم يكن معه أبواه. "مسائل عبد اللَّه" (189) قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد أبو حامد الوراق قال: حدثنا محمد بن حاتم بن نعيم قال: حدثنا علي بن سعيد قال: سمعت أحمد وسئل عن السرية في أرض العدو يأخذون صبيانًا؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 404، وأبو داود (494)، والترمذي (407) من حديث سبرة بن معبد الجهني قال الترمذي: حسن صحيح. وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" (508)، ويروى من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في "المسند" 2/ 187، وأبو داود (495). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 233، والبخاري (1358)، ومسلم (2658)، من حديث أبي هريرة.

قال: قد نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن قتل الولدان (¬1) إن كان معهم غنم يسوقونه. وإن لم يكن معهم غنم فلا أعلم له وجهًا إلا أن يدفع إلى بعض الحصون من الروم. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي أن أبا عبد اللَّه سئل عن الرضيع يؤسر وليس معهم من يرضعه؟ قال: لا يترك، يحمل ويطعم ويسقى، وإن مات مات. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا يعقوب بن بختان أنه سأل أحمد بن حنبل عن الصبي الصغير يؤخذ من بلاد الروم فلا يكون معهم من يرضعه؟ فقال: يحملونه معهم حتى يموت. قال أبو بكر: روى هذِه المسألة أربعة أنفس عن أبي عبد اللَّه بخلاف ما قال علي بن سعيد، وما روى علي بن سعيد فأظن أنه قول لأبي عبد اللَّه ثم رجع إلى أن يحمل ولا يترك وهو مسلم، إن مات أو بقي وهو أشبه بقول أبي عبد اللَّه وبمذهبه؛ لأن الطفل عنده إذا لم يكن مع أبويه فهو مسلم، فكيف يترك في أيديهم مسلم ينصرونه؟ ! والذي أختار من قول أبي عبد اللَّه ما روى عنه الجماعة أن لا يترك. وباللَّه التوفيق. وكذلك الصغار ومن لم يبلغ الإدراك ممن يسبى أو يكون هاهنا فإن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 22، والبخاري (3014)، ومسلم (1744) من حديث ابن عمر أن امرأة وجدت في بعض مغازي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مقتولة، فأنكر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قتل النساء والصبيان.

الحكم فيهم أن يكونوا مسلمين إذا لم يكن معهم آباؤهم فإذا كان معهم آباؤهم أو أحدهم كان حكمًا آخر. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي أنه قال لأبي عبد اللَّه: فإن ماتوا -يعني: الصغار- في أيدينا أي شيء يكون حكمهم؟ قال: حكم الإسلام. قيل له: غلام ابن سبع سنين أُسر؟ فرأى أنه لا يقتل وأن يجبر على الإسلام. قال: وهكذا الجارية. قيل له: يباع على أنه مسلم؟ قال: نعم. وقال: أخبرني محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو الحارث قال: قال أبو عبد اللَّه: إذا سُبي الصغير وليس معه أبويه صُلي عليه. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه فقال: إذا كان الصغير ليس معه أبويه يصلى عليه. "أحكام أهل الملل" 1/ 82 - 84 (37 - 43) وقال الخلال: أخبرني عبد الرحمن بن داود أن الفضل بن عبد الصمد حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الصبي من صبيان العدو نسبيه فيموت، أيصلى عليه؟ فقال: إن كان مع أبويه لم يصل عليه، وإن كان وحده وقد أحرز صُلي عليه. قلت: فإن لم يكن مع أبويه وكان مع جماعة السبي؟ قال: يصلى عليه. "أحكام أهل الملل" 1/ 84 (45)

قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسن أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه وسُئل عن المملوك الصغير يشترى فإذا كبر عند سيده أبى الإسلام؟ قال: يجبر على الإسلام لأنه قد رباه المسلمون وليس معه أبواه. قيل له: فكيف يجبر؟ قال: يعذب. قيل له: يضرب؟ قال: نعم يضرب. فقال: رجل عنده: سمعت بقية يقول: يغوص في الماء حتى يرجع إلى الإسلام. فضحك من ذلك وعجب منه. وقال: أخبرني يحيى بن المختار أبو زكريا النيسابوري قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في غلام سُبي وهو صغير فلما أدرك عرض عليه الإسلام فأبى؟ فقال أبو عبد اللَّه: يقهر عليه. قال: كيف يقهر عليه؟ قال: يضرب. فحكى مهنّا عن الأوزاعي قال: يغوص في الماء حتى يرجع إلى الإسلام. فرأيت أبا عبد اللَّه يستعيد مهنّا: كيف قال الأوزاعي؟ وجعل يبتسم. "أحكام أهل الملل" 1/ 85 - 86 (47 - 48) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح أنه قال لأبيه: الصبي إذا أسره المسلمون؟ قال: يجبر على الإسلام. قلت: فإن كان مع أبويه؟

قال: بلغني أن أهل الثغر يجبرونه على الإسلام وما أحب أن أجيب فيها. قلت: إن بعض من يقول: لا يجبرون يقول: إن عمر بن عبد العزيز فادى بصبي صغير (¬1). قال: إن هذا فادى به وهو مسلم. واستشنع قول من قال: لا يجبر. وقال: كتب إليَّ أحمد بن الحسين الوراق من الموصل قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، وسأله عن أهل الشرك يُسبون وهم صغار ومعهم الأم والأب؟ قال: هم مع آبائهم نصارى وإن كانوا مع أحد الأبوين وهكذا هم نصارى، فإذا لم يكن مع أبويه ولا مع أحدهما فهو مسلم. قال: وعمر بن عبد العزيز فادى بصبي ولا يعجبني أن يفادي بصبي، ولا إن كان معه أبواه، ولا نجبر أبويه؛ لأنه إذا كان مع أبويه أو مع أحد أبويه يطمع أن يموت أبواه وهو صغير فيكون مسلمًا. وأهل الثغور والأوزاعي يقولون: إذا كانوا صغارًا مع آبائهم فهم مسلمون. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون في آخرين قالوا: حدثنا الحسن بن ثواب أنه قال لأبي عبد اللَّه: سألت بعض أصحاب مالك عن قوم مشركين سبوا ومعهم أبناؤهم صغار ما يصنع بهم الإمام إذا ماتوا، يأمر بالصلاة عليهم أو يجبرهم على الإسلام؟ قال لي: إذا كان مع أبيه لم أُجبره على الإسلام حتى يعرف الإسلام ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 5/ 394.

ويصفه فإن أسلم وإلا أجبر عليه. قلت: لا يفعل؟ قال: أضربه ما دون نفسه. وإذا أخذ أطفال صغار وليس معهم آباؤهم حتى يصيروا في حيز المسلمين إلى بلدهم ثم ماتوا صلى عليهم ودفنوا. قلت: وسألت بعض أصحاب مالك عن رجل سُبي وامرأته معهما صبي صغير ما يصنع به؟ قال: ادعه حتى يعقل الإسلام، فإذا عقله إما أن يسلم وإلا السيف. قال أبو عبد اللَّه: إن قومًا يقولون: إذا سُبي وهو بين أبويه أجبر على الإسلام، وإذا سبي وليس معه أبواه فمات كفن وصلي عليه وإذا كان معه أبواه لم يصل عليه، فتبسم ثم ضحك أبو عبد اللَّه وذكر قول الأوزاعي: إن كان القسم من الذي ذكره اللَّه فهو حيث هو. وقال مرة: حيث كان. وقال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال حدثني أبي قال: قال عمي في السبي يسبى من العدو فيموت؟ قال: إذا صلى وعرف الإسلام صُلي عليه ودفن مع المسلمين. وإذا لم يسلم ويصلي لم يصل عليه. وفي الصغير يسلم ثم يموت؟ قال: يصلى عليه. وقال: حدثنا أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: إني كنت بواسط فسألوني عن الذي يموت هو وامرأته ويدعان طفلين ولهما عم ما تقول فيها؟ فإنهم كتبوا إلى البصرة فيها. وقالوا: إنهم قد كتبوا إليك.

فقال: أكره أن أقول فيها برأي، دعني حتى انظر لعل فيها عمن تقدم. فلما كان بعد شهر عاودته فقال: قد نظرت فيها فإذا قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَأبَواهُ يُهَوِّدَانِهِ ويُنَصِّرَانِهِ" (¬1). وهذا ليس له أبوان. قلت: يجبر على الإسلام؟ قال: نعم هؤلاء مسلمون لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم في هذِه المسألة قال: قال أبو عبد اللَّه: ولو أن صبيًا له أبوان نصرانيان فماتا وهو صغير فكفله المسلمون فهو مسلم. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا يعقوب بن بختان قال: قال أبو عبد اللَّه: الذمي إذا مات أبواه وهو صغير أجبر على الإسلام، وذكر الحديث: "يُهَوِّدَانِهِ ويُنَصِّرَانِهِ". "أحكام أهل الملل" 1/ 86 - 99 (50 - 57) قال الخلال: أخبرني محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه قال: سألت أبا عبد اللَّه عن ولد يهودي أو نصراني مات أبواه وهو صغير؟ قال: هو مسلم إذا مات أبواه. قلت: يرث أبويه؟ قال: نعم يرثهما ويجبر على الإسلام. قلت: فله عم أو أخ أرادوا أن يأخذوه؟ قال: لا يأخذوه وهو مسلم. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 233، والبخاري (1358) ومسلم (2658) من حديث أبي هريرة.

قلت: فمات عمه أو أخوه يرثه؟ قال: لا. "أحكام أهل الملل" 1/ 90 (59) قال الخلال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال أنه قال لأبي عبد اللَّه: الصبي يخرج إلى أبويه وهما نصرانيان؟ قال: هو مسلم. قلت: فإن مات يصلي عليه المسلمون؟ قال: نعم. "أحكام أهل الملل" 1/ 90 (61) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي أن أبا عبد اللَّه قال: إذا ولد لهما وهم في دار الإسلام في ملك مولاهما لا أقول في ولدهما شيئًا. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث أن أبا عبد اللَّه سُئل عن جارية نصرية لرجل مسلم له زوج نصراني فولدت عنده وماتت عند المسلم وبقى ولدها عنده، ما يكون حكم هذا الصبي؟ قال: إذا كفله المسلمون فهو مسلم. وقال: أخبرني جعفر بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم أن أبا عبد اللَّه سُئل عن جارية نصرانية لقوم فولدت عندهم ثم ماتت ما يكون الولد؟ قال: إذا كفله المسلمون ولم يكن له من يكفله إلا هم فهو مسلم. قيل له: فإن مات بعد الأم بقليل؟ قال: يدفنه المسلمون.

وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنّا قال: سألت أحمد عن يهودية أو نصرانية كانت عند قوم مسلمين وهي حبلى فولدت عندهم ثم ماتت بعدما ولدت؟ قال: يدفنها أهل دينها. فقلت له: مات ولدها بعدها وهو صغير؟ قال: يدفنه المسلمون. قلت: فإن عاش ولدها بعدما ماتت أي شيء يكون؟ قال: إذا لم يكن أحد يكفله من أهل دين أمه يكون مسلمًا. وقال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن أمة نصرانية ولدت من فجور ولدها ما هو؟ قال: مسلم "أبَواهُ يُهَوِّدَانِهِ ويُنَصِّرَانِهِ". فهذا معه أمه فهو مسلم. وقال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن جارية نصرانية ولدت عند مسلمين ثم ماتت ما حال ولدها؟ قال: إذا كفله المسلمون فهو مسلم. وإن مات بعد ذلك دفنه المسلمون. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب قال: سألت أبا عبد اللَّه عن مسلم له عبد نصراني وأمه نصرانية فزوجه ما تقول في هذا الولد؟ قال: يكون مع أبويه. قلت: ولا يكون المسلم يجبره لملكه؟ قال: لا. قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فأبَواهُ يُهَوِّدَانِهِ ويُنَصِّرَانِهِ". وهو مع أبويه. وأهل الثغر يخالفوننا.

وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد عن أبيه عن أبي عبد اللَّه وسأله عن نصرانيين مملوكين لرجل زوج أحدهما الآخر يكون ولدهما نصرانيًّا؟ قال: نعم لا يختلف أحد في هذا أنه نصراني. وقال: وكتب لي أحمد بن الحسين قال: حدثنا بكر بن محمد عن أبيه عن أبي عبد اللَّه وسأله عن الروم يسبون وهم صغار صبيان؟ قال أبو عبد اللَّه: الصغار على دين آبائهم. وهكذا إن كان لرجل مملوكة ومملوك نصرانيان ثم ولد لهما ولد، وقال: هم على دين آبائهم لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سُئل قبل أن يصاب من نسائهم وذراريهم قال: هم منهم. وقال أصحاب أبي حنيفة: وأهل الثغر يقولون: الصغر مسلمون. وإذا ولدوا في دار الحرب ثم سبوا فهم عندهم مسلمون. فإذا ولد وهما في دار الإسلام فهو عندهم أحرى أن يكونوا مسلمين. وقال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عمن سُبي من أطفال المشركين يصلى عليه؟ قال: معه أبواه؟ قلت: نعم. قال: يخالفوني فيهما. قلت: أليس تذهب إلى أن: "أبَواهُ يُهَوِّدَانِهِ ويُنَصِّرَانِهِ" لا يصلى عليه؟ قال: بلى. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي أن أبا عبد اللَّه قال في سبي أهل الحرب: إنهم مسلمون إذا كانوا صغارًا وإن كانوا مع أحد الأبوين. وكان يحتج بقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبَواهُ يُهَوِّدَانِهِ ويُنَصِّرَانِهِ".

قال: وأما أهل الثغر فيقولون: إذا كان مع أبويه أنهم يجبرونه على الإسلام. ونحن لا نذهب إلى ذا. قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبَواهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصُرَانِهِ". "أحكام أهل الملل" 1/ 92 - 97 (64 - 75) وقال الخلال: أخبرني عبد الملك الميموني قال: سألت أبا عبد اللَّه قبل الحبس عن الصغير يخرج من أرض الروم وليس معه أبواه؟ قال: إذا مات صلى عليه المسلمون. قلت: يكره على الإسلام؟ قال: إذا كانوا صغارًا يصلون عليهم. أكره أن يليه إلا هم وحكمه حكمهم. قلت: فإن كان معه أبواه؟ قال: إذا كان معه أبواه أو أحدهما لم يكره ودينه على دين أبويه. قلت: إلي أي شيء تذهب؟ إلى حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ حتى يكُون أبواهُ"؟ قال: نعم. قال: وعمر بن عبد العزيز فادى به. قال: فرده إلى بلاد الروم إلا وحكمه حكمهم. قلت: في الحديث كان معه أبواه. قال: لا. وليس يتبع أن يكون معه أبواه. قال عبد الملك: وسألته قبل الحبس أيضا مرة أخرى عن الصبي يكون معه أبواه فيموت ما حكمه؟ قال: حكم والديه هم الذين يلونه ويصلون عليه واحتج بقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ. . . " قلت: فإن كان مع أحدهما؟ قال: إذا كان معهما جميعًا آكد.

قلت: وإن كان مع أحدهما هل حكمه معهما؟ قال لي: وإذا كان مع أحدهما. وذكر أيضا قصة عمر بن عبد العزيز، وذكر بخلاف الأوزاعي فيها. قال أبو عبد اللَّه: إذا لم يكن معه والداه حكمنا له بحكمنا. قال عبد الملك: قال لنا وتعجب من قول أهل الثغور إذا أخذوا الصغير ومعه أبواه جميعًا كان حكمه عندهم حكم الإسلام. ثم قلنا له: ما تقول؟ قال: أي شيء أقول أنا فيها. واحتج بظاهر قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَأبَواهُ يُهَوِّدَانِهِ ويُنَصِّرَانِهِ". فظاهر هذا عنده أن حكم الصغير حكم أبويه. وقد ذكر أبو عبد اللَّه في المسألة الأولى: إذا أسلم أحد أبويه أن بعض من يرويه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه خير الغلام قال له: "واختر أباك أو أمك". قال أبو بكر: هذِه المسألة للميموني إنما سأل أبا عبد اللَّه عنها قديمًا ويدل قوله واحتجاجه وتوقفه على أن هذا قول له أول. وكذلك ما حكاه عنه إذا كان مع أبويه أو أحدهما فحكمه حكمهم. وقد روى هذِه المسألة عن أبي عبد اللَّه خلق كلهم قال: إذا كان أحد أبويه مسلمًا. وهؤلاء النفر سمعوا من أبي عبد اللَّه بعد الحبس وبعضهم قبل وبعد. وبيَّن أبو عبد اللَّه القول فيها. والذي أذهب إليه مما أختار على ما رواه عنه الجماعة. قال الخلال: أخبرني الحسن بن الهيثم أن محمد بن موسى حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه عن السبي إذا كانوا صغارًا مع أبويه فخرجوا به ثم أسلم أحد أبويه، فكيف إذا أسلم أحدهما؟ كأن يعني بأن يكون مسلمًا.

وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح. وأخبرني محمد بن أبي هارون أن إسحاق بن إبراهيم (¬1) حدثهم. وأخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم. وأخبرني محمد بن أبي هارون أن مثنى بن جامع الأنباري حدثهم. وأخبرني محمد بن علي أن مهنّا بن يحيى حدثهم. وقد دخل كلام بعضهم في بعض والمعنى واحد؛ سألوا أبا عبد اللَّه وسمعوه يقول: إذا أسلم أحد الأبوين ولهما أولاد صغار ما لم يبلغوا فهم مع المسلم منهما. يجبرون على ذلك حتى يسلموا. وإن كانوا كبارًا لم يجبروا لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "فَأبَواهُ يُهَوِّدَانِهِ ويُنَصِّرَانِهِ". زاد أبو طالب قلت: قد منع ولده أن يسلم، قال: أجمع عليه الناس وهؤلاء عليه فإن أبي فادفعه إلى السلطان، فإنهم يجبرونهم على الإسلام. قلت: الذكور والإناث إذا كانوا صغارًا يجبرون؟ قال: نعم. قلت: فإن أسلمت المرأة ولم يسلم بالرجل؟ قال: يجبرون أولادهم على الإسلام، وهم مع من أسلم منهما. قلت: إن ضربه السلطان على شيء؟ قال: لا يضرب ويهول عليه؛ ليجيء بولده فيجبرون ويضربون حتى يسلموا. زاد أبو طالب في موضع آخر قال: سأل عن يهودي أسلم وله بنت صغيرة لم تبلغ فزوجها بعد إسلامه ليهودي؟ قال: يفرق بينهما وتجبر على الإسلام. ¬

_ (¬1) راجع "مسائل ابن هانئ" (1605، 1606).

قلت: لم يدخل بها؟ قال: لا صداق لها. ثم سُئل عنها وقيل: قد أرخى الستر وأغلق الباب، قال: إذا أرخى الستر وأغلق الباب وجب عليه الصداق كله وعليها العدة. قلت: إلى كم تجبر على الإسلام؟ قال: بحيض. قلت: في إنبات الشعر أو خمس عشرة؟ قال: هذا الغلام، فأما الجارية فليس يصح إلا الحيض وحده. وزاد صالح في موضع آخر: قلت لأبي: يهودية أسلمت ولها ابن يجبر على الإسلام؟ قال: ما لم يبلغ يجبر على الإسلام. وزاد مُهَنّا في موضع آخر قال: سألت أبا عبد اللَّه عن يهودي أو نصراني أو مجوسي أسلم وله أولاد صغار كيف يصنع؟ قال: إن كانوا صغارًا أجبروا على الإسلام. فقلت له: يكرهون؟ قال: نعم. قلت: ويضربون؟ قال: أما الضرب فما سمعت ولكن يكرهون. فقلت: في كم ينبغي أن يكونوا إذا ضربوا؟ قال: ما لم يدركوا. قلت: في كم؟ قال: ما لم يحتلموا.

قال أبو بكر: وقد حكى جماعة عن أبي عبد اللَّه أن يضربوا فلا بأس أن يضربوا حتى يسلموا. وقال: أخبرني عبد اللَّه قال: سألت أبا عبد اللَّه بعد الحبس قلت: الغلام يسلم أحد أبويه ما حكم ولده؟ قال: يتبعه ولده إلى أسلم أحدهما. قلت: صغار وكبار؟ قال: لا إذا كانوا كبارًا ليس يلزمهم شيء إنما يلزمهم الصغار. قلت: بأي شيء تحتج؟ قال: بشيء من أقوال التابعين: هو مع المسلم منهما حكمه حكمنا. قلت له: أيهما أسلم قبل أبوه أو أمه فهو مع المسلم منهما؟ قال: نعم. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال سألت أبا عبد اللَّه عن اليهودي والنصراني يكون له بنون وبنات لسبع تسع وقد أسلم فزوج ابنته من يهودي وقد أجمع المسلمون واليهود وقد رضوا بك قال: يفرق بينهم. وقال: أخبرنا أحمد بن محمد الوراق قال: حدثنا محمد بن حاتم بن نصير قال: حدثنا علي بن سعيد أنه قال لأبي عبد اللَّه: فإن أسلم أحد الأبوين فالولد مع من يكون؟ قال: يدفع إلى المسلم منهما. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال: سمعت رجلًا قال له: يا أبا عبد اللَّه جارية نصرانية لرجل نصراني ولها ابن له خمس سنين أسلمت الجارية واشتريتها وقد حبس الصبي عنده؟ فقال له أبو عبد اللَّه: كيف قلت؟

فأعاد عليه الرجل المسألة. فقال أحمد: هذا الجارية سبي هي أو أمة لهم، فَسَّر؟ فقال الرجل: هي سَبي رُومية. فقال أبو عبد اللَّه: إن سبينا لا يملكه النصارى تخرج من يده. قال: فلي أن أطالبه؟ قال أبو عبد اللَّه: الصبي يتبع أمه. قلت: أنا صاحب المسألة. قلت له: فإن كانت قِنًّا؟ قال: ما عندي فيه شيء. قلت لأبي عبد اللَّه: القِنُّ ما هو؟ قال: الذين في أيديهم قد اقتنوهم. قلت: السبي الأول الذين قد توالدوا في أيديهم؟ قال: نعم. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون قال حدثني أبو الصقر يحيى بن يزداد قال: سألت أبا عبد اللَّه عن مجوسي وامرأته ماتا في ساعة واحدة إلا أن المرأة شهدت عند موتها: أن لا إله إلا اللَّه، وأسلمت ولها أولاد صغار كيف يرثون أباهم؟ فقال: الصغار حين أسلمت أمهم صاروا مسلمين يرثونها ولا يرثون أباهم، والكبار يرثون الأب وهم على دينه. "أحكام أهل الملل" 1/ 97 - 105 (77 - 90) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي أن مهنّا حدثهم قال: سألت أحمد عن يهودي أسلم ابنه فقال أبوه: لا أجيز إسلامه. قال: إن كان

صغيرًا له أن يمنعه. وإن كان قد أدرك وعرف الإسلام فليس له أن يمنعه. قلت: في كم يكرهون؟ قال: إذا لم يدركوا أكرهوا. قلت: مقدار كما يكونون إذا أكرهوا. قال: إذا لم يحتلموا أو ينبتوا. قلت: في كم يكون ذلك؟ قال: أربع عشرة أو خمسة عشرة. وقال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال حدثني أبي قال: حدثنا إبراهيم بن نصر قال: حدثنا الأشجعي قال: قال سفيان في غلام لم يحتلم أسلم قال: إن مات صلي عليه وميراثه للمشركين فإن كبر أجبر على الإسلام. قال حنبل: سألت عمي عن ذلك فقال: لا يرثه المشركين ماله للمسلمين إذا أسلم فإذا كبر أجبر على الإسلام إذا كان قد صلى ويمنع من الشرك إذا كان قد أسلم وصلى. "أحكام أهل الملل" 1/ 105 - 106 (92 - 93)

فصل تأمين الأسير

فصل تأمين الأسير 1464 - من يصح أمانه ومن لا يصح قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أمانُ المرأةِ والعبد؟ قال: جائزٌ فقال إسحاق: كما قال إذا كان على وجه النظرِ للمسلمين على العدلِ والسواء؛ لما أمرَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك بعد إجارةِ زينب -رضي اللَّه عنهما- زوجها (¬1). "مسائل الكوسج" (2742) قال إسحاق بن منصور: قلت: سمعت سفيان الثوري يقول: ليس للذمي ولا للصبي أن يُؤمَّنَ. قال أحمد: الذمي ماله ولهذا؟ ! وأما الصبي فلا يعقل. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2743) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن أمان المرأة؟ قال: جائز. "مسائل أبي داود" (1594) قال أبو داود: قيل لأحمد وأنا أسمع: أمان الأسير؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 1/ 398، والطبراني 22/ 425 (1047)، وفي "الأوسط" 9/ 21 (9006)، والحاكم 4/ 45 من حديث أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه-، وذكره الهيثمي في "المجمع" 5/ 330 وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير باختصار، وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات.

1465 - التباس من أعطي الأمان بغيره

قال: جائز. "مسائل أبي داود" (1595) قال أبو داود: قلت لأحمد: لو أن أسراء في عمورية نزل بهم المسلمون فقال الأسراء: أنتم آمنون، يريدون بذلك القربة إليهم؟ قال: يرحلون عنهم. "مسائل أبي داود" (1596) نقل عنه الميموني: أمان الصبي جائز. ونقل حنبل وابن منصور عنه: الصبي لا يعقل. "الروايتين والوجهين" 2/ 358 قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح أنه قال لأبيه: قال سفيان: ليس لذميّ أن يُؤمّن؟ قال أبي: ما له ولهذا -يعني: الذميّ! "أحكام أهل الملل" 2/ 319 (671، 672) 1465 - التباس من أُعطي الأمان بغيره قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن: علج أشرف من حصن وعليها المسلمون نزول فقال: أعطوني الأمان حتى أفتح لكم الباب، ففتح لهم، فادعى كل واحد أنه هو الذي فتح الباب؟ قال: لا يقتل أحد منهم. "مسائل أبي داود" (1598) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: القوم يكنون في حصن، فيستأمن منهم عشرة، فينزل عشرة غيرهم، فيقولون: لنا كان الأمان، ثم نزل عشرة آخرون، فيقولون: لنا كان الأمان، قلت: فلمن هو منهم؟

قال: يؤمنون كلهم. "مسائل ابن هانئ" (1700) قال ابن هانئ: وسئل عن: الحصن يقف عليه الأمير، فينزل إليه العلج، فيقول: أعطني الأمان لي ولأهل بيتي، وهم عشرة، فيعطيه الأمان، ثم يرجع العلج إلى الحصن، فيفتح الباب، لا يدري هو فتحه أو غيره، فيدخل المسلمون فيجتمع الأعلاج، فكل واحد منهم يقول: أنا الذي طلبت الأمان، وأنا الذي فتحت الباب، فيشكل أمرهم على الأمير؟ فقال أبو عبد اللَّه: يؤمنون، هؤلاء الذين يطلبون الأمان كلهم، كل من يقول: أنا طلبت الأمان، وفتحت الباب. يؤمن. فقال له: إن قومًا يقولون: يسعى تسعة أعشار منهم في أرقابهم؟ قال أبو عبد اللَّه: لا أرى السعاية في هذا. "مسائل ابن هانئ" (1701) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل والرجلين من المسلمين، يدوران بحضرة طرسوس في الجبل فيصيبون الرجل والرجلين من الأعلاج. فيقولون: نحن مستأمنة، مع بعضهم السلاح، وبعض ليس معه سلاح، فإن سئلوا، قال: هذا معي من أجل السبع. والطريق الذي تسلكه المستأمنة إذا جازوا على المسالح فينفرون الناس إليهم وهؤلاء إنما جاءوا في الجبل لا يؤمنون، إن أصابوا غيلة من رجل أو رجلين أو يقتلوهم، ولم يأخذوا في الطريق المشهور الذي يدخل فيه المستأمنة؟ قال أبو عبد اللَّه: الذي ليس معه السلاح أسهل من الذي معه السلاح، يقتل الذي معه السلاح. "مسائل ابن هانئ" (1702) نقل عنه أبو طالب في قوم في حصن استأمن عشرة وترك عشرة،

1466 - صيغة الأمان

فيقولون: لنا الأمان، فيؤمنون كلهم، ولا يقتل واحد منهم، بل هم على أصل الجزية، فلا معنى لاستعمال القرعة في ذلك. "الروايتين والوجهين" 2/ 359 1466 - صيغة الأمان قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ عَنِ الرجلِ يدرك بالعلج فيقول له: قُم وألق سلاحَكَ. فيفعل؟ قال: يرفع عنه القتل ويلقى في المقسم. قال أحمد: ما أحسن ما قال! كأنه قد أمَّنه بهذا القولِ. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2783) قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يحمل على العلج فيصيح به بالرومية: قف أو ألق سلاحك؟ قال: هذا أمان. قلت: فإن العلج عليم أنه ليس له منه منجى؟ فقال: هذا أمان. قلت: فإن قال له: ذهبت، أو نحو ذلك، يريد يرعبه؟ قال: كل شيء يرى العلج أنه أمان فهو أمان. "مسائل أبي داود" (1597) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يخرج إلى العلافة فيرى علجًا على الجبل، فينادي العلج من فوق الجبل: الأمان، فيجيبه الرجل من المسلمين: تعال. لا يقول: لك الأمان، إنما يريد أخذه. أيجوز أخذه إن هو نزل، أو يكون قوله: تعال. أمانًا؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا طلب العلج الأمان فإنه إذا قال له: مترس أو كلاما يظن العلج أنه قد أُمِّنَ، فإنه أمان، لا يعرض له. "مسائل ابن هانئ" (1703)

1467 - مدة الأمان

قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل يكون في بلاد الروم، فيرى علجًا، فيحمل عليه، يريد أن يقتله، فيقول له بكلام الرومية كأنه يؤمنه، فيقف الرومي فيقتله، هل له ذلك؟ قال أبو عبد اللَّه: لا يقتله، قد أعطاه الأمان، إذا علم أنه قد أمنه فلا يقتله. "مسائل ابن هانئ" (1704) 1467 - مدة الأمان قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الأوزاعي: لا يتركُ المستأمن في دارِ الإسلامِ إلَّا أنْ يُسلمَ، أو يُؤدِّي الجزيةَ، أو يأذن الإمامُ. قال أحمد: إذا أمَّنهُ الإمامُ فهو على أمانهِ حتَّى يردَّهُ إلى مأمنِه. فقال إسحاق: كما قال الأوزاعي، فإن كان الإمامُ أمَّنَهُ إلى وقتٍ وَقَّتَه نظرًا للمسلمين، إمَّا لفداء الأسارى، أو لعملٍ من أعمالِ أهلِ الإسلامِ فللإمام ذَلِكَ، ويُتركُ إلى الوقت الذي أُمِّنَ عليه. فإن تَمَّ إرادَةُ الإمام فيما حبسه وإلا أجله أجلًا بعد أجلٍ حتَّى يفرغ. "مسائل الكوسج" (2769) 1468 - من دخل دار الإسلام بغير أمان، ثم طلب الأمان، أو ادعى الأمان قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا أُخذ الرَّجلُ مِن أهلِ الشركِ في أرضِ الإسلام بغيرِ عهدٍ؟ قال: لا يقبلُ ذَلِكَ منه إذا قال: جئتُ أسْتأمِنُ. فقال إسحاق: إذا كان جاءه على وجهِ فداء الأسارى أو طالبًا قريبه فإنَّه يصدق، فإن لم يرد ذَلِكَ رُدّ إلى مأمنِهِ. "مسائل الكوسج" (2747)

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن سرية دخلت بلاد الروم فاستقبلهم أعلاج فأخذوهم فقالوا جئنا مستأمنين؟ قال: إن استدل عليه بشيء. قلت: إنهم وقفوا فلم يبرحوا ولم يحددوا بسلاح؟ فرأى إذا كان على ذلك أن لهم أمانا. "مسائل أبي داود" (1599) نقل عنه المروذي في رجل جاء بأسير فقال: استرقوه، فقال العلج: قد أعطاني الأمان: فله الأمان. ونقل يعقوب بن بختان عنه في الأسير يخرج بالعلج من بلاد الروم فقال العلج: إنما خرجت به، وقال الأسير: إنما خرجت به. قال: إذا كان الرجل صالحًا لم يقبل قول العلج. ونقل الكحال عنه في نفس المسألة: أن يقبل قول المسلم. ونقل بكر بن محمد، عن أبيه عنه: إذا لم يكن ثم دلالة تدل على ما قال الرومي، فالقول قول المسلم. "الروايتين والوجهين" 2/ 359 نقل عنه مهنا في سفينة أخذت في البحر فيها روم، فقالوا: نحن جئنا بأمان. فقال: ينظر في حالهم، إن كان معهم سلاح. "الأحكام السلطانية" ص 60 نقل أبو طالب عنه: إن لم يُعرف بتجارة ولم يشبههم، أو كان معه آلة حرب، لم يقبل منه، ويحبس حتى يتبين أمره. "الفروع" 6/ 250، "الإنصاف" 10/ 359 نقل عنه حرب في غزاة في البحر وجدوا تجارًا تقصد بعض البلاد: لم

1469 - هل يجوز شراء العبد إذا دخل الديار بأمان؟

يتعرض لهم. "الفروع" 6/ 251، "الإنصاف" 10/ 361 1469 - هل يجوز شراء العبد إذا دخل الدَّيار بأمان؟ نقل الشالنجي عنه: لا بأس، فإن دخل بأمان لم يشتر. "الفروع" 6/ 256، "الإنصاف" 10/ 389 1470 - المستأمن إذا غدر بالمسلمين أو خان، أيقتل؟ قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن العلج يدخل مستأمنًا يأتي الأمير فيقول: وجه معي الخيل، حتى أدلك على كذا وكذا، وإلا فأنت في حل من دمي، فيوجه معه عسكرًا، حتى إذا قاربوا الموضع في بلاد الروم، يأبى أن يدلهم على شيء أصلًا، ويقول: هذِه رقبتي، ولا أدلكم على شيء، ولا أعرفه، فيقتله الأمير، أله ذلك؟ قال أبو عبد اللَّه: إن لم يحقق ذلك، له أن يضرب عنقه. "مسائل ابن هانئ" (1678) 1471 - الجاسوس يقتل قال ابن هانئ: وسئل عن الجاسوس يوجد في بلاد المسلمين، أيقتل؟ قال: نعم يقتل إذا كان كافرًا. ثم قال. لو كان يهودي أو نصراني كان قد نقض العهد، يقتل. "مسائل ابن هانئ" (1679)

فصل ما جاء في أحكام أسرى المسلمين

فصل ما جاء في أحكام أسرى المسلمين 1472 - استئسار المسلم، وحكم إعانته المشركين على قتله قال صالح: قلت: الأسير يجد السيف أو السلاح فيحمل عليهم وهو لا يعلم أنه لا ينجو أعان على نفسه؟ قال: أما سمعت قول عمر حين سأله الرجل فقال: إن أبي أو خالي ألقى بيده إلى التهلكة. فقال عمر: ذلك أشترى الآخرة بالدنيا (¬1). "مسائل صالح" (935) قال أبو داود: سمعت أحمد بن محمد بن حنبل يقول: إذا علم أنه يؤسر فليقاتل حتى يقتل أحب إلي. "مسائل أبي داود" (1580) قال أبو داود: قلت لأحمد: رجل خرج عاصيًا في علافة فلقي العدو، يقاتل أم يستأسرُ رجاء أن تدركه التوبة -أعني لأنه عاصٍ- فكره أن يقتل عاصيًا فيستأسر؟ فقال أحمد بن حنبل: لا يستأثر، الأسر شديدٌ. "مسائل أبي داود" (1581) قال أبو داود: قلت لأحمد: الأسير يريدون ضرب عنقه، أيمدُّ رقبته؟ قال: لا يعجبني أن يعين على نفسه بشيء. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 214 (19349)، والبيهقي 9/ 45 - 46.

وسألت أحمد بن حنبل عن الروم إذا رموا مركبًا -أعني: من مراكب المسلمين- بالنار فاشتعلت فيها أيرمي الرجل بنفسه في الماء؟ قال: كيف شاء يصنع. قلت لأحمد بن حنبل: هذا الذي اشتعل النار في مركبه ترخص له أن يرمي بنفسه في الماء، وهذا الذي قدم ليضرب عنقه قلت: لا يمد عنقه؟ قال: هذا لا يدري ما يحدث. قلت: هو في لج لا يطمع في النجاء. قال: لا أدري. "مسائل أبي داود" (1582) قال أبو داود: قلت لأحمد: أسر جماعة فجعل رجل يجزع من الموت فجعل يتأخر عن القتل -أعني: والأساري يقتلون. قال: لا بأس. فقلت: فإنه اشتهى أن يكون أو لهم، فقال: ابدءوا بي؟ قال: لا. قلت: فيعطي سيفه، ويقول: سيفي أقطع -أعني: إذا أرادوا قتله؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (1583) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سئل عن الأسير إذا أسر، له أن يقاتلهم؟ قال: إذا علم أنه يقوى بهم. "مسائل أبي داود" (1584)

قال أبو داود: قلتُ لأحمد: قال ابن المبارك في الجيش ينهزمون. قال: يصير الرجل في حاميتهم. قلت: كأن مائة انهزموا من خمسين فهذا رجل وحده، فإن قام يقتل فهو يسير في حاميتهم يحمل على العدو ويدفعهم عنه؟ قال: إذا كان يدفع العدو عنهم فهو رجل فارس أرجو أن يكون معذورًا. "مسائل أبي داود" (1608) قال أبو داود: قلت لأحمد: العلاقة يكسيها العدو وبعضهم في الحباب وبعضهم قد تعرى، فإن بقي رجل أسر أو قتل، ينهزم ويدع أصحابه؟ قال: أرجو أن تكون له رخصة أن ينهزم. "مسائل أبي داود" (1609) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن: العدو إذا كانوا أكثر من اثنين ينهزم منهم الواحد؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1610) نقل مهنا عنه في الرجل في البحر فترمى سفينته بالنفط والنار، فيطرح نفسه في البحر فيموت: قال: أكره. وقال في رواية بكر بن محمد وأبي طالب: إذا حصل أسيرًا في المشركين فقدموه يضربوا عنقه، فهل يعطيهم سيفه؛ لأنه أمضى؟ قال: لا. قيل له: فإنه يعذبه.

1473 - الأسير يطلب منه أن يقاتل في صف العدو بالمقابل

قال: يعلم اللَّه أن يخلصه أو يعيش من ذلك الضرب. "الروايتين والوجهين" 2/ 379 1473 - الأسير يُطلب منه أن يقاتل في صف العدو بالمقابل قال أبو داود: قلت لأحمد: لو نزل عدو بأهل قسطنطينية فقال الملك للأسراء: اخرجوا فقاتلوا وأعطيكم كذا وكذا؟ قال: إن قال لهم: أخلي عنكم فلا بأس رجاء أن ينجو. قلت: فإن قال: أعطيكم وأحسن إليكم؟ قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قاتل لتكون كلمة اللَّه هي العليا" (¬1) لا أدري. "مسائل أبي داود" (1590) نقل نعيم بن ناعم عنه، وسألت أحمد عن أسير في أيدي العدو، فجاء العدوَّ عدوٌّ لهم، يقاتل معهم؟ قال: إن خاف على نفسه أو قالوا له بأن قاتلت معنا نخلي سبيلك، يُقاتل معهم. قلت: لم يخف، ولم يقولوا له: نخلي سبيلك؟ قال: في نفسي منه شيء. "طبقات الحنابلة" 2/ 496 - 497 ونقل أبو طالب عنه في أسير لم يشترطوا إطلاقه ولم يخفهم: لا يقاتل معهم بدونه. "الفروع" 6/ 206 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 392، والبخاري (123)، ومسلم (1904) من حديث أبي موسى الأشعري.

1474 - الأسير يعمل بالخياطة ونحوها

1474 - الأسير يعمل بالخياطة ونحوها قال صالح: قلت: الأسير يخيط لهم أو يعمل؟ قال: إن كان يجري عليه أو كان مستغنيًا فأكره أن يعينهم، فإن لم يجر عليه وضيق عليه فليعمل لهم. "مسائل صالح" (938) 1475 - أنكحة الأسير في دار الحرب قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الأسير يتزوج في بلاد العدو؟ قال: لا يتزوج من أجل ولده، مخافة أن تلد له فيبقى في أيديهم. "مسائل ابن هانئ" (1705) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: هشيم قال: حدثنا سفيان بن حسين، عن الحكم بن عتيبة، عن مجاهد، أو عن مقسم، عن ابن عباس أنه كره النكاح في دار الحرب. "مسائل ابن هانئ" (1706) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: روح قال: حدثنا أشعث، عن الحسن أنه كان يكره إذا أسر الرجل أن يتزوج المرأة من أهل الحرب -وإن كانوا أهل كتاب- من أجل ولده. "مسائل ابن هانئ" (1707) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن تزوج امرأة مسلمة؟ قال: لا يعجبني أن يتزوج أيضًا مسلمة، إلا أن يجهد فيتزوج إن خاف الزنا، ولا يطلب الولد. "مسائل عبد اللَّه" (941)

1476 - اعتداء الأسير دار الحرب

قال الأثرم: سُئل أحمد عن أسير أسرت معه امرأته، أيطؤها؟ فقال: كيف يطؤها، ولعل غيره منهم يطؤها! قلت له: ولعلها تعلق بولدٍ، فيكون معهم. قال: وهذا أيضًا. "المغني" 13/ 148 - 149 1476 - اعتداء الأسير دار الحرب قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المسلم يسبيه العدو فَيَقْتُلُ هناك مسلمًا أو يَزني؟ قال: ما أعلمه إلا يقام عليه إذا خرج. "مسائل الكوسج" (2736) قال صالح: قلت: الأسير يسرق منهم؟ قال: لا يسرق إذا كان عندهم في حد الأمانة، ولكن يأخذ منهم، أو يطعم منهم، وإن أمنوه على منازلهم فلا يأخذ، وإن ضيق عليه أخذ قوته. "مسائل صالح" (937) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا حبس الأسير في السجن ومعه أعلاج -أعني: محبسين- أيسرق منهم؟ قال: إذا كانوا يأمنونه على شيئهم فلا يسرق منهم. قلت لأحمد مرة أخرى: يسرق منهم الأسير؟ قال: ما لم يأمنوه عليه. قلت: هو مطلق فيهم؟ ! قال: قد أمنوه إذا أطلقوه. "مسائل أبي داود" (1587) قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ سُئِلَ عن الأسير إذا أمكنه في بلاد العدو

أن يقتل منهم؟ قال: إذا علم أنهم أمنوه على أنفسهم وأموالهم فلا يقتل منهم. قيل إنه مطلق. قال: قد يكون يطلق لأمر ولا يأمنوه، إذا علم أنهم أمنوه فلا يقتل. "مسائل أبي داود" (1588) قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ سُئِلَ عن الأسير يمكنه أن يقتل منهم يجد غفلة؟ قال: إن لم يخف أن يفطنوا به. "مسائل أبي داود" (1589) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يكون أسيرًا في بلاد الروم فيزني؟ قال: معاذ اللَّه، حرام. "مسائل ابن هانئ" (1708) قال ابن هانئ: وسئل عن الأسير يكون في أيدي العدو، أله أن يسرق منهم؟ قال: إذا أمنه على أهله، وماله، وولده، فلا يسرق منه شيئًا، ولكن إن قدر أن يهرب هو ببدنه فليفعل. "مسائل ابن هانئ" (1696) قال المروذي: وسئل أبو عبد اللَّه: عن الأسير يكون في أيدي العدو، له أن يسرق منهم؟ قال: إذا ائتمنوه فلا. قيل له: فالأسير يفرّ؟ قال: نعم. إن قدرَ على ذلك.

1477 - من دخل أرض العدو بأمان

سمعت خالد بن زيد [يقول: ] أن مالك بن عبد اللَّه الخثعمي، وحبيب ابن مسلمة، كانا في جيش أمير. فقال أحدهما: أيها الناس! إياكم أن تدنّسوا دينَ اللَّه. وقال الآخر: أوأحدٌ يدنس دين اللَّه عَزَّ وَجَلَّ؟ ! فمن أخطأ فإنما نوره أطفأ، ونفسه ظلم، فإنّك إن بقيتَ حتى يكون زمانٌ يغزو فيه الفقير ويتخلّف الأغنياء؛ يشتغلون بالزرعِ والضرعِ، فأولئك الذين يدنّسون دين اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. "الورع" (489)، (490) 1477 - من دخل أرض العدو بأمان قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل دخل أرض العدو بأمان فسرق منهم مالًا أو دوابا أو غير ذلك. قال: إذا كان بأمان لم يسرق، ولم يأخذ من أموالهم شيئًا، ولا يبيع في بلادهم درهمًا بدرهمين، لا يزني في بلادهم، فإذا دخل بغير أمان لا بأس يأخذ منهم. "مسائل عبد اللَّه" (940) 1478 - انفلات الأسير قال ابن هانئ: قال الإمام أحمد: إن قدر أن يهرب هو ببدنه فليفعل. "مسائل ابن هانئ" (1696) قال المروذي: قيل له: فالأسير يفرّ؟ قال: نعم. إن قدر على ذلك. "الورع" (489)

1479 - الأسير يخلى سبيله على أن يبع إليهم بمال، أو يرجع إليهم

1479 - الأسير يُخلى سبيله على أن يبع إليهم بمال، أو يرجع إليهم قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الرجل يؤسر، فيقول لعلج: أخرجني إلى بلادي وأعطيك كذا وكذا، ترى له أن يفي بذلك؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1591) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الأسير يحلف لهم أن يبعث إليهم بمال، أيفي لهم به؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1592) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن العلج يجيء بالأسير على أن يفادي بنفسه فلم يجد ما يفادي نفسه؟ قال: المسلمون على حال إن لم يفاد به من بيت المال ولا يرد. "مسائل أبي داود" (1593) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أُسر، أخذ منه الكفار عهد اللَّه أن يرجع إليهم؟ قال: فيه اختلاف. قلت لأبي: حديث أبي جندل (¬1)؟ فقال: ذلك صلح على أن يردوا من جاءهم مسلمًا أن يرده إليهم، فقد ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 323، والبخاري (4190) من حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم.

1480 - استنقاذ أسرى المسلمين ومفاداتهم

ردّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الرجال، ومنع أن ترد النساء ونزلت فيهن: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} ثم تلا: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} ثم قال: فيه اختلاف بين الناس، فقال: أما عطاء فقال: يفي لهم، رواه ابن سوقة (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (939) نقل أحمد بن الحسين عنه في الأسير في أيدي العدو في أرضهم، يحلف ويُعاهد أن يخرج إلى المسلمين ثم يعود إليهم؟ قال: يفي لهم، ويرجع إليهم؛ لحديث حذيفة (¬2). "الروايتين والوجهين" 2/ 375 1480 - استنقاذ أسرى المسلمين ومفاداتهم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الحُر يسبيه العدو، ثم يبتاعه المسلمُ؟ قال: عليه ما اشتراه به، أذنه أو لم يؤذنه، هو عندي سواء. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2734) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تُفَادى رأسٌ برءوس؟ قال: إي لَعَمْرِي، أليس النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فادى (¬3)؟ ! ولكن ما يفادى بالأموالِ لا أعرفُه. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 5/ 309 (9714)، وسعيد بن منصور 2/ 233 (2606)، وابن أبي شيبة 6/ 454 (32844). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 395، ومسلم (1787). (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 30، ومسلم (1763) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.

فقال إسحاق: الفداءُ بالرءوسِ أحبُّ إلينا ولو رأس واحد برءوس، ولكن إن أبوا إلا أن يفادوا بالذهبِ والفضة فلا يحلُّ لإمامِ المسلمين إلَّا أنْ يفاديهم ولو بمالٍ عظيم مِنْ بيتِ مال المسلمين، ألا ترى إلى ما أوصى عمر بن الخطاب حين طُعن، فقالَ في وصيته: واعلموا أنَّ كلَّ أسيرٍ مِنَ المسلمينَ في أيدي المشركين فكاكه من بيتِ مالِ المسلمينَ (¬1)، وكذلك فادى عمر بن عبد العزيز رجلًا من أهل الحربِ بمائة ألف (¬2)، وكذلك قال عمر بن عبد العزيز لعاملِه حين وجهه في شراءِ الأسارى: لا تدعن أسيرًا مِنَ المسلمينَ في أيدي أهلِ الشرك ولو بلغَ مالًا عظيمًا. حتَّى قال في بعضِ الحديثِ: ولو أتيتَ على ما في بيتِ المال؛ لأنَّكَ إنَما تشتري الإسلامَ. ثم أعطى عمر الذي وجهه ثلاثين دينارًا وقال: هذِه من خاصةِ مالي اشتري به أسيرًا، وفيما قال عمر بن الخطاب: لأن أستنقذ رجلًا من المسلمين من أيدي المشركين أحبُّ إليَّ من جزيرة العرب (¬3). يعني: الخراج وفيؤهم. "مسائل الكوسج" (2784) قال ابن هانئ: قيل لأبي عبد اللَّه: هل يفادى رأس برءوس؟ قال: نعم؛ قد فادى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬4). "مسائل ابن هانئ" (1617) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يبعث إلى طرسوس بالدنانير والدراهم ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 501 (33251). (¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات" 5/ 350، وابن أبي شيبة 6/ 499 (33237). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 500 (33242). (¬4) رواه الإمام أحمد 1/ 30، ومسلم (1763) من حديث ابن عباس.

1481 - الذمي يقاتل مع المسلمين فيؤسر هل يفادى به؟

يشتري من المسلمات في بلاد الروم، فلا يصلون إليهن الرجال، فيدفعونها إلى الرجال دون النساء؟ قال أبو عبد اللَّه: تدفع إلى من أمرهم به، إلى النساء. "مسائل ابن هانئ" (1618) قال عبد اللَّه: قال أبي: نا حفص بن غياث قال: حدثنا أشعث، عن الحسن أنه سُئِلَ عن رجل دخل أرض الحرب في تجارة فرأى أسيرًا من المسلمين فاشتراه، فخرج به معه. قال: هو دين عليه يبيعه بالثمن. سمعت أبي يقول: كذا أقول أنا. "مسائل عبد اللَّه" (957) 1481 - الذمي يقاتل مع المسلمين فيؤسر هل يفادى به؟ قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن النصراني غزا مع المسلمين يقاتل معهم، فأسره العدو؟ قال: يفادى به. وقال: أخبرني جعفر بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه عن اليهودي والنصراني إذا كان يقاتل مع المسلمين ثم أسر؟ قال: يفادى به. "أحكام أهل الملل" 2/ 320 (673، 674)

باب ما جاء في عقد الذمة وأحكامه

باب ما جاء في عقد الذمة وأحكامه 1482 - لمن يصح عقد الذمة؟ ونقل الحسن بن ثواب: من سُبي من أهل الأديان من العرب والعجم، فالعرب إن أسلموا وإلا السيف، وأولئك إن أسلموا وإلا الجزية. "الروايتين والوجهين" 2/ 380 نقل عنه حنبل: من ذهب مذهب عمر فإنه قال: يسبتون (¬1)، جعلهم بمنزلة اليهود -يعني: الصابئين. "معونة أولي النهى" 4/ 463 نقل الحسن بن ثواب: يجوز عقدها لجميع الكفار إلا عبدة الأوثان من العرب. "الإنصاف" 10/ 395 - 396 1483 - ما جاء في الشروط في عقد الذمة (ما لهم وما عليهم) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: للنصارى أنْ يُظْهروا الصليبَ، أو يضربوا بالناقوسِ؟ قال: ليس لهم أنْ يظهروا شيئًا لم يكن في صلحهم. فقال إسحاق: ليس لهم أن يظهروا الصليبَ أصلًا، لما نهى عمر بن ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 487 (8576)، والبيهقي 7/ 173.

الخطاب -رضي اللَّه عنه- عن ذَلِكَ (¬1)، ويقولون: إن إظهارنا الصليب إنما هو دعاء ندعوكم إلى ديننا، فيمنعون أشد المنع. "مسائل الكوسج" (3336) قال صالح: قلت: رجل يهودي ادعى على رجل مسلم أنه أهراق خمره؟ قال: ليس للخمر ثمن، نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ثمن الخمر (¬2). قلت: فإنه ادعى أنه شربها؟ قال: لا أقضي عليه فيها بشيء، ولو أقام البينة؛ لم أقض على المسلم بشيء، وإن أهراقها، لم أقض عليه، وليس له أن يظهر الخمر، ولكن يمنع المسلمون منه، وأن يفسدوا لهم شيئًا، فإن أتلفوا لهم شيئًا من غير ما حرم اللَّه ضمنوا القيمة، كأنه كسر إناء فيه خمر، فيضمن الإناء، ولا يضمن الخمر. وليس لليهود والنصارى أن يحدثوا في مصر مصره المسلمون بيعة ولا كنيسة، ولا يضربوا بناقوس، إلا فيما كان لهم صلح، وليس لهم أن يظهروا الخمر في أمصار المسلمين، وليس لهم أن يشتروا مما سبى المسلمون، يمنعوا من ذلك؛ لأنه إذا صار إليهم ثبتوا على كفرهم، ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 9/ 201. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 235 من حديث ابن عباس، ورواه أبو داود (3485) وحديث أبي هريرة، وغيرهم عن غيرهم وهو في مسلم (1579) عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ "إن الذي حرم شربها حرم بيعها". وروى البخاري (459) ومسلم (1580) من حديث عائشة قالت: لما أنزلت الآيات من سورة البقرة في الربا، خرج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المسجد فقرأهن على الناس، ثم حرم تجارة الخمر.

ويقال: إن عمر كان في عهده يأمر لأهل الشام؛ أن يمنعوا من شراء ما سبى المسلمون. "مسائل صالح" (598) قال عبد اللَّه: سألت أبي: هل ترى لأهل الذمة أن يدخلوا الخمر في مدائن المسلمين ظاهرا؟ فقال: ليس لهم أن يظهروا بيع الخمر ولا يدخلوه، إلا أن يكون في صلحهم. "مسائل عبد اللَّه" (966) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: ليس لأحد أن يغير من هذِه النواقيس شيئا، ولا يحدثوا فيها شيئا إلا ما كانوا عليه في قديم الأمر؛ لأنه قد ثبت الحق لهم وأعطوا الجزية على ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (967) قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن محمد بن حنبل قال: كان المتوكل إذ أحدث من أمر النصارى ما أحدث كتب إلى القضاة ببغداد يسألهم -إلى أبي حسان الزيادي وغيره- فكتبوا إليه واختلفوا، فلما قرأه عليه عبد اللَّه قال: ابعث بما أجابوا فيه هؤلاء إلى أحمد بن حنبل ليكتب إليّ بما يرى في ذلك. قال عبد اللَّه: ولم يكن في أولئك الذين كتبوا أحذ يحتجّ بالأحاديث إلَّا أبا حسان الزيادي، واحتجّ عن الواقدي، فلما قرئ على أبي عرفه، وقال: هذا جواب أبي حسان. وقال: هذِه أحاديث ضعاف. فأجابه أبي واحتجّ بحديث ابن عباس مع مسائل أيضًا.

أخبرني عبد اللَّه بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا معتمر بن سليمان التيمي عن أبيه، عن حنش، عن عكرمة قال: سُئل ابن عباس عن أمصار العرب، أو دار العرب، هل للعجم أن يحدثوا فيها شيئًا؟ قال: أيما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة ولا يضربوا فيه ناقوسًا ولا يشربوا فيه خمرًا ولا يتخذوا فيه خنزيرًا. وأيما مصر مصرته العجم ففتحه اللَّه تبارك وتعالى على العرب فنزلوا، فإن للعجم ما في عهدهم وللعرب أن يوفوا بعهدهم ولا يكلفوهم فوق طاقتهم. قال: وسمعت أبي يقول: ليس لليهود والنصارى أن يحدثوا في مصر مصره المسلمون، بيعة ولا كنيسة، ولا يضربوا فيه بناقوس إلَّا فيما كان لهم صلحًا، وليس لهم أن يظهروا الخمر في أمصار المسلمين. حديث ابن عباس: أيما مصر مصره المسلمون (¬1). وقال: أخبرنا المروذي قال: قال لي أبو عبد اللَّه: سألوني عن الديارات في المسائل التي وردت من قبل الخليفة. قلت: أي شيء تذهب أنت؟ قال: ما كان من صلح أقرّ، وما كان أحدث بعد يهدم. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن بيع النصارى ما كان في السواد، هل أقرّها عمر؟ فقال: السواد إذا فتح بالسيف فلا يكون فيه بيعة، ولا يضرب فيه بناقوس، ولا يتخذ فيه الخنازير، ولا يشرب الخمر، ولا يرفعوا ¬

_ (¬1) لم أجدها في المطبوع لدينا من كتب عبد اللَّه.

أصواتهم في دورهم إلا الحيرة، وبانقيا، بني صلوبا، فهؤلاء صلح صولحوا ولم يحركوا، فما كان منها لم يخرب، وما كان غير ذلك فكله محدث يهدم، وقد كان أمر بهدمها هارون، وكل مصر مصرته العرب فليس لهم أن يبنوا فيه بيعة، ولا يضربوا فيه ناقوسًا، ولا يشربوا فيه خمرًا، ولا يتخذوا فيه خناقدر، وما كان من صلح صولحوا عليه فهم على صلحهم وعهدهم، وكل شيء فتح عنوة فلا يحدثوا فيه شيئًا من هذا، وما كان من صلح أقرّوا على صلحهم، واحتجّ فيه بحديث ابن عباس (¬1). وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن البيع والكنائس التي بناها أهل الذمّة وما أحدثوا فيها ما لم يكن؟ قال: تهدم وليس لهم أن يحدثوا شيئًا من ذلك فيما مصره المسلمون، يمنعون من ذلك إلَّا ما صولحوا عليه. قيل لأبي عبد اللَّه: أيش الحجة في أن سيمنع أهل الذمّة أن يبنوا بيعة أو كنيسة إذا كانت الأرض ملكهم وهم يؤدّون الجزية، وقد منعنا من ظلمهم وأذاهم؟ قال: حديث ابن عباس: أيما مصر مصرته العرب. ¬

_ (¬1) رواه أبو عبيد في "الأموال" (269)، وابن أبي شيبة 6/ 471 (32972)، والبيهقي 9/ 201، 202 من طريق حنش عن عكرمة عنه أنه قال: أيما مصر مصرته العرب لا يبنى فيه بيعه ولا كنيسة، ولا يضرب فيه بناقوس، ولا يباع فيه لهم خنزير. وقال الألباني في "إرواء الغليل" (1266): ضعيف. . وحنش هذا اسمه الحسين بن قيس، وهو متروك.

وقال: أخبرني حمزة بن القاسم، وعبيد اللَّه بن حنبل، وعصمة قالوا: حدثنا حنبل قال: قال أبو عبد اللَّه: وإذا كانت الكنائس صلحًا تركوا على ما صولحوا عليه، فأما العنوة فلا، وليس لهم أن يحدثوا بيعة أو كنيسة لم تكن، ولا يضربوا ناقوسًا، ولا يرفعوا صليبًا، ولا يظهروا خنزيرًا، ولا يرفعوا نارًا، ولا شيئًا ممّا يجوز لهم، وكل ما في دينهم يمنعون من ذلك ولا يتركوا. قلت: للمسلمين أن يمنعوهم من ذلك؟ قال: نعم على الإمام منعهم من ذلك. قال: الإمام السلطان يمنعهم من الإحداث إذا كانت بلادهم فتحت عنوة، وأما الصلح فلهم ما صولحوا عليه يوفي لهم به. وقال: الإسلام يعلو ولا يعلى، ولا يظهرون خمرًا. وقال: أخبرني محمد بن جعفر بن سفيان، قال: حدثنا عبيد بن حماد، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، قال: كتب عمر رضي اللَّه عنه: إنَّ أحق الأصوات أن تخفض أصوات اليهود والنصارى في كنائسهم. "أحكام أهل الملل" 2/ 421: 424 (969: 975) قال الخلال: أخبرني عمر بن صالح قال: قال أبو عبد اللَّه في معنى الحديث لا يخرجون يعني أهل الذمة- إلى باعوث، قال أبو عبد اللَّه: الباعوث يخرجون كما نخرج في الفطر والأضحى. "أحكام أهل الملل" 2/ 424 (977) قال الخلال: أخبرني إبراهيم بن رحمون قال: حدثنا نصر بن عبد الملك قال: حدثنا يعقوب بن بختان أن أبا عبد اللَّه قال: ولا يتركوا أن

يجتمعوا في كل أحد ولا يظهروا لهم خمرًا ولا ناقوسًا في كل مدينة بناها المسلمون. قيل له: يضربون الخيام في الطريق يوم الأحد؟ قال: لا إلَّا أن يكون مدينة صولحوا عليها فلهم ما صولحوا عليه. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن النصارى؟ قال: ليس لهم أن يظهروا الخمر فيما مصر المسلمون، يمنعون من ذلك إلَّا ما صولحوا عليه. "أحكام أهل الملل" 2/ 425 (979، 980) وقال الخلال: كتب إلى يوسف بن عبد اللَّه الإسكافي قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسن أنه سأل أبا عبد اللَّه عن البيعة والكنيسة تحدث؟ قال: يرفع أمرها إلى السلطان. وقال: أخبرنا عبد اللَّه، قال: حدثني أبي قال: حدثنا حماد بن خالد الخياط، قال: حدثنا ليث بن سعد، عن توبة بن نمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا اختصاء في الإسلام ولا كنيسة" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه أبو عبيد في "الأموال" (259) من طريق توبة بن النمر عمن أخبره قال: قال رسول اللَّه. . الحديث. ورواه أبو عبيد أيضًا (260) عن عمر بن الخطاب، وفيه ابن لهيعة. وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" 3/ 38 (355) عن عمر بنحوه. ورواه البخاري في "التاريخ" 5/ 269 (869) عن عبد الرحمن بن جساس مرسل. ورواه البيهقي 10/ 24 من حديث ابن عباس، وفيه ابن لهيعة. وصحح الألباني حديث ابن عباس في "صحيح الجامع" (7166) وعزاه للبيهقي.

وقال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن من سمع الحسن يقول: من السُّنة أن تهدم الكنائس التي في الأمصار القديمة والجديدة. وقال: أخبرنا عبد اللَّه، قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عروة -يعني: ابن محمد- أن يهدم الكنائس التي في أمصار المسلمين. قال: فشهدت عروة يهدمها بصنعاء. وقال: أخبرنا عبد اللَّه، قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا عمر عن عمرو بن ميمون بن مهران قال: كتب عمر بن عبد العزيز: أن يمنع النصارى في الشام أن يضربوا ناقوسًا، ولا يرفعوا صليبهم فوق كنائسهم فإن قدر على من فعل ذلك شيئًا بعد التقدم إليه فإن سلبه لمن وجده. وقال: أخبرنا عبد اللَّه، قال: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع، عن المثنى بن سعيد الضبعي، قال: شهدتُ عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامله بواسط أن لا يُحمل الخمر من قرية إلى قرية (¬1). قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي: هل ترى لأهل الذمّة أن يحدثوا الكنائس في أرض العرب، وهل ترى لهم أن يزيدوا في كنائسهم التي صولحوا عليها، فقال: لا يحدثوا في مصر مصرته العرب كنيسة ولا بيعة، ولا يضربوا فيها بناقوس ولهم ما صولحوا عليه، فإن كان في عهدهم أن يزيدوا في الكنائس فلهم، وإلَّا فلا، وما انهدم فليس لهم أن يبنوها. ¬

_ (¬1) لم أجد أيا من الروايات السابقة في المطبوع لدينا من كتب عبد اللَّه.

وقال: أخبرني أحمد بن الهيثم أن موسى بن أحمد بن مشيش حدثهم في هذِه المسألة أنه سأل أبا عبد اللَّه فقال: أيقرّ لهم أن يحدثوا بيعًا أو كنائس؟ قال: لا إلَّا ما صولحوا عليه إلَّا أن يبنوا ما انهدم ممّا كان لهم قديمًا (¬1). قال أبو بكر الخلال: وإنما معنى قول أبي عبد اللَّه هاهنا: أن يبنوا ما انهدم: يعني مرمة يرمّون، وأما إن انهدمت كلها بأسرها فعنده أنه لا يجوز إعادتها، وقد بيّن ذلك أيضًا حنبل. وقال: أخبرني عصمة بن عصام، قال: حدثنا حنبل، قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: كل ما كان ممّا فتح المسلمون عنوة فليس لأهل الذمّة أن يحدثوا فيها كنيسة ولا بيعة، فإن كان لهم في المدينة شيء فأرادوا أن يرموه فلا يحدثوا فيه شيئًا إلَّا أن يكون قائمًا، فإن انهدمت الكنيسة أو البيعة بأسرها لم يبدلوا غيرها، وما كان من صلح كان لهم ما صولحوا عليه وشرطهم لا يغير لهم شرطًا شرط لهم. قال أبو بكر الخلال: وهكذا هو في شرطهم: أنه إن انهدم شيء رمّوه، وإن انهدمت بأسرها لم يعيدوها. "أحكام أهل الملل" 2/ 425 - 427 (982: 991) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي: حدثنا مهنا أنه سأل أبا عبد اللَّه عن حديث ابن أبي ليلى: جعل عمر -رضي اللَّه عنه- على أهل السواد وعلى أهل الجزية يومًا وليلة. ¬

_ (¬1) لم أجدها في المطبوع لدينا من كتب عبد اللَّه.

قلت لأحمد: ما يوم وليلة؟ قال: يضيفوهم. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: قلت لأحمد: عمر بن الخطاب جعل على أهل السواد وعلى أهل الجزية يوم وليلة؟ قال: فكنا إذا تولينا عليهم، قالوا: شبًا شبًا. قلت لأحمد: ما يومًا وليلة؟ قال. يضيفوهم. قلت: ما قولهم: شبًا شبًا؟ قال أحمد: شبًا شبًا هو بالفارسية: ليلة ليلة. وقال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد، قال: حدثني أبي قال: حدثني وكيع، قال: حدثنا هشام، عن قتادة، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس: أن عمر رضي اللَّه عنه شرط على أهل الذمّة ضيافة يوم وليلة: وأن يصلحوا القناطر. وإن قتل رجل من المسلمين بأرضهم فعليهم ديته (¬1). وقال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب: أن عمر اشترط على أهل الذمة ضيافة يوم وليلة فإن حبسهم مطر أو مرض فيومين فإن مكثوا أكثر من ذلك أنفقوا من أموالهم ويكلفوا ما يطيقون (¬2). "أحكام أهل الملل" 2/ 435 - 436 (1005 - 1008) نقل عنه حنبل: قد أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك، وهو دين له. ¬

_ (¬1) لم أجده في المطبوع من كتبه. (¬2) أجده في المطبوع من كتبه.

قال حنبل: كم مقدار ما يقدر له؟ قال: ما يمونه في الثلاثة الأيام التي قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، واليوم والليلة حق واجب. ونقل عنه في موضع آخر: الضيافة ثلاثة أيام، وجائزته يوم وليلة. "الأحكام السلطانية" 157 ونقل عنه الشالنجي: يضيفهم من مروا به ثلاثة أيام، فإن أبوا؛ أخذوا عليهم بقدر ذلك. "الفروع" 6/ 308.

فصل ما نهوا عنه أهل الذمة

فصل ما نهوا عنه أهل الذمة 1484 - لا يملك المشرك عبدًا مسلمًا قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل قال: سمعت أحمد يقول: لا يملك المشرك عبدًا مسلمًا، فإن فعل؟ قال: يجبر. "أحكام أهل الملل "2/ 324 (686) قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان، عن إسماعيل بن أمية أن عمر بن عبد العزيز كان يجبر اليهودي والنصراني على أن يبيعوا مملوكيهم إذا أسلموا. قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ليس لهم أن يملكوا مسلمًا. فإذا أسلم أُمروا ببيعه، ولا يؤخذ من أيديهم؛ لأنه مال، حتى يبيعه من مسلم، أو يبيعه السلطان عليه ويجبره على ذلك، ولا يؤخذ منه العبد إلا ببيع. وقال: أخبرني عبد الملك الميموني أنه قال لأبي عبد اللَّه: إذا أسلم العبد أو الأَمة من أهل الكتاب؟ قال: يحال بينهم وبينهم، ويباعون ولا يتركون عندهم. قلت: يباعون ولا يتركون عندهم؟ قال: نعم. وقال: أخبرنا محمد بن محمد قال: حدثنا وكيع، عن الربيع بن صبيح، عن الحسن قال: إذا أسلم عبد الذمي دفع إلى الإمام فباعه من المسلمين ودفع ثمنه إلى مولاه.

وقال أخبرنا محمد قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء قال: إذا أسلم عبد الذمي فرق بينه وبين مواليه. "أحكام أهل الملل" 2/ 324 - 325 (688 - 690)

فصل ما يجب على أهل الذمة في رءوسهم وأموالهم

فصل ما يجب على أهل الذمة في رءُوسهم وأموالهم أولًا: ما يجب على رءُوسهم (الجزية) 1485 - على من تجب الجزية من أهل الذمّة؟ قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد في كم يؤخذ من الصبي الجزية؟ قال: إذا احتلم أو أنبت. وقال: أخبرني حمزة بن القاسم وعبيد اللَّه وعصمة قالوا: حدثنا حنبل قال: قال أبو عبد اللَّه: قال حمزة: سمعت أبا عبد اللَّه سُئل: ممن تؤخذ الجزية؟ قال: من كل من جرت عليه المواسي ولا تؤخذ إلا ممن احتلم. والحدود -وفي الجزية وغيرها- الإنباتُ وخمس عشرة والاحتلام فكل من جرت عليه المواسي يؤخذ منه. قال أبو بكر الخلال: ومن لا تجب عليه الزكاة منهم فالنساء والصبيان الذين لم يبلغوا الحدود الثلاثة، والشيخ الفاني، والفقير الذي ليس عنده شيء والضرير، والزمن. وقال: أخبرنا عصمة بن عصام وحمزة وعبيد قالوا: حدثنا حنبل. . قال حمزة قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: لا يؤخذ من النساء ولا من الصبيان ولا من الشيخ الفاني، وفي السنة إلا مرة. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: قيل لأبي

عبد اللَّه: جُعل على أهل اليمن على كل حالم وحالمة دينار؟ قال: لا أعرف (وحالمة)، إنما هو (على كل حالم). وقال: أخبرني حرب أنه سأل أبا عبد اللَّه قال: إذا كان فقيرًا أو زَمِنًا؟ قال: إذا كان فقيرًا أو زمنا ونحو ذلك فليس عليه شيء. وقال: أخبرني محمد بن علي والحسن بن عبد الوهاب أن محمد بن أبي حرب حدثهم قال: قال أبو عبد اللَّه: إذا كان ضريرًا ليس عليه شيء. وقال: أخبرني إبراهيم قال: حدثنا نصر قال: حدثنا يعقوب أن أبا عبد اللَّه قال: فإن كان فقيرًا ليس عليه شيء. "أحكام أهل الملل" 1/ 165، 166 (242: 248) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن العبد النصراني عليه جزية؟ قال: ليس على العبد جزية. وقال في موضع آخر قال: قلت: العبد؟ قال: ليس عليه صدقة لنصراني كان أو لمسلم كما قال ابن عمر -رضي اللَّه عنه- (¬1). قال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد قال: سألت أبي عن رجل مسلم كاتب عبدًا له نصرانيًا هل تؤخذ من العبد الجزية في مكاتبته؟ فقال أبي: العبد ليس عليه جزية، والمكاتب عبد ما بقي عليه درهم. وقال مرة أخرى: ما بقي عليه شيء. "أحكام أهل الملل" 1/ 182، 183 (292، 293) ¬

_ (¬1) روى ابن أبي شيبة 2/ 388 (10236 - 10237)، عنه قال: ليس في مال العبد زكاة.

1486 - مقدار الجزية

1486 - مقدار الجزية قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: عُمَر رضي اللَّه عنه ضَرَبَ الجزية على أهلِ الذَّهبِ أربعةُ دنانير، وعَلَى أهلِ الوَرِق أربعين درهمًا (¬1). قال: إنّ عمر -رضي اللَّه عنه- ضَرَبَ على الغَنيِّ ثمانيةً وأربعين دِرهمًا، وعلى الوسَطِ أربعةً وعشرين درهمًا، وعلى الفقيرِ اثنا عشر دِرهما (¬2). فقال إسحاق: كما قال، والغنيُّ إذا كان لَهُ أربعةُ آلافِ دِرهم فصاعدًا. فأمَّا أصحابُ عَشرة آلاف فلا شكَّ فيهم أنَّهم في حدِّ الأغنياءِ، وأمَّا الوسط فألفان، وما دون ذَلِكَ فهم فُقراءُ، وهذا كله دَرَاهم إلا أَنْ يكون عَرَضٌ فيه فضل. "مسائل الكوسج" (555) قال صالح: سألت أبي، إلى أي شيء تذهب في الجزية؟ قال: أما أهل الشام، فعلى ما وصف عمر رحمه اللَّه أربعة دنانير وكسوة وزيت، وأما أهل اليمن، فعلى كل حالم دينار، وأما أهل العراق، فعلى ما يؤخذ منهم (¬3). "مسائل صالح" (114) قال صالح: قلت: كم يؤخذ من أهل الحرب؟ قال: العشر، من كل عشرة دنانير دينار، ومن أهل الذمة من كل عشرين دينارًا دينار، فإن نقصت من عشرين لم يؤخذ منهم شيء؛ حديث عمر: كم يأخذون منكم -يعني أهل الحرب- إذا قدمتم عليهم؟ ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" ص 187، والبيهقي 9/ 195، 196. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 430 (10722)، 6/ 432 (32633)، والبيهقي 9/ 196. (¬3) رواه عبد الرزاق 6/ 88 - 89 (10096)، وابن أبي شيبة 6/ 431 (32630).

قالوا: العشر (¬1). قال: خذوا منهم العشر على حديث أنس بن مالك (¬2). "مسائل صالح" (1171) قال صالح: قلت: الفقير الذي وظفه عمر (¬3)؟ قال: لا أدري قد اختلفوا فيه. قلت: كيف يؤدون؟ قال: يكون ذلك أيضًا على قدر طاقتهم. "مسائل صالح" (1341) قال الخلال: أخبرني حرب قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت: خراج الرءوس إذا كان الذمي غنيًا؟ قال: ثمانية وأربعين درهمًا. قلت: فإن كان دون ذلك؟ قال: أربعة وعشرون درهمًا وسطًا من ذلك. قلت: فإن كان دون ذلك؟ قال: فاثنا عشر. قلت: فليس دون أثني عشر شيء؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 98 (10121)، وابن أبي شيبة 2/ 467 (10583)، والبيهقي 9/ 136. (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 95 (10112 - 10113)، وأبو عبيد في "الأموال" ص 53 (1657)، والبيهقي 9/ 210 عن أنس قال: خذ ما كان عمر بن الخطاب يأخذ من أهل الإسلام، إذا بلغ مائتي درهم وكل أربعين درهمًا درهم، ومن أهل الذمة من كل عشرين درهمًا درهم، وممن لي من أهل الذمة من كل عشرة دراهم درهم. (¬3) رواه أبو عبيد في "الأموال" ص 50 (119) وابن زنجويه في "الأموال" 1/ 162 (165).

قال: لا. وقال: وأخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح أنه قال لأبيه: المعنى واحد، ضرب عمر رحمه اللَّه الجزية على أهل الذهب أربعة دنانير. وعلى أهل الورق أربعين. قال: إن عمر ضرب على الغني ثمانية وأربعين وعلى الفقير أثني عشر (¬1) (¬2). وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث قال: سألت أبا عبد اللَّه. وأخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا صالح (¬3). . وأخبرني الحسن بن عبد الوهاب قال: حدثنا إبراهيم بن هانئ، كل هؤلاء سمع أحمد بن حنبل وسأله: كم أقل ما يؤخذ من أهل الذمة النصارى واليهود والمجوس؟ قال: أكثر ما يؤخذ ثمانية وأربعون، والوسط أربعة وعشرون، والفقير أثنا عشر، هذا لفظ أبي الحارث، والمعنى واحد. "أحكام أهل الملل" 1/ 167 (249 - 251) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 432 (32633)، ومن طريقه البيهقي 9/ 196، ورواه أبو عبيد في "الأموال" ص 44 (153، 154) مختصرًا. (¬2) لم أجدها بالمطبوع لدينا من كتبه. (¬3) لم أجدها بالمطبوع لدينا من كتبه.

1487 - حكم زيادة الإمام أو نقصانه لمقدار الجزية، أو العفو عنها

1487 - حكم زيادة الإمام أو نقصانه لمقدار الجزية، أو العفو عنها قال عبد اللَّه بن أحمد: قلت لأبي: رأيت بالأنبار نصارى يزعمون أن عليا رضوان اللَّه عليه كتب لهم كتابًا وهو عندهم؛ أن يؤخذ منهم الجزية دون ما يؤخذ من النصارى من أجل الكتاب الذي كتب عليّ رضي اللَّه عليه؟ قال أبي: إذا كان هذا شيء صحيح ولم يزل يؤخذ منهم قيل ذلك، فأحب إليّ أن يقروا على ذلك وأن يؤخذ منهم كما كتب عليّ -رضي اللَّه عنه-. قال أبي: وقد كتب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأهل نجران كتابًا (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (968) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا يعقوب بن بختان قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن إمام إن غزا بالناس نصارى من تغلب له أن يكتب لهم كتابًا يخفف عنهم الجزية؟ قال: لا. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا أبو بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن الجزية: كم هي؟ قال: وضع عمر -رضي اللَّه عنه- ثمانية وأربعين وأربعة وعشرين واثنى عشر (¬2). ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (3041)، والبيهقي 9/ 195، 202 من حديث ابن عباس. قال المنذري في "المختصر" 4/ 251: في سماع السدي من ابن عباس نظر. والحديث ضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (536). (¬2) رواه أبو عبيد ص 44 (103، 104)، وابن شيبة 2/ 430 (10722) 6/ 432 (32633)، ومن طريق ابن أبي شيبة البيهقي 9/ 196.

قيل: كيف هذا؟ قال: على قدر ما يطيقون. قيل: فيزاد في هذا اليوم وينقص؟ قال: نعم يزاد فيه وينقص على قدر طاقتهم وعلى قدر ما يرى الإمام. وقال: أخبرني زكريا بن يحيى الناقد قال: حدثنا أبو طالب قال: سألت أبا عبد اللَّه عن حديث عثمان بن حنيف، تذهب إليه في الجزية (¬1)؟ قال: نعم. قلت: ترى الزيادة؟ قال: لمكان قول عمر: أنا زدت عليهم، فإن زاد فأرجو أن لا بأس إذا كانوا يطيقون مثل ما قال عمر -رضي اللَّه عنه-. وقال: وأخبرني محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم أن أباه حدثه قال: حدثني أحمد بن القاسم .. وأخبرني زكريا بن الفرج عن أحمد بن القاسم: أن أبا عبد اللَّه سئل عن جزية الرءوس قيل له: بلغك أن عمر جعلها على قدر اليسار من أهل الذمة اثني عشر وأربعة وعشرين وثمانية وأربعين؟ قال: هكذا على قدر طاقتهم. وكيف يصنع به إذا كان فقيرًا لا يقدر على ثمان وأربعين؟ إنما هو على الطاقة. قيل له: فيزاد عليهم أكثر من ثمانية وأربعين؟ ¬

_ (¬1) رواه أبو عبيد في "الأموال" ص 45 (105)، والبيهقي 9/ 196. وذكره الألباني في "الإرواء" 5/ 102 وقال: وإسناده صحيح على شرطهما.

قال: على حديث الحكم، عن عمرو بن ميمون أنه قال: تالله إن زدت عليهم درهمين لا يجهدهم (¬1). قال: وكانت ثمانية وأربعين فجعلها خمسين قال: فعل هذا ولم يحك قوله في الزيادة أكثر من هذا. قلت لأبي عبد اللَّه: يحكى عن الشافعي أنه قال: إذا سأل أهل الحرب أن يؤدوا إلى الإمام عن رءوسهم دينارًا دينارًا. لم يجز له أن يحاربهم لأنهم قد بذلوا ما حد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فأعجبه هذا وفكر فيه ثم تبسم وقال: مسألة فيها نظر. أو كما قال. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: قال لي أبو عبد اللَّه: قد زادوا فبلغوا بها خمسين. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: قيل لأبي عبد اللَّه: جعل على اليمن دينار، فكيف صار عليهم دينار؟ قال: وكيف صار على هؤلاء ثمانية وأربعون؟ وإنما هو على ما رأى. قال: وجعل على أهل اليمن على كل حالم دينار. قيل له: فعلى أهل اليمن دينار يعني: لا يزاد عليهم؟ قال: نعم. قيل له: ولا يؤخذ منهم ثمانية وأربعون؟ قال: كل قوم على سنتهم، ثم قال: أهل الشام خلاف غيرهم أيضًا من بين كذا وكذا. أي فكل قوم على ما قد جعلوا عليه. ¬

_ (¬1) رواه ابن الجعد في "مسنده" ص 42 (148)، وابن أبي شيبة 6/ 439 (32708)، ورواه البيهقي 9/ 196 من طريق ابن الجعد، بنحوه.

وقال: أخبرنا المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يتكلم في النصراني ترفع عنه الجزية؟ قال: هذا لا يحل، هذا فيء المسلمين، وأنكر على من فعل هذا. وقال: أخبرني جعفر بن محمد، أن يعقوب بن بختان، حدثهم أن أبا عبد اللَّه سُئل: أيكلم البوركس (¬1)؟ قال: لا، هذا فيء المسلمين. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر، أن أبا الحارث حدثهم قال: قيل لأبي عبد اللَّه: فترى لمسلم أن يتكلم في نصراني أن توضع عنه الجزية؟ قال: لا. قيل: فيعينه أن ينقص من جزيته أو يحط عنه؟ قال: وكيف يجوز له ذلك أن يتكلم فيه، لِمَ؟ هو حق الذي يكلمه؟ لا يجوز له ذلك. وقال: أخبرني عبد الملك قال: قلت لأبي عبد اللَّه: الوالي قِبلنا يدع لي خراجًا أقبله؟ قال لي: لا، إنما الخراج فيء، فكيف يدعه لك؟ لو تركه -يعني: أمير المؤمنين- كان هذا. فأما من دونه فلا. قال أبو بكر الخلال: وقد تكلم الناس عن أن للإمام أن ينقص من ذلك ويزيد على ما يراه. وأنكروا أن يكلم من يلي ذلك فينقص منها. والذي عليه ¬

_ (¬1) كتب محقق كتاب "أحكام أهل الملل" في الحاشية: كذا في المخطوطات الثلاث وهي غير ظاهرة المعنى، وربما أنه اسم يطلق على جابي الجزية.

1488 - الأموال التي تستوفى منها الجزية

العمل من قول أبي عبد اللَّه أنه: للإمام أن يزيد في ذلك وينقص وليس لمن دونه أن يفعل ذلك. وقد روى يعقوب بن بختان خاصة عن أبي عبد اللَّه: أنه لا يجوز للإمام أن ينقص من ذلك. ثم روى عن أبي عبد اللَّه أصحابه في عشرة مواضع: أنه لا بأس بذلك. ولعل أبا عبد اللَّه تكلم بهذا في وقت العمل من قوله على ما رواه الجماعة: بأنه لا بأس للإمام أن يزيد في ذلك وينقص وقد أشبع الحجة فيه إلا ما كره أن ينقص من ذلك غير الخليفة. فاستقر الأمر من قوله على الذي شرحت وباللَّه التوفيق. "أحكام أهل الملل" 1/ 169: 173 (255 - 266) 1488 - الأموال التي تستوفى منها الجزية قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أهلّ الذمَّةِ صالحوا أهلَ الإسلامِ على ألفِ رأس كل سنةٍ، فكان يَسبي بعضُهم بعضًا ويؤدونه؟ قال: لا بأسَ به. يجيء بهم من حيث شاءوا. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2750) قال ابن هانئ: سئل عن القوم: يصالحون العدو على ألف رأس في كل سنة، وهم يغيرون على عدو من ورائهم؟ قال: يجيئون به من حيث شاءوا، على ما صولحوا عليه. "مسائل ابن هانئ" (1688) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: قلت

لأبي عبد اللَّه: يؤخذ في الجزية غير الذهب والفضة؟ قال: نعم. قال: دينار أو قيمته معافر. وقال: أخبرني محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم أن أباه حدثه قال: حدثني أحمد بن القاسم. . وأخبرني زكريا بن الفرج عن أحمد بن القاسم أنه قال لأبي عبد اللَّه: فتؤخذ منهم مكان الدينار عروض على مثل ما فعل معاذ؟ قال: نعم، إذا كان ذلك أسهل عليهم. وقال: أخبرني عبد الملك قال: حدثني ابن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق عن معاذ بن جبل قال: بعثه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل حالم دينارًا، أو عدله معافر (¬1). "أحكام أهل الملل" 1/ 167، 168 (252: 254) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 230، وأبو داود (1576)، والترمذي (623) والنسائي 5/ 26 - 25. قال الترمذي: حديث حسن. والحديث صححه الألباني في "الإرواء" (795).

1489 - إسلام الذمي

ما جاء في مسقطات الجزية 1489 - إسلام الذمي قال إسحاق بن منصور: قلت: فتوضع الجزية عمن أسلم من أهل الجزية؟ قال: إي لعمري، توضع عنه. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (556) قال إسحاق بن إبراهيم: سئل أبو عبد اللَّه عن يهودي أسلم وعليه جزية؟ قال: لا تؤخذ منه. "مسائل ابن هانئ" (598) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي: أن صالحا بن أحمد حدثهم قال: قلت لأبي: فتوضع الجزية عمن أسلم من أهل قرية؟ قال أبي: لعمري توضع عنه. قال أبو بكر الخلال: فإن أسلم الذمي وقد بقي من السنة اليوم الواحد أقل أو أكثر لم تجب عليه الجزية. وكذلك إن أسلم وقد خرجت السنة كلها ووجبت الجزية فأسلم حينئذ لم تؤخذ منه، وكذلك لو جاء ليعطي الجزية فقام على رأس العامل ومعه الدراهم فأسلم لم تؤخذ منه. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: حدثني حمزة قال: حدثنا أبو نعيم، عن إسرائيل، عن إبراهيم بن مهاجر قال: حدثني من سمع عمرو بن حريث، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال:

قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا معشر العرب احمدوا اللَّه الذي وضع عنكم العشور" (¬1). قال: وسألت أحمد عن حديث جرير بن عبد الحميد، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تصلح قبلتان في أرض، وليس على مسلم جزية" (¬2). قال: ليس يرويه غير قابوس. ولا يرويه أحد عن قابوس غير جرير. وقال: أخبرني عبد الملك قال: قرأت على أبي عبد اللَّه: وإذا أسلم وقد وجبت عليه الجزية تأخذها منه؟ فأملى عليّ: هو أهل أن لا تؤخذ منه قد يحرم بالإسلام. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 190، وابن أبي شيبة 2/ 16 (10576) عن الفضل بن دكين عن إسرائيل عن إبراهيم بن مهاجر عمن سمع عمرو بن حريث يحدث عن سعيد بن زبد به. ورواه البزار في "مسنده" 4/ 84 (1254) وأبو يعلى 2/ 256 (964)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 31 (3059) عن أبو أحمد الزبيري عن إسرائيل به. ورواه الطحاوي 2/ 30 (3058) عن ابن أبي زائدة عن إسرائيل عن إبراهيم بن مهاجر عن عمرو بن حريث عن سعيد بن زيد به، فأسقط الرجل المجهول بين إبراهيم وعمرو بن حريث، وصوب الدارقطني في "العلل" 4/ 408 الأول. قال: وهو أصح. وقال الهيثمي في "المجمع" 3/ 88: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، وفيه: رجل لم يسم، وبقية رجاله موثقون. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 223، وأبو داود (3053)، والترمذي (633) عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس به، وعند أبي داود الشطر الثاني فقط. ومداره على قابوس. قال الحافظ في "التقريب" (5445): فيه لين. والحديث ضعفه الألباني في "الضعيفة" (4379).

وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث أن أبا عبد اللَّه قالوا له: ما تقول في رجل نصراني أسلم وعليه جزية قد وجبت عليه لم يؤدها؟ قال: ليس على المسلم جزية قد بطلت عنه حين أسلم. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن يهودي أسلم وعليه جزية سنة؟ قال: لا تؤخذ منه. قلت: فإن الجزية قد وجبت عليه سنة ثم أسلم؟ قال: لا تؤخذ منه الجزية وقد دخل في الإسلام، يقال للمسلم: هات الجزية؟ ! قلت: يدخل فيمن أسلم على شيء فهو له؟ قال: نعم. وقال: أخبرني محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم أن أباه حدثه قال: حدثني أحمد بن القاسم وأخبرني زكريا بن الفرج عن أحمد بن القاسم: أن أبا عبد اللَّه سُئل عن النصراني يسلم عند آخر الحول؟ قال: لا تؤخذ منه الجزية، قد روي عن عمر له أنه قال: إن أخذها في كفه ثم أسلم ردها عليه (¬1). وقال: أخبرني عبد الملك قال: قرأت على أبي عبد اللَّه: وإن مضى أكثر السنة ثم أسلم أخذت منه الجزية لما مضى من الأشهر؟ قال: فأملى ¬

_ (¬1) لم أقف عليه.

1490 - العبد النصراني يعتق، تؤخذ منه الجزية أم لا؟

عليَّ: هذا الآن بعد هذا لم يجب عليه شيء بعد. "أحكام أهل الملل" 1/ 173 - 176 (267: 275) 1490 - العبد النصراني يعتق، تؤخذ منه الجزية أم لا؟ قال إسحاق بن منصور قلت لأبي: سئل سفيان عن نصراني أعتق عبده نصرانيًا عليه الخراج؟ قال: نعم هو عندي سواء. قال أحمد: نعم. فقال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (554) قال ابن هانئ: سألته عن: الرجل له عبد نصراني، فيعتقه، تؤخذ منه الجزية؟ قال: كان عمر بن عبد العزيز يأخذ منه الجزية، ومن الناس من يقول: ذمته ذمة مولاه. "مسائل ابن هانئ" (599) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: سئل أبو عبد اللَّه: إذا كان لرجل عبد نصراني فأعتقه تؤخذ منه الجزية؟ قال: عمر بن عبد العزيز قد أخذ منه الجزية (¬1)، ومن الناس من يقول: ذمته ذمة مولاه. وقال: كتب إلي أحمد بن الحسين قال: حدثنا بكر بن محمد عن أبيه عن عبد اللَّه وقال له: النصراني الذي أعتق عليه جزية؟ قال: ليس عليه جزية؛ لأن ذمته ذمة مواليه ليس عليه شيء. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 23 (9884)، ابن أبي شيبة 2/ 419 (10603).

أخبرنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا أبو طالب أنه قال لأبي عبد اللَّه: إذا كان للرجل عبد نصراني فأعتقه تؤخذ منه الجزية؟ قال: نعم قد أخذ عمر بن عبد العزيز الجزية. وقال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن سنان الشامي عن عمر بن عبد العزيز في المسلم يعتق الذمي، قال: تؤخذ منه الجزية. قلت: إذا كان للرجل عبد نصراني فأعتقه تؤخذ منه الجزية؟ قال: نعم. قلت: أليس ذمته ذمة مواليه؟ قال: هذا الشعبي يقول ذلك (¬1). إذا أعتقه أيش يتبعه منه؟ قلت: عليه جزية؟ قال: نعم. "أحكام أهل الملل" 1/ 181 (286 - 289) وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح أنه قال لأبيه: المسلم يعتق عبده نصرانيًّا. قال سفيان: تؤخذ منه الجزية. قال أبي: كما قال. قال أبو بكر الخلال: الذي رواه المشكاني فسماعه من أبي عبد اللَّه قديم جدًّا. وهو قول أبي عبد اللَّه أول. والعمل على ما رواه الباقون أن عليه الجزية وقد بيّن هو ذلك في مسألة أبي طالب. "أحكام أهل الملل" 1/ 182 (291) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 23 (9885) وابن أبي شيبة 2/ 419 (10600).

1491 - إذا ادعى أهل الذمة الدين، هل يصدقون في ذلك؟

إذا ارتد الذمي عن دينه، أو تزندق، هل تسقط عنه الجزية؟ قال ابن هانئ: وسئل عن ذمي صار زنديقًا؟ قال: لا يقتل، وذلك أنه يكون ضررًا في أخذ الجزية. "مسائل ابن هانئ" (600) قال مهنا: في نصراني أو يهودي ارتد عن دينه، هل يقتل؟ قال: هؤلاء يعطون الخراج، لا يقال لهم شيء. "الروايتين والوجهين" 2/ 387 - 388 1491 - إذا ادعى أهل الذمة الدين، هل يصدقون في ذلك؟ قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قال: حدثنا أبو الحارث قال: كتبت إلى أبي عبد اللَّه وسألته قلت: نصراني مرّ بعشار ومعه جارية فقال: ابنتي أو أهلي؟ قال: يصدقه. ولا يصدقه في أن يقول عليّ دين. وقال: أخبرني جعفر بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم أن أبا عبد اللَّه قال في الذمي يمرّ بالعشار فيقول: عليَّ دين؟ قال: لا يقبل منه. قيل: فإن كانت معه جارية فقال: هن أهلي أو أختي؟ فقال: هو واحد. قال أبو بكر: أشبه القول لأبي عبد اللَّه ما قال أبو الحارث: يصدقه في الجارية ولا يصدقه في الدين، وعلى هذا العمل من قول أبي عبد اللَّه. "أحكام أهل الملل" 1/ 146 (199، 200)

1492 - حكم شراء عبيد أهل الذمة

1492 - حكم شراء عبيد أهل الذمة قال إسحاق بن منصور لأبي عبد اللَّه: قول عمر -رضي اللَّه عنه-: لا تشتروا رقيق أهل الذمة (¬1)؟ قال: لأنهم أهل خراج يؤدي بعضهم عن بعض فإذا صار إلى المسلم انقطع عنه ذلك. "مسائل الكوسج" (3337) قال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: حدثنا ابن حنبل قال: حدثنا أبو سعيد قال: حدثنا بشير أبو عقيل، حدثنا الحسن: أن عمر -رضي اللَّه عنه- نهى عن شراء رقيق أهل الذمة وأرضهم. قيل للحسن: لِمَ؟ قال: لأنهم فيء للمسلمين. قال عبد الملك: وتذاكرنا قول عمر -رحمة اللَّه عليه-، فقال أبو عبد اللَّه: أظنه كرهه من أنهم كانوا جميعًا في الأصل حيث أخذوا مماليك، وإنما ملكوا هؤلاء بالقهر والغلبة منهم لهم، فكره شراءهم مرة واحتج بذا تقوية؛ لقوله: إنه نهاهم عن شراء ما في أيدينا؛ لأنه إذا كان لهم أن يشتروا ماشيتنا فلنا أن نشتري ما في أيديهم. معنى أبي عبد اللَّه فيه. وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن سفيان العقيلي، عن أبي عياض قال: قال عمر بن الخطاب: لا تشتروا من رقيق أهل الذمة ولا مما في أيديهم شيئًا؛ لأنهم أهل خراج يبيع بعضهم بعضًا ولا يُقرّنَّ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 47 (9966)، وابن أبي شيبة 4/ 343 (20795)، والبيهقي 9/ 140.

أحدكم بالصغار بعد إذ أنقذه اللَّه منه. قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه قال: وأراد عمر -رضي اللَّه عنه- أن توفر الجزية؛ لأن المسلم إذا اشتراه سقط عنه أداء ما يؤخذ منه، والذمي يؤدي عنه وعن مملوكه خراج جماجمهم، إذا كانوا عبيدًا أخذ منهم جميعًا الجزية. وقال: قرأت على علي بن الحسن بن سليمان عن مهنّا قال: أخبرنا إسماعيل ابن عُلية، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن سفيان العقيلي، عن أبي عياض، قال: قال عمر -رضي اللَّه عنه-: لا تبتاعوا رقيق أهل الذمة، فإنما هم أهل خراج يبيع بعضهم بعضًا. وأراضيهم فلا تبتاعوها. ولا يقرن أحدكم بالصغار في عنقه بعد إذ أنقذه اللَّه منه. قال مهنّا: سألته عن سفيان العقيلي، فقال: روى عنه قتادة وأيوب السختياني. وسألته قلت: أي شيء روى أيوب عن سفيان العقيلي، فقال: هذا الحديث. فقلت: رواه أيوب عن سفيان العقيلي؟ قال: نعم مرسل، ولم يذكر فيه أبا عياض. وسألته: لِمَ قال عمر -رضي اللَّه عنه-: لا تبتاعوا رقيق أهل الذمة؟ قال: لأنهم يؤدون الخراج ويستعبد بعضهم بعضًا، فإذا اشتراه مسلم لم يكن عليه خراج. وسألته من ذكر ذلك عن أيوب، فقال: إسماعيل ابن عُلية. وأخبرنا عبد الملك قال: حدثني ابن حنبل قال: حدثنا إسماعيل، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سفيان العقيلي، عن أبي عياض قال: قال عمر -رضي اللَّه عنه-: لا تبتاعوا رقيق أهل الذمة، إنما هو خراج يبيع بعضهم

بعضًا. وأرضهم فلا تبتاعوها، ولا يقرن أحدكم بالصغار في عنقه بعد إذ نجاه اللَّه منه. وقال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا عبد الوهاب قال: قال سعيد: وكان قتادة يكره أن يشترى من رقيقه شيء إلا ما كان من غير بلادهم زنجيًا أو حبشيًّا. أو خراسانيًّا؛ لأنه يبيع بعضهم من بعض. وقال: أخبرني يحيى قال: حدثنا عبد الوهاب قال: سُئل سعيد عن عقار المشركين؟ قال: حُدثنا عن قتادة أن عليًّا رضوان اللَّه عليه كان يكره ذلك، ويقول: من أجل أن عليهم خراجًا للمسلمين. وقال: أخبرنا عبد اللَّه قال: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع، عن شريك، عن الشيباني، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنه كره شراء أرض أهل الذمة. وقال: أخبرني عبد الملك أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول في قضية معاذ -رضي اللَّه عنه- باليمن: من استحمر قومًا، معناه: من استعبدهم، ثم قال في تفسير ذلك: كانوا يصيبون في الجاهلية السبي فيستخدمونهم، فأدركوا الإسلام وهم عندهم. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا محمد بن موسى بن مشيش: سمع أبا عبد اللَّه وقال له الوركاني أبو عمران، أخبرنا عبد اللَّه بن المبارك، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: كان في كتاب معاذ رضي اللَّه عنه: من استحمر قومًا أو لهم أحرار (أو جيران) مستضعفون، فمن قصر منهم في بيته حتى دخل الإسلام في بيته فهو رقيق. ومن كان مهملًا يؤدي الخراج فهو حرّ، وأيما عبد نزع إلى المسلمين فهو حرّ.

ثم سأل أحمد: ما معنى: من استحمر؟ قال: من استعبد قومًا في الجاهلية، ثم أسلم وهو عنده فهو له رقيق، وكذلك كان قضاء معاذ -رضي اللَّه عنه-، فقال له أبو عمران: لولا أن نلقى مثلك يفسر لنا. فقال يحيى: يا أبا عمران، قد سمعنا في هذا وسمعنا تفسيره في حديث طويل. "أحكام أهل الملل" 1/ 176: 180 (276: 285)

ثانيا: العشر

ثانيًا: العشر 1493 - الأموال التي تخضع للعشر، وشروط وجوب العشر فيها، ومقدار العشر قال إسحاق بن منصور: قلت: هل على نساء أهل الذمة وصبيانهم، ونخيلهم وكرومهم، وزرعهم، ومواشيهم، صدقة؟ قال: ليس عليهم فيها شيء، إلا على مواشي أهل تغلب، فإنه تضاعف عليهم الصدقة. "مسائل الكوسج" (557) قال إسحاق بن منصور: قلت: قول ابن عباس: في أموال أهل الذمة العفو (¬1)؟ قال أحمد: عمر -رضي اللَّه عنه- جعل عليهم ما قد بلغك. كأنه لم يَرَ ما قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما. فقال إسحاق: معناه -واللَّه سبحانه وتعالى أعلم- أنه إذا صار في أيديهم من أرض المسلمين فزرعوا ألَّا يؤخذ منهم العشر؛ لأنه طهرة لهم. "مسائل الكوسج" (577) قال صالح: قلت: كم يؤخذ من أهل الحرب؟ قال: العشر، من كل عشرة دنانير دينار، ومن أهل الذمة من كل عشرين دينارًا دينار، فإن نقصت من عشرين لم يؤخذ منهم شيء؛ حديث عمر: كم يأخذون منكم -يعني أهل الحرب- إذا قدمتم عليهم؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 98 (10122)، وابن أبي شيبة 6/ 432 (32631).

قالوا: العشر (¬1). قال: خذوا منهم العشر على حديث أنس بن مالك (¬2). "مسائل صالح" (1171) قال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد أنه قال لأبي عبد اللَّه: من أين أخذوا من أموال أهل الذمة إذا اتجروا فيها التضعيف على أي سُنة هو؟ قال: لا أدري إلا أنه فعل عمر بن الخطاب -رضوان اللَّه عليه- ثم قال: يؤخذ من زكاة ربع العشر ويضعف عليهم، فيؤخذ منهم الضعف وهو نصف العشر (¬3). وقال أخبرني عبد الملك قال: قرأت على أبي عبد اللَّه: وإن اتجروا -يعني: أهل الذمة- بأموالهم بين أظهرنا هل لنا فيها شيء؟ فأملى عليَّ: ليس فيها شيء. المواشي أكبر هو ذا ترعى، وإنما نأخذ منهم إذا مروا بتجارتهم علينا. وقال أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا صالح أنه قال لأبيه: تجب على اليهودي والنصراني الزكاة في أموالهم؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 98 (10121)، وابن أبي شيبة 2/ 467 (10583)، والبيهقي 9/ 136. (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 95 (10112 - 10113)، وأبو عبيد في "الأموال" ص 530 (1657)، والبيهقي 9/ 210 عن أنس قال: خذ ما كان عمر بن الخطاب يأخذ من أهل الإسلام، إذا بلغ مائتي درهم وكل أربعين درهمًا درهم، ومن أهل الذمة من كل عشرين درهمًا درهم، وممن ليس من أهل الذمة من كل عشرة دراهم درهم. (¬3) رواه عبد الرزاق 6/ 95 - 100 (10112 - 10115، 10117 - 10119، 10121، 10124 - 10127)، وابن أبي شيبة 2/ 417 (10583، 10584، 10586).

قال: لا يجب عليهم، ولكن إذا مرّوا بالعَاشر، فإن كانوا أهل الذمة أخذ منهم نصف العشر من كل عشرين دينارًا دينار -يعني: فإذا نقصت من العشرين فليس عليه فيها شيء- ولا يؤخذ منهم إلا مرة واحدة. ومن المسلم من كل أربعين دينارًا دينار، والمسلم والذمي في ذلك سواء. وقال: أخبرني عبد الملك قال: قرأت على أبي عبد اللَّه: وما عليهم -يعني: أهل الذمة- في أموالهم التي يتجرون فيها إذا مرّوا بها علينا؟ فأمْلى عليَّ: السنة مرة؛ كذا روى إبراهيم النخعي عن عمر -رضي اللَّه عنه- حين كتب وأن لا يأخذ في السنة إلا مرّة أن يأخذ من الذمي نصف العشر (¬1). وقال: أخبرني عصمة بن عصام في آخرين قالوا: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أهل الذمة إذا اتجروا من بلد إلى بلد أخذ منهم الجزية ونصف العشر. وإذا كانوا في المدينة لم يؤخذ منهم إلا الجزية. وعلى المسلمين ربع العشر من كل أربعين درهمًا درهم. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال: كتبت إلى أبي عبد اللَّه أسأله عن النصراني واليهودي إذا مروا على العاشر كم يأخذ منهم؟ قال: يؤخذ منهم نصف العشر من كل عشرين دينارًا دينار. قلت: فإن كان مع الذمي عشرة دنانير؟ قال: يؤخذ منه نصف دينار. قلت: فإن كان أقل من عشرة دنانير؟ قال: إذا نقصت لم يؤخذ منه شيء. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 417 (10588، 10589).

وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم أنه قال لأبي عبد اللَّه: إذا مرّ أهل الذمة بالعشار في السنة مرتين يؤخذ منهم العشر كلما مروا به؟ قال: لا يؤخذ منهم في السنة إلا مرة واحدة وإن مروا بالعشار مرارًا. قلت: فما أخذ من أهل الذمة فهي زكاة أموالهم؟ قال: ليس على أهل الذمة زكاة، ولكن إذا مرّوا بالعشار عشرة في السَّنة مرة واحدة. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون قال: حدثنا سندي أن أبا عبد اللَّه قال في الذمي يمر بالعشار قال: يأخذ منه نصف العشر. فقيل له: في كم يأخذ منه؟ فقال: إذا كان معه مثل نصف ما يجب على المسلمين. قال: ولا يؤخذ منه في السنة إلا مرة واحدة. قال: هكذا في الحديث. وقال: أخبرني عبد الملك أن أبا عبد اللَّه قال: يؤخذ من أموال أهل الذمة إذا اتجروا فيها، قومت ثم أخذ منهم زكاتها مرتين يضعف عليهم؛ لقول عمر -رضي اللَّه عنه-: أضعفها عليهم. فمن الناس من يشبه الزرع على هذا. "أحكام أهل الملل" 1/ 134 - 137 (168: 176) وقال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن حماد عن إبراهيم في الذمي يمر بالخمر على العَاشر؟ قال: يضاعف عليهم العشور. "أحكام أهل الملل" 1/ 138 (178) وقال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: قرأت على أبي عبد اللَّه: وهل عليهم -يعني على أهل الذمة- إذا اتجروا في الخمر والخنزير العشر نأخذ

منه؟ فأملى عليَّ: قال عمر -رضي اللَّه عنه-: ولّوهم بيعها لا يكون هذا إلا على الأخذ. وقال: أخبرني عبد الملك: وحدثني ابن حنبل عن ابن مهدي عن سفيان عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة في قول عمر -رضي اللَّه عنه-: ولُّوهم بيعها: الخمر، والخنزير نعشرها. قلت: كيف إسناده؟ قال: إسناد جيد. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا يعقوب بن بختان أنه سأل أبا عبد اللَّه عن خنازير أهل الذمة وخمرهم؟ قال: لا تقتل خنازيرهم فإن لهم عهدًا. وقال: لا يؤخذ منهم خمر ولا خنازير يلونهم بيعها. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث، وأخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا صالح أنه قال لأبيه، وهذا لفظه. وأخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي قال: قلت لأبي عبد اللَّه - مثل لفظ صالح: فإن كان مع النصراني خمر وخنازير كيف يصنع بها؟ قال (¬1): قال عمر -رضي اللَّه عنه-: ولّوهم بيعها. وقد قال بعض الناس: تقوم عليهم. وهو قول شنيع ولا أراه يعجبني. "أحكام أهل الملل" 1/ 138: 140 (179: 182) ¬

_ (¬1) وفي الأصل: (حنبل: لها) وقال المحقق تعليقًا على لفظة لها: هي غير ظاهرة المعنى، ولعل كلمة حنبل زائدة فيكون هذا جواب الإمام أحمد. ينظر هامش 1/ 139.

وقال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه قال: ليس على أهل الذمة في نخلهم ولا في مواشيهم ولا زرعهم ولا كرومهم صدقة إنما الصدقة على المسلمين طهرة لهم. قال: في كتاب أبي: وكذلك قال مالك. وقال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد أنه قال لأبي عبد اللَّه: الغنم السائمة -يعني: لأهل الذمة قال: الغنم السائمة ليس فيها في أموالهم شيء حتى تكون للتجارة. قال عبد الملك: قال لي هذا غير مرة: إذا كانت سائمة فليس فيها شراء حتى تكون للتجارة. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم أنه قال لأبي عبد اللَّه: إذا مرّ بغنم للتجارة؟ قال: يعشرها. قال: وسألت أبا عبد اللَّه عن مواشي أهل الذمة أيضًا؟ قال: ليس فيها شيء إذا كانت سائمة. وقال: أخبرني الحسن بن عبد الوهاب قال: حدثنا الفضل بن زياد قال: كتبت إلى أبي عبد اللَّه عن مواشي أهل الذمة وأرضهم؟ فأتى الجواب: إن كانت أرض صلح فعليهم ما صولحوا عليه، وليس في مواشيهم شيء. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح أن أباه قال: ليس في مواشيهم شيء إذا كانت سوائم، وإن كانت للتجارة يضاعف عليهم مثل المال. وقال: أخبرني أحمد بن محمد الوراق قال: حدثنا محمد بن حاتم بن

نعيم قال: حدثنا علي بن سعيد قال: سمعت أحمد يقول: أهل الكتاب ليس عليهم في مواشيهم صدقة ولا في أموالهم. إنما تؤخذ منهم الجزية إلا أن يكونوا صولحوا على أن تؤخذ منهم؛ كما صنع عمر -رضي اللَّه عنه- بنصارى بني تغلب حين أضعف عليهم الصدقة في صلحه إياهم. وقال: وأخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح أنه قال لأبيه: هل على نساء أهل الذمة وصبيانهم ونخيلهم وكرومهم وزروعهم ومواشيهم صدقة؟ قال: ليس عليهم فيها شيء إلا على مواشي بني تغلب. وقال: أخبرني الحسن بن الهيثم أن محمد بن موسى حدثهم أنه قال لأبي عبد اللَّه: نصارى بني تغلب؟ قال: تضاعف عليهم الجزية. وقال: أخبرني حرب بن إسماعيل قال: قلت لأحمد: فالذمي تكون له الغنم أو الإبل، هل يؤخذ منهم؟ قال: كيف تؤخذ منهم؟ ! إلا نصارى بني تغلب، فإنها تضاعف عليهم. قال: وكذلك قال قوم: في أرضهم تضاعف عليهم. أراه قال: وإن اشتروا من المسلمين. وقال: أخبرني عبد الملك قال: قرأت على أبي عبد اللَّه: على أهل الذمة في إبلهم وبقرهم وغنمهم شيء؟ فأملى عليّ: ليس عليهم. وقال الزهري: لا نعلم في مواشي أهل الذمة صدقة إلا بني تغلب. قال: وعمر -رضي اللَّه عنه- لما أقرهم على النصرانية أضعف عليهم: لأنهم عرب.

قال: وتذهب إلى أن يؤخذ من مواشي بني تغلب خاصة؟ قال: نعم. قلت: وتضعف عليهم على ما فعل عمر -رضي اللَّه عنه-؟ قال لي: نعم. وقال: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: يغلظ على نصارى بني تغلب. وقال: أخبرني إبراهيم بن الخليل أن أحمد بن نصر أبا حامد الخفاف حدثهم قال: سُئل أحمد عن نصارى بني تغلب: يؤخذ منهم العشر إذا مروا بالتجارات؟ قال: نعم. وقال: أخبرني محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم أن أباه حدثه قال: حدثني أحمد بن القاسم. وأخبرني زكريا بن الفرج عن أحمد بن القاسم أن أبا عبد اللَّه قال في صدقة أرض بني تغلب: العشر، تضاعف فإذا اشتراها مسلم فالعشر مضاعف. قال: والمال والمواشي وأرض سواء لصغير كانت أو لكبير فإنما هي زكاة. وقال: أخبرني محمد بن موسى البزار قال: حدثنا جعفر بن محمد النسائي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في النصارى: يؤخذ منهم العشر من أموالهم إذا كانت للتجارة. وقال بعضهم: يؤخذ من نصارى بني تغلب ضعفي ما يؤخذ من أهل الذمة، يؤخذ منهم العشر من أموالهم إذا كانت للتجارة. وقال بعضهم: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا اتجر الذمي يؤخذ منه العشر.

وقال: يضاعف على نصارى بني تغلب. وقال: أخبرني محمد بن المنذر بن عبد العزيز قال: حدثني أحمد بن الحسن الترمذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ليس على أرض الذمي زكاة -يعني: على حبه- فإن اتجر -يعني بماله- ففيه العشر؛ لأن العشر مع الحب إنما هو زكاة، وليس عليه زكاة إنما عليه العشر إذا اتجر. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثني الأثرم قال: ذكر أبو عبد اللَّه بني تغلب وشرطهم أن لا يضيعوا أبناءهم. وقول عمر -رضي اللَّه عنه- فيهم قال: قد رأى بعض الناس أن نقتلهم؛ لأنهم ضيعوا أبناءهم ولم يوفوا بشروطهم. "أحكام أهل الملل" 1/ 140: 145 (183: 198) وقال الخلال: أخبرني حمزة بن القاسم حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من كان من أهل الحرب فعليهم العشر. ومن كان من أهل العهد فعليهم نصف العشر. ويعشرون في السنة مرة واحدة. وقال: أخبرني عبد الملك قال: سألت أبا عبد اللَّه فأملى عليَّ: وعلى أهل الحرب العشر؛ حديث أنس بن مالك. وقال: حدثنا أحمد بن علي، أن صالحًا بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- بعث أميرًا أو مصدقًا وأمره أن يأخذ من المسلمين من كل أربعين درهمًا درهمًا، ومن أهل الذمة من كل عشرين درهمًا درهم ومن أهل الحرب من كل عشرة واحدًا. وقال: وحدثني أبي قال: حدثني محمد بن بكر قال: حدثنا سعيد فذكره بإسناده. وقال: من تجارهم من كل عشرة واحدًا.

وحدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- كان يأخذ من النبط من القطنية العشر، ومن الحنطة والزبيب نصف العشر ليكثر الحمل إلى المدينة. وقال: وحدثني أبي قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا منصور وداود ويونس كلهم، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- أمر أن يؤخذ من أموال التجار من المسلمين من كل أربعين درهمًا درهم، ومن أهل الذمة نصف العشر من كل عشرين درهمًا درهم. وقال: وحدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان، عن غالب أبي الهذيل، عن إبراهيم قال: جاء نصراني إلى عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- فقال: إن عاملك عشر في السنة مرتين. قال: ومن أنت؟ قال: أنا الشيخ النصراني. قال عمر: وأنا الشيخ الحنيف. ثم كتب إلى عامله: لا تعشروا في السنة إلا مرة. وقال: أخبرني الميموني قال: حدثنا ابن حنبل قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن زياد بن حدير: أن عمر بن الخطاب بعثه مصدقًا، فأمره أن يأخذ من نصارى بني تغلب العشر، ومن نصارى أهل الكتاب نصف العشر. وقال: أخبرنا الميموني قال: حدثنا ابن حنبل قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا عبد اللَّه بن خالد العبسي، عن عبد الرحمن بن معقل قال: قلت لزياد بن حدير: كنتم تعشرون؟ قال ما كنا نعشر مسلمًا ولا معاهدًا.

قلت: من تعشرون؟ قال: أهل الحرب كما يأخذون منا إذا أتيناهم. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنّا قال: سألت أحمد عن عبد اللَّه بن خالد العبسي؟ فقال: روى عنه الثوري. قلت: أي شيء روى عنه؟ فحدثني قال: حدثني ابن مهدي ويحيى بن سعيد، عن سفيان، عن عبد اللَّه بن خالد العبسي، عن عبد الرحمن بن معقل، عن زياد بن حدير قال: كُنّا لا نعشر مسلمًا ولا معاهدًا. قال: من كنتم تعشرون؟ قال: كفار أهل الحرب كُنَّا نأخذ منهم كما يأخذون مِنَّا. وقال أحمد: لعبد اللَّه بن خالد العبسي حديثان آخران. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب قال: حدثنا أحمد قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا هشام، عن أنس بن سيرين قال: بعثني أنس بن مالك على العشور فقلت: بعثتنني على العشور من بين عمالك. قال: أما ترضى أن أجعلك على ما جعلني عليه عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-، أمرني أن آخذ من المسلمين ربع العشر. ومن أهل الذمة نصف العشر. وممن لا ذمة له العشر. قلت: تذهب إليه؟ قال: نعم، كم عشر الأربعين درهمًا؟ قلت: أربعة دراهم. قال: يؤخذ ربع الأربعة دراهم فهو ربع العشر. وهو مثل الزكاة من

أربعين درهمًا درهم. ومن أهل الذمة كم عشر العشرين؟ قلت: درهمان. قال: يؤخذ نصف العشر درهم، ويؤخذ ممن لا ذمة له العشر من العشرة دراهم درهم وهو العشر. وقال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا عبد الوهاب قال: حدثنا سعيد، عن قتادة عن أبي مجلز قال: قالوا لعمر: كيف نأخذ من تجار أهل الحرب إذا قدموا علينا؟ قال: كيف يأخذون منكم إذا دخلتم عليهم؟ قالوا: العشر. قال: فكذلك فخذوا منهم. "أحكام أهل الملل" 1/ 146: 151 (201: 209)

فصل نقض أهل الذمة العهد

فصل نقض أهل الذمة العهد 1494 - من نقض العهد ولحق بدار الحرب، ما السبيل فيهم؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: أهل العهد إذا نقضوا تسبى ذراريهم أم لا؟ قال: كل من ولد له بعد النقض يسبون ومن كان قبل ذلك لا يسبون. فقال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2758) قال صالح: وسألته عن قوم من أهل العهد في حصن مع المسلمين، فنقضوا العهد وخرجوا بالذرية، فلحقهم الأمير دون الدرب، ما السبيل فيهم؟ قال: إذا نقضوا العهد، فمن كان منهم بالغًا فيجري عليه ما يجري على أهل الحرب من الأحكام، وأما الذرية فلا. "مسائل صالح" (215) قال صالح: وسألته عن قوم من أهل العهد في حصن ومعهم مسلمون فنقضوا العهد، والمسلمون معهم في الحصن، ما السبيل فيهم؟ قال: ما ولد لهم بعد نقضهم العهد، فالذرية بمنزلة من نقض العهد يسبون، ومن كان قبل ذلك لا يسبون؛ وذلك أن امرأة علقمة بن علاثة لما ارتد قالت: إن كان علقمة ارتد، فأنا لم أرتد (¬1). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 440 (32721)، والبيهقي 8/ 183.

ويروى عن الحسن فيمن نقض العهد قال: ليس على الذرية شيء (¬1). "مسائل صالح" (216) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن قوم نصارى نقضوا العهد وقاتلوا المسلمين؟ فقال: أرى أن لا تقتل الذرية ولا يسبون، ولكن يقتل رجالهم. قلت لأبي: فإن ولد لرجالهم أولاد في دار الحرب؟ قال: أرى أن يسبوا أولئك ويقتلون. قلت لأبي: فإن هرب من الذرية إلى دار الحرب أحد فسباهم المسلمون، ترى أن يسترقوا؟ قال: الذرية لا يسترقون ولا يقتلون؛ لأنهم لم ينقضوهم عهدا، وإنما نقض العهد رجالهم، وما ذنب هؤلاء. "مسائل عبد اللَّه" (950) قال المروذي: وسئل أبو عبد اللَّه عن الذرية يسبون إذا نقضوا العهد؟ فقال: لا، عهدهم ثابت للنساء والصبيان. فقلت: ثبت عهدهم بالرجال؟ قال: نعم. قلت: فإذا نقض الرجال فلمَ لا تسبى الذرية؟ قال: لأن عهدهم قد تقدم. ثم قال: مثل هذا الذي سبى أهل أرمينية، ما كان له أن يفعل. قلت: فإن قدم رجل من أهل أرمينية بسبي، ترى أن يُشترى منه؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 473 (32994).

قال: لا؛ لحال ما فعل. يعني: بُغا. "الورع" (486) وقال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن أبا الحارث حدثهم قال: سئل أبو عبد اللَّه عن قوم من أهل العهد نقضوا العهد وخرجوا بالذرية إلى دار الحرب فبعث في طلبهم فلحقوهم فحاربوهم، قال: إذا نقضوا العهد فمن كان منهم بالغًا فيجري عليه ما يجري على أهل الحرب من الأحكام إذا استرق فأمره إلى الإمام يحكم فيهم بما يرى، وأما الذرية فما ولد بعد نقضهم العهد فهو بمنزلة من نقض العهد، وذلك أن امرأة علقمة بن علاثة قالت: إن كان علقمة ارتدّ فأنا لم ارتدّ. من كان ممّن ولد قبل نقض العهد فليس عليه شيء، وكذلك روي عن الحسن فيمن نقض العهد: ليس على النساء شيء. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى قالا: حدثنا أبو طالب قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن رجل من أهل العهد لحق بالعدو هو وأهله وولد لهم ولد في دار العدو، قال: يسترقون أولادهم الذين ولدوا في أرض العدو ويردّون أولادهم الذين ولدوا في دار الإسلام إلى الجزية. قلت: لا يسترقون أولادهم الذين ولدوا في دار الإسلام؟ قال: لا. قلت: فإن كانوا صغارًا أدخلوهم ثم صاروا رجالًا، قال: لا يسترقون أدخلوهم مأمنهم. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن إسحاق بن إبراهيم حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه: عن رجل لحق بدار الحرب هو وأهله وولد له في بلاد العدو وقد أخذه المسلمون؟

1495 - إذا نقضوا العهد، هل يجوز قتل من في أيدينا من رهائنهم؟

قال: ليس على ولده وأهله شيء، ولكن ما ولد له وهو في أيديهم يسترقون ويؤدون هم. أي: الجزية. "أحكام أهل الملل" 2/ 322 - 324 (682 - 685) 1495 - إذا نقضوا العهد، هل يجوز قتل من في أيدينا من رهائنهم؟ قال المبارك بن سليمان: سُئل أحمد بن حنبل عن قوم من المشركين بيننا وبينهم كتاب: أن لا يغزونا ولا نغزوهم، ولا يقتلوا لنا تاجرًا، ولا نقتل لهم، ويعطونا على ذلك الرهائن. ثم إنهم نكثوا وقتلوا، فما تقول في الرهائن؟ قال: ليس عليهم شيء. ونقل أبو عبد اللَّه النيسابوري عنه: أنه سُئل عن أهل الحرب، إذا أخذوا من المسلمين رهائن وأعطوا رهنًا، ثم قتلوا رهننا، هل لنا أن نقتل رهنهم كما قتلوا؟ فكأنه ذهب إلى أن نقتل رهنهم. "الأحكام السلطانية" ص 48، 49.

1496 - حكم من خرج من المشركين أو من أهل العهد إلى المسلمين

1496 - حكم من خرج من المشركين أو من أهل العهد إلى المسلمين قال صالح: وقال في عبد المشركين: إذا جاء إلى الإسلام وهو مسلم فهو حر على حديث أهل الطائف (¬1)، وإذا جاء المولى قبل العبد ثم يجيء بعده مولاه مسلمًا فهو لمولاه. "مسائل صالح" (910) قال صالح: قلت لأبي: العبد يخرج إلى المسلمين بأمان أو ينزل من حصن؟ قال: حر. "مسائل صالح" (939) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه سئل: عن المرأة تخرج اليوم من أيدي المشركين، أو من أهل العهد إلى المسلمين؟ قال: هذِه من المشركين. "مسائل ابن هانئ" (1691) نقل جعفر عنه: المرأة منهم تجيء إلينا اليوم مسلمة: يرد على زوجها المهر، فإن ذلك كان حينئذ، ولا ترد المرأة. "الفروع" 6/ 255. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 224 من حديث ابن عباس، قال: أعتق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الطائف من خرج إليه من عبيد المشركين.

باب ما جاء في المغازي والسير

باب ما جاء في المغازي والسير 1497 - غزوة بدر قال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: قال سفيان: أهل المدينة يقولون: كانت بدر ليلة سبع عشرة. "تاريخ ابن أبي خيثمة" 1/ 386 (1440)

جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة لدار الْفَلاح وَلَا يجوز نشر هَذَا الْكتاب بِأَيّ صِيغَة أَو تَصْوِيره PDF إِلَّا بِإِذن خطي من صَاحب الدَّار الْأُسْتَاذ/ خَالِد الرِّبَاط الطبعة الأولى 1430 هـ - 2009 م رقم الْإِيدَاع بدار الْكتب 19194/ 2009 دَار الْفَلاح للبحث العلمي وَتَحْقِيق التراث 18 شَارِع أحمس - حَيّ الجامعة - الفيوم ت: 01000059200 [email protected]

الْجَامِعُ لِعُلوْم الإِمَامِ أَحْمد [9]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

(قسم المعاملات) 1 - كتاب البيع. 2 - كتاب القرض. 3 - كتاب الرهن. 4 - كتاب الضمان. 5 - كتاب الحوالة. 6 - كتاب الصلح. 7 - كتاب الوكالة. 8 - كتاب الشركات. 9 - كتاب المساقاة والمزراعة. 10 - كتاب الإجارة. 11 - كتاب العارية. 12 - كتاب الغصب. 13 - كتاب الشفعة. 14 - كتاب الوديعة. 15 - كتاب إحياء الموات. 16 - كتاب الجعالة. 17 - كتاب اللقطة.

كتاب البيع

كتاب البيع 1498 - باب في الحَثِّ عَلى الاكْتِسَاب وما يستحب منه، والإنكار عَلى مَنْ يدعي التوكل فِي تَركِ العملِ، وَالحجَّة عَليه في ذلك قال صالح: سئل أبي، وأنا شاهد، عن قوم لا يعملون، ويقولون: متوكلون؟ قال: هؤلاء مبتدعة. "مسائل صالح" (430) قال حنبل: حدثني أبو عبد اللَّه: حدثنا عبيدة بن حميد، حدثني أبو الزعراء، عن أبي الأحوص، عن أبيه مالك بن نضلة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الأيدي ثلاثة: فيدُ اللَّه العليا، ويد المُعطي التي تليها، ويد السائل السُّفلى، فأعطِ الفضل، ولا تعجز عن نفسك" (¬1). "جزء حنبل" (45) ص 88، 89 قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل يخيط ويعمل الخوص، أيهما أفضل؟ قال: كل ما نصح فيه فهو حسن. "مسائل ابن هانئ" (1310) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 446، وأبو داود (1649) من طريقه. وصححه ابن خزيمة 4/ 97 (2440)، وابن حبان 8/ 148 (3362)، والحاكم 1/ 408. وكذا صححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1455).

قال أبو بكر المروذي: وسمعت رجلًا يقول لأبي عبد اللَّه: إني في كفاية. قال: الزم السوق؛ تصل به الرحم، وتعود به. وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: التجارة أحب إليَّ من غلة بغداد. قلت لأبي عبد اللَّه: في عمل الخوص؟ قال: أرجو أن يكون حلالًا. حدثنا أبو قدامة، عن صدقة المروذي قال: قلت ليوسف بن أسباط: سوقنا -سوق مرو- قد فسدت، أو قال: فاسدة، فمرني بشيء. قال: عليك بعمل الخوص. قلت لأبي عبد اللَّه: الثوري لأي شيء خرج إلى اليمن؟ قال: خرج للتجارة، وللقي معمر. قلت: قالوا: كان له مائة دينار! قال: أما سبعون، فصحيحة. قال أبو بكر المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قد أمرتهم أن يختلفوا إلى السوق، وأن يتعرضوا للتجارة -يعني: ولده. قال أبو عبد اللَّه: قد روي عن عائشة، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن أطيب ما أكل الرجلُ من كسبه، وإن ولده من كسبه" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 31، وأبو داود (3528، 3529)، والترمذي (1358)، والنسائي 7/ 240 - 241، وابن ماجه (2137). وقال الترمذي: حسن صحيح. وكذا صححه الألباني في "الإرواء" 3/ 329.

سمعت عبد الوهاب يقول: كان هاهنا قوم قد خرجوا إلى المدائن إلى شعيب بن حرب، فما رجعوا إلى دورهم، ولقد قام بعضهم ثم يستقي الماء، وكان شعيب يقول لبعضهم الذي يستقي: لو رآك سفيان لقرت عينه. حدثنا أبو هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: فذكر الحديث، وقال: "كان داود عليه السلام لا يأكل إلا من عمل يديه" (¬1). قلت لأبي عبد اللَّه: أرويه عنك؟ فأجازه. سيار: حدثنا الحسن قال: كان عطاء سلمان الفارسي رحمه اللَّه خمسة آلاف، وكان أميرًا على زهاء ثلاثين ألفًا من المسلمين، وكان يخطب الناس في عباءة يفترش بعضها، ويلبس بعضها، فإذا خرج عطاؤه أمضاه، ويأكل من شغل يديه (¬2). قلت لأبي عبد اللَّه: أرويه؟ فأجازه. أبو جعفر الحذاء، عن شعيب بن حرب، أنه قال: لا تحقرن فلسًا تطيع اللَّه في كسبه، ليس الفلس يراد، إنما الطاعة تراد، عسى أن تشتري به بقلًا، فلا يستقر في جوفك حتى يغفر لك. عن ليث، عن مجاهد، قال: من أعز نفسه أذل دينه، ومن أذل نفسه أعز دينه (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 314، والبخاري (2073) (¬2) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 188، ابن سعد في "طبقاته" 4/ 86 - 87، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 197، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 21/ 434. (¬3) رواه أبو نعيم في "الحلية" 3/ 279.

قلت لأبي عبد اللَّه: يقعد الرجل في بيته -أعني: يترك العمل؟ فقال: أخاف أن يخرجه هذا إلى أمر. قلت: إلى مثل أي شيء؟ قال: يتوقع أن يبعث إليه بالشيء. لو خرج فاحترف كان أعجب إليَّ. قلت: فإذا بُعث إليه بالشيء فلم يأخذه؟ قال: هكذا جيد. قلت لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا قال: لا أكتسب حتى تصح لي النية، وله عيال؟ قال: إذا كان يجب عليه نفقتهم، فمن النية صيانتهم. قال: وسأل أبا عبد اللَّه رجلان عن الشيء يلتقطانه، مثل البقل ونحوه؟ فقال لهما: تعرضا للعمل. وأخبرني أبو عبد اللَّه أن امرأة جاءته، فقالت: إن رجلًا ممن يعمل الخوص. فليس يقيمه؟ قال: فقلت لها: إن الخوص أمره ضيق لا يقيمه، لو تعرض لغيره. أراه ذكر المغازل. قال: أخبرنا عمرو بن ميمون، عن أبيه، أن ابن عامر قال لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن! مالك لا تكلم؟ قال: إذا طابت المكسبة زكت النفقة، وسترد فتعلم. عن وهب بن كيسان قال: مر رجل يتصدق على المساكين، فقال أبو همام: درهم أصيبه بكد يعرق به جبيني أحب إلي من صدقة هؤلاء مائة ألف، ومائة ألف، ومائة ألف!

سمعت عبد الوهاب يذكر عن رجل قال: قال يونس بن عبيد: ما السارق عندي بأسوأ سرقة من التاجر يشتري المتاع إلى أجل، ثم يضرب فيه إلى البلدان، لا يكتسب درهمًا بعد الأجل إلا كان حرامًا. عن ليث، عن مجاهد، قال: من لم يستح من الحلال خفت مؤنته، وأراح نفسه، وقل كبره (¬1). عن أيوب، قال: كان أبو قلابة يحثنا على السوق. حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال: خرج علينا أيوب فقال: يا معشر الشباب! احترفوا، لا تحتاجون أن تأتوا أبواب هؤلاء. وذكر من يكره. "الورع" (73 - 94) قال حرب: حدثنا أحمد قال: حدثنا هارون، قال: حدثنا ضمرة، عن ابن عطاء، عن أبيه، قال: كان سليمان يعمل الخوص بيديه، ويأكل خبز الشعير. "مسائل حرب" ص 445 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن قوم يقولون: نتكل على اللَّه ولا نكتسب؟ قال أبي: ينبغي للناس كلهم أن يتوكلوا على اللَّه، ولكن يعودون على أنفسهم بالكسب، قال اللَّه تبارك وتعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] فهذا قد علم أنهم يكتسبون ويعملون، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من عال ابنتين أو ثلاثة فله الجنة" (¬2). ¬

_ (¬1) رواه أبو نعيم في "الحلية" 3/ 284. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 148 بنحوه، ورواه مسلم (2631) بلفظ: "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة، أنا وهو" وضم أصابعه. من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-.

يعني: من قال بخلاف هذا، فهذا قول إنسان أحمق. "مسائل عبد اللَّه" (1625) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، ثنا سفيان، عن أبي إسحاق قال: كانوا يرون السعة عونًا على الدين. قيل لسفيان: سفيان الثوري ذكره؟ قال: نعم. "العلل" (999)، (4210) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة بن إبراهيم بن مهاجر، عن عبيد اللَّه بن باباه، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص -رضي اللَّه عنه- قال: إذا لم يكن للرجل تجارة إلا الطعام طغى وبغى. "الزهد" ص 55 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أسود بن عامر، حدثنا حماد، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب أن لقمان عليه السلام كان خياطا. "الزهد" ص 64 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا عمرو بن سليمان، حدثنا يزيد بن إبراهيم، عن الحسن: قال داود عليه السلام: إلهي، أي رزق أطيب؟ قال: ثمرة يدك يا داود. "الزهد" ص 91 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا المسعودي، عن أبي حصين، عن عبد اللَّه بن باباه قال: قال أبو الدرداء: إن كسب المال من سبيل الحلال قليل، فمن كسب مالا من غير حله فوضعه في حقه، ومن كسب مالا من غير حله فوضعه في غير حقه، فذلك الداء العضال، ومن كسب مالا من حله فوضعه في حقه فذلك يغسل الذنوب، كما يغسل الماء التراب عن الصفا. "الزهد" ص 171

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، حدثنا يزيد بن إبراهيم، عن الحسن قال: كان يقول: مطعمان طيبان رجل يعمل بيده، وآخر يحمل على ظهره. "الزهد" ص 333 قال أبو بكر الخلال: وأخبرنا أبو بكر قال: قال رجل لأبي عبد اللَّه رحمه اللَّه من أصحاب ابن أسلم: ترى أن أعمل؟ ! قال: نعم وتصدق بالفضل على قرابتك. "الحث على التجارة" (2) قال أبو بكر الخلال: أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يأمر بالسوق، ويقول: ما أحسن الاستغناء عن الناس! أخبرني محمد بن موسى قال: سمعت علي بن جعفر قال: مضى أبي إلى أبي عبد اللَّه رحمه اللَّه، وذهب بي معه، فقال له: يا أبا عبد اللَّه، هذا ابني، فدعا لي، وقال لأبي: ألزمه السوق، وجنبه أقرانه. أخبرني زكريا بن يحيى أبو يحيى الناقد قال: سألت أبا عبد اللَّه رحمه اللَّه قلت: إني أعمل بكرى، وأبواي يريداني على أخذ دكان لنفسي؟ قال: فخذ دكانًا؛ تكون جنازة، يكون مريض. قلت: هو عمل شاق، والشريك -أعني: لا يقوم؟ قال: فراجعه. قال زكريا بن يحيى: يعني في هذا كله أنه يحث على العمل والتجارة. أخبرني عبد الملك الميموني أن أبا عبد اللَّه رحمه اللَّه قال: قال رجل للسري ابن يحيى، وكان يتجر في البحر: تركب البحر في طلب الدنيا؟ قال: أحب أن أستغني عن ضربك من الناس.

أخبرنا يوسف بن موسى: قيل لأبي عبد اللَّه رحمه اللَّه: قال طاوس: اللهم امنعني المال والولد" (¬1). قال: قد روي هذا عن طاوس، من كان مثل طاوس. ثم قال: الغنى من العافية. أخبرنا يعقوب بن يوسف أبو بكر المطوعي، قال: سمعت أبا بكر بن جناد يقول سمعت الجصاصي، قال: سألت أحمد بن حنبل رحمه اللَّه فقلت: أربعة دراهم: درهم من تجارة برة، ودرهم من صلة الإخوان، ودرهم من أجر التعليم، ودرهم من غلة بغداد. قال: أحبها إلي من تجارة برة، وأكرهها عندي الذي من صلة الإخوان، وأما أجر التعليم فإن احتاج فليأخذه، وأما غلة بغداد فأنت تعرفها؛ فليش تسألني عنها؟ ! أخبرني عبد الملك الميموني قال: قال لي أبو عبد اللَّه رحمه اللَّه، وحثني على لزوم الضيعة، وقال: ما أضيع ضيعة إذا لم يكن صاحبها بقربها. قلت: إني لم أعمر ضيعتي مذ فارقتك فرارًا من السلطان، وكراهية له، وشكيت له بعض ما عرفته من الدين والضيق، فقال لي: كيف تصنع إذا لم يكن لك منه بُدّ. ثم قال لي: ليس هاهنا إلا أنك تدعو له. قلت: فمن ذلك بد؟ قال: وكيف تصنع؟ ! ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 449، وابن أبي شيبة 6/ 110 (29856)، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 9.

ورأيت أكثر أمره التسهيل فيه والرخصة. قال: وقال أبو عبد اللَّه رحمه اللَّه يومًا مبتدئًا: يا أبا الحسن استغن عن الناس بجهدك، فلم أر مثل الغنى عن الناس. قلت: ولم ابتدأتني بهذا؟ ! قال: لأنه إن كان لك شيء تصلحه وتكون فيه، وتصلحه وتستغني به عن الناس، فإن الغنى من العافية. فحثني غير مرة على الإصلاح والاستغناء بإصلاح ما رزقت عن الناس وأقبل يغلظ الحاجة إلى الناس. قلت: وإن ضيعتنا من الرقة على أيام وفيها دير نصارى معتزل من الناس ليس فيه إلا نفر يسير من النصارى، وبقربه مدينة. فقال: أي مدينة هي؟ قلت: فإن لها مؤذنًا. قال: من الشام؟ قلت: لا، من الجزيرة ناحية رأس العين. قال: فذا موضع صالح -يعني الدير. قلت: إنما شغل قلبي بشيء واحد، إن الدير معتزل عن الناس وأنا إنما أحب العزلة، وليس فيه إلا نصارى، وإنما كرهت منه أني إذا أردت أن أصلي لم أجد أحدًا أصلي معه. قال لي: فإذا حضرت الصلاة فأذن وأقم، فإن جاءك أحد فصل معه، وإلا فصل وحدك. قال عبد الملك: فاستحسن أبو عبد اللَّه رحمه اللَّه هذا الموضع واشتهاه لي ورأيت السرور فيه بينًا لما وصفت له من ذلك ومن عزلته. قلت له: فإن المدينة مني على رأس ميل يمكنني الدخول إلى الجمعة، والصلوات في سائر الأيام في الدير.

فقال لي في هذا الموضع: إذا لم يكن لك من يصلي معك فما تصنع فأذن وأقم وصل وحدك. قال عبد الملك: وكنت أرى أبا عبد اللَّه يقوم ويعمل الشيء ويصلحه ويتعاهد منازله. قال: ودخلت على أبي عبد اللَّه رحمه اللَّه مرارًا بيته فرأيته ضرب بيده إلى أرضه فسوى ترابه بيده. أخبرني محمد بن موسى قال: سمعت أحمد بن عبد الرحمن الزهري يقول: قال لي أبو عبد اللَّه رحمه اللَّه سنة تسع عشرة حين قدم المعتصم أتيته وهو يعمل بيده شيئًا يرمه بطين -أي: هذا، ويشير إلى السكان كأنه يعني: يرمه للكرى. أخبرني زهير بن صالح بن أحمد بن حنبل رضي اللَّه تعالى عنه قال: سمعت أبي قال: كان ربما أخذ القدوم وخرج إلى دار السكان يعمل الشيء بيده. "الحث على التجارة" (4: 12) قال أبو بكر الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي: أنه قرأ على أبي عبد اللَّه رحمه اللَّه: ابن مهدي، عن سفيان، عن عمرو بن قيس، عن عاصم، عن أبي وائل قال: درهم من تجارة أحب إلي من عشرة من عطائي. "الحث على التجارة" (37) قال أبو بكر الخلال: أخبرنا محمد بن مهدي بن جعفر الصوري بصور قال: سمعت أبي يقول: كنت بطرسوس عند قدوم المأمون إلى طرسوس، ومعه أحمد بن حنبل رحمه اللَّه، وابن نوح، وكان هو وابن نوح مقيدين قال: فكتب إلي أحمد بن حنبل رقعة: قد علمت ما نحن فيه، ولولا ذلك

لجئناك، فإن رأيت أن تصير إلينا صرت. فصرت إليهم حتى حدثتهم، فكان فيما كتب عني أحمد بن حنبل رحمه اللَّه تعالى: ثنا ضمرة، عن رجاء بن أبي سلمة، عن عبد ربه بن سليمان بن زنبور، عن ابن محيريز قال: ما من طعام أملأ به ما بين جنبي بعد سعيى يعد فيه بين الأسود والأحمر أحب إلي من طعام تاجر صدوق. "الحث على التجارة" (46) قال أبو بكر الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، عن أبي عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرزاق، أنبأ معمر، ثنا همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كان داود لا يأكل إلا من عمل يده" (¬1). "الحث على التجارة" (67) قال أبو بكر الخلال: أخبرني حرب، ثنا أحمد بن حنبل، ثنا هارون، ثنا ضمرة، عن ابن عطاء، عن أبيه قال: كان سليمان بن داود يعمل الخوص بيديه، ويأكل خبز الشعير (¬2). "الحث على التجارة" (69) قال أبو بكر الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: فليتق اللَّه العبدُ ولا يطعمهم إلا طيبًا -يعني: العيال. قلت لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا قال: لا أكسب حتى تصح لي النية وله عيال. قال: إذا كان يجب عليه أن يعفهم فمن النية صيانتهم. "الحث على التجارة" (80) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 314، والبخاري (2073). (¬2) رواه الإمام أحمد في "الزهد ص 115.

قال أبو بكر الخلال: أخبرني أحمد بن الحسين بن حسان، ويوسف ابن موسى أن أبا عبد اللَّه سئل عن الحديث: "كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت" (¬1). قال: إذا كان يسعى على عياله كيف يضيعهم؟ ! قيل له: فإن أطعمهم حرامًا يكون ضيعة لهم؟ قال: شديدًا. "الحث على التجارة" (83) قال أبو بكر الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن إبراهيم بن يعقوب الجبلي قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال له عقبة بن مكرم: هؤلاء الذين يأكلون قليلًا، ويقللون من طعامهم؟ قال: ما يعجبني. قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: فعل قوم هكذا فقطعهم عن الفرض. أخبرنا أحمد بن الحسين بن حسان أن أبا عبد اللَّه قال له رجل: إني أحب أن أخرج إلى مكة فتأمرني بذلك؟ قال له: إن كنت تطيق، وإلا فلا، إلا بزاد وراحلة، لا تخاطر. أخبرني أحمد بن الحسين بن حسان أن أبا عبد اللَّه سئل عن الرجل يدخل المفازة بغير زاد فأنكره إنكارًا شديدًا، وقال: أف أف لا لا، - ومد بها صوته- إلا بزاد ورفقاء وقافلة. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 160، ومسلم (996) من حديث عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنهما-. ولفظ مسلم: "كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمن يملك قوته" واللفظ للإمام أحمد.

قال أبو بكر الخلال في قول أبي عبد اللَّه في مسألة أحمد بن الحسين الأولى: إن كنت تطيق، وإلا فلا فإن أطاق، وعلم أنه يقوى على ذلك، فلا يسأل ولا يستشرف نفسه؛ لأن يأخذ أو يعطى فيقبل فهو مثل المتوكل على الصدق. سمعت أبا بكر المروذي يقول: سمعت أبا عبد اللَّه رحمه اللَّه يقول: حججت خمس حجج: ثنتين منها على قدمي، وقد كفى بعض الناس إلى مكة أربعة عشر درهمًا. قلت: من يا أبا عبد اللَّه؟ قال: أنا فمن قدر على هذا فنعم، فأما أن يخاطر فيخرج بغير زاد، وهو لا يؤمل من نفسه هذا فقد كرهت العلماء ذلك. وقد أنكر أبو عبد اللَّه على المتكلين في ذلك إنكارًا شديدًا. أخبرني إبراهيم بن الخليل أن أحمد بن نصر أبا حامد حدثهم أن أبا عبد اللَّه قد سأله رجل: أيخرج إلى مكة متوكلًا لا يحمل معه شيئًا؟ قال: لا يعجبني، فمن أين يأكل؟ ! قال: يتوكل فيعطيه الناس! قال: فإذا لم يعطوه أليس يستشرف لهم حتى يعطوه؟ لا يعجبني هذا، لم يبلغني أن أحدًا من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والتابعين فعل هذا، ولكن يعمل ويطلب ويتحرى. قال أبو بكر المروذي في هذِه المسألة: إن أبا عبد اللَّه جاءه رجل من أصحاب ابن أسلم فقال: ما تقول في رجل يريد سفرًا: أيما أحب إليك يحمل معه زادًا، أو يتوكل؟ قال أبو عبد اللَّه: يحمل زادًا ويتوكل.

أخبرنا محمد بن علي السمسار أن محمد بن موسى بن مشيش حدثهم أن أبا عبد اللَّه سأله رجل خراساني فقال أحج بلا زاد؟ ! فقال: لا، اعمل واحترف واخرج، النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد زود أصحابه (¬1). فقال الخراساني: فهؤلاء الذين يغزون ويحجون بلا زاد هم على الخطأ؟ ! قال: نعم هم على الخطأ. وأخبرني محمد بن أحمد بن جامع الرازي قال: سمعت أبا معين الحسين بن الحسن الرازي قال: شهدت أحمد بن حنبل رحمه اللَّه جاءه رجل من أهل خراسان، فقال له: يا أبا عبد اللَّه معي درهم -وأراه قال: أحج بهذا الدرهم؟ فقال له أحمد: اذهب إلى باب الكرخ فاشتر بهذا الدرهم مَنًّا واحمل على رأسك حتى يصير عندك ثلاثمائة، فإذا صار عندك ثلاثمائة فحج. قال: يا أبا عبد اللَّه ما ترى مكاسب الناس؟ ! قال أحمد: انظر إلى هذا الخبيث يريد أن يفسد على الناس معايشهم. قال: يا أبا عبد اللَّه أنا متوكل. قال: فتدخل البادية وحدك أو مع الناس؟ ! قال: لا، مع الناس. قال: كذبت لست أنت بمتوكل، فادخل وحدك، وإلا فأنت متوكل على جُرُب الناس. "الحث على التجارة" (88: 94) ¬

_ (¬1) روى الإمام أحمد 3/ 309، والبخاري (2980)، ومسلم (1972) عن جابر قال كنا نتزود لحوم الهدي على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المدينة.

قال أبو بكر الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: هؤلاء المتوكلة الذين لا يتجرون، ولا يعملون يحتجون بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- زوج على سورة من القرآن (¬1)، فهل كان معه شيء من الدنيا؟ ! قال: وما علمهم أنه كان لا يعمل. قال: قلت: يقولون: نقعد وأرزاقنا على اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. قال: ذا قول رديء خبيث، اللَّه تبارك وتعالى يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] فإيش هذا إلا البيع والشراء. "الحث على التجارة" (106) قال أبو بكر الخلال: وأخبرنا المروذي قال: قلت لأبي عبد: اللَّه: إن قومًا كانوا بمكة في مسجد فجاءهم رجل فقال: قوموا خذوا هذا اللحم. فقالوا: لا أو تذهب فتشويه وتجيء به؟ فقال: أما الساعة فقد أمر بالعمل، ثم قال: إذا قال لا أعمل فجيء إليه بشيء مما قد عمل واكتسبوه، لأي شيء يقبله؟ ! قلت: يقول هذا رزقي! قال: هو يقبل ممن يعمل، كان علي بن أبي طالب عليه السلام يعمل حتى تذبر (¬2) يده (¬3) وأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعملون. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 330، والبخاري (5149)، ومسلم (1425) من حديث سهل ابن سعد. (¬2) هكذا في الأصل، ولم أجد لها معنى في كتب الغريب. (¬3) رواه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 70 - 71. وفيها: حتى مجلت يداي.

قال عبد اللَّه سمعت أبي رحمه اللَّه يقول: الاستغناء عن الناس بطلب -يعني: العمل- أعجب إلينا من الجلوس، وانتظار ما في أيدي الناس. وأخبرني محمد لن يحيى الكحال أن أبا عبد اللَّه رحمه اللَّه قال: يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "من مات له ثلاثة لم يبلغوا الحنث لم تمسه النار إلا تحلة القسم" (¬1). قلت: الحنث هو الحلم؟ قال: نعم. وأخبرني محمد بن علي، ثنا صالح أنه سأل أباه رحمه اللَّه عن التوكل. فقال: التوكل حسن، ولكن ينبغي للرجل أن لا يكون عيالًا على الناس ينبغي أن يعمل حتى يغني نفسه وعياله، ولا يترك العمل. أخبرنا أبو بكر المروذي أنه قال لأبي عبد اللَّه رحمه اللَّه: إن ابن عيينة كان يقول: هم مبتدعة. فقال أبو عبد اللَّه: هؤلاء قوم سوء يريدون تعطيل الدنيا. وأخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل قال: قلت لأبي: ترى إن اكتسب رجل قوت يوم أفضل؟ قال: إن اكتسب فضلًا فعاد به على قرابته، أو داره، أو ضيف فهو أحب إلي من أن لا يكتسب، وأحب إلي أن يستعف. أخبرنا محمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت: الرجل يدع العمل ويجلس ويقول: ما أعرف إلا ظالمًا أو غاصبًا فأنا آخذ من أيديهم، ولا أعينهم، ولا أقويهم على ظلمهم. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 276، والبخاري (1251)، ومسلم (2632) من حديث أبي هريرة.

قال: ما ينبغي لأحد أن يدع العمل، ويقعد ينتظر ما في أيدي الناس. أنا اختار العمل، والعمل أحب إلي، إذا جلس الرجل ولم يحترف دعته نفسه إلى أن يأخذ ما في أيدي الناس، فإذا أعطوه أو منعوه أشغل نفسه بالعمل والاكتساب ترك الطمع قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لأن يحمل الرجل حبلًا فيحتطب ثم يبيعه في السوق ويستغني به خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه" (¬1). فقد أخبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن العمل خير من المسألة، وقال اللَّه تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] فقوله هذا إذن في الشراء والبيع، وأنا أختار للرجل الاضطراب في طلب الرزق والاستغناء عما في أيدي الناس، وهو عندي أفضل. قلت: إن هاهنا قومًا يقولون: نحن متوكلون ولا نرى العمل إلا بغير الظلمة والقضاة، وذلك أني لا أعرف إلا ظالمًا. فقال أبو عبد اللَّه: ما أحسن الاتكال على اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، ولكن لا ينبغي لأحد أن يقعد، ولا يعمل شيئًا حتى يطعمه هذا أو هذا، ونحن نختار العمل، ونطلب الرزق، ونستغني عن المسألة، والاستغناء عن الناس بالعمل أحب إلي من المسألة. وحدثنا أحمد، ثنا حفص بن غياث، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن الزبير قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لأن يحمل الرجل حبلًا فيحتطب ثم يجيء فيضعه في السوق فيبيعه (الرجل) (¬2) يستغني فينفقه على نفسه ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 164، والبخاري (1471) من حديث الزبير بن العوام -رضي اللَّه عنه-. (¬2) وقع مكانها في "المسند" ثم.

خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه" (¬1). "الحث على التجارة" (108: 116) قال أبو بكر الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قيل لأبي عبد اللَّه: أي شيء صدق التوكل على اللَّه عَزَّ وَجَلَّ؟ فقال: أن يتوكل على اللَّه ولا يكون في قلبه أحد الآدميين يطمع أن يجيئه بشيء، وإذا كان كذلك كان اللَّه يرزقه وكان متوكلًا. حدثنا أبو بكر -في موضع آخر- قال: ذكرت لأبي عبد اللَّه رحمه اللَّه التوكل فأجازه لمن استعمل فيه الصدق. قال أبو بكر المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا بمكة قال: لا أكلت شيئًا حتى يطعموني، ودخل في جبل أبي قبيس فجاء إليه رجلان وهو متزر بخرقة، فألقوا إليه قميصًا فلم يلبسه، وأخذوا يديه فألبسوه القميص ووضع بين يديه شيء فلم يأكل حتى وضع مفتاح حديد في فيه وجعلوا يدسون في فمه. فضحك أبو عبد اللَّه وجعل يتعجب. قلت لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا ترك البيع والشراء، وجعل على نفسه أن لا يقع في يده ذهب ولا فضة وترك دوره، ولم يأمر فيها بشيء، وكان يمر في الطريق فذا رأى شيئًا مطروحًا أخذه مما قد ألقي. قال المروذي: فقلت أنا للرجل: أيش حجتك في ذا؟ ما أرى لك عليه حجة غير أبي معاوية الأسود! قال الرجل: بلى أوش القرني كان يمر بالمزابل فيلقط الرقاع فصدقه، وقال: قد شدد على نفسه. ثم قال: قد ¬

_ (¬1) في "المسند" 1/ 164 سندًا ومتنًا.

جاءني نفسان يسألوني عن مثل ذلك. فقال: يمر في الطريق فيجد الشيء مثل البقل ونحوه. فقلت لهم: لو تعرضتم لعمل تشهرون أنفسكم. قالوا: وأيش نبالي من الشهرة. "الحث على التجارة" (120: 122)

باب ما جاء في أركان عقد البيع وشرائط صحته وانعقاده

باب ما جاء في أركان عقد البيع وشرائط صحته وانعقاده أولًا: العاقدان 1499 - بيع الصبي قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هَلْ يجوزُ بيع الصبيّ؟ قال: لَا، إِلَّا بإذنِ أهْلِهِ، إلا أنْ يدفعَ إِليهِ الشيء اليسير حتَّى ينبتَ أو يبلغَ خَمس عَشرة سنة أوْ يحتلم. قال إسحاق: كما قال، وذلكَ أنَّ الشيءَ اليسيرَ، قَدْ اشترى أبو الدَّرداء (-رضي اللَّه عنه-) العَصَافِيرَ مِنَ الصِّبيان (¬1). "مسائل الكوسج" (2068). وقال في رواية الأثرم في الحجر على الصغير: لا، في نحو خمسة دراهم. "الفروع"4/ 336 1500 - بيع المضطر قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: أكره بيع المضطر. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1781) ونقل حرب في بيع المضطر تحريمه وكراهته. "الفروع" 4/ 4 - 5 ¬

_ (¬1) رواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 167.

1501 - البيع الجبري

1501 - البيع الجبري قال إسحاق بن منصور: قال الثوري في عبد بين رجلين أراد أحدهما أن يبيع وأبى الآخر؟ قال: أستحسن أن يجبر على البيع، وقد اختلفوا فيه. قال أحمد: يبيع كل واحد منهما حصته. قال إسحاق: لا يجبر صاحبه على البيع إلا أن يكون مضارًّا، وله أن يبيع نصيبه. "مسائل الكوسج" (2033/ ب) ونقل حنبل عنه: وذكر له الحديث الذي ورد في ذلك، وأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر صاحبها أن يبيع فأبى، فأمره أن يناقل فأبى، فأمره أن يهب فأبى؛ فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنت مضار، اذهب فاقلع نخله" (¬1). قال أحمد: كلما كان على هذِه الجهة، وفيه ضرر يمنع من ذلك، فإن أجاب، وإلا أجبره السلطان، ولا يضر بأخيه إذا كان ذلك فيه رفق له. "تقرير القواعد" 2/ 114 - 115. 1502 - بيع العبد ونقل حنبل عنه في بيع العبد: من بايعه بعد ما علم أن مولاه حجر عليه ومنعه لم يكن له شيء؛ لأنه هو أتلف ماله. "الفروع" 4/ 7 ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (3636) من حديث سمرة بن جندب من رواية أبي جعفر محمد الباقر عنه. قال المنذري في "المختصر" 5/ 240 (3489): في سماع الباقر من سمرة بن جندب نظر، وقد نقل من مولده ووفاة سمرة ما يتعذر معه سماعه منه، وقيل فيه ما يمكن معه السماع منه، واللَّه أعلم.

ثانيا: المعقود عليه (البدلان)

ثانيًا: المعقود عليه (البدلان) شروط صحة وانعقاد الركن 1503 - 1 - كل عين مملوكة يباح نفعها واقتناؤها من غير ضرورة قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: ثمن الهر؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. قال إسحاق: أكرهه، ولكن الشرى أهون. "مسائل الكوسج" (1822) قال إسحاق بن منصور: قلت: بيع المصاحف؟ قال: لا أعلم فيه رخصة عن أحد من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، والشراء أهون. قال إسحاق: السنة أن يشتريها، ولا يبيعها. "مسائل الكوسج" (1823) قال إسحاق بن منصور: قلت: بيع ما ليس عندك: أن يقول لصاحبه: اشتر كذا وكذا أشتره منك؟ قال: أكره. قال إسحاق: كما قال، وهو أن يبيع الرجل الشيء كيلًا، أو وزنا وليس عنده أصله. "مسائل الكوسج" (1865) قال إسحاق بن منصور: بيع الماء؟

قال: لا يباع فضل الماء، والذي يحمل في القرب فلا بأس به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1876) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال يعني: لسفيان: ما ترى في بيع الروايا بالدرهم؟ قال: ليس له حد. قال أحمد: لا بأس به، نحن نشتري عشر قرب بدرهم. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1910) قال إسحاق بن منصور: قلت: تكره العرة في الأرض؟ قال: شديدًا. قال إسحاق: إنْ فعلَ جَازَ، وكَانَ ابن عمر -رضي اللَّه عنه- يشددُ فِيهِ (¬1). "مسائل الكوسج" (1913). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: شراءُ ماءِ مرو؟ قال: لا أدري، إنْ كَان شيئًا قديمًا يَتَبَايعُونه بَينهم فَمَنْ يردُّه؟ ! قُلْتُ: مَا أَرى إلَّا كَانَ أهلُ الجاهليةِ عَلَى هذا. قال: إِنْ كانَ في الجاهليةِ فَأقرُّوه عَلَيه في الإِسلامِ فَمَنْ يدفعه؟ ! إنَّما عَلينَا أنْ نتبعَ مَنْ كَانَ قبلنا. قال إسحاق: ماءُ مرو إِذَا بَاعَهُ بِقسطِهِ مِنَ الأَرَضين فَهوَ جائزٌ إِلَّا مَنْ كَرِه الدخولَ في أرضِ الخَراجِ، فَأَمَّا أَنْ يبيعَ ماءً بلا أرضِ فإِنَّهُ مكروهٌ، فَأمَّا المشتري يشتري أصولَ المياه، فَهي جائز لَهُ إِذَا منح المنحة. "مسائل الكوسج" (1958). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 487 (22356)، والبيهقي 6/ 139.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إِذَا بادَلَ مصحفًا بمصحفٍ وزادَ دراهم أو أخذَ دراهم. قال: لا بأسَ بِهِ. قال أحمد: كانوا يشددون في البيع ويرخصون في الشِّراءِ. قال إسحاق: لا بأسَ بالمبادلةِ كمَا قال سفيانُ الثوري. "مسائل الكوسج" (2188). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عنْ التجارةِ في جلودِ السِّباعِ؟ قال: أرجو أنْ لا يكونَ به بأسٌ. قال أحمد: أكرهه؛ لأنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن جلودِ السباع (¬1). قال إسحاق: لا تحل التجارة في شيء من جلودِ السِّباعِ، ولكن لو كان عند الرجلِ منه شيءٌ فانتفعَ بِهِ في لحافٍ أو ما أشبهه كَانَ أهون. "مسائل الكوسج" (2206). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ عن بيع الهرِّ؟ قال: لا أرى بِهِ بأسًا. قال أحمد: أرجو أنْ لا يكونَ بِهِ بأسٌ. قيلَ: أليس هو مِنَ السِّباعِ؟ قال: بَلَى، والبيزانُ (¬2) والصقورُ، والحمرُ لا تُؤكلُ لحومُهُم، ولكن لا بأسَ بأثمانِهِمْ. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 74، 75، وأبو داود (4132)، والترمذي (1770)، والنسائي 7/ 176، وابن الجارود (875) من حديث أبي المليح بن أسامة عن أبيه. ويروى عن أبي المليح مرسلًا. وصوبه الحاكم موصولًا 1/ 144. وقال الألباني في "الصحيحة" 3/ 10: وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. وهو كما قالا. (¬2) البيزان: جمع باز وهو ضربٌ من الصقور يستخدم للصيد.

قال إسحاق: كلّ شيءٍ مِنْ هذا يشتريه المسلمُ، فهو أهون، وأكْره الثمنَ للبائعِ إلَّا الحمر. "مسائل الكوسج" (2207). قال إسحاق بن منصور: سمعت سفيان ذكر العرة، فقال: أنا أكره بيعه وشراءه. قال أحمد: أحسن. قال إسحاق: كما قال، وبيعه منعفص، فإن احتاج رجل فاشتراه، فهو أهون؛ لأنه لا يمنح. قال إسحاق بن منصور: سألت غير واحد فلم يدر، وأما منعفص، إما أن تكون صحفت، وإما أن يكون جاء إسحاق جاء بشيء لا أدري ما هو. "مسائل الكوسج" (2292). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ عن كلبِ الصيدِ يُباعُ في أرضِ العدو؟ قال: لا يُجعلُ في فيء المسلمين ثمنُ الكلبِ. قُلْتُ: الباز؟ قال: يُباعُ. قال أحمد: أحسن رحمه اللَّه تعالى! البازُ لا بأسَ ببيعه، وهو مثلُ الحمارِ يكره لحمه، ولا بأس بثمنه. قال إسحاق: كلُّ ذَلِكَ جائز؛ لأنَّ كلبَ الصيد (. .) (¬1). "مسائل الكوسج" (2778). ¬

_ (¬1) سقط في الأصل.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: شِراء جُلود الميتة والسِّباع والنمور؟ قال: كل شيء من الميتةِ أكرهُ التجارةَ فيه مثلُ: العاج وجلود الميتة والسباع والنمور. قال إسحاق: كمَا قال؛ لأن كل ذَلِكَ محرم كره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أكل ثمنه (¬1) "مسائل الكوسج" (2819) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فأرة وقعت في سمنٍ أو زيتٍ ذائبٍ يَحلُّ بيعه أو يُستصبحُ به؟ قال: أما يستصبح به فحديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- (¬2)، وأما البيعُ فيأكل ثمن شيءٍ لا يحل بيعه. قُلْتُ: ما أكثرَ ما يُؤكل ثمن شيء لا يحل. قال: إنَّ هذا شابه شيئا من الميتة. ¬

_ (¬1) روى الإمام أحمد 1/ 247 عن ابن عباس قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قاعدًا في المسجد مستقبلًا الحجر، قال: فنظر إلى السماء، فضحك ثم قال: "لعن اللَّه اليهود حرمت علهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها، وإن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه". ورواه أبو داود (3488)، وصححه ابن حبان 11/ 312 (4938)، وشطره الأول في "البخاري" (2236)، ومسلم (1581) من حديث جابر. وفيه زيادة: "إن اللَّه ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام". (¬2) روى الدارقطني 4/ 291، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 380، والبيهقي 9/ 354، وابن الجوزي في "التحقيق" 2/ 188 عن ابن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سُئِلَ عن فأرة وقعت في سمن فقال: "ألقوها وما حولها وكلوا ما بقي" فقالوا: يا نبي اللَّه أفرأيت إن كان السمن مائعًا؟ قال: "انتفعوا به ولا تأكلوه" وأخرجه أيضًا البيهقي 9/ 354 عن ابن عمر موقوفًا. وفي الباب عن ميمونة، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري وعبد اللَّه ابن عباس، وعبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنهم-.

قال إسحاق: إن باعهُ من أهلِ الكتاب وبَيَّنَ جاز، ولا يبيعه من مسلم، ولو كان هذا من تحريمِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، ما يحل بيعه أصلًا. "مسائل الكوسج" (2854). قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاقُ عن جلودِ الثَّعالب؟ فقالَ: السُّنَّةُ في جلودِ الثعالب، وكل شيءٍ مِنَ السباع أنْ لا يصليَ فِيها لابسٌ، فإنْ صلَّى فصلاته فاسدةٌ، لما خصّ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في النهي في جلودِ السّباعِ، ومعنى نهيه؛ التحريم، إلَّا ما علم أنَّهُ نَهْيٌ عَلَى مَعْنَى الأدب، فإذا لبسه لابسٌ: فيرخص للذين لبسُوه، فإذَا جاءه القيامُ للصلاةِ؛ نزعه، وتَرْكُ اللُّبْسِ أحبُّ إلينَا، وإنْ كان قوم من أهلِ العلمِ مِنَ التابعين رخَّصُوا فِيهِ لما أخبرنا جرير، عن بيان، عن قيس بن أبي حازم قال: قال رجل مِنْ أصحابِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: لو تحرجتُ مِنَ الصَّلاةِ في خُفِّي؛ لتحرجتُ مِنْ لبسِهِمَا. فَحَكَم في لابسٍ ما يُصَلِّي فيهما لو قبضه، وأن لا يلبسه، كذلكَ قال عبيدة في افتراشِ الحريرِ (¬1): إنه كلبسه وتركُ ذَلِكَ أفضلُ، ولا يحلُّ بيع شيءٍ من جلودِ السِّباع ولا اشْتَراؤه؛ لأنها ميتةٌ، وإنْ كانتْ السِّباعُ قَدْ ذكيت؛ فَلا ذكاةَ لها أيضًا. "مسائل الكوسج" (2301). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ: رجل اضطرَ إلَى الماءِ فاشْتراه وأنكرَ الثمنَ، يقولُ: إنَّ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم نَهَى عَن بيعِ الماءِ (¬2)؟ ¬

_ (¬1) رواه البخاري تعليقًا قبل الحديث (5837)، وابن عبد البر في "التمهيد" 1/ 265، ووصله ابن حجر في "التغليق" 5/ 63 - 64. (¬2) رواه أحمد 3/ 338، ومسلم (1565) من حديث جابر.

قال: لا يحل لَهُ إِذَا اشْترى الماءَ مرة ليرضيه بثمنٍ سماه فطُولِبَ بالثمنِ أنْ يجحدَ الثمنَ، وإنْ كُنَّا نكره لبائعِ الماءِ ما يأخذه مِنْ ثمنهِ، ولكن يسلِّم المشْتري إِلَى البائعِ ولا يجحده. قال إسحاق: وكَذَلِكَ كراء بيوتِ مكةَ، المعطي أعذر إِذَا لمْ يجدْ مَنْ يعطِيهِ المسكنَ باطلا، ولا يجحده إِذَا استكراه مِنهُ. "مسائل الكوسج" (2325). قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا ما يحمل الناس بالقرب ونحوها مِنَ الأنهارِ المباحة يبيعونَ فذلك من أَجل ما يكون مِنَ الكسبِ. كان مسروق يستقي له الراوية منَ الفُراتِ، فيبيعه ويتصدق بثمنِه لا يرى أنَّ شيئًا أحل منه، وذلك أنَّه يبيعُ عمل غلامه أو دابته وما أنصب نفسه والعناء في حَمْله. "مسائل الكوسج" (3445). قال صالح: ما تقول في بيع الماء؟ قال: يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نهى عن بيع الماء، فقال الذي روى هذا الحديث: لا أدري أي ماء هو، وقال عبد اللَّه بن عمرو لقيمٍ له وباع ماء، فأمره برده (¬1). وروي عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ" (¬2) وروي عن عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن نقع البئر (¬3). ¬

_ (¬1) رواه النسائي 7/ 307، وابن أبي شيبة 4/ 356 (20940)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 295، والبيهقى 6/ 16. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 140، والبخاري (2353)، ومسلم (1566) (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 105، وابن ماجه (2479) وضعفه البوصيري في "الزوائد" (827) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2010).

فمن الناس من يحتج بحديث أبي هريرة في أنه لا يمنع فضل ماء ليمنع الكلأ، فقال الذي احتج بهذا الحديث: إذا كان لي أن أبيع مائي وليس فيه فضل، فلي أن أبيعه ولي أن أمنعه، وأما فضل الماء الذي نهى عنه، فإنما نهى عنه ليمنع به الكلأ، وذاك أن الكلأ شيء مباح ليس لأحد فيه كلفة، فمتى منع هذا فضل مائه لم يرع الناس حوله، ولم يجدوا ما يشربون فكأنه قد منع الكلأ. "مسائل صالح" (336). قال صالح: وسألته عن بيع الماء؟ فقال: لا أدري ما بيع الماء. "مسائل صالح" (573). قال صالح: وسألته: هل يحل أخذ التراب والأُجُر (¬1) من الدور والتلال العادية؟ قال: إن كانت تلك الدور حصونًا وملكًا لقوم قد عرفوا فلا يؤخذ منه شيء. "مسائل صالح" (770). قال صالح: حدثني أبي قال: حَدَّثَنَا عبد المؤمن، عن داود قال: سألت أبا العالية عن بيع المصاحف فقال: لو لم يبيعوك: لم تشتر (¬2). ¬

_ (¬1) الأجور، والآجُرُون، واليَاجُورُ، والآجُرُ، والآجُرُّ: طبيخ الطين. . وهو الذي يبنى به. "لسان العرب " 4/ 10. (¬2) روى ابن أبي شيبة 4/ 293 (20221) عن حفص بن غياث عن داود عن أبي العالية والشعبي أنهما كانا يرخصان في بيع المصاحف.

قال: وأما الشعبي فقال: إنما يبيعونك أجر أيديهم والورق، ولا يبيعون كتاب اللَّه (¬1). قال أبي: سمعت من عبد المؤمن قبل موت هشيم. "مسائل صالح" (847). نقل صالح عنه: حديث ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي المنهال، عن إياس بن عبد المزني في بيع الماء قال: عمرو لا أدري أي ماء هو (¬2). قلت: الرجل يستقي من دجلة أو ما أشبهه؟ قال: هذا لا بأس به إذا كان قد تكلفه أو حمله على ظهره، حديث أبي هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن بيع فضل الماء ليمنع به الكلأ. ونهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن نقع البئر. هذا ما اجتمع في البئر، فأما إذا تكلفه فلا بأس به. "مسائل صالح" (965). قال صالح: قال أبي: لا أرى بيع الحشيش إلا أن يقطعه. قلت: الزرع يكون فيه الحشيش، فيدخل الرجل فيقطع منه؟ قال: لا يدخل رجل أرض رجل بغير إذنه. "مسائل صالح" (1108). قال أبو داود: قلت لأحمد: بيع الأكفان. قلت: من أجل أنه يتمنى الموت؟ فلم ير ببيعه بأسًا. "مسائل أبي داود" (1252). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 113 (14528) ابن أبي شيبة 4/ 293 (20222). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 138، وأبو داود (3478)، والترمذي (1271)، والنسائي 7/ 307، وابن ماجه (2476). وقال الترمذي حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2007).

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: نحن نقول: المصحف لا يباع البتة. قال إبراهيم: هو لأهل البيت يقرءون فيه (¬1). "مسائل أبي داود" (1255). قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن خباز خبز خبزه فباع منه، ثم نظر في الماء الذي عجن منه فإذا فيه فأرة؟ فقال: لا يبيع الخبز من أحد وإن باعه استرده. فقيل لأحمد: إن لم يعرف صاحبه؟ قال: يتصدق بثمنه ولا يبيعه من مشركٍ ولا مسلمٍ، ويطعمه من الدواب ما لا يؤكل لحمه. "مسائل أبي داود" (1259). قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن شرى جلود الثعالب وبيعه؟ قال: لا أدري. قيل: بيع الميتة منه؟ قال: لا يبيع. "مسائل أبي داود" (1260). قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن شرى ماء مرو يبيعونه مياومة؟ قال: الماء لا يجوز بيعه، -يعني: فضل ماء النهر والآبار والعيون، يعني: في قراره حتى يجعل في وعاء فلا بأس به حينئذٍ. "مسائل أبي داود" (1267). قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن بيع الحشيش؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 292 (20204).

فقال: لا يباع، يريد: في منبته، ثم قال: ما لم يتكلف فلا يباع. "مسائل أبي داود" (1268). قال أبو داود: قلت لأحمد: يبيع الرجل أخاه من الرضاعة؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1350). قال ابن هانئ: وسئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يبيع سكنى دكانه؟ قال: يقوم ما فيه مثل غلق، وكل شيء استحدثه فيه. فيعطى بحساب ذلك، ولا أرى أن يأخذ سكنى دار ولا دكان. "مسائل ابن هانئ" (1177). قال ابن هانئ: سمعته يقول: ابن عباس وابن عمر: رخصا في بيع المصاحف (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1232). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يبيع حشيش أرضه؟ قال: له فيه كلفة؟ قال: ربما يسقي أرضه الماء؛ فيخرج الحشيش من ذلك الماء. قال: هذا شيء لا يملكه أحد، هذا من نبات اللَّه، فلا يعجبني أن يبيعه. قيل له: فيجيء الرجل فيتسلق الحائط ويأخذ الحشيش؟ قال: لا يعجبني أن يتسلق الحائط، ولكن يسأله، حتى يعطيه، هو أحق بكل ما في يديه من كلأ أو غيره. "مسائل ابن هانئ" (1287). ¬

_ (¬1) لم أقف عليه.

قال ابن هانئ: وسئل عن دجلة صار في وسطها جزيرة فيها طرفا (¬1)، فترى للرجل أن يأخذ من ذلك الطرفا؟ قال: نعم، ذلك شيء لا لأحد فيه كلفة. قيل له: فإن كان بإزائه قوم، فقالوا: هذا لنا وأحازوه؟ قال: كيف يحيزونه وليس لهم فيه كلفة، ولكن يعجبني، أن يتصالحوا عليه، لا يفضل بعضهم على بعض، أي كأنهم يقولون: أنا قد أحزناها، كيف يجوزونها وهو شيء لا يملكه أحد. "مسائل ابن هانئ" (1288). قال ابن هانئ: سألته عن بيع الكلأ؟ فقال: البائع أشد عندنا من المشتري، والمشتري أسهل. "مسائل ابن هانئ" (1289). قال ابن هانئ: سألته عن: بيع الكلأ؟ فقال: له فيه كلفة، أو مؤونة، أو سقاء؟ قلت: ربما إذا سقى زرعه أصابه الماء. قال: ما أنبت اللَّه فليس له أن يبيعه. "مسائل ابن هانئ" (1290). قال ابن هانئ: رجل له حائط فيه كلأ، يؤخذ بغير إذنه؟ ¬

_ (¬1) الطرفاء: نوع من شجر الأثل يتخذ منه الحطب وسقوف الأكواخ، كما يصنع أهل العراق من أعواده مراكب صغيرة بعد أن تشد بالحلفاء والليف وتطل بالقار والشحم، ويسمون المستطلية (بلم) والمستديرة (قفة) وفي "معجم الراكب والسفن في الإسلام" ص 358، إنها محرفة عن (قوف) وهو مركب صغير عند الملاحين وتجمع على (قواف).

قال: لا. "مسائل ابن هانئ" (1291). قال ابن هانئ: سألته عن رجل ليس له صناعة غير بيع التعاويذ، فترى له أن يبيعها أو يسأل الناس؟ قال: يبيع التعاويذ أحب إليَّ من أن يسأل الناس. وقال: التعليم أحب إليَّ من بيع التعاويذ. "مسائل ابن هانئ" (1306). قال ابن هانئ: وسُئل عن طعام نقط عليه شيء من المسكر؟ قال: يغسل، ولا يباع حتى يغسل ما أصاب منه. "مسائل ابن هانئ" (1770). قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يبيع الداذي والدبس؟ قال: لا يبيعه وقال: آه آه. "مسائل ابن هانئ" (1782) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن إبريق فضة يباع؟ قال: لا حتى يكسر. وقال: افتراش الديباج كلبسه، وكره افتراش الحرير. "الورع" (209) وقال المروذي: وسئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يضطر إلى الماء، ومع رجل ماء، فطلبه، فأبى، فخاف القوم على أنفسهم؟ فقال: يأخذونه، ويعطونه الثمن. قلت: يأخذونه بغير طيب نفس منه؟ قال: فتتلف أنفسهم؟ [قلت: نعم. قال: يأخذونه]. ولم ير بأسًا أن يأخذوه، ويعطوه الثمن. "الورع" (412)

قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: فإن وقع إليَّ إبريق فضة لأبيعه، ترى أن أكسره، أو أبيعه كما هو؟ قال: اكسره. "الورع" (450) قال حرب: قِيل لأحمد: رجل له أمة فباعها من قوم فلما مكثت عندهم أيامًا ظهر بها حمل فاقر البائع أنه منه. قال: ترد عليه الجارية؛ لأنه لا يجوز له أن يبيع مالا يملك. قِيل: فإنه قد أنفق الثمن وليس له مال؟ قال: يصير الثمن دينًا عليه. "مسائل حرب" ص 278 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل منع رجلًا الماء أن يسقيه فخاف الرجل على نفسه، فقلت له: ترى أن يقاتله حتى يشرب؟ قال: أرى أن يشتري منه، وكره أن يقاتله، فإنه خاف أن يقتله، وقال: يرزقه اللَّه ماء. قلت لأبي: ترى إن أمكنه أن يختلسه منه؟ قال: أحب إلي أن يرضيه بعد ذلك، وأرجو أن يكون له عذر. "مسائل عبد اللَّه" (1024). قال عبد اللَّه: سألت أبي: يكره التجارة في الحنطة جالب (¬1) أو غير جالب؟ قال: الجالب أحسن حالًا عندي، وأرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل عبد اللَّه" (1029). ¬

_ (¬1) الجالب الذي يحضر الطعام من الريف للمدن.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن بيع المصاحف؟ قال: قد رخص قوم في بيعها، والتعليم أحب إلي من مسألة الناس. وقال: سألت أبي عن بيع المصاحف؟ قال: أحب إلي أن لا يبيعها، كرهه ابن عمر وابن عباس (¬1) -يعني: بيع المصاحف. "مسائل عبد اللَّه" (1059). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن بيع المصاحف؟ فقال: اشتر ولا تبع. وقال: أذهب إلى حديث ابن عباس وجابر (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (1060). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يكتب التعاويذ من القرآن وغيره يبيعها؟ قال: أكرهه، وأكره بيع المصاحف، وشراؤها أسهل عندي من بيعها. قال عبد اللَّه: وقال بعضهم: وددت أن الأيدي قطعت في بيع المصاحف. "مسائل عبد اللَّه" (1083)، (1084). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن باع لأهل الذمة التعاويذ؟ قال: ذلك أشد، وكرهه. "مسائل عبد اللَّه" (1085). ¬

_ (¬1) أما أثر ابن عمر فرواه عبد الرزاق 8/ 112 (14524) وأثر ابن عباس رواه عبد الرزاق 8/ 112 (14521)، وابن أبي شيبة 4/ 293 (20215). (¬2) أثر ابن عباس رواه عبد الرزاق 2/ 118 (14521)، وابن أبي شيبة 4/ 293 (20215) وأثر جابر رواه ابن أبي شيبة 4/ 293 (20212).

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يكره بيع الجص وعمله، إلا أن يكون للبناء، فأما ما كان لزينة الدنيا، قال: أكرهه. "مسائل عبد اللَّه" (1628). قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن بيع القردة وشرائها، فكرهه. "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" للخلال (105) نقل الأثرم أن أحمد سئل عن المصحف يدرس فيعاوض به مصحف؟ فقال: المعاوضة أسهل. قالوا: لا نأخذ لكتاب اللَّه ثمنًا، وإنما أعطى مصحفًا وآخذ آخر. ونقل الحسين بن محمد بن الحارث عنه أنه سئل عن معاوضته بغير المصحف؟ فقال: العوض بيع. "الروايتين والوجهين" 3/ 143 نقل أبو طالب عنه: لا يبيع نقع ماء البئر لأحد، فإن استقاه وحمله، فما باع يكون لعمله. "الروايتين والوجهين" 1/ 454، "الأحكام السلطانية" ص 218 نقل عنه حرب في رجل له ماء في قناة -أو شرب في قناة- وليست له أرض: فلا يبيع ذلك الماء. نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن بيع الماء (¬1). ولا نعلم أحدًا رخص في بيع الماء إلا الحسن (¬2). "الأحكام السلطانية" ص 218، "الفروع" 4/ 412 ¬

_ (¬1) رواه الإمام 3/ 338، ومسلم (1565) من حديث جابر. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 357 (20955).

ونقل عنه أبو طالب وقد سئل عن الرجل يكون له الماء فيشارك صاحب الأرض فكرهه، وقال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن بيع الماء. ونقل يعقوب بن بختان عنه أنه سئل عن رجل له أرض والآخر ماء، فقال صاحب الأرض لصاحب الماء: سق ماءك إلى أرضي والزرع بيننا؟ قال: لا بأس به. ونقل الفضل بن زياد عنه وقد سئل يوقف الماء؟ فقال: إن كان شيئًا قد استجازوه بينهم جاز ذلك. ونقل حرب في رجل في داره بستان صغير، وفي البستان قناة تجري في الأرض التراب يستقي من تلك القناة دلى ويسقي بستانه؟ قال: لا، إلا أن يكون له شرب في القناة، أو هو شريك، لا يسقي إلا بإذن أهله. "الأحكام السلطانية" ص 219 قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن قوم بينهم نهر تشرب منه أرضهم؛ لهذا يوم، ولهذا يومان يتفقون عليه بالحصى، فجاء يومي ولا أحتاج إليه أكريه بدراهم؟ قال: ما أدري؛ أما النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فنهى عن بيع الماء. قيل: إنه ليس يبيعه إنه يكريه، قال: إنما احتالوا بهذا ليحسنوه، فأي شيء هذا إلا البيع. "المغني" 6/ 146، "زاد المعاد" 5/ 802 نقل حرب عنه أنه قال: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن ثمن الكلب (¬1). وأما غير ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 118، والبخاري (2237)، ومسلم (1567) من حديث أبي مسعود.

ذلك، نحو ريش الطير التي لها مخلب أو بعض جلود السباع التي لها أنياب، فإن بيعها أسهل؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما نهى عن أكل لحومها (¬1). "المغني" 6/ 363 قال الجروي: أوصى إليَّ رجل بوصية، وفيها ثلث، وكان فيما خلف جارية تقرأ بالألحان، وكانت أكثر تركته -أو عامتها- فسألت أحمد بن حنبل، والحارث بن سكين، وأبا عبيد: كيف أبيعها؟ قالوا: بعها ساذجة. فأخبرتهم بما في بيعها من النقصان فقالوا: بعها ساذجة. "طبقات الحنابلة" 1/ 361 قال سعدان بن يزيد: سئل أحمد عن شراء السماد وبيعه؟ فقال: سبحان اللَّه! نأمر بهذا ونأذن فيه؟ ! كالمستعظم له. "طبقات الحنابلة" 1/ 455 وقال حرب: سألت أحمد عن بيع عيدان المعادن؟ قال: إذا كان شيئًا ظاهرًا يرى؛ يقول: أبيعك هذا. فلا بأس. قيل له: إنما هو جوهر غائب في الأرض؛ فلم يرخص فيه. "النكت والفوائد السنية" 1/ 253 قال الجرجرائي: وقيل له؛ أيكره بيع الطعام، وأن تكون تجارة الرجل كلها في الطعام؟ قال: إذا لم يرد الحكرة فلا بأس، هذا ضيق بالمدينة ومكة، فأما هاهنا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 193، والبخاري (5530)، ومسلم (1932) من حديث أبي ثعلبة الخثني.

فربما كان خيرًا لهم، ثم قال: إنما هاهنا شبه البحر. "بدائع الفوائد" 4/ 40 ونقل الفضل بن زياد، وسمعته يقول: ما أقل بركة بيع العقار إذا بيع. "بدائع الفوائد" 4/ 63 قال مهنا: سألت أحمد عن السلف في البعر والسرجين؟ قال: لا بأس. "الفروع" 4/ 8 نقل مهنا عنه أنه كره بيع الفهود وجلودها وجلد النمر، وكذا بيع القرد للحفظ، وقيل غيره. وقال: سألت أحمد عن بيع القرد وشرائه، فكرهه. "الفروع" 4/ 14 ونقل ابن الحكم عنه: فيمن عنده أمة رهن فسقت ولده لبنًا: وضع عنه بقدره. نقل أبو طالب عنه: لا تباع كتب العلم، وكرهه. "الفروع" 4/ 14، "المبدع" 4/ 13 قال الكحال: سألت أحمد عن رجل له حمام تقيمه غلته يريد أن يبيعه؟ قال: لا يبيعه على أنه حمام؛ يبيعه على أنه عقار، ويهدم الحمام. "الآداب الشرعية" 3/ 318 - 319 قال المثني الأنباري: سألت أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل عن بيع الماء؟ فقال: هو ما لا يملكه الرجل، وأما بيع الماء السايح فهو جائز، وكل ما يملكه الرجل فهو جائز. "ذيل طبقات الحنابلة" 1/ 303

1504 - البيع والشراء لدور مكة وإجارتها

1504 - البيع والشراء لدور مكة وإجارتها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكره أجور بيت مكةَ، وشراءها والبناء بمنى؟ قال: أخبرك أني أتوقَّى الكراء، وأمَّا الشِّراءُ فقد اشترى عمرُ -رضي اللَّه عنه- دارَ السجن (¬1)، وأمَّا البناء بمنى فإنِّي أكرهه. قال إسحاق: كلُّ شيء من دورِ مكةَ فإنَّ بَيْعَهَا وشراءها وإجارتَها مكروهٌ، ولكن الشراء واستئجار الرجل أهون إذا لم يجدْ. وأمَّا البناءُ بمنى على وجهِ الاستخلاصِ لنفسه فلا يحلّ. "الكوسج" (1589) قال صالح: قلتُ: السكنى بمكة وإعطاء الأجر؟ فقال: ويجد الناس من هذا بدا؟ ! فقال: إن عمر اشترى دار السجن، وعامة الناس تكرهه؛ لقول اللَّه: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج: 25]. "مسائل صالح" (1092) قال صالح: قال أبي: جلست أنا وإسحاق بن راهويه يومًا إلى الشافعي، فناظره إسحاق في السكنى بمكة، فعلا إسحاق يومئذ الشافعي. "مسائل صالح" (1093) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن مكة، عنوة هي؟ قال للسائل: أي شيء يضرك ما كانت؟ ! قد أقرت البلاد في أيديهم. قيل لأحمد: فصلح؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 5/ 147 - 148 (9213)، والبيهقي 6/ 34.

قال: لا ولكن أقره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في يدي أهله بقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من دخل داره فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن" (¬1). قال أحمد: هم يحتجون بأن أبا سفيان وفلانا -سماه أحمد- أتيا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل أن يدخل، وكان عمرو بن دينار احتج بقول: اشترى عمر بن الخطاب دار السجن (¬2). قيل لأحمد: فمن ذهب إلى ذا يذهب إلى أنه لا بأس بكرى بيوتها؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1369) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل يسكن مكة بأجر، يُعطي كراء؟ قال: ومن يقدر أن لا يأخذوا منه؟ ! ثم قال: إن قدر أن لا يؤخذ منه فليفعل، فإن أعطاهم أرجو إن شاء اللَّه أن لا يأثم؛ لأنهم لا يتركونه حتى يأخذوا منه. "مسائل ابن هانئ" (741) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه: عن أجورِ بيوت مكة؟ فقال: لا يُعجبني. قيل لأبي عبد اللَّه: فيكتري الرجلُ الدارَ، فيخرج ولا يُعطي الكراء؟ قال: لا يعجبني أن يخرج ولا يُعطي الكراء. قال: هذا بمنزلة الحجّام، ولا بُدّ من أن يُعطي. قلت لأبي عبد اللَّه: فترى شراء دور مكة والبيع؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 292، ومسلم (1785) من حديث أبي هريرة. (¬2) سبق قبل قليل.

قال: لا. أما الدور الكبار، فمثل دار فلان وفلان -سماهما- فتفتح أبوابها حتى يطوي الحاج فساطيطهم. وينزلوها. قيل لأبي عبد اللَّه: هذا عمر بن الخطاب، قد اشترى السجن؟ قال: هذا لا يشبه ما اشترى عمر؛ إنما اشترى عمر السجن للمسلمين، يحبس فيه السرّاق وغير ذلك. "الورع" (429 - 431) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن شراء منازل مكة؟ فقال: أكرهه، وقد رخص في ذلك قوم ذهبوا إلى أن عمر اشترى دار السجن، وذلك راجع إلى المسلمين، لم يشتر لنفسه، وإنما اشتراه للمسلمين. وقد رأيت الشافعي يحتج به، فكأن مذهبه على أن يرخص في ذلك. وعلاه ابن راهويه في هذِه المسألة يقول: كأن الشافعي احتج بالرخصة، وابن راهويه شدد، فعلاه بالحجة في ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (874) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن كرى بيوت مكة؟ فقال: ما أكثر ما جاء فيه كراهية. وقال: إن تنزه أحب إلي. "مسائل عبد اللَّه" (875) ونقل أبو طالب عنه: لا تكرى بيوت مكة إلا أن يعطى لحفظ متاعه. فقيل: . أليس اشترى عمر دار السجن؟ قال: اشتراها للمسلمين يحبس فيه الفساق. فقيل له: فإن سكن الرجل لا يعطيهم كراء؟

قال: لا يخرج حتى يعطيهم، أنا أكره كراء الحجام، ولكن أعطيه أجرته، ولا ينبغي لهم أن يأخذوه. ونقل عنه أيضًا، وقد سأله عن كراء دور مكة؟ فقال: إنما كره في الأفنية والدور الكبار. ونقل جعفر بن محمد عنه: شراء دورها وبيعها مكروه، ويحتجون بأن عمر أشترى دارًا للسجن، وفيه مرفق للمسلمين. ونقل الأثرم وإبراهيم بن الحارث: لا يعجبني أجور بيوت مكة، وذكر له عن سفيان أنه كان يكتري ويخرج ولا يعطيهم. فأنكر ذلك، وقال: سبحان اللَّه، كيف يجيء هذا؟ ! وقد قال أحمد في رواية الميموني: ما أعجب من يقول: إن دورهم ليست لهم، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول يوم فتح مكة: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن" (¬1) فكيف سماها داره، ودورهم، وليست لهم؟ ! وعمر اشترى من صفوان دارًا للسجن، كيف لا تكون لهم؟ ! ثم يدخل على الرجل في منزله ومعه حرمته؟ ! وقال أيضًا في رواية الأثرم، وإبراهيم بن الحارث: أما ما يقول بعض الناس: ينزلون معهم، فإنما يكون هذا إذا كان عنده فضل كثير، وكانت دارًا عظيمة فيها دور، مثل دار صفوان بن أمية وما أشبهها، فأما رجل له منزل فيه حرمته فلا ينبغي لأحد أن ينزل عليه وهو كاره. واستعظم ذلك ممن قاله. "الأحكام السلطانية" ص 190 - 191 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 538، ومسلم (1780) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

1505 - حكم ما طاف بمكة من نصب حرمها

قال في رواية حنبل: مكة إنما كره إجارة بيوتها؛ لأنها عنوة، دخلها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالسيف، فلما كانت عنوة كان المسلمون فيها شرعًا واحدًا، وعمر إنما ترك السواد لذلك. وقال في رواية أبي طالب والأثرم: لا تكرى بيوت مكة. "الأحكام السلطانية" ص 208 1505 - حكم ما طاف بمكة من نصب حرمها قال في رواية مثنى الأنباري وقد سأله: هل يشترى من المضارب -يعني: التي بمنى؟ قال: لا يعجبني أن يشتري ولا يباع، وكذلك الحرم كله. وقال في رواية أبي طالب: لم يكن لهم أن يتخذوا بمنى شيئًا، فإذا اتخذوا فلا يدخله أحد إلا بإذنه، قد كان سفيان اتخذ بها حائطًا وبنى فيه بيتين، وربما قال لأصحاب الحديث: بقوها فلا يدخل رجل مضرب رجل إلا بإذنه. "الأحكام السلطانية" (191) 1506 - البيع والشراء لأرض السواد، والانتفاع بغلتها قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن بيع أرض السواد ما ترى فيه؟ قال: دعه. فقال له الرجل: يبيع منه؟ فقال: لا أدري -أو قال: دعه. "مسائل أبي داود" (1370)

قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يستأجر أرضًا من السواد؟ قال: يزارع رجلًا، أحب إلي من أن يستأجر أرضًا. "مسائل ابن هانئ" (1298) نقل المروذي عنه: سمعت بشر بن الحارث، يقول: ما شبعت منذ خمسين سنة -يعني: من السواد. "الورع" (15) قال المروذي: وأخبرته عن رجل؛ أنه قال: لو أن أبا عبد اللَّه ترك الغلة، وكان يبضع له صديق كان أعجب إليَّ. فقال أبو عبد اللَّه: هذِه طعمة سوء -أو قال: رديّة- من تعود هذا لم يصبر عنه. ثم قال: هذا أعجب إليَّ من غيره -يعني: الغلة. ثم قال لي: أنت تعلم أن هذِه الغلة لا تقيمنا، وإنما آخذها على الاضطرار، وهذا أعجب إليَّ من غيره، وذهب أبو عبد اللَّه إلى أن يأخذ الرجل من السواد القوت، ويتصدق بالفضل. قلت لأبي عبد اللَّه: ما ترى في رجل يبيع داره في السواد؟ قال: لا يعجبني أن يبيع شيئًا. قلت: والكوفة والبصرة؟ قال: لا. الكوفة والبصرة، كأنه عنده معنى آخر، ثم قال: السواد في المسلمين. قيل لأبي عبد اللَّه: فيشتري الرجل فيه؟ فقال للسائل: إن كنت في كفاية فلا. قلت لأبي عبد اللَّه: فكيف أشتري في السواد ولا أبيع؟

قال: الشراء عندي خلاف البيع، قد روي عن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنهم رخصوا في شراء المصاحف، ونهوا عن بيعها. قلت له: وهذا شبه هذا؟ قال: نعم. قلت: فكيف يجوز -إذا كان في المسلمين- أن أشتري ممن لا يملك؟ فقال: القياس كما تقول، وليس هو قياس، احتج بأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في شراء المصاحف والنهي عن بيعها، ثم قال: لا يعجبني أن يبيع الرجل داره وأرضًا في شيء من السواد، ولا يشتري إلا مقدار القوت. قلت: فإن كان أكثر كيف يصنع. قال: إذا كان أكثر من قوته تصدق به، ثم قال: قد ورث ابن سيرين أرضًا من أرض السواد. قلت: فهذا رخصة! قال: هذا معروف عن ابن سيرين. وسئل أبو عبد اللَّه: أيما أحب إليك، سكنى القطيعة أم الربض؟ فقال: الربض. قلت لأبي عبد اللَّه: إن القطيعة أرفق بي من سائر الأسواق، وقد وقع في قلبي من أمرها شيء. فقال: أمرها أمر قد تلوث، تعرفها لمن كانت؟ قلت: فتكره العمل فيها؟ قال: دع ذا عنك، إن كان لا يقع في قلبك شيء. قلت: قد وقع في قلبي منها شيء.

فقال: قال ابن مسعود: الإثم حوّاز القلوب (¬1). "الورع" (153 - 156) قال المروذي: قلت: لأبي عبد اللَّه في أمر الفرضة؟ فقال: الفرضة ليست عندي مثل القطيعة. كأن الفرضة عنده حريم دجلة، وكأنه لم ير بالشراء منها بأسًا. "الورع" (159) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: ترى للرجل أن يتخذ الضيعة في السواد؟ قال: حسبك يكون للرجل يتخذ القوت. قلت له: فالرجل يبيع بالمزيقة. وغير ذلك؟ فقال: لا، الغلة أعجب إلي إذا أخذ الرجل منها القوت. قلت لأبي عبد اللَّه: فتعطي أنت عن الغلة الخراج؟ قال: ما أعطي شيئًا هو لا يكون قوتنا. "الورع" (213). قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: ما تقول في رجل أوقف غلته على المساكين أو ولده؟ فقال: الغلة لا توقف، وإنما توقف الأرض، فما أخرج اللَّه منها فهي عليه منها. "الورع" (289) ¬

_ (¬1) رواه هناد في "الزهد" 2/ 465 (934)، والطبراني 9/ 149 (8748، 8749)، والبيهقي في "الشعب" 5/ 458 (7277). أورده الهيثمي في "المجمع" 1/ 176 وقال: رواه الطبراني كله بأسانيد رجالها ثقات. وصححه الألباني في "الصحيحة" (2613).

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: يشري الرجل من أرض السواد ما يكفي عياله، وأكره له أن يبيع. "مسائل عبد اللَّه" (1447) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا بأس أن يأخذ الرجل من غلته بقدر ما يأكل هو وعياله، والباقي حتى يأخذ السلطان. "مسائل عبد اللَّه" (1448) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل له أرض من أرض السواد، عن نصيبه من عليها ما يقيمه (¬1) وعليه دين، وربما كان فيها الحشيش مما يسقيه هو بالماء متعمدًا، ليس من نبات المطر، فنبتت وربما طلع منه ما بين الدينار إلى العشرة دنانير، وأقل وأكثر، أترى له أن يبيعه ويقضي به دينه، وليس له حيلة من وجه آخر، وترى له أن ينفقه على نفسه، إن كان مضطرًا إليه، وإن لم يكن عليه دين، أو ترى له أن يستقرض وينفق على نفسه وعياله، وهو يخاف أن يموت، وعليه ذلك الدين، فكيف ترى له أن يصنع؟ فقال أبي: الذي سمعنا: أن الناس شركاء في ثلاث: الكلأ والماء والنار، ولو كان هذا بقلًا أو شيئًا غير الكلأ كان أعجب إلي. "مسائل عبد اللَّه" (1455) نص في رواية حنبل وأبي طالب: أنها أرض فتحت عنوة فلم يجز أجارتها، واحتج: رباع مكة لا يجوز إجارتها. وقال في رواية أبي طالب: لا تكرى بيوتها ومن كان له فضل فلا يمنع. "الروايتين والوجهين" 2/ 371. ¬

_ (¬1) كذا بالأصل.

قال في رواية العباس بن محمد بن موسى الخلال -فيمن كانت في يده أرض من أرض السواد: هل يأكل مما أخرجت من زرع أو تمر، إذا كان الإمام يأخذهم بالخراج مساحة أو صيرها في أيديهم مقاسمة على النصف أو الربع؟ فقال: يأكل إلا أن يخاف السلطان. "الأحكام السلطانية" ص 184، "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 70. قال المروذي: وقد سئل عن الرجل يريد الخروج إلى العراق، ترى له أن يبيع داره؟ فلم ير له، وقال: لا يفعل. وقال في رواية حنبل: السواد وقف، لا أرى بيع أرضه، ولا شراءه. وقال في رواية يعقوب بن بختان، وقد سأله عن سكنى بغداد وشراء دورها؟ فقال: اشتر منه ولا تسكنه أو غلة بقيمة ولا يعجبني بيعه. وقال أيضًا في رواية أبي طالب: يشتري ما يقوته ويقوت عياله، فما كان أكثر من القوت فلا. "الأحكام السلطانية" 205 - 206 قال حنبل: وقد سئل عن شراء الضياع والمساكن بالسواد؟ فقال: مالك يؤدي الخراج، وهو الصغار. "الأحكام السلطانية" ص 208 ونقل عنه محمد بن أبي حرب والأثرم: إذا استأجر أرضًا من أرض السواد ممن هي في يده بأجرة معلومة فجائز، ويكون فيها مثلهم. "الأحكام السلطانية" ص 208، "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 92

قال أحمد بن جعفر بن المنادي: حدثني جدي محمد بن عبيد اللَّه، قال: قال لي أحمد بن حنبل: أنا أذرع هذِه الدار التي أسكنها، وأخرج الزكاة عنها في كل سنة، أذهب في ذلك إلى قول عمر بن الخطاب في أرض السواد. وقال أحمد بن جعفر: وسأل رجل أحمد بن حنبل عن العقار الذي كان يستغله ويسكن دارًا منه كيف سبيله عنده؟ فقال له: هذا شيء قد ورثته عن أبي، فإن جاءني أحد فصحح أنه له خرجت عنه ودفعته إليه. وقال محمد بن ياسين البلدي: كنت جالسًا مع أبي عبد اللَّه فجاءه بعض سكانه بدرهم ونصف، فلما وقع في يده تركني وقام فدخل إلى منزله، ورأيت السرور في وجهه، فظننت أنه كان قد أعده لحاجة مهمة. "المناقب" لابن الجوزي ص 288 - 289 قال جعفر بن محمد، أبو الفضل المؤدب: لما مات أبي، أرادت والدتي أن تبيع دارا ورثناها، فقالت لي: يا بني، امض إلى أحمد بن حنبل وإلى بشر بن الحارث فسلهما عن ذلك، فإني لا أحب أن أقطع أمرا دونهما، وأعلمهما أن بنا حاجة إلى بيعها، قال: فسألتهما عن ذلك؛ فاتفق قولاهما على بيع الأنقاض دون بيع الأرض، فرجعت إلى والدتي فأخبرتها بذلك، فلم تبعها. "طبقات الحنابلة" 1/ 334 - 335 سأله محمد بن أبي حرب: يبيع ضيعته التي بالسواد ويقضي دينه؟ قال: لا.

قلت: يعطيها من صداقها؟ قال: امرأته وغيرها بالسواء، لكن يسلمها إليهما. ونقل حنبل عنه: أمقت السواد والمقام فيه، كالمضطر يأكل من الميتة ما لابد منه. "الفروع" 4/ 38، "المبدع" 4/ 20 نقل حنبل عنه: لا يعجبني بيع منازل السواد ولا أرضهم. قيل له: فإن أراد السلطان ذلك؟ قال: له ذلك يصرفه كيف يشاء إلا الصلح لهم ما صولحوا عليه. "الفروع" 4/ 41 قال في رواية حنبل: السواد وقفه عمر -رضي اللَّه عنه- على المسلمين؛ فمثله كمثل رجل وقف أرضًا على رجل وعلى ولده لا تباع وهو الذي أوقف عليه، فإذا مات الموقوف عليه كان لولده بالوقف الذي أوقف الأب لا يباع، كذلك السواد لا يباع، ويكون الذي بعده يملك منه مثل الذي يملك الذي قبله على ذلك أبدًا. "الاستخراج" ص 74. ونقل مهنا جواز الشراء دون البيع. وقال في رواية الأثرم: كان الشرى أسهل، يشتري الرجل بقدر ما يكفيه عن الناس، هو رجل من المسلمين. كأنه يقول: إنما هي أرض المسلمين، فهذا إنما في يديه ما يستغني به، وهو رجل من المسلمين. وكره البيع في أرض السواد. "الاستخراج" 78، 79.

ونقل حرب عن إسحاق أنه قال في بيع أرض الخراج: رخص فيه سفيان واشترى الحسن والحسين من أرض الخراج (¬1). قلت: أتكرهه؟ قال: إنما كرهوا الشراء فأما البيع فلا بأس به ورخص فيه. "الاستخراج" ص 81. قال أبو طالب: قال أحمد: لا يتمول الرجل من السواد؛ فإن عمر -رضي اللَّه عنه- أوقفه على المسلمين، وإنما يجوز له قوته وقوت عياله. "الاستخراج" ص 87. قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن الرجل يستأجر أرضًا من قصر عبدويه الجريب بكذا وكذا، فقال: أرض السواد من استأجر منها شيئًا ممن هو في يديه فهو جائز يكون فيها مثله. قيل له: إنها من هذِه القطائع من قصر عبدويه فقبض يده، وقال: أما هذِه فلا أدري ما هي. ثم قال: هذِه القطائع يخرجونها من أيدي من شاءوا ويدفعونها إلى من شاءوا وكره الدخول فيها. قلت لأبي عبد اللَّه: فما كان من أرض السواد في يدي من كانت في يديه فلا بأس أن يستأجرها رجل بأجر معلوم يؤدى للذي في يديه. قال: نعم، لا بأس بهذا. ونقل محمد بن أبي حرب عن أحمد معنى ذلك. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 94 ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 9/ 139.

1507 - المعاوضة على ما أحدث فيها من بناء وغراس

1507 - المعاوضة على ما أحدث فيها من بناء وغراس نقل محمد بن الحكم عنه في رجل يريد أن يوصي بثلث داره: أكره أن يبتاع الدار من أرض السواد إلا أن يباع البناء، فإذا كان لرجل مال وله دار نظر إلى بناء الدار والمال، فيكون قد أخرج ثلثه من المال والبناء. "الأحكام السلطانية" ص 206 - 207، "الفروع" 4/ 40 - 41 وقال في رواية المروذي وابن بختان: إذا قال: أبيعك النقض -يعني: البناء- ولا أبيعك رقبة الأرض هذا خداع. وسأل جعفر بن محمد المؤدب أنه سأل أحمد وبشر بن الحارث عن بيع أرض السواد فاتفق قولهما على بيع الأنقاض دون الأرض. ونقل حنبل عن أحمد في النزول في السواد، فقال: قد ورثت شيئًا فأنا فيه أصلحه وأعمره، ولا أرى بيعه ولا هبته لأحد، فإذا مت تركته على وقفه، والعمارات والبناء والغرس للذي أحدث فيها، وإنما أوقف القرى والأرضين. ونقل المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: يبيع الرجل سكنى داره؟ قال: أي شيء يبيع؟ قلت: ما له من الوقوف. قال: يبيع الذي له بما يسوى، وكره أن يبيع بأكثر من ذلك وأنكر هذا البيع. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 76.

1508 - بيع ما يوصل إلى مفسدة أو حرام

1508 - بيع ما يوصل إلى مفسدة أو حرام قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يبيعُ الرجلُ عنبه ممن يَعْصره خمرًا؟ قال: مَا يُعجبني. قال إسحاق: لا يبيعه إِذَا عَلِمَ ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (1837). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يبيعُ الرجلُ شاتَهُ ممن يذبحها لصنمه؟ قال: إِنِّي أكره ذَا. قال إسحاق: لا يحلّ ذَلِكَ إِذَا عَلِمَهُ. "مسائل الكوسج" (1985). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ: أتكره أنْ أشتريَ عَصيرًا فأتخَّذه خلًّا؟ قال: إِذَا علمتَ أنَّهُ يَصيرُ خَمرًا، ثمَّ يَصيرُ خَلًّا، فإنِّي أكْرهه. قال أحمد: أكْرهه، لا ينبغي لمسلم أنْ يكونَ في بيتِهِ خمرٌ. قال إسحاق: كمَا قال، لا ينبغي أنْ يأتيَ عليه طرفةُ عينٍ وفي منزلِهِ خمرٌ، والعصيرُ لا يصيرُ خلًّا أبدًا حتَّى يصيرَ خمرًا، إلَّا أنْ يعالجَ بأنْ يُصَب عليهِ من الخلّ بقدرِ ما يمنعه عَن طِباعِ الخَمْرِ. "مسائل الكوسج" (2117). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ عنْ بيعِ البنادق؟ قال سفيان: لا أرى بِهِ بأسًا. قال أحمد: لا بأسَ بِهَا إذَا كانَ يرمى للصيدِ، لا يرمى للعبثِ. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (2208). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عنْ بيعِ الدّفوفِ؟ فكرهه.

قال أحمد: ذهب إِلَى حديثِ إبراهيم، كانَ أصحابُ عبدِ اللَّه رحمه اللَّه يستقبلون الجواري في الطّرقِ معهم الدّفوف فيخرقونها (¬1) وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فصل ما بين الحلالِ والحَرامِ صوت الدّفِ" (¬2)، الدّفُ عَلَى ذَاكَ أيسر الطبل الذي ليسَ فيهِ رخصةٌ. قال إسحاق: كلّ شيءٍ قَدْ جاءتْ فيه سنةٌ؛ فالرخصةُ في الانتفاعِ بِهِ لا بأسَ بِهِ على مثالِ مَا جاءَ، وكذلكَ أثمانُهَا جائزةٌ للبائعِ. "مسائل الكوسج" (2209). قال صالح: ما تقول في رجل يبيع كرمه ممن يعلم أنه يتخذه خمرًا يشربها، هل يحل بيعه؟ وكل شراب يخامر العقل فهو خمر عندك؟ قال: لا يبيعه ممن يتخذه خمرًا، وكل ما أسكر كثيره فقليله حرام، وإذا طبخه وبقي ثلثاه فلا بأس. "مسائل صالح" (563). قال أبو داود: سمعت رجلًا سأل أحمد قال: رجل له سلاح هاهنا ببغداد فما ترى في بيعه؟ فسمعت أحمد قال له: دعه، ولم يجب فيه. "مسائل أبي داود" (1248). قال ابن هانئ: سألته عن رجل يخرط هذِه القناني والأقداح؟ فقال: أيبيعها من هؤلاء التجار، فيبيعونها ممن يشرب فيها. قال: لا تخرطها. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 486، (16407) وابن حزم 9/ 715. (¬2) رواه الإمام أحمد 418/ 3، والترمذي (1088)، والنسائي 6/ 127، وابن ماجه (1896) من حديث محمد بن حاطب، وقال الترمذي: حديث حسن. وحسنه الألباني. انظر "الإرواء" (1994).

قلت: فمن يشتريها إلا هم؟ قال: يبيعها. وليطلب عملًا غير هذا أو خيرًا منه. "مسائل ابن هانئ" (1182). قال ابن هانئ: سُئِلَ أبو عبد اللَّه عن بيع العنب من اليهودي والنصراني؟ قال: لا يبيعه ممن يتخذه خمرًا. "مسائل ابن هانئ" (1186). قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل له قراح نرجس، ترى له أن يباع؟ قال: نعم. يقولون: إن الزنبق يعمل منه. قلت: فإن كان لا يشتريه إلا أصحاب المسكر؟ قال: اسأل عن ذا، فإن كان هكذا لم يبع. "الورع" (508) روى المروذي عنه: عن ابن طاوس، عن أبيه، أنه كان يكره -يعني: بَيع عنبه ممن يعصره خمرًا (¬1). عن أبي وائل، عن عبد اللَّه قال: نبيذ العنب خمر (¬2). "الورع" (534)، (535) قال المروذي: سمعت رجلًا من أهل حمص يقول لأبي عبد اللَّه: إني قد غبت عن أبي -وله كروم- ويسألني أن أعينه على بيع العصير؟ فقال: إن علمت أنه يعمله خمرًا فلا تعينه. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 218 (16995). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 74 (23827).

حدثنا هشام بن عائذ، حدثني أبي قال: سمعت ابن عمر -وسأله رجل عن الأشربة- فقال: عن الخمر تسألني؟ لا تسقيه، ولا تشربه، ولا تبيعه، ولا تشتريه، ثلاث مرات، ثم قال: أفهمت أو عقلت. "الورع" (534 - 537) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا صالح أنه ذكر لأبيه: الرجل يشتري الثوب لأهل الذمّة فيه ذكر اللَّه؟ قال: يتوقى فهو أحب إليّ. أخبرنا محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث: أن أبا عبد اللَّه سُئل عن الرجل يبيع أهل الذمّة الثياب فيها ذكر اللَّه؟ قال: ما يعجبني أن يبيعهم هو نجس، وقد نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو. رواه أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "أحكام أهل الملل" 2/ 466 (1125 - 1126) نقل عنه أحمد بن الحسين في بيع الحرير للنساء: لا بأس به، وإن باع للرجال لا يعجبني. وقال في رواية أبي طالب في قوم يبيعون الداذي للمسكر: فكره ذلك، وقال: لا يباع. ونقل عنه بكر بن محمد عن أبيه: في بيع التمر والزبيب ممن يعمله نبيذًا، وهو ممن يتدين به، ويرى شرب المسكر، فقال: لا أبيعه ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 6، والبخاري (2990)، ومسلم (1869/ 94) إلا أن رواية البخاري من طريق مالك عن نافع.

ولا أعيبه عليه، وهو بمنزلة رجل يرى النكاح بغير ولي جائز، لا أشهد له، ولا أعيبه عليه وإن تدين به. "الأحكام السلطانية" 295 وقال ابن أبي عوف: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن بيع النرجس ممن يشرب المسكر؟ فكرهه. "طبقات الحنابلة" 1/ 122 وذكر الخلال عن المروذي: أن أبا عبد اللَّه سئل عن رجل باع داره من ذمي وفيها محاريبه، فقال: فيها نصراني! واستعظم ذلك. وقال: لا تباع، يضرب فيها بالناقوس وينصب فيها الصلبان! وقال: لا تباع من الكفار. وشدد في ذلك. وعن أبي الحارث: أن أبا عبد اللَّه سئل عن الرجل يبيع داره وقد جاء نصراني فأرغبه، وزاد في ثمن الدار، ترى له أن يبيع داره منه وهو نصراني أو يهودي أو مجوسي؟ قال: لا أرى له ذلك، يبيع داره من كافر يكفر باللَّه فيها! يبيعها من مسلم أحب إلي. وقال إبراهيم بن الحارث: قيل لأبي عبد اللَّه الرجل يكري منزله من الذمي ينزل فيه وهو يعلم أنه يشرب فيها الخمر ويشرك فيها؟ قال: ابن عون كان لا يكري إلا من أهل الذمة، يقول: يرعبهم. قيل له: كأنه أراد إذلال أهل الذمة بهذا. قال: لا، ولكنه أراد أنه كره أن يرعب المسلم، يقول: إذا جئت اطلب الكراء من المسلم أرعبته، فإذا كان ذميًا كان أهون عنده. وجعل أبو عبد اللَّه يعجب لهذا من ابن عون فيما رأيت.

وهكذا نقل الأثرم سواء، ولفظه: قلت لأبي عبد اللَّه. ومسائل الأثرم وإبراهيم بن الحارث يشتركان فيها. وقال مهنا: سألت أحمد عن الرجل يكري المجوسي داره أو دكانه وهو يعلم أنهم يزنون، فقال: كان ابن عون لا يرى أن يكري المسلمين، يقول: أرعبهم في أخذ الغلة. وكان يرى أن يكري غير المسلمين. قال أبو بكر الخلال: كل من حكى عن أبي عبد اللَّه في رجل يكري داره من ذمي، فإنما أجابه أبو عبد اللَّه على فعل ابن عون، ولم ينفذ لأبي عبد اللَّه فيه قول، وقد حكي عن إبراهيم أنه رآه معجبًا بقول ابن عون، والذين رووا عن أبي عبد اللَّه في المسلم يبيع داره من الذمي أنه كره ذلك كراهة شديدة، فلو نفذ لأبي عبد اللَّه قول في السكنى كانت السكنى والبيع عندي واحدًا، والأمر في ظاهر قول أبي عبد اللَّه أنه لا يباع منه؛ لأنه يكفر فيها وينصب الصلبان أو وغير ذلك، والأمر عندي أن لا تباع منه ولا تكرى؛ لأنه معنى واحد قال: وقد أخبرني أحمد بن الحسين بن حسان قال: سئل أبو عبد اللَّه عن حصين بن عبد الرحمن، فقال: روى عنه حفص، لا أعرفه. قال له أبو بكر: هذا من النساك، حدثني أبو سعيد الأشج، سمعت أبا خالد الأحمر يقول: حفص هذا العدوي نفسه باع دار حصين بن عبد الرحمن عابد أهل الكوفة من عون البصري. فقال له أحمد: حفص؟ قال: نعم. فعجب أحمد -يعني: من حفص ابن غياث. قال الخلال: وهذا أيضا تقوية لمذهب أبي عبد اللَّه

1509 - حكم شراء ما فسد أصله

وقال: فإذا كان يكره بيعها من فاسق فكذلك من كافر، وإن كان الذمي يقر والفاسق لا يقر، لكن ما يفعله الكافر فيها أعظم. "اقتضاء الصراط المستقيم" 230 - 232 نقل ابن الحكم في العصير: إذا كان عندك يريده للنبيذ فلا تبعه، إنما هو على قدر الرجل. قال أحمد: أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كرهوا بيع العصير، وسلاح في فتنة؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عنه (¬1). وقال: وقد يكون يقتل به، ويكون لا يقتل به، وإنما هو ذريعة له أو لحربي. "الفروع" 4/ 42 1509 - حكم شراء ما فسد أصله قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ عن رجلٍ وُجِدَ عنده ثوبٌ مسروقٌ، فَقال: اشتريته؟ قال سفيان: يُقْضَى عليه. قال أحمد: شديدًا. ¬

_ (¬1) رواه العقيلي في "الضعفاء" 4/ 139، والطبراني 18/ 136 (286)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 229، 7/ 516، والبيهقي 5/ 327. من حديث عمران بن حصين مرفوعًا. قال ابن حجر في "الفتح" إسناده ضعيف وضعفه الألباني في "الإرواء" (1296) ويروى عن عمران قوله، وعلقه البخاري عنه في "الصحيح" قبل الرواية رقم (2100). ورواه العقيلي في "الضعفاء" 4/ 139، وابن عدي في "الكامل" 7/ 516، والبيهقي 5/ 327 قال البيهقي: رفعه وهم والموقوف أصح.

قال إسحاق: ينظر إلَى هذا الذي اشْتَراه، فإنْ كَانَ أمينًا فَعَلَى المستحقِّ أنْ يفكَّ الثوبَ مِنه بما أدى في ثمنِهِ أو يتبعَ سارقَهُ "مسائل الكوسج" (2205). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يشتري البيع وأصله فاسد، مثل رجل دفع إلى رجل عشرة أجربة (¬1) وأخذ منه أحد عشر جريبًا، أشتريه أنا منه؟ قال: لا، وكرهه. "مسائل ابن هانئ" (1244). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يشتري المتاع قد خالطه البيع الفاسد، شرطين في بيع، أو مثل ما نهى عنه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثل بيع الثمار حتى يبدو صلاحها (¬2)، هل ترى لرجل أن يشتري من الذي اشترى من هذا البيع الفاسد شيئًا؟ قال: لا يشتري منه شيئًا إذا علم أنه قد دخل في أمر قد نهى عنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذلك أن هذا بيع مردود. "مسائل عبد اللَّه" (1078). قال البغوي: وسمعت أحمد يقول: إذا اشترى الرجل من رجل شيئًا وهو يعلم أنه سرقه فقد شاركه. "البغوي" (53) ¬

_ (¬1) الجريب: مكيال مقداره أربعة أقفزة، وتسمى به قطعة الأرض التي يكون البذر فيها سعة الجريب، وهي مقدار عشر قصبات في عشر قصبات، وما يزرع فيه مائة نخلة عادة، وهذِه تقدر الآن بهكتار. (¬2) رواه أحمد 2/ 7، والبخاري (1486)، ومسلم (1534) من حديث ابن عمر.

1510 - هل يستحق البائع الثمن في البيع الفاسد، وهل يثبت للمشتري الخيار فيه؟

قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل قال سألت أبي عن قوم لصوص قطعوا الطريق وظهر عليهم، وقتل بعضهم، ولهم ذرية فبيعوا، قلت لأبي: يحل شراؤهم؟ قال: لا يحل يردهم على من اشتراهم، وإن كان يخاف إن ردهم باعوهم؛ لم يردهم، يرسلهم، هم أحرار. قلت لأبي: يعتقهم؟ قال: هم أحرار لا يحتاج أن يعتقهم. "السنة" للخلال 1/ (190). 1510 - هل يستحق البائع الثمن في البيع الفاسد، وهل يثبت للمشتري الخيار فيه؟ قال إسحاق بن منصور: قيلَ لَهُ -يعني: سفيان: مجوسيٌّ باعَ مجوسيًا خمَرًا، ثم أسْلَمَا؟ قال: يأخذُ الثمنَ، قِيلَ لَهُ: فإنْ كانَ خنزيرًا وجدَ بِهِ عيبًا؟ قال: لا يأخذ منه شيئًا. قِيلَ: ولا يأخذُ الثمنَ؟ قال: لا. قال أحمد: قد وجبَ عَلَيه الثمنُ، وأما الخنزير فَكَما قال، وكذلك مَا قال في الخمرِ. قال إسحاق: لا يأخذ من الخنزيرِ، ولا مِنَ الخمرِ شيئًا. "مسائل الكوسج" (2293). قال أبو بكر الخلال: أخبرني زكريا بن يحيى الناقد أن أبا طالب حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه عن يهودي اشترى من رجل خمرًا بألف درهم إلى أجل، ثم أسلم بعدما اشتراها؟

1511 - بيع الفضولي

قال: قد وجب الحق عليه، يرد إليه ماله. "أحكام أهل الملل" 1/ 192 (399) ونقل عنه أبو داود في ذميين تبايعا بيوعًا فاسدة، ومات أحدهما، فهل للوارث إذا أسلم قبض الثمن؟ قال: وإن أسلم الوارث فله الثمن، لثبوته قبل إسلامه. "الفروع" 16/ 284 1511 - بيع الفضولي قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل بيعت داره وهو ساكت؟ قال: لا يجوز حتى يرضى، أو يأمر، أو يأذن في بيع داره. "مسائل عبد اللَّه" (1144) ونقل على بن سعيد عنه: البيع باطل. "الروايتين والوجهين" 9/ 352 ونقل حرب عنه في خبر عروة: إنما جاز؛ لأنه عليه أفضل الصلاة والسلام جوزه له. "الفروع" 4/ 513، "الإنصاف" 15/ 287 1512 - بيع الخلاص قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الخلاصُ؟ قال: لا أَرى الخلاص. قُلْتُ: ما الخلاصُ؟ قال: أنْ يبيعَ الدارَ أو العبدَ، يقولُ: على أنْ أتخلصه لَكَ.

1513 - 2 - كون المبيع معلوما

قال إسحاق: السُّنةُ عندنا أنْ يؤخذَ بالخلاصِ، لما ذُكِرَ عن عمرَ وعليّ -رضي اللَّه عنهما- (¬1) ذَلِكَ. وهو أنْ يبيعَ الدارَ أو العبدَ فيقول: عَلَى خلاصِهِ. "مسائل الكوسج" (1868) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال إِياسُ بن معاوية في بيعِ الخلاصِ: إِذَا باعَهُ وهو يَرى أنَهُ له، ثمَّ جَاءَ رجلٌ بَعْدَ ذَلِكَ فاستحقه، فَيَرُدُّ البيعَ إِلى أهْلِهِ، ويردُّ إِلى الرَّجُلِ رأسَ مَالِهِ، ومَنْ بَاعَ وهو يعلم أَنَّهُ ليسَ لَهُ أَخَذَ بالشَّرْوى وطاووس مثله (¬2). قال أحمد: يردّ البيع إِلَى أهْلِهِ، ويردّ إِلَى الرجلِ رأسَ مَالِهِ، ويؤخذ بِمَا جَنَى قط حتَّى يردَّ مَا أخذ، عَلِمَ أو لمْ يعلمْ. قال إسحاق: السُّنةُ في ذَلِكَ ما قال إياسُ بن معاوية. "مسائل الكوسج" (2041) 1513 - 2 - كون المبيع معلومًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: متَى يُباعُ النخلُ؟ قال: لا يباعُ حتَّى تُؤمنَ عليها العاهة. قيلَ: تَحْمَرُّ، وتصْفَرُّ؟ قال: حتَّى تُؤمنَ عليها العاهة. قيلَ: يحمرّ بعضُه، وبعضُه أخضر؟ قال: يُباع الذي بلغَ. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 192 (14842). (¬2) روى هذِه الآثار عبد الرزاق 8/ 192 (14840، 14841).

قِيل: الكَرْمُ؟ قال: حتَى يسودَّ. قِيلَ: كلُّ شيءٍ مِن الفاكهةِ بمنزلةِ النخلِ؟ قال: نعم، قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تُباعُ الثمارُ" (¬1). قال إسحاق: كما قال، ولكن إِنْ احْمَرَّ بعضُه، أو اصْفَرَّ، أو أسْوَدَّ شيءٌ مِنْ العنبِ فإنَ له بيعَه كله؛ لأنّ النخلَ والعنبَ لا يُدْرَك كله في يومٍ واحدٍ، فكيفَ يمكنه أنْ يبيعَ مَا أدركَ، وكَذَلِكَ الثمار كُلّها إِذَا نضجَ مِنْهَا طائفة؛ لأنَّ العاهةَ ترفع حينئذٍ. "مسائل الكوسج" (1838). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ -رضي اللَّه عنه-: أتُبَاعُ الثمرةُ في رءوس النخل، أَيَبِيعها قبلَ أنْ يجدَّها؟ قال: لا أرى به بأسًا. عاودته، فَقَال مثل ذَلِكَ. قال إسحاق: أكرهه حتَّى يصرمَه إِلَّا أنْ يشتريه مجازفةً فهوَ أهونُ. "مسائل الكوسج" (1846). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كَان ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- يبيعُ نخلَهُ مِنْ غلامه قبلَ أنْ يدركَ (¬2)؟ قال: ليسَ بين العبدِ وبين سيدِهِ ربًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1864). ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 7 والبخاري (1486)، ومسلم (1534) من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- في النهي عن بيع الثمار حَتَّى يبدو صلاحها بألفاظ كثيرة. (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 76 (14378)، والبيهقي 5/ 302.

قال إسحاق بن منصور: قلت: قال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: لا تبيعوا اللبن في ضروعها، ولا الصوف على ظهورها (¬1). قال: هكذا هو. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1877) قال إسحاق بن منصور: نهي عن حبل الحبلة؟ قال: حبل الحبلة نتاج النتاج. قال: يقول: يعني: ما تحمل ما في بطن ناقتك. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1900) قال إسحاق بن منصور: قلت -يعني: لسفيان: ترى بسهام القصابين بأسًا؟ قال: ما يعجبني. قال أحمد: لا أدري إلى أي شيء هو؟ إن كان شيئًا مجهولًا لا يجوز. قال إسحاق: كما قال، لا يجوز وهو مجهول عندنا. "مسائل الكوسج" (1901) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد في البستان يكون فيه الفواكه: لا يبيع إلا ما طاب منه. قلت: كيف يباع النخل إذا طاب بعضه؟ قال: ليس هذا مثل النخل، إنما النخل صنف واحد، وهذِه أصناف مختلفة، وسمعته يقول في التين: لا يبيع إلا ما طاب منه إذا كان بين أوله وآخره تفاوت. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 75 (14374)، وابن أبي شيبة 4/ 317 (20500)، والدارقطني 2/ 213، والبيهقي 5/ 340.

قال إسحاق: كما قال ووصفنا من قبل، إذا طاب أوله جاز له البيع. "مسائل الكوسج" (1920) قال إسحاق بن منصور: قلت: بيع البصل، والجزر، والفجل، والبطيخ، وكل شيء يكون تحت الأرض تكرهه؟ قال: لا يجوز بيعه حتى يعلم ما هو. قال إسحاق: كلما باع منه جنية واحدة جاز ذلك، فأما البصل، والجزر وما أشبههما مما له أصل في الأرض، فبيعه عند الإدراك جائز، وذلك أن المشترين لا يخفى عليهم جودة ذلك من رداءته فليس ذلك بغرر. "مسائل الكوسج" (2031) قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان عن رجلين باعا من رجل طعامًا بمائة درهم، وكتبا الصك جميعًا باسميهما، فأخذ أحدهما دراهم من الصك؟ قال: ما أخذ فهو له إلا أن يكونا خلطا الطعام قبل البيع. قال أحمد: جيد إذا خلطا فما أخذ من شيء فهو بينهما. قال إسحاق: كما قال؛ لأنه مال واحد بينهما. "مسائل الكوسج" (2102) قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان يكره شراء حجارة المعادن والسلف فيه؟ قال: نعم؟ لأنه غرر، لا يدرى ما فيه. قال أحمد: نعم، جيد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2197) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إِذَا قال: بعني حنطةَ هذا البيدر (¬1) أو تبنَ هذا البيدر، فهو مكروهٌ؛ لأنهُ لا يدرى مَا هوَ. ¬

_ (¬1) البيدر: الموضع الذي يُداس فيه الطعام.

قال أحمد: نعم. قُلْتُ: لمْ كرهَهُ؟ قال: هذا قبلَ أنْ يُدَاسَ ويُنَقَّى الطعام، فهو مكروهٌ. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (2198). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: قال سفيانُ الثوريُّ: في رجلٍ أبتاعَ أعطابًا كيلًا. فيقول: كِلْ لي عُطْبًا منها واحدا وآخذُ ما بقي مِنْها عَلَى هذا الكيلِ، كَانَ أصحابنا يكرهون هذا حتَّى يكيلها كلّها. قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (2200). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إِذَا كانتْ دارٌ بين اثنين، فَقال أحدُهُما: أبيعُكَ نصفَ هذِه الدار؟ قال: لا يجوز له، إنَّما لَهُ الربعُ مِنَ النّصفِ، حتَّى يقولَ: نصيبي. قال أحمد: هوَ كما قال. قال إسحاق: إِذَا قال: أبيعُكَ نصفَ هذِه الدارِ يريدُ بيعَ حصَّتهُ وهوَ النصف، وعلمَ المشتري إِرادته جَازَ ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (2276). قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: إذا قال: أخذت ثوبًا من هذِه الثياب بعشرة دراهم، فأعطاه ثوبًا، فالبيع فاسدًا؟ قال: هذا كأنه استحل وهو بالخيار. قلت: فإذا قال: أعطني ثوبًا من هذِه الثياب بعشرة، فأعطاه ثوبا فهو جائز؟

قال: هذا على ذاك. "مسائل الكوسج" (2335) قال صالح: وقال في رجل له متاع في موضعين، فأتاه رجل فساومه بهما وقد قلبهما جميعًا، فقال له صاحب المتاع: قد بعتك هذا -لأحدهما- بكذا وكذا، فإن قبضت الآخر فهما عليك بكذا وكذا مما باعه الأول، وأحد المتاعين أقل ثمنًا من الآخر، فقبضهما جميعًا، أو قبض الأول منهما، هل يصح هذا البيع؟ قال: أرجو أن يكون هذا البيع صحيحًا، إذا كان قد قلبهما وقبضهما بعد بيعه إياهمًا. "مسائل صالح" (648). قال أبو داود: قلت لأحمد: بيع الجزر في الأرض؟ قال: لا يجوز بيعه إلا ما قلع منه، هذا الزرع شيء ليس يراه كيف يشتريه؟ ! "مسائل أبي داود" (1312). قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل اشترى باقلَّى؟ قال: إذا أومن عليها. فقيل لأحمد: إذا أيبس؟ قال: إذا اشتد. "مسائل أبي داود" (1313). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل، عن الرجل يبيع التفاح على أن يخرط وهو أخضر؟ قال: لا بأس. والبلح أن يصرم وهو بلح، قال: لأن العاهة إنما تكون في الثمر. "مسائل أبي داود" (1314).

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل اشترى قصيلا، ثم مرض أو توانى حتى صار شعيرًا؟ قال: إن لم يرد به حيلة، إن أراد به حيلة فسد البيع وانتقض. "مسائل أبي داود" (1315). قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن القصيل يباع؟ قال: لا بأس به. "مسائل أبي داود" (1316). قال ابن هانئ: سُئِلَ عن بيع النخل؟ فقال: إذا بدا صلاحه، وبدو صلاحه إذا اشتد نواه وصلب، فأرجو أن يكون بيعه جائزًا. "مسائل ابن هانئ" (1190). قال ابن هانئ: وسئل عن بيع الثمر على رءوس النخل، له أن يبيعه قبل أن يصرمه؟ قال: فيه اختلاف، ورخص فيه زيد وابن الزبير (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1191). قال ابن هانئ: وسئل عن بيع الحبلة؟ قال: تكون الناقة حاملًا فتقول: أبيعك ما في بطن هذِه الناقة. وقد اختلفوا في تفسير المضامين، والملاقيح. والمخابرة: كري الأرض بالثلث والربع. والمعاومة: بيع الحائط السنتين والثلاث والمحاقلة: شرى الزرع بالقمح. "مسائل ابن هانئ" (1192) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 41 (14221)، وابن أبي شيبة 4/ 378 (21178) عنهما.

قال ابن هانئ: وسئل عن بيع اللبن في الضرع؟ قال: لا يباع. "مسائل ابن هانئ" (1205) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: فرفاء يرفأ الوسائد والأنماط، يرفأ للتجار، وهم يبيعون ولا يخبرون بالرفو. قال: يعمله العمل الذي يستبين، لا يعمل الخفي الذي لا يتبين إلا لمن يدقق به، وقال: يعجبني أن يكون علم البائع والمشتري في الثوب واحدًا. وقال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن صدقا وبينا بورك لهما". قلت: فإن كان غاليًا بينا. قال: لا. عن حكيم بن حزام قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا رزقا بركة بيعهما، وإن كذبا وكتما محت بركة بيعهما" (¬1). "الورع" (206 - 207) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن بيع الأجام؟ قال: لا بأس ببيع ما ظهر من القصب، فأما شيء يدعه حتى يثبت ويزداد، فلا يجوز شراءه، وأكره بيع السمك في الآجام؛ لأنه غرر. "مسائل عبد اللَّه" (1040) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه نهى عن بيع ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3: 402، والبخاري (2079)، ومسلم (1532).

المجر (¬1). قال: يعني: ما في الأرحام. "مسائل عبد اللَّه" (1081) قال عبد اللَّه: سئل أبي -وأنا أسمع- عن حبل الحبلة؟ قال: الذي في بطنها إذا وضعت وتحمل، فنهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن هذا (¬2)؛ لأنه غرر، يقول: ساج التاج. "مسائل عبد اللَّه" (1082) قال أبو طالب: وقد سُئل عن بيع الباقلا قبل أن تحمل وهو ورد، فقال: نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها (¬3)، هذا بيع فاسد. "العدة في أصول الفقه" 1/ 433، "التمهيد في أصول الفقه" 1/ 369 - 370 ونقل حرب في بيع العطاء بعرض: لا بأس به. "الفروع" 4/ 26. ونقل حنبل في بيع الثمر: إن غلب صلاح بعض نوع في شجرة، بيع جميعه. "الفروع" 4/ 77، "المبدع" 4/ 168، 173 قال أبو الزناد: وكان إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف يحدث عن أبيه أنه ابتاع كذلك -الثمر سنين. قال أحمد بن صالح فحدثت به أحمد بن حنبل فأعجبه واستزادني مثله، فقلت: ومن أين مثله؟ ! "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 51. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 90 (14440)، والبيهقي 5/ 341. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 56، والبخاري (2143)، ومسلم (1514) من حديث ابن عمر. (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 7، والبخاري (1486)، ومسلم (1534) من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-.

1514 - بيع الطعام مجازفة

1514 - بيع الطعام مجازفة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: بيعُ الطعامِ مجازفة؟ قال: ليسَ به بأسٌ، إِذَا لمْ يُرِدْ فِرَارًا مِنَ الكيلِ، ولم يعلم مكيلة الطعام. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1823). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: بيعُ الطعامِ جزافًا؟ قال: إِذَا عَلمَ البائعُ مكيله، فَينبغي لهُ أنْ يُسميَ الكيلَ، فإِذَا سمَّى كَيلًا كَالَهُ. قلت: وإِذَا لمْ يعلمْ كَيلَهُ، يبيعه جزافًا؟ قال: نعم، إِذَا لمْ يعلمْ البائعُ والمشتري. قال إسحاق: كما قال، إلَّا أنْ يكونَ البائعُ كَالَهُ قبلَ ذَلِكَ ثمَّ غابَ عنه فَلَه أن يبيعها جزافًا حينئذٍ. "مسائل الكوسج" (1832). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إِذَا باعَ جميعَ الأشياءِ جزافا، فخلَّى بينه وبينها وأقرَّ بالقبضِ؛ فهو جائز إِذَا لمْ يسمِّ كيلًا، ولا وزنًا، ولا عددًا. قال أحمد: جيدٌ، هذا بيعُ الصُّبَرِ. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (2199). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يشتري البُر مجازفة، أيبيعه مكايلة؟ قال: لا بأس. "مسائل ابن هانئ" (1227).

1515 - 3 - كون الثمن معلوما

قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد اللَّه، وقد سئل عن بيع الجزاف، فقال: إذا استوى علمهما فلا بأس -يعني: إذا جهلا به، فإذا علم أحدهما وجهل الآخر فلا. وسألته قلت: القطن يبيعه، فيرفع ظرفه، العِدْل خمسة أمنان، قلت: نعم، وربما زاد فيحسبه المشتري، فرخص فيه، ولم ينكره على طريق الصلح. قلت: فإنا نبيع بيعًا آخر: نبيع القطن في الكساء. فقال: هذا أحب إليَّ من ذلك؛ لأنه يكون بمنزلة التمر في جلاله وقواصره، ما زال هذا يباع في الإسلام. "بدائع الفوائد" 4/ 61. 1515 - 3 - كون الثمن معلومًا قال إسحاق بن منصور: قلت: الرجل يأخذ من الرجل سلعة فيقول: أخذتها منك على ما تبيع الباقين؟ قال: لا يجوز. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1805) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل باع ثوبا بدينار إلا درهما. قال: لا يجوز. قلت: إلى أجل؟ قال: إلى أجل أبعد له لو كان بدينار إلا قيراط، أو مسوح فنعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1965)

قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل اشترى سلعة من رجل بكذا وكذا، وتحلة اليمين؟ قال: لا بد من أن يسمي تحلة اليمين. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1968) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ: إِذَا قُلْتُ أبتاعُ منك مَا في هذا البيتِ مَا بلغَ كلّ كر بكَذَا وكَذَا فهو مكروهٌ حتَى يقولَ: أبتاعُ منكَ مائة كر بِكَذَا وكَذَا؟ قال: ما أعلمُ بِهِ بأسًا إِذَا كَانَ يُعْلَمُ أنَّ فيه كرًّا، قال: يعني: إِذَا قال: كلُّ كرٍّ. قال إسحاق: كما قال أحمد؛ لأنَّ البيعَ قَدْ أَتَى عَلَى كَمِالِه كله، وقدْ بين كل كرِّ بكَذا وكَذا، وكَذلكَ كل شيءٍ يُكال ويُوزن مجموعًا في موضعه، فقالَ: أبيعك هذا كله كلّ كرّ، أو كلّ منِّ بكَذا وكَذا: جازَ بيع ذَلِكَ، وأخْطأ هؤلاء حينَ قالُوا: لا يقع البيعُ على كلِّه حتَّى يقولَ: هو مائة كرِّ أو مائة مَنٍّ. "مسائل الكوسج" (2187). قال صالح: الرجل يبيع المتاع فيقول: أبيعك بالنقد بألف، وإلى شهر بألف ومائة، وإلى شهرين بألف ومائتين؟ قال: هذا مكروه، إلا أن يفارقه على أحد البيوع. "مسائل صالح" (298). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن النبات والطعام يكون أثمان بعضها لبعض؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (1027).

قال عبد اللَّه: رجل قال لرجل: أبيعك هذا الكر (¬1) بألف درهم، أو ألف درهم بكر، يكونان جميعًا ثمنًا لصاحبها؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (1028). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يشتري ثوبًا بدينار إلا درهم؟ قال: أكره هذا، إنما باعه بدينار، فكيف يكون إلا درهمًا. قال: هذا بيع سوء. قال: قلت لأبي: فالرجل يقول: أبيعك ثوبًا بدينار ودرهم؟ قال: ليس به بأس. "مسائل عبد اللَّه" (1050). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل يقول: أبيعك هذا الثوب بدينار إلا درهمًا؟ قال: لا يجوز هذا البيع. قال أبي: حتى يقول: دينار إلا قيراط ذهب. "مسائل عبد اللَّه" (1051) قال حرب: سألت الإمام أحمد، قلت: الرجل يقول لرجل: ابعث لي جريبًا من بر وأحسبه علي بسعر ما تبيع. قال: لا يجوز هذا حتى يبين له السعر. وعن حنبل: قال عمي: أنا أكرهه -أي البيع بغير ذكر الثمن؛ لأنه بيع مجهول والسعر يختلف يزيد وينقص. "النكت والفوائد السنية" 1/ 298 ¬

_ (¬1) الكر هو الحبل، والكساء، والنهر "لسان العرب" 7/ 3851 [كرر].

قال حرب: سألت أحمد، قلت: الرجل يقول: أبيعك هذا بدينار إلا درهمًا؟ قال: لا يجوز، ولكن بدينار إلا قيراط ونحو ذلك؛ لأن الاستثناء يكون في شيء يُعرف، والدرهم ليس يعرف كم هو من الدينار، ويجوز أن يقول: أبيعك بدينار ودرهم. "النكت والفوائد السنية" 1/ 302 ونقل الفضل بن زياد عنه: وسألته عن الرجل يشتري الثوب بدينار ودرهم، فقال: لا بأس. قلت: فإن اشتراه بدينار غير درهم، قال: لا يجوز هذا. "بدائع الفوائد" 4/ 62 قال الأثرم: سئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يأخذ من البقال الأوقية من كذا، والرطل من كذا، ثم يحاسبه، أيجوز له أن يقول: اكتب ثمنه علي ولا يعطيه على المكان؟ قال: أرجو أن يجوز؛ لأنه ساعة أخذه إنما أخذه على معنى الشراء، ليس على معنى السلف، إنما يكره إذا كان على معنى السلف، فإذا قاطعه بقيمته يوم أخذه، قيل له: فإن لم يدرك قيمته يوم أخذه قال: يتحرى ذلك. وسألته مرة أخرى فقلت: رجل أخذ من رجل رطلًا من كذا ومنًا من كذا، ولم يقاطعه على سعره، ولم يعطه ثمنه. أيجوز هذا؟ قال: أليس على معنى البيع أخذه، قلت: بلى، قال: فلا بأس، ولكنه إذا حاسبه أعطاه على السعر يوم أخذه لا يوم حاسبه. "بدائع الفوائد" 4/ 86 - 87، "مجموع رسائل الحافظ ابن رجب" 2/ 722 - 723

1516 - بيع الاستجرار

ونقل أبو طالب في البيع بدينار إلا درهما: لا يصح. وقال حرب لأحمد: الرجل يبيع الشيء في الظرف، مثل قطن في جواليق فيزنه ويُلقى للظرف كذا وكذا؟ قال: أرجو أن لا بأس به، ولا بد للناس من ذلك. "الفروع" 4/ 30 - 31، "معونة أولي النهى" 5/ 38 1516 - بيع الاستجرار قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا أخَذَ مِنَ الخبَّاز الخبزَ رَطلًا بعدَ رطلٍ، فإِذَا استوفَى أَعْطَاهُ أو يعجل له الدّرهم؟ قال: لا بأسَ بِهِ، عجَّلَ له أو لمْ يعجّلْ له، إلا أنْ يكونَ يعجّلُ لَهُ ليرخص عليه فيكون قرضًا جَرَّ منفعةً. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (1909). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل، عن الرجل يبعث إلى البقال فيأخذ منه الشيء بعد الشيء، ثم يحاسبه بعد ذلك؟ قال: أرجو أن لا يكون بذلك بأس. قيل لأحمد: يكون البيع ساعتئذٍ؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (1269) وقال الأثرم: سئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يأخذ من البقال الأوقية من كذا، والرطل من كذا، ثم يحاسبه، أيجوز أن يقول اكتب ثمنه علي ولا يعطيه على المكان؟

1517 - بيع الرقم

قال: أرجو أن يجوز؛ لأنه ساعة أخذه إنما أخذه على معنى الشراء ليس على معنى السلف، إنما يكره إذا كان على معنى السلف، فإذا قاطعه بقيمته يوم أخذه. قيل له: فإن لم يدرك قيمته يوم أخذه؟ قال: يتحرى ذلك. وسألته مرة أخرى فقلت: رجل أخذ رطلًا من كذا ومنا من كذا، ولم يقاطعه على سعره، ولم يعطه ثمنًا أيجوز هذا؟ قال: ليس على معنى البيع أخذه؟ قلت: بلى. قال: فلا بأس، ولكنه إذا حاسبه أعطاه على السعر يوم أخذه لا يوم حاسبه. "بدائع الفوائد" 4/ 86 - 87 1517 - بيع الرقم قال أبو داود: قيل لأحمد وأنا أسمع: بيع الرقم؟ فكأنه لم ير به بأسًا. "مسائل أبي داود" (1273) وقال حرب: سألت أحمد عن بيع الرقم؟ فلم ير به بأسًا. "بدائع الفوائد" 4/ 86 1518 - المماكسة في البيع قال صالح: وسألته عن رجل يجيئه الذمي فيبيعه منه المتاع، ويجيء بعد ذلك الرجل المسلم فيستقضي أيضا في شدة المكاس فيبيعه أغلى مما يبيع الذمي، وربما باع من الذمي أغلى؟

1519 - السوم في البيع

قال: أرجو أن لا يكون عليه شيء، إذا كان المشترى يماكسه. "مسائل صالح" (296) 1519 - السوم في البيع ونقل محمد بن أبي حرب الجرجرائي: قيل لأبي عبد اللَّه: من أحق بالسوم؟ قال: البائع. قلت له: فإن أوقد نارًا في السفينة، فقال: لا بد له من أن يطبخ. وكأنه لم يرد عليه. "بدائع الفوائد" 4/ 40 1520 - العلا بأوصاف المبيع والثمن، هل هو شرط لصحة البيع؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: المواصفة؟ قال: يصف له المتاع، أشتري لك متاع كذا وكذا -يصفه له- ثم يبيعه من الرجل. قال: أكرهه، والذي يشتري الشيء على الصفة فهو غير هذا، ذاك في ملكه، إذا كان على الصفة لزمه البيع. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1842) قال إسحاق بن منصور: قلت: من ابتاع شيئًا لم يره؟

قال: إذا جاء على الصفة جاز عليه مثل السلم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1869) قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان عن رجل من أهل القرى جاء فاشتريت منه طعامًا، ولم أر الطعام، ونقدته الثمن؟ فلم ير بذلك بأسًا، ولكن لا يسمي أجلًا، فإذا رأيته فأنت بالخيار، ولا نرى للبائع أن يحرك الثمن حتى ينظر أيرضى المشتري أم لا. قال أحمد: لا يحرك الثمن كما قال، والبائع مالك بعد، ما لم يكتله المشتري، فإن ربح في الثمن شيئًا، فالربح للمشتري. قال إسحاق: كما قال أحمد سواء. "مسائل الكوسج" (2250) قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل: فإن نظر إلى فوق الطعام فرضي، ولم يرض الأسفل؟ قال: هذا بالخيار إن شاء أخذ، وإن شاء ترك. قال أحمد: له الخيار، هذا يدلك على أنه لم يملك بعد شيئًا. قال إسحاق: هو عندنا على ما عاين أعلاه، وليس له خيار إذا كان أسفله مثله. "مسائل الكوسج" (2251) قال صالح: رجل يبعث إليه الذمي بدراهم، يشتري له المتاع من بعض المواضع، فيبعث إليهم ما عنده، وما لم يكن عنده اشترى لهم، فيكون ما يوجه إليه مما عنده ومما يشتري لهم سواء في الاستقضاء للذمي والمسلم؟ قال: لا يعجبني أن يبعث إليهم مما عنده حتى يبين أنه قد بعث إليهم مما عنده. "مسائل صالح" (297)

قال صالح: وسألته عن رجل يجيئه البازربامج (¬1) من السمسار أني قد حملت لك متاع كذا وكذا، فيجيئه المشتري فيقول: ادفع إلي البازربامج، فإذا وصل المتاع إليك فاحمله إلي، فإني لا أخالفك، فلما وصل المتاع حمله إليه، فنشره المشتري فرضيه، ثم حمله من تلك إلى بلد آخر، ثم جاء من بعد شهر فقال: كيف بعت قسم المتاع الذي أخذت منك؟ فقال: بكذا وكذا، فرضي بما قال، فألزم المبتاع الربح، ثم حمل المال، وقد استهلك المتاع، فهل يصلح ذلك أم لا؟ فقال: المتاع متاع البائع بعد، فإن اصطلحا على شيء بينهما فذاك وإلا لزمه قيمة المتاع يوم باع. "مسائل صالح" (307) قال عبد اللَّه: حدثني عبد الأعلى في حديثه عن حماد قال: وكان حميد -يعني: الطويل- لا يرى بأسًا أن يقول الرجل للرجل: إني أريد متاعًا، كذا وكذا، فإذا دفع عندك فأعلمني فإني أريد نحوه، ولا تقولن: اشتر كذا وكذا حتى أشتريه منك؟ فسألت أبي عن ذلك؟ فقال: مثل قول حميد، وقال: لا بأس به. "مسائل عبد اللَّه" (1046) وقال في رواية الميموني: البيع بيعان: بيع صفة، وبيع شيء حاضر، فالصفة هي السلم، وبيع حاضر فلا يبعه حتى يراه ويعرفه. "الروايتين والوجهين" 1/ 311 ¬

_ (¬1) كذا في الأصل ولعلها مصحفة من (البرنامج) وهو: الورقة الجامعة للحساب، أو التي يرسم فيها ما يحمل من بلد إلى بلد من أمتعة التجار وسلعهم انظر: "المعجم الوسيط" 1/ 52.

1521 - ما يحصل به العلم بالمبيع والثمن

وقال في رواية حنبل: كل ما بيع في ظروف مغيب لم يره الذي اشتراه فالمشتري بالخيار إذا قبضه إن شاء رد وإن شاء أخذ. قيل له: فيكون عيبًا؟ قال: له الخيار؛ لأنه بيع غرر. "الروايتين والوجهين" 1/ 311 نقل جعفر عنه فيمن يفتح جرابًا ويقول: الباقي بصفته، إذا جاءه على صفته ليس له رده. "الفروع" 4/ 29، "المبدع" 4/ 25 1521 - ما يحصل به العلم بالمبيع والثمن قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يشتري الشيء فيذوقه؟ فقال: ما أدري. ثم قال من بعد: إلا أن يستأذن صاحبه. "مسائل ابن هانئ" (1195). 1522 - تذوق المبيع عند الشراء نقل حرب عنه: لا أدري، إلا أن يستأذنه. "الفروع" 4/ 5 1523 - الغش في البيع قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أبيعُ السّلعةَ ممن أعلمُ أنه يُدَلِّسُها؟ قال أحمد: لعله لا يدلِّسُهَا، لعل اللَّه يرزقه التَّوبَةَ، فَإنْ كَانَ معروفًا بهذا فَلا يعجبني.

قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2090). قال إسحاق بن منصور: نفخُ اللحمِ؟ قال: أكرهُه. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (2826). قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل اشترى زعفران، المن بثلاثة، والمن بواحد فأخلطه، وأبين إذا قلت فيه من المن بثلاثة كذا والمن بواحد كذا؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. قلت لأحمد: المن بواحد إنما هو مغشوش. قال: وما عليه؟ قلت: يشترى لنا وندفعه يغشونه؟ قال: لا. قال أحمد: يعجبني أن يكون هو يتولى ذلك -يعني: الذي يبيع. قلت لأحمد: السماسرة يتولونه. قال: لا يعجبني. قلت: فنشتريه ممن غشه، ونحمله إلى السند؟ قال: لا بأس. قيل لأحمد وأنا أسمع: فاشتراه رجل مني وهو مغشوش، ثم باعه من رجل على أنه ليس بمغشوش؟ قال: ما عليك أنت من ذلك إذا كنت بينت له. سمعت أحمد أحتج فيه، فقال: لو كان ثوب فيه عوار، ثم بينه أي شيء كان عليه؟ ! أو كان عبد فيه عيب فبينه، ما عليه فيه! "مسائل أبي داود" (1245).

قال أبو داود: قلت لأحمد: بيع الثياب القوهية (¬1) وهي تطبخ حتى تذهب قوتها؟ قال: ما عليك إذا علم الذي يشتريه. "مسائل أبي داود" (1246). قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل اشترى قفيز حنطةٍ بخمسةٍ وقفيزًا بأربعة فأخلطه أطحنه؟ قال: لا بأس به إذا متقاربًا ولم يكن فيه شعير. "مسائل أبي داود" (1247). قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل يخلط الشيء الجيد، والشيء الرديء ثم يبيعه؟ قال: إذا كان ظاهرًا يتبين ذلك ويعرفه الناس، فإني أرجو، وإلا فلا. "مسائل ابن هانئ" (1228). قال ابن هانئ: وسئل عن البيع، بيع الشيء فيتبين غلاه ورخصه؟ قال: لا. "مسائل ابن هانئ" (1229). قال البرزاطي: سألت أحمد عن رجل يعمل القلانس ويبيعها، فربما خلط القطن العتيق بالقطن الجديد، أو بشيء من الصوف، وحشى القلانس به، قال: هذا من الغش، وأكره له ذلك إلا أن يعرف من يشتريها أن القطن فيه عتيق وفيه صوف. "بدائع الفوائد" 4/ 47. ¬

_ (¬1) ضرب من الثياب بيض فارسي، منسوبة إلى قوهستان، انظر: "لسان العرب" 6/ 3787.

1524 - 4 - القدرة على التسليم

وقال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد اللَّه عن الصائغ يغسل الفضة بدردي الخمر؟ قال: هذا غش، يغسل الفضة تكون سوداء فتبيض. "بدائع الفوائد " 4/ 63. ونقل ابن القاسم: قيل لأحمد فيمن يدخل بشيء إلى بلاد إن كان مغشوشًا اشتروه، وإلا فلا، قال: إن كانوا يأخذونه لأنفسهم ويعلمون غشه فجائز، وإن كنت لا تأمن أن يصير إلى من لا يعرفه فلا. "الفروع" 6/ 94. 1524 - 4 - القدرة على التسليم قال ابن هانئ: وسئل عن بيع الآبق؟ قال: لا يجوز بيعه إلا حاضرًا. "مسائل ابن هانئ" (1206) قال ابن هانئ: وسئل عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نهى عن بيع الغرر (¬1). ما الغرر؟ قال: السمك في الماء، والعبد الآبق. "مسائل ابن هانئ" (2031) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 250، ومسلم (1513) من حديث أبي هريرة.

ثالثا: المعقود به (صيغة البيع)

ثالثًا: المعقود به (صيغة البيع) 1525 - الإيجاب والقبول، وما جاء في صوره وشروطه نقل مهنا عنه في الرجل يقول: بعني هذا الثوب بدينار. فقال: قد فعلت. لا يكون بيعًا حتى يقول الآخر: قد قبلت. ونقل علي بن سعيد النسوي في الرجل يقول: بعني هذا الثوب بكذا، فيقول البائع: هو لك، فهو جائز، وقد تم البيع، فإن قال: زوجني ابنتك أو أختك، فقال: قد زوجتك. ففي النكاح يقول: قد قبلت النكاح. "الروايتين والوجهين" 1/ 315 - 316. نقل مهنا عنه فيمن قال: بعتكه بكذا، فقال: أنا آخذه بكذا لم يصح، بل أخذته. "الفروع" 4/ 4 وقال في رواية المروذي: لا يصح البيع بلفظ السلم. "الإنصاف" 11/ 9

1526 - فصل: الشروط في البيع

1526 - فصل: الشروط في البيع قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: شرطان في بيع: أبيعك هذا الغلام على أن متى ما بعته فأنا أحق به، وعلى أن يخدمني سنة. قال إسحاق: هذا من الشرطين في بيع، ومنه قوله: أبيعك هذا على أن تعطيني الدينار بكذا وكذا. "مسائل الكوسج" (1783) قال إسحاق بن منصور: قلت: نهي عن سلف وبيع؟ قال: أن يكون يقرضه قرضًا ثم يبايعه عليه بيعا يزداد عليه، ويحتمل أن يكون يسلف إليه في شيء يقول: فإن لم يتهيأ عندك فهو بيع عليك. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1844) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال الثوري: إذا باع الرجل أرضًا، واشترط ثمرها فقال المبتاع: خذ زرعك من الأرض، فقال البائع: لم يستحصد طعام؟ قال: نقول: يحصده وإن لم يستحصد؛ لأنه يقول: فرغ لي أرضي، وإن اشترط عليه أن الطعام في أرضك شهرين ضمن الأرض إن أصابتها جائحة. قال أحمد: لا يأخذ الزرع حتى يدرك، فإن أصابت الأرض جائحة فليس عليه ضمان. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1966)

قال إسحاق بن منصور: قلت: يقول: أبيعك هذا الثوب بعشرة دراهم إلى شهر، أو بعشرين إلى شهرين، فباع إلى أحدهما قبل أن يفارقه. قال: لا بأس إذا فارقه على أحدهما. قال إسحاق: كما قال، إنما يكره قول ذلك. "مسائل الكوسج" (1967) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل ابتاع من رجل فضة، واشترط عليه أن يصوغ له خاتما؟ قال: هذا مكروه، هذا يصير نسيئة. قال أحمد: جيد هذا مكروه، هذا في نفس البيع، ولكن لو سمى له الكراء لم يكن به بأس وهو أيضًا شرط في الصرف. قال إسحاق: لا يجوز هذا الشرط، والصرف منتقض. "مسائل الكوسج" (2076) قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان عن رجل باع ثوبًا، فقال: أبيعكه وعلي خياطته وقصارته. قال: مكروه؛ لأنه سمى عملا وبيعا، فإن سرق الثوب من عند البائع فهو من مال البائع حتى يسلمه. قال أحمد: إذا قال: أبيعكه وعلي خياطته وقصارته، فهذا من نحو شرطين في بيع، وإذا قال: أبيعكه وعلي قصارته فلا بأس به، وإذا قال: أبيعكه وعلي خياطته فلا بأس به، إنما هذا شرط واحد. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2157) قال إسحاق بن منصور: قلت: فإن سرق الثوب من عند البائع. قال: هذا رجل مستأجر، فإن كان هلاكا ظاهرًا، إذا كان أمر من السماء مثل: الحريق، واللصوص، أو صاعقة؛ فليس عليه ضمان.

قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (2158) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل باع من رجل إلى سنة، فإن خرج عطاؤه قبل ذلك حل حقي؟ قال: ليس هذا بوقت، هذا بيعتان في بيعة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2167) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل ابتاع دارًا، فقال المشتري: أبتاعها منك، فإن أدرك فيها أحدٌ شيئًا، فعليك مثل ذرعها من دار أخرى؟ قال [سفيان]: لا يكون، هذا الشرط باطلٌ، والبيع جائزٌ. قال أحمد: إذا اشترط عليه، فقال: أشتري منك هذِه الدار، فإن أدرك فيها درك، فدارك الأخرى بيع لي بثمن هذِه، فهذا بيعان في بيعة، لا يجوز. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2249) قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان عن رجل باع بيعا، فقال: إن لم تحمله غدًا فلا بيع بيني وبينك؟ قال: لا أرى هذا شيئًا، والبيع جائز. قال أحمد: هو على شرطه. قال إسحاق: هو كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2252) قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان عن رجل باع بيعًا، فقال: إن لم تأتني بنقدي غدًا، فلا بيع بيني وبينك؟ قال: له شرطه.

قال أحمد: له شرطه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2253) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في الرجل يبيع الخادم، ويشترط خدمتها، قال: نحن نكره هذا، فإن هلكت الخادم فهي من مال البائع حتى يسلمها. قال أحمد: له شرطه، فإن هلكت، فهي من مال المشتري. قال إسحاق: كما قال أحمد، هو بناء على قول ابن مسعود رحمه اللَّه حيث اشترى الجارية من امرأته (¬1). "مسائل الكوسج" (2257) قال إسحاق بن منصور: قلت: الرجل يشتري الجارية بشرط، أيطؤها؟ قال: لا، ألي قال عمر -رضي اللَّه عنه-: لا تقربها ولأحد فيها شرط (¬2). "مسائل الكوسج" (2258) قال صالح: الرجل يبيع الشيء، فيقول: بنقد بكذا وبنسيئة بكذا؟ فقال: إذا افترق على واحد فلا بأس. "مسائل صالح" (1012). قال صالح: السلف والبيع ما هو؟ فقال: يسلف فيقول: إن لم يكن عندك بعتكه، فلا يجوز سلف وبيع فيكون يزداد عليه في البيع بما أقرضه، أو يكون يقرضه ويبايعه. "مسائل صالح" (1013). ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" ص 381، وعبد الرزاق 8/ 56 (14291) وسعيد بن منصور 2/ 104 (2251)، وابن أبي شيبة 4/ 429 (21740)، والبيهقي 5/ 336. (¬2) هي قصة ابن مسعود السابقة.

قال أبو داود: سمعت أحمد قال في شرطين في بيع: أن يقول أبيعك إلى شهر بكذا وبنقد كذا. فقيل لأحمد وأنا أسمع: فقال: أشتري منك هذا الثوب بكذا وكذا إلى شهر على أن أعطيك كل جمعة درهمين؟ قال: هذا لا بأس به. "مسائل أبي داود" (1320). قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يبيع المتاع، ثم يقول: الدينار بكذا وكذا؟ قال أحمد: هذا بيعتين في بيع، وربما قال: بيعتين في بيعة. "مسائل أبي داود" (1321). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يشتري الجارية، ويشترط لأصحابها ولاءها؟ قال: لا يطؤها إذا اشترط لأصحابها ولاءها. "مسائل ابن هانئ" (1207). قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل يشتري الجارية، ويشترط على أصحابها أن يدبرها؟ قال: لا يطؤها إذا اشترط تدبيرها. "مسائل ابن هانئ" (1208). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يشتري من الرجل الشيء، ويشترط عليه إن لم تعطني الثمن إلى ساعة كذا، أو يوم كذا فلا بيع لك، فهل ذلك جائز عليه؟ قال: ذلك جائز له أن يرجع في بيعه، هو كما قال. "مسائل عبد اللَّه" (1065)

قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن شرطين في بيع؟ قال: هو أن يقول أبيعك هذِه الجارية على أنك إذا بعتها فأنا أحق بها، وأن تخدمني كذا وكذا. قال أبي: فقد اشترط شرطين في بيع. قال: فأما إذا كان شرط واحد فلا بأس. قد باع جابر من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعيرًا واستثنى ظهره (¬1)، وقال لعائشة: "اشترطي الولاء إنما الولاء لمن أعتق" (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (1034). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يبيع المتاع البيع الذي يدخل فيه شرطين في بيع أو ما أشبه ذلك، فإذا فرغا واحتسبا، قال صاحب المتاع: قد بعتك هذا المتاع بهذِه الدنانير، أترى ذلك له طيبًا، أو كيف ترى له أن يصنع؟ فقال: إذا افترقا على أحد الشرطين يكون ذلك آخر ما يفترقا على بيع واحد ولا بأس به. "مسائل عبد اللَّه" (1115). قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن رجل: جاء بجارية إلى رجل فقال: إذا كان إلى شهرين فلك ربح كذا وكذا؟ قال: يروى عن عمر: لا يقربها (¬3)، ولا حد فيها، متنوه (¬4)؟ قال أبي: لا يعجبني هذا الربح. "مسائل عبد اللَّه" (1116). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 303، والبخاري (2718) من حديث جابر. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 81 - 82، والبخاري (2168) ومسلم (1504) واللفظ لهما. (¬3) رواه عبد الرزاق 8/ 57 (14293) وقد تقدم. (¬4) لعلها كلمة فارسية بمعنى: لا يعجبني.

نقل عبد اللَّه بن محمد الفقيه عنه فيمن اشترى جارية وشرط عليه أن لا يبيعها ولا يطأها: فالبيع جائز، والشرط باطل. ونقل عنه أحمد بن الحسين في الرجل يشتري الثوب على أنه جاز له، وإلا رده: لم يجز. فإن باعه بربح هل يطيب له هذا الربح؟ فقال: لا يعجبني. ونقل حنبل عنه: البيع جائز، والشرط باطل، إن شاء أعتق، وإن شاء لم يعتق. "الروايتين والوجهين" 1/ 349 - 350 ونقل المروذي أنه سئل: ما معنى حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "لا شرطان في بيع" (¬1)؟ قال: إذا قال أبيعك أمتي هذِه على أنك إذا بعتها فأنا أحق بها. ونقل علي بن سعيد النسوي عنه في الرجل يشتري الشيء ويشترط البائع إن هو باعه فهو أحق به بالثمن: فالشرط والبيع جائزان. "الروايتين والوجهين" 1/ 351، "المبدع" 4/ 58، "الإنصاف" 11/ 239 - 240 قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: إن هؤلاء يكرهون الشرط في البيع، فنفض يده، وقال: الشرط الواحد لا بأس به في البيع، إنما نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن شرطين في البيع. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 178، وأبو داود (3504)، والترمذي (1234)، والنسائي 7/ 288 من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وحسنه الألباني في "الإرواء" (1305).

ونقل الأثرم عنه في تفسير الشرطين: أن يشتريها على أنه لا يبيعها من أحد، وأنه يطؤها. ونقل إسماعيل بن سعيد عنه: أن يقول: إذا بعتكها فأنا أحق بها بالثمن، وأن تخدمني سنة. "المغني" 6/ 321، "معونة أولي النهى" 5/ 64 قال أبو طالب: سألت أحمد عن رجل اشترى جارية فشرط أن يتسرى بها: تكون جارية نفيسة يحب أهلها أن يتسرى بها، ولا تكون للخدمة؟ قال: لا بأس به. وقال مهنا: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل اشترى من رجل جارية فقال له: إذا أردت بيعها فأنا أحق بها بالثمن الذي تأخذها به مني؟ قال: لا بأس به، ولكن لا يطؤها، ولا يقربها، وله فيها شرط؛ لأن ابن مسعود قال لرجل: لا تقربنها ولأحد فيها شرط. وقال حنبل: حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة: أن ابن مسعود اشترى جارية من امرأته، وشرط لها إن باعها فهي لها بالثمن الذي اشتراها به. فسأل ابن مسعود عن ذلك عمر بن الخطاب. فقال: لا تنكحها وفيها شرط (¬1). وقال حنبل: قال عمي: كل شرط في فرج فهو على هذا. والشرط الواحد في البيع جائز، إلا أن عمر كره لابن مسعود أن يطأها؛ لأنه شرط لامرأته الذي شرط. فكره عمر أن يطأها وفيها شرط. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 56 (14291) وسلف.

وقال حرب الكرماني: سألت أحمد عن رجل اشترى جارية، وشرط لأهلها أن لا يبيعها ولا يهبها؟ فكأنه رخص فيه. ولكنهم إن اشترطوا له إن باعها فهو أحق بها بالثمن. فلا يقربها، يذهب إلى حديث عمر بن الخطاب، حين قال لعبد اللَّه بن مسعود. "مجموع الفتاوى" 29/ 136 - 137. قال ابن القاسم: قيل لأحمد: الرجل يبيع الجارية على أن يعتقها؟ فأجازه. فقيل له: فإن هؤلاء -يعني: أصحاب أبي حنيفة- يقولون: لا يجوز البيع على هذا الشرط. قال: لم لا يجوز؟ ! قد اشترى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعير جابر، واشترط ظهره إلى المدينة (¬1)، واشترت عائشة بريرة على أن تعتقها (¬2)، فلم لا يجوز هذا؟ ! قال: وإنما هذا شرط واحد، والنهي إنما هو عن شرطين. قيل له: فإن شرط شرطين أيجوز؟ قال: لا يجوز. "مجموع الفتاوى" 29/ 166 وقال أحمد بن الحسين: سألت أبا عبد اللَّه عمَّن اشترى مملوكًا واشترط: هو حر بعد موتي؟ قال: هذا مدبر. "مجموع الفتاوى" 29/ 170. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 303، والبخاري (2718) من حديث جابر. (¬2) رواه الامام أحمد 6/ 81 - 82، والبخاري (2168)، ومسلم (1504).

1527 - إذا مات أحد المتعاقدين، هل يبقى الشرط؟

وقال الجرجرائي: قيل له: رجل اشترى من رجل حائطًا على أن يعمل له فيه سنة أو سنتين. قال: لا بأس. "بدائع الفوائد" 4/ 40 ونقل حرب عنه: لا بأس بشرط واحد. قال حرب: ومذهبه على أن قوله: على أن لا تبيع ولا تهب. شرط واحد. "الفروع، " 4/ 62، "الإنصاف" 11/ 240 ونقل الأثرم عنه فيمن شرط العتق: إن أبى عتقه فله أن يسترده، وإن أمضى فلا أرش. "الفروع" 4/ 64 1527 - إذا مات أحد المتعاقدين، هل يبقى الشرط؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل باع ثوبًا بشرط فمات المشتري؟ قال سفيان: يلزمه البيع، إلا أن تقوم البينة أنه قد رده. قال أحمد: جيد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2254) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: فإن باع ثوبا بشرط، فمات البائع قبل أن يمضي الأجل، يقال للمشتري: قد صار المال لغيره، فإن شئت فخذ، وإن شئت فرد. قال أحمد: له أن يرد إن شاء، وإن شاء أخره إلى الأجل. "مسائل الكوسج" (2255)

1528 - هل يفسد العقد لفساد الشرط؟

قال إسحاق بن منصور: قلت: فإن قال ورثة البائع: لا نعطيه حتى يمضي شرط المشتري، ليس ذلك للوراث، إن شاء أخذ، وإن شاء ترك؟ قال أحمد: الخيار للمشتري، ما بينه وبين الأجل. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2256) 1528 - هل يفسد العقد لفساد الشرط؟ قال عبد اللَّه: قلت لأبي: إن شريحًا قال في شرطين في بيع: أن يقول: أبيعك إلى شهر بعشرة، فإن حبسه شهرًا فيأخذ عشرة؟ فقال شريح: أقل الثمن، وأبعد الأجلين أو الربا (¬1). فسألت أبي عن ذلك. فقال: هذا البيع فاسد. "مسائل عبد اللَّه" (1033). قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن رجل باع جارية من رجل على أن لا يبيع ولا يهب؟ قال: البيع جائز، ولا يقربها؛ لأن عمر بن الخطاب قال: لا تقرب فرجًا وفيه شرط لأحد (¬2). قيل لأبي: فالبيع جائز؟ قال: البيع جائز. "مسائل عبد اللَّه" (1038). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 137 (14629) عنه قال: من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا. (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 56 (14291)، وسعيد بن منصور 2/ 105 (2256)، وابن أبي شيبة 4/ 429 (21740).

وقال في رواية حنبل: إذا باعه رطبة على أن يجزها، أو نخلًا على أن يصرمه، فتركه حتى زاد، فالزيادة لا يستحقها واحد منهما ويتصدقان بها، والبيع فاسد. ونقل حنبل وأبو طالب وابن القاسم في الرجل يبتاع النخل على أن يصرمه، فتركه حتى بلغ: البيع فاسد، والنماء للبائع. "الروايتين والوجهين" 1/ 334. وقال في رواية أحمد بن سعيد: إذا ترك الرطبة حتى تطول وتكثر، فالبائع شريك في النماء، إلا أن يكون شيئًا يسيرًا، وكذلك النخل. ونقل أبو طالب: إذا اشترى قصيلًا ثم مرض، أو توانى فيه حتى صار شعيرًا، فإن أراد الحيلة فسد البيع. "الروايتين والوجهين" 1/ 335 - 336. ونقل ابن القاسم في الرجل يبيع الجارية على أن يعتقها: فالبيع والشرط جائزان. ونقل حنبل عنه: البيع جائز، والشرط باطل إن شاء أعتق، وإن شاء لم يعتق. "الروايتين والوجهين" 1/ 349 - 350. قال عبد اللَّه بن محمد الفقيه سألت أحمد، عن الرجل يشتري من رجل جارية، ويشترط عليه أن تخدمه؟ فقال: البيع جائز، والشرط فاسد، فإن شرط أن تخدمه وقتًا معلومًا، فإن البيع فاسد، ولا يجوز في الوقت المعلوم. "طبقات الحنابلة" 2/ 64.

1529 - فصل: بيع العربون

1529 - فصل: بيع العربون قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا اكترى رجل من رجل دابة بعشرة دنانير، فأعطاه دينارًا، فيقول: إن ركبت الدابة فالدينار من الكرى، وإن تركت الكرى فالدينار لك؟ قال: هذا مكروه. قال إسحاق: كلما شرط ذا وبينه جاز لما يتعامل الناس به. "مسائل الكوسج" (1931) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن العربون ما تفسيره؟ قال: هذا عربان البيع. "مسائل عبد اللَّه" (1043) قال عبد اللَّه: سألت أبي: حدثنا سفيان بن عيينة غير مرة عن عمرو -يعني: ابن دينار- قال: سمعت عبد الرحمن بن فروخ: اشترى نافع بن عبد الحارث -وكان عامل عمر على مكة- من صفوان بن أمية دار السجن بأربعة آلاف، فإن عمر رضي فالبيع له، وإن عمر لم يرض، فلصفوان أربع مائة. قلت: لأبي: فأيش تقول أنت؟ قال: دعها. "مسائل عبد اللَّه" (1044) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: ويكون أيضًا: يكتري الرجل الدار فيجعل له الشيء، فإن سكن فذاك، وإن لم يسكن كان لصاحب الدار ما يعجل له من الدراهم. "مسائل عبد اللَّه" (1045)

ونقل الأثرم عنه: روي فيه عن نافع بن عبد الحارث أنه اشترى لعمر دار السجن من صفوان بن أمية، فإن رضي عمر، وإلا فله كذا وكذا. قال الأثرم: قلت لأحمد: تذهب إليه؟ قال: أي شيء أقول، هذا عمر -رضي اللَّه عنه-. وضعف الحديث المروي (¬1). "المغني" 6/ 331، "بدائع الفوائد" 4/ 69، "معونة أولي النهى" 5/ 71 ونقل الميموني عنه: لا بأس بالعربون. "بدائع الفوائد" 4/ 69 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 183، وأبو داود (3502)، وابن ماجه (2192) من حديث الإمام مالك وهو في "موطئه" (377) عن الثقة -عنده- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن بيع العربان". وفيه هذا الثقة وهو مجهول. وسماه ابن ماجه في روايته (2193) عبد اللَّه بن عامر. قال ابن حجر في "التلخيص" 3/ 17: وسمي في رواية لابن ماجه ضعيفة: عبد اللَّه ابن عامر، وقيل: هو ابن لهيعة وهما ضعيفان. وضعفه الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (475). وانظر: "البدر المنير" 6/ 525.

باب ما جاء في الآثار المترتبة على صحة العقد ثبوت المل للمشتري في المبيع، وللبائع في الثمن

باب ما جاء في الآثار المترتبة على صحة العقد ثبوت المل للمشتري في المبيع، وللبائع في الثمن 1530 - هل ينتقل الملك للمشتري بمجرد العقد؟ قال إسحاق بن منصور: ملك البائع فيه قائم حتى يوفيه المشتري. "مسائل الكوسج" (2021) ونقل ابن مشيش وغيره عنه: لا يملكه بالعقد. "الفروع" 4/ 134

1531 - كيفية القبض

الآثار المترتبة على ثبوت الملك للمشتري في المبيع، وللبائع في الثمن 1 - وجوب تسليم البدلين (المبيع والثمن) أولًا: التسليم والقبض 1531 - كيفية القبض ونقل الأثرم عنه: إذا اشترى صبرة فلا يبيعها حتى ينقلها. نقل الميموني: قال لي أحمد -في البيع والشراء: هو حيت كان له وملكه فقد قبضه. وقال أيضا في الرجل يشتري صبرة الطعام: فقيل له: كيف التسليم إليه؛ فقال: كيف تسلم الثمرة في رءوس النخل إذا لم يحل بينه وبينه، فهو تسليم. ونقل محمد بن الحسن بن هارون عنه: إذا اشترى طعامًا فلا يبيعه حتى يكتاله، قبضه كيله. "الروايتين والوجهين" 1/ 327 ونقل أبو طالب عنه: لو باع مكيلًا ليلًا لم يكن كيله قبضًا، ويوضع من الثمن بقدر التالف. "الفروع" 4/ 79

1532 - طلب الزيادة في الكيل بعد الاستيفاء

1532 - طلب الزيادة في الكيل بعد الاستيفاء قال ابن هانئ: سألته عن الزلزلة في الكيل؟ فقال: مكروه. "مسائل ابن هانئ" (1176) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: أشتري الدقيق فيزيد مثل القفيز (¬1) الملوكي، فقال: هذا فاحش يرد، في مثل هذا لا يتغابن الناس به. قلت: فكيلجة (¬2) أو نحوها؟ فقال: هذا يتغابن الناس بمثله، وأراه قد ذكر فضل الأوزان الدينار ونحوه. "الورع" (205) 1533 - قبض المشتري للمكيل بكيل سابق للبيع إذا شاهد قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل اشترى قثاء وزنا، فوزنه البائع، فقال للمشتري: قد وزنته، هو كذا وكذا، ولم يحضر المشتري وزنه فقبضه على ذلك، وربح؟ قال سفيان: يتنزه عن الربح. قال أحمد: أرجو أن لا يكون به بأس. قال إسحاق: كما قال أحمد؛ ولكن لا يزنه أبدًا حتى يحضر الذي اشتراه أو وكيل له. "مسائل الكوسج" (2050) ¬

_ (¬1) القَفِيز: مكيال كان يكال به قديمًا، ويختلف مقداره في البلاد، ويعادل بالتقدير المصري الحديث نحو ستة عشر كيلو جرامًا. "المعجم الوسيط" ص (751). (¬2) مكيال، والجمع: كيالجه وكيالج. "القاموس المحيط" ص (260).

قال أبو داود: قلت لأحمد: في كل بيعةٍ كيل؟ قال: إذا سمى كيلًا فلابد من أن يكيل. "مسائل أبي داود" (1317). قال أبو داود: سمعت أحمد قال: إذا علم الرجل كيل الطعام، من الناس من يكره أن يبيعه حتى يعلمه ما يعلم هو. "مسائل أبي داود" (1318). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل، قال: كل شيء يشتريه الرجل مما يكال أو يوزن، فلا يبيعه حتى يقبضه، وأما غير ذلك فرخص فيه. "مسائل أبي داود" (1319) قال ابن هانئ: سألته عن رجل اشترى من رجل كُر (¬1) طعام، وقبضه، ثم قال له المشتري: بعني ما بعتك فقد رغبت فيه. قلت له: فلي أن أبيعه كما أخذته منه، وكان قد كاله لي فإن اشتراه مني أكيله أنا له أيضا؟ قال: نعم، حتى يجري فيه الصاع، أو يكيله هو أيضًا. "مسائل ابن هانئ" (1179). قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن رجل باع بيعًا مجازفة، وهو يعلم كيله دون صاحبه، قال: لا حتى يستوي علمهما فيه. "مسائل عبد اللَّه" (1124). وقال في رواية حنبل: قال الحسن في رجل كان له على رجل طعام سلفًا فلقيه رجل فقال له: بعني طعامًا، فقال له: اكتل مالي عند فلان -يعني: المسلم إليه- لم يجز حتى يقبضه. ¬

_ (¬1) الكُر: مكيال قديم، قيل إنه أربعون أردبًا.

1534 - مؤنة التسليم على البائع أم المشتري؟

قال أحمد: لا يبيعه حتى يقبضه صاحب الدين، فإذا قبض استوفاه بكيل جديد، أو يكون حاضرًا لكيله، فيأخذه مكانه الذي اكتاله صاحبه. "الروايتين والوجهين" 1/ 328. ونقل حرب: إذا اشتريا غلة أو نحوها وحضراها جميعًا، وعرفا كيلها، فقال أحدهما لشريكه: بعني نصيبك وأربحك فهو جائز. وإن يحضر هذا المشتري الكيل فلا يجوز إلا بكيل. "المغني" 6/ 206، "الفروع" 4/ 136. ونقل الميموني عنه: إذا عرفا كيله، فلا أحب أن يشتريه حتى يكتاله. ونقل المروذي وابن حبان عنه: التحريم. ونقل حنبل عنه فيمن بينهما كر طعام، فأراد أحدهما شراء نصيب الآخر: يجوز ولا يسمي كيلًا، فإن سماه كال. "الفروع" 4/ 95. 1534 - مؤنة التسليم على البائع أم المشتري؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ: كلُّ بيعٍ ليسَ فيه كيلٌ ولا وزنٌ ولا عددٌ فجذاذه وحمله ونقضه على المشتري، وكلُّ بيعٍ فيه كيلٌ أو وزنٌ أو عددٌ فهو على البَائِعِ حتَّى يوفيه إيَّاه. قال أحمد: أمَّا العددُ فَلَا، ولكن كلّ ما كان يُكال أو يُوزن فلابدَّ للبائعِ بأنْ يوفيه المبتاع؛ لأنَّ ملكَ البائع فِيهِ قائمٌ حتَّى يوفيه المشتري، وكلّ مَا لا يُكال ولا يُوزن مثل الدَّارِ، والعبدِ والأمةِ وكلّ شيءٍ خرجَ مِنْ حدِّ الكَيا والوزَنِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ معلومًا فهوَ مِنْ مالِ المشتري، فَمَا لزمه مِنْ شيءٍ فهوَ عليه.

قال إسحاق: كما قال أحمد؛ لأنّ له بيع كلّ شيءٍ لا يُكال، ولا يُوزن قَبلَ القبض، فإنْ هلكَ كَانَ مِنْ مَالِ المشتري. "مسائل الكوسج" (2021). قال إسحاق بن منصور: قلت: قال الثوري: إذا قال الرجل للرجل: بعتك هذِه النخلة فجذاذه على المشتري. قال أحمد: جيد، هذا لم يبعه كيلًا ولا وزنًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2022) ثانيًا: الثمن 1 - قيمة المبيع يوم قبضه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإِسحاقَ: رجل دفعَ إِلَى رجلٍ مائة درهم فقَال: بعْ مِني طعامًا، ولمْ يقبضه يومئذٍ حتَّى ارتفعَ السعرُ، أللبائعِ أنْ يعطيَهُ بسعرِ يومِهِ أوْ بسعرِ يومِ أخذَ الدراهمَ؟ قال: كلما اشْترى طعامًا والبيع عنده يومئذٍ، فإنَّ الشِّرى صحيحٌ، والبائعُ عليه التسليمُ، وإن اشتراه وليسَ عند البائع طعامٌ فالبيعُ فاسدٌ؛ لأنَّ هذا غير السلم، وإنْ دَفَعَ دراهم عَلَى أنْ يعطيه بسعرٍ سَمَّيَاه؛ فإنَّ لَهُ أنْ يعطيَهُ بسعرِ يومِهِ الذي يسلمه إِليهِ. "مسائل الكوسج" (2326). نقل الأثرم وحنبل عنه: في الرجل يأخذ من الرجل رطلًا من كذا وكذا على وجه البيع، ولا يقاطعه على سعره، قال: فلا بأس به، ويكون له قيمته

1535 - أثر اختلاف الثمن عن القيمة

يوم أخذه لا يوم محاسبته. "الروايتين والوجهين" 1/ 415. 1535 - أثر اختلاف الثمن عن القيمة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قِيلَ لَهُ: فَإِنْ اشْتَرى طعامًا لا يسوى قيمة الذي أخَذَ؟ قال سفيان: غلاؤُهُ ورخصُهُ لَهُ، ويرجع عَليه أَخُوه بالدراهمِ. قال أحمد: لا يرجع، هذا أشنع مِن الأول، فإِنْ كَانَ يرجع عَليه فرخصُهُ وغلاؤُهُ عليهما. ولا يرى أحمدُ أنْ يرجعَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2100). 1536 - الزيادة في المبيع والثمن تلحق بأصل العقد أم لا؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سُفيانُ عَن رجلٍ ابتاعَ لصَاحِبِهِ شيئًا فاستزاده فزاده؟ قال: أمَّا في القضاءِ فهوَ للذي اشْتَرى، ويعلم صَاحِبه الذي اشْتراه لَهُ: إني استزدت كَذَا وكَذَا، استحب ذَلِكَ. قال أحمد: أكرهُ أنْ يستزيدَ، إِنما هي مسألةٌ. قلت: فإنْ اسْتَزَاده (فَزاده)؟ قال: هو لصَاحِبِ البيعِ.

قُلْتُ: سُئِلَ فإِذَا ابتاعَ فاستزاد فزاده، ثمَّ وجدَ عيبًا في البيعِ فردَّهُ؟ قال سفيان: الزيادةُ للذي اشْتَرى. قال أحمد: الزيادةُ مِنْ سببِ البيعِ. قال إسحاق: كما قال أحمد، يرد الزيادةَ معَ البيعِ. "مسائل الكوسج" (2233). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يشتري الطعام من العامل، بكيل وافٍ، فيبيعه بكيل دون ذلك؟ قال: لا أدري. "مسائل ابن هانئ" (1225). قال محمد بن موسى النهرتيري: وسمعته سئل عن رجل اشترى من رجل قطعة باقلًا، أو شيئًا من الأشياء فغرقت، ثم نضب الماء عنها، فصار فيها سمك لمن السمك؟ قال: لصاحب الأرض. "طبقات الحنابلة" 2/ 369 ونقل أبو طالب عن أحمد، أنه إذا ظهر المعدن في ملكه ملكه. "المغني" 6/ 145 وقال في رواية ابن ماهان فيمن اشترى لحمًا، ثم استزاد البائع فزاد، ثم رُدَّ اللحم بعيب: فالزيادة لصاحب اللحم؛ لأنها أخذت بسبب العقد. "تقرير القواعد" 3/ 103

1537 - المتبايعان يمتنع كل واحد منهما أن يدفع ما بيده حتى يقبض ما بيد صاحبه

1537 - المتبايعان يمتنع كل واحد منهما أن يدفع ما بيده حتى يقبض ما بيد صاحبه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ: إن باعَ الرجلُ رجلًا ثوبًا بثوبٍ، أو عرضًا بعرضِ فتشاكَسَا، فَقَال أحدُهُما: لا أدفع إليكَ، وقال الآخرُ مثل ذَلِكَ، جَعَلا بينهمَا حَكَمًا يقبض منهمَا جَميعًا ويدفع إليهما جميعًا؟ قال: نعم هوَ هَكَذَا. قال إسحاق: كما قال، إلَّا أنْ يكونَ حاكم يرى أنْ يأمرَ (أحدَهُما) بالدَّفعِ أولًا. "مسائل الكوسج" (2033/ ج) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ: وإنْ كانَ عرضًا بدنانير أو دراهم، يكون عد، بينهمَا لا يدفع إِليه العَرَضَ حتَّى يزنَ لَهُ الدنانيرَ، أو الدراهمَ؟ قال: أمَّا العرَض فيدفع إِليه إذَا كانَ بدراهم. قال إسحاق: كما قال سفيان، إِلَّا أنْ يكون حاكم يأمر بدفع العَرَضِ أولًا، ثم يأمر ذَا بدفعِ الدراهم. "مسائل الكوسج" (2034) 1538 - 2 - لا يجوز التصرف في المبيع قبل القبض قال إسحاق بن منصور: قلت: من اشترى طعامًا فلا يبيعيه حتى يقبضه؟

قال: هو هكذا، وكل شيء في معنى الطعام فهو كذلك، البر والشعير والملح والتمر والزبيب والحمص والعدس والحبوب كلها، والسكر، وكل شيء يؤكل ويشرب مما يتخذ منه الأشربة. قال إسحاق: كما قال، في كل شيء يكال ويوزن. "مسائل الكوسج" (1786) قال إسحاق بن منصور: قلت: من اشتركوا في بز فخارج بعضهم بعضا بربح قبل أن يقتسموا؟ قال: لا بأس به، إنما يكره فيما يكال ويوزن. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1806) قال إسحاق بن منصور: قلت: بيع الزيادة في العطاء بالعروض؟ قال: يزاد الرجل عشرة دراهم في عطائه فلا يبيعها إلا بالعروض، فإذا مات انقطع ذلك. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1821) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا اشترى طعامًا أيوليه آخر قبل أن يقبضه؟ قال: لا. قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا اشترى ما يكال ويوزن يولى صاحبه، أو يشرك فيه إنسانًا قبل أن يقبضه؟ قال: لا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1829)

قال إسحاق بن منصور: قلت: قيل له -يعني: سفيان: رجل اشترى سفينة، فقال له رجل: ولني منها كرًا. قال: لا، حتَّى يقبضَ، ولا يُشركهُ حتَّى يقبضَ. قال أحمد: إن كان اشترى ما في السفينة صبرة، ولم يسم كيلًا، فلا بأس أن يشرك فيها رجلًا، أو يبيع ما شاء إلا أن يكون سمى كيلًا، فلا يبع ولا يولي حتى يكال عليه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1830) قال إسحاق بن منصور: قلت: وعن ربح ما لم يضمن؟ قال: لا يكون عندي إلا في الطعام -يعني: ما لم يقبض. قال إسحاق: كما قال في كل ما يكال ويوزن. "مسائل الكوسج" (1845) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يشتري الشيءَ مما لا يُكالُ ولا يُوزنُ، أَيبيعه قبلَ أنْ يقبضَه؟ قال: يبيعهُ قبلَ أنْ يقبضَه. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (1847). قال صالح: وقال في الرجل إذا اشترى عبدًا وأراد بيعه قبل أن يقبضه: أذهب فيه إلى قول عثمان (¬1). "مسائل صالح" (1287). ¬

_ (¬1) روى ابن أبي شيبة 4/ 498 (22468) عن عثمان أنه كان لا يرى بأسًا ببيع كل شيء قبل أن يقبض ما خلا الكيل والوزن.

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يجيء إليه الرجل، فيشتري منه ألف رطل حطب وأشباه ذلك، ثم يأمر لرجلٍ منه بمائة رطل، فيقول له الرجل الذي أمر له: اشتر مني هذِه المائة رطل، أيجوز له ذلك؟ قال أبو عبد اللَّه: لا يشتري منه شيئًا إلا أن يزنه له ويقبضه إليه، ثم يشتري منه بعد، ولا يشتري ولم يقبضه. "مسائل ابن هانئ" (1175). نقل الأثرم في بيع الصبرة قبل قبضها؟ أنه لا يجوز بيعها. ونقل ابن القاسم عنه أنه روي عن ابن عمر أنه قال: كنا نؤمر أن ننقله (¬1). عن موضعه. ولا أدري ما معنى هذا، إذا كان بينهما اشترى صبرة فهو بمنزلة القبض. ونقل مهنا عنه: كل شيء يباع قبل قبضه إلا ما كان يكال أو يوزن مما يؤكل أو يشرب. ونقل أحمد بن الحسن الترمذي، وقد سأله عن بيع الفاكهة قبل القبض. فقال: في هذا شيء إن خرج مخرج الطعام؛ لأن الحديث في الطعام. ونقل حرب عنه: إذا اشترى ما يكال ويوزن فلا يبيعه حتى يكيله ويقبضه، وإذا كان لا يكال ولا يوزن كالدار ونحوها جاز. ونقل الأثرم عنه: إذا اشترى صبرة فلا يبيعها حتى ينقلها. "الروايتين والوجهين" 1/ 326 - 327 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 56، والبخاري (2123)، ومسلم (1527).

وقال في رواية الجوزجاني فيمن اشترى ما في السفينة صبرة، ولم يسم كيلًا: فلا بأس أن يشرك فيها ويبيع ما شاء، إلَّا أن يكون بينهما كيلا فلا يولي حتى يكال عليه. "المغني" 6/ 181 وقال الأثرم: سألت أبا عبد اللَّه عن قوله: "نهى عن ربح ما لم يضمن" (¬1)؟ قال: هذا في الطعام وما أشبهة من مأكول أو مشروب، فلا يبيعه حتى يقبضه. "المغني" 6/ 182، "معونة أولي النهى" 5/ 131 نقل حنبل عنه: أنه ذكر له قول أبي سلمة، فقال: لا بأس إذا كان للرجل طعام أمر له به سلطان أو وهب له أن يبيعه قبل أن يقبضه والعبد مثل ذلك. والدابة يبيعها قبل أن يقبضها؟ قال أحمد: لا بأس بذلك ما لم يكن للتجارة. "تقرير القواعد" 1/ 392 وقال في رواية أبي طالب في بيع الزيادة في العطاء: قال ابن عباس: ما يدريه ما يخرج ومتى يخرج (¬2)، لا يشتريه، وكرهه. وربما سمي هذا أيضًا بيع الصكاك. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 174، وأبو داود (6628)، والترمذي (1234)، والنسائي 7/ 295، وابن ماجه (2188)، من طرق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الحاكم 2/ 17: هذا حديث على شرط جملة من أئمة المسلمين صحيح. وحسنه الألباني في "الإرواء" (1305). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 358 (20956) في كراهة بيع الزيادة في العطاء إلا بعرض.

ونقل حرب عن أحمد في بيع الزيادة في العطاء: لا بأس به بعرض. قلت: وما تفسيره؟ قال: هو الرجل يزاد في عطائه عشرة دنانير فيشتريها منه بعرض. قلت: وسألته عن بيع الصك بالعرض؟ قال: لا بأس به. "تقرير القواعد" 1/ 394 - 395

فصل في ضمان المبيع

فصل في ضمان المبيع أولًا: ضمان ما هلك بآفة سماوية منه: وضع الجوائح 1539 - أ- فيم تكون؟ قال عبد اللَّه: سألت أبي عن وضع الجوائح؟ فقال: الرجل يشتري الثمرة في رءوس النخل، فتصيبه العاهة، فيفسد، فوضع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الجوائح (¬1) تكون، لا يكون للبائع شيء؛ لأنه لم ينتفع منه المشتري بشيء. "مسائل عبد اللَّه" (1061) ونقل حنبل عنه: إنما الجوائح في النخل بأمر سماوي. "الفروع" 4/ 78، "المبدع" 4/ 171. 1540 - ب- حد الجائحة: قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كَمِ الجائحة؟ قال: أقولُ: هي موضوعةٌ، ولا أحُدُّها. قال إسحاق: الجائِحَةٌ إنما هي إِذَا اجْتَاحت مَالَهُ نخيلًا كانت أو ثمارًا، وهي آفاتٌ تنزلُ مِنَ المَاءِ، ولا تكون الجوائحُ إِلَّا في الثمارِ، وهو أن يخفف الثلث عَنِ الذين اشتروا. "مسائل الكوسج" (2024) ¬

_ (¬1) رواه مسلم (1554) من حديث جابر رضي اللَّه عنه.

قال ابن هانئ: وسمعته يقول: في الجائحة؟ قال: أهل المدينة يقولون: الثلث. كأنه لا يذهب إليه. "مسائل ابن هانئ" (1280) ونقل الأثرم وأبو طالب عنه: يوضع في القليل والكثير. وقال في رواية حنبل: يوضع من الجائحة عن المشتري الثلث من الثمرة. "الروايتين والوجهين" 1/ 331. وقال في رواية الأثرم: إنهم يستعملون الثلث في سبع عشرة مسألة. "المغني" 6/ 179، "المبدع" 4/ 171

ثانيا: ضمان ما هلك بفعل البائع، أو المشتري، أو أجنبي عنهما

ثانيًا: ضمان ما هلك بفعل البائع، أو المشتري، أو أجنبي عنهما 1541 - أ - هلاك المبيع قبل القبض قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يبيعُ الشيءَ، ولمْ يقبضْه المشتري فَيَتْوى، مِنْ مالِ مِنْ هو؟ قال: هو مِنْ مالِ المشتري، فإِذَا حَبَسه البائعُ على المشتري فهو مِنْ مَالِ البَائعِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1870) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجلٍ ابتاعَ متاعًا مِنْ رجلٍ وَقَلَّبَهُ، ونَظَرَ إليه واشْتَراه إِلَى أجلٍ، فقال له: أَقْبِضُهُ غَدًا، فَمَاتَ البائعُ وعليه دينٌ؟ قال: هو للمشتري بما اشْتَرى دون الغرماءِ ويتبعه الغرماء بالمالِ. قال أحمد: هو كمَا قال. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2097) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: وإنْ اشْترى بنقدٍ ولمْ يقبضْ، فجاءه ينقدِه مِنَ الغد، وقدْ مَاتَ البائعُ، فَهو أحقُّ بِهِ، وإنْ كَانَ ترخيصًا غير أنَّه مضمون عَلَى البَائعِ حتَّى يسلمَه. قال أحمد: هُوَ مِن ملكِ المشتري ليسَ عليه ضمان. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2098)

قال إسحاق بن منصور: سئل إِسحاقُ: رجل اشْتَرى دابةً ولمْ يَرَهَا فَضَاعَتْ، أو مَاتَتْ قبلَ أنْ تُدْفَعَ إِلَيهِ، فَعَلَى منْ الضمانُ؟ قال: الضمانُ عَلَى المشتري؛ لأنَّ مَا كانَ مِنَ الحيوانِ، والعروضِ، وكلِّ شيءٍ لا يُكالُ ولا يُوزنُ فَهلكَ قبلَ أنْ يقبضهُ المشتري، فهوَ مِنْ مالِ المشتري، وذَلك أنَّ لَهُ أنْ يبيعَ مَا أرادَ مِن ذَلِكَ قبلَ قبضهِ، فأمَّا إِذَا قال المشتري: سلِّم إليَّ ما بعت مِنْ ذَلِكَ مني فمنعه ذَلِكَ فهلك، فهوَ مِنْ مالِ البائعِ لما صار في يدِهِ كنحو الرهنِ. "مسائل الكوسج" (2320) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاقُ عَن رجلٍ قال لآخر: أبيعُكَ ضَيعتي هذِه فَجَاءَ بالدراهم فَقَال: خُذْ هذِه، ولمْ يكنْ بايعه، ولمْ يذكرْ ثمنًا، وَلا قرضًا، ولَا وديعةً فقبضها فاشْتَرى بِهَا مَتَاعًا؟ قال: قَدْ ضمنَهَا. قال إسحاق: صَارَ ما اشْترى مِنَ المتاعِ لَهُ ربحه وعليه ضمانه؛ لأنهُ سلطه على الانتفاعِ بِهِ في الظَّاهرِ. "مسائل الكوسج" (2329) نقل مثنى بن جامع، وقد سأله عن رجل اشترى من رجل شيئًا بدنانير أو دراهم فدفعها إليه، فقال: اذهب فانتقدها وزن حقك ورد عليّ الباقي، فضاعت. فرأى أنها من مال المشتري، إلا أنه يقول: هذا حقك فخذه ورد عليَّ الباقي، فكان معنى قوله يكون من مال البائع إذا ضاعت. "بدائع الفوائد" 4/ 45. نقل ابن مشيش عنه: أليس قد ملكه المشتري؟

1542 - هلاك المبيع قبل القبض، هل يوجب فسخ البيع؟

قال: بلى، ولكن هو من مال البائع -يعني: إذا تلف. "تقرير القواعد" 1/ 357 - 358. 1542 - هلاك المبيع قبل القبض، هل يوجب فسخ البيع؟ نقل على بن سعيد الشالنجي عنه: إذا كان التالف من جهة البائع لا يبطل العقد، ولا يخير المشتري. "الإنصاف" 11/ 502. 1543 - ب- ضمان المقبوض على سوم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ اشترى سلعةً على الرضَا، وسمَّى الثمنَ فهلكتْ؟ قال: هو سواءٌ، هو من مِالِهِ حتَّى يردَّه. قُلْتُ: ذهب بها على سوم، ولمْ يسمِّ الثمنَ فهلكت؟ قال: هوَ علَي حديثِ شريح حين قال لعمرَ رحمه اللَّه في الدابةِ حينَ أرادَ أنْ يشتريَ فعطبت فقال: أخذته على سوم، فأنتَ لهُ ضامنٌ حتَّى تردَّه (¬1)، هذا يضمنُ القيمةَ، على اليدِ ما أخذت حتَّى تؤديه، مثل العاريةِ. قال إسحاق: كمَا قال، إلَّا قوله: كالعاريةِ. "مسائل الكوسج" (2178) ونقل أبو طالب عنه فيمن ساوم رجلًا بدابة فقال: خذها بما أحببت فأخذها ولم يقطع الثمن فماتت. فهي من مال البائع. "الروايتين والوجهين" 1/ 332. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 509 (22591).

1544 - كيفية الضمان

وقال في رواية حنبل: إذا ضاع من المشتري، ولم يقطع ثمنه لزمه. وقال في رواية حرب فيمن قال: يعني هذا، فقال: خذه بما شئت، فأخذه فمات بيده، قال: هو من مال بائعه؛ لأنه ملكه حتى يقطع ثمنه. ونقل ابن مشيش عنه فيمن قال: بعنيه. فقال: خذه بما شئت. فأخذه فمات بيده، يضمنه ربه، هذا بعدُ لم يملكه. "الفروع" 4/ 142 - 143، "الإنصاف" 13/ 37 1544 - كيفية الضمان قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ دَفَعَ إِلَى رجلٍ ثوبًا يبيعه، ولمْ يسمِّ نقدًا ولا نسيئةً؟ قال: لا يبيعه إلَّا بنقدٍ. بيع الناس نقدًا، فإنْ بَاعَهُ بنسيئةٍ ردَّهُ، فإنِ استهلكَ الثَّوب فقيمتُهُ عَلَى الذي بَاعَ. قال أحمد: هو كما قال. قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ: فإنْ باعَ بنقدٍ ولمْ ينتقدْ؟ قال: لا يدفعَنَّ الثَّوبَ حتَّى ينتقدَ، فإنْ دَفَعَهُ ضمنَ. قال أحمد: صحيحٌ. سُئِلَ فإنْ باعَ الثوبَ فاستهلكَ، فالذي باعَ بِهِ أكثر مِنْ القيمةِ؟ قال سفيان: لا يؤخذُ إلَّا بالقيمةِ. قال أحمد: جيّد. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (2162) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجلٍ باعَ ثوبًا فمات المشتري قبلَ أنْ ينقدَهُ شيئًا، فجَاءَ البائعُ فقال: قد بعتُ من أبيكم ثوبًا

ولمْ آخذ الثمنَ، وأقامَ البينةَ أنَّهُ باعَهُ ثوبًا، ولا يدرون مَا الثَّمن؟ قال: أمَّا الثوبُ فقدْ باعَهُ، ليس له ثوب وأقرّ البائعُ بالبيعِ ليس لَهُ ثمنٌ، إلَّا أنْ يقيمَ البينةَ عَلَى ثمنِ الثَّوبِ دراهم معلومة. قال أحمد: جيّدٌ، إلَّا أنْ يكونَ الثوبُ بعينِهِ، فلهُ قيمةُ الثَّوبِ، فإذا استهلك الثوبِ، وصف الشاهدان الثوبَ، ثمَّ تقام تلك الصفة، فيرجع بِهَا عَلى الصفةِ، وإذَا كَانَ لا يصفون الثوب فَعَلى مَا قال سفيانُ. قال إسحاق: كما قال أحمد. قُلْتُ: سُئِلَ: فإن قال الميتُ: ابتعتُ هذا الثوبَ مِنْ فلان ولمْ أنقدْه الثمنَ؟ قال: هو سواءٌ ليسَ لَهُ شيءٌ إلَّا أنْ يجيءَ بالبينةِ على ثمنِ الثَّوبِ. قال أحمد: إِذَا كانَ الثوبُ بعينِهِ، له قيمة الثوبِ، وإذَا استهلك؛ وصفَ الشاهدان الثوبَ، ثمَّ تقام تلك الصفة فيرجع بِهَا عَلَى الصفةِ. قال إسحاق: معناهما واحدٌ. "مسائل الكوسج" (2282) ونقل عنه حرب: وما كان من الطعام والدراهم، أو ما يكال أو يوزن فعليه مثله ليس القيمة. ونقل موسى بن سعيد عنه: المثل في العصا والقطعة إذا كسرت، وفي الثوب، ولا أقول في العبد والبهائم. "الروايتين والوجهين" 1/ 409.

باب ما جاء في آداب البيع

باب ما جاء في آداب البيع 1545 - مبايعة من يكره ناحيته وأهل البدع قال صالح: الرجل يعلم أنه لا يؤدي الزكاة، هل تجوز معاملته في الشراء أو البيع؟ فقال: يوعظ ويؤمر، ويقال: أد زكاتك، وإني أحب أن يُجفى في معاملته، ويتنكب في ذلك؛ لعله أن يتوب أو يرجع. "مسائل صالح" (651) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا يشترى من السلطان شيء، إن كان ولا بد فاجعل بينك وبينهم رجلًا يلي البيع. "مسائل ابن هانئ" (1184) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن معاملة بعض الناس؟ فقال: يكون بينك وبينهم رجل، لو ذهب رجل يستقضي لضاق عليه. وقد روى عن ابن سيرين أنه سأل عبيدة، فقال: ويجد من ذلك بدًا. قلت لأبي عبد اللَّه، فقال: يحتمل أن يكون عبيدة إنما استفهم ابن سيرين. قال: لا (¬1). عن هشام قال: كان الحسن وابن سيرين يكرهان أن يشتريا من العمال شيئًا (¬2). قلت لأبي عبد اللَّه: بعت ثوبًا من رجل -أعني: أكره كلامه ومبايعته؟ ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي نسخة: فقد يحتمل أن يكون عبيدة لما استفهم ابن سيرين قال: لا. (¬2) لم أقف عليه.

فقال: دع حتى انظر فيها. فلما كان بعدُ سألته؟ قال: توق أن تبيعه. قلت: فإن بعته، وأنا لا أعلم؟ قال: إن قدرت أن تسترد البيع فافعل. قلت: فإن لم يمكنني أتصدق بالثمن؟ قال: أكره أن أحمل الناس على هذا، فتذهب أموالهم. قلت: فكيف أصنع؟ قال: ما أدري. أكره أن أتكلم فيها بشيء، ولكن أقل ما هاهنا أن تتصدق بالربح، وتتوق مبايعتهم. قال أبو بكر: هذا المسألة في الجهمي وحده. قلت لأبي عبد اللَّه: يروى عن يوسف بن أسباط؛ أن الثوري وابن المبارك اختلفا في رجل خلف متاعه عند غلامه، فباع ثوبه ممن يكره مبايعته. قال: قال الثوري: يخرج قيمته -يعني: قيمته الثوب- وقال ابن المبارك: يتصدق بالربح. فقال الرجل: ما أجد قلبي يسكن إلا إلى أن أتصدق بالكيس، وقد كان ألقى الدراهم في الكيس. فقال أبو عبد اللَّه: بارك اللَّه فيه. وسألت أبا عبد اللَّه مرة أخرى، قلت: أبيع الثوب، ثم يتبين بعد أنه ممن أكره؟ قال: تصدق بالربح، سمعت إسحاق بن أبي عمرو يقول: سألت ابن الجراح عن معاملة أهل المعاصي؟ فقال: تفسده. "الورع" (96 - 101)

1546 - شهود أسواق المشركين والشراء منهم

1546 - شهود أسواق المشركين والشراء منهم قال مهنا: سألت أحمد عن شهود هذِه الأعياد التي تكون عندنا بالشام مثل طور يا بور ودير أيوب وأشباهه يشهده المسلمون، ويشهدون الأسواق، ويجلبون الغنم فيه والبقر والرقيق والبر والشعير وغير ذلك إلا أنهم إنما يدخلون في الأسواق يشترون ولا يدخلون عليهم بيعهم؟ قال: إذا لم يدخلوا عليهم بيعهم وإنما يشهدون السوق فلا بأس. "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 198 1547 - التجارة في البحر قال الفضل بن زياد: وقال أحمد: سمعت من معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، قال: كان ناس من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتجرون في البحر، منهم طلحة بن عبيد اللَّه وسعيد بن زيد. "بدائع الفوائد" 4/ 60 1548 - في البيع والشراء بالدنانير والدراهم التي عليها اسم اللَّه وذكر المروذي عن أبي عبد اللَّه، عن أزهر، عن ابن عون قال: كان محمد يكره أن يشتري بهذِه الدنانير المحدثة (¬1)، والدراهم التي عليها اسم اللَّه تعالى. "الورع" (232) ¬

_ (¬1) أي: الدراهم الحجاجية.

1549 - الإشهاد في البيع

1549 - الإشهاد في البيع قال إسحاق بن منصور: قلت: قول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282]، إذا باع بالنقد أيشهد أم لا؟ قال: إن أشهد فلا بأس، وإن لم يشهد فلا بأس لقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [البقرة: 283]. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (1807) قال في رواية حرب في قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} فإذا أمنه فلا بأس أن لا يشهد. "العدة في أصول الفقه" 4/ 1420 نقل صالح في كتاب (طاعة الرسول) قوله: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} فالظاهر يدل على أنه إذا ابتاع شيئًا أشهد، فلما ابتاع الناس وتركوا الإشهاد؛ استقر حكم الآية على ذلك. "المسودة في أصول الفقه" 1/ 98 - 99

باب ما جاء في البيوع المنهي عنها

باب ما جاء في البيوع المنهي عنها 1550 - 1 - بيع حاضر لباد قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يبيع حاضر لبادٍ" (¬1)؟ قال: هو الرجل من أهل البادية، يجيء بالشيء يريد بيعه برخص، فيجيء الحاضر فيبيعه له بغلاء، فنهى الحاضر أن يبيع للباد، لكي يشتري منه بالرخص. وقال: "دعوا الناس يرزق اللَّه بعضهم بعض" (¬2) يبيع هو بيعه كي يبيعه برخص. سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يبعث بالمال وهو بأرض أخرى يشتري له المتاع هذا بمنزلة هذا؟ قال: هذا ليس بمنزلة هذا، إنما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يبيع حاضر لباد" وسئل عن الرجل من أهل البصرة: يبعث إلى رجل من أهل الكوفة، بمتاع ليبيعه، أيدخل عليه ما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يبيع حاضر لباد؟ ". قال: إذا كان الذي بعث إليه المتاع في الغرة مثل الذي يبعث فهو جائز، وإذا كان إنما بعث به إليه ليبيعه، وقد عرف سعر السوق، فهذا يدخل فيه معنى حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يبيع حاضر لباد" ولكن إذا كانا جميعًا في الغرة سواء، لا يعرف هذا سعر السوق، ولا يعرف هذا فإنه يجوز. سألته عن معنى حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يبيع حاضر لباد"؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 307، ومسلم (1522) من حديث جابر، وفي الباب عن أبي هريرة وابن عباس في الصحيحين -وغيرهما. (¬2) هو جزء من حديث جابر السالف تخريجه، فليراجع.

قال أبو عبد اللَّه: هذا إذا كان الرجل من أهل البادية، أو غيرها من القرى. يقدم بالشيء فلا ينبغي لحاضر أن يتولى بيعه، ولا يشتري له يدعه حتى يبيعه على غرته، فيبيعه رخيصًا، وإذا باعه هو له استوفاه فلا ينبغي له أن يفعل ذلك إلا أن يكونا جميعًا في الغرة سواء: البدوي والحضري، إذا استوى غرتهما في سعر السوق فلا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (1231). وقال الإمام في رواية الكحال وأبي طالب، وأحمد بن الحسين الترمذي: لا يبيع حاضر لبادٍ، نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك، وإن باع رددت البيع. ونقل علي بن الحسن المصري عن أحمد، أنه سئل عن بيع حاضر لباد؟ فقال: لا بأس به. فقيل له: فالخبر المروي بالنهي، يخير ولهم السعر فنهى عنه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "الروايتين والوجهين" 1/ 354. قال الحسن بن علي المصري: سألت أحمد عن بيع حاضر لبادٍ؟ فقال: لا بأس به. قلت: فالخبر الذي جاء بالنهي؟ قال: كان ذلك مرة. "المغني" 6/ 309، "الإنصاف" 11/ 185. قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي: سألت أحمد عن الرجل الحضري يبيع للبدوي؟ قال: أكره ذلك وأرد البيع في ذلك.

1551 - 2 - تتقي الركبان

ونقل عنه أبو طالب: إذا كان البادي عارفًا بالسعر لم يحرم. نقل المروذي عنه: إن قصد الحاضر أو وجه إليه ليبيعه: أخاف أن يكون منه. "الفروع" 4/ 47، "المبدع" 4/ 46 1551 - 2 - تتقي الركبان قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل الأوزاعي عن العير تقدم بالبضاعة أيشتريها الرجل؟ قال: لا، حتى يسمع أهل المنزل. قال أحمد: معناه: لا تتلقوا البيوع، فإذا هبطت الأسواق فليشتر من شاء. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2290) 1552 - إن تلقى الركبان، واشترى فهل العقد باطل أم لا؟ نقل الترمذي عنه: العقد باطل. ونقل أبو طالب عنه: العقد صحيح. "الروايتين والوجهين" 1/ 356 1553 - 3 - بيع الثنيا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يكْرهُ أنْ يبيعَ النخلَ ويستثني مِنها كَيلًا مَعْلُومًا؟

قال: لا يستثني إلَّا نخلًا بعينِهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1841). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ بَاع شَيئًا واسْتَثْنَى نِصْفَهُ، أو ثلثَهُ؟ قال: يبيعُ النصفَ ولا يستنثي، يقول: يبيعُ نصفَهُ حتَّى لا ينبغي لهُ أنْ يستثنيَ، هو لَهُ كله. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1871). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الأَمةُ تُباعُ ويُسْتثنى مَا في بَطْنِهَا؟ قال: إِذَا علم أَنه ولد بين فَلَهُ ثُنياه، وكذلكَ إِذا أعَتْقَهَا، واستثنى ما في بَطْنِهَا؛ فهو جائز. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1933). قال إسحاق بن منصور: قلت: من كره أنْ يبيعَ النخلَ ويستثنى منه كَيْلًا معلومًا؟ قال أحمد: لا؛ لأنَّه لا يدري عَسَى ألا يكونَ فِيهِ ما استثنى، ولكن يستثني نخلتين أو ثلاثا أو أكثر. قال إسحاق: هوَ كما قال بعد إذْ يعلم الذي استثنى. "مسائل الكوسج" (2023). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجلٍ بَاعَ جاريةً، واشترطَ ما في بَطنها إنْ كَانَ بها حَبَل؟ قال: مردودٌ. سُئِلَ: أرأيتَ إنِ استيقن أنَ بِها حَبلًا أهو عندك سواءٌ؟ قال: سواءٌ، لا تدري يخرجُ أوْ لا يخرج.

قال أحمد: ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما- أعتقها واسْتثنى ما في بَطْنِهَا (¬1)، والبيعُ والعتقُ عندي قريبٌ والشرطُ جائزٌ. قال إسحاق: كما قال أحمد، إِذَا بَاعَهَا واستثنى مَا في بطْنها جَازَ، أَفْتَى بذلك أصحابُ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- و -رضي اللَّه عنهم-، والعتاقةُ شبيهٌ بالبيعِ، يجوزُ استثناءُ ما في البطنِ. "مسائل الكوسج" (2189). ونقل صالح عنه: في الرجل يبيع الأمة ويستثنى ما في بطنها، وهي الحامل لشهر أو أكثر من ذلك. فقال: حديث ابن عمر: أنه أعتق أمة واستثنى ما في بطنها، وقول ابن عمر شبيه أو قريب من هذا. قال صالح: حدثني أبي قال: حَدَّثنَا ابن مهدي، عن عباد ابن عباد، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر نحوه. "مسائل صالح" (524). قال ابن هانئ: وسئل عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نهى عن بيع الثنيا حتى تعلم (¬2). قال: الرجل يبيع النخل، فيشترط هذِه وهذِه وهذِه، لنخل قد سماه، فلا بأس أن يشترط، فهذا بيع الثنيا. "مسائل ابن هانئ" (2030). قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن بشير، عن عمرو بن راشد الأشجعي أن رجلًا باع بختية واشترط ثنياها ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 412 (21561) وابن حزم في "المحلى" 9/ 382. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 313، ومسلم (1536/ 85) من حديث جابر بن عبد اللَّه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة وعن الثنيا إلا أن تعلم.

فرغبت فيها، فاختصما إلى عمر. فقال: اذهب إلى علي. فقال علي: اذهبا به إلى السوق فماذا بلغت أقصى ثمنها فأعطوه حساب ثنياها من ثمنها. قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وأنا أذهب إلى هذا. فقال له أبو ثور: يا أبا عبد اللَّه: أين عمرو بن راشد؟ فقال: سبحان اللَّه، أما سمعت حديث شعبة عن عمرو بن مرة، عن هلال بن يساف، عن عمرو بن راشد، عن وابصة أن رجلًا صلى خلف الصف وحده (¬1). ثم قال أبي: هو رجل معروف أو مشهور. "مسائل عبد اللَّه" (1047). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يبيع ثمرة أرضه يستثني كرا أو كرتين؟ فقال: أرجو ليس به بأس. "مسائل عبد اللَّه" (1048). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل باع أمة واستثنى ما في بطنها وهي حامل بشهر أو أكثر من ذلك. فقال: حديث ابن عمر أعتق أمة واستثنى ما في بطنها. قال: قول ابن عمر يشبه أو قريب من هذا. "مسائل عبد اللَّه" (1049). قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل: ما تقول في رجل باع حائطًا ثلاثًا أو أربعًا، أو كرًا أو كرتين؟ قال: لا؛ لأنه ليس بمعلوم. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 228، وأبو داود (682)، والترمذي (231) وقال: حديث وابصة حديث حسن. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (683).

1554 - إذا استثنى شيئا من المبيع وتلف في يد المشتري، هل يضمن؟

قيل: فيستثنى نخلات معلومات؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (1052). ونقل حنبل والمروذي عنه في الرجل يبيع الأمة ويستثنى ما في بطنها، أنه لا يجوز. "الروايتين والوجهين" 1/ 356. نقل ابن القاسم عنه فيمن استثنى رطلًا من الشحم: يصح. ونقل سندي عنه فيمن استثنى حملًا من حيوان: يصح. "الفروع" 4/ 29، "المبدع" 4/ 33 نقل عنه أبو طالب: لا يصح البيع بدينار إلا درهمًا. "معونة أولي النهى" 5/ 36 1554 - إذا استثنى شيئًا من المبيع وتلف في يد المشتري، هل يضمن؟ قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: فعلى المشتري أن يحمله على غيره؛ لأنه كان له حملان؟ قال: لا. "المغني" 6/ 166، "معونة أولي النهى" 5/ 61 1555 - 4 - الاحتكار قال إسحاق بن منصور: قلت: قال: سألت الأوزاعي عن السفينة تقدم بالبضاعة؟

قال: لا يحبس، يبيع مكانه، ليس صاحب البر كصاحب البحر. قال أحمد: وإن حبس أي شيء يكون؟ ! قال إسحاق: كما قال الأوزاعي؛ لأن حبسه احتكار. "مسائل الكوسج" (2291) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: في أي شيء يكون الاحتكار؟ قال: في كل ما كان قوتا للناس في مثل مكة والمدينة، وأما مثل بغداد فلا يكون إلا أن يصيبهم جدب. "مسائل الكوسج" (2337) قال صالح: سألت أبي عن رجل يشتري التمر من البصرة إلى بغداد، أو إلى بلد من البلدان، يريد بيعه، فيكسد عليه، ويلحقه فيه وضيعة، فيكره أن يبيعه بوضيعة، فيحبسه الشهر والشهرين، يرجو بذلك أن يصير السعر إلى حال يسلم من الوضيعة، هل تكون هذِه حكرة؟ وهل يسمى من فعل هذا محتكر، وهو لا يعرف بالحكر؟ فقال: أرجو أن لا يكون في مثل هذا البلد حكرة، ولا أعرف لها حدًّا، ولكن يكون هذا في مثل المدينة ومكة وأشباههما من البلدان، يشتري الرجل الطعام أو التمر الذي هو قوتهم فيحتكره، فأخاف أن يكون هذا حينئذ محتكرًا، فأما مثل هذِه المدينة أو البصرة فربما احتكروا، فان في ذلك مرفق للناس، ولكن ينبغي للرجل إذا اشترى شيئًا من قوت المسلمين أن يحسن نيته في ذلك ولا يتمنى الغلاء. "مسائل صالح" (643). قال أبو داود: قلت لأحمد: الحكرة فيم هي؟ قال: ما فيها عيش الناس. "مسائل أبي داود" (1253).

قال أبو داود: قلت لأحمد: في مثل أي المواضع تكون الحكرة؟ قال: في مثل مكة والمدينة والثغور. "مسائل أبي داود" (1254). قال أبو داود: قال أحمد بن حنبل: ليس الاحتكار إلا في الطعام خاصة؛ لأنه قوت الناس. "مسائل أبي داود" 2/ 292 قال ابن هانئ: حديث عمر: من جلب إلينا طعامًا، فأنا له جار، ولطعامه ضامن، ولا يبيعه في سوقنا محتكر، وليبع كيف شاء (¬1). متى يصير محتكرًا؟ قال أبو عبد اللَّه: كانت المدينة ينكبون عنها، وكان عمر يشتهي أن يتألف الناس، يقول: فأنا لكم جار، وأنا لطعامكم ضامن، حتى يجيئوا بالطعام. "مسائل ابن هانئ" (2023). وروى المروذي عنه: قال: حدثتنا أم بكر قالت: احتكر المسور طعامًا كثيرًا، فرأى سحابًا من الخريف فكرهه، فقال: لا أراني قد كرهت ما ينفع المسلمين، من جاءني أوليته كما أخذته، قال: فبلغ ذلك عمر فقال: ما للمسور؟ ! فأتى عمر، فقال: يا أمير المؤمنين! إني احتكرت طعامًا كثيرًا، فرأيت سحابًا قد نشأ، فكرهتها، فتأليت أن لا أربح فيها شيئًا. فقال عمر: جزاك اللَّه خيرًا (¬2). "الورع" (250) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 206 (14901). (¬2) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 58/ 165 - 166.

1556 - حكم من ادخر لأهله طعاما

وقال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن أي شيء الاحتكار؟ قال: إن كان من قوت الناس فهو الذي يكره. "المغني" 6/ 317. ونقل حنبل عنه: الجالب مرزوق ما لم يحتكر. "الفروع" 4/ 53. ونقل حنبل عنه: الجالب أحسن حالًا، وأرجو ألا بأس ما لم يحتر. وقال: لا ينبغي أن يتمنى الغلاء. "الفروع" 4/ 54، "الإنصاف" 11/ 201. 1556 - حكم من ادخر لأهله طعامًا نقل عنه جعفر فيمن يدخر قوتًا لأهله ودوابه سنة وسنتين، ولا ينوي التجارة، فأرجو أن لا يضيق. وذكر في رواية ابن مشيش: حديث عمر: أنه عليه السلام أحرز لأهله قوت سنة (¬1). "الفروع" 4/ 54، "المبدع" 4/ 48، "الإنصاف" 11/ 201، "معونة أولي النهى" 5/ 56 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 25، والبخاري (2954)، ومسلم (1757) من حديث عمر مرفوعًا.

أبواب الخيار في البيع

أبواب الخيار في البيع فصل: أقسام الخيار 1557 - أولًا- خيار المجلس قال المروذي: سمعت محمد بن نصر النيسابوري يقول: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: ناظرت يحيى بن آدم في البيعين بالخيار ما لم يتفرقا، قال: فقال لي: من قال بهذا القول من الفقهاء؟ فقلت له: سفيان بن عيينة، وعبد اللَّه بن المبارك، ويحيى القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، قال: وذكرت أحمد معهم لكي لا يجترئ. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (266) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن البيعين بالخيار؟ فقال: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا. "مسائل عبد اللَّه" (1039) روى عنه الأثرم وإبراهيم بن الحارث والمروذي: إذا تبايعا فخير أحدهما صاحبه بعد البيع، فهل يجب؟ فقال: هكذا في حديث ابن عمر (¬1). قيل له: أتذهب إليه؟ قال: لا، أنا أذهب إلى الأحاديث الباقية، الخيار لهما ما لم يتفرقا، ليس فيها شيء من هذا. "العدة في أصول الفقه" 3/ 1007 ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 4، 9 والبخاري (2107)، ومسلم (1531).

1558 - بم يحصل التفرق

نقل الفضل بن زياد عنه: بلغ ابن أبي ذئب أن مالكًا لم يأخذ بحديث: "البيعان بالخيار" فقال: يستتاب في الخيار، فإن تاب وإلا ضربت عنقه، ومالك لم يرد الحديث، ولكن تأوله على غير ذلك. "طبقات الحنابلة" 2/ 189 1558 - بم يحصل التفرق؟ قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا قولُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" (¬1)، فإنَّ تفسيرَهُ قَدْ صحَّ عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنَّ الخيارَ لكلِّ بَيِّعَينِ مَا لمْ يتفرقا أوْ يكون بيع الخيارِ، فقد بين الفراق، وفي حديثِ ابن عمرَ، وأبي برزة (¬2) -رضي اللَّه عنهم-: أنَّ ذَلِكَ بالأبدانِ لا بالنطقِ، وكيفَ يكونُ الافتراقُ بالنطقِ، وإنَّما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: لهما "الخيارُ مَا لمْ يتفرقا"، وكَانَ ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما- إِذَا باع شيئًا مشَى قليلًا لكي يجب البيع (¬3)، وحديثُ أبي برزة: أنَّ البيعين -بعدَ عقدةِ البيعِ بينهما- أقامَا جميعًا فاخْتصمَا إلى أبي برزة فحكى قول النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم، ثم قال: لمْ يتفرقا بَعْدُ. "مسائل الكوسج" (2308). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قول ابن عمر: البيعان ¬

_ (¬1) انظر التخريج السابق. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 425، وأبو داود (3457)، وابن ماجه (2182). قال المنذري في "المختصر" 5/ 96 (3312): وأخرجه ابن ماجه، ورجال إسناده ثقات. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1775). (¬3) رواه البخاري (2107)، ومسلم (1531).

1559 - الكره في عدم التفرق

بالخيار ما لم يتفرقا، قال: الفرقة عندنا: فرقة الأبدان. "مسائل ابن هانئ" (1189). ونقل أبو الحارث: سُئل أحمد عن تفرقة الأبدان؟ فقال: إذا أخذ هذا كذا، وهذا كذا، فقد تفرقا. "المغني" 6/ 12، "معونة أولي النهى" 5/ 8 1559 - الكره في عدم التفرق نقل حرب عنه لو قبضه في الصرف وقال: امش معي لأعطيك، ولم يتفرقا؛ جاز. "الفروع" 6/ 82، "المبدع" 4/ 65 1560 - انقطاع خيار المجلس بالتخيير قال في رواية الميموني رحمه اللَّه وقد سأله عن قوله: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يكون بيعهما بيع خيار". فقال: كذا يرويه ابن عمر، وهما معنيان، إن وقع أحدهما وجب البيع. وكذلك نقل حرب. قال في رواية ابن إبراهيم والمروذي وقد سئل: إذا خير أحدهما صاحبه؟ فقال: هكذا في حديث ابن عمر: "أو يقول لصاحبه: اختر". وأنا لا أذهب إليه إنما أذهب إلى الأحاديث الباقية أن الخيار لهما ما لم يتفرقا. "الروايتين والوجهين" 1/ 312.

ثانيا- خيار الشرط

قال الأثرم: وذُكر له فعل ابن عمر وحديث عمرو بن شعيب (¬1)، فقال: هذا الآن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "المغني" 6/ 15. ثانيًا- خيار الشرط ما جاء في شروط صحته 1561 - أ- أن يكون إلى مدة معلومة قال إسحاق بن منصور: اشْتَرى شَيئًا وهو بالخيار فيه ولمْ يُسَمِّ إلَى مَتَى؟ قال: لَهُ الخيارُ أبَدًا أوْ يَأخُذه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1919). قال إسحاق بن منصور: قال المشتري: ابتعتُ وشَرطت لي الخيارَ إِلَى غدٍ فبينته، وإلَّا فالبيع لازم؟ قال أحمد: البيعُ لازمٌ له واليمينُ عَلَى البائعِ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2052). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 183، وأبو داود (3456)، والترمذي (1247) والنسائي 7/ 252 - 251 أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار فلا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله" وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (1000) وانظر: "الإرواء" (1311).

1562 - ما يحصل من غلات المبيع ونمائه في مدة الخيار لمن ملكه: البائع أم المشتري؟

قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ سفيانُ عنِ الرجلِ يبيعُ البيعَ بشرطٍ، ولا يسمِّي أجلًا؟ قال: لا يعجبني، حتَّى يسمِّيَ يومًا أو يومين. قال أحمد: إِذَا لمْ يسمِّ أي شيءٍ يكون؟ ! إِذَا سمَّى هو أحسن. قال إسحاق: لابدَّ مِنْ أنْ يجتمعا على شيءٍ معلومٍ. "مسائل الكوسج" (2285) 1562 - ما يحصل من غلات المبيع ونمائه في مدة الخيار لمن ملكه: البائع أم المشتري؟ قال إسحاق بن منصور: الخراجُ بالضَّمَانِ؟ قال: يكونُ ذَاكَ في العبدِ والأمةِ، لا يكونُ ذَاكَ في المُصَرَّاةِ" (¬1). قال إسحاق: كما قال، وكَذلِكَ في الدورِ والأَرَضين. "مسائل الكوسج" (1800) قال إسحاق بن منصور: قال الزهريُّ: رجلٌ اشْترى غَنمًا فنمتْ، ثُمَّ جاءَ أَمرٌ يرد منه البيع؟ قال: يَردّ عليه غنمه والنماء لَهُ، فإِنَّ الضمانَ كان عليه (¬2). قال أحمد: إِذَا استحقت فالنماءُ لهُ إلَّا في المصراة، فإنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يَردها ويَرُد مَعَهَا صاعًا" (¬3). قال إسحاق: كما قال. ¬

_ (¬1) المصراة: هي الناقة أو البقرة أو الشاة يحبس اللبن في ضرعها ثم تباع. (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 177 (14778). (¬3) رواه أحمد 2/ 242، والبخاري (2151)، ومسلم (1524) من حديث أبي هريرة.

قال أحمد: فَأمَّا غير ذَلِكَ فالخراج لَهُ بالضمانِ عَلَى حديثِ عائشة (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1978). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ: يَردُّهَا ونماءها، والجاريةُ إِذَا ولدت مثل ذَلِكَ. قال أحمد: لا. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1979). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ قال الثوريُّ: اللبن والأولَاد يرد في البيع الفاسدِ إِذَا كانَ هذا نماء رد مَعَ السلعةِ، والدراهمُ والزرعُ ليس مثله، وإِنْ هَلَكَ الأصلُ منه، فقيمتُهُ وقيمةُ النماءِ هذا في الصُّوف واللبنِ والوليدة. قال أحمد: هذا يكونُ في كلِّ مَا حلبَ؛ لأنَّ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم قال في المصراةِ (¬2). قال إسحاق: كما قال سفيانُ؛ لأنَّ البيعَ حين فسد فعلى المشْتري رَد ذَلِكَ النماء مِنْ صوفٍ كانَ أو لبنٍ، وأمَّا الدراهمُ والزرعُ فَمَا كان فيهما من نماءٍ فإنَّ الغاصبَ يرد النماءَ إَلَى المالكِ. "مسائل الكوسج" (1980). ¬

_ (¬1) رواه أحمد 6/ 49، وأبو داود (3508، 3509)، والترمذي (1285، 1286)، وابن ماجه (2242)، قال الترمذي حديث حسن صحيح، وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي" (1033). (¬2) يعني: قال: "يَرُدها ومعها صاعًا من تمر" كما تقدم تخريجه.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ باعَ مِنْ رجلٍ جاريةً بمائة دينار، فأخذَ بهَا منه ألف درهم، ثمَّ وجدَ بالجاريةِ عيبًا فردت عَلَيه؟ قال: يأخذُ منه الذي بايعه بِهِ قَبل؛ لأنَّ أصلَ البيعِ كانَ صَحِيحًا. قال: نعم. قال أحمد: يأخذُ الدنانيرَ كانَ البيعُ صحيحًا أو فاسدًا، يأخذُ مَا وجبَ لَهُ البيع. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2067) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا اشترى قصبًا فتركه حتى سنبل؟ قال: يكونُ للمشتري منه بقدرِ ما اشترى يوم اشترى، فإن كان فيه فضل كان للبائع: صاحب الأرض. "مسائل الكوسج" (3255) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: والنخلُ إذا اشْتراه ليقطعه فطلع؟ قال: كذلك في النخل إن كان فيها من زيادة فهو لصاحبِ الأرض: البائع. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (3256) قال ابن هانئ: وسئل عمن باع مصراة؟ قال: هو بالخيار، إن شاء أمسكها المشتري، وإن شاء ردها ورد معها صاعًا من تمر، لابد. قيل له: فإن أنفق عليها أكثر من ذلك؟ قال: إنما يحبسها ثلاثة أيام. "مسائل ابن هانئ" (1203)

1563 - تصرف أحد المتبايعين في المبيع في مدة الخيار

قال ابن هانئ: وسألته عن المصراة؟ فقال: يردها ويرد معها صاعًا من تمر، وإن شاء أن يرجع عليه بقدر العيب، وإن شاء أمسكها، هو بالخيار. "مسائل ابن هانئ" (1204) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن حديث عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى أن خراج العبد بضمانه. قال: أذهب فيه إلى هذا الحديث في العبد، له وجهه، وفي المصراة يردها ويرد معها صاعًا، له وجهه، ولهذا وجهه، أذهب إليهما جميعًا. "مسائل عبد اللَّه" (1041). 1563 - تصرف أحد المتبايعين في المبيع في مدة الخيار قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ ابتاع عبدًا فكَاتبه فوجدَ بِهِ عيبًا بَعْدمَا كَاتبه؟ قال سفيانُ: ليسَ علَى البائعِ شيءٌ؛ لأنه بمنزلةِ البيعِ. قال أحمد: لولا عتقه كَانَ لَه أنْ يرجعَ عليه مَا بين الداءِ والصِّحةِ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2063). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ أخذَ ثوبًا مِنْ رجلٍ فَقالَ: اذهْب به، فإن رضيته أخذته، فَبَاعَهُ؟ قال: هذا حين بَاعَهُ، فقد رضيه إلَّا أنْ يكونَ باعَهُ طمعًا في الربحِ، ولمْ يرضه. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (2179).

قال صالح: وسئل عن البيعين بالخيار، اشترى رجل من رجل عبدًا وهما قائمان، فأعتقه المشتري، فقال البائع: لا أجيز، لي الخيار؟ فقال: يجوز عليه. قيل له: فليس بمنزلة الشرط؟ أرأيت لو مات، من مال من كان؟ "مسائل صالح" (654) ونقل الميموني، وحرب عنه: إذا أعتقه المشتري ضمن الثمن. وقال في رواية ابن القاسم: إذا أعتقه المشتري في مدة الخيار كان ضامنًا للقيمة. "الروايتين والوجهين" 1/ 314 قال أبو الصقر: قلت لأحمد: رجل اشترى جارية، وله خيار فيها يومين، فانطلق بها، فغسلت رأسه أو غمزت رجله أو طحنت له أو خبزت هل يستوجبها بذلك؟ قال: لا، حتى يبلغ منها ما لا يحل لغيره. قلت: فإن مشطها أو خضبها أو حفها هل يستوجبها بذلك؟ قال: قد بطل خياره؛ لأنه وضع يده عليها. ونقل حرب عنه أنه يبطل خياره؛ لأنه انتفاع بالمبيع أشبه لمسها بشهوة. "الروايتين والوجهين" 1/ 314 - 315، "المغني" 6/ 19، "الإنصاف" 11/ 321 وقال في رواية أبي طالب: إذا اشترى ثوبًا بشرط، فباعه بربح قبل انقضاء الشرط، يرده إلى صاحبه إن طلبه، فإن لم يقدر على رده للبائع قيمة الثوب؛ لأنه استهلك ثوبه، أو يصالحه.

1564 - إن تلف أو فقص أو حدث بالمبيع عيبا في مدة الخيار

نقل مهنا عنه: إن خرج من يده إلى يد غيره لم يجز أن يرده. "الفروع" 4/ 113، "المبدع" 4/ 101 وقال في رواية ابن ماهان فيمن قال لعبده: إن بعتك فأنت حر، ثم باعه. قال: يعتق من مال البائع. قيل: لأنه حلف على ملك؟ قال: نعم. وقال في رواية الأثرم وقد قيل له: كيف يعتق على البائع، وإنما وجب العتق بعد البيع؟ فقال: لو وصى لرجل بمائة درهم ومات يعطاها، وإن كانت وجبت له بعد الموت ولا ملك، فهذا مثله. "تقرير القواعد" 1/ 459، 461. 1564 - إن تلف أو فقص أو حدث بالمبيع عيبًا في مدة الخيار قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا اشترى جارية فوقع عليها وبها داء؟ قال: قد اختلفوا فيه. عَاودتهُ؟ فَلمْ يقلْ شيئًا. قال إسحاق: السُّنةُ في ذَلِكَ مَا قال عليّ -رضي اللَّه عنه-: تَلزمه ويرجعُ بقيمةِ العَيبِ (¬1)، وعَلَى ذَلِكَ عامةُ علماءِ الأمصَار. "مسائل الكوسج" (1801). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 152 (14685)، وابن أبي شيبة 4/ 351 (20878)، والدارقطني 3/ 358. وقال: هذا مرسل. والبيهقي 5/ 322 ثم قال: هو مرسل، علي بن الحسين لم يدرك حده عليًّا.

قال إسحاق بن منصور: قال أحمدُ -رضي اللَّه عنه-: إِذَا اشْتَرى سلعة وبها داءٌ، فإنَّ المشتري بالخيارِ: إِنْ شاءَ ردَّهَا، وإنْ شاءَ أمْسَكها، ورجع على البائعِ بقدرِ الدَّاء، وكذلكَ إِذْا اشْتَرى مصراة، إِنْ شاءَ أمْسَكهَا ورجع على البائعِ بقدرِ مَا نقص مَا كان صره. قال إسحاق: يردّ المصراة ويردّ معهَا صاعًا مِنْ تمرٍ، كما حكم النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "مسائل الكوسج" (1804) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد رحمه اللَّه تعالى: اشترى عبدُ الرحمن بن عوف مِنْ عثمان -رضي اللَّه عنهما- فَرسًا بأرضٍ أُخرى إنْ أدركتها الصفقة سالمةً، ثُمَّ أَجازَ قليلًا فقَال: أزيدُكَ ستة آلاف إنْ وَجدَهَا رسُولي سالمةً، فَوَجَدَهَا رسولُ عبدِ الرَّحمنِ قدْ هلَكتْ، فَخَرَج ثمنها بالشَّرطِ الآخر (¬2)؟ قال: هو عَلَى مَا قَالا. قُلْتُ: يكونُ هذا بيعُ المواصفةِ؟ قال: لا، ولكن إن تَبَايَعَا بشيءٍ مغيب عنهما، فهوَ عَلَى حديثِ ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما-: مَا أدْركته الصفقةُ حيًا مجموعًا فهوَ مَنَ المبتاع (¬3). ¬

_ (¬1) من ذلك ما رُوي عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بَعْدُ فإنه بخير النظرين بعد أن يحتلبها إن شاء أمسك، وإن شاء ردها وصاع تمر". رواه أحمد 2/ 410، والبخاري (2150)، ومسلم (1515)، وأبو داود (3445)، والنسائي 7/ 253. (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 45 - 46 (14240). (¬3) علقه البخاري بصيغة الجزم في كتاب: البيوع، باب إذا اشترى متاعًا أو دابة، ورواه الطحاوي 4/ 16 (5537، 5538)، والدارقطني 3/ 54 وهو موقوف من قول ابن عمر، وانظر "الفتح" 5/ 86.

قال أحمدُ رحمه اللَّه تعالى: ما أحسنه مِنْ قولٍ! أَما أَنَا فأذهبُ إِليهِ. قال إسحاقُ رحمه اللَّه تعالى: هَوَ كمَا قال ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما- مُجملًا، وفِعل عبد الرحمن بن عوف وعثمان -رضي اللَّه عنهما- معناهما معنى قول ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- سواء. "مسائل الكوسج" (1848). قال إسحاق بن منصور: رجلٌ اشترى ثوبًا فَقَطَعَهُ قميصًا، ثمَّ رَأى بِهِ عَيبًا؟ قال: إِذَا رَأى بِهِ عَيبًا، فإنْ شاءَ رَدَّ القميصَ ورجعَ البائعُ على المشتري بقدرِ النقْصَانِ مِنَ القطْع، وإِنْ شَاءَ حَبَسَهُ المشتري ورجع عَلَى البائعِ بقَدْرِ الذي نَقصَ من القِيمَةِ. قال إسحاق: كما قال. وهذا رَأْي شريح (¬1). "مسائل الكوسج" (1916). قال إسحاق بن منصور: رجلان اشْترى أحدُهُمَا مِنَ الآخرِ سلعةً بسلعةٍ فوجدَ أحدُهما بسلعته عَيبًا؟ قال سفيان: يردها ويأخذ سلعتَهُ. قال أحمد: جيِّدٌ. قال إسحاق: كما قال، وإنْ كانتْ مستهلكةً رجعَ بِقِيمَتِهَا. "مسائل الكوسج" (2058/ أ) قُلْتُ [لسفيان]: فإنْ لمْ يجدْ سلعتَهُ؟ قال: قيمتها. قُلْتُ: فإنْ لمْ يدرِ ما قيمتها؟ قال: فالقولُ قولُ الذي ماتت في يدِهِ إلَّا أنْ يجيءَ هذا ببينةٍ، هو المدعي. قال أحمد: جيّد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2058/ ب). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 377 (21164) بمعناه.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال ابن أبي ليلى: إِذَا وجدها بعينها فالقيمةُ، فإنْ لمْ يجدْهَا فقيمة التي رَضِي بِهَا. قيلَ لسفيان: أليستْ قيمتُها صحِيحةً؟ قال: بَلَى. قال أحمد: ما أحسن قول ابن أبي ليلى! قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2059) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: لو أنَّ رجلًا بَاعَ جاريةً، أو بَاعَ شاةً فولدتْ، أو نخلًا لَهُ ثمرة فوجد بِهِ عيبًا أوْ استحقَّ: أخذَ منه قيمة الثمرة، وقيمة الولدِ إِنْ كَانَ أحدثَ فِيهم شيئًا، وإنْ كانَ باعَ أو استهلكَ، فإنْ كانَ ماتَ أو ذهبت بِهِ الريح فليسَ عليه شيءٌ. قال أحمد: هُو كما قال. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (2064) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: اشْترى جاريةً فوضعها على يدي رجلٍ حتَّى يستبرئها، فماتتْ قبلَ أنْ تحيضَ؟ قال: مَنْ وضعها؟ فلمْ أقل شيئًا. قال: الأمرُ عَلَى حديثِ ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما-: ما أدركت الصفقة حيًا مجموعًا فهو مِنْ مالِ المبتاعِ. قال إسحاق: كمَا قال إلَّا أنْ يكونَ البائعُ منعَ الشيءَ الذي باعه حتَّى ينقدَه الثمنَ، فإِذا هلكَ كَان مِن مالِ البائعِ وإنْ كان مما لا يُكال ولا يُوزن. "مسائل الكوسج" (2177)

قال إسحاق بن منصور: سئل [سفيان]: فإنْ ذهبَ بالثوبِ بشرطِ أَنْ يريه أهلَهُ فَهلكَ الثوبُ؟ قال سفيان: يضمن. قُلْتُ: فإنْ ذهبَ بالثوبِ بغيرِ ثمنٍ، وقال: إنْ رضيته ساومتك بِهِ بعد، فذهبَ؟ قال: ليسَ عليه شيءٌ. قال أحمد: إذا ذهبَ بِهِ عَلَى الثمنِ فقد ملكه ضَمِنَ الثمن، وإذا ذهبَ بِهِ عَلَى غير ثمن، فليسَ عليه شيءٌ، إلَّا أنْ يكونَ في حديث عمرَ رحمه اللَّه حين أخذَ الدَّابَةَ لينظرَ إِليها لمْ يكنْ بين الثمن (¬1). قال إسحاق: عليه القيمةُ، إِذَا أخذه مساومةً بناء عَلَى قولِ عمرَ رحمه اللَّه. "مسائل الكوسج" (2284). قال صالح: وسألته عن الرجل اشترى ثوبًا، فقطعه وخاطه، ثم ظهر به عيب خرق أو غيره؟ قال: إن شاء أخذ الثوب ووضع له بقدر ما نقصه العيب، وإن شاء رده على صاحبه، ورد معه بقدر ما نقص من الثوب لقطعه وخياطته. "مسائل صالح" (409). ونقل صالح عنه أنه قال: وإذا اشترى ثوبًا فقطعه، ثم ظهر به عيب، يروى عن عثمان: أنه مخير (¬2). وقال بعضهم: يرده وإن كان قد لبسه، والذي أذهب إليه: أنه مخير، فإن رده رده ورد نقصان ما أحدث فيه، وإن هو حبسه رجع على البائع بقدر نقصان العيب. "مسائل صالح" (53). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 9/ 504 (22591)، والبيهقي 5/ 374. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 377 (21167).

قال صالح: حدثني أبي قال: حَدَّثنَا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن حمزة بن عبد اللَّه بن عمر، عن أبيه قال: ما أدركت الصفقة حيًّا مجموعًا فهو المشتري مال المشتري (¬1). "مسائل صالح" (1288) قال ابن هانئ: سئل عن الرجل يشتري الثوب فيجد فيه عيب قد قطعه؟ قال: يرده ويرد معه أرشه، وأرشه بقدر قيمته صحيحًا وبه عوار. "مسائل ابن هانئ" (1199) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل اشترى من رجلٍ ثوبًا ثم وجد به عيبًا؟ قال: يرد عليه. قلتُ: فيأخذ منه بقدر عيبه ولا يرده عليه؟ قال: نعم. قلتُ: فإن كان قد لبسه ثم رده. قال: ينظر بقدر ما لبسه فيأخذ منه. "مسائل ابن هانئ" (1200) قال ابن هانئ: سألته عن رجل اشترى جارية ليس يعلم بها عيبا ثم ظهر عيبًا بها، فأراد أن يردها فماتت. قال: يرجع المشتري على البائع بقدر العيب. "مسائل ابن هانئ" (1202) ¬

_ (¬1) ذكره البخاري معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث (2113)، ووصله الطحاوي في"شرح معاني الآثار" 4/ 16 (5537)، والدارقطني 3/ 54 ومن طريقه الحافظ في "تغليق التعليق" 3/ 242 - 243، وقال: وهذا موقوف صحيح الإسناد.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل اشترى من رجل ثوبًا ثم وجد به عيبًا؟ قال: يرده عليه. قلت لأبي: فيأخذ منه نقصانه بقدر عيبه ولا يرده عليه؟ قال: نعم. قلت لأبي: فإن كان قد لبسه، ثم رده عليه؟ قال: ينظر بقدر ما لبسه فيأخذه منه. "مسائل عبد اللَّه" (1053). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل اشترى من رجل ثوبًا فقطعه، ثم ظهر به عيب؟ قال أبي: هذا عن رجل اشترى مخير إن شاء رده مع نقصان ما أحدث وإن شاء أمسكه ورجع على البائع بنقصان البيع، وأذهب فيه إلى قول عثمان. "مسائل عبد اللَّه" (1054). قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حَدَّثَنَا عبد الوهاب الثقفي قال، حَدَّثَنَا أيوب عن محمد أن عثمان كان يقضي في الثوب يشتريه الرجل فيجد به العيب أن يرده وإن كان قد لبسه (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1055). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حَدَّثنَا وكيع قال: حدثني جرير بن حازم، عن ابن سيرين، عن عثمان أنه قال: هو مخير. "مسائل عبد اللَّه" (1056). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 376 (21161) من طريق عبد الوهاب الثقفي، وروى عبد الرزاق نحوه 8/ 154 (14694).

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل اشترى من رجل ثوبًا فقطعه قميصًا، ثم وجد فيه خرق؟ قال: إن شاء المشتري رده ورجع البائع على المشتري بنقصان القطع، وإن كان لبسه: فإن شاء حبسه عنده ورجع على البائع بقدر نقصان العيب من الثوب، وكذلك إن كان عبدًا اشتراه ثم ظهر على. عيب كان عند البائع، رجع المشتري على البائع بنقصان العيب من العبد، إذا أثبت المشتري أن ذلك العيب بالعبد. "مسائل عبد اللَّه" (1057) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن رجل اشترى ثوبًا فقطعه وخاطه، ثم ظهر على عيب به خرق أو غيره؟ قال: إن شاء أخذ الثوب ووضع له بقدر ما نقصه العيب، وإن شاء رده على صاحبه، ورد معه بقدر ما نقص من الثوب لقطعه وخياطته. "مسائل عبد اللَّه" (1058) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن قول ابن عمر: ما أدركته الصفقة حيًّا مجموعًا، فهو من مال المشتري، فقال أبي: هو الرجل يشتري عبدًا أو دابة قد عرفهما ورآهما، فصافقه -يعني: باعه- فإذا أدركته الصفقة فهو من مال المشتري. "مسائل عبد اللَّه" (1126) قال أبو الصقر: قلت رجل اشترى من رجل بكرًا فلم يجدها بكرًا فوطئها، هل يردها على مولاها وقد أصابها؟ قال: يرجع صاحب الجارية على المولى بقيمة ما بين البكر والثيب، وهي جائزة عليه وقد وطئها.

نقل عنه حنبل فيمن اشترى أمة فوطئها، ثم ظهر على عيب: ردها ورد غرتها ثيبًا كانت أو بكرًا. فإن وطئها وقد علم بالداء لزمه، ولم ترد بالعيب. نقل عنه بكر بن محمد فيمن اشترى سلعة، فوجد بها عيبًا حدث أو عنده عيب آخر: فالمشتري بالخيار، وإن شاء يرد السلعة ويعطي أرش ما ذهب عنده من العيب، وإن شاء أخذ أرش العيب الذي دلس. نقل عنه حنبل: الحكم في الرجل يبتاع الغلام وبه داء لم يبينه سيده، فيحدث عنده عيب فيقطع يده يرد أقطعًا ويأخذ دراهمه. قال أحمد: أذهب إلى الحكم بالرد. "الروايتين والوجهين" 1/ 329، 330 ونقل أبو الحارث عنه: في رجل اشترى طعامًا فطلب من يحمله، فرجع وقد احترق الطعام: فهو من مال المشتري، واستدل بحديث ابن عمر: ما أدركت الصفقة حيًا مجموعًا فهو من مال المشتري. "المغني" 6/ 181. ذكر في رواية البرزاطي لما روى الحديث عن ابن عمر أنه قال: مضت السنة أن ما أدركت الصفقة حيًا مجموعًا فهو من مال المبتاع. فقال بعد هذا: صار هذا الحديث مرفوعًا بقوله: مضت السنة (¬1). "المسودة في أصول الفقه" 1/ 581 ونقل حنبل عنه: إذا دلس البائع العيب وباع، فتلف المبيع في يد المشتري بغير فعله، فإنه يرجع على البائع بجميع الثمن. "الإنصاف" 11/ 365، "معونة أولي النهى" 5/ 106 ¬

_ (¬1) لم أقف على رواية مسندة فيها: مضت السنة.

1565 - ب - ألا يكون حيلة للانتفاع بالقرض

1565 - ب - ألَّا يكون حيلة للانتفاع بالقرض قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن الرجل يشتري من الرجل الشيء، ويقول: لك الخيار إلى كذا وكذا، مثل العقار؟ قال: هو جائز إذا لم يكن حيلة، أراد أن يقرضه، فيأخذ منه العقار، فيستغله، ويجعل له فيه الخيار، ليربح فيما أقرضه بهذِه الحيلة، فإن لم يكن أراد هذا، فلا بأس. قيل لأبي عبد اللَّه: فإن أراد إرفاقه، أراد أن يقرضه ما لا يخاف أن يذهب، فاشترى منه شيئًا، وجعل له الخيار، ولم يرد الحيلة؟ فقال أبو عبد اللَّه: هذا جائز، إلا أنه إذا مات انقطع الخيار، لم يكن لورثته. "المغني" 6/ 47. 1566 - هل يشترط النقد في الخيار؟ قال إسحاق بن منصور: رجل دفعَ إِلَى رجلٍ سلعةً يَبِيعُهَا، فَبَاعَهَا وانْتَقَدَ الثمن ودفعه إِلَى صَاحِبِهِ الذي أمَرَهُ، ثمَّ ادَّعى المشتري بَعْدُ بالسِّلعةِ عيبًا فأقرَّ الذي بَاعَه أنَّ هذا العَيب كَانَ بِهِ؟ قال سفيانُ: لا يصدق؛ لأنه قد خرجَ مِن الأمانةِ حيثُ انتقد، ودَفَع الثمن إِلَى الذي أمره ولَو أقرَّ بالعيبِ قَبلَ أنْ ينتقدَ الثمن جَازَ. قال أحمد: قَبل وبَعد هو واحد، يصدق. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2057)

ثالثا: خيار العيب

قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاقُ عَنْ رجلٍ اشْترى ثوبًا بعشرة دراهم، ولمْ ينقد الثمنَ، ثمَّ طعن فِيه بعيبٍ أَتُقْبَلُ بينتُهُ ويُقْضَى لَهُ مِنْ قبلِ أنْ ينقدَ الثمنَ؟ قال: نعم، ويُحكم على خصمه إِذَا صحَّ دعوى العيب، يثبت أنه كَانَ عِند البائعِ قبلَ أنْ يصيرَ في ملكِ المشْتَرِي، وكيف يمنعُهُ النقدُ مِنَ المخاصمةِ في العيوبِ وغيرهَا، أرَأيتَ إن استحقه إنسان أنْ لا يصير خصمًا لَهُ حتَّى يقيمَ عليه البينةَ. "مسائل الكوسج" (2304) قال أبو طالب: قلت لأحمد: يقولون: إذا كان له الخيار فمتى قال: اخترت داري أو أرضي، فالخيار له، ويطالب بالثمن؟ قال: كيف له الخيار، ولم يعطه ماله؟ ! ليس هذا بشيء، إن أعطاه، فله الخيار، وإن لم يعطه ماله فليس له خيار. "تقرير القواعد" 1/ 360 1567 - ثالثًا: خيار العيب قال إسحاق بن منصور: قلت: الرجل يشتري المتاع جميعًا فيجد ببعضه عيبًا؟ قال: يرجع عليه بالقيمة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1798) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: العهدةُ في البيعِ، ومَا هِي وبعدما مات؟ قال: إِذَا اشْتَرى الرجلُ الشيءَ فيحدث عِنْده عيبٌ يرده بِهِ.

قال: لا يثبتُ هذا عِندي. قال إسحاق: نقولُ العهدةُ: أنْ يكونَ الرجلُ يبيعُ العبدَ فيحدثُ بِهِ عيبٌ، فَمَا كانَ في الثُّلثِ لمْ يكلف البينة، وَمَا كانَ أكثر كلف، ومَا كان مِنْ العيوبِ مثل البرصِ ونحوه جعل لَهُ العهدة سنة. "مسائل الكوسج" (1835) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: عهدةُ السَّنة مِنَ الجنونِ، والجذامِ، والبرصِ؟ قال: لا أعرفُ هذا. قال إسحاق: كما وصفنا. "مسائل الكوسج" (1836) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ ابتاعَ رقيقًا جملة فإِذَا في أحدهم عيبٌ؟ قال: يَردّ ذَا العيبِ بالقيمة. قال إسحاق: كما قال، وهذا بعدما قَبضَ ما اشْترى. "مسائل الكوسج" (1973) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجلٍ اشْتَرى زوجَ نعالٍ، أو مصراعين فقبضهما، فَجَاءَ يدَّعِي في أحدِ الفردين عَيْبًا؟ قال: كلُّ شيءٍ من هذا النحو زوج، يأخذه جميعًا أو يردّه جميعًا؛ لأنهُ ضررٌ يضرُّ بصاحِبِهِ، فإنْ كَانَ فردًا لا يضر بِهِ، فلا بأسَ أنْ يرده. قال أحمد: ما أحسنه! قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (2281)

قال صالح: وسئل عن مذهب أهل المدينة في عهدة الرقيق؟ فقال: لا يعجبني. "مسائل صالح" (655). قال صالح: الرجل يشتري العبدين بالثمن الواحد، صفقة واحدة، فيجد بأحدهما العيب؟ قال: يرده بحصته من الثمن. "مسائل صالح" (672). قال صالح: الرجل يشتري العبدين، فيجد أحدهما حرًّا؟ قال: يرجع بقيمته من الثمن؛ لأن الملك قد زال عن البائع. "مسائل صالح" (673). قال صالح: الرجل يشتري الدراهم بالدينار، فيخرج منها الدراهم الزائف والستوق؟ فقال: أما الحسن وقتادة قالا: له أن يستبدل (¬1). وقال مالك: يرجع هذا بديناره، ويرجع هذا بدراهمه، كأنه ذهب إلى أن العقد على فساد، وقال غير مالك: يرد الستوق ويكون شريكه في الدينار بقدر ذلك، وأرجو أن يكون الأمر فيه سهلًا. "مسائل صالح" (674) ونقل ابن القاسم فيمن اشترى شيئين في صفقة واحدة وأصاب بأحدهما عيبًا وكان مما لا ينقص الصفقة بتفريقهما أنه لا يرد، ويأخذ الأرش. "الروايتين والوجهين" 1/ 337. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 120 (14555).

ونقل ابن القاسم عنه في رجلين اشتريا ثوبًا من رجل صفقة واحدة، فوجدا به عيبًا فرضي أحدهما، ولم يرض الآخر: فإن شاء رد نصفه على البائع. قيل له: فإن اشتراها صفقة واحدة فوجد بأحدهما عيبًا؟ فقال: لا يرد أحدهما دون الآخر، فلا يشبه شراء واحد لثوبين اثنين. "الروايتين والوجهين" 1/ 338. ونقل بكر بن محمد في ردّ المبيع إذا ظهر على عيب بعد كسره أنه لا يملك الرد، ولا أخذ الأرش. وقال أبو طالب قلت لأحمد: مالك يقول: في العهدة ثلاثة أيام فما أصابه في الثلاث من حين يشتري حتى تنقضي الثلاث، وعهدة السنة في الجنون والجزام والبرص، فإذا مضت السنة فقد برئ البائع، فقال: ليس يصح في العهدة شيء، ولا يرد إلا من عيب كان به. وكذلك نقل إسماعيل بن سعيد، وأحمد بن سعيد، وبكر بن محمد: أنه لا يثبت حديث العهدة، ليس فيه حديث صحيح. ونقل حنبل عنه: إذا كان لا يحدث مثله في هذا الأجل، فعهدة الرقيق ثلاث، فإن حدث في هذِه الأيام فهو من مال المشتري، وإن كان لا يحدث فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عهدة الرقيق ثلاث" (¬1). "الروايتين والوجهين" 1/ 340 - 341. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 150، وأبو داود (3506)، وابن ماجه (2245) من رواية الحسن البصري عن عقبة بن عامر مرفوعًا. ولفظه -كما عند الإمام أحمد: "عهدة الرقيق أربع ليال" قال قتادة: وأهل المدينة يقولون: ثلاث ليال. ورواه ابن ماجه (2244) من رواية الحسن عن سمرة بن جندب مرفوعًا. وقد ضعف الروايتين الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (488، 489).

1568 - البيع بشرط البراءة من كل عيب

ونقل حنبل عنه فيمن باع وكتم العيب: بيعه مردود. "الفروع" 6/ 94 ونقل أبو طالب عنه: إذا اشترى جارية فبانت حاملًا أن البائع إذا أقر بوطئها ردت إليه؛ لأنها أم ولد له، وإن أنكر، فإن شاء المشتري ردها وإن شاء لم يردها. "تقرير القواعد" 2/ 227. 1568 - البيع بشرط البراءة من كل عيب قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فِيمنْ بَاعَ بالبراءةِ؟ قال أحمدُ: حتَّى يبينَ. قال إسحاقُ: حتَّى يبينا كما قال إما تسميةً، أو وضعَ يَدٍ. "مسائل الكوسج" (1849). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: لا يبرأ مِنْ العيوبِ حتَّى يبين عَلَى حديث ابن عمرَ وعثمان -رضي اللَّه عنهم- (¬1)؟ قال: لا يبرأ حتَّى يبين. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1974). قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حَدَّثنَا يحيى بن سعيد الأنصاري، أن سالم بن عبد اللَّه أخبره: أن عبد اللَّه بن عمر باع غلامًا بالبراءة بثمانمائة درهم، ثم إن صاحب الغلام خاصم ابن عمر إلى ¬

_ (¬1) يأتي قريبًا.

عثمان، فقال: باعني وبه داء قد علمه، لم يبينه لي، فقال ابن عمر: قد بعته بالبراءة، فقال له عثمان: تحلف باللَّه لقد بعته وما به داء علمته، فأبى ابن عمر أن يحلف، فرد العبد إليه، فذكر سالم أن العبد صح عند ابن عمر حتى باعه بألف وأربعمائة (¬1). "مسائل صالح" (458). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل، عن بيع الجراب بالبراءة من كل عيب فيكون فيه عيب؟ قال: يريه العيب. قيل لأحمد: فباعه؟ قال: يرد عليه حتى يقول: به كذا وكذا. قال أحمد: ألا ترى أن ابن عمر باعه بالبراءة فقال له عثمان: احلف. "مسائل أبي داود" (1322). قال أبو داود: قلت له: أتيت صيرفيًا بدينار فقال له: وضيعة، ثم أتيت به أخرى فأخذه، عَليَّ أن أبينه له؟ قال: لا؛ ليس عليك. "مسائل أبي داود" (1323). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل يريد بيع غلام لك فيتكلم يقول: القرآن كلام اللَّه، ويقف، أيبين إذا أراد أن يبيع أو يسكت؟ قال: يُبين أنه يقف. "مسائل ابن هانئ" (1196). ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" ص 379 عن يحيى بن سعيد عن سالم. ومن طريقه عبد الرزاق 8/ 163 (14722)، ورواه ابن أبي شيبة عن طريق عباد بن العوام عن يحيى ابن سعيد 4/ 343 (20801). ومن طريق مالك رواه البيهقي 5/ 328.

قال ابن هانئ: وسُئل عن الرجل يشتري الأمة فيطؤها فإذا أراد أن يبيعها؟ قال أبو عبد اللَّه: يبين للمشتري أنه وطأها. "مسائل ابن هانئ" (1197) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يبيع البيع، فيبرئ من كل عيب فيه ظاهر وباطن هل يجوز هذا؟ أو يسمي العيب ويبينه؟ قال: قد اشترى رجل من ابن عمر عبدًا له عيب، وباعه ابن عمر بالبراءة، فرده عليه -يعني: وأراد أن يستحلفه أنه لم يبعه وبه عيب، فأبى ابن عمر أن يحلف، فباعه ابن عمر بعد ذلك بضعفين، أو نحو ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (1031). قال عبد اللَّه: حَدَّثَنَا خلف بن هشام البزار قال: حَدَّثنَا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر أن أباه باع عبدًا له بثمانمائة درهم بالبراءة من كل داء، فوجد الرجل به عيبًا، فجاء يخاصمه إلى عثمان فقال ابن عمر: إني بعته بالبراءة من كل داء، فقال: احلف: لقد بعته وما به داء تعله (¬1). قال: فلم يحلف ابن عمر، وكان عنده حتى برأ، فباعه بألف وخمسمائة درهم. "مسائل عبد اللَّه" (1032). نقل حنبل عنه في البيع بشرط البراءة أنه لا يبرأ حتى يوقفه عليه فإذا لم يره لم يبرأ لأنه مجهول. "الروايتين والوجهين" 1/ 344. ¬

_ (¬1) هكذا في المطبوع وفي كتب المتون، وكتب الحنابلة (تعلمه).

1569 - إذا ظهر العيب بعد التصرف في المبيع

ونقل الحسن بن ثواب، وأبو الحارث عنه في الرجل يبيع السلعة، ويبرأ من كل عيب، لم يبرأ حتى يبينه، إلَّا أن يكون عالمًا به خبيرًا حينئذ من العيب. ونقل حرب وحنبل عنه: لا يبرأ حتى يوقفه عليه، فإذا لم يره لم يبرأ. "الروايتين والوجهين" 1/ 349. قال أبو حفص القافلاني: سُئل أبو عبد اللَّه عن البراءة من كل عيب، قال: لا، إلا أن يسمي العيب. "طبقات الحنابلة" 3/ 106. وقال في رواية ابن القاسم: لا يبرأ إلا أن يخبر بالعيوب كلها؛ لأنه مرفق في البيع كالأجل والخيار. "الفروع" 4/ 65، "المبدع" 4/ 61، "الإنصاف" 11/ 255. 1569 - إذا ظهر العيب بعد التصرف في المبيع نقل مهنا عنه في العبد إذا ظهر على عيب بعد عتقه في كفارته: إذا أعتقه عن ظهاره ثم وجد وقد جنى جناية أخذ الأرش. قيل له: فيأخذه لنفسه، قال: نعم. ونقل في موضع آخر: يجعله في الرقاب. "الروايتين والوجهين" 1/ 340 1570 - العيوب التي توجب الخيار قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا اشترى الرجلُ الجاريةَ ممن تحيض فلم تحض؟ قال: هو عيب يرد منه.

قال أحمد: هذا عيب يرد منه. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (1194) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُرَدُّ مِنَ الزِّنَا؟ قال: وأي داء أَدْوى مِنْه، إذَا كانتْ معروفةً بِهِ. قال إسحاق: شديدًا. "مسائل الكوسج" (1902). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا اشْتَرى بيضةً فَوجَد فِيها فروجة حيًةً؟ قال: هذا ملكُ البائعِ إنَّما اشْتَرى البيضةَ ليَأْكُلهَا. قُلْتُ: وإنْ كانْتَ ميتةً؟ قال: يردها بالعيبِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1924). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الحيوانُ يرد مِنَ الحبلِ؟ قال: الحبلُ زيادةٌ في الحيوانِ. قال إسحاق: كما قال، وهو نقصٌّ في الآدميين. "مسائل الكوسج" (1961). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: باعَ جاريةً ولمْ يعلمْ أَنها حبلى، إنْ شاءَ البائعُ رجع فيها؟ قال: نعم، قال: وإنْ شاءَ المشتري رَدَّها بالعيب. قال إسحاق: نَعم. "مسائل الكوسج" (1962).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الصبيُّ يسرقُ ويشربُ الخمر، ويأبقُ؟ قال: لا يرد منه إلَّا أنْ يكونَ محتلمًا. قال أحمد: مَا جَازَ عَلَى عشرةٍ فهوَ عيب يردّ منه. قال إسحاق: لا نرى ذَلِكَ حتَّى يكونَ احتلامٌ، أو إنباتُ شعرٍ، أو خمس عَشرة سنة. "مسائل الكوسج" (2065) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال شريح في رجلٍ بَاعَ سمنًا فوجدَ فيه رُبًّا (¬1)؟ قال: لَهُ بكيلِ الرُّبِّ سمن. قال سفيانُ: المشتري بالخيارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ وإِنْ شَاءَ رَدَّ، ولا يُكَلَّفُ البائِعُ أنْ يجيءَ بالسَّمنِ، كيفَ يبيعُ ما ليسَ عنده؟ ! قال أحمد: إنْ كَانَ سَمَّانًا عنده سمنٌ كثيرٌ أعطَاهُ بقدرِ الرُّبِّ سَمنًا، وإنْ لمْ يكنْ عنده سمن، رجعَ عَلَيه بقدرِ الرُّبِّ مِنَ السَّمنِ. قال إسحاق: كمَا قال؛ لأنَّهُ بنى على قولِ شريح (¬2). "مسائل الكوسج" (2161) قال ابن هانئ: سألته عن رجل يشتري غلامًا للخدمة على أن ليس به عيب، فلما صار إلى يد المشتري قال الغلام: إني لحجام هل له أن يرده؟ قال: هذا ليس (عيبًا)، هذِه زيادة في ثمنه. "مسائل ابن هانئ" (1198) ¬

_ (¬1) الرُّبُّ: هو ما يبقى من كدرة في أسفل السمن. (¬2) ينظر لرأي شريح "مصنف عبد الرزاق" 8/ 156 - 162.

1571 - إذا كان العيب يزيد في المبيع، هل يرد به أم لا؟

1571 - إذا كان العيب يزيد في المبيع، هل يرد به أم لا؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من كَره الخَصِيَّ؟ قال: أرجو ألا يكون به بأسٌ. قال إسحاق: كما قال، إنما كره أن يُخصى في الإسلامِ، فأما إذا أَخرجوه من أرضِ الرومِ وقد أَخصوا فلا بأسَ أن يشترَيه، وشهادته وكلُّ أمره إذا كانَ عدلا كسائر المسلمين. "مسائل الكوسج" (2841). قال الخلال: كتب إليَّ أحمد بن الحسين، قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، وسأله عن الرجل يشتري الغلام الخصي، فقال: إن تنؤه عنه الرجل فهو أحب إليَّ، ما يعجبني، رجل صالح يشتري خصيًّا؟ ! قال: لو أن الناس تركوا شراء الخصيان لم يُخصون. "أحكام النساء" (69) 1572 - طرق إثبات العيب قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كانَ ابن أبي ليلى إِذَا جاءه الرجلُ وقدْ اشْترى سلعةً مِن رجلٍ فادَّعَى عيبًا، ولمْ يكنْ للبائعِ بينة أنَّهُ أبرأه يأخذُ منَ المشتري يمينهُ ما عرضها على البيعِ منذ رأيت بِها هذا العيبَ، ولا رضيته. قال أحمد: إِذَا عَرضَها عَلَى البيعِ فقدْ جَازتْ عليه. قال إسحاق: هو كما قال، إِذَا عَرضَهَا عَلَى البيعِ قَامَ ذَلِكَ مَقَام الرّضى. "مسائل الكوسج" (2060).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال ابن أبي ليلى في الرجلِ يَشْتري العبدَ الآبقَ فأَبقَ مِنهُ؟ قال: لا يسْأله عن شيء، لا يأخذ يمينهُ -يعني: البائع- حتَّى يسأل المشتري البينة أنه أبق عند البائعِ. قال سفيانُ: نقولُ: نحنُ نكره أنْ يتعنتَهُ. قال أحمد: أقولُ: أُحَلِّفُ البائِعَ للمشتري أنَهُ لمْ يأبقْ عنده، فإذَا حَلفَ لمْ يكنْ عليه شيءٌ، إلَّا أنْ يقيمَ هذا البينةَ عَلَيه. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2061) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ عنْ رجلٍ ابتاعَ عبدًا آبقًا فجاءَ المشتري فأقامَ البينةَ أنَّه باعَهُ عبدًا آبقًا وقدْ أبق العبدُ مِنْ عند المشتري؟ قال: لا يقضى عَلَى البائعِ ما دَامَ آبقًا حتَّى يموتَ، أو يردَّه؛ لأنه لابدَ لهُ مِنْ أنْ يسلّمَ العبد إِليه ولا يدر عليه فضل مَا بين الداءِ والصِّحةِ مَا دَامَ في إِباقِه، فإِنْ ماتَ في إبِاقِهِ فَلَهُ فضل ما بين الداءِ والصِّحةِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2062). قال صالح: الرجل يبيع العبد، فيأبق أو يظهر به جنون، يستحلف على البتات أنه ما يعلم أنه أبق؟ فقال: عثمان استحلف ابن عمر حين باع فقال: أتحلف أنك بعته وما علمت به عيبًا؟ فأبى ابن عمر أن يحلف، فرده عليه (¬1). ¬

_ (¬1) سلف مسندًا، ورواه مالك في "الموطأ" ص 379، وعبد الرزاق 8/ 163 (14722)، وابن أبي شيبة 4/ 343 (20801).

رابعا- الخيار من أجل التخبير بالثمن

ومن الناس من يستحلف الوارث إذا ورث وعلى ميته دين. "مسائل صالح" (1158). قال ابن الحارث السجستاني: سُئل أحمد عن الرجل يشتري عبدا فيبقى عنده سنة ثم يبيعه، فيدعي عليه المشتري أنه آبق يحلف الرجل البائع على أنه لم يأبق قط، أو يحلف على أنه لم يأبق عندي؟ قال: يحلف على أنه لم يأبق عنده. ولم ير أنه يحلف أنه لم يأبق قط. قيل له: إن هؤلاء يحلفونه على أنه لم يأبق قط؟ قال: يجوز عليه. قيل: فيحلف على أنه لم يأبق قط؟ قال: لا يحلف إلا على عنده، قال أحمد: إلا أن يكون ولد عنده، فيحلف أنه لم يأبق قط. "طبقات الحنابلة" 1/ 372. رابعًا- الخيار من أجل التخبير بالثمن ما جاء في الصور التي يثبت فيها الخيار 1 - بيع المرابحة 1573 - ما جاء في كيفيته وشروط صحته قال إسحاق بن منصور: قلت: بيع ده دوازده؟ قال: أكرهه. قال إسحاق: كما قال، وكراهيته أيضًا اسمه، حتى يقول: أبيعك هذا بربح العشرة اثنا عشر. "مسائل الكوسج" (1791)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: بيعُ المرابحةِ: كسب الكراء والنفقة ربحًا؟ قال: لا كسبَ للكراءِ والنفقة ربحًا. قال إسحاق: كما قال إذَا بَاعَ مرابحةً، فإنْ قال: قام على بكراية ونفقة فربح عليه جاز. "مسائل الكوسج" (1803) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أجرُ السِّمْسَار، والكراء، والقصار، والشرى، واللفائف توضعُ عَلَى المتاعِ، ثم يبيعُه مرابحةً؟ قال أحمد: يقول: اشتريتُ كل ثوبٍ بِكَذَا وكذا، وقَصّرتُهُ بِكَذَا وكذا، وأجْرُ المْسَارِ كَذَا، وأبيعك بِكَذَا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1911) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: شهدت ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- يبيعُ ثمرةَ أرضهِ فقال: أبِيعُكَهَا بِأربعةِ آلاف، وبطعامِ الفِتْيانِ (¬1). قال: إِذَا كانَتْ الثُّنيا تعلم، فلا بأسَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1912) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل اشْترى دارًا فَاسْتَغَلَّهَا، ثمَّ باعَهَا مرابحةً؟ قال: يبين، وكَذلك إِذَا اشْتَرى ثوبًا فَلبسه أيَّامًا، أو اشْتَرى جَاريةً فَوَطِئها، أو اشْتَرى بقرة أو شاةً فَشَرِبَ مِنْ لَبَنِهَا، أو نحو ذَلِكَ. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 261 (15148) ومن طريقه ابن حزم في "المحلى" 8/ 434.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1923). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ في رجلٍ يبتاعُ السلعةَ بدنانير كوفيةٍ، ثمَّ جَاءَ الشَّامَ فَقَيلَ له بكم أخذتها؟ فقال: بكَذَا وكَذَا قال: فلكَ ربحُ خمسة دنانير. قال: فَلَهُ رأسُ المالِ الذي ابتاعه به كُوفية، والربحُ شاميَةٌ. قال أحمد: جيد. قال إسحاق: كما قال، ولكن يبين أنَّهَا كوفية، كذَلِكَ ابتاعها بالكوفة؛ لأنَّ بيعَ المرابحةِ عليه أنْ يبينَ للمشتري مثل ما يعلم. "مسائل الكوسج" (1999). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ: كلُّ بيع اشتراه قومٌ جماعة فلَا تبيعوا بعضه مرابحةً. قال أحمد: كَذَلِكَ أقولُ، إِلَّا أنْ يبين: يقولُ: اشتريناه جماعةً ثمَّ اقتسمناه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2000). قال إسحاق بن منصور: قال الثوريُّ: إذا اشتريا متاعًا، ثم تقاوماه، فأَخذَ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا بعضَه فليسَ لَهُ أنْ يبيعَه مرابحةً؛ لأنه قَدْ كان اشْترى معَه غيره. قال أحمد: لا يبيعه مرابحةً. قال إسحاق: بلى، يبيعه مرابحةً بعدَ أنْ يبين أنَّا اشتريناه ثمَّ قوَّمناه. "مسائل الكوسج" (2001).

قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ عن رجل اشْترى جاريةً فوقعَ عَليها، ثمَّ باعَهَا مرابحةً قال سفيان: أحسن أنْ يبينَ. قُلْتُ: فاللبنُ، والصوفُ؟ قال: أحسن أن يبينَ. قال أحمد: يبين الوطءَ، ويبين أنه قَدْ أخَذَ مِنها صوفًا، أو شرب منها لبنًا. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (2154). قال إسحاق بن منصور: إِذَا ابْتَاعَ ثيابًا بمائة درهم، فَلا يبيعن بعضه مرابحةَ، ولكن يبيعه جميعًا، فإنْ علمَ ثمنَ كلّ ثوبٍ، فليبعْ إِذَا أخَذَ كل ثوبٍ على حدته. قال أحمد: إِذَا اشْتَراه جملةً لمْ يبعْ بعضَهَا دونَ بعض مرابحةً حتَّى يبين. قال إسحاق: كمَا قال، إلا أنْ يبينَ نفس الشراءَ كما كَانَ. "مسائل الكوسج" (2155). قال إسحاق بن منصور: قلت [لسفيان]: الرجلُ يشتري المتاعَ إِلَى الأجلِ قال: لا يبيعه مرابحةً حتَّى يبين. قُلْتُ: فإذَا حلَّ الأجلُ ونقده الثمنَ أفليسَ لا يبيعه مرابحةً حتَّى يبين؟ قال: نَعَم. قال أحمد: جيّدٌ. قال إسحاق: كما قال سواءٌ. "مسائل الكوسج" (2297). قال إسحاق بن منصور: رجلٌ اشْترى من رجلٍ ثوبًا بربح درهم، وكان اشترى الثوب نسيئًا، وعلم المشتري ذَلِكَ؟ قال: هو ذاك وإذا باعه المشتري مرابحة فيبين. قُلْتُ: وإن اشترى الثوب وغيره، ولم ينقد الثمن إلى يومين أو ثلاثة؟

قال: إذا باعه مرابحة يبين. "مسائل الكوسج" (3393). قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: إذا أعطى السمسار الدراهم فأكره له أن يشتري له من السوق إلا أن يبين له، فإنما أعطاه الدراهم ليشتري له من الحائك ليكون أرخص له. "مسائل الكوسج" (3394). قال أبو داود: سألت أحمد عن بيع ده يازده وده دوازده؟ فقال: مكروه. قال: إنه كأنه يقع البيع على دراهم ده دوازده. قلت لأحمد: فيقول أبيعك هذا المتاع بده دوازده؟ قال: لا، ولكن يقول: قام علي بمائة أبيعك بمائة وعشرين. "مسائل أبي داود" (1272). قال أبو داود: قلت لأحمد: يضعف عليه عمالته وكراه، ثم يقول: أبيعك بزيادة على كل ألفٍ مائتي درهم؟ فقال: إذا قال هكذا فقد جاء ده يازده وده دوازده. "مسائل أبي داود" (1273). قال ابن هانئ: سألته عن: المشافة ما هو؟ قال: الربح. "مسائل ابن هانئ" (1286). قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: الثوب ألبسه ترى أن أبيعه مرابحة؟ قال: لا، وإن بعته مساومة، فبين أنك قد لبسته، وإلا بعته في سوق الخلق. "الورع" (208)

قال عبد اللَّه: سألت أبي: قلت: رجل قال: بعني متاعًا بربح كذا وكذا بشيء سماه لي، والرجل يريد أن يبيع المتاع من رجل آخر بنقصان مما اشتراه مني؟ فقال: لا بأس إذا لم يكن أكثر معاملتك ذلك، فكنت تشتري وتبيع من غير ذلك فلا بأس، وإن كنت تعمل مثل هذا الرجل ونحوه من البيع فإني أكره ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (1113) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يدفع إلى الرجل الدنانير، فيقول له: اشتر كذا وكذا ثوبًا يمانية وشقاق، وغير ذلك، ثم يربحه في المتاع، كيف ترى له ذلك؟ وكيف ترى أحوط ذلك وأطيبه، فإن السمسار ربما لم يكن معه المال فيدفع إليه الذي يريد المتاع المال حتى يشتري له؟ فقال: إذا دفع الرجل إلى السمسار الدراهم، فليقل أشتر متاعًا، بصفة، ويقول له: إذا اشتريت لي بألف فلك كذا وكذا، قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل عبد اللَّه" (1114) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يبيع المتاع البيع الذي يدخل فيه شرطين في بيع أو ما أشبه ذلك فإذا فرغا واحتسبا، قال صاحب المتاع: قد بعتك هذا المتاع بهذِه الدنانير. أترى ذلك له طيبًا أو كيف ترى له أن يصنع؟ فقال: إذا افترقا على أحد المبيعين، يكون ذلك آخر ما يفترقا على بيع واحد ولا بأس به. "مسائل عبد اللَّه" (1115).

قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن رجل جاء بجارية إلى رجل، فقال: إذا كان إلى شهرين فلك ربح كذا وكذا. قال: يروى عن عمر لا يقربها ولأحد فيها مثنوية (¬1). قال أبي: لا يعجبني هذا الربح. "مسائل عبد اللَّه" (1116). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يشتري من الرجل متاعًا -أثوابًا- عدة بدراهم أو بدنانير فعرفها، ثم قوم كل ثوب عشرين درهمًا، ثلاثين درهمًا، أقل أو أكثر؟ قال: إن باعه مساومة فلا بأس، وإن باعه مرابحة يقول: قومته كذا وكذا درهمًا. "مسائل عبد اللَّه" (1117). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل اشترى نصف دار بألف وآخر نصفها بخمس مائة، فاشتركا فباعاها بربح ألف درهم. قال: الربح على ما اصطلحا، والوضيعة على رؤوس أموالهما. قلت لأبي: فإن لم يشتركا؟ قال: فالثمن بينهما نصفين. "مسائل عبد اللَّه" (1118). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجلين اشتريا ثوبًا يقوم على أحدهما بمائة وعلى الآخر بخمسين، فباعاه مساومة أو مرابحة. ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" ص 381، وعبد الرزاق 8/ 56 (14291)، وسعيد بن منصور 2/ 104 (2251)، وابن أبي شيبة 4/ 429 (21740)، والبيهقي 5/ 339.

قال: الثمن بينهما نصفين، يقول: إذا باعاه بخمس مائة يأخذ مائتين وخمسين، وهذا مائتين وخمسين. "مسائل عبد اللَّه" (1119) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل مات وترك ما، ، وكان يمدح ما يبيع ويذم ما يشتري. فقال: ينبغي للوارث إن كان يعرف أحدًا من أولئك أن يرد عليه وإن لم يعرف منهم أحدًا، تصدق عنه بشيء، ويخفف عن ميته بالصدقة. "مسائل عبد اللَّه" (1120). قال عبد اللَّه: سمعت أبي في رجل يجيئه متاع من فارس أو مصر فيبطئ متاعه في الطريق، فيشتري من بعض التجار نحوًا من المتاع الذي يجيئه، فيجيء الرجل فيبيعه، فترى له يبين له أنه اشتراه من السوق؟ فقال: إن كان الذي يشتريه منه يرى أنه جاءه من فارس أو مصر فأحب إلي أن يبين. "مسائل عبد اللَّه" (1121) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن دار بين ثلاثة اشترى أحدهم ثلثها بمائة، [والآخر الثلث الآخر بمائتين] (¬1)، واشترى الآخر الثلث الآخر بثلاثمائة فباعوها مساومة أو مرابحة؟ قال: الثمن بينهم بالسوية. "مسائل عبد اللَّه" (1122) ونقل مهنا في رجل أخبر شراء ثوب بخمسة وعشرين درهمًا فأربحه درهمًا، ثم عاد فقال: شراؤه ثلاثون درهمًا، وإنما غلطت، وقد كان ¬

_ (¬1) زيادة يقتضيها السياق.

المشتري باعه من رجل لا يعرفه. فقال: لا أرى له شيئًا إذا كان الثوب مستهلكًا. "الروايتين والوجهين" 1/ 346. ونقل أبو طالب في الرجل يشتري ثوبًا مرابحة فأخبر شراءه عشرين، فعاد وقال: غلطت شراؤه أحد وعشرون. فإن كان صدوقًا رُدَّ عليه ما غلط. "الروايتين والوجهين" 1/ 346، "المغني" 6/ 275، "الإنصاف" 15/ 494. نقل أبو الحارث في رجلين اشتريا ثوبًا بعشرين درهمًا فاشتراه أحدهما باثنين وعشرين؛ لأنه يسقط الدرهم الذي قابل حصته من الربح، فقد أجاز بيعه مرابحة، وإن لم يخبره عن الحال. "الروايتين والوجهين" 1/ 347. قال حرب: وسئل أحمد عن دار بين ثلاثة اشترى أحدهم ثلثها بمائة والآخر الثلث الآخر بمائتين والآخر بثلاث مائة، ثم باعوها بغير تعيين مساومة؟ قال: الثمن بينهم بالسوية؛ لأن أصل الدار بينهم أثلاثا. وسئل أحمد مرة أخرى عن ثوب بين رجلين قوم نصفه على أحدهما بعشرين ونصفه على أحدهما بثلاثين فباعاه مساومة؟ فقال: قال ابن سيرين: الثمن بينهما نصفين (¬1). قال حرب: وهو مذهب أحمد. قيل: لم؟ قال: إن لكل واحد منهما نصفه. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 426 (21713).

1574 - الخيار إذا كذب عليه في البيع

قلت: وإن كان عبدًا؟ قال: وإن كان عبدًا، وكل شيء بهذِه المنزلة. "بدائع الفوائد" 4/ 70 نقل أبو النضر إن قال: على أن أربح في كل عشرة درهمًا، قال: هو الربا، واقتصر عليه في زاد المسافر. ونقل أحمد بن هاشم: كأنه دراهم بدراهم لا يصح. "الفروع" 4/ 118، "المبدع" 4/ 103، "الإنصاف" 11/ 440 ونقل الأثرم عنه أنه كره بيع ده يا زده. "الإنصاف" 11/ 440 1574 - الخيار إذا كذب عليه في البيع قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ أخَذَ ثوبًا بمائةٍ، فقال: أخذتُه بمائتين، فَقالَ لَهُ صَاحِبُهُ: لكَ ربحُ عشرين عَلَى مائتين، أو ده دوازده عَلَى مائتين، فَوَجَدَهُ قَدْ أخذَ الثوبَ بمائةٍ، وقَامَتْ البينةُ؟ قال سفيان: أَلقي عنه المائةَ وربحَهَا، وأجيز البيعَ بالثمنِ الأولِ ورِبحه، وإنْ كَانَ بَاعَ مساومةً بأقل أو بأكثر: جازَ بيعُهُ. قال أحمد: جيّدٌ. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (2148) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: رجلٌ أبتاعَ بيعًا بنسيئةٍ فَبَاعه مرابحةً ولمْ يبين؟ قال: إنْ كانَ بعينه فصاحبه بالخيارِ إنْ شَاءَ أخَذَ وإنْ شاءَ تركَ، وإنْ كَانَ قَدْ استهلكَ فهوَ حال.

1575 - 2 - بيع المواضعة والمقاطعة

قال أحمد: إِذَا كَان البيعُ قائمًا: فإنْ شَاءَ المشتري ردَّ، وإنْ شاءَ كان لَهُ إلى ذَلِكَ الأجل، وإذَا كَانَ قَدْ أستهلكَ؛ حَبس المشتري المال بقدرِ مَا كان للبائع فِيهِ مِنَ الأجلِ. قال إسحاق: كما قال أحمد سواء. "مسائل الكوسج" (2149) نقل حنبل عنه: إذا علم المشتري أنه قد كذب في بيعه وزاد في القيمة له الخيار إن أحب أن يرد على البائع سلعته، وإن أحب كان الرجوع على البائع بالزيادة. "الروايتين والوجهين" 1/ 345 1575 - 2 - بيع المواضعة والمقاطعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يشتري السلعةَ، ثمَّ يستوضع صَاحِبها، أو يشتري الشيءَ، ثمَّ يستزيد صَاحبه؟ قال: أكره كِلاهُمَا. قال إسحاق: الزيادةُ سنةٌ، وأمَا أنْ يستوضعَ فلَا. "مسائل الكوسج" (1809). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ [لسفيان]: رجلٌ أبتاعَ ثوبًا بمائةٍ، فَقال: قد أخذته بتسعين ليَنْفَقَ عَنه؟ قال: جائزٌ، نقص مِنْ ثمنِهِ، وهو كذبٌ، قَدْ أساءَ. قال أحمد: هو كاذبٌ والبيعُ جائزٌ. قال إسحاق: البيعُ جائزٌ، وليسَ هذا بالكذب، إِذَا كَانتْ إرادتُهُ أنَّهُ قَدْ قامَ عليه بتسعين فأكثر. "مسائل الكوسج" (2150).

قال ابن هانئ: سألته عن: الرجل يبيع الشيء بدانق (¬1) وهو يسوى درهمين وهو صديق له؟ قال: هذا شيء قد أخذته ثمنًا، لا بأس به إذا لم تشرف نفسه إليه فلا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (1188) قال المروذي: قيل لأبي عبد اللَّه: الرجل يشتري من خليطة الشيء يساوي الدرهم بدانق؟ فقال: ليس به بأس. قد أمر إذا جاءه الشيء من غير مسألة أن يقبله، فكيف بالعوض. "الورع" (218) قال عبد اللَّه: حدثني عبد الأعلى قال: حدثني حماد بن سلمة، عن حميد: أن أبا قلابة كان لا يرى بأسًا بالمواضعة، ويكره المقاطعة، وكان أبو قلابة يأتي إلى أصحاب الخز فيقول: اكتبوا إلى شركائكم في مطرف لونه كذا، وعرضه كذا، وطوله كذا، فيكتبون له إلى السوس فإذا قدم اشتراه منهم. فسألت أبي عن ذلك؟ فقال: أكره المواضعة والمقاطعة جميعًا. "مسائل عبد اللَّه" (1098) ¬

_ (¬1) الدانق: سدس الدرهم، وهو فارسي، ويجمع على دوانق ودوانيق. انظر: "لسان العرب" 3/ 1433.

1576 - 3 - بيع التولية والاشتراك

1576 - 3 - بيع التولية والاشتراك قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: التوليةُ بيعٌ؟ قال: هو بيعٌ. "مسائل الكوسج" (1826). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: والشركةُ بيعٌ؟ قال: وهذا أيضًا بيعٌ، والإقالةُ ليسَ ببيعٍ. قال إسحاق: كما قال، ويعجبني في الإِقالةِ أيضًا. "مسائل الكوسج" (1828). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يدفعُ إليهِ الثوبَ لِيبيعَهُ، فإِذَا باعَه قال: أشركني فِيهِ؟ قال: أَكره هذا. قال إسحاق: إِذَا كَان صاحبُه يعلمُ ذَاكَ فلا بأسَ بِهِ. "مسائل الكوسج" (1866). 1577 - 4 - بيع المزايدة قال إسحاق بن منصور: بيعُ المزايدة؟ قال: لا بأسَ بِهِ. قال إسحاق: أَكْرهه إِلَّا في الميراثِ والغنيمةِ والشّركة، فإِنْ فعل سوى ذَلِكَ جَازَ. "مسائل الكوسج" (1795).

1578 - كيفية الإقالة

5 - الإقالة 1578 - كيفية الإقالة قال ابن هانئ: قال أبو يعقوب: اشتريت لأبي عبد اللَّه شيئًا فرضيه، ثم كرهه، فقال لي: رده وقل لصاحبنا: إنا كنا قد رضيناه فأقلنا فيه. "مسائل ابن هانئ" (1181) 1579 - هل الإقالة بيع أو فسخ؟ نقل يعقوب بن بختان: الإقالة فسخ. ونقل أبو طالب، وأبو الحارث: الإقالة بيع. "الروايتين والوجهين" 1/ 359 من أحكامها 1580 - الإقالة بأقل أو أكثر من الثمن الأول قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل اشْتَرى مِنْ رَجُلٍ سلعةً إلى أجلٍ، ثمَّ ندمَ البائِعُ فاستَقالَ المشتري عَلَى أنْ يعطيَهُ دراهم؟ قال: إِذَا أعطَاهُ الدراهمَ فوق ما باعه، فليسَ به بأسٌ. قال إسحاق: شديدًا، كما قال. "مسائل ابن هانئ" (1934) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ اشترى سلعة مِنْ رجلٍ فَنَدم فيها، قال: أقلني ولَكَ كَذَا وكَذَا؟ قال أحمد: أكْرهه، أنْ يكونَ يُرْجِعُ إِليه سلعتَهُ ومعهَا فضل إلَّا أنْ

خامسا: خيار اختلاف المتبايعين

تكونَ تغيرت السُّوقُ، أو تتاركا البيع فَبَاعه بيعًا مستأنفًا فلا بأسَ بِهِ، ولكنْ إنْ جاءَ إِلَى نفس البيعِ فَقَال: أقلني فِيها ولَكَ كَذَا وكَذَا: فهذا مكروهٌ. قال إسحاق: كمَا قال سواءٌ. "مسائل الكوسج" (2165). ونقل حرب عنه فيمن باع ثوبًا بعشرين وقبضها، ثم احتاج إليه فاشتراه باثنين وعشرين نقدًا. قال: لا بأس به ولا يجوز نسيئة. ولم ير بأسًا أن يشتريه بمثل الثمن نقدًا ونسيئة. "تقرير القواعد" 3/ 313. ونقل ابن القاسم عنه على أنها لا تجوز بزيادة، وإنما تجوز بالثمن. "الروايتين والوجهين" 1/ 359. 1581 - خامسًا: خيار اختلاف المتبايعين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا اختلفَ بَيعان ولمْ تكنْ بينة فالقولُ ما قال ربُّ السلعةِ، أوْ يَتَرادان؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال، وكُلّ مَنْ كَانَ القول قولهُ فَعَليه اليمينُ. "مسائل الكوسج" (1796). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ: درهم بين رجلين، قال أحدُهُمَا: لي نصفُهُ، وقال الآخرُ: لي كلُّه، قال ابن أبي ليلى، ثلث، وثلثان. قال ابن شبرمة: ثلاثة أرباع، وربع. وأمَّا نحنُ فنقولُ: هو بينهمَا نصفَان (¬1). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 281 (15220) عنهما.

قال أحمد: إِذَا كَانَ في أيديهما بينهما نصفان، وإِذَا كَانَ في يدِ أحدِهمَا فهوَ لَهُ، وإذَا كان في يدِ رجلٍ، فأقرَّ أَنه لهذين، فادَّعى أحدُهُمَا كلَّه، وادعى الآخرُ النصفَ، فقدْ أقرَّ أنَّ لصاحِبِهِ النصفَ، واستوت دعواهما في النصفِ الباقي يقرع بينهما فمَنْ أصابته القرعةُ، حلف، وكانت السلعةُ له. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2029). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ: رجل باعَ بيعًا فقَال: لقَدْ بعتك وأنا صغيرٌ، فَقَال المبتاع: بعتني وأنتَ بالغ ولمْ تك بينة؟ قال: البيعُ صحيحٌ حتَّى يأتيَ المدعي بفسادِهِ. قال أحمد: إِذا أقرَّ أنِّي بعتُكَ وأنا صغير فقدْ أقرَّ بالبيعِ، فهو جَائِز عليه. قال إسحاق: كما قال. قال أحمد: إِذَا اختلفا في البيع وهو قائمٌ فقالَ ذا: بعتُك بعشرين، وقالَ المشتري: اشتريتُهُ بعشرة؛ فالمشتري مقرٌّ للبائعِ بالملكِ، فزعم أنَّه مَلَّكَهُ عليه خلاف مَا قال صاحبُ السِّلعة، فالسِّلْعةُ لمالِكِهَا الأول، ويكونُ للمشتري اليمينُ عليه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2039). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال البائعُ بعتُك بالنقدِ، وقال المشتري: اشتريتُ منكَ إِلَى أجلٍ، فالقولُ قولُ البائعِ. قال أحمد: القولُ قولُ البائعِ، ويكونُ عَلَى البائعِ يمين بما ادَّعَى المشتري عَلَيهِ، وعَلَى المشتري يمين بما ادَّعى البائعُ، فإنْ حلفا فالقولُ

قولُ البائعِ إِذَا كانتْ السلعةُ قائمة بعينها، وإذَا كانتْ اسْتُهلكت فعرف قيمة السلعة، فَرُدَّت القيمة إلى البائع، القيمة يوم تقُوم مقَام السلعة. قُلْتُ: فإِنْ أقَامَا جميعًا البينة آخذُ بينة الذي يَدّعي النسيئة. قال أحمد: القولُ قولُ البائعِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2053). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إنْ قال المشتري: اشتريتُ بشرطٍ، وقال البائعُ: لمْ أشترطهْ؟ قال: بَيِّنَتُه على شرطِهِ، وإلا فيمينُ البائعِ ما شرط له؟ قال إسحاق: كما قال "مسائل الكوسج" (2054). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إنْ قال البائعُ: بعتُ وأنا عليه بالخيارِ يومين أو ثلاثة، وأنْكر المشتري؟ قال: بينةُ البائعِ، وإلَّا فالبيعُ مسلم. قال أحمد: جيِّدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2055). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إنْ ادعَى البائعُ أَنَّهُ بَاعَ بنقدٍ، وقالَ المشتري: بنسيئةٍ. فأخذت بقولِ البَائِعِ يحلف البائعُ؟ قال: نَعَم. قال أحمد: هو الذي قُلْتُ: يحلفان جميعًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2056). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل باعَ ثوبًا فجَاءَ رجل فأقامَ البينةَ أنَّهُ

اشتراه بمائةٍ، وأَقَام الآخرُ البينةَ أنَّه أشتراهُ بمائتين، والبائعُ يقولُ: بعته بمائتين والثوبُ في يدِ البائعِ بَعْدُ؟ قال: المتبايعان بالخيارِ إنْ شَاءَ أحدهما أخذَ النصف بمائةٍ، والآخرُ النصف بخمسين، وإنْ شاءا ردَّاه، فإنْ كانَ الثوبُ في يدِ أحدهما، ولا يُدْرى أيُّهما اشْترى أولًا؟ قال: هي للذي في يديهِ، إلَّا أنْ يجيءَ هذا ببينةٍ أنه أوَّلٌ فهو لَهُ، وإِذَا أَقَامَا جميعًا البينةً أنه الأولُ فهوَ للذي في يديهِ. قال أحمد: ليسَ قولُ البائعِ بشيء، يقرع بينهما فَمَن أصَابتهُ القرعةُ؛ فهوَ لَهُ بالذي ادَّعَى أنَّهُ اشْتَراه بِهِ. قُلْتُ: فإنْ كَانَ الثوبُ في يدِ أحدهما، ولا يُدرى أيُّهمَا اشْترى أولًا؟ قال: لا ينفعه ما في يديهِ إذَا كَانَ مُقِرًّا أنَّهُ اشْتراه من فلان، يقرعُ بينهما. قُلْتُ: إِذَا أقَامَا جميعًا البينةَ أنَّهُ أولٌ؟ قال: يقرعُ بينهمَا إِذَا كانَ مُقِرًّا أنه اشْتراه من فلان، ولا ينفعُهُ ما في يديهِ. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (2151) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل في يدهِ ثوبٌ، فَقال لَهُ آخرُ: ثوبي بِعْتُكَ بعشرةِ دراهم. وقالَ الآخرُ: بل وهبته لي؟ قال: بينتهُ أنهُ وهَبَهُ لَهُ، وبينةُ الآخر أنهُ بَاعَهُ. قال أحمد: لَمَّا أقرَّ أنه وهبَهُ لَهُ فَقَدْ أقر له بالملكِ، ولهُ اليمينُ عليه أنهُ لمْ يهبه، ويدفعُ الثوبَ إليه، وعَلَى صاحبِ الثوبِ البينةُ أنهُ باعه منه بعشرةِ دراهم وإلَّا حلَفَ الآخرُ أنهُ لمْ يشتره.

قُلْتُ: فإنْ لمْ يكنْ بَينهما بينة؟ قال: يحلفان جميعًا: هذا أنَّهُ وهبه لَهُ، وهذا أنَّهُ باعَهُ، فإنْ حلفَا يترادان. قال أحمد: هو كما قال: يُحلفُ هذا أنهُ لمْ يشتره مِنْهُ، ويُحلفُ هذا أنه لمْ يهبه لَهُ. قُلْتُ: فإنْ استهلكَ الثوبَ؟ قال: فقيمتُهُ فيما بينه وبينَ ما ادَّعى صاحبُ الثوبِ. قال: هو كَما قال. قال إسحاق: هو كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2153). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ عنْ رجلٍ أخَذَ ثوبين مِنْ رجلين، أحدُهُمَا بعشرةٍ والآخرُ بعشرين، فَجَاء بِهمَا فقالَ: لا أدري أيّهما ثوبك مِنْ ثِوبِ هذا؟ قال سفيانُ: يضمن إِذَا كانَ لا يدري. قال أحمد: إِذَا ادَّعَيَا جميعًا ثوبًا مِنْ هذين الثوبين اقْترعَا بينهمَا، فأيُّهما أصابتُهُ القرعةُ حَلفَ، وكَانَ الثوبُ الجيَدُ لَهُ، والثوبُ الآخرُ للآخر. قيل: كلّ مَنْ أصَابته القرعةُ حَلفَ؟ قال: نعمْ. قال إسحاق: كمَا قال سواءٌ. "مسائل الكوسج" (2196). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عنْ رجلٍ بَاعَ ثوبًا بشرطٍ، وسمَّى الثمنَ فجاءَ بثوبِ فقالَ: هذا ثوبُكَ، وقال صَاحِبُ الثوبِ: ليس هذا ثوبي، فالقولُ قولُ الذي جاء بالثوب.

قال أحمد: جيِّدٌ. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (2283). قال أبو داود: سمعت أحمد قال: البيعان إذا اختلفا والبيع قائم بعينه قال: القول قول البائع مع يمينه أو يترادان. قيل: فإن أقام كل واحد البينة؟ قال: وكذلك أيضًا. "مسائل أبي داود" (1347). قال ابن هانئ: وسئل: إذا اختلف البائع والمشتري، القول قول من؟ قال: قول البائع. "مسائل ابن هانئ" (1326) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: إذا اختلف المتبايعان في الثمن، والبيع قد استهلك، القول قول من منهما أو البينة؟ فقال: يتفقان على شيء، فيما اختلفا، فإذا لم يتفقا، كان القول قول البائع مع يمينه، فإن كانت بينة، فلا شيء إذا كانت البينة. "مسائل عبد اللَّه" (1030) ونقلا أبو الحارث وحنبل في اختلاف المتبايعين في حدوث العيب الممكن حدوثه بعد العقد: القول قول البائع مع يمينه أنه باعه، وهو صحيح لا خرق فيه ولا عيب. "الروايتين والوجهين" 1/ 340. قال في رواية الأثرم وابن بدينا وإبراهيم بن الحارث: إذا اختلف المتبايعان تحالفا.

سادسا: خيار التفليس

وقال في رواية محمد بن العباس النسائي: إن كانت السلعة قد استهلكت فالقول قول المشتري مع يمينه. "الروايتين والوجهين" 1/ 347، "معونة أولي النهى" 5/ 123 ونقل مهنا عنه في رجل اشترى سرجًا، فقال البائع: بعته بغير ركابين، وقال المشتري بركابين: فالقول قول البائع مع اليمين، وعلى المشتري البينة؛ لأنه مدعي. "الروايتين والوجهين" 1/ 349 ونقل جعفر في ادَّعاء البائع مبيعًا، وأنكر المشتري -مع وجودها في يده- هي ملك لذاك. "الفروع" 4/ 130، "المبدع" 4/ 114 1582 - سادسًا: خيار التفليس نَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ عنه: لَا يَكُونُ مُفْلِسًا إلَّا أَنْ يُفَلِّسَهُ القَاضِي أَوْ يَبِينَ أَمْرُهُ فِي النَّاسِ، وَطَلَبَ البَائِعُ مَا بَاعَ فَلَهُ ذَلِكَ. "الفروع" 4/ 132، "المبدع" 4/ 116 1583 - سابعًا: خيار التدليس قال أبو داود: سمعت أحمد قال له رجل: اشتريت جارية وأقرت بالعبودية فأقامت عندي حتى حبلت، ثم زعمت أنها حرة من الأنصار. قال أحمد: استثبت في هذا واجتنب الجارية. قال: فلا آوي معها في بيتٍ؟ قال: لا. فسمعت أحمد قال له: كيف دينها؟

ثامنا: خيار الغلط في البيع

قال: لم أر منها إلا خيرًا. قال: ذاك أحرى أن تقبل قولها. قال الرجل لأحمد: فإن رجعت عن قولها؟ قال: لا أدري، سل عن هذا غيري. قلت لأحمد: فإن أعتقها، ثم تزوجها؟ قال: لا يفعل. "مسائل أبي داود" (1249). قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن امرأة باعت حرة وأقرت هي؟ قال: يُضربان -يعني: البائعة والجارية- حيث أقرت بأنها أمة. "مسائل أبي داود" (1470). نقل عنه محمد بن الحكم، وقد سأله عن رجل يقر بالعبودية حتى يباع؟ قال: يؤخذ البائع والمقر بالثمن، فإن مات أحدهما أو غاب أخذ الآخر بالثمن. "الفروع" 4/ 51، "الإنصاف" 11/ 18 نقل عنه حنبل في رجل اشترى عبدًا فأبق، وأقام البينة أن إباقه كان موجودًا في يد البائع: يرجع على البائع بجميع الثمن الذي أخذه منه؛ لأنه غر المشتري، ويتبع البائع عبده حيث كان. "المبدع" 4/ 92، "الإنصاف" 11/ 393 1584 - ثامنًا: خيار الغلط في البيع قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: شريح كَانَ لا يجيزُ الغلط (¬1)؟ قال: إِنْ أقامَ بِذلكَ بَينةً فذَاكَ لَهُ. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 311 (15332)، وابن أبي شيبة 4/ 529 (22822).

قال إسحاق: إِذا تحقق الغلطُ لمْ يسع البائع إلَّا قبوله. "مسائل الكوسج" (1802). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: شريح كان لا يجيزُ الغلط؟ قال سفيانُ: وذلك في الرجلِ يبيعُ السلعةَ اشْتَراها بمائةٍ فباعها بربحِ عشرين، ويقولُ: أخذتُهَا بخمسين وادَّعى الغلطَ، وأقامَ البينةَ أنَهُ ابتاعها بمائةٍ؟ قال: لا يجوزُ الغلط. قال سُفيانُ: أمَّا نحن فنقولُ: إِذَا جاءَ بالبينةِ لمْ تجزِ بينته، هو أَصْدقُ مِنْ بينتِهِ. قال أحمد: المشتري مخيرٌ إنْ شاءَ ردَّ السلعةَ، وإنْ شاءَ أخذَهَا بالذي أقامَ عليه البينة أنه ابتاعَهَا. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2147). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا ابتاعَ بُرًّا بمائة درهم، ثمَّ باعَهُ عَلَى شراءِ مائتين غلطًا فربحوه عَلَى المائتين ألقى المائة، وقدر ربحَ المائة، والبيع مُسَلَّمٌ، جائز؟ قال: نَعَم. قال إسحاق: كمَا قال سواءٌ "مسائل الكوسج" (2156). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجلٍ قال لرجلٍ: أبيعكَ هذِه الدار وهي ألفُ ذراع وأرَاه الحدودَ، فاشْتَراها فوجَدَها ألفي ذراع، هي للمشتري إِذَا أرَاهُ الحدود.

قال أحمد: قال عبدُ اللَّهِ -رضي اللَّه عنه-: لا غَلَتَ (¬1) في الإِسلامِ (¬2)، هي للبائعِ. قُلْتُ: قال سفيان: فإنْ نقصَ مِنَ ألفِ ذراع، وأرَاهُ الحدودَ، فالمشتري بالخيارِ إنْ شاءَ أخذَ، وإنْ شَاءَ تَركَ. قال أحمد: نعم، هذا بَيِّنٌ كما قال. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2191). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إنْ باعَ جرابًا فيه مائة ثوب، أو طعامًا، فقَال: الثِّيابُ خمسون ثوبًا، والطّعامُ كر، فَوجدَ الثِّيابَ مائة ثوب والطَّعام كرين، أمَّا الثّيابُ: فمردودٌ، وأمَّا الطعامُ: فيكيل له الذي لَهُ وما بقي كَانَ لَهُ. قال أحمد: نعم. قال إسحاق: إِذَا أرادَ المشتري أنْ لا يأخذَ الطعامَ فلَهُ ذَلِكَ، وإنْ أرادَ أن يأخذَ فكَمَا قال، وأمَّا الثيابُ فمردودٌ؛ لأنه ليسَ اشْتراؤه كالطّعامِ لما فِيهِ منَ التَّفَاوتِ "مسائل الكوسج" (2192). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: وإذَا بَاعَ شيئًا واحدًا نحو الدَّارِ والثَّوبِ فأراه ونظَرَ إلى حدودِهِ، فَقال: أبيعُكَ هذِه الدار، وهذا الثَّوب وهو كَذَا وكَذَا فوجَدَهُ يزيد فهو للمشتري. قال أحمد: لا، هو للبائعِ. ¬

_ (¬1) الغلت: هو الغلط، وزنًا ومعنًى. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 529 (22819).

قُلْتُ: وإذَا كَانَ شيئًا متفرقًا فزَادَ؛ فهوَ مردودٌ، وأمَّا الكيلُ والوزنُ إنْ زادَ؛ أخَذَ الذي لَهُ، وردّ سَائره، والعددُ إنْ زادَ أو نقصَ؛ يترادان. قال أحمد: كما قال. قال إسحاق: كما قال أحمد كلاهما. "مسائل الكوسج" (2193). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إِذَا اشْترى مائة ثوبٍ، كلّ ثوب بعشرة دراهم فوجدَهَا تسعين؛ فالمشتري بالخيارِ، وإنْ زَادَتْ علَى مائة؛ فالبيعُ مردودٌ. قال أحمد: كما قال. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (2194). قال إسحاق بن منصورْ قُلْتُ: سُئِلَ عن رجلٍ اشْترى مائة ثَوب بألف درهم فزادَ أو نقصَ؛ فالبيعُ مردودٌ؟ قال أحمد: نعم. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (2195). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يعطي الرجل الدنانير، فيقول: وزنها كذا وكذا، أو يزنها بين يديه، فيصرفها الرجل، فتزيد بالحبة والحبتين والثلاثة، فيما يكون غلط، ولاختلاف الموازين والصنجة، فهل تطيب تلك الزيادة؟ قال: إذا كان شيئًا يتغابن الناس بمثله، فأرجو أن لا يكون به بأس، وإن رد عليه فلا بأس. "مسائل عبد اللَّه" (1077).

باب الربا والصرف

باب الربا والصرف 1585 - الربا في عرف الشرع قال أحمد بن القاسم سألت أبا عبد اللَّه عن الربا الذي هو الربا نفسه الذي فيه تغليظ، قال: أما البين، فهو أن يكون لك دين على الرجل إلى أجل، فتزيد على صاحبه تحتال في ذلك، لا تريد إلا الزيادة عليه، والشيء مما يكال أو يوزن تبيعه بمثله كما في حديث أبي سعيد: "أربيتما فَرُدَّا" (¬1). قال: وهو في النسيئة أبين. "الفتاوى الكبرى" 3/ 117، "بيان الدليل" ص 107 1586 - الأجناس التي يجرى فيها الربا، وعلة جريان الربا فيها قال إسحاق بن منصور: قلت: الطعام بالطعام نسيئة، والثوب بالثوبين إلى أجل، وقفيز بر بقفيزي شعير؟ قال: كل هذا مكروه. قال إسحاق: كل ما كان مما يكال ويوزن، فلا خير فيه، ويجوز ما سوى ذلك. "مسائل الكوسج" (1853) قال إسحاق بن منصور: قفيز شعير بقفيز بر بدًا بيد؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 3، البخاري (2312)، ومسلم (1594).

قال: أرجو أن لا يكون به بأس. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1854) قال إسحاق بن منصور: قلت: شاة بشاتين، أو بعير ببعيرين، نسيئة؟ قال: أكره الحيوان بالحيوان نسيئة حديث سمرة -رضي اللَّه عنه- (¬1). قال إسحاق: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل الكوسج" (1855) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سعيد بن المسيب: لا ربا إلا في ذهب أو فضة أو في ما يكال ويوزن مما يؤكل ويشرب (¬2). قال: كل شيء إذا كان نسيئة فهو مكروه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1858) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 12، وأبو داود (3356)، الترمذي (1237)، النسائي 7/ 292، ابن ماجه (2270). قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1841). (¬2) رواه مالك ص 393، وعبد الرزاق 8/ 35 - 36 (14199) وابن أبي شيبة 4/ 310 - 311 (20428)، والبيهقي 5/ 286. ورواه الدارقطني مرفوعًا 3/ 14 من طريق المبارك بن مجاهد عن لمالك ثم قال: هذا مرسل، وإنما هو من قول سعيد بن المسيب ومن رفعه فقد وهم. اهـ بتصرف. قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 518: ومبارك مع ضعفه انفرد عن مالك برفعه والناس رووه عنه موقوفًا. قال ابن حجر في "الدراية" 2/ 156: وهو في "الموطأ" من قول سعيد بن المسيب، وهو أشبه. وضعف الألباني المرفوع انظر: "الإرواء" (1343).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ كره البر بالشعيرِ إلَّا مثلًا بمثلٍ ويدًا بيد؟ قال: أهلُ المدينةِ يَكْرهونه. قُلْتُ: مَا تقولُ أَنْتَ؟ قال: أَرجو أن لا يكون بِهِ بأسٌ. قال إسحاق: لا بأسَ بِهِ. "مسائل الكوسج" (1897). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: العبدُ بعبدين إِلى أَجَلٍ معلومٍ؟ قال: أقولُ: الحيوانُ بالحيوانِ نسيئة لا يصلح، وإذَا كَان يدًا بيد بأسَ الحيوان كلها. قال إسحاق: الذي نختارُ أنْ يكونَ يباع نسيئة حُكْمهُ حكْم السلمِ. "مسائل الكوسج" (1932). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يشتري الرجلُ الذهبَ بالفضةِ، والفضَّةُ هبِ جِزافًا إِذَا كانَ تبرًا أو حليًا قَدْ صِيغَ؟ قال: مَا يُعجبني هذا. قال إسحاق: لا خيرَ فِيهِ. "مسائل الكوسج" (1936). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل باعَ مِنْ رَجلٍ حنطةً بذهبٍ إِلَى أَجَلٍ، ثم يشتري منه تمرًا قبلَ أنْ يقبضَ الذهب من بيعه؟ قال: لا يجوز شيءٌ مما يُكالُ أو يُوزن بِشيءٍ مما يُكال أو يُوزن، ولا بأسَ أن يشتريَ مِنْهُ مَا لا يُكالُ ولا يُوزنُ. قال إسحاق: كما قال سواءٌ. "مسائل الكوسج" (1937).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُباعُ بعيرٌ ببعيرين إِلَى أجل؟ قال: لا يُباعُ الحيوانُ بالحيوانِ نسيئة حديث الحسن عن سمرة -رضي اللَّه عنه- (¬1). قال إسحاق: لا بأسَ بِهِ. "مسائل الكوسج" (1938). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: سألت الأوزاعيّ عن شراءِ الخبزِ بالدَّقيقِ والحنطةِ؟ قال: لا بأسَ بِهِ. قال أحمد: لا بأسَ بِهِ. ثمَّ سألتُهُ بعدَ ذَلِكَ فجبن عَنه، قال: وأمَّا نسيئة فمكروه لا شكَ فِيهِ. قال إسحاق: كما قال الأوزاعيُّ. "مسائل الكوسج" (2069). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فاشْتراءُ الدقيقِ بالقَمحِ كيلَا بكيلٍ؟ قال الأوزاعي: لا. قُلْتُ: وزنًا بوزنٍ؟ قال: لا بأسَ بِهِ. قُلْتُ: ولا يصلح القمح بالسّويق كيلَا بكيلٍ؟ قال: لا. قال أحمد: لا بأسَ بِهِ. قال إسحاق: كما قَالا. "مسائل الكوسج" (2070). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 12، وأبو داود (3356)، والترمذي (1237)، والنسائي 7/ 292، وابن ماجة (2270). قال الترمذي: حديث صحيح، وسماع الحسن من سمرة صحيح هكذا قال علي بن المديني وغيره. والحديث صححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1841).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: سألتُ الأوزاعيَّ عن النَّوى بالتمرِ صَاعًا بصاعٍ؟ قال: لا بأسَ بِهِ. قُلْتُ: صَاعًا بصاعين؟ قال: لا بأسَ بِهِ، يدًا بيدٍ. قال أحمد: لا بأسَ بِهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2071) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: سألتُ الأوزاعيَّ عَن الشَّعر بالصّوفِ رطلًا برطلين؟ قال: لا بأسَ بِهِ يدًا بيدٍ. قال أحمد: لا بأسَ بِهِ يدًا بيد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2071) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن السَّيفِ المحلَّى والخَاتمِ نسيئة؟ فَكَرهه. قال: هذا عَلَى قَولِنَا لا يجوزُ أبدًا حتَّى يفصله، أي: فكيف نسيئة؟ ! قال إسحاق: كما قال أبدًا لا يجوز حتَّى يميز، وكَذَلِكَ الخرز معَ الذَّهبِ. "مسائل الكوسج" (2077). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن الخبزِ بالحنطة، والدّقيقِ بالحنطةِ نسيئةً؟ فكرهه. قال أحمد: جيّدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2078)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عَنْ تمرةٍ بتمرتين، وتمرةٍ بتمرةٍ؟ قال: نكرهه وسُئِلَ عن التمرِ بالتمرِ كَيلًا؟ قال: لا يستقيم إِلَّا كيلًا، هو كيلٌ. قال: هوَ كما قال، وأعْجَبهُ هذا مِنْ قولِ سفيان: تمرة بتمرتين أنه كرهه. قال إسحاق: كما قال، قال: وَقَدْ جَاوزَ الكراهية؛ لأنَّهُ قدْ صَيَّرَ مثلًا بمثلين. "مسائل الكوسج" (2079). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الزبد باللبنِ؟ قال [سفيان]: إذَا كَانَ اللبنُ حليبًا يخرجُ مثل ذَلِكَ الزبد كرهته. قال: إذَا كانَ يعلمُ ذَاكَ أنه يخرج مثله. ثمَّ قال: يكون انتقص مِنْه، يكون الرائب بِذَلِكَ النقصان. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2103). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الزبدُ بالرائبِ؟ قال [سفيان]: إذَا لمْ يكنْ فِيه زبدٌ فَلا بأسَ بِهِ. قال: هذا صحيحٌ جيّدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2104). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: أكرهُ سمنَ البقرِ بسمنِ الغَنَمِ اثنين بواحد؟ قال: نَعَمْ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2105). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عنْ سيفٍ بسيفين، وقدحٍ بقدحين، وسكينٍ بسكينين، وطست بطستين، يدًا بيدٍ واحدًا باثنين؟

قال: مَا كَان يُوزن فوزنًا بوزنٍ، ومَا كَان لا يُوزن فلا بأسَ اثنين بواحدٍ يدًا بيدٍ. قال: أصلُ هذا كله يعود إِلَى الوزن، فَمَن كره مَا يوزن واحدًا باثنين يكرهه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2106). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: وأناسٌ لا يرون بِهِ بأسًا، الإِبرةُ بالإبرتين، والفلسُ بالفلسين، والسيفُ بالسيفين، يقولون: قَدْ خرجَ مِنَ الوزنِ، وأناس يكرهونه، يَقولون: يَعودُ إِلَى الوزنِ، وأنْ يوزنَ أحبُّ إِليَّ. قال أحمد: يعودُ إِلى الوزنِ، هذا أصلُهُ كُلُّه واحدٌ، مَنْ ذَهَبَ إلى قولِ سعيدِ بن المسيب (¬1)، لا يرى بهذا كُلّهِ بأسًا، ومَنْ ذَهَبَ إِلَى حديثِ عمار يكره هذا كلَّه (¬2). قال إسحاق: لا بأسَ بهِ اثنان بواحدٍ يدًا بيد؛ لأنهُ خرجَ مِنْ حدِّ الوزنِ، ولا ينظر إِلى أصلِ مَا كانَ، إنما النظرُ يوم يتبايعون. "مسائل الكوسج" (2108). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: سُئِلَ عنْ السَّمنِ بالزبدِ اثنان بواحد، قال سُفيان: إذَا خَرجَ مِنَ الزبدِ مثله فَلا بأسَ بِهِ، وإذَا زادَ أو نقص فَهو مكروهٌ. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 310 (20420)، وابن حزم 8/ 484 وصححه الألباني في "الإرواء" (1344).

قال: إذَا كَانَ مثله، فالفضلُ بأي شيءٍ أخذَهُ؟ يكون أقل قليلًا حتَّى يكون الرائب بالنقصان. قال إسحاق: إذَا كان مثله فلَا بأسَ به. "مسائل الكوسج" (2109). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ اشترى بعيرًا ببعيرين، وقالَ: آتيكَ بِهِ غدًا؟ قال: أكره الحيوان بالحيوانِ نسيئةً. قال إسحاق: كلما بَاعَ دابةً بدابتين، وسلَّم الدابةَ إِليه، وجَعَل الدابتين إِلَى أجلٍ معلومٍ، ووصفهما بصفةٍ تعرف، فهو جائزٌ كالسَّلم في الحيوانِ جائز إِذَا قبضَ. "مسائل الكوسج" (2166). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من كره اللَّحم بِالبرِّ نسيئةً؟ قال أحمد: كلُّ شيءٍ من الطَّعامِ بعضُه ببعضٍ نسيئةً مكروهٌ عَلَى مَا كَره ابن عمرَ رضي اللَّه عنه (¬1). قال إسحاق: اللَّحمُ بالبُرِّ نسيئةً هو مثل أنْ يسلم ما يُوزن فِيما يُكال، لا بأسَ بِهِ إِذَا كَانَ أحدُهُمَا يدًا بيد؛ لأنَّهُ لابدَّ في السّلمِ منْ أنْ ينتقدَ الثمنَ. "مسائل الكوسج" (2169). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ: يكره نسيئة الحنطةِ بالدَّقيقِ، ولا نرى بأسًا بنسيئةِ الخبز بالدَّقيقِ. قال أحمد: كلُّ شيءٍ مِنَ الطعامِ بعضُه ببعضٍ نسيئةً أكرهه، حديثُ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 30، (14174، 14175) قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عنه أنه كان يكره الطعام أن يباع شيء منه بشيء نظيره.

سالم عَن ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما- أثبت من قولِهِ. قال إسحاق: هو مكروهٌ، الخبزُ بالدقيقِ؛ لأنَّ أصلَهُمَا واحدٌ. "مسائل الكوسج" (2170) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الحنطةُ بالدقيقِ وزنًا بوزنٍ؟ قال: ليس بِهِ بأسٌ. قُلْتُ: الخبزُ بالدقيقِ وزنًا بوزنٍ يدًا بيدٍ؟ قال: ما يُعْجِبني. قال إسحاق: كلاهما واحدٌ، ولا بأسَ به؛ لأنهمَا يوزنان في الأصلِ وزنًا. "مسائل الكوسج" (2171). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الثوبُ بالثوبين نسيئةً؟ قال: أمَّا أنا أتوقاه، على حديثِ عمار -رضي اللَّه عنه-، إلَّا مَنْ ذهب مذهبَ سعيدِ بن المسيب. قال إسحاق: هو عندنا جائز. "مسائل الكوسج" (2172) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: بيعُ العنب وقد أطعم بالطعام يدًا بيد؟ قال: هذا لا بأسَ به يدًا بيد. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ ثمنَهُ مَا كانَ مِن شيءٍ فعجله جَازَ. "مسائل الكوسج" (2173) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: بعيرٌ ببعيرين يدًا بيدٍ ودراهم، في الدراهم نسيئة؟ قال: ما أعلمُ به بأسًا. قُلْتُ: بعيرٌ ببعيرين نسيئةً ودراهم، والدراهم يدًا بيدٍ؟

قال: هذا مكروهٌ. قال إسحاق: كلاهما لا بأسَ بِهِ، والدراهمُ إِذَا كانتْ معجلةً فهو أحبُّ إلينا. "مسائل الكوسج" (2174). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الحديدُ بالنّحاسِ نسيئةً؟ قال: عَلَى معنى حديثِ عَمَّار -رضي اللَّه عنه- مكروهٌ (¬1)، وهذا كله وزن. قال إسحاق: لا خيرَ في هذا. "مسائل الكوسج" (2175). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الزهريُّ: كلُّ شيء يُوزن فهو يجري مجرى الذهبِ والفضةِ، وكلُّ شيء يُكال فهوَ يجري مجرى البرّ والشعيرِ (¬2)؟ قال أحمد: هو هكَذا، إلَّا أنهُ يضيق في مواضع، لو أنَّ رجلًا اشْترى كوزًا صغيرًا بدراهم، وفضلتْ له فضلةٌ من فلوسٍ، مَنْ قال ذَلِكَ القول؛ يكره أنْ يأخذَ فلوسًا. قال إسحاق: كما قال أحمد، أكره أنْ يأخذَ فلوسًا. "مسائل الكوسج" (2176). قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاقُ عَنْ شرى الزرعِ وهو حنطةٌ بالحنطةٍ، والشعيرُ بالشعيرِ، وهو قصيل لمْ يدركْ الزرعَ؟ قال: لا يحلّ لَهُ اشتراءُ الحنطةِ إِذَا كانتْ قد أدركتْ وابيضتْ -إلَّا أنَّها ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 310 (20420)، وابن حزم في "المحلى" 8/ 484، وصححه الألباني في "الإرواء" (1344) وقد تقدم. (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 37 (14207).

لمْ تُحصدْ- بالبرِّ، وكذلك الشَّعير بالشَّعيرِ، وكذلك التمر، وسَمَّى رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذَلِكَ: المحاقلة، والمزابنة إلا أنَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- رخَّصَ في العرايا (¬1)، وهي: التمرُ يكونُ في رءوسِ النخلِ دون خمسة أوسق. "مسائل الكوسج" (2299). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَن كره البر بالشعيرِ إلا مثلًا بمثل وإن كان يدا بيد؟ قال أحمد: إذا اختلفَتْ ألوانُه، فلا بأسَ به يدًا بيد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3259). قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: الدقيق بالبُرّ لا يستقيم، وإن كان وزنًا؛ لأنَّ أصلَه كيل، فَإِذَا كلته زادَ الدقيقُ على البُر. "مسائل الكوسج" (3435). قال صالح: وسألته عن السيف المحلى يباع بذهب أو فضة؟ قال: لا يعجبني. قلت: تذهب إلى حديث فضالة بن عبيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2)؟ قال: نعم. "مسائل صالح" (352). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 313، البخاري (2381)، مسلم (1536) من حديث جابر. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 19، ومسلم (1591) أنه قال: أُتي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو بخيبر بقلادة فيها خز وذهب، وهي من المغانم تباع فأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده ثم قال لهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الذهب بالذهب وزنًا بوزن".

قال صالح: وقال: من رخص في اقتضاء الذهب من الورق من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عمر بن الخطاب (¬1) وابن مسعود وابن عمر (¬2)، ويروى عن ابن مسعود اختلاف (¬3) قالوا: خذ بالسعر. "مسائل صالح" (985). قال صالح وقال: وأكره بيع الحيوان بالحيوان نسيئة. ولا أرى بالسلم في الحيوان بأسًا، وإنما كره ابن مسعود من نتاج معروف (¬4). "مسائل صالح" (1113). قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: لا يباع السيف المحلى بفضة بالدراهم حتى تُنزع الحلية منه. "مسائل أبي داود" (1275). قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: أهل المدينة يكرهون الشعير بالبر اثنين بواحدة، ولكنا لا نرى به بأسًا. "مسائل أبي داود" (1281). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الخبز بالحنطة؟ قال: لا يعجبني. وكان ابن شبرمة يكرهه (¬5). "مسائل ابن هانئ" (1234). ¬

_ (¬1) رواه عنه عبد الرزاق 8/ 127 (14584)، وابن أبي شيبة 4/ 380 (21202). (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 126 (14577)، وابن أبي شيبة 4/ 380 (21201) عن ابن عمر. (¬3) الاختلاف عن ابن مسعود رواه أيضًا عبد الرزاق 8/ 127 (14582، 14585) وقال عبد الرزاق بعد الرواية (14586): عجبًا في أهل البصرة والكوفة، أهل الكوفة يروون عن عمر وعبد اللَّه الرخصة، وأهل البصرة يروون عنهما التشديد. (¬4) رواه عبد الرزاق 8/ 24 (14151). (¬5) لم أقف عليه.

قال ابن هانئ: وسئل أبو عبد اللَّه عن الرغيف بالرغيفين؟ قال: إذا كان بُر ببر، فلا. ولكن رغيفين شعير برغيف حنطة، فلا بأس يدًا بيد. "مسائل ابن هانئ" (1237) قال ابن هانئ: وسئل عن: السيف بالنحاس أو بالحديد نسيئة؟ قال: إذا كان نسيئة، فلا أراه، وإذا كان يدًا بيد، فلا بأس به، وكل شيء نحو هذا، مثل القوارير وغيره، وإذا كان نسيئة. "مسائل ابن هانئ" (1238) قال ابن هانئ: وسئل عن البر بالدقيق. وزنًا بوزن؟ قال: أكرهه. "مسائل ابن هانئ" (1239) قال ابن هانئ: وسئل عن السويق بالبر؟ قال: جنس واحد. "مسائل ابن هانئ" (1240) قال ابن هانئ: وسئل عن البر بالخبز؟ قال: هذا أبعد. "مسائل ابن هانئ" (1241) قال ابن هانئ: وسئل عن الثوب بالثوبين، يدًا بيد؟ قال: لا بأس به، وأكرهه كله نسيئة. "مسائل ابن هانئ" (1242) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: إذا اختلف النوعان: ثوب قطن، بثوبين كتان؟ قال: أكرهه كله نسيئة، اختلف أو يختلف. "مسائل ابن هانئ" (1243)

قال المروذي: وسئل أبو عبد اللَّه: يشترى برٌّ بخبز فكرهه؟ "الورع" (290) قال عبد اللَّه: سألت أبي رحمه اللَّه عن البيضاء بالسلت، فقال: البيضاء بالحنطة أظنها، والسلت أراه شيئًا يشبه الشعير. قال أبي: فكرهه سعد، من أجل أن أحدهم كان يابا والآخر رطبًا. فقال سعد: سئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن التمر بالرطب فقال: "ينقص الرطب؟ ". قالوا: نعم. فنهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لنقصانه (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1025) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أمية، عن عبد اللَّه بن يزيد، عن أبي عياش: سئل سعد عن بيع سلت بالشعير أو شيء من هذا فقال: سئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن تمر برطب. فقال: "تنقص الرطيبة إذا يبست"؟ قالوا: نعم. قال: "فلا إذًا". "مسائل عبد اللَّه" (1026) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن السيف المحلى يباع بذهب أو فضة؟ قال: لا يعجبني. قيل: تذهب إلى حديث فضالة بن عبيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2). قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (1042) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 175، وأبو داود (3359)، والترمذي (1225) والنسائي 7/ 268، ابن ماجه (2264) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (979). (¬2) رواه الإمام أحمد 16/ 19، ومسلم (1591).

قال محمد بن يحيى الكحال: وقد سئل عن البيض بالبيض والرمان بالرمان، فقال: لا يجوز إلا مثلًا بمثل، هذا يؤكل. قيل له: وإن لم يؤكل ولم يوزن؟ قال: نعم. قيل له: مثل أي شيء يجوز؟ قال: مثل الحديد وما أشبهه. وقال في رواية الميموني: أذهب إلى حديث عمار وهو حديث جامع ما يكال ويوزن مما يؤكل ويشرب، وما لا يؤكل ولا يشرب (¬1). وقال في رواية سندي الخواتيمي: لا يجوز رطل حديد برطلين قياسًا على الذهب والفضة. وقال في رواية حنبل وبكر بن محمد: لا بأس خيارة بخيارتين، وبطيخة ببطيختين، ورمانة برمانتين؛ لأنه ليس أصله كيلا ولا وزنًا. ونقل حنبل عنه في القوارير المكسرة بالصحاح والمكسور أكثر: لا بأس يدًا بيد، أليس هو مما يوزن ولا يكال، وليس مما يؤكل ويشرب؟ ! "الروايتين والوجهين" 1/ 316 - 317 ونقل أبو طالب، وأحمد، وهشام، وحرب عنه: لا يباع فلس بفلسين، ولا سكين بسكينين، ولا إبرة بإبرتين. ونقل حنبل عنه: ما لم يكن أصله الكيل أو الوزن فلا بأس اثنين بواحد يدًا بيد ونسيئة، ولا بأس ثوب بثوبين يدًا بيد ونسيئة. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 310 (20420)، وابن حزم 8/ 484، وصححه الألباني في "الإرواء" (1344).

ونقل أيضًا: لا يباع شيء من الحيوان اثنين بواحد إلى أجل وإن اختلفت أجناسهما؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة (¬1). وزاد حنبل في رواية: وأتوقاه إذا كان من جنس واحد. "الروايتين والوجهين" 1/ 318 - 319 ونقل أبو الحارث عنه: لا يجوز بيع الدقيق بالطعام كيلًا بكيل. فقيل له: فوزنًا بوزن، فقال: أكرهه. ونقل حنبل عنه: لا بأس بالبر بالسويق والسويق بالدقيق مثلًا بمثل. ونقل أيضًا: يجوز بيع الحنطة بالسويق. ونقل أبو الحارث عنه: السويق بالحنطة أكرهه. الروايتين والوجهين" 1/ 321 وقال في رواية حنبل في الخاتم والمنطقة والسيف، وما أشبهه: لا أرى أن يباع حتى يفصل ويخرج منه، والقلادة على ذلك. وقال في رواية ابن القاسم: في رجل باع دراهم صحاحًا وفضة مكسورة بدراهم مكسورة وزنًا بوزن سواء. قال: لا يجوز، إنما أراد أن يجوز فيه شيء. ¬

_ (¬1) روي من حديث الحسن عن سمرة مرفوعًا. رواه الإمام أحمد 5/ 12، وأبو داود (3356)، والترمذي (1237)، والنسائي 7/ 292، وابن ماجه (2270) قال الترمذي: حسن صحيح، وسماع الحسن من سمرة صحيح، هكذا قال علي بن المديني وغيره. وقال الحافظ في "الفتح" 5/ 57: وفي الجملة هو حديث صالح للحجة. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1841).

ونقل الميموني عنه وقد سُئل إذا كانت له دنانير سلامية لهما وضائع على غيرها، فقال: إن كانت إنما تكره من قبل سكتها فهو أهون. قيل له: يؤخذ مثلًا بمثل على حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، فقال: نعم. "الروايتين والوجهين" 1/ 322 - 323 وسأله مهنا عن بيع الزبد باللبن؛ فكرهه. ونقل ابن القاسم، ومهنا عنه: إذا باع التمر بالنوى اثنين بواحد أو أربعة بواحد: أكرهه. ونقل حنبل: لا بأس رطل لحم غنم برطلين لحم بقر، وكذلك لحم خيل. ونقل مهنا، أبو الحارث، وابن مشيش، حرب، ويعقوب بن بختان عنه: لا يجوز لحم غنم بلحم بقر رطل برطلين. وقال أبو الحارث عنه: الغنم والبقر صنف، فقيل له: فلحم السمك؟ قال: هذا أبعد. قيل له: فلحم الطير؟ قال: هذا أبعد. "الروايتين والوجهين" 1/ 324 - 325 قال في رواية ابن القاسم: لا يجوز الحديد والرصاص متفاضلًا، قياسًا على الذهب والفضة. "العدة في أصول الفقه" 4/ 1281 قال في رواية الميموني: إذا كانت الثمرة واحدة فلا يجوز رطب بيابس. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 4، والبخاري (2176)، ومسلم (1596) من حديث أبي سعيد الخدري.

واحتج بالرطب بالتمر لحديث النبي (¬1). "العدة في أصول الفقه" 4/ 1372 قال في رواية ابن القاسم وسندي: رطل حديد برطلين، لا يجوز؛ قياسًا على الذهب والفضة. "العدة في أصول الفقه" 4/ 1395 قال الأثرم في الحديث الذي يرويه الحسن عن سمرة (¬2)، قال أبو عبد اللَّه: لا يصح سماع الحسن من سمرة. وحديث جابر (¬3)، قال أبو عبد اللَّه: هذا حجاج زاد فيه: "نساء"، وليث بن سعد سمعه من أبي الزبير، ولا يذكر فيه: "نساء" (¬4). ونقل محمد بن الحكم في ما لا يشترط التماثل فيه كالجنسيين، وما لا ربا فيه، هل يجوز بيع بعضه بعض؟ قال: أكره ذلك. "المغني" 6/ 66 وروى مهنا عنه في خل الدقل: يجوز بيع بعضه ببعض متساويًا. "المغني" 6/ 79 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 175، وأبو داود (3359)، والترمذي (1225)، والنسائي 7/ 268، وابن ماجه (2264) من حديث سعد بن أبي وقاص. قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (979). (¬2) سلف مرارًا. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 310، والترمذي (1238)، وابن ماجه (2271) عن الحجاج ابن أرطاة عن أبي الزبير عن جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "للحيوان اثنان بواحد لا يصلح نسيئًا ولا بأس به يدًا بيد". قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "الصحيحة" (2416) بشواهده. (¬4) لم أقف عليه.

قال الميموني: قلت: لا يشتري السيف والمنطقة حتى يفصلها؟ فقال: لا يشتريها حتى يفصلها، إلا أن هذا أهون من ذلك؛ لأنه قد يشتري أحد النوعين بالآخر بفضل وفيه غير النوع الذي اشترى به، فإذا كان من فضل الثمن فهو بما فيه من غير ذلك، إلا أنه من ذهب إلى ظاهر حديث القلادة (¬1) قال: لا يشتريه حتى يفصله. قيل له: فما تقول أنت؟ قال: هذا موضع نظر. قال أبو بكر الخلال: روى هذِه المسألة عن أبي عبد اللَّه خمس عشرة نفسًا كلهم اتفقوا على أنه لا يجوز البيع حتى يفصل إلا الميموني. "المغني" 6/ 93 ونقل أبو الحارث عنه في بيع تراب معدن وصاغة بغير جنسه أنه لا يجوز. ونقل مهنا عنه: لا، في تراب صاغة، وأن غيره أهون. "الفروع" 2/ 488 ونقل مهنا عنه: أنه كره بيضة ببيضة، وقال: لا يصلح إلا وزنًا بوزن؛ لأنه طعام. "الفروع" 4/ 149، "المبدع" 4/ 129 ونقل ابن القاسم وغيره عنه: المنع في بيع خبز بحبه ودقيقه. ونقل مهنا عنه في بيع زيتون بزيت (¬2): يكره. "الفروع" 4/ 157 - 158، "المبدع" 4/ 136، "معونة أولي النهى" 5/ 151 قال البرزاطي: قيل لأحمد: رجل كانت معه مائة درهم فضة جياد، فأضاف إليها مائة درهم نحاس، وصاغها حلية لنفسه، ثم احتاج إلى ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 19، ومسلم (1591) من حديث فضالة بن عبيد. (¬2) في "الفروع" بزبيب، والمثبت من "المبدع" وهو الصحيح.

بيع ذلك، هل يجوز أن يبيع ذلك بمائة درهم الفضة التي كانت فيه؟ قال: لا يجوز بيع ذلك كله بالفضة، ولا بالذهب، ولا بوزنه من الفضة والنحاس، ولا يجوز بيعه حتى يخلص الفضة من النحاس، ويبيع كل واحد منهما وحده. "مجموع رسائل الحافظ ابن رجب" 2/ 714

فصل: بيع العرايا

فصل: بيع العرايا 1587 - ما جاء في تفسيره، وشرائط جوازه قال صالح: سألته عن حديث الزهري الذي يروى عن بيع الثمر بالتمر (¬1)؟ فقال: هكذا يقول الزهري، وليس لهذا وجه، إنما يقول الناس: التمر بالتمر. "مسائل صالح" (992) قال صالح: ناس يقولون: إن العرية تكون للرجل نخل، يستثنى منه ثلاث نخلات أو أربع نخلات؟ قال: لا، ليس هذا وجه العرية، مالك يقول: هو الرجل يكون له الحائط، وللرجل الآخر فيه نخلة أو نخلتان، فيشتريه صاحب الحائط، وهذا أيضًا ليس وجه العرية: أن يعرى الرجل فيما دون خمسة أوسق فيبيعه بخرصها بالتمر -عن سفيان بن عيينة وسفيان بن حسين- هذا وجه العرية. "مسائل صالح" (1300) قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن تفسير العرايا فقال: أنا لا أقول فيها بقول مالك وأقول العرايا أن يعري الرجل الجار أو القرابة للحاجة والمسكنة فإذا أعراه إياها فللمعري أن يبيعها ممن شاء. إنما ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 8، والبخاري (2183)، ومسلم (1534/ 57) مرفوعًا من حديث ابن عمر.

نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المزابنة وأرخص في العرايا، فرخص في شيء، فنهى عن المزابنة أن تباع من كل أحد، ورخص في العرايا أن تباع من كل أحد فيبيعها ممن شاء، ثم قال: مالك يقول: يبيعها من الذي أعراها إياه وليس هذا وجه الحديث عندي ويبيعها ممن شاء، قال: وكذلك فسره لي سفيان بن عيينة وغيره. "التمهيد" 12/ 49، "المغني" 6/ 123، "طرح التثريب" 6/ 137 قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: العرية فيها معنيان، لا الثمر وقد نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك، فهذا لا يجوز إلا في العرية. قلت لأبي عبد اللَّه: فإذا باع المعري العرية أله أن يأخذ التمر الساعة أو عند الجذاذ؟ قال: بل يأخذ الساعة. قلت له: إن مالكًا يقول: ليس له أن يأخذ التمر الساعة حتى يجد. قال: بل يأخذ التمر الساعة حتى يجد. قال: بل يأخذ الساعة على ظاهر الحديث. "التمهيد" 12/ 50 ونقل حنبل عن أحمد: يخرصها رطبًا، ويعطي تمرًا رخصة. "المغني" 6/ 125 قال في رواية سندي: العرية أن يهب الرجل للجار أو ابن العم النخلة والنخلتين ما لا تجب فيه الزكاة، فللموهوب له أن يبيعها بخرصها تمرًا للرفق. "المبدع" 4/ 143

فصل: ما جاء في شرائط جريان الربا

فصل: ما جاء في شرائط جريان الربا 1588 - الربا بين المسلم والحربي في أرض الحرب قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل دخلَ أرضَ الحربِ بأمانٍ، أَلَهُ أنْ يشتريَ من أولَادِهم ونسائهم، ويأخذ درهمينِ بدرهمٍ؟ قال: إذا كان بأمان! كأنه كره هذا كُلَّه. قال إسحاق: لا يحلُّ ذَلِكَ أصلًا؛ لأنَّ الذي يلي ذَلِكَ المسلم؛ لأنَّ الربا حَرَّمَهُ اللَّهُ سبحانه وتعالى على المسلمينَ، ولقد ردَّ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَا أربوا في الجاهلية حين أدرك الإسلام، فأولُ ربًا وضعَه ربا العباس رضي اللَّه عنه (¬1). وكذلك قال الأوزاعي وحرمه في أرضِ الحربِ، واحتج بهذا أنَّ ما أدركَ الإسلامُ مِنَ الربا موضوعٌ، وقد فعله في الجاهلية فكيف يُستوسع في الإسلامِ أن نبتديه أو يبتع ميتة منهم. "مسائل الكوسج" (2761). قال صالح: قلت لأبي: الربا في أرض الحرب؟ قال: إذا دخل بأمان فلا يعجبني. "مسائل صالح" (505). ونقل الميموني عنه: لا يحرم بين مسلم وحربي لا أمان بينهما. "الفروع" 4/ 147، "المبدع" 4/ 157 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 320، والبخاري (1557)، ومسلم (1218) من حديث جابر ابن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه.

1589 - منع المجوس من الربا بين أظهر المسلمين

1589 - منع المجوس من الربا بين أظهر المسلمين قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا بن يحيى أن أبا طالب حدثهم أن أبا عبد اللَّه سئل عن مجوس .. وأخبرني محمد بن أبي هارون قال: حدثنا إبراهيم بن أبان قال: سألت أبا عبد اللَّه عن مجوسي في زقاق ليس له منفذ وطريق المسلمين عليه، وهو يربي علانية على الطريق، فقالوا له: تحوّل عنّا، فقال لهم الرجل في يده الدار هو ساكن لأيتام وقد قضيتم الذي عليكم. ونحن نقدر على إخراجه فما ترى نخرجه أو نقرّه؟ قال: يخرج ولا يترك وذاك أن المسلمين يربون معه إذا اخذوا منه، يخرج ولا يترك. "أحكام أهل الملل" 2/ 471 (1146) 1590 - هل بين الرجل وعبده ربًا؟ قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يدفع إلى مملوكه دراهم، ويزيد عليه في غلته؟ قال: جائز، ليس بين العبد وبين سيده ربا. "مسائل ابن هانئ" (1246).

فصل في ملحقات بيوع الربا أو الآجال

فصل في ملحقات بيوع الربا أو الآجال 1591 - 1 - بيع العينة قال إسحاق بن منصور: قلت: الرجل يبيع السلعة، فيقول: اقبلها ولك عشرة دراهم؟ قال: أكرهه إلا أن تكون تغيرت السلعة. قال إسحاق: كما قال؛ لأن حكمه لا يكون أعظم من بيع النسيئة، إذا تغيرت السلعة فاشتراها بأقل وكذلك تغيير السوق، قد سوى النخعي بينهما. "مسائل الكوسج" (1779) قال إسحاق بن منصور: قلت: ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- يقول: إذا استقمت بنقد فبعت بنقد، فلا بأس به (¬1). قال: لا بأس به، وإذا استقام بنسيئة فهو مكروه؛ لأنه يتعجل شيئًا ويذهب عناؤه باطلًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1793) قال إسحاق بن منصور: قلت: العينة، وأي شيء هي؟ قال: البيع النسيئة. قال: إذا كان يبيع بنقدٍ وبنسيئةٍ فلا بأس، وأما رجل لا يبيع إلا بنسيئة فهذا ما أكرهه. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 236 (15028)

قال إسحاق: كلما باع بنسيئة حتى عرف به، وصح البيع على ما جاء في السنة، فهو ما جوز. "مسائل الكوسج" (1808) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا بعت ثوبا فحل الأجل فوجدته بعينه، فقال: اشتره مني؟ قال: بأكثر لا بأس وإن كان بأقل وتغيرت السوق وخلق الثوب، فلا بأس، وكل سلعة على هذا، وهذا قبل أن يقبض الثمن، فإذا قبض الثمن فليشترِ كيف شاء. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1839) قال صالح: وسئل عن الرجل يعد الشيء ليبيعه بنسيئة إلى أجل؟ قال: إذا أعده أن يبيعه بنسيئة ولا يبيعه بنقد فلا يعجبني؛ لأن هذِه عينة حينئذ. "مسائل صالح" (664) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يبيع المتاع فيجيئه الرجل يطلب المتاع بنسيئه، فيقول: أبيعك بده يازده وده دوازده (¬1)؟ فلا يعجبنا أن يكون بيعه هذا، هذا في العينة. قلت: يقال لها: عينة. وإن لم يرجع إليه؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) قال ابن قدامة: وإن قال: على أن أربح في كل عشرة درهما، أو قال: ده يازده، أو ده داوزده فقد كرهه أحمد، "الشرح الكبير" 11/ 440، وكلمة ده راوزده: كلمة فارسية بمعنى: العشر أحد عشر، أو العشر اثنا عشر.

سمعت أحمد قال: وإن كان لا يريد بيع المتاع الذي يشتري منك فهو أهون، وإن كان يريد بيعه فهي العينة. "مسائل أبي داود" (1257). قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل باع ثوبًا بنقدٍ، ثم احتاج إليه يشتريه بنسيئة؟ قال: إذا لم يرد بذلك الحيلة. قيل: لم يرد؟ فكأنه لم ير به بأسًا. "مسائل أبي داود" (1258). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يجيء إلى الرجل، فيقول: بعني متاعًا إلى أجل. فيقول له: ليس عندي، ولكن أشتري، فيشتري له؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا تواطآ على ربحه وعليه فلا أراه. قيل له: فربحه؟ قال: يعجبني أن يرد عليه ربحه. "مسائل ابن هانئ" (1220) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يبيع الدابة أو الثوب؟ قال أبو عبد اللَّه: إن شاء الذي باعه اشتراه بأنقص مما باعه به. "مسائل ابن هانئ" (1221). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يبيع الرجل الشيء إلى أجل، فلما حل الأجل جاء يتقاضاه، فقال: لم تحضر عندي، فإن أحببت أن تبيعني بيعة أخرى أبيعها وأعطيك؟ قال: إذا كان يبيعه ولا يقبلها ولا يرد عليه من سعر ما باعه به أولًا، إلا أن يكون قد انقلب السعر، فيبيعه على بيع السوق، فيبيعه ويعطيه فلا أرى به بأسًا. "مسائل ابن هانئ" (1222)

وقال مثنى بن جامع الأنباري: قلت له: ما تقول فيمن باع دابة بنساء، هل يشتريها من صاحبها إذا حل ماله بأقل مما باعها، إذا كان قد هزلها وعمل عليها؟ فقال: فيه اختلاف، ولم يجزه، ولم يعدل عنده أن يكون مثل من باع ما يكال، فيأخذ ما يكال، فذكرت له الشراء عند الضرورة فلم يكرهه. "بدائع الفوائد" 4/ 46. وقال في رواية أحمد بن الحسين الترمذي: العينة عندنا أن يكون عند الرجل المتاع، فلا يبيعه إلا بنسيئة، فإن باع بنقد ونسيئة فلا بأس. وقال في رواية صالح بن القاسم: أكره للرجل ألا يكون له عادة غير العينة، لا يبيع بنقد. وقال في رواية حنبل: يكره بيع المضطر الذي يظلمه السلطان، وكل بيع يكون على هذا المعنى، فأحب أن يتوقاه؛ لأنه يبيع ما يسوى كذا بكذا من الثمن الدون. "بدائع الفوائد" 4/ 69. وسأله المروذي: إن وجده مع آخر يبيعه بالسوق أيشتريه بأقل؟ قال: لا، لعله دفعه ذاك إليه يبيعه. وتوقف في رواية مهنا. "الفروع" 4/ 169

1592 - الرجل يشتري السلعة بالنقد ثم يشتريها بأقل مما باعها قبل أن ينقده

1592 - الرجل يشتري السلعة بالنقد ثم يشتريها بأقل مما باعها قبل أن ينقده قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلُ باعَ ثوبًا بعشرةِ دراهم تنقد، ولمْ ينتقد الثمن، فَقَال للمشتري: تعطينيه بعشرين؟ قال: هذا مكروهٌ، مِنْ أجلِ أنهُ لمْ ينتقد. قال أحمد: ليسَ بهذا بأسٌ. قال إسحاق: إِذَا كانَ البيعُ منهما على الرغبةِ جَازَ، إنما يُكْره الخداعُ. "مسائل الكوسج" (2280) 1593 - 3 - بيع التورق ونقل حرب عنه في التورق: وعكس العينة مثلها، إلا أن تتغير صفتها. "الفروع" 4/ 169 - 170، "المبدع" 4/ 49 ونقل المروذي فيمن يبيع الشيء ثم يجده يباع أيشتريه بأقل مما باعه بالنقد؟ قال: لا، ولكن بأكثر لا بأس. "الفروع" 4/ 171، "المبدع" 11/ 195

1594 - 3 - بيع الدين بالدين

1594 - 3 - بيع الدين بالدين قال صالح: سألت أبي عن رجل كان له على رجل ألف درهم، فأعطاه أربعين دينارًا ومضى، ثم إنه عاد بعد ذلك فقال: تلك (الأربعون) (¬1) دينارًا بالألف؟ قال: لا يجوز حتى يحضر أحدهما. "مسائل صالح" (603). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الكالئ بالكالئ؟ قال: الدين بالدين. قيل له: مثل أيش يكون، الدين بالدين؟ قال: مثل الرجل يكون له على رجل دين، ويكون لآخر على آخر دين. فيحيل هذا على هذا، وهذا على هذا. "مسائل ابن هانئ" (2036). روى الأثرم عن أحمد أنه سُئل: أيصح في هذا حديث -النهي عن بيع الكالئ بالكالئ (¬2) - قال: لا. "المغني" 6/ 106. ¬

_ (¬1) في "المسائل": "الأربعين" والمثبت أصح. (¬2) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 21 (5554) من طريق أبي بكرة وابن مرزوق عن أبي عاصم عن موسى بن عبيدة الربذي عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر رضي اللَّه عنهم. ورواه الدارقطني 3/ 72 والحاكم 2/ 57 من طريق حمزة بن عبد الواحد عن موسى بن عقبة بن عبد اللَّه بن دينار عنه به. وروياه أيضًا من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن موسى بن عقبة عند نافع عنه به والبيهقي 5/ 290 من طريق الحاكم. =

1595 - 4 - بيع غائب بناجز

1595 - 4 - بيع غائب بناجز قال صالح: قال أحمد: لا يباع غائب بناجز، على حديث عمر: "هاء وهاء" (¬1). "مسائل صالح" (1115). ¬

_ = ورواه ابن عدي في "الكامل" 8/ 47 من طريق موسى بن عبيدة عن نافع عنه به. قال موسى: قال نافع: وذلك بيع الدين بالدين. قال الحافظ في "التلخيص" 3/ 26: صححه الحاكم على شرط مسلم فوهم؛ فإن راويه موسى بن عبيد الربذي لا موسى بن عقبة. قال البيهقي: والعجب من شيخنا الحاكم كيف قال في روايته: عن موسى بن عقبة، وهو خط والعجب من شيخ عصره الدارقطني حيث قال في روايته: عن موسى بن عقبة ا. هـ. ورواه البزار 12/ 297 (6132) من طريق بهلول عن موسى بن عبيدة عن عبد اللَّه بن دينار عنه به. قال الهيثمي في "المجمع" 4/ 80: فيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف. وقد ضعفه أيضًا الألباني في "الإرواء" (1382) بموسى بن عبيدة ثم قال: وأما موسى بن عقبة فهو ثقة حجة من رجال السنة؛ ولذلك فإن الذي جعله هو راوي هذا الحديث أخطأ خطأً فاحشًا فإنه نقل الحديث من الضعيف إلى الصحيح. (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 24، والبخاري (2134)، ومسلم (1586).

فصل في أحكام متعلقة ببيوع الربا

فصل في أحكام متعلقة ببيوع الربا 1596 - الذي يتعامل بالربا، يؤكل عنده؟ قال المروذي: وسألت أبا عبد اللَّه عن الذي يتعامل بالربا، يؤكل عنده؟ قال: لا. قد روي عن ابن مسعود (¬1). قلت: هذا رواه جواب. كيف هو؟ قال: ثقة (¬2). وقد روي عن ابن مسعود خلاف هذا قال ابن مسعود: الإثم حوّاز القلوب (¬3). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 150 (14675 - 14676)، والبيهقي 5/ 335. جاء رجل إلى ابن مسعود فقال: إن لي جارًا يأكل الربان وإنه لا يزال يدعوني. فقال: مهنؤه لك، وإثمه عليه. صححه ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" 1/ 201 عنه. (¬2) قال البيهقي -بعد روايته من طريقه- 5/ 335: جواب التيمي غير قوي. قلت: رواية عبد الرزاق ليست من طريقه، وقد رأيت ابن رجب صححه ونقل عن الإمام أحمد تصحيحه، وإنما عارضه بما روي عن ابن مسعود خلافه كما يأتي في التخريج التالي. (¬3) رواه هناد في "الزهد" 2/ 465 (934)، والطبراني 9/ 149 - 150 (8748 - 8749)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 135، والبيهقي في "الشعب" 5/ 458 (7277). قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 176: رواه الطبراني كله بأسانيد رجالها ثقات. وصححه ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" 2/ 96، والألباني في "الصحيحة" (2613).

1597 - الرجل يسلم وعنده مال من الربا

وقد لعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- آكل الربا وموكله، وقد أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالوقوف عند الشبهة (¬1)، عن عبد اللَّه قال: لعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- آكل الربا وموكله، والحال والمحلل (¬2). "الورع" (161) 1597 - الرجل يُسلم وعنده مال من الربا قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل مجوسي كان يعمل بالربا فجمع مالا كثيرًا، ثم إنه أسلم؟ قال: ماله له. قلت لأبي: يخرج ما كان إرثًا؟ قال: لا، ما كان فيه من الشرك، وشرب الخمر، أعظم من ذلك. قلت لأبي: فإن هو فعل؟ قال: فإن فعل فحسن. "مسائل عبد اللَّه" (1087) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث: أن أبا عبد اللَّه سئل عن مجوسي أسلم، وقد كان عمل في مجوسيته بالربا هل يطيب له ماله أو يخرج من يده المال؟ قال: ماله له. ما كان فيه من أمر الكفر أكبر. لا يخرج منه شيئًا. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 269، والبخاري (52)، ومسلم (1599) من حديث النعمان ابن بشير -رضي اللَّه عنه-. (¬2) روى شطره الأول الإمام أحمد 1/ 394، ومسلم (1597). ورواه بزيادة وبشطره الثاني الإمام أحمد 1/ 448، والنسائي 6/ 149. وفيه (المحل) بدل (الحال).

أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال: حدثني العباس بن محمد ابن موسى الخلال قال: قال أبو عبد اللَّه فيمن كان نصرانيًا فأسلم وقد جمع مالًا من بيع خمر أو خنازير؟ قال: لم يبلغنا أن أحدًا أخرج من ماله. أخبرنا محمد بن جعفر بن سفيان قال: حدثنا عبد اللَّه بن حماد قال: حدثنا ابن المبارك، عن حيوة، عن شريح، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أسلم على شيء فهو له" (¬1). أخبرني حرب قال: قلت لأحمد: رجل مجوسي من أهل الذمة كان له ولد فنحل بعض ولده مالًا دون بعض، وكان المنحول ابن فمات وترك ابنه كيف حاله في هذا المال الذي ورث عن أبيه وكان الجد نحله وهو جور لا أنه حقه؟ ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 76 (189) عن ابن المبارك به. قال الحافظ في "تلخيص الحبير" 4/ 111: ومرسل عروة أخرجه سعيد بن منصور برجال ثقات. قلت: وشروى مرفوعًا من حديث أبي هريرة، رواه أبو يعلى 10/ 226، وابن عدي في "الكامل" 8/ 535، والبيهقي 9/ 113، من حديث ياسين بن معاذ الزيات عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعًا به. قال الحافظ في "التلخيص" 4/ 120: وفيه ياسين الزيات وهو منكر الحديث متروك، وقال أبو حاتم في "العلل": لا أصل له. وخرجه الألباني في "الإرواء" (1716) وزاد تخريجه من حديث ابن عباس من "تاريخ دمشق" وضعفه، ومن حديث بريدة بن الحصيب من عند البيهقي، وضعفه. ثم قال: والحديث عندي حسن بمجموع طرقه. واللَّه أعلم.

1598 - الرجل يعامل بالربا إذا أراد أن يتوب، كيف يعمل؟

فقال: لا بأس يأكله؛ لأن هذا كان في الشرك. "أحكام أهل الملل" 2/ 472 - 473 (1148 - 1151) 1598 - الرجل يعامل بالربا إذا أراد أن يتوب، كيف يعمل؟ قال المروذي وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: الذي يتعامل بالربا يأخذ رأس ماله، وإن عرف أصحابه رد عليهم، وإلا تصدق بالفضل. "الورع" (160) وروى عنه المروذي: عن منصور والأعمش، عن موسى بن عبد اللَّه؛ أن أباه بعث بغلام له إلى أصبهان، بمال أربعة آلاف فبلغ المال ستة عشر ألفًا، ونحو ذلك، فبلغه أنه مات، فذهب يأخذ ميراثه، فبلغه أنه كان يقارف الربا، فأخذ أربعة آلاف، وترك البقية. عن أبي الزبير، عن جابر قال: "لعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه" (¬1). "الورع" (162)، (163) قال المروذي: قال أبو عبد اللَّه: الذي يتعامل بالربا يرد على أصحابه إن عرفوا، وإلا تصدقوا بالفضل. وقال: وسألت أبا عبد اللَّه عن امرأة كانت تجري على أخرى، وتصلها بعلم زوجها، وذكرت المرأة شيئًا رديّا، وقد اجتمع عندها منه شيء، وليس ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 304، ومسلم (1598).

لها مال غيره، وقد أمرت أن تتصدق به، ولعلها إن أخرجته احتاجت إلى المسألة؟ قال: زوج المرأة حي؟ قلت: قد مات الزوج، والمرأة قالت لي: ما أمرني به أبو عبد اللَّه من شيء صرت إليه. قال: أرى أن تتصدق به، وتسأل. "الورع" (188)، (189) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل كان بينه وبين رجل معاملات وبيوع وأشياء مما يتعامل الناس بينهم من صروف وغير ذلك، وفي نفسه من تلك المعاملات شيء، يخاف أن يكون قد دخلها فساد مما لا يقف عليه، فهل يجوز أن أقول لصاحبي: اجعلني في حل من جميع ما جرى بيني وبينك من معاملة وصروف وفساد إن كان وغير ذلك، فإن قال: قد فعلت نرجو أن يخلص، أو كيف السبيل في التخليص؟ فقال: إن كان ذلك من طريق الربا فعليه أن يسلم إليه رأس ماله، ويلقى ما سوى ذلك لقوله تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} فإن توبة الربا أن يأخذ رأس ماله، ويرد الفضل الذي كان بينه وبين صاحبه. "مسائل عبد اللَّه" (1088).

فصل: ما جاء في شروط الصرف

الصرف فصل: ما جاء في شروط الصرف 1599 - التقابض في المجلس قبل الانصراف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ عَن رجلٍ قال لرجلٍ: بعني فلوسًا بدرهم، والدانق ستة عشر فلا. قال: نَعم، فَأعْطَاهُ الدرهمَ فأخذ منه بنصفِ درهم حساب ستة عشر بدانق، وبقي لَهُ عندهُ نِصْف درهم، فَصَارتَ الفلوس أربعة وعشرين بدانق قال: إِنْ كَانَ عنده الفلوس حين بَاعَه يأخذ مِنْهُ بنصفِ دِرْهم ستة عشر بدانق، وإنْ لمْ يكُنْ عنده حين بَاعه فَلَه نصف درهم فضة. قال أحمد: يرجعُ بنصفِ فضة على مَا قال. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2074). قال صالح: الرجل يجيء إلى البقال فيقول: عندك دراهم بدينار؟ فيقول: لا، عندي بنصف دينار، فيشتري منه بنصف دينار، ويدفع إليه الدينار، فيقول للبقال: هذِه الدراهم بعشرة قراريط من هذا الدينار، وعشرة قراريط لي عليك. فيتراضيان على ذلك، ثم يأخذ منه بعد ذلك الدرهم والدرهمين والثلاثة، ولا يصارفه على شيء، حتى إذا أخذ منه بقيمة النصف الدينار قال: الدراهم التي كانت لك علي بالعشرة قراريط التي كانت لي عليك. هل يطيب ذلك لهما؟ وكيف الحيلة لهما؟ قال: إن كان يريد أن يحتال بأن لا يستوفي حتى يكون هاء وهاء، فلا يعجبنا ذلك.

1600 - عقد الصر هل يدخله خيار المجلس؟

وإن كان قال: هذِه الدراهم الذي سلم إليه بما سلم إليه من الذهب وهو كذا وكذا قيراطًا، فأخذ المشتري الدراهم، وأخذ البائع للدراهم الدينار قبل أن يفترقا، ويكون بقية الدينار، فأعجب إلينا أن يستوفي بقية ثمن الدينار ويسلم إليه، ولا يعجبنا أن يأخذ درهمًا ودرهمين ويصارفه. "مسائل صالح" (1376). قال صالح: الرجل يدفع إلى الصيرفي الدينار، فيشتري به دراهم فيقول: ما رد عليك من هذِه الدراهم فهو علي؟ قال: هذا مكروه أن يشترط ما رد عليه، ولا يفترقان وبينهما لبس، والذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء. "مسائل صالح" (1377). قال ابن هانئ: سألته عن رجل له على رجل ذهب، فيقبض منها الورق مرارًا، ولا يقاطع في ذلك على شيء منها، حتى إذا أراد أن يحاسبني على المتاع، سعرها على قدر ما يُريد سعر الدنانير؟ قال أبو عبد اللَّه: له سعر يوم بيوم. "مسائل ابن هانئ" (1236). 1600 - عقد الصر هل يدخله خيار المجلس؟ نقل محمد بن يحيى الكحال عنه: يدخله. ونقل أحمد بن سعيد عنه: لا يدخله. "الروايتين والوجهين" 1/ 315

1601 - هل يدخله خيار الشرط؟

1601 - هل يدخله خيار الشرط؟ قال إسحاق بن منصور: في الصرف يشترط ما كان من زيوف رددته عليك. قال: هذا مكروه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1856) 1602 - إذا وجد أحد المتصارفين عيبًا بعد التفرق، وكان العيب من جنسه، هل له البدل؟ نقل أبو الحارث ومحمد بن يحيى الكحال عنه: له البدل. ونقل حنبل عنه: ليس له البدل. ونقل بكر بن محمد، وجعفر عنه: بطلان العقد في قدر المردود. "الروايتين والوجهين" 1/ 333، "المبدع" 4/ 153

فصل: ما جاء في أنواع الصرف

فصل: ما جاء في أنواع الصرف 1603 - 1 - بيع أحد النقدين بجنسه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كُرِهَ أَنْ يبيعَ بالدينار إِلَّا درهمًا. قال أحمد: أكرهه، ولا بأسَ بدينار ودرهمين، أو درهم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1790). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الموازنةُ يَكُونُ للرجلِ عَلَى الرَّجلِ أربعة دوَانيق (¬1)، فيضَع هُوَ دانقين في كفَّةٍ، وَيضَع غَرِيمه دِرْهَمًا في كفَّةٍ؟ قال: الموازنةُ لا بأسَ بِهَا. قال إسحاق: كما قال، إِلا أنْ يَتَهَاونوا في الرجحانِ. "مسائل الكوسج" (1918). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ كَره الدينارَ الكُوفي بالشَّامي بَينهما فَضَّل أنْ يَأخُذ فَضْل الشَّامي فضة؟ قال: لَا أكرهه أنْ يأخذَ بالفضل فضة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1964). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا قال: بعني فلوسًا بدانق، فَلَهُ دانق فضة زَادَ أو نقصَ. قال أحمد: جيّد، هذا ليس فيه شكّ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2073). ¬

_ (¬1) الدانق: يساوي سدس دينار.

قال صالح: حدثني أبي قال: حَدَّثَنَا محمد بن جعفر قال: حَدَّثَنَا شعبة، عن صالح بن أبي سليمان قال: سألت ابن عمر وابن عباس عن الصرف، فنهاني ابن عمر، ورخص لي ابن عباس. "مسائل صالح" (793). قال صالح: الرجل يبيع ثلاثة دنانير ذهبًا مكسورًا بدينارين غير درهم، هل يجوز هذا؟ قال: لا يعجبنا، ولكن إن شاء أن يبيعها بدراهم، ويشتري بها من الذهب ما شاء. "مسائل صالح" (1378). قال صالح: الرجل يبيع عشرة دراهم فضة مكسورة بثمانية دراهم وفلسين؟ قال: هذا خبيث رديء؛ لا يجوز، ولكن يبيعها بكذا وكذا قيراطًا من الذهب. "مسائل صالح" (1379). قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الدراهم المسيبية، بعضها صفر وبعضها فضة بالدراهم؟ قال: لا أقول فيه شيئًا. قال أبو داود: الدراهم المسيبية تكون بشاش، وفرغانة، وسروسية، وصُغد -في بعضها- والمحمدية بسمرقند والغطريفية ببخارى كلها أصله نحاس في الدراهم نحو دانق فضة، ويجوز عدد ثقالها وخفافها، وإن كان فيها ثلاثة سقط فلا يجوز إلا كالصفر المكسور، والغطريفية أعلى من الوضح، والمسيبية يباع منه المائة والعشرين بمائة وضح نحو هذا،

والمحمدية نحوه، والرخجية -وهي البستية- في الدراهم منه نحو درهم ودانقين، قدر دانقين فضة، يُباع منه الدرهم بثلاثة إلى درهمين ونصف. "مسائل أبي داود" (1274). قال البغوي: وسأل رجل أحمد وأنا أسمع -فقال: معي درهم صحيح أريد به فضة أفآخذ له صرفًا؟ ! قال: لا خذ وزنًا بوزن. قال: فإن كان معي دينار أبدله دراهم؟ قال: انظر ما بلغ قيمته فخذه. "البغوي" (15). نقل ابن القاسم عنه: في رجل باع دراهم صحاحًا وفضة مكسورة بدراهم مكسورة وزنا بوزن سواء. قال: لا يجوز. ونقل الميموني عنه: وقد سئل إذا كانت له دنانير سلامية لها وضائع على غيرها؟ فقال: إن كانت إنما تكره من قبل سكتها فهو أهون. قيل له: تؤخذ مثلًا بمثل على حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)؛ فقال: نعم. "الروايتين والوجهين" 1/ 322 قال حرب: قلت لأحمد: دفعت دينارًا كوفيا ودرهما، وأخذت شاميًّا وزنهما سواء؛ لكن الكوفي أوضع؟ قال: لا يجوز؛ إلا أن ينقص الدينار فيعطيه بحسابه فضة. "المغني" 6/ 93 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 4، والبخاري (2176)، ومسلم (1596) من حديث أبي سعيد الخدري.

1604 - 2 - اقتضاء أحد النقدين بالآخر

ونقل يعقوب وابن أبي حرب عنه: الفلوس بالدراهم يدًا بيد ونسيئة، وإن أراد فضلًا لا يجوز. "الفروع" 4/ 151، "الإنصاف" 12/ 236 1604 - 2 - اقتضاء أحد النقدين بالآخر قال إسحاق بن منصور: قلت: اقتضاء دنانير من دراهم، ودراهم من دنانير في البيع؟ قال: بالقيمة. قلت: واقتضاؤه في الدين؟ قال: بالقيمة. قال إسحاق: كما قال بسعر يومه. "مسائل الكوسج" (1852) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل سلف رجلًا مائة دينار في شيء، فلما ذهب ليزن له الدنانير قال: أعطني بها دراهم، أو عرضًا؟ قال: لا، حتى يأخذ الدنانير، ثم يصارفه بما شاء. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1970) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ: عن رجلٌ باعَ مِنْ رجلٍ سلعةً بِدينار، ثمَّ جَاءه بعد فقال: أَعْطني بالدينار دراهم فأعْطاهُ الدراهمَ ثمَّ ردت السلعة. قال: ترد إِليه الدراهم؛ لأنَّ البيعَ كَانَ فاسدًا؛ لأنَّهُ صرف، وإذَا كَانَ أخذ مِنْه عَرضًا رَدّ إِليه دَنَانير؛ لأنَّهُ ليسَ بمنزلَةِ الصَّرفِ، وإنْ اشْتَرى جاريةً فوجدَ بها عيبًا وكَانَ قَدْ أخَذَ بالدنانير دراهم فإِنَّهُ يردّ الدنانيرَ.

قال أحمد: إِذَا كانَ البيع جازَ بالدنانير؛ فإِنَّهُ يرد الدنانيرَ إِذَا استحق الشيء إذَا كَانَ أصلُ البيعِ صحيحًا، فإذا كان أصل البيع، فاسدًا؛ فإِنَّه يردّ الدراهمَ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ البيعَ إِذَا كَانَ صَحِيحًا فقدْ صارت الدَّنانيرُ لَكَ، ثمَّ صرفتها بدراهم بعد، فَقَدْ جازَ؛ لأنَّ الدنانيرَ كنت مَالكا لها، فإِذَا استحقَّ ذَلِكَ البيع يومًا فقدْ ردّ الثمن وهوَ الدنانير، وإِذَا كان فاسدًا فعليه ردُّ الدراهم. "مسائل الكوسج" (1971). قال صالح: وقال: من رخص في اقتضاء الذهب من الورق من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عمر بن الخطاب (¬1) وابن مسعود وابن عم (¬2)، ويروى عن ابن مسعود اختلاف (¬3). قالوا: خذ بالسعر. "مسائل صالح" (985). قال أبو داود: سمعت أحمد سأله رجل قال له: أبيع الزعفران، فيخرج دينار حديث، أسترد الزعفران، ثم أبيعه بالدراهم، ثم أشتري منه الدينار؟ فقال: الحيلة لا تعجبني. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 127 (14584)، وابن أبي شيبة 4/ 380 (21202). (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 126 (14577)، وابن أبي شيبة 4/ 380 (21201) عن ابن عمر. (¬3) الاختلاف عن ابن مسعود رواه أيضًا عبد الرزاق 8/ 127 (14582، 14585). وقال عبد الرزاق بعد الرواية (14586): عجبًا في أهل البصرة والكوفة، أهل الكوفة يروون عن عمر وعبد اللَّه الرخصة، وأهل البصرة يروون عنهما التشديد.

قال: فبعته دراهم فأخرج دينارًا فأريته، فقالوا: حديث يسوى عشرين درهمًا أشتريه منه بعشرين؟ قال: لا بأس به. "مسائل أبي داود" (1279). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل اشترى متاعًا من البقال بعشرة دراهم أو خمسة عشر درهمًا بالغلة، ثم يقول: ليس معي غلة معي صحاح، ينقض بيعه؟ قال: نعم ينقض بيعه، وإن كان يريد به حيلة لا يعجبني. "مسائل أبي داود" (1280). قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: لا بأس باقتضاء الذهب من الورق والورق من الذهب. "مسائل أبي داود" (1282). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل له على رجل عشرة دراهم يريد أن يعطيه دينارًا؟ قال: يبيعه كذا وكذا قيراطًا بكذا درهمًا الذي له عليه، ثم يكون شريكه في الدينار. "مسائل أبي داود" (1283). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الرجل يبيع دقيقًا بعشرة قراريط، ثم يعطيه بها دراهم؟ قال: إذا قبض الدقيق قبل وصار له عليه فلا بأس. "مسائل أبي داود" (1284).

1605 - 3 - بيع نقد بنقد ومع أحدهما أو كليهما شيء آخر

1605 - 3 - بيع نقد بنقد ومع أحدهما أَو كليهما شيء آخر قال إسحاق بن منصور: قلت: قال الثوري: إذا صرفت بدينار عشرة ونصفًا فلا تأخذ بالنصف طعامًا ولا شيئًا إلا فضة، فإن شرطت عليه أربعة عشر درهما ومد بر. فلا بأس بذلك. قال أحمد: كلاهما كما قال. قال إسحاق: كما قالا. "مسائل الكوسج" (2081) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الرجل يجيء ومعه درهم صحيح إلى الخباز وهو يبيع الخبز سبعة أرطال، قال: فيريد أن يشتري بنصف درهم فيقول: تعطي نصف درهم مكسرة وأربعة أرطال خبزًا؟ قال أحمد: يريد أن يأخذ فضل المكسرة فيه! هذا خبيث. "مسائل أبي داود" (1278)

فصل: أحكام متعلقة بالباب

فصل: أحكام متعلقة بالباب 1606 - متى تصارف المتبايعان هل لأحدهما الشراء من جنس ما أخذ منه؟ نقل الأثرم عنه: يبيعها من غيره أحب إليّ. قلت له: فإن لم يعلمه أنه يريد أن يبيعها منه؟ فقال: يبيعها من غيره، فهو أطيب لنفسه وأحرى أن يستوفي الذهب منه، فإنه إذا ردها إليه لعله أن لا يوفيه الذهب، ولا يحكم الوزن، ولا يستقصي، يقول: هي ترجع إليه. قيل لأبي عبد اللَّه: فذهب ليشتري الدراهم بالذهب الذي أخذه منه من غيره، فلم يجدها، فرجع إليه؟ فقال: إذا كان لا يبالي اشترى منه أو من غيره، فنعم. "المغني" 6/ 115. قال حرب: قلت لأحمد: اشترى من رجل ذهبًا ثم ابتاعه منه، قال: بَيْعُهُ من غيره أحب إلى. "الفروع" 4/ 168، "بيان الدليل" ص 285، "أعلام الموقعين" 3/ 231. 1607 - المعاملة بالناقصة والزيوف والمزبقة والمكحلة في الصرف وغيره قال إسحاق بن منصور: قلت: قيل له -يعني: سفيان-: ما ترى في الرجل يشتري الشيء بدرهم إلا حبة أو حبتين؟ قال: لا بأس به. قال أحمد: لا بأس به.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1794) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال الثوري في رجل قال لرجل: بعني ثوبك هذا بهذِه المائة الدرهم، فلما دفع إليه الدراهم إذا هي زيوف؟ قال: يلزمه البيع ويغرم له دراهم جيادًا. قال أحمد: أرد البيع؛ لأنه قد وقع على دراهم زيوف. قال إسحاق: كما قال سفيان؛ لأن البائع باع على أنها جياد. "مسائل الكوسج" (1997) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال الثوري في رجل قال لرجل: بعني سلعتك بهذِه الدراهم وأراها إياه وهي طيب غير أنها ناقصة؟ قال: لا بأس إذا أراها إياه. قال أحمد: جيد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1998) قال إسحاق بن منصور: قلت: سألت سفيان عن رجل اشترى بدرهم لحمًا والدرهم ليس بجيد، فقال له اللحام: آخذ منك الدرهم بوضيعة نصف دانق، فأعطاه الدرهم. قال أحمد: أكرهه، إلا أن يشتري اللحم بخمسة دوانيق ونصف، أو بدرهم، فيكون للحام عليه درهم مكان درهم إذا وجد درهمه زيفا. قلت: قيل: إن أخذ منه لحمًا، وذهب به إلى منزله؟ قال: كل بيع فاسد يأخذ القيمة، ويتنزه عن الفضل. قال أحمد: نقول: يقوم اللحام إذا قال: أشتريه منك بهذا الدرهم والدرهم مردود، أُقَيِّمُ اللحمَ إذا استهلكه.

قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2190). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: بيعُ الرجل بالدرهم الزيف؟ قال أحمد: أمَّا اليوم فلا يعجبني. قال إسحاق: كما قال، كلما بَيَّن فلا بأس. "مسائل الكوسج" (3245). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: بيع الرجل الدراهم الزيف؟ قال: أما اليوم فلا يعجبني. قال إسحاق: له أن يبيع ويبتاع إذا بين ذَلِكَ؛ لما قال عمر عليه السلام: من زافت عليه دراهمه (¬1). "مسائل الكوسج" (3568). قال صالح: وسألته عن الرجل يدفع إليه أبواه الدراهم الزائفة والمزبقة، ويأمرانه بإنفاقها، أيجوز له ذلك؟ قال أبي: لا يجوز له إنفاقها. "مسائل صالح" (158) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل غير مرة يكره التجارة والمعاملة بالمزبقة والمكحلة. "مسائل أبي داود" (1233). قال أبو داود: وسمعته قال لرجل: لا تتفق المزبقة. "مسائل أبي داود" (1234). قال أبو داود: قلت لأحمد: أخذ في البيع المكحلة، ومن رأي أن أسبكها؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 225 (14983)، وابن أبي شيبة 4/ 536 (22893).

قال: إن كان قضاء فهو أعجب إلي، وذلك أنه كأنه ليس يقضي تمام حقه، كان عليه مائة يقضي تسعين. "مسائل أبي داود" (1235). قال أبو داود: قلت لأحمد في البيع؟ قال: في البيع، كأنه يجوز به البيع إذا لم يعجبه أخذه. "مسائل أبي داود" (1236). قال أبو داود: وسمعت أحمد سُئِلَ عن الدراهم الزبقة والزيوف تجتمع عند الإنسان؟ قال: لا يبيع شيئًا من المزبقة الزيوف، ولكن يسبكها. "مسائل أبي داود" (1237) قال أبو داود: قلت لأحمد غير مرة قول عمر: من زافت عليه دراهمه؟ قال: هذا يقول: كانت تبقى عليهم الدراهم، وربما قال: يقول: من بقيت عليه دراهمه ليس بأنها زيوف كانت الدراهم إذ ذاك سود، فقال عمر: بينوا. وليس مثل هذِه المحدثة في الإسلام. "مسائل أبي داود" (1238). قال أبو داود: سمعت مصعب الزبيري ذكر المعاملة بالمزبقة (¬1). قال: المعاملة بها حرام. "مسائل أبي داود" (1239). قال أبو داود: سألت أبا ثور عن المعاملة بالمزبقة، فقال: لا يجوز. قلت: لم؟ ¬

_ (¬1) انظر: "لسان العرب" 3/ 1808 مادة زبق درهم مزأبق مطلي بالزئبق والعامة تقول: مزبق.

قال: لأنه إن وجد عيبًا لم يدر بكم ترجع. "مسائل أبي داود" (1240). قال أبو داود: قلت لأحمد: الزعفران المغشوش، ليس مثل الدراهم المكحلة؟ قال: من أين هو مثله، وهذا الزعفران يستعمل فيذهب ويبقى هذا المكحل يدور بين الناس؟ ! "مسائل أبي داود" (1241). قال أبو داود: سألت إسحاق بن راهويه -غير مرة عن المعاملة -يعني: بالمزبقة؟ فقال: لا بأس بالمعاملة بها. "مسائل أبي داود" (1242). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن سلف في طعام فخرج -يعني: في الدراهم زيوف؟ قال: الناس يختلفون في ذا بمنزلة الصرف. "مسائل أبي داود" (1276). قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: مالك يقول: إذا خرج في الصرف زيوف انتقض الصرف. "مسائل أبي داود" (1277). قال ابن هانئ: وسئل وأنا أسمع عن دراهم ببخارى عامتها نحاس، إلا شيئًا قليلا منها فضة. قال: إذا كانت شيئًا قد اصطلحوا عليه فيما بينهم يتبايعون به مثل الفلوس الذي قد اصطلح عليه الناس فأرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل ابن هانئ" (1193).

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن ميمون بن أبي شبيب، أنه إذا كان الدرهم النيوق، أو الزيف كسره وقال: لا تغر -أو لا يغرا- بك مسلم. "الزهد" ص 421 قال البغوي: وسأل رجل أحمد وأنا أسمع فقال: إني دخلت السوق فرأيت ثوبًا ينادى عليه بعشرين صحاح فأخذته فأعطيته فيها مقطعة؟ ! قال: لا، إلا أن يرضى صاحب الثوب أن تعطيه فيه مقطعة. "البغوي" (43). نقل عنه حنبل في دراهم يخلط فيها نحاس وماس فيشتري بها ويباع: لا يجوز أن يبتاع بها أحد، وكل ما وقع عليه اسم الغش، فالشراء والبيع حرام، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من غشنا فليس منا" (¬1). "الروايتين والوجهين" 1/ 331، "معونة أولي النهى" 5/ 172 ونقل عنه أبو الحارث في ذهب مكسور محمول عليه: لا يباع بورق حتى يخلص. "الروايتين والوجهين" 1/ 331 نقل عنه محمد بن إبراهيم وقد سأله عن المزيفة؟ فقال: لا يحل. قيل له: إنه يراها ويدري أي شيء هي؟ قال: الغش حرام وإن بين. نقل عنه جعفر بن محمد: لا تنفق المكحلة حتى يغسلها، ولا المزبقة والزيوف حتى يسبقها. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 417، ومسلم (151) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

نقل عنه الأثرم، وإبراهيم بن الحارث: في الرجل يبيع الدراهم فيها رديئة بدينار؟ قال: ما ينبغي له؛ لأنه غر بها المسلمين فقال له الأثرم: ولا تقول إنها حرام؟ فقال: لا أقول إنها حرام، وإنما كرهته؛ لأنه يغر بها مسلمًا. نقل عنه حنبل: قول عمر: من زافت عليه دراهم (¬1)، يعني: نفيت، ولم يكن عمر يأمر بإنفاق الرديئة، وهذا لم يكن في عهد عمر؛ وإنما حدث بعده. "الأحكام السلطانية" ص 179، 180. نقل عنه جعفر بن محمد: فيمن اشترى ألف درهم بدنانير بعضها جياد، وبعضها مزيفة، وبعضها مكحلة: اشترى ما لا يحل، وباع ما لا يحل. "الأحكام السلطانية" ص 298. نقل عنه حبنل: في الدراهم المحمول عليها فقال: كل ما وقع عليه اسم الغش فالشراء به والبيع حرام. ونقل عنه مهنا: إذا جاء بالدينار إلى رجل يبصر الدينار فاشتراه على أنه رديء لا بأس. "الأحكام السلطانية" ص 298 - 299. قال الفضل بن زياد: وسمعت أنه سئل عن المكحلة قال: لا يشتري بها شيئًا؛ ولكن إذا كان لك على رجل دراهم فأعطاك مكحلة فخذ منه، ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 225 (14983)، وابن أبي شيبة 4/ 539 (22893).

1608 - النهي عن إتلاف سكة المسلمين الجائزة بينهم

كأنك أخذت دون حقك، ورأيته يشدد في الشريعة جدًّا. "بدائع الفوائد" 4/ 62 وقال في رواية الأثرم في رجل باع ثوبًا بكذا وكذا درهمًا، أو اكترى دابة بكذا وكذا واختلفا في النقد. فقال: له نقد الناس بينهم. قيل له: نقد الناس بينهم مختلف؟ ! قال: له. "بدائع الفوائد" 4/ 86. قال المروذي، وأبو الحارث: إن تصارفا فخرج في الدراهم رديء له ما لم يشترط. "الفروع"4/ 331. 1608 - النهي عن إتلاف سكة المسلمين الجائزة بينهم قال أبو داود: قلت لأحمد: رأيت سائلًا ومعي درهم صحيح فأردت أعطيه قطعة، أكسر منه أو أعطيه؟ قال: لا؛ كسر الدراهم وقطعه مكروه. "مسائل أبي داود" (1243) قال أبو داود: قلت لأحمد: كسر المقطعة؟ قال: لا تكسر، ولا بأس بإنفاق المقطعة. "مسائل أبي داود" (1244) قال ابن هانئ: وسئل هل يكسر الدرهم فيتصدق بكسرة على المساكين؟

قال: نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن هذا -يعني: كسر سكة المسلمين- إلا الزيف. حدثني أحمد قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن محمد بن فضاء، عن أبيه، عن علقمة بن عبد اللَّه المزني، عن أبيه أن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فهى أن تكسر سكة المسلمين الجائزة بينهم، إلا من بأس (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1194) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يدفع إليه الدراهم الصحاح ويصوغها! قال: لا. فيها نهي عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعن أصحابه، وأنا أكره كسر الدراهم والقطعة. قلت: فإن أعطيت دينارًا أصوغه كيف أصنع؟ قال: تشتري به دراهم، ثم تشتري به ذهبًا. قلت: فإن كانت الدراهم من الفيء، ويشتهي صاحبها أن تكون بأعيانها؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 417، ومن طريقه أبو داود (3449)، وابن ماجه من طريق ابن أبي شيبة عن المعتمر به. والحاكم 2/ 31 من طريق إسحاق بن إبراهيم عن معتمر به، والبيهقي 6/ 33 من طريق إبراهيم بن عبد اللَّه الكجي عن الأنصاري عن محمد بن فضاء به. وقال في "الشعب" 2/ 227: رواه محمد بن فضاء وليس بالقوي عن أبيه عن علقمة بن عبد اللَّه المزني عن أبيه. قال العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" 1/ 429 (1634): رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم من رواية علقمة بن عبد اللَّه عن أبيه. . . وضعفه ابن حبان. وضعفه الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (495)، وفي "الضعيفة" (4706)، قال: مداره على محمد بن فضاء، وهو متفق على ضعفه. اهـ بتصرف. قلت: لم أقف عليه عند الترمذي، ولم يعزه المزي في "تحفة الأشراف" 6/ 401 للترمذي، فيبدو أن الحافظ العراقي وهم في عزوه إليه واللَّه أعلم.

قال: إن أخذت بحذائها فهو مثلها. عن علقمة بن عبد اللَّه، عن أبيه، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم، إلا من بأس. قال أبو عبد اللَّه: البأس أن تختلف في الدراهم، فيقول واحد: جيد، والآخر: رديء، فيكسر، هو لهذا المعنى. سألت أبا عبد اللَّه عن الدراهم تدفع إلى رجل يشتري بها الحاجة، فيرى المسكين، ترى أن يتصدق بها، ويرد مكانها؟ قال: لا يعطي -يعني: الناس- لا ينبغي له أن يفعل. قال في رواية جعفر بن محمد، وقد سُئل عن كسر الدراهم، فقال: هو عندي من الفساد في الأرض. وقال في رواية بكر بن محمد، وقد سأله عن الرجل يقطع الدراهم والدنانير يصوغ منها، قال: لا تفصل، في هذا ضرر على الناس، ولكنه يشتري تبرًا مكسورًا بالفضة. وقال في رواية حرب، وقد سأله عن الدراهم تقطع، فقال: لا، نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن كسر سكة المسلمين. قيل له: فمن كسره عليه شيء؟ قال: لا؛ ولكن قد فعل ما نهى عنه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال أحمد فيما حُكي أن مروان بن الحكم أخذ رجلًا قطع درهمًا من دراهم فارس فقطع يده. قال: إنما كانت دراهمهم المثاقيل، هذِه الدراهم البغلية الكبار، وكان يقطع الرجل من حوله وينفقه بالوافي فلذلك قطعه. "الأحكام السلطانية" 182 - 183.

1609 - كراهة ضرب النقود المغشوشة

1609 - كراهة ضرب النقود المغشوشة قال في رواية محمد بن عبد اللَّه المنادي: ليس لأهل الإسلام أن يضربوا إلا جيدًا. "الأحكام السلطانية" ص 181. 1610 - تولي الإمام السكة ونقل عنه جعفر بن محمد: لا يصلح ضرب الدراهم، إلا في دار الضرب بإذن السلطان؛ لأن الناس إن رخص لهم ركبوا العظائم. "الأحكام السلطانية" ص 281.

باب بيع السلم

باب بيع السلم 1611 - تعريف السلم قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: السلم: هو السلف. "مسائل عبد اللَّه" (1068) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: قلت: السلم ما هو؟ قال: أي: أن يكون الرجل يدفع إلى الرجل الدراهم فيواضعه على كيل معلوم، يقول له: قد أسلفتك في طعام سوادي أو بلدي أو موصلي، ولا يقول له: قد أسلفتك في هذِه الفراخ، أو في هذِه الضيعة، وذلك أنه لا يدري يخرج هذا الفراخ شيئًا أم لا. وكذا إن أسلف (¬1) في لحم، فقال له: قد أسلفت في لحم مسن، في لحم الجنب، أو الفخذ، فيصف له، وكذا الرءوس يقول له: رأس مسن، ورأس حمل، ولا يأخذ فوق صفته، ولكن يأخذ دونها. "مسائل عبد اللَّه" (1073) ¬

_ (¬1) في الأصل: (أسلفت)، والمثبت هو ما يقتضيه السياق.

فصل: ما جاء في شروط صحته

فصل: ما جاء في شروط صحته 1612 - 1 - أن يكون مما يمكن أن يضبط قدره وصفته قال إسحاق بن منصور: قلت: السلم في الحيوان. قال: لا بأس به، إنما قال الشعبي: كرهه عبد اللَّه. لأنه قال: من لقاح بني فلان (¬1). قال إسحاق: كما قال، وهو على ما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في استقراض السن (¬2). "مسائل الكوسج" (1857) قال إسحاق بن منصور: قلت: قول من يقول: لا يسلم في بر حتى يسنبل، ولا في نخل حتى يكون زهوا؟ قال: في زرع بعينه ونخل بعينها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1906) قال إسحاق بن منصور: قلت: يسلم في الكرابيس بذرع معلوم؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1907) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ -يعني: لسفيان: مَا ترى في السَّلَفِ في البيضِ والرّمانِ، قال: ليس لَهُ حدُّ. قال أحمد: أقولُ جائزٌ. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 24 (14151). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 377، والبخاري (2305)، ومسلم (1601) من حديث أبي هريرة.

قال إسحاق: جائزٌ، وكذلك كلّ شيءٍ يُعَدُّ عَدًّا فيعرف. "مسائل الكوسج" (1969). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال ابن سيرين في رجل كانتْ عليهِ مائة دينار وازنة، فأَسْلفني مِائة دينار ناقصةً؟ قال: لا بأسَ أنْ يُسْلِفَ بالدنانير النُّقَّص إذا كانتْ التِي تسأله وازنةً، ولكن لو كُنت تسأله ناقصة فأسلفك مِائةً وازنةً كانَ ذَلِكَ مكروهًا (¬1). قال أحمد: كلاهما أرجو أنْ لا يكون بِهِ بأسٌ ليس هو قضاء. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2082). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: السَّلف في الفلوس لا يرون بِهِ بأسًا، يقولون: يجوز برءوسها. قال: إِنْ تجنبه رجل مَا كَانَ بِهِ بأسٌ، وإنْ اجترأ عليه رجلٌ أرجو أَنْ لا يكونَ بِه بأسٌ. قال سعيدُ بنُ المسيب: لا ربا إلَّا في ذهبٍ أو فضةٍ أوْ مَا يُكال أو يُوزن مما يُؤْكل أو يُشرب (¬2). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 120 (14556). (¬2) رواه مالك ص 393، وعبد الرزاق 8/ 35 - 36 (14199)، وابن أبي شيبة 4/ 310 - 311 (20428)، والبيهقي 5/ 286. ورواه الدارقطني 3/ 14 مرفوعًا من طريق المبارك بن مجاهد عن مالك، وقال: هذا مرسل، وإنما هو من قول سعيد بن المسيب، ومن رفعه فقد وهم. اهـ بتصرف. وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 518: ومبارك مع ضعفه انفرد عن مالك برفعه، والناس رووه عنه موقوفًا. وقال ابن جعفر في "الدراية" 2/ 156: وهو في "الموطأ" من قول سعيد بن المسيب وهو أشبه. وضعف الألباني المرفوع. انظر: "الإرواء" (1343).

قال إسحاق: لا بأسَ بالفلس بالفلسين يدًا بيد، ولا بأس بالسّلم في الفلوس إِذَا كَانَ ثمنُه ذهبًا أو فضةً، ورآه قومٌ كالصرف، وليس ببين. "مسائل الكوسج" (2107) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل سَلَّفَ رجلًا دراهمَ عَلَى أنْ يعطيه منْ أندره هذا طعامًا إلى عشرة أيام؟ قال سفيان: هذا مردودٌ؛ لأنَّ أصلَه غرر؛ لأنهُ إنِ احْترقَ أو سُرِقَ لمْ يكنْ لَهُ شيءٌ. قال أحمد: لا يُسَمِّي أندرًا ولا قرية صغيرةً نما مِنْهَا الطعامُ إلَّا أنْ يكونَ مثل الموصِلِ، والسَّواد. قال إسحاق: كما قال أحمد؛ لأنَّ الأمصارَ قلَّمَا يخلُو مصر مِنْ ذَلِكَ النوعِ. "مسائل الكوسج" (2112) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يقولُ: أسلفك في طعامِ أَرْضِكَ التِي بمكانِ كَذَا وكَذَا؟ قال: هذا مكروهٌ. قال أحمد: سواءٌ، إِذَا كانَ أرضًا بعينها، يقول: مكروه. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2113) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل سلفَ مِائة درهم في مِائة مُدِّ بُرٍّ إِلَى أجَل، فَقَال الذي يسلف: أَعْطني بهذِه الدراهم دَنَانير؟ قال سفيان: لا يعطيه دنانير فيكون بيعتين في بيعة. قال أحمد: جيَّدٌ، إِنما يجبُ لَهُ أنْ يدفعَ إِليه الدَّراهمَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2114)

قال صالح: وسألت أبي: السلم؟ فقال: لا بأس بالسلم في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل أو صفة يصفها، من نبات أو حيوان، إذا كان يؤتى به على الصفة فلا بأس بذلك، إذا كان إلى أجل. فإن كان المسلم خيرًا من الصفة فلا، وإن كان دون فلا بأس. "مسائل صالح" (189). قال صالح: وسألتُه عن قول سفيان: كره السلم في اللحم، ما معناه، وعطاء لا يرى به بأسًا (¬1)؟ قال: الذي كره يقول: لا يجيء على الصفة. وقال أبي: لا بأس به إذا كان بصفة: سمين، أو غثي، أو وسط؛ لحم فخذ، أو لحم جنب، أو غيره. "مسائل صالح" (207). قال صالح: قال أبي: السلم في اللحم مائة رطل بكذا وكذا على أن يوفيه كل يوم رطل؛ إذا وصفه السمن والحد فلا بأس. السلم في الثوب إذا كان موصوفًا فلا بأس به. السلم في الفاكهة ما أدري أيش سلمه؟ قد يجيء وقت لا يكون فيه. "مسائل صالح" (1016). قال صالح: قال أبي: السلم جائز في كل ما أسلم فيه الرجل من الطعام، والتمر، والشعير، والذرة، والسلت، والثياب، والحيوان، إذا كان ذلك بصفة وأجل مسمى، فلا بأس به، ويكره الرهن والقبيل -يعني: الكفيل- في ذلك. "مسائل صالح" (9396). ¬

_ (¬1) أثر عطاء رواه: ابن أبي 4/ 438 (21847) أنه كان لا يرى بأسًا بالسلم في اللحم إذا كان له حد يُعلم.

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: ولا بأس بالسلف في الشحم، قيل: إنه يختلف؟ قال: كل شيء من السلف يختلف. "مسائل أبي داود" (1286) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن السلف في الرءوس؟ فلم ير به بأسًا. "مسائل أبي داود" (1287) قال أبو داود سمعت أحمد سُئِلَ عن السلم في العنب؟ قال: لا بأس به. قال أبو داود: قلت لأحمد: السلم في اللبن؟ قال: لا بأس به. "مسائل أبي داود" (1289) قال أبو داود: سمعت أحمد وقيل له: أعطى في حنطة وشعير؟ قال: يفرز (¬1) للحنطة كذا وللشعير كذا يجعل كل واحد على حدته. "مسائل أبي داود" (1293) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: لا أرى السلم إلا فيما يكال، أو يوزن، أو شيء يوقف عليه. "مسائل ابن هانئ" (1250) قال ابن هانئ: وسألته عن السلم في البيض؟ فقال: إنما سمعت السلم فيما يكال ويوزن. "مسائل ابن هانئ" (1250) ¬

_ (¬1) في حاشية المطبوع: في (ل): (يقول)، وفي (م): (يقدر).

قال ابن هانئ: وسألت عن السلم في اللحم؟ فقال: نعم إذا كان من ماعز، من ضأن. قلت له: فإن الصفة لا تحيط به؟ قال: إذا وصف فقد أحاطت به الصفة. "مسائل ابن هانئ" (1253) قال ابن هانئ: سألته عن السلم في اللبن والزبد؟ فقال: السلم فيهما جائز، وذاك أنه فيما يكال ويوزن، فهذا يكال ويوزن. "مسائل ابن هانئ" (1254) قال ابن هانئ: وسئل عن السلم في الحيوان؟ قال: لا بأس به إذا وصف شيئًا معلومًا مثل: البقر، والغنم، والإبل. "مسائل ابن هانئ" (1257) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا بأس بالسلم في الحيوان على الصفة. "مسائل عبد اللَّه" (1069) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول عن السلف في الحيوان. فقال: لا بأس به إلى أجل معلوم. "مسائل عبد اللَّه" (1070) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا عبد الرزاق: حدثنا معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر كان لا يرى بأسًا أن يسلف الرجل في الحيوان إلى أجل معلوم. "مسائل عبد اللَّه" (1071) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا شعبة عن أبي

معشر، عن النخعي أن ابن مسعود لم يكن يرى بأسًا في كل شيء ما خلا الحيوان. "مسائل عبد اللَّه" (1072) نقل الميموني عنه: يجوز السلم في الحيوان والرقيق. وقال في رواية أبي الحارث: أما استسلاف الإبل خاصة فجائز لحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه استسلف بكرًا (¬1)، وأما غيره من الحيوان فكأني أهاب ذلك. "الروايتين والوجهين" 1/ 360 وقال في رواية المروذي، ويوسف بن موسى: وسئل عن السلم في البيض والرمان فقال: السلم فيما يكال ويوزن ولا أرى السلم إلا فيما يكال ويوزن أو شيء وقف عليه. وقال في رواية إسماعيل بن سعيد: لا بأس بالسلم في الفاكهة والبطيخ والبيض والجوز والرمان. "الروايتين والوجهين" 1/ 361 قال مهنا: سألت أبا عبد اللَّه عن السلم في البعر والسرجين؟ فقال: لا بأس. "الفروع" 4/ 8، "الإنصاف" 11/ 48 نقل أبو طالب عنه في السلم في الفلوس النافقة الجواز. ونقل علي ابن سعيد عنه المنع. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 390، مسلم (1600)، من حديث أبي رافع. ورواه الإمام أحمد 2/ 377، والبخاري (2305)، ومسلم (1601) من حديث أبي هريرة بمعناه.

1613 - 2 - أن يكون مؤجلا بأجل معلوم

ونقل حنبل عنه: يكره. ونقل يعقوب وابن أبي حرب عنه: الفلوس بالدراهم يدًا بيد ونسيئة إن أراد به فضلًا لا يجوز. "الفروع" 4/ 151 ونقل الأثرم عنه جواز السلم في الحيوان. "المبدع" 4/ 178 1613 - 2 - أن يكون مؤجلَّا بأجل معلوم قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد بن محمد بن حنبل: قدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهم يسلفون في الثمار سنتين وثلاثًا (¬1). قال معناه: أن يسلف في الشيء ليس عنده يومئذ. قال: لا بأس بذلك سنتين وثلاثا إذا كان كيلًا معلومًا أو وزنا معلومًا. قال إسحاق: كما قال هو السلم بعينه. "مسائل الكوسج" (1780) قال أبو داود: قلت لأحمد: السلم إلى الحصاد أو إلى العطاء؟ قال: إذا كان شيء يعرف فأرجو أن لا يكون به بأس. قلت: إلى قدوم الغزاة؟ قال: إذا كان يعلم أرجو ألا يكون به بأس. "مسائل أبي داود" (1291) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 217، والبخاري (2239)، ومسلم (1604) من حديث ابن عباس.

قال ابن هانئ: سئل عن الرجل يسلم في الشيء من غير أجل؟ قال: لا يبيعه حتى يذكر فيه أجلًا. "مسائل ابن هانئ" (1249) قال ابن هانئ: وسألته عن: السلم؟ فقال: لا أرى السلم إلا إلى أجل، كما في الحديث: كنا نسلم في الثمار العام والعامين. "مسائل ابن هانئ" (1251) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يبيع إلى البيدر، أيجوز له أن يبيع؟ قال: لا يبيع إلا إلى أجل معلوم، ولا يبيع إلى البيدر. "مسائل ابن هانئ" (1255) وقال أبو طالب: قلت له: إلى أجل معلوم أحب إليك؟ قال: أذهب إلى أنه أجل معلوم، وأهل المدينة يقولون: لا تحتاج إلى أجل، والأجل أحب إليَّ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "تهذيب الأجوبة" 2/ 618 - 619، "الفروع" 4/ 181، "المبدع" 4/ 189 ونقل أبو الصقر فيمن قال أسلمت إليك إلى الحصاد وإلى الجذاذ، وإلى الصرام أنه لا يجوز حتى يسمي شهرًا معلومًا، وليس هنا معلوم. "الروايتين والوجهين" 1/ 358 نقل أبو طالب عنه: الأجل في السلم أحب إليَّ؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "العدة في أصول الفقه" 5/ 1628 - 1629 ¬

_ (¬1) يشير إلى حديث ابن عباس رواه الإمام أحمد 1/ 217، والبخاري (2240)، ومسلم (1604)، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- المَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثلَاثَ، فَقَالَ: "مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَل مَعْلُومٍ".

1614 - إذا اختلفا في الأجل

قال المروذي: قال أحمد: لا يصح حتى يشترط الأجل. "المغني" 6/ 402 قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يدفع إلى الرجل الدراهم في الشيء يؤكل، فيأخذ منه كل يوم من تلك السلعة شيئًا؟ فقال: على معنى السلم إذا؟ فقلت: نعم. قال: لا بأس، ثم قال: مثل الرجل القصاب يعطيه الدينار على أن يأخذ منه كل يوم رطلًا من لحم قد وصفه. "المغني" 6/ 419، "المبدع" 4/ 189 - 190 ونقل أبو طالب عنه: إذا شرط إلى الحصاد أو بدو الصلاح: يصح إن بدا صلاحه أو استحصد، واحتج بابن عمر (¬1). "الفروع" 4/ 183، "المبدع" 4/ 193 1614 - إذا اختلفا في الأجل نقل حرب عنه: إذا اختلفا في أجله قبل قول المسلم إليه. "الفروع" 4/ 183، "معونة أولي النهى" 5/ 210 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 482 (22304): أنه كان لا يرى بأسًا أن يسلف الرجل في الطعام بكيل معلوم إلى أجل معلوم ما لم يكن يف زرع أو ثمر قبل أن يبدو صلاحه.

1615 - 3 - أن يوجد غالبا في محله ومكان الوفاء لا وقت العقد

1615 - 3 - أن يوجد غالبًا في محله ومكان الوفاء لا وقت العقد قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان: تكره أن يسلف في الرطب في غير حينه وليمس في أيدي الناس منه شيء؟ قال: نعم، أصحابنا يكرهون ذلك أن يسلفوا في شيء من الثمار وليس في أيدي الناس منه شيء. قال أحمد: لا بأس أن يسلفه في غير حينه ويؤجله إلى الوقت الذي يجنى، وكذلك في البطيخ وأشباهه، إذا كان في الوقت الذي يمكن فيه. قال إسحاق: كما قال أحمد لما يحتاج أن يكون موجودًا عند محل السلم، وهذا تشبيه بأصل السلم الذي جاء أنهم كانوا يسلمون في البر، وليس ذلك يومئذ عندهم. "مسائل الكوسج" (2110) 1616 - إن حل الأجل وتعذر وجود المسلم فيه، هل يستبدله بجنس آخر؟ قال صالح: قلت: رجل أسلف رجلًا دراهم في بر، فلما حل الأجل لم يكن عنده بر، قال: قَوِّم البر دراهم، وخذ بالدراهم شعيرًا؟ قال: لا يأخذ منه شعيرًا إلا مثل كيل البر أو أنقص، لا تأخذ منه زيادة. قلت: فإن كان البر عشرة أجربة، يأخذ منه الشعير عشرة أجربة؟ قال: نعم. "مسائل صالح" (104)

قال ابن هانئ: وسئل عن السلم في الشيء المعلوم، إذا لم يقدر عليه ولم يصب، إن هلك الذي أسلم فيه؟ قال أبو عبد اللَّه: لا يأخذ خيرًا مما أسلم فيه، ولكن يأخذ أخس منه، كأنه أسلم في شعير فلا يأخذ حنطة، ولكن إذا أسلم في حنطة فله أن يأخذ شعيرًا، أو لا يأخذ إلا أخس مما أسلم فيه. "مسائل ابن هانئ" (1259). قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن رجل أسلف رجلًا دراهم في بُرٍّ، فلما جاء الأجل لم يكن عنده بر، فقال: بعني، خذ مني شعيرًا بالدراهم، فخذ مني بالسعر. قال: لا يأخذ منه الشعير، إلا مثل كيل البر أو أنقص، لا يأخذ منه زيادة. قلت لأبي: كان البر عشرة أجربة، يأخذ منه الشعير عشرة أجربة؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (1074). قال مهنا: قلت لأحمد: أسلم في ثوب فعجز فقال خُذ مني بدراهمك غزلًا؟ فقال: لا يصلح إلا أن يأخذ سلمه أو دراهمه. "تهذيب الأجوبة" 2/ 590 ونقل أبو طالب عنه: إذا أسلفت في كر حنطة، فأخذت شعيرًا فلا بأس، وهو دون حقك، ولا تأخذ مكان الشعير حنطة. وقال ابن القاسم: قلت لأبي عبد اللَّه: إذا لم يجد ما أسلم فيه، ووجد غيره من جنسه يأخذه؟ قال: نعم، إذا كان دون الشيء الذي له [قلت: ] فإنما أسلم في قفيز حنطة موصلي، فقال: فيأخذ مكانه سلتي، أو قفيز شعير بكيلة واحدة لا

1617 - لو أسلم في المكيل وزنا أو الموزون كيلا، هل يصح؟

يزداد، وإن كان فوقه فلا يأخذ، وذكر حديث ابن عباس، رواه طاوس عن ابن عباس: إذا أسلمت في شيء فجاء الأجل فلم تجد الذي أسلمت، فخذ عوضًا بأنقص منه، ولا تربح مرتين (¬1). ونقل أيضًا أحمد بن أصرم: سئل أحمد عن رجل أسلم في طعام إلى أجل، فإذا جاء الأجل يشتري منه عقارا أو دارا؟ فقال: نعم يشتري منه ما لا يكال ولا يوزن. وقال حرب الكرماني: سألت أحمد قلت: رجل أسلف رجلًا دراهم في بر، فلما حل الأجل لم يكن عنده، فقال: قوم الشعير بالدراهم، فخذ من الشعير؟ قال: لا يأخذ منه الشعير إلا مثل كيل البر أو أنقص. قلت: إذا كان البر عشرة أجربة، أيأخذ الشعير عشرة أجربة؟ قال: نعم. "فتاوى ابن تيمية" 29/ 504، 505. 1617 - لو أسلم في المكيل وزنًا أو الموزون كيلًا، هل يصح؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: وإذا ابتعت شيئًا بدينار إلى أجل فحل الأجل، يأخذ بالدينار ما شاء من ذلك النوع؟ قال أحمد: لا، إذا كان قد باع ما يكال أو يوزن إلى أجل فحل الأجل، فلا يأخذ ما يكال، ولا ما يوزن، ويأخذ ما خالفهما. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 16 (14120).

قال إسحاق: هكذا هو سواء؛ لأنه قول ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- بعينه. "مسائل الكوسج" (2164) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال: سلف ما يكال فيما يوزن ولا يكال؟ قال: هذا لا يعجبنا، هذا قول أبي حنيفة. قال إسحاق بن منصور: كر استيز كر بذبر است ندارند. قال إسحاق: هو جائز، وكذلك ما يوزن فيما يكال؛ لأنهما جنسان مختلفان فأسلم أحدهما في الآخر، ونقد الذي أسلم ما سمى له، وسلمه إليه. "مسائل الكوسج" (2168) قال صالح: وسألته عن رجل باع بيعًا مما يكال أو يوزن إلى أجل، فلما جاء الأجل أعطى ما يكال أو يوزن؟ فكرهه. قال: إن كان هذا طعام بطعام نساء. قلت: أفيأخذ عرضًا من العروض أو ما كان؟ قال: نعم. لا يأخذ كيلًا ولا وزنًا. "مسائل صالح" (392). قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن رجل باع بيعًا يكال أو يوزن إلى أجل، فلما حل الأجل أعطى ما يكال أو يوزن، فكرهه. قال: كذا هذا طعام بطعام نسأ. قيل: فيأخذ قرضًا من القروض أو ما كان. قال: نعم: لا يأخذ كيلًا، ولا وزنًا. "مسائل عبد اللَّه" (1086).

1618 - هل يجب الوفاء بموضع العقد؟

نقل حنبل عنه: يسلف ما يكال فيما يوزن وما يوزن فيما يكال، إذا اختلف النوعان. ونقل المروذي: لا يسلف ما يكال فيما يوزن وإن اختلفا. "الروايتين والوجهين" 1/ 320. ونقل الأثرم عنه في المكيل لا يسلم وزنًا. "المبدع" 1/ 187. 1618 - هل يجب الوفاء بموضع العقد؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا أسلفت رجلًا هاهنا طعامًا فأَعطاكه بأرضٍ أُخرى، فإنْ كان بشرطٍ فهو مكروهٌ، وإِنْ كانَ عَلَى وجهِ المعروفِ فلا بأسَ بِهِ. قال أحمد: هو كما قال، لا بأسَ به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1972). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: رجلٌ سَلَّفَ، فسمَّى الأجلَ ولمْ يُسَم المكانَ؟ قال: مردودٌ نكرهه (¬1). قال أحمد: ليسَ في حديثِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2) تسمية المكان يوفيه المسلم حيثُ دفعَ إليه المالَ. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 7 (14071). (¬2) يشير إلى ما رواه أحمد 1/ 217، والبخاري (2240)، ومسلم (1604) من حديث ابن عباس ولفظه: "من سلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم".

قال إسحاق: كما قال أحمد وأجاده. "مسائل الكوسج" (2043) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سُفيان: رجلٌ سلف في طعامٍ إِلَى أجلٍ يوفيه بمكةَ فلقيه بغيرِ مكةَ فقالَ: خُذْ منِّي طعامَكَ وأنَا أوفِيكَ كراكَ إلى مكةَ؟ قال: هذا لا خيرَ فِيهِ، أنْ يأخذَ طعامًا ودراهمَ. قال أحمد: كما قال. قال إسحاق: كما قال. رَضِي اللَّهُ تعالى عَنْهم. "مسائل الكوسج" (2044). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ عَنْ رجلٍ اشْتَرى مِنْ رجلٍ طعامًا بجَدَّة يدًا بيدٍ فلقيَهُ بمكةَ، قال: احمل طعامي، وأوفيك كراك من جدة إِلَى مكةَ، قال سفيان: مكروه، أكرهُ أنْ يأخذَ دراهمَ، وهو في ضمنِهِ بَعْدُ. قال أحمد: لا بأسَ بِهِ. قُلْتُ: أرأيتَ إِنْ حَمَلهُ صَاحِبُ الطعام الذي اشْتَرَاه مِنه فوافى الطعام بمكةَ مِنْ غِيرِ أنْ يأمرَهُ المشتري، فَقال البائعُ: أوفني كراي مِنْ جدة إلَى مكَّةَ. قال سفيان: ليسَ له كراء. قال أحمد: ليسَ لَهُ كراء. قال إسحاق: كِلاهَما كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2045). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ سلف إلَى رجلٍ عَلَى أنْ يوفيه بمكانِ كَذَا وكَذَا فلقيه دونَ مَكانِهِ فَقَال: خذْ منِّي طعامكَ، وأنَا أحْمله لَكَ إِلى مكانِ كَذَا وكَذَا؟ قال: مردودٌ.

1619 - 4 - أن يقبض الثمن تاما معلوما قدره وصفته قبل التفوق

قال أحمد: لا بأسَ بِهِ. وسُئِلَ: فإنْ أخذَ منه ولمْ يحمله؟ قال أحمد: لا بأسَ بِهِ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2049). قال صالح: الرجل يسلم في طعام في كيل معلوم إلى أجل معلوم، ولا يسمي من أي بلدة؟ قال: يرده إلى بلده الذي أسلف فيه، حتى يوفيه في الموضع الذي أسلف فيه. "مسائل صالح" (1099). وقال مهنا: قلت: إن شرط أن يأخذ منه سلمه ببغداد؟ قال: لا يصلح هذا الشرط، إنما هو مثل الصوف، وعليه توفيته حيث أسلف. "تهذيب الأجوبة" 2/ 590 - 591، "الروايتين والوجهين" 1/ 359 1619 - 4 - أن يقبض الثمن تامًّا معلومًا قدره وصفته قبل التفوق قال إسحاق بن منصور: قلت: ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- كره إذا كان لك على رجل دين بأن تسلفه إياه في حنطة حتى تقبضه (¬1)؟ قال: نعم أكرهه. قال إسحاق: كما قال؛ لأن السلم لا يكون أبدًا إلا بتسليم الثمن نقدًا. "مسائل الكوسج" (1782) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 376 (21160).

قال إسحاق بن منصور: قلت: من كره إذا أسلف في طعام أن يأخذ بعضه طعاما وبعضه دراهم؟ قال: أكرهه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1784) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوري في رجل سلف رجلًا دنانير ودراهم في طعام، فوجد في الدراهم زيوفًا، قال: البيع فاسد. قال أحمد: قد مضى عليه بقدر ما كان منها صحيحًا. قال إسحاق: كما قال أحمد، يجوز السلم بقدر الصحاح؛ لأنه بَيَّنَ قدر ما أسلم فيه. "مسائل الكوسج" (1994). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوري: وإذا أسلفت رجلًا عشرة دراهم في فَرَقين: فَرق حنطة، وفَرق شعير، ثم وجد خمسة دراهم زيوفًا، قال: البيع فاسد؛ لأنك لا تدري أللشعير هي أم للحنطة؟ ولو فرقها فقال: خمسة في البر وخمسة في الشعير فوجد خمسة زيوفًا رد الذي وجد فيه الزيوف. قال أحمد: دعها ما أدري، ثم قال: أما هذِه المسألة على ما قال. قال إسحاق: يجوزُ في البرِّ بقدره، والشعير بقدره، فيصح من السلم بقدرِ ما صح مِنَ الدراهم في البرِّ والشعيرِ بحصته، فإِنْ كَانَتْ الدراهمُ بهرجًا ولمْ تكنْ سُتُوقًا (¬1) أو زيوفًا بينًا فأبدله؛ تَمَّ السلمُ. "مسائل الكوسج" (1995). ¬

_ (¬1) الستُّوق: هي الدراهم الزيف.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ: رجل سلفَ دينارين في حُلَّةٍ بذرعٍ معلومٍ، فوجدَ أحدَ الدينارين زيفًا؟ قال: يردّ البَيع ولَوْ كَانَ طعامًا حسن أنْ يأخذَ بعضَهُ ويدَعَ بعضَهُ. قال أحمد: أمَّا الحلة فَلَا يتخلص منها، وأمَّا الطعامُ فَقَد مضى عليها مَا كانَ منها صحيحًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1996) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ سلف مائة درهم في مائة فَرَقٍ إلى أجلٍ مسمًّى وقال: أنْقُدُكَ الآنَ خَمسين، وخَمسين إلى شهرٍ؟ قال سفيان: إذَا كانَ بعضُ السّلف نقدًا وبعضُه إلى أجلٍ فمردودٌ كلُّه. قال أحمد: صدَقَ، كله مردود. قال إسحاق: كلما أسلم في طعام مسمّى، وسمى الثمنَ، ونقدَه بعضَه جازَ من السّلم بقدره. "مسائل الكوسج" (2046) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذَا أسْلَفَ الرّجل في شيءٍ، فَكَانَ في دراهمه زيفٌ؟ قال: يردّ بحسابِ الزيوفِ، وما بقي سلف. قال أحمد: جيّدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2047) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يسلف ثلاثمائة درهم في ثلاثمائة فَرَقٍ في أصنافٍ شتَّى، مائة فرق حنطة، ومائة فرق شَعِير، ومائة فرق ذرة، ودَفَعَ إِليه ثلاثمائة جملة، فَوَجَدَ فِيها زَيفًا قال: هذا

مردود؛ لأنه لا يدري منْ أيها يَرُدُّ قيل: فإِنْ مَيَّزَها، مائة في كَذَا، ومائة في كَذَا، ومائة في كذا فعرف مِنْ أي صنف هو ذاك الزيفُ، قال: يردّ بقدره مِنْ ذَلِكَ بحسابِهِ، ويجوزُ سائرها. قال أحمد: يجوزُ أنْ يردَّ على الأصنافِ الثلاثة عَلَى كلِّ صنفٍ بقدرِ ما وجد مِنَ الزيفِ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2048). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل سلف مِائة درهم في مِائة قفيز عَلَى أنْ يضعَ الدراهم عَلَى يدي العدل، فإِذَا جَاءَ الأجلُ أعْطَاه الدراهمَ؟ قال: هذا مردود؛ لأنهُ لا يكونُ السلّم إِلَّا بقبض. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2111). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل أسلفَ مائة درهم في حنطةٍ إِلى أَجَلٍ، فلما حلَّ الأجلُ جَاءَ يَكْتَاله مِنْهُ، فَقامتْ البينةُ أنَّ الدراهمَ كانتْ مسروقةً، فليسَ بينهما بيعٌ، وتُؤخذ مِنْهُ الدراهمُ؟ قال أحمد: إِذَا كانتْ مسروقةً لمْ يجب بينهما بَيْعِ. قُلْتُ لأحمدَ: لِمَ لا يكون السّلم قائمًا ويأخذ هذا بالدراهم؟ قال: لأنَّ السّلمَ لا يكون إلَّا بأنْ يعجلَ لصاحِبِهِ مثل الصّرفِ، فلو أنَّ رجلين تَصَارفا بِدَنَانير ودراهم فوجدت الدنانير مَسْروقة؛ رجع عليه بِالدَّراهم ثمن الدنانير التي أخَذَ. قال إسحاق: كما قال أحمد في المسألتين جميعا. "مسائل الكوسج" (2115).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا أَسلفت رَجلًا مِائة درهم كلّ دِرهم في قفيز، ولمْ يُسَمِّ مِائة قفيز فلا بأسَ أنْ يأخذَ بعضَه قَمْحًا وبَعْضَهُ دراهم ما لم تكن مائة درهم في مائة قفيز، فهو مكروه أن يأخذ بعضه دراهم وبعضَهُ قَمْحًا؟ قال أحمد: عَلى القولين واحد، كَرِه ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما- أنْ يأخذَ بعضَه دَرَاهم وبعضه طعامًا (¬1)، ورخَّص ابن عبَّاس -رضي اللَّه عنهما- أنْ يأخذَ بعضَهُ طعامًا وبعضَهُ دَراهم، فَكِلَاهُمَا واحدٌ عنده (¬2). قال إسحاق: أمَّا مَا ميزه الثوريُّ فَلَا تمييز بينهما، وقولُ ابن عبَّاس -رضي اللَّه عنهما- في أنْ يقبض بعضَهُ سلمًا، وبعضه دراهم أحبّ إلينا، ومَنْ كَرِهَهُ فحجته أنْ يقول: كأنكَ بعتَه بالدراهم التِي قبضت طعامًا لم يقبضه بعد. "مسائل الكوسج" (2116) قال أبو داود: سمعت أحمد وسئل يُعطى في السلف الدراهم والدنانير؟ قال: يفرز كل واحد على حدة. "مسائل أبي داود" (1292) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل أسلف إلى بقال في خبز يأخذه منه كل يوم شيء معلوم فحضره الخروج وقد بقي منه أيأخذ ما بقي دراهم؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 14 (14106)، وابن أبي شيبة 4/ 276 (19999)، والبيهقي 6/ 27. (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 12 - 13 (14101)، وابن أبي شيبة 4/ 274 (19981)، والبيهقي 6/ 27.

1620 - 5 - أن يسلم في الذمة

قال: لا، يأخذ سلمه كله أو رأس ماله كله. كررته عليه، فقال مثل ذلك. "مسائل أبي داود" (1294). ونقل عنه محمد بن الحكم: إذا لم يوُجد كُله يأخذ بعض سلمه وبعض رأس ماله؟ قال: أكرهه، ابن عمر كرهه، وابن عباس قال: لا بأس به. "تهذيب الأجوبة" 1/ 497. نقل حنبل عنه: وقد ذكر له قول ابن عباس: يأخذ بعض سلفه وبعض رأس ماله. فقال أحمد: لا بأس به ولا يأخذ فضلًا. ونقل ابن القاسم: يأخذ سلمه كله أو رأس المال. "الروايتين والوجهين" 1/ 362. 1620 - 5 - أن يسلم في الذمة قال صالح: السلم أشتري به العروض؟ قال: هذا بيع ما ليس عندك. "مسائل صالح" (1112) 1621 - توثيق السلم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرَّهنُ والقبيل في السّلفِ؟ قال: أَكْرهه في السّلمِ خاصّة، وفي البيعِ لا بأس بِهِ. قال إسحاق: كِلاهُمَا لا بأسَ بهِ، والسّلم أشد. "مسائل الكوسج" (1785).

قال صالح: أكره الرهن والكفيل في السلم، حتى يكون كسائر الغرماء، يخاف ويرجو. "مسائل صالح" (1110) قال صالح: قال أبي: ويكره الرهن والقبيل -يعني: الكفيل- وفي ذلك. "مسائل صالح" (1396) قال أبو داود: قلت لأحمد: الرهن والكفيل في السلف؟ قال: لا يعجبني. "مسائل أبي داود" (1290) قال ابن هانئ: وسئل عن: الرهن في السلم؟ فقال: أكرهه لقول ابن عمر، وابن عباس. قيل له: فقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] فأجاز الرهن في البيوع كلها، وأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- استسلف من يهودي وأرهنه درعه (¬1). قال: ذلك لا يقال له: سلم، ذاك كان قرضًا استقرضه، وهذا لا يشبه السلم. "مسائل ابن هانئ" (1256) نقل حنبل عنه في أخذ الرهن والكفيل في السلم: يجوز. ونقل أبو طالب والمروذي عنه: منع ذلك. "الروايتين والوجهين" 1/ 358، "المبدع" 4/ 202 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 208، والبخاري (2069) من حديث أنس.

كتاب القرض

كتاب القرض 1622 - حكم القرض قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: الرجل يستقرض القرض، هل هذا من المسألة التي لا تحل؟ وكيف الحديث فيها؟ وكيف ترى له أن يصنع؟ فقال أبي: القرض ليس من المسألة في شيء. "مسائل عبد اللَّه" (1155) قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أنفقت على هذا المخرج خمسة وستين درهمًا بدين، وإنما لي فيه ربع الكراء. قلت: فلم لا تدع عبد اللَّه ينفق عليك؟ قال: كرهت أن يفسد عليَّ الدرهم. وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: قد وجدت البرد في أطرافي، ما أُراه إلا من إدامي أكل الخل والملح. عن طلحة بن مصرف قال: إذا أكلنا بالدين ائتدمنا بالخل، وإذا لم نأكل بالدين ائتدمنا بالإدام. سمعت أبا عبد اللَّه يقول: الدين أوله هم وآخره حرب، لقد استقرضت امرأة مجمع رغيفين. فقال: ما أجرأك! تبيتين وعليك دين! وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: أنا أفرح إذا لم يكن عندي شيء. وقال: ما أعدل بالفقر شيئًا. "الورع" (148 - 152)

1623 - ما يصح أن يكون محلا للقرض

قال سليمان القصير: قلت لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد اللَّه، أيش تقول في رجل ليس عنده شيء، وله قرابة ولهم وليمة، ترى أن يستقرض ويُهدي لهم؟ قال: نعم. "الآداب الشرعية" 2/ 173 1623 - ما يصح أن يكون محلًّا للقرض: قال صالح: منحة لبن أو منحة ورق؟ قال: المنحة ورق: هو القرض، والمنحة لبن: هو العارية، هكذا هو. "مسائل صالح" (1286) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن: الخبز والخمير يستقرضه الجيران بينهم؟ قال: أرجو ألَّا يكون به بأس. حدثنا الزبير بن بكار المدني قال: حدثتني أم كلثوم ابنة عثمان بن مصعب بن عروة بن الزبير، عن صفية ابنة الزبير بن هشام بن عروة، عن جدها هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: سألنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الخبز والخمير يستقرضه الجيران فيردون أكثر وأقل؟ قال: "ليس به بأس، إنما هذه مرافق بين الناس لا يراد فيها الفضل". "مسائل صالح" (1270 - 1271) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن قرض الرغيف والخمير؟ فلم ير به بأسًا. "الورع" (221)

1624 - الوصف (الشرط والأجل) في القرض

قال أبو الصقر: قلت: عين بين أقوام، لهم نوائب في أيام؛ يقترض الماء من صاحب نوبة الخميس ليسقي به، ويرد عليه يوم السبت؟ قال: إن كان محدودًا يعرف كم يخرج منه فلا بأس، وإلا أكرهه. "الفروع" 4/ 200 - 201، "المبدع" 4/ 206 1624 - الوصف (الشرط والأجل) في القرض قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قولُ زيدِ بن ثابت (-رضي اللَّه عنه-): كره أَن يعجل له ويضع عنه (¬1). قال أحمد: أكرهه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1787) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا أسلفتَ رجلًا سلفًا فلا تقبل مِنْهُ هدية كُرَاع، ولا عَارية ركوب دابة؟ قال: لا تفعل. قال إِسحاقُ: كَما قال، وهذا في القرضِ إلَّا أنْ يكونَا يتهاديان قبل ذَلِكَ، وأمَّا ما كانَ مِن دينٍ سِوى ذَلِكَ فهو أهونُ، إلَّا أنْ يقبلَهُ عَلى مَعْنى تأخيرِ الدَّينِ. "مسائل الكوسج" (1833) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 71 (14355)، والبيهقي 6/ 28 عن أبي صالح مولى السفاح أنه قال: بعت برًّا من أهل السوق إلى أجل، ثم أردت الخروج إلى الكوفة فعرضوا علي أن أضع عنهم وينقدوني، فسألت عن ذلك زيد بن ثابت -رضي اللَّه عنه- فقال: لا آمرك أن تأكل هذا، ولا تؤكله.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كلّ قرضٍ جرَّ منفعةً؛ فَلا خيرَ فيهِ؟ قال: لا خيرَ فيه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1850) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يضعُ عَن المكاتبِ، ويعجلُ لَهُ؟ قال: ما أعلمُ به بأسًا، هو مِلْكُهُ بَعْد. قال إِسحاقُ: لا يقاطعه أبدًا إلا بعرض. "مسائل الكوسج" (1905) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُقالُ للسَّقَّاءِ: صُب لي عشرين قربةً بدرهم؟ قال: ما أعلمُ بِهِ بأسًا، إلَّا أنْ يعجلَ لَهُ الدرهم، يقولُ: إنْ عَجَّلت لي الدرهم صَببت لك عشرين قربةً، وإِن لمْ تُعجلْ لي صَببتُ لَكَ خمس عشرة قربة، فيكونُ قَرضًا جَرَّ منفعةً. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1908) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إِذَا بعت رجلًا بيعًا بنقدٍ ولمْ يقضِكَ وعسر عَلَيه الثمنُ. فقَال: تاركني وأزيدَك، وبعني بيعًا مستقبلًا بنسيئةٍ، فَلَا يبيعه إئاه ولكن يبيعه غيرَهُ. قال أحمد: أرجو ألَّا يكون بِهِ بأسٌ. قال إسحاق: لا بأسَ بِهِ إِذَا تتاركَا، ثمَّ تبايعَا والإرادةُ منهما عَلَى المتاركةِ. "مسائل الكوسج" (2203)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عنْ: رجلٍ كَانَ لَهُ على رجلٍ مالٌ، فَقال لَهُ: أقرضني وأقضيَكَ، وكَانَ لهُ عليه عين دراهمَ، أو دنانير؟ فلا بأسَ أنْ يُقرضَهُ عينًا، وإنْ كَانَ له عليه عَرضٌ فَلا. قال أحمد: إِذَا كانَ يجر شيئًا فلَا، كأنَّه يقرضهُ قفيزًا أو قفيزين بر، فيبيعه بِوَكسٍ (¬1)، ثمَّ يجيء فيقضي دَرَاهم. قال إسحاق: كلما أرادَ جرَّ منفعة فلَا خيرَ فيه. "مسائل الكوسج" (2229) قال إسحاق بن منصور: قلت: سألت ابن عيينة قلت له: الرجل يكون له على الرجل قمح أو زيت فيتقاضاه، فيقول: لا أجد، ولكن أقرضني حتى أبتاع لك، وأقضيك؟ قال: هذا مكروه، هذا أمر بين. قال أحمد: أجاد أبو محمد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2230) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رجلٍ طعامٌ قرضًا فبعْهُ مِنَ الذي عَلَيه بنقدٍ، ولا تبعْهُ مِنْهُ بنسيئةٍ، ولا تبعْه مِنْ غيرِهِ بنقدٍ ولا نسيئةٍ حتَّى يقضيَهُ. قال أحمد: جيّدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2231) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: أكره أنْ يجيءَ الرجلُ إلى الرجلِ، فيقولُ: أكرني ثيابَكَ، أو حليك حتَّى أرهنَهُ أجُرَّ لكَ بِهَا منفعةً، فهوَ قرضٌ جرَّ منفعةً. ¬

_ (¬1) الوكس: النقص.

قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2259) قال صالح: وسألته عن قوله: "كل قرض جر منفعة حرام" (¬1) ما معناه؟ قال: مثل الرجل تكون له الدار، فيجيء الساكن فيقول: أقرضني خمسين درهمًا حتى أسكن، فيقرضه ويسكن في داره، أو يكون يقرضه القرض، فيهدي له الهدية، وقد كان قبل ذلك لا يهدي له، ويقرضه القرض، ويستعمله العمل الذي كان لا يستعمله قبل أن يقرضه، فيكون قرضه جر هذِه المنفعة، وهذا باب من أبواب الربا، وذلك أنه يرجع بقرضه وقد ازداد منفعة. "مسائل صالح" (222) قال صالح: الرجل يشتري من الرجل المتاع، فيستقرض منه الشيء فيقرضه؟ قال: إن كان القرض الذي يقرضه يجر إليه منفعة فلا خير فيه. "مسائل صالح" (299) ¬

_ (¬1) رواه من حديث علي -رضي اللَّه عنه- مروعًا الحارثُ بن أبي أسامة كما في "البغية" (436). وروى البيهقي 5/ 350 موقوفًا على فضالة بن عبيد بلفظ: كل قرض جر منفعة فهو وجه من وجوه الربا. قال الحافظ في "التلخيص الحبير" 3/ 34: رواه الحارث بن أبي أسامة من حديث علي. . وفي إسناده سوار بن مصعب، وهو متروك ورواه البيهقي في "المعرفة" عن فضالة بن عبيد موقوفًا. اهـ. بتصرف. وقال العجلوني في "كشف الخفاء" 2/ 125 (1991): رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" عن علي رفعه، قال في "التمييز": وإسناده ساقط. وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (4244).

قال ابن هانئ: وسمعته يقول: لا يعجبني أن يكري الرجل أرضًا له ويقرض الأكار شيئا يعمل به في أرضه يزرع بها في أرضه؟ قال: هذا قرض يجر منفعة لا يعجبني. "مسائل ابن هانئ" (1275) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يكون له الأكار يعمل في أرضه مقاطعة على الثلث، والربع فيقول: أقرضني ما أشتري بقرة، أله أن يقرضه؟ قال: هذا قرض يجر منفعة، لا يعجبني أن يقرضه. "مسائل ابن هانئ" (1276) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يكون له الدين على الرجل إلى أجل معلوم، فيعطيه قبل أجله من غير أن يطلبه منه يريد أن يؤدي غرماءه، هل يطيب لهذا أن يأخذ ماله قبل حله؟ قال: لا بأس، إلا أن يضعه عنه ويعجل فإني أكرهه. "مسائل عبد اللَّه" (1063) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل قال لغريمه: حط عني وأعجل لك؟ قال: أكرهه، لا يفعل ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (1064) قال البغوي: قال رجل لأحمد وأنا أسمع: إني لي جار فربما اطلب منه الشيء فيعطيني، ثم إنه ليستقرض مني دراهم، أفأطلب منه كما كنت أطلب؟ قال: كل قرض يجر منفعة فهو حرام. "البغوي" (42)

ونقل حنبل فيمن عليه دين فقال لغريمه: أقرضني دينًا آخر على أن أرهنك بالحقيق عبدي هذا: لا يصح القرض. ونقل مهنا جواز ذلك. "الروايتين والوجهين" 1/ 372 وقال حرب قيل لأحمد: ما تقول في رجل اشترى ثوبًا، وقال لآخر: انقد عني، وأنت شريكي؟ قال: إن لم يرد منفعة، ولم يكن قرض جر نفعًا فلا بأس. "بدائع الفوائد" 4/ 70 ونقل مهنا عنه فيمن أقرض غريمه ليوفيه كل وقت شيئًا جاز. ونقل حنبل: يكره. "الفروع" 4/ 206 - 207، "المبدع" 4/ 211 نقل الحسن بن ثواب فيمن قال لرجل أعطاه دراهم بربح إلى أجل: عجل لي وأضع عنك. قال: من أخذ دراهمه بعينها فلا بأس، وكُرِه أكثرُ. قال أبو طالب: قال أحمد: كذا يقول ابن عباس: ماله يضع منه ما شاء؟ (¬1). قلت: ما تقول أنت؟ قال: قول ابن عمر: هو ربا (¬2). "الفروع" 4/ 264 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 72 (14360)، (14362)، وابن أبي شيبة 4/ 474 (22220). (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 71 (14354، 14359).

1625 - إن تبرع المقترض لمقرضه بشيء قبل وفاء القرض

1625 - إن تبرع المقترض لمقرضه بشيء قبل وفاء القرض قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا أسلفت رجلًا سلفا فلا تقبل منه هدية: كراع، ولا عارية ركوب دابة؟ قال: لا تفعل. قال إسحاق: كما قال، وهذا في القرض إلا أن يكونا يتهاديان قبل ذلك، وأما ما كان من دين سوى ذلك فهو أهون، إلا أن يقبله على معنى تأخير الدين. "مسائل الكوسج" (1833) قال ابن هانئ: اشتريت لأبي عبد اللَّه حاجة ثمنها من عندي، فلما وزن لي أرجح الميزان، فذهبت أقومه فرجح؟ فقال: خذ، أنت في حل. قلت له: يكون هذا ربا؟ قال: لا، هذا طيب، خذ، أنت في حل. "مسائل ابن هانئ" (1248) نقل عنه حنبل: أن المقرض لا يمنع من جواز هديه المقترض. "المبدع" 4/ 210

باب أحكام القرض

باب أحكام القرض أولًا: من حيث أثره (الملك) 1626 - حكم التصرف في الدين قبل قبضه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: بَيعُ الصَّك؟ قال: هو غررٌ. قال إسحاق: شديدًا. "مسائل الكوسج" (1792) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إِذَا كانَ لكَ قرضٌ فَلا تجعله مضاربة إلَّا أنْ تأمره أنْ يدفعَه إِلَى إِنْسَان، ثمَّ يدفعه ذلك الإنسان إليه؟ . قال: جيدٌ، ويجعلُ الوديعَةَ قرضًا، ويجعلها مضاربةً، ويجعلُ المضاربةَ قرضًا. قال أحمد: جيِّدٌ. قال أحمد: إِذَا كانَ لَكَ قرضٌ عَلَى رجلٍ فَلا تصرفه مضاربةً ولا سلفًا، ولا يكون وديعةً حتَّى تقبضَهُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2217) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ [سفيان] عنْ: رجلٍ يلتمس مِنْ رَجُل بَيْعًا بألف درهم نسيئة إِلى سنة، فكره أنْ يبايعَهُ، فدفع إِلَى رجلٍ ألف درهم، فَقال: ابتعْ بِهِ حريرًا وبعْهُ مِنْ فلان إِلَى سنة، واكتُبِ الصكَّ

عليَّ وعليه، وأكونُ أنَا ضامنًا كَفِيلًا عَلَيهِ، والمالُ والربحُ هو لي؟ [قال]: البيعُ جائزٌ في القضاءِ. قلت: فترى في الربحِ شيئًا فيما بينه وبين اللَّهِ؟ قال: لا بأسَ بالربحِ. قال أحمد: لا بأسَ بالربحِ. قال إسحاق: كما قالا. "مسائل الكوسج" (2277) قال عبد اللَّه: سألت أبي قلت: أتيت رجلًا فاشتريت منه متاعًا بخمسمائة درهم، وأتاني الرجل فوجد عندي متاعًا اشتراه، فقال لي: هذا المتاع بتلك الخمسمائة؟ فقال أبي: جائز، ولكن حتى يستوفي المتاع، لا يدعه عنده، فيكون بيع دين بدين. "مسائل عبد اللَّه" (1067) ونقل أبو طالب في بيع الدين ممن هو عليه المنعَ. ونقل مهنا جوازَ ذلك. "الروايتين والوجهين" 1/ 357 ونقل حرب في هبة الدين لغير غريم: تصح. "الفروع" 4/ 187، "المبدع" 4/ 199 وقال في رواية حرب: الصك إنما يحتال على رجل وهو يقر بدين عليه، والعطاء إنما هو شيء مغيب لا يدرى أيصل إليه أم لا. ونقل حنبل عنه في الرجل يشتري الصك على الرجل بالدين، قال: لا بأس بالعرض إذا خرج، ولا يبيعه حتى يقبضه. يعني: مشتريه. "تقرير القواعد" 1/ 396 - 397

1627 - 1 - ماذا يرد؟

ثانيًا: من حيث الرد 1627 - 1 - ماذا يرد؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا كَان لرجل على رجلٍ دراهم فقضَاهُ أجود مِنْ دَرَاهمه؟ قال: لا بأسَ به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1851) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: اقتضاءُ دنانير مِنْ دراهم، ودَرَاهم مِنْ دَنَانير في البيع؟ قال: بالقيمةِ. قُلْتُ: واقتضاؤه في الدين؟ قال: بالقيمةِ. قال إسحاق: كما قال بسعرِ يومِهِ. "مسائل الكوسج" (1852) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجلٍ استقرضَ مِنْ رجلٍ دانق فلوس، وعشرون فلسًا بدانق، فَصَار عشرة بدانق؟ قال: لَهُ عشرون فلسًا. قال أحمد: مَا أحسنه! قال إسحاق: كما قال، إِذَا كانَ الفلوس عَلَى النَّحو الذي كان. "مسائل الكوسج" (2072) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إذا شهد رجل على رَجُلٍ بألفِ درهم أو مائةِ دينار، فإنَّ له دراهمَ ذَلِكَ البلد، ودنانيرَ ذَلِكَ البلد.

قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال، وإنْ كانتِ النقودُ في تلكَ البلدة مختلفةً -لكل جنس نقد- فاختلفَ البائعُ والمشتري، فإنَّ القضاءَ على المشتري بنقدِ ذَلِكَ الجنس. "مسائل الكوسج" (2228) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إِذَا أَقْرَضتَ رجلًا قرضًا دراهم أو دنانير، فَلَا تَأخُذَنَّ مِنْ غيرِهِ عرضًا بِما لكَ عَليهِ. قال أحمد: كَما قال. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2232) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإِسحاقَ: رجلٌ لهُ عَلَى رجلٍ حنطة فأخذَ شعيرًا بسعرِ يومِهِ؟ قال: إِذَا كَان الحنطة عليه قرضًا؛ فلَا يجوزُ لَهُ أنْ يأخذَ بقيمتِهِ شعيرًا؛ لأنهُ بَاعَ حينئذٍ الدَّينَ بالعينِ، ولوْ كانَ باعَ مِنهُ حنطة فصَارَ لَهُ عليه ثمنه؛ فَلَهُ أنْ يأخذَ بثمنِ الحنطة كلَّ شيءٍ لا يُكال ولا يُوزن، وقد رخَّصَ قومٌ في أنْ يأخذَ مِنْهُ الكيل ثمن الحنطةِ الذي لَهُ عَلَى صاحبِهِ دنانير، أو دراهم، أو عرضًا مِنَ العروضِ بسعرِ يومِهِ الذي يقبض. "مسائل الكوسج" (2328) قال صالح: وسألته عن: رجل أقرض رجلًا دراهم، فلما طالبه بها قال: ليس عندي دراهم، خذ مني طعامًا، أرخص عليه، وحاباه، ونقصه من السعر؟ قال: لا بأس به. "مسائل صالح" (391)، ونقلها عبد اللَّه عن أبيه "مسائل عبد اللَّه" (1123)

قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يقرض عشرة دراهم عددًا، ويأخذها وزنًا؟ قال: كان ابن سيرين يكره ذلك (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1235) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يستقرض من الرجل الدنانير أو الدراهم؟ قال: إذا أراد أن يعطيه فليعطه بسعر يومه. "مسائل ابن هانئ" (1245) قال ابن هانئ: وسُئل عن الرجل يستقرض الخبز والحبوب والدراهم وأشباه ذلك، فيعطي أجود منه؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل ابن هانئ" (1247) قال البغوي: وسأل رجل أحمدَ -وأنا أسمع- عن الرجل يقرضُ الرجلَ دراهم مقطعة يقبض منه صحاحًا؟ قال: إن تطول عليه بذلك قبض منه، فأما أن يشترط عليه فلا. "البغوي" (62) قال أحمد في رواية حنبل: ولو أن رجلًا له على رجل ألف درهم أعطاه من هذِه الدراهم -أي: المغشوشة- كان قد قضاه؛ لأنها ليست على ما يعرف الناس من صحة السكة بينهم ونقاء الفضة، ثم أرأيت لو اختلفا، فقال هذا: لم يقضني، وقال هذا: قد قضيتك، فرجعا إلى اليمين، أكان يحلف أنه قد وفاه؛ لأنها ليست بوافية إلا بالفضة التي ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 472 (22204، 22206).

1628 - قضاء الدين بمال حرام أو فيه شبهة

يتعامل بها المسلمون بينهم؟ "الأحكام السلطانية" ص 179 ونقل حرب أنه كره لمقرض بُر أن يأخذ بثمنه شعيرًا إلا مثل كيله. "الفروع" 4/ 186 1628 - قضاء الدين بمال حرام أو فيه شبهة: قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الحسنُ وابنُ سيرين في رجل لَهُ عَلَى رجلٍ دين فَقَضاه مِنَ الربا والقمارِ، قالَا: لا بأسَ بِهِ (¬1). قال أحمد: لا يعجبني هذا، ينبغي لهُ أنْ يردَّ الربا إِكَ صاحِبهِ. قال إسحاق: كما قال الحسنُ وابنُ سيرين، وإنْ تنزه فَرَدَّ الربا بِعينِهِ إِلَى صَاحِبِه كَانَ أفضل مِنْ أنْ يعطيه العوض. "مسائل الكوسج" (2088) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا أَحَالَكَ رجل عَلَى آخر وأنتَ تَعلمُ أنَّهُ ربًا، فلا بأسَ بِهِ؟ قال: إِذَا كانَ مِنَ الربا؛ ينبغي لصَاحِبِ الرّبا أنْ يردَّه إِلَى صاحِبهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2089) ونقل أبو طالب: يقضي دين الغريم بمال له فيه شبهة. "الفروع" 4/ 292، "معونة أولي النهى" 5/ 370 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 564 (23151) عنهما.

1629 - قضاء الديون من أرض الخراج

1629 - قضاء الديون من أرض الخراج: قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل تكون له ضيعة بالسواد، وعليه دين، فيبيع فيها ويقضي دينه؟ قال: لا يبيع ضيعة بالسواد. قيل له: فإن كان لامرأته عليه مهر؟ قال: أرى أن يدفع إليها بمالها من الأرض، ولا يبيعها. "مسائل ابن هانئ" (1210) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل تزوج امرأة على أرض من أرض السواد ثم طلقها؟ فقال: إن كان دخل بها دفع إليها الأرض، وإن لم يكن دخل فلها نصف الأرض. "مسائل عبد اللَّه" (1378) ونقل حنبل ومحمد بن أبي حرب الجرجرائي في رجل لامرأته عليه صداق، وله ضيعة بالسواد، فقال: امرأته وغيرها سواء، يسلمها إليها. "الأحكام السلطانية" ص 209، "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 100 ونقل المروذي وغيره أن أحمد وصى في مرضه أن عليه خمسة وأربعين دينارًا دينًا، فأوصى أن تعطى من الغلة يستوفي حقه. يعني: من أجرة ما يكون يكريه. وذكر في وصيته أنه يعطى فوران كل شهر شيئًا مسمى من الغلة، وتُعطى أم ولده ثمانية دراهم في كل شهر ما أقامت على ولدها. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 99

1630 - المقرض والمستقرض في الخمر إذا أسلما أو أسلم أحدهما

1630 - المقرض والمستقرض في الخمر إذا أسلما أو أسلم أحدهما قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ في نصراني أسلفَ نصرانيًّا في الخمرِ، ثمَّ أسلمَ أحدُهُمَا؟ قال: لهُ رأسُ مالِهِ. قال أحمد: لَهُ رأسُ مالِهِ. قال إسحاق: إذَا كان الثمنُ دراهم أو شيئًا يحلّ. "مسائل الكوسج" (1986) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ: إِذَا أقَرضَ أحدُهُمَا صَاحِبَهُ خمرًا، فإِنْ أسلمَ المقرضُ لمْ يأخذْ شيئًا، وإِذَا أسْلَم المسْتقرضُ ردَّ علَى النصرانيّ ثمنَ خمرِهِ. قال أحمد: لا، ليسَ للخمرِ ثمنٌ. وشنعها عَلَى قَائِلهَا. قال إسحاق: كما قال أحمد وهوَ بين. "مسائل الكوسج" (1987) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لسفيان: نصرانيّ أسلفَ نصرانيًّا في خمرٍ، فأسلمَ الذي سلف، وأبى الآخرُ أنْ يُسْلِمَ؟ قال: يردّ رأسَ المالِ؛ لأنَّ المسلمَ لا ينبغي لَهُ أنْ يأخذَ الخمرَ. قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ فإِنْ أسلمَ الآخرُ؟ قال: تردُّ الدراهم. قال أحمد: كلاهما يردّ الدراهمَ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2118) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: نصرانيّ أقرضَ نَصْرانيًّا خَمرًا فأسلمَ الذي أقرضَ؟ قال سفيان: لا شيءَ له؛ لأنه لا ينبغي لَهُ أنْ يأخذَ ثمنَ الخمرِ، ولا الخمْر.

1631 - 2 - مكان الرد

قال أحمد: جيّدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2119) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فإنْ أسلمَ المستقرضُ ولمْ يسلمِ المقرضُ؟ قال سفيان: يدفعُ إِليه قيمةَ الخمرِ. قال أحمد: لا يكون للخمرِ ثمن، ولا لشيءٍ من الميتةِ. قال إسحاق: كما قال أحمد، لا ثمنَ لشيءٍ مِنَ المحرَّمِ. "مسائل الكوسج" (2120) 1631 - 2 - مكان الرد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: السُّفْتَجة (¬1)؟ قال: لا بأسَ بِها إِذَا كانَ عَلَى وجه المعروف. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1880) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاق عن رجلٍ أراد سفتجة من رجل إلى سجستان. فقال المطلوب: أنا أكتري لصاحبك إلى سجستان ليقبض المال رجلًا بأربعة آلاف درهم. قال: بكم يؤخذ إلى سجستان رجل؟ . ¬

_ (¬1) السفتجة: هو كتاب يكتبه المستقرض للمقرض إلى نائبه ببلد آخر ليعطيه ما أقرضه، وهي لفظة أعجمية. "تهذيب الأسماء واللغات" 3/ 149.

1632 - 3 - زمان الرد وما جاء في إنظار المعسر

قُلْتُ أنا: بمائة درهمٍ. قال: ثلاثة آلاف وتسعمائة ربا. "مسائل الكوسج" (3478) قال أبو داود: قلت لأحمد: السفتجة؟ قال: إذا كان على وجه المعروف تريد أن تصطنع إلى صاحبه معروفًا فلا بأس، وإذا كان يريد أن ينتفع بالدراهم أو يؤخر دفعها أو يأخذ وقاية فلا يصلح. وربما سألت أحمد عنه فذكر نحو هذا، ولم يذكر: يؤخر دفعها. "مسائل أبي داود" (1256) ونقل عنه قاسم بن الفرغاني، وقد سُئل عن رجل له بسامرَّا دين: يخرج يقتضيه؟ قال: لا. قلنا: فكيف يصنع؟ قال: يوكل رجلًا من ثَمَّ فيقضي دينه. "طبقات الحنابلة" 2/ 210 1632 - 3 - زمان الرد وما جاء في إنظار المُعسر قال صالح: قلت لأبي: إن بعض من يقول: لو أن لرجل على رجل مالًا، ثم كان معدمًا فقدمه، جاز له أن يحلف أن ما له قبله شيء؟ قال: هذا قول رديء خبيث. قلت: إنه يحتج بقول اللَّه تبارك وتعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280]؟

قال: هذِه إنما نزلت في الأنصار: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)} [البقرة: 278]. قال صالح: حدثني أبي قال: حَدَّثَنَا إسماعيل بن إبراهيم قال: أخبرنا أيوب، عن محمد قال: جاء رجل إلى شريح فكلمه، فجعل يقول: إنه معسر. قال: فظننت أنه يكلمه في محبوس. فقال شريح: إن الربا كان في هذا الحى من الأنصار، فأنزل اللَّه تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280]. وقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]. وما كان اللَّه ليأمرنا بأمر ثم يعذبنا عليه، أدوا الأمانات إلى أهلها (¬1). قال صالح: حدثني أبي قال: حَدَّثنَا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: حدثني يزيد بن إبراهيم، عن محمد بن سيرين قال: جاء رجل برجل إلى شريح يطلبه بدين، فجعل الذي عليه الحق يقول: إني معسر. فقال شريح: إنما نزلت هذِه الآية في الربا في الأنصار. قال: فقام رجل فقال: يا رسول اللَّه، تصدقت بمالي. ثم قام آخر فقال: يا رسول اللَّه، تصدقت بمالي -يعني: تصدقت به الذي كان في الربا. فقال شريح: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]، واللَّه لا يأمرنا اللَّه بشيء يعذبنا عليه. قال صالح: حدثني أبي قال: حَدَّثَنَا هشيم قال: أخبرنا يونس وهشام، عن ابن سيرين أن رجلًا خاصم رجلًا إلى شريح فقضى عليه وأمر بحبسه، فقال رجل عند شريح: إنه معسر، واللَّه يقول: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 305 (15309).

إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280].فقال شريح: إنما ذلك في الربا، فإن اللَّه قال في كتابه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58] واللَّه لا يأمرنا بشيء ثم يعذبنا عليه. "مسائل صالح" (454) قال ابن هانئ: سألته عن: الرجل يكون له على رجل دين إلى أجل، فحل الأجل بعد موت الرجل، أَلَهُمْ أن يقبضوهم -يعني: الورثة؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا كان في يدي ورثته مال يقلبونه فإنه على أجله، إلا أن يكون لم يخلّف عقبًا يقوم له بماله، فإنه قد حلّ في ذلك الوقت أجله؛ لأن الورثة يقسمون الميراث، وأجل هذا يحل بعد القسمة. "مسائل ابن هانئ" (1470) نَقَلَ البزراطي عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَخَلَّفَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ لِلْغُرَمَاءِ أَكْثَر مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَيْسَ لَهُ وَارِث غَيْرُ ابنهِ، فَقال ابنهُ لِغُرَمَائِهِ: اتْرُكُوا هذا الأَلْفَ فِي يَدِي وَأَخِّرُونِي فِي حُقُوقِكُمْ ثَلَاثَ سِنِينَ حَتَّى أُوَفِّيَكُمْ جَمِيعَ حُقُوقِكُمْ، قال: إذَا كَانُوا اسْتَحَقُّوا قَبْضَ هذِه الأَلْفِ وَإِنَّمَا يُؤَخِّرُونَهُ لِيُوَفِّيَهُمْ لأجْلِ أَنْ يَتْرُكَهَا فِي يَدَيْهِ، فهذا لَا خَيْرَ لَهُ فِيهِ إلَا أَنْ يَقْبِضُوا الأَلْفَ مِنْهُ وَيُؤَخِّرُونَهُ فِي البَاقِي مَا شَاءُوا. "بدائع الفوائد" 4/ 48، "تقرير القواعد" 3/ 387

باب مسقطات الدين

باب مسقطات الدَّين فصل ما جاء في أسباب سقوط الدين أولًا: قضاء الدين: 1 - قضاء الدين من الموسر: من وسائل حمل الموسر على قضاء الدين: 1633 - أ- منعه من السفر نقل عنه أبو طالب: إذا كان عليه حق إلى أجل فأراد سفرًا بعيدًا يجوز الوقت أخذه السلطان حتى يوثق له بحقه، وإن كان سفرًا قريبًا أخذه أيضًا حتى يوثق له بحقه؛ لعله لا يجيء أو يكون حدث. "الروايتين والوجهين" 1/ 376 قال محمد بن أبي صالح المكي: لما أردت الخروج إلى بغداد قال لي حسين بن حسن -أو حسن بن حسين- صاحب ابن المبارك: إذا قدمت بغداد فالْقَ أحمد بن حنبل واقرأ عليه مني السلام، وقل له: عليَّ دين، فترى لي أن أقدم إلى بغداد؟ قال: فقلت لأحمد. فقال عليه السلم، وقل له: لأن تلقى اللَّه وعليك دين أحبُّ إليَّ من أن تقدم بغداد. "طبقات الحنابلة" 2/ 397

1634 - ب- الحبس

1634 - ب- الحبس قال صالح: قلت: الحبس في الدين؟ قال: يحبس في الدين. "مسائل صالح" (678) نقل حنبل عنه: وليس لحاكم إخراجه حتى يتبين له أمره أو يبرئه غريمه، وإن لم يبرئه وصح عند الحاكم أخرجه، ولم يسعه حبسه. "الفروع" 4/ 288 ونقل حنبل فيمن حلف غريمه أنه لا يعلم عسرته: يُحبس إن علم له ما يقضي. "الفروع" 4/ 293 1635 - إذا جحد المدين الدين، للدائن أن يأخذ دينه من ماله دون علمه: قال صالح: وسألته عن رجل كان له على رجل ألف درهم، فجحده عليها، فوجد هذا له جارية، يأخذها؟ فقال: أنا أقول: إن وجد له دراهم لا يأخذها، وذاك أن هذا الملك ملك الرجل، فكيف يجوز أن يأخذ ما لا يملك؟ ! قلت: إنهم يحتجون بحديث هند؛ حيث جاءت إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تشكو أبا سفيان، فقالت: إن أبا سفيان رجل شحيح. فقال: "خذي ما يكفيك ويكفي ولدك" (¬1)؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 39، والبخاري (2211)، ومسلم (1714) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-.

1636 - إذا أبى صاحب الدين القبض، ماذا يفعل المدين؟

فقال: هذا بيتها وبيت ولدها، ورخص أن تكون تأخذ ما يكفيها. وقال: يطؤها الحق؟ إذا كيف يطأ ما ليس هو له بملك؟ وإما يزول الملك ببيع أو هبة أو صدقة أو تمليك يملكه المالك. "مسائل صالح" (529) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن امرأة لها مهر على زوجها وكان لها ابن منه فمات الابن، أتأخذ مهرها من ميراث ابنها من نصيب زوجها من تحت يدها؟ قال: أخاف أن يستحلفها إنك لم تحبسي منه شيئًا. "مسائل أبي داود" (1337) ونقل حنبل عنه: أدّ إليه ماله الذي ائتمنك عليه. ونقل حرب عنه: في غيرها خلاف. وكأنه كرهه. وسأله مهنا: يطمعه أن يعطيه شيئًا، وينوي ألَّا يفعل؟ قال: لا. "الفروع" 6/ 497 1636 - إذا أبى صاحب الدين القبض، ماذا يفعل المدين؟ نقل حرب عنه في السيد يمتنع من قبض مال الكتابة، قال: إن أبى مولاه الأجل ما أعلم زاده إلا خيرًا. وقال: فيه حديث يروى. قلت: حديث عثمان؟ قال: نعم، قال له: ضعها في بيت المال، وخلى سبيله (¬1). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 808 (15714)، والبيهقي 10/ 335.

1637 - مشروعية الحجر

ونقل بكر وحنبل خلافه. "معونة أولي النهى" 5/ 211 2 - قضاء الدين من المعسر الحجر على المدين وتفليسه 1637 - مشروعية الحجر قال إسحاق بن منصور: قلت: الحجر على الرجل. قال: إي لعمري، كما يكون لولا الحجر لذهبت أموال الناس. قال إسحاق: أحسن! "مسائل الكوسج" (1884) قال صالح: قال أبي: والحجر لو لم يكن في الحجر حديث إلا حرز الأموال، والحجاج يروي عن ابن عباس في الحجر (¬1)، وشريح يروى عنه في الحجر (¬2)، وحديث هشام بن عروة في قصة عثمان أراد أن يحجر على عبد اللَّه بن جعفر (¬3)، لم أسمعه إلا من أبي يوسف. "مسائل صالح" (962) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 367 (21064، 21065). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 367 (21063). (¬3) رواه الشافعي في "مسنده" (1482)، وعبد الرزاق 8/ 267 (15176)، والدارقطني 4/ 231، والبيهقي 6/ 61.

1638 - من تثبت له الولاية على الصغير والمجنون

أنواع الحجر أولا: حجر على الإنسان لحق نفسه 1638 - من تثبت له الولاية على الصغير والمجنون نقل البغوي أن وصيًّا سأله أن اليتيم يريد ماله وهو مفسد ورفعني إلى الوالي وأبلغ. قال: إن لم تقدر له على حيلة فأعطه. "الفروع" 4/ 315 نقل ابن الحكم فيمن عنده مال يطالبه الورثة فيخاف من أمره، ترى أن يخبر الحاكم ويدفعه إليه؟ قال: أما حكامنا هؤلاء اليوم فلا أرى أن يتقدم إلى أحد منهم، ولا يدفع إليه شيئًا. ونقل مهنا: إن مات المودع وله صبي، فكأنه أوسع أن يدفع المستودع إلى رجل مستور ينفق عليه. وسأله الأثرم عمن له على رجل شيء فمات وله ورثة صغار كيف أصنع؟ فقال: إن كان لهم وصي، فإن لم يكن إن كانت لهم أم مشفقة دفع إليها. "الفروع" 4/ 317 - 318، "المبدع" 4/ 336 - 337

1639 - وقت دفع المال للمرأة المحجور عليها، وما يجوز لها أن تصدق من مالها ومال زوجها

1639 - وقت دفع المال للمرأة المحجور عليها، وما يجوز لها أن تصدق من مالها ومال زوجها قال إسحاق بن منصور: ما يجوز للمرأة من مالها أن تصدق؟ قال أحمد -رضي اللَّه عنه-: إذا حال عليها الحول تصدقت بما شاءت. قلت: وما يحل لها أن تصدق من مال زوجها؟ قال: الرطب وما لا يدخر. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1935)، (3145) قال إسحاق بن منصور: عطية المرأة؟ قال: على ما قال عمر -رضي اللَّه عنه-: لا يجوز لامرأة عطية حتى تلد ولدًا أو تبلغ أناة ذلك سنة (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3061) قال إسحاق بن منصور: هل للزوج أن يمنع امرأته أن تصدق من مالها ما شاءت؟ قال أحمد: ليس له أن يمنعها بعد الحول، إلا أن تكون مسرفة، مثل ما يصنع بالحر إذا كان مفسدًا لماله. قال إسحاق: كما قال، ولكن ينبغي لها ألَّا تهب ولا تتصدق إلا أن تستأذنه. "مسائل الكوسج" (3062) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 406 (21491، 21492، 21496).

1640 - إبطال الأب لتصرف ولده في ماله إذا كان الأب محتاجا إليه

وقال في رواية أبي طالب: لا يدفع إلى الجارية مالها بعد بلوغها حتى تتزوج وتلد، أو يمضي عليها سنة في بيت الزوج. ونقل أيضًا: أنه سُئل عن: المرأة هل يجوز أن تهب مالها لرجل أجني؟ فقال: ليس لها ذلك إلا بعد أن تلد ولدًا، أو يأتي عليها حول. ونقل أيضًا: لا تهب من مالها شيئًا إلا بإذنه؛ لأنه مالك لها. "الروايتين والوجهين" 1/ 377 - 378، "معونة أولي النهى" 5/ 423 1640 - إبطال الأب لتصرف ولده في ماله إذا كان الأب محتاجًا إليه: نقل حنبل عنه أنه للأبوين الاعتراض عليه في ذلك وإبطاله إذا كانا محتاجين، واحتج بما روى بكر بن محمد أن رجلًا تصدق بأرض على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فجاء أبواه فقالا: يا رسول اللَّه، ما كان لنا مال -أو قال: معيشة- غيرها. فدفعها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إليهما، فماتا فورثهما ابنهما (¬1). "الروايتين والوجهين" 1/ 440 ¬

_ (¬1) روي هذا الحديث من طرق وقد سمي فيها الرجل، فهو عبد اللَّه بن زيد بن عبد ربه الذي أُرِي الأذان رضي اللَّه عنه. فرواه سعيد 1/ 89 (251)، والدراقطني 4/ 201، والديلمي كما في "كنز العمال" 11/ 84 (30712) عن عبد اللَّه بن أبي بكر وعمرو وحميد الأعرج أن عبد اللَّه بن زيد. . بنحوه. ورواه الدارقطني 4/ 201، والحاكم 4/ 347 - 348 عن أبي بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين إن كان أبو بكر بن عمرو ابن حزم سمعه من عبد اللَّه بن زيد، ولم يخرجاه. =

1641 - هل يثب لولده في ذمته دين أو قيمة متلف أو غيره؟

1641 - هل يثب لولده في ذمته دين أو قيمة متلف أو غيره؟ قال أبو داود: سألت أبا عبد اللَّه عن رجلٍ جهز بناتًا له وأراد أن يسوي بين ولده فأعطاهم مالًا، ثم استقرضه منهم ليكون عليه قرض، ثم مات وخلف ديونًا على الناس وأموالًا بعينها؟ فقال: ما وجدوه بعينه فهو مما لهم عليه، وما استهلكه فلا يكون للولد على أبيهم دين. قلت: إنه مال حي على الغرام ويتقاضاه؟ فسكت ولم يجب فيه، وكان قال قبل ذلك: إذا مات ولولده عليه دين وله دين تأوي على الناس فيأخذون منه؟ قال: ما أخذوا هو ميراث بينهم، وسقط عن الميت دين ولده. "مسائل أبي داود" (1334). نقل عنه أبو الحارث في رجل له على أبيه دين فمات الأب، قال: يبطل دين الإبن. "بدائع الفوائد" 3/ 86 ونقل مهنا عنه: لو أقر بقبض دين ابنه فأنكر الابن رجع على غريمه، وهو على الأب. ¬

_ = ورواه الطبراني كما في "مجمع الزوائد" 4/ 233، والدراقطني 4/ 200، والحاكم 4/ 348، والديلمي كما في "كنز العمال" 11/ 84 (30711) عن بشير بن محمد بن عبد اللَّه بن زيد عن جده. قال الحاكم: أصح ما روي في طرق هذا الحديث. وقال الهيثمي: بشير هذا لم أجد من ترجمه، ورجاله رجال الصحيح.

1642 - النفقة للوصي أو الولي على المال

ونقل ابن الحكم عنه: ما حازه الأب لا يأخذه الابن حيًّا ولا ميتًا، وإن كان بعينه إذا حازه لنفسه. "الفروع" 4/ 653 - 654. 1642 - النفقة للوصي أو الولي على المال نقل حنبل في الولي والوصي يقومان بأمره: يأكلان بالمعروف، كأنهما كالأجير والوكيل. "الفروع" 4/ 325 1643 - الشيخ الكبير يُنكر عقله، يحجر عليه؟ ونقل المروذي عنه: أرى أن يحجر الابن على الأب إذا أسرف، كان يضع ماله في الفساد وشراء المغنيات. "الفروع" 4/ 318، "المبدع" 4/ 343، "الإنصاف" 13/ 391، "معونة أولي النهى" 5/ 432 1644 - تقييد المجنون إذا خافوا عليه قال مهنا: المجنون يقيد بالحديد إذا خافوا عليه؟ قال: نعم. "الفروع" 4/ 322، "معونة أولي النهى" 5/ 427 1645 - حكم تصرفات العبد في ماله قال إسحاق بن منصور: كفالةُ العبدِ؟

1646 - هل يملك العبد بالتمليك؟

قالَ: لا يكفل إلَّا بإذنِ سَيِّدِهِ. قال إسحاق: كَما قال. "مسائل الكوسج" (3191) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن عبدٍ دفع إلى رجل مالًا فأمره أن يشتريه فاشتراه به وأعتقه؟ قال: يرد الدراهم على المولى ويؤخذ المشترى بالثمن، والعبد حر. قلت لأحمد: لمن ولاؤه؟ قال: للمشتري. "مسائل أبي داود" (1352) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: إذا قال: أشتري منك العبد بهذا الألف، فإني أجبن عنه. "مسائل أبي داود" (1353) قال عبد اللَّه: قيل لأبي: المملوك يكون له مال، يتصدق من ماله بغير إذن مولاه؟ قال: لا يعجبني. "مسائل عبد اللَّه" (1425) 1646 - هل يملك العبد بالتمليك؟ قال في رواية محمد بن الحسن بن هارون عنه في رجل وهب لغلامه جارية: فلا يطؤها. ونقل الأثرم: إذا وهب لعبده جارية فلا يعتقها، إنما هي لسيده. "الروايتين والوجهين" 1/ 343

1647 - العبد المأذون له في التجارة، إذا ركبه الدين

نقل حرب: لو باعه العبد وله سرية لم يفرق بينهما كامرأته، وهي ملك لسيده. "الفروع" 4/ 334 1647 - العبد المأذون له في التجارة، إذا ركبه الدين: قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: العبدُ المأذونُ له في التِّجارةِ إِذَا ركبه الدَّينُ؟ قال: إِذَا أذنَ لَهُ فَعَلَى السَّيدِ. قال إسحاق: كما قال في رَقبتِهِ. "مسائل الكوسج" (1878) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: العبدُ يُباعُ في الدَّيْنِ؟ قال: إِذَا لمْ يكن أذن له سيده، فإِنَّ ذَلِكَ في رَقبتِهِ إِنْ شَاءَ سَيّدُهُ فَدَاهُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1885) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: العبدُ إِذَا أُعْتِقَ وعَليه دين؟ قال: الدينُ عَلى سَيّدِهِ إِذَا كَانَ أِذنَ لَهُ، وإِنْ جَنَى جنايةً فَعَلَى سَيّدِهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1886) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجلٍ أَذِنَ لعبدِهِ في التجارةِ، فجرح إنسانًا، قال: يُدْفَعُ برمتِهِ، فيكون الدينُ عَلَى العبدِ حيثما ذهب. قال أحمد: إِذَا أَذِنَ لعبده في التجارة؛ فالدَّينُ عَلَى السيد، والعبدُ يسلم بجنايته إلَّا أنْ يفديه مولاهُ.

قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2224) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عَن العبدِ المأذُون لَهُ في التجارة عَن إقراره؟ قال: جائزٌ. قالَ أحمد: إِذَا أَذِنَ لَهُ فهو جائز. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2225) قال صالح: وقال في عبد عتقه مولاه، وقد كان أذن له في التجارة فادَّان: يؤخذ السيد بما آدَّان لما أذن له فيه، وإن كان غير ذلك فما آدَّان العبد فهو ذمة في العبد، وليس على المولى شيء يؤديه العبد عن نفسه. "مسائل صالح" (532) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن العبد يأذن له سيده فيدان؟ قال: الدين على السيد. "مسائل عبد اللَّه" (1079) قال عبد اللَّه: قال وكيع: لا يباع العبد في الدين. قال أبي: خالف وكيع سفيان في هذا. "مسائل عبد اللَّه" (1080) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن عبد أعتقه مولاه، وعلى العبد دين من يقضيه؟ قال: إن كان أذن له في التجارة، فادان العبد بما ادان لما أذن له فيه، وإن كان غير ذلك، فما ادَّان العبد فهو في ذمة العبد يؤديه عن نفسه. "مسائل عبد اللَّه" (1437)

1648 - 1 - حلول الدين المؤجل عليه

ونقل مهنا عنه: للسيد فداؤه إن أذن لعبده في نوع ولم ينه عن غيره، وإلا فللبائع أخذ العبد حتى يأخذ حقه منه. ونقل أبو طالب في تعليق دينه -على العبد أم مولاه- إن أعتقه فعلى مولاه. "الروايتين والوجهين" 1/ 357، "الفروع" 4/ 326 - 327 ونقل مهنا فيمن قدم ومعه متاع يبيعه فاشتراه الناس منه، فقال: أنا غير مأذون لي في التجارة. قال: هو عليه في ثمنه، كان مأذونًا له أو غير مأذون. ونقل أيضًا فيمن اشترى من عبد ثوبًا فوجد به عيبًا، فقال العبد: أنا غير مأذون لي في التجارة. قال: لا يقبل منه، إنما أراد أن يدفع عن نفسه. ونقل حنبل: إن حجر على عبده فمن بايعه بعد علمه لم يكن له شيء؛ لأنه المتلف. "الفروع" 4/ 335، "معونة أولي النهى" 5/ 448 آثار الحجر على المفلس 1648 - 1 - حلول الدين المؤجل عليه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يموتُ أو يفلسُ، حلَّ دينه؟ قال: إذا وثق لَهُ الورثة فهو أحبّ لي، وإِذَا أفلسَ لمْ يحل دَينه، والموتُ أخرى أنْ يحلَّ دَينه. "مسائل الكوسج" (1843)

1649 - 2 - يمنع تصرفه في عين ماله

وقال الحسن بن ثواب: قال أحمد: يكون ماله موقوفًا إلى أن يحل دينه، فيختار البائع الفسخ أو الترك. وكذلك نقل أبو الحارث وحنبل. "الروايتين والوجهين" 1/ 375، "المغني" 6/ 565، "معونة أولي النهى" 5/ 392 1649 - 2 - يمنع تصرفه في عين ماله قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إِذَا فَلَّسَ القاضي الرَّجُلَ فليس له بيعٌ، ولا صدقةٌ، ولا عتقٌ؟ قال: أمَّا بيعٌ وصدقة فنعم، وأمَّا العتقُ فهذا شيءٌ مستهلك. يقولُ: يجوز عتْقُهُ. قال إسحاق: كما قال أحمد، وذَلِكَ أنَّ العتْقَ للَّه. "مسائل الكوسج" (2096) نقل محمد بن موسى عنه: إذا طلب البائع عين ماله لم يجز بيعه ولا هبته، ولا عتقه. "الروايتين والوجهين" 1/ 374 وسأله جعفر: من عليه دين أيتصدق بشيء؟ قال: الشيء اليسير، وقضاء دينه أوجب عليه. ونقل حنبل فيمن تصدق وأبواه فقيران: رُدَّ عليهما، إلَّا لمن دونهما؛ للخبر (¬1)، ولا يصح بعده. ونقل موسى بن سعيد: إن تصرف قبل طلب رب العين لها جاز، لا بعده. "الفروع" 4/ 299، "معونة أولي النهى" 5/ 380 ¬

_ (¬1) قد تقدم تخريجه من حديث عبد اللَّه بن زيد رضي اللَّه عنه.

1650 - 3 - من وجد عين ماله فهو أحق به زاد أو نقص

وقال إسماعيل بن سعيد الشالنجي: سألت أحمد عن المفلس هل يجوز فعله فيما اشترى قبل أن يطلب البائع منه مما بايع المشتري عليه؟ فقال: إن أحدث فيه المشتري عتقًا أو بيعًا أو هبة؛ فهو جائز ما لم يطلب البائع ذلك، وذلك أن الحديث قال: "هو أحق" (¬1) فلا يكون أحق به إلا بالطلب، فلعله ألَّا يطلبه. قلت: أرأيت إن طلبه منه فلم يدفعه إليه؟ قال: فلا يجوز بيعه ولا هبته ولا صدقته بعد الطلب. "تقرير القواعد" 1/ 411 1650 - 3 - من وجد عين ماله فهو أحق به زاد أو نقص قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا أفلسَ الرجلُ فوجَد الرجل مِنْ مَتَاعِهِ النصف أو الثلث أو الربع أو اقْتضى مِنْ ثَمنه شيئًا؟ قال: لا، إلَّا أنْ يجده بعينِهِ. قال إسحاق: كما قال إِذَا اقْتَضَى شيئًا كانَ هو والغرماء سواء. "مسائل الكوسج" (2025) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الموتُ والإِفلاسُ واحدٌ؟ قال: لا، الموتُ أسوة الغرماء، والإفلاسُ هو أحقّ بِهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2026) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 228، والبخاري (2402)، ومسلم (1559) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه أنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من وجد عين ماله عند رجل قد أفلس، فهو أحق به ممن سواه".

قال ابن هانئ: حَدَّثَنَا بدر بن أبي بدر قال: حَدَّثَنَا أحمد بن حنبل قال: حَدَّثَنَا عبد الصمد، قال: حَدَّثَنَا عمر بن إبراهيم -رجل له فضل أعطاني كتابًا له كبيرًا- قال: حَدَّثَنَا قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من وجد متاعه عند مفلس بعينه فهو أحق به" (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1266) قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل إذا أفلس فوجد رجل متاعه بعينه؟ قال: هو أحق به. متاعه. قيل: فإن كان قد زاد أو نقص يوم اشتراه؟ قال: هو أحق به، زاد أو نقص. "مسائل ابن هانئ" (1267)، (1397) ونقل أحمد بن سعيد في الراهن إذا مات مفلسًا: المرتهن أسوة بالغرماء. "الروايتين والوجهين" 1/ 372 ونقل الحسن بن ثواب عن أحمد: إن كان ثوبًا واحدًا، فتلف بعضه فهو أسوة الغرماء وإن كان رزمًا فتلف بعضها، فإنه يأخذ بقيمتها إذا كان بعينه؛ لأن السالم من المبيع وجده البائع بعينه، فيدخل في عموم قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أدرك متاعه بعينه عند إنسان قد أفلس، فهو أحق به". "الروايتين والوجهين" 1/ 372، "المغني" 6/ 143 - 144 ونقل حنبل عنه في ولد الجارية ونتاج الدابة: هو للبائع؛ لأنها زيادة، فكانت للبائع كالمتصلة. "الروايتين والوجهين" 1/ 373، "المغني" 6/ 550، "معونة أولي النهى" 5/ 397 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 10، وفي سماع الحسن من سمرة خلاف معروف، لكن للحديث شاهد من حديث أبي هريرة رواه الإمام أحمد 2/ 228 وقد تقدم آنفا.

1651 - أ - بيع القاضي مال المفلس

قال بكر بن محمد: قال أحمد: لو حكم حاكم أنه أسوة الغرماء نقض حكمه وأخذه. "العدة في أصول الفقه" 5/ 1543، "المسودة في أصول الفقه" 2/ 907، "حاشية الروض" 5/ 174 نقل أبو طالب: إذا تلف بعض العين لا يرجع ببقية العين، ويكون أسوة الغرماء. "المغني" 6/ 143، "معونة أولي النهى" 5/ 387 نقل أبو الحارث: إن قال المفلس: إنما لك ثمنه فأنا أبيعه وأعطيك، فربه أحق به. "الفروع" 4/ 300 4 - بيع القاضي مال المفلس وتقسيمه بين الغرماء 1651 - أ - بيع القاضي مال المفلس قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ومَا يفعلُ في الرَّجلِ إِذَا أَفْلَسَ؟ قال: لا تُباع الدَّارُ ولا الخادمُ إِذَا كَانَ يحتاجُ إِليهِ. قُلْتُ: يُؤاجر في عَمَلٍ إِنْ كانَ يُحسنه؟ قال: إِنِّي أُخيركَ إِذَا كَانَ رجل في كسبه فضل عَنْ قوتِهِ. قُلْتُ: فالنبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ما فَعَل بمعاذ؟ قال: أخْرَجَهُ لهم مِنْ مَالِهِ (¬1)، والدارُ والخادمُ ليسَ مِنْ هذا في شيءٍ، يُعْطَى مِنَ الزكاةِ مَنْ لَهُ دارٌ وخادمٌ. ¬

_ (¬1) روى هذا الحديث موصولًا من حديث كعب بن مالك رضي اللَّه عنه: عبد الرزاق 8/ 268 (15177)، والبيهقي 6/ 48 من طريق معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن =

قال إسحاق: كما قال، فلذلك لا يُبَاع عليه الخادمُ والدارُ. "مسائل الكوسج" (1881) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: قال عمرُ بن عبد العزيز: إِذَا كانَ خادم ومنزلٌ لمْ يبعْ مَالَهُ، ولمْ يسجنْ إِذَا لمْ يكنْ لَهُ غير هذا؟ قال: مَا أَحسنه! أمَّا أنا فأسْتَحسنه، إذَا حُبس ذَهَبَ كسبُهُ، وضَاع عيالُهُ، ولمْ يرد ذَلِكَ على الغرماء شيئًا. ¬

_ = كعب عن أبيه قال: كان معاذ بن جبل رجلًا سمحًا شابًّا جميلًا .. وكان لا يمسك شيئًا، فلم يزل يدَّان حتى أغلق ماله كله من الدين، فأتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يطلب إليه أن يسأل غرماءه أن يضعوا له فأبوا، فباع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كل ماله في دينه حتى قام معاذ بغير شيء. . الحديث بطوله. والطبراني في "الأوسط" 3/ 309 (3250) من طريق عمارة بن غزية عن الزهري، عن ابن كعب، عن أبيه. وفيه ابن لهيعة. قال الهيثمي في "المجمع" 4/ 143: فيه ابن لهيعة، وفيه كلام، وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح إلا أن ابن شهاب قال: عن ابن كعب بن مالك. ولم يسمه، وفي الصحيح غير حديث كذلك، ولا يعلم في أولاد كعب ضعيف واللَّه أعلم. اهـ. ورواه مرسلًا عن ابن كعب بن مالك -ولم يسمه- الطبراني في 20/ 30 (44) عن عبد اللَّه بن أحمد، عن أبيه، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن ابن كعب. والحاكم 3/ 269 عن أبي بن كعب من طريق عبد اللَّه بن أحمد، عند أبيه السالف عن الطبراني، وقال الهيثمي في "المجمع" 4/ 143: رواه الطبراني في "الكبير" مرسلًا، ورجاله رجال الصحيح. والبيهقي 6/ 48 عن ابن كعب بن مالك من طريق عبد الرزاق. ثم قال: وكذلك رواه عبد اللَّه بن المبارك، عن معمر ولم يقل: عن أبيه. وقال: عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: كان معاذ. . فذكره.

قال إسحاق: كما قال، لا يُباع المسكنُ والخادمُ في الدَّين. "مسائل الكوسج" (2095) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان إذا حُبِسَ الرجلُ فطَالَ حبسُه وله مالٌ، لا يريدُ أنْ يبيع ماله. قال سفيان: إذا فلسه القاضي يبيعُ ماله فيكونُ بين الغرماءِ. سُئِلَ: فيما دون أنْ يفلسه القاضي لا يُباعُ مالُهُ؟ قال: لا. قال أحمد: يباعُ عليه إلا مسكنًا أو خادمًا أو شيئًا لابد له منه يبيع عليه الحاكم، وإن لم يفلسه القاضي. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3218) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا صح الدين على الرجل عند القاضي وله مال يباع عليه؟ قال: نعم، باع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على معاذ. قال أحمد: يقال: إلا المسكن والخادم. قلت لأحمد: ويترك له قوت؟ قال: نعم، ما يتقوته، ثم قال أحمد: إن كان عليه عيال فيترك لهم قوام. "مسائل أبي داود" (1358) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن حديث معاذ أن عليه دينًا فأخرجه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من ماله لغرمائه، وحديث شريح أنه كان يبيع ما فوق الإزار (¬1) -يعني: كل شيء إلا الإزار. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 537 (22904).

قال أبي: يبيع كل شيء إلا المسكن وما يواريه من ثيابه، والخادم إن كان شيخًا كبيرًا، أو ذميًّا، أو به حاجة إليه لا يبيعه. "مسائل عبد اللَّه" (1102) وقال في رواية الميموني: يترك له قدر ما يقوم به معاشه، ويُباع الباقي. "المغني" 6/ 580، "معونة أولي النهى" 5/ 406 ونقل حرب: إذا تقاعد بحقوق الناس يباع عليه ويقضي. "الفروع" 4/ 289، "المبدع" 4/ 308، "معونة أولي النهى" 5/ 372 ب- تقسيمه بين الغرماء قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن رجل أفلس وعنده شيء من المال وعليه دين، لواحد كذا وكذا، ولآخر مثل ذلك، والمال لا يحيط بما عليه؟ قال: يعطي كل واحد منهم على قدر ماله، ولا يفضل بعضهم على بعض. "مسائل ابن هانئ" (1265)، (1396) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل قضى في مرضه بعض الغرماء دون بعض أيجوز له؟ أم هو بالحصص؟ قال: لا بأس، أن يقضي بعضهم دون بعض، وأحب إلي أن يواسي بينهم في القضاء. "مسائل عبد اللَّه" (1062)

1652 - هل يحبس المفلس لو ادان بعد إشهار إفلاسه؟

1652 - هل يحبس المفلس لو ادَّان بعد إشهار إفلاسه؟ نقل حنبل عنه: لو فلسه القاضي ثم ادَّان لم يحبس؛ لأن أمره قد وضح. "الفروع" 4/ 309 1653 - مؤاجرة المفلس نفسه لسداد ديونه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ومَا يفعلُ في الرَّجلِ إِذَا أَفْلَسَ؟ قال: لا تُباع الدَّارُ ولا الخادمُ إِذَا كَانَ يحتاجُ إِليهِ. قُلْتُ: يُؤاجر في عَمَلٍ إِنْ كانَ يُحسنه؟ قال: إِنِّي أُخيركَ إِذَا كَانَ رجل في كسبه فضل عَنْ قوتِهِ. قُلْتُ: فالنبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ما فَعَل بمعاذ؟ قال: أخْرَجَهُ لهم مِنْ مَالِهِ، والدارُ والخادمُ ليسَ مِنْ هذا في شيءٍ، يُعْطَى مِنَ الزكاةِ مَنْ لَهُ دارٌ وخادمٌ. قال إسحاق: كما قال، فلذلك لا يُبَاع عليه الخادمُ والدارُ. "مسائل الكوسج" (1881) نقل حنبل عنه: يُعطي الغرماء ما كان له، ولا يحكم له بغيره. "الروايتين والوجهين" 1/ 375 1654 - ثانيًا: المقاصة في الدين وقال في رواية مهنا في رجل له على رجل عشرة دراهم وللآخر عليه عشرة دراهم، فلقيه فقال: العشرة التي لي عليك بالعشرة التي لك عليَّ: فهو جائز، قد قضاه حين صارت له عليه عشرة.

وقال في موضع آخر في رجل استقرض من رجل دراهم فجاءه بدراهم ليقضيه فقال: قد جعلتك في حل. ثم ذكر هذا المستقرض أن له على الذي أقرضه دراهم أصابها في حسابه فطالب بها. فقال: الذي كنت أقرضتك قضاء مما ذكرت، فقال أحمد: تلك قد حاله منها. ويأخذ منه الدراهم التي أصابها في حسابه. "الروايتين والوجهين" 1/ 382

كتاب الرهن

كتاب الرهن باب ما جاء في أركان عقد الرهن وشروط صحته 1655 - ما يجوز رهنه، وما لا يجوز قال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يرهن المصحف عند أهل الذمة؟ قال: لا " نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو (¬1). "أحكام أهل الملل" 1/ 120 (129) نقل حرب وجعفر بن محمد ويعقوب بن بختان وابن مشيش: بعضهم يقول: لا أرخص في رهن المصحف، وبعضهم يقول: أكرهه. "الروايتين والوجهين" 1/ 371 نقل حنبل في الرهن بمسلم فيه: يصح. "الفروع" 4/ 208 1656 - الشروط في عقد الرهن قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عنْ رجلٍ وَضَعَ رهنًا عَلَى يدي صاحِبِه بحقٍّ لَهُ، فَقال: إن جئت إلى كذا وكذا، وإلا فبع ما في يديك ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 55، والبخاري (2990)، ومسلم (1869) من حديث ابن عمر.

واستوف حقك. قال سفيان: لا يعجبني أنْ يبيعَ لنفسِهِ، وأن يكون عَلَى يدي غيرِه أحبّ إليَّ، ان باعَهُ كما أمره؛ فبيعُهُ جائز. قال أحمد: بيعه جائز إِذَا وكله ببيعِهِ. قال إسحاق: كما قال أحمد، ولكن يكره لَهُ أنْ يكونَ أمينَ نفسِهِ حتَّى يؤمرَ بذلكَ، فإنْ فَعَل جازَ. "مسائل الكوسج" (2275) قال الأثرم: قلت لأحمد: ما معنى قوله: لا يغلق الرهن؟ قال: لا يدفع رهنًا إلى رجل ويقول: إن جئتك بالدراهم إلى كذا وكذا، وإلا فالرهن لك. "المغني" 6/ 507، "المبدع" 4/ 235، "معونة أولي النهى" 5/ 265

باب ما جاء في الأحكام المترتبة على صحة عقد الرهن

باب ما جاء في الأحكام المترتبة على صحة عقد الرهن 1657 - لزوم الرهن بالقبض قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في رجل قال لرجل: ارهني كذا وكذا وأعطيك مائة درهم، فأخذ الرهن، فجاء ليزن له الدراهم، فسرق الرهن قبل أن يعطيه الدراهم؟ قال: لا يكون رهنا حتى يأخذ الدراهم، ليس عليه فيها ضمان إلا بشيء قد قبضه. قال أحمد: ولو قبضه كان من الراهن؛ لأن ملكه له. قال إسحاق: كما قال سفيان. "مسائل الكوسج" (2260) ونقل الميموني عنه: يلزم بمجرد العقد كالبيع. "المغني" 6/ 446 1658 - إن مات الراهن قبل إقباضه، هل تقوم ورثته مقامه؟ نقل عنه علي بن سعيد: ليس لورثته إقباضه، وثم غريم لم يأذن. "معونة أولي النهى" 5/ 246

1659 - أ - دوام القبض

- من شروط صحة القبض 1659 - أ - دوام القبض قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال قتادة: رجلٌ ارتهنَ وَليدةً فأَبِقَتْ مِنَ الذي ارتَهنها إلَى سيّدِهَا فَأصَابَهَا (¬1)؟ قال: لا تُباع، وجبتْ لها الحريَّةُ إِذَا ماتَ سيدُهَا بالولدِ، ويؤخذ سيدها للمرتهنِ بحقِّهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2003) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال قَتَادة: تُباع إِنْ لمْ يكنْ لسيِّدِهَا، قال: ولُفْتَكّ وَلَدها. قال: لا تُباعُ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2004) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: وقالَ ابن شبرمة: تُسْتَسْعَى، ولا تُباع. قال: لا أقولُ تُسْتَسْعَى، وجبتْ لها الحريةُ إِذَا ماتَ سيّدُهَا بالولدِ. قال الثوريُّ: ونحنُ نقولُ: فإِنْ حملتْ مِنْ سيِّدِهَا فَقَدِ استهلكها. قال أحمد: هو مَا قُلْتُ. قال إسحاق: أمَّا السعايةُ فحسن، وتُعْتَقُ بالموتِ. "مسائل الكوسج" (2005) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 242 (15057).

1660 - ب - شمول القبض

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: لو أنَّ الرَّاهنَ قال للمرتهن: ألبسْهُ، أو أَعِرْهُ، أو أكره؛ فقدْ خَرَجَ مِنَ الضمَانِ، والرهنِ. قال أحمد: لَهُ أن يكري بإذِن الراهنِ، فإِذَا رجعَ إليه صَارَ رهنًا ويكونُ الكراءُ للراهن، فإِذَا قال: ألبسه؛ لمْ يجزْ لَهُ أنْ يلبسَهُ إذا كَانَ يأخذ الفضل، ويأخذ حقَّه، هو رهن على حَالِهِ، فإِذَا قال له: أَعِرْهُ فأعَاره، ثم رجعَ إِليهِ، فهو رهن عَلَى حَالِهِ، وإذَا قال لَهُ: ضَعْهُ عَلَى يَدَيْ رجل فوضعه على يدي عدلٍ، فهو مقبوضٌ للمرتهنِ، فإن ماتَ الراهنُ، أو أفلسَ كان المرتهنُ أحقَّ بِهِ منْ الغرماءِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2270) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عنْ رجلٍ ارتهنَ دارًا ثم أكراهَا مِنْ صاحبِ الدارِ؟ قال: قد خرجتْ مِنَ الرهنِ إذا أخذَ فضلَ غلةٍ. قال أحمد: هذا ردَّها إلى مالكها الأول، لا يكونُ رهنًا حتَّى ينقضيَ كراء ذَلِكَ، فإذَا انقضَى كراه؛ رجعتْ إليهِ صَارتْ رهنًا. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2271) 1660 - ب - شمول القبض قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ: إِذَا رهنَ ثوبين بعشرة دراهم فجاءَ بخمسةٍ قال: أعطني نصفَ الرهنِ، فَلَا يدفع إليه حتَّى يستوفيَ حقّه؛ لأنَّ الأصلَ كانَ بجميعِ المالِ. قال أحمد: صحيحٌ.

1661 - ما يطرأ على الرهن من زيادة هل يدخل في الرهن؛ وما العمل فيما يطرأ عليه من نقصان؟

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2002) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إِذَا رهنت رهنًا فأتيته ببعضِ حقِّهِ فقلت: خُذْ مِنِّي وأعطني بحسابِ ذَلِكَ؛ فليس ذَلِكَ للراهنِ أنْ يأخذَ حتَّى يوفيَهُ كله. قال أحمد: جيّد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2267) نقل مهنا عنه: في رجلين رهنا دارًا لهما عند رجل على ألف، فقضاه أحدهما، ولم يقض الآخر، فالدار رهن على ما بقي. "الفروع" 6/ 529 1661 - ما يطرأ على الرهن من زيادة هل يدخل في الرهن؛ وما العمل فيما يطرأ عليه من نقصان؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: جارية رهنت فولدت، فالولد من الرهن؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2007) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: قال سفيانُ في رجلٍ رهنَ عبدًا من رجلٍ فقتل العبد عمدًا، فاقتصَّ السيدُ مِنَ الذي قَتَلَهُ، فليسَ للمرتهنِ شيءٌ، قد ذهبَ الرهنُ بما فِيهِ إلَّا أنْ يكونَ للمرتهنِ فضل؛ يعني: عن قيمةِ العبدِ.

قال أحمد: يؤخذ السيد برهن يكون قيمة العبد، ويقتصّ من العبدِ. وقال أحمد: مثله لو أنَّ الراهنَ أعتقَ العبدَ جَازَ عتقه، ويؤخذُ للمرتهنِ بمثلِ قيمةِ العبدِ يكون رهنًا عنده. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2273) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: فإنْ أخَذَ السيدُ الديةَ؛ يأخذُ المرتهنُ ثمنَ رهنِهِ. قال أحمد: تؤخذ ديتُه فتكون رهنًا إلى الوقتِ الذي تبايعا. قال إسحاق: كما قال؛ لأنه عوض مِنْ ثمنِهِ. "مسائل الكوسج" (2274) قال صالح: سألت أبي عن رجل رهن عبدًا عند رجل على ألف درهم، فمرض العبد عند المرتهن، وصار يساوي مائة درهم؟ قال: للمرتهن حقه كاملًا؛ لأن الملك ملك الراهن. قلت: لو أن رجلًا رهن عند رجل رهنًا على عشرة دراهم، والرهن: يساوي مائة، فضاع الرهن؟ قال: أذهب إلى ما يروى عن الزهري، عن سعيد بن المسيب أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يغلق الرهن، هو من ربه، له غنمه وعليه غرمه" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الشافعي في "مسنده" 2/ 163 - 164 (567)، ومالك (ص 454) وأبو داود في "المراسيل" (186، 187)، والدارقطني 3/ 33 والبيهقي 6/ 39، عن الزهري، عن ابن المسيب مرسلًا، وروي موصولًا من حديث أبي هريرة، رواه ابن ماجه (2441) مختصرًا، والدارقطني 3/ 32، وصححه الحاكم 2/ 51، وابن حبان 13/ 258 (594)، واختلف الحفاظ في ترجيح الرواية المرسلة والموصولة، فقد جزم البيهقي بترجيح المرسل فقال: وهو المحفوظ. اهـ. =

1662 - جناية الرهن إذا كان من بني آدم أو من الحيوان

قال أبي: إن زاد فهو له، وإن نقص فعليه. "مسائل صالح" (601) 1662 - جناية الرهن إذا كان من بني آدم أو من الحيوان قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عنْ رجلٍ ارْتَهن عبدًا، فجنى عنده جنايةً؟ قال: مَا جَنَى فهوَ عليه. قِيلَ: فمَا عَلَى الذي رهنه شيء؟ قال: مَا عليه شيء. قال أحمد: مَا عَلَى المرتهن شيء. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2262) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ -سفيان: فإنْ جَنَى العبدُ جنايةً لا تحيطُ بثمنِهِ؟ قال: بقدرِ ذَلِكَ. سُئِلَ: أليسَ يرجع بقدرِ ذَلِكَ علَى صَاحِبِه؟ قال: بلَى. قال أحمد: هو على صَاحِبه. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (2263) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجلٍ ارتهن عبدًا، فقامَ إلى سيدِه فقَتَلهُ، قال: كل شيءٍ أصَابَهُ مِنْ سيدِهِ، فليسَ عَلى المرتهن منهُ شيءٌ، هو ماله بعضه في بعضٍ. ¬

_ = وكذلك ابن عبد الهادي في "التنقيح" 3/ 196، والألباني في "الإرواء" 5/ 243 (1456). أما الدارقطني فقد حسَّن الموصول فقال: وهذا إسناد حسن متصل، وكذلك ابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 425. اهـ.

1663 - صفة يد المرتهن على الرهن، والعمل إذا هلك الرهن في يد المرتهن

قال أحمد: هو كَما قال، وهو رهنٌ عَلَى حاله. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2272) 1663 - صفة يد المرتهن على الرهن، والعمل إذا هلك الرهن في يد المرتهن قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل رهن رهنا فهلك الرهن؟ قال: الرهن يكون ممن رهنه. قال إسحاق: الرهن ممن رهنه، يقول: المرتهن لا يذهب الرهن بماله بل يباع فيعطى حقه، وصاحبه يأخذ الفضل، وإذا كان نقصانًا فعلى الراهن، وإنما إذا كان الرهن حيا فإذا هلك ترادا الفضل. "مسائل الكوسج" (1947/ أ) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: لا يعلق الرهن؟ قال: لا يعلق، لا يذهب، لا يكون للمرتهنِ، للراهنِ زيادتُهُ وعَلَيه نقصانُهُ، وإن عطب فإِنَّمَا يعطب مِنَ الراهنِ. قال إسحاق: بَلْ إِذَا عطب يَتَرَادَّان الفضل. "مسائل الكوسج" (1955) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ: رجلٌ رَهَنَ رهنًا فأعطَاه الراهن بعض الحقِّ، ثمّ هَلَكَ الرهنُ يرد المرتهن مَا أَخَذ مِنَ الحقِّ؟ قال: بل يرجعُ المرتهنُ عَلَى الراهنِ فيأخذ ما بقيَ لَهُ من الحقِّ. قال إسحاق: كل ما هَلَكَ وقيمتُه مثل ما كان أعطى مِنَ الدراهمِ فَقَدْ هَلَكَ بما فِيهِ، ويرد المرتهنُ عَلَى الراهنِ مَا قَبضَ مِنْهُ. "مسائل الكوسج" (2008)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجلين كَفَلا عَنْ رجلٍ بدَيني فأخذَا منه رهئا فَقَال أحدُ الكفيلين: أَنا آخذُ بنصيبي مِنَ الرَّهنِ؟ قال: ما أراهُ رَهْنًا حتَّى يغرمَا. قال أحمد: حتَّى لا يغرما كيفَ يكونُ رَهنًا؟ ! ليسَ هذا يعد برهنٍ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2222) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ: فإنِ استأجرت دابةً من رجلٍ، ورهنتُهُ ثوبًا فهلك الثوبُ، أو الدابةُ؟ فليس عَلَى واحدٍ منهما شيءٌ إلَّا أنْ يرهنه بدرهم قَدْ ذاب عليه. قال أحمد: الثوب رهن بدرهم، ويهلك من مالِ الراهنِ، والدابةُ مِنْ مالكها إلَّا أنْ يكونَ خالف، أو جَاوَزَ بِهَا المكانَ الذي استأجرها إليهِ. قال إسحاق: كما قال سفيانُ، ولا يكون في الدابةِ ضمانٌ إلَّا أنْ يخالفَ. "مسائل الكوسج" (2265) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إِذَا رَهَنْته رهنًا، فدفعت إليهِ بعضَ الذي لَهُ، أو كلّه فسرق الرهن الذي له، رد الذي لَكَ؛ لأنه مضمون، ولا يضره سرق الرهن قبل أو بعد، أو دفعت إِليهِ قَبْل أو بَعْد. قال أحمد: يهلكُ الرهنُ مِنَ الراهنِ إلَّا أنْ يجيءَ خلافٌ مِنَ المرتهنِ، أوْ يكون استعمله، أو رَهَنه، أو مَلَّكَهُ غيره. قال إسحاق: كما قال سفيانُ. "مسائل الكوسج" (2266) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: والرهنُ قيمتُهُ يوم دفعه، ولا يؤخذ أكثر مِنْ ذَلِكَ إِذَا هلَكَ.

قال أحمد: الرَّهنُ مِنَ الرَّاهنِ. قال إسحاق: كما قال سفيانُ. "مسائل الكوسج" (2268) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: الرهنُ إِذَا كَانَ بأكثر كانَ بما فِيهِ، وإذَا كَانَ بأقل ردَّ الراهنُ الفضلَ. قال أحمد: الرهنُ مِنَ الرَّاهِنِ. قال إسحاق: يترادَّان الفضلَ، هذا أصَح المذاهب. "مسائل الكوسج" (2269) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قَضَى عمرو بن حُرَيْثٍ في رجلٍ باعَ سلعةً ولمْ يقبضْ، ونقد بعضَ الثمنِ وارتهنها ببعضٍ فماتت، قال: هي رهنٌ بما بقي (¬1). قال أحمد: إِذَا قال: لا أسلمها حتَّى تجيءَ بالثَّمنِ فماتَتْ في يدِهِ؛ فهو ضامنٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2286) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يعلق الرهن؛ له غنمه وعليه غرمه" (¬2)؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 328 (20633) بنحوه. (¬2) روي هذا الحديث موصولًا ومرسلًا. أما الموصول فرواه ابن ماجه (2441) من طريق إسحاق بن راشد عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة به وضعفه البوصيري في "الزوائد" (815) إسناده. ورواه ابن حبان 13/ 258 (5934)، والدارقطني 3/ 32، والحاكم 2/ 51، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 315، والبيهقي 6/ 39 كلهم من طريق زياد بن سعد عن =

قال: لا يغلق في البيع. سمعت أحمد قال أيضًا: إذا رهن دابة أو ما شبهه مما ليس يخفى، فهلك، فهو من مال الراهن، ويرد إليه الراهن دراهمه. ¬

_ = الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه ورواه الدارقطني 3/ 32 من طريق ابن أبي ذئب عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قال الدارقطني: زياد بن سعد من الحفاظ الثقات، وهذا إسناد حسن متصل. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لخلاف بين أبي داود الحراني ومحمد بن الوليد الزبيدي ومعمر بن راشد على هذِه الرواية وأما المرسل فرواه مالك 3/ 293 (826) رواية محمد بن الحسن عن الزهري عن سعيد ومن طريق الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 100 (5887). ورواه الشافعي في "مسنده" 2/ 163 (567)، وابن أبي شيبة 4/ 526 (22791)، وأبو داود في "المراسيل" (187) والبيهقي 6/ 39 من طريق الشافعي كلهم من طرق عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن سعيد به. ورواه الطحاوي 4/ 100 (5889) عن عطاء وسليمان بن موسى به. ورواه عبد الرزاق 8/ 237 (15033) ومن طريقه الدارقطني 3/ 32 عن معمر عن الزهري عن سعيد به. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 430 بعد ما ذكر المرسل: أما رواية ابن عيينة لهذا الحديث متصلًا عن زياد بن سعد فإن الأثبات من أصحاب ابن عيينة يروونه عن ابن عيينة لا يذكرون فيه أبا هريرة ويجعلونه عن سعيد مرسلًا وهذا الحديث عند أهل العلم بالنقل مرسل، وإن كان قد وصل من جهات كثيرة فإنهم يعللونها، وهو مع هذا حديث لا يرفعه أحد منهم. قال الحافظ في "التلخيص" 3/ 36: صحح أبو داود والبزار والدارقطني وابن الثقات إرساله، وله طرق في الدارقطني والبيهقي كلها ضعيفة، وصحح ابن عبد البر وعبد الحق وصله. وضعف الألباني الموصول في "ضعيف ابن ماجه" (531) وصحح المرسل في "الإرواء" (1406) وبسط تخريجه وكلام الأئمة عليه.

قال: ألا ترى أنه قال: "له غنمه" كأنه كان عبدًا فزاد في ثمنه أو دابة فنتجت، "وعليه عومه" إذا هلك يهلك للراهن ويرد على المرتهن دراهمه؟ قال أحمد: فإن كان شيء خفي مثل فضة أو نحو ذلك، هذا يختلفون فيه. "مسائل أبي داود" (1344) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: إذا أرهن الرجل عند رجل رهنًا فضاع، قال: لا يلزم المرتهن شيء، وعليه ما أخذ على رهنه حتى يؤديه إليه. "مسائل ابن هانئ" (1313) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل أرهن رهنًا فضاع من يد المرتهن، هل له أن يطالبه؟ قال: قد اختلفوا في هذا، وأنا أقول: إذا كان ثقة فإنه يرجع على الراهن بما أرهنه. "مسائل ابن هانئ" (1314) قال ابن هانئ: قيل له: فإن هم اختلفوا -الراهن والمرتهن- القول قول من؟ قال: قول الراهن مع يمينه. "مسائل ابن هانئ" (1315) قال ابن هانئ: سألته عن رجل استعار من رجل عارية، فلم يعطه إلا برهن، فضاع الرهن، ورد الرجل العارية، ما يجب عليه في ذهاب الرهن؟

قال: الناس مختلفون في الرهن، من الناس من يقول: هو ملك الراهن، فإذا هلك الرهن فإنما يهلك من الراهن؛ لأنه ملكه، ويرجع المرتهن على الراهن بحقه. "مسائل ابن هانئ" (1317) قال ابن هانئ: وسئل عن: الرهن يرهنه الرجل فيضيع من عند المرتهن؟ قال: الناس فيه مختلفون، وأذهب إلى أن الرهن إذا ضاع فإن له غنمه وعليه غرمه. وقال: أذهب إلى حديث ابن أبي ذئب عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، ووافقه زياد بن سعد (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1319) قال عبد اللَّه: سُئِلَ أبي -أو أنا سألته- عن الرهن إذا سرق؟ قال: له غنمه وعليه غرمه، يعني يقول: إذا سرق يعطى الراهن فكاك الرهن، وليس على المرتهن أن يقدم لبراهن شيئًا. "مسائل عبد اللَّه" (1091) نقل أبو طالب عنه: إذا ضاع الرهن عند المرتهن لزمه، لما روى عطاء أن رجلًا رهن فرسًا فنفق عند المرتهن فجاء إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأخبره بذلك، فقال: "ذهب حقك" (¬2). "الإنصاف" 12/ 436 - 437، "معونة أولي النهى" 5/ 255 ¬

_ (¬1) رواه الدارقطني 3/ 32 من طريق زياد بن سعد، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة مرفوعًا. وقال: زياد بن سعد من الحفاظ، وهذا إسناد حسن متصل. اهـ. وقد سبق تخريجه آنفا. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 525 (22777)، وأبو داود في "المراسيل" (188)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 102 (5894)، والبيهقي 6/ 41 من طريق أبي داود جميعًا من طرق عن ابن المبارك من مصعب بن ثابت قال: سمعت عطاء. . . =

1664 - صفة يد العدل على الرهن

1664 - صفة يد العدل على الرهن قال إسحاق بن منصور: قلت: قال في الشيء يجعل على يدي عدل، قال: هو له. قال الحكم: هو بين الغرماء. قال أحمد: نعم، إذا جعل على يدي عدل ضمن له، إنما يعني به الرهن. قال إسحاق: كما قال أحمد؛ لأن العدل بين الراهن والمرتهن إذا قبض ذلك الشيء فهو أمين. "مسائل الكوسج" (2294) 1665 - مؤنة الرهن قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عنْ رجلِ ارْتَهَنَ دَابَّةً فَعَلفَهَا مِنْ غير أنْ يأمَره صَاحِبُ الدابةِ؟ فَقال: العلفُ على المرتهن، من أمَرَهُ أن يعلِفَ؟ ! قال أحمد: جيد هذا متبرعٌ. قال إسحاق: كلما رهنه دابة، فإنْ العلفَ؛ على المرتهن، ولَهُ أنْ ينتفعَ بقدرِ العلفِ لِما صح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الرهنُ: مركوبٌ، ومحلوبٌ" (¬1). "مسائل الكوسج" (2223) ¬

_ = قال البيهقي: وقد كفانا الشافعي رحمه اللَّه بيان وهن هذا الحديث .. قال الشافعي: ومما يدلل على وهن هذا عند عطاء إن كان رواه أن عطاء يفتي بخلافه. (¬1) رواه إسحاق بن راهويه 159، 282، وابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 374 (1113)، والدارقطني 3/ 34، 74 والحاكم 2/ 58 وصححه، والبيهقي 6/ 38، كلهم من حديث أبي هريرة والحديث صححه الألباني في "صحيح الجامع" (3561). وبوب عليه البخاري بابًا ثم رواه بمعناه (2511).

1666 - الانتفاع بالرهن

قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: إِذَا رَهنَ جاريتَهُ، فنفقتها عَلَى الراهنِ ولو ماتَتْ يكفنها، من ملك الراهن فيها. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (2324) ونقل مهنا عنه: إذا مات العبد في يد المرتهن فكفنه، لم يرجع بالكفن، من أمره بذلك؟ ! "الروايتين والوجهين" 1/ 368 1666 - الانتفاع بالرهن قال أحمد: إِذَا رهنه من قرضٍ فَلَا ينتفع بشيءٍ وإِنْ أذن لَهُ، وإِذَا كانَ مِنْ بيعٍ فلا بأسَ أنْ ينتفعَ بِهِ إِذَا كَانَ أذن لَهُ. قال إسحاقُ بن منصور قال: أخبرنا أحمدُ قال: حَدَّثَنَا عبدُ اللَّه بنُ إدريس، قال: أخبرنا هشام، عَن الحسنِ ومُحمَّد قَالا: لا ينتفع بالرَّهنِ إِذَا كان مِنْ قرضٍ، وإِنْ أَذِنَ له صاحِبُهُ، وإذَا كانَ مِنْ بيعٍ فلا بأسَ أنْ ينتفع بِهِ إِذَا أذنَ لكَ. قال إسحاق: كما قال، وسمعته مِنِ ابن إدريس. "مسائل الكوسج" (1947/ ب). قال إسحاق بن منصور: قلت: الرهن ينتفع به أم لا؟ قال: لا، لا ينتفع به إلا حديث الدر حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-. قال إسحاق: كما قال؛ لأن الدر سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فهو كما قال: "مركوب ومحلوب". "مسائل الكوسج" (1954)

قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل رهن جارية، أله أن يصيبها؟ قال: لا، واللَّه لا يصيبها. قال إسحاق: كما قال، وللمرتهن منعها من الراهن أن ينظر إليها فضلا على الوطء. "مسائل الكوسج" (2006) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يرهن عنده المصحف أيقرأ فيه؟ قال: لا يقرأ فيه، لا ينتفع من الرهن بشيء. إلا أن يكون يستأذنه في القراءة فيه، فإن أذن له قرأ فيه، لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (1316) ونقلها عبد اللَّه عن أبيه في "مسائله" (1092) قال ابن هانئ: سألته عن الرهن محلوب، ومركوب، ومعلوف؟ قال: يركبه بقدر علفه، ولا يعجفه. "مسائل ابن هانئ" (1318) نقل إبراهيم بن الحارث وبكر بن محمد، وابن القاسم: الرهن محلوب ومركوب، وعلى الذي يحلب ويركب نفقته. "الروايتين والوجهين" 1/ 368، "المبدع" 4/ 238 ونقل مهنا في رجل رهن مصحفًا، هل يقرأ فيه؟ قال: أكره أن ينتفع من الرهن بشيء. "الروايتين والوجهين" 1/ 371، "الآداب الشرعية" 2/ 160 قال الحسن بن ثواب: قال أحمد: إذا كان الرهن دارًا، فقال المرتهن: اسكنها بكرائها، وهي وثيقة بحقي. ينتقل فيصير دينًا، ويتحول عن الرهن. "المغني" 6/ 510

1667 - حكم تصرفات الراهن أو المرتهن في الرهن بدون إذن الآخر

وقال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن الرجل يرهن العبد فيستخدمه؟ فقال: الرهن لا ينتفع منه بشيء، إلا حديث أبي هريرة خاصة في الذي يُركب ويُحلب ويُعلف. قلت له: فإن كان اللبن والركوب أكثر؟ قال: لا إلا بقدر. "المغني" 6/ 512، "معونة أولي النهى" 5/ 270 ونقل محمد بن الحكم فيمن عنده أمة رهن فسقت ولده لبنًا وضع عنه بقدره. "الفروع" 4/ 14 نقل حنبل عنه: يستخدم العبد. "الفروع" 4/ 225، "المبدع" 4/ 240، "معونة أولي النهى" 5/ 270 نقل عنه حنبل في قرض الدار في الرهن: لا يسكنه إلا بإذنه، وله أجرة مثله. "الفروع" 4/ 225، "الإنصاف" 12/ 495 1667 - حكم تصرفات الراهن أو المرتهن في الرهن بدون إذن الآخر قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل رهن غلامه، ثم أعتقه؟ قال: جاز عتقه، وعلى الراهن قيمته. أي: يكون رهنًا مكانه. قيل لأحمد: إن الراهن معدم. قال: جاز العتق، هو ملكه. "مسائل أبي داود" (1345)

1668 - متى عجز الراهن عن الوفاء، هل للمرتهن التصرف في الرهن؟

1668 - متى عجز الراهن عن الوفاء، هل للمرتهن التصرف في الرهن؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرَّهنُ لا يُباع إِلاّ عند السُّلطانِ. قال: ما أحسن هذا! قال إسحاق: إِنْ فعلَ ذَلِكَ فحسن، وإنْ كانَ قد وُكِّل ببيعِه فهوَ جَائزٌ. "مسائل الكوسج" (1948) قال صالح: رجل رهن رهنًا، وأخذ مالًا، فلما حل الأجل؛ لم يأته بماله، والتوى عليه، كيف يصنع بالرهن؟ قال: يكون عنده باقيًا على حاله، إلا أن يوكله ببيعه. قلت: فإن قال له: إن جئتك بمالك إلى كذا وكذا، وإلا فأنت وكيلي في بيع هذا؟ قال: هذا جائز. "مسائل صالح" (84)، ونقلها عبد اللَّه عن أبيه "مسائل عبد اللَّه" (1090) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل عنده رهون كثيرة لا يعرف أصحابها، ولا يعرف منازلهم، ولا يعرف من رهن عنده؟ فقال: إذا أيست من معرفتهم ومعرفة ورثتهم، فأرى أن تباع هذِه الرهون، ويتصدق بثمنها، فإن عرفت بعد أربابها خيرتهم بين الأجر أو تقوم لهم، وهذا إذا أيست من أصحابها ومن ورثتهم، هذا الذي أذهب إليه؛ لأنا فقول في الرهن: هو ملك لربه، فإن ضاع عند المرتهن فلا جناية من المرتهن، فإنما يذهب مال الراهن، ويرجع المرتهن بماله وافيًا، وفيه اختلاف كبير. "مسائل عبد اللَّه" (1089)

1669 - إذا مات الراهن مفلسا وعليه دين، هل يكون المرتهن أحق به، أم يكون أسوة بالغرماء؟

قال البغوي: وسئل أحمد عن رجل له عند رجل رهن فاحتاج المرهون عنده إلى دراهمه فقال له: بع رهنك وأعطني؟ قال: إن لم يكن عنده ما يعطيه ولم يبع رهنه له أن يحبسه ويستعدي عليه. قال أحمد: وليس له أن يبيع الرهن إلا بإذن صاحبه. "مسائل البغوي" (19) نقل أبو الحارث عن أحمد في الرهن يكون عنده السنين الكثيرة ييأس من صاحبه يبيعه، ويتصدق بالفضل، فإذا جاء صاحبه كان مخيرًا بين الأجر، وبين أخذ ما بقي من الثمن. "الروايتين والوجهين" 1/ 370، "المغني" 6/ 534، "بدائع الفوائد" 4/ 70 ونقل أبو طالب عنه إذا كان عنده رهن وصاحبه غائب وخاف فساده كالصوف، ونحوه يأتي إلى السلطان ليأمر ببيعه، ولا يبيعه بغير إذن السلطان. "الروايتين والوجهين" 1/ 370، "بدائع الفوائد" 4/ 71، "الفروع" 4/ 212، "المبدع" 4/ 216 1669 - إذا مات الراهن مفلسًا وعليه دين، هل يكون المرتهن أحق به، أم يكون أسوة بالغرماء؟ قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: إن مات الراهن أو أفلس كان المرتهن أحق به من الغرماء. "مسائل الكوسج" (2270) نقل أبو طالب عن أحمد أنه قال: إذا مات الراهن أو أفلس فالمرتهن أحق به من الغرماء.

1670 - اختلاف الراهن والمرتهن

ونقل علي بن سعيد: المرتهن أسوة الغرماء. "الروايتين والوجهين" 1/ 367، "المغني" 6/ 447 1670 - اختلاف الراهن والمرتهن قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: إِذَا اخْتَلَفَ الرَّاهنُ والمرتهنُ؟ قال: إِذَا أَقرَّ الراهنُ أَنَّه رهنَهُ بعشرةٍ فَقدْ وَجبتْ عَلَيه، وإذَا قال المرتهنُ: رَهنته عندي بعشرين فهوَ مُدَّعٍ فعليه البينةُ، البينةُ عَلَى الذي يَدَّعي الفضل. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1946) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ: فسِّرْ لي أمرَ الرَّهن، ومَا اخْتَلفُوا فِيهِ. قال: اختلفَ أهلُ العلمِ في الراهنِ والمرتهنِ إِذَا اخْتلفَا عَلى أوجه خمسة: منهم مَنْ قال: يَتَرادَّان الفضل إِذَا هَلَكَ الرهنُ، وهذا الذي يعتمدُ عَليهِ؛ لأنَّهُ في الروايةِ أكثر، والمذْهَبُ قائم فيه؛ لأنَّ الرَّاهنَ لو أرادَ المرتهنُ مِنهُ قَدْرَ الرهنِ كَانَ مسرورًا به، فلما أرادَ أنْ يأخذَ مِنَ الرَّاهنِ رهنًا قِيمتُهُ أكثر مِنْ حَقِّهِ فهَلك، فقدْ ذهبَ مِنَ الرهنِ قدرُ حقِّهِ بحقِهِ الذي لَهُ عَلَى الرَّاهن، وما كَانَ في الرهنِ مِنْ فضل فَعَلى المرتهنِ أنْ يغرمَ قدرَ ذَلِكَ للراهنِ لما هلك في ضمنِهِ، ولمْ تكنْ وديعةً، ولا عاريةً، فحكم الرهن بعضه مِنْ بعضٍ سواء، وأمَّا مَا نَقَصَ مِنَ الرَّهنِ فقدْ أجمعَ عَليه عامةُ أهلِ العلمِ عَلى أنْ يَردَّ الراهنُ قدرَ ما كانَ الرهنُ ناقصًا عَنْ حقِّهِ.

وأمَّا مَنْ قال: ذهبت الرهان بما فيها قلَّ أو كَثُر. فنقول: إِنَّ الرهنَ قَامَ مقامَ الحقِّ لما تراضَيَا عَليه، ويحتج بأنَّ إجماعَ الناسِ عَلَى أَنْ إذا استوى الرهنُ بالحقِّ ثمَّ هَلكَ الرهنُ كَانَ بما فِيهِ، فَلمَّا اجتمعَ أهلُ العلمِ عَلَى هذا كَانَ القياسُ عَلَى الإِجماعِ أن يكون نَقَصَ أو زَادَ لا تراجع بينهما، ولكنَّا قلَّدْنَا عليًّا (¬1)، وابنَ عمرَ -رضي اللَّه عنهما-، وغيرَهما حيثُ قالُوا: يَتَرادَّان الفضل. وأمَّا الوجه الثالث: مَا قال هؤلاء الكوفيون: إِنَّ مَا زَادَ مِنَ الرهنِ عَلَى حقِّه فهوَ أمين لا رجوع للراهنِ عَلَى المرتهن، فالحجَّةُ عَلَى هؤلاء إِذَا لمْ يكنْ لهم تقليدًا محتجا أنْ يقال: إِنْ كَانَ في الفضل أمينًا، ولذلكَ لمْ يغرمه فَإنهما تشاحا في ذَلِكَ الفضل، فَقال الراهنُ: أنتَ إِنْ كنتَ في الفَضلِ أمينًا فرده عليَّ، فإِنْ لمْ يحكمْ بالردِّ فَقَدِ انتقضَ عَلَيك كَلامك؛ لما أمرَ اللَّهُ نَجدهَ بردِّ الأماناتِ إِلى أهْلِهَا، وإِنْ كَانَ مَضْمونًا في يَدِهِ الفضل فَهَلكَ غرم الفضل، وهذا أعدلُ الأقاويل إِلينا وأَصحه. والوجهُ الرابعُ: أنْ يكونَ مَا قال هؤلاء الذين يحتجون بقول علي رضي اللَّه عنه: ما كان مِنْ حيوان رهن فهوَ بِمَا فِيهِ، ومَا كَانَ مِنْ سِوى ذَلِكَ تَرادَّا الفضل؛ لأنَّ كلَّ رهنٍ رُهن فحكمُه حكمُ الرَّهنِ. قال إِسحاقُ بن منصور: هذا قولُ أحمد بن حنبل. ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 6/ 43 من طرق عن الحكم عن علي، وقال: هذا منقطع، وقد روي عن الحجاج من وجه آخر ضعيف موصولًا. وذكره الذهبي في "المهذب في اختصار السنن" 4/ 2169، وقال: منقطع، وذكر بعده طريقًا آخر، وقال عنه: سنده ضعيف. اهـ.

وأمَّا قوله الخامس: فالذين قَالُوا: إِذَا هَلَكَ الرهنُ رجع بمالِهِ كله؛ لأنَّ الرهنَ كان وثيقة كَمَعنى الكفالة ونحوها فهذا قولٌ ضعيفٌ، فإِنِ احْتجوا لهذا بِقولِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يغلق الرهن هوَ مِمن رَهَنهُ، لَهُ غُنمُهُ وعليه غُرمُهُ" (¬1)، قِيلَ لهم: إِنَّما هذا في بيعِ الرَّهنِ قبلَ أنْ يهلكَ، وكذلكَ فسره الزهري على ذَلِكَ فهوَ أبصر بمعناه إِذ رَوَاه عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وكذلك قولُ ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما- (¬2)، وطَاوس (¬3)، وإبراهيم (¬4) وغيرهم أنَّهُ إِذَا قال للمرتهنِ: إنْ جسُكَ بحقِّكَ إِلَى كَذَا وكَذَا، وإلَّا فالرهنُ لَكَ. أنه لا يكون لهُ ولكن يُبَاعُ، فيكونُ للراهنِ الزيادةُ وعليه النقصانُ. "مسائل الكوسج" (1956) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عَن رجلٍ رَهَنَ رَهنًا شيئًا، فَقال المرتهنُ: أعطيتُكَ مائتي درهم، ورهنتني ثوبًا، فَقَال الراهنُ: دفعتَ إِلَيَّ مَائة درهم. فالقولُ قولُ الراهنِ، إلَّا أنْ يجيءَ المرتهنُ ببينةٍ. ¬

_ (¬1) رواه ابن ماجه (2441)، والدارقطني 3/ 32 - 33، والحاكم 2/ 51 - 52، وابن حبان 13/ 258 (5934) من طريق الزهري عن أبي هريرة مرفوعًا. ورواه الشافعي في "المسند" 2/ 163، 164 ومالك ص (454) وأبو داود في "المراسيل" (186 - 187) عن الزهري، عن ابن المسيب مرسلًا. واختلف في رفعه وإرساله، ورجح رواية الإرسال البيهقي، وقال: هو المحفوظ وقال ابن عبد الهادي في "التنقيح" 3/ 196: ورواه جماعة من الحفاظ بالإرسال وهو الصحيح أهـ. وذكره الألباني في "الإرواء" (1406) وصحح رواية الإرسال قائلًا: فالنفس تطمئن لرواية الجماعة الذين أرسلوه أكثر لاسيما وهم ثقات أثبات. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 526 (22785). (¬3) رواه عبد الرزاق 8/ 238 (10536). (¬4) رواه ابن أبي شيبة 4/ 526 (22788).

قال أحمد: نعم، القول قول الراهنِ، إِذَا كانَ يدَّعِي المرتهن له عليه فضلًا. قُلْتُ: قال: فإنِ استهلك الرهن، فَقال الراهنُ: رهني ثمن كَذَا وكَذَا، وقال المرتهنُ: ثمن كَذَا وكَذا، فبينةُ الراهنِ عَلَى رهنِهِ أنه كانَ يساوي كَذا وكَذا، وإلَّا فالقولُ قولُ المرتهنِ. قال أحمد: إنَّما يذهب مِنَ الراهنِ، ويرجعُ المرتهنُ بحقه على الراهن. قال إسحاق: القول قول الراهن؛ لأن المرتهن إِنما يفر مما يخشى من ذهابِ حقِّهِ، فهو في الأصلِ المدعي للزيادةِ؛ فعليه البينةُ. "مسائل الكوسج" (2264) قال البرزاطي: سألت أحمد عن الرجل يرهن الثوب عند التاجر، فلما رام انفكاكه، أخرج المرتهن الثوب إليه، فقال الراهن: ليس هذا ثوبي، قال المرتهن: هذا ثوبك الذي رهنته. قال: القول قول (الراهن) (¬1) مع يمينه أن هذا ثوبك وأنه ما خرج من يده إلى غيره منذ أخذه إلى يوم أخرجه إليه. "بدائع الفوائد" 4/ 48 ¬

_ (¬1) وفي الحاشية بخط القاضي: قوله: القول قول الراهن سهو من الراوي، ومعناه المرتهن؛ لأن كلامه فيما بعد يدل عليه.

كتاب الضمان

كتاب الضمان 1671 - ما يصح ضمانه، وما لا يصح قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن رجلٍ يستدين ويتجر، فقالَ ابن له في حياة أبيه: اشْهدوا أنَّ كل مَا كان على أبي فأنا له ضامنٌ؟ قال: ليس بشيء، حتَّى يسمي المال، ويسمي الرجال، ولكل رجل ماله. قال أحمد: ليس هذا بشيء، هو ضامن. قُلْتُ: سُئِلَ: فإن قال بعد وفاة أبيه: اشهدوا أنَّ كُلَّ ما على أبي فأنا له ضامن، وهو علَيَّ؟ قال: ليس بشيء، حتَّى يسمي المال، ويسمي الرجال، لكل رجل ماله. قال سفيان: هذا مجتمع عليه عندنا. قال أحمد: هو عليه. يعني: على الابن. قال إسحاق: كما قال أحمد في الأمرين جميعًا بعد أن يثبت الدين على الأب قبل أن يتكلم ابنه بالضمان، أو يقر الابن بذلك، أو يصدق المدعي، وكذلك بعد الوفاة هو ضامن. "مسائل الكوسج" (3162) نقل الأثرم في رجل يتقبل من الناس الثياب، فقال له رجل: ادفع إليه ثيابك، وأنا ضامن. فقال له: هو ضامن لما دفعه إليه. "المغني" 7/ 76

1672 - هل لرب الحق مطالبة من شاء منهما -الضامن أو المضمون عنه- بحقه؟

1672 - هل لرب الحق مطالبة من شاء منهما -الضامن أو المضمون عنه- بحقه؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا كان لرجل على قوم حق، يأخذ منهم من شاء بجميع حقه؟ قال: إذا كتب في كتابه: أيهم شئت أخذت بحقي، يأخذ أيهم شاء. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1975) قال إسحاق بن منصور: قلت: في الكفالة إذا كتب: أيهما شئت أخذت بحقي؟ قال: يأخذه به إذا ضمنه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3193) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل كتب حقًّا على رجلين، أيهما شاء يأخذ بحقه؟ قال: يأخذ أيهما شاء، فإذا قبض من واحدٍ برئ الآخر. "مسائل أبي داود" (1360) 1673 - إذا ضمن دينًا مؤجلًا عن إنسان فما أحدهما، فهل يحل الدين على الميت منهما؟ قال إسحاق بن منصور قَال سفيانُ: الكفيلُ إذا كفل بمال إلى أجلٍ، ثم ماتَ الكفيلُ قبلَ الأجلِ أخذ من ورثةِ الكفيل، فدخل عليه، وليس لورثةِ

1674 - رجوع الضامن على المضمون بما أدى عنه

الكفيل أن يمنعوا الذي كفل عنه حتَّى يبلغَ الأجل، فإنْ ماتَ الذي كفل عنه استوثق من المال حتَّى ينظرَ ما يصنع الذي كفلَ، فإنْ أدى هذا، وإلَّا أخذَ مِنَ المال. قال أحمد: هو إلى أجِلِه، الكفيل والذي كفل عنه، إلَّا أنَّه يستوثق مِنَ المالِ، فإنْ أفلسَ فهو إلى أجلِهِ، إذا أوثقوا له. قال إسحاق: كَما قال؛ لأنَّ الميت إذا مات لم يحل ما عليه من الدين، هو إلى أجلِه إذا أوثقوا لصاحبه. "مسائل الكوسج" (3189) 1674 - رجوع الضامن على المضمون بما أدى عنه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ لزم رجلًا، فَقالَ رجل: دعه فَمَا لَكَ عليه فهو عَليَّ؟ قال أحمد: إِذَا قال: ما عَلَى فلان فَهو عَلَيَّ، فرضي فلانٌ -وهو الطالب- فقد انتقلَ حقُّهُ عليه، وليسَ لَهُ أنْ يرجعَ بشيءٍ مثل الحوالة إلَّا أنْ يقولَ: ضمنت عنكَ، أو تكفلت، أوْ أنا بِهِ حميل، فهذا كلّه لا يدل المعنى أنه قَدِ انتقلَ الملك عليه، وإذَا قال: هو عَلَيَّ، فرضي المالكُ؛ فقدِ انتقلَ ملكه على هذا، وليس لَهُ أنْ يرجعَ عَلَى الذي بَرَّأهُ بشيءٍ. قال إسحاق: كما قال سواءٌ. "مسائل الكوسج" (2201) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا ضمن عن الرجلِ بغيرِ أمرهِ ألهُ أنْ يرجعَ عَلَيه؟

1675 - متى يبرأ الضامن؟

قال: إِذَا كانَ بأمرِهِ فهو أوكد وإذَا لمْ يكنْ بأمرِهِ لِمَ لا يرجع؟ هَلْ وهَبَ له شيئًا؟ هَلْ ملكه شيئًا؟ إنما ضَمن عَنْهُ ضَمانًا مثل الذي يجدُ الأسيرَ في أيدي العدوِّ فيشتريه، أليسَ كلُّهم قال: يرجع عليه بالثمن؟ قال أحمد: يرجعُ عليه بالثمنِ وإنْ لمْ يكنْ أمره أنْ يشتريه. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ اللازمَ للمسلمِ إِذَا عَاينه أن يستنقذه، فإنْ نَوى الارتجاعَ عليه بما استنقذَه كانَ لَهُ شاءَ الأسيرُ أو أبَى. "مسائل الكوسج" (2202) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل له قبل رجل دين، فتحمله عنه أجنبي، أو ذو قرابة، هل له أن يرجع عليه؟ قال: لو قال له الرجل: ليقض عني ديني، فهو جائز، أو يكون تبرع عليه، فلا. "مسائل ابن هانئ" (1423) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل كان له على رجل مال، فضمنه عنه، ثم غاب المضمون، يؤدي عنه الضامن؟ قال: نعم، ولكن إذا قدم المضمون عنه، وجب عليه المال، ليس على مال مسلم توى (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1424) 1675 - متى يبرأ الضامن؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا ألزم الرجلُ الرجلَ ¬

_ (¬1) التوى: الهلاك والضياع والخسارة. انظر: "النهاية في غريب الحديث" 1/ 201.

1676 - متى يبرأ المضمون عنه؟

فجاءه رجلٌ فقال: دَعْه، فما دام لكَ عليه مِن حقٍّ فَهُو عَلَى، وَدَعْهُ. قال: قولُه هذا ليس بشيء، ولكنه يحبس بنفسِه حتَّى يأتي به؛ لأنه إنما خلصه منه بهذا. قال أحمد: كلَّمَا ثبت على المدعى عليه، فقد وجبَ على هذا الذي خلصه، فإنْ أَدى هو لم يرجعْ بهِ على الأولِ أيهما أدى فقد برئ الآخرُ، إلَّا أنْ يقولَ: ضمنتُ عنك، أو تكفلت، أو أنا به حميل. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3190) 1676 - متى يبرأ المضمون عنه؟ قال صالح: وسألته عن رجل عليه دين، فقال الابن لأصحاب الدين: عليَّ هذا الدين، يبرأ الميت من ذلك؟ قال: أما ضمانه فجائز، ولكن إنما يبرأ منه إذا قضى دينه. "مسائل صالح" (516) ونقل عنه يوسف بن موسى: أنه يبرأ بمجرد الضمان. "المبدع" 4/ 254 1677 - تعدد الضامنين نقل عنه مهنا في اثنين ضمنا دين رجل أن كل واحد ضامن لجميع الدين. "المبدع" 4/ 269

باب الكفالة

باب الكفالة 1678 - هل تصح كفالة العبد؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: لا حمالة، ولا كفالة للعبدِ حتَّى يأذنَ لَهُ سيدُهُ. قال أحمد: صَدَقَ. قُلْتُ: فإنْ كَفَلَ ما عليه؟ قال أحمد: لا يكون عليه شيءٌ. قُلْتُ: لأنه لمْ يأذنْ لهُ سيدُهُ؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال سواءٌ. "مسائل الكوسج" (2287) 1679 - الشروط في الكفالة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إِذَا قال رجلٌ لرجلٍ: اكفلْ عنِّي ولكَ ألفُ درهم الكفالةُ جائزة، ويرد عليه ألف درهم. قال أحمد: مَا أَرى هذا يأخذُ شيئًا بحق. قال إسحاق: ما أعطاه من شيءٍ فهوَ حسن. قُلْتُ: قال: وإذا قال: استقرض لي مِنْ فلان ألفَ درهم ولَكَ عشرة دراهم، هذا لا خيرَ فِيهِ؛ لأنه قرضٌ جرَّ منفعةً. قال أحمد: هذا أجيرٌ، لا بأسَ بِهِ.

1680 - إن ضمن الكفيل معرفة المستدين، هل يؤخد به، أم يشترط إحضاره له؟

قال إسحاق: أكرهه. "مسائل الكوسج" (2288) نقل مهنا عن أحمد في رجل كفل رجلًا، فقال: إن جئت به في وقت كذا وكذا، وإلا فما عليه عليَّ. فقال: لا أدري؛ ولكن إن قال: ساعة كذا. لزمه. "المغني" 7/ 102 1680 - إن ضمن الكفيل معرفة المستدين، هل يؤخد به، أم يشترط إحضاره له؟ فقل أبو طالب عنه: إن ضمن معرفته أخذ به، فإن لم يقدر ضمن. وفي لفظ آخر: فإن لم يقدر عليه غرم. "الفروع" 4/ 253، "المبدع" 4/ 265، "معونة أولي النهى" 5/ 303 1681 - الكفالة في الحد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قوله: "لا كفالة في حد"؟ قال: إذا وجبَ عليه الحدُّ لا يكفل، ولكن يحبس أو يقامُ عليه الحدّ. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2487) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا كفالة في حد، فإن ادعى على رجل أنه قتل أو قذف فلا يكفل، يحبس ولا يكون له كفيلًا. "مسائل عبد اللَّه" (1156)

1682 - متى يبرأ الكفيل؟

1682 - متى يبرأ الكفيل؟ قال صالح: أرى الكفالة بالنفس، فإذا مات فلا شيء له. "مسائل صالح" (1302) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل كُفلَ برجل فمات الرجل؟ قال: فلا كفالة عليه إذا كفل بنفسه. "مسائل ابن هانئ" (1425) قال مهنا: سألت أحمد عن رجل له على رجل ألف درهم، فأقام كفيلين، كل واحد منهما كفيل ضامن، فأيهما شاء أخذه بحقه، فأحال رب المال عليه رجلًا بحقه؟ فقال: يبرأ الكفيلان. قلت: فإن مات الذي أحاله عليه بالحق ولم يترك شيئًا؟ قال: لا شيء له، ويذهب الألف. "المغني" 7/ 108، "الفروع" 4/ 254، "معونة أولي النهى" 5/ 283

كتاب الحوالة

كتاب الحوالة 1683 - تفسير المليء قال في رواية إسماعيل العجلي: أن يكون مليئًا بماله وقوله وبدنه. "المبدع" 4/ 273 باب ما جاء في شروط صحة العقد 1684 - 1 - اتفاق الدينين نقل سندي فيمن أحاله عليه بدينار، فأعطاه عشرين درهمًا: لا ينبغي إلا ما أعطاه. "الفروع" 4/ 259، "المبدع" 4/ 272 1685 - إذا أخذ المحتال أكثر مما أُحيل به، هل يضمن المحيل؟ نقل مهنا فيمن بحث رجلًا إلى رجل له عنده مال، فقال: خذ منه دينارًا، فأخذ منه أكثر، فالضمان على المرسل لتغريره، ويرجع هو على الرسول. "الإنصاف" 13/ 93

1686 - 2 - يعتبر رضا المحيل لا المحال عليه

1686 - 2 - يعتبر رضا المحيل لا المحال عليه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل أحَال رجلًا عَلَى آخر فلمْ يقضِهِ شيئًا؟ قال: إذَا رضي بالحوالة فليسَ لَهُ أنْ يرجعَ. قال إسحاق: كما قال، يوم أحال مليًّا يوم أحاله فلا رجوع، وإنْ أَحَالَهُ وهو معدمٌ، وإِنْ لمْ يعلمْ بِهِ رجع. قال عثمانُ ربه: ليسَ على مالِ مسلمٍ توى (¬1). "مسائل الكوسج" (2028) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: السُّنةُ في الحوالةِ مَا قال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أحيل عَلَى مَلئٍ فليتبعْ" (¬2)، فَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِذَا كَان يوم احتال عليهِ مليًّا فَلَا رجوع عَليهِ أبدًا، وإنْ كانَ يومئذٍ معدمًا فاحتالَ، ولمْ يحلمْ بعدِمهِ؛ فإنَّ الرجوعَ عليهِ قائم كَما قال عثمانُ بنُ عفان له في الحوالة: ليسَ عَلَى مَالِ مسلمٍ توى. ولقَدْ قال الحسن: لا تكونُ الحوالة براءة إلَّا أنْ يبرئه، فَإِذَا أبرأه فَقَدْ بَرِئَ (¬3)، ففي هذا بيان أن الحوالة إِذَا أبرأه فهوَ بريءٌ معدمًا كَان أو غيرَ معدمٍ؛ لأنهُ هوَ الذي ضيعَ مَالَهُ. وأمَّا زعيمهم الأكبر فقالَ في الحوالةِ: لا يرجع عَلَى ربّ المالِ أبدًا، ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 6/ 71، وقال نقلًا عن الشافعي: فيه رجل مجهول عن رجل معروف منقطع عن عثمان. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 377 - 463، والبخاري (2287)، ومسلم (1564)، من حديث أبي هريرة. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 4/ 336 (20723).

مادَامَ الذي أحيل عليه حَيًّا، فقيلَ لَهُ: وإن كان مفلسًا؟ قال: نَعم؛ لأنَّ الإِفلاسَ قَدْ يكون، ثمَّ يعودُ المالُ، فإذَا ماتَ عن الإِفلاسِ رجعَ. وليسَ هذا بقول مع أنَّ صاحبَهُ قد خَالفَهُ، فَقال في الحوالة مثل الكفالةِ: يتكافآن جميعًا، يأخذ أيهما شاءَ. وأخطأ في ذَلِكَ؛ لأنَّ الأمَر فيه كَما وصَفْنَا منْ ذَلِكَ، ولقدْ قَالُوا: إِذَا أحاله عَلَى رجلٍ غنيًّا كَانَ أو معدمًا، فإنهُ إِذَا أبرأ صاحِب الأصل فَقَدْ برئ أيضًا، وَبرئ هذا الذي أحيلَ عليه لما صَيَّرَ حكم الحوالة كَالكفالةِ، وهذا من عظيم مَا قَالوا فِيهِ؛ لأنَّ هذا لمْ يقبل الحوالة عَلَى غَنِيٍّ اتباعًا لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَّا لرضائِهِ واختيارهِ إياه عَلَى مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيه المال، فإذَا أبرأه وحده فكيفَ يبرأ الذِي قَبِلَ الحوالة عليه واخْتاره؟ وفِيمَا قال رسول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي قتادة رضي اللَّه عنه: "الديناران عليك" الذي ضمنهما عن الميت قال: نعم، فأَعَادَ، فَقَال: لَهُ "حقُّ الغريم عليك، والميت منهما بريء" (¬1). قال: نعم. فَتَقَاضى رسول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أبا قتادة الدينارين بعدَما برئ الميت مِنهما وضمنهما، ولَوْ كانتْ براءةُ الميت مِنَ الدينارين براءةً للذي ضَمِنَ؛ مَا تقاضاه النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بعدَ البراءةِ. ولقَدْ قال الحسنُ: إِذَا احتال، ثمَّ برأ صاحب الأصل فقدْ برئ. ولمْ يقلْ: برءا جميعًا. "مسائل الكوسج" (2336) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 296، 330، والدارقطني 3/ 79، والحاكم 2/ 58 من حديث جابر رضي اللَّه عنه، قال الحاكم: صحيح الإسناد. وحسن إسناده المنذري في "الترغيب والترهيب" وكذلك الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1812).

1687 - لو أعسر المحال عليه أو مات، هل يرجع المحتال على المحيل؟

1687 - لو أعسر المحال عليه أو مات، هل يرجع المحتال على المحيل؟ قال صالح: وسألته عن الرجل يحتال على الرجل فيفلس أو يموت؟ قال: إذا احتال عليه فليس له أن يرجع، أذهب إلى حديث أبي هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: "إذا أحيل على مليء فليحتل" (¬1) وإذا انتقل ملكه فكيف يرجع! "مسائل صالح" (670) ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه قريبًا.

كتاب الصلح

كتاب الصلح ما جاء في أقسام الصلح 1688 - ما جاء في الصلح عن إقرار وصوره قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل كان جعل له رجل مالًا بسبب ليس يطيب، ثم وقع الرجل بخراسان، فكتب إليه: أن صالحني من ذلك على شيء خذ بعضه واجعلني من باقيه في حل، فدارت الكتب بينهم في ذلك جائز، وجاءت الكتب بالعلامات، وجاء رجل ممن حضر ذلك وكتب إليه كتبًا بذلك: إنه قد جعلك في حل من كل ما كان له قبلك؟ قال أحمد: كان يعجبني بعد أن خرج منه أن يبعث بواليه، أي: لا يسأله أن يحلله. قيل لأحمد: فقد فعل وطيب ذاك نفسه؟ قال أحمد: ما يكون بعدما حلله. "مسائل أبي داود" (1336) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن الرجل يموت ويترك المرأة وورثة له، وترك أرضين ومتاعًا، فصالحوها على شيء يسير مما لها، لا يكون حقها، فرضيت؟ قال أبو عبد اللَّه: لا حتى يوقفوها على شيء شيء، ويوفوها حقها، إلا أن يكون شيئًا مجهولًا لا يُدرى ما هو. قيل له: إذا كانت أشقاص من متاع وأرضين؟

1689 - ما يعتبر في تفسير ألفاظ الصلح عن إقرار

قال: نعم إذا كانت أرضون ومتاع فينبغي أن يوفوها حقها. قال: فإذا عرفت ورضيت به فلا بأس به إن شاء اللَّه تعالى. "مسائل ابن هانئ" (1416). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل مات ولامرأته عليه صداق وليس لها بينة؟ قال: لا بأس أن يصالحوها. "مسائل ابن هانئ" (1419) قال في رواية مهنا: يستقيم أن يكون صلحًا بتأخير، فإذا أخذه منه لم يطالبه بالبقية. "الفروع" 4/ 268. نقل عنه حنبل: أن كعب بن مالك تقاضى ابن أبي حدرد دينًا عليه، فأشار إليه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بيده أن دع الشطر من دينك. قال: قد فعلت، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قم فأعطه" (¬1). قال أحمد: هذا حكم من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "الفروع" 6/ 444 - 445 "المبدع" 10/ 36. 1689 - ما يُعتبر في تفسير ألفاظ الصلح عن إقرار نقل يزيد بن الهيثم فيمن صالح رجلا على دارهم ولم يقل: صحاحا أو مكسرة؟ قال: صحاح. "الفروع" 6/ 624 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 390، والبخاري (457)، ومسلم (1558) من حديث كعب.

1690 - إن كذب أحد المتصالحين فى الصلح عن الإنكار

1690 - إن كذب أحد المتصالحين فى الصلح عن الإنكار نقل المروذي: إن كذب أحدهما فحرام عليه ما أخذ، ولا يشهد له إن علم ظلمه. "الفروع" 4/ 268.

باب: حقوق الارتفاق

باب: حقوق الارتفاق 1691 - شرط حق الارتفاق: ألا يؤدي استعمال حق الارتفاق إلى الإضرار بالغير قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ" (¬1)؟ قال أحمد -رضي اللَّه عنه-: يقول: لا يضار جاره، يحفر بئرًا أو كنيفًا إلى جنبِ حائطه، وإنْ كان في حده فلا يضاره بذَلِكَ. قُلْتُ: فيقدر أن يمنعه؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 313، وابن ماجه (2341)، والطبراني 11/ 302 (11806) والدارقطني 4/ 228 من حديث ابن عباس. ورواه الإمام أحمد 5/ 326 - 327 وابن ماجه (2340) من حديث عبادة بن الصامت. قال البوصيري في "زوائد ابن ماجه" (777): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات إلا أنه منقطع. وقال ابن حجر في "الدراية": 2/ 282: فيه انقطاع والحديث حسنه النووي في "الأربعين"، وأقره ابن رجب الحنبلي. انظر: "جامع العلوم والحكم" 2/ 210. وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، وأبى هريرة، وجابر بن عبد اللَّه، وعائشة بنت أبي بكر، وثعلبة بن أبي مالك وغيرهم. خرجها الألباني في "الصحيحة" (250) وتكلم عليها جميعًا ثم قال: وبالجملة، فهذِه طرق كثيرة أشار إليها النووي في "أربعينه" ثم قال: يقوي بعضها بعضًا. ونحوه قول ابن الصلاح: مجموعها يقوي الحديث ويحسنه، وقد تقبله جماهير أهل العلم. واحتجوا به، وقول أبي داود: إنه من الأحاديث التي يدور الفقه عليها، يشعر بكونه غير ضعيف. وقال أيضًا في "الإرواء" (896): قال العلائي: للحديث شواهد، ينتهي مجموعها إلى درجة الصحة أهـ.

قال: نعم، يمنعه. قال إسحاق: كما قال، وكذلك في كل حدث من القنى (¬1) وغير ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (3342). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل بنى في داره حمامًا، أو حُشًّا (¬2) يضر بجاره؟ فقال: أكرهه، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا ضرر ولا ضرار". "مسائل عبد اللَّه" (1173). قال في رواية أبي طالب: فإن كان له بئر في داره فيؤذيه بالدخول عليه فلا بأس أن يمنع، أو يكون له مكان يجعل فيه ماء السماء فلا يمنعه إذا خاف العطش. "الأحكام السلطانية" ص 220 روى أبو طالب عنه قال: لا يجعل في داره حمامًا يؤذي جاره، ولا يحفر بئرًا إلى بئره. "الأحكام السلطانية" ص 302 قال الخلال وصاحبه: ومن له نخلة في أرض رجل فلحق رب الأرض من دخوله ضرر، روى حنبل أن سمرة كان له نخل في حائط أنصاري، فآذاه بدخوله، فشكاه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال لسمرة: "بعه". فأبى، فقال: "ناقله". فأبى، فقال: "هبه لي ولك مثله في الجنة". فأبى، فقال: "أنت مُضارٌّ، اذهب فاقلع نخله" (¬3). ¬

_ (¬1) القني: مجاري الماء. (¬2) هو المرحاض، وهو مجتمع العذرة. انظر: "لسان العرب" 2/ 887 مادة: (حشش). (¬3) رواه أبو داود (3636)، والبيهقي 6/ 157 من حديث أبي جعفر محمد بن علي يحدث عن سمرة بن جندب أنه كان له عضد من نخل. . . فذكره. =

قال أحمد: كلما كان على هذِه الجهة وفيه ضرر يمنع منه، وإلا أجبره السلطان. "الفروع" 4/ 286. ¬

_ = قال ابن حزم في "المحلى" 9/ 29: هذا منقطع لأن محمد بن علي لا سماع له من سمرة. وقال المنذري في "مختصر أبي داود" 5/ 240: في سماع الباقر من سمرة نظر، وقد نقل من مولده ووفات سمرة ما يتعذر معه سماعه منه، وقيل فيه ما يمكن معه السماع، واللَّه أعلم.

فصل ما جاء في أنواع حقوق الارتفاق

فصل ما جاء في أنواع حقوق الارتفاق 1692 - حق المجرى والمسيل قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: أما الميزاب الذي كان مصبه في دارِ رجل، وإن الرجل بنى بناء منع ذَلِكَ الميزاب من المصب، فإن كان يعلم أن ذَلِكَ ملك لرب الميزاب من ذَلِكَ الموضع فله أن يمنعه من البناء لموضع مصبه، وإن لم يكن ذَلِكَ على قدر المعاينة فأراد الباني أن يكونَ مصبه على سطح آخر، ولا يكون على صاحب الميزاب ضرر فإن ذَلِكَ له، إنما عليه أن لا يمنعه مَصَبَّ ماءِ ذَلِكَ الميزاب كالمجرى يكون في دارِ قوم وأرضهم، فأراد صاحب الملك أن يحول مسيل مائه ناحية من أرضه أو داره، ولا ضرر على صاحب المسيل، فله ذَلِكَ، وكذلك قضى عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- في ذَلِكَ، ولا ضرر في الإسلام. وأخطأ هؤلاء حيث فرقوا بين المسيل والمجرى فقالوا: إذا كان مسيلٌ فلرب الأرض تحويله؛ لأن عليه مرور الماء لأرضه، وإذا كان المجرى فليس له التحويل ولا التحريك من موضعه؛ لأن الذي له المجرى ملك الرقبة، إلَّا أنَّهم قالوا: إذا أقر الرجل أن له مجرى في أرضي أو داري، فقد أقر بالرقبة، وإذا أقر أن له المسيل في داري، لم يكن ذَلِكَ منه إقرارًا بالرقبة، ففصلوا بين القولين بغير سنة، ولا قياس عليها، ولم يفكروا أن صيروا هذين القولين بغير العربية كيف يتكلم عليها أنها كلمة واحدة مذهبهما واحد، أو أن يحتمل الشيء أسامي كثيرة، فلذلك قُلْتُ: لو تفكروا في غير العربية لعلموا أنه اسم واحد وأن الفعلين مختلفان. "مسائل الكوسج" (3454)

ونقل أبو الصقر: إذا أساح عينًا تحت أرض، فانتهى حفره إلى أرض لرجل أو دار فليس له منعه من ظهر الأرض ولا بطنها، إذا لم يكن عليه مضرة. "الروايتين والوجهين" 1/ 455، "الفروع" 4/ 273، "الإنصاف" 13/ 170. ونقل حنبل فيمن أراد حفر نهر أو قناة في أرض جاره. أنه يجوز. ونقل حرب وأبو الصقر: ليس له ذلك إلَّا بإذنه. "الروايتين والوجهين" 1/ 455 - 456. نقل أبو طالب في مجرى الماء: لا يغير مجرى الماء ولا يضر بهذا إلا أن يتكلف له النفقة حتى يصلح مسيله، ومن وقعت ظلة في حقه فله. "الفروع" 6/ 516، "المبدع" 10/ 144 ونقل أبو طالب عن أحمد في قوم اقتسموا دارًا وكانت لها أربعة سطوح يجري الماء عليها، فلما اقتسموا أراد أحدهم أن يمنع جريان الماء للآخرين عليه، وقال: هذا قد صار لي، وليس بيننا شرط. فقال أحمد: يُرد الماء إلى ما كان عليه، وإن لم يشترط ذلك ولا يُضر به. "تقرير القواعد" 2/ 269. نقل عنه حنبل، وقد ذكر إجبار عمر محمد بن مسلمة على إجراء الماء في أرضه، [فقال]: كلما كان على هذِه الجهة، وفيه ضرر يمنع صاحبه، فإن أجاب، وإلَّا أجبره السلطان. ونقل المروذي في نهر لضياع: أكره الاستئجار عليه. "معونة أولي النهى" 7/ 49

1693 - حق المرور

1693 - حق المرور قال الميموني: ملت أنا وأبو عبد اللَّه إلى الزواريق -يعني: في دجلة- فاكترى زورقًا من الزواريق، فرأيته يتخطى زواريق عدة لأناس، ولم أره استأذن أحدًا منهم. "تقرير القواعد" 2/ 310. حق العلو: 1694 - إجبار الشريك في العقار على النفقة لإعادة بناء ما انهدم نقل ابن القيم وسندي وحرب: يجبر. ونقل بكر بن محمد في رجل له سفل وآخر علو فانهدم السفل والعلو: لا يؤاخذ صاحب السفل بالبناء، ولكن إن اختار صاحب العلو بناءه بنى عليه، ولم ينتفع به صاحب السفل حتى يعطيه ما بنى في الأسفل وكان لهما جميعًا. "الروايتين" 1/ 380 1695 - على من تكون السترة؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل أشرف على جاره، على من السترة؟ قال: على من يشرف. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3341)

1696 - حق الجوار

روى محمد بن يحيى الكحال في الذي يكون أعلى من جاره قال: يستر على نفسه. "الأحكام السلطانية" ص 304 1696 - حق الجوار قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: رجل في حائطِ جارِهِ شجرةٌ وأَغْصَانُهَا في حائِطِهِ، أَلهُ أنْ يمنعَهُ ويأمر بقطعِهَا؟ قال: نعم، ويُروى عَنْ مكحول في نحوِ هذا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2317). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الرجل يريد أن يضع خشبة على حائط جاره فيمنعه؟ قال: لو احتكم إلي لحكمت عليه أن يضعه إذا كان حائطه وثيقًا لا يخاف عليه. "مسائل أبي داود" (1364). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجلين بينهما حائط هو لهما جميعًا، أيجوز لأحدهما أن يضع خشبة على الحائط؟ قال: نعم. قلت: إنه يمنعه. قال: لا يمنعه؛ لحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1264). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 274، والبخاري (2463)، ومسلم (1609) من حديث أبي هريرة.

نقل ابن هانئ عنه في شجرة أصولها في ملك صاحبها وأغصانها مطلة على بستان جاره. قال: لجاره أن يدفع ذلك عنه. "الأحكام السلطانية" ص 300 نقل ابن هانئ (¬1) عنه: في رجل في داره شجرة فنبتت من عروقها شجرة في دار رجل آخر: لمن الشجرة؟ فقال: ما أدري ما هذا، ربما كان ضررًا على صاحب الأرض. "الأحكام السلطانية" (301) نقل ابن الحارث عنه في نخلة أصولها في داره، ورأسها في داري. قال: يقطعها حتى لا تؤذيه. فقيل له: يقطع هو؟ قال: يأمر صاحبه حتى يقطع. "الأحكام السلطانية" ص 300 ونقل المروذي في الاستناد إلى حائط جاره، وإسناد قماش إليه: يستأذن أعجب إليَّ، فإن منعه حاكمه. قيل له: أيضعه ولا يستأذنه؟ قال: نعم، أيش يستأذنه؟ ! "الفروع" 4/ 280، "الإنصاف" 13/ 203 ¬

_ (¬1) نقل ابن رجب الرواية في "تقرير القواعد" 2/ 312 عن الفضل بن زياد، ويعقوب بن بختان.

1697 - وضع جار المسجد خشبه على جدار المسجد

1697 - وضع جار المسجد خشبه على جدار المسجد نقل أبو طالب: ليس له ذلك، وأجاز له في حائط جاره. ونقل حبيش بن سندي: له ذلك. "الروايتين والوجهين" 1/ 379. 1698 - حق الشرب والسقي قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إنَّ رجلًا جَاءَ إلى أهلِ أبيات فاستسقاهم فلم يسقوه حتَّى مَاتَ. قال: أغرمهم عمرُ الدية رضوان اللَّه عليه (¬1). قُلْتُ: أي شيءٍ تقول أنتَ؟ قال: أي شيء؟ ! أقولُ بقولةِ عمر -رضي اللَّه عنه-. قُلْتُ: أتقوله أنت؟ قال: إي واللَّهِ. قال إسحاق: كما قال، ولكن القوم الذين غرمهم عمر -رضي اللَّه عنه- كانوا أهلَ ذمةٍ وكان اشترطَ عليهم الضيافةَ. "مسائل الكوسج" (2602). قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه: عمن أخرج بساتين في هذِه الدور والماء يجري في القناة، فربما اقتطعوا ماء السقة؛ يسقون به النخل والبقل. قال: لا ينبغي أن يقطع عن الناس، وكرهه. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 450 (27890)، والبيهقي 6/ 153.

قلت لأبي عبد اللَّه: قد احتفروا في هذِه البساتين بركًا، وربما أقطعوا الماء حتى يدخل إليهم، ترى أن يتوقى يُشترى منها شيء؟ قال: ينبغي أن يتوقى يشترى منها شيء. قال: ينبغي أن يتوقى، وكأنه كره فعلهم. "الورع" (123) قال ابن هانئ: وسُئل عن القوم يكون لهم نهر يشربون منه، فيجيء رجل فيغرس على جانب النهر بستانًا، أَلَه ذلك؟ قال: إذا كان يفضل عن شرب القوم وكان الماء واسعًا، فأرجو ألا يضيق هذا عليهم، وإن كان لا يفضل عن شربهم، فليس له أن يغرس على ماء شفة بستان يضر بأقوام، إلا أن يكون مصبه إلى دجلة أو مخر، فإذا كان كذلك فلا أرى هذا يضرّ غيره، لا بأس أن يسقى ذلك البستان أيضًا، إذا لم يضر غيره. "مسائل ابن هانئ" (602). وقال أحمد في رواية أبي طالب: والماء الجاري فإنه يحبس على أهل العوالي بقدر الكعب. وذكر الحديث (¬1). "الأحكام السلطانية" (214) قال في رواية أبي طالب: لا يبيع نقع ماء البئر لأحد، فإن استقاه وحمله فما باع ليكون لعمله. ونفل الفضل بن زياد عنه وقد سئل يوقف الماء، فقال: إن كان شيئًا قد استجازوه بينهم جاز ذلك. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 165، والبخاري (2359)، ومسلم (2357) من حديث الزبير.

ونقل عنه حرب في رجل في داره بستان صغير، وفي البستان قناة تجري في الأرض التراب، يستقي من تلك القناة دلي ويستقي بستانه. قال: لا؛ إلا أن يكون له شرب في القناة، أو هو شريك، لا يسقي إلا بإذن أهله. وقال أبو طالب عنه: فإن كان له بئر في داره فيؤذيه بالدخول عليه، فلا بأس أن يمنع أو يكون له مكان يجعل فيه ماء السماء، فلا يمنعه إذا خاف العطش. ونقل الحسن بن ثواب في رجل حفر في داره بئرًا، فجاء آخر فحفر في داره بئرًا إلى جانب الحائط الذي بينه وبينه، فجرت هذِه البئر ماء تلك البئر. فقال: لا تسد هذِه من أجل تلك، هذِه في ملك صاحبها. فقيل له: إن أبا يوسف كان يقول: تسد هذِه، فإن رجع ماء تلك البئر لم تفتح، وإن لم يرجع الماء فتحت. فلم ير ذلك (¬1). ونقل محمد بن يحيى المتطبب في الرجل يحفر إلى جنب قناة الرجل، فقال: ليس له أن يمنعه إذا جاوز حريمه، أضر به أو لم يضر. "الأحكام السلطانية" (220 - 221). قال البرازطي: سألته عن معنى نهي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن منع نقع البئر (¬2)؟ ¬

_ (¬1) في "الأحكام السلطانية" ص 302 روايتان: لا تطم، ونقل الميموني: تطم، أي: تهدم. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 105، وابن ماجه (2479) من حديث عائشة. واختلف في وصله وإرساله، وصححه موصولًا عنها ابن حبان 11/ 331 (4955)، والدارقطني في "العلل" 14/ 424 (3771)، والحاكم 2/ 61 - 62، والألباني في "الصحيحة" (2388).

1699 - حريم الآبار والعيون والأنهار

قال: هو الرجل تكون له الأرض، وليس فيها بئر، ولجاره بئر في أرضه، فليس له أن يمنع جاره أن يسقي أرضه من بئره. "الأحكام السلطانية" ص 220، "بدائع الفوائد" 4/ 48 ونقل حنبل وأبو الصقر في لزوم ماء البئر لزرع الغير عند الحاجة: أنه يلزمه بذله. ونقل الأثرم عنه، وقد سأله هل لمن في أسفل الماء ممن ليس له الماء حق أن يزرعوا على فضل الماء إن فضل من الماء أن يأتي زرعهم؟ فلم يعجبه. "الروايتين والوجهين" 1/ 456. ونقل مثنى: من سُد له الماء لجاهه، أفأسقي منه إذا لم يكن تركي له، يرده على من يسد عنه؟ فأجازه بقدر حاجتي. "معونة أولى النهي" 7/ 49 1699 - حريم الآبار والعيون والأنهار قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: حريمُ بئرِ العادِيَّة (¬1)؟ قال: العادِيَّة قديمة. وحريمُ بئرِ البَدِيء؟ قال: البَدِيء التي تُبتدأ. ¬

_ (¬1) البئرُ العادِيَّةُ: القديمة، منسوبة إلى عادٍ، ولم يُرِد عادًا بعينها لكن لما كانت عادٌ في الزمن الأول وكانت لها آثارٌ في الأرض نُسِبَ إليها كل قديم. "المغني" 8/ 178 - 179.

قال إسحاق: العادِيَّةُ هي بئرُ الزرع حَرِيمها خَمسون ومائة ذِراع، وقد قيل: ثلاثمائة ذراع، وبئر البديء أربعون ذراعًا. "مسائل الكوسج" (3338). ونقل حرب وغيره عنه: العادية: التي لم تزل. "معونة أولي النهى" 7/ 24 قال صالح: وقال: أذهب إلى أنه إذا كان حريم بئر عادية خمسين ذراعًا فليس لأحد أن يدخل فيها. "مسائل صالح" (1154). نقل صالح عنه: إذا كان البئر عادية فحريمها خمسون، وإذا لم تكن عادية فخمسة وعشرون. "مسائل صالح" (1156) نقل حرب عنه: من حفر بئرًا فله سة وعشرون ذراعًا حاليها حريمها. والعادية خمسون ذراعًا، وهي التي لم تزل. قيل له: فبئر الزرع؟ قال: ما أدري كيف هذا؟ ! قد روي ثلاثمائة (¬1)، واختلفوا. "الأحكام السلطانية" (217). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 393 (21348) والبيهقي 6/ 155 عن سعيد بن المسيب قوله ورواه عنه الدارقطني 4/ 220 عن أبي هريرة مرفوعًا، وقال: الصحيح من الحديث أنه مرسل عن ابن المسيب، ومن أسنده فقد وهم. قلت المرسل رواه ابن أبي شيبة 4/ 393 (21350)، وأبو دود في "المراسيل" ص (290) (402)، من طريق إسماعيل بن أمية عن الزهري عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حريم البئر العادية خمسون ذراعًا، وحريم بئر البري خمس وعشرون ذراعًا" قال سعيد بن المسيب من قبل نفسه: وحريم بئر الزرع ثلاثمائة ذراع.

1700 - حريم البساتين

وقال محمد بن يحيى المتطبب: قلت: يروى عن الزهري أنه قال: حريم العيون خمسمائة ذراع (¬1). كأنه ذهب إليه. "الأحكام السلطانية" (222). قال الجرجاني: وقيل لأبي عبد اللَّه: الرجل يحفر إلى جنب قناة الرجل، ولا يضر بها، أله أن يمنعه؟ قال: يروى عن الزهري أنه قال: حريم العيون خمسمائة ذراع. كأنه ذهب إليه. قيل لأبي عبد اللَّه: فإن حفر على أكثر من خمسمائة ذراع فأضر به هل له أن يمنعه؟ قال: ليس له أن يمنعه إذا جاوز حريمه أضر به، أو لم يضر به. "بدائع الفوائد" 4/ 39. وقال أبو جعفر: قيل لأبي عبد اللَّه: فإن حفر على أكثر من خمسمائة ذراع فأضر به هل له أن يمنعه؟ قال: ليس له أن يمنعه إذا جاوز حريمه أضر به، أو لم يضر به. "بدائع الفوائد" 4/ 40 1700 - حريم البساتين قال الميموني: قلت: النخلة كم يكون حرمها؟ قال: لا أدري، ما سمعت فيها شيئًا، وأيُّ حريم لها. "تهذيب الأجوبة" 2/ 714، "المسودة" 2/ 714 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 393 (21348)، وأبو عبيد في "الأموال" ص 304 (719)، وأبو داود في "المراسيل" ص 290 (403)، والبيهقي 6/ 155.

1701 - أحكام الطرقات

1701 - أحكام الطرقات قال المروذي: وذكر ورع شعيب بن حرب، وأنه قال: ليس لك أن تُطيَّن الحائط من خارج، لئلا يخرج في الطريق. حدثنا أبو بكر: سمعت محمد بن عبد اللَّه البزار يقول: سمعت شعيب ابن حرب يقول: ليس لك أن تطين الحائط من خارج، وليس لك أن تجصصه؛ لعله أن يخرج في الطريق. سمعت محمد بن عبد اللَّه يقول: رأيت قد بنوا درجةً لمسجد شعيب في الطريق، فقال: لا وضعت رجلي عليها حتى تهدم. "الورع" (8 - 10) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: ترى أن أصلي في مسجد بُني على ساباط (¬1)؟ قال: لا. هذا طريق المسلمين. قال: وكان جعفر بن محمد بن علي -أو قال: محمد- نهى أن يصلى في هذِه المساجد التي في الطرقات. "الورع" (108) وقال: قال أبو عبد اللَّه: وكان ابن مسعود يكره أن يصلي في المسجد الذي بُني على القنطرة. "الورع" (109) وقال: وقال لي أبو عبد اللَّه يومًا: خرجت البارحة لأصلي، فانتهيت إلى مسجد الحلقاني، فإذا هو في الطريق، فرجعت إلى البيت فصليت ¬

_ (¬1) الساباط: السقيفة بين دارين تحتها طريق.

وحدي، وقال لي -وذكر المساجد التي في الطرقات- فقال لي: إن حكمها أن تهدم. وقال: المساجد أعظم حرمًا. "الورع" (110) وقال: وسمعت أبا عبد اللَّه مرة أخرى يقول: هؤلاء الذين يجلسون على الطريق، يبيعون ويشترون، ما ينبغي لنا أن نشتري منهم. "الورع" (111) قال: وذكر أبو عبد اللَّه رجلًا أخذ من الطريق شيئًا يستغله، فأنكره أبو عبد اللَّه إنكارًا شديدًا، وقال: قد أخذ طريق المسلمين يستغله! ! كالمنكر عليه. سألت أبا عبد اللَّه: عن الرجل يحفر في فنائه البئر، أو الخرج المغلق؟ قال: لا، هذا طريق المسلمين. قلت: إنها بئر، تحفر ويسد رأسها؟ قال: أليس في طريق المسلمين، أكره هذا كله، قد بلغني عن شعيب ابن حرب أنه قال: لا يطين الحائط مما يلي السكة، لعله أن يخرج في الطريق. ثم قال أبو عبد اللَّه: لقد دقق شعيب رحمه اللَّه. "الورع" (114) وقال: وسألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يحفر في فناء المسجد بئر الماء؟ قال: في الطريق؟ قلت: هو ذا حريم المسجد. قال: ما يعجبني أن يحفر بئرًا في الطريق. "الورع" 115

وقال: قال أبو عبد اللَّه: أكره الشرب من هذِه الآبار التي في الطريق، قد كان أبو بكر المشكاني أوصى أن يحفر له بئر، فسألوني؟ فقلت لهم: لا تحفروا في شيء من الطريق. "الورع" (116) وقال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: أكره الشرب من هذِه الآبار التي في الطرقات. "الورع" (122) وقال يعقوب بن بختان: سئل أحمد عن رجل له فناء دار إلى زقاق، فيه أبواب لجماعة، له أن يفتح في حائطه بابًا؟ قال: نعم يفتح، ليس لهم أن يمنعوه من فتحه، ولكن ليس له أن يستطرقه إلَّا برضاهم، وإن كان له باب معهم وأراد سده، وفتح باب غيره دون ذلك كان له، وإن أراد فتحه فوق ذلك لم يجز له إلّا برضاهم، لأنه طريق لهم. "تهذيب الأجوبة" 2/ 847، "الطبقات" 2/ 556 قال في رواية ابن القاسم: إذا كان الطريق قد سلكه الناس فصار طريقا، فليس لأحد أن يأخذ منه شيئًا قليلًا ولا كثيرًا. قيل له: وإن كان واسعًا مثل الشوارع؟ قال: وإن كان واسعًا. قال: وهو أشد ممن أخذ حدًّا بينه وبين شريكه، لأن هذا يأخذ من واحد، وهذا يأخذ من جماعة المسلمين. "الأحكام السلطانية" (213)، "مجموع الفتاوى" 30/ 399 - 400 قال في رواية أبي حفص القافلاني، وقد سئل عن مسجد بني على

الطريق قال: يقلع ويرد الطريق إلى ما كان. "طبقات الحنابلة" 3/ 106 ونقل المروذي عن أحمد أنه سقّف له دارًا، وجعل ميزابها إلى الطريق فلما أصبح قال: ادع لي النجار حتى يحول الماء على الدار. فدعوته له فحول وقال: إن يحيى القطان كانت مياهه في الطريق، فعزم عليها، وصيرها إلى الدار (¬1). وسأله ابن الحكم عن الرجل يخرج إلى طريق المسلمين الكنيف، أو الأصطوانة: هل يكون عدلًا؟ قال: لا يكون عدلًا، ولا تجوز شهادته. "مجموع الفتاوى" 30/ 401 - 402 وقال الشالنجي: سألت أحمد عن طريق واسع وللمسلمين عنه غنى، وبهم إلى أن يكون مسجدًا حاجة، هل يجوز أن يبنى هناك مسجد؟ قال: لا بأس إذا لم يضر بالطريق. "مجموع الفتاوى" 30/ 403، "الإنصاف" 15/ 315 وسأله محمد بن يحيى الكحال: يزيد في المسجد من الطريق؟ قال: لا يصلى فيه، ونقل حنبل أنه سئل عن المساجد على الأنهار قال: أخشى أن يكون من الطريق. ونقل ابن مشيش عن ساباط فوق مسجد: لا يصلى فيه إذا كان من الطريق. "مجموع الفتاوى" 30/ 404، "الفروع" 4/ 519 ¬

_ (¬1) ذكر شيخ الإسلام، أن المروذي قالها في "الورع" ولم أجدها في المطبوع منه.

1702 - الاختلاف في الطريق

1702 - الاختلاف في الطريق قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا تَشَاجَرتم في الطَّريقِ فاجْعَلوه سبعة أَذْرع. قال: هذا عندي عَلَى حين يُرِيدونَ أنْ يَضَعُوا الطَّريقَ، وأمَّا كلُّ طَريقٍ ثَبتَ وقُسِّمَ. قال إسحاق: كما قال سواءٌ. قال إسحاق: السُّنةُ إِذَا كانتْ أرض بين قومٍ فاقْتَسَمُوهَا ليبني كلُّ واحدٍ بناءً، فَقَالُوا: ندع الطريقَ بيننا، فَتَشَاجروا وضع الطريق بينهم على سبعة أَذْرع بِذِرَاعِ اليدِ. فَأَمَّا الطَّريق التي يمرُّ فِيها قومٌ، فَإِنها لا تحول عَنْ جِهَتِها وإِنْ اتَّسَعَتْ. "مسائل الكوسج" (1894). قال ابن هانئ: وسئل عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوها سبعة أذرع" (¬1). قال: هذا من قبل أن توضع الحدود، فإذا وضعت لم يحرك منه شيء. "مسائل ابن هانئ" (2313) وقال في رواية المروذي، وقد سُئل عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا اختلف في الطريق جعل سبعة أذرع". فقال: هذا قبل أن تقع الحدود، فإذا وقعت لم يحرك منها شيء. "الأحكام السلطانية" (213). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 228، والبخاري (2473)، ومسلم (1613) من حديث أبي هريرة.

كتاب الوكالة

كتاب الوكالة باب ما جاء في أركان عقد الوكالة وشروط صحتها 1703 - 1 - الصيغة نقل جعفر عنه: إذا قال: بع هذا، ليس بشيء، حتى يقول: قد وكلتك. "الفروع" 4/ 340، "الإنصاف" 13/ 437، "معونة أولي النهى" 5/ 451 1704 - هل يضر تراخي القبول عن الإيجاب في الصيغة؟ نقل حرب عن أحمد: إذا وكله في الحد وغاب، استوفاه الوكيل. "المغني" 7/ 239 1705 - 2 - محل التوكيل ما يجوز التوكيل فيه وما لا يجوز، والحكم في تعدي الوكيل قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إِذَا قال الرَّجُلُ للرجلِ: ابتع لي ثَوبًا ذاته شيئًا لمْ يصفه، فَليسَ بشيءٍ. سُئِلَ: إِنْ شَاءَ الآمرُ أخذه، وإنْ شَاءَ لمْ يأخذه؟ قال: نعم.

قال أحمد: هوَ كَما قال، إلَّا أن يشاء أن يخيره الآمرُ إِذَا اشتْرَاه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2140) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ قالَ لرجلٍ: ابتعْ لي ثوبًا بعشرةِ دراهم، ولمْ يدفعْ إِليه الدراهمَ، فجَاءَ فَقال: قد اشتريت، وسُرِقَ المالُ؟ قال: يسأل البينةَ على الشراء. قال أحمد: إِذَا قال لَهُ: اشترِ لي فهوَ أمينه، لا أعلمُ إلَّا ذَلِكَ. قال إسحاق: كما قال أحمد، بلا شَكٍّ. "مسائل الكوسج" (2141) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: إِذا دفعت إِليه عشرةَ دراهم، فقال: اشترِ لي ثَوبًا فاشْترى ولمْ ينقدْ، فهَلَكَ الثوبُ والدراهمُ جميعًا؟ قال: هو أمينٌ في الدَّراهم. قال أحمد: هو أمينٌ في الدراهم. قال إسحاق: هو أمين في الدراهم، وهو مخالف حين لمْ ينقدْهُ. "مسائل الكوسج" (2142) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: ويدفع إِلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ ثمنَهُ إلَّا أنْ يجيءَ ببينةٍ أنَّهُ اشْتراه للذي أمره؟ قال أحمد: إن جاءَ ببينة، أوْ لمْ يجئ فقدْ ضمن، وإذَا لمْ يكنْ حبس، إِنَّما اشْترى الثوبَ وذهبَ لينقده الدراهمَ، فسرق الثوب والدراهم، فالضمانُ عَلَى الدَّافعِ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2143)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا وَكَّل الرجلُ الوكيلَ بخصومةٍ فأقرَّ على صاحبِهِ الذي وكلَهُ جَازَ. قال أحمد: إنَّما وَكَّلَهُ بالخصومَةِ، له أنْ يقومَ بها، لا يجوزُ إقرارُه على صاحبِهِ. قال إسحاق: كما قال، إلا أنْ يكونَ قال: ما أقر لي وعلي. فهو كما أقر. "مسائل الكوسج" (3084) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاق: وللرجلِ أنْ يوُكل بطلبِ دم، فإنْ وَكّلَ وسُلم إليه يَقْتُلُ أو لا؟ قال: كل ما وَكَّلَه ولي المقتول أن يطلبَ بدمِ أخيه ويقيد به قامَ مقامَه. "مسائل الكوسج" (3095) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أمرَ رجلًا أنْ يشتري لَهُ سلعةً بمائةِ دينار، ووصفَ لَهُ الصفةَ التي يريدُ، فاشْتَرى لَهُ بأقل، فإن توي لمْ يضمنْ. قال: جيّد. قُلْتُ: أشتريه بأقل؟ قال: إِذَا اشْتراه عَلَى الصفةِ، نقولُ: إِذَا وجدَه رخيصًا بعدَ أنْ يكونَ عَلَى مَا أرادَ؛ فَلَا بأسَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2144) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: فإن قال: اشترِ لي سلعةً ولمْ يصفْ لَهُ، فإِنْ اشْترى بأقل أو بأكثر ضمن؟ قال أحمد: هذا لمْ يشترِ لَهُ، أرأيتَ إِنْ أراد هو روميًّا فاشْتَرى لَهُ

حَبَشيًّا؟ لا، حتَّى يصفَهُ لَهُ. قُلْتُ: إِذَا وَصَفَ لمْ يضمنْ إلَّا أنْ يشتريَ بأكثر؟ قال: يضمن إِذَا أشْتَرى بأكثر. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2145) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عَنْ رجلٍ قال لآخر: ابعثْ إِليَّ بثوبين، فبعثَ بهما إِليهِ على يدي الغلام، فأخذَ أحدَهُما وردَّ الآخرَ عَلَى يدي الغلامِ فضاعَ؟ قال: هو ضامنٌ؛ لأنهُ لمْ يأمره الآخر أنْ يردَهُ عَلَيه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2322) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإِسحاقَ: رجلٌ كَتبَ إلى وكيلِهِ أنْ أعطِ فلانًا ألف درهم فضمن لَهُ الوكيل، ثمَّ قدمَ الرجل فأنكَرَهَا، هل يضمن ذَلِكَ الوكيل؟ قال: أمَّا الوكيلُ فهو ضامنٌ للذي ضمن لَهُ، ولكن إنْ قال صاحبُ المالِ: لا أجيزُ لك؛ لأني لمْ آمرك بالضمانِ، أمرتُك بالدفعِ، كَانَ ذَلِكَ في الحكمِ جائزًا لَهُ، ولكن أحسن ذَلِكَ أنْ يفيَ لَهُ بما ضمنَ لما فعل ذَلِكَ بسببه، وإنْ أنكرَ أصلًا فقال: لمْ آمرك، لمْ يكنْ عليه شيءٌ إلَّا أنْ يقيمَ الوكيلُ البينةَ، وإنْ لمْ تكنْ له بينة؛ فله أنْ يأخذَ يمينه والمال على الوكيلِ، كذلك إذا ضمنه عَلَى حال. "مسائل الكوسج" (2331) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: إِذَا أمرَ رجلٌ رجلًا أنْ يبيعَ لَهُ

شيئًا فباعه بأقل؟ قال: البيعُ جائزٌ، وهو ضامنٌ لما نقصَ. "مسائل الكوسج" (2334) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل أمر رجلًا يبيع ثوبًا بأربعة دنانير فباعه بأقل؟ قال: هذا ضامن. "مسائل أبي داود" (1301) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يُبعث إليه بدراهم ليشتري لهم من بعض المواضع، فيبعث إليهم بما عنده. وما لم يكن عنده يشتريه لهم فيكون ما يوجه إليهم مما عنده، وما يشتريه لهم سواء في الاستقصاء؟ قال: لا يعجبني أن يبعث إليهم مما عنده حتى يتبين أنه قد بعث إليهم من المتاع الذي عنده. "مسائل ابن هانئ" (1233) قال ابن هانئ: وسئل عن القوم يدفعون إلى رجل دراهم ودنانير ليشتري لهم متاعًا، من بلدان شتى فيشتري بدراهم هذا سوى الذي أمره أن يشتري به، ويشتري بدنانير هذا سوى الذي أمره أن يشتري له؟ قال أبو عبد اللَّه: ينبغي إذا أمره أن يشتري صنفًا من هذِه الأصناف أن لا يخالفه إلى غيره فإن عطب فإنما هو معتدٍ وهو صابر، وإذا أعطى دنانير أن يأمره أو يوكله في إنفاذ الدنانير علي سعر يومها. "مسائل ابن هانئ" (1272) قال عبد اللَّه: سألت أبي: قلت: لو أن رجلًا أمر رجلًا أن يشتري له شاة فخالفه، كان ضامنًا؟

قال: نعم، إن شاء ضمنه، وإن شاء أخذ الذي اشترى، على حديث عروة البارقي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطاه دينارًا، يشتري له شاة، فاشترى به شاتين، فباع واحدة بدينار، وجاءه بدينار وشاة، فقبله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ودعا له (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1140) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن حديث عروة البارقي. فقال: إني أذهب إلى هذا الحديث. "مسائل عبد اللَّه" (1141) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: لو أن رجلًا أمر رجلًا أن يشتري له شيئًا، فخالفه كان ضامنًا، فإن شاء الذي أعطاه ضمنه وأخذ ما دفع، وإن شاء أجاز البيع، فإن كان فيه ربح فهو لصاحب المال على حديث عروة البارقي. "مسائل عبد اللَّه" (1142) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: الرجل يعطي الرجل درهمًا يشتري له به حاجة من السوق، فسقط الدرهم من الرجل، فيشتري له بدرهم من عنده؟ قال: ليس عليه شيء؛ لأنه مؤتمن، وإن غرم له فليس به بأس، إذا طابت نفسه به. "مسائل عبد اللَّه" (1143) قال البغوي: وسئل أحمد وأنا أسمع عن رجل أعطى رجلًا درهمًا يشتري له به شيء فأخلطه مع درهم له فضاعا؟ فقال: ليس عليه شيء. قال أحمد: ولو ضاع أحدهما ولا يدري أيهما ضاع درهمه أو درهم ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 375، والبخاري (3642).

الرجل يغرمه. "مسائل البغوي" (26) قال البغوي: وسئل أحمد -وأنا أسمع- عن رجل أعطى رجلًا عشرين دينارًا يشتري له بها شيئًا فأخلطها مع دنانيره حتى يذهب فيشتري له؟ فلم ير به بأسًا. "مسائل البغوي" (36) وقال في رواية أبي الحارث في رجل له على آخر دراهم، فبعث إليه رسولًا يقبضها، فبعث إليه مع الرسول دينارًا، فضاع مع الرسول، فهو من مال الباعث. وقال في رواية مهنا في رجل له عند آخر دنانير وثياب، فبعث إليه رسولًا، وقال: خذ دينارًا وثوبًا، فأخذ دينارين وثوبين فضاعت، فالضمان على الباعث -يعني: الذي أعطاه الدينارين والثوب- ويرجع به على الرسول. يعني: عليه ضمان الدينار والثوب الزائدين. "المغنى" 7/ 222 - 223، "المبدع" 4/ 386، "معونة أولي النهى" 5/ 492، 493 وقال في رواية حرب: إذا وكله في الحد وغاب. استوفاه الكيل. "المغني" 7/ 239 نقل حرب فيمن قال لرجلين: تصدقا عني بألفي درهم من ثلثي، فأخذ كل واحد ألفًا فتصدق بها علي حدة ليكون أسهل عليهما. فلم ير به بأسًا. "تقرير القواعد" 2/ 494 نقل عنه الأثرم: ليس له العقد مع فقير وقاطع طريق إلا أن يأمره. "المبدع" 4/ 375، "معونة أولي النهى" 5/ 464 نقل عنه حرب جواز التوكيل في الخصومة، وقال: يروى عن علي. "الفروع" 4/ 439، "معونة أولي النهى" 5/ 493

1706 - حكم شراء الوكيل مما وكل فيه

1706 - حكم شراء الوكيل مما وكل فيه نقل جعفر بن محمد في رجل دفع إلى رجل ثوبًا، وقال: بعه، فدفعه إلى مناد فبلغ الغاية: لم يأخذه إلا أن يزيد. "الروايتين والوجهين" 1/ 398 وقال في رواية أبي الحارث في الوكيل يبيع ويستثني لنفسه الشركة: أرجو ألا يكون به بأس. "تقرير القواعد"، 2/ 35، "معونة أولي النهى" 5/ 479

باب ما جاء في أحكام عقد الوكالة

باب ما جاء في أحكام عقد الوكالة فصل أحكام ترجع إلى العقد نفسه 1707 - هل ينعزل الوكيل قبل علمه بعزله؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأبي عبدِ اللَّهِ أحمدَ: وإذَا وكلَ الرجلُ الرجلَ أنْ يبيعَ شيئًا ثمَّ قال بَعْدُ: إني قد رجعتُ؟ قال: إنْ رَجَعَ قبلَ أنْ يبيعَ، وعلمَ الذي أُمرَ ببيعه، فلَهُ أنْ يرجعَ، وإنْ لمْ يعلم الذي أُمِرَ، جَازَ بيعُهُ، وإن كَانت السلعةُ بعينها لمْ يكنْ للآمرِ أنْ يرجعَ، وإنْ شَاءَ الآمرُ أنْ يُحَلِّفَ الذي أَمَرَهُ أنكَ لا تعلم أنِّي قَدْ رجعتُ حَلَّفَ، فإن أعلمه حلفه. قال أحمد: كُلُّهُ كَما قال. قال إسحاق: كما قال سواء في اليمينِ وغيرهِ. "مسائل الكوسج" (2963) وقال في رواية جعفر بن محمد بن محمد: لا ينعزل قبل علمه بموت الموكل وعزله. "الروايتين والوجهين" 1/ 395، "المغني" 7/ 234

1708 - موت الموكل هل يفسخ الوكالة؟

1708 - موت الموكل هل يفسخ الوكالة؟ نقل الأثرم عن أحمد، في رجل كان له على آخر دراهم، فقال له: إذا أمكنك قضاؤها فادفعها إلى فلان. وغاب صاحب الحق، ولم يوص إلى هذا الذي أذن له في القبض، لكن جعله وكيلًا، وتمكن من عليه الدين من القضاء، فخاف إن دفعها إلى الوكيل أن يكون الموكل قد مات، ويخاف التبعة من الورثة. فقال: لا يعجبني أن يدفع إليه، لعله قد مات، لكن يجمع بين الوكيل والورثة، ويبرأ إليهما من ذلك. "المغني" 7/ 239 1709 - من ترجع إليه حقوق العقد في الوكالة؟ نقل مهنا عنه: إذا دفع إلى رجل ثوبًا ليبيعه ففعل، فوهب له المشتري منديلًا، فالمنديل لصاحب الثوب. "المغني" 7/ 255، "الفروع" 6/ 448، "الإنصاف" 28/ 358، "معونة أولي النهى" 5/ 477

فصل الأحكام التي ترجع للموكل

فصل الأحكام التي ترجع للموكل 1710 - ما ينبغي للموكل قوله وفعله عند التوكيل قال المروذي: بعث بي أبو عبد اللَّه في حاجة، وقال: كل شيء تقوله علي لساني فأنا قلته. "الفروع" 4/ 366 - 367، "المبدع" 4/ 377

فصل الأحكام التي ترجع للوكيل

فصل الأحكام التي ترجع للوكيل 1711 - توكيل الوكيل لغيره فيما وكل به قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئلَ سفيان عن وكالة الوكيل؟ قال: لا يجوزُ. قلْتُ: ما هو؟ قال: وكيل وكلته، فوكَّلَ الوكيلُ وكيلًا آخر. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3044) نقل مهنا عنه في الحاكم إذا ولاه الإمام بلدًا يقدر أن ينظر فيه بنفسه هل له أن يستنيب من ينظر فيه عنه؟ أنه يجوز. "الروايتين والوجهين" 1/ 397 نقل حنبل عنه في وكالة الوكيل لغيره فيما يتولى مثله بنفسه أنه يجوز. "المبدع" 4/ 360، "معونة أولي النهى" 5/ 462 1712 - قبول قول الوكيل في قضاء دين الموكل قال في رواية الميموني في رجل أمر رجلًا أن يدفع إلى فلان ألف درهم فدفعها، وأنكر المدفوع إليه، فإن كان أمره بالإشهاد فلم يُشهد ضمن، وإن لم يؤمر بالإشهاد فالقول قوله. "الروايتين والوجهين" 1/ 397 - 398

كتاب الشركات

كتاب الشركات باب ما جاء في أركان عقد الشركة وشروط صحته 1713 - هل يجوز مشاركة المسلم للكافر؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ -يعني: لسفيان: مَا تَرى في مشاركةِ النَّصْراني؟ قال: أمَّا مَا يغيبُ عَنْكَ فَلا يُعْجِبُني. قال أحمد: أحسن. قال إسحاق: كما قال، بَعْد إِذْ يَلي المعاملةَ بيده. "مسائل الكوسج" (1923) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُشارِكُ المسلمُ اليهوديَّ والنصرانيَّ؟ قال: إذَا كانَ هَو يلي البيعَ والشراءَ. قُلْتُ: يؤاجر نفسه منهُ؟ قال: أما الإجارةُ فليسَ بِهَا بأسٌ. قال إسحاق: لا خيرَ في الإجارةِ منه حتَّى يكون المشركُ آمره وناهيه. "مسائل الكوسج" (2032) قال عبد اللَّه: حدثني عبد الأعلى بن حماد النرسي قال: حدثنا حماد ابن سلمة قال: قال إياس بن معاوية: إذا شارك المسلم الذمي فكانت الدراهم مع المسلم هو الذي يتصرف بها بالشراء والبيع فلا بأس، ولا يدفعها إلى اليهودي والنصراني يعملان بها؛ لأنهما يرابيان. سألت أبي عن ذلك، فقال مثل قول إياس. "مسائل عبد اللَّه" (1100)

قال الخلال: أخبرنا الحسن بن عبد الوهاب قال: حدثنا إبراهيم بن هانئ قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال في شراكة اليهودي والنصراني: أكره، إلا أن يكون المسلم الذي يلي الشراء والبيع. أخبرني أحمد بن محمد بن مطر وأبو طالب. وأخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم -المعنى واحد وهذا لفظ الأثرم- قال: سألت أبا عبد اللَّه عن مشاركة اليهوديّ والنصراني؟ قال: يشاركهم ولكن لا يخلو اليهودي والنصراني بالمال دونه يكون هو يليه؛ لأنه يعمل بالربا. "أحكام أهل الملل" 1/ 186 (297 - 298) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال: حدثنا العباس بن محمد بن موسى الخلال قال: قال أبو عبد اللَّه في المسلم يدفع إلى الذمي مالًا يشاركه. قال: أما إذا كان هو يلي ذلك فلا، إلا أن يكون المسلم يليه. أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي، قال عمي: ما أحب مخالطته لسبب من الأسباب في الشراء والبيع. قال أبو بكر الخلال: يعني المجوسي؛ لأن عصمة بيّن ذلك. أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل أن أبا عبد اللَّه قال: أما المجوسي فما أحب مخالطته ولا معاملته. أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي. وفي موضع آخر: سألت عمي قلت له: ترى للرجل أن يشارك اليهودي والنصراني؟ قال: لا بأس إلا أنه لا تكون المعاملة في البيع والشراء إليه، يشرف علي ذلك ولا يدعه حتى يعلم معاملته وبيعه.

فأما المجوسي فلا أحب مخالطته ولا معاملته؛ لأنه يستحل ما لا يستحل هذا. قال: حدثنا أبو سلمة قال: حدثنا جرير بن حازم قال: سُئل حماد عن مشاركة المجوسي؟ قال: لا بأس بذلك. قيل له: فيدفع إليه مالًا فيضاربه؟ قال: لا. قال حنبل: قال عمي: لا يشاركه ولا يضاربه. أخبرني حرب قال: سألت أحمد بن حنبل قلت: ما قولك في شركة اليهودي والنصراني؟ فكرهه وقال: لا يعجبني إلا أن يكون المسلم هو الذي يلي الشراء والبيع. "أحكام أهل الملل" 1/ 187 - 188 (301 - 350) قال أبو بكر الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: لا أحب لرجل أن يشارك المجوسي ولا يعطيه ماله مضاربة، ولا يهودي ولا نصراني يأخذ منهما. أخبرني حرب قال: قلت لأحمد: فالرجل يدفع ماله مضاربة إلى الذمي؟ فكرهه، وقال: لا. أخبرنا محمد قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن معمر، عن رجل، عن الحسن قال: خذ من اليهودي والنصراني مضاربة ولا تعطهم. قال أبو بكر الخلال: استقراء مذهبه والروايات عن أبي عبد اللَّه بكراهة مشاركة أو مضاربة اليهودي والنصراني إلا أن يكون هو يليه، وتفرد حنبل في المجوسي خاصة فذكر عن أبي عبد اللَّه الكراهة له البتة وهم أهل ذاك؛ لأنهم كما قال أبو عبد اللَّه: يستحلون ما لا يستحل

1714 - ما يملك الشريك فعله وما لا يملكه، وفيما عليه من العمل وغير ذلك

هؤلاء. وعلى هذا العمل من قوله. "أحكام أهل الملل" 1/ 189 (309 - 311) 1714 - ما يملك الشريك فعله وما لا يملكه، وفيما عليه من العمل وغير ذلك (¬1) نقل عنه حنبل في الشريكين إذا تقاسما دينًا في الذمة، لم يصح. ونقل حرب عنه: يصح إذا كان بذمتين فأكثر. "المبدع" 5/ 12، "معونة أولي النهى" 6/ 20 ما جاء في أنواع الشركات النوع الأول: شرحة الأملاك: ما جاء في أحكامها: 1715 - أ - كل شريك أجنبى بالنسبة إلى حصة صاحبه فيما هو مشترك بينهما قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ عنْ رجلٍ اشْترى طعامًا فقبضَهُ ثمَّ أشركَ فِيه آخر؟ قال سفيان: يكيلُ لشرِيكِهِ النصف. قِيلَ لَهُ: يخلطان بَعْدُ؟ قال: نكرهه. ¬

_ (¬1) سيأتي تفصيل المسألة في كل نوع من أنواع الشركة، وأوردنا هذِه المسألة هنا؛ لاشتراكها في كل أنواع الشركة.

1716 - 1 - لا يملك أحد الشركاء التصرف فيها إلا إذا كان ذا ولاية عليها

قال أحمد: لا أكرهه أنْ يخلطا بَعْدُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2211) الآثار المترتبة على ذلك: 1716 - 1 - لا يملك أحد الشركاء التصرف فيها إلا إذا كان ذا ولاية عليها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: شريكان في سلعةٍ، بَاعَ أحدهما السلعةَ، ولمْ يستأذن صَاحِبَهُ؟ قال: يجوز حصته، إِنما بَاعَ ما يملك. قال إسحاق: كما قال، إِلَّا أنْ يجيز شريكه ذَاكَ. "مسائل الكوسج" (2016) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في خمسة نفر بينهم خمسة أبيات في دارٍ فَبَاع أحدُهُم نصيبَهُ في بيتٍ: لا أجيزه، فإنْ بَاعُوا جميعًا جَازَ. سُئِلَ لِمَ لا تجيزه؟ قال: هو ضررٌ، يُضير بأصحَابِهِ، هَو لايستطيعُ أنْ يأخذَ نصيبهُ مِنْ ذَلِكَ البيتِ. قِيلَ: فإنْ قال: أبيعُك بيتًا مِنَ الدَّارِ؟ قال: لا يجوز بيع ما ليسَ لَهُ. قِيلَ: فإنْ قال: أبيعك خُمُسَ الدَّارِ؟ قال: إِذَا قال: نصيبي. قال أحمد: جيد، هو كما قال. قال إسحاق: أما قوله: أبيعُكَ الخمسَ نصيبي، فهو جائزٌ، ولكن بيعه نصيبه منْ بيتٍ لا يجوزُ؛ لأنهُ بَاعَهُ غير مقسومٍ فالداخلُ يقومُ مقامَهُ، وليسَ لَهُ أنْ يقاسمه؛ لأنه ضررٌ. "مسائل الكوسج" (2214)

1717 - استئجار أحد الشريكين صاحبه لعمل في العين المشتركة بينهما

1717 - استئجار أحد الشريكين صاحبه لعمل في العين المشتركة بينهما نقل ابن القاسم وسندي وصالح جواز ذلك. ونقل أحمد بن الحسين بن حسان أنه لا يجوز. "الروايتين والوجهين" 1/ 387 - 388 1718 - ابتياع أحد الشريكين لحصة شريكه قبل القسمة قال أحمد في رواية حنبل في أحد الشريكين إذا أراد أن يبتاع حصة شريكه قبل القسمة فإن كان مما لا يكال ولا يوزن، مثل عبد وثوب فلا بأس. وقال في رواية ابن القاسم في الشريكين في الطعام يريد أحدهما بيع حصته من صاحبه: فإن لم يكونا يعلمان كيله فلا بأس، وإن علما مبلغ كيله فلا بد من كيله. "الروايتين والوجهين" 1/ 392 - 393 1719 - شراء أحد الشريكين للمال الخاص لشريكه قال صالح: وسئل -وأنا شاهد- عن رجلين شريكين لكل واحد منهما مال علي حدة، فربما أراد أحدهما أن يبيع الشيء فيقول له صاحبه: انظر بما تطلب حتى أشتريه منك؟ قال: لا بأس بذلك. "مسائل صالح" (662)

1720 - ب - الانفاق على العين المشتركة

نقل حنبل عنه المنع في غير مكيل وموزون. "المبدع" 5/ 27 1720 - ب - الانفاق على العين المشتركة ونقل ابن القيم (¬1) وسندي وحرب في إجبار الشريك على الإنفاق: يجبر. ونقل بكر بن محمد في رجل له سفل وآخر علو فانهدم السفل والعلو: لا يؤخذ صاحب السفل بالبناء ولكن إن اختار صاحب العلو بناءه بنى عليه، ولم ينتفع به صاحب السفل حتى يعطيه ما بنى في الأسفل، وكان لهما جميعًا. "الروايتين والوجهين" 1/ 380 نقل ابن القاسم في رجلين بينهما أرض أو دار أو عبد يحتاج إلى أن ينفق على ذلك فيأبى الآخر، قال: ينظر في ذلك؛ فإن كان يضر بشريكه ويمتنع مما يجب عليه ألزم ذلك وحكم به عليه، ولا يضر بهذا، ينفق ويحكم به عليه. "تقرير القواعد" 2/ 80 ¬

_ (¬1) أبو بكر محمد بن علي بن الحسين بن القيم الخزاز الحنبلي، طلب الحديث، وسمع من أبي الغنائم بن المأمون، والجوهري والعشاري وغيرهم، وكتب بخطه الحديث والفقه، وأظنه جالس القاضي أبا يعلى وحدث باليسير. "الذيل على طبقات الحنابلة" لابن رجب 1/ 113. قلت: وهو غير الإمام العلامة شيخ الإسلام ابن القيم المعروف بابن قيم الجوزية.

1721 - كيفية توزيع ربح المبيع المشترك شركة أملاك

1721 - كيفية توزيع ربح المبيع المشترك شركة أملاك قال صالح: وسألته عن دار بين ثلاثة، اشترى أحدهم ثلثها بمائة، واشترى الآخر الثلث الآخر بمائتين، واشترى الآخر الثلث الآخر بثلاثمائة، فباعوها مساومة أو مرابحة؟ قال: الثمن بينهم بالسوية. "مسائل صالح" (375) قال صالح: قلت ما تقول في كيل الماء بالفنجان لأحدهم ثلاثة وللآخر خمسين أو عشرين؟ قال: لا أدري أي شيء هذا، ثم قال: إن كان لقوم ملك فاصطلحوا منه على شيء؛ فلا بأس إذا كالوا فيما بينهم. "مسائل صالح" (575) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عن: رجلين بينهما دار لواحد منهما فيها ثمانون وللآخر فيها بألف. فأرادا البيع؟ قال: إذا باعا مساومة فالمال بينهما بالسوية، وإذا باعا مرابحة أخذ كل واحد منهما رأس ماله وتقاسما الربح على قدر رءوس أموالهما. قلت: دار بين رجلين، لواحد أربعمائة، وللآخر مائتين؟ قال أبو عبد اللَّه: إن باعا الدار مرابحة يروى فيه عن الشعبي (¬1) وقتادة، والحسن (¬2)، يأخذ كل واحد منهما رأس ماله، وتقاسما الربح علي قدر أحوالهما، وإذا باعا مساومة، فالمال بينهما نصفين بالسوية، لهذا نصف المال، ولهذا النصف الآخر. "مسائل ابن هانئ" (1284) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 229 (14995)، وابن أبي شيبة 4/ 426 (21714) بنحوه. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 426 (21715) بنحوه.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل اشترى نصف دار بألف، وآخر نصفها بخمسمائة، فاشتركا فباعاها بربح ألف درهم؟ قال: الربح علي ما اصطلحا، والوضيعة علي رءوس أموالهما. قلت لأبي: فإن لم يشتركا؟ قال: فالثمن بينهما نصفين. "مسائل عبد اللَّه" (1118) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجلين اشتريا ثوبًا يقوم على أحدهما بمائة، وعلى الآخر بخمسين، فباعاه مساومة أو مرابحة. قال: الثمن بينهما نصفين، يقول: إذا باعاه بخمسمائة فأخذ مائتين وخمسين، وهذا مائتين وخمسين. "مسائل عبد اللَّه" (1119) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن دار بين ثلاثة اشترى أحدهم ثلثها بمائة [وآخر الثلث الآخر بمائتين] (¬1) واشترى الآخر الثلث الآخر بثلاثمائة، فباعوها مساومة أو مرابحة. قال: الثمن بينهم بالسوية. "مسائل عبد اللَّه" (1122) نقل المروذي وأبو طالب وحرب وأحمد بن سعيد أن الثمن والربح بينهما نصفان. "الروايتين والوجهين" 1/ 388 وقال الأثرم: قال أبو عبد اللَّه: إذا باعا مرابحة أو تولية أو مواضعة فالثمن بينهما نصفان. ¬

_ (¬1) زيادة يقتضيها السياق.

قلت: أعطي أحدهما أكثر مما أعطي الآخر؟ فقال: وإن ألبس الثوب بينهما الساعة سواء فالثمن بينهما؛ لأن كل واحد منهما يملك مثل الذي يملك صاحبه. "المغني" 6/ 277 قال حرب: وسئل أحمد عن دار بين ثلاثة اشترى أحدهم ثلثها بمائة والآخر الثلث الأخر بمائتين والأخر بثلاث مائة، ثم باعوها بغير تعيين مساومة؟ قال: الثمن بينهم بالسوية؛ لأن أصل الدار بينهم اثلاثًا. وسئل أحمد مرة أخرى عن ثوب بين رجلين قوم نصفه على أحدهما بعشرين ونصفه على أحدهما بثلاثين فباعاه مساومة، فقال: قال ابن سيرين: الثمن بينهما نصفين. قال حرب: وهو مذهب أحمد. قيل: لم؟ قال: إن لكل واحد منهما نصفه. قلت: وإن كان عبدًا؟ قال: وإن كان عبدًا، وكل شيء بهذِه المنزلة. "بدائع الفوائد" 4/ 70 نقل أبو الحارث في رجل له رطل زيت، وآخر له رطل شيرج اختلطا: يباع الدهن كله، ويعطى كل واحد منهما قدر حصته. "المغني" 7/ 412، "المبدع" 5/ 170، "معونة أولي النهى" 6/ 328

باب: ما جاء في شروط صحتها

النوع الثانى: شركة العقود وما جاء في أقسامها أولًا: شركة العنان باب: ما جاء في شروط صحتها 1722 - 1 - أن يكون رأس المال من النقدين المضروبين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجلين اشْتركا بالعروضِ فَرَبحا؟ قال: مكروهٌ. قال أحمد: صدق. قُلْتُ: قال: ولكنْ يقسِمُ الربحَ عَلى قدر رءوس أموالهما. قِيلَ لَهُ: فإنْ كَانَا اصطَلَحَا عَلَى الربحِ؟ قال: لا، إلَّا عَلَى رءوس أموالهما. قال أحمد: أقولُ عَلَى مَا اشْتَرطَا. قال إسحاق: هو كما قال أحمد، لما أجَازَ ابن سيرين وغيره المضاربةَ بالعروضِ، فهو وإنْ لمْ يأخذْ بِهِ، فإِذَا وقع اتبعناه. "مسائل الكوسج" (2212) ونقل أبو طالب وحرب أنه لا تجوز الشركة في العروض. "المغني" 7/ 123

1723 - هل يشترط كون المالين من جنس واحد؟

1723 - هل يشترط كون المالين من جنس واحد؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عنْ رجلين اشْتَركا، فجاء أحدُهما بدنانير وجاء الآخرُ بدراهم؟ قال: نكرهه، مِنْ أجلِ أنَّه إنْ جاءَ هذا بألف درهم، وجَاءَ شريكُهُ بمائة دينار فبيعت الدنانيرُ بألفي درهم، كيفَ يقتسمان؟ فإنْ فَعَلا فبيعتْ الدنانير بأكثر فرَبحا؛ فالربحُ بينهمَا، فَإذَا اقتسما؛ عُزِلَتْ قِيمةُ المائة الدينار مِنَ الوزنِ عَلَى مَا بَاع. قال أحمد: وإذَا جَاءَ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا بدراهم فهوَ أحبُّ إِلَيَّ. قال أحمد: جيّدٌ، إِذَا افْترقَا يرجع هذا بالدنانير، ويرجعُ هذا بالدراهم. قال إسحاق: كما قال أحمد، والدراهمُ جميعًا يخرجانها أَسلمُ. "مسائل الكوسج" (2210) 1724 - 2 - أن يشترط كل منهما جزءًا من الربح مشاعًا معلومًا والوضيعة على قدر المال قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الشَّريكان في الربحِ علي مَا اصْطَلحَا عَلَيهِ، والوضيعة على المالِ؟ قال: هكذا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1799) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلان أخرجَ كلُّ واحدٍ منهما مائةَ درهم واشْتَركَا، ثمَّ عمل فِيهَا أَحَدُهُمَا كيفَ الربحُ؟

1725 - تعريف المضاربة

قال: الربحُ عَلَى ما اصْطَلَحَا. قال إسحاق: كما قال سواءٌ؛ لأنَّ العملَ مِنْ أحَدِهما معونة، ولا يُبْطِلُ ذَلِكَ مَا اشْتَرَطا. "مسائل الكوسج" (1879) قال أبو داود: سمعت أبا عبد اللَّه سُئِلَ عن: رجل جاء برأس مال وآخر لم يجئ بشيءٍ، فقال له: اعمل معي فما كان من ربح فهو بيننا نصفين، فلم يربحا شيئًا؟ قال: إن ربح شيئًا فله نصف ما ربح وإلا فلا شيء له. "مسائل أبي داود" (1295) ثانيًا: شركة المضاربة: 1725 - تعريف المضاربة قال ابن هانئ: وسألته عن: المضارب؟ قال: المضارب: الرجل يدفع إلى الرجل الدراهم فيقول اعملها ولي نصف ربحها، فإن تأهب وخسر فليس عليه شيء. "مسائل ابن هانئ" (1273) 1726 - حكم المضاربة قال صالح: وسألت أبي عن رجل دفع ألف درهم فقال: اتجر فيها بما شئت، فزرع بها زرعًا، فسلم، فربح؟ قال: المضاربة جائزة، والربح بينهما على ما اصطلحا عليه. "مسائل صالح" (113)

باب ما جاء في شروط صحتها

باب ما جاء في شروط صحتها 1727 - 1 - أن يكون رأس المال من الأثمان المطلقة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكون المضاربة بالعروضِ؟ قال: [. . .] (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1813) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا أعطاه العروض مضاربةً له أجر مثله؟ قال أحمد: أكره أن يفعله فَإِنْ فَعَلَه فهو على مَا اشترطاه. قال إسحاق: الذي يعجبنا أنْ لا تكون المضاربة إلَّا بالذهبِ والفضةِ، فإنْ أعطاه مَتَاعًا فليقل له: بِعْهُ، فِإذَا صارَ دراهم فهو مضاربة بيني وبينك. "مسائل الكوسج" (2017) قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن المضاربة بالمتاع؟ فقال: جائز. "المغني" 7/ 124 1728 - 2 - أن يكون عينًا لا دينًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ: رجلٌ دفعَ إلى رجلٍ مالًا مضاربةً وقالَ: ادَّانَ عليّ؟ قال: يكره ذَلِكَ من أجل أنه كفل عَنْهُ، وهوَ يجرُّ إليه مَنفعة. ¬

_ (¬1) بياض في الأصل.

1729 - 3 - إعلام مقدار الربح، وأن يكون مشاعا والوضيعه على قدر المال

قال: مَا أعلمُ بِهِ بأسًا إِذَا قال: ادَّانَ عليّ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ ذَلِكَ منه ليس بشرطٍ يشرطه فيفسد، إِنَّمَا هوَ زيادةُ منفعة لهما. "مسائل الكوسج" (2014) 1729 - 3 - إعلام مقدار الربح، وأن يكون مشاعًا والوضيعه على قدر المال قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا لمْ يسميا الربحَ؟ قال: يكونُ لهُ أجرُ مثْلِهِ. قال إسحاق: كما قال، وَأَجادَ. "مسائل الكوسج" (1953) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الرجل يأتي بالمتاع يدفعه إلى رجل يبيعه له بكراء معلوم، فإن باعه أخذه منه، وإن لم يبعه رده عليه ولم يأخذ شيئًا؟ قال: لا بأس به. "مسائل أبي داود" (1302) قال ابن هانئ: سُئِلَ أبو عبد اللَّه عن المضاربة تدخل فيها الأجرة؟ قال: هي بمنزلة الصرف، يشترط فيها الثلث والربع، لا يدخل فيها شيء من الأجرة. قيل له: يتسرى بإذن صاحبه؟ قال: لا أدري. ثم قال: أحب العافية. "مسائل ابن هانئ" (1268)

قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن الرسل يدفع إلى الرجل ألف درهم مضاربة فيقول: له منها مائة؟ قال أبو عبد اللَّه: لا يعجبني إلا أن يقول: لك الثلث منها أو الربع شيء مسمى. "مسائل ابن هانئ" (1271) قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن المضارب بربح ويضع مرارًا؟ فقال: يرد الوضيعة على الربح، إلا أن يقبض المال صاحبه، ثم يرده إليه فيقول: اعمل به ثانية، فما ربح بعد ذلك لا تجبر به وضيعة الأول، فهذا ليس في نفسي منه شيء، وأما ما لم يدفع إليه، فحتى يحتسبا حسابًا كالقبض، كما قال ابن سيرين (¬1). قيل: وكيف يكون حسابا كالقبض؟ قال: يظهر المال -يعني: ينض ويجيء- فيحتسبان عليه، وإن شاء صاحب المال قبضه. قيل له: فيحتسبان على المتاع؟ فقال: لا يحتسبان إلا على الناض؛ لأن المتاع قد ينحط سعره ويرتفع. وقال أبو طالب: قيل لأحمد: رجل دفع إلى رجل عشرة آلاف درهم مضاربة، فوضع فبقيت ألف، فحاسبه صاحبها، ثم قال له: اذهب فاعمل بها، فربح؟ قال: يقاسمه ما فوق الألف، يعني: إلا كانت الألف ناضة حاضرة، ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 272 (19956) بنحوه.

1730 - استحقاق العامل من الربح ولو لم يعمل شيئا

إن شاء صاحبها قبضها. "المغني" 7/ 169 - 170، "معونة أولي النهى" 6/ 46 ونقل حنبل عنه: إن تلف أو تعيب أو خسر أو نزل سعره بعد التصرف جبر الوضيعة من ربح باقيه قبل قسمته ناضًا، أو تنضيضه مع محاسبته. ونقل حرب: إذا احتسبا وعلما ما لهما. ونقل حنبل: إذا حال حوله من يوم احتسبا زكاة المضارب؛ لأنه علم ماله في المال، والوضيعة بعد ذلك على رب المال، وأحب أن لا يحاسب نفسه، يكون معه رجل من قبل رب المال، كالوصي لا يشتري من نفسه لنفسه يكون معه غيره. "الفروع" 4/ 387، "المبدع" 5/ 30، "معونه أولي النهى" 6/ 46 - 47 1730 - استحقاق العامل من الربح ولو لم يعمل شيئًا نقل حنبل: ولو لم يعمل المضارب، إلا أنه صرف الذهب بالورق فارتفع الصرف استحق لما صرفها. "الفروع" 4/ 393

1731 - فصل الشروط في عقد المضاربة

1731 - فصل الشروط في عقد المضاربة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: منْ كره أنْ يدفع إلى رجلٍ مالًا مضاربة ويحمل لَهُ بضاعة؟ قال: ما يعجبني أن يكون في المضاربةِ شرطٌ. قال إسحاق: كما قال، لا يجوز أنْ يعطيه عَلَى أنْ يحمله بضاعة، ولا أنْ يعملَ لَهُ عملًا. "مسائل الكوسج" (2011) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ دفعَ إِلَى رجلٍ مالًا مضاربةً وشرطَ عليه: أنَّ كلَّ ما أعجبني مما تأتي بِهِ أخذته بالثَّمَنِ؟ قال: ليسَ ذَا بشيءٍ. قال إسحاق: ليستْ هذِه بمضاربةٍ صحيحةٍ قَدْ أفسدَ المضاربةَ الشرطُ. "مسائل الكوسج" (2012) ونقل حنبل في توقيت المضاربة أنه لا يجوز. "الروايتين والوجهين" 1/ 394 قال مهنا: وسألت أحمد عن رجل أعطى رجلًا ألفًا مضاربة شهرًا، قال: إذا مضى شهر يكون قرضًا، قال: لا بأس به. قلت: فإن جاء الشهر وهي متاع؟ قال: إذا باع المتاع يكون قرضًا؛ لأنه قد يكون لرب المال فيه غرض. "المغني" 7/ 177، "المبدع" 5/ 21، "معونة أولي النهى" 6/ 34 قال مهنا: وسألت أحمد عن رجل قال: أقرضني ألفًا شهرًا، ثم بعد الشهر مضاربة؟ قال: لا يصلح. "المغني" 7/ 183

1732 - المضاربة بمال اليتيم

ونقل أبو طالب فيمن أعطى رجلًا مضاربة علي أن يخرج إلى الموصل فيوجه إليه بطعام فيبيعه، ثم يشتري به، ويوجه إليه إلى الموصل، قال: لا بأس إذا كانوا تراضوا على الربح. "الفروع" 4/ 381، "الإنصاف" 14/ 78 ونقل عنه أبو الحارث فيمن أخرج مالًا ليعمل هو فيه وآخر والربح بينهما أنه يصح. "المبدع" 5/ 23 1732 - المضاربة بمال اليتيم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإِسحاقَ: الوصيُّ يأخذُ مِنْ نفسِهِ مَالَ اليتيم مضاربةً قدر مَا لا يكون فِيهِ حيفٌ؟ قال: كلما أخذَ مضاربةً نظرًا لليتيمِ، ولِمَا أحب أنْ يكونَ لنصيبه في ذَلِكَ حظ؛ جَازَ بذلك وهوَ كنحوِ مَا يصيبُ مِنْ غيرِه، ولَهُ أنْ يأخذَ لنفسِهِ مِنْ نِفْسهِ بعدَ أنْ يُشهدَ عَلَى ذَلِكَ، وكلما أرادَ الفضل اتجر لليتيم كله فاشْترى وبَاعَ لَهُ فلا ضمان عليه في ذَلِكَ؛ لأنه في هذا الموضعِ كالوالدِ يجوزُ لَهُ ما يجوزُ للوالدِ، واللَّه عز وجل يعلم المفسد من المصلح. "مسائل الكوسج" (2330) قال عبد اللَّه: قيل لأبي وأنا أسمع: مال اليتيم يدفع مضاربة؟ قال: نعم، إذا كان له وصي. "مسائل عبد اللَّه" (1096)

باب أحكام المضاربة

باب أحكام المضاربة 1733 - ما يجوز للمضارب عمله وما لا يجوز، وضمانه إذا خالف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: والمضاربُ إِذا خَالفَ، لمن الربحُ؟ قال: الربحُ لصاحبِ المالِ ويكون عليه الضَّمَان، وإِذا لمْ يسميا الربح فله أَجر مثله. قال إسحاق: كما قال سواءٌ، وأَخطَأَ هؤلاء حين قالوا: الربحُ يتصدقُ به لا يحلُّ لواحدٍ مِنْهُمَا. "مسائل الكوسج" (1812)، (1952) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ دَفَعَ إلى رجلٍ مَالًا مضاربةً على الشطرِ قال: اعمل فيه بما أَرَاكَ اللَّهُ عز وجل، فَقَارض آخر على الربعِ بالمال؟ قال: قَدْ أَذِنْ لَهُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2013) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: سألتُ الزهري عن رجلٍ قارض رجلًا فابتاع متاعًا فوضعه في البيتِ، ثمَّ قال لصاحبِ المالِ: ائتني غَدًا، فجاءَ سارقٌ فسَرقَ المتاعَ والمالَ؟ قال: ما أرى أنْ يلحق أهل المال أكثر من مالهم: الغرم على المشتري، وقال الثوريُّ: يأخذُ صاحبُ المالِ المقارض، ويأخذُ المقارضُ صاحبَ المالِ. قال أحمد: فيه التباسٌ.

قال إسحاق: كما قال الزهريّ: لا يلزم رب المال أكثر مِنْ ماله هذا إِذَا لمْ يقل استَدِن عليَّ. "مسائل الكوسج" (2015) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال قَتَادة: رجلٌ أخَذَ مِنْ رجلٍ مالًا مضاربةً فعمل فِيهِ وخَلطَ فِيهِ مالًا له، ولمْ يعلمْ الآخرُ، إنْ هلك المال فلا ضمان عليه، وإنْ كان فيه ربح فهو بالحصص (¬1). قال أحمد: ما أحسن ما قال! قال إسحاق: كلما خلط بغير إِذْنِهِ فهو ضامن، والربحُ للأولِ إلَّا أنْ يكونَ قال له: اعمل برأيك واخلطه بمالِكَ إنْ شئتَ. "مسائل الكوسج" (2020) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجلٍ دَفَعَ إلى رَجُلٍ مالًا مضاربةً فابتاعَ بِهِ متاعًا فقبضَ المتاع ولمْ ينقدْ ثمنَهُ، فَسرق المتاع، وسرق المال قال: الرسولُ ضامنٌ للمتاعِ، ويتبع الذي أمره. قال أحمد: مَا هوَ بعيد مما قال الثوريُّ. قال إسحاق: هذا المضاربُ إِذَا قبضَ المتاعَ، ثمَّ سرق المال والمتاع جميعًا، فإنَّهُ يضمنُ ثمن المتاعِ للذي اشْتَراهُ منه. وقالَ بعضُهم: يرجع بما غرم علي ربِّ المالِ، وليسَ بواضحٍ. "مسائل الكوسج" (2215) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سُفيانُ عن المضاربِ يجيءُ بالبز فيطلبونه بنسيئة إِلَى أجلٍ، فَقال المضاربُ لصاحبِ المالِ: أنَا آخذُهُ منكَ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 254 (1518).

إِلَى ذَلِكَ الأجل؟ قال: لا أرى به بأسًا إِذَا تراضيا أنْ يبيعه إيَّاه. قال أحمد: إِذَا بَاعَه صَاحِب المال فجيِّدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2216) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في مضارب ابتاعَ خمرًا: إنْ كَانَ اشتراه متعمدًا ضَمن، وإنْ كَانَ جَاهلًا لمْ يضمنْ. قال أحمد: الجاهلُ لِمَ لا يضمن؟ ! نقول: يضمن جَاهلًا أو عَامِدًا. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2218) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجلٍ أَخذَ مَالًا مضاربةً، واشتَرى بِهِ بزًّا، فقدم به، فَقَال صاحبُ المالِ: لاتبعْهُ، وقال المضاربُ: أنَا أبيعُهُ: يُنْظَرُ، فإنْ كَانَ فيه ربحٌ جُبِرَ صاحبُ المالِ عَلَى أنْ يبيعَ، وإنْ لمْ يكنْ فِيهِ ربحٌ لم يُجْبر. قال أحمد: هو كَما قال. قال إسحاق: أجَادَ. "مسائل الكوسج" (2219) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجلٍ دَفَعَ إِلَى رجلٍ خمسين دينارًا مضاربةً فأخَذَ منها خمسة دنانير فضَمنها، ثمَّ ألقاها في الخمسين فربح؟ قال: ضَمن، ولَهُ ما ربحَ. قال أحمد: ليسَ هذا شيء. قال إسحاق: كلما أخَذَ المضاربُ من المضاربةِ شَيئًا، ثمَّ أعادَه فيه ثمَّ ربحَ؛ فالمضاربةُ صحيحةٌ، عَلَى ما اشْتَرطَا عَلَيه. "مسائل الكوسج" (2220)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجلٍ دَفَعَ إلى رجلٍ خمسين دينارًا مضاربةً فَقال: اشترِ بِهَا ما شِئْتَ، فاشتَرى بِهَا جاريةً، فَوَقَعَ عَلَيها: إنْ كانتْ يوم وقع عليها ثمن خمسين دينارًا؛ يغرم العُقْرَ، ويعزّر، والولدُ مملوكٌ. قال أحمد: صَدَقَ، فإِنْ كانَتْ يومَ وقعَ عليها ثمن ستين دينارًا فَلَهُ نصفُ الربحِ، والولدُ لَهُ، ويَضمن ثمنَ الجاريةِ. قال أحمد: جيِّد. قال إسحاق: كما قال أحمد في الوجهين جميعًا. "مسائل الكوسج" (2221) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ دفعَ إِلَى رجلٍ مالًا مضاربةً، فاشتَرى أخته، فوقعَ عليها؟ قال: هي حرةٌ، وعليه العقر (¬1). قال أحمد: إِذَا كانتْ حرةً فَقَدْ ضمن المال، وإذَا كَانَ جاهلًا، فليس عليه العقر. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2244) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المضاربُ يشترط عليه أن لا يخرجَ مِنَ البلدِ، فَخَرجَ؟ قال أحمد: يضمن. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2245) ¬

_ (¬1) العُقر: مهر للمُغتصبة من الإماء كمهر المثل للحرّة.

قال صالح: وسألته عن المضارب إذا خالف؟ قال: بمنزلة الوديعة عليه الضمان، والربح لرب المال إذا خالف، إلا أن المضارب أعجب إلي أن يعطى بقدر ما عمل. "مسائل صالح" (377)، ونقلها عبد اللَّه عن أبيه في "مسائله" (1095) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن المضارب إذا خالف؟ قال: يختلفون فيه. "مسائل أبي داود" (1297) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يبيع البز، فيطلب منه صنفًا من المتاع ليس عنده فيشتريه من السوق، ثم يبيعه فإن جاز منه جاز ويستفضل في ذلك فضلًا لنفسه، وإن رده عليه رده؟ فقال: لا، ولكنه إن قال: ما استفضلت على كذا وكذا فهو لي فإنه جائز. "مسائل أبي داود" (1300) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل عن رجل أمر رجلًا يبيع ثوبًا بأربعة دنانير فباعه بأقل؟ قال: هذا ضامن. "مسائل أبي داود" (1301) قال عبد اللَّه: سألت أبي -مرة أخرى- عن المضارب؟ فقال: إذا خالف ضمن. "مسائل عبد اللَّه" (1094) قال عبد اللَّه: قيل لأبي: الرجل يأخذ المال مضاربة بالثلث والربع فيدفعه إلى غيره بأكثر من ذلك؟

1734 - نفقة المضارب: وجوبها، تفسيرها، قدرها

قال: إن أذن له صاحبه، وإلا فلا. "مسائل عبد اللَّه" (1097) نقل أبو الحارث وأبو طالب عنه في المضارب إذا تعدى الإذن في المضاربة الصحيحة: فلا أجرة له. ونقل يعقوب بن بختان: له أجرة المثل. ونقل حنبل عنه: إذا خالف فربح لم يكن الربح لواحد منهما ويتصدقان بالربح. "الروايتين والوجهين" 1/ 389 ونقل عنه ابن القاسم في المضارب إذا ضارب لآخر: إن ضارب لآخر لم يجز. نقل حنبل عنه: يتبرع ببعض الثمن لمصلحتة. "الفروع" 4/ 383 - 384، "المبدع" 5/ 9، "معونة أولي النهى" 6/ 17 ونقل الأثرم عنه: متى اشترط النفقة على رب المال، فقد صار أجيرًا له، فلا يضارب لغيره. قيل: فإن كانت لا تشغله؟ قال: لا يُعجبني، لابد من شغل. "الفروع": 4/ 384، "الإنصاف" 14/ 96 1734 - نفقة المضارب: وجوبها، تفسيرها، قدرها: قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ أخذَ مِن رجلٍ مَالًا مضاربةً مِنْ أينَ نفقته؟ قال أحمد: المضاربُ ينفقُ مِنْ مالِ نفسِهِ، إلَّا أنْ يشترطَ علَى صاحبِ المالِ.

قال إسحاق: كما قال، إلَّا أن يكونَ عمَلُه في المضاربةِ في سفرِ يُسَافره، فإنَّ النفقةَ حينئذٍ مِنَ المضاربةِ. "مسائل الكوسج" (2240) قال أبو داود: سمعت أبا عبد اللَّه سُئِلَ عن المضارب إذا أنفق؟ قال: لا ينفق إلا بإذن صاحبه. "مسائل أبي داود" (1296) قال ابن هانئ: وسئل عن المضارب إذا أذن له أن يأخذ من الدراهم يشتري جارية أو يكتسي ويأكل؟ قال: لا يجوز هذا إلا أن يقول: كل شيء تأخذ فعليك من مضاربتك. "مسائل ابن هانئ" (1274) قال عبد اللَّه: قلت له: فإن قال له: اخرج إلى خراسان. قلت: نفقته من أين هي؟ قال: من عنده، ثم قال: إلا أن يشرط عليه أن يكون عليه النفقة من المال. "مسائل عبد اللَّه" (1094) ونقل الأثرم في تفسير النفقة وقدرها: أحب إلي أن يشترط نفقة محدودة، وإن أطلق صح. "المغني" 7/ 149، "المبدع" 5/ 28، "معونة أولي النهى" 6/ 43 ونقل حنبل عنه: ينفق على معنى ما كان ينفق لنفسه، غير متعد ولا مضر بالمال. قال حنبل: ولم يذهب إلى تقديرها. "الفروع" 4/ 384 - 385، "المبدع" 5/ 28، "الإنصاف" 14/ 110 وقال في رواية الأثرم، وإبراهيم بن الحارث: يجوز أن يشتري المضارب جارية من المال إذا أذن له.

1735 - زكاة مال المضاربة

وقال في رواية يعقوب بن بختان: يجوز ذلك، ويكون دينًا عليه. "الفروع"4/ 385، "المبدع" 5/ 29، "الإنصاف" 14/ 113 1735 - زكاة مال المضاربة قال إسحاق بن منصور: قلتُ لأحمد: قال سفيانُ في رجلٍ دفع إلى رجلٍ مالًا مضاربة، ألف درهم، فابتاع به المضارب بُرًّا، فحالَ عليها الحولُ، وبُرُّهُ ثمن ألف درهم وأربعمائة درهم، ولم يبع البُرَّ بعدُ صاحب المال، يزكي عن ألف ومائتي درهم قيمة البُرِّ، وليس على المضارب في المائتين زكاةٌ؛ لأنه لم يُسَلَّم لهُ بعدُ، فإن باعوه بنقدٍ استأنفَ به المضاربُ حولا، وإن باعوه بنسيئة سنة بألف وأربعمائة درهم فأخذ المضاربُ الربحَ أدى الزكاة حين يصلُ إليه. قال أحمد: جيدٌ. قلتُ: ولِمَ، وقد باعه بنسيئة؟ قال: هو بمنزلة الدَّين. قال إسحاق: كما قال أحمد؛ لأنَّ الدَّين الذي في نفسِه كشيءٍ في يده. "مسائل الكوسج" (605) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: سئلَ سفيانُ عن رجلٍ أخفى مالًا مضاربةً، فربحَ فيه، أيؤدي زكاتَه؟ أو ينتظر حَتَّى يؤدي إلى صاحب المالِ ماله؟ قال: بل ينتظرُ حَتَّى يؤدي إلى صاحبه؛ لأنهُ لم يسلم له بعدُ. قال أحمد: إن كان احتسبا زكَّى المضاربة إذا حالَ عليه الحولُ من يوم احتسبا؛ لأنه علمَ ماله في المالِ؛ لأنه إن وضع بعد ذَلِكَ كانت الوظيفةُ على صاحبِ المالِ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (606)

1736 - تعدد المضاربة

قال إسحاق بن منصور: قلت: المضاربة، على من الزكاة؟ قال: على رب المال. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1950) قال المروذي: قلت: يشترط المضارب على رب المال أن الزكاة من الربح؟ قال: لا، الزكاة على رب المال. "معونة أولي النهى" 3/ 166 1736 - تعدد المضاربة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يكره أنْ يدفعَ إِلَى مضاربِهِ مالًا يعمل له بهِ؟ قال: أكْرهه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1949) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ: رجلٌ دفَعَ إلى رجلٍ ألف درهم مضاربة على النصفِ، ثمَّ مكثَ يومًا، ثمَّ دفعَ إليه ألف درهم أُخرى على النصفِ كلّ ألفٍ منها وحدها قال أحمد: جيدٌ. قُلْتُ: لا يخلطها؟ قال: لَا. قال إسحاق: هو جائزٌ ويخلطهما جميعًا أفضل. "مسائل الكوسج" (2018)

1737 - إذا اشترى المضارب سلعة للمضاربة، هل لرب المال ابتياعها منه؟

قال أبو داود: سمعت أحمد، سُئِلَ عن الرجل يأخذ الثوب ليبيعه فيدفعه إلى آخر يبيعه ويناصفه، ما يأخذ من الكرى؟ قال: الكرى للذي باعه، إلا أن يكونان يشتركان فيما أصابا. "مسائل أبي داود" (1303) 1737 - إذا اشترى المضارب سلعة للمضاربة، هل لرب المال ابتياعها منه؟ نقل حنبل عنه جواز ذلك. وفي موضع آخر نقل عدم الجواز. "الروايتين والوجهين" 1/ 392 1738 - اختلاف المضارب وصاحب رأس المال: قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ: رجلٌ دَفَعَ إِلَى رجلٍ ألف درهم مضاربة فجَاءَ بألف درهم، فَقَال: هذا ربحٌ وقدْ دفعتُ إليكَ ألفًا رأس مالك. قال: هَو مصدق فِيما قال. قال إسحاق: كما قال وعليه اليمين إِنْ شاءَ. "مسائل الكوسج" (2009) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ دفعَ إِلَى رجلٍ مالًا مضاربةً، فقالَ صاحبُ المالِ بالثلثِ، وقال الآخر بالنصفِ؟ قال: القولُ قولُ صاحبِ المالِ إلا أنْ يأتي هذا ببينةٍ، فإن لمْ يأتِ ببينةٍ فلَهُ اليمينُ عَلَى صاحبِ المالِ.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2010) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إِذَا دفعت إِلَى رجلٍ أَلف درهم مضاربةً فجاءَ بألفين، فَقال: هذا ألف رأس المالِ، وألف ربح، فَقال صاحبُ المالِ: مالي ألفان؟ قال: القولُ قولُ المدفوعِ إليهِ، وبينةُ صاحبِ المالِ أنَّهُ دَفَعَ ألفين. قال أحمد: جيّدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2241) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ في رجلٍ دَفَعَ إِلَى رجلٍ مَالًا مضاربةً، فَقَال الدَّافعُ: دفعتُ إليكَ بالثلثِ، وقال المدفوعُ إليهِ: دفعت إليَّ بالشطرِ؟ قال: القُولُ قولُ الدَّافعِ إلَّا أنْ يجيءَ هذا ببينةٍ، وإلَّا حلف الدافع أنَّهُ دفعَ إِليهِ بالثلثِ. قال أحمد: جيِّدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2242) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ: إِذَا اختلفَا فَقَال المدفوعُ إِليهِ: هذا ربحٌ وقدْ دفعتُ إليكَ رأسَ المالِ؟ قال: بينتُهُ أنَّهُ دفَعَ رأسَ المالِ وإلا فهذا رأس المال، ويستحلف صَاحِب المالِ أنَّهُ لمْ يقبضْ رأسَ مالِهِ. قال أحمد: نعم. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (2243)

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن: رجلٍ دفع إلى رجلٍ مالًا مضاربة فكان يجيئه فيعطيه العشرين درهمًا والدينار ونحوه ويقول: هذا من الربح، فلما حاسبه قال: إنما كنت أعطيتك كله من رأس المال؟ قال أحمد: هذا أعطى ماله خائن. قال: له عليه يمين؟ قال: أدنى ما له عليه اليمين. "مسائل أبي داود" (1298) (¬1) نقل حنبل في اختلاف العامل ورب المال في قدر الربح: إن كان ما يدعيه المضارب قدر أجرة مثله أو زيادة عليه بقليل مما يتغابن بمثله قبل قوله. "الروايتين والوجهين" 1/ 391 نقل الأثرم في رجوع المضارب عن إقراره بالربح أنه لا يقبل قوله في ذلك. "الروايتين والوجهين" 1/ 394 نقل صالح عنه: لو قضى بالمضاربة دينه ثم اتجر بوجهه وأعطى رب المال نصف الربح: أما الربح فأرجو إذا كان هذا متفضلًا عليه، ويقبل قول المالك بعد الربح فيما شرط للمضارب، كقوله في صفة خروجه عن يده. ونقل حنبل قول مضاربه، وأنه إن جاوز أجرة المثل رجع إليها. ¬

_ (¬1) نقلها ابن مفلح عن أبي داود، ومهنا، ولفظه: إذا أقر بربح، ثم قال: إنما كنت أعطيك من رأس مالك، يصدق. "المبدع" 5/ 37. وكذا ابن النجار في "معونة أولي النهى" 6/ 59.

1739 - موت المضارب أو صاحب رأس المال

ونقل مهنا فيمن قال دفعته مضاربة، قال: قرضًا، ولهما بينتان: فالربح بينهما نصفان. "الفروع" 4/ 390 - 391 نقل عنه سندي أن القول قول المالك لو اختلفا في قدر المشروط بعد الربح. "المبدع" 5/ 36 نقل مهنا في مضارب دفع إلى رب المال كل يوم شيئًا ثم قال: من رأس المال: أن القول قوله مع يمينه. "الإنصاف" 14/ 141 ما يبطل به عقد المضاربة: 1739 - موت المضارب أو صاحب رأس المال: قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يدفعُ إِلَى الرجلِ مَالًا مضاربةً، فيموتُ المضاربُ من قال: هو أسوة الغرماء؟ قال: لا، هذِه أصْلُها أمانة عِنْدهُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1963) وقال في رواية علي بن سعيد النسوي: إذا مات رب المال لم يجز للعامل أن يبيع ولا يشتري إلا بإذن الورثة. "المغني" 7/ 174

1740 - حكمها، وما تصح فيه

ثالثًا: شركة الأبدان: 1740 - حكمها، وما تصح فيه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ عنْ رجلين اشْتركا بغير رءوس أموال؟ قال كلُّ واحد منهما: ما اشتريتُ فهوَ بيني وبينك؟ قال سفيان: أراه جائزًا. قال أحمد: أقولُ جائزٌ. وأَعْجَبَهُ قول سفيان في هذا، وقال: خَالَفَ أبَا حنيفة. قال إسحاق: هو كما قال، والأصلُ فِيهِ مَا قال ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-: اشتركتُ أنا، وعمَّار، وسعد -رضي اللَّه عنهما- فيما نُصِيبُ (¬1). فَقَال سفيانُ: هذِه شركةٌ بغيرِ مَال. "مسائل الكوسج" (2213) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الشركاء بالأبدان؟ فقال: لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (1260) قال ابن هانئ: سألته عن الرجلين يشتركان في عمل اليد؟ قال: نعم، يشتركون في عمل اليد، قد فعله سعد وابن مسعود. "مسائل ابن هانئ" (1261) قال ابن هانئ: وسئل عن رجلين يشتركان في عمل الأبدان؟ قال: يشتركان علي حديث سعد وابن مسعود. "مسائل ابن هانئ" (1262) ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (3388)، والنسائي في الكبرى 4/ 61، وابن ماجه (2288).

1741 - إن عمل أحدهما دون صاحبه، هل الكسب بينهما؟

قال أبو طالب: وقال: لا بأس أن يشترك القوم بأبدانهم، وليس لهم مال مثل الصيادين والنقالين والحمالين؛ قد أشرك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بين عمار وسعد وابن مسعود فجاء سعد بأسيرين، ولم يجيئا بشيء (¬1). "المغني" 7/ 111، "معونة أولي النهى" 6/ 67 نقل عنه أبو طالب أنها تصح في الاحتشاش. .، وسائر المباحات. "المبدع" 5/ 40 1741 - إن عمل أحدهما دون صاحبه، هل الكسب بينهما؟ قال ابن هانئ: قلت له: الرجلين يريدان الغزو، فيقيم أحدهما ويقول: ما أصابني من شيء فهو بيننا، فيأتي أحدهما بشيء ولا يأتي الآخر بشيء؟ فقال: نعم هذا أيضًا بمنزلة حديث سعد وابن مسعود. "مسائل ابن هانئ" (1263) وقال في رواية الأثرم وإبراهيم بن الحارث في خياطين اشتركا، فقال كل واحد منهما للآخر: ما أصبت فبيني وبينك: فهو جائز. "معونة أولي النهى"6/ 69 ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (3388)، والنسائي 7/ 319، وابن ماجه (2288)، والبيهقي 6/ 79 من طريق أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد اللَّه بن مسعود قال: اشركت أنا وعمار وسعد يوم بدر، في سعد بأسيرين ولم أجيء أنا وعمار بشيء. قال الألباني في "الإرواء" (1474): وهذا سند ضعيف؛ لانقطاعه بين أبي عبيدة وأبيه عبد اللَّه بن مسعود، فإنه لم يسمع منه، وسكت عليه الحافظ في "التلخيص" 3/ 49 فلم يحسن.

1742 - هل المفاوضة تعنى الشركه فى كل شئ؟ وما حد ذلك؟

رابعًا: شركة المفاوضة: 1742 - هل المفاوضة تعنى الشركه فى كل شئ؟ وما حد ذلك؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: شَرِيكان اقْتَسَمَا غرمًا فَتَوِيَ نصيبُ أَحَدِهِمَا؟ قال: يرجع عَلَى صَاحِبِه. قال إسحاق: كُلما اقْتَسما عَلَى التَّخارج، فيقول أحدُهُما: لي الدينُ ولَكَ العينُ، ولي مَا عَلَى فلان، ولكَ مَا عَلَى فلان، فهو جائزٌ. "مسائل الكوسج" (1887) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المفاوضةٌ في كلِّ شيءٍ يدخلُ عَلَيه مِنْ صِلَةٍ، أو هبةٍ، أو ربحٍ، أو ميراثٍ؟ قال: لا أرى شيئًا مِنْ هذا إلَّا مَا اشتَركا وربحا. قال إسحاق: كما قال، إنَّمَا يكون بَيْنَهُمَا مَا تَفَاوضَا فِيهِ. "مسائل الكوسج" (1951) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ: ليسَ عَلَى الشريكِ ضمانٌ إِذَا كفل لشريكه عَنْ غريمٍ لهما؛ لأنَّه لا ينبغي لأحدهما أنْ يستوفي دون صاحِبهِ. قال أحمد: إِذَا ضَمن لَهُ نصيبَهُ فهو ضَامِنٌ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1976) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: لا تستقيمُ المفاوضةُ بالثلثِ، والربع، حتَى يكونَ مالُ هذا مثلَ مال هذا.

قال أحمد: المفاوضة ليس عندي شيء، إلا ما كانا يشتركان فيه فيتركان. قال إسحاق: كما قال أحمد تفاوضهما يكونُ فيما يُظْهِرَان، فإن أظْهرَا أنَّ كلَّ واحدٍ منهما شريكٌ في جميعِ ما يستفيد صاحبه كان كما اشترطا. "مسائل الكوسج" (2278) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رَجُلين لهمَا عَلَى رجلٍ ألف درهم فذهبا يتقاضيانه، فَقَال أحدُهُمَا: أنا أحبسه أو يعطيني، قال شريكُهُ: لا تحبسه ونصيبك عَلَيَّ: ليس بشيءٍ؛ لأنه شريكُهُ فيمَا عليه، لا كَفَالة لَهُ. قال أحمد: إِذَا قال: عَلَيَّ فقد تحول عليه. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2289) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاقُ عَنْ شريكين متفاوضين اشْتَرى أحدُهُمَا سلعةً ولمْ ينقدْ، ثمَّ غَابَ فجاءَ البائعُ فأخَذَ شريكه، وأَقَامَ البينةَ أنَّ شريكَهُ اشْتَرى مِنْهُ، وهو مدّعٍ لذلك أتجعله خصمًا لَهُ، وتقبل بينتَهُ عَلَى الغائبِ؟ قال: هو خصمٌ؛ لأنَّ المتفاوضين إِذَا تَفَاوَضَا فكلُّ شيءٍ كَان كَما تَفَاوَضَا، وإنْ قالا: نشتري على المفاوضةِ ولمْ يُسَمِّيَا كَيفَ يَفْعلان ولا نعرف مَا قال هؤلاء، إِنهما يَشْترِكان في كل شيءٍ إلّا التزويج إنما يَكونَان مُتَفَاوضَين إِذَا أَظْهَرَا وأوْضَحَا، وقال أحدُهُمَا لصاحِبِه: نحنُ شريكانِ في كُلِّ شيءٍ يكون بَيْنَنَا. "مسائل الكوسج" (2303)

1743 - الربح في المفاوضة على ما شرطاه والوضيعة بقدر المال

قال صالح: الشريكان المتفاوضان هما الرجلان يشتركان، فيقولان: ما ورثنا من ميراث، أو أصبنا من فائدة أو مال فهو أَيضًا بيننا. قال: هذا كلام محال ولم يره شيئًا. "مسائل صالح" (108) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا أرى أن يتخارجا، أكرهه -يعني: الشريكين في العين والدين. قال: سمعت أبي يقول في الشريكين المتفاوضين: هما الرجلان يشتركان فيقولان: ما ورثنا من ميراث أو أصبنا من فائدة أو مال فهو أَيضًا بيننا. قال أبي: هذا كلام مُحال، ولم يره شيئًا. "مسائل عبد اللَّه" (1099) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن شريكين متفاوضين ينفق أحدهما أكثر من الآخر يرضي صاحبه، هل يحتاج إلى أن يبين له ما ينفقان؟ أو يكتفيان بأن يقول: كلما أنفق واحد منا من نفقة فهو من حل؟ قال: إن كان يرى أن شريكه يجد في قلبه من نفقة أنفقها، فليس ذلك له ويحد له حتى ينفق بقدر الذي حد له، ولا يكون في قلبه منه، وإذا حده له فقد اكتفى. "مسائل عبد اللَّه" (1101) 1743 - الربح في المفاوضة على ما شرطاه والوضيعة بقدر المال: قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سلعةٌ بينَ رجلين قامتْ عَلَى أحدهما بأكثر مما قامتْ عَلَى الآخرَ فَبَاعَهَا مرابحةً؟

قال: المسَاومةُ والمرابحةُ واحدٌ، فالثَّمنُ بينهما نصفان إِذَا سَلَّمَ صَاحِب الأكثر البيع مسَاومةً كان أو مرابحة؛ وذلك أن كل واحد منهما مالك لنصف السلعة، فصاحب الأكثر لَمَّا سلم المبيع رَضِيَ بالوكسِ. عَاودتُهُ، فقال مثل ذَلِكَ. قال إسحاق: كما قال، إِذا كانتْ إرادتهما ذَلِكَ، فإنْ اجتمعا في المرابحةِ عَلَى أنْ يأخذَ هذا ثمن نصفِهِ بما قَامَ، فهو عَلَى ذَلِكَ، والمساومةُ نصفان عَلَى حال. "مسائل الكوسج" (1840) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: حديثُ شريح (¬1) في شاةٍ باعها أحدهما صاحبه بعشرين درهمًا وهو شريكة فِيها، فَبَاعَهَا المشتري بأحد وعشرين درهمًا، فذهبَ بِهَا الذي اشتْراها وبالدراهم، فَقَال للذي بَاعَ: أردتَ رِبًا فلم يربو لك، إنما كان شريكك في درهم. قال أَحْمد: كان شريح يقولُ: إِذَا نقد أحد الشريكين ولمْ ينقدْ الآخر فكانت وضيعة لحقت الوضيعة صاحب النقدِ وليسَ على الآخر شيءٌ، فإن كان ربح فبينهما (¬2). قُلْتُ: ما تقولُ أنتَ؟ قال: أقُولُ كما قال شريح. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2019) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 260 (15142). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 273 (19961).

1744 - شريكين أحدهما نصراني لهما دين فيصالح الذمي على حصته ما لا يحل بيعه

1744 - شريكين أَحدهما نصراني لهما دين فيصالح الذمي على حصته ما لا يحل بيعه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلان أحدُهما نصرانيٌّ، والآخرُ مسلمٌ بينهما عنبٌ، فعصره النصرانيُّ خمرًا؟ قال سفيان: يضمنُ لَهُ نصفَ قيمةِ العنبِ. قال أَحْمد: قَدْ أفسَدَهُ عَلَى المسلمٍ، بدٌّ لَهُ مِنْ أنْ يضمنَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2121) قال الخلال: أخبرني محمد بن عليّ قال: حَدَّثَنَا مهنّا قال: سألت أحمد عن مسلم ونصراني لهما على رجل نصراني مائة درهم فصالحه النصراني من حصته على خنزير أو على دن خمر من حصته التي له عليه؟ قال: يكون للمسلم على النصراني خمسون درهمًا. "أحكام أهل الملل" 1/ 190 (312) هل جنون أحد الشركاء يبطل الشركة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ عَنْ شريكين متفاوضين، وُسْوِسَ أحدهما سبعة عشر عامًا؟ قال سفيان: هما على شركتهما حتَّى يموتَ ميتٌ، أو يفرق بينهما القاضي. قال أحمد: إِذَا وُسْوِسَ فهو مثلُ الميتِ، يخرجُ نصيبه يسلمه إلى وليهِ. قال إسحاق: كما قال سفيانُ إلَّا أنْ يحكمَ في ذَلِكَ سلطانٌ. "مسائل الكوسج" (2279)

كتاب المساقاة والمزارعة

كتاب المساقاة والمزارعة باب المساقاة 1745 - الجمع بين المساقاة والمزارعة، والحكم إذا كان في الأرض شجر لم يثمر بعد نقل مهنا عنه في الرجل يكون له الأرض فيها نخل وشجر، يدفعها إلى قوم يزرعون ويقومون على الشجر على أن له النصف، ولهم النصف: فلا بأس بذلك؛ وقد دفع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خيبر على هذا (¬1). "المغني" 7/ 561 وقال حرب: قيل لأحمد: الرجل يستأجر الأرض فيها نخلات؟ قال: أخاف أن يكون استأجر شجرًا لم يثمر، وكأنه لم يعجبه. أظنه إذا أراد الشجر، فلم أفهم عن أحمد أكثر من هذا. "مجموع الفتاوى" 29/ 56، "الفتاوى الكبرى" 3/ 375, "الاستخراج لأحكام الخراج" 49 1746 - ما جاء فيما يلزم العامل في المساقاة: نقل المروذي عنه: إذا شرط الجذاذ على العامل فهو جائز. "الروايتين والوجهين" 1/ 457 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 17، والبخاري (2329)، ومسلم (1551) من حديث ابن عمر.

باب المزارعة

باب المزارعة 1747 - حكمها, وبم تصح قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المزارعة؟ قال: يُزارعُ عَلَى الشَّطْرِ ويكونُ البذرُ مِنْ رَبِّ الأرضِ، والعملُ مِنَ الدَّاخلِ، وإنْ أعَانَهُ ربُّ الأرضِ بالثَّورِ والحديدِ جَائِز، وإن كانَ البذرُ مِنْ قبل الدَّاخلِ فَلا يُعجبني، وكراءُ الأرضِ بالدَّراهم لا بأسَ بِهِ، وبالطّعامِ هي المْحَاقَلَة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1873) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذَا دَفعَ الأرضَ بالثّلثِ والرّبعِ، أو النَّورَ بالثّلثِ والرّبعِ ودراهم؟ قال: أكْرَهُ الدراهم في الأرضِ والنَّورِ. قال إسحاق: كلمَا بين جَازَ. "مسائل الكوسج" (6921) قال صالح: رجل يدفع أرضه إلى الأكار على الثلث والربع؟ قال: لا بأس بذلك، إذا كان البذر من رب الأرض والبقر والحديد والعمل من الأكار. أذهب فيه مذهب المضاربة. قلت: فإن كان البذر منهما جميعًا؟ قال: لا يعجبني. "مسائل صالح" (105)، ونقلها عبد اللَّه عن أَبيه "مسائل عبد اللَّه" (1451) قال صالح: قال أبي: ولا بأس بالمزارعة بالثلث والربع. "مسائل صالح" (572)

قال صالح: المزارعة على النصف والثلث والطعام والدراهم؟ قال: لا بأس به على النصف والثلث، إذا كان الداخل يعمل فيها كما يعمل المضارب في المال. "مسائل صالح" (681) قال صالح: الرجل يدفع أرضه بالثلث أو الربع أو الدراهم؟ قال: كله سواء، ليس به بأس. وقال: الشركة في الزرع أحب إلى أن يكون البذر على رب الأرض، والحديد والبقر على الداخل، مثل المضارب. "مسائل صالح" (1010) قال أبو داود: سمعت أَبا عبد اللَّه سُئِلَ عن: المزارعة؟ فقال: بالثلث والربع جائز، يعجبني أن يكون البذر من صاحب الأرض، ويكون من الداخل العمل والبقر كالمضارب يعمل في المال بنفسه. "مسائل أبي داود" (1304) قال أبو داود: قيل لأحمد: بالذهب والورق؟ فقال: قلما اختلفوا في الذهب والورق. "مسائل أبي داود" (1305) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن: كراء الأرض بالحنطة والشعير؟ قال: من النَّاس من يتوقاه، يقول: هي المحاقلة، لا أدري ربما تهيبته. "مسائل أبي داود" (1306) قال أبو داود: قلت لأحمد: الأرض يكون الغالب عليها الشجر؟

قال: كان خيبر أكثر أرضها كذا النخل فأعطاها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالنصف (¬1). "مسائل أبي داود" (1307) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يستأجر الأكار فيقول: ما أخرج إليه من غلة هذِه الأرض فلي ثلثه، خمسه، وعشر الخمس وما بقي ذلك؟ قال: جائز. قال ابن هانئ: وكذلك جميع الشروط في هذا. وسئل عن الرجل يقول للأكار: لك الخمسين، وإن لم تكن غلتك جيدة فلك الربع؟ قال: هذا لا يجوز، شرطين في شرط؟ "مسائل ابن هانئ" (1269)، (1270) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يكري أرضه بالثلث والربع. قال: أرجو أن لا يكون به بأس، وأذهب إلى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطى خبير بالثلث والربع. "مسائل ابن هانئ" (1277) قال ابن هانئ: رجلان يتشاركان في أرض يجيء صاحب الأرض بالبذر، ويجيء صاحب الفدان بآلة الأرض وما تحتاج إليه الأرض؟ قال: لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (1278) قال ابن هانئ: سألته عن: كري الأرض. قال: بالثلث والربع. "مسائل ابن هانئ" (1279) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن المزارعة بالثلث والربع؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 17، والبخاري (2328)، ومسلم (1551) عن ابن عمر.

قال: لا بأس به، وبالنصف؛ روي عن علي وابن عمر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطى خيبر على الشطر، وأشبهه بالمضارب. قال عبد اللَّه: وسمعت أبي يقول: ويكون العمل من العامل مثل الحديد والبقر، والبذر والأرض لرب الأرض. "مسائل عبد اللَّه" (1446) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في حديث رافع بن خديج (¬1): هو مختلف عنه، يروي عنه ألوان مختلفة. مرة يقول: نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن كري المزارع. ومرة: عن ظهير (¬2) عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. مرة يقول: ما خرج عن الرَّبيع. وكلها أحاديث صحاح، إلَّا أنَّه مختلف عنه، ورأيته يعجبه منها حديث أيوب وسعيد بن أبي عروبة، عن يعلي بن حكيم، عن سليمان بن يسار، عن رافع بن خديج قال: كنا نحاقل بالأرض على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فنكريها على الثلث والربع والطعام المسمى، فجاءنا ذات يوم رجل من عمومتي، فقال: نهانا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أمر كان لنا نافعًا، وطواعية اللَّه ورسوله أنفع لنا، نهانا أن نحاقل الأرض بالأرض فنكريها على الثلث والربع والطعام المسمى، وأمر رب الأرض أن يزرعها أو يُزرِعها، وكره كراءها وما سوى ذلك (¬3). "مسائل عبد اللَّه" (1452) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 463، والبخاري (2286)، ومسلم (1547). (¬2) هو ظهير بن رافع بن عدي بن زيد بن حشم بن حارثة الأنصاري الأوسي الحارثي، من كبار الصحابة الذين شهدوا بدرًا. "الإصابة" 2/ 241. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 465، ومسلم (1548).

ونقل الحسن بن ثواب عنه في المخابرة: كأنه لم ير ما قاله أبو يوسف (¬1). "تهذيب الأجوبة" 1/ 406 - 407 نقل الحسن بن ثواب، وأَحمد بن أصرم، وأبو بكر بن صدقة، وأبو طالب، وأحمد بن هشام، وحرب، وأبو النضر، وعبد اللَّه الميموني في كري الأرض بالثلث والربع جواز ذلك. ونقل الحسن بن ثواب فيمن أجَّر أرضه بكيل معلوم من جنس ما تخرج الأرض كراهة ذلك. ونقل أبو النضر الرخصة في ذلك. "الروايتين والوجهين" 1/ 424 - 425 قال الأثرم: سمعت أَبا عبد اللَّه يسأل عن حديث رافع بن خديج: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المزارعة. فقال: رافع رُوي عنه في هذا ضروب. كأنه يريد أن اختلاف الروايات عنه يوهن حديثه. "المغني" 7/ 529، "المبدع" 5/ 46، "معونة أولي النهى" 6/ 80 وقال حرب: قيل لأبي عبد اللَّه: رجل دفع أرضه إلى الأكار على الثلث أو الربع؟ قال: لا بأس بذلك، إذا كان البذر من رب الأرض، والبقر والحديد والعمل من الأكار، يذهب فيه مذهب المضاربة. "مجموع الفتاوى" 29/ 118 ¬

_ (¬1) قال أبو يوسف: تجوز المزارعة مع كون البذر من العامل. انظر: "بدائع الصنائع" 6/ 179

1748 - القوم يشتركون في الزرع

قال الجرجرائي: وسألته عن الرجل يشتري البقر للأكار: فكرهه. "بدائع الفوائد" 4/ 40 نقل عنه يعقوب بن بختان، وحرب فيمن قال: أنا أزرع الأرض ببذري وعواملي وتسقيها بمائك، والزرع بيننا، قال: بلى. "المبدع" 5/ 59، "معونة أولي النهى" 6/ 98 1748 - القوم يشتركون في الزرع نقل عنه مهنا، وأَحمد بن القاسم، وذكر حديث مجاهد، في أربعة اشتركوا في زرع على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال أحدهم: عليَّ الفدان. وقال الآخر: قبلي الأرض. وقال الآخر: قبلي البذر. وقال الآخر: قبلي العمل. فجعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الزرع لصاحب البذر، وألغى صاحب الأرض، وجعل لصاحب العمل كل يوم درهما, ولصاحب الفدان شيئًا معلومًا (¬1). فقال أحمد: لا يصح، والعمل على غيره. "المغني" 7/ 567 - 568 1749 - ما جاء فيما يلزم العامل في المزارعة نقل أبو طالب عنه في الحصاد في المزارعة أنه على العامل. "الروايتين والوجهين" 1/ 457 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 506 (22556)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 119 (5978)، والدارقطني 3/ 76. وقال: هذا مرسل ولا يصح.

1750 - الشروط في المزارعة

1750 - الشروط في المزارعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يشترطُ عَلَى الأَكَّار أنْ يعملَ لَهُ؟ قال: في غيرِ الحرثِ؟ قُلْتُ: نعم. قال: فلا. قال إسحاق: الشّرطُ باطلٌ، ولكن إنْ كانتْ مُعَامَلاتُهم عَلَى أنْ يَعْمَلوا لأربابِ الزّرْعِ شيئًا ففعلوا فلا بأسَ. قال إسحاق: لا يرفع البذرَ، فإِنْ اشْترطَ رفعه فلا خيرَ فِيه، ولكن الدَّاخل لا يدْخُل البِذْر بَلْ يكونُ مِنْ ربِّ الأرضِ حتَّى يجتمعَ لَهُ البذرُ والأرضُ فلا يكون فيمَا خرَجَ عَليه شبهةٌ. "مسائل الكوسج" (1874) قال الأثرم: يشارطه على كراء البيوت، وما أحدث من عمارة فيها وفي الأرض، فهو لرب الأرض ثم يخرج الأكار من قبل نفسه، هل يطيب لرب الأرض ما عمله؟ قال: إذا شرط فأرجو أن لا بأس. "الفروع" 4/ 418 1751 - حكم اقراض الأكار قال صالح: الرجل يعطي الأكار، والبذور والبقر يقرضه؟ قال: أكرهه من أَجل أنه قرض جر منفعة. وقال: ههنا قوم يكرون دكاكينهم ويقرضونهم، فهذا لا يصلح، قرض جر منفعة. "مسائل صالح" (1011)

1752 - ضمان العامل في المزارعة، والحكم في تضمين الأرض بقدر معين من جنس مغلها

1752 - ضمان العامل في المزارعة، والحكم في تضمين الأرض بقدر معين من جنس مغلها قال عبد اللَّه: وسألته عن رجل استأجر من رجل أرضًا من أرض السواد عشرين جريبًا، عشرة يزرعها حنطة كل جريب بقفيز حنطة، وعشرة أجربة يزرعها شعيرًا كل جريب بقفيز شعير ثم إنه زرع العشرين جريبًا كلها حنطة، ما الذي يجب لرب الأرض عليه من الإجارة والحنطة وما أضر بالأرض من الشعير؟ قال: ينظر ما يدخل على الأرض من النقصان ما بين الحنطة والشعير فنعطيه لصاحب الأرض. "مسائل عبد اللَّه" (1450) ونقل حرب، وقد سُئل أحمد عن تفسير حديث ابن عمر: القبالات ربا (¬1). قال: هو أن يتقبل القرية فيها النخل والعلوج. قيل له: فإن لم يكن فيها نخل، وهي أرض بيضاء؟ قال: لا بأس؛ إنما هو الآن مستأجر، قيل: فإن فيها علوجًا؟ قال: فهذا هو القبالة المكروهة. "الأحكام السلطانية" ص 186، "الفتاوى" 29/ 67 - 68، "الفتاوى الكبرى" 3/ 38 ¬

_ (¬1) رواه أبو عبيد في "الأموال" ص 76 (179)، وقال الألباني في "الإرواء" (808): لم أقف على سنده. قلت رواه أبو عبيد، عن عبد الرحمن، عن شعبة، عن جبلة بن سحيم، قال: سمعت ابن عمر يقول: القبالات ربًا.

1753 - وقت وجوب حق الأكار، وانقضاء العقد

1753 - وقت وجوب حق الأكار، وانقضاء العقد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الأكارُ يريدُ أنْ يخرجَ مِنَ الأرضِ فيبيع الزرع؟ قال: لا يجوزُ حَتَّى يبدوَ صلاحُه. قُلْتُ: فيبيعُ عملَ يديه مَا عمل في الأرضِ وليس فيها زرع؟ قال: لم يجبْ له بعد شيء، إنَّما يجبُ بعد التمامِ. قال إسحاق: كما قال. قال إسحاق: نقولُ: يجبُ له بعد ما يبلغ الزرع بما اشترط عليه أنْ يعملَ حَتَّى يفرغَ، فأما أنْ يكونَ يذهب عمل يدِه وما أنفق في الأرضِ فلا. وذلك أنَّه إذا أخرجه صاحبه، أو خرج بإذنِه، أو خرج من ذات نفسه فليس له شيء. "مسائل الكوسج" (3281) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: أيبيعُ الأكار عملًا قبل أنْ يدركَ؟ قال: لا. قال إسحاق: كلَّما كان الأكارُ يبيع نصيبه برضا مِنْ ربِّ الأرضِ فلا شَكَّ في ذَلِكَ أنَّه جائز، فإِنْ أراد ربُّ الأرضِ أنْ يأخُذَه مِنَ الذي اشتراها فله ذَلِكَ، وذلك كله إذا لم يُدرك الزرعَ. "مسائل الكوسج" (3347) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أيبيعُ الأكار ما عمل قبل أنْ يدركَ؟ قال: لا. قُلْتُ: ما عمل فيه؟ فلم يعرفه.

قُلْتُ: فيرفع صاحب الأرض البذر؟ قال: لا. "مسائل الكوسج" (3381) قال صالح: الرجل يعير الرجل الأرض يزرعها؟ قال: ليس له أن يرجع حتى يدرك الزرع. "مسائل صالح" (1285)

فصل المغارسة

فصل المغارسة 1754 - حكمها, وبم تصح قال إسحاق بن منصور لأحمد: قُلْتُ لأحمدَ: الكَرمُ إذَا أُعطيَ عَلَى الثُّلثِ والرّبعِ وفيه فواكهُ سِوى العنبِ؟ قال: أرجُو أنْ لا يكون بِهِ بأسٌ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سنَّ في خيبر ذَلِكَ (¬1). "مسائل الكوسج" (1957) قال أحمد في رواية المروذي في رجل قال لرجل: اغرس في أرضي هذِه شجرًا أو نخلًا، فما كان من غلة فلك بعملك كذا وكذا سهمًا من كذا وكذا سهمًا من كذا وكذا. فأجازه، واحتج بحديث خيبر في الزرع والنخيل. "المغني" 7/ 553 1755 - الشروط في المغارسة قال ابن هانئ: وسئل عن: رجل أكرى رجلًا أرضًا يغرس فيها أشجارًا، واشترط صاحب الأرض عليه الزرع، أن لا يغرس فيها غيره، فغرس فيها شجرًا -يعني: غير ما اشترطه- وأثمر الشجر، وأراد أن ينقض الشرط وأن يقلع الغرس، فكيف ترى؟ قال: يفي له بما ضمن له من الزرع، ولا يقلع الشجر من الأرض، يضر بهما جميعًا. "مسائل ابن هانئ" (1281) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 17، والبخاري (2329)، ومسلم (1551)، من حديث ابن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من تمر أو زرع.

كتاب الإجارة

كتاب الإجارة باب ما جاء في أركان عقد الإجارة وشرائط الصحة أولًا: العاقدين: 1756 - استعمال اليهودي والنصراني في شيء من أمور المسلمين قال البغوي: وسأل رجلٌ أحمدَ وأنا أسمع: بلغني أن نصارى يكتبون المصاحف فهل يكون ذلك؟ قال: نعم نصارى الحيرة كانوا يكتبون المصاحف، وإنما كانوا يكتبونها لقلة من كان يكتبها. فقال رجل: يعجبك ذلك؟ ! قال: لا، ما يعجبني. "مسائل البغوي" (10) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى قالا: حدثنا أبو طالب أنَّه سأله أَبا عبد اللَّه: يستعمل اليهودي والنصراني في أعمال المسلمين مثل الخراج؟ قال: لا يستعان بهم في شيء. أخبرنا عبد اللَّه قال: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا مالك ابن أنس، عن عبد اللَّه بن يزيد عن ابن نيار، عن عروة، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّا لا نستعين بمشرك".

قال عبد اللَّه: قال أبي: وهذا خطأ أخطأ فيه وكيع. إنما هو: عن الفضيل بن أبي عبد اللَّه، عن عبد اللَّه بن نيار عن عروة، عن عائشة -رضي اللَّه عنها-: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج إلى بدر فتبعه رجل من المشركين فلحقه عند الحرة، فقال: إني أردت أن أتبعك وأصيب معك. قال: "أتؤمن باللَّه ورسوله؟ " قال: لا. قال: "ارجع فلن أستعين بمشرك" قال: ثم لحقه عند الشجرة ففرح بذلك أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وكان له قوة وجَلد قال: جئت لأتبعك وأصيب معك. قال: "تؤمن باللَّه ورسوله"؟ قال: لا. قال: "فأرجع فلن أستعين بمشرك" ثم لحقه حين ظهر على البيداء فقال له مثل ذلك. قال: "تؤمن باللَّه ورسوله"؟ قال: نعم. قال: فخرج معه (¬1). أخبرنا عبد اللَّه قال: حدثني أبي قال: أبو معاوية قال: حدثنا أبو حاين التيمي عن أبي الزنباع عن أبي الدهقانة قال: قيل لعمر -رضي اللَّه عنه-: إن ههنا رجلًا من أهل الحيرة له علم بالديوان فتتخذه كاتبًا؟ فقال عمر: لقد أتخذت إذًا بطانة من دون المؤمنين. أخبرنا عبد اللَّه قال: حدثنا أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن عياض الأشعري، عن أبي موسى قال: قلت لعمر -رضي اللَّه عنه-: إن لي كاتبًا نصرانيا قال: مالك قاتلك اللَّه، أما سمعت اللَّه تبارك وتعالى يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة: 51]. ألا اتخذت حنيفًا؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 149، ومسلم (1817).

1757 - المسلم يؤجر نفسه للذمي

قال: لا أكرمهم إذا أهانهم اللَّه، ولا أعزهم إذا أذلهم اللَّه. ولا أُدنيهم إذ أقصاهم اللَّه. "أحكام أهل الملل" 1/ 195 - 197 (331 - 334) 1757 - المسلم يؤجر نفسه للذمي قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُشارِكُ المسلمُ اليهوديَّ والنصرانيَّ؟ قال: إذَا كانَ هَو يلي البيعَ والشراءَ. قُلْتُ: يؤاجر نفسه منهُ؟ قال: أما الإجارةُ فليسَ بِهَا بأسٌ. قال إسحاق: لا خيرَ في الإجارةِ منه حتَّى يكون المشركُ آمره وناهيه. "مسائل الكوسج" (2032) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ الأوزاعي عَنْ رجلٍ يؤاجر نفسَه لنظارة كرم النصارى فكره ذَلِكَ. قال أحمد: ما أحسن ما قال؛ لأنَّ الأصلَ في ذَلِكَ يرجع إلى الخمرِ، إلَّا أنْ يعلمَ أنَّه يباعُ لغيرِ الخمرِ، فلا بأسَ. قال إسحاق: هو مكروه كله؛ لأنَّه لا ينبغي أنْ يليَ المسلم أمر من كان على غير الملةِ، ولا يؤاجر نفسه من المشركين أصلًا إلَّا أنْ يُضطر إلى ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (3284) قال ابن هانئ: وسأله بناء: فقال: أَبْنِي للمجوس النواويس؟ قال: لا تبن لهم ناووسًا ولا غيره. "مسائل ابن هانئ" (1299)

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل بني بيتًا فأجر مستأجر أو ناووس أو بيعة أو يبني للمجوس دارًا يلقون فيها موتاهم، يجصص لهم بيعة أو يباعون خشبًا؟ قال: أكرهه هذا كله. قلت: وتراه يقسم عليه؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (1138) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم. وأخبرني الحسن بن محمد قال: كتبت من كتاب أبي علي الدينوري من مسائل ابن مزاحم. المعنى واحد: أن أَبا عبد اللَّه قيل له: فيؤجر الرجل نفسه من اليهودي والنصراني؟ قال: لا بأس، نعم. أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنّا قال: قلت لأحمد: هل تكره للمسلم أن يؤجر نفسه للمجوسي؟ قال: لا. قال وسألت أحمد قلت: يكري الرجل نفسه لمجوسي يخدمه ويذهب في حوائجه؟ قال: لا بأس. قلت لأحمد: فيقول له: لبيك إذا دعاه؟ قال: لا. أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أَبيه، عن أبي عبد اللَّه وسأله عن الرجل المسلم يحفر لأهل الذمة قبرًا بكرى؟

قال: لا بأس به. "أحكام أهل الملل" 1/ 198 (335 - 337) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أَبا عبد اللَّه عن المرأة ترضع الصبي من المجوس بأجر؟ قال: لم أسمع فيه بشيء. ثم سألته مرة أخرى فقلت: تكره لها؟ فقال: فيه شنعة. أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا أنَّه سأل أَبا عبد اللَّه مرة أخرى: عن المرأة المسلمة تدخل على النصراني واليهودي ترضع لهم الصبي من صبيانهم؟ فرخّص فيه. قلت: فالمرأة المسلمة تدخل على المجوس ترضع لهم؟ فكرهه وقال: المجوس. "أحكام أهل الملل" 2/ 458 - 459 (1096 - 1097) نقل عنه أحمد بن سعيد: لا بأس أن يؤجر نفسه من الذمي. ونقل عنه الأثرم: إن أجر نفسه من الذمي في خدمته لم يجز، وإن كان في عمل شيء جاز. "الروايتين والوجهين" 1/ 429، 430، "المغني" 8/ 135, 136, "معونة أولي النهى" 6/ 146

ثانيا: الأجرة

ثانيًا: الأجرة: 1758 - يشترط كون الأجرة معلومة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما المستقيمُ؟ قال: الرجلُ يدفعُ إلى الرَّجلِ الثوبَ فيقول: بيع بِكَذَا وكَذَا، فمَا ازددت فهو لَكَ. "مسائل الكوسج" (1788) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فِيمن يدفعُ الثوبَ إلى رجلٍ فيقول: بعه بِكَذَا وكَذَا فَمَا زاد فهو لَكَ؟ قال: لا بأسَ به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1789) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: أكرَهُ الثَّوبَ بالثّلثِ ودرهم. يعني: بأنْ يدفَعهُ إِلى الحائكِ. قال إسحاق: إنْ فعلَ جَازَ وتَركُهُ أفضلُ. "مسائل الكوسج" (1862) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الحائكُ يُدْفَعُ إليه الثوبُ عَلَى الثُّلث، والرّبع؟ قال: كلُّ شيءٍ مَنْ هذا: الغَزل، والدَّار، والدَّابة، وكلُّ شيءٍ دُفِعَ إِلَى الرَّجلِ يَعملُ فِيهِ عَلَى الثُّلثِ والرُّبعِ، فَعَلى قِصَّةِ خيبر (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 17، والبخاري (2329)، ومسلم (1551)، من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من تمر أو زرعٍ.

قال إسحاق: كما قال -رضي اللَّه عنهما-. "مسائل الكوسج" (1888) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الحائكُ يعطى الثوب بالثُّلثِ والرّبعِ ألستَ تكْرهه؟ قال: نعم قال أحمد: ليسَ بذا بأسٌ. قال إسحاق: كما قال أحمد -رضي اللَّه عنهما-. "مسائل الكوسج" (1889) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الخياطُ يدفعُ إِليه الثَّوب ليخيطه اليوم بدرهمٍ، وغدًا بنصفِ درهم؟ قال سفيان: مكروهٌ، له أجر مثله. قُلْتُ: سُئِلَ: لمَ تكرهه؟ قال: لأنَّه إِنْ عملَ اليومَ بعضهُ، ثمَّ ماتَ من أيهما كنتَ تُعطيه؟ قال أحمد: جيَّدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2139) قال صالح: وسألت أبي عن الرجل يدفع إلى الرجل الثوب فيقول: بعه بكذا وكذا، فما ازددت فلك؟ قال: لا بأس بذلك. قال صالح: حدثني أبي، قال: حَدَّثَنَا هشيم، قال: أخبرنا عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس أنَّه كان لا يرى بأسًا أن يدفع الرجل إلى الرجل الثوب فيقول: بعه بكذا وكذا، فما ازددت فلك (¬1). "مسائل صالح" (348) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 307 (20390) عن هشيم به.

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الثوب يعطى على الثلث والربع للحائك؟ قال: لا بأس به. ثم قال أحمد: وهل هذا إلَّا مثل المضاربة ومثل قصة خيبر، لعله أن لا يربح المضارب شيئًا أو لا تخرج الأرض شيئًا، كلها عندي قريبة. "مسائل أبي داود" (1299) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يعطى الثوب فيقال: بعه بكذا وكذا فما ازددت فلك؟ قال: لا بأس به، ثم قال أحمد: وهل هذا إلَّا مثل المضاربة، لعله أن لا يربح المضارب. "مسائل أبي داود" (1342) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل دفع إلى رجل ثوبًا، فقال: بعه بخمسة عشر درهمًا, ولك نصف درهم، وإن بعته بعشرين فلك درهم؟ قال: لا أدري. "مسائل ابن هانئ" (1295) قال ابن هانئ: سألت أَبا عبد اللَّه عن الرجل يجعل للرجل في كل ثوب يشتريه نصف درهم أو أكثر، أو أقل؟ قال: أكره هذا، وهذا بمنزلة حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الرجل الذي جاء إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: إني أخدع في البيوع (¬1). ولكن يجعل لي في كل مائة درهم شيئًا مسمى، هذا كلام الرجل أحب إلى. "مسائل ابن هانئ" (1304) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 44، والبخاري (2117)، ومسلم (1533) من حديث ابن عمر.

قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يجهز على الرجل فيقول: لك من كل مائة دينار كذا وكذا إن بلغ إليك؟ قال: فلا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (1305) قال ابن هانئ: قال لي أبو عبد اللَّه: أنا أكره أن أسلم الثوب بالثلث، وشيء مسمى مع الثلث، وكان الحسن أو ابن سيرين يرخص أحدهما فيه ولا يرى في أخذهما بأسًا (¬1). وكان أبو عبد اللَّه على الكره منه، يسلم بالثلث وشيء مسمى، وكان أحب إليه أن يؤخذ الثوب مقاطعة. "مسائل ابن هانئ" (1307) قال ابن هانئ: وسئل: تكره أن يدفع الثوب إلى النساج بالثلث وشيء مسمى؟ قال: نعم. وسمعته يقول: ابن سيرين أو الحسن، رخص في الرجل يعطي ثوبه الحائك بالثلث وشيء مسمى؟ قال: وأنا أكره ذلك. "مسائل ابن هانئ" (1308) قال ابن هانئ: وسُئِلَ عن الرجل، يعطي الرجل الدابّة فيغزو عليها على النصف من جميع ما يصيب من غزاته من السهم أو غير ذلك من نفل أو غيره، وهل يجوز ذلك؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 256 (15127) بنحوه.

قال: إذا كان على النصف أو على الربع فهو جائز. "مسائل ابن هانئ" (9653) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن الرجل يدفع الثوب إلى الحائك بالثلث والربع؟ قال: لا بأس. "مسائل عبد اللَّه" (1132) قال في رواية الأثرم وإبراهيم بن الحارث: لا بأس بدفع الثوب إلى من يعمله بالثلث والربع، كالمزارعة. "العدة في أصول الفقه" 4/ 1362 نقل عنه الأثرم ومحمد بن أبي حرب وأَحمد بن سعيد فيمن دفع دابته إلى آخر ليعمل عليها، وما يرزق اللَّه بينهما نصفين أو أثلاثًا أو كيفما شرط، صح. ونقل أحمد بن سعيد، عن أحمد، فيمن دفع عبده إلى رجل ليكسب عليه، ويكون له ثُلث ذلك أو ربعه، فجائز. ونقل عنه حرب فيمن دفع ثوبه إلى خياط ليُفصله قمصانًا يبيعها, وله نصف ربحها بحق عمله، جاز. قال الأثرم: سمعت أَبا عبد اللَّه يقول: لا بأس بالثوب يُدفع بالثلث والربع. وسئل عن الرجل يعطي الثوب بالثلث ودرهم ودرهمين؟ قال: أكرهه؛ لأن هذا شيء لا يعرف، والثلث إذا لم يكن معه شيء نراه جائزًا؛ لحديث جابر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطى خيبر على الشطر (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 367 مطولا، وأبو داود (3414) مختصرًا من طريق الإِمام أحمد.

قيل لأبي عبد اللَّه: فإن النساج لا يرضى حتى يُزاد على الثلث درهمًا؟ قال: فليجعل له ثلثًا وعشري ثلث ونصف عشر وما أشبه. "المغني" 7/ 117 - 118، "معونة أولي النهى" 6/ 61 قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي: سألت أحمد عن الرجل يدفع البقرة إلى الرجل على أن يعلفها ويتحفظها، وما ولدت من ولد بينهما. فقال: أكره ذلك. "المغني" 8/ 15 - 16 وقال مهنا: قال أحمد: لا بأس أن يحصد الزرع، ويصرم النخل بسدس ما يخرج منه، وهو أحب إلي من المقاطعة. "المغني" 8/ 72, "إغاثة اللهفان" 1/ 420, "الفروع" 4/ 394, "الإنصاف" 14/ 137، "معونة أولي النهى" 6/ 62 ونقل البرزاطي عن أحمد في رجل استأجر رجلًا يحمل له كتابًا إلى الكوفة، وقال: إن أوصلت الكتاب يوم كذا وكذا ذلك عشرون، وإن تأخرت بعد ذلك بيوم فلك عشرة. فالإجارة فاسدة وله أجر مثله. "المغني" 8/ 87، "معونة أولي النهى" 6/ 124 نقل ابن أبي حرب في إجارة الفرس بالسهم من الغنيمة: يصح، وأنه ليس بشركة. "الفروع" 4/ 394 نقل عنه سعيد بن محمد النسائي فيمن استأجر راعيًا بثلث درها ونسلهما وصوفها أو جميعه، له أجر المثل. "المبدع" 5/ 70, "معونة أولي النهى" 6/ 122 ¬

_ قال الهيثمي في "المجمع" 4/ 121: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وقال الألباني في "الإرواء" 3/ 281: وهذا سند صحيح على شرط مسلم.

1759 - إجارة الأجير بطعامه وكسوته

نقل عنه أبو الحارث فيمن استأجر دابة عشرة أيام بعشرة دراهم، وما زاد فلكل يوم كذا؛ أنه يصح. "معونة أولي النهى" 6/ 125 1759 - إجارة الأجير بطعامه وكسوته قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الزهريُّ: رجلٌ اكترى إلى مكةَ واشترطَ عليه نفقتَهُ، قال: إِنْ لمْ يعطِه وَرقًا فلا بأسَ بِهِ إِذَا أعْطَاهُ طعامًا. قال أحمد: ما يعجبني حتَّى يكون شيئًا محدودًا ليس فيه شكٌّ، فهوَ أجود، وأمَّا إذَا أراد أنْ يأخذَ دراهم، فَلَا يجد بدًّا مِنْ أنْ يحدَّها. والطعامُ على ذَلِكَ قَدْ تَسَهَّل النَّاس فِيهِ. قال إسحاق: إِنْ اكترى الرجلُ واشترط أن يطعم المُكاري فإِنَّ ذَلِكَ كِرى جَائزٌ، ولكن إِذَا كَانَ الطعام مسمَّى مع الكِرى المسمّى كَانَ أفضل. وإنْ لمْ يسم الطَّعَام فهو جائزٌ؛ لأنَّا نجيزُ إِجَارة الرَّجُل نفسه على طعامِ بطنِهِ وهؤلاء أفسدوه، ثمَّ خالفوا قَولهم أَيضًا فقالوا: إِذَا استأجرَ ظئرًا بطعامِ بطنها. "مسائل الكوسج" (1991) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: كلّ أجيرٍ استأجرته أو دارٍ بشيءٍ يُكال أو يُوزن، فهو مكروهٌ إلَّا شيئًا هو عِنْدكَ بمنزلَةِ شيءٍ تبيعه. سُئِلَ سفيانُ إنْ هو عمل عَلَى هذا؟ قال: لَهُ أجر مثله. سُئِلَ سفيان: وليسَ له إِلَّا الذهب والفضة؟ قال: نعم. قال أحمد: ليس بَذَا بأسٌ إِذَا اكْتريتَ دَارًا، أو اسْتأجرتَ غُلامًا بكَذا وكَذا قَفِيزا منْ حنطةٍ كَذَا وكَذَا شهرًا إلَّا مَنْ قال: المحاقلة: أن يكري

الأرض بالطعامِ المسمَّى. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2137) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا الرجلُ الذي يسلمُ الغلامَ إلى أهلِ الصناعاتِ عَلَى أنْ يعلمَهُ الصانعُ الحرفةَ سنين، واشترطَ المدفوعُ إِليه: متَى ما علَّمتُهُ فأخذته قبلَ شرطي؛ فلي عليكَ مائتا درهم، فأخَذَهُ قبلَ شَرطِهِ وقَدْ تعلَّمَ الصِّنَاعَةَ؛ فإنَّ الذي يعتمد عليه الوفاء في الشروطِ لما قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المسْلمون عند شروطِهِم، إلَّا أنْ يكونَ شرطًا يحرمُ حلالًا أو يحلُّ حرامًا" (¬1) وهذِه مسألةٌ يعملُ النَّاسُ بها ويُبتلون، فإذَا شرطَ مِثْلَ هذا الشرطِ، واجتهدَ المدفوعُ إِليه أنْ يعلمه الصِّنَاعةَ أسرعَ وربما أنفقَ عليه ليستدرك ذَلِكَ وأفضل مِنْه في وقته، فإذَا غَدَر بِهِ أبو الغلام، أو الذي دفع إليه كائنًا مَنْ كَانَ؛ لزمه الشرُ الذي شرط عَلَى نفسِه طائعًا غير مكره. ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (1352)، ابن ماجه (2353) من حديث كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف المزني، عن أَبيه، عن جده. قال الترمذي: حسن صحيح. ورواه أبو داود (3594) من حديث أبي هريرة. قال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 5/ 213 - 214: في إسناده كثير بن يزيد أبو محمد الأسلمي مولاهم المدني، قال ابن معين: ثقة، وقال مرة: ليس بشيء. وقال مرة: ليس بذاك القوي، وتكلم فيه غير واحد. وقال ابن حجر في "التلخيص" 3/ 23: الحديث أخرجه أبو داود والحاكم من حديث أبي هريرة، وضعفه ابن حزم وعبد الحق، وحسنه الترمذي، ورواه الترمذي، والحاكم من طريق كثير بن عبد اللَّه بن عمرو عن أَبيه عن جده، وزاد: "إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا" وهو ضعيف والدارقطني والحاكم من حديث أنس ولفظه في الزيادة: ما وافق من ذلك وإسناده واهٍ، والدارقطني والحاكم من حديث عائشة وهو واهٍ أَيضًا. اهـ. وصححه الألباني بمجموع طرقه وشواهده في "الإرواء" (1303).

قال إسحاق: وأمَّا تصحيحُ طعام الغلام وكسوته إِلَى أَنْ يعلمَهُ، فإنَّ السنةَ مَضَتْ في استئجارِ الرجلِ بالكسوةِ وبطعامِهِ أنهُ جائزٌ، رَأى ذَلِكَ ابن عبَّاس (¬1) وأبو هريرة -رضي اللَّه عنه-، وقَدْ قال اللَّهُ تباركَ وتَعَالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا} [البقرة: 202] , فَتَلاها ابن عباس -رضي اللَّه عنه- حين سُئِلَ عمن يؤاجرُ نفسَهُ عَلَى أنْ يطعمُوه ويخدمَهُم، وكَذلِكَ قال أبو هريرة -رضي اللَّه عنه-: أجَّرتُ نفسي على طعامِ بطني وعَقِبَةِ رجلي (¬2). فإنْ قال قائلٌ: قَدْ ¬

_ (¬1) رواه الحاكم 2/ 277 - 278، والبيهقي 4/ 333. (¬2) روي هذا الأثر من طرق عن أبي هريرة: فرواه ابن ماجه (2445)، ابن سعد في "الطبقات" 4/ 326، والبيهقي 4/ 120، وفي "الشعب" 4/ 137 (4576) من طريق سليم بن حيان عن أَبيه حيان بن بسطام. قال البوصيري في "الزوائد" (818): هذا إسناد صحيح موقوف، حيان هو ابن بسطام، ذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه الدارقطني والذهبي وغيرهم، وباقي رجال الإسناد أثبات. وضعفه الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (534) وقال: وتوثيق الدراقطني والذهبي لحيان لا أصل له في "الزوائد" وغيره. ورواه عبد اللَّه بن أحمد في "الزهد" ص 226، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 383 من طريقه، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 67/ 365 من طريق عبد المؤمن بن عبد اللَّه السدوسي عن أبي يزيد المديني. ورواه عبد الرزاق 8/ 215 (14941)، وابن سعد في "الطبقات" 4/ 326 من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين. ورواه ابن حبان 16/ 10 (7150)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 380 من طريق الجريري عن مضارب بن حزن. قال الحافظ في "الإصابة" 4/ 209: وفي "الحلية" من تاريخ أبي العباس السراج بسند صحيح عن مضارب بن حزن. . ثم ساقه. قلت: فبهذا الطريق الصحيح مع طريق عبد الرزاق إذا انضما إلى طريق سليم بن=

جاءَ الحديثُ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن: "مَنْ استأجرَ أجيرًا فليعلمه أجرَهُ" (¬1) فإنَّ ذَلِكَ كما أحتج، وغلط في الاحتجاج بهذا في هذا الموضع؛ لأنَّ الأجرةَ بينةٌ إِذَا كانتْ كسوته وطعامه، وذَلِكَ أنَّه يجعل لَهُ كسوةً وسطًا، وطعامًا كما يطعم مثله، فإنْ قال: إنَّ هذا ليس ببين، قيلَ لَهُ: فلم أجزته إِذَا استأجر ظِئْرًا (¬2) عَلَى أنْ يطعمَهَا ويكسُوهَا ثوبًا ضربا مِنَ الثيابِ بغيرِ أعيانها؟ فإنْ قال: استحسنتُ ذَلِكَ؛ فالحجةُ عليه إِذَا لمْ يكنْ طعامُ بطنِهِ معلومًا، وزعمت أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ استأجر أجيرًا فليبين لَهُ الأجرَ" فكيفَ جَازَ لكَ أنْ تستحسنَ خلافَ قَولِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ هذِه زلةٌ عظيمةٌ، بل خدمةُ الخدم عَلَى طعامِ بطونهم أشهرُ للنَّاسِ أن يعلموها من الضرورة فكيفَ ميزت بينهمَا، وأقررتَ أنَّ مَعْنى هذا واحدٌ، وأنهُ عَلَى خلافِ مَعْنَى قولِ الرسولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عندك؟ بل السنةُ في ذَلِكَ ما وصَفْنا أنَّهُ جائزٌ عَلَى ما يفعله النَّاسُ مِنَ الطَّعَامِ والكسوةِ، كما أنَّ الأجيرَ تستأجره شهرًا أو يومًا بدراهم معلومةٍ، فلا بدَّ من أنْ يكونَ لتلك الأيامِ ساعات لمْ يكنْ لكَ أنْ تستعمله فيها, وليس تلك الساعات بداخلةٍ في أجرتِكَ؛ لأنَّ الأجيرَ لا بدَ لهُ مِنْ إقامةِ المكتوباتِ، أو إتيانِ الغائطِ والبولِ، أو أكلِ الطَّعامِ فهذِه الأوقاتُ لمْ يبينها, ولا يستطيع أنْ يحدَّهَا في الأجير ولا ¬

_ = حيان من أَبيه يصح الأثر، وقد وثق الذهبي في "الكاشف" (1286) حيان بن بسطام، وقال البرهان الحلبي في "حاشية الكاشف": وثقه ابن حبان، [وهو] مقبول. واللَّه أعلم. (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 59، والنسائي 7/ 31 - 32، وأبو داود في "المراسيل" (181)، والبيهقي 6/ 120 من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا، ورواه النسائي موقوفًا، وصحح وقفه أبو زرعة كما نقله عنه ابن أبي حاتم في "العلل" 2/ 443. (¬2) الظِئر: المرضعة لغير ولدها.

ثالثا: المنفعة

المستأجر، فكيفَ أجزتم ذَلِكَ؟ فإنْ تَشَاحا فقال: اقرأ في المكتوبةِ أقل مما تقرأ مما تَراهُ جائزًا، وأبي الأجيرُ أنْ يقرأَ إلَّا ما سنَّ الرسولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أيجبرُ أنْ يقتصرَ عَلَى ما أَرادَ المستأجرُ؟ فإنْ قُلْتَ: لا، فَقَد انتقض عليكَ دَعواكَ، وإنْ كَانَ أكُولًا فأرادَ الاستيفاءَ، وأردتَ ألا يزيدَ عَلَى قوتِهِ، أيحكم الحاكم عَلَيه في ذَلِكَ بشيء؟ أو كانَ مستطلق البطن فَذَهب أكثر مما يذهب مثله أَلَهُ منعه؟ فإنْ قُلْتَ: لا، فَقَدْ أقررت أنَّ الإجارةَ تمت عَلَى ما يفعله النَّاسُ مِنْ غيرِ استقصاء ذَلِكَ الشيء الذي وقته، وكَذَلِكَ الطعامُ والكسوةُ عَلَى ما يفعله النَّاسُ. "مسائل الكوسج" (2313) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الرجل يستأجر على إطعام بطنه؟ قال: لا بأس به. "مسائل أبي داود" (1341) ثالثًا: المنفعة: 1760 - 1 - كون المنفعة يستباح تناولها ويجوز لمالكها منعها وإبدالها: قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قيلَ لَهُ: ما ترى في استئجارِ الحُلِيِّ؟ قال سفيان: لا بأسَ بِهِ. قِيلَ: والسّيف، والسرج؟ قال: والسَّيف والسرج. قال أحمد: الحُلِيُّ ما أدري مَا هو، وأمَّا السَّيفُ والسرجُ واللجامُ، فَلا بأسَ بِهِ.

قال إسحاق: كما قال الثَّوريُّ. "مسائل الكوسج" (2295) قال صالح: وسئل عن كراء الإبل؟ فقال: إذا كان لا يحمل عليها ما لا تطيق فلا بأس بكرائها. "مسائل صالح" (663) قال أبو داود: سألت أحمد عن كرى الحمام؟ قال: أخشى، كأنه يكرهه. "مسائل أبي داود" (1265) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قال: سألت سفيان عن رجل يؤاجر حلي فضة بالدراهم؟ قال: لا بأس به. سألته عن ذلك؟ فقال: لا يعجبني؛ لأنه يأخذ عليه فضلًا. قلت لأبي: إن استكرى ثوبًا يلبسه؟ قال: لا بأس؛ لأنه ينقص. "مسائل عبد اللَّه" (1133) قال الخلال: أخبرني أبو نصر إسماعيل بن عبد اللَّه بن ميمون العجلي قال: قال أبو عبد اللَّه فيمن حمل خمرًا أو خنزيرًا أو ميتة لنصارى وهو مكره: أكره كراءه، ولكنه يقضى للحمال بالكرى. وإذا كان للمسلم فهو أشد كراهة. "أحكام أهل الملل" 1/ 199 (339) ونقل البرزاطي: سألته عن إجارة بيت الرحى الذي يديره الماء؟ قال: الإجارة على البيت والأحجار والحديد والخشب، فأما الماء

فإنه يزيد وينقص ويذهب، فلا تقع عليه إجارة. "بدائع الفوائد" 4/ 48 قال أحمد في رواية المروذي وسأله عن الحلي يكرى؟ قال: هذا مكروه أي شيء يكرى الذهب والفضة؟ ! قلت: هذا مكروه. وقال جعفر بن محمد: سئل أحمد عن كرى الحلي؟ قال: ما أدري ما هذا؟ وأنكره. وسُئل عن كراء الثياب؟ قال: لا بأس به. وقال في رواية ابن بختان: وسئل عن الحلي يكرى؟ قال: يكرى دراهم بدراهم. قيل له: يكون فيه الحبُّ واللؤلؤ؟ قال: لا. وقال في رواية حنبل في الحلي إذا كان يُكرى ويؤخذ أجره كان بمنزلة التجارة وجبت فيه الزكاة. "مجموع رسائل الحافظ ابن رجب" 2/ 724 - 752 قال أحمد في رواية محمد بن أبي حرب في الرجل يكري نفسه ليلازم رجلًا؛ فلا بأس به، قد شغله. وسئل في رواية الفضل بن زياد عن الرجل يكري نفسه لرجل ليلازم الغرماء، فقال: غير هذا أعجب إلى. "معونة أولي النهى" 6/ 133

1761 - كسب الماشطة

1761 - كسب الماشطة قال المرُّوذي: سمعت امرأة تقول: جاءت امرأة من هؤلاء الذين يمشطون، إلى أبي عبد اللَّه فقالت: إني أصل رأس المرأة بقرامل وأمشطها، أفترى لي أن أحج مما أكتسب؟ قال: لا. وكره كسبها؛ لنهي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). وقال لها: يكون من مال أطيب من هذا. "الورع" (592) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: سمعت أَبا عبد اللَّه وسألته جارة لنا ماشطة، فقالت: قد جمعت شيئًا من كسب يدي، وأريد أحج به. فقال لها: غيره أحب إلي لك. قالت: ليس عندي. قال: من الغزل تَحُجِّين أحب إليّ. أخبرنا محمد بن علي قال: سمعت حُسنًا أمَّ ولد أبي عبد اللَّه تقول: جاءتني امرأة من جيراننا فقالت: قد جمعت من العلف شيئًا، وأريد أن أحج. فقال أبو عبد اللَّه: لا تحج به، ليس ههنا أَجل من الغزل. "الترجل" (215 - 216) ¬

_ (¬1) روى الإمام أحمد 6/ 345، والبخاري (55936)، ومسلم (2122) من حديث أسماء بنت الصديق -رضي اللَّه عنهما- قالت: جاءت امرأة إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: يَا رسول اللَّه إن لي ابنة عُز تّيسًا أصابتها حصبة فتمزق شعرها أفأصله؟ فَقَالَ: "لَعَنَ اللَّهُ الوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ". وفي الباب عَنْ عَائِشَةَ، وعبد اللَّه بن عمر، وابن مسعود، وأبي هريرة، وابن عباس، ومعاوية، ومعقل بن يسار.

1762 - كسب الحجام

1762 - كسب الحجام قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أجرُ الحجّامِ؟ قال: نحن نعطيه كَما أَعْطَى النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، فَلَما سُئِلَ عن أكلِهِ نَهَى عنهُ، فَلَمَّا أُلح عليه قال: "اعلِفْه نَاضِحك". وإِنِ اسْتَفْتاني حَجَّامٌ نهيتُهُ. قال إسحاق: كُلما كانَ أجرُ الحجَّامِ يأخذه عفوًا مِنْ غيرِ شرطٍ كَانَ لَهُ ولمولاه أنْ يَأْكُلاه. "مسائل الكوسج" (1942) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كسبُ الحجَّامِ؟ قال: إذَا جَاءني مستفتيًا نَهيتُهُ وإِذَا ألحَّ أمرتُهُ بالذي أمَرَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- محيصةَ، وإنِ استفتاني حجَّامٌ نهيتُهُ. قال إسحاق: كما قُلنَا أولًا. "مسائل الكوسج" (1945) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا الحجَّامُ الذي يجز شعورَ النَّاسِ، ويأخذُ على ذَلِكَ أجرًا إنَّمَا إرادته أنْ يفعَلهُ لمنفعةٍ، فإِذَا أُعْطِيَ مِنْ غيرِ شرطٍ جَازَ ذَلِكَ، وإنْ كَانَ يريدُ أنْ يكتسبَ ما يكتسبُ مِنْ هذا لِعِيَاله، أو عَلَى نفسِه فهو مأجورٌ أَيضًا. وإنْ جزَّ شعورَ النَّاسِ يريدُ أنْ يؤجرَ ولا ينال منه منفعة، فهو مأجورٌ أَيضًا. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 250، والبخاري (2278)، من حديث ابن عباس أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- احتجم وأعطى الحجام أجره.

وإذَا أخَذَ مِنْ شعرِ نفسِهِ؛ فإنهُ لا يعيدُ الوضوءَ، وإنْ أمَرَّ الماءَ عَلَى شعرِه جَازَ، وإنْ تركَهُ فَلا شيءَ عليه. ولوْ رَأينا إيجابَ إِمرارِ الماءِ عَلَى شعرِهِ لرأينا إِعادةَ الوضوءِ؛ لأنَّ الوضوءَ إِذَا انتقضَ مِنهُ شيءٌ حتَّى صارتْ في غيرِ عملِ الوضوءِ؛ كانَ عليه إعادةُ الوضوءِ حتَّى يأتيَ كلا في موضعه بتمامِهِ. وكَذَلِكَ نتفُ الإبطِ، وحلقُ العانةِ، وقصُ الشَّاربِ، وتقليمُ الأظافرِ، لا يجبُ عليه في ذَلِكَ تجديد وضوء، والشَّاربُ أشدُّ، فإمرارُ الماءِ عليه حسن؛ لأنَّ الشاربَ مِنْ مواضعِ الوضوءِ. "مسائل الكوسج" (2305) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن كسب الحجام؟ قال: إن كرر عليَّ أمرته بأن يعلفه ناضحه وغلامه لا آمره بأكله، ونحن نعطيه وهو شر الكسب. "مسائل أبي داود" (1264) قال المروذي: سألت أَبا عبد اللَّه عن كسب الحجام؟ فكرهه، وقال؟ لولا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطاه ما أعطيناه. عن جابر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل عن كسب الحجام؟ فقال: "اعلف به ناضحك" (¬1). عن أبي هريرة قال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن كسب الحجام (¬2). "الورع" (210 - 212) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 307، وأبو يعلى 4/ 87 (2114) قال الهيثمي في "المجمع" 4/ 93: رواه أحمد وأبو يعلي، ورجال أحمد رجال الصحيح. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 299، والنسائي 7/ 310 من طريق محمد بن جعفر عن شعبة، =

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن كسب الحجام يطيب له؟ قال: لا يأكله، يطعمه عبده وناضحه. "مسائل عبد اللَّه" (1135) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وبه آخذ -بحديث أبي جحيفة في الحجام- (¬1) إلَّا أن يعلفه ناضحه ويطعمه رقيقه على حديث محيصة، وآخذ بحديث ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطاه أجره. "مسائل عبد اللَّه" (1136) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: كسب الحجام؟ فقال: احتجم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأعطى الحجام أجره، ونهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ثمن الدم، ومعناه: ثمن الدم: أعطى الحجام أجره. وحيث سُئِلَ عن كسب الحجام. قال: وهو شر الكسب، حديث محيصة (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (1137) قال البغوي: وسمعت أحمد سُئِلَ عن أجر الحجام؟ فقال: هو شر الكسب. "مسائل البغوي" (59) قال في رواية الأثرم في الحجام: نحن نعطي كما أعطى -يعني: النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ولكن صاحبه لا يأكله، يطعمه الرقيق، ويعلفه الناضح. وقول ابن ¬

_ = عن المغيرة، عن عبيد اللَّه بن أبي نعم عنه به. وصححه العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" 1/ 444 (1694). (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 308، والبخاري (2086). (¬2) كذا سياق المسألة في المطبوع.

1763 - كسب الختان

عباس: لو كان حرامًا لم يعطه. فهذا تأويل من ابن عباس. "العدة في أصول الفقه" 2/ 591 1763 - كسب الختان قال المروذي: رأيت أَبا عبد اللَّه قد ألقى لختَّان درهمين في الطست. "سير أعلام النبلاء" 11/ 213 1764 - كسب المخنث قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: بئر احتفرت، وقد أوصى مخنث أن يعان فيها، ترى الشرب منها؟ قال: لا، كسب المخنث خبيث، يكسبه بالطبل. قلت له: فإن رش منها المسجد ترى أن يتوقى؟ فتبسم. "الورع" (119) 1765 - الرجل يؤجر داره للذمي أو يبيعها منه قال ابن هانئ: وسئل عن نصارى أوقفوا ضيعة للبيعة، أيستأجرها الرجل المسلم منهم؟ قال: لا يأخذها بشيء. لا يعينهم على ما هم فيه. "مسائل ابن هانئ" (1294) قال الخلال: أخبرني الحسين بن الحسن قال: حدثنا إبراهيم بن الحارث قال: قيل لأبي عبد اللَّه: الرجل يكري منزله من الذمي ينزله فيه

وهو يعلم أنَّه يشرب فيه الخمر ويشرك فيه؟ قال: ابن عون كان لا يكري إلَّا من أهل الذمة يقول: نرعبهم. قيل له: كأنه أراد به إذلال أهل الذمة بهذا؟ قال: لا, ولكنه أراد به أنه كره أن يرعب المسلم، قال: إذا جئت أطلب الكرى من المسلم أرعبته. فإذا كان ذميًّا كان أهون عندي. وجعل أبو عبد اللَّه يعجب لهذا من ابن عون فيما رأيت. أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سمعت أَبا عبد اللَّه في هذا المسألة قال: يقول -يعني: ابن عون-: أكره إرعاب المسلم، إذا تقاضيته الكبرى يرعب، فإذا كان ذميًّا فأرعبته لم أبال. أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنّا قال: سألت أحمد عن رجل يكري المجوسي داره أو دكانه وهو يعلم أنهم يزنون؟ فقال: كان ابن عون لا يرى أن يكرى المسلم يقول: أرعبهم في أخذ الغلة، وكان يرى أن يكرى غير المسلمين. أخبرنا أبو بكر المروذي أن أَبا عبد اللَّه سُئل عن رجل باع داره من ذمي وفيها محاريب؟ فقال: نصراني! ! واستعظم ذلك وقال: لا تباع يضرب فيها بالناقوس وينصب فيها الصلبان وقال: لا تباع من الكفار. قال: وشدد في ذلك. أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قال: حدثنا أبو الحارث أن أَبا عبد اللَّه سُئل عن الرجل يبيع داره وقد جاءه نصراني فأرغبه وزاده في ثمن الدار، أترى له أن يبيع داره منه وهو نصراني أو يهودي أو مجوسي؟

قال: لا أرى له ذلك، يبيع داره من كافر يكفر باللَّه فيها؟ ! يبيعها من مسلم أحب إليّ. قال أبو بكر الخلال: كل من حكى عن أبي عبد اللَّه في الرجل يكري داره من ذمي، فإن إجابة أبي عبد اللَّه عن فعل ابن عون ولم ينقل لأبي عبد اللَّه فيه قول. وقد حكى عنه إبراهيم أنَّه رآه معجبًا بقول ابن عون، والذي روي عن أبي عبد اللَّه في المسلم يبيع داره من الذمي أن كره ذلك كراهية شديدة. فلو نقل لأبي عبد اللَّه قول في السكنى كان السكنى والبيع عندي واحدًا، والأمر في ظاهر قول أبي عبد اللَّه ألا تباع منه؛ لأنه يكفر فيها وينصب الصلبان وغير ذلك. والأمر عندي ألا تباع منه ولا تكرى؛ لأنه معنى واحد. وقد أخبرني أحمد بن الحسين بن حسان قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن حصين بن عبد الرحمن فقال: روى عنه حفص ولا أعرفه. قال: لا أعرفه. قال له أبو بكر: هذا من النساك. حدثني أبو سعيد الأشج قال: سمعت أَبا خالد الأحمر يقول: حفص هذا العدني نفسه باع دار حصين بن عبد الرحمن عابد أهل الكوفة من عون البصري. فقال له أحمد: حفص؟ ! قال: نعم. فعجب أحمد. يعني: من حفص بن غياث. "أحكام أهل الملل" 1/ 200 - 202 (342 - 347)

1766 - 2 - كون المنفعة معلومة

1766 - 2 - كون المنفعة معلومة: قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: يكره أن تستأجر الظئر إلى أن تفطم حتَّى سمي أجلًا معلومًا أو دراهم معلومة، ولا يسمي كسوة إلَّا كسوة يسميها بابًا بابًا. قال أحمد: نعم. قال إسحاق: كما قال إلَّا قوله في الكسوة، لا ينبغي له أن يسمي الكسوة، يكسوها أوساط الكسوة. "مسائل الكوسج" (1234) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل اكْتَرى دَابةً مِنْ مكةَ إلى جدة بِكَذَا وكَذَا، فَإِنْ ذَهَبَ مِنْ جدة إلى عُسْفَان، فبكَذَا وكَذَا؟ قال سفيان: لا بأسَ. قال أحمد: لا إِذَا كَانَ في عقدةٍ واحدة، نحنُ نقيمُ الكراءَ مقامَ البيعِ. قال سفيانُ: الذي يكرهه النَّاسُ أنْ يقولَ: أكري إِلى مكةَ بِكَذَا وكذا، وإِلَى المدينةِ بِكَذَا، فَمِنْ أيهم يأخذُ كراه، لا يدري أي شيءٍ كَرَاه. قال أحمد: هذا الذي أكرهه شرطين في بيعٍ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2132) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا استأجرَ الرجلُ أجيرًا شهرًا معلومًا فجَاءَ في نصفِ ذَلِكَ الشهر؟ قال [سفيان]: الذي اسْتَأجره بالخيارِ إِنْ شَاءَ عملَ له، وإِنْ شاءَ لمْ يعملْ. قال أحمد: هو كَما قال، إنما اسْتَأجره في أولِ الشَّهرِ. قال إسحاق: كما قالا. "مسائل الكوسج" (2133)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يؤاجر دارَه على كلّ شهرٍ بعشرة دراهم؟ قال سفيان: مكروهٌ حتَّى يسمِّيَ شهرًا مَعْلُومًا، أو أشهر معلومةً. قال أحمد: لا بأسَ بِهِ إِذَا قال: كل شهر. قال إسحاق: كما قال أحمد، إلَّا أنَّ الوقت الذي يحتاج إِليه لا بدَّ مِنْ بَيَانِهِ، وإلَّا أقلُّ ذَلِكَ شهر. "مسائل الكوسج" (2136) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا استأجرت إنسانًا يومًا فذهب ذَلِكَ اليوم فليس عليه غيره؟ قال: إِذَا قُلْتَ: اعمل اليوم. فليسَ عليه إِلَّا ذَلِكَ اليوم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2138) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ قال لرجلٍ: أَكْتَرِي منكَ إِلَى مكةَ بكَذَا وكَذَا، فإنْ سرت شهرًا أوكذا -شيئًا يسميه- فَلكَ زيادة كَذَا وكَذَا؟ قال: أرجو ألا يكونَ به بأسٌ، إِذَا كانَ شرطًا واحدًا إلَّا أنْ يشترطَ شرطين. قال إسحاق: هو جائزٌ، وهَكَذَا عمل النَّاس في الكراءِ خاصةً. "مسائل الكوسج" (2182) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: إِذَا اكترى الرجلُ دابةً، ولمْ يسمِّ مَا يحملُ عليها؟ قال: يحملُ عَلَيها بقدرِ ما يعرفُ النَّاسُ وتَحْمِلُ الدَّواب. "مسائل الكوسج" (2338)

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يكتري البيت، فيجيء إليه الزوار، عليه أن يخبر صاحب البيت بذلك؟ فقال: ربما كثروا، ورأى أن يخبر، فراجعه الرجل. فقال: إذا كان يجيئه في الغدو. أي: إنه ليس عليه أن يخبره. "مسائل أبي داود" (1340) قال أبو داود: قلت لأحمد: كرى السمسار؟ قال: إذا استأجره أيامًا معلومة. قلت: يعطيه من الألف شيئًا معلومًا؟ قال: هذا عندي لا بأس به. قال أحمد: إلَّا أن يقول: من كل ثوب كذا، فإن هذا يكون الثوب بأقل ويكون بأكثر. "مسائل أبي داود" (1343) قال أبو داود: قلت لأحمد: يكتري الفرس الغزاة بثلاثة دنانير؟ قال: لا يجوز هذا إلَّا أن يكون شهر بكذا فما زاد فكل يوم بكذا. قلت: فيكتري للشعير إلى المقام ولا يعرف أين المقام؟ قال: فلا يجوز هذا. قلت: يعطي فرسه على النصف؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل أبي داود" (1512) قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل يكري الجريب لشيء مسمى بلا أَجل؟ قال: لا، حتى يعلم الأجل إلى كم، إلى شيء معلوم. "مسائل ابن هانئ" (1279)

قال ابن هانئ: سُئِلَ أبو عبد اللَّه عن: الرجل يكري دابته الغزاة، كذا وكذا -يعني: فراسخ لا يوقف عليها- ولا تعرف الغزاة كم شهر هي، هل يجوز ذلك؟ قال: لا يكري، حتى يسمي أيامًا معلومة، أو فراسخ معلومة. "مسائل ابن هانئ" (1301) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: رجل اكترى من حمال على أنَّه يحمله من مكة إلى الكوفة، في أحد عشر يومًا بخمسة عشر دينارًا، فأدخله يوم ثلاثة وعشرين يومًا؟ قال: أعجب إلي أن يصطلحوا، أو يرد عليه بقدر ما يعلم إن كرى مثله كذا كان، ويتحالون فيما بينهم. "مسائل عبد اللَّه" (1127) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يكتري الدابة فيقول: إن رددت الدابة اليوم فَكِرَاها خمسة دراهم، وإن رددتها غدًا فكراها عشرة؟ قال: لا بأس. وكذلك لو قال: قد اكتريتها كل يوم تحبسها بعشرة دراهم، فما حبسها فعليه لكل يوم عشرة دراهم. "مسائل عبد اللَّه" (1131) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: الخياط يكون عنده الغلام أيبعثه في حوائج، ما ترى في ذلك؟ قال: إن كان من عمله فنعم، وأما غير ذلك فلا، حتَّى يستأذن أهله. "مسائل عبد اللَّه" (1134) نقل عنه أبو الحارث والمروذي في الرجل يكتري لمدة غزاته: لا يصح. "الروايتين والوجهين" 1/ 423

1767 - 3 - وقوع الإجارة على المنفعة لا العين ذاتها

وقال في رواية الشالنجي: إذا استأجر أجيرًا شهرًا، فلا يجوز حتَّى يسمي الشهر. "المغني" 8/ 10 "معونة أولي النهى" 6/ 156 نقل عنه أبو الحارث في رجل استأجر دابة في عشرة أيام بعشرة دراهم، فإن حبسها أكثر من ذلك، فله بكل يوم درهم، فهو جائز. "المغني" 8/ 85 ونقل مهنا، عن أحمد فيمن استأجر من حمال إلى مصر بأربعين دينارًا، فإن نزل دمشق فكراؤه ثلاثون، فإن نزل الرقة فكراؤه عشرون. فقال: إذا اكترى إلى الرقة بعشرين، واكترى إلى دمشق بعشرة، واكترى إلى مصر بعشرة، جاز، ولم يكن للحمال أن يرجع. "المغني" 8/ 87 1767 - 3 - وقوع الإجارة على المنفعة لا العين ذاتها نقل ابن القاسم عنه في بيع عسب الفحل والأجرة عليه، قال: لا يأخذ. قيل: ألا يكون مثل الحجام يُعطى وإن كان منهيًّا عنه؟ فقال: لم يبلغنا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطى في مثل هذا شيئًا كما بلغنا في الحجام. "المغني" 6/ 304، "زاد المعاد" 5/ 796 1768 - 4 - القدرة على تسليم المنفعة نقل إبراهيم الحربي عن أحمد أنه سُئل عن الرجل يكتري الديك يوقظه لوقت الصلاة.

1769 - 5 - ألا يكون من القرب التي يختص فاعلها بكونه من أهل القربة

قال: لا يجوز. "المغني" 8/ 136 إجارة المشاع: نقل سندي عنه: يجوز بيع المشاع ورهنه، ولا يجوز أن يؤجر؛ لأن الإجارة للمنافع ولا يقدر على الانتفاع. "الفروع" 4/ 434، "الإنصاف" 14/ 335، "معونة أولي النهى" 6/ 140 1769 - 5 - ألا يكون من القرب التي يختص فاعلها بكونه من أهل القربة: قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أجرُ المُعَلِّم؟ قال: يَتَأولون فِيهِ حديثَ الرُّقيَةِ (¬1)، وزوَّجَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى سورةٍ مِن القرآنِ (¬2). وكَرِه أنْ يقولَ فِيهِ شيئًا. قال إسحاق: لا خيرَ فيه، إلَّا خيرَ في أجورِ المعَلِّمين؛ لأنَّ المفسرَ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الكَرَاهية، والرقيةُ لا تُشبهُ هذا، وكَذلكَ التزويجُ على سورةٍ مِنْ القرآنِ يُؤَدى كلٌّ عَلى جِهتِهِ. "مسائل الكوسج" (1943) ¬

_ (¬1) لعله يشير إلى حديث أبي سعيد الخدري في رقيته اللديغ بفاتحة الكتاب، رواه الإمام أحمد 3/ 2، البخاري (2476)، مسلم (2201). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 330، والبخاري (5149)، ومسلم (1425) من حديث سهل ابن سعد.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: القسَّام إذا حاسب يأخذُ الأجرَ؟ قال: أصل هذا كلُّه واحدٌ مثلُ المعلِّمِ والقَاضِي، كانَ سفيان بن عيينة يَكْرَهُ هذا كُلَّهُ. قال إسحاق: هذا أهونُ مِنَ التعليمِ لما لمْ تمضِ فِيهِ سنةٌ من النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لتحرِيمهِ. "مسائل الكوسج" (1944) قال صالح: كرى القسام؟ قال: أكره، يرويه موسى بن طريف، عن علي حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: اشترى رجل سروايل، وثم وزان يزن بالأجر (¬1). قال: ما أدري ما هذا. وقال: أجر المعلم النَّاسُ فيه مختلفون. "مسائل صالح" (1152) قال أبو داود: قلت لأحمد: كسب المعلم؟ قال: من الناس من يتوقى الشرط، وكان إذا لم يشارط أهون، سمعته غير مرة يفتي نحو هذا فيه، وقال مرة: فيه اختلاف. فقلت له: حديث أبي سعيد (¬2) ليس فيه حجة؟ قال: ذاك في الرقية. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 352، وأبو داود (3336)، والترمذي (1305)، والنسائي 7/ 284، وابن ماجه (3579) بنحوه من حديث سويد بن قيس، وليس من حديث علي. قال الترمذي: حديث سويد حديث حسن صحيح وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1805). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 2، والبخاري (2476)، ومسلم (2201).

فقيل: حديث سهل بن سعد زوَّج على سورة؟ (¬1). قال: إسناده صحيح، ولكن لم نر أحدًا يعمل به. "مسائل أبي داود" (1263) قال ابن هانئ: رأيت أَبا عبد اللَّه أعطى ابنه درهمًا (يوم النيروز) (¬2)، وقال: اذهب معه إلى المعلم فادفعه إليه. "مسائل ابن هانئ" (1300) قال ابن هانئ: سألت أَبا عبد اللَّه عن الرجل يكتب الحديث بأجر؟ قال: سمعت ابن عيينة يقول: لا يأخذ على شيء من الخير أجرًا, ولا يؤخذ على شيء من الخير أجر الشك من إسحاق. "مسائل ابن هانئ" (1302) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الأرغفة التي يأخذها المعلمون من الصبيان؟ قال: أكرهها، هذا قذر جدًّا. "مسائل عبد اللَّه" (1134) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن أجر القسام الذي يقسم الدور وغير ذلك؟ فقال: أتوقاه. ثم قال: ابن عيينة لا يأخذ على شيء من أمر الخير. "مسائل عبد اللَّه" (1139) نقل أحمد بن القاسم: وسمعت أحمد يقول في القوم بينهم الدار والأرض فيستأجرون القسَّام، قال: الأجر على قدر الحصص. "طبقات الحنابلة" 1/ 136 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 330، والبخاري (5149) ومسلم (1425). (¬2) في المطبوع من المسائل: درهما للنيروز. والمثبت من "الفروع" 8/ 175. وهو الصواب؛ وذلك لأن محقق "مسائل ابن هانئ" جزم بأن هناك كلمة غير واضحة بالأصل. فلعل ما أثبت هو الصواب للكلمة الغير واضحة.

وقال مثنى بن جامع: وسألته عن كتابة الحديث بالأجرة، فلم ير به بأسًا، وكتابة القرآن أَيضًا. "المغني" 8/ 38 - 39, "بدائع الفوائد" 4/ 45 قال أبو طالب: وعن أحمد أنَّه قال: التعليم أحب إليَّ من أن يتوكل لهؤلاء السلاطين، ومن أن يتوكل لرجل من عامة النَّاس في ضيعة، ومن أن يستدين ويتجر؛ لعله لا يقدر على الوفاء فيلقى اللَّه تعالى بأمانات النَّاس، التعليم أحب إليَّ. "المغني" 8/ 136، "الآداب الشرعية" 1/ 104، "معونة أولي النهى" 6/ 164 نقل عنه أيوب بن سافري في المعلم: لا يطلب ولا يشارط، فإن أعطي شيئًا أخذه. ونقل أحمد بن سعيد عنه: أكره المعلم إذا شرط. وقال: إذا كان المعلم لا يشارط، ولا يطلب من أحد شيئًا، إن أتاه شيء قبله. كأنه يراه أهون. "المغني" 8/ 140, "معونة أولي النهى" 6/ 165 قال الأثرم: قلت: الرجل يعُطى عند المفصل؟ قال: لا يعجبني. "الآداب الشرعية" 1/ 317 نقل حنبل: يكره للمؤذن أن يأخذ على أذانه أجرًا. "الفروع" 4/ 435

رابعا: الصيغة

رابعًا: الصيغة: 1770 - هل تصح الإجارة بلفظ البيع؟ نقل عنه أبو الصقر فيمن أعتق عبده علي شرط الخدمة، ثم اشترى العبد خدمته من مولاه ثم مات المولى قبل أداء الثمن، فقال: يؤديه إلى الورثة، هذا بيع قد وقع. "معونة أولي النهى" 6/ 108

باب أحكام عقد الإجارة

باب أحكام عقد الإجارة 1771 - لزوم عقد الإجارة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ عنْ رجلٍ أجر غلامه أشهرًا وأخَذَ الكراءَ، ثمَّ بدَا لصاحبِ الغلامِ أنْ يأخذَ غُلامَهُ؟ قال سفيان: ليسَ لَهُ ذَلِكَ يؤخذ بالشرط. قال أحمد: جيّدٌ، هو هكذا. قال إسحاق: كما قالا. "مسائل الكوسج" (3133) قال أبو داود: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا اكترى فليس له أن يتركه مثل البيع. "مسائل أبي داود" (1338) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن: رجل أكرى نفسه من رجل إلي وقت معلومٍ، فكتبت إليه والدته تأمره بالقدوم وتذكر أنها ساخطة عليه إن لم يقدم؟ قال: كيف يصنع وقد أكرى نفسه؟ ! يكتب إليها ويتلطفها. "مسائل أبي داود" (9339) قال البغوي: وسأل رجل أحمد وأنا أسمع: إني اكتريت من بغداد إلي مكة، فلما بلغت الكوفة بدا لي؟ قال: ليس لك ذلك إلا أن تكريه من غيرك. "مسائل البغوي" (47) قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل اكترى بعيرا، فلما قدم المدينة، قال له: فاسخني؟

1772 - هل يبطل العقد بموت المؤجر أو المستأجر؟

قال: ليس ذلك له، قد لزمه الكراء. قلت: فإن مرض المستكري بالمدينة؟ فلم يجعل له فسخًا. "المغني" 8/ 23، "معونة أولي النهى" 6/ 180 1772 - هل يبطل العقد بموت المؤجر أو المستأجر؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: امرأةُ أسلمت غلامًا لَها في عملٍ فَمَاتَتْ، فورثتها أخْتُها إِنْ شَاءت أنْ تخرجَ الغلام أخرجته، وإِنْ أخرجته انفسختْ الإجارةُ؟ قال أحمد: ليس لها أنْ تخرجَهُ، ولا تنفسخ بالموتِ الإجارةُ، ولو أن المولى حي لمْ يكنْ لَهُ أنْ يخرجَهُ مِنَ الإجارةِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2092) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: البيعُ يقطع على المستكري كراه، وعَلَى المستأجرِ أجرَهُ؟ قال أحمد: ليس هذا بشيءٍ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ الكراءَ والإجَارةَ هما إِلَى ذَلِكَ الوقتِ حيًّا كانَ المؤاجرُ أو ميتًا. "مسائل الكوسج" (2093)

1773 - ما جاء في أسباب فسخ الإجارة

1773 - ما جاء في أسباب فسخ الإجارة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يستأجرُ البيتَ إِذَا شَاءَ أخرجه، وإِذَا شَاءَ خرجَ؟ قال: قَدَ وجبَ بينهما إِلَي أَجَلِهِ، إلَّا أنْ يهدمَ البيت، أوْ يموت البَعِير أو تغرق الدار أو الأرض، فَلَا ينتفعُ المستأجرُ بما أستأجرَ، فيكونُ عليه بحساب ما سَكَنَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2159) 1774 - استحقاق المؤجر للأجرة، ما دام المستأجر استوفي المنفعة, وهل يشترط أن يستوفي المستأجر المنفعه كاملة، أم أن الأجرة تكون بقدر استيفاء المنفعة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا اسْتَكْرى دابةً فَجَاوَزَ بِهَا؛ يضمنُ ولا كراءَ له؟ قال: لَهُ الكراءُ وعَليه ضَمانه، أَليسَ المضاربُ إِذَا خَالَفَ الربح لصاجِب المالِ والضَّمان عَلَيه، وحَديثُ عروة البارقي في الشَّاة (¬1). ¬

_ (¬1) رواه أحمد 4/ 375 - 376، والبخاري (3642)، بلفظ أن رسول اللَّه بعثه ليشتري له شاة، فاشترى له اثنتين فباع واحدة بدينار وأتاه بالأخرى، فدعا له بالبركة في بيعه.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1861) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلُ اكْترى مِنْ رجلٍ بعيرًا فمَاتَ في الطريقِ؟ قال: لَهُ بقدرِ مَا ركبَ، وإِنْ نَفَقَ الجملُ فللمكري بقدرِ ما ركب. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1990) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ: أرأيتَ لو بَنَى لي بناءً فوقَعَ قبلَ أنْ يسلمه إليَّ؟ قال سفيان: ليسَ لَه أجرٌ. قال أحمد: مَا هذا عندي مثل ذَاكَ، لَهُ أجرُ مَا عَملَ إِذَا قال: استعمل لي ألفَ لَبِنَةٍ في كَذَا وكَذَا فعمل له، ثمَّ سقطَ فَله الكراءُ، وإِذَا استأجره يومًا فَعمل فسَقَطَ عندَ الليلِ ما عمل: فَلَهُ الكراءُ. وإِذَا قِيلَ لهُ: ارْفَعْ لي حَائطًا كَذَا وكَذا ذِراعًا فَلهُ أنْ يرفعَهُ، فإِنْ سَقَطَ فعليه التمامُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2125) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سمعتُ الأوزاعيَّ قال: إِذَا اكْتَرى دَابَّةً فجاوزَ بِهَا الوقتَ، فإِنْ سلمتِ الدَّابةُ كَانَ لَهُ كراءُ الدابةِ، وإنْ هلكتِ الدابةُ ضمنَ ثمنَهَا، ولا كراءَ لصَاحِبِهَا. قال أحمد: لهُ الكراءُ، وإنْ عطبت فعليه الكراءُ والضّمانُ، واحتجَّ بحديثِ عروة البَارقي في الشَّاةِ. قال إسحاق: كما قال وليسَ في حديثِ عروة ذَاكَ البيان. "مسائل الكوسج" (2126)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إِذَا اكتريتُ إِلى الرّيّ ففرغت مِنَ الكراءِ؟ قال أحمد: وجبَ الذي بينهمَا؛ لأنَّ ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما- حين فَرَغَ مِنَ الكراءِ صَارفه، فالكَراءُ مثلُ البيعِ. فقلتُ: بعدَ ذَلِكَ بيومٍ أوْ بيومين، إنه قدْ بلغني خبر فإِنْ عَجّلت بيومٍ أو يومين فَلَكَ كَذَا وكَذَا؟ قال: لا بأسَ. قال أحمد: ليسَ بِذَا بأسٌ. قال: سفيانُ: فإِنْ زَادَ أوْ نقص فَلَهُ الكراءُ الأولُ، وليسَ لَهُ مِنَ الزِّيادَةِ شيءٌ. قال أحمد: إِنْ عجَّل لَهُ فينبغي أنْ يفيَ لَهُ الزيادةَ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2128) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ قال لرجلٍ: أَكْرِني دَابتك إِلَي مَكَانِ كذا وكَذَا، فذَهَبَ بِهَا إِلَى المكانِ الذي أكْراه فلمْ يحملْ عَلَيهَا شَيئًا، فَعَليه الكراءُ؟ قال أحمد: عَلَيه الكراءُ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّه لمْ يَحُلْ بينه وبين الذي شرطَ لَهُ أنْ يحمله. "مسائل الكوسج" (2130) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: كلُّ صانعٍ دفعتَ إليهِ عملًا يعمله ليسَ لَكَ أنْ تأخذَهُ حتَّى توفيه أجرَهُ. قال أحمد: يسلم المدفوع إِليه أولًا، ثم يعطيه الكراء. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2952)

قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ وأنا أسمع عن رجل اكترى من رجل دارًا بمائة درهم في السنة، فأراد أن يخرج منها بعد ستة أشهر؟ قال: له المائة، وعليه أن يكري الدار، لا يحول بينه وبينها. قيل له: يكريها؟ قال: ليس لك أن تكريها أنت، سلمها له إلي آخر السنة. "مسائل عبد اللَّه" (1130) نقل عنه أبو طالب، والأثرم، وإبراهيم بن الحارث: إذا سلم العين المؤجرة قبل الأجل يلزمه جميع الكرى للمدة. وقال أبو الحارث: عليه بقدر ما ترك من الشهر. "الروايتين والوجهين" 1/ 426 وقال في رواية إبراهيم بن الحارث: إذا اكترى بعيرًا بعينه، فنفق البعير، يعطيه بحساب ما ركب. "المغني" 8/ 28 ونقل ابن القاسم عنه: في رجل اكترى أرضًا يزرعها وانقطع الماء عنها قبل تمام الوقت؟ قال: يحط عنه من الأجرة بقدر ما لم ينتفع بها، أو بقدر انقطاع الماء عنها. "مجموع الفتاوى" 30/ 291 ونقل حرب: إن استأجر دابة أو وكيلًا ليحمل له شيئًا من الكوفة، فلما وصلها، لم يبعث له وكيله بما أراد، فله الأجرة من هنا إلي ثم. "الفروع" 4/ 421، "معونة أولي النهى" 6/ 111 ونقل الأثرم عنه فيمن اكترى بعيرًا بعينه فمات أو انهدمت الدار: فهو

1775 - إن زاد الأجير في العمل، ولم يؤمر به، هل يستحق أجرا على ما زاد؟

عذر، يعطيه بحساب ما ركب. "الفروع" 4/ 440، "معونة أولي النهى" 6/ 183 ونقل حنبل أن من استأجر أرضًا للزرع فأصاب الزرع جائحة أو آفة ولم ينبت يلزمه الأجرة. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 57 نقل حنبل عنه في رجل اكترى بعيرًا فمات المكتري في بعض الطريق، فإن رجع البعير خاليًا فعليه بقدر ما وجب له، وإن كان عليه ثقله ووطاؤه؛ فله الكرى إلى الموضع. "معونة أولي النهي" 6/ 185 1775 - إن زاد الأجير في العمل، ولم يؤمر به، هل يستحق أجرًا على ما زاد؟ قال ابن هانئ: عمل حائك في طراز أبي عبد اللَّه علي بابه غلقًا بنصف درهم. فقال لي: يا إسحاق قل له: لا أحسب لك ثمن الغلق. "مسائل ابن هانئ" (1309) ونقل أحمد بن أصرم، وقد سئل عن رجل استأجر أجيرًا على أن يحتطب له على حمارين كل يوم ينقل عليهما، وكان الأجير ينقل على الحمارين وعلى حمار رجل آخر في نوبة هذا، أو يأخذ منه الأجر؟ فقال: إن كان يدخل عليه فيه ضررًا رجع عليه بالقيمة، أو قال كلامًا هذا معناه. "بدائع الفوائد" 4/ 59

1776 - هل يستحق الأجير أو المؤجر الأجرة في الإجارة الفاسدة؟

1776 - هل يستحق الأجير أو المؤجر الأجرة في الإجارة الفاسدة؟ قال ابن هانئ: سألته عن الإجارة الفاسدة، له أجر مثله ما يعني به؟ قال: إذا كانوا قد خلطوا جميعًا، إلا أن يخالف الذي دفع إليه المال، فهو ضامن لما خالف. "مسائل ابن هانئ" (1303) ونقل محمد بن أبي حرب الجرجرائي في رجل عمل في قناة رجل بغير إذنه. قال: لهذا الذي عمل نفقته إذا عمل ما يكون منفعة لصاحب القناة. "الروايتين والوجهين" 1/ 368، "تقرير القواعد" 2/ 71، "معونة أولي النهى" 7/ 58 1777 - نفقة العين المؤجرة على المؤجر أم المستأجر؟ وهل يجوز أن ينفق عليها المؤجر ويحسبها من الكراء، وهل يجوز أن يقرضه المؤجر لينفق عليها؟ قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يستأجر الدار، فيقول لصاحب الدار: ما أنفقت فيها من نفقة فهو علي من كرائها؟ قال أبو عبد اللَّه: هذا إذا لم يكن سكنها ولا أكرها، فهذا لا يجوز؛ لأن هذا قرض جر منفعة، ولا يجوز هذا، وإذا اكتراها وهو فيها فلا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (1292) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: الرجل يستسلف من صاحب الدار وينفق عليها؟

1778 - هل يجوز للمستأجر أن يؤجر العين المؤجرة لغيره؟

قال: لا أرى به بأسًا. "مسائل ابن هانئ" (1293) 1778 - هل يجوز للمستأجر أن يؤجر العين المؤجرة لغيره؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا أكرى شيئًا أيؤاجره بأكثر مِنْ ذَلِكَ؟ قال: أَرجو أنْ لا يكونَ به بأسٌ إلَّا أنْ يؤاجره بنحوٍ مِنْ صِنَاعته. قال إسحاق: تركُه أفضل. "مسائل الكوسج" (1863) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل يستأجر الدار فيكريها بأكثر مما استأجرها؟ قال: إذا عمل فيها شيئًا، فلا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (1311) وقال في رواية أبي الحارث، والفضل بن زياد في الرجل يستأجر الدار فيؤجرها بأكثر من أجرتها من أهل صناعته: أرجو ألا يكون به بأس. وقال في رواية حرب، وحنبل: إن كان قد أحدث فيها عمارة أو عملًا جاز أن يكريها بزيادة علي ذلك، وإن لم يحدث فيها عملًا لم يجز كراؤها بزيادة على ذلك. ونقل جعفر بن محمد أنه قال: الأجير أشد من الدار لا يقول: إنما أجرتك نفسي لرضائي بك فلا أرضى بفلان. ونقل حنبل فيمن استأجر غلامًا خياطًا: يجوز أن يؤجره من غيره. "الروايتين والوجهين" 1/ 430, 431

1779 - أحقية المستأجر فيما أحدثه في العين المؤجرة

ونقل عنه الأثرم في رجل يتقبل العمل من الأعمال فَيُقَبَّلهُ بأقل من ذلك، أيجوز له الفضل؟ قال: ما أدري، هي مسألة فيها بعض الشيء. قلت: أليس كان الخياط أسهل عندك، إذا قطع الثوب، أو غيره إذا عمل في العمل شيئًا؟ قال: إذا عمل عملًا فهو أسهل. "المغني" 8/ 56، "معونة أولي النهى" 6/ 209 1779 - أحقية المستأجر فيما أحدثه في العين المؤجرة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل أمر رجلًا أن يبنيَ لَهُ في أرضِهِ، فيقيم سنةً ألهُ أنْ يخرجَهُ قبلَ السَّنةِ؟ قال أحمد: لا. قُلْتُ: فإِذَا جاء السنة لَهُ قيمة البناء، أو يقلع بناءه؟ قال أحمد: لا، بَلْ له قيمةُ بنائِهِ إلَّا أنْ يكونَ شرط عليه أن يقلع. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2247) 1780 - ما تناثر من الحبوب وقت الحصاد، وما حمله السيل، فنبت ونما، هل يحون لصاحب الأرض أم للأكار؟ قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل باع قصيلًا فحصد وبقي منه بقايا فصار سنبلًا؟

قال: هو لصاحب الأرض يعني: فيما أعلم ببقاء السنبلة بعد السنبلة والشيء اليسير. "مسائل أبي داود" (1310) قال أبو داود: قلت لأحمد: رجل زرع أرضًا بينه وبين آخر فحصد الزرع فوقع مما حصد في الأرض، فسقيت الأرض فنبت ذلك الحب الذي سقط زرعًا، لمن الزرع؟ قال: لصاحب الأرض. "مسائل أبى داود" (1311) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه: عن الرجل يستأجر الأرض العام، فيزرعها فلا تُخرج، فإذا كان عام قابلٍ، خرجَ الشيءُ بعد الشيء؟ قال: هو لصاحب البذرِ. "الورع" (411) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل دفع أرضًا من أرض السواد، إلى رجل يزرع فيها على أن ما أخرج اللَّه من هذِه الأرض فله فيها الربع، أو الثلث فحصد زرعه وأخذ غلته، ومضى، ثم إن رب الأرض سيب في تلك الأرض الماء، فنبت فيها شعير وحنطة، مما انتثر من ذلك الزرع، فباعه صاحب الأرض كما يباع القصيل، هل يطيب له ذلك؟ وهل كان للذي زرع فيها شيء؟ وهل للسلطان في ذلك من شيء؟ وكيف ترى له أن يصنع؟ قال: أما ما حصد، فتناثر منه فأرجو أن يكون لصاحب الأرض؛ لأنه ليس يخلو من أن يتناثر ويسقط منه. "مسائل عبد اللَّه" (1449)

1781 - حكم تصرفات المؤجر في العين المؤجرة ببيع ونحوه

1781 - حكم تصرفات المؤجر في العين المؤجرة ببيع ونحوه نقل عنه جعفر بن محمد أنه يصح البيع. وظاهر كلامه في رواية الميموني أنه إذا باع العين المؤجرة، ولم يبين أنها مستأجرة أن البيع لا يصح. "معونة أولي النهى" 6/ 193

باب تضمين المتكاريين واختلافهما

باب تضمين المتكاريين واختلافهما 1782 - ضمان الأجير قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إنَّ عليًّا -رضي اللَّه عنه- كانَ يضمنُ الأجير (¬1). قال: كلُّ شيءٍ تفسِده يده ضمن، وكلُّ شيءٍ يُصيبه مِنْ حرقٍ، أوْ غرقٍ فأجبن عَنْهُ. قال إسحاق: كما قال، لا يغرم مِنَ الحرقِ والغرقِ، وآفات السّماءِ. "مسائل الكوسج" (1859) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ضمانُ الصّناع: الحائكِ، والصّائِغِ، والصَّباغِ، والرَّاعي؟ قال: عليهم الضَّمَانُ مَا كَانَ مِنْ جنايةِ أيديهم، وأمَّا مَا كَانَ مِنْ حرقٍ أو غرقٍ بَيِّن فَأنا أَجبن عَنْهُ. قال إسحاق: هذِه والأولى سواءٌ كما بَيَّنَّا. "مسائل الكوسج" (1860) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الملاح يضمنُ الطّعام لَهُ الزيادةُ وعليه النقصانُ؟ قال أحمد: عليه النقصان، والزيادة لصاحبِ المالِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1898) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يَضمن الأجيرُ؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 218 (14950)، وابن أبي شيبة 4/ 315 (20479)، والبيهقي 6/ 122.

قال: أمَّا مَا عَنتت يده فَنَعَم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1903) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ أستأجرَ سفينةً فانكسرتْ أو غَرقتْ؟ قال أحمد: هذا مثلُ البعيرِ إِذَا مَاتَ، لَهُ بقدرِ ما حملَ، وليسَ على الملاحِ ضمانٌ، ولَهُ أجرٌ بقدرِ مَا حملَ، وليسَ عليه ضمانٌ إِلَّا أنْ تكونَ سفينتُه مشقوقةً، أو قِيلَ لَهُ: اتق هذا الصَّخْرَ فلمْ يفعلْ وحَمَلَهَا عليه، ونحو هذا مما يعرف لَهُ الذّنب، وأمَّا إِذَا جَاءَ أمرٌ مِنَ السَّماءِ فليسَ عليه ضمانٌ، ومِنَ النَّاسِ مَنْ يُضَمِّنُ كُلَّ أجيرٍ يأخذُ الأجرَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1992) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ دفعَ إِلَي حَائِكٍ غزلًا فأفسدَ حياكَتَهُ؟ قال أحمد: إِذَا أفَسَد فهو ضَامِنٌ، هذا إفساد يده. قال إسحاق: أجادَ، كما قال. "مسائل الكوسج" (1993) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الراعي المشترك يجيءُ بالجلدِ، فيقول: قَدْ ماتَ؟ قال [سفيان]: أمَّا مَنْ كَان يَرى الضمانَ، فإِنَّهُ لا يصدقه حتَّى يأتيَ بالبينةِ أنهُ قَدْ مَات. قال أحمد: كُلَّمَا كَانَ هَلاكه هَلاكًا ظَاهرًا فليسَ عليه ضمانٌ، إِنَّهُ مُؤْتَمن، مِنْ أين يجيء هذا في صحراء ببينةٍ؟ !

قال إسحاق: كما قال، وكذلك مَا أتلفه هوَ مِنْ تضييعٍ، أو تفريط جناية يد، أو غير ذَلِكَ فهو ضامنٌ. "مسائل الكوسج" (2122) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: كلُّ صنَّاعٍ عمل لَكَ ففرغَ منهُ -صباغ أو حائك- فسرق فليسَ عليكَ شيءٌ حتَّى يسلمه إِليكَ. قال أحمد: أقولُ هَكَذا ليسَ لَهُ كراء. قُلْتُ: والسّفينةُ إِذَا غرقتْ؟ قال: ليسَ لَهُ كراءٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2124) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاقُ عن الرجلِ يدفعُ الثوبَ ينسجُ عَلَى النصفِ، والجلدَ يدبغ، فيهلك في يدِهِ قبلَ أنْ يسلِّمَهُ ويردَّهُ؟ قال: أمَّا مَنْ يدفع الثوبَ إلى النسَّاجِ على الثلثِ أو الربعِ، أو شيءٍ مُسَمًّى: فإنَّ ذَلِكَ جائزٌ عندنا لما يتعامل الناس بينهم، كذلكَ سنتهم بينهم إِذَا لمْ يكنْ في ذَلِكَ شرطٌ يحرِّمُ حلالًا، أو يحلُّ حرامًا، وفي الإِجاراتِ قَدْ أجَازُوا أكثرَ مما يدخل في معاملةِ مَنْ ينسجُ الثيابَ، فإنْ هَلَكَ الثوبُ في يدِ النساجِ أو الدَّبَّاغ يهلكُ الجلدُ في يدِهِ، وقَدْ أخَذَه بأجْرةٍ بينةٍ؛ فإنهم ضامنون لقيمةِ ما اسْتَهلكوا. "مسائل الكوسج" (2300) قال إسحاق بن منصور: قلتُ لأحمد: عمر -رضي اللَّه عنه- ضمن رجلًا كان يختن الصبيان، فقطع من ذكر الصبي (¬1). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 470 (18045).

قال: يضمن. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2378) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: الطبيب يَبُطُّ (¬1)، فإن مات في يده يغرم. قال: لا، إلَّا أن يتعدى. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2408) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: على المداوي ضمانٌ؟ قال: إذا جاوز موضعَه الذي يُؤمر به، فأمَّا إذا كان يداوي الذي تداوى فلا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2516) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ [الأوزاعي] عن: الإمامِ يتكارى الرجل علي سياقِ الرمك فيضيع من ذَلِكَ، أيضمنه وقد سمى له على ذَلِكَ أجرا؟ قال: إن كان مغلوبًا فلا ضمانَ عليه. قال أحمد: مغلوب وغير مغلوب، فلا ضمان عليه. قال إسحاق: كما قال الأوزاعي. "مسائل الكوسج" (2781) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: -يعني لسفيان-: استَكريتُ أجيرًا يستقي لي عَلَى بعيري، فقلت: اذهبْ إِلَى الحيرةِ. فَذَهَبَ إِلى الفراتِ، فعطب البعير؟ قال: يضمنُ. ¬

_ (¬1) البط: شقُّ الجرح.

قال أحمد: هذا خالفه؛ يضمن. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2296) قال ابن هانئ: وسئل عن: الملاح أيضمن؟ قال: إذا أصابه شيء لا يملكه قبل الغرق ونحوه فإنه لا ضمان عليه، وإن كان من عنت ضمن. قيل له: إن أوقد نارًا في السفينة؟ قال: وبد له من أن يخبز؟ ! ولم ير عليه ضمانًا. "مسائل ابن هانئ" (1296) قال ابن هانئ: وسئل عن القصار والصباغ (¬1) يخرق الثوب أو يطهر به عضوًا؟ قال: أما ما عتقت يده، فإنه يضمن، وقال: ما كان من حريق أو شيء ظاهر فلا يعجبني أن يغرم. "مسائل ابن هانئ" (1297) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: عبد الرزاق قال: قال معمر: قال بعضهم: كانت امرأة تخفض فاعنتت جارية، فضمنها عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- (¬2). قلت: أيش تقول فيه؟ ¬

_ (¬1) القصار: الذي يبيض الأقمشة بعد الحياكة وقبل أن تفصل ثيابًا، والصباغ: الذي يلونها، وما زالت هذِه الصناعات معروفة في بلادنا غير أنها سائرة نحو الاندثار. انظر: "معجم الصناعات الشامية" العلامة القاسمي 2/ 267، 353. (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 470 (18045)، وابن أبي شيبة 5/ 420 (27591 - 27592).

قال أبو عبد اللَّه: تضمن، إذا لم يكن لها به بصر. "مسائل ابن هانئ" (1557) قال ابن هانئ: سئل عن الطبيب، أيضمن؟ قال: إذا عُلم أنه طبيب لا يضمن. "مسائل ابن هانئ" (1558) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أسلم ثوبًا إلي صباغ، فضاع الثوب عند الصباغ فأعطى الصباغ لصاحبه عشرة دراهم قيمة ثمن الثوب، ثم وجد الثوب بعد ذلك الضياع وقد اشترى الرجل ثوبًا فصبغه وقطعه؟ قال: أرى أن يرد عليه العشرة أعجب إلي. "مسائل عبد اللَّه" (1128) قال عبد اللَّه: حدثني عبد الأعلى قال: حدثني حماد، عن قتادة، عن الحسن في الملاح يضمن الطعام. قال: له الزيادة، وعليه النقصان. سألت أبي عن ذلك؟ فقال: له الزيادة، والنقصان على الملاح. "مسائل عبد اللَّه" (1129) قال في رواية الميموني في رجل دفع إلى رجل ثوبًا ليقطعه قمصًا فقطعه قباء أو قميص امرأة، أو إلى صباغ ليصبغه بعصفر فصبغه أسود، فهو لصاحب الثوب ويلزمه قيمة ما نقص. "الروايتين والوجهين" 1/ 417 وقال في رواية أبي طالب في الأجير المشترك إذا تلفت العين من حرزه: إذا جنت يده أو ضاع من بين متاعه؛ ضمنه، وإن كان عدوًا أو غرقًا فلا ضمان. "الروايتين والوجهين" 1/ 428، "المغني" 8/ 112، "معونة أولي النهى" 6/ 205

ونقل مهنا عنه فيمن دفع إلى القصار ثوبًا يقصره ثم ذهب الثوب مقصورًا فعليه قيمة الثوب خامًا. "الروايتين والوجهين" 1/ 428 وقال في رواية حرب في الطبيب والبيطار: إذا علم أنه طبيب فلا يضمن، فإن لم يكن طبيبًا، فكأنه رأى عليه الضمان. "الأحكام السلطانية" (302) وقال أحمد في رواية مهنا في رجل أمر غلامه يكيل لرجل بزرًا، فسقط الرطل من يده، فانكسر: لا ضمان عليه. فقيل: أليس هو بمنزلة القصار؟ قال: لا، القصار مشترك. قيل: فرجل اكترى رجلا يستقى ماء، فكسر الجرة؟ فقال: لا ضمان عليه. قيل له: فإن اكترى رجلا يحرث له على بقرة، فكسر الذي يحرث به. قال: فلا ضمان عليه؛ لأن عمله غير مضمون عليه، فلم يضمن ما تلف به؛ كالقصاص، وقطع يد السارق. "المغني" 8/ 106، "معونة أولي النهي" 6/ 197 ونقل حرب عنه فيمن دفع إلى الخياط ثوبًا ليخيطه فقطعه، ودفعه إلى خياط آخر. قال: لا، إن فعل ضمن. "الفروع" 4/ 442 قال محمد بن أبي حرب: سمعت أبا عبد اللَّه سئل قال: دفعت ثوبًا إلى خياط فقطعه ثم دفعه إلى آخر ليخيطه؟

قال: هو ضامن. "تقرير القواعد" 2/ 23 - 24 ونقل حنبل عنه في قصار أبدل الثوب فأخذه صاحبه فقطعه وهو لا يعلم أنه ثوبه. قال: على القصار إذا أبدل. قيل له: فإن كان مالًا فأنفقه؟ قال: ليس هذا مثل المال على الذي أنفقه؛ لأنه مال تلف، ففرق بين المال إذا أنفق وتلف، وبين الثوب إذا قطع؛ لأن العين هنا موجودة، فيمكن الرجوع فيها ويضمن نقصها القصار بجنايته خطأ. "تقرير القواعد" 2/ 364 قال محمد بن الحكم: وذكر له قول مالك: لا يغرم الذي لبسه ويغرم الغسال لصاحب الثوب. فقال: لا يعجبني ما قال، ولكن إذا هو لم يعلم فلبسه؛ فإن عليه ما نقص ليس على القصار شيء. "تقرير القواعد" 2/ 365 وفي مسائل البرزاطي، سئل أحمد عن صيرفي دفع إليه دينار محكك لينقده فنقصه وحكه. قال: قد أحسن. ولا شيء عليه. قيل له: فإن كسرَهُ؟ قال: يغرّم ما بين قيمته صحيحًا ومكسورًا فضة. "مجموع رسائل الحافظ ابن رجب" 2/ 729 ونقل عنه حرب في القصار ونحوه إذا كان متبرعًا بالعمل؛ لم يضمن جناية يده. "معونة أولي النهى" 6/ 204

1783 - ضمان المستأجر

1783 - ضمان المستأجر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سألتُ سفيانَ عَنْ رَجُلٍ تكارى حِمَارًا يومًا بدرهم عَلَى أنْ لا يخرجه مِنَ الكُوفة فأخرجَهُ؟ قال: يضمنُ. قال أحمد: جيّدٌ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّهُ خَالفَ الوجْهَ الذي أَخَذَه لَهُ. "مسائل الكوسج" (2127) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجلٍ تَكَارى دابَّةً فَضَربها فماتَتْ؟ قال: هوَ ضامنٌ إلَّا أنْ يكونَ أمره أنْ يضربَ. قال أحمد: إِذَا كان يضربها ضَربًا يَضْرِبُ صَاحِبُها مثلَه، إِذَا لمْ يتعد؛ فليسَ عليه شيءٌ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2160) قال إسحق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: مَنِ اسْتعارَ عبدًا بغيرِ إذنِ سيدِهِ في شيء لمثله إجارة، فطلبَ سَيَّدُ العبدِ إجارةَ مَا عملَ عبدُه؟ قال: لَهُ إجارةُ عبدِه. قال إسحاق: كما قال: وإنِ اسْتعارَ حرًّا مدركًا فليس عليه شيءٌ، وكلما كان غير مدرك واستعان به ضمن، وأمَّا إذا كان ممن يُسْتأجرُ مثله فلا إجارة لأوليائه كما يكونُ للسيدِ في عبدِهِ. "مسائل الكوسج" (2585) ونقل حنبل فيمن استأجر غلاما فأجره من غيرٍ بغير إذن سيده فتلف ضمنه. ونقل عنه لفظ آخر: إن تلف بسبب العمل ضمن، وإن تلف بغير سبب العمل لم يضمن. "الروايتين والوجهين" 1/ 430

1784 - الضمان في الإجارة الفاسدة

قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن الذين يكرون المظل أو الخيمة إلى مكة، فيذهب من المكتري بسرق أو ذهاب، هل يضمن؟ قال: أرجو أن لا يضمن، وكيف يضمن؟ ! إذا ذهب لا يضمن. "المغني" 8/ 113 - 114 1784 - الضمان في الإجارة الفاسدة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سُفيانُ عَن الإجَارَةِ الفاسدةِ، فِيها ضمانٌ؟ قال: ليسَ فيها ضمانٌ. قال أحمد: أنَا أقولُ في الإجارةِ الصَّحيحةِ إِذَا كَانَ هَلَاكًا ظاهرًا لمْ أضمنه. قال إسحاق: هُوَ كَما قال، ويعني بالظاهرِ: أنْ يكونَ الفسادُ مِنْ قبل اللَّه عز وجل. "مسائل الكوسج" (2129) 1785 - اختلاف المؤجر والمستأجر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ دفعَ إلى صباغٍ ثَوبًا ليَصبغه، فَصَبغَهُ، فَقَال صاحبُ الثَّوبِ: لمْ آمرك بهذا الصبغِ، والخياطُ والصائغُ كَذَلِكَ؟ قال: القولُ قولُ المدفوعِ إليهِ، ويُسْتَحْلَفُ أيضًا مَعَ ذَلِكَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1915)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إِذَا اكْترى دابَّةً فَذَهَبَ بِهَا، فَجَاءَ فَقال: قَدْ مَاتت في بعضِ الطَّريقِ فالقولُ قولُ المستكري؟ قال أحمد: إِذَا كَانَ مؤتمنًا فالقولُ قولُ المسْتكري. قال إسحاق: كما قال، فإنْ اتهمه حَلَّفَهُ. "مسائل الكوسج" (2131) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رَجلٌ اكْترى غُلامًا، فَقَال: فَرَّ منِّي؟ قال: ليسَ عليهِ شيءٌ إلَّا أنْ يقيمَ صاحبُ الغلامِ البينةَ أنه عمل عنده، وإلَّا فالقولُ قوله. قال أحمد: هو كَما قال. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2134) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: رجلٌ أستأجرَ مِنْ رجلٍ غُلامًا، فقال المستأجرُ: مَرِضَ عندي فلمْ يعملْ، وقالَ الغلامُ: قدْ عملتُ عنده؟ قال [سفيان]: إِذَا كانَ عنده في بيتِهِ فالكراءُ عَليَه إلَّا أنْ يجيءَ بالبينةِ أنهُ كَانَ مَرِيضًا. قال أحمد: هو كَما قال سفيانُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2135) نقل حنبل فيمن أستأجر عبدًا مدة بعينها وتسلمه ثم أدعى أنه أبق في هذِه المدة ولم ينتفع به، أنه لا يقبل قوله في ذلك، ويكون القول قول السيد، إلا أن يقيم المستأجر بينة بإباقه. "الروايتين والوجهين" 1/ 426

ونقل أحمد بن سعيد إذا كانت الأجرة طعامًا وكسوة، واختلفا في الإطعام، حكم فيه بالمد. وكذلك نقل أبو الصقر. "الروايتين والوجهين" 1/ 428 قال الفضل بن زياد: وقيل له: ما تقول في رجل اكترى من رجل دارًا، فوجد فيها كناسة، فقال صاحب الدار: لم يكن هذا في داري، وقال الساكن: بل قد كان في دارك، فقال: هو على صاحب الدار. "بدائع الفوائد" 4/ 63

باب السبق

باب السَّبَق ما جاء في شرائط جوازه 1786 - 1 - أن يكون في الأنواع الأربعة: الحافر، الخف، النصل، والقدم قال ابن هانئ: وسألته عن: الجوز الذي يقامر به الصبيان؟ قال: لا يجوز؛ لأنه أخذ بغير حق. "مسائل ابن هانئ" (1226) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: معنى حديث أَبَي هُرَيْرَةَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا سَبَقَ إِلَّا فِي خُفٍّ أَوْ نَصْلٍ أَوْ حَافِرٍ" (¬1). قال أبي: الحافر: الخيل، والنصل: السهم، والخف: البعير. "مسائل عبد اللَّه" (954) ونقل حنبل في السبق في الريش: الحمام ما سمعنا، وكرهه. "الفروع" 6/ 462 1787 - 2 - أن يحون الخطر فيه من أحد الجانبين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في الرهان. قال: إذا جُعِل معهما فرس محلل ليس بدونهما. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 474، وأبو داود (2574)، والترمذي (1700) وقال: هذا حديث حسن. والنسائي 6/ 226، وابن ماجه (2878). والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي" (1390)، "الإرواء" (1506).

قال: المحلل: لا يكون دونهما في الجري والقوة، وإنْ سَبَقَ كان له السبقُ منهما، وإنْ سُبق لم يكنْ عليه شيءٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2726) قال صالح: قلت: المحلل كيف يكون؟ قال: يكون لرجلين فرسان، فيخرج هذا سبقًا، ويخرج هذا سبقًا، ويجيء رجل آخر له فرس، ولا يكون بدونهما في الجري، فأيهما سبق أخذ سبقه، وإن سُبق المحلل أخذ السبق، وإن سبق لم يكن عليه شيء. "مسائل صالح" (325)

باب المناضلة

باب المناضلة 1788 - حكم إدخال المحلِّل بين المتسابقين في الرمي قال في رواية أبي طالب: الرمي أقول فيه أيضا يكون فيه محلِّل، مثل الفرسين هو قياس واحد، والإبل مثله قياس واحد، وسبق واحد. "الفروسية" ص 209

كتاب العارية

كتاب العارية باب ما جاء في أحكام عقد العارية 1789 - للمستعير استعمال العارية في الحدود المأذون بها فإن تعداها كان ضامنًا: قال إسحاق بن منصور: قلت: العارية؟ قال: العارية مؤداة. "مسائل الكوسج" (1810) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ الإمام أحمدُ رحمه اللَّه تعالى عن رجلٍ استَعَارَ دَابَّةً إلى مكَانٍ سمَّاهُ، فعطبتْ؟ قال: هو ضامنٌ. و"العاريةُ مؤدَّاةٌ" (¬1)، "عَلَى اليدِ مَا أخَذَتْ حتَّى تُؤَدي" (¬2). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1917) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُ: كلُّ إنسانٍ استعارَ شيئًا فرهنه بإذنِ صاحبِهِ فذهبَ الرهنُ ردّ المستعيرُ إلى صاحبهِ قيمةَ المتاعِ الذي كانَ رهنه بِهِ. ¬

_ (¬1) هو جزء من حديث أبي أمامة الذي رواه الإمام أحمد 5/ 267، وأبو داود (3565)، والترمذي (1265، 2120)، وابن ماجه (2398، 2399)، قال الترمذي: حسن صححه الألباني في "الصحيحة" (610، 611). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 8، وأبو داود (3561)، والترمذي (1266)، وابن ماجه (2400)، والحاكم 2/ 47 من حديث سمرة بن جندب، قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الحاكم، وضعفه الألباني في "الإرواء" (1516).

قال أحمد: نحن نقولُ: العاريةُ مؤداةٌ، وإنْ كانَ أرهنه بإذنِ صَاحِبهِ فَلابدَّ لهُ مِنْ أنْ يؤديه "عَلَى اليدِ ما أخذت حتَّى تؤدي". قال إسحاق: كما قال سفيانُ. "مسائل الكوسج" (1982) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجلٍ جَاءَ إلَي رجلٍ فَقَال: أَعِرْني ثوبَكَ أرهنه، فأعْطَاهُ فَرهنَهُ، فسرق الثوب؟ قال: كلُّ شيءٍ أخذه من سبب الثوب، ما بينه وبين قيمةِ الثَّوبِ يرده عليهِ. قال أحمد: الثَّوبُ عارية، هو ضامنٌ حتَّى يؤديَهُ. قال إسحاق: كما قال سفيانُ. "مسائل الكوسج" (2269) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا العارية فهي مؤداةٌ عَلَى كُلِّ حالٍ، وإنْ هلكتْ العاريةُ فلمْ يجدْ صاحبها سبيلًا إِلَى أنْ يؤدِيَهَا إِلَى أربْابِهَا لما ضاعت، فإنَّ أهلَ العلمِ قَدْ أخْتَلفوا: رأى قومٌ أنَّهُ ضامنٌ؟ لما قِيلَ: إنَّ "العاريةَ مؤداةٌ"، وتأوَّلَ هذا الحديثَ آخرون عَلَى مَعْنَى: أنَّهَا مؤداة لا يجوزُ للذي اسْتَعَارَهَا أنْ يحبسَهَا، فأمَّا إِذَا هلكتْ، فلمْ تكنْ مضمونةً إِذَا لمْ يكنْ خالف فيها، وهوَ الذي أختاره. قال إسحاق: أمَّا الوديعةُ فإنَّها إِذَا هلكت فلا ضمانَ عليه فِيها إِذَا لمْ يكنْ منه فِيها خلافٌ. "مسائل الكوسج" (2307) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: من استعار عبدًا أو صبيًا بغيرِ إذن أهلِه فقد ضمنه؟ قال أحمد: نعم ضمنه.

قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2377) قال صالح: وسألته عن العارية مؤداة؟ قال: العارية مؤداة، خالف أو لم يخالف فهو ضامن. وذكر حديث سَمُرَةَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "عَلَى اليَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ"، وقال: العارية أخذتها اليد، والوديعة دفعت إليك. "مسائل صالح" (384) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن العارية تضيع، ما يجب عليه؟ قال: الناس مختلفون في العارية: من -الناس من يقول: هي مضمونة- من الناس من يقول: لا ضمان على الذي استعار. "مسائل ابن هانئ" (1312) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن العارية؟ فقال: العارية مؤداة، خالف أو لم يخالف فهو ضامن، وذكر حديث سَمُرَةَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "عَلَى اليَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ". "مسائل عبد اللَّه" (1145) قال عبد اللَّه: وقال: العارية أخذتها اليد، والوديعة دفعت إليك. "مسائل عبد اللَّه" (1146) وقال يزيد بن هارون: سألت أبا عبد اللَّه: أيش تقول في العارية؟ فقال أبو عبد اللَّه: مؤداة. فقال له يزيد: حدثنا حجاج، عن الحكم أن عليّا لم يضمن العارية (¬1). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 179 (14786)، وابن أبي شيبة 4/ 320 (20539).

1790 - وجوب رد العارية من حيث أخذها

فقال أبو عبد اللَّه: أليس النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أستعار من صفوان بن أمية أدرعا، فقال: أغصب يا محمد؟ فقال: "بل عارية مؤداة". فسكت يزيد، وصار إلى قول أحمد بن حنبل. "طبقات الحنابلة" 2/ 570، "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 94 قال الخلال: أخبرني عبد الملك الميموني: أنه قال لأبي عبد اللَّه، وسأله عن المنيحة؟ قال: هي العمرى؛ إذا منحه ناقته، أو أرضه، أو داره، أخذها منه، والعارية مثل ذلك، إنما هي أسامي وأشياء توضع مواضعها. فالمنيحة: أن يمنح الرجل الرجل الناقة يحلبها ثم يردها عليه. "الوقوف" (124). 1790 - وجوب رد العارية من حيث أخذها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ إِذَا أكْرى رجلٌ دابةً، أو أعارَ أو استودعَ شيئًا، فعلى الذي أَكْرى، أو أعَارَ، أو أسْتودعَ أنْ يأخذَهُ من عنده، وليسَ عَلَيه أنْ يحملَهُ إِليه. قال أحمد: مَنْ استعارَ شيئًا فَعَليه أنْ يردَّهُ مِنْ حيثُ أخَذَه. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2239)

كتاب الغصب

كتاب الغصب باب ما جاء في محل الغصب 1791 - غصب الميتة نقل علي بن زكريا التمار، وقيل له: الدابة إذا أصابها إنسان ميتة، يأخذ ذنبها؟ قال: إذا كان قد تركها صاحبها. "الفروع" 4/ 494 - 495

باب ما جاء في أحكام الغصب

باب ما جاء في أحكام الغصب 1792 - بقاء الملك في المغصوب لمالكه، وتصرفات الغاصب الحكمية فيه باطلة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد بن حنبل: أرضٌ غصبها رجلٌ من آخر ترعى كلؤها؟ قال: نعم، إذا لم يحط عليها؛ لأنَّه ليس لأحدٍ أنْ يمنعَ الكلأ لا للغاصب ولا لصاحبه الأول المغصوب. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3319) قال صالح: وسألته عن دار غصب: يشتري الرجل فيها ويبيع؟ قال: لا. "مسائل صالح" (239) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن: الشراء والبيع في سوق مرو؟ فقال: ما لسوقها؟ قال: يقولون: هي صافية؟ قال: إن كانت صافية، فتحول منها، لا تشتري منها ولا تبيع. "مسائل أبي داود" (1250) قال أبو داود: سمعت أحمد قال له رجل: الشراء من هؤلاء الذين في الطريق؟ فقال: تقدر أن لا تشتري منهم، كلهم في الطرق؟ ! "مسائل أبي داود" (1251)

قال ابن هانئ: سألته عن الماء الذي يشترى على ظهر الطريق، يشرب منه؟ قال: نعم، ما بأس بذلك. "مسائل ابن هانئ" (1784) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه الرجل يبيع على الطريق؟ قال: لا ينبغي له أن يبيع علي طريق المسلمين شيئًا، يكرهه جدًا. "مسائل ابن هانئ" (1178) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل تكون له الضيعة، فتصير غيضة، فيصير فيها السمك، أيتصيد الرجل من ذلك السمك؟ قال: لا يصيد منه شيئًا إلا بإذنهم. "مسائل ابن هانئ" (1959) قال ابن هانئ: وسئل عن نهر حفره السلطان، وفيه ماء كثير تجري فيه السفن الكبار، فترى أنه يصطاد فيه السمك؟ قال: لا بأس إذا لم يكن أخذ ضيعة إنسان فاحتفر فيها أنهارًا، فإذا أخذ، فلا أرى أنه يصطاد. "مسائل ابن هانئ" (1960) قال المروذي: وسئل أبو عبد اللَّه عن اللقاط من مزارع الحذم. فقال: تتوقى أحب إليَّ. وأراه قال -سنة- كنا نحن نتوقى مزارعهم، ولم ير أبو عبد اللَّه بأن يدخل الرجل يأخذ الشوك والكلأ بأسًا. وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: رأيتهم بطرسوس يتوقون أمر الجواميس، لا يسترون المصلي، ولا غيره. قيل لأبي عبد اللَّه: إن قومًا يتوقون أن يوقدوا بخثي الجواميس.

فقال: نعم. يقال: إن أصلها ليس بصحيح. قيل لأبي عبد اللَّه: إنهم يقولون: إن معاوية بعث بها إليهم. قال: أراهم يصححون هذا. سمعت أبا عبد اللَّه، وذكر الجواميس التي بطرسوس. فقال: أصلها فاسد، يقال: إن فسادها من قبل بني أمية. يعني: غصبت منهم. قلت لأبي عبد اللَّه: أرويه عنك؟ فأجازه. هاشم بن القاسم، عن الحسن قال: إن أيسر الناس حسابًا يوم القيامة الذين حاسبوا أنفسهم للَّه في الدنيا، فوقفوا عند همومهم وأعمالهم، فإن كان الذي هموا به للَّه في الدنيا مضوا فيه، وإن كان عليهم أمسكوا، وإنما يثقل الحساب يوم القيامة على الذين جازفوا الأمور في الدنيا، أخذوها علي غير محاسبة، فوجدوا اللَّه قد أحصى عليهم مثاقيل الذر، ثم قرأ: {يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)} [الكهف: 49]. حدثني أحمد بن أبي خالد الخطاب قال: سمعت أبا العباس الحطاب يقول: وزنت عشرين ومائة ذرة بحذاء خردلة، أو قال: شعيرة. وأكثر ظني أنه قال: خردلة. حدثنا معاوية بن قرة أن رجلًا أخذ خمسًا وعشرين ذرة، فوضعها في كفة الميزان، فلم تمل بها عينُ الميزان. حدثنا معاوية بن قرة قال: بعث إليّ رجل بطعام، فأكلت منه ما أكلت، وفضلت منه فضلة، فأصبحت وقد اسود من الذّرّ، فوزنته بذرّه، ثم نقّيته من الذّرّ، فوزنته، فلم يزد، ولم ينقص.

عن ابن عمر قال: مر رجل يحمل حشيشًا، فتناول رجل منه طاقة. فقال له ابن عمر: أرأيت لو أن أهل منى أخذوا من هذا طاقة طاقة. بقي منها شيء؟ قال: لا. قال: فلم فعلت؟ ! قال: وبلغني عن سليمان بن حرب، سمعت حماد بن زيد يقول: كنت مع أبي فأخذت تبنة من حائط. قال: فقال لي: لم أخذت؟ قال: قلت: إنما هي تبنة! قال: لو أن الناس أخذوا تبنة تبنة. [هل] كان يبقى في الحائط تبن؟ ! أو كلامًا ذا معناه. عن عبادة: إنكم لتعملون أعمالًا هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا لنعدها على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الموبقات. أو: من الكبائر: رواية أخرى. قال: قلت لأبي قتادة: فكيف لو أدرك زماننا هذا؟ قال: كان لذلك أقول (¬1). حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي، سمعت ابن عيينة يقول: قال أبو حازم: لوددت أن أحدكم يتقي على دينه كما يتقي على نعله. سألت أبا عبد اللَّه: عن النزول في دور قوم، وذكرت من يكره ناحيته بعبادان، أو بطرسوس؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 79، من طريق عفان عن سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال عن أبي قتادة عن عبادة بن قرط والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث" (1079) من طريق الإمام أحمد. وروي من طريق آخر دون ذكر أبي قتادة في الإسناد، رواه الإمام أحمد 3/ 470، والبخاري في "التاريخ الكبير" 6/ 94 وللأثر شاهد من حديث أنس: رواه الإمام أحمد 3/ 157، والبخاري (6492).

فقال: لا ينزلها. فقلت: فمن مرض وهو فيها، ترى أن يُعاد؟ قال: يقال له: أخرج منها، أو تحول عنها. قلت لأبي عبد اللَّه: إن ابن المبارك قال: إن كان عالمًا لم أر أن ينزل فيها، فإن كان جاهلًا كأنه سهل. قال أبو عبد اللَّه: العالم يقتدى به، ليس العالم مثل الجاهل. حدثنا أبو بكر: سمعت أبا العباس الصائغ يقول: قال لي بشر بن الحارث: أقرئ محمد بن مقاتل السلام، وقل له: قد ذهب ثلثك بمقامك في دار مبارك التركي. قال: فأتيت أبا جعفر، فأخبرته، فلما أردت أن أودعه قال: أقرئ بشرًا السلام، وقل له: قد ذهب نصفك بمقامك ببغداد. قال: وسمعت عباسًا العنبري يقول: قال لي بشر بن الحارث: ما صدق اللَّه عبدٌ أحب المقام بها -يعني: بغداد-. قال: وسمعت بعض أصحابنا يقول: سمعت حسن بن الربيع يقول: قلت لبشر: أيش مقامك ببغداد؟ فقال لي: إني لأمسي بينهم، وكأني أطأ على الجمر. وقال لي عباس العنبري: قال لي بشر بن الحارث: قد أظلك هذا الشهر-يعني: شهر رمضان- اخرج من ههنا فارتد لصومك. قلت: يا أبا نصر، إلي أين؟ قال إلى المدائن، ونحوه. حدثنا سفيان، عن فضيل قال: يغفر للجاهل سبعين مرة حتى يغفر للعالم مرة.

سمعت إبراهيم بن شماس يقول: رأيت الفضيل -وأشار إلى قصر أم جعفر بمكة- فقال له: يغفر اللَّه لصاحبة هذا القصر سبعين مرة من قبل أن يغفر لي مرة؛ هي تعمل الشيء بجهل، وأنا أعمله بعلم. حدثنا أبو بكر قال: قلت لأبي عبد اللَّه: كتبت عن سيار، عن جعفر، عن ثابت، عن أنس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يعفى عن الأميين قبل أن يعفى عن العلماء" (¬1)؟ قال: نعم. حدثني إسحاق بن إسماعيل بطرسوس قلت: شاورت بشرًا في الخروج إلى طرسوس قال: فقال لي: أذنت لك أمك؟ قال: قلت: نعم. قال: لو كنت في غير هذِه المدينة ما أشرت عليك بمفارقتها، فأما إذا أذنت فاخرج. سمعت إسحاق بن بشر يقول: خرجنا مع بشر إلى باب حرب -يعني: الصحراء-. قال: فقال لي: يا أبا يعقوب تفكرت في هذِه القرية ومن كره الدخول إليها، واعلم أن الدباغ إذا كان في المدبغة لم يشم رائحتها، إنما يشم رائحتها من ورد عليها. "الورع" (51 - 72) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: ما تقول فيمن بنى سوقًا، وحشر الناس إليها غصبًا؛ ليكون البيع بها والشراء، ترى أن يُشترى منها؟ ¬

_ (¬1) رواه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (605)، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 331، 9/ 222، والضياء في "المختارة" (1609). قال أبو نعيم: حديث غريب، تفرد به سيار, عن جعفر، ولم نكتبه إلا من حديث أحمد بن حنبل. وقال الضياء: قال عبد اللَّه: قال أبي: هذا حديث منكر، وما حدثني به إلا مرة. وقال الألباني في "الضعيفة" (3154): منكر.

فقال: تجد موضعًا غيره؟ وكره الشراء منها. قيل له: من اشترى منها، يُشترى منه؟ قال: إذا كان بينك وبينهم رجل فهو أسهل، ولم ير به بأسًا. "الورع" (95) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إني اشتريت زادًا من موضع -وسميته له- وهي في يدي قوم ليسوا هم أربابها، فما علمت إلا بعد. وهو: الصواقي؟ قال: ترجع إلى القرية أو السوق، فتنثر الزاد، وتخرج. قال أبو بكر: هذا في الغصب. قال: حدثني أبو طالب بن عباد، عن محمد بن سيرين، أنه بعث بغلامه إلى الكلا يشتري له طعامًا، فلما رجع قال: ما صنعت؛ اذهب فرده، وكرهه؛ لأنه من الصواقي. حدثنا ابن عون قال: كان محمد يقول للذي يشتري له الطعام: أتق ذلك. قلت لابن عون: وما ذاك؟ قال: طعام الأحواز. "الورع" (102 - 104) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه: عن الشراء من مثل بستان ابن رباح، هل يتشرى منه؟ قال: يتوقى منه. وكرهه. قلت لأبي عبد اللَّه: رجل له والدة مريضة، وقد كان أبوه اشترى طوابيق من مكان يكره، وهو: الغصب. وقد فرش الدار بها، ترى للابن أن يدخل إلى أمه؟ قال: لا كيف يدخل؟ ! أليس يريد أن يطأها؟

وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان ابن المبارك لا يصلي بمرو في المسجد الجامع إلا الجمعة، لا يرى أن يتطوع فيه. قلت لأبي عبد اللَّه: لأي علة؟ قال: لأن أبا مسلم كان اغتصب منه شيئًا. "الورع" (105 - 107) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: ترى أن أصلي في مسجد بُني على ساباط؟ قال: لا. هذا طريق المسلمين. قال: وكان جعفر بن محمد بن علي، أو قال: محمد نهى أن يصلي في هذِه المساجد التي في الطرقات. قال أبو عبد اللَّه: وكان ابن مسعود يكره أن يصلي في المسجد الذي بُني على القنطرة. وقال لي أبو عبد اللَّه يومًا: خرجت البارحة لأصلي، فانتهيت إلى مسجد الحلقاني، فإذا هو في الطريق، فرجعت إلى البيت، فصليت وحدي، وقال لي -وذكر المساجد التي في الطرقات- فقال لي: إن حكمها أن تهدم. وقال: المساجد أعظم حرمًا. "الورع" (108 - 110) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه مرة أخرى يقول: هؤلاء الذين يجلسون على الطريق؛ يبيعون ويشترون، ما ينبغي لنا أن نشتري منهم. قال أبو بكر المروذي: بلغني أن أبا عبد اللَّه سُئل: عن رجل أخذ من الطريق شيئًا، يكون مقبول الشهادة؟ قال: ما هذا بعدل.

وذكر أبو عبد اللَّه رجلًا أخذ من الطريق شيئًا يستغله، فأنكره أبو عبد اللَّه إنكارًا شديدًا، وقال: قد أخذ طريق المسلمين يستغله. كالمنكر عليه. سألت أبا عبد اللَّه: عن الرجل يحفر في قناته البئر، أو المخرج المغلق؟ قال: لا. هذا طريق المسلمين. قلت: إنها بئر، تحفر ويسد رأسها؟ قال: أليس في طريق المسلمين؟ أكره هذا كله، قد بلغني عن شعيب ابن حرب؛ أنه قال: لا يطين الحائط مما يلي السكة؛ لعله أن يخرج في الطريق. ثم قال أبو عبد اللَّه: لقد دقق شعيب رحمه اللَّه. وسألت أبا عبد اللَّه: عن الرجل يحفر في فناء المسجد بئر الماء؟ قال: في الطريق؟ قلت: هو ذا حريم المسجد. قال: ما يعجبني أن يحفر بئرًا في الطريق. "الورع" (111 - 115) قال أبو بكر: قال أبو عبد اللَّه: أكره الشرب من هذِه الآبار التي في الطريق، قد كان أبو بكر المسكاني أوصى أن يحفر له بئر، فسألوني؟ فقلت لهم: لا تحفروا في شيء من الطريق. قلت لأبي عبد اللَّه: إني أسمع الشارب يقول: من بئر فلان، ممن أكره أن أشرب منه؟ قال: لا. قلت: ولا أتوضأ للصلاة؟ قال: لا.

قلت: فإن حضرت الصلاة، ولم أجد إلا منها، أتيمم؟ قال: لا أدري. عن بلال بن كعب قال: كان طاوس إذا خرج من اليمن إلى مكة لم يشرب إلا من تلك المياه القديمة الجاهلية (¬1). قلت لأبي عبد اللَّه: بئر احتفرت، وقد أوصى مخنث أن يعان فيها، ترى الشرب منها؟ قال: لا، كسب المخنث خبيث، يكسبه بالطبل. قلت له: فإن رش منها المسجد، ترى أن يتوقى؟ فتبسم. وسألت أبا عبد اللَّه: عن بئر أحتفرها بعض من يكره ناحيته، وهي مسبلة، وبئر أخرى هي في دار رجل هي مثلها، أيهما أعجب إليك الشرب منها؟ قال: المسبلة أعجب إليَّ. قلت: فإن كانت المسبلة في الطريق؟ فكأنه كرهها. قلت: فإن كان احتفرها بعض من يكره، وهي باردة، وبئر احتفرها رجل من سائر الناس، وليست باردة؟ قال: هذِه التي احتفرها هذا الرجل، التي ليست بباردة. سألت أبا عبد اللَّه: عن بئر احتفرت في السبيل للمسلمين، فحفر إليها رجل من داره مجرى، يجري الماء من البشر المسبلة إلى بئره؟ قال: هذا لا يصلح، يحوزه دون الناس، وإنما هي مشتركة. ¬

_ (¬1) رواه أبو نعيم في "الحلية" 4/ 10.

قلت: فيتوقى الشرب منها؟ قال: نعم. قال أبو عبد اللَّه: إذا نقص ماء البئر المسبلة أضر بها. وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: أكره الشرب من هذِه الآبار التي في الطرقات. سألت أبا عبد اللَّه: عمن أخرج بساتين في هذِه الدور، والماء يجري في القناة، فربما اقتطعوا ماء السقة؛ يسقون به النخل والبقل. قال: لا ينبغي أن يقطع عن الناس، وكرهه. قلت لأبي عبد اللَّه: قد احتفروا في هذِه البساتين بركًا، وربما أقطعوا الماء حتى يدخل إليهم، ترى أن يتوقى، يُشترى منها شيء؟ قال: ينبغي أن يتوقى، يشترى منها شيء، قال: ينبغي أن يتوقى، وكأنه كره فعلهم. "الورع" (116 - 123) قال أبو بكر: قلت لأبي عبد اللَّه: في المشي على العبارة التي يجري فيها ماء السقة إلى آبار الناس؟ قال: لا. وكره المشي عليها، وقال: إنما صيرت هذِه للماء أن يجري فيها، وقال: هذِه تخرب -يعني: إذا مُشي عليها-. وهكذا قال في المغتسل لا يغطي به البئر إذا حفرت في المسجد؟ فقال: إنما جعل ذلك للموتى. قال أبو بكر: رأيت أنا بشر بن الحارث يمشي على العبارة بعدما صلى على الجنازة، وكان عندي من ضرورة، وذاك أن الناس ازدحموا خلفه، ينظرون إليه. "الورع" (124 - 125)

قال أبو بكر: سألت أبا عبد اللَّه: عن بواري المسجد، ترى أن يقعد عليها خارج المسجد لجنازة تكون؟ قال: لا يقعد عليها خارج المسجد. ورأيت أبا عبد اللَّه، قد جاء يعزي رجلًا، وبارية على الباب، فلم يقعد مع الناس على البارية، وقعد على التراب. ورأيت عبد الوهاب الوراق -يوم مات سريج بن يونس- قد جاء فقام على بارية المسجد، وهي مطروحة على باب سريج، فلما أراد أن يقعد. قال له محمد بن حاتم: إن أبا عبد اللَّه يكره أن يقعد على بارية المسجد في غير المسجد، فتنحى، وقعد على التراب. قال أبو بكر: قلت لأبي عبد اللَّه: إني أُدعى أغسل الميت في يومٍ باردٍ، فيفضل من الماء الحار، ترى أن أتوضأ منه؟ قال: لا، ذاك قد أسخن بكلفة، كأنه ذهب إلى أمر الورثة. سمعت موسى بن عبد الرحمن بن مهدي يقول: لما قبض عمي أغمي على أبي، فلما أفاق قال: البساط نحوه. أي: أدرجوه لعله للورثة. سمعت ابن أبي خالد الخطاب يقول: كنت مع أبي العباس الحطاب، وقد جاء يعزي رجلًا ماتت امرأته، وفي البيت بساط، فقام أبو العباس على باب البيت، فقال: أيها الرجل، معك وارث غيرك؟ قال: نعم. قال: فما قعودك على ما لا تملك، أو كلامًا ذا معناه. قال: فتنحى الرجل عن البساط. وبلغني: عن ابن الضحاك صاحب بشر بن الحارث قال: كان يجيء إلى أخته حين مات زوجها، فيبيت عندها، فيجيء معه بشيء يقعد عليه، ولم ير أن يقعد على ما خلف من غلة الورثة. "الورع" (126 - 131)

قال أبو بكر: وسألت أبا عبد الرحمن عن بواري المسجد إذا فضل منه الشيء، أو الخشبة؟ قال: تصدق به، وأرى أنه احتج بكسوة البيت إذا تخرقت تصدق بها. قال: وسألت أبا عبد اللَّه: عن الجص والآجر يفضل من المسجد؟ قال: يُصير في مثله. "الورع" (132 - 133) قال أبو بكر: وقلت لأبي عبد اللَّه: نهر يستقى منه، ويصاد فيه، وقد سميته له، وهو: الخندق؟ فقال: هذا يصب إلى دجلة، إذا كان الشيء للعامة، فلم ير به بأسًا. وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: ثلاثة أشياء لابد للناس منها: الجسور، والقناطر. وأراه ذكر: المصانع، أو المساجد. "الورع" (134 - 135) قال أبو بكر: قلت لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا قال، وذكر مسجد الجامع، فقال: خارج المسجد أعجب إليّ أن أصلي فيه. فقال أبو عبد اللَّه: صاحب هذا نازل ببغداد؟ قلت: نعم. قال: هذا لا يليق بصاحب هذا الكلام، ولا يحسن به، هو نازل ههنا، وهو يتكلم بهذا. كيف يصنع؟ هذا يمشي تحت الطاقات، أخاف أن يخرجه هذا إلى أمرٍ -وخشي- ليت لا يكون من وراء هذا الأمر، وغلظ في هذا. وقال: هذا شديد، قد كان ههنا قوم أخرجهم هذا الأمر إلى أن أباحوا السرقة، فقالوا: لو سرق هذا لم يكن عليه قطع.

قلت لأبي عبد اللَّه: هؤلاء كانوا قد مرقوا من الإسلام؟ قال: نعم. قلت لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا قال: لو ناظروا بشرًا في مشيته تحت الطاقات أيش ترى كان يقول؟ قال أبو عبد اللَّه: لو تكلم بشر في مثل هذا لم يكن ينبغي أن يترل ببغداد. وذكر لأبي عبد اللَّه: حديث أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ؟ " (¬1). قال: هو حديث رديء -أراه قال- هؤلاء المعتزلة يحتجون به يعني: في ترك حضور الجمعة (¬2). وقال أبو عبد اللَّه -قبل موته بشيء يسير-: قد دخلت إلى داخل المسجد، وصليت على الحصير. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 301، والبخاري (3604)، ومسلم (2917)، من طريق أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يُهْلِكُ النَّاسَ هذا الحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ" قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: "لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ". وقال الحافظ في "الفتح" (13/ 10): أما قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ" فمحذوف الجواب، وتقديره: لكان أولى، والمراد باعتزالهم: أن لا يداخلوهم ولا يقاتلوا معهم، ويفروا بدينهم من الفتن، ويحتمل أن يكون "لو" للتمني؛ فلا يحتاج إلى تقدير جواب. (¬2) قال عبد اللَّه بن أحمد (2/ 301): قال أبي في مرضه الذي مات فيه: اضرب على هذا الحديث؛ فإنه خلاف الأحاديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، يعني قوله: "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَاصْبِرُوا". فعلق على ذلك أحمد شاكر رحمهُ اللَّه 15/ 162 بقوله: لعله كان احتياطا منه رحمه اللَّه، خشية أن يظن أن اعتزالهم يعني الخروج عليهم، وفي الخروج فساد كبير، بما يتبعه من تفريق الكلمة، وما فيه من شق عصا الطاعة، ولكن الواقع أن المراد بالاعتزال أن يحتاط الإنسان لدينه، فلا يدخل معهم مداخل الفساد، ويربأ بدينه من الفتن.

ثم قال أبو عبد اللَّه: هذا المسجد الحرام ينفقون عليه، ويعمرونه. "الورع" (136 - 139) قال أبو بكر: وقلت لأبي عبد اللَّه: إني أكون في المسجد في شهر رمضان، فيجاء بالعود من الموضع الذي يكره؟ فقال: وهل يراد من العود إلا رائحته؟ ! إن خفي خروجك فاخرج. عن عبد اللَّه بن راشد -صاحب الطيب- قال: أتيت عمر بن عبد العزيز بالطيب الذي كان يصنع للخلفاء من بيت المال، فأمسك على أنفه، وقال: إنما ينتفع بريحه. قلت لأبي عبد اللَّه: أرويه عنك؟ فأجازه. قال أبو سعيد مولي بني هاشم: حدثنا إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص قال: قدم على عمر -رضي اللَّه عنه- مسك وعنبر من البحرين. فقال عمر: واللَّه لوددت أني أجد امرأة حسنة الوزن، تزن لي هذا الطيب؛ حتى أفرقه بين المسلمين. فقالت له امرأته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل: أنا جيدة الوزن، فهلم أزن لك. قال: لا. قالت: ولم؟ قال: إني أخشى أن تأخذيه هكذا، فتجعليه هكذا -وأدخل أصابعه في صدغيه- وتمسحين عنقك؛ فأصيبَ فضلًا عن المسلمين. حدثنا عبد اللَّه بن معاذ العنبري، حدثني نعيم، عن العطارة قالت: كان عمر يدفع إلى امرأته طيبًا من طيب المسلمين، قالت: فتبيعه امرأته. قالت: فبايعتني، فجعلت تقوم، وتزيد، وتنقص، وتكسره بأسنانها، فيعلق بإصبعها شيء منه، فقالت به هكذا بإصبعها في فيها، ثم مسحت به على خمارها. قالت: فدخل عمر، فقال: ما هذِه الريح؟ فأخبرته الذي كان.

فقال: طيب المسلمين تأخذينه أنت، فتطيبين به! قالت: فانتزع الخمار من رأسها، وأخذ جزءًا من الماء، فجعل يصب الماء على الخمار، ثم يدلكه في التراب، ثم يشمه، ثم يصب عليه الماء، ثم يدلكه في التراب، ثم يشمه، ففعل ذلك ما شاء اللَّه. فقالت العطارة: ثم أتيتها مرة أخرى، فلما وزنت لي علق بإصبعها منه شيء، فعمدت فأدخلت إصبعها في فيها، ثم مسحت بإصبعها التراب. قالت: فقلت: ما هكذا صنعت أول مرة! قالت: أو ما علمت ما لقيت منه، لقيت منه كذا، لقيت منه كذا. "الورع" (140 - 143) قال أبو بكر: قلت لأبي عبد اللَّه: يحضر في يوم الجمعة يوم بارد، تري أن يسخن الماء من الموضع الذي أكره؟ قال: لا. ترك الغسل أعجب إليَّ من هذا. "الورع" (147) قال المروذي: سمعت امرأة تقول لأبي عبد اللَّه، وهي أم جعفر: إني أبيع الطيب من نساء قوم -سمتهم- ممن تكره ناحيته؟ قال: تعرضي أن تبيعي من الرجال، وذكر نساء التجار. "الورع" (190) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: فترى للرجل أن يتجر في الأرض التي يكره ناحيتها؟ قال: إذا علم، فلا. قيل له: فيصلي؟ قال: حسبك. "الورع" (198)، "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (247)

قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: ما تقول في طيرة أنثى، جاءت إلى قوم، فازوجت عندهم وفرخت، لمن الفرخ؟ قال: يتبعون الأم. وأظن أني سمعته يقول في الحمام الذي يرعى في الصحراء: أكره أكل فراخها. وكره أن يرعى في الصحراء وقال: تأكل طعام الناس. "الورع" (215) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: لو أن رجلا اغتصب دارًا فدفعها إلى أبي، كنت ترى أن أوقفها؟ قال: لا، تردها إلى صاحبها الذي أخذت منه. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (237) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل استودع ألف درهم، فلما كان بعد جاء رجل إلى المستودع، فقال: إن فلانا غصبني على الألف التي استودعك، وصح ذلك عند المستودع، أيردها على الذي استودعه، أو على صاحبها؟ فقال: إن لم يخف التبعة. قال أبي: التبعة: أن يرجعوا عليه من المستودع له، ولا من ورثته، وصح عنده أنها مغصوبة من المدعي لها، دفعها إليه. "مسائل عبد اللَّه" (1161) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل اشترى جارية، فصح عنده أن الذي باعه اغتصبها من رجل، يردها على مولاها الأول، أو على الذي اشتراها منه.

فقال: إذا صح عنده أنها له دفعها إليه، وإن خاف التبعة جميعها جميعًا بحضرة قوم فدفعها إليه، وذلك إذا صح. "مسائل عبد اللَّه" (1162) قال البغوي: وسأل رجل أحمد وأنا أسمع فقال: إني في موضع أكرهه، ومعي فيه أمي، وأريد التحويل منه، وليس تطاوعني. قال: ولم تكرهه؟ قال: هي بلاد غصب. قال: إن كان بلاد غصب، فدع أمك واخرج منه وإن لم تطاوعك. "مسائل البغوي" (13) نقل مثنى بن جامع عنه: لا يُعجبني الطحن في العروب مثل دجلة والفرات. "الروايتين والوجهين" 1/ 453 وقال عمرو بن حفص السدوسي: سمعت أحمد بن حنبل: وقد سأله رجل من أرمينية، فقال: نحن بأرض غصب، ولي فيها عيال. قال: إن خرجوا معك، وإلا فاخرج أنت. "طبقات الحنابلة" 2/ 107 وقال في رواية الفضل بن عبد الصمد في رجل له إخوة في أرض غصب: يزورهم ويراودهم على الخروج، فإن أجابوه، وإلا لم يقم معهم ولا يدع زيارتهم. "المغني" 7/ 380

1793 - يلزم الغاصب رد المغصوب بزيادته وضمان نقصه، وإن فإن للمغصوب أجرة، فعليه أجرة مثله مدة بقائه في يده

1793 - يلزم الغاصب رد المغصوب بزيادته وضمان نقصه، وإن فإن للمغصوب أجرة، فعليه أجرة مثله مدة بقائه في يده قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا زَرَعَ في أرضِ الرَّجُلِ بغيرِ إذْنِهِ؟ قال: يعطيه النَّفقةَ، والزَّرْعُ لربِّ الأرضِ؛ لأنَّ الزَّرْعَ لا يُنتفع بِهِ إِذَا قَلَعَهُ. "مسائل الكوسج" (1890) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِنْ أصابَ الأرضَ غرقٌ فَذَهب الزَّرعُ؟ قال: عليه أجرُ الأرضِ بقدرِ مَا شَغَلَهَا -يعني: عَلَى الغَاصِبِ-. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1891) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ فإنْ غَصَبَ سفينةً فغرقتْ؟ قال: يغرم، وأمَّا إِذَا غَصَبَ أرضًا فَزَرَعَها فأصَابَها غَرقٌ مِنْ قِبل الغَاصِب غَدِقَ قيمةَ الأرضِ، وإن كانَ شيئًا مِنَ السَّماءِ، فليسَ عليه شيءٌ، فإِنْ أصَابَ الزرعَ شيء، فَعَلى الغاصبِ كرى الأرضِ لربِّ الأرض بقدرِ ما شَغَلَ الأرضَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1892) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ بَنَى في حقِّ قومٍ بإذْنِهِم أو بِغَيرِ إذْنِهم؟ قال: إِذَا كَانَ بِإذْنِهم تُرد عَلَيه نفقته، وإِذَا كَانَ بغيرِ إِذْنِهم قُلِع بناؤه.

قال أحمد: وأحبُّ إِليَّ إِذَا كَانَ البناءُ يُنتفعُ بِهِ فأحبُّ إليَّ أنْ يُعْطِيه النفقة، ولا يُقلع بناؤه. قال إسحاق: كما قال سواءٌ. "مسائل الكوسج" (1893) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال ابن أبي لَيلى في الرجلِ يَبْني البناءَ في الأرضِ بغير إِذْنِ أهْلِهَا، ثمَّ يؤاجرها؟ قال: الغلَّةُ على النِّصْفِ. قال أحمد: ما أحسنه مِنْ قولٍ! قال إسحاق: الغلَّةُ على قدرِ ما أنفقَ في البناءِ، وعَلَى قدرِ قيمةِ الأرضِ. "مسائل الكوسج" (2066) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: رجلٌ أمر رجلًا أن يبتاعَ له جاريةً بمائة دينار، فاشْتراها الرجلُ بمائةِ دينار، ثم اسْتغلاها الرجلُ بعدَما اشتراها لَهُ؟ قال: هذِه غالية، آخذها لنفسي، فأخذها لنفسهِ بعدَما اشْتراها لصَاحِبه، فأحْبلها، فولدتْ؟ قال: هذا غاصبٌ عليه العُقْرُ، ويأخذُ الآمرُ جاريتَهُ، وولدُهَا رقيقٌ له، ويؤدّب المشتري. قال: فاشْترى لصَاحِبها غيرَها أرخص مِنْهَا، فسرح بِهَا إِليهِ، فَقَبضها الآمرُ، فأحبلها، فولدت، ثم اطّلع بَعْدُ أن الجاريةَ الأولى التي اشْتراها لَهُ هي أحبُّ إِليهِ منْ هذِه؟ قال: الولدُ للواطئِ الآمر، والجاريةُ لا يردها، وعَليه قيمتُها للمشتري؛ لأنَّهُ أخَذَها بشراء، وأولدَهَا، وهو استهلاك، فإنْ لمْ يولدها فإنْ شاءَ ردَّهَا.

قُلْتُ: إِنْ كانتْ ماتتْ الجاريةُ الأولى؟ قال: هذا غاصبٌ وهو ضامنٌ للقيمةِ. قال إسحاق: هذا الآمرُ حين وجهت الجارية إِليه فَوَطِئَهَا عَلى وجهِ الشراءِ، فالولدُ ولدُهُ، وعليه القيمة للذي وجّهها؛ لأنَّهُ كالاستهلاك، وأما المشْتري حين اشْتَراها للآمرِ، ثمَّ اسْتَغْلاهَا، فَقال: أنا أجعلها لنفسي، فإنَّه لمْ يسعْهُ ذَلِكَ، ولكنَّهُ إِذَا ولدتْ صيَّرت الولد ولده؛ لأنَّهُ وَطئها بشبهةٍ، وعليه القيمةُ للآمرِ إِذَا ولدتْ مِنْهُ. "مسائل الكوسج" (2946) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال ابن أبي ليلى: الرجلُ يبني في الأرضِ البناءَ بغيرِ إذنِ أهْلِهَا ثمَّ يؤاجرها، قال: الغلَّةُ على النصفِ. قال أحمد: كَما قال. قال إسحاق: كلما أخذَها بغيرِ إذنِ ربِّهَا، فإنَّ النماءَ كله تبع للأرضِ. "مسائل الكوسج" (2248) قال صالح: سألت أبي عن: رجل اغتصب قومًا مالا، ثم تاب ورد المال، وكسب فيه مالًا، ما ترى في كسبه هذا، أيطيب له هذا الربح؟ قال أبي: إذا اغتصب رجل رجلًا مالًا، ثم ربح فيه، رد الأصل والربح على صاحبه. "مسائل صالح" (182) قال صالح: سألت أبي عن: رجل خان قومًا بمال، وكسب فيه مالًا، ورد الخيانة، أيطيب له الربح؟ قال أبي: يرد الخيانة، وربحها على أربابها. "مسائل صالح" (183)

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن حديث رافع؟ قال: عن رافع ألوان، ولكن أبو إسحاق زاد فيه: "زرع بغير إذنه" (¬1)، وليس غيره يذكر هذا الحرف. قال أحمد: فإذا كان غصب فحكمه حديث رافع. "مسائل أبي داود" (1308) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن: رجل زرع في أرض قوم بغير إذنهم؟ فقال: له نفقته، والزرع لصاحب الأرض. قلت لأحمد: حديث النخل التي قلعت (¬2)؟ قال: النخل غير هذا، النخل ينتفع به، وهذا إذا قلع إنما هو حشيش لا ينتفع به. "مسائل أبي داود" (1309) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: وردت علينا مسألة من طرسوس في رجل اشترى حطبًا، واكترى دوابا، وحمله، ثم تبين بعد أنه تكره ناحيتهما، كيف يصنع بالحطب؟ ترى أن يرده إلى موضعه، أو كيف ترى أن يصنع به؟ ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد 3/ 465، 4/ 141، وأبو داود (3403)، والترمذي (1366)، وابن ماجه (2466)، بلفظ: "مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيرِ إِذنِهِمْ، فَلَيْسَ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ شَيءٌ، وَتُرَدُّ عَلَيهِ نَفَقَتُهُ" قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث أبي إسحاق إلا من هذا الوجه. اهـ. والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي" (1102) وانظر: "الإرواء" (1519). (¬2) رواه أبو داود (3636) من طريق حماد، عن واصل مولى أبي عيينة، عن أبي جعفر محمد الباقر عن سمرة بن جندب، وذكره المنذري في "المختصر" 5/ 240، وقال: في سماع الباقر من سمرة بن جندب نظر. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (1375).

فتبسم وعجب، وقال: لا أدري. "الورع" (337) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: وكيع قال: حَدَّثنَا حسن -يعني: ابن صالح- عن مطرف، عن رجل يقال له: حجاج، عن شريح: في رجل غصب عبدًا، فاستغله؟ قال: يرد الغلة. قال: سمعت أبي يقول: وكذا أقول لو غصب مالًا فاتجر فيه، يرد المال والربح جميعًا. "مسائل عبد اللَّه" (1148) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: رجل غصب عبدًا فاستغله؟ قال: أقول: يرد الغلة، ولو غصب مالًا فتجر فيه، يرد المال والربح على صاحبه، وكذلك الوديعة أيضا يردهما المال والربح جميعًا. قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: الرجل يخيط في المسجد، وعن الحراق يرده إلى صاحبه؟ فقال: يعجبني في الحراق أن يرده إلى صاحبه إلا أن يكون شيئًا ليست له قيمة. وقال: لا ينبغي أن تتخذ المساجد حوانيت ولا مقيلا، ولا مبيتًا، إنما بنيت للصلاة، ولذكر اللَّه تعالى. "مسائل عبد اللَّه" (1163) قال في رواية الأثرم: من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فعليه أجرة مثلها. وسأله محمد بن الحكم في رجل غصب دارًا فسكنها سنة، أو أقل أو أكثر، هل ترى عليه أجرة مثلها؟

فقال: من الناس من يقول: لا أجرة عليه، ولا أجترئ أن أجعل عليه سكنى ما سكن. قال أبو بكر الخلال: هذا قول قديم؛ لأن محمد بن الحكم مات قبل أبي عبد اللَّه بنحو من عشرين سنة. "الروايتين والوجهين" 1/ 411، "المبدع" 5/ 185 - 186، "معونة أولي النهى"، 6/ 364 نقل أبو طالب وعلى بن سعيد: إذا اتجر في الوديعة بغير إذن مالكها، فربح فيها فالربح لصاحب الوديعة. ونقل حنبل: لا يكون الربح لأحدهما، بل يتصدقان به. "الروايتين والوجهين" 1/ 415 ونقل بكر بن محمد عنه فيمن استكره حرة ثيبًا: عليه الصداق. "الروايتين والوجهين" 1/ 416 قال في رواية إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني فيمن غصب ثوبًا فصبغه فزاد: أن الغاصب شريك في الزيادة. "الروايتين والوجهين" 1/ 418 ونقل الميموني عنه فيمن غصب أرضًا فزرعها، فأراد صاحب الأرض الزرع لنفسه: يأخذه بما أنفق عليه. ونقل مهنا عنه: له قيمة الزرع. "الروايتين والوجهين" 1/ 420 قال في رواية بكر بن محمد فيمن غصب أرضًا فزرعها: الزرع لرب الأرض وعليه النفقة، وليس هذا بشيء يوافق القياس. استحسن أن يدفع نفقته. "العدة في أصول الفقه" 5/ 1605، "المسودة في أصول الفقه" 2/ 834

نقل يعقوب بن بختان فيمن اكترى دكانًا غصبًا، وهو لا يعلم، وقد خرج، ما يصنع بما اشترى منه؟ قال: يرده في الموضع الذي أخذه منه. "الانتصار" 2/ 418، "النكت والفوائد السنية" 1/ 45 نقل علي بن سعيد النسوي عنه: إذا غصب أرضًا فغرسها، فالنماء لمالك الأرض. "المغني" 7/ 379 ونقل حرب في خبر عروة: إنما جاز، لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جوزه له (¬1). "الفروع" 4/ 513، "المبدع" 5/ 187، "معونة أولي النهى" 6/ 369 قال محمد بن الحكم: وقال فيمن غصب أرضًا: لا يكون تائبًا حتى يردها على صاحبها، وإن علم شيئًا باقيًا في السرقة ردها عليه أيضًا. وقال فيمن أخذ من طريق المسلمين: توبته أن يرد ما أخذ، فإن ورثه رجل، فقال في موضع: لا يكون عدلًا حتى يرد ما أخذ. وقال في موضع: هذا أهون ليس هو أخرجه، وأعجب إليَّ أن يرده. "الآداب الشرعية" 1/ 91 نقل حرب، ويعقوب بن بختان في رجل باع أرضًا من رجل فعمل فيها وغرس ثم استحقها آخر. قال: يرد عليه قيمة الغراس أو نفقته، ليس هذا مثل من غرس في أرض غيره. "تقرير القواعد" 2/ 109 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 375، والبخاري (3642).

نقل عنه حرب فيمن غصب أرضًا وزرعها: أنه لصاحب الأرض، وحكمه حكم ما لم يحصد. "المبدع" 5/ 156، "معونة أولي النهى" 6/ 296 نقل عنه إبراهيم بن الحارث فيمن غصب أرضًا أنه لا يجب عليه أجر الأرض من وقت غصبها لحين تسليمها. "المبدع" 5/ 157، "معونة أولي النهى" 6/ 296 نقل عنه محمد بن الحكم فيمن جعل حديدًا سيوفًا: تقوم، فيعطيه الثمن على القيمة؛ حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الزرع: "أعطوه ثمن بذره". "المبدع" 5/ 161 نقل عنه مهنا فيمن غصب جارية، لو وطئها الغاصب، فقتلها، فالدية. "المبدع" 5/ 175 نقل عنه حرب في جماعة غصبوا مشاعًا، فصالحوا واحدًا منهم على مال، قال: لم يجز له حتى يُعْطَي شركاؤه. "المبدع" 5/ 185 ونقل عنه مهنا فيمن غصب أرضًا وزرعها: أن رب الأرض مخير في أخذه بأيهما شاء. "معونة أولي النهى" 6/ 296 وسأله مهنا عن عبد أذن له سيده في التجارة، فسلمه رجل مالًا مضاربة بأمر سيده، فسلمه العبد رجلًا يشتريه من سيده به، قال: يرجع به صاحبه على مشتريه. فقلت له: ذهب المال. قال: يكون دينًا على العبد. قلت: فيكون حرًا؟ قال: نعم. "معونة أولي النهى" 6/ 338

1794 - الوقت الذي يعتبر فيه قيمة المغصوب

ونقل عنه حرب: ما كان من الدراهم والدنانير، أو ما يكال، أو ما يوزن، فعليه مثله. "معونة أولي النهى" 6/ 354 ونقل عنه المروذي فيمن غصب عينًا، واتجر بها: أن له ربحه، وله الوطء. "معونة أولي النهى" 6/ 369 ونقل يعقوب عنه فيمن غصب حقه من ماء مشترك: للبقية أخذ حقهم. "معونة أولي النهى" 7/ 49 1794 - الوقت الذي يعتبر فيه قيمة المغصوب قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يستهلك للرجلِ الطّعامَ، أو شيئًا مِنَ العروض، مَا عليه؟ قال: عَليه قيمتُه يوم غَصبَهُ. عَاودته بعدَ ذَلِكَ، فَجَبُنَ عنه. قال إسحاق: كما قال: يوم غصبه. "مسائل الكوسج" (1895) قال صالح: قلت: رجل غصب جارية وهي تساوي ألفًا، فبلغت إلى أن صارت تسوي ألفين، ثم ماتت عنده، ما عليه؟ قال أبي: عليه قيمتها يوم ماتت؛ لأنها كانت في ضمانه. "مسائل صالح" (280) نقل ابن مشيش فيمن غصب ثوبًا: فعليه قيمته يوم يستهلكه لا يوم يغصبه. "الروايتين والوجهين" 1/ 414

1795 - ما يضمن به المغصوب إذا تغير عن صفته

1795 - ما يضمن به المغصوب إذا تغير عن صفته نقل بكر بن محمد عنه: إذا غصب حديدًا، فعمله سكاكين، فإنه يدفع إليه سكاكين، وإذا كان حديدًا يدفع الثمن على القيمة. "الروايتين والوجهين" 1/ 417 1796 - إجبار الغاصب على إزالة ما أحدثه في الأرض نقل بكر بن محمد عن أبيه فيمن غصب أرضًا أو دارًا، وبنى فيها، قال: يعجبني أن يغرم البناء ويعطي؛ لأنه إن أخذ الغاصب بناءه تضررت الأرض في الخراب والهدم، ويكون أيضًا ذهاب مال الغاصب في الآجر والجص وكل شيء. ونقل ابن مشيش ومهنا عنه: يجبر على قلع البناء. "الروايتين والوجهين" 1/ 418 - 419 1797 - هل يشترط إعلام المغصوب منه عند ردَّ الغصب، أن هذا حقه؟ قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عَمَّن يأخذُ مِنْ مَالِ رجلٍ، ثمَّ يقولُ: اجعلني في حِلٍّ؟ قال: إنْ بين فهو أحبُّ إليَّ. "مسائل الكوسج" (2333) قال في رواية الأثرم في رجل له قبل رجل تبعة، فأوصلها إليه على سبيل صدقة أو هدية، فلم يعلم. فقال: كيف هذا؟ هذا يرى أنه هدية.

1798 - هل يخرج الغاصب من الأثم برد المغصوب؟

يقول له: هذا لك عندي. "المغني" 7/ 419 1798 - هل يخرج الغاصب من الأثم برد المغصوب؟ قال حرب: سئل أحمد -رضي اللَّه عنه- غصب رجلٌ شيئًا، فمات المغصوب منه، وله ورثة، وندم الغاصب، فرد ذلك الشيء على ورثته، فذهب إلى أنه قد برئ من إثم ذلك الشيء، ولم يبرأ من إثم الغصب الذي غصب. ونقل أحمد بن أبي عبدة عنه: أما إثم الغصب فلا يخرج منه، وقد خرج مما كان أخذ. "الآداب الشرعية" 1/ 112 1799 - إذا عجز الغاصب عن رد المغصوب لأصاحبه، ماذا يفعل؟ قال صالح: سألت أبي عن رجل ظلم قومًا مالًا، وقد تاب، وهو يريد رده، وقد ماتوا هؤلاء القوم، ولا ورثة لهم، ولا يعرف الذين ظلمهم، كيف يصنع؟ قال: إذا كان لا يعرف من ظلم، ولا يعرف له وارثًا، تصدق به. "مسائل صالح" (184) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عمن كان في يديه شيء من الأموال الحرام؟ قال: فعليه أن ينفذه إلى من هو له، فإن لم يعرف صاحبه، فإن سبيله الصدقة عن صاحبه، فإن جاء يومًا ضمن ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (1157)

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل اختان من رجل مالًا فأنفقه، ثم إنه ندم على ما فعله، وتاب، وليس عنده ما يؤدي إلى من اختان منه، وليس يحلله المختان ما اختان، وهو فقير ليس عنده ما يؤدي، هل يكون في ندمه وتوبته ما يرجى له به إن مات على فقره خلاص مما عليه؟ فقال أبي: لا بد لهذا الرجل من أن يؤدي هذا الحق، وإن هو مات فهو واجب عليه. وقال: إن حله هذا الرجل من المال، فينبغي له إن كان قد اتجر فيه، فأصاب بتجارته مالًا، أن يخبره ما اختان ويخبره ما أصاب من تجارته، ذلك أعجب إليّ. "مسائل عبد اللَّه" (1158) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل استدان دينًا على أن يؤديه، فتلف المال بين يديه، فأصابه بعض حوادث الدنيا، فصار معدمًا لا شيء له، هل يرجى له بذلك عذر عند اللَّه تعالى وخلاص من دينه على عدمه، ولم يقض دينه الذي عليه؟ فقال أبي: هذا أسهل عندي من الذي اختان، وإن مات على عدمه، فهذا واجب عليه. "مسائل عبد اللَّه" (1159) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: كل من كان عليه دين يؤدى عنه، وإن كانت خيانة يستحل صاحبه، أو يؤدي إليه حقه، وإن كانت غيبة يستحل، وكل ما كان بين الرجل وبين ربه فأرجو أن يكون اللَّه به رحيمًا، وأما ما كان بينه وبين الناس ما أمكنه من شيء يرده، أو استحلال فليفعل ذلك، وأما ما كان من صدقة أو حج، أو ما يتقرب

به إلى اللَّه، فإني أرجو اللَّه لذلك إن شاء اللَّه. "مسائل عبد اللَّه" (1160) نقل جعفر بن محمد، وقد سأله عمن بيده أرض أو كرم ليس أصله طيبًا، ولا يعرف ربه، قال: يوقفه على المساكين. "الفروع" 4/ 513، "المبدع" 5/ 189، "الإنصاف" 15/ 296، "معونة أولي النهى" 6/ 374 نقل أبو طالب فيمن غصب غصبًا واختلط بماله، قد اختلط أوله وآخره: أعجب إليَّ أن يتنزه عنه كله ويتصدق به. وأنكر قول من قال: يُخرج منه قدر ما خالطه. "الإنصاف" 15/ 204، "معونة أولي النهى" 6/ 328 نقل المروذي عنه فيمن غصب شيئًا وتعذر رده لصاحبه: يعجبني الصدقة بها. وفي رواية: على فقراء مكانه. ونقل الأثرم عنه: له الصدقة بها إذا علم ربها، وشق دفعه إليه، وهو يسير كحبة، [ولو] (¬1) سلمه إلى حاكم: برئ. "المبدع" 5/ 188، 189، "الإنصاف" 15/ 294 نقل عنه أبو طالب فيمن عليه دين لرجل، وقد مات وعليه ديون للناس، يقضى عنه دينه بالدين الذي عليه: أنه يبرأ به في الباطن. ونقل عنه صالح فيمن اشترى آجرًّا وعلم أن البائع باعه ما لا يملك ولا يعرف له أربابًا: أرجو إن أخرج قيمة الآجر، فتصدق به أن ينجو من إثمه. "معونة أولي النهى" 6/ 375 ¬

_ (¬1) زيادة يقتضيها السياق.

1800 - زكاة المال المغصوب

1800 - زكاة المال المغصوب نقل عنه مهنا فيمن غصبت أرضه وزرعها الغاصب: يزكيه -أي: الزرع- إن أخذه قبل وجوبها. "المبدع" 5/ 157

فصل في استرداد المغصوب وطرق ذلك

فصل في استرداد المغصوب وطرق ذلك 1801 - من استطاع أن يحصل على ماله المغصوب منه من مال الغاصب، هل يفعل؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: قولُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "إدَّ إلى من ائتمنك؟ " (¬1) قال: لا تأخذ إذا وقع له في يديك مالٌ. قال: إذا كان غصب منه مالًا. قال إسحق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3339) نقل حنبل عنه: أدَّ إليه ماله الذي ائتمنك عليه. ونقل حرب: في غيرها خلاف. وكأنه كرهه. ¬

_ (¬1) هذا الحديث رواه جماعة من الصحابة منهم: 1 - أبو هريرة: رواه أبو داود (3535)، والترمذي (1264) وصححه الحاكم 2/ 46. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. 2 - أنس: رواه الدارقطني 3/ 35، والطبراني 1/ 261 (760) وفي "الصغير" (475)، والحاكم 2/ 46. قال الطبراني: تفرد به أيوب. 3 - رجل عن أبيه سمع من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: رواه الإمام أحمد 3/ 414، أبو داود (3534). قال المنذري في "المختصر" 5/ 185 (3391): فيه رواية مجهول. وقال ابن الجوزي في "العلل" 2/ 103: هذا الحديث من جميع طرقه لا يصح. وقال الألباني في "الصحيحة" (423): وهذِه من مبالغاته -يعني: ابن الجوزي- فالحديث من الطريق الأولى حسن -يعني: طريق أبي هريرة- وهذِه الشواهد والطرق ترفيه إلى درجة الصحة لاختلاف مخارجي، ولخلوها عن منهم. واللَّه أعلم. اهـ.

1802 - من وجد ماله مع غاصبه، ولم يتمكن من أخذه، هل يشتريه منه؟

وسأله مهنا: يطمعه أن يعطيه شيئا وينوي ألا يفعل؟ قال: لا، أما من غصب مالًا جهرا فأخذ منه بقدره جهرًا فجائز. "الفروع" 6/ 497 1802 - من وجد ماله مع غاصبه، ولم يتمكن من أخذه، هل يشتريه منه؟ قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الرجل يقطع عليه الطريق، فيذهب متاعه، فيتبع اللصوص فيشتريه منهم؟ قال: هذا أرجو ألا يكون به بأس. "مسائل أبي داود" (1266) توريث حق استرداد المغصوب؟ نقل ابن الحكم عنه: ومن نوى جحد حق عليه أو بيده في حياة ربه فثوابه له وإلا فلورثته. ونقل حنبل عنه: له مطالبته، لتفويته الانتفاع به حياته. "الفروع" 4/ 526

كتاب الشفعة

كتاب الشفعة 1803 - التصرف المجيز للشفعة هو عقد المعارضة قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا مبادلةُ الأرضِ بالأرضِ أيكون للشفيعِ في ذَلِكَ شفعةٌ، فإنَّ أهلَ العلمِ اخْتلفوا في ذَلِكَ: فَرأى عامةُ علماءِ أهلِ البصرةِ وأهلِ الحجازِ ألا شفعة في ذَلِكَ، ورَأى هؤلاء أنَّ لهم الشفعةَ بقيمةِ الأرضِ التي استبدل بِهَا، والأمرُ عَلَى ذَلِكَ، أن لا شفعةَ في ذَلِكَ، إنما سنَّ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الشفعةَ بالشِّراءِ، فإذَا زَالَ عَن ذَلِكَ الشيء الذي سنَّهُ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، لمْ يجعلِ الشفعةَ في غيرِهِ كنحوِ الرجلِ الذي يصدق امرأته أرضًا، وأشباه ذَلِكَ مما لا يقع اسم الشراء عَلَيه، وكذلكَ قال الحسنُ في المبادلةِ والصّداقِ أيضًا، وهو الذي يعتمد عَلَيهِ. "مسائل الكوسج" (2310) نقل بكر بن محمد عن أبيه عنه: إذا وهبها فليس للشفيع شفعة أثيب منها أو لم يثب منها؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن يرجع في الهبة إلا الوالد (¬1). وقال في رواية حنبل: إذا كانت الهبة بشرط الثواب، فإنه يرجع فيها إن لم يثب عليها. "الروايتين الوجهين" 1/ 450 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 237، وأبو داود (3539)، والترمذي (2132)، والنسائي 6/ 267، وابن ماجه (2377) من حديث ابن عمر وابن عباس -رضي اللَّه عنهم-. وصححه الألباني في "الإرواء" (1624).

1804 - المال الذي تثبت فيه الشفعة

1804 - المال الذي تثبت فيه الشفعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الشّفعةُ في أي شيءٍ تكون؟ قال: الشّفعةُ في الدُّورِ، وقالَ: إِنما يُرْوى: الشّفعة للخليطِ (¬1). "مسائل الكوسج" (1814) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا ابن إدريس، عن محمد بن عمارة، عن أبي بكر بن حزم، عن أبان بن عثمان، عن عثمان قال: لا شفعة في بئر ولا فحل ولا رف إذا علم كل قوم حقهم، تقطع كل شفعة. قلت له: أحد يقول: ولا رف. غير ابن إدريس؟ فقال: يكفيك بابن إدريس. "مسائل صالح" (1276) قال عبد اللَّه: قال أبي: ولا أرى الشفعة إلا في الدور والأرضين، وليس فيما سوى ذلك شفعة. "مسائل عبد اللَّه" (1106) قال في رواية حنبل: أرى الشفعة للخليط وإن لم يمكن قسمته كالعبد والحيوان. "الروايتين والوجهين" 1/ 450 ¬

_ (¬1) روى عبد الرزاق 8/ 77 (14386)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 124 (6007) عن شريح أن الخليط أحق من الجار والجار أحق من غيره. وروى ابن أبي شيبة 4/ 520 (22717) عن شريح الخليط أحق من الشفيع، والشفيع أحق من الجار، والجار 4/ 520 (22719)، عن إبراهيم قال: الخليط أحق من الجار، والجار أحق من غيره.

1805 - بيان ما يتملك بالشفعة وما يدخل في ذلك

وقال في رواية حنبل: لا نرى في أرض السواد شفعة؛ وذلك لأن أرض السواد موقوفة، وقفها عمر -رضي اللَّه عنه- على المسلمين (¬1)، ولا يصح بيعها، والشفعة إنما تكون في البيع. "المغني" 7/ 526، "المبدع" 9/ 232 وقال حرب: قيل لأحمد: فالحيوان دابة تكون بين رجلين، أو حمار، أو ما كان من نحو ذلك. قال هذا كله أوكد؛ لأن خليطه الشريك أحق به بالثمن، وهذا لا يمكن قسمته، فإذا عرضه على شريكه وإلا باعه بعد ذلك. "أعلام الموقعين" 2/ 140، "مجموع رسائل الحافظ ابن رجب" 2/ 732 1805 - بيان ما يتملك بالشفعة وما يدخل في ذلك قال صالح: سألته عمن باع أرضًا بشربها، وله شرب يعرف بهذِه الأرض لم يزل يشربها، وهي وشرب ليس يعقله أهل البلد بالصفة، فجاء شفيع هذِه الأرض أراد شفعته، فقال له المشتري: إنما تجب الشفعة في العقار، أرض أو دار، وهذا الشرب هو ماء، وليس هو مما يجب فيه شفعة، وإنما لك الأرض بقيمتها؟ قال أبي: الناس مختلفون في الشفعة فأهل الحجاز يذهبون إلى أنه إذا طُرقت الطرق، وعرف الناس حدودهم فلا شفعة إلا للخليط، ولا شفعة للجار، وقال أهل العراق: للجار شفعة. ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 9/ 136.

1806 - من يكون له الشفعة

وقال بعضهم: إنما تكون الشفعة للجار إذا كان طريقهم واحدًا، فأما هذا الذي باع أرضه فللمشتري حقوق هذِه الأرض، والشرب من حقوقها، وفي قول من قال: للجار شفعة، فإنما يأخذها وشربها بما ملكها المشتري، وللماء ثم حصة من الثمن، فلولا أن للماء حصة ما اشتراها المشتري، ولكنه اشتراها بشربها وحقوقها، فإنما يملكها الشفيع بما ملك المشتري، ولا تسقط حصة الماء من الثمن، والحجة في ذلك، أنه إذا اشترى الرجل الدار اشتراها بحقوقها كلها، داخل فيها وخارج منها، وبطرقها ومسيل مائها، ولو بيع هذا على الانفراد لم يكن بيعًا. "مسائل صالح" (337) 1806 - من يكون له الشفعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مِنْ قال: الشّفعة؟ قال: مَنْ عرفَ حَقَّهُ فهو جارٌ، ومَنْ لمْ يعرفْ حَقَّهُ فهو خليطٌ. "مسائل الكوسج" (1815) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ قال: الشّفعةُ بالأبوابِ؟ قال: الطريق يكونُ الباب، وإنْ كانَ بينهما طريقٌ مثل دارنا هذِه. "مسائل الكوسج" (1816) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ قال: الشّفعةُ بالحدودِ؟ قال: الطريق يحيط بالدارِ، حواليها ملاصقًا له، وإنْ كانَ في دربٍ آخر. "مسائل الكوسج" (1817)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدُ -رضي اللَّه عنه-: إِنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ" (¬1). قال: أهلُ المدينةِ يقولون: الجارُ هو الخليطُ، أَرأَيتَ إِنْ أَوْصى رجلٌ رجلًا بمالٍ يُقْسَمُ في الجيرانِ من يُعْطِي مِنْ جِيرانه؟ ينبغي ألا يعطي إلَّا مَنْ كانَ لاصقًا بِهِ، وإلَّا فالجارُ هو الخلِيطُ، واحتجَّ ببيتٍ قاله الأعشى: أجارتنا بيني فإنك طالقه ... وموْمُوقةٌ قد كنتِ فينا ووامقه وبيني فإن البين خيرٌ من العصا ... وألا تزالي فوق رأسِك بارقه قال أحمد: البيتُ لا أحفظه. قال إسحاق: كلمَا وصف فَمَعَنْاه كما قال، ولا تكون الشفعةُ أبدًا إلَّا لمنْ لَهُ شركةٌ قلَّتْ أمْ كَثُرتْ، وهي عَلَى الأَنصباءِ ليستْ عَلَى الرءوس، وليستِ الشّفعةُ بالأبوابِ، إِنَّما الشّفعةُ للشركاءِ في الدورِ والأَرَضين. "مسائل الكوسج" (1819) قال صالح: قلت: الشفعة لمن تجب؟ قال: أذهب إلى حديث أبي سلمة، عن جابر أنها في كل ما لم يقسم (¬2). "مسائل صالح" (693) ¬

_ (¬1) والحديث رواه أحمد 6/ 390، والبخاري (6977، 6978)، (3516)، 7/ 320، من حديث أبي رافع مولى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 10، والبخاري من حديث أبي رافع مولى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: الشُفْعة؟ (¬1) فقال: أنا لا أقول، لا شفعة إلا للخليط. قرأت على أبي عبد اللَّه: هشيم قال: أخبرنا عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال: قال رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ جَارِهِ، يُنْتَظَرُ بِهَا وَإِنْ كَانَ غَائِبًا، إِذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا" (¬2). فقال لي أبو عبد اللَّه: ليس العمل على هذا، لا شفعة إلا للخليط. وقال: حديث جابر إنما جعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة. قال أبو عبد اللَّه: وبه آخذ. "مسائل ابن هانئ" (1282) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: الشفعة: -يعني: قول أهل المدينة-: هو للشريك لا يكون لغيره؛ لحديث أبي سلمة عن جابر: إذا وقعت الحدود فلا شفعة (¬3). "مسائل عبد اللَّه" (1103) ¬

_ (¬1) وفي "عون المعبود" 3/ 306 هي بضم المعجمة وسكون الفاء لا غير، غلط من حركها. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 303، وأبو داود (3518) من طريقه، والترمذي (1369)، وابن ماجه (2494). قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، ولا نعلم أحدًا روى هذا الحديث غير عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء، عن جابر، وهو ثقة مأمون عند أهل الحديث، لا نعلم أحدًا تكلم فيه غير شعبة من أجل هذ الحديث. وروي عن سفيان الثوري: عبد الملك بن أبي سليمان ميزان، يعني: في العلم. اهـ. بتصرف. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2023)، "الإرواء" (1540). (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 296، والبخاري (6976).

قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن كان بيني وبين رجل دار، فبعت من رجل آخر نصيبي منها؟ قال: الشفعة للذي بينك وبينه. "مسائل عبد اللَّه" (1105) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: أذهب في الشفعة إلى حديث مالك، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة قالا: قضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقدت الحدود فلا شفعة" (¬1). قال وكيع: وهو قول أهل الحجاز. قال أبي: وبه آخذ. وفيما عرضت على أبي قال: أذهب في الشفعة إلى حديث الزهري الذي يروى عن أبي سلمة، عن جابر: إذا حدت الحدود، وعرف الناس حقوقهم فلا شفعة. قال: والذي أذهب إليه أن الشفعة للخليط. "مسائل عبد اللَّه" (1107) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إن الخليط الذي يرثان جميعًا، أو يشتريان جميعًا، فأما إذا عرفا الحقوق فلا شفعة. "مسائل عبد اللَّه" (1108) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن معنى الحديث إذا وقعت الحدود فلا شفعة في بئر ولا فحل (¬2). ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 444، والشافعي في "مسنده" 2/ 164 (571) من طريقه، وابن أبي شيبة 4/ 522 (22735) من طريق وكيع عن مالك به. والبيهقي 6/ 103 من طريق الشافعي عن مالك به. (¬2) أخرجه مالك عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن حزم أن عثمان بن عفان قال: إذا=

قال أبي عن معنى الحديث: إذا وقعت الحدود فلا شفعة، فحل: يعني نخل. "مسائل عبد اللَّه" (1109) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل لا يرى الشفعة إلا لشريك، ترى إن يحلف يحنث؟ قال: لا يعجبني أن يحلف على أمر قد اختلف الناس فيه. "مسائل عبد اللَّه" (1110) ¬

_ = وقعت الحدود في الأرض فلا شفعة فيها، ولا شفعة في بئر ولا في فحل النخل. الموطأ: 2/ 717. وعبد الرزاق من طريق مالك بلفظه وأيضا من طريق آخر مختصرا، وأيضا عن محمد بن أبي بكر مرفوعا بلفظ: لا شفعة في ماء ولا طريق ولا فحل "المصنف": 8/ 80، 88 - 87 ح. (14393، 14426 - 14428). وأخرجه ابن أبي شيبة قال: حدثنا ابن إدريس عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبان بن عثمان قال: قال عثمان: لا شفعة في بئر ولا فحل، والأرف يقطع كل شفعة. "المصنف": 6/ 579 (2113)، 7/ 172 (2786). والبيهقي أورده من طريق أبي عبيد عن عبد اللَّه بن إدريس مثل ابن أبي شيبة وقال: قال ابن إدريس: الأرف: المعالم، قال الأصمعي: هي المعالم والحدود، وقال ابن إدريس أيضا: أظن الفحل فحل النخل. "السنن الكبرى": 6/ 105. وقال ابن الأثير: أراد به فحل النخلة، لأنه لا ينقسم، وقيل: لا يقال إلا فُحَال، ويجمع الفحل على فُحُول، والفُحَّال على فحاحيل، وإنما لم تثبت فيه الشفعة؛ لأن القوم كانت لهم نخيل في حائط فيتوارثونها، ويقتسمونها ولهم فحل يلقحون منه نخيلهم، فإذا باع أحدهم نصيبه المقسوم من ذلك الحائط بحقوقه من الفحال وغيره، فلا شفعة للشركاء في الفحال؛ لأنه لا تمكن قسمته. "النهاية" 3/ 416 - 417.

1807 - الشفعة بين أهل الذمة وبين المسلمين

قال عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول -وحدثنا بحديث الشفعة: حديث عبد الملك عن عطاء عن جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هذا حديث منكر. "العلل" رواية عبد اللَّه (2256) نقل عنه أبو طالب ومثنى بن جامع فيمن يقول: لا شفعة إذا لم يكن طريقهما واحدًا، إذا قدموه إلى هؤلاء وحلف ما له شفعة، إنما هذا اختيار، وقد اختلف الناس فيها. "العدة في أصول الفقه" 5/ 1543، "المغني" 7/ 439، "معونة أولي النهى" 6/ 493 وقال أبو زرعة الدمشقي: قال لي أحمد بن حنبل: رواية معمر عن الزهري في حديث الشفعة حسنة. "التمهيد" 13/ 13 وقال في رواية ابن القاسم، في رجل له أرض تشرب هي وأرض غيره من نهر واحد، ولا شفعة له من أجل الشرب: إذا وقعت الحدود فلا شفعة. "المغني" 7/ 439 وقال في رواية أبي طالب، وقد سأله عن الشفعة، فقال: إذا كان طريقهما واحدًا شركاء لم يقتسموا، فإذا صُرفت الطرق وعُرفت الحدود فلا شفعة. "الفروع" 4/ 529، "المبدع" 5/ 207، "الإنصاف" 15/ 372 - 373، "معونة أولي النهى" 6/ 414 1807 - الشفعة بين أهل الذمة وبين المسلمين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: للنصراني شفعةٌ؟ قال: مَا أرى لَهُ شفعة.

قال إسحاق: كلمَا كانَ شريكًا فَلَهُ الشفعةُ؛ لأنَّ حرمةَ الجوارِ لأهْلِ الذِّمَةِ أيضًا. "مسائل الكوسج" (1820) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: للأعرابي شفعةٌ؟ قال: إي لعمري وليسَ لليهودي والنصراني شفعةٌ. قِيلَ: ولِمَ؟ قال: لأن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا يَجْتَمِعُ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ" (¬1). قال إسحاق: نعم للأعرابيّ واليهوديِّ والنَّصرانيّ والمجوسي شفعةٌ إنما يأخذ بالشركةِ. "مسائل الكوسج" (2184) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: للذمي شفعة؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (1327) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل من أهل الذمة، له بلزق داري دار، فأبيع داري، فيطلب الشفعة، أله ذلك؟ قال: ليس لأحد من أهل الذمة شفعة. "مسائل ابن هانئ" (1283) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن اليهودي والنصراني، ألهما شفعة؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 274 - 275، والطبراني في "الأوسط" (1066)، والطبري في "تاريخه" 3/ 214 - 215 من حديث عائشة. وقال الهيثمي في "المجمع" 5/ 325: رجال أحمد رجال الصحيح، غير ابن إسحاق، وقد صرح بالسماع. ورواه مالك 2/ 63، وعبد الرزاق 10/ 360 مرسلًا.

قال: لا. قلت: لأبي: والمجوسي؟ قال: ذاك أبعد. "مسائل عبد اللَّه" (1111) قال عبد اللَّه: قال أبي: حدثنا وكيع قال: حدثنا جرير بن حازم عن المقدام أبي فروة قال: حدثني جار لي أن شريحًا قضى لنصراني بالشفعة. "العلل" (2292) قال عبد اللَّه: قال أبي: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن جرير بن حازم قال: سمعت أبا فروة يقول: أخبرني جار لي أنه خاصم نصرانيًّا إلى شريح في شفعة، فقضى بالشفعة للنصراني. سألت أبي قلت: للنصراني أو اليهودي الشفعة؟ قال: لا، قلت: للمجوسي؟ قال: ذاك أبعد. "العلل" (2293) قال أبو بكر الخلال: أخبرني حرب قال: سألت أحمد قلت: أهل الذمة لهم شفعة؟ قال: لا. "أحكام أهل الملل" 1/ 193 (324) قال الخلال: أخبرنا ابن مطر قال: حدثنا أبو طالب، وأخبرني محمد بن علي قال حدثنا صالح، وأخبرنا محمد بن جعفر ومحمد بن أبي هارون قالا: حدثنا أبو الحارث، وأخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم، كل هؤلاء سمعوا أبا عبد اللَّه وسألوه فقال: ليس للذمي شفعة.

قال أبو الحارث: مع المسلم. قال الأثرم قيل له: لم؟ قال: لأن ليس له مثل حق المسلم واحتج فيه. قال الأثرم: حدثنا الطباع قال: حدثنا هشيم قال: أخبرني الشيباني، عن الشعبي أنه كان يقول: ليس للذمي شفعة. قال: وحدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا سفيان، عن حميد، عن أبيه أنه قال: إنما الشفعة للمسلم ولا شفعة لذمي. "أحكام أهل الملل" 1/ 193 - 194 (326) قال أبو بكر الخلال: أخبرني محمد بن الحسن بن هارون قال: سُئل عبد اللَّه وأنا أسمع عن الشفعة للذمي قال: ليس للذمي شفعة، ليس له المسلم. أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: ليس ليهودي ولا لنصراني شفعة؛ إنما ذلك للمسلمين المهاجرين بينهم. "أحكام أهل الملل" 1/ 194 - 195 (328 - 329) قال في رواية أحمد بن سعيد: لا شفعه لذمي، واحتج بقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا لقيتموهم في طريق فألجئوهم إلى أضيقه" (¬1). فإذا كان ليس لهم في الطريق حق، فالشفعة أحرى أن لا يكون لهم فيها حق. "العدة في أصول الفقه" 2/ 480 - 481 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 444، ومسلم (2167) من حديث أبي هريرة.

1808 - الشفعة لأهل الذمة بعضهم من بعض

قال ابن بدينا: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يكون بينه وبين الذمي الدار، فيبيع المسلم نصيبه، فيطلب الذمي الشفعة؟ فقال: أما أنا فلا أرى له شفعة. قيل له: ولم؟ قال: لأنه ليس له مثل المسلمين حق، ليس له حرمة المسلمين. "طبقات الحنابلة" 2/ 284 - 285 1808 - الشفعة لأهل الذمة بعضهم من بعض قال أبو بكر الخلال: أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه سُئل عن أهل الذمة لهم شفعة؟ قال: ليس لهم شفعة. قلت: فلهم شفعة بعضهم من بعض؟ قال: نعم. أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: أخبرنا أبو الحارث أن أبا عبد اللَّه قيل له: لأهل الذمة شفعة بعضهم من بعض فيما بينهم؟ قال: نعم بعضهم من بعض لهم شفعة. "أحكام أهل الملل" 1/ 192 - 193 (321 - 322) 1809 - هل تجب الشفعة لأهل الأهواء والبدع؟ ونقل حرب: أن أحمد سئل عن أصحاب البدع، هل لهم شفعة؟

1810 - شفعة المرتد

ويروى عن ابن إدريس أنه قال: ليس للرافضة شفعة؟ فضحك، وقال: أراد أن يخرجهم من الإسلام. "المغنى" 7/ 526، "المبدع" 5/ 231 1810 - شفعة المرتد قال الخلال: أخبرني حرب قال: قلت لإسحاق -يعني: ابن راهويه- رجل له شفعة فارتد عن الإسلام ثم أسلم؟ قال: هو على شفعته. "أحكام أهل الملل" 2/ 514 (1292) 1811 - ميراث حق الشفعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا كان للرجلِ الشفعةُ فَمَات ولمْ يطلبْهَا؟ قال: ليسَ لورثتِهِ شيءٌ. قال: الشفعةُ، والحدُّ، والخيارُ لا يُورث، رجل قذف أو رجل كان له خيار في بيعٍ، أو شيءٍ، إِنَّما هُو يطلبُهُ بنفسِهِ، فإِذَا ماتَ لمْ ترثْهُ وَرثتُهُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1939) قال إسحاق بن منصور: الشفعةُ لا تُبَاعُ ولا تُوهَب ولا تُورث؟ قال أحمد: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2246)

1812 - كيفية قسمة المشفوع فيه عند تعدد الشفعاء

قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا طلب الرجل الشفعة، ثم مات؟ قال: فلورثته أن يطلبوه، فإن سكت فليس لهم أن يطلبوه؛ لأنه لا يدري على أي شيء سكت. "مسائل أبي داود" (1326) وقال أحمد في رواية الحسن بن ثواب: ثلاثة إذا كان الطلب: الخيار، والحدود، والشفعة، -يعني: إذا كان قد طلبها الميت فللورثة أن يطلبوا في الحدود، وفي الشفعة، وفي الخيار. "الطبقات" 1/ 372 قال في رواية أبي طالب: الشفعة لا تورث. "المبدع" 5/ 223، "معونة أولي النهى" 6/ 453 قال في رواية أبي طالب: إذا مات صاحب الشفعة، فلولده أن يطلبوا الشفعة لمورثهم. وقال في رواية ابن القاسم: هو موضع نظر. "الإنصاف" 15/ 473، "معونة أولي النهى" 6/ 453 1812 - كيفية قسمة المشفوع فيه عند تعدد الشفعاء قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ قال: الشّفعةُ بالرءوس؟ قال: قومٌ يكونون في الدارِ خمسة أو ستة، وآخرون في دار أُخرى أربعة أو خمسة، فَعَلَى قدرِ رءوسهم، ومَنْ قال بالأنصباءِ فَعَلى قدرِ سهامِهم، وهذا لمن يقولُ: الشّفعةُ بالجوارِ، ونحن نقول: الشّفعةُ بالخليطِ. "مسائل الكوسج" (1818)

1813 - إن جهل الخلطاء قدر حصتهم، حيف تقسم الشفعة بينهم؟

قال صالح: وسألته عن الشفعة للشريك واجبة؟ قال: نعم. قلت: فإن كانوا شركاء عدة؟ قال: الشفعة بينهم، وقال: الشفعة لا تجب إلا بعد البيع. "مسائل صالح" (372)، ونقلها عبد اللَّه عن أبيه في "مسائله" (1106) 1813 - إن جهل الخلطاء قدر حصتهم، حيف تقسم الشفعة بينهم؟ قال عبد اللَّه: قال أبي: والخليط (اللذان) (¬1) يرثان جميعًا دارًا عن أبيهما، ولا يعرف كل واحد منهما حصته، فيما بينهما. "مسائل عبد اللَّه" (1104) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: قد بعت ما لا أعرفه ولا أجده. قال: أرأيت لو اشتريت غلامًا بينك وبين رجل، فبعت نصيبك منه عرفت مالك منه؟ ! "مسائل عبد اللَّه" (1105) 1814 - وقت وجوب الشفعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: لأبي عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل رحمه اللَّه قال سفيانُ الثوريُّ: حد الشفعةِ عندنَا ثلاثة أيام، إِذَا علم فلمْ يأخذْ، فلا شفعةَ له؟ ¬

_ (¬1) في المطبوع من "مسائل عبد اللَّه": (اللذين).

قال: لا أعرفه، إِذَا بلغه ينبغي لَهُ أنْ يطلبَ ساعة يبلغه. قال إسحاق: كما قال أحمد، لا بدَّ من الطَّلبِ حين يسمع حتَّى يعلمَ طلبه، ثمَّ لهُ أنْ يخاصمَ ولو بعدَ أيام. "مسائل الكوسج" (2180) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: وإِلَى كمْ يُقْضَى للغائبِ بالشفعةِ؟ قال: هو على شفعتِهِ أبدًا، والصَّغيرُ حتَّى يبلغَ ويختار. قال إسحاق: كما قال بعدَ أنْ يعلمَ أنَّ الغائبَ حين سمع طلب، ثمَّ لَهُ أنْ يخاصمَ ولو بعدَ أيام. "مسائل الكوسج" (2181) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرَّجلان تكون بينهما الدَّارُ والأرضُ، فيقولُ أحدُهما لصَاحِبهِ: إِنِّي أريدُ أنْ أبيعَ الدَّارَ ولَكَ الشُّفْعَةُ فاشترِ مني. قال: لا حاجةَ لي فِيها قَدْ أذنتُ لَكَ أنْ تبيعَ، ثُمَّ يأتي يَطْلب الشَّفعةَ؟ قال أحمد: له الشفعة إنما وَجَبَ لهُ بَعْدَ البيعِ. قال إسحاق: أجادَ سفيانُ في ذَلِكَ؛ لقولِ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ كَانت لهُ ربعةٌ أو حائطٌ فَلا يبيع حتَّى شريكه، فإِنْ شَاءَ أخذَ وإِنَّ شَاءَ ترك، فإِنْ باعَ ولمْ يؤذنه فهو أحقُّ بِهِ" (¬1)، فَقَدْ بين في هذا أنه إِذَا آذنه قبل فلا حقَّ لَهُ بعد. "مسائل الكوسج" (2186) ¬

_ (¬1) رواه أحمد 3/ 312، ومسلم (1608). من حديث جابر -رضي اللَّه عنه-.

قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما طلبُ الشفعةِ فإن طلبه إِذَا سمعَ بالشراء فَذَلِكَ الطلب الذي يُوجِبُ لَهُ الشفعة، وإنْ أخّرَ المخاصمةَ، فإن عرض له شغل أو مذهب لمْ يرد بِهِ ضرر المشتري فهو عَلَى شفعتِهِ، وليسَ يبطل الشفعة تأخيرُ المخاصمةِ، ولا أنْ يكونَ يذهب في احتيال المالِ ويفارق المشتري، أوْ أنْ يسألَ المشتري كَفيلًا، أو أنْ يبدأَ مَا إِذَا لقيه بالسَّلامِ والسُّؤالِ، ثم يطلب الشفعةَ، كلّ هذا باطلٌ مما أحدثَ هؤلاء. والشفعةُ حقٌّ جعلهُ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو أصل على حدته لا يعقل بالمقاييس، إنما هوَ اسْتِسْلامٌ وتعبدٌ، ولا يبطلها إلَّا سُّنة مجمع عَلَيها، كما اجتمعت الأمةُ عَلَى تسليمِ الشفعةِ للشركاءِ، مَعَ أنَّ هؤلاء اختْلفوا فِيمَا بينهم: قال بعضهم: إِذَا طَلب الشفعةَ؛ فلَهُ أجل شهر، فإنْ خاصَمَه قبلَ الشهرِ؛ فلَهُ ذَلِكَ، فإذَا مَضَى الشهرُ؛ فَلا حقَّ لَهُ، وإنْ تركَه بعدَ الالتقاءِ ولمْ يذاكره الشفعةَ، وخلَّى سبيلَهُ؛ فَقَدْ بطلت الشفعةُ، وقالَ آخرون مِنْ أصْحَابِهِم: لهُ أجلُ ثلاثةِ أيامٍ، وأمَّا مالك بنُ أنس ومَنْ سَلك طَريقَهُ مِنْ علماءِ أهلِ العراقِ، وأهلِ الشَّامِ فإنهم قالُوا: لا تبطلُ الشفعةُ بعد إذ طلبها حينَ سمعَ بالشراءِ، حتَّى أن قومًا دخلوا عَلَى مالك فَقَالُوا: إِذَا أشْتَرى المشتري الأرضَ ويريدُ أنْ يبني فِيهَا، والشفيعُ يَتَلَوَّمُ بطلبها لمَا وَسَّعْتَ عليه في المدة، فإنَّ عَلَى المشتري ضررًا كثيرًا لما لا يمكنه البناء تَخَوُّفًا أنْ يكونَ الشفيعُ يطلبه بَعْدُ؟ فَقَال مالك: إِذَا أراد ذَلِكَ المشتري قدَّمَهُ إلى الحاكمِ فيقولُ: اشتريتُ هذِه الأرضَ وهذا شفيعُهَا يتلَّومُ في طَلَبها، وأنَا أريدُ البناءَ. فيوقف الحاكم، فإنْ لمْ يطلبْهَا فَقَد بطل دعواه في ذَلِكَ، فهذا الذي يعتمد عليه، وهو أشبهُ بالسُّنةِ

الماضيةِ لِمَا قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا ضرر فرب الإسلام" (¬1)، ولا يحل للشفيعِ أنْ يتلومَ بطلبها لكي يشغل المشتري عَما يجبُ مِنَ الإحداثِ فِيهَا، كَما لا يحلُّ للشريك أنْ يبيعَ رباعَهُ أو أرضَهُ مِنْ غريبٍ مَا لمْ يعرضْهُ عَلَى شَرِيكه حتَّى يأخذَ أو يتركَ، فإذَا عَرضَهُ عَلَى شريكه بالثَّمَنِ الذي يريدُ بيعها بِهِ فَقال: لا أطلبها فيدعها بذلَكَ، ثُمَّ يطلب الشفعةَ بعد؛ فَلَا شفعةَ لَهُ لما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا عرضها عليه بالثمن: فإنْ شاءَ أَخَذَ وإنْ شَاءَ تركَ، وإنْ بَاعَ ولمْ يؤذن فهوَ أحقُّ بِهِ" (¬2) وفي هذا بيانُ مَا وصَفْنَا إنْ تركه تارك. وإنْ لمْ يكن البائعُ عَقَدَ العقدةَ، وكذلك رَوى الثوريُّ عَنِ الحكم بن عتيبة وأخذ به (¬3)، وأخطأَ هؤلاء حيثُ أنكَروا قَولَ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذَلِكَ، وقَالُوا: الشفعةُ تقع بَعْدُ، ورسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- هوَ الذي سَنَّ الشفعةَ لأُمَّتِهِ فهو بين مذهب طلبها فَمَا عَدَا مَا قال فهو مهجورٌ، فكلُّ مَا وَصَفْنَا مِنَ الشُّفعةِ فهوَ للشريكِ أبدًا، لا شفعةَ للجارِ لقولِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِذَا قسمت الحدود، وعرف الناسُ حقوقَهُم؛ فَلاَ شفعةَ بينهم" (¬4) فإذَا كَانَ الشفعاءُ يطلبون الشفعةَ؛ قُضِيَ لهمْ عَلَى قدرِ أنصبائِهمْ وليسَ على الرءوس، وكَذَلِكَ قاله عطاء والحسن، والشعبي (¬5)، وبه أخذَ مالك، وأهلُ ¬

_ (¬1) رواه أحمد 1/ 313، وابن ماجه (2341)، والطبراني في 11/ 302 (11806)، والدارقطني 4/ 228 من حديث ابن عباس. وصححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه". وفي الباب عن أبي سعيد، وأبي هريرة، وعبادة بن الصامت، وثعلبة بن أبي مالك، وعائشة -رضي اللَّه عنها-. (¬2) رواه أحمد 3/ 316، ومسلم (1608)، من حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-. (¬3) رواه عبد الرزاق 8/ 82. (¬4) رواه أحمد 3/ 296، والبخاري (2213)، من حديث جابر -رضي اللَّه عنه-. (¬5) رواها جميعًا ابن أبي شيبة: فعن عطاء 4/ 503 (22528)، وعن الحسن 4/ 503=

الحجازِ، وهو أمرٌ واضحٌ بين؛ لأنَّ الشفعةَ جعلتْ لطالبِهَا باسْتحقاقِ الملكِ على قدرِ الملكِ. قال إسحاق: وإِذَا كان لرجلٍ شفعةٌ في دارٍ فغابَ، وباعَ المشتري الدارَ بفضل مما اشترى، من أيهما يطلبُ الشفعةَ إِذَا جَاءَ الشفيعُ، فإنْ شاءَ أخذَهُ مِنَ المشتري الأول، وإِنْ كَانَ غائبًا فلَهُ أنْ يأخذَهُ ممن في يدِهِ بالشراءِ الذي اشتراهُ بِهِ إنْ شَاءَ. "مسائل الكوسج" (2311) قال في رواية أبي طالب: الشفعة بالمواثبة ساعة يعلم. "المغني" 7/ 453، "معونة أولي النهى" 6/ 421 ونقل عنه أبو طالب في الغائب: له الشفعة إذا بلغه أشهد، وإلا فليس له شيء. "المغني" 7/ 462، "معونة أولي النهى" 6/ 423 قال في رواية حرب: ينظر الشفيع يومًا أو يومين، بقدر ما يرى الحاكم، وإذا كان أكثر فلا. "المغني" 7/ 484، "المبدع" 5/ 224، "معونة أولي النهى" 6/ 45 قال إسماعيل بن سعيد: قلت لأحمد: ما معنى قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من كان بينه وبين أخيه ربعة فأراد بيعها فليعرضها عليه". وقد جاء في بعض الحديث: "ولا يحل له إلا أن يعرضها عليه" إذا كانت الشفعة ثابتة له؟ فقال: ما هو ببعيد من أن يكون على ذلك، وألا تكون له الشفعة. "المغني" 7/ 514 - 515 ¬

_ = (22530)، وعن عامر الشعبي 4/ 503 (22529).

1815 - إذا كان الثمن مؤجلا، يأخد الشفيع بالآجل؟

قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عن الرجل يعرض على شريكه عقارًا بينه وبينه أو نخلًا، فقال الشريك: لا أريد. فباعه، ثم طلب الشفعة بعد؟ قال: له الشفعة في ذلك. "أعلام الموقعين" 2/ 140 1815 - إذا كان الثمن مؤجلًا، يأخد الشفيع بالآجل؟ قال إسحاق بن منصور: سألتُ الثوريَّ عن رجلٍ بَاعَ شفعةً لرجلٍ مِن آخر إِلَى أجلٍ، فجَاءَ الشَّفيعُ فقال: أنا آخذها إِلَى أجَلِهَا؟ قال: لا يأخذها إلَّا بالنقْدِ لأنَّهَا قَدْ دخلتْ في ضمنِ الأولِ، قال: ومنَّا مَنْ يقولُ: تقر في يدي الذي ابْتَاعَهَا، فإِذا بلَغَ الأجل أخذَهَا. قال أحمد: إذَا كانَ في الثقةِ مثل ذَلِكَ فلَهُ إِلَى ذَلِكَ الأجلِ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2033) 1816 - الاحتيال لإبطال الشفعة قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل اشترى دارًا بستة آلاف درهم، فكتب الشراء بثمانية آلاف من أجل الشفعة؟ قال: ما أحوج هذا إلى أدب -أو قال: ضرب. قيل: فما نصنع؟ قال: يؤخذ بالألفين، فترد على المشتري، ويقال له: اتق اللَّه ولا تفعل مثل هذا. "مسائل أبي داود" (1324)

1817 - الآثار المترتبة على تصرف المشتري في المال المشفوع

قال أحمد في رواية إسماعيل بن سعيد، وقد سأله عن الحيلة في إبطال الشفعة؟ فقال: لا يجوز شيء من الحيل في ذلك، ولا إبطال حق مسلم. "المغني" 7/ 485، "أعلام الموقعين" 3/ 299 وسأله ابن الحكم: دارٌ بين اثنين باع أحدهما نصف البناء؛ لئلا يكون لأحد فيها شفعة. قال: جائز. قلت: فأراد المشتري قسمة البناء وهدمه. قال: ليس ذلك له، يعطي نصف قيمته. "الفروع" 4/ 538 1817 - الآثار المترتبة على تصرف المشتري في المال المشفوع: قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إِذَا بَاعَ الشفعة فبناهَا، ثمَّ جاءَ الشفيعُ بعد فالقيمةُ أو يقلع بناءه؟ قال: جيّدٌ. قال إسحاق: لا، بل هو بالخيارِ، إِنْ شَاءَ أخذَ الشفعةَ بما قامتْ عليه بالبناءِ وغيره، وإلَّا تركَهَا. "مسائل الكوسج" (2183) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: رجلٌ باعَ دارًا بألف درهم، ثمَّ باعَ بابهَا بألف درهم، ثمَّ جاءَ الشفيعُ، فَقُوِّمَتِ الدَّارُ بعدَ مَا بِيعَ بابُهَا بألف درهم؟

قال: يأخذُ الشفيعُ الدَّارَ بخمسمائة. قال إسحاق: إنما يأخذُهَا بقدرِ ما بقيت عَليه مِنَ الثَّمنِ إِذَا كانَ ما اشْتراهُ يساوي ذَلِكَ، فأما إذا أشترى ما يساوي مثل ذَلِكَ فإنه ينظر إلَى مَا باع مِنْهُ فيحط بقدرِه؛ فَلذلكَ قال سفيانُ: يؤخذُ بخمسمائة. "مسائل الكوسج" (2185) وقال في رواية سندي في تصرف المشتري في الشقص الذي اشتراه بالبناء والغرس، أله قيمة البناء أم قيمة النقص؟ قال: لا، قيمة البناء. وقال: إنهم يقولون: قيمة النقص، وأنكره ورده، وقال: ليس هذا كغاصب. وقال في رواية حنبل: لأنه عمر، وهو يظن أنه ملكه، وهو ليس كما إذا زرع بغير إذن أهله. وقال جعفر بن محمد: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن رجل غرس نخلًا في أرض بينه وبين قوم مشاعًا؟ قال: إن كان بغير إذنهم قلع نخله. "الفروع" 4/ 546، "المبدع" 5/ 158، 221، "الإنصاف" 15/ 467 - 468 ونقل عنه علي بن سعيد وبكر بن محمد إسقاط الشفعة فيما إذا تصرف بالوقف والهبة. "معونة أولي النهى" 6/ 441

كتاب الوديعة

كتاب الوديعة 1818 - طبيعة يد المودع، وجزاء المخالفة قال إسحاق بن منصور: الوديعةُ؟ قال: ليسَ عليه فيها ضمانٌ إلَّا أنْ يخالفَ. قال إسحاق: كذلكَ العاريةُ حكمُه والوديعةُ سواءٌ، مَا لم يخالف العارية لم يضمن. "مسائل الكوسج" (1811) قال إسحاق بن منصور: يضمن صاحب الوديعة؟ قال: لا واللَّهِ، إلَّا أنْ يُتهم بِرِيبةٍ كما ضَمَّن عمرُ -رضي اللَّه عنه- أنسًا (¬1). قال إسحاق: شديدًا كما قال. "مسائل الكوسج" (1904) قال إسحاق بن منصور: قال سفيانُ: لا يكونُ في الوديعةِ، والبضاعةِ، والمضاربةِ، والعاريةِ ضمانٌ. قال أحمد: العاريةُ مؤداةٌ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، والوديعةُ إِذَا ذَهبت مِنْ بين متاعهِ يضْمن كَما ضَمَّنَ عمرُ -رضي اللَّه عنه- أنسًا، والمضاربةُ هو أمينهُ إلَّا أنْ يخالفَ، والبضاعةُ هو مؤتمنٌ سببه سبب الوديعة. قال إسحاق: في كلِّ هذا، لا ضمانَ العارية، ولا شيءَ إلَّا أنْ يخالفَ فيضمن. "مسائل الكوسج" (2234) ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 6/ 289.

قال إسحاق بن منصور: قال سفيانُ: كلُّ شئٍ أصله ضمان فاشترط أنْ ليسَ عليه ضمانٌ، فهو ضامنٌ. قال أحمد: إِذَا اشترطَ لَهُ فالمسلمون عند شروطِهِم. قال إسحاق: كما قال أحمد، ألا تَرى أنَّ أنسَ بن مالك بعد ما ضَمَّنه عمر -رضي اللَّه عنه- الوديعة كَانَ لا يأخذ بضاعةً إلا بشرط أنَّهُ بريءٌ مِنَ الضمنِ. "مسائل الكوسج" (2235) قال إسحاق بن منصور: قال سفيانُ: كلُّ شيءٍ أصلُه أمانةٌ، فليسَ عَلَى صَاحِبِه ضمانٌ وإنِ أشترطَ أنَّهُ ضامنٌ. قال أحمد: الأمانةُ عَلَى مَعْنَى الوديعةِ والبضاعةِ. قال إسحاق: الأمانات كلُّهَا مؤداة لا ضمانَ فيها. "مسائل الكوسج" (2236) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ سفيانُ عنْ رجلٍ استودعَ رَجُلًا دراهم بيضًا، فخلطها بسودٍ فهلكت أيضمن؟ قال: لا. قال أحمد: هذا رجلٌ قد خلط مَاله بمالِ غيرِه. قُلْتُ: ترى عَليه ضَمانًا؟ قال: إي واللَّه. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2238) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا الرجلُ يدفع المتاعَ إلى رجلٍ؛ ليحمله إلى مصر فرجعَ الرسولُ، فَقَال: قد سُرِقَ المتاعُ مني، ووصفَ: إني قد وضعته في موضعٍ، فقلتُ لأصحابي: احْفَظوا، وكنتُ وضعتُهُ عَلَى حمارٍ، وفقدتُ الحمارَ، فلمَّا كانَ بَعْدُ أصبتُ الحمارَ ولمْ

أصب المتاعَ فإنه لا ضمانَ لَهُ عليه؛ لأنَّ الرجلَ الذي يستودعُ، أو يدفعُ إِليه الشيءَ ليبلغ به موضعًا لا يكونُ عليه حفظه أكثر مما يكونُ عَليهِ مِنْ حفظِ مَتَاعِهِ، فإذَا فَعَلَ ذَلِكَ كما يفعلُ بمتاعِهِ مِنَ الحفظِ والتعاهدِ، ومن يأمر بحفظِ متاعه؛ فَلا ضمانَ عَلَيه إلَّا أنْ يكونَ متهمًا، ويخلط على نفسه، فإنَّ عمرَ -رضي اللَّه عنه- ضمن أنس بن مالك بضاعة، وذلِكَ أنَّهُ سَأله عَنْهَا وكيف صنع فيها؟ فَقَال: وضعتُهَا مَعَ مَتَاعِي، فذَهبت من بين متاعي، فَقَال عمرُ -رضي اللَّه عنه-: أَذَهَبَ لكَ معَهَا في شيءٌ؟ قال: لا. قال: ضمنتَ يا أنس وإنَّكَ عِنْدنا لأمينٌ (¬1). يقولُ: صَارَ ضامنًا لحالِ ما اتهمه وإِنْ كانَ الخصمُ أمينًا، أن يكون الفعل فيه كفعل المتهمين أجرى عليه حكمَ الخصومِ، فَمِنْ ههنا قال: ضمنت. لما فعل فعلًا أَنكرهُ، وقال لَهُ: إنكَ لأمينٌ عندنا. "مسائل الكوسج" (2312) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن دقيق لقوم اختلط قفيز حنطة بقفيز شعير دقيق، جميعًا طحنا فاختلطا. قال: هذا لا يقدر أن يميز؟ فقال أبي: إن كان يعرف قيمة دقيق الشعير من دقيق الحنطة مع هذا، أو أعطى كل واحد منهما قيمة ماله إلا أن يصطلحوا بينهم على شيء ويتحالوا. قلت لأبي: فإن قال هذا أريد: حنطتي، وقال [الآخر]: أريد شعيري؟ قال: يباع إن عرف قيمتهما. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 402 (21447)، والبيهقي 6/ 290.

قلت لأبي: فإن لم يعرف؟ قال: لا بد لهم أن يصطلحوا على شيء ويتحالوا. "مسائل عبد اللَّه" (1149) ونقل مهنا عن أحمد في رجل استودع عشرة دراهم، واستودعه آخر عشرة، وأمر له أن يخلطهما، فخلطهما، فضاعت الدراهم، فلا شيء عليه. "المغني" 9/ 259 ونقل محمد بن عبد اللَّه البغوي عنه في رجل أعطى آخر درهمًا؛ يشتري له به شيئًا، فخلطه مع دراهمه، فضاعا، قال: ليس عليه شيء. "الفروع" 4/ 483، "المبدع" 5/ 240 نقل الأثرم عنه فيمن دفع إلى آخر دينارًا من شيء كان له عليه، فخرج فيه نقص، فقال للدافع: خذه وأعطني غيره. فقال: أمسكه معك حتى أبدله لك، فضاع الدينار، فقال: ما أعلم عليه شيئًا، إنما هو الساعة مؤتمن. "تقرير القواعد" 1/ 302 نقل حرب عنه فيمن بيده وديعة وصى بها لمعين: أن المودع يدفعها إلى الموصى له والورثة. قيل له: فإن دفعها إلى الموصى له يضمن؟ قال. أخاف. قيل له: فيعطيه القاضي؟ قال: لا، ولكن يدفعه إليهم. "تقرير القواعد" 2/ 377 قال في رواية حرب: إذا خالف الوديعة فهو ضامن. "المبدع" 5/ 235

1819 - إن استعمل الوديعة فنمت، هل تكون للمودع أم من يده الوديعة؟

وحكى الأثرم عنه فيمن أخذ درهمًا، ثم رده، أنه أنكر القول فيها بتضمين الجميع، قال: وإنه قول سوء؛ لأن الضمان منوط بالتعدي، وهو مختص بالمأخوذ. "المبدع" 5/ 241، "الإنصاف" 16/ 43، "معونة أولي النهى" 6/ 485 نقل عنه أبو الحارث في رجل أودع آخر مالًا وغاب، وطالت غيبته، وله ولد، ولا نفقة له، هل ينفق عليه هذا المستودع من مال الغائب؟ فقال: تقوم امرأته إلى الحاكم حتى يأمره بالإنفاق. "المبدع" 5/ 266، "معونة أولي النهى" 7/ 928 1819 - إن استعمل الوديعة فنمت، هل تكون للمودع أم من يده الوديعة؟ قال إسحاق بن منصور: إِذا اسْتودعَ الرَّجُل مالًا فباعَ بِهِ لنفسِهِ وربحَ فِيهِ، لمنِ الربحُ؟ قال: الربحُ لصاحب المالِ عَلَى حديثِ عروة البارقي في الشَّاةِ (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1896) قال صالح: وسألته عن رجل استودع دراهم فعمل بها فربح؟ قال: الربح لرب المال. "مسائل صالح" (385) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 375 - 376، والبخاري (3642).

1820 - جحود الوديعة

قال صالح: قلت: الرجل يكون عنده وديعة، فينفقها ويدفع مثلها إلى صاحبها، هل يطيب له ربحها؟ فإن أعلمه وأحله له؟ قال: إذا كانت عند رجل وديعة لم ينفقها إلا بإذن ربها، فإن اتجر فيها فالربح لصاحبها، إلا أن يطيبه له. "مسائل صالح" (1397) قال عبد اللَّه: قيل لأبي وأنا أسمع: رجل استودع دراهم، فعمل بها، فربح؟ قال: الربح لرب المال. "مسائل عبد اللَّه" (1147) نقل عنه أبو طالب، وعلي بن سعيد النسوي: إذا اتجر في الوديعة بغير إذن مالكها فربح فيها، فالربح لصاحب الوديعة. ونقل حنبل عنه: لا يكون الربح لأحدهما، بل يتصدقان به. "الروايتين والوجهين" 1/ 415 1820 - جحود الوديعة نقل بكر بن محمد عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، وسئل عن رجل كان له على قوم مال -أو أودعهم مالًا- ثم مات، فجحد الذين في أيديهم الأموال، لمن ثواب ذلك المال؟ قال: إن كان أحد ممن عليه أو في يده الوديعة كان قد نوى في حياة الميت أن يؤديها إليه فأجرها للميت، وإن كان هؤلاء جحدوا الورثة فأجرها للورثة فيما نرى. "الآداب الشرعية" 1/ 112

1821 - اختلاف المودع والمودع

1821 - اختلاف المودَع والمودِع قال إسحاق بن منصور: الرجلُ يقولُ للرجلِ: قَدْ كانتْ لَكَ عندي وديعةٌ فَدَفَعْتُهَا إَليكَ. قال: يصدق إِذَا كَانَ دَفَعها إِليهِ بغيرِ بينةٍ. قال أحمد: يصدق إِذَا قال: لكَ عندي وديعةٌ إِذَا كَانَ ذَلِكَ إقرارًا مِنهُ إِلَّا أنْ يجيءَ هذا ببينةٍ. قال إسحاق: يصدق في هذا وَفي كلِّ مَا أقرَّ مِنْ شيءٍ، ثمَّ خرجَ مما أقر بكلامٍ متصل كنحو ما يقول: اشتريتُ منكَ عبدًا، أو أرضًا بألف درهم، فأديتُ ثمنهُ إليكَ، وكَانَ لكَ عندي كَذَا وكَذَا، فرددتُها عليكَ، فكلُّ هذا لا ضمان عليه، لأنَّه أقَرَّ على نفسِهِ بشيءٍ، ثمَّ خرجَ منه بكلامٍ متصلٍ، فهو خبر، وأخطأ هؤلاء حين قالوا: إِقرارُهُ جائزٌ وعليه البينة بالأداءِ. "مسائل الكوسج" (1981) قال إسحاق بن منصور: قال الثوريُّ في رجل قال لرجلٍ: استودعتك هذا الثوبَ. فقالَ: صدقت، ثمَّ قال: استودعنيه رجل آخر. قال: الثوبُ للأولِ، ويغرم للآخر ثوبًا. قال أحمد: إِذَا جاءَ الآخرُ يطلبه فلا بدَّ، هو كما قال. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1983) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ سفيانُ عَن رجلٍ استودعَ رَجُلًا ألف درهم، فَجَاءه فقالَ: ادْفَعْ إِليَّ دراهمي، قال: قَدْ دفعتُهَا إليكَ؟ قال: يصدق. فإنْ قال: أمرتني أنْ أَدْفَعْهَا إلى فلان فَبَيِّنتُهُ. قال أحمد: في كِلَا الأمرين يصدق. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2237)

كتاب إحياء الموات

كتاب إحياء الموات 1822 - حكم الإحياء، وبيان ما يجوز إحياؤه، ومن يجوز إحياؤه، وهل يشترط في ذلك إذن الإمام أم لا؟ قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: مضت السنةُ مِنَ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنْ مَنْ أَحْيَا أرضًا مواتًا فَقَدْ ملك رقبتَهَا، وقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عاديُّ الأرضِ للَّه تعالى والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ثمَّ لكم، مَنْ أحْيَا من موتان الأرضِ شيئًا فَقَدْ ملكَ رَقَبَتهَا" (¬1). فَلما ثبتتْ السنةُ بملكِ رقبة المواتِ للذين أحْيوهَا صارتْ سنةً مسنونةً، وعمل بذلك الخلفاءُ بعدَه، واجتمعَ علماءُ الأمصارِ في عَصْرِنَا هذا ومِنْ قبلُ أنَّ الأمرَ عَلَى ذَلِكَ لمْ يختلفْ منهم في ذَلِكَ والٍ، ولا عالم، ولا جماعة، واخْتلفَ علماءُ الأمصارِ في تفسيرِ المواتِ: فَرَأى قومٌ مِنْ أهلِ العلمِ أنَّ كلَّ أرضٍ لمْ يُوضَعْ عليها الخراجُ، وإنْ كانتْ منسوبةً إلى قريةٍ إلَّا أنها ليستْ مما يعلُوهَا ماؤُها، وقَدْ جَاوزَ حدها قدر دعوة من المصر، فأحْيَاهَا رجلٌ أنه قَدْ ملكَ رقبتها، وإنْ كانتْ هذه الأرضُ في غيرِ أرضِ العربِ؛ لأنَّها إِذَا لمْ تكنْ في حدِّ قرية، وُضِعَ عَليها الخراجُ، أوْ هي مرعى لقومٍ، لمْ يكنْ حريما لهذِه ¬

_ (¬1) رواه الشافعي في "المسند" (438)، وابن الجوزي في "التحقيق" (1600) مرسلًا عن طاوس، وانظر الضعيفة (553)، والإرواء (1549)، ورواه البيهقي 6/ 143 مختصرًا من طريق طاوس موصولًا، عن ابن عباس مرفوعًا. قال ابن حجر عنه: تفرد به معاوية متصلًا، وهو مما أنكر عليه "تلخيص الحبير" 3/ 62.

القرية التي هي بجنبها جبلًا كانَ أو أرضًا؛ لأنَّ الأرضَ التي لا يعلُوهَا الماءُ وإنْ نسبتْ إلَى قرية، أو قيل مفازة كورة، كنحو مفازة آمل أو مفازة كرمان، أو ما أَشْبَهَهُما، فإنَّ مَنْ أحيَا مِنْها فهو مباحٌ لَهُ إِذَا لمْ يكنْ يعرض لها متعرضٌ قَبْلُ فأحْيَاهَا، فإنَّ الذي يحيي مثلَ هذِه المواتِ فقدْ مَلَكَ الرقبةَ، ولا يكونُ إحياءُ المواتِ إلَّا بأنْ يحوطَ عليها حائطًا أو يجعلَ حواليها المسنيات كنحو الحيطانِ، أو يكون زرعها الذي أحياها كلها، أو كريها فهذا الإِحياءُ الذي قَدْ عرفْنَا؛ لأنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ أحيَا أرضًا مواتًا فَقدْ مَلَكَ رَقَبَتَها"، وهو الذي قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أحاطَ عَلَى أَرضٍ فَقَدْ مَلَكَهَا" (¬1)، فدلَّ هذا الحديثُ عَلَى معنى ما أردنا مِنْ تفسيرِ الإِحياءِ أَنَّهُ الحائط وما أشبهه، وهو الذي لا يُخْتَلفُ فِيهِ، وهوَ الحقُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عز وجل؛ لأنَّ كُلَّ أرضٍ بجنب قريةٍ أو قُرْبَهَا مما لا يعلوها ماء هذِه القرية وَاديًا كَانَ أو قناةً، فَإِنَّا قَدْ عَلِمْنَا أنهُ لمْ يُوضع عليها الخراجُ بما سنَّ عمرُ بن الخطاب رضى اللَّه عنه: أنَّ الخراجَ يُوضعُ عَلَى كلِّ أرضٍ لا يعلُوهَا الماءُ عامر وغامر (¬2)، وهذِه التي زَالَ عَنْها المعْنَى الذي وَصَفْنَا صارت مواتًا، وقَدْ أجمعَ عدةٌ مِنَ العلماءِ أنَّ المواتَ لا يكونُ إلَّا في أرضِ العربِ منهم المغيرةُ الضبيُّ، والأوزاعيُّ، وسفيان ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 381، والطحاوي 3/ 298 من حديث جابر وله شاهد من حديث الحسن البصري، عن سمرة، رواه أحمد 5/ 12، والنسائي في "الكبرى" 3/ 405، وابن الجارود (1015)، والطبراني 7/ 208 (6863)، والبيهقي 6/ 142، لكن الحسن لم يصرح بسماعه من سمرة. انظر: "الإرواء" 5/ 355. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 430 (10722)، 6/ 432 (32703).

الثوريُّ، ومن سَلكَ طَرِيقَهُمْ، ولم يروا الموات في أرضِ الخراجِ، فلذلك قُلْنَا: كلُّ أرضٍ لمْ يُوضَع عليها الخراجُ جَبَلًا كان أو بَيَاضَ أرضٍ، بخراسان أو غيرها ففيها المواتُ. وإنْ كَانَتْ أرضٌ في جنب القريةِ فتروحُ فيها دَوَابُّهُمْ، وتَسْرَحُ للرعي فإلى قدرِ منتهاها رأى قومٌ ألا يكونَ فيها مواتٌ، وقَدْ جعل ذَلِكَ حريمًا لهذِه القريةِ، وإنْ كَانَتْ لا يعلُوهَا الماءُ أبدًا. "مسائل الكوسج" (2314) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وهذا إِذَا كَانَ دون دعوةٍ مِنَ القريةِ أو المصر رجوت أنْ يكونَ كَما وَصفُوا، وأمَّا مَا نأت عما جَاءَ في سُنَّةِ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو قدر دعوة، فَإنَّ رقبتها لمنْ أحْيَاهَا إِذَا كَانَتْ مما لا يعلوها ماءُ هذِه القرية، وإنْ كانت أرضًا منسوبةً إلى قريةٍ وهي عامرة ويعلوها الماءُ أن لو عمرت، فلا أَرى لأحدٍ مِنْ أهلِ تلِك القريةِ التي تُنْسَبُ هذِه الأرضُ إِليها أنْ يستبدَّ بِزِرَاعَتِهَا دون الشركاء؛ لأنهم في ذَلِكَ شرع واحد، ولا يجوز لأحد استخلاص شيء منها دون أهل القريةِ إِلَّا أنْ تكونَ مقاسمةً بينَ القومِ، أو يكون صلحًا بينَ القومِ يَتَراضون بِهِ عَلَى زِرَاعتها فَلَهُمْ ذَلِكَ حينئذٍ، ورَأى قومٌ في هذِه الأرضِ التي بينَ أهلِ القريةِ، أو القرية نفسها إِذَا كانت بينهم فلمْ يَقْتسموها، فأرادوا زِرَاعتها أنْ يَقْتَسِمُوا بينهم، ويقْرعُوا بينَ القسمةِ، وأرجُو أنْ يكونَ ذَلِكَ جائزًا، وإنْ كَانَ فِيها قومٌ غيبٌ أو صغارٌ فإن الحاكمَ يُوكلُ عَلَى الغائبِ، ويخصبُ للصغيرِ وَصيًّا ثمَّ يقتسمون حينئذٍ ويقْتَرعون، وهذا رَأيُ مالك وأصحابه أَنْ يقْتَسِمُوا همْ عَنِ الصَّغِيرِ والغائبِ، إِذَا كَانَ الذين حَضَرُوا هم مدركون ويحتاجون إِلَى القسمةِ، ويجمعون العدول في ذَلِكَ

ويقْرعون، فِقِيلَ لمالك رحمه اللَّه تعالى: أرأيتَ إنْ قدمَ الغائبُ أو أدركَ الصغيرُ فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ؟ فقال: جَازت القسمةُ بينهم، ولوْ أنَّ الحاكمَ أرادَ ذَلِكَ لمْ يقدر على أكثر مِنْ أَنْ يحضرَ عدولًا حتَّى يَقْتَسمُوا، وقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ هؤلاء، ثُمَّ يقولُ عَلَى إثر ذَلِكَ: هؤلاء الحكام واللَّهِ قد أضاعُوا مِنَ الحكمِ أكثرَ منْ ذَلِكَ، والذي نعتمدُ عليه مِنْ ذَلِكَ ما وصف مالك عِنْد الضرورةِ، وإِذَا لمْ يمكنهم رفع ذَلِكَ إِلى حاكم لما لم يكن هناك من يحكم بينهم، أو لم يقدروا على تثبيت ذَلِكَ عند حاكم، فجازت حينئذٍ القسمةُ؛ لأنَّهَا موضعُ ضرورةٍ، وهذا إِذَا كَان فيهم غائبٌ أو صغيرٌ، فأمَّا إِذَا كان أهلُهَا كلُّهم كبارًا حضورًا فَلَا يحتاجون إِلَى حاكمٍ ولا إلَى قضيةِ قاضٍ. وقدْ أجازَ أهلُ العلمِ مِنْ أصحابِ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ومَنْ بعدَهم مِنَ الضَّروراتِ أكثرَ مِنْ هذا، وأنكرَ هؤلاء ما وصفَ مالك مِنْ ذَلِكَ عند الضرورةِ وغيرِ الضرورةِ، ثمَّ أتوا أعظمَ مما أنكروا فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالوا: لو أنَّ أمرأةً التقطتْ صبيًا فربته، فَوُهِبَ للصَّبي هبةٌ، فقَالوا بأجمعهم: لها أنْ تقبضَ ما وُهِبَ له، وهُمْ لا يرون للأم قبضًا في الأصلِ، فادَّعوا أنَّ مثلَ هذا ضرورةٌ، وقَالوا أيضًا: لو كانت صبية فخطبها خاطبٌ فلهذِهِ الملتقطة أنْ تُزوجَهَا، ولا يرون لها خيارًا إِذَا أدركتْ، وقَالوا هذا موضعُ ضرورةٍ، ومثل هذا كثير مِنْ قولهم يفرقون بين مَا جمعَ القومُ، ويجمعون بين ما فرقَ القومُ، قَدْ أُوْلعُوا بذلك، فإِذَا أحْيَا الرجلُ الأرضَ الموات كَما وصفْنَا فَقَدْ ملكَ الرقبةَ، ثمَّ إنْ ضيَّعَهَا بعدَ ذَلِكَ ثلاث سنين فَقَدْ زالَ عَنهُ مَا أحْيَا، إلَّا أنْ يكونَ حَوطَ عليها الحائط، فإن ملكه حينئذٍ لا يزول.

وأمَّا الأرضُ التي هي منسوبةٌ إلى قريةٍ مما قَدْ وُضِعَ عَليها الخراجُ، فَلَا موات فيها؛ لوضع الخراج عليها، ولكن الإِمام إنْ رَأى أنْ يدفَعَهَا إِلَى مَنْ شاءَ حتَّى يحييها فَلَهُ ذَلِكَ بعدَ أنْ يكونَ ذَلِكَ نظرًا لأهلِ القريةِ؛ لأنها لَوْ تعطلتْ يومًا حتَّى لا يقدروا عَلَى احْتمالِ خَراجِهَا كَانَ على الإِمامِ التخفيفُ عنهم، فَكَذلِكَ لَهُ أنْ يبيحَ ما وصفنا حتَّى تحيا، ويضع عَلَيها قَدْرَ طَاقتها، وقدر مَا يعرفُ مِنَ المؤنةِ التي تلزم في إِحْيائِهَا عُشْرًا كان أو غيره؛ لأنَّ كلَّ شيءٍ يوظفه عَلَيها كَانَ عليه إِسْقَاطه عنْ جملةِ خَراجِ أهلِ القريةِ، فَلذَلِكَ جعل النظر عَلَى معنى الحيطةِ لَهم، وجَهِلَ هؤلاء حيثُ قَالُوا: لا تحيا الموات إلَّا بإذنِ الإِمامِ، وإنْ كانَ مِنْ أرضِ العربِ، وهذِه زلةٌ عظيمةٌ؛ لأنهُ خلاف قولِ الرسولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، إنما تحتاجُ إِلَى إذنِ السُّلطانِ في هذِه الأشياء التي وَصَفْنَا مما قَدْ وضع عَلَيها الخراج فلا يكون فِيهَا موات، وإذنُ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ أَتى عَلَى إِذْنِ السلطان وغيرهِ في المواتِ، لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عاديُّ الأرضِ للَّه عز وجل ورسولِهِ ثمَّ لكم" فهوَ مباحٌ لمنْ أحْياهَا إلَّا أنْ يكونَ غيرَ مسلمٍ فإنَّ مَنْ أحيا الموات مِنْ غيرِ أهلِ الإِسلامِ خِفْتُ ألا يكونَ لَهُ ذَلِكَ لقولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "للهِ ولرسولهِ ثمَّ لكمْ". فَمنْ أَحيا مِنْ موتان الأرضِ شيئًا سِوى أهلِ الإِسلامِ لمْ يكنْ بدٌّ للسلطانِ مِنْ أنْ يضعَ عَلَيها ما يَرى مِنَ الخراجِ؛ لأنَّهم لا يكونون كالمسلمين، فيُوضَع عليهم العُشْرُ كما يُوضَعُ عَلَى مسلمٍ يحيي مواتا مِنَ الأرضِ، فإنَّ المسلم إِذَا زَالَ عنه الخراجَ لزمه العشرُ، وغيرُ المسلمين إنما أُلْزِمُوا الخراج في أَرَضِيهم وعلى رءوسهم، ولا بدَّ مِنْ أنْ يُوضَعَ عَلَى ما يحيون مِنَ الأرضِ الخراجُ، فيكون الإِمامُ قَدْ أخَذَ مِنَ الأرضِ المستحدثةِ خراجًا، وإِنما عليها العشر، وإنَّ

المشركَ لا طهرةَ لَهُ بالعشرِ والزكاةِ، وإنما الطهرةُ للمسلمين كَما قال اللَّه سبحانه وتعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103]. "مسائل الكوسج" (3315) قال إسحاق بن منصور: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عاديُّ الأرضِ للَّه عز وجل ورسولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثمَّ لكم" (¬1). قال: العادي: القديم، وهذا من طريق الموتان، من أحيا أرضًا ميتة فهي له. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3340) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاقُ في موتان الأرضِ الموات في كل موضع، ويحتاجُ إلى إقطاعِ السلطانِ أم لا؟ وكيفَ يكونُ إحياؤه؟ وإنْ ماتَ قبلَ أن يحيي يكون لورثته منه شيءٌ، أم هي لمنِ اسْتحيَاها؟ قال: كُلُّ موات يكونُ في أرضِ العرب، وكلّ أرضٍ لم يوضع عليها خراج، وإن كان حوالي القرية بعدَ أَنْ يكونَ عامرًا لا يعلوها الماء فهي لمن أحياها لا يحتاجُ فيها إلى السلطانِ، فَأَمَّا الأرضون التي وضع على قريتِه الخراج، فإنَّه لا بد مِنْ أَنْ يقطع السلطان؛ لأنه ما أخذ من هذا الذي أحيا، وليس لورثةٍ آخذ الموات شيء، إذا لم يكن أحياها بزراعة أو حائط يحوط أو ما أشبه ذَلِكَ من المسبيات حواليها. "مسائل الكوسج" (3380) قال صالح: وسألته هل بأرض الجبل موات؟ ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 6/ 143، وابن الجوزي في "التحقيق في أحاديث الخلاف" (1600) من حديث طاوس مرسلًا.

فقال: إنما الموات تكون في الأرض التي لم تملك، فمن أحياها فهي له. "مسائل صالح" (771) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الموات؟ قال: الموات: التي لا يملكها أحد. "مسائل أبي داود" (1366) قال أبو داود: قلت لأحمد: في كل الأرضين موات؟ قال: أخشى ألا يكون في السواد موات. "مسائل أبي داود" (1367) قال أبو داود: قلت لأحمد: أرض ميتة أحياها رجل؟ قال: إذا كانت لم تملك، فإن ملكت فهي فيء للمسلمين، مثل رجل مات وترك مالًا لا يعرف له وارث. "مسائل أبي داود" (1368) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: رجل ينزل قرية من القرى، وله أخ ببغداد يطلب إليه أن ينزل معه فيها، فيأبى وهي قرية لم يملكها أحد، وهي للدَهاِقين؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا لم يُملكها السلطان، ولا أُقطعت لأحد ينزلها. "مسائل ابن هانئ" (1973) قال المروذي: وسئل أبو عبد اللَّه: عن أرض ليس يُعرف لها رب، فغرس رجلٌ فيها غرسًا. فقال: الأرض صلح أو غير صلح؟ فقيل له: صلح.

قال: لا إِلا بإذن أربابها. قيل له: لا يُعرف لها رب. قال: الصلحُ له أرباب. "الورع" (258) نقل عنه أبو الحارث ويوسف بن موسى في الموات الذي جرى عليه مجرى ملك مسلم، ولا يعرف مالكه أنه لا يملك. ونقل عنه يوسف بن موسى في إحياء ما قرب من العامر إذا لم يتعلق بمصلحته: إنما يكون في البرية والصحراء فإن كانت بين القرى فلا. وقال أبو الصقر: قلت: إذا أحيا رجُلٌ أرضًا ميتة، وأحيا آخر إلى جنبه أرضًا، وبقيت بين القطعتين رقعة، فجاء رجل فدخل بينهما، ليحيي هذِه الرقعة فليس لهما أن يمنعاه؟ فقال: ليس لهما أن يمنعاه، إلا أن يكونا أحيوها. وإذا كانت أرض بين فريقين، ليس فيها مزارع، ولا عيون ولا أنهار لأهل القريتين، ويزعم أهل كل قرية أنها لهم في حرمهم، فإنها ليست لهؤلاء ولا لهؤلاء، حتى يُعلم أنهم أحيوها، فمن أحياها فهي له. "الروايتين والوجهين" 1/ 451 قال في رواية العباس بن محمد بن موسى الخلال، وقد سأله عما أحيا من أرض السواد: أيكون لمن أحياه؟ فقال: مثل التلول والرمال فيما بينك وبين الأنبار، فهو لمن أحياه. "الأحكام السلطانية" ص 169 وقال علي بن سعيد: قلت لأحمد: يجعل للأرض حد من القرية في القرب والبعد؟

1823 - بيان ما يحصل به الإحياء

فقال: قد روي عن الليث بن سعيد بن غلوة نحوه، ولا أدري ما هذا؟ ! وقال في رواية يوسف بن موسى: الميتة التي لم يملكها أحد تكون في البرية، وإن كانت بين القرى فلا. "الأحكام السلطانية" ص 209 ونقل علي بن سعيد النسوي وقد سأله عن مروج قرب المدينة، هي مرعى للدواب، ويعتبر فيها الموتى، ولا يعرف لها مالك؟ قال: لا أرى أن يتعرض لها إذا كانت بهذِه الحال قريبة من القرية. وقال بعد ذلك: إذا لم يكن في أخذها ضرر على أحد فهي لمن أحياها. ونقل يوسف بن موسى: إذا نضب الماء عن جزيرة إلى فناء رجل، هل يبنى فيها؟ قال: لا، فيه ضرر على غيره؛ لأن الماء يرجع. "الأحكام السلطانية" ص 212 ونقل حرب: قال أحمد: يروى عن عمر أنه أباح الجزائر (¬1). "المغني" 8/ 160، "معونة أولي النهى" 6/ 18 1823 - بيان ما يحصل به الإحياء قال صالح: قال أبي: والإحياء يكون: يُحيط عليها حائطًا فيمنع منها، أو يُحفر فيها بئر فتكون له حريمها خمسة وعشرين ذراعًا حولها. "مسائل صالح" (771) ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 5/ 376 عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب بإباحة الجزائر وقال: إنما هو شيء أنبته اللَّه فليس أحد أحق به من أحد.

قال صالح: قال أبي: من حجر أرضًا ليست لأحد فهي له. قال أبي: حدثنا محمد بن بشر عن سعيد، عن قتادة، عن سليمان اليشكري، عن جابر بن عبد اللَّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أحاط على إرض فهي له" (¬1). "مسائل صالح" (1153) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: الأرض الموات لا يكون إحياؤها بالزرع فيها، إنما يكون إحياؤها بأن يعمل فيها، ويحفر فيها، ويبني فيها، فيكون بهذا إحياء ولا يكون بالزرع إحياء. "مسائل ابن هانئ" (603) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل ينزل قرية من القرى، وله أخ ببغداد يطلب إليه أن ينزل معه فيها، فيأتي وهي قرية لم يملكها أحد وهي للدهاقين؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا لم يملكها السلطان نزلها، ولا أقطعت أحد بنزلها. "مسائل ابن هانئ" (1209) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن حديث الصعب بن جثامة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا حِمَى إِلَّا للَّه وَلِرَسُولِهِ" (¬2). قال أبي: فليس لرجل أن يحمي أرضًا لا يملكها، إلا ما كان للَّه ولرسوله. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 381، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 268، والحديث صححه الألباني في "الإرواء" (1554). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 38، والبخاري (2370).

قال أبي: ومعنى ما كان للَّه ولرسوله: فالإبل تكون يحمل عليها في سبيل اللَّه، أو أرض أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تحمى، إلا من ملك أرضًا فله أن يحميها، فيروي سَمُرَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أَحَاطَ حَائِطًا عَلَى أَرْضٍ فَهِيَ لَهُ" (¬1) فلهذا الحمى إذا منعها بحائط أحاط عليها، أو حفر بئرًا، فإن كانت عادية -والعادية القديمة- فله خمسون ذراعًا من جوانبها، وإن كانت ابتدئت بالحفر فله خمسة وعشرون ذراعًا حواليها ليس لأحد أن يدخل عليه فيها؛ لأنه قد ملك ذلك بحفر البئر. قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً. . " (¬2) إذا حفر فيها بئرًا، فله حريمها، وإذا رفع حائطها حتى يمنع ذلك. قيل له: فالأحجار؟ قال: ليس بشيء إلا أن يرفعه بحائط. "مسائل عبد اللَّه" (1171) قال في رواية ابن القاسم: الإحياء باستخراج نهر أو عين أو بئر. "الروايتين والوجهين" 1/ 452 نقل حرب عنه في رجل أحيا أرض الموات، فحفر فيها بئرًا، أو ساق إليها الماء من موضع، أو أحاط عليها حائطًا ثم تركها فهي له. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 12، 21، وأبو داود (3577)، والنسائي في "الكبرى" 3/ 405 (5763)، وابن الجارود (1015) ثم من طرق عن الحسن عن سمرة به. وعلة هذا الإسناد عنعنة الحسن البصري. قاله الألباني في "الإرواء" 5/ 355، ولكن لمعنى الحديث شواهد، قاله أبو إسحاق الحويني في "غوث المكدود" 3/ 267. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 304 من حديث جابر، وقد رواه البخاري (2335) من حديث عائشة مرفوعًا، لكن بلفظ: "مَن أَعْمَرَ أَرْضًا لَيْسَت لِأَحَدٍ فَهُوَ أحقُّ"، كما علقه عن عمر موقوفًا قبل حديث عائشة هذا، لكن بلفظ حديث جابر المتقدم.

قيل له: فهل في ذلك وقت إذا تركها؟ قال: لا. ونقل عنه أبو الصقر: إذا أحيا أرضًا ميتة وزرعها ثم تركها حتى عادت خرابًا فهي له، ليس لآخر أن يأخذها منه. "الأحكام السلطانية" ص 172 قال في رواية علي بن سعيد النسوي: الإحياء لا يكون إلا بأن يحوط عليها، فإن كرب حولها لم يستحق بذلك حتى يحوط. وقال: الإحياء من احتاط حائطًا أو احتفر بئرًا، ومن احتاط حائطًا يمنع الناس والدواب فهي له، زرع فيها أو لم يزرع، ومن حفر بئرًا فحريمه خمسة وعشرون ذراعًا. قال في رواية أحمد بن أبي عبدة: في أرض سبخة لا ربَّ لها ضرب عليها الناس؟ فقال: هل بنى عليها حائطًا؟ فقيل له: لا. فقال: لا، إلا أن يبني عليها حائطًا. "الأحكام السلطانية" 210 - 211 نقل حرب: إذا حفر بئرًا ولم يبلغ بها الماء لا يكون إحياء. "الأحكام السلطانية" ص 217

باب في القطائع

باب في القطائع 1824 - إقطاع الإمام الموات وأرض السواد قال المروذي: سألت: أبا عبد اللَّه عن قطائع البصرة والكوفة؟ فقال: تجعل قطائع أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مثل قطائع هؤلاء. ونقل يعقوب بن بختان: ما أقطع هؤلاء فلا يعجبني. "الأحكام السلطانية" ص 227، 228 ونقل حرب: القطائع جائزة وقال له المروذي: قال مالك: لا بأس بقطائع الأمراء، فأنكره شديدًا، وقال: تزعم أنه لا بأس بقطائعهم. ونقل يعقوب عنه: قطائع الشام والجزيرة من المكروهة كانت لبني أميه فأخذها هؤلاء. ونقل محمد بن داود: ما أدري ما هذِه القطائع؟ يخرجونها ممن شاءوا إلى من شاءوا. "الفروع" 4/ 559، "المبدع" 5/ 259، "الإنصاف" 16/ 160 وقال في رواية الأثرم: دور البصرة أقطعت على عهد عمر -رضي اللَّه عنه-. قيل له فالكوفة، كيف يسن فيها قطائع هذِه الأرض السواد، وتلك أرض أحيوها فاستخرجوها -يعني: البصرة- وقد أقطعوا أيضًا بالكوفة؟ فذكر حديث عثمان -رضي اللَّه عنه- أنه أقطع عبد اللَّه وخبابًا (¬1). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 99 (14470)، وابن أبي شيبة 6/ 476 (33018) أن عثمان أقطع خمسة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . وذكر فيهم عبد اللَّه وخبابًا.

وقال المروذي: سُئل أبو عبد اللَّه عن القطائع التي بطرسوس هي مثل قطائع بغداد؟ فقال: لا، بل تلك عندي أسهل في نحر العدو. وقال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: أليس قد أقطع عثمان عبد اللَّه وخبابًا وغيرهما -رضي اللَّه عنهم-؟ فقال: هذا أيضا يقوي أن أرض السواد ليست بملك لمن هي في يده، أن عمر -رضي اللَّه عنه- لم يقطع وعثمان أقطع بعد، فلو كان عمر -رضي اللَّه عنه- ملكها من هي في يده لم يقطع عثمان -رضي اللَّه عنه- بعد. قيل لأبي عبد اللَّه: إنهم يقولون: إنما أقطع عمر -رضي اللَّه عنه- أرض كسرى ودار البريد (¬1)، فنفض يده وقال: ليس هذا بشيء. قلت: فاحتجوا بقول عبد اللَّه: (ويزادان أن ما يزادان) (¬2). فقال: نعم عثمان -رضي اللَّه عنه- أقطعه، أي حجة في هذا! "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 102 - 103 ¬

_ (¬1) رواه أبو عبيد في "الأموال" ص 295 (696). (¬2) هكذا في المطبوع من "الاستخراج" وأشار محققه أنها هكذا أيضًا في نسخه الخمسة، قلت: وهي تصحيف لكلمة: راذان، وقد روى الإمام أحمد 1/ 426 عن ابن مسعود قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تتخذوا الضيعه فترغبوا في الدنيا" فقال ابن مسعود: وبراذان، ما براذان؟ ! وبالمدينة، ما بالمدينة؟ ! قال الحافظ ابن حجر في معنى هذا الحديث: إن ابن مسعود حدث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالنهي عن التوسع، وعن اتخاذ الضيع، ثم لما فرغ الحديث استدرك على نفسه وأشار إلى أنه اتخذ ضيعتين إحداهما بالمدينة والأخرى براذان واتخذ أهلين: أهل بالكوفة وأهل براذان. وراذان براء مهملة وذال معجمة خفيفة، مكان خارج الكوفة. اهـ. "تعجيل المنفعة" 2/ 443 (1259)، وانظر: "معجم البلدان" 3/ 12 - 13 حيث قال: راذان الأسفل وراذان الأعلى كورتان بسوداء بغداد تشمل على قرى كثيرة. . وراذان أيضًا: قرية بنواحي المدينة. اهـ.

1825 - إقطاع الإمام المعادن

وذكر الخلال من طريق حنبل قال: قيل لأبي عبد اللَّه: فما أقطع عمر في السواد يصح لمن كان في يده منها شيء؟ قال: قد أقطع عمر -رضي اللَّه عنه- بحيلة، ثم رجع ورأى أن ليسوا بأحق به من المسلمين، وإقطاع عمر -رضي اللَّه عنه- ما أقطع من غير السواد ليس في قلبي. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 106 1825 - إقطاع الإمام المعادن قال في رواية حرب وقد سئل عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه أقطع رجلًا معدن الملح الذي بمأرب، فقيل له: إنه بمنزلة الماء العد، فرده النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). فقال: معدن ملح ينتابه الناس في الصحراء يأخذون الملح ليس هو بملك أحد، أخذه السلطان فأقطعه رجلًا فمنع الناس منه، فكرهه، وقال: هذا للمسلمين. "الأحكام السلطانية" ص 235 ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (3064)، والترمذي (1380)، وابن ماجه (2475) من حديث أبيض ابن حمال، قال: الترمذي: حديث حسن غريب، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وغيرهم في القطائع. اهـ. وكذا صححه ابن حبان 10/ 351 (4499)، وحسنه البغوي في "المصابيح" كما في "كشف المناهج والتناقيح" 2/ 547.

باب فى الحمى

باب فى الحمى 1826 - لا حمى إلا للَّه ورسوله نقل أبو الحارث عنه: ويحمي الكلأ لإبل الصدقة؛ لأنه للَّه عز وجل ولرسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-. "الأحكام السلطانية" ص 223

1827 - باب من سبق إلى مباح فهو أحق به

1827 - باب من سبق إلى مباح فهو أحق به قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يسبق إلى دكاكين السوق؟ قال: إذا لم يكن لأحد ممن سبق إليه غدوة فهو له إلى الليل، وكان هذا في سوق المدينة فيما مضى. "مسائل ابن هانئ" (1223) ونقل حرب في رجل سبق إلى أفواه قنى عتيقة، فذهب رجل فسبق إلى بعض أفواه القنى من فوق أو من أسفل، فقال الأول: ليس لك ذلك؛ لأني سبقت إلى أصل القناة. فقال أحمد: إذا لم يكن ملكًا لأحد، فلكل إنسان ما سبق إليه. "الروايتين والوجهين" 1/ 453، "الأحكام السلطانية" ص 27 قال أبو جعفر محمد بن أبي حرب الجرجاني: قيل لأبي عبد اللَّه: الرجل يسبق إلى دكاكين السوق، قال: إذا لم يكن لأحد، ولم يحجزه أخذه، فمن سبق إليه غدوة فهو له إلى الليل. قال: وكان هذا في سوق المدينة فيما مضى. "بدائع الفوائد" 4/ 40

1828 - فصل في اللقاط وما جاء في أحكامه

1828 - فصل في اللقاط وما جاء في أحكامه قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ -يعني: الأوزاعي- عن اللقاط إذا حَصَدُوا الزرعَ، قال: أكره لصاحبِه أن يبيعه، الناس فيه سواء إلا أنْ يريدَ صاحبه أن يعودَ فيه، وأمَّا أن يمنعه النَّاس أو يبيعه فلا. قال أحمد: ما أحسن ما قال! لا أرى لهؤلاء أنْ يدخلوا أرضَ الرجل إلَّا بإذنِه، ولا أرى لصاحبِ الأرضِ أنْ يبيعه. قال إسحاق: كما قال الأوزاعي. "مسائل الكوسج" (3344) قال المروذي: وذكر لأبي عبد اللَّه أن أبا يوسف الغسولي كان يقول: من ملك خمسين درهمًا لم أر له أن يلتقط، -يعني: السَّبَلَ. فقال أبو عبد اللَّه: يروى عن أبي الدرداء في اللقاط، ولم ير أبو عبد اللَّه بأسًا باللقاط -يعني: وإن ملك خمسين درهمًا. قلت لأبي عبد اللَّه: أرويه عنك؟ فأجازه عبد الرحمن، عن سفيان، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد؛ أن رجلًا رقى إلى أبي الدرداء وهو يلتقط حبًا؛ فكأنه استحيا! فقال له: ارتق أو اصعد، إن من فقهك رفقك في معيشتك. وسئل أبو عبد اللَّه: عن اللقاط من مزارع الحذم. فقال: تتوقى أحب إليَّ. وأراه قال -سنة- كنا نحن نتوقى مزارعهم، ولم ير أبو عبد اللَّه بأن يدخل الرجل يأخذ الشوك والكلأ بأسًا. "الورع" (50 - 52) نقل حرب فيمن حصد زرعه فسقط سنبل فلقطه قوم، يقاسمهم؟

قال: سبحان اللَّه، لا. ونقل حنبل عنه: إذا أخذ السلطان حقه فعلى صاحبه أن يعطي المساكين مما يصير له، لقوله: {وَآتُوا حَقَّهُ} والحصاد: أن لا يمنع الرجل، ويكون ذلك بعلم صاحب الزرع. ونقل أيضًا: لا ينبغي أن يدخل مزرعة أحد إلا بإذنه. وقال: لم ير بأسًا بدخوله يأخذ كلأ وشوكًا. "الفروع" 4/ 419، "معونة أولي النهى" 6/ 104

كتاب الجعالة

كتاب الجعالة 1829 - قدر الجعل في العبد الآبق قال إسحاق بن منصور: جُعل الآبق في المصْر وخَارجِ؟ قال: لا أدري، قدْ تكلمَ النَّاسُ فيهِ. لمْ يكن عنده حديثٌ صحيحٌ. قال إسحاق: السُّنةُ في ذَلِكَ مَا قال ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-: إِذَا كانَ خَارِجًا مِنَ المصْر: فأربعون (¬1)، وَفي المصْر: عشرة. "مسائل الكوسج" (1825) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: آخذ بحديث ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، وعمرو بن دينار، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في العبد الآبق إذا جيء به خارجًا من الحرم، دينار (¬2). قال أبي: وآخذ بحديث ابن مسعود: في الآبق أربعين درهمًا، أذهب إليه. "مسائل عبد اللَّه" (1150) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن جُعل الآبق إذا وجد خارجًا من المصر؟ قال: أذهب إلى قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقول عمر (¬3)، وعلي (¬4): "دينارًا، ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 208 (14911) وابن أبي شيبة 4/ 446 (21933)، والبيهقي 6/ 200. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 446 (21943)، وذكره البيهقي 6/ 200، وقال: وهذا المحفوظ وهو منقطع. اهـ. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 4/ 446 (21934). (¬4) رواه ابن أبي شيبة 4/ 446 (21935)، والبيهقي 6/ 205.

1830 - هل يشترط سماع الإذن بالعمل لاستحقاق الجعل؟

أو اثنى عشر درهمًا"، إذا أخذ خارجًا من المصر. وابن جريج عن ابن أبي مليكة وعمرو بن دينار قالا: جعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الآبق إذا جيء به خارجًا من الحرم دينارًا. "مسائل عبد اللَّه" (1153) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: إذا وجده في المصر يرده ولا يعطى شيئًا؟ ويروى عن شريح أنه قال: إذا وجده في المصر: عشرة دراهم، وإذا أخذ في غير المصر: أربعين (¬1) درهما (¬2). قال أبي: مثل ابن مسعود، حدثناه عبد الأعلى، عن هشام، عن ابن سيرين، عن شريح. "مسائل عبد اللَّه" (1154) نقل حرب، ويعقوب بن بختان: قدره أربعون درهمًا. "الروايتين والوجهين" 2/ 11 - 12 1830 - هل يشترط سماع الإذن بالعمل لاستحقاق الجعل؟ نقل حرب عنه: إن وجد بعد ما سمع النداء، فلا بأس أن يأخذ منه، وإلا ردَّها ولا جعل له. "الفروع" 4/ 455، "معونة أولي النهى" 7/ 52 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 208 (14908، 14909) وابن أبي شيبة 4/ 446 (21941). (¬2) في الأصل: يوما. والمثبت مناسب للسياق.

1831 - إذا كان الراد الإمام، هل يستحق الجعل أم لا؟

1831 - إذا كان الراد الإمام، هل يستحق الجعل أم لا؟ نقل حرب عنه: لا يستحقه إمام؛ لأنه ينبغي له رده على ربه. "الفروع" 4/ 456، "المبدع" 5/ 270 1832 - ضمان العامل في الجعالة قال إسحاق بن منصور: رجلٌ أخذَ عبدًا آبقًا فأبِقَ منه؟ قال: ليس عليه شيءٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1989) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ سفيانُ: إذَا أخذَ عَبْدًا ليجتعل عليه فأبق مِنْهُ؟ قال: ليسَ عليه شيءٌ. قال أحمد: ليسَ عليه شيءٌ. قال إسحاق: كما قال. قُلْتُ: السّكنى، والغلة، والخدمة يرجع؟ قال: نَعَم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2087) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الآبق إذا أخذه الرجل، ثم أبق منه؟ قال: ليس عليه شيء. "مسائل عبد اللَّه" (1151) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا أخذ الآبق فأنفق عليه، ثم أبق يرجع على سيده بالنفقة، ولا شيء عليه. "مسائل عبد اللَّه" (1152)

كتاب اللقطة

كتاب اللقطة باب ما جاء في الالتقاط شروطه وأحكامه 1833 - ما جاء في الالتقاط وشروطه قال صالح: ما تقول في اللقط يصيب الإنسان منها ما يبلغ عشرة دراهم أو عشرين أقل أو أكثر؟ قال: نعم فيها سنة، إذا كانت دراهم أو ذهبًا أو فضة فإن جاء صاحبها وإلا فهو مال اللَّه يؤتيه اللَّه من يشاء، فإن كانت إبلا لم يقربها، وإن كانت غنمًا فقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ" (¬1) فلا يقربها، والبقرة لم نسمع فيها شيئًا، وأما المتاع فإنه يعرفه. "مسائل صالح" (555) قال ابن هانئ: وسُئلَ عن رجل وجد ثمرة ألقاها طير، أيأكلها؟ قال: لا يأكلها. "مسائل ابن هانئ" (1769) ونقل مهنا وحرب وحنبل في التقاط الحيوان الذي لا يمتنع على صغار السباع: لا يجوز أخذها كما لا يجوز أخذ الممتنع من الإبل. ونقل أبو طالب وأحمد بن الحسين الترمذي: له أخذها. "الروايتين والوجهين" 2/ 10 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 115، والبخاري (91)، ومسلم (1722) من حديث زيد بن خالد الجهني.

نقل الأثرم وابن بدينا في الحلي يوجد لقطة، قال: إنما جاء الحديث في الدراهم والدنانير. "العدة في أصول الفقه" 4/ 1239، "المسودة في أصول الفقه" 2/ 874 نقل عنه صدقة بن موسى وقد سئل عن الدرهم، إذا رأيته مطروحًا هل آخذه؟ قال: لا تأخذه، فإن أخذه يعرفه سنة للخبر. "بدائع الفوائد" 4/ 69 قال أبو طالب: قيل لأحمد في التمرة يجدها أو يلقيها عصفور، أيأكلها؟ قال: لا. قال: أيطعمها صبيًّا أو يتصدق بها؟ قال: لا يعرض لها. "الفروع" 4/ 569، "المبدع" 5/ 274، "الإنصاف" 16/ 191، "معونة أولي النهى" 7/ 65 نقل حنبل عنه: إن كان مثل التمرة والكسرة، والخرقة، وما لا خطر له، فلا بأس. ونقل حرب: وسئل: الرجل يصيب الشسع في الطريق أيأخذه؟ قال: إذا كان جيدًا مما لا يطرح مثله، فلا يعجبني أن يأخذه، وإن كان رديئًا قد طرحه صاحبه، فلا بأس. "الإنصاف" 16/ 188

1834 - أ - ما يجده داخل الحيوان

ما يجده المشتري أو المستأجر فيما اشتراه أو استأجره، هل يدخل في حكم اللقطة؟ 1834 - أ - ما يجده داخل الحيوان قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: اشْتَرى سمكةً فوجدَ في بَطْنِها درةً؟ قال: هي للصَّيادِ. قُلْتُ: فإنْ أصابَ في بَطْنِها دَرَاهم؟ قال: هذِه لُقطةٌ، وكذلكَ كلّ شيءٍ يوجد في بطنِ الحيوانِ مَا خَلَا السمك فهي لقطة. قال إسحاق: كما قال. قال إسحاق بن منصور: قلتُ -يعني: لسفيان: مَا تَرى في الرَّجُلِ يجدُ الدراهم كمْ يُعَرِّفه؟ قال: أربعًا. قال أحمد: يُعَرِّفه سنة، هي لقطةٌ. قال إسحاق: ما كان دون الدِّينار عَرَّفه جمعة، وَنحوها. "مسائل الكوسج" (1925) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوري: رجلٌ وجدَ في بَطْنِ شاةٍ عَشْرةَ دراهم؟ قال: هي للبائعِ إلَّا أنْ يدَّعي المبتاعُ: إنَّهَا أكَلته عِنْدي. قال أحمد: إِنْ قال هذا: إِنَّها أكَلَتْه عِنْدي فهو كما قال، وإِلَّا رَدّه عَلَى البَائِعِ، وإنْ قال البائعُ: ليستْ هي لي فَهِي بمنزلةِ اللُّقطةِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1927)

1835 - الطير يدخل بيت الرجل فيفرخ

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوري في رجلٍ اشْتَرى سَمكةً فوجدَ في بطنِهَا درهمين؟ قال: الدرهمان للبائِعِ. قال أحمد: الدرهمان للذي اصْطَادَهَا، ثمَّ قال بَعْدُ: يُعرِّفهما. قال إسحاق: يُعرِّفهما. "مسائل الكوسج" (1938) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن سمكة اشتراها رجل فوجد فيها صرة فيها ديناران، قال: يعرفها، فإن جاء من يعرفها إلى سنة، وإلا فهي له. "مسائل ابن هانئ" (1725) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في امرأة اشترت سمكة فوجدت في بطنها دنانير صرة؟ هو بمنزلة اللقطة يعرفها. "مسائل عبد اللَّه" (1172) 1835 - الطير يدخل بيت الرجل فيفرخ: قال المَرُّوذِيُّ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: مَا تَقُولُ فِي طَيْرِ أُنْثَى جَاءَتْ إلَى قَوْمٍ فَأَزْوَجَتْ عِنْدَهُمْ وَفَرَّخَتْ، لِمَنْ الفِرَاخُ؟ قال: يَتْبَعُونَ الأُمَّ. وَأَظُنُّ أَنِّي سَمِعْته يَقُولُ فِي الحَمَامِ الذِي يَرْعَى الصَّحْرَاءَ: أَكْرَهُ أَكْلَ فِرَاخِهَا. وَكَرِهَ أَنْ تَرْعَى فِي الصَّحْرَاءِ، وَقال تَأْكُلُ طَعَامَ النَّاسِ. "الآداب الشرعية" 3/ 340 وَنَقَلَ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُد أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: الرَّجُلُ يَدْخُلُ بَيْتَهُ حَمَامُ غَيْرِهِ فَيُفْرِخُ، يَأكُلُ مِنْ فِرَاخِهِ؟ قال: لَا يُعْجِبُنِي هذا طَيْرُ جَارِهِ. "الآداب الشرعية" 3/ 342

1836 - ب - ما يجده في العقار أو الأرض

1836 - ب - ما يجده في العقار أو الأرض قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: اشْتَرى دارًا فوجدَ فِيها دراهم؟ قال: هذِه لقطةٌ حتَّى يكونَ فِيها ضرب الأكاسرة؛ فيكون رِكازًا لمن وجده. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1926) قال إسحاق بن منصور: قال لي أحمدُ: ما تقولُ في رجلٍ وجدَ كنزًا دراهم إِسلاميًا وجَاهليًا في مكانٍ واحدٍ. قُلْتُ: هذِه إِسلامى. قال: فَمَا تقولُ إِذَا وَجَدَهَا متفرقةً؟ قُلْتُ: الجاهِليُّ ركازٌ والآخرُ لقطةٌ. قال: مَا أحسنَ مَا قُلت! قال أحمد: ضُربتْ الدراهمُ عَلَى عَهْدِ الحجاجِ بنِ يوسفَ. قال إسحاق: كما قال، إلَّا مَا قال في العُتَّق مع دراهم إِسلامي؛ لأنَّ العُتَّق حُكْمه أبدًا حكم الركازِ. "مسائل الكوسج" (1930) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لو أن رجلا اشترى دارًا فوجد فيها كنزًا؟ قال: إن كان عاديا فهو له، وعليه فيه الخمس؛ لأنه قال: "وفي الركاز الخمس" (¬1) وإذا أصاب كنزًا فيها دراهم مكتوب عليها: محمد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فإنه يعرفها سنة، فإن جاء صاحبها، وإلا فهي له. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 228، والبخاري (1499)، ومسلم (1710) من حديث أبي هريرة.

1837 - لقطة الحرم

قلت لأبي عبد اللَّه: فيتصدق بها؟ قال: لا، هي له، قليلًا كان أو كثيرًا. "مسائل ابن هانئ" (1724) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يحفر في داره فيصيب كنزًا لمن هو؟ قال: إذا لم يكن سكة للمسلمين فهي لك، وعليك فيها الخمس، وإذا كانت سكة للمسلمين فهي لمن اشتريت الدار منهم، تعرفها. "مسائل ابن هانئ" (1729) ونقل محمد بن يحيى الكحال: ساكن في دار وجد فيها كنزًا، ققال: قد قال بعضهم: هو لصاحب الدار، والأولى أن يكون لمن وجده. "الروايتين والوجهين" 2/ 13 1837 - لقطة الحرم قال إسحاق بن منصور: قال الإمام أحْمَد -رضي اللَّه عنه-: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تحلُّ لُقَطَتها إلَّا لِمُنْشِدٍ" (¬1)، قال: فكأن لقطة الحرمِ لمن يغشى الحرم مِنَ النَّاسِ، إنهم متفرقون مِن بلدان شتَّى، فالذي يأخذ لُقَطَتَهَا يقولُ: متَى أجد صاحبها. فلا يحلُّ لَهُ إلا أن ينشدَ لُقَطَةَ الحرمِ كَمَا ينشدُ غيرَ لقطةِ الحرمِ، فإذا أنْشَدَهَا سَنَةً حلَّت لَهُ. قال إسحاق: قال جرير الرازي: معنى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تحلُّ لُقَطَتُها إلَّا لِمُنْشِدٍ" يقول: إلّا الرجل سَمِعَ صَاحِبَهَا ينشدُهَا قبْلَ ذَلِكَ، فحينئذ لهُ أخْذُهَا، وهذا الذي أختارُه. "مسائل الكوسج" (1600) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 238، والبخاري (112)، ومسلم (1355) من حديث أبي هريرة.

نقل أبو طالب والميموني والترمذي ومحمد بن داود أنها تملك. قال في رواية حرب: اللقطة في الحرم ليس بمنزلة اللقطة في غير الحرم، لا تحل إلا لمنشد. "الروايتين والوجهين" 2/ 9 الإشهاد على الالتقاط قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: اللُّقَطَةُ يُشْهدُ عَلَيْها إذا وجَدَهَا؟ قال: نعم يُشْهدُ ذوي عدلٍ وإذا أكَلَها، فإنْ جاء صاحبُها، غرمَها. قُلْتُ: بحديث من يغرمها؟ قال: بحديثِ بشرِ بنِ سعيد، عن زيد بن خالدٍ (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1547) قال صالح: قلت: الإشهاد على اللقطة يُبَيِّن كم هي؟ قال: لا يَبَيِّن كم هي، ولكن يشهد أني قد أصبت لقطة دنانير أو دراهم أو كذا أو كذا، ويعرفها سنة، ثم هي كمالِه، فإن جاء صاحبها أداها إليه، واحتج بحديث زيد بن خالد الجهني. "مسائل صالح" (981) ¬

_ (¬1) رواه ابن ماجه (2507)، والطحاوي في "شرح المعاني" 4/ 138، وابن الجوزي في "التحقيق" 2/ 232 من رواية بُشرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زيدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سُئِلَ عَنْ اللُّقَطَةِ؟ فَقَالَ: "عَرِّفَهَا سَنَّةً، فإن اعتُرِفَتْ فَأَدِّهَا، فَإِنْ لَمْ تُعْتَرَفْ فَاعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِعَاءَهَا ثُمَّ كُلْهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ".

فصل في تعريف اللقطة

فصل في تعريف اللقطة 1838 - شروط تعريف اللقطة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما الذي لا يُعَرَّفُ من اللقطةِ؟ قال: كلّ شيءٍ يُعرَّفُ إلَّا ما لَا قيمة لَهُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1929) نقل عنه أبو بكر بن صدقة أنه يعرف الدرهم. "المبدع" 5/ 274 1839 - صفة التعريف ومدته قال صالح: سألت أبي عن اللقطة كم يعرفها؟ فقال: اللقطة إذا كانت دراهم أو ذهبًا أو فضة: فإنه يعرفها سنة، فإن جاء صاحبها دفعها إليه، فإن لم يجئ صاحبها فهي كسائر مال هذا الواجد لها، فإن جاء صاحبها أداها إليه، وإن كانت من الإبل فلا يعرض لها؛ فإنها ترجع إلى أربابها. "مسائل صالح" (190) قال صالح: وقال: اللقطة تعرف سنة. قلت: حديث أُبي: ثلاث سنين؟ (¬1) قال: هذا يختلف فيه عن سلمة بن كهيل. "مسائل صالح" (980) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 126، والبخاري (2426)، ومسلم (1723).

1840 - تقادم الحق على اللقطة

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل يجد اللقطة في بلاد الشرك أين يعرفها؟ قال: عرفها في بلاد الإسلام سنة، فإن عرفها أحد، وإلا ردت بعد السنة إلى المقسم. "مسائل ابن هانئ" (1726) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يجاء إلى منزله بشيء وهو لا يعلم به؟ قال: عرفه، ما لم يخش أن يفسد مثل طعام. وغير ذلك يتصدق به، فإن جاء صاحبه يغرمه له. "مسائل ابن هانئ" (1727) وقال أحمد في رواية طاهر بن محمد التميمي: اللقطة إن كانت ذهبًا أو فضة عرفها سنة، وهي له، وإن كانت غير ذلك عرفها أبدًا. "الروايتين والوجهين" 2/ 11، "طبقات الحنابلة" 1/ 478 نقل محمد بن الحكم عنه في الصياد يقع في شقه الكيس أو النحاس: يعرفه سنة، فإن جاء صاحبه، وإلا فهو كسائر ماله. "المغني" 8/ 302 ونقل أبو طالب عنه: الشاة يعرفها سنة، فإن جاء صاحبها ردَّها إليه. "زاد المعاد" 3/ 659 1840 - تقادم الحق على اللقطة قال العباس بن موسى: قال في غلام له عشر سنين التقط لقطة، ثم كبر: فإن وجد صاحبها دفعها إليه، وإلا تصدق بها. قد مضى أجل التعريف فيما تقدم من السنين، ولم ير عليه استقبال أجل التعريف.

1841 - أحوال اللقطة بعد تعريفها

قال: وقد كنت سمعته قبل هذا -أو بعده- يقول في انقضاء أجل التعريف: إذا لم يجد صاحبها أيتصدق بمال الغير؟ "المغني" 8/ 334 ونقل حنبل في صبي فرط وبلغ، فإذا تصدق بها أجحف بماله، تصدق بها متفرقة. "الفروع" 4/ 568 1841 - أحوال اللقطة بعد تعريفها قال صالح: قلت: هؤلاء يقولون: يتصدق بها؟ قال أبي: شيء أهون من أن ترد الأحاديث، وكيف يجوز له أن يرد الأحاديث وقد رواها الثقات؟ وينبغي للإنسان إذا لم يعرف الشيء ألا يرد الأحاديث، وهو لا يحسن يقول: لا أحسن. "مسائل صالح" (981) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: اللقطة إذا كانت دراهم أو دنانير فعرفها سنة فهو كسائر ماله، سمعته غير مرة، سمعت أحمد يفتي بهذا قال: فإذا جاء -يعني: صاحبها- دفع إليه مثلها. "مسائل أبي داود" (1626) قال أبو داود: ورأيت أحمد ذُكر له الشاة أو الثوب يلتقطهما الرجل؟ فلم يرهما بمنزلة الدراهم. "مسائل أبي داود" (1627) قال البغوي: وسمعت أحمد يقول: إن وجدت الثوب في الطريق فعرفه سنة ثم بعه وتصدق به، إن وجدت دراهم فعرفها سنة ثم تصدق بها. "مسائل البغوي" (56)

ونقل حنبل عنه: إن جاء صاحبها فعرف وعاءها وصرارها فهي له، وإلَّا تصدق بها. "الروايتين والوجهين" 2/ 7 ونقل أبو طالب والترمذي في لقطة الحيوان بعد تعريفها أنه يملكها بعد الحول والتعريف. "الروايتين والوجهين" 2/ 11 قال الأثرم: قال أحمد: أذهب إلى حديث الضحاك بن عثمان. جوده، ولم يروه أحد مثل ما رواه: إن جاء صاحبها بعد سنة وقد أنفقها (¬1) ردَّها إليه. "المغني" 8/ 314 نقل عنه حنبل والبغوي: أن اللقطة لا تملك بحال. "المبدع" 5/ 284 نقل عنه حنبل: إنما يملكها إذا كان فقيرًا من غير ذوي قربى. "معونة أولي النهى" 7/ 88 ¬

_ (¬1) هو حديث زيد بن خالد الجهني في اللقطة، ومن طريق الضحاك رواه مسلم (1722). ولفظه: عرفها سنة فإن لم تعترف فاعرف عفاصها ووكاءها ثم كلها فإن جاء صاحبها فأدها إليه.

فصل ما جاء في أحكام اللقطة

فصل ما جاء في أحكام اللقطة 1842 - لزوم دفع اللقطة لمن وصفها وأعطى علامتها قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يصيب اللقطة فيعرفها، فيجيء إنسان فيقول: هي لي، أيعطيه؟ قال: لا يعطيه، إلا أن يعطي علامتها وعفاصها ووكاءها وعددها، فلا بأس أن يعطي. "مسائل ابن هانئ" (1728) نقل الفضل بن زياد، وقد سُئل عن رجل كان ساكنًا، فقال له صاحب الدار: تحول. فقال الساكن: قد دفنت في دارك شيئًا، فقال صاحب الدار: ليس ذلك لك. فقال أبو عبد اللَّه: ينبش كل واحد منهما ما دفع، فكل من أصاب الوصف كان ذلك له. "المغني" 8/ 321، "بدائع الفوائد" 4/ 62 قال في رواية حرب في اللقطة: إذا جاء صاحبها فعرف الوكاء والعفاص فإنها تُرد إليه. ونقل ابن مشيش: إن جاء رجل فادعى اللقطة وأعطاه علامتها تدفع إليه؟ قال: نعم. وقال: وإذا جاء بعلامة عفاصها ووكائها وعددها فليس في قلبي منه شيء. "الطرق الحكمية" ص 287

1843 - النفقة على اللقطة، وهل يرجع الملتقط بما أنفق على اللقطة على صاحبها أم لا؟

1843 - النفقة على اللقطة، وهل يرجع الملتقط بما أنفق على اللقطة على صاحبها أم لا؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ ضلَّ بعيرٌ لَهُ أعجف، فوجدَه في يدِ رجلٍ قدْ أنفقَ عليه حتَّى سَمِنَ؟ قال: هو بعيرُه يأخذُهُ، مَنْ أَمَرَ هذا أن يأخذه؟ قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دَعْهَا مَعَهَا حذاؤُها وسقاؤُها" (¬1). قال إسحاق: إنْ كَانَ أخذه في دارِ مضيعة فَأَنْفَقَ عليه ليرده إلَى الأولِ وليأخذ النفقَةَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (1896) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ [الأوزاعي] عَنِ الدابةِ إذا أُزحفت فأخذَهَا رجلٌ فقام عَلَيها، وقد تركَها صاحبُها الأوَّل. لمن تكونُ الدابةُ؟ قال: لصاحبِهَا الأول، ويُردُّ عليه ما أنفقَ عليها، وكذلك المتاع يلقيه الرجلُ، فيأخذه الرجلُ، قال: يُعطى كراه، ويُرد على صاحبِه. قال أحمدُ: أمَّا المتاعُ فكذلك هو يُعطى كراه، وُيرَدُّ على صاحبِهِ، وأما الدابةُ فهي لمن أحياهَا إذا كان تركَهَا صاحبُهَا بمهلكة. قال إسحاقُ: كما قال أحمد؛ لما ذُكِرَ عن الشعبي أنه قال ذَلِكَ، واحتجَّ بحديث النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذَلِكَ (¬2). "مسائل الكوسج" (2775) ¬

_ (¬1) رواه أحمد 4/ 117، والبخاري (2427)، ومسلم (1722)، من رواية زيد بن خالد الجهني. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 489 (2238) عنه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا أنه قال: "من ترك دابة بمهلكة فهي للذي أحياها".

1844 - هل على اللقطة زكاة؟

ونقل المروذي في طيرة أفرخت عند قوم من الجيران: فالفراخ تتبع الأم، يردون على أصحابها، فإن كان أعلف الفراخ مدة مقامها في يده متطوعًا لم يرجع، وإن لم يتطوع يحتسب بالنفقة أخذ من صاحبها ما أنفق. "المغني" 8/ 340، "تقرير القواعد" 2/ 80، "معونة أولي النهى" 7/ 79 1844 - هل على اللقطة زكاة؟ قال ابن هانئ: قلت: على اللقطة زكاة؟ قال: إذا عرفها سنة فلم يجد من يعرفها وقد وجب فيها الزكاة زكاها. "مسائل ابن هانئ" (1730)

باب اللقيط

باب اللقيط 1845 - اللقيط هل هو عبد لمن التقطه؟ قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن المغيرة عن إبراهيم أنه قال: في ولد الزنا إذا التقط، فهو عبد. سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ما أعجب ما قال، كيف يصير عبدًا؟ ! "مسائل ابن هانئ" (1478) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن اللقيط؟ فقال: حر. قلت لأبي: ولاؤه لمن هو؟ قال: قال عمر: ولاؤه للذي جاء به (¬1)، حديث سفيان، والذي يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الولاء لمن أعتق" (¬2)، وهذا لم يعتق، إنما التقطه. قلت لأبي: مات وله مال، ولا له مولى أعتقه، ولا ذو رحم، ولا ولاء، لمن ماله؟ قال: لبيت مال المسلمين. قلت لأبي: فإن له رجلًا التقطه؟ قال: على قول عمر: لك ولاؤه وعلينا نفقته، يقول: أنت ترثه، أذهب فيه إلى حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الولاء لمن أعتق" وهذا لم يعتق، إنما التقطه يدفع ماله إلى بيت المال، يرثه المسلمون. "مسائل عبد اللَّه" (1177) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 452 (13848). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 33، والبخاري (2578)، ومسلم (1075) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-.

جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة لدار الْفَلاح وَلَا يجوز نشر هَذَا الْكتاب بِأَيّ صِيغَة أَو تَصْوِيره PDF إِلَّا بِإِذن خطي من صَاحب الدَّار الْأُسْتَاذ/ خَالِد الرِّبَاط الطبعة الأولى 1430 هـ - 2009 م رقم الْإِيدَاع بدار الْكتب 19194/ 2009 دَار الْفَلاح للبحث العلمي وَتَحْقِيق التراث 18 شَارِع أحمس - حَيّ الجامعة - الفيوم ت: 01000059200 [email protected]

الْجَامِعُ لِعُلوْم الإِمَامِ أَحْمد [10]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قسم الفقه (6) 1 - كتاب الوصايا. 2 - كتاب الفرائض. 3 - كتاب الهبة. 8 - كتاب الوقوف. 5 - كتاب العتق. 6 - كتاب النكاح.

كتاب الوصايا

كتاب الوصايا باب وجوب الوصية 1846 - حكم الوصية، وذكر ما يجب أن تحويه قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يونس، حدثنا شيبان، عن قتادة قال: ذكر لنا أن هرم بن حيان قيل له لما حضره الموت: أوص. قال: ما أدري ما أوصي، ولكن بيعوا درعي فاقضوا ديني عني، فإن لم يف فبيعوا غلامي، وأوصيكم بخواتيم سورة النحل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} إلى قوله: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}. "الزهد" ص 282 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن أبيه، عن منذر الثوري، عن الربيع بن خثيم أنه أوصى عند موته، فقال: هذا ما أقر به الربيع بن خثيم على نفسه، وأشهد اللَّه عز وجل على نفسه وكفى باللَّه شهيدا وجازيا لعباده الصالحين ومثيبا، بأني رضيت باللَّه ربا، وبمحمد نبيا، وبالإسلام دينا، ورضيت لنفسي ومن أطاعني بأن أعبده في العابدين، وأحمده في الحامدين، وأنصح لجماعة المسلمين. "الزهد" ص 404 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد اللَّه بن يزيد بحفظه، حدثنا عيينة ابن عبد الرحمن، حدثني علي بن زيد بن جدعان قال: حضر رجلًا من الأنصار الموت فقال لابنه: يا بني، إني موصيك بوصية فاحفظها؛ فإنك إلا تحفظها مني خليق ألا تحفظها من غيري: اتق اللَّه عز وجل، وإن

1847 - إذا مات الرجل ولم يوص؟

استطعت أن تكون خيرا منك أمس، وغدا خيرا منك اليوم فافعل، وإياك والطمع؛ فإنه فقر حاضر، وعليك بالإياس؛ فإنك لا تيأس من شيء إلا أغناك اللَّه عنه، وإياك وكل شيء يعتذر منه؛ فإنه لا يعتذر من خير، وإذا عثر عاثر من بني آدم فاحمد اللَّه ألا تكونه، فإذا قمت إلى صلاتك فصل صلاة المودع وأنت ترى أنك لا تصلي بعدها أبدا. "الزهد" ص 456 1847 - إذا مات الرجل ولم يوص؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل ماتَ ولم يوص، على الورثة أنْ يُوصوا عنه؟ قال: ليس عليهم، فإنْ فعلوا ذلك فَقدْ بَرُّوا أبَاهُم. قال إسحاق: إنْ أوصوا عنه تبرعًا وإرادة، قضى ما كان لازمًا للميت فحسن، وليس ذاك عليهم بواجب. "مسائل الكوسج" (3040) قال صالح: وسألت أبي عن رجل مات في أرض عربة لا قاضي فيها، وخلف جواري ومالًا وثيابًا، أترى أن يقوم به رجل من المسلمين فيبيع الجواري والثياب، ويؤدي فيه الأمان، وإن كان مات في طريق؟ قال: أما ما كان من متاع خرقي أو حيوان، ليس بجواري، واضطر إلى بيعه، ولم يكن بحضرتهم قاضٍ: فلا أرى بأسًا أو يباع إذا استوفى الثمن، وأدى فيه الأمانة، وأما الجواري: فأحب إلى أن يكون يلي بيعهم حاكم من حكام المسلمين. "مسائل الكوسج" (188)

1848 - طرق إثبات الوصية

قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن رجل مات بأرض فلاة غريبًا ولم يوص، أو كان في مصر لم يوص، وليس له وارث، ولم يكن بحضرتهم قاضٍ؟ قال: فلا أرى باسًا أن يجتمع صلحاء الجيران فيبيعوا ميراثه، إذا لم يكن في ذلك محاباة واستوفوا به الثمن، إلا أنه يعجبني أن يتوقوا بيع الفروج، إلا أن يكون وصي أو قاضٍ. "مسائل عبد اللَّه" (1390) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل مات موسرًا ولم يوص، أيعتق عنه ويتصدق عنه؟ قال: إذا طابت أنفس الورثة عتقوا وتصدقوا عنه. "مسائل عبد اللَّه" (1428) قال أبو داود: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عن رجل مات وترك صبية وأمها، وليس أحد يجري على الصبية، وليس له وصي، ترى أن تباع الدار؟ قال أحمد: من يبيع الدار إلا أن يكون وصي أو قاض؟ "مسائل أبي داود" (1372) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: إذا مات ولم يوصِ بحجٍّ ولم يحجَّ ولم يُحجَّ عنه إذا كان وجبَ عليه من جميع المال. "مسائل أبي داود" (1389) 1848 - طرق إثبات الوصية قال أبو داود: قُلْتُ لأحمد: رجلٌ كتبَ وصيتهُ وختمَ، فقال: اشهدا على ما فيها، أتجوز؟

قال: لا حتَّى يقرأها. قُلْتُ: فلم يقرَأها، لا تجوزُ؟ قال: لا أدري. "مسائل أبي داود" (1375) قال ابن هانئ: سالته عن الرجل يموت ويوجد له وصية تحت رأسه من غير أن يكون أشهد عليها أو علم بها أحد، إلا عند موته أو حين مات، هل يجوز إنفاذ ما فيها؟ قال: إن كان قد عرف خطه، وكان مشهور الخط، فإنه ينفذ ما فيها. "مسائل ابن هانئ" (1362)، (1383)

باب: ما جاء في أركان عقد الوصية وشروط صحته

باب: ما جاء في أركان عقد الوصية وشروط صحته أولًا: الصيغة، وما جاء في شروط صحتها 1849 - الإيجاب والقبول قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ سئلَ عن رجل أوصى لرجل بألف درهم وللآخر بما بقيَ من ثلثه فقال صاحب الألف: لا أقبلُها؟ قال: الألف للورثة ليستْ بداخلة في الوصية. "مسائل أبي داود" (1396) نقل أبو طالب عنه: إن أبى المعين للحج، تبطل في حقه. "الفروع" 4/ 690 1850 - انعقاد الوصية بالإشارة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا سُئِلَ المريضُ عنِ الشيءِ فأومَأَ برأسِهِ أو بيدِهِ فليس بشيء حتَّى يتكلمَ. قال أحمد: جيد. قال إسحاق: كلما عُرف إيماؤه، ومُنع مِنَ الكلامِ؛ على الورثة إنفاذ ذَلِكَ وإن لم يجزها الحكام، وكذلك لو كتبَ وصيته بيدِهِ. "مسائل الكوسج" (2932) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا سُئِلَ المريض عن شيء فأومأ برأسه أو بيده، يجوز أم لا؟ قال: لا يجوز له هذا، حتَّى يتكلم به.

1851 - الاشتراط في الوصية

قال إسحاق: كما قال، إلا أن يكون تعلم إرادته بالإشارة أو كتب كتابًا فيه وصية، وقال: هذِه وصيتي، فإن كل ذلك جائز، ويلزم الورثة أن يجيزوه. "مسائل الكوسج" (3197) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يدخل إليه في مرضه وهو لا يقدر أن يتكلم فيقال له: أوصِ بكذا وكذا، فيقول برأسه. نعم، يوصي به إيماءً؟ قال: هذا لا يجوز، حتى يتكلم به بلسانه. "مسائل ابن هانئ" (1361) 1851 - الاشتراط في الوصية قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا مَا ذكرت عن رجلٍ أوصى للمساكين، فقيل له: تُوصِي للصغير بشيءَ فَتُؤْجَر؟ قال: قد أوصيت له بألف درهم. فإذا بلغ دفع إليه، فإن مات قبل أن يبلغ قسم على المساكين، فإن جاء وليه طلب الألف قبل أن يبلغ فإنه لا يُعطى؛ لأنَّ الوصية إنْ ماتَ الغلامُ قبلَ البلوغِ فهو للمساكين، ولا يجوزُ الدفع إلى وليه أو وَصِيِّه قبل البلوغ، فإنْ ماتَ الغلامُ بعد البلوغ ذهبَ حقُّ المساكين. "مسائل الكوسج" (3096) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن امرأة أوصت في مرضها لامرأة مسماة بمصحفٍ لها أن تقرأ فيه ما دامت حية، فإذا هي ماتت المرأة التي أوصي لها أن تقرأ فيه، دفع إلى المسلمين يقرءون فيه، تكون هذِه وصيَّة جائزة؟

ثانيا: الموصي، وما جاء في شروط صحته

فقال أبي: هي جائزة، تكون لهذِه المرأة ما دامت حية، فإذا مات دفع لأقوامٍ لا بأس بهم يقرءون فيه أو يدفع في مسجد، أو موضع حريز ولا يخلو من أن يقرأ فيه. "مسائل عبد اللَّه" (1411) قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني قال: قلت لأحمد بن حنبل: رجل أوصى لرجل بغلة غلامه ما عاش؟ قال: هو له ما عاش. "الوقوف" (101) ثانيًا: الموصي، وما جاء في شروط صحته 1852 - يشترط كون الموصي أهلًا للتبرع قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: ومتى تجوزُ وصيةُ الغلامِ؟ قال: ابن عشر، ابن اثنتي عشرة سنة إذا أصاب، حدثت أن غلامًا من غسان أوصى ببئر جشم (¬1). قال إسحاق: تجوزُ وصيةُ كلِّ موصٍ من الغلمان إذا بلغَ اثنتي عشرة سنة، لما يحتمل الغلام لهذا الوقتِ، وأمَّا الجاريةُ فإذا ازدادتْ على التسعِ جازتْ وصيتها، لما تلد في العشر. "مسائل الكوسج" (3020) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: وصيةُ الضعيفِ في عقلِهِ والسفيه والمصاب الذي يُخنق أحيانًا؟ ¬

_ (¬1) جشم: اسم قبيلة.

قال: لا أعرفُ لهؤلاء وصيةً إلا أن يكونَ غلامًا له عقلٌ، مثل ما أجازَ عمرُ بنُ الخطابِ رحمه اللَّه ابن عشر أو ابن اثني عشر (¬1). قال إسحاق: كمَا قال، إلا في توقيت العشر؛ لأنَّ عمر رحمه اللَّه أجازه وهو ابن اثنتي عشر. "مسائل الكوسج" (3027) قال صالح: والوصية تجوز إذا بلغ عشر سنين وأصاب الحق، والجارية أرجو أن تجوز وصيتها إذا بلغت تسعًا. "مسائل صالح" (569) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: وصية الغلام إذا كان ابن عشر سنين أو اثنتي عشرة سنة، نراه جائزًا إذا أصاب الحق. "مسائل أبي داود" (1386) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في وصية الغلام إذا كان ابن اثنتي عشرة، أو عشر: إذا أصاب الحق جازت وصيته. وسئل عن: الصبي يوصي؟ قال: إذا كان ابن عشر سنين أو أكثر، ولا أرى وصية تجوز لابن أقل من عشر سنين، فإذا كان أكبر من ابن عشر كما قال عمر، إذا أصاب الحق وعدل. "مسائل ابن هانئ" (1340) قال ابن هانئ: قيل له: فالأسير يكتب إلى منزله أن ادفعوا إلى فلان كذا وكذا، وأعطوا فلانًا كذا؟ ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 475 - 476، وعبد الرزاق 9/ 78 (16410 - 16411)، وسعيد بن منصور 1/ 126 (430 - 431)، والبيهقي 6/ 461 (12657).

1853 - وصايا غير المسلمين

قال: روي عن الشعبي: إذا وضع رجله في الغرز فلم يعجبه أن يوصي بما أوصي به (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1341) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في وصية الغلام إذا كان ابن اثنتي عشرة سنة، أو عشر: إذا أصاب الحق جازت وصيته. "مسائل عبد اللَّه" (1396) روى المروذي عنه في الرجل يستقرض من مال أولاده، ثم يوصي بما أخذ من ذلك، قال: ذلك إليه، فإن فعل فلا بأس. "بدائع الفوائد" 3/ 86 نقل الأثرم عنه: لا تصح من ابن اثنتى عشرة سنة. "الإنصاف" 17/ 197، "معونة أولي النهى" 7/ 372 1853 - وصايا غير المسلمين قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن أبا الحارث حدثهم قال: سُئل أبو عبد اللَّه: النصراني أوصى بماله كله أن يتصدق به؟ قال: إذا ارتفعوا إلينا حكمنا فيهم بحكم الإسلام، لا يجوز له أن يوصي في ماله بأكثر من الثلث، فإذا وصى بأكثر من الثلث ردّ ذلك إلى الثلث إلّا أن يجيز ذلك الورثة. فإن لم يكن له وارث وصيته على ما أوصى. وقال: أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم، وأخبرني ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 232 (30952).

ثالثا: الموصى له، وما جاء في شروط صحته

محمد بن أبي هارون قال: حدثنا إبراهيم بن أبان قال: سألنا أبا عبد اللَّه عن نصراني دفع إلى مسلم متاعًا ثيابًا فقال: إذا مت فتصدق بها عني على فقراء المسلمين؟ قال: هذا إذا رفع إلينا حكمنا فيه بحكومة المسلمين، ينظر إلى هذا المتاع فإن كان الثلث من ماله جازت وصيته، وإن كان أكثر من الثلث جازت وصيته في ثلثه ورجع الباقي إلى الورثة، فإن لم يكن له ورثة أجريت على ما كان أوصى. وقال: حدثني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن نصراني دفع إلى رجل متاعًا، فذكر نحوه. والفضل أتم. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 306 (644 - 646) ثالثًا: الموصى له، وما جاء في شروط صحته 1854 - 1 - أن يكون موجودًا يصح تملكه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: قال سفيانُ إذا قال: لفلان وفلان مائةُ درهمٍ، وأحدهما ميت فهو للحي؟ قال أحمد: ما لهذا الحي إلَّا خمسون درهمًا، ولا وصية لميت. قال إسحاق: كما قال أحمد، وهو بيِّن. قُلْتُ: قال سفيان: إذا قال: بين فلان وفلان مائةُ درهمٍ، وأحدهما ميت فللحي خمسونَ درهمًا، وتردُّ الخمسون إلى الورثةِ. قال أحمد: ذا وذاك سواءٌ.

1855 - الوصية لأهل الكتاب

قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (3068) قال في رواية ابن القاسم: إذا أوصى لفلان وفلان بمائة، فبان أحدهما ميتًا فللحي خمسون. فقيل له: أليس إذا قال: ثلثي لفلان، وللحائط أن الثلث كله لفلان؟ فقال: وأي شيء يشبه هذا، الحائط له ملك. "المغني" 8/ 414 1855 - الوصية لأهل الكتاب قال إسحاق بن منصور؛ قُلْتُ: قال سفيان: لا وصية لأهلِ الإسلامِ في أهل الحربِ، وتجوزُ وصيتهم في أهلِ الإسلامِ. قال أحمد: إذا أسلمَ الرومي، وله أخت بأرضِ الرومِ إن شاء أوصى لها وتوصي هي له، لا بأسَ به. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3050) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يوصي للقرابةِ مِنْ أهل الكتاب؟ قال: نعم، صفية أوصت (¬1). قال إسحاق: نعم. "مسائل الكوسج" (3083) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 33 (9913)، وابن أبي شيبة 6/ 213 (30753، 30754)، والبيهقي 6/ 281.

1856 - ألا يكون وارثا

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل له قرابة يهودي، أو نصراني، فيموت فيوصي لهم بشيء؟ قال: لا بأس. قلت لأبي: وإن كان مجوسي؟ قال: لا بأس، قد أوصت صفية لقرابة لها يهودي. "مسائل عبد اللَّه" (1399) قال الخلال: أخبرنا حرب قال: سألت أحمد: قلت: الرجل يوصي لقرابته غير أهل الإسلام؟ قال: نعم. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 307 (650) 1856 - ألا يكون وارثًا قال إسحاق بنُ منصورٍ المروزي: قال إسحاق بن إبراهيمَ: قال اللَّهُ تبارك وتعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180]. ثُمَّ نُسخَ الوالدانِ بالفرائِضِ لهما، وبَقي الأقربونَ، الوصيةُ لهم، حرّضَ اللَّه عز وجل على ذلك حتَّى لقد قال الحسن رحمه اللَّه تعالى وسئل: أيوصي الرجلُ لأخيهِ وهو غني؟ قال: وغناه يمنعه حقه (¬1). يقولُ: الوصيةُ ثابتةٌ للأقربينَ، وتجوزُ لغيرهم أيضًا من المساكين، فإذا أوصى لغيرِ الأقارب وتركَ أَقرِباءَهُ رُد ثلثا ما أوصى به إلى أقربيه وترك ثلث الوصية للذين أوصى لهم. كذلك قال سعيد بن المسيب، وجابر بن زيد، ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 116 (378)، والدارمي 4/ 2064 (3357).

والحسن (¬1)، ومعنى قولهم: أنهم قد علموا أن اللَّه عز وجل قد حكم على لسانِ نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- الثلث من المال لكل مُوْصٍ عند الموتِ، فقد أزالَ عن الورثةِ ثلثَ مالِهِ لمن شاءَ الموصي، فلا يكونُ حكمُ القرابةِ أعظم من حكم الورثة؛ فقد أزال هذا الموصي الوصية عن أقاربه، وقد حرضهُ اللَّه تعالى عليهم، فأجازَ هؤلاء ثلث ما قال لمن قال من غير القرابة، وردوا الثلثينِ إلى الأقاربِ، وهذا الذي نعتمد عليه؛ لأنه أقوى في الاتباعِ وأشبهُ بمذاهبِ السنة، وإن كانتِ الوصيةُ كلها ثابتةً لغيرِ الأقاربِ كما أوصى؛ لحديثِ الحسنِ عن عمرانَ بن حصين في الأعبد (¬2)، كان فُتيا الحسن لا تكون على رد ثلثي ما أوصى إلى الأقاربِ، فيكون هو مخالفًا لما روى عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل الكوسج" (3016) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ: أيحجُّ الوارثُ عن الميت إذا أوصى به؟ قال: لا. قُلْتُ لأحمد: فإن أوصاهُ أن يحجَّ عنه؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 214 (30767) عن الحسن، ولم أقف عليه عن سعيد وجابر. (¬2) رواه النسائي في "الكبرى" (4975، 4976)، والبزار في "البحر الزخار" 9/ 24، والطبراني في "الكبير" 7/ 226 (6943)، والبيهقي 6/ 266، 10/ 286 من طريق الحسن عنه. ولفظ النسائي: عن عمران بن حصين أن رجلًا أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم فبلغ ذَلِكَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فغضب من ذَلِكَ وقال: "قد هممت أن لا أصلي عليه" ثم جاء بمملوكيه فجزأهم ثلاثة أجزاء ثم أقرع بينهم فاعتق اثنين وأرق أربعة. ورواه الأمام أحمد 4/ 426، ومسلم (1668) من طريق أبي المهلب عنه.

قال: لا؛ لأنه كأنه وصية لوارثٍ. "مسائل أبي داود" (897) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن رجل مات وترك ورثة، فكان على أحد ورثته دين فلما أخذ ميراثَهُ قضى دينه فلم يبق عنده شيءٌ يُعطى من ثلث هذا الميت؟ قال: لا يُعطى. كررتُ عليه المسألة، فقال: لا يُعطى وارثٌ. "مسائل أبي داود" (1395) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يوصي بماله كله لابنةٍ له وامرأة؟ قال: هذا لا يجوز، يفرق في الورثة: للابنة النصف، وللمرأة الثمن، وما بقي للعصبة. "مسائل ابن هانئ" (1357) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يوصي لأولاد ابنته بأرض أوقفها عليهم؟ قال: إذا كانوا لا يرثون جائز لأنه ". . وَلَا وَصِيَّةَ لوارِثٍ" (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1358) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 267، وأبو داود (3565)، والترمذي (2120) وقال: وفي الباب عن عمرو بن خارجة وأنس بن مالك وهذا حديث حسن صحيح. وابن ماجه (2713). وبوَّب عليه البخاري: باب لا وصيَّة لوارث. وصححه الألباني في "الإرواء" (1655) ثم قال: وقد جاء عن جماعة كثيرة من الصحابة منهم أبو أمامة الباهلي، وعمرو بن خارجة وعبد اللَّه بن عباس وأنس بن مالك، وعبد اللَّه بن عمرو وجابر وعلي بن أبب طالب، وعبد اللَّه بن عمر والبراء بن عازب وزيد بن أرقم. ثم أخذ يُخَرِّجُ كلَّ حديث وفي النهاية قال: وخلاصة القول أن الحديث صحيح لا شك فيه بل هو متواتر كما جزم بذلك السيوطي وغيره من المتأخرين.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل له ابنتان وأخ وامرأة دعا قومًا وهو مريض، وأشهدهم أن هذِه الأرض التي حدها كذا وكذا قد جعل لابنته فلانة، فقال له الشهود: كيف تُشهد لهذِه والأخرى لم تُشهد لها بشيء؟ فقال: إني كنت أعطيتها متاعًا مثل هذِه الأرض، والشهود لا يعلمون ما قال، صار من حضر الشهادة إلى ابنته التي لم يشهد لها بشيء، فأخبرها بقول أبيها وبما قال، فقالت: لم يصدق، لم يعطني شيئًا، لا أجعله في حل؛ فإنه يريد أن يحرمني ماله ويزويه عني، ولا أجعل الشهود في حل من الدخول في شهادته؟ فقال أبي: لا تجوز وصية لوارث، وكل ما جعله في مرضه لوارث، فإنما هو بمنزلة الوصية ولو كان في صحة منه، ثم فضل بعض ولده على بعض لأمرته أن ترده حتى يسوي بينهم على حديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: أن النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "هذا جَوْرٌ" (¬1). قال عبد اللَّه: قلت لأبي إن هذا الرجل دعا زوج ابنته التي أشهد لها الأرض فقال: أحضرني شهودًا أشهدهم لك، فأقطعه أرضًا أخرى، فأشهد له ليكون بذلك مصروفًا على ابنته التي كان جعل لها. أيطيب لهذا -زوج ابنته- أن يأكل من هذِه الأرض، وإنما أراد بذلك امرأته، أم لا يطيب له؟ فقال أبي: ما أشهد به في مرضه لزوج ابنته يكون ذلك في ثلثه إذا مات في مرضه ذلك، وهذا ليس بوارث -يعني: زوج ابنته- وقال: كل ما أعطى الرجل بنتًا له دون الأخرى -وذلك في مرضه- فإنه لا يجوز لها ما أعطاها. "مسائل عبد اللَّه" (1400) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 268، والبخاري (2586)، ومسلم (1623).

1857 - ألا يكون قاتل الموصي

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سفيان بن عيينة قال: حدثنا الزهري، عن محمد بن النعمان بن بشير وحميد بن عبد الرحمن بن عوف أخبراه أنهما سمعا النعمان بن بشير قال: نحلني أبي غلافا فأمرتني أمي أن أذهب إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أشهده على ذلك، فقال: "أكلَّ أولادِك نَحَلْتَ" قال: لا. قال: "فارْدُدْهُ" (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1403) نقل حنبل عنه: لا وصية لوارث. "المغنى" 8/ 396، "المبدع" 6/ 12 نقل ابن صدقة عنه فيمن أوصت في مرضها لزوجها بمهرها: هذِه وصية لوارث لا تجوز إلا بإجازة الورثة، قيل: فأوصت وهي صحيحة؟ قال: إن كانت صحيحة جاز، قال اللَّه تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ} [النساء: 4]. "الفروع" 4/ 674 نقل حرب عنه: الوارث لا يضرب في المال مرتين، إذا كان وارثًا لم يأخذ من الوصية شيئًا. "تقرير القواعد" 2/ 549 - 550 1857 - ألَّا يكون قاتل الموصي نقل ابن القاسم عنه: إذا عفا عن الجراحة وعما يحدث منها وهي خطأ جاز عفوه من الثلث. "الروايتين والوجهين" 2/ 21 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 268، والبخاري (2586)، ومسلم (1623).

1858 - 4 - أن يكون الموصى له معلوما غير مجهول إذا أوصى ولم يعين

1858 - 4 - أن يكون الموصى له معلومًا غير مجهول إذا أوصى ولم يعين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئل سفيان عن رجلٍ أوصى، فقال: أعتقوا عَنِّي أحدَ عبديّ هذينِ. قال: يعتقُ أحدهما. قال أحمد: يعتق أحدهما، ولكن إن تشاحا في العتق يقرعُ بينهما. قال إسحاق: كمَا قال. قُلْتُ: قيل لسفيان: فَإِنْ أبى الورثةُ قال: يجبرون عَلَى ذلك؟ قال: نعم. قال أحمد: نعم، مَنْ يَشكُّ في ذا؟ قُلْتُ: قيلَ لسفيان: أَلَهُم أن يعتقوا أرذلهما؟ قال: نعم. قال أحمد: قد وجب العتقُ لأحدِهما، فإذا تشاحا أقرع بينهما. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3069) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل دفع إلى رجل دراهم، فقال: ادفع هذِه إلى ابني، وله ابن من امرأة، وابن آخر، وبنات من امرأة أخرى، لا يدري الرجل إلى من يدفع هذِه الدراهم؟ فقال: إن كان لا يدري الرجل لمن هي منه، فليسأل الرجل. قُلْتُ لأبي: فإن كان غائبًا في بلد آخر؟ قال: يكتب إليه، أو يسأل إن لقيه. قُلْتُ: فإن مات؟ قال: يجعله في الميراث. "مسائل عبد اللَّه" (1412)

ونقل حنبل: قال أبو عبد اللَّه في رجل له غلامان اسمهما واحد، فأوصى عند موته، فقال: فلان حر بعد موتي لأحد الغلامين، وله مائتا درهم، وفلان ليس هو حر واسمهما واحد. قال: يقرع بينهما، فمن أصابته القرعة، فهو حر، وأما صاحب المائتين، فليس له شيء، وذلك أنه عبد، والعبد وماله لسيده. "تقرير القواعد" 2/ 426، "معونة أولي النهى" 7/ 455، 457 قال صالح: سألت أبي عن رجل مات وله ثلاثة غلمان، ثلاثتهم اسمهم فرج، فأوصى عند موته فقال: فرج حر، وفرج له مائة، وفرج ليس له شيء، قال: يقرع بينهم، فمن أصابته القرعة فهو حر، وأما صاحب المائة فلا شيء له، وذلك؛ لأنه عبد والعبد هو وماله لسيده. "تقرير القواعد" 2/ 425، "معونة أولي النهى" 7/ 457 ونقل يعقوب بن بختان: أن أبا عبد اللَّه سئل عن رجل له ثلاثة غلمان اسم كل واحد منهم فرج فقال: فرج حر، ولفرج مائة درهم. فقال: يقرع بينهم، فمن خرج سهمه فهو حر، والذي أوصى له بالمائة لا شيء له، لأن هذا ميراث. "تقرير القواعد" 2/ 427، "معونة أولي النهى" 7/ 458 وفي "جامع الخلال" أيضًا عن مهنا: أن أحمد قال في رجلين شهدا على رجل أنه أوصى عند موته. فقال: لفلان بن فلان من أصحاب فلان ألف درهم، أو أحاله بها، والشهود لا يعرفون فلان بن فلان، كيف يصنعون وقد مات الرجل؟ فقال: ينظرون في أصحاب فلان فيهم فلان بن فلان من أصحاب فلان. قلت: فإن جاء رجلان، فقال كل واحد منهما: أنا فلان بن فلان من

1859 - الوصية في أبواب البر

أصحاب فلان، قال: فلا يدفع إليهم شيء حتى يكون رجل واحد. "تقرير القواعد" 2/ 428، "معونة أولي النهى" 7/ 458، 459 1859 - الوصية في أبواب البر قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل أوصى بمالٍ في أبواب البرِّ؟ فقال: الغزوُ يبدأ به، قيل لأحمد: فإن سمَّى؟ قال: يجعل فيما سمَّى. "مسائل أبي داود" (1397) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الرجل يوصي بخمسمائة درهم يُتصدق بها أو يُشترى بها رقبة أيُّهما -يعني: ترى؟ قال: إن كان أهل بلاده محاويج. "مسائل أبي داود" (1398) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل أوصى في ثلثه وصايا في أبواب البر: فرسٌ في سبيل اللَّه، وسلاح، وكسوة، وأن يدفع ذلك إلى رجلٍ سمّاه بعينه؟ قال أبو عبد اللَّه: ينفذ ذلك على ما أوصى، إذا كان ذلك يخرج من ثلثه مع ما أوصى، فزعم بعض أهل العلم أن الذي أوصى يقبل قولهم، يعطون من الثلث، يتحاصُّمون فيه. هم أصحاب الثلث. "مسائل ابن هانئ" (1369)، ونقلها عبد اللَّه عن أبيه "مسائل عبد اللَّه" (1388) نقل المروذي عنه فيمن أوصى بثلثه في أبواب البر: يجزأ ثلاثة أجزاء: جزءًا في الجهاد، وجزءًا يتصدق به في قرابته، وجزءًا في الحج. "المبدع" 6/ 39 - 40، "معونة أولي النهى" 7/ 434

1860 - ما يعتبر في تفسير ألفاظ الوصية المتعلقة بالموصى له

1860 - ما يعتبر في تفسير ألفاظ الوصية المتعلقة بالموصى له قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا أوصى لقرابتِهِ فهو لأقربهم ببطن الذكر والأنثى فيه سواء. قال: أما الذكر والأنثى سواء، وأما أقربهم ببطْن فلا أعرفه. كأنه لم ير ما قال: أقربهم ببطن. قال إسحاق: كمَا قال؛ لأن الوصايا لا يراد بها مذهب الميراث تكون للأقرب، إنما يكون قرابته بعدوا أو قربوا. "مسائل الكوسج" (3051) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال عطاء في رجلٍ لبني هاشم ليس لمواليهم شيء (¬1). قال: لا يكون لمواليهم شيء. قال إسحاق: كما قال؛ لأن الإرادة وقعت عليهم لا على الموالي. "مسائل الكوسج" (3077) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا الموصي لولدِ ولدِه سدسَ مالِهِ وهم لا يرثونه، وقال: السدس الباقي اجعلوه للأقربِ فالأقرب، فإنَّ ذلك على معاني الوصايا لقرابات الميت، هم القُرْبَى فينظر إلى مَن كان مَنِ الميت بسبب قرابة من الأبوين جميعًا فإنهم يُعطَون، وأما ما قُلْت: إن ولد أخيه محاويج، فيعطون كل ذلك، وأنهم يعطون ما يصيبهم من سبب القرابة، وإن فَضَّل المُعطي مَنْ قرب منه أكثر على قدر استحقاق ما يستحقون فله ذلك إن شاء اللَّه تعالى. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 232 (30983).

وإن كان الميتُ قد جعل ذلك إلى المُعطِي أنْ يعملَ برأيه فهو الأمرُ الواضحُ الذي لا يشوبه ريبة. "مسائل الكوسج" (3093) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل أوصى لأناسٍ سماهم، وأوصى للمساكين، أيعطى هؤلاء المسمَّون؟ قال: لا. "مسائل الكوسج" (3405) قال صالح: الرجل يوصي لأهل بيته أو لقرابته أو لجنسه، من هم؟ فإن مات بعضهم بعد الميت قبل أن تقسم الوصية، أيكون له وصية؟ قال: أما القرابة: فلا يجاز بهم أربعة آباء؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قسم سهم ذي القربى في بني هاشم وبني المطلب ولم يعدُ به هؤلاء، وقد وجب لكل من أوصى له إذا كان حيًّا يوم يوصي له. "مسائل صالح" (683) قال أبو دواد: سمعت أحمد سُئل عن رجل أوصى بثلثه في المساكين وله أقارب محاويج؟ قال: إن لم يوصِ لهم شيء ولم يرثوا به يبدأ بهم، هم أحق. "مسائل أبي داود" (1393) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن النصراني يوصي بثلثه للفقراء المسلمين، أيعطى إخواتهُ وهم فقراء؟ قال: أحمد: نعم هم أحقُّ، يعطون خمسين درهمًا يُزادون. أي: كل واحد. "مسائل أبي داود" (1394)

قال ابن هانئ: وسئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يموت فيقول: أعطوا فلانًا كذا، شيئًا قد سماه لقرابته، مثل أخواله، وبني أخواله؟ قال: فهو لهم ليس لبني الخالات شيء، مع بني الخال، وإذا أوصى لقرابته من قبل أبيه وأمه، فهو جائز، على ما أوصى، فإن انقرضوا فعلى فقراء المسلمين. فعل الوصي حينئذٍ ما يرى، من دفع هذِه الغلة على فقراء المسلمين ولا يحابي بها أحدًا إلا على فقراء محاويج. والذي قال: يعطي عني في تفريط -يعني: الزكاة- ألفي درهم. قال أبو عبد اللَّه: إن كان عندهم رجل صدوق، يعلم أنه فرط فيها، ينظر الوصي، إن كان يخرج هذا كله من ثلثه، أخرج، وإذا قال: قد فرط، أخرج من جميع المال، فإن كان إنما يظن بالظن، أوصى أن يعطى، فيخرج من ثلثه. وكان الحسن وطاوس يقولان: إذا فرط فلم يخرج الزكاة، يكون من جميع المال، فإذا كان يظن منه؛ أخرج من الثلث (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1360) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يوصي، يقول: هذِه الوصية لذوي رحمي، ويفضل الذكور على الإناث، والأمهات على الآباء، ويعطي بعضهم أكثر من بعض؟ قال أبو عبد اللَّه: هم كلهم فيه سواء: الإخوة، والأخوات، والآباء، والأمهات، فيه سواء. "مسائل ابن هانئ" (1372) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 220 (30816، 30820)، والبيهقي 6/ 274.

قال ابن هانئ: قال أبو عبد اللَّه: وتكون هذِه الوصية على ما كان يصل أهل بيته من قبل أبيه. "مسائل ابن هانئ" (1394) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يوصي لأهل بيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بثلث ماله. من أهل بيته؟ قال: سُئِلَ زيد بن أرقم، عن أهل بيته -يعني: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: آل علي، وآل العباس، وآل عقيل، وآل جعفر، رحمة اللَّه عليهم أجمعين (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1393) قال ابن هانئ: وسألته عن رجل أوصى بثلث ماله في قرابته، من يدخل في القرابة؟ قال: القرابة هكذا أيضا، ولكن لا يجاوز بها أربعة آباء. والحجة في الأربعة آباء: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قسم سهم ذي القربى في بني هاشم، وبني المطلب، وولد عبد مناف (¬2)، ولم يجز به عبد مناف، وقد كان له قرابة غيرها، ولا من قريش. "مسائل ابن هانئ" (1395) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل مات وأوصى أن يخرج ثلث جميع ما يخلف، فكفر عنه خمسين يمينًا، ما يكفي المساكين غداءهم وعشاءهم. قال: أعجب إلى أن يغديهم ويعشيّهم، كما أوصى في أبواب: تحمل على الخيل في سبيل اللَّه، والمساكين، وإن كان له جيران محتاجون أعطوا، وما أشبه هذا. "مسائل عبد اللَّه" (1392) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 366، ومسلم (2408). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 81، والبخاري (3140) من حديث جبير بن مطعم.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أوصى أن يفرق من ثلثه في جيرانه، فما حدّ الجوار عندك؟ فقال: حدّ الجوار ثلاثون دارًا حول دارك، وأشار بيده وأدارها، ورواه الأوزاعي عن الزهري، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1): هذا من حديث الوليد ابن مسلم. "مسائل عبد اللَّه" (1393) قال عبد اللَّه: سمعت أبي وقد سُئِلَ عن رجل أوصى بثلثه لقرابته: من قرابته؟ قال: إن كان يصل قرابته من قبل أبيه ومن قبل أمه فإنهم جميعًا يدخلون في الوصية، وإن كان لا يصل قرابته من قبل أمه فقرابته من قبل أبيه، لا يجاوز بالقرابة أربعة آباء. وقال: إذا أوصى بثلثه لأهل بيته فهم مثل هؤلاء عنده أيضا. "مسائل عبد اللَّه" (9397) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أوصى أن يتصدق عنه بصدقة في الأمصار، وقد كان ربما تصدق في حياته على قوم في ربض الأمصار؟ فقال: يتصدق في ربض الأمصار. "مسائل عبد اللَّه" (1405) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أوصى بصدقة في أطراف بغداد، وقد كان ربما تصدق في بعض الأرباض وهو حي؟ فقال: يتصدق عنه في أبواب بغداد كلها. "مسائل عبد اللَّه" (1406) ¬

_ (¬1) روى أبو داود في "المراسيل" (350) عن الأوزاعي، عن يونس، عن ابن شهاب الزهري مرفوعًا: "الساكن من أربعين دارًا جار".

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أوصى في فقراء أهل بيته، وله قرابة ببغداد، وقرابة في بلادهن وإنما كان يصل في حياته الذي ببغداد؟ قال: يعطى الذين ههنا، والذين في بلاده. "مسائل عبد اللَّه" (1407) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أوصى أن يتصدق عنه في فقراء سوقه. قال: يتصدق عنه في فقراء سوقه. "مسائل عبد اللَّه" (1408) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أوصى بمال كثير، في أي الوجوه أحب إليك أن يضع ماله؟ فقال: إن كان له قرابة فهم أولى من أوصى له، فإن لم يكن له قرابة فجيرانه، فإن فضل فضل، جزأ ذلك أجزاء، فجعل أكثر ذلك في الغزو، وفي شراء الأسرى، وفي الحج، والصدقة على أبناء المهاجرين والأنصار، ممن هو مقيم بالمدينة ومكة، فإنهم قد يتباعدون من الناس، وينيل أيضا من ههنا منهم، ولكن أولئك أحرى فيما نرى. "مسائل عبد اللَّه" (1415) قال الخلال: أخبرني حرب قال: قلت لأحمد: الرجل يوصي لقرابته، له قرابة مشركون هل يعطون شيئًا؟ قال: لا، إلَّا أن يسميهم. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الرجل يوصي لقرابته وفيهم يهودي أو نصراني ومسلمون؟

قال: سمّاهم؟ قلت: لا. قال: فلا يعطى اليهودي والنصراني ويعطى المسلمون. قلت: فإن سمّاهم اليهودي والنصراني؟ قال زكريا بن يحيى: قال: إذا سمّاهم نعم. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 307 (648 - 649) ونقل حرب عنه، وقد سُئل عن رجل أوصى لأرامل بني فلان، فقال: قد اختلف الناس فيها، فقال قوم: هو للرجال والنساء والذي يعرف في كلام الناس أن الأرامل النساء. "المغني" 8/ 452 قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن رجل أوصى بألف درهم في السبيل، أيجعل في الحج منها شيء؟ فقال: لا، إنما يعرف الناس السبيل الغزو. "المغني" 8/ 579 قال يعقوب بن بختان: سئل أحمد عن رجل مات، فقال: ضيعتي التي بالثغر لموالي الذين بالثغر، وضيعتي التي ببغداد لموالي الذين ببغداد وأولادهم؛ فلمن بالثغر أن يأخذوا من هذِه الضيعة التي ههنا؟ قال: لا، قد أفرد هذِه من هذِه. فقيل له: فقدم بعض من بالثغر إلى ههنا، وخرج من ههنا بعضهم إلى ثم وقد أبرت النخل؛ ألهم فيها شيء؟ قال: لا. فقيل: فإن ولد لأحدهم ولد بعد ما أبرت؟

رابعا: الموصى به، وما جاء في شروط صحته

فقال: وهذا أيضًا شبيه بهذا. "تقرير القواعد" 2/ 217 وقال في رواية أحمد بن الحسين بن حسان فيمن أوصى أن يتصدق في سكة فلان بكذا وكذا، فسكنها قوم بعد موت الموصي. قال: إنما كانت الوصية للذين كانوا. ثم قال: ما أدري كيف هذا؟ قيل: فيشبه هذا الكورة. قال: لا، الكورة وكثرة أهلها خلاف هذا المعنى، ينزل قوم ويخرج قوم يقسم بينهم. "تقرير القواعد" 2/ 440 قال أحمد في رواية ابن القاسم: إذا قال: لأهل بيتي أو قرابتي، فهو على ما يُعرف من مذهب الرجل إن كان يصل عمته وخالته. ونقل سندي نحوه. "تقرير القواعد" 2/ 566 رابعًا: الموصى به، وما جاء في شروط صحته 1861 - الوصية بالمنافع نقل مهنا عنه فيمن أوصى بخدمة عبد أو ظهر دابة تركب أو بدار تُسكن. فقال: الدار لا بأس بها، وأكره العبد والدابة؛ لأنهما يموتان. "تقرير القواعد" 2/ 285، "معونة أولي النهى" 7/ 478

1862 - جهالة الموصى به

1862 - جهالة الموصى به قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ أوصى لرجلٍ بعبدٍ، ولم يسمه، وَلَهُ رقيقٌ؟ قال: يُعطى أحسنهم. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (3059) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجلٍ قال في مرضِه: أعطوا فُلانًا مِن أَحَدِ كيسَي مائة درهمٍ، ولم يكنْ في أحدِ كيسيه شيءٌ. قال: يُعطى مائة درهم من أحدهما. قال أحمد: يُعطى مائة درهم، إنما ثبتت لهذا الوصيةُ، ما أبالي في أي الكيسينِ كان. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (3067) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئل سفيان عن رجلٍ أوصى، فقال: أعتقوا عَنِّي أحدَ عبديّ هذينِ. قال: يعتقُ أحدهما. قال أحمد: يعتق أحدهما، ولكن إن تشاحا في العتق يقرعُ بينهما. قال إسحاق: كمَا قال. قُلْتُ: قيل لسفيان: فَاِنْ أبى الورثةُ قال: يجبرون عَلَى ذلك؟ قال: نعم. قال أحمد: نعم، مَنْ يَشكُّ في ذا؟ ! قُلْتُ: قيلَ لسفيان: أَلَهُم أن يعتقوا أرذلهما؟ قال: نعم. قال أحمد: قد وجبَ العتقُ لأحدِهما، فإذا تشاحا أقرع بينهما.

1863 - قدر الوصية

قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3069) قال ابن هانئ: أمرأة أوصت أن يعتق عنها. ولم تسم رجلًا ولا امرأة؟ قال: لا يبالي ما أعتقت. "مسائل ابن هانئ" (3188) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يوصي عند موته أنه يعطي فلانًا أو فلانًا من ثلثي والمساكين. من كم يقسم؟ قال أبي: إذا قال الرجل: يعطى فلان وفلان والمساكين من ثلثي. فهذا لم يبين ما يعطون من الثلث. فالذي نذهب إليه أن الورثة يعطون من ذلك ما طابت به أنفسهم، إلا أن يقول: ثلثي لفلان، ولفلان، والمساكين، فيقتسمون الثلث على ثلاثة أسهم، أو على الأربعة إن قال: لفلان، وفلان، وفلان، والمساكين. "مسائل عبد اللَّه" (1386) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أوصى أن يعطى قوم، فقراء أهله؟ قال: يعطون على قدر حاجتهم، يقول: من كان أضعف يعطى على قدر ضعفه. "مسائل عبد اللَّه" (1395) 1863 - قدر الوصية قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه-: بكم يوصي الرَّجلُ عندَ موتِهِ؟ قال: يُوصي بالثلثِ.

قال إسحاق: السنة في الربعِ، لما قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الثُّلُثُ كَثِيرٌ" (¬1)، إلَّا أنْ يكونَ رجلًا يعرف في ماله مرمة شبهات وغيرها، ولا يجوز له الثلث، فله استغراق الثلث، وذلك أحبُّ إلينا. "مسائل الكوسج" (3017) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: للرجلِ أن يوصي بمالِهِ كلِّه إنْ لم يكن له وارثٌ؟ قال: لا؛ لأنَّ زيدَ بن ثابتٍ رَدَّ ما بقي إلى بيتِ المالِ (¬2)، بيت المال له عَصَبة. قال إسحاق: لَهُ أنْ يوصي بمالِهِ كله؛ لما قال ابن مسعودٍ رحمه اللَّه (¬3) ذلك. "مسائل الكوسج" (3018) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يستأذنُ ورثته عند موتِه أنْ يوصي بأكثر منَ الثلثِ؟ قال: لهم أنْ يرجعوا في ذلك، قال عبد اللَّه: ذلك التكره، لا يجوزُ (¬4). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 230، والبخاري (2743)، ومسلم (1629) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-. (¬2) رواه عبد الرزاق 10/ 287 (19132)، وسعيد بن منصور 1/ 60 (113) والبيهقي 6/ 244. (¬3) رواه سعيد بن منصور 1/ 82 (218)، وعبد الرزاق 9/ 13 (16180). (¬4) رواه سعيد بن منصور 1/ 118 (390)، وابن أبي شيبة 6/ 210 (30721)، والدارمي في "مسنده" 4/ 2036 (3236)، والطبراني 9/ 237 (9161)، وابن حزم في "المحلى" 9/ 319 كلهم من طريق المسعودي، عن أبي عون، عن القاسم، عن عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه-. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/ 211: والقاسم لم يدرك عبد اللَّه.

قال إسحاق: كمَا قال إذا كان ذلك في المرض. "مسائل الكوسج" (3033) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: إذا كان له ألفُ درهم لا يُوصي بشيء. قال إسحاق: كما يكون الرجل ومعرفته بماله. "مسائل الكوسج" (3034) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يكره أنْ يتصدَّقَ الرجلُ عند موتِه بمالِه كُلِّه؟ قال: إي لعمري، هذا مردودٌ، ولو كان هذا في حياتِه لم أجوزْ لَهُ ذلك إِذَا كان له ولدٌ. قُلْتُ: ليسَ له وارثٌ. قال: هذا يذهبُ مذهبَ ابن مسعودٍ رحمه اللَّه، وَمَنْ ذهبَ إلى قولِ زيد بن ثابت يجوز له الثلثُ، وما بقي ففي بيتِ المالِ؛ لأنَّ بيتَ المالِ يعقلُ عنه إذا جنى جنايةً. قال إسحاق: لا، بل القولُ فيه ما قال ابن مسعودٍ رحمه اللَّه. "مسائل الكوسج" (3055) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل ترك مائة درهم ومتاعًا كثيرًا وخُرْثيًّا؟ فقال: أخرجوا منها مائة درهم؟ قال: إذا قال: مائة درهم فكانت ماله، فلينفذ المائة على ما أوصى. "مسائل ابن هانئ" (1365) قال ابن هانئ: سالت أبا عبد اللَّه عن رجل أعتق غلامين له عند موته، وليس له مال غيرهما، واحد بألف، وآخر بخمسمائة؟

1864 - تزاحم الوصايا عند ضيق الثلث

قال: يخرج ثلثه من جميع الغلامين ويكونا للورثة. "مسائل ابن هانئ" (1428) قال عبد اللَّه: جاءني أبي يعودني وأنا مريض، فقلت: يجوز لي أن أوصي بأكثر من الثلث؟ قال: لا يجوز، وهذا أعجب إلى، يعني الثلث. "مسائل عبد اللَّه" (1414) نقل عنه المروذي فيمن أوصى بماله كله: له أن يضع ماله حيث شاء. "الروايتين والوجهين" 2/ 24 نقل أبو طالب عنه إذا لم يكن له مال كثير، ألفان أو ثلاثة، أوصى بالخمس، ولم يضيق على ورثته، وإن كان له مال كثير فبالربع أو الثلث. "الفروع" 4/ 660، "المبدع" 6/ 10، "الإنصاف" 17/ 214، "معونة أولي النهى" 7/ 387 ونقل حنبل عنه: يكره الوصية بكل ماله في صحته. "الفروع" 4/ 661 1864 - تزاحم الوصايا عند ضيق الثلث قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يوصي بوصايا وبعتاقة بأيهما يبدأُ؟ قال: كل واحد يتحاصون؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جعلَ العتقَ في الثلثِ (¬1). قال إسحاق: لا، بل يبدَأُ بالعتاقةِ؛ لما قال ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- ذاك (¬2). "مسائل الكوسج" (3053) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 426، ومسلم (1668) من حديث عمران بن حصين. (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 158 (16743)، وسعيد بن منصور 1/ 119 (394)، وابن أبي شيبة 6/ 224 (30867)، والبيهقي 6/ 277، قال ابن حزم في "المحلى" 9/ 336: وأما قولهم: إنه قول ابن عمر ولا يعرف له مخالف من الصحابة، فإنه عن ابن عمر لا يصح لأنه من رواية أشعث بن سوار وهو ضعيف.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان في رجل مات وترك ألف درهم، وأوصى لرجل بالف درهم، وأوصى لرجل بخمسة آلاف درهم قال: يؤخذ الثلث فيقسم على ستة، فيعطى صاحب الألف سدسه، ويعطى صاحب الخمسة آلاف خمسة أسداس الثلث. قال أحمد: جيد. قال إسحاق: أصابا جميعا. "مسائل الكوسج" (3074) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال إبراهيم: إذا أوصى الرجلُ ما دون الثلث أو إلى الثلث بعشرين أو بثلاثين درهمًا فهو من العاجل، وإذا أوصى بالثلثِ أو بالربع فهو من العاجل والآجل (¬1). قال أحمد رحمه اللَّه تعالى: قلَّ أو كثرَ، فإذا شَاحَّا جاء الورثةُ والمُوصَى له يتحاصون في العاجل والآجل بينهم على قدرِ أنصبائهم. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3078) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال إبراهيمُ في الرجلِ يوصي بوصايا وبعتاقه: يبدأُ بالعتاقةِ (¬2). سُئِلَ سفيانُ: أليسَ هذا إذا كان العبدُ عندهم؟ قال: بلى، فاذا كان يشتري فبالحصص. قال أحمد: إِنَّما هي وصيةٌ، العتاقة وغيرها بالحصص. قال إسحاق: كمَا قال سفيان. "مسائل الكوسج" (3082) ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 111 (351)، وابن أبي شيبة 6/ 212 (30741). (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 157 (16741)، وسعيد بن منصور 1/ 120 (398)، وابن أبي شيبة 6/ 225 (30869)، والبيهقي 6/ 277.

قال إسحاق بن منصور: قال أحمد -رضي اللَّه عنه-: إذا عجزت الوصية رجع على كل بقدر، وإن كان فيها عتاقة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3099) قال إسحاق بن منصور: قيل: إذا كانت وصية وعتاقة؟ قال: يَتَحاصَوْنَ. قيل: فيبدأ بهؤلاء الذين أوصى لهم حتى يشتروا القسمة؟ قال: لا؛ لأنهم يَتَحاصَوْنَ. "مسائل الكوسج" (3417) قال صالح: رجل أوصى: أن لي عند فلان ثلاثمائة درهم، لفلان مائة، ولفلان مائة، ولفلان مائة، فدفع إلى الأول مائة، وإلى الثاني مائة، وبقي الثالث لم يتم مائة؟ قال: يتحاصون بينهم، وإذا أوصى لرجال بماله، وللآخر بنصف ماله، فلم يجز ذلك الورثة، كان لصاحب الجميع ثلثا الثلث، ولصاحب النصف ثلث الثلث، فكأنه تسعة أسهم، فلصاحب الجميع ستة أسهم، ولصاحب النصف ثلاثة، وهو قول ابن أبي ليلى (¬1). "مسائل صالح" (117) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه قال: قول الميت: ثلثي لبني فلان؛ فإنهم يتحاصون في الثلث، على قدر ما أوصى. "مسائل ابن هانئ" (1348) ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

1865 - ما يعتبر في تفسير ألفاظ الوصية المتعلقة بالموصى به

ونقل أبو الحارث: إذا أوصى بمائة وبمائتين وثلاثمائة، فنصف وثلث من خمسة، لرب النصف ثلاثة، وللآخر سهمان. "الفروع" 4/ 661 1865 - ما يعتبر في تفسير ألفاظ الوصية المتعلقة بالموصى به قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا قال الرجلُ: حُجُّوا عني بألفِ درهمٍ يحجُّ بها رجال، وإذا قال: حُجُّوا عني بألف درهم حجة. يُحجُّ عَنْه حجةً، وما بقي يُردُّ إلى الورثةِ. قال أحمدُ: جيِّدٌ. قال إسحاق: كلما قال: حجُّوا عَنِّي. فإنَّما يحجُّ عَنْه برجالٍ إن احتَملَ المال حجًّا، فما فضل يصرف إلى الحج أبدًا لما نوى الميت استغراق الألف في الحج، وإذا قال: حجُّوا عنِّي بألفِ درهم حجةً. فما فضل لا يكون أبدًا راجِعًا إلى الورَثةِ لما قال: الحجةُ بألفِ درهم فما فضل يجعلُ في مثلِهِ، يُعَانُ به حاجٌّ أو يحجُّ بهِ من الموضع الذي بلغَ. "مسائل الكوسج" (1661) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل أوصى لرجل بسهم من ماله؟ قال: يُعطى السدس، إلا أن تعول الفريضة، فإن عالت الفريضة جعل له سهمًا مع العول، فإن كانت الفريضة من ثمانية فله التسع، وإن كانت من عشرة فله واحد من إحدى عشر. قال إسحاق: الذي نأخذ به ما قال على الاحتياط، ولكن لو أن ذاهبا ذهب إلى السدس كما قال شريح عالت أو لم تعل لكان ذلك مذهبا. "مسائل الكوسج" (3046)

قال صالح: وسألته عن رجل أوصى: أن أخرجوا ثلث مالي بعد قضاء الدَّين، ويكفر عني مائة يمين، وأعتقوا عني رقبة، ويحمل على فرس في سبيل اللَّه، وما بقي إن عرف أحد من غرام والدي قُضي، وإن لم يُعرف منهم أحد، فليعمل الوصي في ذلك بما رأى، ويفرقه في قرابتي -إن شاء اللَّه؟ قال أبي: أما كفارة اليمين: فيْعْطي المساكين، كل مسكين مدُّ برٍّ أو نصف صاع تمر لا يزادون عليه، وإن كان الدقيق أسهل فليعطوا رطلا وثلثًا دقيقًا. ولا يزادُون عليه. وأرجو أن يجزئهم ذلك، وأكره القيمة؛ لأنه خلاف كتاب اللَّه وما عمل به أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وأما ما أوصى به من غرماء أبيه بعدما يفضل: فإن عَرفَ منهم أحدًا، فأقام البينة أعطي. فإن لم يكن له شاهدان، وكان له شاهد واحد استحلف مع الشاهد وأعطي. وإن كان رجل من أهل الستر والصدق عندهم: فإني أحب للورثة أن يمضوا ما أوصى به، ولا يلزمهم ذلك؛ لأن هذا ليس علمًا، وإنما هي دعوى، فإن كان فيهم صغير، فلا يجوز عليه، وأما الكبار فأحب لهم أن ينفذوا ما أوصى به. وأما الرقبة: فيعتق رجل يعتمل، ولا يعتق عنه إلا من يعتمل، ويكن وسطًا، ليس بالمرتفع الثمن ولا المنخفض. ويحملوا على فرس في سبيل اللَّه، ولا يغالوا به، إذا كان يُغزى على مثله، اشتري وحمل عليه بغير أداة؛ لأنه لم يسمِّ الأداة. وقال: لا يعطى أحد من قرابته من كفارة الإيمان إذا كان قد أوصاهم،

وإن لم يكن لهم من الوصية شيء أعطى من كان منهم فقيرًا من كفارة الأيمان إذا كان قد أوصى لهم. وإن لم يكن نالهم من الوصية شيء أعطي من كان منهم فقيرًا من كفارة الإيمان. قال أبي: وأما ما كان من الوصية لقرابته فلينظر إلى فعله في حياته؛ فإن كان يصل الغني منهم والفقير في حياته أعطوا جميعًا، وإلا فإن الفقراء عندي أولى به؛ لأنه لم يكن يصل الأغنياء. ولا يعطي أحدًا من قرابته مرتين. "مسائل صالح" (145) قال صالح: وسألته عن رجل أوصى فقال: أدفعوا إلى فلانة جميع ما ورثته عن أبي من متاع البيت وهو من الثلث، هل يدخل فيه المصحف، والصفد، والصوف، وثياب البدن؟ قال أبي: كل شيء ورثه عن أبيه: يفعل به كما قال، ويكون ذلك في ثلثه، إذا لم يكن له وارث. "مسائل صالح" (170) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل أوصى على رجل أن يحفر له بئرًا في طريق مكة، أو في السبيل؟ فقال له: لا أستطيع. فقال الموصي: أفعل ما ترى، هل يجوز له أن يحفر في دار قوم ليس لهم بئر؟ قال: لا يجوز هذا، يُخَص به قوم دون آخرين، ولكن يحفر بئرًا للمسلمين عامة، ولا يحفر على طريق المسلمين. "مسائل ابن هانئ" (1367).

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أوصى أن يعطى قوم، فقراء أهله؟ قال: يعطون على قدر حاجتهم، يقول: من كان أضعف يعطى على قدر ضعفه. "مسائل عبد اللَّه" (1395) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أوصى أن تكفر عنه أيمان، كيف يتصدق بها؟ قال: أقل الأيمان ثلاثة أيمان، يعطي لكل مسكين أقله مدُّ بُرٍّ، هو رطل وثلث دقيق، أو ثلاثة أرطال إلا ثلث تمرًا لكل مسكين. "مسائل عبد اللَّه" (1409) قال الخلال: وأخبرني محمد بن علي، حدثنا أبو بكر الأثرم قال: قيل لأبي عبد اللَّه: رجل قال: سهم من مالي لفلان كم يعطى؟ قال: ينظر كم سهمًا تكون الفريضة فيعطى سهمًا منها. قلت لأبي عبد اللَّه: فيعطى سهم رجل أو سهم امرأة؟ فقال: أقل ما يكون من السهام يُعطى. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه أنه سأله: رجل أوصى بمثل نصيب ولده لرجل، وله ذكر وأنثى؟ قال: له نصيب أنثى، هان كانت قرعة اقترعوا، فهو جائز أيضًا. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد: ثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه أنه سأله عن الرجل يوصي لرجل بسهم من ماله؟ قال: له سهم. قال: وحدثنا حجاج قال ابن جريج: قال سليمان بن موسى لعطاء:

أوصى إنسان لمولاه سهمًا من ميراثه، والمال على ثمانية أسهم؟ قال: فله مثل سهم رجل وصيته. قال أبو عبد اللَّه: آخذ بقول عطاء هذا. قال أبو عبد اللَّه: ترفع السهام ما بلغت من ثمانية أو عشرة أو أكثر، فإذا كان الورثة قليلًا فله سهم من ستة. وقال: أخبرني زكريا بن يحيى، وأحمد بن محمد بن مطر، حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن رجل أوصى لرجل بسهم من ماله، وله مال وأولاد؟ قال: يختلفون فيها، يقولون: له سدس. قلت: ما تقول أنت؟ قال: أنا أقول: له أقل شيء، له سهم امرأة من بناته. "الوقوف" (173 - 176) قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل قال: سألت أحمد قلت: رجل أوصى بسهم من ماله لرجل كم يُعطى؟ قال: السهام عندنا على ستة. قلت: يعطي السدس؟ قال: نعم! أخبرني حرب بن إسماعيل قال: سألت أحمد قلت: رجل ترك ثلاثة من الولد، وأوصى بمثل نصيب أحدهم؟ قال: هو رابعهم. "الوقوف" (178 - 179) نقل حنبل إن وصى بكفارة أيمان: فأقله ثلاثة. "الفروع" 4/ 697

1866 - نماء الموصى به

ونقل الأثرم عن أحمد: وقد سئل: هل الثلث من الصامت خاصة أو من جميع ما يملك؟ فقال: ذلك على قدر ما نوى وعلى قدر مخرج يمينه، والأموال عند الناس تختلف، الأعراب يسمون الإبل والغنم الأموال، وغيرهم يسمي: الصامت، وغيرهم: الأرضيين، فلو أن أعرابيا قال: ما لي صدقة، أليس كنا نأخذه بإبله أو نحو هذا؟ ! "تقرير القواعد" 2/ 563 - 564 وقال الإمام أحمد في رواية الحربي: نحن لا نعد الدار والثياب والخادم مالًا. "تقرير القواعد" 2/ 565 نقل عنه أبو طالب فيمن أوصى بحج: يحج عنه بأقل ما يمكن من نفقة أو أجرة، والبقية إرث كالفرض. وقال أبو طالب: إن قال اشتري به متاعًا، يتجر به؟ قال: لا يجوز، قد خالف؛ لم يقول اتجر به. "المبدع" 6/ 41، 42، "معونه أولي النهى" 7/ 439 1866 - نماء الموصى به قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاق: رجلٌ أوصى أن يُحجّ عنه بألفِ درهمٍ فاتَّجرَ الوصىُّ بالألف فرَبح؟ قال: يجعل الربح كلَّه في سبب الحجّ عن الميِّتِ، ويعطي الألفَ رجلًا بعينِه، فيحجُّ، والنماءُ يعطى في سبب الحجِّ. "مسائل الكوسج" (1719)

1867 - إذا أوصى بعين فأحدث فيه الورثة، أو تصرفوا فيه بالبيع ونحوه

نقل مهنا فيمن وصى لرجل بثلث ماله فقتل الموصي وأخذت ديته، هل يكون للموصى له ثلث الدية؛ قال: يكون له ثلث الدية. "الروايتين والوجهين" 2/ 25، "معونة أولي النهى" 7/ 475 1867 - إذا أوصى بعين فأحدث فيه الورثة، أو تصرفوا فيه بالبيع ونحوه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن رجلٍ أوصى لرجل بثوب، فقطعه الورثة قميصًا، أو بأرض فبنوها، أو سويق فلتوه. قال: ما زاد أخذوه. قُلْتُ: الورثة؟ قال: نعم. قال أحمد: جيد، وكل ما نقص يرجع المُوصَى له على الورثةِ. قال إسحاق: كمَا قال، وليس هو بمتابع للقولِ الأول؛ لأنَّ الوصية ثبتت للمُوصَي له يوم مات. "مسائل الكوسج" (3100) قال صالح: رجل مات وترك أرضًا ومتاعًا ودنانير وجاريتين، وله ولد وامرأة، وأعتق إحدى الجاريتين في مرضه، وأوصى بالدنانير أن تقسم بعده في المساكين، وأن تباع الجارية الأخرى فيقضى بها دينه الذي عليه، فعمدت امرأته بعد وفاته فباعت الجارية، ولم تقض الدَّين؟ قال: يقوِّم الجاريتين والضيعة والدنانير وما ترك، فيخرج الجارية التي أعتق والدنانير من الثلث، فإذا خرج من الثلث، وإلا كان بالحصص، وترد الجارية التي باعتها المرأة حتى يبيعها الوصي، فإن كانت استهلكتها قومت عليها، ويجوز بيع المرأة في نصيبها. "مسائل صالح" (1111)

1868 - فصل ما يعتبر من جميع المال أو من الثلث

1868 - فصل ما يعتبر من جميع المال أو من الثلث قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا أوصى الرجلُ بحجٍّ أو زكاةٍ كان مِنَ الثلثِ أم لا؟ قال: هو مِنْ جميعِ المالِ. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (637) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ أوصى أنْ يُحجَّ عنه، ولم يكن حَجَّ، مِنْ أي المالِ يكونُ؟ قال: يكونُ من جميعِ المال، وإن لم يكن أوصى فأعجب إلى الورثةِ أن يَحجوا عنه، مثل الزكاةِ إذا لم يكن أدَّاهَا. قُلْتُ: فانْ لم يُزكُّوا عنه؟ قال: أعجب إلى أن يزكوا. قال إسحاق: كمَا قال؛ لأنَّه لازمٌ لهمْ أن يؤدوا عنِ الميتِ كلَّ واجبٍ مِن جميعِ المالِ، أوْصَى أو لم يوصِ. "مسائل الكوسج" (3038) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تجوزُ وصيةُ الحاملِ؟ قال: إذا أثقلت لا يجوزُ لها إلا الثلثُ. قال إسحاق: كما قال، لما صار حكمها حكم المريض. "مسائل الكوسج" (3042)، (3057) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المُدبَر من الثلث؟ قال: مِنَ الثلثِ.

قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (3052) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا حضرَ القتال، ووقع الطاعون، وركب البحر لم يجزْ إلَّا الثلثُ، فإنْ عَاشَ وكانَ قَدْ أعتقَ جَازَ عتقُه؟ قال: أرجو أنْ يكونَ كذا، قال الحسنُ: يرجع في العتقِ (¬1). كأنَّه لم ير قولَ الحسنِ شيئًا. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3056) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إذا التقى الصفان فما صنع فهو وصية. قال: جيدٌ، والحامل إذا قرب شأنها، وكذلك المسافر إذا أراد الغزو أو ركوب البحرِ وما يشبهه مما يتخوف عليه فيه. قال إسحاق: كمَا قال، لما جَاءَ عن عُمر بن الخطاب رحمه اللَّهُ ذلك من حديث أبي حريز (¬2). "مسائل الكوسج" (3064) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إذا تَزَوَّجَ في مَرَضِه لم يُحسب من الثلثِ. قال: إذا كان تزويجهُ إياها على أكثر مما يتزوَّجُ مثلها فهو مِنَ الثلثِ، وإذا كان على مهرِ مثلها لم يكنْ منَ الثلثِ. ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 115 (375)، والبيهقي 6/ 281. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 231 (3943).

قال إسحاق: كما قال أحمد؛ لأنَّ بعضَ النَّاسِ ربما أرادَ بذلك الإضرارَ بالورثة فلا يجوزُ ذلك. "مسائل الكوسج" (3065) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا أوصى لرجلٍ بشيء يكونُ عليه واجبًا حج أو كفارة يمين أو صيام أو ظهار؟ قال: يعجبني أنْ يكونَ من جميعِ المالِ. قال إسحاق: كله، وكل واجب، فهو من جميع المالِ، لا شك في ذلك، كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للسائل: "دين اللَّهِ عز وجل أحقُّ أن يقضى" (¬1) من دينِ الناسِ. "مسائل الكوسج" (3144) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: سُئِلَ سفيانُ عن رجلٍ قال: فلانٌ حُرٌّ بَعْدَ موتي بشهرٍ. قال: هُوَ مِنَ الثُّلثِ. قال أحمد: جَيِّدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3141) قال إسحاق بن منصور: سُئل أحمد عمن يتزوج في مرضه؟ قال: إن لم يُرد به إضرارًا بالورثة، أو زاد في مهر مثلها، واحتاج إلى المرأة فلا بأس، وإن زاد في مهرها فهو من الثلث. "مسائل الكوسج" (3368) ¬

_ (¬1) رواه أحمد 1/ 224، والبخاري (1953)، ومسلم (1148) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.

قال صالح: وسألته عن رجل كانت له سريتان، فمرض حتى اشتد مرضه، وصار في حد ترك فيه الصلاة، فدعا قومًا، فأشهدهم أنه أعتقهما وتزوجهما على مهر كذا وكذا، هل يجوز له ذلك؟ قال: إن كان تزويجه إياهما بمهر أكثر من مهر مثلهما، فإن الزيادة تكون في ثلثه، وعتقهما من الثلث. "مسائل صالح" (172) قال صالح: وسألته عن رجل أوصى بزكاة واجبة عليه أو بحج واجب ثم مات، أيكون من جميع المال أو من ثلثه؛ فإن أوصى بحجة تطوع أو بغزو وعليه حج واجب، ولا يخرج ذلك من الثلث، هل يرد ذلك فيجعل في الفريضة ويترك التطوع؟ قال: الفريضة من جميع المال، والتطوع من ثلثه، فإن ضاق الثلث تحاصوا في الثلث إذا عجز، فكأنه أوصى للمساكين أو لقوم. "مسائل صالح" (768) قال صالح: قال أبي: الحج والكفارات وكل فرض على الرجل إذا مات فهو من جميع المال. "مسائل صالح" (983) قال صالح: المرأة يضربها الطلق فتوصي، أيكون من المال كله أو من الثلث؟ قال: من الثلث؛ لأنه يشبه بالمرض، ألا ترى أن قومًا قالوا في المرضع والحامل: إنها لا تصوم، شبهوه بالمرض. "مسائل صالح" (1251)

قال صالح: الرجل إذا كان بين الصفين يوصي من المال كله أو من الثلث؟ قال: من المال كله، ولا يشبه هذا المرأة إذا ضربها الطلق، ليس هنا مرض، إنما هو خوف. "مسائل صالح" (1252) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الميت يوصي يحجُّ عنه ويعتمرُ؟ قال: يحجُّ عنهُ ويعتمرُ ويبدأُ بالعمرة قبل الحج. "مسائل أبي داود" (903) قال أبو داود: قيل لأبي عبد اللَّه: إذا أوصى بحج وعتاقةٍ؟ قال: يتحاصون إذا كان قد حجَّ. "مسائل أبي داود" (1387) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: نرى الحجَّ والزكاة من جميع المال. "مسائل أبي داود" (1388) قال أبو داود: قُلْتُ لأحمد: إذا وجب عليه خمسمائة من الزكاة والحج، وخلف خمسمائة؟ فرأى أن يبدأ بالزكاة وقال: لأن الزكاة هي في مائتين خمسة، والحجُّ ربَّما رخص الكراء وربَّما غلا. "مسائل أبي داود" (1391) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: الميت إذا أوصى بالحج ولم يكن حج؟ فقال: يحج عنه من جميع المال وسائر الوصايا من الثلث. "مسائل ابن هانئ" (1351)

قال ابن هانئ: وسئل عن رجل حج حجة الإسلام، وخرج للحج أيضا فمات في الطريق، فأوصى أخاه أن يحج عنه، أعطاه أخوه رجلًا ليحج عنه؟ قال أبو عبد اللَّه: يخرج الحجة من ثلثه. "مسائل ابن هانئ" (1364) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يموت. وعنده خمسة عشر دينارًا، وقد أوصى بالحج، وله وارث ولم يكن حج؟ قال: قوم يقولون: يخرج ثلثه. ونحن نقول: يحج عنه. "مسائل ابن هانئ" (1381) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: الزكاة، إذا فرّط فيها صاحبها، فهي من جميع المال. وكذلك في كفارات الأيمان، والظهار، والحج من جميع المال، إذا علم الورثة بذلك. "مسائل ابن هانئ" (1384) قال ابن هانئ: وسألته عن رجل أوصى أن يحج عنه، وقد كان حج حجة الإسلام، تكون حجته التي أوصى بها من جميع المال أو من ثلثه؟ قال: تكون من الثلث. "مسائل ابن هانئ" (1385) قال ابن هانئ: سألته عن رجل يوصي أن في ماله زكاة ولم يؤدها؟ قال أبو عبد اللَّه: تخرج من جميع المال، وإن لم يوص وعلموا أخرجوا من جميع المال. "مسائل ابن هانئ" (1386)

قال ابن هانئ: سألته عن: رجل أوصى في مرضه. فقال: قد صيَّرت داري هذِه لولد أخي، وولد أختي، على أن يسكنوها، أفتكون هذِه الدار من الثلث؟ قال أبو عبد اللَّه: كلما كان في مرضه من وصية، أو وقف، ينفذ ذلك في ثلثه على ما سمّى. "مسائل ابن هانئ" (1412) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل ترك ستة آلاف درهم وأوصى بالثلث، فلما نظر الوصي لم يعط الزكاة. فقال: تخرج الزكاة ثم يخرج الثلث بعد. "مسائل عبد اللَّه" (631) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي: حدثنا صالح أن أباه قال: كل ما أوصى رجل في مرضه فإنما يكون في ثلثه وقفًا كان أو غيره، فإن مات على ما أوصى من الوقف وغير ذلك، فإنه في ثلثه، وللمريض أن يغير من وصيته ما شاء، ولو كان هذا الوقف في صحته لم يكن له أن يرجع فيه. وقال صالح في موضع آخر: وسألته عن رجل أوصى في مرضه فقال: قد صيرت داري هذِه لولد أخي، وولد أختي على أن يسكنوها، تكون هذِه الدار من الثلث؟ قال: كل شيء يكون في مرضه من وصية أو وقف، ينفُذُ ذلك من ثلثه على ما سُمَّي. "الوقوف" (76) قال الخلال: حدثنا محمد بن علي بن بحر: حدثنا يعقوب بن بختان: أن أبا عبد اللَّه قال: إذا كان مريضًا يحسب من الثلث.

وقال: أخبرنا محمد بن علي الوراق، حدثنا أبو بكر الأثرم قال: سئل أبو عبد اللَّه عن رجل أوصى -ولم يُشهد- بوقف دار له على محاويج أهل بيته، وهي تخرج من ثلثه، وكانت الدار مسكونة، أيسع ورثته ألا يجيزوا ذلك، لما اختلف فيه من الوقف؟ فقال: إذا علموا فهي من الثلث، إذا كان في المرض، وإذا كان في الصحة فهي من جميع المال، إذا كانت الدار فارغة، وإن لم تكن ثم شهادة إذا علم الورثة بذاك. قال: ويؤخذ بآخر الوصية. "الوقوف" (78 - 79) قال البغوي: وسئل أحمد -وأنا أسمع- عن رجل أوصى أن يُشْترى بألف درهم فرس للجهاد ومائة للنفقة، قال: يُشترى له مثل ما أوصى لا يزاد على ذلك شيء. قال: فإن أصيب بأقل من ألف بخمسين أو بأكثر، قال: يزاد على نفقته. "مسائل البغوي" (39) نقل حرب عنه: وصية المفلوج والمجذوم من الثلث. "الروايتين والوجهين" 2/ 622، "معونة أولي النهى" 7/ 334 نقل حنبل عنه: إن أوصى في المرض فهو من الثلث، وإن كان صحيحًا فله أن يوصي بما شاء. "المغني" 8/ 405 نقل أبو الحارث: فيمن تزوج امرأة في مرض الموت وأصدقها زيادة على مهر المثل أن الزيادة تسقط. ونقل المروذي عنه: أنها تعتبر من الثلث. "الروايتين والوجهين" 2/ 20

نقل عنه أبو طالب فيمن أقر بصداق امرأته: من الثلث. ونقل أيضًا: لها مهر مثلها، وأن على الزوج البينة بالزائد. "الفروع" 6/ 609

1869 - باب ما جاء في تنفيذ الوصايا، وإمضاءها على أوهام الميت وإرادته، وتغييرها إذا لم يتمكن من القيام بها، وردها إذا اعتدى فيها الوصي

1869 - باب ما جاء في تنفيذ الوصايا، وإمضاءها على أوهام الميت وإرادته، وتغييرها إذا لم يتمكن من القيام بها، وردها إذا اعتدى فيها الوصي قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمد عن رجل قال: أعطوا فلانًا دراهمَ يحجُّ عنِّي. وإذا فلانٌ قد أخذَ دراهمَ للحجِّ، ألَه أن يحجَّ لهذا قابِلًا؟ فكأنَّه رخَّص فيه. قال إسحاق: أرْجُو أن يكونَ ذَلِكَ جائزًا إذا كانَ علَى وجهِ النَّظرِ والحيطةِ. "مسائل الكوسج" (1720) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عنْ رجلٍ قال: اشتروا دابةً للسبيلِ، فعجزت النفقةُ إنْ اشْتروها من هاهنا أَتُشْتَرى ثَمَّ؟ قال: لا تُشْتَرى هاهنا. قال إسحاق: كلما كانَ ذَلِكَ نظرًا للميت، وما هناك، حيثُ المنفعة تكون أنفع، تُشْتَرى ثَمَّ. "مسائل الكوسج" (3323) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا أوصى في غيرِ أقارِبه يُردُّ ذلك إلى أقارِبِهِ؟ قال: لا، هو جائزٌ. واحتجَّ بحديثِ عمران بنِ حصينٍ أنَّ رجلًا أعتقَ ستةَ أعبدٍ له عند موتِهِ (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 426، ومسلم (1668) من طريق أبي المهلب وقد تقدم تخريجه من هذا الطريق ومن طريق الحسن.

قال إسحاق: لا، بل يردُّ ثلثا الثلثِ إلى الأقاربِ. "مسائل الكوسج" (3019) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: إذا اعتدى في وصيتهِ يُرَدُّ ذلك إلى الحقِّ؟ قال: إي لَعمري. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (3026) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا أوصى الرجلُ في مرضِه، فقال: اشتروا لي عبدَ فلانٍ بالف درهمٍ فأَعْتِقُوه. فاشتروه بخمسمائة درهم وهو لا يعلم. قال: هذِه وصية جعلها له. يعني: لمولى العبد يقول: يُعطى الخمسمائة الباقية. قال أحمد: لا لعمري، هو بما اشتروه، وتردُّ الخمسمائة إلى ورثتِهِ. قال إسحاق: لا، بل الشراء جائزٌ، والخمسمائةُ الباقيةُ تجعلُ في العتق؛ لأنَّ الميت حين قال: اشتروا لي عبدَ فلانٍ بألفٍ، فقد مَضَى قوله في الألف أَنْ يُصرَفَ إلى العتقِ، ولا يكون للورثةِ منه شيء أبدًا. "مسائل الكوسج" (3070) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاق: وأمَّا الموصي لأقربائِه من ثلثِه وبباقي الثلث للمساكين، فأعطي الأقرباءَ ما سمى لهم، وأرادوا أن يُعطَوا مِنَ الباقي الذي أوصى للمساكين، فإنَّهم لا يُزادون على ما سمي لهم؛ لأنَّ المُوصي قد قَصَدَ ما أراد أنْ يكونَ لهم، وأخطأَ هؤلاء الذين قالوا: يُعطَون مما أوْصَى للمساكين، إذا كانوا ما قبضوا لم يصيروا به أغنياء. وقد رأى ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما- إمضاء الوصايا على أوهام الميت وإرادته،

فلذلك قلنا: لا يزاد من سُمي له، مع اتباعنا قول الحسن مفسرًا في رجل أوصى لرجلٍ بعشرة دراهم وأوصى للمساكين، فقال: لا يُعْطى صاحب العشرة مما أوصى للمساكين. قال إسحاق: قال إسحاق بن إبراهيم: أخبرني بذلك ابن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن رحمه اللَّه. قال إسحاق: وأمَّا الموصي إِذَا كان له على الأقرباءِ دينٌ فجعلَ دينَه لهم بما أوصى، فإنَّ ذلك لا يجوزُ حئى يعطيهم ما أوصى لهم من مالِ الميتِ، وليس له أن يخوفهم بشيء، لكي يردوا عليه إذا قبضوا، فإنَّ ذلك لا يحلُّ. وأخطأ هؤلاء حين رأوا الموطأة في مثلِ هذا وشبهه جائزًا، وذلك أنَهم قالوا بأجمعهم: لو أعطى من زكاةِ مالِهِ غريمًا له ألوفًا كثيرة وهو ينوي قبضَها منه بعدَ تسليمها إليه جازَ ذلك، فهذا باطلٌ، لو جَازَ هذا وشبهه لكان الأغنياءُ لا يخرجون صدقاتهم إلا إلى من تفالس من غرمائهم حتى لا يَتْوى لهم مال، ويُحرمون بذلك أهل السُّهمان الذين قد جعل له الصدقات. قال إسحاق: وأمَا ما ذكرت مِنَ الوصيةِ للمساكين فأعطَى الوصي المساكين بذلك عروضًا من مالِ الميت أو برًّا أو شعيرًا أو ما أشبه ذلك، فَإِنْ أخذوا ذلك بطيبةِ أنفسهم اختيارًا لذلك الشيءِ فهو جائزٌ، وإنْ أرادَ به الوصي منفعة وأَكْرَهَهُم فليس بجائزٍ، وينظر فضل ما بين ما قوَّمَه، أو ما نقص من قيمة تلك الأشياء، فأعادها عليهم حتَّى يسكن قلبه على استيفاء مَن أوصى لهم حقوقهم، والذي نختارُ أنْ يعطيَهم دراهم كما سمى لهم. "مسائل الكوسج" (3092)

قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمد: عمن أوصى أنْ يخرج مِنْ ماله كذا وكذا في كذا وكذا سنةً في مرضِهِ؟ قال: لا يقسمُ المال حَتَّى ينفذوا ما قال، إلَّا أنْ يضمنُوا أن يخرجوه فلهم أن يُقسموا البقية. قال إسحاق: كمَا قال سواء. "مسائل الكوسج" (3369) قال صالح: [سئل] (¬1) عن رجل أوصى أن يُتصدق عنه في فقراء مسجده طعام أو حنطة بألف درهم: هل يجوز للوصي أن يعطي عنه فضة بقيمة الألف؟ قال: لا يعطي إلا ما قال وأوصى به، والوصايا ينتهي فيها إلى ما أوصى به الموصي، لا يتعدى ذلك. "مسائل صالح" (152) قال صالح: الرجل يوصي لغير قرابته هل يرده؟ قال: لا. "مسائل صالح" (1077)، (1080) قال صالح: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي يرويه عمران بن حصين: أن رجلًا أعتق ستة أعبد، وقد كان له قرابة، فأجاز النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يرده (¬2)؟ قال: ربما استحسنت أن يرد على القرابة، يواسيهم، والحسن يقول: يرد على القرابة ثلثا الثلث. "مسائل صالح" (1079) ¬

_ (¬1) ليست في المطبوع من المسائل، والسياق يقتضيها. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 426، ومسلم (1668).

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجلٍ كتبَ وصيتَهُ وأشهدَ عليها ومعه أخوه، فقال أخوهُ: وصيتي على مثل وصيتك؟ فقال: ليس ذا بشيء. وقال: سمعتُ أحمد سئلَ عنها أيضًا فقال: ما أدري. ثَّم قال أحمد للسائل: مَن ورثهُ؟ قال: أنا. قال: فأنفذْهَا. "مسائل أبى داود" (1376) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا أوصى لفقراء أهل مرو، أو بغداد لا يعطى غيرها من الكور، ولا يجاوز بما أوصى. وإذا أوصى أن يعطى فلان عشرة أفاويز -اسم مكيال لأهل مرو- ليس له أن يجاوز ما أمر به الميت ولا يعطيه دراهم، يعطيه ما أمر به، (واحد الأفاويز: فاز، وهو مكيال لأهل مرو) (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1349) قال ابن هانئ: وسئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يسمي شيئا من زكاته لأهل قرية وبها غيرهم؟ قال: لا يجاوز بها إلى أهل قرية أخرى. "مسائل ابن هانئ" (1354) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: إذا قال: أعطوا لفلان كذا وكذا، قفيِز من حنطة. ولفلان كذا وكذا؟ قال: لم يعط إلا الذي أمر. لا يُعطى دراهم. "مسائل ابن هانئ" (1355) ¬

_ (¬1) كذا في "مسائل ابن هانئ"، ولعلها زيادة في أصله.

قال ابن هانئ: سألته عن رجل أوصى بمصحف يخرج إلى الثغر، وله قرابة فقراء. قال: ينفذ كما أوصى إذا هو خرج من الثلث. "مسائل ابن هانئ" (1356) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل أوصى لأناسٍ -وسماهم- وأوصى للمساكين؟ أيعطى هؤلاء المسمين؟ قال: لا يعطى هؤلاء الذين سماهم إلا ما أوصى لهم؟ ويدفع الباقي إلى من أوصى من المساكين. "مسائل ابن هانئ" (1378) قال ابن هانئ: عن الرجل يبعث إلى طرسوس بالدنانير والدراهم، يشتري أسارى المسلمات في بلاد الروم، فلا يصل إليهن الرجال، فيدفعونها إلى الرجال دون النساء؟ قال أبو عبد اللَّه: تدفع إلى من أمرهم به، إلى النساء. "مسائل ابن هانئ" (1618) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أوصت إليه أمه في حجة، وكان الموصى إليه ولدها، وإنه خرج إلى الثغر فأنفق بعض ما كان معه، وأراد أن يخرج إلى مكة فخشي أن تنقطع به النفقة، فيريد أن يقيم في هذِه المدينة فخاف من ذلك، فنظر أخ له في هذا الأمر، فأحب أن يحج عنها، حتى تقع عن أخيه الوصية، ولم يسألها ابنها هذا الأمر ولكن هذا متبرع لموضع الإخاء؟ قال: لو كان الموصى إليه أنفذ الحجة على ما أوصى إليه كان أجود، وأنا أرجو أن تبرع هذا بهذا وأراد إنفاذه فما أوصي إليه به وجعل الحجة

عن الموصى إليه، رجوت إن شاء اللَّه أن يجزئ ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (882) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أوصى إلى رجل ودفع إليه مالًا، فأمره أن يحج عنه حجة، فلم ينفذ الموصى إليه الوصية حتى حضرته الوفاة، فدفع الحجة إلى رجل، وقال له: حج بها عن فلان، ولا يمكنه الخروج العام، فدفعها إلى رجل يحج بها أو يؤخرها إلى قابل، يحج هو بها. فقال: إن كان الموصي الأول له من المال بقدر ما يخرج هذِه الحجة من ثلثه حج عنه، إذا لم يخف هذا الموصي عليه تبعة الورثة، ولا يؤخرها المدفوعة إليه، ينفذها في سنته هذِه، ينفذ الوصية على ما أمره بها الأول. "مسائل عبد اللَّه" (884) قال الخلال: أخبرني حمزة بن القاسم الهاشمي: حدثنا حنبل، حدثنا أبو عبد اللَّه، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن سالم بن عبد اللَّه، وعطاء بن أبي رباح، وسليمان بن يسار قالوا: تمضي الوصية لمن أوصى له. قال: وأخبرنا عبيد اللَّه بن معاذ، حدثني أبي، عن قتادة، عن عبد اللَّه ابن معمر قال: أعجب إلي لو أوصى لذي قرابته، وما يعجبني أن أنزعه ممن أوصي له به. قال قتادة: وأعجب إلى أن تمضي الوصية لمن أوصى له به. قال اللَّه: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ} [البقرة: 181].

قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: ما أحب أن يُتعدى في الوصية ما أوصى بها الرجل، تمضي كما أوصى بها ولا يتعدى ذلك، فإن ذلك يلحقه إن شاء اللَّه. وقال: وأخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي قال: سمعت عمي قال في رجل أوصى قال: ادفعوا إلى فلان جميع ما ورثته عن أبي من متاع البيت، هل يدخل فيه المصحف والصوف وثياب البيت؟ فقال عمي: كل شيء ورثه عن أبيه يفعل به كما قال، ويكون ذلك من ثلثه، إذا لم يكن أوصى لوارثه (¬1). وقال: أخبرنا زكريا بن يحيى، وأحمد بن محمد بن مطر قالا: حدثنا أبو طالب: أنه سأل أبا عبد اللَّه عن رجل أوصى لقوم من غير قرابته؟ قال: كان الحسن يردهم إلى الكتاب، يرده إلى قرابته. قلت: ما تقول أنت؟ قال: يعطي من أوصى له، وذلك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أجاز وصية الذي أعتق ست مماليك فأعتق اثنين، فقد أجاز لغير قرابته (¬2). وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث قال: قلت لأبي عبد اللَّه: فالوصي له أن يغير الوصية، ويضع الوصية حيث يرى؟ يكون الرجل يوصي في سبيل اللَّه بثلثه، ويرى الوصي في جيرانه قومًا فقراء يُصدق عليهم ببعض ذلك المال؟ قال: لا! ¬

_ (¬1) انظر: "مسائل صالح" (170) وفيها: ادفعوا إلى فلانة بدلًا من فلان. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 426، ومسلم (1668) من حديث ابن عمران بن حصين.

وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قرئ على أبي عبد اللَّه: روح، حدثنا ابن جريج قال: سُئل عطاء عن امرأة أوصت أن يحج عنها من مالها، ولها ذوو قرابة محتاجون؟ قال: إن لذوي قرابتها لحقًا، ولكنها قالت قولًا فلينفذ ما قالت. قال أبو بكر: رأيت في كتاب لهارون المستملي قال: سألت أحمد: عن الرجل يوصي غلته في المساكين، يعطى في الجهاد، وفي العتق ونحو من هذا؟ قال: لا! تقسم في المساكين. وقال: أخبرني محمد بن الحسين: أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل أوقف أرضًا على ابنة أخيه وزوجها، ونوى بذلك أن تكون من ثلث والده الذي كان أوصى إليه به والده، تدفع إليهم غلتها؟ فقال أبو عبد اللَّه: لا تدفع الغلة إليهم إلا على ما كان أوصى أبوه؛ لأنه يصير هذا في ولدها وإلى قوم غيرهم، فيصير إلى غير ما أوصى أبوه؛ لأنه صيره في ولدها. قلت: فكيف يجب أن يصنع؟ قال: يبيع هذِه الأرضين، ويعطي ثمنها إلى من أوصى له أبوه. وقال: أخبرني أحمد بن الحسين بن حسان: أن أبا عبد اللَّه سئل عن رجل أوصى إلى رجل بناء مسجد، فطلب عرصة يبني فيها مسجدًا، فلم يجد. أله أن يشتري عرصة يزيدها في مسجد صغير يوسعه؟ قال: انته إلى ما أوصاك به الميت -يعني: ابن مسجدًا. وقال: أخبرني منصور بن الوليد: أن جعفر بن محمد حدثهم قال:

سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن رجل جعل خانًا له في السبيل، وبنى بجنبه مسجدًا، فضاق بأهله، أيزاد منه في المسجد؟ قال: لا. قيل: فإنه قد ترك الخان، قد ترك ليس يُنزل فيه، قد عطل، تطرح فيه القذر؟ قال: يترك على ما صُير له. وقال: أخبرني حرب قال: قلت لأحمد: امرأة ماتت فأوصت بدراهم على أن تنفق على قنطرة يمر الناس عليها، وانقطع ذلك الوادي فلم يحتج الناس إلى القنطرة، فنزل بأهل القرية عدو، فأرادوا أن يصلحوا حصنًا لهم يتحرزون من العدو، هل تنفق هذِه الدراهم على هذا الحصن؟ قال: لا. قلت: فكيف يصنع بها؟ قال: لعل الماء يرجع فيحتاجون إلى القنطرة. قلت: فإن هم اتخذوا القنطرة ففضلت فضلة؟ فقال: توضع، لعلهم يحتاجون إلى أن يرموا بها القنطرة، لم يرخص إلا في هذا الوجه الذي أمر به. وقال: أخبرنا محمد بن يحيى الكحال: أن أبا عبد اللَّه قال: ينفذ ثلث الميت على ما أوصى به. وقال: أخبرني يوسف بن موسى: أن أبا عبد اللَّه سئل. وأخبرني علي بن عبد الصمد الطيالسي قال: سألت أحمد بن حنبل عن رجل أوصى لرجل بحانوت وحده الأول والثاني والثالث والرابع وله أسفله وأعلاه فلم يسم له أعلاه؟

قال: لا يأخذ إلَّا ما سُمي له. "الوقوف" (214 - 225) قال الخلال: أخبرني الحسين بن الهيثم: أن محمد بن موسى بن مشيش حدثهم: أن أبا عبد اللَّه سئل عن رجل أوصى أن تشترى له فرس بألف، ودابة بمائة. قيل: فيشتري بأقل مما قال الميت؟ قال: لا. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز قال: سُئل أحمد -وأنا أسمع- عن رجل أوصى أن يشترى بألف درهم فرس للجهاد، ومائة للنفقة؟ قال: يشترى له مثل ما أوصى، ولا يزاد على ذلك شيء. قال: فإن أصبنا بأقل من ألف خمسين أو بأكثر؟ قال: يزاد على نفقته. وقال: أخبرنا محمد بن علي بن يحيى، حدثنا يعقوب بن بختان أنه سأل أبا عبد اللَّه عن رجل أوصى بألف درهم في السبيل، ويغزو عنه ثلاث غزوات؟ قال: هذِه لا تتم من هاهنا، يبعث بها إلى فيجهز بها ثلاثة أنفس يغزون، ويعان بالباقي في السبيل. وقال: أخبرني محمد بن علي، والحسين بن عبد الوهاب أن محمد بن أبي حرب الجرجرائي حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يوصي بفرس في السبيل، وله قرابة فقراء؟ قال: تجعل حيث أوصى.

وقال: أخبرني محمد بن علي، أن حمدان بن علي الوراق حدثهم قال: قلت: لأبي عبد اللَّه: الرجل يجعل الشيء في الصدقة على المساكين، يعطى منه في السبيل؟ قال: لا، يعطى المساكين كما أوصى. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد بطرسوس -يقال: من الأبدال- قال: سألت أحمد بن حنبل، قلت: رجل يريد الخروج إلى طرسوس ليس عنده إلَّا أن لأبيه بيتًا وقفًا على المساكين، يأخذ منه ويخرج؟ قال: لا. قلت: فإن أخذ منه وخرج وتصدق به؟ فقال: إن تركه الموت. وقال: أخبرنا يحيى بن جعفر: أخبرنا عبد الوهاب، حدثنا ابن جريج قال: سئل عطاء عن امرأة أوصت أن يحج عنها من مالها، ولها قرابة محتاجون؟ قال: إن لذي قرابتها لحقًّا، ولكنها قد قالت قولًا فلينفذ ما قالت. "الوقوف" (227 - 233) قال في رواية بكر بن محمد فيمن وصى بفرس وسرج ولجام مفضض يوقف في سبيل اللَّه حبيس، فهو على ما وقف وأوصى، وإن بيع الفضة من السرج واللجام وجعل في وقف مثله فهو أحب إلى؛ لأن الفضة لا ينتفع بها، ولعله يشترى بتلك الفضة سرج ولجام، فيكون أنفع للمسلمين. فقيل له: تباع الفضة وتصرف في نفقة الفرس؟ قال: لا. "الفتاوى" 31/ 236, "مجموع رسائل ابن رجب" 2/ 726

نقل حرب فيمن وصى لأجنبي وله قرابة لا يرثه محتاج: يُرد إلى قرابته. "الفروع" 4/ 621

باب ما جاء في مبطلات الوصية

باب ما جاء في مبطلات الوصية 1870 - 1 - الوصية بما ليس قربة قال صالح: سألت أبي عن رجل أوصى أباه إذا هو مات أن يدفن كتبه. قال الأب بعد موت ابنه: ما أشتهي أن أدفنها؟ قال أبي: أرجو إذا كانت مما ينتفع بالنظر فيها ورثته، رجوت إن شاء اللَّه تعالى. "مسائل صالح" (515) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يموت، فيوصي أن يدفن في داره؟ فقال: لا، يدفن في المقابر مع المسلمين، وإن دفن في داره أضرّ بالورثة، والمقابر مع المسلمين أعجب إلي. "مسائل ابن هانئ" (1342) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن نصراني أشهد في وصيته أن غلامًا -فلان- يخدم في الكنيسة أو في البيعة خمس سنين، ثم هو حر، ثم مات مولاه فخدم سنة، ثم أسلم ما عليه؟ قال: هو حر ويرجع على الغلام بأجر خدمة مثله أربع سنين. قُلْتُ لأبي: كيف هذا؟ قال: يقال له: أعط أجر مثل من يخدم في الكنيسة، أو البيعة الثاني الذي بقي عليه من خدمتها. قال أبي: ما تقول في نصراني له مملوك فأسلم المملوك؟ قُلْتُ: لا أدري.

1871 - 2 - استغراق الديون التركة

قال: يباع المملوك من المسلمين، ويدفع إليه ثمنه. "مسائل عبد اللَّه" (1417) نقل الأثرم فيمن أوصى بدفن كتبه: لا بأس. "الفروع" 4/ 692، "معونة أولي النهى" 7/ 473 1871 - 2 - استغراق الديون التركة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قَال سفيانُ: ردَّ ابن أبي ليلى عبدًا أعتقَه سيدُه عند الموتِ وعليه دينٌ. قال: أحسنَ ابن أبي ليلى؛ إذا لم يكنْ له مالٌ غيره يُبَاعُ العبدُ. قال إسحاق: العتق جائزٌ، وعليه السعاية بقيمتِهِ. "مسائل الكوسج" (3212) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إنما تكون وصية الرجل بعد قضاء الدَّين، فيقضي عنه الدَّين، فإن فضل شيء نظر إلى أهل الوصايا فيعطون الثلث، فإن عجز الثلث، تحاصوا في الثلث، يكون لكل إنسان بقدر ما أوصى له به. "مسائل عبد اللَّه" (1398) 1872 - 3 - سقوط الوصية قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أوصى في خدَّام له أن يخدم عياله بعد موته خمس سنين، ثم هو حر. قال: هو كما أوصى. قُلْتُ: فإن مرض؟

1873 - 4 - موت الموصي أو الموصى له قبل تنفيذ الوصية

قال: ليس عليه خدمة، يسقط عنه ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (1418) 1873 - 4 - موت الموصي أو الموصى له قبل تنفيذ الوصية قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئل سفيانُ عن رجلٍ دَفَعَ إلى رجلٍ مالًا يُصدقه، فماتَ المعطِي. قال: ميراثٌ. قال أحمد: أقولُ إنه ليس بميراثٍ إذا كانَ من الزكاةِ، أو شيءٍ أخرجه للحجِّ، وإن كانَ غير ذَلِكَ فهو ميراثٌ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (546) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: قال سفيان: إذا أَعْطَى الرجلُ دراهمَ يحجُّ عنه إنسانٌ، فماتَ في بعضِ الطريقِ، قال: ينبغي له أن يوصيَ أن يحجُّوا عنه، فإن لم يفعَلْ تُرَدُّ الدراهمُ على الورثةِ وليسَ عليهِ شيءٌ مِمَّا أَنفقَ. قال أحمد: ليس عليهِ شيءٌ مِمَّا أنفقَ ويحجُّوا بالبَاقي من حيث بلغ هذا الميتِ. قال إسحاق: كما قال أحمد سواءٌ. "مسائل الكوسج" (1664) قال إسحاق بن منصور: قال: قُلْتُ: رجلٌ وهبَ لرجلٍ هبة، أو أوصى له بوصيةٍ وهو غائبٌ، فماتَ المُوصى له قبل الذي أَوصَى؟ قال أحمد -رضي اللَّه عنه-: إذا كانت مع رسولِ المتصَدَّق عَليه أو الموهوبِ له فَهي له، وإذا كان بعثَ بها هذا فلم يَصل إلى ذلك حتَّى ماتَ فهي

للمُوصي، وإذا مات الموصِي قبل أن تبلغَ إلى المُوصَى له فهو لورثةِ الموُصِي، ولا يرجع إلى الموُصِي إذا كانت مع رسول المُوصَى له. "مسائل الكوسج" (3023) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد -رضي اللَّه عنه-: الهبةُ والوصيةُ واحدةٌ. قال إسحاق -رضي اللَّه عنه-: كمَا قال في الهبةِ والوصيةِ مع الرسولِ وغير الرسول، ولكن إن كان الرسولُ أرسلَه الموهوبُ ليستوهب منه شيئًا فوهبه وقبض الرسول تمت له. "مسائل الكوسج" (3024) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن الرجل يدفع إلى الرجل ألف درهم أو أكثر، فيقول: تصدق بهذا عني، فيموت الرجل، ولم يكن تصدق بها، كيف ترى له أن يصنع بها؟ قال: يرجع بها إلى الورثة. قيل له: إنه أوصى إليه أن يصدق بها. قال: أرأيت لو أراد أن يرجع في قبضها أَله أن يأخذها؟ فقيل: نعم. قال: كذلك أيضًا هي له ما لم يتصدق بها. قيل له: فإنه قال: تصدق بها بعد موتي وفي حياتي. قال: إذا قال: بعد موتي وفي حياتي، فمات ولم يتصدق بها الرجل؟ قال: يكون من الثلث. "مسائل ابن هانئ" (1376) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل أوصى بوصية إلى خمس سنين؟

قال: إذا كان إلى خمس سنين، ينفذه في سبيل اللَّه، ثم غزا صاحب المال فمات، وبقي المال في يد الوصي؟ قال أبو عبد اللَّه: صار هذا المال كله ميراثًا لأهله. "مسائل ابن هانئ" (1377) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أوصت أمه لامرأة حجة بحجة، فماتت الأم ومات الموصى له بعدها، ولم تصل الحجة إلى التي أوصي لها به إليها. فقال: هذا ميراث كالمورثة التي أوصت المرأة الأولى صاحبة الشيء لورثتها ميراثًا لهم، لأنه لم يصل إلى التي أوصي لها. "مسائل عبد اللَّه" (1410) قال الخلال: أخبرني حرب قال: قلت لأحمد بن حنبل: أوصي لرجل بوصية فوجدوه قد مات، قبل أن يوصى له؟ قال: ليس بشيء، أي ليس له شيء. أخبرني عبد اللَّه بن محمد بن عبد الحميد حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، أنه سئل: عن رجل يبعث بهدية إلى رجل، فيموت قبل أن تصل إليه؟ قال أبو عبد اللَّه: أيهما مات رجعت إلى ورثة الذي بعث بالهدية؛ لأنه لم يزل ملكه عنها إن مات الذي بعث إليه قبل أن يقبضها رجعت إلى الذي أهداها إن كان حيًّا، وإلا إلى ورثته، في الهدية والوصية سواء، إذا أوصى له ثم مات قبل أن يقبضها. "الوقوف" للخلال (242 - 243)

قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي أن يعقوب بن بختان حدثهم: أن أبا عبد اللَّه سئل عن رجل أهدى إلى رجل هدية، فمات الذي أهدي إليه؟ فقال: إن كانت الهدية مع رسول المُهدي فهي للذي أهدى، وإن كانت مع رسول المهدى إليه فهي للذي أُهدي إليه. أخبرني عصمة حدثنا حنبل. (ح) وأخبرني عبيد اللَّه حدثني حنبل سمع أبا عبد اللَّه يقول: إذا بعث بالصدقة مع رسوله فأصاب صاحبها الذي بُعث بها إليه قد مات، رجع إلى صاحبها، وإن كانت مع رسول الميت كانت لورثة الميت. أخبرني محمد بن علي، حدثنا صالح أنه قال لأبيه: رجل أهدى إلى رجل هدية فمات المهدى إليه قبل أن تصل إليه؟ قال: هي للباعث، تعود إليه ما لم يقبضها، وكذلك لو أن رجلاً دفع إلى رجل صدقة يتصدق بها فمات الدافع قبل أن يتصدق هذا بها تعود إلى ورثة الدافع؛ لأن هذا مات، وهي ملك له فترجع إلى ورثته. أخبرنا محمد بن علي حدثنا صالح أنه قال لأبيه: سئل سفيان عن رجل دفع إلى رجل مالًا يتصدق به، فمات المعطى؟ قال: هو ميراث. "الوقوف" للخلال (245 - 248) قال الخلال: أخبرني أحمد بن أصرم المزني أن أبا عبد اللَّه سئل عن رجل دفع إلى رجل ألف درهم فقال: تصدق بها فمات -يعني: صاحب المال؟ قال: يرد المال إلى الورثة. ثم قال أبو عبد اللَّه: أليس له أن يرجع فيها ما لم يمضها؟ ! هي للورثة. وقال: إذا أوصى الرجل فقال: تصدق بها بعد موتي، فهو من الثلث.

أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم أن أبا عبد اللَّه سئل عن الصدقة: إذا أعطى رجل لرجل دراهم يتصدق بها، فلم ينفذ تلك الصدقة حتى مات صاحب الصدقة؟ قال: يرد ما بقي منها على ورثته. وقال في موضع آخر: قلت: فإن أخرج مالًا فدفعه إلى رجل يتصدق به فلم يتصدق به حتى مات الدافع؟ قال: يرجع إلى ورثته؛ لأن هذا لم يتصدق به، فهو مالك له، فما أنفذ منه فقد مضى، وما بقي منه رجع إلى ورثته. أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر: أن أبا الحارث حدثهم أنه قال لأبي عبد اللَّه: فلو أن رجلًا وهب لرجل هبة، وبعث بها إليه فلم تصل إليه حتى مات؟ قال: لا ترجع إلى صاحبها. قلت: فإن مات الواهب؟ قال: يرجع إلى ورثة الواهب. وقال في موضع آخر: قلت: فرجل وهب لرجل هبة، أو أهدى إليه هدية فمات المهدى إليه قبل أن تصل إليه الهدية أو الهبة؟ قال: ترجع إلى المهدي أو الواهب ما لم يقبضها المهدى إليه. أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه عن رجل أهدى إلى رجل هدية، فجاءت الهدية وقد مات الرجل؟ قال: أخرجها الرسول من يده؟ قلت: لا. قال: ترجع إلى الأول.

فذكرت له حديث عبيدة (¬1) فلم يعجبه. وذهب إلى حديث أم سلمة في قصة النجاشي (¬2). وقال: هو مثل رجل يدفع إلى رجل زكاة ماله أن يتصدق بها، فضاعت من يده، فهو على صاحب الزكاة؛ لأن ذاك بعد هو بيده لم تخرج منه. ¬

_ (¬1) روى عبد الرزاق 9/ 85 (16442) عن الشعبي أن رجلاً أهدى لرجل فمات قبل أن يصل إليه، فأرسل إلى عبيدة السلماني فقال: إن كان أهداها إلى الرجل قبل أن يموت فالهدية لورثة الميت، وإن كان أهداها إليه وقد مات فالهدية ترجع إلى الحي فإن الحي لا يهدي إلى الميت. وعلقه البخاري قبل (2598) بصيغة الجزم. (¬2) روى الإمام أحمد 6/ 404، وسعيد بن منصور في "سننه" 1/ 136 (485)، وابن سعد في "طبقاته" 8/ 95، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 6/ 226 (3409)، وابن حبان في "صحيحه" 11/ 515 (5114)، والطبراني 25/ 81 (205)، والبيهقي 6/ 26، والحاكم 2/ 188 جميعا من طريق مسلم بن خالد الزنجي، عن موسى بن عقبة، عن أمه، عن أم كلثوم بنت أبي سلمة قالت: لما تزوج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أم سلمة قال لها: "إني قد أهديت إلى النجاشي أواقًا من مسك وحلة، وإني لا أراه إلَّا قد مات، ولا أرى هديتي إلَّا مردودةً عليَّ فإن ردت عليَّ فهي لك" وكان كما قال رسول اللَّه، وردت عليه هديته، فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية مسك، وأعطى أم سلمة بقية المسك والحلة. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الهيثمي في "المجمع" 4/ 147 - 148: رواه أحمد والطبراني وفيه مسلم بن خالد الزنجي، وثقه ابن معين وغيره، وضعفه جماعة وأم موسى بن عقبة أعرفها، وبقية رجاله رجال الصحيح. وقال الحافظ في "الإصابة" 4/ 490: أخرجه ابن حبان وهو المحفوظ. اهـ. بتصرف وذلك لأنه في بعض طرق الحديث لم تنسب أم كلثوم. وقال الحافظ أيضًا في "الفتح" 5/ 222: أخرجه أحمد والطبراني. . وإسناده حسن. والحديث ضعفه الألباني في "الإرواء" (1620).

أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه عن رجل أهدى إلى رجل هدية فلم تصل الهدية إليه -قال أبو الفضل: إلى المهدى له- حتى مات؟ قال: تعود إلى صاحبها، ما لم تصل إليه ويقبضها. قلت: فإن مات صاحب الهدية قبل أن تصل إلى المهدى إليه؟ قال: ترجع إلى ورثة المهدي. ثم قال: بعث النجاشي إلى رجل هدية، فمات الرجل قبل أن تصل إليه الهدية فسئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ترد إلى النجاشي" (¬1). أخبرني أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا بن يحيى: أن أبا طالب حدثهم -وزكريا بن يحيى أتم- أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الرجل يهدي إلى رجل بمدينة أخرى، فيبعث بها إليه فيموت المهدي قبل أن تبلغ الهدية؟ قال. هي لورثة المهدي؛ لأنه لم يقبضها بعد المهدى إليه. قلت: وإن وصلت إلى المهدى إليه، وهو لا يعلم بموت المهدي، هي لورثة المهدي؟ قال: نعم، وإن وصلت إليه، لأنها وصلت إليه بعد موته، ولم يكن قبضها وهو حي، فلما مات قبل أن تصل إليه صارت للورثة، وأن ما يصل إليه بعد موته شيء للورثة. قلت: فمات المهدى إليه قبل أن تصل إليه؟ قال: ترجع إلى المهدي. ¬

_ (¬1) لم أقف عليه، ولعله يشير إلى حديث أم سلمة السابق.

1874 - 5 - الرجوع عن الوصية، وذكر ما جاء في أسباب ذلك

قلت: ولا تكون للورثة؟ قال: لا؛ لأنه لم يقبضها، فما لم يقبضها فهو ملك المهدي. قلت: مثل حديث أم سلمة؟ قال: نعم. "الوقوف" للخلال (250 - 255) 1874 - 5 - الرجوع عن الوصية، وذكر ما جاء في أسباب ذلك قال إسحاق بن منصور: قال: قُلْتُ: إذا أوصى بوصيةٍ، له أنْ يرجعَ فيها؟ قال أحمدُ -رضي اللَّه عنه-: يُغيُر وصيتَه، وإنْ كان فِيها عَتاقَةٌ أو تَدبير إذا كانَ قال: إذا مِت ففلانٌ حُرٌّ. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (3021) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال مالك: يغير الرجل وصيته إلَّا في التدبير. قال أحمد -رضي اللَّه عنه-: ويغير التدبير. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3036) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يُوصي بوصية، ثُم يُوصي بأخرى، فلا يُغيرُ الأولى؟ قال: الأولى على حَالِهَا إلَّا ما غُيِّرَ منها. قُلْتُ: إنْ غيرَ منها شيئًا تبطل؟

قال: لا، إنما يبطلُ ما غير منها، والباقي على حَالها. قال إسحاق: كمَا قال، إلَّا أن يُعلم منه إرادة رجوعٍ عن الأولى، فحينئذ تكونُ وصيته الأخيرة. "مسائل الكوسج" (3058) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل سفيان عن رجلٍ ماتَ وتركَ ألفي درهم، وتركَ دارًا قيمتها ألف درهم، وأوصى لرجلٍ بالدارِ، وأوصى لرجلٍ بنصفها. قال: الدارُ بينهما على ثلاثة: للموصَى له بالدار كلها: الثلثان، وللموصى له بالنصف: الثلث. قال أحمد: جيدٌ، هذا قولُ ابن أبي ليلى (¬1). قال إسحاق: كمَا قال. قُلْتُ: قال سفيان: هذا قولنا، وأناسٌ يقولونَ: للموصى له بالدار ثلاثة أرباع؛ لأنه قد أخلص له النصف ولم يشركْ معه الآخر، وجعلَ النصفَ الآخر بينهما، فصار للموصى له بالدارِ كلها ثلاثة أرباع، وللآخر الربع. قال أحمد: هذا قولُ أبي حنيفةَ والقول هو الأوَّلُ قول ابن أبي ليلى. قال إسحاق: القولُ الأولُ. "مسائل الكوسج" (3075) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجلٍ قال: ثلثُ مالي لفلان. ثم برأ فليس بشيء، لا يكون له إلَّا أن يقبض في الحياةِ، ولا يكون في الموتِ إلَّا بوصية. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 73 (16391).

قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (3080) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن رجلٍ أوصى، فقال: ثلثي لفلان، ثم قال: ثلثي لفلان، ثم قال: ثلثي لفلان. قال: هو بينهم. قال أحمد: هو بينهم ثلاثة أثلاث. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (3098) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قيلَ لسفيانَ: الرجلُ يُوصي بالعبدِ لرجلٍ، ثُم يُوصي به لآخر. قال: هُوَ بينهما نصفينِ. قال أحمد: إذَا لم يُغيرْ وصيته، فنعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3119) قال صالح: الرجل يوصي بثلث ماله والآخر بماله؟ قال: من أربعة، لهذا ثلاثة، ولهذا واحد. "مسائل صالح" (1284) قال أبو داود: سمعت أحمد قال في رجل أوصى بوصية، ثم قال عند موته للذي أوصى إليه: أصابتني جراحة فنذرت إن نجوتُ منها أن أتصدق بخمسمائة درهم فُتصدَّقْ بها عني، ألا يكون هذا نقضًا لوصيته؟ قال: لا؛ قد يكون أمضى وصيته وأمر بوفاء النذر أيضًا، هذا معنى قول أحمد والمسألة. "مسائل أبي داود" (1377)

قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يوصي بأكثر من الثلث، فرضي الورثة، ثم رجعوا بعد موته؟ قال: إن رجعوا فلهم أن يرجعوا؛ لأنه ليس له إلَّا الثلث. "مسائل ابن هانئ" (1346) قال ابن هانئ: وسئل أبو عبد اللَّه عن رجل له أخ فمرض الرجل، فدخلوا عليه، فقالوا: أخوك أوصِ له بشيء، فقال: أرضي التي بموضع كذا وكذا -أرضا قد سماها- ريعها له، فلما خرج الجيران، قال لابنه: نحوا عني هؤلاء. إذا دفعت إليه. من يكون أفقر من ولدي؟ هل رجع هذا في هبته أو ما أوصى له؟ قال: لم يرجع، أرى أن يدفع إليه ما أوصى له. إذا كان ممن لا يرث. "مسائل ابن هانئ" (1359) ونقل الأثرم عنه فيمن أوصى لفلان بوصية ثم أوصى بها لآخر ولم يقل ذلك: يؤخذ بآخر الوصية. "الفروع" 4/ 662، "الإنصاف" 17/ 260 قال مهنا: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل أوصى بعبد لرجل، ثم أوصى به لآخر؟ قال: هذِه مشكلة. فقلت له: فإن ناسًا يقولون: يكون العبد بينهم نصفين. قال: لا. فقلت له: فإن أوصى بدار لرجل وأوصى بغلتها لآخر؟ قال: هذِه مثل تلك. فقلت لأبي عبد اللَّه رحمه اللَّه: إنه أوصى بخاتمه لرجل وأوصى بالفص لآخر.

1875 - 6 - قتل الموصى له الموصي

فقال: وهذِه أيضًا مثل تلك، ولم يخبرني فيهم بشيء. قال أحمد في رواية الحسن بن ثواب في رجل قال: ثلثي هذا لفلان، ويعطى فلان منه مائة درهم في كل شهر إلى أن يموت. قال: هو للآخر منهما. قيل: كيف؟ قال: لأن الوصية رجعت إلى الذي قال: ويعطى هذا منه كل شهر، وإذا مات هذا، ففضل شيء، يرد إلى صاحب الثلث. "تقرير القواعد" 2/ 544 - 545 1875 - 6 - قتل الموصى له الموصي قال إسحاق بن منصور: قلت مدبر قتل سيده؟ قال: تزول عنه الوصية، ويعود عبدًا. قال إسحاق: كما قال؛ لما كانت عائشة سحرتها جاريتها. "مسائل الكوسج" (3257) 1876 - 7 - إذا أوصى بشيء بعينه فذهب قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان في رجلٍ تَرَكَ مائتي دينار وعبدًا قيمته مائة دينار، وأوصى لرجلٍ بالعبِد، فسُرِقَت الدنانيرُ بَعْدَ مَوْتِ الرجلِ، فصار العبدُ ثلثيه للورثة، وثلثه للموصى له. قال اْحمد: وَجَبَ العبدُ للموصَى له، وذهبتْ دنانيرُ الورثةِ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3071)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: من أوصي له بشيء بعينه فذهب؛ فليس له شيء، فإن ذهب الذي للورثة، وبقي الذي للموصى له فهو بينهم. قال أحمد: ليس هذا بشيء. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3072) قال الخلال: أخبرني الحسن بن صالح: حدثنا أبو بكر بن صدقة: أن أبا عبد اللَّه سئل عن الرجل يوصي بالكرم أو البستان لرجلٍ، ثم يموت، وفي الكرم حمل؟ قال: إذا كان أوصى له به وفيه حمل، فهو للموصى له. وقال: وأخبرني محمد بن أبي موسى: أن أبا عبد اللَّه سئل عن الرجل يوصي بالبستان أو الكرم لرجلٍ، ثم يموت وفي الكرم والبستان الحمل، لمن الحمل؟ قال: إن كان يوم أوصى به له فيه حمل، فهو له. "الوقوف" (151 - 152)، "الفروع" 4/ 666، "تقرير القواعد" 2/ 215

باب الإيصاء

باب الإيصاء 1877 - صفة عقد الإيصاء من حيث اللزوم وعدمه نقل الأثرم وحنبل: للوصي عزل نفسه. "الفروع" 4/ 712 نقل حنبل عنه في الوصي يدفع الوصية إلى الحاكم فيبرأ منها. قال: إن كان حاكمًا فنعم. وحكى رواية أخرى: أنه لا يملك الرد بعد الموت بحال ولا قبله إن لم يعلمه بذلك، وروى ابن أبي موسى عنه أنه ليس له الرد بحال إذا قبل. "تقرير القواعد" 1/ 499

فصل ما جاء في شروط الوصي

فصل ما جاء في شروط الوصي 1878 - هل يشترط الذكورة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: يُوصي الرجل إلى المرأة؟ قال: نعم، أوصى عمرُ إلى حفصة -رضي اللَّه عنهما- (¬1). قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (3022) 1879 - هل يشترط العدالة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا كانَ الوَصيُّ متهمًا، تنزعُ منه الوصيةُ؟ قال: لا تنزعُ من يديه، يجعلُ معه آخر. قال إسحاق: لا، بل تخرجُ أصلًا، ويفوض الحاكمُ ذلك إلى غيره، ولكن لو كان ضنونًا ضُمَّ معه غيرُه. "مسائل الكوسج" (3048) قال عبد اللَّه: سألت أبي: قُلْتُ: رجل أوصى أن يُعطى قوم من أهل السنة بالكوفة، ترى له أن يعطي رجلًا ثقة يعطيهم؟ قال: نعم لا بأس بذلك. "مسائل عبد اللَّه" (1394) ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (2879) عن يحيى بن سعيد عن صدقة عمر بن الخطاب نص وصية عمر كتبها ليحيى عبدُ الحميد بن عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب. والبيهقي 6/ 161 عن نافع عن ابن عمر. وصحح الروايتين الألباني في "الإرواء" 6/ 30.

1880 - هل يشترط رضا الموصى له؟

قال في رواية المروذي: إذا وصى إلى رجلين وأحدهما ليس بموضع للوصية لا يُعطى -يعني: من الوصية- قيل له: أليس قد رضي به؟ قال: وإن رضي به. "الروايتين والوجهين" 2/ 24، "المغني" 8/ 555 ونقل يوسف بن موسى: إن كان متهمًا ضم إليه رجل يرضاه أهل الوقف بعلم ما جرى، ولا تنزع الوصية منه. "الفروع" 4/ 708 1880 - هل يشترط رضا الموصى له؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: قال الثوري: الكتاب يكون فيه: ومن قام لهذا الحق فهو وليُّ بما فيه. فقام به رجل؟ قال: لابد من أن تثبت ولايته من قبل الذي له الحق. قال إسحاق: نعم. "مسائل الكوسج" (1977) 1881 - تعدد الأوصياء قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا أوصى اليومَ إلى رجلٍ، وغدًا إلى رجلٍ، ثم أوصى إلى رجلٍ هم أوصياء كُلُّهم. قال أحمد: هم أوصياء حتَّى يقولَ: قَدْ أخرجْتُ فلانًا. قال إسحاق: هو كما قال، إلَّا أنْ يكونَ هناك دلالة بإخراجِ الأولِ والثاني. "مسائل الكوسج" (3094)

1882 - الأجرة على الوصاية

قُلْتُ لإسحاق: إذا ماتَ الرجلُ وأوصى إلى رجلٍ وله أولاد، ثم ماتت الأمُّ وأوصَتْ إلى غيرِ وَصي الزوجِ، يكون وصي الأب بمنزلةِ الأب؟ قال: أمَّا الوصي الذي أوصى إليه الأب فهو يقومُ مقامَ الأب في النفقةِ على اليتامى والبيع لهم والشراء وما أشْبَه ذلك من حوائج اليتامى، والأمُّ إذا أوصَتْ إلى غيرِ وصي الأب فإنَّه يصيرُ وصيها خاصة. "مسائل الكوسج" (3090) 1882 - الأجرة على الوصاية قال ابن هانئ: سئل عن الرجل يمرض فيكلم الرجل فيدخل له في وصيته ممن يثق به، فيقول له: علي عيال ولا يمكنني الشغل عنهم، فيجعل له الدنانير المسماة، أترى له عن أخذها؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا كان يقدر أجرته فلا بأس أن يأخذ، ويدخل في الوصية. وإذا أوصى بشيء جازت وصيته. "مسائل ابن هانئ" (1343)

فصل ما يلزم الوصي، وحكم تصرفاته

فصل ما يلزم الوصي، وحكم تصرفاته 1883 - ما يلزم الوصي، ونظره في الوصية والورثة قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عن وصي حجَّ عن الميِّتِ؟ قال: لا يحجُّ عنه؛ لأنه لا يَنبَغي له أن يُنفذ ذاك، إلَّا أن يكون الوَرَثةُ كِبَارًا فيُجيزُوا ذَلِكَ، فإن كانوا صغارًا فلا يحج الوصي. قال إسحاق: لا، بل يستحبُّ للوَصِي أو لمن كَانَ يلي الميتَ من القرَابةِ أن يتَولى أن يحجَّ عن الميِّتِ؛ فإنَّه أفضلُ من الغرباءِ بعدَ أن يكُونَ الذي دفع في الحجِّ موائمًا، ليسَ فيه فضلٌ كبيرٌ عنِ الحجِّ، فإذا كَانَ كذاكَ فحج فما فضل جعله في الحج. "مسائل الكوسج" (1716) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا ما وصفت أنها قالت لك: لا تدفع الدراهمَ التي عندك إلى ابني يشربُ بها الخمرَ، ادفعها لآخرتي، وما هو أنفع لي. فإن كان لها وصية لكفارات أيمانها أو نحو ذلك فماتت، واستَيْقَنْتَ أنتَ بعلم نفسك بوصيتها، وأنها كانت عليه، ولم ينفذ ذلك بعد موتها وَصِيٌّ ولا وارثٌ، جاز لك أن تدفع ذلك في وصاياها، إذا علمت أن ذلك يخرج من ثلثها مع سائر وصاياها، فلك حينئذ أن تدفع ذلك في وصاياها كفارة أيمان كانت أو غيرها، وإن كانت وصاياها إنما ثبتت عندك بشهود يُعلِمونَك ذلك، ولا تَعْلمه بعلم نفسك، لم يجز لك دفعها، إلَّا كما يجوز أداء ديون عليها من معاملتها، بعد أنْ يكونَ

المُدَّعون ثقاتٍ يحلفون على دعواهم أنَّها ماتت، ودعواهم عليها، لم يصل إليهم من ذلك قليلٌ ولا كثيرٌ، أو يقيمون على دعواهم رَجلين ثقتين يشهدان له بذاك، أو واحد ثقة يشهد له بذاك، ويحلف بعدما يشهد شاهدُه، فحينئذ يجوز لك الدفع إلى المدعي وهو أحبُّ إليَّ مِن أن تُعطى في وصيتها؛ لأنَّ الدَّين أولى، وهو أنفعُ لآخرتها، فإنْ لم يصح شيء من ذلك بعلامة يسكن قلبك عليه، فسبيل ذلك سبيل الميراث يسلم إذا قسمته على الورثة، وهذا إذا لم يتبين شيء من الدينِ والوصية. "مسائل الكوسج" (3097) قال صالح: وسألته عن رجل أوصى رجلا، وله في يده كتاب، وفيه قوم لا يستأهلون أن يحدث عنهم، فقالوا له: اضرب عليه، فلم يفعل حتى مات، فترى أن يضرب على هؤلاء أو يستأمر ورثته؟ قال: يضرب عليهم. "مسائل صالح" (518) قال أبو داود: وسمعتُهُ سُئِلَ: يحجُّ عنهُ الوصي؟ قال: لا يحجُّ الوصي عن الميت، وقال: مرة أخرى قال: إن لم يأمره كأنه منفذ -أي: لا يفعلُ- قُلْتُ: فإن أوصى بدوابَّ في السَّبيل للوصي أن يغزو عليها؟ فرآهُ مثل الحج سواء. "مسائل أبي داود" (898) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل أوصى إلى رجل وفي عنق هذا الموصي وصايا؛ أيلزم الرجل؟ قال: لا يلزمُه إلَّا ما أوصى به إليه. قيل لأحمد: وإن لم يكن أثبت وصيتَه عند القاضي؟

قال: إذا كانت له بينة. "مسائل أبي داود" (1378) قال أبو داود: سمعت رجلا سأل أحمد عن رجل كان معه فمات وترك عليه مالًا، فجاء رجل فادعى أنه قرابتهُ؟ فقال أحمد: لا يعطيه إلَّا أن يقيم البينةَ، فقال: ليست له بينة، كيف أصنع؟ قال: إن كان قاضيكم لا بأس به فأعطهِ، قال: ليس لنا قاضٍ؟ قال: إن لم تخف تبعةً من وارثٍ فتصدق به. "مسائل أبي داود" (1381) قال أبو داود: سمعتُ أحمد وسئل عن رجلٍ أوصى إلى رجلٍ وأقرَّ له أن لفلانٍ ولفلان، أللورثة أن يعنتوهُ؟ قال: بدٌّ من بينة، قال: قد أقرَّ بهِ للوصيِّ؟ فالقاضي أمينٌ ينبغي له أن ينفذهُ. قيل لأحمد: فيحلُّ له إن لم ينفذهُ؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (1383) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل يكون في حجره يتيم، ويكون له شيء من ماله، فيأخذها فيطرحها، فإذا طرحها في ماله لم يشك، إلَّا أن المنفعة لليتيم أكثر؟ قال: لا بأس، قال اللَّه: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220]. "مسائل ابن هانئ" (1366)

قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل له قرابة أيتام، ورثوا مالًا فأخذ مالهم، فجاء به إليه فأكله، ثم إن صبية ورثت من أخيها السدس، فأخذه قرابتها أيضًا، فترى أن يجمع الجيران فيقول: إنها قد ورثت من أخيها شيئا، أو يمسكه حتى تدرك الجارية؟ قال: لا، ولكن يجمع الجيران فيعلمهم أنها قد ورثت حتى إذا أراد أن يأكل يستحيي منهم إذا كانوا ضياعًا، ليس لهم أحد غيره، وإذا دفع إلى رجلٍ يعمل لهم به فيكون أحوط لهم. "مسائل ابن هانئ" (1375) قال ابن هانئ: قُلْتُ لأبي عبد اللَّه: في يد رجل وصي رهون وأشياء. لا يعرف كم عليها من القيمة؟ قال: يصير إلى الحاكم حتى يقرها في يديه -يعني: الرهون التي لا يعرفها الوصي، ولا ما عليها- ليس له إلَّا ما أقر، ويحلف أصحاب الرهون، ما عليه أكثر من هذا. "مسائل ابن هانئ" (1382) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل خلّف في يدي رجل ستة وعشرين دينارًا ونصف، وأمره أن يعطي منها لحجه عشرين دينارًا، والباقي يتصدق به عنه، وذكر أن له ولدًا بخراسان، وذكر أنه قد خلف لهم أشياء أكثر من هذا، وله أخ. فقال أبي: ينظر فإن كان له ولد ذكر لم يرث الأخ شيئًا، وإن كانت له ابنة ورث الأخ والابنة، ثم ينظر فإن كان تخرج الحجة من الثلث أخرجت. "مسائل عبد اللَّه" (883)

1884 - حكم عقود الوصي وتصرفاته

وسأل رجل فقال: إن لي قرابةً وأنا وصيُّه وهو مفسد ويبدد ماله أفأعطيه؟ قال: لا. قال: فإنه قد قدَّمني غير مرة إلى الوالي وقد أبلغ إليَّ؟ ! قال: إن لم تقدر له على حيلة فأعطه. "مسائل البغوي" (14) 1884 - حكم عقود الوصي وتصرفاته قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: الوصي لا يشتري من مال الذي يلي شيئا. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (3035) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل سفيان عن الوصي يبيع العقار؟ قال: إذا أرادَ أن يبيعَ باعَ. قال أحمد: الوصي بمنزلةِ الأب يبيعُ إذا رأى صلاحًا. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (3045) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل يكاتبُ الوصيُّ؟ قال: الوصي أبٌ، كل ما صنع إذا كان على الإصلاحِ فَهو جائزٌ. قال إسحاق: كمَا قال في مثل هذا أو شبهه، ويختلف في أشياء حكم الأب. "مسائل الكوسج" (3047)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: كان ابن أبي ليلى إذا كاتب الوصي ردّ. قال: الوصي جائز الأمر، يجوزُ له مَا كان من طريقِ الصلاح، ولكن لا يجوزُ له العتقُ. قال إسحاق: كل ما كاتبه وفيه صلاحٌ لَهُ جَازَ، والعتقُ لا يجوزُ. "مسائل الكوسج" (3063) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عَنِ الوصِيِّ إذا أخذَ المالَ لنفسِهِ. قال: هو ضامنٌ؛ لأنه لا يشتري من نفسِهِ. قال أحمد: هو ضامن، وإن تَجَر فيه كان الربحُ لليتيمِ، وإن استلف منه فأكله لم يكنْ عليه إلَّا مَا أخذ. قال إسحاق: كما قال أحمد، وأَخْطأَ هؤلاء حيث قالوا: للوصي أنْ يأخذَ مالَ اليتيمِ من نفسِهِ مضاربة. "مسائل الكوسج" (3067) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: لا يقبض للصبي إلَّا أب أو وصي أو قاضٍ. قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: قبض هؤلاء له قبض، وكذلك قبض أمهم لهم فيما يوهب لهم أو تهب هي نفسها. "مسائل الكوسج" (3087) قال صالح: وسألت أبي عن الوصي: يشتري من الميراث؟ قال: لا يشتري. كيف يشتري وهو يبيع؟ ! يشتري لإحدى يديه من الأخرى؟ ! "مسائل صالح" (137)

قال صالح: قُلْتُ: رجل أوصى إلى رجل: أن أعتق عني رقبة بخمسمائة درهم، فاشترى الوصي رقبة بستمائة درهم، وزاد الوصي من ماله مائة درهم ونوى أن هذِه الرقبة بأجمعها عن الميت؟ قال: لا بأس بذلك. "مسائل صالح" (329) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن بيع الوصي الدور على الصغار؟ قال: إذا كان نظرًا لهم فهو جائز. قيل لأحمد: فعلى الأكابر؟ قال أحمد: إذا كان ممن يؤنس منه رشدًا -يعني: عندي- فلا. قيل: فعلى الموصى له يقسمُ لهُ من غير أن يحضر؟ قال: نعم، فهو بمنزلة الأب في كلِّ شيء إلَّا في النكاح. "مسائل أبي داود" (1379) قال أبو داود: سمعت أحمد سئلَ عن الوصي يأخذ مال اليتيم من نفسه مضاربةً؟ قال: لا، فإن ربح فالربح لليتيم. "مسائل أبي داود" (1380) قال ابن هانئ: سمعته يقول: لا يُقوّمُ الوصي على نفسه شيئا من المتاع الذي وصى إليه الميت. "مسائل ابن هانئ" (1347) قال ابن هانئ: سألته عن رجل أوصى إلى رجل بمتاع ليبيعه فيأتي به السوق فيقوِّمه على نفسه؟ قال أبو عبد اللَّه: لا يقوِّم الوصي على نفسه شيئًا من المتاع. "مسائل ابن هانئ" (1363)

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا يعجبني لوصي أن يشتري مما أوصي إليه، لحديث عبد اللَّه بن مسعود، كرهه (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1391) ونقل مهنا والبرزاطي في الوصي: لا يشتري من مال اليتيم ولا يبيعه شيئًا. ونقل حنبل عنه: لا يشتري الوصي من نفسه حتى يوكل رجلًا يشتري منه لا يأخذ بإحدى يديه من الأخرى، لكن يوكل رجلًا، فإذا قام على ثمن في السوق اشتراه. "الروايتين والوجهين" 1/ 398 قال مثنى بن جامع: وسئل عن الرجل يكون وصيًّا للرجل، فيكون له في يديه الطعام أو الشيء يريد بيعه أو نحوًا مما قيل له فلم ير ذلك. "طبقات الحنابلة" 2/ 412 وقال في رواية الميموني فيمن أوصي إليه في شيء لا يتجاوزه، فإن أوصى إليه في تركته وأن يقوم مقامه فهذا وصي في جميع أمره، يبيع ويشتري إذا كان نظرًا لهم. "الفروع" 4/ 713 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 94 (16479)، وسعيد في "سننه" 2/ 105 (329)، والبيهقي 6/ 385.

1885 - إيصاء الوصي إلى غيره

1885 - إيصاء الوصي إلى غيره قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن وصي الوصي. قال: هذا جائزٌ. قال: هذا غير الوكيل، لا بأس بوصي الوصي، لا بد له من ذلك. قال إسحاق: لا يكونُ وصي الميت إلَّا وصيًّا بنفسه، فإذا أوصى بمالِ الموصى إليه إلى غيره، لم يجز ذلك إلَّا أن يكون فوض ذلك إليه. "مسائل الكوسج" (3043) نقل جعفر بن محمد في الوصي هل له أن يوصي إلى غيره؟ قال: ليس له أن يوصي، فإن وصى عنه لم تصح الوصية. "الروايتين والوجهين" 1/ 397 1886 - ضمان الوصي قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يعملُ الوصيُّ بمالِ اليتيمِ ما يرى أنَّه أصلح له فإن تَوَي المال؟ قال: ليس عليه شيءٌ. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (3049) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل مات وله عند رجل مال، وخلف ورثة صغارًا، ينفق عليهم؟ قال أحمد: نعم. قلت: لا يضمن؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (1373)

قال أبو داود: قُلْتُ لأحمد: قال: سفيان لا يسلمُ الوصيُّ اليتيم إلى الكُتَّابِ حتَّى يستأمرَ القاضي؛ فإن فعلَ فهو ضامن لما يعطي -أعني: ما يعطي المعلم- وأنكر أحمد هذا ولم يرهُ يضْمَنُ شيئا. "مسائل أبي داود" (1384) قال ابن هانئ: وسئل عن امرأة أوصت إلى رجل بوصية فأنفذ بعضها، وكان فيها أن يعطي ابن أخيها، أو ابن بنتها شيئًا الفاضل، وابنها صبي صغير فترى له أن يدفع إليه شيء؟ قال: أرى أن يدفع إليه ما أوصت الميتة، فإن كانوا صغارًا فأحب أن يعمل لهم يدًا حتى يدركوا، وإن أحب الوصي يدفعه إلى رجل فيعمل دفعه، إذا كان صلاحًا لهم في مالهم. قيل له: فإن ضاع من المال شيء هل يلزم الوصي من ذلك شيء؟ قال: لا يلزم الوصي شيء، إنما أراد الخير والحيطة لماله، وليس على وصي ضمان فيما أراد به الخير والحيطة. "مسائل ابن هانئ" (1344) قال ابن هانئ: وسئل عن قول عطاء: الوصية لا تضمن (¬1)؟ قال: هذا في الرجل يوصي بدم وليس عليه، ويوصي بالشيء وليس عليه، فيقول: إن شئت فعلت، وإن شئت لم أفعل. لأنه ليس عليه شيء مؤكد، ولا واجب، فإذا أوصى عملت بما أوصى. "مسائل ابن هانئ" (2045) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 231 (30940).

قال الخلال: أخبرني إبراهيم بن رحمون السنجاري، حدثنا نصر ابن عبد الملك السنجاري، حدثنا يعقوب بن بختان قال: سئل أبو عبد اللَّه عن رجل جعل مالا في وجوه البر ففرط فيها الوصي وحبسها، فيها زكاة؟ قال: لا. هذا كله كما جعل. قلت: فإن اتجر به الوصي؟ فقال: إن ربح جعل ربحه مع المال فيما أوصى، وإن خسر كان ضامنًا. "الوقوف" (195) نقل حنبل عنه: لا ضمان عليه. ونقل يعقوب بن بختان عنه: يضمن. "الروايتين والوجهين" 2/ 27

كتاب الفرائض

كتاب الفرائض باب الحقوق المتعلقة بالتركة 1887 - تجهيز الميت قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: يبدأ بالكفن، ثم بالدين، ثم يقسم ما بقى. "مسائل الكوسج" (3416) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: حديث مصعب بن عمير: فما وجدنا له إلا نمرة (¬1). حجة لمن قال: الكفن من جميع المال. "مسائل أبي داود" (1390) 1888 - الديون المرسلة قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عن رجلٍ عَزَلَ ألفَ درهمٍ للحجِّ، فماتَ قبلَ إوانِ الحجِّ؟ قال: مِيرَاثٌ. قال إسحاق: الدراهمُ ميراثٌ الميت، ولكن إن كان الميتُ عليه الحجُّ فرضا فلا بدَّ من أن يحجَّ الورثةُ عنهُ. "مسائل الكوسج" (1718) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 109، والبخاري (1276)، ومسلم (940) من حديث خباب ابن الأرت رحمه اللَّه.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجلٍ مَاتَ وتركَ أربعَ بنين، وتركَ دارا، وعليه دينٌ، فجاءَ الغرماءُ يبيعون الدَّار، فقالَ أحدُ بنيه: أنا أعطي ربع ما على أبي، ودعوا لي ربعَ الدَّارِ. قال: تباعُ كلها، وليسَ له ذاك. قال أحمد: هذِه الدَّارُ للغرماءِ، وولدُه لا يرثون شيئا حتَّى يؤدوا الدَّينَ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3214) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل مات له عند رجل مال وخلف ورثة صغارًا؛ ينفق عليهم؟ قال أحمد: نعم. قلت: لا يضمن؟ قال: لا. قيل لأحمد: يقضى دينه؟ قال: لا؛ النفقة على الصبيان ضرورة. "مسائل أبي داود" (1373) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل توفي وترك ورثة وغراما؟ قال: لا يدفع المال إليهم حتى يحضر الغُرَّام. "مسائل أبي داود" (1374) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا وجب عليه الحج وخلف خمسة آلاف وعليه دين خمسة آلاف؟ فكأنه رأى أن تدفع إلى الغرَّام. "مسائل أبي داود" (1392)

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: إذا كان الرجل لم يحج، وعلى أبيه دين، أيقضي دينه، أو يحج؟ قال: إذا لم يكن حج فليحج. "مسائل ابن هانئ" (709)، (890) قال ابن هانئ: وسئل عن: رجل مات وعليه دين، وترك عليه مهر امرأته؟ قال: يبدأ بالمهر، فيخرج، هو بمنزلة الدَّين، فيخرج مع الديون فيقضي، ثم يدفع الباقي إلى الورثة. "مسائل ابن هانئ" (1417) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: رجل مات وخلف وديعة عند رجل، ولم يوص إليه بشيء، وخلف عليه دينًا، يجوز لهذا المودع أن يدفع إلى ولد الميت؟ فقال أبي: إن كان أصحاب الدين الذين لا يعلمون أنه مودع، ويخاف بغيهم أن يرجعوا عليه فيحلفوه، جمع أصحاب الدين والورثة، فسلم هذِه الوديعة إلى الورثة، ويخبرهم أنها كانت وديعة عنده. "مسائل عبد اللَّه" (1413) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: رجل توفي وله في يدي رجل ألف درهم، وخلف ابنين وبنتًا صغارًا ولم يوص وعليه دين بعضه بثبت وبعضه بغير ثبت. فأدرك ابن واحد، وأدركت البنية، ولا أعرف من هذا فسادًا، وأريد أتخلص مما في يدي، وسألني هذا أن أعطيهما حصتهما ما في يدي، وعلى الميت دين؟

1889 - إذا أقر الورثة بدين على الميت

فقال أبي: لا يقسم (ميراثك) (¬1) إلَّا بعد قضاء الدين، ثم الوصية، وإذا قضي الدين وأنفذت الوصية قسّم الميراث، فأما الغلام الذي بلغ والجارية التي بلغت، فإن كنت تعلم أنه قد أونس منهما رشدًا فادفع إليهما حصصهما، وأما الصغير يحتاج إلى أن ينفق عليه منه. "مسائل عبد اللَّه" (1416) 1889 - إذا أقر الورثة بدين على الميت قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الوارثُ يعترف بدينٍ على الميتِ؟ قال: يجوزُ عليه في حصته في نصيبه، وإذا شهدَ رجلانِ جازَ عليهم كلهم. قال إسحاق: أجاد، كما قال. "مسائل الكوسج" (2899) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن رجل مات وترك ابنه، وترك ألف درهم فجاء رجلٌ فقال: لي على أبيك ألفُ درهم، قال: نعم، لك عليه ألف درهم، ثم جاء آخر، فقال مثل ذلك حتى أقرَّ لعشرة، ثم جاءوا يخاصمونه؛ لأنه حين أقرَّ للأوَّل صار له المال إذا كانوا متفاوتين، وإن أقر للأول أول النهار، وللآخر آخر النهار، وللآخر من الغد فهو للأول، وإن كان كاملًا متصلا فهو بينهم. قال أحمد: هو على نحو ما قال. قال إسحاق: لا نحكم على المقر إلَّا لهم جميعًا، فإن كان معه وارثٌ ¬

_ (¬1) قال محقق "مسائل عبد اللَّه": كذا الأصل، ولعلها (ميراثه).

آخر فإنما يجوز عليه في حصته قدر ما يصيبه لهم جميعًا. "مسائل الكوسج" (2928) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: سُئِلَ سفيان عن رجل مات وتركَ ألفي درهيم وتركَ ابنيه، فجاء رجلٌ، فقال: لي على أبيكما ألفُ درهم، فأقرَّ أحدُهما، وأبى الآخر، كان حماد يقول: يأخذ ما في يديه كله (¬1)؛ لأنه لا ينبغي له أن يأخذَ من المالِ شيئًا، وعلى أبيه دَيْنٌ، وكان أصحابنا يقولون: يأخذُ بحصته، وهو قولُ سفيانَ. قال أحمد: نقولُ: يأخذُ بحصتِهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2929) قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسحاقُ قال: أخبرنا أحمد قال: حَدَّثنَا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي قال: إذا شهدَ رجلانِ أو رجلٌ وامرأتانِ من الورثةِ بدينٍ على الميتِ، جَازَ عليهم كلهم (¬2). قلتُ لأحمدَ: تَقولُ بهذا أَنْتَ؟ قال: إذا شَهدُوا. قال أحمد: والشهادةُ مخالفةٌ للإقرارِ، وإذا كان إقرار منهم جَازَ عليهم بقدرِ حصتهم إلَّا أنْ يَشهدوا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2975) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: إذا شهدَ رجلانِ من الورثةِ، وكانا ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 237 (30998) بمعناه عن إبراهيم من رواية حماد عنه. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 237 (30997).

عدلين جَازَتْ شهادتهما على الورثةِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3168) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: الرجل يقر بدين على أبيه، ومعه إخوة يرثون أباهم، ولم يكن الباقون أقروا بشيء؟ قال أبو عبد اللَّه: يُعطي الذي أقرّ بالدّين من حصته. قيل له: فإن اثنين منهم أقرّا وأنكر الباقون؟ قال: إذا شهد بدين على أبيهما أعطى كل واحد منهما بحصته من الدّين الذي عن أبيهما. "مسائل ابن هانئ" (1468) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: أخوين مات أبوهما، فادعى أحدهما أن لرجل على أبيهما دينًا ألف درهم؟ قال أبو عبد اللَّه: للشعبي فيهما قولان: القول الأول، فإنه كان يقول: لا يأخذ الذي أقرّ أن على أبيه دينًا شيئًا، ويأخذ الأخ الآخر الميراث كاملًا. وقوله الآخر: يأخذ الأخ الذي أقرّ أن على أبيه دينًا إن كان خلّف ألفين يأخذ خمسمائة والآخر ألفًا، ويأخذ الذي أقرّ له بالدين خمسمائة (¬1). وقال: أرأيت لو أن الآخر رجع فقال: إن له على أبي دينًا، أليس كان يرجع عليه بالخمسمائة؟ ! وذلك أنه أقرّ على نفسه وعلى غيره. "مسائل ابن هانئ" (1476) ¬

_ (¬1) انظر: "مصنف ابن أبي شيبة" 6/ 236 - 237 (30993، 30995، 30996).

1890 - إذا أقر المورث بدين عليه في مرضه

1890 - إذا أقر المورث بدين عليه في مرضه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا أقرَّ الرجلُ لامرأتِه بدينٍ في مرضه، وقد فارقها في مرضِه إن كان ما أقر به من الدَّيْنِ أقل من ميراثها منه أعطيناها، وإن كان أكثر لم نُجزه إلَّا بقدرِ الميراثِ. قال أحمد: صحيحٌ. قال إسحاق: إقرارُه في المرضِ لها وليست بامرأته لما فارقها جائز، إلَّا أن نعلم أنه أراد (تفجئةً) (¬1) وكذلك لكلِّ وارث. "مسائل الكوسج" (1278) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا كان له ابنانِ فأقَرَّ لأحدِهمَا بدينٍ في مرضِه، ثم مَاتَ الابنُ وتركَ أبناءً والأب حيٌّ، ثم ماتَ الأَب بعدُ. قال: يجوزُ. قال أحمد: لا يجوزُ إقرارُه. قال إسحاق: إقرارُه أجوز ما يكون؛ لما صحّ عنِ التابعينَ الإقرار للوارثِ في المرضِ، فكيف لهذا وقد أحرزه أبوه بإقرار ابنه له؟ ! "مسائل الكوسج" (3081) قال إسحاق بن منصور: قال سفيان: إذا قال الرجلُ: فرسي هذا لفلان. صار له بإقراره. قيل لسفيان: لا يسأل البينة من أين هو له؟ قال: لا؟ لأنه أقر على نفسِهِ. قال أحمد: إذا أقر وهو صحيحٌ نعم، فَأَمَّا إذا ما أقَرَّ وهو مريضٌ فلا. قال إسحاق: كما قال سفيان إذا كان المقر له غير وارث في المرض ¬

_ (¬1) كذا بالأصل ولعلها: تلجئة.

وغير المرض. "مسائل الكوسج" (3066) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا أقر الرجل لوارث عند الموت أو غير وارث. قال: أما إقراره لوارث لا يجوز إلا ببينة، ويجوز لغير وارث. قال إسحاق: كلما أقر لوارث بدين، أو غير وارث في المرض جاز ذلك، إلا أن يعلم أنه أراد أن يلجئ إليه للوارث تلجئة. "مسائل الكوسج" (3195) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: إذا أقر لامرأةٍ بدين في مرضه، ثم تزوجها، ثم مات وهي وارثته لم يجز له. قال: هذا أقرَّ بها فليست هي له بامرأةٍ يجوز ذلك، إلا أن يكون تلجئة، فإذا كان تلجئة ردت. قال إسحاق: أجاد، وأخطأ في الأولى. قال أبو يعقوب: ما كان أشد على إسحاق أن يخالفه، ولكان أشد تعظيمًا له. "مسائل الكوسج" (3196) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئِلَ سفيان عن رجلٍ أقرَّ لابنِ ابنه بدينٍ في مرضِهِ، وهو وارثه، وأَقَر لامرأتِه بدينٍ، وطالَ مرضُه حتَّى ولد ابن وطلق امرأته، فهل يجوزُ لهما؟ قال: نعم. قال أحمد: كلَّما أقرَّ المريضُ في المرض للوارثِ لا يجوزُ إقرارُه. قال إسحاق: كما قال سفيان. "مسائل الكوسج" (3213)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يجوزُ اعترافٌ للوارثِ بدينٍ عند الموتِ؟ قالَ: لا يجوزُ. قال إسحاق: هو جائزٌ، إذا لم يردْ بذلك تلجئة. "مسائل الكوسج" (3215) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن رجلٍ أقرَّ بدينٍ لرجلٍ، وعليه دينٌ لقومٍ ببينة، وهو مفلسٌ. قال: جائزٌ، إلَّا أنْ يكونَ القاضي فلسه وأظهر على ماله. قال أحمد: جيدٌ، ويجوزُ إقراره إذا فلسه القاضي، ولكن يبدأ بالدينِ الأوَّلِ الذي بالبينةِ، ثُم بالذي أقَرَّ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3216) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ فإنْ كان في مرضِه وعليه دينٌ ببينةٍ، وأقرَّ لقومٍ آخرين بدينٍ؟ قال: جائزٌ. قال أحمد: جَائزٌ. قال إسحاق: دينُ المرضِ والصحةِ واحدٌ، وإقرارُه لغيرِ الوارثِ في المرضِ جائزٌ لا اختلافَ فيه. "مسائل الكوسج" (3217) قال صالح: سألت أبي عن رجل قال عند وفاته: لفلانة ابنتي علي ألفا درهم وسبعمائة درهم، هل يجوز ذلك؟ قال: إن كان يُعرف ذلك، أو كان لها بينة في حياة منه وصحة، فلها ذاك، وإلا فلا يجوز. "مسائل صالح" (176)

قال أبو داود: سمعتُ أحمد قال: إذا أقرَّ بغيرِ وارثٍ بدين في مرضه فهو جائز. "مسائل أبي داود" (1385) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل أوصى بأن عليه من الدين لفلان كذا، ولفلان كذا، ولفلان حساب، يقبل فيه قوله؟ قال: إن كان هؤلاء القوم الذين قال: لفلان علي كذا، ولفلان عليّ كذا، ولم يبيّن، فكانوا من أهل العدالة، فهم على عدالتهم، ويصدقهم الورثة، فيما ادّعوا إذا أرادوا أن يخلصوا ميتهم، لم يجز ذلك إلا ببينة، ولا ينبغي للوصي، أن يدفع على أحدٍ من هؤلاء شيئًا، إذا لم يثبت لهم بينة. "مسائل ابن هانئ" (1368) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: رجل مات وأوصى إلى وصي أن لامرأته عليه ثلاثمائة درهم، وله ورثة غُيّب. فقالت المرأة للوصي: أعطني مهري ما أوصاك به. فقال: لا أدفع إليك حتى يجيء الورثة، فهل يسعُ الوصي إن لم يدفع إليها؟ قال أبو عبد اللَّه: لا يدفع إليها، لعلها أن تكون قد استوفت مهرها، أو يكون لهم عليها بيّنة، لا يعطيها حتى يقدموا. "مسائل ابن هانئ" (1415) قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل يمرض فيقر لامرأته بدين عليه ويشهد به؟ قال: عُرف ذلك في صحته؟

قيل له: لا. فقال: إذًا أخاف أن تكون تلجئه إليها، فإن ثبت على ذلك أعطيته، فإن لم يثبت فلها صداق نسائها. فقيل له: إنما استقرض منها؟ فقال: أيشهد عليه أحد بذلك؟ وقال: ما لم يُعرف في صحته. "مسائل ابن هانئ" (1421) قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل يقول: لفلان علي دين، وهو صدوق فيما يدعي؟ فقال أبو عبد اللَّه: أما سفيان فأبطله، وذكر اختلافهم، وأما الحكم وابن أبي ليلى فقالا: يصدق. "مسائل ابن هانئ" (1422) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: رجل قال: أعطوا فلانًا ما ادَّعى، فإن بيني وبينه حسابًا. قال أبي: إن كان الرجل ثقة، فأرجو ألا يكون به بأس. قال أبي: وكان ابن أبي ليلى، وابن شبرمة يقولان: يعطى، وكان سفيان يقول: لا يعطى. قُلْتُ لأبي: فإن كان غير ثقة؟ قال: يضر ذلك بالورثة. قُلْتُ لأبي: يعطى؟ قال: ما أدري. "مسائل عبد اللَّه" (1404)

1891 - إذا ادعى أحد دينا على الميت

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: رجل أوصى أن عليه من الدَّين لفلان كذا، ولفلان كذا، حساب يقبل فيه قوله، وبيني وبين فلان، حساب لي وعلي، فقبل قوله فيه. قال أبي: إن كان هؤلاء القوم الذين قال: لفلان عليّ كذا، ولفلان عليّ كذا، ولم يتبين، وكانوا من أهل العدالة فهم على عدالتهم ويصدقهم الورثة ما ادعوا إذا أرادوا أن يخلصوا منهم من الدَّين، ولا يجوز ذلك إلا ببينة، فإن لم يريدوا أن يخلصوا منهم لم يجز ذلك إلا ببينة، ولا ينبغي للموصي أن يدفع إلى أحد من هؤلاء شيئًا، إذا لم تثبت لهم بينة إلا برضى من الورثة؛ لأنهم إن شاءوا رجعوا عليه، إذا لم تثبت لهم بينة. "مسائل عبد اللَّه" (1387) ونقل مهنا: لو ادَّعى الهبة أو العتق في الصحة فأنكر الورثة قُبل قولهم. "الفروع" 4/ 672 1891 - إذا ادَّعى أحد دينًا على الميت قال ابن هانئ: (وعابوا) (¬1) من يدعون: أن لهم على هذا الميت دينًا وليس لهم على ذلك بينة؟ قال أبو عبد اللَّه: من ادعى دعوى لا بد له من يثبت، وأن الوصي إما أن يدفع إليهم شيئًا، بغير بينة، فإن كان لا يخرج، أن يأخذ أيمانهم، ويدفع إليهم، فعل، وإن جاء وارث، وقد أعطاهم بغير بينة، فأراد الوارث أن يحلفه، كيف يحلف له وقد أعطى بغير بينة، وأيش يلزمه من ذلك؟ ¬

_ (¬1) في "مسائل ابن هانئ": (وحابوا) ولعل الصحيح ما أثبتناه.

1892 - إذا تنازل أحد الورثة عن سهمه أو أوقفه قبل القسمة

قال أبو عبد اللَّه: لا يعطيه إلا بينة، وقد رأى الوصي أن يدفع إلى الذين سماهم هذا الرجل الميت، وقال: يقبل قولهم من جميع المال، فما ترى في ذلك؟ وما ترى في أمر الجارية؟ هل يجوز ذلك؟ وهل يجوز رضاها بعد موت مولاها؟ قال أبو عبد اللَّه: لا يكون هذا إلَّا برضى من الورثة، أو تقوم لهم بينة بما يدعون، إلَّا أني أحب، إذا قال: لفلان علي شيء، أن يصالحوا الورثة بما أقرّ به الميت ويحللوه. "مسائل ابن هانئ" (1370) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: رجل مات ولامرأته عليه صداق، وليس لها بينة؟ قال: لا بأس أن يصالحوها. "مسائل ابن هانئ" (1419) قال عبد اللَّه: قُلْتُ لأبي: جاء قوم يدعون أن لهم على هذا الميت دينًا، وليس لهم على ذلك بينة. قال أبي: من ادعى دعوى لا بد له من أن يثبت، ولا يعطي أحدًا شيئًا إلا ببينة. "مسائل عبد اللَّه" (1389) 1892 - إذا تنازل أحد الورثة عن سهمه أو أوقفه قبل القسمة قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل مات فقال بعض بنيه: لا حاجة لي في هذا الميراث؟ قال: يقتسمُ بقية الورثة ويُوقفُ سهمهُ. قيل لأحمد: فتطيبُ لهم القسمةُ؟

1893 - من ورث مالا فيه شبهة

قال: يعدلون فيه فنعم. "مسائل أبي داود" (1382) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا ورث ضياعًا، فقال: لإخوته: أوقفوني على شيء، فليس يوقفونه، فترى له أن يدعها في أيديهم ويخرج إلى الثغر؟ أو كيف ترى أن يفعل؟ فقال: لا يدعها في أيديهم، ويخرج! وأنكر تركها، وقال: أشهد أن ما ورث من هذِه الضياع فهي وقف، وأعجب إلى أن يُوقفها على قرابته، فإن لم يكن فجيرانه، أو من أحب من أهل المسكنة، قوم يعرفهم يوقفها لهم، ويدعها في أيديهم ثم يخرج. ثم قال: بارك اللَّه على هذا. وقد كان أبو عبد اللَّه أبي أن يُجيبه فيها، وقال: هو حدث السنَّ! فقلت: إن عبد الوهاب كتب إلى في أمره، فأجابه بعدُ. "الورع" (444) 1893 - من ورث مالًا فيه شبهة قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه، وذكر ورع يزيد بن زريع، فقال: قد تنزه عن ميراث أبيه. سمعت عبد الوهاب يقول: سمعت أبا سليمان الأشقر -وكفاك بأبي سليمان- قال: قد تنزه يزيد بن زريع عن خمسمائة ألف من ميراث أبيه، فلم يأخذه. وسمعت أمية بن بسطام -ابن عم يزيد بن زريع- يقول: كان يزيد يعمل الخوص، وكان يكون في هذا البيت، وأشار إلى بيت لطيف في المسجد.

سمعت أبا الخطاب يقول: لما أخذ زريع، قال يزيد للقوم: ارفعوا بالشيخ، وذكر أن زريعًا كان واليًا. "الورع" (11 - 14) قال المروذي: وقال رجل لأبي عبد اللَّه: إني قد ورثت عن أبي دارًا ولي أخ، وقد عمد أخي إليها يبيعها، وينفقها فيما يكره، فترى أن أمنعه؟ فقال: شيء تنزهت عنه، مالك تعرض له. "الورع" (191) قال المروذي: وسئل أبو عبد اللَّه: عن رجُل مات وترك ضياعًا، وقد كان أبوه يدخل في أمور -ذكرتُها لأبي عبد اللَّه- فيريد بعضُ ولده التنزه؟ قال؟ ما كان له قبل دخوله -يعني: فيما يكره- فلا بأس أن يرثه، وإن كان يعلمُ أن أباه ظلم أحدًا، فينبغي له أن يرده إلى أهله، هو أعرفُ بأبيه. "الورع" (443) قال المروذي: وقال له بعض أصحابنا: إن أبي مات وترك مالا، وقد كان يُعامل قومًا، وعليه دينٌ. قال: يتصدق قدر ما يرى أنه قد ربح، ويقتضي، ويقضي عنه. قلت: ترى له أن يقتضي؟ قال: فيدعه محتبسًا بدينه! ولم ير به بأسًا. "الورع" (445) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: سمعت شعيب بن حرب يقول: سألت سفيان عن ميراث أبي وشددت عليه، فقال: لا تأكله. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (260)

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل مات وترك مالًا، وكان يمدح ما يبيع، ويذم ما يشتري. فقال: ينبغي للوراث إن كان يعرف أحدًا من أولئك أن يرد عليه، وإن لم يعرف منهم أحدًا يصدق عنه بشيء، ويخفف عن ميته بالصدقة. "مسائل عبد اللَّه" (1120) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر قال: سألت أبا عبد اللَّه: عن رجل مات وترك ضياعًا، وقد كان يدخل في أمور يمره، فيريد بعض ولده التنزه؟ فقال: إذا أوقفها على المساكين فأي شيء بقي عليه، واستحسن أن يوقفها على المساكين. وقال: وأخبرنا أبو بكر قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وسأله رجل قال: إن أبي مات وقد دخل لهؤلاء، وقد ورثت أرضين. أو قال: أرضا. يعني: من أرض السواد؟ فقال: أوقفها على قرابتك -أو قال: أهل بيتك- ومن عرفت من أهل الستر. "الوقوف" (158 - 159) وقد نقل الأثرم وغير واحد عن الإمام أحمد فيمن ورث مالًا: إن عرف شيئًا بعينه ردّه، هاذا كان الغالب على ماله الفساد تنزّه عنه، أو نحو ذلك. ونقل عنه حرب في الرجل يخلف مالًا: إن كان غالبه نَهْبًا أو ربًا ينبغي لوارثه أن يتنزه عنه، إلَّا أن يكون يسيرًا لا يعرف. ونقل عنه أيضًا: هل للرجل أن يطلب من ورثة إنسان مالًا مضاربة ينفعهم وينتفع؟ قال: إن كان غالبه الحرام فلا. "الفروع" 2/ 657 - 658

قال أحمد في رواية أبي طالب فيمن كانت له دار في الربض أو بقطيعة فأراد أن يخرج منها ويتنزه عنها، كيف يصنع، قال: يوقف. قلت: للَّه؟ قال: نعم. وسألته عن القطائع توقف؟ قال: نعم، إذا كان للمساكين يرجع إلى الأصل إذا جعلها للمساكين. "الاستخراج لأحكام الخراج" ص 96

باب ما جاء في الإرث: شروطه وأسبابه

باب ما جاء في الإرث: شروطه وأسبابه 1849 - متى يرث المولود؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في رجلٍ تزوج امرأة ولها ابن من غيره، فيموت ابنها: إن جاءت بالولد دون ستة أشهر من يوم مات ابنها ورثناه، وإن جاءت بالولد بعد ستة أشهر لم نورثه إلا ببينةٍ. قال أحمد: يكف عن امرأته، فإن لم يكف فجاءت بولدٍ لأكثر من ستة أشهر فلا أدري هو أخوه أم لا؟ قال إسحاق: إذا كان لستة أشهرٍ فهو كما قال سفيان. "مسائل الكوسج" (1148) قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسْحَاقُ قال: أخبرنا أحمد قال: حَدَّثنَا وكيع قال: حدثنا سفيان، عن عبد اللَّه بن شَريك العامري، عن بشر بن غالب الأَسَدِي قال: سُئِلَ الحسينُ بنُ علي عليهما السلام: متى يجبُ سهم المولود؟ قالَ: إذا استهل (¬1). قلتُ: ما يعني بذلك؟ قال: يقولُ: لا يجب ميراثه حتَّى يستهل، يعني: ميراثه بالسهمِ. قال إسحاق: هكذا هو. "مسائل الكوسج" (2987) قال صالح: قال: السقط يورث إذا استهل، والاستهلال: أن يبكي أو يصرخ، فإن لم يصرخ ولم يبك واختلج؟ فلا يورث. "مسائل صالح" (1388) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 532 - 533 (6606)، وابن أبي شيبة 6/ 290 (31472).

1895 - إذا مات الكافر، وأسلمت امرأته وهي حامل منه

قال ابن هانئ: سألته عن: السقط متى يورث ويرث؟ فقال: إذا استهل. فقلت له: ومتى الاستهلال؟ فقال: إذا صاح أو عطس أو بكى، ورث. "مسائل ابن هانئ" (1474) نقل عنه أبو طالب: ويرث ويورث إن استهل صارخًا. "الفروع" 5/ 32، "المغني" 9/ 181 نقل محمد بن الحكم عنه: إذا تحرك ففيه الدية كاملة، ولا يرث ولا يورث حتى يستهل. "الفروع" 5/ 33، "الإنصاف" 18/ 211 1895 - إذا مات الكافر، وأسلمت امرأته وهي حامل منه قال الخلال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال أنه قال لأبي عبد اللَّه: اليهودي والنصراني؛ مات والنصراني امرأته حامل فأسلمت بعد موته؟ قال: ما في بطنها مسلم. قلت: يرث أباه إذا كان كافرًا وهو مسلم؟ قال: لا يرثه. قلت: هذا الحديث: "الْإِسْلَامُ يَعْلُو؟ " (¬1) فلم يره شيئا. ¬

_ (¬1) رواه الدارقطني 3/ 252، والبيهقي 6/ 205 من حديث عائذ بن عمرو والمزنيِّ مرفوعًا. ورواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 257 (5267)، وابن حزم في "المحلى" 7/ 314 موقوفا على ابن عباس. وعلقه البخاري بصيغة الجزم عن قبل (1354). =

1896 - ميراث الحميل

وقال: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن النصراني إن مات وامرأته نصرانية وكانت حبلى فأسلمت بعد موته ثم ولدت. أترى يرث؟ قال: لا. وقال: إنما مات أبوه وهو لا يعلم ما هو إنما يرث بالولادة وحكم له بحكم الإسلام. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 407 (934 - 935) 1896 - ميراث الحميل قال إسحاق بن منصور: قلت: الحميلُ؟ قال: الحميل إذا قَامَتْ بينةٌ ورثَ، وإذا لم تقم بينةٌ لم يورثْ. قال إسحاق: كلَّما تواصلوا في الإسلامِ ورثَ بعضُهم من بعضٍ. "مسائل الكوسج" (3007) ¬

_ = قال الحافظ في "التعليق" 2/ 489: أما حديث: "الإسلامُ يَعلَو وَلَا يُعْلَى" فهو هكذا في جميع النسخ من "الصحيح" لم يعين قائله، وكنت أظن أنه عطفه على ابن عباس، فيكون قوله، ثم وحدث هذا اللفظ في حديث مرفوع من طريق حشرج بن عبد اللَّه بن حشرج بن عائذ بن عمرو المزني عن أبيه عن جده، ثم وجدته من قول ابن عباس كما كنت أظن أولًا، فقرأت في "المحلى" لابن حزم. .، وهذا إسناد صحيح، لكن لم أعرف إلى الآن من أخرجه. اهـ. باختصار. قلت: قد أخرجه الطحاوي من هذا الطريق في "شرح معاني الآثار" في الرقم المشار إليه سالفًا. والحديث حسنه الألباني في "الإرواء" (1268) فقال: وإسناده موقوف صحيح، حسن مرفوعًا انتهى بتصرف.

قال صالح: قال أبي: والحميل: يورث بينة ممن جاء معه -يعني: في السبي- يخرجون فيدعون فلا يقبل قولهم حتى يقيموا البينة منهم. "مسائل صالح" (1143) قال ابن هانئ: سألته عن: حديث محمد بن جعفر، عن شعبة، عن المغيرة قال: سألت إبراهيم عن: الحميل إذا أقام البينة أنه كان يصل منه ما يصل من أخيه، ويحرم منه ما يحرم من أخيه ورثه؟ قال لي أبو عبد اللَّه: لا يورث إلا بشهود. قرأت على أبي عبد اللَّه: محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت المغيرة يقول: عن إبراهيم في الحميل إذا أقام البينة، أنه كان يصل منه ما يصل من أخيه ويحرّم منه ما يحرّم من أخيه ورثه. قال أبو عبد اللَّه: لا يرثه إلا ببينة. "مسائل ابن هانئ" (1475) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان أبو الأعمش مهران حميلًا. سمعت أبا عبد اللَّه يقول: المرأة تخرج مع المشركين من بلاد الشرك فتجيء إلى الصبي فتنحله إليها وتقول: هذا ولدي، أو هذا أخي. قال أبو عبد اللَّه: لا تعطى حتى تجيء ببينة، أنه ولدها. قلت له: يا أبا عبد اللَّه تجيء ببينة أهل الشرك؟ قال: نعم تجيء بمن معها، وإن كان ممن أسلم منهم كان أحب إلي. "مسائل ابن هانئ" (1602)

1897 - ميراث ولد الزنا، ومجهول النسب

1897 - ميراث ولد الزنا، ومجهول النسب قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حَدَّثنَا هشيم قال: أخبرنا مغيرة، عن (شِباك) (¬1) عن إبراهيم أنه قال: لا يرثُ ولدُ الزنا، لا يرث من لم يقم على أبيه حد، ولا على من لم يملك أمه بشراء ولا نكاح (¬2). قُلْتُ: ما تقولُ أنتَ؟ قال: قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ" (¬3). "مسائل الكوسج" (2981) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن حديث عمر أن رجلين اختصما إليه، أنهما وقعا على امرأة في طهرها (¬4)، أيش تقول فيه؟ قال: إن ولدت خيّر الابن أيهما شاء اختار، ويرثهما جميعًا، ويخيّر في حياتهما أيهما شاء من الأبوين اختار. "مسائل ابن هانئ" (1465) ¬

_ (¬1) كذا في "المسائل" و"سنن الدارمي"، وفي "مصنف ابن أبي شيبة" (سماك) والصحيح المثبت. فشِباك بكسر أوله ثم موحدة خفيفة ثم كاف هو الصبي الكوفي الأعمى يروي عن إبراهيم النخعي عند أبي داود، والنسائي، وابن ماجه، وله ذكر في "صحيح مسلم" (1597) وكان يدلس، قال الإمام أحمد: شيخ ثقة. وقال النسائي: ثقة ذكره ابن حبان في "الثقات". انظر: "التهذيب" 12/ 349 - 350 (2685)، "التقريب" (2734). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 284 (31410)، والدارمي 4/ 1998 (3152). (¬3) رواه الإمام أحمد 5/ 267، والبخاري (2053)، ومسلم (1457) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-. (¬4) رواه عبد الرزاق 7/ 219 (12864)، والبيهقي 10/ 264.

1898 - إرث ولد اللعان

1898 - إرث ولد اللعان قاله صالح: قلت: الرجل ينفي ولده وهو مريض يرثه؟ قال: ما لم يلاعن يرثه، قد ينكره، ثم يقربه بعد، فإذا كان فراش فهو يرثه ما لم يلاعن. وقال: إنما هذا حق الولد، فلا يبرأ منه إلا باللعان، وإن لم يكن له أم يرثه إذا أقر بالوطء وله فراش، وإن كانت أمه فقد قضى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالفراش لأمه (¬1)، أن عصبته عصبة أمه. "مسائل صالح" (1261) قال أبو الحارث، ومهنا: إن أمه عصبته؛ فإن لم يكن فعصبتها عصبته. "الروايتين والوجهين" 2/ 63، "المغني" 9/ 116. 1899 - إذا أقر المورث أن وارثه فلان قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ قال: فلان وارثي، ليس لي وارثٌ غيره. قال: إذا قال وهو صحيحٌ، أو في مرضه، ولم يعرف له وارث غيره جاز عليه قوله. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3199) ونقل بكر بن محمد عن أبيه: وسئل عن الرجل يموت يقول: وارثي ¬

_ (¬1) روى الإمام أحمد 2/ 7، والبخاري (4748)، ومسلم (1494) من حديث عبد اللَّه ابن عمر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى في المتلاعنين أن الولد لأمه.

1900 - الإقرار بمشارك فى الميراث

فلان، فقال له: كيف هذا؟ وارثك فلان وفلان أقرب إليك منه ببطن قال: ليس ذاك مرادي، فلان جده كان دعيًّا، وينكر ذلك أهل القرية والجيران، وفي (الشائع) (¬1) المستفاض أن هذا الذي زعم أنه جده دعي وارث أقرب إليه، يقبل قوله؟ قال: لا يقبل قوله: الولد للفراش. "بدائع الفوائد" 4/ 69 1900 - الإقرار بمشارك فى الميراث قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجلٍ مَاتَ وتركَ ابنيهِ، فجاءَ رجلٌ فقال: أنا أخوكما، فقال أحدُهما: أنتَ أخي. وقال الآخر. لستَ بأخي. قال: كان حماد يقولُ: هو شريكُه، يأخذُ نصفَ ما في يديه، وأصحابنُا يقولونَ: له الثلثُ، وهو شَريكُه في كلِّ ميراثٍ يرثُه من نسبٍ، وإنْ نَفاهُ لم يُضرَب. قال أحمد: يأخذُ ثلثي ما في يديه، وهو شريكُه في كلِّ ميراثٍ يرثُه، وإن نفاه لم يضرب، هذا لم يثبت نسبه بعد، وإنْ أقرا جميعًا أثبت النسب. قال إسحاق: كما قال أحمد "مسائل الكوسج" (3219) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يموت ويخلف أولادًا، فادعى بعض الأولاد بولد لأبيهم، ولم يدَّعه الباقون؟ قال: يدفع إليه من أقر به من نصيبه. "مسائل ابن هانئ" (1469) ¬

_ (¬1) في المطبوع من "بدائع الفوائد": (السامع)، ولعل المثبت أصح.

قال ابن هانئ: سألته عن أخوين مات أبوهما وترك مالًا، فقال بعض الورثة: إن لي أخًا وجاء به؟ قال أبو عبد اللَّه: يأخذ هذا الذي أنكر أنه أخوه ثلاثة أسهم، ويأخذ الذي أقرّ به أحد الأخوين سهمين، ويأخذ الذي ادعى سهمًا. قال: إن هذا الذي أنكر منكر لما يقول أخوه؟ قال: وإن كان منكرًا فما يضره مما يقول، أرأيت لو كان مقرًّا أليس كان له النصف من ستة أسهم؟ فهذا لم ينقص شيئًا، وإنما أقر هذا على نفسه فأخذ منه سهمًا، وإن أقر هذا الآخر أخذ منه سهمًا آخر أيضا، حتى يصير لكل واحد منهم سهمان سهمان. "مسائل ابن هانئ" (1477) ونقل الأثرم: إن شهد اثنان بأخ، ثبت نسبه على من نفاه، وإن أقر به واحد؛ فإنه أخ للجميع إذا لم يكن من يدفع ذلك؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في ابن أمة زمعة: "الْوَلَدُ لِلْفِراشِ" (¬1) ولم يدفع دعوى عبد ابن زمعة أحد من الورثة، ومتى لم يثبت نسبه أخذ الفاضل بيد المقر إن فضل شيء أوكله إن سقط به. ونقل بكر بن محمد: إذا أقر أحد ابنيه بأخ؛ فله ثلث ما بيده. وسأله أبو طالب عمن تزوج سرًّا فأراد سفرًا، فقال لبعض قرابته: لي في السر امرأة وولد. ثم سافر فمات، فأتت امرأته بصبي فقالت: إنها امرأته، وإنه ابنه، ولها شاهدان غير عدلين؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 37، والبخاري (2053)، ومسلم (1457) من حديث عائشة.

1901 - إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول

فقال: إن كان من أخبره ثقة لحقه بقافة أو إقرار بعض الورثة، مثل ما أقر ابن زمعة، وإن لم يكن قال لقرابته، ولا وصى لم يقبل إلا بعدلين. "الفروع" 5/ 73 1901 - إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول قال صالح: قُلْتُ: حديث بِرْوَع: يرثها وترثه؟ (¬1). قال: نعم. قُلْتُ: ما الحجة يرثها كما ترثه؟ يروى عن زيد بن ثابت كره أن يتزوج بالأم، وقال: لا يرثهما جميعًا (¬2)؛ كأنه تزوج مَرَة فماتت قبل أن يدخل بها. قال: لا يتزوج أمها، يروى عن زيد بن ثابت. "مسائل صالح" (967) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 431، وأبو داود (2114، 2116) والترمذي (1145) وقال: حديث ابن مسعود حسن صحيح. والنسائي 6/ 121 - 122 ولفظه أن رجلًا تزوج امرأة ثم لم يدخل بها، ثم مات، فأتوا ابن مسعود فسألوه، واختلفوا إليه شهرًا أو قريبًا من ذلك فقالوا: لا بد من أن تقول فيها قال: فإني أقضي فيها صدقة امرأة من نسائها لا وكس ولا شطط ولها الميراث وعليها العدة، فإن يك صوابًا فمن اللَّه عز وجل، وإن يكن خطأ فمن نفسي ومن الشيطان واللَّه عز وجل ورسوله بريئان. فقام معقل بن سنان والجراح فقالا: نشهد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى في بروع مثل ما قضيت ففرح ابن مسعود فرحًا شديدًا حين وافق قضاؤه قضاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1858). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 472 (16262) دون قوله: لا يرثهما جميعًا.

1902 - إذا دخل بامرأته ولم يجامعها

1902 - إذا دخل بامرأته ولم يجامعها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان في رجلٍ دخلَ بامرأتِه فكانت عنده سنتينِ فلم يصلْ إليها أن يجامعها، ثم طلَّقها تطليقة، أترى له عليها رجعة أو ميراثًا؟ قال: لا. قال أحمد: له عليها رجعة، وبينهما الميراثُ، وعليها العدَّةُ، إذا أغلقَ الباب وأرخي الستر فقد وجبَ بينهما ما يجب بالدخول. "مسائل الكوسج" (1149) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئلَ سفيان عن رجلٍ دخلَ بامرأتِه فلم يصل إليها أن يجامعها، ثم طلَّقَهَا تطلقية، أترى له عليها رجعةً؟ قال: لا. قُلْتُ: فالميراث؟ قال: ولا ميراث. قال أحمد: إذا أغلق الباب وأرخي الستر فهو بمنزلةِ المدخول بها. قُلْتُ: فإن لم يُغلق البابُ ولم يُرخ الستر؟ قال: إذا خلا بها. قال إسحاق: هو كما قال سفيان، إلا أن يكونَ أغلقَ الباب وأرخي الستر ولم يكن بها علة مانعة. "مسائل الكوسج" (1205) 1903 - إذا كان النكاح فاسدًا، هل يتوارث الزوجان؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان في رجلٍ تزوجَ امرأةً ودخل بها، ثم تزوج أخرى فدخل بها وهي أم الأولى فمات على ذلك؟ قال: لهما الصداقُ، ولا ميراث لهما.

قال أحمد: كما قال، ولا ميراث لهما. "مسائل الكوسج" (1230) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: فإن لم يكن دخل بالأخرى فنكاحُ الأولى جائز، والأخرى فاسدٌ وليس لها صداقٌ ولا ميراث ولا عدة عليها. قال أحمد: كما قال. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1231) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: فإن تزوج الابنة والأم في يوم واحد، ودخل بهما في يوم واحد فلا ميراث لهما، ولهما الصداقُ، وعليهما عدةُ المطلقة ثلاثة قروءٍ. قال أحمد: جيد؛ لأنه فسخ بلا موت. يقول: ليس عليها عدة المتوفى. قال إسحاق: كما قال: "مسائل الكوسج" (1232) قال حرب: وسألت إسحاق قلتُ: رجلٌ تزوج امرأة بغير ولي أو نكاح الشغار، فمات أحدهما، هل يتوارثان؟ قال: لا يتوارثان. وهو مذهبه. وسألت إسحاق مرة أخرى، قلت: رجل تزوج امرأة على نكاح المتعة، فمات أحدهما، هل يتوارثان؟ قال: لا يتوارثان. قلت: فإن تزوج امرأة علي نكاح شغار، فمات أحدهما، هل يتوارثان؟ قال: لا. "مسائل حرب" ص 37

1904 - إرث من تزوجها في مرض الموت

1904 - إرث من تزوجها في مرض الموت نقل عنه المروذي: لو أعتق أمة وتزوجها في مرضه ثم مات؛ ورثته. "معونة أولي النهى" 7/ 361 1905 - إرث المطلقة في مرض الموت قال صالح: وسألته عن الرجل إذا طلق في مرضه؟ قال: ترثه ما أمسكت نفسها عن الأزواج. قال: وأما أهل المدينة فيقولون: ترثه إن تزوجت؛ لأن هذا فار من الميراث. "مسائل صالح" (639) قال صالح: وقال: الفارُّ المطلق في المرض ترثه امرأته ما لم تزوج. "مسائل صالح" (1106) قال صالح: إذا طلقها زوجها وهو مريض ترثه إذا مات بعد انقضاء العدة. قلت: فإن تزوجت في مرضه وقد انقضت عدتها؟ قال: لا. قلت: ثم، هو واجب لها؟ قال: إنما هذا اتباع، يروى عن أبي بن كعب: ترثه ما لم تزوج (¬1). ويروى عن عطاء: ترثه ما لم تزوج (¬2). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبى شيبة 4/ 176 (19027)، وابن حزم في "المحلى" 10/ 221، والبيهقي 7/ 363 وفيه جهالة الراوي عن أبي رحمه اللَّه. (¬2) رواه عبد الرزاق 7/ 63 (12199)، وابن حزم في "المحلى" من طريقه 10/ 221.

قلت: ولِمَ لا ترثه وقد وجب لها الصداق؟ قال أبي: فما تقول إن طلقها في مرضه ثم صح ترثه؟ قلت: لا. قال: فكذلك لا ترثه، إنما هو إتباع. قلت: وقول أهل المدينة: إنها ترثه ولو تزوجت؟ فقال: لا أذهب إليه. "مسائل صالح" (1260) قال حرب: قلت لأحمد: فرجل طلق امرأته ثلاثًا وهو مريض، فمات وهي في العدة؟ قال: أنا أقول: إذا طلقها وهو مريض ثم مات فإنها ترثه ما كانت في العدة، وبعد انقضاء العدة ما لم تزوج. وسألت إسحاق قلت: رجل طلق امرأته في مرضه فأبت طلاقها؟ قال: ترثه في العدة وبعد انقضاء العدة ما لم تزوج؛ لأنه فرّ من ميراثها. قال: والأكثرون على أنها لا ترث بعد العدة، وأما عثمان بن عفان فإنه ورثها من الميت بعد انقضاء العدة (¬1)، وهو الذي نعتمد عليه لما كان أصل الطلاق فرارًا. ¬

_ (¬1) روى مالك ص 353 عن ابن شهاب، عن طلحة بن عبد اللَّه بن عوف وأبي سلمة بن عبد الرحمن أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته البتة وهو مريض، فورثها عثمان ابن عفان منه بعد انقضاء عدتها. ورواه من طريقه الشافعي في "المسند" 2/ 193 (690)، وعبد الرزاق 7/ 61، 62 (12193)، وابن سعد في "الطبقات" 8/ 219 من طرق عن الزهري به. ورواه مالك ص 353 عن ربيعة بلاغًا. =

وسألت إسحاق مرة أخرى قلت: إن طلقها وهو مريض؟ قال: ترثه وإن انقضت العدة. قلت: ما لم تزوج؟ قال: نعم. وقال: قلت لإسحاق: رجل قال لامرأته: إذا جاء وقت كذا وكذا فأنت طالق ثلاثًا. فجاء ذلك الوقت والرجل مريض، فوقع عليها الطلاق، ثم مات وهي في العدة هل ترثه؟ قال: لا ترثه، إنما ترثه إذا طلقها في المرض. راجعته في هذِه المسألة. وقال: قلت لإسحاق: فإن قال لها في مرضه: أمرك بيدك. فقالت: قد طلقت نفسي ثلاثًا؟ فذهب إلى أنه إذا كان الطلاق من قبلها لم ترث، وإذا علم أنه يفر من الميراث ورثت. قلت لإسحاق: فإن قال لها في مرضه: إن دخلت دار فلان فأنت طالق ثلاثًا. فدخلت، فوقع عليها الطلاق، ثم مات هل ترثه؟ قال: إذا علم أنه فر من الميراث ورثته. قلت: لا يعلم. فذهب إلى أنها ترث. ¬

_ = ورواه الشافعي في "المسند" 2/ 193 (689)، 7/ 62 (12192)، والبيهقي 7/ 362 من طريق ابن جريج عن ابن أبي مليكة أنه سأل ابن الزبير عن الرجل يطلق المرأة فيبتها ثم يموت وهي في عدتها فأخبره ابن الزبير بخبر عبد الرحمن. وروي من طرق أخرى عند سعيد بن منصور 2/ 41 (1958)، (1959)، وعبد الرزاق 7/ 62، وابن أبي شيبة 4/ 176 (19026). قال الحافظ في "التلخيص" 3/ 217: قال الشافعي: هذا منقطع -يعني: حديث طلحة بن عبد اللَّه بن عوف وأبي سلمة بن عبد الرحمن- وحديث ابن الزبير متصل. وصححه الألباني في "الإرواء" (1721).

سألت أحمد قلت: رجل مريض طلق امرأته قبل أن يدخل بها ثم مات؟ قال: قد اختلف الناس في هذا. وسُئل إسحاق عن رجل طلق امرأته في مرضه قبل أن يدخل بها؟ قال: هو فار من الميراث. "مسائل حرب" ص 145 - 146 قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن رجل له امرأتان نصرانية ومسلمة، فقال في مرضه: إحداكما طالق ثلاثًا، ثم أسلمت النصرانية، ثم مات في ذلك المرض قبل أن تنقضي عدة واحدة منهما وقد كان دخل بهما جميعًا؟ قال: أرى أن يقرع بينهما. قلت له: يكون للنصرانية من الميراث مثل ما للمسلمة؟ قال: نعم. قلت: أيهم تقول: للنصرانية ربع الميراث وللمسلمة ثلاثة أرباع؟ قال: لم؟ قلت: لأنها أسلمت رغبة في الميراث. قال: وإن أسلمت رغبة في الميراث. قلت: يكون الميراث بينهما؟ قال: نعم. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 409 (940) نقل الأثرم، وأبو طالب، وأبو الحارث في المبتوتة في المرض هل ترث بعد انقضاء العدة ما لم تتزوج؟ أنها ترث وإن انقضت العدة ما لم تتزوج.

1906 - إذا طلقها وهو مريض ثم صح ثم مات

ونقل حنبل فيمن طلق في المرض قبل الدخول: قال جابر بن زيد: لا ميراث ولا عدة (¬1)، وقال الحسن: ترث (¬2). وأذهب إلى قول جابر. ونقل الميموني: لها الميراث ونصف الصداق ولا عدة عليها. ونقل أبو الحارث: لها الصداق والميراث ولا عدة عليها. وذهب إلى قول عطاء (¬3). "الروايتين والوجهين" 2/ 67 - 68 1906 - إذا طلقها وهو مريض ثم صح ثم مات قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا طلقها ثلاثًا وهو مريضٌ، ثم صحَّ، ثم ماتَ فإنها ترثه، وإن ماتت لم يرثها صحَّ أو لم يصح. قال أحمد: إذا صحَّ فليس لها ميراثٌ. قال إسحاق: كلما كان أصل الطلاق في المرض فهو فارٌّ صحَّ أو لم يصح، إذا مات ورثته. "مسائل الكوسج" (1228) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال: إذا طلقها تطليقة أو تطليقتين وهو مريضٌ، ثم صح في العدة فطلقها الثالثة لم يتوارثا. قال أحمد: لا ترث. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 10 (17251). (¬2) رواه عبد الرزاق 7/ 64 (12200)، وابن أبي شيبة 4/ 176 (19029)، وابن حزم في "المحلى" 10/ 219. (¬3) رواه عبد الرزاق 7/ 63 (12199)، وابن حزم في "المحلى" 10/ 221.

1907 - إذا طلقها وهو صحيح ثم مرض ثم مات

قلت: كما لو طلقها تطليقة أوتطليقتين وهو صحيح، ثم مرض فطلقها الثالثة، ثم مات في العدة ورثته. قال أحمد: جيد، ترثه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1229) 1907 - إذا طلقها وهو صحيح ثم مرض ثم مات قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: قال سفيان: إذا قالت المرأة في مرض الرجل: لم يطلقني زوجي. يُسأل الرجل البينة، وإلا ورثته. قال أحمد: هي ترثه حتى يثبت أنه طلقها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1279) قال حرب: سألت أحمد قلت: رجل طلق امرأته ثلاثًا وهو صحيح، ثم مرض فمات وهي في العدة؟ قال: لا ترثه إذا طلقها وهو صحيح. وسألت إسحاق قلت: رجل طلق امرأته ثلاثا وهو صحيح، ثم مرض فمات وهي في العدة؟ قال: لا ترثه. "مسائل حرب" ص 144

1908 - إرث من سألت الطلاق في مرض الموت

1908 - إرث من سألت الطلاق في مرض الموت نقل مهنا عنه: أنها ترثه. ونقل حنبل في رجل خير امرأته في مرضه، فاختارت نفسها ثم مات: لم ترثه؛ هي اختارت نفسها وهو ميت، فهو بمنزلة الخلع ولا يشبه هذا الطلاق. ونقل مهنا إذا اختلعت من زوجها في مرضه ومات، وهي في العدة: لا ترثه. ولو قال لها وهو مريض: أمرك بيدك، واختاري نفسك. واختارت نفسها ومات وهي في العدة؛ ورثته، وليس هذا كالخلع، والخلع أمر من قبلها. "الروايتين والوجهين" 2/ 69 1909 - إن قدفها في صحته ولاعنها في مرضه، ثم مات، هل ترثه؟ نقل مهنا إذا قذفها في صحته ولاعنها في مرضه: لا ترثه. ونقل حنبل: إذا لاعنها في مرضه ومات: ورثته. "الروايتين والوجهين" 2/ 71 1910 - إذا اختلعت المرأة من زوجها في مرضه أو مرضها قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: إذا اختلعت المرأة من زوجها وهي مريضةٌ، إن اختلعت منه بأقل من ميراثه منها أجزناه، وإن اختلعت بأكثر من ميراثه منها لم نجزه.

1911 - من طلق إحدى زوجاته ثم مات أو ماتت إحداهن

قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1277) قال أبو داود: سمعتُ أحمد قال: إذا اختلعت من زوجها في مرضه؛ قال: من الناس من يقولُ: ليس لها شيءٌ؛ لأنَّه جاء من قبلها. "مسائل أبى داود" (1202) قال حرب: قلت لإسحاق: امرأة اختلعت من زوجها وهو مريض فمات، أو ماتت هل يتوارثان؟ قال: لا يتوارثان هي فرَّت من الميراث، وكذلك الزوج لا يرثها. "مسائل حرب" ص 239 نقل عنه الفضل بن زياد، وسُئل عن امرأة اختلعت من زوجها في مرضه فمات وهي في العدة: لا ترثه، ليس هي مثل الطلاق. الطلاق ابتداء والخلع هو من قبلها حديثًا. "بدائع الفوائد" 4/ 56 1911 - من طلق إحدى زوجاته ثم مات أو ماتت إحداهن قال حرب: وسئل إسحاق مرة أخرى قيل: فإن كان له ثلاث نسوة فقال: إحداكن طالق ثلاثًا. ثم مات؟ قال: تطلق واحدة، وثلثا الثمن، أو ثلثا الربع بينهن، وإن لم يمت أقرع بينهن. وسألت إسحاق مرة أخرى قلت: رجل له امرأتان فقال: إحداكن طالق ولم ينو واحدة منهما، فماتت إحداهما قبل أن يقرع بينهما كيف حاله، وهل يرثها؟

1912 - من علق الطلاق، ومات قبل وقوعه، أو لم يتمكن من فعل المحلوف عليه

قال: يوقف فيقال: هذِه طلقت، أو هذِه؟ فإن كان لا يدري لم يرثها شيئًا. قلت لإسحاق: فإن مات الزوج قبل أن يقرع بينهن؟ قال: نصف الربع، أو نصف الثمن بينهما. "مسائل حرب" ص 150 1912 - من علق الطلاق، ومات قبل وقوعه، أو لم يتمكن من فعل المحلوف عليه قال حرب: وسألت أحمد مرة أخرى قلت: رجل قال: إن لم أضرب غلامي فامرأته طالق ثلاثًا؟ قال: هو نيته متى أراد. قيل: فإن أبق الغلام قبل أن يضربه؟ قال: إذا جاء الوقت الذي أراد ضربه بانت امرأته. قلت: فإن مات أحدهما قبل أن يضربه هل يتوارثان؟ قال: لا يتوارثان إذا جاوز الوقت. وسألت إسحاق قلت: رجل قال: إن لم أضرب مملوكي فلان فامرأته طالق ثلاثًا؟ قال: هو إرادته، إن أراد من فوره ولم يضربه طلقت امرأته. قلت: فإن لم يكن له في ذلك نية متى يضربه؟ قال: إن لم تكن له نية فما دام العبد حيًّا، فإن مات العبد قبل أن يضربه فارق أمرأته.

1913 - الإرث بالولاء

قلت: فإن ماتت المرأة أو الزوج؟ قال: يتوارثان. فراجعته في ذلك أيضًا، فقال: لا يتوارثان؛ لأن الطلاق يقع. وسألت إسحاق مرة أخرى قلت: رجل قال: إن لم أضرب غلامي فامرأته طالق ثلاثًا. كيف الأمر في ذلك؟ قال: إن ضربه على ما نوى حين حلف عليه فحينئذ قد خرج من يمينه، وإن أراد ضربه على ما حلف ونوى ولم يكن له توار في ذلك فأعجزه ما حلف عليه ولم يكن منه تراخٍ في ذلك ولا احتيال فليس عليه شيء. قلت: وإن مات أحدهما يتوارثان؟ قال: نعم. "مسائل حرب" ص 148 1913 - الإرث بالولاء قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا أحمد قال: حَدَّثنَا يزيدُ بنُ هارون قال: أخبرنا حبيبُ ابن أبي حبيب، عن عمرو بن هرم، عن جابر بن زيد أن عليًّا -رضي اللَّه عنه- قضى في مولى قتلَ خطأً ليس له وارثٌ، وله أم وأخت مملوكتانِ، فقضى بدية المقتول كاملًا، ثم أَمر أنْ تُشترى أمه وأخته شراءً من ديته فيعتقان، ثم يقسم ما بقي من ديته بينهما على خمسةِ أخماس: لأمه خمسانِ، ولأخته ثلاثةُ أخماس؛ وذلك لأنَّ لأمِّه في الفريضةِ الثلثَ، ولأخته النصف، ثم يقسم السدس الباقي على فريضتهما (¬1). ¬

_ (¬1) لم أقف عليه.

قُلْتُ لأحمدَ: ما ترى أنتَ في هذِه؟ قال: لا تشترى، قد وجبَ الميراثُ لقومٍ آخرين. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2976) قال إسحاق بن منصور: أخْبرنَا أحمد قال: حَدَّثنَا وكيعٌ قال: حَدَّثنَا ابن أبي خالدٍ، عن الشعبي أنَّ مولى لابنةِ حمزة ماتَ وتركَ ابنته وابنة حمزة، فأعطى النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ابنتَهُ النصفَ، وابنة حمزة النصف (¬1). قال الشعبي: لا أدري أكان هذا قبلَ نزولِ الفرائضِ أو بعدها. قال أحمد: كذاك أقولُ. قال إسحاق: لا يُدرى على قولِ الشعبي في رواية ابنة حمزة؛ لأنَّ قولَه: لا أدري أقبلَ الفرائضِ أمْ بعده؟ يقول: على وجه الطعمةِ أم على وجه الفرضِ، وذلك أنَّ المعتقةَ في هذِه الروايةِ ابنة حمزة في الظاهر، لا نشك أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَاتَ وهي صغيرةٌ، فكيف تعتق؟ وقولُ إبراهيم: إنَّما أطعمها رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- طعمةً (¬2). وقال: مَات مولى حمزة وتَركَ ابنته وابنة حمزة فهذا الأمر البين، وعسى أنْ يكونَ عبدُ اللَّهِ بنُ شداد اتَّسعَ في قولهِ فرأى أنَّ مجرى الولاءِ كمجرى المالِ كما رآه شريح فقال: عِتقُ حمزةَ وعتق ابنةِ حمزة واحدٌ؛ لأنَّ الولاءَ لا يصير لها. فنحن نأخذُ بقولِ عمر وعلي وزيد -رضي اللَّه عنهم-: لا يرثُ النساءُ مِنَ الولاءِ إلا ما أعتقن (¬3). واحتجَّ يحيى بنُ آدمَ بما قلناه. "مسائل الكوسج" (2994) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 253 (31133) عن وكيع به. (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 22 (16212)، ابن أبي شيبة 6/ 253 (31135). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 292 (31495) عنهم.

قال إسحاق بن منصور: أخبرنا أحمد قال: حَدَّثنَا عبد اللَّه بن إدريس قال: سمعتُ الشيباني، عن الحكم قال: دَخَلَتْ عليَّ شموس مولاة لكندة، فذكرت أنَّ أبَاها هلكَ فأعطاها عليٌّ رحمه اللَّه النصفَ، وأعطى مواليه النصف (¬1). قُلتُ لأحمدَ: ما تقولُ في هذا؟ قال أحمد: كذاك أقولُ وهو حديثُ ابن شدادٍ (¬2). قال إسحاق: لا نرى للموالي شيئًا لحديثِ سويد بن غفلة (¬3). "مسائل الكوسج" (2995) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: امرأةٌ اشترت أباها فأعتقته، ثم توفي وتركَ ابنتيه، إحْدَاهُما التي أعْتقَتْهُ. قال: لهما الثلثانِ، وما بقي فللمعتقة. قال إسحاق: كما قال، أجَادَ. "مسائل الكوسج" (3011) ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور في "سننه" 1/ 73 (176)، وابن أبي شيبة 6/ 252 (3113) عن الشيباني به. (¬2) رواه ابن ماجه (2734)، وعبد الرزاق 9/ 22 (16210، 16211) وسعيد بن منصور 1/ 72 (173، 174)، وابن أبي شيبة 4/ 16 (29092)، 6/ 252 (31126 - 31128)، وأبو داود في "المراسيل" (364)، وابن أبي عاصم 5/ 468 (3163)، والنسائي في "الكبرى" 4/ 86 (6398، 6399)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 401 (7451 - 7455)، والطبراني 24/ 353 - 357 (874 - 886) والبيهقي 6/ 241 عنه واختلف عليه فيه فمرة عنه مرسل، ومرة عنه عن ابنة حمزة أخته موصولًا. وصحح الحفاظ إرساله انظر: "نصب الراية" 4/ 150، و"إرواء الغليل" (1696) وقد حسنه فيه الألباني رحمه اللَّه. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 254 (31152)، والبيهقي 6/ 242.

قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: قَضَى النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في ابنةِ حمزة لخالتها، يقضى بها للخالةِ حتَّى إذا احتاجَتْ إلى التزويجِ فالأب أحق. قال إسحاق: كما قال. وفي هذا تصديق أنَّها كانت صغيرةً لم تكن هي المعتِقة. "مسائل الكوسج" (3014) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: العبد يكون نصفه حرًّا، ونصفه مُسْتَرَقًّا فيموت، لمن ماله؟ قال: المال بينهما نصفان. قال إسحاق: لا يكون الميراث أبدًا إلا للذي أعتقه. "مسائل الكوسج" (3203) قال صالح: وقال: الموالي عصبة. "مسائل صالح" (1204) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن بنت ومولى؟ قال: النصف للبنت والنصف للمولى؛ واحتجَّ بحديث بنت حمزة (¬1). "مسائل أبي داود" (1414) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 405 عن قتادة عن سلمى بنت حمزة، ورواه الطبراني 24/ 356 (844، 845) من طرق عن عبد اللَّه بن شداد قال: أعتقت بنت حمزة غلامًا لها على عهد رسول اللَّه فمات وترك ابنة فأعطى النبي ابنة حمزة النصف وأعطى ابنته النصف. قال الهيثمي 4/ 231: رواه الطبراني بأسانيد ورجال بعضها رجال الصحيح، وإسناد أحمد كذلك إلا أن قتادة لم يسمع من سلمى الصحيح. قال الحافظ في "تعجيل المنفعة": مرسل. يعني: قتادة عن سلمى. ورواه الدارقطني 4/ 83 عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-. =

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن أم ومولى؟ قال: للأم الثلثُ وما بقي فللمولى. "مسائل أبى داود" (1415) قال أبو داود: سمعتُ أحمد بن حنبل يقول: الولاء للكبر. "مسائل أبى داود" (1417) قال أبو داود: رأيت أحمد يتهيب ويجبنُ أن يقول بحديث عوسجة مولى ابن عباس: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطى الميراث المولى من أسفل. وقال: عوسجةُ لا أعرفه. ثنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قال: ثنَا حَمَّادٌ قال: أَنبَأ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَوْسَجَةَ، عَنْ ابن عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا مَاتَ وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا إِلا غُلَامًا لَهُ كَانَ أَعْتَقَهُ، فَقال رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هلْ لَهُ أَحَدٌ؟ " قَالُوا: لَا إِلَّا غُلَامًا لَهُ كَانَ أَعْتَقَهُ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِيرَاثَهُ لَهُ (¬1). ¬

_ = ورواه ابن ماجه (2734)، والنسائي في "الكبرى" 4/ 86 (6398) والحاكم 4/ 66 من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحكم، عن عبد اللَّه بن شداد، عن سلمى بنت حمزة قالت: مات مولى لي، وترك ابنته. . الحديث. ورواه النسائي بعده مرسلًا عن عبد اللَّه بن شداد وقال: وهذا أولى بالصواب من الذي قبله. قال الحافظ في "تلخيص الحبير" 3/ 80: في إسناده ابن أبي ليلى القاضي، وأعله النسائي بالإرسال وصحح هو والدارقطني الطريق المرسلة، وفي الباب عن ابن عباس أخرجه الدارقطني. والحديث بمجموع طرقه حسنه الألباني في "الإرواء" (1696). (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 221، وأبو داود (2905)، والترمذي (2106) وقال: هذا حديث حسن. وابن ماجه (2741) والحديث ضعفه الألباني في "الإرواء" (1699)، "ضعيف ابن ماجه" (599).

قال أبو داود: قال في هذا الحديث: قال ابن جريج: عوسجة مولى ابن عباس. "مسائل أبي داود" (1418) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن مملوك أعتقه مولاه بعد موته. وله متاع كثير؟ قال: متاعه لورثة مولاه، إلا شيء مما لا بد من لبسه لمثله فإنه له. "مسائل ابن هانئ" (1442) ونقل أبو طالب عنه في ابن ابن مع الابن من الولاء: لا يرث، ويكون الولاء للابن، فإذا مات المولى وخلف ابن مولاه، أو ابن ابنه، فالولاء لابنه. ونقل حنبل: الولاء بينهما. ونقل جعفر بن محمد عنه: إذا خلفت ابنا وأخًا، وخلفت مولى، ومات الابن، فإن كان للابن عصبة رجع إلى عصبته، وإلا يرجع إلى الخال -يعني بالخال: أخا المعتقة، وهو خال ابنها. "الروايتين والوجهين" 2/ 56 نقل حنبل عنه إذا مات العتيق، وبقي أبناء لابن، وابن ابن واحد فقط: لابن المعتق نصفه، ولأبناء المعتق نصفه. ونقل محمد بن الحكم: يرث كل فريق نصفًا. "الإنصاف" 18/ 446

1914 - إذا كان العبد المعتق نصرانيا، هل يرثه سيده؟

1914 - إذا كان العبد المعتق نصرانيًّا، هل يرثه سيده؟ قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسحاقُ قال: أخبرنا أحمدُ قال: حَدَّثنَا عبد الوهاب الثقفي قال: حَدَّثنَا خالد، عن محمد في رجلٍ أعتق عبدًا له نصرانيًّا، ثم مات قال: فلا يرثه؟ (¬1). قُلْتُ: مَا تَقولُ أَنْتَ؟ قالَ: لم لا يرثه؟ ! إنَّما هذا ولاء من الرق. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2973) قال الخلال: أخبرني حرب قال: سألت أحمد عن مسلم أعتق عبدًا نصرانيًا ثم مات المعتق وله مال؟ قال: هو للمولى لأن الولاء ليس كالرحم. وقال: أخبرنا المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن نصراني مات وله مولى مسلم وليس له من يرثه؟ قال: يرثه هذا المسلم. فقلت: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يَرِثُ الكَافِرُ المُسْلِمَ؟ " (¬2) قال: هذا لا يشبه ذاك إنما هذا ولاء والنساء لا يرثن الولاء. إنما هو للرجال. كأنه عنده خلاف المواريث. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث: أن أبا عبد اللَّه قال: النصراني إذا مات وله مولى مسلم ورثه ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 288 (31446). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 200، والبخاري (4283)، ومسلم (1614) من حديث أسامة بن زيد -رضي اللَّه عنهما-.

مولاه المسلم بالولاء؛ الولاء شعبة من الرق، وإنما يرثه بالولاء ولو كان بالنسب لم يرث مسلم كافرًا. وقال: أخبرني عصمة قال: حدثنا حنبل قال: قال أبو عبد اللَّه في نصراني أعتقه مسلم: لا يرثه بالولاء ولا يرثه بالميراث. وقال: أخبرني محمد بن الحسن: أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن المملوك النصراني يموت وله مولى مسلم أيرثه مولاه؟ قال: نعم. قيل له: أليس لا يرثُ المسلم الكافر؟ قال: نعم لا يرثُ المسلم الكافر ولكن يرثه هذا بالولاء؛ لأن الولاء شعبة من الرق. وقال: أخبرني أحمد بن محمد وزكريا بن يحيى قالا: حدثنا أبو طالب أنه سمع أبا عبد اللَّه يُسأل عن العبد النصراني يكون للمسلم فيعتقه فيموت وليس له وارث؟ قال: يرثه مولاه الذي أعتقه. قيل له: يرث مسلم نصرانيًّا؟ قال: ليس هذا مثل ذاك، هذا يرثه بالولاء ليس بالنسب؛ قال علي: الولاء شعبة من الرق (¬1). قيل له: فإن كان له ورثة نصارى؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 294 (31553)، والبيهقي 10/ 302، 305.

1915 - النصرانى يموت وله ولد مولى مسلم

قال: يرثونه ولا يرث مولاه. إنا يرثه مولاه، إنما لم يكن له وارث ولا عصبة وإن مات وهو عبد فالمال لمولاه. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 412 - 414 (950 - 955) 1915 - النصرانى يموت وله ولد مولى مسلم قال الخلال: أخبرني المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل نصراني مات وله ولد مولى مسلم وليس للنصراني ولد وله مال من يرثه؟ قال: لو كان للنصراني ابنة كان لها نصف ما ترك وكان يرث منه مولاه، فقال: ليس للنساء ميراث من الولاء إنما الميراث للرجال. ما ترك النصراني يرثه هذا المسلم. قلت: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "لا يَرِثُ المُسْلِمُ الكافِرَ؟ " قال: هذا لا يشبه ذاك إنما ورث بالولاء. ولم ير به بأسًا. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 414 (956) 1916 - إذا مات النصراني وليس له وارث قال الخلال: أخبرني زكريا بن يحيى قال: حدثنا أبو طالب: أن أبا عبد اللَّه قال في النصراني: إذا مات وليس له وارث، جعل ماله في بيت مال المسلمين. وقال: أخبرنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن رجل سرق من نصراني خمسين درهمًا، ثم مات الرجل ولا يدرى أين النصراني ولا يعرف له أحد؟

1917 - إذا اجتمع في شخص واحد سببان يقتضيان الإرث

قال: يتصدق بها على المسلمين هو إذا لم يكن له وارث -يعني: النصراني- جعل ماله في بيت مال المسلمين. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 408 - 409 (937 - 938) 1917 - إذا اجتمع في شخص واحد سببان يقتضيان الإرث قال إسحاق بن منصور: أخبرنَا أحمدُ قال: حَدَّثنَا عبدُ الصمدِ قال: حَدَّثَني أبي قال: حدثنا يونسُ، عن الحسنِ في امرأةٍ تركَت ابني عمها -أحدهما أخوها لأمِّها- أنَّ أخاها لأمِّها أحقُّهما بالميراثِ. قُلْتُ: ما تقولُ أَنْتَ؟ قال: لا، مثل قول عليٍّ وزيد -رضي اللَّه عنهما-: السدس، وما بقي بينهما (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2961) قال إسحاق بن منصور: أَخْبرنَا أحمدُ قالَ: أخبرنا وكيع قال: حَدَّثنَا إسماعيلُ بنُ عبدِ الملكِ قال: سألْتُ سعيد بن جبير عن بنت وبني عم، أحدهم أخٌ لأم، قال: للابنةِ النصفُ، وما بقي فلابنِ العم الذي ليس بأخ لأم. قال: لا يرثُ أخٌ لأم مع ولدٍ شيئًا. ¬

_ (¬1) رواه سعيد في "سننه" 1/ 63 (129) عنهما، ورواه عبد الرزاق 10/ 287 (19133)، سعيد 1/ 63 (128)، وابن أبى شيبة 6/ 246 - 247 (31077، 31078)، والدارمي 4/ 1902، 1903 (2930، 2931)، والبيهقي 6/ 239 عن علي.

قال: وسألتُ عطاء، فقالَ: أخطأَ سعيدُ بنُ جبير، للابنةِ النصف، وما بقي فبينهما نصفان (¬1). قلتُ: ما تقولُ أنتَ؟ قال: أقولُ بقولِ عطاء. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2962) وقال حنبل: كان أبو عبد اللَّه يذهب إلى أنه يورث من وجه واحد من الحلال. "الروايتين والوجهين" 2/ 66 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 247 - 248 (31084).

1918 - باب ما جاء في موانع الإرث

1918 - باب ما جاء في موانع الإرث قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: لا يرثُ القاتلُ من مالهِ ولا من ديته، خطأً كان أو عمدًا؛ لأَنَّه سببُ الموت. قال إسحاق: يرث من المال، ولا يرث من الدية إذا كان خطأ. "مسائل الكوسج" (2428) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المملوكون واليهودُ والنَّصَارى يُحجبون؟ قال: لا يُحجبون، ولا يرثون. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2949) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: القاتلُ لا يرثُ خطأً أو عمدًا؟ قال: لا، لا من الديةِ، ولا مِنَ المال. قال إسحاق: الذي نعتمدُ عليه: لا يرثُ من الدية، ويرثُ منَ المالِ. "مسائل الكوسج" (2950) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: "لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى؟ " (¬1) لا يرث اليهودي النصراني؟ قال: لا يرثُ، هما ملتانِ مختلفتانٍ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2951) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 178 - 195، وأبو داود (2911)، وابن ماجة (2731)، وصحح الحاكم 4/ 345، وكذا ابن حجر في "الفتح" 12/ 51، وكذا الألباني في "الإرواء" 6/ 120 - 121 من حديث عبد اللَّه بن عمرو، وله شاهد صحيح من حديث أسامة بن زيد رواه الإمام أحمد 5/ 200، والبخاري (6764)، ومسلم (1614) بلفظ: "لَا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ، وَلَا يَرِثُ الكَافِرُ المُسْلِمَ".

قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسحاقُ قال: أخبرنا أحمدُ قال: حَدَّثنَا عبدُ الرحمنِ بن مهدي، عن سفيانَ، عن سلمةَ، عن أبي صادق قال: جاء رجل إلى عليٍّ رحمه اللَّه فقالَ: أَفْتني. فقالَ: عَما تسل؟ فقال: عنِ امرأةٍ ماتَتْ وتركتْ ابنتَها، وأُمُّها مملوكةٌ. قال: وهل يحيطُ السدسُ برقبتِها؟ فقال: لا. فقال: أعفني عنها سائر اليومِ. فَأتَاه عن يمينِه، فقال مثل ذَلِكَ، وعن يسارِه، فقالَ مثل ذَلِكَ. قلت: ما تفسيرُ هذا؟ قال: كأنَّه يقولُ: تُشترى وتُعتق. ثم كأنه كاعَ عنها. قال إسحاق: تُشترى، وتُعتق، وتُورَّث. "مسائل الكوسج" (2968) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: المملوكون، وأهلُ الكتابِ والقاتل والمكاتب لا يُحجبون ولا يرثون؟ قال: كلُّ مَنْ لَمْ يرثْ لم يحجب. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2969) قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسحاقُ قال: أخبرنا أحمدُ قال: حَدَّثنَا يحيى بنُ آدمَ قال: حَدَّثنَا ابن أبي زائدةَ، عن أبيه، عن فراس، عن الشعبي في زوجٍ، وإخوة لأم، وابن مملوك، قال: قضى فيها على وزيدُ بن ثابتٍ -رضي اللَّه عنهما- أَنَّ للزوجِ النصفَ، وللإخوة للأم الثلث، وللعصبة ما بقي، وقضى فيها عبدُ اللَّهِ رحمه اللَّه أنَّ للزوجِ الربعَ، وللعصبةِ ما بقي، وفي امرأةٍ تركَتْ أمَّها مسلمة، ولها إخوة كفارًا ومملوكين، قال: قضى فيها عليّ وزيدُ بنُ ثابتٍ -رضي اللَّه عنهما- لأمِّها الثلثُ، وما بقي فلعصبتها، قال: وكانا لا يُورثَانِ كافرًا

ولا مملوكًا من مسلمٍ، ولا يحجبان به وقضى فيها عبدُ اللَّه رحمه اللَّه أنَّ للأمِّ السدسَ، ولعصبتها ما بقي، وكان يحجبهم، ولا يورثهم. قلتُ لأحمدَ: بقولِ عليٍّ وزيد تقول؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2970) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاقُ عن مجوسي مَاتَ، ولم يدع إلَّا ابن عمّهِ مسلمًا. قالَ: له المالُ، حديث معاذ، ومعاوية، وابن معقل -رضي اللَّه عنهم- يُستعمل هاهنا (¬1). قال إسحاق: هذا عبد الرزاق يقولُه عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، وعن أبي سعيدٍ الخدري رحمه اللَّه. "مسائل الكوسج" (3015) قال صالح: وأهل الذمة: لا يورثون إلا من ولد في الإسلام. "مسائل صالح" (1144) قال أبو داود: رأيت أحمد يحتجُّ في العبد لا يرثُ امرأته بحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من باع عبدًا له مال فماله للبائع" (¬2). "مسائل أبي داود" (1423) ¬

_ (¬1) حديث معاذ: رواه الإمام أحمد 5/ 230، وأبو داود (2912)، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (505، 506) وانظر: "الضعيفة" (1123). أما حديث معاوية وابن معقل: فرواه سعيد بن منصور 1/ 67 (147) وابن أبي شيبة 6/ 287 (31442). (¬2) رواه الإمام أحمد 9/ 2، والبخاري (2379)، ومسلم (1543) من حديث عبد اللَّه ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-.

قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن المدبر يرثُ؟ قال: المدبرُ أىُّ شيء يرثه؟ ! المدبَّرُ عبدٌ. "مسائل أبي داود" (1424) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: الآية إذا كانت عامة؟ فقال: تفسيرها: بالسنة، وبالحديث، إذا كانت الآية ظاهرة، فينظر ما جاءت به السنة هي دليل على ظاهر الآية مثل قوله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11] فلو كانت الآية على ظاهرها ورث كل من وقع عليه اسم ولد، فلما جاءت السنة أن لا يرث مسلم كافرًا ولا كافر مسلمًا (¬1) وأنه لا يرث قاتل، ولا عبد مكاتب هي دليل على ما أراد اللَّه من ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (1290, 1600) قال الخلال: أخبرني حرب قال: قلت لأحمد: هل يتوارث أهل ملتين؟ قال: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم. وقال أخبرني عصمة قال: حدثنا حنبل قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت: يرث المسلم الكافر؟ قال: لا يرثُ المسلم الكافر ولا الكافر المسلم. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 405 (923 - 924) قال الخلال: أخبرني الميموني أن أبا عبد اللَّه قال: أما الأحاديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يرثُ مسلمٌ كافرًا" إنما عمرو بن شعيب قط يرويه: "لَا يَتَوَارَثُ أَهْل ملَّتَيْنِ". ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 200، والبخاري (4238)، ومسلم (1614) من حديث أسامة بن زيد رحمه اللَّه.

قوم يقولون: المسلمون بالمسلمين أظنه قال: وأهل الكتاب، شك أبو بكر الخلال قال: واحتج قوم في الملتين قالوا: وإن كانوا أهل كتاب فهي ملل مختلفة أحكامهم، لهؤلاء حكم ولهؤلاء حكم. فلم يرثوا بعضهم من بعض. قال عبد الملك: ورأيت أكثر مذهبه أن لا يورث بعضهم من بعض. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 405 (926) قال الخلال أخبرني محمد بن أبي هارون أن الحسن بن ثواب حدثهم قال: سُئل أبو عبد اللَّه -وأنا أسمع-: هل يرثُ المسلمُ الكافر؟ قال: لا يتوارثُ أهلُ ملَّتين. وقال أخبرني حرب أنه قال لأبي عبد اللَّه: واليهودي يرث النصراني؟ فرخّص في ذلك. قال أبو بكر الخلال: لا يتوارث أهل ملتين، فحكى الميموني عن أبي عبد اللَّه في أول المسألة ما يدل من قول أبي عبد اللَّه واحتجاجه أنه قال: أن يورثهم في آخر مسألة. قال: ورأيت أكثر مذهبه أنه لا يورثهم. وهذا كلام غير محكم، إنما هو شيء ظنّه عن أبي عبد اللَّه والحسن بن ثواب، قال عنه: لا يتوارث أهل ملتين. وأما حرب فقد قال: إني قلت له: لا يتوارث أهل ملتين؟ قال: لَا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ. وحكى إسحاق بن منصور أنه لا يورثهم، وهو قديم السماع. وحكى حرب أنه يورث بعضهم من بعض.

وهو أشبه بقول أبي عبد اللَّه واحتجاجه في أمورهم كلها أن يورث بعضهم من بعض ولَا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ ولا الكافرُ المسلمَ. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 406 (928 - 929) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال سألت أحمد عن مجوسيّ أسلم وله ابن مجوسيّ ثم مات وله مال وليس له وارث إلَّا ابنه أيرثه؟ قال: لا. قلت: فما يصنع إذا لم يكن له وارث غير ابنه، والابن مجوسيّ؟ قال: يجعل في بيت المال. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 409 (939) قال إبراهيم الحربي: سئل عن رجل حر مات وليس له وارث، وله أخ مملوك تحته زوجة حرة؟ فقال: يؤمر المملوك بأن يُمسك عن وطء زوجته، حتى يُعلم: هل بها حمل أم لا؟ فإن بان بها حمل فهو يرث عمه الحر، وإن لم يكن بها حمل كان ميراثه لبيت المال. قيل له: إلى كم يمسك عن وطئها؟ قال: حتى تحيض، ويتبين عندها حملٌ. "الطبقات" 1/ 233 روى عنه صالح، وعبد اللَّه: لا يرث العادل الباغي، ولا يرث الباغي العادل. "المغني" 9/ 152 ونقل يعقوب بن بختان في الذمي والحربي: يرثه ورثته. "الفروع" 5/ 51

1919 - الاختلاف في ميراث المرتد وتارك الصلاة

1919 - الاختلاف في ميراث المرتد وتارك الصلاة قال إسحاق بن منصور: قلتُ: ميراثُ المرتدِّ للمسلمينَ، يقتلُ ويُؤخذُ مالُه؟ قال: ماتَ أو قُتِلَ واحدٌ؟ لأنَّ دمه كان مباحًا، واحتجَّ بحديثِ عمِّ البراء بن عازب -رضي اللَّه عنهما- (¬1). قال إسحاق: الذي نأخذُ به: ميراثُه لورثته من المسلمينَ. "مسائل الكوسج" (2952) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المرتدُّ لمن ميراثُه إذا قُتلَ أو مَاتَ؟ قال: للمسلمينَ، الموتُ والقتلُ سواءٌ. قال إسحاق: هو لورثتِه مِنَ المسلمينَ. "مسائل الكوسج" (3233) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت أبا الصباح موسى بن أبي كثير قال: سألت سعيد بن المسيب عن المرتد؟ فقال: ويلك، نرثهم ولا يرثونا. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 290، وأبو داود (4457)، والترمذي (1362) وقال: حسن غريب، والنسائي 6/ 109، وابن ماجه (2607) من حديث البراء بن عازب رحمه اللَّه أن عمه مرَّ به ومعه لواء فقال: أين تريد؟ قال: بعثني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى رجل تزوج امرأة أبيه أن آتيه برأسه وآخذ ماله. قال ابن القيم في "تهذيب السنن" 6/ 226 بعد أن ساق كلام المنذري في اختلاف طرقه وألفاظه: وهذا كله يدل على أن الحديث محفوظ، ولا يوجب تركه، فالحديث له طرق حسان يؤيد بعضها بعضا. والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي" (1098)، و"صحيح ابن ماجه" (2111)، و"الإرواء" (2351).

قال أبي: ليس غير هذا الحديث عن موسى بن أبي كثير في كتاب غندر. "مسائل صالح" (779) قال صالح: قال أبي: والمرتد لا يرثه ورثته، لأنه يقتل على الكفر، وليس بين الناس اختلاف أن المسلم لا يرث الكافر. "مسائل صالح" (1180) قال أبو داود: سئل أحمد وسمعته عن ميراث المرتد، قال: كنت مرة أقول لا يرثه المسلمون، ثم أجبن عنه. "مسائل أبي داود" (1422) قال الخلال: أخبرني حرب قال: سألت أحمد عن ميراث المرتد، قال: اختلفوا فيها، دعها. وقال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال أنه قال لأبي عبد اللَّه: المرتد من يرثه؟ قال فيه: قال بعضهم: يدفع إلى أهل الدَّين الذي انتحله. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 518 (1303 - 1304) قال الخلال: أخبرنا محمد بن أبي هارون قال: حدثنا أبو الحارث أنه سأل أبا عبد اللَّه عن ميراث المرتد؟ قال: لا يرثه أحد من المسلمين. وقال أخبرني محمد بن أبي هارون في موضع آخر قال: حدثنا أبو الحارث أنه سمع أبا عبد اللَّه يُسأل عن ميراث المرتد أيضًا؟ قال: ما أدري قد كنت أذهب فيه إلى أنه لا يرثه أحد من المسلمين، وأنا اليوم كأني أهاب الجواب فيها، ودعها. وقال: أخبرنا العباس بن أحمد اليمامي بطرسوس قال: سُئل

أبو عبد اللَّه عن المرتد من يرثه؟ فقال: كنت أقول يرثه أهل ملته ثم جبنت عنه بعد. وقال أخبرني محمد بن أحمد القاضي بطرسوس قال: حدثنا موسى بن سعيد بطرسوس أن أبا عبد اللَّه قال في ميراث المرتد: هو للمسلمين. وقال أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم قال: حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال لأبي عبد اللَّه: فإن مات على نصرانيته؟ قال: لا يعجبني أن يأخذ المسلمون منه شيئًا. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 518 - 519 (1306 - 1310) قال الخلال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال: أن أبا عبد اللَّه قال في ميراث المرتد: نذهب إلى أنه لا يرثه ورثته. وقال: أخبرني محمد بن أحمد بن القاسم الأزدي قال: حدثنا طاهر بن محمد التميمي: أنه سأل أبا عبد اللَّه عن المرتد: هل يرثه ورثته من المسلمين أم لا؟ قال: لا يرثونه. قال أبو بكر الخلال: روى هذِه المسألة عن أبي عبد اللَّه جماعة كثيرون على التوقف، وعلى أن ميراثه للمسلمين، وغير ذلك من المدافعات لقول يتقلده. وروى كل رجل منهم عن هذِه المسألة في ثلاثة مواضع، وأربعة وأقل على أقاويل كثيرة، ثم رأيت جماعة من أصحابه أيضا قد حكوا عنه: أن ميراثه لبيت المال وهو أشبه بقوله، ومن هؤلاء أيضا من حكى عنه ذلك القول الأول وهذا القول الثاني واحتجّ له. وثبت على ميراث المرتد لبيت مال المسلمين. قال: إلى هذا القول أذهب -أعني: القول الأخير- وقد ثبت عنه.

وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: قلت لأبي عبد اللَّه ميراث المرتد؟ قال: كنت أقول فيه قولا ثم جبنت عنه. ثم قال: هو كما ترى يقتل على كفره فكيف يرثه المسلمون؟ قلت: كيف تقول: ميراثه في بيت المال. قال: نعم. وضعَّف أبو عبد اللَّه الحديث الذي روي عن علي رحمه اللَّه أن ميراث المرتد لورثته من المسلمين (¬1) والحجة لقول أبي عبد اللَّه هذا قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "لَا يَرِثُ المُسْلِم الكَافِرَ" (¬2) والحجة لقوله في بيت المال: في الذي تزوج امرأة أبيه فقتله وأخذ ماله؛ لأنه استحل أستحلالًا حين تزوج تزويجًا. قال الأثرم: وحكى رجل لسليمان بن حرب عن أبي عبد اللَّه أنه قال: ميراث المرتد لورثته من أهل الدين الذي ارتدّ إليه. فقال لي سليمان: كيف قول أبي عبد اللَّه في ميراث المرتد؟ قلت: يقول: ميراثه في بيت المال. فقال: قد أنكرت أن يقول أبو عبد اللَّه قولا لا يشبه قول الفقهاء. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 340، وابن أبي شيبة 6/ 282 (31376)، والدارمي في "مسنده" 4/ 1986 (3118)، والبيهقي 6/ 254 كلهم من طرق عن الحجاج بن أرطأة، عن الحكم، عن علي. قال البيهقي: هذا منقطع وراويه عن الحكم غير محتج به، ورواه أيضا شريك، عن مغيرة، عن علي رحمه اللَّه، وهو أيضا منقطع. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 205، والبخاري (4283)، ومسلم (1614) من حديث أسامة بن زيد.

وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه (يقول في المرتد: ماله فيء) (¬1). قال: وسألت أبا عبد اللَّه قلت: المرتد؟ قال: كنت أقول ماله في بيت المال ثم هبته. قلت: فما ترى؟ قال: أكثر علمي وأكثر ما هو عندي أنه لبيت المال لحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يَرثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ". وهذا إنما قتل لكفر وأنه مرتد. وقال أخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى قالا: حدثنا أبو طالب. . . وأخبرني محمد بن أبي هارون قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم أن أبا عبد اللَّه قال: لا أرى أن يرثه المسلمون. زاد أبو طالب قال: يجعل في بيت المال؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بقتل الذي تزوج امرأة أبيه أن يقتل، وأن يؤخذ ماله، ودمه مباح، وماله للمسلمين مباح، لَا يَرثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا أن أبا عبد اللَّه قال: يجعل في بيت المال. وذكر الرجل الذي تزوج امرأة أبيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بقتله وأن يؤخذ ماله. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 519 - 521 (1313 - 1318) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي أن أبا عبد اللَّه قيل له: فإن مات على نصرانيته؟ ¬

_ (¬1) السياق غير منضبط في طبعة مكتبة المعارف، وما أثبتناه من طبعة دار الكتب العلمية تحقيق: سيد كسروي حسن.

قال: لا يعجبني أن يأخذ أحد من المسلمين منه شيء، يصير ماله إلى بيت المال. فقيل لأبي عبد اللَّه: لا يعطي للورثة؟ فقال: على أي شيء يقتل؟ ! لا يرث مسلم كافرًا، يجعل في بيت المال. وقال: أخبرني عبد الملك الميموني قال: خرج إلينا يومًا أبو عبد اللَّه بعد طلوع الفجر قال عم أبي عبد اللَّه: يا أبا عبد اللَّه، المرتد أليس يصير ماله في بيت المال؟ فسمعته يقول: ما كان في نفسي شيء أكبر من هذا لا يورث، أرجع فيه إلى الأصول وأحكامه: لا يتوارث أهل ملتين، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول في الذي تزوج امرأة أبيه فأمر بقتله وأخذ ماله. قلت: تزويجه لمرأة أبيه أقل من الارتداد، قال: ثم ذكر أبو عبد اللَّه قول أهل المدينة، وقول عليّ فيه، وأن الناس يختلفون في المرتد. ورأيته هو ثبت على رأيه: إنه لا يورث؛ لأنه لا يتوارث أهل ملتين. وقال: أخبرني محمد بن أحمد الصائغ قال: حدثنا محمد بن العباس النسائي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن ميراث المرتد إذا قتل أو مات؟ قال: هو في بيت المال. فقلت له: حديث علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- أنه ورث المرتد؟ قال: حديث مستورد؟ (¬1) قلت: نعم. قال: ذا خطأ. قلت: إلى أي شيء ذهبت، قال: إلى حديث أسامة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يَرثُ المُسْلِمُ الكَافرَ ولا الكافرُ المسلمَ". ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 100 - 101 (311)، وابن أبي شيبة 6/ 281 (31375)، والبيهقي 6/ 254، وقد تقدم.

وقال أخبرنا عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه قال: والمرتد إذا لحق بدار العدو يوقف ماله فإن مات لا يرثه ورثته المسلمون؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا يَرثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ" فإن رجع كان ماله له، فإن كان له ورثة كفار، وإلا في بيت المال. قلت له: فإذا وضع في بيت المال أليس المسلمون يرثونه؟ قال: أرأيت إن مات اليهودي والنصراني والمجوسي وليس له وارث أليس يجعل ماله في بيت المال؛ لأن المسلمين يقاتلون من ورائهم، فهكذا المرتد. وقال: أخبرني علي بن الحسن بن هارون في كتاب "الفرائض" لحنبل قال: حدثنا حنبل سمع أبا عبد اللَّه قال: ميراث المرتد. فذكر أشياء يحتجون (. .) (¬1) راوية الأثرم. وزاد حنبل هاهنا ثم قال: الرجل يقتل على كفر فكيف يرثه المسلمون؟ قيل له: فكيف تقول والذي تذهب إليه في ميراثه؟ قال: في بيت المال. قال: وليس يصح الحديث الذي يروى عن علي رحمه اللَّه أن ميراث المرتد لورثته من المسلمين، ليس بشيء عندي. وقال: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يَرثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ". وقال: الحجة أنه في بيت المال. الذي تزوج امرأة أبيه فقتله وأخذ ماله؛ لأنه استحل استحلال حين تزوج تزويجًا. فحلّ ذلك دمه وماله للسلطان. قال حنبل في موضع آخر: قال أبو عبد اللَّه: مال المرتد لا يورث، هو فيء للمسلمين. ¬

_ (¬1) علق سيد كسروي محقق "أحكام أهل الملل" قائلا: سقط ما بعد ذلك من الناسخ في الأصلين (أ، ب).

أخبرنا الخضر بن أحمد قال: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد قال: قال أبي: والمرتد أما الميراث فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا يَرثُ الكَافِرَ المُسْلِمُ ولا المسلمُ الكافرَ". وقد قال بعض الناس: نرثهم ولا يرثونا فلا يكون ارتداده (مدة) (¬1) مقامه على الكفر حيث يفرق بينهما إذا أسلمت. وقال: أخبرنا محمد بن المنذر بن عبد العزيز قال: حدثنا أحمد بن الحسن الزندي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن ميراث المرتد؟ قال: في بيت المال. قلت: حديث معاذ أنه جعل ورثته للمسلمين؟ (¬2) فقال: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- آكد: "لَا يَرثُ الكَافِرَ المُسْلِمُ ولا المسلمُ الكافرَ". "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 521 - 523 (1320 - 1326) قال الخلال حدثنا العباس بن أحمد اليمامي بطرسوس، قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الحديث الذي يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يكفر أحد من ¬

_ (¬1) بياض في طبعة مكتبة المعارف والمثبت من طبعة "دار الكتب العلمية" تحقيق سيد كسروي. (¬2) روى الإمام أحمد 5/ 230، وأبو داود الطيالسي 1/ 462 (569)، وابن أبي شيبة 6/ 287 (31441)، وابن أبي عاصم في "السنة" (954)، والبيهقي 6/ 254، والحاكم 4/ 383 كلهم عن شعبة، عن عمرو بن حكيم، عن ابن بريدة، عن يحيى ابن يعمر، عن أبي الأسود الديلي، عن معاذ بن جبل أنه أتى في ميراث يهودي وله وارث مسلم فقال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "الإسلام يزيد وينقص". قال البيهقي: كذا رواه شعبة. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقد ضعفه الألباني في "ظلال الجنة" لانقطاعه بين أبي الأسود ومعاذ، وانظر: "الضعيفة" 23/ 1. وقد روى أبو داود القدر المرفوع (2912)، وقد ضعفه أيضا الألباني في "ضعيفه" (505).

1920 - من أسلم على ميراث قبل أن يقسم

أهل التوحيد بذنب" (¬1). قال: موضوع لا أصل له، كيف بحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من ترك الصلاة فقد كفر" (¬2) فقال: أيورث بالملة؟ قال: لا يرث ولا يورث. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 535 (1361) 1920 - من أسلم على ميراث قبل أن يقسم قال إسحاق بن منصور: سُئل إسحاقُ عن مجوسي تزوجَ مجوسيةً صغيرة، ثم أسلمَ قبلَ أنْ يدخلَ بها، ومات قبل أنْ تدرك الجارية؟ فقال: لها المهرُ بالعقدِ، ولا ميراثَ بينهما. قيل: فإنْ أسلمَتْ في العدةِ؟ قال: هذِه صغيرةٌ لا تعقلُ الإسلامَ، فإنْ كانت كبيرةً فأسلَمَتْ قبلَ أنْ يقسم الميراث فلها الميراث قبل انقضاءِ العدة أو بعده. "مسائل الكوسج" (1202) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من أسلم على ميراثٍ قبل أن يقسم. قال: يُقْسَمْ له ما لم يُقسَّم الميراث. ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (2532) من حديث أنس أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: "ثلاث من أصل الإيمان: الكف عمن قال: لا إله إلا اللَّه، لا نكفره بذنب ولا نخرجه من الإسلام بعمل. . . "، وضعفه الألباني في "المشكاة" (59)، و"ضعيف الجامع" (2532). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 370، ومسلم (82) من حديث جابر عبد اللَّه بلفظ: "بين العبد وبين الشرك والكفر ترك الصلاة".

قال إسحاق: كما قال وأجاد المذهب إذ خالف هؤلاء الجهلة. "مسائل الكوسج" (3194) قال صالح: قلت: الرجل يسلم على ميراث، هل يرث؟ قال: يروى عن عمر وعثمان أنهما كانا يورثانه (¬1). وقال سعيد بن المسيب: قد بددت المواريث (¬2). "مسائل صالح" (994) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل؟ عن ذمي مات وله دين ثمن خمر فأسلم ابنه؛ أيأخذه؟ قال: نعم يأخذه. "مسائل أبي داود" (1262) قال ابن هانئ (¬3): وسئل عن أقوام نصارى أوقفوا على البيعة ضياعًا كثيرة، فمات النصارى، ولهم أبناء نصارى، ثم أسلموا بعد ذلك -الأبناء- والضياع بيد النصارى، لهم أن يأخذونها من أيدي النصارى؟ قال أبو عبد اللَّه: نعم يأخذونها من أيديهم، وللمسلمين أن يعينوهم حتى يستخرجوها من أيديهم. "مسائل ابن هانئ" (1379) قال الخلال: أخبرني حرب قال: سألت أحمد عمن أسلم على ميراث ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 26 (9894)، والطبراني 22/ 243 (635) موقوفا على عمر وعثمان -رضي اللَّه عنهما-، ورواه سعيد بن منصور 1/ 75 (185) موقوفا على عثمان -رضي اللَّه عنه-. (¬2) رواه سعيد بن منصور 1/ 76 (188)، وابن أبي شيبة 6/ 304 (31619) بلفظ: "يرد الميراث لأهله". (¬3) ذكر الخلال في "أحكام أهل الملل" (948 - 949) هذِه الرواية عن يعقوب بن بختان وابن هانئ أيضا.

قبل أن يقسم؟ قال: دع هذِه المسألة لا أقول فيها شيئًا. وقال: أخبرني محمد بن علي بن الحسن بن هارون قال: حدثنا حنبل قال: قال أبو عبد اللَّه: من أسلم على ميراث قبل أن يقسم أنه يورث من ذلك الميراث. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: ومذهب أبي عبد اللَّه أنه من أسلم على ميراث قبل أن يقسم أنه يورث. قال الخلال: أخبرني الميموني أنه سأل أبا عبد اللَّه: من أسلم على ميراث؟ قال: مسألة مشتبهة من يحتج بها يقول: الكفن من جميع المال. ثم الوصية ثم الميراث، ومن قال الحامل المتوفى عنها زوجها نفقتها من جميع المال. هذِه حجة لمن ورثه، يحتج بعد الموت، بهذِه الأشياء يقول: أليس إنما وجبت الوصية والكفن بعد الموت، فإسلام هذا أكبر إذا أسلم قبل أن يقسم. قال أبو بكر الخلال: ومذهب أبي عبد اللَّه في مسألة عبد الملك: أنه يرث إذا أسلم على ميراث قبل أن يقسم لأنه يذهب إلى هذِه الأشياء التي احتج بها من الكفن والوصية وغير ذلك. وقال أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه وسأله عمن أسلم على ميراث قبل أن يقسم؟ قال: إذا أسلم على ميراث قبل أن يقسم فله الميراث.

1921 - من أسلم عند موته, يرثه أهله؟

قال: فإذا أعتق العبد على ميراث؛ لم يقسم له. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 411 - 412 (946 - 947) وروى أبو طالب عنه؛ في يهودي مات أبواه وهو صغير: فهو مسلم ويرثهما. "الروايتين والوجهين" 2/ 370 1921 - من أسلم عند موته, يرثه أهله؟ قال إسحاق بن منصور: سألتُ أحمد عن الرجلِ يُعرضُ عليه الإسلامُ عند الموتِ يقر ويشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا رسول اللَّه أيرثه وارثة الإسلام؟ قال: نعم، ومن يقول غير هذا، هؤلاء في مذهبهم لا ينبغي أن يكون إلا هكذا، ولكن العجب. أي: لا يوافقون. "مسائل الكوسج" (3410) 1922 - ميراث الحربي المستأمن نقل أبو الحارث عنه في الحربي المستأمن يموت هنا: يرثه ورثته. ونقل عنه يعقوب في الذمي والحربي مثل ذلك. "الفروع" 5/ 51, "معونة أولي النهى" 8/ 279 نقل عنه الأثرم فيمن دخل إلينا بأمان فقتل أنه يبعث بديته إلى ملكهم حتى يدفعها إلى ورثته. "معونة أولي النهى" 8/ 279

1923 - الأسير يرث؟

1923 - الأسير يرث؟ قال إسحاق بن منصور: قلتُ: تُورثُ الأسيرَ؟ قال: إي لعمري. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2946) قال إسحاق بن منصور: حَدَّثَنَا إسحاقُ قال: أخبرنا أحمد قال: حَدَّثنَا إسماعيل، عن داودَ، عن الشعبي، عن شريح في ميراث الأسير: إن أحوج ما يكون إلى ميراثه وهو أسير (¬1). قلتُ: ما تقولُ أنتَ؟ قال: ما له لا يرث؟ ! قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2978) 1924 - إذا كان رقيقًا حين موت موروثه نقل عنه محمد بن الحكم: ومن كان رقيقًا حين موت موروثه، فأعتق قبل القسمة، لم يرث. "المغني" 9/ 161 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 452، وعلقه البخاري جزمًا قبل الرواية رقم (6763)، ووصله ابن حجر في "تغليق التعليق" 5/ 227.

1925 - راجم أخته، يرث؟

1925 - راجم أخته، يرث؟ قال أحمد في رواية أبي النضر وبكر بن محمد في أربعة شهدوا على أختهم بالزنا، فرجمت ورجموا مع الناس: فهم غير قتلة، يرثونها. "الأحكام السلطانية"، 57، "الروايتين والوجهين" 2/ 73، "المغني" 9/ 152، "معونة أولي النهى" 8/ 315

باب ما جاء في أقسام الإرث

باب ما جاء في أقسام الإرث 1926 - من يرث ومن لا يرث من النساء قال إسحاق بن منصور: سمعتُ -يعني: سفيان: لا يرثُ من النساءِ إلا ستة: الابنة، وابنة الابن، والأخت، والأم، والجدة، والمرأة. قال أحمد: هذا ميراثُ السهمِ، من يفرض لهن. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3013) 1927 - ميراث الجد قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسحاقُ قال: أخبرنا أحمدُ قال: حَدَّثنَا يَزِيدُ بن هارون قال: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ -رضي اللَّه عنه- قال: جاء رَجُل إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقال: إِنَّ ابني مَاتَ، فَمَا لِي مِنْ مِيرَاثِهِ؟ قال: "لَكَ السُّدُسُ". فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ، قال: "لَكَ سُدُسٌ آخَرُ" فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ، قال: "إِنَّ السُّدُسَ الآخَرَ لك طُعْمَةٌ" (¬1). قُلْتُ لأحمدَ: مَا تفسيرُ هذا؟ قال: كما ترى، هو أمرٌ مظلم. قال إسحاقُ بنُ منصور: ثنا يزيد، وعبد الصمد نحوه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 428، 436، وأبو داود (2896)، والترمذي (2099)، والنسائي في "الكبرى" (6337) قال الترمذي: حسن صحيح. وأعله المنذري في "المختصر" 4/ 168 وقال: الحسن لم يسمع من عمران حصين، والحديث ضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (500).

قال إسحاق: لا، إنما قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "طُعْمَةٌ" يقول: إذا أخذْتَ فريضتك، فقدِ استوفيت حقكَ، فما فضل فلبيتِ المالِ، فما كان لبيت المال فلنا أنْ نعطيَ من رأينا. "مسائل الكوسج" (2971) قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسحاقُ قال: أخْبرنَا أحمدُ قال: حَدَّثنَا وكيع قال: حَدَّثنَا ابن أبي خالد، عن الشعبي أنَّ عليًّا -رضي اللَّه عنه- أُتي في ستة إخوة وجد فأعطاه السدس (¬1). قلتُ لأحمدَ: في قولِ عليٍّ -رضي اللَّه عنه-: فإنْ كانوا ثلاثة إخوة أو أخوين، أو أربعة إخوة؟ قال: يُقاسمهم. قال إسحاق: الذي نختارُ أنْ يكونَ الجد أبًا، هو أقوى في الاتباع والتقليد والنظر في المذاهبِ. "مسائل الكوسج" (2972) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد في بني الأخ والجد: لا يكونوا بمنزلةِ الآباءِ، لم ينزلهم بمنزلةِ الآباءِ إلَّا علي -رضي اللَّه عنه-. قال إسحاق: كما قال، والجدات في الأحوالِ كلها. "مسائل الكوسج" (2999) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: عليٌّ إلى كم كان يقاسمُ الجد مع الإخوةِ؟ قال أحمد: إلى ستةٍ (¬2)، فإذا كان أصحاب الفرائضِ لم ينقصة من السدس. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 262 (31212). (¬2) رواه عبد الرزاق 10/ 268 (19064)، وسعيد بن منصور في "سننه" 1/ 53 (76)، =

قلت: وعمر -رضي اللَّه عنه-. قالَ: كان يقاسمُ إلى الثلثِ (¬1). قلتُ: وابنُ مسعودٍ -رضي اللَّه عنه-؟ قال: رجعَ إلى قولِ عمر -رضي اللَّه عنه- الثلث (¬2). قُلْتُ: وزيدُ بنُ ثابتٍ -رضي اللَّه عنه-؟ قال: إلى الثلثِ، إنَّما هي فرائض عمر -رضي اللَّه عنه- (¬3). قال إسحاق: هو كما قال فيمن لا يرى الجدَّ أبًا. "مسائل الكوسج" (3000) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: مع مَن يرثُ الجدُّ مِن أهلِ الفرائضِ؟ قال: يرثُ الجدُّ مع البنتِ، مع الأخوات، مع الجدةِ. قال أحمد: يَحجبُه الأب. قال إسحاق: كما قال في قولِ مَن يجعلُ الجد أخًا. "مسائل الكوسج" (3002) ¬

_ = وابن أبي شيبة 6/ 262 (31216)، والدارمي 4/ 1919 (2965)، والبيهقي 6/ 249. عن إبراهيم أن عليًا -رضي اللَّه عنه- كان يقاسم الجد مع الإخوة ما بينه وبين السدس. (¬1) رواه مالك في "الموطأ" ص 316، وعبد الرزاق 10/ 267 (19062) وسعيد بن منصور 1/ 49 (59)، وابن أبي شيبة 6/ 262 (31209)، والدارمي 4/ 1915 (2958)، والبيهقي 6/ 249. (¬2) رواه عبد الرزاق 10/ 268 (19065)، وسعيد بن منصور 1/ 49 (59)، وابن أبي شيبة 6/ 262 (31209)، والبيهقي 6/ 249. (¬3) رواه عبد الرزاق 10/ 266 - 267 (19061)، وابن أبي شيبة 6/ 262 (31213)، والدارمي 4/ 1923 (2971).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أختٌ لأبٍ وأمّ، وأخٌ، وأختٌ لأبٍ، وجدٌّ؟ قال: للأختِ للأب والأم النصفُ، وللجدِّ النصف في قولِ عبدِ اللَّه رحمه اللَّه (¬1)، وفي قول عليٍّ -رضي اللَّه عنه-: للأخت من الأب والأم النصفُ، وقاسم بالأخ والأخت والجد (¬2). وقول زيد بن ثابت -رضي اللَّه عنه-: يقاسم بهما جميعًا ثم ترد الأخت والأخ للأب ما في أيديهما حتَّى تستكملَ الأختُ منَ الأب والأم النصفَ (¬3). قال أحمد: كذاك أقولُ. قال إسحاق: هذا إنَّما هو في قولِ مَن يرى الجدَّ أخًا، فأمَّا نحن فنراه كالأب، لا يرث الإخوة والأخوات معه أبدًا، وقد حَكم هؤلاء الذين يرونه أخا بحكمِ الإبوةِ في التزويج والبيع عليهم، وأشباه ذَلِكَ، وفي الاتباع هو أقوى؛ لأنَّ أبا بكرٍ، وعثمان، وأبا موسى الأشعري، وعائشةَ، وابنَ عباسٍ، وابن الزبير -رضي اللَّه عنه- اجتمعوا على أنَّه أبٌ، وعمر -رضي اللَّه عنه-، لا يحتج بقوله في ذَلِكَ لما كان منه فيه قضايا مختلفة (¬4). وقد حكى عبيدة ذَلِكَ، وإنما يعني مائة قضية في ثلاث قضايا. "مسائل الكوسج" (3003) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 268 - 269 (19065)، وابن أبي شيبة 6/ 263 (31222). (¬2) رواه عبد الرزاق 10/ 268 (19064)، وابن أبي شيبة 6/ 264 (31226)، والدارمي 4/ 1919 (2965)، والبيهقي 6/ 250. (¬3) رواه عبد الرزاق 10/ 267 (19063)، وابن أبي شيبة 6/ 264 (31226) بنحوه. (¬4) انظر: "مصنف عبد الرزاق" 10/ 261 - 273، "سنن سعيد بن منصور" 1/ 47 - 54، وابن أبي شيبة 4/ 260 - 261. لمروياتهم إلا عائشة -رضي اللَّه عنها-.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ في أخٍ لأب وأم، وأخٍ لأب، وجد: للأخ للأب والأم النصفُ، وللجدِّ النصفُ، وسقطَ الأخُ للأب في قولِ عليٍّ -رضي اللَّه عنه-. قال أحمد: زيد يقاسمُ بالأخ للأب الأخ للأب والأم، ثم يرد ما في يديه على الأخ للأب والأم. قال إسحاق: في قوله هكذا. "مسائل الكوسج" (3004) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: كان عليٌّ -رضي اللَّه عنه- لا يزيدُ الجد مع الولدِ على السدس إلَّا أن لا يكونَ غيره، فَسِّرْهُ لي. قال أحمد: كأنَّه ابنة وجد، فيعطي الابنةَ النصفَ، ثم يرد ما بقي على الجدِّ. قال إسحاق: صَيَّره عَصَبَةً هاهنا، فهذا القول تَقْوِيةٌ لمن رأى الجد أبًا. "مسائل الكوسج" (3005) قال صالح: قال أبي: كان عمر يجعل للجد السدس، ثم جعل له الثلث بعد (¬1)، وكان علي يجعل له الثلث، ثم جعل له السدس بعد (¬2). "مسائل صالح" (1140) ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 49 (59). (¬2) رواه البيهقي 6/ 249.

1928 - مع من يرث الجد من أهل الفرائض؟

1928 - مع من يرث الجد من أهل الفرائض؟ قال صالح: وقال: ما كان أحد ينزل بني الأخ مع الجد بمنزلة الأخ -اللهم علي- يرويه إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي (¬1). "مسائل صالح" (9141) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئل عن رجل ترك جدَّه وابن ابنه؟ قال: للجدِّ السدس. "مسائل أبي داود" (1421) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: الجد ما يقول فيه؟ قال: فيه اختلاف، أقول: قول زيد بن ثابت، ليس الجد أبًا. "مسائل عبد اللَّه" (1439) نقل أبو طالب عنه: أقول بقول زيد: ليس الجد أبًا، لقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "أفرضكم زيد" (¬2). "الفروع" 5/ 11 1929 - ميراث الجدة قال إسحاق بن منصور: قلت: تورثُ الجدة مع ابنهَا؟ قال: نعم تورث، هي أكثر في الرواة. قال إسحاق: كما قال، قد صَحَّ ذَلِكَ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّها أوَّلُ جدة ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 262 (31212) عن وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد به. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 281، والترمذي (3791) وقال: حديث حسن صحيح. وابن ماجه (154).

ورثَتْ في الإسلام (¬1). "مسائل الكوسج" (2948) قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا أحمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ، ثنا أبو شهاب، عن الحسنِ بن عمرو، عن الحكم عن علىٍّ -رضي اللَّه عنه- في ابنتينِ، وأبوين، وامرأة قال: صار ثُمنها تُسعا (¬2). قلتُ: ما تقولُ؟ تقول الفريضة؟ قال: نعم. "مسائل الكوسج" (2967) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: أم أب، وأم أم؟ قال: كان زيد إذا كانت أم الأم أبعد، أشرك بينهن -يعني: بين أم الأب وأم الأم- وأنا أرى أن يعطوا السدس. "مسائل ابن هانئ" (1452) ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (2102)، والبيهقي 6/ 226 من طريق محمد بن سالم، عن الشعبي، عن مسروق، عن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- في الجدة مع ابنها أنه قال: أول جدة أطعمها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سدسًا مع ابنها وابنها حي. قال الترمذي: لا نعرفه مرفوعًا: إلا من هذا الوجه. وقال البيهقي: محمد بن سالم يتفرد به هكذا. وضعفه الألباني في "الإرواء" (1687) بمحمد بن سالم وقال: قال الحافظ في "التقريب": ضعيف. (¬2) رواه عبد الرزاق 10/ 258 (19033)، وابن أبي شيبة 6/ 260 (31193)، والدارقطني 4/ 68، والبيهقي 6/ 253.

1930 - كم يرث من الجدات

1930 - كم يرث من الجدات قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كم تورثُ مِنَ الجدات؟ قال: ثلاث بيِّنٌ: ثنتانِ من قبلِ الأب، وواحدة من قبل الأمِّ. قال إسحاق: كما قال، وهنَّ أم أم أبيه، وأم أبي أبيه، وأم أم أمه، وتسقطُ أم أبي الأم. "مسائل الكوسج" (2947) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: أَدْنَى العصبةِ الابنُ، ثُمَّ ابن الابنِ، ثم الأب، ثم الجدُّ، ثم الأخ، ثم ابن الأخِ، ثم العم، ثم ابن العم، ثم الأدْنَى فَالأَدْنى؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2956) 1931 - ميراث البنات قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في ابنتينِ وابنةِ ابن وابن ابن؟ قال: أشركُ في هذا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2945) قال إسحاق بن منصور: حدثنا إسحاقُ قالَ: أخبرنَا أحمدُ قال: سمعتُ سفيانَ بنَ عيينة يقولُ: قال ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما-: أمر ليس في كتابِ اللَّهِ عز وجل، ولا سنة رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، تجدونه في النَّاسِ كلِّهم: ميراثُ الأخت مع البنتِ. وقرِئ عليه إسناده: سمعت مصعب بن فلان ابن الزبرقان قال: سمعتُ ابن أبي مليكة.

قال أحمد: قال عليٌّ: قال: حَدَّثَني مصعب بن عبد اللَّه بن الزبرقان (¬1) قلتُ: أليس تقولُ بقولِ معاذٍ -رضي اللَّه عنه-؟ (¬2). قال: نَعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2958) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول في ابنتين وأخت وابن أخ، قال: ليس لابن أخٍ شيءٌ. "مسائل أبي داود" (1413) قال ابن هانئ: قيل له: إن إسحاق قال في ابنة وأخت وعم: للابنة النصف وما بقي بين العم والأخت نصفين؟ قال: لا يعجبني. ثم قال: الأخوات مع البنات عصبة. "مسائل ابن هانئ" (1450) قال ابن هانئ: قيل له: كان إسحاق يقول في قول ابن مسعود: ما بقي للأخت، وقول ابن عباس: ما بقي فللعم. فأرى إذا كان كذلك أن يكون بينهم على الصلح نصفين. قال أبو عبد اللَّه: لا يعجبني ذلك. "مسائل ابن هانئ" (1449) ¬

_ (¬1) رواه الحاكم 4/ 337 وابن حزم في "المحلى" 9/ 257. (¬2) رواه البخاري (6734) أن الأسود بن يزيد قال: أتانا معاذ بن جبل باليمن معلما وأميرا، فسألناه عن رجل: توفي وترك ابنته وأخته فأعطى الابنة النصف والأخت النصف.

1932 - ميراث الإخوة لأب، والإخوة لأم مع الإخوة الأشقاء

1932 - ميراث الإخوة لأب، والإخوة لأم مع الإخوة الأشقاء قال إسحاق بن منصور: قلتُ: زوجٌ، وأمٌّ، وإخوة لأب وأم، وإخوة لأم، هل يشركُ بينهم؟ قال أحمد: أمَّا أنا فلا أشركُ بينهم. قال إسحاق: الشركةُ بينهم. "مسائل الكوسج" (2944) قال إسحاق بن منصور: حدثنا إسحاق فقال: أخبرنَا أحمدُ، عن وكيع، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ، عن عمر، وابن مسعودٍ، وزيد بن ثابت -رضي اللَّه عنهم-، قالوا في زوجٍ وأمٍّ، وإخوةٍ لأم، وأخوات لأب وأم أنهم كانوا يشركونَ بين الإخوةِ والأخوات للأب والأم مع الإخوةِ مِنَ الأمِّ في ثلثهم، وكانوا يقولون: لم يزدهم الأب إلا قربًا. وكانوا يجعلون ذكرَهُم وأنثاهم فيه سواء (¬1). قُلْتُ: ما تقولُ أَنْتَ؟ قال: لا أشركُ. قال أحمد: اختلفَ عن عمر، وعن ابن مسعودٍ، وعن زيدِ بنِ ثابتٍ في المشتركةِ هذِه. قال إسحاق: نقولُ بقولهم أنَّهم يشركون. قال إسحاق بن منصور: حدثنا إسحاقُ قال: أخبرنَا أحمدُ قال: حَدَّثنَا عبدُ الرحمنِ بنُ مهدي، عن سفيان، عن أبي قيس، عن هُزيل، عن عبدِ اللَّه ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 251 (19009)، وابن أبي شيبة 6/ 249 (31089)، والدارمي 4/ 1900 (2924).

-رضي اللَّه عنه- في زوج، وأم، وإخوة لأم، وإخوة لأب وأم أنه لم يشركْ بينهم (¬1). قال أبو قيس: رأيتُ الغلام عبدة بن معاوية. قلتُ: أليسَ هذا خلافًا لحديثِ منصورٍ؟ قال: نعم. قال إسحاق: نأخذُ بروايةِ منصورٍ. "مسائل الكوسج" (2959) قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسحاق قال: حَدَّثنَا أخبرنا أحمدُ قال: حَدَّثنَا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيمَ قال: كان عمر، وزيد، وعبدُ اللَّهِ -رضي اللَّه عنهم- يشركون، وكان عليٌّ -رضي اللَّه عنه- لا يشركُ (¬2). قُلْتُ: عثمانُ -رضي اللَّه عنه- (¬3) كان يشركُ في هذا؟ قال: نعم. قلتُ: وشريح كان يشركُ في هذا (¬4)؟ قال: نعم. قُلْتُ: ومسروق؟ (¬5) قال: نعم. ¬

_ (¬1) رواه عبد الزراق 10/ 252 (19013)، وابن أبي شيبة 6/ 250 (31100)، والبيهقي 6/ 230. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 249 (31096). (¬3) رواه عبد الرزاق 10/ 251 (19011)، سعيد بن منصور 1/ 40 (22)، وابن أبي شيبة 6/ 249 (31091)، والدارمي 4/ 1901 (1929). (¬4) رواه عبد الرزاق 10/ 258 (19034)، سعيد بن منصور 1/ 41 (25)، وابن أبي شيبة 6/ 249 (31092). (¬5) رواه سعيد بن منصور 1/ 41 (25)، وابن أبي شيبة 6/ 249 (31092).

قلتُ: وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ (¬1)؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قَالُوا. "مسائل الكوسج" (2960) قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسحاقُ قال: أخبرنا أحمدُ قال: حَدَّثنَا وكيع قال: حَدَّثنَا سفيانُ، عن الأعمش قال: كان ابن مسعودٍ -رضي اللَّه عنه- يقولُ في ابنةٍ، وابنة ابن، وابن ابن، وفي أخت لأب وأم، وأخت لأب، وإخوة لأب أن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- كان يقولُ: لهذِه النصفُ، ثم يُنظر، فإنْ كانَ إذا قاسم بها الذكورة أصابها أكثر من السدسِ لم يزدْها على السدسِ، وإنْ أصابَها أقل مِنَ السدسِ قاسمَ بها، يُلزمها الضرورة. وكان غيره من أصحابِ محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولون: لهذِه النصفُ، وما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين (¬2). قُلْتُ: ما تَقولُ أَنتَ؟ قال: لا أقولُ بهِ، ما بقي بينهم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2964) قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسحاق قال: أخبرنا أحمدُ قال: حَدَّثنَا محمد بن جعفر قال: حَدَّثنَا شعبةُ، عن عمرو بن مرة، عن إبراهيمَ، عن عبدِ اللَّهِ -رضي اللَّه عنه- أنَّه قال في رجلٍ مَاتَ وتركَ أخته لأمِّه وأبيه، وإخوته وأخواته لأبيه، قال: للأختِ للأب والأم النصفُ، وللأخوات من الأب ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 249 (31095). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 246 (31076).

السدسُ وما بقي فللإخوةِ من الأب (¬1)، وإنْ تركَ ابنته وبني ابنه ذكورًا وإناثًا، قال: لابنته النصفُ، ولبنات ابنه السدسُ، وما بقي فللذكورِ (¬2). وقال مسروق: للأخت من الأب والأم النصفُ، وما بقي فبين الإخوة والأخوات، للذكرِ مثلُ حظ الأنثيين، وفي الفريضة الأخرى مثل ذَلِكَ. فَقيلَ لمسروق: إنَّ عبدَ اللَّهِ يقولُ غير هذا. فقال: هكذا يصنعُ الناسُ (¬3). قُلْتُ: ما تقولُ أَنْتَ؟ قالَ: بقول زيدِ بن ثابتٍ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2965) قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسحاقُ قال: أخْبَرنا أحمدُ قال: حَدَّثنَا عبدُ الرحمنِ قال: حَدَّثنَا سفيان، عن معبدِ بنِ خالدٍ، عن مسروق، عن عبدِ اللَّهِ في بناتٍ، وبنات ابن، وبني ابن، وأخوات لأب وأم، وإخوة وأخوات لأب أنه كان لا يشركُ، وكانت عائشة -رضي اللَّه عنها- تشرك. قال سفيان: وبلغني أنَّ عليًّا كان يشركُ. قُلْتُ: ما تقولُ أنتَ؟ قال: بقول عائشة، وهو قول عليٍّ وزيد بن ثابت -رضي اللَّه عنهم-. ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 6/ 232. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 269 - 270 (31252). (¬3) رواه عبد الرزاق 10/ 252 (19013)، وسعيد بن منصور 1/ 39 - 40 (18، 19)، وابن أبي شيبة 6/ 245 - 246 (31072 - 31074)، والدرامي 4/ 1904 (2933) بنحوه.

قال إسحاق: الشركةُ أحبُّ إليَّ. "مسائل الكوسج" (2966) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الشركة ترى أن تشرك بين الإخوة من الأب والأم مع الإخوة للأم في الثلث؟ قال: لا يشرك بينهم، وأملى عليَّ أبي فقال: الحجة لمن لم يشرك بين الإخوة من الأب، والأم وبين الإخوة من أم أن يقول: لو كان له إخوة من أب عشرة، وإخوة من أم عشرة، وآخرين من أب وأم، لم نعلم الناس اختلفوا أن الإخوة من الأم لهم الثلث، وإن كثروا لا يزادون عليه. وأن الإخوة من الأم لا يرثون مع الإخوة من الأب والأم، أن يقول الإخوة من الأم لا يرثون مع الإخوة من الأب والأم، أن يقول الإخوة من الأم للإخوة من الأب: إنما ورثتم الثلثين وسقط الإخوة من الأب لقرابتكم من أمنا فأشركونا معكم كما تريدون أن تشركونا في ثلثنا، ومن لم يشرك فقد روي عن علي وعن الأشعري، واختلف الناس عن عبد اللَّه، وزيد وعمر، وكان الشعبي لا يشرك أيضا. "مسائل عبد اللَّه" (1441) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن أختين لأب وأم، وإخوة وأخوات لأب: (برثك) (¬1) الأخوات للأب مع إخوتهم؟ فقال: يورث إذا كانت أختين لأب وأم، وإخوة وأخوات لأب، يكون للأختين الثلثان، والثلث يقسم بين الإخوة والأخوات للأب للذكر مثل حظ الأنثيين. ¬

_ (¬1) كذا في المطبوع: ولعل الصواب (ترث) حتى يستقيم المعنى. واللَّه أعلم.

1933 - ميراث أبناء العلة

وفي البنات، وبنات ابن، وابن ابن، للابنتين الثلثان، وما بقي فبين بنات الابن وابن الابن للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا الذي قال فيه زيد بن ثابت: من قضاء الجاهلية يورث الرجال دون النساء (¬1)، أو كلام هذا معناه، وهذا الذي يقول لا يرد على بنات الابن مع الابنتين، ولا على الأخوات مع الإخوة إذ أنه قد استكمل الثلثين. "مسائل عبد اللَّه" (1442) ونقل حرب في زوج وأم وإخوة لأم وإخوة لأب وأخوات لأب معهن أخوهن: يشتركون في الثلث. "الفروع" 5/ 13 1933 - ميراث أبناء العلة قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حَدَّثنَا وكيع قال: حَدَّثنَا الأعمش، عن أبي وائل قال: كتب عمر إلى ابن مسعودٍ -رضي اللَّه عنه-: إذا كانَتِ العصبةُ أقرب بأم فأَعْطه المالَ (¬2). حَدَّثنَا إسحاقُ قال: أخبرنا أحمدُ قال: حَدَّثنَا عبدُ الرحمنِ بنُ مهدي قال: حَدَّثنَا مالك بن مغول قال: سألتُ الشعبي عن بني عم لأب وأم، وبني عم لأب هم أقرب فقال: المالُ لبني العلة (¬3). قلتُ لأحمدَ: هذا تفسيرُ قولِ عمر؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 245 (31072). (¬2) رواه عبد الرزاق 10/ 288 (19135)، وابن أبي شيبة 6/ 297 (31546). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 297 (31548).

1934 - ميراث الخنثى المشكل

قال اسحاق: كما قال، وكذلك أقولُ. "مسائل الكوسج" (2998) 1934 - ميراث الخنثى المشكل نقل عنه الميموني: إذا أشكل لم يقدم عليه حتى يُعرف أسبابه، فإذا عُرف قسم له، قيل له: ففي هذا ضرر على أهل المواريث بحبس أموالهم. قال: كيف يصنعون؟ ! . "الروايتين والوجهين" 2/ 72

باب ما جاء في ميراث ذوي الأرحام

باب ما جاء في ميراث ذوي الأرحام 1935 - إعطاء أولوا القربى إذا حضروا القسمة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قوله: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى} [النساء: 8]. قال: أَبو موسى أَطْعَمَ بها (¬1) (وعبد اللَّه بن) (¬2) عبد الرحمن بن أبي بكر -رضي اللَّه عنهم-. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3041) نقل محمد بن الحكم عنه، وقد سُئل عن قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى}. فقال: أذهب إلى حديث أبي موسى: يُعطى قرابة الميت من حضر القسمة. "الفروع" 5/ 26 1936 - هل لذوي الأرحام نصيب في الميراث؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ ماتَ ولم يدع وارثًا إلَّا ابن أخته؟ قال: الميراثُ لذي الرحم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2953) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 226 (30887)، والطبري في "تفسيره" 3/ 609 (8694، 8695) وابن حزم في "المحلى" 9/ 311. (¬2) في الأصل: (عبد اللَّه و). وروى هذا الأثر الطبري في "تفسيره" 3/ 607 (8683، 8684)، وابن حزم في "المحلى" 9/ 311 عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي بكر.

قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمدَ: الخالُ وارثُ مَن لا وارثَ له (¬1)؟ قال: نعم. قال إسحاق: هكذا هو. "مسائل الكوسج" (2983) قال صالح: قُلْتُ: يعطي ذوي الأرحام؟ قال: نعم إذا لم يكن عصبة ولا مولى، لحديث ابنة حمزة، أعطى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ابنة حمزة النصف، وبنت المولى النصف (¬2)، وقال: إبراهيم النخعي ذكر حديث ابنة حمزة فأنكره، وقال: إنما أطعمها رسول اللَّه ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 28، والترمذي (2103)، وابن ماجه (2737)، والبزار (253)، وابن حبان (6037)، والبيهقي 6/ 214 من حديث عمر بن الخطاب رحمه اللَّه. وقال الترمذي: حسن. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 405، عن قتادة، عن سلمى بنت حمزة، ورواه الطبراني 24/ 356 (844، 845) من طرق عن عبد اللَّه بن شداد قال: أعتقت بنت حمزة غلامًا على عهد رسول اللَّه فمات وترك ابنة فأعطى النبي ابنة حمزة النصف وأعطى ابنته النصف. قال الهيثمي 4/ 231: رواه الطبراني بأسانيد ورجال بعضها رجال الصحيح، وإسناد أحمد كذلك إلا أن قتاده لم يسمع من سلمى. قال الحافظ في "تعجيل المنفعة": مرسل. يعني: قتادة عن سلمى. ورواه الدارقطني 4/ 83 عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-. ورواه ابن ماجه (2734)، والنسائي في "الكبرى" 4/ 86 (6398)، والحاكم 4/ 66 من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحكم، عن عبد اللَّه بن شداد، عن سلمى بنت حمزة قالت: مات مولى لي، وترك ابنته. . الحديث. ورواه النسائي بعده مرسلًا عن عبد اللَّه بن شداد وقال: وهذا أولى بالصواب من الذي قبله. =

-صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: أطعمها كما أطعمها رسول -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1) وقال: الشعبي يقول: لا أدري، حديث ابنة حمزة بعد الفرائض. "مسائل صالح" (1202) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن مسألة في ذوي الأرحام، فورث ذوي الأرحام فيها. "مسائل أبي داود" (1412) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: ابنة وخال؟ فقال: الخال لا يرث مع الابنة. للابنة النصف، فإذا لم يكن عصبة، رجع المال إلى الابنة. "مسائل ابن هانئ" (1447) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسأله رجل فقال: يرث أولو الأرحام؟ قال: إذا لم يكن عصبة يرثون. "مسائل ابن هانئ" (1457) ¬

_ = قال الحافظ في "تلخيص الحبير" 3/ 80: في إسناده ابن أبي ليلى القاضي، وأعله النسائي بالإرسال وصحح هو والدارقطني الطريق المرسلة، وفي الباب عن ابن عباس أخرجه الدارقطني. والحديث بمجموع طرقه حسنه الألباني في "الإرواء" (1696). (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 22 (16212)، وابن أبي شيبة 6/ 253 (31135).

1937 - كيفية توزيع أنصبة ذوي الأرحام

1937 - كيفية توزيع أنصبة ذوي الأرحام قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: العمةُ والخالةُ؟ قال: العمةُ بمنزلةِ الأب، والخالةُ بمنزلةِ الأمِّ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2955) قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسحاق قال: أخبرنا أحمدُ قال: حَدَّثنَا وكيع قال: حَدَّثنَا سفيان، عن الشيباني، عن الشعبي، عن شريح في ابنة أخ وعمة، قال: المالُ لابنةِ الأخ. "مسائل الكوسج" (2979) قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا أحمد، نا وكيع، عن الحسن، عن الشيباني، عن إبراهيم قال: المال للعمة (¬1). قلتُ: ما تقولُ أنت؟ قال: المالُ لابنة الأخ. قال إسحاق: كما قال إبراهيم. "مسائل الكوسج" (2980) قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حَدَّثنَا يحيى بن آدم قال: حَدَّثنَا أبو بكر بن عياش، عن مطرف، عن الشعبي، عن مسروق في أخت لأم، وابنة أخ لأب وأم. قال: للأخت للأم السدسُ، ولابنة الأخ ما بقي. قُلْتُ: ما ترى أنتَ؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 256 (31172).

قال: يردُّ ما بقي على الأختِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2982) قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حَدَّثنَا محمد بن جعفر قال: حَدَّثنَا سعيد، عن قتادةَ، عن بكر بن عبد اللَّه المزني، عن جبير الجهبز أنَّ رجلًا مَاتَ وتركَ عمته وخالته، فقال عمر بن الخطاب عليه السلام: الثلثانِ للعمةِ، وللخالةِ الثلثُ (¬1). قُلْتُ: فإنْ تركَ عمتَهُ؟ قالَ: لها المالُ كلُّه. قلتُ: فإنْ تركَ خالته؟ قال: لها المالُ كلُّه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2984) قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسحاق قال: أخبرنا أحمدُ قال: حَدَّثنَا يحيى بنُ آدمَ قال: حَدَّثنَا أبو بكر بن عياش، عن مطرف، عن الشعبي، عن علىٍّ عليه السلام أنَّه قال في عم أخي أب لأم، وخال. قال: للعم أخي الأب لأمه نصيب أخته، وللخالِ نصيبُ أخيه. قُلْتُ: ما تقولُ أنتَ؟ قال: وَرَّثَه بالأرحام التي يُدلونَ بها؟ قلتُ: مَا تقولُ أنت؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 282 (19112).

قال: إذا كان عم. قال إسحاق: للخالِ نصيبُ الأخت، وللعم نصيبُ الأخ. "مسائل الكوسج" (2985) قال صالح: قال أبي: الخالة والعمة، للخالة الثلث، وللعمة الثلثان. "مسائل صالح" (1139) قال ابن هانئ: وسئل: إن ترك بنت أخٍ وعم؟ قال: المال لابنة الأخ. "مسائل ابن هانئ" (1448) قال ابن هانئ: سألته عن امرأة ماتت وخلفت أخاها، وأختها، وابن بنتها؟ قال: المال بين الأخ والأخت، للذكر مثل حظ الأنثيين، وليس لابن الابنة شيء. "مسائل ابن هانئ" (1451) قال ابن هانئ: سألته عن ابن عم أم، وابن ابنة خالة؟ قال: فيها اختلاف، أما أنا فأقول: المال لابن عم الأم. "مسائل ابن هانئ" (1455) قال ابن هانئ: قيل له: تنزل العمة بمنزلة الجد أو بمنزلة الأب؟ قال: بمنزلة الأب. "مسائل الكوسج" (1456) قال ابن هانئ: قيل: تنزل الخالة بمنزلة الأم في الميراث؟ قال: إذا لم يكن عصبة. كذا أيضا العمة بمنزلة الأب، للعمة الثلثان، وللخالة الثلث. "مسائل الكوسج" (1458)

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الخال والخالة يرثون من الميراث شيئًا؟ قال: إذا لم يكن عصبة ولا موالي، ورث الخالة الثلث، وورث الخال الثلثين. "مسائل ابن هانئ" (1459) قال ابن هانئ: سئل عن ابنة أخت وخالة؟ قال: لابنة الأخت النصف، وللخالة الثلث، وما بقي يرد عليهم على قدْر سهامه. "مسائل ابن هانئ" (1460) قال ابن هانئ: سألته عن بنت بنت، وبنت أخت؟ قال: يرثون بقرابتهم من الميت. "مسائل ابن هانئ" (1461) قال ابن هانئ: وسألته عن خالة وعمّة؟ قال: للخالة الثلث، وللعمة ما بقي. "مسائل ابن هانئ" (1462) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يموت فيترك خالا وخالة؟ قال: للخال الثلثان وللخالة الثلث، على ما يدلون بقرابتهم من الميت. وقال: أرأيت إن ماتت الأم كيف يرثون؟ قيل له: للذكر مثل حظ الأنثيين؟ قال: هو ذاك. "مسائل ابن هانئ" (1463) قال ابن هانئ: قيل له: فإن ترك ابنة أخ وعمَّة؟

قال: المال لابنة الأخ. "مسائل الكوسج" (1464) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن حديث عمر أن رجلين اختصما إليه، أنهما وقعا على امرأة في طهرها (¬1)، أيش تقول فيه؟ قال: إن ولدت خُيرِّ الابن أيهما شاء اختار، ويرثهما جميعًا، ويخير في حياتهما أيهما شاء من الأبوين اختار. "مسائل الكوسج" (1465) قال ابن هانئ: قيل له: فبنت بنت، وبنت أخ؟ قال: المال بينهما نصفين كما يدلون بقرابة الميت يوم يموت. "مسائل ابن هانئ" (1467) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل مات وترك أخته وبني عم أبيه وعماته؟ فقال: للأخت النصف، وما بقي فللعصبة، وهم بنو عم الأب، وليس للعمات شيء. "مسائل عبد اللَّه" (1443) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل مات وترك ابنتي عمه، وبنت عمته أخراهم من بني العمات، وخال وخاله؟ فقال: بنتي العمة وابن العمة وبنت العمة عندي ثلثا المال، فيقتسمون الثلثين للذكر مثل حظ الأنثيين، والثلث الباقي للخال والخالة للذكر مثل حظ الأنثيين. "مسائل عبد اللَّه" (1444) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 361 (13476)، وابن أبي شيبة 6/ 289 (31460)، (31462)، والبيهقي 10/ 264 وقال: هاتان الروايتان رواية البصريين عن سعيد بن المسيب، عن عمر، وروايتهم عن الحسن، عن عمر -رضي اللَّه عنه- كلتاهما منقطعة.

نقل الأثرم، وإبراهيم بن الحارث وحنبل في ولد الخال والخالة: يعطون بالسوية ولا يفضل بعضهم على بعض. ونقل يعقوب بن بختان: إذا ترك ولد خاله وخالته أجعله بمنزلة الأخ والأخت للذكر مثل حظ الانثيين، وكذلك ولد العم، ونقل المروذي فيمن ترك خاله وخالته: للخال الثلثان، وللخالة الثلث. "الروايتين والوجهين" 2/ 52 ونقل حنبل عنه: قال سفيان قولًا حسنًا: إذا كانت خالة، وبنت ابن عم، تُعطي الخالة الثلث، وتُعطي بنت ابن العم الثلثين. "المغني" 9/ 88، "المبدع" 6/ 202 قال حرب: سمعت أحمد قيل له في ثلاث عمات متفرقات؟ قال: على النصف والسدس، قيل له: أليس المال للعمة من الأب والأم؟ قال: لا. "ذيل طبقات الحنابلة" 1/ 210

1938 - باب ما جاء في الحجب

1938 - باب ما جاء في الحجب قال إسحاق بن منصور: أخبرنا أحمد، عن يحيى بنِ آدمَ، قالَ: أخبرنا ابن أبي زائدة، عَن أبيه، عن فراس، عن عامر في امرأةٍ، وأم، وابنتينِ، وابنة ابن، وأخت لأب وأم، قال: للمرأةِ الثمنُ، وللأمِّ السدسُ، وللابنتينِ الثلثانِ، وللأخت ما بقي دون ابنةِ الابنِ، ولو كان تركَ ابن ابن كانَ له ما بقى دُونَ الأخت. قُلْتُ: مَنْ حجبَ المرأةَ عَنِ الربعِ؟ قال: الابنتانِ. قلتُ: فمن حجبَ الأمَّ عنِ الثلثِ؟ قال: الابْنتَان. قُلْتُ: لِمَ لَمْ ترثِ ابنةُ الابنِ؟ قال: لأنَّ سهامَ النساءِ تكاملتِ الثلثينِ. قلتُ: ما تقولُ في قولِه: لو كانَ ابن ابن كانَ له مَا بقي دون الأخت؛ لأنَّه بمنزلةِ الولدِ؟ قالَ: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2957) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ يحجبُ الجدّ ممن له فريضة؟ قال: الإخوةُ من الأم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3001)

1939 - من لا يرث لا يحجب

قال أبو داود: ذكرت لأحمد قول زيد بن ثابت: لا ترث الجدة وابنها حي عن قتادة، عن سعيد بن المسيب (¬1)، فقال: هذا يحدث به هشام. قال أحمد: وسعيد لم يجئ به هكذا؛ فلا أدري هو صحيح أم لا؟ "مسائل أبي داود" (1909) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل خلف في يدي رجل ستة وعشرين دينارًا ونصف، وأمره أن يعطي منها لحجة عشرين دينارًا، والباقي يتصدق به عنه وذكر أن له ولذا بخراسان، وذكر أنه قد خلف لهم أشياء أكثر من هذا، وله أخ، فقال أبي: ينظر فإن كان له ولد ذكر لم يرث الأخ شيئا، وإن كانت له ابنة ورث الأخ والابنة، ثم ينظر فإن كانت تخرج الحجة من الثلث أخرجت. "مسائل عبد اللَّه" (883) نقل أبو طالب في أم الأب، وأب أنها لا ترث. ونقل ابن القاسم، ومحمد بن الحكم: ترث. "الروايتين والوجهين" 2/ 55 1939 - من لا يرث لا يحجب قال الخلال: أخبرني حرب أنه قال لأبي عبد اللَّه: رجل ترك أمًّا وأخوين أحدهما مشرك؟ قال: للأم الثلث ولا يحجبها. قال: وكذلك العبيد. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 2790 (19099)، وابن أبي شيبة 6/ 275 (31032)، والبيهقي 6/ 225.

قلت لأبي عبد اللَّه: ولا يحجب من لا يرث؟ قال: نعم. وقال: أخبرني عبد الملك أنه قرأ على أبي عبد اللَّه أن ابن مسعود يحجب باليهودي والنصراني والمملوكين (¬1)، وعليّ لا يحجب بهم ولا يورثهم؟ (¬2). قال: إلى قول عليّ أذهب لا يحجبون ولا يرثون. وعمر بعضهم يوصله إلى عمر (¬3). وبعضهم يحدث به منقطعًا حين ورث الأخوة وترك الأب لأنه قاتل. وقال أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر وزكريا قالا: حدثنا أبو طالب أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: اليهودي والنصراني لا يحجبان. من لا يرث لا يحجب. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 406 - 407 (930 - 932) ونقل أبو الحارث في أخ مملوك، وابن أخ حر: المال لابن أخيه، لا يحجب من لا يرث، روي عن عمر وعلي -رضي اللَّه عنهما-. "الفروع" 5/ 11 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 279 (19102)، وابن أبي شيبة 6/ 254 (31147)، والدارمي 4/ 1908 (2939). (¬2) رواه عبد الرزاق 10/ 281 (19158)، وسعيد بن منصور 1/ 67 (148)، وابن أبي شيبة 6/ 253 (31137)، والدارمي 4/ 1908 (2939)، والبيهقي 6/ 223. (¬3) رواه عبد الرزاق 10/ 280 (19104)، وابن أبى شيبة 6/ 253 (31138)، والبيهقي 6/ 223.

1940 - باب ما جاء في التصحيح والتأصيل والرد

1940 - باب ما جاء في التصحيح والتأصيل والرد قال إسحاق بن منصور: قلتُ: مَن قال: لا ترد على ابنة ابن مع ابنة لصلب، ولا على أخت لأب مع أخت لأب وأم، ولا على المرأة، ولا على الزوج؟ قال: يردُّ عليهم كلهم، إلَّا الزَّوج والمرأة؛ لأنَّهما ليسا من ذوي الرحم، ولا على جدة، ولا على إخوةٍ لأم مع أم. قال إسحاق: يرد على كلِّ ذي سهيم غير الزوجِ والمرأةِ، ولا على إخوة لأم مع أم، وأمَّا الجدةُ فلا نردُّ عليها، إلَّا أن لا يوجد غيرها. "مسائل الكوسج" (2954) قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسحاقُ قال: أخبرنا أحمدُ قال: حَدَّثنَا هشيم قال: كان شعبةُ حَدَّثنَا بهذا الحديثِ -عن سهم الفرائض- عن أوس بن ثابت، فلما قدمت البصرة أُخبرتُ أنه حيٌّ، فأتيته، فحدثني به أوس بن ثابت، عن حكيم بن عقال أنَّ امرأةً ماتَتْ وتركتْ ابني عمها: أحدهما أخوها لأمها، والآخر زوجها، فاختصموا إلى شريح، فجعلَ للزوجِ النصفَ، وجعل النصف الباقي لأخيها مِنْ أمِّها. قال: فاتوا عليًّا، -رضي اللَّه عنه-، فأرسلَ إلى شريح، فأتاه، فقال: كيف قضيتَ بين هؤلاء؟ فأخبره بالذي كان. قال ما حَملَكَ على ذلكَ؟ قال: قولُ اللَّهِ عز وجل في كتابِه: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] قال: أَفَلا أَعْطيتَ الزوجَ فريضته في كتابِ اللَّهِ عز وجل النصفَ، وأعطيت الأخ فريضته في كتابِ اللَّهِ عز وجل السدس، وجعلتَ ما بقي بينهما؟ (¬1). ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 64 (130)، والبيهقي 6/ 239 - 240.

قلت: ما تقولُ أنتَ؟ قال: أقولُ بقولِ عليٍّ -رضي اللَّه عنه-. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2963) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَلحِقُوا المالَ بالفرائض، فما تركت الفرائض فلأوْلَى رجلٍ ذكَرٍ" (¬1). قال أحمدْ يعني: كل مَنْ لَه فرض في كتابِ اللَّهِ عز وجل، وقوله: "فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ" يعني: من العصبة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3250) قال صالح: حدَّثني أبي قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا مطرف، عن الشعبي أن عليًّا وعبد اللَّه قالا: ذو السهم أحق ممن لا سهم له. "مسائل صالح" (1243) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقول: لا يردُّ على المرأة شيءٌ، تُعطَى نصيبَها، فإن لم يكن عصبة فليتصدق به. "مسائل أبي داود" (1406) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن امرأة وبنت وأخ وأختين لأم وأب، فقال: من أربعة وعشرين، للابنة أثنا عشر، وللمرأة ثلاثة، وللأم أربعة، وما بقي بين الأخ والأختين للذكر مثل حظ الأنثيين. "مسائل أبي داود" (1410) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 292، والبخاري (6732)، ومسلم (1615)، من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: ذوو السهم أحقُّ ممن لا سهم له. "مسائل أبي داود" (1419) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن امرأة لها زوج، وأب، فتوفيت، ولها ابنة، فتوفيت الابنة بعدها بأيام، ثم إن الزوج اشترى لها من مهرها جارية، فأعتقها عند موتها، وأوصت إلى زوجها بحجة؟ قال أبو عبد اللَّه: للابنة النصف، وللزوج الربع من أربعة أسهم، وللأب الربع، لوَرثت الابنة من أمها النصف، وينظر ما لها عليه من المهر، وما خلّفت من قماش بيتها، فإن وفت بحجة، وعتق الجارية، وما لها على زوجها، وقماش البيت، يفي للحجة وعتق الجارية، أخرج ذلك منها، وإن لم يكن تفي عتق الجارية والحجة، فيعتق الجارية ويدع الحجة، إذا لم تكن تفي الحجة والعتق جميعًا، أخرج عتق الجارية فأعتقت. "مسائل ابن هانئ" (1371) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل مات وخلف ابنة أخت لأبيه، وأمه، وخلف ابنة أخت لأبيه، وخلف بني ابن أخت، وليس له أحد غيرهم؟ قال: أما أنا فأذهب إلى أن يقسم المال بين ابن الأخت للأب والأم، وبين ابنة الأخت للأب على أربعة أسهم: لابنة الأخت، ثم يرد ما بقي عليهم بحصة ما ورثوا، إلا أنهم أقرب من بني الأخت. "مسائل عبد اللَّه" (144)

باب التخارج

باب التخارج 1941 - تخارج أهل الميراث قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ سفيانُ عَنْ رجلين أخوين ورثَا صَكًّا من أبيهما، فذهَبَا إِلَى الذي عليه الحقُّ، فَتقاضَيَاهُ، فَقَال: عندي طعامٌ، فاشتَرِيَا منّي طعامًا بما لَكُمَا عَليّ، فَقَال أحدُ الأخوين: أنا آخذ بنصيبي طعامًا. وقال الآخرُ: لا آخذُ إلَّا الدراهمَ، فأخذَ أحدُهُمَا منه عشرة أقفزة بخمسين درهمًا، وهو الذي يصيبه؟ قال: جائز، ويتقاضَاهُ الآخرُ فإنْ تَوِيَ (¬1)، وذهب ما على الغريم رجع الأخُ عَلَى أخِيه بنصفِ الدراهم التي أخَذَ ولا يرجع بالطعامِ. قال أحمد: لا يرجعُ عليه بِشَيءٍ إذَا كَانَ قَدْ رضيَ بِهِ، حديثُ ابن عبَّاس -رضي اللَّه عنه-: يتخارج أهلُ الميراثِ (¬2). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2099) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس وسفيان، عن أبي الزبير، عن ابن عباس قال: لا بأس بأن يتخارج أهل الميراث العين وبالدين. قال أبي: أهل الميراث يقول بعضهم لبعض: أنا أعطيكم هذا الحاضر، ويكون لي الدين، ولا يكون إلا فيما ورثوه، على قول ابن عباس. ¬

_ (¬1) تَوى: بفتح المثناة وكسر الواو، أي: هاك. (¬2) رواه البخاري معلقا قبل حديث (2287)، وعبد الرزاق 8/ 288 (15251)، وابن أبي شيبة 4/ 341 (27581)، والبيهقي 6/ 65.

قلت لأبي: ما تقول: أنت به؟ قال: دعه. "مسائل عبد اللَّه" (1125)

1942 - باب ما جاء في ميراث المفقود ومن هو

1942 - باب ما جاء في ميراث المفقود ومن هو قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مالُ المفقودِ كسبيل امرأته؟ قال: نعم. "مسائل الكوسج" (1116) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا قسم ماله ثم جاء؟ قال: ما وجد أخذه، وما استهلك فليس عليهم شيء، إنما قسم بحق هو لهم، ليس على الورثة شيء. قال إسحاق: هو كما قال، وأجاد واجترأ. "مسائل الكوسج" (1017) قال صالح: قلت: المفقود إذا قدم، وقد تزوجت امرأته، وقسم ماله؟ قال: يرد عليه ماله، ويخير بين امرأته وبين الصداق، صداقه الذي كان ساق إليها. قلت: إن أختار الصداق دُفعَ إليه؟ قال: نعم. قال: وإن أختار امرأته اعتدت من زوجها الأخير، ثم رُدَّت إليه. "مسائل صالح" (112) قال صالح: وسألت أبي عن رجل خلف مالا عند ابن أخته، وغاب أربعين سنة أو نحوها، ولا يدرى حي هو أو ميت، وليس له وارث إلا ابن أخته ماذا يصنع بالمال، يتصدق به أو يمسكه؟ قال أبي: إن كان مفقودًا، ومعنى المفقود: أن يكون الرجل في أهله، فيصبحون وليس هو فيهم، أو يكون ركبوا البحر، فكسر بهم، أو لقوا العدو

فأصيب بعضهم، أو رجل كان مع قوم في سفر ففقدوه من بينهم، فهذا وأشباهه أسباب المفقود، فإن كان الرجل في معنى من هذِه المعاني أو ما يشبهها، وغيبته نحو من أربعين سنة، أو نحو ما ذكرت، قسم هذا المال على وارث إن كان، فإن لم يكن له وارث، فإن كانت له عصبة فهم أولى به، فان لم يكن له عصبة فالموالي، فإن لم يكن موالي فذو رحمه، فإن لم يكن له إلا ابن أخته هذا فهو له. وإن كانت غيبته في تجارة أو خرج يريد الحج، أو يبيع ما يبيع الناس، فغاب، فليس هذا بمفقود، فيوقف هذا المال، حتى يأتي عليه مائة سنة، أو تسعون سنة، أو أكثر ما يعيش أهل زماننا فيه، فإن كان يوم غاب قد عرف سنه، فلينظر إلى سنه، وإلى غيبته كم تكون، فإن بلغت مائة سنة أو تسعين سنة، وكلما احتاط في طول الغيبة فهو أحرى، ثم يقسم هذا المال على ما ذكرنا. "مسائل صالح" (270) قال أبو داود: ثنا أحمد قال: ثنا عبد الرزاق قال: أنا ابن جريج قال: أخبرني عطاء الخراسانيُّ قال: ثنا ابن شهاب، أخبره أنَّ عمر وعثمان -رضي اللَّه عنهما- قضيَا في ميراثِ الذي يغيبُ عن امرأته لا يعلمُ لهُ مهلك، أنَّ ميراثَهُ يقسمُ يوم تمضي الأربعُ السنواتُ على امرأته، وتستقبل عدتها أربعة أشهر وعشرًا (¬1). "مسائل أبي داود" (1407) قال أبو داود: ثنا أحمد -رضي اللَّه عنه- قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: إذا مضت أربع سنين من حين ترفعُ امرأةُ ¬

_ (¬1) "مصنف عبد الرزاق" 7/ 85 - 86 (12318).

المفقودِ أمرها، فإنَّه يقسَّمُ مالهُ بين ورثته (¬1). "مسائل أبي داود" (1408) قال أبو داود: حدثنا أحمد قال: حدثنا عبد الوهاب الخَفَّاف، عن سعيد، عن قتادة، كان يقولُ: يُقَسَّم ميراثُ المفقود بعد أربعة سنين وأربعة أشهر وعشر. "مسائل أبي داود" (1409) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن المفقود متى يقسمُ ميراثه؟ قال: إذا كان بعد أربع سنين وأربعة أشهر وعشرا، فقيل لأحمد: يأتون الوالي؟ قال: إن أتوا الوالي لم يقضِ به. "مسائل أبي داود" (1180) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن المفقود قدمَ وقد اقتسم ميراثُه؟ قال: ما أدركَه بعينهِ أخذَهُ "مسائل أبي داود" (1881) قال أبو داود: سمعتُ أحمد قيل له: قال مالك: يقسمُ ميراثُ المفقودِ بعدَ ثمانين سنة؟ قال: ما يشبهُ هذا شيئًا من القول. "مسائل أبي داود" (1183) قال البغوي: وسئل أحمد -وأنا أسمع- عن الرجل يُفقد، قال: يُقسم ماله بعد أربع سنين. "مسائل البغوي" (65) ¬

_ (¬1) "مصنف عبد الرزاق" 7/ 90 (12329).

نقل الميموني عنه في عبد مفقود: الظاهر أنه كالحر. ونقل مهنا، وأبو طالب في الأمة: على النصف. "الفروع" 5/ 35، "المبدع" 6/ 216

1943 - باب ما جاء في ميراث الغرقى والهدمى

1943 - باب ما جاء في ميراث الغرقى والهدمى قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسحاقُ قال: أخبرنا أحمد قال: حَدَّثنَا محمد بن جعفر قال: حدثنا سعيد، عن قتادةَ، عن رجاء بن حيوة، عن قبيصة بن ذؤيب أنَّ عمرَ بنَ الخطابِ -رضي اللَّه عنه- كتبَ: أن يورث الأعلى من الأسفل، فقلنا لقتادةَ: كيف هذا؟ قال: كان بالشامِ طاعون، فكان الرجلُ يوجد وأصابعه على الآخر، فيُرى أنَّه مَاتَ قبله، وإنْ لم يوجدْ كذلك ورثَ بعضهم من بعضٍ، هذا قولُ عمر عليه السلام، وَرَّث بعضهم من بعض (¬1). قال إسحاق: أخبرنا أحمد قال: حَدَّثنَا محمد بن جعفر قال: حَدَّثنَا سعيد، عن قتادة، عن الحسنِ أنَّه قال: يرثُ كل إنساني وارثه. قلتُ: ما تفسير هذا؟ قال: يقولُ: لا يرثُ بعضُهم مِنْ بعضٍ. قُلْتُ: كذاك تقولُ؟ قالَ: لا أورثُ بعضَهم من بعضٍ ولا يعاد عليهم. قال إسحاق: كما قال أحمدُ سواء. "مسائل الكوسج" (2974) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: القومُ يموتون جميعًا لا يُدرى أيهم مَاتَ قبلُ؟ قال: نُورثُ بعضَهم من بعضٍ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3006) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 278 (31332، 31333، 31335، 31337).

قال صالح: سألت أبي عن أهل بيت وُجِدُوا موتى؟ قال: أذهب إلى: يورث بعض من بعض، وكذلك الغرقى أيضا. "مسائل صالح" (437) قال أبو داود: قلت لأحمد: الغرقى يورثُ بعضهم من بعض؟ قال: أكثر الأحاديث عليه، ولا نعلم بين أهل الكوفة فيه اختلافا حتى جاء أبو حنيفة فقاله، وتابعه على ذلك سفيان. "مسائل أبي داود" (1411) قال ابن هانئ: سألته عن: حديث علي في الغرقى (¬1)؟ . فقال: جعلها عليٌّ أخماسًا فأعطى الثلاثة اثنين، وأعطى الاثنين ثلاثة. "مسائل ابن هانئ" (1454) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: رجل وامرأة خرجا إلى الحج وتخلفا عن أصحابهما فلا يُدرى أين ماتا، ولا يدرى ماتت المرأة قبل الرجل أو الرجل. كيف يقسم الميراث، وقد أتى على ذلك سنة؟ قال أبو عبد اللَّه: في هذا اختلاف، قال: بعضهم يورث من بعض. "مسائل ابن هانئ" (1453) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 295 - 296 (19153)، وسعيد بن منصور 1/ 84 (231)، وابن أبي شيبة 6/ 279 (31345).

1944 - باب فرائض المجوس

1944 - باب فرائض المجوس قال إسحاق بن منصور: أخبرنا أحمد قال: حدثنا وكيع قال: قال سفيان في مجوسيّ تزوج ابنته فأصاب منها ابنتين، ثم ماتت إحداهما بعدما مات الأب؟ قال: لأختها من أبيها وأمها السدس حجبت نفسها بنفسها. ولأختها لأبيها وهي أمها السدس تكملة الثلثين. قلت لأحمد: كيف يورث المجوسيّ؟ قال: من الوجهين (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3977) قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد عن أبيه عن أبي عبد اللَّه وسمعه يقول في المجوسيّ: أذهب إلى أن أورثهم في الوجهين جميعًا. وقال: أخبرني حرب قال: سمعت أحمد يقول: وميراث المجوس يقسم على مثل ميراث المسلمين. قلت: فتورثهم من الوجهين؟ قال: نعم. قلت: فإن ترك أمّه وهي أخته لأبيه؟ قال: ترث من الوجهين جميعًا. وقال: أخبرني محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم أن أباه حدثه قال: حدثني ¬

_ (¬1) أي يرثا بالسببين كالبنوة والزوجية.

أحمد بن القاسم. . . وأخبرني زكريا بن الفرج عن أحمد بن القاسم. . . وأخبرني عبد الرحمن بن داود أن الفضل بن عبد الصمد الأصبهاني حدثهم -المعنى واحد وهذا لفظه- قال: سُئل أبو عبد اللَّه: ما تقول في ميراث المجوس كيف يورثون؟ قال: من الوجهين جميعًا. قيل له: كيف من الوجهين؟ قال: إذا كانت أمه امرأته يورثها. قال: ليس هذا الوجه إذا أسلم أليس يفرق بينهما؟ لا تكون أمّه تحته، ولكن إذا كانت ابنته أخته ورثت من الوجهين جميعًا. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 481 - 482 (1187 - 1196) قال الخلال: أخبرني علي بن الحسن بن هارون، قال: حدثنا حنبل قال: قال عمّي: قال سفيان في رجل مجوسيّ تزوج أمّه فولدت بنتين وأسلمت ثم مات الرجل، قال: فلابنتيه الثلثان ولأمه السدس. ثم ماتت إحدى الابنتين. قال: ترث أختها النصف وإلَّا صارت أمًّا وجدة فحجبتها بنفسها، فورثناها ميراث الأم ولا نعطيها ميراث الجدة. قال: وكان أبو عبد اللَّه يذهب إلى أن يورث من وجه واحد من الحلال. قال أبو بكر الخلال: لا أدري قول حنبل: يذهب إلى أن يورث من وجه واحد من الحلال. قد روى عنه الثقات المتيقظين أنه يورث من الوجهين جميعًا، فعلى

هذا العمل من قوله، ولا أدري قول حنبل ما معناه، لا أدري توهّم أم لم يفهم. وإنما قاله من نفسه والعمل على ما رواه. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 482 (1191)

كتاب الهبة

كتاب الهبة باب ما جاء في أركان الهبة وشرائط الصحة أولًا: الصيغة 1945 - ألفاظ الهبة نقل مهنا عنه فيمن قال: نصف عبدي هذا لفلان: لم يجز إلا أن يقول: وهبته، وإن قال: نصف مالي هذا لفلان: لا أعرف هذا. "المغني" 7/ 302. ثانيًا: العاقدان (الواهب والموهوب له) وشروط صحتهما 1946 - عطية الأب لأولاده والتسوية بينهم في الصحة والمرض قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: النُّحْلُ؟ قال: إِذَا سَوى بين وَلَدِهِ فلا بأسَ به للذكرِ مثل حظِّ الأنثيين. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1960). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد -رضي اللَّه عنه-: النحل؟ قال: إذا سوى بين ولده فلا بأسَ به، {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}.

قال إسحاق -رضي اللَّه عنه-: كما قال؟ لأنَّ حكمَ اللَّهِ عز وجل أولى أن يتبع، وكتاب اللَّه عز وجل {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}، فإذا قسم في الحياةِ حكم بحكمِ اللَّهِ تبارك وتعالى. "مسائل الكوسج" (3025) قال صالح: وسألت أبي عن رجل خص ابنا له بهبة دون بعضهم، وقد قبضه الابن، ومات الابن، أترى الهبة ماضية؟ قال: الذي يعجبنا أن لا يخص ولدًا دون ولد يريد الإضرار ببعضهم دون بعض، فأما إذا مات الواهب على هبة قد قبضها الموهوب له فإني أحب العافية منها. "مسائل صالح" (197) قال صالح: وسألته عن رجل له أولاد فزوج بعض بناته فجهزها وأعطاها؟ قال: يعطي جميع ولده مثل ما أعطاها. "مسائل صالح" (360) قال صالح: قال أبي: النحل: أذهب إلى حديث النعمان بن بشير، قال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ارْدُده". قلت له: قال: "أَشْهِد غَيْرِي" (¬1). وقال في المديون: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "صلُّوا عَلَى صاحبكم" (¬2). فقال في ذلك: "لا أَشْهَد"، وهذا لا يشبه المديون، وقد صلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على صاحب الدين بعد (¬3). "مسائل صالح" (1070). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 269، والبخاري (2586)، ومسلم (1623) واللفظ له. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 290، والبخاري (2298)، ومسلم (1619). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 47، 50، والبخاري (2289) من حديث سلمة بن الأكوع.

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجلٍ فضل بعض ولده على بعض؟ قال أحمد: بئس ما صنع. قلت لأحمد: الذكر والأنثى سواء؟ قال: لا، ولكن للذكر مثل حظ الأنثيين. "مسائل أبي داود" (1331). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا يعجبني أن يفضل بعض الولد على بعض، ولكن يساوي بينهم كما فرض اللَّه عز وجل: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}. "مسائل ابن هانئ" (1398). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يريد الخروج إلى مكة وله بنون وبنات وله ابن كبير، فسأل الابن الشركة في مال أبيه فأشركه؟ قال أبو عبد اللَّه: لا يعجبني أن يفضله، ويسوي بينهم في العطية. وإن اشترك مع أبيه في الربح وله فيه عمل لا بأس به، يفضله عليهم. "مسائل ابن هانئ" (1401). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يجهز أحد أولاده بجهاز، فيمرض الأب، ولم يكن أعطى ولده الآخر شيئًا؟ قال: ينبغي له أن يساوي بينهم في العطية، ينبغي له أن يعطي الابن الآخر مثل ما أعطى هذا قبل. قيل له: فمرض الأب، ثم أعطي الآخر مثل ما أعطى الأول؟ قال أبو عبد اللَّه: لو كان أعطى هذا الآخر في صحته مثل ما أعطى الأول كان قد ساوى بينهما. "مسائل ابن هانئ" (1402).

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يعطي ولده بعضهم دون بعض في حياته وصحته. فقال: أعجب إلي أن يرد ذلك؟ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بشير بن سعد، فقال: "اردده". "مسائل عبد اللَّه" (1166). قال عبد اللَّه: سألت أبي: هل يجوز للرجل أن يهب لولده بعضهم دون بعض في صحة منه؟ قال: لا يجوز، ولا ينبغي له أن يفعل. "مسائل عبد اللَّه" (1167). قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن الرجل له أولاد فزوج بعض بناته فجهزها وأعطاها؟ قال: يعطي جميع ولده مثلما أعطاها. "مسائل عبد اللَّه" (1168). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يفضل بعض ولده على بعض؟ قال: لا يعجبني. فقلت: تذهب إلى حديث النعمان بن بشير؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (1169). قال عبد اللَّه: قُلْتُ لأبي: فإن أعطى ابنته دون الأخرى وهو صحيح في بدنه؟ فقال: آمره أن يرده. "مسائل عبد اللَّه" (1401).

قال عبد اللَّه: قُلْتُ لأبي: فإن مات وقد فضل بعض ولده على بعض؟ قال: ليس أجترئ عليه، دمان ذهب ذاهب أن يرده بعد موته كان مذهبًا. ورأيت أبي كأنه يذهب على هذا ويميل إليه. "مسائل عبد اللَّه" (1402). قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا سفيان بن عيينة، قال: حدثنا الزهري، عن محمد بن النعمان بن بشير وحميد بن عبد الرحمن بن عوف أخبرنا أنهما سمعا النعمان بن بشير، قال: نحلني أبي غلامًا فأمرتني أمي أن أذهب إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أشهده على ذلك، فقال: "أكل أولادك نَحَلْتَ؟ " قال: لا، قال: "فَارْدُدْهُ" (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1403). نقل أبو طالب عنه فيمن فاضل بعض ولده على بعض ومات قبل أن يرجع، قال: يُرد في حياته وبعد موته. ونقل الميموني عنه: أنه لا يرجع فيه بعد موته. ونقل أبو طالب عنه: في تسوية الأب بين أولاده في العطية، وقد كان فاضل بعضهم على بعض في صحته أنه يجوز. قال أبو حفص (¬2): سألت أبا عبد اللَّه (¬3) عن رواية أبي طالب، فقال: قرأتها على أبي حفص بن رجاء، فقال: أضربوا عليها فإن الجماعة روت ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 271، ومسلم (1623). (¬2) هو أبو حفص البرمكي: من شيوخ المذهب الحنبلي. (¬3) هو أبو عبد اللَّه بن بطة: وهو من شيوخ المذهب. قال أبو يعلى في ترجمة ابن بطة: صحبهُ جماعة من شيوخ المذهب؛ أبو حفص العُكبري، وأبو حفصٍ البرمكي. . . اهـ. "طبقات الحنابلة" 3/ 257.

عن أبي عبد اللَّه خلاف هذا، وهو الصحيح. "الروايتين والوجهين" 1/ 439 - 440. ونقل عنه محمد بن الحكم: وإذا مات الذي فضل لم أطيبه له، ولم أجبر على رده. قلت: فترى الذي فُضِّل أن يرده؟ قال: إن فعل فهو أجود، وإن لم يفعل ذلك لم أجبره. "الفتاوى الكبرى" 4/ 433. وروى عنه يوسف بن موسى في الرجل يكون له الولد البار الصالح وآخر غير بار: لا ينيل البار دون الآخر. وروى عنه الحكم: لا يشهد إذا فضل بين ولده. "بدائع الفوائد" 3/ 88. نقل حرب عنه في مجوسي كان له ولد فنحل بعض ولده مالًا دون بعض، وكان للمنحول ابن، فمات وترك ابنه، كيف حاله في هذا المال الذي ورث عن أبيه ما كان الجد نحله؟ قال: لا بأس يأكله؟ لأن هذا كان في الشرك. "بدائع الفوائد" 3/ 89، "الفروع" 4/ 644. قال أحمد في رواية أبي طالب: لا ينبغي أن يفضل أحدا من ولده في طعام وغيره، وكان يقال: يعدل بينهم في القُبَل. ونقل الميموني عنه: إن خص بعضهم أو فضله في مرضه لا ينفذ. "الفروع" 4/ 644 - 645، "معونة أولي النهى" 7/ 303.

1947 - هل تجب التسوية بين سائر الأقارب؟

1947 - هل تجب التسوية بين سائر الأقارب؟ قال ابن هانئ: سئل أبو عبد اللَّه وأنا أسمع عن رجل له أخت فقيرة وله ابن عم يرثه، أيجعل الرجل من ماله لأخته في حياته شيئًا يكون لها؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا كانت فقيرة فلا بأس. "مسائل ابن هانئ" (1400) 1948 - الأم هل يجب عليها التسوية كالأب؟ روى عنه أحمد بن الحسين في امرأة جعلت مالها لأحد بنيها إن هو حج بها دون أخويه: تعطيه الأجرة، وتسوي بين الولد. "بدائع الفوائد" 3/ 88. 1949 - تقسيم الشخص ماله على أولاده في حياته نقل بكر بن محمد عنه: لا يعجبني ذلك؛ لعله يولد له ولد. ونقل حنبل: لا بأس بذلك؛ لأن النعمان لما جاء إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليشهد قال: "أَكل وَلَدِكَ نَحَلْتَة مِثْلَ هذ! ؟ " فَقال: لَا، قال: "أشهد غيري". وروى محمد بن الحكم عنه: أحبّ إليَّ ألا يقسم ماله، يدعه على فرائض اللَّه؛ لعله يولد له. "بدائع الفوائد" 3/ 88. نقل ابن الحكم: لا بأس. قيل: فإن فضل؟ قال: لا يُعجبني علي وجه الأثرة إلا لعيال بقدرهم. "الفروع" 4/ 645.

1950 - إذا وهب للصغير، من يقبض له؟

1950 - إذا وهب للصغير، من يقبض له؟ قال صالح: وسألته عن رجل وهب لصبي صغير هبة، أو تصدق عليه بصدقة، فقبضت الأم ذلك وله أب حاضر، هل يكون قبض الأم قبضًا والأب حاضر أو غائب، أو الأخ أو العم أو الوصي إذا كان الأب حاضرًا أو غائبًا؟ قال: لا أعرف الأم يكون لها القبض، ولا يكون إلا للأب. "مسائل صالح" (767). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن امرأة نحلت ولدها نحلًا وهو صغير، أيقبضه؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (9332). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل قال لابنه: وهبت هذِه الدار لك، وهو صغير، فرآه جائزًا، قال: علي قول عثمان قبضه له قبض (¬1). "مسائل أبى داود" (1333). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه قُلْتُ: الأب يقول: وهبت خادمي هذا لابنتي جائز لها؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا كان ذلك في صحة منه وأشهد عليه صار قبضه لها قبضًا، وجائز للوصي أن يبيع الجارية إذا كان بيعها صلاحًا في مال الصبية، وكذلك ما كان من بيعه صلاحًا إن باعه فبيعه جائز. "مسائل ابن هانئ" (1399). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 108 (16532).

1951 - إذا كان الواهب هو صاحب الولاية على الموهوب، أيأكل منه؟

قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يهب لابنته من يقبضه لها؟ قال: هو يقبضه لها. "الورع" (361) 1951 - إذا كان الواهب هو صاحب الولاية على الموهوب، أيأكل منه؟ قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل ينحل ولده شيئًا من ضياعه، وله ولد صغير، فنحله أيضًا، أفيأكل من نحل الصغير؟ فقال: له شيء سوى ذلك؟ قال: نعم. قال: فلا يعجبني أن يأكل منه شيئًا. "مسائل ابن هانئ" (1217). 1952 - هبة المرأة وصدقتها من مالها ومال زوجها قال إسحاق بن منصور: يجوز للمرأة من مالها أن تصدق؟ قال أحمد -صلى اللَّه عليه وسلم-: إذا حال عليها الحول تصدقت بما شاءت. قلت: وما يحل لها أن تصدق من مال زوجها؟ قال: الرطب وما لا يدخر. قال: كما قال. "مسائل الكوسج" (1935)، (3145) قال إسحاق بن منصور: عطيةُ المرأةِ؟

قال: على ما قال عمر -رضي اللَّه عنه- لا يجوزُ لامرأةٍ عطية حتَّى تلدَ ولدًا أو تبلغ أناة ذلك سنة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3061) قال إسحاق بن منصور: هَلْ للزوجِ أنْ يمنعَ امرأتَه أنْ تصدقَ مِنْ مَالها مَا شاءتْ؟ قال أحمد: ليسَ له أنْ يمنعَهَا بعدَ الحولِ إلَّا أنْ تكونَ مسرفةً، مثلما يصنع بالحرِّ إذا كان مُفْسِدًا لمالِه. قال إسحاق: كما قال، ولكن ينبغي لها أنْ لا تهب ولا تتصدق إلَّا أنْ تستأذنَهُ. "مسائل الكوسج" (3062) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن صبية لها مال ولها زوج أترى أن يدفع المال إلى زوجها يعمل به؟ قال: إذا كانت تريد أن تستأمر وهي صغيرة، فلا يدفع إليه مالها. "مسائل ابن هانئ" (1353) قال في رواية أبي طالب: لا يدفع إلى الجارية ما لها بعد بلوغها حتي تتزوج وتلد أو يمضي عليها سنة في بيت الزوج. ونقل أيضًا: أنه سئل عن: المرأة هل يجوز أن تهب مالها لرجل أجنبي؟ فقال: ليس لها ذلك إلا بعد أن تلد ولدًا أو يأتي عليها حول. ونقل أيضًا: لا تهب من مالها شيئًا إلا بإذنه، لأنه مالك لها. "الرويتين والوجهين" 1/ 377 - 378، 441، "العدة في أصول الفقه" 4/ 1183، "معونة أولي النهى" 5/ 423

1953 - وقت جواز هبة الغلام

1953 - وقت جواز هبة الغلام قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: متى تجوز هبة الغلام؟ قال: إذا احتلم ليس فيه اختلاف، أو يصير ابن خمس عشرة. "مسائل أبي داود" (1330). 1954 - هبة العبد نقل حنبل عنه: لا تصح هبة العبد إلا بإذن سيده. "الإنصاف" 13/ 430. ثالثًا: الموهوب وشروط صحته 1955 - ما يجوز هبته وما لا يجوز قال إسحاق بن منصور: رجلٌ نحلَ ابنهُ ثلثَ أرضِهِ ولمْ يقاسمه إلَّا بالفَرَقِ؟ قال: لا يجوزُ إلَّا عَلَى شيءٍ معلوم معروفٍ كما قال أبُو بَكْرٍ لعائشة -رضي اللَّه عنهما- (¬1). قال إسحاق: كما قال، مَعَ أنَّ أبا بكر -رضي اللَّه عنه- إِنما كَانَ وَهَبَ جداد عشرين وسقًا، وهذا عندنا جَائزٌ، إِذَا جُدَّ النخلُ وقبضَ. "مسائل الكوسج" (1959). ¬

_ (¬1) رواه مالك 2/ 483 (2939)، وعبد الرزاق 9/ 101 (16507)، والبيهقي 6/ 170 من حديث عائشة أن أبا بكر نحلها جَادّ عشرين وسقا من ماله بالغابة.

قال إسحاق بن منصور: قال سفيانُ في رجلين شريكين لهمَا عَلَى رجلٍ مِائةُ درهم، فوهبَ أحدهما نصيبَهُ مِنَ المائة للذي عليه الدَّينُ؟ قال: جائزٌ ويتقاضَى الآخرُ بقيةَ الخمسين، فإنْ تَوِيَ لمْ يضمنْ الذي وَهَبَ. قال أحمد: مَا الفرقُ بَينهمَا، فهوَ كما قال. يعني: بين هذِه المسألةِ والمسألةِ الأولى. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2101) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمد عن رجلٍ وهبَ لرجلٍ سهمًا في دارِه ثم توفي فجأة. قال: نحن نقولُ: كُلُّ شيءٍ يجوزُ بيعُه تجوز هبته. "مسائل الكوسج" (3397). قال صالح: وسألته عن رجل بينه وبين قوم بيت مشاع غير مقسوم، فتصدق أحدهم علي بعضهم حصته مشاعًا غير مقسومٍ، هل يجوز ذلك؟ قال أبي: إذا كان سهم من كذا وكذا سهم فهو جائز. "مسائل صالح" (155) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: كل شيء ما جاز فيه البيع يجوز فيه الهبة والصدقة والرهن يعني: مثل الدور المشتركة. "مسائل أبي داود" (1328). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن يهب لرجل ربع دار؟ قال: هو جائز. قيل لأحمد: فإن قال: وهبت منك نصيبي من الدار. قال: إن كان يعلم كم نصيبه فهو جائز. "مسائل أبى داود" (1329).

ونقل أحمد بن أبي عبدة: وقد سُئل عن رجل تصدق بثلث دار له غائبة عنه علي رجل مشاعة، وحَدَّ الدار، وهي دار معروفة. قال: هو جائز، وليس كما يقول هؤلاء: ليس بجائز حتى يعرف الدار. "طبقات الحنابلة" 1/ 214، "الفروع" 4/ 640، "معونة أولي النهى" 7/ 276. وقال الحسن بن ثواب: قلت لأحمد: الرجل يتصدق على الرجل، أو يهب له شيئًا من داره أو جرينًا من أرض، أو حانوتًا من حوانيت، أيجوز ذلك إذا كان مشاعًا؟ قال: إذا كان بالثبت معلومًا جاز ذلك. "طبقات الحنابلة" 1/ 351. قال أحمد في رواية حرب: لا تصح هبة المجهول. وقال: إذا قال: شاة من غنمي -يعني: وهبتها له- لم يجز. "المغني" 8/ 249، "الإنصاف" 17/ 43. نقل حنبل في من أهدى إلى رجل كلب صيد، ترى له أن يثيب عليه؟ قال: هذا خلاف الثمن، هذا عوض من شيء. فأما الثمن فلا. "الفروع" 4/ 640، "المبدع" 5/ 366، "الإنصاف" 17/ 40، "معونة أولي النهى" 7/ 275. ونقل حرب عنه: إذا قال: ثلث ضيعتي لفلان بلا قسمة: جاز إذا كانت تعرف. "الفروع" 4/ 640.

1956 - الهبة علي شرط العوض

فصل: ما جاء في الشروط في الهبة 1956 - الهبة علي شرط العوض نقل الشالنجي: إذا وهب له علي وجه الإثابة، فلا يجوز إلا أن يثيبه عنها. "المغني" 8/ 280. 1957 - الهبة للثواب إذا أراد رَدَّها وقد تغيرت عن حالها أو نقصت، هل عليه الضمان؟ ونقل حنبل عن أحمد في الهبة للثواب: إن أراد ردها على صاحبها وقد نقصت بغير استعماله؛ لم يضمن النقص، شبهه بالرهن. "تقرير القواعد" 1/ 308. توقيت الهبة 1958 - ما جاء في العُمْرى والرُّقْبَى والسكنى وحكمهم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: العمرى؟ قال: العُمْرى: أن يقولَ: هذا الشيء لَكَ حَياتك، فإذا جَعَله فَلَهُ حياته ومَمَاته. والرُّقْبَى: أنْ يرقبَهُ بها، يقول: إنْ متُّ فهي لَكَ، أو هي راجعةٌ إليَّ، فهذا مثلُ العُمْرى لا يرجع إِلى الأولِ أَبدًا.

قال إسحاق: قال أوْ لمْ يقلْ فهو سواءٌ لا يرجع أبدا. "مسائل الكوسج" (1940). قال إسحاق بن منصور (¬1): قُلْتُ: السّكنَى؟ قال: السّكنَى: أنْ يقولَ: هي لَكَ سكنَى حَياتك، يُرجع في السّكْنَى، ولا يرجعُ في العُمْرى والرُّقْبَى. "مسائل الكوسج" (1941). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: اشْتَرى ثلاثُ نسوة دارًا فَقُلْن: هي للمطلقةِ، والأيمِ، والمحتاجةِ منَّا، فمَاتَتْ واحدةٌ منهن! فَقَال شريح: هذِه الرقبى، إذَا مَاتَتْ الأولى فَلَيسَ للباقيتين شيءٌ، هي علَى سُهْمَانِ اللَّه عز وجل (¬2). قال أحمد: هذِه مَعْنَاهَا معنى الرقبى، هو كَمَا قال. قال إسحاق: بَلْ هو جائزٌ إِذَا كانَ معناه مَعْنى الرّقبى، لا بَلْ هو الرّقبى، وقدْ سوى رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بين الرّقبى والعمرى فأجازَهُمَا (¬3). "مسائل الكوسج" (2042). قال صالح: وسألته: ما قولك في العمرى؟ ¬

_ (¬1) ذكرها الخلال في "الوقوف" (122) وزاد فيها قلت: قال: والسكنى والخدمة والغلة، ترجع؟ قال: نعم! (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 195 (16918)، وسعيد بن منصور 1/ 137 (486). (¬3) واه الإمام أحمد 3/ 303، وأبو داود (3558)، والترمذي (1351)، والنسائي 6/ 274، وابن ماجه (2383)، قال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 5/ 196 (3414): وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه وقال الترمذي: حسن وذكر أن بعضهم رواه موقوفًا. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (1088)، وانظر: "الإرواء" 6/ 53.

قال: جائزة! هي لمن أعمرها ولورثته. قلت: فإن قال: فإذا مت رجعت إلي؟ قال: ليس هذا عمرى، هذا رقبى. قلت: فالرقبى كيف هي؟ قال: يقول: هذِه الدار لك حياتك، فإذا مت فهي لغيرك. لرجل يسميه، أو ترجع إلي. قلت: فالسكنى؟ قال: السكنى غير العمرى، إذا أسكنه الدار رجعت إليه على كل حال. "مسائل صالح" (353). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يعمر الرجل الجارية. أيطؤها؟ قال: أما الوطء فلا أراه، ولكن الدار والخادم، فلا بأس به إذا أعمره. "مسائل ابن هانئ" (1406) قال ابن هانئ: وسئل عن العمرى ما هي؟ قال: هو أن يقول الرجل: هذا الدار لك حياتك، فمن ملك شيئا حياته فهو يورث عنه بعد موته. والرقبي: أن يقول: هي لك حياتك، فإذا مت فهي لفلان أو هي راجعة إليَّ، ومعناه أن يكون يرقبه بها، فإذا مات كانت لغيره أو يرجع إلى المرقب. قال: والرقبى والعمرى معناهما واحد عندي، من ملك شيئا حياته فهو له بعد موته (¬1) يورث عنه. "مسائل ابن هانئ" (1409). ¬

_ (¬1) نقل الخلال في "الوقوف" (102) عن صالح أيضًا هذِه العبارة.

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن السكنى راجعة إلى المسكن؟ قال: إذا قال: هي لك سكنى حياتك فهي ترجع إلى المسكن أو ما شرط المسكن؛ لأنه ليس بملك، (والرقبى والعمرى ملك له) (¬1) فإذا هو مات صارت لورثته. واحتج بحديث جابر بن عبد اللَّه. قرأت على أبي عبد اللَّه: عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد اللَّه قال: إنما العمرى التي أجاز رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يقول: هِيَ لَكَ وَلعَقِبِكَ، فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها (¬2). "مسائل ابن هانئ" (1411). قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: العُمرى والرقبى والوقف جائزا، وهذِه أوقاف الزبير، وأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمدينة، إذا لم يحد بها عن الفرائض، وهو على ما أوصى به الميت، ومن أعمر شيئًا فهو له. قال أبو عبد اللَّه: والسكنى خلاف الوقف، والرقبى مثل الوقف، إذا أسكن هذِه الدار فسكنها الذي أسكنها ثم مات رجعت إلى الذي أسكنها، ولا يكون للورثة، كذا فعل ابن عمر، قبضها لما مات المسكن (¬3). والوقف إذا مات، كانت لورثته ولولده، يسكنونها ويعمرونها، وكذلك الرقبى على ذلك. ¬

_ (¬1) في المطبوع والعمرى ملك وما أثبتناه من "الوقوف" للخلال (166). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 294، ومسلم (1625/ 33). (¬3) رواه مالك ص 471، وعبد الرزاق 9/ 193 (16905)، وابن أبي شيبة 4/ 284 (20105)، والبيهقي 6/ 175.

وقال حنبل في موضع آخر: قال أبو عبد اللَّه: العُمْرى، والرقبى جائزة لأهلها، رُوي عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه، وهذِه وقوفهم بالمدينة يتوارثونها إلى هذِه الغاية، والفقهاء، وهلم جرا، وهي سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - وأصحابه، وأمر من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. ونقل حنبل عنه في موضع آخر: وينفذ على ما أوصى الميت، ولا وصية لوارث. قال حنبل في موضع آخر: سمعت أبا عبد اللَّه قال: العمرى والرقبى والوقف معنى واحد، إذا لم يكن فيه شرط لم يرجع إلى ورثة المعمر، فإن شرط في وقفه فقال: أنها له حياته فإنها ترجع لورثة المعمر، فإن جعلها له حياته وبعد وفاته كانت لورثته للذي أعمرها، وإلا رجعت إلى ورثة الأول. وقال حنبل في موضع آخر: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: العمرى والرقبى جائزة، من أعمر شيئًا فهو له. قال أبو عبد اللَّه: والسكنى إذا أسكنك هذِه الدار، فسكنها الذي أسكنها، ثم مات رجعت إلى الذي أسكنها ولا تكون لورثته، كذا فعل ابن عمر، قبضها لما مات المسكن. والوقف إذا مات كانت لورثته ولولده يسكنونها ويعمرونها، وكذلك الرقبى. وقال حنبل في موضع آخر: سئل عن الرجل يرقب الرجل ويعمره؟ قال: هي له. قيل له: فان قال: هي لك، فإذا مت فهي لفلان؟ قال: هي لهذا الذي أعمرها وأرقب، إذا مات فلورثته، لا يكون للآخر شيء.

وقال: السكنى خلاف هذا، إذا قال: قد أسكنتك هذِه الدار حياتك فهي له حياته، فإذا مات رجعت إلى الذي أسكنها. وقال حنبل في موضع آخر: قال: العمرى والرقبى والوقف جائزة كلها؛ لأنه روي عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1) وأصحابه (¬2). قال: إنهم فعلوها وأجازوها. وقال حنبل في موضع آخر: قال: فالرقبى والعمرى المعنى فيهما واحد، من ملك شيئًا حياته فهو له حياته وبعد موته. والسكنى راجعة إلى المسكن، فإذا قال: هي لك سكنى حياتك. فهي راجعة إلى الأول، أو على شرط المسكن في ذلك؛ لأنه ليس بملك لهذا، والعمرى والرقبى ملك. أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني قال: قلت لأحمد بن حنبل: رجل أوصى لرجل بغلة غلامه ما عاش؟ قال: هو له ما عاش. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 303، وأبو داود (3558)، والترمذي (1351)، والنسائي 6/ 274، وابن ماجة (3383) من حديث جابر. قال الترمذي: هذا حديث حسن. وقال الألباني في "الإرواء" (1610): صحيح لغيره. وروى البخاري (2626)، ومسلم (1526) من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "العمري جَائزة". وروى مسلم (1625)، والبخاري معلقًا بعد (2626) من حديث جابر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "العُمْرى جَائِزَةٌ". (¬2) انظر: "مصنف عبد الرزاق" 9/ 186 - 192، 194 - 197، و"مصنف ابن أبي شيبة" 4/ 511 - 513، والبيهقي 6/ 175 - 176. وصحح ابن حزم في "المحلى" 9/ 165، والحافظ في "الفتح" 5/ 240 بعضها.

قلت: فرجل أعمر رجلًا غلة دار أو غلة غلام؟ قال: هذا ليس عمرى. إنما العمرى أن يقول: هذِه الدار لك عمرك. قلت: وكيف لا تكون عُمرى وقد قال له: غلة هذِه الدار لك عمرك؟ قال: ليس عُمرى، وذهب إلى أنه على شرطه. قلت لأبي عبد اللَّه: والرقبى كيف هى؟ قال: يقول: هذِه الدار لك حياتك، فإذا مت فهي لغيرك، أو ترجع إلي. وقال: وأخبرني حرب في موضع آخر قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت: ما تقول في العمرى؟ قال: جائزة، وهي لمن أعمرها ولورثته. قلت لأحمد: فإن قال: إذا مت ترجع إلي؟ قال: ليس هذا عمرى هذِه رقبى. قلت: فالرقبى كيف هي؟ قال: يقول: هذِه الدار لك حياتك، فإذا مت فهي لغيرك، فترجع إلي (¬1). وقال: أخبرني عصمة بن عصام حَدَّثنَا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: العمرى والرقبى. ح. وأخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر: أن أبا الحارث حدثهم والمعنى واحد: أن أبا عبد عبد اللَّه سئل عن العمرى والرقبى، ح. وأخبرني الحسن بن الهيثم أن محمد بن موسى بن مشيش حدثهم قال: ¬

_ (¬1) في حاشية "الوقوف": كان الأولى أن يقول: أو ترجع إلي.

سألت أبا عبد اللَّه: كيف العمرى والرقبى؟ قال: يقول الرجل للرجل: هذِه الدار لك حياتك، أو هي لك عمرك، ومن ملك شيئًا حياته فهو له بعد موته تورث عنه. والرقبى: أن يقول: هي لك حياتك، فإذا مت أنت فهي لفلان، أو هي راجعة إلي. ومعنى هذا أن يكون يرقبه بها، فإذا مات كانت لغيره أو ترجع إلى المرقب. ومعنى العمرى والرقبى واحد. زاد إسحاق في آخر مسألته وصالح أيضًا قالا: قال أبو عبد اللَّه: والرقبى والعمرى معناهما عندي: من ملك شيئًا حياته فهو له بعد موته. زاد إسحاق: يورث عنه. قال: وسئل عن الرجل يعمر الرجل الجارية؟ وقال يعقوب بن بختان: سئل أبو عبد اللَّه: ومن يعمر الجارية يطؤها؟ قال أبو عبد اللَّه: أما الوطء فلا أراه، ولكن الدار والخادم فلا بأس به إذا أعمره. وقال: أخبرني أحمد بن محمد الوراق: حدثنا محمد بن حاتم بن نعيم، حدثنا علي بن سعيد أنه سأل أبا عبد اللَّه عن العمرى والرقبى، فقال: جائزة، على الحديث. وقال: وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني أنه سأل أبا عبد اللَّه: عن خبر زيد، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في العمرى (¬1)، كيف العمرى؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 182، وأبو داود (3559)، وابن ماجه (2831). وصححه ابن حبان 11/ 534 (5132) وكذا الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1928).

قال: يعمر الرجل الرجل شيئًا حياته، فإذا مات كانت لورثته. قلت: إنما أعمره حياته، ولم يعمره بعد موته؟ قال: فهي للمعمر حياته ولورثته من بعد. قلت: هكذا، أخَبَرُ زيدٍ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يدل على هذا؟ قال: نعم. قلت: العمرى والرقبى حكمها؟ قال: نعم. قلت: فإن أعمره أو أرقبه إلى وقت سنة أو وقت من الأوقات؟ قال: لا تكون عمرى ولا رقبى وفيها شرط حتى يكون يملكها دونه. معنى (¬1) أبي عبد اللَّه: قد أعمرتك وأرقبتك حياتك فمن ملك شيئًا حياته، فهو له ولورثته. وقال أبو عبد اللَّه فيها أيضًا وأنا أسأله: هذِه بمنزلة الإجارة إذا واجره الدكان أو الشيء -يعني: إذا أعمره إياها سنة. "الوقوف" (100 - 104) وقال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد: أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن السكنى والعمرى والرقبى؟ قال: ترجع السكنى إلى صاحبه، ولا ترجع العمرى ولا الرقبى، ورأى أنهما جائزتان لأهاليهما. قال: والعمرى أن يقول: قد أعمرتك حياتك، فهو له حياته وبعد موته. والرقبى: أن يقول: هذا لك، فإذا مت، قال: لا ترجع. ¬

_ (¬1) في حاشية "الوقوف": أي: معنى كلام أبي عبد اللَّه.

وقال: أخبرني منصور بن الوليد: أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن رجل أوصى فقال: عبدي هذا لفلان ما دام حيًّا، فإذا مات فهو لفلان؟ قال: هذا لفلان؟ قال: هذا رقبى، وسبيله سبيل الميراث، وهو للأول. والرقبى والعمرى هو له بعد موته إذا كان له في حياته. وقال: أخبرنا محمد بن المنذر بن عبد العزيز، حَدَّثنَا أحمد بن الحسن الترمذي قال: سئل أبو عبد اللَّه عن العمرى والرقبى؟ قال: هو له ولعقبه. قلت له: إذا لم يقل: هو لعقبك، هل يكون إلَّا له حياته؟ قال: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "العمرى والرقبى لمن وهبت له" (¬1). والحديث الآخر: "من ملك شيئًا حياته فلورثته بعد موته" (¬2). وقال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر: حَدَّثنَا أبو طالب: أنه سأل أبا عبد اللَّه عن العمرى أليس الرجل يقول للرجل: هذا لك حياتك، فإذا مات الذي أعمر فهو لورثته؟ قال: بلى! قلت: والرقبى أليس مثله لورثته؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 302، والبخاري (2625)، ومسلم (1625) من حديث جابر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى بالعمرى لمن وهب له. واللفظ للبخاري. (¬2) رواه مرفوعًا عبد الرزاق 9/ 187 (16880)، وابن أبي شيبة 4/ 512 (22619)، والبيهقي 6/ 175 عن شريح مرسلًا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى: "من ملك شيئًا حياته فهو لورثته إذا مات".

قال: نعم، الرقبى أن يقول: هذا لك حياتك، فإذا مت فهي لفلان. قلت: أو قال: فهي لي فهذِه الرقبى؟ قال: نعم. قلت: فهو أيضًا لورثته؟ قال: نعم! هو لورثته الذي أرقب. قلت: فيبيع ورثته إذا أرادوا البيع؟ قال: نعم، هو لهم، إن شاءوا باعوا. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد: حَدَّثنَا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه وسأله عن العمرى والرقبى؟ قال: هما سواء، للذي أعمرها وأرقبها سواء. والرقبى أن يقول: هي لك حياتك، أو ما عشت، ثم هي لفلان، أو إلي، فقد صارت عمرى. أما جعلها له عمره، صارت بمنزلة العمرى. "الوقوف" (107 - 111) وقال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر: حَدَّثنَا أبو طالب، أن أبا عبد اللَّه قال: العمرى والرقبى واحد، إذا قال: هذِه الدار لفلان حياته، فإذا مات فهي لفلان أو لولدي، فهي العمرى والرقبى، فهي لورثة الأول، الذي أُعمر وأُرقب، من ملك شيئًا حياته، فهو لورثته بعد موته؛ لأنه جعلها له حياته، فهي له حياته، وبعد وفاته لورثته. وإذا قال: هي وقف علي فلان، فإذا مات فلان فهي لولدي أو لفلان بعده. فهو كما قال، إذا مات فهي لولده ولمن أوصى له. الوقف: ليس يُملك منه شيء، إنما هو لمن أوقفه، يضعه حيث يشاء، مثل السكنى.

وإذا قال: غلة هذِه الدار لفلان حياته، فإذا مات فهي لفلان، فهو كما قال أيضًا، مثل الوقف أنه غلته، فإذا مات فهي لمن أوصى له، مثل السكنى. والسكنى متى يشاء أخرجه لو رجع فيه. أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قيل لأبي عبد اللَّه: ما تقول في رجل قال لرجل: قد أعمرتك داري حياتي؟ قال: يرجع إلى الورثة. أخبرني عبد اللَّه بن محمد، حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه قال: السكنى علي شرط، أن أسكنه عشر سنين، عشرين سنة، أو أقل. قلت: فإن قال: هي لك سكني ما عشت؟ قال: هي سكني ترجع إلى الأول. "الوقوف" (113 - 115) وقال الخلال: أخبرني محمد بن جعفر: حَدَّثنَا أبو الحارث: أنه قال لأبي عبد اللَّه: فإن قال: قد أسكنتك هذِه الدار حياتك؟ قال: هي له، يسكنها حياته، فإذا مات فهي راجعة إلى المسكن. وقال: أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني قال: قلت لأحمد: ما السكنى؟ قال: السكنى غير العمرى، إذا أسكنه الدار رجعت إليه علي كل حال. وقال: أخبرني الحسن بن الهيثم أن محمد بن موسى بن مشيش حدثهم في هذِه المسألة، أن أبا عبد اللَّه قال: إلا أن المسكن ترجع إليه، معناه إذا مات المُسْكَن وهو يقول: قد أسكنتك هذِه الدار حياتك، فإذا مات رجعت إليه.

وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر، حَدَّثنَا أبو طالب أنه قال لأبي عبد اللَّه: فالسكنى؟ قال: السكنى إنما هو شرط يشرط له، ليس مثل العمرى والرقبى، ابن عمر قد أسكن رجلًا سكنى ثم أخذه منه، إنما هو سكنى (¬1). قلت: فيرجع إليه ويأخذه منه. وقال: أخبرني منصور بن الوليد: أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن رجل قال: هذا البيت لك سكنى حياتك؟ قال: هو له حياته، فإذا مات فهو لصاحبه. "الوقوف" (117/ 121) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح بن أحمد أن أباه قال: السكنى راجعة إلى المُسكِن، فإذا قال: هي لك حياتك، رجعت إلى المسكن، أو على ما شرط المسكن؛ لأنه ليس بملك، والعمرى والرقبى ملك. "الوقوف" (123) حَدَّثنَا أبو بكر المروذي: عن أبي عبد اللَّه، حَدَّثنَا هشيم، حَدَّثنَا مغيرة قال: سألت إبراهيم عن رجل أسكن رجلًا داره حياته، فمات المُسكَن والمُسكِن؟ قال: يرجع إلى ورثة المُسكِن. قال: قلت: أليس كان يقال: من ملك شيئا حياته فهو لورثته من بعده؟ قال: فقال: إنما ذاك في العمرى، وأما في السكنى والخدمة فإنها ترجع إلى صاحبها. "الوقوف" (127) ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 471، وعبد الرزاق 9/ 393 (16905)، وابن أبي شيبة 4/ 284 (20105)، والبيهقي 6/ 175.

باب: صدقة التطوع

باب: صدقة التطوع 1959 - فضل الصدقة قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: إذا كَانَ النَّاسُ مُحتاجِينَ فالصَّدقةُ أحبُّ إليَّ مِنَ الحجِّ -يعني: مِن بعدِ الحجِّ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1709). قال ابن هانئ: وسئل عن رجل قد حج حججًا وله قرابات فقراء ويريد الحج، أترى له أن يتصدق بما يريد أن يحج به على أقربائه وهم محاويج؟ قال: يضعها في أكباد جائعة أحب إلي. "مسائل ابن هانئ" (562). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثني أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد قال: كان رجل من قوم صالح عليه السلام قد آذاهم، فقالوا: يا نبي اللَّه، ادع اللَّه عليه فقال: اذهبوا، فقد كفيتموه، قال: وكان يخرج كل يوم يحتطب، قال: فخرج يومئذ ومعه رغيفان، قال: فأكل أحدهما، وتصدق بالآخر، قال: واحتطب، وجاء بحطبه سالمًا، قال: فجاءوا إلى صالح عليه السلام، قالوا: قد جاء بحطبه سالمًا، لم يصبه شيء؟ قال: فدعاه صالح عليه السلام فقال: أي شيء صنعت اليوم؟ قال: فقال: خرجت ومعي قرصان، فتصدقت بأحدهما، وأكلت الآخر، قال: فقال صالح: حل حطبك فحل حطبه، فإذا فيه أسود مثل الجذع، عاضًا على جِذْل من الحطب، قال: فقال: بها دفع عنه -يعني بالصدقة. "الزهد" 120 - 121

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أخبرنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد قال: خرجت امرأة وكان معها رغيف وصبي لها، فجاء الذئب فاختلسه منها، فخرجت في إثره، وكان معها الرغيف، فعرض لها سائل فأعطته الرغيف، قال: فجاء الذئب بصبيها، فرده عليها. "الزهد" 123 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين أنه كان يحمل الجراب فيه الخبز، ويقول: إن صدقة الليل تطفئ غضب الرب عز وجل. "الزهد" 208 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا سلام، حدثنا الحسن، عن أبي هريرة قال: يقول اللَّه عز وجل يوم القيامة: استطعمك عبدي فلم تطعمه، أما لو أنك كنت أطعمته لأطعمتك اليوم، واستسقاك عبدي فلم تسقه، أما لو كنت أسقيته لأسقيتك اليوم. "الزهد" 222 قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: حدثنا عفان، حدثنا شعبة، قال عباد بن منصور، أخبرني قال: سمعت القاسم بن محمد، عن أبي هريرة قال: إن اللَّه عز وجل يقبل الصدقات، ويقبلها بيمينه، ولا يقبل منها إلا الطيب، وإنه ليربي اللقمة كما يربي أحدكم فصيله أو مهره، حتى تصير اللقمة لصاحبها مثل أحد، قال: وسألت عن ذلك عبد الرحمن بن القاسم فقال: ما كان للقاسم بهذا علم. "الزهد" 377 قال حرب: قلت لأحمد: أيحج نفلًا أم يصلُ قرابته؟

1960 - أفضل الصدقة

قال: إن كانوا محتاجين يصلهم أحبّ إليَّ. قيل: فإن لم يكونوا قرابة؟ قال: الحج. "الفروع" 2/ 654. 1960 - أفضل الصدقة قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: حَدَّثنَا عَفَّانُ، أنبأنا شُعْبَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الهَجَرِيِّ قال: سَمِعْتُ أَبَا الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أَتَدْرُونَ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَل" قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قال: "الْمَنِيحَةُ أَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ دراهَمَ أَوْ ظَهْرَ الدَّابَّةِ أَوْ لَبَنَ الشَّاةِ أَوْ لَبَنَ البَقَرَةِ" (¬1). "الزهد" 377 1961 - الحث على الصدقة وعدم رد السائل قال ابن هانئ: ودفع إليَّ أبو عبد اللَّه يومًا في المسجد الجامع ثلاث قطع، فيها قريب من دانقين فقال: أعطها هذا، وأشار إلى رجل فجاء معي ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 463، وأبو يعلي (5121) والبزار كما في "كشف الأستار" (947). قال الهيثمي في "المجمع" 3/ 133: رواه أحمد وأبو يعلي والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح. وقال أحمد شاكر في تعليقه على "المسند"، وهذِه مجازفة من الحافظ الهيثمي، فإن في إسناده هنا: إبراهيم بن مسلم الهجري وهو ضعيف وخاصة في روايته عن أبي الأحوص، ثم هو ليس من رجال الصحيح بل لم يرو له أحد من أصحاب الكتب الستة غير ابن ماجه. وضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (1778) وقال: وهذا سند ضعيف إبراهيم، وهو ابن مسلم لين الحديث، رفع موقوفات كما في التقريب. أهـ.

حتى وقف عليه، فدفعها إليه وهو ينظر إلى، فلما أن دخلنا المسجد وصلينا الفريضة إذا نحن بالسائل يقول: واللَّه واللَّه -مرارًا- ما دفع إلى اليوم شيء، ولا وقع بيدي اليوم شيء فلما صرنا الطريق قال لي أبو عبد اللَّه: ألم تر إلى ذاك السائل ويمينه باللَّه؟ ! يروى عن عائشة -رضي اللَّه عنها- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إن صح: "لو صدق السائل ما أفلح من رده" (¬1). وقال لي أبو عبد اللَّه: يكذبون خير لنا، لو صدقوا ما وسعنا حتى نواسيهم مما معنا. وما رأيته تصدق قط في مسجد الجامع غير تلك المرة. "مسائل ابن هانئ" (1966) قال ابن هانئ: رأيت أبا عبد اللَّه أخرج إلى السائل كسرًا مبلولة بماء وباقلاء. "مسائل ابن هانئ" (1967) قال ابن هانئ: وجاء مرة رسل من عند أمير المؤمنين فلم يُفطر تلك الليلة، وصلى في المسجد، فسأل سائل، فجاء إلى البيت فدفع إلي رغيفين كان يأكلهما فدفعتهما إلى السائل، وأصبح صائمًا، وما أكل شيئًا تلك الليلة، إلا من الغد أفطر بالليل. "مسائل ابن هانئ" (1968) ¬

_ (¬1) رواه العقيلي في "الضعفاء" 2/ 275 ترجمة (839)، والقضاعي في "الشهاب" 2/ 311 (1428)، والبيهقي في "الشعب" 3/ 227 (3398) بألفاظ متقاربة من حديث عائشة به، قال العجلوني في "كشف الخفاء" 2/ 155: حكم الصنعاني عليه بالوضع. . وإسناده ليس بالقوي كما قاله ابن عبد البر. وسبقه ابن المديني لذلك وأدرجه في خمسة أحاديث، قال: لا أصل لها، وقال أحمد: لا أصل له. وقال العقيلي: لا يصح في الباب شيء. اهـ. قلت: وفي الباب عن أبي أمامة وغيره وقال الألباني في "الضعيفة" (4365) عن هذا الحديث: ضعيف جدًا من جميع طرقه، وبعضها أشد ضعفًا من بعض.

قال ابن هانئ: سألته عن الحديث الذي جاء: "تصدقوا ولو بفرسن شاة" (¬1): ما يعني به؟ قال: أظلافها. "مسائل ابن هانئ" (2026). وقال حنبل: حدثني أبو عبد اللَّه، حدثني عبيدة بن حميد قال: حدثني أبو الزعراء، عن أبي الأحوص، عن أبيه مالك بن نضلة: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الأيدي ثلاثة: فيد اللَّه العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل السفلي، وأعط الفضل، ولا تعجز عن نفسك" (¬2). "جزء حنبل بن إسحاق" ص 231. قال عبد اللَّه: أخبرنا أبي، حَدَّثنَا ابن مَهْدِيٍّ، حَدَّثنَا هِمامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خُلَيْدٍ العَصَرِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قال: قال رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ قَطُّ إِلَّا بُعِثَ بِجَنْبَتَيْهَا مَلَكَان يُنَادِيَان، يُسْمِعَان أَهْلَ الأَرْضِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، هَلُمُّوا إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَإِنَّ مَا قَلَّ وَكفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى، وَلَا أبتْ شَمْسٌ قَطُّ إِلَّا بُعِثَ بِجَنْبَتَيْهَا مَلَكَان يُنَادِيَان، يُسْمِعَان أَهْلَ الأَرْضِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَأَعْطِ مُمْسِكًا مَالًا تَلَفًا" (¬3). "الزهد" 26 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 264، 506، والبخاري (2566)، ومسلم (1030) من حديث أبي هريرة بلفظ مقارب. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 473، وأبو داود (1649)، وصححه ابن خزيمة 4/ 97 - 98 (2440)، وكذا الحاكم في "المستدرك" 1/ 408، والألباني في "صحيح أبي داود" (¬3) روه الإمام أحمد 5/ 197، والطيالسي في "مسنده" 2/ 323 (1072) وعبد بن حميد في "المنتخب" 1/ 215 (207)، والطبراني في "الأوسط" 3/ 189 (2891) وابن حبان 2/ 462 (686) والحاكم 2/ 444 - 445. =

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، أخبرنا عوف، عن معبد الجهني قال: ما حمل آدم عليه السلام على أكل الشجرة إلا الشح. "الزهد" 62 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا مالك، وعثمان بن عمر، أنبأنا مالك المعني، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد قال: كان ابن عمر قائما يصلي، فأتى على هذِه الآية {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [سورة آل عمران: 92]، فأعتق جارية له وهو يصلي، قد أراد أن يتزوجها. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثني هاشم، حدثنا عصام، عن أبيه قال: أعطى ابن جعفرٍ عبدَ اللَّه بنَ عمر بنافع عشرة آلاف أو ألف دينار، فدخل ابن عمر علي صفية امرأته فقال لها: إنه أعطاني -ابن جعفر- بنافع عشرة آلافٍ أو ألف دينارٍ، فقالت: يا أبا عبد الرحمن فما تنتظر أن تبيع؟ قال: فهلا ما هو خير من ذلك، هو لوجه اللَّه عز وجل. "الزهد" 224 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، حدثنا هشام، عن الحسن قال: واللَّه لقد أدركت أقواما ما كانوا يردون سائلا إلا بشيء، ولقد كان الرجل منهم يخرج فيأمر أهله ألا يردوا سائلا. "الزهد" ص 319 ¬

_ = قال الهيثمي في "المجمع" 3/ 122: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في "الصحيحة" (443) وقال: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وفي الباب عن أبي هريرة رواه الإمام أحمد 2/ 305 - 306، والبخاري (1442) ومسلم (1010) من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما من يوم يصبح العباد إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللَّه أعط ممسكا تلفًا".

1962 - التعفف عن المسألة والصدقة

ونقل مهنا فيما رواه أبو أمامة: "لولا أن المساكين يكذبون ما أفلح من ردَّهم" (¬1) أنه ليس بصحيح. "الفروع" 2/ 592. 1962 - التعفف عن المسألة والصدقة (¬2) قال أبو داود: سمعت أحمد ذكر المسألة في الحملان، فقال: أكره المسألة في كل شيء. "مسائل أبي داود" (1501) قال ابن هانئ: وسُئِلَ عن الرجل يكون له الكرم فيقول لرجل له أيضًا كَرْم: أطعمني من كَرْمك، أو أهد إليَّ من أرضك؟ قال: هذِه مسألة، لا يعجبني أن يسأله. "مسائل ابن هانئ" (587). قال ابن هانئ: ما معنى: "إن اللَّه عز وجل يكره عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الطبراني 8/ 246 - 247 (7967، 7968) من طريق جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة به، وابن عدي في "الكامل" 6/ 13 ترجمة عمر بن موسى، وابن الجوزي في "الموضوعات" (1046) من طريق بقية عن عمر بن موسى عن القاسم به. قال الهيثمي في "المجمع" 3/ 12: وفيه جعفر بن الزبير وهو ضعيف. وقال ابن عدي: عمر بن موسى يضع الحديث متنا وإسنادًا. وقال الشوكاني في "الفوائد" ص 64 (13): في إسناد ابن عدي عبد الرحمن القطامي وأبو المهزم وهما متروكان. (¬2) راجع مسألة: النفقة على الغزاة وإعانتهم/ كتاب الجهاد. (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 250 - 251، والبخاري (6473)، ومسلم (583) من حديث المغيرة بن شعبة.

قال: تمنع ما عندك، وتمسك لا تصدق ولا تعطي، وتمد يدك تأخذ من الناس. "مسائل ابن هانئ" (590)، (2020). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يشتري الحاجة فيستوهب عليها؟ قال: هذِه الهبة، يسأل؟ ! لا يعجبني أن يسأل أحدًا شيئًا. "مسائل ابن هانئ" (1185). قال ابن هانئ: وسمعته يقول: لا تدخل الصدقة في مال إلا أمحقته. "مسائل ابن هانئ" (1993). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا عمرو بن ميمون، عن أبيه، عن أم الدرداء قالت: قال لي أبو الدرداء: لا تسألي الناس شيئا. قالت: فقلت: فإن احتجت؟ قال: فإن احتجت فتتبعي الحصادين فانظري ما سقط منهم فاخبطيه، ثم اطحنيه ثم كليه، ولا تسألي الناس شيئا. "الزهد" ص 175 قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: الرجل يكون مع القوم فيحتاج، ويقدر على الميتة والمسألة، أيهما أفضل؟ قال: يأكل الميتة وهو مع الناس؟ ! هذا شنيع. قيل له: فإن اضطر إلى الميتة؟ قال: هي مباحة. قيل له: فإن تعفف؟ قال: ما أظن أحدًا يموت من الجوع، اللَّه يأتيه مرزقه. ثم ذكر حديث أبي سعيد: "من استعفف أعَفَّهُ اللَّه عز وجل" (¬1) "الروايتين والوجهين" 1/ 248 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 3، 4، والبخاري (1469)، ومسلم (1053).

1963 - الإلحاح في المسألة

قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أكذب الناس القصاص والسؤَّال. "بدائع الفوائد" 4/ 58. قال في رواية بكر بن محمد عن أبيه: لا تعجبني هذِه المسألة -يعني: سؤال رب الدين وضع شيء من دينه، قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تحل المسألة إلا لثلاث" (¬1). "الآداب الشرعية" 3/ 279. وسأله محمد بن موسى ربما اشتريت الشيء وأقول له: أرجح لي. فقال: هذِه مسألة لا تعجبني. ونقل حرب عنه: إن استوضعه أو استوهبه لا يجوز. "الفروع" 2/ 595، "المعونة" 3/ 345. 1963 - الإلحاح في المسألة قال ابن هانئ: وسمعته يقول: إبراهيم بن أدهم، رواه عن شعبة، أنه قال: من صلى في المسجد، فقام، فأعطوه شيئا؛ فقد ألح في المسألة. "مسائل ابن هانئ" (588). 1964 - المسألة للغير قال ابن هانئ: وسُئِلَ عن الرجل يصحبه الرجل وهو محتاج: أيسأل له؟ قال: لا يعجبني أن يسأل له، ويُعرض كما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: قدموا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 60، ومسلم (1044) من حديث قبيصة بن الخارق -رضي اللَّه عنه-.

وعليهم جلود النمور، فقال: "تَصَدَّقُوا" (¬1)، يعرض بهم. "مسائل ابن هانئ" (589، 1996). قال الأثرم: وسمعته يُسأل: هل يَسأل الرجل لغيره؟ فقال: لا، ولكن يعرض؛ كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين جاءه قوم مجتابي النمار، فقال: "تَصَدَّقُوا"، ولم يقل: أعطوهم. قال الأثرم: قيل له: فالرجل يذكر الرجل فيقول: إنه محتاج، فقال: هذا تعريض، وليس به بأس فإنما المسألة أن تقول: أعطه. ثم قال: لا يعجبني أن يسأل المرء لنفسه فكيف لغيره؟ والتعريض ههنا أعجب إليّ. "التمهيد" 16/ 494 نقل محمد بن حمدان العطار: سمعت أبا عبد اللَّه وقد صلى في مسجد باب التبن، فنظر التبانون إليه فصلى خلفه جماعة، فسمعت رجلًا من الصف الثاني أو الثالث وهو قاعد فقال: تصدقوا علي. فسمعته وهو يقول: أيها الشاب قم قائمًا -عافاك اللَّه- حتى يرى إخوانك ذل المسألة في وجهك فيكون ذلك لك عذرًا عند اللَّه عز وجل. "الروايتين والوجهين" 1/ 248. نقل محمد بن داود عن أحمد -رضي اللَّه عنه-، وسئل عن رجل قال لرجل: كلم لي فلانا في صدقة أو حج أو غزو؟ قال: لا يعجبني أن يتكلم لنفسه، فكيف لغيره؟ ! ثم قال: التعريض أعجب إلي. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 358، 361، ومسلم (1017).

1965 - من جاءه مال من غير مسألة ولا استشراف

ونقل المروذي عنه: أن رجلًا سأله عن امرأة مات زوجها بالثغر وليس لها ثمَّ أحد فترى أن أكلم قومًا يعينوني حتى أجهز عليها وأجيء بها؟ قال: ليس هذا عليك. ولم يرخص له أن يسأل. ونقل حرب عنه في الرجل يقوم في المسجد فيسأل للرَّجل فيجمع له دراهم؟ فرخص فيه، وذكر أن شعبة كان يفعل ذلك، وكذا نقل عنه إبراهيم ويعقوب. ونقل المروذي عنه أنه سئل عن الرجل يسأل للرجل المحتاج؟ قال: لا، ولكن يعرض. ثم ذكر حديث الذين قدموا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وحث على الصدقة ولم يسأل (¬1). وهذا معنى ما نقل الأثرم ومحمد بن أبي حرب، وقال في روايته: ربما سأل رجلًا فمنعه فيكون في نفسه عليه. "الآداب الشرعية" 3/ 280 - 281، "الفروع" 2/ 601. 1965 - من جاءه مال من غير مسألة ولا استشراف قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: إذا بعث إليه بالمال وقد كان أشرفت نفسه؛ فلا بأس أن يرده، وكأنه اختار الرد. قلت لأحمد: إشراف النفس بالقلب؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1497). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 358 - 359، ومسلم (1017) من حديث جرير.

قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسُئِلَ عن حديث عمر -رضي اللَّه عنه- في الاستشراف؟ فقال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا آتَاك اللَّه عز وجل من هذا المال من غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا إِشْرَاف نفس فَخُذْهُ وَتَمَوَّلْهُ" (¬1). قال أبو عبد اللَّه: وإشراف النفس أن تقول: يبعث إلى فلان بكذا وكذا. ولا بأس أن يأخذ إذا كان من غير إشراف، فله أن يردّ أو يأخذ وهو بالخيار، وإذا كان عن إشراف نفس فلا يأخذ. "مسائل ابن هانئ" (586). قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لعمر: "ما آتاك اللَّه من هذا المال من غير مسألة ولا استشراف نفس". قال: لا بأس به إذا كان صحيحًا. "مسائل عبد اللَّه" (1613). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل وصله أخ له بدنانير ابتداء من نفسه، فترى له أن ينهض بها إلى الثغر من ثغور المسلمين، أو يردها عليه؟ قال: إن أخذها فهي حلال طيب إذا لم تستشرف بها نفسه، وإن استشرف، بها نفسه، فلا بأس أن يردها. قلت لأبي: وما الاستشراف؟ قال: أن يقول: سيبعث إلى فلان، سيصلني فلان، فهذا إن شاء اللَّه رده. "مسائل عبد اللَّه" (1164). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 21، والبخاري (1473)، ومسلم (1045) من حديث عمر به.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا بكار قال: سمعت وهب بن منبه يقول: ترك المكافآت من التطفيف (¬1). "الزهد" (447). قال أبو بكر الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا آتَاكَ اللَّهُ مِن غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا إِشْرَافٍ"؛ أيُّ الإشراف أراد؟ فقال: أن تستشرفه وتقول: لعله يبعث إليّ بقلبك. قيل له: وإن لم يتعرض؟ قال: نعم، إنما هو بالقلب. قيل له: هذا شديد. قال: وإن كان شديدًا فهو هكذا. قيل له: فإن كان رجل لم يعودني أن يرسل إليّ شيئًا، إلا أنه قد عرض بقلبي فقلت عسى أن يبعث إليّ شيئًا؟ فقال: هذا إشراف، فأما إذا جاءك من غير أن تحسبه ولا خطر على قلبك، فهذا الآن ليس فيه إشراف. قلت له: فلو عرض بقلبه: لو بعث إليه، فبعث إليه؛ أيلزمه أن يرده؟ قال: لا أدري ما يلزمه، ولكن له حينئذ أن يرده. قلت له: وليس عليه واجب أن يرده؟ قال: لا، ثم قال: إن الشأن أنه إذا جاءه من غير مسألة ولا إشراف، كان عليه أن يأخذ بقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فليقبله" قال: فحينئذ ينبغي له أن يأخذ، ويضيق عليه إذا كان عن غير إشراف ولا مسألة أن يرد؛ فإذا كان ¬

_ (¬1) ونقلها ابن النجار عن مثنى عن الإمام أحمد "معونة أولي النهى" 7/ 279.

فيه إشراف فله أن يرد لا يلزمه أن يأخذ وإن أخذه، فهو جائز ولو سأل، لم يكن له أن يأخذ وضاق عليه ذلك بالمسألة؛ لذا لم تحل له. "التمهيد" 16/ 466 وقال محمد بن يحيى الكحال للإمام أحمد: الرجل يأتيه الشيء من غير مسألة ولا استشراف، أيما أفضل: يأخذه أو يرده؟ قال: إذا لم يكن استشراف أخاف أن يُضيق عليه ردُّه. وكذا نقل المروذي ومحمد بن حبيب ويوسف بن موسى، ونقل عنه ابن مشيش: أخاف إذا جاءه فجأة أن يحرج. وترجم الخلال أن القبول مباح من غير استشراف. وعن أحمد أنه ردَّ ذلك، وقال: دعنا نكون أعزاء. وأمر أحمد في رواية بشر بن موسى بالأخذ، وقال للسائل: أرجو أن يطيب لك. ونقل المروذي أن أحمد جاءته هدية، ثوب من خراسان، فلما كان من الغد قال للمروذي: اذهب رُدَّهُ. قال: فقلت له: أي شيء تكون الحجة في رده؟ أو كيف يجوز أن يُرد مثل هذا؟ قال: ليس أعلم فيه شيئًا، إلا أن الرجل إذا تَعَوَّدَ لم يصبر عنه. واتجر محمد بن سليمان السرخسي بدراهم جعل ربحها لأحمد، فربحت عشرة آلاف، فذكر ذلك لأحمد، فقال: جزاه اللَّه خيرًا، لكنا في كفاية، فردَّ عليه فقال: دعنا نكون أعزة، وأبى أن يأخذها. فإن استشرفت نفسه إليه، فنقل الكحال عنه: إن شاء رده، وكذا نقل محمد بن يوسف: له أن يردها.

1966 - جواز قبول الهدية واستحباب المكافأة عليها

وسأله جعفر: يحرم أخذه؟ قال: لا. "الآداب الشرعية" 3/ 276 - 277، "الفروع" 2/ 598 - 600. 1966 - جواز قبول الهدية واستحباب المكافأة عليها قال أبو الفضل صالح: قلت له: حديث يُحدث به عن عبد اللَّه بن داود: أن الهدية لا تحل لأحد بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا لأبي بكر وعمر، هل تعرفه؟ قال: لا أعرفه، وأنكره، وقال: إنما رُوي عن الضحاك: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6] قال الضحاك: إنما هذِه للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خاصة: ألَّا يهدي ليهدى إليه أكثر من ذلك، وأما سائر الناس فليس به بأس (¬1). "مسائل صالح" (206) قال أبو الفضل صالح: ولد لي مولود فأهدى إليَّ صديق لي شيئًا، فمكثت علي ذلك أشهرًا، وأراد الخروج إلى البصرة، فقال لي: كلم لي أبا عبد اللَّه يكتب لي إلى المشايخ بالبصرة، فكلمته، فقال: لولا أنه أهدى إليك كتبت له، فلست أكتب له. وأهدى إليه رجل ولد له مولود، خوان فالوذج، فأهدى إليه سكرًا بدراهم صالحة. "سيرة الإمام أحمد" ص 40 قال ابن هانئ: سئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يهدى إليه الشيء: أفترى له أن يقبل؟ ¬

_ (¬1) أورده السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 452 وعزاه لعبد بن حميد.

قال: قد كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقبل الهدية ويثيب (¬1)، أرى له إن هو قبل أن يثيب. "مسائل ابن هانئ" (1410). قال ابن هانئ: وأهدى له مرة إنسان شيئًا ما يساوي ثلاثة دراهم، فأعطاني دينارًا، وقال: أذهب فاشتر بعشرة دراهم سُكَّرًا، وبسبعة تمرًا برنيًّا، واذهب به إليه، ففعلت، فقال: اذهب به إليه بالليل. "مسائل ابن هانئ" (1969) قال المروذي: إن أبا عبد اللَّه قال له رجل: أليس قد روي: "تهادوا تحابوا" (¬2)؟ قال: نعم. وقال سليمان القصير: قلت لأحمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه-: أي شيء تقول في رجل ليس عنده شيء، وله قرابة لهم وليمة، ترى أن يستقرض ويهدي لهم؟ قال: نعم. "الآداب الشرعية" 1/ 326 ونقل حنبل فيمن أهدى إلى رجل كلب صيد، ترى له أن يثيب عليه؟ قال: هذا خلاف الثمن، هذا عوض من شيء، فأما الثمن فلا. "الفروع"4/ 640، "الإنصاف" 17/ 40 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 90، والبخاري (2585) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-. (¬2) رواه البخاري في "الأدب المفرد" (594)، وأبو يعلي 11/ 9 (6148). وتمام في "الفوائد" 2/ 246 (1577)، والبيهقي 6/ 169 من حديث أبي هريرة، قال ابن حجر في "تلخيص الحبير" 3/ 70: إسناده حسن. وكذا حسنه الألباني في "الإرواء" (1601)، و"صحيح الجامع" (3004).

1967 - إذا أهدي إليه لأجل منفعة قام بها

1967 - إذا أهدي إليه لأجل منفعة قام بها قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، أنبأنا ابن عون، عن محمد أن أبا مسعود كُلِّم لرجل في حاجة، فجاء إلى أهله فرأى هدية، قال ابن عون: أظنه قال: بطًّا ودجاجًا، فقال: ما هذا؟ فقالوا: أرسل به الرجل الذي كلمت له. فقال: أخرجوه أخرجوه، آخذ أجر شفاعتي في الدنيا؟ ! "الزهد" ص 235 قال المروذي: قيل لأبي عبد اللَّه، وأنا شاهد: الرجل يكون في القرية أو الرستاق، وسئل عن الشيء من العلم، فأهدي له الثمار، وربما استعان بقوم يعملون في أرضه؟ فقال: إن كان يُكافئ، وإلا فلا يقبل. "الآداب الشرعية" 1/ 313، "الفروع" 4/ 655. قال صالح: قلت لأبي: رجل أودع رجلًا وديعة، فسلمها إلى الذي أودعه، فأهدى إليه شيئًا، يقبله أم لا؟ فقال أبي: إذا علم أنه إنما أهدي إليه لأداء أمانته فلا يقبل الهدية إلا أن يكافئ بمثلها. قال أبو الحارث: إن أبا عبد اللَّه سئل عن الرجل يسأله الرجل الحاجة، فيسعى معه فيها، فيكافئه علي ذلك بلطفه يهدي له، ترى له أن يقبلها؟ قال: إن كان شيء من البر وطلب الثواب كرهت له ذلك. "الآداب الشرعية" 1/ 315، "الفروع" 4/ 655. وقال يعقوب بن بختان: قال أبو عبد اللَّه: لا ينبغي للخاطب إذا خطب لقومٍ أن يقبل لهم هدية. "الآداب الشرعية" 1/ 316.

1968 - تقبل هدية المشرك والمكافأة عليها

1968 - تقبل هدية المشرك والمكافأة عليها قال إسحاق بن منصور: هدية المشرك؟ قال: أليس يُقال: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رد (¬1) وقبل (¬2). قال إسحاق: يقبل، ويكافئ، إذا لم يكن حاكمًا. "مسائل الكوسج" (3483) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: هل تقبل من المشركين هدايا؟ قال: نعم، تقبل منهم ويكافئون عليها. "مسائل ابن هانئ" (1692) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: هل يهدي الإمام إليهم؟ قال: قد كانت الخلفاء يقبلون منهم ويهدون إليهم. "مسائل ابن هانئ" (1693) قال ابن هانئ: سُئل أبو عبد اللَّه: هل تُجاز رسل المشركين إذا جاءوا إلى الإمام؟ قال: نعم، إذا كان فيه تقوية للمسلمين. "مسائل ابن هانئ" (1969) ¬

_ (¬1) روى الإمام أحمد 4/ 16، وأبو داود (3057)، والترمذي (1577) من حديث عياض بن حمار المجاشعي وكان مشركًا أنه أهدى للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هدية له أو ناقة فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أسلمت؟ " قال: لا. قال: "فإني نهيت عن زبد المشركين" قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال الألباني أيضا في "صحيح الترمذي" (1281): حسن صحيح. (¬2) روى الإمام أحمد 3/ 234، والبخاري (2615)، ومسلم (2469) من حديث أنس أن أكيدر دومة الجندل أهدى للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جبة من سندس فلبسها فعجب الناس منها. واللفظ بنحوه مختصرًا لأحمد.

1969 - جائزة السلطان

1969 - جائزة السلطان قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن رجل كسب مالًا من السلطان، ثم تاب وكان اشترى منه بستانًا، أيضيق علي رجل أن يترك البستان وهو في يدي صاحبه؟ قال: إذا كان مقتصدًا في سلطانه لا يظلم فيه وجمعه من أرزاقه. "مسائل أبي داود" (1261). قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: القوم إذا أعطوا الشيء، فتبينوا أنه ظلم فيه قوم؟ قال: يرد عليهم إن عرف القوم. قلت: فإن لم يعرفوا؟ قال: يفرق في ذلك الموضع. قلت: فأيش الحجة في أن يفرق على المساكين ذلك الموضع؟ فقال: عمر بن الخطاب جعل الدية على أهل المكان (¬1)، يعني: القرية التي وجد فيها القتيل. فأراه قال: كما أن عليهم الدية، هكذا يفرق فيهم، يعني: إذا ظلم قوم منهم ولم يعرفوا. قال أبو بكر: هذِه المسألة في مال بادوريا الذي رددته. وذكر أن بعض الخلفاء وجه إلى أولاد أحمد -رضي اللَّه عنه- من مال بادوريا فقبلوه بتستر علمه، فلما علم أخذه منهم ثم وجه به الي بادوريا ففرقه. "الورع" (214) ¬

_ (¬1) رواه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" 12/ 16 (15668).

قال عبد اللَّه بن محمد فوران: سمعت أحمد يقول: إذا اختلط المال، وكان فيه حلال وحرام، فالزهري ومكحول قالا: إذا اختلط الحلال والحرام فكل، هذا عندي من مال السلطان، كما قال علي -رضي اللَّه عنه-: بيت المال يدخله الخبيث والطيب. قال: السلطان يدخله الحلال والحرام، فيوصل إلى الرجل فيؤكل منه: فأما إذا كان حلالًا وحراما من ميراث، أو أفاد رجل مالا حرامًا وحلالًا، فإنه يرد على أصحابه، فإن لم يعرفهم ولم يقدر عليهم تصدق به، فإن لم يعلم كم الحلال والحرام يتصدق بقدر ما يرى أن فيه من الحرام، ويأكل الباقي. "طبقات الحنابلة" 2/ 46، "الفروع" 2/ 663. وقال الخلال في جائزة السلطان: كأن أحمد توسع على من أخذها لحاجة، فلما أخذوها من الاستغناء هجرهم ثم كلمهم، وهو عندي على غير قطع المصارمة؛ لأنهم وإن استغنوا فلهم حجة قوية. وقيل لأحمد: ترى أن يعيد من حج من الديوان؟ قال: نعم. وكذا كره معاملة الجندي وإجابة دعوته، ومراده من يتناول الحرام الظالم. "الفروع" 2/ 662 نقل أبو طالب في الهدايا التي تهدى للأمير فيعطى منها الرجل، قال: هذا الغلول. "تقرير القواعد" 3/ 100.

1970 - ما لا يعد من المسألة

1970 - ما لا يعد من المسألة قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل يسأل القرطاس أو الشسع أو الشيء، يدخل هذا في المسألة التي لا تحل؟ فقال: هذا تنطع. كأنه لم يره مسألة. "مسائل عبد اللَّه" (573) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يستقرض القرض، هل هذا من المسألة التي لا تحل؟ وكيف الحديث فيها، وكيف ترى له أن يصنع؟ فقال أبي: القرض ليس من المسألة في شيء. "مسائل عبد اللَّه" (1155). وقال أبو داود الكاذي: كنت عند أحمد بن حنبل وجاءه رجل فقال له: يا أبا عبد اللَّه، الرجل يكون عطشان وهو بين الناس فلا يستسقي؟ فأظنه قال في الورع: ما يكون أحمق (¬1). "الروايتين والوجهين" 1/ 248. نقل جعفر عن أحمد في الرجل يستعير الشيء: لا يكون مسألة. وقال حرب لأحمد: الرجل يكون له الأخ من أبيه وأمه ويرى عنده الشيء يعجبه، الدابة ونحو ذلك، فيقول: هب هذا لي، وقد كان ذلك يجري بينهما، ولعل المسئول يحب أن يسأل أخوه ذلك؟ قال: أكره المسألة كلها. ولم يرخص فيه، إلا أنه بين الأب والولد أيسر، وذلك أن فاطمة أتت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وسألته (¬2). ¬

_ (¬1) في "الآداب الشرعية" ما يكون؟ فقال: أحمق. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 80، والبخاري (3113)، ومسلم (2727) من حديث علي.

1971 - حكم الصدقة بالمال الحرام والذي فيه شبهة

ونقل عنه يعقوب والفضل نحو ذلك. وفي سؤال الشيء التافه كشسع النعل نقل أبو طالب عن أحمد في الرجل يسأل الرجل الحذاء، أو الإسكاف الشسع قال: لقد شددت. وقال عبد اللَّه: كأنه لم يره مسألةً. ونقل حرب ويعقوب عنه في الرجل يمر بالرجل فيسأله الشسع لنعله، فكأنه لم يرخص في شيء. قال يعقوب: وكأنه كرهه، فلم يرخص في شيء منه. وقال الفضل بن زياد وإبراهيم بن هانئ: كان أبو عبد اللَّه لا يرخص في مسألة الشسع. "الآداب الشرعية" 3/ 378 - 279. 1971 - حكم الصدقة بالمال الحرام والذي فيه شبهة نقل أبو طالب عن أحمد في الزيت إذا اختلط بحرام: أعجب إلى أن يتصدق به، هذا غير الدراهم. "الآداب الشرعية" 1/ 473، "الفروع" 2/ 665 - 666. 1972 - المسلم يتصدق من أهل الذمة أو يصدق عليهم قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن اليهودي والنصراني: يعطون من الزكاة؟ قال: من غير الفريضة يعطون. "مسائل أبي داود" (581)

1973 - من تحل له المسألة والأخذ من الصدقة

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المرأة الفقيرة تجيء إلى اليهودي أو النصراني، تتصدق منه. قال: أخشى أن يكون ذلك ذلل. "مسائل عبد اللَّه" (1624). قال الخلال: أخبرني حمزة قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: فأمّا ما يكون من كفارة أو زكاة فلا يعطي منها أهل الذمة. وما كان من تطوع أو صلة فأراد الرجل أن يصل به فعل، ولا يعطي من الواجب لذمي شيئًا. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: قلت لأبي عبد اللَّه يأخذ المسلم من نصراني من صدقته شيئًا؟ قال: نعم إذا كان محتاجًا. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 134 (165 - 166) 1973 - من تحل له المسألة والأخذ من الصدقة (¬1) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: مَن تحلُّ له الصدقةُ؟ . قال: أقول على حديثِ حكيم بن جبير، ولكن المسألة لا تحل لأحدٍ وعنده ما يُعشِّيه ويغديه (¬2). ¬

_ (¬1) راجع مسأله: (وقف الماء، وجواز الشرب منه لغير أهل الوقف) من كتاب الوقوف. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 388، وأبو داود (1626)، والترمذي (650، 651)، والنسائي 5/ 97 جميعًا عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن حكيم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: =

قال إسحاق: كما قال. قال: وإن أَخَذَ آخذٌ، فلا تعطيه، من له الأوقية كان قويًا. قال إسحاق بن منصورٍ: الأوقيةُ أربعونَ درهمًا. "مسائل الكوسج" (647). قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا ابن عون قال: دخلنا على الحسن فأخرج لنا كتابًا من سمرة فإذا فيه إنه يجزي من الاضطرار صبوح أو غبوق. قال: نبئت أنها كتب. "مسائل صالح" (637) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن نحل له المسألةُ، فقال: لا نحل لرجل عنده ما يبيتهُ. "مسائل أبي داود" (586) ¬

_ = "مَنْ سَأَلَ النَّاسَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَمَسْأَلَتُهُ فِي وَجْهِهِ خُمُوشٌ أَوْ خُدُوشٌ أَوْ كُدُوحٌ" قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا يُغْنِيهِ؟ قَالَ: "خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ". قال أبو داود (قال يحيى بن آدم: فقال عبد اللَّه بن عثمان لسفيان: حفظي أن شعبة لا يروي عن حكيم بن جبير فقال سفيان: حدثناه زبيد عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد. وقال الترمذي: حديث ابن مسعود حديث حسن، وقد تكلم شعبة في حكيم بن جبير من أجل هذا الحديث. وقال الخطابي في "معالم السنن" 2/ 48: وضعفوا الحديث للعلة التي ذكرها يحيى بن آدم، قالوا: أما رواه سفيان فليس فيه بيان أنه أسنده، وإنما قال: فقد حدثناه زبيد عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد فحسب. اهـ. وقال الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (1438): إسناده صحيح. . ومن طريق زبيد وهو ابن الحارث اليامى فإنه ثقة من رجال الشيخين لا من طريق حكيم بن جبير فإنه ضعيف. اهـ. وانظر أيضًا "الصحيحة" (499).

قال عبد اللَّه: سألت أبي عمن كان صحيح البدن تحل له الصدقة؟ فقال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل عبد اللَّه" (574). نقل عيسى بن جعفر: سألت أبا عبد اللَّه، قلت: الرجل له الضيعة يغلُّ منها ما يقوتُهُ ثلاثة أشهر من أول السنة، يأخذ من الصدقة؟ قال: إذا نفدت. "الطبقات" 2/ 180. قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه -يعني: أحمد بن حنبل- يسأل عن المسألة متى تحل، فقال: إذا لم يكن عنده ما يغديه ويعشيه، على حديث سهل بن الحنظلية (¬1). قيل لأبي عبد اللَّه: فإن أضطر إلى المسألة، قال: هي مباحة لى إذا أضطر. قيل له: فإن تعفف؟ قال: ذلك خير له. ثم قال: ما أظن أحدًا يموت من الجوع، اللَّه يأتيه برزقه. "التمهيد" 16/ 493، "الفروع" 6/ 304، "المعونة" 11/ 125. قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا تحل المسألة إلا لأحد ثلاثة، علي حديث قبيصة بن المخارق: "حَتَّى يُصِيبَ قوَامًا أو سِدَادًا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 180 - 181، وأبو داود (1929)، وابن حبان 2/ 304 (545)، والطبراني في "الكبير" 6/ 96 - 97. قال الألباني في "صحيح أبي داود" 5/ 332: إسناده صحيح على شرط مسلم وصححه ابن حبان.

مِنْ عَيْشٍ" (¬1). قيل له: ما السداد؟ قال: ما يعشيه. قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل سأل وهو ممن تحل له المسألة، فجاءه رجل بمائة درهم؟ فقال: هذا رزق ساقه اللَّه إليه، فان كان من الزكاة فهذا يضيق على المعطي والمعطى، فإن كان من عرض ماله فلا بأس به. قال أبو عبد اللَّه: لا يأخذ من الصدقة من له خمسون درهمًا، ولا يأخذ منها أكثر من خمسين درهمًا. قيل له: وما الأصل في أن لا يعطى أكثر من خمسين؟ قال: لأنه إذا أخذ خمسين، صار غنيًّا، إلا أن يكون له عيال، أو يكون غارمًا، أو يكون عليه دين. ثم قال: حديث عبد اللَّه بن مسعود في هذا حديث حسن (¬2)، وعليه نذهب في الصدقة. قال الأثرم: قلت له: ورواه زبيد وهو لحكيم بن جبير فقط؟ فقال: رواه زبيد فيما قال يحيى بن آدم: سمعت سفيان يقول: فحدثنا زبيد عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد. قلت لأبي عبد اللَّه: لم يخبر به محمد بن عبد الرحمن؟ فقال: لا. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 60، ومسلم (1044). (¬2) يعني حديث حكيم بن جبير المتقدم تخريجه.

قال: وسمعته وذكر أبو سعيد الخدري عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من سأل وله أوقية، أَو قيمة أوقية فهو ملحف" (¬1). فقال: هذا يقوي حديث عبد اللَّه ابن مسعود. قيل لأبي عبد اللَّه: من حديث من هو؟ فقال: من حديث عمارة بن غزية، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه. قال: قلت: فإن كان رجل له عيال؟ قال: يعطي كل واحد منهم خمسين خمسين، ومن كان له خمسون لم يعط منها شيئًا، وإن كان له دون خمسين بلغ الخسين قيل له: فإن كانت الخمسون لا تكفيه من سنة إلى سنة إنما تكفيه ثلاثة أشهر، أو نحوها، وهو يشتهي ألا يحوجه إلى أحد. فقال: لا ينبغي أن يعطيه أكثر من خمسين. فقلت أنا للذي سأله: إذا فنيت الخمسون أعطاه خمسين أخرى؟ قال: نعم، إذا فنيت أعطاه أخرى. "التمهيد" 16/ 494 - 495. نقل محمد بن الحكم عنه فيمن اشترى شيئًا وقال: قد أخذته بكذا فهب لي فيه كذا: لا تعجبني هذِه المسألة، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تحل المسألة إلا لثلاث" (¬2). "الفروع" 2/ 595، "المعونة" 3/ 345. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 7، وأبو داود (1628)، والنسائي 5/ 98، وصححه ابن حبان 8/ 184 (3390) وكذا الألباني في "صحيح أبي داود" (1440) وانظر: "الصحيحة" (1719). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 60، ومسلم (1044)

1974 - دفع صدقة التطوع لذوي القربي

1974 - دفع صدقة التطوع لذوي القربي قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الصدقة والكفارات إلى من تُدفع؟ قال: تدفع إلى أقرباء أهل بيته يصدق بها، فإن قال: في المساكين، تصدق بها في المساكين، يجمع عشرة مساكين فيعطي كل واحد منهم مُدّ بُرٍّ، أو نصف صاع تمر -والمدّ: رطل وثلث- وإن شاء أعطى نفسًا واحدة ثلاثة أيام. "مسائل ابن هانئ" (1345). قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه يعني: عن رجلٍ أوصى أن يُتصدق عنه بشيء، وله قرابة يشربون المسكر؟ قال: لعل في الخلقِ مَن هو أحوج منهم، ولكن يُعطون لعلةِ القرابة، ولا يُعجبني أن يعطوا دراهمَ، ولكن يُعطون كسوةً. "الورع" (548) قال أحمد بن القاسم: قال أحمد: إنما لا يعطون من الصدقة المفروضة، فأما التطوع فلا. "المغني" 4/ 113 نقل حرب عنه أن الصدقة أفضل من العتق بالنسبة للأقارب. "المبدع" 2/ 441. قال الفضل بن زياد: وكتبت إليه أسأله عن رجل له قرابات محاويج لا يعرفون شرائع الإسلام ولا يتعلمونه، أيضع زكاته فيهم أو فيمن يعرف شرائع الإسلام من غير القرابات؟ فأتى الجواب: ينبغي له أن يعلمهم وشضعها فيهم ويعطيهم من غير الزكاة. "بدائع الفوئد" 4/ 75

قال حَرْبٌ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظَالِمُ لِقَوْمٍ فَمَاتُوا، وَأَرَادَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَنْهُمْ وَلَهُ إخْوَانٌ مَحَاوِيجُ وَقَدْ كَانَ يَصِلُهُمْ قَبْلَ هذا، أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِمْ؟ فَكَأَنَّهُ اسْتَحَبَّ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهُمْ، قال: لَا يُحَابِي فِيهَا أَحَدًا. وقال في رواية المروذي في هذِه المسألة: أرى كأنه إنما فعله على طريق المحاباة، أن يحابيهم فلا يجوز، وإن كان لم يحابهم فقد تصدق، كأنه عنده قيد أجاز ما فعل. "الآداب الشرعية" 1/ 113. ونقل حنبل عنه فيمن تصدق وأبواه فقيران: رُدَّ عليهما لا لمن دونهما. "الإنصاف" 13/ 248.

باب ما جاء في أحكام الهبة والصدقة

باب ما جاء في أحكام الهبة والصدقة 1975 - هل يشترط القبض للزوم الهبة والصدقة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئل سفيانُ عن رجلٍ دَفَعَ إلى رجلٍ مالًا يُصدقه، فماتَ المعطِي. قال: ميراثٌ. قال أحمد: أقولُ إنه ليس بميراثٍ إذا كانَ من الزكاةِ أو شيءٍ أخرجه للحجِّ، وإن كانَ غير ذَلِكَ فهو ميراثٌ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (546). قال إسحاق بن منصور: ليس بين الرجل وبين امرأته حيازةٌ إذا وهبت له أو وهبَ لها؟ قال: هكذا نقولُ في الهبةِ إذا كانت معلومةً معروفةً، وكذلك في الغريبِ. يعني: غير الزوجينِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3060). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا وهبَ الرجلُ لامرأته شيئًا ولم تقبض لم يجز؟ قال: ليس ذا شيئا، ليس بينه وبينها حيازةٌ وهي معه في البيتِ، نحن نقولُ في الهبة: إذا عُلِمَت فهي جائزة. قال إسحاق: لا بد من قبض في مشاع، والصدقةُ إذا علمت جَازَ. "مسائل الكوسج" (3088).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: حديثُ أبي بكرٍ رحمة اللَّه تعالى ورضوانه عليه فيما نحل عائشة رحمها اللَّه تعالى جداد عشرين وسقًا من ماله بالغابة (¬1). قال: إنَّما قال لها: وددت أنك حُزتِيه (¬2) فيجوز لك؛ لأنه لم يملكها النخيل بأصولها، وإنما جعلَ لها قدر جداد عشرين وسقًا، فهذا ما لم يُجَدَّ النخلُ لا يكون حيازة، وهؤلاء آحتجوا بقولِ أبي بكر رحمة اللَّه عليه ورضوانه. هذا أنَّ الهبةَ لا تكونُ إلَّا مقبوضة، وأخطئوا في تأويلِ الحديث؛ لأنَّهم يقولون: أصلُ هذِه الهبة فاسدة، فكيف يجوزُ قبضُ الهبةِ الفاسدةِ، وهذا الذي وهبَ أبو بكرٍ -رضي اللَّه عنه- لها غائبٌ عنها، ولكنه رأى ذلك جائزًا، ونرى للموهوب قبض ذلك جائزًا إذا قبض وهو على الحق، فلذلك نجيزُ الهبةَ الغائبة؛ لما فعل أبو بكر -رضي اللَّه عنه- ذلك، ورأى هؤلاء أنَّ الهبةَ إذا كانت مشاعةً لا تجوز لما لم يمكن عندهم قبض ذلك، واحتجوا بما جاء: لا هبةَ إلَّا مقبوضة (¬3). فرأوا أنَّ غير المقسوم لا يمكن القبض فيه أبدا، وأخطئوا من أوجه، فذلك أنَّهم رأوا في نصفِ سيف ونصف حمام، وما أشبه ذلك أنَّه يجوزُ للواهبِ هبة نصيبه، ويقبضه الموهوب فكيف سموا ههنا لغير المقسوم والمقسوم قبضًا وهو مشاع؟ إنَّما القبضُ مِنَ الموهوبِ بإذنِ الواهبِ بغير المقسوم والمقسوم ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 468، وعبد الرزاق 9/ 101 (16507)، والبيهقي 6/ 170. (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 101 - 102 (16507، 16508)، والبيهقي 6/ 178. (¬3) روى عبد الرزاق 9/ 107 (16529) عن إبراهيم قال: الهبة لا تجوز حتى تقبض. . وقال ابن حجر في "الدراية"2/ 183: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لا تجوز الهبة إلا مقبوضة) لم أجده.

يستويانِ في القبضِ فما لم يأتوا بحديث أن لا يجوز هبة إلا مقسومة لم تكنْ لهم حجة. "مسائل الكوسج" (3089). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن: الرجل يدفع إلى الرجل درهم أو أكثر فيقول: تصدق بهذا عني، فيموت الرجل ولم يكن تصدق بها، كيف ترى له أن يصنع بها؟ قال: يرجع بها إلى الورثة. قيل له: إنه أوصى إليه أن يصدق بها. قال: أرأيت لو أراد أن يرجع في قبضها أَله أن يأخذها؟ فقيل: نعم. قال: كذلك أيضا هي له ما لم يتصدق بها. قيل له: فإنه قال: تصدق بها بعد موتي وفي حياتي؟ قال: إذا قال: بعد موتي وفي حياتي، فمات ولم يتصدق بها الرجل، قال: يكون من الثلث. "مسائل ابن هانئ" (1376). وقال أحمد بن أبي عبدة: قلت لأحمد: فتجوز الصدقة غير مقبوضة؟ قال: نعم، تجوز مقبوضة وغير مقبوضة. قلت: تجيزها غير مقبوضة؟ قال: نعم. "طبقات الحنابلة" 1/ 215. ونقل حرب: في رجل أشهد بسهم من ضيعته وهي معروفة لابنه وليس له ولد غيره، فقال: أحب إليَّ أن يقول عند الإشهاد: قد قبضته له.

1976 - الرجوع قي الهبة والصدقة

قيل له: فإن سها؟ قال: إذا كان مفرزًا رجوت. "المغني" 8/ 254، "معونة أولي النهى" 7/ 289. 1976 - الرجوع قي الهبة والصدقة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ وَهَبَ هبة يرجو ثوابها، فرجَعَ في هبتِه إنْ لم يُرضَ منها؟ قال: إذا وهبَ هبة فقبلها الموهوبُ له فليس له أن يرجعَ فيها، أُثيبَ عليها أو لم يُثَبْ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ" (¬1). قال إسحاق: بلى، له أن يرجع فيها إذا وهبه على إرادة الثواب. "مسائل الكوسج" (3027). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا وهبَ هبة فنمت يرجع فيها؟ قال: لا يرجعُ فيها. قال إسحاق: بلى، لَهُ أن يرجعَ فيها في قيمتها يوم وَهَبَ. "مسائل الكوسج" (3028). قال صالح: وسألته عن الرجل يهب الهبة، هل له أن يرجع فيها قبل أن يعوض؟ فقال: إذا وهب الرجل هبة فقبلها فليس للواهب أن يرجع فيها؛ وذلك لما يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الراجع فِي هِبَتِهِ كالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ"، وقال ¬

_ (¬1) رواه أحمد 1/ 280، والبخاري (2621)، ومسلم (1622) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.

بعضهم: "كالكَلْبِ يَعُودُ فيه". وروي عن ابن عباس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ"، وقال قتادة: عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ في قَيْئِهِ". وقال ابن عباس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ" (¬1). "مسائل صالح" (671) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: أقرضت رجلًا دراهم، فردها إليَّ، فحلفت أن لا أقبلها، أي شيء تقول فيها؟ قال: هي للورثة. "الورع" (260) قال المروذي: وسئل أبو عبد اللَّه عن الهبة؟ فقال: لا يرجع فيها. فقيل له: إنهم يحتجون بالمريض، يهب في مرضه. فقال: لا نتكلم في المريض. أيش يقولون في الصحة؟ ثم قال: بم يكون الملك؟ إنما يكون الملك بالشراء، أو الهبة، أو التمليك. فقيل له: إن إسحاق بن راهويه يقول: ما أدري ما هذا. قال: إذا قال: ما أدري، فهو أيسر. "الورع" (355) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يهب هبة، يجوز أن يرجع فيها. قال: لا يرجع الرجل في هبته. "مسائل عبد اللَّه" (1165). نقل محمد بن الحكم عنه: إذا قال الواهب: هذا لك على أن يثيبني، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 217، والبخاري (2622).

1977 - رجوع الأب في هبته لولده

فله أن يرجع إذا لم يثبه؛ لأنه شرط. ونص على معناه في رواية إسماعيل بن سعيد. "المغني" 8/ 280، "المبدع" 5/ 361 1977 - رجوع الأب في هبته لولده قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يهب لولده الشيء، ثم يرجع فيه فيعتقه؟ قال: ليس له أن يعتق ما لا يملك، فإذا حازه من ولده أعتقه إن شاء وجاز عتقه عليه. "مسائل ابن هانئ" (1219). قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: فإن وهب الرجل لابنه، أو لابنته جارية، له أن يرجع فيها؟ قال: هذا عندي غير ذا، إذا وهب إن كان كبيرًا وقبضها فليس له أن يرجع؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ". عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَيْسَ لنَا مَثَلُ السَّوْءِ؛ العَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ" (¬1). عن زيد بن أسلم، عن أبيه أن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- وجد فرسًا كان حمل عليها في سبيل اللَّه تباع في السوق، فأراد أن يشتريها، فسأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فنهاه، وقال: "لَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ" (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 217، والبخاري (2622) من طريق عكرمة عنه به. ومسلم (1622) من طريق عن ابن عباس بنحوه. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 25، والبخاري (1490)، ومسلم (1620).

1978 - رجوع المرأة في هبتها لأولادها

عن الزبير بن العوام -رضي اللَّه عنه-؛ أن رجلًا حمل على فرس يقال له: غمرة أو عمرة قال: فوجد فرسًا أو مهرًا تباع. فنسبت إلى تلك الفرس، قال: فنهي عنها (¬1). "الورع" (351 - 353) قال أبو الحارث: وقال أحمد في الرجل يهب لابنه مالًا: فله الرجوع، إلا أن يكون غَرَّ به قومًا، فإن غَرَّ به فليس له أن يرجع فيها. "الروايتين والوجهين" 1/ 442، "المغني" 8/ 266 ونقل الميموني عنه أن له الرجوع. "الروايتين والوجهين" 1/ 442 ونقل أبو طالب عنه في الرجل يهب لولده الجارية، ثم يرجع فيها، قال: لا يجوز عتقها حتى يرجع فيها ويردها إليه، إذا قبضها أعتقها. "الفروع" 4/ 651 1978 - رجوع المرأة في هبتها لأولادها قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجوع للمرأة فيما أعطته ولدها كالرجل؟ قال؛ ليس هي عندي في هذا كالرجل؛ لأن للأب أن يأخذ من مال ولده، والأم لا تأخذ. "المغني" 8/ 263، "معونة أولي النهى" 7/ 312 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 410 (10503).

1979 - رجوع أحد الزوجين في هبته للآخر

1979 - رجوع أحد الزوجين في هبته للآخر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: هبة المرأةِ لزوجِهَا، وهبةُ الرجلِ لامْرأتِه؟ قال: كلُّ هذا واحد، لا يرجعُ في شيءٍ مِنْ هذا. قال إسحاق: كلما وهبت المرأة لزوجِها تكرمه فلها أن ترجعَ، وليس للزوجِ أنْ يرجعَ. "مسائل الكوسج" (3029). قال إسحاق بن منصور: قال أحمد -رضي اللَّه عنه-: إن وهبتِ المرأةُ لزوجِهَا بطيب نفس من غيرِ مسألةٍ فليس لها أنْ ترجعَ. "مسائل الكوسج" (3371) قال المروذي: قيل لأبي عبد اللَّه: الرجل يقول لامرأته: هبي لي مهرك، فتقول: أنا أفعل إن شاء اللَّه. فقال: هذا عندي وعيد، إن أرادت أن ترجع فيه رجعت. قال أبو عبد اللَّه: فإن ابتدأت هي فوهبت لم يكن لها أن ترجع. واحتج بقول اللَّه تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] "الورع" (354) ونقل أبو طالب وابن صدقة والفضل عنه: إن وهبت له تبرعًا من غير مسألة منه لها أن ترجع به، وإن سألها وخافت غضبه أو الإضرار بها أن يتزوج عليها ملكت الرجوع. "الروايتين والوجهين" 1/ 444، "معونة أولي النهى" 7/ 310 قال الأثرم: سمعت أحمد يسئل عن المرأة تهب ثم ترجع فرأيته يجعل النساء غير الرجال ثم ذكر الحديث: "إنما يرجع في المواهب النساء وشرار

1980 - رجوع الغلام في هبته

الناس". وذكر حديث عمر: "إن النساء يعطين أزواجهن رغبة ورهبة فأيما امرأة أعطت زوجها شيئا ثم أرادت أن تعتصره فهي أحق". "المغني" 8/ 278، 279، "معونة أولي النهى" 7/ 311 1980 - رجوع الغلام في هبته قال ابن هانئ: وسئل عن الغلام يوهب لرجل. ثم يرجع في هبته؟ قال أبو عبد اللَّه: ليس له ذلك، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ" (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1413). 1981 - الرجل يشتري صدقته أو هبته أو وقفه قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل حمل على فرس، فباعه الذي حمل عليه، ثم أراد الذي حمل عليه أيضًا أن يحمل على آخر، أيشتري ذلك الفرس؟ قال: يكره أن يشتريه. "مسائل أبي داود" (1500) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل وهب لابنته جارية، فأراد أن يشتريها؟ قال: إن كان وهبها على جهة المنفعة فلا بأس أن يأخذها بما تقوّم إذا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 291، والبخاري (2589)، ومسلم (1622) من حديث ابن عباس.

كان ناظرًا، وإذا جعل الجارية للَّه أو في السبيل وأعطى ابنته على هذا المعنى لم يعجبني أن يشتريها ولا يطأها. وأما إذا وهبها على جهة المنفعة، فلا بأس أن يأخذها بما تقوم، على معنى حديث عمر بن الخطاب. يعني: في الفرس. "الورع" (354) قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل قال: سألت أحمد: الرجل يشتري صدقة ماله؟ فكرهه. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قال أبو عبد اللَّه: إذا تصدق بشيء فلا يشتره. وقال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعمر: "لَا تَرْجِعْ فِي صَدَقَتِكَ" (¬1). وقال: حَدَّثنَا حمزة بن القاسم: حَدَّثنَا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا قبضها المصدق فلا بأس أن يشتريها غيره، وأما هو فلا أحب له، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تشترها ولا شيء من نسلها" (¬2). نهى عمر عن ذلك. وقال: وكتب إلى أحمد بن الحسين: حَدَّثنَا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، وسأله عن الرجل يشتري صدقة ماله بعد أن تقبض منه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 25، والبخاري (1490)، ومسلم (1620) من طريق زيد بن أسلم عن أبيه به. (¬2) رواه الطبراني في "الأوسط" 2/ 70 (1281) من طريق مؤمل بن إسماعيل عن شعبة، عن عاصم الأحول، عن ابي عثمان النهدي عنه بنحوه. قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن شعبة إلا مؤمَّل. قال الهيثمي في "المجمع" 4/ 109: له حديث في الفرس وشرائه، لا شراء شيء من نسله، وفيه مؤمَّل بن إسماعيل، وثقه ابن معين وغيره، وضعفه البخاري.

قال: قال مالك: تركُها أحبُّ إلي، فلا يعجبني أن يشتري صدقة ماله وإن قبضت منه. وقال: أخبرنا منصور بن الوليد: أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن شراء الصدقات والعشور من السلطان؟ قال: لا ترجع في صدقتك. قيل له: فإن كان صدقة غيري؟ قال: لا بأس، إذا كان على وجهه. وقال: أخبرني منصور بن الوليد، في موضع آخر، حدثنا جعفر قال: سمعت أبا عبد اللَّه قيل له: نشتري الصداقات والعشور من السلطان؟ قال لا بأس به إذا كان على وجهه. "الوقوف" (279 - 284) قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد الوراق: حَدَّثنَا محمد بن حاتم بن نعيم، حَدَّثنَا علي بن سعيد قال: سألت أحمد عن الرجل يشتري صدقة غنمه، أو صدقة إبله؟ قال: كان ابن عمر يكره ذلك، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعمر: "لَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ". وقال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر: حَدَّثنَا أبو طالب قال: قال أبو عبد اللَّه: لا يرجع الرجل في صدقته يشتريها؛ حديث عمر، لما أراد أن يشتري من الذي حمله عليه، فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَرْجِعْ فِي صَدَقَتِكَ". فهذا الحديث: إذا حمل الرجل فهو كسائر ماله، وفيه ألَّا يرجع أحد في صدقته.

ورجل سأل ابن عمر: أشتري صدقة غنمي؟ فنهاه (¬1). وقال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: قلت لأحمد: أيشتري الرجل صدقة ماله؟ قال: ما يعجبني أن يرجع في شيء منها. قال: ولم؟ قال: عمر نهاه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الفرس، أن يرجع فيه. وقال: هو بين، جعله للَّه، يكره أن يرجع في شيء منه. وهذا قول منه، وليس مثله (¬2). وقال: ولكن ابن عمر (¬3) عنه في (. .) (¬4) اشترى صدقته، النهي فيه (¬5). قلت: نعم، فيكره؟ قال: إني أخبرك، ما يعجبني أن يشتري منها شيئًا. قلت: فيترادان الفضل؟ قال: نعم، يترادان الفضل. قلت: فإذا ترادا الفضل، لم لا يشتري؟ قال لي: يترادان الفضل كشيء في شيء يرد به ويأخذ فضله، وهذا ليس من ذاك يشتريها. ¬

_ (¬1) لم أقف عليه بهذا السياق لكن روى البخاري (1489) أن ابن عمر كان لا يترك أن يبتاع شيئًا تصدق به إلا جعله صدقة. (¬2) قال المحقق: "هكذا. . ولعل المراد منه أنه تعليق من عبد الملك على قول الإمام، على اعتبار أنه يرى أن حديث عمر خاص في الوقف والحبس، مع أن المسئول عنه هنا في هذِه المسألة هو شراء الصدقة". (¬3) هنا سقط وقال المحقق لعله (روي). (¬4) هنا سقط وقال المحقق لعله (مسنده أنه). (¬5) لعل الصواب: رغم النهي فيه.

1982 - الرجل يهب أو يتصدق على قرابته بالشيء فيرده عليه الميراث

قلت: فيها سنة؟ قال: نعم، حديث حماد بن سلمة، وهو حسن -يعني: حديث ثمامة في الصدقات (¬1). "الوقوف" (285 - 288) نقل حنبل عنه: ما أراد أن يشتريه فلا، إذا كان شيء جعله للَّه، فلا يرجع فيه. وعنه: وما أراد أن يشتريه به أو شيئًا من نتاجه فلا. ونقل ابن الحكم فيمن تصدق على قريبه بدار أو غلام أو شيء: إن أكل منه قبل أن يرثه فلا. "الفروع" 2/ 646، 647، "الإنصاف" 6/ 544، 545. 1982 - الرجل يهب أو يتصدق على قرابته بالشيء فيرده عليه الميراث قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ تصدَّقَ بصدقةٍ فرجعتْ إليه في الميراثِ؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 11، وأبو داود (1567)، والنسائي 5/ 28، والدارقطني 2/ 114 - 115، والحاكم 1/ 390، والبيهقي 4/ 86. قال الدارقطني: إسناد صحيح، وكلهم ثقات. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وقال البيهقي: في "معرفة السنن والآثار" 6/ 18 (7855) وحديث صحيح موصول، وقد قصر به بعد الرواة. وصححه الألباني في "الإرواء" 3/ 264 - 265 (792).

قال: جَيِّدٌ! . قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3031) قال الخلال: حَدَّثنَا أبو بكر المروذي، عن أبي عبد اللَّه، حَدَّثنَا يحيى ابن سعيد، عن سفيان: حدثني حميد الأعرج، عن محمد بن إبراهيم، عن جابر بن عبد اللَّه: أن رجلًا من الأنصار أعطى أمه حديقة من نخل حياتها، فماتت، فجاء إخوته فقالوا: نحن فيه شركاء سواء، فأبى، فاختصموا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقسمها بينهم ميراثًا (¬1). وقال: أخبرني زكريا بن يحيى، وأحمد بن محمد بن مطر قالا: حَدَّثنَا أبو طالب أنه قرأ على أبي عبد اللَّه: روح حَدَّثنَا سفيان الثوري، عن حميد الأعرج، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن جابر بن عبد اللَّه، أن رجلًا من الأنصار أعطى أمه حديقة من نخل حياتها، فماتت، فجاء إخوته فقالوا: نحن فيه شرع سواء، فاختصموا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقسمها بينهم ميراثًا. قلت: تذهب إليه؟ قال: نعم! هذا مثل العمرى والرقبى، تكون ميراثًا لمن أعمر، والرجل إذا تصدق بصدقة لا يرجع فيها، وإذا كان ميراث رجع فيه إذا ورثه، مثل هذا إنما يرجع إليه بالميراث. ¬

_ (¬1) أورد الخلال هذِه المسألة في "الوقوف" (288). رواه الإمام أحمد 3/ 299، وقال ابن عبد الهادي في "التنقيح" 2/ 236: رواته ثقات. وقال الهيثمي في "المجمع" 4/ 232: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وقال الألباني في "الإرواء" (1680): هذا إسناد صحيح متصل على شرط الشيخين.

وقال: أخبرني عبد اللَّه بن حنبل حدثني أبي قال: قال عمي: لا يجوز له أن يعود في صدقته، كما أمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْعَائِدُ في هِبَتِهِ" (¬1). وقال لعمر: "لا تشترها ولا تعد في صدقتك" (¬2). وإذا حمل شيئًا في سبيل اللَّه أو تصدق للَّه فخرج من ملكه لم يشتره، فإن رجع إليه بالميراث جاز له ذلك؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لعمر: "لا ترجع ولا تشترها" ونهاه عن ذلك، كلما كان من صدقة أو حملان في سبيل اللَّه أو وقف، فهذا سبيله، يمضيه، فإن رجع إليه الصدقة أو الوقف بالميراث جاز له ذلك. وقال حنبل في موضع آخر: قال: كلما رجع، الصدقة أو الوقف بالميراث فلا بأس. وأما إذا كان أراد أن يشتريه، أو شيئًا من نتاجه فلا! إذا كان شيئًا جعله للَّه فلا يرجع فيه. قال حنبل: قال عمي: كل ما رجع إلى المصدق أو الموقف بالميراث، وكلما أراد أن يشتريه أو شيئًا من نتاجه، فلا يشتره إذا كان شيئًا جعله للَّه فلا يرجع في شيء منه. وقال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد بن عبد الحميد: حَدَّثنَا بكر ابن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه وسأله عن الرجل يتصدق على قرابته بالدار والغلام والشيء فيرده إليه الميراث؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 291، والبخاري (2661)، ومسلم (1622) من حديث ابن عباس. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 25، والبخاري (1490)، ومسلم (1620) من طريق زيد بن أسلم عن أبيه.

قال: لا بأس، إذا رده إليه ميراث، وأما أن يأكل منه قبل أن يرثه فلا، قال عمران بن حصين: لا أجيز له ما أكل منه (¬1). "الوقوف" (270 - 273). قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد الوراق: حَدَّثنَا محمد بن حاتم ابن نعيم، حدثنا علي بن سعيد قال: سألت أحمد عن الرجل يتصدق بالصدقة، ثم يرثها أو ترجع إليه بوجه؟ قال: أما إذا ورثها فلا بأس به، على حديث الأنصار، والهبة مثله، وأما الشراء فلا يشتريها، على حديث عمر. وقال: أخبرنا حرب قال: سألت أحمد قلت: رجل تصدق بصدقة، ثم ورثها؟ قال: لا بأس. "الوقوف" (276 - 277). نقل أبو طالب عنه: إذا تصدق بصدقة لا يرجع فيها، إنما يرجع بالميراث. "الفروع" 2/ 646، "الإنصاف" 6/ 544. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 120 (16584)، وسعيد بن منصور 1/ 88 - 89 (249)، وابن أبي شيبة 2/ 410 (10508) عن ابن سيرين عنه بمعناه.

كتاب الوقوف

كتاب الوقوف 1983 - مشروعيته والرد على من طعن فيه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قولُه: مَا كانوا يحبسونَ إلا الكُرَاع (¬1) والسلاح؟ قال: ليس ذا شيئا، أصحابُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أوقفوا الدور والأرضين. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3086) قال ابن هانئ: قيل لأبي عبد اللَّه: قول شريح (¬2): لا حبس عن فرائض اللَّه؟ (¬3). يقول: من وقف وقفًا فهو ميراث، لا حبس عن فرائض اللَّه. قال أبو عبد اللَّه: هذا خلاف قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذلك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر عمر حين سأله عن أرض أصابها فقال: "احبسها وسَبَّل ثمرتها" (¬4). "مسائل ابن هانئ" (2047) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي بن محمود الوراق: حدثنا صالح ابن أحمد بن حنبل: أنه قال لأبيه: قول شريح: لا حبس عن فرائض اللَّه؟ ¬

_ (¬1) الكراع: اسم يجمع الخيل والسلاح، والمقصود بها هنا: الخيل. (¬2) في المطبوع: (سريج) وما أثبتناه هو الصواب. (¬3) رواه عبد الرزاق 9/ 196 (16921)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 96 (5877)، والبيهقي 6/ 162 جميعا من طريق عطاء بن السائب عنه. (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 156 - 157، والنسائي 6/ 32، وابن ماجه (2397) من حديث عبد اللَّه بن عمر. وصححه ابن خزيمة 4/ 119 (2486)، وابن حبان 11/ 262 (4899)، وكذا الألباني في "الإرواء" (1583).

قال أبي: هذا خلاف قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر عمر -وسأله عن أرض أصابها؟ فقال: "إحبسها وسبل ثمرتها". "الوقوف" (1) قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر: أن أبا طالب حدثهم: أنه قرأ على أبي عبد اللَّه، ح وأخبرني محمد بن أبي هارون قال: قال مثنى الأنباري: قرأت على أبي عبد اللَّه: سفيان، عن مسعر، عن ابن عون قال: سمعت شريحًا يقول: جاء محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- بمنع الحبس (¬1) قلت: ما الحبس؟ قال: الوقوف، كان شريح يرى بيعها. قلت: ما تقول أنت؟ قال: لا نقتدي بهذا، الوقوف لا تباع. وقال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني: أنه سأل أبا عبد اللَّه: أيش معنى قول شريح: جاء محمد يبيع الحبس؟ قال لي: لأنه لم يكن يرى هذا الحُبس-يعني: الوقوف- وأن ذاك كان في الجاهلية. {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} [المائدة: 103]. ثم قال أبو عبد اللَّه: بلغني أن مالكًا قال: ما حج شريح قط، ما مر بمكة فنظر إلى الدور، فسأل عنها، وهذه الدار لطلحة حبيس، وهذه الدار لفلان حبيس، وهذه الدار لفلان حبيس. قلت: مالك قاله؟ قال: نعم، لأنه كان يقول بخلافه. مالك يرى هذه الحُبس، وذاك لا يراها. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 355 (20924)، والبيهقي 6/ 163.

قالوا: من ذكره، الشافعي؟ فسمعته يقول وتبسم: نعم، وهو أول من سمعته احتج بهذا. وقال: أخبرني جعفر بن محمد العطار: أن يعقوب بن بختان حدثهم: أنه سأله أبا عبد اللَّه عن الوقوف؟ فقال: جائز، لم يزل المسلمون يفعلونه، ثم ذكر عمر، وعثمان، وعليًّا، وطلحة، والزبير. ثم قال: قال شريح: لا حبس عن فرائض اللَّه (¬1). فبلغ مالكًا فقال: ما حج شريح فيرى وقوف هؤلاء؟ وقال: أخبرني عصمة بن عصام: حَدَّثنَا حنبل: أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: قد أوقف أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذه وقوفهم بالمدينة: أبو بكر، وعمر، والزبير، وأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقوفهم بالمدينة ظاهرة معروفة، فمن رد الوقف فإنما يرد السنة التي أجازها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفعلها أصحابه في حياة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبعد وفاته لم يزل أهل المدينة، وأهل الحجاز على ذلك، وأنا أراه جائزًا. وقال في قول شريح: لا حبس عن فرائض اللَّه، يقول: من أوقف وقفًا فهو ميراث، لا حبس عن فرائض اللَّه. وقال حنبل في موضع آخر: سئل عن الرجل يوقف؟ قال: جائز، لم يزل المسلمون يفعلونه: عمر بن الخطاب، وعثمان، وطلحة، والزبير، وهذه وقوفهم بالمدينة. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 196 (16921)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 96 (5877)، والبيهقي 6/ 162 جميعا من طريق عطاء بن السائب عنه.

قال: وقال شريح: لا حبس عن فرائض اللَّه. قال: فبلغ مالكًا فقال: ما حج شريح فيرى وقوف أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-! قال: وهذا يدفع الخبر عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا مذهب أهل الكوفة، وهذا النبي عليه الصلاة والسلام قد أجازه. قال: "العمرى والرقبى جائزة" (¬1). فأجازه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وردوه هم. "الوقوف" (3 - 6) قال الخلال: قرأت على الحسين بن عبد اللَّه التميمي، عن الحسن بن الحسن، أخبرنا أبو داود السجستاني قال: قلت لأحمد بن حنبل بطرسوس: مصاحف توقف، فثم رجل يقول: لا يقرأ فيها، لا يجوز الحبس، إلا سلاح أو كراع؟ فقال أبو عبد اللَّه: الأرض هو كراع. وقال: أخبرنا حامد بن أحمد بن داود أنه سمع الحسن بن محمد بن الحارث أن أبا عبد اللَّه سئل عن هذه الأجزاء، التي تقرأ في المساجد، ¬

_ (¬1) أقف عليه بهذا السياق لكن: روى الإمام أحمد 2/ 347، والبخاري (2626)، ومسلم (1626) من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الْعُمْرَى جَائِزَةٌ". وروى الإمام أحمد 3/ 303، وأبو داود (3558)، والترمذي (1351)، والنسائي 6/ 296، وابن ماجه (2383) من طرق عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "العمرى جائزة لأهلها والرقبى جائزة لأهلها". قال الترمذي: هذا حديث حسن. وصححه الألباني في "الإرواء" 6/ 53 فقال: هو على شرط مسلم مع عنعنة أبي الزبير وقال في (1610): صحيح لغيره. وروى الإمام أحمد 1/ 250، والنسائي 6/ 269 من طريق أبي الزبير عن طاوس، عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أعمر عمرى فهي لمن أعمرها، ومن أرقب رقبى فهي لمن أرقبها جائزة".

يُكره ذلك؟ فقال: لا. "الوقوف" (8 - 9) وقال: أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم قال: كتبت إلى أبي عبد اللَّه أسأله عن رجل دفع إلى أجزاء فيها القرآن، فقال: إن أبي تُوفي، وأوصى إلى أن أصير هذه الأجزاء في موضع يقرأ فيها، فأخذت الأجزاء منه، فلم تزل عندي أخرجها إلى المسجد، فتوفي الرجل الذي دفعها إلى، وبقيت الأجزاء عندي، هل يكون لي أن أدفعها إلى ورثته، أو كيف أصنع فيها؟ فأتاني الجواب: يجعله في المسجد يُقرأ فيه؛ لأن هذا قد صيرها في السبيل. "الوقوف" (11) وقال: أخبرني موسى بن سهل، حدثنا محمد بن أحمد الأسدي، حَدَّثنَا إبراهيم بن يعقوب، عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد عن الوقوف. فقال: هو جائز في كل شيء. وقال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال: سمعت أحمد بن حنبل، وذكر وقوف أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يومًا فقال: ما منهم أحد توثق لنفسه ما استوثق عمرو -يعني-: ابن العاص. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يوقف داره على ولده وولد ولده، فترى يبيعونها. فإن قومًا قد فعلوا ذلك؟ قال: لا يجوز أن يبيعوها. قلت: لأبي عبد اللَّه: فكيف يصنع؟ قال: أرى أن توقف.

ثم ذكر الزبير وما أوقف. فقال: إذا كان آخرها للمساكين فهو حظ. قلت لأبي عبد اللَّه: فإذا قال: لولده، ثم ماتوا وليس وارث، كيف يصنعون؟ قال: هي وقف على المسلمين. قلت لأبي عبد اللَّه: فإن تبرع رجل فقام بأمر الدار وتصدق بغلتها على الفقراء؟ فاستحسنه. وقال: ما أحسن هذا! ! واستحسن وقف عمرو بن العاص. واحتج بوقف عمر بن الخطاب. "الوقوف" (13 - 15)

باب الواقف وما يشترط فيه

باب الواقف وما يشترط فيه 1984 - الرجل يوقف في مرضه، فيبرأ ولا يغير ذلك حتى يموت قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يوصي بداره في مرضه أن هذه الدار وقف على ولد أخيه أو أخته. ثم برأ من ذلك المرض، وغاب. ثم مات ولم يغير من وصيته الأولى شيئًا؟ قال: لو كان هذا الذي أوصى مات في مرضه ذلك. كان من الثلث، فإذا غاب، ثم مات بعد ذلك المرض فإنها من جميع المال. فقلت له: فإن للغرماء عليه دينًا يطالبونه؟ قال: وإن كان عليه دين. فإنه شيء قد أمضاه. قُلْتُ: فإن لم يجزها؟ قال: إذا عرفت الدار فقد صارت لهم. "مسائل ابن هانئ" (1392) قال الخلال: أخبرني يوسف بن موسى قال: سئل أبو عبد اللَّه: عن رجل أوقف داره على ولد أخيه وولد أخته، وهو مريض، ثم برأ، ولم يغير الوصية حتى مات، ومات وهو غريب؟ فقال: لو كان مات في مرضه ذلك كان في ثلثه، فأما إذا صح ولم يغير، فهو في جميع المال. قيل له: فإن عليه دينًا، والغرماء يطالبون به؟ قال: وإن كان عليه دين؛ لأنه لم يغيره. قيل له: وإن لم يجز؟

قال: وإن لم يُجز، إذا كانت معلومة معروفة. وقال: وأخبرني محمد بن الحسين: أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه سأله أبو بكر، فذكر مثل مسألة يوسف إلى قوله: لأنه لم يغيره، وزاد. قيل له: فإن كان ساكنًا فيها ثم خرج ولم يحزها؟ قال: وإن لم يَحُزْها، إذا عرفت. قيل له: فإنه خرج وترك فيها ابن أخيه وابن أخته؟ قال: فذاك حيزة (¬1). "الوقوف" (94 - 95) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون: ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم: أن أبا عبد اللَّه سُئل عن رجل أوصى في مرضه بضيعة له أوقفها على بعض قرابته، فبرأ من مرضه ذلك ثم مات ولم يكن غير وصيته في صحته حين برئ، تكون هذه الضيعة من الثلث، أو من جميع المال؟ فقال: لو كان مات في مرضه الأول كانت من الثلث، فأما إذ صح من مرضه وتركها حتى مات فهو من جميع المال. "الوقوف" (97) ¬

_ (¬1) في ط "مكتبة المعارف" فذاك خير، وما أثبتناه من ط "دار الكتب العلمية"، وهو المناسب للسياق.

باب ما يجوز وقفه وما لا يجوز

باب ما يجوز وقفه وما لا يجوز 1985 - وقف الماء، وجواز الشرب منه لغير أهل الوقف قال أبو داود: قلت لأحمد: الشرب من هذا الماء الذي يوضع للصدقة؟ قال: أرجو ألا يكون بها بأس. "مسائل أبي داود" (609) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: بئر احتفرت، وقد أوصى مخنث أن يعان فيها، ترى الشرب منها؟ قال: لا، كسب المخنث خبيث، يكسبه بالطبل. قلت له: فإن رش منها المسجد ترى أن يتوقى؟ فتبسم. وقال: وسألت أبا عبد اللَّه: عن بئر احتفرها بعض من يكره ناحيته، وهي مسبلة، وبئر أخرى هي في دار رجل هي مثلها، أيهما أعجب إليك الشرب منها؟ قال: المسبلة أعجب إليَّ. قلت: فإن كانت المسبلة في الطريق؟ فكأنه كرهها. قلت: فإن كان احتفرها بعض من يكره، وهي باردة، وبئر احتفرها رجل من سائر الناس، وليست باردة؟ قال: هذه التي احتفرها هذا الرجل، التي ليست بباردة. سألت أبا عبد اللَّه: عن بئر احتفرت في السبيل للمسلمين، فحفر إليها رجل من داره مجرى؛ يجري الماء من البئر المسبلة على بئره؟ قال: هذا لا يصلح، يحوزه دون الناس، وإنما هي مشتركة.

قلت: فيتوقى الشرب منها؟ قال: نعم. قال أبو عبد اللَّه: إذا نقص ماء البئر المسبلة أضر بها. "الورع" (119 - 121) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: كان طاوس لا يشرب في طريق مكة إلا من الآبار القديمة؟ قال: نعم، قد بلغني هذا عنه. "الورع" (319) قال المروذي: وسئل أبو عبد اللَّه عن السقايات التي تُفتح إلى الطريق، ترى أن يُشرب منها؟ قال: قد سُئل الحسنُ فقال: قد شرب أبو بكر وعُمر رضي اللَّه عنهما من سقاية أم سعد، فمه (¬1). "الورع" (434) قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه: يوقف الماء؟ فقال: إن كان شيئًا قد استجازوه بينهم، جاز ذلك. "الوقوف" (148) وقال طاهر التميمي: سألت أحمد عن الماء الذي يُسقى في السبيل، هل يجوز للأغنياء الشرب منه؟ قال: لا بأس. "الطبقات" 1/ 478 ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 615.

1986 - وقف الغلة

1986 - وقف الغلة قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: ما تقول في رجل أوقف غلته على المساكين أو ولده؟ فقال: الغلة لا توقف، إنما توقف الأرض، فما أخرج اللَّه منها فهي عليه منها. "الورع" (289) أخبرني عصمة بن عصام: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن رجل أوصى وصية، أن ثلثه وقف على قوم مؤبدًا عليهم من غلة له، لفلان عشرة، ولفلان عشرون، ولفلان عشرة، وأوصى أن لفلان بن فلان مائة، ولفلان بن فلان مائة. فقال أهل الوصية الذين أوصى لهم: ليس لكم من هذه الوصية شيء؛ لأنه أوصى لنا مؤبدًا وهم جميع قرابته؟ قال أبو عبد اللَّه: الوصية لهؤلاء على ما أوصى، ولهؤلاء على ما أوصى، لكل ذي حق حقه. "الوقوف" (163) وقف المشاع قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا ورث ضياعًا، فقال لإخوته: أوقفوني على شيء. فليس يوقفونه، فترى له أن يدعهَا في أيديهم ويخرج إلى الثغرِ؟ أو كيف ترى أن يَفعل؟ فقال: لا يدعها في أيديهم، ويخرج! وأنكر تركها، وقال؟ أشهد ما ورث من هذه الضياع فهي وقف، وأعجب إليَّ أن يُوقفها على قرابته، فإن لم يكن فجِيرانه، أو مَن أحب من أهل المسكنةِ، قوم يعرفهم يوقفها لهم، ويدعها في أيديهم ثم يخرج. ثم قال: بَارك اللَّه على هذا. وقد كان أبو عبد اللَّه،

أبى أن يجيبه فيها، وقال: هو حدَث السنِّ! فقلت: إِن عبد الوهاب كتب إلى في أمرِه. فأجابه بعدُ. "الورع" (444) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي أن أبا عبد اللَّه قال له رجل يريد أن يوقف؟ فقال له أبو عبد اللَّه: أنا عندي جائز أن يوقف مشاعًا غير مقسوم، سهم من كذا وكذا سهمًا مثل البيع، يقول: لا يباع، ولا يورث، ولا يوهب حتى يرث اللَّه الأرض ومن عليها، ويطلب رجلًا يصير له من الوقف شيئًا، ويسلمه إليه حتى يقوم به. "الوقوف" (165) وقال: أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه وسُئل، ح وأخبرني محمد بن أبي هارون، حَدَّثنَا إبراهيم بن أبان قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يوقف سهمًا من سهام كثيرة، غير مقسوم هل يجوز؟ قال: أيجوز بيعه؟ أيجوز هبته؟ قيل: نعم. قال إبراهيم: قلت: نعم. قال: يجوز وقفه، إذا سمى كذا وكذا سهمًا من كذا وكذا سهمًا. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر، حَدَّثنَا أبو طالب قال: سألت أبا عبد اللَّه عن دار بيني وبين رجل لا يقسمها، أيجوز لي أن أوقف حصتي منها للمساكين؟ قال: أنا أذهب إلى أنه جائز، إذا سمى سهمًا من كذا وكذا سهمًا.

قلت: يقولون: هؤلاء لا يجيزونه؟ قال: إن باع حصته يجوز بيعه؟ قلت: نعم. قال: فكيف يجيزون بيعه، ولا يجيزون إذا أوقفه؟ ! قول متناقض، إذا كان يبيعه فإنما باع ما يملك، وكذا يوقف ما يملك. وقال: وأخبرني عبيد اللَّه بن حنبل، حدثني أبي أن أبا عبد اللَّه قيل له: فرجل بينه وبين رجل أرض، فأوقف أحدهما نصيبه؟ قال: هم يقولون: البيع جائز، والصدقة والوقف والهبة مثله، إلا أنه إذا أوقف، أو أوصى، بأرض بينه وبين آخر احتاج أن يحد الأرض كلها، وكذلك في البيع والصدقة، وهو عندي واحد. وقال: أخبرني محمد بن علي: حَدَّثنَا أبو بكر الأثرم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل بينه وبين رجل أرض فأوقف أحدهما نصيبه؟ قال: هم يقولون: إن البيع جائز، والصدقة والهبة أيضًا مثله، والوقف مثله، إلا أنه إذا أوقف أرضًا بينه وبين آخر احتاج إلى أن يحد الأرض كلها، وكذلك في البيع والصدقة. وقال: هو عندي واحد. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون: أن أبا الصقر يحيى بن يزداد الوراق حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه عن رجل أوصى بثلث ضيعة له في المساكين وقف إلى يوم القيامة ثلث الغلة، كيف يتصدق بثلثه من الغلة؟ وإن أراد بعض الورثة أن يبيع حصته من ضيعته كيف يبيعها، وثلث الغلة من جميع الضيعة للمساكين؟ وهل ينفق على عمارة الضيعة من ثلث المساكين، أم على نصيب الورثة؟

1987 - وقف ما تنزه عنه من الأموال

قال: يفرز ثلث هذه الضيعة، على حدة ما للورثة، وينظر في النفقة عليها، فينفق بقدر ما يعلم أن المنفعة تعود منها وزيادة الغلة منها، ويكون الباقي للورثة مفرد مما للمساكين، إن شاءوا باعوا وإن شاءوا تركوا. أخبرني عصمة بن عصام، حَدَّثنَا حنبل أن أبا عبد اللَّه قيل له: رجل أوقف سهمًا من مالٍ وقف لفلان؟ قال: ينظر كم يكون ماله سهمًا، فيكون له سهم منها. وقال حنبل في موضع آخر: قيل له: رجل قال: سهم من مالي لفلان، كم يعُطي؟ قال: ينظر كم سهمًا تكون الفريضة، فيعطي سهمًا منها. "الوقوف" (167 - 172) 1987 - وقف ما تنزه عنه من الأموال قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل في يده أرض أو كرم، يعلم أن أصله ليس بطيب، ولا يعرف صاحبه؟ قال: يوقفه على المساكين. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر أن أبا طالب حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه: من كان له دار في الربض أو القطيعة فأراد أن يخرج منها ويتنزه عنها كيف يصنع؟ قال: يوقف.

1988 - وقف المال الصامت (الذهب والفضة)

قلت: للَّه؟ قال: نعم. قال: وسألته عن القطائع توقف؟ قال: نعم، إذا كان للمساكين ترجع إلى الأصل إذا جعلها للمساكين. "الوقوف" (160 - 161) 1988 - وقف المال الصامت (الذهب والفضة) قال الخلال: أخبرني الحسين بن الحسن أن محمد بن داود حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت: رجل أوقف مالًا صدقة موقوفة على أهل بيته -قوم معروفين- وعلى عصبتهم من بعدهم، وجعله على يدي رجل منهم على أن يعمل به مضاربة، فما كان من فضل أعطاه فقراء أهل بيته، وحكَّم عليه بذلك حاكمًا من الحكام، وجعله الحاكم على يدي الذي كان جعله الذي أوقف على يديه، لأن الذي كان أوقفه خاف أن يرجع فيه بعض ورثته بعد الموت، فكان في يدي المضارب نحوًا من عشرين سنة يعمل فيه، ويعطي فضله الفقراء من أهل بيته، على ما سمى رب المال الذي أوقفه، ثم مات المضارب وأوصى إلى رب المال الذي أوقفه، وليس يصيب اليوم من يقوم به على مثل ما قام به الميت، فهل يجوز أن يقسمه بين الفقراء من أهل بيته، حتى لا يبقى من أصل المال شيء، وإنما كان وقفًا؟ أم هل ترى للذي أوقف أن يعمل به هو، ويرد عليهم ما كان من ربح؟ وهل ترى له أن يصيب منه شيئًا إن هو عمل به، مثل ما يُعطى المضارب؟

قال: إنما توقف الأرض والعقار، وأما المال فلم يبلغني، ولكن هذا لم يخرجه بعد. قلت: فيقسمه حتى لا يبقى منه شيء؟ قال: نعم. قلت: فإن عمل به، يصيبه ما يصيب المضارب؟ قال: نعم، هو ماله بعد. قلت: يزكيه؟ قال: نعم. قلت: أو ليس يروى عن طاوس: ليس في الصدقة الموقوفة زكاة؟ قال: نعم هذا في الأرض. قلت: وعن حفصة في الحلي؟ فاستحسنه واستعادنيه، وذكر الحديث. قال أبو عبد اللَّه: لو اشترى لهم به عقدة كان خيرًا ونحو هذا. وقال أخبرني عصمة بن عصام: حَدَّثنَا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا أعرف الوقف في المال، إنما الوقف في الدور والأرضين، على ما أوقف أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: ولا أعرف وقف المال البتة. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا أعرف حبس المال ولا وقفه، إنما يوقف ويحبس الأرضون، والسلاح، والكراع وما أشبهه، فأما المال فلا أعرفه ولا سمعته. قيل له: فإن مؤملًا الحراني حدث عن الوليد بن مسلم، عن زهير بن محمد، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع أن حفصة أوقفت حليًّا على قوم؟

فأنكره أبو عبد اللَّه وقال: ليس لهذا أصل يعني: الحديث. وقال أخبرني محمد بن علي حَدَّثنَا الأثرم، ح وأخبرني الحسين بن الحسن، حَدَّثنَا إبراهيم بن الحارث -وهذا لفظه وهو أتم- قال: سئل أبو عبد اللَّه عن رجل أوقف مالًا عينًا في حياته على الفقراء من أقربيه، فدفعه إلى قوم ضاربه لهم به، على أن يُدفع الربح إلى الفقراء من أقربيه؟ فقال أبو عبد اللَّه: أما وقف المال فلست أعرفه، إنما توقف الأرضون، والعقار، والدور، والسلاح، والحبس، وما أشبهه فأما المال فما أعرفه، وهذا لو مات صاحبه كنت أرى أن يكون سبيله سبيل الميراث، المال لا يوقف. قال السائل: قد أوقفت حفصة حليًّا؟ قال: من حديث من هذا؟ قال له: حَدَّثنَا مؤمل الحراني، عن الوليد بن مسلم، عن زهير بن محمد، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع أن حفصة أوقفت حليًّا على قوم. فأنكره أبو عبد اللَّه جدًّا، وعجب منه واستعاده الذي ذكره غير مرة، ثم قال: يروون عن زهير بن حمد أحاديث مناكير، هؤلاء ترى هذا زهير بن محمد ذاك الذي يروي عنه أصحابنا. ثم قال: أما رواية أصحابنا عنه فمستقيمة، عبد الرحمن بن مهدي، وأبو عامر: مستقيمة صحاح. وأما أحاديث أبي حفص ذاك التنيسي عنه فتلك بواطيل موضوعة، أو نحو هذا. قيل لأبي عبد اللَّه: الذي أوقف المال، له أن يرجع فيه في حياته؟ قال: لا أعرف وقف المال البتة.

قيل له: فيزكي هذا المال؟ قال: أما الزكاة فلا بد، هو ملكه. وقال: أخبرنا طالب بن حمزة الأذني، حَدَّثنَا محمد بن عيسى، حدثني سعيد بن مسلمة القرشي، حَدَّثنَا إسماعيل بن أمية، عن نافع قال: ابتاعت حفصة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حليًّا بعشرين ألف فحبسته على نساء آل الخطاب، فكانت لا تخرج زكاته. وقال: أخبرنا سليمان بن الأشعث -أبو داود- قال: سمعت أحمد ينكر حديث علي في الوقف. يعني وقف الأموال الذي رواه هشيم، ويضعفه، قال: لم يسمعه هشيم، وجعل يتكلم كأنه ليس له عنده أصل. "الوقوف" (184 - 188)

باب الموقوف عليه وما يشترط فيه

باب الموقوف عليه وما يشترط فيه 1989 - كيف يكون الوقف، على من يستحب أن يوقف، وأفضل أبواب البر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ: كيف يُوقفُ الرَّجلُ ماله للمساكينَ، وهل يجوزُ له أَنْ يستثنيَ لنفسِه؟ قال: كلما أحبَّ أن يُوقفَ أموالَه مِنَ الأَرَضِين والدور وقفًا في صحته وحياته لكي لا يورث أبدا، ولا يكون لأحدٍ سبيل، فإنَّ السنة مضت بأَنْ يوقفَهَا، ويقول: تصدقتُ بأرضي التي في كورةِ كذا في قريةِ كذا. ويحدها ويسميها، ويقول: جعلتُ هذه الأرضَ صدقةً بتا بَتلا لا تباع، ولا توهب، ولا تورث، يصدق بها على الفقراءِ والمساكين وابنِ السبيلِ، فإِنْ أحبَّ أن يجعلَها على القرابةِ سَمَّاهم، وإِنْ جعلَ لغيرِ القرابةِ نصيًا سماهم أيضًا، وإِنْ أَحَبَّ أَنْ تكونَ يدُه مع أيديهم ما عاشَ اشترط ذَلِكَ في وقفِه، وإن أحب أن يكَتُبَ إن بدا له أن يرجعَ فيها رجع فليكتب ذَلِكَ ويشترط، إلَّا أَنَّه لا يجوز ثنياه إذا اشترط أن يبيعها ويتصدق بثمنها، فإذا فعلَ ذَلِكَ في صحته وأخرجَها من ملكِه كان من جميعِ المالِ. "مسائل الكوسج" (3443) قال أبو داود: شهدت أحمد قرئ عليه في الوقف على قوم فقال: يعجبني أن يكون آخر الوقف للمساكين. "مسائل أبي داود" (1436) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يريد أن يوصي بأرض يوقفها، على من ترى، أن يوقفها عليه؟

قال أبو عبد اللَّه: يوقفها على أقربائه، يبدأ بهم، فإن لم تكن له قرابة محتاجون، فجيرانه، ويوكل به رجلًا، لعله أن يحتاج فيأخذه منه، ولا يجيزه لهم، فإذا أوكل به رجلًا كان ذلك الرجل يحوزه إليه. "مسائل ابن هانئ" (1391) قال الخلال: أخبرني زكريا بن يحيى الناقد، وأحمد بن محمد بن مطر أن أبا طالب حدثهم قال: سئل أبو عبد اللَّه: عن الوقف يوقفه على نفسه، فإذا مات فعلى المساكين؟ قال: لا أعرف الوقف، إلا ما أخرجه للَّه، أو أوقفه على المساكين، وفي سبيل اللَّه، يمضيه إذا أوقفه عليه حتى يموت، فلا أعرف أن ما أوقف أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على قوم أخرجوه من ملكهم للَّه، فأما أن يوقف على نفسه، فهو ليس وقفًا، هذا يعد ملكًا، لا أعرف هذا فعله أحد، إنما هذا قول أبي حنيفة، حيلة وضعها. قال: وقف عليه، فإذا مت فهو لغيرك. إنما الوقف الذي يعرف للَّه يوقف على قوم، وعلى شيء في السبيل. وقال: أخبرنا محمد بن علي بن بحر أن يعقوب بن بختان حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الوقف فقال: إذا قال: لفلان وفلان، وآخره للمساكين. أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قال أبو عبد اللَّه: يعجبني إذا وقف الرجل وقفًا، أن يكون آخره للمساكين. كأنه أراد يباع. "الوقوف" (34 - 36) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي، حَدَّثنَا صالح: أنه قال لأبيه: الوقف كيف يكون؟

قال: يكون أن يوقفه على ولده، أو من رأى من أقاربه، فإذا انقرضوا فهو صدقة للمساكين. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر أن أبا طالب حدثهم أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: إذا أوقف الرجل شيئا فليقل: هذا وقف للَّه لا يباع ولا يوهب ولا يورث في فقراء أهل بيته، فإذا انقرضوا ففي المساكين. وقال: أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يعجبه أن يوقف الرجل الأرض، أو الدار على ولده وولد ولده أبدًا ما تناسلوا، فإذا انقرضوا رجعت إلى المساكين. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم. أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الوقف، تراه جائزًا؟ قال: نعم. قلت: كيف تقول؟ قال: الوقف المعروف الجائز: أن يشترط في وقفه ألا يباع، ولا يوهب، ولا يورث. وإذا كان آخره للمساكين فهو أصح ما يكون من الوقف. وقال في موضع آخر: إذا انقرضوا رجع إلى المساكين. أخبرنا أبو بكر المروذي: أن أبا عبد اللَّه قال له رجل: أريد أن أوقف ميراثًا؟ فقال: إن كنت قد قسمته، وقد أفردته، وقد صار في قبضتك، فأوقفه على فقراء أهل بيتك. تقول: لا يباع ولا يورث حتى يرث اللَّه الأرض ومن عليها. "الوقوف" (38 - 42)

1990 - الرجل يوقف على نفسه خاصة، أو يستثني شيئا لنفسه

قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سأل رجل أبا عبد اللَّه يريد أن يوقف. فقال: أوقفه على أقربائك، وأهل بيتك، فإن فضل منه شيء فعلى جيرانك. ثم قال: لو كان الشيء واسعًا لأمرتك أن توقف على أهل بيتك وجيرانك، وتصير منه في السبيل وفي أبواب البر. "الوقوف" (153) قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل قال: سئل أحمد عن رجل أوقف وقفًا فقال: أوقفت هذا الوقف على فقراء أهل بيتي والمساكين وأفضل أبواب البر، بما ترونه لي حظًّا؟ قال أحمد: يجزأ ثلاثة أجزاء. وقال أحمد: الغزو أفضل أبواب البر. "الوقوف" (159) 1990 - الرجل يوقف على نفسه خاصة، أو يستثني شيئًا لنفسه قال إسحاق بن منصور: سئل أحمد عن الرجل وقف وقفًا، هل يستثني لنفسه شيئًا؟ قال: لم أسمع فيه بشيء أعلمه. قال إسحاق: له أن يستثني لنفسه. "مسائل الكوسج" (2332) قال ابن هانئ: وسئل: عن الرجل يشترط الدار لنفسه، بعدما أعمرها ولده قال يقول في شرطه: وعلي إن انقرض هذا -يعني ولده.

قال أبو عبد اللَّه: أليس عثمان بن عفان يقول: وعلى المردودة من بناتي (¬1)؟ ! "مسائل ابن هانئ" (1389) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم أنه قال لأبي عبد اللَّه: وإذا اشترط أن يسكنه حياته؟ قال: جائزة. وقال: أخبرنا يوسف بن موسى القطان أن أبا عبد اللَّه سُئل عن الرجل يوقف الدار، ويشترط سكناها لنفسه ما عاش؟ قال: نعم، وعلى حديث: وعلى المردودة من بناتي. وقال: أخبرنا محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه -وسأله أبو جعفر عن الرجل يوقف الدار ويشترط سكناها لنفسه ما عاش؟ فقال: نعم، على حديث: وعلى المردودة من بناتي. "الوقوف" (23 - 25) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 152 (6288). لم أقف عليه عن عثمان، لكن رواه البيهقي 6/ 166 - 167 عن الزبير، من طريق هشام بن عروة، عنه. والدارمي في "سننه" 4/ 2079 (3343) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه. وعلقه البخاري (2778). وقال الألباني في "الإرواء" (1595): صحيح، إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين على خلاف في سماع عروة من أبيه، وقد علقه البخاري بصيغة الجزم.

1991 - الرجل يوقف على نفسه ثم على ولده من بعده

قال الخلال: أخبرني محمد بن علي، حَدَّثَنَا الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لولا أن في حديث الزبير: للمردودة من بناتي، ومن تزوج فلا حق لها (¬1)؛ ما كنت أرى أن يكون أنه يدخل واحد ويخرج آخر، ولا يكون إلا شيئًا معلومًا ولا يحول. قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام، حَدَّثنَا حنبل قال: قيل لأبي عبد اللَّه: الرجل يوقف على نفسه؟ قال: ما سمعت بهذا. وقال: وأخبرني جعفر بن محمد، أن يعقوب بن بختان حدثهم: أنه سأل أبا عبد اللَّه، عن الرجل يوقف على نفسه؟ قال: ما سمعت فيه بشيء. "الوقوف" (27 - 29) 1991 - الرجل يوقف على نفسه ثم على ولده من بعده قال ابن هانئ: قيل: وإن أوقف على نفسه شيئًا، ثم على ولده من بعده، فهو جائز؟ قال: نعم، هو جائز. "مسائل ابن هانئ" (1390) قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد حَدَّثَنَا علي بن سعيد قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا بأس أن يوقف الرجل على ولده في حياته. ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه قريبًا.

1992 - ما يوقف على ورثته خاصة في الصحة والمرض، وما ذكر عنه أنه يساوي بينهم في الوقف

وقال: أخبرني يوسف بن موسى، أن أبا عبد اللَّه قيل له: وإن وقف على نفسه ثم على ولده من بعده؟ قال: نعم. وقال: أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه -وقد قال له أبو جعفر: وإن أوقف على نفسه، ثم على ولده من بعده؟ قال: نعم. "الوقوف" (30 - 32) 1992 - ما يوقف على ورثته خاصة في الصحة والمرض، وما ذكر عنه أنه يساوي بينهم في الوقف قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل له بنات يخاف عليهن الضيعة، وله دار ومال سوى ذلك، هل يجوز له أن يوقف عليهن داره بعده؟ قال: نعم، له أن يوقف على ولده وغير ذلك ممن أراد، إذا كان في صحة منه. "مسائل عبد اللَّه" (1170) قال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني أنه قال لأبي عبد اللَّه: أليس تذهب إلى ما قال: "لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ"؟ (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 267، وأبو داود (2870)، والترمذي (2120)، وابن ماجه (2713) من حديث أبي أمامة. قال الترمذي: هذا حديث حسن. =

قال: بلى. قلت: فما معنى هذه الوقوف؟ قال: الوقف غير الوصية، الوقف لا يباع ولا يورث، إنما ينتفعون بغلته، ليس ينفقون من الأصل شيئًا، ولا يهبونه، فإذا انقرضوا صار للمساكين. قلت: ما الحجة في الوقوف؟ قال: ما فعل عمر. قلت: هذا فعل عمر؟ قال: أليس قد قال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن لي أرضًا -وذكر القصة. قلت: فإنما أمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالإيقاف، ليس في الحديث للوارث؟ قال: فإذا كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هو أمره، وذا قد أوقفها على ورثته ألا يبيعوا، وحبس الأصل عليهم جيمعًا، أيش تقول؟ ورأيته استكثر هذا، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بالوقوف، وعمر قد فعل ما فعل. قلت: الرجل والمرأة والصغير في ذلك سواء؟ قال: نعم. وقد قال في بعض ما دار: ويُسوي في ذلك بينهم، يعني إذا أوقف على ورثته. ¬

_ = قال المنذري في "المختصر" 4/ 150: في إسناده إسماعيل بن عياش، وقد اختلف في الاحتجاج بحديثه، منهم من ذكر أن حديثه عن أهل الحجاز وأهل العراق ليس بذاك، وأن رواتيه عن أهل الشام أصح. وهذا الحديث من روايته عن أهل الشام. وقال الحافظ في "التلخيص": حسن الإسناد. وصححه الألباني في "الإرواء" (1655).

دار هذا الكلام بيننا غير مرة واستفهمته، وفارقني عليه. قلنا: فالرجل يوقف جميع ماله إذا كان صحيحًا على ورثته؟ قال: نعم، له ذلك كما فعل عمر، أوقف، ووجهه أن يوقفه على المساكين، فهذا وجهه -يعني: آخره للمساكين. قلت: وإذا كان مريضًا فله ثلثه؟ قال: نعم، له ثلثه. قلت: ويوقفه عليهم أيضًا؟ قال: نعم، يوقف على ورثته جميعًا. وفارقني على أن له ذلك في ثلثه، إذا كان مريضًا يوقفه على ورثته، وإذا كان صحيحًا يوقفه عليهم كله وإن شاء على المساكين. "الوقوف" (80) قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد، حَدَّثنَا علي بن سعيد قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: لا بأس أن يوقف الرجل على ولده في حياته. وقال: أخبرني منصور بن الوليد: أن جعفر بن محمد حدثهم أن أبا عبد اللَّه قيل له: يوقف ثلثه على ولده؟ فقال: الوقف جائز على حديث عمر، ولا يقوم مقام الميراث، ولا يجوز له في مرضه أكثر من ثلثه، ويجوز له في صحته أن يوقف ماله كله، وأعجب إلى أن يصير الوقف -يعني: إذا انقرض ولده- للمساكين. قلت: ليس له مال، إنما له دور وأرض يحبسها كلها على ولده؟ قال: نعم. وقال: أخبرني عصمة بن عصام: حَدَّثنَا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن رجل يوصي بثلثه لولده فوقف عليهم؟

قال: جائز إذا قال: ثلثي وقف عليهم. قيل له: فلا يكون هذا وصية لوارث؟ قال: لا. وقال: أخبرني جعفر بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه، ح وأخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي قال: سئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يوصي بثلثه لولده، يوقفه عليهم؟ قال: جائز، إذا قال: ثلثي وقف عليهم. فقلت: لا يكون وصية لوارث؟ قال: لا. وقال: أخبرني حامد بن أحمد بن داود أنه سمع الحسن بن محمد بن الحارث أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الذي يقف من ماله وهو صحيح، أكثر من الثلث؟ قال: يقف ما شاء -يعني: وهو صحيح. وسئل: يوقف وهو مريض ثلثه على ولده وهم صغار أو كبار؟ فرأى أن يوقف من الثلث في المرض على ورثته. قيل: ليس ذا وصية لوارث؟ فلم يره وصية لوارث، فقال: يوقف ولا يوهب، ولا يورث، ولا كذا. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر: أن أبا الحارث حدثهم: قال أبو عبد اللَّه: يوقف على ولده، أو من رأى من قرابته، ويكون ذلك في صحته على حديث عمر، فأما إذا كان في مرضه، فلا يكون إلا الثلث. "الوقوف" (82 - 87)

1993 - إذا أوقف ثلثه على بعض ولده دون بعض

1993 - إذا أوقف ثلثه على بعض ولده دون بعض قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد بن عبد الحميد القطان: حدثنا بكر بن محمد بن الحكم، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، وسمعته يقول في الرجل يوقف ثلثه على ولده أجمعين بالسوية؟ قال: هو عندي جائز، ليس هو عندي بمنزلة الوصية، الوقف عندي جائز، لأنه ليس هو شيئًا يملكونه، ولا يستطيعون أن يبيعوه. قال أبو عبد اللَّه: الذي يوقف ثلثه على ولده، كأنه لم يوص بثلثه، فإن أوصاه لهم فهو بينهم بالسوية، وإن لم يوص بالثلث فهو لهم. قال: ليس هذه وصية لوارث، إنما الوصية لوارث يوصي لبعض الورثة، أو يوقفه لبعض. وقال: أخبرنا عبد اللَّه بن محمد، حَدَّثنَا بكر بن محمد عن أبيه: أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: أهل المدينة يقولون في الوقف -مالك وأصحابه- مثل ما قلت. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد -في موضع آخر- أخبرنا بكر بن محمد، عن أبيه أنه سأله عن الرجل يوقف على ولده دارًا وأرضًا، فيوقفه عليهم بالسوية، والذكر والأنثى فيه سواء؟ فقال: لا أرى به بأسًا. فقلت: أليس هذا تفضيلًا؟ قال: لا، ليس هذا تفضيلًا عندي. قلت: فيفضل الابن على الابنة؟ قال: إذا كان على طريق الأثرة فلا.

قلت: فجعل للابنة سهمين وللابن سهمًا؟ قال: أكره هذا أيضًا، إذا كان من طريق الأثرة. قال: أليس الزبير قد أوقف على ولده وقال: للبنات إذا استغنت بزوج فلا حق لها، فإن رجعت فلها الحق؟ قال: كأنها إذا استغنت لم يكن لها حق، إنما أراد أن تستغني، فإذا استغنت فلا حق لها؟ قال: إذا كان على وجه الأثرة فلا يعجبني، إلا أن يكون له ولد له عيال، فيوقف عليه بقدر عياله، وابنة لها أولاد فيوقف عليها ويزيدها بقدر عيالها. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد -في موضع آخر-: أخبرنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه قال: قلت: فالرجل تكون له ابنة، فيوقف عليها ماله، لكيلا يرث أخوه، أو أخته، أو عمه؟ قال: هذا أيضًا لا يجوز له أن يترك المال على قسمة اللَّه. قلت: فهذا عندك من فَضَّل بين ولده؟ قال: الأصل فيه واحد؛ لأن اللَّه جعل للولد لكل إنسان منهم، فلا ينبغي أن يُفضل بين ولده ولا ينبغي له أن يعطي ابنته غير ما فرض اللَّه لها، إلا أن الحديث ذلك، وهو الذي ليس في القلب منه شيء. وقال: أخبرني أحمد بن حمدويه الهمداني: حَدَّثَنَا محمد بن أبي عبد اللَّه الهمداني، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن سعيد المروزي، حَدَّثَنَا أحمد ابن الحسن الترمذي قال: سألت أحمد عن الرجل يوقف ثلث ماله على بعض ولده دون بعض؟ قال: جائز.

1994 - الرجل يوقف على ولده أو على قوم، ويشترط إن ولد له ولد فهو داخل معهم في الوقف

فقيل له في ذلك، فقال: أليس هو مالك لثلثه في مرضه، كما أنه مالك لماله في صحته؟ قلت: نعم قال: فإذا فعل في ماله في حال صحته أليس هو جائز؟ قلت: نعم. فقال: هو يصنع في ثلثه ما يشاء. فقلت: أليس هذه وصية لوارث؟ قال: لا؛ لأن الوصية إذا مات الرجل صار الموصى له مالكًا، إن شاء باعه، وإن شاء وهبه، والوقف لا يقدر على شيء من هذا، فلا تكون هذه وصية. وقال: أخبرنا محمد بن المنذر بن عبد العزيز، حَدَّثنَا أحمد بن الحسن الترمذي قال: سئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يوقف ثلث ماله؟ فذكر هذه المسألة بعينها، وزاد منها هنا: قلت: نعم. قال: فإذا فعل في ماله في حال صحته أليس هو جائز؟ قلت: نعم. فاتفقنا في باقي المسألة إلى آخرها. "الوقوف" (88 - 93) 1994 - الرجل يوقف على ولده أو على قوم، ويشترط إن ولد له ولد فهو داخل معهم في الوقف قال الخلال: أخبرني جعفر بن محمد: أن يعقوب بن بختان حدثهم أن أبا عبد اللَّه قيل له: فيوقف على ولده وأهل بيته ويقول: إن ولد لي ولد فهو في هذا الوقف؟

1995 - هل يدخل ولد الابنة قي ولد الولد؟

قال: فأجازه. وقال: أخبرني عصمة بن عصام، حدثنا حنبل: أن أبا عبد اللَّه قيل له: الرجل يوقف على ولده وأهل بيته ويقول: إن ولد لي ولد فهو داخل في الوقف؟ قال: جائز. "الوقوف" (139 - 140) 1995 - هل يدخل ولد الابنة قي ولد الولد؟ قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام، حدثني حنبل قال: سئل أبو عبد اللَّه عن رجل أوقف وقفًا على ولده وولد ولده لصلبه، هل يدخل فيهم ولد الابنة؟ قال: لا. وقال: أخبرنا محمد بن علي حَدَّثَنَا صالح. أنه سأل أباه: عن رجل أوقف وقفًا على ولده وولد ولده لصلبه، هل يدخل فيهم ولد الابنة؟ قال: لا يدخل. "الوقوف" (137 - 138) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي أنه قال لأبي عبد اللَّه: ما تقول في رجل أوقف ضيعة على ولده، فمات الأولاد وتركوا النسوة حوامل؟ فقال: كل ما كان من أولاد الذكور، بنات كن أو بنين، فالضيعة موقوفة عليهم. وما كان من أولاد البنات فليس لهم فيه شيء؛ لأنهم من رجل آخر ليس هم من ولده. "الوقوف" (145)

1996 - الرجل يوقف على أولاد له مسمين ثم قال: وولد ولده، وله أولاد صغار غير أولاده المسمين، هل يكونون في الوقف؟

1996 - الرجل يوقف على أولاد له مسمين ثم قال: وولد ولده، وله أولاد صغار غير أولاده المسمين، هل يكونون في الوقف؟ قال الخلال: أخبرني حرب قال: سألت أحمد قلت: رجل كان له مال، وله ولد صغار، فخاف على ولده الضيعة، فأوقف ماله على ولده وكتب كتابًا وقال: هذا صدقة على ولده فلان وفلان، وسماهم، ثم قال: وولد ولده، وله ولد غير هؤلاء. قال: هم شركاء. "الوقوف" (142) 1997 - هل يستحق أولاد الأولاد شيئًا مع وجود آبائهم أم لا بد من موتهم، وإذا مات أحد أولاده فهل يكون نصيبه لولده أو يرجع إلى أخوته؟ قال الخلال: أخبرني يوسف بن موسى قال: جاء ابن المنادي إلى أبي عبد اللَّه بهذه المسائل فأملى أبو عبد اللَّه الجواب. رجل أوصى فأوقف غلة ضيعته على ولد ولده رجالًا ونساءً؛ عليهم وعلى أولادهم وأولاد أولادهم ونسلهم أبدًا ما تناسلوا واحد، فإن حدث بواحد منهم حدث الموت دفع ذلك إلى ولده وولد أولادهم أبدًا، يجري ذلك عليهم أبدًا ما تناسلوا، وقد ولد لهؤلاء القوم الذين وقف عليهم أولاد يدخلون مع آبائهم في القسمة، أو يصير إليهم هذا الشيء

بعد موت آبائهم، ومن مات منهم ولم يخلف ولدًا كيف يصنع بنصيبه، يرجع إلى إخوته أم لا؟ قال: أبو عبد اللَّه: يجري هذا الوقف على الولد وولد الولد على ما أوقف، يتوارثون ذلك حتى لا يكون للميت ولد فيرد على الباقين من إخوته وولد إخوته. "الوقوف" (144) قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد النيسابوري: أن جعفر بن محمد النسائي حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن رجل أوقف نخلًا على ولد قوم وولد ولده ما توالدوا، ثم ولد مولود؟ قال: إن كان النخل قد أُبر فليس له فيه شيء، وهو ملك الأول، وإن لم يكن أُبر فهو معهم، وكذلك الزرع إذا بلغ الحصاد فليس له فيه شيء، وإن لم يكن بلغ الحصاد فله فيه. وقال: أخبرني جعفر بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم أن أبا عبد اللَّه سئل عن رجل مات فقال: ضيعتي التي بالثغر لموالي الذين بالثغر، ومن نزع إليها ولأبنائهم وما توالدوا، وضيعتي التي ببغداد لموالي الذين ببغداد ولأولادهم. فلمن بالثغر أن يأخذوا من هذه الضيعة التي هاهنا؟ قال: لا، قد أفرد هذه من هذه. فقيل له: فقدم بعض من بالثغر إلى هاهنا، أو خرج من هاهنا بعضهم إلى ثم، وقد أُبرت النخل، ألهم فيها شيء؟ قال: لا. فقيل: فإن ولد لأحدهم ولد بعد ما أبرت؟ فقال: وهذا أيضًا شبيه بهذا. كأنه رأى أنه ما كان قبل التأبير جائز، أو كما قال.

1998 - الرجل يوصي لأم ولده وقفا عليها

وقال أخبرني الحسن بن صالح، حدثنا أبو بكر بن صدقة أن أبا عبد اللَّه سُئل عن الرجل يوصي بالكرم والبستان لرجل ثم يموت وفي الكرم حمل؟ قال: إذا كان أوصى له به وفيه حمل فهو للموصي له. وأخبرني محمد بن أبي موسى أن أبا عبد اللَّه سُئل عن الرجل يوصي بالبستان أو الكرم لرجل ثم يموت وفي الكرم والبستان الحمل، لمن الحمل؟ قال: إن كان يوم أوصى به له فيه حمل فهو له. "الوقوف" (149 - 152) 1998 - الرجل يوصي لأم ولده وقفًا عليها قال الخلال: أخبرنا المروذي قال: سئل أبو عبد اللَّه: عن رجل أوصى إلى أخيه، أن ثلث ضيعته وقف على أم ولده، ما دامت على ولدها، فجاء أبو الميت فدفع الوصية، ولم يُجر على أم الولد شيئًا. ما ترى لي؟ قال: إن كانت لك نية. قيل له: قد فعلت ما لا يسعك، ولا تأل أن تجبره. "الوقوف" (147) 1999 - الوقف على المماليك قال الخلال: أخبرنا المروذي أنه قال لأبي عبد اللَّه: فأيش تقول إن هو قال: إن ضيعتي وقف على ممالكي؟ قال: على المماليك لا يستقيم أن يوقف.

2000 - القدر الذي يستحقه الشخص الواحد من أهل الوقف

قلت: فيعتقهم؟ قال: جائز. قلت: فإن مات العبيد ولهم أولاد؟ قال: لهم. قلت: وإن كان لهم بنات؟ قال: نعم، وقال: إن مات المماليك وليس لهم ولد، رجعت الضيعة إلى العصبة، فإن لم يكن عصبة بيعت الضيعة، وفرقت على المساكين. "الوقوف" (147) 2000 - القدر الذي يستحقه الشخص الواحد من أهل الوقف قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد الوراق: حَدَّثنَا محمد بن حاتم بن نعيم، حَدَّثَنَا علي بن سعيد قال: سألت أحمد: عن الرجل يُعطى من الوقف، أو الصدقة أكثر من خمسين درهمًا؟ قال: لا يعطى من الواجب أكثر من خمسين درهمًا، وأما إذا كان متطوعًا بالصدقة أعطى كيف شاء؛ لأن الزكاة إنما هي للمساكين، ومن سمى اللَّه في كتابه، وإذا كان الوقف ذكر صاحبه المساكين فهو مثل الزكاة، وإذا كان متطوعًا أعطى من شاء وكيف شاء، كالرجل يتصدق على الرجل بداره، أو بفرسه، أو بحائطه. وقال: أخبرنا علي بن عثمان بن سعيد بن نفيل الحراني قال: سألت أحمد بن حنبل عن صفية بنت إسماعيل بن صبيح أن تأخذ من الوقف؟ قال: إن كان لها غلة خمسين درهمًا لا، وإلا تأخذ. "الوقوف" (203 - 204)

2001 - موت الموقوف عليه

2001 - موت الموقوف عليه قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: رجل أوصى بوصية فيها وقف على مولى له، ثم قدم على موالي له أُخر، فأوصى إليهم أيضًا، ولم يذكر تلك الوصية، فمات عند مواليه، فأخرجوا ثلثه، وأنفذوه، ثم وهبوا الدار التي أوقفها صاحبها لرجل؟ قال أبو عبد اللَّه: هذا لا يجوز، إذا كان قد أوقفها على رجل فهي له، فإذا مات، صارت إلى ورثته (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1380) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي: أن يعقوب بن بختان حدثهم أن أبا عبد اللَّه قال: فإن قال: هو وقف على فلان، فمات فلان فهو يرجع إلى ورثة الميت. ثم قال: إذا جعل ذلك في صحة منه. "الوقوف" (99) 2002 - موت الموقوف عليه وليس له ورثة قال الخلال: أخبرني حرب قال: سألت أحمد قلت: رجل تصدق بصدقة على رجل فقال: هذا ما تصدق به فلان على فلان، سهم كذا من أرض كذا، لا يباع، ولا يوهب، ولم يقل أكثر من هذا، ثم مات المصدق عليه؟ قال: هو لورثته. ¬

_ (¬1) يعني ورثة الموقوف عليه.

قلت: فإن لم يكن له ورثة؟ قال: يرجع إلى ورثة هذا الذي تصدق. قال أحمد: وأحب إلى أن من أوقف وقفًا يقول: آخره للمساكين. وقال: أخبرني حرب قال: سألت أحمد مرة أخرى قلت: رجل أوقف وقفًا على رجل فقال: هذا وقف على فلان لا يباع ولا يوهب؟ قال: ويكون هذا؟ قلت: فإن قال على فلان وولده من بعده، لم يقل أكثر من هذا؟ قال: أما أنا فأحب لمن أوقف وقفًا أن يكون في آخره للفقراء والمساكين. قلت: فإن مات هؤلاء الذين ذكر في الوقف؟ قال: إذا انقرضوا رجع إلى ورثته. يعني: إذا لم يكن آخره للمساكين. وقال: أخبرني عصمة بن عصام: حدثنا حنبل: أن أبا عبد اللَّه قيل له: فأوقفه على قوم فانقرضوا؟ قال: إذا انقرضوا رجع إلى ورثة الميت الأول، أوقفه وقفًا عليهم أيضًا. قيل له: فإن كان آخره للمساكين؟ قال: فذاك أجود. وقال: أخبرني جعفر بن محمد: أن يعقوب بن بختان حدثهم: أنه قال لأبي عبد اللَّه: فإن أوقف على قوم فانقرضوا؟ فقال: إذا انقرضوا رجع إلى ورثة الميت الأول، وقفًا عليهم. قلت: فإن كان آخره للمساكين؟ قال: فذاك أجود.

وقال: أخبرني محمد بن علي أن صالح بن أحمد حدثهم أنه قال لأبيه: رجل أوصى بضيعة له، وقفًا على من غزا من ولده ومواليه، وفيهم من أعتقه الرجل وهو صحيح، وفيهم من أعتقه وهو مريض، ولبعض مواليه ولد صغير من امرأة حرة، هل يدخل فيمن أوصى له؟ وإذا انقرض الولد والمولى، هل يرجع إلى الورثة، وإن رجع إلى الورثة أيكون لأولادهم جميعًا؟ قال: إن كان أوقف هذا الوقف في صحة من بدنه، وجواز من أمره، فهو على ما أوقف، يدخل فيهم ولده: من غزا منهم، وولد ولدهم، وكل مولى له، وولد المولى ممن يغزو، وإن كان صغيرًا إذا بلغ وغزا فهو فيهم، فإذا انقرض الموالى والولد وولد الولد رجع إلى ورثة هذا الموقف إذا انقرضوا، فصار على المواريث -يعني وقفًا عليهم- إن كانوا إخوة أو أعمامًا أو بني أخ أو بني عم أو قرابة ترثه، يرثون ذلك الوقف على مواريثهم وقرابتهم منه (¬1). "الوقوف" (128 - 132) ذكر عنه عمر بن الحسين الخرقي قال: إذا وقف وقفا ومات الموقف عليه ولم يجعل آخره للمساكين، ولم يبق ممن وقف عليه أحد، رجع إلى ورثة الواقف. "التمهيد" 16/ 448 ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 6/ 166 - 167 عن هشام بن عروة عنه، والدرامي 4/ 2079 (3334) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عنه. قال الألباني في "الإرواء" (1595): صحيح، إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين على خلاف في سماع عروة من أبيه وقد علقه البخاري بصيغة الجزم. اهـ. علقه البخاري قبل (2778).

2003 - موت الموقوف عليه وليس له ولا للواقف وارث

2003 - موت الموقوف عليه وليس له ولا للواقف وارث قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يوقف الدار أو شيئًا فقال: هذه لفلان حياته ولولده؟ قال أبو عبد اللَّه: هي له حياته، فإذا مات فلولده، فإذا مات ولده وانقرضوا فهي لورثة الميت، فإن لم يكن له ورثة ولا عصبة ولا أحد يرثه، رد إلى بيت مال المسلمين. "مسائل ابن هانئ" (1407) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يجعل وقفًا في مواليه، فإن أعتقهم؟ قال: هو لهم، فإذا ماتوا رجع إلى ورثة الميت، أو إلى عصبته. قيل له: فإن لم تكن له عصبة؟ قال: فكأنه رجل مات وليس له وارث يرد إلى بيت المال. "مسائل ابن هانئ" (1408) قال الخلال: أخبرني زكريا بن يحيى الناقد وأحمد بن مطر، قالا: حَدَّثَنَا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه، قال: قلت: أوقف دارًا على ولده وولد ولده؟ قال: قد أوقف الزبير على بناته، ثم بعد للمساكين، فإذا أوقف على ولده فأحب إلي أن يوقف على ولده وولد ولده، فإذا انقرضوا فللمساكين. قلت: فإن لم يفعل ولم يقل: للمساكين؟ قال: فهي لولده وولد ولده، فإذا انقرضوا يجعل في بيت مال المسلمين. قلت: يكون من ماله؟ قال: نعم! إذا أوقفها وهو صحيح، فهو من ماله جائز.

2004 - الوقف على رجلين واشتراط إن مات أحدهما رجع نصيبه إلى ورثة الميت

وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم أن أبا عبد اللَّه قال: فإن انقرضوا رجع ذلك إلى المساكين. "الوقوف" (133 - 134) 2004 - الوقف على رجلين واشتراط إن مات أحدهما رجع نصيبه إلى ورثة الميت قال الخلال: أخبرني حرب قال: قلت لأحمد بن حنبل: رجل أوقف وقفًا قال: هذا وقف على فلان وفلان وفلان، فإذا مات واحد من هؤلاء رجع نصيبه إلى ورثة الميت؟ قال: هذا شرط. وكأنه أجازه. "الوقوف" (141) 2005 - إذا مات الموقوف عليه وولده وخلف الولد ولدا قال الخلال: أخبرني محمد بن عبيد اللَّه بن المنادي: أنه سأل أبا عبد اللَّه. وأخبرني يوسف بن موسى قال: جاء ابن المنادي إلى أبي عبد اللَّه بهذه المسائل، وأملى أبو عبد اللَّه الجواب، رجل أوصى فأوقف ضيعة له، على أن ما أخرج اللَّه من غلتها، دفع ربع هذه الغلة إلى علي بن إسماعيل ما دام حيًّا، وربعًا إلى ولد عبد اللَّه، وولد محمد، وولد أحمد بينهم بالسوية، وإن مات علي بن إسماعيل، يوزعوا غلة هذين الربعين، بين ولد علي بن إسماعيل، وولد عبد اللَّه، وولد أحمد، وولد محمد بينهم بالسوية، ثم إن علي بن إسماعيل مات وترك

أولادًا، فقسموا عليهم هذين الربعين على ما أمر الميت وهم: ولد علي بن إسماعيل، وولد عبد اللَّه، وولد أحمد، وولد محمد، ثم إن بعض ولد علي بن إسماعيل مات وترك ولدًا كيف يصنع بنصيب هذا الميت من ولد علي بن إسماعيل؟ وإلى من تدفع، إلى ولده، أو يرد ذلك إلى شركائه الذين أوصى لهم؟ قال ابن المنادي: أوصى لهم معه، ولم يقل الميت في الوصية: إن مات ولد علي بن إسماعيل دفع إلى ولده، إنما قال: ولد علي بن إسماعيل؟ قال أبو عبد اللَّه: يدفع ما جعل لولد علي بن إسماعيل إلى ولده، فإن مات بعض ولد علي بن إسماعيل دفع إلى ولده أيضًا؛ لأنه قال: بين ولد علي بن إسماعيل، وهذا ومن ولد علي بن إسماعيل. "الوقوف" (143)

2006 - فصل في الحملان وما يحبس في سبيل الله

2006 - فصل في الحملان وما يحبس في سبيل اللَّه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا حملَ الرجل على الدابةِ في سبيلِ اللَّه عز وجل أَلَهُ أنْ يبيعَهَا؟ قال: إذا غَزَا عليها فلَهُ أنْ يَبيعَها، واحتجَّ بحديثِ عمر -رضي اللَّه عنه- أنه حمل على فرسٍ في سبل اللَّه عز وجل، فرأى صاحبه يبيعه فأرادَ أنْ يشتريه (¬1). قال إسحاق: كما قال إذا كان حملانًا حمله عليه في سبيلِ اللَّهِ عز وجل؛ لأنَّه ملكه ذَلِكَ. فاما إذا قال: اغز على هذه الدابةِ على معنى العارية كأنه أفقره ظهره، فلا يحلُّ لَهُ أن يَبيعَه إذا فرغَ منْ غزوه، وكذلك إذا كان حبيسًا. "مسائل الكوسج" (2749) قال صالح: وقال أبي: كل من حمل على فرس في سبيل اللَّه فغزا عليه، فهو كسائر ماله، ومما يثبته حملان عمر على الفرس، فرآها تباع أو بعض نتاجها، فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ" (¬2). "مسائل صالح" (120) قال صالح: قلت: الرجل يعطى فرسًا في سبيل اللَّه؟ قال: إذا لم يقل: حبيس فهو له إذا غزا عليه. قلت: يبيعه؟ ¬

_ (¬1) رواه أحمد 1/ 25، والبخاري (1490)، ومسلم (1620)، ولفظ أحمد: أَنَّ عُمَرَ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل فَرَآهَا أَوْ بَعْضَ نِتَاجِهَا يُبَاعُ فَأَرَادَ شِرَاءَهُ فَسَأَلَ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْهُ فَقَالَ: "اتْرُكْهَا تُوَافِكَ أَوْ تَلْقَهَا جَمِيعًا". (¬2) رواه الإمام أحمد 7/ 22، والبخاري (2775)، ومسلم (1621) من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-.

قال: هو له. قلت: فإنه يبيعه؟ قال: إذا كان عادته فهذه طعمة سوء. قلت له: الفرس الحبيس إذا قام أو عطب يباع؟ قال: نعم، ويجعل في آخر مثله. "مسائل صالح" (999) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل أعطي مالًا، فقيل: هذا في سبيل اللَّه؛ أيترك لأهله منه شيئًا؟ فلم ير ذلك قال: أهله في سبيل اللَّه هم؟ ! "مسائل أبى داود" (1494) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل أوصى فقال: ادفعوا إلى فلان كذا وكذا درهما يشتري به فرسًا ليغزو به ويدفع، فدفع إليه فغزا ثم مات؟ قال: هو له، يورث عنه الفرس. قيل: والمال؟ قال: نعم، يورث عنه. "مسائل أبي داود" (1498) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن حمل على فرس؟ قال: إذا غزا عليه فهو له، ثم احتج فيه بحديث ابن عمر، ثم قال فيه: فوجده قد أنضاه، قال: فلم يكن أنضاه ينبغي إلا من غزو أو تعب. "مسائل أبي داود" (1499)

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل حمل على فرس، فباعه الذي حمل عليه، ثم أراد الذي حمل أيضا أن يحمل على آخر أيشتري ذلك الفرس؟ فقال: يكره أن يشتريه. "مسائل أبي داود" (1500) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يريد أن يخرج إلى الثغر فيتخذ سُفرة من الدراهم الذي أعطاه الرجل الذي جهزه؟ قال أبو عبد اللَّه: لا يتخذ منه شيئًا فيطعم أحدًا. "مسائل ابن هانئ" (1637) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثني مغيرة بن زياد، عن نافع أن ابن عمر باع أرضا له بمائتي ناقة، فحمل على مائة منها في سبيل اللَّه عز وجل، واشترط على أصحابها ألا يبيعوا حتى يجاوزوا وادي القرى. "الزهد" (241) قال الخلال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال قال: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يُحمل ويعطى نفقة، يخلف لأهله منها شيئًا؟ قال: لا ليس هو ملكه. قلت: حديث ابن عمر: إذا بلغ رأس مغزاه؟ قال: يعجبني أن يغزو عليه، فإذا غزا فهو ملكه، وذلك أن عمر حمل على فرس، أو على شيء من نتاجه، فغزا عليه ثم أراد أن يبيعه فأراد عمر شراءه فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَرْجِعْ فِي صَدَقَتِكَ". فيعلم منه أنه قد ملكه.

وقال: أخبرني محمد ابن أبي هارون: حَدَّثَنَا محمد ابن أبي هشام قال: ذكر لي فوران عن أبي بكر الأحول، عن أبي عبد اللَّه أحمد ابن حنبل قال: سأله عن قوم، ح وكتب إلى أحمد بن محمد الوراق، حَدَّثنَا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه: وسأله عن قوم جمعوا مالًا فجعلوه في السبيل، فأعطوا رجلًا فرسًا يغزو عليه فقال أعطوا عيالي منه؟ فقال: لا يُعطى عياله منه، إلى أن يصيروا إلى رأس مغزاه، فيكون كهيئة ماله، فيبعث إلى عياله منه وتكون الفرس له، إلا أن يشترط أنه حبيس فهو حبيس. وقال: أخبرني عبد الملك الميموني قال: ناظرنا أبا عبد اللَّه في قول ابن عمر: إذا بلغت وادي القرى فهو كسائر مالك (¬1). قالوا: يرسل نفقة إلى أهله؟ قال: إذا أُعطي وبلغ ذلك الموضع، كما قال ابن عمر، بعث إلى أهله نفقة. وقال: وأخبرني الميموني في موضع آخر قال: قيل لأبي عبد اللَّه: وأين وادي القرى؟ فقال: إذا كان قدر ما بين المدينة من حيث قال ابن عمر إلى وادي القرى، فانظروا كم بينهما. قال: قالوا: ثلاثة أيام. ¬

_ (¬1) رواه الإمام مالك ص 278، وعبد الرزاق 5/ 297 (9668)، وسعيد بن منصور 2/ 140 (2359)، وابن أبي شيبة 6/ 526 (33489 - 33490).

قال: فثلاثة أيام. قالوا: فإن أقام بالرقة ونحوها؟ قال: يمضي لوجهه ذلك فيغزو ثم يكون له. "الوقوف" (309 - 312) قال الخلال: أخبرنا المروذي أن أبا عبد اللَّه سئل عن الرجل يأخذ من مال السبيل، من هذا الذي يحمل عليها، فيهدي إلى رجل أو يطعمه من ذلك؟ قال: لا. وقال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا بن يحيى، أن أبا طالب حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه: عن الرجل يأخذ من مال السبيل، من هذه الحمالات، فيهدي إلى رجل أو يطعمه من ذلك، من غير الثغر، ترى أن يأكل طعامه، ويقبل هديته؟ قال: لا، حتى يغزو غزاة. "الوقوف" (315 - 316) قال الخلال: أخبرني محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم أن أباه حدثه قال: حدثني أحمد بن القاسم، ح وأخبرني زكريا بن الفرج، عن أحمد بن القاسم: أن أبا عبد اللَّه قال: إذا حمل الرجل على الفرس فخرج إلى رأس مغزاه، ثم انصرف فهو له، على ما جاء في الحديث. "الوقوف" (329) قال الخلال: كتب إليَّ أحمدُ بنُ الحسينِ والوراقُ: حَدَّثَنَا بكر بن محمد، عن أبي عبد اللَّه -وسأله عن الرجل يحمل على فرس في سبيل اللَّه وقلت له: ابن عمر قال عليه: حبيس؟

قال: أحب إلى إذا غزا عليه غزوة ورجع، إن شاء باعه على حديث عمر، حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ينبغي، فرآه نضوا يباع كأنه قد غزا عليه وقد صار نضوا وقد نقص، فهذا يدل على أنه قد غزا، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ"؛ ولم ينهه عن البيع. قال: هذا ليس في قلبي منه شيء، إلا أن يجعل حبيسًا، ويشترط أنه حبيس، فهذا لا يباع أبدًا إلا من علة. وقال: وكتب إلى أحمد بن الحسين: حَدَّثنَا بكر بن محمد قال: وكان أبو عبد اللَّه، يذهب إلى أنه إن أعطي فرسًا فغزا عليه، إذا حمل ولم يحبس، ولم يقل له: إذا جئت من الغزاة فادفعه إلى فلان، أو يرده إذا حمل عليه أنه إذا غزا عليه فهو كسائر ماله -يعني: للغازي. وكأنه كره أن يحدث فيه حدثًا قبل أن يغزو عليه، إلا أن يكون موضع ضرورة، ويخاف عليه أن يعطب، فيبدله عليه حبيسًا. وقال: أخبرني أحمد بن محمد الوراق: حَدَّثَنَا محمد بن حاتم بن نعيم، حَدَّثَنَا علي بن سعيد قال: قال أحمد في حديث عمر: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جعله للذي حمل عليه عمر للغازي بعدما غزا عليه. فقلت له: إن كانت ثيابًا أو دراهم مثله؟ قال: نعم. وقال: أخبرني أبو بكر المروذي أنه سأل أبا عبد اللَّه: عن رجل أوصى أن يشترى له فرس، وغزا عليه سنة، فنفذت النفقة، ترى أن يباع ويتصدق به؟ قال: إذا قال: إنه حبيس لا يباع، وإذا كان لم يذكر حبيسًا، فإذا غزا فهو له.

وقال: أخبرني الحسن بن عبد الوهاب: أن إبراهيم بن هانئ حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن رجل. . ويعقوب بن بختان قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن رجل -وهذا لفظه وفيه زيادة- حمل على أربع دواب وأعطى الرجال خمسين دينارًا نفقة لسنة؟ قال: إذا كان لم يجعله حبيسًا، فإذا غزا عليه فهو له. قيل له: فإن أعطى إحدى الدواب لغيره؟ قال: جائز، ويدفع عنه الأخرى. قيل له: فإن مات أحدهم؟ قال: إن كان قد غزا عليه فهو لورثته. قال الخلال: أخبرني روح بن الفرج: حَدَّثَنَا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا حمل الرجل على الدابة يغزو عليها، ولم تكن حبيسًا فغزا عليها غزاة كانت له؟ قال: وإن أعطي النفقة وجعلت في الغزو، فإنه يرد ما فضل في يده في الغزو، فإن قيل له: أنفقه في غزاتك، كان له ذلك. وقال أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد قال: سألت أبي، عن رجل جمع له مائتي درهم، على أن يخرج إلى الغزو، وله امرأة، وقد خرج بغير علم المرأة، ولم يترك لها نفقة، وقد وقع في قلب الرجل منه شيء أن يرجع؟ قال: يردها على من أخذها، أو يغزو، فإن فضل شيء فهو له (¬1). ¬

_ (¬1) لم أجدها بالمطبوع من كتبه.

أخبرنا أحمد بن يحيى الكحال (¬1) أنه قال لأبي عبد اللَّه: الرجل يصير فرسًا في سبيل اللَّه، حكمه وحكم ما يحمل عليه واحد؟ قال: نعم، إلا أن يصيره حبيسًا. ثم قال: بعث ابن مهدي ألف درهم، إلى الثغر، إلى رجل يقال له: خداش. قلت: عبد الرحمن؟ قال: نعم. وقال: أخبرني أبو النضر قال أبو عبد اللَّه في الرجل يوصي أن يحمل على فرس في سبيل اللَّه: إنه إذا غزا عليه فهو للذي دفع إليه. قال أبو النضر: يرى أبو عبد اللَّه هذا في كل ما دفع إلى رجل فرس يغزو عليه. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر: أن أبا الحارث حدثهم أنه قال لأبي عبد اللَّه: أله أن يبيعه قبل أن يصل إلى الغزو، أو يغزو عليه؟ قال: إذا غزا عليه فهو له، وليس في قلبي من ذلك شيء. قلت: وما الحجة في ذلك؟ قال: عمر حين حمل على فرس فرآه يباع فسأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "لَا تَرْجِعْ فِي صَدَقَتِكَ". وسئل: فغزا عليه ثم قتل الرجل، لمن يكون الفرس؟ قال: لورثة المقتول، وكذا إن مات بعد ما غزا عليه، فهو لورثته. قيل له: فإن جعله حبيسًا في سبيل اللَّه؟ قال: الحبيس لا يباع. ¬

_ (¬1) كذا بالمطبوع ولعله يقصد محمد بن يحيى الكحال. [قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: نص في ملحق التصويبات على حذف هذا الهامش]

قيل له: فان لم يجعله حبيسًا، ولكن حمله عليه وأعطاه نفقه للفرس وقال: اغز عليه، فغزا عليه غزاة؟ فقال: إذا غزا عليه فهو له ولورثته من بعده، وقد خرج من ملك صاحبه. وقال: أخبرني محمد بن الحسين: أن الفضل حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يحمل رجلًا على فرس، فخرج عليه، هل يكون له الفرس؟ قال: إذا غزا عليه فهو له، ليس في نفسي منه شيء. قلت: إلى أي شيء ذهبت فيه؟ قال: إلى حديث عمر حمل على فرس، ثم رآه يباع فسأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك فقال: "لَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ". وقال -يعني: ابن عمر- لرجل حمله على فرس: إذا بلغت وادي القرى، فهو كسائر مالك. فهو روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك الحديث، وقال للرجل هذه المقالة. وقال: أخبرني محمد بن علي: حَدَّثنَا الأثرم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: حديث عمر وابن عمر في هذا؟ قال: أما حديث عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو يدل على هذا لأنه قال: حملت على فرس في سبيل اللَّه ثم رآها تباع فلا يكون هذا [إلا] (¬1) بعد الغزو (¬2). ¬

_ (¬1) ليست في المطبوع من "الوقوف" ولا يستقيم المعنى بدونها. (¬2) كذا المثبت بالمطبوع ولعله فلا يكون هذا إلا بعد الغزو حتى يتفق مع سياق الكلام.

وقال أبي (¬1): إنما أقامه في سوق المدينة، فتراه أخذه من عمر ثم أقامه على المكان يبيعه، وقد حمله عليه في سبيل اللَّه؟ قلت لأبي عبد اللَّه: فحديث ابن عمر: إذا بلغت وادي القرى، كأنه عندك: إنما كان يصنع ذاك في ماله؟ قال: نعم، في ماله. وقال: وأخبرني عبد الملك الميموني قال: ناظرنا أبا عبد اللَّه في قول ابن عمر: إذا بلغت وادي القرى، فهو كسائر مالك. فقال أبو عبد اللَّه: ابن عمر يروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الفرس الذي حمل عليه عمر وأراد شراءه: "لَا تَرْجِعْ فِي صَدَقَتِكَ". فظننت ابن عمر إنما أخذ هذا من هذا الحديث، أنه إذا أعطى شيئًا في السبيل فبلغ مثل ما قال ابن عمر وادي القرى، فهو كسائر ماله يفعل فيه كما يفعل في ماله. قالوا لأبي عبد اللَّه: فإن أقام بالرقة ونحوها؟ قال يمضي لوجهه ذلك فيغزو ثم يكون له، لا يُرجع عليه فيه، وهو ملكه، كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعمر: "لَا تَرْجِعْ فِي صَدَقَتِكَ". وقد كان حمل عليه في السيبل، وإنما أراد شراءه بثمن. فقلت: فكان الفرس قد مضى في السبيل ثم رد؟ قال: كذا يشبه أنه حمل عليه، فلما رد من وجهه دخل السوق وأراد شراءه فقال له: "لَا تَرْجِعْ فِي صَدَقَتِكَ". "الوقوف" (323 - 335) ¬

_ (¬1) كذا بالمطبوع.

قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر، حَدَّثنَا أبو طالب قال: سألت أبا عبد اللَّه: عن الرجل يحمل على فرس؟ قال: إذا غزا عليه غزوة فهو له، إلا أن يشترطوا عليه أنه حبيس، فإن اشترطوا أنه حبيس فهو حبيس لا يباع، وإذا لم يشترطوا أنه حبيس، فإذا غزا عليه فهو له، إن شاء باعه. قال: حمل عمر على فرس ثم رآها تباع فسأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "لَا تَرْجِعْ فِي صَدَقَتِكَ". قال: وابن عمر يقول: إذا جزت به وادي القرى فهو لك، وأحب إلى إذا غزا عليه غزوة فهو له، مثل حديث عمر، إنما باعها بعد ما غزا عليه غزوة، وإنما يحمل عليه ليغزو عليه، فإذا غزا عليه فهو له. "الوقوف" (337) قال الخلال: أخبرني موسى بن سهل: حَدَّثَنَا محمد بن أحمد الأسدي، حَدَّثَنَا إبراهيم بن يعقوب، عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد عن الرجل يجعل الدابة حبيسًا، هل لمن صار إليه ذلك أن يبيعه؟ قال: إذا غزا عليه فهو له، ويصنع به ما شاء، فإن قال: حبيسًا، ولم يجعله له، فليس له أن يبيع إلا أن يضعف ويعجف، فيباع ويجعل في مثله. وقال: أخبرني عبد الملك قال: قلت: يا أبا عبد اللَّه، الحبس؟ قال: الحبس لا يُحدث فيه حدث وهو حبيس أبدًا. وقال: أخبرني أبو النضر العجلي: أن أبا عبد اللَّه قال: وإذا قال: هذا حبيس، فدفع إلى رجل، من وصية الميت، فغزا عليه فهو حبيس كما قال، ولا يكون له. تكلم أبو عبد اللَّه بكلام هذا معناه، وإن لم يكن نسق لفظه.

2007 - إثبات الحجة على من زعم أنه أذا غزا رده في مثله، أو رد على الوارث

أخبرني محمد بن علي حَدَّثَنَا مهنا، ح وأخبرني موسى بن سهل، حَدَّثَنَا محمد بن أحمد الأسدي، حَدَّثَنَا إبراهيم بن يعقوب، عن إسماعيل، كلهم سمع أبا عبد اللَّه وسأله، واللفظ قريب بعضه من بعض: عن الفرس الحبيس؟ فقال: الحبيس لا يباع. قال: فإن قال: حبيس ولم يجعله له، فليس له أن يبيع. "الوقوف" (339 - 341) نقل عنه محمد بن الحكم: لا يعطي أهله إلا أن يصير إلى رأس مغزاه. "الفروع" 6/ 200 2007 - إثبات الحجة على من زعم أنه أذا غزا رده في مثله، أو رد على الوارث قال إسحاق بن منصور: سئل أحمد عن رجل قال: اشتروا دابة للسبيل، فعجزت النفقة إن اشتروها من ها هنا أتشترى ثم؟ قال: لا، تشترى من ههنا. "مسائل الكوسج" (2323) قال الخلال: أخبرني عبد الملك الميموني أنهم قالوا لأبي عبد اللَّه: يا أبا عبد اللَّه، إن قومًا يقولون إذا رده أو فرغ من سفره جعله في مثله؟ قال: فأيش معنى قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَرْجِعْ"، وقول ابن عمر: إذا بلغت وادي القرى فهو كسائر مالك؟ ! قال أبو عبد اللَّه: قد ناظرني في هذا رجل، فاحتججت عليه، فقلت:

فما فرق بين الحبيس وغيره، وهذا الحبيس حبيس أبدًا قائمًا على حاله، وهذا ليس بحبيس، فما فرق بينهما، صار شيئًا واحدًا. وقال: أخبرنا المروذي أن أبا عبد اللَّه قيل له: فإذا أراد الخروج من الثغر يبيعه، أو يخرجه، أو يدعه ثمة؟ قال: ينبغي أن يبيعه. وقال: أخبرني الحسن بن الهيثم أن محمد بن موسى بن مشيش حدثهم، أن أبا عبد اللَّه قال: ولا يعجبني أن يشتري من ثمنه أو يجاء به إلى ههنا. وقال: أخبرنا المروذي قال: سئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يريد شراء من الخيل، الفرس ونحوه، أيشتريه من ههنا -يعنون: بغداد؟ فقال: يعجبني أن يشتريه من ها هنا. وقال: وأخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر، أن أبا الحارث حدثهم أن أبا عبد اللَّه سئل: عن شراء فرس من طرسوس للغزو؟ قال: إذا اشترى من هاهنا ويدخله إلى طرسوس أعجب إلي. "الوقوف" (343 - 347) قال الخلال: أخبرنا الحسن بن الهيثم أن محمد بن موسى حدثهم، أن أبا عبد اللَّه سئل عن رجل أوصى أن يشترى له فرس بألف أو دابة بمائة، تشترى من بغداد أعجب إليك أو من طرسوس؟ أو قال: مما ثمة؟ قال: من ها هنا أعجب إلي ليتقووا به على العدو. "الوقوف" (349)

2008 - إذا نفر ولم يغز بتلك الفرس

2008 - إذا نفر ولم يغز بتلك الفرس قال الخلال: أخبرني محمد بن علي أن أبا بكر الأثرم حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن رجل أعطى رجلًا فرسًا بالشاش (¬1) حمله في سبيل اللَّه متى يطيب له بيعه؟ قال: إذا غزا عليه. قيل لأبي عبد اللَّه: فإن العدو جاءونا، وهم نحونا حتى يدقوا أبوابنا ويأخذوا منا، فنخرج في طلبهم، فربما قدرنا على أن نتخلص الشيء، وربما لم نقدر، فخرج هذا على الفرس في الطلب إلى خمسة فراسخ يحل له الفرس؟ قال: لا، حتى يكون غزوًا، وهذا إنما هو نفير ليس هو غزوًا، أو يكون مثل بلاد الثغور، يخرج إليهم ويتجهزون ويدخلون إلى بلاد الروم، ويغزون فهذا يحل له. "الوقوف" (320) 2009 - الرجل يوصي بفرس ومال وينفق الفرس ويبقى المال قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام: حَدَّثَنَا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن رجل قال: فرسي هذا في سبيل اللَّه، وألف درهم تنفق عليه فنفق الفرس وبقي الألف؟ قال: هي للورثة. ¬

_ (¬1) الشاش: بلدة بما وراء النهر. انظر: "معجم البلدان" 3/ 308، "مراصد الإطلاع" 2/ 774.

2010 - الرجل يحبس الفرس لمن يعطى؟

قيل له: يحل لهم؟ قال: نعم، هي لهم، إن شاءوا صرفوها في السبيل، وإن شاءوا أنفقوها. "الوقوف" (350) 2010 - الرجل يحبس الفرس لمن يعطى؟ أخبرني محمد بن علي، حَدَّثَنَا صالح، أنه قال لأبيه: رجل أوصى بفرس في سبيل اللَّه، فأراد الوصي ينفذه، فجاء رجل معه فرس، فطلب الفرس الذي أوصى به الرجل، فترى للوصي أن يدفعه إليه، أو يدفع إلى رجل ليس له فرس؟ قال: يدفعه إلى رجل ليس له فرس أحب إلى، ويحمل عليه ثقة. "الوقوف" (351) 2011 - إن دفع إليه الفرس ثم رده منه هل يقبله منه أم لا؟ قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا بن يحيى قالا: حَدَّثنَا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن رجل أوصى إلى رجل بفرس في السبيل، فدفعه الوصي إلى رجل رضيه، فلما كان بعد بقليل قال الرجل الذي أخذ الفرس: لا أقدر أخرج، فرده على الوصي، يأخذه الوصي؟ قال: نعم، إذا كان لا يقوى يخرج، لعله ليس عنده قوة، أو لا يمكنه يخرج، يرده إلى الوصي، لم يخرج الفرس بعد فيصير له إذا رده إليه، فيأخذه يعطيه غيره.

2012 - إعارة الفرس الحبيس وركوبه

قلت: حكوا عنك أنك قلت: لا يأخذه الوصي فيدفعه إلى من يرضى؟ قال: لا، ما قلت ذا أنا، ولا سألوني عنه. قلت: كذا إن دفع الوصي إلى رجل يرضاه، ثم مرض الرجل، الذي أخذ الفرس، فقال للوصي: خذه، فإنه قد ضاع؟ قال: يأخذه منه. "الوقوف" (352) 2012 - إعارة الفرس الحبيس وركوبه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل الإمام: يستأجرُ القومَ على سِياقِ الرَّمَك (¬1) إلى مكالغ بالشامِ لدنانير معلومة هل ترى للرجل يؤاجر نفسَه فيها على فرسٍ حَبيس في جمعِها وحفظها وسياقها يغدو على ذَلِكَ الفرس؟ قال: إنْ كانت لم تُقسم فلا أعلمُ بذلك بأسًا، وإن كانَتْ خُمست أو قسمَتِ استأجر على سياق الخمس فلا أعلمُ بذلك بأسًا، فإنْ كان قد خُمس فأكره الأجرَ على شيء منهما على فرسٍ حبيس. قال أحمد: أكره هذا كلَّه على فرسٍ حبيس، وأمَّا أنْ يؤاجرَ نفسَه على دابتِه فأرجو أن لا يكونَ به بأسٌ. قال إسحاق: كما قال الأوزاعي هذا في أمرِ المسلمين عامة، والحبيس للمسلمين عامة. "مسائل الكوسج" (2779) ¬

_ (¬1) الرَّمَك: جمع رَمَكَة، وهي الفرس والبرذَونة التي تتخذ للنسل. "اللسان" مادة: (رمك).

قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يحمل على فرس في سبيل اللَّه عز وجل، فيستعيره إنسان أيعيره؟ قال أبو عبد اللَّه: لا يعيره، هذا شيء هو للَّه عز وجل. "مسائل ابن هانئ" (1636) قال الخلال: أخبرني حرب قال: سألت أحمد قلت: الرجل يركب دواب السبيل؟ قال: أما في حاجة فلا يركبها، ولكن يركبها ويستعملها في السبيل. "الوقوف" (317) قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا بن يحيى أن أبا طالب حدثهم أنه قال لأبي عبد اللَّه: فيعير الدابة وهو ببغداد؟ قال: لا، حتى يغزو عليه غزاة. "الوقوف" (319) قال الخلال: أخبرني محمد بن محمد بن علي (¬1)، حدثنا صالح أنه قال لأبيه: سُئل عن الإمام يستأجر القوم فذكر مثله، ولم يذكر قد خمست، أو قسمت فاستأجر على سباق الخمس. .، والباقي مثله. "الوقوف" (354) ¬

_ (¬1) هكذا في جميع النسخ، والصواب واللَّه أعلم محمد بن علي بدون زيادة أحمد بن؛ لأن محمد بن علي هو الذي يروي عن صالح كما في جميع روايات الخلال عن صالح.

2013 - ما يترخص في ركوبها للعلف والحج

2013 - ما يترخص في ركوبها للعلف والحج قال الخلال: أخبرني موسى بن سهل: حَدَّثَنَا محمد بن أحمد الأسدي: حَدَّثَنَا إبراهيم بن يعقوب عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد: عن الرجل هل يجوز له أن يركب على دابة الوقف، في المصر أو القرى؟ قال: لا. قلت: فيركبها يعلفها؟ قال: لا بأس بذلك. قلت: فللحج يسافر عليها؟ قال: لا بأس. "الوقوف" (355) 2014 - الفرس الحبيس ما يرخص له في ترك النفير في حال يجمه قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يكون عنده الفرس الحبيس للنفير فلا ينفر للحر؟ قال: إذا كان إنما يكون يتقي على الفرس فلا بأس، قلت: هو مشتغل في بعض حوائجه؟ قال: يعطيه من ينفر عليه. قلت: فيحضر الغزو فلا يغزو عليه كل غزاة؟ قال: إذا كان يجمه فلا بأس. "مسائل أبي داود" (1502)

2015 - الرجل يعطي الفرس الحبيس يغزو عليه، لمن يكون السهم؟

قال ابن هانئ: وسئل عن النفير يكون وعند الرجل الفرس الواحد، ويكون غيره ممن يسارع أيخرج، أو لا يكون عليه خروج، إذا عرف كثرة من ينفر، والنفير هو عطب الخيل؟ قال أبو عبد اللَّه: يخرج إلى النفير ولا يتخلف. "مسائل ابن هانئ" (1586) 2015 - الرجل يُعطي الفرس الحبيس يغزو عليه، لمن يكون السهم؟ قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي أنه قال لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا من أهل الثغر اشترى له رجل فرسًا، وأجرى عليه، وقال صاحب الفرس: إني اشترطت عليه أن السهام لي؟ فأنكره أبو عبد اللَّه وقال: ما سمعت فيه بشيء. قلت: فقد سألني إذا ذهب معه حتى يطلب ماله من النفقة. قال: هو مجاهد، وهو من أهل الثغر، استخير اللَّه. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا بن يحيى قالا: حَدَّثنَا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الرجل يحمل على الفرس، ويقول: هو حبيس، ويبعث له بنفقة، سهم الفرس لمن هو؟ قال: سهمه للرجل الذي يغزو عليه. قلت: يعطى نفقة ويكون سهمه له؟ قال: نعم، هو للذي يغزو عليه. "الوقوف" (359 - 360)

2016 - وقف السلاح وأحكامه كالفرس

2016 - وقف السلاح وأحكامه كالفرس قال إسحاق بن منصور (¬1): قُلْتُ: إذا أعطى الرجلُ الرجلَ في سبيل اللَّهِ عزَّ وجلّ شيئًا، ففضل منه شيء؟ قال: إذا غَزَا فهو له، إلا شيئًا يُحبَسُ في السبيلِ: دابةً، أو سيفًا، أو سرجًا، أو نحو ذَلِكَ. قال إسحاق: كما قال إذا كان المعطَى حَمل الذي حمل على الدابةِ، أو وصله بالنفقة صلة. "مسائل الكوسج" (2748) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي أن أبا عبد اللَّه قيل له: السلاح يوقفه الرجل ويشترط أن يستمتع به، فإذا مات في سبيل اللَّه (¬2). "الوقوف" (362) ¬

_ (¬1) ذكر الخلال هذه المسألة في "الوقوف" (361) عن إسحاق بن منصور، وعن صالح أيضا. (¬2) هذا آخر المطبوع وقد أشار المحقق إلى أن الجزء الناقص لعله قال: لا، رجوعًا إلى رواية المروذي في "الفروع" 4/ 583، "المبدع" 5/ 316.

فصل الوقف على المساجد ونحوها

فصل الوقف على المساجد ونحوها 2017 - في الأوقاف على المساجد وما يرخص منه في ذلك قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: يكره أن يكون أسفل غلة المسجد وفوق ذلك المسجد. ويكره أن يكون للمسجد بيت غلة. "مسائل أبي داود" (323) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي: حَدَّثنَا يعقوب بن بختان: أن أبا عبد اللَّه سئل عن المسجد يوقف عليه غلته؟ قال: لا، يشبه بالبيع والكنائس. وقال: وأخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد النسائي حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه: كره أن توقف الحوانيت على المساجد فرددت عليه أستفهمه؟ قال: نعم! أكره أن توقف على المساجد. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن رجل يوقف خمس نخلات؟ قال: لا بأس، إنما يكره الحوانيت. وقال أخبرني محمد بن أبي هارون أن حبيش بن سندي حدثهم: أن أبا عبد اللَّه قيل له: الرجل يوقف للمسجد خمس نخلات؟ قال: لا بأس به، إنما يكره الحوانيت لمكان الغلة، كره إبراهيم الحوانيت التي تكون إلى جانب المسجد. "الوقوف" (189 - 191) إذا أدخل بيته في المسجد أله أن يرجع فيه؟ قال أبو داود: حمعته سئل عمن أدخل بيتا في المسجد أله أن يرجع فيه؟

قال: لا، إذا أذن. "مسائل أبي داود" (326، 611) قال الخلال: حَدَّثَنَا أبو بكر المروذي قال: رفعت إلى أبي عبد اللَّه مسألة: دار ملازقة للمسجد، فأراد رجلان من الجيران شراء الدار، وقال أحدهما لصاحبه: أريد أن أزيد بعض حصتي في المسجد، وأبني بعضه مسكنًا، فكانت نيته على ذلك. فافترقا على أنه من اشترى هذه الدار منهم فهي بينهما. فاشترى أحدهما الدار، ثم جاء إلى صاحبه الذي نوى أن يزيد بعض حصته، فسأله أن يصفح عن حصته فقال: قد صفحت لك عما أريده للمسكن، فأما الذي أردت أن أزيده في المسجد فأخاف ألا يحل لي، لأني قد نويت أن أزيد في المسجد. وكان الكلام بينهما قبل الشراء، فقال الشريك الذي نوى الزيادة في المسجد لشريكه: إن أحببت فأنت معي شريك في زيادة المسجد، وإن لم تحب فأنت على حصتك. هل عليه حرج إن أجابه إلى الصفح عن حصته؟ فقال: لا، الذي نوى أن يخرجه للمسجد يمضي فيه على نيته، وكره أن يُصيره إلى الآخر ويكون بينهما. "الوقوف" (57) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي السمسار قال: حَدَّثَنَا مُهنا قال: سألت أحمد عن الرجل يُخرج من داره بيتًا، يجعله مسجدًا أله أن يرجع فيه؟ قال: لا، إذا أخرجه وأذن فيه، فليس له أن يرجع فيه. فقلت له: وكذلك أيضًا إن كان بئر جعلها سقاية، ليس له أن يرجع فيها؟ قال: نعم.

وقال: أخبرني الحسن بن عبد الوهاب، حَدَّثَنَا إبراهيم بن هانئ قال: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن رجل اتخذ بيتًا من داره مسجدًا، أله أن يرده؟ قال: لا، صار للَّه. وقال: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن الرجل يتخذ وسط داره مسجدًا، أله أن يهدمه؟ قال: إذا دعا الناس إليه فليس له أن يهدمه. قلت له: هذه المساجد التي في الخانات؟ قال: كل مسجد يؤذن فيه، ويُدعى الناس إليه، فهو مسجد. وقال: أخبرني محمد بن جعفر: حَدَّثَنَا أبو الحارث قال: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل أخرج من داره بيتًا عمله مسجدًا للمسلمين، وصلى للناس فيه، ثم بدا له أن يرده إلى داره؟ قال: ليس له ذاك إذا صلى الناس فيه، وأذنوا فيه، وأقاموا فيه الصلاة. وقال: أخبرني أحمد بن محمد الوراق حَدَّثَنَا محمد بن حاتم بن نعيم، حَدَّثَنَا علي بن سعيد أنه قال لأبي عبد اللَّه: إن بنى مسجدًا في الشارع، فلما فرغ من بنائه بدا له في ذلك، وأراد أن يحوله إلى داره ويجعله بيتًا؟ قال: لا أرى له أن يفعل ذلك بعد ما بناه مسجدًا. قلت له: وإن لم يكن صلى فيه؟ قال: وإن لم يكن صلى فيه. قلت: فهذه المساجد التي في الخانات تجمع فيها الصلاة، تكون ميراثًا من صاحب الخان؟ قال: كيف يكون ميراثًا مسجد قد أقيمت فيه الصلاة، ودُعي إليه الجماعة؟ "الوقوف" (61 - 65)

2018 - الانتفاع بسفل المسجد وعلوه

نقل أبو طالب عن أحمد فيمن بنى مسجدًا من داره أذن فيه وصلى مع الناس ونيته حين بناه وأخرجه أن يصلي فيه، فإذا مات رد إلى الميراث. فقال أحمد: إذا أذن فيه ودعا الناس إلى الصلاة فلا يرجع بشيء، ونيته ليس بشيء. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 171 2018 - الانتفاع بسفل المسجد وعلوه قال أبو داود: قلت لأحمد: أسفل المسجد حوانيت لرجل فجعل فوقه مسجدًا وغلة الحوانيت للرجل؟ قال: هذا لا بأس به. "مسائل أبي داود" (324) قال أبو داود: قلت لأحمد: أتختار الصلاة في غيره من المساجد منها عليه؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (325) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الرجل يتخذ المسجد وتحته الغلة؟ قال: إذا أذن فيه فليس يورث، وإن بناه في داره فأذن فيه ودخل الناس إليه، أي: كذلك أيضًا. "مسائل أبي داود" (610) قال حنبل: قال أحمد: لا ينتفع بسطح المسجد، فإن جعل السطح مسجدًا انتفع بأسفله وإن جعل أسفله مسجدًا لا ينتفع بسطحهما "شرح العمدة" ص 473

إذا كان المسجد فيه شيء ينتفع به يُباع لمصلحة المسجد أو لينفق على غيره؟ قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل عن: مسجد فيه خشبتان لهما ثمن فتشعب المسجد وخافوا سقوطه، أيباع هاتان الخشبتان وينفق على المسجد ويبدل مكانهما جذعين؟ فقال: ما أرى به من بأس. واحتج بدواب الحبس التي لا ينتفع بها تُباع، ثم يجعل ثمنها في الحبس. "مسائل أبي داود" (329) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، سئل عن: البوري أو الخشب يَفضُل عن المسجد، ما يصنع به؟ قال: يتصدق به، أو يجعل في مسجد آخر قد تخرب، ويصلى فيه. "مسائل ابن هانئ" (331) قال ابن هانئ: ماتت ابنة لصالح بن أحمد بن حنبل، فذهب إلى المسجد، فأخرجت لهم بارية من بواري المسجد، فانتهرهم أبو عبد اللَّه، وقال: هذا مكروه، أن يخرجوا بواري المسجد للجنازة. "مسائل ابن هانئ" (341) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن الجص والآجر يفضل من المسجد؟ قال: يصير فى مثله. "الورع" (133) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن مسجد خرب ترى أن تباع أرضه وينفق على مسجد آخر أحدثوه؟ قال: إذا لم يكن له جيران، ولم يكن له أحد يعمره فأرجو أن لا يكون به بأسًا أن تباع أرضه وينفق على الآخر. "مسائل عبد اللَّه" (1178)

قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد الوراق، حدثنا محمد بن حاتم ابن نعيم، حدثنا علي بن سعيد قال: سألت أحمد عن الرجل يشتري الستر للمسجد أو الحصير، ترى له أن تكون للمسجد في الأيام التي لا يحتاج إليها، فإذا استغنى عنها انتفع بها في البيت؟ قال: لا يعجبني أن يعود في شيء منها، إذا جعلها للمسجد مرة. "الوقوف" (66) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي حَدَّثَنَا يعقوب بن بختان أن أبا عبد اللَّه سئل عن المسجد يُبنى فيبقى من خشبه، أو قصبه، أو شيء من نقضه يباع؟ قال: لا، يعان به في مسجد آخر، أو كما قال. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر: حَدَّثَنَا أبو طالب: أنه قال لأبي عبد اللَّه: خلقان بواري المسجد. قال: يتصدق به، إنما هو للَّه فلا يأخذه أحد، ولكن يتصدق به على المساكين. أخبرنا أبو بكر المروذي (¬1) قال: سألت أبا عبد اللَّه عن بواري المسجد إذا فضل منه شيء أو الخشبة؟ قال: يتصدق به، وأرى أنه احتج بكسوة البيت إذا تخرقت تصدق بها. وقال: أخبرني محمد بن علي: حَدَّثَنَا صالح قال: قال أبي: وإذا فضل شيء من بواري المسجد، أو خشبه تصدق به. ¬

_ (¬1) انظر: "الورع" (132)، وفيها: سألت أبا عبد الرحمن. بدلا من: سألت أبا عبد اللَّه ولعله خطأ في المطبوع.

2019 - إذا أرادوا تحويل المسجد من مكانه أو تجديده

وقال: أخبرنا محمد بن علي حَدَّثَنَا مهنا قال: سئل أحمد عن بواري المسجد إذا خلقت تصدق بها؟ قال: نعم، لا بأس به، وقد كان شيبة يتصدق بخلقان الكعبة. "الوقوف" (68 - 72) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي، حدثنا يعقوب بن بختان أنه سأل أبا عبد اللَّه عن بواري المسجد الخلقان توهب للمساكين؟ فقال: كان شيبة يأخذ كسوة الكعبة، فكأنه رخص في البواري. "الوقوف" (74) 2019 - إذا أرادوا تحويل المسجد من مكانه أو تجديده قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا ضَاق المسجدُ بأهله فبنوا مَسْجِدًا في مكانٍ آخر؟ قال: أليس مسجدُ الكوفةِ حُوِّلَ حين نُقِبَ بيتُ المالِ. قال أبو يعقوب: هذا بأمرِ الوالي يُحَوَّل المسجدُ مِن مكانٍ إلى مكانٍ، ولا يجوزُ إلا بأمر الوالي. "مسائل الكوسج" (397) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فأَعْطَى رجلٌ موضعَ المسجدِ بَدَل هذا المسجدِ أوسع منه؟ قال: إذا لم يكن رَغْبَةً في هذا الموضعِ لا بأس. "مسائل الكوسج" (339) قال صالح: سألت أبي: كم يستحب أن يكون بين المسجدين إذا أراد أن يبنوا إلى جانبه مسجدًا؟

قال: لا يُبنى مسجد يراد به الضرر لمسجد إلى جانبه، فإن كثر الناس حتى يضيق عليهم فلا بأس أن يبنى، وإن قرب ذلك منه. "مسائل صالح" (191) قال صالح: وسألته عن رجل بنى مسجدًا، ثم أراد تحويله إلى موضع آخر، أله أن يحوله ويهدم الأول، أو يدعه على حاله ويبني الآخر، وإن كان في الذي يبنيه ضرر بالأول ما ترى؟ قال: إن كان المسجد الذي بناه يريد أن يحوله خوفًا من لصوص أو يكون موضعه موضع قذر فلا بأس أن يحوله، يقال: إن بيت المال نقب وكان في المسجد، فحول المسجد ابن مسعود (¬1). "مسائل صالح" (193) قال صالح: قلت: المسجد يخرب أو يذهب أهله ترى أن يحول مكانًا آخر؟ قال: نعم. قلت له: مسجد يحول من مكان إلى مكان؟ قال: إذا كان إنما يريد منفعة الناس فنعم وإلا فلا. وابن مسعود قد حول مسجد الجامع من التمارين، فإذا كان على المنفعة فنعم وإلا فلا. "مسائل صالح" (1000) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل عن رجل بنى مسجدًا فعتق، فجاء رجل أراد أن يهدمه فيبنيه بناءً أجود من ذلك فأبى عليه الباني الأول وأحب الجيران لو تركه يهدمه؟ قال: لو صار إلى رضا جيرانه لم يكن به بأس. "مسائل أبي داود" (327) ¬

_ (¬1) لم أقف عليه.

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل عن مسجد يريدون أن يرفعوه من الأرض فمنعهم عن ذلك مشايخ يقولون: لا نقدر نصعد؟ قال أحمد: ما تصنع بأسفله؟ قال: أجعله سقاية. قال: لا أعلم به بأسًا. قال أحمد: ينظر إلى قول أكثرهم -يعني: أهل المسجد. "مسائل أبي داود" (328) قال أبو طالب: سئل أبو عبد اللَّه: هل يحول المسجد؟ قال: إذا كان ضيقًا لا يسع أهله فلا بأس أن يجعل إلى موضع أوسع منه "مجموع الفتاوى" 31/ 236 نقل عنه حرب في مسجد خرب فنقلت آلاته وبني بها مسجد في مكان آخر أن العتيق يرم ولا يعطل ولا يبنى في مكانه بيت ولا خان للسبيل، ولكن يرم ويتعاهد. نقل حرب عن إسحاق بن راهويه أنه أجاز للسلطان خاصة أن يبني مكان المسجد الخراب خانا للسبيل أو غيره مما يكون خيرا للمسلمين فيفعل ما هو خير لهم. "فتح الباري" لابن رجب 3/ 289

باب التصرفات التي تجري على الموقوف

باب التصرفات التي تجري على الموقوف 2020 - التصرف في الوقف، وحكم الرجوع فيه قال صالح: وسألته عن رجل أوقف ضيعة على أهل بيته، هل يجوز له الرجوع فيها بعد سنة أو أقل أو أكثر وهل يبيعها؟ فقال: لا يجوز بيع الوقف؛ إذا كان قال في وقفه: لا يباع ولا يورث فليس لأحد أن يرجع. "مسائل صالح" (150) قال أبو داود: وسمعت أحمد قال: إذا اتخذ رجل المقابر وأذن للناس، أو السقاية فليس له أن يرجع فيه. "مسائل أبي داود" (612) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل يكتب في الوقف: إن شاء باعه، وأبدل به؟ قال: لا، لا يكون هذا وقفا، هذا أبو يوسف -أي: زعموا- أجازه. "مسائل أبي داود" (1425) قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني قال: قلت لأحمد: الوقف الذي لا يجوز أيما هو؟ قال: أن يوقف ويقول فيه: إن شاء رجع، وإن شاء نقض، فهذا ليس وقفًا، وهذا لا يجوز. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم أن أبا عبد اللَّه قال: إذا وقف في صحته، فليس له أن يرجع فيه إن أراد أن يرجع.

وقال: أخبرنا زكريا بن يحيى، وأحمد بن محمد بن مطر قالا: حَدَّثَنَا أبو طالب، أنه سأل أبا عبد اللَّه عن رجل بنى مسجدًا من داره، يؤذن فيه، ويصلي فيه مع الناس، وتكون نيته حين بناه وحين أخرجه على أنه يؤذن فيه ويصلي فيه حياته، فإذا مات رد إلى الميراث. يجوز له إذا كان على هذا بناه؟ قال: لا، إذا أذن فيه، ودعا الناس إلى الصلاة، فليس له أن يرجع لشي قد مضى. قلت: فبيته؟ قال: ليس بيته بشيء، إذا أذن ودعا الناس إلى الصلاة، فإذا صلوا فيه فهو مسجد لا يرجع فيه. قلت: هؤلاء يقولون: إذا أوقفوا شيئًا أنه عليه حياته؟ قال: ليس هذا بشيء، من أوقف شيئًا للَّه فليس له فيه شيء، إلا أن يكون وقفًا له عليه سبيل. قلت: إلى أي حديث تذهب؟ قال: إلى حديث عمر. وقال: أخبرني محمد بن علي أخبرنا الأثرم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يوقف في حياته. . . وأخبرني عبيد اللَّه بن حنبل: حدثني أبي أن أبا عبد اللَّه قيل له: رجل وقف في حياته وقفًا صحيحًا، أله أن يرجع فيه قبل موته، كما يرجع في وصيته؟ فقال: إن كان قد أوقفه وقفًا صحيحًا، فلا يرجع فيه، كيف يرجع فيه وقد بتله؟

قلت له: كأنه بمنزلة الصدقة تخرج من ملكه؟ قال: نعم زاد الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: فإن هذا الذي أوقف هذا الوقف، قد كان تزوج امرأة بعدما أوقف، فلما مات جاءت المرأة تطلب ميراثها من الوقف؟ قال: أما من ذهب إلى أن وقفه هذا فاسد حين شرط البيع في آخره يقول: للمرأة حقها من هذه الدور والحوانيت، ومن ذهب إلى أن وقفه هذا جائز قال: لا حق للمرأة فيه؛ لأنه إنما تزوجها بعدما أوقفه. وقال: أخبرني محمد بن الحسين، أن الفضل بن زياد حدثهم قال: كتبت إلى أبي عبد اللَّه أسأله عن رجل أوقف ضيعة على أهل بيته. وأخبرني عصمة بن عصام حَدَّثَنَا حنبل، وهذا لفظه وهو أتم: أن أبا عبد اللَّه سئل عن رجل أوقف ضيعة، أو دارًا له على أهل بيته وقرابته، هل يجوز له الرجوع فيما أوقف بعد سنة أو نحو ذلك؟ وهل يبيعها هذا الموقف؟ فقال: لا يجوز بيع الوقف إذا كان في وقفه، لا يباع، ولا يورث، فليس لأحد أن يرجع فيه، وما بلغنا عن أحد ممن مضى من سلفنا فعل ذلك، ولا رجع في شيء من وقف. قال حنبل: وسمعته يقول: كل وقف يكون فيه بيع فليس بوقف، وذلك أن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أوقفوا بتة بتله، والشرط فيها ألا تباع، ولا توهب، فإذا دخلها بيع فسد ذلك، ولم يصح الوقف. وقال: وأخبرني أحمد بن محمد بن مطر: أن أبا طالب حدثهم: أنه سأل أبا عبد اللَّه عن رجل أوقف داره، وأشهد عليها في صحته، واستثنى

أن يأكل منها هو وولده، وإنما أراد أن يزيل عن الوارث، ثم أبطل الكتاب، هل تطيب له كما قال؟ قال: لا تطيب له. وقال: حَدَّثَنَا المروذي قال: سئل أبو عبد اللَّه: عن رجل أوقف داره وأشهد عليها في صحته، فذكر مثل مسألة أبي طالب سواء. وقال: أخبرني محمد بن علي، حَدَّثَنَا أبو بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل. وأخبرني الحسين بن الحسن: حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحارث قال: سئل أبو عبد اللَّه عن رجل قال: ثلث مالي وقف في حياتي للحج والغزو، أما في حياتي فأنا الذي إلى ذلك أحج، وأغزو، فإذا مت دُفع إلى من يغزو عليه ويحج، أيجوز هذا؟ قال: نعم، هذا جائز. قيل له: فإنه اتخذ من ذلك المال في حياته ثيابًا للحج والغزو، فخرج ثم قدم. أتفرش تلك الثياب أو تلبس؟ فكأنه أعجبه أن يجعلها لذلك الوجه بعينه. وقال: وأخبرني محمد بن علي، حَدَّثنَا أبو بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عن رجل أوقف وقفا، واشترط فيه: أني أبيع إن أردت بيعًا؟ قال: فلا يكون هذا إذا وقف، إذا اشترط فيه البيع، أو تحويل مما هو عليه، فليس هو بوقف. وقال: أخبرني محمد بن علي: حَدَّثَنَا الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن رجل أوقف دورًا أو حوانيت بتلها في حياته، وشرط في آخر الكتاب أن للمقيم بها بعد موته أن يبيع إن رأى البيع صلاحًا ثم يجعل الثمن في مثل ذلك من الوقف والصدقة.

قال: إذا كان في الوقف شيء ذكر البيع فليس بوقف صحيح، وذلك أن أوقاف أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما هي بتة بتلة، والشرط فيه ألا تباع ولا توهب، فإذا دخلها البيع لم يصح. قيل لأبي عبد اللَّه: فإن كان الشرط في البيع إنما هو على المصلحة، وعلى أن يجعل في مثله إذا كان أصلح منه؟ فقال: أما الذي يعرف من الوقف -والذي هو عندي- أنه إذا دخله شيء من البيع فليس بوقف. ثم قال: وهؤلاء يجيزون البيع في الوقف، وهذا عندنا قول سوء، وبعضهم لا يرى شيئًا من الوقف. "الوقوف" (43 - 52) قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد بن عبد الحميد، حَدَّثنَا بكر بن محمد عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه أنه سأله عن الرجل يوقف الأرض أو الدار على ولده، أو في المساكين، ويستثني بيعها، إن رأى هو أن يبيع باع، وإن رأى ولده الذي أوقف عليهم أن يبيعوا باعوه، إذا اجتمعوا على البيع؟ قال: هذا لا يكون وقفًا. قال: وأظن أن أبا يوسف كان رخص في ذلك. قال: لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لعمر: "احْبِسْ أَصْلَهَا". قال: وأصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الذين أوقفوا إنما جعلوها لا تباع، ولا توهب، ولا تورث أبدًا. قال: هكذا يكون الوقف. وقال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني: أنه سأل أبا عبد اللَّه قال: قلت: الرجل يوقف على أهل بيته والمساكين بعده،

فاحتاج إليها، أيبيع على قصة المدبر؟ فابتدأني أبو عبد اللَّه بكراهة ذلك فقال لي: الوقوف إنما كانت من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ألا يبيعوا، ولا يهبوا بتة بتلة، فعلى هذا أوقفت ولم يبيعوا، وذكر قصة عمر حين قال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تصدق بالثمرة واحبس الأصل". وذكر حديث عمر حين أوقف فأوصى إلى حفصة. فلم أره يسهل في الوقوف. وقال: أخبرني محمد بن علي الوراق: حَدَّثَنَا أبو بكر الأثرم: أن أبا عبد اللَّه قيل له: وإن لزمه دين أيضًا؟ قال: وإن لزمه دين، فلا يبيع، ولا يجوز له، إذا أوقفه فقد خرج من يده. "الوقوف" (54 - 56) قال الخلال: أخبرني الحسين بن الحسن أن محمد بن داود حدثهم بأن أبا عبد اللَّه سئل عن رجل. وأخبرني محمد بن علي، حَدَّثَنَا الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عن رجل أحاط حائطًا على أرض ليجعلها مقبرة ثم بدا له أيعود فيها؟ قال: أكان قد جلعها للَّه؟ قيل: قد حوط عليها؟ قال: وإن حوط عليها حتى يجعلها للَّه. قيل: نوى بقلبه؟ قال: فإذا جعلها للَّه، فلا يرجع فيها. قيل لأبي عبد اللَّه: إنما سمع قومًا يقولون هذا، ويذكرون فيه الفضل، ففعل هذا؟

قال: حتى يُعلم أنه جعلها للَّه. قيل له: إنه لما فعل هذا قيل له: ما هذا؟ قال: أريد أن أجلعها مقبرة. قال أبو عبد اللَّه: أريد! أي: ليس قوله: أريد -بالذي يوجب عليه. قال الأثرم: قال: ليس قوله: أريد: فعلًا. وقال: أخبرني جعفر بن محمد: أن يعقوب بن بختان حدثهم أن أبا عبد اللَّه قال: إذا اتخذ الرجل المسجد، والسقاية والمقبرة فليس له أن يرجع فيه. "الوقوف" (58 - 59) قال الخلال: أخبرنا المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه: عن امرأة كانت تغزل بيدها وتنسج منه ثيابًا، وكانت تبيع الثياب ممن لا ترضى معاملته، ثم تبينت بعد أنه ممن يكره، فلما تبينت ذاك أوقفت مالها، وليس يقوتها ما تغزل، فترى لها أن تأخذ من المال الذي أوقفت مقدار القوت؟ فقال: إذا كانت أوقفته من طريق أنها تورعت، فإن علمت أن المال حرام لم تأكل منه شيئًا وإن كانت إنما توقت، فأخاف أن تصير إلى غيره مما دونه أو أشر منه. قلت: إنما توقته وكرهت معاملة القوم؟ قال: قد عرفت! قلت: إذا رجعت فمن أي شيء تنزهت، أليس قد تركته، كيف ترجع فيه؟ أخاف أن ترجع إلى ما هو شر منه أو دونه، تأخذ الشي، هذا أسهل من الشيء الذي تعرفه أنه حرام. "الوقوف" (160، 162)

2021 - الوقف يباع إذا خرب، ولم يعد له عائدة منفعة، ويجعل ثمنه في وقف مثله

نقل أبو الصقر فيمن وقف ثلث قريته فأراد بعض الورثة بيع نصيبه كيف يبيع، قال: يفرز الثلث مما للورثة، فإن شاءوا باعوا أو تركوا. "الفروع" 6/ 508 2021 - الوقف يباع إذا خرب، ولم يعد له عائدة منفعة، ويجعل ثمنه في وقف مثله قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا الخانُ الذي في القريةِ السابلةِ لمن يسكنه مِنَ المنتابين، فباعه قوم مِنْ رؤساءِ القريةِ مِنْ والٍ، والخانُ كانَ لا يُسْكَنُ لَمَّا كَانَ ممر الناس عَلَى غيرِ ذَلِكَ الموضع؛ فإنَّ ذَلِكَ البيع فاسدٌ إلَّا أنْ يكونَ حاكم أو والٍ يرى أَنَّ يبيعَ ذَلِكَ فيجعل ثمنَهُ في مثلِهِ حيثُ ينتفعُ الناسُ. وأمَّا أنْ يجتمعَ قومٌ مِنْ أهلِ القريةِ فيبيعون؛ فبيعُهُم مردودٌ، وإنْ كان المشتري هَدَمَ ذَلِكَ حتَّى جَعَلَهُ مزرعة؟ فإنَّ عَلَى الحاكِمِ إِذَا رفعَ إليه ذَلِكَ أنْ يبطلَهُ كله، ولو صَارَتْ في يدي واحدٍ بعدَ واحدٍ، فإنْ لمْ يمكن ذَلِكَ، وندم البائع فلمْ يجدْ سبيلًا إلى الرجوعِ؛ فعليه أنْ يجعلَ ثمنَهُ في مثلِهِ حيثُ ينتفعُ النَاسُ، فإنَّ ذَلِكَ يكونُ كفارة لما فعلَ إنْ شاءَ اللَّه تعالى، وأمَّا أنْ يجعلَ من أرضِ القريةِ برضا أهلِ القريةِ؛ فإنَّ ذَلِكَ لا يجوزُ إلَّا أنْ يكونوا كبارًا يعدون وفيهم صغار، ولهم أوصياء اسْتحقوا ذَلِكَ الموضع مِنْ أربْابِهَا اتخذوه خانًا. "مسائل الكوسج" (2309) قال صالح: قلت له: الفرس الحبيس إذا قام أو عطب يباع؟ قال: نعم، ويجعل في آخر مثله. "مسائل صالح" (999)

قال أبو داود: أن أبا عبد اللَّه احتج بدواب الحبس التي لا ينتفع بها، تباع ثم يجعل ثمنها في الحبس. "مسائل أبي داود" (329) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: الحبيس من الدواب: الذي يحبس لا يباع حتى يعجف فلا ينتفع به في بلاد الروم، ولا ينتفع به إلا للطحن أو نحوه يباع، ثم يجعل ثمنه في حبيس. "مسائل أبي داود" (1503) قال أبو داود: قلت لأحمد: أينفق ثمن الحبيس العطب على الدواب الحبس؟ قال: ينفق، سمعته يفتي به غير مرة. "مسائل أبي داود" (1504) قال المروذي: وسئل أبو عبد اللَّه عن الوقف، إذا خرب ترى أنه يباع ويشترى غيره مما يرد؟ قال: نعم. وهكذا قال في الفرس الحبيس إذا عطب يباع ويشترى مكانه فرسٌ. "الورع" (291) قال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد أنه قال لأبي عبد اللَّه: يباع من الحبس شيء إذا عطب وإذا فسد؟ قال لي: إي واللَّه يباع إذا كان يخاف عليه التلف والفساد والنقص، باعوه وردوه في مثله. قال لي غير مرة: يباع ويرد في مثله من الرأس. وقال: أخبرني موسى بن سهل، حَدَّثَنَا محمد بن أحمد الأسدي، حَدَّثَنَا إبراهيم بن يعقوب، عن إسماعيل بن سعيد، أنه قال لأبي

عبد اللَّه: أرأيت إن أخذ رجل شيئًا -يعني: من الوقف- فعتق في يده، وتغير عن حاله؟ قال: يحول إلى مثله. قال: وكذلك الدابة إذا عجفت وضعفت وقال: أخبرني حرب قال: سألت أحمد قلت: رجل أوقف ضيعة فخربت ودثرت، وقد قال في الشرط: لا يباع ولا يوهب، فباعوا منها سهمًا وأنفقوه على البقية ليعمروها؟ قال: لا بأس بذلك، إذا كان كذلك؛ لأنه اضطرار ومنفعة لهم. أخبرني عمر بن نصر الأصبهاني: حَدَّثَنَا أبو مسعود الأصبهاني قال: وقال أحمد في رجل أوقف ضيعة وقد قال في الكتاب ألا تباع ولا توهب، فخربت الضيعة، فباعوا منها سهمًا لينفقوها على الباقي فيعمروها؟ قال: لا بأس بذلك. وقال: أخبرني جعفر بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم أن أبا عبد اللَّه قال: في الوقف إذا كان في حال لا ينتفع به بيع وجُعل ثمنه في مثله. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر، حَدَّثَنَا أبو طالب أنه سمع أبا عبد اللَّه قال: الوقف لا يغير عن حاله الذي أوقف، ولا يباع إلا أن يكون لا ينتفع منه بشيء، فإن كان لا ينتفع منه بشيء، بيع واشتري مكان آخر. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن مثنى الأنباري حدثهم قال: وضعت عند أبي عبد اللَّه رقعة فقلت: انظر فيها واكتب الجواب في رجل كان والده أوقف أرضًا وأسندها إلى رجل يقوم بها وقال: إن

حدث بهذا حدث، قام بها ولدي، وهي بائرة لا ترد شيئًا، فهل ترى لولد هذا الموقف لها أن يبيعها ويشتري بثمنها أرضًا يعمل بوقفها أيضًا؟ فكتب: إذا كانت قد بارت فليس به عندي بأس أن يبيعوها ويشتروا بثمنها غيرها، فيوقفوها على ما كانت عليه تلك. وقال: أخبرنا محمد بن علي، حَدَّثَنَا مهنا قال: سألت أحمد عن رجل حمل على فرس جعله حبيسًا في سبيل اللَّه، فكبر الفرس وضعف أو ذهبت عينه؟ قال: لا بأس أن يبيعه، ويجعل ثمنه في فرس آخر، أو في بعض ثمن فرس. فقلت له: أرأيت إن كانت دارًا أو ضيعة، وقد ضعفوا أن يقوموا عليها؟ قال: لا بأس أن يبيعوها، ويجعلوها في مثلها، إذا كان ذاك أنفع لم ينفق عليها منها. قال الخلال: أخبرنا المروذي قال: قيل لأبي عبد اللَّه في رجل أوقف ضيعة على أبواب البر، وقد خربت فما تعمر، وليس ترد شيئًا؟ قال: إن كنت تعلم أنها لا ترد شيئًا، وأنها تبقى، فأرى أن تستغلها في شيء يرد على الذي أُوصي في أبواب البر؟ قلت: فأشتري حوانيت فأوقفها عوضًا من هذه الضيعة؟ قال: إن كان على ما تقول أنها لا ترد شيئًا، وقد بقيت فبع، مثل الفرس الحبيس إذا عطب، يباع ويصير ثمنه في فرس آخر. وقال: أخبرنا أبو بكر -في موضع آخر- قال: قيل لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا أوقف وقفا على قوم، وقد خرب، فترى أن يبيعه ويشتري ما هو أعمر

منه يرد على المساكين؟ قال: إذا كان قد خرب، وليس يرد منه شيئًا، يباع ويصير في وقف مثله. وقال: أخبرنا أبو بكر -في موضع آخر- أن أبا عبد اللَّه قال: في البرذون إذا عطب بطرسوس لم يعجبه أن يخرج منها، وقال: يصير للطحن، ويؤخذ ثمنه فيجعل في مثله. وقال: أخبرني حرب قال: سُئل أحمد: عن بيع الحبيس؟ قال: إذا كان فرسًا لا يركب ولا ينتفع به، بيع وجعل ثمنه في حبيس. "الوقوف" (289 - 301) قال الخلال، ح أخبرني محمد بن علي، حَدَّثَنَا صالح. وأخبرني جعفر بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم. . . وأخبرني أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا بن يحيى: أن أبا طالب حدثهم. وأخبرني الحسن بن الهيثم: أن محمد بن موسى بن مشيش حدثهم. وأخبرني محمد بن علي حَدَّثَنَا مهنا. وأخبرني موسى بن سهل، حَدَّثَنَا ابن أحمد الأسدي، حَدَّثَنَا إبراهيم بن يعقوب، عن إسماعيل بن سعيد -وبعضهم يزيد على بعض- أنهم سمعوا أبا عبد اللَّه قال في الحبس: لا يصلح أن يبيعها إلا من علة. فقلت: ما العلة؟ قال: تكبر الدابة فلا ينتفع بها، فلا بأس أن تباع ويشتري أصلح منه. وقال إسماعيل بن سعيد: إلا أن يكون يضعف ويعجف فيباع ويجعل في مثله.

وقال محمد بن موسى: فعجفت، أصابها عور أو شيء، لم يقدروا يغزوا عليها. وقال أبو طالب: تكون لا تقدر أن يغزوا عليها، ويصلح أن يطحن عليها، يُباع وبجعل في آخر مثله. وقال: أخبرني منصور بن الوليد: حَدَّثَنَا علي بن سعيد قال: سألت أحمد بن حنبل عن بيع دواب السبيل، وسلاح السبيل، وما يبعث في الرباط، فيبيعها صاحب الرباط ويستبدلها؟ قال: لا أرى أن يستبدل بها ولا يبيعها، إلا أن تكون بحال لا ينتفع بها، ولا يُغزى عليها. وقال: كتب إلى أحمد بن الحسين من الموصل: حَدَّثنَا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه قال: الحبيس لا يباع إلا من علة، والعلة: أن يقوم فلا يصلح للغزو فيباع ويجعل ثمنه في سبيل اللَّه فرس يحبس أيضًا، إن أمكن أن يشتري بثمنه فرسًا اشترى وجعل حبيسًا وإلا جعله في دابة تكون حبيسًا، فإن لم يتم في ثمن دابة، وإن كان خمسة دنانير أو أقل يجعل في ثمن دابة حبيس. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد، حَدَّثنَا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه أنه سئل عن الرجل يوصي بفرس وبسرج وبلجام مفضض، يوقفه في سبيل اللَّه حبيسًا؟ قال: هو وقف على ما أوصى به، وإن بيع الفضة من السرج والفضة من اللأم، وجعل في مثله وقفًا فهو أحب إلي، لأن الفضة لا ينتفع بها، وهذا لعله أن يشتري بذلك الفضة سرجًا ولجامًا، فيكون أنفع للمسلمين. قلت: فتباع هذه الفضة، وتجعل في نفقة الفرس؟

2022 - زكاة المال الموقوف

فقال: لا، الفرس وإن لم يكن له نفقة، فهو على ما أوصى به صاحبه. وقال: وكتب إلى أحمد بن الحسين: حَدَّثنَا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، بهذه المسألة مثلها سواء. "الوقوف" (302 - 307) نقل عنه الحسن بن ثواب في عبد لرجل بمكة -يعني: وقفًا- فأبى العبد أن يعمل: يباع فيبدل عبدًا مكانه. "مجموع الفتاوى" 31/ 214 نقل عنه الميموني، وقد سأله: تباع الفرس الحبيس إذا عطبت أو فسدت؟ فقال: إي واللَّه. "إعلام الموقعين" 4/ 167 2022 - زكاة المال الموقوف قال أبو داود: سمعت أحمد عن رجل أوقف أرضًا على المساكين؟ قال: لا أرى فيها العشر، لأنها تصير إلى المساكين، إلا أن يوقف أحد على ولده فيصيب الرجل خمسة أوسق ففيها العشر. "مسائل أبي داود" (560) قال الخلال: أخبرني حرب قال: سُئل أحمد عن رجل دفعت إليه ألف درهم ليشتري بها دارًا في السبيل، فحبس الدراهم عنده سنة ثم اشترى بها. هل عليه فيها الزكاة؟ قال: لا، إنما هو مؤتمن، إلا أن يزكيها صاحبها. قيل له: فإن صاحبها ميت؟

قال: لا زكاة فيها. ثم قال: قال مكحول وطاوس: ليس في الأوقاف صدقة. قال: أخبرني الحسين بن محمد -ببيت المقدس- حَدَّثنَا أحمد بن أبي عبدة قال: سئل أحمد عن رجل دفع إليه دراهم. .، فذكر نحو مسألة حرب وقال: قال طاوس ومكحول: ليس في الأوقاف صدقة. زاد: قلت: لأنه كله في السبيل؟ قال: نعم. "الوقوف" (193 - 194) قال الخلال: أخبرني إبراهيم بن رحمون السنجاري: حَدَّثَنَا نصر ابن عبد الملك السنجاري، حَدَّثَنَا يعقوب بن بختان قال: سئل أبو عبد اللَّه عن رجل جعل مالًا في وجوه البر، ففرط فيها الوصي وحبسها، فيها زكاة؟ قال: لا، هذا كله كما جعل. قلت: فإن اتجر به الوصي؟ فقال: إن ربح جعل ربحه مع المال فيما أوصى، وإن خسر كان ضامنًا. وقال: وأخبرني الحسن بن عبد الوهاب، حدَّثنَا إبراهيم بن هانئ قال: سئل أبو عبد اللَّه. .، فذكر مثل مسألة يعقوب. "الوقوف" (195 - 196) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد الوراق: حَدَّثنَا محمد بن حاتم ابن نعيم، حَدَّثنَا علي بن سعيد قال: سألت أحمد عن الرجل يوقف النخل والكرم علي المساكين في حياته، عليه صدقة؟

قال: لا، كله للمساكين، إلا أن يكون أوقفها علي ولده، أو قوم أغنياء. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد، حَدَّثنَا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه: وسأله عن الرجل يوقف الأرض للمساكين؟ قال: إذا أوقفها للمساكين فليس فيها صدقة. وإذا أوقفها على أهله وولده وعلى أقاربه ليسوا فقراء، فإن فيها زكاة إذا كان نخلًا أو أرضًا. وقال: كتب إليَّ أبو يوسف يعقوب بن محمد الكرماني، حَدَّثنَا علان بن الصباح، حَدَّثنَا أبو قدامة قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول في الصدقة الموقوفة على قوم، يخرج للرجل منهم أكثر من خمسة أوسق؟ قال: إذا كان وقف على قوم فقراء فلا شيء عليهم، كلها صدقة، وإذا كان وقف علي قوم مياسير، للرجل منهم أكثر من خمسة أوسق، ففيها الصدقة. وقال: أخبرنا محمد بن علي السمسار قال: حَدَّثنَا مهنا قال: سئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يوقف الضيعة أو الأرض، أو الغنم في السبيل، يكون فيها زكاة أو يكون فيها عشر؟ قال: لا، قال: هذا كله في السبيل. ثم قال لي أحمد بن حنبل: إنما تكون الزكاة أو العشر إذا جعله في قرابته، أو في أهل بيته، فذاك يكون فيه الزكاة. وقال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني أنَّه سمع أبا عبد اللَّه يقول: إذا كانت وقوفه على أهل بيته، ففيها الصدقة، وإذا كانت على المساكين فليس فيها شيء من الصدقة؛ لأنها للمساكين. قلت له: فإذا أوقف رجل ألف درهم في السبيل؟

قال لي: إن كانت للمساكين أيضًا، ليس فيها زكاة. قلت: إن أوقفها في الكراع والسلاح؟ قال: هذه مسألة فيها لبس واشتباه. "الوقوف" (198 - 202)

باب النظر على الوقف

باب النظر على الوقف 2023 - إذا شرط الواقف النظر لنفسه قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام: حَدَّثَنَا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه -وسئل عن الرجل يوقف علي ولده وأهل بيته؟ قال: جائز. قيل له: فيكون الوقف في يده فينفق منه على ما يريد؟ قال: لا، يخرجه من يده إلى رجل آخر يقوم به. وقال: أخبرني جعفر بن محمد: أن يعقوب بن بختان حدثهم: أنه قال لأبي عبد اللَّه فيكون الوقف في يده فينفق منه على ما يريد؟ قال: لا، يخرجه من يده، يصيره إلى رجل يقوم به. وقال: أخبرني محمد بن هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم: أن أبا عبد اللَّه قال: الوقف المعروف: أن يخرجه من يده إلى غيره يوكل فيه من يقوم به. "الوقوف" (16 - 18) 2024 - الولي أو ناظر الوقف يأكل من الوقف في قيامه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قوله: {فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6]؟ قال: إذا كان يقوم عليه، كما قال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 156 - 157، والنسائي 6/ 232، وابن ماجة (2397) من حديث عبد اللَّه بن عمر.=

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3054) قال الخلال: أخبرنا الميموني قال: قال أبو عبد اللَّه: وليها يأكل منها بالمعروف، إذا اشترط ذلك. وقال: وأخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم أن أبا عبد اللَّه قال: فإن أكل منه بالمعروف فلا بأس به. قلت: فيقضي منه دينه؟ قال: ما سمعنا فيه شيئًا. وقال: أخبرنا محمد بن علي: حَدَّثنَا أبو بكر الأثرم قال: قيل لأبي عبد اللَّه: يشترط في الوقف أن أتفق على نفسي منه؟ قال: إذا اشترط هذا فنعم. قيل له: إني أنفق على أهلي منه؟ قال: نعم واحتج بحديث ابن طاوس، عن أبيه، عن حجر المدري: أن في صدقة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يأكل أهلها منها بالمعروف، غير المنكر (¬1). قيل له: من رواه؟ قال: سمعته من ابن عيينة. "الوقوف" (19 - 20) ¬

_ = وصححه ابن خزيمة 4/ 119 (2486)، وابن حبان 11/ 262 (4899)، وكذا الألباني في "الأرواء" (1583). وقد تقدم تخريجه. (¬1) رواه مالك ص 581، وعبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 148 (515)، والطبري 3/ 600 (8633)، والبيهقي 6/ 4، 284.

2025 - إذا احتاج إلى عمالة معه على من يكون أجرها؟

نقل عنه حرب في رجل أوصى إلى رجل بأرض أو صدقة للمساكين، فدخل الوصي الحائط أو الأرض، فتناول بطيخة أو قثاءً أو نحو ذلك، قال: لا بأس بذلك إذا كان القيم بذلك أكل. نقل يعقوب ابن بختان عن أحمد في رجل في يده مال للمساكين وأبواب البر، وهو فقير محتاج إليه؛ فلا يأكل منه، إنما أمر أن ينفذ. ونقل حنبل عن أحمد في الولي والوصي إذا كانا يصلحان ويقومان بامره، فأكلا بالمعروف فلا بأس به بمنزلة الوكيل والأجير. "تقرير القواعد" 2/ 48 - 50 2025 - إذا احتاج إلى عمالة معه على من يكون أجرها؟ قال الخلال: أخبرني محمد بن عبيد اللَّه بن يزيد المنادي، ويوسف بن موسى أن أبا عبد اللَّه سئل: عن رجل مات، أوصى إلى رجل بوصية مال أوقفه علي قرابته، وجعل له عمالة معلومة في كل سنة من غلة هذا الوقف، فإذا كان أيام رفع الغلال استأجر عليه هذا الوصي أمناء يحفظون الغلة، ويقومون علي رءوس الأجزاء، ويتعاهدون الضيعة، علي من يكون كِراء هذا الأمين الذي استأجره هذا الوصي، وقد جعل له الميت جُعلًا لقيامه بهذا الوقف؟ قال أبو عبد اللَّه: إن كان هذا الذي جعل لهذا الوصي فيه فضل على عمالة مثله، فإن أجر الأمناء وما كانت فيه من كلفة في حفظ هذه الغلة، فيما جعل له، حتى يبقى له عمالة مثله، فإن نقص عن عمالة مثله، فأراه من الجميع يبدأ به، ويكون له عمالة مثله. "الوقوف" (180)

هل لأهل الوقف أن يسألوه نسخة الكتب إن لم يثقوا به؟ قال الخلال: أخبرني يوسف بن موسى أن أبا عبد اللَّه قيل له: هل يجوز لأهل هذا الوقف أن يسألوا الوصي نسخة هذه الكتب، لتكون عندهم؟ وهل يجوز لهم أن يسألوه أن توضع كتب الوقف على يدي عدل بينهم، إذا لم يجتمع أمرهم جميعًا؟ فقال أبو عبد اللَّه: لأهل الوقف أن يسألوا عن كل ما أرادوا من نسخة كتاب هذا الوقف، حتى يكونوا يعلمون علمه، ولا يستطيع أن يخون، أو يغير ما في يديه، إذا كان متهمًا، ولم يرض به أهل الوقف. قال يوسف بن موسى: هذه المسائل جاء بها ابن المنادي في رقاع فعرضها على أبي عبد اللَّه، فأملى هذه الجوابات. "الوقوف" (183) إذا كان متهمًا عند أهل الوقف، هل لهم أن يجعلوا معه غيره؟ قال الخلال: أخبرني يوسف بن موسى أن أبا عبد اللَّه سئل: هل يجوز لأهل الوقف أن يسألوا هذا الوصي -إذا لم يثقوا: أن يدخلوا معه بعضهم، أو ثقة لهم، أو مع من يوصي إليه هذا الوصي، إذا لم يكن هذا الذي أوصى إليه هذا الوصي ثقة، عند أهل الوقف؟ فقال أبو عبد اللَّه: إذا كان هذا الذي أوصي إليه متهمًا أدخل معه رجل ممن يرضاه أهل هذا الوقف، فيكون ما جرى عليه بعلمه، ولا تنزع الوصية عنه. "الوقوف" (182)

_ (1) رواه ابن أبي شيبة 7/ 283 (36113)، وذكره الزيلعي في "نصب الراية" 3/ 479.

2026 - هل له أن يوصي إلى غيره إذا حضرته الوفاة؟

2026 - هل له أن يوصي إلى غيره إذا حضرته الوفاة؟ قال الخلال: أخبرني محمد بن عبيد اللَّه بن المنادي، ويوسف بن موسى: أن أبا عبد اللَّه قيل له في رجل أوصي إليه: هل يجوز له أن يوصي إلى ولده، إذا لم يرضوا أهل هذا الوقف؟ فقال أبو عبد اللَّه: ليس لهذا الذي أوصي إليه أن يوصي إلى غيره، إلا أن يكون الموصي جعل إليه ذلك، فله أن يوصي إلى غيره، ويحتاط في ذلك لثقة، كنفسه لو أراد أن يوصي إلى رجل، فإن كان لم يجعل ذلك إليه، اجتمع أهل هذا الوقف، فجعلوه إلى رجل يرضون به، ويجعلون له جعلًا، يتراضون بذلك. "الوقوف" (181) 2027 - بيان عاقبة من تعدى في الوقف قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا غوث بن جابر قال: سمعت عبد اللَّه ابن صفوان بن كلبي، من الأبناء يذكر عن أبيه، عن وهب بن منبه، أنه وجد في بعض كتب الأنبياء عليهم السلام: إن اللَّه تبارك وتعالى يقول: من استعان بأموال الفقراء، جعلت عاقبته الفقر، وأيما دار بنيت بقوة الضعفاء جعلت عاقبتها الخراب. "الزهد" ص 125

كتاب العتق

كتاب العتق باب ما جاء في أركان العتق وشروطه أولًا: المُعْتِق 2028 - لا يصح العتق إلَّا من جائز التصرف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئل -يعني: الأوزاعي- عن رجلٍ قال: كل جاريةٍ أتسراها فهي حُرةٌ، متى تكون حُرَّةً؟ قال: إذا وطئها ولم يعزل عنها فقد تسرَّاها. قال الإمام أحمد: لا أجترئ أن أعتق عليه، فإنْ فعلَ هو فأعتقها ليس به بأس، وأمَّا أنا فلا أجترئُ عليه إلَّا أنْ تكونَ في ملكِهِ، فيقول: متى تسريتُ منكن فهي حُرة، فإذا وجبَ عليها الغسل، وجب عليه التسري. قال إسحاق: كما قال، وليس فيه موضع جبن. "مسائل الكوسج" (1307) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجل يقول: إنِ اشتريتُ فلانًا فهو حر؟ قال: إنِّي أجبنُ عنه بعض الجبن. قال إسحاق: كما قال، وأنا أجبن؛ لأني أخافُ قولَ ابن مسعود رحمه اللَّه في المنصوبة في الطلاق (¬1)، والمنصوب بالعتق. "مسائل الكوسج" (3032)، (3120) ¬

_ (¬1) ذكره الترمذي بعد حديث (1181).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال إبراهيم في عبدٍ دفعَ إلى رجلٍ مالًا، فقال: ابْتَعْني مِن سيدي. فابْتَاعَه، وأعتقَه: شراؤه جائزٌ، أو يدفع الذي اشتراه إلى سيده، مثل الذي اشتراه به، وولاؤه للذي اشتراه -يعني: لمن غرمَ الثمن. قال أحمد: شراؤه جائزٌ، وعتقه جائزٌ، ويرجع السيدُ على المشتري بالثمنِ الذي اشْتَراه به، ويكون الولاءُ للمشتري. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3117) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ قال لرجلٍ: أعتقْ عبدَكَ هذا عَنِّي وعليَّ ثمنُهُ؟ قال: إذَا فعلَ -أي: أعتقَ- فقد وجبَ عليه. قال إسحاق: كما قال، والولاءُ لمن يُؤدِّي الثمنَ. "مسائل الكوسج" (3143) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: إذا قال: كلُّ عبدٍ أشتريه فهو حُرٌّ. أجبنُ عنه بعضَ الجبنِ، وأمَّا الطلاق فهو أكثر. قال إسحاق: كلما قال: كلُّ عبدٍ أَشتَرِيه فهو حُرٌّ. لم يعتق كالطلاقِ، حكمهما سواء، إنَّما نجبن عند التسمية عندهما جميعًا، والرخصة أكثر. "مسائل الكوسج" (3165) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل قال لعبدِ رجلٍ: أنتَ حرٌّ في مالي، فبلغ ذلك السيد، فقال: قد رضيتُ وأَبَى الآخر. قال أحمد: ليس بشيء. قال إسحاق: كما قال؛ لأنه ليس بشراء ولا بأمر بين.

إن قال: أنت حر علي أن تخدمني كذا وكذا. "مسائل الكوسج" (3204) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا قال الرجلُ للرجلِ: أعتقْ عبدَكَ هذا عني وعليّ ثمنُه؟ قال أحمد: هو جَائزٌ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّه أمرَ أمرًا صحيحًا. قُلْتُ لأحمد: قال: وَولاؤه للسيدِ كما أعتقَه عثمان، وعَلَى الحميل ما تحمل. قال أحمد: إذا قال: أعتقْه عَنِّي. فولاؤه للمعتقِ عنه، وإذا قال: أعتقه. فولاؤه للسَّيدِ، والعتقُ جائزٌ، وعليه ثمنُهُ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3205) قال صالح: وقال أبي: العتق قبل الملك لا أجترئ عليه، لا يقوم عندي مقام الطلاق. "مسائل صالح" (141) قال صالح: إذا قال: أنت حر إن بعتك، وقال الآخر: إن اشتريته فهو حر؟ فقال: قال بعض الناس: يعتق من مال المشتري، فيلزم من قال هذا أن لا يجيز وصية لميت، لأن الوصية إنما تجب بعد الموت. وقلنا: إنه يعتق من مال البائع، كما تجب الوصية للموصى له، وإنما تجب بعد الموت. "مسائل صالح" (908) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل تكون له الجارية فيقول له رجل: تبيعها؟ فيقول: متى ما بعتها فهي حرة، فباعها؟

قال تعتق من مال البائع. "مسائل ابن هانئ" (1431) قال ابن هانئ: سالته عن الرجل يقول: إن بعت غلامي فهو حر، فباعه؟ قال: يعتق من مال البائع، كما أنه لو قال: لغلامي من مالي ألف درهم إلى من يدفع الألف، أليس يرجع إلى المولى؟ فكذا أيضًا هو من مال البائع. "مسائل ابن هانئ" (1434) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يقول: يوم اشتري فلانًا فهو حر؟ قال: فيها اختلاف وأبى أن يجيب فيها. "مسائل ابن هانئ" (1345) قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يقول: يوم اشتري فلانة فهي حرة؟ قال: قد وقع عليها الحرية يوم يشتريها هذا. والظهار والمشي بمنزلة واحدة. "مسائل ابن هانئ" (1346) قال حرب: وسألتُ إسحاقَ قلتُ: الرجل قال: إن كلمت فلانًا ففلان -مملوكه- حر. فباع المملوك ثم كلم الرجل الذي حلف أن لا يكلمه. قال: ليس عليه شيء إذا باعه بيعًا باتًا. "مسائل حرب" ص 153 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل عليه عتق رقبة، وله جارية فقد أبقت حبلى، فتحرى أن يعتقها ولا يعتق شيئًا مما ملك قبل العتق؟ قال أبي: لا يجزئه حتى تصير في ملكه، من أتى بها، فإن أعتقها عتق ما في بطنها، لأنه لا يدري بعدها قد ماتت، أو أنها لا ترجع إليه أبدًا. "مسائل عبد اللَّه" (1419)

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل حلف بعتق مملوك ليس في ملكه؟ قال: لا يجوز عتقه. "مسائل عبد اللَّه" (1420) قال عبد اللَّه: قلت لأبي فإن قال: إن اشتريت فلانًا فهو حر؟ قال: فيه اختلاف. قلت لأبي: هذا مثل الطلاق؟ قال: هذا للَّه. "مسائل عبد اللَّه" (1421) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: الوالد إذا أعتق غلام ابنه، لا يجوز ما لم يقبضه، فإذا قبضه وأعتق جاز. وقال: كل شيء يأخذ الرجل من مال ابنه فقبضه فله أن يأكل منه. "مسائل عبد اللَّه" (1423) قال عبد اللَّه: سئل أبي -وأنا أسمع- عن رجل دفع إلى ابنه مالًا يعمل به فذهب الابن فاشترى جارية فأعتقها وتزوج بها. قال: مضى عتقها، وليس له أن يرجع في الجارية، إنما يرجع عليه في المال. "مسائل عبد اللَّه" (1431) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل له عبد، وللعبد مال، فأعطى العبد لرجل ألف درهم من مال في يدي العبد فاشتراه، ثم أعتقه؟ قال أبي: إن كان اشتراه بألف وليس هي التي أعطاه العبد، فشراؤه جائز، وعتقه جائز. "مسائل عبد اللَّه" (1435) قال عبد اللَّه: أملى علي أبي في رجل: له في يدي عبده ألف درهم، فدفعها العبد إلى رجل فاشتراه بها؟

قال: شراؤه باطل ولا يجوز عتقه، وإن كان اشتراه ولم يسم الألف بعينها، فشراؤه جائز وعتقه جائز إن أعتقه المشتري، ويرجع السيد فيأخذ الألف، ويرجع على المشتري بما اشتراه به عبده. "مسائل عبد اللَّه" (1436) قال البغوي: وسئل أحمد وأنا أسمع عن رجل تزوج أمرأة على عبدٍ فأعتق الرجل العبد؟ قال: ليس عتقه بشيء؛ قد صار العبد للمرأة. "مسائل البغوي" (23) قال النسائي: قلت: العتق قبل الملك؟ قال: لا أقول فيها شيئًا قد اختلفوا فيه. "تهذيب الأجوبة" 1/ 534 نقل محمد بن الحسن بن هارون عنه إن قال: إن ملكت فلانًا فهو حرّ فملكه، لا يعتق. نقل أبو طالب، المروذي، وأبو الحارث: يقع العتق بخلاف الطلاق. ونقل يعقوب بن بختان في رجل قال لجارية امرأته: أنت حرة في مالي ثم ماتت. ليس بشيء. "الروايتين والوجهين" 2/ 141 - 142. نقل عنه الميموني: لو قال لأمه أنت حرة يوم اشتريك إن شاء اللَّه؛ صارت حرة. "أعلام الموقعين" 4/ 58 روى عنه بكر بن محمد: ويعتق الأب في ملك الابن، وهو في ملك الابن حتى يعتق الأب، أو يأخذ فيكون للأب ما أخذ.

وعنه المروذي: ولو أن لابنه جارية فأعتقها كان جائزًا. وعنه بكر بن محمد: إذا كانت للابن جارية فاراد عتقها قبضها ثم أعتقها. "بدائع الفوائد" 3/ 84، 85 ونقل ابن مشيش عنه في عتق الصبي: صحة عتقه إذا عقله. "الفروع" 4/ 6 وروى الميموني عن أحمد فيمن عليه دين يحيط بجميع ما ترك يجوز له أن يعتق أو يهب، أعنى: الميت؟ قال: نعم. قلت: هذا ليس له مال. قال: أليس ثلثه له؟ ! قلت: ليس هذا المال له. قال: أليس هو الساعة في يده؟ قلت: بلى! ولكنه لغيره. قال: دعها؛ فإنها مسألة فيها لبس. "تقرير القواعد" 2/ 278 نقل عنه مهنا في عبد دفع إلى رجل ألف درهم من مال رجل آخر، فاشتراه بها من سيده وأعتقه: إنه يرجع إلى صاحب المال بماله، فإن استهلك كان دينًا على العبد، ويعتق العبد. "تقرير القواعد" 3/ 346

2029 - إن أطلق اللفظ ولم يقصد به العتق

ثانيا: الصيغة ألفاظ العتق وأقسامها 1 - صريحة 2029 - إن أطلق اللفظ ولم يقصد به العتق قال ابن هانئ: سألته عن رجل قال لجاريته: اذهبي فقد عُتقت، ولم يكن نوى عتقها. أفتكون حرة؟ قال: نعم هي حرة. "مسائل ابن هانئ" (1429) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل كان علي رأسه مماليك له، فأومأ إليهم أنتم أحرار، وبينهم جارية، لم يرد عتقها، فقال بيده، فأومأ إليهم، إذهبوا فأنتم أحرار، ثم بصر الجارية فقال: لم أرد عتقها؟ قال أبو عبد اللَّه: أرى أنها قد عتقت؛ لأنه أومأ إليهم وهي فيهم، فقد وقع عليها الحرية. "مسائل ابن هانئ" (1520) قال عبد اللَّه: هذِه المسألة أعطانيها بعض أصحابنا، زعم أن أبي سئل عنها. سئل أبي عن رجل قال لجاريته وهو يعاتبها في خدمته، فأراد أن يقول لها: إنما أنت مملوكة فسبقه لسانه فقال: إنما أنت حرة، ولم يرد بذلك العتق، ولا نوى عتقها، ولا أضمر ذلك في نفسه قط، وإنما سبقه لسانه أراد أن يقول لها: أنت مملوكة فسبقه لسانه؟

أخبرت عن أبي أنه سئل عن ذلك، فقال: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوى" (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1438) ونقل عنه أحمد بن الحسين بن حسان، وقد سُئل عن رجل قال لخدم له رجال ونساء قيام: أنتم أحرار وكان معهم أم ولد، فلما رآها قال: كأنك كنت ها هنا؟ كأنه لم يعلم. فقال: اختلفوا في شبه هذا في الطلاق، إذا طلق امرأة فأجابت أخرى تطلق هذِه بالإجابة وهذِه بالتسمية، أو قالوا بالإشارة. قال: وهذا عندي أنها تعتق أم ولده. ونقل المروذي في رجل لقي امرأة في الطريق فقال لها: تنحي يا حرة فإذا هي أمته: عتقت عليه. ونقل مهنا عنه في رجل نظر إلى عبد ظن أنه عبده فقال: يا غلام أنت حر، فقال الغلام: ما أنا لك بعبد. عتق عبده الذي نواه. "الروايتين والوجهين" 2/ 164 - 165 قال حنبل: سئل أبو عبد اللَّه عن رجل قال لغلامه: أنت حر وهو يعاتبه؟ فقال: إذا كان لا يريد به العتق، يقول: كأنك حر، ولا يريد أن يكون حرًّا -أو كلامًا نحو هذا- رجوت أن لا يعتق، وأنا أهاب المسألة؛ لأنه نوى بكلامه ما يحتمله فانصرف إليه، كما لو نوى بكناية العتق العتق. "المغني" 14/ 346، "معونة أولي النهى" 8/ 350 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 25، والبخاري (1)، مسلم (1907) من حديث عمر بن الخطاب.

2030 - من تكلم بالعتق ولا يفهمه

قال البرزاطي: إذا قال لعبده: أنت حر، وقال: إنما أردت من هذِه الصنعة قال: هو حر ونيته فيما بينه وبين اللَّه. "بدائع الفوائد" 4/ 48 نقل بشر بن موسى عنه فيمن كتب إلى آخر: أعتق جاريتي؟ يريد يتهددها. قال: أكره ذلك، ويسعه فيما بينه وبين اللَّه تعالى أن يبيعها. "الفروع" 5/ 78 2030 - من تكلم بالعتق ولا يفهمه قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا عبد اللَّه بن إدريس قال: حدثنا علي بن عبد اللَّه قال: قالت أم ولد لمولاها: إذا حركت ابنك، وقالت مرة: إذا بكى ابنك هذا فأرقصه وقل: "ما ذرت أزاز" (¬1) فذكر ذلك للشعبي فقال: لا شيء، إذا لم يدر ما الفارسية. قال أبي: وكذلك أقول: إذا كان يفهم الفارسية عتقت، وإن كان لا يفهم لم تعتق؛ لأنه لا يدري. "مسائل عبد اللَّه" (1426) ¬

_ (¬1) الظاهر أن معنى هذا الكلام يدل على العتق، أو أنه عتق؛ لذلك حكم الشعبي وأحمد بأنها لا تعتق؛ لأنه لا يدري معنى هذا الكلام. واللَّه أعلم.

2031 - 2 - كناية

2031 - 2 - كناية قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل قال لجارية له: ناوليني كذا وكذا -لآنية في البيت- ثم أنت حرةٌ اليوم؟ قال: سل عن هذا غيري. "مسائل أبي داود" (1354) قال ابن هانئ: سألته عن رجل قال لجاريته في مرضه، وأولادها (¬1) بحضرتها: ما لكم عليها ولا لي عليها دعوى، ولا طلبة، فأيش ترى؟ قال: إن هو أراد بكلامه هذا العتق عُتقت، وإلا يُسأل ما أراد بكلامه. قُلْتُ له: فتعتق بكلامه. قال: نعم، إذا أراد بكلامه العتق، عتقت. "مسائل ابن هانئ" (1439) نقل مهنا عنه في رجل قال لعبده: لا ملك لي عليك، أو قال: لا رق لي عليك، أخاف أن يكون قد عتق، ولا يسأل عن نيته هذا قد تكلم، فإن قال: لا سبيل عليك فهو أهون. "تهذيب الأجوبة" 2/ 608 - 667، "الروايتين والوجهين" 3/ 111 نقل أبو طالب في رجل كتب في وصيته فلانة خادمتي لا سبيل لكم عليها، وليس لي فيها شيء، فقال: إذا لم يكن له عليها سبيل فهي حرة وليس لهم عليها شيء. "الروايتين والوجهين" 3/ 111 ¬

_ (¬1) كذا بالمطبوع ولعلها وأولاده ليستقيم المعنى.

2032 - ما يعتبر في تفسير ألفاظ العتق

2032 - ما يعتبر في تفسير ألفاظ العتق قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سمعتُ سفيانَ يقولُ في رجلٍ قال: كلُّ مملوكٍ لي حُرٌّ. وله مكاتبٌ ومُدَبَّرٌ: يجري على المدبرِ العتقُ، ولا يجري على المكاتبِ. قال أحمد: ما أرى إلَّا أنْ يجريَ عليهما جميعًا. قال إسحاق: يقعُ علي عبيدِه، ولا يقعُ علي مكاتبِهِ، وأمَّا المدبرُ فأجبنُ عنه، وإنْ كُنْتُ أراه كالْعبدِ. "مسائل الكوسج" (3904) قال ابن هانئ: قُلْتُ: رجل كان مريضًا، وله جارية، فدخل عليه رجل. فقال: ما تصنع بالجارية. فقال له المريض: قد صيرت أمرها إليك فقال الرجل بعد يومين: قد أعتقتها. ولم يعتقها المولى، وإنما أعتقها الرجل الذي قيل له: قد صيّرت أمرها إليك. أتكون قد وقع عليها الحرية؟ قال: إن كان الرجل الذي قال: أمرها إليك قد مات، ولم يبين من أمرها شيئًا، ولم يرد به عتقًا، فإذا كان قد مات، فليس بعتق، فإن كان حيًّا سُئل عن قوله: قد صيرت أمرها إليك. ما أراد به؟ فإن كان أراد العتق ولم يرجع فيما أمره فعتقه جائز. "مسائل ابن هانئ" (1430) نقل مهنا عنه في رجل قال: كل مملوك لي حر، وله مماليك بينه وبين رجل فقال: إن كان نوى الذي بينه وبين الرجل، وإلا فلا. "الروايتين والوجهين" 2/ 113، "الفروع" 5/ 98 - 99، "المبدع" 6/ 316

2033 - تعليق العتق

2033 - تعليق العتق قال إسحاق بن منصور: قلت: فيمن جَعل مَملُوكَه حرًّا إن لم يفعل كذا وكذا. قال: هذا مثل ذاك. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1730) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجلٍ قال لجاريتِه: أنتِ حُرةٌ إن كنت لي في مالٍ إلى شهرٍ، فوقعَ عليها قبلَ تمامِ الشهرِ فأحْبلَهَا. قال: أرى أنْ يقعَ العتقُ. قال أحمد: هي حُرةٌ، والولدُ للسيِّدِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3106) قال ابن هانئ: سألته عن رجل قال: إن برئت من مرضي هذا فغلامي حر. فبرئ؟ قال: فغلامه حر. وإذا قال: غلامي حر إن برئت من مرضي هذا؟ قال أبو عبد اللَّه: فالغلام حر برئ أو لم يبرأ. "مسائل ابن هانئ" (1432) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل قال لجاريته: إذا ولدت فأنت حرة، فأسقطت؟ قال: عتقت، واحتج بحديث أبي ذر وغلام له، قال: إذا حال الحول عتق (¬1). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 72 (17890).

2034 - وقت إيقاع العتق المعلق على شرط أو صفة

قلت لأبي: فإن أراد أن يتزوجها بعد ذلك؟ قال إن جدد عتقها فهو أجود، ويأمر رجلًا فيزوجه إياها برضاها، وهو وليها -يعني: الذي عتقها يأمر رجلًا فيه. "مسائل عبد اللَّه" (1296) نقل عنه حنبل: إذا قال من جاءني منكما بخبر كذا وكذا فهو حر، فجاء بالخبر واحد أنه يعتق عليه من جاءه بالخبر دون الآخر. "تهذيب الأجوبة" 2/ 832 نقل حنبل، ومهنا عنه فيمن قال لعبده: قد أعتقتك على ألف، فقال العبد: لا أرضى، قال: يعتق العبد، ولا يكون عليه شيء. "الروايتين والوجهين" 3/ 113 قال جعفر بن محمد: سمعت أبا عبد اللَّه، قيل له: إذا قال: أنت حر وعليك ألف درهم، قال: جيد. قيل له: فإن لم يرض العبد؟ قال: لا يعتق؛ إنما قاله له على أن يؤدي إليه ألف درهم، فإن لم يؤد، فلا شيء. ونقل عنه حنبل: إن قاله -أي: قد أعتقتك على ألف- لصغير، لم يجز؛ لأنه لم يقدر عليه. "الفروع" 5/ 97، "الإنصاف" 19/ 102 2034 - وقت إيقاع العتق المعلق على شرط أو صفة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئلَ عن رجلٍ قال: كلُّ جارية أطؤها فهي حُرة، متى تُعتق؟

قال: إذا تَوارت الحشَفةُ فقد عتقَت. قال أحمد: جيد، إذا وجبَ الغُسلُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1772) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إذا قال: أنتَ حُرٌّ إلى أنْ يقدمَ فلانٌ. فلا أرى شيئًا وقعَ بعدُ، وإذا قال: أنتَ حُرّ حتَّى يجيء فلانٌ. قال: قد ذهب. قال أحمد: إذا قال: إلى أنْ يقدمَ فلانٌ، ويجيء فلان واحد، وإلى رأسِ السنة، وإلى رأسِ الشهر، إنَّما يريد: إذا جاء رأس السنة أو جاء رأس الشهر، مثله: إذا قال: أنت طالق إذا جاء الهلال، إنما تطلق إذا جَاء رأس الهلالِ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3188) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل قال لجاريته: متى ولدت فأنت حرة؟ قال: إذا ولدت عتقت. قلت له: فأسقطت سقطًا؟ قال: يعجبني أن يجد بعتقها. قلت: فإن أراد أن يتزوجها؛ ؟ قال: نعم يتزوجها. قلت: يعطيها شيئًا قبل أن يدخل بها؟ قال: لا بأس، وإن أخر ذلك لا بأس. "مسائل عبد اللَّه" (1430)

2035 - إن علق العتق بصفة، يملك ما يزيل الملك فيه؟

نقل مهنا عنه فيمن قال: اخدمي ابني حتى يستغني: لا تعتق حتى يستغني. قلت: حتى يحتلم؟ قال: لا، دون الاحتلام. "الفروع" 5/ 103، "معونة أولي النهى" 8/ 373، "الإنصاف" 19/ 84 2035 - إن علق العتق بصفة، يملك ما يزيل الملك فيه؟ قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل قال لعبده: إذا جاء غد فأنت حر. قال: له أن يبيعه يومه ذاك. قلت له: فإذا جاء غد؟ قال: عتق. "مسائل عبد اللَّه" (1429) 2036 - الاستثناء في العتق قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: في الذي يعتقُ جاريتَه ويشترطُ ما في بطنِهَا، ويُكاتب. قال: له شرطُهُ في كليهما. قال إسحاق: كما قال؛ لما قال ابن عمرَ وأبو هريرةَ -رضي اللَّه عنهما- وغيرهما ذلك (¬1). "مسائل الكوسج" (3125) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 324 (20585) عن ابن عمر.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ: أرأيتَ إنْ قال: مَا في بطنك حُرٌّ. قال: هو حُرٌ، والأمُّ مملوكةٌ؛ لأنَّ ولدَهَا منها وليسَتْ هي من ولدِهَا. قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3180) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجلٍ قال لغلامِه: أنتَ حرٌّ، إلَّا أنْ يكرَه أبي ذلك. وأبوه غائبٌ. قال: لَا أرى شيئًا وَقعَ بعْدُ. قال أحمد: له الاستثناءُ. قال إسحاق: هو موقوفٌ حتَّى يبلغَ أباه. "مسائل الكوسج" (3183) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا قال: أنتَ حرٌّ على أنْ تَخْدمني كذا وكذا. قال أحمد: جيدٌ، أليسَ قد أعتقَتْ أمُّ سلمةَ -رضي اللَّه عنها- سفينةَ على أنْ يخدمَ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). قال إسحاق: جَيدٌ "مسائل الكوسج" (3207) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ أعتقَ جاريةً له حاملًا، واسْتَثنى مَا في بطنِهَا؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 221، وأبو داود (2932)، وابن ماجة (2526)، عن سفينة -رضي اللَّه عنه- قال: أعتقتني أم سلمة واشترطت علي أن أخدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما عاش، وحسنه الألباني في "الإرواء" (1752).

قال: مَا أَعْلَمُه إلَّا جائزًا. قال إسحاق: جائز بلا شك، وله ثنياه. "مسائل الكوسج" (3209) قال مهنا: سألت أحمد رحمه اللَّهُ عن رجل زوج أمته، فقالت: قد حبلت فقال لها مولاها: ما في بطنك حر، ولم تكن حاملًا. قال: لا يعتق. فأعدت عليه القول مرة أخرى، فقال: لا يكون شيء، إنما أراد ما في بطنها، فلم يكن شيء. "المغني" 14/ 557 قال المروذي: وسئل أبو عبد اللَّه عن رجل أعتق عبدًا له، واستثنى خدمته شهرًا، فقال: جائز. "المغني" 14/ 557

فصل في التدبير وأحكامه

فصل في التدبير وأحكامه 2037 - تعليق التدبير قال مهنا: سألت أحمد عن رجل قال لعبده: أنت حر بعد موتي بشهر، بألف درهم، فقال: هذا كله لا يكون شيئًا بعد موته. "الروايتين والوجهين" 2/ 118، "المغني" 14/ 414، "المبدع" 6/ 310 قال مهنا: سألت أحمد عمن قال لعبده: أنت مدبر اليوم؟ قال: يكون مدبرًا ذلك اليوم، فإن مات ذلك اليوم، صار حرًّا. يعني إذا مات المولى. "المغني" 14/ 414 2038 - المدبر من الثلث أم من جميع المال؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن الرجلِ يدبر غلامَه فيموتُ وعليه دين للناسِ؛ قال: يسعى في قيمته رقبة للغرماءِ ولا يؤخذُ بأكثر من ذلك. قال أحمد: يباعُ المدَبَّرُ في الدَّينِ؛ لأنَّه لا وصية له، وإنَّما يكونُ المدبَّرُ من الثلثِ. قال إسحاق: كما قال سفيان. "مسائل الكوسج" (3104) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: سُئِلَ سفيانُ عن بيعِ خدمةِ المدبرِ، ثُمَّ يموتُ السَّيِّدُ. قال: هُوَ عليه، يعني: على العبدِ. قال أحمد: إذا كانَ مدبرًا فيبيع خدمته، ثم ماتَ السيدُ عتقَ في الثلثِ، إن كان له مال، وإنْ لم يكنْ له مالٌ عتق الثلث منه وثلثاه رقيق.

قال إسحاق: كما قال أحمد إلَّا إذا ماتَ ولم يكنْ له مالٌ فعليه السعاية في الثلثينِ. "مسائل الكوسج" (3111) قال صالح: وسألته عن المدبر: أمن جميع المال، أم من الثلث؟ وهل يجوز بيعه؟ قال: هو من الثلث. وقال: لا يبيع الوارث المدبر، فإن كان له من المال بقدر ما يخرج من الثلث عتق، وإن لم يكن له من المال إلا العبد وحده عتق منه الثلث، ويكون باقيه رقيقًا، وهو الذي أذهب إليه. وقال بعض الناس: يستسعى العبد في باقيه. قال أبي: المدبر يبيعه سيده إن شاء. "مسائل صالح" (310) قال ابن هانئ: سألت عن الرجل يموت ويخلف مدبّره؟ قال: هي من الثلث. "مسائل ابن هانئ" (1444) قال ابن هانئ: سألته عن مكاتب، أدى بعض مكاتبه، ثم مات المولى؟ قال أبو عبد اللَّه: يحسب من الثلث، ما بقي من العبد من الثلث -ثلث الميت- فيعتق. "مسائل ابن هانئ" (1446) نقل المروذي وحرب عنه أنه: من الثلث. "الروايتين والوجهين" 3/ 114 ونقل حنبل عنه: أنه يعتق من رأس المال. قياسًا على أم الولد. "الروايتين والوجهين" 3/ 114، "المغني" 14/ 413، "والمبدع" 6/ 325، "الإنصاف" 19/ 140 نقل حنبل عنه: من كله؛ لأنه قد وقع فيه عتق. "الفروع" 5/ 101

2039 - هل للمدبر أن يبيع المدبر؟

2039 - هل للمدبَّر أن يبيع المدبَّر؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: بيعُ المدبرِ من غيرِ حاجةٍ؟ قال: نعم، من حَاجةٍ وغير حاجةٍ، أتبيع الحر إذا كانَتْ به حاجة؟ قال إسحاق: الذي نختارُ أن لا يبيعَه إذا لم يحتج. "مسائل الكوسج" (3149) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل غير مرة عن بيع المدبر؟ فلم يأمر ببيعه، وسمعتُه مرة يُسئل عنه فجعل يحتجُّ لمن يرى بيعَه ورأى الدين وغير الدين سواء. "مسائل أبي داود" (1399) وقال أبو داود: وسمعتهُ يقول: صحَّ الحديث: أنَّ النبي باعَ مدبرًا (¬1)، ولكن قالوا على الحاجة؛ وأنا أجبنُ عنه إذا كانت جاريةً؛ فإنه فرجٌ يوطأ. ثنا سهلُ بن صالح قال: ثنا إسحاق بن عيسى قال: اشتريت من سفيان بن عيينة مدبرًا بمائتي درهم. "مسائل أبي داود" (1400 - 1401) قال ابن هانئ: سألته عن الأمة تدبّر ثم تطلب البيع؟ قال أبو عبد اللَّه: لا تبع. "مسائل ابن هانئ" (1445) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن بيع المدبر، يبيعه صاحبه إذا أراد؟ قال: لا بأس إذا احتاج إليه. "مسائل عبد اللَّه" (1035) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 294، والبخاري (2141)، ومسلم (997) من حديث جابر.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن بيع المدبر، فقال: أما الغلام فلا بأس إذا أحتاج إلى ثمنه. "مسائل عبد اللَّه" (1036) وقال: قلت لأبي: الجارية؟ قال: لا أجترئ عليه لأنه فرج يوطأ، وعائشة حين سحرتها جاريتها باعتها -وكانت مدبرة- وجعلت ثمنها في مثلها (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1037) نقل حنبل عنه: أرى بيع المدبر في الدين إذا كان فقيرا لا يملك شيئًا، لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- باع المدبر حين علم أن صاحبه لا يملك شيئًا غيره. وقال الميموني: قلت له: من باعه من غير حاجة إليه على التأويل، فما رأيت أبا عبد اللَّه ينكر ذلك ولا يدفعه. ونقل أبو طالب عنه: المدبرة في كل حال أمة، أفترى يطأها بلا ملك، وقد باع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مدبرًا، وباعت عائشة رضي اللَّه عنها خادمتها حين سحرتها. "الروايتين والوجهين" 3/ 115 - 116 قال أبو الحارث، قلت: بيع المدبرة؟ قال: ما أجترئ عليه لأنه فرج يوطأ وقد باعت عائشة. "تهذيب الأجوبة" 1/ 484، "الروايتين والوجهين" 3/ 115 - 116 قال ابن شقيق: قلت دبَّر ثم احتاج إلى بيعه؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 40، والإمام مالك في "الموطأ" (رواية أبي مصعب الزهري) 2/ 422 (2782)، وعبد الرزاق 10/ 183 (18749 - 18750) وصحح إسناده الحافظ في "التلخيص" 4/ 41.

2040 - إن دبر العبد أو أعتقه واشترط خدمته لمدة معينه، هل للسيد أن يبيع هده الخدمة؟

فقال: دع هذِه المسألة. "تهذيب الأجوبة" 1/ 504 قال أحمد بن محمد البرتي: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل عن بيع المدبر، هل يجوز، فقال: نعم فقلت له: ولم جاز عندك؟ قال: لحديث جابر، ولم أر له دافعًا، وعليه نعتمد. "طبقات الحنابلة" 1/ 161 قال أحمد بن سعيد الشالنجي: سألت أحمد عن بيع المدبر، إذا كان بالرجل حاجة إلى ثمنه؟ قال: له أن يبيعه محتاجًا كان إلى ذلك، أو غير محتاج. "المغني" 14/ 420، "معونة أولي النهى" 8/ 397 2040 - إن دبر العبد أو أعتقه واشترط خدمته لمدة معينه، هل للسيد أن يبيع هده الخدمة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: لا بأسَ أنْ يشتريَ العبدُ خدمتَه مِن سيِّدِهِ. قال أحمد: هُو مثلُ هذا المكاتَب. قال إسحاق: كما قال أحمد، يعني: بالعبدِ أنَّه قد دَبَّرَه. "مسائل الكوسج" (3206) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إن اشْترى هذِه الخدمةَ من صاحب الذي شرط له؟ قال: جيدٌ، يبيعُ خدمةَ سنة. قُلْتُ: بأي شيء يشتري العبدُ الخدمةَ؟

2041 - هبة المدبر

قال أحمد: يشتري بالدَّرَاهمِ. قُلْتُ: لمن يكونُ ولاؤه؟ قال: الولاءُ للذي أَعْتقَهَ أولًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3308) نقل حرب عنه: لا بأس ببيعها من العبد أم ممن شاء. "الفروع" 5/ 696، "المبدع" 6/ 314، "الإنصاف" 19/ 101، "معونة أولي النهى" 8/ 377 2041 - هبة المدبر قال الميموني: قلت: المدبر يهبه؟ قال: إذا باعه أنفع من العتق. قال الميموني: إمَّا أن يكون سكت عني أو قال لي: إن تأول متأوَّلٌ فما أصنع به. "تهذيب الأجوبة" 1/ 423 - 425 2042 - وطء المدبرة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يطأُ مدبرته؟ قال: نعم يطؤها. قُلْتُ: وكل ما ولدت في التدبير فهم بمنزلتها يعتقون بعتقها، ويرقون برقها؟ قال: نعم.

2043 - ولد المدبرة بمنزلتها؟

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (938) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يطأ مدبرته؟ قال: نعم، يطؤها. قال إسحاق: شديدًا. "مسائل الكوسج" (2692) قال أبو الحارث عنه: كان عمر وابن عباس لا يريان بوطء المدبرة بأسًا (¬1). وقال الميموني عنه، ما أعلم أن أحدًا قال لا توطأ المدبرة إلا الزهري (¬2)، وابن عمر وابن عباس لا يريان بأسًا بوطئها. "تهذيب الأجوبة" 1/ 476 - 477 2043 - ولد المدبرة بمنزلتها؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المدبرةُ، ولدُها بمنزلتِها؛ إذا ولدَتْ وهي مدبرةٌ؟ قال: بمنزلتها، إلا الفرج، يطأُ الأمَّ ولا يطأ الابنة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3170) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: رجل له أمة فدبرها، ثم وطئها، فولدت له، قال: قد أمضى عليها التدبير، وهي أم ولد، وولدها أحرار. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 147 (16696)، وابن أبي شيبة 4/ 318 (20517) عنهما. (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 148 (16700) عن الزهري.

قلت له: فإن هو زوجها رجلًا؟ قال: يعتقون في الثلث، يبيعونها. قلت لأبي: حديث جابر بن زيد: أولاد المدبرة مملوكون (¬1)، قال أنا لا أقول بهذا. "مسائل عبد اللَّه" (1308) قال في رواية حنبل: إن ولد المدبرة عبد، إذا لم يشترط المولى. وقال الميموني قلت لأحمد: ما كان من ولد المدبرة قبل أن تدبر يتبعها؛ قال: لا يتبعها من ولدها ما كان قبل ذلك، إنما يتبعها ما كان بعد ما دُبرت. "الروايتين والوجهين" 3/ 118، "المغني" 14/ 425 - 426، "المبدع" 6/ 330 وقال في رواية حرب والميموني: إنه بمنزلتها. "الروايتين والوجهين" 3/ 118 وقال حنبل: سمعت عمي يقول في الرجل يدبر الجارية ولها ولد، قال: ولدها معها. "المغني" 14/ 426 ونقل حنبل: لا تتبعها الأنثى إلا بشرط السيد. "الإنصاف" 19/ 162 ¬

_ (¬1) أخرجه الشافعي في "الأم" عن سفيان، عن عمرو، عن أبي الشعثاء، قال: أولادها مملوكون 8/ 323. ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي. "السنن الكبرى" 10/ 316، ورواه عبد الرزاق 9/ 147 (16688)، وابن أبي شيبة 4/ 328 (20632).

ما جاء في مبطلات التدبير

ما جاء في مبطلات التدبير 2044 - 1 - رجوع المدبَّر في التدبير قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المدبرُ وصية، ما تعني به؟ قال أحمد: نقولُ: يرجعُ فيها. قُلْتُ: كذاكَ تقولُ؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3148) قال في رواية أبي طالب: التدبير أصله الوصية، والوصية من الثلث، فله أن يغير الوصية ما كان حسيًّا. "الروايتين والوجهين" 3/ 115 2045 - 2 - قتل المدبَّر لسيده قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مُدّبر قتل سيده؟ قال: تزولُ عنه الوصية، ويعود عبدًا. قال إسحاق: كما قال؛ لما كانت عائشة سحرتها جاريتها (¬1). "مسائل الكوسج" (3257) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 40، ومالك في "الموطأ" (2782) (رواية أبي مصعب الزهري)، ومن طريقه الشافعي في "مسنده" 2/ 67 - 68، وعبد الرزاق 10/ 183 (18750)، والبيهقي 8/ 137 وصحح الحافظ إسناده في "التلخيص" 4/ 41.

باب ما جاء في أسباب العتق

باب ما جاء في أسباب العتق 2046 - أولًا: تبعيض العتق قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا قال الرجل لعبدِهِ: أُصبعك حُرٌّ؟ قال: فهو حرٌّ. قُلْتُ: وإذَا قال: ظُفرك حرٌّ؟ قال: لا يكون حرًّا؛ الظُّفر يسقطُ ويذهبُ. قال إسحاق: كلما أعتق عضوًا مِن أعضائه، أصبعًا كان أو غيره قليلًا كان أو كثيرًا أعتق، وأمَّا الظفر والشَّعرُ يسقُطُ. "مسائل الكوسج" (2040) 2047 - العبد بين شريكين، فأكثر، فأعتقه أحدهم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: فإذا أعتق أحدهما وكان موسرًا يوم يعتق؛ وقع الضمان عليه، فإن أفلس قبل أن يؤدي لم ينتقل الضمان على العبد، هو شيء قد ذاب عليه ولا يتحول، وإذا كان الذي أعتق مفلسّا وقع الضمان على العبد، فإن أيسر بَعْدُ لم يتحول عن العبدِ. قال أحمد: هو كما قال لا ينتقل عنه، وإذا كان موسرًا فأفلس، ولم يتحول عليه إذا كان معسرًا فأيسر، ولا يستسعى العبد. قال إسحاق: كما قال سفيان لأنا نرى السعاية، وأهل المدينة لا يرون السعاية، حديثهم عن نافع. "مسائل الكوسج" (3102)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ أعتقَ شقصًا (¬1) له في عبدٍ، ضمنَ إن كان له مالٌ، فإن لم يكنْ له مالٌ يستسعى في قيمته. قال أحمد: أعتق كله في ماله إن كان له مال، فإنْ لم يكن له مالٌ أعتقَ منه ما عتق، وكان الآخر على نصيبه، ولا يستسعى العبد. قُلْتُ: كم قدرُ المالِ؟ قال: لا يُباعُ فيه دار ولا رباع. ولم يقم لي على شيء معلوم. قال إسحاق: إن كان له مالٌ فَهُو كما قُال، وإنْ لم يكن له إلَّا دار أو خادم فإنه لا يجعل ذلك مالًا، فإن كان معسرًا فإنَّما يستسعى العبد لصاحبه. "مسائل الكوسج" (3126) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: عبدٌ بين رجلينِ، أعتقَ أحدُهما، وأمسكَ الآخر، لمن ولاؤه وميراثُه؟ قال: إن كان المُعْتِق -يومَ أعْتقَه- موسرًا فهو حُرٌّ في مالِهِ، ويضمن لصاحبه النصف، والميراثُ له، وإن كان معسرًا، فقد عتق منه ما عتقَ، وهو في باقيه رقيقٌ والميراثُ بينهما. قال إسحاق: أمَّا إذا كان موسرًا فَهُوَ كما قال، وإذا كانَ معسرًا فالسعاية والمستسعى حرٌ بأحكامها كلها؛ لما لا يرد عبد أبدًا. "مسائل الكوسج" (3141) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: عبدٌ بين ثلاثةٍ، أعتقه أحدُهم، وكاتبَهُ أحدُهم، وأمسك أحدهم، لمَنْ ميراثه وولاؤه؟ قال: إذا كان العتقُ قبلُ الكتابة عتق عليه في ماله إن كان موسرًا، وإن ¬

_ (¬1) الشقص: ويقال: الشقيص وهو النصيب قى العين المشتركة من كل شيء.

كان معسرًا فقد عتقَ منه ما عتق، وإذَا أدى كتابته بعدَ ذا فيكون ما كسبَ العبدُ ثلثه للمكاتبِ وثُلثه للذي يمسكُ بالرق، فَإنْ ماتَ العبدُ كان ميراثُه بين المتمسك بالرقِّ والمكاتبِ أثلاثًا، فإنْ أدى إلى المكاتبِ وفاءَ مكاتبتِه، فإنْ كانَ يوم أوفى المكاتبة موسرًا أعتق عليه في مالِه للمتمسك بالرق، وإن كان معسرًا أعتق منه ما عتق، وبقي ثلثه رقيقًا، والميراثُ يكونُ بينهم بعد، فإنْ كان للعبدِ ولدٌ فالثلث لهم، وإنْ لم يكنْ له ولد فالثلث لمولاه الذي أعتقَه. قال إسحاق: هذا كما قال فيمن لا يرى السعاية، ونحن نرى أنْ يعتقَ من العبدِ قدر نصيبِه إذا كان المعتقُ معسرًا، فأمَّا الذي نختارُ أنَّ المعتق نصيبه إذا كان موسرًا ضمن نصيب شريكِهِ، وإنْ كان معسرًا سعى العبدُ لهما في أنصبائهما غير مشقوق عليه، فإنْ ماتَ العبدُ فالولاءُ للمعتق الأول إن كان معسرًا، وإن كان موسرًا كان نصف ذلك للمعتق إذا كان بين اثنين. "مسائل الكوسج" (3147) قال صالح: عبد بين نفسين أعتق أحدهما نصيبه؟ قال: قد عتق نصفه، وإن كان للمعتق بقدر نصف قيمة العبد عتق في ماله، ويؤديه إلى الذي لم يعتق، وإن لم يكن في ماله كان للعبد يوم وللرجل يوم. "مسائل صالح" (496) قال صالح: العبد يكون بين الرجلين، فيعتق أحدهما نصيبه وهو موسر، ثم اختار الآخر العتق أيضًا؟ قال: إذا أعتق وهو موسر عتق في ماله، وكان الولاء له. "مسائل صالح" (734)

قال ابن هانئ: سألته عن: العبد بين رجلين فيعتق أحدهما نصيبه. أيضمن نصيب صاحبه؟ قال: إذا كان موسرًا فضمن. فقلت: في كم يوجب اليسار؟ قال: إذا كان له مثل نصيب صاحبه، فهذا يسار. يضمن نصيب صاحبه على حديث ابن عمر (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1440) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن عبد بين اثنين، أعتق أحدهما، وليس الذي أعتق بموسر. قال: إن كان للمعتق مال، عتق عليه في مال المعتق، وإن لم يكن له مال عتق منه ما عتق يكون في باقيه رقيقًا، كأنه يعتق نصفه ويبقي نصفه رقيقًا، فيخدم سيده الذي يمسك بالرق ولا يخدم الآخر؛ لأنه قد أعتقه، ويخدم العبد نفسه يومًا، أذهب فيه إلى حديث ابن عمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من كان له مال عتق في ماله، وإن لم يكن له مال فقد عتق منه ما عتق" (¬2). رواه مالك، وعبيد اللَّه عَنْ نَافِعٍ. إلا أن أيوب قال: قوله: "عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ" لا أدري فيما رواه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أم قول نافع. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 56، والبخاري (2491)، ومسلم (1501) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ في عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَ العَبْدِ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَيُعْطَى شُرَكَاؤُهُ حَقَّهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ العَبْدَ، وَإِلَّا فَقَدْ أَعْتَقَ مَا أَعْتَقَ". (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 56، والبخاري (2491)، ومسلم (1501).

2048 - ما يترتب على عتق أحد الشريكين وهو موسر لمكاتبهما بعدما أدى جزءا من مال الكتابة

قلت لأبي: فحديث قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن كان له مال عتق في حاله، وإن لم يكن له مال استسعى العبد غير مشقوق عليه" (¬1). قال أبي: هذِه رواية سعيد، ولم يذكر هشام الدستوائي السعاية. قال أبي: وأذهب إلى حديث ابن عمر، هو أقوى من هذا وأصح في المعنى. "مسائل عبد اللَّه" (1427) وقال الميموني عنه: الأخذ بحديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- في عتق الشركاء. "تهذيب الأجوبة" 1/ 375 2048 - ما يترتب على عتق أحد الشريكين وهو موسر لمكاتبهما بعدما أدى جزءًا من مال الكتابة نقل بكر بن محمد: يسري إلى جميعه ويغرم لشريكه نصف قيمة العبد ولا يحاسبه بما أخذ من المكاتب. ونقل حنبل عنه: أنه لا يعتق إلا نصف المائة، ويكون لذلك نصف المائة علي هذا ويكون الولاء له علي قدر ما أعتق. "الروايتين والوجهين" 2/ 60 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 426، والبخاري (2492)، ومسلم (1503).

2049 - السعاية

2049 - السعاية (¬1) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ اشْترى جَاريةً وهو مريضٌ فَأَعْتقهَا عنْدَ موتِهِ، فجاءَ الذين بَاعوها لثمنِهَا فلم يجدوا له مالًا. قَال: العتقُ جائزٌ، ويكونُ في الثلثِ، يعتق منها الثلث. قال إسحاق: الذى نختارُ أن يكونَ يسعى في الثلثينِ. "مسائل الكوسج" (3150) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ أعتقَ ثلثَ عبدِه عندَ موتِه، وأوصى ببقيةِ الثلثِ لأناسِ وسَمَّاهم. قال: يعتق منه ما عتق الثلث. قُلْتُ: كيف لا يكون هذا العبد عتيقًا في مالِهِ؟ قَال: الموتُ ليس مثلَ الحياة، يعتق منه الثلث، وبقية الثلث لمن سمى. قال إسحاق؛ إذا عتقَ ثلثه في مرضِهِ صَار حرًّا كله، وعليه السعايةُ في الثلثينِ للورثةِ: إذا لم يكن له مالٌ سواه، فَإِنْ كان له مالٌ سواه فخرج العبدُ من الثلثِ؛ فإنه حرٌّ كله ولا سعاية عليه، فإنْ كان أوصى ببقيةِ ثلثِ مالِهِ لقوم كان ذلك لمن سَمَّى، والسعايةُ على العبدِ. "مسائل الكوسج" (3151) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: إذا أعتقَ عبدَه في مرضِهِ ليس له مالٌ غيره يعتقُ منه الثلث والثلثانِ عبدٌ، لا يستسعى العبد لا نرى السعاية في ¬

_ (¬1) هي تكليف العبد بالإكتساب، قال ابن منظور: واستسعى العبد كلفه من العمل ما يؤدي به عن نفسه إذا أعتق بعضه ليُعتق به ما بقى، والسعاية: ما كلف من ذلك، استسعاء العبد: أن يسعى في فكاك ما بقي من رقم، فيعمل ويكسب ويصرف ثمنه إلى مولاه "لسان العرب" 4/ 2020 مادة: (سعى) بتصرف.

شيءٍ. قال إسحاق: بل يسعى العبد في الثلثينِ، كما قال عبد اللَّه بن مسعود وشريح (¬1). "مسائل الكوسج" (3164) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقول: لا نقول بالسعاية، حديث قتادة لا يقول فيه شعبة وهشام: السعاية. "مسائل أبي داود" (1402) قال الميموني عنه: ليس في الاستسعاء حديث ثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "تهذيب الأجوبة" 1/ 376 قال المروذي عنه في السعاية: وقال بعضهم: يسعى. "تهذيب الأجوبة" 1/ 512 ونقل الميموني في استسعاء أم ولد الذمي إذا أسلمت: لا تستسعي. ونقل مهنا: تستسعي. قيل له: من يستسعيها؟ قال: سيدها. "الروايتين والوجهين" 3/ 130 قال الأثرم في حديث الاستسعاء: ذكره سليمان بن حرب، فطعن فيه، وضعفه، وقال أبو عبد اللَّه: ليس في الاستسعاء ما يثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ حديث أبي هريرة يرويه ابن أبي عروبة (¬2)، وأما شعبة، وهشام الدستوائي: فلم يذكراه. وحدث به معمر، ولم يذكر فيه السعاية. وقال المروذي: وضعف أبو عبد اللَّه حديث سعيد. "المغني" 14/ 359 - 360 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 430 (21757 - 21759) عنهما. (¬2) قلت: بذكر السعاية فيه رواه الإمام في "المسند" 2/ 426، والبخاري (2492)، ومسلم (1503)، وعند مسلم مَنْ تابع سعيدًا في ذكرها فليحرر.

2050 - ثانيا: المثلة بالعبد

2050 - ثانيًا: المثلة بالعبد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يقيدُ العبد أو يجعل في عنقه راية؟ قال: أما الراية فمثلة، وأما القيد على ذاك إذا كان يحبسه. قال إسحاق: لا تجوز الرايةُ إلَّا أَنْ يكون آبقًا معروفًا به، فيجعل ذاك في عنقِه لكي يعرف به فيرد، وأما القيد فأكرهه لحالِ الصَّلاة إلَّا أن يحله في وقتِ الصَّلاةِ. "مسائل الكوسج" (3505) نقل عنه الميموني في مَن مثَّل بعبده: يعتقه السلطان عليه. "الإنصاف" 19/ 38 2051 - مَنْ لعن عبده، هل يُعتق عليه؟ قال ابن حامد: من لعن عبده فعليه أن يُعتقه، أو شيئًا من ماله: أنَّ عليه أن يتصدق. "مجموع الرسائل للحافظ ابن رجب" 1/ 110 2052 - ثانيًا: ملك القرابة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا ملكَ أخاه من الرضاعةِ؟ قال: لا يعتقُ. قال إسحاق: صدقَ كما قال. "مسائل الكوسج" (3008) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: عتقُ ولدِ الزِّنَا؟

قال: لا بَأسَ به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3127) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنْ ملكَ ذا رحم محرم فهو حُرٌّ؟ قال أحمد: إذا قال: ذا رحم محرم، أرجو أنْ يُعتَقَ عليه. قال إسحاق: كلَّما ملكَ ذَا رحم محرم فهو حرٌّ، وإنْ لم يعتقه، فأمَّا ذوو الرحم فلا يُعتقون إلَّا أنْ يعتقهم. "مسائل الكوسج" (3210) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَا المَحْرَمُ؟ قال: ما حرُمَ عليكَ نكاحُه. قُلْتُ: مَن كان رجلًا؟ فلو كانتِ امرأة بتلك المنزلةِ له حرمَ عليك نكاحها؟ قال: نعم، وأمَّا مَا يروى عن عمرَ -رضي اللَّه عنه-: ذا رحم محرم (¬1). قال: والمحرمُ من النسب والصهر يحرم في النكِاح، إلَّا في العتقِ. قال إسحاق: كما قال في الأصهارِ، يحرم النِّكَاح، ولا يعتقونَ بالملك. "مسائل الكوسج" (3211) قال صالح: الرجل يملك ذا رحم محرم؟ قال: فيها اختلاف. "مسائل صالح" (3211) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 183 (16856)، وابن أبي شيبة 4/ 281 (20072)، وأبو داود (3950)، والنسائي في "الكبرى" 3/ 174 (4906 - 4911) من طرق عنه.

2053 - سراية العتق إلى ذي الرحم بإرث جزء منه

قال ابن هانئ: سألته عن المملوكة، تُرضع بلبن صبي، فيكبر الصبي فيرثها أيبيعها؟ قال: إنما حرم بيع من في هذِه الآية {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ. . .} [النساء: 23] كل من ملك من هؤلاء شيئًا عتقوا، فأما الرضاعة فإنهم يباعون، أمه من الرضاعة، وعمته من الرضاعة، وكل شيء من الرضاع يباع. "مسائل ابن هانئ" (998) قال أبو الحارث: قلت: إذا اشترى أخاه هل يعتق عليه أم لا؟ فقال: دعها قد اختلفوا فيها. "تهذيب الأجوبة" 1/ 504 قال طاهر بن الحسين التميمي: سألت أبا عبد اللَّه عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يجزئ ولدٌ والده إلا أن يجده رقيقًا فيشتريه فيعتقه" (¬1)، وحديث سمرة، فقال: لا أصل له، وإذا ملك أباه عتق عليه. قال أبو الحارث: قلت: ملك أخاه؟ قال: دعها، ولكن إذا ملك أباه عتق. "تهذيب الأجوبة" 2/ 829 - 830 2053 - سراية العتق إلى ذي الرحم بإرث جزء منه نقل عنه المروذي في رجل تزوج أمة فأولدها، وله بنون من غيرها، ثم اشتراها بعد ومات عنها، قال: عتقت في حصة أولادها، وأعطوا أولئك ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 230، ومسلم (1510) من حديث أبي هريرة.

2054 - رابعا: الاستيلاد

نصيبهم منها، فإن لم يدع شيئًا إلا هذِه الأمة لزم هؤلاء سهمهم ويوفون أولئك. "الروايتين والوجهين" 3/ 110 2054 - رابعًا: الاستيلاد قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا تزوج الحر الأمة، رُق نصفه، وذلك أن ولده يصيرون عبيدًا، وإذا تزوج العبد الحرة عتق نصفه؛ وذلك أن ولده أحرار. "مسائل ابن هانئ" (1073) قال الجوزجاني: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا تزوج الحر الأمة فأولاده عبيد، وإذا تزوج العبد الحرة فأولاده أحرار. "الطبقات" 2/ 330 2055 - فداء العربي لأولاده إِذا تزوج الأمة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال عمر رحمه اللَّهُ في العربي يتزوجُ الأمة فولده لا يسترقون يفديهم (¬1). قال أحمد: لا أقول في العربي شيئًا قد اختلفوا فيه. فذكرَ حديثَ بني المصطلق حين أعتقهم النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2)، وذكر حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-: كان عليها ¬

_ (¬1) أورده ابن حزم في "المحلى" 8/ 138، وعزاه إلى سعيد بن منصور. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 277، وأبو داود (3931) من حديث عائشة مطولًا. صححه الألباني في "الإرواء" (1212).

عتق محرر من ولد إسماعيل (¬1). قال إسحاق: كما قال سفيان؛ لأنَّ عمر رحمهُ اللَّه قال: ليس على عربي ملك (¬2). ورأى عمر رحمهُ اللَّه فداء الأولاد وهو الحق المبينُ. "مسائل الكوسج" (1177) قال ابن مشيش قلت: العرب يُسترقُّون؟ قال: فيه اختلاف، ولكن عمر خطب فقال: لا يسترقون، وذكر حديث عائشة (¬3)، وذكر وفد بني المصطلق من خزاعة (¬4). "تهذيب الأجوبة" 1/ 460 - 461 قال أحمد في رواية الميموني: إما القيمة أو رأس برأس، لأنهما جميعًا يرويان عن عمر، ولكن لا أدري أي الإسنادين أقوى. وقال في رواية أبي طالب: وعليه قيمتهم، مثل قول عمر. "الشرح الكبير" 20/ 437 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 263، وإسحاق بن راهويه 3/ 1020 (1768)، والبزار كما في "كشف الأستار" 3/ 313 (2827)، والحاكم 2/ 216 وصححه. وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 46: رواه أحمد والبزار بنحوه ورجال أحمد رجال الصحيح. (¬2) رواه عبد الرزاق 7/ 278 (13160)، وابن أبي شيبة 6/ 430 (32619) والبيهقي 9/ 74. (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 277، أبو داود (3931)، وصححه الألباني في "الإرواء" (1212). (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 230، ومسلم (1510) من حديث أبي هريرة.

2056 - امرأة أحلت جاريتها لابنها فوطئها

2056 - امرأة أحلت جاريتها لابنها فوطئها قال إسحاق بن منصور: سُئل الإمام أحمد رحمهُ اللَّه تعالى عن امرأةٍ أحلتْ جاريتها لابنِهَا فوطئها؟ قال: إذا وطئها فقدِ اسْتهلَكها. قيل: فإنها أعتقتها. قال: لا أدري. قال إسحاق: إذا وطئها مرةً فحملَتْ فهو استهلاك، فأمَّا إذا وطئها فلم تحملْ فَعتقها جائزٌ. "مسائل الكوسج" (1220)

باب المكاتبة

باب المكاتبة 2057 - حكم عقد المكاتبة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: للرجلِ أنْ يمنعَ غلامَه مِنَ الكتابةِ إذَا أرادَ ذلك؟ قال أحمد: نعم، إِذَا كان رجل ليس له حرفةٌ ولا كسب. قال إسحاق: كما قال؛ لما قال اللَّهُ عز وجل: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] فَفَسَّروه على المالِ والحرفةِ، فأمَّا إذا لم يكن له ذلك فله أن لا يفعلَ. "مسائل الكوسج" (3121)

2058 - كتابة من يملك بعض العبد

فصل ما جاء في أركان عقد الكتابة وشروط صحته أولًا: المولى 2058 - كتابة من يملك بعض العبد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: سُئِلَ سفيانُ عن عبدٍ بين رجلينِ كاتب أحدهما نصيبه. قال: أكره ذلك. قيل: فإنْ فعلَ؟ قال: أرده إلا أن يكونَ نقده، فإن كان نقده ضمن، ويأخذ شريكه نصف ما في يديه ويبيع هذا المكاتب لما أخذ منه ويضمن لشريكه نصف القيمة إنْ كانَ له مالٌ. فإِنْ لم يكنْ له مالٌ استسعى العبد. قال أحمد: كتابته جائزةٌ إلَّا أَن ما كسب المكاتب أخذ الآخر نصف ما كسب ولا يستسعى العبد. قال إسحاق: كما قال سفيان؛ لأنا نلزم السعاية العبد إذا كان بين اثنينِ فأعتق أحدهما ولا مال له. "مسائل الكوسج" (3101) 2059 - إذا إبتاع المكاتبان أحدهما الآخر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال قتادةُ: إذا ابتاعَ المكاتبانِ أحدهما الآخر هذا هذا مِن سيدِه، وهذا هذا منْ سَيِّده فالبيع للأولِ (¬1). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 431 (15810).

2060 - هل يشترط أن يكون له حرفة؟

قال أحمد: هو للأول كما قال. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3159) ثانيًا: المُكاتب 2060 - هل يشترط أن يكون له حرفة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَن كره أنْ يكاتبَ عبده إذا لم يكن له حرفةٌ. قال: أكره أنْ يكاتبَ إذا لم يكنْ له حرفة. قال إسحاق: كرهه بعضُ أصحابِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1) "مسائل الكوسج" (3128) ثالثًا: العوض 2061 - كل ما يصح بيعه، يصح أن يكون عوضًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- نهى أنْ يقاطعَ المكاتب إلَّا بالعروضِ (¬2). قال: هُوَ مثلُ قولِه: أنْ يعجل له وأن يضع عنه. قال إسحاق: كما قال سواء، ولكن إنْ قاطعه المكاتب بعرض قيمته ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 374 (15583 - 15585)، وابن أبي شيبة 4/ 472 (22197 - 22202) عن ابن عمر وسلمان وابن عباس. (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 73، (14366).

أقل مما عليه جَازَ ذلك. "مسائل الكوسج" (3124) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الكتابةُ على الوُصفاءِ (¬1)؟ قال: لا بأسَ به، والسلم في الوصفاءِ والترويج على الوصفاءِ. قال إسحاق: كما قال في كله؛ لما صحَّ عن ابن مسعودٍ رحمه اللَّه وغيره: السلم في الحيوان والوُصَفَاءِ (¬2). "مسائل الكوسج" (3135) ¬

_ (¬1) الوُصفاء: الخادم غلامًا كان أو جارية، واحده: وصيف. (¬2) روى ابن أبي شيبة 4/ 422 (21672) عن القاسم قال: أسلم عبد اللَّه في وصفاء أحدهم أبو زائدة مولانا. وروى عبد الرزاق 9/ 23 (14147 - 14150)، وابن أبي شيبة (21683 - 31685) أنه كرهه.

2062 - فصل الشروط في عقد الكتابة

2062 - فصل الشروط في عقد الكتابة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عَن شروطِهم أن لا يتزوَّجَ ولا يبرح وأشباه هذا. قال: نعم، إذَا اشْترطُوا عليه أن لا يتزوج فلهم شرطُهم، والخروج يخرجٌ؛ لابدَّ لَه من معيشته. قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3116) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ كاتبَ غلامَه، وشَرطَ عليه سهمًا في مالِهِ؟ قال: أمَّا سهمًا في مالِهِ فإنَّه لا يجوزُ، وميراثُه لولدِهِ. قلتُ: أو هدية في كلِّ سنةٍ؟ قال: أمَّا الهديةُ إذا بَيَّنَها، شيء يسميه بعينِهِ فذاك واجبٌ عليه حتَّى يعتقَ. قال إسحاق: لا يجوزُ له ما اشْترط من ذلك. "مسائل الكوسج" (3140) نقل عنه الميموني: إذا شرط الخدمة فله ذلك، وإلا فلا. "المبدع" 6/ 348

فصل أحكام عقد الكتابة

فصل أحكام عقد الكتابة 2063 - حكم تصرف المُكَاتب في ماله نقل الميموني عنه: للمكاتب أن يحج من المال الذي جمعه إذا لم يأت نجمه. "المغني" 14/ 482، "المبدع" 6/ 347، "الإنصاف" 9/ 250 2064 - هل يملك المكاتب التزوج؟ نقل أبو الحارث ويعقوب بن بختان: لا يتزوج المكاتب إلا بإذن سيده. ونقل إبراهيم الحربي: لا بأس أن يتزوج إذا اشترى نفسه، بل المكاتبة لا تتزوج؛ لأنه لا يؤمن أن ترجع إلى الرق، وهي مشغولة الفرج. "الروايتين والوجهين" 3/ 120 2065 - حال ولد المكاتب والمكاتب قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ كاتبَ عبدَه، ولَهُ ولدٌ من أمته لم يعلمْ بهم السيد؟ قال أحمد: هؤلاء كلُّهم عبيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3142) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاق: رجلٌ كاتبَ جاريته، وزوَّجَها مِنْ رجلٍ، فولدَتْ قبلَ أنْ تؤديَ، ما حالُ ولدِهَا؟

2066 - هل للسيد عتق الولد دونها؟

قال: ما كان بعد الكتابةِ فهو له، وإذا كاتب على نفسِه وولده وإنْ لم يعلمْ كم عدتهم وإن لم يسمهم فقد دخلوا في الكتابةِ أيضًا. "مسائل الكوسج" (3358) 2066 - هل للسيد عتق الولد دونها؟ نقل مهنا عنه: إن أعتق السيد الولد دونها، صح عتقه. "المغني" 14/ 533 2067 - المكاتب إذا ملك ذوي رحمه: قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن مكاتبٍ ملكَ أباه، وابنَه، وعمه، وخاله. قال: يُتركون على حالِهم حتى ينظرَ أيعتقُ أمْ لا. قال أحمد: هو عبدٌ وهؤلاء عبيدٌ، وهو إنْ عجزَ المكاتب صاروا عبيدًا لسَيِّدهِ، وإن عتقَ عتقوا. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3107) 2068 - حكم تصرف المولى في مكاتبه بالبيع ونحوه قال أبو داود: سمعت أحمد يقول في المكاتب: يباعُ إذا لم ينقضُ بالبيع كتابتهُ، قال أحمد: بريرةُ كانت مكاتبة. "مسائل أبي داود" (1351)

2069 - هل للسيد وطء مكاتبته؟

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يكون له الغلام فيكاتبه، فيحتاج، أيبيعه على مكاتبته؟ قال: إذا باعه على أمر بين يقول: إني أؤدي إليك كذا وكذا فهو حر فلا بأس. "مسائل عبد اللَّه" (1066) 2069 - هل للسيد وطء مكاتبته؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يطأُ مكاتبتَه يجلدُ؟ قال: يُؤدبُ، إلَّا أنْ يكونَ شرطَ عليها في كتابتِهَا أنْ يطأها. قُلْتُ: فَإِنْ حملَتْ تكونُ من أمهاتِ الأولادِ؟ قال: فإنْ حملتْ تكونُ من أُمهَات الأولادِ. قُلْتُ: أو تخير، فَإنْ شاءتْ أُقرت على كتابتها؟ قال: الكتابةُ على حالِهَا، الرجلُ يكاتبُ أم ولدِه. قال إسحاق: كما قال، فإذا ولدتْ صَارَت أُمَّ ولدٍ. "مسائل الكوسج" (3139) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال قتادةُ: الرجلُ يطأُ مكاتبته يجلدُ مائة إلَّا سوطًا، ويغرم العُقْر إنْ كان اسْتكرههَا، وإنْ لم يكنْ استكرهها فلا شيء، وعُقرهَا مهرُ مثْلِهَا، وإنْ كانَتْ طاوعته جُلدت أيضًا. قال أحمد: لا يُجلد، ولكن يُؤدبُ، لا ينبغي له أنْ يطأ مكاتبته إلَّا أنْ يكونَ شَرطَ عليها في كتابتهَا، ولها عليه العُقر صداق مثلها، فإنْ حملَتْ فماتَ السَّيدُ قبلَ أداءِ مكاتبتها عتقَتْ عليه، وصارَتْ من أمهات الأولادِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3158)

قال إسحاق بن منصور: قلتُ: سُئِلَ سفيانُ عن مكاتبةِ وقعَ عليها سيِّدُهَا. قال: يدرأُ عنه الحدّ، وعليه العقد، فإنْ هي ولدَتْ خُيِّرتْ، فإنِ اخْتارَتْ أنْ تكونَ أمَّ ولدٍ ولا عقد عليه كانت أمَّ ولدٍ، والولدُ ولد الرجلِ، وليس لها صداق، وإنِ اخْتارَتْ أنْ تكونَ على مكاتبتها كانتْ مكاتبةً، ولها العقد صداق مثلِهَا، فإنْ مَاتَ الرَّجُلُ قبلَ أنْ تُؤديَ مكاتبتها فليسَ عليها شيءٌ وقَد خرجَتْ؛ لأنَّها بمنزلةِ أمِّ الولدِ. قال أحمد: ليس عليه حدٌّ، ولها من سيدِهَا العقدُ، تستعين في كتابتها، فإنْ حملَتْ فهي مِن أمهات الأولادِ، فإنْ أَدَّتْ ما بقي من كتابتها قبلَ موتِ السيدِ عتقت، فإِنْ ماتَ السَّيِّدُ قبلَ أنْ تؤديَ ما بقي من كتابتها فهي حرةٌ. قال إسحاق: كما قال سفيان سواء وأحمد متابع له. "مسائل الكوسج" (3187) قال أبو الحارث، قلت: الرجل يطأ مكاتبته؟ فقال: قال الحسن: إذا وطئها فعليه مهر مثلها (¬1)، ورُوي عن الزهري يُجْلدُ، وإن جاءت بولد فهي من أمهات الأولاد (¬2). "تهذيب الأجوبة" 1/ 536 نقل عثه أبو طالب وقد سُئل: هل يطأ مكاتبته؟ فقال: لا يطأها؛ لأنها ما اكتسبت كان لها، ولأنه لا يقدر أن يبيعها، ولا يهبها. "الروايتين والوجهين" 3/ 126 ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 2/ 87 (2157)، وابن أبي شيبة 4/ 14 (17297). (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 430 (15806).

فصل الأداء والعجز

فصل الأداء والعجز 2070 - مقاطعة المكاتب قال إسحاق بن منصور: قال: قُلْتُ: مكاتبٌ بين شركاء قاطعه بعضُهم، أيضمن لشركائِهِ؟ قال: لا يضمن حتَّى يعتقَ، فإذا عتقَ ضمن في مالِهِ. قُلْتُ: فكأنما أعتقَهُ تلك السَّاعة؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3123) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من كاتبَ نصيبًا له في عبدٍ أو قاطعه لم يؤد إلى هذا شيئًا إلا أدى إلى هؤلاء مثله، فإذا عتق ضمنه الذي كاتبه إن كان له ماله؟ قال أحمد: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3156) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قَال قتادة: وكلُّ كتابةٍ كانَتْ قبلَ العتاقةِ فلا ضمانَ فيها على الذي قاطع (¬1). قال أحمد: إذا كان عبدٌ بين ثلاثةٍ كاتبَ أحدهم على نصيبه، فما أدى من شيءٍ توزعوه، فإنْ أعتقه أحدهم ضمن في مالِه إنْ كان له مال، فإذا أدى كتابته قبل عتق المعتق عتق في مالِهِ إنْ كان له مالٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3157) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 402 (15702).

2071 - الرجل يضمن عن المكاتب للمولى

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال ابن شبرمة: مَن كاتبَ أو قاطع ضمن (¬1). قال أحمد: ليسَ ذا شيئًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3160) 2071 - الرجل يضمن عن المكاتب للمولى قال إسحاق بن منصور؛ قُلْت: سُئِلَ سفيانُ عن الرَّجلِ يضمنُ عن المكاتبِ للمولى. قال: ليس كفالته بشيءٍ، هو عنده. قال أحمد: هو كما قال، ليس بشيء. قال إسحاق: إذا ضمنَ ذاكَ غريب عن المكاتبِ؛ لما أحبَّ معونة المكاتبِ بذلك، وقد أدى المكاتبُ بعضَ كتابتِه، كان الضمانُ جائزًا لما رأى عنده أن المكاتب لا يُرد رقيقًا إذا كان أدى من كتابته ثلثًا أو أكثر أو أقل. "مسائل الكوسج" (3114) 2072 - إذا كاتب جماعة في عقد واحد، فهل يكون بعضهم حملاء عن بعض؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في قَومٍ كاتبُوا جميعًا، فماتَ بعضُهم. قَال: يُرفعُ عَنِ الميتِ بقدرِ حصته. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 400 (15697).

2073 - المكاتب إن عجل كتابته قبل محلها؟

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3131) نقل حنبل عنه: إذا مات بعض المكاتبين سقط قدر حصته. "المغني" 14/ 567 2073 - المكاتب إن عجَّل كتابته قبل محلها؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يكاتبُ غلامَه وينجم عليه نجومًا، فيجيء بكتابتِهِ جميعًا فيأبى السَّيِّدُ أنْ يأخذَه إلَّا نجومًا. قال: قد فعله عثمان -رضي اللَّه عنه- (¬1)، وهكذا نقول. قال إسحاق: صحيح، كما قال "مسائل الكوسج" (3122) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المكاتبُ يُعجلُ لسَيدهِ ويَضَعُ لَهُ مِن كتابتِهِ؟ قال: ليسَ بهِ بأسٌ، السَّيدُ ليس بينه وبين عبدِه ربا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3134) نقل حرب عنه في تعجيل مال الكتابة: قد زاده خيرًا، وفيه حديث عثمان وضعها في بيت المال وخلى سبيله بأخذه، ويعتق. ونقل بكر بن محمد، وحنبل عنه: لا يلزمه قبوله ذلك إلا عند نجومه. "الروايتين والوجهين" 3/ 125، "الفروع" 4/ 182 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 404 - 405 (15714).

2074 - إذا حل نجم فعجز عن أدائه

2074 - إذا حَلَّ نجم فعجز عن أدائه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن المكاتبِ إذا لم يؤدِّ للمواقيت. قال: مِنَ النَّاسِ مَنْ يقولُ: إذَا حَلَّ نجمٌ فلم يُؤدِ فهو عجزٌ، ومِنَ الناسِ مَنْ يقولُ: نجمانِ، ونجمان أحبُّ إليَّ. قال أحمد: إِذَا لحقَه نجمٌ بعد نجمٍ فَقَدْ عجزَ. قال إسحاق: لا يكونُ عجزٌ حتَّى يتوالى عليه نجمانِ، إلَّا أنْ يكونَ قَدْ رَدَّهُ حَاكِمٌ عند محل نجم قد عجز عنه، فهو حينئذٍ رقيق. "مسائل الكوسج" (3113) نقل عنه أبو طالب: إذا عجز عن نجم أو نجمين، وقال: عجزت، فهو عبد. "الروايتين والوجهين" 3/ 127 2075 - إن عجز المكاتب، فرد في الرق، وقد اكتسب مالًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: عبدٌ بين رجلينِ كاتبا فأدى إلى أحدِهما كتابته، وهو يسعى للآخر فمات، لمن ميراثُه؟ قال أحمد: كل ما كسبَ العبد في كتابتِه فهو بينهما. قُلْتُ: فإنْ أدى إلى أحدِهما نصيبه فماتَ قبلَ أنْ يؤدِّيَ إلى الآخر؟ قال: يرجعُ هذا على الآخرِ بنصيبهِ مما أخذ، وأمَّا ميراثُه فهُوَ بينهما. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3137) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا عجزَ المكاتبُ فردَّ في الرقِّ، وقد كانَ تُصدقَ عليه؟

2076 - إن عجز المكاتب، فرد في الرق، وعليه دين من معاملة

قال: هو لسَيِّدِهِ. قال إسحاق: ما كان عن مسألةِ الناسِ فأعطوه لحال كتابته ردَّ على أربابِه. "مسائل الكوسج" (3155) قال الأثرم، قلت لأبي عبد اللَّه: المكاتب يسأل فيفضل منه فضلة؟ فذكرهر حديث أبي موسى، قلت: كأنك تستحسن حديث أبي موسى؟ (¬1) قال: إي لعمري وإنه لحسن. "تهذيب الأجوبة" 2/ 789 نقل عنه المروذي: هو للسيد. ونقل حنبل: يجعل في المكاتبين. "الروايتين والوجهين" 3/ 128 2076 - إن عجز المكاتب، فرد في الرق، وعليه دين من معاملة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في مكاتبٍ عجزَ وعليه دينٌ للناسِ: إنْ شاءَ سَيِّدُه أدى عنه وإلَّا سَلَّمَهُ إلى الغرماءِ. قال أحمد: هو كما قال. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3112) نقل الأثرم، وابن القاسم، والمروذي: إن الدين مقدم، ونقل ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 410 (21538)، والبيهقي 7/ 21.

2077 - حال المكاتب إذا كان مدبرا فأدى بعض مكاتبته ثم مات المولى

أبو الحارث عنه: إن السيد كأحد الغرماء يأخذ بالحصص. "الروايتين والوجهين" 3/ 124 2077 - حال المكاتب إذا كان مدبرًا فأدى بعض مكاتبته ثم مات المولى قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئل سفيان عن رجل دَبَّر غلامه ثم كاتبه. قال: إذا أدى مكاتبته فليس عليه شيء وهو حر، وإن مات السيد وقد بقي عليه شيء من كتابته فهو في الثلث. قال أحمد: إذا أدى مكاتبته فهو حر، وإذا مات السيد وقد بقي عليه شيء من كتابته فإن كان لسيدِه من المالِ ما يخرج العبد في الثلثِ فهو حرٌّ كله، وإن لم يكن له شيءٌ مِنَ المالِ أدى ما بقي مِنَ الكتابةِ إلى ورثةِ السيدِ، ثُم هو حر، وإنما يُعتقُ في الثلث بقدرِ ما بقي عليه من الكتابةِ. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (3103) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: رجل كاتب مدبرًا. فأدى بعض مكاتبته. ثم مات المولى؟ قال: يُعتق العبد المُدبر المكاتب. قلت له: فإن المولى قد أخذ بعض مكاتبته؟ قال: هو له، ويكون المكاتب من الثلث، إن خرج من الثلث، فإن لم يخرج من الثلث، عتق منه بقدر ما أدى. "مسائل ابن هانئ" (1441)

2078 - إذا مات المكاتب قبل الأداء

2078 - إذا مات المكاتب قبل الأداء قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المكاتبُ عبدٌ ما بقي عليه شيءٌ؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3129) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المكاتبُ إذَا مَاتَ وتركَ وفاءً لكتابتِهِ؟ قال: هُوَ عبدٌ، مالُه لسَيدِهِ. قال إسحاق: الذي نختارُ مِن ذلك مَا قال عليٌّ -رضي اللَّه عنه-: يؤدي مَا بقي مِن مكاتبتِه، فيكون حُرًّا، وما بقي لورثتِه، حديث سماك (¬1). "مسائل الكوسج" (3130) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قومٌ ورثوا مكاتبًا رجالًا ونساءً، فماتَ المكاتبُ وقد بقي عليه من مكاتبتِهِ شيءٌ. قال: ما بقي مِنَ المكاتبةِ فهو بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، فإنْ كان في المالِ فضل عن بقيةِ كتابتِه فهو للرجالِ دون النساءِ. قُلْتُ: فَلِمَ لا يكونُ كأنَّه مَاتَ عبدٌ لهم فورثوه؟ قال: هذا أيضًا قولٌ، وأمَّا أنا فأذهبُ إلى ذلكَ. قال إسحاق: الذي نختارُ من ذلك ما قال الأول. "مسائل الكوسج" (3154) قال صالح: وقال في مكاتب مات وترك مالًا، وترك فيه أكثر من مكاتبته، قال: إذا مات يوم مات ولم يؤد بقية مكاتبته فما ترك من شيء ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 394 (15668)، وابن أبي شيبة 4/ 407 (21504).

2079 - إذا كانت الكتابة فاسدة، فأدى ما عليه، هل يعتق؟

فهو لمولاه؛ لأنه مات وهو عبد، ومال العبد لسيده، وإن كانوا ولده ولدوا في مكاتبته فهم عبيد، وإن كان كاتبهم مع أبيهم فلهم أن يقوم بكتابتهم، وترفع عنهم مكاتبة الأب، كأنه كاتبه وابنه على ألف، فيرفع عن ولده بحصة أبيهم، وكذا إن مات واحد من ولده رفع عن أبيهم حصته. "مسائل صالح" (535) نقل عنه الميموني: المكاتب عبد ما بقى عليه درهم. قيل: وإن كان موسرًا؛ قال: وإن كان موسرًا. "الروايتين والوجهين" 3/ 121 نقل عنه أبو الحارث، بكر بن محمد: إذا مات المكاتب وترك وفاء لكتابته وله ورثة أحرار: فماله لسيده؛ لأنه مات وهو عبد، وماله لسيده. "معونة أولي النهى" 8/ 410 2079 - إذا كانت الكتابة فاسدة، فأدى ما عليه، هل يعتق؟ نقل عنه الميموني: إذا كاتبه كتابة فاسدة، فأدى ما كوتب عليه، عتق ما لم تكن الكتابة محرمة. "المغني" 14/ 406

فصل اختلاف السيد ومكاتبه

فصل اختلاف السيد ومكاتبه 2080 - اختلافهم في قدر مال الكتابة قال إسحاق بن منصور: قلتُ: سُئِلَ سفيانُ عن الرجلِ يكاتبُ غلامَه، فيقولُ الغلامُ: بألف درهم. ويقولُ السَّيِّدُ: بألفي درهم. قال: القولُ قولُ السَّيِّدِ. قال أحمد: القولُ قولُ السيدِ أو يرجع عبدًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3118) قال في رواية مهنا: إن شُهدَ له أن السيد باعه نفسه بألف في ذمته وآخر للسيد بألفين عتق ولا يُرد إلى الرق، ويَحْلِفُ لسيده. "تهذيب الأجوبة" 2/ 869، "الفروع": 6/ 546 قال أحمد في رواية أبي طالب: إذا قال عليَّ ألف، إن شاء اللَّه، كان مقرًا بها. "معونة أولي النهى" 8/ 454 2081 - إذا كان العبد بين جماعة فكاتبهم، وأنكر أحدهم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن عبدٍ بين ثلاثةٍ، جَاءهم بثلاثمائة درهم، فقَال: بيعوني نَفْسِي. فَقَالوا: نعم. فأخذوا منه ثلاثمائة درهم، فَقَالُوا: ائتنا غدًا نكتبُ لكَ كتابَكَ. فَلَمَّا جَاءَ مِنَ الغدِ، قال اثنانِ: أَخَذْنَا. وقال الثالثُ: لم آخذْ شيئًا. فشهدَ الرجلانِ عليه أنَّه أخَذَ.

قال: شهادتهما جَائزةٌ للعبدِ على صاحبهما، ويشاركُها فيما أُخِذَ من المال، وليس على العبدِ شيءٌ. قال أحمد: هُوَ كما قال. قال إسحاق: نعم. "مسائل الكوسج" (3115)

باب الولاء

باب الولاء 2082 - الولاء لمن أعتق، وإن مات فلورثته من بعده، وذكرهر من يرث ومن لا يرث منهم قال إسحاق بن منصور: أخبرنا أحمدُ قال: حَدَّثنَا هشيم قال: أخبرنا يونس، عن الحسنِ في رجلٍ أعتق مملوكًا له عن أبيه قال: قال الحسن: ولاؤه لجميعِ ورثةِ أبيه (¬1). قال أحمد: الولاءُ له على حديثِ إياسٍ (¬2). قال إسحاق: الولاءُ له؛ لأنَّه هو المتطوعُ بالعتقِ. "مسائل الكوسج" (2997) قال إسحاق ابن منصور: أخبرنا أحمد قال: حَدَّثنَا وكيع، عن سفيان، عن قيس بن مسلم، عن أبي مالك قال: أمت المعتق الأول، فانظر من يرثه، فله ولاء مولاه (¬3). قال أحمد: هذا للكبر. قال إسحاق: أقولُ: الولاءُ لمن أحرز الميراث. "مسائل الكوسج" (2988) قال إسحاق بن منصور: أخبرنا أحمدُ قال: ثنا معاذ -يعني: ابن معاذ- ¬

_ (¬1) لم أقف عليه بلفظه. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 294 (31516) عن إياس بن معاوية بن قرة في امرأة أعتقت غلامًا لها ثم ماتت وتركت أباها وابنها، فقال: الولاء لولدها ما بقي منهم. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 298 (31556) بنحوه عن وكيع به. ووقع في "المطبوع": (عمران بن مسلم) بدل (قيس بن مسلم).

عن أشعث، عن الحسن قال: لا ترثُ النساء من الولاءِ إلَّا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن، إلا الملاعنة فإنَّها ترث من أعتق ابنها الذي انتفى منه أبوه (¬1). قال أحمد: مَا أحسنَ ما قال! قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2989) قال إسحاق بن منصور: أخبرنَا أحمدُ قال: حَدَّثَنَا هشيم قال: الشيباني أخبرنا، عن الشعبي، عن شريحٍ أنَّه كان يقولُ في رجلٍ أعتقَ مملوكًا له، ثم مَاتَ المعتق وتركَ أباه، وابنه. قال: كان شريح يقولُ: الولاءُ بمنزلةِ المالِ (¬2). "مسائل الكوسج" (2990) قال إسحاق بن منصور: أخبرنا أحمدُ قال: حَدَّثنَا هشيم، عن مغيرةَ، عن إبراهيمَ قال: لأبيه السدسُ، وما بقي فهو لابنهِ (¬3). قال أحمد: كذاك أقولُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2991) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: رجلٌ توفي وتركَ أخاه، وجده، ومولى، فماتَ المولى؟ قال: الولاءُ بينهم على الميراثِ نصفانِ. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 292 (31497)، والدارمي 4/ 2015 (3191). (¬2) رواه سعيد بن منصور 1/ 93 (268)، ابن أبي شيبة 6/ 295 (31521). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 294 (31512).

قال إسحاق: المالُ للجدِّ. "مسائل الكوسج" (3009) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: امرأةٌ لا أعتقَتْ رجلًا، ولاؤه لولدِهَا ما بقي منهم ذكر، فإذا أنقرضوا كان الولاءُ لعصبةِ أمهم. قال أحمد: جَيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3010) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلانِ ورثا ولاء رجلٍ عن أبيهما، ثم ماتَا، ولأحدِهما ابن واحدٌ، والآخر عشر بنين، كيفَ الولاءُ بينهم؟ قال أحمد: هذا تفسير، الولاء للكبر، وأنا أقولُ بهذا القولِ: يُقسم على أحد عشر سهمًا. قال إسحاق: كما قال في قول من يرى الولاء للكبر، وأمَّا أنا فأميلُ إلى قولِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أحرز الولاءَ أحرز الميراثَ" (¬1) كما نقول: الولاءُ لعصبةِ الميتِ. "مسائل الكوسج" (3138) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رَجُلٌ كَاتبَ عبدًا له، ثم تُوفي السَّيِّدُ وتركَ ابنينِ له، فصار المكاتب لأحدِهما، فقضى حتَّى عتقَ، لمن ولاؤه؟ قال: الولاءُ إنَّما كان أصلُه للسيدِ، فإذا ماتَ وتركَ ابنينِ له فالولاءُ بينهما، فإذا وقعَ لأحدِهما أدى إليه ما بقي من كتابتِه، ثم يكون الولاءُ بينهما. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 4 (16141)، وابن أبي شيبة 6/ 298 (31553) عن علي بن أبي طالب موقوفًا.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3152) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ وامرأةٌ ورثا مكاتبًا فأدى إليهما، لمن ولاؤه؟ قال: مَا أدى من الكتابةِ فبينهما ثم الولاء لأخيها دونها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3153) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال قتادة: إذا أشترطَ في كتابتِه أنِّي أُوالي مَن شِئتَ. فَهُوَ جَائزٌ (¬1). فَقال: الولاءُ لمَنْ أَعْتقَ (¬2). قال إسحاق: هو على مَا اشْترطَ، فإنْ لم يكنْ شرطَ فالولاءُ لمنْ أعتقَ. "مسائل الكوسج" (3162) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: قال قتادةُ: إذَا أدى المكاتبُ جميعَ ما عليه فيوالي مَن شَاءَ. قال: لا، الولاءُ لمن أعتقَ. قال إسحاق: هُو لمن أعتقَ، إذا لم يكن للمكاتبِ شرطٌ. "مسائل الكوسج" (3163) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المكاتبُ لمن ولاؤه؟ قال: الولاءُ لمن أعتق، سعى في مكاتبته وهو في ملك السيد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3166) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 7 (16158). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 42، والبخاري (456)، ومسلم (1504) من حديث عائشة.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال إبراهيم في امرأةٍ ماتَتْ وتركتْ أباها وابنها، وتركت مولى. للأب سدس الولاء؟ (¬1). قال أحمد: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3172) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال عطاء: رجلٌ مَاتَ وتركَ جدَّه وأخاه، وتَركَ مولى: الولاء بين الجد والأخ. وقال الزهري: الولاءُ للجدِّ (¬2). قال أحمد: الولاءُ بينَ الجدِّ والأخ. قال إسحاق: الولاءُ للجدِّ؛ لأنَّهُ كالأب. "مسائل الكوسج" (3173) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن رجلينِ أَعْتقَا رجلًا، فماتَ أحدُهما وتَركَ ولدًا ذكورًا وعمهم حي، ثم ماتَ المولى. قال: الولاءُ بين ولد الميتِ وبينَ العم. قال أحمد: كما قال. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3174) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال إبراهيم في عبدٍ كان لقوم وَأَذِنُوا له أنْ يبتاعَ عبدًا فيعتقه، ثم بَاعُوا العبدَ: الولاء لمواليه الأولين (¬3). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 35 (16257) وفيه عن إبراهيم، قال: للأب سدس الولاء وسائره للابن. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 295 (31523، 31534) عنهما. (¬3) رواه عبد الرزاق 8/ 404 (15712).

قال أحمد: جيدٌ، إذا أذنوا له فكأَنَّهم هم المعتقونَ، الولاءُ لهم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3175) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال إبراهيم في عبدٍ وابنه، أعتقَ هذا قوم وأعتق هذا قوم: يتوارثان بالأرحامِ، والعقل على العصبة الذي أعتق (¬1). قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3176) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجلٍ عليه رقبة، فقال لرجلٍ: أعتقْ عَنِّي. قَال: الولاءُ للذي أعتقَ. قُلْتُ: وإنْ لم يأخذْ ثمنه مِنَ الذي أمرَه؟ قَال: نعم، وإنْ لم يأخذْ ثمنَه. قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ عتقه وأمره سواء، والولاءُ لا يثبتُ بأداءِ الثمنِ ولا بتأخيرِهِ. "مسائل الكوسج" (3182) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قومٌ وَرِثوا مكاتبًا رجال ونساء، فَأعْتَقوه، لِمَنْ ولاؤه؟ قال: هذا مثلُ ذلك، الولاءُ للرجالِ دون النساءِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3233) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 418 (27575).

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في رجل مات وله مولى، ثم مات المولى. قال: الولاء للابن. "مسائل عبد اللَّه" (1445) نقل بكر بن محمد عن أبيه، إذا خلف أحدهما ابنا، وخلف الآخر أربعة، قسم الولاء بينهم نصفين، نصف للواحد، ونصف للأربعة. "الروايتين والوجهين" 2/ 57 ونقل أبو طالب، وأبو الحارث، وحنبل في إرث النساء بالولاء: لا يرث النساء من الولاء؛ إلا من أعتقن أو أعتق من أعتقن أو دبرت. ونقل أبو طالب: إذا مات المولى، وله بنت، وللذي أعتقه بنت: المال بينهما نصفان مثل بنت حمزة. ونقل ابن القاسم، وقد سأله: هل كان المولى لحمزة أو لابنته؟ فقال: لابنته. "الروايتين والوجهين" 2/ 58، "المبدع" 6/ 278 - 279 قال أبو النضر: قال أحمد في العتق عن الميت: إن وصى به فالولاء له، وإلَّا للمعتق. "الفروع" 5/ 63 - 64، "معونة أولي النهي" 8/ 331 نقل الميموني، وأبو طالب في الرجل يعتق على الرجل: فالولاء لمن أعتقه، والأجر للمُعتق عنه. ونقل حنبل: إذا وصى لرجل بعتق رقبة، فزاد الوصي من ماله مائة درهم، وقال: هذِه الرقبة جميعها عن الميت، لا بأس بذلك، ولا يكون للوصي من الولاء شيء. "الفروع" 5/ 63 - 64، "الإنصاف" 18/ 425، "معونة أولي النهى" 8/ 331

2083 - ثبوت الولاء للمعتق عتقا واجبا

نقل حنبل وابن الحكم عنه: والولاء يورث كما يورث المال؛ لكن يختص بالعصبة. "الفروع" 5/ 67، "المبدع" 6/ 282، "الإنصاف" 18/ 442 2083 - ثبوت الولاء للمعتق عتقًا واجبًا نقل الميموني، وأحمد بن هاشم فيمن أعتق عبدًا عتقًا واجبًا، هل يثبت له الولاء؟ قال: لا يعتق من زكاته. ونقل مهنا وأبو طالب عنه: إذا أعتق في الكفارة؛ يرثه بالولاء. "الروايتين والوجهين" 2/ 59 2084 - ولاء العبد المعتق عن الغير بإذنه بلا عوض نقل مهنا عنه: الولاء للمعتق. "الروايتين والوجهين" 2/ 60 2085 - من أسلم على يدي رجل، لمن ولاءه؟ قال إسحاق بن منصور: أخبرنَا أحمدُ قال: حَدَّثنَا أسباط قال: حَدَّثنَا مطرف، عن عامرٍ أنَّهُ سُئِلَ عنِ الرجلِ يسلمُ على يدي الرجلِ، قال: لا ولاء إلا لذي نعمةٍ، إذا أَسْلم فماتَ ورثه المسلمون، وإنْ جنى جنايةً فعقلُه على المسلمينَ، وإنْ أوصى فأحاطَتْ وصية بمالِه كلِّه فهو جائزٌ (¬1). ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 79 (206)، وابن أبي شيبة 6/ 300 (31578) عنه.

قُلْتُ لأحمدَ: كذاك تقولُ؟ قال: نعم. قال إسحاق: لا ولاءَ إلا لذي نعمةٍ إلَّا ما روى تميم الداري. "مسائل الكوسج" (2996) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يُسلِمُ على يدي الرجلِ؟ قال: إِنْ لم يكنْ حديثُ تميمٍ الدَّاري (¬1) ثبتًا فلا يكون الولاءُ إلَّا لذي نعمةٍ. قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ". قال إسحاق: بل نأخذُ بحديثِ تميم الداري -رضي اللَّه عنه-؛ لأنَّ عبد العزيز حَدَّثَ أبَاه فحكمَ بهِ. "مسائل الكوسج" (3167) قال صالح: سألته عن الرجل يسلم فيوالي قومًا؟ قال أبي: الذي أذهب إليه: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْوَلَاء لِمَنْ أَعْتَقَ". قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الربيع بن أبي صالح، عن شيخ يكنى أبا مدرك، أن رجلًا من أهل السواد يقال له: خشني، أتي عليًّا يواليه، فأبى أن يواليه، فرده، فأتى ابن عباس أو العباس فوالاه (¬2). قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم، عن يونس، عن الحسن قال: لا ولاء إلا لذي نعمة (¬3). ¬

_ (¬1) يريد حديث تميم الداري، قال: سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الرجل يسلم على يدي الرجل، فقال: "هو أَوْلَى النَّاسِ يِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ". رواه أحمد 4/ 102، وأبو داود (2918)، والترمذي (2112)، وابن ماجه (2752)، والنسائي في "الكبرى" (6413)، وانظر: "تحفة الأخيار بترتيب شرح مشكل الآثار" (4049). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 299 (31573) عن وكيع به. وفيه (حشي) بدل (خشني). (¬3) رواه سعيد بن منصور 1/ 79 (208) عن هشيم به.

قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا أسباط قال: حدثنا مطرف، عن عامر؛ أنه سئل عن الرجل يسلم على يدي الرجل قال: لا ولاء إلا لذي نعمة، إذا أسلم فمات ورثه المسلمون، وإن جنى جناية فعقله على المسلمين (¬1)، وإن أوصى فأحاطت وصيته بماله فجائز. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر، عن الزهري قال: قضى عمر بن الخطاب في رجل والى قومًا فجعل ميراثه لهم وعقله عليهم (¬2). قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا حميد قال: حدثنا مجاهد قال: أتى رجل معاوية فقال: إن رجلًا من أهل الأرض والاني، وأسلم على يدي، وليس له موالي، مات؛ لمن ميراثه؟ فقال: مالك ولميراثه؟ ميراثه لنا. قال: يا أمير المؤمنين والاني وأسلم على يدي؟ قال: لست من ميراثه في شيء. قال: يا أمير المؤمنين فإنه قتل ابنا لي فاعقله؟ قال: أخرج، غرب اللَّه عليك. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: قلت لعطاء: الساقط أليس يوالي من شاء؟ قال: بلى، ويزعمون عن ابن مسعود أنه قال: يوالي من شاء، ما لم يوال الأولين. قلت لعطاء: الساقط يولج إلى القوم، ولا يواليهم، يعقلون عنه، ويعقل عنهم، وينصرونه ثم يموت لمن ميراثه؟ قال: لهم. ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 79 (207)، ورواه ابن أبي شيبة 6/ 300 (31578) بأخصر منه. (¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف 9/ 11 (16172).

قلت: الساقط لم يوالج أحدًا، ولم يوال أحدًا، فيموت كذلك من يرثه؟ قال: المسلمون، ميراثه في بيت المال، وهم يعقلون عنه. قلت لعطاء: الرجل من العرب يكون في القوم لا يعلم له أصل، قد عقلوا عنه، وعاقلهم يموت، لمن ميراثه؟ قال: بلغنا أن عمر بن الخطاب قال: من كان يغضب له أو يحوطه أو ينصره: ميراثه لهم (¬1). وقالها لي عمرو بن دينار. "مسائل صالح" (622) قال صالح: قال أبي: حديث تميم الداري: "من أسلم على يدي رجل فهو أولى الناس بمحياه ومماته"، أبو نعيم يرويه يقول: سمعت تميمًا الداري، ويحيى بن حمزة يدخل بينهما رجلًا. قلت له: أليس قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ؟ ". قال: بلى وحديث تميم: إذا أسلم على يديه، فلهذا وجه ولهذا وجه، ليس كما يقول هؤلاء -يعني: أصحاب أبي حنيفة- له أن ينتقل ما لم يعقل عنه، فهو مرة مولاه، ومرة ليس هو مولاه. "مسائل صالح" (993) قال أبو داود: ذُكر لأحمد حديث تميم الداريِّ في الرجل يسلم على يدي الرجل؛ قُلْتُ: تذهب إليه؟ فقال: ما أجترئ عليه. "مسائل أَبي داود" (1416) أخبرني حرب قال: سألت أبا عبد اللَّه: قلت: الرجل يسلم على يدي الرجل له ميراثه؟ قال: قد أختلف في هذا. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 414 (957) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق في المصنف 9/ 10 (16168)، 12 (16174).

قال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: قلت: يا أبا عبد اللَّه، الرجل يسلم على يدي الرجل؟ قال لي: كيف يرثه والأحاديث: "الوَلاءُ لمنْ أَعْتَقَ؟ ". قلت: أليس بولي نعمته؟ قال: فإذا أسلم على يديه يكون مولاه وليس هو مولاه. والذي يحتج يقول: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الوَلاءُ لمن أَعْتَقَ". قلت: الحديث الذي يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: إسناده ضعيف. بعضهم يقول: عن قبيصة عن تميم الداري وبعضهم لا يدخل فيه قبيصة، وقال بعض أصحابنا: لم يلق قبيصة تميمًا. قال أبو عبد اللَّه: والذي يحتج يقول: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الوَلاءُ لمنْ أَعْتَقَ"، وذلك لم يعتق، وإبراهيم والشعبي يقولان: الوَلاءُ لمنْ أعْتَقَ. وأظن أبا عبد اللَّه قد قال: إنهما ذكروا هذِه القصة في الرجل يسلم على يدي الرجل قالوا: الوَلاءُ لمنْ أعْتَقَ. ثم قال أبو عبد اللَّه: ألا إن هؤلاء أصحاب الرأي يقولون: لا يرثه ما لم يعقل عنه، فإذا عقل عنه ثم مات ورثه. وهذا قول عجب. إنما ورثوه؛ لأنه عقل به وأقبل يتعجب من هذا القول. وأقبل أبو عبد اللَّه يتعجب من إسناده ونظر فيه ثم قال لي: هذا الحديث يروى، فإن كان يثبت فهو كما قال، وإن لم يكن ثبت فليس هو إلا ما قال: "الوَلاءُ لمنْ أَعْتَقَ". وليس هاهنا عتق. وقال: أخبرني الميموني في موضع آخر: أن أبا عبد اللَّه سألوه في مجلس آخر: الرجل يسلم على يدي الرجل؟ قال: من الناس من يجعل إسلامه على يده ولاء، وقد جرّه يحرز به

ميراثه ويعقل عنه. وذكر الحديث قال: من ذهب عليه جعل إسلامه ولاء له، ومن لم يذهب إليه جعل: الوَلاءُ لمنْ أعْتَقَ. وذكر أصحاب الرأي حين قالوا: إذا أسلم جرّ ولاءه في ميراثه وعقل عنه. قال: يقولون العجب. وأظنه قال: ويقولون يرثه ولا يعقل. وقال: أخبرني الميموني في موضع آخر قال: ذكروا لأبي عبد اللَّه الحديث الذي يرويه تميم الداري، "من أسلم على يدي رجل" والقصة فيه، فأقبل يضعف إسناده ويطعن فيه. قال عبد الملك: والذي يثبت منه وفهمي من قوله في الرجل يسلم على يدي الرجل أنه ليس مولى له. وأقبل يعجب من قصة تميم، وماله له -يعني: إذا مات. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 415 - 416 (959 - 961) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن المنذر قال: حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي قال: قال أبو عبد اللَّه: لا يرث إلا مولى نعمة العتق. وقال: لا يرث مولى الموالاة. فقيل له: حديث تميم الداري؟ قال: ذاك لم يصح عندي. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثني أبو بكر الأثرم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يسلم على يدي الرجل أيرثه؟ قال: ما أدري لو كان ذاك الحديث -يعني: حديث تميم الداري. قال أبو عبد اللَّه: أما وكيع وأبو نعيم فقالا فيه: سمعت تميمًا الداري. وأما إسحاق الأزرق وابن نمير فقالا: عن تميم الداري.

وقال: أخبرني أبو المثنى العنبري: أن أبا داود حدثهم قال: قلت لأحمد بن حنبل: حديث تميم الداري ما السنة في الرجل من المشركين يسلم؟ قال: عن قبيصة -أعني: قال: يحيى بن حمزة عن ابن موهب عن قبيصة، عن أبي نعيم. قلت: أبو نعيم كان يقول فيه: سمعت -أعني: ابن موهب. فقال: ووكيع كذا يقول أيضًا، ثم قال: ما أدري أي شيء هذا. وقال: أخبرني محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم أن أباه حدثه قال: حدثني أحمد بن القاسم. وأخبرني زكريا بن الفرج، عن أحمد بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الحديث الذي يروى عن تميم الداري عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الرجل يسلم على يدي الرجل ويواليه؟ قال: إنما يروى هذا عن عبد العزيز بن عمرو، وليس هو مسند. فقلت له: أيهم يحيى بن حمزة؟ ولا أراه صحيحًا. قلت له: فلو صح هذا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أكنت تراه في الميراث؟ قال: أجل، هكذا هو عندي لو صحّ، ولكنه لا يثبت. وإنما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الوَلاءُ لمنْ أَعْتَقَ". "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 416 - 418 (963 - 966)

2086 - اللقيط لمن ولاءه؟

2086 - اللقيط لمن ولاءه؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن اللقيطِ ولاؤه للذي التقَطَه؟ قال: نعم. قال أحمد: لا أدْرِي مَا أقولُ، قال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْوَلاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ" (¬1). قال إسحاق: كما قال سفيان لما قال عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: لك ولاؤه (¬2)، و"الْوَلَاءَ لِمَن أَعْتقَ" إنَّما مَعْنَاه: إذَا اشْترطَ البائعُ على المعتق في حديثِ بريرة (¬3). "مسائل الكوسج" (3108) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: قال سفيان: ليس عليه شيءٌ، إلَّا أنْ يكونَ أتى به سلطان فأمره أنْ ينفقَ عليه. قال أحمد: قال عمر -رضي اللَّه عنه-: هو حُرٌّ، ولكَ ولاؤه، وعلينا نفقتُهُ، ونفقته من بيتِ المالِ. قُلْتُ: فقد أنفقَ هذا عليه؟ قال: يؤدى عنه مِنْ بيتِ المالِ. قال إسحاق: إنْ كانَ حينَ أنفقَ نوى أخذه عُوض من بيتِ المالِ، وإنْ تبرع فلا شيءَ له، فأمَّا اللقيطُ فلا يكون عليه من ذلك شيءٌ. "مسائل الكوسج" (3109) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: اللقيط على من نفقته؟ ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 42، والبخاري (456)، ومسلم (1504)، من حديث عائشة. (¬3) علقه البخاري جزمًا قبل الرواية (6751)، ورواه عبد الرزاق 7/ 452 (13848)، وابن أبي شيبة 6/ 298 (31560)، والبيهقي 6/ 201، 202.

2087 - مال السائبة وولاؤه وميراثه، لمن يكون؟

قال: قال عمر -رضي اللَّه عنه-: هو حر ولك ولاؤه، وعلينا نفقته (¬1). قُلْتُ: فإنك تجبن في الولاء؟ قال: إي لعمري، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ" (¬2). قال إسحاق: هو كما قال عمر رحمه اللَّه. "مسائل الكوسج" (3202) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: اللقيط حرٌّ، وليس ولاؤه لأحد حتى يستبين لمن هو؛ فإنه لا يخلو من أن يكون إمَّا عبدًا وإمَّا حرًا، وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْوَلَاءَ لِمَنْ أعْتَقَ". "مسائل أبي داود" (1420) 2087 - مال السائبة (¬3) وولاؤه وميراثه، لمن يكون؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: السائبة أين يضعُ ماله؟ قال: يضعُ مَالَه حيثُ شَاءَ؛ قال عمر -رضي اللَّه عنه-: السائبة والصدقة ليومهما (¬4). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3168) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 42، والبخاري (456)، ومسلم (1504) من حديث عائشة. (¬2) علقه البخاري جزمًا قبل الرواية (6751)، رواه عبد الرزاق 7/ 452 (13848)، وابن أبي شيبة 6/ 298 (31560). (¬3) السائبة: هو أن يقول الرجل لعبده: أنت سائبة ولا يكون ولاؤه له. (¬4) رواه عبد الرزاق 9/ 27 - 28 (1629)، وابن أبي شيبة 6/ 285 (31420)، والدارمي 4/ 2003 (3161).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: السائبة لمن ميراثه؟ قال: كان عتق السائبة لا يشبه غيره، وإن ورث منه شيئًا جعله في الرقاب، كما فعل ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- (¬1)، قال عمر: الصدقة والسائبة ليومهما (¬2). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3200) قال صالح: قال أبي: السائبة: أن تعتقه لوجه اللَّه، لا تريد من ميراثه شيئًا. "مسائل صالح" (118) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن السائبة؟ فقال: هو الرجل يقول لعبده: قد أعتقتك سائبة، كأنه يجعلها للَّه، ولا يرجع في ولائه، لا يكون ولاؤه لمولاه، يجعله للَّه. "مسائل عبد اللَّه" (1433) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: نا يحيى بن سعيد، عن التيمي -يعني سليمان- عن أبي عثمان، عن عمر: السائبة والصدقة ليومهما -يعني: هو ليوم القيامة. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو قطن، حدثنا شعبة، عن سلمة، عن أبي عمر الشيباني، عن عبد اللَّه بن مسعود قال: لا سائبة يضع ماله حيث شاء (¬3). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 28 (1623)، ابن أبي شيبة 6/ 285 (31421). (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 27 - 28 (16230)، ابن أبي شيبة 6/ 285 (31421). (¬3) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" 6/ 286 (31429)، الدارمي 4/ 2002 (3159)، البيهقي 10/ 302.

2088 - جر الولاء

قال أبي: قال أبو قطن: قال شعبة: لم يسمع سفيان هذا من سلمة. قال أبي: حدثناه وكيع قال: حدثنا شعبة مثله. "مسائل عبد اللَّه" (1434) 2088 - جر الولاء قال إسحاق بن منصور: أخبرنا أحمد قال: حَدَّثنَا وكيع قال: حَدَّثنَا أبان بن صمعة، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما- قال: إذا تَزَوَّجَ المملوكُ الحرةَ، فما جرى في الرحمِ فولاؤه لموالي الأمِّ، فإذا أعتق الأب جرَّ الولاء، فإذا ماتَ الأب رجعَ الولاء. قال أحمد: إذا أُثبت مرة لم يرجعْ. قُلْتُ: ما تقولُ إذا ماتَ الأب، يرجع الولاء؟ قال: لا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2992) قال إسحاق بن منصور: أخبرنَا أحمدُ قال: حَدَّثنَا معتمر، عن يونس، عن الحسنِ قال: يرجعُ الولاءُ إلى موالي الأب إذا أعتق (¬1). قلتُ: كذاك تقولُ؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2993) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 296 (31537).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الأب يجر الولاءَ. قال: كذاك أقولُ، عن عمر -رضي اللَّه عنه- ثبت، كان عبدًا تزوَّجَ حرةً فأَوْلدهَا، فولاءُ ولدِها لموالي أمهم، فإذا أعتق الأب جَرَّ الولاء (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3012) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: كلُّ أُمِّ وَلَدٍ ومدبرة ومكاتبة ولدت وأبوهم حُرٌّ، فَالولاءُ لموالي أُمِّهم، لا يجر الأب الولاءَ -يعني: ولاءَ ولدهِ- حتى تلد -حين تلد وهي حرةٌ- فذاكَ الذي يجر الولاء. قال أحمد: إنَّ هؤلاء كأنَّهم عتقوا، لم يكنِ الولاءُ بسببِ الأم، وإنَّما ولاؤهم لعتقهم أَنْفُسِهِم، وإنَّما يجر الأب الولاء إذا كانتِ الأمُّ حرةً. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3178) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قَال سفيانُ: وإذَا ولدت أم الولدِ والمدبرة بعدَ موتِ السيدِ بدون ستة أشهر؛ لم يجر الأب الولاءَ، وإذا ولدَتْ لستَّةِ أشهر منذُ ماتَ عنها سيَّدُهَا جَرَّ الأب الولاءَ. قَال: كأنَّها حملَتْ وهي أمة إذا ولدت لدون ستة أشهر. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3179) نقل أبو طالب عنه في جر الجد لولاء أولاد الابن: الأب يجر الولاء، فأما الجد فليس هو كالأب. "الروايتين والوجهين" 2/ 58 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 40 (16276 - 16277)، وابن أبي شيبة 6/ 295 (31526، 31527)، والدارمي 4/ 2023 (3213 - 3216).

2089 - بيع الولاء، وهبته

قال الحسن بن ثواب: قلت: ما تقول في رجل مملوك له أب حر وأولاد أحرار من امرأة حرة، مات العبد، ولاء ولده لمن؟ قال: لموالي أمه. قلت: إن بعضهم يزعم أن الجد يجر ولاءهم، قال: ليس هذا ذاك الذي يجر الجد ولاءهم، إنما ذلك في رجل مملوك، وله أب مملوك، وأولاد أحرار، مات الرجل المملوك والجد مملوك، ثم إن الرجل عتق فهو يجر ولاءهم؛ لأنه عتق بعد موت ابنه. "بدائع الفوائد" 4/ 68 2089 - بيع الولاء، وهبته قال إسحاق بن منصور: أخبرنا أحمد قال: حَدَّثَنَا عبدُ الرحمنِ بن مهدي قال: أخبرنا شعبةُ، عن منصور، عن إبراهيم والشعبي أنَّهما كانا لا يريان بأسًا ببيع ولاء السائبة (¬1). قلتُ لأحمدَ: ما تقول أنت؟ قال: البيعُ لا، ليته يجوز الهبة. قال إسحاق: لا يجوزُ بيعُه ولا هبته. "مسائل الكوسج" (2986) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذَا وَالى قومًا بإذن مواليهم؟ جبنَ أحمدُ أنْ يقولَ فيه شيئًا، ووهَّن أحمدُ حديثَ عبدِ اللَّهِ بن دينار (¬2). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 303 (31611). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 9، والبخاري (2535) عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر قال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن بيع الولاء وهبته.

2090 - المملوك يعتق وله مال، لمن ماله؟

قال إسحاق: الولاءُ لحمة كالنسبِ، ليسَ لَهُ أَنْ ينتقلَ أذنُوا له أو لا. "مسائل الكوسج" (3169) قال صالح: وقال: الولاء أذهب إلى أن لا يباع ولا يوهب. "مسائل صالح" (115) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن بيع الولاء وعن هبته؟ فقال: أذهب فيه إلى أنه لا يباع ولا يوهب. "مسائل ابن هانئ" (1437) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: تذهب إلى حديث عمرو بن دينار أن ميمونة وهبت ولاء سليمان بن يسار لابن عباس (¬1)؟ . فقال أبي: لا. وقال أبي: ابن عباس روى عنه عطاء، عن ابن عباس: الولاء لا يباع ولا يوهب (¬2)، وكرهه ابن مسعود، وجابر (¬3). "مسائل عبد اللَّه" (1076) 2090 - المملوك يعتق وله مال، لمن ماله؟ قال إسحاق بن منصور: سُئل أحمدُ عَنِ الرجلِ يعتقُ عبدَه وله مالٌ؟ قال: ماله للسيدِ، إنما روى أيوب، عن نافعٍ أنَّ ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أعتقَ غلامًا له وله مال فلم يعرضْ لمالِه إنما تركه له ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- (¬4)، ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 303 (31608). (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 4 (16145)، وابن أبي شيبة 6/ 302 (31602). (¬3) رواه عبد الرزاق 9/ 4 (16142 - 16143) عنهما. (¬4) رواه عبد الرزاق 8/ 381 (15615).

ويُروى عَنِ ابن مسعودٍ -رضي اللَّه عنه- أنه قال: أما إن مالك لي (¬1)، وعن أنس بن مالك (¬2). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1326)، (2316) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فيمن أعتقَ عبدَه وله مالٌ. قال: مَالُهُ لسَيدِهِ الذي أَعْتقهُ، إلا أن يكونَ حديثُ عُبيدِ اللَّهِ بن أبي جعْفر ثبت. قُلْتُ: ليسَ للعبد مالٌ؟ قال: بَلى؛ أَمَا تَرى أَنَّهُ قال: وله مالٌ. فأضافَ المالَ إلى العبْدِ. قال إسحاق: المالُ للسَّيدِ؛ لأنَّ ما ملكَ العبدُ منَ المالِ فَهُو والمال للسَّيدِ. "مسائل الكوسج" (3133) قال صالح: وسألته عن مملوك أعتق وله مال، لمن يكون ماله؟ قال: إذا أعتق المملوك وله مال: فالمال للسيد. "مسائل صالح" (149) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن مملوك دبره مولاه قال: أنت حر بعد موتي، فمات المولى، وللغلام دراهم، ودنانير، ومتاع، هل للغلام من المال الذي في يده شيء؟ قال: المال لورثة مواليه، وما كان مما يلبس لابد له منه، فهو له. "مسائل ابن هانئ" (1443) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 408 (21510، 21513) وتمامه: ولكنه لك. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 408 (21511).

2091 - من باع عبدا له مال، لمن ماله؟

قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن المملوك يعتق وله مال، لمن ماله؟ قال: لمولاه. "مسائل عبد اللَّه" (1424) قال أبو الحارث قلت: الرجل إذا أعتق عبدًا وله مال؟ قال: ابن مسعود وأنس قالا: المال للسيد (¬1)، وابن عمر لم يعرض له (¬2). قيل له: ما يقول؟ قال: هؤلاء أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ ! "تهذيب الأجوبة" 1/ 441 - 442 2091 - من باع عبدًا له مال، لمن ماله؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فيمن باعَ عَبدًا ولَهُ مالٌ فمالُهُ للبائعِ إلَّا أنْ يشترطَ المشتري؟ قال: نعم، والنَّخلُ كَذَلِكَ. قال إسحاق: كما قال، قلَّ أو كَثُرَ، وأخطأ هؤلاء حين قَالوا: إِذَا كَانَ المالُ أكثر مِنْ الثَّمنِ فَسَدَ البيعُ. "مسائل الكوسج" (1867) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يشتري الغلام فيرى له المال فيعتقه المشتري؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 408 (21510، 21511، 21513) عنهما. (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 381 (15615).

قال: هو من مال المشتري مضى. "مسائل ابن هانئ" (1427)

باب أمهات الأولاد

باب أمهات الأولاد 2092 - متى تصير الأمة أم ولد؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ ينكحُ الأمةَ؛ فتلدُ منه ثم يشتريها تكون أم ولدٍ؟ قال: لا، حتى تحدث عنده حملًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1075) قال إسحاق بن منصور: قلت للإمام أحمد: قال سفيان في رجل وقع على جارية ابنه: إن حبلت كانت أم ولدٍ، وإن لم تحبل إن شاء الابن باعها. قال أحمد: إذا كان الابن قابضًا للجارية، ولم يكن الابن وطئها فأحبلها الأب، فالولد ولده والجارية له، وليس للابن منها شيء. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1122) قال صالح: إذا تزوج الرجل الأمة، فأولدها، ثم اشتراها بعد ذلك، فأكثر ما سمعنا عنه من التابعين يقولون: لا تكون أم ولد حتى تلد عنده، وهو يملكها، وقال بعض الناس: هي أم ولد وليس له بيعها. "مسائل صالح" (650) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الجارية تكون عند الرجل فتسقطُ منه، وقد أتى عليه أشهر؟ قال: إذا أسقطت سقطا يتبين أنه ولد، عتقت أو كان علقة أو شيئًا يتبين منه أنه ولد، عتقت. "مسائل ابن هانئ" (1438)

نقل عنه إبراهيم بن الحارث: إذا ألقت ما تمسه القوابل، فيعلمون أنه لم ولا يتبين خلقه، فأما في العدة فتحتاط بأخرى، وتحتاط بالعتق. ونقل يوسف بن موسى: أن أبا عبد اللَّه قيل له: ما تقول في الأمة إذا ألقت مضغة أو علقة؟ قال: تعتق. ونقل حنبل عنه: إذا أسقطت أم الولد، فإن كان خلقه تامًا عتقت وانقضت به العدة إذا دخل في الخلق الرابع ينفخ فيه الروح. "الروايتين والوجهين" 3/ 129، "المغني" 14/ 596، "المبدع" 6/ 370، 371 قال صالح: سألت أبي عن الرجل ينكح الأمة، فتلدُ منه، ثم يبتاعها، قال: لا تكون أم ولد له. قلت: فإن استبرأها، وهي حامل منه، قال: إذا كان الوطء يزيد في الولد، وكان يطؤها بعدما اشتراها، وهي حامل منه، كانت أم ولدٍ له. "المغني" 14/ 590 نقل عنه حرب، وابن أبي حرب فيمن أولد أمته المزوجة أنه لا يلحقه الولد. ونقل الأثرم ومحمد بن حبيب: يعتق عليه. "الفروع" 5/ 130، "معونة أولي النهى" 8/ 459، "الإنصاف" 19/ 417 نقل عنه الميموني: إن لم تضع، وتبين حملها في بطنها عتقت، وأنه يمنع من نقل الملك لما في بطنها حتى يُعلم. "الفروع" 5/ 130، "الإنصاف" 19/ 419 نقل حرب عنه فيمن وطئ أمة بينه وبين آخر: إن كانت بكرًا فقد نقص منها، فعليه العقد، والثيب لم تنقص، وفيه اختلاف، وإن أحبلها فهي أم

2093 - هل يجب الحد على قاذف أم الولد؟

ولده، وولده حر، ويلزمه نصف قيمتها. "الفروع" 5/ 133 نقل عنه يوسف بن موسى، ومهنا: تفسير أم ولد بوضعها أيضًا. "الإنصاف" 19/ 424 2093 - هل يجب الحد على قاذف أم الولد؟ نقل أبو طالب عنه: أن عليه الحد، إذا كان لها ابن. واحتج بحديث ابن عمر. "المبدع" 6/ 376

فصل ما للسيد من أم الولد

فصل ما للسيد من أم الولد 2094 - بيع أمهات الأولاد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: بيعُ أمهات الأولادِ؟ قال: لا يعجبني بيعهن، واحتجَّ بحديثِ عمرو بن العاص -رضي اللَّه عنه-: لا تلبسوا علينا سنةَ نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم-، عدةُ أمِّ الولدْ أربعة أشهر وعشر (¬1). قال إسحاق: لا يُبَعْنَ أبدًا؛ لما دخل العتاقة فيهن، واختلط اللحمُ باللحمِ، والدم بالدم، فإنْ باعَهَا فالبيعُ فاسدٌ. "مسائل الكوسج" (1033) قال صالح: وسألته عن حر تحته أمة، فولدت منه أولادًا، ثم اشتراها، أله أن يبيعها؟ قال: نعم، ما لم تكن ولدت في ملكه. "مسائل صالح" (260) قال ابن هانئ: وسألته عن حرّ تحته مملوكة، فولدت منه ثم اشتراها أجائز له بيعها؟ قال: نعم، ما لم تكن ولدت له في ملكه. "مسائل ابن هانئ" (1075) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 203، وأبو داود (2308)، وابن ماجه (2083)، وأبو يعلى (7349)، والدارقطني 3/ 309 وقال: قبيصة لم يسمع من عمرو، وصححه الحاكم 2/ 209، ونقل البيهقي 7/ 448 بعد أن ساق الحديث من طريق عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، قال أبي: هذا حديث منكر. وقد نقل ابن قدامة عن جماعة تضعيف الإمام أحمد للحديث. انظر: "المغني" 11/ 263، وصححه الألباني في "الإرواء" (2141).

قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يشتري أم ولده؟ قال: كأنه يتزوج الأمة ثم يشتريها. قال: لا أرى بأسًا أن يبيعها، إذا لم تكن ولدت له في ملكه، إنما قال الحسن وحده: إنها أم ولده (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1082) قال حرب: قلت لأحمد: رجل تزوج أمة، فولدت له، ثم اشتراها، أيبيعها؟ قال: ما أقل ما أختلف الناس في هذا أنه يبيعها إلا الحسن، فإنه قال لا يبيعها، ويروى عن عبيدة وشريح أنهما قال: يبيعها (¬2). وكأن أبا عبد اللَّه ذهب إلى بيعها. "مسائل حرب" ص 95 نقل أحمد بن القاسم عنه في الأمة إذا اشتراها فأولدها؟ قال: تعتق في حصة أولادها. قال أحمد بن القاسم: والمسألة على أن أولاده منها قد عتقوا قبل موته. "تهذيب الأجوبة" 1/ 404 - 405 قال صالح: قلت لأبي: إلى أي شيء تذهب في بيع أمهات الأولاد؟ قال: أكرهه، وقد باع علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- (¬3). "المغني" 14/ 585 نقل عنه مهنا: لا أقول فيها شيئًا "المغني" 14/ 589 ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 2/ 7 (1786)، وابن أبي شيبة 4/ 413 (21569). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 7 (1789) بنحوه. (¬3) رواه عبد الرزاق 7/ 291 (13224)، وابن أبي شيبة 4/ 414 (21583) بمعناه.

2095 - وطء أم الولد

2095 - وطء أم الولد نقل عنه أبو طالب: أنه لا يطؤها؛ لأنه لا يقدر على بيعها (¬1). "المبدع" 6/ 372 2096 - حال الولد إذا أعتقت أمه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: المكاتبةُ إذا أدَّتْ أو أُعْتِقَتْ عتقَ ولدها، وأم الولدِ والمدبرة إذا أُعْتِقَتْ لم يعتقْ ولدها حتَّى يموتَ السَّيِّدُ. قال أحمد: جيدٌ صحيحٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3181) 2097 - الوصية لأم الولد وإليها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أمُّ الولدِ ماذا لها مِنَ المتاع؟ قال: لا شيء لها إلَّا مَا أوصى لها. حَدَّثنَا إسحاق، قال: أخبرنا أحمد، قال: حَدَّثنَا هشيم قال: أخبرنا حُميد، عن الحسن أنَّ عمرَ -رضي اللَّه عنهم- أوصى لأمهات أولاده بأربعةِ آلاف أربعة آلاف (¬2). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3280) ¬

_ (¬1) والمذهب خلف هذه الرواية، أنه يجوز وطؤها. (¬2) رواه الدارمي 4/ 2071 - 2072 (3324).

2098 - إذا أسلمت أم ولد الذمي

2098 - إذا أسلمت أم ولد الذمي قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عَنْ أُمِّ ولدٍ نصراني إذا أسلمتْ؟ قال: تقوم قيمة. قيلَ لَهُ: فإنْ مَاتَ النَّصرانيُّ تَراه جائزًا عليها القيمة. قال: نعم، هُو عَليهَا. قال أحمد: إذَا أسلمتْ منعَ النصراني من غشيانِها، ونفقَتُهَا عليه، فإذا ماتَ النصرانيُّ فهي حُرةٌ. قال إسحاق: كما قال أحمد؛ لأنَّ النصرانيَّ لا يحلُّ لَهُ افْترَاشُ مسلمةٍ، وهي حين أسلَمتْ فعلَتْ مَا يلزمها، فإذَا مَاتَ المولى صارَتْ حرةً. "مسائل ابن هانئ" (3110) قال ابن هانئ: سُئل عن أم ولد النصراني تسلم. قال: فيها اختلاف، ولم يجب فيها بشيء. "مسائل ابن هانئ" (1078) قال أحمد بن هشام: سُئل أحمد عن أم ولد النصراني إذا أسلمت، فقال: فيها اختلاف، قال بعضهم تُستسعى وكره أن يقول فيها شيئًا. "تهذيب الأجوبة" 1/ 504، 526 نقل مهنا عنه: تعتق بإسلامها. "الفروع" 5/ 106

كتاب النكاح

كتاب النكاح 2099 - الحث على النكاح والترغيب فيه قال صالح (¬1): وسألته عن رجل يعمل الخوص قوته، وليس يصيب منه أكثر من قوته، هل يقدم على التزويج؟ قال أبي: يقدم على التزويج، فإن اللَّه يأتي برزقها. وقال: يتزوج ويستقرض أيضًا، وإن كان عنده مائتا درهم تبلغه الحج، وخاف على نفسه الفتنة، أمرته أن يتزوج ولا يحج. "مسائل صالح" (157) قال أبو داود: قال أبو عبد اللَّه: إن كان له والدان يأمرانه بالتزويج أمرته أن يتزوج، أو كان شابًّا يخافُ على نفسه العنت أمرته أن يتزوج. "مسائل أبي داود" (1124) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: ليس للمرأة خير من الرجل، ولا للرجل خير من المرأة، قال طاوس: المرأة شطر دين الرجل (¬2). وقال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ليس العزوبية من أمر الإسلام في شيء، النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تزوج أربع عشرة، ومات عن تسع. ثم قال: لو كان بشر بن الحارث تزوج كان قد تم أمره كله، لو ترك الناس النكاح لم يغزوا، ولم يحجوا، ولم يكن كذا، ولم يكن كذا. ¬

_ (¬1) ذكر ابن القيم هذه الرواية في "بدائع الفوائد" 4/ 57 عن الفضل بن زياد، عن أحمد، به. (¬2) رواه عبد الرزاق 11/ 302 (20598) عن معمر، عن ابن طاوس، عنه.

فقال: كان النبي يصبح وما عندهم شيء، ويمسي وما عندهم شيء، ومات عن تسع، وكان يختار النكاح، ويحث عليه. وقال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن التبتل (¬1)، فمن رغب عن فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو على غير الحق، ومن رغب عن فعل أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والمهاجرين والأنصار، فليس هو من الدين في شيء. قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الأُمَمَ" (¬2). ويعقوب في حزنه قد تزوج، وولد له. والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاءُ" (¬3). وأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتزوجون. قلت: إنهم يقولون: قد ضاق عليهم الكسب من وجهه. فقال: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد زوج على خاتم لمن ليس عنده شيء (¬4). قلت: وعلى سورة؟ قال: دع هذا. قلت: أليس هو صحيح؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 175، والبخاري (5074)، ومسلم (1402) من حديث سعد ابن أبي وقاص. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 349، وابن ماجه (3944) وابن حبان 13/ 324 (5985) من حديث الصنابح الأحمسي. قال البوصيري في "الزوائد" ص 508: وإسناده حديث الصنابحي -ويقال: الصنابح- صحيح، رجاله ثقاث. اهـ. وصححه الحافظ في "الفتح" 11/ 468. وله شواهد من حديث معقل بن يسار وأنس وغيرهم. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 128، والنسائي 7/ 61 - 62 من حديث أنس. قال الحافظ في "التلخيص" 3/ 116: إسناده حسن. (¬4) رواه الإمام أحمد 3/ 330، والبخاري (5029)، ومسلم (1425) من حديث سهل ابن سعد.

قال: دعه. إذا نهيتك عن شيء فانته، ينبغي أن يتزوج الرجل، فإن كان عنده أنفق عليها، وإن لم يكن عنده صبر. قلت: أنتم تقولون لي: إن لم أجد ما أنفق أطلق، وقع لي عمل، وإن مهرها ألف درهم (¬1)، وأن ليس عندي شيء، فضحك ثم قال: تزوج على خمسة دراهم، ابن المسيب زوج ابنته على درهمين (¬2). قلت: لا يرضى أهلي مني أن أتزوج على خمسة دراهم. قال: ها! جئتني بأمر الدنيا، فهذا شيء آخر. قلت: إن إبراهيم بن أدهم يُحكى عنه أنه قال: لروعة صاحب عيال (¬3) فما قدرت أن أتم الحديث حتى صاح بي وقال: وقعنا في بنيات الطريق. انظر -عافاك اللَّه- ما كان عليه محمد وأصحابه. وقال: قلتُ لأبي عبد اللَّه: إن الفضيل يُروى عنه أنه قال: لا يزال الرجل في قلوبنا، حتى إذا اجتمعَ على مائدته جماعةٌ، زال عن قلوبنا. قال: دعني من بنيات الطريق، العلم هكذا يؤخذ! انظر -عافاك اللَّه- ما كان عليه محمد وأصحابه. ثم قال: هو ذا أهل زمانك الصالحون، لا تجد فيهم إلا من هو متزوج. ثم قال: ليتق اللَّه العبدُ ولا يطعمهم إلا طيبا، لبكاء الصبي بين يدي أبيه متسخطًا؛ يطلب منه خبزًا أفضل من كذا وكذا، يراه اللَّه بين يديه. ¬

_ (¬1) كذا العبارة في المطبوع كأن فيها نقص أو زيادة. (¬2) رواه سعيد بن منصور في "سننه" 1/ 171 (620). (¬3) رواه أبو نعيم في "الحلية" 8/ 21 وفيه قصة، وتتمة كلام إبراهيم: لعل روعة صاحب عيال أفضل مما نحن فيه.

ثم قال: هو ذا عبد الوهاب، كُن مثل هؤلاء، لو ترك الناس التزويج من كان يدفع العدو! وقال: وقال لي أبو عبد اللَّه: صاحبُ العيال إذا تسخط ولده بين يديه يطلب منه الشيء، أين يلحقُ به المتعبد الأعزب؟ ! وقال: وذكر أبو عبد اللَّه من المحدثين علي بن المديني وغيره فقال: كم تمتعوا من الدنيا! إني لأعجب من هؤلاء المحدثين وحرصهم على الدنيا. وذكرتُ رجلًا من المحدثين. فقال: إنما أشرت به أن يُكتب عنه، وإنما أنكرتُ عليه حبه الدنيا. "الورع" (387 - 392) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يسيح يتعبد أحب إليك، أم المقام في الأمصار؟ قال: ما السياحة من الإسلام في شيء، ولا من فعل النبيين ولا الصالحين. "مسائل ابن هانئ" (1962) قال حرب: قلت لأحمد: التزويج أحب إليك في زماننا هذا أم العزوبية؟ قال: التزويج أحب إلي. "مسائل حرب" ص 68 قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه وذكر التزويج فقال: حدثنا سفيان، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَمْ يُرَ لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلَ

التزويج" (¬1). قال الفضل: قال أبو عبد اللَّه: المتحابين: الرجل والمرأة. "أحكام النساء" (104) وقال الخلال: أخبرني محمد بن جعفر قال: حدثني محمد بن موسى الخياط، قال: سألت أحمد، قلت: ما تقول في السياحة يا أبا عبد اللَّه؟ قال: لا، التزويج ولزوم المساجد. "أحكام النساء" (109) قال بشر بن موسى: حدثنا أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل وسألته عن التزوج؟ فقال: أراه. ورأيته يحض عليه. وقال: إلى رأي من يذهب الذى لا يتزوج؟ وقد كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- له تسع نسوة، وكانوا يجوعون. ورأيته لا يرخص في تركه. "الطبقات" 1/ 328 قال الفضل بن زياد: قال سمعت أبا عبد اللَّه قيل له: ما تقول في التزويج في هذا الزمان؟ ¬

_ (¬1) رواه كذا عن طاوس مرسلًا عبد الرزاق 6/ 168 (10377)، وسعيد بن منصور 1/ 139 (492)، وابن أبي شيبة 3/ 440 (15909)، وأبو يعلى 5/ 132 (2747)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" 4/ 134، والبيهقي 7/ 78. وروي عن ابن عباس موصولًا: رواه ابن ماجة (1847)، والعقيلي 4/ 134، والطبراني 11/ 16 (10893)، والحاكم 2/ 160، وتمام في "الفوائد" 1/ 322 (816) والخليلي في "الإرشاد" 2/ 653 (185) والبيهقي 7/ 78. وصححه الحاكم، وقال البوصيري في "الزوائد" ص 263: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. . اهـ. وصححه الألباني في "الصحيحة" (624).

2100 - الحث على زواج البكر

فقال: مثل هذا الزمان ينبغي للرجل أن يتزوج، ليت أن الرجل إذا تزوج اليوم ثنتين، (فقلت) (¬1): ما يأمن أحدكم أن ينظر النظر فيحبط عمله، قلت له: كيف يصنع؟ من أين يطعمهم؟ فقال: أرزاقهم عليك؟ ! أرزاقهم على اللَّه عز وجل. "بدائع الفوائد" 5/ 54 نقل ابن الحكم عنه: المتبتل: الذي لم يتزوج قط. "الفروع" 5/ 146، "المبدع" 7/ 5، "الإنصاف" 20/ 21 2100 - الحث على زواج البكر قال حرب: قلت لإسحاق: الرجل يتزوج البكر أحب إليك، أم الثيب؟ قال: للشباب البكرُ أحب إليَّ، وللشيخ إذا تزوج المكتهل كان أحب إلى، ثم قال: على نحو سن الرجل. "مسائل حرب" ص 124 قال إسحاق بن حسان الكوفي: ماتت أهلي وتركت ولدا، فكتبت إلى أحمد بن حنبل أشاوره في التزوج، فكتب إليَّ: تزوج ببكر، واحرص على ألا يكون لها أم. "الطبقات" 1/ 303 ¬

_ (¬1) كذا في المطبوع، وهي زائدة.

باب ما يسن فعله عند النكاح

باب ما يُسن فعله عند النكاح 2101 - النطر إلى المرأة التي يريد أن يتزوجها قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا أراد الرجل أن يتزوج ينظر إليها قبل ذلك؟ قال أحمد: لا بأس به، ما لم يكن يرى منها محرمًا. قال إسحاق: كما قال؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إِذَا أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا" (¬1)، وهي لا تعلم، إلى ما لا بأس منها. "مسائل الكوسج" (878) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل ينظر إلى امرأة قبل أن يتزوجها؟ قال: إذا كان نظره إليها مما يحرضه على النكاح، أو يروّج في قلبه حبها فلا، إلا أن يكون شيخًا لا يؤبه له، فلا أرى به بأسًا. "مسائل ابن هانئ" (977) قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يريد أن يتزوج المرأة، هل ينظر إليها؟ قال: إذا خاف ريبة. "مسائل حرب" ص 44 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يرى المرأة، ثم يتزوجها؟ قال: إن كان يتأملها لشهوة فلا، وإن كان لغير ذلك فلا بأس. "مسائل عبد اللَّه" (1298) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 493، وابن ماجه (1864)، من حديث محمد بن سلمة، وصححه ابن حبان 9/ 350 (4042)، والألباني في "الصحيحة" (98).

2102 - النهي عن خطبة الرجل على خطبة أخيه

نقل حنبل عنه: لا بأس أن ينظر إليها، وإلى ما يدعوه إلى نكاحها، من يد أو جسم ونحو ذلك. "الروايتين والوجهين" 2/ 78، "المغني" 9/ 491، "معونة أولي النهى" 9/ 18 2102 - النهي عن خطبة الرجل على خطبة أخيه قال حرب: سئل أحمد عن الخطبة على خطبة أخيه. قال: هو شبيه بالسوم على السوم إذا ركن إليه وارتضى كل واحد منهما صاحبه؛ وذلك أن مالكا هكذا فسره. وقال: وسألت إسحاق، قلت: رجل خطب على خطبة أخيه، فزوجوه، أتراه له طيبا؟ قال: لا. قلت: أفتحب له أن يفارقها؟ قال: أحب أن يتبع نهي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). قلت: يفارقها؟ قال: نعم. قلت: خطب الرجل امرأة، فلم يزوج ولم يرد، هل ترى لهذا أن يخطبها على خطبة هذا الرجل؟ ¬

_ (¬1) روي هذا النهي من حديث ابن عمر وأبي هريرة -رضي اللَّه عنهما-: فعن ابن عمر رواه الإمام أحمد 2/ 122، والبخاري (5142)، ومسلم (1412). ومن حديث أبي هريرة رواه الإمام أحمد 2/ 238، والبخاري (2140)، ومسلم (1413).

2103 - التعريض بخطبة المعتدة

قال: لا يخطب حتى يرد. وقال قلت لإسحاق: رجل حلف بطلاق امرأته ثلاثا أن يتزوج فلانة، فتزوجها في عدة من زوجها؟ قال: ليس هذا تزويجًا، حدثنا عبيد اللَّه بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: ثنا الأشعث، عن الحسن فيمن قال: أنت طالق إن لم أتزوج عليك. قال: إن تزوج تزويجا ليس بجائز لم يبر. "مسائل حرب" ص 122 قال علي بن سعيد: قال أحمد: لا يخطب الرجل على خطبة أخيه، ولا يستام على سوم أخيه، هذا للمسلمين. قيل له: فإن خطب على خطبة أخيه فتزوجها يفرق بينهما؟ قال: لا. "بيان الدليل" (599) 2103 - التعريض بخطبة المعتدة قال إسحاق بن منصور: قلت: قوله سبحانه وتعالى: {فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] ما الذي رخص للرجل أن يقول؟ قال: يقولُ: إنك لجميلةٌ، وإنك (لنافعة) (¬1)، وإنك إلى خير إن شاء اللَّه تعالى، ونحو هذا ولا يخطبها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1071) ¬

_ (¬1) في ط الجامعة الإسلامية: لنافقه -أي: غالية الثمن.

2104 - الخطبة عند الخطبة والعقد للنكاح

2104 - الخُطبة عند الخِطبة والعقد للنكاح قال حرب بن إسماعيل قال: قلت لأحمد: فيجب أن تكون خطبة النكاح مثل قول ابن مسعود (¬1)؟ فوسع في ذلك. "مسائل حرب" ص 44 قال الخلال: حدثنا أبو سليمان إمام طرسوس، قال: كان الإمام أحمد بن حنبل، إذا حضر عقد نكاح، فلم يخطب فيه بخطبة عبد اللَّه بن مسعود (¬2) قام وتركهم. وهذا كان من أبي عبد اللَّه على طريق المبالغة في استحبابها، لا على الإيجاب لها. "المغني" 9/ 465 - 466، "معونة أولي النهى" 9/ 36 2105 - إعلان النكاح، وضرب الدف عليه قال إسحاق بن منصور: قلتُ: نكاحُ السر ما هو؟ قال: ألا يظهروه وإن تزوجا بالأولياء. قال إسحاق: كذا هو. "مسائل الكوسج" (1077) ¬

_ (¬1) يعني حديثه في خطبة الحاجة التي علمهم إياها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رواه الإمام أحمد 1/ 392، 393، وأبو داود (2118)، والترمذي (1105)، والنسائي 3/ 104، وابن ماجه (1892) حسنه الترمذي، وصححه الألباني في "صحيح أبو داود" (1844). (¬2) يعني حديث خطبة الحاجة. رواه الإمام أحمد 1/ 392، وأبو داود (2118)، والترمذي (1105) والنسائي 3/ 104، وابن ماجه (1892). وقال الترمذي: حديث حسن. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1844) وأفرده في رسالة خاصة مطبوعة باسم خطبة الحاجة التي كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعلمها أصحابه.

قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يتزوج بولي وشاهدين، ويخفي النكاح؟ قال: يستحب أن يضرب عليه الدف، ورأيته يعجبه ضرب الدف في النكاح، كيما يعلم الناس. "مسائل ابن هانئ" (978) قال حرب: وسمعت أحمد يستحب ضرب الدف والصوت في الملاك. قيل: الصوت، ما هو؟ فقال: الصوت أن يحدث به ويتكلم به ويظهر وينسم، وقال: لا أقول كما يقول قوم، قال: وأهل المدينة يسهلون فيه يعني: الغناء. "مسائل حرب" ص 107 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن نكاح السر، هل ترى هذا نكاحًا؟ وإذا كان بشاهدين وولي، وهل يكون سرًّا؟ فقال: يستحب أن يظهر النكاح ولا يكون سرًّا، يكون بولي، ويضرب فيه بالدف حتى يشهر ويعرف. "مسائل عبد اللَّه" (1183) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي السمسار، حدثنا يعقوب بن بختان، أن أبا عبد اللَّه سئل عن ضرب الدف في الزفاف ما لم يكن غناء، فلم ير به بأسًا، ولم يكره ذلك. "الأمر بالمعروف"، للخلال (143) قال الخلال: وأخبرنا أحمد بن فرح الحمصي، ثنا بقيه، عن أبي عبد اللَّه كان يقول: إذا ضربتم بالدفوف في النكاح فلا تضربوه إلا بتسبيح وتكبير، وكان يرخص في النكاح، كي يعلم أنه نكاح. "الأمر بالمعروف" (145)

نقل أبو طالب عنه: إذا طلقت زوجته وراجعها واستكتم الشهود حتى انقضت العدة فرق بينهما ولا رجعة له عليها. "الروايتين والوجهين" 2/ 85 سأله ابن الحكم عن النفخ في القصبة كالمزمار؟ قال: أكرهه. ونقل حنبل: لا بأس بالصوت والدف فيه، وأنه قال: أكره الطبل -وهو الكوبة- نهى عنه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "الفروع" 5/ 311 - 312 ¬

_ (¬1) ورد النهي عنها من أحاديث ثلاثة عن الصحابة: 1 - فعن عبد اللَّه بن عمرو: رواه الإمام أحمد 2/ 158 وفي "الأشربة" (206) وأبو داود (3685)، والطبراني 12/ 101 (12598) وفي "الأوسط" 7/ 241 (7388). قال المنذري في "المختصر" 5/ 268 (3539): الوليد بن عبدة قال أبو حاتم الرازي، هو مجهول، وقال ابن يونس في "تاريخ المصريين": وليد بن عبدة مولى عمرو ابن العاص، روى عنه يزيد بن أبي حبيب، والحديث معلول، ويقال: عمرو بن الوليد بن عبدة. وذكر له هذا الحديث. اهـ. وقال ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 649: فيه عنعنة ابن إسحاق. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (1747). 2 - وعن ابن عباس: رواه الإمام أحمد 1/ 274، وأبو داود (3696)، والبيهقي 8/ 303. وصححه ابن حبان 12/ 187 (5365) وكذا الألباني في "صحيح الجامع" (1748). 3 - وعن قيس بن سعد بن عبادة: رواه الإمام أحمد 3/ 422، وابن أبي شيبة 5/ 97 (24070)، والطبراني 18/ 352 (897). قال الهيثمي في "المجمع" 5/ 54: وفيه عبيد اللَّه بن زحر، وثقه أبو زرعة والنسائي، وضعفه الجمهور. وضعفه العراقي في "المغني عن حمل الإسفار" 1/ 566.

باب ما جاء في أركان النكاح وشروط صحته

باب ما جاء في أركان النكاح وشروط صحته أولًا: الولي 2106 - لا نكاح إلا بولي قال صالح: وسألته عن رجل تزوج امرأة بشهود بغير ولي؟ قال: لا يجوز. "مسائل صالح" (410) قال صالح: سألته عن رجل اغتصب جارية بكرًا لها أب وإخوة، فقال لها: اجعلي أمرك إلى حتى أتزوجك، فخرج ثم دخل إليها، فقال: قد تزوجتك وأشهدت، ولم يدخل عليها شهودًا، ثم وطئها؟ قال: أرى أن يفرق بينهما، ويضرب، وينكل به، ويطاف به. "مسائل صالح" (602) قال حرب: سمعت إسحاق، قال: أخبرني سفيان، عن عبد الملك، عن ابن المبارك؛ أنه قال: لا نكاح إلا بولي، وأرى أن يفرق بينهما. قيل له: فما تقول إن ماتا، يتوارثان؟ أو طلقها، أيقع عليها طلاقه؟ قال: أما في القياس فلا ميراث، ولا طلاق، ولكني أجبن. "مسائل حرب" ص 121 قال حرب: قيل لأحمد: حديث سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي عليه السلام "أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ وَلِيِّ

فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ" (¬1). قال: هذا لا يصح؛ لأن الزهري سئل عنه فأنكره، (¬2) وعائشة زوجت حفصة بنت عبد الرحمن بنت أخيها (¬3)، والحديث عنها، فهذا لا يصح. وقال: قلت لأحمد: قد روي من غير هذا الوجه؟ قال: ما هو، هشام بن سعد؟ قلت: نعم، فلم يرض هشام بن سعد. قلت: فأي شيء يصح في هذا: "لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ" (¬4)؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 47، وأبو داود (2083)، والترمذي (1102)، وابن ماجه (1879) وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم 2/ 168، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1817)، وبسط الكلام عليه في "الإرواء" (1840) فانظره. (¬2) في "المسند" 6/ 47 روى الإمام عن إسماعيل ابن علية قال: قال ابن جريج: فلقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث، فلم يعرفه. قال: وكان سليمان بن موسى وكان. فأثنى عليه. وحكاها الترمذي بعد روايته للحديث. ورد المحدثون هذِه الحكاية لانفراد ابن علية بها، ووجهها بعضهم بأن نسيان الزهري الحديث لا يعني ضعفه، فقد يحدث المحدث بالحديث ثم ينساه ولا يقدح في ثبوته. قاله الحاكم. وانظر: "الفتح" 9/ 191. (¬3) رواه مالك في "الموطأ" ص 343، وسعيد بن منصور 1/ 382 (1662)، وابن أبي شيبة 3/ 444 (15949)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 8 (3943)، والبيهقي 7/ 112. (¬4) رواه الإمام أحمد 4/ 394، وأبو داود (2085)، والترمذي (1101)، وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى. وروي عن ابنه أبي بردة عن النبي مرسلًا. قال الترمذي: وحديث أبي موسى فيه اختلاف. ورواية هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ" عندي أصح. وصححه ابن حبان مرسلًا وموصولًا في "صحيحه" 9/ 394. =

قال: لا أعلم شيئًا يصح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حديث أبي موسى يضطربون فيه، شعبة يقول: عن أبي بردة، وإسرائيل يقول: عن أبي موسى. قلت: سفيان يقوله عن أبي بردة؟ قال: نعم، فلم يصححه، قال: ولكنه يروى عن عمر بإسناد صحيح (¬1)، وعن ابن عباس أنه لا يجوز النكاح إلا بولي (¬2)، قال: فأنا أذهب إليه. "مسائل حرب" ص 463 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في رجل تزوج امرأة بشهود بغير ولي، قال: لا يجوز. "مسائل عبد اللَّه" (1179) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا حصين عن بكر بن عبد اللَّه قال: كتب عمر بن الخطاب إلى الأمصار: أيما امرأة تزوجت ¬

_ = ورواه الحاكم 2/ 170 بأسانيد كثيرة موصولًا ثم قال: هذِه الأسانيد كلها صحيحة. وانظر: "الإرواء" (1839). (¬1) رواه الشافعي في "مسنده" 2/ 12 (21)، وعبد الرزاق 6/ 198 (10485) وابن أبي شيبة 3/ 440 (15914) سعيد بن منصور في "سننه" 1/ 158 (575) عن سفيان ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عبد الرحمن بن معبد أن عمر بن الخطاب رد نكاح امرأة نكحت بغير ولي. وروى ابن شيبة 3/ 441 (15915) عن حفص، عن ليث، عن طاوس، عن عمر قال: لا نكاح إلا بولي. والشافعي في "مسنده" 2/ 12 (22). (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 198 (10483) وسعيد بن منصور في "سننه" 1/ 154 (553)، وابن أبي شيبة 3/ 441 (15917)، والبيهقي 7/ 112 موقوفًا على ابن عباس. ويروى عنه مرفوعًا، رواه الإمام أحمد 1/ 250، وابن ماجه (1880) وأعل بالموقوف. وانظر: "الإرواء" (1839).

عبدها، أو تزوجت بغير بينة ولا ولي فاضربوها، وفرقوا بينهما. حدثنا هدبة بن خالد: قال: نا حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار قال: تزوجت امرأة بغير ولي، فرد عمر بن الخطاب نكاحها. "مسائل عبد اللَّه" (1191) قال البغوي: وسمعت أحمد يقول: إن تزوج الرجل بغير إذن ولي المرأة، وقد ولدت من الرجل أولادًا أللولي أن يفرق بينهما؟ قال أبو عبد اللَّه: فكذا كان يقول ابن المبارك. "مسائل البغوى" (18) نقل أبو الحارث: إذا جعلت أمرها إلى رجل فزوجها لم يجز وتستأنف النكاح. "الروايتين والوجهين" 2/ 82 قال علي بن سعيد: سألت أحمد عن المرأة تتزوج بغير ولي؟ فقال: يفرق بينهما، أو يستقبلوا النكاح. "الطبقات" 2/ 28 قال المروذي: سألت أحمد ويحيى عن حديث: "لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ" فقالا: صحيح. "المغني" 9/ 345 قال أحمد بن أبي يحيى: سمعت أحمد بن حنبل يقول: حديث "أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ" (¬1) و "لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ" أحاديث يشبه بعضها بعضًا، وأنا أذهب إليها. "سير أعلام النبلاء" 5/ 436 ¬

_ (¬1) روي عن بضعة عشر نفسًا من الصحابة وأوصلهم الزيلعي في "نصب الراية" 2/ 472 - 477، إلى ثمانية عشر صحابيَّا فانظره فقد أغنى. وانظر: "إرواء الغليل" (931). وهو من الأحاديث المتواترة يحكى نسخه.

2107 - المرأة تتزوج بغير ولي، فأجاز الولي النكاح

2107 - المرأة تتزوج بغير ولي، فأجاز الولي النكاح قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا تزوجت بغير إذن وليها، ثم أذن الولي بعد ذلك؟ قال أحمد: أعجبُ إلي أن يستأنف النكاح. قال إسحاق: هو كما قال، ولكن إذا أجاز جاز؛ لأن عليَّ بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- حين رفع إليه (حديث) (¬1) بنت هانئ، حين زوجتها أمها أجاز عليٌّ -رضي اللَّه عنه- نكاحهما (¬2)، وليس فيه تجديد النكاح، وعليٌّ -رضي اللَّه عنه- يومئذ خليفة، فكل عقد نكاحٍ مثل هذا موقوف حتى يجيزه الولي أو السلطان. "مسائل الكوسج" (871) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن العبد يتزوجُ بغير إذن مولاهُ، فبلغ مولاه فسكت، أتراهُ جائزًا؟ قال: لا وإن قال: قد أجزتُ، حتى يستأنفا نكاحًا جديدًا. وقال: قال ابن عمر: هو الزنا؛ ويَضربُ فيه (¬3). "مسائل أبي داود" (1092) ¬

_ (¬1) كذا بالمطبوع، ولعلها (بحرية) كما في مصادر التخريج. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 443 (15942)، والدارقطني 3/ 323، والبيهقي 7/ 112. قال الدارقطني: بحرية مجهولة. قلت: وهي راوية القصة. وقال البيهقي: وهذا الأثر مختلف في إسناده ومتنه، ومداره علي أبي قيس الأودي، وهو مختلف في عدالته، وبحرية مجهولة، واشتراط الدخول في تصحيح النكاح إن كان ثابتًا. والدخول لا يبيح الحرام. والإسناد الأول عن علي -رضي اللَّه عنه- في اشتراط إسناد صحيح فالاعتماد عليه. (¬3) رواه عبد الرزاق 7/ 243 (12982)، وسعيد بن منصور 1/ 207 (789)، وابن أبي شيبة 3/ 528 (16858، 16859)، والبيهقي 7/ 127.

2108 - زواج الصبي دون إذن وليه

قال حرب: سألت أحمد: امرأة تزوجت بغير ولي، ثم أراد الولي أن يجيز النكاح؟ قال: بنكاح جديد ومهر وخطبة جديدة، ولا يجوز أن يقول: قد أجزت ذلك النكاح. وقال: وسئل أحمد مرة أخرى عن امرأة تزوجت بغير إذن ولي، ثم بلغ الولي فأجاز؟ قال: لا، ولكن يجدد النكاح. وقال: وسألت إسحاق قلت: امرأة ولت أمرها رجلا، فزوجها من رجل كان وليها غائبا، ثم قدم الولي فأجاز النكاح من غير أن يجدد النكاح، أو من غير شهود؟ قال حيث أجاز الولي جاز ذلك النكاح حينئذ وإن لم يجدد النكاح، والتجديد كان أحب إلى، فأما إذ أجاز فِعْلَ الذي أنكح جازه. "مسائل حرب" ص 26 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن امرأة زوجت نفسها من رجل بشهادة شاهدين ووليها غائب، فكتب الولي أن ما صنعت في نفسها من شيء فهو جائز، وهل يصلح ذلك؟ قال: يستأنفان النكاح. "مسائل عبد اللَّه" (1185) 2108 - زواج الصبي دون إذن وليه نقل حنبل عنه: إن تزوج الصغير فبلغ أباه فأجازه جاز. "الفروع" 4/ 5، "المبدع" 4/ 8

2109 - المملوك يتزوج بغير إذن سيده

2109 - المملوك يتزوج بغير إذن سيده قال إسحاق بن منصور: قلت: تزويجُ العبد بغير إذن مولاه؟ قال: هو على قول ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- زنا (¬1). قلت: فإن أجازه المولى بعد ذلك؟ قال: يستأنف النكاح. قيل له: يجلد؟ قال: على قول ابن عمر نعم، ولكن حديث أبي موسى (¬2). قلتُ: فليس لها صداق ولا عليها العدة؟ قال: هكذا هو قولُ ابن عمر (¬3) كأنه مال إلى حديث أبي موسى (¬4). قال إسحاق: يستأنف النكاح أحب إلينا، ولكن لا يُجلد الحد، وإن أجازه المولى جاز، وإن كان دخل بها فالعدة عليها والنفقة. "مسائل الكوسج" (895) قال صالح: وسألته عن مملوك تزوج بغير إذن مواليه؟ قال: لا يجوز. قلت: فإن أجاز الموالي؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 243 (12982)، وسعيد بن منصور في "سننه" 1/ 207 (789) وابن أبي شيبة 3/ 528 (16858، 16859)، والبيهقي 7/ 127. (¬2) يعني أنه لا يحد، وهو يشير إلى قصة غلام أبي موسى الذي تزوج بغير إذنه ولم يحده، رواه عبد الرزاق 7/ 262 (13074)، وسعيد بن منصور 1/ 208، وابن أبي شيبة 3/ 527. (¬3) روى ابن أبي شيبة 3/ 527 (16850) عن ابن عمر قال: لا صداق لها، هي أباحت فرجها. (¬4) سيأتي قريبًا.

قال: فنكاح جديد. قلت: فإن زوجه مولاه، بيد من الطلاق؟ قال: بيد المملوك. قلت: فإن تزوج بغير إذن المولى فدخل بها هل لها مهر؟ قال: فيه اختلاف. قال عثمان بن عفان: لها خمسا المهر (¬1). قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا عبد اللَّه بن بكر، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن خلاس أن غلامًا لأبي موسى تزوج مولاة -أحسبه تيجان التيمي- بغير إذن أبي موسى، وكتب في ذلك إلى عثمان، فكتب إليه: أن فرق بينهما؛ وأجرى لها الخمسين من صداقها. وكان صداقها خمسة أبعرة. قال قتادة: فذكرت ذلك لبلال فقال: نعم، ذاك غلامنا رواح أو رواح. وقال يزيد: مولاة لتيجان أخي ابن عابس. قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: حدثنا أبان، عن قتادة، عن خلاس أن غلامًا لأبي موسى يقال له: رواح أو رواح، تزوج مولاة لتيجان، فساق خمسة أبعرة، ولم يكن مولاه اطلع عليها، فكتب بذلك أبو موسى إلى عثمان، فكتب إليه عثمان: أجز لها بعيرين، ورد ثلاثة. قال أبي: وأنا أذهب إليه، وهو في رقبة العبد. "مسائل صالح" (414) قال أبو داود: وسمعتُ أحمد سُئِلَ عن المكاتب يتزوجُ بغير إذن سيده؟ ¬

_ (¬1) سيأتي قريبًا.

قال: لا. "مسائل أبي داود" (1090) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن عبدٍ مأذونٍ له في التجارة يتزوج بغير إذن سيده؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (1091) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن امرأة أعتقت، فتزوجها رجل بلا ولي؟ قال: لا يتزوجها، إلا أن يزوجها مواليها الذين أعتقوها. "مسائل ابن هانئ" (973) قال حرب: سألت أحمد قلت: مملوك تزوج بغير إذن مولاه؟ قال: لا يجوز. قلت: فإن أجازه المولى؟ قال: بنكاح جديد. قلت: فإن زوجه المولى، بيد من الطلاق؟ قال: بيد المملوك، وكذلك المهر. قلت: فإن تزوج بغير إذن المولى فدخل بها، هل لها مهر؟ قال: فيه اختلاف. قال: وقال عثمان بن عفان: لها خمسا المهر. قال أحمد: وأنا أذهب إليه، وهو في رقبة العبد. وسألت إسحاق: قلت: مملوك تزوج بغير إذن مولاه؟ قال: لا يجوز للعبد البتة أن يتزوج بغير إذن مولاه، لا اختلاف فيه، وسألت إسحاق أيضًا عن عبد تزوج بغير إذن سيده. قال: ليس هذا نكاحا.

قلت: لها المهر؟ قال: إذا عتق العبد، فلها المهر كاملا. قلت: فمن يقول: لها الخمسان؟ قال: فيه قول، وذكر عن أبي موسى، ولم يذهب إليه. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل: قال: ثنا وكيع قال: ثنا حسن بن صالح، عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "أَيُّمَا عَبْدٍ تزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْن مَوَالِيهِ فَهُوَ عَاهِرٌ" (¬1). وقال: حدثنا أحمد قال: ثنا محمد بن بشر وعبد اللَّه بن نمير، قالا: ثنا عبيد اللَّه، عن نافع، عن عبد اللَّه أنه كان يرى نكاح العبد بغير إذن سيده زنًا، وكان يعاقب الذين زوجوه. "مسائل حرب" ص 70 وقال: حدثنا أحمد قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا سعيد، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو أن غلامًا لأبي موسى الأشعري تزوج مولاة لتيجان أخي ابن عابس، فساق إليها خمسة أبعرة، فكتب في ذلك أبو موسى إلى عثمان، ففرق بينهما، وجعل لها الخمسين بعيرين، ورد سائره إلى أبي موسى. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 382، وأبو داود (2078)، والترمذي (1111، 1112) قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم 2/ 194، وقال الألباني في "الإرواء" (1933): حسن. قلت: استنكره الإمام أحمد -كما سيأتي قريبًا- ومداره على عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، قال الحافظ في "التقريب" (3592): صدوق في حديثه لين، ويقال: تغير بأخرة، من الرابعة.

وقال: حدثنا أحمد قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: ثنا همام، عن مطر، عن نافع أن ابن عمر كان إذا تزوج عبده بغير إذنه جلده خمسين، وقال للمرأة: أبحت فرجك؟ ! فأبطل صداقها. وقال: حدثنا أحمد قال: ثنا وكيع: قال: ثنا سفيان، عن فراس، عن الشعبي قال: يؤخذ منها ما استهلكت، وما لم تستهلك. وقال: حدثنا أحمد قال: ثنا وكيع قال: حدثنا سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم: يؤخذ منها ما لم تستهلك، وما استهلكت فلا شيء. وقال: حدثنا أحمد قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: ثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: إذا نكح العبد بإذن سيده، فالطلاق بيد العبد. وقال: حدثنا أحمد قال: ثنا معاذ بن معاذ، عن الأشعث، عن الحسن، عن سعيد بن المسيب: قال: إذا تزوج العبد بإذن سيده، فالطلاق بيد العبد، وهو رأي الحسن. وقال: حدثنا أحمد قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك وابن عباس وجابر بن عبد اللَّه قالوا: الطلاق بيد السيد يعني: إذا تزوج بغير إذنه. "مسائل حرب" ص 70 - 71 قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن العبد كم يتزوج؟ قال: اثنتين. قيل لأبي: مملوك يتزوج بغير إذن مواليه؟ قال: لا يجوز. قيل لأبي وأنا أسمع: فإن أجاز المولى؟ قال: بنكاح جديد.

2110 - أصناف الأولياء وترتيبهم

قيل لأبي وأنا أسمع: فإن زوجه مولاه، بيد من الطلاق؟ قال: بيد المملوك. "مسائل عبد اللَّه" (1212) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: نكاح العبد لا يجوز إلا بإذن السيد. "مسائل عبد اللَّه" (1214) قال حنبل: ذكرت هذا الحديث "أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَهُوَ عَاهِرٌ" لأبي عبد اللَّه، فقال: هذا حديث منكر. وقال في موضع آخر: ولا مهر لها إذا تزوجها العبد بغير إذن سيده. "المغني" 9/ 436 - 437 قال حنبل: قال في العبد إذا تزوج بغير إذن سيده، ثم علم السيد بذلك: فإن شاء يطلق عليه، فالطلاق بيد السيد، وإذا أذن له في التزويج فالطلاق بيد العبد. "زاد المعاد" 5/ 157 2110 - أصناف الأولياء وترتيبهم قال إسحاق بن منصور: قلت: قول عليٍّ -رضي اللَّه عنه-: لا نكاح إلا بولي، فإذا بلغ النساء نص الحقاق (¬1) فالعصبة أولى (¬2). قال الإمام أحمد -رضي اللَّه عنه-: العصبة أولى أن تزوجها. قال إسحاق: يقول: إذا بلغت المرأةُ أن توطأ فحينئذ العصبةُ أولى ¬

_ (¬1) النص: أقصى الشيء وغايته، ونص الحقاق: بلوغ العقل، تشبيهًا بالحقاق من الإبل؛ وهو ما كبر ودخل في السنة الرابعة، وعند ذلك يُتمكن من ركوبه وتحميله. (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 196 (10476)، والبيهقي 7/ 121.

بتزويجها، وقبل ذلك لا ينبغي للعصبة أن يزوجوا، إنما ذلك للأب قبل أن تدرك. "مسائل الكوسج" (859) قال إسحاق بن منصور: قلت: كان يقال: الفروج إلى العصبة، والأموالُ إلى الأوصياء. قال أحمد: جيد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (869) قال إسحاق بن منصور: قلت: من أحق بالمرأة أن يزوجها؟ قال أحمد: أبوها، ثم الابن، ثم الأخ، ثم ابن أخيها، ثم عمها. فإن اجتمع الأخ والجد كان الجد أعجب إلي، أو الابن فالابن أعجب إلي. قال إسحاق: كله كما قال، إلا أن الابن أولى. قال: ثم الأب، وإن كان أخ لأب وأخ لأب وأم، أو ابن عم للأب والأم وابن عم لأبٍ، فزوج الذي للأب، فقد أخطأ إذا لم يدع حتى يلي ذلك أقربهما منها، ولكن لا يرد فعله إذا كان زوجها من كفؤ؛ لما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِذَا أَنْكَحَ الوَلِيَّانِ فالنكاح لِلْأَوَّلِ" (¬1) وكل من وصفنا أولياء، فإن كان أحدهما ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 8، وأبو داود (2088)، والترمذي (1110)، والنسائي 7/ 313 - 314، والطبراني (6842)، والحاكم 2/ 175، والبيهقي 7/ 140، 141 من رواية الحسن عن سمرة مرفوعًا. ورواه الإمام أحمد 4/ 149، والبيهقي 7/ 139 من رواية الحسن عن عقبة بن عامر، وقد قال ابن المديني: لم يسمع الحسن من عقبة بن عامر شيئًا، وقد عنعنه الحسن، والحديث حسنه الترمذي، وصححه الحاكم، وأبو زرعة وأبو حاتم كما في "تلخيص الحبير" 3/ 165 والعمل عليه عند أهل العلم كما قال الترمذي، وضعفه الألباني في "الإرواء" (1853).

أقرب من الآخر فإنما يستحق بالقرب الميراث دون الآخر، ولا يزول عن أدناهما اسم الولاية؛ وذلك أنه ليس في حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الوليين أيهما أقرب، وكلٌّ وليٌّ، كذلك قال مالك بن أنس ومن اتبعه. "مسائل الكوسج" (870) قال صالح: وسألته عن الأمير أحق أن يزوج أو القاضي؟ فقال: القاضي؛ لأن إليه الفروج والأحكام. "مسائل صالح" (411) قال صالح: وقال في امرأة لها أبي ذمي، ولها أخ مسلم، أيهما يكون وليها، وهل يكون الذمي ولي المسلمة إذا لم يكن ولي غيره، وهل يكون الخال وليًّا إذا لم يكن أقرب منه؟ قال: لا يكون الذمي وليًّا، ولكن يكون أدنى العصبة؛ فهو أولى، ولا يكون الذمي وليًّا، ولا يكون الخال وليًّا، إنما يكون الولي العصبة. "مسائل صالح" (646) قال صالح: سألت أبي، عن المرأة يكون لها أخوان، أخ من أبيها، وأخ لأمها وأبيها، هل يجوز أن يزوجها الأخ الذي لأبيها؟ قال: نعم، هو سواء في ولاية النكاح، وإذا كان من قبل أمها لم يجز. "مسائل صالح" (752) قال أبو داود: سمعتُ أحمد قال: أختارُ القاضي، هو أحب إلي من الأمير في ذلك. "مسائل أبي داود" (1080) قال ابن هانئ: قلت: يزوج الخال، وابن الخال، وابن الخالة؟ قال: لا يزوج إلا عصبة مثل: عم، وابن عم، وأخ، وابن أخ. "مسائل ابن هانئ" (975)

قال ابن هانئ: وسئل عن: المرأة تكون بين ظهراني القوم، ليس لها ولي، ولا أحد من الناس، ترى أن يزوجها رجل منهم إذا هي طلبت ذلك؟ قال: إذا لم يعلم لها ولي ولا زوجٌ زوَّجَها السلطان القاضي، السلطان هو الذي يزوج. "مسائل ابن هانئ" (1031) قال حرب: قلت لأحمد: فالأمير أحق أو القاضي؟ قال: القاضي أحق؛ لأنه إليه الفروج والأحكام. وسمعت أحمد مرة أخرى يقول: القاضي يزوج، ولا يزوج الولي. "مسائل حرب" ص 23 قال حرب: قلت لأحمد: فالأب أحق أم الابن؟ قال: الأب أحب إلي. قلت: ثم الابن؟ قال: نعم. "مسائل حرب" ص 25 قال حرب: سئل أحمد عن امرأة لها أخ من أب وأم، وأخ من أب، من أحق بتزويجها؟ قال: هما في الولاية سواء، وليس هذا مثل الميراث. "مسائل حرب" ص 30 قال عبد اللَّه: قيل لأبي وأنا أسمع: الأمير أحق أن يزوج أمِ القاضي؟ قال: القاضي، لأن إليه الفروج والأحكام. "مسائل عبد اللَّه" (1180)

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن جارية لم تبلغ، زوَّجها خالها فدخل بها زوجها، ثم قيل لهم: إنه نكاح فاسد، ففرق بينهما، هل يجب لها الصداق؟ وهل يجوز لها في وقت ما تدرك أو تبلغ خمس عشرة سنة أن يأذن السلطان فيزوجها من هذا الرجل، أو يكتب إلى أوليائها حيث كانوا؟ وكم حدها من السنين التي تكون فيها بالغًا إن كانت ممن لا تحيض؟ وهل يجوز لها بعد أن تدرك أو تبلغ سني البالغة أن تأذن لخالها في تزويجها إن لم يكن لها ولي غيره؟ هل عليها إذا فرق بينهما عدة؟ وكم العدة؟ فأملى عليَّ أبي قال: إن كان دخل بها زوجها فقد وضعها خالها في الكفاءة واستوفى لها المهر، فإن الذي يعجبنا من هذا أن يستأنف نكاحها بولي عصبة، ويكون لها المهر بما أصاب منها إذا استأنفوا النكاح ومهرها مهرًا جديدًا. وحد بلوغ الجارية الحيض الذي سمينا بلوغها بالحيض، فإن لم يكن ولي حاضر من عصبتها كتب إليهم حتى يأذنوا في إنكاحها، إلا أن تكون غيبة منقطعة لا تدرك إلا بالكلفة والمشقة، فإن الذي سمعنا: النكاح بالولي، فإن لم يكن ولي فالسلطان ولي من لا ولي له، والجارية لا يزوجها إلا أبوها إذا لم تكن بلغت، فإذا بلغت تسع سنين كان لها ولي غير أبيها، استؤمرت، فإن هي أذنت جاز عليها إذا زوجها ولي، وعليها العدة إذا فرق بينهما إذا كان نكاحًا فاسدًا، وإن لم يكن أيضًا نكاحًا فاسدًا فطلقها أو فرق بينهما بسبب من الأسباب مثل الرضاع فعليها أن تعتد عدة المطلقة، إن كانت ممن تحيض ثلاث حيض، وإن كانت ممن لا تحيض فثلاثة أشهر. والحجة من الجارية أنها تستأمر وهي بنت تسع، ما يروى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-

2111 - امرأة أسلمت على يد رجل أيزوجها؟

دخل بعائشة وهي بنت تسع (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1193 - 1194) نقل حنبل عنه: العصبة فيه من أحرز المال، ثم أخوها لأبويها، ثم لأبيها. ونقل أبو الحارث: الأخ لأبوين أولى، فإن زوج الأخ للأب كان جائزا، ثم بنوها كذلك، ثم أقرب عصبة نسب كالإرث. "الفروع" 5/ 178 2111 - امرأة أسلمت على يد رجل أيزوجها؟ قال الخلال: أخبرني حرب قال: قلت لأحمد: امرأة أسلمت على يدي رجل، يزوجها؟ قال: نعم. "أحكام أهل الملل" 1/ 233 (437) 2112 - إذا زوجها وليان في يوم واحد؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: سُئل سفيان عن وليين زوجا، لا يدرى أيهما زوج قبل الآخر؟ قال: إن كان يدرى أيهما قبل الآخر فهي للأول، وإن كان لا يُدرى فارق كل واحد منهما. قال أحمد: يقرع بينهما، فمن أصابته القرعة فهي له. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 118، والبخاري (3894)، ومسلم (1422) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-.

قال إسحاق: هو في القرعة كما قال. "مسائل الكوسج" (863) قال إسحاق بن منصور: قلت: وليان زوجا امرأة، فدخل بها الذي تزوجها بعد؟ قال: يفرق بينها وبين هذا، ولها صداقها بما استحل منها، وترد إلى الأول. قال إسحاق: هو كما قال؛ لما صح نكاح الأول، فلا يتم للثاني نكاحٌ. "مسائل الكوسج" (865) قال إسحاق بن منصور: قلت: وليان زوجا امرأة لا يُدرى أيهما زوج قبل؟ قال أحمد: ما أرى لواحد هاهنا نكاحًا. قال إسحاق: هو كما قال، إذا لم يتحقق الأول. "مسائل الكوسج" (866) قال صالح: وسألته عن جارية صغيرة، زوجها أبوها من رجلٍ، وأخوها من رجلٍ؟ قال: هو الذي زوج الأب، رضيَتْ أم كرهتْ، نرى نكاح الأب جائزًا على الصغيرة. "مسائل صالح" (91) ذكرها عبد اللَّه عن أبيه في "مسائل عبد اللَّه" (1276) قال حرب: قيل لأحمد: أمرأة زوجها وليان لها في يوم واحد وساعة واحدة؛ لأنه لا يدرى أيهما زوج قبل، فهما بمنزلة واحدة؟ قال: يفسخ النكاح إذا كانا في الولاية سواء.

قيل: فإن طلقها كل واحد منهما تطليقة؟ قال: هذا حسن. وكأنه ذهب إلى أنها واحدة؛ لم أفهم عنه القول الأخير جيدًا. وقال: وسئل أحمد مرة أخرى، قيل: وليان زوجا في يوم، وأشكل أيهما أول. فذهب إلى أنه إذا كان أحدهما أولى من الآخر فهو أحق. وقال: سئل أحمد عن جارية زوجها أبوها من رجل، وأخوها من رجل، وولي آخر من رجل؟ قال: هي للذي زوج الأب رضيت أم كرهت، نرى نكاح الأب جائزًا على الصغيرة. وقال: وسألت أحمد مرة أخرى قلت: امرأة زوجها جدها أبو أبيها من رجل، وزوجها أخوها من رجل آخر. قال: أيهما كان قبل، فهي امرأته. قلت: الجد والأخ سواء؟ قال: ما أقربهما! والجد أقرب قليلا. قلت لأحمد: فإذا كان لها أب؟ قال: إذا كان لها أب لم يجز لأحد أن يزوج إلا الأب. وقال: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا ابن علية، قال: أخبرنا يونس، عن الحسن، قال: تزويج الأب على البكر جائز رضيت أم كرهت. "مسائل حرب" ص 29 نقل أبو الحارث: يفسخ النكاحان جميعا. "الروايتين والوجهين" 2/ 95

2113 - إذا تعذر وجود ولي، فمن أولى بولاية النكاح؟

2113 - إذا تعذر وجود ولي، فمن أولى بولاية النكاح؟ قال صالح: وسألته عن الرجل تجعل المرأة أمرها إليه، وليس لها ولي، هل يزوجها تزويجًا ظاهرًا دون السلطان؟ قال أبي: لا يزوجها ولا يتزوجها إلا بإذن ولي، فإن لم يكن ولي فالسلطان. "مسائل صالح" (272) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: لا نكاح إلا بولي، إن لم يكن وليٌّ فالسلطان. "مسائل أبي داود" (1079) قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا يقول: وذكر عن مالك بن أنس أنه كان يرخص في المرأة إذا لم يعرف لها نسب أن يزوجها المسلمون. وقال: قال إسحاق: وربما ملت إلى ذلك في حال الضرورة، وذكر عن عمر أنه قال: كان يزوجها السلطان أو ذوي الرأي من أهلها (¬1). وقال: قلت لإسحاق -رضي اللَّه عنه-: إن قبلنا ليس اليوم حاكم، وربما خطبت المرأة وهى لقيط ليس لها أبي، ولا يعرف لها نسب. فكأنه رخص، ولكن لم يصرح. قيل لأحمد: فإن أهل الرساتق مثل المدائن، والأنبار، وليس لهم قاض، كيف يصنعون؟ قال: واليهم لا يحكم بحكم القضاة، فلا يجوز إلا من ينظر في هذا. قيل: فتبقى المرأة ليس لها حيلة؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام مالك في "الموطأ" ص 325، والدارقطني 3/ 228، والبيهقي 7/ 111.

قال: كيف أصنع؟ الحديث هكذا! ولم يرخص فيه. وقال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن التيمي، عن الحسن قال: لا نكاح إلا بولي. قلت: يحرمها القاضي؟ قال: نعم. وقال: قلت لإسحاق: ليس عندنا قاضٍ، فدعا الوالي رجلا، فقال: قد أمرتك كلما جاءتك امرأة ليس لها ولي أن تزوجها. قال: هذا جائز. ورخص فيه. وقال: قلت لأحمد: فامرأة لها ولي، ولم يزوجها، هل تأتي السلطان فيزوجها؟ قال: إذا كان كفؤًا. وقال: سألت أحمد: قلت: امرأة ليس لها ولي، ولكن إذا انتسبت أنا إلى خمسة آباء، ثم انتسبت هي إلى خمسة آباء التقينا في النسب، هل أزوجها؟ قال: نعم، أنت عصبتها إذا لم يكن ولي أقرب منك. "مسائل حرب" ص 23 - 24 قال الإمام أحمد في رواية المروذي في البلد يكون فيه الوالي وليس فيه قاض يزوج: إن الولي ينظر في المهر وإن أمره ليس مفوضًا إليها وحدها، كما أن أمر الكفؤ لكفؤ ليس مفوضًا إليها وحدها. "الاختيارات الفقهية" المطبوع مع "الفتاوى الكبرى" 4/ 444

فصل ما يشترط في الولي

فصل ما يشترط في الولي 2114 - 1 - البلوغ قال إسحاق بن منصور: قلت: قال: سئل سفيان عن امرأة قالت لأخيها وهو صغير لم يحتلم بعد: زوجني، فزوجها؟ قال: ليس بولي حتى يحتلم. وسُئِلَ عن: المعتوه؟ قال: ليس بولى. قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كلاهما كما قال، أو يبلغ خمس عشرة سنة، أو تنبت عانته، أو يحتلم. فأيُّ الخصال الثلاثة كانت فيه جاز تزويجه إلا أن يكون فاسقًا، وإن لم يعرف من العلامات الثلاثة علامة وعُلم أنه بلغ ستة أشبار فهو مثل إحدى العلامات الثلاث. "مسائل الكوسج" (864) قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: فحديث عمر بن أبي سلمة، حين زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمه أم سلمة (¬1)، أليس كان صغيرا؟ ! قال: ومن يقول: كان صغيرا، ليس فيه بيان. "المغني" 9/ 357 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 295، وصححه ابن حبان (2949)، والحاكم 2/ 178 - 179، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، ومن طريقه البيهقي 7/ 131، وصحح إسناده الألباني في "الإرواء" 6/ 220.

2115 - 2 - العقل

2115 - 2 - العقل قال حرب: قيل لأحمد: امرأة لها ولي لا يعقل شبه المصاب، أو المجنون؟ قال: تأتي السلطان. "مسائل حرب" ص 35 قال الإمام أحمد في رواية محمد بن الحسن في الأخوين صغير وكبير: ينبغي أن ينظر إلى العقل والرأي. وقال في رواية الأثرم في الأخوين الصغير والكبير: كلاهما سواء إلا أنه ينبغي أن ينظر في ذلك إلى الفضل والرأي. "الاختيارات الفقهية" المطبوع مع "الفتاوى الكبرى" 4/ 445 2116 - 3 - الحرية قال ابن هانئ: وسألته عن العبد يزوج ابنة أخته، أو ابنة امرأته؟ قال: لا يزوج. "مسائل ابن هانئ" (1011) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: العبد يزوج ابنة أخيه، أو ابنة امرأته؟ قال: لا، يزوجها وليها، أو السلطان إن لم يكن لها ولي. "مسائل عبد اللَّه" (1293) 2117 - 4 - الذكورية قال حرب: سئل إسحاق عن امرأة لها أمة، فأرادت أن تزوجها؟ قال: تأمر وليها فيزوجها، فإن لم يكن لها ولي أمرت رجلا فزوجها. "مسائل حرب" ص 125

نقل أبو الحارث في امرأة زوجتْ أمَتَها بنفسها: لم يجز، هذا النكاح باطل، قال أبو هريرة: لا تُنكِح المرأة نفسها، ولا تُنكِح من سواها (¬1). ونقل بكر بن محمد عن أبيه عنه: إذا كان للمرأة جارية قنٌّ فأرادت أن تزوجها؛ جعلت أمرها إلى رجل يزوجها؛ لأن النساء لا يلين العقد، فإن زوجت لم يفسخ النكاح. "الروايتين والوجهين" 2/ 97 قال محمد بن أبي حرب الجوزجاني: وكتبت إلى أبي عبد اللَّه أسأله قلت: بنت أخ لي، خطبها ابن أخت لي فقير، وأمها تقر (¬2) ذلك؟ قال: لا تفعل فإن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "وآمِرُوا النِّسَاءَ فِي بَنَاتِهِنَّ" (¬3) وما ذكرت من أمر الفقر فزوج، فإن الفقر والغنى إلى اللَّه، فزوجت الفقير فلم أر إلا خيرا. "بدائع الفوائد" 4/ 40 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 200 (10494)، وابن أبى شيبة 3/ 444 (15954) والدارقطني 3/ 227، والبيهقي 7/ 110. وروي عنه مرفوعًا، فينظر. (¬2) كذا بالمطبوع ولعلها: (لا تقر) لتناسب الإجابة. (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 34، وأبو داود (2095) من طريق إسماعيل بن أمية قال: حدثني الثقة من لا أتهم عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره قال المنذري في "المختصر" 3/ 39: فيه رجل مجهول. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (1486).

2118 - 5 - اتفاق الدين ولاية المشرك، وهل يكون محرما؟

2118 - 5 - اتفاق الدين ولاية المشرك، وهل يكون محرْمًا؟ قال صالح: وقال في امرأة لها أب ذمي، ولها أخ مسلم أيهما يكون وليها؟ وهل يكون الذمي ولي المسلمة إذا لم يكن ولي غيره؟ وهل يكون الخال وليًّا إذا لم يكن أقرب منه؟ قال: لا يكون الذمي وليًّا، ولا يكون الخال وليًّا، ولكن يكون أدنى العصبة، فهو أولى، ولا يكون الذمي وليًّا، ولا يكون الخال وليًّا، إنما يكون الولي العصبة. "مسائل صالح" (646) قال أبو داود: وسمعتُ أحمد سُئِلَ عن: المجوسي يسافر بقريبته أو يزوجها؟ قال: ليس هو لها بولي. "مسائل أبي داود" (1089) قال حرب: قلت لأحمد: امرأة أبوها نصراني، وأخوها مسلم، من يزوجها؟ قال: الأخ. قلت: فهل للمشرك من الولاية شيء؟ قال: لا، بتة. قال حرب: وسألت إسحاق قلت: رجل مجوسي له بنت مسلمة، هل يزوجها الأب؟ قال: لا يزوجها الأب ولكن يزوجها بعض قرابتها من المسلمين، بنو العم وغيرهم.

سألت إسحاق عن مشرك أراد أن يزوج ابنته فجلس رجل مسلم فخطب لهم وزوج؟ قال: لا ينبغي أن يعانوا في شهادة ولا في شيء. "مسائل حرب" ص 81 قال الخلال: أخبرنا محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو الحارث قال: قيل لأبي عبد اللَّه: المجوسي محرم لأمه وهي مسلمة؟ قال: لا. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن امرأة مسلمة لها ابن مجوسي وهي تريد سفرًا يكون لها محرمًا يسافر بها؟ قال: لا يلي هذا نكاح أمه، كيف يكون لها محرمًا وهو لا يؤمن عليها. وقال: قرأت على علي بن الحسين بن سليمان عن مهنا قال: سألت أحمد عن مجوسيّ أسلمت ابنته وهي تريد تخرج إلى مكة وليس معها محرم، يسافر معها أبوها؟ قال: لا يؤمن عليها. وقال: أخبرنا محمد بن علي بن بحر قال: حدثنا مهنا قال: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل مجوسي وله ابنة مجوسية أسلمت، وهي تريد الحج، وليس لها محرم إلَّا أبوها، تحج مع أبيها؟ قال: لا يؤمن عليها. قال: وسألت أحمد عن المجوسيّ تسلم ابنته وهو مجوسيّ يفرق بينه وبينها؟

قال: نعم إن كان يتقى منه. فقلت له: وأي شيء يتقى منه؟ قال: يجامعها. "أحكام أهل الملل" 1/ 229 (422 - 425) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد الوراق قال: حدثنا محمد بن حاتم بن نعيم قال: حدثنا علي بن سعيد قال: سألت أحمد عن: اليهودي والنصراني يكون محرمًا؟ قال: هما لا يزوجان، فكيف يكونان محرمًا؟ وقال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد أن أبا عبد اللَّه سأله رجل قال: النصراني يكون وليًّا؟ قال: لا يكون وليًّا، إذا كانت ابنته مسلمة فالسلطان أولى. وقال: قرأت على عليَّ بن الحسن بن سليمان عن مهنا. وأخبرنا محمد بن علي بن بحر قال: حدثنا مهنا -وبعضهم يزيد اللفظة- قال: سألت أبا عبد اللَّه عن نصراني أو يهودي أسلمت ابنته أيزوجها أبوها وهو نصراني أو يهودي؟ قال: لا يزوجها إذا كان نصرانيًّا أو يهوديًّا. فقلت له: فإن زوجها؟ قال: لا يجوز النكاح يعني: يرد النكاح. قلت: وأذنت الابنة؟ قال: يعيد النكاح. قال محمد بن علي: يسافر معها؟ قال: لا يسافر معها. ثم قال لي أحمد بن حنبل: ليس هو بمحرم.

وقال محمد بن علي في موضع آخر وعلي بن الحسن: لا يسافر معها؟ قال: نعم. قال أبو بكر (¬1): وهو الصواب. وبينها مهنا مرّة في قوله: لا. قلت: فكيف يسافر معها، وتقول: يعيد النكاح إذا أنكحها بأمرها؟ ! قال: نعم. وهو يعيد نكاحها إذا أنكحها. زاد محمد بن علي -من هاهنا- قال: قلت: فإن كانت المسلمة وأبوها نصراني وهي محتاجة، يجبر أبوها على النفقة عليها؟ قال: لم أسمع في هذا شيئًا. فقلت له: قومًا يقولون: لا يجبر على النفقة عليها، فكيف تقول أنت؟ قال: يعجبني أن ينفق عليها. يعني: أباها النصراني. فقلت له: يجبر؟ فقال: يعجبني ولم يقل: يجبر. وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا يزوج النصراني ولا اليهودي، ولا يكون اليهودي ولا النصراني وليًّا. وقال حنبل في موضع آخر: سمعت أبا عبد اللَّه قال: لا يعقد نصراني ولا يهودي عقد نكاح المسلم ولا مسلمة ولا يكونان وليين، لا يكون إلا مسلمًا. ¬

_ (¬1) الخلال.

وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: حدثنا سُرَيج (¬1) بن النعمان قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن جعفر بن أبي وحشية أن هانئ بن قبيصة زوَّج ابنته من عروة البارقي على أربعين ألفًا وهو نصراني، فأتاها القعقاع بن شور فقال: إن أباك زوجك وهو نصراني، لا يجوز نكاحه فزوجيني نفسك. فتزوجها على ثمانين ألفًا، فأتى عروة عليَّ بن أبي طالب رضوان اللَّه عليه. فقال: إن القعقاع تزوج بامرأتي. فقال عليٌّ للقعقاع: لئن كنت تزوجت امرأته لأرجمنك. فقال: يا أمير المؤمنين إن أباها زوجها وهو نصراني لا يجوز نكاحه. قال: فمن زوجك؟ قال: هي زوجتني نفسها. فأجاز نكاحها وأبطل نكاح الأب، وقال لعروة: خذ صداقك من أبيها. قال حنبل: قال أبو عبد اللَّه: هذا إنما جعل الأمر إليها أن الأب نصراني لا يجوز حكمه فيها، فرد الأمر إليها، ولابد من أن يجدد هذا النكاح الآخر إذا رضيت وإنما سيَّر لها الأمر بالرضا، ولا يجوز أنها هي تزوج نفسها إلا بوليّ. ¬

_ (¬1) في "أحكام أهل الملل": (شريح) وقد ترجم له محققه فقال: هو شريح بن النعمان العائدي الكوفي، ذكره ابن حبان في "الثقات". "تهذيب التهذيب" 4/ 330، "شذرات الذهب" 2/ 38. انتهى كلامه. قلت: شريح بن النعمان الصائدي -لا العائدي- الكوفي يروي عن علي -رضي اللَّه عنه- كما في "الثقات" 4/ 353، و"تهذيب التهذيب" 2/ 162 فكيف يروي عنه حنبل؟ ! أما من في "شذرات الذهب" 2/ 38: فهو شريح بن النعمان البغدادي الجوهري، وهو خطأ والصواب سُريج. روى عنه البخاري وأحمد بن حنبل وغيرهما، وانظر: "تهذيب الكمال" 10/ 218 (2190)، و"تهذيب التهذيب" 1/ 686. فالحاصل أنه سُريج بن النعمان لا شريح، واللَّه أعلم.

وعليٌّ حينئذ السلطان أجاز ذلك، ولما قال: خذ مهرك من أبيها؛ أنه لم يكن دخل بها لكان المهر تامًّا والعدة عليها. وقال: أخبرني الخضر بن أحمد قال: حدثنا عبد اللَّه قال: قال أبي: بلغنا أن عليًّا رحمه اللَّهُ أجاز نكاح الأخ ورد نكاح الأب، وكان الأب نصرانيًّا (¬1). "أحكام أهل الملل" 1/ 230 - 232 (428 - 433) ¬

_ (¬1) سلف مسندًا، ورواه ابن أبي شيبة 3/ 443 (15942)، والدارقطني 3/ 323 والبيهقي 7/ 112 وفيه أنها أنكحتها أمها أو هي أنكحت نفسها، فأقره علي، ولم يقر نكاح الأب، لأنه نصراني.

2119 - تزويج البعيد مع وجود الأقرب

6 - أن يكون هو الولي الأقرب 2119 - تزويج البعيد مع وجود الأقرب قال صالح: قلت: امرأة زوجها عمها، وهي كارهة منكرة لتزويجه، غير راضية، فأتت ابن عم لها، فزوجها ممن رضيت هي وهو، هل يجوز ذلك، وهل يكون ابن العم وليًّا مع العم؟ قال: العم أولى بها من ابن عمها، فإن زوجها العم ولم يستأمرها، فإن ذلك النكاح ينفسخ إذا أرادت ذلك، ويزوجها بعد من ترضى، فأما تزويج ابن عمها إياها وقد زوجها العم؛ فإن الذي يعجبنا من ذلك تفسخ نكاح ابن عمها، ويلي نكاحها عمها، وهو أولى من ابن العم. "مسائل صالح" (645) قال ابن هانئ: قلت: زوّج الخال وابن الخال ولها أخ، وقد ولدت منه أولادًا؟ قال: النكاح فاسد، يجعل أمرها إلى أخيها فيزوجها. "مسائل ابن هانئ" (976) قال حرب: سألت إسحاق: عن رجل زوج أخته من رجل، والأب حاضر؟ قال: لا يجوز. قلت: فإن أجاز الأب؟ قال: جائز أرجو. قيل: فإن كان بغير شهود؟ قال: النكاح بغير شهود لا يجوز. قاله مرارا الأب وغير الأب. "مسائل حرب" ص 31

2120 - إذا غاب الأقرب غيبة منقطعة، أيليها الأبعد؟

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن امرأة جعلت أمرها إلى رجل من المسلمين فزوجها، ولها إخوة وعصبة؟ قال: تستقبل النكاح، النكاح من إخوتها أو عصبتها. "مسائل عبد اللَّه" (1181) 2120 - إذا غاب الأقرب غيبة منقطعة، أيليها الأبعد؟ قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما ما سألت عن الحالف متى زوج ابنته من فلان فامرأته طالقٌ، فغاب الأبُ فزوجها الأخ، فلما رجع الأب لم يرض بما زوج ابنه أيلزم الأب اليمين؟ قال: فإن ذلك لا يلزمه إذا كانت الإرادة عند عقد اليمين أن لا يزوجها منه، ولم يحتل بعد ذلك بهذِه الغيبة لكي يُزوجها، فإنه لا يقع عليه طلاق امرأة، وتزويجُ الأخ عندنا جائزٌ إذا كان الأب غائبًا في مصر أخرى، ألا ترى أن عائشة -رضي اللَّه عنها- زوجت بني أختها (¬1) بنات أخيها، وإنما معنى ذلك: أنها رأت ذلك جائزًا، والذي ولي العقدة بنو الأخ، وأبوهم غائب بالطائف، واحتج بحديث ابن المبارك (¬2). قال: ومعنى قول عائشة: أنكحت. أي: تكلمت لما رأت تزويج الولي -والأبُ غائبٌ- جائزًا، وهذا الذي يعتمد عليه، أن يكون تزويج الولي ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 159 (10340)، وابن أبي شيبة 3/ 444 (15953)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 10، وصححه ابن حجر في "فتح الباري" 9/ 186. (¬2) لعله يشير إلى حديث أم حبيبة وتزويج النجاشي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إياها. رواه الإمام أحمد 6/ 427، وأبو داود (2107)، والنسائي 6/ 119 عن طريق عبد اللَّه بن المبارك عن معمر عن الزهري عن عروزة عن أم حبيبة.

2121 - إن دعت المرأة وليها إلى تزويجها من كفء، فعضلها أللأبعد تزويجها؟

الدون جائزًا إذا كان الولي من الأولياء بمصر آخر وبين المصرين سفر تقصر فيه الصلاة. "مسائل الكوسج" (1779) قال صالح: وسألته عن الأخ إذا كان غائبًا، هل يجوز لابن العم أن يزوجها؟ قال: إذا كانت غيبة قد طالت، وكان موضعًا منقطعًا جاز. "مسائل صالح" (756) قال محمد بن ماهان النيسابوري: سئل أحمد وأنا أسمع عن رجل غاب غيبة منقطعة، وله بنت، هل يزوجها ابن عمها من رجل كفء؟ قال: نعم، إذا غاب الأب غيبة منقطعة فلا بأس أن يزوجها ابن عمها. "الطبقات" 2/ 362 2121 - إن دعت المرأة وليها إلى تزويجها من كفء، فعضلها أللأبعد تزويجها؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: حديث زياد: أيما امرأة نزعت إلى رجل فأبى وليها أن يزوجها إياه فإن كان كفؤًا زوجته؟ (¬1) قال أحمد: إذا لم يزوجها الولي وكان كفؤًا زوجها السلطان، وإن كان وليها أبوها فلم يزوجها، وكان كفؤًا زوجها السلطان. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (860) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 202 (10505)، وابن أبي شيبة 3/ 448 (16001)، عن زياد ابن علاقة قال: أيما امرأة ترغب إلى رجل نظرنا فإن رأينا أنها ترغب إلى كفؤ زوجناها، وإن أبى الولي، وإن كانت ترغب إلى غير كفؤ لم نزوجها.

قال صالح: قلت: الأب إذا عضل ولم يزوج، يزوج الابن؟ قال: نعم، يروى عن عثمان (¬1) إذا وضعها في الكفآن، وإذا لم يزوج الولي يزوج الحاكم عليه، ولا يزوج الصغيرة إلا أبوها، ولا يزوج الجد، ولا يزوج الصغيرة الأخ، ولا المولى، إلا أن تكون بنت تسع سنين فتستأمر، فإن أذنت لم يكن لها خيار إذا كان مثلها يوطأ. قال: الغلام لا يزوجه الجد إذا كان صغيرًا إلا الأب. "مسائل صالح" (1009) قال ابن هانئ: سألته عن امرأة لها أخ من أبيها، ولها أم فزوجتها أمها من رجل هو لها كفء في مالٍ وصلاح، فأبى الأخ أن يزوجها من ذلك الرجل، وقال: أزوجها من ابن عمي؟ قال: الأخ أحق، يزوجها ممن شاء. قلت له: فإن أبى الأخ، وقد زوجتها الأم؟ قال: يطلب إلى الأخ، فإن هو أبى وعضلها، فتأتي السلطان حتى يجدد النكاح، واحتج بحديث عثمان بن عفان. وشريح قال: كانوا يقولون: إذا عضلها الولي زوجها السلطان. "مسائل ابن هانئ" (986) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن امرأة لها ابن مدركٌ، وليس لها أحد يعولها، وأرادت التزويج ليكفيها زوجها، فقالت لابنها: زوجني، فأبى أن يزوّجها؟ قال: إذا عضلها، زوجها السلطان. "مسائل ابن هانئ" (1007) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 448 (16001).

قال ابن هانئ: وسألته عن: أمرأة لها أخ، وأرادت المرأة التزويج، فأبى أن يزوجها، ولها ابن عم؟ قال: يزوجها ابن عمها. قلت: فإن لم يكن لها ابن عم وعضلها أخوها؟ قال: يزوجها السلطان، تأتيه فيزوجها. "مسائل ابن هانئ" (1010) قال ابن هانئ: قيل لأبي عبد اللَّه: فإن أبى الولي أن يزوج وعضلها، يزوجها رجل؟ قال: إذا عضلها الولي وكان لها كفؤًا، زوجها السلطان. قيل له: فإن أمرت رجلًا أن يزوجها؟ قال: اعفني. "مسائل ابن هانئ" (1033) قال حرب: وسألت إسحاق: قلت: امرأة لها عم وأخ، فأبى الأخ أن يزوجها، هل للعم أن يزوجها؟ قال: إذا كان الأخ مضارًّا بها، فإن العم يزوجها. وسمعت إسحاق أيضًا وسأله أحمد بن نصر عن امرأة لها أخ وعم، فلم يزوجها الأخ هل يزوجها العم؟ قال: يزوجها العم إذا كان ضرورة. "مسائل حرب" ص 30

2122 - الولي يوكل غيره أو يوصيه بالتزويج

2122 - الولي يوكل غيره أو يوصيه بالتزويج قال ابن هانئ: سألته عن وصي وصَّى أن يزوج؟ قال: إذا كان أوصى بالتزويج إليه فلا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (979) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يأمر الرجل أن يزوج ابن أخته أو ابنته، وهو حاضر مع القوم؟ قال: جائز. "مسائل ابن هانئ" (989) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل تكون له أخت فيستحي أن يزوجها، فيوكل رجلا يزوجها وهو حاضر، فيخرج إلى المسجد فيقول: إن هذِه المرأة، وهذا أخوها يستحي أن يزوجها، وهي تستحي أن تخرج إليكم، وقد وكلني في تزويجها؟ قال: جائز، إذا كان قد زوجها، ولم يعرف الشهود وجه المرأة، غير أنهم يعرفون كلامها، واسمها وهي ابنة فلان، ثم إن الزوج لما دخل بها جحدها، فتحتاج أن تجيء بمن يعرفها باسمها وأنها ابنة فلان، وتجيء هي بمن يعرف وجهها فيشهدون لها. "مسائل ابن هانئ" (1338) قال البغوي: وسئل أحمد وأنا أسمع عن الرجل يولي -يعني: الرجل الولي- علي أخته وابنته يقول له: إذا وجدت من ترضاه فزوجه؟ قال: تزويجه جائز. "مسائل البغوي" (24)

2123 - إنكار الولاية في عقد النكاح

2123 - إنكار الولاية في عقد النكاح قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في رجلٍ زوج ابنه وهو غائب؟ قال: ما أراه شيئًا إلا أن يقول: أمرني ابني. قال أحمد: إن قال: أمرني ابني، وهو كاذبٌ ما أراه إلا جائزًا، أمَرَه أو لم يأمره، فإن أنكر الابن كان نصفُ الصداق على الأب. قال إسحاق: كما قال سفيان إلا أن يكون الابن صغيرًا، أو كان يخطب عليه برضا منه. "مسائل الكوسج" (1214) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يأمر أخاه فيزوجه، فلما زوجه أنكر الأخ أنها امرأته، ما يجب عليه؟ قال: إذا أنكر، فإن كانت عليه بيّنة لزمه الصداق، وإن لم تثبت له بيّنة لزم الأخ الصداق، ولا تزوج حتى يطلقها الرجل، يقول: كل امرأة لي فهي طالق، فإن كان كاذبًا طلقت، وإن كان صادقًا طلقت ولا عدة عليها، وكل امرأة لم يدخل بها فلا عدة عليها. "مسائل ابن هانئ" (983) ونقل أبو طالب عنه في لزوم نصف الصداق المسمى على الأخ الوكيل: لا يلزمه. "الروايتين والوجهين" 1/ 399

2124 - نكاح الولي بمن يليها

2124 - نكاح الولي بمن يليها قال إسحاق بن منصور: قلت: سُئل سفيان عن امرأةٍ أسلمت علي يدي رجل، أيزوجها نفسه؟ فحدثني عن ابن سيرين أنه كان لا يرى به بأسًا، وكان الحسن يقولُ: لا، حتى يأتي السلطان (¬1). قال أحمد: لا يزوج نفسه حتى يولي رجلًا على حديث المغيرة بن شعبة (¬2). قال إسحاق: هو كما قال، فإن فعل جاز؛ لأنه وليها. "مسائل الكوسج" (867) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: حديثُ المغيرة بن شعبة أنه أمر رجلًا أن يزوجه امرأةً المغيرةُ أولى بها؟ قال أحمد: كذلك نقول. قال إسحاق: كما قال. وإن تزوجها هو وأشهد فهو نكاحٌ تام؛ لأن إذنه حين تزوج منه وفعله سواء. "مسائل الكوسج" (868) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن ابن العم وهو الولي، أيزوجها من نفسه؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 199 (10488) عن معمر عن أيوب في امرأة لا ولي لها ولت رجلًا أمرها فزوجها قال: ابن سيرين يقول: لا بأس به، المؤمنون بعضهم أولياء بعض، وكان الحسن يقول: يفرق بينهما وإن أصابها، وإن لم يكن لها ولي فالسلطان. (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 201 - 202 (10502) وابن حزم 9/ 474 موقوفًا.

قال: لا، ولكن يأمرُ رجلًا فيزوجها منه، واحتج بحديث المغيرة بن شعبة. "مسائل أبي داود" (1082) قال أبو داود: سئل أحمد عن رجل يريد أن يتزوج بمولاةٍ له؟ قال: يأمر رجلًا فيزوجها منه. "مسائل أبي داود" (1083) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن امرأة أرادت التزويج، فجعلت أمرها إلى الرجل الذي يتزوج بها وشاهدين؟ قال: هذا وليّ وخاطب، لا يكون هذا، والنكاح فاسد، ولكن تجعل أمرها إلى السلطان فيزوجها. "مسائل ابن هانئ" (967) قال حرب: قلت لأحمد: فولي امرأة أراد أن يتزوجها، كيف يصنع؟ قال: يولي رجلًا. وقال: وسئل إسحاق عن امرأة قالت لوليها: زوجني ممن شئت، فزوجها من نفسه؟ قال: يجوز عندنا، ولكن يشهد شاهدين. "مسائل حرب" ص 27 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل هو ولي امرأة، فجعل أمرها بيد رجل، فيتزوجها ذلك الرجل بتلك الولاية برضا المرأة، أتراه صحيحًا؟ فقال أبي: إذا كان هو الولي، وليس ولي أقرب منه، فولى الولي أمرها رجلًا فتزوجها برضا منها فنكاحه جائز.

قلت: فإن ولي أقرب منه؟ قال: فالولي الأقرب أحق بالتزويج، يزوجها برضاها، والثيب ليس فيه اختلاف، لا تزوج إلَّا بإذنها. قلت لأبي: فالبكر؟ قال: من الناس من يختلف فيه. قلت: فأعجب إليك ما هو؟ قال: يستأمرها وليها، فإذا أذنت زوجها. قلت: فإن لم تأذن؟ قال: إذا كان أب ولم تبلغ سبع سنين فتزويج الأب عليها جائز ولا خيار لها، وإذا بلغت تسعًا فلا يزوجها أبوها ولا غيره إلَّا بإذنها، واليتيمة التي لم تبلغ تسع سنين، فإن زوجها غير الأب فلا يعجبني تزويجه إياها حتى تبلغ تسع سنين، فإذا بلغت تسع سنين استؤمرت، فإن أذنت فلا خيار لها بعد. "مسائل عبد اللَّه" (1184) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن امرأة أسلمت على يدي رجل وتزوجها؟ قال: فيه اختلاف بين الناس، أما السلطان فلا أعلم بين الناس فيه اختلافًا، وقال: السلطان القاضي؛ لأنَّ إليه أمر الفرج. "مسائل عبد اللَّه" (1204) نقل المروذي عن أحمد: إذا أعتق أمته وجعل عتقها صداقها يوكل رجلًا يزوجها. "الروايتين والوجهين" 2/ 90، "المغني" 9/ 453 قال علي بن سعيد: سألت أحمد عن الرجل يتزوج المرأة وهو وليها؟

2125 - ولاية الفاسق

قال: لا، ولكن يولي أمرها رجلًا، وتولي هي أيضًا، فيزوجه ذلك الرجل. "الطبقات" 2/ 128 6 - العدالة 2125 - ولاية الفاسق نقل مثنى بن جامع أنَّه سأل أحمد: إذا تزوج بولي فاسق، وشهود غير عدول؟ فلم يَر أنَّه يفسد من النكاح شيء. "المغني" 9/ 369، "الروايتين والوجهين" 2/ 83 2126 - ولاية المنبوذ قال حرب: سألت إسحاق عن المنبوذ يزوج أمه؟ قال: هو يزوجها. قلت: فيرث أمه؟ قال: يرثها. "مسائل حرب" ص 42 2127 - ثانيًا: الشاهدان قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا الرجل يخطب إلى رجل ابنته، فزوجها منه بشهادة امرأة، ثم غاب عنها سنة، فزوج الرجل الجارية من آخر على كره من الجارية، وزف بها الآخر، وهي منكرةٌ تصيحُ: إن أبي زوجني من فلانٍ.

فإن العقدة الأولى لم تتم، لما لم يكن شهود، إلَّا أن يكون الأب أعلن ذلك، والزوجُ قبل غيبته حتى تسامع الناس ذلك، ولا ينكر الزوج ذلك، فإن هذا إذا كانت على ما وصفنا عند مالك وأهل المدينة، ومن اتبعهم من علماء أهل العراق مثل ابن إدريس، ويزيد بن هارون، وابن مهدي ونظرائهم نكاحٌ صحيح لما صار الإعلان شهادة، وأحبُّ الأقاويل إلينا أن يُشهدوا عند العقد شاهدين أو امرأتين ورجلًا، وقد ذهب هؤلاء الذين وصفناهم مذهبًا، وتأولوا في ذلك تزويج علي أم كلثوم من عمر -رضي اللَّه عنهما- وبعثته إياها إليه (¬1)، وتزويج الفريعة للمسيب بن نجبة أحدهما من الآخر، ونحو هذا من الحجج، وليس هذا ببين، وأما الجارية حيث أنكرت التزويج الثاني لما قالت: إن أبي قد زوجني. فإن تزويجها من الثَّاني باطلٌ؛ لأنَّه لا بد من رضاها، فإن أحبت جددت النكاح الأوَّل بشهودٍ وولي، لما لم يتم الثَّاني؛ لإنكارها في المذهبين جميعًا. "مسائل الكوسج" (1321) ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 146 (520)، وابن سعد 8/ 463 - 464 من طريق جعفر ابن محمد، عن أبيه أن عمر خطب إلى علي أم كلثوم. . قال الحافظ في "المطالب" 16/ 252: هذا منقطع. ورواه عبد الرزاق 6/ 163 (10354) عن عكرمة قال: تزوج عمر أم كلثوم. . . ورواه الطبراني 3/ 44 (2633) عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: دعا عمر عليًّا فسارَّه. . . ورواه الحاكم 3/ 142 من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين أن عمر خطب إلى علي أم كثلوم. . وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الذهبي: منقطع. والحديث صححه الألباني بشواهده انظر: "الصحيحة" 5/ 58 (2036).

قال صالح: وسألته عن المرأة يدعي الرجل تزويجها، يصدق في ذلك؟ قال أبي: لا يثبت تزويجه إلَّا بشهود. "مسائل صالح" (276) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: ما أدنى ما يكون في النكاح؟ قال: الخاطب، والذي يزوج، والشاهدان. "مسائل أبي داود" (1078) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه، فقلت: هل تجوز معاقدة الأب بغير شهود؟ قال: لا تجوز إلا بشهود، وقبول الزوج، وقوله: قد قبلت. وقال أبو عبد اللَّه: لا يجوز قوله: قد قبلت، بعد وفاة الأب. "مسائل ابن هانئ" (968) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يزوج ابنته، من ابن أخيه بلا شهود، وقد علم الجيران أنَّه قد زوج، ولكن لم يدعهم إلى الشهادة؟ قال: لا يجوز هذا، حتى يظهر النكاح بالشهود. قيل له: فإن أراد أن يزوج امرأة أخرى بشهود الجيران، وهم الجيران؟ قال: لا يجوز نكاح، إلا بوليٍّ وشاهدين. "مسائل ابن هانئ" (988) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل أفسد امرأة رجل، فطلقها الرجل ثلاثًا، ثم تزوجها هذا الرجل الذي أفسدها عليه بشهادة رجل واحد وأولدها؟ قال: لا يعجبني ادعاء الولد. "مسائل ابن هانئ" (1005)

قال ابن هانئ: سألته عن: رجل يزوج ابنته من ابن أخيه بلا شهود، وقد علم الجيران بالتزويج، هل يجوز ذلك؟ قال: لا يجوز هذا إلا بشهود، وعلم الجيران أيضًا، ويخرجون الشهود، ويخبرون الجيران وأهل محلتهم أن فلانًا قد تزوج فلانة. "مسائل ابن هانئ" (1008) قال ابن هانئ: وسمعته وقيل له: إن يزيد بن هارون قال: إذا كان ولي بلا شهود، إذا زوّج الولي؟ قال: لا يعجبني إلا بولي وشاهدين. "مسائل ابن هانئ" (1034) قال حرب: سألت إسحاق قلت: أبوان زوجا ولديهما صغيرين بلا شهود، أو بشهادة رجل، ثم مات أحدهما، فتقول الجارية وأمها للزوج: أقم شهودك ولا شهود؟ قال: لا يجوز نكاح صغير ولا كبير إلا بشاهدين كانا مجتمعين أو متفرقين بعد أن يكون إعلانًا. قلت لإسحاق: فرجل خطب امرأة على ابنه فقال أبوها: هي له، وأحكموا الأمر بلا شهود، ثم جاء آخر فخطبها، فزوجها منه بشهود، أترى للأخير أن يفارقها لما خطب على خطبة أخيه؟ قال أبو يعقوب: الأول ليس بنكاح؛ لما لا يكون نكاح إلا بولي وشهود. قلت: فلو أن رجلًا قال لرجل: زوجني بنتك، فقال: قد زوجتك بغير شهود، ألم يكن هذا تزويجًا؟ قال: لا، ولم يره. ومذهب أبي يعقوب أنه لا يكون نكاح إلا بشهود. "مسائل حرب" ص 33

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل قال لرجل: زوجني ابنتك، فزوجها بلا شهود ولا بينة، وأبوها الولي. فقال أبي: يعجبني أن يشهد. قلت لأبي: فإن لم يشهد، تراه حرامًا؟ قال: يعجبني أن يشهد. "مسائل عبد اللَّه" (1190) نقل الميموني ومهنا والمروذي عنه: إذا تزوج ولم يشهد ثم مات أحدهما لم يتوارثا؛ لأنَّه لم ينعقد النكاح. وعن إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال: قلت لأحمد: ما تقول في نكاح بلا ولي؟ قال: لا يجوز. قلت: فلا شهود؟ قال: الشهود أحب إليَّ، وإن لم يشهد فالنكاح جائز، وجدنا ابن عمر زوج بلا شهود. "الروايتين والوجهين" 2/ 83 - 84 قال أحمد في رواية المروذي: لا يثبت في الشاهدين في النكاح خبر. "المبدع" 7/ 49

ما جاء في الشروط الواجب توافرها في الشاهدين

ما جاء في الشروط الواجب توافرها في الشاهدين 2128 - 1 - الإسلام قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن رجل مسلم تزوج يهودية بشهادة نصرانيين أو مجوسيَّين؟ قال: لا يصلح إلا عدول. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن رجل تزوج بشهادة يهوديين أو نصرانيين أو مجوسيين؟ قال: لا يجوز. وقال: أخبرني عبد الملك الميموني قال: قرأت على أبي عبد اللَّه: تجوز شهادة أهل الكتاب على تزويج أو طلاق أو موت؟ فأملى عليّ: لا يعجبني، على ظاهر الآية: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282]. أو من الناس؟ ! كل شيء من الحقوق. "أحكام أهل الملل" 1/ 228 (419: 421). 2129 - 2 - الذكورة قال ابن هانئ: سألته عن رجل وامرأتين في النكاح؟ قال: لا يجوز إلا بولي وشاهدين. "مسائل ابن هانئ" (1324) نقل حنبل عن أحمد: هل ينعقد النكاح بشهادة رجل وامرأتين؟

2130 - هل يشترط العدالة في الشاهدين؟

قال: لا يجوز، ويستأنف النكاح. ونقل حرب: إذا تزوج بشهادة نسوة لم يجز، فإن كان معهن رجل فهو أهون. "الروايتين والوجهين" 2/ 86 2130 - هل يشترط العدالة في الشاهدين؟ ونقل مثنى عن أحمد: إذا تزوج بولي وشهود غير عدول هل يفسد من النكاح شيء؟ فلم ير أنه يفسد من النكاح شيء. "الفروع" 5/ 188 2131 - هل يشترط كون الشاهدين مجتمعين؟ قال حرب: سمعت إسحاق يقول: إذا زوج الرجل بنته أو كريمته من القرابة، وأمكنه بشهادة رجل واحد، ثم طلب آخر في مجلسه، أو في موضع آخر وأشهده حتى صار الشهود اثنين فصاعدًا جاز النكاح؛ وذلك أن يزيد بن هارون قال: أخبرنا الحجاج، عن حصين الحادي، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي قال: لا نكاح إلا بولي وشاهدين. قال إسحاق: ولم يقل: شاهدين مجتمعين ولا متفرقين، فإذا كان الشاهدان على نكاح وهما عدلان تم النكاح بعد ألا يقال للشاهدين: اكتما النكاح، وأعلنوا التزويج، ولو أشهد شاهدين مجتمعين، فقال الولي لهما: اكتما النكاح، فكتما كان النكاح باطلًا؛ لأنه حينئذ نكاح السر، وإن مات أحد الشاهدين، وولدت المرأة ولدًا ذهب النسب.

2132 - تزويج الصغار

قال: والشاهدان إذا أخبرا الناس علموا ذلك من قبلهما، فأذاعوا الخبر، ثم مات أحد الزوجين، فإن لأولئك الذين لم يشهدوا عقدة النكاح أن يشهدوا، فلذلك لا بد من إعلان النكاح بشهود يخبرون الناس، أو بصوت دف؛ ولذلك استحبوا الدفوف عند النكاح؛ ليكون النكاح معلنًا، وقد قال عبد اللَّه بن عتبة: شر النكاح نكاح السر، وشر البيع بيع السر (¬1). أخبرنا ذلك عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن عبد اللَّه بن فياض، عن عبد اللَّه بن عتبة. "مسائل حرب" ص 36 ثالثًا: التراضي من الزوجين 2132 - تزويج الصغار قال إسحاق بن منصور: قلت: الصغيران إذا زوجا بغير أمرهما، ثم أدركا خُيِّرَا، دخل بها أم لم يدخل؟ قال أحمد: إذا دخل بها فقد رضي، وإذا لم يكن زوجهما أبواهما خُيِّرَا. قال إسحاق: هو كما قال، إلَّا أن يكون دخل بها قبل أن تبلغ موضع الاختيار. قال إسحاق: إذا زوجهما أبواهما صغيرين فماتا توارثا، ولا يتوارثان إذا لم يزوجهما الأبوان. "مسائل الكوسج" (850) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 485 (16394) بلفظ: أشر النكاح السر.

قال صالح: وسُئِلَ عن صبي زوجه عمه، فلما عقل كره تزويج العم إياه؟ قال: فإن كان رضي في وقت من الأوقات جاز ذلك، وإن كان لم يرض وأراد فسخ النكاح أجزته. "مسائل صالح" (665) قال صالح: قلت: الرجل يزوج ابنه وهو صغير، فإذا كبر قال: لا أريد؟ قال: ليس له ذاك، عقد الأب عليه عقد. قلت: فالجارية الصغيرة يزوجها أبوها؟ قال: ليس بين الناس في هذا اختلاف؛ ليس لها أن ترجع. "مسائل صالح" (1175) قال أبو داود: قلت لأحمد: للابن خيارٌ إذا زوجه أبوه -أعني: وهو صغيرٌ؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (1084) قال أبو داود: قلتُ لأحمد رجل يزوج ابنه -أعني: وهو صغيرٌ- ثم مات أحدهما؟ قال: يتوارثان. "مسائل أبي داود" (1086) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن نكاح الأب على الابن وهو صغير؟ قال: لا يجوز عليه. "مسائل ابن هانئ" (970) قال ابن هانئ: قلت: أفيجوز نكاح الجد؟

قال: لا يجوز، إذا كان صغيرًا. "مسائل ابن هانئ" (971) قال ابن هانئ: قلت: هل يزوج الجد ابن ابنه؟ قال: لا يزوج الجد ابن ابنه وهو صغير، ليس تزويجه عليه جائزًا، إلا أن يكون الأب. "مسائل ابن هانئ" (991) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يزوج ابنته من ابن أخيه، وهما صغيران؟ قال: لا يعجبني أن يزوج الصغيرين إلا الأب، وإذا ماتا توارثا. قيل له: وإن زوج الجد؟ قال: لا أقول فيه شيئًا. قيل له: فإن زوج الأخ؟ قال: اعفني. قيل له: يتوارثان؟ قال: إذا زوج الأب توارثا، وإذا زوج غير الأب أستعفي منه. قيل له: فأحد من التابعين يقول: لا يتوارثان؟ قال: قتادة يقول: لا يتوارثان (¬1). قيل له: فأحد يقول: يتوارثان؟ قال: نعم، قد روي عن الحسن (¬2)، والقول فيه كذا، ولم يجب. "مسائل ابن هانئ" (993) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 329 (11056). (¬2) رواه عبد الرزاق 7/ 63 (12200).

2133 - تزويج الأب للصغيرة والبكر

قال ابن هانئ: وسئل عن غلام ابن اثنتي عشرة سنة -أو ثلاث عشرة- يريد التزويج فيشهد عليه؟ قال: لا يشهد عليه، إلا أن يكون يصل إلى المرأة. فكان الحسن يقول: إذا وصل فتزويجه جائز، فإن لم يكن يصل لم يجز إلا في هذِه الثلاث التي تجب فيها العدو في: والاحتلام والإنبات، إلا أن يكون زوَّجه أبوه، فتزويجه عليه جائز. "مسائل ابن هانئ" (994) قال حرب: وسئل إسحاق مرة أخرى عن غلام صغير زوجه أخوه؟ فقال: إذا أدرك فهو بالخيار، فإن رضي فهو جائز وإلا فلا؟ قلت: فإن زوجه الأب؟ قال: النكاح جائز، وليس له خيار. "مسائل حرب" ص 43 2133 - تزويج الأب للصغيرة والبكر قال إسحاق بن منصور: قلتُ لأبي عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل رحمه اللَّه: قولُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اسْتَأْمِرُوا النِّسَاءَ فِي أَبْضَاعِهِنَّ" (¬1) للرجل أن يُزوج ابنته بكرًا من غير أن يستأمرها؟ قال: ما يُعجبني، فإذا سكتت فزوجت، ثم رجعت فليس لها ذلك، وإن زوجها أبوها بغير أمرها فالنكاح جائزٌ، وأحب إلي أن يستأمرها. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 45، والبخاري (6946)، ومسلم (1420) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-.

قال إسحاق: كما قال. قال: وإن أبت قبل أن يزوجها وهي بكر خُيرت عليه، ذكر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك، وبه أخذ ابن أبي ليلى. قلت: فحديث خنساء ابنة خذام في الثيب (¬1)؟ قَالَ: هكذا هو. "مسائل الكوسج" (848) قال صالح: قلت لأبي: ما تقول في تزويج الأب الصغيرة؟ قال: أما الأب فيجوز تزويجه على الصغيرة ولا خيار لها، وذاك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تزوج عائشة، زوجها أبو بكر وهي بنت سبع (¬2)، فلا خيار لها إذا هي أدركت، وليس ذلك لغير الأب أن يزوج صغيرة حتى تبلغ تسع سنين، لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل بعائشة وهي بنت تسع (¬3)، فإذا بلغت تسع سنين استؤمرت، فإذا أذنت فلا خيار لها، ويجب عليها الغسل في غشيانه إياها وهي بنت تسع، إذا كان مثلها يوطأ فعليها الغسل. ولم نعلم الناس اختلفوا إذا مات عنها وهي صغيرة لم تبلغ أن عليها من العدة ما على الكبيرة، وليس ذلك لمعنى الغشيان، ولكنه لما وقع عليها اسم زوجة وجب عليها العدة. وكذلك غشيانه إياها وإن لم تكن بلغت فعليها الغسل. "مسائل صالح" (568) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 328، والبخاري (5138)، أن أباها زوجها وهي كارهة وكانت ثيبًا، فرد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نكاحه. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 280، ومسلم (1422). (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 42، والبخاري (3894)، ومسلم (1422).

قال صالح: وسألته عن رجل زوج ابنته وهي بكر، وقد أدركت، ولم يستأمرها؟ فقال: فيها اختلاف، أما أهل الحجاز فيقولون: نكاحه إياها جائز، وليس لها خيار. وقال بعض الناس: لها الخيار إذا كانت بالغًا أو غير بالغ، فإذا بلغت: كان لها خيار، فأمَّا إذا كانت صغيرة فزوجها أبوها، فإنه لا خيار لها عندنا وإن بلغت، فأما البالغ فقد كان ينبغي لأبيها أن يستأمرها. "مسائل صالح" (644) قال صالح: قلت: الأب يستأمر البكر؟ قال: إن زوج الأب ولم يستأمر فالنكاح جائز، ليس هذِه مثل الثيب التي لها أن ترجع. وإذا زوج البكر وهي بالغ، فمن الناس من يقول: لا خيار لها، ومن الناس من يقول: لها الخيار حتى تأمره. "مسائل صالح" (1176) قال ابن هانئ: قيل له: رجل زوج ابنته ولم يستأمرها؟ قال: يستأمرها كما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). قيل: فإن لم يستأمرها؟ قال: قد روى أهل المدينة -ليس مالك- القاسم وسالم، أنهم كانوا يزوجون ولا يستأمرون (¬2). "مسائل ابن هانئ" (1032) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 219، ومسلم (1421) من حديث ابن عباس. (¬2) رواه الإمام مالك في "الموطأ" ص 325 أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد اللَّه كانا ينكحان بناتهما الأبكار، ولا يستأمرانهن. ومن طريقه رواه البيهقي 7/ 116.

قال حرب: سألت أحمد، قلت: رجل زوج بنته، وهي صغيرة، فلما أدركت قالت: لا أرضى. قال: ليس لها ذلك. قلت: فإن كانت مدركة فزوجها ولم يستأمرها؟ قال: يستأمرها. قلت: فكم غاية الصغر؟ قال: تسع سنين. قلت: فإنها قالت لأبيها: زوجني فلانًا، فزوجها غير ذلك؟ قال: إذا كانت مدركة، فليس له ذلك، وإن كانت بكرًا جاز عليها. وقال: وسئل أحمد مرة أخرى قيل: الرجل يزوج ابنته وهي بكر، وقد بلغت ولم يستأمرها؟ قال: قد اختلف الناس في هذا. قيل: أي شيء تختار أنت؟ قال: لا تزوج الثيب ولا البكر إلا بإذنها ومشورتها. وسمعت أحمد مرة أخري يقول: الصغيرة لا يزوجها إلا أبوها، يجوز نكاح الأب على الصغيرة حتى تبلغ تسع سنين، فإذا بلغت تسع سنين استأمرها. قلت: فإن زوجها، وقد بلغت تسع سنين وهي بكر ولم يستأمرها؟ قال: يستأمرها. قلت: لم يفعل. قال: أهل المدينة يقولون: يجوز النكاح عليها، يعني: نكاح الأب ما دامت بكرًا، ويقولون: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في. . . .

الاستئمار (¬1) إنما هو شبه المشورة يستشيرها، فإما أن يكون في يديها شيء، فلها هذا إذا كانت بكرًا، وكأنه ذهب إليه، ولكنه سكت. قال: لا أقول فيها شيئًا. قيل: فزوجها أبوها، وهي صغيرة على ثوب أو على دينار، فلما بلغت قالت: لا أرضى بهذا المهر. قال: نعم؛ لأن ذلك ليس بنكاح. قال: ليس لها ذلك إذا زوجها الأب. قال أحمد: ويروى عن طاوس أنه قال: إذا زوجها الأب وهي صغيرة ثم بلغت، فإن لها الخيار. قال: ولا نعرفه من أحد إلا عن طاوس، ولم يذهب إليه أحمد، وقال: وقد زوجت عائشة من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فبلغت، فلم يكن ثم خيار، ومذهب أبي عبد اللَّه في البكر إذا زوجها غير أبيها من غير استئمار، فإنه يفسخ إن شاءت. وسئل إسحاق عن رجل زوج بنته، وهي صغيرة بكر، فلم ترض، وصاحت وضجت حتى سمع الجيران صراخها؟ قال: إذا زوجها الأب وهي بكر جاز عليها رضيت أم كرهت، وإن كانت ثيبًا فزوجها الأب، فإنه لا يجوز إلا برضاها واستئمارها، وسمعته مرة أخرى يقول: تزويج الأب جائز على البكر رضيت أم كرهت؛ لأن الأب ينظر لابنته. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه آنفًا.

قال إسحاق: أخبرنا ابن علية قال: أخبرنا يونس، عن الحسن، قال: تزويج الأب على البكر جائز رضيت أم كرهت. "مسائل حرب" ص 40 - 49 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن جارية زوجها أبوها وهي صغيرة، فلما كبرت تزوجت زوجًا آخر؟ فقال: يفرق بينهما، وترد إلى الذي زوجها أبوها. قلت لأبي: فإن كان دخل بها؟ قال: لها المهر مما استحل من فرجها. قلت لأبي: فإن كان ولدت منه؟ قال: يلزمه الولد، قال: وترد إلى زوجها الأول. "مسائل عبد اللَّه" (1189) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الأب يزوج ابنته وهي صغيرة، هل لها أن تختار إذا كبرت؟ فقال: ليس لها الخيار إذا زوجها أبوها، ولو كان لها الخيار كان لعائشة الخيار على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تزوج بها وهي ابنة سبع أو ست، وبنى بها وهي ابنة تسع، ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1196) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يزوج ابنته المدركة بغير رضاها، هل يثبت النكاح؟ ¬

_ (¬1) رواه مسلم (1422/ 72).

2134 - الصغيرة يزوجها غير الأب

فقال: فيه اختلاف، وأعجب إلى أن يستأمرها، فإن سكتت فهو رضاها. أهل المدينة يقولون: يزوجها ولا يستأمرها. "مسائل عبد اللَّه" (1197) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فالبكر؟ قال: من الناس من يختلف فيها. قلت لأبي: فأعجب إليك ما هو؟ قال: يستأمرها وليها، فإن أذنت يزوجها. قلت: فإن لم تأذن؟ قال: إذا كان أب ولم تبلغ تسع سنين فتزويج الأب عليها جائز ولا خيار لها، فإذا بلغت تسعًا فلا يزوجها أبوها ولا غيره إلا بإذنها، واليتيمة التي لم تبلغ تسع سنين، فإن زوجها غير الأب فلا يعجبني تزويجه إياها حتى تبلغ تسع سنين، فإذا بلغت تسع سنين استؤمرت، فإذا ما رادَّت فلا خيار لها. "مسائل عبد اللَّه" (1200) ونقل الأثرم والميموني في الأب هل يملك إجبار ابنته البكر البالغ على النكاح؟ قال: يملك. "الروايتين والوجهين" 2/ 81 2134 - الصغيرة يزوجها غير الأب قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما الرجل يزوج ابنة أخيه وهي صغيرة، بنى بها الزوج وهي صغيرة، فحاضت عند الزوج فقالت:

لا أرضى. فإنَّ السنةَ في ذلك إذا كان دخوله بها وقد أدركت إدراك العقل ممن توطأ فرضيت حينئذٍ جاز ذلك، وإن لم تكن حاضت، وقد كانت سُلِّمت إلى الزوج وهي ممن لا يوطأ، فإن ذلك لا يحل، وليس له أن يُجامعها أبدًا حتى ترضى، ثم يجامعها بلغت الوطء أم لا، وجهل هؤلاء إذ قالوا: له أن يجامعها. والخيار لها إذا حاضت وإن كان بعد ذلك، فإن ذلك لا يسع أن يجامعها حتى تبلغ مبلغها فتختار؛ لأنه ليس لها أن تختار نفسها، وقد وطئت قبل ذلك برضاها، وإن كانت لم ترض بالوطء لا يجعلون لها أمرًا وردت حتى تحيض، فوطئت لما حاضت ردت فإن المهر لها على الزوج، ثم يفرق بينهما، وكل متزوجين على هذِه الحال يموت أحدهما قبل الإدراك فلا ميراث بينهما أبدًا، كيف يكونُ ميراثُ بعضهم من بعض وكان الخيارُ لها قائمًا في فسخ النكاح؟ ! وإنَّما الميراث لأحدهما من الآخر إذا كان نكاحًا تامًّا، وذلك أن لو زوجهما الآباء وكانا صغيرين فيكون الميراث لكل واحد من الآخر لو مات قبل الإدراك؛ لأنه لا خيار لواحدٍ منهما لما تم النكاح بينهما، وكلما زوج أحدٌ من الأولياء غير الآباء فلها الخيار إذا أدركت، وكذلك لو زوجهما القاضي أيضًا كان الخيار لهما أيضًا. "مسائل الكوسج" (852) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: قال سفيان: إذا استأمرت البكر وقد زوجتها، فقالت: لا أرضى فلها ذلك. قال أحمد: إذا كان من غير أب. "مسائل الكوسج" (854)

قال إسحاق بن منصور: قال سفيان: فإن قالوا لها: لا تردي أمرنا فإنا قد زوجناك. فترضى؟ قال: يستقبلون نكاحًا جديدًا، فإن لم يفعلوا وأقروها على نكاحها، ثم قالت بعد: لا أرضى؛ فلها ذلك. قال أحمد: هو كما قال إذا كان من غير أب. قال إسحاق: هو هكذا كما قال. "مسائل الكوسج" (855) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن ابن عم أبيها، يزوجها إذا أتى لها تسع سنين؟ قال: إذا أتى لها تسع سنين استأمرها؟ . "مسائل ابن هانئ" (969) قال حرب سئل إسحاق: عن رجل تزوج امرأة وهي غير مدركة، إلا أنها رضيت وطابت نفسها، وبنى بها الزوج، فحاضت عند الزوج، ولم يجدد النكاح، وأنها زوجها العم؟ قال: إن كانت تجد تعقل وجاوزت التسع سنين وتفهم التزويج، فزوجها العم فرضيت، جاز ذلك. "مسائل حرب" ص 35 قال عبد اللَّه: سألته عن امرأة أمرت رجلًا فزوج ابنتها من رجل؟ قال: يستأنف النكاح. قلت: إنها بنت خمس سنين؟ قال: لا يعجبني ذلك النكاح، ولا يزوج الصغيرة إلا أبوها، فإذا زوجها أبوها فالنكاح جائز عليها، ولا يزوجها غير الأب حتى تبلغ تسع

2135 - تزويج اليتيمة

سنين، وتستأمر في نفسها، فإذا أذنت زوجها عصبتها: أخوها، عمها، ابن عمها، فإن لم يكن لها عصبة فالقاضي. قلت لأبي: فإن أبي عصبتها أن يزوجوها؟ قال: ليس لهم ذلك، وترفع أمرها إلى القاضي. "مسائل عبد اللَّه" (1186) نقل أبو طالب: إن أرادت الجارية رجلًا وأراد الولي غيره اتبع هواها. "الفروع" 5/ 173 2135 - تزويج اليتيمة قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: لا أرى للوالي ولا للقاضي أن يُزوج اليتيمة حتى تبلغ تسع سنين، فإذا بلغت تسع سنين فرضيت فلا خيار لها. قال أحمد: ولا أرى للرجل أن يدخل بها إذا زوجت وهي صغيرة دون تسع سنين. قلت: فإن ماتا يتوارثان؟ قال: لا أدري. قال إسحاق: كما قال، ولا يتوارثان. "مسائل الكوسج" (851) قال إسحاق بن منصور: وسألتُ إسحاق عن اليتيمة ليست بمدركة زوجها الولي، وإن زوجها الولي كان اختيارها نفسها فرقة أم لا؟ وهل يدخل بها قبل أن تدرك؟ ومتى إدراكها؟ ولها أن تختار قبل أن تدرك؟

قال إسحاق: السنة في ذلك أن تختار إذا أدركت، وإدراكها إذا جاوزت تسع سنين؛ لأنها حينئذٍ ممن تحيض وتلد، فإذا زوجها الولي فأراد أن يبني بها قبل الإدراك لم يحكم له أبدًا حتى تختار، وليس اختيارها بشيء ما لم تدرك، وإذا ماتا أو أحدهما قبل الإدراك لم يتوارثا أبدًا، ولا نرى للولي أن يُزوج الصغار أبدًا دون أن تبلغ تسع سنين إلا أن يكون رغبة، فحينئذٍ تزوج ويكون لها الخيار إذا أدركت، فإذا أدركت فاختارت نفسها فلها أن تتزوج من غير أن يفرق بينهما الحاكم، وأخطأ هؤلاء حين قالوا: ما لم يفرق بينهما الحاكم فماتا توارثا. "مسائل الكوسج" (853) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في جارية زوجت، فقالت: لا أرضى. قال: إذا قالت؛ فالنكاح مردود، فإن قالوا لها: ألا تستحيين تردين أمرنا؟ ! قالت: قد رضيتُ. يستقبلون نكاحًا جديدًا. قال أحمد: جيد إذا كانت يتيمةً من غير أبٍ. قال إسحاق: هو هكذا. "مسائل الكوسج" (856) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: يتيمة زوجت ودخل بها الزوج، ثم حاضت عند الزوج بعد؟ قال: تُخير فإن اختارت نفسها لم يقع التزويج وهي أحق بنفسها، وإن قالت: قد اخترتُ الزوج، فليشهدوهما على نكاحهما. قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (857)

قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن اليتيمة تزوج؟ قال: لا يزوجها إلا أبوها، أو تبلغُ تسع سنين. قيل لأحمد -وأنا أسمعُ: فتزوجُ وقد بلغت تسع سنين؟ قال: نعم؛ وتستأمر إذا أذنت. "مسائل أبي داود" (1085) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن يتيمة زُوجت قبل أن تدرك فمات أحدهما؛ يتوارثان؟ قال: فيه اختلافٌ، قال قتادة: لا يتوارثان. "مسائل أبي داود" (1087) قال ابن هانئ: وسئل عن صبية بنت ثماني سنين مات أبوها، فيريد العصبة أن يزوجوها؟ قال: أرى أن تستأمر ابنة تسع، ولا يزوجها إلا عم، أو ابن عم إذ [هما] (¬1) عصبة، فإن لم يكن لها عصبة، زوجها السلطان. "مسائل ابن هانئ" (990) قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يتزوج اليتيمة، وليس لها أحد، إلا ابن عم أبيها، ولها تسع سنين؟ قال: يزوجها برضاها ابن عم أبيها، أذهبُ إلى حديث عائشة، لا يُزوج الصغيرة إلا الأب، فإذا لم يكن لها أب وبلغت تسع سنين زوجها ابن عم أبيها برضاها، أذهب إلى حديث عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تزوجها وهي ابنة سبع، وبنى بها وهي ابنة تسع؛ ولكن يستأمرها، ألا ترى أن عائشة زوجها أبوها وهي ابنة سبع، فكان نكاح الأب على الصغيرة جائزًا، وهذِه ¬

_ (¬1) زيادة ليست في المطبوع يقتضيها السياق.

لم يزوجها أبوها، فهذا نكاح باطل، يفرق بينهما السلطان، فإذا بلغت تسع سنين استأمرها، فإذا رضيت يزوجها ابن عم أبيها. "مسائل ابن هانئ" (1035) قال حرب: سمعت إسحاق يقول، وسأله أبو شداد المروزي عن اليتيمة تزوج؟ قال: أما اليتيمة فنختار أن لا يزوجها أحد، ولا يجوز تزويجها لأحد من الأولياء سوى الأب، والذين أجازوا لغير الأب جعلوا لها الخيار إذا أدركت، وهكذا هو عندنا لها الخيار إذا أدركت، فإن اختارت إذا أدركت، وأشهدت على ذلك، ثم ماتت لم يتوارثا فرق الحاكم بينهما أو لم يفرق. قال إسحاق: والعجب لهم، كيف غلطوا! قالوا: نحتاج إلى فرقة الحاكم، وكلهم قد أجمعوا في معنى خلاف هذا. فقالوا: إذا أعتقت الأمة، وكان زوجها حرًّا فاختارت نفسها، فلها ذلك، ولا تحتاج إلى فرقة قاضٍ عندهم، وهذا عجب! لأنَّ عامة أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولون: خيرها النبي عليه السلام بما كان الزوج عبدًا، ورأي هؤلاء حرًّا كان أو عبدًا، وكأن فرقة القاضي هاهنا أشبه لاختلاف العلماء. "مسائل حرب" ص 32 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن جارية صغيرة ليس لها أب ولا أخ، ولها ابن عم لحًّا فخرج ابن العم حاجًّا، فزوَّج هذِه الجارية الصغيرة -وهي غير بالغة- ابن عم أبيها بعد خروج ابن عمها إلى الحج من غلام صغير، وقبل أبو الغلام الصغير النكاح على ابنه، وقدم ابن العم من الحج فلم يجز النكاح ولم يبطله، فما ترى في هذا النكاح؟ أجائز أم لا؟ وهل لهذِه

2136 - تزويج الثيب

الجارية في وقت بلوغها خيار أم لا؟ فأملى عليَّ أبي فقال: لا تزوج اليتيمة حتى تبلغ تسع سنين، فإذا بلغت تسع سنين استؤمرت، فإذا أذنت فلا خيار لها بعد، وإذا أرادوا تصحيح نكاح هذِه الجارية تترك حتى تبلغ تسع سنين، ثم تستأمر وابن عمها اللحّ أولى بنكاحها ممن هو أبعد منه، فإن كانت بلغت تسع سنين زوجها وليها، إذا بلغت تسع سنين فلها الخيار. "مسائل عبد اللَّه" (1187) وقال في رواية أبي الحارث في يتيمة ليس لها أحد إلا ابن عم، ولها تسع سنين: يزوجها ابن عمها برضاها. "معونة أولي النهى" 9/ 51 2136 - تزويج الثيب قال إسحاق بن منصور: قلت: الثيب لابد من أن يستأمرها، فإن زوجها أبوها وهي كارهةٌ يُرد النكاح؟ قال: نعم، ولا يرد نكاح الأب في البكر إذا لم يستأمرها. قال إسحاق: هو كما قال؛ لأن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في تزويج الثيب لا بد من أن تُعرب عن نفسها، وصح ذلك. "مسائل الكوسج" (849) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: حديثُ ابن عباسٍ: "الْأَيِّم أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِن وَليِّهَا؟ " (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 219، ومسلم (1421).

قال: كما أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رد نكاح خنساء ابنة خذامٍ (¬1). قلت: فالبكرُ لا يزوجها حتى يستأذنها؟ قال: لا. قلت: فإن زوجها؟ فجعل يجبنُ أن يقول فيها شيئًا. قلت لأحمد: لو كان لا يجوز كان يجعلها والأيم سواءٌ؟ قال: لا، من أين هي سواءٌ؟ ولكن الثيب تعربُ عن نفسها وتختارُ لنفسها، ولا يكونُ عقدُ النكاح إلَّا بولي، والبكر تستأمر ليكون أطيب لنفسها، أو كلامٌ يشبهُ هذا. "مسائل أبي داود" (1081) قال حرب: سألت أحمد عن الثيب يزوجها أبوها، وهي كارهة؟ قال: لا يجوز إلا برضاها. قلت: يفسخ النكاح؟ قال: نعم، يرد النكاح. وقال: وسألت إسحاق قلت: امرأة كانت ثيبا، فزوجها أبوها وهي كارهة؟ قال: لها ألا ترضى. قلت: أتذهب إلى حديث خنساء؟ قال: نعم. قلت: فإن الأب زوجها وهي كارهة، فخطبها رجل ورغبت فيه، هل تحتاج إلى تفريق السلطان؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 328، والبخاري (5138).

2137 - المعتقة يتزوجها سيدها

قال: لا؛ لأن نكاح الأب إياها باطل. وقال: قلت وإسحاق: فإن كانت جارية صغيرة زوجها غير الأب، فلما أدركت قالت: لا أرضى، فخطبها رجل، هل لها أن تتزوج من غير تفريق الحاكم بينهما؟ قال: نعم؛ لأن ذلك ليس بنكاح. "مسائل حرب" ص 42 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: الثيب ليس فيه اختلاف، لا تزوج إلا بإذنها. "مسائل عبد اللَّه" (1200) 2137 - المعتقة يتزوجها سيدها قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد -رضي اللَّه عنه-: إذا أراد الرجلُ أن يعتق جاريته ويتزوجها ويجعل عتقها صداقها كيف يفعل؟ قال: يقول: قد أعتقتك، وجعلتُ عتقك صداقك. قال إسحاق: جائز، وإن ندمت فلا يجوز إن قالت: لا أرضى. "مسائل الكوسج" (1325) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن رجل أعتق أمةً وجعل عتقها صداقها؟ قال: لا يحتاجُ إلى ولي ويُشهد. قلت لأحمد: كيف يقولُ؟ قال: يقولُ: جعلتُ عتقك صداقك، وقد عتقتك، وجعلت عتقك صداقك، وإن قال: قد أعتقتك، وجعلتُ عتقك صداقك فهو جائزٌ، هو

كلامٌ موصولٌ إلَّا أن يكون يعتقها، ثم يريدُ أن يتزوجها، فذلك إليها. "مسائل أبي داود" (1076) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أوصى في مرضه قبل موته بثلاثة أيام بأن جاريته أم ولده حرة، وتزوج بها في ذلك الوقت، وجعل لها من الصداق مائتي درهم، ولم يجلسها (¬1) بين يدي الشهود ولا سمعوا كلامها ولا سألوها عن رضاها حتى مات الرجل، فذكر بعض أهل العلم أنه لا يكون نكاح إلا برضاها، وأن يشهد على ذلك الشهود؟ قال: رضاها لا يجوز بعد الموت. فقال أبي: إذا كان قد بدأ فأعتقها، فينبغي له أن يستأمرها في تزويجه إياها، فإن كان تزوجها بغير إذنها فهي أولى بنفسها، وإن كان تزوجها بإذنها بحضور شهود فنكاحه جائز. "مسائل عبد اللَّه" (1221)، وذكرها ابن هانئ عن الإمام في "مسائله" (1414) قال أحمد بن القاسم سئل أحمد عن الرجل يعتق الجارية على أن يتزوجها يقول: قد أعتقتك وجعلت عتقك صداقك، أو يقول: قد أعتقتك على أن أتزوجك. قال: هو جائز. "الاختيارات الفقهية" المطبوع مع "الفتاوى الكبرى" 4/ 462 قال هارون المستملي لأحمد: أم ولد أعتقها مولاها وأشهد على تزويجها، ولم يعلمها؟ قال: لا، حتى يعلمها. قلت: فإن كان قد فعل؟ ¬

_ (¬1) في "مسائل ابن هانئ": يجليها.

2138 - تزويج المجنون

قال: يستأنف التزويج الآن، وإلا فإنه لا تحل له حتى يعلمها، فلعلها لا تريد أن تتزوج، وهي أملك بنفسها. وقال في رواية الأثرم في رجل يعتقها ويتزوجها؟ فقال: نعم، يعتقها ويتزوجها؛ لأن أحكامها أحكام الإماء "الإنصاف" 20/ 240 2138 - تزويج المجنون نقل بكر بن محمد في المعتوه: يزوج، فإن لم يكن له ولي يزوجه فالسلطان. "الروايتين والوجهين" 2/ 86 2139 - كيفية الإذن الذي ينعقد به النكاح قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في الثيب إذا زوجت فضحكت أو بكت أو سكتت؟ قال: لا يجوز؛ حتى تتكلم. قال أحمد: نعم، حتى تتكلم بإذن. قال إسحاق: هو كما قال في الأمرين جميعًا، ولكن لا يجوز الدخولُ بها قبل الحيض أبدًا، وإذا كان ضحكها على مذهب الرضا فهو كالسكوت في البكر إذا عُلم ذلك. "مسائل الكوسج" (858)

ما جاء فيما يشترط في الإيجاب والقبول

رابعًا: الإيجاب والقبول ما جاء فيما يشترط في الإيجاب والقبول 1 - أن يكون بألفاظ تدل على النكاح أو ما يقوم مقام اللفظ في انعقاد النكاح 2140 - زواج الأخرس قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الأخرس يتزوج؟ فقال: إذا كان يفهم ويُفهم عنه ويشير ويطلق ويشتري ويبيع كذلك، وكذلك إن فرق أيضًا. "مسائل عبد اللَّه" (1232) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الأخرس يتزوج؟ قال: إذا كان يفهم الإشارة، أو يفهم ما يدرونه له من التزويج، وكذا إذا طلق أيضًا. قلت لأبي: فإن لم يدر ولم يفهم؟ قال: لا يتزوج. قلت: يزوجه وليه؟ قال: لا. قلت: فيذبح؟ قال: يشير إلى السماء -يعني: الأخرس. "مسائل عبد اللَّه" (1254)

2141 - زواج من ولد أعمى أصم أبكم

2141 - زواج من ولد أعمى أصم أبكم قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: رجلٌ وقع من بطن أمه أعمى أصم أبكم، فعاش حتى صار رجلًا؟ قال: هو بمنزلة الميت، هو مع أبويه. قال: قلت: وإن كانا مشركين، ثم أسلما بعدما صار رجلًا؟ قال: هو معهما. قال إسحاق: هو كما قال -يعني: أنه على دين أبويه. "مسائل الكوسج" (1342) قال إسحاق بن منصور: قلت لإسحاق: يزوج مثل ذا؟ قال إسحاق: شديدًا يزوجه الولي، فإذا عرف إشارته بالطلاق فهو كذلك أيضًا. "مسائل الكوسج" (1343) 2142 - 2 - اتصال القبول بالإيجاب، وهل يضر التراخي؟ نقل أبو طالب عن أحمد في رجل مشى إليه قوم، فقالوا: زوج فلانًا على ألف. فقال: قد زوجته على ألف. فرجعوا إلى الزوج فأخبروه، فقبل، هل يكون هذا نكاحًا؟ قال: نعم. "الروايتين والوجهين" 2/ 114، "الكافي" 4/ 249، "المغني" 9/ 464، "النكت والفوائد السنية" 1/ 258، "الاختيارات الفقهية" 4/ 443

2143 - تأقيت النكاح

2143 - تأقيت النكاح قال أبو داود: وسمعتُ أحمد سُئِلَ عن رجلٍ تزوج امرأة على أن يحملها إلى خراسان؛ ومن رأيه إذا حملها إلى خراسان أن يخلي سبيلها، هي هاهنا ضائعة؟ قال: لا، هذا شبيه بالمتعة، لا حتى يتزوجها على أنها امرأته ما حييت. "مسائل أبي داود" (1093) قال حرب: سئل أحمد عن الرجل يتزوج المرأة في نفسه طلاقها، فكرهه. "مسائل حرب" ص 106 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يتزوج المرأة، وفي نفسه أن يطلقها؟ قال: أكرهه. هذِه متعة. "مسائل عبد اللَّه" (1278) 2144 - تعليق النكاح قال إسحاق بن منصور: قلت: سُئل سفيان عن رجل قال لرجلٍ: قد زوجتك ابنتي إن رضيت أمها وهي صغيرة. قال: لا أرى شيئًا وقع بعد حتى ترضى أمها. قال أحمد: جيدٌ. "مسائل الكوسج" (1212) قال إسحاق بن منصور: قلت: وإذا قال زوجتك إلا أن يكره فلانٌ أو أمها قال: لا أرى الكراهية مثل الرضا.

قال أحمد: أرجو أن يكون في ذا وقع التزويج. قال إسحاق: كلاهما واحدٌ، ينظرُ إلى الرضا والكراهية؛ فإنهما شرطان. "مسائل الكوسج" (1213) قال حرب: سمعت أحمد يقول: حدثنا عباد بن عوام، عن عمر بن عامر أن رجلًا سأل الشعبي عن رجل خطب إلى رجل ابنته، فقال: إذا مضى شوال، فقد أنكحتك. قال: ليس هذا نكاحًا. "مسائل حرب" ص 105

فصل: الاشتراط في النكاح

فصل: الاشتراط في النكاح 2145 - إذا اشترط ألا يخرجها من دارها قال إسحاق بن منصور: قلت: الشرطُ في النكاح أن لها كذا وكذا إذا أخرجها من دارها أو نحو ذلك؟ قال: لها شرطها. قال إسحاق: كما قال سواء؛ لقول عمر -رضي اللَّه عنه-: مقاطعُ الحقوق عند الشروط (¬1). ويقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوفَى بِهَا مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ" (¬2). "مسائل الكوسج" (894) قال إسحاق بن منصور: سئل سفيان عن الرجل يتزوجُ المرأة يشترط لها شرطًا لازمًا لا يخرجها، يقول: إن أخرجتها فأمرها بيدها؟ قال سفيان: الشرطُ لازمٌ، ولكن يكره هذا الشرط. قال أحمد: الشرطُ لازم، ولا يكره الشرط. قال إسحاق: كما قال أحمد سواء. "مسائل الكوسج" (1284) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن رجلٍ تزوج امرأة وشرط لها ألا يخرجها من دارها؟ ¬

_ (¬1) علقه البخاري جزمًا قبل الرواية رقم (2721)، ورواه البيهقي 7/ 249. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 144، 150، والبخاري (2721)، ومسلم (1418) من حديث عقبة بن عامر رحمه اللَّه.

2146 - من تزوج امرأة على أن يحج بها

قال: فلا يخرجها؛ قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوفَى بِهَا مَا اسْتَحْلَلْتُم بِهِ الفُرُوجَ". "مسائل أبي داود" (1107) قال حرب: سألت أحمدَ: قلتُ: رجلٌ تَزَوَّجَ امرأةً، وَشَرطَ لها أن لا يخرجها من قريتها، ثم بدا له أن يخرجها؟ قال: ليس له أن يخرجها. وقال: وسألتُ إسحاق، قلتُ: رجلٌ تَزَوَّجَ امرأة على ألا يخرجها من مصرها، ثُمَّ بدا له أن يخرجها؟ قال: يُحكم له باخراجها. "مسائل حرب" ص 60 2146 - من تزوج امرأة على أن يحج بها قال حرب: سئل إسحاق عن امرأة زوجت نفسها من رجل بشرط أن يحملها إلى مكة ويقيم معها مجاورًا، وتركت به المهر كذلك، فحملها إلى مكة، ثم ردها، ولم يدعها تقيم بمكة؟ قال: ينبغي للرجل أن يفي لها بالشرط، وذكر حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ أَحَقَّ مَا وَفَيْتمْ مِنْ الشُّرُوطِ ما استَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ"، ولها أن ترجع في المهر. "مسائل حرب" ص 121

2147 - من تزوج امرأة وشرط لها أن يطلق التي هي تحته

2147 - من تزوج امرأة وشرط لها أن يطلق التي هي تحته قال حرب: سألت أحمد قلت له: رجل له امرأة، فتزوج أخرى على أن طلاق الأولى بيد هذِه التي تزوج إلى شهر أو إلى سنة، أو وقت معلوم، فجاء الوقت ولم يقض شيئًا؟ قال: رجع الأمر إليه، له شرطه. قلت: ويجوز مثل هذا الشرط في النكاح؟ قال: نعم، هو جائز. "مسائل حرب" ص 93 2148 - إذا اشترط أن يعزل عنها قال حرب: سألت إسحاق قلتُ: الرجل يتزوج المرأة ويشترط عليها أن يعزل عنها، فلما تزوجها ابت ولم ترض بالعزل؟ قال: لها ذلك، الخيار إليها، فإن أذنت أيضًا بعد الملك أن يعزل عنها ثم ندمت فلها ذلك. "مسائل حرب" ص 62 2149 - إذا تزوج النهاريات أو الليليات قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في رجل تزوج مملوكةً، فقال مواليها: تعملُ بالنهار ونبعثها بالليل إليك. قال: على الزوج نفقتها ما دامت عنده. قال أحمد: لا بد من أن ينفق عليها إذا كانت عنده -يعني: بالليل- والشرط جيد.

قال إسحاق: كما قال؛ لأن الشرط في مثل هذا جائزٌ ما لم يُحرم حلالًا، ولم يحل حرامًا. "مسائل الكوسج" (1180) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، قيل له: حديث الحسن في الليليات والنهاريات. الرجل يكون في السوق وبينه وبين منزله بُعد، فلا يستطيع أن يرجع فيقيل عندهم، فيتزوج عند سوقه امرأة يأتيها بالنهار، وإذا رجع إلى منزله بالليل له امرأة، فهذا شأن أهل البصرة. قال: أيش هذا؟ وعجب منه وقال: هذا شنيع جدًّا. "مسائل ابن هانئ" (984) قال حرب: قلتُ لأحمدَ: رجلٌ تَزَوَّجَ امرأةً، وَشَرطَ لها أَنْ يأتيها في كل عشرة أيَّام مرة؟ قال: نعم، هذا جائز. "مسائل حرب" ص 60 وقال في رواية أبي الحارث: إذا تزوج امرأة فشرط أن لا يبيت عندها إلا ليلة الجمعة، فإن طالبته كان لها المقاسمة. "بدائع الفوائد" 4/ 103 نقل عنه الأثرم في الرجل يتزوج المرأة ويشترط عليها أن يأتيها في الأيام: يجوز الشرط، فإن شاءت رجعت. ونقل عنه المروذي في النهاريات والليليات: ليس هذا من نكاح أهل الإسلام. "المغني" 9/ 487، "الفروع" 5/ 217، "معونة أولي النهى" 9/ 133 نقل عبد اللَّه وحنبل: إذا تزوج على شرط ثم بدا له أن يقيم؛ جدد النكاح. "الفروع" 5/ 217

2150 - إن اشترطت عليه ألا يتزوج عليها

2150 - إن اشترطت عليه ألا يتزوج عليها قال إسحاق بن منصور: قلت: امرأة اشترطت على الرجل عند عقدة النكاح ألا تتزوج علي، ولا تتسرى، ولا تخرجني من داري؟ قال: هذِه الشروط كلها لها، فإن تزوج أو تسرى فهي مخيرةٌ، إن شاءت أقامت معه، وإن شاءت فارقته. قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوفَى بِهَا مَا أسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ". قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1074) نقل أبو الحارث: وإن أعطته مالًا واشترطت عليه أن لا يتزوج عليها: يرد عليها المال إذا تزوج، وأنه لو دفع إليها مالًا على أن لا تتزوج بعد موته فتزوجت، تردُّ المال إلى ورثته. "بدائع الفوائد" 4/ 103، "الفروع" 5/ 214 2151 - إذا اشترط ولي المرأة لنفسه شيئًا حباء قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا زوج الرجل ابنته أو أخته، واشترط لنفسه شيئًا؟ قال: لا يجوزُ لغير الأب. قلت: لأن يد الأب مبسوطة في مال ولده يأخذُ ما شاء؟ قال: نعم. قال إسحاق: هو كما قال، ولا يجوز لغير الأب أن يشترط لنفسه شيئًا. "مسائل الكوسج" (893)

2152 - إذا اشترطوا الزيادة في الصداق إن كان له زوجة؟

قال حرب: سألتُ أحمدَ: قلتُ: رجلٌ يزوج ابنته على أن يُعَطى شيئًا؟ قال: لا بأس بذلك. "مسائل حرب" ص 74 2152 - إذا اشترطوا الزيادة في الصداق إن كان له زوجة؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل زوجوه امرأة على ألف درهم، فإن كان له امرأة فهي على ألفين؟ قال: هذا على ما اشترطوا عليه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1108) 2153 - إذا اشترطوا صداقًا معينًا ليتم النكاح؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: قالوا: نزوجك إن جئت بالمهر كذا وكذا؟ قال أحمد: هذِه عدةٌ، لم يقع النكاحُ بعدُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1112) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: إذا قالوا: نزوجك إن جئت بالمهر إلى كذا وكذا، وإلا فليس بيننا وبينك شيءٌ؟ قال: النكاح جائز إذا وقع التزويج، والشَّرطُ باطلٌ. قال أحمد: النكاحُ جائز، والشرطُ جائزٌ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أَحق الشُّروط أن يُوفَى

2154 - اشتراط نفقة معينة

بِهَا مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ" (¬1). "مسائل الكوسج" (1283) 2154 - اشتراط نفقة معينة قال حرب: قلتُ لأحمدَ: الرجل يتزوج على أن (ينفق عليها) (¬2) كل شهر خمسة دراهم، أو عشرة دراهم؟ قال: ما أدري. قال: والنكاح جائز، ولها أن ترجع عن هذا الشرط. "مسائل حرب" ص 61 خامسًا: الصداق 2155 - حكم ذكر المهر في عقد النكاح قال إسحاق بن منصور: سُئل إسحاق عن رجل قال: زوجتُ ابنتي من ابنك. فقال أبو الغلام: قبلت. ولم يذكر المهر؟ قال: النكاحُ (جائز) (¬3) ولها مهرُ مثلها. قيل: فزوجها الولي من آخر؟ قال: ليس له نكاحٌ، ولا مهر لها عليه إلا أن يكون دخل بها. "مسائل الكوسج" (1352، 3475) ¬

_ (¬1) رواه أحمد 4/ 144، والبخاري (1721)، ومسلم (1418) من حديث عقبة بن عامر. (¬2) في "المغني" 9/ 487: تنفق عليه. (¬3) في "مسائل الكوسج" (1352): (واقع).

باب: أنواع المهر

باب: أنواع المهر أولًا: المهر المسمى فصل: ما جاء في شروط صحة المهر 2156 - 1 - أن يكون مالًا متقومًا قال الفضل بن زياد: وسألته عن رجل تزوج امرأة على ألف درهم، فبعث إليها بقيمته متاعًا وثيابًا، ولم يخبرهم أنه من الصداق فلما دخل بها سألته الصداق؟ فقال أبو عبد اللَّه: لها ذلك. قلت: فإنه قال لها: إني قد بعثت إليك بهذا المتاع واحتسبته من الصداق، فقالت المرأة: إنما صداقي دراهم. فقال أبو عبد اللَّه: صدقْت. قلت: كيف يصنع بهذا؟ قال: ترد عليه الثياب والمتاع، وترجع المرأة عليه بصداقها. "المغني" 10/ 135، "الشرح الكبير" 21/ 240، "بدائع الفوائد" 4/ 58 2157 - جعل منفعة الزوج الحر مهرًا نقل أبو طالب: يصح أن يتزوجها على بناء الدار وخياطة الثوب وعمل شيء. ونقل مهنا إذا تزوجها على أن يخدمها سنة أو أكثر، قال: كيف يكون هذا -قيل له: فإن كانت لها ضياع وأرضون لا تقدر أن تعمرها؟

2158 - تعليم القرآن هل يصح أن يكون مهرا؟

قال: لا يصلح هذا. "الروايتين والوجهين" 2/ 116، "المغني" 10/ 102 2158 - تعليم القرآن هل يصح أن يكون مهرًا؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: الذي قال: زوجتكها على ما معك من القرآن؟ فكرهه وقال: الناس يقولون: على أن يعلمها، يضعونها على غير هذا، وليس هذا في الحديث. قال أحمد: على ما تراضوا عليه -يعني: المهر. قال إسحاق: كما قال، وإذا تزوجها على ما معه من القرآن جاز النكاحُ، ويجعل لها مهرًا؟ لما سن النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في بناته ونسائه رضي اللَّه عنهن أجمعين. "مسائل الكوسج" (875) نقل محمد بن الحكم أنه سأل عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه زوج على سورة من القرآن (¬1). فقال: لا أعلم شيئًا يمنعه، ولكنها مسألة لا يحتملها الناس. "الروايتين والوجهين" 2/ 117 ¬

_ (¬1) الحديث رواه أحمد 5/ 330، والبخاري (5087)، مسلم (1425) من حديث أبي سعيد سهل بن سعد الساعدي في المرأة التي جاءت تهب نفسها للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

2159 - جعل طلاق الزوجة مهر الأخرى

2159 - جعل طلاق الزوجة مهر الأخرى سألت إسحاق قلت: رجل تزوج امرأة وجعل مهرها طلاق امرأة عنده، فلم يطلقها؟ قال: النكاح جائز، ولها مهر مثلها، ولا يرى الطلاق مهرًا. قلت: فإن جعل مهرها عتق عبد؟ قال: جائز. "مسائل حرب" ص 93 نقل مهنا: إن قال: أتزوج بك وأطلق امرأتي فطلقها فأبت أن تتزوجه، أو قال: أتزوجك على طلاقها وهو مهرك، لا يجوز هذا. "الروايتين والوجهين" 2/ 118، "الفروع" 5/ 260 نقل يعقوب بن بختان عنه في الرجل يتزوج امرأة ويجعل طلاق الأولى منهما مهرًا للأخرى إلى سنة أو إلى وقت فجاء الوقت ولم يقض شيئًا؟ قال: يرجع الأمر إليه له شرطه. قيل له: فيجوز مثل هذا الشرط في النكاح؟ قال: نعم. "الروايتين والوجهين" 2/ 118، 129 2160 - 2 - أن يكون معلومًا نقل جعفر بن محمد عن أحمد في رجل تزوج امرأة على ألف درهم وخادم، فطلقها قبل أن يدخل بها: يقوم الخادم وسطًا على قدر ما يخدم مثلها. "المغني" 10/ 113 - 114

2161 - إذا كان الصداق على صفة مقصودة فبان بخلافها؟

نقل عنه مهنا: في رجل تزوج امرأة على عبد من عبيده، فقال: أعطيها من أحسنهم. قال: ليس له ذاك، ولكن يعطيها من أوسطهم. فقلت له: ترى أن يقرع بينهم؟ قال: نعم. فقلت: تستقيم القرعة في هذا؟ قال: نعم، يقرع بين العبيد. "المغني" 10/ 114، "إعلام الموقعين" 1/ 310، "تقرير القواعد" 3/ 221 2161 - إذا كان الصداق على صفة مقصودة فبان بخلافها؟ نقل مهنا عن أحمد: فيمن تزوج امرأة على ألف ذراع، فإذا هي تسعمائة: هي بالخيار، إن شاءت أخذت الدار. وإن شاءت أخذت قيمة ألف ذراع، والنكاح جائز. "المغني" 10/ 109، "الشرح الكبير" 21/ 138 2162 - إذا كان الصداق معينًا فتبين أنه به عيبًا، أو أنه غير متقوم؟ قال صالح: وقال: إذا تزوجت المرأة على عبد، فخرج حرًّا، فلها قيمته. "مسائل صالح" (1167) قال أبو داود: وسمعتُ أحمد سئل: عن رجل تزوج امرأةً على جاريتين بأعيانهما؟

2163 - إذا كان الصداق على شيء معين فتعذر حصوله؟

قال: جائزٌ. قيل: فإن خرجت إحداهما حرة؟ قال: لها قيمتها. "مسائل أبي داود" (1106) نقل مهنا فيمن تزوج امرأة على عبدين فوجد أحدهما حرًا، فلها قيمة العبدين. "المغني" 6/ 336 2163 - إذا كان الصداق على شيء معين فتعذر حصوله؟ قال عبد اللَّه: قرأتُ على أبي: عبدة بن سليمان قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: سئل الشعبي عن: رجل تزوج امرأة، على أن يعتق أباها، فلم يقدر عليه، قال: يقوم ثمنه، ثم يعطيها قيمته. "مسائل عبد اللَّه" (1304) 3 - أن يكون مباحًا شرعًا 2164 - إذا تزوجها على مُحَرَّمٍ وهما مسلمان قال في رواية يعقوب بن بختان في الرجل يتزوج بالمال الحرام: قد يثبت التزويج. وقال في رواية المروذي: إذا تزوجها على مال بعينه غير طيب: أكرهه. قيل له: ترى استقبال النكاح؟ فأعجبه. "الروايتين والوجهين" 2/ 115، "المغني" 10/ 116

2165 - إذا تزوجها على محرم وهما غير مسلمين

2165 - إذا تزوجها على مُحَرَّمٍ وهما غير مسلمين قال إسحاق بن منصور: قلت: نصراني تزوج نصرانية على قُلةٍ من خمرٍ، ثم أسلما؟ قال: إذا كان دخل بها فهو جائز، وإن لم يكن دخل بها فلها صداقُ مثلها. قال إسحاق: كما قال إذا لم يختصموا إلى حكامنا؛ لأنَّ حكامنا لا يجوز إلا أن يقضوا بحكم أهل الإسلام. "مسائل الكوسج" (1113) قال الخلال: أخبرني حمزة بن القاسم الهاشمي قال: حدثنا حنبل أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول في المجوسيّ: إن كان تزوج على خمر أو خنزير فإن نكاحه جائز؛ لأنه قد أسلم المسلمون وقد أقرّوا على نكاحهم في الجاهلية. وقال: قرأت على علي بن الحسن، عن مهنا ودفع إليَّ الخضر بن أحمد بخطِّ عبد اللَّه قال: أجازه لي أن أرويه عنه أنه سمع عبد اللَّه بن أحمد من مهنّا -واللفظ واحد- قال: سألته عن نصراني تزوج نصرانية على خنزير، أو على دنّ خمر، ثم أسلموا؟ قال: أليس كُنّا في هذا منذ أيام؟ ! فقلت له: لا أدري؟ فقال: بلى. فقلت: أخبرني به؟ ولم يقل عبد اللَّه هذا الكلام، ثم اتفقا من هاهنا: فحدثني عن يحيى بن سعيد، عن ابن جريج أنه قال لعطاء: أبلغك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أقرّ أهل الجاهلية على ما أسلموا عليه من نكاح -زاد عليٌّ: أو طلاق-؟ قال: ما بلغنا إلا ذاك. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 234 - 235 (439 - 440)

فصل مقدار المهر وحده

فصل مقدار المهر وحده 2166 - هل للمهر حد أو مقدار؟ قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: المهرُ على ما تراضوا عليه؟ قال الإمام أحمد: كذلك نقول. "مسائل الكوسج" (874) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كم وزن نواةٍ مِن ذهبٍ؟ قَالَ: ثلاثة دراهم وثلث. قال إسحاق: النواة خمسةُ دراهم. "مسائل الكوسج" (1106) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن أولياء زوجُوا جارية على أقل من مهر مثلها؟ قال: إذا رضيت -يعني: فهو جائز. قيل لأحمد: فلا تلحقُ بمهر مثلها؟ قال: لا، إذا رضيت. "مسائل أبي داود" (1094) قال حرب: سألت أحمد بن حنبل: قلت: كم أقل المهر؟ قال: ما تراضوا عليه. وسئل إسحاق عن أقل المهر؟ قال: درهم. "مسائل حرب" ص 80 قال عبد اللَّه: وقال أبي في الرجل يتزوج المرأة، [قال: ] على ما

2167 - تعليق مقدار المهر على شرط

تراضى عليه الأهلون. يعني: في الصداق. "مسائل عبد اللَّه" (1292) قال في رواية المروذي: ما تراضى عليه الأهلون في النكاح جائز. "الاختيارات الفقهية" المطبوع مع "مجموع الفتاوى" 4/ 444 2167 - تعليق مقدار المهر على شرط نقل عنه مهنا: إذا قال تزوجتك على صداق ألف إن كان أبوك حيًّا، وعلى ألفين إن كان ميتًا أن لها صداق نسائها. "الروايتين والوجهين" 2/ 132 2168 - قدر صداق زوجة العبد إذا تزوج بغير إذن سيده قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: العبد إذا تزوج بغير إذن سيده، هل تعطى المرأة المهر؟ قال: أما ابن عمر فإنه كان يقول. هو زنا (¬1)، وأما عثمان بن عفان فكان يقول: تعطى الخمسين من الصداق، وبه آخذ. قول عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه-: أعطاها بما استحل من فرجها (¬2). "مسائل ابن هانئ" (1068) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل: فإن تزوج بغير إذن المولى -يعني: العبد- فدخل بها، هل لها مهر؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 223 (12982)، وابن أبي شيبة 3/ 534 (16856)، والبيهقي 7/ 127. (¬2) رواه عبد الرزاق 7/ 243 (12984)، وابن أبي شيبة 3/ 533 (16848).

2169 - من أصمدق امرأته سرا، ثم أعلن بأكثر من ذلك؟

قال: فيه اختلاف. قال عثمان بن عفان: لها خمسا المهر. قال أبي: وأنا أذهب إليه، وهو في رقبة العبد. "مسائل عبد اللَّه" (1215) نقل المروذي عنه: إذا تزوج بغير إذن سيده فدخل بها فقد جعل لها عثمان الخمسين، وإنما ذهب إلى أن تعطى شيئًا. يعني بذلك: مهر المثل. "الروايتين والوجهين" 2/ 88 نقل المروذي عنه: تعطى شيئًا، قلت تذهب إلى قول عثمان؟ قال: أذهب إلى أن تُعطى شيئًا. ونقل حنبل عنه: لا مهر؛ لأنه بمنزلة العاهر. "الفروع" 5/ 269 2169 - من أصمدق امرأته سرًّا، ثم أعلن بأكثر من ذلك؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل تزوج امرأة في السر بمهرٍ، وأعلنوا مهرًا آخر؟ قال: أمَّا هؤلاء فينبغي لهم أن يفوا له بما قالوا، وأمَّا هو نأخذه بالعلانية. قال إسحاق: المهرُ مهرُ السرِّ إذا قالوا ما بعد هذا في العلانية ربا. "مسائل الكوسج" (1109) قال صالح: قلت: الرجل يعلن مهرًا ويخفي آخر؟ قال: إذا أعلن أخذ بما يعلن؛ لأن العلانية قد أشهد على نفسه، وينبغي لهم أن يفوا له بما كان أسر. "مسائل صالح" (1199)

2170 - الزيادة أو النقصان في الصداق بعد العقد

قال حرب: سألت أحمد بن حنبل قلت: رجل تزوج امرأة في السر على ألفين، وفي العلانية على أكثر من ذلك؟ قال: هو ما أقره في العلانية. سألت إسحاق، قلت: رجل يتزوج امرأة، وأمهرها في السر ألفا، وفي العلانية ألفين؟ قال: يؤخذ بالأكثر إلا أن يقيم بينة أن العلانية كانت سمعة. "مسائل حرب" ص 79 نقل ابن بدينا عنه في الرجل يصدق صداقا في السر، وفي العلانية شيئا آخر: يؤخذ بالعلانية. ونقل إبراهيم بن الحارث: إذا تزوجها في العلانية على شيء وأسر غير ذلك: أخذنا بالعلانية وإن كان قد أشهد في السر بغير ذلك. ونقل الأثرم في رجل أصدق صداقا في السر وصداقا علانية: يؤخذ بالعلانية إذا كان قد أقر به. قيل له: فقد أشهد شهودًا في السر بغيره. قال: وإن، أليس قد أقر بهذا أيضا عند شهود، يؤخذ بالعلانية. "بيان الدليل" 155، "إعلام الموقعين" 3/ 88 - 89 2170 - الزيادة أو النقصان في الصداق بعد العقد قال إسحاق بن منصور: وقيل له: سئل سفيان عن رجل تزوج امرأة على خادم (¬1)، ثم تزوجها غلامه فولدت أولادًا فطلق امرأته قبل أن يدخل بها؟ قال: لها نصف قيمتها وقيمة ولدها. ¬

_ (¬1) المراد هنا بالخادم، الجارية للسياق، قال الجوهري في "الصحاح" 5/ 1909، والخادم واحد الخدم، غلامًا كان أو جارية.

قال أحمد: جيد. "مسائل الكوسج" (1223) قال إسحاق بن منصور: قال سفيان: فإن أعتقها قبل أن يدخل بها لم يجز له ذلك. قال أحمد: لا يجوز عتقه؛ لأنه حين تزوجها وجبت الجارية لها. "مسائل الكوسج" (1224) قال إسحاق بن منصور: قال سفيان: فإن نقصت الخادم من عيب أو شيء شاركها في النصف، فإن شاء أخذ نصف القيمة، وإن تزوجها على أرضٍ (فبنتها) (¬1) دارًا، فله نصفُ قيمة الأرض، أو ثوبٍ فصبغته، فله نصفُ قيمة الثوب، وكل شيء من أشباه هذا؛ لأنه استهلاك. قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1225) نقل مهنا: إذا زوج عبده من أمته ثم أعتقهما جميعا، فقالت الأمة: زدني في مهري حتى اختارك؛ فالزيادة للأمة ولا تكون للسيد، إنما هي بعد الدخول. قيل له: فإن طلق العبد؟ قال: الزيادة للأمة أيضا. ونقل مهنا أيضا في موضع آخر في رجل تزوج امرأة على مهر فلما رآها زاد في مهرها ثم طلقها قبل الدخول: فلها نصف الصداق الأول والذي زادها. "الروايتين والوجهين" 2/ 131 - 132 ¬

_ (¬1) في "المسائل": (فبنته)، ولعل المثبت أصح.

2171 - هدية الزوج بعد عقده أتحسب من المهر؟

نقل عنه مهنا فيمن تزوج امرأة على غلام بعينه، ففقئت عين الغلام ولم يقبضه: فهو على الزوج. "المبدع" 4/ 120 2171 - هدية الزوج بعد عقده أتحسب من المهر؟ قال إسحاق بن منصور: سئل أحمدُ عن الرجل إذا تزوج المرأة وبعث إليها بمتاعٍ أو ما كان؟ قال: إذا لم يُخبرها أن ذلك من الصداق فلا يحسبُ له. "مسائل الكوسج" (3376) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يهدي لامرأته الشيء بعد عقده النكاح، أيحسب من المهر؟ قال: لا يحسب من المهر. "مسائل ابن هانئ" (1040) 2172 - تجهيز المرأة من صداقها قال البغوي: وسئل أحمد وأنا أسمع عن رجل تزوج امرأة فأعطاها ألف درهم، فجاء أبوها فقال: ليس عندي ما أجهزها به، إن أردتها بلا جهاز فخذها؟ ! قال: إنما يريد المرأة ليس يريد الجهاز، فخذها بلا جهاز. "مسائل البغوي" (16)

فصل وقت وجوب المهر

فصل وقت وجوب المهر 2173 - تعجيل المهر وتأجيله قال حرب: سألت أحمد، قلت: الرجل يزوج المرأة على عاجل من المهر وآجل، يقول لها: أعطيك خمسمائة الآن وخمسمائة إلى سنة؟ قال: أرجو أن يجوز هذا، ولكن إن طلق أو كانت بينهما فرقة، فقد وجب عليه قبل الأجل. "مسائل حرب" ص 101 2174 - الدخول بالمرأة قبل أن يعطيها شيئا قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا تزوج الرجلُ المرأة أله أن يدخل بها قبل أن يُعطيها شيئًا؟ قال الإمام أحمد: نعم. قلت: بحديث من تقولُ هذا؟ قال: بحديث خيثمة (¬1). واحتج بحديث بِرْوَع بنت واشقٍ (¬2). ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (2128)، وابن ماجه (1992)، وابن أبي شيبة 3/ 488، والبيهقي 7/ 253 وهو حديث خيثمة عن عائشة قالت: أمرني النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن أدخل امرأة على زوجها قبل أن يعطيها شيئًا. قال أبو داود: وخيثمة لم يسمع من عائشة. وقال البيهقي: وصله شريك وأرسله غيره. والعلة القادحة فيه هي: مخالفة الثقات لشريك مع سوء حفظه، كما بين البيهقي أما قول أبي داود: وخيثمة لم يسمع من عائشة. فإن خيثمة سمع عليا كما في "التاريخ الكبير" 3/ 215 (732) فلا يبعد سماعه من عائشة كما بين ذلك الألباني في "ضعيف أبي داود" (366). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 431، 447، 4/ 279، 280، وأبو داود (2114)، والترمذي =

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (877) قال صالح: وقال في رجل تزوج امرأة، فأراد أن يدخل بها قبل أن يعطيها شيئًا، قال: لا بأس، وإن قدم شيئًا فلا بأس. "مسائل صالح" (525) قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يتزوج المرأة، فيدخل بها قبل أن يعطيها شيئا؟ قال: إذا أعطاها فهو أحسن. "مسائل حرب" ص 75 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل تزوج امرأة، يدخل بها قبل أن يعطيها شيئًا؟ قال: نعم، لا بأس، وإن قدم فلا بأس، وإن دخل بها فلا بأس. "مسائل عبد اللَّه" (1240) قال عبد اللَّه: سألت أبي: إذا تزوج الرجل المرأة يعطيها شيئًا قبل أن يدخل بها، وإن لم يعطها إلا بعد ذلك بعض ما يصدقها قبل أن يدخل بها، أو يدخل بها ثم يعطيها بعد؟ قال: يعطيها شيئًا قبل أن يدخل بها، وإن لم يعطها إلا بعد ذلك رجوت أن يكون، قال: ذلك جائز. "مسائل عبد اللَّه" (1291) ¬

_ = (1145)، وابن ماجة (1891)، والنسائي 6/ 121، 122، وفي "الكبرى" 3/ 317، وصححه ابن حبان (4098). من حديث ابن مسعود في المرأة التي مات عنها زوجها قبل أن يدخل ولم يسلم لها صداقًا فقضى فيه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن لها صداق نسائها ولها الميراث وعليها العدة. قال الترمذي: حديث ابن مسعود حسن صحيح. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1841).

فصل ما يستقر به الصداق وما لا يستقر وحكم التراجع

فصل ما يستقر به الصداق وما لا يستقر وحكم التراجع 2175 - أولًا: وقت وجوب جميع الصداق للزوجة 1 - بالدخول وإرخاء الستر قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا أغلق الباب وأرخى الستر؟ قال: قد وجب الصداقُ، ووجبت العدة. قال إسحاق: هو كما قال، إلا أن تكون حائضًا أو محرمة، فلم يجئ العجز من قبله. "مسائل الكوسج" (960) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال: سمعته يقول: إذا تزوجها وهو محرم أو هي حائضٌ أو في رمضان، ثم أدعت الدخول ألزمته المهر؟ قال أحمد: إذا أغلق الباب وأرخى الستر. قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: ليس إغلاقُ الباب وإرخاء الستر يوجبُ المهر إذا كان من الزوج عجز لحال رمضان والحيض والإحرام. "مسائل الكوسج" (1170) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: سئل سفيان عن رجل خلا بامرأته وهي حائض؟ قال: لها المهرُ كاملًا. قيل: وإن كان محرمًا؟ قال: وإن كان محرمًا. قال أحمد: نعم، إذا أغلق الباب وأرخى الستر.

قال إسحاق: لا يكون لها المهر بالخلوة أبدًا على هذا إلا أن تكون خلوة وهي فارغة. "مسائل الكوسج" (1222) قال إسحاق بن منصور: قلت: سمعتُ -يعني: سفيان- قال: إذا تزوجها وهو محرم أو هي حائضٌ أو في رمضان، ثم ادعت الدخول ألزمته المهر. قال أحمد: إذا أغلق الباب وأرخى الستر. قال إسحاق: هو كما وصفنا فيما مضى. "مسائل الكوسج" (1304) قال صالح: قال أبي: إذا أغلق الباب وأرخى الستر لزمه الصداق. قلت: وإن لم يطأ؟ قال: وإن لم يطأ، أرأيت لو جاءت بولدٍ أليس تلزمه إياه؟ ! العجز جاء من قبله. قلت: فإن قال: لم أطأ، وقالت: لم يطأني؟ قال: هذا فار من الصداق، وهذِه فارة من العدة. "مسائل صالح" (619) قال صالح: وقال: قصة أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بإرخاء الستر وإغلاق الباب. وقال زيد بن ثابت: أرأيت إن جاءت بولدٍ؟ ! (¬1) حين احتج عليه مروان. "مسائل صالح" (1200) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 285 (10866)، والدارقطني 3/ 307، والبيهقي 7/ 256، وابن عساكر في "تاريخه" 11/ 414.

قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن رجل دخل على أهله وهما صائمان في غير رمضان، فأغلق الباب وأرخى الستر؟ قال: وجب الصداقُ. قيل لأحمد: فشهر رمضان؟ قال: شهرُ رمضان خلافٌ لهذا. "مسائل أبي داود" (1100) قال أبو داود: وسمعتُ أحمد قيل له: فكان مسافرًا في رمضان؟ قال: هذا مفطر -يعني: أنه إذا خلا بها فأغلق الباب وأرخى الستر وجب الصداقُ. "مسائل أبي داود" (1101) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل المكفوف يزوج بالمرأة، ولا يريد أن يدخل بها في ذلك الوقت، فجيء بالمرأة، فأدخلت عليه في البيت وأرخى الستر وأغلق الباب؟ قال: إذا كان لا يعلم بدخولها فلها نصف الصداق. قلت له: إنهم يحتجون بحديث ابن عباس؟ قال: إنما روى حديث ابن عباس ليث، وليث: ليس بالقوي. وروى حنظلة خلاف ما رواه ليث، وحنظلة أوثق من ليث. وأما عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان ومعاذ بن جبل والخلفاء الراشدون قالوا: إذا أُرخي الستر وأُغلِق الباب فقد وجب الصداق (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1051) ¬

_ (¬1) انظر: "مصنف عبد الرزاق" 6/ 287، و"مصنف ابن أبي شيبة" 3/ 511 - 512 (16682).

قال حرب: سمعت أحمد يقول: إذا أغلق بابا أو أرخى سترا، فقد وجب الصداق. وقال: وسألت أحمد مرة أخرى قلت: رجل تزوج امرأة، فأرخى عليه وعليها سترا، فقال: لم أمسها، وقالت هي: لم يمسني؟ قال: عليه المهر، لا يقبل قوله ولا قولها. وذهب إلى أن عليها العدة. قلت: فإنه أخذها عند نسوة، فمسها، وقبض عليها، ونحو ذلك من غير أن يخلو بها؟ قال: إذا نال منها شيئا لا يحل لغيره، فعليه المهر. وقال وسمعت إسحاق، وسأله أبو شداد المروزي عن رجل تزوج جارية بكرًا، فأخذها وسط جواري فجامعها دون الفرج؟ قال إسحاق: كلما كان الجماع دون الفرج، وهي مع جوارى، فليس ذلك بخلوة منه، ولا يجب المهر إن طلقها، إنما يجب نصف المهر، ولو كان هذا الجماع في الخلوة، أو ستر باب لكان يجب المهر أجمع إلا أن تكون ممتنعة في الستر أيضا، أو كانت علة حيض، وهي التي منعت الزوج من الوطء، وهي محرمة بحجة، أو لأية علة كانت؛ لأن الخلوة توجب المهر بالسنة؛ لقول عمر وعلي وغيرهما من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا أن تجيء علته من المرأة، وهى التي تمنع الزوج من الوطء. حدثنا إسحاق: قال ابن وكيع قال: حدثنا الغمري، عن نافع عن ابن عمر، عن عمر بن الخطاب قال: من أغلق بابًا أو أرخى سترًا، فقد وجب الصداق. حدثنا إسحاق: قال: أبنا وكيع قال: أبنا الحسن بن صالح، عن فراس، عن الشعبي، عن ابن مسعود قال: لها نصف الصداق ما لم

يجامعها، ولو جلس بين رجليها. حدثنا إسحاق: قال أخبرنا جرير، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس قال: لها نصف الصداق ما لم يخل معها. "مسائل حرب" ص 85 قال حرب: سألت إسحاق قلت: رجل تزوج امرأة، فقالت المرأة: إنه قد دخل بها، وأنكر الزوج ذلك، كيف الأمر في ذلك، وكيف نعرف ذلك؟ قال: بالبينة واليمين إذا قامت البينة أنه قد أقر بالوطء وإلا حلف أنه لم يطأها. "مسائل حرب" ص 118 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل تزوج امرأة فلم يقدر عليها؟ قال: يفرق بينهما. قال: إذا أرخى سترًا أو أغلق بابًا فقد وجب الصداق. "مسائل عبد اللَّه" (1206) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا: يحيى بن سعيد قال: نا قتادة عن الحسن، عن الأحنف، عن عمر وعلي: من أغلق بابًا وأرخى سترًا، فلها الصداق وعليها العدة. "مسائل عبد اللَّه" (1207) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: قرأت على عبد الرحمن بن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قضى في المرأة يتزوجها الرجل، أنها إذا أرخت الستر فقد وجب الصداق. "مسائل عبد اللَّه" (1208)

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا يعقوب قال: حدثنا أبي قال: حدثني محمد بن إسحاق القرشي، وسفيان بن سعيد الثوري، عن أبي الزناد، عن سليمان بن (يسار) (¬1) قال: تزوج الحارث بن الحكم امرأة من بني عامر، أو بني مرة، فلما قدم بها عليه أتاها فقال عندها وهي بقباء أو بالعقيق. فنظر إليها فرأى جارية أدماء سوداء، فخرج من عندها، فبعث إليها بالطلاق، ولم يقربها، فبعثه مروان وهو أمير المدينة إلى زيد بن ثابت، فذكر ذلك له، فقال له زيد: تمّ صداقها ووجبت عليها العدة حين خلا بها، فقال له: إنه ممن لا يتهم، وقد زعم إنما وضع ثيابه، وقال عندها، ولم يتناول منها قليلًا ولا كثيرًا. فقال له زيد: أعطها الصداق، ومرها فلتعتد. قال: فلما أكثر عليه مروان، قال له زيد: أرأيت لو أنها ادعت أنه أصابها، وأن بها منه ولدًا، كيف كنت صانعًا؟ أكنت ملاعنًا بينهما؟ قال: نعم. قال: فأتمم لها صداقها ومرها فلتعتد (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (1209) نقل أبو الحارث: إذا خلا بها وهما على صفة يمكن وطؤها فقال: لم أطأها وصدقته، لها المهر. ونقل: إذا خلا بها وهي حائض أو كان صائما في رمضان أو محرما وجب الصداق. "الروايتين والوجهين" 2/ 127 ¬

_ (¬1) في "مسائل عبد اللَّه": (بشار)، والصحيح المثبت كما في مصادر التخريج. (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 285 (10866)، والدارقطني 3/ 307، والبيهقي 7/ 256 وابن عساكر في "تاريخه" 11/ 414.

2176 - 2 - الوطء ولو كان حراما

نقل عنه يعقوب بن بختان: إذا خلا بها، وقال: لم أطأ، وصدقته، أن لها نصف الصداق وعليها العدة. "المغني" 10/ 153، "تقرير القواعد" 3/ 132 قال الإمام أحمد في رواية أبي الحارث: إذا خلا بها وجب الصداق والعدة ولا يحل أن يتزوج أمها وبنتها ولا تحل المرأة لأبيه وابنه. "الاختيارات الفقهية" المطبوع مع "الفتاوي الكبرى" 4/ 448 2176 - 2 - الوطء ولو كان حرامًا قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ تزوج ذات محرمٍ منه دخل بها، لها الصداق؟ قال: إذا تزوج أمه من الرضاعة أن يصدقها. قلت: أَوَ أمهُ؟ قال: أردت أن أقول ذاك، وإذا تزوج أمه أو ذات محرم منه عمدًا قتل. قال إسحاق: كما قال؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أتى ذات محرم فاقتلوه" (¬1). "مسائل الكوسج" (1125) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يتزوج المرأة ثم يطلع بعدُ أنها ذات محرم؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 300، والترمذي (1462)، وابن ماجه (2564)، والدارقطني 3/ 126، والحاكم 4/ 356، والبيهقي 8/ 232، 234 مرفوعًا من حديث ابن عباس. وصححه الحاكم، وقال الذهبي: لا. يعني: غير صحيح، وضعفه الألباني في "الإرواء" (2352).

قال: لها المهر بما استحل من فرجها، وإن لم يدخل بها يفرق بينهما ولا شيء لها. "مسائل ابن هانئ" (1004) قال حرب: سمعت أحمد يقول في رجل تزوج ذات محرم منه وهو لا يعلم، ثم علم قال: إن ولدت له ألحق به الولد وورث. قيل: فالمهر؟ قال: أتوحش من ذلك إذا كانت أمه، أو بنته من الرضاعة، أو غيره، فإني أتوحش من أخذ المهر ولو كانت عمته أو خالته أو نحو هذا كان أهون. وقال: وسألت أحمد مرة أخرى قلت: فرجل تزوج امرأة فإذا هي محرم منه؟ قال: إذا كانت أم، أو نحو ذلك فإني أتوحش أن يأخذ المهر، وإن كانت غير ذلك فهو أهون. "مسائل حرب" ص 52 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في رجل تزوج أخته وهو لا يشعر؟ فقال: إذا كان دخل بها فلها الصداق الذي سمى لها. "مسائل عبد اللَّه" (1297) نقل محمد بن الحكم: إذا تزوج أخته من الرضاعة ثم علم بعد، أو أمه من الرضاعة ثم علم، أو أخت امرأته أو أمها ثم علم. فقال: أما أخته أو أمه أو بنته فلا صداق لها، وأما أخته من الرضاعة أو أخت امرأته أو بنتها أو أم امرأته فلها الصداق ولا ميراث. "الروايتين والوجهين" 2/ 134

2177 - المجوسية تكون تحت أخيها أو أبيها فيموت أو يطلقها، هل لها الصداق؟

قال أحمد في رواية أبي طالب في حق الأجنبية إذا أكرهها على الزنا وهي بكر: فعليه المهر، وأرش البكارة. "المغني" 10/ 186، "الشرح الكبير" 21/ 292 2177 - المجوسية تكون تحت أخيها أو أبيها فيموت أو يطلقها، هل لها الصداق؟ قال حرب: سألتُ إسْحاقَ عن مجوسي تزوج أمه ثم أسلم، هل لها المهر؟ قال: لا إذا رفع إلى حاكم من حكام المسلمين لم يحكم لها بالمهر؛ لأن النكاح كان حرامًا في أحكام المسلمين. "مسائل حرب" ص 117 قال الخلال: أخبرني محمد بن موسى قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن مجوسيّة تكون تحت أخيها أو أبيها فيطلقها أو يموت عنها فترجع إلى المسلمين تطلب مهرها؟ قال أبو عبد اللَّه: ولم يسلما؟ قال: لا. قال: ليس لها مهر. وقال: أخبرنا يوسف بن موسى قال: سألوا أبا عبد اللَّه: المرأة المجوسيّة تكون تحت أخيها أو أبيها المجوسي، فيموت أو يطلقها، هل لها الصداق؟ قال: لا. "أحكام أهل الملل" 2/ 473 (1152 - 1153)

2178 - الاستمتاع دون الفرج هل يوجب المهر؟

قال أبو بكر بن محمد بن صدقة -وسئل عن المجوسية تكون تحت أخيها أو أبيها فيطلقها- قال: أو يموت عنها، فيرفعان إلى المسلمين: ألها مهر؟ قال أحمد: لم يسلما؟ قال: لا. قال: فليس لها مهر. "بدائع الفوائد" 4/ 69 2178 - الاستمتاع دون الفرج هل يوجب المهر؟ نقل عنه مهنا: إذا تعمد النظر إليها وهى عريانة تغتسل؛ وجب لها المهر. "المغني" 10/ 157، "الشرح الكبير" 21/ 256، "تقرير القواعد" 3/ 130، "معونة أولي النهى" 4/ 448 2179 - 3 - الموت قال ابن هانئ: قلت: رجل زوّج (امرأته) (¬1) وهو غائب عن بلده، والابنة مع أمها ببلدة أخرى، فزوجها إياه، فقدم الرجل، فإذا الابنة قد ماتت؟ قال: إذا كان ماتت يوم زوّجها أو قبله فليس لها شيء، وإن كان ماتت بعد ذلك بيوم فلها الصداق كاملًا. وإن كانت ثيبًا تستأمر، والبكر فيها اختلاف. "مسائل ابن هانئ" (974) ¬

_ (¬1) قال محقق "مسائل ابن هانئ": كذا بالأصل ولعل الصواب: ابنته.

قال حرب: سألت أحمد قلت: امرأة توفي عنها زوجها قبل أن يدخل بها؟ قال: لها المهر، وعليها العدة، ولها الميراث. قلت: وكذلك لو ماتت هي، كان يرثها؟ قال: نعم. قلت: فإن كان لم يسم لها مهرًا؟ قال: لها مثل صداق نسائها. قلت: فإن كان صداق نسائها مختلف مثل ألف وألفين. قال: وسط من ذلك. وسألت أحمد مرة أخرى: قلت: الرجل يتزوج المرأة، فيموت قبل أن يدخل بها؟ قال: لها المهر والميراث وعليها العدة، وإن ماتت هي فله الميراث. "مسائل حرب" ص 73

ثانيا: وقت وجوب نصف الصداق للزوجة

ثانيًا: وقت وجوب نصف الصداق للزوجة 2180 - الفرقة قبل الدخول قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ تزوج امرأة قد زنت قبل ذلك ولم يعلم؟ قال: هي امرأته، وإن فارقها يجبُ لها نصفُ الصداق. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (1041) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عمن أعتق أمته وجعل عتقها صداقها، ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: ترد إليه نصف قيمتها. قيل لأحمد: فليس عندها؟ قال: يكونُ دينًا عليها. "مسائل أبي داود" (1077) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: رجلٌ تزوج امرأة على أمةٍ فساقها إليها، ثم ماتت الأمةُ، ثمَّ طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: يرجع عليها بنصف قيمتها. قلت لأحمد: فإن ولدت الأمةُ عبدًا لها؟ قال: يرجعُ بنصف قيمتها هي، أرأيت لو كان تزوجها على ألف درهم فدفعهُ إليها فمكث عندها سنةً، أليس هي تركته؟ ترد عليه خمسمائةٍ. "مسائل أبي داود" (1099) قال ابن هانئ: سألته عن رجل تزوج امرأة، فلما كان معها قليلًا،

هربت فغابت عنه قدر عشرة أشهر، ثم جاءت فقالت: أنا أكون معك، وإنما كنت زائرة بعض قراباتي، ثم غابت عنه أيضًا، هل يلزمه في ذلك من المهر؟ قال: إذا كان دخل بها فلها المهر كاملًا، ولا تُئوى هذِه أصلًا، وإن لم يكن دخل بها فلها نصف الصداق، ولا يعبأ بغيبتها. "مسائل ابن هانئ" (891) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل تزوج بامرأة ولها أم، فوقع على أمها، ولم ير الآبنة ولا أرخى سترًا ولا أغلق بابًا؟ قال: لها نصف الصداق. "مسائل ابن هانئ" (1044) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل: يعتق الأمة ويجعل عتقها صداقها، ثم يطلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: يعتق ويرجع عليها بنصف قيمتها. "مسائل عبد اللَّه" (1253) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل تزوج امرأة على أرض من أرض السواد ثم طلقها؟ فقال: إن كان دخل بها دفع إليها الأرض، وإن لم يكن دخل بها فلها نصف الأرض. "مسائل عبد اللَّه" (1378) قال مهنا: سألت أحمد عن رجل تزوج امرأة ثم طلبت منه الخيار فاختارت نفسها، ولم يكن دخل بها، لها عليه نصف الصداق؟ قال: في قلبي منها شيء، ثم قال: لا ينبغي أن يكون لها شيء.

2181 - إذا زوج الرجل أم ولده فمات سيدها قبل أن يدخل زوجها بها؟

قلت: إني سألت غير واحد فقال: يكون لها عليه نصف الصداق. فقال لي: فإن أسلمت امرأة مجوسية وأبى زوجها أن يسلم، يكون لها عليه صداقها؟ قال: في هذا يدخل عليهم. "تقرير القواعد" 3/ 136 2181 - إذا زوج الرجل أم ولده فمات سيدها قبل أن يدخل زوجها بها؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا زوج الرجل أم ولده فمات سيدها قبل أن يدخل زوجها بها خيرت؟ قال: هي حرة تُخير، فإن اختارت نفسها فلا صداق لها، ولا لسيدها، وإن اختارت زوجها فالصداق للسيد. وإذا كان الزوج دخل بها فمات عنها سيدها قال: هي حرة تُخيرُ والصداق للسيد، وإذا كانت تحت حر فلا خيار لها. قلت: والصداق للسيد أيضًا؟ قال: نعم؛ لأنها أمة، فإذا كانت مكاتبة فلا يكون الصداقُ للسيد، إنما الصداق لها، إلا أن تعجز فترد في الرق فصار الصداق للسيد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1059) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: إذا زوج الرجلُ أم ولده فمات سيدها قبل أن يدخل بها زوجها خيرت، فإن اختارت نفسها

2182 - المجوسي يتزوج بمجوسية فيسلم قبل الدخول

فلا صداق لها، ولا لسيدها، وإن اختارت زوجها فالصداق للسيد، وإن كان الزوج دخل بها فمات عنها سيدها، فإنها تخير والصداق للسيد. قال أحمد: نعم، كما قال. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1186) 2182 - المجوسي يتزوج بمجوسية فيسلم قبل الدخول قال إسحاق بن منصور: سُئل إسحاق عن مجوسي تزوج مجوسيةً صغيرة، ثم أسلم قبل أن يدخل بها، ومات قبل أن تدرك الجارية؟ فقال: لها المهرُ بالعقد، ولا ميراث بينهما. قيل: فإن أسلمت في العدة؟ قال: هذِه صغيرة لا تعقل الإسلام، فإن كانت كبيرةً فأسلمت قبل أن يقسم الميراث، فلها الميراث قبل انقضاء العدة أو بعده. "مسائل الكوسج" (1202) قال الخلال: أخبرني حرب قال: قلت لأحمد: مجوسيٌّ أسلم قبل أن يدخل بامرأته هل لها من الصداق شيء؟ قال: لا. وقال: أخبرني محمد بن موسى قال أبو عبد اللَّه، عن المجوسي يسلم وتأبى امرأته أن تسلم ولم يدخل بها لها مهر أو لا؟ قال: لا. وقال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب قال: قيل لأبي عبد اللَّه: إذا أسلم المجوسيّ وله امرأة ولم يدخل بها؟

قال: يفرّق بينهما. قيل: لها مهر؟ قال: لا، قد حرمت عليه ويفرق بينهما ليس عليه شيء. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أبا عبد اللَّه عن مجوسيّ أسلم وأبت امرأته أن تسلم وقالت له: هات صداقي. ينبغي له أن يدفع إليها صداقها الذي تزوجها عليه؟ قال: نعم، يدفع إليها ما كان لها عليه. قال: وسألت أبا عبد اللَّه عن مجوسيّ أسلم ولم تسلم امرأته، وعرض عليها الإسلام فلم تسلم، وطلبت منه صداقها؟ قال: ينبغي له أن يدفع إليها صداقها. فقلت له: أرأيت إن كانت ذا محرم منه؟ قال: ذا أشنع. قال أبو بكر الخلال: يعني في الأشنع أنه لا يكون لها صداق. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن مجوسيّ أسلم. يعني: تأخذ منه امرأته مهرها؟ قال: نعم. قيل له: فإن كانت محرمًا؟ قال: أشنع. قيل: فإن أسلمت؟ يعني: فكأنه عنده أوكد أن تأخذ مهرها إذا أسلمت هي أو كما قال. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن رجل مجوسيّ أسلم وأبت امرأته أن تسلم؟

2183 - اليهودية أو النصرانية تسلم قبل أن يدخل بها زوجها

قال: يفرق بينهم. قلت: لها مهرها؟ قال: نعم. فقلت: لها نفقة أو سكنى؟ قال: لا. وقال: أخبرني محمد بن موسى قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن المجوسيّ تسلم امرأته ولم يسلم هو، هل لها عليه نفقة العدة؟ قال: نعم. "أحكام أهل الملل" 2/ 473 (1154 - 1160) 2183 - اليهودية أو النصرانية تسلم قبل أن يدخل بها زوجها قال إسحاق بن منصور: قلت: اليهودية أو النصرانية تكون تحت اليهودي والنصراني فتسلم قبل أن يدخل بها؟ قال: لا صداق لها. قلتُ: هي أحق بنفسها وإن أسلم زوجها؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1072) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال الحسنُ في النصرانية تسلم وزوجها نصراني، أو المجوسية تكون تحت المجوسي فتسلم قبل أن يدخل بها

ولا يسلم: لا صداق لها (¬1). قال سفيان: وكان غيرهُ من الفقهاء يقولُ: لها نصفُ الصداق وإن لم يكن دخل بها؛ لأنها دعته إلى الإسلام فأبى. قال أحمد: ليس لها شيءٌ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1203) قال الخلال: أخبرني حمزة قال: حدثنا حنبل قال: حدثنا قبيصة قال: حدثنا سفيان، عن يونس، عن الحسن في النصرانية إذا أسلمت قبل أن يدخل بها زوجها قال: ليس لها شيء. قال: سفيان: نرى لها النصف. قال حنبل: سألت أبا عبد اللَّه فقال: يجددان النكاح إذا لم يكن دخل بها ومهر جديد. وقال: أخبرني الحسين بن الحسن أن محمد بن داود حدثهم قال: سُئل أبو عبد اللَّه. . وأخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن النصراني تسلم امرأته قبل أن يدخل بها، أيكون لها نصف الصداق إذا فرّق بينهما؟ قال: من الناس من يقول: جاءت الفرقة من قبلها فلا صداق لها. ومن الناس من يقول: جاءت الفرقة من قبله، وذلك أنه يقال له أسلم فيكونان على نكاحهما فيأبى الإسلام، فتكون الفرقة حينئذ من قبله. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 81 (10071)، وابن أبي شيبة 4/ 35 (17509).

2184 - إذا ارتدت المرأة عن الإسلام ولها زوج قبل الدخول بها

زاد الأثرم: فعاودته فقال: ما أدري. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح أنه سأل أباه عن اليهودية والنصرانية تكون تحت المسلم فتسلم قبل أن يدخل بها؟ قال: لا صداق لها. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 255 - 256 (503 - 505) قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه وسأله عن اليهودي يتزوج باليهودية فتسلم قبل أن يدخل بها؟ قال: لا صداق لها. قال أبو عبد اللَّه: وأصحاب أبي حنيفة يقولون: إذا أسلمت، فإن أسلم هو وإلَّا لها نصف الصداق. وقال في موضع آخر: سُئل عن نصراني تزوج نصرانية فأسلمت قبل أن يدخل بها؟ قال: لا صداق لها؛ لأنه من قبلها جاءت الفرقة، وكل فرقة تكون من قبلها فلا صداق لها. "أحكام أهل الملل" 1/ 257 (508) 2184 - إذا ارتدت المرأة عن الإسلام ولها زوج قبل الدخول بها قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: إذا ارتدت المرأةُ عن الإسلام، ولها زوجٌ قبل أن يدخل بها فلا صداق لها، وقد انقطع ما بينهما، الرجل والمرأة فيه سواء.

قال أحمد: قد انقطع ما بينهما ولا صداق لها؛ لأنه ليس هاهنا عدة، وإن لم يكن دخل بها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1208) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: إن كان دخل بها ثم ارتدت فلها الصداق كاملًا. قال أحمد: هو كذا إذا وطئها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1209)

فصل: ضمان المهر

فصل: ضمان المهر 1 - ضمان مهر الصبي 2185 - رجل زوج ابنه صغيرًا، على مَنِ المهر؟ قال إسحاق بن منصور: قلتُ: سُئل سفيان عن رجل زوج ابنه صغيرًا، وضمن المهر فمات الأب ولم يدع وفاءً؟ قال: يرجع بالمهر على الابن، فإن ترك وفاءً أخذ من ميراثه وحوسب به الابن من نصيبه. قال أحمد: كما قال. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (1216) قال صالح: وسألته عن رجل زوج ابنه وهو صغير، على من الصداق؟ قال: إذا تقبل به الأب فهو على الأب، وإلا فهو على الابن. قلت: إن الابن لما أدرك قال: لا أرضى؟ قال: ليس له ذلك. "مسائل صالح" (412)، ونقلها عبد اللَّه عن أبيه في "مسائله" (1198)، وحرب عن الإمام في "مسائله" ص 43 قال صالح: قال أبي: والصغير؛ يجوز للأب أن يزوجه، ولا يضمن الأب الصداق، إلا أن يضمنه الأب فيكون عليه. "مسائل صالح" (568) قال صالح: قلت: الرجل يزوج صغيرًا من امرأة كبيرة على من النفقة؟ قال: إذا كان للابن مال فمن ماله، وإلا فليس على الأب شيء؛

إلا أن يضمن، حديث ابن عمر: أنتم رضيتم به (¬1). قلت: فإن مات فعلى من المهر؟ قال: المهر هكذا، إلا أن يضمن الأب. "مسائل صالح" (1174) قال ابن هانئ: قلت: الرجل يزوج ابنه صغيرًا، المهر على من؟ قال: إذ زوّجه عن غير رضاه فالمهر على الأب، وإذا زوجه وهو راضٍ، فالمهر على الغلام، إذا كان له مال. "مسائل ابن هانئ" (1045) قال حرب: وسئل إسحاق عن رجل زوج ابنه وصير المهر على نفسه وعلى ابنه بأمر أبيه؟ قال أبو يعقوب: يجب المهر على ورثة الأب وعلى الابن المتزوج، ويجب للورثة على الابن المتزوج -يعني: إذا مات الأب. وقال: إن ضمن الابن الأب بغير أمر الابن، فالمال عليهما نصفان. وسألت إسحاق أيضا عن رجل زوج ابنه صغيرا، فضمن الأب المهر، فلما بلغ الابن ودخل بالمرأة وسألوه الصداق، وقال: إنما الصداق على الأب، ما الحكم في ذلك؟ قال: إذا ضمنه الأب فهو عليه. قلت: وإن مات الأب؟ قال: وإن مات الأب، فهو على ورثته. قال: وإن أخذ من الزوج رجع به على الورثة. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 449 (16012)، والبيهقي 7/ 143.

استفهمته هذِه المسألة، وراجعته فيها، فثبت عليه وكان هذا مذهبه. "مسائل حرب" ص 43 قال حرب: حدثنا أحمد قال: حدثنا هشيم قال: أنبأ يونس، عن الحسن أنه كان يقول: إذا زوج الرجل ابنه وهو صغير جاز عليه، وكان الصداق على الغلام إلا أن يضمنه والده عنه (¬1). وقال حدثنا أحمد قال: ثنا هشيم قال: أخبرنا مجالد، عن الشعبي في: رجل زوج ابنه وهو صغير؟ قال: الصداق على الأب (¬2). "مسائل حرب" ص 43 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل يزوج ابنا له لم يدرك من ابنة رجل غير مدركة، ثم مات الغلام؟ فقال: إن كان أبو الغلام ضمن على ابنه الصداق فعليه أن يؤديه إلى أبي الجارية كله كاملًا، وإن لم يكن ضمن على ابنه فليس عليه شيء. قلت: فإن كان للغلام مال أو دار؟ قال: يؤدي عنه جميع الصداق. "مسائل عبد اللَّه" (1262) قال البرزاطي: سألت أحمد عن الرجل يزوج ابنه ويضمن الصداق، فيموت الأب؟ ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 204 (733)، وابن أبي شيبة 3/ 449 (16007)، والبيهقي 7/ 143. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 449 (16013) عن حميد، عن الحسن، عن مجالد، عنه به.

2186 - العبد يتزوج بإذن مولاه، على من المهر؟

قال: يخرج -يعني: الصداق- من ماله، ثم يرجع الورثةُ على هذا -يعني: الابن- في نصيبه. "الطبقات" 2/ 200 - 201 2 - ضمان مهر العبد 2186 - العبد يتزوج بإذن مولاه، على من المهر؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا أذن الرجل لعبده في التزويج فعلى من المهر؟ قال: المهر على السيد. قال إسحاق: هو على العبد في ماله، إلا أن يضمن السيد المهر. "مسائل الكوسج" (2030) قال حرب: قلت لأحمد: المملوك إذا كانت تحته الحرة، فباعه مواليه، فعلى من مهر امرأته؟ قال: على سيده الذى باعه، إذا كان أذن له في التزويج. قلت: فإن أعتقه؟ قال: كذلك أيضا؛ لأنه شيء كان على السيد. "مسائل حرب" ص 104 قال في رواية مهنا: إذا أذن لعبده في التزويج فتزوج وأصرف أربعة آلاف وثمنه ثمانمائة ولم يرض المولي فالمهر دين على العبد، وعلى السيد قيمته. "الروايتين والوجهين" 2/ 87

2187 - إذا زوج السيد عبده أمته، هل يجب عليه مهر لها؟

2187 - إذا زوج السيد عبده أمته، هل يجب عليه مهر لها؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- كان يزوج أمته عبده بغير مهر؟ (¬1) قال: إن أمهر فحسنٌ، وإلا فهو ذاك. قلت: الشهود في ذلك؟ قال: ما أحسنه! قال إسحاق: كما قال سواء، ولا بد من الشهود. "مسائل الكوسج" (896) قال صالح: سألت أبي عن رجل أراد أن يزوج جاريته لعبده؟ قال: يُمهرها، ويُشهد، ويُنقد ما تيسر. "مسائل صالح" (772) قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يزوج عبده أمته بغير مهر؟ قال: أحب إلى أن يكون مهر مسمى وشهود. "مسائل حرب" ص 287 نقل سندي عنه: إذا زوج عبده من أمته فأحب إليَّ أن يذكروا مهرًا، فإن طلقها فالصداق عليه إذا أعتق. "الروايتين والوجهين" 2/ 133 نقل مهنا عنه: إذا قال له: تزوج على رقبتك، فهذا لا يكون أن يزوج على رقبته، وإذا تزوج امرأة فخرج بالعبد عيب. قال: ترده والمهر على مولاه. "الفروع" 5/ 271 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 451 (16027)، والبيهقي 7/ 127.

فصل: سقوط المهر

فصل: سقوط المهر 2188 - ما جاء في أسباب سقوط المهر 1 - العفو عن الصداق، وذكر من يملك العفو قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل طلق امرأته وهي بكرٌ قبل أن يدخل بها فعفا أبوها زوجها عن نصف الصداق؟ قال: ما أرى عفو الأب إلا جائزًا، وأرى أن يأخذ من مالها ما شاء أو كلها. قال إسحاق: لا يكون عفو الزوج عفوًا؛ لأن الذي بيده عقدة النكاح الزوج. "مسائل الكوسج" (1073) قال حرب: قلت لأحمد: يا أبا عبد اللَّه، الذي بيده عقدة النكاح أهو الزوج، أو المرأة، أو الولي؟ قال: هو الزوج، يروى عن رجلين من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جبير بن مطعم تزوج من امرأة فأكمل لها الصداق، قال: أنا أحق بالعفو (¬1). وعلي بن أبي طالب حين قال لشريح (¬2) في ذلك. "مسائل حرب" ص 229 ¬

_ (¬1) رواه الشافعي في "مسنده" 2/ 10 (15)، والطبري 2/ 561 (5324، 5325، 5326)، والدارقطني 3/ 279، والبيهقي 7/ 251. (¬2) رواه الطبري 2/ 560 (5317، 5319)، وابن أبي حاتم 2/ 445 (2360)، والدارقطني 3/ 278، والبيهقي 7/ 251. وقال الألباني في "الإرواء" 6/ 355: إسناده صحيح.

2189 - 2 - هبة المرأة صداقها لزوجها، وذكر هل تملك الرجوع في ذلك أم لا؟

نقل أبو طالب وأبو الحارث أن عفو الولي لا يصح. "الروايتين والوجهين" 2/ 124 قال محمد بن ماهان النيسابوري: سألت أحمد عن رجل طلق امرأته وهي بكر قبل أن يدخل بها، فعفا أبوها لزوجها عن نصف الصداق؟ قال: لا يجوز عفو الأب. "الطبقات" 2/ 362 - 363 2189 - 2 - هبة المرأة صداقها لزوجها، وذكر هل تملك الرجوع في ذلك أم لا؟ قال إسحاق بن منصور: قلت لإسحاق: رجل سأل امرأته أن تهب له مهرها فوهبته له، أله أن يمسكها بغير مهر؟ قال إسحاق: شديدا، إذا كان من طيب نفس ما لم ترجع. "مسائل الكوسج" (2327) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق في المرأة تهب مهرها لزوجها، ثم ندمت: فإن السنة في ذلك إذا وهبت رغبة أو هبة لم ترد بذلك وجه اللَّه عز وجل على معنى الصدقة، فلها أن ترجع متى ما شاءت، فإنهن يخدعن، ولا تهب إحداهن إلا طمعا في الرفق بها والتكرمة لها، أو خوفا من الظلم من الزوج أو ما أشبهه، فإذا فاتها ذلك كان لها الرجوع، وقد احتج قوم خالفوا هذا القول، قالوا: قال اللَّه تبارك وتعالي: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} [النساء: 4] وهذا على أن تطيب نفسها حتى الممات، كذلك فسر شريح (¬1) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 500 (11833)، وابن أبي شيبة 4/ 336 - 337 (20727).

ومجاهد (¬1) وهو على مذهب عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- (¬2)، ومن اتبعه حيث رأوا الرجوع لها، وقد احتج بعضهم على عبد الملك بن مروان بهذِه الآية وقد طلقها، فقال عبد الملك: آقرأ الآية التي بعدها: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} [النساء: 20] (¬3). قال الإمام أحمد رحمة اللَّه تعالى عليه: إذا وهبت المرأة لزوجها بطيب نفس من غير مسألة فليس لها أن ترجع. "مسائل الكوسج" (3091) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد -رضي اللَّه عنه-: إذا وهبت المرأة لزوجها بطيب نفس من غير مسألة فليس لها أن ترجع. "مسائل الكوسج" (3371) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن أمرأة لها على زوجها مهر، هل لها أن تتصدق على زوجها؟ قال: إذا كان عن طيب نفس منها فلا بأس، قال اللَّه عز وجل: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4]. "مسائل ابن هانئ" (1403) قال ابن هانئ: قيل لأبي عبد اللَّه: يعرض الرجل للمرأة في هبة مهرها فتهبه له رغبة، ألها أن ترجع في مهرها؟ قال: إذا رجعت في هبتها فلها؟ لأن اللَّه تبارك وتعالى يقول: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] فهذِه لم تطب نفسها أن ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 500 (11832). (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 115 (16562)، وابن أبي شيبة 4/ 336 (20724). (¬3) رواه عبد الرزاق 6/ 498 - 499 (11828)، (11829).

2190 - الرجوع على الزوجة بنصف المهر إذا وهبت له المهر فطلقها قبل الدخول

تهب، فلها أن ترجع. "مسائل ابن هانئ" (1404) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن امرأة صيّرت زوجها في حل من صداقها إلا حجة حجها عنها ثم رجعت؟ قال: لها أن ترجع في صداقها. "مسائل عبد اللَّه" (1199) نقل أبو طالب: إذا وهبت له مهرها، فإن كان سألها ذلك رده إليها، رضيت أو كرهت؛ لأنها لا تهب إلا مخافة غضبه، أو إضرار بها بأن يتزوج عليها، وإن لم يكن سألها وتبرعت به فهو جائز. "المغني" 8/ 279 نقل المروذي عن أحمد في المرأة إذا عفت عن صداقها الذي لها على زوجها: ليس شيء، قال اللَّه تعالى: {فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} وسماه غير المهر تهبه المرأة للزوج. "المغني" 10/ 163، "معونة أولي النهى" 9/ - 217 2190 - الرجوع على الزوجة بنصف المهر إذا وهبت له المهر فطلقها قبل الدخول قال صالح: وسألته عن امرأة وهبت مهرها لزوجها، ثم بدا له أن يطلقها؟ قال: إذا كان الزوج سألها ذلك فلها أن ترجع فيه، وإذا لم يسألها، ولكنها وهبته بطيبة نفسها، فليس لها أن ترجع. "مسائل صالح" (397)

قال ابن هانئ: سألت عن رجل تزوج امرأة على ألف درهم، فحمل لها ألف درهم مهرها، ثم تكلم بكلام كأنه عرض في هبتها، ثم وهبتها له، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، هل يلزم المرأة شيء؟ قال: نعم، إذا كانت عن غير معرفة من الرجل، ولا مكر منه، فإن عليها خمسمائة درهم يرجع إليها؛ لأن الهبة لا ترد، وليس لصاحبها أن يستردها، وهذا كما وهبت له الألف درهم ثم طلقها فخمسمائة درهم، لها من مهرها النصف، ويرجع عليها بخمسمائة درهم، ثم ضحك أبو عبد اللَّه وقال: هذِه المسكينة ينبغي أن تعوض شيئا، ويجب عليها في الأحكام أن تعطيه خمسمائة. "مسائل ابن هانئ" (1405) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل تزوج أمرأة على ألف درهم، أعطاها ثم قال: هبي لي الألف، فوهبتها له، ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: ليس لها أن ترجع فيها إذا كانت وهبتها له طيبة بها نفسها. "مسائل عبد اللَّه" (1333) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: امرأة وهبت مهرها لزوجها، ثم بدا له أن يطلقها؟ قال: إذا كان الزوج سألها فلها أن ترجع فيه، وإذا لم يسألها، ولكنها وهبتها بطيبة نفس فليس لها أن ترجع. "مسائل عبد اللَّه" (1365) نقل ابن مشيش: لا يرجع عليها بشيء، ولا فرق بين أن يكون ذلك بعد أن قبضه أو قبل. "الروايتين والوجهين" 2/ 125

فصل: اختلاف الزوجين في الصداق

فصل: اختلاف الزوجين في الصداق 2191 - اختلافهم في القبض قال إسحاق بن منصور: قلتُ: رجلٌ تزوج امرأةً على صداق معلوم، ودخل بها وقال: قد أوفيتها، وتقول هي: لم يوف؟ قال: عليهم المخرج. يعني: الأولياء. قال إسحاق: كذا هو. "مسائل الكوسج" (1111) 2192 - اختلافهم في القدر قال صالح: قلت: الرجل يتزوج المرأة تدعي مهر ألفين، ويقول الرجل: إنما تزوجتها على ألف، وقد دخل بها؟ قال: لها صداق نسائها، فإن كان صداق مثلها أكثر من ألفين لم تعط أكثر من ألفين، وإن كان أقل من ألف: أعطيت ما أقر به، أو تقيم البينة. "مسائل صالح" (1183) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: إذا قالت: تزوجني على ألف، وقال: بل تزوجتك على خمسمائة درهم، ومهر مثلها عشرة آلاف، فإن لها ألف درهم؛ لأنها هي أباحت فرجها بذلك ورضيت. "مسائل أبي داود" (1097) قال في رواية مهنا: إذا اختلفا في المهر ولا بينة على مبلغه يُستحلف. قيل: إن شاء يقول: لها صداق مثلها؟ قال: لعل صداق مثلها يكون أقل أو أكثر، ولكن يُستحلف.

2193 - 1 - إذا توفي عنها زوجها ولم يفرض لها صداقا

وفي لفظ آخر: إذا قالت: صداقي ألفان، وقال الزوج: صداقها ألف، ولم يكن بينة، نظر إلى صداق نسائها. قيل له: فإن ناسا يقولون: القول قول الزوج ويحلف. قال: لا. "الروايتين والوجهين" 2/ 124 ثانيًا: مهر المثل الحالات إلتي يجب فيها مهر المثل 2193 - 1 - إذا توفي عنها زوجها ولم يفرض لها صداقًا قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا تزوج الرجل المرأة ولم يدخل بها، ولم يفرض لها ثم مات؟ قال: أقول على حديث ابن مسعودٍ في تزويج بروع ابنة واشق (¬1). قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (981) قال إسحاق بن منصور: قلت: المرأةُ يموتُ زوجها فتدعي الصداق؟ قال أحمد: المخرج على الأولياء، وإلا فلها صداقُ مثلها. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 279، وأبو داود (2116)، والترمذي (1145) والنسائي 6/ 122، وابن ماجه (1891). قال الترمذي: حديث ابن مسعود حديث صحيح، وقد روي من غير وجه. وصححه ابن الجارود 3/ 46 (8/ 7)، وابن حبان 9/ 409 (4100)، وكذا صححه الألباني في "الإرواء" (1939).

2194 - النصراني يتزوج النصرانية على غير مهر؟

قال إسحاق: كما قال، وكذلك إذا مات الزوجان فاختصم أولياؤها وأولياء الزوج. "مسائل الكوسج" (1110) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: حديثُ معقل بن سنان قصةُ بروع بنت واشق تذهب إليه؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1098) قال ابن هانئ: سألته عن رجل تزوج بامرأة، ولم يسمّ لها صداقًا، فمات الزوج قبل أن يدخل بها؟ قال: لها نصف صداق مثلها، فإن كان دخل بها، أو أرخى سترًا، أو أغلق بابًا، فلها الصداق كاملًا. "مسائل ابن هانئ" (1050) 2194 - النصراني يتزوج النصرانية على غير مهر؟ قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن الرجل النصراني يتزوج النصرانية على غير مهر فيدخل بها، أو لم يدخل بها، فيطلقها، أو يموت عنها؟ قال: يكون لها مهر مثلها. قلت لأحمد: إن أناسًا يقولون: ليس لها مهر؟ قال: بلى، لها مهر مثلها. قلت: حكمها مثل حكم المسلمين؟ قال: نعم. قال: وسألت أحمد عن النصراني. أي: يتزوج الحربية بغير مهر؟ قال: لا ينبغي له أن يدخل أرض العرب. فقلت له: فإن دخل بأمان فتزوج حربية بغير مهر؟ قال: لا أدري لم أسمع في هذا شيئا.

2195 - 2 - من تزوج امرأة على حكمها

قلت: إن أناسًا يقولون: إذا تزوج النصراني حربية بغير مهر، لا يكون لها شيء. قال: لا أدري لم أسمع في هذا شيئا. "أحكام أهل الملل" 1/ 239 (453) 2195 - 2 - من تزوج امرأة على حكمها قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا تزوجها على حكمها؟ قال أحمد: نقول على ما قال عمر للأشعث بن قيس: لها حكم نسائها لا وكس ولا شطط (¬1). قال إسحاق: كلما تزوجها على حكمها لها سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو أربعُمائةٍ وثمانون درهمًا وزنًا. "مسائل الكوسج" (876) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل تزوج امرأة على حكمها؟ قال: إذا اشتطت، فلها صداق مثلها. "مسائل ابن هانئ" ص 1049 قال حرب: قلت لأحمد: رجل تزوج امرأة على حكمها؟ قال: لها ذلك ما لم تشطط. وقال حرب: قلت لأحمد: رجل تزوج امرأة على حكمها؟ قال: لها ذلك ما لم تشطط. "مسائل حرب" ص 73 نقل حنبل فيما إذا تزوجها على حكمها فاشتطت عليه: لها مهر مثلها إذا أكثرت. "الفروع" 5/ 257 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 5.

2196 - النساء اللاتي يعتبر لهن مهر المثل

2196 - النساء اللاتي يعتبر لهن مهر المثل قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن مهر مثلها؟ قال: مهر نسائها. "مسائل أبي داود" (1095) قال أبو داود: قيل لأحمد: إن إسحاق بن إبراهيم المروزي يقول: خمسمائةُ درهم؟ فأنكره. "مسائل أبي داود" (1096) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يتزوج المرأة على غير مهر مسمّى؟ قال: لها مهر نسائها، مثل أمها، أو أختها، أو عمتها، أو ابنة عمتها. "مسائل ابن هانئ" (1043) نقل أبو الحارث: ينظر في ذلك إلى عصبتها، إلا أن تكون امرأة جليلة، فينظر حينئذ إلى مثلها في الجلالة والجمال. "الروايتبن والوجهين" 2/ 122 قال في رواية حنبل: لها مهر مثلها من نسائها من قبل أبيها. "الروايتين والوجهين" 2/ 123، "المغني" 10/ 150 2197 - سادسًا: الكفاءة في النكاح قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: قول عمر -رضي اللَّه عنه-: لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء؟ (¬1) قال أحمد: الكفؤ في الحسب والدين والمال. "مسائل الكوسج" (861) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 152 (10324)، وابن أبي شيبة 4/ 53 (17696) والدارقطني =

قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل تزوج امرأة وهو مفلسٌ، ولم تعلم المرأة؛ يفرق بينهما؟ قال: لا، إلا أن يكون قال لها: عندي من الأموال والعروض، وغرها من نفسها. قال إسحاق: كلما لم يكن مطلعًا على النفقة، فسألت التفريق يفرق بينهما. "مسائل الكوسج" (2027) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا قُرَّان، عن الأعمش، عن إبراهيم أن علقمة لم يكن يخطب إلى من هو فوقه، ويخطب إلى من أسفل منه. "مسائل صالح" (827) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل ورع فقير، يخطب إلى رجل ابنته، ورجل ذو مال ليس بورع، أيما أحب إليك أن يزوجها؟ قال: يزوج الفقير الورع خيرٌ لها وأحب إليّ، لا يُعدل بالصلاح شيء. "مسائل ابن هانئ" (980) قال حرب: سألت أحمد قلت: ولد الزنا ينكح أو ينكح إليه؟ فكأنه لم يحب ذلك. "مسائل حرب" ص 77 قال في رواية ابن مشيش وابن الحارث: الأكفاء المنصب والدين. قيل له: فالمال؟ قال: لا. ¬

_ = 3/ 298، والبيهقي 7/ 133 جميعًا من طريق إبراهيم بن محمد بن طلحة عنه. وعزاه الألباني في "الإرواء" (1867) للدارقطني والبيهقي وضعفه بالانقطاع بين إبراهيم بن محمد بن طلحة وعمر -رضي اللَّه عنه-.

2198 - مناكحة الفساق وأهل الأهواء

وقال في رواية مهنا: الناس أكفاء إلا الحائك والحجام والكساح (¬1). قيل له: تأخذ بالحديث؟ قال: نعم. قيل له: فإنك تضعفه؟ ! قال: العمل عليه. "الروايتين والوجهين" 2/ 92، "الآداب الشرعية" 2/ 290 قال أبو حفص العكبري: سمعت أبا بكر بن مليح يقول: بلغني عن أحمد أنه قال: إذا أراد أن يزوج رجلا، فأراد أن يجتمع له الدنيا والدين، فليبدأ فيسأل عن الدنيا، فإن حمدت، سأل عن الدين، فإن حمد فقد اجتمعا، وإن لم يحمد كان فيه رد الدنيا من أجل الدين، ولا يبدأ فيسأل عن الدين، فإن حمد ثم سأل عن الدنيا فلم تحمد، كان فيه رد الدين لأجل الدنيا. "الطبقات" 2/ 245 2198 - مناكحة الفساق وأهل الأهواء قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ له حسب ومالٌ ويشربُ هذا الشراب؟ قال: ما هو بكفؤ لها. قلت: يفرق بينهما؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) رواه ابن عدي في "الكامل" 6/ 357 وترجمة علي بن عروة، قال: قال يحيى بن معين: ليس حديثه بشيء، وهو ضعيف عن كل من روي عنه، والبيهقي 7/ 134 من حديث ابن عمر بلفظ: "العرب بعضهم أكفاء لبعض. . ". قال البيهقي: هذا منقطع بين شجاع وابن جريج حيث لم يسم شجاع بعض أصحابه ورواه عثمان بن عبد الرحمن عن علي بن عروة الدمشقي عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر، وهو ضعيف. وروي من وجه آخر عن نافع وهو أيضًا ضعيف بمرة. وروي ذلك من وجه آخر عن عائشة -رضي اللَّه عنها-، وهو أيضًا ضعيف. ثم رواه بإسناده. قال الألباني في "الإرواء" (1896): موضوع روي من حديث ابن عمر وعائشة ومعاذ. وعزا حديث معاذ إلى البزار في "مسنده".

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (862) قال صالح: سئل أبي وأنا شاهد: هل يزوج الذي يسكر؟ قال: لا يزوج، إذا سكر قد يطلق ولا يعلم، وأي شيء أعظم من السكر؟ ! "مسائل صالح" (652) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا علي بن مجاهد الكابلي، من أهل الري -أبو مجاهد في سنة اثنتين وثمانين ومائة، من أهل الري- قال: أخبرنا الخليل بن زرارة، عن مطرف، عن الشعبي قال: من أنكح كريمته من فاسق فقد قطع رحمه. "مسائل صالح" (850) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل تزوج بامرأة مدركة، فرأوه يشرب المسكر، أيخلعونها منه؟ ورأوه يفعل أشياء يكرهها اللَّه؟ قال: إذن، كان يشرب الخمر؟ ! وقال: كل ما أسكر فهو خمر، تُخلع منه؛ ليس هو لها بكفء. "مسائل ابن هانئ" (987) قال حرب: وسئل أحمد عن مناكحة الفساق، والذي يشرب المسكر، وأصحاب الأهواء، فكره ذلك شديدا. وسمعته يقول: إذا كان يتكلم بهذا الكلام الذى هو كفر فإنه لا ينكح. وقال: وسألت إسحاق قلت: يا أبا يعقوب، ما تقول في الرجل يزوج ابنته وأخته ممن يشرب الخمر؟ قال: لا، هذا فاسق، فإذا زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمه. قلت: فإن كان يشرب المسكر؟ قال: إذا كانت فيه خصلة صالحة، فلا بأس أن يزوجه وكان متأولا.

2199 - تكافؤ العرب في النسب

وقال: وسألت إسحاق أيضا: قلت: الرجل يشرب الخمر، وتحته امرأة حرة، والمرأة لا تستطيع أن تمنع زوجها من شرب الخمر، هل لهذِه المرأة أن تقيم مع هذا الرجل؟ قال أبو يعقوب: كل ما امتنعت منه لهذِه العلة فإنه يسعها. "مسائل حرب" ص 108 قال ابن شبويه الماخواني: سمعت أحمد يقول: إذا كان الرجل كفؤًا للمرأة في المال والحسب إلا أنه يشرب المسكر، فإن المرأة لا تتزوج به، ليس كفؤًّا بها. "الطبقات" 1/ 109 قال علي الخواص: سألت أحمد قلت: ختن لي، زوج أختي، يشرب من هذا المسكر، أفرق بينهما؟ قال: اللَّه المستعان. قلت أنا (¬1): وقد نقل المروذي عن أحمد أنه قال: لرجل سأله عن مثل هذا، فقال: حولها إليك. "الطبقات" 2/ 150 - 151 2199 - تكافؤ العرب في النسب قال إسحاق بن منصور: قلتُ لإسحاق: هل يتزوجُ العربُ في الموالي؟ وموالي تميم في تميم وغيرهم من الموالي فيمن يوالون؟ وهل يجوزُ لغير مواليهم أن يتزوجوا فيهم؟ قال: السنة لا يتزوج العرب إلا بعضهم في [. . .] (¬2) لما لهم فضل على سائر العرب، ولكن إن تزوج غير قريش بعد إذ هم عرب لم يجز التفريقُ بينهم. ¬

_ (¬1) صاحب كتاب "طبقات الحنابلة". (¬2) طمس في الأصل، ولعل الكلمة: بعض.

وقد ذُكر عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "أكفاؤنا من العرب بنو هلال" (¬1) ومن رأى التفريق بين قريشٍ وسائر العرب لم نعلم له حجةً، فأمَّا أن يتزوج الموالي العربيات فإنا نكره ذلك، ونرى إذا فُعل ذلك أن يفرق بينهم إلا أن تكون من ولاء القوم خاصة، فإنا وإن كرهنا له أن يتزوج من عربيةٍ من موالياته جبنا عن التفريق بينهم؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَوْلَى القَوْمِ مِنْ أَنفُسِهِم" وقد جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن "الصَّدَقَةُ لَا تَحِلُّ لَبني هاشم"، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَوْلَى القَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ" (¬2) فحرم عليهم الصدقة أيضًا، وقد قيل: "الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 288 من حديث عائشة أنها قالت: يا رسول، من لأيامى قريش؟ قال: "الأكفاء من بني هلال". (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 8 - 9، وأبو داود (1650)، والترمذي (657)، وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي 5/ 107، والحاكم 1/ 404 من حديث أبي رافع وقال: هذا حديث حسن صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وصححه الألباني في "الصحيحة" (1613). وله شاهد رواه البخاري (6761)، والبيهقي 2/ 151 من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-. (¬3) رواه الشافعي 2/ 72 - 73 (237) ومن طريقه الحاكم 4/ 341 ثم البيهقي 10/ 292 عن محمد بن الحسن عن يعقوب بن إبراهيم عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر مرفوعًا: "الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ". ورواه ابن حبان 11/ 325 (4950) من طريق أبي يعلي -ولم أجده في "مسنده"- عن بشر بن الوليد عن يعقوب بن إبراهيم عن عبيد اللَّه بن عمر عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر به. وقال البيهقي: هذا خطأ؛ لأن الثقات لم يرووه هكذا، وإنما رواه الحسن مرسلًا. وقال الحافظ في "الفتح" 10/ 44: أدخل بشر بن الوليد بين أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم، وبين ابن دينار عبيد اللَّه بن عمر. . والمحفوظ في هذا ما أخرجه عبد الرزاق عن الثوري عن داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب موقوفًا عليه: "الْوَلَاءُ لحْمَةٌ =

(فكان هذا بيانًا لما جبنا من التفريق؛ ولذلك فعل ابن سيرين لما تزوج، وأراد -زعموا- بذلك تصحيح النسب لها لما دخل النساء كالنسب لها دخل السباء في الأحرار في زمن الحجاج وبعده فرأى أن العربية إذا سُبيت لم تُملك أبدًا؛ لما جاء أن (يفدين) (¬1)؛ فلذلك رغب في تزويج العربيات لصحة النسب، وكذلك ابن عون) (¬2). فأما العجم إذا تزوجوا العربيات فرق بينهم، فإن كانوا ذوي يسارٍ وصلاح، كذلك رأى الأوزاعي وسفيانُ ومالكٌ وابن أبي ليلى. "مسائل الكوسج" (1324)، (3527) قال صالح: وسئل: هل يُزوج العربي القرشية؟ قال: لا. قيل: فإن تزوج؟ قال: يفرق فيما بينهما. فقال: وجعل يشدد فيه. وقال: الأكفاء: قريش لقريش، والعرب للعرب. "مسائل صالح" (653) قال أبو داود: وسمعتُ أحمد قال له رجلٌ: ابنة عم لي عربية أزوجها من مولى؟ قال: لا. قال: فهي ضعيفةٌ؟ قال: لا تزوجها. "مسائل أبي داِود" (1069) قال أبو داود: وسمعتُ أحمد سُئِلَ عن: مولى تزوج بعربيةٍ، يفرقُ بينهما؟ فلم يجب فيه. ثم قال: يجيء رجلٌ أسلم أبوهُ بالأمس فيزوج بهاشميةٍ يقولُ: أنا لها ¬

_ = كَلُحْمَةِ النَّسبِ". اهـ. "المصنف" 9/ 5 (16149). (¬1) في "المسائل": (يفدون) ولعل المثبت أصح وأنسب للسياق. (¬2) كذا الفقرة في "المسائل" غير مستقيمة.

كفء؟ ! إنكارًا لذلك. قلت لأحمد: فأسامةُ زوجه النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: أسامة وقع عليه السبي، وهو عربي. "مسائل أبي داود" (1070) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: إذا لم يكن له شيءٌ وكان لها مال كثيرٌ يكون لها كفؤًا؟ قال: لا أدري؛ قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لفاطمة: "معاوية صعلوك لا مال له" (¬1). "مسائل أبي داود" (1071) قال ابن هانئ: وسئل عن المولى يتزوج العربية؟ قال: لو كنت أنا، فرّقت بينهما. "مسائل ابن هانئ" (982) قال ابن هانئ: وسألته عمن يزوج ابنته من مولى؟ قال: أفرق بينهما، ثم قال: العرب للعرب كفء، وقريش لقريش كفء. ثم قال: أرأيت لو أن زنجيًا تزوج من ولد فاطمة؟ ! فأنكره، وقال: هذا قول الشعوبية. "مسائل ابن هانئ" (992) قال حرب: سألت أحمدَ عن: المولي يتزوج العربية؟ قال: لا. قلتُ: يفرق بينهما؟ قال: نعم. وقال: وسألتُ إسحاق عن المولي يتزوج العربية؟ قال: لا. قلت: يفرق بينهما؟ قال: نعم. وقال: قال إسحاق: وسألني عبد اللَّه بن طاهر أيفرق بينهما؟ فقلتُ: نعم، يفرق بينهما بالمنشار. "مسائل حرب" ص 38 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 373، ومسلم (2942) من حديث فاطمة بنت قيس.

نقل الميموني عنه: مولى القوم من أنفسهم في الصدقة ولم يكن عنده هذا، هكذا في التزويج. ونقل مهنا عنه: إنه كفؤ لهم قال في رواية مهنا: قريش أكفاء بعضهم لبعض، والموالي أكفاء بعضهم لبعض، ومولى القوم منهم. وقال في رواية الحارث: لا يتزوج العربي إلا عربية ولا القرشي إلا قرشية، فقريش أكفاء لقريش، والعرب أكفاء للعرب، والناس بعضهم أكفاء لبعض. ونقلت من خط جدي أبي القاسم -رحمه اللَّه- قال: قرئ على أبي الحسن محمد بن حبيش البغوي المعدل قال: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي قلت: من أفضل الناس بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: أبو بكر. قلت: يا أبت، ثم من؟ قال: عمر. قلت: يا أبت، ثم من؟ قال: عثمان. قلت: يا أبت، فعلي؟ قال. يا بني، عليٌّ من أهل بيت لا يقاس بهم أحد، ومعناه لا يقاس بهم نسبًا. قال محمد بن يحيى الصولي: وكذلك سمعت عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل يقول: سألت أبي عن حديث ابن عمر: كنا إذا فاضلنا بين أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قلنا: أبو بكر وعمر وعثمان؟ فقال: هو كما قال (¬1). قلت: فأين علي بن أبي طالب؟ ¬

_ (¬1) "مسائل عبد اللَّه" (592)، "السنّة" (1359) بتصرف يسير، وما بعدها ليس فيهما.

2200 - مناكحة الجن

قال: يا بني، لم يقل: من أهل بيت رسول اللَّه؛ فلذلك لم يذكره. وقال في رواية أبي طالب وقد ذكر له حديث أسامة لما تزوج فاطمة بنت قيس، قال: أسامة عربي جرى عليه الرق. "الروايتين والوجهين" 2/ 93، "الفروع" 5/ 190 نقل الأثرم عنه في المولي يتزوج العربية: يفرق بينهما، وإن كان دفع إليها بعض المهر ولم يدخل بها ترادوا، وإن كان أهدى هدية يردونها عليه. "تقرير القواعد" 3/ 103 2200 - مناكحة الجن قال حرب: قلتُ لإسحاق: رجل ركب البحر، فكسر به، فتزوج جنية؟ قال: مناكحة الجن مكروه. وقال: حدثنا إسحاق قال: أبو معاوية، عن الحجاج، عن الحكم: أنه كره نكاح الجن. وقال: حدثنا إسحاق قال: أخبرنى محرز -شيخ من أهل مرو، ثقة- قال: سمعت زيدًا العمّي يقول: اللهم ارزقني جنية أتزوجها، قيل له: يا أبا الحواري وما تصنع بها: قال: تصحبني في أسفاري حيثما كنت كانت معي. "مسائل حرب" ص 123

جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة لدار الْفَلاح وَلَا يجوز نشر هَذَا الْكتاب بِأَيّ صِيغَة أَو تَصْوِيره PDF إِلَّا بِإِذن خطي من صَاحب الدَّار الْأُسْتَاذ/ خَالِد الرِّبَاط الطبعة الأولى 1430 هـ - 2009 م رقم الْإِيدَاع بدار الْكتب 19194/ 2009 دَار الْفَلاح للبحث العلمي وَتَحْقِيق التراث 18 شَارِع أحمس - حَيّ الجامعة - الفيوم ت: 01000059200 [email protected]

الْجَامِعُ لِعُلوْم الإِمَامِ أَحْمد [11]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قسم الفقه (7) 1 - باقي كتاب النكاح. 2 - كتاب الخلع. 3 - كتاب الطلاق. 4 - كتاب الإيلاء. 5 - كتاب الظهار. 6 - كتاب اللعان. 7 - كتاب العدد. 8 - كتاب الاستبراء. 9 - كتاب النفقات. 10 - كتاب الرضاع. 11 - كتاب الحضانة.

باب موانع النكاح

باب موانع النكاح أولًا: ما يمنع منعًا مؤبدًا 2201 - 1 - مانع النسب قال البخاري: قال لنا أحمد بن حنبل: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، حدثنا حبيب، عن سعيد، عن ابن عباس، يحرم من النسب سبع، ومن الصهر سبع، ثم قرأ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23]. "الجامع الصحيح" (5105)، "الطبقات" 2/ 245 2202 - زواج الرجل من ابنة امرأة أبيه قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان امرأة كانت تحت رجلٍ ففارقها ولها ابنة، ثم تزوجت رجلًا فولدت له ابنةً فأراد ابن الزوج أن يتزوج ابنتها قال: لا بأس به التي كانت قبل، وكانت بعد. قال أحمد: لا بأس التي قبل والتي بعد. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (1218) قال صالح: وسألته عن رجل كانت له أمة يطأها فزوجها مملوكًا له فولدت منه جارية، هل يجوز لمولاها أن يهب هذِه الجارية لبعض بنيه يتسرى بها؟ قال أبي: أما أكثر الفقهاء فلا يرون بأسًا أن يتزوج الرجل ابنة امرأة كان أبوه وطئها، إلا طاوس، فإنه كان يكره إذا وطئ الرجل المرأة أن

2203 - نكاح ذوي المحارم بين أهل الشرك

يزوج ابنه ابنتها (¬1)، وما كان بعد فلا بأس به، وقد يكون الرجل يتزوج المرأة، ويتزوج ابنه ابنتها، ولم يختلف الناس في ذلك. "مسائل صالح" (153) 2203 - نكاح ذوي المحارم بين أهل الشرك قال حرب: سألت إسحاق، قلتُ: مشرك تزوج أمّه، أو أخته، هل يفرق بينهما؟ قال: شديدًا. قلتُ: يفرق بينهم، وهم مشركون؟ قال: نعم. قلت: فرجل مشرك زوج بنته من أخيه، وهو عَمُّ الجارية، ثم جحد الأب ذلك، فارتفعوا إلينا، كيف نحكم بينهم، وهل يجبر الأب أن يسلم الجارية لأخيه، وهو محرم؟ قال: لا، ولكن يفرق بينهما. "مسائل حرب" ص 118 قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنّا قال: سألت أبا عبد اللَّه عن المجوسي هل يحال بينه وبين التزويج لذات محرم؟ وذكرت له حديث بجالة قول عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: وفرّقوا بين كل ذات محرم من المجوس (¬2). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 265 (10774). (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 49، 10/ 367.

فقال: قال الحسن -يعني: البصري-: قد بعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- العلاء بن الحضرمي إلى البحرين وأقرّهم على ذلك ولم يهجهم (¬1). فقلت: أَوَكَان في البحرين مجوس؟ قال: لا أدري، كذا قال الحسن. وقال: أخبرني الحسين بن الحسن قال: حدثنا إبراهيم بن الحارث. . . وأخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم -واللفظ واحد- قال: قلت لأبي عبد اللَّه: يفرّق بين المرء وحريمه من المجوس على حديث عمر -رحمه اللَّه-؟ قال: هذا حديث بجالة وهو كذا، وأما حديث العلاء بن الحضرمي فهو خلافه، وهو أمرهم الذي كانوا عليه أن يتزوج أحدهم حريمه. قلت: تذهب إلى حديث العلاء بن الحضرمي، وترى أن يبقوا على نكاح حريمهم؟ قال: نعم. ثم قال: ما سمعنا بهذا إلَّا في حديث بجالة، وهو أمر المجوس الذي كانوا عليه منذ كانوا. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه: تذهب إلى حديث عمر، وسمع بجالة؟ قال نعم في الجزية، وفي التفريق لا. قلت: لا يفرق بين حريمه مثل أخته وابنته؟ ! قال: لا. قال أبو عبد اللَّه إنما قال: يسن بهم مثل أهل الكتاب، وليس هم أهل ¬

_ (¬1) رواه سعيد 2/ 92 (2183).

2204 - يحرم من الرضاع ما يحرم بالولادة

كتاب، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي يسأل الحسن، فقال: يقرّون على نكاحهم، فهم على نكاحهم. "أحكام أهل الملل" 1/ 237 - 238 (448 - 450) 2 - موانع الرضاع 2204 - يحرم من الرضاع ما يحرم بالولادة قال إسحاق بن منصورٍ: قلت: لبن الفحل؟ قال: كل شيءٍ من قبل الرجال يحرم. "مسائل الكوسج" (987) قال إسحاق بن منصور: قلت: مثل أي شيء؟ قال: كأن أخاك أرضعت امرأته جاربة فأنت عمها، وامرأة أبيك أرضعت جارية بلبن أبيك فهذِه أختك. قال إسحاق: كما قال: لحديث أفلح (¬1) وهو الأصل في لبن الفحل. "مسائل الكوسج" (988) قال إسحاق بن منصور: قلت وإسحاق: وعائشة -رضي اللَّه عنها- كان يدخل عليها من أرضعته أخواتها، ولا يدخل عليها من أرضعته نساء إخوانها (¬2) هل هذا مخالفٌ لحديث أفلح. قال إسحاق: هذا مخالفٌ في الظاهر لحديث أفلح، ولكنا نضع هذا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 33، 177، والبخاري (4796)، (5103)، ومسلم (1445) من حديث عائشة. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 270، وأبو داود (2061). قال الألباني في "صحيح أبي دواد" (2061): إسناده صحيح.

على معنى النظر، كما رواه القاسم في الحجاب، ولم يصف فصلًا في التحريم، فيكون مخالفًا، وهذا المعنى أحب إلينا. "مسائل الكوسج" (989) قال إسحاق بن منصور: قلت: يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة؟ قال: نعم، وكذلك لبن الفحل. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (1037) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ تزوج امرأةً فدخل بها، ثم تزوج صبيةً ترضع، فأرضعتها امرأته حرمتا عليه جميعًا؟ قال أحمد: يفارق الصغيرة، ولها على المرضعة نصف الصداق، لأنها قد بانت من زوجها، ويفارق الأخرى؛ لأنها صارت أم المرضعة. قال إسحاق: كما قال إذا كان الرضاع خمس رضعاتٍ. "مسائل الكوسج" (1119) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في رجلٍ تزوج صبية رضيعًا، ثم تزوج أخرى رضيعًا، فجاءت أم الأولى فأرضعت الأخرى: حرمتا عليه جميعًا، صارتا أختين، فيغرم الزوجُ لكل واحدةٍ نصف الصداق، ويتزوج أيتهما شاء، وتغرمُ التي أرضعت الأخرى للرجل. قال الإمام أحمد رحمه اللَّه تعالى: يغرمُ صداق كلتيهما، لكل واحدةٍ نصف الصداق. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1120) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في رجلٍ كانت تحته امرأةٌ،

فتزوج عليها صبيةً رضيعًا، فذهبت امرأته فأرضعتها: فسدتا عليه جميعًا، ويغرم الزوج نصف الصداق للصبية، وتغرم امرأته التي أرضعت الصبية للزوج، فإن كانت التي أرضعت الصبية دخل بها فلها صداقها، وإن لم يكن دخل بها فلا شيء لها، كان كانت أرضعتها وهي جاهلةٌ أو ناسية، فهو سواء عليها الغرم. قال أحمد: جيد، وليس له أن يتزوج واحدة منهما، إذا كان قد دخل بالأم المرضعة، وإن لم يكن دخل بها فلا بأس أن يتزوج الصغيرة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1121) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في رجل تزوج امرأة وهي ثيب، ثم تزوج صبيةً فعمدت امرأته إلى الصبية فأرضعتها: فسدتا عليه جميعًا، وله أن يتزوج الصبية إلا أن يكون كان دخل بالثيب، وليس له أن يتزوج الكبيرة، لأنها صارت أمَّ الصغيرة، لأن الرجل إذا تزوج الابنة فدخل أو لم يدخل لم تحل له الأم، وإذا تزوج الأم ولم يدخل بها حلت له الابنة. قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق. كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (1233) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: ما لبن الفحل؟ قال: حديث أبي قعيس هو أصل في هذا (¬1). "مسائل الكوسج" (3401) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 33، والبخاري (4769)، (5103)، ومسلم (1445).

قال صالح: قال أبي: إذا تزوج الرجل صبية مرضعة، فأرضعتها امرأة له أخرى لم يدخل بها حرمت عليه الكبيرة؛ لأنها صارت من أمهات النساء. وإذا أرضعت هذِه الكبيرة وهي مدخول بها صغيرة بلبنه حرمتا عليه، وترجع الصغيرة بنصف مهرها على الكبيرة؛ لأنها قد فرقت بينها وبين زوجها (¬1). ولو أن أم هذِه الكبيرة أرضعت الصغيرة حرمتا عليه جميعًا، وترجع الصغيرة على أم الكبيرة بنصف المهر، ولابنة هذِه أن ترجع على أمها بنصف المهر إذا كانت غير مدخول بها، ويخطب أيتهما شاء؛ لأن ليس عليهما عدة، فإن كان قد دخل بالكبيرة، وأرضعت أم الكبيرة الصغيرة حرمتا عليه، وترجع الصغيرة على أم الكبيرة بنصف المهر، وإن شاء تزوج الكبيرة في عدتها؛ لأن الماء ماؤه، ولا يتزوج الصغيرة حتى تنقضي عدة الكبيرة، وإنما يتزوج الكبيرة في عدتها؛ لأن الموضعة لا عدة عليها، وهي غير مدخول بها. وإذا مات عنها وهي مرضعة؛ فعدتها عدة المتوفى أربعة أشهر وعشرًا، وتجتنب الطيب؛ لأنها في عدة وفاة. "مسائل صالح" (500) قال صالح: قلت: رجل يتزوج المرأة ولم يدخل بها، ثم يتزوج صغيرة، فأرضعت الكبيرة الصغيرة؟ قال: حرمت عليه الكبيرة، قال اللَّه: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] "مسائل صالح" (23) ¬

_ (¬1) إلى هنا ذكرها ابن هانئ في "مسائله" (1039).

قال صالح: وقال: أذهب في الرضاع إلى حديث عائشة؛ قصة أبي قعيس. "مسائل صالح" (1289) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن لبن الفحل؟ فقال: مثل رجل له امرأة، وله من غيرها ابن، فأرضعت تلك المرأة غلامًا، فهو أخوه، وكل ولد لتلك المرأة فهم إخوة لهذا، هذا لبن الفحل. "مسائل ابن هانئ" (995) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: تذهب إلى قول أهل المدينة؟ قال: أما مالك فلم يكن يقول به (¬1)، وأما أهل المدينة عامتهم يقولون به. "مسائل ابن هانئ" (996) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل وطئ أمة، وأرضعت هذِه الأمة، صبية لعم هذا الرجل، أيتزوج الصبية؟ قال: لا يتزوجها. "مسائل ابن هانئ" (1000) ¬

_ (¬1) جاء في "المدونة" 2/ 989 قال: ما سمعت من مالك فيه شيئًا وأرى أنه للفحل، والقائل هنا هو عبد الرحمن بن القاسم تلميذ الإمام مالك رحمهما اللَّه. وفي "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" 2/ 448 وأخوات الفحل: أي فحل مرضعتك المنسوب إليه ذلك اللبن. وقال الشيخ عليش: قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} إلى قوله: {وبَنَاتُ الْأُخْتِ} [النساء: 23] ولم يصرح بالآية بما حرمه الرضاع إلا بالأم والأخت، وقال عليه الصلاة والسلام "يَحْرُمُ مِن الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ منْ النَّسَبِ" وكل بنت ولدتها مرضعتك أو فحلها المنسوب إليه ذلك اللبن.

قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل يتزوج المرأة ولها أم، وللرجل امرأة أخرى مرضعة، فعمدت أم الكبيرة فأرضعت الصغيرة؟ قال أبو عبد اللَّه: حرمتا عليه جميعًا، وترجع الصغيرة على أم الكبيرة بنصف المهر، ولابنة هذِه أن ترجع على أمها بنصف المهر، إذا كانت ممن لم يدخل بها، ويخطب أيتهما شاء؛ لأن ليس عليها عدة، فإن كان قد دخل بالكبيرة، وأرضعت أم الكبيرة الصغيرة، حرمتا عليه، وترجع الصغيرة على أم الكبيرة بنصف المهر، وإن شاء تزوج الكبيرة في عدتها؛ لأن الماء ماؤه، ولا يتزوج الصغيرة حتى تنقضي عدة الكبيرة، وإنما يتزوج الكبيرة في عدتها؛ لأن المرضعة لا عدة عليها وهي غير مدخول بها. وإن مات عنها، وهي مرضعة فعدتها عدة المتوفى أربعة أشهر وعشرًا وتجتنب الطيب، لأنها في عدة وفاة. "مسائل ابن هانئ" (1042) قال حرب: سئل إسحاق عن رجل وطئ أم امرأته من الرضاعة؟ قال: حرمت عليه امرأته ليس فيه شك. "مسائل حرب" ص 119 قال حرب: سألت إسحاق قلت: رجل له امرأة، فتزوج صبية صغيرة بنت سنة، فذهبت الكبيرة فأرضعت الصغيرة؟ قال: تحرم الصغيرة، عليه صارت بنته؛ بسبب إرضاع الزوجة الكبيرة للزوجة. وسألت إسحاق مرة أخرى، قلت: رجل تزوج امرأة، ثم تزوج صبية صغيرة، فأرضعت الكبيرة الصغيرة؟ قال: حرمت الصبية، ويمسك الأم. ثم راجعته فيها، فثبت عليها.

قلت: ولا تحرمان جميعا؟ قال: لا. قال أبو محمد: تحرمان جميعا. "مسائل حرب" ص 926 قال حرب: قيل لأحمد: ما تقول في لبن الفحل؟ قال: يحرِّم. وسمعت أحمد مرة أخرى سُئلَ عن لبن الفعل، فكرهه. "مسائل حرب" ص 289 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: رجل له امرأتان لكل واحدة منهن ابنة، فأرضعت إحدى المرأتين لرجل، أيحل لولد هذا الرجل أن يتزوج ابنة المرأة التي لم ترضع؟ فقال: إذا أرضعت المرأة غلامًا بلبن رجل فقد صارت أمه وصار زوجها أبًا له، فلا يحل له أن يتزوج من بناتها، ولا بنات زوجها، فقد صار أباه. "مسائل عبد اللَّه" (1222) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا حسين بن محمد قال: نا شريك، عن جابر، عن أبي جعفر قال: أقام علي بن أبي طالب كعب بن عجرة بين السماطين (¬1) -أو قال: بين الصفين- قال: حدث بما سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تحل ابنة الأخ ولا ابنة الأخت من الرضاعة أن تنكح" (¬2). ¬

_ (¬1) السماطين: تثنية سماط، وهو الصف من الناس انظر: "لسان العرب" 4/ 2094. (¬2) رواه الطبراني 19/ 154. قال الهيثمي في "المجمع" 4/ 261: فيه جابر الجعفي وهو ضعيف، وقد وثق. وقال الحافظ في "المطالب العالية" 8/ 65: هذا إسناد ضعيف، وجابر هو الجعفي ضعيف بمرة، وأبو جعفر لم يسمع من علي ولا من كعب -رضي اللَّه عنهما-.

قال أبي: وكذا أقول أنا أيضًا لا يحل. "مسائل عبد اللَّه" (1239) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن لبن الفحل؟ قال: كل رجل ترضع امرأة ابنه أو جارية ابنه فهو يحرم عليه. قال: وأذهب أيضًا إلى حديث عائشة. "مسائل عبد اللَّه" (1256) قال أحمد في رواية حنبل: نكاح ابن الرجل من لبنه بمنزلة نكاح ابنه من صلبه، تأولت فيه: "يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ" (¬1) وحديث أبي القعيس (¬2). "الفروع" 5/ 193 قال الميموني: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: بتحريم لبن الفحل ويذهب إليه. قلت له: أبو القعيس هو لبن الفحل؟ قال: هو لبن الفحل. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يكلم رجلًا وأرسله إلى [. . .]، (¬3) فقال له: قل له: أنت تذهب إلى خبر الواحد وتحتج به، وترد لبن الفحل وهو عن رسول اللَّه وأصحابه؟ ! فقال الرجل: ليس نرده يا أبا عبد اللَّه إلا من كلام القاسم فيه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 275، والبخاري (2642)، ومسلم (1447) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 33، 177، والبخاري (4796)، ومسلم (1445) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنهما-. (¬3) كلمة غير واضحة بأصل الكتاب.

2205 - إذا شهدت امرأة وحدها بالرضاع، ثم كذبت نفسها

قال أبو عبد اللَّه: وكذا إذا صح الخبر عن رسول اللَّه وتكلم فيه القاسم ومن أشبهه تركناه! "التوضيح" 24/ 293 2205 - إذا شهدت امرأة وحدها بالرضاع، ثم كذبت نفسها قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سئل عن امرأة قالت: أرضعت امرأة وزوجها، ثم كذبت نفسها وقالت: أردت غمها؟ قال: هي في كلا الحالتين في مذهبٍ واحدٍ راضية، قال الرجل: قد كانت تكذب وتصدق؟ قال: إن لم تكن راضية فأي شيء هو؟ ! أي: ليس قولها بشيء. وسمعت أحمد مرة قال في هذِه المسألة: قال ابن عباس: تستحلف إذا كانت مرضية. "مسائل أبي داود" (1066) 2206 - زواج الرجل من بنات الظئر قال إسحاق بن منصور: قلت وإسحاق: امرأةٌ أرضعت ابنة رجلٍ، أيحل لهذا الرجل أن يتزوج من بنات الظئر شيئًا؟ قال: كلما ولدت تلك المرضعة من ولدٍ فقد صاروا إخوة هذا وأخواته أرضعته بعدما ولد هذا أو قبله. "مسائل الكوسج" (1348) قال إسحاق بن منصور: قلت لإسحاق: إمرأة أرضعت امرأة رجلٍ، أيحلُّ لزوج هذِه المرضعة أن يتزوج من بنات الظئر شيئًا؟

2207 - مجرى الحلال والحرام في اللبن سواء؟

قال: ليس بينهم قرابة إلا أنه لا يجمع بينهن لأنهن أخوات. "مسائل الكوسج" (1349) قال عبد اللَّه: سألت أبي: عن رجل تزوج امرأة، وزوج ابنا له أختها؟ قال: لا بأس به. وقال: لا بأس أيضًا أن يزوج ابنتها لابنه، فإن كان الأب قد تزوج الأم، لا بأس به. وقال: رجل له ابن، فأرضعته امرأة وأرضعت جارية، لا بأس أن يتزوج الرجل تلك الجارية، كأنها أخت ابنه. وقال أيضًا: أرضعت هذِه المرأة أخت رجل، وأرضعت جارية، فهذِه أخت أخته، لا بأس أن يتزوجها، لا بأس أن يتزوج الرجل أخت أخته من الرضاعة. "مسائل عبد اللَّه" (1301) 2207 - مجرى الحلال والحرام في اللبن سواء؟ قال إسحاق بن منصور: قلت وإسحاق: رجل فجر بامرأةٍ فأرضعت تلك المرأة جارية، تم تزوج الرجل الذي فجر بتلك المرأة تلك الجارية؟ قال: لا ينبغي له أن يتزوج تلك المرضعة إذا كان تناول أمها. "مسائل الكوسج" (1333)، (3349) قال حرب: قلت لإسحاق: رجل زنا بامرأة فجاءت بولد من الزنا، فأرضعت هذا المرأة صبية هل تحرم على والد الذي زنا بها؟ قال: نعم تحرم. قلت: مجرى الحلال والحرام في اللبن سواء؟

قال: نعم. "مسائل حرب" ص 292 قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: قرأ على سفيان بن عمر، ورفع إلى أبي الشعثاء صحيفة: سئل عكرمة عن رجل فجر بامرأة، فرآها ترضع جارية هل تحل له؟ (¬1). قال: لا. قال أبي: وهكذا أقول أنا. "مسائل عبد اللَّه" (1299) قال أحمد في رواية الميموني: إنما حرم اللَّه الحلال على ظاهر الآية، والحرام مباين للحلال، بلغني أن أبا يوسف سئل عمن فجر بامرأة: هل لأبيه نظر شعرها؟ قال: نعم. قال: ما أعجب هذا بشبهة بالحلال، وقاسوه عليه. وقال في رواية المروذي في بنته من الزنا: عمر -رضي اللَّه عنه- ألحق أولاد الزنا في الجاهلية بآبائهم (¬2)، يروى ذلك من وجهين، وقد قضى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بـ "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ" وقال: "احتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ" (¬3). "الفروع" 5/ 194 ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 227 (906) وابن حزم في "المحلى" 9/ 532، وابن عبد البر في "التمهيد" 8/ 192. (¬2) رواه مالك ص 461، وعبد الرزاق 5/ 128 (9152)، والبيهقي 10/ 263. (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 129، والبخاري (2218)، ومسلم (1457) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-.

2208 - هل التحريم يختص بالرضيع، أم يتعدى إلى أقاربه؟

2208 - هل التحريم يختص بالرضيع، أم يتعدى إلى أقاربه؟ قال ابن هانئ: سألته عن المرأة ترضع من لبن ابنة لها غلامًا، وللغلام أخ أيتزوج الأخ الجارية؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (977) قال حرب: سمعت إسحاق يقول: لا بأس أن يتزوج أخت أخته من الرضاعة. "مسائل حرب" ص 110 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل له امرأة فأرضعت غلامًا وجارية، وللغلام أخ، يحل للأخ أن يتزوج الجارية؟ قال: نعم، لا بأس أن يتزوج أخت أخيه؛ لأنه ليس بينهما رضاع ولا نسب، وإنما الرضاع بين أخيه وبين الجارية. "مسائل عبد اللَّه" (1238) 2209 - عدد الرضعات المحرمات قال إسحاق بن منصور؛ قلت: ما يحرم من الرضاع؟ قال: لا يحرم الرضعة والرضعتان. "مسائل الكوسج" (984) قال إسحاق بن منصور: قلت: فكم يحرم؟ قال: إن ذهب ذاهبٌ إلى خمس رضعات لم أعبه، وأجبن عنه بعض الجبن، إلا أني أراه أقوى.

قال إسحاق: لا يحرم دون خمس رضعات؛ لما صحَّ رواية عائشة -رضي اللَّه عنهما- في ذلك (¬1)، وقد تكون المصة الواحدة رضعة إذا كان ذلك في مصةٍ واحدة، فأمَّا إذا أرضعت مرة فكان في تلك الرضعة يرد الصبيُّ أمه أربع مرات فلا أرى التزويج إذا تم خمس رضعات، وما دام الصبيُّ الثدي في فيه ولو شبع كان ذلك رضعة؛ لأنَّ الرضعة يقع عليها اسم المصة، وكذلك المصة يقع عليها اسم الرضعة. "مسائل الكوسج" (985) قال إسحاق بن منصور: سئل إسحاق عن امرأةٍ ذهب لبنها عصرت ثديها فظهر على طرف ثديها شيءٌ منه يشبه اللبن، فأرضعت بذلك صبيًّا، هل يكون هذا رضاعًا في قول من يرى القليل والكثير يحرم؟ أو هل يجوز لهذا الصبي بعد هذا اللبن أن يتزوج ابنة هذِه المرأة؟ قال إسحاق: كلما خرج من ثديها لبنٌ وهي قط فطمت ولدها وأتى عليها الأيام الكثيرة، فعصرت ثديها حتى خرج لبن، فسقت صبيًّا أو صبية فإن ذلك الرضاع يحرم به مثل ما يحرم إذا سقت وهي ترضعُ الولد، وفي قول من يرى قليل الرضاع وكثيره يحرم؛ فإنَّ ذلك اللبن يحرم، والذي نختار أن لا يحرم دون خمس مصَّات وربما كانت المصة رضعةً واحدة، فإذا كان كذلك تبين ما لم يكن خمسًا، أنه لا يحرم. وإن كان قدر الرضعة الواحدة يطول حتى يكون من الصبي خمس مصات، يرضع، ثم يرد فمه، ثم يرضع، فإن الاحتياط في ذلك إذا كان قدر خمس مصات فأكثر أنها تحرم، مما لا نجد في حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ¬

_ (¬1) رواه إسحاق بن راهويه 2/ 400 (1007)، مسلم (1452).

مفسرًا أن الرضعة وإن كان فيها مصات تسمى رضعة فاحتطنا لذلك، وأما المصتان فلا شك في ذلك أنهما لا تحرمان شيئًا، لما فسرت عائشة -رضي اللَّه عنها- أن القرآن نزل بعشر رضعات معلومات تحرمن قالت: ثم صرن إلى خمس رضعات، توفي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهي مما يقرأ من القرآن. وإنما يختلف لما شبه علينا تفسير المصة من الرضعة، فرب مصة وإن طالت تسمى رضعة وربما كانت رضعة تكون فيها مصات، لأن الصبي ربما رضع، ثم يرد فمه، ثم يعود فيمص، فيفعل ذلك مرارًا فيقال لهذِه: رضعة، وقد صار فيها مصات؛ فلذلك قلنا: لا نشك في دون خمس مصات لا يحرم، ولو طالت المصة ونرجو أن يكون معنى الحديث على خمس رضعات، وإن كان في الرضعة مصات. ولكن لما أمكن المصتان رأينا الاحتياط في الأخذ في المصة من غير أن يحرم الرضعات ما لم يتم خمسًا. والإملاجة أقلُّ من المصة، إلا أنها في الأصل داخل في معنى المصة لما دخل اللبن البطن. "مسائل الكوسج" (986) قال صالح: وقال: الإملاجة والإملاجتان لا أجيب فيها بشيء. "مسائل صالح" (928) قال ابن هانئ: وقال: المصة والمصتان لا أرى فيهما شيئًا. "مسائل ابن هانئ" (1002) قال حرب: سألت إسحاق قلت: امرأة أرضعت غلامًا رضاعًا كبيرًا، وأرضعت جارية رضعةً واحدةً وأروتها ونامت الصبية، فلما أدركت زوجت الجارية من هذا الغلام وأهلها يعلمون، فجاءت المرأة

المرضعة فأخبرت بما كان ولم يكن الرجل دخل بالجارية هل تحرم هذِه الرضعة؟ قال أبو يعقوب: إن كانت هذِه الرضعة فيها تمام خمس مصات، كل مصة يرجع الصبي بعدما يمص مصة فمه عن الثدي، ثم يعود فيمص أيضًا حتى تم خمس مصات، فإنه يحرم ولا أحب أن يتزوج أحدهما الآخر لما صارا إخوة، وجاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تُحَرِّمُ المَصَّةُ وَالْمَصَّتَان" (¬1) ولا تحرم دون خمس رضعات (¬2) وذلك أن الرضعة يكون فيها مصات، وربما كانت مصة واحدة وهي رضعة لما يرد الصبي فمه عن المرضعة. "مسائل حرب" ص 291 قال عبد اللَّه: سألت أبي: هل تُحَرِّم المصة والمصتان؟ قال: لا أجترئ عليه. قلت: إنها أحاديث صحاح؟ قال: نعم، ولكن أجبن عنها. "مسائل عبد اللَّه" (1258) وقال في رواية أبي الحارث: لا يتعلق بأقل من خمسة رضعات متفرقات. ونقل حنبل عنه: تحريم الرضاع يتعلق بالرضعة الواحدة؟ فقال: كلما كان قبل الحولين قليلًا أو كثيرًا يحرم، واحتج بأن السوداء ¬

_ (¬1) رواه إسحاق في "مسنده" 2/ 77 (546)، والإمام أحمد 6/ 31، ومسلم (1450). من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-. (¬2) رواه عبد الرزاق 7/ 466 (13912)، والدارقطني 4/ 183 (39)، والبيهقي 7/ 456 عن عائشة موقوفًا.

2210 - الرضعة التي تنفصل من أختها وحدها

قالت: قد أرضعتكما ولم تحد. وقال في رواية محمد بن العباس: التحريم يتعلق بثلاث رضعات ولا يتعلق بأقل من ذلك، واحتج بقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ ولا الرَّضْعَتَان" (¬1) فأرى أن الثالثة تحرم. "الروايتين والوجهين" 2/ 232، "العدة" 2/ 450 2210 - الرضعة التي تنفصل من أختها وحدَّها قال في رواية حنبل: أما ترى الصبي يرتضع من الثدي، فإن أدركه النفس أمسك عن الثدي ليتنفس، أو ليستريح، فإذا فعل ذلك فهي رضعة. "زاد المعاد" 5/ 576 2211 - إذا رضع صغير بلبن المِّيتة قال في رواية إبراهيم الحربي في امرأة ماتت فحلب من ثديها لبن فسقي به صغير، فقال: إذا سُقي مرات يبلغ حد الرضاع فقد صار الصبي ابنا للميتة. وقال في رواية مهنا، وقد سُئل عن صبي رضع من ثدي امرأة ميتة، هل يكون رضاعًا؟ فتوقف، وقال: ألا إن عمر قال: اللبن لا يموت (¬2). "الروايتين والوجهين" 2/ 237 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 339، ومسلم (1451) من حديث أم الفضل بنت الحارث. (¬2) رواه ابن المنذر في "الأوسط" 2/ 289 (881).

2212 - الحقنة باللبن

2212 - الحقنة باللبن قال حرب: قِيل لأحمد ما تقول في الحقنة باللبن؟ قال: وما الحقنة؟ قِيل: يحقن الصبي باللبن. قال: ما تكلم في هذا أحد. "مسائل حرب" ص 289 2213 - السن المعتبرة في التحريم بالرضاع قال حرب: قلت لأحمد: ما تقول في لبن الضرة، أليس لا يحرم كما يحرم غيره؟ قال: نعم. يعني: إن المرأة سقت جارية رجل. وقال: سُئلَ أحمد عن رضاع الكبير، وذكر له حديث سالم؟ (¬1) فقال: إن أم سلمة قالت: إن هذا كان لسالم خاصة (¬2) وهذا عندي أقوى من قول عائشة. "مسائل حرب" ص 289 قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أخبرنا الفضل بن موسى، عن عبيد اللَّه، عن عبيد اللَّه بن أبي زياد، عن القاسم بن محمد قال: إنما كان ذلك رخصة من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لسالم. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 271، والبخاري (4000)، ومسلم (1453) من حديث عائشة. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 271، ومسلم (1454).

وقال: سألتُ أحمدَ قلتُ: امرأة أرضعت غلامًا بعد الحولين بيوم أو يومين، هل يحرم؟ قال: ما أدري يومًا أو يومين. قلت: فإن أفطم قبل الحولين فأرضعته امرأة بعد الفطام، هل يحرم ذلك؟ قال: نعم، ما كان في الحولين فإنه يحرم. ومذهب أبي عبد اللَّه الحولين. وقال: قلت لأحمد: فحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّمَا الرَّضَاعَة مِنْ المَجَاعَةِ" (¬1) أليس يريد ما كان في الصغر قبل أن يفطم؟ قال: نعم، الكبير إذا لم يجع ما يصنع باللبن. "مسائل حرب" ص 290 قال حرب: سألتُ أحمدَ قلتُ: ما تقول في الرضاع بعد الحولين؟ قال: أما أنا فأقول: إنه لا يكون الرضاع بعد الحولين، قال اللَّه: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233]، فإنا مضى حولان فقد تمت الرضاعة إلا من ذهب إلى حديث سهلة بنت سهيل. قلت: فإن كان في الحولين مصة أو مصتان؟ فكأنه سهل فيه أنه ليس برضاع، واحتج بحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تحرم المصة والمصتان" (¬2)، إلا أنه لم يصرح. وسمعت إسحاق يقول: بعد الحولين إذا أرضعت لم يكن شيئًا. "مسائل حرب" ص 291 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 94، والبخاري (2647)، ومسلم (1455). من حديث عائشة. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 31، ومسلم (1450).

2214 - أ - زوجات الآباء والأبناء

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا رضع الكبير لا يحرم، إنما هو طعام. "مسائل عبد اللَّه" (1259) 3 - مانع المصاهرة ما يحرم بالمصاهرة 2214 - أ - زوجات الآباء والأبناء قال عبد اللَّه: وسمعت أبي يقول: إذا تزوج الرجل المرأة حرمت على ابنه، وإذا تزوج الابن حرمت على الأب. "مسائل عبد اللَّه" (1234) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الأمة إذا جاءت، يحتمل العموم والخصوص؟ فقال: قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} ما كان في الجاهلية فظاهرها يحتمل أن يكون أبوه، وجده، وجد أبيه. وقال بعض الناس: وكذلك أبو أمه لا يتزوج امرأته. وقوله: {مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ}: ما تزوج الرجل لم يحل لابنه أن يتزوجها، وإن لم يدخل بها الأب. "مسائل عبد اللَّه" (1239) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الآية إذا كانت عامة؟ فقال: تفسيرها بالسنة بالحديث إذا كانت ظاهرة، فينظر ما جاءت به

2215 - هل يتزوج الرجل من امرأة ربيبه؟

السنة، هي دليل على ظاهر الآية مثل قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} فلو كانت الآية على ظاهرها ورث كل من وقع عليه اسم ولد، فلما جاءت السنة أن لَا يَرِثُ المُسْلِمُ كَافِرًا، وَلَا يَرِثُ كَافِرُ مُسْلِمًا (¬1)، وأنه لا يرث قاتل (¬2)، ولا عبد مكاتب، هي دليل على ما أراد اللَّه من ذلك. قلت لأبي: إن كانت مبهمة؟ فقال: والمبهمات ثلاث، قوله: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} و {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ}، وقوله: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}. فهذِه مبهمات، إذا تزوج الرجل المرأة حرمت عليه أمها، وحرمت على أبيه، وعلى ابنه، وإن لم يكن دخل بها. "مسائل عبد اللَّه" (1290) 2215 - هل يتزوج الرجل من امرأة ربيبه؟ قال ابن مشيش: سمعت أحمد يقول: لا بأس أن يتزوج الرجل امرأة ربيبه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 200، والبخاري (4283)، ومسلم (1614) من حديث أسامة بن زيد -رضي اللَّه عنهما-. (¬2) رواه الترمذي (2109)، وابن ماجه (2735) من حديث أبي هريرة أن النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "القَاتِلُ لَا يَرِثُ". قال الترمذي: هذا حديث لا يصح لا يعرف إلا من هذا الوجه. وإسحاق بن عبد اللَّه ابن أبي فروة قد تركه بعض أهل الحديث منهم أحمد بن حنبل. وقال الألباني في "صحيح الترمذي" (1713): صحيح.

2216 - ب - أمهات النساء، وذكر هل له أن يتزوج بنات الزوجة إذا لم يكن دخل بها؟

قلت أنا: لأنه لا نسب بينهما، ولا سبب فصارا كالأجانب. "الطبقات" 2/ 366 2216 - ب - أمهات النساء، وذكر هل له أن يتزوج بنات الزوجة إذا لم يكن دخل بها؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها، أيتزوج أمها أو ابنتها؟ قال: أما الابنة فيتزوجُ، وأما الأم فمبهمة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (910) قال إسحاق بن منصور: قال الإمام أحمد: إذا تزوج الرجلُ المرأة فماتت فلا بأس أن يتزوج ابنتها. قال: ومن الناس من يكرهه من أجل الميراث، فإذا طلقها فلا بأس أن يتزوج ابنتها، وأما أمها فلا يتزوجها ماتت أو طلقها. "مسائل الكوسج" (911) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: الرجلُ ينكحُ المرأة، ثم تموتُ قبل أن يصيبها؟ قال زيد بن ثابت: إذا ماتت قبل أن يصيبها فإنه لا يتزوجُ أمها ولا ابنتها (¬1)؟ قال: كرهه زيدُ بن ثابت من أجل الميراث. ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه قريبًا.

قال: وليس به بأس الابنة، ولكن إن طلقها تزوج ابنتها؛ لأنها إذا ماتت ورثها. قلت: حديثُ من هذا؟ قال: حديث زيد بن ثابت -رضي اللَّه عنه-. "مسائل الكوسج" (912، 3229) قال إسحاق بن منصور: قال الإمام أحمد: ثلاث مبهماتٌ: قوله عز وجل: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} وقوله سبحانه وتعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} فإذا تزوج الرجلُ المرأة لم يتزوجها ابنه ولا أبوه، دخل بها أو لم يدخل بها؛ لقوله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} ولقوله جل وعز: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ}، وإذا تزوج الرجلُ المرأة لم يتزوج أمها وإن لم يكن دخل بها؛ لقوله تبارك وتعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ}، ولا بأس أن يتزوج الابنة إذا لم يدخل بالأم ماتت أو طلقها؛ لقوله تبارك وتعالى: {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23] قال إسحاق: كما قال، كلها. "مسائل الكوسج" (913) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ تزوج امرأةً فلم يدخل بها، ثم تزوج امرأة، فدخل بها فإذا المدخولُ بها أم؟ قال أحمد: حرمتا عليه جميعًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1114) قال إسحاق بن منصور: قلت: تزوج امرأة فلم يدخل بها، ثم تزوج أخرى دخل بها فإذا هي ابنة؟

قال: يفارقهما جميعًا، ثم يخطب الابنة إن شاء. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1115) قال صالح: وسألت أبي عن الرجل تكون له المرأة، فتموت ولها ابن له ابنة، أيتزوج الرجل بابنة ابنها؟ قال: لا يتزوج، وكذا لو كانت لها ابنة، ولابنتها بنت لم يتزوج. "مسائل صالح" (455) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني إبراهيم بن عبيد بن رفاعة. قال عبد الرزاق: أو إبراهيم -يعني: ابن ميسرة-، عن عبيد بن رفاعة قال: أخبرني مالك ابن أوس بن الحدثان النصري قال: كانت عندي امرأة، فولدت لي، فتوفيت، فوجدت عليها، فلقيني علي بن أبي طالب فقال: ما لك؟ فقلت: توفيت المرأة. فقال علي: ألها ابنة؟ قلت: نعم، قال: كانت في حجرك؟ قلت: لا، هي بالطائف. فقال: انكحها. قلت: فأين قوله: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ}؟ [النساء: 23] قال: إنها لم تكن في حجرك؛ وإنما ذاك إذا كانت في حجرك. وقال: وحدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرنا إبراهيم بن ميسرة أن رجلًا من بني سواءة يقال له: عبيد اللَّه ابن معية -أثنى عليه خيرًا- أخبره أن أباه -أو جده- كان نكح امرأة ذات ولد من غيره فاصطحبا ما شاء اللَّه، ثم نكح امرأة شابة، فقال له أحد بني الأولى: قد نكحتَ على أمنا وكبرت واستغنيتَ عنها بامرأة شابة فطلقها. فقال: لا واللَّه إلا أن تنكحني ابنتك. فطلقها وأنكحه

ابنته، ولم تكن في حجرها هي ولا أبوها -ابن العجوز المطلقة- قال: فجئت سفيان بن عبد اللَّه الثقفي، فقلت: استفت لي عمر. فقال: لتحجن معي. فأدخلني عليه بمنى، فقصصت عليه الخبر، فقال: لا بأس بذلك، واذهب فاسأل فلانًا، ثم تعال فأخبرني. قال: ولا أراه قال إلا عليًّا، فسألته فقال: لا بأس بذلك. قال: فجمعهما. "مسائل صالح" (509) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا حجاج عن ابن جريج. قال: أخبرني إبراهيم بن ميسرة، أن رجلًا من بني سواءة يقال له: عبيد اللَّه بن معية -وأثنى عليه خيرًا- أخبره أن أباه أو جده كان نكح امرأة شابة، فذكر مثل معنى حديث عبد الرزاق، إلا أنه قال: فسألته فقال: لا بأس بذلك. فجمعتهما. وحدثني أبي قال: حدثنا روح بن عبادة قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني إبراهيم بن عبيد بن رفاعة قال: أخبر مالك بن أوس بن الحدثان النصري قال: كانت عندي امرأة، فولدت فتوفيت، فوجدت عليها، فذكر مثل حديث عبد الرزاق. قال أبي: إبراهيم بن عبيد بن رفاعة ليس هو بمشهور، وعبيد اللَّه بن معية ليس بمشهور بالعلم، وإنما حكى أن أباه أو جده. "مسائل صالح" (513) قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: الرجل يتزوج المرأة فتموت قبل أن يدخل بها، أيتزوج بأمها؟ قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن عمران بن حصين قال: لا تحل له على حال. وهو قول الحسن.

حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن خلاس أن عليًّا كان لا يرى بأسًا ماتت عنده أو طلقها، ما لم يغشها، وينزلها لمنزلة الربيبة. "مسائل صالح" (514) قال صالح: قلت: حديث بروع (¬1): يرثها وترثه؟ . قال: نعم. قلت: ما الحجة يرثها كما ترثه؟ قال: يروى عن زيد بن ثابت كره أن يتزوج بالأم. وقال: لا يرثهما جميعًا؛ كأنه تزوج مرةً فماتت قبل أن يدخل بها. قال: لا يتزوج أمها، يروى عن زيد بن ثابت. "مسائل صالح" (967) قال ابن هانئ: قال أبو عبد اللَّه يومًا، وأنا عنده: حديث زيد في الربيبة (¬2). قال: لأنه إذا ماتتا عنده ورثهما جميعًا. قال: وثلاث مبهمات في كتاب اللَّه تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ} [النساء: 23]، و {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22]، {وَرَبَائِبُكُمُ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 447، وأبو داود (2114)، والترمذي (1145)، والنسائي 6/ 122، وابن ماجه (1891). وقال الترمذي: حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح. وصححه ابن الجارود في "المنتقى" 3/ 46 (718)، وابن حبان 9/ 409 (4099)، والحاكم 2/ 180 - 181 وقال: صحيح على شرط الشيخين. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1839). (¬2) روي ابن أبي شيبة 3/ 473 (16269)، والطبري 3/ 663 (8954) أنه كان يكره أن يتزوج بنت امرأة ماتت أمها عنده قبل أن يدخل بها.

اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ} [النساء: 23]. "مسائل ابن هانئ" (1012) قال ابن هانئ: قال: إذا تزوج بالأم ولم يدخل بها، فإنه يتزوج بالابنة إن شاء، كان تزوج بالابنة، دخل بها أو لم يدخل بها، فليس له أن يتزوج أمها، لأنه قال: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23]. "مسائل ابن هانئ" (1013) قال ابن هانئ: وسئل عن: الربيبة أيحل له أن يتزوَّجها؟ قال: إذا كان قد دخل بالأم فلا تحل له الابنة، وإذا لم يكن دخل بالأم فتحل له الابنة. "مسائل ابن هانئ" (1017) قال ابن هانئ: سألته عن رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها، أيتزوج أمّها؟ قال: لا يتزوج بالأم. قلت: فإن كان تزوج بالأم ولم يدخل بها أيتزوج ابنتها؟ قال: لا بأس، ما لم يكن دخل بالأم يتزوج الابنة. "مسائل ابن هانئ" (1018) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يتزوج المرأة ثم يطلقها، قبل أن يدخل بها، هل له أن يتزوج أمها؟ قال: لا يتزوج أمها، وإذا تزوج بالأم ولم يدخل بها فله أن يتزوج ابنتها؛ قال اللَّه: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}. كأنه إذا تزوج بالابنة، لم تحل له الأم، وإذا تزوج بالأم، ولم يدخل

بها فإنه يحل أن يتزوج بالابنة. "مسائل ابن هانئ" (1025) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل تكون له الجارية فيطأها، ثم يبيعها لرجل، فتلد من ذلك الرجل ابنة، أيتزوج المولى الأول بالابنة؟ قال: لا يحل له أن يتزوج ابنتها، لأنه قد وطئ أمها. "مسائل ابن هانئ" (1026) قال حرب: سُئِلَ أحمدُ عَنِ الرجل يتزوج أم امرأته بعد ما ماتت امرأته؟ قال: لا قيل: لقول اللَّه: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ}؟ قال: نعم. قال: وسُئِلَ أحمدَ عَنْ رَجلٍ تَزَوَّجَ امرأة، فماتت قبل أن يدخل بها، أيتزوج أمها؟ قال: لا. قيل: فيتزوج بنتها؟ قال: نعم، إذا لم يكن دخل بأمِّها. وسُئل إسحاق عن رجلٍ تَزَوَّجَ امرأة ولها بنت، فطلقها من قبل أن يدخل بها، أيتزوج الابنة؟ قال: شديدا، إذا لم يدخل بالأم تزوج البنت. "مسائل حرب" ص 48 قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن امرأة أرضعت أمة لقوم، صبية صغيرة، ثم تزوج رجل بالمرأة التي أرضعت تلك الصغيرة والأمة، يحل لهذا الرجل أن يطأ الأمة إذا اشتراها بملك اليمين؟

فقال: لا يطأها وكرهه. وقال: هي أمها ولكن يستخدمها وهي أمته. فقيل له: إن صارت إلى المرأة تستخدمها؟ قال: هي أمها. "مسائل عبد اللَّه" (1252) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل اشترى جارية وابنتها، فوطئ الابنة ثم أعتقها، يجوز لهذا الرجل أن يطأ الأم إذا أعتق البنت؟ فقال: لا، وكرهه ولم يرخص فيه، وتلا هذِه الآية: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} الآية {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23]. "مسائل عبد اللَّه" (1264، 1289) نقل عنه أحمد بن أصرم في الرجل إذا ماتت زوجته قبل الدخول بها هل تحرم عليه بنتها؟ أنها لا تحل له. "الروايتين والوجهين" 2/ 99

2217 - ثبوت حرمة المصاهرة بالزنا، وذكر هل تثبت بما دون الجماع أم لا؟

فصل بمَ تثبت حرمة المصاهرة؟ 2217 - ثبوت حرمة المصاهرة بالزنا، وذكر هل تثبت بما دون الجماع أم لا؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا قبل أم امرأته أو زنا بها؟ قال: إذا زنا بها، أحب إلى أن يفارقها، وإذا قبلها، فلا يُفارقها. قلت: حديث من؟ فاحتج بحديث عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، إذا زنا بها، ألا ترى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لسَوْدَةُ: "احتجبي منه" (¬1) ثَبّتَ لعتبة نسبًا من زنا. قال إسحاق: هو كما قال، إلا أن احتجاجه بعبد بن زمعة وعتبة فإنه ليس ببين أنه في هذا. "مسائل الكوسج" (905) قال إسحاق بن منصور: قال الإمام أحمد: إذا زنا بامرأة لا يتزوج أمها ولا ابنتها، وإحتح بحديث ابن زَمعَة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لسَوْدَةُ: "احْتَجِبِي مِنْهُ" ألا ترى أنه قد ثبَّت لعتبة نسبًا، وقد كان زنا بها. وأما ما دون الفرج فإنه لا يُحرم الحرام الحلال. "مسائل الكوسج" (906) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في رجلٍ قبل ابنته لشهوةٍ وهو يرى أنها امرأته: حُرمت عليه امرأته. قال أحمد: أما أنا فلا أحرمُ إلا بالغشيان. مسائل الكوسج (907) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 37، والبخاري (2421)، ومسلم (1457).

قال إسحاق بن منصور: سُئل إسحاق عن: رجل فجر بامرأة ابنه أو قبلها أو باشرها؟ قال: كل ما كان دون الجماع؛ فلا يُحرم الحرامُ الحلال. "مسائل الكوسج" (909، 1332) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ زنا بامرأة لا يتزوجها ابنه ولا أبوه؟ قال: هكذا هو. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1130) قال إسحاق بن منصور: قلت لإسحاق: ما تفسيرُ: الحلال لا يُحرمه الحرامُ؟ قال: أما قوله: "لا يحرم الحرامُ الحلال" فمعناه: أن فجوره بامرأة لا تحل له لا يحرم زناه ذلك ما هو له حلال. "مسائل الكوسج" (1339) قال صالح: وسئل -وأنا شاهد- عن رجل اشترى جارية ولها ابنةٌ، ابنة عشر سنين، فقبلها؟ قال: تحرم عليه أمها، وإن كانت ابنة تسع حرمت عليه الأم. وقال: لا أعلم بين الناس في هذا اختلافًا إلى سبع سنين. قلت: فإن كانت بنت خمس، ثم قبل لشهوة؟ قال: لا يعجبني. "مسائل صالح" (28)

قال صالح: وسألته عن رجل غشي مرة (¬1) وتزوج بنتها؟ قال: يفارقها حلالًا كان أو حرامًا. "مسائل صالح" (29) قال صالح: وسألته عن الرجل يفجر بأم امرأته؟ قال: إذا وطئ حرمت الابنة عليه، وكذا إذا فجر بابنتها حرمت الأم عليه، وهذا إذا وطئ، فما لم يطأ مثل القبلة وما أشبهه فلا أجيب فيه. قال عمران بن حصين: إذا فجر بأم امرأته حرمتا عليه (¬2). "مسائل صالح" (627) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: رجل اشترى جاريةً ولها ابنة، فقبل أمها، أتحل له الابنة؟ قال: لا تحل له الابنة. قلت له: فإن قبل ابنتها تحل له الأم؟ قال: لا تحل له أيضًا. قلت له: فقد أتى للجارية عشر سنين؟ قال: ما كانت من السبع إلى العشر يحرم عليه، أيهما قبل، حرمت عليه الأخرى. "مسائل ابن هانئ" (1014) ¬

_ (¬1) مرة: أي: امرأة -مخففة تخفيف قياسي. (¬2) رواه البخاري معلقا بعد حديث (5105)، عبد الرزاق 7/ 200 (12776)، وابن أبي شيبة 3/ 469 (16226) وسعيد بن أبي عروبة في كتاب "النكاح" كما في "تغليق التعليق" 4/ 404، قال الحافظ في "الفتح" 9/ 156: أما قول عمران فوصله عبد الرزاق من طريق الحسن عنه، لا بأس بإسناده. . اهـ. قلت: الذي وقفت عليه في "المصنف" لعبد الرزاق رواية عثمان بن سعيد عن قتادة عن عمران.

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يرث الجارية من ميراث أبيه، وقد نظر إليها أبوه أتحل للابن إذا كان الأب قد نظر إلى شيء منها، أو جردها؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا كان قد نظر إلى شيء منها، لم تحل للابن. "مسائل ابن هانئ" (1015) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل تزوج بامرأة، فدخل بها، فجاءت بعد أم امرأته، فزعمت أنه كان سكران فنامت معه أم امرأته، كيف ترى في المرأة؟ قال: يعتزل المرأة حتى ينظر؛ لعلها كاذبة، أو صادقة، يعتزلها ويقررها؛ لعلها قد صدقت، وينتظر بها ثلاثة أشهر، حتى يتبين بها حمل أم لا. "مسائل ابن هانئ" (1016) قال ابن هانئ: سألته عن رجل اشترى جارية لها ابنة، بنت عشر سنين، فقبلها وهي ابنة سبع؟ قال: لا أدري. "مسائل ابن هانئ" (1019) قال ابن هانئ: سألته عن رجل له امرأة، ولها أم، فوطئ أم امرأته، ولم يدخل بالابنة؟ قال: لم يدخل بها؟ قلت: لا. قال: ولا أرخى سترًا، ولا أغلق بابًا؟ قلت: لا. قال: لها نصف الصداق، وحرمت عليه الابنة. وقال: أنزلها بمنزلة المطلقة. "مسائل ابن هانئ" (1028)

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يفجر بالمرأة، ثم يتزوج ابنتها؟ قال: لا يحل له أن يتزوج ابنتها، وإن كان قد تزوجها فلا يحل له إلا أن يفارقها. فقلت له: إنها قد ولدت منه؟ قال: وإن كانت ولدت، فإن الولد يلحق أباه. "مسائل ابن هانئ" (1029) قال حرب: سألت أحمدَ قلتُ: رجل فجر بامرأةٍ، هل يتزوج أمها أو ابنتها؟ قال: إذا كان وطئها، فلا. قلتُ: فإن لم يطأها، ولكنه قَبَّلَ أو باشر؟ قال: دَع هذِه المسألة. وقال وسئل إسحاق عن رجل جامع أم امرأته؟ قال: حَرُمت البنت. قيل لإسحاق: فإن جامع أخت امرأته؟ قال: يتربص حتى تحيض حيضة. وسئل إسحاق أيضًا عن رجل قبل أم امرأته من الرضاعة، أو لامسها من غير مجامعة؟ قال: لا يحرم عليه امرأته. قيل: فإن جامعها في الفرج؛ فذهب إلى أنها تَحرم عليه وقال: أهل المدينة يقولون: لا تحرم بالحرام حتى يتزوج الأم، فيدخل بها، فحينئذ تحرم.

وقال: وسئل إسحاق مرة أخرى عن الرجل التزم أم امرأته من فوق الثياب فأمنى، فذهب إلى أنها لا تحرم عليه امرأته إلا بالجماع، وكتب لنا إسحاق مرة أخرى، وقرأته أنا عليه: وإذا جامع الرجل امرأته في غير الفرج ثم بدا له [أن] يتزوج بنتها، فإن الذي أعتمد عليه أن الجماع في غير الفرج إذا تعمد ذلك وأنزل أنه كالجماع في الفرج يُحرِّم عليه أمها وابنتها، وذلك كما يروى قول الحسن بن أبي الحسن، وعطاء بن أبي رباح وغيرهما أن المجامع في الفرج وغير الفرج في رمضان يقضي صومه وعليه الكفارة، وكذلك إذا فعل ذلك في الحج أفسد الحج، فإن كان تَزَوَّج بنتَ هذِه المرأة التي جامع فولدت منه، ثم علم بما كان من صنيعه إلى الأم ينزه عنها، وصار فعله إلى بنت المرأة أو أمها في التزويج فاسدًا ويجانبها. وأما أهل المدينة مالك بن أنس وأصحابه، فإنهم يرون أن لو جامع في الفرج حرامًا أمَّ امرأته أو بنت امرأته أن لا يحرم عليه امرأته، لما لا يحرِّم الحلالَ الحرامُ، وأما الذي نعتمد عليه أن لا تحرم عليه امرأته إذا مس، أو قبِّل، أو باشر في غير الفرج ولم ينزل؛ فإن امرأته لا تحوم عليه، فأما إذا وطئها بجماع، فإنها تحرم عليه حينئذ. قال: وأما قول أهل الكوفة: فإنها تحرم عليه، وهو خطأ بين؛ لأنه لا حكم في ذلك عند الحكام حتى يكون جماعًا، ولذلك جعلنا الولد ولد الزوج؛ لما وصفنا أن مالك بن أنس وأصحابه رأوا الجماع لا يحرِّم عليه امرأته، فنحن وإن كنا لا نواه، فإنا نجعل الولد ولده لما نواه لا يُحرم دون الجماع، وإنزالٍ دون الفرج. قال: وإذا جامع في الفرج أنزل أو لم ينزل؟

قال: فإنَّ امرأته تحرم عليه. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن الزبير قال: ثنا سفيان، عن الأغر، عن خليفة بن حصين، عن أبي نصر، عن ابن عباس قال: جاء رجل فقال: امرأة قد ولدت مني سبعةً، كلهم قد أطاق السلاح، وهي أحب الناس إلي، وإني كنت أصبت من أمها صبوة؟ قال: هل لك من مال؟ قال: نعم، ثلاثمائة ألف، ولوددت أني فديتها. قال: هي عليك حرام. وقال: حدثنا أحمد قال: حدثنا معتمر بن سليمان، عن عوف، عن الحسن في رجل عبث بأم امرأته حتى أنزل، ولم يستخلطا، أتحرم عليه امرأته؟ قال: لا. "مسائل حرب" ص 46 - 47 قال حرب: سألت أحمدَ قلتُ: رجل جرد امرأة أو قبلها، أو لامسها هل تحل لابنه؟ قال: إذا كانت ملك يمينه فلا. قلتُ: فإن لم تكن ملك يمينه؟ فكره الجواب فيه. قال حرب: وسألت إسحاق، قلتُ: رجل قبل امرأة أبيه، أو ملك يمينه؟ قال: بئس ما صنع! قلتُ: تحرم على الأب؟ قال: لا.

وسألتُ إسْحاقَ مرة أخرى، قلتُ: رجل قبل امرأة أبيه؟ قال: لا تحرم على الأب. وسُئل إسحاق مرة أخرى عن رجل قبل امرأة ابنه؟ قال: لا تحرم على الابن امرأته، ويتوب إلى اللَّه، وكذلك إن قبل الابن امرأة أبيه، وكذلك إن قبل أم امرأته لا تحرم عليه امرأته إلا بالوطء. وقال: حدثنا إسحاق قال: أنبأ معتمر بن سليمان، عن عوف الأعرابي، عن الحسن في الرجل يعبث بامرأة أبيه، وبأمرأة أبنه، أو نحوهما قال: ما لم يستخلط فإن امرأته لا تحرم عليه. "مسائل حرب" ص 53 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل زنا بابنة امرأته؟ قال: لا تحرم عليه امرأته، ويعتزلها حتى تنقضي عدة التي فجر بها. "مسائل عبد اللَّه" (1188) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل وقع على أم امرأته. يعني: وطئها؟ قال: يفارق امرأته. "مسائل عبد اللَّه" (1201) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل فجر بامرأة، يحل له أن يتزوج ابنتها؟ فقال: لا يتزوج. وقال عمران بن الحصين: إذا فجر بأم امرأته حرمتا عليه، أو حرمت عليه امرأته. قال أبي: هذِه وتلك عندي بمنزلة واحدة، لأن اللَّه جل ثناؤه قال: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ

للَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23]. وأذهب فيه إلى قول عمران ابن الحصين. قال أبي: فأهل المدينه يقولون: لا يحرم حرام حلالًا. "مسائل عبد اللَّه" (1202) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يجامع أم امرأته هل تحرم عليه امرأته؟ قال: يفارق امرأته ناسيا أو غير ناسٍ، قال: نعم يفارقها. "مسائل عبد اللَّه" (1203) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل زنا بامرأة، فجاءت بابنة من فجور، ثم كبرت الابنة، هل يجوز أن يتزوج بها؟ قال: معاذ اللَّه، يتزوج ابنته! ! هذا قول سوء، حديث الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُروَةَ، عَنْ عَائِشةَ أَنَّ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ"، فهذا يدل لأنه زنا بها، فقضى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالولد للفراش. "مسائل عبد اللَّه" (1218) سمعت أبي سئِلَ عن غلام راهق الاحتلام، نام مع امرأة، أو نال منها بعض ما ينال مثله وقد راهق، هل يحل له أن يطأ ابنة هذِه المرأة؟ فقال: إذا كان ذلك منه بشهوة، أو راهق، فإنه لا يعجبني أن (. . .) (¬1) كرهه. "مسائل عبد اللَّه" (1227) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن: رجل مس صبية صغيرة على شهوة؟ ¬

_ (¬1) كذا في "المسائل" (بياض) وعلق محققها فقال: غير واضحة في الأصل.

فقال: لا يحل لابنه أن يطأها. "مسائل عبد اللَّه" (1228) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل فجر بامرأة؟ فقال: حرمت على ابنه، فإن فجر بها الابن حرمت على الأب. "مسائل عبد اللَّه" (1233) قال عبد اللَّه: وسمعت أبي يقول: إذا اشترى الرجل جارية فلمسها أو قبلها، أو جردها لشهوة لا تحل لابنه. "مسائل عبد اللَّه" (1235) قال في رواية إسماعيل بن سعيد: إذا لمس امرأته وبنتها لشهوة، فلا أجترئ على التحريم حتى يكون الغشيان. ونقل مهنا عنه فيمن نظر إلى فرج امرأة لشهوة: أنه ينشر الحرمة. "الروايتين والوجهين" 2/ 100 قال الجوزجاني: سألت أحمد عن رجل نظر إلى أم امرأته من شهوة، أو قبلها، أو باشرها. فقال: أنا أقول: لا يُحرمه شيء من ذلك إلا الجماع. "المغني" 3/ 531، "الشرح الكبير" 20/ 293 قال الحسن بن ثواب: قلت: رجل زنا بامرأة أبيه تحوم عليه امرأته. قال: نعم، ومعنى هذا القول: أن يكون رجل تزوج امرأة وابنه بنتها ثم وطئ الابن أم زوجته. "بدائع الفوائد" 4/ 67 قال الإمام أحمد في رواية أبي طالب بها الرجل يزني بامرأة فتلد منه ابنة فيتزوجها، فاستعظم ذلك وقال: يتزوج ابنته! عليه القتل بمنزلة المرتد. "الاختيارات الفقهية" المطبوع مع "الفتاوى الكبرى" 4/ 447

2218 - 2 - ثبوت حرمة المصاهرة باللواط

2218 - 2 - ثبوت حرمة المصاهرة باللواط قال إسحاق بن منصور: سُئل الأوزاعي عن الغلامين يلوطُ أحدهما صاحبه، ثم يكبرا فيولد للمفعول به جارية، أيتزوجها الفاعل به؟ قال: لا. قال أحمد: على قولنا كما قال، إذا كان ذلك في الدبر. "مسائل الكوسج" (1308) 2219 - 3 - ثبوت حرمة المصاهرة بالرضاع قال ابن بدينا: قال في حليلة الابن من الرضاع: لا يعجبني أن يتزوجها. "تقرير القواعد" 3/ 114 ثانيًا: ما يحرم تحريم مؤقت 1 - مانع الجمع 2220 - 1 - الجمع بين المرأة وأمها أو بنتها قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ تزوج امرأة فدخل بها، ثم تزوج أخرى فدخل بها ابنة كانت أو أمًّا حرمتا عليه جميعًا؟ قال أحمد: يفارقهما جميعًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1116) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في رجل تزوج امرأةً ودخل بها، ثم تزوج أخرى فدخل بها وهي أم الأولى فمات على ذلك؟

قال: لهما الصداق، ولا ميراث لهما. قال أحمد: كما قال، ولا ميراث لهما. "مسائل الكوسج" (1230) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: فإن لم يكن دخل بالأخرى فنكاحُ الأولى جائزٌ، والأخرى فاسدٌ، وليس لها صداقٌ ولا ميراث ولا عدة عليها. قال أحمد: كما قال. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1231) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: فإن تزوج الابنة والأم في يوم واحد، ودخل بهما في يومٍ واحد فلا ميراث لهما، ولهما الصداقُ، وعليهما عدة المطلقة ثلاثة قروءٍ. قال أحمد: جيد؛ لأنه فسخ بلا موت. يقول: ليس عليها عدة المتوفى. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1232) قال إسحاق بن منصور: قال: سئل أحمدُ عن: رجل وطئ أمته وأمها؟ قال: حرمتا عليه جميعًا إن شاء استخدمهما. قال إسحاق: ما أحسن ما قال في الجماع يحرم! "مسائل الكوسج" (1344)، (3424) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن: رجلٍ اشترى أمًّا وابنتها فلم يستبرئهما يطأ أيتهما شاء؟

2221 - هل للرجل الجمع بين امراة رجل وابنته من غيرها؟

قال: نعم، فإذا وطئ واحدة حرمت عليه الأخرى. "مسائل أبي داود" (1111) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يتزوج المرأة ببلدة، ثم يخرج إلى بلدة أخرى، فيتزوج أمها؟ قال: حرمتا عليه جميعًا. "مسائل ابن هانئ" (1020) قال مهنا: نقل عنه في رجل تزوج امرأة، فبعثوا إليه ابنتها، فدخل بها وهو لا يعلم: حرمتا عليه جميعًا. قال: فقلت له: ما عليه؟ فقال: عليه لهذه المهر بما استحل من فرجها. قلت: وللأخرى ما عليه؟ قال: لها نصف الصداق. قلت: هل يرجع بالنصف الذي غرم لابنتها؟ قال: لا. "تقرير القواعد" 3/ 123 2221 - هل للرجل الجمع بين امراة رجل وابنته من غيرها؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في رجل تزوج امرأة وله ابنةٌ من غيرها، فزوجها رجلًا، فمات أبوها، فإن شاء زوجُ ابنته تزوج امرأته. قال أحمد: نعم، جمع عبد اللَّه بن جعفر بين امرأة رجلٍ وابنته (¬1). ¬

_ (¬1) رواه سعيد 1/ 249 (1011)، والبيهقي 7/ 197.

قلت: ترى أنت؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1236) قال أبو داود: وسمعت أحمد سئل: أيتزوجُ الرجلُ بأم ولد أبي امرأته؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1067) قال حرب: الرجل يتزوج امرأة الرجل وابنته من غيرها؟ قال: لا بأس. وسألتُ إسْحاقَ عن ذلك، فقال: لا بأس به. "مسائل حرب" ص 92 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل له امرأة، ثم إنه اشترى جارية، قالت المرأة: إن هذِه الجارية كانت لأبي. أيحل لزوج هذِه المرأة أن يجمعهما؟ فقال أبي: يقال: إن عبد اللَّه بن جعفر جمع بين امرأة رجل وابنته من غيرها، ويروى كذلك عن عبد اللَّه بن صفوان (¬1)، وكرهه الحسن (¬2)، وعكرمة (¬3). قال أبي: وأرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل عبد اللَّه" (1285) ¬

_ (¬1) رواه سعيد 1/ 249 (1009)، وابن أبي شيبة 3/ 486 (16409). (¬2) رواه سعيد 1/ 448 (1004)، وابن أبي شيبة 3/ 447 (16417)، وعلقه البخاري بعد (5105) وانظر: "تغليق التعليق" 4/ 410. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 3/ 487 (16419).

2222 - (ب) الجمع بين الأختين

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا أبو بكر النهشلي، عن مغيرة، عن (قثم مولى آل العباس) (¬1) قال: كانت عند عبد اللَّه بن جعفر أم كلثوم بنت علي، وليلى بنت مسعود امرأة علي النهشلية (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (1286) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر، عن الزهري قال: جمع عبد اللَّه بن جعفر بين امرأة رجل وابنته من غيرها. "مسائل عبد اللَّه" (1287) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن سيرين أن رجلًا يقال له: جبلة -من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان بمصر- جمع بين امرأة رجل وابنته من غيرها. "مسائل عبد اللَّه" (1288) قال أبو طالب: قال أبو عبد اللَّه: قد فعل ذلك رجل من الصحابة. أي: الجمع بين امرأة الرجل وابنته من غيرها. "التوضيح" 24/ 314 2222 - (ب) الجمع بين الأختين قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا تزوج أختين في عقده؟ قال: يختارُ إحداهما. ¬

_ (¬1) في "مسائل عبد اللَّه": (قيم مولى جعفر) وهو خطأ والمثبت الصحيح كما في مصادر التخريج. (¬2) رواه سعيد بن منصور 1/ 249 (1011)، والبيهقي 7/ 197.

قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (888) قال إسحاق بن منصور: قلت: الجمعُ بين الأختين المملوكتين تقول: إنه حرام؟ قال: لا أقول: إنه حرام، ولكن ينهى عنه. قال إسحاق: حرام لقول اللَّه عز وجل: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23] يعني: ليَّا وراحيل حين جمع بينهما يعقوب عليه السلام (¬1). "مسائل الكوسج" (915) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها، ثم تزوج أخرى، فدخل بها فإذا هي أختها؟ قال: يفارق هذِه التي دخل بها، ويعتزل الأخرى حتى تنقضي عدة هذِه، ثم الأولى امرأته. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1117) قال إسحاق بن منصور: قلت: فإن كان دخل بالأولى، ثم تزوج هذِه، ودخل بها حرمتا عليه جميعًا؟ قال أحمد: يفارقُ الأخرى، ويعتزلُ الأولى حتى تنقضي عدة هذِه الأخرى، ثم الأولى امرأته. قال إسحاق: هو هكذا. "مسائل الكوسج" (1118) ¬

_ (¬1) ليَّا: أم يهوذا، وراحيل: أم يوسف، وكانتا أختين وجمع بينهما يعقوب عليه السلام. راجع "تفسير البغوي" 2/ 192.

قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: رجلٌ عنده أختان مملوكتان، فوقع على إحداهما، ثم زوجها رجلا، يقع على الأخرى؟ قال أحمد: نعم، إذا خرجت من ملكه بنكاحٍ حرمها على نفسه. قلت: فإن طلقها فرجعت إليه؟ قال: لا يطأ واحدة منهما حتى يُحرم فرج واحدةٍ على نفسه. قال إسحاق: كما قال في الأمرين جميعًا؛ لأنه لا بد من إخراج إحداهما من ملكه. "مسائل الكوسج" (1131) قال صالح: قلت: رجل له أمةٌ يطأها، فأراد أن يتزوج أختها أو يتسرى؟ قال: لا يجمع بين الأختين الأمتين. قلت: فإن زوج أختها التي عنده من رجل؟ قال: إذا زوجها لم يكن به بأس، إذا حرم عليه فرجها. قلت: فإنه زوجها من رجل، ثم وطئ أختها، فطلق الرجل هذِه التي تزوج هذا أختها، فرجعت في ملكه؟ قال: ينبغي أن يخرج إحداهما من ملكه. "مسائل صالح" (94)، وذكرها عبد اللَّه عن أبيه في "مسائله" (1277) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل يجمع الرجل بين الأمتين الأختين؟ فقال: لا، وقال: سبحان اللَّه؛ إنكارًا لذلك. "مسائل أبي داود" (1109) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ في الأختين من ملك اليمين: لا يطأ الأخرى حتى يحرم عليه فرج التي وطئ أو قال: تخرج من ملكه. "مسائل أبي داود" (1110)

2223 - النصراني يجمع بين أختين، ثم أسلموا؟

قال ابن هانئ: قلت: فإن أراد أن يتزوج أختها؟ قال: لا يتزوج حتى يطلق التي تزوج. "مسائل ابن هانئ" (1009) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل عنده جاريتان مملوكتان أختان فوطئ إحداهما، وأراد أن يطأ الأخرى؟ قال: لا يطأها حتى تخرج التي وطئ من ملكه، قال اللَّه عز وجل: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23]. "مسائل ابن هانئ" (1037) 2223 - النصراني يجمع بين أختين، ثم أسلموا؟ قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل تزوج أختين ثم أسلموا؟ قال: إذا أسلموا أختار واحدة منهما. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 254 (501) 2224 - حرمة الجمع بين الأختين تثبت بالزنا؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ زنا بأخت امرأته؟ قال: لا تحرم عليه امرأته، ولكن يعتزل امرأته حتى تنقضي عدة هذِه. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (932) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: إذا أتى أخت امرأته قال: يمسك عن امرأته حتى تحيض -أي: أختها- ثلاث حيض، فإن كانت ممن

لا تحيض فثلاثة أشهر، فإن كانت حُبلى حتى تضع. "مسائل الكوسج" (1355) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يفجر بأخت امرأته؟ قال: يعتزل امرأته حتى تنقضي عدة التي فجر بها، إن كانت ممن تحيض بثلاث حيض، وإن لم تكن ممن تحيض، فثلاثة أشهر. وقال: لا يجتمع ماؤه في أختين. "مسائل ابن هانئ" (1030) قال حرب: سألتُ أحمدَ قلتُ: رجل تزوج أخت امرأته، أو أصاب منها صبوة؟ قال: يمسك عن امرأته حتى تنقضي عدة هذِه. قلتُ: حيضة؟ قال: لا، ولكن عدتها. وقال حدثنا أحمد قال: ثنا عبد الوهاب الثقفي، عن البتي، عن ابن أشوع قال: سُئل عن الرجل يزني بأخت امرأته؟ قال: حسرة عليها، وهابها إبراهيم وعامر، رأيت أن الحرام لا يحرم الحلال. وقال حدثنا أحمد قال: ثنا يحيى بن سعيد، قال ابن جريج: أخبرنا قال: أخبرني عطاء، عن ابن عباس في رجل زنا بأخت امرأته، قال: تخطى حرمة إلى حرمة، ولا تحرم عليه امرأته. قال: قال عطاء: إذا زنا بابنة امرأته، أو بأم امرأته حرمت عليه امرأته. وقال حدثنا أحمد قال: ثنا هشيم قال: أخبرنا محمد بن سالم، عن الشعبي، عن علي أنه قال في رجل فجر بأخت امرأته: لا تحرم عليه امرأته، ولكن يعتزلها حتى يستبرئ الأخرى، ثم يرجع إلى امرأته، ويستغفر اللَّه ويتوب إليه.

2225 - (جـ) الجمع بين ابنتي العم

وقال: حدثنا أحمد قال: ثنا هشيم قال: أبنا يونس، عن الحسن مثل ذلك. "مسائل حرب" ص 45 2225 - (جـ) الجمع بين ابنتي العم قال إسحاق بن منصور: قلت: تكره أن يجمع بين ابنتي عم؟ قال: لا أكرهه، إنما كرهه الحسنُ. قال إسحاق: إنما يكره ذلك للتفاسد، لا للتحريم. "مسائل الكوسج" (890) قال: إسحاق بن منصور قلت: الجمعُ بين ابنتي عم؟ قال: قد كره ذلك قومٌ. قال إسحاق: إنما كُره لفساد ما بينهما، وهو حلالٌ. "مسائل الكوسج" (1287) قال حرب: قلتُ لأحمدَ: أتكره أن يجمع الرجل بين ابنتي عم، أو ابنتي خال؟ قال: نعم، للقطيعة. "مسائل حرب" ص 49 2226 - (د) الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا تزوج الرجلُ المرأة على عمتها أو على خالتها؟ قال: يُفرق بينهما.

قال إسحاق: كما قال؛ لما صح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- التفريق بينهما، وكذلك فرق عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- (¬1)؛ أتباعًا لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2). "مسائل الكوسج" (903) قال حرب: قلتُ لأحمدَ: هل تزوج امرأة على عمتها أو خالتها من النسب والرضاع سواء؟ قال: نعم. ومذهبه أن يفرق بينهما. "مسائل حرب" ص 39 قال عبد اللَّه: سألت أبي أن قومًا يقولون: إنما نهي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أدب. فقال لي: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تنكح المرأة على خالتها، وعلى عمتها (¬3)، فلم نعلم الناس أختلفوا في أنه إذا تزوج المرأة على عمتها، أو على خالتها أن يفوق بينهما، ونهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن كل ذي ناب من السباع (¬4)، ونهى عن لحوم الحمر (¬5)، وأن تفترش مسوك السباع (¬6). "مسائل عبد اللَّه" (1223) ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 178 (649). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 462، والبخاري (5109)، ومسلم (1408). (¬3) انظر التخريج السابق. (¬4) رواه الإمام أحمد 1/ 244، ومسلم (1934) من حديث ابن عباس. (¬5) رواه الإمام أحمد 1/ 79، والبخاري (5115)، ومسلم (1407) من حديث علي. (¬6) رواه الإمام أحمد 5/ 74، وأبو داود (4132)، والترمذي (1770)، والنسائي 7/ 176 جميعًا. . من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي المليح بن أسامة، عن أبيه، مرفوعًا.=

2227 - تحريم الجمع لكثرة العدد عن أربعة نسوة

وقال أحمد في رواية مهنا: ليس هذا الحديث صحيحًا، هو باطل -يعني: حديث ابن عمر (¬1) - وحديث جعفر مضطرب، وإنما يرويه قبيصة عن أبي هريرة ليس فيه شيء غير هذا. قالوا: ولم يسمع جعفر من الزهري. "التوضيح" 24/ 331 2 - مانع العدد 2227 - تحريم الجمع لكثرة العدد عن أربعة نسوة قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في رجل عنده أربع نسوة فتزوج الخامسة فولدت له أولادًا؟ قال؟ الخامسة فاسدٌ، ويفرق بينهما، ولها المهرُ بما أستحل منها، ويُلحق به الولد. قال أحمد: جيدٌ إذا كانا جاهلين فإن تعمدا رجما إذا كانا ثيبين، ولا يُلحق به الولد، وكل من أقمت عليه الحد فلا يُلحق به الولد، وكل من درأت عنه الحد ألحقت به الولد. ¬

_ = قال الترمذي: ولا نعلم أحدًا قال: عن أبي المليح عن أبيه غير سعيد بن أبي عروبة. ثم رواه (1771) من طريق شعبة عن يزيد الرشك عن أبي المليح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال: وهذا أصح. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (1450). (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 519 (16764)، والطبراني في "الأوسط" 1/ 296 (982)، والبزار في "البحر الزخار" 12/ 260 (6023) وقال: هذا الحديث لا نعلم رواه عن الزهري عن سالم عن أبيه إلا جعفر بن برقان ولا عن جعفر إلا كثير بن هشام. وقال الهيثمي في "المجمع" 4/ 263: رواه الطبراني في "الأوسط" والبزار، ورجالهما رجال الصحيح.

2228 - كم يتزوج العبد من النساء؟

قال إسحاق: كما قال، وفقه فيها. "مسائل الكوسج" (1285) 2228 - كم يتزوج العبد من النساء؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: كم يتزوج العبدُ؟ قال: أمرأتين. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (897، 1077) قال صالح: وسألته عن العبد كم يتزوج؟ قال: ثنتين. "مسائل صالح" (413) قال ابن هانئ: سألته عن العبد يكون قد تزوج مرتين، ثم أعتق، أله أن يتزوج اثنتين أُخْرَيَيْن؟ قال: نعم إذا أعتق يتزوج أُخْرَيَيْن. "مسائل ابن هانئ" (1080) قال حرب: قلتُ لأحمدَ: العبد كم يحل له من النساء؟ قال: ثنتان. وسئل أحمد مرة أخرى عن العبد كم يتزوج من النساء؟ قال: ثنتين. "مسائل حرب" ص 69 قال نعيم بن ناعم: سألت أحمد: كم يتزوج العبد، اثنتين؟ قال: اثنتين. "الطبقات" 2/ 496 - 497

2229 - نصراني تزوج أكثر من أربع نسوة، ثم أسلم

2229 - نصراني تزوج أكثر من أربع نسوة، ثم أسلم: قال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: حدثنا حنبل قال: حدثنا محمد ابن جعفر قال: حدثنا معمر قال: حدثنا ابن شهاب، عن سالم بن عبد اللَّه، عن عبد اللَّه بن عمر قال: أسلم غيلان وتحته عشر نسوة فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اتخذ منهن أربعًا" (¬1). قال عبد الملك: قال أبو عبد اللَّه: لم يسنده عبد الرزاق، ولا عقيل، ولا يونس معهم حدثهم بحفظه. يرويه سعيد وإسماعيل -يعني: ابن علية- أراه وهم، جعله عن سالم. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا أبو بكر الأثرم قال: ذكرت لأبي عبد اللَّه الحديث الذي رواه عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة، فأمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يختار منهن أربعًا. فقلت: صحيح هو؟ قال: لا ما هو بصحيح. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 14، والترمذي (1128)، وابن ماجه (1953). وصححه ابن حبان 9/ 463 (4156)، والحاكم 1/ 192 لكن قال الترمذي بعد روايته: هكذا رواه معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: هذا غير محفوظ، والصحيح ما روي شعيب بن أبي حمزة وغيره عن الزهري قال: حدثت عن محمد بن سويد الثقفي أن غيلان بن سلمة أسلم وعند عشر نسوة. يعني: أن المحفوظ المرسل. وقد أعله الحافظ أيضًا بمعمر لمخالفته رواية الثقات: ابن عيينة ومالك، فقد رووه مرسلًا. أنظر التلخيص 3/ 168 - 169. وقد صحح الألباني الحديث بمجموع طرقه في "الإرواء" (1883).

قلت له: هو في كتبهم مرسل؟ قال: نعم. قال أبو عبد اللَّه: هذا حدث به بالبصرة. قال أبو عبد اللَّه: الناس يهمون. وقال: أخبرني محمد بن علي ومحمد بن أبي هارون قال: حدثنا حمدان بن علي، في هذِه المسألة. قال: قلت لأحمد: مالك رواه عن الزهري مرسلًا؟ قال: كان في كتاب عبد الرزاق والزهري مرسلًا. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح أن أباه قال في هذِه المسألة ورجع -يعني: معمر- باليمن جعله منقطعًا. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد، عن حديث معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة فأمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يمسك أربعًا ويدع سائرهن. قال: ليس بصحيح والعمل عليه. كان عبد الرزاق يقول: عن معمر، عن الزهري -مرسل- أن غيلان أسلم. وحدث به معمر هاهنا بالعراق بحفظه من غير كتاب فجعله عن الزهري عن سالم عن ابن عمر. قال أحمد: ورأيت في كتاب عن يونس يزيد، عن ابن شهاب، عن ابن أبي سويد أن غيلان أسلم وعنده عشر نسوة. قال مهنا: سألت يحيى بن معين عنه فقال: كان معمر يخطئ فيه بالعراق. وأما مالك فكان يقول: عن الزهري مرسلًا. وقال لي يحيى: في كتاب عقيل، عن الزهري، عن محمد بن أبي سويد.

2230 - الرجل يكره أن يتزوج ختنه علي بنته

قلت: من يقول هذا عن عقيل عن الزهري؟ قال: أصحابه. قال: وسألت أحمد عن قول إبراهيم؟ قال: هشيم يقول: عن إبراهيم في الرجل يسلم وعنده النسوة الكثير. قال: يطلق الذي تزوج أولًا ثم الأخرى. قلت: مَنْ عن إبراهيم؟ قال: هشيم، عن سهل، عن إسماعيل، عن مسلم، عن الحارث العكلي، عن إبراهيم. قلت: سمعته من هشيم؟ قال: نعم. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث أن أبا عبد اللَّه سُئل عن نصراني تحته أكثر من أربع نسوة فأسلم؟ قال: على حديث غيلان بن سلمة يأخذ منهن أربعًا. وسألت أبا عبد اللَّه قلت: هكذا تقول؟ قال: نعم. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 252 - 254 (494 - 499) 2230 - الرجل يكره أن يتزوج ختنه علي بنته قال حرب: قلتُ لأحمدَ: الرجل يكره أن يتزوج ختنه على بنته، هل في هذا شيء؟ قال: ومن يملك ذلك من نفسه؟ ! "مسائل حرب" ص 78

2231 - ما جاء في تزوج نساء أهل الشرك

3 - مانع الكفر 2231 - ما جاء في تزوج نساء أهل الشرك قال إسحاق بن منصور: قلت: تزويجُ اليهودية والنصرانية؟ قال: لا بأس به. قلت: والمجوسية؟ قال: لا يُعجبني إلا من أهل الكتاب. قال إسحاق: كما قال، والمجوسية لا تحل. "مسائل الكوسج" (883) قال صالح: سألت أبي عن تزويج المجوسيات وذبائحهم؟ فقال: قال اللَّه: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221]، وقال في سورة المائدة -وهي من آخر ما أنزل من القرآن: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} [المائدة: 5]. حدثنا أبي قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال: حدثنا ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري قال: قال اللَّه: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} الآية [البقرة: 221]، ثم أحل نكاح المحصنات من أهل الكتاب، فلم ينسخ من هذِه الآية غير ذلك؛ فنكاح كل مشركة سوى نساء أهل الكتاب حرام، ونكاح المسلمات من المشركين حرام. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن حماد قال: سألت سعيد بن جبير عن تزويج اليهودية والنصرانية؟ قال: لا بأس به.

فقلت: إنَّ اللَّه يقول: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221]، قال: أهل الأوثان والمجوس. "مسائل صالح" (630) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا سعيد، عن قتادة أن حذيفة بن اليمان وطلحة بن عبيد اللَّه والجارود بن المعلى وأذينة العبدي، تزوج كل واحد منهم امرأة من أهل الكتاب، فقال لهم عمر بن الخطاب: طلقوهن. فطلقوا كلهم إلا حذيفة، فقال له عمر: طلقها. قال: تشهد أنها حرام؟ قال: هي جمرة طلقها، هي جمرة طلقها. قال: تشهد أنها حرام؟ قال: هي جمرة. قال: لقد علمتُ أنها، ولكنها لي حلال، فأبى أن يطلقها. فلما كان بعد طلقها. فقيل له: ألا كنت طلقتها حين أمرك عمر؟ قال: لا، كرهت أن يظن الناس أني ركبت أمرًا لا ينبغي لي (¬1). "مسائل صالح" (741) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الصلت بن بهرام قال: تزوج حذيفة يهودية من أهل المدينة، فكتب إليه عمر: طلقها. فكتب إليه حذيفة: حرام تراها؟ قال: لا، ولكني خفت أن تتعاطوا المومسات منهن -يعني: الفواجر. "مسائل صالح" (742) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع، عن شعبة، عن الحكم، ¬

_ (¬1) ذكر الخلال في "أحكام أهل الملل" 1/ 243 (466) هذِه الرواية عن زهير بن صالح عن أبيه، به. ومن طريق يحيى حدثنا عبد الوهاب قال: حدثنا سعيد وزاد فيها: قال عبد الوهاب: إني أتيت ما لا يحل لي.

عن جار لحذيفة أن حذيفة تزوج يهودية، وعنده عربيتان. "مسائل صالح" (743) قال صالح: كان ابن عمر يقول: لا يتزوج الرجل من أهل الكتاب (¬1). "مسائل صالح" (1058) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن اليهودية والنصرانية تحت المسلم؟ قال: الحرائرُ لا بأس، وأما الإماء فلا. "مسائل أبي داود" (1072) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: الحرةُ اليهوديةُ هي عنده في القسم والنفقة بمنزلة المسلمة. "مسائل أبي دواد" (1073) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن قول اللَّه: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: الآية 221]؟ قال: مشركات العوب الذين يعبدون الأصنام. "مسائل ابن هانئ" (1062) قال حرب: قلتُ لأحمدَ: فلا يحل من نساء غير أهل الإسلام إلا اليهوديات والنصرانيات؟ قال: لا تعجبني المجوسيات. "مسائل حرب" ص 64 قال الخلال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي أنه قال لأبي عبد اللَّه: ترى للرجل المسلم أن يتزوج النصرانية أو اليهودية؟ قال: ما أحب أن يفعل ذلك. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 4603 (16159).

قلت: فإن فعل فقد فعل ذلك بعض أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلت: حذيفة تزوج مجوسية (¬1). قال: هذا أشنع. قلت له: فترى ذلك؟ قال: أما المجوسية فلا يعجبني. قلت له: لم؟ قال: لأنهم ليس لهم كتاب ولا طهارة. وقال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل في موضع آخر قال: حدثني أبي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: فترى التزويج في أهل الكتاب؟ قال: المسلمات أحب إليّ، ما تريد إلى ذلك، واللَّه قد وسع. قلت: فإن فعل؟ قال: لا بأس. قلت: فالمجوس؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنهن لا يحصن، ولا يطهرن من جنابة ولا وضوء. وقال: أخبرني عبد الملك قال: قال أبو عبد اللَّه: المجوسيّ لا تنكح له امرأة، ولا تؤكل له ذبيحة، ولا أعلم أحدًا قال بخلافه، إلَّا أن يكون صاحب بدعة. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 176 (12668)، وابن أبي شيبة 3/ 463 (16164)، والبيهقي 7/ 172 بنحوه.

وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن حديث ابن عون، عن محمد أن حذيفة تزوج مجوسيّة فأنكره وقال: الأخبار على خلافه. قلت لأبي عبد اللَّه: ثبت عندك؟ قال: لا. فقلت: إن أبا ثور يحتجّ بأنهم من أهل الكتاب؟ قال: وأي كتاب لهم؟ قلت: يحتج بقوله: "سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ؟ " (¬1). فقال: ما أختلف أحد في نكاح المجوس أو في ذبائحهم، قد أختلفوا في اليهود والنصارى. فأما المجوس فلم يختلفوا. وأنكر أبو عبد اللَّه نكاح المجوسيّات إنكارًا شديدًا، وضعف ما جاء فيه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام مالك ص 187، وعبد الرزاق 6/ 68 (10025)، وابن أبي شيبة 2/ 435 (10765)، والبزار في "مسنده" 3/ 264 - 265 (1056)، وقال: هذا الحديث قد رواه جماعة عن جعفر، عن أبيه، ولم يقولوا عن جده، وجده علي بن الحسين. والحديث مرسل، ولا نعلم أحدًا قال: عن جعفر عن أبيه إلا أبو علي الحنفي عن مالك. وأبو يعلى 2/ 168 (862)، والبيهقي 9/ 189 كلهم من حديث عبد الرحمن بن عوف قال ابن كثير في "تفسيره" 5/ 80: لم يثبت بهذا اللفظ. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/ 13: رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم. وقال الحافظ في "الفتح" 6/ 261: وهذا منقطع، مع ثقة رجاله، ورواه ابن المنذر والدارقطني في "الغرائب" من طريق أبي على الحنفي، عن مالك فزاد فيه عن جده، وهو منقطع أيضًا؛ لأن جده علي بن الحسين لم يلحق عبد الرحمن بن عوف ولا عمر. وضعفه الألباني في "الإرواء" (1248).

وقال: أخبرني محمد بن موسى ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدّثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه عن نكاح المجوسيّات؟ فذكر مسألة المروذي وزاد فقال: إنما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ". في الجزية، فأما في النكاح والذبائح فمن إمامه فيه؟ لقد تكلم الناس في صيد سمكهم فكرهوه فكيف بنكاح نسائهم وأكل ذبائحهم؟ ! هذا قول ما أدري ما هو. وقال: أخبرني محمد بن هارون أن إسحاق بن إبراهيم حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا فرج اللَّه عمن يقول بهذِه المقالة -يعني: نكاح المجوسيّات وأكل ذبائحهم. قلت: إنهم يحتجّون بحديث حذيفة أنه تزوج مجوسيّة؟ فقال: هذا رواه الداناج (¬1) وأبو وائل يقول: تزوج يهودية، كأنه يبطل أن تكون مجوسية، ثم قال: الداناج ثقة وأبو وائل. أوثق منه. وقال: أخبرنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن حديث حماد بن سلمة، عن يحيى بن عتيق، عن محمد أن فلانًا تزوج مجوسية؟ ¬

_ (¬1) هو عبد اللَّه بن فيروز الداناج بنون خفيفة وجيم البصري، وهو بالفارسية داناه، وهو العالم، قال الحافظ: ثقة من الخامسة، قال الذهبي: روى له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه. وقال البخاري: سمع أبا برزة وحصينا وروى عنه ابن أبي عروبة وحماد بن سلمة وعبد العزيز بن المختار انظر: "التاريخ الكبير" 5/ 167 (532)، "معرفة الثقات" 2/ 27 (874)، "الثقات" 5/ 39، "تهذيب الكمال" 15/ 437 (3485)، و"الكاشف" 1/ 585 (2912)، و"تقريب التهذيب" (3535).

فقال: هذا خطأ. ابن عتيق يخطئ، أليس في حديث الحسن بن محمد: لا تنكح نساؤهم ولا تؤكل ذبائحهم (¬1). "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 240 - 342 (454 - 460) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن حديث أبي إسحاق عن هبيرة بن بريم، عن طلحة أنه تزوج امرأة يهودية؟ فقال: سفيان يرويه أيضًا عن أبي إسحاق، عن هبيرة ابن بريم. ويقولون أيضًا: هبيرة عن عليّ أن طلحة تزوج يهودية. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 242 - 243 (464) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن نكاح اليهودية والنصرانية؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 69 (10028) وابن أبي شيبة 3/ 478 (16319)، والحارث في "مسنده" كما في "بغية الباحث" (673) والبيهقي 9/ 192 وقال: هذا مرسل وإجماع المسلمين عليه يؤكده ولا يصح ما روي عن حذيفة في نكاح مجوسية، والرواية في نصاري بني تغلب عن عمر وعلي -رضي اللَّه عنهما- ترد في موضعها إن شاء اللَّه. وقال عبد الحق في "الأحكام الوسطى" 3/ 130: هذا مرسل. وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 32 (684)، ولم يعرض لها بسوى الإرسال البادي. وقيس هو ابن الربيع والثوري معدود عند البخاري فيمن روى عنه وهو أيضًا مختلف فيه، وممن ساء حفظه بالقضاء كشريك. وابن أبي ليلى وهو فيه أعذر؛ لما أبرزه من الإسناد ولم يطو ذكره. اهـ. وقال الألباني في "الإرواء" 5/ 91 بعدما أورد كلام البيهقي: رجال إسناده ثقات.

وقال: أخبرنى عبد الملك أنه سأل أبا عبد اللَّه قيل: هل ينكح الرجل اليوم مع كثرة النساء في أهل الكتاب؟ فسمعته يقول: نعم، قد رخّص لنا في ذلك غير واحد من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد تزوج فيهم، ثم ذكر سليمان وحذيفة. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 244 (267 - 268) قال الخلال: أخبرنا صالح بن أحمد بن حنبل. وأخبرني حرب ومحمد بن يحيى الكحال سمعوا أبا عبد اللَّه قال: المجوس لا تنكح لهم امرأة. وقال: أخبرنا إسحاق بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثه. وأخبرنا ابن حازم قال: حدثنا إسحاق بن منصور. وأخبرني جعفر بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم. وأخبرني الحسين بن الحسن قال: حدثنا إبراهيم بن الحارث كلهم ذكر عن أبي عبد اللَّه قال: المجوس لا تنكح نساؤهم. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 244 (271 - 272) قال الخلال: أخبرني حمزة بن القاسم وعصمة بن عصام في آخرين قالوا: حدثنا حنبل -وبعضهم يزيد على بعض- قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في قول اللَّه عز وجل: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}. قال: مشركات العوب اللاتي يعبدن الأصنام. {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} [البقرة: 221]. قال: الكافر لا ينكح. قال حنبل: حديث قبيصة قال: حدثنا سفيان، عن حماد قال: سألت سعيد بن جبير عن تزوج اليهودية والنصرانية؟ قال: لا بأس به.

قلت: أليس قال اللَّه تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}؟ قال: مشركات العرب الذين يعبدون الأصنام. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 245 - 246 (474) قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه قال: قلت: فالرجل ينكح المشركة؟ قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَنْكِحُوا المُشْرِكَاتِ". قال: فأهل الأوثان يقال لهن: مشركات فلا يحل لنا نكاح أهل الأوثان. قال: وأهل الكتاب يقال لهم أيضًا: مشركون، إلا أن اللَّه عز وجل قد أحل لنا نكاحهم وذبائحهم. فإن سبى المسلمون من عبدة الأوثان ألهم أن يطئوهن؟ قال: لا إلّا أن يسلمن وإلَّا فهم مماليك ولا يوطأن. قلت: فهوازن أليس كانوا عبدة الأوثان؟ وفي غزوة أوطاس أليس كانوا عبدة الأوثان؟ قال: لا أدري كانوا أسلموا أم لا. قلت: في حديث أبي سعيد: فأردنا أن نطأهن (¬1). فقال: لا أدري لعلهم أسلموا. قال: أخبرني الحسين بن الحسن قال: حدثنا إبراهيم بن الحارث، سمع أبا عبد اللَّه يقول: لا بأس بنكاح نصارى بني تغلب. "أحكام أهل الملل" 1/ 246 (474 - 478) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 72، ومسلم (1456) بمعناه.

2232 - الزواج من أهل الكتاب في دار الحرب

2232 - الزواج من أهل الكتاب في دار الحرب قال إسحاق بن منصور: سُئل أحمد عن الأسير يتزوجُ وهو في أيدي الروم؟ قال: لا يتزوج. قيل: فإن خاف على نفسه؟ قال: لا يتزوج. "مسائل الكوسج" (1360) قال صالح: قلت: الرجل يدخل دار الحرب في تجارة، أله أن يتزوج من نسائهم؟ قال: هذا مكروه. "مسائل صالح" (316) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: الرجل يكون أسيرًا بأرض الروم يتزوج بها فيعزل عنها؟ قال: أكره العزل. ربما كان منه الولد، وأنا أكرهه أن يتزوج أو يتسرى من أجل ولده. "مسائل عبد اللَّه" (1261) 2233 - زواج المسلم بامرأتين أو أكثر من أهل الكتاب قال حرب: قلتُ لأحمد: المسلم يتزوج امرأتين من أهل الكتاب؟ قال: لا بأس بذلك، قد رُوي عن سعيد بن المسيب أنه قال: لا بأس أن يتزوج الرجل أربع نسوة من أهل الكتاب. "مسائل حرب" ص 102

قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قيل لأبي عبد اللَّه: فيجمع بين امرأتين من أهل الكتاب؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا يعقوب بن بختان قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن المسلم يتزوج امرأتين من أهل الكتاب (¬1) "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 247 (479 - 480) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثنا عبدة بن سليمان، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، وسعيد بن المسيب قالا: يتزوج الرجل من أهل الكتاب أربعًا. قيل لأبي عبد اللَّه: رواه غير عبدة؟ قال: رواه الكوفيون، وأما في كتاب عبدة عن سعيد فعن الحسن وحده. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن الرجل يتزوج المرأتين من أهل الكتاب؟ قال: لا بأس به. قلت: فثلاث؟ قال: وثلاث. قلت: فأربع؟ قال: وأربع، قال سعيد بن المسيب: لا بأس يتزوج أربعًا من أهل الكتاب. ¬

_ (¬1) قال المحقق: هكذا بدون إجابة الإمام.

2234 - مجوسي تزوج امرأة من أهل الكتاب

قلت: من ذكره عن سعيد بن المسيب؟ قال: قتادة. قلت: من ذكره عن قتادة؟ قال: ابن أبي عروبة. قلت: من ذكره عن ابن أبي عروبة؟ فحدثني عن عبدة بن سليمان والخفاف جميعًا، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب قال: لا بأس أن يتزوج أربعًا من أهل الكتاب. "أحكام أهل الملل" 1/ 247 - 248 (482 - 483) 2234 - مجوسيّ تزوج امرأة من أهل الكتاب قال الخلال: قرأت على زهير بن صالح بن أحمد بن حنبل، قلت: حدثكم مهنا قال: سألتُ أحمد عن مجوسيّ تزوج نصرانية؟ قال: ينبغي للسلطان أن يحول بينه وبين ذلك. قلت: لِمَ؟ قال: لأن هذا فيه فساد؛ لأنه قد حلّ لنا ذبائح النصارى، ولم تحلّ لنا ذبائح المجوس. وقال: أخبرنا محمد بن علي، قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن مجوسيّ تزوج نصرانية؟ قال: يحال بينه وبين ذلك. قلت: من يحول بينه وبين ذاك؟ قال: الإمام. "أحكام أهل الملل" 2/ 475 (1161: 1162)

2235 - زواج المسلمة من غير المسلم

2235 - زواج المسلمة من غير المسلم قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل له أمة مسلمة، وعبدٌ نصراني يُزوج أحدهما الآخر؟ قال: لا، لا يعلو مشركٌ مسلمةً. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (1038) قال يعقوب بن أخي معروف الكرخي: قلت لأبي عبد اللَّه: عندنا رجل يهودي قد أسلم، وله ابنة زوجها من يهودي، وقد اجتمع اليهود واجتمع المسلمون على أن يتحاكموا، وقد اجتمعوا ورضوا بأن يسألوك: هل يجوز أن يزَّوجها يهودي أم لا؟ قال أبو عبد اللَّه: يفرق بينهما، هي مسلمة. "طبقات الحنابلة" 2/ 561 2236 - أنكحة المشركين، هل يقر بها إذا أسلموا؟ قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن يهودي أو نصراني أو مجوسيّ تزوج بغير شهود؟ قال: هو كذلك، يقرون على ما أسلموا عليه. قلت: فإن تزوج امرأة في عدّتها فأسلما أيقران على ذلك؟ قال: نعم يقران على ذلك. يعني: اليهودي والنصراني -إذا تزوج امرأة في عدتها، ثم أسلما جميعًا. قال: يقران على نكاحهما.

قلت لأحمد: بلغك في هذا شيء؟ قال: نعم، حدثني يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: بلغك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أقرّ أهل الجاهلية على ما أسلموا عليه؟ قال: ما بلغنا إلَّا ذاك. قال أحمد: وابن جريح يرويه أيضًا عن عمرو بن شعيب في قصة أخرى من قول عطاء. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنّا قال: سألت أحمد عن يهودي أو نصراني تزوج يهودية أو نصرانية بغير شهود ثم أسلما؟ قال: هما على نكاحهما. قال: وسألت أحمد عن حربي تزوج حربية بغير شهود، ثم أسلما، أيقران على نكاحهما؟ قال: نعم، يقران على ما أسلما عليه، من أسلم على شيء أُقر عليه. قلت لأحمد: حربي تزوج بغير شهود ثم أسلما؟ قال: هما على نكاحهما. قلت لأحمد: حربي تزوج حربية في عدتها من طلاق أو وفاة بغير شهود ثم أسلما؟ قال: هما على نكاحهما. قال: من أسلم على شيء فهو عليه. سألت أحمد قلت: ذكروا عن مالك وسفيان وابن أبي ذئب أنهم قالوا: هم على نكاحهم. فهل يعرف هذا من قولهم؟ قال: لا أعرفه من قولهم.

ثم قال أحمد: ينبغي أن يكون هذا من متاع الواقدي. وقال: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن المشركين إذا أسلما؟ فرأى أن يقرا على نكاحهما. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى أن أبا طالب حدثهم أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: إذا أسلم اليهودي وامرأته فهما على نكاحهما، قد أسلم أهل الجاهلية فلم يهاجوا وأُقروا على ما نكحوا عليه، إن كان نكاح على خمر أو نكاح ينكح عليه فهو جائز لم يفرق بينهما، إلَّا ما كان من نكاح لا يجوز في الإسلام، يكون تزوج أخته، ابنته، أُمه يفرق بينهما، وإذا تزوج امرأة وابنتها يفرق بينهما؛ قد حَرُمَتا عليه. وإن كانتا أختين فرّق بينه وبين واحدة. وإن كانوا أكثر من أربع أمسك أربعًا، وفرّق بينه وبين البواقي. وما كان غير ذلك في النكاح فهو جائز، مثل ما جاز لمن أسلم من الجاهلية، ولم يهج أحد، وأقروهم على نكاحهم. وقال: أخبرني حرب أنه قال لأبي عبد اللَّه: مجوسيان أسلما؟ قال: لا بأس أن يقرَّا على نكاحهما. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى قالا: حدثنا أبو طالب أنه سمع أبا عبد اللَّه يُسأل عن المجوسيَّين يسلمان جميعًا الرجل والمرأة؟ قال: هما على نكاحهما إذا أسلما جميعًا، كل من أسلم كان على نكاحه. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 235 - 237 (442 - 447)

2237 - حكم نكاح أهل الشرك إذا أسلم أحدهما

وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في المجوس: إذا أسلموا يقرّوا على نكاحهم، وإن كان له ولد من ابنته لحق به، أو من أمّه لحق به، ويفرّق بينه وبين أمّه وابنته إذا كانت تحته؛ لأنه فرج حرام ولا يحل في الإسلام. فإن تزوج على خمر أو خنزير فإن نكاحه جائز؛ لأنه قد أسلم المسلمون فأقرّوا على نكاح الجاهلية. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 451 (238) 2237 - حكم نكاح أهل الشرك إذا أسلم أحدهما قال إسحاق بن منصور: قلت: النصرانية تسلمُ وهي تحت نصراني؟ قال: يفرقُ بينهما. قلت: إذا أسلم زوجها وهي في العدة؟ قال: فهو أحقُّ بها. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1065) قال إسحاق بن منصور: قال: وأمَّا المجوسيةُ إذا أسلمت ولم يسلم المجوسي، فتزوجها مسلمٌ بأمر وليها يجوز ذلك، ولم يفرق بينهما حاكمٌ، فإن كان ذلك في العدة فنكاحها باطلٌ، فإذا انقضت العدةُ ولم يمسلم المجوسي فقد أنقضى ما بينهما، فإن شاء أن يتزوجها نكاحًا صحيحًا بولي وشهود. فإن كان الزوجُ غائبًا فلم يعلم بإسلامها تربص حتى يعلم ذلك؛ لأنه ربما أسلم طمعًا فيها، فإذا كان ذلك وهي في العدة فهما على نكاحهما لا يحتاجان إلى تجديد نكاحٍ.

قال إسحاق: وأمَّا المجوسي الذي تزوج بمجوسيةٍ وكانت عنده خمسة أشهرٍ، فأسلمت ثم تزوجها مسلمٌ فولدت ولدًا لتمام تسعة أشهرٍ من يوم بنى بها المجوسي فادَّعى المجوسي أنَّ الولد ولده، وادَّعى المسلمُ ذلك، فإنَّ الولد ولدُ المجوسي، وهو مسلمٌ لإسلام أمه. وذلك؛ لأنَّه يعلمُ أنَّ المرأة لا تلد لأربعة أشهر، فإنما مكثت عند المسلم أربعة أشهرٍ فدعواه باطلة، ودعوى المجوسي أولى؛ لما أستيقنا أن الحبل كان وهي في ملكه، وقد صيرناه مسلمًا لحال أمِّه، والولد أبدًا بين الزوجين يُلحقُ بالمسلم، مضت السنة في ذلك من عمر بن الخطاب رحمه اللَّه وعمر بن عبد العزيز -رضي اللَّه عنهما-، وكذلك ذكر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في قصة رافع بن سنان حيث أسلم، وأبت امرأته أن تسلم (¬1). "مسائل الكوسج" (1066) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: إذا كانا مشركين لهما عهدٌ فأسلما؛ فهما على نكاحهما. قال سفيان: فأيهما أسلم قبل صاحبه عرض عليه الإسلام، فإن أبى فرق بينهما، إن أسلم بعد ذلك فلا شيء إلا بنكاح جديدٍ. قال أحمد: لا، هو أحقُّ بها إذا أسلم في عدتها. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1201) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 446، وأبو داود (2244)، والنسائي في "الكبرى" (6385)، والطحاوي في "شرح المشكل" 8/ 101 (3090)، والدارقطني 4/ 43 - 44، والبيهقي 8/ 3، والحاكم 2/ 206، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1941).

قال إسحاق بن منصور: قلت: النصرانية تُسلم وهي تحت النصراني؟ قال: يفرَّق بينهما. "مسائل الكوسج" (1297) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا أسلم زوجها وهي في العدَّة فهو أحقُّ بها؟ قال إسحاق: نعم. "مسائل الكوسج" (1298) قال إسحاق بن منصور: سُئل إسحاق عن المرأة إذا أسلمت، ثم أسلم زوجها في العدَّة أو بعد انقضاء العدَّة؟ قال: كلما كانت في العدَّة فهو أحق بها بلا تجديد نكاحٍ، فإذا انقضت عدتها فهو خاطبٌ إن شاء، وكذلك المرتدة لا تبين من زوجها أبدًا إلا أن يعرض عليها الإسلام، فتأبى، فتقتل، أو تنقضي عدتها قبل أن تُسلم فإنَّها تبين حينئذٍ من الزوجِ. "مسائل الكوسج" (1361) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن المجوسي تسلم أخته، يحالُ بينهما؟ قال: إذا خافوا عليه أن يأتيها نعم. "مسائل أبي داود" (1088) قال أبو داود: سمعتُ أحمد قيل له: يهوديٌّ كانت تحته يهوديةٌ فأسلمت؟ قال: يفرق بينهما. قيل لأحمد: لم يكن من يفرق بينهما فاعتزلته وانقضت عدتها، أتزوج؟ قال: فيه اختلافٌ. "مسائل أبي داود" (1204)

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: المشركين إذا أسلم أحدهما قبل الآخر؟ قال: إذا أسلمت المرأة ثم أسلم الزوج وهي في العدة فهي امرأته. "مسائل ابن هانئ" (1056) قال حرب: سألت أحمد قلت: امرأة تسلم قبل زوجها في دار الإسلام؟ فقال: اختلف الناس في ذلك. قِيل: فلا تقف منه على شيء؟ قال: هذِه مسألة مشتبكة. قال قوم: إن أسلم زوجها قبل أن تنقضي عدتها رجعت إليه. وقال قوم قد انقطع الذي بينهما. ولم يقف منهما شيء. وقال: في امرأة المرتد نحو ذلك. وسُئلَ أحمد مرة أخرى عن المرأة تسلم قبل زوجها، والرجل يسلم قبل امرأته؟ قال: اختلف الناس في هذاء ولم يجب فيه، وقال مرة: هذِه مسألة مشتبكة. حدثنا أحمد قال: حدثنا عباد قال: حدثنا خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: إذا أسلمت اليهودية والنصرانية قبل زوجها فهي أملك بنفسها (¬1). "مسائل حرب" ص 253 قال حرب: قيل لأحمد: فتسلم المرأة، ثم يسلم الرجل وهي في العدة، أو قبل أن تزوج، أو ما اختلف الناس فيه ما تختار من هذا؟ قال: لا أدري. "مسائل حرب" ص 254 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 83 (10080)، وابن أبي شيبة 4/ 109 (18291).

قال حرب: سألت إسحاق، عن امرأة من أهل الذمة أسلمت قبل زوجها؟ قال: إن أسلمت قبل زوجها ثم أسلم الزوج في العدة فإنه يراجعها، وإن كان بعد انقضاء العدة لم يراجعها. "مسائل حرب" ص 255 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المرأة إذا خرجت من بلاد الروم مسلمة؟ فقال: من الناس من يقول: زوجها أحق بها ما كانت في العدة، ومن الناس من يقول: إذا خرجت فقد انقطع ما بينهما وهي أحق بنفسها، ومن الناس من يحتج بحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه رد ابنته على أبي العاص، فروى محمد بن إسحاق عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ردها بالنكاح الأول (¬1). قال بعضهم: بعد سنتين، وقال بعضهم: بعد ست سنين لم يحدث صداقًا. سمعت أبي يقول: روى حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ردها عليه بنكاح جديد (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 217، وأبو داود (2240)، والترمذي (1143) وابن ماجه (2009). قال الترمذي: هذا حديث ليس بإسناده بأس، ولكن لا نعرف وجه هذا الحديث. ولعله قد جاء هذا من قبل داود بن حصين من قبل حفظه. قال الدارقطني 3/ 253: والصواب حديث ابن عباس. وقال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 3/ 153 - 154: وقال البخاري: حديث ابن عباس أصح في هذا الباب من حديث عمرو بن شعيب. وصححه كذلك الألباني في "صحيح أبي داود" (1938)، وانظر: "الإرواء" (1921). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 207، والترمذي (1142) وابن ماجه (2010) والدارقطني 3/ 253. قال الترمذي: هذا حديث في إسناده مقال.=

قال أبي: أتهيب الجواب فيها. "مسائل عبد اللَّه" (1216) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن نصراني أسلمت امرأته؟ قال: يُعرض على زوجها الإسلام، إن أسلم وإلا فرق بينهما (¬1). قلت لأبي: فإن أسلم؟ قال: هي امرأته، إلا أن يكون قد فرق بينهما، فإن كان فرق بينهما، ثم أسلم بعد الفرقة فهو أحق بها، ما كانت في العدة. "مسائل عبد اللَّه" (1220) قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى قالا: حدثنا أبو طالب أنه قال لأبي عبد اللَّه: فإن أسلم الرجل تكون فرقة؟ قال: لا. قال: تكون امرأته؟ قال: نعم. قال: مالك يقول: إذا أسلم وقعت الفرقة. قال اللَّه: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]. وعرض عليها الإسلام فلم تسلم؟ ¬

_ = وقال الدارقطني: هذا لا يثبت وحجاج لا يحتج به، والصواب حديث ابن عباس. وذكره الألباني في "الإرواء" (1922) وقال: منكر. (¬1) ذكر الخلال في "أحكام أهل الملل" 1/ 273 (548) هذِه الرواية وزاد عليها: قال: وحدثني أبي قال: حدثنا محمد بن يزيد، عن منصور، عن الحسن وعمر بن عبد العزيز قالا: إذا أسلمت المرأة النصرانية واليهودية عرض على زوجها الإسلام، فإن أسلم فهي امرأته، وإلَّا فرّق بينهما.

قال: ليس هذا بشيء، الرجل يتزوج اليهودية والنصرانية، وحذيفة تزوج يهودية وغير واحد من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تزوج يهودية (¬1). وقال: أخبرني عبد الملك أنه سأل أبا عبد اللَّه: هل بلغك أن أحدًا قال في الزوجين من أهل الكتاب إذا أسلم الرجل قبل المرأة شيئًا؟ قال: لا. ثم قال: لا أعلمه. وقال: أخبرني عبد الملك في موضع آخر قال: قال أبو عبد اللَّه: لم يختلف الناس أن الرجل إذا أسلم أنه على نكاحه، إنما تكلموا في المرأة تسلم قبله. وقال: أخبرني عبد الملك في موضع آخر قال: قال أبو عبد اللَّه: لم يختلف الناس أن الرجل إذا أسلم أنه على نكاحه؛ لأن لنا أن ننكح فيهم. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 257 - 258 (509 - 512) قال الخلال: أخبرني الحسن بن الهيثم أن محمد بن موسى بن مشيش حدثهم قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن رجل يهودي وتحته يهودية أسلم الزوج؟ قال: هذا تكون امرأته. قيل له: فإن أبت؟ قال: يضرب رأسها. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 258 (514) قال الخلال: أخبرني عبد الملك أن أبا عبد اللَّه قال: قد اختلف الناس إذا أسلمت هي. وذكر اختلافهم قال: وعلي يقول ما نقول (¬2)، وعمر ¬

_ (¬1) روى هذِه الآثار عبد الرزاق 7/ 176، وابن أبي شيبة 3/ 463 والبيهقي 7/ 172. (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 84 (10084)، وابن أبي شيبة 4/ 110 (18301).

يجيز (¬1)، وقتادة وأيوب وذكر آخر بسند يرويه إلى عمر رحمه اللَّه. وذكر عمرو بن سلمة عن عمر، والناس يتأولون في هذا تأويلًا. وذكر أبو عبد اللَّه من قال: ما دامت في العدة منه أنه أحقّ بها. وقال: أخبرني الحسن بن الهيثم أن محمد بن موسى حدثهم، عن أبي عبد اللَّه في هذِه المسألة أنه قيل له: ما تقول؟ قال: أخبرك أني أقف عندها، من الناس من يقول: إن أسلم ما دامت في العدة. ومنهم من يقول: تطليقة ثانية. وقال: أخبرني أحمد بن محمد البرتي القاضي قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن الزوجين من أهل الكتاب إذا أسلمت المرأة؟ فقال: فيه اختلاف، وقد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه ردّ ابنته بالنكاح الأول. فقلت له: أليس يروى عنه أنه ردّها بنكاح مستأنف؟ قال: ليس لذلك أصل، وقد روي عن عمر رحمه اللَّه أنه قال: ولم يكن منه غير هذا. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 259 - 260 (516 - 518) قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه قال: حدثني أبي قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق قال: حدثني داود بن الحصين عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رد ابنته على أبي العاص وكان إسلامها قبل إسلامه بست سنين على النكاح الأول، ولم يُحدث شهادة ولا صداقًا. وقال أخبرنا عبد اللَّه قال: حدثني أبي قال: حدثني وكيع قال: حدثنا ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 84 (10083)، وابن أبي شيبة 4/ 110 (18303).

إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رجلًا جاء مسلمًا على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم جاءت امرأته مسلمة بعده فقال: يا رسول اللَّه، إنها كانت أسلمت معي. فردّها عليه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: روى حجاج (¬2) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ردها بنكاح جديد. قال أبي: أتهيب الجواب فيها. وقال الشعبي في قصة زينب وأبي العاص: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يجدد نكاحها تركهما على نكاحهما. وروى عمرو عن حسن بن محمد أن زينب حلته من الوثاق، وقال: أسر يوم بدر. قال أبي: فهذا يدل على أنها كانت زوجته، ولم يحدث لها نكاحًا. وسمعت أبي يقول: حدثنا يزيد بن هرون قال: أخبرنا حجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ردَّ ابنته على أبي العاص بمهر جديد، ونكاح جديد. وسمعت أبي يقول: قرأت في بعض الكتب عن حجاج -يعني: ابن أرطاه- قال: حدثني محمد بن عبد اللَّه العزرمي (¬3) عن عمرو بن شعيب ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 232، وأبو داود (2238)، والترمذي (1144) وابن ماجه (2008). قال الترمذي: هذا حديث صحيح. وضعفه الألباني في "الإرواء" (1918) وقال: وهذا إسناد ضعيف مداره على سماك عن عكرمة، وهو سماك بن حرب الذهلي، قال الحافظ: صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة. اهـ. (¬2) انظر: "مسائل عبد اللَّه" (1216). (¬3) كذا بالمطبوع والصواب محمد بن عبيد اللَّه العرزمي انظر: "العلل" رواية عبد اللَّه (539).

عن أبيه عن جده. قال أبي: ومحمد بن عبد اللَّه العزرمي ممن ترك الناس حديثه. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 261 (520 - 521) قال الخلال: أخبرني محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو الحارث أنه قال لأبي عبد اللَّه: فإن خرجت من دار الحرب مسلمة؟ قال: من الناس من يقول: زوجها أحق بها ما كانت في العدة، ومن الناس من يقول: إذا خرجت فقد انقطع ما بينهما وهي أحق بنفسها، ومنهم من يقول زوجها أحق بها يحتج بحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه ردّ ابنته على أبي العاص بالنكاح الأول ولم يحدث شيئًا. وروي عن عكرمة، عن ابن عباس أنه ردّها بالنكاح الأول (¬1). ويقال: ردّها بعد سنتين، وروى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه أنه ردّها بنكاح جديد (¬2). قلت له: فما تقول أنت فيها؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 217، وأبو داود (2240)، والترمذي (1143)، وابن ماجه (2009). قال الترمذي: هذا حديث ليس بإسناده بأس، ولكن لا نعرف وجه هذا الحديث، ولعله قد جاء هذا من قبل داود بن حصين من قبل حفظه. قال الدارقطني 3/ 253: والصواب حديث ابن عباس. وقال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 3/ 153 - 154: وقال البخاري: حديث ابن عباس أصح في هذا الباب من حديث عمرو بن شعيب. وصححه كذلك الألباني في "صحيح أبي داود" (1938). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 207، والترمذي (1142)، وابن ماجه (2010) والدارقطني 3/ 253. قال الترمذي: هذا حديث في إسناده مقال. وقال الدارقطني: هذا لا يثبت، وحجاج لا يحتج به. وذكره الألباني في "الإرواء" (1922) وقال: منكر.

قال: أتهيب الجواب؛ لكثرة الاختلاف فيها. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق قال: حدثني يحيى بن عباد بن عبد اللَّه بن الزبير، عن أبيه عباد، عن عائشة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قالت: لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب ابنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في فداء أبي العاص بن الربيع بمال، وبعثت فيه بقلادة لها كانت خديجة -رضي اللَّه عنها- أدخلتها فيها على أبي العاص، فلما رآها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رقّ لها رقّة شديدة وقال: "إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الذِي لَهَا فَافْعَلُوا". فقالوا: نعم يا رسول اللَّه. فأطلقوه وردّوا عليها الذي لها (¬1). وقال: أخبرني موسى بن حمدون قال: حدثنا حنبل قال: حدثنا أبو عبد اللَّه، [حدثني وكيع] (¬2) عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: أسلمت امرأة في عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فتزوجت فجاء زوجها الأول إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه إني أسلمت، وعلمت بإسلامي، فنزعها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من زوجها الأخير، وردّها على زوجها الأول. قال حنبل: قال أبو عبد اللَّه: ليس كل الناس يسنده. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: حدثني أحمد قال: حدثني وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن رجلًا تزوج امرأة من قريش من سبي كندة، فجاء زوجها الأول فردّها عليه أبو بكر. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 276، وأبو داود (2682) وصححه ابن الجارود في "المنتقى" (1090) والحاكم 3/ 23، وحسن إسناده الألباني في "صحيح أبي داود" (2411). (¬2) ليست في المطبوع، والمثبت من "المسند" 1/ 232.

قال أحمد: قوم ارتدوا في إمرة أبي بكر، وهاب الحديث. وقال: أخبرني محمد بن عبيد اللَّه بن إبراهيم أن أباه حدثه قال: حدثني أحمد بن القاسم. وأخبرني زكريا بن الفرج، عن أحمد بن القاسم أن أبا عبد اللَّه قال في أمر زينب بنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين ردها فقال: ما أدري ردّها بالنكاح الأول أم بنكاح جديد (¬1)؛ لأن الأحاديث مضطربة عندي. قال: والذي أرى أن الزوجين على نكاحهما ما دامت المرأة في العدة. ولم أره رضي هذا القول. قال: فيه اشتباه، ثم قال: وكان الشافعي رحمه اللَّه يحتجّ على أصحاب أبي حنيفة بما يقولون هم في المرأة، فإذا أسلمت وهي في دار الحرب (ففيه) (¬2) قال: هم يقولون: إنها على النكاح ما دامت في العدة، فإذا أسلم فهي امرأته. قال: وكذلك أقول أنا أيضا أنها إذا أسلمت ههنا فهما على نكاحهما ما دامت في العدة، لا يفرق بينهما. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 236 - 265 (523 - 527) قال الخلال: أخبرني محمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: إذا أسلمت امرأة النصراني عُرض على زوجها الإسلام، فإن أسلم فهي امرأته، وإلَّا فرّق بينهما وهي في العدة بعد. قال: هو أحق بها ما كانت في العدة. "أحكام أهل الملل" للخلال 11/ 266 - 267 (530) ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) كذا في "أحكام أهل الملل" للخلال، وعلق عليها محققها وقال: وهي غير واضحة وربما فيه سقط كلمة (خلاف).

قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: اليهودي والنصراني إذا أسلمت امرأته ولم يسلم أنه أحق بها ما دامت في العدة. قال: إذا أسلم وهي في العدة فهو أحق. وقال: أخبرنا منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: إذا أسلمت اليهودية والنصرانية؟ قال: يعرض على زوجها الإسلام. قلت: فإن أسلم وهي في العدة؟ فرأى أنه أحق بها. وقال: أخبرني محمد الوراق أن محمد بن حاتم بن نعيم حدثهم قال: حدثنا علي بن سعيد قال: سألت أحمد عن اليهودي والنصراني والمشرك تسلم امرأته؟ قال: هو أحق بها ما دامت في العدة إذا أسلم. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 267 (532 - 534) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا يعقوب بن بختان قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن النصرانية إذا أسلمت؟ قال: إن أسلم وهي في العدة فهو أحق بها. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 268 (536) قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه وسأله عن المرأة تسلم ثم يسلم الرجل؟ قال: هو أحق بها ما دامت في العدة، وهو قول الزهري وقول مالك ابن أنس.

وأما أصحاب أبي حنيفة فيقولون: إذا أسلمت انقطعت العصمة، وإن ارتدت أو ارتدّ هو انقطعت العصمة. لا يذهبون إلى العدة. وقال: أخبرنا عصمة بن عصام قال: حدثنا ابن أبي الزناد، عن عمر ابن عبد العزيز أنه قال: إذا أسلمت اليهودية عند النصراني واليهودي فرّق بينما، وأنه كان يكتب إلى عماله: أن لا يملك كافر مسلمًا، يهودي ولا نصراني. قال حنبل وسألت أبا عبد اللَّه عن ذلك فقال: نملكهم ولا يملكوننا، الإسلام يعلو ولا يعلى. إذا أسلمت النصرانية واليهودية أو غيرهما، كان أمرها على وقف ما دامت في العدة، فإن أسلم وإلا فسخ الإسلام ما بينهما. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الذميّة تسلم ولها زوج؟ قال: إن أسلم وإلَّا فرق بينهما. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 268 - 269 (539 - 541) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح أنه سأل أباه عن نصرانية أسلمت ولها زوج؟ فقال: يراد على الإسلام، فإن أبى فرّق بينهما. وقال: أخبرني الميموني قال: قرأت على أبي عبد اللَّه: المرأة تسلم قبل زوجها، والزوج يسلم قبل امرأته؟ قال: المعنى واحد، إن أسلم أحدهما قبل الآخر فهما على نكاحهما ما لم تنقض عدتها. ثم قال لي: مسألة أخبرك، فيها اختلاف من الناس كثير، والموثوقون يختلفون فيها.

ثم قال لي: والآثار فيها ما قد علمت. وذكر غير واحد ممن يروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك: الزهري يقول في بعض ما روي: وإن كان بينهما عشرون سنة كانا على نكاحهما. قلت: فما تقول؟ قال: هي مسألة قد عرفت الآثار فيها. قلت: فالأمر عندك واحد، أيهما أسلم قبل؟ قال: نعم، أرجو أن يكون ذا قريبًا. ثم قال لي: قد يهاجر قبلها تبقى في دار الشرك وتدخل معه. قال أبو بكر الخلال: لم يحكها عنه إلَّا الميموني. قوله: الأمر عندك واحد أيهما أسلم قبل صاحبه؟ فقال: أرجو أن يكون قريبًا. وهذا معنى أن ترجع إليه قبل انقضاء العدة، على ما روى عنه القول الأول. وهذا أيضًا كله من أبي عبد اللَّه وقف توقفه عن المسألة إلى أن يتبين له الأمر فيها. وقال: وقد أخبرني الميموني في موضع آخر قال: قلت لأبي عبد اللَّه: ما تقول في المرأة تسلم يفرق بينهما في المضاجع أو تدعهما على نكاحهما ما لم تنقض عدتها؟ فقال: أخبرك، فيها اختلاف بين الناس: ابن عباس يقول: يفرق بينهما (¬1). قلت: يئول قوله إلى أن يفرّق بينهما تفريقًا لا يجتمعان فيه؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 83 (10080).

قال: نعم، وعمر رحمه اللَّه عنه اختلاف فيه؛ مرة يقول: يفرق بينهما (¬1). ويروى عنه غيره، أراد به وإلَّا فرّق بينهما. وعلي رحمه اللَّه يقول: لا يفرق بينهما (¬2). وهذا فيه عجب من القول، وابن المسيب يروي عنه والشعبي جميعًا يرويان عنه. قلتُ: إلى أي شيء تذهب؟ قال: إلى قول ابن عباس؛ أفرق بينهما. قلت: تفريقًا في المضاجع ما لم تنقض العدة، أو يفرق في النكاح بتة؟ قال: تفريق في النكاح بتة إلى قول ابن عباس أذهب، هو أشبه بأحكام الإسلام، وهما الساعة لا يتوارثان، تحبس وهي مسلمة على مشرك؟ ! وقد كنت قلت له حين حكى عن عليّ رحمه اللَّه ما حكى: أعلم أن عليًّا إنما أتبع بهذا السنة الماضية. قال لي: لم يختلف الناس أن الرجل إذا أسلم أنه على نكاحه؛ لأن لنا أن ننكح فيهم. إنما يكون في المرأة تسلم. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه: تذهب إلى حديث ابن عباس لا يعلو النصراني المسلمة؟ (¬3). قال: نعم. قلت: فإن فرق بينهما ثم أسلم وهي في العدة هي امرأته أو يستأنف النكاح؟ قال: ليستأنف. قلت: ما أدري كيف ذاك، ما أراه يصح، يختلفون فيه. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 83 (10083). (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 84 (10084). (¬3) رواه عبد الرزاق 6/ 83 (10080).

قال أبو بكر الخلال: قد أخرجت اختلافا في هذا الباب وأشبعته وبينته بيانًا شافيًا، نظرت فيه وتدبرته فرأيت: أبا عبد اللَّه وهو يحتجّ في هذا أن امرأة المرتدّ ومن لحق بدار الحرب والمرأة تخرج قبل زوجها والزوج يخرج قبل امرأته، والزوجين من أهل الكتاب المقيمين حكمهم واحد، إذا أسلمت المرأة قبل الرجل؛ منهم من قال: من أسلم في العدة فهو أحق بها. ومنهم من قال: إسلامها فرقة لا يجتمعان. وقد احتجّ أبو عبد اللَّه بهؤلاء وهؤلاء وتوقف توقفًا شديدًا بعد الاحتجاج إلى حديث ابن عباس أنهما لا يجتمعان إذا أسلمت، وأنه تفريق البتة، وأنه عنده أشبه بأحكام الإسلام. قال أبو طالب -في مسألة: لا يجتمعان إلّا بتجديد نكاح وهو عندي أحوط الأقاويل، وأشبه عندي باختيار أبي عبد اللَّه؛ لأنه قد عرض تلك المذاهب واحتجّ لها وعليها، ورويت عنه ثم قال بهذا القول. وروى عنه الذين رووا ذلك الاحتجاج، وذلك اختلاف وبه أقول وباللَّه التوفيق: إذا أسلمت كانت أحق بنفسها، وأنه لا يكون له عليها سبيل في العدة إلَّا بتجديد النكاح، وفراقه أيامًا فراق بغير طلاق. وقد روى ابن حازم عن إسحاق بن منصور (¬1) أن أبا عبد اللَّه وإسحاق ابن راهويه جميعًا قالا: إذا أسلمت فهي أحق بنفسها وإن أسلم زوجها. وكذلك قال أيضًا حنبل وصالح والمروذي عنه: إن إسلامهما فراق ما بينهما. ¬

_ (¬1) انظر: "مسائل الكوسج" (1072).

فعلى هذا استقرّت الروايات عن أبي عبد اللَّه، وقد ذكرت حديث ابن عباس، ومن قال بقوله من التابعين، وذكرت قول عمر (¬1) وعلي -رضي اللَّه عنهما- (¬2)، والحجة على من يتقلد هذا الباب أو غيره من الفقهاء إلَّا على ما يرجع فيه إلى ما يذهب إليه أحمد بن حنبل إمام المسلمين في زمانه من قول الصحابة والتابعين إذا اختلفوا، ورويت المشكلات عن فقهاء الأمصار ومن قبلهم، إلى أن بلغ الرجل إلى التابعين كيف العمل في الاختيار، إذا اختلفوا أجمعين. وقال: أخبرني موسى بن سهل قال: حدثنا محمد بن أحمد الأسدي قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب عن إسماعيل الشالنجي قال: سألت أحمد عن العنين؟ قال: فرقةٌ بغير طلاق. قلت: وكذلك المرأة تسلم ويأبى زوجها الإسلام؟ قال: نعم. وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: قال أبو عبد اللَّه: وإسلامه فراق ما بينهما. "أحكام أهل الملل" 1/ 269 - 273 (543 - 547) قال الخلال: قرأت على عليِّ بن الحسن بن سليمان، عن مهنا قال: سألت أحمد عن حديث سعيد بن جبير في النصرانية تسلم؟ فقال: حديث عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 84 (10083). (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 84 (10084).

قلت: نعم. فقال: قال يحيى بن سعيد القطان: سألت عنه ابن شبرمة، وكان يرويه عن عمرو بن مرة عن سعيد، فلم يعرفه. ثم قال لي أحمد بن حنبل: حدثني جريج بن عبد اللَّه، عن المغيرة، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير في النصرانية تسلم تحت النصراني فقال: تنزع من النصراني إذا أسلمت. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن النصرانية تسلم وهي تحت النصراني ويأبى هو أن يسلم؟ فقال: كان إبراهيم يقول فيه -يعني: تقرّ معه- فقلت له أنا: قد قال عليٌّ أيضًا. وذكر حديث شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عليٍّ -رضي اللَّه عنه- في النصراني تسلم امرأته؟ فقال: نعم معه (¬1). قلت أنا: أليس هذا منكرًا يا أبا عبد اللَّه؟ فقال لي أحمد بن حنبل: لا تقل: منكرًا. فقلت: كيف تقول أنت؟ قال: لا يعجبني أن يعمل به، لكن لا أقول: منكر. قال أبو بكر: وقد تكلم أبو عبد اللَّه في المجوسية تسلم قبل زوجها، فذكر الاحتجاج بحديث أبي العاص على من تكلم في هذا الكتاب، إن تكلم هو وغيره في الرجوع بعد العدة، ثم رجع إلى أنها أملك بنفسها، فتكلم في المجوسية بنحو ذلك، وهو لا يرى أن ترجع إليه المجوسية على قول من قال: بعد العدة وغيرها في أهل الكتاب، لا ترجع إلى هذا البتة. ¬

_ (¬1) رواه بنحوه ابن أبي شيبة 4/ 110 (18302).

2238 - إذا ارتد أحد الزوجين ثم تابا

وقال: أخبرني حرب قال: سألت أحمد قلت: امرأة مجوسيّة أسلمت، ثم أسلم الزوج بعدها بيوم أو بيومين أو نحو ذلك؟ فقال: أما المجوسيّة فلا يعجبني أن ترجع إليه. أو قال: لا أدري؛ لأن المجوس ليس عندي مثل أهل الكتاب اليهود والنصارى؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد ردّ ابنته على أبي العاص. "أحكام أهل الملل" 1/ 373 - 275 (549 - 552) 2238 - إذا ارتد أحد الزوجين ثم تابا قال إسحاق بن منصور: قال سفيان: إذا ارتدت المرأة عن الإسلام، ثم رجحت إلى الإسلام، فيخطبها زوجها بمهر جديد، ونكاح جديد. وقال أحمد: هو أحق بها ما كانت في العدة. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1210) قال إسحاق بن منصور: قلت: المرأةُ إذا ارتدت تبينُ من زوجها؟ قال: لا، هو ممنوع منها، فإذا انقضت العدة بانت منه، فإن تابت أو تاب في العدة فهما على نكاحهما، هذا في الرجل والمرأة أيهما ارتد. قال إسحاق: كما قال؛ لأن السنة على ذلك، وقد جهل هؤلاء حكم المرتد فرأوا الارتداد تطليقة، واحتجوا بقوله سبحانه وتعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] وغلطوا، لا لم يقل حين ترتد فقد بانت. "مسائل الكوسج" (1296) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا أُسر المسلم فتنصر تبين منه امرأته؟ قال: إذا انقضت العدةُ بانت، وإذا رجع إليها في العدة فهو أحقُّ بها.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1300) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: إذا ارتدا جميعًا، أو أحدهما، ثم تابا أو تاب، فهو أحقُّ بها ما لم تنقض عدتها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3248) قال صالح: قلت: الرجل يلحق بأرض الحرب أتبين منه امرأته؟ قال: في هذا اختلاف، قال حجاج بن أرطأة: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: رد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- زينب إلى أبي العاص بالنكاح (¬1). وابن إسحاق يقول في حديثه إن زينب طلقت أبا العاص (¬2)؟ فهذا يدل على النكاح الأول (¬3). "مسائل صالح" (909) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 257، والترمذي (1142)، وابن ماجه (2010). والدارقطني 3/ 253، والحاكم 3/ 243. قال الترمذي: هذا حديث في إسناده مقال. وقال الدارقطني: هذا لا يثبت وحجاج لا يحتج به والصواب حديث ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ردها بالنكاح الأول. وقال الذهي في "التخليص": هذا باطل. وقال الألباني في "الإرواء" (1922): منكر. (¬2) روى الإمام أحمد 6/ 276، وأبو داود (2692) من طريق ابن إسحاق، عن يحيى ابن عباد بن عبد اللَّه بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة أن زينب بنت رسول اللَّه بعثت في فداء أبي العاص بن الربيع بقلادة كانت لها من خديجة. صححه ابن الجارود 3/ 343 (1090). قال الحاكم 3/ 23: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (2411): إسناده حسن وصححه ابن الجارود والحاكم والذهبي. (¬3) ذكر الخلال في "أحكام أهل الملل" 1/ 267 (528) هذِه الرواية وزاد فيها: منه استفهام في أطلقت أبا العاص! ! .

قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يلحق بدار الحرب فيتنصر، فاعتدت امرأته منه بالحيض حيضتين، ثم قدم وهي في العدة في الحيضة الثالثة؟ قال أبو عبد اللَّه: هي امرأته ما دامت في العدة. "مسائل ابن هانئ" (1057) قال ابن هانئ: سألته عن رجل لحق بدار الحرب، أتبين منه امرأته؟ فقال: أليس ارتد؟ قلت: نعم. قال أبو عبد اللَّه: قد اختلفوا فيه: قال بعضهم: تبين امرأته، وقال بعضهم: لا تبينه. قلت له: ماله؟ قال: قد اختلفوا فيه: فقال بعضهم: يوقف ماله، وقال بعضهم: يتصدق به، فإذا رجع وهي في عدتها، فهو أحق بها. "مسائل ابن هانئ" (1058) قال ابن هانئ: سألته عن رجل أسره المشركون فتنصر، كيف تصنع امرأته؟ قال: تعتد ثم تزوج، فإن رجع وهي في عدتها، فهو أحق بها. قلت له: حديث أبي العاص، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رد زينب؟ فكأنه لم يثبته. قلت: فماله؟ قال: من الناس من يقول: يوقف ماله، لعله يرجع. قلت له: فإن مات على نصرانيته؟ قال: لا يعجبني أن يأخذ المسلمون منه شيئًا. "مسائل ابن هانئ" (1059)

قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل ارتد، ولحق بأرض العدو؟ قال: يوقف ماله حتى ينظر ما يكون منه لعله يرجع إلى الإسلام، أو يموت. قلت: فامرأته تحبس نفسها عليه؟ قال: لا أدري. فقلت: أليس امرأته مثل ماله ينبغي لها أن تحبس نفسها عليه؟ فقال: قال اللَّه تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]، فقلت هذا تفسير الآية؟ قال: لا أدري. فرأيت أنه كره أن تحبس المرأة نفسها على زوجها إذا ارتد. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قيل لأبي عبد اللَّه: ما تقول فيمن لحق بدار الحرب، ما تقول في امرأته؟ قال: قد يلحق بدار الحرب، ولا يقيم على الشرك، ولكن إذا علم منه. ثم قال: فيها اختلاف إذا رجع وقد تزوجت. قلت: إلى أي شيء تذهب؟ قال: لا أدري، فيها اختلاف. وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن المرتد يلحق بدار العدو فلم يجب. وقال: فيه اختلاف. وقال: أخبرني منصور بن الوليد، قال: حدثنا علي بن سعيد أن أبا عبد اللَّه قال: والمرأة قد اختلفوا فيها، منهم من يقول: بانت، ومنهم من يقول: لم تبن. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 499 - 500 (1238 - 1241)

قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى قال: حدثنا أبو طالب قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يتنصر متى تزوج امرأته قال: إذا شهدوا بالتنصير اعتدت، وتزوجت. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 500 (1245) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا يعقوب بن بختان أن أبا عبد اللَّه سُئل عن المرتد يفرق بينه وبين امرأته؟ قال: يمنع منها، فإن رجع وهي في العدة فهي امرأته. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 501 (1251) قال الخلال: أخبرنا الخضر بن محمد قال: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد: قال أبي: وإذا ارتدّت المرأة لا يكون ارتدادها طلاقها، فإن كانت ولدت على الفطرة قتلت وإلَّا استتيبت، فإن ثابت فهما على نكاحهما وإلَّا قتلت. وقال: أخبرني موسى بن سهل قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب، عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد عن المرأة ترتد أتختلع بذلك من زوجها؟ قال: إذا ارتدّت ثم رجعت إلى الإِسلام وهي في العدة، إن شاء زوجها راجعها، وإن انقضت العدة بانت منه. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن امرأة مريضة ارتدّت في مرضها ثم ماتت، هل يورث منها زوجها؟ قال: لا أدري، اختلفوا في هذا. فقلت: أخبرني بقولك، فإنهم قالوا: يورث منها زوجها؟ قال: لا أدري.

وسألت أحمد عن المرتدّ هل ينتقض نكاحه؟ قال: في هذا اختلاف. قلت: أخبرني يقول أهل المدينة؟ قال: قالوا: يحبس ماله. قلت: من يقول هذا من أهل المدينة؟ قال: الزهري وأبو الزناد. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه: إذا أسر الرجل فتنصرّ كيف تصنع امرأته؟ قال: يقولون: إذا ارتدّ الرجل بانت امرأته بتطليقه، وهو إذا تنصّر وشهد عليه اعتدت امرأته وتزوجت. قلت: فماله؟ قال: يقال: يترك لعله يرجع. قلت: فمات على النصرانية؟ قال: لا أدري أن يرثه المسلمون. "أحكام أهل الملل" 2/ 503 (1256 - 1259) وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه -وسأله عن الرجل يرتدّ ويلحق بدار الحرب- أي شيء حال امرأته، أتتزوج أم لا؟ قال: هي مشكلة، لا أدري تزوج امرأته أم لا، فمن ذهب إلى الكتاب: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} [الممتحنة: 10] فيقول: قد انقطعت العصمة بينهما، تزوج. ومن

احتجّ بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ردّ ابنته بالنكاح الأول (¬1) يقول: لو كانت العصمة قد انقطعت لم يردها عليه. ويروى عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ردّها بنكاح جديد ومهر جديد (¬2). فهي مشكلة. وكان مالك والزهري يذهبان أنه إذا جاء فأسلم وهي في العدة كان أحق بها. وقد كان قال لي أبو عبد اللَّه: إذا أسلم -وهي في العدة- وارتدّ، ثم أسلم -وهي في العدة- فهو أحق بها، ثم هابها بعد. ثم رجع أبو عبد اللَّه بعد فقال: إذا أسلم وهي في العدة فهو أحق بها. وقد كان الشافعي -رحمة اللَّه عليه- احتجّ على أصحاب أبي حنيفة بهذا أنه أحقّ بها ما دامت في العدة، وأدخل على أصحاب أبي حنيفة إنكم تقولون: إذا كان في دار الحرب ثم أسلم وهي في العدة أنه أحق بها، فما الفرق بينه وبين دار الحرب وغير دار الحرب؛ لأن أصحاب أبي يوسف -يعني: قالوا: إذا ارتدّت المرأة وأسلمت فقد انقطعت العصمة فيما بينهما- ويقولون: إذا أسلمت في دار الحرب ثم أسلم زوجها كان أحق بها ما لم تنقض العدة. فقال لهم الشافعي: هذا يدخل عليكم. ¬

_ (¬1) رواه الإِمام أحمد 1/ 217، أبو داود (2240)، والترمذي (1143)، وابن ماجه (2009) من حديث ابن عباس مع اختلاف في متنه. ينظر لزامًا "مختصر أبي دواد" للمنذري، ومعه حاشية ابن القيم 3/ 150 - 154. والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1938) دون ذكر المدة. وانظر: "الإرواء" (1921). (¬2) رواه أحمد 2/ 207، والترمذي (1142)، وابن ماجه (2010) من طريق الحجاج ابن أرطاة عن عمرو به. قال الترمذي: في إسناده مقال. وقال الدارقطني في "سننه" 3/ 253 بعد روايته: هذا لا يثبت، وحجاح لا يحتج به. والصواب حديث ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ردها بالنكاح الأول. اهـ.

قال أبو عبد اللَّه: ثم بلغني عن الشافعي أنه رجع عن قوله: إذا أسلم وهي في العدة أنه أحق بها، وذهب إلى الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ} [الممتحنة: 10]. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا يعقوب قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن المرتد يفرق بينه وبين أهله؟ قال: يمنع منها، فإن رجع في العدة فهي امرأته. قال الخلال: أخبرنا الخضر بن أحمد قال: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد قال: قال أبي: إذا ارتدّ الرجل فرّق بينه وبين امرأته، لا يعلوها وهو مرتدّ. قال أبو بكر الخلال: فقد بينت مذهب أبي عبد اللَّه في هذا الكتاب في مواضع أهل العهد، وأهل الحرب، والمرتد، وما يحتجّ لهم وعليهم. وقد استقرّ أمرهم في جميع الأمور أنه لا ترجع إليه في جميع من ارتدّ، أو في دار الحرب، أو من نقض العهد، أو في كل حالة، إلا بنكاح جديد. "أحكام أهل الملل" 2/ 504 - 506 (1264: 1266) قال الخلال: أخبرنا المروذي قال: سُئل أبو عبد اللَّه: إذا أسر العبد ثم تنصرّ كيف تصنع امرأته؟ قال: تعتد وتزوج. قال أبو بكر الخلال: توقف أبو عبد اللَّه مرة في مسائل الميموني في العبد ثم جعله كالحر في جميع حالاته في الارتدّاد، وكذلك زوجته، فالذي عليه الأمر في العبد وفي زوجته وأحكامهما كلها إذا ارتدّا كأحكام الآحرار بيّن عنه الميموني بعد التوقفّ وحنبل والمروذي. "أحكام أهل الملل" 2/ 512 (1284)

2239 - نكاح الإماء وما يحرم منهن

4 - مانع الرق 2239 - نكاح الإماء وما يحرم منهن قال إسحاق بن منصور: قلت: تزويج المملوكة المسلمة؟ قال: نعم، إذا خاف العنت. قال إسحاق: كما قال، إذا خاف الزنا فله أن يتزوجها، وإذا خاف الزنا على الحرة والأمة. "مسائل الكوسج" (884) قال إسحاق بن منصور: قلت: يتزوج الموسرُ الأمة؟ قال: ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما- يشدد فيه (¬1). "مسائل الكوسج" (3432) قال صالح: قلت لأبي: الرجل يمرض، فيحتاج إلى من يمرضه، وإلى من يلي عورته، وليس عنده ما يصدق ويتزوج مرة حرة، ولا ما ينفق عليه، فهل يجوز له أن يتزوج أمة قوم أو أم ولد أو مدبرة، ويجوز أن يصدق درهمًا واحدًا، وكم أقل ما يجوز من الصداق؟ قال: ما تراضوا عليه. قلت: وهل يجوز التزويج على شيء من العروض؟ قال: لا بأس أن يتزوج هذا الرجل المريض إذا كان لا يستطيع طولًا حرة أو أم ولد أو مدبرة، إذا زوجه السيد بحضرة شهود، وصداق ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور في "سننه" 4/ 1231 (620) -واللفظ له- وابن أبي شيبة 3/ 453 (16052) جميعًا عن هشيم عن العوام عمن حدثه عن ابن عباس أنه قال ما تزحف ناكح الإماء عن الزنا إلا قليلًا. وفيه جهالة من حدث العوام عنه، واللَّه أعلم.

ما تراضوا عليه فهو جائز، ولا بأس أن يتزوج على ما كان من العروض، فإن زوجها سيدها لم ير لها عورة، ولا ترى له عورة إلا ما يجوز لغيره، فإن هو مات عنهن، فإن كانت أمة أو أم ولد أو مدبرة فعدتها شهران وخمسة أيام، وإن هو طلقها فعدتها -إن كانت ممن يحيض- حيضتان، وإن كانت ممن لا يحضن فشهران، فهذا الذي أختار. ويقول بعض الناس: شهر ونصف، وما أحب له أن يشترط على السيد النفقة؛ لأنه إذا تزوجها فقد وجبت النفقة عليه، فإن تطول السيد بذلك فلا بأس. وتعتد في الموضع الذي توفي عنها فيه، وإن عوفي هذا الرجل فالنكاح ثابت، ولا يحل لسيدها أن يطأها حتى تعتد كما ذكرنا، إذا كانت قد خلت بزوجها ومست منه ما لا يحل لغيرها. "مسائل صالح" (1335) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن نكاح الأمة، فقال: ما أشد ما روي فيه عن ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما-. "مسائل أبي داود" (1075) قال حرب: وكره أحمد أن يتزوج الحر المملوكة، وسألت أحمدَ مرة أخرى: قلتُ: أيتزوج الرجل الأمة، وهو يقدر على الحرة؟ فكأنه كره ذلك. قلتُ: فأم الولد؟ قال: أم الولد أمة ما دام سيدها حيًّا. قلتُ: وكذلك أولادها؟ قال: نعم. وسألتُ إسْحاقَ عن الرجُل الحر يتزوج الأمة؟ فكرهه، وقال: لا ينبغي إلا أن يعتقها.

2240 - نكاح إماء أهل الكتاب والمجوس

سألت إسحاق قلتُ: رجل تزوج أمة، فأراد مواليها أن يسافروا بها، هل لهم ذلك؟ قال: لهم ذلك، وإن أراد أن يتبعهم، فليتبعهم. "مسائل حرب" ص 68 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: يحرم من الإماء: أمتك وابنتها، وأمتك وأختها، وأمتك إذا وطئها أبوك، أو ابنك، وأمتك وهي عمتك من الرضاعة، وأمتك وهي خالتك من الرضاعة، وأمتك مجوسية، وأمتك حبلى من غيرك، وأمتك لها زوج. "مسائل عبد اللَّه" (1236) 2240 - نكاح إماء أهل الكتاب والمجوس قال إسحاق بن منصور: قلت: تزويج المملوكة اليهودية والنصرانية؟ قال: لا يتزوجها. قال إسحاق: كما قال سواء شديدًا. "مسائل الكوسج" (887) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن حماد، عن إبراهيم قال: إذا سبين اليهوديات والنصرانيات يجبرون على الإِسلام، فإن أسلمن أو لم يسلمن وطئن واستخدمن، وإذا سبين المجوسيات وعبدة الأوثان جبرن على الإِسلام، فإن أسلمن وطئن واستخدمن، وإن لم يسلمن أستخدمن ولم يوطأن. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا جرير، عن موسى بن أبي عائشة قال: سألت مرة الهمداني عن الناس يشترون المجوسيات يقع أحدهم

عليها قبل أن تسلم؟ قال: لا يصلح هذا. وسألت سعيد بن جبير فقال: ما هم بخير منهم إذا فعلوا ذلك. فكان أشدهما قولًا فيه. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع، عن شريك، عن ليث، عن مجاهد قال: لا يطأها حتى تسلم وتغتسل. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع، عن شريك، عن سماك، عن أبي سلمة -يعني: ابن عبد الرحمن- قال: لا يطأها حتى تسلم في المجوسية. قال صالح: حدثنا أبي قال: حدثنا عبد اللَّه بن يزيد قال: حدثنا حيوة قال: قال: حدثنا من سمع أبا المصعب (مشرح بن هاعان) (¬1) المعافري، وواهب بن عبد اللَّه المعافري، وقيس بن رافع العبسي، والحارث بن يزيد الحضرمي، وعبد اللَّه بن هبيرة السبائي يقولون: لا يطأ الرجل الأمة مما ملكت يمينه إذا كانت مجوسية، أو بربرية، أو سوداء، أو غير ذلك؛ حتى تسلم. "مسائل صالح" (630) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن اليهودية والنصرانية تحت المسلم؟ قال: الحرائر لا بأس، وأما الإماء فلا. "مسائل أبي داود" (1072) قال ابن هانئ (¬2): سألته، أيتزوج بإماء اليهود والنصارى؟ ¬

_ (¬1) في "أحكام أهل الملل": (شرح بن عاهان) والمثبت هو الصحيح، وانظر: "المؤتلف والمختلف" 4/ 2093 و"الإكمال" 7/ 252. (¬2) ذكر الخلال هذِه الرواية عن صالح وابن هانئ في "أحكام أهل الملل" 1/ 277 (559).

قال: لا يتزوج بهن، قال اللَّه: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ}. "مسائل ابن هانئ" (1063) قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب قال: قلت لأبي عبد اللَّه: يتزوج الرجل الأمة اليهودية والنصرانية؟ قال: لا، واللَّه عز وجل قال: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25]. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن إماء اليهود والنصارى؟ فقال: لا، إنما قال اللَّه عز وجل: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25]. "أحكام أهل الملل"، للخلال 1/ 276 (556 - 557) قال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: سمعت أبا عبد اللَّه وسألت عن الأمة المجوسية يشتريها، قلت: هل يحل لي أن أطأها؟ قال: لا يجوز؛ لأنا لا نأكل ذبائحهم ولا ننكح نساءهم. قلت: هذِه ملك يمين، ولعله اضطر إليها؟ قال: وإن كانت ملك اليمين كيف يضطر إليها؟ ! فلم يجزه. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب، وزكريا ابن يحيى، أن أبا طالب حدثهم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: يتسرى الرجل أو يطأ الجارية المجوسيّة؟ قال: لا. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 277 (562 - 563) قال الخلال: أخبرنا محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم أن أباه حدثه قال: حدثني أحمد بن القاسم. وأخبرني زكريا بن الفرج، عن أحمد بن القاسم أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول في إماء أهل الكتاب: إن الكراهة في ذلك ليست

بالقوية، ومخرجها إنما هو شيء تأوّله الحسن ومجاهد. قال أحمد بن القاسم: وراجعته في إماء أهل الكتاب، وقلت له: كيف قلت لي: إن الكراهية فيهم ليست بالقوية؟ قال: أجل إنما هو شيء. قلت له: إن من يرخّص فيه يحتجّ بجملة الآية في تحليل أهل الكتاب، ومن يكرهه يقول: إنما أحلّ فتياتكم المؤمنات عند الضرورة؟ قال: نعم، إنما قال: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5]. ثم قال في موضع آخر: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25]. قال: وفيه شنعهُ: أو نحو هذا. ثم قال: ليس في جملته تحليل نساء أهل الكتاب ولا له سنّة الإماء منهم. قال: وقد قال مغيرة عن أبي ميسرة: هن بمنزلة الحرائر. قلت له: ولما كانت النصرانية لمسلم (فزوجه) (¬1) فهو أسهل؟ قال: نعم، إذا كانت أمة لمسلم ولكن في ذا شنعة أيزوجه نصراني أمته؟ وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه سُئل عن نكاح إماء أهل الكتاب؟ فقال: إن فيه لتأويلًا، من الناس من يكرهه، ومنهم من لا يرى به بأسًا، يجعلهم بمنزلة حرائرهم. قال أبو عبد اللَّه: حدثنا جرير عن مغيرة، عن أبي ميسرة قال: إماء أهل الكتاب بمنزلة حرائرهم. ¬

_ (¬1) مدرجة من طبعة دار الكتب العلمية، تحقيق: الأستاذ/ سيد كسروي.

2241 - تزويج الأمة على اليهودية والنصرانية

قلت لأبي عبد اللَّه: مغيرة عن أبي ميسرة مرسل هكذا؟ قال: نعم، هو مرسل. قال أبو بكر الخلال: لم ينفذ لأبي عبد اللَّه قول يعمل عليه في هذا، وإنما حكي قلة تقوية ذلك عنده. والعمل على ما روى عنه الجماعة من كراهية ذلك، وباللَّه التوفيق. "أحكام أهل الملل" 1/ 278، 280 (566، 567) قال محمد بن الحكم: قلت لأبي عبد اللَّه: فهوازن أليس كانوا عبدة أوثان؟ قال: لا أدري كانوا أسلموا أو لا (¬1). "المغني" 9/ 554، "الشرح الكبير" 20/ 384 2241 - تزويج الأمة على اليهودية والنصرانية قال: حرب: قلت لأحمد: فيتزوج أمة على يهودية أو نصرانية؟ قال: فيه اختلاف. "مسائل حرب" ص 63 2242 - من تزوج الأمة على الحرة؟ قال إسحاق بن منصور: سألتُ أحمد عن الحرِّ يتزوَّجُ الأمة على الحرة؟ ¬

_ (¬1) احتج ابن قدامة يقول الإِمام أحمد في الرواية على من يقول أن عمرو ابنه -رضي اللَّه عنهما- قد أخذا من سبي هوازن، وكذلك غيرهما من الصحابة رضوان اللَّه عليهم.

قال: لا، وإذا اجتمعتا عنده فليقسم للحرة يومين، وللأمة يومًا كما قال عليٌّ عليه السلام. "مسائل الكوسج" (3431) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: يتزوج العبد الأمة على الحرة، ولا يتزوج الحر الأمة على الحرة ومن الناس من يقول: لا يتزوج الحرُّ من الإماء إلا واحدة، وأراه ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- يقوله (¬1). قلت: هو مثل المضطر؟ قال: نعم. "مسائل الكوسج" (3425) قال إسحاق بن منصور: قلت: العبدُ يتزوجُ الأمة على الحرة؟ قال: نعم، هو مباح له، ليس هو مثل الحُرّ في هذا. "مسائل الكوسج" (3433) قال صالح: قلت: رجل تحته أمة، وهو يجد السبيل إلى الحرة، فلم يتزوج حرة، ومكث مقيمًا معها دهرًا لم يتزوج، أو كانت تحته حرة فتزوج عليها أمة؟ قال: لا يتزوج الأمة على الحرة، ويقسم للحرة يومين وللأمة يومًا، يروى هذا عن علي (¬2) وقال ابن عباس: إذا وجد طولًا للحرة حرمت عليه الأمة (¬3). "مسائل صالح" (327) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 454 (16061)، والبيهقي 7/ 175. وقال ابن التركماني: سنده ضعيف. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 456 (16084). (¬3) رواه ابن جرير 4/ 17 (9052)، وابن أبي حاتم 3/ 920 (5139) والبيهقي 7/ 173 بمعناه.

2243 - نكاح الحرة على الأمة

قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل: يتزوج الأمة على الحرة؟ قال: أكثرُ الناس يكرهه. "مسائل أبي داود" (1074) قال حرب: سُئِلَ أحمدُ عَنِ الرجل يتزوَّج الأمة على الحرة؟ قال: يُفرق بينه وبين الأَمَة. قيل: فإن تزوَّج حرة على أَمَة؟ قال: لا يُفرق بينه وبين الأَمَة، ويقسم لهما: ليلتين للحرة وليلة للأمة. "مسائل حرب" ص 91 2243 - نكاح الحرة على الأمة قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا تزوج الحرة على الأمة؟ قال: يكونُ طلاقًا للأمة. قلت: بحديث من تقول هذا؟ قال: بحديث ابن عباس (¬1). قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (885) 2244 - من جمع بين حرة ومملوكة في عقد واحد؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا تزوج حرةً ومملوكة في عقده؟ قال: يثبت نكاحُ الحرة، ويفارق الأمة. ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 7/ 176، والكتاب يقتضي جواز ذلك. .

2245 - نكاح الحر لأكثر من أمة إذا خاف العنت ولم يجد طول حرة

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (889) قال حرب: قلتُ لأحمدَ: مملوك تحته أمة، هل يتزوج عليها حرة؟ قال: لا يعجبنا. قلتُ: فيتزوج المملوك أمة على حرة. قال: لا. "مسائل حرب" ص 65 نقل محمد بن حبيب عنه: يبطل العقد فيهما جميعًا. "الروايتين والوجهين" 2/ 102 2245 - نكاح الحر لأكثر من أمة إذا خاف العنت ولم يجد طول حرة قال حرب: سمعتُ أحمدَ يقولُ: حدثنا غندر، عن شعبة، عن أبي هاشم الرُّمانى، عن الحارث قال: يتزوج الحر من الإماء أربعًا. قال شعبة: وسألت حمادًا، قال: يتزوج اثنتين. قال أحمد: ما أعجب رأي حماد! لا أدري قياس هذا. وقال: حدثنا أحمد قال؛ حدثنا وكيع، عن شريك، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لا يتزوج الحر من الإماء إلا واحدة. قال أحمد: ولا يعجبني أن يتزوج إلا واحدة. يذهب إلى حديث ابن عباس. "مسائل حرب" ص 103

2246 - التسري للعبد

نقل أبو طالب عنه: إدن خشي العنت تزوج أربعًا. "الروايتين والوجهين" 2/ 102 2246 - التسري للعبد قال إسحاق بن منصور: قلت: للعبد أن يتسرى؟ قال: نعم، إذا أذن له السيد. قال إسحاق: كما قال؛ لأن ابن عمر وابن عباس -رضي اللَّه عنهم- قالا ذلك (¬1). "مسائل الكوسج" (9/ 89، 1290) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: يتسرى المملوك من مال سيده بإذنه؟ قال: نعم. قيل: يتسرى بغير إذنه؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (1121) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: أيتسرى العبد في ماله؟ قال: نعم، هو ماله ما لم يأخذه سيده منه. "مسائل ابن هانئ" (1064) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن العبد، هل له أن يتسرى؟ قال: إذا أذن له مولاه، فنعم، وإذا لم يأذن له فلا. "مسائل ابن هانئ" (1065) ¬

_ (¬1) رواهما عبد الرزاق 7/ 215 (12844، 12845)، وابن أبي شيبة 3/ 474، وسعيد ابن منصور 2/ 97.

قال ابن هانئ: وسألت أبا عبد اللَّه عن المملوك يأذن له سيده في التزويج؟ قال: يتزوج، ويتسرى أيضًا، إذا أذن له. "مسائل ابن هانئ" (1070) قال حرب: سُئلَ أحمد عن العبد يتسرى؟ قال: لا أعلم بأسًا أن يتسرى بإذن مولاه. "مسائل حرب" ص 287 قال أحمد في رواية ابن ماهان: لا بأس للعبد أن يتسرى، إذا أذن له سيده، فإن رجع السيد فليس له أن يرجع إذا أذن له مرة وتسرى. "المغني" 9/ 477، "بدائع الفوائد" 4/ 85 وقال أحمد في رواية أبي طالب: لا أعلم شيئًا يدفع قول ابن عباس وابن عمر وأحد عشر من التابعين، منهم عطاء ومجاهد، وأهل المدينة على تسري العبد، فمن احتج بهذِه الآية: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} وأي ملك للعبد! فقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ اشْتَرى عَبْدًا وَلَهُ مال فالمال للسيد" (¬1) جعل له مالًا هذا يقوي التسري. وابن عباس وابن عمر أعلم بكتاب اللَّه ممن احتج بهذِه الآية؛ لأنهم أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنزل القرآن على رسول اللَّه وهم يعلمون فيما ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 9، والبخاري (2379)، ومسلم، (1543/ 80) من حديث ابن عُمَرَ -رضي اللَّه عنهما- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ بَاعَ عَبدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ المُبْتَاعُ، وَمَنْ بَاعَ نَخْلًا. . " الحديث واللفظ للإمام أحمد. ورواه النسائي في "الكبرى" 3/ 189 بلفظ: "من باع عبدًا له مال فماله لسيده إلا أن يشترط المبتاع".

2247 - العبد يتزوج بسيدته

أنزل، قالوا: يتسرى العبد. "بدائع الفوائد" 4/ 103 نقل الأثرم عنه في الرجل يهب لعبده جارية: لا يطأها, ولكنه يتسرى في ماله، إذا أذن له سيده. "تقرير القواعد" 3/ 342 2247 - العبد يتزوج بسيدته قال حرب: قلتُ لأحمدَ: عبد تزوج سيدته؟ قال: لا يجوز بتة وأظنه قال: يفرق بينهما. حدثنا أحمد قال: حدثنا هشيم، قال أنبا حصين، عن بكر بن عبد اللَّه قال: كتب عمر إلى الأمصار: أيما امرأة تزوجت عبدها أو تزوجت بغير ولي ولا بينة فاضربوهما، وفرقوا بينهما. وسألتُ أحمدَ مرةً أخرى قلتُ: عبد تحته حرة فملكت منه شيئًا؟ قال: حرمت عليه. "مسائل حرب" ص 54 2248 - 5 - مانع الزوجية قال إسحاق بن منصور: سُئل إسحاق عن رجل قال: زوجتُ ابنتي من ابنك. فقال أبو الغلام: قبلت. ولم يذكر المهر؟ قال: النكاحُ (جائز) (¬1) ولها مهرُ مثلها. قيل: فزوجها الولي من آخر؟ ¬

_ (¬1) في "مسائل الكوسج" (1352): (واقع).

2249 - 6 - مانع العدة

قال: ليس له نكاحٌ، ولا مهر لها عليه إلا أن يكون دخل بها. "مسائل الكوسج" (1352، 3475) 2249 - 6 - مانع العدة قال إسحاق بن منصور: قلت: الرجلُ يكونُ عنده أربع نسوة فيطلقُ إحداهن، أله أن يتزوج وهي في العدة؟ قال: لا يتزوج الخامسة حتى تنقضي عدة التي طلق، وإذا ماتت يتزوج. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (959) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، سئل وأنا أسمع، عن رجل تزوج بامرأة ولم يدخل بها, ولها أخت فطلقها، وتزوج بأختها؟ قال أبو عبد اللَّه: يعتزل الأخرى حتى تنقضي عدة التي تزوج أولًا. قيل له: إنها قد حملت؟ قال: هذا نكاح باطل، أرى أن [لا] (¬1) يكون يجدد النكاح. وقيل له: إنه قد طلق التي تزوج أولًا؟ قال: ينتظر حتى تضع حملها، إذا وضعت حملها، إن شاء أن يتزوجها خطبها بشهود ومهر جديد وولي. فقيل له: ولدها يرث؟ قال: نعم؛ لأنك تزوجت بها وأنت لا تعلم. "مسائل ابن هانئ" (1038) قال حرب: سألتُ أحمدَ قلتُ: رجلٌ طلَّقَ امرأتَه، ثم أراد أن يتزوج أختها قبل انقضاء العدة؟ ¬

_ (¬1) قال محقق "مسائل ابن هانئ": ما بين المعقوفتين زيادة يقتضيها السياق، ولو حُذِفت كلمة (يكون) لاستقام المعنى.

قال: لا يجوز. قلتُ: فلو كنّ أربعَ نسوة، فطلق واحدة منهن، هل له أن يتزوج أخرى حتى تنقضي عدة هذِه التي طلَّق؟ قال: لا. "مسائل حرب" ص 50 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل كان عنده أربع نسوة، فطلق واحدة منهن ثلاثًا، أله أن يتزوج أخرى قبل أن تنقضي عدة هذِه؟ قال: لا يتزوج الخامسة حتى تنقضي عدة هذِه الأخرى؛ لأنه لو كن أربع نسوة فطلقهن ثلاثًا وهو مريض، ثم تزوج أربع نسوة قبل أن تنقضي عدتهن ومات في قول من قال: لا بأس أن يتزوج الخامسة، أنهن يرثنه جميعًا إذا مات في موضع ذلك، فيكون يرثه ثمان نسوة. وقال أهل المدينة: لا بأس أن يتزوج الخامسة إذا طلق إحداهن طلاقًا بائنًا. وقال أبي: وإذا قال: قد طلقتكن ثلاثًا. فقد وقع عليهن كلهن ثلاثًا ثلاثًا، وإذا طلقها وهو مريض ثلاثًا، فإنها ترثه ما كانت في العدة، وبعد العدة ما لم يتزوج، روي عن عثمان بن عفان أنه ورثها بعد انقضاء العدة (¬1). وروي عن أبي بن كعب أنها ترثه ما لم تتزوج (¬2). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 61 - 63، وسعيد بن منصور 2/ 41، 44 (1958، 1959، 1970)، وابن أبي شيبة 4/ 176 (19026) والبيهقي 7/ 362، 363. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 176 (19027)، والبيهقي 7/ 363 من طريق حبيب بن أبي ثابت عن شيخ من قريش عنه.

2250 - الرجل يتزوج المرأة في عدتها

وقال أهل المدينة: ترثه بعد انقضاء العدة وإن تزوجت. "مسائل عبد اللَّه" (1358) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن طلق امرأته ثلاثًا، أله أن يتزوج أختها قبل أن تنقضي عدة المطلقة؟ قال: لا يتزوج أختها حتى تنقضي عدة المطلقة. "مسائل عبد اللَّه" (1360) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن كانت التي طلقها حاملًا، له أن يتزوج أختها؟ قال: لا يتزوج أختها حتى تضع حملها. "مسائل عبد اللَّه" (1361) 2250 - الرجل يتزوج المرأة في عدتها قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا تزوجها في عدتها؟ قال: لها المهرُ، ويخطبها مع الخطاب بعد انقضاء عدتها من الأول، ثم تعتد من الذي تزوجها في عدتها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (977) قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان عن رجلٍ تزوج امرأةً في عدتها؟ قال: الولدُ للأول. قيل: وإن كانت سنة؟ قال: وإن كانت سنة. قيل: وإن كانت سنتين؟ قال: وإن كانت سنتين. قال أحمد: نعم، ما لم تُقر بانقضاء العدة.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1165) قال إسحاق بن منصور: سألت سفيان عن: رجل تزوج امرأةً حاملًا من السبي أو من فجورٍ هل يجوزُ تزويجه؟ قال: يفرقُ بينهما. قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1187) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: ولا يكون ذلك طلاقًا إذا وضعت، إن شاء خطبها إذا لم يكن دخل بها، إن كان دخل بها يُفرق بينها وبينه، ولها الصداق وينالان بأدبٍ، فإن شاء خطبها بعد أن تضع ما في بطنها، ثم تعتد من الزوج الأخير عدة مستقبلة. قال أحمد: فإن لم تكن حاملًا فتزوجت في عدتها، فإنه يُفرق بينهما، ولها الصداقُ بما أصاب منها، ويؤدبان فإن كانت جاءت بولدٍ من هذا الوطء الثاني لأكثر من ستة أشهر فهو له، فإن أدعاه الأول، وادعاه الآخر دعي له القافة فألحقوه بأبيه. "مسائل الكوسج" (1188) قال إسحاق بن منصور: سُئل إسحاق عن رجلٍ طلق امرأته تطليقةً، فتزوجت في عدتها زوجًا آخر فانقضت عدتها عنده؟ قال: السنة في ذلك أن يفرق بينها وبين الذي تزوجها في عدةٍ من الزوج الأول، ثم تعتد من الأول، فإن كان هذا الزوج الثاني لم يكن دخل بها تزوجها إذا انقضت عدتها من الأول، فإن كان الثاني دخل بها فرق بينهما وعليه المهر لها للدخول وتعتد منه بعد ما تعتدُّ من الأول؛ لأن عليها عدتين إذا كان الثاني قد دخل بها. "مسائل الكوسج" (1310)

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن: رجلٍ تزوج امرأةً في عدتها ولم تعلم؟ قال: يُفرق بينهما، فإن كان دخل بها فلها الصداقُ. قلت: فتعتد بقية عدتها من الأول؟ قال: نعم؛ إن كانت ليست بحامل فتعتد بقية عدتها من الأول، ثم تعتدُّ من الآخر عدةً جديدةً، فإن كانت حاملًا فوضعت انقضت عدتها من الآخر، ثم تعتدُّ بقية عدتها من الأول، فإن كان لم يدخل بها -يعني: الآخر- فلا مهر ولا عدة. "مسائل أبي داود" (1223) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: امرأة بانت من زوجها، وكانت حاملًا، فلما وضعت ما في بطنها تزوجت برجل، ثم إنه طلقها، فبانت منه، فاعتدت من زوجها ثلاثة أشهر، وقد كانت تعتد فيما مضى بالحيض، ثم راجعت زوجها الأول؟ قال أبو عبد اللَّه: يفرّق بينهما, ولها المهر بما استحل من فرجها، وتعتد من الأول ثلاث حيض، وتعتد من هذا الآخر ثلاثًا أخرى، ثم يتزوجها الأول بنكاح جديد، ومهرٍ جديد. "مسائل ابن هانئ" (1022) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها عمدًا؟ قال: يرجمان، وإن كانا لا يعلمان أكملت عدتها من الأول، وتعتد من هذا أيضًا عدّة أخرى. "مسائل ابن هانئ" (1024)

قال حرب: سألت أحمدَ بن حنبل، قلتُ: رجل تزوج امرأة في عدتها، ثم علم بها بعد ذلك؟ قال: يفرق بينهما, ولها المهر. قلتُ: المهر لها أو لبيت المال؟ قال: هو لها. قلتُ: فإن ولدت ولدًا؟ فأظنه قال: إن ولدت لأقل من ستة أشهر، فهو للأول، قال: وتعتد من هذا الثاني. وقال: وسألت أحمدَ مرةً أخرى، قلتُ: الرجلُ يتزوج المرأة في عدتها؟ قال: إن كان دخل بها، فلها المهر بما استحل من فرجها، وتكمل عدتها من الأول، ثم تعتد من هذا عدةً جديدة، وإن لم يكن دخل بها فرق بينهما, ولا شيء لها. قلتُ: فإن دخل بها، ثم فُرِّق بينهما، هل يجتمعان أبدًا؟ قال: نعم، إن أراد أن يتزوجها تزوجها. "مسائل حرب" ص 83 قال أحمد في رواية أبي طالب ومهنا: إذا تزوجها في العدة وطلقها لا يعجبني أن يراجعها حتى تتزوج بغيره. "الروايتين والوجهين" 2/ 80 نقل أبو الحارث، وقد سأله: إذا نكحها في العدة ثم أراد أن يجدد النكاح؟ فقال: فيه اختلاف. وقال في رواية حنبل: إذا تزوجت المرأة في عدتها فرق بينهما وكان لها المهر بما استحل من فرجها ولا يجتمعان أبدًا. "الروايتين والوجهين" 2/ 221

2251 - 7 - مانع الزنا

2251 - 7 - مانع الزنا قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ تزوج امرأةً، فزنا قبل أن يدخل بها؟ قال أحمد: لا يُفرق بينهما. قلت: بحديث من تقول هذا؟ قال: بحديث عبيد اللَّه بن أبي يزيد، عن أبيه، عن عمر (¬1). قال إسحاق: كما قال سواء؛ لأن بعد الزنا حرص عمر أن يجمع بينهما فأبى الغلام ذلك. "مسائل الكوسج" (879) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا تزوج المرأة، وقد زنا بها قبل ذلك؟ قال: إذا ثابت فليس به بأسٌ أن يتزوجها. قال إسحاق: كما قال: إذا تابت وتاب. "مسائل الكوسج" (904) قال ابن هانئ: وسألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يفجر بالمرأة ثم يتزوجها؟ قال: لا يتزوجها، حتى يعلم أنها قد تابت؛ لأنه لا يدري لعلها تعلق عليه ولدًا من غيره. قلت: وما علمه أنها قد تابت؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 203 - 204 (12793) من طريق عبيد اللَّه بن أبي يزيد عن سباع ابن ثابت الزهري عنه وفيه قصة. ورواه الشافعي في "مسنده" 2/ 14 (38)، وسعيد بن منصور 1/ 224 (885)، والبيهقي 7/ 155 من طريق الشافعي جميعًا من طريق عبيد اللَّه بن أبي يزيد عن أبيه عنه.

2252 - إذا زنت المرأة قبل أن يدخل بها زوجها؟

قال: يريدها على ما كان أرادها عليه، فإن امتنعت فهي تائبة يتزوجها، وإن طاوعته فلا يتزوجها. "مسائل ابن هانئ" (1003) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يفجر بالمرأة، ثم يريد أن يتزوجها؟ قال: لا يتزوجها حتى يعلم أنها قد تابت، ما يدريه لعلها تعلق عليه ولدًا من غيره. قلت لأبي عبد اللَّه: أليس تقول في قول أهل المدينة في الحلال لا يحرمه الحرام؟ قال: لا أذهب إليه. "مسائل ابن هانئ" (1006) قال حرب: سألتُ أحمدَ، قلتُ: رجلٌ زنا بامرأةٍ، ثم تزوجها؟ قال: إذا تابت فلا بأس. قلتُ لأحمدَ: رجلٌ وجد مع امرأته رجلًا؟ قال: لا تحرم عليه، ولكن لا أرى أَنْ يمسكَ مثلَ هذِه. "مسائل حرب" ص 57 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا زنت أمته لم يطأها حتى يستبرئ رحمها، ويعرف توبتها. "مسائل عبد اللَّه" (1237) 2252 - إذا زنت المرأة قبل أن يدخل بها زوجها؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا زنت المرأة قبل أن يدخل بها زوجها؟

2253 - 8 - مانع الخنوثة

قال أحمد: يقام عليها الحد، وهي امرأته. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (2721) 2253 - 8 - مانع الخنوثة نقل الميموني عنه: لا يتزوج ولا يزوج حتى يتبين أمره. "الروايتين والوجهين" 2/ 113

باب الأنكحة المنهي عنها

باب الأنكحة المنهي عنها 2254 - أ - نكاح المتعة قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: متعة النساء تقول: إنه حرام؟ قال: اجتنابها أحبُّ إليَّ. قال إسحاق: حرام بلا شكٍّ؛ لما ثبت نهيه وتحريمه بعد إحلاله، ونسخ ذلك العدة والميراث والطلاق مع أن المتعة كانت بالولي والشهود والإعلان لذلك إلى أجلٍ مسمى، وكان ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- يقول: فما استمتعتم به منهن إلى أجلٍ مسمى فآتوهن أجورهن (¬1). "مسائل الكوسج" (914) قال حرب: قلت لأحمد: المتعة التى نهي عنها، كيف هي؟ قال: هو الأجل، أن يتزوج إلى أجل. "مسائل حرب" ص 55 2255 - ب - نكاح الشغار قال إسحاق بن منصور: قلت: يفرق بين المتشاغرين؟ قال: نعم، يُفرق بينهما. قال إسحاق: كما قال شديدًا. "مسائل الكوسج" (1061) ¬

_ (¬1) رواه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" 2/ 250، والطبري في "تفسيره" 4/ 14 (9037 - 9039) وصححه الحاكم 2/ 305.

قال صالح: وقال: من تزوج على نكاح الشغار، أو تزوج امرأة على عمتها أو خالتها، فإنه يفرق بينهما, ولها المهر إذا أصابها، وإن لم يكن دخل بها فلا شيء عليه. قلت: فإن خلا بها ولم يمسها؟ قال: إذا أغلق بابًا وأرخى سترًا فلها المهر. "مسائل صالح" (405)، ونقلها عبد اللَّه عن أبيه في "مسائله" (1205)، وحرب عن الإِمام في "مسائله" ص 37 قال إسماعيل بن عبد اللَّه، أبو النضر العجلي: قال أحمد في الشغار: يفرق بينهما؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد نهى عنه (¬1)، وقال: أرأيت لو تزوج امرأة أبيه، أليس قال اللَّه تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22]؟ ! وقال: فكلما قصد له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بنهي فهو له يُريدُ أو قالهُ، فقام مقام الفرض. "الطبقات" 1/ 275 نقل الميموني والأثرم: إذا كان بينهما شرط أن يزوج كل واحد منهما صاحبه وكان فيه صداق فليس بشغار. "الروايتين والوجهين" 2/ 106، العدة 2/ 432 ونقل الأثرم عنه: إذا كان صداقًا فليس بشغار، إلَّا أن الأحاديث كلها ليس كما روى ابن إسحاق في حديث معاوية -والحديث: أن العباس بن عبد اللَّه أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته، وأنكحه عبد الرحمن ابنته، وكانا جعلا صداقًا، فكتب معاوية إلى مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهما، وقال في كتابه: هذا الشغار الذي نهى عنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وابن ¬

_ (¬1) رواه الإِمام أحمد 2/ 7، والبخاري (5112)، ومسلم (1415) من حديث ابن عمر.

2256 - ج - نكاح التحليل

إسحاق ليس ممن يعتمد على حديثه (¬1). "التوضيح" 24/ 337 2256 - ج - نكاح التحليل قال إسحاق بن منصور: سُئل سفيان عن: رجلٍ تزوج امرأة وهو يريدُ أن يُحلها لزوجها، ثم بدا له أن يمسكها؟ قال: لا يعجبني إلا أن يفارق ويستقبل نكاحًا جديدًا. قال أحمد: جيد. قال إسحاق: لا يحل له أن يمسكها؛ لأن المحلل لم يتم له عقدة النكاح. "مسائل الكوسج" (1238) قال إسحاق بن منصور: قيل له: فإن فارقها أتحلُّ لزوجها الأول؟ قال: لا. قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1239) ¬

_ (¬1) رواه الإِمام أحمد 4/ 94، وأبو داود (2075) وصححه ابن حبان (4153)، قال ابن حزم في "المحلى" 9/ 516: هذا معاوية بحضرة الصحابة، ولا يعلم له منهم مخالف يفسخ هذا النكاح، وفيه ذكر الصداق، وهو خبر صحيح، وعبد الرحمن بن هرمز راويه شاهد هذا الحكم بالمدينة لا سيما في هذِه القصة. وقال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 3/ 2: في إسناده محمد بن إسحاق. وجود ابن الملقن إسناد أبي داود في "التوضيح" 24/ 337. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (1810): هذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات، رجال البخاري غير ابن إسحاق، وهو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث كما هنا.

قال حرب: سُئِلَ أحمدَ عَنْ: التحليل: إذا هَمَّ أحد الثلاثة بالتحليل؟ فقال أحمد: كان الحسن وإبراهيم والتابعون يشددون في ذلك (¬1)، وقال أحمد: الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "أتريدينَ أنْ ترجعي إلى رِفاعة؟ " (¬2). يقول أحمد: إنها قد كانت هَمَّت بالتحليل، ونية المرأة ليست بشيء؛ إنّما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لعنَ اللَّه المحْلل والمحلل له" (¬3) وليست نية المرأة بشيء. قلت لإسحاق: فإن تزوجها في عدتها ففرق بينهما، هل له أن يتزوجها بعد ذلك؟ قال: نعم، وذكرتُ له قول عمر (¬4)، فكأنه لم يذهب إليه، وذكر أنها تتم عدتها من الأول، ثم تعتد من الثاني. "مسائل حرب" ص 87 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 547 (17078). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 34، والبخاري (2639)، ومسلم (1433) من حديث عائشة. (¬3) رواه الإِمام أحمد 1/ 448، 462، والترمذي (1120)، والنسائي 2/ 98، والبيهقي 7/ 208 من حديث ابن مسعود. قال الترمذي: حسن صحيح، وقال ابن حزم في "المحلى" 10/ 180: إنه خبر لا يصح في هذا الباب سواه. وصححه ابن الملقن في "البدر المنير" 7/ 612 وقال: قال الشيخ تقي الدين في آخر "الاقتراح": إنه على شرط البخاري. اهـ. وقال الحافظ في "التلخيص" 3/ 170: وصححه ابن القطان وابن دقيق العيد على شرط البخاري. اهـ. وصححه الألباني في "الإرواء" (1897) وذكره بشواهد من حديث أبي هريرة، وعلي بن أبي طالب وجابر ابن عبد اللَّه، وابن عباس، وعقبة بن عامر. ولمزيد من التفصيل انظر: "البدر المنير" 7/ 612 - 615. (¬4) رواه مالك ص 331، والشافعي كما في "المسند" 2/ 56 - 57، وعبد الرزاق 6/ 210 (10539)، وسعيد بن منصور 1/ 189 (698)، وابن أبي شيبة 4/ 4 (17192)، والبيهقي 7/ 441 مطولًا وحسن إسناده الألباني في "الإرواء" 6/ 203.

2257 - المطلقة ثلاثا متى تحل لزوجها الأول, وهل تحل بنكاح فاسد؟

قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي: سألت أحمد عن الرجل يتزوج المرأة وفي نفسه أن يحللها لزوجها الأول ولم تعلم المرأة بذلك؟ قال: هو محلل، إذا أراد بذلك الإحلال فهو ملعون. "بيان الدليل" ص 41, "إغاثة اللهفان" ص 277, "معونة أولي النهى" 9/ 127 2257 - المطلقة ثلاثًا متى تحل لزوجها الأول, وهل تحل بنكاح فاسد؟ قال إسحاق بن منصور: قال سفيان في رجل طلق امرأته ثلاثًا ثم تزوجها رجلٌ بغير ولي، ثم طلقها: لا يعجبني أن يتزوجها زوجها الأول حتى يكون نكاحًا بولي. قال أحمد: ما أحسن ما قال! قال إسحاق: كما قال، وإن تزوجها بغير ولي، ثم طلق لم يقع عليها الطلاق؛ لأنَّ العقدة منفسخة؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ" (¬1). "مسائل الكوسج" (1237) قال صالح: قلت: الرجل يتزوج المرأة فيطلقها ثلاثًا، ويتزوجها آخر في عدتها، فيفرق بينهما، هل ترجع إلى زوجها الأول الذي يطلقها؟ قال: لا ترجع إلى زوجها الأول بهذا النكاح. قلت: إن تزوجت عبدًا بغير إذن مولاه؟ ¬

_ (¬1) رواه الإِمام أحمد 6/ 47، وأبو داود (2083)، والترمذي (1102) وابن ماجه (1879)، وصححه الحاكم 2/ 168 من حديث عائشة. وصححه الألباني في: "صحيح أبي دواد" (1817)، وبسط الكلام عليه في "الإرواء" (1840) فانظره.

قال: لا ترجع إلى زوجها الأول بهذا النكاح. وقال في الرجل يتزوج على المتعة مثل ذلك أيضًا: لا ترجع إلى زوجها الأول. وقال في الرجل يتزوج المرأة فيحلها: لا ترجع إلى زوجها الأول، وإنما ترجع إلى زوجها الأول بالنكاح الصحيح. "مسائل صالح" (1197) قال أبو داود: سمعتُ أحمد بن محمد بن حنبل سُئِلَ عن الغلام إذا تزوج فأولج؛ أتحلُّ لزوجها الآخرِ؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1230) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن الخصي يتزوج فيواقعها، هل يحلها؟ قال: لا، الخصي لا يولج. "مسائل أبي داود" (1231) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يتزوج بالمرأة فيدخل بها، ثم يطلقها، فتزوج زوجًا غيره، فأدخلت على زوجها، فزعمت المرأة أنه دخل بها، وقال الزوج: لم أدخل بها، وأنكر أن يكون مسّها، أو دخل بها؟ قال أبو عبد اللَّه: لا تصدق المرأة على دعواها، فإذا أرادت أن ترجع إلى زوجها الأول (¬1). قال: قلت: فهل لزوجها الأول أن ترجع إليه إذا طلقها الأخير ¬

_ (¬1) كذا بالأصل.

بالدعوى التي بينهما؟ قال: لا ترجع إليه حتى تذوق عسيلته، ويذوق عسيلتها. "مسائل ابن هانئ" (1092) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن امرأة بانت من زوجها بثلاث، فقال لها: اذهبي فاستحلي. فذهبت فتزوجت برجلٍ، فمكثت معه يومًا ثم طلقها، ألها أن ترجع إلى زوجها الأول؟ قال: لا ترجع إليه. ثم قال: وله أن يقول لها: أذهي فاستحلي؟ ! لا ترجع إليه، ولا كرامة. "مسائل ابن هانئ" (1095) قال حرب: سألت إسحاق قلت: رجلٌ طلَّقَ أمرأتَه ثلاثًا، فتزوجها رجل بغير ولي، هل تحل لزوجها؟ قال: هذا ليس بنكاح ولا تحل للزوج. سألت إسحاق: قلتُ: رجل تَزَوَّجَ امرأةً على نكاح الشغار، هل يحللها لزوجها؟ قال: لا. قال: وكل نكاح فاسد. قلتُ: فإن تزوجها بغير ولي؟ قال: لا يحللها. "مسائل حرب" ص 37 قال حرب: سألتُ إسْحاقَ بن إبراهيم عن رجل طلَّقَ أمرأتَه ثلاثًا، فتزوَّجها غلام لم يحتلم، فدخل بها؟ قال: لا تحلُّ لزوجها.

قلتُ: فتزوجها عبدٌ دون إذنِ سيده؟ قال: لا يكون هذا نكاحًا. ولم يرخص فيه. قلتُ: فإن تزوجها رجل بغير وليٍّ، هل تحل لزوجها؟ قال: هذا ليس بنكاح، ولا تحل للزوج. "مسائل حرب" ص 87 قال حرب: سألت أحمدَ، رجل تحته أمة، فطلقها، فوطئها سيدها، ثم أراد الزوج أن يتزوجها؟ قال لا يحل له نكاح السيد إياها؛ لأن السيد إنما وطئ ملك يمينه، وليس بزوج، وقال اللَّه: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وكذلك الأحكام في السيد والزوج مختلفة، فلا يجوز هذا. وسمعتُ أحمد مرةً أخرى يقول: إن غشيها سيدها لم تحل له؛ لأن السيد يغشاها بملك اليمين. "مسائل حرب" ص 96 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: المطلقة ثلاثًا؟ فقال: لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجًا غيره، يدخل بها ويطأها. قال أبي: والمطلقة ثلاثًا تعتد حتى تنكح زوجًا غيره، يدخل بها ويطأها. "مسائل عبد اللَّه" (1367) نقل مهنا في خصي غير مجبوب تزوج امرأة ثم طلقها: فإنها تحل لزوجها الأول إذا كان ينزل، والخصي ينزل إذا كان غير مجبوب. ونقل أبو طالب في المرأة تتزوج الخصي تستحل به؟ قال: لا حتى تذوق العسيلة. "الروايتين والوجهين" 2/ 169، "المغني" 10/ 550

قال أحمد في رواية حنبل: إذا طلقها ثلاثًا، وأراد أن يُراجعها، فاشترى عبدًا وزوجها إياه، فهذا الذي نهى عُمر، يؤدبان جميعًا، وهذا فاسد، ليس بكفءٍ، وهو شبه المحلل. "معونة أولي النهى" 9/ 129، "الشرح الكبير" 20/ 412 قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في الذي يطلق ثلاثًا: لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره نكاحًا صحيحًا، نكاح رغبة ليس فيه دلسة فيتزوجها، فإن بدا له أن يطلقها فهو أعلم، فأما أن يتزوج يستحل فلا. قال: قلت لأبي عبد اللَّه: أرأيت إن تزوجها رجل يريد التحليل فدخل بها ثم طلقها فرجعت إلى الأول أيفرق بينهما؟ فقال: ليس هذا بنكاح صحيح إذا أراد التحليل. قال: قلت لأبي عبد اللَّه: فيفرق بينهما؟ فقال: ابن عمر كما ترى يقول: لا يزالان زانيين ما اجتمعا (¬1)، وغيره يقول نحوه. "بيان الدليل" ص 41، 42 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 266 (10778)، وابن أبي شيبة 3/ 547 (17076)، والطبراني في "الأوسط" 6/ 223 (6246)، والبيهقي 7/ 208 بمعناه. وصححه الحاكم 2/ 199 وقال: صحيح على شرط الشيخين. وقال الهيثمي في "المجمع" 4/ 267: رواه الطبراني في "الأوسط" ورجاله رجال الصحيح. وقال الألباني في "الإرواء" (1898): قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. وقال في رواية ابن أبي شيبة: إسناده صحيح.

2258 - مسلم تزوج نصرانية فطلقها ثلاثا ثم تزوجها نصراني ثم طلقها هل تحل للمسلم؟

قال أحمد في رواية حنبل في الرجل يتزوج المرأة على أن يحلها لزوجها الأول: لا تحل له، ولا يجوز حتى يكون نكاحًا أبت النية فيه، فإن شاء أمسك، وإن شاء طلق. وقال أيضًا في روايته: إذا نكحها على أن يطلقها في الحال لترجع إلى الأول يفرق بينهما، والمهر لا بد منه بما استحل من فرجها. "بيان الدليل" ص 42 2258 - مسلم تزوج نصرانية فطلقها ثلاثًا ثم تزوجها نصراني ثم طلقها هل تحل للمسلم؟ قال حرب: قلتُ لإسحاق: مسلم تحته نصرانية، فطلقهما ثلاثًا، فتزوجها نصراني أو عبد، ثم طلقها، هل يراجعها الأول؟ قال: لا يتزوجها؛ لأن المشرك لا يحلل. قلتُ: والعبد؟ قال: ولا العبد لا يحلل؛ لأنه عبد، ولم يرخص فيه. "مسائل حرب" ص 88 قال الخلال: رأيت في كتاب لهارون المستملي أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الرجل يتزوج النصرانية فيطلقها، فتتزوج نصرانيًّا فيطلقها، أترجع إلى المسلم؟ قال: نعم، ألا تراه قال: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] أفليس هذا زوجًا؟ !

وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث أن أبا عبد اللَّه سُئل عن: نصرانية كانت تحت مسلم فطلقها ثلاثًا، فانقضت عدتها، ثم تزوجها نصراني ودخل بها وطلقها ثم مات عنها أو طلقها، تحل لزوجها المسلم بنكاح هذا النصراني؟ قال: نعم، هو زوج، النصراني يحل الذميّة للمسلم. وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال سمعت أبا عبد اللَّه وسُئل عن الرجل تكون تحته النصرانية ثم يطلقها ثلاثًا ثم تتزوج من نصراني، أتحل للأول المسلم؟ قال: نعم، تحل للأول؛ لأنه زوج وبه تجب الملاعنة والقسم. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: في رجل تزوج نصرانية فطلقها ثلاثًا، فتزوجها نصراني فدخل بها ثم رجعت إلى الأول: فإن النصراني قد أحلَّها له، ذكره أبو عبد اللَّه عن عمرة. ورأيته معجبًا به وقال لي: يحفظ عن يونس، عن ابن شهاب وأبي الزناد. وقيل: من قبل يونس. قال: ابن مبارك. قلت لأبي عبد اللَّه: وما يمنعه أن يحلّها وهو زوج؟ [. . .] (¬1) قال: نعم. ¬

_ (¬1) كذا بالأصول: السؤال من غير جواب.

وقال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال حدثني أبي قال: حدثنا زهير قال: سألت المغيرة عن: الرجل وامرأته نصرانيين، فيطلق امرأته ثلاثًا ثم يسلمان بعد؟ قال: لم أسمع من إبراهيم فيها شيئًا، وكان من قول أصحابنا: أنها لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره. قال حنبل: قال أبو عبد اللَّه: الإِسلام هدم الطلاق. "أحكام أهل الملل" 1/ 249 (448 - 493)

باب الخيار في النكاح

باب الخيار في النكاح فصل: موجبات الخيار أولًا: خيار العيوب أ - عيوب يشترك فيها الرجال والنساء 2259 - إذا فوجئ أحد الزوجين بأن الآخر به جنون أو برص أو جذام قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا تزوج الرجلُ المرأة فوجد بها جنونًا أو جذامًا أو برصًا؟ فلم يقل شيئًا. "مسائل الكوسج" (880) قال إسحاق بن منصور: قلت: تقول بحديث عمر وعلي -رضي اللَّه عنهما-؟ (¬1). قال: لا أدري. قال: سألته بعد ذلك، فقال: ما أدري إلا أن يرجع على الولي. قلت: ويفارقها؟ قال: نعم. قال إسحاق: السنة فيه قولُ عمر في العيوب الأربع إلا أن يكون قد دخل بها، فإن كان دخل بها فهي امرأته. "مسائل الكوسج" (881) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 475 (16289) عن عمر -رضي اللَّه عنه-. والبيهقي 7/ 215 عنهما.

قال حرب: سألت أحمدَ، قلتُ: رجل تَزَوَّجَ امرأةً فدخل بها، فوجد بها داءً ولم يُخبَر بذلك؟ قال: عليه المهر، ويقال: يرجع به على الولي. وقال: وسألتُ إسحاق، قلتُ: رجل تَزَوَّجَ امرأةً، وبها عيب لا يُعلم ثم علم؟ قال: إذا كان الشيء ظاهرًا يعرف، فإن كان دخل بها فلها المهر، وإن لم يكن دخل بها فلا شيء. "مسائل حرب" ص 56 وقال في رواية بكر بن محمد: قد كنت أذهب إلى حديث على، ثم هبته، وكأني أميل إلى حديث عمر. وقال في رواية أبي طالب: ليس عليه غرم بما غره. فقيل له: ما تقول أنت؟ قال: لا أدري (¬1). "الروايتين والوجهين" 1/ 413 وقال أحمد في رواية حنبل: إذا كان به جنون أو وسواس أوْ تغير في عقل وكان يعبث ويؤذي رأيت أن أفرق بينهما, ولا يقيم على هذا، ولا خيار بغير ذلك. "الفروع" 5/ 237 ¬

_ (¬1) نقل صاحب "الروايتين والوجهين" 1/ 413: قال أبو بكر الخلال: فقد توقف أحمد عن المهر؛ لأن عمر وعليًّا اختلفا فقال عمر: يرجع. وقال علي: لا يرجع، وكذا القولين قال بهما أحمد. قال: واختياري قول علي -رضي اللَّه عنه-.

2260 - العقم

2260 - العقم قال إسحاق بن منصور: قلت: الرجل يتزوج المرأة وهو عقيم لا يُولد له؟ قال أحمد: أعجب إلي إذا عرف ذا من نفسه أن يُبين، عسى امرأته تريدُ الولد. قال إسحاق: كما قال؛ لأنه لا يسعه أن يغرها. "مسائل الكوسج" (1282) قال حرب سألتُ إسْحاقَ أيضًا: ما قولُك في العقيم يتزوج امرأةً، ولا تعلمُ المرأةُ، وثم علمت بعدُ، ألها الخيار؟ قال: كما لم تعلم المرأة من ذلك العلم ما يعلم هو فلها الخيار؛ لأنه يَقْدُمُ على علم. "مسائل حرب" ص 59 ب- عيوب خاصة بالرجال 2261 - العِنَّة قال إسحاق بن منصور: قلت: من أين يؤجل العنين؟ قال: من يوم (يرفع) (¬1). قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (1039) قال إسحاق بن منصور: قلت: سُئل سفيان عن: المرأة إذا قالت: إن زوجها لا يستطيع أن يجامعها؟ قال: إن كانت عذراء نظر إليها النساءُ، وإن كانت ثيبًا استحلف زوجها. ¬

_ (¬1) أي: يؤجل سنة من يوم يرفع إلى الإِمام.

قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1206) قال إسحاق بن منصور: قلت: قول علي حين جاءته المرأة، فقال: اتقي اللَّه عز وجل، واجلسي في بيتك (¬1). ما أدري بذلك؟ قال: العنين الذي لم يصبها قط، وأما إذا أصابها مرة، فلا يكون عنينًا. "مسائل الكوسج" (1294) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن العنين؟ قال: يؤجل سنةً من يوم يرفعُ إلى الإِمام. قال: فقيل لأحمد: فإن ادعى أنه يأتيها؟ قال: إن كانت بكرًا نظر إليها النساءُ، وإن كانت ثيبًا قال عطاء: يجيء بمائه في خرقةٍ، وأما سمرةُ بن جندب فزوجه. قيل لأحمد وأنا أسمع: لعله يجيء بماء غيره؟ قال: إنما يدخلُ معها في بيت كيف يجيء بماء غيره؟ . قلتُ: قولُ من قال: يجيء بماء البيض؟ فقال: ماء البيض يجتمعُ والمني يذهب يعني: إذا أُلقى على النار. "مسائل أبي داود" (1184) قال ابن هانئ: وسئل عن المرأة يتزوج بها الرجل، فتقول: لم يدخل بي. ويقول هو: قد دخلت بها؟ قال: أما عطاء فيقول: يؤخذ ماؤه على قطنة فإن لم يكن يؤجل كما يفعل بالعنين. "مسائل ابن هانئ" (1047) ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 7/ 227.

قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسأله هارون الديك عن الرجل يصل مرة واحدة إلى امرأته ثم لا يصل إليها مرة أخرى، أيفرق بينهما؟ قال: لا يفرق بينهما, وليس هذا عنينًا, وليس لها أن تقدمه إلى السُّلطان، ليفرق بينهما. "مسائل ابن هانئ" (1128) قال حرب: سألت أحمدَ قلتُ: رجلٌ تَزَوَّجَ امرأةً فلم يقدر أن يقربها؟ قال: يؤجل سنة. قلتُ: فإن لم ترافعه؟ قال: إذا سكتت فَمهْ؟ ! وسألتُ إسحاقَ، قلتُ: أخبرني رضي اللَّه عنك عن: امرأةٍ استَعْدَتْ على زوجها أَنَّه عنين، وأنه لا يقربها، وقال الزوجُ: كذبتِ. كيف يُعْرَفُ ذلك، وما الحكم في ذلك؟ قال: يريهم ماءه، هذا حكمه. "مسائل حرب" ص 58 قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن الرجل إذا وصل مرة إلى امرأته؟ قال: ليس بعنيّن، ولا يفرق بينهما، وإليه أذهب، وإن لم يصل بعد، وإن طالبته ليس لها ذاك. "مسائل عبد اللَّه" (1268) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان، عن الركين، عن أبيه وحصين بن قبيصة قالا: قال عبد اللَّه: يؤجل العنين سنة، فإن جامع وإلا فرق بينهما. "مسائل عبد اللَّه" (1269)

2262 - إذا كان الرجل مجبوبا

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن سفيان، عن الركين، عن أبي النعمان قال: أتينا المغيرة بن شعبة فيه فأجله سنة. "مسائل عبد اللَّه" (1270) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا يزيد قال: أخبرنا محمد -يعني: ابن إسحاق- عن خالد بن كثير الهمداني، عن الضحاك بن مزاحم أن عليًّا -رضي اللَّه عنه- أجل العنين سنة، فإن انبسط إلى أهله فسبيل ذلك، وإلا فرق بينهما، فالتمسا من فضل اللَّه. "مسائل عبد اللَّه" (1271) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يزيد قال: أخبرنا سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب أجل الذي لا يستطيع أن يأتي امرأته سنة، وجعل لها الصداق كاملًا، وعليها العدة كاملة. "مسائل عبد اللَّه" (1272) وقال أحمد في رواية مهنا في العنين إذا ضرب له الأجل ثم اختلفا في الإصابة والمرأة ثيب: يُخلى معها ويقال له: أخرج ماءك على شيء، فإن ادعت أنه ليس بمني جعل على النار، فإن قلب فهو مني. "الروايتين والوجهين" 2/ 111 2262 - إذا كان الرجل مجبوبًا قال في رواية مهنا في مجبوب تزوج امرأة، فلما دخل عليها لم ترض: لها ذلك، وعليه نصف الصداق إذا لم ترض به. "تقرير القواعد" 3/ 140

2263 - الرجل يدخل بالمرأة فيجدها ممسوحة

جـ - عيوب خاصة بالنساء 2263 - الرجل يدخل بالمرأة فيجدها ممسوحة قال ابن هانئ: سألته عن رجل تزوج بامرأة، فلما أراد أن يدخل بها، وجدها ممسوحة؟ قال أبو عبد اللَّه: من الناس من يقول: يعوض شيئًا، وهو قول شريح، ومن الناس من يقول: لها المهر بما استحل من فرجها، وهو قول علي بن أبي طالب (¬1)، وبه آخذ. وأهل المدينة يقولون: إذا علم ذلك منها الولي أغرم صداقها. "مسائل ابن هانئ" (1041) 2264 - الرجل يتزوج المرأة فلم يجدها بكرًا قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يتزوج بالمرأة، فيدخل بها، ويقول: لم أجدها بكرًا؟ قال: قد تذهب العذرة في البسورة، وكثرة الحيض، والتعنيس، لها المهر كاملًا، إذا هو كرهها. "مسائل ابن هانئ" (1048) ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 213 (821).

2265 - حكم استمرار النكاح إذا أعتق أحدهما أو عتقا معا

ثانيًا: خيار العتق 2265 - حكم استمرار النكاح إذا أعتق أحدهما أو عتقا معًا قال إسحاق بن منصور: قلت: العبد إذا أعتقته امرأته وهي في عدةٍ منه؟ قال لم يتراجعا إلا بنكاحٍ جديد ووليٍّ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1079) قال حرب: قِيل لأحمد: رجل زوج عبده أمته ثم أعتقهما جميعًا، فمكثت معه أيامًا؟ قال: لا يجوز إلا أن يجدد النكاح. قال: وأظنه قال: وكذلك إن اشترى لعبده سرية ثم أعتقها، قال: يجدد النكاح. "مسائل حرب" ص 288 2266 - خيار الفسخ للأمة إذا أعتقت قال إسحاق بن منصور: قلت: تخير الأمة إذا كان زوجها حرًّا؟ قال: لا، إذا كان زوجها حرًّا فلا خيار لها، إنما تُخير من العبد إذا اختارت نفسها تكون فرقة بغير طلاق. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1053) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد رحمه اللَّه تعالى: وخيار الحُرة تطليقة يملك الرجعة.

قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ الخيار من العبد، إن أعتق العبد فله أن يتزوجها ومضت واحدة. "مسائل الكوسج" (1054) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: ويخطبها في العدة؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1055) قال إسحاق بن منصور: قلت: لم لا يكون طلاقًا؟ قال: الطلاق ما تكلم به الرجل، إنما هذا شيء من قبلها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1056) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا خيرت الأمة فاختارت نفسها, ولم يكن دخل بها. قال: فلا صداق لها، وإن اختارته فالصداقُ للسيد. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّها ذهبت بنفسها. "مسائل الكوسج" (1057) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا أعانها زوجها في مكاتبتها لم تخير؟ قال: وما زوجها؟ قلت: عبد. قال: إذا أعانها أو لم يعنها فلها الخيار. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1058)

قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: إن وقع عليها وهي لا تعلمُ أن لها الخيار، حُلِّفَتْ أنه ما وقع عليك وأنت تعلمين بأنه كان لك الخيار، فإن حلفت خيرت، وإن كانت علمت فلا خيار لها. قال أحمد: إذا وقع عليها فلا خيار لها علمت أو لم تعلم. قال إسحاق: كما قال سفيان. "مسائل الكوسج" (1174) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: إذا أعتقت الأمة خُيِّرت تحت من كانت حرًّا أو عبدًا، فإن اختارت نفسها ولم يكن دخل بها فلا صداق لها؛ لأن الفرقة جاءت من قبلها، فإن اختارته فالصداق للسيد؛ لأن أصل المهر وقع للسيد حين تزوجت، وإن كان دخل بها فالصداق أيضًا للسيد. قال أحمد: إذا كانت أمة، فالصداق للسيد على حال ولا تخير تحت الحر. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1175) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان إذا أعتقت الأمة فعلمت في مجلسها أنَّ لها الخيار فلم تختر فلا خيار لها. قال أحمد: لها الخيار ما لم يغشها. "مسائل الكوسج" (1176) قال إسحاق بن منصور: سُئل إسحاق عن الأمة تعتق وزوجها حرٌّ أو عبدٌ؟

قال: السنة في ذلك أن لا خيار لها من الحرِ؛ لأنها صارت إلى مثل حاله فأي خيار لها؟ ! إنما لها أن تختار إذا أعتقت من زوجها إذا كان عبدًا، والذي يصح من زوج بريرة أنه كان عبدًا (¬1). "مسائل الكوسج" (1311) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: الأمة تكون تحت الحر أو العبد فتعتق، ألها الخيار؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا كان حرًّا فلا خيار لها، وإذا كان عبدًا فلها الخيار. "مسائل ابن هانئ" (1076) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: الكوفيون يقولون: زوج بريرة كان حرًّا، وأهل المدينة يقولون: كان عبدًا. ابن عباس (¬2)، والقاسم بن أبي سبرة، وعروة، عن عائشة (¬3). وأما الأسود يرويه عن عائشة أنه كان زوج بريرة حرًّا (¬4). "مسائل ابن هانئ" (1077) ¬

_ (¬1) رواه الإِمام أحمد 6/ 115، ومسلم (1504) من حديث عائشة. (¬2) رواه الإِمام أحمد 1/ 281، والبخاري (5280). (¬3) كذا في المطبوع من "مسائل ابن هانئ"، ولم أقف على ترجمة للقاسم بن أبي سبرة. وقال ابن قدامة في "المغني" 10/ 70: قد روى القاسم بن محمد، وعروة عن عائشة أنه كان عبدًا. ورواية القاسم بن محمد عنها رواها الإِمام أحمد 6/ 115، ومسلم (1504). ورواية عروة عنها رواها الإمام أحمد 6/ 170، ومسلم (1504). (¬4) رواه الإمام أحمد 6/ 170، وأبو داود (2235)، والترمذي (1155)، والنسائي 6/ 163، 164، وابن ماجه (2074). قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال المنذري في "المختصر" 3/ 148: قوله: كان حرًّا. هو من كلام الأسود بن يزيد، وجاء ذلك مفسرًا، وإنما وقع مدرجًا في الحديث. =

قال حرب: وقال أحمد: تخير الأمة من العبد ولا تخير من الحر. قال: وأهل المدينة يقولون كان زوج بريرة عبدًا. وقال: وسمعت أحمد مرة أخرى يقول في الأمة إذا بيعت وزوجها حر، قال: ليس لها خيار بتة، وإن كان الزوج عبدًا خيرت. قلت: كيف تخير؟ قال: تخير من نفسها ومن زوجها. قلت: فإن قالت: قد اخترت نفسي. قال: يختلف الناس في هذا يقول قوم: تطليقة. ويقول قوم: هو قطع ما بينهما، ويقول قوم: هو فسخ النكاح. قلت: فأي شيء تختار أنت؟ قال: ما أدري. قلت لأحمد: رجل يعتق أمته ولها زوج لم يدخل بها، فتختار نفسها هل لها صداق؟ قال: ليس لها صداق؛ لأنه لم يدخل بها. قلت: فإن دخل بها فاختارت نفسها لمن الصداق، لها أو لسيدها؟ قال: لسيدها. قلت: كيف يكون لسيدها وقد عتقت؟ قال: لأن الأصل كان له. وقال: وسألت أحمد مرة أخرى قلت: صداق الأمة لها أو لسيدها؟ ¬

_ = وقال الألباني: صحيح دون قوله: (حر). والمحفوظ (عبد). انظر: "صحيح ابن ماجه" (1687)، و"الإرواء" 6/ 276، و"صحيح أبي داود" (1937).

قال: لسيدها. وأظنه قال: وكذلك إن أعتقت. وسُئلَ أحمد عن رجل باع عبدًا وله سرية؟ قال: هي لسيده. قِيل: أيفرق بينهما؟ قال: لا، هي امرأته وهي ملك سيده. "مسائل حرب" ص 285 قال حرب: قِيل لأحمد: زوج بريرة حرًّا كان أو عبدًا؟ قال: الأحاديث الصحاح أنه كان عبدًا. وقال: وسمعت إسحاق يقول: تخير الأمة من العبد، ولا تخير من الحر، وذكر عن أهل المدينة أن زوج بريرة كان عبدًا. وقال: حدثنا إسحاق قال: أنا المغيرة بن سلمة المخزومي قال: حدثنا وهب، عن عبيد اللَّه بن عمر، عن عروة، عن عائشة قالت: كان زوج بريرة عبدًا. وقال: حدثنا إسحاق قال: أخبر المخزومي قال: حدثنا وهب، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد أنها قالت: كان زوجها عبدًا. وقال: حدثنا إسحاق قال: أخبرنا جرير، قال: ثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كاتبت بريرة على نفسها بتسع أواقٍ كل سنة أوقية، فخيرها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من زوجها وكان عبدًا فاختارت نفسها. قال عروة: ولو كان حرًّا ما خيرها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "مسائل حرب" ص 278 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 170، وإسحاق 2/ 245 (746)، ومسلم (1504/ 9).

2267 - من جعل عتق أمته صداقها، هل يثبت النكاح والعتق؟

قال حرب: قال أحمد في الأمة إذا عتقت وزوجها عبد فوطئها بعد العتق: فليس لها خيار، علمت أن لها الخيار أو لم تعلم. مذهبه مذهب حديث حفصة (¬1) قال أبو محمد: في كتابي إذا بيعت، وإنما هو إذا عتقت. "مسائل حرب" ص 279 نقل الأثرم وإبراهيم بن الحارث في الأمة إذا أعتقت مع زوجها: لها الخيار. ونقل محمد بن حبيب: لا خيار لها. "الروايتين والوجهين" 2/ 110 نقل ابن القاسم عنه في الأمة إذا كان زوجها حرًّا فعتقت: لا خيار لها. "بدائع الفوائد" 4/ 103 2267 - من جعل عتق أمته صداقها، هل يثبت النكاح والعتق؟ قال إسحاق بن منصور: سُئل أحمدُ عن: رجل أعتق جاريته، أله أن يتزوج بها؟ قال: نعم. "مسائل الكوسج" (1359) قال صالح: قلت: الرجل يعتق الأمة فيقول: أجعل عتقك صداقك، أو صداقك عتقك؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام مالك ص 347، والشافعي في "مسنده" 2/ 40 (128)، وعبد الرزاق 7/ 251 (13017)، وسعيد بن منصور 1/ 297 (1250)، وابن أبي شيبة 3/ 598 (16534) من طرق عن حفصة.

قال: كل جائز، إذا كانت له نية فنيته. "مسائل صالح" (1096) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: رجل يعتق جارية، ثم يبدو له أن يتزوجها؟ قال: لا بأس به، أذهب فيه إلى حديث شعيب بن الحبحاب وثابت وقتادة وعبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أعتق صفية وجعل عتقها صداقها (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1302) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا إسماعيل: قال: "حدثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعتق صفية وتزوجها. فقال له ثابت: ما أصدقها؟ قال: نفسها، أعتقها وتزوجها. "مسائل عبد اللَّه" (1303) قال أبو بكر الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: روى شعبة، عن قتادة، عن أنس أنه كره إذا أعتق الأمة أن يتزوجها (¬2). قال: نعم، إذا أعتقها لوجه اللَّه، كُره له أن يرجع في شيء منها. "المغني" 9/ 457، "بدائع الفوائد" 4/ 67 ¬

_ (¬1) رواية شعيب عنه رواه الإمام أحمد 3/ 181، والبخاري (5189) ومسلم (1365/ 85). ورواية ثابت عنه رواها الإمام أحمد 3/ 280، والبخاري (24200)، ومسلم (1365/ 85) ورواية قتادة عنه رواها الإمام أحمد 3/ 160، ومسلم (1365/ 85). ورواية عبد العزيز عنه رواه الإمام أحمد 3/ 99، والبخاري (4201)، ومسلم (1365/ 84، 85). (¬2) لم أقف عليه من طريق شعبة، لكن روى ابن أبي شيبة 3/ 462 (16150) عن سعيد عن قتادة عن أنس به.

2268 - هل بيع أحد الزوجين يعد طلاقا؟

2268 - هل بيع أحد الزوجين يعد طلاقًا؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: بيع الأمة طلاقها؟ قال: أحتج بحديث ابن مسعودٍ وأنس -رضي اللَّه عنهما- إذ تأولا قوله تبارك وتعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] فقال ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-: نزلت في المشركين والمسلمين (¬1). وقال أبو سعيدٍ الخدري -رضي اللَّه عنه-: إنها نزلت في سبايا أوطاس، سُبين ولهن أزواجٌ في قومهنَّ (¬2) فنزلت: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} قال علي موافقًا لأبي سعيد: إنها نزلت في المشركين (¬3). وأما تأويل من تأول في بريرة أنها خيرت بعدما اشترتها عائشة -رضي اللَّه عنها- وأعتقتها (¬4)، وأن ذلك لم يكن طلاقًا شراؤها، فليس في ذلك دليل أنه لم يكن بيعها طلاقًا؟ لأنه لا يدرى أكان قبل نزول الآية أو بعدها، وابن عباس -رضي اللَّه عنهما- يروي قصة بريرة تخيير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إياها، وهو يقول: بيع الأمة طلاقها، ورأي أحمد على حديث أبي سعيد الخدري. قال إسحاق: كما قال، لا يكون بيعها طلاقها أبدًا، حتى يطلقها الزوج أو يشتري نصفها من الزوج. "مسائل الكوسج" (1305) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 531 (16895)، والطبري 4/ 4 (8973)، والطبراني 9/ 213 (9036). قال الهيثمي في "المجمع" 7/ 3: رواه الطبراني عن شيخه عبد اللَّه بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، وهو ضعيف. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 72، ومسلم (1456). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 3/ 530 (16883)، والطبراني 9/ 213 (9036). (¬4) تقدم تخريجه.

قال إسحاق بن منصور: قلت: فمن اشترى جاريةً، ولها زوج؟ قال: لا يكون بيعها طلاقها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1306) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن الأمة إذا بيعت ولها زوجٌ، أيكونا على نكاحهما؟ قال: نعم. قلت: لأحمد حديث بريرة فيه حجة؟ قال: كيف يكون حجةٌ وهو يرويه ابن عباسٍ، وهو يقول: بيعها طلاقها (¬1)، وابن مسعودٍ يقول: طلاقها (¬2)، فتراه لم يعلم قصتها، ومن يدري كانت هذِه الآية التي في أوطاسٍ قبل بريرة أو بعد؟ ليس فيها حجة. سمعت أحمد يقول: كان أبو سعيدٍ يقولُ: نزلت في سبي أوطاسٍ، وكان ابن مسعودٍ -رضي اللَّه عنه- يقول: نزلت في المسلمين والمشركين. "مسائل أبي داود" (1192) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل اشترى جارية فقالت: لي زوجٌ؟ فقال: هي عليك حرام. "مسائل أبي داود" (1193) ¬

_ (¬1) رواه سعيد 2/ 38 (1947)، والطبري 4/ 5 (8979، 8984). (¬2) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 152 (546)، وسعيد 2/ 37 (1942)، وابن أبي شيبة 4/ 105 (18249)، والطبري 4/ 5 (4981). قال ابن كثير في "تفسيره" 3/ 426 بعد إيراده رواية الطبري: هو منقطع.

قال ابن هانئ: وسئل عن الأمة: بيعها طلاقها؟ فقال: لا يكون بيعها طلاقها. "مسائل ابن هانئ" (1071) قال ابن هانئ: وقال: لا يشتري الرجل الأمة ليجامعها، فإذا كان لها زوج فإنه عيب، يردها ولا يجامعها. "مسائل ابن هانئ" (1072) قال ابن هانئ: سألته عن: السيد إذا زوج أمته من عبده، ثم باع العبد، أتطلق ببيع العبد؟ قال: لا يكون بيعه طلاقها، ولا تطلق أيضًا ببيعها. "مسائل ابن هانئ" (1083) قال حرب: قلت لأحمد: بيع الأمة طلاقها؟ قال: لا أقول ذلك، نذهب إلى حديث عبد الرحمن بن سعد (¬1) وعمر بن الخطاب. وقال: وسمعت أحمد مرة أخرى قال في الأمة تباع ولها زوج: ليس بيعها طلاقها. وقال: وسمعت إسحاق وسألته قلت: رجل اشترى أمة ولها زوج؟ قال: لا يكون البيع طلاقًا. ¬

_ (¬1) لم أقف على حديث لعبد الرحمن بن سعد في هذا، ولعله عبد الرحمن -يعني: ابن عوف- وسعد -يعني: ابن أبي وقاص- وقد روى عبد الرزاق 7/ 282 (13177)، وسعيد بن منصور 2/ 39 (1953)، وابن أبي شيبة 4/ 107 (18265، 18268) في هذا المعنى عن عبد الرحمن بن عوف. وأما أثرا سعد وعمر -رضي اللَّه عنهما- فسيأتيان مسندين قريبًا.

قلت: يشتري بضعها من زوجها؟ قال: نعم. قلت: من غير طلاق؟ قال: نعم، يشتري بضعها. وقال: وسألتُ إسحاق مرة أخرى قلت: رجل اشترى أمة ولها زوج، ولم يعلم أن لها زوجًا، هل يردها؟ قال: يردها؟ لأنه عيب كبير. قال: ويشتري بضعها من زوجها. "مسائل حرب" ص 286 قال حرب: قلت لأحمد: عبد تحته حرة فحُملَ إلى خراسان وامرأته هاهنا؟ قال: هي امرأته على كل حال ولا يكون بيعه طلاقًا إلا في قول من يقول: بيعه طلاق. "مسائل حرب" ص 287 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن حديث محمد بن سيرين أن عليًّا أهديت له جارية فقال: أخلو هي؟ (¬1) قال أبي: خلو: ليس لها زوج. "مسائل عبد اللَّه" (1311) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 281 (13176)، وسعيد 2/ 39 (1950) وابن أبي شيبة 4/ 106 (18263).

2269 - العبد يأبق وله امرأة، هل تكون فرقة؟

2269 - العبد يأبق وله امرأة، هل تكون فرقة؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: قال الحسن في العبد يأبق وله امرأة: هي فرقة (¬1)؟ قال أحمد: لا تكون فرقة، ولا بيع ولا هبة ولا صدقة ولا ميراث إلا أن تعتق، فإذا أعتقت وكانت تحت عبدٍ خيرت، فإن اختارت نفسها فهي فرقة، وما سوى ذلك لا يكون فرقةً. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1200) قال إسحاق بن منصور: قلت: العبد إذا أبق وله امرأةٌ؟ قال: هي امرأته. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1291) قال إسحاق بن منصور: قال: سئل أحمد عن رجل أعطى جاريةً له عَبْدَهُ على التسري فأبق عبده؟ قال: يأخذ جاريته يصنع بها ما شاء. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1292) قال إسحاق بن منصور: قال: وسئل أحمد عن رجل زوج جاريته من عبدِهِ فأبق عبده؟ لم يفت فيه بشيء. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 93 (12345)، وسعيد 2/ 38 (1948)، وابن أبي شيبة 4/ 168 (18936).

2270 - من تزوج أمة فاشتراها بعد

قال إسحاق: كلما كان التزويج فإن إباقه لا يكون طلاقًا. "مسائل الكوسج" (1293) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا أبق العبد من امرأته وهي أمة، أهي فرقة؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (1182) 2270 - من تزوج أمة فاشتراها بعد قال إسحاق بن منصور: قلت: فيمن تزوج أمة فاشتراها بعد؟ قال: يطأها بالملك. قلت: فولدت منه قبل أن يشتريها يبيعها إن شاء؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (935) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل تحته أمة فاشتراها؟ قال: هي فسخ ويطأها بملك اليمين. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1060) قال إسحاق بن منصور: قلت: العبدُ إذا ملكته امرأته، والرجلُ يملك امرأته، يكون فرقة بغير طلاق؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1078)

2271 - من تزوج أمة، فطلقها ثم اشتراها

2271 - من تزوج أمة، فطلقها ثم اشتراها قال حرب: سألت أحمدَ: رجل تزوج أمة، فطلقها ثلاثًا، ثم اشتراها، أيغشاها بملك اليمين؟ قال: لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره، وإن غشيها سيدها أيضًا لم تحل له؟ لأن السيد يغشاها بملك اليمين. وقال: سألت أحمدَ مرةً أخرى، قلتُ: رجل عنده أمة، فطلقها تطليقتين، ثم اشتراها، أيغشاها؟ فقال: نعم يغشاها على تطليقة؛ لأن الطلاق بالرجال. وقال: وسألت إسحاق، قلت: رجل تحته أمة، فطلقها تطليقتين، ثم اشتراها، هل يطأها بملك اليمين؟ وقال: سألت أحمدَ مرةً أخرى، قلتُ: رجل عنده أمة، فطلقها تطليقتين، ثم اشتراها، أيغشاها؟ فقال: نعم يغشاها على تطليقة؟ لأن الطلاق بالرجال. وقال: وسألت إسحاق، قلت: رجل تحته أمة، فطلقها تطليقتين، ثم اشتراها، هل يطأها بملك اليمين؟ قال: يطأها شديدًا. قلتُ: فإنه طلقها ثلاثًا، ثم اشتراها. قال: يجوز أن يطأها. "مسائل حرب" ص 94

2272 - ثالثا: خيار الإعسار بالصداق والنفقة

2272 - ثالثًا: خيار الإعسار بالصداق والنفقة قال إسحاق بن منصور: قلت: متى يفرق بين الرجل وامرأته إذا لم يجد ما ينفق عليها؟ قال: إذا عجز، ولا يقدر أن ينفق. قلت: هل يؤجل؟ قال: لا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1101) قال صالح: وسألته عن حديث أبي الزناد، عن سعيد بن المسيب في الرجل يعجز عن نفقة امرأته: يفرق بينهما (¬1). قلت: سنة؟ قال: سنة. "مسائل صالح" (221) قال صالح: وقال: إذا عجز الرجل عن نفقة امرأته يفرق بينهما. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا ابن إدريس، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر أن عمر كتب إلى أمراء الأجناد: خزروا من قبلكم بالنفقة، وإلا فليطلقوا (¬2). "مسائل صالح" (1160) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 96 (12357)، وسعيد 2/ 55 (2022)، وابن أبي شيبة 4/ 174 (19006)، وابن حزم في "المحلى " 10/ 94، والبيهقي 7/ 469. (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 93 - 94 (12346)، وابن أبي شيبة 4/ 175 (19013)، وابن حزم في "المحلى" 10/ 93، 98، والبيهقي 7/ 469.

2273 - إذا غاب الزوج وعجزت الزوجة على النفقة، ألها فسخ العقد؟

قال أبو داود: سمعتُ أحمد ينكر قول رجلٍ لا يفتي فيمن ليست عنده نفقة أن يخير امرأته، قال: فتقف امرأته على لا شيءٍ؟ ! وسعيد بن المسيب يقولُ: سنة. قال أحمد: هذا عندي من ضيق العلم. حيث لا يتكلم في المفقود، وفيمن ليست عنده نفقة. احتج أحمد فيه بحديث عمر؟ كتب إلى أمراء الأجناد أن يبعثوا نفقةً أو يطلقوا. "مسائل أبي داود" (1186) قال حرب: سُئلَ أحمد، عن الرجل يعجز، عن نفقة امرأته؟ قال: يفرق بينهما، تجلس على الخسف بغير شيء. قلت: فإن قِيل له: طلقها فقال: لا أفعل، بطلاق القاضي عنه. قال: فيه اختلاف وذهب إلى أنه يجبر على الطلاق. "مسائل حرب" ص 245 2273 - إذا غاب الزوج وعجزت الزوجة على النفقة، ألها فسخ العقد؟ قال في رواية الميموني: إذا كانت السنة فيمن عجز عن النفقة، وهو مقيم معها أن يفرق بينهما، أليس هذا أقل من أن يكون لا يوصل إليها وهو غائب عنها؟ "مجموع رسائل الحافظ ابن رجب" 2/ 588

2274 - رابعا: خيار الغرر عبد تزوج حرة وظنت أنه حر؟

2274 - رابعًا: خيار الغرر عبد تزوج حرة وظنت أنه حر؟ قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن امرأة تزوج بها عبد، وهي لا تعلم، فلما كان بعد قليل، جاء رجل، فزعم أنه غلامه أبق منه، فأقر الغلام أنه مولاه، ثم علمت الجارية بعد؟ قال أبو عبد اللَّه: لها منه الخيار. قلت له: إنها حامل منه؟ قال: ينفق عليها حتى تضع، فإذا وضعت يكون ولدها حرًّا، وتعطى خمسي الصداق. "مسائل ابن هانئ" (1067) قال حرب: قلتُ لأحمدَ: امرأة تزوجها رجل، فظنت أنه حر، فمكثت معه، ثم ظهر عليه أنه عبد؟ قال: إذا علمت أنه عبد فلها خمسا المهر، وإذا لم تعلم فلها المهر في رقبة العبد حتى تجاوز قيمة العبد، فإن شاء مولاه فداه. قال: وإن كان المولى أذن له في التزويج، فالمهر على المولى، وإلا فهو في رقبته. "مسائل حرب" ص 97 2275 - فداء المغرور بالأمة لأولاده منها لسيدها قال إسحاق بن منصور: قلت: أمة أتت قومًا، فزعمت أنها حرة، فتزوجها رجلٌ فولدت منه؟

قال: يفدي ولده يُغره غرة، وللأمة ما كان سمى لها من المهر. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1128) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال: قال عمر -رضي اللَّه عنه- في العربي يتزوج الأمة: فولده لا يسترقون يفديهم (¬1). قال أحمد: لا أقول في العربي شيئًا، قد اختلفوا فيه، فذكر حديث بني المصطلق حين أعتقهم النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2)، وذكر حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-: كان عليها عتق أربع محرر من ولد إسماعيل (¬3). قال إسحاق: كما قال سفيان؛ لأن عمر رحمه اللَّه قال: ليس على عربي ملك ورأى عمر -رضي اللَّه عنه- فداء الأولاد، وهو الحق المبينُ. "مسائل الكوسج" (1177) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال عمر -رضي اللَّه عنه-: والمولى يسترق ولده؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 414 (32466) ومن طريقه ابن حزم في "المحلى" 8/ 138. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 277، وإسحاق 2/ 216 (725)، وأبو داود (3931) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-. وصححه ابن الجارود 3/ 39 (705)، وابن حبان 9/ 362 - 363 (4045، 4055) والحاكم 4/ 26 جميعًا من طريق محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة، عن عائشة. وصححه الألباني في "الإرواء" (1212). (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 256، وإسحاق 3/ 1020 (1768)، والحاكم 2/ 216. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 46: رواه أحمد والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح.

قال أحمد: أما المولى فلا يختلف فيه أن ولده عبيدٌ إذا كان تزوج، إلا أن يكون مغرورًا يفدي ولده. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1178) قال صالح: وقال في رجل تزوج أمة وهو يرى أنها حرة، فولدت منه أولادًا، ثم جاء المولى فأقام البينة أنها أمته أبقت من عنده: فعلى أبيهم أن يفديهم وترد الأمة إلى مالكها. وقال بعضهم: مكان كل وصيف وصيف. فإن كان رجل غره منها فعلى الغار الذي غره أن يفدي ولده له. فإن لم تقر هي أنها أمة، ولم تكن له بينة فلا شيء له حتى يثبت له أو تقر هي أنها أمته. "مسائل صالح" (534) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن مملوكة أبقت من سيدها، فجاءت إلى قوم فزعمت أنها حرة، فتزوجها رجل فولدت منه أولادًا، فجاء مواليها بعد؟ قال: إذا ثبتوا أنها مولاتهم أبقت منهم، ردت عليهم، وتفتدي أولادها برأس أو برأسين، ولها المهر، وترجع إلى مواليها، ويكون أولادها أحرارًا. "مسائل ابن هانئ" (1069) قال حرب: قلتُ لأحمدَ: فرجل تزوج امرأة، وظن أنها حرة، فأصاب منها أولادًا، فإذا هي أمة؟ قال: يفرق بينهما، وأولاده أحرارٌ، ولكن يفديهم، وإن كان غَرَّه إنسان فعلى الذي غرَّه أن يفدي ولده.

وسألتُ إسحاق، قلتُ: رجلٌ تَزَوَّجَ امرأةً وظن أنها حرة، فأصاب منها أولادًا، فلما أتى لذلك سنتين، أقام رجل شاهدين أنها أمته، فأخذها؟ قال: الولد أحرار، وعليه فداء ولده، ويرجع به على الذي غره وعليه المهر بما استحل من فرجها. قلتُ: وليس على المرأة شيء بإقرارها أنها حرة؟ قال: لا. "مسائل حرب" ص 98 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل تزوج أمته وهو يرى أنها حرة، فولدت منه أولادًا، ثم جاء الولي، فأقام البينة أنها أمته أبقت من عنده؟ قال: على أبيهم أن يفديهم، ويرد الأمة إلى مالكها. وقال بعضهم: مكان كل وصيف وصيف، فإن جاءه رجل فغرّه فزوجه، فعلى الغارّ الذي غره أن يفدي ولده. قلت لأبي: ثم أقر أنها أمته، ولم يكن له بينة؟ قال: فلا شيء حتى يثبت له، أو تقر هي أنها أمته. "مسائل عبد اللَّه" (1241) ونقل جعفر بن محمد: يفديهم، ويرجع بذلك على من غره. "الروايتين والوجهين" 1/ 412 قال أحمد في رواية الميموني: إما القيمة وإما رأس برأس؛ لأنهما جميعًا يرويان عن عمر، ولكن لا أدري أي الإسنادين أقوى. وقال في رواية أبي طالب: وعليه قيمتهم مثل قول عمر. "المغني" 9/ 443

2276 - رجل زوج ابنته وبعث إلى الزوج غيرها

قال أحمد في رواية حنبل في أمة قالت: إني حرة، فتزوجها فولدت منه أولادًا قيل للأب: افْتَكَّ ولدك هؤلاء وإلا هم يتبعون الأم. "مجموع رسائل الحافظ ابن رجب" 2/ 578 2276 - رجل زوج ابنته وبعث إلى الزوج غيرها قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ زوج رجلًا ابنةً له، فبعث إليه بابنةٍ أخرى فدخل بها؟ قال أحمد: لها المهرُ بما أصاب منها، ولا تكونُ له بامرأةٍ، يكون على ما قال علي يجهز الأب الابنة التي زوجها من عنده فيبعث بها إليه. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (1032) ونقل هارون بن عبد اللَّه البزار فيمن خطب امرأة فزوجوه بغيرها فدخل بها فلهذا الصداق على وليها؛ لأنه غره. "الروايتين والوجهين" 1/ 413 2277 - رجل اشترى جارية مسروقة فوقع عليها، ثم جاء صاحبها قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان عن رجلٍ اشترى جارية وهي مسروقة، فوقع عليها، فحبلت ثم جاء صاحبها؟ قال: له القيمة؛ لأنه استهلاك. قال أحمد: يرد الأمة إليه، ويفدي ولده، يغره غرة.

2278 - متى يكون الرجل مفقودا؟

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1132) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: قال سفيانُ في رجل اشترى جارية مسروقة فوقع عليها فحبلت: أن لصاحبها القيمة؟ لأنه استهلاك. قال أحمد: الولد للمشتري؛ لأنه مغرورٌ، وليس عليه أن يفديهم (¬1)؛ لأنه شرى وترد الأمة إلى مالكها الأول، وعلى الواطئ العُقْر. قلت: المهر؟ قال: نعم، ويرجع به على من غرَّه. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (1179) خامسًا: خيار الفقد 2278 - متى يكون الرجل مفقودًا؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: المفقود؟ قال: لا يكون مفقودًا حتى يغزو، أو يركب البحر فينكسر بهم، أو رجل خرج من الليل سبته الجن فهو على قول عمر -رضي اللَّه عنه- (¬2). ¬

_ (¬1) قال صاحب "الروايتين والوجهين" 1/ 412: وقال أبو بكر الخلال عن رواية ابن منصور التي روى فيها أنه ليس عليه أن يفديهم، ويرد الأمة إلى مالكها: أحسب هذا قولًا قديمًا، والذي أذهب إليه أنه يفديهم ويرجع بذلك على الغار. (¬2) رواه عبد الرزاق 7/ 86، 87 (12320)، سعيد بن منصور 1/ 401 (1754)، وابن أبي شيبة 3/ 514.

قال إسحاق: هو كما قال، كذلك كل ما رئي في موضعٍ، ثم فقد منه. "مسائل الكوسج" (1012) قال صالح: وقال: المفقود: إذا ركب البحر، وإذا لقي العدو، وإذا خرج للصلاة، فأما إذا كان بالبصرة، ثم خرج إلى سواها فلا. "مسائل صالح" (1293) قال أبو داود: سمعتُ أبا عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل يقول غير مرةٍ وسئل عن المفقود قال: المفقود عندنا أن يكون في أهله فيصبحُ وليس في أهله، وربما احتج بحديث ابن أبي ليلى أن رجلًا استهوته الجن فأتت امرأته عمر (¬1) -رضي اللَّه عنه-، أو يكون في غزوٍ يقتلُ بعضٌ ويرجعُ بعضٌ، وربما احتج فيه بحديث أبي عمرو الشيباني أن ناسًا غزوا قبل الروم، فأمر عمر نساءهم أن يتربصن، أو يركبوا البحر يكسر بهم (¬2)، واحتج فيه بحديث عمر بن عبد العزيز (¬3)، فسمعت أحمد يقول: فتربص امرأته أربع سنين وأربعة أشهرٍ وعشرًا. قال: أيأتي الوالي؟ قال أحمد: قد اختلفوا في هذا. قال: وقال بعضهم: يطلقها الوالي. "مسائل أبي داود" (1171) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 87 (12322)، وسعيد 1/ 401 (1755) من طريق ابن أبي ليلى، ورواه ابن أبي شيبة 3/ 514 (16714) عن يحيى بن جعدة، والدارقطني 3/ 311 عن أبي عثمان، والبيهقي 7/ 445 معلقا عن مجاهد به. (¬2) لم أقف عليه بهذا اللفظ، لكن روى ابن حزم في "المحلى" 10/ 140، والبيهقي 7/ 445 عن أبي عمرو الشيباني أن عمر أجل امرأة المفقود أربع سنين. (¬3) رواه ابن حزم في "المحلى" 10/ 138 عن قتادة قال: كتب عمر بن عبد العزيز في امرأة المفقود منذ أربع سنين، والبيهقي 7/ 444 - 445 عن ابن شبرمة أن عمر بن عبد العزيز كتب في امرأة المفقود تلوم وتصبر.

قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: إذا خرج الرجل إلى مكة فمضى إلى اليمن، قال: هذا عندي ليس بمفقود. "مسائل أبي داود" (1172) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل خرج إلى البصرة منذ عشرين سنةٍ لم يجئ له خبر؟ أتزوجُ امرأتهُ؟ قال: هذا ليس بمفقود، لعله أن يكون خرج إلى الصين؛ إنما المفقود، ثم قص تفسير المفقود على ما ذكرته عنه. "مسائل أبي داود" (1173) قال حرب: قال أحمد: والمفقود أن يفقد الرجل في الحرب، أو يكسر به البحر، أو يكون نائمًا على فراشه فلا يرى، أو نحو ذلك. قلت: فالرجل يغيب عن أهله ولا يدرى مكانه؟ قال: هذا ليس بمفقود. وقال: وسئل إسحاق عن المفقود، وأنا قرأت عليه المسألة فأملى عليّ. قال: إن المفقود هو الذي يفقد من موضع منزله، أو في كورة أخرى، أو في طريق سفر، أو غيره يكون معهم ثم يفقدونه فيقولون: أين فلان وأين ذهب فلان؟ فلا يُدْرَى، الجن ذهبت به أم مات، أم غاب حيث لا يدرى في بر أو بحر، فهذا المفقود، فأما إذا غاب من منزله إلى سفر، أو قصد كورة فيها تجارة، أو حاجة من الحاجات، ثم انقطع علمه عن منزله وأهله سنين فلم يأتهم خبر، فإن هذا لا يسمى مفقودا، هذا غائب ولا يحكم حكم المفقود. "مسائل حرب" (210)

قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه؟ أي شيء المفقود؟ قال: على حديث عمر (¬1) إذا خرج من أهله لحاجة فلم يرجع، أو كان بين الصفين ففقد، فلم يدر أقتل أم أسر. قال: ولا يكون المفقود (الذي) (¬2) يخرج إلى الحج أو إلى سفر، ولو خرج إلى الصفين فلم يأت خبره وانقطع كتابه لا يكون مفقودًا. قيل لأبي عبد اللَّه: فكان مع أصحاب له في سفر، فتوجه من بينهم لحاجة ثم لم يعد إليهم. فقال: هذا مفقود، بمنزلة الذي خرج من أهله لحاجة فلم يرجع إليهم. قال أبو عبد اللَّه: ترى هؤلاء الذين فقدوا في الحرب تربص أهاليهم إلى الساعة؟ والذين فقدوا في بلاد الروم؟ ! يعني: إنكارًا لذلك ثم قال: حديث أبي نضرة أن رجلًا خرج من أهله (¬3)، وحديث أبي عمرو الشيباني أن قومًا لقوا العدو ففقد بعضهم (¬4)، فهذا المفقود. نقل إسماعيل بن سعيد عن أحمد قال: إنما المفقود أن يكون؟ الرجل في أهله فيصبح وليس بينهم، ولم يعلموا أنه أراد سفرًا، أو يركب البحر فتنكسر بهم السفينة، أو تحملهم الريح في البحر أو يلقوا العدو فيفقد. فأما من سافر فطالت غيبته فليس بمفقود. "مجموع رسائل الحافظ ابن رجب" 2/ 585 - 586 ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) في المصدر المنقول منه (. .) ولعل المثبت مناسب للسياق. واللَّه أعلم. (¬3) رواه سعيد 1/ 401 (1755)، والبيهقي 7/ 445 - 446 من طرق عن أبي نضرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى به. قال الألباني في "الإرواء" 6/ 151: صحيح. (¬4) تقدم تخريجه.

2279 - إلى كم تتربص امرأة المفقود، ومتى يقسم ماله؟

2279 - إلى كم تتربص امرأة المفقود، ومتى يُقسم ماله؟ قال صالح: قال أبي: امرأة المفقود تربص أربع سنين وأربعة أشهر وعشرًا، ثم تتزوج. قال: وكذلك ماله يُتربص به. قال: والمفقود أن يفقد الرجل في الحرب، أو يكسر به في البحر، أو يكون نائمًا على فراشه فلا يرى، ونحو ذلك. قلت: فالرجل يغيب عن أهله، ولا يدرى مكانه؟ قال: ليس هذا بمفقود. "مسائل صالح" (97) قال صالح: حدثنا أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن منصور بن سعد، عن ابن شبرمة أن عمر بن عبد العزيز قال: امرأة المفقود تلوم وتصبر (¬1). وقال ميمون بن مهران، ويونس بن أبي شبيب: وتتبين. "مسائل صالح" (1162) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثني عبد الرزاق قال: أخبرني ابن جريج قال: أخبرني عطاء الخراساني، عن الزهري أن عمر وعثمان قالا في امرأة المفقود: تربص أربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهر وعشرًا، ويقسم ميراثه. ¬

_ (¬1) رواه ابن معين في "تاريخه" برواية الدوري 4/ 325 (4617) ومن طريقه البيهقي 7/ 444 عن ابن شبرمة قال: كتب عمر بن عبد العزيز في امرأة المفقود: تلوم وتصبر.

قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا السهمي، عن سعيد، عن قتادة نحوه. "مسائل صالح" (1165) قال صالح: سألته عمن فقد من معركة الحربة أو من قرية، لم يدر قتل أم حي، كم تعتد امرأته؟ قال: الفقيد يكون مثل قوم لقوا العدو، فقتل بعضهم وانفلت بعض، أو قوم ركبوا البحر فكسر بهم، فغرق بعضهم وأفلت بعضهم، ورجل بات في أهله فأصبحوا لم يروه. وأما رجل خرج لسفر وتجارة فلا يكون هذا فقيدًا. فتقعد أربع سنين وأربعة أشهر وعشرًا. "مسائل صالح" (755) قال أبو داود: سمعتُ أحمد وقيل له: في نفسك من المفقود شيءٌ، فإنَّ فلانًا وفلانًا لا يفتيان فيه؟ فقال: ما في نفسي منه هذا، خمسةٌ من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمروها بالتربص (¬1). قال أحمد: هذا عندي من ضيق العلم. يعني: ضيق علم الرجل أن لا يتكلم في المفقود. "مسائل أبي داود" (1174) ¬

_ (¬1) روى عن عمر، وعثمان، وابن عمر، وابن عباس. انظر: "الموطأ" ص 335، و"مسند الشافعي" 2/ 63، و"مصنف عبد الرزاق" 7/ 85 - 90، و"سنن سعيد" 1/ 400 - 402، و"مصنف ابن أبي شيبة" 3/ 513 - 514، و"سنن الدارقطني" 311، و"المحلى" 10/ 135 - 137، "سنن البيهقي" 7/ 445.

قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن الأمة تفقدُ زوجهما؟ قال: على التأويل: تربصُ سنتين. قال أبو داود: ولا أدري أذكر الشهرين أم لا. وقال مرةً في هذا المعنى: قال: يتأولون فيه على النصف. أي: من تربص الحرة. "مسائل أبي داود" (1175) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثنا عبد العزيز بن مسلم قال: حدثنا عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر أن عمر أجل امرأة المفقود أربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهر وعشرًا. "مسائل ابن هانئ" (1053) قال حرب: سمعت أحمد يقول: امرأة المفقود تتربص أربع سنين وأربعة أشهر وعشرة أيام، ثم تتزوج قال: وكذلك ماله. وقال: قال إسحاق: والسنة مضت في المفقود أن تتربص امرأته أربع سنين من يوم فقدته، تعتد امرأته بعد الأربع سنين أربعة أشهر وعشرًا ثم تتزوج، ويقسم ماله أيضًا، وهو الذي بينا عند الضرورة، وإذا لم يكن هناك سلطان، أو كان سلطان فلم ير للمفقود هذا الوقت، وإن كانت في أرض بها حاكم فعليها أن ترفع أمرها إلى الحاكم، فينبغي للحاكم أن يأمر وليه أن يطلقها، وهو ولي الزوج، ثم تعتد ثلاث حيض، ثم تعتد بعد ذلك أربعة أشهر وعشرًا، ثم تتزوج، وإن لم يأمر الحاكم ولي الزوج أن يطلقها وأمرها أن تعتد أربعة أشهر وعشرًا ثم تتزوج جاز ذلك أيضًا؛ لما صح عن عمر بن الخطاب من غير طلاق الولي. "مسائل حرب" ص 210

قال حرب: سُئلَ إسحاق عن رجل غاب زمانًا وله مال وترك إخوته وأخواته، وليس يأتي له خبر ولا يدرى أين هو، كيف يصنع بماله؟ فقال له أبو يعقوب حين رخص له قال: يقسم المال على الورثة ويُضمنون ويُشهد عليهم، فإن جاء الغائب رد إليه ماله، وإن لم يجئ فهو لهم؟ لأنه كان حقًّا لهم. وقال: سألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل غاب إلى بلدة بعيدة ووضع عندي ما لا، وله امرأة وأبوان وهم محتاجون. فسألوني أن أدفع إليهم من ماله شيئًا ينفقونه هل يجوز لي أن أدفع إليهم؟ قال: تبين موته؟ قلت: لا. قال: فُقد؟ قلت: لا، ولكنه غاب ولا يدرى أين هو. قال: لا تعطيهم إلا إن تقرضهم قرضًا. قلت: ويُشهَد عليهم؟ قال: نعم. قلت: فإن أمرني السلطان أن أعطيهم؟ قال: نعم شديدا. "مسائل حرب" ص 217 قال عبد اللَّه: قلت لأبي: المفقود إذا قدم وقد تزوجت امرأته وقسّم ماله؟ قال: يرد عليه ماله، ويخير بين امرأته وبين الصداق، صداقه الذي كان ساق إليها.

قلت لأبي: إن اختار الصداق دفع إليه؟ قال: نعم، إن اختار امرأته، اعتدَّت من زوجها الأخير، ثم ردَّت إليه. "مسائل عبد اللَّه" (1273) قال البغوي: وسئل أحمد وأنا أسمع عن الرجل يفقد. قال: يقسم مالُه بعد أربع سنين. "مسائل البغوي" (65) قال البغوي: وسمعت أحمد يقول: رواه الحسن عن علي بن أبي طالب، وعن معقل بن يسار، وعن ثوبان. "مسائل البغوي" (66) نقل أبو الحارث عنه، وقد سُئل عن امرأة المفقود، إذا تربصت أربع سنين، ثم اعتدت أربعة أشهر وعشرًا ثم تزوجت، فجاء الزوج الأول، وكيف تصنع؟ فقال: قد كنت أقول: إذا تربصت أربع سنين ثم اعتدت أربعة أشهر وعشرًا تزوجت، وقد ارتبت فيها اليوم، وهبت الجواب فيها؛ لما قد اختلف الناس فيها، فكأني أحب السلامة. وقال في رواية مهنا: اختلف الناس في امرأة المفقود. وقال في رواية المزني: تبقى إلى أن يمضي عليها تسعون سنة. "الروايتين والوجهين" 2/ 222، "المغني" 11/ 249 نقل إسماعيل بن سعيد: إذا مضت أربع سنين قُسم ماله. "الروايتين والوجهين" 2/ 228 نقل أحمد بن أصرم، عن أحمد: إذا مضى عليه تسعون سنة، قُسِّم ماله. وقال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: تذهب إلى حديث عمر؟

قال: هو أحسنها، يروى عن عمر من ثمانية وجوه. ثم قال: زعموا أن عمر رجع عن هذا (¬1)، هؤلاء الكذابين (¬2). قلت: فروي من وجه ضعيف أن عمر قال بخلاف هذا؟ قال: لا، إلا أن يكون إنسان يكذب. وقلت له مرة: إن إنسانًا قال لي: إن أبا عبد اللَّه قد ترك قوله في المفقود بعدك. فضحك، ثم قال: من ترك هذا القول أي شيء يقول؟ ! وهو قول عمر وعثمان وعلي وابن عباس وابن الزبير (¬3). قال أحمد: خمسة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "المغني" 11/ 248، "مجموع رسائل الحافظ ابن رجب" 2/ 574 نقل أبو طالب عن أبي عبد اللَّه أنه سأله عن الأمة إذا فقدت زوجها؟ قال: تتربص سنتين على النصف من الحرة. "بدائع الفوائد" 4/ 59 قال في رواية الأثرم: مال المفقود إذا أمرت به امرأته أن تزوج قسمت ماله بين ورثته. قال: فقلت له: ففي هذِه الأربع سنين والأربعة أشهر أليس ينفق عليها من ماله؟ ¬

_ (¬1) قال ابن حزم في "المحلى" 10/ 135: روي عن عمر غير هذا أيضًا من طرق لا تصح. . وقال الحافظ في "الدراية" 2/ 143: أما رجوع عمر فلم أره. (¬2) كذا في "المغني" ولعلها منصوبة على الذم. (¬3) انظر هذِه الآثار في "مصنف ابن أبي شيبة" 3/ 514، "سنن سعيد" 1/ 400 - 402 و"سنن البيهقي" 7/ 445.

2280 - هل يجب أن تصير إلى الحاكم حتى يحكم بفرقتها؟

قال لي: فبدلها من نفقة. قلت: فإن أحبت أن تقيم عليه بعد الأربع سنين والأربعة أشهر أليس لها ذاك، فمن أين ينفق عليها بعد؟ قال: أنا أرى إذا مضى هذا الأجل أن يقسم المال. قلت: فإذا قسم المال فمن أين ينفق عليها، أليس لها بعد الأجل نفقة؟ (¬1) "مجموع رسائل الحافظ ابن رجب" 2/ 583 2280 - هل يجب أن تصير إلى الحاكم حتى يحكم بفرقتها؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: وإن لم تأت السلطان؟ قال: نعم، وأحبُّ إلي أن تأتي السلطان. قال في حديث عبيد بن عمير (¬2): تربص أربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهرٍ وعشرًا، ثم تدعو ولي الزوج فيطلقها، ثم تعتد عدة المطلقة، ثم تزوج، هذا أكثر ما قيل، وهو حديثٌ ضعيف. قال إسحاق: الأمر على حديث عبيد بن عمير إذا فات السلطان، على معنى أنهم لا يرون ذلك. "مسائل الكوسج" (1015) ¬

_ (¬1) قال الحافظ ابن رجب في "رسائله" 2/ 584: وهذا النص يخالف ما قاله كثير من الأصحاب: أن لها النفقة من مال الغائب ما لم تتزوج، أو يفسخ الحاكم نكاحها. (¬2) رواه سعيد بن منصور 1/ 400 (1751) وهو مرسل.

2281 - ولي الزوج هل طلاقه معتبر بعد مدة التربص أم لا؟

نقل الأثرم عنه وقد سُئل: هل تتربص من يوم فقدت زوجها أم من يوم ترفع أمرها إلى السلطان؟ فقال: أما حديث حماد بن سلمة، عن ثابت، عن ابن أبي ليلى قال: فارتفعت إلى عمر فقال: متى فقدت؟ فقالت: من أربع سنين. "الروايتين والوجهين" 2/ 224 2281 - ولي الزوج هل طلاقه معتبر بعد مدة التربص أم لا؟ نقل حنبل عنه: تتربص أربع سنين وأربعة أشهر وعشرة أيام ثم يقال للولي: طلق بعد ذلك. ونقل الأثرم عنه: حديث عبيد اللَّه بن عمير أحسنها وفيه الطلاق. "الروايتين والوجهين" 2/ 224 - 225 2282 - الرجل يطيل الغيبة فأصابت امرأته ولدًا؟ قال حرب: سألت أحمد قلت: رجل أطال الغيبة عن امرأته فأصابت ولدًا؟ قال: ألزمه الولد إلى أربع سنين، وإن كان أكثر من أربع سنين فكان سفرًا يمكنه أن يقدم على أهله ويُعرف ذلك ألزمته، وإن كان بعيدًا فلا. وقال: وسألت أحمد مرة أخرى قلت: الرجل يطيل الغيبة عن أهله، فولدت أولادًا بعد أربع سنين؟ قال: يلزمه الولد، الولد للفراش، وأهل المدينة يقولون: يلحق به الولد إلى أربع سنين. ثم قال أحمد إذا كان الزوج واليًا، أو قاضيًا على بلدة من البلدان بعيدة عن المرأة نحو مصر وكرمان ونحوه، ولا يمكن

2283 - هل تتزوج امرأة الغائب إذا بلغها خبر موته؟

الرجل أن يدع عمله ويأتي أهله، فإني أرجو أن لا تلزمه، وإذا كان أمر يمكنه أن يأتي أهله ويمكث فيهم ثم يرجع لحق به الولد. وسألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل غاب عن امرأته سنين، فجاءت بولد؟ قال: كلما استيقن أنه لم يطأها في السنين التي غاب، وأتى لذلك أكثر من سنتين فجاءت بولد، لم يقبله. "مسائل حرب" ص 213 2283 - هل تتزوج امرأة الغائب إذا بلغها خبر موته؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيانُ في رجل غاب عن امرأته فجاءها نعي زوجها أنه قتل، فاعتدت أربعة أشهرٍ وعشرًا، ثم تزوجت، فقدم زوجها الأول؟ قال: هي امرأته. قيل له: فإنه قد قذفها؟ قال سفيان: لا يلاعنها، ويفرق بينهما وتعتد من الذي لاعنها، ثم إن شاء زوجها الآخر تزوجها. قال أحمد: هو كما قال، وليس هذا بمفقود، المفقود لا يجيء نعيه، لو جاء نعيه كان أمرًا بينًا. قال إسحاق: هو كما قال سواء؛ إلا أن المفقود ليس كالغائب، إنما هو أن يفقد من موضع لا يُدرى أين توجه، فلربما جاء نعي مثل هذا أيضًا. "مسائل الكوسج" (1272) قال حرب: قلت لأحمد: امرأة غاب عنها زوجها فجاءها كتاب من رجل أن الزوج قد مات هل تتزوج؟ قال: لا، إلا أن تقوم بينة به.

2284 - مدة غياب الرجل عن امرأته

قلت لأحمد: فبلغها أنه مات الزوج، فتزوجت، ثم جاء الزوج الأول؟ قال: يفرق بينها وبين الثاني وترد على زوجها الأول. قلت: فإن كان أصاب منها أولادًا؟ قال: الولد للزوج الثاني إذا كان بينهما نكاح. "مسائل حرب" ص 215 2284 - مدة غياب الرجل عن امرأته قال إسحاق بن منصور: قلت: كم يغيب الرجلُ عن امرأته؟ قال: ستة أشهر. قال إسحاق: هكذا هو. قال أحمد -رضي اللَّه عنه-: يكتبُ إليه، فإن أبى أن يرجع يفرق الحاكمُ بينهما. قال إسحاق: إنما يكتب الوالي إذا مضى سنتان إن رجعت وإلا فرقت. فإن رجع وإلا فرق. "مسائل الكوسج" (891) وقال حرب: سألت أحمد قلت: كم يجوز للرجل أن يغيب عن أهله؟ قال: يروى ستة أشهر حديث عمر (¬1)، وقد يغيب الرجل أكثر من ذلك لا بد له. "مجموع رسائل الحافظ ابن رجب" 2/ 589 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 152 (12594) عن معمر قال: بلغني أن عمر سمع امرأة. . والبيهقي 9/ 29 من طريق مالك عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر قال: خرج عمر من الليل فسمع امرأة. . .

2285 - رجوع المفقود وقد تزوجت امرأته

2285 - رجوع المفقود وقد تزوجت امرأته قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: إذا جاء وقد تزوجت امرأته؟ قال: يُخير بين الصداق وبين امرأته. "مسائل الكوسج" (1013) قال إسحاق بن منصور: قلت: الذي أصدقها هو؟ قال: نعم. قال إسحاق: هو كما قال. ثم قال الإمام أحمد رحمه اللَّه تعالى: أيهما أولى، المفقود أو العنين؟ قال إسحاق: هما في الأجل على ما وقت لهما أربع سنين وسنة. قال أحمد: إذا فقدت زوجها تربصت أربع سنين، ثم أربعة أشهر وعشرا، ثم تزوجت. "مسائل الكوسج" (1014) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقول: إذا اختار المفقودُ امرأته تعتدُّ من زوجها التي كانت عنده. "مسائل أبي داود" (1176) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن المفقود إذا اختار المهر؟ قال: يعطى المهر الذي ساقه هو إليها. "مسائل أبي داود" (1177) قال أبو داود: قيل لأحمد وأنا أسمع: يعطى الزوج؟ قال: نعم. قيل: هو عشرة آلافٍ؟ قال: نعم يغرمه الزوج. "مسائل أبي داود" (1178)

قال أبو داود سمعت أحمد يقول: اختلف عن عمر في الصداق الأول والصداق الآخر. قال: والأول أصح، يعني: قول عمر: إنَّه خيَّرَ المفقودَ -حينَ قدمَ وقدْ تزوجَتْ امرأتُهُ- بينَ الصداقِ وبينَ امرأتهِ. "مسائل أبي داود" (1898) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن المفقود؟ قال: أتدري ما المفقود؟ قلت: لا. قال: المفقود عندنا أن يكون رجل بين الصفوف فيفقد، أو يركب السفينة فتكسر بهم، أو يمسي في داره ويصبح فلا يرى، فهذا تتربص امرأته أربع سنين وأربعة أشهر وعشرًا، ثم تتزوج. قلت له: فإن جاء الزوج بعد انقضاء عدتها، إلى أي شيء تذهب فيه؟ قال: أذهب إلى حديث عمر، إذا جاء، خيّر بين الصداق والمرأة، فإن خيّر فاختار المرأة، فإنها ترجع إليه بعد انقضاء عدتها، من الزوج الأخير، وإن هو أراد المهر فعلى الرجل أن يؤدي إليه مهرها الذي لها عليه، ويحسبه من مهرها. "مسائل ابن هانئ" (1052) قال ابن هانئ: سألته عن امرأة المفقود إذا رجع وهي في العدّة؟ قال: هي امرأته. قلت: فإن رجع وقد قضت العدة وتزوجت؟ قال: يخير بين الصداق وبين المرأة. قلت له: فإن الزوج الأول المفقود كان قد تزوج بها على ألفين، ثم تزوجها الأخير على ألف، كيف ترى فيه؟ بأي المهرين يرجع به ويخير؟

قال: يرجع إن شاء بألفين، يرجع على الزوج بألف، وتعينه هي أيضًا من مالها حتى ترضيه. "مسائل ابن هانئ" (1054) قال ابن هانئ: وسألته عن امرأة المفقود، جاء فخير بين امرأته وبين المهر، فإن اختار المهر، وكان زوجها الأول أمهرها ألفي درهم، وأمهرها زوجها الأخير ألفًا، بأي المهرين يأخذ؟ قال: بالمهر الأخير، وإن تبرعت المرأة فأرضت زوجها بشيءٍ من مهرها فحسن، ويدفع إلى الزوج الأول مهر الزوج الأخير. "مسائل ابن هانئ" (1055) قال حرب: قِيل لأحمد: المفقود إذا قدم وقد تزوجت امرأته وقُسِمَ ماله؟ قال: يرد عليه ماله، ويخير بين امرأته وبين الصداق. قال: صداقه الذي كان ساق إليها. قلت: إن اختار الصداق دفع إليه؟ قال: نعم. قال: وإن اختار امرأته اعتدت من زوجها الأخير ثم ردت على الأول. وقال: وسمعت إسحاق يقول في المفقود إذا قدم وقد تزوجت امرأته، قال: يخير، فإن شاء اختار امرأته، وإن شاء اختار الصداق الذي كان أعطاها. وسمعت إسحاق مرة أخرى قِيل له: فإن تزوجت هذِه المرأة؟ قال: إن كانت تزوجت لما بلغها موت زوجها، أو ظنت أن زوجها فقد، فإنه يُفَرق بينها وبين زوجها، وعليه المهر والولد ثابت النسب؛

لأنها تزوجت على شبهة، والأنساب تثبت للشبهة، والمهر يجب للوطء إذا كان وطء شبهة. "مسائل حرب" ص 211 قال عبد اللَّه: قلت لأبي: المفقود إذا قدم وقد تزوجت امرأته وقسّم ماله؟ قال: يرد عليه ماله، ويخير بين امرأته وبين الصداق، صداقه الذي كان ساق إليها. قلت لأبي: إن اختار الصداق دفع إليه؟ قال: نعم، إن اختار امرأته، اعتدَّت من زوجها الأخير، ثم ردَّت إليه. "مسائل عبد اللَّه" (1273) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال: حدثنا عبد الملك -يعني: ابن أبي سليمان- قال: حدثني عطاء عن عُبيد بن عمير أن رجلًا فُقد في عهد عمر، فأتت امرأته عمر فقالت: إن زوجي فُقد. فقال: اذهبي فتربصي أربع سنين. ففعلت ثم جاءت، فقال: اعتدي أربعة أشهر وعشرًا. ففعلت ثم جاءت، فدعا ولي المفقود فقال: طلق. فطلق، فقال: اعتدي ثلاثة قروء. ففعلت ثم جاءت، فقال: اذهبي فتزوجي من شئت. ثم جاء زوجها بعد ذلك، فقال له عمر: ويحك أين كنت؟ فقال: يا أمير المؤمنين استهوتني الشياطين فذهبوا بي، ما أدري أين أنا من أرض اللَّه فكنت فيهم يستعبدوني حتى غزاهم منهم مسلمون، فكنت فيما أصابوا من غنائمهم. قالوا أنت رجل من الإنس وهؤلاء من الجن، فما شأنك فيهم فأخبرتهم خبري. قالوا: فأي أرض اللَّه أحب إليك أن تصبح؟ قلت: بالمدينة هي أرضي فأصبحت وأنا أنظر إلى الحرة.

2286 - امرأة المفقود، أترث من الزوج الثاني إذا مات وقدم الأول؟

فخيره عمر بين امرأته وبين الصداق، قال: لا حاجة لي فيها. قد حبلت من زوجها، فأمر له بالصداق. "مسائل عبد اللَّه" (1274) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب أن عمر وعثمان قضيا في المفقود أن امرأته تربص أربع سنين وأربعة أشهر وعشرًا بعد ذلك، ثم تزوج، فإن جاء زوجها الأول خيّر بين الصداق وبين امرأته. "مسائل عبد اللَّه" (1275) نقل أبو الحارث: إذا تزوجت امرأته فجاء خُيِّر بين الصداق وبين امرأته. ونقل الأثرم: إذا قدم الأول فإن كان قبل الدخول فهي امرأته ولا تخيير، وإن كان بعد الدخول خير بين الزوجة والصداق. "الروايتين والوجهين" 2/ 225 2286 - امرأة المفقود، أترث من الزوج الثاني إذا مات وقدم الأول؟ قال حرب: سألتُ إسحاق قلتُ: امرأة المفقود تزوجت رجلًا فورثته، ثم قدم زوجها الأول؟ قال: إذا كان تزوجها بعد الأربع سنين فالميراث لها لا ترده. قلت: فإن ماتت المرأة فورثها الزوج الثاني ثم قدم الزوج الأول؟ قال: كذلك له الميراث. "مسائل حرب" ص 212

2287 - رجوع المفقود وقد تزوجت أمهات أولاده

2287 - رجوع المفقود وقد تزوجت أمهات أولاده قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن المفقود يقدم وقد تزوج أمهات أولاده؟ قال: يردون إليه. "مسائل أبي داود" (1179) قال مهنا: قلت: أم الولد تزوجت بلا إذن سيدها؟ قال: كيف تتزوج بلا إذنه؟ قلت: غاب سنين (¬1) فجاء الخبر بموته، فتزوجت وولدت، ثم جاء السيد؟ قال: الولد للآخر، وعليه قيمة الولد، وترد إلى السيد. "مجموع الرسائل" 2/ 579، "الفروع" 5/ 608 - 609 ¬

_ (¬1) في "مجموع الرسائل": سنتين.

باب الوليمة وآدابها

باب الوليمة وآدابها 2288 - إجابة الدعوة لها قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا دعا أحدكم أخاه فليجب؟ قال: يجيبه في كل ما دعاه إلا أن يكون شيئًا كرهه أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، و -رضي اللَّه عنهم-، إذا كان من الصور أو المسكر أو شيء من زي العجم، فلا بأس أن لا يجيب، أو إذا كان مسكر، وأما الذي ليس فيه شك أن يجيبه، كما قال ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- عرس أو نحوه (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3334) قال ابن هانئ: قيل لأبي عبد اللَّه: الوليمة التي يجب علي أن آتيها؟ قال: مثل النكاح يعمل له الطعام، ما لم يكن فيه شيء من زي العجم، وأشباه ذلك، فلا تدخل. "مسائل ابن هانئ" (1764) قال ابن هانئ: حدثني أحمد قال: أنا محمد بن سلمة الحراني، عن محمد بن إسحاق، عن عبيد بن طلحة بن كُريز، عن الحسن قال: دعي عثمان بن أبي العاص إلى ختان، فأبى أن يجيب، فقال: إنا كنا على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا ندعى إلى الختان، ولا نجيب إليه (¬2). "مسائل ابن هانئ" (2392) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 146، والبخاري (5173)، ومسلم (1429) واللفظ له، أن ابن عمر كان يقول عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "إذا دعا أحدكم أخاه فليجب، عرسًا كان أو نحوه". (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 217، والطبراني 9/ 57 (8381، 8382) قال الهيثمي في =

2289 - إجابة دعوة الذمي

قال ابن الجوزي: أخبرنا ابن ناصر قال: أنا المبارك بن عبد الجبار، قال: أنا إبراهيم بن عمر، قال: أنا أبو عبد اللَّه بن حمدان، قال: أنا محمد بن أيوب، قال: ثنا إبراهيم الحربي، قال: كان يأتي العرس والإملاك والختان، يجيب ويأكل. "المناقب" ص 283، "سير أعلام النبلاء" 11/ 226 نقل حنبل عنه فيمن دعي ثاني مرة إن أحب أجاب في الثاني، ولا يجيب في الثالث. "الفروع" 5/ 297 نقل المروذي وغيره أنه وَكَّد إجابة الدعوة وسهل في الختان. "الفروع" 5/ 299 2289 - إجابة دعوة الذمي قال أبو داود: سمعت أحمد سُئلَ: يجيب الرجل دعوة الذمي؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1639) 2290 - إجابة دعوة الفاسق وشارب الخمر قال أبو الفضل صالح: قلت: ما تقول في رجل يشرب الخمر، يدعوني إلى غدائه وعشائه، أجيبه وأجالسه؟ ¬

_ = "المجمع" 4/ 60: رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، ورجال الأول فيهم محمد بن إسحاق وهو ثقة ولكنه مدلس، ورجال الثاني -أي الرواية الثانية للطبراني- فيهم أبو حمزة العطار وثقه أبو حاتم، وضعفه غيره.

2291 - من دعي إلى طعام يعلم أنه من حرام

قال: تأمره وتنهاه، فإذا كان كسبه كسبًا طيبًا وعصى اللَّه في بعض أمره، يدعو لا يجاب! "مسائل صالح" (574) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئلَ عن الرجل يتخذ المسكر ويضرب بالطنبور، أجيب دعوته؟ فرأى أن لا يجيبه، قال: كيف يجيبه؟ ! "مسائل أبي داود" (1638) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن الذي يتعامل بالربا يؤكل عنده؟ قال: لا، قد لعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- آكل الربا وموكله (¬1)، وقد أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالوقوف عند الشبهة (¬2). "الآداب الشرعية" 1/ 469 2291 - من دُعي إلى طعام يعلم أنه من حرام قال إسحاق بن منصور: قلت: قال: إن لي جارًا يأكل الربا، وإنه يدعوني؟ قال: أمَّا أنا فإذا كان أكثرُ مالِ الرجل حرَامًا فلا يُعجبني أن آكل من ماله. قال إسحاق: كما قال، ومعنى قول ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- (¬3) ليس بمخالف لما قلنا. "مسائل الكوسج" (1834) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 308، والبخاري (2086) من حديث أبي جحيفة. (¬2) رواه أحمد 4/ 269، والبخاري (2551)، ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير. (¬3) رواه عبد الرزاق 8/ 150 (14675).

2292 - هل يقترض الرجل ليهدي لأهل الوليمة؟

قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا من خلط مالا خبيثًا ومالًا طيبًا، ثم دعا الناس إلى طعامه فإن الداعي إذا كان صديقًا له أو جارًا فدعاه إلى طعامه فلم يعرف أن ما دعاه إليه هو من الخبيث، جاز له الإجابة وتركه أفضل، ولا يكون إذا ترك الإجابة لمعنى تخوف الشبهة أن يكون كمن لا يجيب الداعي الذي أمر بإجابته، فإن كان دعاه إلى شيء يعلم أنه خبيث لم تحل له الإجابة، وإن كان الغالب عليه المال الخبيث إن ترك الإجابة فهو أحب إلينا، وإن لم يعرف شيئًا بعينه؛ لأن قول ابن مسعود، وسلمان -رضي اللَّه عنهما- (¬1)، ومن سلك طريقهما، حيثُ رخصوا للمجيب لصاحب الربا وما أشبهه، إنما أجابوا السائل حيث قال: لا أعلم له إلا مالًا خبيثًا، وقد يكون بألا يعلم، وعامته طيب، فأجابوه: أن أجب الداعي ولك المهنأ وعليه الوزر. "مسائل الكوسج" (2306) قال ابن هانئ: سألته عن: الإجابة إلى طعام من لا يكره كسبه؟ قال: تأتيه، فإن شئت أكلت وإن شئت لم تأكل. "مسائل ابن هانئ" (1765) 2292 - هل يقترض الرجل ليهدي لأهل الوليمة؟ نقل سليمان القصير عنه: يا أبا عبد اللَّه، أيش تقول في رجل ليس عنده شيء، وله قرابة عندهم وليمة، ترى أن يقترض ويُهدي لهم؟ قال: نعم. "الطبقات" 1/ 443 ¬

_ (¬1) رواهما عبد الرزاق 8/ 150 (14677).

2293 - في نثر السكر والجوز وشبهه في العرس ونحوه واستحباب تفريقه على الناس

2293 - في نثر السكر والجوز وشبهه في العرس ونحوه واستحباب تفريقه على الناس قال إسحاق بن منصور: قلت: نثر السكر في العرس؟ قال: أعجبُ إليَّ أن يُعطى كلُّ إنسان. قال إسحاق: كما قال، ويكره النثر؛ لأنه شبه النهبة، وإن كان مأذونًا لا يدري كل واحد ما حقه الذي يأخذه. "مسائل الكوسج" (3516) قال أبو داود: قلت لأحمد: ما تقول في نثار الجوز؟ قال: لا تعجبني، وذاك أنه يأخذ كل واحد منهم ما غلب عليه. "مسائل أبي داود" (1348) قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا هاشم بن القاسم قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس وحميد، عن أنس بن مالك، قال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن النهب وقال: "ومن انتهب فليس منا" (¬1). "مسائل أبي داود" (1349) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا يعجبني نهاب الجوز، وأن يؤكل منه السكر كله كذلك. "مسائل ابن هانئ" (1750) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن الجوز ينثر؟ فكرهه، وقال: لا يعطون يقسم عليهم -يعني: الصبيان- كما صنع ابن ¬

_ (¬1) بهذا الإسناد واللفظ رواه الإمام أحمد 3/ 140، ورواه الترمذي (1123)، والنسائي 3/ 111، وابن ماجه (3937). قال الترمذي: حسن صحيح وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (896).

2294 - من أي شيء يخرج من الوليمة

مسعود (¬1)، هذا إسناده جيد عن ابن مسعود. "الورع" (219) قال المروذي. دخلت على أبي عبد اللَّه وقد حذق ابنه، وقد اشترى جوزًا، يريد أن يعده على الصبيان، يقسمه عليهم، وكره النثر، وقال: هذِه نهبة. "الورع" (220) نقل بكر بن محمد عن أبيه عن أحمد أنه سأله عن النثار، فرخص فيه. "الروايتين والوجهين" 2/ 135 وقال محمد بن علي بن بحر: سمعت حُسْنَ -أمَّ ولدِ أحمدَ بنِ حنبلٍ- تقولُ: لما حذو ابني حَسَنٌ، قال لي مولاي: حُسْن، لا تنثري عليه. فاشترى تمرًا وجوزا، فأرسله إلى المعلم، قالت: وعملت أنا عصيدة، وأطعمت الفقراء. فقال: أحسنتِ، أحسنتِ. وفرق أبو عبد اللَّه على الصبيان الجوز، لكل واحدٍ خمسة خمسة. "المغني" 10/ 210 2294 - من أي شيء يخرج من الوليمة قال صالح: قلت: الوليمة يكون فيها المسكر؟ قال: إذا كان فيها المسكر أو فيها شيء من آنية المجوس -الذهب والفضة- أو سترت الجدر بالثياب، فإذا رأى ذلك خرج ولم يطعم لهم ¬

_ (¬1) رواه الطحاوي: في "شرح معاني الآثار" 3/ 50 (4450).

طعامًا، أو كان فيها ضرب معازف، يقال: إن أبا أيوب وكان ابن عمر أعرس على ابنه سالم، قال سالم: فكان فيمن آذنا أبو أيوب، فجاء فدخل، فرأى البيت قد ستر بجنادي أخضر، فقال: -أي عبد اللَّه- أتسترون الجدر؟ فقال ابن عمر: غلبنا النساء. فقال: لا آكل طعامًا، ولا أدخل لكم بيتًا، فخرج (¬1). "مسائل صالح" (1395) قال ابن هانئ: وسألته عن: الرجل يدعى إلى الوليمة فيرى ستر قز أو جرسًا أو شيئًا من زي العجم؟ قال أبو عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-: يرجع ولا يدخل. "مسائل أبي هانئ" (1772) قال ابن هانئ: قلت له: فإنه يرى الريحان منضدًا؟ فقال: ما بأس بالريحان، قد كان ابن عباس لا يرى بأسًا أن يشم المحرم الريحان (¬2). "مسائل أبي هانئ" (1773) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في "الورع" كما في "تغليق التعليق" 4/ 424، والبخاري معلقًا قبل حديث (5181)، ومسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية" (2223) 5/ 204 (25243)، والطبراني 4/ 118 (3853) وابن حجر في "تغليق التعليق" 4/ 424 - 425. قال الهيثمي في "المجمع" 4/ 55: رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله رجال الصحيح. (¬2) رواه البخاري معلقًا قبل حديث (1537)، وسعيد بن منصور في "سننه" كما في "فتح الباري" 3/ 396، وابن أبي شيبة 3/ 307 (14597)، والدارقطني 2/ 232، والبيهقي 5/ 57.

قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن: الرجلِ يُدعى إلى الوليمة، من أيّ شيء يخرج؟ فقال: قد خرج أبو أيوب حين دعاه ابن عُمر، فرأى البيتَ قد ستر، ودُعي حُذيفة فخرج، وإنما رأى شيئًا من زيّ الأعاجم جوارستان. قلت: فإذا لم يكن البيت مستورًا، ورأى شيئًا من فِضّة؟ فقال: ما كان يُستعمل فلا يُعجبني، أرى أن يخرجَ. قلت: فإن كانت أشناندانة رأسُها مفضض، ترى أن أخرج؟ قال: نعم. أرى أن تخرجَ، إلا أن مثل الضبة أو نحوها، فهو أسهل. قلت لأبي عبد اللَّه: فالرجلُ يدعى، فيرى مكحلةً رأسها مُفضض؟ قال: هذا يُستعمل، وكل ما استُعمِل فاخرج منه، إنما رُخِّص في الضبّة، أو نحوها. حدثنا دويد، عن حسن، إن الحسن دُعي إلى وليمة، قال: فلما فرغ قال: قال له صاحب البيت: انظر ما ترى؟ قال: أراك علقت خرقًا وزخرفت زخرفًا، وقلت للناسِ: تعالوا فانظروا، فأما أهل الدنيا فغروك، وأما أهل الآخرة فمقتوك. عن حماد بن زيد قال: قيل لأيوب: دعا رجل إلى عرسٍ، أو قال: أولم فإذا كلّة بيضاء. فقال أيوب: أنا على الكلة البيضاء أخوف مني على الكلة الحمراء. "الورع" (446 - 448) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن: الرجل يُدعى فيرى فرش ديباج، ترى أن يَقعد عليه، أو يقعد في بيتٍ آخر؟

قال: يخرج. قد خرجَ أبو أيوب وحُذيفة، وقد رُوي عن أبي مسعودٍ. قلت له: فترى أن يأمرهم؟ قال: نعم. قال لهم: هذا لا يجوز. "الورع" (451) قال حرب: سئلَ أحمد عن: الرجل يدعى إلى الطعام فيرى في البيت آنية منصوبة من فضة؟ قال: لا يأكل ولا يجيب. قيل: وهكذا إذا رأى شيئًا من زي العجم؟ فكأنه قال: نعم. قيل: حديث ابن مسعود أنه دعي إلى طعام، فرأى صورة فخرج؟ قال: نعم، وحديث حذيفة ثم قال أحمد: حديث عبد اللَّه. قيل: حديث محمد بن كعب؟ قال: نعم حديث حماد بن سلمة (¬1). قيل: والزهري، عن سالم، عن ابن عمر أنه دعا أبا أيوب. قيل لأحمد: رواه غير عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري؟ قال: لا أعلمه. "مسائل حرب" ص 340 قال علي بن أبي صبح السواق: كنا في وليمة، فجاء أحمد بن حنبل، فلما دخل نظر إلى كرسي في الدار عليه صورة، فخرج فلحقه صاحب المنزل، فنفض يده في وجهه. وقال: زي المجوس، زي المجوس، وخرج. "طبقات الحنابلة" 2/ 150 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة كما في "المطالب العالية" (2224) والبيهقي 7/ 272، وصححه الألباني في "الصحيحة" (2384) وقال: وإسناده صحيح.

قال الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل، إذا دعيت لأدخل، فرأيت سترًا معلقًا فيه تصاوير أأرجع؟ قال: نعم، قد رجع أبو أيوب، قلت: رجع أبو أيوب من ستر الجدار؟ قال: هذا أشد وقد رجع عنه غير واحد من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قلت له: فالستر يجوز أن يكون فيه صورة. قال: لا. قيل: فصورة الطائر وما أشبهه؟ فقال: ما لم يكن له رأس، فهو أهون. "التمهيد" 16/ 136 ونقل ابن منصور (¬1): لا بأس ألا يدخل، قال: لا كريحان منضد. نقل جعفر: لا يشهد عرسًا فيه طبل أو مخنث أو غناء أو تستر الحيطان ويخرج لصورة على الجدران. ونقل الأثرم والفضل: لا لصورة على ستر لم يستر به الجدر. "الفروع" 5/ 307 قال المروذي: سألته عن الرجل يدعى فيرى الكلة (¬2)، فكرهها، وقال: هي من الرياء والسمعة. "الآداب الشرعية" 3/ 483 ¬

_ (¬1) لعله يقصد "مسائله ابن هانئ" (1773). (¬2) قال ابن مفلح في "الآداب" 3/ 483: قبة لها بكر يجر بها.

باب عشرة النساء

باب عشرة النساء 2295 - وجوب تسليم الزوجة لزوجها إذا دفع مهرها، وكانت محلا للوطء قال حرب: قلت لإسحاق: فإذا دفع مهر امرأته، فله أن يحملها حيث شاء؟ قال: ليس له أن يحملها حيث شاء على المضرة. قال: وللزوج أن يقول للأب سلم إليَّ المرأة حتى أدفع إليك المهر. "مسائل حرب" ص 250 قال في رواية أبي الحارث في الصغيرة يطلبها زوجها: فإن أتى عليها تسع سنين، دفعت إليه، ليس لهم أن يحبسوها بعد التسع. "المغني" 10/ 169 2296 - وجوب وطء الرجل لامرأته، إذا لم يكن له عذر قال إسحاق بن منصور: قلت: تزوج امرأة فلم يدخل بها يقول: أدخل بها غدًا، إلى شهر، فهل يُجبر على الدخول بها؟ قال أحمد: أذهبُ إلى أربعة أشهر -أي: إن دخل بها- وإلا فرق بينهما. قال إسحاق: هو حسن. "مسائل الكوسج" (892) قال حرب: قلتُ لأحمدَ: رجل له امرأة، وهو يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يقرب امرأته، هل له ذلك؟

2297 - ذكر أن الرجل يؤجر على إتيان أهله

فكره ذلك كراهية شديدة. "مسائل حرب" ص 66 2297 - ذكر أن الرجل يؤجر على إتيان أهله قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: الرجل يأتي أهله، وليس له شهوةٌ في النساء، أيؤجر على ذلك؟ قال: إي واللَّه، يحتسب الولد. قلت: وإن لم يرد الولد إلا أنه يقولُ: هذِه امرأة شابة. قال: لم لا يؤجر؟ "مسائل الكوسج" (3391) 2298 - ما يقوله الرجل عند الدخول بأهله روى صالح عن أبيه: حدثنا داود عن أبي نضرة، عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال: تزوج، فحضره عبد اللَّه بن مسعود، وأبو ذر، وحذيفة، وغيرهم من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فحضرت الصلاة، فقدموه وهو مملوك، فصلى بهم، ثم قالوا له: إذا دخلت على أهلك فصل ركعتين، ثم خذ برأس أهلك، فقل: اللهم بارك لي في أهلي، وبارك لأهلي في، وارزقهم مني، وارزقني منهم. ثم شأنك وشأن أهلك. "المغني" 9/ 470 - 471

2299 - الاحتقان لمنع سرعة الإنزال

2299 - الاحتقان لمنع سرعة الإنزال قال أبو ثابت الخطاب: تزوجت امرأة فكنت إذا أردت أن أدنو منها أنزلت. فوصفت ذلك لإنسان. فقال لي: احتقن. فأتيت أحمد بن حنبل فسألته. قلت: أيش ترى؟ قال: احتقن. "الطبقات" 2/ 579 2300 - العزل قال إسحاق بن منصور: قلت: العزل؟ قال: أما الحرة فبأمرها، وأما الأمة فأرجو أن لا يكون به بأسٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3515) قال أبو داود: سمعتُ أحمد بن حنبل قال: لا يعزلُ عن الحرة إلا بإذنها، وإن كانت أمةً يملكها فيعزلُ عنها بغير إذنها. "مسائل أبي داود" (1122) قال حرب: سُئلَ أحمد عن العزل؟ فقال: أما الحرة فلا إلا بإذنها. وقال: إذا أذنت فلا بأس. وسمعت إسحاق يقول: لا بأس بالعزل يستأمر الحرة ولا يستأمر الأمة، إلا أن تكون أمة لها زوج، فلا يعزل عنها زوجها إلا بأمرها، فأما السرية فلا يستأمرها سيدها، ولا تستأمر مملوكتك. "مسائل حرب" ص 280

قال أحمد رحمه اللَّه في رواية أبي طالب في الأمة إذا نكحها: يستأذن أهلها -يعني في العزل- لأنهم يُريدون الولد، والمرأة لها حق، تريد الولد، وملك يمينه لا يستأذنها. وقال في رواية صالح، وحنبل، وأبي الحارث، والفضل بن زياد، والمروذي: يعزل عن الحرة بإذنها، والأمة بغير إذنها يعني: أمته. وقال في رواية المروذي: في العزل عن أم الولد: إن شاء، فإن قالت: لا يَحِلُّ لك؟ ليس لها ذلك. "زاد المعاد" 5/ 146 قال مهنا: سألت أحمد عن حديث هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن سوار الكوفي، عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- أنه قال: يعزل الرجل عن أمته، ولا يعزل عن الحرة إلا بإذنها. فقال؛ كان يزيد يرويه عن هشام. قلت: عن سوار هذا؟ قال: لا أدري. قلت: بلغني عن يحيى بن سعيد أنه كان يقول: هذا الحديث شبه لا شيء. فقال أحمد: كذاك هو. "التوضيح" 25/ 54

2301 - النهي عن إتيان النساء في أدبارهن

2301 - النهي عن إتيان النساء في أدبارهن قال إسحاق بن منصور: قال إسحاقُ: وأَمَّا الذي يأتي امرأتَه في دبرِها، ثم يندمُ ما كفارته؟ فَإِنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ صحَّ عنه أَنَّه قال: "لا ينظرُ اللَّهُ يومَ القيامةِ إلى رجلٍ أتى امْرَأتَه في دبرِهَا" (¬1) وقالَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ملعون من أتى ذَلِكَ من الرجال والنساء" (¬2) وقد ذكر عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن: "من أتى، حائضًا، أو كاهنًا فصدقه، أو امرأة في دبرِها فقد كفر بما أُنْزِلَ على محمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-" (¬3). فإذا ابتلي الرجل فارتكب ذَلِكَ من امرأتِه أو جاريتِه فليخلضِ التوبةَ، فإِنِّي لا آمن أن يكون كفرًا، وإن رأى قوم أن ذَلِكَ على استحلال يكون كفرًا فقد ذهبوا مذهبًا حسنًا، وليتقرب إلى اللَّهِ بما استطاعَ مِن الصَّدقةِ وغير ذَلِكَ، فإنا وإن لم نَجدْ سُنَّةً في الكفَّارَةِ لفاعلِه فقد وَجَدْنَا عَنِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فيمن أتى الحائضَ كفارة صحيحة قال: "يتصدق بدينارٍ إذا كانَ الدَّم عَبِيطًا، وإن كان فيه صُفْرةٌ فنصف دينار" (¬4). ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 272، 2/ 344، وأبو داود (2162)، وابن ماجة (1923)، وأبو يعلى (6462) من حديث أبي هريرة رحمه اللَّه. ورواه الترمذي (1165)، وأبو يعلى (2378) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-. وقال أبو عيسى: حسن غريب. (¬2) رواه أحمد 2/ 444، 479، وأبو داود (2162)، وابن ماجه (1923)، والنسائي (9015) من حديث أبي هريرة رحمه اللَّه. (¬3) رواه أحمد 2/ 408، وأبو داود (3904)، والترمذي (135)، وابن ماجة (639)، وصححه الألباني في "الإرواء" (2006). (¬4) رواه أحمد 1/ 230، وأبو داود (264، 2168)، والترمذي (136، 137)، والنسائي 1/ 153، 188، وابن ماجة (640)، والبيهقي 1/ 317 من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-. وقال الترمذي: حديث الكفارة في إتيان الحائض قد روي عن ابن عباس =

وحتى ذكر عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنَّه أمَرَ عمر بن الخطاب رحمه اللَّه بخمسي دينار (¬1)، وذلك على قدرِ رقة الدم وغلظه وقرب طهره من بعده. فرأى الصدقة على قدر عِظَم الذنب وصغره، وكذلك يعمل التائب من إتيانها على ما وصَفْتُ، فكفارته أغلظ من كفارة الحيْض؛ لأن ذَلِكَ الذنب أعظم من ذنب إتيان الحائض فيما نرى واللَّه سبحانه وتعالى أعلم. وقد ثبتنا أن الكفارات إنما تجيء على قدر الذنوب، وأخطأ هؤلاء في الحائضِ حيث لم يروا على صاحبِه كفارة، وتأولوا قول إبراهيم وضُرَبائِه: إنه ذنب، فليستغفر اللَّه وصدقوا في ذلك ولم يزيلوا عنه الكفارة، وإن لم يأمروا بالكفارة فهو مما لم يسمعوا، ولو سمعوا كانوا متبعين لأمرِ الرسولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلا يستوي من سمع سنة عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فهجرها مع من لم يسمع بها، وإنما الحجة على مَنْ رَدّ السُنَّة بعينها استخفافًا ورغبة عنها إلى قول من لا يعلم علمها، وقد قال ابن عباس: كيف لا تخافون أنْ يُخسفُ بكم أو تعذبوا وأنتم تقولون: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال فلان (¬2). "مسائل الكوسج" (3453) قال ابن الشافعي: سألته عن الحديث الذي يرويه مالك وابن أبي ذئب في مذهب أهل المدينة في إتيان النساء في أدبارهن، فقال: ما أدري أي شيء هذا؟ الأخبار عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه في خلاف هذا كثيرة، وهو ¬

_ = موقوفًا ومرفوعًا، وهو قول بعض أهل العلم، وبه يقول أحمد وإسحاق، وقال ابن المبارك: يستغفر ربه، ولا كفارة عليه. (¬1) رواه البيهقي 1/ 316. (¬2) رواه الدرامي في "السنن" 1/ 401 (445)، ورواه الإمام أحمد 1/ 337 بمعناه.

الحق عندنا، قال اللَّه عز وجل: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] الحرث لا يكون إلا موضع الولد، أَوَ شُبْهَةٌ بهذا؟ ! "طبقات الحنابلة" 2/ 349

فصل: القسم

فصل: القسم 2302 - كم يقيم عند البكر والثيب؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا تزوج البكر على الثيب، أو الثيب على البكر؟ قال: يُقيم عند البكر سبعًا ثم يدور، وعند الثيب ثلاثًا ثم يدورُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (882) قال حرب: سألت أحمدَ: قلتُ: فإن تزوج بكرًا على امرأته، كم يقيم عندها؟ قال: سبعة، ثم يسوي. قلتُ: فإن تزوج ثيبًا؟ قال: يقيم ثلاثا، ثم يسوي. "مسائل حرب" ص 66 2303 - القسم للحرة والأمة قال إسحاق بن منصور: قلت. العبد ينكحُ الأمة على الحرة؟ قال: يقسم للحرة يومين، وللأمة يومًا، حديث ابن أبي ليلى، عن المنهال، عن عباد بن عبد اللَّه، عن علي رحمه اللَّه. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (886)

2304 - القسمة إذا تزوج كتابية على مسلمة

2304 - القسمة إذا تزوج كتابية على مسلمة قال أبو داود: سمدت أحمد يقول: الحرة اليهودية هي عنده في القسم والنفقة بمنزلة المسلمة. "مسائل أبي داود" (1073) قال حرب: سألت أحمدَ بن حنبل: قلتُ: رجل تزوج يهودية، أو نصرانية على مسلمة، كيف القسمة؟ قال: بالسوية. قلتُ: فيتزوج أمة على يهودية أو نصرانية؟ قال: فيه اختلاف. "مسائل حرب" ص 63 قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا أنه قال لأبي عبد اللَّه: أرأيت إن تزوج يهودية أو نصرانية -يعني: على الحرة المسلمة- كيف يعدل بينهما؟ قال: اليهودية والنصرانية مثل المسلمة، يكون عند الحرة يوم وعند اليهودية والنصرانية يوم سواء. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم وأخبرني الحسين بن الحسن أن محمد بن داود حدثهم فسمعا أبا عبد اللَّه قال: أحكام اليهودية والنصرانية مع المسلم مثل أحكام المسلمين إلَّا أنهما لا يتوارثان. "أحكام أهل الملل" 1/ 249 (486: 487)

2305 - الجمع بين الجاريتين في فراش واحد

2305 - الجمع بين الجاريتين في فراش واحد قال إسحاق بن منصور: قال: قلت لإسحاق: للرجل أن يجمع بين جاريتين في فراشه ويجامعهما؟ قال: يجمعُ بينهما في فراش ولا يجامع إلا وبينهما ستر، فأما الولدُ إذا بلغ خمس سنين إلى سبع فلا ينبغي أن يجامع الرجلُ المرأة أو الجارية وهو معهما في البيت إلا أن يجعل سترًا حائلًا بينهم وبينه. "مسائل الكوسج" (1350)

فصل النشوز

فصل النشوز 2306 - هل يهجر المرأة إذا نشزت؟ قال إسحاق بن منصور: سأل رجلٌ أحمد قال: إن لي امرأة وبنات لا يطيعوني، لا المرأة ولا الولد، وأنا أريدُ أن أخرج من بغداد وأدعهم؟ قال: لا أرى لك أن تدعهم وتذهب، تكون قريبًا منهم تتعاهدهم أحبُّ إليَّ. "مسائل الكوسج" (3376) 2307 - هل يضربها على ترك الفرائض؟ قال ابن هانئ: سألته عن الرجل له امرأة لا تصلي فيضربها؟ قال: نعم، يضربها ضربًا رفيقًا غير مبرح؛ لعلها ترجع. "مسائل ابن هانئ" (514) سأل الشالنجي أحمد عما يجوز ضرب المرأة عليه؟ قال: على ترك قرائض اللَّه. "المغني" 10/ 261 نقل مهنا عنه: هل يضربها على ترك زكاة؟ قال: لا أدري. "الفروع" 5/ 337

2308 - خروج المرأة من منزلها بدون إذن الزوج

2308 - خروج المرأة من منزلها بدون إذن الزوج نقل أبو طالب: إذا قام بحوائجها كلها وإلَّا لا بُدَّ لها.

كتاب الخلع

كتاب الخلع 2309 - حقيقة الخلع قال إسحاق بن منصور: قلت: الخلعُ فرقة وليس بطلاقٍ؟ قال: الخلع فراق، وليس بطلاق وهي أولى بنفسها، فإن تراجعا -يعني: تزوجها- كانا على ثلاث. "مسائل الكوسج" (1023) قال إسحاق بن منصور: قلت: ما المباراة؟ قال: هو الخلعُ. قال إسحاق: هو كما قال، ويراجعها، هو تجديد النكاح. "مسائل الكوسج" (1024) قال إسحاق بن منصور: قلت: بين لي الخلع؟ قال: السنة إذا أراد الرجلُ أن يخلع امرأته، فهو على طمع أن ترجع إلى زوجها، ولا يكره الزوج ذلك أن يبعث حكمًا من أهله، وتبعث هي حكمًا من أهلها، وكل واحدٍ منهما يُفوض أمره إلى حكمه إن رأى الفرقة فرق، وإن رأى الإجازة أجاز، فيلتقيان فيبدأ حكمُ الرجل فيقول لحكم المرأة: ما تنقم من هذِه، أفي مطعم أو في مشربٍ أو ملبسٍ؟ فيتكلَّم بحجتها فيقول حكمُ الرجل لحكمها: أرأيت إن عاد إلى ما تحبين أترضين بذلك؟ وكذلك حكم المرأة لحكم الرجل: ما تنقم عليها كمثل ما وصفنا؟ فإن رأيا أن يجمعا بعدما عرفا قوليهما جمعا، وإن رأيا أن يفرقا فرقا، فإن فرقا ولم يذكرا طلاقًا، فهي فرقة بغير طلاق كالبيع بين الرجلين، كذلك

قال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- في الفرقة (¬1) فإن أحبا المراجعة، فتزوجها بولي وشهود ومهر لا بد من ذلك؛ لأنه تجديدُ نكاح كالأجنبية، وكانت عنده على ثلاث، وإن أراد الزوجُ أن يذكر طلاقًا فطلقها تطليقة (بما لَهَا) (¬2) عليه كان خلعًا فيه طلاق على ما سمَّى، وتكون بائنًا، واحدة كان أو اثنتين أو ثلاثًا، وإنما بينا أمر الحكمين إذا كان طمع المراجعة يكون كل واحد يحتمل طبيعة صاحبه فحينئذ يحتاج إلى الحكمين؟ لقول اللَّه عز وجل: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: 35] فإن كان الزوج آيسًا منها ولم يرد العود فيها لا يائسة منها، لم يحتج إلى الحكمين فخلعها بما لها عليه أو ما سمى جاز ذلك، ولا يحلُّ له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها، فإن كان النشوزُ من قبله لم يحل له أن يأخذ مما أعطاها شيئًا، قلَّ أم كثر، فإن كان النشوزُ من قبلها حلَّ له. "مسائل الكوسج" (1025) قال إسحاق بن منصور: قلت لإسحاق: قالت: اشتريتُ منك ثلاث تطليقات بما لي عليك. وقال: بعت منك ثلاث تطليقات بما لك علي؟ قال إسحاق: بانت بثلاثٍ. "مسائل الكوسج" (1026) قال إسحاق بن منصور: سُئل إسحاق عن: رجلٍ خلع امرأته، ثم راجعها في العدة، ثم طلقها من قبل أن يدخل بها؟ قال: كلما خلعها لم يجز المراجعة في ذلك. إنما يجوزُ تجديدُ نكاحٍ في كلا المذهبين من رأى الخلع تطليقةً بائنة، ومن رآه كالبيع بين الرجلين ¬

_ (¬1) رواه الدارقطني 3/ 320، البيهقي في "الكبرى" 7/ 316 (14863). (¬2) بياض بمقدار كلمة في المطبوع من "مسائل الكوسج" ط/ دار الهجرة 1/ 398، والمثبت من طبعة الجامعة الإسلامية.

ذايله اسم المراجعة إذا وقع الخلع. "مسائل الكوسج" (1028) قال إسحاق بن منصور: قلت: الخلعُ تطليقةٌ، فإن ندم وندمت؟ قال أحمد: الخلعُ فراقٌ على قول ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، فإن تراجعا كانا على ثلاث. قال إسحاق: كما قال، إلا أن يسمي في الخلع طلاقًا فهو على ما سمى، والطلاقُ بعد الخلع ليس بشيء؛ لأن العدة وغير العدة سواء إذا بانت منه مرة. "مسائل الكوسج" (1303، 3231) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: كيف الخلعُ؟ قال: إذا أخذ المال فهي فرقة. قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لسهلة: "أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ " (¬1). قلت: فقعدت في بيت أهلها؟ قال: نعم. "مسائل الكوسج" (3392)، (1027) مختصرة قال صالح: وسألته عن المختلعة إذا أرادت أن تراجع زوجها في العدة، تراجعه بنكاح جديد، أو يجزئه أن يشهد على رجعتها؟ قال: تراجعه بولي وشهود وصداق مسمى. "مسائل صالح" (252) قال ابن هانئ: وسُئل أبو عبد اللَّه عن: الخلع ما هو فسخ نكاح، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 3، والبخاري (5273، 2575، 5276) من حديث عبد اللَّه ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.

أو الخلع طلاق، أن تذهب إلى حديث ابن عباس؟ كان يقول: فرقة، ليس بطلاق (¬1). قال أبو يعقوب: قال أبو عبد اللَّه: كان ابن عباس يتأول هذِه الآية {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ}. وكان ابن عباس يقول: هو فداء، قال ابن عباس: ذكر اللَّه الطلاق في أول الآية، والفداء في وسطها، وذكر الطلاق بعد، يقول: ليس هو طلاقًا، إنما هو فداء. "مسائل ابن هانئ" (1125) قال حرب: قِيل لأبي عبد اللَّه أحمد: كيف الخلع؟ قال: إذا افتدت خَلَعَهَا. قلت: وهو تطليقة؟ فلا أحفظ ما قال. وسُئلَ أحمد مرة أخرى عن: الخلع أتطليقة هو؟ قال: اختلف الناس فيه. وسألت أحمد أيضًا قلت: الخلع تطليقة بائنة؟ قال: فيه اختلاف. وكأنه ذهب إليه. وسمعت إسحاق يقول: الخلع مفارقة بغير طلاق إذا خلعها بمال أو اشترت نفسها منه. قلت: فإن تزوجها بعد ذلك فهي عنده على ثلاث؟ ¬

_ (¬1) رواه الدارقطني 3/ 319، والبيهقي 7/ 316.

قال: نعم. "مسائل حرب" ص 236 قال عبد اللَّه: قلت لأبي: رجل تعلقت به امرأته فقالت: اخلعني. قال: قد خلعتك؟ قال: يتزوج بها، ويجدد نكاحًا جديدًا، ومهرًا جديدًا، وتكون عنده على ثنتين ليس في هذِه اختلاف. "مسائل عبد اللَّه" (1243)، (1371) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: الخلع طلاق؟ قال: فيه اختلاف، كان ابن عباس يتأول هذِه الآية: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 229، 230]. وقال ابن عباس: ذكر اللَّه الطلاق في أوله، والفداء في وسطه، وذكر الطلاق بعد، يقول: ليس هو بطلاق، وإنما هو فداء (¬1). وروي عن عثمان أنه قال: الخلع تطليقة، وما سميت (¬2). قال أبي في حديث عثمان: إسناده ما أدري ما هو جهمان عن بكرًا (هو) (¬3) كأنه لم يرض إسناده. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 485 (11765). (¬2) رواه سعيد 1/ 338 (1446، 1447)، والدارقطني 3/ 320، والبيهقي 7/ 316. (¬3) كذا في "مسائل عبد اللَّه"، ولعلها زائدة.

قلت لأبي: تذهب إلى قول ابن عباس. قال: فيه اختلاف، ورأيته كأنه يذهب إلى قول ابن عباس. "مسائل عبد اللَّه" (1247) قال عبد اللَّه: قال أبي: على قول ابن عباس: إذا اختلعت ليس هو طلاق، هو فداء. وكان ابن عباس يقول: يتزوجها إن شاء، ورأيت أبي يحتج بقول ابن عباس ويراه، قال: الخلع تفريق، وليس هو بطلاق، إذا وافقته عليه. قال: في الخلع اختلاف. "مسائل عبد اللَّه" (1249) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة، عن طاوس قال: سُئِلَ عن الخلع؟ فقال: ليس بشيء، فقال الرجل: إنك لا تزال تأتينا بشيء لا يدرى ما هو؟ ! ! قال: واللَّه لقد جمع ابن عباس بين رجل من أهل اليمن وبين امرأته كان طلقها تطلقتين ثم خلعها. "مسائل عبد اللَّه" (1251) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: المرأة تقول لزوجها: طلقني ولك مائة دينار؟ قال: إذا طلقها وجبت له مائة دينار. وقال: إنما هو مثل شيء يبيعها. "مسائل عبد اللَّه" (1371)

2310 - الحال التي يجوز فيها الخلع

2310 - الحال التي يجوز فيها الخلع قال حرب: قلت لإسحاق: الرجل يضيق على امرأته فيظلمها حتى تختلع منه أيحكم لها بالمهر؟ قال: إذا كان الظلم من قبله لم يحل له أن يأخد منها، فإن كانت هي الظالمة جاز له أن يأخذ منها قدر ما أعطاها من مهر أو غير ذلك. "مسائل حرب" ص 236 نقل أبو طالب عنه أنه قال: الخلع مثل: حديث سهلة، إذا كرهت المرأة الرجل وقالت: لا أبر لك قسمًا ولا أطيع لك أمرًا، ولا أغتسل لك من جنابة، فقد حل له أن يأخذ منها ما أعطاها، لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ ". قلت: وقد قال في الحديث: "اقْبَلْ الحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً" (¬1). وجعل أحمد ذلك فداء. "إعلام الموقعين" 1/ 224. قال أحمد في رواية أبي طالب: إذا كرهته حل أن يأخذ منها ما أعطاها؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ " قال عليه السلام في المختلعات: "هُنَّ المُنَافِقَاتُ" (¬2)، وقال عمر: احبسها ولو في بيت الزبل. "الفروع" 5/ 343. نقل أبو طالب عن الإمام أحمد: إن كانت المرأة تبغض زوجها وهو يحبها لا آمرها بالخلع، وينبغي لها أن تصبر. "الاختيارات الفقهية" المطبوع مع "الفتاوى الكبرى" 4/ 472. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 3 من حديث سهل بن أبي حثمة، والبخاري (5273) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 414 والنسائي 6/ 186 من حديث أبي هريرة.

باب ما جاء في أركان الخلع وشروط صحته

باب ما جاء في أركان الخلع وشروط صحته أولًا: العوض 2311 - هل يصح الخلع على غير عوض؟ قال عبد اللَّه: وسمعت أبي يقول: الخلع على غير شيء، تفتدي به نفسها، ويكون أيضًا على فداء. "مسائل عبد اللَّه" (1244، 1328) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الخلع، فقال: جاءت حمنة بنت سهل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: لا أنا ولا ثابت. قال: "تَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ". قال أبي: كأنها تدع مهرها، أو تتفدى منه ببعض مالها. "مسائل عبد اللَّه" (1246) ¬

_ = قال الحافظ في "الفتح" 9/ 304: وفي صحته نظر، لأن الحسن عند الأكثر لم يسمع من أبي هريرة، لكن وقع في رواية النسائي: قال الحسن: لم أسمع من أبي هريرة غير هذا الحديث أهـ. ورواه الترمذي (1186) من حديث ثوبان، وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه، وليس إسناده بالقوي. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (947)، ورواه الطبري 17/ 339 (935) من حديث عقبة من عامر. قال الهيثمي في "المجمع" 5/ 5: فيه قيس بن الربيع، وثقه الثوري وشعبة، وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح. وقال العراقي في "المغني" (1559): رواه الطبراني من حديث عقبة بن عامر بسند ضعيف. ورواه أبو نعيم في "الحلية" 8/ 376 من حديث عبد اللَّه بن مسعود.

2312 - مقدار ما يجوز به الخلع

نقل عنه مهنا: إذا قال لها: اخلعي نفسك، فقالت: خلعت نفسي، لم يكن خُلعًا إلا على شيء، إلا أن يكون نوى الطلاق، فيكون ما نوى. الروايتين والوجهين" 3/ 139، "المغني" 10/ 288، "معونة أولي النهى" 9/ 328 2312 - مقدار ما يجوز به الخلع قال إسحاق بن منصور: قلت: المختلعةُ يأخذ منها أكثر مما أعطاها؟ قال: لا يأخذ منها أكثر مما أعطاها. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (1018) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئِلَ عن: المختلعة يأخذُ منها فوق ما أعطاها؟ قال: لا؛ لا يعجبني. "مسائل أبي داود" (1186) قال أبو داود: وسمعتُ أحمد سُئِلَ عن: امرأة قالت لزوجها: اخلعني على ما في يدي من الدراهم فخدعته ولم يكن في يدها شيءٌ؛ فخلعها على ذلك؟ قال: أقله ثلاثةُ دراهم. "مسائل أبي داود" (1187) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: المختلعة ماذا لزوجها منها؟ قال: لا يأخذ منها أكثر مما أعطاها. "مسائل ابن هانئ" (1126) قال الفضل الأصبهاني: سمعت أحمد يقول: لا أحب أن يأخذ الزوج من زوجته إذا اختلعت أكثر مما أعطاها. "الطبقات" 2/ 197

2313 - الرجوع في عوض الخلع، إن لم تخلع الزوجة نفسها منه

خلع الوكيل بأقل مما حدد له الموكل: قال أحمد في رواية ابن القاسم: إذا أمره أن يخالع بمائة فخالع بخمسين، الخلع جائز والخمسون للآمر، ولو خالعها بخمسين وقد أمره بثلاثين كانت الزيادة عليه. "الروايتين والوجهين" 2/ 139. 2313 - الرجوع في عوض الخلع، إن لم تخلع الزوجة نفسها منه قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل جعلت له امرأته ألف درهمٍ على أن يخيرها فاختارت الزوج، أيرد عليها الألف؟ قال أحمد: لا يرد عليها شيئًا، قد وجب له الذي جعلت له، ولو أنها طلقت نفسها كانت على مال طلقت نفسها وتكلمت به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1155) قال صالح: قلت: المرأة تقول للرجل: طلقني على أن أجعل لك كذا وكذا، فجعلت له، فلم يطلقها؟ قال: لها أن ترجع. "مسائل صالح" (1177) نقل مهنا في رجل قالت له امرأته: اجعل أمري بيدي، وأُعطيك عبدي هذا، فقبض العبد، وجعل أمرها بيدها، وباع العبد قبل أن تقول المرأة شيئًا: هو له، إنما قالت: اجعل أمري بيدي وأعطيك. فقيل له: متى شاءت تختار؟ قال: نعم، ما لم يطأها، أو يُنقض. "المغني" 10/ 280.

ثانيا: القابل (الملتزم للعوض)

ثانيًا: القابل (الملتزم للعوض) 2314 - هل للرجل أن يخلع زوجته؟ قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل خالع امرأته؟ فقال: فيها اختلاف. "مسائل عبد اللَّه" (1242) قال عبد اللَّه: وسألت أبي عن: الخلع يكون من قبل المرأة أو الرجل؛ فقال: من قبل المرأة. قلت لأبي: فإن كرهها؛ قال: أريد أن أخالعها؟ قال: كيف يكون هذا، إنما المرأة التي تكرهه، كما كرهت (حبيبة بنت سهل) (¬1)، ثابت بن قيس (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (1248) ¬

_ (¬1) في المطبوع من "مسائل عبد اللَّه": (حمنة بنت سهل)، وفي هامشها: كذا بالأصل، وأظن أن اسم حمنة ورد وهمًا من الناسخ، وإنما هي جميلة بنت عبد اللَّه بن أبي، والحديث في "سنن النسائي" 6/ 186، وثابت هو ابن قيس بن شماس، وأن رسول اللَّه جعل عدتها حيضة، وراه أبو داود (2229) أ. هـ. قلت: هي في "المسند" 4/ 3: حبيبة بنت سهل، فلعلها تحرفت على الناسخ، فهي الأقرب في رسمها إلى حمنة لا جميلة والقصة وردت في جميلة أيضًا كما في "صحيح البخاري" (5277) عن عكرمة ولم يسم أباها، وقد اختلف في اسم أبيها هل هو عبد اللَّه بن أُبي ابن سلول؟ وانظر ترجمة حبيبة وجميلة في كتب الصحابة، ولم أجد من ترجم لحمنة بنت سهل، واللَّه أعلم. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 3 من حديث سهل بن أبي حثمة، ورواه البخاري (5273) من حديث ابن عباس.

2315 - حكم الخلع من الأجنبي

قال ابن بطة: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد بن رجاء، عن أبي عمران موسى بن حمدون، حدثنا حنبل بن إسحاق، حدثنا حجاج بن منهال، حدثنا حماد بن سلمة، عن حماد، عن إبراهيم، حدثنا هشام بن عروة عن أبيه قال: لا يصلح الخلع إلا أن يكون الفساد من قبل المرأة. قال حدثنا حنبل: قال أبو عبد اللَّه: الخلع لا يكون إلا من قبل المرأة لأنها هي المطالبة. "إبطال الحيل" ص 92 - 93 (45) نقل مهنا عنه: إذا قال لزوجته: أنت طالق بألف فلم تقبل، طلقت رجعيًّا، ولم يلزمها شيء. "المغني" 10/ 303، "تقرير القراعد" 3/ 128 - 129 2315 - حكم الخلع من الأجنبي نقل مهنا عن الإمام أحمد في رجل قال لرجل: طلق امرأتك حتى أتزوجها ولك ألف درهم فأخذ منه الألف، ثم قال لامرأته: أنت طالق. فقال: سبحان اللَّه! رجل يقول لرجل: طلق امرأتك حتى أتزوجها لا يحل هذا. "الاختيارات الفقهية" 4/ 472 2316 - خلع الولي قال حرب: قلت لإسحاق: رجل يخلع ابنته من زوجها وهي مدركة، أو غير مدركة، أو الأخ، هل يجوز ذلك الخلع؟

2317 - الخلع في مرض الموت

قال أبو يعقوب: الأب على البكر يعني: يجوز أن يخلعها برضاها إن كانت مدركة، وإن كانت صغيرة جاز، لأن الخلع كالبيع يجوز بيع الأب على الصغار. قال: وأما المهر فإذا أقر الأب بالقبض فهو جائز. قلت: فإذا أدركت الصغيرة وطلبت المهر فأقام الزوج شاهدين على إقرار الأب بالقبض. ذهب إلى أنه جائز. "مسائل حرب" (238 - 239) نقل أبو الصقر فيمن زوج ابنه صغيرًا بصغيرة وندم أبواهما، هل ترى في فسخهما وطلاقهما عليهما شيئًا؟ قال: فيه اختلاف، وأرجو. ولم ير به بأسًا. "الفروع" 5/ 344 2317 - الخلع في مرض الموت قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: إذا اختلعت المرأةُ من زوجها وهي مريضةٌ، إن اختلعت منه بأقل من ميراثه منها أجزنيه، وإن اختلعت بأكثر من ميراثه منها لم نجزه. قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1277)

2318 - هل يشترط الخلع عند السلطان؟

2318 - هل يشترط الخلع عند السلطان؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: الخلعُ دون السلطان؟ قال: يجوز دون السلطان. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1019) قال حرب: سُئلَ أحمد عن: رجل كان بينه وبين امرأته كلام، ودخل بينهما رجل فطلبت المرأة المباراة، فأعطاها الرجل حقها، وأشهد عليها أنها قد أخذت جميع حقها عليه، ثم قال الرجل الذي بينهما للمرأة: اذهبي أنت ههنا. وقال للرجل: اذهب أنت ههنا فتفرقا على ذلك من غير طلاق؟ قال: أخشى أن يكون هذا خلعا، وقال للرجل: تزوجها بصداق جديد ونكاح جديد، وتكون عندك على ثنتين. قلت: يكون الخلع عند غير ذي سلطان؟ قال: نعم. "مسائل حرب" ص 237

باب ما يلحق الخلع من أحكام

باب ما يلحق الخلع من أحكام 2319 - عدة المختلعة قال إسحاق بن منصور: قلت: عدتها عدةُ المطلقة؟ قال: نعم. قال إسحاق: أختارُ ما قال، والذين قالوا: تعتد حيضةً على ما أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- امرأة ثابت بن قيس (¬1)، فهو مذهبٌ قوي. "مسائل الكوسج" (968) قال إسحاق بن منصور: قلت: كم تعتد المختلعةُ؟ قال: ثلاثُ حيضٍ عدةُ المطلقة. قال إسحاق: كما قال: ومن ذهب إلى حيضة؛ لما أمر النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- امرأة ثابت بن قيس بن شماس فهو مذهب. وقد قاله عثمانُ بن عفان (¬2)، وابنُ عمر (¬3)، وابن عباس (¬4) -رضي اللَّه عنهم- وأنا أذهبُ إليه. "مسائل الكوسج" (1090) قال صالح: وسألته: المختلعة كم عدتها؟ ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (2229)، والترمذي (1185)، من حديث ابن عباس. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وصحيح الألباني في "صحيح أبي داود" (1931). (¬2) رواه النسائي 6/ 186 - 187، وابن ماجه (2058) من حديث الربيع بنت معوذ. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1674). (¬3) رواه عنه أبو داود (2230)، وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (1932): إسناده موقوف صحيح على شرط الشيخين. (¬4) رواه ابن أبي شيبة 4/ 124 (18458).

2320 - المختلعة هل لها متعة؟

قال: ثلاث حيض. قلت: فمن قال: حيضة؟ قال: عثمان بن عفان، وابن عباس، وعكرمة يرسله عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "مسائل صالح" (1073) , (253) قال صالح: وقال: عدة المختلعة ثلاث حيض، وعثمان يقول: حيضة. "مسائل صالح" (1185) قال ابن هانئ: سألته عن: المختلعة، هل عليها عدة؟ قال: نعم، عدتها عدة المطلقة، ثلاث حيض، فإن كانت ممن لا يحيض، فثلاثة أشهر. "مسائل ابن هانئ" (1127) 2320 - المختلعة هل لها متعة؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: المختلعة لها متعةٌ؟ قال: هي مثل المطلقة. "مسائل الكوسج" (967) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 506 (11858) ومن طريق الدارقطني 3/ 256، والحاكم 2/ 206، والبيهقي 7/ 450 عن معمر عن عمرو بن مسلم عنه به وذكره أبو داود (2229) عن عبد الرزاق بهذا الإسناد. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" 6/ 229: وسواء كان الراجح في الحديث وصله أو إرساله فهو صحيح لشواهده الآتية: . . . أ. هـ.

2321 - المختلعة هل لها نفقة؟

2321 - المختلعة هل لها نفقة؟ قال صالح: قلت: المختلعة لها نفقة؟ قال: نحن نقول: المطلقة ثلاثًا ليس لها نفقة، فكيف المختلعة؟ ! لأنها أبرت نفسها، ولكن إذا كانت حاملًا كان لها النفقة. "مسائل صالح" (1205) قال حرب: سألت أحمد قلت: المختلعة هل له نفقة؟ قال: كيف يكون لها نفقة وقد ذهبت بنفسها، وكذلك إن كانت حاملا! ؟ "مسائل حرب" ص 232 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: المختلعة الحامل هل لها نفقة؟ فقال: لا. "مسائل عبد اللَّه" (1250) نقل المروذي عنه: إذا أبرأته من مهرها أو نفقتها ولها ولد فلها النفقة عليه إذا فطمته؛ لأنها قد أبرأته مما يجب لها من النفقة، فإذا فطمته فلها طلبه بنفقته، وكذا السكنى. "الفروع" 5/ 350، "معونة أولي النهى" 9/ 333 2322 - هل يرتدف على المختلعة طلاق؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: وهل يلحقها الطلاق ما كانت في العدة؟ قال: لا يلحقها الطلاق ما كانت في العدة، لأنهما لا يتوارثان، وإن قذفها لا يلاعنها وإن كانت في العدة.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1091) قال صالح: وسألته عن: المختلعة يطلقها زوجها وهي في عدتها؟ قال: لا يلحقها الطلاق. "مسائل صالح" (365) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن: المختلعة يلحقها الطلاق؟ قال: لا يلحقها الطلاقُ. "مسائل أبي داود" (1188) قال صالح: سألت أبي عن: المختلعة طلقها زوجها وهي في عدتها؟ قال: لا يلحقها الطلاق. "مسائل صالح" (1323) قال حرب: سألت أحمد قلت: المختلعة يطلقها زوجها وهي في عدتها؟ قال: لا يلحقها الطلاق. قال: وقال: المختلعة تعتد عدة المطلقة. وسُئلَ عن قول ابن عباس (¬1) و (عمر) (¬2) فلم يعجبه. وقِيل لأحمد مرة أخرى: الرجل يخلع امرأته ثم يطلقها؟ قال: لا يلحقها الطلاق ما دامت في العدة. وسمعت أحمد مرة أخرى يقول: المختلعة لا يلحقها الطلاق. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 124 (18458). (¬2) كذا في "مسائل حرب" ولم أجده عن عمر والذي روي عن ابن عمر كما تقدم؛ رواه أبو داود (2230). وكان الألباني في "صحيح أبي داود" (1932).

قال حرب: قرأت على إسحاق: امرأة اشترت نفسها من زوجها على تطليقة بالنفقة والعدة، ثم حلف الرجل بطلاق هذِه المرأة التي اشترت من زوجها التطليقة هل يقع عليها الطلاق؟ قال أبو يعقوب: كلما نوى أنه قد طلقها قبل أن يحلف حين بانت منه بتطليقة فلذلك حلف، لأنها ليست بامرأته فلا حنث عليه. "مسائل حرب" ص 237

كتاب الطلاق

كتاب الطلاق 2323 - حكمه قال ابن بطة: حدثني أبو بكر محمد بن أيوب قال: سمعت إبراهيم الحربي يقول: سئل أحمد بن حنبل عن رجل حلف بالطلاق أنه لا بد أن يطأ امرأته الليلة، فوجدها حائضًا؟ فقال: تطلق منه امرأته ولا يطؤها؛ اللَّه تبارك وتعالى أباح الطلاق وحرم وطء الحائض. "إبطال الحيل" ص 133 (85)، "الروايتين والوجهين" 2/ 144، "المناقب" ص 91 وسئل في رواية أبي طالب في رجل نذر أن يطلق امرأته؟ فقال: لا يطلق ويكفر. قيل له: هو معصية؟ قال: وأي شيء من المعصية أكثر من الطلاق إذا طلقها فقد أهلكها. "الروايتين والوجهين" 2/ 144

باب أقسام الطلاق

باب أقسام الطلاق فصل: أقسام الطلاق من حيث الصفة أولًا: طلاق السنة 2324 - وقت إيقاعه وعدده قال إسحاق بن منصور: قلت: طلاقُ السنة؟ قال: يطلقها طاهرًا في غير جماع الوقت، كما أمر النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أن يطلقها طاهرًا في غير جماعٍ (¬1)، وليس فيه واحدة ولا ثنتان ولا ثلاث. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (936) قال إسحاق بن منصور: قال الإمام أحمد رضي اللَّه عنه: فلو أنه قال لها: أنت طالق ثلاثًا للسنة. فإن كانت حائضًا لم يقع عليها شيءٌ، فإذا هي طهرت وقعت الثلاث عليها جميعًا؛ لأنه الوقتُ الذي أمر فيه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، ولم يُسم واحدة ولا ثنتين ولا ثلاثًا فقدر عليها في كلِّ طهر تطليقة، ولا يقعُ عليها شيءٌ من الطلاق إذا تكلم بذلك وهي حائض. "مسائل الكوسج" (937) قال صالح: وسألته عن طلاق السنة؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 54، 64، 192، 124، والبخاري (5332)، ومسلم (1471).

قال؟ يطلقها طاهرًا من غير جماع؛ لأن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض، فأمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يراجعها، ويطلقها إذا طهرت من غير جماع. "مسائل صالح" (14) قال صالح: قلت: كيف طلاق السنة؟ قال: يطلقها طاهرًا من غير جماع على حديث ابن عمر ويطلقهما تطليقة، وهو يملك الرجعة ما دامت في العدة؛ لقول اللَّه تبارك وتعالى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1]. وقال علي: من طلق طلاق السنة لم يندم. "مسائل صالح" (499) قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن زيد، عن عبد اللَّه بن مسعود قال: طلقها طاهرًا في غير جماع. وذكر حديث أبي الأحوص في طلاق السنة، فقال: ذلك يختلف فيه. "مسائل صالح" (1271) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: الطلاق، طلاق السنة؟ فقال: تطلق تطليقة من غير جماع، ثم يدعها حتى تحيض. قلت له: يحتاج عند كل حيضة أن يطلق طلاقًا؟ قال: لا، إذا حاضت ثلاثًا، أو لم تكن تحيض فثلاثة أشهر فقد بانت منه. قلت: فإن طلق ثلاثا بلفظ واحد، يكون طلاق السنة؟ قال: لا، لأن اللَّه يقول في كتابه: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] وإذا طلق ثلاثًا، لم يمكنه أن يراجعها.

قلت: فإذا طلق الرجل المرأة وبانت منه فتزوجت زوجًا غيره ثم مات عنها أو طلقها، وخطبها الأول فنكحها، على كم تكون عنده؟ قال: إذا طلقها بلفظ واحد ثلاثًا تكون عنده على ثلاث، فإذا طلقها واحدة واثنتين ثم بانت منه وتزوجت غيره فيكون عنده على ما بقي من الطلاق وتلا الآية: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] يعني في الثلاث وفي الواحدة والثنتين هي تحل له، فإنما ذهب من ذهب أن تكون على ما بقي عنده من الطلاق. "مسائل ابن هانئ" (1084) قال حرب: سألت أحمدَ، قلتُ: طلاق السنة؟ قال: أن يطلقها وهى طاهر من غير جماع تطليقة، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها كلها، وأنكر قول من يقول: يطلقها عند كل طهر. وسألت إسحاق، قلتُ: رجل قال لامرأته: أنت طالقٌ ثلاثًا كما أمر اللَّه ورسوله. قال: هى طالق كلما حاضت ثم طهرت وقع عليها تطليقة. قلتُ: وليس له عليها رجعة؟ قال: لا. قلتُ: فإن قالت. أنت طالق للسنة ثلاثًا؟ قال: السنة لا تكون ثلاثًا يقع عليها ثلاث تطليقات الآن. قلتُ: فإن قال: أنت طالق طلاق السنة؟ قال: يقع عليها تطليقه. "مسائل حرب" ص 139

2325 - متى يطلق المرأة إذا كانت حاملا؟

2325 - متى يطلق المرأة إذا كانت حاملًا؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: كيف تطلق الحامل؟ قال: متى ما شاء طلقها واحدة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (943) ثانيًا: طلاق البدعة 2326 - إيقاع الثلاث أو الثنتين في طهر واحد قال إسحاق بن منصور: قلت: حديثُ طاوس عن ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما- (¬1)؟ قال: كان الطلاقُ على عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الثلاثة تُرد إلى واحدة. قال: كل أصحاب ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما- رووا خلاف ما قال طاوس، وروى سعيد بن جبيرٍ، ومجاهد، ونافع، عن ابن عباس خلاف ذلك. "مسائل الكوسج" (1069) قال إسحاق بن منصور: قوله. سئل: إني طلقت امرأتي كذا وكذا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 314، ومسلم (1472)، عن طاوس عن ابن عباس قال: كان الطلاق على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر بن الخطاب طلاق الثلاث واحدة فقال عمر: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم. وهذا الحديث انفرد به طاوس عن ابن عباس وخالفه جمع كبير من أصحاب ابن عباس، أنه أجاز الثلاث وأمضاهن، قال البيهقي في "سننه" 7/ 337: هذا الحديث أحد ما اختلف فيه البخاري ومسلم، فأخرجه مسلم وتركه البخاري، وأظنه إنما تركه لمخالفته سائر الروايات عن ابن عباس. أهـ.

وفاطمة بنت قيس طلقت ثلاثًا على ما روى الشعبي (¬1). وما روى ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الرجل يطلق امرأته ثلاثًا فقال: "حتى تذوق عسيلته" (¬2). قلت لأحمد: فيه متعلق؟ قال: لا، لم يروه إلا طاوس. قال إسحاق: حديثُ ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الطلاق لم يرو أحدٌ من أصحابه عنه خلاف روايته، إنما رووا عنه قوله، ولم يفسروا أمدخولة أم غير مدخول، فإذا وضعت رواية طاوس على غير المدخول لم يكن خلافًا لروايته، وأما في حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: حتى تذوق العسيلة إن كان ثلاثًا. وإنما نضعُ حديث طاوس على غير المدخولة لما حكى عكرمة عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- التمييز بينهما، وما روى عمرو عن جابر وعطاء في غير المدخولة: الثلاث واحدة. "مسائل الكوسج" (1070) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن الرجل يطلقُ امرأته ثلاثًا -يعني: بكلمةٍ واحدةٍ؟ فلم ير ذلك. "مسائل أبي داود" (1123) نقل أبو طالب: طلاق السنة ما أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ابن عمر به طاهرة من غير جماع واحدة واثنتين وثلاث. "الروايتين والوجهين" 2/ 145 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 411، ومسلم (1480). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 25، 62، 85، والنسائي 6/ 148 - 149، وابن ماجه (1933)، وله شاهد صحيح رواه الإمام أحمد 6/ 37، والبخاري (2639)، ومسلم (1433)، من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-.

قال الأثرم: سألت أبا عبد اللَّه عن حديث ابن عباس: كان الطلاق الثلاث على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبى بكر وعمر واحدة، بأي شيء تدفعه؟ قال: برواية الناس عن ابن عباس من وجوه خلافه، ثم ذكر عن عدة عن ابن عباس أنها ثلاث. قال: وإلى هذا يذهب. "المغني" 10/ 334، "أعلام الموقعين" 3/ 35، "التوضيح" 25/ 189، "معونة أولي النهى" 9/ 371 نقل عنه أبو الحارث: إذا قال: طلقي نفسك طلاق السنة، قالت: قد طلقت نفسي ثلاثًا: هي واحدة، وهو أحق برجعتها. "المغني" 10/ 395 قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: حدثنا سعد بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس أن ركانة طلق امرأته ثلاثًا، فجعلها النبي واحدة. قال أبو عبد اللَّه: هذا مذهب ابن إسحاق، يقول: خالف السنة. فرده إلى السنة على مذهب الروافض. قلت له: على حديث طاوس ذلك؟ قال: نعم. قال ابن إسحاق: إنما ردها عليه، لأن الطلاق كان ثلاثًا في مجلس. "التوضيح" 25/ 192.

فصل أقسام الطلاق من حيث صفة الواقع بها

فصل أقسام الطلاق من حيث صفة الواقع بها أولًا: الطلاق الرجعي 2327 - ما يجوز للزوج أن يراه من المطلقة الرجعية قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن المطلقة يملك زوجها الرجعة؛ يرى شعرها؟ فكرهه. "مسائل أبي داود" (1212) قال أحمد في رواية أبي طالب: لا تحتجب عنه. وقال في رواية أبي الحارث: تتشوف له ما كانت في العدة. "الروايتين والوجهين" 2/ 169، "المغني" 10/ 554 2328 - الإشهاد على الرجعة قالى أبو داود: سمعتُ أحمد بن حنبل سئل كيف يراجعُ الرجلُ امرأته؟ قال: يُشهد رجلين: إني قد راجعتُ فلانة بنت فلانٍ. قيل. وإن لم تحضر المرأة؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1229) نقل مهنا عنه: إذا راجع يُشهد على الرجعة. قيل: فإن لم يشهد يضره؟ قال: نعم. "الروايتين والوجهين" 2/ 168.

2329 - مسألة الهدم

نقل أبو طالب عنه: إذا طلق والممتكتم الشهود حتى فرغت العدة يفرق بينهما ولا رجعة. "الفروع" 5/ 466، "الروايتين والوجهين" 2/ 169 2329 - مسألة الهدم قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها واحدةً أو اثنتين، فتزوجها رجل فطلقها قبل أن يدخل بها، أترجع إلى زوجها الأول؟ قال: ترجعُ، وتكون عنده على ما بقي. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1043) قال صالح: وقال أبي: إذا طلقها تطليقة أو تطليقتين، فتزوجت زوجًا، فدخل بها، ثم طلقها أذهب على أنها على ما بقي من طلاقها، وهو أصح في المعنى. "مسائل صالح" (960) قال صالح: قال أبي: وإذا طلقها تطليقة أو تطليقتين فتزوجت زوجًا، فدخل بها ثم طلقها، فتزوج بها الأول، فهي عنده على ما بقي؛ لأن الزوج الثاني لم يبح منها شيئًا، قال اللَّه: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: من الآية 230]، وتلك تحل له بالواحدة والثنتين أن يتراجعا، وإنما {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} في المطلقة ثلاثًا. "مسائل صالح" (982)

قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عمن طلق امرأته دون الثلاث، ثم تزوجت زوجًا غيره، ثم رجعت إليه؛ على كم تكون؟ قال: على ما بقي. "مسائل أبي داود" (1232) قال حرب: قيل لأحمد: رجل طلَّقَ امرأتَه ثنتين، فتزوجت زوجًا غيره، فطلقها، ثم راجعها الأول على كم يكون عنده. قال: على واحد على ما بقي من الطلاق، يروى عن الأكابر من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنكر قول من يقول: على ثلاث. "مسائل حرب" ص 142 قال عبد اللَّه: قال أبي حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا سعيد، عن أبي معشر، عن النخعي قال: إذا كان قد غشيها زوجها الآخر، فهي عند الأول على نكاح جديد وصداق جديد. وإن كان لم يغشها، فهي عنده على ما بقي من طلاقها. قال أبي: وهذا القول عندنا. "مسائل عبد اللَّه" (1039) حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا سعيد، عن يعلى بن حكيم، عن سعيد بن جبير أن عبد اللَّه بن عمر قال: يهدم الزوج الثلاث (¬1)، ولا يهدم الواحدة، ولا الثنتين، طلاق جديد، ونكاح جديد. "مسائل عبد اللَّه" (1310) نقل أبو الحارث: تعود على ما بقي من طلاقها. ¬

_ (¬1) رواه مالك رواية محمد بن الحسن 2/ 495 (565).

ثانيا: الطلاق البائن

ونقل حنبل: إن أصابها الثاني هدمت ما أوقعه من الطلاق ويعود على طلاق ثلاث. "الروايتين والوجهين" 2/ 163. ثانيًا: الطلاق البائن 2330 - الطلاق قبل الدخول قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا طلق امرأته قبل أن يدخل بها واحدةً؟ قال: قد بانت منه، ويخطبها مع الخطَّاب. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (961) قال صالح: قلت: فإن طلق التي لم يدخل بها ثلاثًا؟ قال: لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره. "مسائل صالح" (367) قال صالح: وقال: الرجل يقول لامرأته ولم يدخل بها: أنت طالق ثلاثًا للسنة؟ قال: يقع عليها. فإن قال لها وقد دخل بها يقع عليها. قلت له: ما الذي يتأول إنما يقع عليها واحدة التي غير مدخول بها؟ قال: لا يعجبني هذا القول؛ وهو عندي يقع عليها. "مسائل صالح" (1277) قال صالح: قال أبي: إذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثًا للسنة ولم

يدخل بها؛ فلا نعلم لهذِه سنة، فهو يقع عليها الثلاث جميعًا، واستثناؤه السنة ليس بشيء، فإذا قال لها ذلك وقد دخل بها؛ فقد قيل: إن ابن عمر طلق امرأته حائضًا، فسأل عمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، حَتَّى إِذَا طَهُرَت وَحاضَت ثُمَّ طهُرَت؛ فَليُطلِّقْهَا قبل أن يجامعها، فَتْلْكَ العِدَّةُ التي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا أَنْ تُطَلَّقَ النِّسَاءُ" فاحتج محتج بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما أمره أد يطلقها طاهرًا من قبل أن يجامعها، فذاك الطلاق في ذلك الوقت هو السنة، ولم يأمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بواحدة ولا اثنتين ولا ثلاثًا. فمتى جاء بالوقت الذي أمر به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ابن عمر أن يطلقها فيه؛ فقد جاء بالسنة، واستثناؤه بالسنة باطل؛ لأنه قد جاء بالوقت الذي أمر به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ابن عمر، فيقع الثلاث جميعًا، ولا يكون استثناء بشيء. "مسائل صالح" (1402) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن البكر تطلقُ ثلاثًا؟ قال: هي ثلاثٌ، لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره. "مسائل أبي داود" (1149) قال حرب: وسُئِلَ أحمدُ عَنْ رَجلٍ قال لامرأته -قبل أن يدخل بها أنت طالق. ثم وطئها، وهو لا يعلم أنها لا تحل له؟ قال: لها صداق ونصف. "مسائل حرب" ص 134

2331 - رجل باع امرأته، أتبين منه؟

2331 - رجل باع امرأته، أتبين منه؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ بَاعَ امرأته أتبين منه؟ قال: لا، ولكن يُعَزَّر. قال أحمد: لا تبين منه، ولكنه قد أتى أمرًا عظيمًا. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (1142) قال حرب: سألت أحمد قلت: رجل باع امرأته؟ قال: لا يدخل عليه الطلاق، ولكن يؤدب. قلت: فإن باع ولده؟ قال: كذلك. قلت: ويرجع عليه بالثمن؟ قال: شديدًا. "مسائل حرب" ص 166

باب قدر الطلاق وعدده

باب قدر الطلاق وعدده 2332 - هل يعتبر عدد الطلاق بحال الرجل أم بحال المرأة؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: كم يطلق العبدُ الحرة؟ وكم تعتد؟ قال: الطلاقُ بالرجال، والعدة بالنساء. "مسائل الكوسج" (900) قال إسحاق بن منصور: قلت: يطلق الحر الأمة ثلاثًا؟ قال: نعم. قلت: وتعتدُّ حيضتين؟ قال: نعم. "مسائل الكوسج" (901) قال إسحاق بن منصور: قلت: يطلِّق العبد الحرة تطليقتين؟ قال: نعم. قلت: وتعتدُّ ثلاث حيضٍ؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (902) قال إسحاق بن منصور: قلت: الأمة تُطلق، ثم تعتق في العدة؟ قال أحمد: إذا طلقت تطليقتين، ثم أعتقت فإن تزوجها تكون عنده على تطليقة على حديث يحيى بن أبي كثير، عن عمرو بن معتب، عن أبي الحسن، عن ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 229، وأبو داود (2187)، والنسائي 6/ 154، وابن ماجه =

قال أحمد: هذا إذا كان زوجها عبدًا، وأما إذا كان زوجها حرًّا فإنَّ طلاق الحرِّ الأمة ثلاث تطليقات. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1050) قال إسحاق بن منصور: قلت: عبدٌ طلَّق امرأةً له أمة تطليقتين؟ قال: ما داما عبدين، فإنهما لا يتراجعان، فإذا عتقا جميعًا فإن شاء تزوجها وتكون عنده على واحدة. قول ابن عباس (¬1). قلت: أعتقا في عدتهما؟ قال: في العدة وبعد العدة واحدة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1051) ¬

_ = (2082)، والبيهقي 7/ 371 - 372 وفيه أن ابن المبارك قال لمعمر: من أبو الحسن هذا؟ لقد تحمل صخرة عظيمة يريد به إنكار ما جاء به من هذا الحديث. وأن علي بن المديني سئل عن عمرو بن معتب فقال: مجهول، ولم يرو عنه غير يحيى. وقال البيهقي: وعامة الفقهاء على خلاف ما رواه، ولو كان ثابتًا قلنا به، إلا أنا لا نثبت حديثًا يرويه من تجهل عدالته، وروي عن ابن مسعود وجابر من قولهما بخلاف ذلك. وقال المنذري في "المختصر" 3/ 113 (2100، 2101): قال الخطابي: لم يهذب إلى هذا أحد من العلماء فيما أعلم، وفي إسناده مقال. . وأبو الحسن هذا قد ذكر بخير وصلاح، وقد وثقه أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان غير أن الراوي عنه عمر بن معتب وقد قال علي بن المديني: منكر الحديث، وقال النسائي: عمر بن معتب ليس بالقوي، وقال الأمير ابن ماكولا: ممكر الحديث. أهـ باختصار، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (735). (¬1) انظر تخريج الحديث السابق.

قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا طلَّق العبدُ امرأته وهي أمة وأعتق، أله أن يتزوجها وهو عبدٌ؟ قال: لا، إنما الطلاق بالرجال. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1052) قال إسحاق بن منصور: قلت: عبدٌ طلق امرأته وهي أمة، ثم أعتقت كم تعتدُّ؟ قال: إذا كان طلقها واحدةً، ثم عتقت في العدة تستكمل عدة الحرة، وإذا كان طلقها تطليقتين تعتد عدة الأمة، في العدة عتقت أو بعد العدة. "مسائل الكوسج" (1096) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: وإذا كان عند الرجل مملوكة فطلقها تطليقتين، فوقع عليها سيدها فإنها لا تحل لزوجها. قال أحمد: جيد، وكذلك إن طلقها تطليقتين، ثم اشتراها لم تحل له، ولكن إذا أعتقها تزوجها وتكون عنده على واحدة ومضت ثنتان على حديث عمرو بن معتب. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1240) قال إسحاق بن منصور: سئل إسحاق عن الحرِّ تكونُ تحته الأمةُ فطلقها تطليقتين، ثم أدركها العتقُ في العدة، كيف تعتد؟ قال: العدة بالنساء كلما طلقها اثنتين فعدتها عدة الحرة؛ لأنه ينبغي له إن أراد فراقها طلقها ثلاثًا، لأن الطلاق بالرجال، فلما طلقها ثنتين بقي من طلاقه واحدة، فأدركها العتاقُ فلم تبن منه. "مسائل الكوسج" (1313)

قال إسحاق بن منصور: سئل إسحاق عن العبد تكونُ تحته الحرةُ فطلَّقها ثنتين، ثم أدركه العتقُ وهي في العدة؛ هل يراجعها؟ قال: لا مراجعة بينهما؛ لأنه طلقها أقصى طلاقه؛ لأن الطلاق بالرجال وعدتها عدة الحرائر. "مسائل الكوسج" (1314) قال صالح: وسألته عن حر تحته أمة، فطلقها تطليقتين، أله أن يتزوجها قبل أن تنكح زوجًا غيره؟ قال: إذا كان تحته أمة، ثم اشتراها، لم يطؤها بملك اليمين إن كان عبدًا، وإن كان حرًّا فقد بقي من طلاقه تطليقة، وأذهب فيه إلى قول عثمان وزيد: الطلاق للرجال (¬1). "مسائل صالح" (244)، ونقلها ابن هانئ عن الإمام أحمد في "مسائله" (1074) قال صالح: قلت: إذا طلق الأمة تطليقتين ثم اشتراها؟ قال: لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره؛ أذهب إلى حديث زيد بن ثابت وعلي بن أبي طالب. حدثنا صالح، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا هشيم، عن خالد، عن أبي معشر، عن إبراهيم والحكم قال: ذكر أحدهما عن عبيدة، عن علي قال: لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره. "مسائل صالح" (1116) قال صالح: قلت: الأمة تطلق تطليقتين، وزوجها حر، ثم تعتق في العدة؟ قال: عدتها عدة الحرة، إذا كان حرًّا فطلاقه ثلاثًا. "مسائل صالح" (1187) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 234 (12946)، وسعيد 1/ 314، (12946)، وابن أبي شيبة 4/ 104 (18242)، والبيهقي 7/ 369.

قال صالح: قلت: الأمة تطلق تطليقتين وزوجها عبد؟ قال: عدتها عدة الأمة؛ لأنه لم يبق من طلاقها شيء. "مسائل صالح" (1188) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقول: الطلاق بالرجال والعدة بالنساء؛ لأن الرجل هو الذي يطلق، والمرأة هي التي تعتدُّ. "مسائل أبي داود" (1191) قال ابن هانئ: سألته عن رجل كانت تحته أمةً وطلقها، فأبان طلاقها ثم اشتراها، أتحل له؟ قال أبو عبد اللَّه: لا تحل له إلا بزوج. "مسائل ابن هانئ" (1079) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: الطلاق بالرجال، والعدة بالنساء. قال: إذا كان الزوج حرًّا فطلّق فإنه يطلق ثلاثًا، تعتد هي اثنتين، وإذا كان عبدًا وهي حرة فطلق اثنتين، فإنها تعتد ثلاثًا. "مسائل ابن هانئ" (1081) قال ابن هانئ: وسئل عن الأمة يطلقها زوجها تطليقتين، ثم يغشاها سيدها، أتصلح بذلك لزوجها الأول؟ قال: لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره، والسيد لا يكون زوجًا. "مسائل ابن هانئ" (1093) قال ابن هانئ: وسئل عن: رجل كانت تحته أمة فطلقها، فأبان طلاقها ثم اشتراها، أتحل له؟ قال: لا تحل له إلا بزوج. "مسائل ابن هانئ" (1094)

قال حرب: سمعت أحمد يقول: الطلاق بالرجال، والعدة بالنساء. سألت إسحاق عن طلاق العبد الحرة والأمة؟ قال: الطلاق بالرجال والعدة بالنساء. وسألت إسحاق مرة أخرى عن عدة الأمة؟ قال: العدة بالنساء. قلت: فإن عتقت قبل انقضاء العدة؟ قال: تتم عدتها عدة الحرة. "مسائل حرب" ص 221 قال أحمد في رواية محمد بن الحكم: العبد إذا كان نصفه حرًّا، ونصفه عبدًا، يتزوج ثلاثًا ويطلق ثلاث تطليقات. "المغني" 10/ 535.

فصل ألفاظ الطلاق الصريح وبيان صفة الواقع بها

فصل ألفاظ الطلاق الصريح وبيان صفة الواقع بها 2333 - وقوع الثلاث بلفظ أنت طالق نقل حنبل والفضل بن زياد والميموني عنه: إذا قال: أنت الطلاق هل هي بينونة؟ فقال: قد جمع. وقال في رواية الأثرم وأبي الحارث: إذا قال لامرأته: أنت الطلاق فإن قال: أردت ثلاثًا فهي ثلاث، وإن قال: أردت واحدة فهي واحدة. "الروايتين والوجهين" 3/ 148 2334 - لو قال لأمرأته: أنت طالق تطليقة بائنة قال حرب: سألت أحمدَ، قلتُ: الرجل يقول لامرأته: أنت طالق تطليقة بائنة؟ قال: هذِه مسألة مشتبكة. وسألت إسحاق، قلتُ: رجل قال لامرأته: أنت طالق تطليقة بائنة؟ قال: هى تطليقة بائنة كما قال، لا يملك رجعتها، وجعل ينكر قول الشافعي. "مسائل حرب" ص 137 2335 - الزيادة على ثلاث في الطلاق، أو بعدد ما ينضبط قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل قال لامرأته: أنت طالقٌ كألف؟ قال: هذا عندي على الثلاث.

2336 - لو قال لامرأته: أنت طالق، بل أنت طالق

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1133) قال إسحاق بن منصور: قلت: سمعتُ سفيان قيل له: ما ترى في رجلٍ قال لامرأته: أنت طالقٌ ملء هذا البيت؟ قال: هي واحدةٌ وهو أحق بها. قيل له: فإن نوى ثلاثًا؟ قال: هي واحدةٌ. قال أحمد: إذا كان أراد الغلظة عليها في معنى يريد أن تبين منه فهي ثلاث، وإذا قال لها: أنت طالق غليظة، أو شديدةً فهي واحدة حتى يقول: أنت طالقٌ البتة، أو بائنة. فأخشى أن يكون ثلاثًا. قال إسحاق: كلما قال شيئًا من ذلك فهو على إرادته، ويحلف على قوله ما نوى. "مسائل الكوسج" (1167) قال حرب: قرأت على إسحاق رجل قال لامرأته: لا تحلين لي فإني قد طلقتك منذ كذا ألفَ مرة. قال أبو يعقوب: لا يصدق بعد إقراره بالطلاق، إني كذبت؛ لأن قوله على نفسه من غير كره يصدق. "مسائل حرب" ص 182 2336 - لو قال لامرأته: أنت طالق، بل أنت طالق قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان عن: رجل قال لامرأته: أنت طالق، بل أنت طالق؟ قال: يُطلقان جميعًا. قال: نعم، هذا كلام مستقيم. "مسائل الكوسج" (1171)

2337 - لو كرر لفظ الطلاق، كم يقع؟

قال إسحاق بن منصور: قلت: قال: بل أنت طالق، لا بل أنت طالقٌ؟ قال: واحدة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1172) 2337 - لو كرر لفظ الطلاق، كم يقع؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في رجل قال لامرأته: لا تخرجي. قالت: واللَّه لأخرجن. قال: إن خرجت فأنت طالقٌ رددها ثلاثًا: أما في القضاء فهو يلزمه. قال أحمد: إذا كان إنما أراد الكلام الأول لا يلزمه. قال إسحاق: كما قال أحمد، لا يلزمه إلَّا تطليقة؛ لأنه تكرارٌ. "مسائل الكوسج" (1244) قال صالح: وسألته عن: رجل قال لامرأته: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق؟ قال: إن كانت غير مدخول بها فهي واحدة؛ لأنها بانت بالأولى، وإن كانت مدخولًا بها، فأراد أن يفهمها ويعلمها، ويريد بذلك الأولى واحدة فأرجو أن تكون واحدة، وإلا فثلاث. "مسائل صالح" (366) قال صالح: قلت: إذا قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق؟ قال: قد يكون أراد أن يفهمها، إذا كانت غير مدخول. بها فقال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. فقد لحقتها التطليقة الأولى، وإن أراد رجعتها فهي أولى بنفسها، وهو على ما أراد، ولكن إذا قال: أنت طالق وطالق وطالق. فهذِه ثلاث. "مسائل صالح" (1342)

قال صالح: وقال: إذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. وقد دخل بها، فهو على ما أراد، إن كان أراد إفهامها فهو الذي أراد، وإن أراد غير ذلك فهو على ما أراد، وإذا كان ذلك قبل الدخول فقال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. بانت بالأولى ولا تلحقها الثنتان، إن أراد تزويجها؛ فهي أملك بنفسها، يتزوجها تزوج الأجنبية بمهر وشهود وولي. وإذا قال: أنت طالق وطالق وطالق وذلك قبل الدخول فهي ثلاث؛ لأنه كلام معطوف بعضه على بعض، وليس بمنزلة أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق؛ لأن كل كلمة من هذِه مكتفية بنفسها، وهي كلمة جامعة، وكذا المدخول بها. وقوله: أنت طالق وطالق وطالق بمنزلة قوله: أنت طالق ثلاثًا. "مسائل صالح" (1393) قال ابن هانئ: سألته عن: الرجل يقول لامرأته: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق؟ قال: إذا أراد أن يفهمها طلاقها فهي واحدة، وإن كان نوى ثنتين فثنتان، وإن كان نوى ثلاثًا فثلاث. "مسائل ابن هانئ" (1089) قال حرب: سئل -يعني: أحمد- عن: رجل قال لامرأته: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق؟ قال: إن كانت غير مدخول بها، فهي واحدة؛ لأنها بانت بالأولى، وإن كانت مدخولًا بها فأراد أن يفهمها ويعلمها، فإنه مذهبه في ذلك أيضًا واحدة، وإلا فثلاث.

قلتُ: فإن طلق التى لم يدخل بها ثلاثًا؟ قال: لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره. وسئل إسحاق عن: رجل طلَّقَ امرأتَه قبل أن يدخل بها؟ قال: إن طلقها ثلاثًا بكلمة وقعت ثلاثًا، وإن طلقها واحدة، ثم ثانية، ثم ثالثة لم يقع إلَّا واحدة الأولى. وسألتُ إسْحاقَ مرة أخرى، قلتُ: رجل قال لامرأة ولم يدخل بها: أنت طالق طالق طالق إن دخلت هذِه الدار. فدخلت؟ قال: يقع الطلاق. قلتُ: كم يقع؟ قال: واحدة. وسألتُ إسْحاقَ مرة أخرى، قلتُ: رجل قال لامرأة لم يدخل بها: أنت طالق واحدة. ثم قال: لا، بل ثلاثًا؟ قال: إن لم يكن دخل بها، لم يقع إلَّا واحدة. قلتُ: فإن كان دخل بها؟ قال: يقع عليها الطلاق، يعني: ثلاثًا. قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل -وأنا أسمع- عن: رجل قال لامرأته: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق؟ قال: إن كانت غير مدخول بها فإنها واحدة؛ لأنها بانت بالأولى، وإن كانت مدخولًا بها، أراد أن يفهمها ويعلمها، ويريد الأولى واحدة، فأرجو أن تكون واحدة، وإلا فثلاث. قيل له: فإن طلق التي لم يدخل بها؟

2338 - إذا تلفظ بالطلاق ثلاثا وقال: أردت واحدة أو العكس

قال: فأرجو أن تكون واحدة، وإلا فثلاث. قيل له: فإن طلق التي لم يدخل بها ثلاثًا؟ قال: لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره. "مسائل عبد اللَّه" (1324) 2338 - إذا تلفظ بالطلاق ثلاثًا وقال: أردت واحدة أو العكس قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الرجلُ يطلقُ واحدةً وينوي ثلاثًا؟ قال: هي واحدةٌ. راجعته فقال: هذا هي واحدة. قال إسحاق: كما قال إلَّا أن يقول: أنت طالقٌ. ونوى ثلاثًا فهي ثلاث. "مسائل الكوسج" (939) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: رجل طلق امرأته، فقيل له: ألا تراجعها؛ قال: ما طلقتها وأنا أريدُ رجعتها، ولو أردت رجعتها ما طلقتها، ينوي بذلك طلاقًا؟ قال سفيان: ليس عليه شيء. قال أحمد: ليس عليه شيءٌ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنه على ما نوى. "مسائل الكوسج" (1143) قال صالح: سألته عن: رجل طلق ثلاثًا، وهو ينوي واحدة؟ قال: هي ثلاث. قلت: طلق واحدة وهو ينوي ثلاثًا؟ قال: هي واحدة.

قال: إنما النية فيما خفي وليس فيما ظهر. "مسائل صالح" (395)، وذكرها عبد اللَّه عن أبيه في "مسائله" (1364) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن: الرجل يقولُ لامرأته: أنت طالقٌ. ينوي ثلاثًا؟ قال: هي واحدةٌ، ثم قال أحمد: زعموا أن إسحاق -يعني: ابن راهويه- يذهبُ إلى أنها ثلاثٌ يأخذهُ من الحديث: "الأعمال بالنية"، وليس هذا من ذاك، أرأيت إن نوى أن يطلق امرأته، ثم لم يلفظ أيكون طلاقًا؟ ! "مسائل أبي داود" (1125) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: إن قال: أنت طالق مرة واحدة، ونوى أن يخرجها من بيته؟ قال: فهي واحدة، وإن نوى أن يخرجها من بيتها. "مسائل ابن هانئ" (1085) قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل يقول: فلانة طالق. ونوى واحدة؟ قال: هو ما نوى إن كان تكلم بثنتين، فهي ثنتان، وإن كان تكلم بواحدة، فهي واحدة إذا كان لفظ بها. "مسائل ابن هانئ" (1091) قال حرب: قيل لأحمد: رجل طلق ثلاثًا، وهو ينوي واحدة؟ قال: هي ثلاث. وسمعت أحمد مرة أخرى: إذا طلق واحدة، وهو ينوي ثلاثًا، فهي واحدة. قيل: فإن طلق واحدة ينوي ثلاثًا؟

قال: هي واحدة؛ إنما النية فيما خفي، وليس فيما ظهر منه، وقال: قال مالك: إذا نوى ثلاثًا، فهي ثلاث، وهو معنى قول سعيد بن المسيب (¬1). وسألت إسحاق: قلتُ: فإن قال: أنت طالق واحدة، ونوى ثلاثًا؟ قال: هي واحدة. قال: أليس النية فيما خفي، وليس فيما ظهر؟ قال: نعم. وسئل إسحاق مرةً أخرى عن: رجل قال لامرأته: أنت طالق ثلاثًا، ونوى واحدة؟ قال: إذا تكلم بلسانه ثلاثًا، وكان في قلبه واحدة وقعت ثلاث، وإذا قال: أنت طالق واحدة، وكان في قلبه ثلاث، فإنه تقع واحدة. وسمعت إسحاق مرةً أخرى يقول: إذا قال: أنت طالق ونوى ثلاثًا، قال: هذا بين هو ثلاث. وسمعت إسحاق مرةً أخرى يقول: إذا قال: أنت طالق ولم يقل واحدة، ولا ثلاثًا. ونوى ثلاثًا، فإنه يكون على إرادته ثلاثًا، وجهل هؤلاء، قالوا: إذا قال: أنت طالق ونوى ثلاثًا، قالوا: لا تكون ثلاثًا، وقالوا بأجمعهم: إذا قال لامرأته: أنت طالق، طلاقًا، ونوى ثلاثًا كان ثلاثًا، وكذلك إذا قال لها: أنت الطلاق، ونوى ثلاثًا فمن ههنا جهلوا حيث قالوا في هاتين: يقع الثلاث إذا نوى، وقالوا: إذا قال: أنت طالق ونوى ثلاثًا لا يكون ثلاثًا. "مسائل حرب" ص 135 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 184 (19101).

قال حرب: قيل لأحمد: رجل قال لامرأته: اعتدي. قال: إذا كان في غضب وأراد الطلاق، فإني أخاف أن يكون كذلك أيضًا -يعني: مثل الخلية والبرية ونحوها. وقال حرب: سألتُ أحمد أيضًا قلتُ ت حديث الحسن في رجل قال لامرأته: أنت طالق فاعتدي، أو أنت طالق واعتدي. قال أحمد: إذا قال: أنت طالق فاعتدي، أو واعتدي. وأراد به القول الأول أنها تعتد فهي واحدة، وإن أراد غير ذلك حسبت أن تلزمه. "مسائل حرب" ص 202 قال عبد اللَّه: قلت لأبي: إذا قال لأربع نسوة: قد طلقتكن. قال: على ما أراد، إن أراد واحدة فواحدة. "مسائل عبد اللَّه" (1359) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل طلق امرأته تطليقة، ونوى ثلاثًا؟ قال: لا، إلَّا ما تكلم به وظهر منه. "مسائل عبد اللَّه" (1370) قال أبو طالب: في رجل طلق امرأته واحدة ونوى ثلاثًا، قال بعضهم: له نيته، ويحتج بقوله: "الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ" (¬1). قال أحمد: ما يشبه هذا بالعمل؛ إنما هذا لفظ كلام المرجئة يقولون: القول هو عمل لا يحكم عليه بالنية، ولا هو من العمل. "فتح الباري" لابن رجب 1/ 123 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 25، والبخاري (1)، ومسلم (1907) من حديث عمر -رضي اللَّه عنه-.

2339 - إذا ضرب الرجل زوجته وقال لها: هذا طلاقك؟

2339 - إذا ضرب الرجل زوجته وقال لها: هذا طلاقُك؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل سألته امرأته الطلاق، فجعل يضربها ويقول: هذا طلاقك؟ قال أحمد: هذا يلزمُه؛ لأنه يقالُ: ثلاث لا يلعب فيهن. الأولى أحسن حالًا -يعني: الذي حلف فجرئ على لسانه غير ما في قلبه- وإذا قال: هذا طلاقك هذا طلاقك هذا طلاقك جاز عليه، بانت منه. قال إسحاق: لا يجوز فيما قال: هذا طلاقك وهو يضربها، أن يقع الطلاقُ؛ لأن هذا تعبير من الزوج لها يقول: أنت تريدين الطلاق وضربي إياك طلاقك، ليس هذا بشيء. "مسائل الكوسج" (1136) 2340 - إذا قيل للرجل ألك امرأة؟ فقال: لا، وأراد به الكذب قال ابن هانئ: سألته عن الرجل تقول له امرأته: لك امرأة؟ ! فيقول لها: كل امرأة لي فهي طالق؟ قال أبو عبد اللَّه: وقع عليها الطلاق، وإن كان لى امرأة سواها. "مسائل ابن هانئ" (1090) قال حرب: قلت لأحمد: رجل قِيل له: ألك امرأة؟ قال: لا. وله امرأة. قال: إن كان أراد الكذب رجوت أن لا يدخل عليه. "مسائل حرب" ص 170

2341 - إذا قال الرجل: تزوجت امرأة حراما؟

2341 - إذا قال الرجل: تزوجت امرأة حرامًا؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: سُئل سفيان عن رجل تزوج امرأة فقال: تزوجت امرأة حرامًا. قال: أرى النكاح جائزًا. قال أحمد: نعم. قال إسحاق: إن أراد به كذبًا أو مكايدة، فالنكاح جائز. "مسائل الكوسج" (1215) 2342 - إذا قال الرجل حلفت بالطلاق ولم يكن حلف قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: امرأة غضبت فقالت لبعض قرابتها: إن زوجي قد طلقني فَسَئل الزوج؟ فقال: نعم، ولم يكن طلقها إنما أراد أن يغيظها بذلك. قال: قد اختلفوا فيه حين قال: قد طلقتك، فأخشى عليه. قال إسحاق: كلما أجاب بنعم، وهو يريد جوابًا، وقع الطلاقُ. "مسائل الكوسج" (1340) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا قال الرَّجلُ: قد حَلفتُ ولم يحلفْ وطلقتُ ولم يطلَّق؟ قال: أخشى أن يكون قد وَجب عليه الطلاقُ. قال إسحاق: لا يجبُ عليه شيءٌ إذا أرادَ الكذب. "مسائل الكوسج" (1769) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: وإذا سُئل الرَّجل أطلقتَ امرأتَك؟ فيقول: نَعم. قال: أخافُ أن يَلزمَهُ.

قال إسحاق: كلَّما أراد به كذبًا لم يلزمْهُ. "مسائل الكوسج" (1771) قال صالح: قلت: الرجل يقول: قد طلقت؛ ولم يطلق، ما يكون؟ قال: يلزمه. "مسائل صالح" (277) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب قال: سئل الشعبي عن رجل قال لآخر: إنك لحسود. قال الآخر: أحدنا امرأته طالق ثلاثًا. قال الآخر: نعم. قال: قد خبتما وخسرتما وبانت منكما امرأتاكما جميعًا. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن حارث قال: أدبتهما وآمرهما بتقوى اللَّه، وأقول: أنتما أعلم وما خلقتما عليه. قال: وباب التديين في هذا وأشباهه. قال أبي: هذا شيء لا يدرك، قد ألقاهما في التهلكة. "مسائل صالح" (746) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: إذا قال الرجل: حلفت بالطلاق، ولم يكن حلف أخشى أن يلزمه. "مسائل ابن هانئ" (1087) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يقول: يا فلان، طلقت امرأتك؟ فقال: نعم. قال: وقع الطلاق. "مسائل ابن هانئ" (1088) قال حرب: قلت لأحمد: رجل قِيل له: أطلقت امرأتك؟ فقال: نعم. ولم يكن طلق. قال: يلزمه الطلاق.

قلت: تطليقة؟ قال: نعم. وسألت إسحاق قلت: رجل قِيل له: أطلقت امرأتك؟ فقال: نعم. ولم يكن طلق. قال: كلما نوى بإجابته طلاقًا وقع الطلاق، وإن لم يرد ذلك فلا يقع. قلت لإسحاق: فرجل قِيل له: ألك امرأة؟ فقال: لا. وله امرأة. قال: وكذلك أيضًا. "مسائل حرب" ص 171 قال حرب: سألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل قال لامرأته: ما أنت بامرأتي البتة، أو قال لها: قد كنت طلقتك منذ سنة. ولم يكن طلقها، ولكنه كذب؟ قال: إذا أراد الكذب لم تحرم عليه امرأته، ويسعه أن يمسكها فيما بينه وبين اللَّه، وأما المرأة فتستحلفه وتستعدي عليه. وسألت إسحاق مرة أخرى قلت: رجل قال لامرأته: لست لي بامرأة. وشهدت الشهود عليه بهذا القول. قال: نيته. قلت: فإنه مات قبل أن تعوف نيته ما هو؟ قال: لا يتوارثان. "مسائل حرب" ص 172 قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى قلت: رجل قال لامرأته: قد كنت طلقتك. ولم يكن فعل. قال: إذا أراد به الطلاق وقع الطلاق، وإذا أراد تعمد الكذب ليخوفها وما أشبه ذلك لم يقع. "مسائل حرب" ص 172

قال أحمد في رواية محمد بن الحكم في الرجل يقول: حلفتُ بالطلاق، ولم يكن حلف: هي كذبة، ليس عليه يمين. روى الميموني عن أحمد أنه قال: إذا قال: حلفت بالطلاق، ولم يكن حلف، يلزمه الطلاق، ويرجع إلى نيته في الطلاق الثلاث أو الواحدة. "المغني" 10/ 379

فصل الطلاق بالكناية

فصل الطلاق بالكناية 2343 - ألفاظ طلاق الكناية، وبيان صفة الواقع بها قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا قال: اعتدي وينوي ثلاثًا؟ ورجلٌ قال لامرأته: اعتدي ثلاثًا؟ قال أحمد: إن كان يريدُ الثلاث فهي ثلاثٌ. قال إسحاق: أصاب. "مسائل الكوسج" (940) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا قال: اذهبي، فانكحي من شئت؟ قال: إذا أراد الطلاق فأخشى أن يكون طلاقًا. قال إسحاق: إذا أراد الطلاق بقوله هذا فهو كما نوى واحدة أو اثنتين أو ثلاثًا. "مسائل الكوسج" (941) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا قال: قد وهبتك لأهلك؟ قال: إن قبلوها فواحدة، يملكُ الرجعة، وإن ردوها فلا شيء. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (971) قال إسحاق بن منصور: قلت: الخلية، والبرية، والبتة، والبائن، وطلاق الحرج؟ قال: أخشى أن يكون ثلاثًا، ولا استجرئ أن أفتي فيه شيئًا. سئل بعد ذلك فقال: الغالبُ عليه أن يكون ثلاثًا. قال إسحاق: هو على إرادته، تدبر في ذلك، فإن نوى واحدةً أو

اثنتين أو ثلاثًا. "مسائل الكوسج" (972) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد في الخيار: لو اختارت زوجها واحدة يملك الرجعة، والخلية والبرية والبتة والبائنة وطلاق الحرج أخشى أن يكون ثلاثًا وفي الحرام كفارة الظهار. قال إسحاق: هو كما بينا أولًا. "مسائل الكوسج" (973) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل قال لامرأته: أنت حرة؟ قال: إذا كان معنى الطلاق، أخافُ أن يكون ثلاثًا. قال إسحاق: كلما نوى بقوله: أنت حرة طلاقًا كان، وإلا لم يقع، ولا يكون إذا وقع إلَّا ما نوى. "مسائل الكوسج" (1137) قال إسحاق بن منصور: قال سفيان: رجلٌ قال لامرأته: اختاري. أو اذهبي. أو أمرك بيدك. أو الحقي. أو اخرجي. بنية يُسأل إن نوى طلاقًا فهو طلاقٌ، وإن لم ينو طلاقًا فليس بشيءٍ. قال أحمد: أخافُ أن يكون كل واحدٍ من هذا ثلاثًا، إذا كان على وجه الغلظة مثل قوله: خلية، برية، بائنة. قال إسحاق: كما قال سفيان على ما نوى؛ لأنه كلام يشبه الطلاق، وكل كلام يشبه الطلاق أريد به الطلاق فهو على ما نوى. "مسائل الكوسج" (1156) قال إسحاق بن منصور: قال سفيان في رجلٍ قال لامرأته: أنت مني برية. ونوى اثنتين: لا يكون إلَّا واحدة أو ثلاثًا؟

قال أحمد: أخافُ أن تكون ثلاثًا. قال إسحاق: هو على ما نوى، إن نوى واحدةً فواحدة بائنة أو اثنتين وكذلك. "مسائل الكوسج" (1159) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: والخلية والبرية والبائنة والبتة وطلاق الحرج، أخشى أن يكون ثلاثًا، وفي الحرام كفارة الظهار. قال إسحاق: هو كما وصفنا أولًا على النيات. "مسائل الكوسج" (1169) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما الرجلُ يقول لامرأته: إن دخلت دار فلانٍ فلا تكوني في ملكي أبدًا، فإنه يُدَيَّن ما أراد بقوله: لا تكوني في ملكي. إن أراد طلاقها، فهو ما نوى واحدًا أو اثنين أو ثلاثًا، وإن قال: لم أكن نويت طلاقًا إنما نويتُ أن لا تكوني في ملكي على ما كنت أفعل بك، أو ما أشبه ذلك من المعاني فإنه يُحلف ويصدق على دعواه. "مسائل الكوسج" (1322) قال صالح: قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن صالح بن أبي سليمان قال: سألت أنس بن مالك عن رجل قال لامرأته: أنت مني برية؟ قال: لو أن عمر أدرك هذا لفرق بينهما. قال أبي: ليس عن شعبة، عن صالح غير هذين في كتاب غندر. "مسائل صالح" (794)

قال صالح: وقال: النية في الطلاق مثل الخلية والبرية والبائن والبتة والحرج -يقول: أنت على حرج- أخاف أن تكون هذِه ثلاثًا ثلاثًا. "مسائل صالح" (1135) قال صالح: وقال: يُنْوى إذا قال: حبلك على غاربك، رده علي بن أبي طالب إلى نيته (¬1). "مسائل صالح" (1136) قال صالح: وفي الموهوبة، إن قبلها أهلها فتطليقة واحدة يملك الرجعة، وإن لم يقبلوها فلا شيء. "مسائل صالح" (1137) قال صالح: قلت لأبي: فرجل قال لامرأته: قد وهبتك لأهلك؟ قال: إن قبلوها فواحدة، يملك رجعتها، وإن ردوها فلا شيء. وقال مرة: فليس بشيء. "مسائل صالح" (1346) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن البتة والخلية والبرية والبائن؟ قال: أجبنُ أن أقول فيه، أخاف أن يكون ثلاثًا. قال: وربما سمعتُ أحمد يقولُ: لست أفتي فيه. "مسائل أبي داود" (1127) قال أبو داود: قلت لأحمد: الخلية والبرية والبائن والبتة، في البكر وغير البكر سواءٌ؟ قال: هو عندي سواءٌ. "مسائل أبي داود" (1128) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 370 (11233).

قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن حديث ركانة لا تثبته أنه طلق امرأته البتة؟ قال: لا؛ لأن ابن إسحاق يرويه عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ أن ركانة طلق امرأته ثلاثًا. قال أحمد: وأهل الذمة يسمون ثلاثة البتة. قال أحمد: والروافضُ يرون إذا طلقها ثلاثًا أنها واحدةٌ أو ليس بشيء. "مسائل أبي داود" (1129) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عمن قال لامرأته: اعتدي اعتدي، فأراد الطلاق فهي تطليقة، فإن قال: لم أرد الطلاق؛ فلا أدري، أخشى. "مسائل أبي داود" (1144) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن الرجل يقولُ لأهله: أخرجي أو الحقي بأهلك يريدُ إصلاحها؟ قال: إذا لم ينو طلاقًا فليس بطلاقٍ. "مسائل أبي داود" (1145) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عمن قال لامرأته: ليست لي بامرأةٍ؟ قال: أخشى أن يكون طلاقًا. "مسائل أبي داود" (1146) قال أبو داود: سمعتُ أحمد وسئل عمن قال لامرأته: فرق اللَّه بيني وبينك في الدنيا والآخرة؟ قال: إن كان يريد أي دعاءٍ يدعو به فأرجو أنه ليس بشيء. "مسائل أبي داود" (1147)

قال حرب: سألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل قال لامرأته: لا أريدك، وتبرأت منك إن فعلت ما تفعلين -يريد به إن كنت تطاولين عليّ بلسانك وتعصيني هذا العصيان- والرجل يقول ويحلف: إنه لم يرد بهذا القول طلاقًا. قال: إذا حلف على ذلك بين يدي حاكم، فإن لم يكن حاكم فعدول يحلف بين أيديهم أنه لم يرد بقوله طلاقًا جاز ذلك. "مسائل حرب" ص 186 قال حرب: قِيل لأحمد: رجل قال لامرأته: اذهبي فتزوجي من شئت. قال: إذا كان في غضب فإني أخاف أن تكون ثلاثًا، ولكني لا أفتي به، أخاف أن يكون هذا مثل الخلية، والبرية، والبتة، والبائنة، وكذلك: حبلك على غاربك. "مسائل حرب" ص 191 قال حرب: قِيل لأحمد: رجل قال لامرأته: أنت طالق البتة. قال: لا أقول في هذا شيئًا، وأخاف أن يكون ثلاثًا. وسألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل قال لامرأته: أنت طالق البتة. قال: أجعله نيته، فإن أراد واحدة يملك الرجعة فله ذلك، وإن أراد ثنتين، وإن أراد ثلاثًا، وإن أراد واحدة لا يملك الرجعة فله ذلك. جعلها نيته. قِيل لأحمد: رجل قال لامرأته: أنت خلية، أو برية، أو بائنة، أو بتة. قال: هو مثل الأول، أخاف أن يكون هذا كله ثلاثًا. وقال: سألت إسحاق عن الخلية، والبرية، والبائنة، والبتة، وقلت له: ما مذهبك فيها؟

قال: كل هذا واحدة بائنة، عندي. ثم قلت له: إن قال: أنت طالق تطليقة بائنة. ولم ينو شيئًا؟ قال: هي بائنة؛ لأنه قد تكلم بالطلاق، وقال: بائنة، أو برية، فلا يكون يملك الرجعة، وإن نوى أن يملك الرجعة فله ذلك. وقال: وسألت إسحاق مرة أخرى، قلت: رجل قال لامرأته: أنت طالق تطليقة بائنة. قال: هي تطليقة بائنة كما قال، لا يملك رجعتها. وجعل ينكر قول الشافعي. قلت لإسحاق: فإن قال: أنت بائنة. قال: نوى الطلاق؟ قلت: نعم. قال: هو كما قال. قلت: لا يملك رجعتها؟ قال: لا. "مسائل حرب" ص 200 قال حرب: قِيل لأحمد: رجل قال لامرأته: اعتدي. قال: إذا كان في غضب وأراد الطلاق فإني أخاف أن يكون كذلك أيضًا -يعني: مثل الخلية، والبرية ونحوها. "مسائل حرب" ص 202 قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا وهب الرجل امرأته لأهلها فقالوا: قد قبلناها. فهي واحدة يملك الرجعة، وإن لم يقبلوها فليس بشيء، وقال: أجعله بمنزلة الخيار.

وسُئلَ أحمد عن رجل قال لامرأته: قد وهبتك لأهلك ثم قال: لم أرد الطلاق؟ قال: يحلف على ذلك. "مسائل حرب" ص 209 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجلٍ قال لامرأته: أنت طالق البتة؟ فقال: عمر جعلها واحدة، وقال علي وزيد وابن عمر: البتة ثلاث راتبة، كأنه يخاف أن يجعلها ثلاثًا. وقال: أنا لا أفتي فيها بشيء. "مسائل عبد اللَّه" (1335) قال عبد اللَّه: سألت أبي قلت: الرجل يقول لامرأته: أنت خلية، وأنت بائنة، وأنت برية، وبتة، وطلاق الحرج، وحبلك على غاربك، وما كان في مثل هذا المعنى؟ قال: أخشى أن يكون ثلاثًا. وأنا لا أفتي فيه بشيء. "مسائل عبد اللَّه" (1345) نقل أبو الحارث عنه إذا قال لها: أنت خلية، وبرية، وبائن، ولم يرد بينهم ذكر الطلاق ولا غضب، وقال الزوج: لم أرد الطلاق يصدق. ونقل الأثرم عنه إذا قال: الحقي بأهلك، وقال: لم أنو به طلاقًا، ليس بشيء. "الروايتين والوجهين" 2/ 143 نقل الأثرم عنه لو قال لامرأته: أنتِ عليَّ حرام -أعني: به الطلاق. فهو ثلاث ولا يكون إلَّا ثلاثًا. "الروايتين والوجهين" 2/ 148

نقل الأثرم عنه، إذا قال لزوجته: انكحي من شئت واعتدى. إن نوى واحدة فواحدة، وإن نوى اثنتين فاثنتان، وإن نوى ثلاثًا فثلاث. قال: وكذلك إن قال: لا سبيل لي عليك. "الروايتين والوجهين" 2/ 149 قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لابنة الجون: "الْحَقِي بِأَهْلِكِ" (¬1) ولم يكن طلاقًا غير هذا، ولم يكن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليطلق ثلاثًا، فيكون غير طلاق السنة. فقال: لا أدري. "المغني" 10/ 368 نقل حنبل عنه في الرجل يقول لامرأته: أنت علي حرام -أعني: طلاقًا. فهي واحدة أو اثنتان، إذا لم تكن فيه ألف ولام. "المغني" 10/ 400 قال الأثرم: قلت لأحمد: حديث ركانة في البتة، فضعفهُ. "أعلام الموقعين" 3/ 33، 35 نقل أحمد بن أصرم أن أبا عبد اللَّه سُئل عن حديث ركانة في البتة، فقال: ليس بشيء. "بدائع الفوائد" 4/ 103 قال الأثرم: قلت لأحمد إذا قال: الحقي بأهلك؟ قال: إن لم ينو طلاقًا فلا شيء، وذلك أن الذين تخلفوا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال أحدهم لامرأته: الحَقِي بِأَهْلِكِ (¬2). ولم يرد الطلاق، فلم يكن طلاقًا. ¬

_ (¬1) رواه البخاري (5254) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 456 - 459، والبخاري (4418)، ومسلم (2769) من حديث كعب بن مالك -رضي اللَّه عنه-.

قلت: فإن نوى طلاقًا؟ قال: أخاف أن يكون ثلاثًا. قلت: إنهم يحتجون بحديث الجونية، ولم يكن طلاقًا، ولم يكن يطلق ثلاثًا، فيكون غير طلاق السنة. قال: تلك غير مدخول بها. قلت: فيجوز أن تطلق غير المدخول بها إلَّا واحدة؟ قال: فكيف الحديث، فذكرته، أفتراه كان ينوي ثلاثًا بكلمة واحدة؟ قال: لا. "التوضيح" 25/ 209 - 210

باب ما جاء في أركان الطلاق وشروط صحته

باب ما جاء في أركان الطلاق وشروط صحته أولًا: المطلّق: 1 - أن يكون بالغًا 2344 - طلاق الصبي قال إسحاق بن منصور: قلتُ: طلاق الصبي؟ قال: إذا كان يعقل. قال إسحاق: ما لم يحتلم أو يبلغ خمس عشرة سنة أو نبتت عانته. "مسائل الكوسج" (953) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: طلاق الصبي؟ قال: إن كان يعقلُ. قلت: ابن كم؟ قال: إذا كان يعقلُ. فراددته فلم يوقت. قال إسحاق: كلما جاز عن اثنتي عشرة سنة، وقد عن الطلاق فطلق وقع الطلاقُ لما يحتلم ابن اثنتي عشرة سنة. "مسائل الكوسج" (1345) قال صالح: وسألته عن رجل زوج ابنا له صغيرًا، فطلقها الغلام قبل أن يحتلم؟ قال: إن كان ممن يعقل الطلاق، فطلاقه جائز. "مسائل صالح" (25) قال صالح: سألت أبي عن طلاق الغلام الذي لم يبلغ؟

2345 - طلاق من غاب عقله لجنون أو سكر

قال: إن كان يعقل جاز طلاقه، وإن كان لا يعقل لا يجوز طلاقه. "مسائل صالح" (1366) قال ابن هانئ: وسئل عن طلاق الصبي؟ قال: إذا عقل جاز طلاقه. "مسائل ابن هانئ" (1120) قال حرب: سألت أحمد عن: طلاق الغلام؟ قال: إذا كان يعقل الطلاق جاز. وقال: سألت إسحاق عن طلاق الصبيان وعتاقهم؟ قال: إذا كانوا لعشر سنين أو أقل، قال: لا يجوز حتى يبلغ ثنتي عشرة سنة، ووصيتهم جائزة حينئذ، وإن كان يعقل الشراء والبيع فهو جائز أيضًا. وذهب إلى أنه لا يجوز دون ثنتي عشرة سنة. "مسائل حرب" ص 193 روى أبو طالب عن أحمد: لا يجوز طلاقه حتى يحتلم -أي: الصبي. وروى أبو الحارث عن أحمد: إذا عقل الطلاق جاز طلاقه، ما بين عشر إلى اثنتي عشر. "المغني" 10/ 349 2 - أن يكون عاقلًا 2345 - طلاق من غاب عقله لجنون أو سكر قال إسحاق بن منصور: قلت: طلاقُ السكران؟ قال: لا أقولُ فيه شيئًا. سُئل عنه مرارًا وأنا شاهدٌ، كل ذلك يقولُ: لا أقول فيه شيئًا.

ثم سألته قلت: إذا طلق السكرانُ أو قتل أو سرق أو زنا أو افترى أو اشترى أو باع؟ قال أحمد: أجبن عنه. قال: لا يصح لي شيء من أمر السكران. وشهدته سئل غير مرة فلم يقل في السكران شيئًا. قال إسحاق: كلما طلق السكرانُ وكان سكره سكرًا لا يعقل فإن طلاقه لا شيء، ولكن ليس للمرأة أن تُصدق أنه لم يعقل إذا أشكل عليها أمره، فينبغي لها أن تحلفه عند الحاكم، فإن لم يكن عند الحاكم جاز. "مسائل الكوسج" (950) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما طلاقُ السكران فالذي نعتمدُ عليه: إذا كان السكرانُ لم يعقل أصلًا في سكره حين طلق أو أعتق، ثم ذُكِّرَ فلم يَذْكُر، فإن ذلك لا يلزمه وهو في سعة من حبسها، ولو كان سكران يعقلُ بعض العقل فذُكِّرَ: إنك قد طلقت، فذَكَرَ فإن ذلك يقع إذا حفظ أنه فعل. "مسائل الكوسج" (951) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد -رضي اللَّه عنه-: طلاقُ السكران لا يصح عندي؛ لأنه طلق وهو لا يعقلُ، وكذلك المجنون لا يجوزُ طلاقه، ولو أنَّه ارتد عن الإسلام لا أقولُ فيه شيئًا، والبيع والشراء والقذف لا أقول فيه شيئًا. قال إسحاق: كل ذلك يحكم له وعليه بحكم المجنون إذا كان سكرًا قد ذهب عقله. "مسائل الكوسج" (3268)

قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق في طلاق السكران؛ إن كان ما تكلم به السكران من طلاق أو عتاق أو بيع أو شراء وهو يذكرُ ذلك، فإن ذلك واقعٌ عليه، وأما إذا كان ذاهب العقل كالمجنون، ويُذَكَّر فلا يذكر، وُسْعَهُ فيما بينه وبين اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إن شاء اللَّه تعالى، وأما المرأة فإنهما إن عقلت ما كان منه أنَّه لم يجقل حين تكلَّم ثم رافعته إلى الحاكم حتى يحلفه باللَّه تبارك وتعالى ما طلقها ثم حينئذ يسعها. "مسائل الكوسج" (3455) قال صالح: وسألته عن: طلاق المعتوه؟ فقال: إذا كان في حال ذهاب عقله لا يجوز عليه الطلاق. قلت: فالسكران؟ قال: لا أجيب فيه بشيء. قلت: فليس هو عندك بمنزلة المجنون؟ قال: قد قال قوم ذلك، قال: السكران ليس بمرفوع عنه القلم، والمجنون قد رفع عنه القلم. "مسائل صالح" (9) قال صالح: وقال: كان شعبة يروي في طلاق السكران عن أيوب، عن عمرو بن دينار قال: لا يجوز طلاقه. ويروى عن عثمان أنَّه قال: ليس لمجنون ولا سكران طلاق، رواه ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أبان ابن عثمان، عن عثمان (¬1)، وهو أرفع شيء فيه. "مسائل صالح" (531) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 84 (12308)، وسعيد بن منصور 1/ 271 (1112)، وابن أبي شيبة 4/ 79 (17967) والبيهقي 7/ 359، وعلقه البخاري قبل حديث (5269).

قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن: طلاق السكران غير مرةٍ؟ فلم يجب فيه. وقال مرةً: لست أفتي في هذا بشيءٍ، سل غيري. وقال أبو داود: قد قيل له مرةً: ما كان يفعل؟ قال: سل عن هذا غيري. "مسائل أبي داود" (1148) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: طلاق السكران وعتقه، لا أقول فيه شيئًا. قيل له: تجيز طلاق السكران؟ قال: لا أقول فيه شيئًا، ولكن شراءه وبيعه جائز، ولا أقول في عتقه شيئًا. "مسائل ابن هانئ" (1115) قال ابن هانئ: وسئل عن: السكران يطلق امرأته؟ قال: إذا كان لا يعقل، فلا يجوز. "مسائل ابن هانئ" (1117) قال ابن هانئ: وسئل عن: طلاق السكران؟ قال: لا أقول فيه شيئًا ولكن بيعه يجوز. "مسائل ابن هانئ" (1118) قال حرب: سُئِلَ أحمدَ عَنْ: طلاق السكران؟ قال: لا أقول فيه شيئًا. وقال: وسئل أحمد مرةً أخرى عن طلاق السكران؟ قال: لا أقول فيه شيئًا.

وسألت أحمدَ مرةً أخرى، قلتُ: السكران يتزوج؟ قال: ما أدرى كيف هذا! وكأنه ذهب إلى أن يقف: وقال: وسمعت إسحاق يقول في طلاق السكران: لا يجوز إذا كان لا يعقل. قلتُ: فيستحلف أنه لا يعقل أنه طلقها؟ قال: يستحلف أنه لم يطلق. وسئل إسحاق مرةً أخرى عن: طلاق السكران وبيعه وشرائه؟ قال: ليس بشيء، ولا بيعه، ولا شراؤه. "مسائل حرب" ص 129 قال حرب: سألت أحمد بن حنبل قلت: طلاق المبرسم والمجنون؟ قال: إذا كان لا يعقل فلا. ولم يذهب إليه. "مسائل حرب" ص 192 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المجنون إذا طلق؟ قال: لا يجوز طلاقه، ولا المحموم إذا طلق في وقت زوال عقله لا يجوز، قال: وكل من كان صحيحًا فزال عقله عن صحته، فطلق، فليس طلاقه بشيء. قلت لأبي: فالسكران؟ قال: كنت أجترئ عليه، فأما اليوم فلا. قلت: لم؟ قال: لأنه ليس بموفوع عنه القلم. قال أبي: وكذا كان الشافعي يقول: وجدت السكران ليس بموفوع عنه القلم. "مسائل عبد اللَّه" (1300)

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: طلاق السكران؟ قال: فيه اختلاف، روى ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أبان بن عثمان، عن عثمان قال: ليس لمجنون ولا سكران طلاق. وهو أرفع شيء فيه. وقال رجاء بن حيوة: إن معاوية أجازه (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1331) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن طلاق المجنون إذا كان لا يعقل في حال حياته؟ قال: لا يجوز طلاقه، والمبرسم الذي لا يعقل لا يجوز طلاقه، ولا النائم، لا يجوز طلاقه. قلت لأبي: فالسكران هو عندك في هذا المعنى. قال: لا. قال أبي: واحتج الشافعي فقال: السكران ليس بمرفوع عنه القلم، والمطلق في نفسه لا يجوز له طلاق حتى يتكلم، فإذا تكلم جاز. قال أبي: وقال الشافعي: وجدت السكران ليس بمرفوع عنه القلم، وكان أبي يعجبه هذا القول، ويذهب إليه. "مسائل عبد اللَّه" (1332) نقل حنبل في السكران: لا يقع طلاقه. وقال في رواية البرزاطي وقد سأله عن طلاق السكران؟ فقال: لا أقول في طلاقه شيئًا. قيل له: فبيعه وشراؤه: فغير جائز. ونقل أبو طالب: قال: سألت أحمد عن طلاق السكران؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 83 (12301).

فقال أحمد: يجوز طلاق الصبي؟ فقال أبو طالب: لا. فقال له أحمد: لمَ؟ قال أبو طالب: لأنه لا يعقل. قال أحمد: فالسكران لا يعقل، والنائم والمبرسم والهاذي هذا كله لا يعقل، والصبي يعقل ولكن لا يجوز طلاقه حتى يحتلم. "الروايتين والوجهين" 2/ 157 - 158 قال في رواية أبي طالب في المجنون يطلق، فقيل له بعدما أفاق: إنك طلقت امرأتك، فقال: أنا أذكر أني طلقت، ولم يكن عقلي معي. فقال: إذا كان يذكر أنه طلق، فقد طلقت. "المغني" 10/ 346، "معونة أولي النهى" 9/ 356 ق ال في رواية أبي طالب: الذي لا يأمر بالطلاق إنما أتى خصلة واحدة، والذي يأمر بالطلاق فقد أتى خصلتين: حرَّمها عليه، وأحلها لغيره، فهذا خيرٌ من هذا، وأنا أتقي جميعًا. وقال في رواية الميموني: قد كنمت أقول: إن طلاق السكران يجوز حتى تبينته، فغلب على أنه لا يجوزُ طلاقه، لأنه لو أقر لم يلزمه، ولو باع لم يجز بيعُه، قال: وألزمه الجناية، وما كان من غير ذلك فلا يلزمُه. "زاد المعاد" 5/ 210 - 211، "الفروع" 5/ 367 قال الميموني: سألت أبا عبد اللَّه عن طلاق السكران؟ فقال: أكثر ما عندي فيه أنه لا يلزمه الطلاق. قلت: أليس كنت مرة تخاف أن يلزمه؟ قال: بلى، ولكن أكثر ما عندي فيه أنه لا يلزمه الطلاق؛ لأني رأيته ممن لا يعقل.

2346 - طلاق المكره

قلت: السكر شيء أدخله على نفسه فلذلك يلزمه. قال: قد يشرب رجل البنج أو الدواء فيذهب عقله! قلت: فبيعه وشراؤه وإقراره؟ قال: لا يجوز. وقال في رواية أبي الحارث: أرفع شيء فيه حديث الزهري، عن أبان ابن عثمان، عن عثمان: ليس لمجنون ولا سكران طلاق. "أعلام الموقعين" 4/ 48 - 49 قال مهنا: حدثني أحمد، ثنا حجاج، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عكرمة قال: كل طلاق جائز إلَّا طلاق المعتوه. فأنكر أحمد، وقال: هو عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عابس بن ربيعة، عن علي (¬1). "التوضيح" 25/ 283 3 - أن يكون قاصدًا مختارًا 2346 - طلاق المكره قال إسحاق بن منصور: قلت: طلاقُ المكره؟ قال: أرجو ألا يكون عليه شيءٌ، وحد المكره: إذا كان يخاف القتل، أو ضربًا شديدًا. قال إسحاق: هو كما قال بلا شك. "مسائل الكوسج" (952) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 409 (11415)، وسعيد بن منصور 1/ 271، وابن أبي شيبة 4/ 74 (17906)، والبيهقي 7/ 359.

قال حرب: قلتُ لأحمدَ: الرجل يضطهد، فيزوج؟ قال: إذا ضُرب، أو نحو ذلك، فلا يجوز. قلتُ: وكذلك الطلاق؟ قال: نعم، إذا عذب رجوتُ. "مسائل حرب" ص 76 قال حرب: سألت أحمدَ بن حنبل، قلتُ: رجل أكره على الطلاق؟ قال: إذا عذب، أو ضرب، أو خاف على نفسه رجوت ألا يلزمه. قال حرب: وسئل أحمد أيضًا عن يمين المستكره؟ قال: لا يكون عندى مستكرهًا حتى ينال بضرب، أو بعذاب. وسئل أحمد مرةً أخرى، وقيل له: رجل أخذه اللصوص، فقالوا له: احلف بالطلاق أنه ليس معك مال، فحلف؟ قال: لا يجوز له أن يحلف إلا أن يضرب، أو يعذب، وإلا فلا. قيل: فأوعد؟ قال: الإيعاد ليس بشيء إلا أن يضرب. وقال: وسألتُ إسْحاقَ عن المكره على الأشياء، وقلت له: أيكون مكرهًا من غير أن ينال بضرب أو نحو ذلك؟ قال: إذا أفزعوه، أو خاف على نفسه، فهو مكره. وسئل إسحاق مرةً أخرى عن طلاق المكره؟ قال: كلما أكرهه اللصوص، أو سلطان ظالم، وهو ينوي غير ما يحلف فالنية نيته. "مسائل حرب" ص 130

2347 - أحد الأبوين أمر ابنه بالطلاق

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن طلاق المكره؟ فقال: أذهب فيه إلى حديث ثابت الأحنف، حديث مالك بن أنس، وطلاقه أن يعذب أو يضرب (¬1). قلت لأبي: بأي شيء يعذب؟ قال: أن تعصر رجله، على حديث ثابت الأحنف، أو يجر في الشمس مثل فعلهم بعمار (¬2)، أو يعذب بأنواع العذاب. "مسائل عبد اللَّه" (1343) نقل أبو طالب عنه: يمين المستكره إذا ضرب، ابن عمر وابن الزبير لم يرياه شيئًا. ونقل أبو الحارث عنه: إذا طلق المكره لم يلزمه الطلاق، فإن فعل به كما فعل بثابت بن الأحنف فهو مكره؛ لأن ثابتًا عصروا رجله حتى طلق، فأتى ابن عمر وابن الزبير فلم يريا ذلك شيئًا، وكذا قال اللَّه تعالى: {إِلَّا مَن أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالْإِيِمَانِ}. "أعلام الموقعين" 4/ 51 2347 - أحد الأبوين أمر ابنه بالطلاق قال إسحاق بن منصور: سئل أحمد: إذا أمر الرجلُ ابنه أن يطلق امرأته؟ قال: يطيعُ أباه إذا كان الأب رجلًا صالحًا، وأحتج بحديث ابن عمر ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 362، وعبد الرزاق 6/ 408 - 409 (11411)، والبيهقي 7/ 358. (¬2) رواه عبد الرزاق في"تفسيره" 1/ 311 (1509)، وابن سعد في "الطبقات" 3/ 248 - 249، وابن جرير 7/ 651 (21946)، وصححه الحاكم 2/ 389.

-رضي اللَّه عنهما- حين أمره عمر أن يطلق امرأته (¬1). قلت: فأمه؟ قال: لا يطيعها في هذا. قال إسحاق: إن فعل ما قاله أبوه وأمه، كان قد أخذ بالفضيلة، ولا يلزمه أن يطلقها على معنى الإيجاب؛ لأن طلاق المرأة الصالحة ليس من بر الوالدين في شيء. "مسائل الكوسج" (1124) قال سندي؛ سأل رجل أبا عبد اللَّه، قال: إن أبي يأمرني أن أطلق امرأتي. قال: لا تطلقها. قال: أليس عمر أمر ابنه عبد اللَّه أن يطلق امرأته؟ قال: حتى يكون أبوك مثل عمر -رضي اللَّه عنه-. "الطبقات" 1/ 456 قال أحمد في رواية بكر بن محمد عن أبيه: إذا أمرته أمه بالطلاق، لا يُعجبني أن يطلق؛ لأن حديث ابن عمر في الأدب. ونقل ابن مشيش: لا يطلق لأمر أمه، فإن أمره الأب بالطلاق، طلق إن كان عدلًا. "الآداب الشرعية" 1/ 475 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 20، وأبو داود (5138)، والترمذي (1189) وابن ماجة (2088)، وصححه الحاكم 2/ 197. قال الترمذي حسن صحيح، وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (919).

2348 - طلاق النسيان

2348 - طلاق النسيان قال صالح: سألت أبي عن رجل حلف بالطلاق: ما فعل كذا وكذا، وما في نيته كذا وكذا، وهو يرى أنه على ما حلف، ونسي، وكان على خلاف ما حلف، أيلزمه الطلاق؟ قال أبي: لو كان هذا الحالف حلف بما يكفر، كنت أرجو أن لا تلزمه الكفارة، فأما الطلاق والعتاق فإنهما لا يكفران، وأخاف أن يكون هذا حانثًا فيما حلف عليه. "مسائل صالح" (179) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن طلاق النسيان؟ فقال: طلاقه جائز. "مسائل ابن هانئ" (1119) 2349 - طلاق الغضبان نقل حنبل عن أحمد أنَّه قال في حديث عائشة: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ" (¬1): يريد الغضب. "زاد المعاد" 3/ 566 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 276، وأبو داود (2193)، وابن ماجة (2046) وصححه الحاكم 2/ 198. وقال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 3/ 117 - 118 (2107): وأخرجه ابن ماجة وفي إسناده محمد بن عبيد بن صالح المكي وهو ضعيف. والحديث حسنه الألباني في"الإرواء" (2047).

2350 - طلاق المريض

2350 - طلاق المريض قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: من طلق امرأته في مرضه قبل أن يدخل بها، فإن السنة في ذلك أن يكون إذا كان في المرض طلق، وكان قد دخل بها أو لم يدخل بها أن الميراث بينهما جارٍ؛ لما صدر من عمر بن الخطاب ومن بعده مرارًا من كتاب اللَّه (¬1)، فإذا كان حكمه حكم الفارِّ فكان قد دخل أو لم يدخل سواء، وتصديق ذلك قول عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- حيث ورث امرأة عبد الرحمن بن عوف بعد انقضاء العدة وكذلك نرى ما قال عثمان أنها ترث بعد انقضاء العدة ما لم تتزوج، كانت مدخولًا بها أو لا (¬2). "مسائل الكوسج" (962) قال إسحاق بن منصور: سُئل أحمد رحمه اللَّه تعالى عن رجلٍ طلق امرأته وهو مريضٌ قبل أن يدخل بها؛ ترثه؟ قال: فيه اختلاف عن التابعين. "مسائل الكوسج" (963) قال إسحاق بن منصور: وسُئل: إذا طلق في مرضه قبل أن يدخل بها؛ ترثه؟ قال: اختلفوا فيه. "مسائل الكوسج" (964) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 64 (12201)، وسعيد بن منصور 2/ 42 (1960). وابن أبي شيبة 4/ 181 (19068)، والبيهقي 7/ 363. (¬2) رواه عبد الرزاق 7/ 62 - 63 (12195)، وسعيد بن منصور 2/ 44 (1970)، والبيهقي 7/ 362.

قال إسحاق بن منصور: وسئل عمن طلق امرأته في مرضه قبل أن يدخل بها. قال: اختلفوا فيه: الحسنُ (¬1)، وعطاء (¬2)، وجابرُ بن زيدٍ، وإبراهيم (¬3)، والشعبي (¬4). قال بعضهم: لها الصداقُ والميراثُ. "مسائل الكوسج" (965) قال إسحاق بن منصور: قلت: فتعتد في قول من يجعل لها الميراث؟ قال: لا، هذِه غيرُ مدخول بها، هذِه مسألة تشتبه. "مسائل الكوسج" (966) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ طلق امرأته وهو مريضٌ قبل أن يدخل بها لا ميراث بينهما؟ قال أحمد؛ يتوارثان، ولها الصداقُ كاملًا، وعليها العدةُ إنما هذا فرار. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1151) قال إسحاق بن منصور: قال سفيان: إذا طلقها ثلاثًا وهو مريضٌ، ثم برأ، ثم مات فإنها ترثه، وإن ماتت لم يرثها صح أو لم يصح. قال: نعم، هو كما قال. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 63 (12200)، وسعيد بن منصور 2/ 45 (1972)، وابن أبي شيبة 4/ 181 (19609). (¬2) رواه عبد الرزاق 7/ 63 (12199). (¬3) رواه سعيد بن منصور 2/ 44 (1967). (¬4) رواه عبد الرزاق 7/ 65 (12208)، وسعيد بن منصور 2/ 44 (1968)، وابن أبي شيبة 4/ 181 (19070).

قال إسحاق: كما قال؛ لأنه فارٌّ وليست بفارَّة. "مسائل الكوسج" (1161) قال إسحاق بن منصور: قلت: وإذا طلَّقها تطليقة أو تطليقتين وهو مريض، ثم صحَّ في العدة فطلقها الثالثة لم يتوارثا؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1162) قال إسحاق بن منصور: قلت: كما لو طلقها تطليقة أو تطليقتين وهو صحيح، ثم مرض فطلقها الثالثة، ثم مات في العدة. ورثته؟ قال: نعم. هذِه ترثه بعد العدة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1163) قال إسحاق بن منصور: قال سفيان: إذا طلقها ثلاثًا وهو مريضٌ، ثم صحَّ، ثم مات فإنها ترثه، وإن ماتت لم يرثها صح أو لم يصح. قال أحمد: إذا صح فليس لها ميراثٌ. قال إسحاق: كلما كان أصل الطلاق في المرض فهو فار، صح أو لم يصح، إذا مات ورثته. "مسائل الكوسج" (1228) قال إسحاق بن منصور: قال سفيان: إذا طلَّقها تطليقةً أو تطليقتين وهو مريضٌ، ثم صح في العدة فطلقها الثالثة لم يتوارثا؟ قال أحمد: لا ترث. قلت: كما لو طلَّقها تطليقة أو تطليقتين وهو صحيحٌ، ثم مرض فطلقها الثالثة، ثم مات في العدة ورثته؟

قال أحمد: جيدٌ، ترثه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1229) قال صالح: وسألته عن الرجل إذا طلق في مرضه؟ قال: ترثه ما أمسكت نفسها عن الأزواج. قال: وأما أهل المدينة فيقولون: ترثه إن تزوجت؛ لأن هذا فار من الميراث. "مسائل صالح" (639) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن رجلٍ طلق امرأته وهو مريضٌ، ثم صح، ثم مات؟ قال: لا ترثه، يُروى في ذلك عن أبي بن كعبٍ؛ لا أزال أورثها منه حتى تتزوج أو يبرأ (¬1). "مسائل أبي داود" (1197) قال أبو داود: سمعتُ أحمد قيل له: إذا طلق امرأته واحدةً ولم يكن دخل بها، ثم مات ترثه؟ قال: لا. وهو صحيح. "مسائل أبي داود" (1198) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل: إذا قال الرجلُ لامرأته: إذا جاء رأس الشهر فأنت طالقٌ، وهو صحيحٌ، فجاء رأس الشهر وهو مريضٌ، ثم مات وهي في العدة، أترثه؟ قال: نعم، إذا وقع الطلاقُ وهو مريضٌ ترثهُ. "مسائل أبي داود" (1199) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 176 (19027)، والبيهقي 7/ 363.

قال أبو داود: سمعتُ أحمد قال: إذا قال وهو صحيحٌ إذا قدم فلانٌ فأنت طالقٌ، فقدم وهو مريضٌ ثم مات ورثته؛ لأن الطلاق وقع وهو مريضٌ. "مسائل أبي داود" (1201) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: يطلق الرجل امرأته ثلاثًا وهو مريض، أترثه؟ قال: ترثه في العدة وبعد العدة، عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- ورَّثها قبل العدة، وبعد العدة (¬1). قلت: تذهب إلى حديث عمر: هي على ما بقيت عنده (¬2)، في الرجل يطلق امرأته تطليقة أو تطليقتين فيتزوج. قلت لأبي عبد اللَّه: ألها أن تزوج؟ قال: نعم، إذا انقضت عدتها، قال عمر بن الخطاب: هي على ما بقي. "مسائل ابن هانئ" (1139) ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 353، والشافعي 2/ 193 (689، 690) وعبد الرزاق 7/ 62 (12192)، وسعيد بن منصور 2/ 41 (1958، 1959)، وابن سعد في "الطبقات" 8/ 219، وابن أبي شيبة 4/ 176 (19026)، والدارقطني 4/ 64، والبيهقي 7/ 363 - 362. وصححة الألباني في "الإرواء" (1721). (¬2) رواه الشافعي 2/ 39 (125)، وعبد الرزاق (11149، 11150، 11153)، وسعيد 1/ 353 (1525، 1526)، وابن أبي شيبة 6/ 114 (18371)، والبيهقي 7/ 364، 365.

قال حرب: سألت أحمدَ، قلتُ: رجل طلَّقَ امرأتَه ثلاثًا، وهو صحيح، ثم مرض، فمات، وهي في العدة؟ قال: لا ترثه إذا طلقها وهو صحيح. قال: وسألت إسحاق، قلتُ: رجل طلَّقَ امرأتَه ثلاثًا، وهو صحيح، ثم مرض، فمات، وهي في العدة؟ قال: لا ترثه. "مسائل حرب" ص 144 قال حرب: قلتُ لأحمدَ: فرجل طلَّقَ امرأتَه ثلاثًا، وهو مريض، فمات وهي في العدة. قال: أنا أقول إذا طلقها وهو مريض، ثم مات، فإنها ترثه ما كانت في العدة، وبعد انقضاء العدة ما لم تزوج. وقال: وسألت إسحاق، قلتُ: رجل طلَّقَ امرأتَه في مرضه، فأبت طلاقها؟ قال: ترثه في العدة، وبعد انقضاء العدة ما لم تزوج، لأنه فرَّ من ميراثها. قال: والأكثرون على أنها لا ترث بعد العدة، وأما عثمان بن عفان، فإنه ورثها من الميت بعد انقضاء العدة، وهو الذي نعتمد عليه، لما كان أصل الطلاق فرارًا. وسألتُ إسْحاقَ مرةً أخرى، قلتُ: إن طلقها وهو مريض؟ قال: ترثه، وإن انقضت العدة. قلتُ: ما لم تزوج؟ قال: نعم.

2351 - طلاق العبد

وقال: قلت لإسحاق: رجل قال لامرأته: إذا جاء وقت كذا وكذا فأنت طالق ثلاثًا. فجاء ذلك الوقت والرجل مريض، فوقع عليه الطلاق، ثم مات وهي في العدة، هل ترثه؟ قال: لا ترثه، إنما ترثه إذا طلقها في المرض. راجعته في هذِه المسألة. قلت لإسحاق: فإن قال لها في مرضه: أمرك بيدك. فقالت: قد طلقت نفسي ثلاثًا، فذهب إلى أنه إذا كان الطلاق من قبلها لم ترث، وإذا علم أنه يفرّ من الميراث ورثت. وقال: قلت لإسحاق: فإن قال لها في مرضه: إن دخلت دار فلان فأنت طالق ثلاثًا. فدخلت، فوقع عليها الطلاق، ثم مات، هل ترثه؟ قال: إذا علم أنه فرّ من الميراث ورثته. قلتُ: لا يعلم. فذهب إلى أنها ترث. "مسائل حرب" ص 145 قال حرب: سألت أحمدَ، قلتُ: رجل مريض طلَّقَ امرأتَه قبل أن يدخل بها، ثم مات؟ قال: قد اختلف الناس في هذا. وسئل إسحاق عن رجل طلَّقَ امرأتَه في مرضه قبل أن يدخل بها؟ قال: هو فار من الميراث. "مسائل حرب" ص 146 2351 - طلاق العبد قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: إذا تزوج العبد بإذن مولاهُ فالطلاقُ بيد العبد. "مسائل أبي داود" (1194)

2352 - طلاق أهل الشرك

قال ابن هانئ: وسئل عن رجل زوج أمته من عبده، ثم بدا له وأراد أن يأخذها؟ قال: ليس له ذلك. "مسائل ابن هانئ" (1066) قال حرب: سمعت إسحاق يقول: إذا أذن لعبده في التزويج، فالطلاق بيد العبد. "مسائل حرب" ص 127 قال عبد اللَّه: قال أبي: العبد إذا طلق فقد طلق "لأنه يملكه، وليس طلاق السيد بشيء، فإن أكرهه حتى يعذبه، ليس بشيء. "مسائل عبد اللَّه" (1213)، (1349) نقل حنبل عنه: إن تزوج عبد بلا إذن فطلق سيده، جاز طلاقه وفرق بينهما. ونقل مهنا عنه: إن طفق العبد بأمر سيده أولًا لم يجز. "زاد المعاد" 5/ 157 قال في رواية محمد بن الحكم: العبد إذا كان نصفه حرًّا ونصفه عبدًا، يتزوج ويطلق ثلاث تطليقات. "معونة أولي النهى" 9/ 400 2352 - طلاق أهل الشرك قال إسحاق بن منصور: قال سفيان في نصراني طلق امرأته ثلاثًا قال: إذا قامت البينة يُفرق بينهما الوالي. قال أحمد رحمه اللَّه تعالى: إذا ارتفعوا إلينا حكمنا بحكم الإسلام.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1281) قال حرب: سألت إسحاق عن طلاق أهل الشرك. فقال: جائز. قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يطلق امرأته وهو مشرك تطليقة أو تطليقتين، ثم أسلما فتزوجها. قال: نحن نقول: إن طلاق أهل الشرك طلاق. "مسائل حرب" ص 193 قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت له: لو أن نصرانيًّا طلق امرأته ثم أسلم، أيلزمه الطلاق؟ قال: نعم. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن نصراني أو يهودي طلق امرأته تطليقة أو تطليقتين ثم أسلم فطلق تطليقة أخرى؟ قال: لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره. قلت له: طلاقه في الشرك جائز؟ قال: نعم. قال أحمد: حديث يروى أن عبد الرحمن بن عوف قال لعمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنهما-: ليس طلاق أهل الشرك بشيء. فقلت له: من ذكره؟ قال: ليس له إسناد يوصل، مرسل. قلت: عمن؟

ثانيا: المطلقة

قال: سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، مرسل. قلت: من ذكره عن ابن أبي عروبة؟ قال: غير واحد، يزيد بن هارون عن ابن أبي عروبة عن قتادة مرسل (¬1). "أحكام أهل الملل" 1/ 289 (568 - 569) قال الخلال: أخبرني أحمد بن حمدويه قال: حدثني محمد بن أبي عبد اللَّه قال: حدثنا أحمد بن أبي عبدة قال: سألت أحمد عن رجل طلق تطليقتين في الشرك؟ قال: طلاق أهل الشرك طلاق. "أحكام أهل الملل" 1/ 281 - 282 (579) ثانيًا: المطلَّقة 2353 - 1 - قيام الزوجية حقيقة وحكمًا قال إسحاق بن منصور: قلت: الطلاقُ قبل النكاح؟ قال: إن تزوج لم آمره أن يفارق. قال أحمد: وإن كان يخافُ الفتنة لم أر به بأسًا أن يتزوج الأمة، وإن كانت له امرأة. قال إسحاق: هو كما قال. قال إسحاق: كلما لم ينصبها بعينها لم يقع الطلاقُ وقَّت أو لم يوقَّت. "مسائل الكوسج" (994) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 184 (19092) من طريق وكيع عن ابن أبي عروبة به ورواه عبد الرزاق 7/ 181 (12689) من طريق معمر عن قتادة به.

قال إسحاق بن منصور: سألت إسحاق عن رجلٍ قال: إن تزوجتُ فلانة فهي طالق فتزوج؟ قال: أما إذا نصبها بعينها فإن الكف أحب إليَّ، وإن تقدم عليها لم أعنفه، وأما ما سوى ذلك وقت أو لم يوقت، أو سمى قبيلة أو لم يسمها، فإن ذلك واضحٌ أن لا يقع. "مسائل الكوسج" (995) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما إذا حلف أن كل امرأةً يتزوجها فهي طالق أو امرأة قد سماها، فإن السنة قد مضت بأن لا طلاق قبل نكاح، فكلما لم يسمها بعينها فإنه لا يقع شيئًا، فإن سمى قبيلتها أو مصرها أو قال: إن تزوجتُ على امرأتي فلانة أو ما أشبه ذلك من المواقيت فإنه لا يقع ولا يُعلم في ذلك سنَّة مضت بتشديد، وإنما جبنا عن المنصوبة (¬1) لما جاء حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2) مجملًا، فإن كان عن المنصوبة وغير المنصوبة فقد أجزنا لغير المنصوبة، وإن كان عن غير المنصوبة فقد اتبعنا. "مسائل الكوسج" (1319) قال إسحاق بن منصور: قال سفيان في رجل قال لامرأته: كل امرأةٍ أتزوجها ما دمت حيةً هي طالقٌ. قال: هذا وقَّت. ¬

_ (¬1) المنصوبة: أي المعينة. (¬2) أي: حديث عبد اللَّه بن عمرو مرفوعًا: "لَيْسَ عَلَى رَجُلٍ طَلَاقٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ. . " الحديث. رواه الإمام أحمد 2/ 189، وأبو داود (2190)، والترمذي (1181)، وابن ماجة (2047). وقال الترمذي: حسن صحيح، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1900).

قال أحمد: إن تزوجها لم آمره أن يفارقها. قال إسحاق: هذا جائزٌ، لا يقع الطلاقُ أبدًا ما لم يسمها بعينها وقت أو لم يوقت، وإذا سماها حنث فإن فعل لم آمره بفراقها. "مسائل الكوسج" (1241) قال إسحاق بن منصور: قال: وإذا قال: من بني آدم، فليس بوقت، يتزوج. قال أحمد: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1242) قال صالح: والرجل يقول: كل امرأة يتزوجها فهي طالق؟ قال: الطلاق قبل النكاح وقَّت أو عمَّ إذا كان قد تزوج؛ لم آمره أن يفارق. وإن كان له والدان، فأمراه بالتزويج، أمرته أن يتزوج، أو خاف على نفسه العنت، أمرته أن يتزوج. "مسائل صالح" (142) قال صالح: وسألته عن الطلاق قبل النكاح؟ وقَّت أو لم يوقَّت فهو واحد، ومذهبه: إذا تزوج أن لا يفارقها، وإن لم تزوج، فإن تزوج غيرها أحب إلى، وإن خاف على نفسه فتزوجها فلا بأس. "مسائل صالح" (356) قال صالح: سألت أبي عن الطلاق قبل النكاح؟ قال: أما الطلاق قبل النكاح، فإن تزوج لم آمره أن يفارق، سمى أو لم يسم، وأما العتق قبل الملك فلا أقول فيه شيئًا. "مسائل صالح" (753)

قال أبو داود: سمعت أحمد غير مرةٍ يقولُ في الرجل يقولُ: كل امرأةٍ أتزوجها فهي طالق ثلاثًا: إن فعل لم آمره أن يفارقها، وقال: إن كان له والدان يأمرانه بالتزويج أمرته أن يتزوج، أو كان شابًّا يخافُ على نفسه العنت أمرته أن يتزوج. قال أبو داود: وربما قال فيه أحمد: فإذا قال: فلانة فإنه يمكنه أن يتزوج غيرها. "مسائل أبي داود" (1124) قال أبو داود: وشهدتُ أحمد أدخلت إليه رقعةٌ؛ أن رجلًا من أهل الدينور جعل ابنة عمٍّ له إن تزوجها فهي طالق ثلاثًا، فتزوجها وهي معه من سنةٍ؛ فترى أن يفارقها؟ فرد الرقعة مكتوب فيها: لا يفارقها، يقيم عليها. "مسائل أبي داود" (1126) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل حلف: متى ما تزوجت -ما دام أبي حيًّا- كل امرأة أتزوجها هي طالق؟ قال: إذا أراد أن يتزوج، أو أمره أبوه أن يتزوج، أو خاف على نفسه ليتزوج، وإن تزوج لم آمره أن يفارق. قيل له: إن سجادة يقول: إذا حلف بهذا اليمين طلقت، قال أبو يعقوب: قال أبو عبد اللَّه: أخطأ سجادة، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ" (¬1) وقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49] فلا يكون طلاق إلَّا بعد نكاح. "مسائل ابن هانئ" (1135) ¬

_ (¬1) رواه ابن ماجة (2048) من حديث المسور بن مخرمة. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 2/ 126: هذا إسناد حسن.

قال ابن هانئ: وسئل عن رجل يقول: كل مملوك لي حرّ، وكل امرأة أتزوجها فهي طالق، إن فعلت كذا وكذا؟ قال: إذا حنث في الحرية قد عتقوا، وأما الطلاق فإنه لا يلزمه شيء والحرية شيء، قد جعله للَّه. "مسائل ابن هانئ" (936) قال ابن هانئ: سئل عن الرجل تحته امرأة فيقول: أنت طالق ثلاثًا إن فعلت كذا وكذا. وأنت طالق إن تزوجت بك؟ قال: إن كان قد حنث لا يعجبني أن يتزوجها، لأنه حلف (وهو) (¬1) ملك يمين. "مسائل ابن هانئ" (1137) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل تكون له الجارية وقد كان يطأها بملك اليمين فيقول: أنت حرة. ثم يتبعها الكلام فيقول: أنت طالق إن تزوجت بك. قال: فلا يحل له، وإن قال: واحدة ثم تزوجها، فلها نصف الصداق إذا كان تزوجها، ويفارقها. قلت لأبي عبد اللَّه: أليس هذا بمنزلة الرجل يطلق قبل أن يملك؟ قال: لا، ليس هذا مثل هذا، هذا قد وطئها، والذي يطلق قبل أن يملك لم يطأها. "مسائل ابن هانئ" (1138) ¬

_ = وقال ابن حجر في "التلخيص" 3/ 211: رواه ابن ماجة بإسناد حسن. وصححه الألباني في "الإرواء" (2070). وقد بوب البخاري في "صحيحه" لا طلاق قبل النكاح. فانظره. (¬1) كذا في المطبوع، ولعل الصواب: وهي.

قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يقول في الطلاق قبل النكاح إذا وقَّت، قال: إن تزوجها لم يفرق بينهما، وإن لم يتزوجها، فليتزوج غيرها، فهو أحب إليه. قلتُ: هل صح فيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شيء؟ قال: حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. قال حرب: وسمعتُ إسحاق بن إبراهيم يقول في الطلاق قبل النكاح، قال: لا يتزوجها فإن تزوجها لم آمره بفراقها ولا إمساكها. وأبو يعقوب يجبن عن المنصوبة بعينها. وقال: وسمعت إسحاق مرة أخرى سئل عن رجل قال: يوم أتزوج فلانة فهي طالق؟ قال: لا أرى أن يتزوجها. قيل: فإن فعل؟ قال: لا أفتي فيه. وقال: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: إن تزوجها فلا يفارقها. "مسائل حرب" ص 111 قال حرب: سمعت إسحاق مرة أخرى سئل عن رجل قال لامرأة: إن تزوجتك فأنت طالق ثلاثًا؟ قال: إذا نصبها فلا يتزوجها. قيل: إن تزوجها؟ قال: اختلف الناس فيها، قال قوم: يطلق، وقال قوم: لا يطلق، وذكر عن علي بن أبي طالب وعبد اللَّه بن عباس: إذا سماها لا تطلق، وذكر عن ابن مسعود: إذا سماها تطلق.

وقال: حدثنا إسحاق قال: ثنا عبد اللَّه بن إدريس، عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة، عن علي بن أبي طالب قال: لا طلاق قبل نكاح. وقال: حدثنا إسحاق قال: أخبرنا جرير، عن عاصم الأحول، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لا طلاق إلا بعد نكاح ولا عتق إلا بعد ملك. وقال: حدثنا إسحاق قال: أخبرنا يعلى بن عبيد قال: حدثنا محمد بن عون الخراساني، عن محمد بن زيد، عن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عباس عن رجل قال: لئن تزوجت فلانة فهي طالق، قال: ليس بشيء. إنما الطلاق لمن يملك. قالوا: فإن ابن مسعود يقول: إذا وقَّت وقتًا، فهو كما قال، قال: رحم اللَّه أبا عبد الرحمن، لو كان كما قال: لقال اللَّه: يا أيها الذين آمنوا إذا طلقتم النساء المؤمنات ثم نكحتموهن، وإنما قال اللَّه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49]. وسمعت أيضًا إسحاق يقول، وسئل عن رجل قال: كل امرأة يتزوجها إلى ثلاثين سنة فهي طالق ثلاثًا وثلاثين مرة. قال: إذا لم ينصبها بعينها رجوت. وقال: وسئل إسحاق مرة أخرى يقول: وسئل عن وجل قال لامرأة إن تزوجها إلى ثلاثين سنة فهي طالق. قال: إذا نصبها لم يتزوج. قلتُ: لم ينصب، ولكن وقَّت وقتًا؟ قال: لا بأس ورخص فيه.

وقال: وسئل إسحاق أيضًا عن رجل قال: إن دخلت هذِه الدار، فكل امرأة يتزوجها إلى ثلاثين سنة فهي طالق، فدخل الدار؟ قال: يتزوجها إذا لم ينصبها. "مسائل حرب" ص 112 - 113 قال حرب: قرأتُ على إسحاق: غلام ابن عشر سنين أو نحو ذلك، فقيل له: نزوجك فلانة؟ فقال: إن تزوجتها، فهي طالق ثلاثًا، فقد أدرك وبدا له أن يتزوجها. قال أبو يعقوب: لا بأس أن يتزوجها. وقرأت على إسحاق مرةً أخرى: رجل حلف بالطلاق، فقال: إن لم أقضك يا فلان هذِه الدراهم التي لك على إلى شهر فكل امرأة يتزوجها إلى ثلاثين سنة، فهي طالق ثلاثًا؟ قال أبو يعقوب: لا طلاق قبل نكاح، وَقَّتَ أو لم يُوقِّت بعد أن لا ينصبها بعينها، فإنه إذا نصبها لا أفتي فيها؛ لما اختلف عليٌّ وابن مسعود في ذلك، قال ابن مسعود: إنها تطلق. ورأى عليٌّ أنها لا تطلق، وهما إمامان، وهو أشبه بالحق فإن تقدم عليها لم أعبه. وقال: حدثنا إسحاق قال: أخبرنا معمر بن سليمان، عن مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن علي بن أبي طالب قال: إذا قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق، فليس بشيء. وقال: حدثنا إسحاق قال: أخبرنا حفص بن غياث قال: حدثنا سليمان بن المغيرة قال: سألتُ علي بن الحسين عن رجل قال: إن تزوجت فلانة، فهي طالق؟

قال: ليس بشيء، قال اللَّه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ}. "مسائل حرب" ص 113 - 114 قال حرب: قرأت على إسحاق رجل قال: إن كنت مسستُ حرامًا قط، فكل امرأة يتزوجها إلى ثلاثين سنة، فهي طالق ثلاثًا، وقد أتى الحرام قبل أن تزوَّج، وبعد ما تَزوَّج؟ قال: لا بأس أن يتزوج. وقال: وسمعتُ إسحاق أيضا وسأله رجلٌ فقال: رجلٌ قال لامرأته: متى طلقتك فكل امرأة أتزوجها إلى ثلاثين سنة فهي طالق، وكل مالٍ له في المساكين، وما استفيد إلى ثلاثين سنة، وعليّ حجة، وقد طلق هذِه المرأة التي حلف بطلاقها وتزوج أخرى؟ قال أبو يعقوب: هذِه المرأة التي تزوج بعد طلاق امرأته جائز، وأما ما حلف بالمال والمساكين والحج، فيكفر بيمينه. وقال: وسمعت إسحاق أيضًا وسأله رجل بالفارسية فقال: رجل حلف لامرأته أن كل امرأة يتزوجها عليها، فهي طالق، أيتزوج؟ فقال: بالفارسية: سخت -يعنى: يتزوج. وقال: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن عطاء، عن جابر بن عبد اللَّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ". وقال: حدثنا إسحاق، قال: أنبأ عيسى بن يونس، قال: حدثنا الوليد ابن كثير المخزومي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا طَلَاقَ قَبْلَ ملِك". "مسائل حرب" ص 114 - 115

قال حرب: قلت لإسحاق: رجل قال لامرأة: إذا تزوجتك، ثم دخلت هذِه الدار، فأنت طالق ثلاثا. قال: هذا بحق الطلاق قبل النكاح، لا أجيب فيها. وقال في الطلاق قبل النكاح: إذا نصبها بعينها لم أقل فيها شيئا، وإذا لم ينصبها ولكن وقت وقتا، أو سمى قبيلتها، أو مصرها، أو لم يسم، ولم يوقت، فهذا كله واحد وليس بشيء. "مسائل حرب" ص 124 قال حرب: قرأت على إسحاق: رجل حلّفه السلطان بأيمان مختلفة إن شرب أو سرق وأشباهها مما كرهه اللَّه، وهو لا يدري كان فيه طلاقًا أو لم يكن، ولم يكن عنده يوم حلف امرأة، وتزوج بعدما ركب بعض الأمور التي حلف عليها. قال أبو يعقوب: إذا لم تكن امرأة في ملكه يومئذ فله أن يتزوج بعد ولا يضره، وإن وقت وقتًا فلا يضره أيضًا. حدثنا إسحاق قال: أنبأ أبو علقمة الفروي قال: حدثني عبد الحكم بن أبي فروة قال: حدثني عمرو بن شعيب قال: عرض عليّ أبي امرأة، فقلت: يوم أتزوجها فهي طالق البتة، ثم بدا لي أن أتزوجها، فسألت سعيد بن المسيب فقال لي: أما علمت أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ". ثم سألت أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فقال لي: أما علمت أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ". ثم سألت أبان بن عثمان، فقال لي: لا طلاق قبل نكاح. ولم يرفعه. "مسائل حرب" ص 180 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا طلاق إلا بعد ملك.

والعتق فيما لا يملك؟ قال أبي: لا أجترئ عليه. قال: كأنه شيء جعله للَّه، وقد فرق قوم بين الطلاق والعتق. "مسائل عبد اللَّه" (1313) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل حلف أنه متى تزوج فلانة فهي طالق ثلاثًا؟ قال: إن تزوج فلا آمره أن يفارق. قلت لأبي: فإن قال: إلى ثلاثين سنة؟ قال: لا آمره أن يفارق. "مسائل عبد اللَّه" (1313) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن رجل قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق؟ قال أبي: وقَّت أو لم يوقَّت عندي واحد، لا آمره أن يفارق. "مسائل عبد اللَّه" (1315) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا عامر الأحول، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا نَذْرَ لِابْنِ آدَمَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَلَا عِتْقَ له فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَلَا طَلَاقَ لَهُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ" (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1316) ¬

_ (¬1) رواه الإما أحمد 2/ 190 وأبو داود (2190)، والترمذي (1181) والنسائي 7/ 12 وابن ماجه (2047)، وصححه الحاكم 2/ 204 - 205. قال الترمذي: حديث عبد اللَّه بن عمرو حديث حسن صحيح، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب. وصححه الألباني في "الإرواء" (1751)، وقد تقدم آنفًا، وللحديث شواهد ذكرها ابن حجر في "التلخيص" 3/ 210 - 312. فلينظر.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو عبد الصمد العمي قال: حدثنا مطر الوراق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يَجُوزَ طَلَاقٌ وَلَا عِتقٌ؛ لا بَيْعٌ ولَا وَفَاءُ نَذرٍ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَلَا طَلَاقَ لَهُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ". "مسائل عبد اللَّه" (1397) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حجاج عن مبارك، قال: سمعت الحسن -وحلف لي عليه- عن على: أنه قال في رجل قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق، قال: إن تزوجها فليست بطالق. "مسائل عبد اللَّه" (1318) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حماد بن خالد الخياط قال: حدثنا هشام بن سعد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: لا طلاق إلا بعد نكاح. "مسائل عبد اللَّه" (1319) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء، عن ابن عباس قال: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك. "مسائل عبد اللَّه" (1320) نقل أبو طالب وأبو الحارث والمروذي عنه إذا قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق، فتزوج لا طلاق قبل نكاح، وقت أم لم يوقت. "الروايتين والوجهين" 2/ 139 نقل أبو الحارث عنه إذا قال: إن تزوجت عليك امرأة فهي طالق. لم آمره أن يفارقها، لا يكون طلاقًا قبل النكاح.

ونقل الحسن بن ثواب عنه: إذا قال لامرأته: إن تزوجت فلانة فهي طالق: فإن تزوج يلزمه. "الروايتين والوجهين" 2/ 141 قال أبو بكر الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد قال: سمعت سفيان بن وكيع يقول: أحفظ عن أبي عبد اللَّه مسألة منذ نحو من أربعين سنة سُئل عن الطلاق قبل النكاح؟ فقال: يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعن علي، وعن ابن عباس وعلي بن حسين، وسعيد بن المسيب، ونيف وعشرين من التابعين، لم يروا به بأسًا. فسألت أبي عن ذلك، وأخبرته بقول سفيان، فقال: صدق كذا قلت. "الطبقات" 1/ 453، 454، "التوضيح" 25/ 260 قال أحمد في رواية الميموني: إذا قال لامرأة: أنت طالق يوم أتزوج بك إن شاء اللَّه، ثم تزوجها، لم يلزمه شيء، ولو قال لأمة: أنت حرة يوم أشتريك إن شاء اللَّه، صارت حرة. "أعلام الموقعين" 4/ 58 قال أبو طالب: إذا قال: إذا اشتريت هذا الغلام فهو حر، فاشتراه عتق. وإن قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق. فهذا غير الطلاق؛ هذا حق للَّه تعالى، والطلاق يمين، ليس هو للَّه تعالى، ولا فيه قربة إلى اللَّه تعالى. "المغني" 13/ 489 قال جعفر بن محمد: سمعت أبا عبد اللَّه سُئل عن رجل قال لامرأته: كل امرأة أتزوجها أو جارية أشتريها للوطء وأنت حية، فالجارية حرة والمرأة طالق؟

2354 - حكم طلاق الأمة وأم أولاده

قال: إن تزوج لم آمره أن يفارقها، والعتق أخشى أن يلزمه؛ لأنه مخالف للطلاق. قيل له: يهب له رجل جارية؟ قال: هذا طريق الحيلة، وكرهه. "إعلام الموقعين" 1/ 41 قال مهنا: قلت لأحمد: حدثوني عن الوليد بن مسلم قال: قال مالك: عن عمر بن الخطاب وأبي مسعود، والقاسم، وسليمان بن يسار، وسالم، وابن شهاب، في الذي يقول: إن تزوجت فلانة فهي طالق. قال: إن تزوجها فهي طالق. فقال لي أحمد: ليس فيهم عمر، هذا خطأ من قول مالك. فقلت: لعل هذا من قبل الوليد غلط على مالك. قال: لا، هذا من قول مالك، ذهب إلى حديث عن سعيد بن عمرو بن سليم، عن القاسم بن محمد، عن عمر. وسئل عن رجل قال: إن تزوجت فلانة فهي على كظهر أمي. فقال: إن تزوجها فلا يطأها حتى يكفر. ذهب إلى هذا، ظن أنه مثله. "التوضيح" 25/ 259 - 260 2354 - حكم طلاق الأمة وأم أولاده قال حرب: قلت لأحمد: رجل قال لأمته: أنت طالق. قال: ليس بشيء. قلت: فإن قال لأم ولده: أنت طالق؟ قال: ليس بشيء. "مسائل حرب" ص 193

2355 - المعتدة من طلاق رجعي أو بائن، يلحقها الطلاق؟

2355 - المعتدة من طلاق رجعي أو بائن، يلحقها الطلاق؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في رجلٍ طلق امرأته تطليقة، فقال مكانه: إن راجعتك فأنت طالقٌ ثلاثًا. إن راجعها في العدة فهو كما قال، وإن تركها حتى تنقضي عدتها فهو خاطبٌ من الخطاب ويتزوجها إن شاء. قال أحمد: إن كان قال هذا القول أراد أن يُغلظ عليها وألا تعود إليه فمتى ما راجعها في العدة وبعد العدة طلقت، وإن كان إنما أراد الرجعة ما دامت في العدة فهو على ما أراد به، يحنث في العدة ولا يحنث بعد العدة. قال إسحاق: هو كما قال، ولكن بعد العدة لا تسمى مراجعة، إنما هو تجديدُ نكاحٍ، ولكن هو على ما نوى. "مسائل الكوسج" (1250) قال حرب: سألت أحمد قلت: رجل قال لامرأته: أنت طالق ثلاثًا إن دخلت هذِه الدار، فطلقها تطليقة وبانت منه، ثم دخلت الدار؟ قال: لا يقع عليها حينئذ طلاق؛ لأنها دخلت وليست هي امرأته، ولكن إذا رجعت إليه رجع عليه اليمين، وهو على يمينه. قلت: فإنه إنما أراد هذِه المرأة. قال: لا أدري، وعرض فيه. قلت: فإنه حلف بطلاق امرأته ثلاثًا أن لا يضرب غلامه، فطلقها تطليقة، ثم ضربه؟ فقال فيه نحو ذلك، وقال: إنما هو ما أراد هو نيته. "مسائل حرب" ص 153 قال حرب: سألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل قال لامرأته: إن دخلت هذِه الدار فأنت طالق ثلاثًا. فدخلت الدار، وحنث الزوج، فتزوجت زوجًا غيره

2356 - الطلاق في نكاح فاسد

فطلقها، ثم راجعها الأول هل تدخل الدار؟ قال: إن نوى ما دامت في ملكه -يعني: هذِه الدار- فبانت منه، ثم تزوجت بعد، ثم دخلت الدار لا يحنث، إلا أن يكون نوى إن دخلت -يعني: ما دخلتِ في ملكي- وأما قوله: إن دخلت. فهو على مرة إلا أن ينوي بقوله: إن دخلت: كما دخلت. "مسائل حرب" ص 154 قال حرب: قلت لأحمد: رجل قال لامرأته: أنت طالق، فصارت في عدتها، ثم طلقها ثنتين؟ قال: بانت بثلاث، يلحقها الطلاق إذا كان يملك الرجعة. قلت: فإن انقضت عدتها مرة واحدة ثم طلقها؟ قال: لا يلحقها الطلاق. "مسائل حرب" ص 234 2356 - الطلاق في نكاح فاسد قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا تزوجها بغير إذن ولي، ثم طلقها؟ قال: أحتاط لها، أجيز طلاقه. قال إسحاق: كلما طلقها وقد عقد النكاح بلا ولي لم يقع عليها طلاقٌ، ولم يقع بينهما ميراث ولا شك في ذلك؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ" (¬1) ثلاثًا. ¬

_ (¬1) رواه إسحاق بن راهويه 2/ 194 - 195 (698، 699)، والإمام أحمد 6/ 47، والترمذي (1102)، وابن ماجه (1879)، والنسائي في "الكبرى" 3/ 285، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1840).

فالباطل ينفسخُ لا يحتاج إلى فسخ حاكم ولا غيره، وإن رفع إلى حاكم فشرع في فسخه فحسنٌ جميلٌ؛ لأن النكاح في العدة حرام أيضًا، وقد رفع إلى عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- ففرق بينهما (¬1)، وهل شك أحدٌ أنَّ النكاح في العدة لا يثبت؟ فكيف فرق عمرُ -رضي اللَّه عنه-؟ إنما قال: فرق بينهما لما أراد من إعلام الناس أنه لم يكن بينهما نكاحٌ. "مسائل الكوسج" (872) قال إسحاق بن منصور: قلت: يتزوجها في العدة؟ قال: ليس هذا مثل ذلك، إذا طلقها لم يكن بشيء. قال إسحاق: كما تزوجها بغير وليٍّ ثم طلق، لم يكن طلاقًا أبدًا، وفي العدة: كما قال. "مسائل الكوسج" (873) قال إسحاق بن منصور: قلت: تزوجها في العدة، ثم طلقها ثلاثًا؟ قال: هذِه مسألةٌ شنيعة، ثم قال: ليس طلاقه إياها بشيء. كأنه لم ير هذا تزويجًا. قال إسحاق: ليس طلاقه إياها بشيء. "مسائل الكوسج" (978) قال إسحاق بن منصور: قلت: تورث هذا بعد انقضاء العدة؟ قال: نعم، ما لم تزوج. "مسائل الكوسج" (979) قال إسحاق بن منصور: قلت: وإن لم يكن طلقها في مرضه؟ قال: لا، ولكن إذا طلقها في مرضه. ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 7/ 441.

2357 - طلاق الصغيرة

قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (980) قال صالح: وسألته عن امرأة تزوجت بغير إذن وليها، فطلقها هذا الذي تزوج بها ثلاثًا، ثم أجاز الولي النكاح، هل تحل له من قبل أن تنكح زوجًا غيره؛ لأن هذا النكاح الأول كان فاسدًا؟ قال: لا ترجع إليه إلا بزوج، لأن هذا النكاح الذي تزوجها هذا به إن جاءت منه بولد كان الولد لاحقًا به، لأن هذا نكاح شبهة، فلا تحل له إلا أن تنكح زوجًا غيره. "مسائل صالح" (765) 2357 - طلاق الصغيرة قال إسحاق بن منصور: قلت: سُئل إسحاق عن رجلٍ زوَّج يتيمة من رجلٍ فطلَّقها قبل أن تدرك؟ قال: ليس لها مهرٌ، ولا عليها عدة، وليس طلاقُه إياها بشيء وإن شاء تزوَّجها بعدما تدرك. "مسائل الكوسج" (1353) 2358 - 2 - تعيين المطلقة بالإشارة أو بالصفة أو بالنية قال حرب: قلتُ لأحمدَ: رجل قال: كل امرأة في الدنيا طالق؟ قال: إن كانت له امرأة دخل عليه الطلاق. "مسائل حرب" ص 138 قال أحمد في رواية مهنا في رجل نظر إلى امرأة فقال لها: أنت طالق

2359 - تجزئة الطلاق

ظنا منه أنها امرأته فقالت: ما أنا لك بامرأة: تطلق امرأته التي نواها. "الروايتين والوجهين" 2/ 165 قال أحمد في رواية مهنا في رجل له امرأتان فقال: فلانة، أنت طالق. فالتفتت فإذا هي غير التي حلف عليها. قال: قال إبراهيم: يطلقان، والحسن يقول: تطلق التي نوى. قيل له: ما تقول أنت؟ قال: تطلق التي نوى. "المغني" 10/ 375 نقل عنه المروذي في رجل قال لامرأته: إن خرجت فأنت طالق، فاستعارت امرأة ثيابها، فلبستها فأبصرها زوجها حين خرجت من الباب، فقال: قد فعلت: أنت طالق؟ قال أحمد: يقع طلاقه على امرأته. "تقرير القواعد" 3/ 107 2359 - تجزئة الطلاق قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ له أربع نسوة، فقال لهن: أنتن طوالق. ثلاث تطليقات؟ قال أحمد: ما أرى إلا بنَّ منه. قال إسحاق: قد بنَّ، إلا أن ينوي مقاسمة الثلاث تطليقات بينهن. "مسائل الكوسج" (1138) قال صالح: قلت: إذا حلف الرجل على امرأته. فقال: أنت طالق ثلاثًا إن خرجت من البيت؛ فأخرجت رجلها؟

قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن يزيد قال: أخبرنا أيوب -يعني: أبا العلاء القصاب- عن قتادة في رجل قال لامرأته: إن دخلت بيت فلان فهي طالق، فتناولت شيئًا من البيت. قال: ليس بطلاق حتى تدخل. قال: وقال حماد: إذا أدخلت يدها أو شيئًا من جسدها فهي طالق. قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد اللَّه بن بكر قال: حدثنا سعيد، عن قتادة في رجل قال لامرأته: إن دخلت دار فلان أنت طالق، فأدخلت رأسها. قال: ليس ذلك بدخول حتى تدخل رجليها، فإن أدخلت رجليها فقد دخلت، وإنما يقع بالرجلين. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا أبو المغيرة قال: حدثنا صفوان قال: حدثنا عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي قال: أتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فسلمت عليه فقال: "عَوْفُ؟ " فقلت: نعم. قال: "ادْخُل". قلت: كلي أم بعضي؟ قال: "بَلْ كلُّكَ". قال: "اعْدُدْ يَا عَوْفُ سِتًّا" (¬1) فذكر الحديث. قال أبي: ما أجترئ أن أفتي فيها، وكأني أميل إلى أن لا تطلق حتى تدخل كلها؛ لكن إذا قال: يدك طالق أو رجلك أو أصبعك فقد طلقت. وإذا قال: أنت طالق نصف تطليقة أو ثلث أو ربع؛ فهي واحدة على الكمال، يروى عن الحسن والشعبي وعمر بن عبد العزيز -يعني: مذهبهم- إذا نطق نصف أو ربع أو سدس فهي واحدة (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 22، 25، والبخاري (3176) بنحوه. (¬2) روى هذِه الآثار ابن أبي شيبة 4/ 87 (18052، 18053، 18055).

قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن قتادة، عن الحسن قال: إذا كان للرجل أربع نسوة فقال: اقتسمن بينكن تطليقة أو اثنتين أو ثلاثًا أو أربعًا؛ فقد طلق كلهن بتطليقة حتى يقول: خمسًا أو ستًا أو سبعًا أو ثمانيًا، فإن قال ذلك، طلقن كلهن تطليقتين، حتى يقول: أقسمن بينكن تسعًا أو فوق ذلك، فإذا قال ذلك؛ طلقن (¬1). قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر، عن قتادة قال: إذا قال: أنت طالق سدس تطليقة أو ربع أو خمس أو بعض تطليقة فهي واحدة، وإذا قال: أصبعك طالق فقد وقع الطلاق عليها (¬2). قال: وسئل قتادة عن رجل قال لامرأته: أنت طالق ملء بيت، فرق بينهما (¬3). "مسائل صالح" (1400) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عمن قال لامرأته: أنت طالقٌ نصف تطليقةٍ؟ قال: هي تطليقةٌ. قيل لأحمد -وأنا أسمعُ: إنه أراد أن نصف تطليقةٍ لا يكونُ؟ قال: لا أنظرُ إلى نيته، هي تطليقةٌ. "مسائل أبي داود" (1152) قال حرب: قلت لأحمد: فإن كان له أربع نسوة قال: بينكن تطليقة. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 373 (11249)، وسعيد بن منصور 1/ 283 (1169). (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 373 (11251، 11252). (¬3) رواه عبد الرزاق 6/ 374 (11254).

ثالثا: صيغة الطلاق

قال: يقع على كل واحدة تطليقة. قلت: تذهب إلى الحديث؟ قال: نعم. يُروى عن الحسن أنه قال: لا يكون بعض تطليقة نصف أو ربع، ولكنه تطليقة على كل واحدة. "مسائل حرب" ص 152 قلت: فإن قال: يدك، أو رجلك، أو بعض جسدك طالق؟ قال: طالق إلا الشعر. قلت: وما بال الشعر؟ قال: لأن الشعر هو شيء يفنى ويذهب من جسدها. وسألت إسحاق قلت: فإن قال لامرأته: يدك، أو رجلك طالق. [قال] كما طلق منها عضوًا طلقت. قلت: فإن قال: شعرك طالق؟ قال: لا تطلق في الشعر والظفر. "مسائل حرب" ص 197 ثالثًا: صيغة الطلاق 2360 - 1 - لا يقع الطلاق من القادر على النطق به إلا بالنطق به قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا طلق امرأته في نفسه؟ قال: لا، حتى يظهر. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (1035)

قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا الرجلُ الذي يريدُ أن يطلِّق امرأته ثلاثًا أو أقل أو أكثر وقد عقد قلبه على ذلك، ثم قال: فلانة بنت فلانٍ. ولم يقل: طالقٌ. فإن كانت إرادتُه ونيته بذكره الثلاث إيقاع الطلاق عليه وقع الطلاقُ، وإن لم يكن مما يشبه الطلاق. وقد أجمع أهل العلم أن كل شيء يشبه الطلاق فهو طلاقٌ، كما تقدم من نيته بإرادة الطلاق، ثم تكلم باسمها وبالثلاث دليل على ما قد نواه، وإن كانت حيثما تكلم باسمها فذكر الثلاث، ثم ندم أن تلفظ بالطلاق، فقد صار ناقضًا لم تقدم من نيته، فإن كان فعله هذا لم تسمع به المرأة فله أن لا يبلغها ذلك، وكذلك لو سمع هذا من هذا الزوج غيره وقد أخبره ذلك ولم يلفظ بالطلاق؛ لأنه إن بلغها مبلغ ذلك لزمها أن ترافعه إلى الحاكم حتى يُحلفه: ما أراد؟ وعلى الحاكم أن يحلفه إذا ذكر الثلاث، ولو لم يكن في هذا الذي قلنا إلا ما ذكر غير واحد، ليث بن أبي سليم، عن الحكم بن عتيبة: أن رجلًا أراد أن يطلق امرأته ثلاثًا فلما أراد أن يلفظ بذلك أخذ رجلٌ على فيه وأمسك بالثلاث. فأجمع أهلُ العلم على أنه ثلاث، فأحسن ما نصنع به قول من وصفنا على أن من صيروه ثلاثًا لما بين الإشارة على إرادته. "مسائل الكوسج" (1320) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عمن وسوس في قلبه بالطلاق ولم ينطق به؛ وهم به؟ قال: أرجو أن لا يكون شئ. "مسائل أبي داود" (1153)

قال ابن هانئ: قلت: رجل قال في نفسه: امرأته طالق، ولم يتكلم به، تكون قد طلقت؟ قال: لا، ما لم يلفظ به، أو يحرك به شفتيه. "مسائل ابن هانئ" (1086) قال حرب: سألت أحمد قلت: رجل أراد طلاق امرأته ثلاثًا، فقام إليه رجل فوضع يده على فيه، فأشار بأصابعه الثلاث؟ قال: إذا لم يتكلم بلسانه فأرجو أن لا تدخل عليه. قلت: فإن عقد قلبه على الطلاق؟ قال: وإن عقد عليه قلبه، أرأيت لو طلق في نفسه أكان يكون طلاقًا؟ ! وقال: سألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل قال لامرأته: أنت. وأراد أن يطلقها، فقام رجل فأخذ يده على فيه، فأومأ بيده ثلاثًا بأصابعه الثلاث ولم يتكلم بلسانه؟ قال: يحلف أنه لم يرد طلاقًا، وليس عليه شيء إذا لم ينطق به. "مسائل حرب" ص 160 قال حرب: سألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل طلق امرأته في نفسه ثلاثًا من غير أن يلفظ به؟ قال: ليس بشيء حتى يلفظ به، أو يتكلم به بكلام يشبه الطلاق فيقول: نويت به الطلاق، فأما الطلاق في انقلب والتفكر فليس بشيء. "مسائل حرب" ص 177 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل طلق امرأته، لفظ به مرة، ثم مرة؟ قال: يلزمه الطلاق. "مسائل عبد اللَّه" (1226)

2361 - طلاق الأخرس

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا طلق الرجل في نفسه، أو نائم، أو مريض يهذي، فليس بشيء. "مسائل عبد اللَّه" (1248، 1632) 2361 - طلاق الأخرس قال عبد اللَّه: سألت أبي عن طلاق الأخرس؟ فقال: إن كان يعقل أو يشير فطلاقه جائز. "مسائل عبد اللَّه" (1255) قال حرب: سألت أحمد قلت: الأخرس إذا كتب طلاق امرأته على الأرض. قال: إذا علم منه أنه يريد الطلاق فهو طلاق. "مسائل حرب" ص 161 2362 - الطلاق بالكتابة قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن الرجل يكتب بطلاق امرأته على وسادة، أو شيء؟ قال: قد اختلفوا فيه، ولكن إذا كتب إليها فقال: يوم أكتب إليك بطلاقك فأنت طالق، فيوم يأتيها الكتاب بطلاقها، فهي طالق، وإذا كتب ثم رجع في الكتاب، لم تطلق حتى يصير الكتاب إليها. "مسائل ابن هانئ" (1098) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يقول لامرأته: يوم يجيئك كتابي فأنت طالق؟ قال: يوم يصل إليها فهي طالق. "مسائل ابن هانئ" (1099)

قال حرب: قيل لأحمد: الرجل يكتب إلى امرأته بطلاقها، فيضيع الكتاب. قال: إذا كتب إذا جاءك كتابي هذا، فإنى أرجو أن لا يكون عليه، وإذا كتب أنت طالق فكأنه أوقع عليه الطلاق. قيل: فإن كتب إليها بالطلاق من غير أن يتكلم به؟ قال: ما أدرى، ثم قال: الكتاب عمل. وكأنه أوقع عليه. وقال: وسألتُ إسْحاقَ عن رجل كتب بالطلاق؟ قال: إذا أراد الطلاق. وقال: وسألتُ إسْحاقَ مرة أخرى، قلتُ: رجل كتب طلاق امرأته على الأرض أو الحائط؟ قال: تكلم به؟ قلتُ: لا. قال: ليس بشيء إلا أن يتكلم. قلت لإسحاق أيضًا، إن كتب إليها: أنت طالق ثلاثًا، ثم ندم ومزق الكتاب؟ قال: مثل الأول. وقال: سألت أحمدَ، قلتُ: امرأة أتاها كتاب من زوجها بخطه وخاتمه بالطلاق، هل تزوج؟ قال: لا حتى يشهد عندها شهود عدول. قيل: فإن شهد حامل الكتاب؟ قال: لا، إلا شاهدين. "مسائل حرب" ص 141

2363 - الشك في الطلاق

نقل أبو طالب عنه فيمن كتب طلاق زوجته ونوى الطلاق: وقع، وإن أراد أن يغم أهله، فقد عمل في ذلك أيضًا. "المغني" 10/ 504 2 - القطع أو الظن، بحصول اللفظ وفهم معناه 2363 - الشك في الطلاق قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ حلف بطلاق امرأته لا يدري أواحدة أو ثلاث؟ قال: أما الواحدة فقد وجبت عليه وهي عنده حتى يستيقن. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1044) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل له أربعُ نسوةٍ فطلَّق واحدةً منهن ثلاثًا، وواحدة ثنتين، وواحدة واحدة، فمات على ذلك ولا يُدرى أيتهن التي طلق ثلاثًا، أو التي طلق اثنتين، أو التي طلق واحدةً؟ قال سفيان: يرثن كلهن. قال الإمام أحمد: يقرع بينهن، فالتي أبانها بالطلاق تخرج فلا ميراث لها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1164) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: حديث عمرو بن هرمٍ: ينالهن من الطلاق ما ينالهن من الميراث (¬1). ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 283 (1171)، وابن أبي شيبة 4/ 180 (19055)، والبيهقي 7/ 364.

قال: ينالهن مست الطلاق، أليس يرثن جميعًا؟ قلت: بلى. قال: وكذلك يقعُ عليهن الطلاقُ. قال إسحاق: إنما يقول؛ ينالهنَّ من الطلاق مثل ما ينالهن من الميراث، لأن أربع نسوةٍ إذا طلَّق واحدة فلا يُدرى أيتهن هي؟ فإنَّ الربع أو الثمن يقسم بين الأربعة؛ لما لا يُدرى أيتهن المطلقة، ولو جئن جميعًا وهو حي فادعين، كل واحدةٍ تقول: أنا الذي طلقت كان الحكم في ذلك أن يقرع بينهن، ولو قال الزوج: أنا أحفظ من طلقت صدق، فأما ما قال هؤلاء أنه إذا قال: لا أحفظ من طلقت أنه يجبر حتى يوقع الطلاق على إحداهن فهو خطأ. "مسائل الكوسج" (1341) روي صالح عن أبيه: أذهب إلى القرعة؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أَقرَع (¬1). "مسائل صالح" (1291) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل كانت عنده أربع نسوة، يطلق إحداهن، لا يدري أيتهن طلق؟ قال: يقرع بينهن، فأيتهنّ خرج سهمها طلقت. "مسائل ابن هانئ" (1113) قال حرب: قلت لأحمد: رجل عنده امرأتان أو ثلاث فقال: إحداكن طالق. ولا يدرى أيتهن هي؟ قال: يقول قوم: يختار أيتهن شاء فيطلقها. ويقول قوم: يدخل عليهن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 194، والبخاري (2661)، ومسلم (2770) من حديث عائشة في حديث طويل، أنه كان إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه.

الطلاق، ولا يقول أحمد في هذا شيئًا. قال أحمد: ولو كان له نسوة فقال: امرأته طالق. ذهبت إلى قول ابن عباس أنه يقع عليهن الطلاق؛ لأن هذا ليس مثل الأول، مسألة مشتبكة، وهذِه ليست من تلك. وسألتُ إسحاق قلتُ: رجل له أربع نسوة فقال: إحداكن طالق، ولم ينوِ واحدةً منهن؟ قال: يقرع بينهن. قلتُ لإسحاق: فإن مرت به واحدة فقال: أنت طالق ولا يدري أيتهن هي، ولم تقر واحدة منهن؟ قال: يقرع بينهن أيضًا. وسُئلَ إسحاق مرة أخرى قِيل: فإن كان له ثلاث نسوة فقال: إحداكن طالق ثلاثًا، ثم مات؟ قال: تطلق واحدة، وثلثا الثُمنِ، أو ثلثا الربع بينهن، وإن لم يمت أقرع بينهن. وسألت إسحاق مرة أخرى قلت: رجل له امرأتان فقال: إحداكما طالق، ولم ينو واحدة منهما، فماتت إحداهما قبل أن يقرع بينهما، كيف حاله؟ وهل يرثها؟ قال: يوقف، فيقال: هذِه؟ طلقت، أو هذِه. فإن كان لا يدري لم يرثها شيئًا. قلت لإسحاق: فإن مات الزوج قبل أن يقرع بينهما؟ قال: نصف الربع، أو نصف الثمن بينهما. "مسائل حرب" ص 150

قال حرب: قلت لأحمد: رجل حلف بطلاق امرأته أن هذا الشيء -أراد كذا وكذا- فلم يدر أهو كما قال أو لا، فسكت فيها، وذكر حديث الشعبي في الرجلين اللذين حلفا على الطير (¬1)، وقال: لا يؤمن أن يكون أحدهما صادقًا. قلت: فأحب إليك أن لا تقول فيها شيئًا؟ قال: نعم. وأمسك عنها. وقال: وسألتُ إسحاقَ قلتُ: رجلان يتشاجرا، فقال أحدهما لصاحبه: امرأته طالق ثلاثًا إن لم أكن خيرًا منك، أو أعز منك، أو نحو هذا، وكذلك قال الآخر. قال: يقفان حتى يُعرف ذلك. وقال: هذا مثل الرجلين اللذين حلفا على الطير. قلت: وكذلك الطير إذا حلف؟ قال: نعم يوقفان -يعني: يقفان عن امرأتيهما. قلت: فإن ماتا يتوارثان؟ قال: نعم؛ لأنه لا يعرف. وقال: وسئلَ إسحاق أيضًا، عن رجل قال لامرأته: إن لم تكوني جنبًا فأنت طالق. قال: إذا تحقق أنها ليست جنبًا وقع. ثم ذكر حديث الشعبي في الطير، وحلف أحدهما أن هذا غراب، وحلف الآخر أنه غير ذلك، ولم يدر ما هو. فذهب في ذلك أيضًا إلى التحقيق عنده، وقال: يعتزلان امرأتيهما. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 179 (19050).

قلت: ولا يتوارثان؟ قال: إذا كان الأغلب على ذلك لا يتوارثان. "مسائل حرب" ص 158 قال حرب: قرأت على إسحاق: رجل قال لامرأته: إذا دخلت دار فلان اليوم أو غدًا أو بعد غد فأنت طالق. ووقف سويعة، ثم قال في غضبه: وإلى شهر، وهو لا يدري من الغضب طلق واحدة أو ثنتين أو ثلاثًا، فدخلت المرأة تلك الدار بعد الخمسة عشر يوما. قال أبو يعقوب: هو على ما ظهر من الطلاق، وينظر إلى أكثر نيته، فإن استيقن أنه كان على أقل من ثلاث جاز له أن يتزوجها، فإن حصان أكثر ظنه على ثلاث لم تحل له حتى تنكح زوجًا غيره. "مسائل حرب" ص 181 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجلين مر عليهما طير، فقال أحدهما: امرأته طالق ثلاثًا إن لم يكن طيرًا، وقال الآخر: امرأته طالق ثلاثًا إن لم يكن غرابًا، فطار. قال أبي: يعتزلان نساءهن حتى يتبين. "مسائل عبد اللَّه" (1363) قال الشالنجي: سألت أحمد عن الرجل يطلق امرأة من نسائه، ولا يعلم أيتهن طلق؟ قال: أكره أن أقول في الطلاق بالقرعة. قلت: أرأيت إن مات هذا؟ قال: أقول بالقرعة. "المغني" 10/ 522، "تقرير القواعد" 3/ 223

2364 - صرف صريح الطلاق عن مقتضى الظاهر

نقل عنه الميموني في رجل له أربع نسوة طلق واحدة منهن، ولم يدر: يقرع بينهن. وكذلك قال في الأعبد. ونقل عنه أبو الحارث في رجل له أربع نسوة طلق إحداهن، ولم يكن له نية في واحدة بعينها: يُقرع بينهن، فأيتهن أصابتها القرعة فهي المطلقة، وكذلك إن قصد إلى واحدة بعينها ونسيها. "إغاثة اللهفان" ص 175 2364 - صرف صريح الطلاق عن مقتضى الظاهر قال إسحاق بن منصور: قلت رجل حلف، فجرى على لسانه غير ما في قلبه وأراد أن يتكلم به؟ قال أحمد: لا أدري ما هذا. عاودته، فقال: أرجو أن يكون الأمر فيه واسعًا. قال إسحاق: هو على الإرادة، لأنها أغلوطة. "مسائل الكوسج" (1134) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: حديث السميط (¬1) أما تعرفه؟ قال: نعم، السدوسي، إنما جعل نيته بذلك. "مسائل الكوسج" (1358) قال إسحاق بن منصور: سألت أحمد عن رجلٍ قال لامرأته: بهشيم ونوى الكذب؟ قال: لا يكون أقل من تطليقة، أرأيت إن قال: أنت طالقٌ. ونوى ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 250 (1017)، وابن أبي شيبة 4/ 79 (17972).

الكذب أليس كانت تطليقةً؟ فهذا مثل ذلك. قال إسحاق: كما نوى طلاقًا من وثاق، أو ما أشبهه فليس بطلاق، وكذلك بالفارسية. "مسائل الكوسج" (1329) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن رجل كانت له امرأتان اسمهما فاطمة، فماتت إحداهما فقال: فلانة طالقٌ -يعني: الميتة؟ - فقال: الميتة تطلق. كأن أحمد لعله أراد أن لا يصدق في الحكم. "مسائل أبي داود" (1150) قال حرب: سُئلَ إسحاق، عن رجل قال: الطلاق لازم، ونوى اليمين. قال: هو له لازم. "مسائل حرب" 185 قال حرب: سألت أحمد قلت: رجل قال لامرأته: يا مطلقة؟ قال: إن كان أراد من الزوج الأول رجوت، وإن كان يريد منه خفت عليه، أو كما قال. "مسائل حرب" ص 169 قال أحمد في رواية أبي الحارث: إذا قال: أنت طالق، وقال: نويت من عقال فإن كان على حد الغضب لم يقبل منه. "الروايتين والوجهين" 2/ 147 قال في رواية مهنا فيمن قال لامرأته أنت طالق، وقال: نويت إن دخلت الدار: لم يقبل منه. ونقل مهنا: إذا قال لزوجته أنت طالق غدًا تطلق إذا طلع الفجر، قيل له: فإن نوى آخر النهار فإن ناسا يقولون: لا يدين.

2365 - الحيل في الطلاق

فقال: هي طالق إذا طلع الفجر. قال في رواية إسحاق بن إبراهيم: إذا قال: أنت طالق إن دخلت الدار، وقال: نويت شهرًا قبل منه. "الروايتين والوجهين" 2/ 148 2365 - الحيل في الطلاق قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: إذا حلف فقال: إن كلمتك خمسة أيام فأنت طالقٌ، أله أن يجامعها ولا يكلِّمها؟ قال: أي شيء كان بدء هذا. فإذًا يذهب في هذا إلى نية الرجل، إذا أراد أن يسوءها أو يغيظها، فإذا لم تكن له نية فله أن يجامعها ولا يكلمها. قال إسحاق: كما قال، إلا أن يكون احتيالًا. "مسائل الكوسج" (1330) قال حرب: سُئلَ إسحاق عن رجل حلف بطلاق امرأته ثلاثًا أن لا يمس هذِه الدراهم فمس الكيس. فزبر (¬1) الرجل وقال: مسألة حيلة. قِيل لإسحاق: رجل أخذت له امرأته عشرة دراهم فحلف بطلاقها لتردن درهمين، فأمرت أختها فردت الدرهمين. قال: إذ لم تكن نيته أنها تعطيه من يدها إلى يديه لم يحنث. "مسائل حرب" ص 176 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل قال لامرأته في رمضان: أنت طالق إن لم أطأك في رمضان، فسافر مسيرة أربعة أيام أو ثلاثة، ثم وطئها؟ ¬

_ (¬1) عقل وتمَهَّل: انظر: "لسان العرب" 3/ 1854 مادة زَبَرَ.

2366 - الطلاق بغير العربية

قال: لا يعجبني؛ لأنها حيلة، ولا يعجبني الحيلة في هذا ولا في غيره. "مسائل عبد اللَّه" (1230) 2366 - الطلاق بغير العربية قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا قال: بهشتم؟ (¬1) قال: أسأله ما أراد؟ فإن أراد ثلاثًا فهو ثلاثٌ، وكل شيء بالفارسية فهو على ما نوى من ذلك؛ لأنه ليس له حدٌ مثل كلام العربي. قال إسحاق: هو كما قال، إلا أن حكمه بالفارسية كحكم من يتكلم العربية، وكذلك كل شيءٍ. "مسائل الكوسج" (942) قال حرب: سمعت إسحاق وسئل عن رجل قال لامرأته بالفارسية: هيشتاي. هيشتاي. هيشتاي. ولا يدري نوى واحدة أو ثلاثًا؟ قال: إذا قال لها ثلاث مرات بالفارسية: هيشتاي، فقد طلقت ثلاثًا. "مسائل حرب" ص 179 ¬

_ (¬1) كلمة فارسية تعني: صريح الطلاق.

فصل الطلاق المعلق

فصل الطلاق المعلق أقسامه أولًا: طلاق معلق تعليق شرطي: 2367 - أ- تعليق معلق بمشيئة من له الاختيار قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ قال لامرأته: أنت طالق كما شئت، وإذا شئت. قال سفيان: إذا شئت فهي مرةٌ، وإذا قال: كلما شئت. فلها ذلك فيما بينها وبين ثلاث. قال أحمد: جيدٌ ما لم يغشها، فإذا غشيها فلا أمر لها. قال إسحاق: كما قال، إلا الغشيان. "مسائل الكوسج" (1139) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ قال لامرأته: أنت طالقٌ إن شئت؟ قال أحمد: إن شاءت فهي طالقٌ، إذا قالت: قد شئت الطلاق فهي طالق واحدة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1140) قال إسحاق بن منصور: قلت لسفيان: رجل قال لامرأته: أنت طالقٌ إن شئت. قالت: إن شاء أبي؟ قال: ليس بشيء؛ قد ردت الأمر. قال أحمد: ليس ذا بشيء.

2368 - 1 - تعليقه على ما يمكن أن يقع أو لا يقع على السواء

قلت: ردت الأمر؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1141) قال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يقول لامرأته: أنت طالقٌ ثلاثًا إن شاء فلانٌ -فقال غيري لأحمد: فبلغه- فقال: قد شئت؟ قال: قد طلقت ثلاثًا. "مسائل أبي داود" (1154) قال حرب: سألت أحمد قلت: رجل قال لامرأته: أنت طالق إن شئت قالت: قد شئت؟ قال: هي طالق. "مسائل حرب" ص 175 نقل أبو الحارث عنه: إذا قال: أنت طالق إن شاء اللَّه لم يصح، ولو قال: إن شاء زيد صح. وقال: مشيئة العباد تدرك. "الروايتين والوجهين" 2/ 162 ب- تعليق الطلاق بالأفعال المستقبلة 2368 - 1 - تعليقه على ما يمكن أن يقع أو لا يقع على السواء قال صالح: سألت أبي عن رجل قال لامرأته: أنت طالق إن لم أطلقك؟ قال: يعجبني أن يطلقها تطليقة، وتكون عنده على اثنتين. "مسائل صالح" (1088)

قال أبو داود: سمعتُ أحمد وسئل عن رجلٍ قال: إن لم أفعل كذا وكذا فامرأته طالق، ويراه أنه لم يفعل تعطيه امرأته وكان متزوجًا إليهم؟ قال: أمهلوا لعله يتوب لعله راجعٌ، وإن قدمكم حكم له أن تعطوه امرأته، وإن صح عندكم فلا يحل لكم أن تعطوه امرأته. "مسائل أبي داود" (1155) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن رجل قال لامرأته: إن وطئتك فأنت طالقٌ ثلاثًا، أو قال لجاريته: إن وطئتك فأنت حرةٌ فوطئها؛ فلما التقى الختانان ذكر فتنحى عنها؟ قال: قد حنث "مسائل أبي داود" (1204) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن رجلٍ قال: إن لم أخرج من بغداد فامرأته طالق؟ قال: هو على قدر سرعة الخروج وتأخيره، إن نوى إلى خمسة أيامٍ فيدع إلى شهرٍ؛ أخافُ أن يحنث. قيل لأحمد وأنا أسمعُ: فليس له مباح إتيان امرأته؟ قال: نعم -يعني: إلى الوقت الذي نوى. "مسائل أبي داود" (1205) قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل يحلف بالطلاق على امرأته أن لا أكلمك حتى أخرج وأرجع من مكة، فخرج فمرض في الطريق ورجع ولم يحج؟ قال: لا يكلمها حتى يخرج ثم يرجع، إلا أن يكون نوى في حجته تلك، وأرى ألَّا يكلمها حتى يخرج ويرجع من عام قابل. "مسائل ابن هانئ" (1513).

قال حرب: قلت لإسحاق: رجل قال لامرأته: إن لم أتزوج فلانة إلا أن لا تزوجني نفسها، فأنت طالق ثلاثًا، فذهب إلى تلك المرأة، فقال: تزوجينني نفسك على مهر مائة درهم؟ فقالت: لا، ولكن على مهر ألف، ومهر مثلها ألف، ما تقول في ذلك؟ قال: هو على إرادته. قلتُ: فإنه لم ينو في ذلك المهر شيئًا؟ قال: إذا زوجته نفسها على مهر مثلها، فلم يفعل فقد حنث، فراجعته في ذلك. وقلتُ: إن مهر مثلها ألف، وتقول هي: لا أزوجك نفسي دون عشرة آلاف؟ فقال: على ما يَزوج مثلها. "مسائل حرب" ص 120 قال حرب: قلت لإسحاق: الرجل يقول لامرأته: متى فعلت كذا وكذا، أو كما فعلت كذا وكذا، أو إن فعلت، فهو كله عنده واحد. قيل: هو نيته، هو ما أراد. "مسائل حرب" ص 147 قال حرب: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل، قلتُ: رجل قال: إن لم أضرب غلامي، فامرأته طالق؟ قال: يقول قوم: لا يفارق امرأته حتى يضرب، فإن مكث زمانًا، ولا أدري ما هذا، أما أنا فأذهب إلى نيته وما أراد من يومه، أو نحو ذلك.

وقال: وسألت أحمدَ مرةً أخرى قلتُ: رجل حلف بطلاق امرأته ليضربن غلامه، فأخر ذلك سنة، أو نحو ذلك؟ قال: لا، ولكن ما أراد من ذلك؛ لأن هذا بين، لأي شيء أراد ضربه فهو عاجلُ ما أراد من ذلك، وليس له أن يؤخر ذلك ويتركه. وقال: وسألت أحمدَ مرةً أخرى قلتُ: رجل قال: إن لم أضرب غلامي فامرأته طالق ثلاثًا؟ قال: هو نيّته متى أراد. قيل: فإن أبق الغلام قبل أن يضربه؟ قال: إذا جاء الوقت الذى أراد ضربه بانت امرأته. قلتُ: فإن مات أحدهما قبل أن يضربه، هل يتوارثان؟ قال: لا يتوارثان إذا جاوز الوقت. وقال: وسألت إسحاق قلتُ: رجل قال: إن لم أضرب مملوكي فلانًا فامرأته طالق ثلاثًا؟ قال: هو إرادته إن أراد من فوره ولم يضربه طلقت امرأته. قلتُ: فإن لم يكن له في ذلك نية، متى يضربه؟ قال: إن لم تكن له نية، فما دام العبد حيًّا، فإن مات العبد قبل أن يضربه، فارق امرأته. قلتُ: فإن ماتت المرأة، أو الزوج؟ قال: يتوارثان، فراجعته في ذلك أيضًا، فقال: لا يتوارثان؛ لأن الطلاق يقع. وقال: وسألتُ إسْحاقَ مرةً أخرى، قلتُ: رجل قال: إن لم أضرب غلامي فامرأته طالق ثلاثًا كيف الأمر في ذلك؟

قال: إن ضربه على ما نوى حين حلف عليه، فحينئذ قد خرج من يمينه، وإن أراد ضربه على ما حلف ونوى ولم يكن له توارٍ في ذلك فأعجزه ما حلف عليه، ولم يكن منه تراخٍ في ذلك، ولا احتيال، فليس عليه شيء. قلتُ: وإن مات أحدهما، يتوارثان؟ قال: نعم. "مسائل حرب" ص 148 قال حرب: سئل إسحاق عن رجل قال لامرأته: إن لم أتزوج عليك فأنت طالق ثلاثًا؟ قال: يقف لا يقربها حتى يفعل ما قال. وقال: قلت لإسحاق: قال لامرأته: إن لم أضربك مائة فأنت طالق ثلاثًا. قال: إن نوى به جاز، وإن لم ينو فإني أخاف، هكذا وقع في كتابي. "مسائل حرب" ص 149 قال حرب: قلت لإسحاق: فرجل قال لامرأته: إذا طلقتك فأنت طالق؟ قال: نيته إن أراد أنه إذا طلقها فهي طالق، وإرادته الأولى فهي واحدة، وإذا أراد إذا طلقتك فأنت طالق أخرى، فهما ثنتان. "مسائل حرب" ص 174 قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا وسأله رجل فقال: حلفت بالطلاق أن لا أواكل فلانًا ولا أشاربه ولا أصالحه، فوقع بيني وبينه فشتمته وواثبته حتى اعتنقنا ما تقول في ذلك؟

قال: على ما نويت. "مسائل حرب" ص 178 قال حرب: سُئلَ إسحاق عن رجل قال لامرأته: إن لم تخرجي الفانيد الذي في البيت فأنت طالق ثلاثًا؟ قال: إن أخرجته من فورتها ذلك الذي حلف عليه، وإلا فهي طالق. قِيل: فإن كان من نيته متى ما أخرجته؟ قال: لا تطلق. وقال: قلت لإسحاق: رجل قال لامرأته: إذا ولدت غلامًا فأنت طالق واحدة، وإذا ولدت جارية فأنت طالق ثنتين. فولدت غلامًا وجارية لا يدري أيهما قبل؟ قال أبو يعقوب: إن أراد الأمرين جميعًا الذكر والأنثى، فولدت ذكرًا وأنثى في بطن وكان حين حلف أراد أن يقع إذا ولدت الأنثى والذكر جميعًا وقعت ثلاثًا، بالذكر واحدة وبالأنثى ثنتين. قلت: فإذا ولدت أحدًا وطلقت، ثم ولدت الثاني أيقع عليها الطلاق؟ قال: نعم ما دامت في العدة يقع عليها. "مسائل حرب" ص 188 قال حرب: سُئلَ إسحاق عن رجل قال لامرأته: كلما خرجت من باب الدار فأنت طالق. ولم يقل واحدة ولا ثنتين، ولا ثلاثة؟ قال أبو يعقوب: يسأل ماذا أردت بقولك: كلما خرجت. على مرة أردت، أو على مرار؛ لأنها إذا خرجت مرارًا يقع تطليقة كل مرة، فإذا تم خروجها ثلاث مرات فقد وقع التطليقات الثلاث فبانت منه، وإن احتالت فخرجت إلى السطح أو ما أشبهه تريد بذلك أن لا يقع الطلاق

فإنه يقع مثل ما يقع إذا خرجت من باب الدار. "مسائل حرب" ص 188 قال حرب: قلت لإسحاق: رجل حلف بالطلاق أن لا يأكل من كسبها، فأهدي لها، أترى ذلك من كسبها؟ فهل يحل للزوج أن يأكل من ذلك؟ قال: كلما نوى أن يأكل من الشيء الذي لها مما لم تكسبه بنفسها فأهدي لها ذلك ليس من كسبها، وإن نوى من الشيء الذي يحل لها كلما كان كسبها، أو أهدى، أو صار لها بوجه من الوجوه فهو كسبها إذا صار الشيء لها، وإن نوى ما تكسب بيديها فهو أهون. قال حرب: قلت لإسحاق: رجل قال لامرأته: إن كنت تبغضينني فأنت طالق. فقالت: أبغضك. قال أبو يعقوب: لا يتبين البغض إلا بها، فإن أبغضته من ذات نفسها كان كما وصف من الطلاق، وتستحلف المرأة على ذلك، ثم يتنزه الرجل عنها بعد ما تحلف أنها تبغضه. قلت: فإن مات أحدهما هل يتوارثان؟ قال: لا. قلت لأحمد بن حنبل: رجل قال لامرأته: إن دخلت دار فلان فأنت طالق. فإذا الدار لغير الرجل الذي حلف عليه. قال: إذا نوى تلك الدار فهي طالق. وسئلَ أحمد مرة أخرى، عن رجل كانت امرأته على غرفة في داره فقال لها: إن نزلت إلى هذِه الدار، ولكنها نزلت مرورًا إلى دار أبيها، ثم رجعت إلى تلك الغرفة، فقامت حتى انتقلوا متاعها ولم تدخل الدار.

فقال أبو عبد اللَّه: هذِه الغرفة من هذِه الدار التي حلف عليها؟ قِيل: نعم. قال: يا أخي سل غيري. "مسائل حرب" ص 190 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل قال لامرأته: أنت طالق إن لم أجامعك اليوم، وأنت طالق إن اغتسلت منك اليوم؟ قال أبي: يصلي العصر، ثم يجامعها، فإذا غابت الشمس اغتسل، إن لم يكن أراد بقوله: اغتسلت، يريد المجامعة. "مسائل عبد اللَّه" (1329) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل قال لامرأته: إن أنت خرجت من باب هذِه الدار إلا بإذني أو بعلمي فأنت طالق، فخرجت ولم يعلم ونسيت، وأقامت على ذلك معه، ولم تخبره أنها خرجت، وقد كان يجامعها، ثم إنها أخبرته، فقال: قد راجعتك، وإنما تكلم بواحدة، وأضمر واحدة، لكن لا تخرج وتلزم بيتها، ثم إنها خرجت من بعد المراجعة ولم يعلم بخروجها. فقال أبي: إن كان أراد بقوله: كلما خرجت فأنت طالق. فكلما خرجت فهي طالق. وإن كان أراد بقوله ذلك مرة واحدة، فليس عليه إلا تطليقة واحدة. "مسائل عبد اللَّه" (1372) نقل الفضل بن زياد عنه أنه سئل عن رجل قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا إن لبست من غزلك، وعليه من غزلها: يُلقي ما عليه من غزلها ساعة وقعت اليمين. قيل له: فإن هو نسي وذكر بعد؟ قال: يُلقيه عنه ساعة ذكر.

2369 - 2 - تعليقه على ما يقع غالبا بحسب العادة

قيل له: فإن مشى خطوات وهو ذاكر له، يقول: الساعة ألقيه؟ أخشى أن يكون قد حنث. "بدائع الفوائد" 4/ 58 نقل ابن الحكم: إذا قال أنت طالق ثلاثا إن لم أغمك حتى تقولي: قد غممتني قال: إن هو وقع في أمها وأبيها وأهل بيتها لا تطلق لأنه مما يغمها. "الفروع" 6/ 382 نقل مهنا عنه: لو قال: إن رأيتك تدخلين هذِه الدار فأنت طالق، إن أراد أن لا تدخلها بالكلية، فدخلت ولم يرها، حنث، وإن كان نوى إذا رآها، فلا يحنث حتى يراها تدخلها. "تقرير القواعد" 2/ 579 2369 - 2 - تعليقه على ما يقع غالبًا بحسب العادة قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ قال لامرأته: إن ولدت جاريةً فأنت طالقٌ، وإن ولدت غلامًا فأنت طالقٌ اثنتين. فولدت جارية، ثم ولدت غلامًا؟ قال سفيان: إذا ولدت الجارية قبل، وقعت عليها تطليقةٌ، ولا يقع في الغلام شيءٌ؛ لأنها حين تلد الغلام تبين، فقد انقضت عدتها ويخطبها إلى نفسها. فإن ولدت الجارية فراجعها الرجل قبل أن يقع الغلام؟ قال: إذا فعل ذلك وقع عليها ثلاث، ولا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره. قال أحمد: هذا على نية الرجل، ولم ير المسألة كما قصصتها. قال: هذا على نية الرجل إنما أراد بذلك تطليقة.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1144) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن رجل قال لامرأته: إذا حضت فأنت طالقٌ، وهذِه معك. لامرأة أخرى، فقالت: حضتُ. قال: من ساعتها أو بعد ساعةٍ؟ قال: تطلقُ هي، ولا تطلقُ هذِه حتى تعلم. قال أحمد: لأنها مؤتمنة على نفسها؛ فلا يجعلُ طلاق هذِه بيدها. "مسائل أبي داود" (1195) قال حرب: قلت لأحمد: يروى عن أهل المدينة في الرجل يقول لامرأته: أنت طالق إذا حبلت. فذهب إلى أنه يدعها حتى تحيض فإذا طهرت جامعها. قلت: إلى الحيضة الثانية؟ قال: لا، ولكن يجامعها مرة واحدة، ويواقعها وقعة واحدة، ثم يدعها أيضًا حتى تحيض يواقعها في كل طهر مرة، وهو قول أهل المدينة. وقال: لم يوقع أهل المدينة الطلاق في هذا؛ لأن الحبل قد يكون ولا يكون، ولو كان هذا شيء يكون بتة كان يقع الطلاق ساعة يقوله في قولهم لو قال: أنت طالق إلى شهر، كان يقع الطلاق في قولهم؛ لأن الشهر لا بد من أن يجيء. سألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل قال لامرأته: إذا حبلت فأنت طالق؟ قال: يطأها ما لم يتبين حبلها. قلت: فمن يقول: يطؤها عند كل طهر مرة؟ فلم يذهب إلى ذلك. قال حرب: قلت لإسحاق: رجل قال لامرأته: إذا حضت فأنت طالق، فولدت هل يكون دم النفاس حيضًا؟

قال: تطلق؛ لأن دم النفاس حيض إلا أن يقصد حين يحلف قصد الحيض، وذكر حديث عَائِشَةَ أن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لها في الحج: "مَا لَكِ أَنُفِسْتِ؟ " (¬1). قال حرب: قلت لإسحاق: رجل قال لامرأته: إن ولدت ولدًا فأنت طالق ثلاثًا. فأسقطت سقطًا قد استبان خلقه. قال: هو ولد، ويقع الطلاق. "مسائل حرب" ص 167، 168 قال حرب: قلت لإسحاق: رجل قال لامرأته: إذا ولدت غلامًا فأنت طالق واحدة، وإذا ولدت جارية فأنت طالق ثنتين. فولدت غلامًا وجارية لا يدري أيهما قبل؟ قال أبو يعقوب: إن أراد به الأمرين جميعًا الذكر والأنثى فولدت ذكرًا وأنثى في بطن، وكان حين حلف أراد أن يقع إذا ولدت الأنثى والذكر جميعًا وقعت ثلاثًا بالذكر واحدة وبالأنثى ثنتين. قلت: فإذا ولدت أحدًا وطلقت، ثم ولدت الثاني أيقع عليها الطلاق؟ قال: نعم ما دامت في العدة يقع عليها. "مسائل حرب" ص 188 نقل مهنا عنه في رجل قال لامرأته: إذا حضت فأنت طالق وعبدي حر، فقالت: قد حضت ينظر إليها النساء فُتعطى قطنة وتخرجها، فإن خرج الدم فهي حائض. تُطلق ويعتق العبد. "تهذيب الأجوبة" 2/ 846، "المغني" 10/ 452، "المبدع" 7/ 334 قال أحمد في رواية إبراهيم الحربي: إذا قال لها: إذا حضت حيضة فأنت طالق، فإذا رأت النقاء آخر الدم طلقت. "الروايتين والوجهين" 2/ 142 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 273، ومسلم (1211/ 120) من حديث عائشة.

2370 - 3 - تعليق الطلاق على أمر استحال وقوعه

قال أحمد في رواية أبي طالب إذا قال لامرأته: متى حملت فأنت طالق، لا يقربها حتى تحيض، فإذا طهرت وطئها، فإن تأخر حيضها أريت النساء من أهل المعرفة، فإن لم يُوجَدْنَ أو خفي عليهن، انتظر عليها تسعة أشهر غالب مدة الحمل. "المغني" 10/ 458، "معونة أولي النهى" 9/ 463 نقل مهنا عنه، إذا قال لها: إذا حضت، فأنت وضرتك طالق، فشهد النساء بحيضها: يطلقان جميعًا. "تقرير القواعد" 3/ 17 2370 - 3 - تعليق الطلاق على أمر استحال وقوعه قال حرب: قلت لإسحاق: رجل عنده جب من خمرٍ فحلف بطلاق امرأته ثلاثًا أن يشرب ما في هذا الجب، فسقط الجب فانصب ولم يهو الرجل ذلك؟ قال أبو يعقوب: أما شرب الخمر فلا يحل له ولو لم ينصب، ووقعت اليمين على المعصية، فأخشى أن يكون الطلاق قد وقع؛ لأنه لو لم ينصب لم يحل له شربه، ولم يأذن له عالم في شربه. "مسائل حرب" ص 187 قال أحمد في رواية محمد بن الحكم: إذا قال: إذا قدم فلان فأنت طالق، فجاءوا به ميتًا يحنث. "الروايتين والوجهين" 2/ 153

2371 - إذا علق الطلاق على أمر مستقبل ومات قبل أن يقع

2371 - إذا علق الطلاق على أمر مستقبل ومات قبل أن يقع قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال رجلٌ لامرأته: إن لم أفعل كذا وكذا فأنتِ طالقٌ فيموتُ أو تموت، يتوارثانِ إن لم يُوَقِّتْ؟ قال أحمد: إذا كان على أمرٍ سهلٍ عقد عليه أنه يفعله اليوم فتوانى عمدًا حتَّى حنث، فإذا كان طلَّق ثلاثًا لم يتوارثا، وإذا كان له فيها مهلة أو مدة أراد أن يفعله وإن تعد ذَلِكَ ثم مات توارثا. قال إسحاق: كمَا قال. "مسائل الكوسج" (1245) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قيل لسفيان: يجامعُ امرأتَهُ ما لم يحنث؟ (¬1) قال أحمد: نعم، هي امرأتُه بعدُ. قال إسحاق: كلما حلف على مثل هذا تربص حتَّى يتبين الحنث. "مسائل الكوسج" (1246) نقل أبو طالب عنه: إذا قال لزوجته: أنت طالق ثلاثًا إن لم أتزوج عليك، ومات ولم يتزوج عليها، ورثته، وإن ماتت لم يرثها؛ وذلك لأنها تطلق في آخر حياته، فأشبه طلاقه لها في تلك الحال. "المغني" 10/ 439، "معونة أولي النهى" 9/ 449 ¬

_ (¬1) كذا في المطبوع، لم يرد جواب لسفيان.

2372 - من علق الطلاق على أمر قد وقع

2372 - من علق الطلاق على أمر قد وقع نقل مهنا عنه في رجل قال لامرأته: إن وهبت كذا فأنت طالق. فإذا هي قد وهبته. قال: أخاف أن يكون قد حنث. "المغني" 10/ 484 2373 - ثانيًا: تعليق قسمي قال إسحاق بن منصور: قلت: من قال: إذا بدأ بالطلاق وقع وإن برَّ. قال: هذا شريح يقوله، وليس ذا بشيء. قال إسحاق: صدق وأجاد. "مسائل الكوسج" (1243) قال إسحاق بن منصور: رجلٌ حلف على امرأته فقال: إن فعلت كذا وكذا فهي طالقٌ، فطلَّقها ثلاثًا قبل أن تفعل ذلك الشيء، ثم تزوجها رجلٌ آخر، ثم إن الرجل طلقها فرجعت إلى زوجها الأول: ليس بشيءٍ سقط الحنث حين طلقها وتزوجها غيره. قال أحمد: لا، الحنث عليه. قال إسحاق: أجاد، خشيت أن يسهو، أبو عبيد قال بذلك القول. "مسائل الكوسج" (1248) قال إسحاق بن منصور قلت: قال سفيان: وإن كان شيء يملكُ الرجعة فإن الحنث عليه كما هو، وإن سمى ثلاثًا انهدم ذلك. قال أحمد: ثلاث وواحد واحد، إنما يسقطُ الحنث بأن يحنث، ما لم يحنث فإنَّ الحنث عليه قائم.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1249) قال صالح: قلت: الرجل يحلف على امرأته بالطلاق إن لم يتزوج عليها. قال: إن كان له نية سئل عن نيته. وإن لم يكن له نية، قلت له: يقع عليها الطلاق؟ قال: إذا صار في حد أو في حال لا يقدر على أن يتزوج -إذا وقع في النزع- وقع الطلاق حينئذ. وقال: ترثه، كأنه طلق وهو مريض. "مسائل صالح" (1076) قال حرب: قلت لإسحاق: رجل قال: إن كلمت فلانًا فامرأته طالق. فمر الرجل فسلم عليه فرد عليه هذا الحالف السلام؟ فقال إسحاق: ما لم يعلم أنه في القوم، أو لم يرده بعينه لم يحنث، فإن تعمد لذلك، أو نواه، أو أراده فإن السلام كلام. "مسائل حرب" ص 153 - 154 قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا وسأله رجل فقال: حلفت بالطلاق أن لا أواكل فلانًا ولا أشاربه ولا أصالحه، فوقع بيني وبينه فشتمته وواثبته حتى اعتنقنا ما تقول في ذلك؟ قال: على ما نويت. "مسائل حرب" ص 178 قال أبو حامد الخياط: سُئل أحمد -وأنا شاهد- عن رجل حلف بالطلاق ثلاثًا أن لا يتزوج ما دامت أمه في الأحياء؟

قال: إن كان قد تزوج آمره أن يطلق، وإن كان لم يتزوج لم آمره أن يتزوج، ما دامت أمه في الأحياء. "الطبقات" 2/ 58 نقل الفضل بن زياد عن أحمد، أنه سُئل: إذا حلف بالطلاق أن لا يخرج من بغداد إلا لنزهة، فخرج إلى النزهة ثم مَرَّ إلى مكة؟ فقال: النزهة لا تكون إلى مكة. "المغني" 10/ 483 - 484، "معونة أولي النهى" 9/ 484 وقد نقل عنه إسماعيل بن سعيد، إذا حلف على رجل أن يخرج من بغداد، فخرج ثم رجع: قد مضت يمينه، لا شيء عليه. ونقل عنه مثنى بن جامع، فيمن قال لامرأته: أنتِ طالقٌ إن لم نرحل من هذِه الدار: إن لم يدركه الموت ولم ينو شيئًا هي امرأته إلى أن تموت، فإن رحل لم يرجع. "المغني" 10/ 483 - 484 ثالثًا: مضاف إلى مستقبل أ- الطلاق المضاف إلى وقت معلوم، ووقت وقوعه قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا طلق الرجل إلى أجل يُسميه؟ قال: هي امرأته إلى ذلك الأجل؟ قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (954) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: قال سفيان: إذا وقت وقتًا فجاز ذلك الوقت وهما حيان وقع الطلاق.

قال أحمد: جيد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1247) قال صالح: قال: وإذا قال: أنت طالق إذا جاء الهلال، وأنت طالق عند الهلال فهو يستمتع منها إلى الهلال، وإذا قال: أنت طالق إلى الهلال، فإن كان أراد إذا جاء الهلال، فهو على ما أراد، وإن كان أراد من الساعة الذي تكلم به إلى الهلال، فهو على ما أراد، تطلق ساعة قال. وكان الحسن وسعيد بن المسيب والزهري لا يؤجلون في الطلاق (¬1). يقولون: إذا قال: أنت طالق إذا جاء الهلال فهي طالق الساعة. وكان إبراهيم والشعبي يقولان: لا تطلق حتى يجيء الهلال (¬2)، وقال بعض من يذهب مذهب أهل المدينة: إذا كان الشيء لا محالة أن يجيء مثل الشهر والسنة، فهي طالق ساعة يقول ذلك، وإن كان مما يكون ولا يكون، مثل قوله: إن قدم فلان من غيبته فأنت طالق، أو ذهب فلان فأنت طالق: فلا تطلق حتى يقدم فلان، أو يذهب فلان. وإذا قال: إذا حضت فأنت طالق، فقد تكون تحيض ولا تحيض، فشبه بعض الناس قوله: إذا جاء الهلال فإنت طالق، قال: هذا أجل مثل المتعة الذي يتزوجها إلى الهلال. قال: فهي طالق الساعة. وقال بعض الناس: ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 387 (11316، 11317، 11320)، وسعيد بن منصور 2/ 10 (1801، 1802، 1803) وابن أبي شيبة 4/ 72 (17886)، وابن حزم 10/ 214 من طريق عبد الرزاق. (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 388 (11320) وسعيد 2/ 9 (1798) عن إبراهيم، وابن حزم 10/ 214 عن إبراهيم والشعبي.

هذا مخالف للمتعة؛ لأن المتعة إنما تزوجها إلى أجل، فكان عقد النكاح فاسدًا، والذي يقول لها: إذا جاء الهلال فأنت طالق، فالنكاح ثابت، إلا أنه وقت وقتًا. هما مختلفان. "مسائل صالح" (306) قال صالح: قلت: الرجل يقول لامرأته: أنت طالق رأس السنة، ولغلامه: أنت حر إلى سنة؟ قال: إذا جاء الأجل طلقت وعتق. قلت له: الطلاق والعتاق سواء؟ قال: نعم، فيها العتق. "مسائل صالح" (1075) قال صالح: قلت: الرجل يقول: أنت طالق رأس الشهر؟ قال: إذا جاز رأس الشهر طلقت، أذهب إلى حديث أبي ذر: هو عتيق إلى رأس الحول (¬1). "مسائل صالح" (1178) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا قال: أنت طالق إلى شهر؟ قال: تطلق إذا جاء رأس الشهر. "مسائل أبي داود" (1156) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عمن قال لامرأته في شعبان: أنت طالقٌ ليلة القدر، قيل لأحمد: يعتزلها إذا دخل العشرُ؟ قال: وقبل العشر؛ أهل المدينة يرونه في السبع عشرة، إلا أن المثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- العشرُ الأواخر. "مسائل أبي داود" (1157) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 72 (17890).

قال أبو داود: قيل لأحمد: إذا قال لها: إذا كان صلاة الظهر فأنت طالق، فجاء صلاة الظهر، ثم مات؟ قال: إن جاءت صلاة الظهر وهو مريض ترثه، فقد يموتُ الرجلُ فجأةً. "مسائل أبي داود" (1200) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن الرجل يقول لامرأته: أنت طالق إلى وقت. وقلت له: حديث هشيم، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، ويونس، عن الحسن: أنهما كانا لا يؤجلان في الطلاق. قال أبو عبد اللَّه: تعني: لا يؤجلان في الطلاق، الرجل يقول لامرأته: إن جاء شهر كذا وكذا فأنت طالق، وإذا جاءت سنة كذا وكذا فأنت طالق، تطلق ساعة يقول؟ قال أبو عبد اللَّه: أذهب إلى حديث أبي ذر: أنت حر إلى الحول. قرأت على أبي عبد اللَّه: عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن حماد، عن إبراهيم قال: إذا قال لها: أنت طالق إذا جاء الهلال، لا يقع عليها حتى يجيء الهلال، كلام معناه ذا. قال أبو يعقوب: قال أبو عبد اللَّه: أنا أذهب إلى حديث إبراهيم. "مسائل ابن هانئ" (1140) قال حرب: سألت أحمد قلت: الرجل يقول لامرأته: أنت طالق إلى سنة؟ قال: هو كما قال: إذا جاءت السنة فهي طالق. قلت: فإن مات أحدهما قبل السنة هل يتوارثان؟ قال: نعم يتوارثان. قال: وكان الحسن وسعيد بن المسيب والزهري

يقولون: إذا قال: أنت طالق إلى سنة أو إلى شهر، فإنها تطلق من ساعتها. وهو قول أهل المدينة. قِيل: تذهب إليه؟ قال: لا. ولم يعجبه. قال حرب: وسألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل قال لامرأته: أنت طالق إلى شهر أو إلى سنة؟ قال: هو إلى سنة، إذا جاءت السنة فهي طالق، إذا وقت وقتًا، فإذا جاء الوقت فهى طالق. قال إسحاق: وأهل المدينة يقولون: يقع الطلاق من ساعته. قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى قلت: رجل قال لامرأته: أنت طالق إلى شهر، فماتت قبل الشهر هل يرثها؟ قال: يتوارثان. وقال: وسألت إسحاق مرة أخرى قلت: رجل قال لامرأته: إذا جاءت السنة فأنت طالق؟ قال: تطلق إذا جاءت السنة. قلت: فإن مات أحدهما قبل السنة هل يتوارثان؟ قال: نعم. "مسائل حرب" ص 163 نقل الأثرم عنه إذا قال: أنت طالق رأس الشهر، فإن كان أراد من الساعة إلى رأس الشهر فهي طالق من الساعة، وإن كان أراد به رأس الشهر فهي طالق رأس الشهر. "الروايتين والوجهين" 2/ 152

2374 - ب - الطلاق المضاف إلى وقت مبهم

2374 - ب - الطلاق المضاف إلى وقت مبهم قال حرب: قلت لإسحاق: رجل قال لامرأته: أنت طالق في رمضان. ولم ينو أي رمضان هو. قال: سئلَ ماذا نوى به، رمضاننا هذا أو غيره؟ وهو نيته، لا بد من إرادته. وقال: سألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل قال لامرأته: أنت طالق قبل موتك بشهر. فعاشت من يوم قال لها ذلك عشرة أيام ثم ماتت؟ قال: ليس بينهما عصمة؛ لأن قبل أن يتكلم به كان طلاقًا. قلت: وقبل أن يتكلم به يكون طلاقًا؟ قال: نعم. وقال: قلت لإسحاق: رجل قال لامرأته: أنت طالق إلى حين. قال: يكون الحين ستة أشهر، ويكون سنة، ويكون يومًا إلى الليل. وقال: قلت لإسحاق: رجل قال لامرأته: أنت طالق اليوم، أو غدًا. قال: لا تسألني عن هذِه المسائل. قلت: لا أسألك. "مسائل حرب" ص 164 - 165 قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما الحين؟ قال: فيه اختلافٌ، ولا أقفُ على شيءٍ، أكثر ما سمعنا أنه ستة أشهر ما اختلفوا فوق ذَلِكَ. قال إسحاق: بلى، بعضهم قال: الحين يكونُ سنةً، وقال بعضُهم: غدوة وعشية، ولكن إذا لم تكن (له) نية فستة أشهر. "مسائل الكوسج" (3279) روى مهنا عنه: إذا قال: أنت طالق ثلاثًا قبل موتي بشهر: هي طالق الساعة، كان سعيد بن المسيب والزهري لا يوقتون في الطلاق.

2375 - الاستثناء في الطلاق

قال مهنا: فقلت له: أفتتزوج هذِه التي قال لها: أنت طالق ثلاثًا قبل موتي بشهر؟ قال: لا، ولكن يمسك عن الوطء أبدًا حتى يموت. "إغاثة اللهفان" 180 2375 - الاستثناء في الطلاق قال إسحاق بن منصور: قلت: الاستثناء في الطلاق؟ قال: أقف عنده، والغالبُ على أنها تطلق، وكذلك في العتاق؛ وذلك أن الطلاق ليس هو يمين يكون فيه أستثناء. قال إسحاق: لا يقع طلاق ولا عتاق إذا أستثنى متصلًا؛ لأنه وإن لم يكن يمينًا فالنية في الطلاق والعتاق جائز، والاستثناء فيه تبيانٌ بين. "مسائل الكوسج" (945) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا قال: أنت طالقٌ إن شاء اللَّه؟ قال: أقف عنده؟ . قلت: إذا قال: إن دخلت هذا البيت فامرأته طالقٌ إن شاء اللَّه تعالئ؟ قال: هذا أهون، وأقف عنده. قلت: لم؟ قال: لأنه لا يصح لي، أرأيت إن طلق امرأته أله أن يكفر يمينه ويراجع امرأته؟ ! ألا ترى أنه ليس بيمينٍ؟ ! قال إسحاق: له الاستثناء فيهما. "مسائل الكوسج" (946) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال الحسن في رجل قال لامرأته: أنت

طالقٌ إن شاء اللَّه تعالى كان يلزمه، وكان سفيان إذا سئل عن هذا لم يقل فيه شيئًا. قال الإمام أحمد: أما أنا فلا أقول فيه شيئًا. قلت: لم؟ قال: الطلاقُ ليس هو يمينًا. قلت: وكذلك العتق؟ قال: نعم، لو كان معناهما معنى اليمين لكفر يمينه وراجع امرأته وارتجع في عتقه. قال إسحاق: ينفعه استثناؤه، ولا يقعُ عتاق ولا طلاق؛ لأنه وإن لم يكن يمينًا وهو فعل منه قد تقدمت النية فيه على أن لا يقع بها الطلاق ولا العتاق لاستثنائه. "مسائل الكوسج" (1198) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا الاستثناء في الطلاق فإن علماء أهل المدينة وأهل العراق اختلفوا: فرأى مالكٌ -ومن سلك طريقه من أهل العراق مثل ابن أبي ليلى وضربائه، ومن أهل الشام الأوزاعي وضرباؤه- أن الطلاق واقع، ولا تنفعه ثنياه، وقد ذهبوا فيما نرى واللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أعلم أنَّ الطلاق فعل من الأفعال، وإنما الاستثناء في الأيمان، مع ما تقدمهم في قولهم مثل سعيد بن المسيب ومن بعده. والذين رأوا الاستثناء جائزًا مثل إبراهيم وطاوس ونظرائهم، واتبعهم الثوري وأخذ بقولهم، رأوا أن الثنيا في الطلاق وغيره جائزة. وهذا الذي نعتمدُ عليه؛ وذلك أن الثنيا وإن كان كما ادعوا أنها في الأيمان وليست في الأفعال، فإن المعنى الآخر قائمٌ، وهي إرادة الحالف ومخرج كلامه على

ما سبق من إرادته، وعامةُ الطلاق إنما هو على الإرادات بعد أن تكون الألفاظ التي تعبر الإرادة موافق لها فلما قال: أنت طالقٌ إن شاء اللَّه تعالى. علمنا بما أظهر من الثنيا أن إرادته على ألا يطلق فهو على ما أراد وهو أحسنُ المذهبين فيما نرى، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم. "مسائل الكوسج" (1199) قال صالح: سئل أبي -وأنا شاهد- عن رجل طلق امرأته واستثنى؟ فقال: سل غيري. قيل له: لم لا تقول فيها؟ قال: إن الطلاق لا كفارة له، وليس هو بمنزلة اليمين؛ لأن اليمين يكفر، والطلاق لا كفارة له. "مسائل صالح" (22) قال صالح: قلت: قول الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء اللَّه؟ قال: أخاف أن يكون قد وقع الطلاق. "مسائل صالح" (1170) قال صالح: قلت: رجل حلف بالطلاق ثلاثًا، فقال: إن شاء اللَّه؟ قال: لا أقول فيه شيئًا. "مسائل صالح" (1361) قال أبو داود: قلت لأحمد: رجلٌ تزوج امرأةً فقيل له: إن لك امرأةً -يعني: سوى هذِه- فقال: كل امرأة لي طالق. فسكت فقيل: إلا فلانة؟ فقال: إلا فلانة؛ فإني لم أعنها؟ فأبى أن يفتيني فيه. "مسائل أبي داود" (1151)

قال حرب: سألت أحمدَ عن الاستثناء في الطلاق، وكيف هو؟ قال: لا أقول في هذا شيئًا. وسمعت أحمد مرة أخرى عن الاستثناء في الطلاق. قال: لا أقول فيه شيئًا في الطلاق والعتاق، وأخاف أن نلزمه الطلاق. قلتُ: فإن قَدَّم الاستثناء، فقال: أنت إن شاء اللَّه طالق؟ قال: هو واحد. وقال: وسئل إسحاق عن رجل، قال لامرأته: أنت طالق إن شاء اللَّه تعالى؟ قال: لا يقع الطلاق. وقال: وسألتُ إسْحاقَ مرةً أخرى عن الاستثناء في الطلاق؟ قال: جائز. قلتُ: فالاستثناء في العتق؟ قال: جائز، وذكر ذلك عن أبي مجلز. وسئل إسحاق مرة أخرى عن الاستثناء في الطلاق قبل وبعد؟ قال: إذا كان متصلًا بالطلاق جاز. قال حرب: سألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل قال لامرأته: أنت طالق واحدة غير واحدة، أو أنت طالق واحدة إلا واحدة؟ قال: إرادته هو ما أراد من ذلك. "مسائل حرب" ص 128 قال حرب: قال إسحاق: وكذلك يقولون (¬1): إذا قال: أنت طالق إن شاء اللَّه. ¬

_ (¬1) يعني: أهل المدينة.

قال: يقع الطلاق وليس له استثناء. قلت: فما تقول أنت في الاستثناء في الطلاق؟ قال: له استثناؤه. ولا يقع الطلاق. "مسائل حرب" ص 163 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل قال لامرأته: أنت طالق إن شاء اللَّه؟ قال: لا أقول فيها شيئًا. قال مالك: لا نراه. "مسائل عبد اللَّه" (1330) نقل أبو بكر بن محمد عن أبيه عنه، إذا قال: أنت طالق إن فعلت كذا وكذا إن شاء اللَّه، وفعل ذلك الشيء: لا يقع الطلاق وإن وجد الشرط. "الروايتين والوجهين" 2/ 161 - 162 قال في رواية أبي طالب: إذا قال: أنت طالق إن شاء اللَّه. لم تطلق. وقال في رواية الحارث: إذا قال لامرأته: أنت طالق إن شاء اللَّه، الاستثناء إنما يكون في الأيمان. "إعلام الموقعين" 4/ 57.

باب التفويض والتوكيل في الطلاق

باب التفويض والتوكيل في الطلاق فصل: التفويض في الطلاق 2376 - تفويض الزوج لزوجته في طلاق نفسها قال إسحاق بن منصور: قلت لإسحاق: رجل قال لامرأته: أمرك بيدك. فقالت: قد طلقت نفسي، أو قالت: قد طلقتك؟ قال: كلاهما واحدٌ إذا أرادت بقولها: أنت طالق أي: أنا طالق. "مسائل الكوسج" (1335) 2377 - إذا ملك زوجته أمرها، واختارت نفسها، هل يقع الطلاق واحدة أم ثلاث؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا ملك الرجلُ امرأته أمرها؟ قال: القضاءُ ما قضت. قلت: فأنكر عليها قال: لم أرد إلا تطليقة واحدة يُحلف على ذلك ويكون أملك بها؟ قال: هذا قول ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، هو ما قضت على قول عثمان -رضي اللَّه عنه-، فإن أنكر عليها لا يقبل ذلك منه. قال إسحاق: كما قال ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، ويحلف على إرادته. "مسائل الكوسج" (1080) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال: اختاري وأمرك بيدك سواء؟ قال أحمد: لا، إذا قال: أمرك بيدك، فالقضاء ما قضت، وإذا قال

لها: اختاري، فاختارت نفسها، فهي واحدة يملك الرجعة. قال إسحاق: هما سواء إذا نوى بأمرك بيدك ما نوى في التخيير، وإذا لم ينو شيئًا لم يكن إذا قال: خيرتك أن تأكلي شيئًا. "مسائل الكوسج" (1154) قال إسحاق بن منصور: سئل إسحاق فقال: أيما رجل جعل أمر امرأته بيدها، فإن أصحاب محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- اختلفوا في ذلك: فرأى عثمانُ وابن عمر -رضي اللَّه عنهم-: أن يكون القضاء ما قضت (¬1). وقال عمر وابن مسعودٍ -رضي اللَّه عنهما-: أمرك بيدك كقوله: اختاري. يجعلان ذلك تطليقةً يملك الرجعة (¬2). وخالفهم بعضُ أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: ذلك إلى الرجل. والذي نعتمد عليه أن يكون القائل هذا يُدينه الحاكم، فإن أراد طلاقًا يملك الرجعة كان كذلك، وإن أراد ثانيًا أو أكثر الطلاق كان ذلك على إرادته، وقد فسر عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- حيث قال: القضاء ما قضت (¬3). أنه قال: إلا أن ينوي غير ذلك فيحلف الرجل، ثم يجعل به، وهذا القولُ أشبه بالسنة الماضية؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حيث خيَّر نساءه، فذهب عمر -رضي اللَّه عنه- أن من خيَّر لا يكون مبتدعًا، وكلما جاز للرجل أن يطلق على مذهب قد تبين له لم يكن ذلك الطلاق إلا سنة وهو يملك الرجعة، ومما يقوي هذا المذهب قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لركانة بن عبد يزيد حين طلق امرأته البتة: "مَا أَرَدْتُ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 521 (11915)، وسعيد بن منصور 1/ 372 (1615، 1616). (¬2) رواه سعيد بن منصور 1/ 372 (1613، 1614)، وابن أبي شيبة 4/ 92 (18099، 18101). (¬3) رواه مالك ص 342 رواية يحيى، وسعيد بن منصور 1/ 373 (1619، 1620)، والبيهقي 8/ 348 من طريق مالك.

بِذَلِكَ؟ " (¬1) وكذلك فعل عمر دَيَّنَ الحالف البتة، وما أشبه ذلك فله حكمه، فلذلك اخترنا في: أمرك بيدك. يُدينُ ما أراد بقوله أثلاثًا أو أقل من ذلك، وكلما دينا مُطلقًا فإنه يُحلف على دعواه. "مسائل الكوسج" (1318) قال إسحاق بن منصور: سُئل إسحاق عن امرأةٍ قالت لزوجها: طلقني. قال: لا أستطيع من أجل مهرك. قالت: فإني أتركُ مهري عليك إن طلقتني. قال: ففعل. قالت: فإني قد طلقت نفسي ثلاثًا؟ قال: جائزٌ. ثم قال: تستعمل القضاء ما قضت هاهنا. "مسائل الكوسج" (1351) قال صالح: وسألته عن الرجل يقول لامرأته: اختاري؟ قال: فإن اختارت نفسها فواحدة، وإن اختارت زوجها فلا شيء. "مسائل صالح" (373)، ونقلها عبد اللَّه عن أبيه في "مسائله" (1336) قال صالح: قلت: الرجل يخير امرأته في مرضه فتختار نفسها؟ قال: أذهب إلى الخيار، أنها واحدة تملك الرجعة. والخلع: لا ترثه؛ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 28، وأبو داود (2208)، والترمذي (1177)، وابن ماجه (2051) جميعًا من طريق جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ طَلَّقَ أمْرَأَتَهُ البَتَّةَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالَ: "مَا أَرَدْتَ" قَالَ: وَاحِدَةً. . الحديث. قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وسألت محمدًا -يعني: البخاري- عن هذا الحديث؟ فقال: فيه اضطراب. وضعفه الألباني في "الإرواء" (2063) قائلًا: هو إسناد ضعيف مسلسل بعلل: الأولى: جهالة علي بن يزيد ركانة. الثانية: ضعف عبد اللَّه بن علي بن يزيد. الثالثة: ضعف الزبير بن سعيد. الرابعة: الاضطراب. اهـ. مع حذف التفصيل في كل علة.

لأنها ترث نفسها منه. وقال قوم: الخلع ليس بطلاق. وقد قال قوم: إنه طلاق. "مسائل صالح" (1265) قال أبو داود: وسمعتُ أحمد يقولُ في الرجل يقولُ لامرأته: أمرك بيدك فطلقت نفسها ثلاثًا. فقال: إنما أردتُ واحدة؟ قال أحمد: القضاء ما قضت. وسمعته يفتي بهذا غير مرةٍ. "مسائل أبي داود" (1135) قال أبو داود: سمعتُ أحمد وقيل له إذا قال: أمرك بيدك، فطلقت نفسها واحدةً، فقال: أردتُ ثلاثًا؟ قال أحمد: هي واحدةٌ. "مسائل أبي داود" (1136) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سُئِلَ عن رجل قال لامرأته: أمرك بيدك، قالت: قد اخترتُ نفسي؟ قال: هي واحدةٌ؛ وهو أحق بها. "مسائل أبي داود" (1137) قال أبو داود: سمعتُ أحمد قيل له إذا قال: طلقي نفسك واحدةً أملك الرجعة، فطلقت نفسها ثلاثًا؟ قال: هي واحدةٌ يملكُ الرجعة. "مسائل أبي داود" (1138) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عمن قال لامرأته: اختاري، فقالت: قد اخترتُ نفسي؟

قال: هي واحدةٌ؛ يملكُ الرجعة. "مسائل أبي داود" (1141) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل طلق امرأته تطليقة، ثم راجعها، ثم قال لها: أمرك بيدك؟ فقالت: اخترت نفسي. ثم راجعها، ثم قال لها: أنت طالق. قال: لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره. "مسائل ابن هانئ" (1103، 1116) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا جعل أمر امرأته بيدها، فطلقت نفسها تطليقة أو تطليقتين أو ثلاثًا، القضاء ما قضت. "مسائل ابن هانئ" (1104) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل جعل أمر امرأته بيدها، ثم قال أبو عبد اللَّه: طلقت بالطلاق الأخير. "مسائل ابن هانئ" (1105) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: الرجل يقول لامرأته: أمرك بيدك. فقالت: قد اخترت نفسي، ولم ترد عليه؟ قال أبو عبد اللَّه: هي واحدة، وتكون معه على ثنتين. "مسائل ابن هانئ" (1106) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل تشاجر مع امرأته، فقالت له: طلقني، فقال: أمرك بيدك، فاختارت نفسها، ثم لم تقم من مجلسها فندمت. قال: تشهد شاهدين على رجعتها، ويراجعها، وتكون عنده على ثنتين. "مسائل ابن هانئ" (1107)

قال ابن هانئ: وسمعته يقول: إذا قال الرجل لامرأته: اختاري. فقالت: قد اخترت نفسي؟ قال: تطليقة واحدة. "مسائل ابن هانئ" (1108) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: إذا قال الرجل: أمرك بيدك، فقالت: قد اخترت نفسي، فهو تطليقة واحدة، وهي عنده على ثنتين، وهي أملك بنفسها بعد انقضاء العدة. "مسائل ابن هانئ" (1109) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: إذا خيّرها، واختارت نفسها. فقالت: قد طلقت نفسي ثلاثًا، فلا رجعة له إليها. وإذا قالت: قد اخترت نفسي، ففي واحدة. "مسائل ابن هانئ" (1110) قال ابن هانئ: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا جعل الرجل أمر امرأته بيديها، فطلقت نفسها ثلاثًا، فلا رجعة له عليها، وإذا قالت: قد اخترت نفسي فهي واحدة. "مسائل ابن هانئ" (1111) قال ابن هانئ: وسئل أبو عبد اللَّه عن: الرجل يجعل أمر امرأته بيدها. قال: كيف؟ قال: قال: قد جعلت أمرك بيدك، قالت: قد اخترت نفسي؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا اختارت واحدة، فهو يملك الرجعة. قيل له: فإن انقضت عدتها ولم يراجحها؟ قال: هي أملك بنفسها.

قيل لأبي عبد اللَّه: يراجعها؟ قال: نعم، يتزوجها بولي وشاهدين. "مسائل ابن هانئ" (1112) قال ابن هانئ: سألته عن: امرأة قالت لزوجها: طلقني، فقال لها: برئيني من كل شيء، فبرأته من الحبل والصداق والعدة وجميع ما لها عليه، ثم قال لها في مجلسه ذلك: اختاري، فقالت: قد اخترت نفسي، فلقنها بعض من في البيت: ثلاثًا، وواحدة، فقالت: ثلاثًا، ولم تنو به ثلاثًا؟ قال أبو عبد اللَّه: هي واحدة، إذا قالت: قد اخترت نفسي، وتكون عنده على ثنتين، يراجعها بشاهدين، بلا مهر. قلت: فإن قال: أمرك بيدك؟ قال: إن قالت قد طلقت نفسي ثلاثًا أو واحدة وثنتين، فهو ما طلقت نفسها. "مسائل ابن هانئ" (1114) قال حرب: وسألتُ إسحاقَ قلتُ: امرأة كان بينها وبين زوجها كلام فقالت للزوج: لا تبرح ولا أبرح حتى تطلقني، فقال لها الزوج أبريئني من المهر حتى أطلقك. فقالت: كل حق لي عليك فقد جعلته لك، فصير أمري بيدي لا بيد غيري. فقال: أمرك بيدك. فقالت قد طلقتُ مرة، طلقتُ مرتين، طلقت ثلاثًا، طلقت أربعًا، طلقت طلقت. قال أبو يعقوب: كلما جعل أمرها بيدها في كل الطلاق فطلقت نفسها مرة ومرتين وثلاثًا فقد بانت منه؛ لأنه مع الثلاث تطليقات كان أصل الطلاق على جعل.

قلت: وقد برئت من المهر؟ قال: نعم. "مسائل حرب" ص 178 قال حرب: قِيل لأحمد: رجل قال لامرأته: أمرك بيدك؟ قال: القضاء ما قضت. قلت: فإن قالت: قد طلقت نفسي ثلاثًا، أو واحدة فهو قولها؟ قال: نعم. وسُئلَ أحمد مرة أخرى، عن الرجل يجعل أمر امرأته بيدها. قال: القضاء ما قضت. قلت: فإن قالت: قد طلقت نفسي ثلاثًا، أو قالت: قد طلقتك ثلاثًا. قال: إذا قالت: قد طلقت نفسي ثلاثًا. فهذا طلاق، وإذا قالت: قد طلقتك ثلاثًا. فإن ابن عباس قال: خطأ؛ لأنه نواها. كأنه لا يراه شيئًا. قلت لأبي عبد اللَّه تذهب إلى قول ابن عباس؟ قال: نعم. أرجو أن لا يكون طلاقًا إذا قالت: قد طلقتك ثلاثًا لزوجها. "مسائل حرب" ص 203 قال حرب: قِيل لأحمد: الرجل يقول لامرأته: اختاري. قال: إن اختارت نفسها فواحدة، وإن اختارت زوجها فلا شيء. قِيل هي واحدة بائنة. قال: وأي شيء البائنة لا. وقال: وسألت أحمد أيضًا عن رجل خيّر امرأته فاختارت نفسها. قال: هي واحدة، وهو أحق بها، وقال: أَشْهِدْ شاهدين على رجعتها بغير مهر.

وقال: وسئل إسحاق عن رجل خيّر امرأته؟ قال: إذا خيرها فاختارت زوجها لم يقع الطلاق، وإن اختارت نفسها وقعت واحدة يملك الرجعة مثل طلاق السنة. قلت لإسحاق: رجل قال لامرأته: اختاري، اختاري، اختاري: فقالت: قد اخترت، قد اخترت، قد اخترت. قال: إن أراد أن يخيرها ثلاثًا فخيرها ثلاث مرات فلم تختر إلا مرة واحدة، تريد بذلك جواب ما خيرها فإنها تبين منه بثلاث. قلت: مرة اختارت أو ثلاثًا؟ قال: نعم. "مسائل حرب" ص 207 قال حرب: وسألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل قال لامرأته: أمرك بيدك. فقالت: قد طلقتك. قال: ما أرادت به الطلاق نفسه فذاك لها. وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول في (أمرك بيدك) رأيته ينكر قول من يقول: القضاء ما قضت. وقال إسحاق: القضاء ما قضت إذا فوض ذلك إليها. قال إسحاق مرة أخرى في قوله: أمرك بيدك. ونوى واحدة. قال: هو نيته، وإن لم ينو شيئًا فطلقت نفسها ثلاثا فهو ثلاث. "مسائل حرب" ص 252 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل كانت له امرأة، فجعل أمرها في يدها، وإنما أراد واحدة، فلقنها قرابتها، فقالت: اختاري ثلاثًا. يلزمها الثلاث؟ أو الواحدة التي أراد الزوج؟

فقال: فيحلف، ويكون القول قوله. قلت لأبي: إنه بعد ذلك لما أن خرجت من بيته وبانت منه بهذِه التطليقة البائن، حلف فقال: إن تزوجت بفلانة بنت فلان بن فلان فهي طالق ثلاثًا، فإن نكحت زوجًا غيره أترجع إليه، فراجعها فهي طالق كذلك أبدًا. فوقع في نفسه منها شيء وأراد الرجوع، فيجوز له الرجوع إليها؟ فقال أبي: أعجب إلى أن لا يتزوجها؛ لأن هذِه إنما هي مراجعة، والذي روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا طَلَاق إِلَّا بَعْدَ نِكَاح" (¬1) وهذِه مراجعة، فأبرأ له أن لا يتقدم عليها. "مسائل عبد اللَّه" (1314) ¬

_ (¬1) رواه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بهذِه السياقة أبو داود الطيالسي 4/ 22 (2379)، وأبو عروبة الحراني في "أحاديثه" (28)، والبيهقي من طريق الطيالسي 7/ 317. ورواه الإمام أحمد 6/ 189، وأبو داود (2190)، والترمذي (1181) وابن ماجه (2047) من طريقه أيضًا بنحوه. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح وهو أحسن شيء روي في هذا الباب. وصححه ابن الجارود في "المنتقي" (743)، وحسن الألباني في "صحيح أبي داود" (1900) إسناده. وقد روي هذا الحديث عن عدة من الصحابة وهم: * عن معاذ: رواه عبد الرزاق 6/ 417، 418 (11455، 11458) من طريق طاوس عنه به، ورواه عن طاوس مرسل ابن أبي شيبة 4/ 64 (17809) وفيه أيضًا جهالة من سمع طاوسًا. ورواه الدارقطني من سعيد بن المسيب عنه وقال: يزيد بن عياض -أحد رواته- ضعيف والبيهقي من طريق عمرو بن دينار عن طاوس عنه بنحوه. =

قال عبد اللَّه: قلت لأبي: رجل قال لامرأته: اختاري. فقالت: قد اخترت نفسي. قال: فواحدة يملك الرجعة، وإن اختارت الزوج فلا يكون طلاقًا. "مسائل عبد اللَّه" (1347) قال البغوي: وقال أحمد: إذا قال الرجل للمرأة: أمرك بيدك، فقالت: أنا عليك حرام، فقد حرمت عليه. "مسائل البغوي" (1347) ¬

_ = * عن علي: رواه عبد الرزاق 4/ 417 (11453)، وابن ماجة (2049)، والخطيب في "تاريخه" 9/ 455 من طريق عبد اللَّه بن زياد بن سمعان، عن محمد بن المنكدر، عن طاوس، عن ابن عباس عنه به. ثم روى بإسناده عن إبراهيم بن سعد أنه حلف باللَّه أن ابن سمعان كان يكذب. والطبراني في "الأوسط" 1/ 95 (295)، 7/ 222 (7331) بنحوه، وفي "الصغير" 1/ 169 (266)، والبيهقي 7/ 461. قال الهيثمي في "المجمع" 4/ 262: رواه الطبراني في الأوسط وفيه مطرف بن مازن وهو ضعيف وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1668) للحديث الذي قبله وسيأتي تخريجه من حديث المسور. * عن أبي ثعلبة الخشيني: رواه الدارقطني 4/ 34 - 35. * عن جابر: رواه أبو داود الطيالسىِ 3/ 261 (1787)، والبزار كما في "كشف الأستار" (1499)، والطبراني في "الأوسط" 8/ 144 (8224)، والبيهقي 7/ 319. قال الهيثمي في "المجمع" 4/ 334: رواه الطبراني في "الأوسط" وهذا لفظه، والبزار بنحوه، ورجال البزار رجال الصحيح. * عن المسور بن مخرمة: رواه ابن ماجه (2048). قال البوصيري في "الزوائد" (683): هذا إسناد حسن، علي بن الحسين وهشام بن سعيد مختلف فيهما. قال الألباني في "صحيح ابن ماجة" (1667): حسن صحيح، وصححه أيضًا في "الإرواء" (2070).

2378 - هل جعل الأمر باليد مقيد بالمجلس، أم هو على التراخي؟

قال الفضل بن زياد: سمعته سُئل عن رجل يجعل أمر امرأته بيدها؟ فقال: أذهب فيه إلى قول عثمان: القضاء ما قضت. "الطبقات" 2/ 193 قال المروذي: ما تقول في امرأة خيرت فاختارت نفسها؟ قال: فيها خمسة من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنها واحدة ولها الرجعة: عمر، وابن مسعود، وابن عمر، وعائشة، وذكر آخر. وقال غير المروذي: هو زيد بن ثابت. "زاد المعاد" 5/ 294 قال الأثرم: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يقول لامرأته: أمرك بيدك؟ فقال: قال عثمان وعلي -رضي اللَّه عنهما-: القضاء ما قضت. قلت: فإن قالت: قد طلقت نفسي ثلاثًا؟ قال: القضاء ما قضت. قلت: فإن قالت: طلقتك ثلاثًا؟ قال: المرأة لا تطلق، واحتج بحديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: خطَّأ اللَّه نوءها. "زاد المعاد" 5/ 292 2378 - هل جعل الأمر باليد مقيد بالمجلس، أم هو على التراخي؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا قال أمرك بيدك. إلى متى يكون أمرها بيدها؟ قال: ما لم يغشها على قول حفصة لزبراء: أمرك بيدك ما لم يغشك زوجك.

قال إسحاق: الذي أختار من ذلك ما اجتمع عليه عامةُ أهل العلم من التابعين أن لها الخيار ما دامت في مجلسها، وهي في عمل النظر للاختيار؛ لما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعَائِشَةَ -رضي اللَّه عنها- حيث خيرها: "لَا تَسْتَعْجلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِى أَبَوَيْكِ" (¬1). "مسائل الكوسج" (969) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد. والخيار إذا أخذوا في غير المعنى الذي كانوا فيه، فليس لها من الأمر شيء. قال إسحاق: هو هكذا. "مسائل الكوسج" (970) قال إسحاق بن منصور: قلت: إلى كم يكون أمرها بيدها؟ قال: إذا ملكها أمرها، فأمرها بيدها حتى يغشاها أو يرجع في ذلك. قلت: يرجعُ إن شاء؟ قال: يرجعُ إن شاء -يعني: الزوج. قال إسحاق: كما قال، يرجع ولكن ما قال: حتى يغشاها، فليس ببين. "مسائل الكوسج" (1081) قال إسحاق بن منصور: قلت: سُئل سفيان عن رجل قال لامرأته: يوم أخرج من البلد فأمرك بيدك، فخرج سرًّا لم تعلم المرأةُ، ثم علمت بعد ذلك، فلا أراه شيئًا. قال أحمد: أمرها بيدها سرًّا خرج أو علانية إذا جعل أمرها بيدها فلها الأمر ما لم يغشها على حديث زبراء. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 163، 185، 263، 264، ومسلم (1475).

قال إسحاق: الأمرُ بيدها إذا خرج، ولكن إذا لم تعلم ذلك حتى قامت من ذلك المجلس ذهب خيارها، إلا أن يُوقت الزوجُ وقتًا، ومتى ما بلغها يومًا أو أكثر فلم تُخير شيئًا في مجلسها، فلا خيار لها. "مسائل الكوسج" (1226) قال إسحاق بن منصور: قلت لأبي عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه-: قال الأوزاعي في رجلٌ خير امرأته، ثم بدا له أن يرجع من قبل أن تختار: إن شاء رجع من قبل أن تختار. قال سفيان: ليس له أن يرجع. قال أحمد: له أن يرجع، وكذلك إذا جعل أمرها بيدها فله أن يرجع فيه ما لم تختر. قال إسحاق: هو كما قال أحمد والأوزاعي. "مسائل الكوسج" (1227) قال صالح: وسألته عن رجل قال لامرأته: أمرك بيدك، فاختارت نفسها بعد يوم؟ قال أبي: إذا لم يكن رجع في الأول ولا وطئها فلها الخيار. "مسائل صالح" (249) قال صالح: قلت: إلى أي شيء تذهب في قول الرجل لامرأته: أمرك بيدك، أو قال لها: اختاري نفسك؟ قال: إذا قال لها: أمرك بيدك، فأمرها إليها إلى وقت يرجع فيما قال أو يطأ، وإذا قال: اختاري نفسك، فهو ما دامت في مجلسها، أو يأخذان في شيء غير ما كانا فيه، فإن اختارت نفسها فواحدة يملك الرجعة. "مسائل صالح" (330)

قال صالح: وقال: إذا قال لها: أمرك بيدك؛ فالقضاء ما قضت. فإن رجع من قبل أن يقوم؟ قال له، فإن طلقت نفسها جاز عليه، وإن قالت: اخترت نفسي فلا يكون شيئا. "مسائل صالح" (657) قال صالح: وقال في أمرك بيدك: أذهب إلى القضاء ما قضت، وإذا قال: أمرك بيدك فأمرها بيدها ما لم يغشها أو يرجع. وإذا قال: اختاري، فعلى جواب الكلام ما لم يطل الكلام. "مسائل صالح" (1134) قال أبو داود: سمعتُ أحمد قال: إذا قال لها: أمرك بيدك، فأمرها بيدها حتى ترده أو يطأها، واحتج بحديث زبراء، قالت لها حفصة: أمرك بيدك ما لم يغشك (¬1). "مسائل أبي داود" (1140) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: إذا خيرها، ثم غشيها -وهم في ذلك الحديث- قال: ذهب الخيارُ. "مسائل أبي داود" (1142) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: الخيارُ على مخاطبة الكلام قبل أن تجاوبه ويجاوبها. "مسائل أبي داود" (1143) ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 3410 عن الزهري عن عروة، ورواه سعيد بن منصور (1250) من طريق سفيان عن الزهري، والشافعي في "مسنده" 2/ 40، ومن طريقه البيهقي 7/ 225. ورواه عبد الرزاق 7/ 251 (13017) من طريق معمر عن الزهري.

2379 - تعليق التفويض

قال حرب: سألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل قال لامرأته: إذا شئت فأنت طالق. فلما كان بعد ذلك بشهر قالت: قد شئت الطلاق. قال: إذا شاءت فهي طالق؛ لأن الأمر إليها. قال: أجعله إلى الأبد إذا لم يؤقت. قال حرب: قلت لإسحاق: رجل قال لامرأته: إذا كان غدًا فاختاري؟ قال: جائز يقع ذلك عليها. قلت: فإن بدا له أن يرجع في ذلك قبل الغد؟ قال: ذلك له، وله أن يرجع. "مسائل حرب" ص 208 قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا حسين بن حسن قال: حدثنا شريك، عن خارجة الصيرفي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سألت الحسن بن علي عن قول علي في الخيار، فدعا بربعة، فأخرج منها صحيفة صفراء مكتوب فيها: قول علي في الخيار. "العلل" برواية عبد اللَّه (639) 2379 - تعليق التفويض قال حرب: قلت لإسحاق: رجل قال لامرأته: إذا قدم فلان فأمرك بيدك؟ قال: قال لها: كم هو بيدك؟ قلت: لا. قال: إذا قدم فلان فأمرها بيديها، فإن قامت من مجلسها ولم تقض شيئًا رجع الأمر إلى الزوج.

قلت: فرجل قال لامرأته: قد خيرتك إلى شهر. قال: إلى تمام ما جعل لها الخيار فلها الخيار. "مسائل الحرب" ص 205 قال حرب: قلت لإسحاق: رجل قال لامرأته: إن خرجتُ من هذِه الدار إلى شهرين فأمرك بيدك. فخرج سرًا من المرأة، ولم تعلم المرأة فلما كان بعد ذلك بأيام علمت؟ قال: الأمر بيدها؛ لأنه لم يقل أمرك بيدك يومئذ. وقال: سألت أحمد بن حنبل قلت: رجل غاب عن أهله فقال: إن لم آتك إلى كذا وكذا فأمرك بيدك؟ قال: هذا لا يضبط؛ لأن الغائب لعله يرجع عن قوله في سفره. "مسائل حرب" ص 206

فصل التوكيل في الطلاق

فصل التوكيل في الطلاق 2380 - حكمه قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن رجل قال عند خروجه إلى سفر رجلٍ: أمر امرأتي بيدك؟ قال: فأمرها بيده. "مسائل أبي داود" (1139) 2381 - إذا جعل أمر امرأته بيد رجل ولا يدري ما قضى فيها؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل جعل أمر امرأته بيد رجلٍ، ولا يدري ما قضى فيها، هل له أن يجامعها حتى يعلم ما قضى فيها؟ قال سفيان: نعم. قال أحمد: لا يجامعها حتى يعلم ما قضى فيها. قال إسحاق: كما قال "مسائل الكوسج" (1153) 2382 - التوكيل لأكثر من رجل قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ جعل أمر امرأته بيد رجلين، فطلق أحدهما ثلاثًا والآخر مرة، ولا يجوز لهما؟ قال أحمد: اجتمعا على واحدةٍ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1157)

2383 - تعليق التوكي

قال حرب: قلت لإسحاق رجل جعل أمر امرأته بيد رجلين، فطلق أحدهما دون الآخر؟ قال: لا يجوز حتى يجتمعا إذا جعل الأمر إليهما. "مسائل حرب" ص 206 2383 - تعليق التوكي ل قال حرب: سألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل أراد أن يغيب عن أهله، فقالت له أهله: إنك تغيب ولا أدري متى تقدم، فاجعل أمري بيد رجل. فقال لها: إذا جاءت السنة فإن قدمت وإلا أمرك بيد فلان، وجعل الأمر بيد رجل؟ قال: يسأل عن إرادته يكون هذا على معنيين: معنى أنه يريد إذا جاءت السنة فطلقها متى ما شئت، ومعنى آخر إذا جاءت فإن طلقها من ساعتها، وإلا فلا شيء لك. قال أبو يعقوب: يستحلف الزوج على ذلك ما أراد به. "مسائل حرب" ص 205 2384 - مخالفة الوكيل ما وُكل به في عقد النكاح قال حرب: قلت لأحمد: رجل جعل أمر امرأته بيد رجل أن يطلقها واحدة، فطلقها ثلاثًا؟ قال: هي واحدة، هو ما شرط. "مسائل حرب" ص 205

2385 - رجوع الزوج في التوكيل

2385 - رجوع الزوج في التوكيل قال ابن هانئ: سألته عن رجل جعل أمر امرأته بيد رجل، ثم إن الرجل ما أنفذ ما قال له، وما فوّض إليه من أمر امرأته، ثم إنه رجع فيما أمره به؟ قال أبو عبد اللَّه: يقول له: رُدَّ عليّ ما فوّضت إليك. قلت: فإن لم يقل له: رد عليّ. وجامعها قبل أن يرد الرجل ما أمره به؟ قال: ليس عليه شيء، هي امرأته، إذا لم يكن أنفذ ما فوّض إليه، ويقول له بعد أن جامعها: رد علي أمري. "مسائل ابن هانئ" (1102) قال حرب: سألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل جعل أمر امرأته بيد رجل إلى سنة أو إلى شهر، متى ما شاء طلقها إلى سنة أو إلى شهر، وأشهد على ذلك، فلما مضى بعض السنة أشهد شهودًا أني كنت جعلت أمر امرأتي بيد فلان وإني قد رجعت في ذلك واسترددت الأمر إليّ. هل له ذلك؟ ورخص فيه أن يرجع في ذلك. "مسائل حرب" ص 206

باب الاختلاف في الطلاق

باب الاختلاف في الطلاق 2386 - تنازع الزوجين في الطلاق وإنكار الطلاق قال إسحاق بن منصور: قلت لأبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل رحمه اللَّه تعالى في الرجل يجحد امرأته طلاقها؟ قال: يستحلفه، ثم الإثم عليه بعدُ. قال أحمد: إذا علمت أفتدت بمالها، أو بما تقدرُ عليه. قال إسحاق: كما قال إذا استيقنت، فأما إذا قيل لها: إنه طلقك فأنكر، حلفته وقامت عنده. "مسائل الكوسج" (1029) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في رجل طلق امرأته تطليقةً، فانقضت العدة فادعى مراجعتها، قال: بينة أنه قد راجعها وإلا فهي أملكُ بنفسها، ولا يجوز شهادة رجلٍ ويمينه، إلا رجلين. قال أحمد: جيدٌ كما قال، إنما تكونُ شهادةُ رجلٍ ويمينه في الحقوق، وأما في الطلاق والحدود فلا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1123) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: قال سفيان: إذا قالت المرأةُ في مرض الرجل: لم يطلقني زوجي، يُسأل الرجلُ البينة، وإلا ورثته. قال أحمد: هي ترثُه حتى يثبت أنه طلقها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1279)

قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: امرأة طلقها زوجها ثلاثًا، ثم جحدها؟ قال: تفتدي منه بما تقدرُ. قال: قلت: إن جبرت على ذلك؟ قال: لا تتزين له، ولا تقربه، وتهرب إن قدرت. قلت له: حديثُ ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-؟ (¬1). قال: لا أدري ما هو، إبراهيم بن مهاجر لم يره شيئًا. قال: قلت: أتقاتله إذا أرادها؟ قال: لا أدري، ما تقاتله. قال أبو حنيفة: تقاتله، تهرب إن قدرت. قال: قلت لأحمد -رضي اللَّه عنه-: إذا سمعت أو شهد عدلان؟ قال: إذا سمعت فهو أشد، وإذا سمع عدلان أو غير متهمين. قال: نعم. من هذا كله لا تقيم معه. "مسائل الكوسج" (1354) قال صالح: وسألته عن امرأة ادعت أن زوجها طلقها، وليس لها بينة، وزوجها ينكر ذلك؟ قال أبي: القول قول الزوج، إلا أن يكون لا يشك في طلاقه، قد سمعته طلقها ثلاثًا، فإنه لا يسعها المقام معه، وتهرب منه، وتفتدي بمالها. "مسائل صالح" (166) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 103 (18322) عن إبراهيم بن مهاجر قالا كانت لابن عمر سبية فكان زوجها يسارها بالطلاق، فقالت: لابن عمر: إنه يكون منه الشيء في السر. فأحلفه وتركه.

قال ابن هانئ: وسئل عن امرأة سمعت من زوجها أنه طلقها، فأبان طلاقها. فسئل الزوج، فأنكر، فرافعته إلى القاضي، فأمرها أن تقيم معه؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا سمعت أنه طلقها، تفتدي نفسها بمالها، وتهرب منه، ولا تجلس معه. "مسائل ابن هانئ" (1096) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن امرأة علمت أنها طالق من زوجها البتة، وأنكر الزوج؟ قال: تفتدي نفسها بمالها، ولا تأوي معه. "مسائل ابن هانئ" (1101) قال حرب: قلت لأحمد: امرأة طلقها زوجها فأنكر وليس لها بينة؟ قال: إذا علمت ذلك فإنها لا تقيم عنده. قِيل: فلها أن تتزوج؟ قال: لا، لا تتزوج؛ لأنه يقول إنها امرأته. قِيل: فتأخذ ميراثه؟ قال: لا يحل لها أن تأخذ من ميراثه شيئًا؛ لأنها قد علمت أنه قد طلقها. "مسائل حرب" ص 162 قال حرب: قلت لإسحاق: فرجل قال لامرأته: إني قد كنت حلفت بطلاقك ثلاثًا إن دخلت هذِه الدار. فلما دخلت وعلم الزوج أنه قد حنث قال لها: إني كذبت، إنما كنت أخوفك ولم أحلف. ما القول في ذلك؟ قال: ليس قوله بشيء إذا شهدت الشهود أنه قد أقر بالطلاق فليس إنكاره بشيء. "مسائل حرب" ص 173

قال حرب: قلت لإسحاق بن إبراهيم: رجل طلق امرأته، فراجعها في العدة ولم يعلمها، فلما انقضت العدة قال لها: إني قد كنت راجعتك. فقالت له المرأة: كذبت. ما الحكم في ذلك؟ قال: إن كانت له بينة صدق، وإلا لم يصدق. "مسائل حرب" ص 193 نقل أبو طالب: إذا طلق امرأته وجحدها وليس لها بينة تستحلفه. ونقل ابن القاسم وغيره: لا يستحلف في الطلاق والنكاح. قال في رواية مهنا في رجل زوج أمته فدخل بها الزوج وطلقها واحدة ثم قال: ارتجعتك فأنكرت، فالقول قول الأمة. "الروايتين والوجهين" 2/ 116 نقل أبو طالب عن أحمد فيمن طلق امرأته ثلاثًا ثم جحد طلاقها: تهرب منه، ولا تتزوج حتى يظهر طلاقها، وتعلم ذلك، يجيء فيدَّعيها، فُترد عليه وتُعاقب. وإن مات ولم يُقر بطلاقها لا ترثه، لا تأخذ ما ليس لها، تفر منه، ولا تخرج من البلد، ولكن تختفي في بلدها. قيل له: فإن بعض الناس قال: تقتله، هي بمنزلة من يدفع عن نفسه. فلم يعجبه ذلك. "المغني" 10/ 531، "الفروع" 5/ 471

فصل فرقة القاضي

فصل فرقة القاضي 2387 - حكم فرقة القاضي والحالات التي يُطلق فيها القاضي قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن امرأة وقع بينها وبين زوجها كلام فرقة، من غير طلاق فمكثت أشهرًا، ثم إن الزوج تزوج عليها فرافعته إلى القاضي؟ فقالت للقاضي: إن لي شهودًا. فقال لها القاضي: لا تجيئيني بشهود إلا معدّلين، فقدمته إلى القاضي غير مرة. ثم قالت للقاضي: فرّق بيني وبينه، ففرق القاضي بينهما، هل عليها عدة؟ وهل تجوز فرقة القاضي؟ قال أبو عبد اللَّه: نعم، فرْقة القاضي فرقة، وتعتد من يوم قالت: فرّق بيني وبينه ففرق، اعتدت من ذلك اليوم ثلاث حيض. قلت: يفرق القاضي بينهما من غير أن يطلق الزوج؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (1097) 2388 - هل كل فرقة طلاق؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: قال الشعبي: كلُّ فرقة طلاق. قال سفيان: فأما الذي يُستحب فإذا جاءت الفرقة من قبلها فليس بشيء، وإذا جاءت من قبله فهو طلاق. قال أحمد: كل فرقة بين الرجل وامرأته فهي فرقة بغير طلاق، إلا أن يلفظ بالطلاق مثل قوله: أنت طالقٌ، أو الخيار، فإنها واحدة يملك رجعتها

2389 - الحكمان

أو يجعل أمرها بيدها، أو بيد غيرها، فهو على ما طلقت نفسها، أو طلقها المجعولُ إليه أمرها، أما اللعان، وخيار الأمة، والخلع، والمرضعة، والذي يغشى أم امرأته، وكل شيء يلزمه فراقها فهو فراق، وليس بطلاقٍ، قال إسحاق: هو كما قال، إلا أمرك بيدك، فهو على ما نوى الزوجُ، إن نوى واحدةً فواحدة، وإن نوى اثنتين فاثنتين، وإن نوى كل أمرها، فالقضاء ما قضت. "مسائل الكوسج" (1204) 2389 - الحَكَمان قال حرب: وسألت أحمد بن حنبل عن تفسير الحكمين؟ قال: على حديث علي: يبعث رجل من أهل المرأة ورجل من أهل الرجل فيريان، رأيهما إن رأيا أن يفرقا فرقا، وإن رأيا أن يجمعا جمعا (¬1). وقال: رجلين عدلين. قلت: فإن قال الزوج: لا أطلق، قال: ليس له ذلك بتة لا يترك. "مسائل حرب" ص 238 ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" ص 361 بلاغًا عن علي أنه قال في قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [الآية: 35] أن إليهما الفرقة والاجتماع. ورواه الشافعي في "مسنده" 2/ 184 (653) عن الثقفي، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة، عنه بنحوه، والبيهقي 7/ 305، والبغوي في "شرح السنة" (2347) كلاهما من طريق الشافعي. =

فصل المتعة للمطلقة

فصل المتعة للمطلقة 2390 - مقدار المتعة، وعلى من تجب؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: للمملوكة واليهودية والنصرانية متعة من الحر إذا طلقن. قال أحمد: لكل مطلَّقة متاعٌ إذا كان غير مدخول بها، وإن لم يكن فرض لها. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1152) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن المتعة؟ قال: أوجبها على من لم يسم صداقًا، فإن كان سمى صداقًا فلا أوجبها عليه. "مسائل أبي داود" (1102) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: يستحب أن يمتع وإن كان سمى لها صداقًا. "مسائل أبي داود" (1103) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن رجلٍ تزوج امرأةً ولم يكن فرض لها مهرًا، ثم وهب لها غلامًا، ثم طلقها؟ ¬

_ = ورواه عبد الرزاق 6/ 512 (11883)، وسعيد بن منصور في "سننه" التفسير 4/ 1243 (628)، والنسائي في "الكبرى" 4/ 111 (4678)، وابن أبي حاتم في تفسيره 3/ 945 (5282) من طريق عبد الرزاق والطبري في "تفسيره" 4/ 74 (9408)، والدارقطني 3/ 295، والبيهقي 7/ 306 جميعًا من طرق عن ابن سيرين عن عبيدة عنه به.

قال: لها المتعة. "مسائل أبي داود" (1104) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: كم المتعةُ؟ قال: على قدر يساره. قيل: عشرة آلاف؟ قال: هو على قدر ما يرى الحاكمُ. قال أبو داود: قال: يعني: يملك عشرة آلافٍ؟ قال: على قدر ما يرى الحاكم. "مسائل أبي داود" (1105) قال حرب: قلت لإسحاق: رجل تزوج امرأة ولم يسم لها مهرا، فطلقها واحدة قبل أن يدخل بها؟ قال: لها المتعة لازمة. قال: وكم المتعة؟ قال: ثلاثة أثواب أحب إلينا، وأدناه ثوب واحد جامع. "مسائل حرب" ص 126 قال عبد اللَّه: قرأت على أبي، حدثنا عفان، عن سعيد عن حبيب بن الشهيد، وابن عون، عن ابن سيرين قال: لا تأب أن تكون من المتقين، لا تأب أن تكون من المحسنين، حدثت ذلك أيوب، قال: سمعت سعيد ابن جبير قال: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 241] {مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 236] قال: لكل مطلقة متاع. "الزهد" رواية عبد اللَّه 379 نقل مهنا والميموني: إذا طلقت بعد الدخول فلا متعة لها.

2391 - متعة المطلقة قبل الدخول إذا كان المهر المسمى فاسدا أو مجهولا

ونقل حنبل: لكل مطلقة متاع مدخولا بها وغير مدخول. "الروايتين والوجهين" 2/ 129 ونقل حنبل: وتجب المتعة لكل مطلقة، فإن دخل فلا متعة. "الفروع" 5/ 288 2391 - متعة المطلقة قبل الدخول إذا كان المهر المسمى فاسدًا أو مجهولًا قال في رواية مهنا: إذا تزوجها على مهر مثلها فطلقها قبل الدخول بها فلها المتعة. "الروايتين والوجهين" 2/ 131

كتاب الإيلاء

كتاب الإيلاء باب ما جاء في أركان الإيلاء وشروط صحته أولًا: الصيغة: 2392 - 1 - الحلف باللَّه تعالى قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل حلف بالطلاق ثلاثًا أن لا يطأ أهله سنة؟ قال: لا يطأها حتى تمضي السنة. قلت له: فيدخل عليه إيلاء؟ قال: لا يدخل عليه إيلاء. فقلت لأبي عبد اللَّه: تذهب إلى قول ابن مسعود في الإيلاء: إذا مضت أربعة أشهر فهي واحدة (¬1) بائنة؟ قال: لا أذهب إليه، وأذهب إلى قول علي، وعائشة، وابن عمر (¬2)، هي أملك بنفسها في الإيلاء. "مسائل ابن هانئ" (1921) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 454 (11639)، وسعيد بن منصور 2/ 27، 28 (1886، 1888، 1889، 1890)، وابن أبي شيبة 4/ 134 (18575). (¬2) أما أثر ابن عمر فرواه البخاري (5291). وأما أثر على فرواه الشافعي 2/ 43 (140) ومن طريقه البيهقي 7/ 377. ورواه عبد الرزاق 6/ 457، وسعيد بن منصور 2/ 31، وابن أبي شيبة، والطبري 2/ 446، 447. =

2393 - من أمسك عن الوطء بغير يمين أكثر من أربعة أشهر؟

قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يحلف بالطلاق أن لا يقرب امرأته سنة، هل يدخل عليه إيلاء؟ قال: لا يدخل عليه إيلاء، قال اللَّه: {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 192]. قال علي: الأمر إليها، والفيء إلى الرجل {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ} [البقرة: 227] والطلاق إلى الرجل، ولها أن ترافعه إلى السلطان. وأنا أقول: لا يدخل عليه إيلاء. "مسائل ابن هانئ" (1123) قال حرب: سألتُ أحمدَ قلتُ: فإن حلف بالطلاق على سنة، قال: إن قربتك إلى سنة فأنت طالق؟ قال: هذا لا يكون إيلاء، وليس هو الإيلاء، إنما هو يمين، قال اللَّه: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] يقسمون وهذا ليس يمينًا. "مسائل حرب" ص 261 2393 - من أمسك عن الوطء بغير يمين أكثر من أربعة أشهر؟ قال حرب: قلت لأحمد: رجل ترك امرأته منذ أشهر ولم يقربها؟ قال: قد أساء، ولا يدخل عليه إيلاء. وقال: حدثنا أحمد قال: ثنا معاذ بن معاذ قال: حدثنا أشعث، عن ¬

_ = وأما أثر عائشة فرواه الشافعي 2/ 43 (143)، والبيهقي 7/ 378، والحافظ في "التعليق" 5/ 467 من طريق الشافعي. ورواه عبد الرزاق 6/ 457 (11658)، وسعيد بن منصور 2/ 32، وابن أبي شيبة 4/ 132، 133، والطبري 2/ 447 - 448، وابن حزم في "المحلى" 1/ 465 من طريق سعيد. وصحح هذِه الآثار جميعًا الألباني وانظر: "الإرواء" (2085).

2394 - 2 - أن اللفظ صالحا للدلالة على معنى الإيلاء

الحسن قال: كانت لأنس بن مالك امرأة في خلقها شيء، فكان يهجرها الأربعة الأشهر وأكثر من ذلك، فيمر بها فتعلق بثوبه، وتقول يا ابن مالك اللَّه اللَّه يا ابن مالك، فما يكلمها. "مسائل حرب" ص 259 2394 - 2 - أن اللفظ صالحًا للدلالة على معنى الإيلاء قال إسحاق بن منصور: قال سفيان: إذا حلف الرجلُ ألا يجامع امرأته في بيتٍ أو دار أو منزل، ثم تركها أربعة أشهر فليس بإيلاء؛ لأنه لو شاء جامعها في غيره ولم يكن عليه شيءٌ. قال أحمد: صدق. قال إسحاق: هذا إيلاء؛ لما عقد اليمين أن لا يجامع. "مسائل الكوسج" (1270)

2395 - الاستثناء في الإيلاء

ما جاء في أحوال صيغة الإيلاء 2395 - الاستثناء في الإيلاء قال إسحاق بن منصور: سألت سفيان عن رجلٍ حلف أن لا يجامع امرأته إن شاء اللَّه تعالى، قال: لا يرونه شيئًا، حتى يحلف فيهم اليمين أن لا يجامعها أربعة أشهر فما زاد. قال أحمد: نحن لا نرى الاستثناء في الطلاق، وأمَّا هذا فليس هو بطلاق في الإيلاء نفسه لا أوجب الطلاق، له الاستثناء. قال إسحاق: له الاستثناء. "مسائل الكوسج" (1271) 2396 - تعليق الإيلاء نقل عنه مهنا فيمن حلف لا يطأ حتى يأذن فلان أو ما دام حيًّا، فمولٍ بمضي المدة. ونقل ابن القاسم عنه: حتى ترضع صبيًّا أو غيره، قالا: لأن كل يمين منعت جماعًا حتى تمضي المدة فمول؛ لأنه قد عضل امرأته. "الفروع" 5/ 474 ثانيًا: المولي 2397 - الإيلاء في الغضب قال إسحاق بن منصور: قلت: وكيف الإيلاء في الغضب؟

2398 - إيلاء أهل الكتاب

قال: الرضا والغضب سواء إذا كان يريُد اليمين. "مسائل الكوسج" (1010) 2398 - إيلاء أهل الكتاب قال الخلال: أخبرني الحسين بن الحسن أن محمد بن داود حدثهم قال: قال أبو عبد اللَّه: وأخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عن نصراني حلف أن لا يقرب امرأته فمضت أربعة أشهر أيكون موليًا؟ قال: إذا جاء إلينا راغبًا فسألنا، ألزمناه حكم الإسلام ثم تلا: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42]. وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عن النصراني يولي أجائز إيلاؤهم؟ قال: نعم؛ لأن حكمنا يجري عليهم. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن يهودي أو نصراني حلف أن لا يقرب امرأته أربعة أشهر أيكون موليًا؟ قال: نعم. وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن المجوسي يولي؟ قال: جائز إيلاؤهم؛ لأن حكمنا يجري عليهم. "أحكام أهل الملل" 1/ 282 (574 - 577)

2399 - نصراني آلى من امرأته ثم أسلما

2399 - نصراني آلى من امرأته ثم أسلما قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في نصراني آلى من امرأته فمضى أربعة أشهرٍ، ثم أسلما بعدُ: يلزمه الطلاق، وهي تطليقة بائنة. قال أحمد: النصراني إذا أسلم يوقف مثل المسلم سواء. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1276) ثالثًا: المولي منها 2400 - يشترط أن تكون زوجة حقيقة أو حكمًا قال إسحاق بن منصور: قلت لسفيان: مرت امرأةٌ على رجل فحلف باللَّه عز وجل لا يجامعها، ثم تزوجها وتركها أربعة أشهرٍ؟ قال: لا يرونه شيئًا؛ لأنه حلف وليست له بامرأة. قال أحمد: ليس بشيء. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ الإيلاء أن يحلف على ملكه؛ لما قال اللَّه عز وجل: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226]. "مسائل الكوسج" (1274) نقل الميموني عنه: هل يتبع الطلاق إيلاء؟ قال: كيف يتبعه، قد منعه الطلاق من الجماع؟ ! قيل له: طلاق يملك الرجعة. فقال: هل لها أن ترافعه وهي منه طالق؟ أليس يقال له: فيء وهي طالق؟ أرأيته إن لم يرد مراجعتها وتركها حتى تنقضي عدتها، أليس

رابعا: المحلوف عليه

تذهب منه؟ "الروايتين والوجهين" 2/ 173 رابعًا: المحلوف عليه 2401 - 1 - أن يكون المحلوف عليه هو ترك الوطء في الفرج قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: لا يُعلم الإيلاء إلا في الجماع وهو الذي نأخذ به. قال أحمد: جيد. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1266). 2402 - 2 - أن تزيد مدة الإيلاء عن أربعة أشهر قال إسحاق بن منصور: قلت: ولا يكونُ اليمينُ دون أربعة أشهر؟ قال: لا يكون موليًا إذا حلف على دون أربعة أشهر. قال إسحاق: الذي نختارُ من ذلك، إذا حلف على دون أربعة أشهر فتركها أربعة أشهرٍ أن يكون موليًا. "مسائل الكوسج" (1011) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن رجلٍ قال لامرأته: واللَّه لا أطؤك أربعة أشهرٍ؟ قال: ليس هذا بإيلاء حتى يزيد على أربعة أشهر. "مسائل أبي داود" (1160)

2403 - أمد المولي من أكثر من زوجة أو من زوجة واحدة في أكثر من موقف

قال حرب: سمعت أحمد يقول: إذا حلف على أقل من أربعة أشهر فإنه ليس بإيلاء، وكذلك إن حلف على أربعة أشهر سواء؛ لأنه إذا مضت أربعة أشهر فليس يحجره عن تحليفها شيء، فالإيلاء لا يكون إلا أكثر من أربعة أشهر، ولا يذهب إلى قول من يقول: إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة. وقال: يذهب أهل الكوفة إلى قول ابن مسعود. وقال: حدثنا أحمد قال: ثنا سفيان، عن عمرو سمعت سعيد بن جبير يقول: جاء رجل إلى علي فقال: حلفت أن لا آتي آمرأتي سنتين؟ قال: ما أراك إلا قد دخل عليك إيلاء، قال: إنما قلت من أجل الرضاع، قال: فلا إذًا. "مسائل حرب" ص 258 2403 - أمد المولي من أكثر من زوجة أو من زوجة واحدة في أكثر من موقف قال أحمد في رواية ابن القاسم: إذا آلى من جماعة نسائه أو من امرأة واحدة في مقاعد شتى فإنما يوقف للنسوة جميعًا. "الروايتين والوجهين" 2/ 172 2404 - مدة الإيلاء للعبد قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: إيلاء العبد؟ قال: نعم، عليه إيلاء، وإيلاؤه أربعةُ أشهرٍ.

2405 - إن حنث في يمينه قبل مضي الأربعة أشهر

قال الإمام أحمد: إنما قال اللَّه عز وجل: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] ولم يذكر العبيد، ولا اليهود، ولا النصارى. قال إسحاق: إيلاء العبد إنما هو شهران؛ لأن كل أمره في الطلاق والعدة على النصف. "مسائل الكوسج" (921) قال حرب: سألتُ أحمدَ قلتُ: العبد يولي من امرأته؟ قال: أنا أقول: إن الطلاق بالرجال، والعدة بالنساء، فمن قال هذا فإذا مضى شهران وقف، ثم قال: أنا ربما ذهبت إلى أن أجعله مثل الحر لا يوقف إلى أربعة أشهر، وكأنه اختاره بعد. وسألتُ إسحاق عن إيلاء العبد من الحرة والأمة؟ قال: شهرين به يقع الطلاق وغيره. قال حرب: حدثنا أحمد قال: ثنا هشيم، عن يونس، عن الحسن، ومغيرة عن إبراهيم أنهما قالا: إيلاء العبد من الحرة أربعة أشهر، ومن الأمة شهران. "مسائل حرب" ص 263 نقل مهنا عنه: الاعتبار بالرجل، إن كان عبدًا فالمدة شهران، وإن كان حرًّا فالمدة أربعة أشهر. "الروايتين والوجهين" 2/ 172 2405 - إن حنث في يمينه قبل مضي الأربعة أشهر قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: المولي يُكفر عن يمينه قبل مُضي الأربعة أشهر؟

2406 - هل تطلق المرأة بانقضاء الأربعة الأشهر المضروبة؟

قال: يذهب عنه الإيلاء، ولا يُوقف بعد الأربعة أشهر، وذهب الإيلاءُ حين ذهبت اليمينُ. "المغني" 11/ 14 2406 - هل تطلق المرأة بانقضاء الأربعة الأشهر المضروبة؟ قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: الإيلاء يُوقف، أو إذا مضت أربعةُ أشهرٍ فهي تطليقة؟ قال: يوقف، يوقفه السلطانُ. قال الإمام أحمد: هي امرأته وإن أتى على ذلك سنون ما لم يوقف، إنما جعل ذلك به قال اللَّه عز وجل: {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] وإن عزموا فلا يكون هذا إلا بعد الأربعة أشهر. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1008) قال إسحاق بن منصور: قال سفيانُ في رجل آلى من امرأته وهو مريضٌ، فمضت أربعةُ أشهرٍ وهو صحيحٌ، ثم مات في العدة: فإنها ترثه. قال أحمد: لم يقع شيءٌ بعد. قال إسحاق: كما قال؛ لأنه لا يكون مضي الأربعة طلاقًا كما قال هؤلاء: يوقف عند مضي الأربعة. "مسائل الكوسج" (1268) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال: فإذا آلى وهو صحيح، فمضت أربعة أشهرٍ وهو مريض، ثم مات في العدة، فلا ميراث بينهما. قال أحمد: كل هذا واحدٌ، لم يقع شيء، امرأته على حالها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1269)

قال صالح: قرأت على أبي، قلت الرجل يحلف أن لا يقرب أهله سنة أو أكثر من أربعة أشهر، فمن الناس من يقول: يوقف بعد مضي الأربعة، فإما أن يفيء وإما أن يطلق. وقال بعض الناس: إذا مضت أربعة أشهر: بانت منه بواحدة. وقال بعض الناس: هي تطليقة فليست بائنا. قال بعض الناس: إذا آلى دون الأربعة: لم يكن إيلاء. وقال بعض الناس: هو إِيلاء إذا مضت أربعة أشهر. وإذا قال: واللَّه لا أقربك في هذِه الدار سنة لم يكن ذلك إيلاء؛ لأنه إن شاء جامعها في غير تلك الدار. وقال بعض الناس: تعتد بعدما تبين عدة المطلقة، وذلك بعد مضي الأربعة أشهر. وقال بعض الناس: إذا مضت الأربعة أشهر تزوجت إن شاءت، وليس عليها عدة بعد مضي الأربعة أشهر، وروي ذلك عن ابن عباس قال: لا تطولوا عليها، إذا مضت الأربعة أشهر فلا عدة عليها؟ قال أبي: أنا أقول: إذا مضت أربعة أشهر وقد حلف أن لا يغشاها أكثر من أربعة أشهر، فجاءت تطالبه بعد مضي الأربعة أشهر؛ وقف لها: فإما أن يفيء، وإما أن يطلق، ولا يكون طلاقًا حتى يطلق. فإن طلق اعتدت عدة المطلقة: إن كانت ممن تحيض فثلاث حيض، وإن كانت ممن لا تحيض فثلاثة أشهر، والوقف أشبه بمعنى الكتاب لقول اللَّه تبارك وتعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] يقول: يقسمون {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: 226] فكان الفيء بعد، والعزم به بعد مضي الأربعة، فلا يكون طلاقا إلا بالزواج، لأنه قال: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ} [البقرة: 226 - 227] فهما أمران جعلا به، ولا يكون ذلك بمضي الشهور، وليس له أن يعضلها إذا وقف، إما أن يفيء وإما أن يطلق. يعضلها، لا يطأها؟ وكان يدخل على عائشة رجل،

فكانت تقول: أما آن لك أن تفيء (¬1). "مسائل صالح" (595)، وذكرها عبد اللَّه عن أبيه في "مسائله" (1336) قال صالح: قول ابن عباس في الإيلاء: إذا مضت أربعة أشهر، إن ابن عباس قال: لا تحسبوها قد انقضى أجلها، تزوج من شاء. وفي قول ابن عباس: قد انقضت عدتها في الأربعة أشهر (¬2)، فيوافقه أحد على هذا؟ قال: لا، إلا أن يكون جابر بن زيد، وهو كان يرويه عنه، وأصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خالفوه، منهم ابن مسعود، والناس خالفوه. فالذين قالوا: يوقفوه؟ قال: أولئك الذين لا يعدون ذا شيئًا، ويذهبون إلى الوقف. قلت لأبي: أليس ترى أنت أن توقفه؟ قال: بلى، هو أصح في المعنى. "مسائل صالح" (1072) قال أبو داود: سمعتُ أحمد بن محمدٍ يقولُ: الإيلاءُ يوقفُ. "مسائل أبي داود" (1158) قال أبو داود: سمعتُ أحمد بن حنبل سئل عمن قال لامرأته: إن وطئتك سنةً فأنت طالقٌ، فوطئها سنةً، تطلقُ؟ قال: لا، هي امرأتهُ أبدًا حتى يوقف. "مسائل أبي داود" (1159) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 458 (11659). (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 454 - 455 (11641، 11644)، وسعيد 2/ 28 (1891، 1892)، وابن أبي شيبة 4/ 131، 132 (18541، 18544)، والطبراني 9/ 321 (9639)، والدارقطني 4/ 63، والبيهقي 7/ 369.

قال ابن هانئ: وسمعته يقول: الإيلاء ليس بطلاق. "مسائل ابن هانئ" (1124) قال حرب: سُئلَ أحمد عن الإيلاء فلم يره تطليقة وقال: إذا مضت أربعة أشهر فإما أن يفيء وإما أن يطلق. وسمعت أحمد مرة أخرى يقول في الإيلاء: إذا حلف على أكثر من أربعة أشهر فإنه إذا مضت أربعة أشهر فإنه يوقف، فإما أن يفيء إليها وإما أن يطلق. قلت: فإن سكتت المرأة عنه؟ قال: لا يوقف، إلا أن تطلب هي ذاك إنما الأمر إليها. وقال: حدثنا أحمد قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال: ثنا الشيباني، عن الشعبي، عن عمرو بن سلمة بن الحاهـ ث قال: قال علي في الإيلاء: إذا آلى من امرأته وقفه حتى تبين رجعة أو طلاقًا. قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا بهز بن أسيد قال: حدثنا همام قال: سمعت قتادة يرويه، عن سعيد بن المسيب، عن أبي الدرداء قال في الإيلاء يوقف فإما أن يمسك، وإما أن يطلق وكان سعيد يأخذ به. وقال: حدثنا أحمد قال: حدثنا وكيع، قال: ثنا مسعر، عن حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس، عن عثمان أنه كان يقول في المولي بقول أهل المدينة: يوقفه. "مسائل حرب" ص 257 قال حرب: قلتُ لإسحاق: رجل طلق امرأته تطليقة وآلى منها في قول من يرى الإيلاء طلاقًا، فاعتدت، فتزوجها في عدتها، ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟

2407 - طلاق المولي رجعي أم بائن؟

قال: لها مهر ونصف في قول من يقول: تبين بالإيلاء. "مسائل حرب" ص 261 قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا وكيع، حدثنا مسعر، عن حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس، عن عثمان أنه كان يقول في المولي بقول أهل المدينة: يوقفه. "مسائل عبد اللَّه" (1338) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن قتادة أن أبا الدرداء وعائشة قالا: يوقف المولي عند انقضاء الأربعة، فإما أن يفيء، وإما أن يطلق. "مسائل عبد اللَّه" (1339) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن سليمان قال: سفيان -فيما ظننت أنه قال: أدركت بضعة عشر رجلًا من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قولهم: في الإيلاء توقف (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1341) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا هشيم، عن الشيباني، عن الشعبي قال: أخبرني عمرو بن سلمة الكندي، أنه شهد عليًّا عند الأربعة الأشهر: إما أن يفيء، وإما أن يطلق. "مسائل عبد اللَّه" (1342) 2407 - طلاق المولي رجعي أم بائن؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: المولى يطلقُ؟ ¬

_ (¬1) كذا بالمطبوع والأصح يوقف.

2408 - إذا انقضت المدة ولم يطلق ولم يفيء، هل يجبر على الطلاق؟

قال: متى طلقها لزمها الطلاقُ أبدًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1009) قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه في المولي: فإن طلقها؟ قال: تكون واحدة، وهو أحق بها. "المغني" 11/ 46 2408 - إذا انقضت المدة ولم يطلق ولم يفيء، هل يُجبر على الطلاق؟ قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: يُجبر على الطلاق في الإيلاء. قلت: كم يطلق عليه؟ قال: واحدة. قال إسحاق: كما قال، تبين بواحدة إذا انقضت العدة. "مسائل الكوسج" (1301) قال صالح: سألته عن الإيلاء؟ فقال: إذا قال الرجل لامرأته: واللَّه لا قربتك. فإذا مضت الأربعة أشهر أوقف. فقيل له: إما أن تفيء، وإما أن تطلق، فإن لم يفئ طلق عليه. قلت: يطلق عليه السلطان؟ قال: نعم، وأما ابن مسعود فيقول: إذا مضت الأربعة أشهر فقد بانت بواحدة. وعلي وعائشة وابن عمر يقولون: يوقف بعد الأربعة (¬1)، والوقوف ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

يقال له: إما أن تفيء، وإما أن تطلق. "مسائل صالح" (27) قال ابن هانئ: سألته عن الإيلاء إذا قال الرجل لامرأته: واللَّه لا قربتك، فإذا مضت أربعة أشهر أوقف، قيل له: إما أن تفيء تجامع أو تطلق؟ قلت له: فإن لم يطلق، يطلق عليه السلطان؟ قال: لا يطلق عليه السلطان، ولكن يطلب إليه في الفيء فإن لم يفئ يوقف. "مسائل ابن هانئ" (1122) قال حرب: قلت لأحمد: المولي يوقف فلم يفئ ولم يطلق؟ قال: يطلق السلطان عنه، لا يترك. "مسائل حرب" ص 260 قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا حجاج قال: حدثنا شريك، عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير قال: كان بين رجل من الأنصار وبين امرأته قول، فحلف أن لا يمسها، فأتى بها عمر بن الخطاب ليصلح بينهما، فأبيا أن يصطلحا فقال: إذا أبيتما أن تصطلحا فإذا مضت أربعة أشهر فطلقها إن لم تمسها. "مسائل عبد اللَّه" (1340) نقل أبو طالب وحبيش: تطلق عليه. "الروايتين والوجهين" 2/ 170

2409 - فرقة القاضي، هل فيها رجعة؟

2409 - فرقة القاضي، هل فيها رجعة؟ قال في رواية أبي طالب: إذا فرق بينهما لم يكن طلاقًا وإنما هو فسخ، فإن أراد مراجعتها فإنها تكون على ثلاث بمنزلة الأمة إذا خيرت وبمنزلة العتيق إذا أرادت المرأة أن تراجعه، وإذا كانت الفرقة من اللعان لم يتراجعا أبدًا. وقال في رواية حبيش: إن أبي أن يطلق طلق الحاكم عليه ولا تكون له رجعة. "الروايتين والوجهين" 2/ 170 - 171 قال في رواية الأثرم وقد سُئل إذا طلق عليه السلطان، أتكون واحدة؟ فقال: إذا طلق فهي واحدة، وهو أحق بها، فأما تفريق السلطان، فليس فيه رجعة. "المغني" 11/ 46

باب إنحلال الإيلاء

باب إنحلال الإيلاء أولا - انحلال الإيلاء بالفيء 2410 - بم يكون الفيء؟ قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: رجلٌ طلَّق امرأتهُ وأشهد، ثم راجع ولم يشهد حتى انقضت العدةُ. أي: وكان قد راجع قبل انقضائها؟ قال: إذا راجع فهي رجعةٌ. قال إسحاق: إذا راجع بشهودٍ كانت رجعةً، وإن وطئها يريدُ به المراجعة كانت رجعة، وأمَّا دون الجماع فلا يكون مراجعة إلَّا أن يكون شهود. "مسائل الكوسج" (1126) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: من قال: الفيء: الجماع، فإن كان مريضًا يفيء بلسانه؟ قال أحمد: من ذهب هذا المذهب، فنعم. قال إسحاق: كلما منعه المرض فلم يستطع الجماع جاز له بلسانه. "مسائل الكوسج" (1289)، (3246) قال أبو داود: سمعتُ أحمد قيل له في الفيء: الجماعُ؟ قال: إذا كان مريضًا أو محبوسًا تشهد، وإذا كانت امرأته ممن لا يجامع مثلها. "مسائل أبي داود" (1161) قال حرب: وسألت أحمد مرة أخرى قلت: الرجل يولي ثم يوقف بعد أربعة أشهر كيف يراجع؟

قال: إذا كان له عذر من مرض أو غيره تكلم وقال: قد راجعت، وإن لم يكن له عذر، فمذهبه الجماع. وقال: حدثنا أحمد قال: ثنا هشيم، عن حصين، عن الشعبي، عن مسروق قال: الفيء: الجماع. وقال: حدثنا أحمد قال: ثنا هشيم، عن يونس وعوف وأبي حرة، عن الحسن قال: الفيء: الإشهاد إذا كان عذر من مرض، أو حبس، أو نفاس. وقال: حدثنا أحمد قال: ثنا أبو معاوية قال: ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي الشعثاء قال: نزل بي ضيف آلى من امرأته، فنفست، فأراد أن يفيء فلم يستطيع أن يقربها من أجل نفاسها، فأتى علقمة فذكر ذلك له فقال له علقمة: أليس قد فئت بقلبك ورضيت؟ ! قال: قد فئت من امرأتك. وقال: حدثنا أحمد قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن أبي الشعثاء، قال: آلى رجل من الحي من امرأته فنفست، وأراد أن يفيء فخشي أن تمضي الأربعة الأشهر قبل أن يفيء، فسألني عن ذلك فقلت: لا أدري، ولمن سأسأل لك، قال: وعلقمة، والأسود، ومسروق يومئذ أحياء فسألتهم فقالوا: إذا هو فاء بلسانه أجزأه ذلك من الوقوع عليها. "مسائل حرب" ص 260 نقل حنبل عنه: إذا فاء بلسانه وأشهد على ذلك كان فيئة. وقال أحمد في رواية مهنا: إذا آلى من امرأته وهو غائب عنها بينه وبينها مسيرة أربعة أشهر، أو تكون صغيرة، أو رتقاء، أو حائضًا، فيريد أن يفيء: يجزئه أن يفيء بلسانه وبقلبه، إذا كان لا يقدر عليها والفيء ماضٍ، وقد سقط عنه الإيلاء. "الروايتين والوجهين" 2/ 173 - 174

2411 - وقت الفيء

2411 - وقت الفيء قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في رجل آلى من امرأته فمضت أربعة أشهرٍ. فقال الرجل بعد الأربعة الأشهر: إني كنت جامعتها قبل أن تمضي الأربعة الأشهر؟ قال: لا يُصدق بقوله؛ لأنها قد بانت منه إلَّا أن يأتي ببينةٍ، وإذا قال لها قبل انقضاء الأربعة الأشهر: إني كنت قد جامعتها، صدق. قال أحمد رحمه اللَّه: قبل الأربعة وبعد الأربعة واحدٌ، ويصدق ويطأها بعد الأربعة إن شاء. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1267) 2 - إنحلال الإيلاء بالطلاق قال إسحاق بن منصور: سألت سفيان عن رجل حلف أن لا يجامع امرأته أربعة أشهرٍ، فمضى شهران، ثم طلقها تطليقة بائنة ثم تزوجها؟ قال: يستقبل أربعة أشهر، ولا يحتسب الشهرين الذين كانا قبل ذلك. قال أحمد: لابد من أربعة أشهرٍ كوامل، قد مضى شهران يبني على ما مضى. قال إسحاق: كما قال أحمد سواء. "مسائل الكوسج" (1275)

قال حرب: قلتُ لإسحاق: قول علي بن أبي طالب في الإيلاء والطلاق: إنهما كفرسي رهان (¬1)، فسره لي. قال: هذا لمن لا يرى أن يوقف، ويرى الطلاق إذا طلق قبل الأربعة الأشهر وقع الطلاق، وإن مضت أربعة أشهر وقع الإيلاء. "مسائل حرب" ص 262 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 138 (18616).

كتاب الظهار

كتاب الظهار باب ما جاء في أركان الظهار وشروط صحته أولًا: الصيغة 2412 - الظهار من كل ذي محرم قال إسحاق بن منصور: قلت: الظهارُ من كل ذي محرمٍ؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1003) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: الظهارُ من ذات المحرم من النسب والرضاعة؟ قال: لا أعرف الرضاعة. وجبن عنها. قال إسحاق: الرضاعُ والنسبُ واحدٌ. "مسائل الكوسج" (1087) قال صالح: وسألته عن رجل يقول لامرأته أنت عليّ كظهر أختي، وكظهر امرأة أجنبية؟ قال: إن ظاهر بذات محرم منه فهو ظهار. "مسائل صالح" (258) قال حرب: سألتُ أحمدَ قلتُ: الرجل يقول لامرأته أنت عليّ كعمتي، أو كخالتي؟ قال: هو ظهار. قال: الظهار من كل ذات محرم يحرم عليه نكاحها فهو ظهار.

2413 - الظهار بلفظ التحريم

وسألت إسحاق عن رجل قال لامرأته: أنت عليّ كأمك، أو كأختك، أو كجدتك. هل يكون هذا ظهارًا؟ قال: نعم، هو ظهار. قلت لأحمد: فإن قال: أنت عليّ كظهر أبي أو ابني أو كظهر رجل؟ قال: قد اختلفوا في هذا، قال بعضهم: هو ظهار. وذهب أحمد إلى أنه ليس بشيء. "مسائل حرب" ص 265 نقل الميموني وحنبل عنه: قلت لأحمد: إن ظاهر من ظهر الرجل؟ قال: فظهر الرجل حرام، يكون ظهارًا. ونقل ابن القاسم عن أحمد إذا قال: أنت عليَّ كظهر أبي فهو بعيد لا أراه ظهارًا، ولا شيء عليه. "الروايتين والوجهين" 2/ 178، "المغني" 11/ 59 2413 - الظهار بلفظ التحريم قال إسحاق بن منصور: إذا قال: ما أحل اللَّه عز وجل عليه حرامٌ وله امرأة؟ قال: عليه كفارة الظِّهار. قلت: فقال: لم أعن امرأتي؟ قال: وإن لم يعن امرأته فهي مما أحل اللَّه تعالى له، وعليه كفارةُ الظهار. قال إسحاق: يُسأل عن إرادته، فإن نوى يمينًا كان يمينًا، وإن نوى طلاقًا كان كما نوى، وإن لم تكن له نية، فأدناه يمين. "مسائل الكوسج" (948)

قال إسحاق بن منصور: قال سفيان في الحرام على ثلاثة وجوه: إن نوى طلاقًا فهو طلاقٌ، وإن نوى يمينًا فهو يمينٌ، وإن لم ينو طلاقًا ولا يمينًا فهي كذبة. قال: هذا قولُ أبي حنيفة، في هذا كله كفَّارة الظهارِ. قال إسحاق: الحرام إذا لم ينو يمينًا فهو على تحريمها، فإن نوى طلاقًا ثلاثًا أو أقل فهو كما نوى. "مسائل الكوسج" (2158) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: والحرام فيه كفارة الظهار، فإنه إذا قال: أنت عليّ كظهر أمي، أو أنت عليّ حرام، فهو وذاك واحدٌ. قال إسحاق: وأما الحرام فهو على ما نوى من الطلاق، فإن لم ينوه فكفارة اليمين. "مسائل الكوسج" (1302) قال إسحاق بن منصور: قلت لإسحاق: رجلٌ قال لامرأته: أنت عليَّ حرامٌ؟ قال: كلما نوى بذلك الطلاق فذلك ثلاث، وإن نوى بقوله يمينًا فهو يمينٌ. "مسائل الكوسج" (1336) قال صالح: قلت: رجل قال لامرأته: أنت عليّ حرام، ونوى الطلاق؟ قال: لا يكون طلاقًا، نوى أو لم ينو. قلت: فيه كفارة الظهار؟ قال: نعم، فيه كفارة الظهار.

قلت: فإن قال: الحل عليّ حرام؟ قال: كذلك أيضًا. قلت: إن لم ينو الطلاق؟ قال: نوى أو لم ينو. قلت: فرجل قال: الحل عليه حرام أعني به الطلاق؟ قال: طلقت امرأته ثلاثًا. قلت: ثلاثًا؟ قال: نعم، ولكن لا أفتي به. "مسائل صالح" (103)، وحرب عن الإمام أحمد في "مسائله" ص 195، وذكرها عبد اللَّه عن أبيه في "مسائله" (1266) قال صالح: وقال أبي: إذا قال: حل اللَّه على حرام. وله امرأة، فكفارة مغلظة: عتق رقبة، أو صوم شهرين، أو إطعام ستين مسكينًا. وشبهه بقوله: أنت عليّ كظهر أمي. فقال: إنما أراد بقوله: أنت عليّ كظهر أمي التحريم. قلت: فإذا قال: حل اللَّه عليّ حرام -أعني: به الطلاق- فقد حرم وخص بالطلاق؟ قال: وكذلك الخلية والبرية والبائن لا أقول فيها شيئًا، وأخاف أن تكون ثلاثًا. "مسائل صالح" (134) قال صالح: وسألته عن رجل حلف: ما أحل اللَّه عليه حرام إن دخل البيت بنهار، ثم يدخل؟ قال أبي: يكفر كفارة الظهار: يعتق رقبة إن وجد، وإلا صام شهرين

متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا. وأقل إطعام المساكين: مدُّ بُرًّ، أو نصف صاع تمر لكل مسكين. "مسائل صالح" (273) قال صالح: قلت: الرجل يقول لامرأته: أنت عليّ حرام؟ قال: يجب عليه كفارة الظهار، يعتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا. والناس فيه مختلفون، فمنهم من يقول: عليه أغلظ الكفارات، وهو الذي ذكرنا، ومنهم من يقول: كفارة يمين، ومنهم من يقول: ثلاث، ومنهم من ينويه ويقول: إن نوى واحدة فبائن، وإن نوى ثنتين فلا تكون ثنتين، وإن نوى ثلاثًا فثلاث. "مسائل صالح" (331) قال صالح: وسألته عن رجل قال: حل اللَّه حرام. وليست له امرأة، ولم ينو؟ قال: أرجو أن تجزئه كفارة يمين. "مسائل صالح" (387) قال صالح: وقال: إذا قال: الحل عليه حرام أعني: به الطلاق؟ قال: أخشى أن يكون ثلاثًا، ولا أجيب فيه. "مسائل صالح" (656) قال صالح: وقال في الحل حرام: لا أجيب. "مسائل صالح" (1052) قال صالح: وإذا قال: الحل عليه حرام -أعني به: الطلاق- وقال: أردت واحدة؟

قال: لا ألتفت إلى قوله، وأخشى أن تكون ثلاثًا. "مسائل صالح" (1063) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: إذا قال: كلُّ حلٍّ عليه حرامٌ أعني: به الطلاق نطق به لسانه، أخاف أن يكون ثلاثًا، ولست أفتي فيه. فقيل لأحمد: ترى الطلاق؟ قال: لا، إلا أن ينطق به. "مسائل أبي داود" (1130) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن رجل قال: ما أحلَّ اللَّه عليه حرامٌ يعني به: الطلاق إن دخلتُ لك في خير أو شرٍّ. والرجلُ مريض يعودهُ؟ قال: لا، ولا يشيع جنازته، أخاف أن يكون هذا ثلاثًا، ولا أفتي به. "مسائل أبي داود" (1131) قال أبو داود: وسمعتُ أحمد يقول فيمن قال: ما انقلب إليه حرامٌ. قال: آمره بكفارة الظهار. يعني: إذا كانت له امرأةٌ. قيل: متى يحنثُ؟ قال: إذا عقد على خلافه. "مسائل أبي داود" (1132) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن رجلٍ ما أحل اللَّه عليه حرامٌ. قال: له امرأةٌ؟ قال: نعم. قال: يكفرُ كفارة الظهار. قال الرجلُ: لم ألزمتهُ يا أبا عبد اللَّه كفارة الظهار؟

قال: المظاهرُ ما يقولُ؟ إنما يقولُ: أنت عليّ كظهر أمي. "مسائل أبي داود" (1133) قال أبو داود: سمعتُ أحمد غير مرةٍ يفتي بهذا المعنى في الحرام، وإن لم تكن له امرأةٌ يكفرُ يمينهُ. "مسائل أبي داود" (1134) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يقول: الحل عليّ حرام؟ فقال: له زوجة؟ قلت: نعم. قال: كفارة الظهار، فإن لم تكن له زوجة، فكفارة يمين، إطعام عشرة مساكين. "مسائل ابن هانئ" (1129) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل وقع بينه وبين أهله كلام فقال لها: إن وضعت رأسي معك على مخدة إلى سنة، فكل حل على المسلمين على حرام، وإنما عنى به الوطء، فوطئها قبل مضي السنة؟ قال أبو عبد اللَّه: عليه عتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا. "مسائل ابن هانئ" (1131) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يقول: فراشي عليّ حرام، ولم ينو طلاقًا؟ قال: إذا نوى امرأته فعليه كفارة الظهار، وإذا أراد الفراش فعليه كفارة يمين. "مسائل ابن هانئ" (1132)

قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يقول لامرأته: أنت خليّة، وأنت برية؟ قال: كان عليٌّ يقول: هي ثلاث، وأنا لا أقول فيها شيئًا. وسمعته يقول: إذا قال الرجل: ما أحل اللَّه عليه حرام، ولم يقل يعني: به الطلاق إذا لم يلفظ به فعليه كفارة الظهار، وإذا قال: أعني به الطلاق، أخشى أن يكون ثلاثًا. "مسائل ابن هانئ" (1133) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يقول: كل حل عليه حرام؟ قال: كفارة الظهار. قيل له: فإن لم ينو به الطلاق؟ قال: نعم. قيل له: فإن نوى فيه الطلاق؟ قال: إذا ظاهر، فعليه كفارة الظهار. "مسائل ابن هانئ" (1134) قال ابن هانئ: وسئل عن: رجل حلف فقال: كل حل عليه حرام، وماله في المساكين، إن أكل في قرية -قد سماها- فأكل في خارجها ناسيًا؟ قال أبو عبد اللَّه: الاحتياط عندي، أن يكفر كفارة الظهار. قيل له: نوى الطلاق في قلبه؟ قال: وإن نوى الطلاق فليس بشيء ما لم يتكلم به، أو تحرك به شفتاه، فليس بشيء.

قال حرب: سألت أحمد أيضًا قلت: الرجل يقول لامرأته: وجهي من وجهك حرام؟ قال: إذا قال: أنت عليّ حرام. فهو أشد من هذا. وقال: وسألت إسحاق عن الحرام قال: أذهب فيه إلى قول ابن مسعود. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا عباد بن العوام قال: أخبرني عمر بن عامر، عن أبي رجاء، عن العلاء بن زياد، عن أبيه، عن زياد بن مطر قال: سمعت عمر بن الخطاب: في الحرام يمين. وقال: سألت أحمد قلت: رجل قال: الحلال عليه حرام، وهو الطلاق؟ قال: طلقت امرأته ثلاثًا. قلت: ثلاثًا؟ قال: نعم، ولكني لا أفتي به. وقال: وسألتُ إسحاقَ قلتُ: إن قال: الحل عليه حرام، وهو الطلاق؟ قال: يقع عليه. وسألت إسحاق أيضًا قلت: الرجل يقول: الحل عليه حرام، ولم ينو به الطلاق. قال: كفارة يمين. وقال: سألت أحمد قلت: فإن قال: بعض جسدك عليّ حرام: يدك، أو رجلك، أو نحو ذلك؟ قال: هي حرام كلها.

وقال: سُئلَ أحمد عن رجل قال: حل اللَّه عليه حرام. وليست له امرأة ولم ينو؟ قال: أرجو أن يجزئه كفارة اليمين. وقال: وسألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل قال: كل حل على المسلمين حلال فهو عليّ حرام. ولم ينو به الطلاق، ولا كان في قلبه طلاق؟ قال: كلما لم ينو به الطلاق، ونوى به اليمين فعليه كفارة يمين مغلظة: صوم شهرين، أو إطعام ستين مسكينًا. وقال: وسُئلَ إسحاق مرة أخرى، عن رجل قال لامرأته: حل اللَّه عليه حرام. مرارًا، ولم ينو به طلاقًا فحنث؟ قال: عليه يمين يكفرها، إما أن يعتق رقبة، وإما أن يصوم شهرين متتابعين، وإما أن يُطعم ستين مسكينًا، لكل مسكين مد من بر، يجزئه من الثلاث أيهن شاء. وقال: قِيل لأحمد: رجل قال: حل اللَّه عليه حرام وهو الطلاق إن سكن هذِه الدار، أو دخلها؟ قال: يتحول عنها ساعة يحلف. قِيل: فحنث؟ قال: أخشى أن يكون ثلاثًا، ولكن لا أفتي به. وقال: وسألتُ إسحاقَ قلتُ: فإن قال: الحل عليه حرام وهو الطلاق؟ قال: يقع عليه. وقال: وسئلَ إسحاق مرة أخرى، عن رجل قال: كل حل عليه حرام، ونوى طلاقًا؟

قال: هو طلاق، وإن نوى واحدة فواحدة، وإن نوى ثنتين فثنتين، وإن نوى ثلاثًا فثلاث. "مسائل حرب" ص 195 - 198 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يقول لامرأته: أنت عليّ حرام؟ قال: كفارة الظهار. قلت: وكفارة الظهار كم هي؟ قال: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا، لكل مسكين مد بر. قلت: المد كم هو؟ قال: رطل وثلث. "مسائل عبد اللَّه" (1344) قال في رواية أبي عبد اللَّه النيسابوري: إذا قال: أنت عليَّ حرام أريد به الطلاق، فقال: قد كنت أقول: إنها طلاق، يكفر كفارة الظهار. ونقل الميموني عنه: إذا ظاهر من أكل حرام كالميتة، والدم، وما حرم عليه، فعليه كفارة يمين. وقال في رواية البغوي ومحمد بن عبد الرحمن الشامي من ولد شامة ابن لؤي: إذا قال لها: أمرك بيدك فقالت: أنا عليك حرام. فقد حرمت عليه. وقال في رواية أبي جعفر محمد بن يحيى المتطبب فيمن قال: أنتِ عليَّ كظهر أمي، أعني: به الطلاق: لا يكون طلاقًا إلا أن يقول: أنتِ عليَّ حرام، أعني: به الطلاق. "الروايتين والوجهين" 3/ 179 - 180، "المغني" 10/ 399

2414 - تعليق الظهار

2414 - تعليق الظهار قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ قال لامرأته؟ أنت أمي إن فعلت كذا وكذا؟ قال: إن فعل تلزمه كفارة الظهار. قال إسحاق: ليس عليه في ذلك كفارة الظهار، إلا أن ينوي بهذا القول الظهار، ولو نوى طلاقًا كان ذلك. "مسائل الكوسج" (1007) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقول في رجل قال لامرأته: إن لم أرح نفسي منك، فأنت عليّ كظهر أمي؟ قال: إذا صار في الوقت الذي يعلمُ أنه لم يرح نفسه منها حنث. "مسائل أبي داود" (1163) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: فيعطل امرأة؟ قال: لا ينبغي له أن يفعل. "مسائل أبي داود" (1164) قال ابن هانئ: سألته عن رجل حلف على امرأته أنت عليّ مثل أمي، إن لبست هذا من غزلك الذي عندك، وعندها مَنُّ ونصف؟ قال: لا يلبس مما عندها ولو كان أكثر من مَنّيْن. "مسائل أبي هانئ" (1150) قال حرب: سُئلَ أحمد عن رجل قال لامرأته: أنت عليّ كأمي إن حلفت بالطلاق. فحلف بالطلاق؟ قال: يعتق رقبة أو يصوم شهرين. "مسائل حرب" ص 264

2415 - توقيت الظهار

2415 - توقيت الظهار قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: إذا وقت وقتًا في الظهار فذهب ذلك الوقت، كأنه يقول ليس عليه شيء. قال أحمد: إذا مضى الوقتُ سقط الظهارُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1362) قال صالح: وقال في رجل قال لامرأته: أنت اليوم عليّ حرام أو كظهر أمي: هذا قد وقت، فإذا كان غدًا لا تحرم، فمن ذهب أنها تحرم يشبهها بالطلاق، وأقوى في المذاهب الذي يزعم أنها لا تحرم، وأذهب إليه؛ وذاك أن الظهار والحرام عندي يمين. قلت: فمن يقول في (الفيء) (¬1) يوقت؟ قال: عطاء بن أبي رباح (¬2). قلت: فمن يقول: إنه يقع عليها إذا وقت وقتًا؟ قال: إبراهيم وغيره (¬3)، وشبهوه بالطلاق، وهو عندي لا يشبه الطلاق. "مسائل صالح" (968) ¬

_ (¬1) في المطبوع من "المسائل": الشيء ولعل المثبت أصح. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 112 (18230). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 4/ 11 - 112 (18319، 18320، 18321، 18327).

ثانيا: المظاهر

ثانيًا: المظاهر 2416 - لزوم كفارة الظهار للمرأة إذا ظاهرت من زوجها قال إسحاق بن منصور: قلت: على النساء ظهار؟ قال: من ذهب إلى أنها يمينٌ يوجبُ عليها الكفارة. قال إسحاق: لا تكونُ المرأةُ متظاهرة؛ لما وصعف اللَّه الظهار للأزواج من النساء، ولكنها يمين تكفرها؛ لأن الإرادة في ذلك اليمين. "مسائل الكوسج" (1085) قل حرب: سمعت أحمد يقول: المرأة إذا ظاهرت من زوجها لزمتها الكفارة كما يلزم الرجل إذا قالت لزوجها: أنت كأبي، أو كأخي، أو نحو ذلك: كفَّرت كما يُكفِّر الرجل؛ لأن الظهار ليس بمنزلة الطلاق؛ لأن الظهار إنما هي يمين. قِيل: فيطأها الزوج قبل أن تُكفِّر هي؟ قال: الزوج أيش عليه من ذلك، إنما هو عليها. "مسائل حرب" ص 268 نقل الأثرم، وصالح، وأبو طالب عنه: إذا قالت المرأة لزوجها: أنت عليَّ كظهر أبي أو أخي، لزمها عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين مثل حديث عائشة بنت طلحة. ونقل ابن القاسم عنه في المرأة تظاهر من الرجل. فقال: هذا بعيد جدًّا؛ القرآن إنما حكم على الذين يظاهرون ولم يبين في ذلك أمر النساء. "الروايتين والوجهين" 2/ 192

2417 - ظهار النصراني

2417 - ظهار النصراني قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أبا عبد اللَّه عن نصراني ظاهر من امرأته ثم أسلم؟ قال: إن جاء إلينا أخبرناه أن عليه ظهارًا. فقلت له: أليس أخبرتني عن عبد الرزاق عن ابن جريح، قال: قلت لعطاء: أبلغك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أقر أهل الجاهلية على ما أسلموا عليه من نكاح أو طلاق؟ قال: ما بلغنا إلا ذلك (¬1). قال: ليس هذا من هذا. "أحكام أهل الملل" 1/ 283 (579) ثالثًا: المظاهر منها 2418 - الظهار من الأمة وما يجب فيه قال إسحاق بن منصور: قلت: الرجل يظاهر من أمته؟ قال: إذا كانت زوجة فعليه الظهار، وإذا كانت ملك يمينٍ فلا. قال إسحاق: هكذا هو كما قال. "مسائل الكوسج" (1047) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال -يعني: سفيان: رجلٌ ظاهر من أمته، قال: هو ظهارٌ. قال أحمد: لا، لا يكون الظهار إلا من زوجةٍ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1086) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 166 (12632)، وابن أبي شيبة 4/ 183 (19089).

قال صالح: قلت: الظهار من الأمة والحرة سواء؟ قال: إذا كانت الأمة امرأته تزوجها بمهر فهو ظهار، وإن كانت ملك يمين أو أم ولد فليس منها ظهار. "مسائل صالح" (87) قال أبو داود: قلت لأحمد: الظهار من الأمة؟ قال: إذا كانت ملك اليمين؛ فكأنه حرمها، يكفرُ يمينه؛ فإذا كانت أمةً تزوجها فظاهر منها يكفرُ كفارة الظهار. قيل: فأم الولد ظاهر منها؟ فقال: هذِه ملك اليمين. "مسائل أبي داود" (1165) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يقول لسرية: أنت حرام، ونوى واحدة؟ قال: عليه كفارة الظهار. "مسائل ابن هانئ" (1130) قال حرب: قيل لأحمد: رجل قال لجارية يطأها: أنت عليّ حرام قال: يكفر يمينه، وليس هذا مثل الذي يقول لزوجته: أنت عليّ حرام؛ لأن هذِه ملك يمين. "مسائل حرب" ص 199 قال حرب: سألت أحمد قلت: الظهار من الحرة والأمة سواء؟ قال: إذا كانت الأمة امرأته تزوجها بمهر فهو سواء، وإذا كانت ملك يمينه أو أم ولده فليس منها ظهار.

2419 - الظهار من المطلقة الرجعية

وسمعت أحمد مرة أخرى يقول: الظهار من الحرة والأمة سواء إذا كانت الأمة امرأته، فإذا كانت سريةً يطأها فليس منها ظهار. وسألت أحمد مرة أخرى، عن الظهار من الأمة إذا كانت ملك يمينه: فليس هو ظهارًا يجزئه كفارة يمين. "مسائل حرب" ص 264 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الظهار من الأمة والحرة سواء؟ قال: إذا كانت الأمة امرأته تزوجها بمهر فهو ظهار، وإذا كانت ملك يمين وأم ولد فليس منها ظهار. وقال مرة أخرى: وفيه كفارة يمين. "مسائل عبد اللَّه" (1265) نقل أبو طالب عنه: إذا ظاهر من أم ولده لم يكن في الأمة ظهار ولكن حرام، ويكون عليه الكفارة. قيل له: كفارة الظهار؟ قال: نعم. "الروايتين والوجهين" 2/ 177، "زاد المسير" 8/ 186 2419 - الظهار من المطلقة الرجعية قال أبو النضر: قلت لأبي عبد اللَّه: فرجل طلق امرأته تطليقة يملك الرجعة ثم يظاهر منها، أيكون مظاهرًا؟ قال: نعم؛ لأن هذِه زوجته يرثها وترثه. "الطبقات" 1/ 278

الظهار قبل النكاح قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ قال لامرأته: كل امرأةٍ أنكحها عليك ما عشت فهي عليَّ كظهر أمي؟ قال: يجزئه من ذلك كله عتق رقبة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1083) قال إسحاق بن منصور: قال الإمام أحمد: [عقده] (¬1) يجب عليه كفارة واحدة إذا تزوج امرأة كفَّر، ثم تزوج أخرى كفَّر، يكفِّر في كل امرأةٍ يتزوجها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1084) قال صالح: سألته عن الظهار قبل النكاح؟ قال: لزمه؛ لأنه يمين، وليس بمنزلة الطلاق، نذهب إلى حديث عمر ابن الخطاب (¬2). "مسائل صالح" (368)، ونقلها حرب عن الإمام أحمد في مسائله ص 116، ونقلها عبد اللَّه عن أبيه في "مسائله" (1325) ¬

_ (¬1) كذا بطبعة دار الهجرة، وفي ط الجامعة الإلمملامية: رجل تزوج امرأتين في عقدة واحدة. (¬2) رواه سعيد بن منصور 1/ 252 (1023)، والبيهقي 7/ 383 وقال: هذا منقطع، وقال ابن حجر في: "فتح الباري" 9/ 386 لا يصلح، العمري ضعيف، القاسم لم يدرك عمر.

قال صالح: وقال: الرجل يظاهر من قبل أن يتزوج، أذهب إلى حديث عمر -حديث القاسم- كفارة الظهار. قلت له: لا يكون مثل التزويج؟ قال: هذا يمين لا يكون مثل الطلاق. "مسائل صالح" (1195)

باب أحكام متعلقة بالظهار

باب أحكام متعلقة بالظهار 2420 - الإيلاء بعد الظهار وعكسه قال إسحاق بن منصور: قلت: يدخلُ على الرجل إيلاء في تظاهر؟ وكيف هذا؟ قال أحمد: الإيلاء في قولنا يوقف، كأنه قد حلف، فقال: واللَّه لا أطؤك سنةً. فهذا مولٍ، إذا مضت الأربعة الأشهر فإن جاءت تطلب أوقف لها بعد مُضي الأربعة، فإمَّا أن يفيء، وإمَّا أن يطلق، فإن قال لها في قوله بعد ذلك: أنت عليَّ كظهر أمي إن وطئتك سنة. فأراد أن يظاهر بعد مضي السنة كفَّر، وإن جاءت تطلب فليس له أن يعضلها بعد مضي الأربعة، يقال له: إما أن تفيء، فإن وطئها فقد وجبت عليه كفارةُ الظهار، وإن أبي فأرادت أن تفارقه طلقها الحاكمُ عليه. قال إسحاق: كما قال، إذا كان الزوج يأبى. "مسائل الكوسج" (1089) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان إذا قال الرجلُ لامرأته: أنت عليّ كظهر أمي إن قربتك؟ قال: إن قربها قبل أربعة أشهر كان ظهارًا وسقط الإيلاءُ، وإن تركها أربعة أشهر قبل أن يجامعها كان إيلاءً؛ لأنَّه منعه من الجماع ما قال، فمتى ما قربها بعد ذلك وقع عليه الظهار إذا لم يكن وقت وقتًا، فإذا وقت وقتًا فمضى ذلك الوقتُ قبل أن يجامعها لم يكن ظهارًا. قال أحمد: إذا قال: أنت عليّ كظهر أمي، ولم يوقت لذلك وقتًا، فقد وجبت عليه كفارةُ الظهار، إلَّا أن يطلقها ثلاثًا، فإن طلقها ثلاثًا فلا كفارة

عليه، إلَّا أن يراجعها بعد زوجٍ، فإن راجعها فالظهار عليه، وإن قال لها: أنت عليّ كظهر أمي سنة إن وطئتك، فجاءت بعد مضي الأربعة الأشهر وقت لها، فإما أن يفيء، وإمَّا أن يطلق، وإن هي تركته حتى تمضي السنة سقط عنه الظهار، وإن هو وطئها قبل مضي السنة فقد وجبت عليه كفارة الظهار. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1265) قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا ظاهر منها يوقفُ؟ قال: لا؛ لا يكونُ ظهار إيلاءً. "مسائل أبي داود" (1163) نقل مهنا عنه في رجل حلف لا يقرب امرأته سنة، فلما كان بعد أربعة أشهر قال لها: أنت عليّ كظهر أمي. ثم قربها، يكون عليه الإيلاء وكفارة الظهار. ونقل الميموني عنه أنه سئل عن قول علي: لا يدخل ظهار على إيلاء، ولا إيلاء على ظهار (¬1). كأنه آلى ثم ظاهر منها: لم يلزمه الظهار؟ فقال: نعم. قيل له: فإن ظاهر ثم حلف باللَّه عز وجل أن لا يطأها لم يدخل عليه إيلاء في وقت من الأوقات؟ قال: كذا هو على ظاهره. قال الميموني: هو مذهب أبي عبد اللَّه، وقد كتبته. "الروايتين والوجهين" 2/ 174 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 112 (18326).

2421 - هل يحرم على المظاهر ما دون الجماع من زوجته؟

نقل أبو طالب عنه في رجل قال: إن قربت امرأتي فهي عليَّ كظهر أمي: فلا يقربها حتى يكفر كفارة الظهار. قيل له: فلا يدخل عليه إيلاء إن تركها؟ قال: لا، إنما يدخل الإيلاء على من حلف باللَّه. "الروايتين والوجهين" 2/ 176 - 177 2421 - هل يحرم على المظاهر ما دون الجماع من زوجته؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: المظاهرُ يقبّلُ أو يُباشرُ؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأسٌ؛ إنما قال اللَّه عز وجل: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] كأنه يريدُ الجماع. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (1006) قال حرب: وسُئلَ أحمد عن المظاهر يقبل قبل أن يكفر، فكأنه رخص في القبلة وحدها، وذُكر عن ابن عباس: أنه كره القبلة والمباشرة وغير ذلك. وقال: إنه يراد بذلك كله الجماع. "مسائل حرب" ص 269

باب الآثار المترتبة على الظهار

باب الآثار المترتبة على الظهار وجوب الكفارة 2422 - سبب وجوب الكفارة: هل هو الظهار أم العود؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: المظاهر يكفِر وإن برَّ؟ قال: لا يكفِّر إذا برَّ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1063) قال إسحاق بن منصمور: قلت لأحمد: رجلٌ ظاهر من امرأته، ثم فارقها، عليه أن يكفِّر؟ قال: لا يكفر، إنما الكفارةٌ لمن أراد أن يعود إليها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1088) قال حرب: سُئلَ أحمد عن المظاهر متى تلزمه الكفارة؟ قال: إذا نوى أن يغشى. وسمعته مرة أخرى يقول المظاهر إذا نوى أن يجامع فعليه الكفارة، فإن طلق قبل أن يجامع سقطت عنه الكفارة. ومذهبه نوى أن يجامع أو لم ينو إذا طلقها سقطت عنه الكفارة. "مسائل حرب" ص 264 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: قال اللَّه جل ثناؤه: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ} الآية [المجادلة: 2] {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 4].

2423 - إذا ظاهر فجامع قبل أن يكفر؟

قال أبي: والظهار يمين، والكفارة فيه قبل أن يتماسا، فلو أن رجلًا ظاهر من امرأته ثم طلقها، لم تكن عليه كفارة -والظهار: أن يقول لامرأته: أنت عليّ كظهر أمي، عمتي، خالتي، حماتي، ذات محرم- والأمة إذا كانت زوجة، يكون منها ظهار، وإن كانت ملك يمين، لا يكون منها ظهار. قال أبي: عليه الكفارة في أمته وأم ولده، كذلك ابن عمر كفّر قبل وبعد، قبل أن يحنث، وبعد ما حنث، وسلمان كفّر قبل أن يحنث. "مسائل عبد اللَّه" (1350) 2423 - إذا ظاهر فجامع قبل أن يكفر؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا ظاهر من امرأته، ثم وقع بها قبل أن يكفر ما عليه؟ قال: كفارةٌ واحدةٌ. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (1004) قال ابن هانئ: وسئل عن الذي يجامع قبل أن يكفّر؟ قال: قد أساء، وعليه كفارة واحدة. "مسائل ابن هانئ" (1147) قال حرب: سألتُ أحمدَ قلتُ: المظاهر يواقع قبل أن يكفر؟ قال: عليه كفارة واحدة. يذهب إلى حديث سلمة بن صخر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "مسائل حرب" ص 266 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 37، وأبو داود (2213)، والترمذي (1198)، وابن ماجه =

2424 - إذا وجبت عليه الكفارة فأبى أن يكفر؟

نقل الأثرم عنه في المظاهر إذا جامع قبل أن يتم: فليتم وإن أصاب قبل أن يكفر فكفارة واحدة. "الروايتين والوجهين" 2/ 184 2424 - إذا وجبت عليه الكفارة فأبى أن يكفر؟ قال حرب: سألتُ أحمدَ قلتُ: المظاهر إذا قال: لا أكفر. يجبر على الكفارة؟ قال: نعم. وسألت أحمد مرة أخرى فذكر نحوه. وسألتُ إسحاق قلت: رجل ظاهر ثم أمسك عن الكفارة وقال: لا أكفر؟ قال: يجبر على ذلك. "مسائل حرب" ص 268 2425 - إذا ظاهر من امرأته فمات أحدهما قبل أن يكفر؟ قال عبد اللَّه: قال أبي: لو أن رجلًا ظاهر من امرأته، ثم ماتت كان يرثها، ولا تجب عليه كفارة في الظهار، وكذلك إن طلقها فأبت طلاقها فلا تجب عليه كفارة فإن طلقها فأبت طلاقها ثم راجعها؟ ¬

_ = (2064). قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وحسنه الحافظ بن حجر في "الفتح" 9/ 433. وصححه الألباني في "الإرواء" (2091).

2426 - الاعتبار في الكفارة بحالة الوجوب

قال: لا يطأها حتى يكفر، فإن طلقها ثلاثًا فتزوجت زوجًا غيره، ثم راجعها فلا يطأها حتى يُكفر كفارة الظهار. "مسائل عبد اللَّه" (1351) 2426 - الاعتبار في الكفارة بحالة الوجوب قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن عبد حلف على يمين، فحنث فيها وهو عبد، فلم يكفر حتى عتق، أيكفر كفارة حر أو كفارة عبد؟ قال: يكفر كفارة عبد؛ لأنه إنما يكفر ما وجب عليه يوم حنث، لا يوم حلف. قلت له: حلف وهو عبد، وحنث وهو حر؟ قال: يوم حنث. "المغني" 11/ 108

فصل أنواع الكفارات

فصل أنواع الكفارات 2427 - ترتيب الكفارات والأولى منها قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن المظاهر يقدر على الصيام إن حمل على نفسه ولكن يضعفُ عن معيشته؟ قال: يصومُ، إنما قال اللَّه: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ} [المجادلة: 4]. "مسائل أبي داود" (1167) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يقول: إن كلمت فلانًا -رجلًا قد سمّاه- فامرأته عليه مثل أمّه، فكلمه؟ قال: عليه كفارة الظهار: عتق رقبة، فإن لم يجد، فصيام شهرين، فإن لم يستطع، فإطعام ستين مسكينًا. "مسائل ابن هانئ" (1146) قال حرب: قلت لأحمد: فشيخ ظاهر من امرأته ولا يقدر على العتق، ولا على الطعام، ولا على الصيام. قال: لا بد من واحدة من هذِه الثلاث. "مسائل حرب" ص 264 أولًا: عتق الرقبة 2428 - ما يجوز في الرقبة المعتقة وما لا يجوز؟ قال حرب: قلت لأحمد: ولد الزنا يجوز في كفارة الظهار؟ فمرض عليّ فيه، ولم يجبني جوابًا صحيحًا. "مسائل حرب" ص 264

2429 - إذا شرع في الصوم ثم أيسر

قال حرب: سألتُ أحمدَ قلتُ: يجوز الصبي في كفارة الظهار؟ قال: فيه اختلاف، وأما في القتل فلا يجوز إلَّا من قد صلى وصام. حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا هشيم قال: أنبأ يونس، عن الحسن، وأبو حيان، عن الشعبي ومغيرة، عن إبراهيم أنهم كانوا يقولون: فيمن قتل مؤمنًا فعليه عتق رقبة قد بلغت، ويجزئ عتق الصغير في كفارة الظهار واليمين. "مسائل حرب" ص 267 نقل أحمد بن الحسن الترمذي عنه: لا يجزئ المكاتب في كفارة الظهار؛ لأنه ليس برقبة تامة ليس له أن يرجع فيه. ونقل الميموني عنه أنه سُئل هل يعتق في الكفارة؟ فقال: هذا الآن قد أدى ودخله شيء، ومن ذهب إلى أنه عبد ما بقي عليه درهم أعتقه. قيل له: أليس تقول بعتقه؟ قال: بلى. وقال أحمد في رواية علي بن سعيد: إذا أعتق شركًا له في عبد لم يجزه، وإن عتق في ماله. "الروايتين والوجهين" 2/ 186 - 187 ثانيًا: الصوم 2429 - إذا شرع في الصوم ثم أيسر قال صالح: وسألته عمن صام من كفارة الظهار شهرًا، ثم وجد ما يعتق، أو عرض له مرض؟

2430 - إذا قطع الصيام لعذر, يستأنف؟

قال: يمضي على صومه، وإذا كان شيء ليس مما فعله، فهو يقضي. "مسائل صالح" (254) قال حرب: سُئلَ أحمد عن الرجل يصوم من كفارة الظهار شهرًا أو أكثر من شهر، غير أنه لم يتم شهرين، ثم أيسر؟ قال: يمضي في صيامه. قِيل: يمضي في صيامه؟ قال: نعم، إذا دخل في شيء أتمه ولم ير عليه الكفارة. وسُئلَ أحمد مرة أخرى، عن الرجل يصوم من كفارة الظهار ثم أيسر؟ قال: يمضي في صومه، قال: وكذلك جميع الكفارات إذا دخل في شيء مضى فيه. وقال: وسألتُ إسحاق عن رجل صام من كفارة الظهار بعضًا ثم أيسر؟ قال: الذي أختار أن يلزمه العتق. وذكر عن مالك وأصحابه قال: يمضي في صيامه. "مسائل حرب" ص 265 2430 - إذا قطع الصيام لعذر, يستأنف؟ قال صالح: قلت: رجل عليه كفارة ظهار، فصام شهرين متتابعين، غير أنه مرض يومًا مرضًا لم يمكنه الصوم قبل أن يتم الشهرين فأفطر، ترى له أن يبني على صومه أو يستقبل الصوم؟ قال: يبني على صومه. "مسائل صالح" (319) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن المظاهر إذا أفطر من مرضٍ، أعليه الإعادة؟

2431 - إذا جامع قبل أن يتم صومه، يستأنف؟

قال: أرجو أنه في عذرٍ. "مسائل أبي داود" (1168) قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يكون قد حنث في كفارة الظهار، فصام وقد دخل في رجب سبعة أيام، فصام بقية رجب وشعبان ثم دخل شهر رمضان فلم يتم صيام الشهرين؟ قال: يصوم شهر رمضان، فإذا انقضى رمضان أفطر يوم الفطر، وصام السبعة وليس عليه شيء. سألته عن رجلٍ حلف على أم ولد له ألّا يقربها، قال: أنت عليّ كظهر أمي إن قربتك؟ قال: يجزئه من هذا كفارة يمين: إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من تمر، أو مدٌ من برٍ. "مسائل ابن هانئ" (1149) قال حرب: قلت لأحمد: صام من كفارة الظهار أيامًا ثم مر ض؟ قال: إذا صح مضى في صيامه ولا يستأنف. "مسائل حرب" ص 265 2431 - إذا جامع قبل أن يتم صومه، يستأنف؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ تظاهر فأخذ في الصوم فجامع بالليل يستقبل؟ قال أحمد: يستقبل. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1263)

2432 - صيام العبد في الظهار

قال إسحاق بن منصور: قلت: قال: فإن أطعم فجامع يطعم؛ ليس هذا من نحو هذا؟ يعني: الصوم. قال أحمد: يقضي. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1264) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن مظاهر صام لظهاره قَيَّل مع امرأته بالليل؟ قال: يتم صيامه، قال اللَّه: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4]. "مسائل أبي داود" (1169) قال حرب: وقال أحمد في المظاهر إذا جامع قبل أن يتم الصيام استأنف. "مسائل حرب" ص 269 ونقل الأثرم وقد سُئل عن المظاهر إذا صام بعض صيام ثم جامع قبل أن يتم كيف يصنع؟ قال: يتم صومه. "الروايتين والوجهين" 2/ 188 2432 - صيام العبد في الظهار قال إسحاق بن منصور: قلت: صيام العبد في التظاهر؟ قال: يصوم شهرين. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (669)

قال إسحاق بن منصور: قلت: صيامُ العبد في التظاهر؟ قال: يصومُ شهرين. قال إسحاق: أجاد، فما شأن الإيلاء؟ . "مسائل الكوسج" (1068) قال إسحاق بن منصور: قلت: صيامُ العبد في التظاهر؟ قال: يصومُ شهرين. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1288) قال صالح: قلت: ظهار العبد مثل ظهار الحر؟ قال: أما ظهار العبد فما أقل ما اختلف الناس فيه مثل ظهار الحر، ولكن الإيلاء أكثر الناس يقول: على النصف من إيلاء الحر. وقال: ظاهر الآية ظهاره ظهار، ومن قال: نصف يقول في الظهار والإيلاء سواء، وأذهب إلى مثل ظهار الحر. "مسائل صالح" (1196) قال ابن هانئ: سئل عن العبد يظاهر؟ قال: يصوم شهرين متتابعين. قال إسحاق: قلت له: يا أبا عبد اللَّه عليه إطعام؟ قال: لا، ولا عتق. قلت: فإن مرض في بعض الشهرين، ولم يقضها؟ قال: إذا مرض يتم صومه، يبني. "مسائل ابن هانئ" (1148) قال حرب: سئلَ أحمد عن العبد يظاهر من امرأته؟

2433 - مقدار الإطعام

قال: فيه اختلاف وذكر -أظنه- عن إبراهيم قال: يصوم شهرًا، وذهب أبو عبد اللَّه إلى شهرين، وقال: ليس في شهرين اختلاف. وقال: في إيلاء العبد أربعة أشهر. وقال: وسألتُ إسحاق عن ظهار العبد ماذا عليه؟ قال: عليه الصوم شهرين. قلت: وإن كانت امرأته أمة؟ قال: كذلك أيضًا. ذهب إلى أن الحرة والأمة في ذلك سواء. يذهب أحمد إلى أن العبد يصوم في كفارة القتل والظهار شهرين كما يصوم الحر، وفي كفارة اليمين. قِيل: فللسيد أن يحول بينه وبين الصيام؟ قال: لا؛ لأن الصيام عليه في بدنه. "مسائل حرب" ص 267 ثالثًا: الإطعام 2433 - مقدار الإطعام قال أبو داود: سمعته سئل عن الإطعام في الظهار؟ فقال: لكل مسكين مدُّ حنطة. قيل: فدقيق؟ قال: مدٌّ. قيل: بوزن الحنطة يعطى دقيق؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1166)

فصل أحكام متعلقة بالكفارة

فصل أحكام متعلقة بالكفارة 2434 - تعدد الكفارات واتحادها قال إسحاق بن منصور: إذا ظاهر من أربع نسوة؟ قال: كفارة واحدة. قال إسحاق: هو كما قال، إذا كان بمرة واحدة. "مسائل الكوسج" (1005)، وذكرها حرب عن أحمد في "مسائله" ص 267 قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ ظاهر من امرأته في مجالس متفرقة؟ قال: عليه كفَّارةٌ واحدةٌ, ما لم يُكفر. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1082) قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يظاهر من امرأته مرارًا في مجلس؟ قال: يجزئه كفارة واحدة. قلت: فإن كان في مجالس؟ قال: أرجو أن يجزئه كفارة واحدة ما لم يكفر. "مسائل حرب" ص 268 نقل الأثرم والفضل بن زياد وحنبل عنه: إذا ظاهر من أربع نسوة فإن كان في كلمة واحدة فكفارة واحدة وإن كان في كلمات متفرقات فكفارات. وفي لفظ آخر: فإن كان في مجالس شتى فكفارات. "الروايتين والوجهين" 2/ 182

كتاب اللعان

كتاب اللعان 2435 - كيفية اللعان قال إسحاق بن منصور: قلت: كيف يلاعنُ الرجلُ امرأته؟ قال: على ما في كتاب اللَّه عز وجل. قلت: يوقف عند الخامسة، فيقال له: اتق اللَّه تعالى؟ قال: نعم، إنها موجبة. قال: يقول أربع مرات: أشهدُ باللَّه إنه فيما رماها به لمن الصادقين، ثم يوقف عند الخامسة، فيقال له: اتق اللَّه، إنها موجبة. فإن حلف، فقال: لعنة اللَّه عليه إن كان من الكاذبين، والمرأة مثل ذلك توقفُ عند الخامسة، فيقال لها: اتق اللَّه، فإنها الموجبة توجب عليك العذاب. فإن حلفت قال: غضب اللَّه عليها إن كان من الصادقين. قلت: إذا كذَّب نفسه عند الخامسة؟ قال: يُضرب، وهي امرأته. قلت: فإن لم تحلف عند الخامسة؟ قال: لا ترجم، يقالُ لها: اذهبي، والولد لها، فإذا أقرت أربع مراتٍ رجمت، وأهل المدينة يقولون: إذا أبت أن تلتعن رجمت، وذلك أنهم يقولون: إذا أقر أو أقرت مرة رجم ورجمت. قال إسحاق: هو كما قال، إلا أنها إذا أبت أن تلتعن رجمت؛ لما قال: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: 8]. "مسائل الكوسج" (1048)

2436 - إذا مات أحد المتلاعنين قبل إتمام اللعان؟

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن اللعان؟ فقال: الرجل يقذف امرأته ولا تقاره -يعني: ولا تقر بما ادعاه عليها- فإذا ارتفعوا إلى الحاكم لاعن بينهما، فيبدأ الرجل فيقول: أشهد أني فيما رميتها به لصادق أربع مرات، والخامسة أن لعنة اللَّه عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به، وتشهد هي أربع شهادات باللَّه إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب اللَّه عليها إن كان من الصادقين، ثم يفرق بينهما الحاكم، ولها صداق، وتعتد عدة الحرة المسلمة، إن كانت ممن تحيض بثلاث حيض، وإن كانت ممن لا تحيض فثلاثة أشهر، وإن كانت حاملًا فأجلها أن تضع حملها. "مسائل عبد اللَّه" (1375) 2436 - إذا مات أحد المتلاعنين قبل إتمام اللعان؟ قال حرب: سألت إسحاق قلت: رجل قذف امرأته فماتت أو مات قبل أن يلاعنها؟ قال: سقط اللعان ويتوارثان. "مسائل حرب" ص 275 2437 - ما يجب عند امتناع أحد الزوجين عن اللعان؟ قال إسحاق بن منصور: قلت لإسحاق؟ وفي اللعان إذا لم يلتعن أحدهما ما يلزمه؟ قال: الحكمُ في ذلك أن يعرض عليها أن تلتعن، فإن أبت ذكرت النار ووعظت، وإن لم تقر ولم تلتعن رُجمت؛ لقول اللَّه سبحانه وتعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ

2438 - اللعان لنفي الولد

تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} الآية [النور: 8 - 9]. والعذاب فسره أهلُ العلم: الحدُّ، فلما لم تدرأ عن نفسها الحد باللعان بقي الحدُّ. قال إسحاق: وكذلك أخبرنا المعتمر، عن أبي عوانة، عن حماد أنها تُرجم، وهذا هو مذهبُ كلام هؤلاء كلهم، إلَّا أنهم تركوا قياد كلامهم، وذلك لما أجمعوا أنَّ المدعى عليه بكل الحقوق مائة ألف كان أو أكثر إذا لم يقر؛ قضوا عليه بدعوى المدعي، فكان يلزمهم إذا أبت أن تلتعن أن يجعلوا ذلك منها إقرارًا بالزنا، والزوج لو أنه بعد رميها أبى أن يلتعن، وثبت على قوله فإنه يُحد، وهي امرأته، وإن أكذب نفسه حد أيضًا، وهي امرأته. "مسائل الكوسج" (1049) نقل ابن القاسم عنه: أرأيت إن لم تلتعن؟ أجبرتها. "الروايتين والوجهين" 2/ 195 2438 - اللعان لنفي الولد قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان عن رجل قال لامرأته: ما في بطنك ليس مني. قال: تتربص حتى تضع. قال أحمد: نعم، إذا وضعت إن نفاه لاعنها، وإن ادعاه فالولدُ ولده ولا يُضرب إلَّا أن يقول: زنيتِ. فإن قال: زنيتِ. ضرب الحد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1257)

قال إسحاق بن منصور: قلت: سُئل سفيان عن رجلٍ رأى في حجر امرأته ولدًا فقال: ليس هذا بولدي ولا أقذف امرأتي؟ قال: بينة المرأة أنه ولدها، وإلا هو منه بريء. قال أحمد: إذا كان الفراش فراشه فقال: ليس هذا الولد مني، وقد كانت ولدته في ملكه: يلاعن. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1259) قال إسحاق بن منصور: قلت: فإن قال رجلٌ لامرأته معها ولد: ليس هذا بولدك. قال: ليس بشيء. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2438) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: الرجلُ يدعي ولده عند موته، أو ينتفي من ولده عند موته؟ قال: أما الانتفاء فلا يجوز إلا باللعان، وإنما يكون النفي ساعة تضعه، فإذا كان لم ينتف منه حين ولد فليس له أن ينتفي منه، وأما إذا ادعى ولده فهو جائزٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2428) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: إذا قال لها: يا فاعلة. لاعن بينهما، وإذا قال: هذا الحبلُ ليس مني. ينتظر بها حتى تضع، لعله يدعيه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2439)

قال صالح: قال أبي: الذي ينفي ولده وهو مريض يلزمه الولد حتى يلاعن؛ الولد للفراش ما لم يلاعن. "مسائل صالح" (1281) قال حرب: قِيل لأحمد إذا قال الرجل لامرأته: ليس ما في بطنك مني. قال: هذا ليس نفيًا. ولم يره شيئًا. وقال: هذا مجهول؛ لأنه لا يدري ما في بطنها لعله ريح أو وجع. "مسائل حرب" ص 273 قال أحمد في رواية ابن القاسم: ولا يزول الولد إلا في الموضع الذي أزالته الشبهة وهو بالتعانهما جميعًا، والفراش قائم حتى تلتعن هي أيضًا والولد للفراش. ونقل أبو طالب: إذا قال: ليس هذا الحمل مني إنما هي كاذبة فإذا قذفها لعنها. "الروايتين والوجهين" 2/ 199 قال أحمد بن أصرم: وسئل عن امرأة رميت فأقرت على نفسها، ثم ولدت فبلغ زوجها، قال: الولد للفراش حتى يلاعن. "بدائع الفوائد" 4/ 60, "الفروع" 5/ 514 وحكى الخلال عنه أنه سئل عن حديث عباد فقال: حديث عباد منكر. قال مهنا: فقلت أيش من منكراته؟ فقال: حديث المتلاعنين كان يقول: عن عكرمة (¬1)، . . . . ¬

_ (¬1) لم أقف عليه من طريقه عن عكرمة مرسلًا لكن ذكر الترمذي بعد روايته الحديث من طريق هشام بن حسان، عن عكرمة، عن ابن عباس. (3179) أن أيوب رواه عن عكرمة مرسلًا.

ثم جعله عن ابن عباس (¬1). قال أحمد: وكان يحيى بن سعيد يقول: كان عباد يحدث بحديثه هذا مرسلًا ليس فيه عن ابن عباس ولا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومراده أنه عليه السلام لاعن بالحمل، فإنه لما ذكره بعد كلامه الأول قال: هو باطل، إنما قال: ". . . .". قال أحمد: أخبرناه محمد، ثنا وكيع قال: وبلغني أن ابن أبي شيبة أخرجه في كتابه أنه عليه السلام لاعن بالحمل، وهذا خطأ بين. وجعل يتعجب من إخراجه ومن خطئه في هذا، ثم قال: إنما الأحاديث التي جاءت عنه أنه قال: ". . . .". ¬

_ (¬1) رواه من طريق عباد -وهو ابن منصور- الإمام أحمد 1/ 238، وأبو داود (2256) مطولًا. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (388). ورواه من طريق هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس مختصرًا مع اختلاف في بعض الألفاظ البخاري (2671).

باب ما جاء في شروط اللعان

باب ما جاء في شروط اللعان 2439 - كون الزوجين بالغين عاقلين قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ قذف امرأة له أمة؟ قال: يلاعنها. "مسائل الكوسج" (916) قال إسحاق بن منصور: قلت: عبدٌ قذف امرأةً له حرة فلا يلاعنها؟ قال: كلا الزوجين يلاعنُ. "مسائل الكوسج" (917) قال إسحاق بن منصور: قلت: عبدٌ قذف امرأةً له أمة؟ قال: يلاعنها. قال إسحاق: كما قال، إذا وقع عليها اسم الزوجة لاعنها. "مسائل الكوسج" (918) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا طلقها تطليقةً أو تطليقتين، ثم قذفها في العدة؟ قال: يلاعنُ. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (1020) قال إسحاق بن منصور: قلت: طلقها ثلاثًا؟ قال: يجلدُ. "مسائل الكوسج" (1021) قال إسحاق بن منصور: قلت: بانت بواحدةٍ؟

قال: يُجلدُ. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (1022) قال إسحاق بن منصور: قلت: بين المسلم والنصرانية، واليهودية، والمملوكة ملاعنةٌ؟ قال: بينهم ملاعنة، إنما يُريدُ نفي الولد، وإنما قال اللَّه عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] فهو يقعُ على هؤلاء كلهن. قال إسحاق: هو كما قال اللَّه عز وجل؛ لأنهن أزواج. قال اللَّه عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6]. "مسائل الكوسج" (1036) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا طلق الرجلُ امرأته ثلاثًا، ثم أنكر حملها، يلاعِنُها؟ قال: يُلاعنها لنفي الولد، وإذا قذفها بلا ولدٍ لا يلاعنها، وإن كانت حاملًا لاعنها. قلت: وإذا طلقها ثلاثًا، ثم قذفها وهي حاملٌ؟ قال أحمد: هذا أشدُّ، إذا كانت حاملًا فقد وجب اللعانُ بينهما. قال إسحاق: كما قال. ومعنى قوله: إذا طلقها ثلاثًا ولم يكن ولد لم تلاعن؛ لأنها حينئذٍ ليست بزوجةٍ، فإذا كان ولد لاعن بسبب الولد. "مسائل الكوسج" (1092) قال إسحاق بن منصور: قلت: العبدُ إذا تزوج الحرة، أو الأمة، أو الحرة اليهودية أو النصرانية يلاعنها؟ قال أحمد: كلا الزوجين يلاعن، إنما هي نفي الولد. قال: وإذا كان قاذفًا فكانت حاملًا أو لم تكن يلاعنها.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1093) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال لسفيان: إن جاءت المملوكة بولدٍ وزوجها حرٌّ، فانتفى منه ألزق به الولد، وإلا ضرب. قال أحمد: لا، بل يلاعنها وينفي ولدها. قال إسحاق: كما قال؛ لأن بين كل زوجين ملاعنةً. "مسائل الكوسج" (1253) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: وإن كانت حرة تحت المملوك فجاءت بولدٍ وانتفى منه ألزق به الولد، وضُرب الحدَّ. قال أحمد: يلاعنُ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1254) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال إبراهيم وعطاء: إذا ضرب الرجل في القذف، ثم قذف امرأته يُضرب ولا يلاعن. قال أحمد: لم؟ قلت: لا تجوز شهادته. قال: وأي شيء اللعان من الشهادة؟ ! قلت: يلاعن؟ قال: إي واللَّه، لو كان معناه معنى الشهادة فقذفهما زوجها وهو فاسقٌّ لم يلاعنها، ولو كان معناه معنى الشهادة لكان يشهدُ هو أو تشهد هي كما يشهد عليهما غيرهما. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1258)

قال صالح: وسألته عن المسلم تكون تحته النصرانية، أيكون بينهما لعان؟ قال: نعم، كل زوج يلاعن. "مسائل صالح" (261) قال صالح: قال أبي وسألته عن اليهودية والنصرانية تكون تحت المسلم فيقذفها؟ قال: يلاعنها. "مسائل صالح" (361)، وذكرها عبد اللَّه عن أحمد في "مسائله" (1376) قال صالح: قال أبي: بين كل زوجين لعان؛ لأنه ينفي عنه الولد، إذا لاعنها نفى عنه ولدها، وإذا لم يلتعنا فالولد قائم. "مسائل صالح" (1055) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل إذا طلق امرأته ثلاثًا، ثم قذفها فجاءت بولدٍ؟ قال: لا يتلاعنان، قال اللَّه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] فهذِه، يعني: ليست بزوجةٍ. "مسائل أبي داود" (1189) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل: بين الحرِّ والأمة لعانٌ؟ قال: إذا كانت امرأته. "مسائل أبي داود" (1190) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن: الرجل المسلم تكون تحته النصرانية، أيكون بينهما لعان؟ قال: كل زوج يلاعن. "مسائل ابن هانئ" (1151)

قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يطلق امرأته طلاقًا، ثم يقذفها؟ قال: إن كان طلاقًا يملك الرجعة، لاعنها، وإن كان طلاقًا بائنًا جلد الحد. قلت: فأربعة شهدوا على امرأة بالزنا، أحدهم زوجها؟ قال: يلاعن الزوج ويضرب الثلاثة، لأن الزوج يلاعن. "مسائل ابن هانئ" (1152) قال حرب: سمعت أحمد يقول في اليهودية والنصرانية تكون تحت المسلم فيقذفها؟ قال: يلاعنها. قِيل: فبين الحر والأمة؟ قال: نعم. قال أحمد: وإن أكذب نفسه ألحق به الولد، ولا يجتمعان أبدًا على حال، وفي ضربه اختلاف. وقال: وسمعت أحمد أيضًا يقول: الرجل المسلم يلاعن اليهودية والنصرانية. قلت لأحمد: فيهودي قذف يهودية يتلاعنان؟ قال: إذا ارتفعا إلى حكام المسلمين حكم فيهم بحكم المسلمين، ثم قال أحمد: ليس لهذا وجه، لأنه ليس عدل واللعان إنما هو الشهادة، وهو ليس بعدل، فتجوز شهادته. كأنه لم ير بينهما لعانًا. "مسائل حرب" ص 27 قال حرب: سمعت أحمد يقول: إذا قذف الرجل امرأته، ثم طلقها ثلاثًا، فإنه يلاعن، وإذا طلق ثلاثًا، ثم قذف مكانه فإنه لا يلاعن؛ لأنها ليست امرأته.

قِيل: فإن كانت حاملًا فقذفها، وقال: ولدك ليس مني؟ قال: فيه اختلاف. قِيل: فإن طلقها واحدة وهي في العدة ثم قذفها؟ قال: هي امرأته يلاعن. وقال أحمد مرة أخرى: إذا قذف الرجل امرأته ثم طلقها فإنه يلاعن؛ لأن اللعان وجب عليه قبل أن يطلق فهو عليه. وقال: سألت أحمد مرة أخرى قلت: رجل طلق امرأته ثم قذفها في العدة؟ قال: إن كان طلاقًا يملك الرجعة فإنه يلاعن؛ لأنه يملكها، وإن كان طلقها طلاقًا لا يملك الرجعة، فإنه لا يلاعن، هذا إذا قذف وهي في العدة. "مسائل حرب" ص 274 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وأملى عليّ: قال اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] قال الحسن، وسعيد بن المسيب: كل زوج يلاعن. وقال غيرهما: لا يلاعنان حتى يكونا مسلمين حرين، فأيش يقول هذا الذي يدعي الظاهر، هل تجد فيها عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقوله: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا}؟ [المجادلة: 3]؟ فقال بعض الناس: ليس ظهار؛ لأنه قال: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ}. وقال بعض الناس: إذا كانت أمة وكان ممن يطأها فهي من نسائه. وهو الحسن البصري. وقال بعضهم: إنما الظهار في الجماع، فهو يرى الظهار من الأمة والحرة جميعًا. "مسائل عبد اللَّه" (1373)

قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن بحتان قال: سئل أحمد بين المسلم والمشركة لعان؟ قال: نعم. قيل له: بين الحر والأمة لعان؟ قال: نعم. "أحكام أهل الملل" 1/ 286 (582) قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: قلت لأبي عبد اللَّه: أخبرنا أبو حذيفة قال: حدثنا سفيان، عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس في النصرانية إذا أسلمت وهي تحت النصراني؟ قال: يفرق بينهما، ولا يلاعن نصراني مسلمة. قال أبو عبد اللَّه: (أخبرت عنه) (¬1) أن لا يلاعن نصراني مسلمة. فإني أراه من كلام سفيان، وليس هو في الحديث. قلت لأبي عبد اللَّه: والذمي تراه؟ قال: له أن يلاعنها؛ لأنها زوجة. قال أبو بكر الخلال: هو من كلام سفيان لا شك كما قال أبو عبد اللَّه؛ لأن عفان حدث به عن خالد ليس فيه هذا، وقد توهم حرب أيضًا عن أبي عبد اللَّه لفظة: ليس العمل عليها؛ لأنه هو وغيره روى عن أبي عبد اللَّه صحة الملاعنة والاحتجاج لها ولا أعرف لتوهمه عليه وجهًا. "أحكام أهل الملل" 1/ 286 (587) قال الخلال: أخبرني عصمة قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد ¬

_ (¬1) في "التوضيح" 25/ 465 - 466 اضرب على.

اللَّه يقول: بين كل زوجين لعان. لو أن رجلًا تزوج نصرانية أو يهودية وقذفها، ثم رفعته إلى السلطان بقذفه إياها وأنكرت هي، وجب عليها اللعان؛ لأنها زوجة، وكذلك في النصراني واليهودي إذا قذف وترافعا، وجب عليهما اللعان، وكذلك الحكم فيهما. وقال: أخبرني عبد الرحمن بن داود أن الفضل بن عبد الرحمن حدثهم قال: قال أبو عبد اللَّه: اللعان بين كل زوجين حرين كانا أو مملوكين أو ذميين، أو حر ومملوكة وعبد وحرة ومسلم وذمية، هذا كله عندي سواء. "أحكام أهل الملل" 1/ 288 (589 - 590) قال الخلال: أخبرني محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم أن أباه حدثه قال: حدثني أحمد بن القاسم وأخبرني زكريا بن الفرج، عن أحمد بن القاسم أن أبا عبد اللَّه قال: اللعان بين كل زوجين إذا كان ولد حرين كانا أو مملوكين أو ذميين أو حر ومملوكة وعبد وحرة، ومسلم وذمية، كله عندي سواء؛ لأني أجدُ ههنا حقا للزوج، لا بدّ من لزوم الولد أباه لا يدفعه عنه إلا اللعان. فكيف أصدق قول ذمية أو مشركة وأنا لا أصدق الحرة المسلمة؟ وأقبل التعانه ودفعه ولدها، فكيف لا أقبل منه في دفع ولد النصرانية، والمملوكة؟ قلت له: فيحظر بها؟ قال: أما بالذمية نعم؛ لأن أحكامها تجري في القسم، وما أشبه ذلك بمنزلة المسلمة، أما المملوكة فغير ذلك. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عمن تزوج مشركة ثم قذفها يكون بينهما ملاعنة؟

قال: نعم، يكون بينهما ملاعنة. وقال: أخبرني الحسن بن الهيثم أن محمد بن موسى حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه قال: اللعان من كل زوجة؟ قال: نعم، إنما هو أن ينفي ولده. "أحكام أهل الملل" 1/ 288، 289 (592 - 595) نقل حنبل ويعقوب بن بختان عنه في العبد إذا قذف زوجته: يحد ولا يلاعن. "الروايتين والوجهين" 2/ 194 وقال أحمد في رواية الميموني وقد سأله عن المملوكين أو المملوك وتحته حرة يلاعنها؟ قال: كل زوجين يتلاعنان. "العدة" 2/ 349 قال أحمد في رواية بكر بن محمد: إذا قذفها بعد الثلاث، وله منها ولد، يريد نفيه يلاعن. فقيل: أليس اللَّه تعالى يقول: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6]، وهذِه ليست بزوجة؟ فاحتج بأن الرجل يطلق ثلاثًا وهو مريض فترثه؛ لأنه فارٌّ من الميراث؛ وهذا فارٌّ من الولد. "العدة" 2/ 560 قال أبو طالب: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يُطلقُ تطليقة أو تطليقتين، ثم يقذفها؟ قال: قال ابن عباس: لا يُلاعنُ، ويجلد (¬1). "المغني" 11/ 133 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 103 (12384)، وابن أبي شيبة 5/ 542 (28838).

2440 - إذا قذف امرأته وهي صماء خرساء

نقل مهنا، قال: سألت أحمد، عن رجل قال لامرأته: أنت طالق يا زانية. ثلاثًا؟ فقال: يُلاعن. قلت: فإنهم يقولون: يُحَدُّ، ولا يَلْزُمها إلا واحدة. قال: بئس ما يقولون. "المغني" 11/ 135 2440 - إذا قذف امرأته وهي صماء خرساء قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان عن رجل قذف امرأته وهي صماء خرساء. قال الشعبي: يجلد. وكان غيره يقول: لا يجلد (¬1). قال أحمد: لا أرى وقع شيء، لعلها كانت تقر، ولعلها كانت تعفو عنه أو تسكت عنه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1255) 2441 - إذا شهد أربعة على المرأة بالزنا أحدهم زوجها، يلاعن؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا شهد أربعة على امرأةٍ بالزنا أحدهم زوجها؟ قال: يلاعنُ الزوج، ويضربُ الثلاثة. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 108 (12414).

2442 - قذف كل من الزوجين لصاحبه

قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (1031) قال ابن هانئ: قلت: فأربعة شهدوا على امرأة بالزنا، أحدهم زوجها؟ قال: يلاعن الزوج، ويضرب بثلاثة (¬1)، وذلك أن الزوج ملاعن. "مسائل ابن هانئ" (1575) قال حرب: سألت إسحاق: أربعة شهدوا على امرأة بالزنا أحدهم زوجها؟ قال: إذا جاء ليشهد عليها بالزنا ومعه ثلاثة نفر جازت شهادتهم وترجم، وإذا رماها بالزنا وجاء ثلاثة فشهدوا مع الزوج جلد الثلاثة، ويلاعن الزوج. "مسائل حرب" ص 275 2442 - قذف كل من الزوجين لصاحبه نقل حنبل عن أحمد في من قال لزوجته: يا زانية. فقالت: بل أنت. أنه لا لعان بينهما وعليها الحد. "الروايتين والوجهين" 2/ 203 2443 - قذف الزوجة وأجنبية بكلمة واحدة نقل مهنا عن أحمد: إذا رمى زوجته وأجنبية بالزنا، فإنه يلاعن عن زوجته، ويحد للأجنبية. "الروايتين والوجهين" 2/ 206 ¬

_ (¬1) كذا بالمطبوع والصواب الثلاثة، كما في "مسائله" (1152).

باب الآثار المترتبة على اللعان

باب الآثار المترتبة على اللعان 2444 - 1 - تأبد الحرمة بين الزوجين قال إسحاق بن منصور: قلت: المتلاعنان لا يجتمعان أبدًا؟ قال: نعم، لا يجتمعان أبدًا. قال إسحاق: نعم، وزيادة. "مسائل الكوسج" (996) نقل حنبل والميموني عنه أنه تحريم على التأبيد ولا يزول ذلك التحريم. "الروايتين والوجهين" 2/ 198 2445 - إن نكل عن اللعان، تُرد عليه امرأته؟ قال صالح: وقال: المتلاعن إذا أكذب نفسه يجلد الحد، ويلحق به الولد، ولا يرجع إليها أبدًا؛ لأنه حرمها على نفسه، وهذا أصح في المعنى. "مسائل صالح" (1191) قال حرب: وقال أحمد: الملاعن إذا أكذب نفسه بعد اللعان لم ترد عليه امرأته. وسألت أحمد مرة أخرى قلت: الرجل يكذب نفسه بعد اللعان؟ قال: يلحق به الولد ولا يجتمعان أبدًا، وقد اختلفوا في الضرب. قِيل لأحمد: رجل لاعن امرأته، فشهد أربع شهادات، فلما كان عند الخامسة وقف ولم يشهد؟ فقال: هذا لم يتم اللعان يُضرب وترد عليه امرأته. "مسائل حرب" ص 273

2446 - فرقة اللعان هل تفتقر إلى حكم الحاكم أم تحصل بلعان الزوج؟

نقل حنبل عنه: إن أكذب نفسه، حلت له، وعاد فراشه بحاله (¬1). "المغني" 11/ 149، "زاد المعاد" 5/ 392 سأله مهنا: إن كذب نفسه؟ قال: لا حدّ ولا لعان؛ لأنه قد أبطل عنه القذف. "الفروع" 5/ 517 2 - حصول الفرقة 2446 - فرقة اللعان هل تفتقر إلى حكم الحاكم أم تحصل بلعان الزوج؟ قال حرب: سمعت أحمد يقول في المتلاعنين: لا تقع الفرقة بينهما إلا أن يفرق الحاكم بينهما؛ لأن ابن عمر قال: فرق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بينهما. قِيل: فإن لم يُفرِق الحاكم أهما على حالهما؟ قال: لا يكونان على حالهما، ولكن بينهما أن يفرق بينهما. "مسائل حرب" ص 275 نقل إسماعيل بن سعيد عنه: لا يحتاج إلى فرقة الحاكم في اللعان. ونقل ابن القاسم عنه: ينبغي للحاكم أن يقول: قد فرقت بينكما. "الروايتين والوجهين" 2/ 196 ¬

_ (¬1) قال ابن قدامة في "المغني" وهي رواية شاذة، شذ بها حنبل عن أصحابه. قال أبو بكر لا نعلم أحدًا رواها غيره، وينبغي أن تحمل هذِه الرواية على ما إذا لم يفرق بينهما الحاكم فأما مع تفريق الحاكم بينهما، فلا وجه لبقاء النكاح بحاله ا. هـ.

2447 - نوع الفرقة: فسخ أم طلاق؟

2447 - نوع الفرقة: فسخ أم طلاق؟ قال صالح: وقال في اللعان: فرق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بين أخوي بني العجلان (¬1). وقد قال بعض الناس: تطليقة بائنة. "مسائل صالح" (1262) نقل أبو العباس أحمد بن محمد البرتي: قلت: إذا تلاعن الزوجان ما أمرهما فسخ أو طلاق بتفريق الحاكم، وكيف يكون حال المرأة إذا ارتدت عن الإسلام، والخلع، وما أشبه هذا؟ فقال: هذِه مسألة أنا فيها منذ ثلاتين سنة، لم يتضح الأمر فيها، فلا أدري اللعان فيها أو لا. "بدائع الفوائد" 4/ 53 2448 - 3 - انتفاء نسب الولد وألحق بأمه قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: روى مالك، عن نافع (أشياء) (¬2) لم يروها غيره منها: ابن عمر: ألحق ولد الملاعنة بأمه؛ يعني حديث نافع، عن ابن عمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "أنه إلحق ولد الملاعنة بأمه" (¬3). "مسائل أبي داود" (1987) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 4، والبخاري (5311)، ومسلم (1493) من حديث ابن عمر. (¬2) ليست في المطبوع من "مسائل أبي داود" والمثبت من "التوضيح" 25/ 443. (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 38 عن يحيى بن زكريا عن مالك به. ورواه البخاري (5315) عن يحيى بن بكير، ومسلم (1494) يحيى بن يحيى وغيره كلهم، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي لاعن بين رجل وامرأته فانتفى من ولدها ففرق بينهما وألحق الولد بالمرأة. وهو في الموطأ برواية محمد بن الحسن 2/ 527 (586) كما في الصحيحين.

باب ما يلحق من النسب وما لا يلحق

باب ما يلحق من النسب وما لا يلحق 2449 - النسب بأى شيء يثبت؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: حديث زيد بن أرقم رحمه اللَّه أن ثلاثة وقعوا على امرأة في طهر واحد (¬1)؟ قال: حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- في القافة (¬2) أعجب إليَّ. قال إسحاق: السنة في هذا رواية زيد بن أرقم؛ لما صح ذلك عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل الكوسج" (1062) قال إسحاق بن منصور: قلت: سُئل سفيان عن رجل وطئ جاريته فولدت، فمات الرجلُ ولم يدَّع ولده ولم ينفه؟ قال: ما أرى إلا أن يلحقه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 373، وأبو داود (2269)، والنسائي 6/ 182، وابن ماجه (2348). قال النسائي في "الكبرى" عقب الحديث: هذِه الأحاديث كلها مضطربة الأسانيد. وقال العقيلي 1/ 123: مضطرب الإسناد متقارب في الضعف، وكذا قال أبو حاتم في "الجرح والتعديل" 1/ 402. وقال المنذري في "المختصر" 3/ 176: وفي إسناده الأجلح، وإسمه يحيى بن عبد اللَّه الكندي، ولا يحتج به، ورده الشيخ أحمد شاكر في تعليقه عليه قائلًا: هكذا جزم المنذري في شأن الأجلح وهو تسرع أو تهجم، فالأجلح الكندي ثقة، وتكلموا في حفظه. . ثم هو لم ينفرد برواية هذا الحديث. قلت: وصححه ابن حزم في "المحلى" 10/ 150 قائلًا: وهذا خبر مستقيم السند. ونقل ابن القيم في "حاشيته على السنن" كلام ابن حزم. مؤيدًا له، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (1963). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 289 (31459)، والبيهقي 10/ 263.

قال أحمد: الولدُ ولده إذا كان وطئًا بينًا. قال إسحاق: هو كما قال، إذا كان إقراره بالوطء معروفًا؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جعل الفراش للأمة في عبد بن زمعة وغيره (¬1). "مسائل الكوسج" (1211) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان عن رجلٍ وطئ جاريته فولدت، ولم يدع الولد ولم ينفه: ما أرى إلا أن يلحقه. قال أحمد: إذا كان وطئًا معروفًا يلحقه كما قال عمر -رضي اللَّه عنه- (¬2). "مسائل الكوسج" (1256) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: إذا كان زوجها صغيرًا وهي حبلى؟ قال: ومن يقضي لها بالفراش؟ ! إنما يُقضى بالفراش، إذا كانا مدعيين، فإذا كان في أرض غربة يُعلم أنه لا يصلُ مثله أنه لا يقضى له بالفراش واختلط منه أحمد. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ الفراش إنما هو ملك يملكه فيطأها بالملك، وليس للصغير ولا للغائب من أولاده من ملكها شيء إذا علم أن هذا الصغير أو هذا الغائب لم يطأ. "مسائل الكوسج" (1346) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: المرأةُ إِذَا ادَّعتْ ولدًا لمْ تصدقْ إلَّا أنْ تجيءَ ببينةٍ أنها ولدتْهُ. قال أحمدُ: إِنْ كَانَ لها أخوةٌ، أو نسبٌ معروفٌ، فقالت المرأةُ: هذا ابني فلابدَّ مِنْ أنْ تثبتَ أنهُ ابنها، فَأمَّا إذَا لمْ يكنْ لها دَافع فقالتْ: هذا ابني ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 37، والبخاري (2035)، ومسلم (1457) من حديث عائشة. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 33 (17490)، والبيهقي 7/ 411 - 412.

فَمَنْ يحولُ بينها وبينه؟ ! قال إسحاقُ: إقرارُهَا بالولدِ جائزٌ، هي أثبتُ دعوة من الرجل؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ألحَقَ وَلَدَ الملاعَنَةِ بأمِّهِ (¬1). "مسائل الكوسج" (2094) قال صالح: قلت: الأمة لها فراش؟ قال: نعم، قضى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في عبد بن زمعة أن الولد للفراش. وقال عمر بن الخطاب: من أقر بوطء ألزمته الولد (¬2). ونذهب أنه إذا أقر بوطء لا يقدر أن يتبرأ منه. "مسائل صالح" (1081) قال أبو داود: سمعتُ أحمد قيل له: إذا طلق امرأته فقالت: قد انقضت عدتي، ثم جاء بولدٍ لأكثر من ستة أشهرٍ؟ قال: فلا يلحق به. قلت: فإن جاءت به لأقل من ستة أشهرٍ من يوم طلقها؟ قال: فالولدُ له. "مسائل أبي داود" (1221) قال ابن هانئ: وسئل عن خصي قد قطع قضيبه وبيضته، وله امرأة وهو ينزل؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 7، والبخاري (5315)، ومسلم (1494). من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنه- أن رجلًا لاعن امرأته، وانتفى من ولدها ففرق رسول اللَّه بينهما، فألحق الولد بالمرأة. (¬2) روى عبد الرزاق 7/ 132 (12524)، وسعيد 2/ 63 (2063) أنه قال: يا أيها الناس، أمسكوا عليكم ولائدكم، فإن أحدًا لا يطأ وليدة فتلد إلا ألحقت به ولدها.

قال: إذا دفق فقد يكون الولد من الماء القليل، فإن شك الرجل في ولده دُعي له القافة. "مسائل ابن هانئ" (1466) قال حرب: سألت أحمد عن القافة إذا ألحقوا الولد برجلين؟ قال: هما أبواه، وهو ابنهما يرثهما ويرثانه. قال: وقوم يقولون إذا مات أحدهما انقطعت أبوته وهو ابن الباقي منهما. فجعل ينكر هذا القول. وقال: وسألتُ إسحاقَ قلتُ: رجلان ادعيا ولدًا؟ قال: القافة. قال إسحاق: وإذا كان الغلام مدركًا فادعاه رجلان واستوت الدعوتان، اتبع الغلام أيهما شاء. قلت: وكم حد الإدراك في هذا؟ قال: إذا كان ابن ثنتي عشرة سنة، وأما حديث عائشه أنها كانت بنت تسع سنين حين بنى بها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1) فذاك في الدخول قلت لإسحاق مرة أخرى: إذا ألحق برجلين فهو ابنهما يرثهما ويرثانه، وهو ابن الباقي منهما؟ قال: نعم. "مسائل حرب" ص 226 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل وجد مع جاريته غلامه، ثم جاءت بولد؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 118، والبخاري (3894) ومسلم (1422).

فقال: يدعى لها القافة، ويلحق به الولد إن ألحقوه به، وإنما يلحقوه بالشبه، وذكر حديث مجزز المدلجي قال: إن هذِه الأقدام بعضها من بعض (¬1). وقال أبي: وفي حديث عائشة قال: ورأى شبهًا بينًا بعتبة (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (1306) قال أبو العباس اللحياني: سألت أحمد عن النسب بأي شيء يثبت؟ قال: بإقرار الرجل أنه ابنه، أو يهنأ به فلا ينكر، أو يولد على فراشه. "الطبقات" 1/ 101 وقال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه قيل له: تحكم بالقافة؟ قال: نعم، لم يزل الناس على ذلك. "الطرق الحكمية" ص 292 ونقل الشالنجي: سألت أحمد عن القائف: هل يُقضى بقوله؟ قال: يُقضى بقوله إذا علم. "الطرق الحكمية" ص 304، 308 قال جعفر بن محمد النسائي: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن الولد يدعيه الرجلان؟ قال: يدعى له رجلان من القافة، فإن ألحقاه بأحدهما فهو له. وقال محمد بن داود المصيصي: سئل أبو عبد اللَّه عن جارية بين رجلين وقعا عليها؟ قال: إن ألحقوه بأحدهما فهو له. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 38، والبخاري (3555) ومسلم (1459) من حديث عائشة. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 37، والبخاري (2053)، ومسلم (1457).

قيل له: إن قال أحد القافة: هو لهذا، وقال الآخر: هو لهذا؟ قال: لا يقبل قول واحد حتى يجتمع اثنان، يكونان كشاهدين. وقال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: إن قال أحد القافة: هو لهذا، وقال الآخر: هو لهذا؟ قال: لا يقبل قول واحد حتى يجتمع اثنان، فيكونا كشاهدين، وإذا شهد اثنان من القافة أنه لهذا فهو له. وقال أحمد -في رواية أبي طالب- في الولد يكون بين الرجلين: يدعى القائف، فإذا قال: هو منهما. فهو منهما؛ نظرًا إلى ما يقول القائف، وإن جعله لواحد، فهو لواحد. "الطرق الحكمية" ص 307 - 308، "معونة أولي النهى" 7/ 156 وقال عليُّ بن سعيد: سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث -حديث زيد بن أرقم في قصة على في الولد الذي ادعاه الثلاثة والإقراع بينهم (¬1) فقال: هذا حديث منكر، لا أدري ما هذا؟ ولا أعرفه صحيحًا. "الطرق الحكمية" 310 نقل مهنا عنه: لا يلحق الولد حتى يوجد الدخول. وسأله المروذي عن خصي؟ قال: إن كان مجبوبًا ليس له شيء، فإن أنزل فإنه يكون منه الولد، وإلا فالقافة. "الفروع" 5/ 518 - 519 نقل حنبل عنه: يلزمه الولد إذا نفاه، وألحقته القافة، وأقر بالوطء. "الفروع" 5/ 521 ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

نقل الفضل عنه: فيمن وطئ أمته، وأقر بالوطء ثم باعها ولم تستبرأ فولدت لدون نصف سنة هو له. قلت: في نفسه منه. قال: فالقافة. "الفروع" 5/ 523 نقل أبو الحارث عنه فيمن غصب امرأة رجل فولدت عنده ثم رجعت إلى زوجها، كيف يكون الولد للفراش؟ مثل هذا إنما يكون له إذا ادعاه، وهذا لا يدعيه، فلا يلزمه. ونقل عبد اللَّه ومحمد بن موسى عنه: إذا شك في الولد: يرى القافة، فإن ألحقته به لحق، وإن ألحقته بالزاني لم يلحق به ولا بزان، ولا حد. "الفروع" 5/ 532، "معونة أولي النهى" 7/ 159 نقل أحمد بن سعيد عنه: النسب بالولد ثبت بإقرار الرجل به أنه ابنه، فلا ينكر، أو بولد على فراشه، أو يدخل على أهله وولده وحرمه. "الفروع" 6/ 616 نقل مهنا عنه في الولد يدعيه ثلاثة فالحقه بهم القافة: أنه يلحق بثلاثة. "المبدع" 5/ 308، "معونة أولي النهى" 7/ 151 قال أحمد في رواية بكر بن محمد في يهودية ومسلمة ولدتا، فادعت اليهودية ولد المسلمة؟ فتوقف. فقيل: يرى القافة. فقال: ما أحسنه. "معونة أولي النهى" 7/ 154

2450 - لو نكح المرأة نكاحا فاسدا، يلحق به النسب؟

2450 - لو نكح المرأة نكاحًا فاسدًا، يلحق به النسب؟ قال في رواية مهنا في مجنون وقع على امرأة فوطئها وجاءت بولد: لا يلزمه. فقيل له: لم درأت الحد عنه؟ لم لا يلزمه الولد؟ قال: الولد للفراش وليس للمجنون فراش. "الروايتين والوجهين" 2/ 232 قال أحمد في رواية حنبل في الرجل يقع على جارية أبيه أو ابنه أو أمه: لا أراه يلزق به الولد؛ لأنه عاهر، إلا أن يحلها له. "بدائع الفوائد" 3/ 87 2451 - من ادعى ولد الزنا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ زنا بامرأةٍ، ثُمَّ ادَّعَى ولدَهَا هل يلحقُ به الولدُ؟ قال: لا يلحقُ به، لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الوَلَدُ لِلْفِرَاش وَللْعَاهِرِ الحَجَرُ" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 37، والبخاري (2053)، ومسلم (1457) من حديث عائشة. ورواه أيضًا من حديث أبي هريرة: الإمام أحمد 2/ 329، والبخاري (6750، 6818)، ومسلم (1458). وفي الباب عن أبي أمامة رواه الإمام أحمد 5/ 267، وعن عمر 1/ 25، وعن عثمان 1/ 59، وعن علي 1/ 104، عن عبد اللَّه بن عمرو 2/ 169، وعن عبادة 5/ 326، وعن عبد الرحمن بن غنم وخارجة بن عمرو 4/ 186.

قال إسحاقُ: الذي يعتمدُ أنْ يكونَ يجلد الحد إذا أقرَّ أنَّه زنا، وإذا استَيقَن أنَّ الولد منه لما استوثق منها أن يقبل الولدَ، وليس ههنا خلافٌ لقولِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الوَلدُ لِلْفِرَاشِ وَللعَاهِرِ الحَجَرُ" لأنَّه لا فراش ههنا، وهو عاهر، وقد ألحقَ عمرُ بنُ الخطاب رحمه اللَّه أولادَ الزنا الذين ولدوا في الجاهلية بآبائهم في الإسلامِ. في حديثِ غاضرة بيان هذا أيضًا. ولقد قال هؤلاء في رجل زنا بجاريةِ ابنه: إنَّه أتى حرامًا، ولكن ضمن، أما ما اختلف فيه رأوا إذا ولدت أن يلحق الولد به، وقد أقروا أنه زنا، وكذلك المرأة يتزوجها رجل في عدتها فولدَتْ منه رأوا أن يقتلَ، وكذلك بغيرِ ولي ونحو هذا كثير، وكلُّ هذا يقوي ما وصفنا في الزاني بالمرأةِ فتلد منه وقد استوثق منها، وكذلك قال الحسن. "مسائل الكوسج" (3289) قال صالح: وسألت أبي عن رجل أقر بولد في مرضه من خادم امرأته، أو بولد من فجور؟ قال: لا يلزمه؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الوَلدُ للفِرَاشِ وَللعَاهِرِ الحَجَرُ". "مسائل صالح" (439) قال حرب: سُئِلَ أحمدَ عَنْ رَجلٍ فَجَرَ بامرأةٍ، فادعَى ولدها؟ قال: لا يكون ولده لا يورث، ولا يدخل على حرمته وأنكر ذلك. قال أحمد: أول قضاء علم برده من قضاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دعوة زياد. وقال: وسألت إسحاق: رجل فجر بامرأةٍ، فجاءت بولد، وهو يعلم أنه منه من الفجور، فادعاه. قال أبو يعقوب: إذا استيقن أن الولد ولده لما حصنها، فإن الناسَ اختلفوا فيه، والأكثرون على أنه لا يقبله،

قال: والذي أختار إذا كان حصنها حتى استيقن أنه منه، فقبوله أحب إليَّ. وقال: وسألتُ إسحاقَ مرةً أخرى، قلتُ: رجل زنا بامرأةٍ فحبلت من الزنا، ثم إن الرجل تزوج المرأة قبل أن تضع، ودخل بها وجامعها قبل أن تلد، ثم إنها ولدت غلامًا فقبله، ما حال هذا الغلام، هل يرثه؟ وهل يقبله؟ وهل هو محرم لبنات هذا الرجل؟ قال: أحب إلى أن يقبله من زنا أو من تزويج، ويشارِك سائر الورثة في الميراث. وقال: وسئل إسحاق مرةً أُخرى عن رجل زنا بامرأةَ، فحملت منه، ثم أراد أن يتزوجها، وهي حامل من الفجور؟ قال: إذا تابا تزوجها. قلتُ: وهي حامل من الفجور؟ ! قال: نعم، ورخَّصَ فيه إذا كان هو فجر بها، ثم تابا وندما. وقال: وسألتُ إسْحاقَ مرةً أُخرى، قلتُ: رجلٌ كانت له امرأة فطلقها ثلاثًا، فلما حاضت ثلاث حيض، وانقضت مدتها أصاب منها حرامًا، فظُنَّ بها حبلٌ بعد ذلك، ولا يدري كان الحبل قبل ذلك، أو مما أصاب منها من الحرام، كيف الحكمَ في ذلك؟ قال: يقبل الولد؛ لأن الأنساب ثبتت بالشبهات، وهذا لا يدري في النكاح حملت أو في الحرام. "مسائل حرب" ص 89، 90

2452 - الجارية إذا عزل عنها سيدها يلحق به الحمل؟

2452 - الجارية إذا عزل عنها سيدها يلحق به الحمل؟ قال صالح: سألت أبي عن جارية كان عزل عنها سيدها، فأخذت ماءه وهو لا يعلم، فحملته، فحملت من ذلك الماء، أيلحق به الولد؟ أو هل يجوز له أن يدعيه؟ قال أبي: يلزمه الولد إذا كان يعزل عنها. "مسائل الكوسج" (185) قال في رواية ابن هانئ: إذا عزل عنها، لزمه الولد، قد يكون الولد مع العزل. وقد قال بعض من قال: ما لي ولد إلا من العزل. "زاد المعاد" 5/ 146 2453 - أقل مدة للحمل قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا زوج جاريته من رجل فاستبان بها حمل دون ستة أشهر؟ قال: لا يكون هذا تزويجًا، الولد من الأول، إن كان قد وطئها زوجها فلها مهرها مثل التي تزوجها في عدتها، وترد إلى مالكها الأول. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (924) قال إسحاق بن منصور: قلت: امرأةٌ ولدت لستة أشهرٍ؟ قال: إذا كان لتمام ستة أشهر فهو لزوجها الآخر، وإذا كان لأقل من ستة أشهر فهو للأوّل. قال: قلت: وإن أتى على ذلك سنون؟ قال: ما لم تتزوج فالولدُ للأوَّل. قال: يقولُ أهل المدينة: أربع سنين، وابن عجلان ولدته أمه لثلاث سنين. "مسائل الكوسج" (925)

قال إسحاق بن منصور: قال: وإن طلقها فأقرت بانقضاء العدة فتزوجت، فجاءت بولدٍ لستة أشهر فأكثر، فادعاه الأول والأخير كان للأخير؛ لأن الفراش له. "مسائل الكوسج" (926) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في رجلٍ تزوج امرأة ولها ابن من غيره، فيموت ابنها: إن جاءت بالولد دون ستة أشهر من يوم مات ابنها ورثناه، وإن جاءت بالولد بعد ستة أشهر لم نورثه إلا ببينةٍ. قال أحمد: يكف عن امرأته، فإن لم يكف فجاءت بولدٍ لأكثر من ستة أشهر فلا أدري هو أخوه أم لا؟ قال إسحاق: إذا كان لستة أشهرٍ فهو كما قال سفيان. "مسائل الكوسج" (1148) قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان عن رجل تزوج امرأة فولدت لخمسة أشهرٍ، فأقامت المرأة البينة أنه تزوجها من ستة أشهرٍ؟ قال: يلحق النسب، البينة بينتها. قال أحمد: إذا قامت البينة فالولدُ له، وإذا قال: ليس مني. لاعنها. قال إسحاق: كما قال أحمد. مسائل الكوسج (1252) قال إسحاق بن منصور: سئل إسحاق عن رجلٍ تزوج امرأة فبنى بها، فأتى عليها ستة أشهرٍ فولدت المرأة فإن الولد ولده؛ لأن النساء يلدن لذلك الوقت إلا أن يكون لها زوج قبل ذلك، ففارقها أو مات عنها فكانت حبلى منه، فحينئذ لا يسع هذا أن يدعيه إذا علم أن الحبل كان من غيره، وإن لم

2454 - أكثر مدة للحمل

يعلم فله أن يدعيه، فإن ادعياه جميعًا فالولدُ ولدُ هذا الأخير؛ لما تلد المرأةُ في ستة أشهرٍ. "مسائل الكوسج" (1317) 2454 - أكثر مدة للحمل قال إسحاق بن منصور: قلت: امرأةٌ ولدت لسنتين؟ قال: هو ولد صاحبها، فإن نفاه لاعنها، وأهل المدينة يقولون: أربع سنين. قال إسحاق: هو كما قال كلها. "مسائل الكوسج" (927) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان في رجل طلق امرأته تطليقةً فولدت بعد سنتين: هي امرأته، لأنه لم يكن ذلك إلا من جماع، وإن ولدت قبل سنتين فهي أملك بنفسها، وإن جاءت بعد سنتين فالولد ولده وبانت منه. قال أحمد: إن جاءت بولدٍ بعد سنتين فالولد ولده، وبانت منه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1147) قال أبو داود: ذكرتُ لأحمد حديث ابن عجلان: امرأتي تحملُ خمس سنين (¬1)؟ فقال: خمس لم أسمع به، ولكن أربع سنين، وأهل المدينة إليه ¬

_ (¬1) رواه الدارقطني 3/ 322 ومن طريقه البيهقي 7/ 443.

يذهبون لقول عمر: إنه أجل المفقود أربع سنين (¬1). "مسائل الكوسج" (1224) قال أبو داود: سمعتُ أحمد بن حنبل قال: ولد الضحاك بن مزاحم وله ثنيتان (¬2). "مسائل أبي داود" (1225) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: يكون نطفة أربعين، ثم علقة أربعين، ثم مضغةً أربعين. قال: فإذا نكس في الخلق الرابع كان مخلقًا. قال: تُعتق به الأمة وتنقضي به العدة. "مسائل أبي داود" (1226) قال حرب: قلت لإسحاق: امرأة طلقها زوجها فاعتدت ثلاث حيض، فلما كان بعد ذلك بسنة ولدت ولدًا، فزعمت أنه من الزوج؟ . قال: إذا كان بعد ستة أشهر لم يلزم الزوج. وأظنه ذهب إلى أنه أن يشاء الزوج. قلت فامرأة مات عنها زوجها فاعتدت أربعة أشهر وعشرًا، فلما كان بعد ذلك جاءت بولد؟ قال: إذا كان إلى سنتين أُلزم الولد الزوج. ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 355 عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه. ومن طريقه البيهقي 7/ 443. ورواه عبد الرزاق 7/ 88 (12323)، (12324) عن ابن جريج والثوري عن يحيى به. ورواه سعيد 1/ 400 (1752) عن هشيم عن يحيى. . به. (¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات" 6/ 300 وابن عدي في "الكامل" 5/ 149.

قلت: ويفرق بين المطلقة وبين المتوفى عنها؟ قال: نعم؛ لأن المتوفى قد مات والذي طلق حي قائم. وسمعت أحمد بن حنبل يقول: حدثنا يحيى بن سعيد الأموي قال: أخبرنا ابن جريج، عن جميلة بنت سعد قال: سمعت عائشة تقول: لا تزيد المرأة في الحمل عن سنتين قدر ظل معرك. "مسائل حرب" ص 216 قال حرب: قلت لإسحاق: رجل طلق امرأته ثلاثًا، فادعت حملًا، وأنكر الزوج ذلك. قال: إلى سنة يجوز قولها، وهو الذي أختار أنا، وقال قوم: سنتين. قال: ولا يجوز بعد سنة. "مسائل حرب" ص 193 نقل ابن مشيش، وقد سُئل: كم مدة الحمل؟ فقال: الذي نعرف سنتين، وأهل المدينة يقولون: أربع. "الروايتين والوجهين" 2/ 214

كتاب العدد

كتاب العدد باب ما جاء في أنواع العدة 2455 - أولًا: عدة القروء وحالات وجوبها قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا كانت المرأة تحيض في الأشهر مرة؟ قال: فعدتها بالحيض. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1067، 3261) قال أبو داود: سمعت أحمد يقولُ: المطلقة تعتدُّ ثلاث حيضٍ؛ فإن كانت لا تحيض فأشهرًا ثلاثة. "مسائل أبي داود" (1207) قال ابن هانئ: سئل أبو عبد اللَّه عن: امرأة زوجت منذ سنة، وكان قد دخل بها ومكثت معه أربعة أشهر، ثم غاب عنها سنة، ثم طلقها، هل عليها عدة؟ قال: نعم، عليها عدة، وإن كانت ممن تحيض فتعتد بالحيض ثلاث حيض، وإن كانت ممن لا تحيض، فثلاثة أشهر. "مسائل ابن هانئ" (1171) قال عبد اللَّه: قال أبي: والمطلقة ثلاثًا تعتد ثلاث حيض إن كانت ممن تحيض، وإن كانت صغيرة ممن لا تحيض أو كبيرة قد يئست من الحيض تعتد ثلاثة أشهر، والمتوفى عنها زوجها تعتد أربعة أشهر وعشرًا، صغيرة كانت أو كبيرة، وترث مدخولًا بها أو غير مدخول بها، فإن كانت حاملًا فأجلها أن تضع حملها وقد انقضت عدتها، فإن كان لم يسم لها صداقًا فلها

صداق نسائها كعمتها وأهل بيتها من قبل عصبتها، وزوجها يرثها إن لم يكن دخل بها، ولها منه صداقها كاملًا، إلا أنه يرث من كل ما تركت النصف إن لم يكن لها ولد إذا كان قد سمى الصداق، فإن لم يكن سمى فلها صداق نسائها، يرث من ذلك النصف إذا لم يكن لها ولد. "مسائل عبد اللَّه" (1368، 1383) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول المرأة إذا توفي عنها زوجها تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام، والتي يطلقها زوجها إذا كانت ممن تحيض تعتد بثلاث حيض، وقد حلت الأزواج، فإن كانت ممن لا تحيض اعتدت ثلاثة أشهر وقد حلت، إلا أن تكون حاملًا فكل حامل متوفى عنها أو مطلقة فأجلها أن تضع حملها، وقد حلت لقوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] متوفى عنها كانت أو مطلقة. فإن كانت أمة زوجة تعتد متوفى عنها تعتد شهرين وخمسة أيام، وإن كانت ممن تحيض فحيضتين، فإن كانت ممن لم تبلغ الحيض أو كبيرة وقد أيست من الحيض فتعتد شهرين. وقد يقول بعض الناس: شهر ونصف. وأعجب إليّ شهرين مكان الحيضتين. وكذلك إن كانت أمة تحت حر فعدتها مثل عدة الأمة تحت العبد، لم يعلم الناس اختلفوا فيه أن العدة بالنساء. وقال عثمان بن عفان، وزيد بن ثابت: الطلاق بالرجال والعدة بالنساء (¬1). ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 314 (1328)، والبيهقي 7/ 369.

2456 - متى تباح المعتدة بالقرء للأزواج؟

وقال ابن عمر أيهما رق نقص الطلاق برقه والعدة بالنساء (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1355، 1382) نقل الأثرم وإبراهيم بن الحارث: قيل لأبي عبد اللَّه: عدة كل مطلقة ثلاث حيض؟ قال: نعم، إلا الأمة. قيل له: المختلعة، والملاعنة، وامرأة المرتد؟ قال: نعم، كل فرقة عدتها ثلاث حيض. ونقل أبو طالب عنه أن أبا عبد اللَّه قال في المختلعة: تعتد مثل المطلقة ثلاث حيض. "فتاوى شيخ الإسلام" 32/ 334 - 335 2456 - متى تباح المعتدة بالقرء للأزواج؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: المطلقةُ إذا دخلت في الحيضة الثالثة؟ قال: الغالبُ على ذلك قول زيدٍ والمدنيين. سألته في ذلك قلت: إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة؟ قال: ما أدري ما أختارُ. ثم سألته أيضًا، فقال: هو ما تعرف فيه من الأحاديث. فلم يستجر على الفتيا فيها. قال إسحاق: ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة لم تبن من الزوج، وله الرجعة عليها، فإن أخرت الغسل عن الوقت فإنها تبين، لأنَّ التيمم جاز بدل الغسل. "مسائل الكوسج" (958) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 238 (12957)، والبيهقي 7/ 369.

2457 - ثانيا: العدة بالأشهر وحالات وجوبها

قال في رواية ابن القاسم: عمر وعلي وابن مسعود يقولون: قبل أن تغتسل من الحيضة الثالثة (¬1). قيل لأبي عبد اللَّه: فإن أخرت الغسل متعمدة فينبغي إن كان الغسل من إقرائها أن لا تبين وإن أخرته. قال: هكذا كان يقول شريك. وقال في رواية حنبل: هو أحق بها ما لم تغتسل. "الروايتين والوجهين" 2/ 211 وقال في رواية الأثرم: إذا طلق الرجل امرأته وقد دخل بها، فعدتها ثلاث حيض غير الحيضة التي طلقها فيها -إن طلقها حائضًا- فإذا اغتسلت من الحيضة الثالثة أبيحت للأزواج. "التمهيد" 11/ 266 2457 - ثانيًا: العدة بالأشهر وحالات وجوبها قال إسحاق بن منصور: سألت أبي عبد اللَّه عن رجل زوج مملوكه من مملوكته، فمات عنها؟ قال: تعتد شهرين وخمسة أيام. "مسائل الكوسج" (1231) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: إنما جعل أربعة أشهر وعشرًا، زعموا أنه ينفخ فيه الروح في العشر. "مسائل أبي داود" (1206) ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 292 - 293 (1223).

قال حرب: وسمعت أحمد يقول: العجوز تعتد ثلاثة أشهر. "مسائل حرب" ص 233 نقل الميموني في الأمة المطلقة إذا كانت حائلًا من ذوات الشهور: عدتها شهر ونصف. "الروايتين والوجهين" 2/ 216 ونقل حنبل عن أحمد قال: قال عطاء: إن كانت لا تحيض، فخمس وأربعون ليلة. قال عمي: كذلك أذهب، لأن عدة الأمة المطلقة الآيسة كذلك. وقال أحمد بن القاسم: قلت لأبي عبد اللَّه: كيف جعلت ثلاثة أشهر مكان حيضة، وإنما جعل اللَّه في القرآن مكان كل حيضة شهرا؟ فقال: إنما قلنا بثلاثة أشهر من أجل الحمل، فإنه لا يتبين في أقل من ذلك، فإن عمر بن عبد العزيز سأل عن ذلك. وجمع أهل العلم والقوابل، فأخبروه أن الحمل لا يتبين في أقل من ثلاثة أشهر، فأعجبه ذلك (¬1). ثم قال: ألا تسمع قول ابن مسعود: إن النطفة أربعين يوما، ثم علقة أربعين يوما، ثم مضغة بعد ذلك (¬2). قال أبو عبد اللَّه: فإذا خرجت الثمانون، صار بعدها مضغة، وهي لحم، فتبين حينئذ. وقال لي: هذا معروف عند النساء. فأما شهر، فلا معنى فيه، ولا نعلم به قائلًا. "المغني" 11/ 266، "زاد المعاد" 5/ 742، 743 ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 2/ 95 (2202). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 382، والبخاري (3208)، ومسلم (2643) عنه مرفوعًا.

2458 - ثالثا: العدة بوضع الحمل وحالات وجوبها

2458 - ثالثًا: العدة بوضع الحمل وحالات وجوبها قال صالح: وسألت أبي عن المتوفى [زوجها وهي] حامل؟ قال: إذا وضعت فقد حلت، ولكن لا يطأها حتى تطهر من الدم وكذلك المطلقة الحامل؛ أجلها أن تضع حملها. "مسائل صالح" (783) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن المطلقة، والمتوفى عنها زوجها وهي حامل؟ فقال: إذا وضعت حملها فقد انقضت عدتها. قرأت على أبي عبد اللَّه: هاشم بن القاسم قال: حدثنا أبو عقيل، عن مطرف بن طريف، عن عمرو بن سالم الأنصاري، عن أبي بن كعب قال: لما نزلت هذِه الآية التي في البقرة في المطلقة والمتوفى عنها، قلت: يا رسول اللَّه، إن أناسًا من أهل المدينة يقولون: عدد من عدد النساء لم تذكر في القرآن قال: "مَا يَقُولُونَ؟ " قلت: عدد الصغار، والكبار، وذوات الأحمال، فأنزل اللَّه عز وجل: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1153) قال، أبو طالب: قال الإمام أحمد: عليُّ بن أبي طالب وابن عباس يقولان في المعتدة الحامل أبعد الأجلين (¬2)، وكان ابن مسعود يقول: ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 549 (17098)، والطبري في "تفسيره" 12/ 133 (34306)، والحاكم 2/ 492 - 493، والبيقهي 7/ 420. وذكره السيوطي في "الدر" 6/ 357 وزاد عزوه إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه. (¬2) رواه سعيد بن منصور 1/ 253 (1517)، والبيهقي 7/ 429.

2459 - الحمل الذي تنقضي به العدة

من شاء باهلته أن سورة النساء القصرى نزلت بعد (¬1). وحديث سُبَيْعَةَ يقضى بينهم "إِذَا وَضَعَتْ فَقَدْ حَلَّتْ" (¬2). وابن مسعود يتأول القرآن {أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]: هي في المتوفَّى عنها، والمطلقة مثلها إذا وضعت، فقد حلَّت، وانقضت عدتها، ولا تنقضي عدة الحامل إذا أسقطت حتى يتبين خلقه، فإذا بان له يد أو رجل، عتقت به الأمة، وتنقضي به العدة، عن منزلها الذي أصيب فيه زوجها أربعة أشهر وعشرًا إذا لم تكن حاملًا، والعدة من يوم يموت أو يطلق. "زاد المعاد" 5/ 596 2459 - الحمل الذي تنقضي به العدة قال إسحاق بن منصور: قلت: فأسقطت ولدًا انقضت العدة؟ قال: نعم، إذا علم أنه ولد. قال إسحاق: هو كما قال، إذا كان سقطًا بينًا. "مسائل الكوسج" (944) قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: إذا نُكس في الخلق الرابع. يعني تنقضي به العدة؟ فقال: إذا نكس في الخلق الرابع، فليس فيه اختلاف، ولكن إذا تبين خلقه هذا أدل. ¬

_ (¬1) روه البخاري (4532) بلفظ: نزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى، ورواه أبو داود (2307) ولفظه: من شاء لاعنته. . . وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1997). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 314، والبخاري (4909)، ومسلم (1485).

2460 - إذا طلقها وفي بطنها ولدان؟

ونقل أبو طالب عنه، إذا ألقت مضغة لا صورة فيها، فشهد ثقات من القوابل أنه مبتدأ خلق آدمي، أن عدتها لا تنقضي به، ولا تصير به أم ولد. ونقل الأثرم عن أحمد، أن عدتها لا تنقضي به؛ ولكن تصير أم ولد. ونقل حنبل عنه: أنها تصير أم ولد. "الروايتين والوجهين" 2/ 213، "المغني" 11/ 203 2460 - إذا طلقها وفي بطنها ولدان؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا طلقها وفي بطنها ولدان؟ قال: ما لم تضع الآخر. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (949) قال صالح: وسألته عن الرجل يطلق امرأته وفي بطنها ولدان، فوضعت أحدهما، ثم راجعها زوجها؟ قال: ما لم تضع الآخر فهو أحق بها. "مسائل الكوسج" (256) قال حرب: سألت أحمد قلت: رجل طلق امرأته فولدت ولدًا وفي بطنها آخر؟ قال: لا تنقضي عدتها حتى تضعهما جميعًا. "مسائل حرب" ص 234 2461 - متى يجوز للمعتدة بوضع الحمل الزواج؟ قال حرب: سألت أحمد قلت: النفساء تُزوَج قبلَ أن تخرج من نفاسها؟ قال: نعم، تزوج إذا وضعت ما في بطنها من غير أن يقربها. "مسائل حرب" ص 228

فصل تحول العدة

فصل تحول العدة 2462 - تحول العدة من الأشهر للأقراء قال إسحاق بن منصور: سئل أحمد عن امرأةٍ طلِّقت ولم تحض، فاعتدت شهرين ثم حاضت؟ قال: تعتدُّ بالحيض. قال إسحاق: هكذا هو. "مسائل الكوسج" (1347) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: إذا اعتدت بالأشهر، ثم حاضت قبل أن تتم ثلاثة أشهرٍ قال: تستأنفُ. "مسائل أبي داود" (1208) قال ابن هانئ: سألته عن: جارية صغيرة طلقت، كيف تعتد؟ قال: إذا أرخى الستر، وأغلق الباب، فقد وجب الصداق، وعليها العدة. قلت: فإن هي لم تحض، فكيف تعتد؟ قال: بالشهور. قلت: فإنها اعتدت بالشهور، فجلست شهرين، ثم حاضت في الشهر الثالث فرأت الدم؟ قال: إذا رأت الدم في الشهر الثالث اعتدت بالحيض، عادت إلى الشهرين اللذين اعتدت فيهما فقضتهما حتى تعتد بالحيض ثلاث حيض. "مسائل ابن هانئ" (1172) قال عبد اللَّه: سألت أبي، عن جارية طلقت وليست ممن تحيض، فجلست -يعني: اعتدت شهرين- فلما كانت في الشهر الثالث حاضت.

2463 - تحول المعتدة من عدة الطلاق لعدة الوفاة

قلت لأبي: أتستأنف ثلاث حيض؟ قال: نعم. "مسائل عبد اللَّه" (1353، 1381) 2463 - تحول المعتدة من عدة الطلاق لعدة الوفاة قال إسحاق بن منصور: قلت: امرأة طلقت، فمات زوجها في عدتها، ترثُ من زوجها، وتعتد عدة المتوفى عنها من يوم توفي؟ قال أحمد: إذا كان الطلاقُ يملكُ فيه الرجعة فإنَّهما يتوارثان، وتستأنف عدة المتوفى عنها أربعة أشهر وعشرا لحال الميراث، وإذا كان الطلاقُ لا يملكُ فيه الرجعة؛ فلا ميراث لها إلا أن يكون طلقها وهو مريضٌ، فإنَّها ترثه في العدة وبعد العدة ما لم تُزوج، كما ورث عثمان -رضي اللَّه عنه- تماضر من عبد الرحمن بن عوفٍ -رضي اللَّه عنه- (¬1). قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (1045) قال إسحاق بن منصور: قلت: العبدُ إذا طلق الأمة طلاقًا لم يبتها، ثم مات وهي في عدتها. تعتدُّ عدة المتوفى عنها زوجها شهرين وخمس ليالٍ؟ قال: نعم. قال إسحاق: هكذا هو. "مسائل الكوسج" (1103) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 62 - 63 (12192 - 12195)، والدارقطني 4/ 12.

قال إسحاق بن منصور: قلت: وإن أعتقت وله عليها رجعةٌ، ولم تختر فراقه حتى يموت وهي في عدتها من طلاقها، اعتدت عدة الحرة؟ قال: نعم. "مسائل الكوسج" (1104) قال إسحاق بن منصور: قلت: وترثُ منه؟ قال: نعم إن كانت حرةً، واعتدت منه ترثه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1105)

باب ذكر عدد خاصة وأحكامهما

باب ذكر عدد خاصة وأحكامهما 2464 - عدة الأمة قال إسحاق بن منصور: قلت: كم عدة الأمة إذا طُلقت؟ قال: إن كانت ممن تحيضُ فحيضتان، وإن لم تحض فشهران، وعدتها إذا مات عنها زوجها شهران وخمسُ ليالٍ. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (899) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وأملى علي: وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]. فقال محمد بن سيرين ومكحول: إن كانت أمة مات عنها زوجها تعتد أربعة أشهر وعشرًا، ذهبا إى ظاهر الآية، وكان أكثر من سمعنا، عليها نصف عدة الحرة: تعتد شهرين وخمسة أيام، كأنهم شبهوه بالطلاق، فجعلوا عليها نصف عدة الحرة، فهذا يوجد فيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، ¬

_ (¬1) روى ابن ماجه (2079)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 64 (1204)، والدارقطني 4/ 38، والبيهقي 7/ 150 من طريق عُمَرُ بْنُ شَبِيب المُسْلِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسى، عَنْ عَطِيَّةَ العوفي، عَنْ عبد اللَّه ابن عُمَرَ قَالَ: قَال رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "طَلَاقُ الأَمَةِ اثْنَتَانِ وَعِدَّتَهَا حَيْضَتَانِ". قال الدارقطني: تفرد به عمر بن شبيب مرفوعًا، وكان ضعيفًا، والصحيح عن ابن عمر ما رواه سالم ونافع عنه من قوله. وقال البيهقي أيضًا بنحوه. وقال البوصيري في "الزوائد" (693): فيه عطية وهو ابن سعد العوفي أبو الحسن متفق على تضعيفه، وكذلك عمر بن شبيب الكوفي. والحديث ضعفه أيضًا الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (451)، و"الإرواء" 7/ 150. =

وقوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] فظاهر الآية على أن كل مطلقة ما لم تكن حاملًا تعتد ثلاثة قروء. قال عبد اللَّه: وقال فيها عمو بن الخطاب: لو استطعت أن أجعل عدة الأمة حيضة ونصفًا لفعلت (¬1)، فأمرها أن تعتد حيضتين؛ لأن الحيض لا يتجزأ. وروي عن عمر أنه قال: إن لم تحض فشهرين (¬2). وروي عن علي أنه قال: تعتد لحيضتين فإن لم تكن تحيض فشهر ونصف (¬3). فهذا الذي يقف يقول: لا أحكم حتى أعلم ما قال فيه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-! قال أبي: وأنا أقول بقول عمر: إن لم تكن تحيض فشهرين، وإن كانت تحيض بحيضتين. ¬

_ = ورواه أبو داود (2189)، والترمذي (1182)، وابن ماجه (2080) من طريق مظاهر بن أسلم عن القاسم بن محمد عن عائشة بنحوه. قال أبو داود: وهو حديث مجهول. وقال الترمذي: حديث عائشة حديث غريب، لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث مظاهر بن أسلم، ومظاهر لا يعرف له في العلم غير هذا الحديث. وضعفه اللألباني في "ضعيف أبي داود" (377) وقال: وعلته مظاهر. وانظر أيضًا: "الإرواء" (2066). (¬1) رواه الشافعي في "مسنده" 2/ 57 (187)، البيهقي 7/ 425. (¬2) رواه الشافعي 2/ 57 (187)، والبيهقي 7/ 158، 425، والبغوي في "شرح السنة" 9/ 60 (2275) من طريق الشافعي. ورواه أيضًا عبد الرزاق 7/ 271، 274 (12872، 13134)، وسعيد بن منصور 1/ 303 (1277) والدارقطني 3/ 308، والبيهقي 7/ 425. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 4/ 151 (18761).

2465 - عدة أم الولد والمدبرة

وقوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] فالظاهر منها: أنها تربص أربعة أشهر. وإن كانت أمة، قال أبي: أكثر من سمعنا من التابعين أن إيلاء العبد على النصف من إيلاء الحر، وقد روى بعض الناس عن الزهري أنه قال: إيلاؤه أربعة أشهر (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1373 - 1374، 1384) 2465 - عدة أم الولد والمدبرة قال إسحاق بن منصور: قلت: عدة أم الولد؟ قال: تعتد حيضةً إذا توفي سيدها، والمدبرة تعتد حيضةً. قال إسحاق: تعتد عدة المتوفى عنها زوجها، وفي العتاقة ثلاث حيض على الاحتياط، والمدبرة تعتد حيضةً كما قال. "مسائل الكوسج" (922) قال إسحاق بن منصور: قلت: عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها وهي لا تحيض؟ قال: أما أنا، فأعجب إليّ أن تربص ثلاثة أشهرٍ، أقل ما يستبين فيه الحبلُ. قال إسحاق: أربعة أشهرٍ وعشرًا. "مسائل الكوسج" (1102) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: أم الولد والمدبرة طلاقهما طلاق الأمة، وعدتهما عدة الأمة في الوفاة والفرقة. ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 345، وعبد الرزاق 7/ 284 (13190).

قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1173) قال إسحاق بن منصور: سُئل إسحاق عن عدة أمِّ الولدِ إذا مات السيدُ كيف تعتدُّ؟ قال: السنة عندنا أن تعتد أربعة أشهرٍ وعشرًا. "مسائل الكوسج" (1315) قال صالح: وسألته عن عدة أم الولد؟ قال: حيضة. يذهب إلى أنها أمة. قال: ولو كان عدتها أربعة أشهر وعشرًا ورثت. "مسائل صالح" (363) قال صالح: قال أبي: إذا تزوج أم ولده، فمات عنها زوجها تعتد عدة الأمة شهرين وخمسة أيام. وإذا مات السيد عن أم الولد عدتها حيضة، يروى عن ابن عمر (¬1) وابن مسعود (¬2)، مات عنها أو أعتقها. وإذا مات سيدها وقد زوجها، ثم مات الزوج بعد موت السيد فعدتها عدة الحرة. "مسائل صالح" (494) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر وعبد الوهاب، عن سعيد، عن مطر، عن رجاء بن حيوة، عن قبيصة بن ذؤيب، عن عمرو بن العاص قال: لا تلبسوا علينا سنة نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم-، عدتها: عدة المتوفى عنها زوجها؛ أربعة أشهر وعشرًا. يعني: أم الولد (¬3). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 151 (18760). (¬2) رواه عبد الرزاق 7/ 226 (12897). (¬3) روى حرب هذِه الرواية في "مسائله" ص 277 عن أحمد، عن محمد بن جعفر، عن سعيد به.

قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، عن رجاء. قال أبي: قتادة أثبت عندنا في الحديث من مطر. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى، عن رجاء بن حيوة، عن قبيصة بن ذؤيب، عن عمرو بن العاص، قال: عدة أم الولد عدة الحرة. قال أبي: قلت للوليد: من حدثكم؟ قال: سعيد. حدثنا عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا الوليد، عن الأوزاعي وسعيد، عن الزهري، عن قبيصة، عن عمرو بن العاص: عدة أم الولد عدة الحرة. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا ثور قال: سمعت رجاء بن حيوة قال: سئل عمرو بن العاص عن عدة أم الولد، قال: لا تلبسوا علينا في ديننا، إن تكن أمة فعدتها عدة حرة. قال أبي: فهؤلاء لم يقولوا: سنة نبينا، فكأنه ضعفه. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا إسحاق بن يوسف قال: حدثنا عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال في عدة أم الولد: إذا أعتقها سيدها أو مات عنها، فعدتها حيضة. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن أبي عدي، عن داود، عن الشعبي، عن ابن عمر أنه قال في عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أو أعتقها: حيضة. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا سعيد ابن عبد العزيز أن مكحولًا حدثه: أن عثمان قضى في عدة أم الولد من العتق والوفاة من سيدها بحيضة. قال مكحول: ثم زادها معاوية حيضة أخرى.

قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا عمار بن زريق، عن فراس، عن الشعبي، عن عبد اللَّه قال: إذا اشترى الرجل الأمة استبرأ رحمها بحيضة، فإن أعتقها اعتدت حيضة، وإن مات عنها وقد ولدت منه اعتدت حيضة. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا عبد العزيز بن المطلب، عن عبد اللَّه بن أبي بكر، عن ابن شهاب، عن عبادة بن الصامت أنه قال في عدة أم الولد: حيضة (¬1). "مسائل الكوسج" (497) قال صالح: وسألته كم عدة أم الولد إذا توفي عنها مولاها أو أعتقها؟ فقال: عدتها: حيضة، وإنما هي أمة في كل أحوالها، إن جنت فعلى سيدها قيمتها، وإن جني عليها فعلى الجاني ما نقصها من قيمتها، وإن ماتت فما تركت من شيء فلسيدها، وإن أصابت حدًّا فحدها حد الأمة، وإن زوجها سيدها فما ولدت فهو بمنزلتها، يعتقون بعتقها ويرقون برقها. وقد اختلف الناس في عدتها، فقال بعض الناس: أربعة أشهر وعشرًا، فهذِه عدة الحرة، وإنما هي أمة خرجت من الرق إلى الحرية، فلزم من قال: أربعة أشهر وعشرًا أن يورثها، وأن يجعل أحكامها أحكام الحرة؛ لأنه قد أقامها في العدة مقام الحرة. وقال بعض الناس: عدتها ثلاث حيض. وهذا قول ليس له وجه، إنما تعتد ثلاث حيض المطلقة، وليست بمطلقة، وإنما ذكر اللَّه العدة للزوج فقال: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ¬

_ (¬1) ذكرها حرب في "مسائله" ص 277 عن أحمد به.

234] وليست أم الولد بحرة ولا زوجة، فتعتد أربعة أشهر وعشرًا. وقال: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وليست أم الولد بمطلقة فتتربص ثلاثة قروء، وإنما هي أمة خرجت من الرق إلى الحرية. "مسائل صالح" (597)، وذكرها عبد اللَّه عن أبيه في "مسائله" (1355) قال صالح: قلت: المعتقة، عن دبر كم تعتد؟ قال: حيضة، يروى ذلك عن ابن عمر. وقال: من قال عدة أم الولد أربعة أشهر وعشرًا فقد جعلها حرة، أفيورثها إذن إن كان عدتها عدة حرة؟ ! وقال: عدتها حيضة في الوفاة والعتق. "مسائل صالح" (1192) قال أبو داود: سمعتُ أحمد وسئل عن عدة أم الولد؟ قال: عن ابن عمر: حيضةٌ، وأجبنُ أن أقول فيه. "مسائل أبي داود" (1218) قال ابن هانئ: وسئل عن عدة أم الولد إذا مات عنها سيدها؟ قال: حيضة؛ لأن أحكامها أحكام الأمة، وإنما عتقت عند الموت. "مسائل ابن هانئ" (1144) قال ابن هانئ: سألته عن المدبرة إذا مات عنها سيدها؟ قال: إذا كان يطأها تعتد بحيضة. "مسائل ابن هانئ" (1164) قال حرب: سُئلَ أحمد، عن عدة أم الولد؟ قال: حيضة نذهب إلى أنها أمة وقال: لو كان عدتها ثلاث حيض ورثت.

وسألت أحمد مرة أخرى قلت: عدة أم الولد إذا طلقها زوجها وهو حر أو عبد؟ قال: هي أمة حتى يموت سيدها. قلت: فإن مات عنها سيدها كم تعتد من السيد؟ قال: عدة أم الولد؛ لأنها لو كانت حرة كانت ترث منه. وقال: أم الولد، والمكاتب، والمدبر عبيد. وسألت إسحاق عن عدة أم الولد؟ فقال: أربعة أشهر وعشرا. "مسائل حرب" ص 277 قال أبو عبد اللَّه في رواية ابن القاسم: إذا مات السيد وهي عند زوج، فلا عِدة عليها، كيف تعتد وهي مع زوجها؟ قال في رواية مهنا: إذا أعتق أمَّ الولد، فلا يتزوج أختها حتى تخرج من عدتها. قال في رواية محمد بن العباس: عِدة أمِّ الولد أربعة أشهر وعشرا إذا توفي عنها سيدها. "الروايتين والوجهين" 2/ 228، "زاد المعاد" 5/ 720 قال محمد بن موسى: سألت أبا عبد اللَّه عن حديث عمرو بن العاص. فقال: لا يصح. وقال الميموني: رأيت أبا عبد اللَّه يعجب من حديث عمرو بن العاص هذا، ثم قال: أين سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا؟ وقال: أربعة أشهر وعشر إنما هي عدة الحرة من النكاح، وإنما هذِه أمة خرجت من الرق إلى الحرية. "المغني" 11/ 263 - 264

2466 - عدة المرتابة

2466 - عدة المرتابة قال إسحاق بن منصور: قلت: قال الإمام مالك: الأمرُ عندنا في المطلقة التي ترفعها حيضتها. قال: إذا كانت لا تدري ما الذي رفعها تنتظرُ تسعة أشْهرٍ، فإن لم تحض فيهن اعتدت ثلاثة أشهر، فإن حاضت قبل أن تستكمل الأشهر الثلاثة استقبلت الحيض، فإن مرت بها تسعة أشهر قبل أن تحيض اعتدت ثلاثة أشهر، فإن حاضت الثانية قبل أن تستكمل ثلاثة أشهر استكملت عدة الحيض، وإن لم تحض استقبلت ثلاثة أشهر ثم حلت ولزوجها عليها في ذلك الرجعة قبل أن تحل، إلا أن يكون بت طلاقها. قال أحمد: هو كله كما قاله إذا كانت لا تدرى ما الذي رفعها، وإذا كانت تدري ما الذي رفعها فكان من مرضٍ أو رضاع فعلى قول عبد اللَّه بن مسعود وعثمان (¬1)، وعلى قول ابن مسعود حيث ورث علقمة من امرأته. وإن يقع حيضها ستة عشر شهرًا، وذلك أنها مرضت فارتفع حيضها فكان ارتفاع حيضها لعلة المرض، وإذا كانت ترضع فارتفع حيضها، فعلى ما قال عثمان، وعلى حديث محمد بن يحيى بن حبَّان (¬2). قال إسحاق: كما قال. وما استثنى في المرض والرضاع، ومعنى قول علقمة في مرض امرأته يكون إن مال ابن مسعود إلى الحبل يكون سنتين كما ¬

_ (¬1) رواه عنهما عبد الرزاق 6/ 342 (11100 - 11104)، وسعيد بن منصور 1/ 307 - 308 (1300 - 1303، 1305)، وابن أبي شيبة 4/ 173 (18991، 18993). (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 340 (11100 - 11103)، وسعيد بن منصور 1/ 308 (1305)، وابن أبي شيبة 4/ 173 (18991، 18994).

قالت عائشة (¬1)، والذي نعتمدُ عليه ما قال مالكٌ: تسعة أشهرٍ وثلاثًا بعدُ، فذلك سنة إلا في الرضاع والحبل فإنها تربص بسنتين تمام ما وصفت عائشة، لا يبقى الولد في البطن أكثر من سنتين. "مسائل الكوسج" (1098) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما الرجلُ يطلق امرأته فتحيض حيضتين، ثم ترتفع حيضتها أكثر من سنة، فتزوجت زوجًا زوَّجها وليها، فمكثت ستة أشهر فدخل بها، فخلعها بتطليقة، فمكثت ثمانية أشهرٍ بعد الخلع، ثم خطبها الأول فتزوجها ودخل بها الزوج، حاضت حيضة عنده، ثم بعد ذلك حملت فولدت. فإن السنة في ذلك إذا كانت المطلقة ممن تحيض فارتفع حيضها أن تربص سنتين أكثر ذلك لما جاء أنَّ الغالب من النساء لا يحملن أكثر من سنتين، والمشهور من حبلهن تسعة أشهر. ورأى عمر بن الخطاب أن أقصى عدتها سنة. جعل تسعة أشهر للحبل، ثم جعل ثلاثة أشهر بعد ذلك كعدة التي يئست من المحيض، ثم تزوج (¬2). فهذا الذي قال عمر وعليه أهل المدينة من زمن عمر إلى يومنا هذا، وبه يأخذُ مالكٌ ومن فوقه من أهل العلم، وأرجو أن يكون ذلك جائزًا، وأمَّا إذا مضى سنتان عليها من عند انقطاع حيضتها وهي شابةٌ فلا شك عندنا ألا عدة عليها بعد السنتين، ولها أن تزوج من شاءت. ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 2/ 67 (2077)، والدارقطني 3/ 321، والبيهقي 7/ 443. (¬2) رواه مالك في "الموطأ" ص 360، وعبد الرزاق 6/ 339 (11095)، وابن أبي شيبة 4/ 172 (18990).

وأخطأ هؤلاء الذين جعلوا عدتها بالشهور إذا يئست من المحيض، فقد صيروا عدة امرأة مطلقة شابة من نحو من أربعين سنةً وهذا شيءٌ لا يُعرف، فإذا تزوجت هذِه التي أتى عليها سنة زوجًا آخر ثم خلعها، جاز ذلك على ما وصفنا من قول عمر رحمه اللَّه وأهل المدينة، فإذا تزوج بها الأولُ وكان الثاني دخل بها جاز نكاحه. قال: إذا حاضت عنده حيضةً ثمَّ حملت فالولدُ ولده. "مسائل الكوسج" (1099) قال صالح: سألت أبي: إذا طلقت فارتفع حيضها كم تعتد؟ قال: إن كانت تعلم ما الذي رفع حيضها، فلابد لها من أن تأتي بثلاث حيض، كأنها كانت ترضع فارتفع حيضها، أو مرضت فارتفع حيضها. وإن كانت لا تعرف ما الذي رفع حيضها تأتي بسنة: تسعة أشهر للحمل، وثلاثة أشهر مكان الحيض. "مسائل صالح" (754) قال صالح: وقال: المرأة التي يرتفع حيضها وهي ممن تحيض، ولا تدري ما رفع حيضها، على حديث عمر: تعتد بسنة: تسعة أشهر، ثم ثلاثة أشهر. قلت: فالتي تحيض ومرضت؟ قال: على حديث ابن مسعود: العدة بالحيض. قلت: من قال: مرضت؟ قال: سمعت وكيعًا قال: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال: مرضت امرأتي، فقال عبد اللَّه بن مسعود: حبس اللَّه عليك ميراثها. "مسائل صالح" (1120)

قال صالح: وقال: عدة النساء على ثلاثة وجوه. على حديث عمر إذا لم تدر ما رفع حيضها وهي ممن تحيض: تعتد تسعة أشهر ثم ثلاثة أشهر. والمرضع على حديث عثمان وعلي: تعتد بالحيض وقد علمت ما رفع حيضها (¬1). والمرض على حديث عبد اللَّه بن مسعود، حديث إبراهيم، عن علقمة أنه طلق امرأته تطليقة أو تطليقتين، فمرضت فارتفع حيضها فعلى ثلاثة أوجه. "مسائل صالح" (1253) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ في قصة المعتدة: يرتفعُ الحيض من المرض والرضاع. "مسائل أبي داود" (1210) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: المرأةُ إن ارتفع حيضها من مرض أو رضاع فعدتها الحيض، لابد من أن تأتي به. وأمَّا التي ارتفع حيضها، ولا تدري مم ارتفع؛ فإنها تعتد سنةً: تسعة أشهرٍ للحبل وثلاثة أشهر عدة. قال أحمد: المرأة التي استشار فيها عثمان عليًّا كانت ترضعُ، وحديثُ ابن مسعود: حبس اللَّه عليك ميراثها، قال وكيعٌ فيه: وكانت مرضت، قال: ولم أسمع هذا الحرف إلا من وكيع، وحديث الآخر: كانت ترضع (¬2). "مسائل أبي داود" (1211) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 342 (11100 - 11103)، وسعيد بن منصور 1/ 308 (1305)، وابن أبي شيبة 4/ 173 (18991). (¬2) انظر: "مسائل صالح" (963) (1418) (1419) (1420) (1423)، و"مسائل عبد اللَّه" (1352) و"المصنف" لعبد الرزاق 6/ 342 (11100 - 11103) و"السنن الكبرى" للبيهقي 7/ 419.

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن امرأة لها أربعون سنة، فتزوجها رجل فمكثت معه ثلاث سنين ولم تحض، ولم تر شيئًا من الدم، فطلقها الزوج، فقضت عدتها من الأول ثلاثة أشهر، ثم تزوجت زوجًا آخر، فمكثت معه أربع سنين أو أقل أو أكثر، فلم تحض. كيف تقضي عدتها، وقد طلقها؟ قال: فيها اختلاف، من الناس من يقول: تقضي عدتها من الأول سنة، وهذا قول عمر. وأما قول إبراهيم فقال: إذا كانت قد حاضت مرة واحدة، فعدتها بالحيض، تصير أبدًا حتى تحيض. وأما قول ابن مسعود: أن امرأة علقمة، مرضت وحاضت حيضتين، ثم ماتت، فورث علقمة منها، وقول عمر بن الخطاب: إذا كانت لا تدري ما الذي أقعدها: أمرض أو رضاع؟ فإنها تجلس اثني عشر شهرًا ثم تزوج. قال أبو عبد اللَّه: وأرى أن يفرق بينهما -يعني: بينها وبين الزوج الذي طلقها أخيرًا- ثم تقضي عدتها من الأول اثني عشر شهرًا، ثم تقضي من الآخر أيضًا سنة، ولها المهر من الأخير بما استحل من فرجها، ثم إن شاء تزوجها الأخير. "مسائل ابن هانئ" (1023) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: امرأة اعتدت مرةً بحيضة، ثم ارتفعت حيضتها، هل تعتد بالحيض أو تعتد بالشهور؟ قال: إذا كانت ممن تحيض لم تعتد بالشهور، إلا أن تكون امرأة قد ارتفعت حيضتها من مرضٍ أو نفاس، فإذا ارتفعت حيضتها اعتدت سنة. "مسائل ابن هانئ" (1170)

قال حرب: سألت أحمد قلت: رجل طلق امرأته ثلاثًا، فحاضت حيضة أو حيضتين، ثم ارتفع حيضها؟ قال: إن كان ارتفع حيضها من مرض أو رضاع أو علة، فإنها تمكث في العدة حتى يذهب مرضها ويعود إليها الحيض، أو تفرغ من الرضاع فيعود الحيض فتعتد بالحيض، فإن كان ارتفع حيضها من غير علة ولا مرض فإنها تعتد سنة، تسعة أشهر للحمل، وثلاثة أشهر للعدة. وهو مذهب أحمد. قلت: فتعتد سنة من يوم طلق، أو من يوم ارتفع حيضها؟ قال: من يوم ارتفع حيضها. قال: ويقول قوم: تجلس أبدًا حتى يعاودها الدم. ورأيته يقبح هذا القول. وقال: وسألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل طلق امرأته ثلاثًا فحاضت حيضة أو حيضتين، ثم ارتفع حيضها؟ قال أبو يعقوب: كلما لم تدر مما ارتفع حيضها فإنها تعتد سنة. "مسائل حرب" ص 233 وقال: وسُئلَ إسحاق عن امرأة بلغت ثلاثين سنة ولم تحض فطلقها زوجها، كيف تعتد؟ قال: إن كان تبين أنها عاقر تربص حتى تيئس من المحيض. قيل: فإن كانت حاضت مرة ثم انقطع عنها؟ قال: تعتد سنة: تسعة أشهر للحمل، وثلاثة أشهر للعدة. سمعت أحمد يقول: لم يختلف أحد في المرأة إذا اعتدت بالشهور، ثم حاضت أنها تعتد بالحيض ما أعلم أحدًا اختلف في هذا. "مسائل حرب" ص 233

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المرأة إذا طلقها زوجها فارتفع حيضها لم تدر ما الذي رفعها؟ قال أبي: على ما قال عمر: تعتد تسعة أشهر للحمل وثلاثة أشهر مكان الحيض، فذلك سنة. قال: وإذا كانت تدري ما الذي رفعها: مرضت فارتفع حيضها، أو كانت نفساء، أو كانت ممن تُرضِع، فلا بد لهذِه أن تأتي بثلاث حيض وإن طال ذلك، وهو من حديث وكيع عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة أنه طلق امرأته فمرضت فارتفع حيضها ثلاث، ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا لا تحيض. فقال عبد اللَّه: حبس اللَّه عليك ميواثها، فورثه منها؛ لأنه قد علم ما الذي رفعها. زاد فيه وكيع: مرضت. ليس هو في حديث أحد إلا وكيع. قال أبي: ورواه منصور بن المعتمر فقال: مرضت أيضًا. "مسائل عبد اللَّه" (1352) نقل أبو طالب عنه في البكر التي لم تحض: تعتد سنة. ونقل حنبل عنه: عدة المطلقة ثلاث حيض، فإن كانت ممن لا تحيض أو ارتفع حيضها أو صغيرة فعدتها ثلاثة أشهر. "الروايتين والوجهين" 2/ 212 ونقل أبو الحارث عنه: في أمة ارتفع حيضها لعارض: تستبرئ بتسعة أشهر للحمل، وشهر للحيض. "الفروع" 5/ 545

2467 - عدة المستحاضة

2467 - عدة المستحاضة قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: عدةُ المستحاضة؟ قال: إذا كانت تعرف أقراءها فأقراؤها، فإذا اختلط عليها فعدتها سنة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1097) قال صالح: قلت: البكر تطلق فيستمر بها الدم، ولا يعلم لها أيامًا؟ فقال: مثل حديث عمر: إذا استمر بها الدم تنتظر سنة. "مسائل صالح" (1121) قال عبد اللَّه قرأت على أبي: وكيع عن، حماد بن زيد، عن حفص، الحسن قال: المستحاضة تطلق بالأقراء. قال أبي: وكذلك أقول أنا. "مسائل عبد اللَّه" (1354) 2468 - عدة النفساء قال حرب: سألت أحمد بن حنبل قلت: النفساء تطلق، كم تعتد؟ قال: تعتد ثلاث حيض سوى دم النفاس. "مسائل حرب" ص 222 2469 - عدة المنكوحة نكاح فاسد نقل عنه جعفر بن محمد: إن نكحها نكاحًا مختلفا فيه، ثم مات عنها عليها عدة الوفاة. "المغني" 11/ 261

2470 - عدة زوجة الصغير ومن في حكمه لو مات عن امرأته وهي حامل ولا يولد لمثله

2470 - عدة زوجة الصغير ومن في حكمه لو مات عن امرأته وهي حامل ولا يولد لمثله قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: امرأةٌ مات زوجها وهو صبي وهي حبلى تعتدُّ أربعة أشهرٍ وعشرًا؟ قال: لا تعتد بالحبل، ولا يلحق الولد، ولو لم تكن حبلى تعتدُّ أربعة أشهرٍ وعشرًا. قال إسحاق: وأمَّا العدَّةُ فلابدَّ من أربعة أشهرٍ وعشرًا، إن وضعت قبل ذلك تتم تمام أربعة أشهرٍ وعشر؛ لأنه حبل من زنا لا يلحق به إلا أن يكون يعلم أنه لما جامع وقد راهق، فأمَّا إذا كان لا يجامعُ مثله لم يلحق به أبدًا، وكلما وطئها وهو زوجها في الظاهر، تم تحقق أنها امرأة غيره فلا يقبل الولد أبدًا، قضي عليه قاضٍ أو لم يقض، ولو كان غائبًا لم يُقبل الولد أبدًا، ويكون الولدُ ولد الواطئ بالنكاح الظاهر. "مسائل الكوسج" (1327) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد رحمه اللَّه تعالي: ما آخرُ الأجلين؟ قال: إذا كانت حبلى ولدت قبل أربعة أشهرٍ وعشر أتمت أربعة أشهرٍ وعشرًا، فإن مكثت حاملًا أكثر من أربعة أشهرٍ وعشر اعتدت بالحبل. قال إسحاق: كما قال، وشبهها حكم الحمل إذا كان من زنا لما يكون زوجها صبيًّا أو غائبًا بهذا القول إذا لم يكن فيه سنة قائمة. "مسائل الكوسج" (1328)

2471 - عدة الحربية إذا أسلمت

2471 - عدة الحربية إذا أسلمت قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: الحربية، كم عدتها إذا أسلمت ولها زوج؟ قال: تعتد عدة الحرة؛ وذلك أنها لما أسلمت وجبت عليها أحكام الإسلام. "مسائل عبد اللَّه" (1217) 2472 - عدة زوجة المرتد قال إسحاق بن منصور: قلت: المرتد، كم تعتد امرأته؟ قال أحمد: ثلاثة قروءٍ. قلت: فإن قتل؟ قال أحمد: أربعة أشهرٍ وعشرًا. قلت: فإن تاب؟ قال أحمد: هو أحق بها ما كانت في العدة. قلت: لمن ميراثه؟ قال: يُقتل ويؤخذ ماله على حديث البراء بن عازب. قلت: فإن مات لمن ميراثه؟ قال: مثل ذلك. قلت: فإن هرب؟ قال: يوقف ماله. قال إسحاق: هو كما قال، إلا في الميراث، فإن ميراثه للمسلمين من ورثته والباقي كما قال. "مسائل الكوسج" (1207)

باب أحكام متعلقة بالعدة

باب أحكام متعلقة بالعدة 2473 - ابتداء العدة وانقضاؤها قال إسحاق بن منصور: قلت: تعتد من يوم يموت أو تطلَّق؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال، إذا علم ذلك، وإذا أشكل ذلك فمن يوم يأتيها الخبرُ. "مسائل الكوسج" (976) قال صالح: وسألته عن المرأة يأتيها نعي زوجها أو طلاقه إياها بعد سنة، أتكون العدة قد انقضت، أم تستأنف العدة؟ قال: إذا قامت البينة؛ فمن يوم مات أو طلق. "مسائل صالح" (248) قال صالح: قلت: إذا جاء الرجل فزعم أنه قد طلقها منذ سنة، ولم يثبت ذلك عندها؟ قال: تعتد من ساعة قال لها، وإذا جاء كتابه وثبت عندها، فعلى ما في كتابة إن كان فيه: إذا وصل كتابي إليك: تعتد من ذاك اليوم، وإلا على ما في الكتاب. "مسائل صالح" (495) قال صالح: وإذا جاء الرجل فقال: قد طلقتك ثلاثًا منذ سنة. فقالت: قد انقضت عدتي؟ قال: وإذا لم تعلم قوله، ولم تقم بينة، وقالت هي: قد انقضت عدتي، إنها تعتد من يوم قال لها، إن كانت ممن تحيض فثلاث حيض،

وإن كانت ممن لا تحيض فثلاثة أشهر، فإن ماتت لم يرثها. وإذا قال: قد كنت طلقتك تطليقة منذ سنة، فقالت: قد انقضت عدتي، لم يرثها، وترثه هي ما كانت في العدة، وإنما تعتد من يوم يقول لها، إذا كان ذلك لم يثبت، ولم تقم به بينة. "مسائل صالح" (501) قال ابن هانئ: وسئل عن امرأة كتب إليها بطلاقها. قال: إذا صح عندها أنه قد كتب، تعتد من يوم صح عندها الخبر أنه قد طلقها، وكذلك أيضا في الموت. "مسائل ابن هانئ" (1100، 1160) قال ابن هانئ: سئل عن رجل قال لامرأته: قد طلقتك منذ سنة، ثلاث تطليقات، فقالت المرأة: أما إذا طلقتني فقد انقضت عدتي، فأيش ترى في هذا؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا لم تكن علمت بطلاقها ولم تقم به بينّة، فقالت هي: قد انقضت عدتي؛ فإنها تعتد من يوم قال لها. قيل له: فإن ماتت في العدة يرثها؟ قال أبو عبد اللَّه: إن ماتت لم يرثها. "مسائل ابن هانئ" (1154) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: عدة المطلقة؟ قال: عدتها من يوم يصح عندها طلاقها. وكذلك الأمة تعتق فتصلي بخمار من يوم يصح عندها عتقها. "مسائل ابن هانئ" (1159) قال ابن هانئ: وسئل عن المرأة متى تعتد، إذا مات عنها أو طلقها؟

2474 - إن راجعها في العدة ثم طلقها قبل أن يمسها، تبني على ما مضى أم تستأنف؟

قال: من يوم يصح عندها أنه مات تعتد، من ذلك اليوم. "مسائل ابن هانئ" (1163) قال حرب: سألت أحمد قلت: إلى أي شيء تذهب في الطلاق والموت إذا كان الرجل غائبًا من أي يوم العدة؟ قال: إذا قامت البينة فمن يوم مات أو طلق. وقال: وسمعت إسحاق يقول: المرأة تعتد من يوم يأتيها الخبر. وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: العدة من يوم يأتيها الخبر، إلا أن تقوم بينة أنه مات يوم كذا وكذا. وسألت إسحاق مرة أخرى. عن العدة من يوم مات أو من يوم يأتيها الخبر؟ قال: من يوم يأتيها الخبر، إلا أن تقوم بينة على موت أو طلاق. "مسائل حرب" ص 220 2474 - إن راجعها في العدة ثم طلقها قبل أن يمسها، تبني على ما مضى أم تستأنف؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا طلَّق الرجل امرأته وله عليها رجعةٌ فاعتدت بعض عدتها، ثم ارتجعها، ثم فارقها قبل أن يمسها أنها لا تبني على ما مضى من عدتها؟ قال أحمد: كذلك أقول، تستأنف. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1100)

2475 - الرجعة في العدة وهي حامل

قال إسحاق بن منصور: قلت: امرأة طلقت تطليقة فحاضت حيضة أو حيضتين فراجعها زوجها، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، تستأنف العدة؟ قال أحمد: نعم، تستأنف العدة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1145) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل بانت منه امرأته، ثم تزوجها في عدتها، ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: لها نصف الصداق، وتكمل ما بقي من عدتها. "مسائل عبد اللَّه" (1369) نقل الميموني عنه: أنها تبني. "الروايتين والوجهين" 2/ 217 2475 - الرجعة في العدة وهي حامل قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: إذا ظهر الولدُ فللزوج أن يراجعها؟ قال: أليس يقال: ما لم تضع. فكان مذهبه إلى أن تضع. قال إسحاق: كما قال. له أن يراجعها ما لم تضع. "مسائل الكوسج" (1331)

2476 - مكان المعتدات وحكم الخروج منه

2476 - مكان المعتدات وحكم الخروج منه قال إسحاق بن منصور: قلت: خروجُ المطلقة من بيتها؟ قال: تخرجُ على حديث فاطمة، ولا سكنى لها، ولا نفقة على حديث فاطمة (¬1). قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (956) قال إسحاق بن منصور: قلت: خروجُ المتوفى عنها زوجها؟ قال: لا تخرج على حديث فريعة (¬2). قال إسحاق: كما قال في كليهما. "مسائل الكوسج" (957) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: المرأة يموت زوجها وهي في بعض القرى على رأس فرسخ أو نحوه؟ قال: زائرةٌ؟ قلت: نعم. قال: ترجع إلى بيتها فتعتد فيه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 411، 412، ومسلم (1480). (¬2) فريعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد الخدري. رواه الإمام أحمد 6/ 370، والترمذي (1204)، وأبو داود (2300)، والنسائي 6/ 199 - 200، وابن ماجة (2031)، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم. والحديث في "صحيح أبي داود" (1992/ م) أشار الألباني إلى نقله من "الضعيف" إلى "الصحيح".

قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (1323) قال صالح: قلت: امرأة جهلت وخرجت من منزل زوجها الذي مات فيه بعد جمعة، ولم تعد إليه؟ قال: لم يكن ينبغي لها أن تفعل، لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لفريعة: "امْكُثِي فِي البيت الذي أصبت فيه حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ". "مسائل صالح" (440) قال صالح: قلت لأبي: امرأة طلقها زوجها ثلاثًا، وهي في بلد بينها وبين أهلها أكثر من مسيرة ثلاثة أيام، وعندها ولي لها لا يمكنه المقام عليها إلى انقضاء عدتها، وزوجها غير مأمون عليها، أترى لوليها أن يردها إلى بلدها قبل انقضاء عدتها؟ قال: إن فاطمة بنت قيس طلقها زوجها، قال الشعبي: ثلاثًا، وقال غيره: آخر تطليقاتها، فأمرها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تعتد في غير منزل زوجها (¬1). وكان ابن عباس وجابر بن عبد اللَّه لا يريان بأسًا أن تنتقل من بيت زوجها (¬2). "مسائل صالح" (493) قال صالح: سألت أبي عن المتوفى عنها زوجها إذا أخرجت من الدار التي هي فيها؟ قال: إذا أخرجت فما تصنع؟ ! ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 411، 412، ومسلم (1480). (¬2) رواه عنهما عبد الرزاق 7/ 9 - 30 (12051، 12059)، وابن أبي شيبة 4/ 162 (18869).

قلت: فتبيت ببيت أمها أو أختها. قال: لا تبيت في البيت الذي صارت إليه؛ ولها طرفي النهار. "مسائل صالح" (606) قال صالح: قلت: المرأة يموت زوجها؟ قال: تعتد في بيت زوجها الذي أصيبت فيه، إلا أن تكون ساكنة فتخرج. "مسائل صالح" (1384) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: أما المطلقة ثلاثًا فإنها تخرج إذا كان تحصينًا لها، كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لفاطمة ابنة قيسٍ (¬1)، ولا تكن مع رجلٍ في البيت، وأما التي عليها الرجعة فلا تخرج من بيتها. قلت لأحمد: تذهب إلى حديث فاطمة ابنة قيسٍ طلقها زوجها؟ قال: نعم، فذكر له قول عمر: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا، فقال: كتاب ربنا أي شيء هو؟ قال الرجل: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6] قال: هذا لمن يملك الرجعة. قال أبو داود: قلت: يصح هذا عن عمر؟ قال: لا (¬2). "مسائل أبو داود" (1213) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: إذا طلق امرأته طلاقًا يملك الرجعة، فلا يخرجها من البيت الذي طلقها فيه، إلا أن تصيب حدًّا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 411 - 412، ومسلم (1480). (¬2) انظر: "العلل" للدارقطني (2/ 140 - 141).

فتخرج فيقام عليها. "مسائل أبي داود" (1214) قال أبو داود: وسمعت أحمد بن حنبل سئل عن المتوفى عنها هي ساكنةٌ يريدون يخرجونها. قال: فما تصنع؟ ! أو قال: فما عليها؟ ! "مسائل أبي داود" (1215) قال أبو داود: قلت لأحمد: المتوفى عنها زوجها؟ قال: لا تخرج. قلت بالنهار؟ قال: بلى، ولكن لا تبيت. قلت: بعضُ الليل؟ قال: تكونُ أكثر الليل في بيتها. "مسائل أبي داود" (1217) قال ابن هانئ: وسئل عن امرأة جاء نعي زوجها وهي في منزل لقرابتها أين تقضي عدتها؟ قال: تقضي في البيت الذي جاء نعي زوجها فيه. قيل: إنه بيت لا تملكه ولا تكون فيه إنما جاءت زائرة؟ قال: فتقضي في بيتها الذي تبيت فيه وتأوي إليه. قيل له: إنها تكون ساكنة ويريد أهل دارها أن يخرجوها؟ قال: تطلب إليهم أن لا يخرجوها، فإن أبوا سكنت في دار أخرى، لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (1155)

قال ابن هانئ: وسئل عن امرأة مات زوجها وهي مريضة يخاف عليها، أتحوّل إلى بيت أمها؟ قال: لا يجوز، ولكن تتحول الأم إليها. قيل له: فتكتحل بالإثمد؟ قال: لا، ولكن إذا أرادت اكتحلت بالصبر إذا خافت على عينيها، أو اشتكت شكوى شديدة. "مسائل ابن هانئ" (1156) قال ابن هانئ: سألته عن المتوفي عنها؟ قال: تعتد أربعة أشهر وعشرًا في بيتها الذي توفي فيه، ولا تغيب ولا تبيت في غيره. "مسائل ابن هانئ" (1161) قال حرب: قلت لأحمد: فتنتقل المتوفى عنها زوجها؟ قال: لا، ولكنها تعتد حيث مات زوجها، ولا تنتقل إلا في حال ضرورة. قِيل: فإن كانت في دار كذا فأخرجوها؟ قال: تتحول إلى موضح آخر وتمكث فيه. "مسائل حرب" ص 230

فصل الإحداد وأحكامه

فصل الإحداد وأحكامه 2477 - مدة الإحداد قال مهنا: قال أحمد: هذا حديث صحيح -يعني حديث عبد اللَّه بن شداد- أن أسماء بنت عميس قالت: لما أصيب جعفر أمرني رسول اللَّه أن أتسلب ثلاثًا، قال: "ثُمَّ اصنَعِي مَا شِئْتِ" (¬1) -ورواه شعبه، عن الحكم، عن ابن شداد يرفعه. قلت: فما تقول في المرأة يموت عنها زوجها؟ قال: تعتد أربعة أشهر وعشرا. قلت: فما تقول في حديث ابن شداد؟ فقال: إنما هذا في الإحداد لا في العدة. ثم قال: هذا حديث يخالف الأحاديث. وقال الأثرم: قلت لأحمد: يحفظ عن حنظلة، عن سالم، عن ابن عمر يرفعه: "لا تحل الحدود فوق ثلاثة بعد الإحداد". فكأنه تعجب منه. وقال: هذا حديث منكر (¬2). قال: والمعروف عن ابن عمر من رأيه. "التوضيح" 25/ 553 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 438، وابن سعد 4/ 41، والطبري في "تفسيره" 2/ 528 (5091 - 5092)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 74 (4546)، وابن حبان 7/ 418 (3148)، والطبراني 24/ 139، وابن عدي في "الكامل" 7/ 475، والبيهقي 7/ 438. (¬2) قال العقيلي في "الضعفاء الكبير" 1/ 268: حدثني الخضر بن داود قال: حدثنا ابن هانئ قال: قلت لأبي عبد اللَّه تحفظ عن حنظلة، عن سالم، عن ابن عمر، سمعت =

2478 - هل على أم الولد إحداد؟

2478 - هل على أم الولد إحداد؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: إذا مات الرجل عن سريته، وقد ولدت له أولادًا وهي حائض لم يحتسب هذِه الحيضة عليها ثلاث حيض سوى هذِه، وهي تخرج وتطيب وتخطب، ولكن لا تزوج حتى تحيض ثلاث حيض. قال أحمد: تعتد حيضة، إنما هذِه لا مطلقة، ولا متوفى عنها؛ لأنها أمة إنما عليها أن تستبرئ، وليس عليها العدة، تخرج وتطيب وتخطب، ولكن لا تتزوج حتى تحيض حيضة. قال إسحاق: تعتد أربعة أشهرٍ وعشرًا، لأنها صارت حرةً، حديث عمرو بن العاص (¬1). "مسائل الكوسج" (1185) ¬

_ = رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا تحل الحدود فوق ثلاث يعني الإحداد" فعجب منه وقال: هذا حديث منكر، ثم قال: "مَنْ غير حنظلة؟ قلت: حميد بن الأسود. قال: كان عفان يحمل على هذا الشيخ، وكان عبد الرحمن ختنه. (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 203، وأبو داود (2308)، وابن ماجه (2083) من طريق قبيصة بن ذؤيب عن عمرو بن العاص قال: لا تلبسوا علينا سنة نبينا عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها: أربعة أشهر وعشر. وصححه ابن حبان 10/ 136 (4300)، والحاكم 2/ 909، والألباني في "صحيح أبي داود" (1998)، و"الإرواء" (2141).

2479 - ما يحرم على الحادة والمطلقة ثلاثا

2479 - ما يحرم على الحادة والمطلقة ثلاثًا قال إسحاق بن منصور: قلت: المتوفي عنها زوجها لا تكتحلُ، ولا تطيبُ، ولا تختضب، ولا تبيت عن بيتها، ولا تلبس ثوبًا مصبوغًا؟ قال: هو هكذا. "مسائل الكوسج" (974) قال إسحاق بن منصور: قلت: المطلقة والمتوفي عنها زوجها في الزينة سواء؟ قال: هو الاحتياط. قال إسحاق: كلاهما كما قال. "مسائل الكوسج" (975) قال إسحاق بن منصور: سُئل أحمد عن المطلقة والمتوفى عنها تغسلُ رأسها، وتدهن، وتلبس ثوبًا جديدًا؟ فأكثر السائل عليه. فقال: قد أعطيتها الأصل، كلما صنعت شيئًا من هذا ولم تُرد به الزينة فلا بأس، إلا الصبغ والطيب. "مسائل الكوسج" (1356) قال صالح: وسألته عن المطلقة: ما تجتنب من اللباس والطيب والزينة، والمتوفى عنها زوجها؟ فقال: المتوفى عنها والمطلقة ثلاثًا يجتنبان الطيب والزينة. "مسائل صالح" (148) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: المتوفى عنها زوجها والمطلقة ثلاثًا والمحرمة تجتنبن الطيب والزينة. "مسائل أبي داود" (1209)

قال ابن هانئ: قيل لأبي عبد اللَّه: المتوفى عنها تكتحل بالإثمد؟ قال: لا، ولكن إذا أرادت اكتحلت بالصبر إذا خافت على عينيها، أو اشتكت شكوى شديدة. "مسائل ابن هانئ" (1156) قال ابن هانئ: سألته عن المرأة تتنقب في عدتها؟ قال: لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (1157) قال ابن هانئ: وسئل: تدّهن بدهن في عدتها؟ قال: لا بأس به، وإنما كره للمتوفى عنها زوجها أن تتزين. وقال أبو عبد اللَّه: كل دهن فيه طيب فلا تدهن به. "مسائل ابن هانئ" (1158) قال حرب: سألت أحمد قلت: المتوفى عنها زوجها والمطلقة، هل يلبسان البرد ليس بحرير؟ فقال: لا تتطيب المتوفى عنها زوجها، ولا تتزين بزينة. وشدد في الطيب إلا أن يكون قليلًا عند طهرها. ثم قال: وشبهت المطلقة ثلاثًا بالمتوفى عنها؛ لأنه ليس لزوجها عليها رجعة. "مسائل حرب" ص 230 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: المطلقة ثلاثًا والمتوفى عنها والمحرمة تجنب الطيب. "مسائل عبد اللَّه" (1377)

نقل الأثرم عنه وقيل له: المتوفى عنها والمطلقة ثلاثًا تدعان الزينة والطيب؟ قال: نعم. قيل له: هما في التوكيد سواء. قال: لا لعمري؛ لأن الأحاديث في الوفاة. "الروايتين والوجهين" 2/ 221 قال في رواية أبي طالب: ولا تتزين المعتدة، ولا تتطيب بشيء من الطيب، ولا تكتحل بكحل زينة، وتدهن بدهن ليس فيه طيب، ولا تقرب مسكًا ولا زعفرانًا للطيب، والمطلقة واحدة أو اثنتين تتزيَّن وتتشوَّفُ؛ لعله أن يُراجعها. "زاد المعاد" 5/ 707

باب الاختلاف في العدة

باب الاختلاف في العدة قال إسحاق بن منصور: سُئل إسحاق عن أقل ما تُصدق المرأة في انقضاء العدة؟ قال: إذا كانت المرأة لها أقراء معلومة قبل أن تبتلي بالعدة حتى عرفها بذلك بطانة أهلها ممن يرضى دينهن وأمانتهن، فإنها تصدق في ذلك ولو كان كذا وأربعين يومًا. فإن لم تعرف بذلك، وكان ذلك أول ما رأت حيضًا وطهرًا حتى انقضى ثلاث حيضٍ في شهرٍ، فإن العدة لا تنقضي بذلك، ولا تصدق في دون ثلاثة أشهرٍ؛ لأنَّ الأخذ بالاحتياط في العدة، وقد جعل اللَّه عز وجل بدل كل حيضةٍ شهرًا في اللائي يئسن من المحيض، واللاتي لم يحضن، فإذا استشكل على المسلم انقضاء عدة امرأة ردها إلى الكتاب والسنة. "مسائل الكوسج" (1316) قال صالح: وأذهب إلى حديث على وشريح (¬1): إن جاءت من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته أنها صامت وصلت. قال أبي: إذا كان أكثر من ثلاثين يومًا صدقت. "مسائل صالح" (1126) قال صالح: وقال: إذا طلق الرجل امرأته، فجاءت فزعمت أن عدتها قد انقضت في شهر لم تصدق، ونذهب فيه إلى قول علي حين سأل شريح: إن أقامت البينة من بطانة أهلها أنها حاضت في شهر ثلاث حيض صدقت، ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 309 (1309)، وابن أبي شيبة 4/ 206 (19289)، والبيهقي 7/ 418.

وتكون ببيتها تصلي وتصوم وما تفعل الطاهر، فإن ادعت أن عدتها قد انقضت في أكثر من شهر صدقت. القول قول أبي: إن المرأة ائتمنت على فرجها. "مسائل صالح" (1131) قال أبو داود: سمعتُ أحمد بن حنبل قال: إذا ادعت -يعني: المرأة المطلقة- أنه انقضى عدتها في أكثر من شهر فإنها تصدق عندي، وإذا ادعت أنه انقضى عدتها في شهرٍ. قال: إذا قامت البينة فنعم. "مسائل أبي داود" (1219) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: البينة تقوم للمرأة بانقضاء عدتها في شهرٍ أنها رؤيت تصلي وتصوم، فأما غير ذلك فلا. يويد: طلوعًا إلى قزح. "مسائل أبى داود" (1220) قال حرب: قلت لإسحاق: فامرأة طلقها زوجها وأوجب عليه النفقة في قول من يقول لها النفقة، واعتدت، فزعمت أن حيضها ارتفع وأنكر الزوج ذلك كيف الحكم في ذلك؟ ، وإنما تريد المرأة بذلك أن تأخذ النفقة؟ قال: تحلف على ذلك؛ لأنها ائتمنت على فرجها. قلت: فإن حلفت؟ قال: ينفق عليها إلى تمام ما تحيض مثلها. قلت: تُوَقِّتُ في ذلك شيئًا؟ قال: سنة. "مسائل حرب" ص 233

قال حرب: سألت إسحاق بن إبراهيم قلت: رجل قال لامرأته وهي في العدة: قد راجعتك فقالت له امرأته مجيبة له: قد انقضت عدتي. هل تُصدَّق؟ قال: إذا ادعت ذلك فيما تنقضي به عدة النساء صدَّقت. قلت: فتستحلف؟ قال: نعم. قلت: إن ادعت أن عدتها في شهر هل تُصَدَّق؟ قال: في أربعين يومًا. فراجعته في الشهر فكأنه مال إلى ذلك، ولم يره في أقل من شهر. وقال أيضًا: إذا شهدت العدول من النساء على انقضاء العدة جاز ذلك، راجعته فيها. "مسائل حرب" ص 235

كتاب الاستبراء

كتاب الاستبراء ما جاء في موجبات الاستبراء 2480 - 1 - حدوث الملك في الأمة قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: إذا وهبت له، أو تصدق بها عليه، أو ورثها، أو اشتراها، فلا يقع عليها حتى يستبرئها، وإذا باع جارية فردت عليه من عيب، أو شيءٍ فلا يقع عليها حتى يستبرئها إذا كان صاحبها قد قبضها. قال أحمد: جيدٌ، ما أحسن ما قال! قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1190) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: إذا اشتراها من امرأة يستبرئها؛ لأن السنة أن يستبرئها. قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1192) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن رجل اشترى جارية لها زوج لم يدخل بها فطلقها حين اشتراها، أيطأها الرجل؟ قال: هذِه حيلةٌ وضعها أصحاب الرأي، لابد من أن يستبرئها. قال أبو عبد اللَّه: وزعموا -يعني: أهل الرأي- إذا اشترى جاريةً، ثم

2481 - إذا اشترى جارية عذراء، يستبرئها؟

أعتقها وتزوجها أنه يطأها من ساعته أحب إلى أن يستبرئها. "مسائل أبي داود" (1119) 2481 - إذا اشترى جارية عذراء، يستبرئها؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا اشترى جارية عذراء؟ قال: لا بد من أن تستبرأ. قال إسحاق: إن شاء لم يستبرئها. "مسائل الكوسج" (3519) قال حرب: سمعت أحمد يقول: الجارية العذراء قد تحبل وتشق -يعني: تشق عذرتها- إذا مات زوجها أو طلقها وهي بعد بكر. وسمعت إسحاق يقول: في حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حيث قال: "لا يطأن أحد جاريةً ثيبًا من السبي حتي يستبرئها بحيضة" (¬1) ويعجبني أن لا يطأ العذراء أيضًا؛ لما قِيل أنها تحمل مع أن العذر من أمرهم أن لا يحملن، وإنما الحكم في عامة الأشياء بأغلب المعاني. "مسائل حرب" ص 224 2482 - الرجل يأخذ سرية عبده، يستبرئها؟ قال حرب: وقِيل لأحمد مرة أخرى: الرجل يأخذ سوية عبده؟ قال: إذا تسرى بإذن مولاه فليس له أن يأخذها منه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 108، وأبو داود (2158)، والبيهقي 9/ 124 من حديث رويفع بن ثابت الأنصاري بنحوه، وليس عند أبي داود "ثيبًا". حسنه الألباني في "صحيح أبي دواد" (1874).

2483 - 2 - زوال الملك عن الأمة

قيل: فإن تسرى بغير إذنه؟ قال: إن شاء أخذها. "مسائل حرب" ص 285 2483 - 2 - زوال الملك عن الأمة قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا وطئ الرجل جاريته ممن لا تحيض، ثم أراد بيعها؟ قال: يستبرئها ثلاثة أشهرٍ. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (1042) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ له جارية يطأها، فأراد أن يُنكحها رجلًا، أيستبرئ؟ قال: نعم، وإن باعها أيضًا استبرأ. قال إسحاق: كما قال. قال الإمام أحمد رحمه اللَّه: وإذا كان لا يطأها يبيعها قبل أن يستبرئها، إنما السنة للمشتري في الاستبراء، والبائع إنما يحتاط لنفسه إذا كان يجامعها، ووهن حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: العذراء لا تستبرأ (¬1). إنما رواه عبد الوهاب، عن أيوب، عن محمد. والمعروف عن نافع، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: "تستبرأ الأمة بحيضة" (¬2). ¬

_ (¬1) علقه البخاري جزمًا قبل الرواية رقم (2235)، ووصله عبد الرزاق 7/ 227 (12906). (¬2) رواه عبد الرزاق 7/ 226 (12900)، وابن أبي شيبة 3/ 506، والبيهقي 7/ 450، وابن حزم في "المحلى" 10/ 318 من طريق نافع عن ابن عمر.

قال إسحاق: هو كما قال، إلا قول ابن عمر في العذراء، فإنه قد صح، وليس هذا بمخالف لما قال ابن عمر: إذا اشترى جارية استبرأها بحيضة؛ لأن هذِه غير عذراء. "مسائل الكوسج" (1046) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد اللَّه قال: أخبرني نافع، عن ابن عمر قال تستبرئ أم الولد إذا مات عنها أو أعتقها؛ حيضة. "مسائل صالح" (497)، وذكرها حرب عن أحمد في "مسائله" ص 277 قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يشتري الجارية فيطأها ثم يبيعها؟ قال: لا يبيعها حتي تحيض، لعلها تكون قد حملت منه. "مسائل ابن هانئ" (1142) قال ابن هانئ: سألته عن رجل اشترى من رجل جارية ثم ندم البائع. فقال للمشتري أقلني فيها، وهما قائمان في موضعهما. فأقاله المشتري. قال أبو يعقوب: قال أبو عبد اللَّه: يستبرئ بحيضة؛ لأنه صار انتقال ملك. "مسائل ابن هانئ" (1180) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن الرجل يشتري الجارية، ثم يريد أن يبيعها من يومه، هل يجوز له أن يبيعها قبل أن يستبرئها؟ فقال: الذي اشترى الجارية لا ينبغي أن يطأها حتى يستبرئها، ولا يبيعها إذا كان يطأها حتى يستبرئها. "مسائل عبد اللَّه" (1279) وقال في رواية حنبل: يُعجبني أن يستبرئ البائع بحيضة.

وقال في رواية أبي الحارث: لا يبيعها حتى يستبرئها بحيضة. "الروايتين والوجهين" 1/ 345 نقل ابن سافري وعبيد اللَّه بن محمد الفقيه عنه: إذا باع من رجل جارية وقبضها منه، ولم يفترقا حتى تقايلا لم يجب عليه أن يستبرئها، فإن غابت عنه ثم تقايلا كان عليه الاستبراء. "الروايتين والوجهين" 2/ 231 نقل حنبل: فإن كانت البائعه امرأة؟ قال: لا بد أن يستبرئها، وما يؤمن أن تكون قد جاءت بحمل؟ "الفروع" 5/ 565 3 - قصد تزويج الأمة أو أم الولد قال إسحاق بن منصور: قلت: أرأيت إن زوج أم ولده رجلًا، يستبرئها؟ قال: إذًا كان هو يطأها؟ قلت: نعم. قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (923) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: إذا زوج الرجل أم ولده، فلا يزوجها حتى يستبرئها بحيضةٍ، فإن زوجها ودخل بها زوجها ثم مات عنها اعتدت من تزويجها، ثم رجعت إلى مواليها. قال أحمد: نعم، كما قال. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1182)

قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان عن رجلٍ زوج أم ولده قبل أن يستبرئها بحيضةٍ، فمات عنها سيدها قبل أن يدخل بها زوجها، ثم فارقها زوجها قبل أن يدخل بها: فليس عليها عدةٌ لا من زوجها ولا من سيدها. قال أحمد: كما قال. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1183) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: فإن مات عنها زوجها قبل أن يدخل بها لم ترثه، وكان لها صداقها كله، وتعتد شهرين وخمسة أيام. وإن لم يكن سمى لها صداقها فلها صداق مثلها، وكذلك المدبرة والمكاتبة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1184) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يزوج أم ولده، أيستبرئها؟ قال: أليس كان يطأها؟ قيل له: نعم. قال: يستبرئها بحيضة. قيل له: فإن مات زوجها، أو طلقها؟ قال: تعتد بحيضة. قيل له: فإن كانت ممن لا تحيض؟ قال: بشهرين وخمسة أيام. قيل له: فيطأها الرجل السيد بعد ذلك بملك اليمين؟ قال: نعم بلا شهود ولا مهر. "مسائل ابن هانئ" (1143)

2484 - إذا كان الرجل لا يطأ جاريته، يستبرئها؟

2484 - إذا كان الرجل لا يطأ جاريته، يستبرئها؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: إذا أراد الرجلُ أن يزوج جاريته، ولم يكن يقع عليها، فليزوجها ليس عليها عدة، وإذا باعها استبرأها المشتري. قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1181) 2485 - الوطء قبل الاستبراء قال صالح: وسألته عن رجل اشترى جارية، ولم يستبرئها وطئها فجاءت بولد، وقد شك المشتري أن يكون منه أو من الأول؟ قال أبي: إن كان جاءت به لأقل من ستة أشهر فليس هو له بولد، ولا يلحق به، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر فقد يكون الولد له وللبائع، فيدعى للولد القافة؛ فيلحقونه بمن كان له. "مسائل صالح" (186) قال صالح: الرجل يشتري الجارية، فتجيء بولد لأقل من ستة أشهر وقد وطئها؟ فقال: لا يلحق به الولد، ولا يتبعه بعتقه؛ لأنه قد شركه في الماء؛ لأن الماء يزيد في الولد، حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن توطأ الحبالي حتى يضعن، حديث أبي الدرداء: مر على باب فسطاط، فإذا بامرأة مجح، فقال: أيلم

2486 - حكم التلذذ بالمرأة قبل استبراءها

بها؟ فقال: لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل معه في قبره، كيف يورثه وهو كذا؟ ! (¬1). "مسائل صالح" (1301) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عمن اشترى جاريةً فوطئها قبل أن يستبرئها؟ قال: أما أنا فيعجبني أن يستقبل بها حيضة أخرى. مسائل أبي داود" (1120) 2486 - حكم التلذذ بالمرأة قبل استبراءها قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجلٍ اشترى وصيفةً يأتيها دون الفرج؟ قال. لا، إذا كانت ممن توطأ -يعني: وهو يستبرئها. "مسائل أبي داود" (1114) قال حرب: قِيل لأحمد: رجل اشترى جارية حاملًا أيقبلها؟ قال: لا، سبحان اللَّه أتقبل امرأة لعلها أم ولد رجل. قِيل إنه لا يدرى ممن الولد. فكرهه كراهية شديدة. وقِيل لأحمد أيضًا: إن الرجل يشتري الأمة أيقبلها أو (يطأها) (¬2) دون الفرج؟ فكرهه. قِيل: والصغيرة؟ فلم يجبه فيها، وكرهه أيضًا. "مسائل حرب" ص 281 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 195، ومسلم (1441). (¬2) كذا بالأصل، ولعل الصواب: يطؤها.

2487 - مدة الاستبراء

نقل الفضل بن زياد عنه في الحائل توجد في السبي، هل توطأ؟ قال: لم يعجبنا. قيل له: فتقبل. قال: لا يُعجبنا ولا يأتيها دون الفرج. ونقل ابن القاسم عنه في الرجل يشتري الجارية: لا يجامعها دون الفرج قبل أن يستبرئها؛ لأنه لا يأمن أن تكون أم ولد لرجل. قيل له: فالمسبية عندك حالها هذا. قال: نعم. وهذا أيسر حالًا وأمر تلك أشد. "الروايتين والوجهين" 2/ 231 2487 - مدة الاستبراء قال إسحاق بن منصور: قلت: قال الحسن: إذا اشتراها وهي حائضٌ اجتزأ بتلك الحيضة (¬1). قال سفيان: وكان أصحابنا يقولون: حتى تحيض حيضةً أخرى. قال أحمد: جيد -يعني: قول سفيان. قال إسحاق: الذي نختارُ ما قال الحسن إذا اشتراها حائضًا اجتزأ البائع والمشتري بتلك الحيضة. "مسائل الكوسج" (1191) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا اشترى الجارية التي لا تحيض؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 227 (12905)، وسعيد بن منصور 2/ 96 (2206)، وابن أبي شيبة 3/ 508 (16652).

قال أحمد: يستبرئها بثلاثة أشهرٍ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1193) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: إذا اشترى عجوزًا وقد يئست من المحيض، فعليه أن يستبرئها بثلاثة أشهر، وإن شاء شهرًا ونصفًا، ولا يقُبِّل ولا يباشر؛ لأن السنة أن من اشترى جارية فعليه الاستبراء، وإن كانت ممن لا تحيض ولا تلد فعليه أن يستبرئها. قال أحمد: يستبرئها بثلاثة أشهرٍ؛ لأن الحمل لا يستبين في أقل من ثلاثة أشهرٍ، والباقي كما قال. قال إسحاق: الأمر في ذلك أن يستبرئها أربعين ليلةً عجوزًا كانت أو ممن قاربت أن تحيض، فإن كانت ممن تحيض فارتفع الحيض اسببرأها بثلاثة أشهرٍ؛ لأنه لا يتبين الحبل في أقل من ثلاثة أشهرٍ. كذلك أخبرني الوليد بن مسلمٍ، عن الأوزاعي، عن الزهري. "مسائل الكوسج" (1195) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: قال سفيان: وقد كان بعض من يشار إليه من أهل العلم يقول: إذا ابتاع الصغيرة ممن لا يجامع مثلها يقول: ليس عليها عدة. قال سفيان: أحب إلى إذا اشترى الصغيرة التي لا يجامع مثلها أن لا تقبل ولا تباشر حتى يستبرئها من قبل السنة. قال أحمد: أجاد. يعني: سفيان. قال إسحاق: لا بأس أن يقبلها ويباشرها؛ لأنها ممن لا يخشى أن ترد من حبلٍ، ولا نرى بالمدرعة بأسًا أن يقبلها ويباشرها قبل الاستبراء؛

لحديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- (¬1). "مسائل الكوسج" (1196) قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان عن رجلٍ اشترى جاريةً لم تحض وقد حاض مثلها؟ قال: من الناس من يقول: لا يقربها حتى تأتي عليها سنتان، أقصى ما يلد فيها النساء أو تحيض قبل ذلك. قال الإمام أحمد: إنما يُراد من ذلك أن يعلم أن ليس بها حبلٌ يستبرئها بثلاثة أشهرٍ. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1197) قال صالح: وسألته: إذا اشترى الرجل أمة وهي صبية لم تحض وقد قاربت الحيض والإدراك، بما يستبرئها سيدها؟ قال: يستبرئ بثلاثة أشهر، وذلك أقل ما يبين فيه الحمل. "مسائل صالح" (315) قال صالح: وقال: الأمة لا تحيض تستبرأ بثلاثة أشهر. "مسائل صالح" (984) قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقول: يستبرئُ الجاريةَ إذا كانت ممن تحيض بحيضةٍ، وإن كانت ممن لا تحيض فأشهرٍ ثلاثٍ. قال لي أحمدُ: لأنه أدنى ما يستبين فيه الولد أربعين نطفة، ثم أربعين علقةً، ثم يصير لحمًا. "مسائل أبي داود" (1112) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 285 - 286 (3199 - 13205)، وابن أبي شيبة 4/ 294 (20233، 20234).

قال أبو داود: سمعت أحمد قال: قد تحمل المرأة قبل أن تحيض. "مسائل أبي داود" (1113) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: ابنة عشر تحمل. "مسائل أبي داود" (1115) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن استبراء ابنة عشرٍ؟ فرأى أن تستبرأ. "مسائل أبي داود" (1116) قال أبو داود: قيل لأحمد وأنا أسمع: إن كانت صغيرةً؟ قال: إن كانت صغيرة أي شيء يستبرأ منها، إذا كانت رضيعة! . "مسائل أبي داود" (1117) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن رجلٍ اشترى جاريةً قد أيست من المحيض؟ قال: يتربص بها ثلاثة أشهرٍ. "مسائل أبي داود" (1118) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن صبية صغيرة، مملوكة إذا لم تبلغ، وكان مثلها يوطأ، وهي ابنة سبع سنين، أو ثمان إلى عشر؟ قال: تُستبرأ بثلاثة أشهر؛ لأن الحمل يستبين في ثلاثة أشهر. "مسائل ابن هانئ" (1141) قال حرب: سألتُ أحمدَ قلتُ: رجل اشترى أمة وهي حائض، أيستقبل بها حيضة أخرى أو تجزئ هذِه من الاستبراء؟ قال: لا، ولكن يستقبل بها حيضة جديدة. وقال: سألت إسحاق قلت: رجل اشترى أمة فحاضت حيضة ثم ارتفع (¬1) حيضتها. ¬

_ (¬1) كذا بالمطبوع.

قال: يجزئها حيضة الاستبراء. قلت: فإنها كانت تحيض قبل الشراء فلما اشتراها هذا انقطع حيضها. قال: إن كان لا يدرى مما انقطع حيضتها من كبر أو علة واشتبه عليهم فإني اختار أن يستبرئها بثلاثة أشهر، وقال بعضهم: سنتين، وذكر سفيان. وقال: حدثنا أحمد قال: ثنا عباد بن عوام قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن مكحول قال: قلت للزهري: أما بلغك أن عمر بن الخطاب -حتى انقضاء أجله- كان يستبرئ الأمة بحيضة، وعبد اللَّه بن مسعود بالعراق قال: تستبرأ الأمة بحيضة، وأن عثمان بن عفان كان يستبرئها بحيضة، حتى كان معاوية فقال: حيضتين. قال الزهري: وأنا أزيدكم عبادة بن الصامت، أي موافقًا لذلك. وقال: قلت لأحمد: فالتي لا تحيض بكم تستبرأ؟ قال: ثلاثة أشهر. قال: وكذلك الصغيرة. وقال: سألت إسحاق عن رجل له جارية يطأها، فزوجها من رجل قبل أن يستبرئها. قال: لا يحل له أن يزوجها حتى يستبرئها بحيضة. وذكر نافع، عن ابن عمر ذلك أنه لا يزوجها ولا يهبها حتى يستبرئها (¬1). قلت: فإنه زوجها ولم يستبرئها؟ قال: النكاح جائز وقد أجرم. قال: وإن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر فهو للبائع، وإن كان لأكثر من ستة أشهر فادعياه جميعًا فهو للمشتري. "مسائل حرب" ص 283 - 284 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 226 (12900)، ورواه ابن أبي شيببة 3/ 509 (16655).

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الجارية إذا استبرأها الرجل صغيرة لا تحيض فوطئها، ثم أراد أن يبيعها قبل أن يستبرئها، بكم يستبرئها وهي ممن لا تحيض؟ قال: يستبرئها بثلاثة أشهر؛ لأن الحبل لا يستبين في أقل من ثلاثة أشهر. "مسائل عبد اللَّه" (1280) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يشتري الجارية؟ فقال: إذا كانت تحيض استبرأها بحيضة ثم يطأها. قلت: أيطأها فيما دون الفرج قبل أن تحيض حيضة؟ قال: لا يعجبني؛ لأنه لا يأمن أن تكون حاملًا من غيره، يطأ ما لا يجوز له. قلت: فرجل اشترى جارية لم تبلغ الحيض؟ فقال: يستبرئها بثلاثة أشهر. قلت: كيف فرقت بين التي لم تبلغ، والتي قد بلغت الحيض؟ قال: لأن الحبل لا يستبين في أقل من ثلاثة أشهر، وذلك أن هذِه صغيرة لم تبلغ الحيض. قلت لأبي: فللرجل أن يطأ هذِه التي لم تبلغ الحيض دون الفرج؟ قال: لا، حتى يستبرئها بثلاثة أشهر. قال: قلت: فيستبرئها بشهر؟ قال: لابد من ثلاثة يستبرئها. "مسائل عبد اللَّه" (1356) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل اشترى جارية لم تبلغ أن تحيض، بكم يستبرئها؟

2488 - وقت ابتداء مدة الاستبراء

قال: بثلاثة أشهر. قلت لأبي: فيطأ فيما دون الفرج، أو يقبل، أو يباشر؟ قال: لا يعجبني أن يفعل حتى يستبرئها، فإني لا آمن إن فعل وكانت حاملًا أن يكون (. . .) (¬1)، أو قبّل، أو باشر ما لا يحل. "مسائل عبد اللَّه" (1357) نقل الفضل بن عبد الصمد عنه: تستبرأ، وإن كانت صغيرة في المهد. ونقل ابن القاسم عنه: تستبرأ بثلاثة أشهر إن كانت في حد يوطأ مثلها قيل له: فإن كانت صغيرة. قال: كيف هذا؟ تستبرأ في المهد. "الروايتين والوجهين" 2/ 230 2488 - وقت ابتداء مدة الاستبراء قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: رجلٌ قال لرجلٍ: هذِه جارية اشتريتها لك، وقد استبرأتها، فخذها إليك؟ قال: لا، حتى يستبرئها هو. قلت: اشتراها له! قال: هي ملكٌ للمشتري بعد، لا تكون له حتى يقبضها. راددته فيه فقال ذلك. قيل: فاشتراها من مال الآخر، وقال: قد اشتريتها لك. قال: إن كان يصدقه، فلا بأس. "مسائل الكوسج" (3403) ¬

_ (¬1) ذكر في هامش المطبوع: كذا الأصل، ويعني: أن يكون منها ولد.

2489 - الحيل في إبطال الاستبراء

قال حرب: قلت لأحمد: رجل بعث وكيلًا له من بغداد إلى البصرة ليشتري له جارية، وهو رجل ثقة، فاشتراها فوصلت إليه بعد شهر، أيستبرئها من يوم تصل إليه، أو من يوم أُشتريت له وقد مضى الاستبراء؟ قال: لا يقربها حتى يستبرئها من يوم تصل إليه. قلت: يستبرئها من يوم تصل إليه؟ قال: نعم. وقال: وسألتُ إسحاقَ قلت: رجل أُشتريت له جارية من البصرة فحُملت إلى خراسان، أيستبرئها من يوم تصل إليه أو من يوم أُشتريت له وقد مضى الاستبراء؟ قال: يستبرئها من يوم ملكها، إذا حاضت فهي مستبرأة. "مسائل حرب" ص 282 2489 - الحيل في إبطال الاستبراء قال حبيش بن مبشر: سئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يشتري جارية ثم يعتقها من يومه ويتزوجها، أيطأها من يومه؟ فقال: كيف يطأها من يومه وقد وطئها ذلك بالأمس؟ هذا طريق الحيلة، وغضب، وقال: هذا أخبث قول. "بيان الدليل" ص 186، "إعلام الموقعين" 3/ 177 وقال أبو طالب: سمعت أبا عبد اللَّه قال له رجل: في كتاب الحيل: اشترى الرجل الأمة فأراد أن يقع بها، يعتقها ثم يتزوجها؟ فقال أبو عبد اللَّه: سبحان اللَّه! ما أعجب هذا: أبطلوا كتاب اللَّه والسنة، جعل اللَّه على الحرائر العدة من أجل الحمل، فليس من امرأة

تطلق أو يموت زوجها إلا تعتد من أجل الحمل، ففرج يوطأ يشتريه ثم يعتقه على المكان فيتزوجها فيطأها، فإن كانت حاملا كيف يصنع؟ يطأها رجل اليوم ويطأها الآخر غدًا؟ هذا نقض كتاب والسنة، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تُوطَأُ الحَامِلٌ حَتَّي تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ الحَامِلٌ حَتَّى تَحِيضَ" (¬1) ولا يدري هل هي حامل أم لا؟ سبحان اللَّه! ما أسمج هذا! "بيان الدليل" 344، "إعلام الموقعين" 3/ 179 - 180. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 62، وأبو داود (2157) من حديث أبي سعيد الخدري. صححه الحاكم 2/ 195، وقال الحافظ في "التلخيص": إسناده حسن وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1873).

كتاب النفقات

كتاب النفقات باب وجوب النفقة 2490 - وجوب النفقة على من يعول قال ابن هانئ: وسئل عن حديث النبي "كَفَى بالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ"؟ (¬1) قال: الرجل تكون له القرابة فيسافر ويتركها، فإذا تركهم أليس يضيعون، وليس لهم أحد غيره؟ قلت: نعم. قال: هذا معناه. "مسائل ابن هانئ" (2015) 2491 - الحث على أن يطعم الرجل عياله مما يأكل، ولا يطعمهم إلا طيبًا قال المروذي: ذكرت لأبي عبد اللَّه رجلًا يقفل على طعامه، ويعلم عليه، ويطعم عياله من غيره؟ فقال: يطعمهم ما لا يأكل! "الورع" (262) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 160، ومسلم (996) من حديث عبد اللَّه بن عمرو. ولفظ مسلم: "كَفَى بالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ".

قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ليتق اللَّه العبد، ولا يطعمهم إلا طيبًا. وقال لي بعدما سألته: ما ظننت أن في هذا حديثًا. فأخرج إليَّ هذا الحديث، فقرأته على أبي عبد اللَّه: زيد بن الحباب، حدثنا عبد الملك بن عمير، عن رجل من ثقيف، أن عليًا رحمه اللَّه استعمله على عكبرى -من سواد الكوفة- قال: ثم قال لي: صل الظهر عندي، فجئت فما حجبني عنه أحد، وإذا عنده كوز من ماء وقدح، فدعا ببطية فكسر خاتمها، وشرب من السويق. فقلت: يا أمير المؤمنين! تفعل هذا بالعراق، والعراق أكثر طعامًا من ذلك؟ فقال: أما واللَّه ما أختم عليه بخلًا مني على الطعام، وما أنا لشيء مني أحفظ مني لما ترى، إني أكره أن يجعل فيه ما ليس منه، وأكره أن يدخل بطني إلا طيب. "الورع" (263) كسب المرأة في بيت زوجها، لها؟ قال حرب: سألت أحمد عن كسب المرأة؟ فقال: لها. "مسائل حرب" ص 243

باب ما جاء في أسباب النفقة

باب ما جاء في أسباب النفقة أَولًا: النكاح 2492 - وجوب النفقة على الزوجة متي تسلمها زوجها وتمكن منها قال إسحاق بن منصور: سُئل إسحاق عن رجلٍ تزوج امرأةً ولم يدخل بها، هل يلزمه نفقتها أرأيت إن كانت صغيرة لا يُجامع مثلها؟ قال: كل ما لم يدخل بها وهي ممن يدخلُ بها، ولم يمتنع القومُ من تسليمها فعليه النفقة لها، وأما الصغيرة فلا نفقة لها عليه إلا أن تبلغ حد الوطء. "مسائل الكوسج" (1312) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن الرجل إذا طلب منه المهر فلم يعط، أعليه نفقة؟ قال: نعم؛ لأنَّ الحبس من قبله، ينبغي أن يعطي المهر. "مسائل أبي داود" (1108) قال ابن هانئ: قلت: فإن كانت المرأة مدركة والغلام غير مدرك، على من تجب النفقة؟ قال: إذا كان المنع من قبل الغلام عليه النفقة، وإذا كان الغلام مدركًا والجارية لم تدرك فلا نفقة لها عليه، حتى تدرك. "مسائل ابن هانئ" (1046) قال حرب: سألت أحمدَ، قلتُ: على الرجل نفقة امرأته قبل أن يدخل بها.

قال: إذا جاء الحبس من قبله، وإن كان الحبس من قبلهم، فليس عليه نفقة. وقال: وسألت إسحاق، قلتُ: رجل تزوج صبية صغيرة، هل لها نفقة؟ قال: كلما لم يستطاع (¬1) أن يُبْنَى بمثلها، فليس لها نفقة. فراجعته فيها، فقال: ليس لها نفقة. "مسائل حرب" ص 99 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا تزوج الرجل المرأة فكان الحبس من قبلهم فلا نفقة لها، وإن كان من قبله فعليه النفقة، وإذا تزوجها وهي صغيرة فلا نفقة لها حتى تبلغ تسع سنين، ويدخل بمثلها؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل بعائشة وهي ابنة تسع (¬2)، فإن كانت يتيمة فأذنت في النكاح فلا خيار لها، ولا تنكح حتى تستأمر. "مسائل عبد اللَّه" (1195) نقل المروذي: النفقة على الصغير في ماله. قلت: فإن كانت صغيرة لا توطأ؟ قال: إن كان له مال أنفق عليها منه. "الفروع" 5/ 266 ¬

_ (¬1) كذا في المطبوع، والصواب: لم يستطع. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 42، والبخاري (3894)، ومسلم (1422).

2493 - نفقة زوجة الصغير إذا زوجه أبوه، من يتحملها؟

2493 - نفقة زوجة الصغير إذا زوجه أبوه، مَنْ يتحملها؟ نقل المروذي عنه: في الصبي يزوجه أبوه وليس له مال فطالبوه بالنفقة؟ فقال: ليس على الأب أن ينفق عليها، قد رضوه حين زوجوه. "الروايتين والوجهين" 2/ 89 2494 - نفقة زوجة العبد، مَنْ يتحملها؟ نقل حنبل: إذا أذن السيد لعبده فتزوج فالنفقة على السيد. قال في رواية مهنا: إذا أذن لعبده في التزويج فتزوج وأصرف أربعة آلاف وثمنه ثمانمائة ولم يرض المولى فالمهر دين على العبد، وعلى السيد قيمته. ونقل المروذي فيمن زوج عبده حرة ولم يكن عنده ما ينفق: يفرق بينهما، وإن زوجه أمة أنفق العبد عليها إذا كانت بقيمة ضريبته. وروى مهنا: إذا أذن له فنفقته في ضريبته -يعنى: كسبه. "الروايتين والوجهين" 2/ 87 2495 - النفقة للناشز قال حرب: قلت لأحمد: المرأة تعصي زوجها، هل لها نفقة؟ قال: لا. "مسائل حرب" ص 247

2496 - السكنى والنفقة للمطلقة ثلاثا

2496 - السكنى والنفقة للمطلقة ثلاثًا قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: السكنى للمطلقة ثلاثًا أوجب من النفقة؛ لقول اللَّه سبحانه وتعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6]. "مسائل الكوسج" (1357) قال صالح: قلت: المطلقة ثلاثًا لها السكنى والنفقة؟ قال: أنا أذهب إلى حديث فاطمة بنت قيس (¬1). "مسائل صالح" (102) قال صالح: قلت لأبي: تذهب إلى حديث فاطمة بنت قيس: إنها إذا طلقت ثلاثًا، لم تُجعل لها سكنى ولا نفقة؟ قال: نعم. "مسائل صالح" (1043) قال صالح: قال: حديث فاطمة بنت قيس أذهب إليه، هو صحيح، ليس لها سكنى ولا نفقة. قلت: فإن إبراهيم النخعي يقول: لها السكنى ولا نفقة؟ قال: هذِه قوة لحديث فاطمة. "مسائل صالح" (1097) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: تذهب إلى حديث فاطمة في السكنى والنفقة؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (1173) قال ابن هانئ: سألته عن المطلقة ثلاثًا، هل لها سكنى أو نفقة؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 411، ومسلم (1480).

قال: أذهب إلى حديث فاطمة ابنة قيس أنها أتت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فلم يجعل لها سكنى ولا نفقة. قلت: حديث إبراهيم، عن الأسود، عن عمر: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة (¬1). فقال: حديث فاطمة إنما هو حكم فيها لا في غيرها، وإنما تكون السكنى والنفقة على من يملك الرجعة، أما المطلقة ثلاثًا فلا سكنى ولا نفقة. ثم قال أبو عبد اللَّه: حديث الزهري، حديث عند أبيك من حديث الزهري؟ قال ابن هانئ: حدثني أبي قال: حدثنا عبد اللَّه بن صالح كاتب الليث قال: حدثني الليث قال: حدثني يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة أن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان وهو غلام شاب في إمارة مروان، طلق ابنة سعيد بن زيد، وأمها حزمة ابنة قيس البتة. أرسلت إليها خالتها فاطمة ابنة قيس وأمرتها بالانتقال من بيت عبد اللَّه بن عمرو، فسمع بذلك مروان فأرسل إلى ابنة سعيد بن زيد فأمرها أن ترجع إلى مسكنها ويسألها ما حملها على الانتقال قبل أن تعتد في مسكنها حتى تنقضي عدتها، فأرسلت إليه تخبره أن خالتها فاطمة ابنة قيس أفتتها ذلك، وأخبرتها أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أفتاها بالانتقال حين طلقها أبو عمرو بن حفص المخزومي. ¬

_ (¬1) رواه مسلم (1480) وهو حديث فاطمة -رضي اللَّه عنها-، رواه الشعبي أمام الأسود، فحصبه الأسود وقال: ويلك تحدث بمثل هذا وقال عمر: لا نترك كتاب اللَّه وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت. . .

فأرسل مروان قبيصة بن ذؤيب إلى فاطمة يسألها عن حديثها؟ فزعمت فاطمة أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفصى المخزومي، فلما أمَّر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- علي بن أبي طالب على اليمن، خرج معه وأرسل إليها بتطليقة وهي بقية طلاقها، وأمر لها الحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة بنفقتها، فأرسلت -زعمت- إلى الحارث بن هشام وعياش ابن أبي ربيعة تسألهما النفقة التي أمر لها بها زوجها فقالا: واللَّه ما لها علينا نفقة إلا أن تكون حاملًا، وليس لها أن تسكن في مسكننا إلا بإذننا. فزعمت فاطمة أنها أتت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكرت ذلك له فصدّقهما. قالت فاطمة: فقلت أين أنتقل يا رسول اللَّه؟ قال: (انتقلي عنه إلى ابن أم مكتوم) -وهو الأعمى الذي سمّى اللَّه في كتابه- قالت: فانتقلت عنده -وكان رجلًا قد ذهب بصره- فكنت أضع شيئًا لي عنده، حتى أنكحني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أسامة بن زيد. فأنكر عليها ذلك مروان، قال: قد قال اللَّه: {وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] قالت فاطمة: بيني وبينكم القرآن، إنما قال اللَّه هذا فيمن لم يبت طلاقه، وإنما مضت السنة بترك النفقة فيمن بت طلاقه. فكيف ترون أنه ليس للمبتوتة نفقة إلا أن تكون حاملًا، تنكرون عليها أن تخرج من بيتها إذا بت طلاقها؟ ألستم تعلمون أن اللَّه قال: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ} [الطلاق: 1] إلى قوله {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] في مراجعة الرجل امرأته. قالت: وقال اللَّه عز وجل: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] وأنها فيمن لم يبت طلاده، فليست عليها رجعة لزوجها.

فقال مروان: لم أسمع بهذا الحديث من أحدٍ قبلك وسآخذ بالعصمة التي وجدت الناس عليها. قال أبو يعقوب: قال أبو عبد اللَّه: وإذا كان طلاقها بائنًا، ثم ادعت الحمل فإنه ينفق عليها ثلاثة أشهر، لأن الحمل يستبين في ثلاثة أشهر، وإذا كان حملًا أنفق عليها، وإن كانت غير حامل فلا شيء لها بعد الثلاثة أشهر؟ قال: ذاك إليه، إن شاء رجع وإن شاء لم يرجع. "مسائل ابن هانئ" (1174) قال حرب: سُئلَ أحمد وأنا أسمع عن المطلقة ثلاثًا، هل لها السكنى والنفقة؟ قال: لا، أنا أذهب مذهب حديث فاطمة بنت قيس. وسألت أحمد مرة أخرى قلت: المطلقة ثلاثًا؟ قال: ليس لها سكنى ولا نفقة، إلا الحامل، فذهب إلى أن الحامل ينفق عليها حتى تضع. قلت: فالمتوفى عنها زوجها؟ قال: لا سكنى ولا نفقة إلا أن تكون حاملا. قلت: ينفق عليها من نصيبها؟ فأظنه قال: نعم. وسمعت أحمد مرة أخرى يقول: المطلقة ثلاثًا ليس لها سكنى ولا نفقة. "مسائل حرب" ص 218 قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر وهاشم بن القاسم قالا: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن علي بن حسين أنه قال: ح. ومجالد وإسماعيل عن الشعبي قال: دخلت على فاطمة بنت قيس: قال: فسألتها عن قضاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقالت: طلقها زوجها البتة،

2497 - نفقة المطلقة إذا مات الزوج وهى في العدة

فخاصمته إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في السكنى والنفقة، قالت: فلم يجعل سكنى ولا نفقة، وأمرني أن أعتد في بيت ابن أم مكتوم. وقلت لأبي: فإن بعض من قال في حديث فاطمة بنت قيس ليس يقول به أحد ممن تقدم. فقال: سبحان اللَّه! قد قال به فقيه الكوفة: الشعبي، وفقيه البصرة: الحسن، يذهبان إليه. "مسائل عبد اللَّه" (1321) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن المطلقة لها السكنى والنفقة؟ فقال: لا. أنا أذهب إلى حديث فاطمة بنت قيس. "مسائل عبد اللَّه" (1322) نقل المروذي وأبو طالب وأبو الحارث والفضل بن زياد عنه: لا سكنى ولا نفقة. "الروايتين والوجهين" 2/ 219 2497 - نفقة المطلقة إذا مات الزوج وهى في العدة وسألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل طلق امرأته تطليقة، ثم مات وهي في عدتها، هل لها نفقة؟ قال: إذا طلقها طلاقًا يملك الرجعة فلها نفقة. قلت: فإن طلقها طلاقًا لا يملك الرجعة؟ قال: ليس لها سكنى ولا نفقة. "مسائل حرب" ص 225

2498 - نفقة المطلقة والمتوفى عنها زوجها وهى حامل، وهل يجب لها أم للحمل؟

2498 - نفقة المطلقة والمتوفى عنها زوجها وهى حامل، وهل يجب لها أم للحمل؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: نفقة الحامل؟ قال: من نصيبها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (992) قال إسحاق بن منصور: قلت: على ما بقي من الطلاق؟ قال: نعم. قال إسحاق: هو كما قال شديدًا. "مسائل الكوسج" (993) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ طلق امرأته ثلاثًا، وهي مملوكة وهي حاملٌ، عليه نفقتها؟ قال: هو ولده، وعليه نفقتها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1094) قال إسحاق بن منصور: قلت: نفقة الحامل المطلقة؟ قال: إذا كانت حاملًا فلا بد من نفقةٍ، وإذا لم تكن حاملًا فلا نفقة لها ولا سكنى؛ لحديث فاطمة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1095) قال صالح: وسألته عن المتوفى عنها زوجها وهي حامل، من ينفق عليها؟

قال: ينفق عليها من نصيبها. "مسائل صالح" (250) قال صالح: وسألته عق نفقة المختلعة الحامل، على من هو؟ قال: على الزوج، إلا أن يكون تبرأ. "مسائل صالح" (251) قال صالح: قلت: الحامل المتوفى عنها زوجها؟ فقال: هي مثل لك تنفق من نصيبها، قد بددت المواريث. قلت: الوليدة المتوفى عنها زوجها وهي حامل، من أين تنفق؟ قال: هذِه غير تلك، ينفق عليها من الجميع. "مسائل صالح" (995) قال صالح: قلت: الحامل يموت عنها زوجها ويطلقها، من أين تنفق؟ قال: إن صح الخبر وقامت البينة من نصيبها، وهو أصح في المعنى، وقد ترددت المواريث، وإذا لم يصح الخبر ولم تقم البينة من جميع المال، لأنها حبست نفسها عليها. "مسائل صالح" (1268) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن المرأة تطلق البتة فتدّعي حملًا، متى يلزم زوجها النفقة عليها؟ قال: إذا تبين حملها، أنفق عليها زوجها الذي طلقها. قلت له: فإن انفش حملها ذلك وبطل، هل يرجع عليها الزوج بما أنفق عليها فيأخذه منها؟ قال: ذاك شيء جاد به عليها لمكان حملها، فلا أرى ذلك له. "مسائل ابن هانئ" (1165)

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن المطلقة ثلاثًا حاملًا، هل ينفق عليها؟ قال: نعم، ينفق عليها حتى تضع، فإذا وضعت، أنفق عليها من نصيبها. "مسائل ابن هانئ" (1166) قال ابن هانئ: سألته عن المطلقة ثلاثًا وهي حبلى، هل لها نفقة؟ قال: ينفق عليها حتى تضع. سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ينفق على الحامل من جميع المال. "مسائل ابن هانئ" (1168) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يطلق امرأته ثلاثًا، فادعت أنها حامل؟ قال: أرى أن ينفق عليها حتى يستبين حملها. قلت له: في كم يستبين حملها؟ قال: في ثلاثة أشهر. "مسائل ابن هانئ" (1169) قال حرب: قلت لأحمد: أم الولد إذا مات عنها سيدها هل ينفق عليها؟ قال: لا, وإن كانت حاملًا أيضًا لم ينفق عليها. وقال: وسألت إسحاق قلت: ما تقول في أمة مات عنها سيدها وهي حبلى؟ قال: ينفق عليها من نصيب ولدها. وقال: وسألت إسحاق مرة أخرى عن نفقة الأمة الحامل إذا مات عنها

سيدها. قال: ينفق عليها من جميع المال. "مسائل حرب" ص 233 قال حرب: وسُئلَ أحمد عن الحامل المتوفى عنها زوجها قال: ليس لها نفقة. قال: وإن كانت مطلقة وهي حامل فلها نفقة، وإن لم تكن حاملًا فلا سكنى ولا نفقة. وقال أحمد مرة أخرى في الحامل: ينفق عليها من نصيبها. سُئلَ أحمد عن رجل طلق امرأته تطليقة ثم مات وهي في عدتها، هل لها نفقة؟ قال: لا، من أين يكون لها نفقة؟ ! "مسائل حرب" ص 225 ونقل المروذي وأبو طالب وحنبل عنه في الحامل المتوفى عنها زوجها: نفقتها من نصيبها. ونقل مهنا عنه: ينفق عليها من جميع المال. "الروايتين والوجهين" 2/ 218 قال في رواية أحمد بن سعيد: النفقة للحمل. وقال في رواية أبي جعفر بن محمد بن يحيى المتطبب، في الرجل يموت فيخلف أم ولد حامل، من أين يُنفق عليها؟ قال: من مال ما في بطنها يؤخذ بالحصص. "الروايتين والوجهين" 2/ 240 قال ابن ماهان: قلت: نفقة الحامل المطلقة ثلاثًا: قال: لها نفقة ولها سكنى. "الطبقات" 2/ 363 - 364

2499 - إذا تزوج على أمته, ينفق عليها؟

نقل الكحال عنه في أم ولد: تنفق من مال حملها. "الفروع" 5/ 593 نقل جعفر بن محمد عنه: إن لم تكن ولدت من سيدها قبل ذلك، فنفقتها من جميع المال إذا كانت حاملًا، وإن كانت ولدت قبل ذلك فهي في عداد الأحرار، ينفق عليها من نصيب ولدها. "تصحيح الفروع" المطبوع مع "الفروع" 5/ 594 2499 - إذا تزوج على أمته, ينفق عليها؟ قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن رجل له أمة وتزوج عليها؟ قال: عليه أن ينفق عليها. "مسائل عبد اللَّه" (1281) 2500 - المرأة يغيب عنها زوجها , ويموت وهو غائب، وله مال ينفق عليها منه قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل غاب عن أهله ثلاث سنين أو أكثر، ومات بعد غيبوبته عنها بسنة، ثم جاءها نعيه بعد ثلاث سنين، فأنفق على المرأة من ماله وهي لا تشعر وهم لا يشعرون -يعني الورثة- على من تكون النفقة؟ قال أبو عبد اللَّه: النفقة من نصيبها؛ لأن المواريث قد وجبت ساعة مات. "مسائل ابن هانئ" (1167)

2501 - اذا استودع الغائب مالا، هل يجوز النفقة منه؟

2501 - اِذا استودع الغائب مالًا، هل يجوز النفقة منه؟ روى أبو الحارث، عن أحمد، في رجل أودع رجلًا مالا، وغاب، وطالت غيبته، وله ولد ولا نفقة له، هل ينفق عليهم في المستودع من مال الغائب؟ فقال: تقوم امرأته إلى الحاكم حتى يأمره بالإنفاق عليهم. "المغني" 8/ 357 2502 - إذا استدانت المرأة على زوجها وهو غائب قال إسحاق بن منصور: قلت: المرأةُ تستدينُ على زوجها وهو غائبٌ؟ قال أحمد: نعم، وإن لم تستدن يحكم لها عليه بذلك. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (1273) "قال حرب: سألت أحمد قلت: رجل غاب عن أهله، فاستدانت بقدر نفقتها؟ قال: يجبر الزوج على قضاء ذلك. قلت: فإن كان أكثر من نفقتها؟ قال: لا، إلا ما تكتفي به. قلت: وكذلك إن كان له ولد صغار فاستدانت لهم؟ قال: نعم كل هذا على الزوج. "مسائل حرب" ص 244 نقل أحمد بن هاشم عنه: لو استدانت وأنفقت رجعت. "الفروع" 5/ 584

2503 - نفقة المرأة لما مضى من السنين

2503 - نفقة المرأة لما مضى من السنين قال صالح: قلت: الرجل يغيب عن أهله سنين، ثم يقدم أو يموت، هل يفرض عليه نفقتها لما مضت من السنين؟ أو كانت حاضرة فلم تطلب، ثم طلب بعد، أو طلقها قبل أن يضرب لها في ماله إذا كان حبسه عنها من غير عصيان؟ قال: يضرب لها في ماله بقدر نفقة مثلها. قال: وأقول: إذا طلقها ثلاثًا فلا سكنى لها ولا نفقة، أذهب إلى حديث فاطمة بنت قيس. "مسائل صالح" (758) نقل إبراهيم الحربي في رجل ماتت زوجته ولم يعطها نفقة، هل لورثتها أن يطالبوه بالنفقة؟ فقال: ليس لهم أن يطالبوه بغير المهر، فأما النفقة فلا. قيل له: فإن كان القاضي قد فرض عليه. قال: إن كان طالبته في حياتها بنفقة وفرض لها القاضي فقد صار حقًا لها وللورثة أن يطالبوه بما فرضه القاضي لها. "الروايتين والوجهين" 2/ 239 2504 - قدر نفقة المرأة قال حرب: سألت أحمدَ، قلتُ: المرأة كيف يفرض لها النفقة؟ قال: على قدر ما يحتمل الرجل. وقال: وسألت إسحاق قلتُ: كم تقدر من النفقة؟

قال: ما يحتمل المال. "مسائل حرب" ص 100

باب نفقة الأصول على الفروع والحواشي

ثانيًا: القرابة باب نفقة الأصول على الفروع والحواشي 2505 - الأولى بالنفقة من الأقارب ودرجاتهم قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: تجبر الأم على الولد إذا لم يكن للأب شيء. قال: تجبر على قدر الميراث. قال إسحاق: يجبر كل ذي رحم محرم على ذي رحمه المحرم إذا لم يكن له ما يكفيه، فكيف الأم إذا كانت موسرةً، ولا أب للغلام أو الجارية، بل تجبر على نفقة ولدها كلها إذا كانت موسرة، وإنما تُجبر على قدر ميراثها إذا كان معها وارثٌ غيرها، فأما إذا لم يكن للأب شيءٌ فكأنه لا أب له. "مسائل الكوسج" (2319) قال حرب: قلت لأحمد: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "في مذمة الرضاع غرة عبد أو أمة". قال: هذا إذا كان للرجل ولد فأرضعته امرأة، فإنها إذا فطمته وفرغت من رضاعه فينبغي لأبي الصبي أن يعطي الظئر غرة عبد أو أمة. "مسائل حرب" ص 249

2506 - القرابة الموجبة للنفقة وبيان درجاتها

2506 - القرابة الموجبة للنفقة وبيان درجاتها قال أبو داود: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عن رجل مات وترك صبية وأمها وليس أحد يجري على الصبية وليس له وصي، ترى أن تباع الدار؟ قال أحمد: من يبيع إلا أن يكون وصي أو قاض؟ ! "مسائل أبي داود" (1372) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل مات وله عند رجل مال وخلف ورثة صغارًا ينفقُ عليهم؟ قال أحمد: نعم. قلت: لا يُضمن؟ قال: لا. قيل لأحمد: يقضي دينه؟ قال: لا, النفقة على الصبيان ضرورة. "مسائل أبي داود" (1373) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل؛ تجبر العصبة على نفقة الصغير والكبير؟ قال: إذا كان الكبير زمنًا. "مسائل أبي داود" (1405) قال أحمد بن الحسين بن حسان: سُئل أحمد بن حنبل: لمن تجب النفقة؟ فقال: للأخ. وسُئل أحمد: لمن تجب النفقة؟ قال: للعم، وابن العم، وكل من كان من العصبة. "الطبقات" 1/ 80

2507 - مقدار نفقة الأقارب

نقل أبو طالب في أم ومعها ابن: الابن أحق بالنفقة منها، وهي أحق بالبر. "الفروع" 5/ 598 2507 - مقدار نفقة الأقارب قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: ما للابن من مال أبيه؟ قال: الكفاية، كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لهِنْدَ بنت عتبة: "خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ" (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3325) قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه: عن ابن طاوس، عن أبيه، قال: ينال الرجلُ من مال أبيه بالمعروف. أنبأنا ابن جريج قال: وزعم عمرو بن دينار؛ أن أبا الشعثاء، كان لا يرى بأسًا أن يأكل الرجلُ من مال أبيه، ما يأكل قط بغير أمر أبيه، إذا أعياه أبوه فلم يُنفق عليه. حدثنا سُفيان، عن عمرو قال: قال رجل لجابر بن زيد: إن أبي يحرمني؟ قال: خُذ ما يكفيك بالمعروف. عن هشام قال: حدثني أبي، عن عائشة؛ أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول اللَّه، إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 39، والبخاري (2211)، ومسلم (1714) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-.

2508 - 1 - أن يكون محتاجا

وولدي، إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم. قال: "خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ". "الورع" (362 - 365) شروط استحقاق الأقارب للنفقة 2508 - 1 - أن يكون محتاجًا نقل الأثرم عنه: يجبر على نفقة ولده إذا كان محتاجًا. "الروايتين والوجهين" 2/ 242 2509 - 2 - أن يكون ما ينفقه الأصل فاضلًا عن نفقة نفسه نقل أبو طالب، قيل لأحمد: فإن كان له دار يبيعها وينفق على ابنه. قال: لا بد له من مسكن، وإن كان له فضل عن مسكنه وفضل عن نفقة عياله، وإن لم يكن له فضل ولا سعة فلا ينفق عليها. "تقرير القواعد" 3/ 948 2510 - هل يشترط اتفاق الدين؟ قال الخلال: زاد محمد بن علي من ههنا قال: قلت إن كانت مسلمة وأبوها نصراني وهي محتاجة، يجبر أبوها على النفقة عليها؟ فقال: لم أسمع في هذا شيئًا فقلت له: قوما يقولون لا يجبر على النفقة عليها فكيف تقول أنت؟

قال: يعجبني أن ينفق عليها -يعني: أباها النصراني. فقلت: يجبر. قال: يعجبني. ولم يقل: يجبر. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 231 (430)

باب نفقة الفروع على الأصول

باب نفقة الفروع على الأصول 2511 - حكم تصرفات الوالدين في مال أبنائهم قال إسحاق بن منصور: قلت للإمام أحمد: قال سفيان في رجل وقع على جارية ابنه: إن حبلت كانت أم ولدٍ، وإن لم تحبل إن شاء الابن باعها. قال أحمد: إذا كان الابن قابضًا للجارية، ولم يكن الابن وطئها فأحبلها الأب، فالولد ولده والجارية له، وليس للابن منها شيء. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1122) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: الأم تأخذ من مال ولدها؟ قال: لا. قال إسحاق: كلما احتاجت أخذت كسوتها ونفقتها بالمعروف. وهي مثل الأب وأحسن حالًا. "مسائل الكوسج" (2318) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يقبض الرجلُ من مالِ ولده ما أعطاه مِن مالِه؟ قال: يأخذُ من مالِ ولدِهِ ما شَاءَ. قال إِسحاقُ: كما قال فيما هو أعطاه: قَلَّ أو كَثُرَ، له الرجوع فيها. "مسائل الكوسج" (3030) قال صالح: وسألته عن الرجل، هل يجوز له أن يتصدق من مال ابنه، أو يهب، أو يبيع على ابنه، أو يعتق عليه؟ قال أبى: كل ما أخذ الرجل من مال ابنه حتى يحوزه فهو له، وأحب

أن لا يكون ذلك على الإضرار، وقد روي عن الحسن وابن أبي ليلى أنهما كانا يجيزان عتق الرجل في مال ابنه، وخالفهم غيرهم. "مسائل صالح" (169) قال أبو داود: قلت لأحمد: الوالدة ليست في مال ولدها مثل الوالد؟ قال: لا؛ لعمري. "مسائل أبي داود" (1335) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: الوالد إذا أعتق غلام ابنه لا يجوز ما لم يقبضه، وإذا قبضه وأعتق جاز. "مسائل ابن هانئ" (1211) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كل شيء يأخذ من مال ولده فيقبضه، فله أن يأكل ويعتق. "مسائل ابن هانئ" (1212) قال ابن هانئ: سئل أبو عبد اللَّه: يسرق الوالد من مال ولده، عليه القطع؟ قال: لا يقال سرق، له أن يأخذ منه، ولا يقطع. "مسائل ابن هانئ" (1213) قال ابن هانئ: وسئل عن: المرأة تتصدق من مال ابنها. قال: لا تتصدق إلا بإذنه. "مسائل ابن هانئ" (1216) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: جارية، وهبها رجل لابنه ثم قبضها الابن من الأب، فأعتقها الأب بعدما قبضها الابن؟ قال أبو عبد اللَّه: الجارية للابن، وأعتق الأب ما ليس له.

قلت: فحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ" (¬1). قال أبو عبد اللَّه: من قال إن عتق الأب جائز يذهب إلى هذا، فأما الحسن، وابن أبي ليلى، يقولان: عتقه عليه جائز، ولا أذهب إليه. قلت لأبي عبد اللَّه: أيش الحجة في هذا؟ فقال: لا يجوز عتقه على ما قبضه الابن وأجازه، وله أن يأخذ من مال ولده ما شاء، وليس لولده أن يمنعه إذا أراد أن يأخذ، إلا أن يكون يسرف، فله أن يعطيه القوت، ولا أرى أن يعتق على الابن إذا جاز الجارية. "مسائل ابن هانئ" (1218). قال ابن هانئ: وسأله أبي وأنا أسمع عن الرجل يأكل من مال ولده؟ فقال: يأكل من مال ولده ما لم يفسد. "مسائل ابن هانئ" (1230). قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: ما معنى قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ". فقال: أما محمد -يعني: ابن سيرين- فكان يقول: كل له حق بشيئه؛ ليس للأب أن يأخذ من مال ابنه. ولو كان كما قال محمد، لكان يضيق على الناس، ولكن كما قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ". قلت: كيف هو؟ قال: هو إذا كان للابن مالٌ؛ فإن للأب أن يأخذ منه. قلت: وكذا إن كان ابنه له جارية يأخذها ويعتقها؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 214، وأبو داود (3530)، وابن ماجه (2292) من حديث عبد اللَّه بن عمرو، وصححه الألباني في "الإرواء" (838).

قلت: فإن كانت سريته؟ قال: هذِه تشنع، لا أقول: يعتق سرية ابنه. عن ابن عون، عن الحسن قال: قيل له: يأخذ الرجل من مال ولده؟ قال: نعم. قيل: فيأخذ سريته؟ قال: لا. عن منصور، عن الحسن؛ أنه كان يرى عتق الأب من مال ابنه جائزًا. عن يونس، عن الحسن؛ أنه كان يقول: إن للوالد أن يأخذ من مال ولده ما شاء. أنبأنا شعبة عن ميمون بن أبي شبيب قال: قيل لمعاذ: ما حق الوالدين على الولد؟ قال: لو خرجت من أهلك ومالك ما أديت حقهما. قال شعبة: وإنما حدثني به منصور بن زاذان، عن الحكم. عن أبي مسعود البدري قال: ذكرت عنده الدنانير والدراهم. فقال: ألصقوها بكبودهم! واللَّه لن تصيروا للآخرة بدينار ولا درهم، ولتتركنها في بطن الأرض وعلى ظهرها، كما تركها من كان قبلكم (¬1). "الورع" (345 - 350) قال المروذي: حدثتني أم جعفر قالت: قلت لأبي عبد اللَّه: إن لي ابنين، وهما في العسكر، ولهما في يدي مال؟ قالت: فربما تصدقتُ منه. ترى لي أن أفعل، أو كلامًا ذا معناه؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 235، ولكن عن ابن مسعود الأنصاري. وليس البدري، وكذا ابن أبي الدنيا في "إصلاح المال" ص 150 (20)، وابن عساكر في "تاريخه" 40/ 523.

فقال: يعجبني أن تستأذنيهما، إنما هذا للأب: "أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ" (¬1)، ولم يجئ أنه قال: "للأم". قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: يتزوج الرجل من مال ولده؟ قال: ما أعلم به بأسًا؛ قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ". قلت لأبي عبد اللَّه: فيشتري الرجل الجارية من مال ولده فيعتقها؟ قال: نعم. حدثنا معتمر قال: قرأتُ على الفُضيل، أن أبا إسحاق حدثه، أن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- حدث، أن رجلًا أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا نبي اللَّه! إن والدي أكل مالي. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ". عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رجلًا أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا نبي اللَّه! إن لي مالًا ولي والد، وإنه يريد أن يجتاح مالي! قال: "أَنْتَ وَمَالُكَ لِوالِدَيكَ, إِنَّ أَوْلادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ، فَكُلُوا مِنْ كَسْبِ أَوْلادِكُمْ" (¬2). وقال: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يهب لابنته من يقبضه لها؟ قال: هو يقبضه لها. "الورع" (358 - 361) ونقل عنه المروزي في الرجل يستقرض من مال أولاده ثم يوصي بما أخذ من ذلك، قال: ذلك إليه، فإن فعلَ فلا بأس. "بدائع الفوائد" 3/ 86 - 87. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 179، وأبو داود (3530)، وابن ماجه (2292) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1856). (¬2) تقدم تخريجه.

وروى عنه أبو الحارث: كل من أحرزه الأب من مال فهو له، رضي أو كره، يأخذ ما يشاء من قليل وكثير، والأم لا تأخذ، إنما قال -صلى اللَّه عليه وسلم- "أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ"، ولم يقل: لأمك. "بدائع الفوائد" 3/ 87 قال البرزاطي: سألت أحمد عن رجل مات وخلف أولادًا صغارًا، وخلف لهم مالًا، ولهم والدة، أترى لها أن تأكل من مالهم؟ قال: لا أحب لها أن تأكل من مالهم إذا كان لها مال. قلت: إنها تكفلهم، وتحضنهم، وتقوم عليهم، ألا يجوز لها أن تأكل من مالهم؟ قال: لا، إلا من ضرورة وحاجة، ولا تجد إلا ذلك، أو تصير إلى الحاكم، حتى يفرض لها من مالهم حق الحضانة لمثلها. "بدائع الفوائد" 4/ 47, 48 ونقل الشالنجي أن له أن يتملك من مال ولده مطلقًا، ما لم يعطه ولدًا آخر، واحتج بأنه حين أخذه صار له فيعدل بينهما. ونقل الأثرم: إن أراد أخذه مع غناه لو كنت أنا لجبرته على دفعه إليه. "الفروع" 4/ 651 - 652

باب النفقة على المملوك

ثالثًا: الملك باب النفقة على المملوك 2512 - حق المملوك قال عبد اللَّه: سألت أبي: ما حق المملوك؟ قال: يشبعه ويكسوه ولا يكلفه ما لا يطيق. فقال: إذا بلغ المملوك يزوجه، فإن أبى تركه. "مسائل عبد اللَّه" (1229) وقد سئل: هل يستعمل المملوك بالليل؟ قال: لا يسهره ولا يشق عليه، يخفف عنه. "الأحكام السلطانية" ص 603 2513 - إذا لم يقم السيد بحق مماليكه, هل لهم الأخذ بغير إذنه؟ قال ابن هانئ: سألته عن غلام مملوك، أله أن يأكل من ملك مولاه بغير إذنه؟ قال: لا يأكل من ماله إلا بإذنه. "مسائل ابن هانئ" (1215)

كتاب الرضاع

كتاب الرضاع 2514 - من يجبر على نفقة المرضع؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: والولد على من رضاعه؟ قال: على عصبته. "مسائل الكوسج" (990) قال إسحاق بن منصور: قلت: إن لم يكن له عصبة؟ قال: إن أرضعوه من بيت المال فهو أجود مثل حديث المنبوذ (¬1). قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (991) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا كانت المرأة عند الرجل فولدت له، فقالت: إني أرضعُ ولدي، وقال هو: لا. فهو أحق بولده يسترضع؟ قال أحمد: هي أحق بولدها، وإذا أبت فليس له أن يجبرها، وإن تعاسروا فينظر ما يرضع به فذلك لها، هذا في الطلاق. قال إسحاق: هذا كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (1166) قال إسحاق بن منصور: قلت: إن عمر رحمه اللَّه وقف بني عم منفوس بني ¬

_ (¬1) علقه البخاري جزمًا قبل الرواية (2662)، ورواه عبد الرزاق 7/ 449 - 450 (13838)، وابن أبي شيبة 6/ 298 (31560)، والطبراني 7/ 102 (6498)، والبيهقي 6/ 202، 10/ 298. ولفظ البخاري: وقال أبو جميلة: وجدت منبوذًا فلما رآني عمر قال: عسى الغوير أبؤسًا. كأنه يتهمني، قال عريفي: إنه رجل صالح، قال: كذاك، اذهب وعلينا نفقته.

عمه كلالة بالنفقة عليهم مثل العاقلة؟ (¬1) قال أحمد: نقول: أوجب عليهم الرضاع كما أنهم يعقلون. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3232) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ: الصبيُّ إذا لم يكنْ له مالٌ فاحتيج إلى النفقةِ عليه في رضاعٍ أو غير ذَلِكَ. قال: فعلى الوارثِ ذَلِكَ، كلٌّ بقدرِ ميراثه، كذلك ذكر عن زيد بن ثابت (¬2)، وقال هؤلاء: ليس على أهلِ الميراث والعصبات، إنَّما يلزم مَن كان من قِبَل الأم مثل الخالِ والخالة وشبههما، وهذا خطأ بيّن لما هو خلاف القرآن والسنة، ولو قال قائلٌ: هو على العصباتِ، لكان مذهبًا لما وقف عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- بني عم منفوس كلالة برضاعه. "مسائل الكوسج" (3270) قال أبو داود: وسمعتُ أحمد؛ قال: الرضيع إذا قام على أجرٍ فأمُّه أحق به. "مسائل أبي داود" (1068) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: الأم أحق برضاع ولدها. "مسائل ابن هانئ" (999) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 59 (12181)، وابن أبي شيبة 4/ 189 (19152)، من طريق ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن ابن المسيب، عن عمر به. قال الألباني في "الإرواء" (2164): إسناده جيد لولا عنعنة ابن جريج. قلت: صرح بالسماع عند عبد الرزاق. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 190 (19155).

2515 - المرأة تتزوج ولها ولد رضيع, للزوج أن يمنعها من رضاعه؟

قال حرب: وسألت إسحاق قلت: رجل طلق امرأته ثلاثًا ولهما صبي رضيع، والأب فقير، والأم تأبى أن ترضع الصبي، هل تجبر الأم على رضاع الصبي؟ قال: لا. قلت: إن الأب فقير؟ قال: يحتال، وقال: ينظر إلى ما ترضع به غيرها، فيدفع إلى الأم فترضع الصبي. "مسائل حرب" ص 242 قال حرب: قلت لأحمد: فأجر الصبي المرضع؟ قال: من نصيب الصبى إن كان له مال، وإلا فعلى الورثة بقدر سهامهم. وقال: وسألت إسحاق عن أجر المرضع قال: من نصيب الصبى إن كان له مال، وإلا فعلى الورثة بقدر سهامهم. "مسائل حرب" ص 248 2515 - المرأة تتزوج ولها ولد رضيع, للزوج أن يمنعها من رضاعه؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل تزوج امرأةً ولها ابن رضيعٌ من غيره، فأرادت أن ترضعه ومنعها زوجها أن ترضعه؟ قال: ليس لها أن ترضعه. قال: أقول هكذا.

قلت: تترك الصبي؟ قال: يسترضع له، إنما تزوجها للفراش، لا لتشغل نفسها. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (1217) قال حرب: قلت لأحمد: رجل تزوج امرأة ولها ولد من غيره ترضعه، أله أن يمنعها؟ قال: نعم له أن يمنعها؟ لأن حجرها له وهو أحق بها. قلت: وهذا ولدها؟ ! قال: يسترضع له أبواه. "مسائل حرب" ص 246 ما يذهب مذمة الرضاع قال إسحاق بن منصور: قلت: قوله: ما يذهب عني مذمة الرضاع؟ قال أحمد: غرة عبدٍ أو أمة. قال إسحاق: يقول: يدفع عني ما لزمني من ذمام المرضعة. فقال: أن يفتدي بأن يعطي عبدًا أو أمة وهذا لأهل اليسار. "مسائل الكوسج" (3283) قال حرب: قلت لأحمد: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "في مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ". قال: هذا إذا كان للرجل ولد فأرضعته امرأة، فإنها إذا فطمته وفرغت من رضاعه فينبغي لأبي الصبي أن يعطي الظئر غرة عبد أو أمة. "مسائل حرب" ص 249

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن هشام قال: أخبرني أبي، عن حجاج، عن أبيه قلت: يا رسول اللَّه: ما يذهب عني مذمة الرضاع؟ قال: "عَبْد أَو أَمَة" (¬1). سألت أبي عن ذلك؟ قال: يعني: أن يهب لمن ترضع ولده غرة عبد أو أمة، فيكون قد ذهبت مذمة الرضاع. "مسائل عبد اللَّه" (1260) مدة الرضاع للمولود قال إسحاق بن منصور: قلت: هل ترضعُ المرأة ولدها أكثر من سنتين؟ قال: لا، مكروه، واحتج بحديث علقمة (¬2). قال: والقرآن بذاك نزل. قال إسحاق: كما قال؛ لأنه لا يحل الرضاع أكثر من سنتين. "مسائل الكوسج" (1135) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: لا رضاع بعد الحولين. "مسائل ابن هانئ" (1001) ¬

_ (¬1) رواه أحمد 3/ 450، وأبو داود (2064)، والترمذي (1153)، والنسائي 6/ 108. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (350). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 545.

2516 - الرضاع بلبن ولد الزنا

2516 - الرضاع بلبن ولد الزنا قال إسحاق بن منصور: قلت: تكره لبن ولد الزنا أن يُرضع به؟ قال أحمد: قد كرهه قومٌ. قلت: تكرهه أنت؟ قال: إني أخبرك، اللبن يشبه علته. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1235)

كتاب الحضانة

كتاب الحضانة باب الأولى بحضانة الصغير 2517 - من أحق بالولد في الصغر؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: من أحق بالولد ما دام صغيرًا؟ قال: الأم أحق حتى إذا كبر يُخير. قلت: إذا كانت المرأة ظالمةً لزوجها، يؤخذ منها الولد إذا كان صغيرًا؟ قال: لا، هي آثمة فيما تصنعُ، وهي أحقُّ بولدها ما دام صغيرًا. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (919) نقل ابن ماهان: سألت أحمد سنة سبع وعشرين ومائتين عن المرأة إذا كانت ظالمة لزوجها أيؤخذ منها الولد؟ قال أحمد: ابن كم الولد؟ قلت: ابن ثلاث سنين. قال: لا يؤخذ منها الولد. "الطبقات" 2/ 361 2518 - تنازع نساء القرابة في حضانة الولد نص في رواية أحمد بن هشام في أم الأب وأم الأم: فأم الأم أحق

2519 - تخيير الغلام بين أبويه

بالولد. وقال في رواية مهنا: أم الأب أحق من أم الأم. "الروايتين والوجهين" 2/ 244 2519 - تخيير الغلام بين أبويه قال إسحاق بن منصور: قلت لإسحاق: متى يُخير؟ قال: إذا بلغ سبعًا فحسنٌ. "مسائل الكوسج" (920) قال أبو داود: سمعت أحمد يقولُ: يخير الغلام: إذا كان ابن ست سنين أو سبع. قلت: فالجارية؟ قال: أبوها أحق بها إذا زوج مثلها. "مسائل أبي داود" (1228) قال حرب: قلت لأحمد بن حنبل: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خيّر غلامًا بين أبويه (¬1). كيف التخيير؟ قال: إذا بلغ سبع سنين خُير، فإن شاء كان مع أبيه وإن شاء كان مع أمه. قلت: وقبل ذلك؟ ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 246، وأبو داود (2277)، والترمذي (1357)، والنسائي 6/ 185، وابن ماجه (2351) من حديث أبي هريرة. قال الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1969).

قال: يكون مع الأم إلى سبع سنين. قلت: فالجارية؟ قال: والجارية تكون مع الأم حتى تبلغ ما يجوز تزويجها، ثم تكون مع الأب. قلت: ست سنين؟ قال: ست وسبع. وقال: وسألتُ إسحاقَ قلتُ: إلى متى يكون الصبي والصبية مع الأم إذا طلقت؟ قال: أحب إلى أن يكون مع الأم إلى سبع سنين ثم يخير. قلت له: أترى التخيير؟ قال: شديدًا. قلت: فأقل من سبع سنين لا تخير؟ قال: قد قال بعضهم: خمس. ولكن أنا أحب إليَّ سبع. "مسائل حرب" ص 240 نقل عنه الفضل بن زياد: إذا عقل الغلام واستغنى عن الأم فالأب أحق به. ونقل أبو طالب: الأب أحق بالغلام إذا عقل واستغنى عن الأم. "الفتاوى" 24/ 112 نقل عنه رضا (¬1) بن يحيى: الأم والجدة أحق بالجارية حتى تتزوج. "الفتاوى" 34/ 115 ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ورد في ملحق التصويبات بآخر الكتاب ما نصه: هكذا في المطبوع ولا يوجد في أصحاب الإمام أحمد من يُسمى بهذا الاسم، ولعله زكريا بن يحيى.

باب ما جاء في شروط الحضانة

باب ما جاء في شروط الحضانة 2520 - 1 - الإسلام قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل يهودي وامرأته يهودية، فأسلمت المرأة ولها ابن صغير، فمع من يكون الابن؟ قال: الابن للمسلم منهما؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ويُنَصِّرَانِهِ" (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1060) قال حرب: سألت أحمد عن النصرانية تسلم قبل زوجها ولها ولد صغار. قال: ولدها معها ويجبر الأب على النفقة عليهم. "مسائل حرب" ص 256 2521 - من كان تحته نصرانية مع من يكون الولد, وعلى من النفقة؟ قال حرب: سألت أحمد عن النصرانية تسلم قبل زوجها ولها ولد صغار؟ قال: ولدها معها ويجبر الأب على النفقة عليهم (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 233، والبخاري (1358)، ومسلم (2658) من حديث أبي هريرة. (¬2) ذكر أبو يعلى في "الروايتين والوجهين" 2/ 241 عن حرب، وابن مشيش، عن أحمد.

2522 - 2 - خلوه عن النكاح

قلت لأحمد: رجل تحته نصرانية وهو مسلم، فطلقها مع من يكون الولد؟ قال: مع الأب المسلم. قلت: وإن كان صغيرًا؟ قال: نعم. "مسائل حرب" ص 252 2522 - 2 - خلوه عن النكاح قال في رواية مهنا، وقد سُئل: إذا تزوجت الأم وابنها صغير أخذ منها صغيرًا كان أو كبيرًا. قيل له: فالجارية مثل الصبي. قال: لا، الجارية إذا تزوجت أمها تكون معها إلى سبع سنين، وقال بعضهم: تكون معها إلى أن تحيض. "الروايتين والوجهين" 2/ 243, "المغني" 11/ 420 - 421, "زاد المعاد" 3/ 376 قال في رواية حنبل، في الرجل يطلق امرأته وله منها أولاد صغار: الأم أعطف عليهم مقدار ما يعقلون الأدب، فتكون الأم أحق بهم ما لم تتزوج، فإذا تزوجت فالأب أحق بولده -غلامًا كان أو جارية. "الروايتين والوجهين" 2/ 243, "مجموع الفتاوى" 34/ 113 2523 - 3 - الإقامة نقل البرزاطي: قلت لأحمد: ماتت زوجته، وقد حكم عليه القاضي أن يدفع صبيانه إلى جدتهم لتحضنهم، وهي في قرية بعيدة عن قريته.

قال: إن كانت بحيث يراهم في كل يوم ويرونه فلا بأس بذلك؛ قد قضى أبو بكر على عمر أن يدفع ابنه لجدته وهي بقباء وعمر بالمدينة (¬1). "بدائع الفوائد" 4/ 48. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 154 (12601).

جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة لدار الْفَلاح وَلَا يجوز نشر هَذَا الْكتاب بِأَيّ صِيغَة أَو تَصْوِيره PDF إِلَّا بِإِذن خطي من صَاحب الدَّار الْأُسْتَاذ/ خَالِد الرِّبَاط الطبعة الأولى 1430 هـ - 2009 م رقم الْإِيدَاع بدار الْكتب 19194/ 2009 دَار الْفَلاح للبحث العلمي وَتَحْقِيق التراث 18 شَارِع أحمس - حَيّ الجامعة - الفيوم ت: 01000059200 [email protected]

الْجَامِعُ لِعُلوْم الإِمَامِ أَحْمد [12]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قسم الفقه (8) 1 - كتاب الجنايات. 2 - كتاب الديات. 2 - كتاب الحدود. 4 - كتاب الأطعمة. 5 - كتاب الأشربة. 6 - كتاب الصيد والذبائح. 7 - كتاب الصيد. 8 - كتاب الأيمان. 9 - كتاب النذر.

كتاب الجنايات

كتاب الجنايات أقسام الجنايات أولًا: الجناية على النفس باب ما جاء في أقسام الجناية على النفس 2524 - 1 - القتل العمد قال إسحاق بن منصور: قلتُ: العمدُ السلاح؟ قال: العمدُ: الحجرُ العظيم وكلّ شيء فوق عمود الفسطاط يقتل به، وما دونه لا يقتل به. قال إسحاق: العمد بالحجر أو بعمود فسطاط أو دون العمود مما يقتل، فإن القود قائم في ذَلِكَ إذا تعمَّده، ولو أخطأ بحديدةٍ لم يحل القود به إذا علم ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (2393). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قيل له: رجلٌ حدد بعود أو بعظم، فخرقَ به بطنَ رجلٍ فقتله. قال: هذا شبه العمدِ؟ قال أحمد: يقادُ به؛ هذا عمدٌ. قال إسحاق: كما قال، لو ذبح ذبيحة بالذي حدده أكل، فكيف لا يكون القود به؟ ! . "مسائل الكوسج" (2625). قال صالح: لو أن رجلا ضرب رجلا بخشبة أو بحجر يريد قتله فقتله، أكان هذا عمدًا؟

قال: إذا كان ما يضربه به أكثر من عمود الفسطاط فهو عمد، وإذا كان دون ذلك فليس بعمد. أذهب إلى حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رواه المغيرة بن شعبة- أن امرأة قتلت ضرتها بعمود فسطاط، فلم يكن فيه قود (¬1). "مسائل صالح" (98). قال صالح: سئل أبي -وأنا شاهد- عن رجل ضرب رجلًا بعصا فقتله؟ قال: إذا كانت أطول من عمود الفسطاط رأيت عليه القود، فما كان دون ذلك فلا. "مسائل صالح" (660). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الرجل يخنق الرجل؟ قال: إذا غمهُ حتى يقتله يقتل به. "مسائل أبي داود" (1450). قال أبو داود: سمعت أحمد قال: العمد فيه القود؛ إلا أن يصالحوهم. "مسائل أبي داود" (1451). قال ابن هانئ: سألته عن رجل ضرب رجلًا بعصا، فمكث أيامًا ثم مات؟ قال: إذا كان ضربه ضربة، ثم عاد فضرب أخرى، أقيد منه. "مسائل ابن هانئ" (1537). قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل: لو أن رجلا ضرب رجلا بخشبة، أو بحجر يريد قتله فقتله، أكان هذا عمدًا؟ قال: إذا كان ما يضربه به أكثر من عمود الفسطاط فهو عمد، وإذا كان بدون ذلك فليس بعمد، يذهب إلى حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 245، ومسلم (1682).

2525 - من قصد قتل شخص فقتل غيره

رواه المغيرة: أن امرأة ضُرِبَتْ بعمود فسطاط، فلم يكن فيه قود. "مسائل عبد اللَّه" (1530). 2525 - من قصد قتل شخص فقتل غيره قال الحسن بن محمد بن ثواب: قال أحمد في رجل أرسل سهمًا على زيد فأصاب عمرًا: هو عمد عليه القود. "الروايتين والوجهين" 2/ 257. 2526 - توبة القاتل عمدًا قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: محمد بن جعفر وحجاج قالا: حدثنا شعبة عن منصور، عن سعيد قال: أمرني عبد الرحمن بن أبزى: أن أسأل ابن عباس عن هاتين الآيتين: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} وسألته، فقال: لم ينسخها شيء. وعن هذِه الآية: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} قال: نزلت في أهل الشرك. قال حجاج: الشرك: الجاهلية. قال لي أبو عبد اللَّه: وَهِم شعبة، إنما هو سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى. وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: نزلت التي في الفرقان بمكة إلى قوله: {وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا}. قال أبو عبد اللَّه: هي مثقلة. "مسائل ابن هانئ" (1536).

قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: جاءني كتاب رجل قد بُلي بدم، وقد ذهب بذل نفسه على أن يقاد، وقد كتب يشاورني أن يخرج إلى بيت المقدس، فأي شيء ترى؟ قال: قل له: ما تصنع ببيت المقدس، عليك بالثغر؛ لعله يأتيك سهم غرب فيمحص اللَّه عنك الذنوب، أو تأتيك الشهادة. "الورع" (427) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا صفوان بن عيسى، نا ثور بن يزيد، عن أبي عون، عن أبي إدريس قال: سمعت معاوية -رضي اللَّه عنه- قال وكان قليل الحديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلَّا الرَّجُلُ يَمُوتُ كَافِرًا أَوِ الرَّجُلُ يَقْتُلُ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا" (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (750) قال المروذي: سأله عن رجل كان مع السلطان وقد تاب وكان قد بلى بدم، قال: قل له يأتي الثغر فهو خير له. وقال أبو الصقر: قلت: هل تعرف شيئًا من الذنوب ليس له توبة؟ قال: أتخوف أن يكون القتل. وقال صالح لأبيه: قتل النفس التي حرم اللَّه متعمدًا له توبة أم كفارة؟ فقال: قال ابن عباس فيمن قتل مؤمنًا متعمدًا: هي من آخر ما نزل، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 99، والنسائي 7/ 81، والحاكم 4/ 351 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (4524)، "صحيح الترغيب" (2445).

ليس له كفارة ولا توبة (¬1). وقال أبو زرعة الدمشقي: سألت أبا عبد اللَّه عن حديث أبي اليمان -يعني: ما روى أبو اليمان- عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن أنس بن مالك، عن أم حبيبة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أَرَأَيْتُ مَا تَلْقَى أُمَّتِي بَعْدِي وَسَفْكَ بَعْضِهِمْ دِمَاءَ بَعْضٍ وَكان ذلك سَابَقًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَسَأَلْتُ أَنْ يُوَلِّيَنِي شَفَاعَةً فِيهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فَفَعَلَ". فقال -أي أحمد-: ليس له عن الزهري أهل بتة، وأخبرني أنه من حديث شعيب عن ابن أبي حسين (¬2). "الروايتين والوجهين" 2/ 247، 248. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 222، والبخاري (4764)، ومسلم (2023). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 427، 428، والطبراني 23/ 222 (410) من طريق أبي إيمان عن شعيب بن أبي حمزة عن ابن أبي حسين عن أنس. ورواه ابن أبي عاصم في السنة (215، 800)، والطبراني 23/ 221 (409)، والحاكم 1/ 68 من طريق أبي اليمان عن شعيب عن الزهري عن أنس به. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والعلة عندهما فيه أن أبا اليمان حدث به مرتين فقال مرة: عن شعيب عن الزهري عن أنس. وقال مرة: عن شعيب عن ابن أبي حسين عن أنس، وقد قدمنا القول في مثل هذا أنه لا ينكر أن يكون الحديث عند إمام من الأئمة عن شيخين فمرة يحدث به هذا ومرة يحدث به عن ذاك. وقد حدثني على به محمد بن عمر، ثنا يحيى بن محمد بن صاعد، ثنا إبراهيم بن هانئ قال لنا أبو اليمان: الحديث حديث الزهري، والذي حدثكم عن ابن أبي حسين غلطت فيه بورقة قلبتها. ثم قال الحاكم: هذا كالأخذ باليد فإن إبراهيم بن هانئ ثقة مأمون. وقال الألباني في "ظلال الجنة" إسناده صحيح على شرط الشيخين وقد أعل بما لا يقدح. وانظر: "الصحيحة" (1440).

2527 - 2 - القتل شبه العمد

ونقل مهنا عن أحمد أنه سُئل عن هذا الحديث (¬1). فقال: ليس بصحيح، وضعف أمر يزيد بن أبي زياد. "الروايتين والوجهين" 2/ 250 2527 - 2 - القتل شبه العمد نقل حرب: شبه العمد أن يضربه بخشبة دون عمود الفسطاط ونحو ذلك حتى يقتله، أو مرة به في مرض أو ضعف أو صغر أو كبر أو حر أو برد ونحوه. ونقل ابن مشيش: يجب القود إذا ضربه بمثل عمود الفسطاط وكوذين القصار والصخرة وبما يقتل مثله. "الفروع" 5/ 622. ¬

_ (¬1) هو حديث أبي هريرة مرفوعًا: "مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ بكَلِمَةٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَكْتُوبًا بَيْنَ عَيْنَيْهِ: آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ". رواه ابن ماجه (2620) من طريق يزيد بن زياد، عن الزهرى، عن ابن المسيب عنه به. قال البوصيرى في "الزوائد" (880): هذا إسناده ضعيف، فيه يزيد بن أبي زياد -ويقال: يزيد بن زياد- الدمشقي قال فيه البخارى وأبو حاتم: منكر الحديث، وزاد أبو حاتم: ذاهب الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث. قال الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (571): ضعيف جدًّا. وانظر أيضًا "الضعيفة" (503).

باب ما جاء في شروط وجوب القصاص

باب ما جاء في شروط وجوب القصاص 2528 - 1 - عصمة المقتول قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث أنه سأل أبا عبد اللَّه: قلت: نصراني قتل نصرانيًّا؟ قال: يقتل به. "أحكام أهل الملل" 2/ 395 (896) 2 - المكافأة أولًا: المكافأة في الدين 2529 - لا يقتل مسلم بكافر قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: يقتل المسلم بكافرٍ؟ قال: لا يُقتل المسلم بكافرٍ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2392) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: رجلٌ مسلمٌ قتلَ رجلًا مِنْ أهلِ الذمَّةِ؟ قال: عليه ديته، ولا يقتل به، لا يُقتلُ مسلمٌ بكافرٍ. قال إسحاق: كما قال، إلَّا أنْ يكونَ عمدًا فديته مغلظة ألف دينار لما زال عنه القود، وكذا قال عمر وعثمان -رضي اللَّه عنهما- (¬1). "مسائل الكوسج" (2504). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 95 (18491 - 18492، 18495)، والبيهقي 8/ 32 - 33.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن رجلٍ قتلَ مشركًا عمدًا. قال: يغرم دية المسلم في ماله ويعزر ويحبس. قال أحمد: هكذا نقول. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2624). قال صالح: وقال: لا تقتل مسلمًا بكافر، ولا حرًّا بعبد. "مسائل صالح" (1060) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل المسلم يقتل الكافر؟ قال: لا يقتل به. "مسائل ابن هانئ" (1552) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن سعيد، وحدثني أبو خيثمة، نا يحيى بن سعيد، نا سعيد بن أبي عروبة، نا قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عباد قال: انطلقت أنا والأشتر إلى علي -رضي اللَّه عنه- فقلنا: هل عهد نبي اللَّه إليك شيئًا لم يعهده إلى الناس عامة؟ قال: لا، إلا ما في كتابي هذا، قال: وأخرج كتابًا من قراب سيفه فإذا فيه: "الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، أَلَا لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ في عَهْدِهِ، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلَى نَفْسِهِ، وْمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أو آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ"، وهذا لفظ حديث أبى رحمه اللَّه (¬1). "السنة" (1248) ¬

_ (¬1) رواه أحمد 1/ 122، وأبو داود (4530)، والنسائي 8/ 19 قال الحافظ الزيلعي في "النصب" 4/ 335: قال في "التنقيح": سنده صحيح. =

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا هشيم، نا مطرف، عن الشعبي أنا أبو جحيفة قال: قلت لعلي -رضي اللَّه عنه- يا أمير المؤمنين: هل عندكم سوداء في بيضاء ليس في كتاب اللَّه عز وجل؟ قال: فقال: لا والذي خلق الحبة وبرأ النسمة ما علمته إلا فهما يؤته اللَّه عز وجل رجالًا في القرآن وما في الصحيفة. قال: قلت: وما في الصحيفة؟ قال: فيه العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مؤمن بكافر. "السنة" (1251) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد الوراق قال: حدثنا محمد ابن حاتم بن نعيم قال: حدثنا علي بن سعيد قال: سألت أحمد عن حديث عبد اللَّه بن (عمرو) (¬1) -رضي اللَّه عنهما-: "ولا يقتل مؤمن بكافر" (¬2) من هذا الكافر؟ قال: كل الكفار. قلت: اليهودي والنصراني منهم؟ قال: نعم. وقال أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قال لي أبو عبد اللَّه: لا يقتل مسلم بكافر. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن يحيى بن كثير، عن عكرمة قال: لا يقتل المسلم بالذميّ (¬3). ¬

_ = وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" (993): إسناده صحيح. وقال الألباني في "الإرواء" 7/ 267: رجاله ثقات رجال الشيخين. (¬1) في المطبوع: (عمر). وما أثبتناه من مصادر التخريج. (¬2) رواه أحمد 2/ 180، وأبو داود (4531)، وابن ماجه (2659) وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" (6690): إسناده صحيح. وانظر: "الإرواء" (2208). (¬3) "مصنف عبد الرزاق" 10/ 98 (18503، 18505).

قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن الزهري قال: لا قود على مسلم من كافر (¬1). كتب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الكتاب الذي كتبه: "لا يقتل مؤمن بكافر". وقال: أخبرني عبد الملك قال: سألت أبا عبد اللَّه عن مسلم قتل نصرانيًّا؟ قال: لا يقاد به؛ لأنه لا يقتل مسلم بكافر وعليه ديته. وقال: وأخبرني عصمة قال: حدثنا حنبل أنه سأل أبا عبد اللَّه فقال: لا يقتل مسلمٌ بكافر. قال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى قالا: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن العبد إذا قتله حر قتل به، واليهودي والنصراني النفس بالنفس؟ قال: النفس بالنفس كتب على اليهود قال: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} [المائدة: 45] التوراة ولما كتب عليهم القصاص في القتلى: الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فقال: لا يقتل مؤمن بكافر، حديث علي فقد أراك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن النفس بالنفس، وكذلك العبد جميع أمره ناقص ليس مثل الحر. قال وسمعته يقول: لا يقتل مسلمٌ بكافر. وحديث سعيد بن أبي عروبة قال قتادة: عن الحسن، عن قيس بن عباد في قصة علي: لا يقتلُ مؤمنٌ بكافرٍ. قيل له: أليس يجريان في الأحكام مجرى واحدًا، وفي أشياء يوافقون المسلم؟ قال: المسلمُ يرثُ الكافرَ، والكافرُ يرثُ المسلم؟ ! ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق 10/ 98 (18502).

قال لي: أليس تنكح نساؤهم ولا ينكحون نساءنا؟ قال: بلى. والدية دون دية المسلم. والمجوس لا تنكح نساؤهم، فليس المسلم مثل الكافر. قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث قال: سألت أبا عبد اللَّه عن مسلم قتل كافرًا؟ قال: لا يقتل مؤمن بكافر. قلت: أليس قال اللَّه تعالى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45]. قال: ليس هذا موضعه، علي -رضي اللَّه عنه- يحكي ما في الصحيفة: "لا يقتل مسلمٌ بكافرٍ" وروي عن عثمان ومعاوية (¬1): لم يقتلوا مسلمًا بكافر. قال الخلال: أخبرنا الميموني قال: قال أبو عبد اللَّه: كأنها كانت في بني إسرائيل: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45]. وكأن هده الآية كانت في القصاص. {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [البقرة: 178]. وكأنها حجة من احتجّ، حيث قال: "لا يقتل مسلمٌ بكافرٍ". "أحكام أهل الملل" 2/ 395 - 397 (898 - 904) قال الخلال: قال -يعني: عبد اللَّه: وحدثني أبي قال: حدثنا هشيم وغير واحد منهم شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة أن رجلًا من المسلمين قتل رجلًا من أهل الحيرة نصرانيًّا عمدًا. قال: فكتبت في ذلك إلى عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-. قال: فكتب إليه: أن أقيدوه منه. قال: فدفع إليه، فكان يقال له: اقتله. قال: فكان يقول: حتى ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 196 (18492 - 18493)، وابن أبي شيبة 5/ 409 (27466)، والبيهقي 8/ 33.

يجيء الغيظ حتى يجيء الغضب. قال: فبينما هم كذلك إذا كتاب من عمر -رضي اللَّه عنه- أن لا تقتلوه، فإنه لا يقتل مؤمن بكافر، وليعط الدية. قال -يعني: عبد اللَّه: وحدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا إسرائيل، عن جابر بن عامر قال: قال عليّ -رضي اللَّه عنه-: من السُّنَّة أن لا يقتلَ مؤمن بكافر. قال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: قرأت على أبي عبد اللَّه حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أقاد لذي عهد في عهده وقال: "أنا أحق مَن وَفَّى بعهده" (¬1). فأملى عليّ: ليس له إسناد، وهو من حديث ربيعة عن ابن البيلماني. قال: هو مرسل، وحديث على أثبت، وعمر (¬2) وعثمان (¬3). قال: أحسن الأسانيد عنه أنه كتب: يقاد. ثم أتبعهم كتابًا: أن لا يقتل. "أحكام أهل الملل" 2/ 399 - 400 (906 - 909) ¬

_ (¬1) رواه الشافعي في "المسند" 2/ 105، وعبد الرزاق 10/ 101 (18514)، وابن أبي شيبة 5/ 407 (27451)، وأبو داود في "المراسيل" (250)، والدارقطني 3/ 135، وابن حزم في "المحلى" 10/ 351، والبيهقي 8/ 30 من طرق عن ابن البيلماني، مرسلًا. ورواه الدارقطني 3/ 135 من وجه آخر موصولًا. ثم قال: الصواب مرسل عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وابن البيلماني ضعيف لا تقوم به حجة إذا وصل الحديث، فكيف بما يرسله. وقال ابن حزم: خبر مرسل، ولا حجة في مرسل. (¬2) رواه عبد الرزاق 10/ 100 (18509)، وابن أبي شيبة 5/ 409 (27465)، والبيهقي 8/ 32. (¬3) رواه الشافعي في "المسند" 2/ 106، وعبد الرزاق 10/ 96 (18492)، وابن أبي شيبة 5/ 409 (27466)، والبيهقي 8/ 33.

2530 - نصراني قتل مجوسيا

2530 - نصراني قتل مجوسيًّا قال الخلال: أخبرني أبو النضر العجلي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن نصراني قتل مجوسيًا؟ قال: يقتل به. وزعم أن دية الذميّ على النصف من دية المسلم. وأن دية المجوسيّ ثمانمائة. قلت: كيف يقتل به وديتهما مختلفة؟ فكأنه قال: أذهب إلى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قتل رجلًا بامرأة. "أحكام أهل الملل" 2/ 394 (895) 2531 - ثانيًا: المكافأة في الحرية قال إسحاق بن منصور: قلت: في القود بين الحرَّ والمملوكِ؟ قال: لا يقاد الحر من المملوك، عليه ثمنه. قال إسحاق: أصاب، وكذلك إذا كان خطأ، فعليه ثمنه، بالغًا ما بلغ؛ لأنه مال. "مسائل الكوسج" (2376) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: عبدٌ قتلَ حرًّا، أو حُرٌّ قتلَ عبدًا؟ قال: أمَّا العبدُ فَيُقْتَل بالحرِّ، وإن أعتقه المقتول لا يكون عتيقا، إنَّما له العفو، فإذا عفا عنه رجع إلى سيِّده. قال إسحاق: كما قالَ، فإنْ أعتقه لم يجز عتقه؛ لأنَّ له القود. "مسائل الكوسج" (2383). قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: والحرُّ لا يقتلُ بالعبدِ.

قال إسحاق: كما قالَ. "مسائل الكوسج" (2384). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل قتل عبْده؟ قال: لا يُقتلُ به؟ قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2386). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ -يعني: سفيان- عن رجلٍ قتلَ عبدًا عمدًا. قال: يقتلُ به. قال أحمد: لا. قُلْتُ: عبدُه وعبدُ غيرِه واحدٌ؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2623) قال صالح وسألته: يقاد حر بعبد؟ قال: لا يقاد. "مسائل صالح" (421) قال صالح: وإن توقاه أعجب إلي. قال أبي: أقتل الرجل بالمرأة، ولا أقتل الحر بالعبد، ولا أذهب إلى حديث سمرة (¬1)، . . . ¬

_ (¬1) رواه أحمد 5/ 10، وأبو داود (4515)، والترمذي (1414)، والنسائي 8/ 20، والبيهقي 8/ 35 من طريق الحسن عن سمرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: من قتل عبد قتلناه ومن جدع عبد جدعناه. =

وكان الحسن يقول: لا يقتل حر بعبد (¬1). "مسائل صالح" (1095) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن حديث سمرة: "من قتل عبده قتلناه" قال: فتيا الحسن على غيره. قال أحمد: ولكن يضرب. "مسائل أبي داود" (1468) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: لا يقاد حر بعبد. "مسائل أبو داود" (1469). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا يقتل الحر بالعبد، وقال: حديث سمرة تركه الحسن. "مسائل ابن هانئ" (1549) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الحر يقتل بالعبد؟ فقال: لا يقتل الحر بالعبد. قلت لأبي: لا يقتل الحر بالعبد؟ قال: أنهيت حديث سمرة: "من قتل عبده قتلناه"، ثم تلا هذِه الآية: ¬

_ = قال البيهقي: قال قتادة: إن الحسن نسي هذا الحديث، قال: لا يقتل حر بعبد. فقال البيهقي: يشبه أن يكون الحسن لم ينس هذا الحديث، ولكن رغب عنه لضعفه، وأكثر أهل العلم بالحديث رغبوا عن رواية الحسن عن سمرة، وذهب بعضهم إلى أنه لم يسمع منه غير حديث العقيقة. وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" 25/ 268: حديث سمرة لا تقوم به حجة؛ لأن أكثر أهل العلم يقولون: إن الحسن لم يسمع من سمرة، وأيضًا لو كان صحيحًا عن الحسن ما كان خالفه، فقد كان يغني بأن لا يقتل حر بعبد. (¬1) رواه البيهقي 8/ 35، وفي "المعرفة" 12/ 35 (15767، 15770).

2532 - هل يشترط المكافأة في الجنس؟

{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ}. قلت لأبي: فإذا قتل الرجل المسلم النصراني أو اليهودي والمجوسي لا يقتل به؟ أتذهب إلى حديث أبي جحيفة عن علي، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يقتل مسلم بكافر" (¬1). قال أبي: فكان الحسن يقول في حديث سمرة: "من قتل عبده قتلناه". يحدث به عن سمرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وحدث به قتادة عنه، ورواه خالد عن الحسن موقوفًا. وقال قتادة: نسي الحسن هذا الحديث بعد، وكان الحسن لا يفتي به بعد. "مسائل عبد اللَّه" (1462) 2532 - هل يشترط المكافأة في الجنس؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُقتلُ الرجلُ بالمرأةِ؟ قالَ: يقتلُ الرجلُ بالمرأةِ، وديتُهَا على النصف. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2406) قال إسحاق بن منصور: قلت: القِصاصُ بين الرِّجالِ والنِّساءِ في كل عمدٍ أو خطأ؟ قال أحمد: نعم، القِصاصُ بين الرِّجالِ والنِّساءِ في قليلٍ أو كثيرٍ، إن قطعَ يدَها قُطعت يدُه، وإن قتلَها قُتلَ بها، وكلُّ شيءٍ من القِصاصِ فهو بينهما. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 79، والبخاري (6915).

2533 - 3 - عدم الولادة

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2447). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تقتلُ المرأتانِ والثلاث برجلٍ؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2553). 2533 - 3 - عدم الولادة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يقتلُ ابنه خطأ أو عمدًا أو يقتل أباه خطأ أو عمدًا؟ قال: الأب لا يرثُ ولا يقاد، وإذا قتلَ أباه عمدًا أقيد بأبيه، وإذا كان خطأ فعلى قومِه الديةُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2518) قال ابن هانئ: سئل عن الرجل يقتل بابنه؟ قال: لا. قيل له: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنت ومالك لأبيك"؟ (¬1) قال: يأخذ من مال ولده ما شاء، فأما القتل فلا يقتل به. ¬

_ (¬1) رواه ابن ماجه (2291)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 158 (6150)، والطبراني في "الأوسط" 4/ 31 (3435)، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 304 من حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-. قال البوصيري في "الزوائد" (761): حديث جابر صحيح، رجاله ثقات، على شرط البخاري. ا. هـ وله شاهد من حديث عائشة رواه الإمام أحمد 6/ 162، وأبو داود (3528)، والترمذي (1358)، والنسائي 7/ 240، وابن ماجه (2137) أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: =

2534 - القصاص بين الرجل وامرأته

قيل له: يروى عن مالك بن أنس: إذا كان قتله غيلة؟ قال أبو عبد اللَّه: هذا قول أهل المدينة. كأنه يضعفه. وقال: قتل غيلة. لا يكون له وليّ. إنما وليّه السلطان. "مسائل ابن هانئ" (1214) قال حرب: سئل عن امرأة قتلت ولدها، فقال: أما الرجل إذا قتل ابنه فقد بلغنا أنه لا يقتل، ولم يبلغنا في المرأة شيء. "الروايتين والوجهين" 2/ 253. نقل حنبل عنه: لا أقيد والدًا بولد ولا ولدًا بوالده عمدًا ولا خطأ. "الروايتين والوجهين" 2/ 254. 2534 - القصاص بين الرجل وامرأته قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ قتل امرأتَه خطأً أو عمدًا؟ قال أحمد في العمد: يُقتلُ بها، وفي الخطأ: الدِّية على عاقلتِهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2448). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل أفضى إلى جاريةٍ، فخرقها، فماتَتْ أو لم تمت؟ ¬

_ = "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم". قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وصححه ابن حبان 10/ 72 (4259)، والحاكم 2/ 46. وقد صحح الألباني حديث جابر في "صحيح ابن ماجه" (1588)، و"الإرواء" (838)، وصحح حديث عائشة في "الإرواء" (1626).

2535 - هل يشترط في القصاص أن يكون بحضرة السلطان أو نائبه؟

قال أحمد: ما أعرف فيه سنة إلا حديث حماد بن سلمة، ما أعلم عليه شيئًا ولا على عاقلته. قال إسحاق: كلما أفضى إلى إمرأتِه وهي جاريةٌ حديثة السن لا يفتض مثلها حتَّى خرقَها فماتَتْ فإنَّه ضامنٌ، حكمه حكمُ الخطأ، ما كان دون التسعة فإنه يخشى عليها. "مسائل الكوسج" (2581) 2535 - هل يشترط في القصاص أن يكون بحضرة السلطان أو نائبه؟ قال ابن هانئ: وسئل عن رجل قتل رجلًا، فقامت عليه البينة عند الحاكم، فأمر بقتله، فعدا بعض ورثة المقتول، فقتل الرجل بغير أمر الحاكم؟ فقال: هذا قد وجب عليه القتل، ما الحاكم ههنا! ! "مسائل ابن هانئ" (1540)

2563 - رجل وصبي اشتركا في الجناية

فصل الاشتراك في الجناية 1 - اشتراك متغايرين في التكليف في الجناية 2563 - رجل وصبي اشتركا في الجناية قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ وصبيٌّ قتلا كبيرًا؟ قال: يقتلُ الكبير، وتكونُ نصف الديةِ على عاقلةِ الصغيرِ. قال إسحاق: لا، بل يصير دية على الصبي نصفه علَى عاقلته؛ لأن عمده خطأ، وعلى الكبير النصف في ماله. "مسائل الكوسج" (2387). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل إذا قتل صبي ورجل؟ قال: الدية النصف والنصف. "مسائل أبي داود" (1449). قال ابن هانئ: وسئل عن رجل وصبي، قتلا رجلًا؟ قال أبو عبد اللَّه: عليهما الدية، ولا قود عليهما، يؤدي الرجل نصف الدية، وعلى عاقلة الصبي نصف الدية. "مسائل ابن هانئ" (1542). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل وصبي قتلا رجلًا عمدًا؟ فقال: إذا دخله من لا يقاد منه، يصير (¬1) دية المقتول (¬2)، فعلى عاقلة ¬

_ (¬1) في المطبوع: "تصير"، وهو خلاف الأصل. والمعنى أنه لا قود في هذِه الصورة بل يرجع إلى دية المقتول فللأولياء المطالبة بها أو العفو. واللَّه أعلم. (¬2) في المطبوع: للمقتول، وهو خطأ وخلاف الأصل.

2537 - صبي ومجنون قتلا أباهما أو أحدثوا جناية

الصبي، أو المجنون نصف دية المقتول، وعلى البالغ غير المجنون نصف الدية في ماله. "مسائل عبد اللَّه" (1464). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل وصبي قتلا رجلًا؟ قال: عليهما الدية، ولا قود عليهما، يؤدي الرجل نصف الدية، وعلى عاقلة الصبي نصف الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1465). 2537 - صبي ومجنون قتلا أباهما أو أحدثوا جناية قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن صبيٍّ ومجنون قتلا أبَاهما، أو حفرَا حفرةً في غيرِ حدهما، فوقعَ أبوهما فيها فماتَ؟ قال: لا يرثانِ وليس عليهما كفارةٌ. قال أحمد: لا يرثانِ، وما أحسن الكفارة. ثم قال: لابد لهما مِنَ الكفارةِ إذا أدرك الصبيُّ وأفاقَ المجنونُ، وأمَّا الديةُ فعلى عاقلتهما. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2612). قال إسحاق بن منصور: قلت: صبيٌّ ومجنونٌ قتلا أباهما؟ قال: لا يرثان، وديته على عاقلةِ الأبِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2463)

2 - اشتراك متغايرين في الحرية في الجناية

2 - اشتراك متغايرين في الحرية في الجناية 2538 - حر وعبد اشتركا في جناية قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: حُرٌ وعبدٌ قتلا حرًّا خطأ؟ قال: أمَّا العبدُ فإِنَّما تكونُ الجنايةُ فيه على سيدِه بقدرِ قيمته، فإذا أسلمه فهو لهم، وإنْ لم يسلمه فداه بنصفِ ديةِ المقتولِ، وعلى عاقلةِ الحرِّ نصفُ ديةِ المقتولِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2597). قال إسحاق بن منصور: عبدُ وحر قتلا حرًّا؟ قال: يُقتلانِ جميعًا. "مسائل الكوسج" (2385) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن حر وعبد قتلا عبدًا؟ قال: أما الحر فلا يقتل بالعبد، ويكون على الحر نصف قيمة العبد في ماله، والعبد إن شاء سيده أسلمه بجنايته وإلا فداه، بنصف قيمة العبد المقتول. "مسائل عبد اللَّه" (1463)

3 - اشتراك جمع متماثل في الجناية

3 - اشتراك جمع متماثل في الجناية 2539 - النفر يشتركون في قتل رجل قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمدَ -رضي اللَّه عنه-: عمر -رضي اللَّه عنه- أقادَ برجلٍ ثلاثة (¬1)؟ قال أحمد: إي لعمري. قال إسحاق: كما قال، يُقادُونَ بواحدٍ لو اجتمعَ على قتلِ واحدٍ مائةٌ وأكثر. "مسائل الكوسج" (2341). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قومٌ اجتمعوا على رجلٍ فأمسكه بعضُهم، وفقأ بعضهم عينَه؟ قال: هؤلاء شركاء، تفقأ أعينهم، وإذا كان في القتلِ يُقتلون به. قال إسحاق: كما قال، سواء. "مسائل الكوسج" (2388). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تقتلُ المرأتانِ بالمرأةِ؟ قال: نعم. "مسائل الكوسج" (2552) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ؟ تقتلُ المرأتانِ والثلاث برجلٍ؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 475 (18073) من طريق معمر عن الزهري وقتادة عن ابن المسيب أن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- أنه أقاد الرجل بثلاثة في صنعاء. وروى البخاري (6896): وقال لي ابن بشار حدثنا يحيى عن عبيد اللَّه عن نافع عن ابن عمر أن غلامًا قتل غيلة، فقال عمر: لو اشترك فيها أهل صنعاء لقتلتهم.

2540 - الآمر بالجناية هل يشترك فيها؟

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2553) قال أبو طالب، وأحمد بن سعيد: إذا أمسك رجلًا فجاء آخر فقتله، فهل على الممسك القود؟ قال: يقتل القاتل ويحبس الماسك حتى يموت. "الروايتين والوجهين" 2/ 258. قال أبو الصقر وحنبل في قوم اجتمعوا بدار فجرح وقتل بعضهم بعضًا، وجهل الحال: أن على عاقلة المجروحين دية القتلى يسقط منها أرش الجراح. قال أحمد: حدثنا هشيم، أنبأنا الشيباني عن الشعبي قال: أشهد على عليٍّ أنه قضى به. "الفروع" 5/ 643 2540 - الآمر بالجناية هل يشترك فيها؟ قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: الرجلُ يأمر عبدَهُ أن يقتلَ رجلًا فقتلَهُ؟ قال أحمد: يُقتلُ السيدُ، ويُحبسُ العبدُ، ويُضربُ، ويُؤدَّبُ. قال إسحاق: حسنٌ. "مسائل الكوسج" (2450). قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ أمر مملوكَ رجلٍ أنْ يقتلَ سيدَه فقتله؟ قال: يضمن قيمة المملوك.

قال أحمد: ليس عليه إلا الإثم، والعبدُ إن شاءوا قتلوه، وإن شاءوا تركوه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2458). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان، في رجلٍ أمرَ مملوكَ رجلٍ أَنْ يقتلَ سَيّدَه فقتلَهُ. قال: ضمن قيمة المملوك. قال: هو وجه ما قال. "مسائل الكوسج" (2607). قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: إذا أمرَ رجلٌ رجلًا أنْ يقتلَ رجلًا فقتله. قال: يقتلُ القاتل. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2608). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: رجلٌ أمرَ رجلًا أَنْ يقتلَ مسلمًا فقتلَه؟ قال: لا يقادُ منه، وعليه أدب يُنكل به. قال إسحاق: كما قال، إلَّا أَنْ يكونَ حين أمره أعانه على ضبطه فأمسكه عليه حتَّى قَتلَه، فحينئذٍ يقتلانِ جميعًا. "مسائل الكوسج" (2683). قال أبو طالب: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا أمر غلامه فجنى، فعليه ما جنى، وإن كان أكثر من ثمنه، وإن قطع يد حر فعليه دية يد الحر، وإن كان ثمنه؛ أقل، وإن أمره سيده أن يجرح رجلًا فما جنى فعليه قيمة جنايته، وإن كانت أكثر من ثمنه، لأنه بأمره. "الشرح الكبير" 25/ 456.

قال مهنا: إذا أمر صبيًّا أن يضرب رجلًا فضربه فقتله فعلى الذي أمره، ولا شيء عليه بدفع سكين إليه، لم يأمره. "الفروع" 5/ 632, "المبدع" 8/ 257. قال أبو طالب: من أمر عبده أن يقتل رجلًا فقتله قتل المولى وحبس العبد حتى يموت. "الفروع" 5/ 633. قال حرب: قال: إن لم يعلم -أي: السيد بجناية العبد- فلا شيء عليه بحال، وإن علم ضمنه بالقيمة فقط، ولو قتله المالك لزمته قيمته للمجني عليه. "تقرير القواعد" 3/ 50

باب استيفاء القصاص

باب استيفاء القصاص 2541 - استيفاء القصاص على التعيين أم التخيير؟ قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمدَ: إذا قتلَ النفر رجلًا، فِإنَّ وليَّه يقتلُ مَنْ شَاء منهم، ويأخذُ الدِّية ممن شاء، ويعفو عمن شاء؟ قال أحمد: نعم، هو مخيَّرٌ في ذَلِكَ، يصنعُ ما شاء. قال إسحاق: هو كما قال، إلَّا أنْ يكون قد عفا عن بعضِهم، فقد صارت دية على الباقين، ليس له أَنْ يقتلَ أحدًا منهم. قال إسحاق: إذا قتلَ الرجلُ الرجلَ عمدًا فأولياءُ المقتولِ بالخيارِ إن شاءوا قتلوا القاتلَ، وإن شاءوا أخذوا الدِّيةَ، شاء القاتل أو أبى؛ لأنَّ الخيارَ لأولياءِ المقتولِ، وأخذهم الدِّيةَ منهم فهو على ما قال اللَّهُ عز وجل: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} فعفوه قبوله الدِّية، وإن كان الذين قتلوه ثلاثة فعفا عن بعضهم، صارت دية، وأخذ من الباقين حصصهم ثلثي الدية، وإن كانوا قتلوا واحدًا، ثم أرادوا أن يأخذوا من الباقين ثلثي الدّية، فلهم ذَلِكَ؛ لأن الخيار لهم في ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (2446) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ قتلَ رجلًا عمدًا، فقتله آخر خطأً؟ قال أحمد: لأولياءِ المقتول عمدًا إن شاءوا قتلوا، وإن شاءوا أخذوا الدِّية منه، فتصير دية المقتولِ خطأً لهؤلاء الذين قُتل قتيلُهم عمدًا. قال إسحاق: كما قال؛ لأن لأولياء المقتول أن يأخذوا قاتلهم بالعمدِ بالدِّيةِ، فإن فاتهم لما قُتل صاحبهم خطأً صارت له الدِّيةُ. "مسائل الكوسج" (2453).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ثلاثةُ نفر قتلوا رجلًا؟ قال: ولي المقتولِ مخيرٌ يَقتل من شاءَ ويعفو عمن شاءَ ويأخذ الدِّيَةَ ممن شاء. قال إسحاق: كما بَيَّنا. "مسائل الكوسج" (2470)، (2706). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ قتلَ ثلاثة؟ قال: الأولياءُ بالخيارِ من شاء منهم قَتله، ومن شاء عَفا عنه، ومن شاء أخذَ الدية، كلهم على حقِّه، إنما هذا شيء وجبَ له في ماله. قال إسحاق: لهم إذا اجتمعوا وهم أولياء الثلاثةِ أن يقتلوه، فإن اختلفوا فقال بعضهم: أَقتلُ. وقال بعضهم: أريدُ الدية. فلهم إذا اجتمعوا أخذُ الدية؛ لأن لهم الخيار في أخذ الدية أو القَوَد على حديث أبي شريح الخزاعي -رضي اللَّه عنه- (¬1). "مسائل الكوسج" (2471). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ قتَل رجلًا عمدًا ثم قتل هو خطأ لمن ديته؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 385، وأبو داود (4504)، والترمذي (1406) من طريق سفيان بن أبي سعيد المقبري عنه وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ورواه الإمام أحمد 4/ 31، وأبو داود (4496)، وابن ماجه (2623) من طريق سفيان بن أبي العوجاء عنه. ورواه الإمام أحمد 4/ 31 - 32، والبيهقي 8/ 71 من طريق الزهري عنه وقد صححه الألباني بمجموع هذِه الطرق. انظر: "الإرواء" (2220).

قال: الأصلُ في هذا واحدٌ حديث أبي شريح وأبي هريرة (¬1) -رضي اللَّه عنهما- إن شاء أولياءُ المقتولِ عمدًا أخذوا الدية، هم بالخيار. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2595). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ قتلَ رجلًا خطأ، ثم قتلَ آخر عمدًا، أو قتل عمدًا، ثم قتل خطأ. قال: الأصلُ واحدٌ، إذا قتل عمدًا ثم قتل خطأ فلأولياء المقتول عمدًا إن شاءوا أخذوا القود منه، وإن شاءوا أخذوا الديةَ من مالِهِ وفي الخطأ الدية على عاقلته. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2596). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ قتلَ ثلاثةً؟ قال: الأولياءُ بالخيارِ، مَن شاءَ منهم قتلَه، ومَن شَاء عَفا عنه، ومَن شاءَ أخذَ الديةَ، كلهم على حقه، إنَّما هذا شيء وجبَ له في مالِه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2707) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ: رجل قتلَ ثلاثةَ نفر، فجاء ¬

_ (¬1) أما حديث أبي شريح فقد تقدم تخريجه. وأما حديث أبي هريرة فرواه أبو داود (4498)، والترمذي (1407)، والنسائي 8/ 13، وابن ماجه (2690). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2178). وله شاهد من حديث وائل بن حجر رواه مسلم (1680)

أولياءُ الثلاثة. فقالوا: نقتلُكَ؟ قال: فلهم ذَلِكَ؛ لما سن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-، فإن أبى واحد من الأولياء فقال: عفوت عنك، فإن الذي نعتمد عليه أن يصير دية؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في العمد: "الولي بالخيار: إن شاء عفى, وإن شاء قتل, وإن شاء أخذ الدية، شاء القاتل أو أبى" لأن تركه للقود أكثر من أخذه الدية، وهكذا روى أبو شريح -رضي اللَّه عنه-، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وكذلك إذا كان الأولياء عدة فعفى واحد؛ تصير دية فيأخذون حصتهم من الدية وتذهب حصة الذي عفى، كذلك قال عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- (¬1). وحديث عائشة -رضي اللَّه عنها- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وعلم المقتتلين أن ينحجزوا الأول فالأول" (¬2). وإن كانت امرأة يقوي قول عمر -رضي اللَّه عنه- هذا؛ لأن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "ينحجزوا الأول فالأول" وإن كانت امرأة فَسَّره الذي رواه بقول: إذا عفت المرأة تصير دية. ولو كان القاتل ثلاثة قتلوا رجلًا لزمهم القَوَدُ جميعًا، ولو كانوا مائة يقادون به، فإن قال أولياء المقتول أو كان وليًّا واحدًا: أنتم الثلاثة قَتَلَةُ فَعَليَّ أن أقتلَكم جميعًا، فلا أقتلكم، ولكن آخذ من واحد الدية، وأعفو عن واحد، وأقتل الثالث. فله ذَلِكَ لما وجَبَ القتل على كل واحد منهم. "مسائل الكوسج" (2710) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 13 (18190)، والبيهقي 8/ 60. (¬2) رواه أبو داود (4538)، والنسائي 8/ 39، والبيهقي 8/ 59 وفي "المعرفة" 12/ 72 (15916)، والبغوي في "شرح السنة" 8/ 372 وضعفه الألباني في "الضعيفة" (3874).

قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، قال سمعت أبا شريح الكعبي، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من قتل له قتيل: فهو بخير النظرين، إما أن يقتل، وإما أن يعفو، وإما أن يأخذ. . . " (¬1) حديث طويل فيه أنه مخير: إن شاء قتل، وإن شاء أخذ الدية، وإن شاء عفا. "مسائل صالح" (1254) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل إذا قتل الرجل خطأ؟ قال: على عاقلته الدية، تؤدى في ثلاث سنين، في كل سنة ثلث. قلت لأبي: فإن كان متعمدًا؟ قال: القود، إلا أن يرضوا بالدية، فلهم الخيار إن شاءوا قتلوا، وإن شاءوا أخذوا الدية، وإن شاءوا عفوا. "مسائل عبد اللَّه" (1456) قال ابن ثواب التغلبي: قال أحمد في رجل قتل رجلًا عمدًا ثم قتل الرجل خطأ: لهم الدية. قيل له: وإن قتل عمدًا؟ قال: وإن قتل عمدًا. قيل له: فإن قومًا يقولون: إنه إذا قتل إنما كان لهم دمه وليس لهم الدية. قال: ليس كذلك. "تقرير القواعد" 3/ 51. ¬

_ (¬1) رواه من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري عنه الإمام أحمد 6/ 385، وأبو داود (4504)، والترمذي (1406) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وقد صححه الألباني في "الإرواء" (2220). وذكر له طريقين آخرين.

2542 - من قتل غيلة , هل للأولياء العفو؟

نقل أبو طالب: قال أحمد: إذا فاته الدم أخذ الدية من ماله إن كان له مال؛ لأنه مخير إن شاء أخذ الدية وإن شاء عفا. "تقرير القواعد" 3/ 54. نقل الفضل: إن قتله ثلاثة، فله قتل أحدهم، والعفو عن آخر، وأخذ الدية كاملة من أحدهم. "المبدع" 8/ 253 2542 - من قتل غيلة , هل للأولياء العفو؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال مالك (¬1): مَن قَتلَ رجلًا قتل غيلة على غيرِ ثائرةٍ ولا عداوة فإنَّه يقتلُ به، وليس لولاةِ الدم أنْ يعفوا عنه، ذَلِكَ إلى السلطانِ. قال أحمد: هو إلى الأولياءِ. قال إسحاق: كما قال مالك. "مسائل الكوسج" (2561) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: مَنِ اعتبط مؤمنًا قتلا فهو قود إلا أن يرضى ولي المقتول؟ قال أحمد: اعتبط: أخذه حرما. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2700)، (3240) قال ابن هانئ: قيل له: يروى عن مالك بن أنس: إذا كان قتل غيلة. ¬

_ (¬1) "الموطأ" 2/ 248 (2320).

2543 - كيفية استيفاء القصاص

قال أبو عبد اللَّه: هذا قول أهل المدينة. كأنه يضعفه. وقال: قتل غيلة، لا يكون له ولي، إنما وليه السلطان. "مسائل ابن هانئ" (1551). 2543 - كيفية استيفاء القصاص قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ ضربَ رجلًا بالسَّيفِ، أو وجأه (¬1) بسكين فما عليه؟ قال: عليه القود في الجراحة يجرحه الحجام، يقيسه، ثم يقتص منه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2345). قال إسحاق بن منصور: قلت: رجلٌ قتلَ رجلًا بحجر رضخ (¬2) رأسه؟ قال: يُقتل كما قَتل؛ لأن الجروح قصاص. قال إسحاق: كما قال؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أقاد من اليهودي الذي أرضخ رأسه بحجرٍ كذلك (¬3). "مسائل الكوسج" (2349) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: حديثُ عمر -رضي اللَّه عنه-، وقصة الرجل الذي قُتل؟ (¬4) ¬

_ (¬1) وجأه: أي ضربه بسكين. (¬2) الرضخ: الكسر. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 183، والبخاري (2413، 2746، 6876)، ومسلم (1672) من حديث أنس. (¬4) روى ابن أبي شيبة 5/ 422 (27620) عن ابن شهاب أن عمر أوطأ في زمانه رجل =

قال: ما أحسنه! إن دفعوا إليه الدِّية، فإنما لهم نفسه. قال إسحاق: كما قالَ. "مسائل الكوسج" (2405). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا قَتلَ رجلٌ رجلًا بعصا، أو خنقه، أو شدخ رأسه بحجرٍ كيف يقتلُ هذا؟ قال: يقتلُ بمثلِ الذي قتلَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2560). قال صالح: لو أن رجلا ضرب رجلا بخشبة فقتله، كيف يقاد منه؟ قال: يقاد منه بالسيف. "مسائل صالح" (99). قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن رجل ضرب رجلًا بخشبة فقتله، كيف يقاد منه؟ قال: يقاد منه بالسيف. "مسائل عبد اللَّه" (1531) [قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كيف يقتص مِنَ العينِ؟ قال: يُحمى لها مرآة، فينظر فيها حتى تسيلَ حدقته. قال إسحاق: كما قال، وقد اقتص المغيرة بن شعبة من عين بِنَوْرَة. "مسائل الكوسج" (2577).] (*) ¬

_ = من جهينة رجلًا من غفار -أو رجل من غفار رجلًا من جهينة- فادعى أهله أنه مات من ذلك فأحلفهم عمر خمسين رجلًا منهم من المدعين فأبوا أن يحلفوا، وأبى المدعى عليهم أن يحلفوا فقضى عمر فيها بشطر الدية. (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ورد في ملحق التصويبات بآخر الكتاب ما نصه: تحذف رواية الكوسج (2577) و (2578)؛ لوجودهما في باب استيفاء القصاص فيما دون النفس.

2544 - إذا نبت عضو القصاص كما كان, كالسن والشعر، هل يعاد الحد؟

[قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ: كيف يقتص من عين بنورة؟ وكيف يقتص بالبيضة؟ قال: كلما فقأ إنسانٌ عينَ إنسانٍ فذهبَ نوره أُحْميتْ مرآة، ثم أدنيتْ من عينِ الفاقئ حتَّى يَذْهبَ نورُه، والعين قائمة، وإذا كان بالنورة فطلى على البصر ذهب البصر، والبيضة ليست بمفسرة. "مسائل الكوسج" (2578).] (*) نقل حنبل عنه: لا أرى أن يقتل بالنار أحد. "الروايتين والوجهين" 2/ 263. نقل حرب عنه: إذا قتله بخشبة قُتل بالسيف. ونقل أبو طالب: إذا خنقه قُتل بالسيف. "زاد المسير" 1/ 181. 2544 - إذا نبت عضو القصاص كما كان, كالسن والشعر، هل يُعاد الحد؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا اقتص من السن ثم أعاده مكانه فنبت. قال: يقلع مرة أخرى؛ لأن القصاص للشَّيْنِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2425) قال المروذي: نقل عنه في الأذن إذا قطعت من قصاص فردت فثبتت، فإنها تقطع ثانية. "الروايتين والوجهين" 2/ 268 ¬

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ورد في ملحق التصويبات بآخر الكتاب ما نصه: تحذف رواية الكوسج (2577) و (2578)؛ لوجودهما في باب استيفاء القصاص فيما دون النفس.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: امرأةٌ قتلَتْ رجلًا وَامرأةً عمدًا، والقاتلةُ حامل؟ قال: لا يُقادُ منها حتَّى تضعَ حملَهَا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2569).

باب ما جاء في مسقطات القصاص

باب ما جاء في مسقطات القصاص 2545 - 1 - العفو قال إسحاق بن منصور: قلت: المرأةُ تعفو نصيبَها من الدَّمِ إن كان لها؟ قال أحمد: هو لها، وكلُّ وارثٍ يرثُ من الدِّيةِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2449) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: القاتل عمدًا إذا عفي عنه أنه يجلدُ مائة ويحبس سنة؟ قال: لا جلدَ ولا حبسَ إنَّما كان عليه القودُ، فإنْ رزقَهُ اللَّهُ تعالى العافيةَ فليس عليه شيءٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2551) 2546 - إذا عفا بعض الأولياء وأصّرَّ الباقون قال صالح: سألت أبي عن رجل قتل رجلًا، فعفا بعض الأولياء، للباقين أن يقتلوه؟ قال: إذا عفا بعض الأولياء عن الدم، فليس للباقين أن يقتلوه، ولهم الدية، وليس للمعافي من الدية شيء. "مسائل صالح" (181)

2547 - 2 - فوات محل القصاص

2547 - 2 - فوات محل القصاص قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال ابن شبرمة في رجلٍ فقأ عينَ رجلٍ، ثم عمي قال: إن كان رفع إلى السلطان فقضى عليه بالقصاصِ غرمه، فإن عمي قبلَ أنْ يقضيَ عليه السلطانُ فليس له شيء، وكذلك القاتل يموتُ أو يقتلُ بعد ما يقضى عليه يغرم (¬1). قال أحمد: كلُّ مَنْ قُتِلَ له قتيلٌ أو جُرِحَ بجراحة فهو بخيرِ النظرين: إنْ شاء اقتص، وإن شاءَ أخذَ الديةَ للنفس، وإن شَاء أَخذ الأرش للجراحةِ. قُلْتُ: هذا في العمدِ؟ قال: نعم. قُلْتُ: فإن قال القاتلُ عمدًا: ليس لي مالٌ، اقتص مني؟ قال أحمد: إذا لم يكن له مالٌ إن شاء كان دينًا له عليه. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ الخيارَ لولي المقتولِ في العمدِ، فكلما أبى القاتلُ قال: أُمكن من نفسي. لا شيء لك غير ذَلِكَ فهو مجبورٌ على ما غرمه؛ لأنَّه تركَ القتل لاختياره الدية وله ذَلِكَ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حكم له بذلك (¬2). "مسائل الكوسج" (2593) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 329 (17421). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 178، والترمذي (1387)، وابن ماجه (2626) والنسائي 8/ 42 من حديث عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنه- قال الترمذي: حديث عبد اللَّه بن عمرو حسن غريب.

نقل مهنا: في عبد قتل صبيًّا أو رجلًا عمدًا فقام رجل فاقتص من العبد بغير إذن ولي الدم، فهل يملك ولي المقتول المطالبة لسيد العبد بالقيمة، أم قد سقط ذلك بقتله؟ قال: قد سقط ذلك بقتل العبد. ونقل حرب: لم يسقط حقه. "الروايتين والوجهين" 2/ 292.

ثانيا: الجناية على ما دون النفس

ثانيًا: الجناية على ما دون النفس باب ما جاء في شروط القصاص فيما دون النفس 2548 - 1 - العمد في الجناية قال إسحاق بن منصور: قلت: كل شيء من الجراح والكسر، والعمد يقاد، والخطأ يعقل؟ قال: كل شيء يقدرُ على القصاص، يقص منه في العمدِ، وفي الخطأِ الدية على قد قيل فيه. الدية على ما قد قيل فيه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2520) 2 - المكافأة 2549 - المماثلة في الاسم والموضع قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: تقاد الثنية بالثنية، والضرسُ بالضرسٍ، والشمال بالشمال، واليمينُ باليمينِ؟ قال: جيدٌ، لَا تقادُ اليمنى باليسرى. يعني: كما قال سفيان. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أقادَ السن بالسن، وقال: في كتاب اللَّه القصاص (¬1). "مسائل الكوسج" (2605) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 128، والبخاري (2806)، من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-.

2550 - هل يشترط المكافأة في الدين؟

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل قَلع سِن رجل؟ قال: تُقلع سِنُّه. قُلْتُ: فقلعَ عينَه؟ قال: العينُ لا تُضبط أن تُقلع مثل ما قَلَع، ولكن تُحمى له المرآة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2474). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فقطعَ يَده من العضُدِ؟ قال: تقطعُ يده من العضد، الجروحُ قِصاص. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2475). قال صالح: رجل قطع يد رجل، فأراد المقطوع اليد أن يقطع أصبعا من يد القاطع؟ قال: لا يقطع إلا من الموضع الذي قطعت يده. قال اللَّه تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45]. "مسائل صالح" (326). 2550 - هل يشترط المكافأة في الدين؟ أخبرني محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم أن أباه حدثه قال: حدثني أحمد ابن القاسم أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الذميّ يجرح المسلم عمدًا أو العبد يجرح الحُر فيريد المسلم أن يقتص لجراحته. وقلت له إن قومًا يقولون: إن قتل المسلم فللأولياء أن يقيدوا النصراني والعبد، وأما الجراح فليس له فيها القصاص من عبد ولا ذميّ لأنهما

أنقص. ففرقوا بين النفس والجرح؟ قال: هذا سواء النفس وغيرها إذا أراد ذلك المسلم الحرّ لأنه أنقص من حقّه فإذا رضي فله ذلك في الوجهين جميعًا. "أحكام أهل الملل" 2/ 402 (913) قال الخلال: أخبرنا الميموني قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الجراح من المسلم والكافر؟ قال: لا أدري، أما مسلم قتل كافرًا فلا يقتل به؛ حديث عليّ من بينها إسناده حسن. قلت: فالجراح لا تشبه القتل لا تكون عليه وإنما يعقل؟ قال: ما أشبهه وأقر به منه. قلت: أفليس يلزمه العقل؟ قال: بلى الذمّة العقل. قلت: والمجوس كذلك؟ قال: نعم. قلت: أليس على قدر دياتهم؟ قال: بلى. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن حسن بن سندي حدثهم أن أبا عبد اللَّه سُئل عن القصاص بين المسلمين وأهل الذمة؟ قال: من ذهب إلى أنه لا يقاد مسلم بكافر لم يكن بينهما قصاص. وقال: أخبرني حرب قال: قال أحمد: ليس بين المسلمين وأهل الذمّة قصاص. يعني إذا جرح المسلمون أهل الذمّة. "أحكام أهل الملل" 2/ 403 (916 - 918)

2551 - هل يشترط المكافأة في الجنس؟

2551 - هل يشترط المكافأة في الجنس؟ قال صالح: قال سفيان الثوري: كان العلماء -الشعبي وعمر بن عبد العزيز وإبراهيم (¬1) - يرون: يقاد الرجل من المرأة فيما دون النفس، يريدون جراحة العمد. "مسائل صالح" (1028). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: الرجل يقتل بالمرأة على حديث عمر (¬2) وأنس (¬3)، ومن احتج بالآية {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (¬4) فيلزمه أن لا يقص امرأة من رجل في شيء؛ لأنه يعطل الآية، وإذا قال: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} فهذِه الآية على ظاهرها، فيقص الرجل من الرجل في الجرح، والمرأة من المرأة في الجرح، فيلزم هذا أن تتعطل الآية فلا يقص جرح من جرح، ولا سن من سن. "مسائل عبد اللَّه" (1457). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 451 (17978، 17981)، وابن أبي شيبة 5/ 410 (27477 - 27478) (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 450 (17975)، وابن أبي شيبة 5/ 409 (27470). (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 183، والبخاري (6885)، ومسلم (1672). (¬4) المائدة: 45.

2552 - هل يشترط المكافأة في الحرية؟

2552 - هل يشترط المكافأة في الحرية؟ قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إنَّ رجلًا أَقْعَد أَمةً له على مقلاةٍ، فاحْترقَ عجزُهَا، فأعتَقَها عمرُ -رضي اللَّه عنه-، وأوجعَهَ ضربًا (¬1). قال: كذلك أقولُ. قال إسحاق: أصاب، كما قال، على الحاكم ذَلِكَ يعرض على مولاه أن يعتقه، فإن أبى أعتق عليه. "مسائل الكوسج" (2380). 2553 - هل يشترط المكافأة في العدد؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قومٌ اجتمعوا على رجلٍ فأمسكه بعضُهم، وفقأ بعضهم عينَه؟ قال: هؤلاء شركاء، تفقأ أعينهم، وإذا كان في القتلِ يُقتلون به. قال إسحاق: كما قال، سواء. "مسائل الكوسج" (2388). قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: إذا اجتمع ثلاثةٌ فقطعوا يَد رجلٍ؟ قال: تقطع أيديهم بيدِ رجلٍ. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 438 (17930) مختصرًا عن الثوري عن عبد الملك بن أبي سليمان عن رجل منهم عن عمر وروى البيهقي 8/ 36 عن ابن عباس أنه قال: جاءت جارية إلى عمر بن الخطاب فقالت: إن سيدي اتهمني. فأقعدني على النار حتى احترق فرجي. . . وفي آخره: فبرز السيد وضربه مائة سوط وقال للجارية: اذهبي فأنت حرة اهـ بتصرف.

2554 - 3 - الأمن من الحيف

قال إسحاق: قد ذهبَ مذهبًا علي بناء قولِ عليٍّ -رضي اللَّه عنه-، وأعجبني مذهبه. "مسائل الكوسج" (2461) قال ابن مُشَيش: رجلين قطعا يد رجل؟ قال: أما أنا أحب إلى أن يقطعا جميعًا. وقال ابن مشيش: قلت يروى عن علي يده ورجله، وأهل المدينة يديه ورجليه، وقول على أحب إليَّ. "تهذيب الأجوبة" 2/ 624 - 625. 2554 - 3 - الأمن من الحيف قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل قتلَ رجلًا بحجر رضخ (¬1) رأسه؟ قال: يُقتل كما قَتل؛ لأن الجروح قصاص. قال إسحاق: كما قال؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أقاد من اليهودي الذي أرضخ رأسه بحجرٍ كذلك (¬2). "مسائل الكوسج" (2349). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الموضحة يقتص منها؟ قال: الموضحة كيف يحيط بها! "مسائل أبي داود" (1453) نقل حنبل عنه: ليس في عظم القصاص. ¬

_ (¬1) الرضخ: الكسر. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 183، والبخاري (2413، 2746، 6876)، ومسلم (1672) من حديث أنس.

2555 - 4 - عدم الولادة

وقال أبو طالب: لا يقتص من جائفة أولا مأمومة؛ لأنه يصل على الدماغ، ولا من كسر فخذ وساق ويد؛ لأن فيه مخًّا. وقال إسماعيل بن سعيد الشالنجي: سألت أحمد بن حنبل عن القصاص من اللطمة والضربة، فقال: على القود من اللطمة والضربة. وقال حنبل: قال الإمام أحمد: الشعبي والحكم وحماد قالوا: ما أصاب بسوط أو عصان وكان دون النفس ففيه القصاص. قال أحمد: وكذا أرى. "الفروع" 5/ 649. 2555 - 4 - عدم الولادة نقل حنبل: لا أقيد والدًا بولد ولا ولدًا بوالده عمدًا ولا خطأ. "الروايتين والوجهين" 2/ 254 2556 - القصاص بين الرجل وامرأته قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يكسرُ يدَ الرجلِ عمدًا، أو يدَ امرأتِهِ عمدًا؟ قال: في اليدِ مَا قَدْ حَكَم فيه عمرُ -رضي اللَّه عنه- (¬1)، ويد امرأته إذا كان عامدًا فعليه ما حكم فيه عمر -رضي اللَّه عنه- ولم يحفظه. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 381 (17684)، ومن طريقه ابن حزم في "المحلى" 10/ 438 ومن طريق عمر بن عبد العزيز عن عمر بن الخطاب: وفي اليد نصف الدية. وانظر "مصنف ابن أبي شيبة" 5/ 364.

قال إسحاق: كما قال عمر، حديث بشر بن عاصم. "مسائل الكوسج" (2554) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ إذا أصابَ امرأته بجرحٍ أنه يعقلها، ولا يقاد منه؟ قال: يُقاد منه بجرحٍ وغيره. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ كتاب اللَّهِ عز وجل القصاص. "مسائل الكوسج" (2566). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ عَالجَ امرأته فكسرَ سنها؟ قال: ليس عليه شيءٌ. قال إسحاق: كلما جَامعَهَا كما يجامعُ مثلها فلا شيء عليه، وإن ابتركها حتى انكسرَ سنها مِنْ جِماعِهِ فهو ضامنٌ كما قال الشعبي (¬1). "مسائل الكوسج" (2582). وقال في رواية بكر بن محمد النسائي في الرجل يضرب امرأته فيكسر يدها أو رجلها أو يحقرها على وجه الأدب: فلا قصاص عليه. وقال في رواية أبي طالب، وقد سُئل: هل بين المرأة وزوجها قصاص فقال: إذا كان في أدب يضربها فلا، فإن اعتدى أو جرح أو كسر، يقتص لها منه. "الأحكام السلطانية" (282)، "الإنصاف" 25/ 246. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 483 (18102)، وابن أبي شيبة 5/ 410 (27482).

2557 - القصاص في الطرف إذا كان بآلة لا يقطع مثلها

2557 - القصاص في الطرف إذا كان بآلة لا يقطع مثلها قال حنبل: قال أحمد: إذا ضربه فذهب ببعض أعضائه بشيء لا يقتل مثله، فعليه القود في ذلك. "الروايتين والوجهين" 2/ 259

باب استيفاء القصاص

باب استيفاء القصاص 2558 - استيفاء القصاص فيما دون النفس على التعيين أم التخيير؟ قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: قال سفيان في صبيِّ يتيم قطعت يده، فشهد رجلانِ على رجلٍ أنَّ هذا قطع يده، وشهد رجلان غيرهما على رجل آخر أن هذا قطع يده: يحبسان حتى يدرك، فإذا أدرك فعلى من ادَّعى من أحدهما فهو عليه، وإن قال: لا أدرك من قطع يدي. فليس بشيءٍ. قال: لا يحبسان، قد وجب له الدية منهما جميعًا يأخذُ منهما وليه، أرأيت إنْ مات قبل أن يدرك أو ماتا؟ ! قلت: في العمد والخطأ؟ قال: العمد والخطأ واحدٌ، هو في العمدِ بالخيار إن شاء أخذ الدية، وإن شاء القود. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2621) 2559 - ما جاء في شروط استيفاء القصاص لا يقتص من عضو وجرح قبل برئه (صاحب القصاص) قال إسحاق بن منصور: قلتَ: ينتظر بالقود أن يبرأَ صاحبه؟ قال: نعم.

2560 - إن إصابه فبرئ، هل عليه شيء؟

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2407). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا أصيبت السن يُستَأْنى به سنه؟ قال: نعم، يُستَأْنى به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2433) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا استقيد مِن رجلٍ فبرئ وشُل المجروح الأول أو نقص؟ قال: ليس عليه شيءٌ، ولا يستقاد منه حتى تبرأ جراحةُ صاحبِهِ. قال إسحاق: كما قال كذا هو. "مسائل الكوسج" (2565). 2560 - إن إصابه فبرئ، هل عليه شيء؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل كسرَ يدَ رجلٍ خطأ فبرئ وصَحَّ وعادَ لهيئتِه؟ قال: (قد) حكمَ فيه عمرُ -رضي اللَّه عنه-. قُلْتُ: قال مالك: ليس عليه شيءٌ؟ قال: بل عليه ما حكمَ فيه عمر -رضي اللَّه عنه-، لم يحفظْ ما حكم فيه عمر -رضي اللَّه عنه-. قال إسحاقُ: كما قال، وحديثُ عمر -رضي اللَّه عنه- حديث بشر بن عاصم فيه فريضتان. "مسائل الكوسج" (2557) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: وإذا أصابَ رجلٌ آخرَ بجراحٍ في الجسدِ خطأ فبرئ وصح؟

2561 - سريان الجناية من دون النفس إلى النفس

قال: عليه ما حكمَ فيه بما أصابَ مِنَ الألمِ. قال إسحاقُ: كما قال يرى الإمامُ فيه رأيه يغرمه. "مسائل الكوسج" (2558) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: العبدُ إذا كسرت يده، أو رجله فصح كسره؟ قال أحمد: فيه قدرُ ما يرى الحاكمُ. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2571) نقل عنه جعفر بن محمد النسائي: إن قلع قالع سنة ثم ردها صاحبها، فنبتت في موضعها، لم تجب ديتها. "المغني" 12/ 136 2561 - سريان الجناية من دون النفس إلى النفس: قال إسحاق ابن منصور: قال إسحاق: في الذي أُخذَ في دار قومٍ وقد ضربه القومُ، فعاشَ شهرين صاحبَ فراشٍ حتى ذَهبت إِحدى عَينيهِ ثم مات، فأقرَّ القومُ عند الوالي وأولياءِ المضروبِ بالضَّرب، فإن كانوا أَقروا طائِعين من غَير تهديدٍ ولا ضربٍ ولا حبسٍ فإقرارهم جائزٌ، وإذا خوفوه، فإن كان ضَرْبهُم أتى على بعض أعضائه الذي لا يعيش مثله فلم يزل مريضًا فالدية عليهمِ. وإن أُشِكل ذَلِكَ فلم يُدْر أمات من ضربهم أم لا فليس عليهم إلا عقوبة ما أتَوا من الضرب، إلا أن يكون الضربُ أتى على بعضِ أعضائِه الذي تجبُ فيه الدية، فعليه دية العضو إذا فاتَ القصاص. "مسائل الكوسج" (2716).

2562 - كيفية استيفاء القصاص فيما دون النفس

2562 - كيفية استيفاء القصاص فيما دون النفس قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كيف يقتص مِنَ العينِ؟ قال: يُحمى لها مرآة، فينظر فيها حتَّى تسيلَ حدقته. قال إسحاق: كما قال، وقد اقتص المغيرة بن شعبة من عين بَنَوْرَةٍ. "مسائل الكوسج" (2577) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ: كيف يقتص من عين بنورة؟ وكيف يقتص بالبيضة؟ قال: كلما فقأ إنسانٌ عينَ إنسانٍ فذهبَ نوره أُحْميتْ مرآة، ثم أدنيتْ من عينِ الفاقئ حتَّى يَذْهبَ نورُه، والعين قائمة، وإذا كان بالنورة فطلى على البصر ذهب البصر، والبيضة ليست بمفسرة. "مسائل الكوسج" (2578) 2563 - دخول القصاص في الطرف في القصاص في النفس نقل عنه الميموني في الرجل يجرح الرجل أو يقطع عنه عضوًا ثم يموت: لا تقطع يده، والقتل يأتي على ذلك. "الروايتين والوجهين" 2/ 256.

باب ما جاء في مسقطات القصاص

باب ما جاء في مسقطات القصاص 2564 - فوات محل القصاص قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الزهريُّ: رجلٌ فقأ عينَ رجلٍ، فقامَ إليه ابن عَمِّه فقتله؟ قال: يجعلُ عقل العينِ في مالِ المقتولِ الفاقئ؛ لأنَّه كان عمدًا ويقادُ القاتل الذي قتل (¬1). قال أحمد (¬2): لأنَّ المفقوء عينه مخيرٌ: إنْ شاء أخذَ الديةَ، وإن شاءَ اقتص. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2594) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 329 (17420). (¬2) انتهى قول الزهري عند: (الذي قتل). كما في "مصنف عبد الرزاق"، ثم بدأت قوله: (لأن المفقوء). فأضفنا: قال أحمد، ليستقيم السياق.

باب ما جاء في ضمان الجناية

باب ما جاء في ضمان الجناية 2565 - جناية العبد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجل أذن لعبدِه في التجارةِ فجرح إنسانًا. قال: يدفع بُرمّته، وكذلك الدين على العبدِ حيثما ذهبَ. قال: إذا كان أذنَ له في التجارةِ؛ فالدينُ على السَّيِّدِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2610). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان في رجلِ قال لعبدِه: شجني. فشجه؟ قال: ليسَ عليه شيءٌ. وكذلك إنْ قال حُرٌّ لحرٍّ؟ قال: نعم. قلت: فإن قال العبدُ للحرِّ: شجني. فشجه؟ قال: يضمنُ. قال أحمد: نعم؛ لأَنَّه ليس بمأمون على نفسِه. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ الحرَّ ليس له أن يصدقَه على قولِه، وهو مالٌ لسيده. "مسائل الكوسج" (2611) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إذا قال الرجلُ لعبدِ رجلٍ: اسقني فما جنى المملوك أو جُني عليه فالذي أرسلَه ضامنٌ. قال أحمد: جيدٌ إذا كان بغيرِ إذنِ سيدهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2613)

2566 - جناية العبد على مال سيده

2566 - جناية العبد على مال سيده نقل مهنا عن أحمد في العبد إذا وطئ الأمة: لا شيء عليه، وهي له وولدها. "الفروع" 6/ 22 2567 - تعلق أرش جناية العبد بذمة سيده إذا أعتقه قال إسحاق بن منصور: قلت: عبدٌ قتل حُرًا فأعتقه سيده؟ قال أحمد: إذا علم السيد بجناية عبده فأعتقه فالدية عليه، وإذا لم يعلم فعليه قيمة عبده، وصار العبد حرًّا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2455) نقل حرب عنه في عبد قتل حرًّا فأعتقه مولاه: عليه قيمته. "الروايتين والوجهين" 2/ 253 2568 - فداء العبد إذا تعلقت الجناية برقبته (¬1) نقل ابن القاسم، ومحمد بن الكحال عنه: إذا جنى العبد جناية تعلق أرشها برقبته، فأراد السيد أن يفديه، فبكم يفديه؟ فقال: لا يجبر سيده على أكثر من قيمته، ويقال لسيده: أد عن عبدك بقدر قيمته أو سلمه. "الروايتين والوجهين" 2/ 252. ¬

_ (¬1) راجع رواية "الكوسج" (2597)، "عبد اللَّه" (1463) مسألة: حر وعبد اشتركا في جناية.

2569 - جناية أم الولد والمدبر والمكاتب

2569 - جناية أم الولد والمدبر والمكاتب قال إسحاق بن منصور: قلت: جنايةُ أمَّ الولدِ، والمدبَّرِ، والمكاتبِ؟ قال أحمد: أما أمُّ الولدِ فعلى السيدِ، وإنما يكون عليه قيمتُها، والمدبرُ إن شاء أسلمه بجنايتهِ وإلا فَداهُ، وأما المكاتب فإنما جنايته عليه، يُؤدَّي إلى أهل الجنايةِ أولًا، فإن عجزَ رُدَّ رقيقًا وفداه السيَّدُ إن شاء، وإلا أسلمه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2456) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: جنايةُ المكاتب؟ قال: المكاتب جنايته على نفسهِ، وذاك أن السيد لا يَقدر أن يأخذَ ما في يديه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2477) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: جناية أم الولدِ والمُدبَّر؟ قال: أما أم الولدِ فعلى السيد، وأما المدبَّر فبمنزلة العبد، وإن شاء فَداها وإن شاء أسلمها، وليس على السيد أكثر من قيمتها يوم جَنَيا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2478) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أُمُّ الولدِ إذا جَنَتْ جنايةً أنَّه يضمن سيدها وليس له أَنْ يسلمَهَا وليس عليه أنْ يحملَ مِنْ جنايتها أكثر مِنْ قيمتها؟ قال: جيدٌ صحيحٌ. قال إسحاق: كما قال "مسائل الكوسج" (2586)

2570 - تكرر تحمل السيد لجناية أم ولده

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: قال سفيان: مُدبر خرقَ ثوبًا. قال: هو دينٌ عليه؟ قال أحمد: المدبر عندنا عبد، هذا مثلُ جنايةِ العبدِ، إنْ شاء سيده فداه وإن شاء أسلَمه بجنايِته. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2606) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: جناية أم الولد على من هي؟ قال: على سيدها. "مسائل ابن هانئ" (1548) نقل الأثرم عنه في المكاتب: جنايته في رقبته، يفديه إن شاء. "الفروع" 5/ 120، "الإنصاف" 19/ 317 2570 - تكرر تحمل السيد لجناية أم ولده نقل حنبل: ليس على سيدها شيء حتى تعتق فتؤخذ بجنايتها. "الروايتين والوجهين" 2/ 286 ضمان من مات في هدم عنده أو نحوه. قال إسحاق بن منصور: قلت: الحائط المائلُ يجبر صاحبُه على نقضِهِ؟ قال: يجبر على نقضِهِ. قال إسحاق: شديدًا. قلت: إذا أَشهدوا على صاحبِهِ يضمن إنْ أصابَ؟ قال: إن أُشهدَ عليه فأصابَ إنسانًا لم أَرَ عليه شيئًا.

قال إسحاق: كما قال، كلما كان مائلًا علم بذلك، أُشهدَ عليه أو لم يُشهد عليه، فأصاب إنسانًا ضمن. قال إسحاق: وقال هؤلاء: ما لم يُشهد على صاحبِ الحائطِ المائلِ لم يضمن، وقد أخطئوا في ذَلِكَ كما أخطئوا في رجلٍ نام في المسجد، فدخل إنسانٌ فعطبَ به، قال: يضمن النائم إن كان من غير المحِلَّةِ، وإن كان من أهل المحلَّةِ لم يضمن. قالوا: وكذلك إذا تقرَّب الرَّجلُ إلى اللَّه عز وجل بأن بسط في مسجدٍ بَوارِي أو علَّقَ قِنديلًا، أو ما أشبه ذَلِكَ، فعطبَ إنسانٌ به، قالوا: إن كان من غيرِ أهلِ المحِلةِ ضمن، وإن كان من أهلِ المحلةِ لم يضمن، وهذِه زلةٌ عظيمةٌ، وحرم أهل المحلةِ وغيرهم سواء في كل شيء تقربوا إلى اللَّهِ عز وجل، لا ضمان عليهم. "مسائل الكوسج" (2464) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ استأجرَ قومًا في حفر ركيه، فانهدم عليهم فماتَ بعضُهم وخرجَ بعضُهم؟ قال: ليسَ على المستأجرِ شيءٌ، ولم يقل غير ذَلِكَ. قال إسحاق: هو كما قال، ليسَ عليه شيءٌ. "مسائل الكوسج" (2519) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا كان الحائطُ قائمًا وهو مشقوق لم يجبروا على نقضِه، فإن كان مائلًا جبروا على أن ينقضوه. قال أحمد: إذا خافوا منه جبروهم على أنْ ينقضوه. قال إسحاق: كما قال. قُلْتُ: قال سفيانُ: فَإِنْ أخذوا في نقضِه فوقعَ على أحدِهم فهم ضامنون.

2571 - ضمان ما ترتب على فعل دابته أو حيوان يملكه

قال: ما ذنبهم؟ ! قال إسحاق: ليس عليهم شيءٌ إذا أخذوا في نقضِه، ولم يكن فرّط في النقضِ، فإذا فرّط ثم سقط فهو ضامن لما أصيب في سقوطه، وإن شهدَ رجلٌ فقالَ له بعد الذي أشهد: لا أريد أن أغرمك قد رجعت فيما أشهدت. قولُه هذا ليس بشيء قَدْ مضتِ الشهادةُ. قال أحمد: دعها. "مسائل الكوسج" (2616) 2571 - ضمان ما ترتب على فعل دابته أو حيوان يملكه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عنْ الغَنَمِ تقع في الزَّرعِ؟ قال: إنْ كانَ أرْسَلَهَا متعمدًا غرم، وإِنْ كَانَتْ انفَلَتتْ فليسَ عليهِ شيءٌ. قال أحمد: أمَّا بالنهارِ فإِذَا أرسَلَهَا عمدًا فَعَليه الغُرْم، وإذَا انفلَتتْ فليسَ عليه شيءٌ، وإنْ انفلتَتْ بالليلِ فَعَلى صَاحبها الغرمُ، فإنْ قال صَاحِبُ الزَّرْعِ: أفْسَدَتْ غَنَمُكَ زَرْعِي بالليلِ، يُنْظَر في الأثرِ، فإنْ لَم يكنْ أثر غنمه في الزّرْع لابدَّ لصاحب الزرع مِنْ أنْ يجيء بالبينة. قال إسحاق: كما قال أحمد؛ لأَنَّه مُدَّعٍ. "مسائل الكوسج" (2086) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إن أصابَ بهيمةً إنسانٌ؟ قال أحمد: من قتلَ البهيمةَ فهو ضامنٌ لها؛ على حديثِ عمر -رضي اللَّه عنه- (¬1). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 67 (18381) ابن أبي شيبة 5/ 400 - 401، وانظر: "المحلى" 8/ 145.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2467) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يضمن القائدُ والسائق والراكب؟ قال أحمد: يضمنون إذا كانوا يسوقون أو يقودون؛ لأن عليهم حِفظَها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2468) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا كَبحَ باللجامِ أو لم يَكبحها فأصابت برجلها إنسانًا؟ قال أحمد: إذا كان عَليه هو يَضمنُ، وإذا لم يَكبحها فليس يضمن، وعليه ما أَوْطَت، وأما ما أَصابَت برجلِها فليسَ عليه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2469) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: بعير شد على رجل فقتله الرجل؟ قال: إذا دخلَ عليه في موضعِه فعلى حديثِ عمر -رضي اللَّه عنه-، وإذا كان صئولًا، فقتله فليس عليه شيء. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2508) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يضمن الردف؟ قال: الردفُ لا يقدرُ على شيءٍ أرجو أن لا يكونَ عليه شيءٌ إذا كان قدامه من يمسك باللجامِ. قال إسحاق: ليسَ على الردفِ شيءٌ. "مسائل الكوسج" (2509)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إنْ قاد الرجل دابته في دارِه فأصابَتْ إنسانًا فعليه الضمان؟ قال: يضمن القائد. قُلْتُ: وإن ساقه أو رعاه فأصابت إنسانًا فلا ضمانَ عليه؟ قال: والسائقُ يضمن. قُلْتُ: إذا رعاه؟ قال: لا يضمن. قال إسحاق: كلما كان في ملكِه فلا ضمان عليه سائقًا كان أو قائدًا. "مسائل الكوسج" (2618) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ ساقَ غنمًا، فدخلَتْ شاةٌ منها دارًا فقطعت ثوبًا، أو ساق ثيرانا أو ما كان من الدواب؟ قال: ليس عليه شيءٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2703) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: انفلتت دابةٌ مِن دارِ رجلٍ فأصابَتْ إنسانًا بالطريقِ؟ قال: ليس عليه شيءٌ حتَّى يكونَ عليها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2704) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: ما أفسدت المواشي بالنهارِ فليس عليه شيءٌ، وما أصابت بالليلِ فعلى حديث ناقة البراء (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 295، وأبو داود (3570)، وابن ماجه (2332)، وصححه الألباني في "الصحيحة" (238)، و"الإرواء" (1527).

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2705) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاقُ عن الرجلِ يكونُ عنده البعير المغْتَلِم (¬1) المعروف به قد قتل غير واحد فيخلعه فيَقتُل أترى عليه الضمان أو هو جُبار إذا لم يكن سائقًا أو قائدًا؟ قال: كلما كان مُغتلِما كما وصف لم يسعه إلَّا حفظه؛ لأنه ليس له أن يرسل كلبًا عَقورًا على المسلمين، فكيف بالبعير المغتَلمِ! وربما كان مثلُ هذا قاتلًا، فإن تركه عَمدًا نَهارًا، أو ليلًا فإنه يُغرَّم، فإنَّ إرساله تعمدًا هو كما حَملَه على الإنسانِ أو قادَه أو سَاقه إِذا عَرَفه بذلك، وإن انفلَت منه وهو ممن يُريدُ حِفظَهُ لم يَضمن ما كان نهارًا، وكلُّما أصابت العجماءُ والدَّوابُّ ليلا فعلى صاحِبها غُرمُ ذَلِكَ، وكذلك قضى فيه داود وسليمان ومحمد صلوات اللَّه عليهم وسلامه (¬2) واتبعهم أهل العلم على ذلك فأخذوا بما سنوا. "مسائل الكوسج" (2712) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الدابة تضرب برجلها وعليها صاحبها؟ قال: ليس عليه شيء، فأما إذا وطئت بيدها، يلزمه ما كسرت. "مسائل ابن هانئ" (1553) ¬

_ (¬1) المغتلم: الهائج. (¬2) يشير إلى قوله تعالى {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} [سورة الأنبياء آية 78] وما ورد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث ناقة البراء السابق تخريجه.

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن ناقة انفلتت فقتلت صبيًّا، فعدا أبو الصبي فقتلها؟ قال: إذا كانت انفلتت لا يملكها، يغرم أبوه ثمن الناقة. "مسائل ابن هانئ" (1554) قال ابن هانئ: سألته عن شاة دخلت في طراز حائك عند العشاء فخرقت ثوبه؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا كانت الشاة انفلتت قبل الصلاة، لم يلزم صاحب الشاة شيء فإن النفش ليلًا، وإذا كان بعد الصلاة لزمه؛ لأنه من الليل. على أهل المواشي حفظها بالليل، وعلى أهل الحائط حفظه بالنهار. "مسائل ابن هانئ" (1556) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: الرجل جُبار، إلَّا أن يطأ، فإذا وطئت وعليه، إنسان فهو ضامن، والنفخة ليس عليه شيء. "مسائل عبد اللَّه" (1529) نقل أحمد بن سعيد عنه: وإذا وقف على نحو ما يقف الناس أو في موضع يجوز أن يقف في مثله، فنفخت بيد أو رجل فلا شيء عليه، فإذا كانت مشدودة في قطار فيه عدة أبعرة فضربت إحداها برجلها وليس عليها إنسان فلا شيء عليه، إنما ذلك إذا كان راكبًا عليها. ونقل أبو طالب عنه: وإذا شد فرسه في الطريق فعض رجلًا يضمن. "الروايتين والوجهين" 2/ 350 ونقل حنبل عنه: الكلب إذا كان موثقًا لم يضمن ما عقر. "الفروع" 4/ 518

ونقل أبو طالب عنه: لا يضمن ما أصابت برجلها أو نفخت بها؛ لأنه لا يقدر على حبسها. "الفروع" 4/ 522 - 523، "المبدع" 5/ 198، 201، 202 نقل حنبل عنه: إذا كان الكلب موثقًا، لم يضمن ما عقر. "المبدع" 5/ 192 نقل أبو الحارث عنه: وإذا أقام دابته على الطريق، فهو ضامن لما جنت، ليس له في الطريق حق. "تقرير القواعد" 2/ 309

2572 - 1 - إن نشأ عن فعل من أجيز له شرعا

فصل ما جاء في أسباب انتفاء الضمان 2572 - 1 - إن نشأ عن فعل من أجيز له شرعًا قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يريد أن يحفر بئرًا للمسلمين؟ قال: ما لم تكن على طريق المسلمين، فلا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (1555) قال الحسن بن ثواب: رجل حفر بئرًا؟ قال: إن كان مما أخذه به السلطان فلا يضمن، وإن كان مما أراد بها النفع لداره، أو ليحدث فيها الشيء ضمن وضمن الحفار معه، إذا جاء به إلى طريق وهو يعلم مثله لا يكون ملكًا له فحفر له شاركه في الضمان. قلت: فإن أخذ الحفار؟ قال: إن علم أن هذا الذي حفر لم يكن له ضمن، وإن قال: جئت إلى شيء أظن أنه ملك لهذا، فليس عليه شيء. قيل له: فما ترى في رجل حفر بئر إقامة فجاء آخر، فحفرها حتى وصل الماء فوقع فيها رجل لمن يلزم الضمان؟ قال: بينهما. "بدائع الفوائد" 4/ 67 وقال البرزاطي: سألت أحمد عن رجل أحرق جلالة له فطارت النار، فوقعت في زرع قوم فأحرقته؟ قال: لا شيء عليه. "طبقات الحنابلة" 2/ 201

2573 - 2 - إن كان التالف فاسدا

2573 - 2 - إن كان التالف فاسدًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ: إنْ هو كسَر طنبورَ معاهدٍ؟ قال: يغرم، وسُئِلَ: إنْ هوَ قتَلَ خنزيرَ معاهد؟ قال: يضمن. قال أحمد: ما يعجبني أنْ يفعل شيئًا مِنْ ذَلِكَ، وإنْ فعلَ فليس عليه شيءٌ، ليسَ لها ثمنٌ. قال إسحاق: كما قال أحمد؛ لأنَّ حكام المسلمين لا يجوز لهم إلَّا أنْ يحكموا بكتابِ اللَّهِ. "مسائل الكوسج" (2083) قال صالح: قلت: رجل معه في منزله من يتخذ مسكرًا، فإن صب فيه خل أو ملح أو شيء مما يفسد به وصاحبه لا يعلم، وانتقل المسكر فصار خلا؟ فقال: لا بأس أن يفسده عليه، فإذا صار خلًّا لم يأكله، حتى يكون اللَّه يبدي فساده. "مسائل صالح" (1333) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل مرَّ بقوم يلعبون بالشطرنج، فنهاهم فلم ينتهوا؛ فأخذ الشطرنج فرمى به؟ فقال: قد أحسن. قيل لأحمد: ليس عليه شيء؟ قال: لا. قيل لأحمد وأنا أسمع: وكذلك إن كسر عودًا أو طنبورًا؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1801)

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يرى القنينة مغطاة، يعلم أن فيها شيئًا فلا يدري أمسكر هو أم خل؟ قال: إذا علم أنه خل لم يتعرض له، وإذا علم أنه مسكر كسره. قيل له: فإذا كان خلًّا، أو دبسًا، ثم كسره، أيغرمه؟ قال: نعم. وتبسم. "مسائل ابن هانئ" (1052) قال ابن هانئ: سئل أبو عبد اللَّه -وأنا أسمع- عن القوم يكون معهم المنكر مغطى، مثل طنبور ومسكر وأشباه ذلك، أيكسره إن رآه؟ قال: إن كان مغطى فلا يكسره. "مسائل ابن هانئ" (1947) قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل يرى الطنبور أو الطبل مغطى أيكسره؟ قال: إذا كان يثبته أنه طنبور أو طبل كسره. "مسائل ابن هانئ" (1951) قال ابن هانئ: قلت: فالدف الذي يلعب به الصبيان؟ قال: يروى عن أصحاب عبد اللَّه أنهم كانوا يتبعون الأزقة يخرقون الدفوف (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1955) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في رجل يرى مثل الطنبور، أو العود، أو الطبل، أو ما أشبه هذا، ما يصنع به؟ قال: إذا كان مغطى فلا، وإن كان مكشوفا كسره. "مسائل عبد اللَّه" (1174) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 486 (16407).

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل يهودي ادعى على مسلم أنه أهرق خمره؟ فقال: ليس للخمر ثمن، نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ثمن الخمر (¬1). قلت لأبي: فإن ادعى أنه شربها؟ قال: لا أقضي عليه فيها بشيء، ولو أقام البينة لم أقضِ على المسلم بشيء، وإن أهرقها لم أقض عليه فيها بشيء، ليس لهم أن يظهروا الخمر، ولكن يمنع المسلمون من أذاهم، أو يفسدوا لهم شيئًا، وإن أتلفوا لهم شيئًا من غير ما حرم اللَّه ضمنوا للمسلمين قيمته على الذي أتلف، كأن كسر إناء فيه خمر، ضمن الإناء، ولم يضمن الخمر. "مسائل عبد اللَّه" (1176) وقال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل قال: قلت لإسحاق بن راهويه: رجل معه قرد يكسب به، فقتل رجلٌ القرد، هل عليه شيءٌ؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 235 من حديث ابن عباس بلفظ: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن مهر البغي، وثمن الكلب، وثمن الخمر. ومسلم (1579) وفيه: أن عبد الرحمن بن وعلة السبائي -من أهل مصر- سأل عبد اللَّه بن عباس عما يعصر من العنب. فقال ابن عباس: إن رجلًا أهدى لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رواية خمر فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هَلْ عَلِمْتَ أَن اللَّهَ قَدْ حَرَّمَهَا؟ " قال: لا. فسار إنسانًا، فقال له -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بِمَ سَارَرْتَهُ؟ " فقال: أمرته ببيعها. فقال: "إِنَّ الذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا". وفي الباب عن عائشة رواه الإمام أحمد 6/ 46، والبخاري (459)، ومسلم (1580) بلفظ: لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الربا خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المسجد وحرم التجارة في الخمر.

قال: لا، ليس عليه شيءٌ. وضحك وقال: لو ضرب صاحبه ولم يقتله فليس عليه شيءٌ، وإذا قتل القرد فليس عليه شيءٌ. "الأمر بالمعروف" للخلال (104) قال الخلال: أخبرنا عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: ثنا قبيصة قال: حدثنا سفيان، عن أبي حصين، أن شريحًا أتي في طنبور، فلم يقض فيه بشيءٍ، وقال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: هو منكر. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون، أن يحيى بن يزدان أبا السَّفر حدثهم، أنه سأل أبا عبد اللَّه عن رجل رأى في يد رجل عودًا، أو طنبورًا، فكسره، أصاب أو أخطأ، وما عليه في كسره شيءٌ؟ فقال: قد أحسن، وليس عليه في كسره شيءٌ. "الأمر بالمعروف" للخلال (131 - 132) وقال: أخبرني محمد بن أحمد الطرطوشي، أن موسى بن سعيد الدَّنداني حدثهم، أن أبا عبد اللَّه قال في المسكر: من أهرقه فليس بضامن. وقال: أجبرني حرب قال: قلت لإِسحاق: رجل كسر طنبور الرجل. قال: ليس عليه شيءٌ. "الأمر بالمعروف" للخلال (134 - 136) نقل مهنا: فيمن هشم على غيره إبريقا فضة: عليه قيمته، يصوغه كما كان. قيل له: أليس قد نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اتخاذها (¬1)؟ فسكت. "المغني" 7/ 428 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 385، والبخاري (5426)، ومسلم (2067) من حديث حذيفة -رضي اللَّه عنه-.

قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن رجل كسر عودًا كان مع أمَةٍ لإنسان، فهل يغرمه أو يصلحه؟ قال: لا أرى عليه بأسًا أن يكسره، ولا يغرمه ولا يصلحه. قيل له: فطاعتها؟ قال: ليس لها طاعة في هذا. وقال يوسف بن موسى، وأحمد بن الحسن: إن أبا عبد اللَّه سئل عن: الرجل يرى الطنبور والمنكر أيكسره؟ قال: لا بأس. وقال أبو الصقر: سألت أبا عبد اللَّه عن: رجل رأى عودًا أو طنبورًا فكسره، ما عليه؟ قال: قد أحسن، وليس عليه في كسره شيء. وقال جعفر بن محمد: سألت أبا عبد اللَّه عمن كسر الطنبور والعود؟ فلم ير عليه شيئًا. وقال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن كسر الطنبور الصغير يكون مع الصبي؟ قال: يكسر أيضًا. قلت: أمر في السوق، فأرى الطنبور يباع أأكسره؟ قال ما أراك تقوى، إن قويت أي: فافعل. قلت: أدعى لغسل الميت فأسمع صوت الطبل؟ قال: إن قدرت على كسره وإلا فأخرج. "الطرق الحكمية" ص 357 - 359 وقد قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: دفع إليَّ إبريق فضة لأبيعه، أترى أن أكسره، أو أبيعه كما هو؟ قال: أكسره.

وقال: قيل لأبي عبد اللَّه: إن رجلا دعا قومًا، فجيء بطست فضة، وأبريق فضة، فكسره، فأعجب أبا عبد اللَّه كسره. وقال: بعثني أبو عبد اللَّه إلى رجل بشيء، فدخلت عليه، فأتي بمكحلة رأسها مفضض، فقطعتها، فأعجبه ذلك، وتبسم. قال المروذي: قلت لأحمد: استعرت كتابًا فيه أشياء رديئة، ترى أن أخرقه أو أحرقه؟ قال: نعم فاحرقه، وقد رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بيد عمر كتابًا اكتتبه من التوراة؛ وأعجبه موافقته للقرآن، فتمعر وجه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، حتى ذهب به عمر إلى التنور فألقاه فيه (¬1). قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: لو رأيت مسكرًا في قنيته أو قربة تكسر أو تصب؟ قال: تكسر. وقال أبو طالب: قلت: نمر على المسكر القليل أو الكثير أكسره؟ قال: نعم، تكسره. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 387، وابن أبي شيبة 5/ 313 (26412) والدارمي 1/ 403 (449)، وابن أبي عاصم في "السنة" 1/ 27 (50) والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" 1/ 78 (124) من طرق عن هشيم عن مجالد عن الشعبي عن جابر -رضي اللَّه عنه-. قال البزار: لا نعلمه يروى عن جابر إلَّا بهذا الإسناد، وقد رواه سعيد بن زيد عن مجالد. وقال ابن حجر في: "فتح الباري" 13/ 334: رواه أحمد وابن أبي شيبة والبزار، ورجاله موثقون إلَّا أن في مجالد ضعفًا ا. هـ. وحسنه الألباني بمجموع طرقه وشواهده في "الإرواء" (1589).

2574 - من أفسد شيئا صحيحا فعليه إصلاحه وضمانه

قال محمد بن حرب: قلت لأبي عبد اللَّه: ألقى رجلا ومعه قربة مغطاة؟ قال: بريبة؟ قلت: نعم. قال: تكسرها. "الطرق الحكمية" ص 362 - 363 ونقل مثنى: يكسره -أي: الدف- في مثل الميت. ونقل حنبل عنه: لا يضمن مخزنًا للخمر. "الفروع" 4/ 524 ونقل الأثرم في إتلاف إناء الخمر: إن لم يقدر على إراقتها إلَّا بتلفها لم يضمن، وإلا ضمن. "الإنصاف" 15/ 354 2574 - من أفسد شيئًا صحيحًا فعليه إصلاحه وضمانه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: مَنْ كَسَرَ شيئًا صَحِيحًا؛ فَقِيمتهُ صحيحًا. قال: إنْ كانَ يوجدُ مثله فمثلُهُ، وإنْ كانَ لا يوجد مثله فعليه قيمته صحيحًا. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2084) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: فإِذَا كَسَرَ الذهبَ فقيمته بالفضةِ، وإذَا كَسَرَ الفضَّةَ فقيمتُهَا بالذهب. قال أحمد: يُصْلِحُهُ لَهُ أحَبُّ إليَّ إنْ كانَ خُلْخَالًا، وإنْ كانَ دِينارًا أعطَاه دِينارًا آخر مثله.

قال إسحاق: كما قال، إلَّا أنَّه إِنْ أعْطَاه الذَّهبَ مِن الفضَّةِ، أو الفضَّةَ مِنَ الذَّهبِ جَازَ. "مسائل الكوسج" (2085) نقل موسى بن سعيد: وعليه المثل في العصا والقصعة إذا كسر، وفي الثوب، ولا أقول في العبد والبهائم والحيوان وصاحب الثوب مخير إن شاء شق الثوب وإن شاء أخذ مثله. "الروايتين والوجهين" 1/ 409، "المغني" 7/ 370، "أعلام الموقعين" 1/ 323، "الإنصاف" 15/ 259. قال الشالنجي: سألت أحمد عن الرجل يكسر قصعة الرجل أو عصاه أو يشق ثوبًا لرجل؟ قال: عليه المثل في العصا والقصعة والثوب. فقلت: أرأيت إن كان الشق قليلًا؟ فقال: صاحب الثوب مخير في ذلك قليلًا كان أو كثيرًا. "أعلام الموقعين" 1/ 323، "الإنصاف" 15/ 260

كتاب الديات

كتاب الديات باب ما جاء في أسباب وجوب الدية 2575 - كل من أتلف نفسًا بمباشرة أو سبب (¬1) قال إسحاق بن منصور: قلت: البُورِيُّ (¬2)، والحجر، والعمود، وأشباه ذَلِكَ يكون بالطريق. قال أحمد: كلما كان في غير حقهم يضمن ما أصاب. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2465) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إنَّ رجلًا جاءَ إلى أهلِ أبيات فاستسقاهم فلم يسقوه حتَّى مَاتَ. قال: أغرمهم عمرُ الدية رضوان اللَّه عليه (¬3). قُلْتُ: أي شيءٍ تقول أنتَ؟ قال: أي شيء؟ ! أقولُ بقولةِ عمر -رضي اللَّه عنه-. قُلْتُ: أتقوله أنت؟ قال: إي واللَّهِ. قال إسحاقُ: كما قال، ولكن القوم الدِّين غرمهم عمر -رضي اللَّه عنه- كانوا أهلَ ذمةٍ، وكان اشترطَ عليهم الضيافةَ. "مسائل الكوسج" (2602) ¬

_ (¬1) راجع باب: ما جاء في ضمان الجناية - كتاب الجنايات. (¬2) البوري: الطريق، وقيل: الحصير المنسوج، وهو لفظ فارسي معرب. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 5/ 450 - 451، والبيهقي 6/ 153.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: وإذا ألقى رجلٌ كيسًا فيه دراهم على الطريقِ فأصابَ رِجْل رَجلٍ فعقره فعلى صاحبِ الدراهمِ الضمانُ. قال أحمد: صدقَ، مثل الحجر ألقيته في الطريقِ. قُلْتُ: فإن ألقى الذي أصيب رجله الدراهم في بئرٍ فهو ضامنٌ؟ قال: هو ضامنٌ. قال إسحاقُ: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (2617) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: قَصَّار صب ماءً في الطريق، فمرت دابةٌ فانكسرتْ؟ قال: هذا ضامن، وكلُّ مَن لم يكنْ له شيءٌ يفعلُه في طريقِ المسلمين ففعلَه فأصابَ شيئًا؛ فهو ضامنٌ. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2690) نقل حرب عنه: إن حمل رجل صبيًّا على دابة فسقط ضمنه، إلَّا أن يأمره أهله بحمله. "الفروع" 6/ 8، "المبدع" 8/ 333 نقل أبو الصقر فيمن غصب صغيرًا فتلف، هل تجب فيه الدية؟ قال: لا تجب. "تصحيح الفروع" 6/ 5

2576 - كفارة القتل الخطأ

2576 - كفارة القتل الخطأ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا قتلَ الرجلُ رجلًا خطأ عليه عتق رقبة مع الدِّية، وإذا لم يجد رقبة ما عليه؟ قال: إذا لم يجد رقبة، فصيامُ شهرين متتابعين، لابد من إحدى الكفارات. قال إسحاق: كما قال، والقرآن ينطق. "مسائل الكوسج" (2444) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قومٌ قتلوا رجلًا خطأ على كلِّ واحدٍ منهم رقبةٌ مع الديةِ، أو رقبة تجزئهم؟ قال أحمد: الديةُ واحدةٌ، والكَفَّارَةُ شتى على كلِّ واحدٍ كفارةٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2584). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن صبيٍّ ومجنون قتلا أبَاهما، أو حفرَا حفرةً في غيرِ حدهما، فوقعَ أبوهما فيها فماتَ؟ قال: لا يرثانِ وليس عليهما كفارةٌ. قال أحمد: لا يرثانِ، وما أحسن الكفارة. ثم قال: لابد لهما مِنَ الكفارةِ إذا أدرك الصبيُّ وأفاقَ المجنونُ، وأمَّا الديةُ فعلى عاقلتهما. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2612). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ترى مع الغرة كفارة في الجنينِ؟ قال: نعم، إذا كان خطأ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2682)

قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمد: عَنْ صبيٍّ صغيرٍ أَبَاتته أُمُّه معها على الفراش فوجدته ميتًا؟ قال: إِنْ خافَتْ أَنْ تكونَ قَتلَتْه فلتعتق رقبةً. قال إسحاق: ليس عليها شيءٌ إلَّا أَنْ تستيقنَ. "مسائل الكوسج" (3365) قال صالح: وقال في القوم يقتلون خطأ. قال: دية واحدة، وكفارة على كل واحد منهم، ولولا حرمة القتل لكان القياس على الصيد، ولكن حرمة القتل. "مسائل صالح" (1299) قال ابن هانئ: وسئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يتخلف عن السرية، فيمضي في أثرها، فيراه عيون المسلمين وطلائعهم، فيظنون أنه من جواسيس الروم، فطعنه رجل فقتله، فناداه: إني مسلم، وإني فلان بن فلان؟ فقال أبو عبد اللَّه: عليه الدية وعتق رقبة، هذا قتل خطأ. "مسائل ابن هانئ" (1543) قال ابن هانئ: وسئل عن القوم يرمون بمنجنيق في أرض العدو، فيقتلون رجلًا من المسلمين؟ قال: عليهم -على من رمى بالمنجنيق- الدية، وعتق رقبة. "مسائل ابن هانئ" (1544) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل أسلم في دار الحرب، ثم دخل دار الإسلام، فقتله رجل خطأ؟ قال أبو عبد اللَّه: عليه عتق رقبة. "مسائل ابن هانئ" (1545)

قال ابن هانئ: قيل: فإن كان من أهل العهد، فقتله رجل خطأ؟ قال: عليه عتق رقبة، ودية مسلمة إلى أهله. قيل: فإن لم يكن له أهل؟ قال: يجعل في بيت مال المسلمين. "مسائل ابن هانئ" (1546) قال عبد اللَّه؛ قلت لأبي: من زعم أن الخطأ والنسيان مرفوع عنه، أي شيء يلزمه؟ قال: قد أوجب اللَّه في قتل النفس خطأ فقال: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا}. ويلزمه أن يقول: لو أن محرمًا وطئ أهله ناسيًا، لم يكن عليه شيء، وإن وطئ أهله في رمضان ناسيًا لم يكن عليه شيء، ولو حلف بالطلاق ألا يأتي شيئًا، فأتاه وهو ناسٍ لم يكن عليه شيء. "مسائل عبد اللَّه" (1599) قال عبد اللَّه: قال أبي: قال يحيى بن سعيد: ما كتبت عن سفيان شيئًا إلَّا قال حدثني أو حدثنا إلَّا حديثين. ثم قال أبي: حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن سماك عن عكرمة ومغيرة عن إبراهيم {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ} قالا: هو الرجل يسلم في دار الحرب فيقتل، فليس فيه دية، فيه كفارة. "العلل ومعرفة الرجال" (318، 1212) قال أحمد بن أصرم: وسئل عن رجل أسلم من أهل الحرب في دار الحرب، ثم دخل دار الإسلام، وليس له وليّ في دار الإسلام، فقتله رجل من المسلمين خطأ، أيلزم المسلم الدية مع الرقبة؟

2577 - تعويض من أفزع أو روع

قال: الذي أذهب إليه أنه ليس عليه دية، وعليه رقبة. "بدائع الفوائد" 4/ 60 نقل مهنا عنه: القتل له كفارة، والزنا له كفارة. "الفروع" 6/ 45 2577 - تعويض من أفزع أو روع قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ أَفْزَع رجلًا فضرط أو أحدث؟ قال: ما أعرف فيه إلَّا حديث ابن المسيب، عن عثمان الذي جعلَ فيه ثلث الدّية (¬1). قال: لا أعرفُ فيه شيئًا يدفعه إذا وطئ بطنه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2416) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 425 (27647).

باب ما جاء في مقادير الديات

باب ما جاء في مقادير الديات 2578 - ما تؤخذ منه الدية، والقدر الواجب فيه قال إسحاق بن منصور: قلت: الدِّية من الإبل والشاة والذَّهب والفضَّة؟ قال: من الإبل: مائة، ومن الشاء: ألفا شاة، ومن الذَّهب: ألف دينار، ومن الورق: اثنا عشر ألفًا، ويقال: من البقر: مائتا بقرة. قال إسحاق: كما قال سواء، وقَرْطَسَ (¬1). "مسائل الكوسج" (2396) قال صالح: الدية كم هي من الذهب والورق والإبل؟ قال: من الورق اثنا عشر ألفا، وهو أكثر ما جاء فيه، رواه عكرمة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الدية اثنا عشر" (¬2). ومن الذهب ألف دينار، ومن الإبل مائة. "مسائل صالح" (729) ¬

_ (¬1) قرطس: أصاب. (¬2) رواه الترمذي (1389) والنسائي 8/ 44 مرسلًا ورواه موصولًا عن ابن عباس: أبو داود (4546)، والترمذي (1388) والنسائي 8/ 44، وابن ماجه (2629). قال الترمذي: لا نعلم أحدا يذكر في هذا الحديث عن ابن عباس غير محمد بن مسلم الطائفي. وقال النسائي في "السنن الكبرى" 4/ 235 الصواب عن عكرمة مرسلا، وابن ميمون ليس بالقوي. وكذا قال ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 462، وعبد الحق في "الأحكام الوسطى" 4/ 57، وابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 426. وذكره الألباني في "الإرواء" (2245) من حديث ابن عباس وضعفه.

2579 - دية الذكر المسلم الحر وجراحه

قال صالح: كم الدية من الغنم؟ قال: ألف شاة، الدية من الخيل (¬1) ليس فيه شيء صحيح. "مسائل صالح" (1258) ونقل عنه حنبل في الحلل: هل هي من أصول الدية؟ قال: إنها أصل في الدية، وإنها مائتا حلة على أهل الحلل. "الروايتين والوجهين" 2/ 272 2579 - دية الذكر المسلم الحر وجراحه قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: دية المسلم اثنا عشر ألفا. "مسائل عبد اللَّه" (1466) 2580 - دية المرأة المسلمة الحرة قال إسحاق بن منصور: قلت: تعاقل المرأة إلى ثلث دية الرجل. قال أحمد: قال علي -رضي اللَّه عنه-: ديةُ المرأةِ على النصف من ديةِ الرجل في كلِّ شيء (¬2)، وقال عمرُ وابنُ مسعودٍ -رضي اللَّه عنهما-: يستويان في السن الموضحة (¬3) ¬

_ (¬1) كذا بالمطبوع، ونص الرواية في "الروايتين والوجهين" 2/ 272: (الحلل)، وهو الصحيح. واللَّه أعلم. (¬2) رواه البيهقي 8/ 95 - 96، وقال: حديث إبراهيم منقطع، لأن إبراهيم لم يحدث عن أحد من الصحابة مع أنه أدرك جماعة منهم. وصححه الألباني في "الإرواء" 7/ 307. (¬3) رواه عبد الرزاق 9/ 394 (17748، 17753، 17760)، وابن أبي شيبة 5/ 411 (27486، 27487).

سنها كسنه، وموضحتها كموضحته، فإذا زاد على الموضحة صَارَت ديتها على النصف مِن ديةِ الرجلِ؛ لأن في منقلة الرجل خمس عشرة، ويكون في منقلتها سبعة ونصف، فَصَار جُرحُها على النصف من جرح الرجل، وقال زيد: يستوي جرحُهَا وجرح الرجل إلى الثلثِ (¬1)، ومِنَ الناس من يروي عن زيد بن ثابت: ثلث ديتها هي، ومنهم مَن يقولُ عن زيد بن ثابت -رضي اللَّه عنه-: ثلث دية الرجل (¬2). قال: والذي نختار ما قال سعيد بن المسيب، وهو: ثلث دية الرجل، وفي إصبع المرأةِ عشرٌ من الإبل، وكذلك إصبع الرجل، وفي إصبعين عشرون، وفي ثلاث أصابع ثلاثون، فإذا صارت أربعًا ففيها عشرون، رجعت إلى النصف (¬3). قال إسحاق: حكمها في كل الجراحة على النصف شبيها بديتها، فإذا كان القتل عمدًا يقتل بها، وليس على أهل المرأةِ شيءٌ؛ لأن النفسَ بالنفسِ. "مسائل الكوسج" (2368) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا قطعت يد المَرأةِ عمدًا أو رجلها؟ قال: في العمدِ القصاصُ، وفي الخطأ ثلثُ ديةِ الرجلِ. يعني: دية النفس. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 397 (17760)، وابن أبي شيبة 5/ 411 (27489). (¬2) روى هذِه الآثار ابن أبي شيبة 5/ 411 (27486 - 27489)، وذكرها الألباني في "الإرواء" 7/ 306 - 307 وصحح بعضها. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 5/ 411 (27491، 27495).

2581 - دية الجنين

قال إسحاق: كما قال، إلَّا أنَّ الخطأ على النصف من ديةِ الرجلِ. "مسائل الكوسج" (2369) قال عبد اللَّه: سمعت أبي، يقول: دية المرأة على النصف من دية الرجل، المرأة تعادل الرجل، بجراحها كجراحته إلى ثلث الدية، ثم هي على النصف. قال أبي: إذا زاد على ذلك إلى حديث ربيعة عن سعيد بن المسيب (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1508) 2581 - دية الجنين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الغرةُ، ما هي؟ وما قيمتها؟ ومتى يكون جنينًا تؤدى، والجنين الذكر والأنثى سواء؟ قال: أمَّا الجنين إذا اسْتَهَلَّ ففيه الدية، وإذا لم يستهل فكان موته مغيبًا عن الناسِ، وعُلم أنه ولد ففيه الغرة، وقيمتها نصف العشر من دية الأب، وهو العشر من دية أمه، فإن أعطى عبدًا أو أمة فهكذا الحديث (¬2). قلت: جنين الأَمة؟ قال: العشر من دية أمهِ. قال إسحاق: كما قال. ويعني في جنين الأَمةِ عُشر ثَمن أُمّه. "مسائل الكوسج" (2441) ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 536، وعبد الرزاق 9/ 394 (17749)، وابن أبي شيبة 5/ 411 (27495)، والبيهقي 8/ 96. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 535، والبخاري (5758)، ومسلم (1681) من حديث أبي هريرة.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الجنينُ عمدُه وخطؤه واحدٌ؟ قال: نعم، والذكرُ والأنثى سواء، فإذا ضَربَها فأسقطَتْ جنينينِ أو ثلاثة ففي كلّ جنينٍ غرة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2568) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا قُتلتِ المرأةُ عمدًا أو خطأ وهي حامل؟ قال أحمد: إذا لم تلقِ الجنينَ فليس فيه شيءٌ، وأمَّا إذا ألقَتِ الجنين ميتًا ففيه غرة، وإذَا ألقتْهُ حيًّا ثم مَاتَ ففيه الديةُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2570) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أمرأةٌ مسحت بطن امرأة فأسقطت، فرفعَ ذَلِكَ إلى عمرَ -رضي اللَّه عنه- فأمرها أن تعتقَ غرة؟ (¬1). قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2604) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا علي بن مجاهد، عن سفيان الثوري، عن ليث، عن مجاهد، في الجنين: غرة عبد أو أمة. قال سفيان: قال هشام بن عروة: فرس أو خمسمائة. "مسائل صالح" (853) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن أرمته الغرة يعتق معه؟ قال: نعم؛ هي نفس، عليه الغرة ويعتق. "مسائل أبي داود" (1454) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 63 (81362)، وابن أبي شيبة 5/ 392 (27273).

2582 - دية جنين اليهودية والنصرانية

نقل حرب في جنين الأمة إذا أسقط من الجناية عليها ميتًا نصف عشرها يوم جنايته نقدًا إذا ساوتهما حرية ورقًّا، وإلَّا فبالحساب، إلَّا أن يكون دين أبيه أو هو أعلى منها دية، فيجب عشر ديتها لو كانت على ذلك الدين. "الروايتين والوجهين" 2/ 299، "الفروع" 6/ 20 2582 - دية جنين اليهودية والنصرانية قال إسحاق بن منصور: قلت: جنين اليهودية والنصرانية؟ قال أحمد: نرى أن فيه عشر دية أمهِ. "مسائل الكوسج" (2567) 2583 - دية العبد قال إسحاق بن منصور: قلت: ديةُ العبدِ؟ قال أحمد: هو مالٌ بالغٌ ما بلغ، وجراحته في ثمنِه مثل جراحة الحرِّ في ديته. قال إسحاق: مثله، كما قال. "مسائل الكوسج" (2542) نقل حنبل عنه: لا يبلغ بها دية الحر. "المبدع" 5/ 163

2584 - دية غير المسلم

2584 - دية غير المسلم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: دية اليهودي والنصراني والمجوسي؟ قال: أما ديةُ المجوسي ثمانمائة ليسَ فيه كثيرُ اختلافٍ، وأمَّا اليهودي والنصراني، فعلى نصف دية المسلم. قلت: حديثُ مَنْ؟ قال: حديثُ عمرو بن شعيب (¬1). قال إسحاق: ديةُ اليهوديِّ والنصراني أربعةُ آلاف، ثلثُ ديةِ المسلم، وديةُ المجوسي ثمانمائة، لا يشك في ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (2410) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا كان خطأ فعلى النصفِ مِنْ ديةِ المسلمينَ؟ والمجوسي ثمانمائة؟ قال: نعم. قال إسحاق: على ما بينا من ديةِ اليهوديِّ. "مسائل الكوسج" (2546) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان، عن أبي المقدام ثابت بن هريمز -مولى لبكر بن وائل- عن سعيد بن المسيب، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 180، وأبو داود (4583)، والترمذي (1413)، والنسائي 8/ 45، وابن ماجة (2644) من طرق عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى بأن عقل أهل الكتاب نصف عقل المسلم. اللفظ لأبي داود، وبمعناه عند الآخرين. قال الترمذي: حديث حسن. حسنه الألباني في "الإرواء" (2251).

عن عمر بن الخطاب قال: دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف ودية المجوسي ثمانمائة (¬1). قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الفضل بن دلهم، عن الحسن، أن عمر قال: دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف، ودية المجوسي ثمانمائة (¬2). قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، عن ابن المسيب قال: دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف، ودية المجوسي ثمانمائة (¬3). قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن داود، عن عمرو بن شعيب، عن عمر بن عبد العزيز قال: والمجوسي ثمانمائة. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا سهل بن يوسف، عن عمرو، عن الحسن قال: دية الصابئ بمنزلة دية المجوسي. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الوهاب، عن عمرو قال: كان الحسن يقول: دية الصابئ مثل دية المجوسي ثمانمائة درهم. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا يحيى ابن سعيد، عن سليمان بن يسار قال: كان الناس في الزمن الأول يقضون في دية المجوسي بثمانمائة، وكانوا يقضون في دية اليهودي والنصراني بالذي كانوا يتعاقلون به في قومهم، ثم رفعت الدية إلى ستة آلاف. ¬

_ (¬1) رواه الدارقطني 3/ 170، والبيهقي 8/ 100. (¬2) رواه عبد الرزاق 10/ 93، 95 (18479، 18489). (¬3) رواه عبد الرزاق 6/ 127 - 128 (10216، 10223).

قال صالح: حدثني أبي قال: حدثني هشيم قال: يونس أخبرنا، عن الحسن أنه قال: دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف، والمجوسي ثمانمائة. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن عمر بن الخطاب أنه. . مثل ذلك. قال صالح: حدثني أبي، حدثنا هشيم قال: أخبرنا ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن عمر بن الخطاب أنه قال ذلك. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عمر قال: دية اليهودي والنصراني: أربعة آلاف، والمجوسي ثمانمائة. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب والحسن، عن عمر بن الخطاب أن دية اليهودي والنصراني: أربعة آلاف، والمجوسي: ثمانمائة. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: قلت لعطاء: دية المجوسي؟ قال: ثمانمائة درهم. قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن شعيب، أن أبا موسى الأشعري كتب إلى عمر بن الخطاب، أن المسلمين يقعون على المجوس، فيقتلونهم، فماذا ترى؟ فكتب إليه عمر: إنما هم عبيد، فأقمهم قيمة العبيد فيكم. فكتب أبو موسى: ثمانمائة درهم، فوضعها عمر للمجوس. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عثمان بن غياث قال: سألت الحسن وعكرمة عن دية اليهودي والنصراني؟

قالا: أربعة آلاف، ودية المجوسي ثمانمائة. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: ثنا سفيان، عن قيس ابن مسلم، عن الحسن بن محمد قال: كتب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى مجوس هجر يعرض عليهم الإسلام، فمن أسلم قبل منه، ومن أبي ضربت عليهم الجزية، على أن لا تؤكل لهم ذبيحة، ولا تنكح لهم امرأة (¬1). قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثنا عوف قال: حدثنا عباد، عن بجالة بن عبدة قال: كتب عمر إلى أبي موسى، أن اعرضوا على من قبلكم من المجوس أن يدعوا نكاح أمهاتهم وبناتهم وأخواتهم، ويأكلوا جميعًا؛ كيما نلحقهم بأهل الكتاب، واقتلوا كل كاهن وساحر. حدثنا صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا عوف، عن عباد، عن بجالة بن عبدة العنبري قال: كتب إلينا عمر أن اعرضوا على من قبلكم من المجوس. . فذكر مثله. "مسائل صالح" (631) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 69 - 70 (10028) وابن أبي شيبة 6/ 434، والبيهقي 9/ 192، 284، وقال: هذا مرسل بإجماع أكثر المسلمين عليه يؤيده، ولا يصح مما روي عن حذيفة في نكاح المجوسية. وتبعه عبد الحق في "الأحكام الوسطى" 3/ 130. وعقب ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 32 - 33 بقوله: ومع إرساله فيه قيس ابن مسلم وهو ابن الربيع وقد اختلف فيه وهو ممن أساء حفظه بالقضاء كشريك، وابن أبي ليلى. وقال الألباني في "الإرواء" 5/ 90 - 91: رجال إسناده ثقات. قلت: حديث أخذ الجزية من مجوس هجر صحيح، فقد رواه البخاري (3157). انتهى.

قال صالح: قال أبي: أذهب إلى أن دية أهل الكتابين على نصف دية المسلم، حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "دية أهل الكتابين على نصف دية المسلم المجوسي ثمانمائة" (¬1). "مسائل صالح" (1059) قال صالح: قال أبي: كنت أذهب إلى دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف، فأنا اليوم أذهب إلى نصف دية المسلم؛ حديث عمرو ابن شعيب النصف، وحديث عثمان بن عفان الذي يرويه الزهري، عن سالم، عن أبيه أن رجلًا مسلمًا قتل رجلًا من أهل الذمة عامدًا، فغلظ عليه عثمان الدية (¬2). وعمر بن عبد العزيز (¬3)، ومالك يقولان: الدية على النصف (¬4). دية المسلم اثنا عشر ألفًا. "مسائل صالح" (1256) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل -وأنا أسمع- عن دية اليهودي والنصراني؟ فقال: ستة آلاف على النصف من دية المسلم. "مسائل عبد اللَّه" (1481) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 180، وأبو داود (4583)، والترمذي (1413) والنسائي 8/ 45، وابن ماجة (2644). قال الترمذي: حديث حسن، وكذا الألباني في "الإرواء" (2251). (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 128 (10224)، والدارقطني 3/ 145، والبيهقي 8/ 33. قال ابن حزم في "المحلى" 10/ 349: هذا في غاية الصحة عن عثمان. (¬3) رواه عبد الرزاق 10/ 93 (18478)، وابن أبي شيبة 5/ 407 (27443). (¬4) رواه مالك في "الموطأ" ص 539.

قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن دية المجوسي؟ فقال: ثمانمائة. "مسائل عبد اللَّه" (1483) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر المدايني قال: أخبرنا شعبة قال: سألت الحكم عن دية اليهودي والنصراني؟ فقال: قال سعيد بن المسيب: أن عمر جعل الدية اليهودية والنصرانية أربعة آلاف درهم، وجعل دية المجوسي ثمانمائة. فقلت للحكم: أنت سمعته من سعيد ابن المسيب؟ فقال: لو شئت لسمعته، سمعته من ثابت الحداد. قال شعبة: فأتيت ثابتًا الحداد، فأخبرني به عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب بمثله. "العلل" رواية عبد اللَّه (457) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: في دية اليهودي والنصراني اختلاف، والذي أذهب إليه أن ديته نصف دية المسلم، وهو ستة آلاف. وقال: قال الذين خالفونا: الديات سواء. وقال: أخبرنا عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه قال: دية المجوسي ثمانمائة. قال: وأصحاب أبي حنيفة والثوري يقولون: دية اليهودي والنصراني والمجوسيّ مثل دية المسلم. قال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا حماد عن إبراهيم، وداود عن الشعبي أنهما قالا: دية المجوسيّ واليهودي والنصراني مثل دية الحر، وإن قتل يقتل به. قال حنبل: قال عمّي: هذا عجب، قول يصير المجوسيّ بمنزلة المسلم، سبحان اللَّه! ! قال هذا القول، واستشنعه، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول:

"لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ" (¬1). وهو يقول: يقتل مسلم بكافر، فأي قول أشدّ من هذا! وقال: أخبرني محمد بن أحمد بن واصل المقري قال: سألت أبا عبد اللَّه عن دية اليهودي والنصراني؟ فقال: أربعة آلاف، فان كان القتل عمدًا قيمة ألف على حديث عثمان ابن عفان -رضي اللَّه عنه-. قلت: فإن كان القتل من أهل ملته؟ قال: سواء. وقال: أخبرني عصمة قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف. "أحكام أهل الملل" 2/ 383، 384 (852 - 856) قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسين، أن الفضل حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت: اليهودي والنصراني ما ديتهما؟ قال: ستة آلاف. قلت: فالذي يروى عن عمر -رضي اللَّه عنه-؟ (¬2). قال: كنت أذهب إليه ثم جنفت عنه. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث قال: سألت أبا عبد اللَّه عن دية اليهودي والنصراني؟ ¬

_ (¬1) رواه أحمد 1/ 119، والبخاري (111) عن علي بن أبي طالب. (¬2) رواه عبد الرزاق 10/ 93 (18479)، وابن أبي شيبة 5/ 407 (27445) بلفظ: جعل عمر دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف.

قال: كنت أذهب إلى حديث عمر أن دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف، ثم نزلت عنه بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "دية الكتابي على النصف من دية المسلم" (¬1). "أحكام أهل الملل" 2/ 385 (858، 859) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه وذكر عن عمر في دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف، قال أبو عبد اللَّه: صدقة بن يسار يجعله عن عثمان (¬2). ثم قال: ابن عيينة حدثنا عن صدقة بن يسار قال: أرسلنا إلى سعيد بن المسيب فسألناه؟ فقال كان عثمان رحمه اللَّه يجعلها أربعة آلاف. فقلت لأبي عبد اللَّه: كان عثمان يقول أربعة آلاف؟ فقال: نعم. وقال: أخبرني محمد بن علي وجعفر بن محمد قالا: حدثنا يعقوب بن بختان عن أبي عبد اللَّه قال: حدثنا سفيان عن صدقة، عن سعيد بن المسيب قال: قضى عثمان بن عفان رحمه اللَّه في دية المعاهد بأربعة آلاف. وقال سفيان مرة: أرسلنا إلى سعيد بن المسيب نسأله عن دية المعاهد؟ فقال: قضى عثمان بأربعة آلاف. قلنا عمر؟ فأبى أن يخبرنا. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 180، وأبو داود (4583)، والترمذي (1413)، والنسائي 8/ 45، وابن ماجة (2644). قال الترمذي: حديث حسن. وكذا الألباني في "الإرواء" (2251) وقال: هو كما قال الترمذي، فإن إسناده حسن، على الخلاف المعروف في عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وله شاهد أخرجه الطبراني في "الأوسط" 7/ 309 (7582) من حديث ابن عمر. اهـ. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 407 (27446)، والبيهقي 8/ 100.

وقال: أخبرنا عبد الملك والحسين بن إسحاق أن أبا عبد اللَّه قال: دية اليهودي والنصراني ستة آلاف. قال عبد الملك: قال: لأن أهل الكتاب على النصف من دية المسلم. "أحكام أهل الملل" 2/ 385، 386 (861 - 863) قال الخلال: أخبرني يوسف بن موسى قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن دية المعاهد؟ قال: على النصف من دية المسلم. أذهب إلى حديث عمرو بن شعيب. قيل له: تحتجّ بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؟ قال: ليس كلها. وروى هذا فقهاء أهل المدينة قديمًا. ويروى عن عثمان رحمه اللَّهُ. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح قال: قال أبي: عمر ابن عبد العزيز ومالك يقولان: الدية على النصف من دية المسلم اثنا عشر ألفًا (¬1). وقال: أخبرني حرب قال: سُئل أحمد عن دية اليهودي والنصراني؟ قال: على النصف من دية المسلم. قال: وسمعت أحمد مرة أخرى يقول: دية أهل الكتاب على النصف من دية المسلم. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثنا هاشم بن القاسم، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن سليمان بن موسى، ¬

_ (¬1) رواه مالك بلاغا ص 539، وعبد الرزاق 10/ 93 (18478)، وابن أبي شيبة 5/ 407 (27443).

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى أن عقل أهل الكتاب نصف عقل المسلمين، وهم اليهودي والنصراني (¬1). وقال: أخبرنا محمد بن علي، قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا أحمد قال حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر، عن هشام، عن أبيه قال: دية الذميّ خمسمائة. يعني: خمسمائة دينار. وقال: حدثنا أبو بكر قال: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثنا سعيد، عن قتادة أن عمر بن عبد العزيز جعل دية المعاهد نصف دية المسلم. "أحكام أهل الملل" 2/ 387 - 388 (867 - 872) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: قيل لأبي عبد اللَّه: تقول في دية المجوس: ديته دية أهل الكتاب؟ أي: من الماضين. قال: معاذ اللَّه. وتكلم في هذا بكلام كثير. وقال إنَّ هاهنا قومًا يقولون هذا. قلت: إنهم يقولون: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سُنُّوا بِهِم سُنَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ" (¬2) فقبض يده، ثم قال: فتؤكل ذبائحهم؟ ! ¬

_ (¬1) زاد القاضي أبي يعلى: في لفظ آخر قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دية الكافر نصف دية المسلم". "الروايتين والوجهين" 2/ 283. (¬2) رواه مالك ص 187، والشافعي في "المسند" 2/ 130 (430)، وعبد الرزاق 10/ 325 (19253)، وابن أبي شيبة 6/ 432 (32640)، والبيهقي 9/ 189، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 54/ 269 من طرق عن محمد بن علي بن الحسين، أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس، فقال عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: . . الحديث. =

ثم قال: إنما هذا في الجزية. ثم قال: هذا قول سوء حيث يزعمون أن أحكامهم وأحكام أهل الكتاب سواء. "أحكام أهل الملل" 2/ 392 (882) قال الخلال: أخبرنا المروذي وحرب وعبد الملك والحسين بن الحسن -وهذا لفظ المروذي- قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: دية المجوسي ثمانمائة. "أحكام أهل الملل" 2/ 392 (884) قال الخلال: أخبرني الحسين بن صالح قال: حدثنا محمد بن حبيب قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أقل من اختلف في دية المجوسي ثمانمائة. وقال: أخبرنا عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد. قال: قال أبو عبد اللَّه: دية المجوس ثمانمائة؛ لأنهم لا ينكح إليهم ولا تؤكل ذبائحهم. "أحكام أهل الملل" 2/ 393 (886، 887) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: قلت لعطاء: دية المجوسي؟ قال: ثمانمائة درهم. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عثمان بن غياث قال: سألت الحسن وعكرمة قالا: دية المجوسي ثمانمانة. ¬

_ = قال ابن عساكر: هذا منقطع، محمد لم يدرك عمر. . . اهـ وضعفه الألباني في "الإرواء" (1248).

2585 - دية غير المسلمة

وقال: حدثنا أبو بكر المروذي قال: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عمر -رضي اللَّه عنه- قال: دية المجوسي ثمانمائة. "أحكام أهل الملل" 2/ 393، 394 (890 - 894) نقل أبو طالب عنه: أنها نصف دية المسلم. "الروايتين والوجهين" 2/ 282 قال جعفر بن محمد النسائي: سألت أبا عبد اللَّه عن دية اليهودي والنصراني؟ فقال: على نصف دية المسلم: ستة آلاف، ودية المسلم اثنا عشر ألفًا، وإذا تعمد المسلم قتل الذمي ضوعفت عليه الدية. قال جعفر: وسألت أبا عبد اللَّه عن دية المجوسي؟ فقال: ثمانمائة. "طبقات الحنابلة" 1/ 337 2585 - دية غير المسلمة قال عبد اللَّه: سئل عن دية المرأة اليهودية والنصرانية؟ فقال: النصف من دية الرجل اليهودي والنصراني: ثلاثة آلاف. "مسائل عبد اللَّه" (1482) قال الخلال: أخبرني يوسف بن موسى وأحمد بن الحسن والحسين ابن إسحاق أن أبا عبد اللَّه سُئل عن دية المرأة النصرانية؟ قال: على النصف من دية الرجل. قال يوسف: يعني: النصراني. "أحكام أهل الملل" 2/ 386 (866)

قال الخلال: أخبرنا أحمد بن هاشم الأنطاكي أن أبا عبد اللَّه ذكر دية المجوسية قال: على النصف من دية الرجل المجوسي. وقال: أخبرنا ابن مطر قال: حدثنا أبو طالب. . . وأخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث. وأخبرني محمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم. . . وأخبرني الحسين بن صالح قال: حدثنا محمد بن حبيب -كلهم سمع أبا عبد اللَّه- يُسأل عن دية المجوسيّة؟ قال: على النصف من دية المجوسيّ أربعمائة. "أحكام أهل الملل" 2/ 393 (890 - 891)

2586 - باب ما جاء في ديات الأعضاء ومنافعها

2586 - باب ما جاء في ديات الأعضاء ومنافعها قال إسحاق بن منصور: قلت: السمع؟ قال: في السمع ديةٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2360) قال إسحاق بن منصور: قلت: الرَّوثَةُ الثلث؟ قال: كل شيء في الأنف من اللحم دون العظم ففيه الدية، وفي الوَتَرَة الثلث، وفي الخرمة في كل واحد منهما الثلث، وفي الثلاث الدية. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2361) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَن قَال الشَّعر بالميزان؟ قال: لا أقول، ولكن يحكم بقدر ما يرى الحاكم. قال إسحاق: كما قال، كما يرى الحاكم، وقد سبق شريح (¬1) الحكم في ذَلِكَ، فإن أخذ به الحاكم جاز، فإن اجتهد بغيرِ ما حكم به شريح جاز. "مسائل الكوسج" (2362) قال إسحاق بن منصور: قلت: ما في الأسنانِ؟ قال: الأسنان سواء، في كلِّ سن خمسٌ من الإبل. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2363) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 320 (17375).

قال إسحاق بن منصور: قلت: اللسان إذا بين بعض الكلام، ولم يبين بعضا؟ قال: تقدر الحروف على هجاء: أ، ب، ت. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2364) قال إسحاق بن منصور: قلت: في الحَشَفةِ الدِّيةُ كاملة؟ قال أحمد: الدِّية كاملة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2372) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: البيضتانِ؟ قال: الدِّية كاملة. قلت: في اليسرى ثلثا الدِّيةِ؟ قال: يقولون: ثلثا الدِّية، وأقول أنا: النصف في كل واحدة. قال إسحاق: كما قال، النصف. "مسائل الكوسج" (2373) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أصابعُ اليدينِ والرجلينِ سواء؟ قال أحمد: سواء، في كلِّ إصبعٍ عشرٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2374) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: صحيحٌ فقأ عينَ أعور خطأ؟ قال: عليه الديةُ كاملة؛ لأنَّه لا بصرَ له غيرها، وإنْ كان عامدًا فأحبُّ إليَّ أنْ يستقيدَ من إحدى عينيه وله نصفُ الديةِ، وإنْ أحب أنْ يأخذَ الديةَ كاملة، فله الديةُ كاملة.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2397)، (2542) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أعور فقأ عينَ صحيحٍ خطأ؟ قال: عليه نصفُ الديةِ، فإنْ كان عامدًا لم يستقد منه وعليه الديةُ كاملة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2398)، (2541) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الثديان؟ قال: في ثدي المرأة الدية كاملة، وأرى في ثدي الرجل الدية. قال إسحاق: كلاهما سواء، في كل واحد النصف. "مسائل الكوسج" (2401) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: اليدُ إذا قطعت من الكف، ثم قُطعت الذراع، ثم قُطعت من الإبط؟ قال: إذا قطعت من الكف ففيها نصف الدّية، ثم ما قطع بعد ذَلِكَ ففيها الحكم. قال إسحاق: كما قال، ما كان بعد الكفّ ففيها حكومة. "مسائل الكوسج" (2402) قال إسحاق بن منصور: قلت: اليَدُ والرِّجلُ سواء؟ قال: بلى سواء. قال إسحاق: كما قال سواء، وعقلهما واحد، في كل واحدة نصف الدّية. "مسائل الكوسج" (2403) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الظفر إذا أعور؟

قال: خمس دية الإصبع. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2404) قال إسحاق بن منصور: قلت: الأليتان إذا قُطعتا حتَّى تبلغ العظم؟ قال: الدّيةُ كاملة. قال إسحاق: كَمَا قال. "مسائل الكوسج" (2426) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا قُطعت يدُه في سبيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أو في حدٍّ، ثم قطعَ رَجلٌ يدَه الأخرى. قال: ليس له إلَّا النصف، لا يكون ذَلِكَ إلَّا في العين (¬1). قال إسحاق: كما قال؛ لما نصت السنة في العين. "مسائل الكوسج" (2427) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في كلِّ مفصل من الأصابعِ ثلثُ ديةِ الإصبع، إلَّا الإبهام فإن فيها مفصلين، في كل واحدٍ النصف. قال: ما أحسن هذا! قال: قال مالك: الإبهام ثلاث مفاصل، فوصف هذا الذي هو قريب من الرصغ. قال إسحاق: كما قال إلَّا في الإبهام مفصلان. "مسائل الكوسج" (2432) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في الفتقِ الثلثُ؟ وما الفتقُ؟ قال: الفتق: المثانة، لا يستمسك البول، وروي فيه الثلث (¬2). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 330 (17423 - 17432)، وابن أبي شيبة 5/ 369 (27000 - 27004)، والبيهقي 8/ 94 عن جملة من الصحابة والتابعين. (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 379 (17674)، وابن أبي شيبة 5/ 382 (27147 - 27149)، عن شريح وأبي مجلز والشعبي.

قال إسحاق: فيه الثلث على حالٍ لما حكم فيه ذَلِكَ، فما وجدنا من الجراحات، التي فيها الحكومة قد حكم فيها حاكم أو علم اتبعناه. "مسائل الكوسج" (2434) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سن الصبي، وذكر الشيخ؟ قال: أما سن الصبي ففيه حكم، وذكر الشيخ ففيه الديةُ. قال إسحاق: كما قال، في سن الصبي حكومة. "مسائل الكوسج" (2435) قال أَسحاق بن منصور: قُلْتُ: الشفتان تفضل إحداهما على الأخرى؟ قال أحمد: قال سعيد بن المسيب: يفضل السفلى (¬1). قال إسحاق: هما سواء؛ لأنَّ قولَ علي (¬2) وابن مسعود -رضي اللَّه عنهما- أولى أن يتبع. "مسائل الكوسج" (2507) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجلٍ أفزعَ رجلًا بالليل فذهبَ عقلُه، قال: عليه الديةُ. قال أحمد: ما أحسن ما قال! قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2598) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: في اللِّحيةِ إذا لم تَنبت الدِّيَة كامِلة. "مسائل الكوسج" (2715) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 342 (17478)، ابن أبي شيبة 5/ 361 (26904). (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 343 (14784).

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وفي كل مفصل من الأصابع ثلث دية الإصبع؛ إلا الإبهام في كل مفصل منها نصف، وقال مالك: في الإبهام، في كل مفصل منها نصف. وقال مالك: في الإبهام ثلاث مفاصل. قال: في كل مفصل من الأصابع ثلث دية الأصبع، إلا الإبهام ففي كل مفصل نصف ديتها؛ لأن فيها مفصلين، أقول كما قال إبراهيم، وهو من حديث وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم (¬1). قال أبي: وليس هذا بشيء، من قال بهذا فقد ذهب ببعض الكف على قول مالك. "مسائل عبد اللَّه" (1467) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وفي الأصابع في كل إصبع عشر من الإبل. "مسائل عبد اللَّه" (1468) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: الأسنان كلها سواء. قلت لأبي: فالضواحك تفضلها؟ قال: لا، وكذلك أقول: في السن، خمس من الإبل. "مسائل عبد اللَّه" (1469) "قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا الحجاج بن أرطاة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي: في ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 385 (17704)، عن سفيان الثوري به.

الأسنان خمس من الإبل. "مسائل عبد اللَّه" (1470) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا وكيع، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن داود بن الحصين، عن أبي غطفان أن مروان بن الحكم سأل ابن عباس عن دية الضرس، فقال: فيه خصس من الإبل، وقال في الأسنان: أعتبرها بالأصابع، عقلها سواء. "مسائل عبد اللَّه" (1471) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: في اللسان الدية. قلت: وإن قطع من اللسان شيء؟ قال: تقدر الحروف. قال: يهجي، فما نقص حسب بقدر ذلك من الدية، إذا أراد أن يقول: (ث) قال: (ت). "مسائل عبد اللَّه" (1479) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عمر بن عبيد الطنافسي، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي قال: وفي اللسان الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1480) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وفي اللحية الدية، إذا حلقها فلم تنبت فيها الدية، وإذا حلقها فنبتت يؤدب، وفي الشاربين حكومة إذا لم تنبت. وفيما قرأت على أبي: وفي الشارب حكومة يحكم بها على قدر ما يرى. "مسائل عبد اللَّه" (1484)

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وفي الظفر إذا أعور خمس دية الإصبع، يروى عن ابن عباس. وقال مجاهد: فيه ناقة (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1491) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: في الأنف إذا ادعى جدعًا الدية. حدثنا أبي قال: حدثنا إسحاق بن يوسف، قال: حدثنا زكريا، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي أنه قال: في الأنف إذا استؤصل المارن الدية. سمعت أبي يقول: المارن كل شيء يأخذ من الأنف، ويبقى العظم. "مسائل عبد اللَّه" (1492) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وفي الحرمات الثلاث الدية، يروى عن مكحول، عن زيد بن ثابت، وفيما قرأت على أبي في كل واحدة من الحرمات ثلث الدية. حدثني أبي، قال: حدثنا أبو سهل عباد بن العوام قال: حدثنا عمر بن عامر، عن مكحول، عن زيد بن ثابت قال: في الحرمات الثلث: في الأنف الدية، وفي كل واحدة ثلث الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1493) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: في العقل الدية. يعني: إذا ضرب فذهب عقله. "مسائل عبد اللَّه" (1496) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 392 (17736، 17744)، وابن أبي شيبة 5/ 379 (27112، 27117) عنهما.

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وفي السمع الدية، إذا ضربه فذهب سمعه، وفي الحدب الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1498) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وفي ثديي المرأة إذا قطعا الدية، وفي كل واحد النصف. "مسائل عبد اللَّه" (1500) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الأعور يفقأ عين الصحيح؟ قال: لا يستقاد منه، وعليه الدية كاملة، ويروى هذا عن عثمان بن عفان (¬1). قال أبي: وأنا أقول به وأذهب إليه. قال أبي: ونحن نقول: الدية اثنا عشر ألفًا. "مسائل عبد اللَّه" (1509) قال عبد اللَّه: سألت أبي فقال: أذهب إلى حديث عمر وعثمان، من حديث قتادة، عن أبي مجلز (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (1510) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: في اليدين الدية كاملة. "مسائل عبد اللَّه" (1511) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حجاج، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي قال: وفي اليدين الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1512) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 333 (17440) عن عثمان وعمر -رضي اللَّه عنهما-. (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 331 (17431)، وابن أبي شيبة 5/ 369 - 370 (2750، 2754)، والبغوي في "مسند ابن الجعد" (995)، والبيهقي 8/ 94 من طريق قتادة، عن أبي مجلز، عن عمر.

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وفي الرجلين الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1513) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عمر بن عبيد، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي قال: وفي الرجل النصف. "مسائل عبد اللَّه" (1514)، (1516) قال عبد اللَّه: سمعت أبي، يقول: وفي العينين الدية كاملة. "مسائل عبد اللَّه" (1515) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وفي الأذنين الدية. حدثني أبي قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق عن عاصم، عن علي قال: في الأذن نصف الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1517) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وفي الحاجبين الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1518) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وفي الشفتين الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1519) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وفي الأنثيين الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1520) قال عبد اللَّه: سمعت أبي، يقول في الرجل -يعني: يقطع أنفه فيه الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1521) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: في اليدين الدية الكاملة، وفي العينين الدية كاملة، وفي الرجلين الدية أيضًا، وفي الأذنين الدية، وفي الحاجبين الدية، وفي الشفتين الدية، وفي الأنثيين الدية، وفي الذكر الدية، وفي

الحشفة الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1524) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: كل شيء في الإنسان واحد، ففيه الدية، مثل الذكر، ومثل الأنف، وما كان من اثنين ففيهما الدية، وفي إحداهما نصف الدية، وكل شيء في الإنسان من اثنين ففيهما الدية، وفي أحدهما نصف الدية، وفيهما جميعًا يعني الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1525) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان، عن إسحاق، عن عاصم بن ضَمْرة، عن علي أنه قال: في اللسان الدية، وفي الأنف الدية، وفي الذكر الدية، وفي إحدى البيضتين نصف الدية، وفي اليد نصف الدية، وفي الرجل نصف الدية، وفي إحدى العينين نصف الدية، وفي الأذن النصف. حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا زكريا -أو إسرائيل- عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي قال: في الحشفة الدية. حدثني أبي قال: حدثنا ابن أبي زائدة قال: حدثنا أشعث، عن الشعبي قال: قال ابن مسعود وزيد بن ثابت: في الحشفة الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1526) قال البغوي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: في الأصابع عشرًا عشرًا من الإبل، وفي الأنف إذا خرم الدية، وفي الأظفار خمس دية الأصابع. "مسائل البغوي" (98) نقل الميموني في الشفة السفلى أن فيها نصف الدية.

ونقل حنبل أن فيها ثلثي الدية وفي العليا الثلث، وبه قال زيد بن ثابت (¬1). "الروايتين والوجهين" 2/ 274 - 275 نقل أبو النضر في يد الأقطع حديث عمر: لو أن رجلًا فقأ عين أعور كان عليه الدية كاملة (¬2). قيل له: فإن قطع يدًا قطع؟ قال: وهكذا يكون في قياسه، قال جابر بن زيد: إن أخذ ليده المقطوعة دية، ثم قطع هذا يده الأخرى فلا يأخذ، وإن لم يأخذ أخذ الدية كاملة (¬3). ونقل أبو طالب: لا تكون اليد والرجل مثل العين. أقول: لا يقتص من العين وحدها، وما كان سوى ذلك اقتص منه. "الروايتين والوجهين" 2/ 276 نقل أبو طالب عنه: وفي المثانة إذا فتقت فلم يستمسك البول الدية كاملة. "الروايتين والوجهين" 2/ 278 قال محمد بن ماهان: قلت لأحمد: ما تقول في اللسان إذا قطع؟ قال: على قدر الحروف. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 361 (26903). (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 331 (17431)، وابن أبي شيبة 5/ 369 (27054). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 5/ 453 (27912) من طريق عبدة، عن سعيد، عن قتادة، عن جابر بن زيد، في رجل قطعت يده في السرقة ثم قطع رجل يده الأخرى بعد. قال: فيها نصف الدية.

2587 - دية العضو الزائد أو الأصلي الذي تعطلت منفعته

وقال: ويجعل في ذلك أمير نفسه. قال: على قدر ما يتبين من الكلام. قلت: هو أمير نفسه؟ قال: لا أدري. "طبقات الحنابلة" 2/ 363 قال في رواية أبي طالب: فيه ثلث ديته -أي: في قطع الذكر بعد حشفته- وكذلك شحمة الأذن، وقطع الكف بعد أصابعه: فيه ثلث ديته. "المغني" 13/ 157 نقل حنبل عنه: كل شيء من الإنسان فيه أربعة؛ ففي كل واحد ربع الدية. ونقل مهنا عنه: عمر وعثمان وعليّ -رضي اللَّه عنهم- قالوا: الأعور إذا فقئت عينه له الدية كاملة، ولا يقتص منه إذا فقأ عين صحيح (¬1)، ولا أعلم أحدًا قال بخلافه إلا إبراهيم (¬2). "الفروع" 7/ 32 - 33، "المبدع" 8/ 389 2587 - دية العضو الزائد أو الأصلي الذي تعطلت منفعته: قال إسحاق بن منصور: قلت: العين القائمة؟ قال: ثلث ديتها. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 331 (17428، 17432)، وابن أبي شيبة 5/ 369 (27000 - 27002). (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 332 (17433)، وابن أبي شيبة 5/ 370 (37015).

قلت: ما القائمة؟ قال: التي لا يبصر بها صاحبها، وهي قائمة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2359) قال إسحاق بن منصور: قلت: في ذكر الخصي ثلث الدِّية؟ قال: فيه حكم. "مسائل الكوسج" (2366) قال إسحاق بن منصور: قلت: لسان العجمي ثلث الدية؟ قال: فيه حكم. قال إسحاق: كما قال، فيه ثلث الدِّية. "مسائل الكوسج" (2367) قال إسحاق بن منصور: قُلت: في الإصبع الشلاء؟ قال: ثلث ديتها. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2375) قال إسحاق بن منصور: قلت: إن اسودت السن أو رجفت ثم طرحت فنصف قدرها؟ قال: الثلث. قال إسحاق: كما قال، شديدًا. "مسائل الكوسج" (2399) قال إسحاق بن منصور! قُلْتُ: السّن إذا اسودت؟ قال: تم عقلها، فإن طرح بعد ذَلِكَ فلَهُ الثلث.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2400) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن اليد الشلَّاء؟ قال: ثلثُ ديتها. "مسائل أبي داود" (1452) قال ابن هانئ: وسئل عن: الأخرس يقطع لسانه؟ قال: في لسان الأخرس ثلث الدية: دية لسان الذي يتكلم. "مسائل ابن هانئ" (1547) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: على حديث عمر في العين القائمة واليد الشلاء والسن السوداء ثلث ديتها (¬1): في العين القائمة إذا فقئت فقلعت، وفي اليد الشلاء إذا قطعت، وفي السن السوداء إذا قلعت. وقال بعض الناس: إذا أصيبت اليد الشلاء، والعين القائمة، والسن السوداء ففيها حكم، فكأنه قد يأخذ لها دية ويأخذ لها حكومة، بعدما قد حكم لها بالدية إذا أصيبت. وفيما قرأت على أبي، قال: إذا أصاب خطأ ففيه الدية، ولا قود. حدثنا شيبان بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو هلال الراسبي قال: حدثنا عبد اللَّه بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن ابن عباس أنه قال: في اليد الشلاء ثلث الدية، وفي العين القائمة إذا خسفت ثلث الدية (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (1473)، (1474) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 334 (17441)، وابن أبي شيبة 5/ 373، 377 (27047، 27055، 27598). (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة من طريق وكيع عن أبي هلال به، عن قتادة عن ابن بريدة به، =

قال عبد اللَّه: قلت لأبي: ما تقول في ذكر العنين؟ قال: أقول في ذكر العنين، الدية كاملة. "مسائل عبد اللَّه" (1478) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: رجل عدا على رجلين، فقطع يد كل رجل اليمنى منهم عامدًا، ثم إن أحد الرجلين عدا على هذا الجاني، فضربه فأشل يده اليمنئ. قال: هما مخيران: إن شاء كل واحد منهما أخذ دية يده، وإن شاء أقتص من اليد الشلاء، ولا حق لهما في اليد الأخرى. قال أبي: ومن الناس من يقول: إذا ضرب يده فأشلها ففيها ديتها، بمنزلة العين إذا أصيبت فذهب نظرها وهي غائمة لا يبصر بها، فقد تم عقلها. فمن قال بهذا القول، لما أشل هذا يده، كأنه قد أخذ، فإن أراد الدية فلا دية. وقال: هذا في العين الغائمة إذا قلعت، وفي اليد الشلاء إذا قطعت، والسن السوداء إذا قلعت، ومن قال: إنها إذا أصيبت بعد أن يَطْفَأ بصرها، أو أصيب السن بعد أن تسود، أو اليد الشلاء إذا أصيبت بعد شللها، ففيها ثلث ديتها فإنه يرفع عنه بقدرها إذا أراد الدية. قال أبي: وهذا القول أعجب إلى. "مسائل عبد اللَّه" (1523) نقل أبو الحارث في السن إذا أسودَّتْ فيها ثلث الدية. "الروايتين والوجهين" 2/ 275 نقل أبو الحارث في ذكر العِّنين: فيه الدية كاملة. ¬

_ = ولفظه: في اليد الشلاء إذا قطعت ثلث الدية، وفي العين القائمة إذا نخست ثلث ديتها. المصنف 9/ 207 - 208، 217 (7113، 7159).

2588 - تغيير الضمان بتغيير صفة المجني عليه فيما بين الجناية واستقرار الضمان

ونقل حنبل: فيه حكومة. ونقل أبو طالب في الإصبع الزائدة: ثلث ديته. ونقل مهنا عنه: في الإصبع حكم. ونقل أبو الحارث عنه قال: بعض الناس في اليد الشلاء والعين القائمة والسن السوداء إذا أصيبت يأخذ لها حكمًا. ونقل أبو طالب في بقية الذكر وبقية الكف وفي شحمة الأذن ثلث الدية. "الروايتين والوجهين" 2/ 279 - 280 2588 - تغيير الضمان بتغيير صفة المجني عليه فيما بين الجناية واستقرار الضمان قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الزهريُّ: رجلٌ أعتق ما في بطنِ جاريته فضربها رجلٌ فوقع ميتًا؛ ديته دية المملوك (¬1). قال سفيان: وكذلك نقولُ. قال أحمد: لا يجبُ عليه العتقُ إلَّا بالولادة، وهو عبدٌ حتَّى يعلمَ أنَّه حي أو ميت. قال إسحاق: كما قال. قُلْتُ: إذا ضَربها فأسقطَتْ حيًّا ثم مَاتَ؟ قال: هذا حُرٌّ، عليه الديةُ كاملة دية الحرِّ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2603) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 64 (18364، 18367).

2589 - دية أعضاء العبد وجراحه

قال في رواية حرب وقيل له: رجل أعتق ما في بطن أمة فأعتقت فأسقطت جنينًا قال: فيه دية مملوك؟ قال أحمد: لا يجب العتق إلَّا بالولادة، وهو عبد حتى يعلم أنه حي أو ميت. قيل له: إذا ضربها فأسقطت حيًّا ثم مات. قال: هذا حر عليه دية حر كاملة. "الروايتين والوجهين" 2/ 291 2589 - دية أعضاء العبد وجراحه قال إسحاق بن منصور: قلت: موضحة العبد وسّنه وجراحه؟ قال: على قدر ثمنه، مثلما في جراح الحر من ديته. قال إسحاق: مثلما قال سواء. "مسائل الكوسج" (2424) قال إسحاق بن منصور: قلت: ما أصيب من المملوكِ من شيءٍ فهو على حسابِ ثمنهِ يومَ يُصاب؟ قال أحمد: نعم، يومَ يصاب. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2454) قال عبد اللَّه: سمعت أبي، يقول: وإنما هو عقل العبد في ثمنه، إذا جرح العبد، ففي جراح يده نصف قيمته. "مسائل عبد اللَّه" (1522) نقل ابن القاسم وأحمد بن موسى الترمذي أن كل جناية لها على الحر

2590 - دية أعضاء غير المسلم

أرش مقدر من ديته، لها من العبد مقدر من قيمته، ففي أنف الحر ولسانه وذكره ديته، ففي كل واحد منهما في العبد قيمته، وفي يد الحر نصف ديته، وفي يد العبد نصف قيمته، وفي إصبع الحر عشر ديته وفي إصبع العبد عشر قيمته، وفي موضحة الحر نصف عشر ديته، ففي العبد نصف عشر قيمته. ونقل الميموني ومحمد بن الحكم أن فيه ما نقص، سواء كانت الجناية مما ليس له بعد الاندمال نقص، وهي الموضحة والمنقلة والمأمومة والجائفة، أو كان مما له نقص كقطع أحد أطرافه. "الروايتين والوجهين" 2/ 284 نقل حنبل فيمن فقأ عيني عبدٍ، ثم أعتق ومات، ففيه قيمته لا الدية. "المغني" 11/ 522 وقال الميموني: قال أحمد: إنما يأخذ قيمة ما نقص منه، على قول ابن عباس. "المغني" 12/ 183 2590 - دية أعضاء غير المسلم قال الخلال: أخبرنا أحمد بن هاشم الأنطاكي قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: في عين المجوسيّ ويده بالحساب ثمانمائة. وقال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أن أبا عبد اللَّه قال في المجوس قال: ما أصيب من عينه ويده بقدر ديته. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: قيل لأبي عبد اللَّه: مسلم جنى على مجوسيّ في عينه أو في يده؟ قال: يكون بحساب ديته كما أن المسلم يؤخذ منه بالحساب. فكذلك

2591 - الجناية على الدابة والواجب فيها

هو مثل قطع يده. قال: فالنصف من ديته. "أحكام أهل الملل" 2/ 403، 404 (920 - 922) 2591 - الجناية على الدابة والواجب فيها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: عينُ الدابةِ؟ قال: فيها ربع ثمنها يوم أصيبت. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2437) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: جَنين الدابة؟ قال: قدر ما ينقص. قال: والدابة إذا كُسرت يَدها أو رِجلها فالثمنُ كله، وإذا قُطع الذَّنبُ أو الأُذن فبقدرِ ما نقص. قال إسحاق: كما قال إلا ما قال في اليدِ والرجل؛ فإنه إذا ضَمِنِ الثمن كلَّه تُسلم لدابة إليه. "مسائل الكوسج" (2476) ونقل أبو داود في رجل فقأ عين دابة رجل فعليه ربع قيمتها. قيل له: فإن فقأ العينين جميعًا؟ فقال: إذا كانت واحدة فقضى عمر بأن فيها ربع القيمة (¬1). وقال في رواية الميموني: من جنى على الدابة أو أعور فيها فعليه ما نقص. "الروايتين والوجهين" 1/ 410 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 77 (18418، 18419)، وابن أبي شيبة 5/ 401 (7384).

2592 - تعدد الديات

قال في رواية أبي الحارث في رجل فقأ عين دابة لرجل: عليه ربع قيمتها. قيل له: فقأ العينين؟ فقال: إذا كانت واحدة، فقال عُمر: ربع القيمة. وأما العينان فما سمعت فيهما شيئًا. قيل له: فإن كان بعيرًا أو بقرة أو شاة؟ فقال: هذا غير الدابة، هذا ينتفع بلحمه ينظر ما نقصها. "الروايتين والوجهين" 1/ 411، "المغني" 7/ 371 2592 - تعدد الديات قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل أُصيب ذكرُه وعينه ولسَانهُ وأنفه؟ قال: في كلِّ شيءٍ مِنْ هذا الديةُ، وإذا حلق رأس الرجل ولم ينبت فالدية، وفي الحاجبين الدية. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2389) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا قطع ذَكَره وأَنْفَه ويديه ورجليه ونحو هذا؟ قال: إذا قَطَع ذَكَره وأَنْفَه ويديه ورِجليه هان كان في مقعد واحد، فلكلِّ واحدة منهن دية كاملة. قال إسحاق: كما قال، وفي اليدين كلتيهما دية واحدة، وكذلك الرجلين. "مسائل الكوسج" (2423)

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا عون قال: حدثني شيخ من جرم أن رجلًا رمى رجلًا بحجر فأصاب رأسه، فذهب بسمعه وبصره ولسانه وعقله، أو ذكره. قال: فقضى له عمر بن الخطاب بأربع ديات وهو حي. قال: فبعثه فقبل ذلك أبو المهلب عم أبي قلابة. وقال هشيم مرة: وذهب سمعه ونكاحه وبصره وعقله. "مسائل عبد اللَّه" (1256)

2593 - مواضع تغليظ الدية

فصل ما جاء في تغليظ الدية وتخفيفها 2593 - مواضع تغليظ الدية قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ قتلَ محرمًا في الحرمِ في الشهرِ الحرامِ؟ قال: يزادُ عليه في كلِّ واحدٍ ثلث الدية فتصير ديته أربعًا وعشرين ألفًا. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (2579) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فيمن يصاب في الحرمِ أو في الشَّهرِ الحرام؟ قال: دية وثلث دية. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2691) قال صالح: وقال: إذا قتلت المرأة في الحرم دية وثلث، عثمان جعل لامرأة قتلت في الحرم دية وثلثًا (¬1)، ودية المرأة على النصف من دية الرجل. "مسائل صالح" (1206) قال صالح: قال أبي: الذي يقتل في الحُرمُ دية وثلث، عثمان وابن عباس (¬2) قالا أيضًا في الذي يقتل في الحرم: ديته عشرون ألفا؛ لحُرمة ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 298 (17282)، وابن أبي شيبة 5/ 421 (27600). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 420 (27598) عن ابن عباس، وأثر عثمان سيأتي مسندًا.

2594 - صفة تغليظ الدية الواجبة عن عمد محض أو عن شبه العمد

-الأشهر الحرم- أربعة آلاف، وللحَرَمِ أربعة آلاف. "مسائل صالح" (1257) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: وكيع قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه أن امرأة قتلت في الحرم، فقضى فيها عثمان بدية وثلث دية: ثمانية آلاف. سألت أبي عن ذلك؟ قال: وكذلك أقول أنا، يزاد في ديته، على ما فعل عثمان. "مسائل عبد اللَّه" (1528) قال حرب: قلت لأبي عبد اللَّه: فإن قتل ذميًّا في الحرم؟ قال: يزاد أيضًا على قدره؛ كما يزاد على المسلم. "المغني" 12/ 54 2594 - صفة تغليظ الدية الواجبة عن عمد محض أو عن شبه العمد قال إسحاق بن منصور: قلت: كم في شبه العمدِ؟ قال: شبهُ العمدِ أربعة أرباع. قال: ربع بنات لبون، وربع حقاق، وربع جذاع، وربع بنات مخاض. قال إسحاق: هذا الذي قال في شبه العمد، وهو في الخطأ قائم. حَدَّثَنَا إسحاقُ بنُ منصورٍ قال: أخبرنا النضر بن شميل، قال: حَدَّثَنَا شعبةُ، عن منصور، عن إبراهيمَ، عن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- (¬1)، كما قال أحمد في ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 8/ 69.

2595 - صفة تخفيف الدية في الخطأ

شبه العمد، وفي الخطأ. "مسائل الكوسج" (2350) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ديةُ شبه العمد أرباع: خمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون جذعة، وخمس وعشرون حقة. قال: نعم. قال إسحاق: مَا قال في شبه العمد مثاله في الخطأ، وفي شبه العمد ثلاث وثلاثون حقة، وثلاث وثلاثون جذعة، وأربع وثلاثون ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة. "مسائل الكوسج" (2600) نقل حنبل عنه: الذي أذهب إليه في شبه العمد أثلاثًا، وهؤلاء يقولون أرباعًا؛ خلافًا للحديث (¬1). "الروايتين والوجهين" 2/ 270 2595 - صفة تخفيف الدية في الخطأ قال إسحاق بن منصور: قلتُ: ديةُ الخطأ؟ قال: في الخطأ أخماسٌ؛ على حديثِ ابن مسعودٍ -رضي اللَّه عنه-: خمسٌ بني مخاض، وخمس بنات مخاض، وخمس بنات لبون، وخمس حقاق، وخمس جذاع (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 164، وأبو داود (4547)، والنسائي (4018)، وابن ماجه (2627) من حديث عبد اللَّه بن عمرو. وصححه الألباني في "الإرواء" (2197). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 346 (26740 - 26741).

2596 - تغليظ دية غير المسلم في القتل العمد

قال أحمد: يختلفون عن ابن مسعود على هذا. حَدَّثنَا إسحاق، قال: أخبرنا أحمدُ، عن هشيم، عن إسماعيلَ، عن الشعبي، عن عبد اللَّه. والتيمي، عن أبي مجلز، عن أبي عبيدة، عن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- في ديةِ الخطأ، على ما قال أحمد. قال إسحاق: هذا الذي قال في الخطأ لا نعرفُه إلَّا أرباعًا، وما وصف هو في شبه العمدِ. "مسائل الكوسج" (2351) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ديةُ الخطأ أخماس: عشرون حقة، وعشرون جذعة، وعشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون بني مخاض؟ قال: نعم. قال إسحاق: هذا أرباع: خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون ابن مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة. "مسائل الكوسج" (2599) 2596 - تغليظ دية غير المسلم في القتل العمد قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: رجل مُسْلم، قتل رجلًا من أهل الذمة؟ قال: عليه ديته، ولا يقتل به، لا يقتل مسلم بكافر.

قال إسحاق: كما قال، إلا أن يكون عمدًا، فديته مغلظة ألف دينار لما زال عنه القود، وكذا قال عمرًا (¬1) وعثمان -رضي اللَّه عنهما- (¬2). "مسائل الكوسج" (2504) قال إسحاق بن منصورْ قُلْتُ: ديةُ اليهوديِّ والنَّصرَاني؟ قال: نصفُ ديةِ المسْلمِ. قُلْتُ: بأي حديثٍ؟ قال: هذا حديثُ عمرو بن شعيب. قال: وديةُ المجوسي. قُلْتُ: خطأ وعمدًا واحد؟ قال: هذا خطأ؛ وإذا كان عامذا فإنا لا نقيدُه به، يضاعفُ عليه فتصير دية المجوسي ألفًا وستمائة، وديةُ اليهودي والنصراني إذا كان عامدًا أزيلَ عنه القتلُ، وضُعّف عليه فصارَ اثني عشر ألفًا. قال إسحاق: كما قال، إلَّا في الخطأ فَإِنَّه أربعةُ آلاف والمجوسي ثمانمائة. قال: فإن كان عامدًا أضعف. "مسائل الكوسج" (2544) قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان عن رجلٍ قتل مشركًا عمدًا؟ قال يغرم دية المسلم في ماله ويعزر ويحبس. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 15/ 102 (18520) بنحوه، والبيهقي 8/ 32، ورواه ابن حزم في "المحلى" 10/ 349 وصححه. (¬2) رواه عبد الرزاق 10/ 96 (18492)، وابن أبي شيبة 9/ 405 (27466)، والدارقطني 3/ 145، والبيهقي 8/ 33 وقال ابن حزم في "المحلى" 10/ 349: وهذا في غاية الصحة عن عثمان.

قال أحمد: هكذا نقول. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2624) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن المجوسي يقتل عمدًا؟ قال: ديته دية وثلث، وإذا قتل خطأ فديته ثمانمائة درهم، وكذلك أيضا النصراني واليهودي، كذا قال عثمان بن عفان. "مسائل ابن هانئ" (1541) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن هاشم الأنطاكي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في المسلم يقتل الذميّ خطأ وعمدًا قال: عليه في العمد الدية مغلظة ألف دينار. قال: وسمعت أحمد يقول: عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: أن عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- غلظ فيه ألف دينار. قال: وسمعت أحمد، عن ابن عيينة، عن صدقة بن يسار قال: أرسله إلى سعيد بن المسيب عند عثمان نحوه. وقال: أخبرني حرب قال: سمعت أحمد يقول: دية الذميّ إذا كان عمدًا فهو مثل دية المسلم؛ لأنه يضاعف عليه إذا كان خطا فهو نصف دية المسلم. قال: وسئل أحمد أيضًا عن مسلم قتل معاهدًا؟ قال: يدرأ عنه القود وتضاعف عليه الدية، وإن قتله خطأ فعليه دية المعاهد وهو نصف دية المسلم.

قال أحمد: يروى عن عثمان -رضي اللَّه عنه- أنه تضاعف عليه الدية إذا قتل عمدًا (¬1). قيل: تذهب إليه؟ قال: نعم. قال أحمد: من درأ عنهم الحد ضوعف عليه. وقال: حدثنا أحمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أن أبا عبد اللَّه قال: دية اليهودي والنصراني ستة آلاف. والشعبي وإبراهيم يقولان: مثل دية المسلم (¬2). وأهل الحجاز يقولون عكس. روى يزيد بن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دية أهل الكتاب على النصف من دية المسلم" (¬3) ستة آلاف إذا قتل خطأ، فإن قتل الذميّ عمدًا فديته مغلظة مثل دية المسلم آثنا عشر ألفًا تضاعف ديته لزوال القود، مثل قول عمر وعثمان -رضي اللَّه عنهما- في التغليظ (¬4)، مثل ثمن الناقة، ومثل الحدين. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عن دية المعاهد؟ قال: على النصف من دية المسلم، إلا أنه إذا كان عمدًا غلظ فيه الدية. قيل له: فكم تغلظ؟ فذكر حديث عمر وعثمان. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 96 (18492)، والبيهقي 8/ 33. (¬2) رواه عبد الرزاق 10/ 98 (18499)، وابن أبي شيبة 5/ 406 (27439). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 180، وأبو داود (4542) قال أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" (6692): إسناده صحيح، وحسنه الألباني في "الإرواء" (2251). (¬4) رواه عبد الرزاق 60/ 95 (18491).

قال أبو عبد اللَّه: إنما غلظ عثمان عليه الدية لأنه كان عمدًا، لما ترك القود غلظ عليه والتغليظ يضعف. قال: فكأن عثمان كان يرى أن دية الذميّ في التضعيف حين غلظ عليه فجعلها مثل دية المسلم. قال أبي: مثل حديث المزني حديث عمر حين غرم حاطبًا ثمانمائة لما انتحر غير ناقة المزني وكانت قيمتها أربعمائة (¬1). وقال: أخبرني عبد الملك قال: قال لي أبو عبد اللَّه: ابن المبارك يزيد في قصتها غرمه في حديث عثمان ألف دينار (¬2). قال عبد الملك: قال لي أبو عبد اللَّه: هذا عندي إنما هو على تضعيف ديته؛ لأن ديته نصف دية المسلم. فلما جعلها عثمان ألف دينار كان هذا وجهه عندي على التغليظ حين درأ عنه القتل؛ لما يروى فيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في التمر المعلق لما درأ عنه القطع أغرمه ضعفه (¬3)، وحديث عمر في قصة المزني في الناقة لما درأ عنه القطع أغرمه ضعفين، والزهري يقول: كل من وجب عليه حد فأزيل عنه أغرم ضعفي ذلك. ثم قال لي: مثل القتل والقطع. قلت: وإلى ذا تذهب إذا أولت عنه أغرمه ضعفين؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 238 (18977 - 18978)، والبيهقي 8/ 278. (¬2) رواه عبد الرزاق 10/ 96 (18492). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 180، وأبو داود (1710)، والترمذي (1289)، والنسائي (8518) عن عبد اللَّه بن عمرو مختصرا ومطولا، قال الترمذي: حديث حسن. وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" (1504).

قال: نعم غير مرة. قلت: لما يرفع عنه القتل يلزمه الضعف؟ قال: نعم. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنه- أن رجلًا مسلمًا قتل رجلًا من أهل الذمّة عمدًا، فرفع ذلك إلى عثمان -رضي اللَّه عنه- فلم يقتله عثمان، وغلظ عليه الدية مثل دية المسلم ألف دينار. قال الزهري: وقتل خالد بن المهاجر رجلًا من أهل الذمّة في إمارة معاوية فلم يقتله، وأغرمه ألف دينار (¬1). قال المروذي: أبو عبد اللَّه يذهب إليه. وقال: أخبرني الحسين بن صالح قال: حدثنا محمد بن حبيب قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في رجل قتل ذميًا خطأ، قال: نصف دية المسلم. فإن قتله عمدًا، قال: تغلظ عليه الدية ولا قود عليه. قال: وتغليظ الدية أن يكمل دية كاملة. "أحكام أهل الملل" 2/ 389 - 391 (873 - 879) وقال الخلال: أخبرني محمد بن أحمد بن واصل المقري قال: سألت أبا عبد اللَّه عن دية المجوس؟ قال: إذا كان عمدًا تضاعف عليه الدية، وإذا كان خطأ فثمانمائة، كأنه إذا قتل المجوسيّ عمدًا كان ديته ألفًا وستمائة. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم. . . ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 96 (18492).

وأخبرنا ابن مطر قال: حدثنا أبو طالب أن أبا عبد اللَّه قال في الذي يقتل المجوسي عمدًا، قال: يضاعف عليه، يؤخذ منه ألف وستمائة يضاعف عليه للعمد. "أحكام أهل الملل" 2/ 393 (888، 889)

باب ما جاء في ديات الشجاج وكسر العظام

باب ما جاء في ديات الشجاج وكسر العظام 2597 - أولًا: ديات الشجاج والواجب فيها قال إسحاق بن منصور: قلتُ: الموضحة (¬1) خمس من الإبل. قال: الموضحة: توضح العظم، وتشق اللحم، وتبلغ العظم. قال إسحاق: فيه خمس من الإبل، وهي على ما وصف أن يتضح اللحم من العظم. "مسائل الكوسج" (2357) قال إسحاق بن منصور: قلت: الموضحةُ في الوجهِ والرأسِ؟ قال: في الوجه أحرى أن يكونَ يزاد في ديته، ولا تكون الموضحة إلَّا في الوجهِ والرأسِ. قال إسحاق: كما قال، وهما سواء، لا يزاد أحدهما على الآخر. "مسائل الكوسج" (2353) قال إسحاق بن منصور: قلت: والسِّمْحاقُ، أربع من الإبل؟ قال: أربع كثير. قال: والسمحاق دون الموضحة. قال إسحاق: فيه أربعٌ من الإبل، وهو أن يكون يبقى بينه وبين اللحم جليدة. "مسائل الكوسج" (2354) قال إسحاق بن منصور: قلت: المتلاحمة (¬2)، ثلاث منَ الإبلِ؟ ¬

_ (¬1) الموضحة: هي الشجة التي تبدي العظم. (¬2) المتلاحمة: الشجة التي أخذت في اللحم، ولم تبلغ السمحاق.

قال: فيه اجتهادٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2355) قال إسحاق بن منصور: قلت: الباضعة (¬1) بعيران؟ قال: فيه اجتهاد. قلت: الدّامية بعير؟ قال: فيه اجتهادٌ، ما دون الموضحةِ ففيه اجتهاد. وقال أحمد: الباضعة تبضع اللحم. وقال أحمد: الدامية دون كلِّ هذا. قال إسحاق: الدامية ما يُدمي، وما دون الموضحة، ففيها حكومة إلا السمحاق. "مسائل الكوسج" (2356) قال إسحاق بن منصور: قلت: المأمومة؟ قال: ثلث الدّية، والمأمومة: التي تؤم الرأس، ولا تخرق جلدة الدماغ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2357) قال إسحاق بن منصور: قلت: ما المنقلة؟ قال: الذي يهشم العظام؛ حتَّى تنقل منها العظام، وفيها خمس عشرة من الإبل. ¬

_ (¬1) الباضعة: الشجة التي تقطع الجلد، وتشق اللحم، وتدمي إلا أنه لا يسيل الدم، فإن سال فهي الدامية.

قال إسحاق: كما قال، تنقله من موضعٍ إلى موضعٍ. "مسائل الكوسج" (2358) قال إسحاق بن منصور: قُلت: في الجائفةِ؟ قال: ثلث الدَّية. قلت: فإذا نفذت؟ قال: فجائفتان، ففيهما ثلث الدية. قال إسحاق: كما قال. قال: والجائفة: هي التي تنفذ إلى الجوف. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2371) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال مالك: ليس في منتقلة الجسدِ شيءٌ، وهي مثلُ موضحة الجسدِ. قال: يحكمُ فيه الحاكمُ بقدرِ ما دخلَ عليه مِن الألمِ والوجع. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2559) نقل صالح عنه: وفي المنقلة خمس عشرة، وفي المأمومة ثلث الدية، وفي الجائفة ثلث الدية، والموضحة في الوجه مثل الموضحة في الرأس. "مسائل صالح" (1255) نقل صالح عنه: الموضحة: نصف عشر الدية، والموضحة في الرأس والجسد تكون ما أوضحت العظم، فهي موضحة. "مسائل صالح" (1259) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: السمحاق التي لا تشق العظم.

قال مرة: لا يوضح العظم في الشجة، والموضحة في الرأس: التي تشق الجلد وتوضح العظم. وفي الموضحة خمس من الإبل. قال أبي: والموضحة: إذا شجه حتى وضح العظم. "مسائل عبد اللَّه" (1485) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع عن سفيان، وعبد الرزاق قال: أخبرنا سفيان، عن جابر بن عبد اللَّه بن يحيى الحضرمي، عن علي قال: في السمحاق أربع من الإبل. قال عبد الرزاق: قضى فيها بأربع من الإبل. "مسائل عبد اللَّه" (1486) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: السمحاق: التي لا توضح العظم في الشجة. "مسائل عبد اللَّه" (1487) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وفي الآمة ثلث الدية. والآمة: الرجل يضرب الرجل يشجه حتى يبلغ دماغه، ولا تصل إلى الدماغ، ولا قود في الآمة؛ لأنه لا يقوم عليها. "مسائل عبد اللَّه" (1488) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي قال: وفي المأمومة ثلث الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1489) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج، قال عمر بن عبد العزيز: قضى عمر بن الخطاب، في المأمومة بثلث الدية، أو عدل ذلك من الذهب أو الورق. وفي مأمومة المرأة ثلث

ديتها، أو عدل ذلك من الذهب أو الورق. "مسائل عبد اللَّه" (1490) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي فقال: أول الشجاج الحارصة: التي تحرص -يعني: تشق قليلا- وقال بعضهم: الحرصة ثم الباضعة، وهي التي تشق اللحم بعد الجلد، ثم المتلاحمة وهي التي أخذت في اللحم لم تبلغ السمحاق، ثم السمحاق وهي التي بينها وبين العظم قشرة رقيقة، ثم الموضحة وهي التي تبدي وضح العظم، ثم الهاشمة وهي التي تهشم العظم، ثم المنقلة وهي التي تخرج منها العظام. ثم الآمة -ويقال لها المأمومة- وهي التي: تبلغ أم الرأس -يعني: الدماغ. قال أبي: روى حجّاج، عن مكحول، [عن قبيصة بن ذؤيب] (¬1) عن زيد: في السمحاق أربع (¬2). قال أبي: وفي التي تليها نصف بعير، وفي المتلاحمة ثلاثة أبعرة، وفي المنقولة خمسة عشر، وفي المأمومة ثلث الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1499) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وفي الجائفة: الثلث، إذا لم تصل إلى المصارين فيها ثلث الدية، وإذا أنفذت ففيها ثلثا الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1501) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج: قال داود بن أبي عاصم: سمعت سعيد بن المسيب يقول: قضى ¬

_ (¬1) ليست في المطبوع من المسائل، والمثبت من مصارد التخريج. (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 357 (17321)، والدارقطني 3/ 251، والبيهقي 8/ 84 عن زيد مطولا.

أبو بكر الصديق في الجائفة إذا نفذت من الخصيتين، في الجوف من كلا الشقين بثلثي الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1502) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وفي المنقلة خمسة عشر من الإبل. قال أبي: والمنقلة التي تكسر العظام، وتنقل العظام منها. "مسائل عبد اللَّه" (1503) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي أنه قال: وفي المنقلة خمسة عشر (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1504) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وفي الهاشمة عشر من الإبل، وهي التي تهشم العظام ولا تندق. "مسائل عبد اللَّه" (1505) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا عبد الرزاق قال: أخبرنا محمد بن راشد قال: أخبرني رجل من أصحابي ثقة، عن مكحول، عن قبيصة بن ذؤيب، عن زيد بن ثابت قال: وفي الهاشمة عشرة. "مسائل عبد اللَّه" (1506) نقل أبو طالب عنه: قد حكم زيد في الدامية -يعني: البازلة- ببعير وفي الباضعة ببعيرين، وفي المتلاحمة بثلاثة، وفي السمحاق بأربعة (¬2)، ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 317 (17364)، وابن أبي شيبة 5/ 351 (26796)، والبيهقي 8/ 82. (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 317 (1732)، والدارقطني 3/ 201، والبيهقي 8/ 84.

2598 - جراحات أهل الذمة والمجوس

وأذهب إليه، وهذا حكم أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كما حكموا في الصيد. ونقل حنبل في الموضحة في الوجه أن فيها عشرًا من الإبل. "الروايتين والوجهين" 2/ 273 - 274 2598 - جراحات أهل الذمة والمجوس قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: جراحُ اليهوديَ والنصراني والمجوسي في دياتهم على حساب جراح المسلمينَ في دياتهم؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3545) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح، وأخبرني زهير بن صالح قال: حدثنا أبي. وهذا لفظ زهير وهو أشبه قال: قلت لأبي: جراحات اليهود والنصارى، والمجوس؟ قال: على قدر دياتهم من ديات المسلمين. "أحكام أهل الملل" 2/ 402 (914) وقال: أخبرنا الحسين بن صالح قال: حدثنا محمد بن حبيب قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: دية أهل الكتاب على النصف من دية المسلمين وجراحاتهم على مثل ذلك. "أحكام أهل الملل" 2/ 403 (919)

2599 - ثانيا: كسر العظام والواجب فيها

2599 - ثانيًا: كسر العظام والواجب فيها قال إسحاق بن منصور: قلت: التَّرقُوة؟ (¬1) قال: في التَّرقُوة بعير، وفي الضلعِ بعيرٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2365) قال إسحاق بن منصور؟ قُلْتُ: إذا كسر الصلب، فذهب ماؤه؟ قال: الديةُ. قال إسحاق: أجادَ، أصابَ. "مسائل الكوسج" (2370) قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا كسرت الذراع أو السّاق؟ قال أحمد: يروى عن عمر (¬2) رضوان اللَّه عليه، في كل واحدٍ فريضتان. قال أحمد: لا تكتبه. قال إسحاق: في كسر اليد أو الذراع أو السَّاق: إذا جبر على غير عَثمٍ ولا شلل، ففيه الحكومة، وقد ذكر عن عمر بن عبد العزيز أنه حكم في ذَلِكَ عشرين دينارًا (¬3)، كذلك في الفخذ والركبة. "مسائل الكوسج" (2442) ¬

_ (¬1) التَّرقوة: فتح التاء المشددة، ولا يصحُّ ضمُّها، وهي العظم البارز أعلى الصدر، ولكل إنسان ترقوتان. (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 389 - 390 (17724، 17726، 17727، 17729، 17731)، وابن أبي شيبة 5/ 378 (27103)، والبيهقي 8/ 99. (¬3) انظر: "مصنف عبد الرزاق" 9/ 391 (17731).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: إذا كسرت يده أو فخذه أو رجله؟ قال أحمد: كل ما لا يُستطاعُ فيه القود ففيه حكومةٌ، إلَّا ما قَدْ حكم فيه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2580) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: في الصلب الدية، إذا ضربه فذهب نكاحه، أو حتى يمشي وهو أحدب. "مسائل عبد اللَّه" (1496) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا عمر بن علي المقدمي قال: سمعت الحجاج، عن مكحول، عن زيد أنه قال: في الصلب إذا كسر فحدب، ففيه الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1495) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وفي أحد الزندين إذا كسر بعيران، وفيهما جميعًا أربعة أبعرة. "مسائل عبد اللَّه" (1507) نقل أبو طالب عنه: في الضلع بعير، وفي الترقوة بعير، وكسر الساق بعيران، وكسر الفخذين بعيران. نقل صالح وأبو الحارث عنه: في الزند إذا انكسر بعيران، وفيهما جميعًا أربعة من الإبل، وكذلك في الذراع والساعد بعيران، وفي كل واحد منهما كالساق والفخذ. "الروايتين والوجهين" 2/ 281

باب العاقلة

باب العاقلة (¬1) 2600 - بيان من يدخل في العاقلة ومن لا يدخل، وسبب التسمية قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: لا تعقلُ المرأة والصبي مع العاقلةِ؟ قال: نعم، لا يعقلانِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2548) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: كتبَ عمرو إلى عمر -رضي اللَّه عنه- أنَّ رجلًا كان ديوانه في قومٍ كان يعقل معهم، فماتَ ولم يعلمْ له وارث (¬2). قال: ما هذا ببعيد؛ لأنَّهم كانوا يعقلونَ عنه، وقول زيد بن ثابت حين جعلَ ما بقي في بيتِ المال؛ لأنَّ بيتَ المال يعقلُ عنه (¬3). قال إسحاق: قول عمر -رضي اللَّه عنه- أحبُّ إلينا. "مسائل الكوسج" (3161) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إنَّ عليًّا والزبير - رضي اللَّه عنهما- اختصمَا في موالي لصفية، فقضى عمرُ بالعقلِ على عليٍّ -رضي اللَّه عنه-، والميراث للزبير (¬4). ¬

_ (¬1) العاقلة: هم الذين يتحملون الدية عن القاتل، وسميت الدية عَقلًا؛ لأن القاتل كان يكلف أن يسوق الدية إلى فناء ورثة المقتول، فيعقلها بالعقل، وشملمها إلى أوليائه. انظر: "لسان العرب" 5/ 3047 مادة: (عقل). (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 12 (16177). (¬3) رواه عبد الرزاق 10/ 287 (19132)، وابن أبي شيبة 6/ 256 (31167). (¬4) رواه عبد الرزاق 9/ 35 (16255)، وسعيد بن منصور في "السنن" 1/ 94 (274)، وابن أبي شيبة 5/ 418 (27571)، والبيهقي 8/ 107.

قال أحمد: كان عليٌّ عصبتها والزبير ابنها، وهو قولُه: يرثُ المرأةَ بنوها، ويعقلُ عنها عصبتها، قال الشاعر: وَمَولى عَنودٌ ألحَقَتْهُ جَرِيرَةٌ ... وقَدْ تَلْحَقُ المولَى العَنودَ الجرائِرُ (¬1) قال إسحاق: كما قال، وهو الذي نعتمدُ عليه. "مسائل الكوسج" (3171) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قَال الشعبي: إذا مَاتِتِ المرأةُ وتركَتْ مواليًا وتركَتْ ولدًا. فالولاءُ للولدِ، والعقلُ عليهم، والميراثُ لهم (¬2). قال أحمد: العقلُ على العصبةِ على حديثِ مولى صفية. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (3177) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما العاقلةُ؟ قال: العشيرةُ: ابن العم، وبنو العمِ، وما كان مِنْ قبل الأب. قُلْتُ: مِنْ قبل الأمِّ لا يكونون؟ قال: لا، فإذا لم تكن له عاقلة فليس عليه شيءٌ. "مسائل الكوسج" (3429) قال صالح: [قلت]: ومن العاقلة؟ ¬

_ (¬1) البيت دون نسبه في "مقاييس اللغة" 4/ 315، "المخصص" 1/ 56، "المحكم" 2/ 15، "لسان العرب" 5/ 3124 وهو من بحر الطويل التام، وقال ابن منظور: رجل عنود: يحل عنده، ولا يخالط الناس. (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 35 (16256)، وابن أبي شيبة 5/ 403 (27401).

قال: على العاقلة كل ما كان من قبل الآباء. "مسائل صالح" (231) نقل حرب في دخول الأب والابن في العاقلة: العاقلة ما عدا الوالدين والمولودين. ونقل أبو طالب والفضل بن عبد الصمد: يدخلان في التحمل. "الروايتين والوجهين" 2/ 287 نقل حرب عنه: الابن لا يعقل عن أمه؛ لأنه من قوم آخرين. ونقل عنه: سموا بذلك؛ لأنهم يعقلون. "الفروع" 6/ 39 نقل حرب عنه: والمولى يعقل عنه عصبة المعتق. "الفروع" 6/ 43

2601 - 1 - أن تكون الجناية خطأ أو شبه عمد

ما جاء في شروط تحمل العاقلة الدية 2601 - 1 - أن تكون الجناية خطأ أو شبه عمد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أمرأةٌ شربَتْ دواء فأسقطتْ جنينَهَا؟ قال: إن كانَتْ تعمدت فأحبُّ إليَّ أَنْ تعتقَ رقبةً، وإنْ سقطَ ثم ماتَ فالدّية على عاقلتها لأبيه، ولا يكون لأمِّه شيء، لأنَّها القاتلةُ. قال إسحاق: كما قال. قلت: وإن شرِبَتْ عمدًا؟ قال: هو شبه العمد، شربت ولا تدري تسقط أم لا تسقط، عسى ألا تسقط، الديةُ على العاقلةِ. قال إسحاق: كذلك هو. "مسائل الكوسج" (2418)، (2592) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: شبهُ العمدِ على العاقلةِ؟ قال: نعم، يكونُ على العاقلةِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2431) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: حديثُ عليٍّ -رضي اللَّه عنه- في قصة الزُّبَية، التي حفروها للأسد. قال أحمد: أنا لا أدفع حديث سماك، إذا لم يكن له دافع. قال إسحاق: هو كما روى سماك العمل عليه؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أجاز حكم عليّ -رضي اللَّه عنه- في ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (2443)

قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا اقتص الحجَّامُ فزاد، فمات الرجل، فعلى من الدِّيةُ؟ قال أحمد: على عاقلةِ الحجَّام إن هو أخطأ. قلت: وإن زاد الحجَّام، ولم يمت الرجلُ؟ قال: إنْ زادَ ولم يمت فهو خطأٌ، فعلى عاقلةِ الحجَّام أيضًا. قال إسحاق: هكذا هو. "مسائل الكوسج" (2459) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: جنايةُ المجنونِ -عمده وخطؤه- على عاقلتِهِ؟ قال: على عاقلتِهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2462) قال إسحاق بن منصور: قلت: صبيٌّ ومجنونٌ قتلا أباهما؟ قال: لا يرثان، وديته على عاقلةِ الأبِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2463) قال إسحاق بن منصور: قلت: صبيٌّ قتل حميمًا له عمدًا، يُسْتَأنَى به (¬1)؟ قال أحمد: إي لعمري، يُسْتَأنَى به. قال إسحاق: كما قال (¬2). "مسائل الكوسج" (2466) ¬

_ (¬1) أي: يُنتَظرُ حتَّى يَكبر، من الأناة. (¬2) لم يتبين لي وجه الرواية، فالصبي لا يقتص منه لعدم كمال القصد، وتحمله عاقلته، ويبدو من ظاهر الرواية أنه يستأني به لتعزيزه وتأديبه؛ لعظم جرمه.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يسقطُ على الآخرِ فيموتُ أحدُهما؟ قال: إنْ ماتَ الأعلى فليس على الأسفلِ شيء، وإنْ ماتَ الأسفلُ فالأعلى ضامن له، يكون على عاقلته. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2511) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الفارسانِ يصدمان؟ قال: إذا ماتا جميعًا فديةُ كلِّ واحدٍ منهما عَلَى عاقلةِ صاحبه. قلت: وأَمَّا الفرسان فعليهما في أموالهما؟ قال: نعم عليهما في أموالهما. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2512) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ عمدُ الصبي خطأ؟ قال: خطؤه على عاقلتهِ، وجنايتُه كذلك. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2521) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ديةُ العمدِ إذا قبلت لا تكون على العاقلةِ؟ قال: لا تحملُ العاقلةُ الصلحَ والاعتراف إنَّما تحملُ الخطأ وما يشبه الخطأ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2550)

2602 - من قتل في زحام ولا يدري من قتله

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: امرأةٌ فقأتْ عينَ رجلٍ خطأ؟ قال: على قومِهَا ديةُ العينِ، وإذا كان عمدًا فالقود في النفسِ وما دون النفسِ. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (2555) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: لا تعقلُ العاقلة قتل العمد حتَّى يعفو ولاةُ الدم أو شيئا من الجراحِ التي فيها القصاص وإن لم يوجدْ له مال؟ قال: هذا جراح العمد، لا تحمل العاقلة عمدًا ولا الصلح. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2562) قال صالح: وسألته عن رجل معتوه قتل رجلًا: لم جعل ديته على العاقلة؟ [قال: ] يشبه الخطأ. قال: على العاقلة كل ما كان من قبل الآباء. "مسائل صالح" (231) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن عمد الصبي على من هو؟ قال: على العاقلة. "مسائل أبي داود" (1448) 2602 - من قتل في زحام ولا يدري من قتله قال إسحاق بن منصور: قلت: من قتل في عَمِيَّة؟ قال: الأمر العمي العصبية لا يستبين ما وجهه.

قال إسحاق: إنما معنى هذا في تهارج (¬1) القوم، وقتل بعضهم بعضا. يقول: مَنْ مَاتَ فيها أو قُتِلَ، كَانَ هالكًا، إلا أَنْ يَرحمه اللَّه عز وجل، ولا يكون فيها قَود، ولا دية. "مسائل الكوسج" (2394) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: جماعةٌ اقتتلوا، فانكشفوا عن قتيل لا يُدرى مَنْ قَتَلَهُ؟ قال: الديةُ على عواقلِ الآخرين، إلَّا أنْ يَدَّعوا على رجلٍ بعينِهِ فتكون قسامة. قال إسحاق: كما قال. قُلْتُ: فإِنْ كانَ القتيلُ مِنْ غيرِ الفريقينِ؟ قال: إذا كانوا لا يَدْرون مَن قتله فانفرجَ الفريقانِ عنه جميعًا فعليهم الديةُ على عواقلِ الفريقينِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2549) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن قتيل وجد في الطواف؟ فقال: لا بأس به أن يديه -يعني: السلطان- كما فعل عمر (¬2). قلت: يعني: لا يبطل دم مسلم. "مسائل عبد اللَّه" (1472) ¬

_ (¬1) الهرج: الفتنة والاختلاط، وفسره النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- في أشراط الساعة بالقتل كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد 1/ 389، والبخاري (7562)، ومسلم (2672) من حديث عبد اللَّه بن مسعود وأبي موسى -رضي اللَّه عنهما-. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 445 (27848).

2603 - تحمل العاقلة لدية الجاني على نفسه

نقل حنبل عنه فيمن وجد قتيلًا في زحام الناس في دخول البيت، أو في يوم الجمعة، أو في الطواف أن ديته في بيت المال. ونقل مهنا عنه التفرقة: إن مات في زحام البيت فدمه هدر، وإن مات في زحام الجمعة فهي في بيت المال. "الروايتين والوجهين" 2/ 296 2603 - تحمل العاقلة لدية الجاني على نفسه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: قال مالك: لا تعقلُ العاقلة أحدًا أصابَ نفسَه بشيء عمدًا أو خطأ. قال: بل هذا على عاقلةِ نفسِه إذا كان خطأ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2563) نقل يعقوب بن بختان في قوم رموا بالمنجنيق فرجع فقتل رجلًا من المسلمين، فالدية على عواقلهم والكفارة في أموالهم. "الروايتين والوجهين" 2/ 287 ونقل حرب: وقيل له: من قتل نفسه هل يودى من بيت المال؟ فقال: لا، وكيف يودى إذا قتل نفسه؟ ! "الروايتين والوجهين" 2/ 289، "الفروع" 6/ 8، "المبدع" 8/ 335 ونقل المروذي في ثلاثة رموا بمنجنيق فقتل الحجر رابعًا، قال: يفديه الإمام، فإن لم يفعل فعليهم. "الفروع" 6/ 8، "المبدع" 8/ 333

2604 - خطأ الإمام هل يكون في بيت المال أم على عاقلته؟

2604 - خطأ الإمام هل يكون في بيت المال أم على عاقلته؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: حديثُ عمر -رضي اللَّه عنه-، حين بعثَ إلى المرأةِ فأسقطت، فقال لعلي -رضي اللَّه عنه-: لا تبرح حتى تقسمها على قومك (¬1). قال: يقول: على قريش. قال: يقسم عليهم بقدر ما يحتملون. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّه جعلهم عاقلته. "مسائل الكوسج" (2440) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا أخطأ الإمام من قتل أو جراح، فعلى بيت المال؟ قال أحمد: على بيتِ المالِ، واحتج بحديث أبي حصين، عن عمير ابن سعيد، عن علي في حد الخمر (¬2). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2445) نقل أبو طالب: إذا أنفذ الإمام إلى امرأة فأسقطت، فالدية على عاقلته. "الروايتين والوجهين" 2/ 343 نقل أبو النضر العجلي عنه في حاكم رجم رجلًا بشهادة أربعة بالزنا، ثم تبين أنه مجبوب أن الضمان على الحاكم. "تقرير القواعد" 2/ 359 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 458 - 459 (18510). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 125، والبخاري (6778)، ومسلم (1707) من حديث علي -رضي اللَّه عنه-.

2605 - 2 - لا تحمل العاقلة ما دون ثلث الدية التامة

2605 - 2 - لا تحمل العاقلة ما دون ثلث الدية التامة قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل كسر سن رجل خطأ، فقال له صاحبه: اقتصَّ مني؛ فليس لي مال، وأبى الآخر؟ قال: يلزمه ذلك، إن شاء اقتص منه، وإن شاء أخذ الدية. قال إسحاق: ذاك على العاقلة؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى بالغرة على العاقلة، وهي خمس من الإبل (¬1). "مسائل الكوسج" (2451) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَن قال: لا تعقلُ العاقلة دون الثلثِ؟ قال: تقول: ثلث الدية، وأنا أقولُ هكذا. قال إسحاق: العاقلةُ تعقل الغرة، صَحَّ ذَلِكَ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2)؛ لأنَّه حيث قضى بالجنينِ غرة على عصبة القاتلة، فقالتِ العاقلة: أَنَدِي مَن لا أَكلَ ولا شرب، فأي بيانٍ أبين من هذا؟ والغرة عبدُ أو أمة أو خمسمائة. "مسائل الكوسج" (2513) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما الذي لا تعقل العاقلةُ؟ قال: ما دون الثلث، ولا العمد، ولا الصلح، ولا الاعتراف، ولا العبد إذا قتل عبدًا خطأ أو عمدًا. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 236، والبخاري (6910)، ومسلم (1681) من حديث أبي هريرة. (¬2) صح ذَلِكَ من حديث أبي هريرة قال: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فأصابت بطنها، فقثلتها، وألقت جنينًا، فقضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بديتها على العاقلة، وفي جنينها غرة عبدًا أو أمة. رواه الإمام أحمد 2/ 274، والبخاري (5758)، ومسلم (1681).

قال إسحاق: كما قال كله إلَّا الثلث. "مسائل الكوسج" (2515) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ليسَ فيمَا دونَ الموضحة من الشجاجِ (¬1) عقل، إنما العقلُ في الموضحةِ فما فوقَها. قال: نعم، ولكن لا يكونُ على العاقلةِ إلَّا الثلثُ فصاعدًا. قال إسحاق: كما قال، إلَّا أنَّ مَا دون الموضحة لا عقلَ فيه لما فيه حكومة، وتحمل العاقلة الموضحة فما فوقها. "مسائل الكوسج" (2543) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ حَفرَ بئرًا في حده، أو ألقى شيئًا على الطريقِ فأصابَ شيئًا، فكان عقله دون الثلثِ أو بلغ الثلث فصاعدًا. قال: ما كان دون الثلثِ ففي مالِه، فَإذَا بلغَ الثلث فصاعدًا فعلى العاقلة. قال إسحاق: كما قال، إلا ما بينا من أمرِ العاقلةِ. "مسائل الكوسج" (2547) نقل أبو طالب عنه: ما أصاب الصبي من شيء فعلى الأول إلى قدر ثلث الدِّية، فإذا جاوز ثلث الدية فعلى العاقلة. "الفروع" 6/ 42 ¬

_ (¬1) الشجاج: واحده الشجّة، وهو الجرح يكون في الوجه والرأس ولا يكون في غيرهما.

2606 - 3 - ألا يكون ضمان المقتول جاريا مجرى الأموال

2606 - 3 - ألَّا يكون ضمان المقتول جاريًا مجرى الأموال قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا قتل العبد كانت قيمة العبد يوم يقتل، ولا يحمل على العاقلةِ شيء من ثمنِ العبدِ؟ قال: قيمة العبد يوم يقتل، ولا يحمل على العاقلةِ شيء من ثمنِ العبدِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2564) 2607 - من قَتَلَ ولا عاقلة له، ولا مال قال إسحاق بن منصور: قلتُ: ما العاقِلة؟ قال: القبيلة، إلا أنهم يحملون بقدرِ ما يُطِيقون، فإنْ لم يكن له عاقِلة، لم يجعل في ماله، ولكن يهدر عنه. قال إسحاق: كما قال، إنما هو على العاقلة، فإذا لم يكن له عاقلة أصلًا، فإنه يكون على بيتِ المالِ، فلا تهدر الدية أصلًا؛ لأن المديون يكون ما عليه في بيت المال. إذا لم يكن وفاء، ألا ترى أنه مَنْ قُتل في زحامٍ أو مسجد جماعة فديته على بيتِ المال إذا لم يُدرَ مَنْ قتله، وكذلك إذا دُريَ، ولم يكن له عاقِلة، وله مال، غرم في ماله. "مسائل الكوسج" (2395) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: رجلٌ قتلَ رجلًا خطأ وليس له موالي، ما عليه؟ قال: إنْ حمله بيت المالِ وإلَّا فَلا أعرفُه. قُلْتُ: وإن كان له مالٌ؟

2608 - صفة تحمل العاقلة للدية

قال: إنَّ هذا شيء ليس عليه في مالِهِ، ما أحسن إن حمله بيت المال! قال إسحاق: كما قال، يحملُ بيتُ المالِ ذَلِكَ، فإن لم يحملْ بيت المالِ ذَلِكَ حكم عليه في مالِهِ. "مسائل الكوسج" (2556) نقل أبو طالب فيمَنْ قتل ولا عاقلة له: لا يكون في بيت المال، ويكون دمه هدر. "الروايتين والوجهين" 2/ 296 2608 - صفة تحمل العاقلة للدية قال إسحاق بن منصور: قلت: ما العاقلة؟ قال: القبيلة، إلَّا أنهم يحملون بقدر ما يطيقون. "مسائل الكوسج" (2395) نقل جعفر بن محمد النسائي عنه في القدر الذي تحتمله العاقلة: على قدر ما يطيقون. ونقل الميموني عنه: على قدر ما يحتمل القوم. "الأحكام السلطانية" (273) 2609 - صفة أَداء العاقلة للدية قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في كم تُعطى الدية؟ قال: ما أعرفُ فيه حديثًا إلَّا إذا كانتِ العاقلةُ تقدرُ أن تحملَها في سنة، فلا أرى به بأسًا، ويُعجبني ذَلِكَ. قال إسحاق بن راهويه: في ثلاثِ سنين، كل سنة ثلثًا؛ لأنَّه وإنْ لم

يكنِ الإسنادُ متصلًا عن عمرَ -رضي اللَّه عنه- فهو أقوى مِن غيرِه (¬1). "مسائل الكوسج" (2514) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل إذا قتل الرجل خطأ؟ قال: على عاقلته الدية، تؤدى في ثلاث سنين، في كل سنة ثلث. قلت لأبي: فإن كان متعمدًا؟ قال: القود، إلا أن يرضوا بالدية، فلهم الخيار: إن شاءوا قتلوا، وإن شاءوا أخذوا الدية، وإن شاءوا عفوا. "مسائل عبد اللَّه" (1456) ¬

(¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 420 - 421 (17857، 17858)، وابن أبي شيبة 1/ 405 (27429)، والبيهقي 8/ 109 - 110.

باب: القسامة

باب: القسامة (¬1) 2610 - موجب القسامة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا وجدَ القتيلُ بينَ القريتينِ؟ قال: هذا قسامةٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2510) قال إسحاق بن منصور: قال أحمدُ -رضي اللَّه عنه-: القسامةُ الذي أذهبُ فيه إلى حديثِ بُشَير بن يسار (¬2) إذا كان بين القومِ عداوةٌ أو شحناء كما كان بين أصحابِ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وبينَ اليهودِ فوجِدَ فيهم القتيلُ فَادَّعَاه أولياءُ المقتولِ على رجلٍ منهم بعينِه، ولا تكونُ القسامةُ إلَّا على واحدٍ، فيقسمُ مِنْ أولياءِ المقتولِ خمسونَ رجلًا باللَّهِ لَفلان قَتلَ فلانًا، يحلفُ واحدٌ واحد، ثم يُدفعُ إليهم صَاحبُهم فيقتلونه بصاحبِهم، وهذا على خبرِ بُشير بن يسار، فإنْ نَكَلَ القومُ أنْ يحلفوا حلفَ أولياءُ القاتل، وذلك إذا طلبه المُدَّعونَ لم يود من بيت المال. ومما يقوي هذا خبر الزهري أنَّ القسامةَ كانتْ في الجاهليةِ فأقَرَّهَا رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في قتيلِ الأنصارِ (¬3). "مسائل الكوسج" (2588) ¬

_ (¬1) القسامة: الجماعة يُقسِمون على الشيء، أو يشهدون، ويمين القسامة منسوبة إليهم. انظر: "لسان العرب" 6/ 3631 مادة (قسم). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 2، والبخاري (3173)، ومسلم (1669) من حديث سهل بن أبي حثمة. (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 62، ومسلم (1675) من طريق الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار مولى ميمونة عن ناس من الأنصار.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إذا وجدوا القتيلَ في دارِ قومٍ ليس به أثر، لم يعقل إلَّا ببينة أنَّ أحدًا قتلَه، وإنْ كان به أثر عقلوه. قال: وأيُّ شيء فرق بين الأثرِ وغير الأثر، هو واحدٌ. قال إسحاق: هو كما قال، وتكون قسامة. "مسائل الكوسج" (2619) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان في رجلٍ قتلَ في القبيلة وفيهم سكان، يعني: قومًا في دورٍ بكراء. قال: ليس على السكان ديةٌ إلَّا على أصحاب الدور. قال أحمد: إذا كان السكان متهمين فهم معهم في القسامةِ. قُلْتُ: قال سفيانُ: وكان ابن أبي ليلى يجعلُ عليهم الديةَ. قال سفيانُ: لا يعجبني ذاكَ. قال: هو كما قال ابن أبي ليلى في القسامةِ ليس في الدية. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2620) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن القسامة إذا كان بين أهل فريقين قتال ثم يصطلحون، فيقتل بعد ذلك رجل بين القريتين؟ قال أبو عبد اللَّه: يجيء خمسون من أولياء الميت، فيأخذون رجلًا ممن اتهموه به، فيقسم الخمسون رجلًا، أن هذا قتل صاحبنا، فإذا حلف خمسون رجلا، قتلوا الذي اتهموه، أو فدوه. قرأت على أبي عبد اللَّه: محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن حماد، عن إبراهيم أنه قال: إنما كانت القسامة في الجاهلية والإسلام إذا وجدوا قتيلا بين ظهراني قوم، أقسم منهم خمسون رجلًا: ما قتلت،

2611 - قسامة الخطأ

ولا علمت قاتلًا. فإذا عجزت الأيمان ردت عليهم، ثم عقلوا. "مسائل ابن هانئ" (1535) قال في رواية مهنا: إذا وجد قتيلًا في الطواف، أو في الزحام، أو في مسجد الجامع فقال: من كان بينه وبينه عداوة أخذ به، أو ادعوا على رجل بعينه، فإن لم يعرف له قاتل فدمه هدر. "الروايتين والوجهين" 2/ 294، "المغني" 2/ 993 قال في رواية الميموني: أذهب إلى القسامة إذا كان ثم لطخ، وإذا كان ثم سبب بين، وإذا كان ثم عداوة، وإذا كان مثل المدعى عليه يفعل هذا. ونقل علي بن سعيد: عداوة أو عصبية. "الفروع" 6/ 46 ونقل حنبل عنه: أذهب إلى حديث عُمر: قيسوا ما بين الحيّين، فإلى أيهما كان أقرب فخذهم به (¬1). "الفروع" 6/ 51 2611 - قسامة الخطأ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَا قسامةُ الخطأ؟ قال: مثلُ حديثِ عراك بن مالك أنَّ رجلًا أجرى فرسًا له فوطئ على إصبع رجلٍ (¬2). "مسائل الكوسج" (2590) ¬

(¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 35 (18266)، وابن أبي شيبة 5/ 440 (27804)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 201 (4675)، والبيهقي 8/ 124. (¬2) رواه مالك ص 531، والشافعي في "الأم" 7/ 217، والبيهقي 8/ 125.

2612 - كيفية القسامة

2612 - كيفية القسامة قال الأثرم: قال أحمد بن حنبل: الذي أذهب إليه في القسامة حديث بشير بن يسار، من رواية يحيى بن سعيد (¬1)، فقد وصله عنه حفاظ، وهو أصح من حديث سعيد بن عبيد (¬2). "الاستنكار" 25/ 305 سأله الميموني: إن لم يكن أولياءه؟ قال: فقبيلته التي هو فيها وأقربهم منه. "الفروع" 6/ 48 2613 - إذا انفرد واحد بالقسامة، يحلف؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فَإِنْ نقصَ مِنْ أولياءِ المقتولِ مِنَ الخمسينَ أو لم يكنْ إلَّا رجل واحد جبن أن يقول فيه شيئًا؟ قال: وإذا نكل هؤلاء وحلفوا المدعين عليهم حلفوا وبرءوا، فَإِنْ نكلَ الفريقانِ أَنْ يحلفوا أُدي من بيتِ المالِ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ودى قتيل الأنصار (¬3)، ولو أَنَّ قتيلًا وجِدَ بينَ الفريقينِ فَادَّعى أولياؤه على أسقب -يعني: أقرب- الفريقين به كانت قسامة، وإذا كانوا في معنى اليهودِ مِنَ العداوةِ التى كانت بينهم وبين أصحابِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل الكوسج" (2589) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 2، والبخاري (6142)، ومسلم (1669). (¬2) رواه البخاري (6898)، ومسلم (5/ 1669). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 62، ومسلم (1670).

2614 - ماذا يجب بالقسامة؟

ونقل الميموني عنه: لا أجترئ عليه. "الفروع" 6/ 49 2614 - ماذا يجب بالقسامة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: القسامةُ ما هي؟ قال: إذا حلفَ الباقيان لم يغرموا على خلافِ حديثِ عمر -رضي اللَّه عنه- (¬1). قال إسحاق: كما قال إذا كان ممن يرى القود، إذا أقسموا على رجل أنَّه هو القاتلُ أقيدَ حينئذٍ في قولِ مَن يرى القودَ بالقسامةِ، فأمَّا أنا فأذهبُ إلى قولِ عمرَ -رضي اللَّه عنه- أنَّه لا يقادُ بالقسامةِ أبدًا (¬2)، ولكن يوجب بالقسامة العقل، والذين يبدءون باليمينِ في القسامةِ أولياء المقتول، فإذا نكلوا عادَ إلى أولياء الذين قتلوا، فإذا نقصت القسامةُ من الخمسينَ ردوا الأيمان. "مسائل الكوسج" (2591) 2615 - هل يقتل بالقسامة أكثر من واحد؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيانُ في دارٍ بين مدبَّرِ ومكاتبِ وأمِّ ولدٍ وجدوا فيها قتيلًا، قال سفيان: ثلث الدِّيةِ على المكاتبِ، وأمُّ الولدِ والمدبَّرُ على عاقلةِ السيدِ. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 355 (18266)، وابن أبي شيبة 5/ 440 (27804)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 201 (4675)، والبيهقي 8/ 124. (¬2) رواه عبد الرزاق 10/ 41 (18286)، وابن أبي شيبة 5/ 442 (27822)، والبيهقي 8/ 129 وقال: هذا منقطع.

2616 - القسامة في العبيد

قال أحمد: هذا قسامة، إلا أنهم يقسمون على واحدٍ، لا يقسمون على أكثر من واحدٍ؟ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "تقسمون وتستحقون قاتلكم" (¬1). قال إسحاق: هو على الدِّيةِ، ليس على العمدِ؛ لأني لا أقيدُ بالقسامةِ أحدًا لقول عمر -رضي اللَّه عنه-: يوجب العقل ولا يشيط الدَّم (¬2). "مسائل الكوسج" (2457) 2616 - القسامة في العبيد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: القسامةُ في العبيدِ؛ إنَّما هم مالٌ مِنَ الأموال، فإذا أصيبَ العبد عمدًا أو خطأ، ثم جَاء سيده بشاهدٍ حُلِّفَ مع شاهدِه يمينًا واحدة، ثم كان له ثمن عبده؟ قال: يحلفُ على رجلٍ بعينِهِ إذا كان له شاهد واحد، وإذا لم يكنْ له شاهدٌ حلف سيدُ العبدِ خمسينَ يمينًا ثم أخذَ ثمن عبدِه منه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2572) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 2، والبخاري (3173)، ومسلم (1669) من حديث سهل بن أبي حثمة. (¬2) رواه عبد الرزاق 10/ 41 (18286)، وابن أبي شيبة 5/ 443 (27822)، والبيهقي 8/ 129.

2617 - بطلان القسامة بالإقرار

2617 - بطلان القسامة بالإقرار نقل حنبل فيمن أريد قتله قودًا: قال رجل: أنا القاتل لا هذا، أنه لا قود، والدية على المقر. "الفروع" 5/ 644 قال مهنا وحنبل: ادعي على رجل أنه قتل أخاه، فقدمه إلى السلطان، فقال: إنما قتله فلان، فقال فلان: صدق، أنا قتلته. فإن هذا المقر بالقتل يؤخذ به، قلت: أليس قد ادعي على الأول؟ قال: إنما هذا بالظن، فأعدت عليه، فقال: يؤخذ الذي أقر أنه قتله. "الفروع" 5/ 644 - 645

كتاب الحدود

كتاب الحدود ما جاء في أقسام الحدود وأحكامها باب حد الزنا 2618 - أصناف الزناة وعقوباتهم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: البِكران يُجلدان ويُنفيان؟ والثيبان يُرجمان؟ والشيخان يُجلدان ويُرجمان؟ قال: يُرجم ولا يُجلد. قال إسحاق: كما جَاء يُجلد ويُرجم، لأن عليًّا -رضي اللَّه عنه- جلد شُراحَةَ يوم الخميس ورَجمها يوم الجمعة (¬1)، وليس في حديث أبي هريرة وزيد بن خالد (¬2) بيان. "مسائل الكوسج" (2479) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: متى يُقام الحد على الأَمةِ إذا زَنت؟ قال: يقامُ عليها الحد، وإن لم تُزَوَّج. قال إسحاق: كما قال، على قولِ ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-: إحصانُها إسلامُها (¬3). "مسائل الكوسج" (2483) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 93، والبخاري (6812) مختصرًا. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 269، والبخاري (52)، ومسلم (1599). (¬3) رواه البيهقي 8/ 234.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ زَنا فَجُلِدَ مائة، ثم علم بعد ذَلِكَ أَنَّه قد كان أحصن؟ قال: يرجمُ هذا، في قولِ بعضِ الناسِ: يجلد ويرجم. قال إسحاقُ: كما قال يجلدُ ويرجمُ. "مسائل الكوسج (2525) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا زنت المرأة قبل أن يدخل بها زوجها؟ قال أحمد: يقام عليها الحد، وهي امرأته. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2721) قال صالح: وسألته عن رجل تكون له امرأة وهو بكر لم يدخل بها فزنى ما يجب عليه الجلد أو الرجم؟ قال: ليس على البكر رجم حتى يدخل بأهله. "مسائل صالح" (259) قال صالح: قال أبي: أرى أن يرجم المحصن ولا يجلد. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم، عن يونس ومنصور، عن ابن سيرين -إلا أن منصورًا قال: عن أفلح مولى أبي أيوب: أن عمر رجم ولم يجلد. "مسائل صالح" (1163) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: حديث مسروق عن أُبيِّ في الشيخ إذا زنى؟

2619 - ما يحصل به التحصين

قال: هو أعظمهما جرمًا، يجلد، ويرجم (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1566) قال عبد اللَّه: سألتُ أبي عن حديث عَنْ قَبيصَةَ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ سلَمَةَ ابْنِ المُحَبّقِ الهذلي، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ" (¬2). فقال: هما البكران اللذان لم يتزوجا، لا الرجل ولا المرأة، وعن "الثَّيِّث بِالثَّيِّبِ" الذي يعني قد تزوج، وتزوجت المرأة، فهما الثيبان. فقلت لأبي: فإن كانت المرأة ليست بثيب؟ قال: تجلد هي، ويجلد هو ويرجم، فإن كانا جميعًا ثيبان جلدا ورجما. "مسائل عبد اللَّه" (1284) قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: في حديث عبادة: إنه أول حد نزل، وإن حديث ماعز بعده، رجمه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يجلده (¬3)، وعمر رجم ولم يجلد. "المغني" 12/ 313 2619 - ما يحصل به التحصين قال إسحاق بن منصور: هل تُحصنُ النصرانيةُ واليهودية والمملوكة الحرَّ؟ قال: أما اليهوديةُ والنصرانيةُ يحصنانِ، وأمَّا الأمةُ فلا. ¬

_ (¬1) رواه النسائي في "الكبرى" 4/ 271. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 476، بهذا الإسناد عن سلمة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 238، والبخاري (6824)، ومسلم (1693) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.

قُلْتُ: لم؟ قال: لأنَّ الأمةَ إذا زنَتْ لم تُرجمْ. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (998) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال مالك: تُحصنُ الأمةُ الحرَّ؟ قال: أحمد: لا، لا تحصن. "مسائل الكوسج" (999) قال إسحاق بن منصور: قال مالك: ولا يُحصن العبدُ الحرةَ؟ قال أحمد: لا، لا يحصن العبدُ الحرةَ. "مسائل الكوسج" (1000) قال إسحاق بن منصور: قال مالك: ولا تحصن الحرةُ العبدَ؟ قال: جيد، لأنَّ العبدَ لا يُرجم إن زنى، لا يكون محصنًا. "مسائل الكوسج" (1001) قال إسحاق بن منصور: قال مالك: والأمةُ إذا كانت تحت الحرّ فإنه لا يحصنها. قال: كذا هو؛ لأنَّ عليها نصف العذابِ، ولا ترجم إذا زنت. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (1002) قال صالح: قال أبي: تحصن اليهودية والنصرانية، ولا تحصن الأمة. "مسائل صالح" (1054) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل كانت له امرأة في دار الحرب، فخرج إلى دار الإسلام، فأسلم، فزنى؟ قال أبو عبد اللَّه: دخل بها؟

قلت: نعم. قال: قد أحصنته، عليه الرجم. "مسائل ابن هانئ" (1569) قال ابن هانئ: وسألته عن مجوسي كانت له امرأة -ابنته أو أخته- فأسلم، ثم زنى؟ قال: ذا، غير ذا، الساعة يتبين لك، أرأيت إن أسلما أولئك -يعني: أهل الكتابة- أيفرق بينهما؟ قلت: لا. قلت: لأنهم أهل كتابة، فأما المجوسي فلا، وذاك أنه ليس بمحصن، وليس هم أهل كتاب فهذا لا يرجم، وليس بمحصن (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1570) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل تكون تحته المرأة فتموت عنه أو يطلقها أيكون محصنًا؟ قال: لا، حتى يطأها. "مسائل ابن هانئ" (1571) قال ابن هانئ: وسئل تعتق المرأة مملوكها ثم تتزوج به؟ قال: لا. "مسائل ابن هانئ" (1572) قال ابن هانئ: فيزوج الرجلُ ابنته من مملوكه؟ قال: لا يحصنها. "مسائل ابن هانئ" (1573) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الأمة تكون تحت الحر تحصنه؟ قال: لا تحصنه. قال عبد اللَّه: قلت لأبي: اليهودية والنصرانية؟ قال: لا تحصن الحر، على حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه رجم يهوديًّا، والحر ¬

_ (¬1) قال محقق الكتاب: كذا المسألة بالأصل.

المسلم إن قذف اليهودية أو النصرانية لم يجلد. سمعت أبي يقول في الحر تكون تحته الأمة: إن زنى لم تحصنه، إنما عليها نصف ما على الحرة، إن زنت الأمة تجلد خمسين جلدة. "مسائل عبد اللَّه" (1540) وقال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه وسأله عن اليهودية والنصرانية والمملوكة تحت الحرّ ثم تركته؟ قال: لأبي أراها ناقصة في الطلاق وفي الحد وفي غير شيء وفي القسم. واليهودية والنصرانية قسمتها مثل الحرّة. والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد رجم يهوديًا ويهودية أقام عليهما الحد. وقال في موضع آخر: تحصن المشركة ولا تحصن المملوكة؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجم يهوديًّا ويهودية ولم ينقصهما من الحد؛ والأمة عليها نصف الحد. قال: الحد يُدرأ أحب إليَّ. قال أبو عبد اللَّه: إلا أن يكون الحر قد تزوج حرة قبل هذِه الأمة فهو محصن يرجم. قلت: فحرة تحت عبد؟ قال: لا يحصنها إلا أن تكون قد أحصنت بحر قبل العبد. قلت: فالعبد إذا كان تحته حرة أو أمة تحت الحر؟ قال: الأمة والعبد إنما عليهما نصف العذاب. ليس عليهما إلا الجلد؛ لأنهما ناقصان فليس عليهما إلا الجلد خمسون نصف العذاب. قال: وأما أصحاب أبي حنيفة فليس يرون اليهودية ولا النصرانية ولا الأمة واحدة منهم تحصن يدرءون الحد في هذا كله.

قلت له: إن مالكًا يقول: الأمة تحصن واليهودية والنصرانية؟ قال: لا أذهب في الأمة أنها تحصن الحر، قد كنت أقول هذا ثم رجعت عنه. وقال في موضع آخر، قال: وفي هذا حجة أن اليهودي يحصن اليهودية والنصراني يحصن النصرانية، لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد رجم. خلاف ما يقول أصحاب أبي حنيفة: إن اليهودية لا تحصن المسلم. "أحكام أهل الملل" 2/ 357 (794) قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا قالا: حدثنا أبو طالب أنه قال لأبي عبد اللَّه: فتحصن الرجل اليهودية؟ قال: نعم. قلت: قوم يقولون: لا تحصن اليهودية؟ قال: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} {المائدة: 5]. فهذِه أليست منهم؟ استفهام من أبي عبد اللَّه، أي بأنهما منهم. قلت: فتحصن الرجل الأمة؟ قال: لا، إنما تحصنه الحرائر المسلمات. وقال: أخبرني الميموني أنه قال لأبي عبد اللَّه: تحصن الأمة الحرّ؟ قال: لا. قلت: فاليهودية والنصرانية ليس يكافئون المسلمين، ولكن أحكامهم أحكام المسلمين في كل شيء؟ قال: نعم أحكام هؤلاء أحكام المسلمين. قال عبد الملك: وما نفتيه في الزوجين من أهل الكتاب والمسلم، وأهل الكتاب إذا اجتمعا زوجين إحصان كله، واليهودين إذا اجتمعا، والنصرانيين إحصان، ونكاح المسلم لهما إحصان له.

وقال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا أنه سأل أبا عبد اللَّه عن رجل تزوج يهودية أو نصرانية ثم زنى؟ قال: اليهودية، والنصرانية، والمسلمة سواء. فقلت له: تحصنه يهودية أو نصرانية؟ قال: نعم. وقال: أخبرني محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم أن أباه حدثه قال: حدثني أحمد بن القاسم. وأخبرني زكريا بن الفرج عن أحمد بن القاسم أنه قال لأبي عبد اللَّه: فيحصن بها؟ قال: أما الذميّة فنعم؛ لأن أحكامها تجري في القسم وما أشبه ذلك بمنزلة المسلمة. وأما المملوكة فغير ذلك. "أحكام أهل الملل" 2/ 359، 360 (797 - 800) وقال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل قال: قيل لأحمد: الذميّة تحصن؟ قال: نعم. فقيل لأحمد: والأمة تحصن؟ قال: لا. قيل: كيف تحصن الذميّة ولا تحصن الأمة؟ قال: لأن الذميّة أحكامها أحكام الحرّة المسلمة في طلاقها وقسمها وجميع أمورها إلَّا الميراث، والأمة على النصف من ذلك. قيل لأحمد: حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: لا يحصن الذميّ؟

قال: ليس هكذا، كان ابن عمر لا يرى نكاح أهل الشرك إنما أراد ابن عمر أنها ليست محصنة. وقال: أخبرني أحمد بن حمدويه قال: حدثنا محمد بن أبي عبيد قال: سُئل أحمد عن الذميّة تحصن؟ فذكر نحو مسألة حرب التي هي قوله: إنما أراد ابن عمر أنها ليست بمحصنة أو عفيفة. وأراد أيضًا بحديث كعب بن مالك. قال: من يروي هذا، ومن يصحّحه؟ قلت: مرسل من أبي طلحة. فلم يعبأ به. قال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن حديث كعب بن مالك أنه تزوج يهودية فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تحصنك؟ ". قال: ليس هو بصحيح، هو من حديث أبي بكر بن أبي مريم، وضعف حديثه. وقال: هو ضعيف الحديث. فقلت له: لِمَ تكتب حديثه وهو ضعيف؟ قال: لا أعرفه. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أحكام اليهودية والنصرانية مع المسلمة مثل أحكام المسلمين إلَّا أنهما لا يتوارثان. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم. وأخبرني منصور بن الوليد قال: حدثنا جعفر. وأخبرني محمد بن الحسين قال: حدثنا الفضل. وأخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح. وأخبرني الحسين بن الحسن قال: حدثنا محمد بن داود -والمعنى

واحد وهذا لفظ الأثرم- قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: اليهودية والنصرانية يحصنان المسلم. وقال: أخبرني إبراهيم بن رحمون السنجاري قال: حدثنا نصر بن عبد الملك قال: حدثنا يعقوب بن بختان: أن أبا عبد اللَّه قال: اليهودية والنصرانية تحصن. هي زوجة. وقال: أخبرني عبد الملك أنه سأل أبا عبد اللَّه عن المرأة من أهل الكتاب تكون تحت المسلم يكون ذا إحصان؟ قال أحمد: أحكامها أحكام المسلمة إلَّا أنها إذا ماتت لم يرثها. وإن انتفى من ولدها لاعنت بينهما وألحقت بها الولد، ولا أجترئ على أنه إحصان له، لأنها نفس وهي مسألة فيها لبس. وأخبرني عبد الملك في موضع آخر أن أبا عبد اللَّه قال: والنصرانية واليهودية أحكامها في جميع أمورها أحكام المسلمات إلَّا في موضع واحد لا يرثها لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يرث مسلم كافرًا". في هذا الموضع فقط. قال عبد الملك: وقال لي أبو عبد اللَّه قبل هذا الكلام: اليهودية والنصرانية يحصنان؛ لأنهما في أحكامهما، وذكر القصة. قلت له: وإنك كنت منذ حين تجبن عن اليهودية والنصرانية؟ قال: لا، إنها شبهها -يعني: المسلمة- إلَّا في الميراث، أحكامها أحكام الزوجة المسلمة. وقال: أخبرني أبو بكر المروذي: أن أبا عبد اللَّه قال في اليهودية والنصرانية: لا تحصن المسلم. قال أبو بكر الخلال: قد روى هذِه المسألة عن أبي عبد اللَّه قريب من عشرين نفسًا.

روى عن أبي طالب في مواضع. وصالح كذلك. وحرب كذلك. والميموني في خمسة مواضع، والمروذي في ثلاثة مواضع. فكل القوم اتفقوا في روايتهم عنه. فأما الميموني فقد ناظر أبا عبد اللَّه في هذِه الخمسة مواضع مناظرة شافية محكمة مناظرة رجل قد عرف كل ما أجاب به. فأما في ثلاثة مواضع فقد جاء بالاحتجاج وأشبع الخبر من عامة أصحابه وبيّن عنه الاحتجاج في موضع منها. قال عن أبي عبد اللَّه: إن أحكامها كلها مثل المسلمة. قال: ولا أجترئ على الإحصان؛ لأنها نفس وهي مسألة فيها لبس. وفي موضع آخر حكى عنه الاحتجاج كله فقال له: لقد كنت منذ حين تجبن عن اليهودية والنصرانية؟ قال: فقال لي أبو عبد اللَّه: لا، لأنها شبهها. ومعنى قوله: (لا) ليس لا لم أكن أجبن إنما معناه: إن أحكامها قد تبينا لي، وإنه رجع إلى أنها محصنة وترك ما كان يجبن عنه من ذلك. وأما أبو بكر المروذي فقال في موضعين عن أبي عبد اللَّه أبين من كل ما رواه أصحابه هؤلاء العدد كلهم. وقد ذكرتها عنه في أول الباب؛ لأنه لا يجيء عنه أحد فيما بينت أحكم ولا أبين من المسألتين اللتين وصفتهما عنه في أول الباب. وأما ما حكى في المسألة الأخرى أن أبا عبد اللَّه قال: لا تحصن فالأمر في هذا على معنيين: أحدهما: أن يكون أبو عبد اللَّه رحمه اللَّه لعل أبو بكر المروذي صادفه في وقت شدّة توقفه عن الإحصان بها، كما حكى عنه الميموني التوقّف.

وهذا أيضًا ظنّ سيِّئ؛ لأن أبا عبد اللَّه في علمه ومعرفته لم يكن يصرّح بأنها لا تحصن. وقد قال مع توقّفه: إن أحكامها كلها أحكام المسلمة إلَّا في الميراث. وأما المعنى الآخر: فلا شك أن أبا بكر المروذي غلط في المسألة الثانية؛ لأن المسألتين الأولتين اللتين حكاهما عن أبي عبد اللَّه فيهما مقنع من أن يحكى عن أبي عبد اللَّه أنها تحصن أو لا تحصن، وتركها فلم يذكرها كان مصيبًا -إن شاء اللَّه تعالى- ولكنه كان عنده أنه قد سمع من أبي عبد اللَّه. والغلط والسهو يلحق أهل العلم، ولم يخل أحد من أهل العلم ممّن تقدم أن يذكر عنهم الغلط والخطأ، وكذلك فيما ذكر هو وأصحابه عن أبي عبد اللَّه من بيان الإحصان عنه عن ذكر هذِه المسألة، أو أن يحتجّ أحد عنه سمع غلطًا أو غيره. وقال: أخبرني الحسن بن أحمد بن المثنى الكندي قال: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل قال: قال أبي: قال ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: رجم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يهوديًّا ويهودية. وقال البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: رَجَمَ يَهُودِيًّا وَقال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي أَوَّلَ مَنْ أَحْيَا سُنَّةً قَدْ أَمَاتُوهَا". قال أبي: وفي حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قد رآها زوجة أحصنته وهم أهل الكتاب، فهي للمسلم أحرى أن تحصنه، والحكم فيهم وفينا سواء بفعله -صلى اللَّه عليه وسلم- أن رجمها فهي في كل أمرها بمنزلة المسلمة فهي سواء. واللعان بينها وبين زوجها. قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6].

فهي زوجة يرجم زوجها إذا أتى فاحشة إذا كانت محصنة بمسلم أو غير ذلك من أهل الكتاب، فهي في كل أمرها بمنزلة المسلمة. فقد اختلفوا في تزويجها على المسلمة، فقال ابن المسيب: يتزوجها. وقد قيل: إن حذيفة فعل ذلك. وقال ابن عباس: لا يتزوج اليهودية والنصرانية على المسلمة فهي في حالها كله بمنزلة المسلمة، إلَّا أنهما لا يتوارثان؛ لقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ ولا الكافر المسلم". وإذا لاعنها بقذف فقال: ليس هذا الولد مني، لزم الولد لأُمّه إلَّا أن يكون مسلمًا؛ لأن الفراش فراشه، وإنما صار الولد للأُم؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ألحقه بأُمه فصار مسلمًا بفراشه. وإن شاء جمع منهن أربعًا، وكذلك لو زنى بها أقيم عليه الحد. وإحصانهم في الشرك إحصان وطلاقهم طلاق وظهارهم ظهار وإيلاؤهم إيلاء. فكل ما يجب على المسلمين فهو يجب عليهم مثل ما على المسلمين. وإن قذفها ولها زوج مسلم أو ولد مسلم ضرب الحد. "أحكام أهل الملل" 2/ 360، 366 (802 - 810) وقال: أخبرنا المروذي قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن رجل كانت له امرأة في دار الحرب فخرج إلى دار الإسلام فأسلم ثم زنى؟ قال: أدخل بها؟ قيل: نعم. قال: إذًا أحصنته عليه الرجم. قال: وسئل أبو عبد اللَّه عن مجوسيّ كانت له امرأة وهي ابنته أو أخته فأسم ثم زنى، قال: هؤلاء غير أهل الكتاب، وسأبين ذلك، أرأيت أهل الكتاب إذا أسلموا أيفرق بينهم؟

قال: لا. فهذا يفرق بينهما لأنها لا تحل له وليس هو من أهل الكتاب. فهذا لا يرجم وليس بمحصن. وقال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر وزكريا قالا: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الرجل من أهل الكتاب يكون له امرأة في دار الحرب، فيخرج إلى المسلمين فيسلم ثم زنى؟ قال: وقد دخل بامرأته؟ قلت: نعم. قال: يرجم هذا محصن. قلت: فمجوسيّ كانت امرأته ابنته أو أخته فأسلم ثم زنى؟ قال: ليس عليه رجم هذا غير ذاك. قلت: كيف؟ قال: الساعة أبيِّن لك. إذا أسلم النصراني يفرق بينه وبين امرأته؟ قلت: لا. قال: فإذا أسلم المجوسيّ يفرق بينه وبين ابنته وبين أخته؟ قلت: نعم؛ لأنه ليس بنكاح صحيح، ولا هو من أهل الكتاب ولا تحصنه. قال: والنصراني نكاحه صحيح قال: وهو من أهل الكتاب. قلت: والنصراني يرجم. والمجوسي لا يرجم؟ قال: نعم. "أحكام أهل الملل" 2/ 367 - 368 (816 - 817) قال أبو طالب: سألته عن امرأة تزوجت بخصي أو عنين، يحصنها؟ قال: لا. قال: وحكم اليهودية والنصرانية كالمسلمة. نقل المروزي: لا يحصن المجوسي. وإن زنى محصن ببكر فلكلِّ حده. "الفروع" 6/ 68 - 69

2620 - حد من تزوج ذات محرم له

2620 - حد من تزوج ذات محرم له قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قيل له -يعني: سفيان- رجلٌ تزوجَ امرأةً ذات محرمٍ وهو يعلمُ؟ قال: لا أرى عليه حدًّا، ولكن تعزيرًا. قال الإمام أحمد: قبَّح اللَّه تعالى هذا القول. قُلْتُ: أليس تقول: يقتل؟ قال: يقتل إذا كان على العمدِ. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (908) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل تزوج ذات مرحمٍ منه فدخل بها، لها الصداق؟ قال: إذا تزوج أمه من الرضاعة أن يصدقها. قلت: أو أُمَّهُ؟ قال: أردت أن أقول ذاك، وإذا تزوج أمه أو ذات محرمٍ منه عمدًا؛ قتل. قال إسحاق: كما قال؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أتى ذات محرم فاقتلوه". "مسائل الكوسج" (1125) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجلٍ تَزوَّج أُمَّه أو أختَه أو ذات محرم له، أترى عليه حدًّا؟ قال: ما أرى حدًّا، يُعزرُ إذا كان تزويج وشهود. قال أحمد -رضي اللَّه عنه-: في كلِّ ذات محرمٍ يُقْتلُ ويؤخذُ مَالُه على حديثِ عدي بن ثابت، إلَّا أنْ يكونَ يرى أنَّ ذَلِكَ مباح له يدرأ عنه القتل ويجلد. قُلْتُ: فالمرأةُ التي تزوجَ بها إذا كانت من ذوات محرم؟

قال: كلاهما في معنى واحد، أي: يقتل أيضًا. قال إسحاقُ: هو كما قال إلا بأخذنا المال، فإنَّ ذَلِكَ فيمن عرسَ بامرأةِ أبيه. "مسائل الكوسج" (2664) قال صالح: في رجل يتزوج ذات محرم منه، وهو لا يعلم ثم يعلم، قال: إن كان عمد يقتل ويؤخذ ماله، وإن كان لا يعلم يفرق بينهما، واستحب أن يكون لها ما أخذت منه، ولا يرجع عليها بشيء. "مسائل صالح" (526) قال صالح: وقال أبي: إذا وطئ الرجل ذات محرم، قتل وأخذ ماله. "مسائل صالح" (1109) قال صالح: الذي تزوج امرأة أبيه أو أمته يستتاب؟ قال: لا، هذا على الاستحلال، يقتل إذا عرس. "مسائل صالح" (1181) قال حرب: سمعتُ أحمدَ يقولُ في رجل تزوج ذات محرم منه وهو لا يعلم، ثم علم؟ قال: إن ولدت له ألحق به الولد، وورث. قيل: فالمهر؟ قال: أتوحش من ذلك إذا كانت أمه، أو بنته من الرضاعة أو غيره، فإني أتوحش من أخذ المهر، ولو كانت عمته، أو خالته، أو نحو هذا كان أهون. وسألت أحمدَ مرة أخري، قلتُ: فرجل تزوج امرأة، فإذا هي محرم منه؟

قال: إذا كانت أم أو نحو ذلك، فإني أتوحش أن تأخذ المهر، وإن كانت غير ذلك فهو أهون. حدثنا الحماني، قال حدثنا قيس، عن زكريا، عن الشعبي، قال: لا يكون لها من ابنها، ولا من أخيها المهر. "مسائل حرب" ص 52 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يتزوج بذات محرم منه، وهو لا يعلم به، ثم علم؟ قال: إن كان عمدًا يضرب عنقه ويؤخذ ماله، وان كان لا يعلم يفرق بينهما. كأنه استحسن أن يكون لها ما أخذت، ولا يرجع عليها بشيء. قلت لأبي: حديث البراء: أن رجلًا أعرس بامرأة أبيه؟ قال: ذاك على أنه علم، تزوج وأعرس بامرأة أبيه، هذا لا يكون إلا على العلم. "مسائل عبد اللَّه" (1294) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: كل من أتى ذات محرم يقتل، على حديث الحد فيمن أتى ذات محرم الذي تزوج امرأة أبيه. "مسائل عبد اللَّه" (1534) نقل عنه إسماعيل بن سعيد الشالنجي: قال أحمد في رجل تزوَّج امرأة أبيه أو بذاتِ محرم، فقال: يُقتل ويُغل مالُه في بيت المال. "زاد المعاد" 5/ 15

2621 - حد الذمي إذا فجر بمسلمة

2621 - حد الذمي إذا فجر بمسلمة قال الخلال: أخبرني حرب قال: سمعت أحمد يقول: إذا فجر الذميّ بالمسلمة قتل الذميّ ويقام عليها الحد. قال حرب: هكذا وجدته في كتابه. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث أنه سأل أبا عبد اللَّه: قلت: نصراني استكره مسلمة على نفسها؟ قال: ليس على هذا صولحوا يقتل. قلت: فإن طاوعته على الفجور؟ قال: يقتل، ويقام عليها الحد، وإذا استكرهها فليس عليها شيء. وقال: أخبرنا عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال في ذميّ. وأخبرنا محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم قال حدثنا إبراهيم بن هانئ قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في ذميّ فجر بامرأة مسلمة قال: يقتل ليس على هذا صولحوا. قيل له: فالمرأة؟ قال: إن كانت طاوعته أقيم عليها الحد وإن كان استكرهها فلا شيء عليها. وقال: أخبرني جعفر بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن نصراني فجر بمسلمة؟ قال: يقتل، ليس على هذا صولحوا.

وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب: أن أبا عبد اللَّه قيل له: فإن زنى اليهودي بمسلمة؟ قال: يقتل، عمر -رضي اللَّه عنه- أُتي بيهودي فحش بمسلمة ثم غشيها؛ فقتله، فالزنا أشدّ من نقض العهد. وسألته عن عبد نصراني زنى بمسلمة؟ قال: يقتل أيضًا. قلت: وإن كان عبدًا؟ قال: نعم. وقال: أخبرني محمد بن الحسن أن الفضل بن عبد الصمد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه وسُئل عن مجوسي فجر بمسلمة؟ قال: يقتل. هذا قد نقض العهد. قلت: فإن كان من أهل الكتاب؟ قال: يقتل أيضًا. قد صلب عمر -رضي اللَّه عنه- رجلًا يهوديًّا فجر بمسلمة. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث: أن أبا عبد اللَّه قال: قد صلب عمر -رضي اللَّه عنه- رجلًا من اليهود فجر بمسلمة. وهذا نقض للعهد. قيل له: ترى عليه الصلب مع القتل؟ قال: إن ذهب رجل إلى حديث عمر. كأنه لم يعب عليه. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن يهودي أو نصراني فجر بامرأة مسلمة ما يصنع به؟ قال: يقتل. فأعدت عليه؟ قال: يقتل.

قلت: إن الناس يقولون غير هذا؟ قال: كيف يقولون؟ قلت: يقولون: عليه الحد. قال: لا ولكن يقتل. قلت: في هذا شيء؟ قال: نعم. عن عمر -رضي اللَّه عنه- أنه أمر بقتله. فقلت: من يرويه؟ قال: خالد الحذاء عن ابن أشوع، عن الشعبي، عن عوف بن مالك. أن رجلًا فحش بامرأة فتحللها. فأمر به عمر فقتل وصلب. قلت: من ذكره؟ قال: إسماعيل بن عُلية. وقال: حدثنا أبو بكر المروذي قال: حدثنا سليمان بن داود قال: حدثنا حماد بن زيد قال: حدثنا مجالد عن الشعبي، عن سويد بن غفلة أن رجلًا من أهل الذمّة فحش بامرأة من المسلمين بالشام وهي على حمار فصرعها، فألقى نفسه عليها، فرآه عوف بن مالك فضربه فشجّه فانطلق إلى عمر يشكو عوفًا. فأتى عوف عمر فحدثه فأرسل إلى المرأة يسألها فصدقت عوفًا. فقال أخواها: قد شهدت أختنا. فأمر به عمر فصلب، فكان أول مصلوب في الإسلام. ثم قال عمر رحمة اللَّه عليه ورضوانه: أيها الناس: اتقوا اللَّه في ذمّة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا تظلموهم، فمن فعل فلا ذمّة له. "أحكام أهل الملل" 2/ 347 - 350 (763 - 771)

2622 - حد اللوطي

2622 - حد اللوطي قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: حدُّ اللُّوطيِّ أَحصنَ أو لم يُحَصن؟ قال: يُرجم، أَحصن أو لم يُحصن. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2484) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاق: ما يلزم في الحق، رجل قال لرجل: إنك تأتي فلانًا فيطؤك كما توطأ المرأة، فأشهد عليه بذلك شهودًا عدولًا؟ وما الذي يلزم هذا القاذفُ لهذين ورميه إياهما بإتيان الفاحشة التي عذَّبَ اللَّهُ عز وجل عليها قومَ لوطٍ مصرّحًا بذلك؟ قال: السنة في الذي يعمل عمل قومِ لوطٍ مُحصنًا كان أو غَير مُحصن أن يُرجم؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من عَمِل عملَ قومِ لوطٍ فاقتُلوهُ". رواه ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كذلك، ثم أفتى ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيمن يعمل عمل قوم لوط أنه يُرجم، وإن كان بكرًا. فحكم في ذَلِكَ لما روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكذلك يروى عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- مثلُ هذا القول: أن اللوطي يرجم ولم يذكر محصنًا أو غير محصن، فالفتيا من أهل العلم ينبغي أن تكون هكذا، وهذا بناء على ما فعل اللَّه سبحانه وتعالى بقوم لوط أنهم قُتلوا وكذلك يروى عن أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه-: أنه يُحرق بالنارِ، واحتج فقال: هذا شيء عذب اللَّه سبحانه وتعالى أمةً لم يعذب بها أمة قط قبل هؤلاء بمثل هذا، فأرى أن يفعل ذَلِكَ ويحرقوا بالنار، وهذا عندي أنه يحرق بالنار جسده بعدما يقتل كما فعل علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- وأُتي بقوم تزندقوا فقتلهم، ثم حرَّق أجسادهم بالنار، وهو حسن؛ لأنه لم يحرقه والروح فيه فيكونُ مُعذّبًا بعذاب اللَّه عز وجل، وجهل

هؤلاء بأجمعهم فقالوا: الذي يعمل عمل قوم لوط لا حد عليهم ولا يقتلون أَحصنوا أو لم يُحصنوا إنما يعزرون تعزيرًا فَخفَّفُوا فيما شدد اللَّه كما شددوا فيما خفف اللَّه عز وجل وقد أُولِعوا بذلك أن يميزوا بين ما جمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأن يجمعوا بين ما ميز رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فإنا للَّه ما أعظَمَها من مصيبة أن يُنسبَ إلى العلمِ مَن يَكونُ أُمرُه كما وَصَفنا حتَّى يضلَّ الناس به، ولا يدرون فكلما قذف قاذف رجلًا بأنك تعمل عمل قوم لوط مصرحًا، فحكم ذلك كما يقذف الرجل بالزنا إن أقام العدول بما رماه وإلا حد كما يحد في القذف في الزنا بل حكمه أشد وأوكد إذا كان الراكب كذلك حكمه فيما وصفنا. "مسائل الكوسج" (2722) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يعمل عمل قوم لوط؟ قال: أحصن أو لم يحصن، يرجم. "مسائل ابن هانئ" (1567) نقل أحمد بن سعيد بن عبد الخالق عنه في اللوطي: إذا أولج وخالط فالرجم أحصن أو لم يحصن، فإذا وجد على ظهره أو معه، يؤدب كما يصنع به إذا وجد مع المرأة. "الأحكام السلطانية" (280) ونقل المروذي، وحنبل، وأبو الحارث، ويعقوب بن بختان: إن كان بكرًا جلد، وإن كان محصنًا رجم. "الروايتين والوجهين" 2/ 316

2623 - من أتى بهيمة

2623 - من أتى بهيمة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: الرجلُ يقعُ على البهيمةِ؟ قال: لا أَرئ عليهِ القتلَ ولا الحدَّ، ولكن يُؤدَّب. قال إسحاق: عليه القتلُ إذا تَعمَّد ذَلِكَ وهو يَعلم ما جاء فيه عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإن دَرأ عنه إمامه القتلَ لا ينبغي أن يَدرأ عنه جلد مائة تشبيها بالزنا. "مسائل الكوسج" (2484) قال عبد اللَّه: سألت أبي عمن أتى بهيمة؟ قال: اختلف فيه على ابن عباس، أما عاصم فروى عن أبي رزين عن ابن عباس: ليس على من أتى البهيمة حد (¬1). روى عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا البَهِيمَةَ" (¬2). وحديث داود بن الحصين عن عكرمة، عن ابن عباس مثله. "مسائل عبد اللَّه" (1537 - 1538) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في الذي يأتي الميتة: قال بعض الناس -فظنته يعني: نفسه: عليه حدان: حد الموت، وحد للزنا. وقال ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (4465) وقال: وحديث عاصم يضعف حديث عمرو بن أبي عمرو، والترمذي (1455) وقال: وهذا أصح من الحديث الأول، والنسائي 4/ 222 - 223 (7341) قال: هذا غير صحيح وعاصم بن عمر ضعيف في الحديث. (¬2) رواه أحمد 1/ 269، وأبو داود (4464) وقال: ليس هذا بالقوي، والترمذي (1455) وقال: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس وابن ماجه (2564). وقال الألباني في "الإرواء": (2348): صحيح.

2624 - من له إقامة الحد؟

الحسن في الذي يقع على البهيمة: لا يرى بلحمها بأس؟ قال أبي: وأنا أكرهه، وإنما روى عن الحسن عمرو بن عبيد عن الحسن ولم يرضه، أو ضعف روايته عن الحسن. "مسائل عبد اللَّه" (1539) قال حنبل: في إتيان البهائم هل يوجب الحد؟ حده كحد الزاني. "الروايتين والوجهين" 2/ 317 قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي: سألت أحمد عن الذي يأتي البهيمة فوقف عندها، ولم يثبت حديث عمرو بن أبي عمرو في ذلك. "الداء والدواء" (272) 2624 - من له إقامة الحد؟ قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: الأمةُ إذا زنتْ ولم تحصن يجلدُهَا سيدُها، وإذا كانت محصنةً فزنتْ رفعَهَا إلى السلطانِ. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (997)

فصل ما جاء في شروط وجوب حد الزنا

فصل ما جاء في شروط وجوب حد الزنا 2625 - 1 - صدوره من كل بالغ، عاقل، ملتزم، عالم بالتحريم، غير مكره قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: إنْ جامعَ الرجلُ جاريةً صغيرة فإنه يحد. قال أحمدُ: إذا كان مثلها يوطأ، يصل إليها. قُلْتُ: فإن لم يصل إليها؟ قال: لا حدَّ عليه حتَّى يصل، ولكن يعزر. قال إسحاقُ: كما قال، وتعزيرُه مثل تعزيرِ ما أشبه حد الزنا، يجلد مائة جلدةٍ إذا كان ممن لو زَنا رُجِمَ، فإِنْ كان بكرًا عزر دون المائةِ. "مسائل الكوسج" (2635) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: سألتُ سفيانَ عن صبيٍّ افتض صبية؟ قال: لها مهرُ مثلها في مالِهِ. قال أحمد: يكونُ على عاقلتِه إذا بلغَ الثلث. سُئِلَ: أعليه الحدُّ؟ قال: لا، إنَّما هو بمنزلةِ إصبعه. قال أحمدُ: كما قال. قال إسحاقُ: كما قال سفيانُ في مالِهِ. قُلْتُ: قال: استفتى يوسفُ بن عمر ابن أبي ليلى في هذا، فقال: لها مثلها في مالِه.

قال أحمدُ: لا يكونُ على عاقلتِه إذا بلغ الثلث. قال إسحاقُ: كما قال ابن أبي ليلى. "مسائل الكوسج" (2636) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الحسنُ: إذا أَصَابَ الرجلُ الجاريةَ التي لم تدرك جُلِدَ وغرب، وإذا أصابَ الغلامُ المرأةَ جلدَتْ وغربت (¬1). قال أحمدُ: جيدٌ إذا كان يصل إليها. قال إسحاقُ: كما قال، إذا كان الغلام قد وطئها. "مسائل الكوسج" (2637) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال عطاء: إذا افتضت البكر غصبًا فالمهر والحد. قال أحمد: أجل. قُلْتُ: قال الشعبي: إذا أُقيمَ الحدُّ بطل العقد، وبه يأخذُ سفيانُ. قال أحمدُ: لا، كما قال عطاء. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2661) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: مسلمٌ زنا بنصرانية؟ قال: المسلمُ يُقامُ عليه الحدُّ، فإِنْ جيء بالنصرانيةِ إلينا أقمنَا عليها الحدَّ. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2685) ¬

_ (¬1) روى ابن أبي شيبة 3/ 518 (16648) عن حماد بن سلمة عن إياس بن معاوية في رجل اشترى جارية صغيرة لا يجامع مثلها، قال: لا بأس أن يطأها ولا يستبرئها.

قال صالح: وسألته عن رجل زنى بجارية قبل أن تحيض، أو امرأة زنت بغلام قبل أن يحتلم؟ قال: إِن كان مثلها يوطأ فعليه الحد، وإذا زنت بغلام مثله يصل إليها ترجم. "مسائل صالح" (257) قال صالح: وسألته عن رجل استكره بكرًا عن نفسها ما عليه؟ قال: عليه صداق مثلها، وعليه الحد. "مسائل صالح" (766) قال ابن هانئ: سمعته يقول: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجم يهوديًّا ويهودية. "مسائل ابن هانئ" (1577) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم، أنه كان يحدث أن عليًّا سئل عن امرأة افتضت جارية كانت في حجر زوجها خشية أن يتزوجها، وقالت: إنها قد زنت. فقال: قل يا حسن. فقال: عليها الصداق والحد. فقال علي عليه السلام: لو كلفت إبلًا طحنًا لطحنت (¬1). سمعت أبا عبد اللَّه يقول: زعموا أنه تكلم به علي، فكلفت الإبل الطحين يومئذٍ. "مسائل ابن هانئ" (1584) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة قال: سألت الحكم، وحماد عن رجل افترع جارية حرة؟ فقالا: ليس لها صداق. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 411 (13671)، وابن أبي شيبة 4/ 30 (17463).

سألت أبي عن ذلك؟ فقال: لها صداق مثلها من النساء، وعليه الحد، واذا كان بكرًا يجلد مائة، وينفى سنة. "مسائل عبد اللَّه" (1305) قال عبد اللَّه: وسألت أبي عن رجل: وقع على جارية بكر حرة، فافترعها، هل عليه عقر مع الحد؟ فقال: عليه الحد، ومهر مثلها. "مسائل عبد اللَّه" (1307) قال الخلال: أخبرني عبد الملك أنه قال لأبي عبد اللَّه: تذهب إلى رجم أهل الكتاب إذا زنوا؟ قال: نعم، أرجمهم إذا أحصنوا؛ قد رجم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اليهودي واليهودية، فإذا أحصنوا رجموا. قلت: لو أن نصرانيًّا محصنًا أسلم ثم زنى بعد إسلامه ترجمه بذلك الإحصان الأول؟ قال: نعم. قلت: ولِمَ؟ قال: لأنه زان أرجمه بإحصانه وهو كافر، والإسلام إنما زاده غلظة في هذا. قلت: أليس الإسلام يهدم ما كان قبله؟ فاحتجّ عليَّ وفارقته فيه على أنه يرجمه بإحصانه الأول. وقال: حدثنا أبو بكر المروذي قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن رجل كانت له امرأة في دار الحرب فخرج إلى دار الإسلام فأسلم ثم زنى؟ قال: دخل بها؟

2626 - ذكر ما يثبت به الزنا

قيل له: نعم. قال: قد أحصنته عليه الرجم. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجم يهوديًا ويهودية؟ قال: نعم. روي عن خمسة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الرجم. [قلت: ] فحكم المسلمين وحكم أهل الذمة واحد؟ قال: نعم. وقال: على النصراني أن يرجم أيضًا إذا زنى. وقال: أخبرني قال: سألت أحمد قلت له: يرجم أهل الشرك؟ قال: إذا رفعوا إلى حكام المسلمين حكم فيهم بحكم المسلم الرجم وغيره. "أحكام أهل الملل" 2/ 356، 357 (787 - 790) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر وزكريا قالا: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه: تذهب إلى رجم اليهودي والنصراني؟ قال: نعم. "أحكام أهل الملل" 2/ 357 (394) 2 - ثبوت الزنا: 2626 - ذكر ما يثبت به الزنا قال إسحاق بن منصور: قلتُ: إذا جاءت الأَمَةُ بولدٍ مِن زنا، فزعمتْ أنه من فلانٍ، وأنكر الرجلُ؟ قال: يقال لها: اذهبي فأنتِ كاذبةٌ، فإنْ أقرّتْ أربع مرات وهي حرة، رُجمت إن كانت محصنة، والأَمةُ إذا أقرَّت أربعَ مراتٍ جُلدت خمسين.

قلت: لا تُجلد الأَمة؛ حتَّى تقرَ أربع مرات؟ ! قال: نعم، والحر والعبدُ سواء في السرقة، لا يقطع حتَّى يقر مرتين. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2344) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أمرأةٌ قالتْ لرجلٍ: زنيت بك؟ قال: لا ترجم حتَّى تقرَّ أربعَ مرات. قال إسحاقُ: كما قال. قُلْتُ: فقالتْ لرجلٍ: زنيت بي. قال: زنيت بك، وزنيت بي واحد. قال إسحاقُ: كما قال، واحد. "مسائل الكوسج" (2574) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن محدود في القذفِ أقرَّ على نفسِهِ بالزنا أربع مراتٍ؟ قال: يُقامُ عليه الحدُّ. قال أحمدُ: صَدقَ. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2663) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ: إذا شهدَ أربعةٌ بالزنا، ثم أقر؟ قال: زادهم. أي: يُقامُ عليه الحدُّ. "مسائل الكوسج" (3414) قال أبو داود: سمعتُ أحمد قال: سُنَّةُ الرجم أن يرجمَ الإِمامُ، ثمَّ الناسُ، ويجعلونَ صفوفًا لا يختلطُون، ثمَّ ينصرفُ، يريدُ صفًّا صفًّا. وسنةُ الاعتراف أن يعترفَ أربعَ مرارٍ.

قيلَ: في مجلسٍ واحدٍ؟ قال: أربع مرارٍ، أليس جاءَ عن يمينهِ وعن يسارهِ -يعني: ماعزَ بن مالكٍ- حين أتى النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فأقرَّ عنده بالزنا فأعرضَ عنه، ثمَّ أتاه عن يمنيه فأعرضَ عنه، ثم أتاهُ عن يسارهِ فأعرضَ عنه، ثم أتاهُ من خلفهِ فأعرضَ عنه. "مسائل أبي داود" (1455) قال ابن هانئ: تذهب إلى حديث ماعز في الإقرار، أن تردده أربع مرات؟ قال: نعم، إليه أذهب. أكرر أربع مرات، وفي الرابعة أرجمه. "مسائل ابن هانئ" (1576) قال أبو طالب: القتل يثبت بمرة واحدة، وفي الزنا بأربع. "الروايتين والوجهين" 2/ 257 قال مهنا: قال أحمد: إذا شهد نفسان أنه زنى بها في هذا البيت، وآخران أنه زنى بها في بيت آخر وجب الحد بقولهم. "الروايتين والوجهين" 2/ 324 قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن الزاني يردد أربع مرات؟ قال: نعم على حديث ماعز، هو أحوط. قلت له: في مجلس واحد، أو في مجالس شتى؟ قال: أما الأحاديث فليست تدل إلا على مجلس واحد إلا ذاك الشيخ بشير بن مهاجر، عن عبد اللَّه بن بريدة، عن أبيه، وذاك عندي منكر الحديث. "المغني" 12/ 355

2627 - من وجد مع امرأته رجلا يزني بها، وأقام البينة على زناهما، هل يشترط أن يأتي بأربعة شهود أم يكفي اثنان؟

2627 - من وجد مع امرأته رجلًا يزني بها، وأقام البينة على زناهما، هل يشترط أن يأتي بأربعة شهود أم يكفي اثنان؟ قال إسحاق بن منصور: رجلٌ وجدَ مع امرأتِه رجلًا، فقتله؟ قال: إذا جاء بشهودٍ أنه وجده مع امرأتِه في بيته؛ يُهدر دمه وإن كان شاهدان. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1129) قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل وجدَ مع امرأته رجلا، فقتلَهُ؟ قال: إذا جَاءَ بالشهودِ أنَّه وجده مع امرأته في بيته يهدر دمه، وإن (كانوا) (¬1) شاهدين. قال إسحاق: كما قال، وإن لم يكن بينه فعلم ذاك فهو واحد. "مسائل الكوسج" (2347) نقل عنه أبو طالب: فيمن وجد مع امرأته رجلا فقتله: يقيم البينة أربعة؛ لأنه قذفها، فإن شهد أربعة رجمت وإن شهد اثنان جلدوا. "الروايتين والوجهين" 2/ 347 سأله أبو الحارث: وجده يفجر بها -أي: بامرأته- له قتله؟ قال: قد روي عن عمر وعثمان. "الإنصاف" 25/ 136 ¬

_ (¬1) في "المسائل": (كان) ولعل المثبت أصح.

2628 - هل تعتبر رؤية الإمام في إثبات الحد؟

2628 - هل تعتبر رؤية الإمام في إثبات الحد؟ قال صالح: سألت أبي عن الإمام إذا اطلع على رجل يفجر أيقيم عليه الحد؟ فحدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا حرب بن أسيد، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد اللَّه عن (زييد) (¬1) بن الصلت أنه سمع أبا بكر الصديق يقول: لو أخذت سارقًا لأحببت أن يستره اللَّه. "تهذيب الأجوبة" 1/ 330 2629 - ما يجب على الإمام مراعاته عند التثبت من الزنا نقل حنبل: يردده -أي: الإقرار بالزنا- ويسأل عنه لعل به جنونًا أو غير ذلك على ما ردد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "الفروع" 6/ 588 ¬

_ (¬1) في "تهذيب الأجوبة": (زبيد) بباء موحدة ثم مثناة تحت، والمثبت هو الصحيح. انظر: "الإكمال"، لابن ماكولا 4/ 171، "المشتبه" للذهبي 1/ 333، "توضيح المشتبه" لابن ناصر 4/ 270، "تبصير المنتبه" لابن حجر 2/ 639، وترجمة ابن حجر في "الإصابة": زبيد بن الصلت، وذكر عن الواقدي أنه سمع أبا بكر وعمر وعثمان. ثم قال الحافظ: وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن زُبيد بن الصلت: سمعت أبا بكر الصديق. وذكر الحديث بلفظ (شاربا) والحديث رواه ابن أبي شيبة 5/ 471 (28073) في باب: الستر على الساق.

2630 - إذا زنى الرجل هل الأولى أن يقر بالزنا ويقام عليه الحد، أم يستر نفسه ويتوب؟

2630 - إذا زنى الرجل هل الأولى أن يقر بالزنا ويقام عليه الحد، أم يستر نفسه ويتوب؟ قال مهنا: رجل زنى، يذهب يقر؟ قال: بل يستر نفسه. "الفروع" 6/ 60 3 - انتفاء الشبهة قال إسحاق بن منصور: جاريةٌ بين رجلينِ وقعَ عليها أحدُهما؟ قال: لا حدَّ عليه. قال ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: هو خائن. قال إسحاق: هو كما قال. "مسائل الكوسج" (928) قال إسحاق بن منصور: إذا وقعَ عليها وهو جاهلٌ أو غير جاهل: واحد؟ قال: غيرُ جاهل أشدُّ، وليس عليه حدٌّ؛ لأن له فيها نصيبًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (929) قال إسحاق بن منصور: قلت: الرجلُ يُحلُّ جاريته لرجلٍ، أو يحل له فرجها، والمرأة لزوجها تقول: إنه حرامٌ؟ قال: حديث النعمان بن بشير -رضي اللَّه عنهما- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حيث قال لها: "إن كنت أذنت له جلدناه" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 272، 273، 277، والترمذي (1451)، والنسائي 6/ 124، وفي "الكبرى" 4/ 296، وابن ماجه (2551). =

قلت: هذا في المرأة لزوجها، فما تقولُ إذا أحل جاريته لرجلٍ أو فرجها؟ قال: لا يصلح، ولا تكون له الجارية. قال إسحاق: كما قال سواء في كليهما. "مسائل الكوسج" (933) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: إذا أحل له فرجها فوقع عليها فهي مملوكة لسيدها الأول، والولد مملوك ويثبت النسب. قال أحمد: هذا وطء على شبهة، الولدُ ولده والأمةُ ترجعُ إلى سيدها الأول. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1219) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا وجِدَتِ المْرأةُ حبلى ولا زوجَ لها، فتقولُ: قد استكرهتُ، أو تزوجْتُ؟ قال: القولُ قولُها. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2528) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الشعبيُّ: أمرأةٌ شَهدَ عليها أربعةُ نفرٍ بالزنا، فنظرَ إليها النساءُ فوجدوها عذراء، أجلدها وعليها خاتم من ربها عز وجل! ¬

_ = والحديث إسناده ضعيف، قال الترمذي: في إسناده اضطراب، سمع محمدًا -يعني: البخاري- يقول: لم يسمع قتادة من حبيب بن سالم هذا الحديث. وانظر: "العلل الكبير" للترمذي 2/ 614، و"العلل" لابن أبي حاتم 1/ 447.

قال أحمد: هم أربعة قد شهدوا أحرزوا ظهورهم، أدرأ عنها وعنهم الحدَّ. "مسائل الكوسج" (2639) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ تَزَوَّجَ امْرأةً بكرًا فَدخَل عليها فإِذا هي حبلى، فقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لها الصداقُ بما استحللت منها، والولدُ عبد لك، فإذا ولدت فاجلدوها" (¬1). قال: لها الصداقُ، ولا حَدَّ عليها حتى يعلمَ أَنَّها زنَتْ، عسى أَنْ يكونَ استكرهها إنسانٌ، عسى أَنْ تكونَ علتها علة حديث أبي موسى -رضي اللَّه عنه- (¬2). وضعَّفَ الحديث. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2688) قال إسحاق بن منصور: حَدَّثنَا إسحاق قال: أخبرنا هشيم، عن أبي بشر، عن أبي روح الشامي قال: كان رجل يواعدُ أمةً له في موضعٍ يأتيها فيه، فعلمَتْ بذلكَ امرأةٌ فجلسَتْ له بذلك المكان فجاء فأصابَ منها وهو لا يعلمُ أنَّها ليسَتْ بجاريته، فلمَّا فرغَ إذا هي ليسَتْ بجاريتِه، فأتى عمر ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (2131)، والطبراني 2/ 48 (1243)، والبيهقي 7/ 157، وابن الجوزي في "التحقيق" 2/ 274 من حديث بصرة بن أكثم الأنصاري، قال ابن القيم في "التهذيب" 3/ 60: هذا الحديث قد اضطرب في سنده وحكمه. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (368). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 507 (28491) في خبر طويل وملخصه أن أبا موسى لما كان واليا على اليمن أتي بامرأة حبلى من الزنا، فلما سألها أخبرته أنها كانت نائمة فاستكرها إنسان لا تعرفه، فرفع أمرها إلى عمر، فلم يحدها وأوصى أهلها بها خير أو كساها.

-رضي اللَّه عنه- فذكرَ ذَلِكَ له، فأرسلَ إلى عليٍّ -رضي اللَّه عنه- فقال عليٌّ: اضْربِ الرجلَ حدًّا في السر، واضربِ المْرأةَ حدًّا في العلانيةِ. قال أحمد: لا أعلمُ على الرجل حدًّا، هذِه شبهة تَدرأ عنه الحد. قال إسحاق: كما قال أحمد، بل أرجو أن يكونَ له فيما لا يعلم الأجر إذا كان من أهل الصلاح. "مسائل الكوسج" (2699) قُلْتُ: قال: فلما فرغَ من جلدِ أبي بكرة -رضي اللَّه عنه-: أشهد أنه زانٍ، فذهبَ عمر -رضي اللَّه عنه- يعيد عليه الجلدَ، فقال عليٌّ عليه السلام: إنْ أبيت إلَّا أنْ تجلدَه فارجم صاحبك. قال أحمد: مَا أدْرِي ما هو، أعيانا أنْ نعلمَ ما هو. قال إسحاقُ: قال عيسى بن يونس حين فرغَ من هذا الحديثِ قال: أرادَ عليٌّ عليه السلام بهذا أن يدرأَ عنه الحد، يقول: إن قبلتَ شهادته كأنك جعلته رابعًا، وله معنى آخر أيضًا يقول: إذا رماه بذلك القذف الذي قذفه لم يكن له إلا الأمر الأول. "مسائل الكوسج" (3296) نقل أبو الحارث، وأبو طالب، والميموني: في الرجل يطأ جارية بينه وبين شريكه: يجلد مائة إلا سوطًا. "الأحكام السلطانية" (280) قال مهنا: روي عن أحمد أنه سأله عن رجل وطئ امرأة، وزعم أنها زوجته، وأنكرت هي أن يكون زوجَها وأقرت بالوطء قال: فهذِه قد أقرت على نفسها بالزنا، ولكن يدرأ عنه الحد بقوله: إنها امرأته ولا مهر عليه، ويدرأ عنها الحد حتى تعترف مرارًا.

2631 - من وقع بجارية امرأته، هل يجب عليه الحد؟

قال أحمد: وأهل المدينة يرون عليها الحد، يذهبون إلى قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "واغد يا أنيس إلى امرأه هذا، فان اعترفت فارجمها" "المغني" 12/ 361 نقل الأثرم: في جاهلين وطئا أمتهما: ينبغي أن يؤدبا. "الفروع" 5/ 480 نقل حنبل عنه فيمن وطء أمة أبيه وأمه عالمًا تحريمه؛ أنه يحُد، ولا يلحقه الولد. ونقل الميموني خلافه. "المبدع" 7/ 379 2631 - من وقع بجارية امرأته، هل يجب عليه الحد؟ قال إسحاق بن منصور: فَمَنْ يقعُ على جاريةِ امرأتِهِ، أو ابنه، أو أمه، أو أبيه؟ قال: كل هذا أدرأ عنه الحد إلا جاريةَ امرأتِهِ فإنَّ حديثَ النعمان بنِ بشيرٍ في ذَلِكَ. قُلْتُ: يقامُ عليه الحدُّ في جاريةِ امرأته؟ قال: نعم. على ما قال النعمان بن بشير في ذَلِكَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (934) قال صالح: وسألته عن حديث النعمان بن بشير أن رسول اللَّه قال في رجل وقع بجارية امرأته قال: "إِن كان أحلتها له فاجلدوه، وإن لم تكن أحلتها له فارجموه؟ " قال أبي: أذهب إِلى حديث النعمان بن بشير. "مسائل صالح" (245)

نقل صالح عن أبيه حديث النعمان بن بشير عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الذي يقع على جارية امرأته أذهب إليه، إن كانت أحلتها له جلدته مائة، وإِن كانت لم تحلها له رجمته. حديث عمر أيضًا قوةٌ لهذا. "مسائل صالح" (1071) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أذهب إلى حديث النعمان ابن بشير في الذي يقع على جارية امرأته إن كانت أحلتها له فاجلدوه، وإن لم تكن أحلتها له فارجموه، أذهب إليه. "مسائل ابن هانئ" (1568) قال في رواية ابن هانئ: إذا وطئ جارية امرأته، وقد أحلتها له يرجم. "الأحكام السلطانية" ص 280 قال الفضل بن زياد: كتبت إلى أبى عبد اللَّه أسأله عن حديث النعمان ابن بشير: "من أتقى الشبهات أستبرأ لدينه وعرضه" ما الشبهات؟ فأتانى الجواب: هي منزلة بين الحلال والحرام، إذا أستبرأ لدينه لم يقع فيها. "بدائع الفوائد" 4/ 60 نقل المروذي، وأحمد بن واصل المقري: إذا وطئ جارية امرأته في حياتها ثم ماتت وادعى أنها له لم نلحق نسبه؛ لأنه وطئ ما لا يملك، وإن كان ولدت بعد موت امرأته لحق نسبه؛ لأن له فيها حصة. "الروايتين والوجهين" 2/ 327 نقل الأثرم: إذا وطئ جارية امرأته وقد أحلَّتها له جُلِد مائة. "الروايتين والوجهين" 2/ 344

فصل ما جاء في مسقطات الحد

فصل ما جاء في مسقطات الحد 2632 - 1 - الرجوع عن الإقرار بالزنا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا اعترفَ الرَّجلُ على نفسِه بالزنا، ثم رجعَ عن ذَلِكَ؟ قال: يتركُ، قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لماعز بن مالك حين فرَّ: "أَلَّا تَرَكْتُمُوهُ". قُلْتُ: ما يعني بذلكَ؟ قال: يقولُ: اتركوه يذهب. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2526) قال إسحاق بن منصور: وإذا أقرّ أربعَ مراتٍ بالزنَا، ثم أنكرَ يُترك، وإذا شهدتِ، الشهودُ، ثم أنكرَ لا يُترك. "مسائل الكوسج" (3413) قال صالح: الرجل يقر بالزنا؟ قال: يردده أربع مرار. قلت: فإِن رجع؟ قال: يدرأ عنه الحد، لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَلَّا تَرَكْتُمُوهُ". وقال أهل المدينة: يقتل إِذا أقر. قال: وماعز ردده النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أربعًا. "مسائل صالح" (1207) قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ سئل عن المرجومِ إذا هربَ يُتركُ؟

2633 - 2 - توبة الزاني قبل أن يقدر عليه

قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1457) 2633 - 2 - توبة الزاني قبل أن يقدر عليه نقل الأثرم عن أحمد في الزاني إذا تاب قبل القدرة عليه؛ سقط الحد. "الروايتين والوجهين" 2/ 304 نقل الميموني عنه في الرجل إذا اعترف بالزنا أربع مرات، ثم تاب قبل أن يقام عليه الحد أنه تقبل توبته فلا يقام عليه الحد، وذكر قصة ماعز إذ وجد مس الحجر فهرب، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ". قال الميموني: وناظرته في مجلس آخر، قال: إذا رجع عما أقر به لم يرجم. قلت: فإن تاب؟ قال: من توبته أن يطهر بالرجم، قال: ودار بيني وبينه الكلام غير مرة أنه إذا رجع لم يقم عليه، وإن تاب فمن توبته أن يطهر بالجلد. "الصارم المسلول" (508)

فصل كيفية تنفيذ عقوبة الزنا

فصل كيفية تنفيذ عقوبة الزنا 2634 - صفة الرجم قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ سئلَ عن المرجوم يحفرُ له؟ قال: أكثرُ الأحاديث على أنه لا يحفرُ لهُ، وقد قيل: يحفرُ له. "مسائل أبي داود" (1456) قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ سئل عن المرجوم يرجم حتَّى تخرجَ نفسهُ؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1458) 2635 - صفة الجلد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: حدُّ المرأة مثلُ حد الرجل في العدد؟ قال: نعم، ولكن الضَّرب يَختلف: لا تُمد، ولا تُجرد، وتُضرب وهي قاعدة. قال إسحاق: كما قال، وكذلك الرجل لا يُمد. "مسائل الكوسج" (2473) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: قال الحسن: لا يجرد في حد، ولا يمد. قال أحمد: تضربُ الأعضاء كلها. قال إسحاق: كما قال أحمد، تضرب الأعضاء كلها لا مد ولا صفع. "مسائل الكوسج" (2630)

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الحسن: ضربُ الزنا أشدُّ مِنْ ضربِ القذفِ، والقذفُ أشدُّ مِنَ الشّربِ، والشربُ أَشَد مِنَ التعزيرِ (¬1). قال أحمدُ: هو نحو ما قال. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2631) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الشعبي: النساءُ يضربن ضربًا دون ضرب، وسوطًا دون سوط، ولا يجردن، ولا يمددن، وتتقى وجوههن (¬2). قال أحمدُ: ما أحسنه! قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ حكمهن غيرُ حكم الرجالِ. "مسائل الكوسج" (2632) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عَنِ النِّساءِ يجلدن قعودًا أو قيامًا؟ قال: قعودًا فيما سمعنا. قال أحمد: صدق. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2633) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الحسن البصري رحمه اللَّه تعالى: يضرب المحدود على ثياب زمانه: إن كان في الشتاءِ لم ينزع منه ثياب الشتاءِ، وإن كان في الصيفِ لم تعد عليه ثياب الشتاء (¬3). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 368 (13509) مختصرا. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 5 (29021). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 5/ 492 (28315).

2636 - شهود طائفة للعذاب

قال أحمدُ: يضربُ على قميصٍ، لو تُرِكَ عليه ثيابُ الشتاءِ ما بالى بالضربِ. قال إسحاق: كما قال أحمدُ، لا يترك عليه حشو أصلًا، لا في شتاء ولا صيف. "مسائل الكوسج" (2634) قال صالح: وسألته عن العبد إذا زنى، أيقام عليه الحد وهو بكر؟ قال: يجلد خمسين. قال أبي: وسألت عبد الرحمن بن مهدي، فسكت. "مسائل صالح" (262) قال ابن هانئ: وسئل عن الأمة تزني؟ قال: إذا تبين ذلك منها جلدت خمسين، قال اللَّه عز وجل: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] والحرّةُ تجلد مائة. "مسائل ابن هانئ" (1574) نقل الميموني عنه: يجرد، ويعطى كل عضو حقه. نقل أبو الحارث: يجلد مائة، وعليه ثيابه. "الأحكام السلطانية" (283) 2636 - شهود طائفة للعذاب قال إسحاق بن منصور: قولُه سبحانه وتعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}؟ [النور: 2]. قال: قالوا: واحد، وقالوا: اثنانِ. قال إسحاق: هو رجلانِ فصاعدًا. "مسائل الكوسج" (2530)

2637 - صفة التغريب، وما ذكر أن المرأة كالرجل في ذلك

2637 - صفة التغريب، وما ذُكر أن المرأة كالرجل في ذلك قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إلى قدر كم تُنفى المرأة والرجل؟ قال: على قدر ما تُقصر فيه الصلاةُ. قال إسحاق: كلما نُفي من مصرٍ إلى مصرٍ جاز، وإن كان بينهما ما لا تُقصر فيه الصلاة. "مسائل الكوسج" (2472) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تسافر المرأة ساعة إلا مع ذي محرمٍ". قال: في حديثِ ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: لا تسافر سفرًا. ولم يذكر يومًا ولا ليلة، وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يخلون رجلٌ بامرأةٍ" (¬1). قال إسحاق: ولا يكون سفرًا أبدا قدر ساعة، إنما هو قدر ما تُقصرُ فيه الصَّلاةُ، وما دون ذلك فهو مباحٌ لها، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يخلون" ليس معناه السفر، هو كما قال. "مسائل الكوسج" (2708) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل تنفى المرأةُ إذا لم يكنْ لها محرمٌ؟ قال: نعم، هذا حد قد وقعَ عليها (ليس) مثل السفر، أرأيتَ إن زنت وهي في بلدة ليس فيها حاكم لا ترفع إلى الحاكم، فينبغي لمن قال هذا (أنها) لا تنفى؛ لأنَّه ليس لها محرم، فينبغي له أن يقول: إنها لا تسافر -يعني: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 222، والبخاري (1862)، ومسلم (1341) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.

بغير محرم- لأن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرَ بالنفي (¬1) ولم يذكر محْرمًا ولا غيره. قال إسحاق: النفي سنةٌ مسنونة لا يحلُّ ضرب الأمثال لإسقاط النفي، بل تنفى بلا محرم كما جاء. بل تنفى المرأة على حال؛ لأنَّ النفي سنةُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وعملَ به أبو بكر وعمر وعثمان وعلي -رضي اللَّه عنهم- والخلفاء (¬2)، لم يكن لأحد أن يسقطه، وجهلَ هؤلاء فقالوا: قول على -رضي اللَّه عنه-: كفى بالنفي فتنة (¬3). وإن لم يكن له أصل لما لم يروه إلا الشيخ فمعناه قائم لو كان صحيحًا على غير ما ادعاه هو؛ لقوله: كفى بالنفي فتنة. إذا نفي كان مفتونًا فهذا يثبت النفي. واحتجوا بأنَّ عمرَ -رضي اللَّه عنه- غرب في الخمرِ، فبلغه أنَّه تنصر، فقال: لا أغرب (¬4). إنما معنى ذا أنه كان رأى نفيه نظرًا للرعية أن يخوفهم كما نفى المخنثين وغيرهم، ثم ندم في النفي في الخمر وشبهه لما لم ينفه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وترك ذلك، ونفى في الزنا إلى خيبر ولم يرجع عنه (¬5). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 313، ومسلم (1690) من حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ بلفظ: "الْبِكرُ بِالْبكرِ، جَلْدُ مائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ". (¬2) سنة النفي والتغريب قد تقدم تخريجه آنفا من حديث عبادة بن الصامت، أما عمل الصحابة في ذلك فقد رواه الترمذي (1438)، والنسائي في "الكبرى" 4/ 323 (7342)، والحاكم 4/ 369 من رواية ابن عمر أن أبا بكر ضرب وغرب، وأن عمر ضرب وغرب. اهـ. وفيما ورد عن عثمان وعلي -رضي اللَّه عنهما- في النفي رواه ابن أبي شيبة 5/ 536 (28789، 28790). (¬3) رواه عبد الرزاق 7/ 315 (13327). (¬4) رواه النسائي 8/ 319، وعبد الرزاق 9/ 230 وضعفه الألباني في "ضعيف سنن النسائي" (436). (¬5) رواه البخاري (6833) بمعناه، البيهقي 8/ 222 بلفظه.

وأمَّا احتجاجهم في إسقاطِ النفي أن لا تسافر المرأة بغير محرم فهو جهلٌ بيّن إنهم قالوا بأجمعهم: لو أنَّ امرأة خوصمت فلم يكن ببلدها حاكم رفعت إلى بلدةٍ أخرى بغير محرم، ولا يدرى يُبرَدُ للمدعي حقٌّ أم لا. فأين احتجاجهم بأن لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، فإن ما احتجوا في الزنا هاهنا أشبه لو كانت حجة، ولكنهم أُولعوا بأن يفرقوا بين ما جمع اللَّه عز وجل ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- وأن يجمعوا بين ما فرق اللَّه عز وجل ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، أرأيت لو كان لها محرم؟ فقال: لا أحملها، أيجبر على ذَلِكَ؟ "مسائل الكوسج" (2709) قال المروذي: فقال: إذا زنت ولم يكن لها محرم تنفى إلى مثل المدائن سفرًا لا تقصر في مثله الصلاة. ونقل عنه في موضع آخر: تنفى من عمله إلى عمل غيره. نقل عنه الأثرم: في المرأة تنفى بغير محرم؟ فقال نعم. "الروايتين والوجهين" 2/ 315 وقال الأثرم: قلت: المرأة تنفى بغير محرم، فقال: نعم. ونقل عنه ابن القاسم: لا تحج المرأة إلا مع ذي محرم. فقيل له: فإن وجب عليها الحد، وليس ثم حاكم، يخرج بها إلى المحاكم. فقال: ليس هذا يشبه الحج. "الروايتين والوجهين" 2/ 315، 316

2638 - هل ينفى العبد في الزنا؟

2638 - هل ينفى العبد في الزنا؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُنفَى العبدُ في الزنا؟ قال: ليس عليه نفي. قال إسحاقُ: كما قال؛ لأنَّه مالٌ. "مسائل الكوسج" (2529) 2639 - تأجيل العقوبة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا آعترفَتِ المرأةُ بالزنا وهي حبلى؟ قال: تتركُ حتَّى تضعَ ما في بطنِهَا، ثُم تترك حتى تفطمَه. قُلْتُ: كم؟ قال: حولينِ، ثم ترجمُ. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2527) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رَجُلٌ مريضٌ وجبَ عليه الحدُّ؟ قال أحمدُ: يُقامُ عليه الحدُّ، أليسَ عمرُ -رضي اللَّه عنه- أقامَ على قُدامةَ الحدَّ وهو مريضٌ؟ قال إسحاقُ: كما قال لما سن عمر -رضي اللَّه عنه- ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (2680)

باب حد القذف

باب حد القذف فصل: ما جاء في شروط وجوب الحد أولًا: ما يتعلق بصيغة القذف 2640 - التعريض بالقذف، هل يعتبر قذفًا يوجب الحد؟ قال إسحاق بن منصور: من رمى امرأة بما فعلت في الجاهليةِ؟ قال: عليه الحدُّ. قال إسحاق: كما قال شديدًا. لحرمةِ الإسلامِ. "مسائل الكوسج" (1030) قال إسحاق بن منصور: إذ قال الرجلُ لامرأتِه: لم أجدكِ عذراء؟ قال: لا يكون راميًا، ليس عليه شيءٌ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ العذرةَ تذهبها الحيضة. "مسائل الكوسج" (2348) قال إسحاق بن منصور: الرجل الذي قال للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: ولدَتِ امْرأتي غُلامًا أسود. قال أحمدُ: إِنَّما هذا شك في ولدِه، ولم يرم امرأته بشيءٍ. قال إسحاقُ: كَمَا قال ولا حد. "مسائل الكوسج" (2415) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: التَّعريضُ بالزنا؟ قال: التعريضُ بالزنا الحدُّ تامًّا، وفي غير ذَلِكَ عقوبة. قال إسحاق: أجادَ، كما قال. "مسائل الكوسج" (2480)

قال إسحاق بن منصور: قال الحكم: إذا قال: زنيت وأنت مشركة لا يضرب. قال سفيانُ: يضرب. قال أحمد: عمرُ -رضي اللَّه عنه- يضرب في التعريض الحد إذا عرض بالزنا (¬1). قال إسحاق: يضرب؛ لأنَّه رماه بالزِّنَا وهو اليوم مسلمٌ؛ بناء على قولِ عمر -رضي اللَّه عنه-؛ حيث رمى مسلمًا بما كان في الشركِ فرأى عليه الحد. "مسائل الكوسج" (2642) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ سفيانُ: قال رجل: قذفتك وأنت مشرك؟ قال: لا يضرب. قال أحمدُ: كلُّ مَنْ عرض بالزنا ضرب الحد. ولا يكونُ الحدُّ في التعريضِ إلَّا بالزنا، وما سوى ذَلِكَ يُؤدب. قال إسحاقُ: كما قال؛ لأنَّ عمرَ -رضي اللَّه عنه- حين شاورهم في الذي قال لصاحبِه: ما أبي بزانٍ ولا أُمِّي بزانية. فقالوا: قد مَدَحَ أباه وَأُمَّه. فقال عمر -رضي اللَّه عنه-: بل عرضَ بصاحبِهِ فجلده الحد (¬2). "مسائل الكوسج" (2643) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ سفيانُ عَنْ رَجُلٍ قال لرجلٍ: أنتَ أكثرَ زنا مِن فلانٍ، وقد ضرب فلان في الزنا؟ قال: ما أرى حدًّا بينًا، أرى أَنْ يعزرَ. قال أحمدُ: هذا تعريضٌ، يُضربُ الحد. قال إسحاقُ: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2646) ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 8/ 252. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 497 (28367)، والبيهقي 8/ 252.

قال إسحاق بن منصور: قال إبراهيمُ في الرجلِ يقولُ للرجلِ العربي وأمه أم ولد، أو يهودية، أو نصرانية: لست لأبيك. قال: لا يضربُ. قال سفيان: يقول حماد: إنما يقعُ الزنا على النساءِ ولا يقعُ على الرجالِ. قال أحمدُ: أَيُّ شيء بقي أعظم من ذا؟ ! يضربُ هذا أشد الضرب. قال إسحاقُ: كما قال أحمد. قُلْتُ: قال سفيانُ في العبدِ تكونُ أُمُّهُ حُرَّةً، فيقول له رجلٌ: لست لأبيكَ. ليس عليه حدٌّ، إنما هي نفي للمملوك وليس برمي للأمِّ، ومَنْ قال بقول حماد قال: يضرب. قال أحمدُ: يضربُ إذا كان الأب أيضًا حرًّا. "مسائل الكوسج" (2647) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ سفيان عن رجلٍ قال لرجل: يا فاجر؟ قال: ليسَ فيه حَدٌّ. قال أحمدُ: لا يبلغُ به الحد. وَسُئِلَ عَنْ رجلٍ قال لرجلٍ: مَا علمتُكَ إلَّا خبيث البطنِ يقول: بطنك دَوِيَ؟ قال له: فإن قال له: خبيث الفرج؟ قال: يعزرُ. قال أحمدُ: جيدٌ. قال إسحاقُ: كما قال في كله تعزير أدب. "مسائل الكوسج" (2648) قال إسحاق بن منصور: قال: سألت سفيانَ عَنْ رَجُلٍ قال: إن كنت دخلت دار فلان فامرأته زانية. فشهدَ رجلانِ أَنَّه دخلَهَا. قال: ما أرى حدًّا بينًا.

قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2651) قال إسحاق بن منصور: سُئل سفيان عن رجلٍ قال لرجل: ما كان فلان ليلد مثلك؟ قال: ما أرى في هذا شيئًا. قال أحمد: هو تعريض شديد، فيه الحد. قال إسحاق: فيه تعزير يكون أن لا يعرض بالزنا، إنما يقول يتكلم في الرزالة في الخلق. "مسائل الكوسج" (2654) قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان عن رجل قال لرجل: لو كنت من ولد فلان ما فعلت كذا وكذا. قال: ما أرى عليه حدًّا. قال أحمد: بلى، عليه الحد. قال إسحاق: عليه تعزير مثل الأول. "مسائل الكوسج" (2656) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ سفيانُ عَن رجلٍ قذفَ امرأةً، ثمَّ زنت؟ قال: عليه الحدُّ، يجلد. قال أحمدُ: يُجْلدُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2657) نقل الميموني عنه في رجل قذف امرأة فقال: زنيت وأنت نصرانية أو أنت مملوكة، هل يجلد الحد إن لم يأت بالبينة؟ فقال: ويعلم أنها كانت نصرانية، هذا أهون.

2641 - هل الرمي باللواطة قذف؟

قيل له: فإن لم يعلم؟ فقال: دعها. ولم يجب عنها. "الروايتين والوجهين" 2/ 201 - 202 قال حنبل: قال أحمد: لا أرى الحد إلا على من صرح بالقذف والشتيمة. "المغني" 12/ 392 2641 - هل الرمي باللواطة قذف؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاق: ما يلزم في الحق، رجل قال لرجل: إنك تأتي فلانًا فيطؤك كما توطأ المرأة، فأشهد عليه بذلك شهودًا عدولًا؟ وما الذي يلزم هذا القاذف لهذين ورميه إياهما بإتيان الفاحشة التي عذَّبَ اللَّهُ عز وجل عليها قومَ لوطٍ مصرِّحًا بذلك؟ قال: السنة في الذي يعمل عمل قومِ لوطٍ مُحصنًا كان أو غَير مُحصن أن يُرجم؛ لأنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من عَمِل عملَ قومِ لوطٍ فاقتُلوهُ". رواه ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كذلك، ثمَّ أفتى ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيمن يعمل عمل قوم لوط أنه يُرجم، وإن كان بكرًا. فحكم في ذَلِكَ لما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكذلك يروى عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- مثلُ هذا القول: أن اللوطي يرجم، ولم يذكر محصنًا أو غير محصن، فالفتيا من أهل العلم ينبغي أن تكون هكذا، وهذا بناء على ما فعل اللَّه سبحانه وتعالى بقوم لوط أنهم قُتلوا، وكذلك يروى عن أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه-: أنه يُحرق بالنارِ، واحتج فقال: هذا شيء عذب اللَّه سبحانه وتعالى به أمةً لم يعذب بها أمة قط قبل هؤلاء بمثل هذا، فأرى أن يفعل ذَلِكَ ويحرقوا بالنار، وهذا عندي أنه يحرق بالنار جسده بعدما يقتل؛ كما فعل علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-

ثانيا: ما يتعلق بالقاذف

وأُتي بقوم تزندقوا فقتلهم، ثمَّ حرَّق أجسادهم بالنار، وهو حسن؛ لأنه لم يحرقه والروح فيه فيكونُ مُعذِّبًا بعذاب اللَّه عز وجل، وجهل هؤلاء بأجمعهم فقالوا: الذي يعمل عمل قوم لوط لا حد عليهم ولا يقتلون أَحصَنوا أو لم يُحصنوا، إنما يعزرون تعزيرًا فَخفَّفُوا فيما شدد اللَّه، كما شددوا فيما خفف اللَّه عز وجل، وقد أُولِعوا بذلك أن يميزوا بين ما جمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأن يجمعوا بين ما ميز رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فإنا للَّه ما أعظَمَها من مصيبة أن يُنسبَ إلى العلمِ مَن يَكونُ أُمرُه كما وَصَفنا حتى يضلَّ الناس به، ولا يدرون! فكلما قذف قاذف رجلًا بأنك تعمل عمل قوم لوط مصرحًا، فحكم ذلك كما يقذف الرجل بالزنا إن أقام العدول بما رماه، وإلا حد كما يحد في القذف في الزنا، بل حكمه أشد وأوكد إذا كان الراكب كذلك حكمه فيما وصفنا. "مسائل الكوسج" (2722) ثانيًا: ما يتعلق بالقاذف 2642 - السكران يقذف، هل يجب عليه الحد؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: السَّكران يَقْذِف؟ قال: أَجْبُنُ عن السكران. قال إسحاق: لا يُؤخذ بجنايتِه ولكن يُؤدَّبُ. "مسائل الكوسج" (2485) نقل أبو طالب في السكران إذا شتم إنسانًا: يقام عليه الحد، وإن قتلَ قُتِل. "الروايتين والوجهين" 2/ 156

2643 - المملوك يقذف، هل يجب عليه الحد؟

2643 - المملوك يقذف، هل يجب عليه الحد؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المملوك يَقذفُ الحرَّ؟ قال: عليهِ أربعون؛ حديثُ أبي الزِّنادِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2481) 2644 - المشرك أو الذمي يقذف، هل يجب عليه الحد؟ قال عبد اللَّه: فقيل له نصراني يقذف مسلمًا؟ قال: يجلد الحد. "مسائل عبد اللَّه" (1536) قال موسى بن عيسى: قال أحمد في مشرك قذف مسلمًا: يضرب. "طبقات الحنابلة" 2/ 403 ثالثًا: ما يتعلق بالمقذوف 2645 - يشترط كون المقذوف مسلمًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: عَلَى مَنْ قَذَفَ أهلَ الذّمةِ حدٌّ؟ قال: أدب. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2420)، (2687) قال عبد اللَّه: سئل أبي وأنا أسمع عن مسلم قذف نصرانيًّا؟ فقال: ليس عليه حد. فقيل له: فيما بينه وبين ربه.

قال: ليس ينبغي له أن يفعل، بئس ما صنع. "مسائل عبد اللَّه" (1535) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي وأخبرني يوسف بن موسى وأحمد بن الحسين والحسين بن إسحاق التستري قالوا: سُئل أبو عبد اللَّه عن المسلم يقذف اليهودي والنصراني؟ قال: ليس ينبغي له هذا، وليس عليه حد. وقال: وأخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى قالا: حدثنا أبو طالب قال: سألت أبا عبد اللَّه، قال: مثله سواء. وقال: وأخبرني الحسن بن الهيثم أن محمد بن موسى حدثهم أنه قال لأبي عبد اللَّه فيمن قذف ذمية عليه شيء؟ قال: أي شيء عليه؟ ! ! وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: لا أرى أن يجلد قاذف يهودي ولا نصراني. قال: الحد إنما هو للمسلم لطهارته فالذمي ما له ولهذا؟ ! وقال: أخبرني حرب قال: قلت لأحمد: قذف مسلم يهوديًّا أو نصرانيًّا؟ قال: يؤدّب. قال: وسألت أحمد مرة أخرى عن الرجل يقذف الذمي والأمة؟ قال: يعزر. وقال: أخبرني الميموني أنه قال لأبي عبد اللَّه: ما تقول فيمن سبّ نصرانيًّا أو يهوديًّا؟ قال: يؤدّب، عليه أدب.

فقالوا: لِمَ؟ قال: لنفس الفري. قالوا: عليه أدب؟ قال: نعم يؤدّب عليه ضربات ليس عليه حدّ، إنما عليه أدب. فاستكثروا الأدب منه. قال: فيه عن عطاء شيء وأرى عليه أدبًا. وقال: أخبرني حامد بن أحمد أنه سمع الحسن بن محمد بن الحارث أن أبا عبد اللَّه سُئل عن من يقذف اليهودي والنصراني، أي شيء عليه؟ قال: يؤدب. وقال: أخبرني منصور بن الوليد قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في اليهودية والنصرانية إذا قذفها المسلم: إن كانت تحت ذميّ يؤدّب بما أشاع الفاحشة. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم أنه قال لأبي عبد اللَّه: رجل مسلم قذف نصرانيًّا؟ قال: يؤدّبه الحاكم على قدر ما يرى. "أحكام أهل الملل" 2/ 345 - 346 (751 - 759) قال الخلال: ورأيت في كتاب هارون المستملي: سألت أبا عبد اللَّه عن قاذف اليهودي والنصراني والمجوسي؟ قال: لا شيء عليه. قلت له: يعزر ولا يحد؟ قال: لا ما فيه أعظم، الشرك. وقال: حدثني عصمة بن عصام ليس على قاذف اليهودي والنصراني والمجوسي. وعن عمر بن عبد العزيز نحو هذا الكلام.

2646 - إذا قذف ذمية ولها زوج أو ولد مسلم يحد؟

قال أبو بكر الخلال: وأبو عبد اللَّه قد ذكر عن جماعة من التابعين: بعضهم لم ير عليه شيئًا وبعضهم قال: يؤدّب. وقد روى هذِه المسألة عن أبي عبد اللَّه أرجح من عشرة أنفس فقال بعضهم: ليس عليه حد. وقال محمد بن موسى: ليس عليه شيء. ولم يتابعه على هذِه اللفظة أحد، وقال: ستة أنفس عن أبي عبد اللَّه: إن عليه أدبًا. واحتجّ بنفس الفرية وإشاعة الفاحشة، والعمل عليه من قول أبي عبد اللَّه: أن عليه أدب. وقد قاله عنه حنبل في هذا الباب أيضًا: أن الحد إنما هو للمسلم؛ لطهارته فالذميّ ما له ولهذا؟ ! فسر أن القياس في الباب الأول المسائل الأولى: أن الحد للمسلم، وفي هذا الباب أدب فعلى هذا العمل من قول أبي عبد اللَّه. "أحكام أهل الملل" 2/ 347 (762) 2646 - إذا قذف ذمية ولها زوج أو ولد مسلم يُحد؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ قذفَ يهوديةً أو نصرانية، ولها ولدٌ مسلم أو زوج مسلمٌ؟ قال أحمدُ: يُقامُ عليه الحدُّ. قال إسحاقُ: كما قال؛ بناء على قولِ عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- لحرمةِ المسلمِ. "مسائل الكوسج" (2575) قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في اليهودية والنصرانية إذا قذفها المسلم، وكانت

2647 - 2 - الإحصان

تحت مسلم ضرب الحد. وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا حماد عن إبراهيم أنه قال: لا يجلد قاذف اليهودية والنصرانية، وإن كان زوجها مسلمًا أو لها ولد مسلم. قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه قال: وأنا لا أرى أن يجلد إذا قذفها؛ لأنها في دينها يستحلون ما لا يحل لنا. فلم ير أن يجلد مسلم لكافر. قال أبو بكر الخلال: سماع إسحاق وجعفر متقدم، وسماع حنبل آخر. والذي أذهب إليه من قول أبي عبد اللَّه: أنه لا يجلد مسلم لكافر. "أحكام أهل الملل" 2/ 343 - 344 (744 - 745) 2647 - 2 - الإحصان قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في بكر قذفت. قال: يجلد قاذفها، وكذلك الثيب أيضًا: يجلد قاذفها. قال له: فأربعة شهدوا بالزنا فوجدوها بكرًا؟ قال: لا يجلدون؛ لأنهم قد حصنوا ظهورهم. "مسائل عبد اللَّه" (1533) 2648 - هل يجب الحد على قاذف الأمة؟ نقل أبو طالب. على قاذفها -أي: الأمة- الحد، واحتج بحديث ابن عمر أنه قال: عليه الحد.

2649 - 3 - كون المقذوف يتأتى منه الفعل

ونقل المروذي: إن ابن عمر يقول: عليه الحد، وأنا لا أجترئ على ذلك، إنما هي أمة أحكامها أحكام الإماء. "الروايتين والوجهين" 3/ 131 2649 - 3 - كون المقذوف يتأتى منه الفعل قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجلٍ قال لجاريةٍ لم تحض: يا زانية؟ قال: ليسَ فيه حدٌّ، وإذا قال لغلامٍ لم يحتلمْ: يا زان. ليس فيه حد، وإنْ قال صبيٌّ لرجلٍ: يا زاني ليس قول الصبيِّ بشيءٍ. قال أحمدُ: إذا كانت بنت تسع سنين يجلدُ قاذفُهَا، فإِنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بني بعائشةَ -رضي اللَّه عنها- وهي بنتُ تسع، والغلامُ إذا بلغَ عشرًا يُضْرَبُ قاذفُه؛ لأنَّه يُضْرَبُ على الصَّلاةِ وهو ابن عشر، وأمَّا قولُ الصَّبيِّ فليسَ بشيءٍ. قال إسحاقُ: كل ما قذف غلامًا يطأ مثله فعلى قاذفِه الحدُّ. وكذلك الجارية إذا جَاوزَتْ تسعًا ويُوطأ مثلها، وقول الصبيِّ كما قال. "مسائل الكوسج" (2644) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجلٍ قَذفَ مجبوبًا. قال: ليس عليه شيءٌ. قال أحمدُ: مجبوب وغير مجبوب عليه الحدُّ. قال إسحاق: يعزر لانتهاكِ الحرمةِ. "مسائل الكوسج" (2658) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: سُئِلَ سفيانُ عَنْ رجلٍ قذفَ خصيًّا؟ قال: إِنْ كان يطيقُ الجماعَ فعلى قاذفِه الحدُّ. قال أحمد -رضي اللَّه عنه-: أطاقَ أو لم يطق عليه الحدُّ.

قال إسحاقُ: عليه الحدُّ كما قال. "مسائل الكوسج" (2659)

فصل ما جاء في طرق إثبات القذف

فصل ما جاء في طرق إثبات القذف 2650 - الشهادة نقل محمد بن حبيب عنه فيمن قذف رجلًا فقدمه إلى السلطان، فقال: أنا أجيء بثلاثة شهود معي أيكون شاهدًا أم قاذفًا؟ فقال: إن جاء بهم قريبًا لم يتباعد فهو شاهد رابع. "الفروع" 5/ 514 2651 - ثبوت حد القذف على شهود الزنا إذا لم يكمل النصاب، أو ردت شهادة بعضهم نقل حنبل في أربعة عميان شهدوا على رجل بالزنا: لا يضربون قد جاءوا أربعة. نقل مهنا: إن كان أحدهما فاسقًا أو أعمى أو محدودًا لم أقم الحد عليهم قد أحرزوا ظهورهم. نقل الأثرم وبكر بن محمد: إذا كانوا غير عدول أو بعضهم غير عدول لم يضربوا. "الروايتين والوجهين" 2/ 319

فصل تنفيذ الحد

فصل تنفيذ الحد 2652 - تعدد الحد بتعدد موجبه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ قذفَ قومًا جماعة؟ قال: حدا واحدًا حتَّى يفرق، فإنْ جَاء واحد فأخذَه فضرب له لم يضربْ للباقين. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2533) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ قال لرجلٍ: يا ابن الزانِيَيْنِ؟ قال: إذا جاءا جميعًا فحدًّا واحدًا وإذا جاء واحد يضرب له، وليس عليه غير ذَلِكَ. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2573) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الشعبيُّ: إذا قذفهم جميعًا فحدًّا واحدًا، وإذا فرق ضرب لكل إنسان حدًا. سُئِلَ سفيان: أيُّ شيءٍ كان يقولُ ابن أبي ليلى؟ قال: مثل قول الشعبي، قال سفيان: ما أراه إلَّا حدًّا واحدًا جمع أو فرق. قال أحمدُ: إذا فرق ضرب لكل إنسان حدًّا. قال إسحاقُ: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2641) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن رجلٍ قذف قومًا؟ قال: إن قذفهم متفرقين قال: يحدُّ لكلِّ واحدٍ، وإن قذفهم جميعًا فحدُّ واحدٌ. "مسائل أبي داود" (1464)

2653 - العود في القذف

نقل أبو الصقر عنه فيمن قال: يا ناكح أمه: يحد للرجل حدًّا، ولأمه حدًّا. "الروايتين والوجهين" 2/ 204 قال مهنا: سألت أبا عبد اللَّه: إذا قال الرجل لرجل: يا زاني ابن الزاني. قال: عليه حدان. قلت: أبلغك في هذا شيء؟ قال: مكحول قال: فيه حدان. "المغني" 12/ 397 قال حرب: رجل افترى على رجل فقال: يا ابن كذا وكذا إلى آدم وحواء؟ فعظمه جدًّا وقال عن الحد: لم يبلغني فيه شيء، وذهب إلى حد واحد. "الفروع" 6/ 95 2653 - العود في القذف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: فلما فرغَ من جلدِ أبي بكرة -رضي اللَّه عنه- قال: أشهد أنه زانٍ، فذهبَ عمر -رضي اللَّه عنه- يعيد عليه الجلدَ، فقال عليٌّ عليه السلام: إنْ أبيت إلَّا أنْ تجلدَه فارجم صاحبك. قال أحمد: مَا أدْرِي ما هو، أعيانا أنْ نعلمَ ما هو. قال إسحاقُ: قال عيسى بن يونس حين فرغَ من هذا الحديثِ قال: أرادَ عليٌّ عليه السلام بهذا أن يدرأَ عنه الحد، يقول: إن قبلتَ شهادته كأنك جعلته رابعًا، وله معنى آخر أيضًا يقول: إذا رماه بذلك القذف الذي قذفه لم يكن له إلا الأمر الأول. "مسائل الكوسج" (3296)

نقل حنبل عنه في القاذف حُدَّ ثمَّ عاد إلى قذفه له ثانيًا: يحد كلما قذفه. ونقل الأثرم: لا يحد، واحتج بحديث عليّ عليه السلام. وقال أحمد بن نصر: قال أحمد: لا حد؛ لأنه قد حد مرة فأسقط قذفه. "تهذيب الأجوبة" 1/ 495، 496

فصل ما جاء في مسقطات الحد

فصل ما جاء في مسقطات الحد 2654 - العفو عن الحد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ افترى على أبيه، فهلكَ، فعفا ابنه أَلَهُ أَنْ يعفوَ؟ قال: عفوه جائزٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2532) 2655 - هل تمنع القرابة وجوب الحد؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ قذفَ ابنه؟ قال: لا يحد. قلت: إن قذف أباه؟ قال: يُحد ويقاد منه. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2382) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ افْترى على ابنه؟ قال: ليس عليه حدٌّ، ولا إذا افترى على مملوكِه، ولكن لا ينبغي له أنْ يشيع الفاحشة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2531)

قال إسحاق بن منصور: قال سفيان: إذا قذفَ الرَّجُلُ أُمَّهُ أو ذات محرم منه. قال: يضرب لهم الحد. قال أحمد: جَيِّدٌ. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2650)

باب حد شرب الخمر

باب حد شرب الخمر 2656 - ما يوجب الحد من شرب الخمر (¬1) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يجبُ على الرجلِ الحدُّ في شربِ المسكرِ قبلَ أنْ يسكر؟ قال: نعم. قال إسحاقُ: لا يجبُ عليه الحدُّ، وإن كان كما قال شربه حرامٌ؛ لقولِ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا أسكَرَ كثيرُه فقليلُه حرامٌ" (¬2) لما يدرأ الحد بالشبهة. "مسائل الكوسج" (2538) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت أبا إسحاق قال: سمعت رجلا من أهل نجران قال: سألت ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: قلت: إنما أسألك عن شيئين: عن السلم في النخل وعن الزبيب والتمر فقال: أتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- برجل نشوان قد شرب زبيبًا وتمرا قال: فجلده الحد ونهى أن يخلطا. "الأشربة" للخلال (35) نقل مهنا: من أراد شربه يتبع فيه من شربه فليشربه وحده نقل حنبل: المستحل لشرب الخمره بعينها مقيمًا على ذلك باستحلال غير متأول له ¬

_ (¬1) راجع مسألة: ما يعتبر خمرًا ويدخل في المسكرات/ كتاب الأشربة. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 91، والنسائي 8/ 324، وابن ماجه (3392) من حديث ابن عمر. والحديث صححه الألباني في "الإرواء" (2375). وللحديث شواهد كثيرة منها: حديث جابر بن عبد اللَّه رواه الإمام أحمد 3/ 343، وأبو داود (3681)، والترمذي (1865)، وابن ماجه (3393) قال الترمذي: حديث حسن غريب، وحسنه الألباني في "الإرواء" 8/ 43.

2657 - من يشرب الخمر تقية أو يفعل ما يوجب الحد تقية، هل يجب عليه الحد؟

ولا نازعًا عنه يستتاب وإلا فالقتل. ونقل حنبل: المسكر خمر وليس يقوم مقام الخمرة بعينها، فإن شربها مستحلا قتل. "الفروع" 6/ 571 2657 - من يشرب الخمر تقية أو يفعل ما يوجب الحد تقية، هل يجب عليه الحد؟ قال صالح: قلت لأبي: بعض من يقول لو أن رجلا كان في موضع تقية فأمر أن يقتل يقتل ويشرب الخمر ويزني، قال: إن التقية باللسان لا باليد. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن ابن جريج عن رجل عن ابن عباس قال: التقية باللسان ليس باليد (¬1)، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كن عبد اللَّه المقتول ولا تكن عبد اللَّه القاتل" (¬2)، وقال: لا تكون إلا باللسان، ودفع هذا القول وقال: المضطر لا يشرب الخمر؛ يقال إنها لا تروي. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن منصور عن إبراهيم في الأمير يأمر الرجل فيقتل قال: هو عليهما جميعا، وقال سفيان يقتل القاتل. "مسائل صالح" (456) ¬

_ (¬1) أخرجه الحاكم في "المستدرك" 2/ 291، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 209. (¬2) رواه الإمام أحمد في "المسند" 5/ 110 (21101).

2658 - ما تثبت به عقوبة شرب الخمر

نقل الأثرم: أنه سُئل عن التّقّية في شرب الخمر فقال: إنما التقية في القول. "زاد المسير" 4/ 497 2658 - ما تثبت به عقوبة شرب الخمر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ مسلمٌ وُجد في بيتهِ خمرٌ؟ قال: يهراق الخمر ويُؤَدبُ على ذَلِكَ، فإذا كانت تجارته يحرق بيته، كما فعل عمر -رضي اللَّه عنه-، برويشد (¬1). قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2417، 2693) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يقرُّ على نفسِهِ أنَّه شربَ خمرًا، ثمَّ رجعَ؟ قال: يتركُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2540) قال المروذي: عن رَبيعة، عن السائب بن يزيد؛ أن عمر بنَ الخطاب صلَّى على جنازة، وأخذ بيد ابن له. فقال: يا أيها الناس إني قد وجدتُ من هذا رائحةَ الشراب، وإني سائلٌ عنه، فإن كان يسكر حددته. قال السائب: فلقد رأيت عمر يجلد ابنه الحد بعد ذلك ثمانين (¬2). "كتاب الورع" (523) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 77 (10051)، وابن سعد في "الطبقات" 5/ 56. (¬2) رواه مالك في "الموطأ" ص 526، وعبد الرزاق 9/ 228 (17028). وعلقه البخاري قبل حديث (5598). وصحح إسناده ابن حجر في "الفتح" 10/ 65.

قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: سمعت إبراهيم بن سعد يقول: كان ابن شهاب يضرب في الريح. وكان ابن شهابٍ أشدَّهم قولًا فيه. قال إبراهيم: فبلغنا عن عُمر؛ أنه ضرب في الريح. "كتاب الورع" (524) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الإمام إذا رأى رجلًا سكران يقيم عليه الحد؟ قال: دعها. "مسائل عبد اللَّه" (1547) وقال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا سلام بن مسكين قال: حدثنا عمران يعني ابن عبد اللَّه بن طلحة الخزاعي أن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- أتى بقوم أخذوا على شراب فيهم رجل صائم فجلدهم وجلده معهم قالوا: إنه صائم، قال: لم جلس معهم؟ "الأشربة" للخلال (30) وقال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا سعيد مولى بني هاشم قال: حدثنا سليمان بن بلال، عن ربيعة، عن السائب بن يزيد أن عمر بن الخطاب صلى على جنازة فأخذ بيد ابن له فقال: يا أيها الناس إني وجدت من هذا ريح الشراب وإني سائل عنه فإن كان يسكر جلدته قال السائب: فلقد رأيت عمر جلد ابنه بعد الحد الثمانين. "الأشربة" للخلال (83)

2659 - ضابط السكر

2659 - ضابط السكر قال أبو داود: سمعتُ أحمد قال: مالكٌ يعدُّ من السكرِ إذا تغيَّر عن طباعهِ الذي هو عليه. وذكرَ أحمدُ أيضًا قول الحسن: السكرُ ذهابُ العقل. ثنا أحمد قال: ثنا روح، عن أشعث، عن الحسن قال: السكرُ ذهاب العقلِ. "مسائل أبي داود" (1463) نقل حنبل: السكران الذي إذا وضع ثيابه في ثياب لم يعرفها، وإذا وضع نعله بين نعال لم يعرفها، وإذا هذي فأكثر كلامه، وكان معروفًا بغير ذلك. "الأحكام السلطانية" (270)

فصل ما جاء في تنفيذ الحد

فصل ما جاء في تنفيذ الحد 2660 - تغليظ الحد قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان، عن عطاء بن أبي مروان أبي مصعب الأسلمي: أن عليًّا أتي بالنجاشي سكران من الخمر في رمضان، قال: فضربه ثمانين، ثم أمر به إلى السجن، ثم أخرجه من الغد، فضربه عشرين، ثم قال: إِنما ضربتك هذِه العشرين لجرأتك على اللَّه وإفطارك في رمضان. قال أبي: أذهب إِليه. قال أبي: شعبة لم يسمع هذا من عطاء بن أبي مروان، سمعه من رجل عنه. "مسائل صالح" (744) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن غيلان بن جامع -قال: كان على قضاء الكوفة- أنه سمع عطاء بن أبي مروان، يحدث عن أبيه أن عليًّا أتى بالنجاشي قد شرب خمرًا في رمضان، فجلده ثمانين الحد، وعشرين لإِفطاره في رمضان. فقال النجاشي: إذا سقى اللَّهُ قَوْمًا صَوْبَ غَادِيَةٍ ... فَلَا سَقَى اللَّهُ أهْلَ الكُوفَةِ المَطَرَا (¬1) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 61 - 62، وأبو داود (4502)، والترمذي (2518) وقال: هذا حديث حسن. وصححه الحاكم 4/ 350 على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. =

2661 - هل في الخمر تغريب؟

ضربوني ثم قالوا: قدرًا ... قدر اللَّه لهم شر القدر "مسائل صالح" (747) نقل حنبل: عنه فيمن شرب خمرًا في نهار رمضان أو أتى شيئًا نحو هذا: أقيم عليه الحد، وغلط عليه مثل الذي قتل في الحرم دية وثلث. "بدائع الفوائد" 3/ 149 2661 - هل في الخمر تغريب؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: التغريبُ في الخمرِ؟ قال أحمد: لا، إلا في الزِّنا والمخنثِ. قال إسحاقُ: أجادَ. "مسائل الكوسج" (2342) 2662 - تعدد الحد بتعدد موجبه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: يجلدُ في الخمرِ كلما شربَ؟ قال: نعم، قد رُفعَ القتل. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2576) ¬

_ = وصححه أيضًا الألباني في "صحيح الترمذي" (1752) وفي الباب عن ابن مسعود وعائشة وابن عباس.

قال ابن هانئ: سألته عن الحديث الذي جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ"، وقال في الرابعة: "ثم إن سكر فاقتلوه"، كيف العمل فيه؟ قال أبو عبد اللَّه: قد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يحل دم امرئٍ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والتارك لدينه، والنفس بالنفس". حديث عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه-. "مسائل ابن هانئ" (1581)، (1790)

باب حد السرقة

باب حد السرقة فصل: ما جاء في شروط وجوب الحد 2663 - 1 - كون المال المسروق مالًا متقومًا متمولًا محترمًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المسلمُ يسرق الخمرَ مِنَ المعاهدِ؟ قال: لا أعرفُ في الخمرِ أنَّه يقطعُ. قال إسحاق: لا يقطع ولكن يضمن؛ لأنه عندهم له ثمن، كذلك قضى شريح ضمن ولم يقطع فيه (¬1) وأمَّا عطاء فقال: يقطع (¬2). وقول شريح أحبُّ إليَّ. "مسائل الكوسج" (2497) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا سرق صبيا يقطع أم لا؟ قال: إذا سرقَ عبدًا من حرز يُقَطع، وإذا سرق حُرًّا لم يُقطَع. قال إسحاق: كلما سرق صغيرًا من حرز حُرًّا كان أو عبدًا قطع؛ لأنَّ الحرَّ وإن كان لا ثمن له فديته أكثر من الثمن، والحرز أن يكونَ قد آواه بيته. "مسائل الكوسج" (2499) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: سُئِلَ سفيانُ: تستحب أن يقطع في الأحرارِ؟ قال: لا. وسئل عن المملوكين أيقطع فيهم؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 500 (28409). (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 32 (9911)، 10/ 220 (18904).

قال: إذا كانوا صغارًا قطع، وإذا كانوا كبارًا لا يقطع. قال أحمدُ: جيد، كما قال في العبيد، وإذا سرق صغيرًا حرًّا لا يعقل من حرز قطع، كما قال الحسن (¬1) والشعبي. "مسائل الكوسج" (2671) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن سارقٍ سرقَ، ثم سَرقَهَا منه آخر ترى على الآخرِ قطعًا؟ قال: لا. قال أحمد: تقول: إنه ليس بمالكٍ له؟ قُلْتُ: لا أَدْرِي. قال: دَعْه لا أدري مَا هو. قال سفيان: والأول إذا أُقيمَ عليه الحدّ فليس عليه غرم. قال أحمدُ: يُقام عليه الحدُّ ويُغَرّم، رجل سرق مائة ألف وأخذه السلطان فقطع يده ذهب بالمال هذا مائة ألف، بلى يغرم. قال إسحاق: كما قال في كله إلا من سرق سرقة من رجلٍ قد سرق تلك السرقة فإنَّه سارق أيضًا. "مسائل الكوسج" (2673) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن مسلمٍ سرقَ من أهل الذمةِ خمرًا؟ قال: لا أقضي عليه شيئًا. "مسائل أبي داود" (1462) قال الخلال: أخبرنا الميموني أنه قال لأبي عبد اللَّه: يسرق من الذميّ ما يجب عليه القطع؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 195 (18803)، وابن أبي شيبة 5/ 476.

قال: نعم يقطع. قلت: سرق خمره سرق خنزيره؟ قال: هي شيء ليس له قيمة عندنا وليس له قدر، وهو حرام لا يقطع في ذا. قلت: أليس هو ماله؟ هي له حلال عندهم وإنما صالحناهم عليها وهو مقيم في بلادنا وهو ذا نأخذ منهم العشر منها؟ قال: ليس يأخذ، يقوم عليه ويُعطونها قيمتها؟ قلت: أليس قيمتها بسببها ومنها عشرناه؟ قال: بلى، ولكنها خبيثة لا قيمة لها عندنا. قلت: فيذهب ماله ولا تقطع يد هذا؟ قال لي: هذا يريد أن يذهب يده في خمر. قال أيضًا: ففارقته على أنه ليس على مسلم قطع في خمر ذميّ ولا خنزيره. وقال: أخبرنا عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن مسلم أهراق خمرًا لنصراني؟ قال: لا أحكم عليه بشيء، ولكنه لا يتعرض لذلك. أرأيت إن سرق منه خنزيرًا، أقطعه؟ كأنه لا يوجب عليه شيئًا. وقال: أخبرنا ابن مطر قال: حدثنا أبو طالب: أنه قرأ على أبي عبد اللَّه الضحاك بن مخلد أبو عاصم عن ابن جريج، عن عطاء قال: من سرق خمرًا من أهل الكتاب قطع؟ قال أبو عبد اللَّه: لا. فهذِه الخمر ليس لها ثمن ولا يقطع من سرق الخمر.

2664 - 2 - أن يكون المأخوذ نصابا

قال أبو عبد اللَّه: إذا صبّ خمر اليهودي ليس عليه شيء. قال: هم يقولون: -يعني: أصحاب الرأي- إذا صبّ خمره عليه قيمته فإن سرق قطع أي سرق الخمر. قال أبو عبد اللَّه: إنما أشنع عليهم. وقرأت عليه: أبو عصام، عن أشعث، عن الحسن قال: من سرق من أهل الذمّة من يهودي أو نصراني أو مجوسي؛ قطع. قلت: ما تقول أنت؟ قال: نعم يقطع إذا سرق من مالهم شيئًا من متاعهم. "أحكام أهل الملل" 2/ 370 - 371 (825 - 827) نقل عنه صالح: إذا سرق صبيًّا صغيرًا عليه القطع. "الأحكام السلطانية" (267) 2664 - 2 - أن يكون المأخوذ نصابًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تقطع اليد في ثمن ثلاثة دراهم؟ قال: بلى، كلما احتاج إلى أن يقوم، فعلى حديث [ابن] (¬1) عمر -رضي اللَّه عنه- ثلاثة دراهم (¬2)؛ لأنَّ الحَجَفَةَ قومت ثلاثة دراهم، فإذا سرق ذهبًا فربع دينار، وإذا سرق فضَّة فثلاثة دراهم. قال إسحاقُ: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (2422) ¬

_ (¬1) ليست بالمطبوع، وأثبتناها من مصادر التخريج. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 6، والبخاري (6795)، ومسلم (1686).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: سُئِلَ سفيانُ عن ثلاثةِ نفرٍ اجْتمعُوا، فسرقوا عشرةَ دراهم، يقطعون؟ قال: لا، حتَّى تكونَ حصةُ كلِّ واحدٍ منهم عشرةَ دراهم. قال أحمدُ: إِذَا سرقوا ما يقوم ثلاثة دراهم قطعوا. قال إسحاقُ: إذا سَرقوا ما يبلغُ حصة كلّ واحدٍ ربع دينار أو ثلاثة دراهم قطعوا حينئذ. "مسائل الكوسج" (2670) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن القطع في كم يجب؟ قال: يجب القطع عندنا في ربع دينار، ثلاثة دراهم (1). "مسائل ابن هانئ" (1561) قال عبد اللَّه: أكثر علمي: أن أبي كان يذهب إلى أن يقطع في ربع، فصاعدًا. "مسائل عبد اللَّه" (1550) نقل عنه الميموني: إذا سرق من الورق دراهم بقيمة ربع دينار، وقال: إذا كانت ثلاثة قيمتها ربع دينار قطع. "تهذيب الأجوبة" 2/ 863 نقل المروذي: إذا سرق من الذهب أقل من ربع دينار وهو يساوي ثلاثة دراهم فأكثر فليس عليه قطع حتى يسرق من الذهب ربع دينار. ونقل عنه الميموني: إذا سرق من الذهب رددته إلى قيمته بالدراهم، فإذا [كان] بقدر ما يقطع فيه قطعته. "الروايتين والوجهين" 2/ 331

2665 - 3 - أن يخرج المال من حرزه

قال الأثرم: قال أحمد: إنه إن سرق من غير الذهب والفضة ما قيمته ربع دينار أو ثلاثة دراهم قطع. "المغني" 12/ 418 2665 - 3 - أن يخرج المال من حرزه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فيمن يجمعُ المتاعَ ولم يخرجه من البيتِ؟ قال: لا يقطع حتَّى يُخرجه (مِنَ البيتِ). قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2488) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: القطعُ فيما آواه المراح (¬1) والجَريِنُ (¬2)؟ قال: المراح للغنمِ والجرين للثمارِ. قال إسحاقُ: كما قال، فإذا سرقَ من الجرين أو المراح ما يبلغ أن يقطع فيه قطع. "مسائل الكوسج" (2534) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يقطعُ سارق الحمّام؟ قال: أرجو أن لا يجبَ عليه القطعُ، إلَّا أنْ يكونَ على المتاع أحدٌ قاعد مثل ما صنع بصفوان (¬3). ¬

_ (¬1) المراح: ما تأوي إليه الإبل بالليل. (¬2) الجرين والجرن: الموضع الذي يجفف فيه التمر. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 401، وأبو داود (4394)، والنسائي 8/ 68، وابن ماجه (2595) من طريق مالك، ومالك ص 521 من طرق عن صفوان بن أمية -رضي اللَّه عنه- أنه =

قال إسحاق: ليس حكمُ صاحبِ الحمام كالحكمِ في قصة صفوان؛ لأنَّ صاحبَ الحمامِ أخذ أجرًا على دخوِله الحمّام ولم يأخذ أجرًا على حفظ المتاع، ولكن إذا سرق سارق من صاحب الحمّام وهو عليه قطع. "مسائل الكوسج" (2535) قال إسحاق بن منصور: قال الشعبي في الطرار (¬1): يقطع في عشرة دراهم. قال أحمد: إذا كان يطر سرًا قطع، وإن اختلس شيئًا لم يقطع. قال إسحاق: كلما طر من داخل قطع؛ لأنه كالحرز، وإذا كان قد طره خارجًا فلا قطعَ عليه، هو كالخلسةِ حينئذٍ. "مسائل الكوسج" (2672) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجلٍ دَخَلَ دارَ قومٍ فأخذَ شَاتهم فذبحها، ثم أخرجهَا؟ قال: يُقامُ عليه الحدُّ. قال أحمد: جيدٌ. قُلْتُ: ما معنى ذبحها؟ قال: هؤلاء يقولون: إذا ذبحها فقدِ استهلكها، ويضمن ولا يكونُ عليه الحدُّ. ¬

_ = قال: قلت يا رسول اللَّه إن هذا سرق خميصة لي. . . الحديث. قال المزي في "تحفة الأشراف" 4/ 189: المحفوظ حديث مالك، عن الزهري، عن صفوان بن عبد اللَّه بن صفوان. وقال عبد الحق في "الأحكام الوسطى" 4/ 94: ولا أعلمه يتصل من وجه يحتج به، والحديث صححه الألباني في "الإرواء" (2317). (¬1) الطرار: هو الذي يشق الجيوب ليسرق ما فيها.

قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2676) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عَمَن سرقَ مِنَ الفسطاط؟ قال: أراه سارقًا. قال: أحمد: نعم جيدٌ. سُئِلَ سفيان عن البيتِ الذي ليس عليه بابٌ سرقَ منه؟ قال: أَرَاه سَارقًا. قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاقُ: كما قال، والفسطاطُ: هو الخيمةُ. "مسائل الكوسج" (2677) قال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يذهب إلى حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيمن سرق الثمر المعلق أنه لا يقطع فيه حتى يأويه الجرين، وأن عليه غرامة مثليه (¬1). واحتج أيضًا بحديث عمر في ناقة المزني (¬2). "التمهيد" 14/ 126 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 18، وأبو داود (4390)، والترمذي (1289) وقال: هذا حديث حسن، والنسائي 8/ 58، وابن ماجه (2596). قال الألباني في "صحيح أبي داود" (1504): قلت: إسناده حسن، وحسنه الترمذي، وصححه ابن الجارود والحاكم والذهبي. اهـ. (¬2) رواه مالك ص 466، ومن طريقه الشافعي 2/ 82 (267)، وعبد الرزاق 10/ 238 (18976)، والبيهقي 8/ 278 جميعًا من طريق عروة بن الزبير، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب؛ أن رقيقا لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة فانتحروها، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فأمر عمرُ كثيرَ بن أبي الصلت أن يقطع أيديهم، ثم قال: أراك تجيعهم. ثم قال عمر: واللَّه لأغرمنك غرمًا يشق عليك، ثم قال المزني: كم ثمن ناقتك؟ فقال المزني: قد كنت واللَّه أمنعها من أربعمائة درهم. فقال عمر: =

نقل عنه حنبل: ليس على سارق الحمام قطع. "الروايتين والوجهين" 2/ 333 قال جعفر بن محمد النسائي: قال أحمد في الصناديق التي في السوق: هي حرز، فإن حمله كما هو، أو أدخل يده فيه فهو سارق، عليه القطع. "الأحكام السلطانية" (267) قال أبو طالب: إذا جمع في البيت وكوره ولم يخرجه، يؤدب ولا يقطع، فإن أخذ الثوب وشقه يقطع ويضرب. "الأحكام السلطانية" (281) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما حريسةُ الجبل؟ قال: ما يأوي إلى الجبلِ مِنَ المواشي. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3343) نقل الميموني عن أحمد: إذا كان المكان مشتركًا في الدخول إليه كالحمام والخيمة لم يقطع منه، ولم يعتبر الحافظ. "زاد المسير" 2/ 353 ¬

_ = أعطه ثمانمائة درهم. قال ابن عبد البر في "الاستذكار" 22/ 259: أدخل مالك هذا الحديث في كتابه "الموطأ"، وهو حديث لم يتوطأ عليه، ولا قال به أحد من الفقهاء، ولا أرى، والعمل به إنما تركوه -واللَّه أعلم- لظاهر القرآن والسنة المجتمع عليها: فأما القرآن. . إلى أن قال: وقد وجوده من قال فيه: عن أبيه؛ فإن يحيى بن عبد الرحمن لم يلق عمر ولا سمع منه. وأبوه عبد الرحمن سمع من عمر وروى عنه، إلا أن هذِه القصة كانت بعد موت حاطب.

2666 - القطع في الطير

2666 - القطع في الطير قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: القطعُ في الطير؟ قال: لا يقطعُ في الطيرِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2495) 2667 - قطع النباش قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: النباشُ (¬1)؟ قال: هو أهلٌ أنْ يقطعَ. قال إسحاقُ: يقطعُ على كل حالٍ إذا بلغَ ما سرقَ ما يقطع. "مسائل الكوسج" (2500) قال صالح: وسألته عن النباش يُقطع؟ قال: إذا كان قيمة الكفن ثلاثة دراهم، كأنه يقطع في قيمة ما يُقطعُ فيه السارق. "مسائل صالح" (19) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في النباش: أكثر الحديث أن يقطع، وأرى أن يقطع. "مسائل ابن هانئ" (1559) ¬

_ (¬1) النبش: نبشك عن الميت وعن كل دفين، ونبش الموتى: استخراجهم، والنباش الفاعل لذلك، وحرفته النباش. انظر: "لسان العرب" 7/ 4324.

2668 - 4 - ألا يكون على وجه الخفية

2668 - 4 - ألَّا يكون على وجه الخفية قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: القطعُ في الخلسة؟ قال: لا، كلُّ شيءٍ على وجهِ المكابرةِ فلا. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2494) 2669 - المستعير إذا جحد العارية، هل يجب عليه الحد؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: امرأةٌ استعارت شيئًا كاذبة، فكتمته؟ قال: إن المعني: إنها كانت تستعير وتجحد، ولا أعلم شيئًا يدفعه. قال إسحاق: كما قال: تقطع يدها. "مسائل الكوسج" (2414) قال عبد اللَّه: وفيما قرأت على أبي قلت: تذهب إلى حديث عمر: أن امرأة كانت تستعير المتاع، فقطعها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)؟ قال: لا أعلم شيئًا يدفع هذا. قال: لما أن أخذت وجحدت فقطعها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل عبد اللَّه" (1317) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن المستعير إذا جحد؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 162، ومسلم (1688) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-. ورواه الإمام أحمد 2/ 151، وأبو داود (4395)، والنسائي 8/ 70 من حديث ابن عمر. ولم أجده من حديث عمر، ولعله سقطت كلمة (ابن) من "مسائل عبد اللَّه". واللَّه أعلم. وفي الباب أيضًا عن جابر -رضي اللَّه عنه-.

2670 - 5 - ألا يكون السارق مضطرا للسرقة

قال: إذا استعار، ثم جحد، ثم أقر قطعه على الحديث. "مسائل عبد اللَّه" (1549) 2670 - 5 - ألَّا يكون السارق مضطرًا للسرقة قال الجوزجاني: سألت أحمد عنه، أي عن حديث: لا تقطع اليد في عذق ولا عام سنة (¬1)، فقلت: تقول به؟ قال: إي لعمري، لا أقطعه إذا حملته الحاجة، والناس في شدة ومجاعة. "المغني" 12/ 462 قال أحمد بن حفص السعدي: سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث لا تقطع اليد في عذق ولا عام سنة، فقال: العذق: النخلة، وعام سنة: مجاعة. فقلت لأحمد: تقول به؟ فقال: إي لعمري. قلت: إن سرق في مجاعة لا تقطعه؟ فقال: لا، إذا حملته الحاجة على ذلك، والناس في مجاعة. "إعلام الموقعين" 3/ 11 6 - ثبوت جريمة السرقة ذكر ما تثبت به جريمة السرقة: 2671 - أ - الإقرار قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تلقين الإمام السارق إذا أُتي به؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 242 (18990)، وابن أبي شيبة 5/ 516 (28577) عن عمر موقوفًا.

قال: لا بأسَ به، وأرد السارق مرتينِ، وفي الزنا أربع مرات. قال إسحاقُ: كما قال، ولكن إذا رده في مقامٍ واحد في كلِّ مرة يولي حتى يعرض عنه، ثم يرجع. "مسائل الكوسج" (2491) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المملوكُ إذا اعترفَ بالسرقةِ؟ قال: إذا كان شيء يقام عليه في بدنه إلَّا أن يكونَ شيئًا يذهب بنفسِه. قال إسحاق: كما قال يقطع. "مسائل الكوسج" (2493) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: إذا أقرَّ بالسرقةِ، ثم أنكرَ؟ قال: يُترك. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ المقر أبدًا بالحد. زِنًا كان أو سرقة إذا أنكر فللإمام تركه؛ لأنَّ الحد إنما يثبت بإقرارٍ لا ببينة، فإذا رجع قبل أن يحد كان رجوعًا، وكلما كان شهود أمضي الحد، وإن رجع الشهود قبل أن يحد الحد لم يحد أيضًا. "مسائل الكوسج" (2720) قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمد: إذا أَقَرَّ بالسرقةِ مرتينِ، ثم أنكرَ؟ قال: يُتركُ. "مسائل الكوسج" (3412) قال صالح: وقال: لا يقطع السارق حتى يقر مرتين. قلت: إِلى أي شيء تذهب؟ قال: إِلى قول على، أقام عليه الحد لما أقر مرتين (¬1). وأصحاب أبي حنيفة يأخذون به؛ إذا رجع بعد الأربعة في الزنا ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 191 (18783)، والبيهقي 8/ 275.

2672 - ب - الشهادة

يتركونه، ويقولون في السرقة: مرة واحدة، وإن أنكر لم يقبلوا منه. "مسائل صالح" (1208) نقل مهنا عن أحمد: إذا أقر العبد أربع مرات أنه سرق قطع. "المغني" 12/ 465 2672 - ب - الشهادة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن سارقٍ أخرجَ المتاعَ مِنَ الدَّارِ وشهدوا عليه أنَّه سرقَ؟ قال: أمرني صاحبُ الدارِ أَنْ أخرجَه. فقال: أرى أنْ يُقام عليه الحد. قال أحمد: إذا شهدوا أنه سرقَ أرى يُقَام عليه الحدّ. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2678) جـ - القرائن 2673 - لو وجد المسروق عند الرجل، هل يثبت عليه الحد؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: اللص يوجدُ معه المتاع فيؤخذ منه وتقطع يده؟ قال: إذا كانَ سَارقًا يقطعُ، ويؤخذُ منه المتاع. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2539)

2674 - إذا سرق العبد سيده، هل يقام عليه الحد؟

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا وُجدت السرقة عند رجل؟ قال أحمد: صاحبُهَا أحقُّ بها حيث وجدها، ولا يجب على الآخر شيء حَتَّى يثبت عليه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3230) 7 - انتفاء الشبهة 2674 - إذا سرق العبد سيده، هل يقام عليه الحد؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يقطع عبد الرجل إذا لم يكنْ معه في بيتِه؟ قال: ليسَ عليه قطعٌ. قال إسحاقُ: كما قال لا قطعَ عليه؛ لأنَّه مالٌ. "مسائل الكوسج" (2536) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن مكاتبٍ سرقَ مِنْ مولاه ترى عليه حدًّا؟ قال: يُدرأ عنه، والمولى إِنْ أخذَ من مكاتبه يُدرأ عنه، أيهما سرقَ مِنْ صاحبِه لم يقمْ عليه الحد. قال أحمدُ: جيدٌ. قال إسحاقُ: كما قال، لا قطعَ على واحدٍ منهما إِذَا أخذَ مالَ صَاحبِهِ. "مسائل الكوسج" (2669) قال إسحاق بن منصور: قلت: والعبد إذا لم يكن في خدمة مولاه. قال: العبد لا يقطع في مال مولاه. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2675) قال صالح: وقال أبي: إذا سرق العبد من مولاه لم يقطع. "مسائل صالح" (628)

2675 - إذا سرق الآبق، يقام عليه الحد؟

2675 - إذا سرق الآبق، يقام عليه الحد؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: يقطع الآبق إذا سرق؟ قال: نعم. قال إسحاق: نعم. "مسائل الكوسج" (2492) قال إسحاق بن منصور: قال سفيان في الآبقِ لا يقطعه مولاه: قد عيب ذَلِكَ على ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما- (¬1). قال أحمدُ: قريبًا مما قال، وأمَّا إذَا زنَتْ أو زَنا ملك يمينه فيجلدُه أو يجلدها المولى قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذَا زَنَتْ فاجْلِدُوهَا" (¬2). قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2667) قال إسحاق بن منصور: قلتُ: قال الحسنُ: لا يقطع الآبق إذا سرقَ (¬3)، وبه يأخذُ سفيانُ. قال أحمد: لأي شيء لا يقطع؟ ! ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 520 عن نافع أن عبدًا لابن عمر عمر سرق وهو آبق، فأرسل به عبد اللَّه بن عمر إلى سعيد بن العاص وهو أمير المدينة ليقطع يده، فأبى سعيد أن يقطع يده، وقال: لا تقطع يد الآبق السارق إذا سرق. فقال له عبد اللَّه بن عمر: في أي كتاب اللَّه وجدت هذا، ثم أمر به عبد اللَّه بن عمر، فقطعت يده. ورواه الشافعي 2/ 83 (269) عن مالك، عن عُروة بن أذينة، وعبد الرزاق 10/ 240 (18983)، وابن أبي شيبة 5/ 476 (28141)، والدارقطني 3/ 207، والبيهقي 8/ 269. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 249 عن مالك، عن عُروة بن أذينة، وعبد الرزاق 10/ 240 (18983)، وابن أبي شيبة 5/ 476 (28141)، والدراقطني 3/ 207، والبيهقي 8/ 269. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 5/ 476 (28137).

قال إسحاق: يقطعُ أشدّ القطعِ. "مسائل الكوسج" (2681) قال صالح: العبد إِذا سرق من غير مال سيده؟ قال أبي: حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك أن غلامًا لبعض أهل مكة سرق رداء لصفوان بن أمية، فأتى به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأمر بقطعه، فقال: يا رسول اللَّه، تقطعه من أجل ثوبي، خلِّ عنه، قال: "فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ"، فقطعه. قال صالح: قال أبي: حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك أن غلامًا لبعض أهل مكة سرق رداء لصفوان بن أمية فأتى به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأمره بقطعه (¬1). قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهديّ قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق أن رجلًا ادعى على عبده أنه سرق، فرفعه إِلى شريح، فاعترف، فقال: هو عبد لا يجوز اعترافه (¬2). قال صالح: قال أبي: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد اللَّه بن المبارك، عن معمر، عن الزهري قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز؛ ¬

_ (¬1) رواه بإسناده ولفظه ابن أبي شيبة 5/ 479 (28175). ورواه الإمام أحمد 3/ 401، وأبو داود (4393)، والنسائي 8/ 68، وابن ماجه (2595) من طريق مالك، ومالك ص 521 من طرق عن صفوان بن أمية. قال المزي في "تحفة الإشراف" 4/ 189: المحفوظ حديث مالك، عن الزهري، عن صفوان بن عبد اللَّه بن صفوان. وقال عبد الحق في "الأحكام الوسطي" 4/ 94: ولا أعلمه يتصل من وجه يحتج به. والحديث صححه الألباني في "الإرواء" (2317) بمجموع طرقه. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 479 (28169).

2676 - إذا سرق الوالد من مال ولده، هل يقام عليه الحد؟

قال: ما بلغك في العبد الآبق إذا سرق؟ قال: قلت: لا أدري. قال: كان عثمان ومروان لا يقطعانه. قال: فقدمت المدينة فحدثني سالم بن عبد اللَّه: أن ابن عمر قطع عبدًا له آبقًا سرق (¬1). "مسائل صالح" (1403) 2676 - إذا سرق الوالد من مال ولده، هل يقام عليه الحد؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: أيما مَحْرم سرقَ من مَحْرمه كان الذرى أحسن. قال أحمد: أقولُ تقطع إلَّا في الأبوينِ والولد والجد وولد الولد وإن سَفَلوا، والجد وإنِ ارتفعَ لا يقطع. "مسائل الكوسج" (2675) قال ابن هانئ: وسئل يسرق الوالد من مال ولده، عليه القطع؟ قال: لا يقال: سرق، له أن يأخذ منه، ولا يقطع. "مسائل ابن هانئ" (1550)، (1563) 2677 - إذا سرق الرجل زوجته، هل يقام عليه الحد؟ قال صالح: قلت: فالزوج من امرأته؟ قال: إذا كانا جميعًا في البيت فهذا جائز. "مسائل صالح" (628) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 240 (18983)، وابن أبي شيبة 5/ 476 (28132).

2678 - إذا سرق من بيت المال

نقل حنبل: لا يقطع الرجل إذا سرق من امرأته، فإذا بان كل واحد عن صاحبه قطع. "تهذيب الأجوبة" 2/ 850 2678 - إذا سرق من بيت المال قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مثل (¬1) من سرق من بيت المال فدُرئ عنه الحد؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (930) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن: الذي يسرق من بيت المال؟ فقال: لا يقطع. قال أبي: وان كان عبدًا يقطع؛ لأنه ليس فيه نصيب. "مسائل عبد اللَّه" (1548) ¬

_ (¬1) أي: الرجل يقع على جارية بينه وبين شريك له.

فصل: تنفيذ الحد

فصل: تنفيذ الحد 2679 - كيفية تنفيذ الحد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا سَرقَ فَقُطِعَتْ يدُه، ثم سرقَ ما يقطعُ منه؟ قال: رجله، ثم يستودعُ السجن كما قال علي -رضي اللَّه عنه- (¬1). قال إسحاق: لا، بل يقطع بعد اليد والرجل، اليد ثم الرجل كما سَنَّ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذَلِكَ (¬2) وأخذ عمر بن الخطاب به -رضي اللَّه عنه- (¬3). "مسائل الكوسج" (2498) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مِنْ أين تُقطعُ اليدَ والرجل؟ قال: كلاهما من المفصل. قال إسحاق: اليدُ من الرصغ (¬4): وهو الكوعُ، والرجلُ مِنَ المفصلِ ويتركُ العقب. "مسائل الكوسج" (2501) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 186 (18764)، وابن أبي شيبة 5/ 486 (28251)، 5/ 47 (28261)، (28626). (¬2) رواه الدارقطني 3/ 181 من طريق الواقدي عن ابن أبي ذئب، عن خالد بن سلمة -أراه- عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا سرق السارق فاقطعوا يده، فإن عاد فاقطعوا رجله، فإن عاد فاقطعوا يده، فإن عاد فاقطعوا رجله". وصححه الألباني في "الإرواء" (2434) بشواهده. (¬3) رواه عبد الرزاق 10/ 186 (18766)، وابن أبي شيبة 5/ 486 (28257)، والبيهقي 8/ 273، والدارقطني 3/ 181. (¬4) الرصغ بالضم: الرسخ. انظر: "القاموس المحيط" مادة رصغ.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الزهري في رجل أشلَّ اليد سرق. قال: إذا كانت شلاء قطعت (¬1). قال أحمدُ: إذا كان يحركها. قُلْتُ: وإن لم يحركها؟ قال: إذا كانت قائمة قطع. قال إسحاق: كما قال الزهري: تقطعُ يده الشلاء. "مسائل الكوسج" (2674) قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ قال: القطعُ يتركُ فيه العقبُ. "مسائل أبي داود" (1460) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن القطع من أين تقطع اليد؟ قال: من الكوع، من الفصل. حديث يزيد بن خصيفة، عن ابن ثوبان أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أتي بسارق فقطعه، وأمر فحسم (¬2). فهذا يدل على المفصل. "مسائل عبد اللَّه" (1545) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 190 (18776). (¬2) رواه عن يزيد بن خصيفة عن ابن ثوبان أن النبي أتي بسارق. . الحديث. وعبد الرزاق 10/ 225 (18923). ورواه أيضًا عن محمد بن المنكدر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا 10/ 225 (18920). ورواه أبو داود في "المراسيل" (244) عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه عن يزيد بن خصيفة، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة أن النبي. . الحديث. والبزار 15/ 46 (8259)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 168 (4974)، والدارقطني 3/ 102، 103، والحاكم 4/ 381، والبيهقي 8/ 271 وقال: قال علي: لم يسنده واحد منهم فوق ابن ثوبان إلى أحد قال: =

قال عبد اللَّه: قلت لأبي: يقول أحد: يقطع من المرفق؟ قال: الخوارج. "مسائل عبد اللَّه" (1546) نقل إبراهيم الحربي عن أحمد فيمن سرق ويُمناه جافة؟ قال: تقطع رجله. "المغني" 12/ 444 العود في السرقة قبل تطبيق العقوبة: قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا سرقَ، ثم سرقَ ولم يحد؟ قال: حدٌّ واحدٌ، ما لم يقم عليه الحد. قال إسحاق: حدًّا واحدًا، إلا أن يكون قطع، ثم سرق، كذلك إن سرق رجل من آخر قد سرق سرقة، فإن هذا يقطع؛ لأنه سارقٌ أيضًا. "مسائل الكوسج" (2421) ¬

_ = وبلغني أن محمد بن إسحاق رواه عن يزيد بن خصيفة، عن ابن ثوبان، عن أبي هريرة، ولا أراه حفظه. قال الإمام أحمد: روي عنه أيضًا مرسلًا. اهـ. وقال الهيثمي في "المجمع" 6/ 277: رواه البزار عن شيخه أحمد بن أبان القرشي، وثقه ابن حبَّان، وبقية رجاله رجال الصحيح. قال الحافظ في "التلخيص" 4/ 66 (1776): [رواه] أبو داود في "المراسيل" من حديث محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان بهذا، ووصله الدارقطني والحاكم والبيهقي بذكر أبي هريرة فيه، ورجح ابن خزيمة وابن المديني، وغير واحد إرساله، وصحح ابن القطان الموصول. ورواه أبو داود في "السنن" والنسائي وابن ماجه من طريق أبي أمية المخزومي قال الخطابي: في إسناده مقال، قال: والحديث إذا رواه مجهول لم يكن حجة، ولم يجب الحكم به. اهـ.

قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ سئلَ عن الرجلِ يسرق مرةً، ثم يسرقُ أخرى، ثم يؤتى به الإِمام؟ قال: تقطعُ يدهُ -يعني: يدًا واحدةً. "مسائل أبي داود" (1459) قال مهنا: إذا سرق مرة ثم سرق مرة أخرى ولم يقطع ثم أتى به الإمام: يقطع يدًا واحدة. "الروايتين والوجهين" 2/ 335

فصل ما جاء في مسقطات الحد

فصل ما جاء في مسقطات الحد 2680 - 1 - العفو عن السارق قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: الرجل يعفى عنه حد في سرقة أو غيره من الحدود؟ قال: أذهب إلى حديث عمرو بن شعيب، إذا درئ عنه شيء من ذلك أضعف عليه الغرم، إذا كان مائتين، أخذ منه أربعمائة، وإذا كانت ألفًا، أخذ منه ألفان. "مسائل ابن هانئ" (1564) 2681 - 2 - التوبة قبل القدرة عليه قال أبو الحارث في سارق جاء تائبًا ومعه السرقة فردها قبل أن يقدر عليه، قال: لم يقطع. وقال: قال الشعبي: ليس على تائب قطع. "الأحكام السلطانية" (266)، "الصارم المسلول" (508) نقلا حنبل ومهنا في السارق إذا جاء إلى الإمام تائبًا: يدرأ عنه الحد. "الصارم المسلول" (508) 2682 - وجوب رد السارق لما سرق، وضمانه إذا تلف منه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ليسَ على السّارقِ غرم بعد يمينهِ؟ قال: بلى، عليه غرمٌ. قُلْتُ: كيف؟

قال: إذا لم يوجد فهو دينٌ عليه. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2496) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا اعترفَ العبدُ بالسرقةِ على نفسِه أو بشيء يجب على مولاه الغرم؟ قال: يجوزُ اعترافُه في السرقةِ، ولا يجوزُ في القتلِ إذا كان تلفًا لبدنه، فأمَّا مَا يقامُ عليه في بدنِه من جراحٍ أو غيره فهو جائزٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2537) قال ابن هانئ: سألته عمن سرق شيئًا يعلم قيمته مائة درهم، أو أكثر، أو أقل، ثم يتوب. قيل له: يردها؟ قال: سبحان اللَّه! ولم لا يردّها؟ ! إذا علم موضع صاحبها ولا يردها، فهذا مصرٌّ بعدُ، إذا علم مكانها رد عليه. قيل له: إن قومًا يقولون: إذا تاب، صارت خارجة من ملكه؟ قال أبو عبد اللَّه: كيف تكون خارجة من ملكه وهذا لم يهبها، ولم يعطها لأحد، لا يكون تائبًا حتى يردها على صاحبها، وإن علم أن شيئًا باقيًا عنده من السرقة ردها عليه أيضًا. "مسائل ابن هانئ" (1565)

باب حد قطاع الطريق (المحاربين)

باب حد قطَّاعِ الطريق (المحاربين) 2683 - ما جاء في شروط الحرابة قال إسحاق بن منصور: قولُ ابن الزبير: مَنْ أشارَ السلاح، ثم وضعه فدمهُ هدر (¬1). قال: لا أدري ما هذا. قال إسحاق: إنَّما تقول: إذا أشار بالسلاحِ، ثم وضعه في الناسِ حتَّى استعرض الناس فقد حلَّ قتله، وهو مذهبُ الحرورية لما يستعرض الرجال والنساء والذرية. "مسائل الكوسج" (2505) قال إسحاق بن منصور: قال سفيان: لا تكون المحاربة بالكوفة يكون خارجًا عنها. قال أحمد: دعه. قلتُ: ما شأنك، سألتك عنه غير مرَّة. قال: إذا لم يصح لي، كيف أقولُ؟ ! قال إسحاق: كلما حاربَ في المصرِ فلا تسمى محاربة، وحكمه حكم المقتتلين، وإذا كان خارجًا من المصرِ، فقطعَ الطريقَ، وأخافَ السبيلَ، وقتل فهو المحارب، حكمُه حكم المحارب. "مسائل الكوسج" (2679) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 161 (18683)، وابن أبي شيبة 5/ 550 (28915) موقوفًا، ورواه النسائي 7/ 117، والحاكم 2/ 159 مرفوعًا. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي. وقال عبد الحق في "الأحكام الوسطى" 4/ 73: روى موقوفًا، والذي أسنده ثقة. وذكره الألباني في "الصحيحة" (2345).

2684 - عقوبة قاطع الطريق

2684 - عقوبة قاطع الطريق قال عبد اللَّه: سألت أبي عن المحارب يؤخذ، فبقيت عليه الحرابة، إلا أنه لم يقتُل، وإنما أخاف السبيل، أو أخاف وأصاب المال، هل ترى السلطان أن يكون مخيرًا في قتله، أو صلبه، أو قطعه، أو نفيه؟ وأما الجواب فيه. فقال أبي في المحارب إذا قَتل قُتل وإذا قتل وأصاب المال قتل وصلب، ومن أصاب مالًا ولم يقتل قطع، ومن أخاف السبيل ولم يقتل نفي، قرأت على أبي فأقره. "مسائل عبد اللَّه" (1551)

فصل ما جاء في مسقطات الحد

فصل ما جاء في مسقطات الحد 2685 - التوبة قبل القدرة عليه قال إسحاق بن منصور: المحاربُ إذا جَاء تائبًا مِن قبل أنْ يقدرَ عليه. قال: لا أعرفُ ما المحارب إذا كان رجل قتل أو جرح أو قطع أُقيمَتْ عليه الحدودُ، فإنْ لم يأتِ بشيء من ذَلِكَ، وأخافَ السبيل حُبِسَ شرُّه عن المسلمينَ وأدب، فإنْ هو قطع السبيل وانتهكَ الأموالَ قطع، وأمَّا تأويل هذِه الآية لا أدري ما هو. قال إسحاق: أمَّا من جاء تائبًا مِنَ المحاربينَ مِنْ قبلِ أنْ تقدرَ عليهم؛ لم تُقم عليهم الحدود، والباقي كما قال. "مسائل الكوسج" (2517) قال عبد اللَّه: قال أبي: حدثنا محمد بن فضيل قال: حدثنا أشعث، عن عامر بن بدر التميمي، ممن حارب اللَّه ورسوله، وسعى في الأرض فسادا فتاب من قبل أن يقدر عليه، فأتى عليا فقال: يا أمير المؤمنين، إني كنت حاربت اللَّه ورسوله، وسعيت في الأرض فسادًا، وإني قد تبت من قبل أن يقدر عليّ، فهل من توبة؟ قال: نعم. قال: فقبل منه وبايعه. ثم قال: يا أمير المؤمنين: إني كنت حاربت اللَّه ورسوله وسعيت في الأرضى فسادًا، وإني قد تبت من قبل أن يقدر على، وأن الناس لا يعلمون بتوبتي، وإني أخافهم فاكتب لي كتابًا؟ فكتب له: من عبد اللَّه على أمير المؤمنين إلى عامله بالبصرة، إن حارثة

2686 - هل يسقط الحد بعفو الأولياء؟

ابن بدر كان ممن حارب اللَّه ورسوله وسعى في الأرض فسادًا. وإنه قد تاب من قبل ان يقدر عليه فمن لقيه فلا يعرض له إلا بخير. "مسائل عبد اللَّه" (1552) 2686 - هل يسقط الحد بعفو الأولياء؟ قال إسحاق بن منصور: السلطان ولي من حارب الدين. قال: إذا خَرَجَ محاربًا، مثل هؤلاء الخرمية، فما أصابوا في ذَلِكَ، فهو إلى السلطان. قال إسحاقُ: كما قال، لا يجوز في ذَلِكَ عفو الأولياء، كذلك قتل الغيلة، هو إلى السلطانِ. "مسائل الكوسج" (2411)

فصل دفع الصائل

فصل دفع الصائل (¬1) 2687 - جواز قتال اللصوص ودفع الصائل، وكيفية الدفع والقتال قال إسحاق بن منصور: قَلْتُ: يقاتلَ اللص؟ قال: إذا كان مقبلًا فقاتلْهُ، وإذا وَلى فلا تقاتل. قال إسحاق: كما قال، وتناشده في الإقبالِ ثلاثًا فان أبى، وإلا قاتلْه. "مسائل الكوسج" (2502) قال إسحاق بن منصور: قلت: أخذ ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- لصًّا في داره فأصلت عليه السيف (¬2)؟ قال: إذا كان مقبلًا، وأمَّا موليًا فلا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2506)، (3525) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إِن ابن شداد يُريد الخروج إلى الثغر، وقد قال أن أسألك، وهذا الطريق -طريق الأنبار- مخيفٌ، فإن عرض له اللصوص ترى أن يُقاتلهم؟ ¬

_ (¬1) الصائل: المعتدي الذي يهاجم غيره بغير حق، وأصله يستخدم للبعير. قال في "القاموس المحيط" ص 1321، باب: اللام، فصل: الصاد: صال البعير صآلة: واثب الناس، أو صار يقتل الناس ويعدو عليهم. (¬2) رواه عبد الرزاق 10/ 112، 198 (18557، 18818)، وابن أبي شيبة 5/ 466 (28032).

قال: إن طلبوا شيئه قاتلهم؟ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: " مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ". قلت: فإن عرضوا للرفقة، ترى أن يقاتلهم؟ قال: لا. حتى يطلبوه هو، ولم يرَ أن يُقاتل عن الرفقةِ بالسيف، ثم قال: إن أخذ في الطريق الآخر؟ فقلت: يصده سرامادا لا ينزل. يعني: العسكر. ونقل المروذي: عن عمرو بن دينار، عن عبد اللَّه بن عمرو، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، فهُوَ شَهِيدٌ". "الورع" (484 - 485) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يقابل اللصوص وهو يعلم أنه لا طاقة له بهم فيقتلوه؟ فقال: إن كان يغلب عليه أنه إذا أعطى ما بيده خلوا سبيله، فإن لم يقاتلهم رجوت أن يكون ذلك له. وإن كان يغلب عليه أنهم يقتلونه فليدفع عن نفسه ما استطاع. "مسائل عبد اللَّه" (961) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: الرجل يوافق العدو واللصوص وهو يعلم أنه إن قاتل لم يكن في قتاله على عدوه ضرر من قتاله إياهم، فيقاتلهم أو يسلم لهم؟ فقال: هذا مثل الأول. "مسائل عبد اللَّه" (962) قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسين، أن الفضل حدَّثهم قال: سمعت أحمد، وقيل له: إن ببخارى ينقطع الطريق، حتى لا يقدر أحد أن

يسلكه إلا ببذرقة (¬1)، فترى للمبذرقين فضل في هذا؟ فقال: سبحان اللَّه وأي فضل أكثر من هذا، يقوونهم ويؤمنوهم من عدوهم. قيل له: يكون بمنزلة المجاهد؟ قال: إني لأرجو لهم ذاك إن شاء اللَّه. وقال: وأخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني قال: سألت أبا عبد اللَّه، قلت: إن عندنا حصونًا على طرف المفازة يرابط فيها المسلمون العدو، وهم الأكراد، وهم من أهل التوحيد يصلون، ولكنهم يقطعون الطريق، فما ترى في الرباط في هذا الموضع؟ فاستحسنه، وقال: ما أحسن هذا! قلت: إنهم من أهل القبلة، قال: وإن كانوا من أهل القبلة، أليس يرد عن المسلمين؟ قال: وسألت أحمد مرَّة أخرى، قلت: موضع رباط يقال له: بابنيذ في المفازة، يكون فيه المطوعة يبذرقون القوافل والعدو، وهم الأكراد، وهم مسلمون؟ فاستحب ذلك وحسنه، وقال: أليس يدفعون عن المسلمين. إلا أنه قال: ما لم يكن قتال. قلت: إنهم ربما بذرقوا القوافل فوقع عليهم الأكراد، قال: إذا أرادوهم وأموالهم قاتلوهم. قال الخلال: أخبرني عبد الكريم بن الهيثم بن زياد القطان العاقولي، أنه قال لأبي عبد اللَّه: يقاتل اللصوص؟ قال: إن كان يدفع عن نفسه. وقال: أخبرني محمد بن علي، قال: ثنا صالح، أنه سأل أباه عن قتال ¬

_ (¬1) البذرقة: الخفارة للقافلة، وذلك بأن يرسل معها من يحميها ممن يؤذيها، قال ابن خالويه: البذرقة ليست بعربية، وإنما هي كلمة فارسية، عربتها العرب، يقال: بعث السلطان بذرقة مع القافلة. انظر: "لسان العرب".

اللصوص، فقال: كل من عرض لك يريد مالك ونفسك، فلك أن تدفع عن نفسك ومالك. وقال: وأخبرني عبد الملك الميموني، أن أبا عبد اللَّه قال له في هذِه المسألة: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ". وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد بن عبد الحميد القطان، قال: ثنا بكر ابن محمد، عن أبيه، أنه سأل أبا عبد اللَّه عن قتال اللصوص. قال: أرى قتال اللصوص إذا أرادوا مالك ونفسك. وقال: أخبرنا محمد بن المنذر بن عبد العزيز، قال: ثنا أحمد بن الحسن الترمذي، قال: سالت أبا عبد اللَّه عن اللصوص، يخرجون يريدون مالي ونفسي، قال: قاتلهم حتى تمنع نفسك ومالك. وقال: حدثني علي بن الحسن بن سليمان، ثنا حنبل: سألت أبا عبد اللَّه قلت: امرأة أرادها رجل على نفسها فامتنعت منه، ثم إنها وجدت خلوة فقتلته لتحصن نفسها، هل عليها في ذلك شيء؟ قال: إذا كانت تعلم أنه لا يريد إلا نفسها فقتلته لتدفع عن نفسها فمات فلا شيء عليها، وإن كان إنما يريد المتاع والثياب فأرى أن تدفعه إليه، ولا تأتي على نفسه، لأن الثياب والمتاع فيها عوض، والنفس لا عوض فيها. وقال: أخبرني منصور بن الوليد النيسابوري، قال: ثنا علي بن سعيد، أن أبا عبد اللَّه سئل عن الرجل يقاتل دون حرمته وأهله، فقال: ما أدري. "السنة" للخلال 1/ 132 - 137 (141 - 149) قال الخلال: وأخبرني عبد الملك الميموني، أنه قال لأبي عبد اللَّه في هذِه المسألة: ودون أهله، فقال: الرواية عنه: ماله، وواحد يقول: دون

أهله وماله. وقال: أخبرني زكريا بن يحيى، قال: ثنا أبو طالب، وأخبرني الحسين ابن الحسن، قال: ثنا إبراهيم بن الحارث، أن أبا عبد اللَّه قال: يقاتل دون حرمته. وقال: حدثني الحسين بن الحسن الوراق، قال: ثنا إبراهيم بن الحارث: قيل لأبي عبد اللَّه، وحدثني الحسين بن الحسن، قال: ثنا محمد بن داود: سألت أبا عبد اللَّه قلت: الرجل يكون في مصر في فتنة، فيطرقه الرجل في داره ليلًا، قال: أرجو إذا جاءت الحرمة ودخل عليه منزله. قيل له: فمن احتج بعثمان أنه دخل عليه. قال: تلك فضيلة لعثمان، وأما إذا دخل داره وجاءت الحرم. قيل: فيدفعه، فكأنه لم ير بأسًا، وقال: قد أصلت ابن عمر على لص السيف، قال: فلو تركناه لقتله. وقال: وحدثني عبد اللَّه بن محمد بن عبد الحميد، ثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، وساله، قال: قيل: أرأيت إن دخل على رجل في بيته في الفتنة، قال: لا يقاتل في الفتنة. قلت: فإن أريد النساء، قال: إن النساء لشديد. قال: إن في حديث يروى عن عمر، يرويه الزهري، عن القاسم بن محمد، عن عبيد بن عمير: أن رجلًا ضاف ناسًا من هذيل، فأراد امرأة على نفسها، فرمته بحجر فقتلته، فقال: واللَّه لا يودى أبدًا. وحديث أيضا عن عمر: أن رجلًا وجد مع امرأته رجلًا فضربهما بالسيف، فقطع فخذ المرأة وفخذ الرجل، كان عمر أهدر دمه. "السنة" للخلال 1/ 137 - 138 (151 - 154)

قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي، قال: ثنا مهنا، قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل تلقاه اللصوص يريدون ماله، قال: يدفعهم عنه. قلت: يقاتلهم؟ قال: يدفعهم عنه. وقال: أخبرني عبد الملك الميموني، أنه قال لأبي عبد اللَّه: هل علمت أحدًا ترك قتال اللصوص تأثمًا؟ قال: لا. قلت: قوم يقولون: إن لقيتهم فقاتلهم، لا تضربه بالسيف، وأنت تريد قتله. قال: إنما أضربه لأمنع نفسي ومالي منه، فإن أصيب؛ فسهل فيه. قلت: نعم يا أبا عبد اللَّه، أعلم أني أضربه بالسيف، ولست آلو قطع يده ورجله، وأشاغله عني بكل ما أمكنني. قال: نعم. وقد كنت قلت له في أن يخرج عليه، قال: وهم يدعوك حتى تخرج عليهم، هم أخبث من ذاك. ورأيته يعجب ممن يقول: أقاتله وأمنعه، وأنا لا أريد نفسه، أي: فهذا مما لا ينبغي أن يشغل به القلب، له قتاله ودفعه عن نفسه بكل ما أمكنه، أصيبت نفسه أو بقيت. وقال: أخبرني الحسين بن الحسن، أن محمدًا حدثهم، أن أبا عبد اللَّه قال: يدفع عن نفسه، ولا يتعمد قتله. وقال: أخبرني محمد بن موسى الوراق، قال: ثنا أيوب بن إسحاق بن سافري، أن أبا عبد اللَّه، قيل له: من قُتل دون ماله فهو شهيد. قيل له: فيقاتل دون ماله؟ فقال: لا يقاتل، لأن نفسه، يعني اللص، عليك حرام، ولكن ادفع عن مالك. قيل: كيف أدفع؟ قال: لا تريد قتله ولا ضربه، ولكن ادفع عن

نفسك، فإن أصابه منك شيء فهو حد نزل به، مثل من أقيم عليه الحد فمات. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر، أن أبا الحارث حدثهم، قال: سألت أبا عبد اللَّه عن قتال اللصوص. فقال: من قتل دون ماله فهو شهيد. قلت: أقاتله وأضربه؟ قال: إذا علمت أنه يريد مالك فقاتله. وقال: إذا قاتل الرجل دون ماله فقتل أو جرح أو أثخن فيهم، أرجو لا يحرج، وذاك أنه قد أذن له في القتال. وقال: وحدثني زكريا بن يحيى أبو يحيى الناقد، ثنا أبو طالب، سئل أبو عبد اللَّه عن اللصوص دخلوا على رجل مكابرة، قال: يقاتلهم، ولكن لا ينوي القتل. قيل له: يضربهم بالسيف؟ قال: يدفعهم عن نفسه بكل ما يقدر، بالسيف وغيره، ولا ينوي قتله، قال: فإن ضربه فقتله ليس عليه شيء. قلت: السلطان لا يلزمه فيه شيء. قال: إذا علم الناس وقتله في داره، وقتله ما عليه؟ ! ليس عليه شيء، إنما يقاتل دون ماله، ودون نفسه. قال الخلال: أخبرنا محمد بن عبد المنذر بن عبد العزيز، قال: ثنا أحمد بن الحسن الترمذي، أن أبا عبد اللَّه قال: فإن جرحته حتى منعته عن نفسك، فليس لك أن تعيد عليه الضرب حتى تقتله، إنما لك أن تمنع عن نفسك ومالك، فقد منعته. وقال: حدثنا محمد بن سليمان الجوهري، ثنا عبدوس بن مالك العطار، سمعت أبا عبد اللَّه، يقول: أصول السنة، فذكر كلامًا كثيرًا، وقال: قتال اللصوص والخوارج جائز، قال: ولا يجهز عليه إن صرع،

أو كان جريحًا وإن أخذ أسيرًا فليس له أن يقتله، ولا يقيم عليه الحد، ولكن يرفع أمره إلى من ولاه اللَّه فيحكم. "السنة" للخلال 1/ 141 - 143 (161 - 168) وقال الخلال: حدثني زكريا بن يحيى، ثنا أبو طالب، سمع أبا عبد اللَّه قال: فإن ولى فليدعه ولا يتبعه. قيل له: فإن أخذ مالي وذهب أتبعه؟ قال: إن أخذ مالك فاتبعه، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ قاتَلَ دُونَ مَالِهِ"، فأنت تطلب مالك، فإن ألقاه إليك فلا تتبعه، ولا تضربه، دعه يذهب، وإن لم يلقه إليك ثم ضربته، وأنت لا تنوي قتله، إنما تريد تأخذ شيئك وتدفعه عن نفسك، فإن مات فليس عليك شيء؛ لأنك إنما تقاتل دون مالك. حديث عمران بن حصين في اللص، يعني فلم ير بأسًا على قاتله، فذكره، وابن عمر قد دخل لص، فخرج يعدو بالسيف صلتًا. وقال: حدثنا محمد بن سليمان الجوهري، ثنا عبدوس بن مالك العطار، سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل قال: قتال اللصوص والخوارج جائز، إذا عرضوا للرجل في نفسه وماله، فله أن يقاتل عن نفسه وماله، ويدفع عنهما بكل ما يقدر عليه، وليس له إذا فارقوه، أو تركوه أن يطلبهم، ولا يتبع آثارهم، لشى ذلك لأحد إلا للإمام، أو ولاة المسلمين، إنما له أن يدفع عن نفسه في مقامه ذلك، وينوي بجهده أن لا يقتل أحدًا، فإن أتى على بدنه في دفعه عن نفسه في المعركة، فأبعد اللَّه المقتول، وإن قتل هذا في تلك الحال، وهو يدفع عن نفسه وماله رجوت له الشهادة كما جاء في الأحاديث، وجميع الآثار في هذا إنما أمر بقتاله، ولم يؤمر بقتله، ولا اتباعه.

وقال: وحدثني عبد اللَّه بن محمد بن عبد الحميد، ثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، وسمعته يقول في قتال اللصوص، قال: أرى أن يدفع الرجل عن ماله ويقاتل قال: لأنه يروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ فهُوَ شَهِيدٌ" قال: ولكن إذا ولَّى اللصُّ لا يتبعه. قلت: أليس اللصُّ محاربًا؟ قال: أنت لا تدري قتل أم لا فأما إذا كان لصِّ معروف مشهور أنه قد قتل، وشقَّ عصا المسلمين، فهو محارب، يفعل به الإمام ما أحب. وقال: أخبرني محمد بن الحسين، أن الفضل حدثهم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه، يقول في هذِه المسألة: فإن ولى فلا تتبعه، وإن صار في موضع تعلم أنه لا يصل إليك فلا تتبعه. وقال: وأخبرني محمد بن موسى، أن أيوب بن إسحاق حدثهم في هذِه المسألة، قال أبو عبد اللَّه: وإن ولى فلا تطلبه، دعه يذهب عنك. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد، قال: ثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه في هذِه المسألة، قال: أرى قتال اللصوص إذا أرادوا مالك ونفسك، فأما أن تذهب إليهم، أو تتبعهم إذا ولوا فلا يجوز لك قتالهم. وقال: وأخبرنا محمد بن المنذر، قال: ثنا أحمد بن الحسن، أنه قال لأبي عبد اللَّه: فإن هرب أتبعه؟ قال: لا، إلا أن يكون متاعك معه. قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني، قال: قيل لأحمد ابن حنبل: رجل دخل دار قوم بسلاح فقتلوه؟ فلم يجب فيه. فأخبرني زكريا بن يحيى أن أبا طالب حدثهم، قال: سئل أبو عبد اللَّه

عن لصوص دخلوا على رجل مكابرة، يقاتلهم أو يناشدهم؟ قال: قد دخلوا على حرمته، ما يناشدهم؟ ! يقاتلهم، يدفعهم عن نفسه، ولكن لا ينوي القتل. قال: فيضربهم بالسيف؟ قال: يدفعهم عن نفسه بكل ما يقدر، بالسيف وغيره، ولا ينوي قتله. قال: فإن ضربه فقتله فليس عليه شيء. قلت له: السلطان لا يلزمه فيه شيء؟ قال: إذا علم الناس وقتله في داره ما عليه، ليس عليه شيء، إنما يقاتل دون ماله، ودون نفسه وحرمته. قال: فإن ولى فليدعه، ولا يتبعه. قلت له: فإن أخذ مالًا وذهب، أتبعه؟ قال: إن أخذ مالك فاتبعه؛ قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فهُوَ شَهِيدٌ" فأنت تطلب مالك؛ فإن ألقاه إليك فلا تتبعه، ولا تضربه، دعه يذهب؛ وإن لم يُلقه إليك ثم ضربته وأنت لا تنوي قتله، إنما تريد أن تأخذ شيئك وتدفعه عن نفسك؛ فإن مات فليس عليك شيء؛ لأنك إنما تقاتل دون مالك. حديث عمران بن حصين في اللص، يعني لم ير بأسا على قاتله، قد ذكره. قال: وابن عمر قد دخل لص فخرج يعدو بالسيف صلتًا. وقال: أخبرني عبد الملك الميموني، قال: قالوا لأبي عبد اللَّه: لصٌّ دخل على رجل في داره، كيف يصنع؟ قال: أليس ابن عمر أخذ السيف، لولا أنا منعناه، قالوا: فيضربه؟ قال لهم: للرجل أن يمنع ماله ونفسه، يعني: بكل ما (¬1). ¬

_ (¬1) كذا بالأصل ولعله يريد: بكل ما يستطيع.

وقال: وأخبرني الميموني قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا عبد اللَّه بن إدريس قال: ثنا عبيد اللَّه، عن نافع أن لصًّا دخل عليهم فأصلت ابن عمر عليه بالسيف، فلو تركناه لقتله. وقال: حدثني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني، قال: قلت لأبي عبد اللَّه: هل علمت أحدًا ترك قتال اللصوص تأثمًا؟ قال: لا. قلت له: في أن يخرج عليه؟ قال: وهم يدعونك حتى تخرج عليهم، هم أخبث من ذلك. وقال: حدثني الحسين بن الحسن الورَّاق، ثنا إبراهيم بن الحارث، قيل لأبي عبد اللَّه: وحدثني الحسين بن الحسن، ثنا داود، سألت أبا عبد اللَّه، فذكر المسألة، فذكر لأبي عبد اللَّه المناشدة للصِّ في غير الفتنة، فقال: حديث قابوس عن سلمان، ولم يثبته، وقال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قوتل فقاتل فقتل دون ماله، فهو شهيد". "السنة" للخلال 1/ 144 - 147 (177 - 181) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر، أن أبا الحارث حدثهم، أنه قال لأبي عبد اللَّه: فإن علم أنه لا طاقة له بهم، وإن هو قاتل قُتِلَ، فما ترى له، يقاتل، أو يعطي بيده، ويسلم ماله؟ قال: إن كان الذي ترى أنه إن أعطاهم ماله خلى سبيله، ولم يقتل؟ فترك القتال، رجوت أن لا يكون به بأس؛ هان كان الغالب على أمره منهم أنه إن أعطى بيده قُتِلَ، فليدفع عن نفسه بطاقته ما استطاع. "السنة" للخلال 1/ 148 (183)

2688 - هل يضمن الرجل ما أتلفه عند دفعه للصائل؟

قال الخلال: حدثنا أبو بكر المرُّوذي، قال: قرئ على أبي عبد اللَّه عن ابن مهدي، عن سفيان، عن عبد اللَّه بن الحسين، عن إبراهيم بن محمد ابن طلحة، عن عبد اللَّه بن عمرو، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أَريد ماله بغير حق فقاتل فقتل، فهو شهيد". "السنة" للخلال 1/ 954 - 155 (197) 2688 - هل يضمن الرجل ما أتلفه عند دفعه للصائل؟ قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، قال: أخبرني صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه قال: قاتل رجل رجلًا فعض يده، فانتزع يده من فيه، فأندر ثنيته، فأتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأهدره، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أفيدع يده في فيك تقضمها كما يقضمها الفحل؟ ! " (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1527) 2689 - كراهة أن يقاتل الرجل دون جاره وأهل رفقته قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني قال: قلت لأحمد: كنت في سفرٍ وأمامي رجل فوقع عليه العدو، فناداني واستغاث بي؟ قال: ما أدري، لو كان مالك لم يكن في قلبي شيء، فأما مال غيرك فما أدري. "السنة" للخلال 1/ 139 (155) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 222، والبخاري (2265)، ومسلم (1674).

وقال: أخبرني منصور بن الوليد، أن جعفر بن محمد النسائي حدَّثهم، أن أبا عبد اللَّه قيل له: فيقاتل عن أهل رفقته، قال: يقاتل عن ماله، إنما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فهُوَ شَهِيدٌ". وقال: أخبرنا محمد بن المنذر بن عبد العزيز، قال: ثنا أحمد بن الحسن الترمذي، أنه قال لأبي عبد اللَّه: فإن منعت نفسي ومالي، وأخذ من صاحبي فاستغاث بي، أغيثه؟ قال: نعم، أغثه، ولا تقاتله؛ لأنه لم يبح لك أن تقتله لمال غيرك، إنما أبيح لك أن تقاتله لنفسك ومالك. وقال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال، أنه قال لأبي عبد اللَّه: الرجل يكون معه المال لغيره فيقاتل عنه؟ قال: اعفني عن الجواب فيها. قلت: أليس يروي: "من قتل دون جاره فهو شهيد"؟ قال: ليس يصح هذا، وإنما هو: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ". وقال: وأخبرنا أبو بكر المرُّوذي، قال: قرئ على أبي عبد اللَّه عن ابن مهدي، عن سفيان، عن عبد اللَّه بن الحسن، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عبد اللَّه بن عمرو، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ بِغَيْرِ حَقِّ، فَقَاتَلَ فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ". "السنة" للخلال 1/ 139 - 140 (155 - 160) نقل صالح عنه: فيمن يستغيث به جاره، قال: يكره أن يخرج إلى صيحة بالليل؛ لأنه لا يدري ما يكون. "الفروع" 6/ 149

2690 - كراهة أن يقاتل في الفتنة

2690 - كراهة أن يقاتل في الفتنة قال الخلال: دفع إلينا محمد بن عوف الحمصي، قال: سمعت أحمد ابن حنبل كره قتال اللصوص في الفتنة. وقال: وأخبرني محمد بن أبي هارون، قال: ثنا أيوب بن إسحاق، أن أبا عبد اللَّه قال: وأما الفتنة، فلا تمس السلاح، ولا تدفع عن نفسك بسلاح، ولا شيء، ولكن أدخل بيتك. وقال: وأخبرني الحسين بن الحسن، قال: ثنا إبراهيم بن الحارث، قال: قيل لأبي عبد اللَّه: الرجل يكون في مصر فيه فتنة -وأخبرني الحسين ابن الحسن، أن محمدًا حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه، قلت: الرجل يكون في مصر فيه فتنة- فيطرقه الرجل في داره ليلًا، قال: أرجو إذا جاءت الحرمة ودخل عليه منزله. قيل له: فمن احتج بعثمان رحمه اللَّه أنه دخل عليه. قال: تلك فصيلة لعثمان، وأما إذا دخل داره، وجاءت الحرم، قيل: فيدفعه، فكأنه لم ير بأسًا، وقال: قد أصلت ابن عمر على لصٍّ السيفَ، قال: فلو تركناه لقتله، فذكر له المناشدة للصِّ في غير الفتنة. فقال: حديث قابوس عن سلمان، ولم يثبته، وقال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قوتل فقاتل فقتل دون ماله، فهو شهيد". "السنة" للخلال 1/ 149 (184 - 196) قال الخلال: حدثني عبد اللَّه بن محمد بن عبد الحميد، حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه قال: ولا أرى قتال اللصوص في الفتنة، إذا لم يكن إمام، فهذِه فتنته لا يحمل فيها سلاح؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لأبي ذر في الفتنة: "اجْلِسْ فِي بَيتِك"، قال: "فإن خفت شعاع السيف، فغط وجهك" وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أريد ماله فقاتل فقتل؛ فهو شهيد" فقال في

2691 - جامع القول في دفع الصائل وقتال اللصوص

الفتنة هكذا. وقال: من أريد ماله هكذا فهو عندي قتال اللصوص جائز إلَّا في الفتنة. "السنة" للخلال 1/ 151 - 152 (189) 2691 - جامع القول في دفع الصائل وقتال اللصوص وقال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد بن عبد الحميد، قال: ثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، أنه سمعه يقول في قتال اللصوص، قال: أرى أن يدفع الرجل عن ماله ويقاتل. قال: ألا يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ، فهُوَ شَهِيدٌ". قال: ولكن إذا ولى اللص لا يتبعه، قلت: أليس اللص محاربًا؟ قال: أنت لا تدري قتل أم لا؛ فأمَّا إذا كان لصٌّ معروف مشهور أنه قد قتل، وشقَّ عصا المسلمين فهو محارب، يفعل به الإمام ما أحبَّ قال: ولا أرى قتالهم في الفتنة إذا لم يكن إمام، فهذِه فتنة لا يحمل فيها سلاح؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لأبي ذر في الفتنة: "اجْلِسْ فِي بَيْتِكَ"، قال: "فإن خفت شعاع السيف؛ فغط وجهك". وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أريد ماله فقاتل فقتل؛ فهو شهيد"، فقال في الفتنة هكذا، وقال: من أريد ماله هكذا، فهو عندي قتال اللص جائز إلا في الفتنة. قلت: أرأيت إن دخل على رجل بيته في الفتنة؟ قال: لا نقاتل في الفتنة. قلت: فإن أريد النساء؟ قال: إن النساء لشديد.

قال: إن في حديث يروى عن عمر -رضي اللَّه عنه- يرويه الزهري، عن القاسم بن محمد، عن عبيد بن عمير: أن رجلًا ضاف ناسًا من هذيل؛ فأراد امرأة على نفسها فرمته بحجر؛ فقتلته، فقال: واللَّه لا يودى أبدًا. وحديث أيضًا عن عمر: أن رجلًا وجد مع امرأته رجلًا فضربه بالسيف، فقطع فخذ المرأة وفخذ الرجل، فكان عمر أهدر دمه. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون، والحسن بن جحدر، والحسن ابن عبد الوهاب، كلهم سمع الحسن بن ثواب، قال: قلت لأبي عبد اللَّه: سألت الزبيري عن حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فهُوَ شَهِيدٌ" وقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا التقى المسلمات بسيفيهما؛ فقتل أحدهما الآخر، فالقاتل والمقتول في النار" فقال الزبيري: ما تقول في الرومي إذا لقيك؛ فقتلته، أليس لك فيه أجر؟ قلت: بلى، قال: فإذا قتلك؟ قلت: شهيد، قال: كذلك اللصُّ إذا لقيك، لو أقمناه مقام المسلم ما كتبت شهيدًا أبدًا، ولكنه يقام مقام الكافر، فلذلك: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فهُوَ شَهِيدٌ"، فلما حدثت به أبا عبد اللَّه قال لي: أرأيت لو أن رجلًا لقيك على غير عداوة ظاهرة، فقال: ضع ثوبك، وإلا ضربتك بالسيف فأبيت، ثم حملت عليه فضربته ضربة، وأنت لا تدري يموت منها أو لا، فمات، ما عليك من ذلك، وأنت لا تدري حين قال لك: إن وضعت ثوبك، وإلا ضربتك بالسيف، كان يفعل أو لا، ما ترى فيه إن قتلته؟ قال الحسن بن عبد الوهاب قال: ما ترى في قتله إن قتلته؟ قلت: لا شيء إذا كان لصًّا، قال: نعم، هدر دمه. "السنة" للخلال 1/ 150 - 151 (187 - 188)

قال أبو بكر الخلال: استقرَّت الروايات عن أبي عبد اللَّه: إنما تقاتل اللص دون نفسك ومالك، فأما الحرم فمتوقف في رواية علي بن سعيد، فأما الميموني فبين عنه أن الرواية في نفسه وماله، وواحد يقول: وأهله، واتفقوا عنه بعد ذلك أنه يقاتل عن حرمته، وأشبع الحجة فيه، واحتج بعمر وابن عمر، وأما قتاله عن جاره وأهل رفقته، فإنهم اتفقوا عنه أن لا يقاتل بالسيف في إعانة جاره والرفقة، وأما محمد بن يحيى، فذكر أنه لا يصح قوله: "من قتل دون جاره". وأشبع المسألة أحمد بن الحسن، فقال: قال لم يبح لك أن تقتله لمال غيرك، إنما أبيح لك لنفسك ومالك، وأما قتله فقد أجمعوا عنه أنه إذا قاتله لا ينوي قتله، وأنه إن قتله في مدافعته عن نفسه فأبعده اللَّه. وأشبع المسألة عنه جماعة، وبين ذلك أيوب بن إسحاق. فقال: من أخذ برك فأقيم عليه الحد؛ وأما إذا أثخن فيه القتال والجراح، فلا يعيد عليه، ولا يجهز، ولا يقتله، إذا أخذه أسيرًا، ولا يقيم عليه الحد، وإنما ذلك للإمام، وأما اتباعه إذا ولى؛ فقال: لا تتبعه إلا أن يكون المال معه؛ فإن طرح المال وولى فلا تتبعه أصلًا، وأما إذا دخل مكابرة فيقاتله، ولا يدع ذلك، واحتجَّ بعمران بن حصين وابن عمر، وأمَّا المناشدة له فضعف الحديث فيه، ولم ير ذلك أصلًا، وأما في الفتنة فلم ير قتالهم أصلًا، وقد أحتج في جميع ذلك بالأحاديث، وقد أخرجت الأحاديث التي احتج بها كلها، فعلى هذا الذي شرحت عنه استقرت الرواية في مذهبه. "السنة" للخلال 1/ 152 - 153 (191)

2692 - باب قتال أهل البغي

2692 - باب قتال أهل البغي قال المروذي: عن قوم من أهل البدع يتعرضون ويكفرون؟ قال: لا تعرضوا لهم. قلت: وأي شيء تكره من أن يحبسوا؟ قال: لهم والدات وأخوات. "الفروع" 6/ 157 - 158 نقل الميموني عنه: أمر هذا الكافر بابك -لعنه اللَّه- ليس كغيره، سبي النساء المؤمنات، فوقعوا عليهن فحملن، فالولد تبع لأمه، كذا حكم الإسلام، ثم خرج إلينا يحاربنا، وهو مقيم في دار الشرك، أي شيء حكمه؟ ! إذا كان هكذا فحكمه حكم الارتداد. "الفروع" 6/ 163 2693 - إذا اتلف أهل البغي مالًا على أهل العدل، أو قتلوا منهم في حال الالتحام، هل هم مضمون عليهم؟ قال إسحاق بن منصور: قاتلت الحرورية، ثم أخذوا مالًا. قال: كل ما أصابوا من شيء في ذَلِكَ، فهو عليهم. قال إسحاق: كذا هو. "مسائل الكوسج" (2412) نقل الأثرم، وأحمد بن أبي عبدة: أنه أخذ بحديث الزهري: أنه لا يقاد ولا يؤخذ ما أتلف على تأويل القرآن إلا ما وجد بعينه. "الروايتين والوجهين" 2/ 306

باب حكم المرتد

باب حكم المرتد 2694 - عقوبة المرتد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُقتلُ أحدٌ يشتم أحدًا؟ قال: إن شَتَم النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فنعم، وأمَّا غير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2430) قال إسحاق بن منصور: يُسْتتابُ من شَتم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: لا يستتاب. قُلْتُ: ما الشَّتيمة التي يجب بها القَتلُ؟ فَلم يَقم لي على شيء. قال: نحن نرى في التعريضِ الحدَّ. فكان مذهبه فيما يجبُ الحدُّ من الشَّتيمةِ التعريضَ. قال إسحاقُ: إذا عرَّض يَعيب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قام مقام الشتم، يقتل إذا لم يكن ذاك منه سهوًا. "مسائل الكوسج" (2486) قال صالح: قال أبي: التبديل: الإقامة على الشرك، فأما من تاب فإنه لا يكون تبديلا؛ أرجو. "مسائل صالح" (948) قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن حديث أبي بكر: ما كانت لأحدٍ بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: لم يكن لأبي بكرٍ أن يقتل رجلًا إلَّا بإحدى ثلاثٍ، والنبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كانَ لهُ ذلك أن يقتلَ. "مسائل أبي داود" (1467)

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل قال لرجل: يا ابن كذا وكذا، أنت ومن خلقك؟ قال أبي: هذا مرتد عن الإسلام. قلت لأبي: تضرب عنقه؟ قال: نعم. تضرب عنقه. "مسائل عبد اللَّه" (1556) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول فيمن سب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: تضرب عنقه. "مسائل عبد اللَّه" (1557) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن ثوبة العنبري قال: سمعت أبا سواد القاضي، عن أبي برزة الأسلمي قال: أغلظ رجل لأبي بكر الصديق، فقال أبو برزة الأسلمي: ألا أضرب عنقه؟ قال: فانتهره أبو بكر، وقال: ما هي لأحد بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل عبد اللَّه" (1558) قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: كل من ذكر شيئًا يعرض به الرب تبارك وتعالى فعليه القتل مسلمًا كان أو كافرًا. وهذا مذهب أهل المدينة. وقال: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن يهودي مرَّ بمؤذن وهو يؤذن فقال له: كذبت؟ فقال: يقتل؛ لأنه شتم.

وقال: أخبرنا عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول كل من شتم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أو تنقصه مسلمًا كان أو كافرًا فعليه القتل. وقال: أخبرني زكريا بن يحيى قال: حدثنا أبو طالب: أن أبا عبد اللَّه سُئل عن من شتم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: يقتل قد نقض العهد. وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثنا هشيم. وأخبرنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا حصين عن من حدثه عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: مرَّ به راهب فقيل له: هذا يسبّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقال ابن عمر: لو سمعته لقتلته، إنّا لم نعطهم الذمّة على أن يسبّوا نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال حنبل سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كل من نقض العهد وأحدث في الإسلام حدثًا مثل هذا رأيت عليه القتل، على هذا أعطوا العهد والذمّة. وقال: أخبرنا عبد اللَّه قال: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن حصين، عن شيخ: أن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- علا على راهب سبّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالسيف وقال: إنَّا لم نصالحهم على سبّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وأخبرنا عبد اللَّه قال: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثني عثمان الشحام قال: سمعت عكرمة يذكر أن أم ولد رجل من المسلمين شتمت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقتلها -يعني: مولاها- فأهدر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دمها. وقال: أخبرني عبد اللَّه قال: حدثني أبي قال: حدثنا روح قال: حدثنا عثمان بن الشحام قال: حدثنا عكرمة مولى ابن عباس -رضي اللَّه عنه-: أن رجلًا

كانت له أم ولد تشتم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقتلها فسأله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عنها، فقال: يا رسول اللَّه إنها كانت تشتمك، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألا إن دم فلانة هدر". وقال: أخبرني محمد بن عيسى أن أبا الصقر حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل من أهل الذمّة شتم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ماذا عليه. قال: إذا قامت البينة عليه يقتل، من شتم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقتل مسلمًا كان أو كافرًا. وقال: أخبرنا عبد اللَّه قال: حدثني أبي قال: حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي قال: كان رجل من المسلمين أعمى يأوي إلى امرأة يهودية فكانت تطعمه وتحسن إليه، فكانت لا تزال تشتم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وتؤذيه فيه، فلما كان ليلة من الليالي خنقها فماتت، فلما أصبح ذُكر ذلك لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فنشد الناس في أمرها، فقام الأعمى فذكر له أمرها. فأبطل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دمها. وقال: أخبرنا محمد بن جعفر قال: حدثنا عبيد قال: حدثنا ابن المبارك عن معمر، عن سماك بن الفضل، عن عروة بن محمد، عن رجل من بلقين: أن امرأة كانت تسبّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقتلها خالد بن الوليد. وقال: أخبرنا عبد اللَّه قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا عبد اللَّه بن المبارك عن معمرُ، عن سماك بن الفضل، عن رجل من بلقين أن امرأة سبّت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقتلها خالد بن الوليد. وقال: أخبرني حرب قال: سألت أحمد عن رجل من أهل الذمّة شتم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. فقال: يقتل إذا شتم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "أحكام أهل الملل" 2/ 339 - 342 (728 - 739)

قال الخلال: كتب إليّ يوسف بن عبد اللَّه الإسكافي قال: حدثنا الحسن بن الحسن أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الرجل يكون له جيران يهود ونصارى فيسلمون ثم يرتدون. قال: يرفع أمرهم إلى القاضي. وعن القوم يسلمون فلا يشهدون جماعة. قال: يقرعون ويرفع أمرهم إلى السلطان. وقال: أخبرنا المروذي قال: قرئ على أبي عبد اللَّه محمد بن جعفر سُئل عن مرتد عن الإسلام، فقال: حدثنا سعيد، عن قتادة وأيوب، عن ابن عباس: أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ". "أحكام أهل الملل" 2/ 485 (1192 - 1193) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر، حدثنا أبو طالب أنه قال لأبي عبد اللَّه: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ". ليس فيه استتابة. قال: صدقت. إنما من بدّل دينه من أقام على تبديل دينه. وقال في موضع آخر قال: من بدّل دينه فثبت ولم يرجع فيقولون: يستتاب، فإن قام على التبديل قتل. وقال: أخبرنا عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ" قلت: كيف التبديل؟ قال: أن يقيم عليه يستتاب. فإن تاب لم يكن مقيمًا على التبديل؟ قال: نعم. وأذهب إلى حديث عمر -رضي اللَّه عنه- وحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقتُلُوهُ". فلا يكون تبديلًا، وهو راجع يقول قد أسلمت. "أحكام أهل الملل" 2/ 285 (1195 - 1196)

2695 - ذكر القول بأن المرأة إذا ارتدت أنها كالرجل في العقوبة، والإنكار على من زعم أنها لا تقتل

2695 - ذكر القول بأن المرأة إذا ارتدت أنها كالرجل في العقوبة، والإنكار على من زعم أنها لا تقتل قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في المرأة إذا ارتدّت قتلت. وقال الخلال: قال: وقرئ على أبي عبد اللَّه: عبد الوهاب قال: أخبرنا. وأخبرنا يحيى قال: حدثنا عبد الوهاب قال: أخبرنا ابن جريج عن الزهري أنه قال في المرأة: إذا ارتدت تدعى إلى الإسلام ثلاثًا فإن رجعت والَّا قتلت. وقال: أخبرني الميموني أن أبا عبد اللَّه قال: من بدّل دينه من رجل أو امرأة يحبس ثلاثة أيام ثم يقتل. يذهب إلى حديث عمر بن الخطاب حبسه ثلاثة أيام. وقال: وأخبرني الميموني في موضع آخر أنه قال لأبي عبد اللَّه: المرأة المرتدة تقتل؟ قال: نعم، الساحرة كما ترى، حفصة قتلت ساحرة فبلغ ذلك عثمان فكرهه؛ لأنه كان دونه، فقال نافع عن ابن عمر: إنه ذهب إلى عثمان رحمه اللَّه فقال: إنها قد أقرّت. قال أبو عبد اللَّه: فعله ثلاثة من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في قتل الساحرة وقتل المرأة في الارتداد تقتل فيه. وإبراهيم أيضًا يروى عنه في المرتدة تقتل. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح أن أباه قال: المرأة

إذا ارتدت يعرض عليها الإسلام فإن أسلمت وإلَّا قتلت. وقال: وأخبرنا المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في المرأة: إذا ارتدّت قتلت. وقال: أخبرنا ابن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه قال لأبي عبد اللَّه في المرأة تستتاب؟ قال: المرأة والرجل سواء. قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ بَدَّلَ دِينَة فَاقْتُلُوهُ". المرأة والرجل يستتابون فإن تابوا وإلَّا قتلوا. قلت: المرأة تستتاب؟ قال: نعم، ثلاثة أيام فإن تابت وإلَّا قتلت. وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل. . . وأخبرني الحسين بن الحسن قال: حدثنا إبراهيم بن الحارث عن أبي عبد اللَّه. قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه قال في المرأة: إذا ارتدّت عن الإسلام تستتاب فإن تابت وإلَّا قتلت حكمها وحكم الرجل واحد لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "أحكام أهل الملل" 2/ 495 - 496 (1222 - 1228) وقال الخلال: أخبرني محمد بن الحسن بن هارون قال: سألت أبا عبد اللَّه عن المرأة ترتدّ عن الإسلام؟ قال: تستتاب، فإن تابت وإلَّا ضربت عنقها. وقال: أخبرنا محمد بن داود البوصرائي قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في المرأة ترتد قال: قالوا: لا. قيل لهم: لِمَ؟ قالوا: نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن قتل النساء. قيل لهم: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن قتل النساء والشيخ الراهب، فلو أن رجلًا ارتدّ ثم ترهّب لم يقتل. أو شيخ كان مسلمًا فارتدّ لم يقتل.

هذا حكم وهذا حكم، هذا في الارتداد القتل، وذاك في الحرب والسرايا لا تقتل النساء. وقال: أخبرني عبد الملك الميموني قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن المرأة ترتدّ تقتل؟ فكره الجواب فيها، وسمعته يقول: الأغلب على أنها إذا ارتدّت استتيبت، فإن لم تتب، قتلت. قال: ومن الناس من يحتجّ بقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نهى عن قتل النساء والصبيان، وذاك غير ذا، ليس هو في ذا بشيء. قال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: المرأة ترتدّ؟ قال: تستتاب، فإن تابت وإلَّا ضربت عنقها. قلت: احتجوا بحديث عمر في أم الولد إذا كفرت وزنت وفجرت، فإن المرأة إذا ارتدّت لا تقتل؟ ! قال: وأي حجة في هذا لهم؟ ! قال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، وسأله عن المرأة ترتدّ عن الإسلام. قال: تقتل. قلت: إن سفيان يقول: تحبس فلا تقتل. قلت: من أين؟ قال الثوري وأصحاب أبي حنيفة: تحبس ولا تقتل. قال: من حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تقتل امرأة ولا عسيفًا". قال أبو عبد اللَّه: وهذا لا يشبه ذاك، أولئك أهل حرب وهم مماليك لنا، وهذِه امرأة مسلمة ارتدّت عن الإسلام، وأولئك كفار لم يسلموا، وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ".

قال: وحدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا سعيد، عن أبي حفص -يعني: عمر بن عامر- عن حماد: أن النخعي قال في المرأة إذا ارتدّت عن الإسلام، قال: تقتل. وحدثنا ابن إدريس قال: حدثنا هشام عن الحسن أنه كان يقول في المرتدة: تستتاب، فإن تابت وإلَّا قتلت. قال: وحدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن قال: تستتاب إذا ارتدّت. وقال الخلال: أخبرني عبد الملك الميموني قال أبو عبد اللَّه: شيء يرويه حماد بن سلمة من حديث قتادة، عن خلاس، عن علي -رضي اللَّه عنه- في المرتدة تستأمى. قلت: ما تستأمى؟ قال: تجعل أمة، ولا أراه إلَّا خطأ، وإبراهيم يروى عنه في هذِه القصة في المرأة والعبد إذا ارتدّا قتلا. وقال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا عبد الوهاب قال: سئل سعيد عن المرأة إذا ارتدّت؟ فأخبرنا عن قتادة، عن الحسن أنه قال: تستأمى -يعني: تسترق- وهو رأي قتادة. وقال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا عبد الوهاب قال: أخبرنا سعيد، عن حماد، عن إبراهيم أنه قال في المرأة إذا ارتدّت: تقتل. وفي العبد إذا ارتدّ يقتل. "أحكام أهل الملل" 2/ 496، 498 (1230: 1237)

2696 - أحكام ارتداد العبد وأحكام زوجته يكون مثل الحر

2696 - أحكام ارتداد العبد وأحكام زوجته يكون مثل الحر قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث أنه قال لأبي عبد اللَّه: فإن كان عبدًا فأعتقه سيده وهو مسلم، فلحق بدار الحرب فتنصّر وولد له أولاد ثم غلب عليهم المسلمون؟ قال: يرد هو وولده إلى الإسلام وهو حر وولده غنيمة للمسلمين. وقال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: قلت لأبي عبد اللَّه: ما تقول في العبد إذا ارتدّ، نقتله؟ فقال: لا، أخبرك ما أجد أحكامه على أحكام الحر، إنما نجدها في كثير منها على النصف. قلت: هو في أكثر الأشياء مثله: تلف النفس وقطع اليد والسرقة، قال: وقد نجده في بعض أحكامه على النصف. قلت: وأنت قد تجد ما تكلموا في جراح العبد بينهم؟ فقال: لا قصاص إنما هو ملك، قال: ابن عباس يقول: هم مال. إلَّا أن إبراهيم يروى عنه في هذِه القصة في المرأة والعبد إذا ارتدا قتلا. قال عبد الملك: وقال لي: أنت أي شيء تقول: يقتل؟ قلت: نعم، أنا أقتله، وإن تأوّل بعض الناس في تركه شيئا لم أبعده. ففارقته على أن مذهبه الجبن عنه، ولا يراه. قيل له: فالمرأة كيف ترى؟ قال: هي في أحكامها مثل الرجل إن شربت الخمر جلدت. وقال: أخبرني عبد الملك في موضع آخر أنه قال لأبي عبد اللَّه: العبد يرتد؟ قال: حكمه حكم الحر، يستتاب، فإن تاب وإلَّا قتل.

2697 - الرجل يسرق أو يزني أو يقتل، ثم يرتد، تم يراجع الإسلام

وقال: وأخبرني عبد الملك في موضع آخر: أن أبا عبد اللَّه قال: من بدّل دينه من رجل أو امرأة أو عبد حبس ثلاثة أيام ثم يقتل. وقال: أخبرني عصمة بن عصام، قال: الأمة تستتاب وتقتل وكذلك العبد. وقال: أخبرني عبد الملك بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه قال: حدثنا محمد بن جعفر قال سعيد عن أبي حفص -يعني عمر بن عامر- عن حماد: أن النخعي قال في العبد إذا ارتدّ يقتل. قال: ما تقول في المرأة ترتد، والعبد يختلف الناس؟ قال: أذهب إلى حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ بدّل دينَهُ فاقْتلوه"، والمرأة والعبد وكل بمنزلة واحدة. "أحكام أهل الملل" 2/ 510 - 512 (1278 - 1283) 2697 - الرجل يسرق أو يزني أو يقتل، ثم يرتد، تم يراجع الإسلام قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن رجلٍ سرقَ وزنى، ثم ارتَدَّ عَنِ الإسلامِ، ثم تَابَ؟ قال: هَدمَ الإسلام ما كانَ قبلَ ذَلِكَ إلَّا حقوق النَّاسِ بعضهم في بعض. قال أحمدُ: يُقَامُ عليه الحدُّ. واستشنع هاتينِ المسألتينِ من قوله. قال إسحاقُ: كما قال أحمدُ الردةُ لا تُسقطُ فرضًا كان عليه إذا رجعَ إلى الإسلامِ. "مسائل الكوسج" (2665)

2698 - المرتد يقطع ويقتل، ثم يلحق بدار الحرب

2698 - المرتد يقطع ويقتل، ثم يلحق بدار الحرب قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن رجل ارتد عن الإسلام فقطع الطريق وقتل النفس ثم لحق بدار الحرب فأخذه المسلمون كيف الحكم فيه؟ قال: تقام عليه الحدود ويقتص منه. فأعدت عليه، فقال: تقام عليه الحدود والقصاص. "أحكام أهل الملل" 2/ 513 (1289) 2699 - إذا ارتد الرجل، ثم دخل دار الحرب فقتل أو زنى ثم راجع قال إسحاق بن منصور: سئل: إذا (أراد أن يدخل) (¬1) دار الحرب، فقتل أو زنا أو سرق. قال: أما أنا فلا يعجبني أي: ألا يقام عليه ما أصاب هنالك. "مسائل الكوسج" (3415) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد: عن رجل ارتدّ عن الإسلام فلحق بدار الحرب فقتل بها رجلًا مسلمًا ثم رجع تائبًا وقد أسلم فأخذه وليّه يكون عليه قود من ذلك؟ فقال: قد زال عنه الحكم لأنه إنما قتل وهو مشرك وكذلك عن سرق وهو مشرك. فقلت له: ويذهب دم الرجل المسلم؟ قال: لا أقول في هذا شيئًا. ¬

_ (¬1) هكذا بالأصل، وفي طبعة الجامعة الإسلامية: ارتد ودخل.

2700 - إن أنكر المرتد ردته، هل يقبل قوله؟

فقلت: لا تقول فيه. ترى عليه القتل ولا ترى عليه شيئًا؟ قال: لا أقول فيها شيئًا. "أحكام أهل الملل" 2/ 514 (1291) 2700 - إن أنكر المرتد ردته، هل يقبل قوله؟ قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى قالا: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن رجل تنصّر فأخذ فقال: لم أفعل؟ قال: هو ذا تنصّر يعرض عليه ثلاثة أيام لعله يرجع، فكيف إذا قال: لم أفعل؟ يقبل منه. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد بن الحكم، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه وسمعه يقول: لو أن نصرانيًّا أو يهوديًّا أسلم ثم تهوّد أو تنصّر فشهد قوم عدول: أنه قد تنصّر أو تهوّد. وقال هو: إني لم أفعل أنا مسلم؟ قال: أقبل بقوله ولا أقبل شهادتهم. قال أبي: أريد أن أستتيبه وهو أكبر عندي من الشهود. "أحكام أهل الملل" 2/ 493 (1215 - 1216) 2701 - استتابة المرتدين قال إسحاق بن منصور: الرجلُ يُسلمُ، ثُمَّ يرتدُّ، ثم يُسلم، ثم يَرْتد؟ قال أحمدُ: ما دام يتوب يُستتاب. قال إسحاقُ: يُستتابُ ثلاثًا فإِنِ ارتدَّ الرابعةَ لم يستتب، عليه القتل كما

جاء عَن عثمانَ وابنِ عمر -رضي اللَّه عنهما- على تأويل الكتاب: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} [النساء: 137]. "مسائل الكوسج" (2681) قال إسحاق بن منصور: قال أحمدُ: المرتدُّ يُستتابُ ثلاثًا، والمرأةُ المرتدةُ تُستتابُ ثلاثًا، والزنديقُ لا يستتابُ؟ قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2702)، (3269) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: قال عبد الرحمن بن مهدي: من قال: إنَّ اللَّه عز وجل لم يكلم موسى عليه السلام يُستتاب، فَإِنْ تاب، وإلَّا قُتِلَ (¬1). "مسائل الكوسج" (3421) قال صالح: وقال أبي: المرتد يستتاب ثلاثة أيام؛ حديث عمر: ألا أدخلتموه بيتًا. وابن مسعود استتاب وقتل، وحديث أنس يروى عن عمر: أدخلهم من الباب الذي خرجوا منه أحب إلى من كذا وكذا. وقصة معاذ قدم اليمن وقد كان أبو موسى استتاب الرجل شهرًا، فقال معاذ: لا أنزل حتى أضرب عنقه. "مسائل صالح" (947) قال صالح: وقال: المرتد يستتاب ثلاثة أيام، ويطعم كل يوم رغيفا. حديث عمر. "مسائل صالح" (1182) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في المرتد: يستتاب ثلاثًا، فإن تاب ¬

_ (¬1) نقلها عبد اللَّه عن أبيه في "العلل" (4783).

وإلا قتل على حديث عمر بن الخطاب. "مسائل عبد اللَّه" (1554) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو المنذر قال: حدثنا مالك، عن عبد الرحمن بن محمد، عن أبيه أن رجلًا كفر بعد إسلامه فقتل، فبلغ ذلك عمر فقال: ألا حبستموه ثلاثًا، وتلقون اليه رغيفًا كل يوم، لعله أن يتوب، ويراجع أمر اللَّه عز وجل. "مسائل عبد اللَّه" (1555) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب قال: سألت أبا عبد اللَّه عن المرتد يستتاب؟ قال: نعم ثلاثة أيام، فإن تاب وإلَّا قتل. "أحكام أهل الملل" 2/ 487 (1199) قال الخلال: أخبرني عبد الملك الميموني أن أبا عبد اللَّه قال: يحبس ثلاثة أيام ثم يقتل. يذهب إلى أن عمر -رضي اللَّه عنه- حبسه ثلاثة أيام، وقول عمر: ألا حبستموه، ألا خوفتموه. فقلت لأبي عبد اللَّه: فحديث معاذ حين أتى اليمن قال: قال: لا أبرح حتى يقتل؟ فقال: أليس كان في الحبس فأخرجه أبو موسى؟ وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: يستتاب المرتد ويقتل. وقال: أخبرني عبد الملك أيضًا قال: يذهب أبو عبد اللَّه إلى حديث عمر -رضي اللَّه عنه-: يجوع المرتد ويحبس ثلاثًا فإن تاب وإلَّا قتل. "أحكام أهل الملل" 2/ 488 (1201 - 1203)

قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد ابن أبي عدي، عن سليمان، عن أبي عمرو الشيباني أن رجلًا من بني عجل تنصر، فكتب في ذلك عتبة بن فرقد إلى عليّ بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-، فأمر به فأتي به حتى طرح بين يديه رجل أشعر عليه ثياب الصوف، مكبّل بالحديد، فكلمه حتى أكثر وهو ساكت. قال: ثم تكلم بكلمة كان فيها هلاكه، قال: إني ما أدري ما تقول غير أن عيسى المسيح هو اللَّه. قال: فقام على رحمه اللَّه لما قالها فوطئه، فلما رأى الناس عليًا وطئوه. قال: فقال أمسكوه. قال: فأمسكوه حتى قتلوه. قال: فأمر بجسده فأحرق. قال: فجعل النصارى يجيئون فيأخذون من لحمه ومن دمه. ويلقي أحدهم الدرهم فينزل كأنه يأخذه فيأخذ من لحمه ويقولون شهيدًا بالدال. وقال: أخبرنا عبد اللَّه قال: حدثني أبي قال: حدثنا هشام قال: أخبرنا داود عن الشعبي، قال: أخبرني أنس بن مالك قال: لما فتحنا تستر بعثني الأشعري إلى عمر بن الخطاب فلما قدمت عليه قال: ما فعل البكريون حجية وأصحابه. قال: فأخذت به في حديث آخر. قال: فقال: ما فعل النفر البكريون؟ قال: فلما رأيته لا يقطع قلت: يا أمير المؤمنين ما فعلوا أنهم قتلوا ولحقوا بالمشركين، ارتدوا عن الإسلام وقاتلوا مع المشركين حتى قتلوا. قال: فقال: لأن أكون أخذتهم سلمًا كان أحب إليّ مما على وجه الأرض من صفراء وبيضاء. قال: فقلتُ: وما كان سبيلهم لو أخذتهم سلمًا؟ قال: كنت أعرض عليهم الباب الذي خرجوا منه فإن أبوا أستودعهم السجن. وقال: أخبرنا عبد اللَّه قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال:

حدثنا معمر عن الزهري عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، عن أبيه قال: أخذ ابن مسعود قومًا ارتدوا عن الإسلام من أهل العراق. قال: فكتب فيهم إلى عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه-. فكتب إليه: أن اعرض عليهم دين الحق وشهادة أن لا إله إلَّا اللَّه، فإن قبلوا فخل عنهم، وإن لم يقبلوا فاقتلهم. فقبلها بعضهم فتركه، ولم يقبلها بعضهم فقتله. وقال: أخبرنا عبد اللَّه قال: حدثني أبي قال: وحدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثني إسماعيل قال: حدثني قيس بن أبي حازم قال: أتى رجل ابن مسعود فقال: إني مررت بمسجد من مساجد بني حنيفة فسمعت يقرأ فيه قراءة ما نزلها اللَّه على محمد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: ما يقول؟ قال: يقول: الطاحنات طحنًا، والعاجنات عجنًا، والخابزات خبزًا، والثاردات ثردًا، والملقمات لقمًا. قال: فأرسل عبد اللَّه فأتي بهم. قال إسماعيل: حسبته قال: سبعين ومائة، إمامهم عبد اللَّه بن النواحة فأمر به فقتل. تم نظر إلى الآخرين فقال: ما نحن بمجزري الشيطان كل هؤلاء وحولهم إلى الشام، فإما أن يفنيهم اللَّه بالطاعون، أو يتوب اللَّه على من يشاء أن يتوب منهم. "أحكام أهل الملل" 2/ 489 - 492 (1207 - 1210) قال عبد اللَّه: سألت أبي عمن شتم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، يستتاب؟ قال: قد وجب عليه القتل، ولا يستتاب؛ لأن خالد بن الوليد قتل رجلًا شتم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يستتبه. "الصارم المسلول" (5)

2702 - من تكررت ردته، هل يستتاب؟

2702 - من تكررت ردته، هل يستتاب؟ قال إسحاق بن منصور: الرجلُ يُسلمُ، ثُمَّ يرتدُّ، ثم يُسلم، ثم يَرْتد؟ قال أحمدُ: ما دام يتوب يُستتاب. قال إسحاقُ: يُستتابُ ثلاثًا فإِنِ ارتدَّ الرابعةَ لم يستتب، عليه القتل كما جاء عَن عثمانَ وابنِ عمر -رضي اللَّه عنهم- على تأويل الكتاب: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} [النساء: 137]. "مسائل الكوسج" (2681) قال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد أنه سأل أبا عبد اللَّه: ما تقول في من خرج من الإسلام إلى الكفر ثم قال: قد تبت، تقبل توبته؟ قال لي: نعم. فإن عاد أيضا وقال: قد تبت تقبل توبته؟ قال: نعم. قلت: فإذا فعل ذلك أبدًا يؤخذ ويقول: قد تبت؟ قال: ما يعجبني هذا لا آمن أن يكون هذا يتلعب بالإسلام، يقتل. قلت: كم تقبل منه التوبة؟ قال: قال عمر: فهلا حبستموه ثلاثة أيام. هكذا، فأرى أن يستتاب ثلاث مرات. فأما إذا كثر ذا منه فلا. قلت له: ما لك فيما أحسبه يقول: كلما تاب قبلت توبته؟ قال: ما أشبه ذا بقوله. وقال: أخبرنا أحمد بن المنذر قال: حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن القوم إذا أسلموا ثم أغاروا على المسلمين؟ قال: هو نقض للعهد.

2703 - ذكر القول بأنه يفرق بين من ولد على الإسلام ثم ارتد، وبين من كان كافرا ثم ارتد

قلت: فإن غزوهم المسلمون، فقالوا: نحن مسلمون؟ قال: ما أحسن أن يقبل منهم أول مرة. أما إذا فعلوا مرارًا فلا يقبل منهم. واحتجّ في ذلك بقول عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- في اليهودي الذي صرع المرأة عن الحمار، فأمر عمر بقتله وقال: ليس على هذا عاهدناهم. وقال أبو عبد اللَّه في القوم إذا كان لهم عهد ثم نقضوا. قال: يختلفون في الذراري. يقول: ليسوا في العهد. قال أبو بكر الخلال: ما حكاه إسحاق بن منصور فقول أول لأبي عبد اللَّه، والذي أذهب ما حكاه الميموني وأحمد بن الحسين وفسّروه عنه. "أحكام أهل الملل" 2/ 492 - 493 (1213 - 1214) 2703 - ذكر القول بأنه يفرق بين من ولد على الإسلام ثم ارتدَّ، وبين من كان كافرًا ثم ارتد: قال الخلال: أخبرنا الخضر بن أحمد قال: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد قال: قال أبي: المرتد إن كان وُلدَ على الفطرة قتل، وإن كان مشركًا فأسلم ثم ارتد، استتيب، فإن تاب وإلَّا ضربت عنقه. قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: من وُلدَ على الفطرة فكفر فالقتل والسبي، ومن كان كافرًا ثم أسلم ثم ارتدّ يستتاب لعله يرجع.

2704 - الحكم في مال المرتد

وقال: أخبرني أبو النضر قال: قال أبو عبد اللَّه: كل من بدّل دينه قتل. قلت: فترى أن يستتاب؟ من ارتدّ وُلدَ على الفطرة أو دخل في الإسلام؟ قال: نعم. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: من الناس من يفرق بين المرتدين فيقول: إذا ولد مسلمًا ثم ارتدّ لم أستتبه، فما تقول؟ قال: كلهم عندي سواء، أنا أستتيبهم كلهم على حديث ابن القاري. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا يعقوب بن بختان أنه سأل أبا عبد اللَّه: نستتيبه إذا تنصّر أو كان نصرانيًّا فأسلم ثم ارتدّ؟ قال: نعم. قال أبو بكر الخلال: قد بيّن أبو النضر والأثرم ويعقوب عن أبي عبد اللَّه أنه يستتيب الجميع بعد الذي حكى عنه عبد اللَّه وحنبل. وإليه أذهب إلى قوله الأخير: أستتيب الجميع. "أحكام اهل الملل" 2/ 493 - 494 (1217 - 1221) 2704 - الحكم في مال المرتد قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى أن أبا طالب حدثهم: أن أبا عبد اللَّه قال: يقال: يترك ماله لعله يرجع. وقال: أخبرنا محمد بن أبي هارون أن إسحاق بن إبراهيم حدّثهم قال: قيل لأبي عبد اللَّه: مال المرتد؟ قال: من الناس من يقول: يوقف ماله، ينظر لعله يرجع.

2705 - ما يلزم المرتد إذا تاب

وقال: أخبرني منصور بن الوليد قال: حدثنا علي بن سعيد قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: المرتد يوقف ماله لعله يتوب ويراجع. قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح. وأخبرني محمد بن أبي هارون أن إسحاق بن إبراهيم حدثهم أن أبا عبد اللَّه قال: في الذي ارتدّ وله مال منه من ماله حتى يقتل فإذا قتل صار ماله في بيت مال المسلمين. أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في رجل تزوّج امرأة أبيه أن يقتل ويؤخذ ماله. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قيل لأبي عبد اللَّه في المرتد: ماله أي شيء يصنع به؟ قال: فيه اختلاف، من الناس من يقول: ينتظر به حتى ينظر أي شيء تكون حاله. قيل: فإن لحق بدار الحرب؟ قال: يوقف ماله حتى ننظر أي شيء. قيل له: فإن تزوج؟ قال؟ تصير إلى بيت المال. "أحكام أهل الملل" 2/ 514 - 515 (1293 - 1298) 2705 - ما يلزم المرتد إذا تاب قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاقُ عَنِ المرتدِّ إذا أرادَ الإمامُ قتلَه فتابَ، ما الذي يجبُ عليه من الكفارةِ والتوبة؟ قال: إذا تابَ المرتدُّ من ردته فإِنَّ عليه أَنْ يتوبَ توبة نصوحًا من الذي سلفَ منه مِن ارتداده، وإن كان ترك صلاة أو شيئًا كان يلزمه من أمور الإسلام وصنعه في ارتداده قضاها؛ لأن الردة لم تخفف عنه قضاء ما كان لزمه، والاحتياط فيه إذا اختلف فيه أهل العلم في قضاء ما فرط فيه. "مسائل الكوسج" (2711)

باب أحكام الزنادقة

باب أحكام الزنادقة 2706 - عقوبة الزنديق، وما جاء في استتابته قبل حده قال صالح: وقال: الزنديق يستتاب، والناس فيه مختلفون، يستتاب ثلاثًا. "مسائل صالح" (1182) قال ابن هانئ: وسئل عن: الزنديق يستتاب؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (1579) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الزنديق يستتاب ثلاثًا؟ قال: نعم يستتاب ثلاثًا، استتابه عثمان، وعلي بن أبي طالب. "مسائل عبد اللَّه" (1553) قال الخلال: أخبرني عصمة قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: فأما الزنادقة الذين ينتحلون الإسلام وهم على دين غير ذلك فإن رجع وإلا قتل. قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ بدَل دينه فاقْتلوه". فالحكم فيهم القتل إذا ترك الإسلام وكان ممن ولد على الفطرة. وقال أخبرني عصمة قال: حدثنا حنبل. . وأخبرني جعفر بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم أن أبا عبد اللَّه سئل عن الزنديق. قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عن الزنديق والساحر يستتابان؟ قال: وكيف تعلم توبتهما. أما الزنديق فإنه يصوم ويصلي. ورأى قتلهما. وقال: أخبرني موسى بن محمد العكبري قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في الزنادقة: حكمهم القتل. قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ بدَل دينه فاقْتلوه". من المسلمين. لو أن يهوديًّا تنصر أو نصرانيًّا تهود لم يقتل.

وقال: أخبرني عصمة قال: حدثنا حنبل قال: قال أبو عبد اللَّه: الزنادقة حكمهم القتل ليست لهم توبة؛ لأنهم ولدوا على الفطرة ونزعوا إلى خلافها، ولا أرى لهم إلَّا السيف إذا لم يرجعوا، وإذا راجع قبلت ذلك منه. وقال: أخبرني زكريا بن يحيى الناقد أن أبا طالب حدثهم قال: قيل لأبي عبد اللَّه: فالزنادقة؟ قال: أهل المدينة يقولون: يضرب عنقه ولا يستتاب وكنت أنا أقوله أيضًا، ثم هبته. قال: مالك يقول: هم يصومون ويصلون معنا ويكتمون الزندقة، فما أستتيبهم. قال أبو عبد اللَّه: هو قول حسن؛ لأنهم يصومون ويصلون فلا يعلم الناس شرهم، فإذا علموا بهم قالوا: نتوب. ولا تعرف توبتهم. قلت: فلم هبته؟ قال: ليس فيه حديث. وقال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الزنديق يستتاب؟ قال: نعم ثلاثًا، فإن تاب وإلا ضربت عنقه. قلت: عليّ -رضي اللَّه عنه- لم يستتبه؟ قال: ذاك عليّ أتي بزنادقة، وأنا أذهب إلى أن يستتاب ثلاثة أيام. ويروى عن عليّ -رضي اللَّه عنه- أنه يستتاب. قلت: أبو موسى ومعاذ؟ قال: ذاك حبسه شهرًا استتابه، وهذا أيضًا يستتاب. وقال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى أن أبا طالب حدثهم قال: حدثنا أحمد قال: حدثنا ابن نمير. .

وأخبرنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد اللَّه بن نمير قال: حدثنا أبو يعقوب عن أبيه قال: أتي علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- بأناس كانوا يأخذون العطاء والرزق معهم ويصلون معهم ويعبدون الأصنام. فأخرج أصنامهم إلى المسجد فقال: يا أيها الناس ما ترون في قوم كانوا يعبدون هذا؟ فأكثر الناس فيهم. فقال عليّ -رضي اللَّه عنه-: بل نصنع بهم ما صنعوا بأبينا إبراهيم -صلى اللَّه عليه وسلم- فحفر لهم حفرة فحرقهم بالنار. قال: فأنا رأيت الحفرة. وهذا لفظ أبي عبد الرحمن إلى ههنا. زاد أبو طالب: قال أبو عبد اللَّه: ما أراه لقي عليًّا، لعله رأى الحفرة بعد. قلت: ما أصح حديث فيها؟ قال: أصح حديث في الزنادقة حديث أبي حصين عن سويد بن غفلة. قال: أتي عليّ. هو أصحها إسنادًا. قال أبو عبد اللَّه: إذا كانوا يعبدون أصنامًا لم يستتابوا، النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قاتل أهل الأوثان على الإسلام، وأهل الكتاب على الإسلام أو الجزية، والذي يعبد الأصنام ليس يستتاب إن أسلم وإلا ضربت عنقه. "أحكام أهل الملل" 2/ 524 - 526 (1328 - 1334) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه: هل يستتاب هؤلاء؟ قال: أنا أرى أن أستتيب الزنادقة وغيرهم. وسمعت أبا عبد اللَّه وذكر الزنادقة فقال: أرى أن أستتيبهم. "أحكام أهل الملل" 2/ 526 (1337) وقال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا إسماعيل بن سالم عن أبي إدريس.

وقال مرة: الأزدي قال: أُتي على بأناس من الزنادقة ارتدّوا عن الإسلام فسألهم، فجحدوا، فقامت عليهم البينة من العدول قال: فقتلهم ولم يستتبهم. قال: وأتي برجل نصراني فأسلم ثم يرجع عن الإسلام، قال: فسأله، فأقر بما كان منه، فاستتابه، فتركه. فقيل له: كيف تستتيب هذا ولم تستتب أولئك؟ قال: إن هذا إقرّ بما كان منه، وإن أولئك لم يقرّوا وجحدوا حتى قامت عليهم البينة فلذلك لم أستتبهم. قال: وحدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب قال: سمعت محمد بن قابوس يحدث عن أبيه قابوس ابن مخارق كان مع محمد بن أبي بكر بمصر، فكتب إلى علي بن أبي طالب يسأله عن زنادقة من أهل أديان شتى. فكتب في الزنادقة أن يرفعوا إلى أهل دينهم فيحكموا فيهم. "أحكام أهل الملل" 2/ 526 - 527 (1339) قال أبو بكر الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل: يستتاب الزنديق؟ قال: ما أدري. قلت: إن أهل المدينة يقولون يقتل ولا يستتاب؟ فقال: نعم، يقولون ذلك. ثم قال: من أي شيء يستتاب وهو لا يظهر الكفر، هو يظهر الإيمان، فمن أي شيء يستتاب! ! قلت: فيستتاب عندك؟ قال: ما أدري! "التمهيد" 5/ 165

2707 - الحكم إذا ارتد الذمى عن دينه لغير الإسلام

2707 - الحكم إذا ارتد الذمى عن دينه لغير الإسلام قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن يهودي أو نصراني أظهر الزندقة وترك دينه؟ قال: فيه ضرر على الإسلام، لا يؤدي الجزية، ولا تنكح له امرأة، ولا تؤكل له ذبيحة. يراد على الإسلام. قيل له: فإن أبى أن يسلم، ترى أن يقتل؟ قال: ما أوقع ذلك إن قاله قائل، فقد ذهب فيه إلى القول. كأنه استحسنه. "أحكام أهل الملل" 2/ 352 (778) قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه وسُئل عن النصراني يتزندق؟ قال: يراد على الإسلام. قيل له: كيف؟ قال: إن في هذا ضرر على الإسلام، لا يؤدي جزية، ولا تنكح له امرأة ولا تؤكل له ذبيحة. قيل له: فإن أَبَى، يُقتل؟ قال: يُقتل. وقال: أخبرني محمد بن داود البوصرائي قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه سُئل عن اليهودي والنصراني إذا تزندقا وتركا دينهما ما يحكم فيهما؟ قال: يعرض عليهما الإسلام، فإن أسلما وإلَّا قتلا؛ لأنهما قد تركا دينهما فيردان إلى الإسلام، ولا يردان إلى اليهودية ولا إلى النصرانية.

وقال: أخبرنا عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال في اليهودي والنصراني إذا ارتدا وتركا دينهما: فهما على الإسلام لا يردان إلى اليهودية، ولا إلى النصرانية. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا. وقرأت على عليّ بن الحسين عن مهنا قال: سألت أحمد عن نصرانيين تمجسا؟ قال: يردان إلى الإسلام. قلت: فإن لم يفعلا شيئًا على المجوسية ولهما ولد صغار؟ قال: هو نصراني. قلت: فإن كانت له ابنة صغيرة ولها زوج مسلم؟ قال: فهي نصرانية. قلت: من أجل زوجها مسلم؟ قال: نعم، وغير ذلك، إن ذبائحهم لا تحل لنا. فهذا وَهَن في الإسلام. وقال: أخبرني عبد الملك قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا دخل في اليهودية وهو نصراني، رددته إلى النصرانية، ولم أدعه فيها، وإذا تنصّر وهو يهودي، رددته إلى اليهودية، ولم أدعه على النصرانية. قال له رجل: تقتله؟ قال: لا أقتله ليس بمنزلة مرتد عن دينه من المسلمين، ولكن يتهدد. قال: يحبس ويضرب. قال: ولكن إذا كان نصرانيًا أو يهوديًا فدخل في المجوسية كان ذا أغلظ وأشد كما فيه ضرر؛ لأنه ليس ممّن تؤكل له ذبيحة، ولا تنكح له امرأة، فلا يترك حتى يرد إليها. قال له رجل في المجلس: تقتله إذا لم يرجع؟

قال أبو عبد اللَّه: إنه لأهل لذلك؛ لأنه قد صار إلى شيء علينا فيه ضرر. وذكر أيضًا الذبيحة والنكاح. وقال: أخبرني موسى بن سهل قال: حدثنا محمد بن أحمد الأسدي قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد عن النصراني إذا تمجّس أو اليهودي إذا تمجّس؟ قال: يردون إلى دينهم؛ لأنهم نقص في الإسلام؛ لأن لنا أن نتزوج فيهم ونأكل ذبائحهم. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن إسحاق بن إبراهيم حدثهم قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن ذميّ صار زنديقًا أيقتل؟ قال: لا يقتل، وذلك أنه يكون ضررًا في أخذ الجزية. قال أبو بكر الخلال: هذا الباب في الذميّ يتزندق أو يتمجس أو يرتد إلى اليهودية وهو نصراني أو إلى النصرانية وهو يهودي. فذكروا عن أبي عبد اللَّه كلامًا متشابهًا وإذا تدبره الرجل يرجع إلى معنى صحيح. فأما رواية أبي الحارث وصالح فقد رويا عن أبي عبد اللَّه أنه إن قتل لم يدفع. قال: وروى حنبل عنه في ثلاثة مواضع: موضعين فيهما إذا تزندق وموضع إذا ارتدّ أن يقتل، والمعنى واحد إذ توقف ثم أباح القتل. وروى إسحاق بن إبراهيم: أن لا يقتل؛ لأن فيه ضررًا في أخذ الجزية. وروى عنه الميموني: إذا دخل اليهودية وهو نصراني أو في النصرانية وهو يهودي لا يقتل؛ لأنه ليس بمنزلة من بدل دينه من المسلمين ولكن يحبس ويتهدد. وروى عنه إسماعيل بن سعيد قال: يرد إلى دينه.

وهذا قول أول لأبي عبد اللَّه؛ لأن مهنا الشامي حكى أنه يترك لا يقال له شيء؛ لأنه يعطي الخراج، وأنه ليس بمنزلة من بدّل دينه أيضًا. والذي استقرّت عليه الروايات من أبي عبد اللَّه من التوقّف أن يردّوا إلى الإسلام، فإن أبوا قتلوا. وأما إذا تهود وهو نصراني أو تنصر وهو يهودي وجب تركه؛ لأنه لا يكون بمنزلة من بدّل دينه من المسلمين؛ لأنهم جميعًا أهل كتاب ولن يدخل علينا من ذلك ضرر. وعلى هذا فسّرت مذهب أبي عبد اللَّه، وقد أخبرني موسى بن حمدون عن حنبل في باب الزنادقة واحتجاجه أنه إذا كان يهوديّا فتنصر، أو نصرانيًّا فتهود لم يقتل. وقال: وكذلك أخبرني محمد بن علي الوراق قال: حدثنا مهنا قال: سألت أبا عبد اللَّه عن مجوسي تنصّر، هل عليه القتل؟ قال: لا. وسألت أبا عبد اللَّه عن يهودي أو نصراني ارتدّ عن دينه، هل يقتل؟ قال: هؤلاء يعطون الخراج لا يقال لهم شيء. وذكرت له حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ" قال: إنما هذا في المسلمين. وقد قال إبراهيم بن هانئ عن يحيى بن أيوب قال: حدثنا يحيى بن أبي أسيد أن بكير بن عبد اللَّه حدثه أنه سأل القاسم بن محمد عن ذبيحة المجوسي يتنصر قال القاسم: من دخل في ملة فهو منهم. فعلى هذا استقرّ من أهل الملل الثلاثة على ما شرحت، وبه أقول. "أحكام أهل الملل" 2/ 353 - 356 (780 - 786)

2708 - الحكم في مال الزنديق

2708 - الحكم في مال الزنديق قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى قالا: حدثنا أبو طالب: أن أبا عبد اللَّه قال: مال الزنديق في بيت مال المسلمين. "أحكام أهل الملل" 2/ 528 (1341)

باب أحكام السحرة، والكهنة، والعرافين

باب أحكام السحرة، والكهنة، والعرافين 2709 - عقوبة الساحر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: الساحرُ والساحرةُ؟ قال: يقتلانِ. قال إسحاق: كما قال إذا تبين سحرهما بإقرار، أو علم ذَلِكَ فلا يستتابُ. "مسائل الكوسج" (2489) قال ابن هانئ: سألته عن الساحر والساحرة يقتلان؟ قال: نعم، إذا بان ذلك بأحد منهما وعرفا به مرارًا، وأقرا على أنفسهما به. قلت: فإن كانا يهوديين؟ قال: الكفر أشد، ووقف في قتله. "مسائل ابن هانئ" (1578) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: إذا عرف بذلك فأقر يُقتل -يعني: الساحر. "مسائل عبد اللَّه" (1541) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو سمع بجالة يقول: كنت كاتبًا لجزء به معاوية عم الأحنف بن قيس، فأتانا كتاب عمر قبل موته بسنة أن اقتلوا كل ساحر، وربما قال سفيان: وساحرة. فقتلنا ثلاث سواحر (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1542) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 49 (9972)، وابن أبي شيبة (28973)، والدارقطني 2/ 154، والبيهقي 8/ 136.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثني يحيى بن سعيد، عن عبيد اللَّه قال: أخبرني نافع عن ابن عمر أن حفصة سحرتها جاريتها فاعترفت بسحرها. فأمرت عبد الرحمن بن زيد فقتلها، فبلغ ذلك عثمان فأنكره، فجاء عبد اللَّه فأخبره خبر الجارية. قال: وكان عثمان إنما أنكر ذلك أنه صنع دونه (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1543) قال الخلال: أخبرني إبراهيم بن هاشم قال: سئل أحمد -وأنا أسمع- عن الكاهن شر أو الساحر؟ قال: كل شر. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أبا عبد اللَّه فقلت: أليس قد جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "السَّحَر هُوَ؟ " قال: نعم. فقالوا له: ما قوله: "ولا يؤمن بسحر" قال: لا أدري. وقال أخبرني عصمة قال: حدثنا حنبل. . . وأخبرني جعفر بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم: أن أبا عبد اللَّه سئل عن الزنديق والساحر؟ فرأى قتلهما. وقال: أخبرني عبد الملك أن أبا عبد اللَّه قال: حفصة قتلت ساحرة فبلغ ذلك عثمان -رضي اللَّه عنه- فكرهه؛ لأنه كان دونه. فقال نافع عن ابن عمر: إنه قال ذهب إلى عثمان فقال: إنها أقرت. قال أبو عبد اللَّه: فثلاثة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في قتل الساحر. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 180 - 181 (18747)، وابن أبي شيبة 5/ 452 (27903)، والطبراني (303) 23/ 187. قال الهيثمي في "المجمع" 6/ 280: رواه الطبراني من رواية إسماعيل بن عياش عن المدنيين وهي ضعيفة، وبقية رجاله ثقات.

وقال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن مهر، عن عبيد اللَّه، عن نافع عن ابن عمر: أن جارية لحفصة سحرتها ووجدوا سحرها واعترفت به، فأمرت حفصة عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب فقتلها. فبلغ ذلك عثمان -رضي اللَّه عنه- أنكر ذلك واشتدّ فيه، فأتاه فقال: إنها سحرتها، ووجدنا سحرها واعترفت به، فكأن عثمان إنما أنكر ذلك، واشتد فيه؛ لأنها قتلت دونه. قال حنبل قال عمي: أمرهم إلى السلطان، هو يحكم في ذلك، والقتل عليهم إذا كان ذلك وتبيّن أمرهم. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن أبا الصقر الوراق حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه ما الحكم في السحر، وما السحر؟ قال: الحكم في الساحر إذا عرف السحر القتل. "أحكام أهل الملل" 2/ 529 - 530 (1342 - 1347) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يسُأل: تحفظ عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- في المرتد يقتل؟ قال: رأى ابن عمر قتل الساحر. فكأن أبا عبد اللَّه أنزل الساحر بمنزلة المرتد. وقال: أخبرني حرب قال: سألت أحمد قلت: الساحر، إذا أخذ، ما يصنع به؟ قال: يقتل. قلت: كيف نعلم أنه ساحر؟ قال: الشأن في هذا أن يعلم أنه ساحر، وكان علم هذا عنده شديد.

وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سئل أبو عبد اللَّه عن الساحر والساحرة أيقتلان؟ قال: نعم إذا بان ذلك، وأنهم مسلمون قتلا. قيل: فإن كانوا يهودًا؟ قال: الكفر أعظم. وكأنه وقف في قتل اليهود. "أحكام أهل الملل" 2/ 530 (1350 - 1352) قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى قالا: حدثنا أبو طالب: أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الساحر والساحرة يقتلان؟ قال: نعم إذا صحّ ذلك وعلم منه. قلت: فإذا كان ساحرًا من أهل الكتاب سحر غير المسلمين؟ قال: ما فيه من الكفر أعظم. قد سَحَرَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجل من اليهود فلم يقتله. "أحكام أهل الملل" 2/ 531 (1354) قال الخلال: أخبرنا المروذي قال: قرئ على أبي عبد اللَّه: عبد الوهاب الثقفي عن التيمي، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب: أن عمر -رضي اللَّه عنه- أخذ ساحرًا فدفنه إلى صدره ثم تركه حتى مات ولم يرجمه. قال: وقرأ على أبي عبد اللَّه: عمرو بن هارون قال: حدثنا يونس، عن الزهري، قال: يقتل ساحر المسلمين ولا يقتل ساحر المشركين؛ لأن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سحرته امرأة من اليهود فلم يقتلها. "أحكام أهل الملل" 2/ 532 (1356)

2710 - عقوبة الكاهن والعراف

2710 - عقوبة الكاهن والعراف قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عن الساحر والكاهن شيء واحد؟ قال: لا، الكاهن يدعي الغيب، والساحر يعقد ويفعل. كذا وأراه قال: قال مالك: من أي شيء يستتاب؟ ! أي: لا يستتاب. وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: الساحر والكاهن حكمهما القتل؛ لأنهما يلبسان أمرهما، أو الحبس حتى يتوبا، وحديث عمر -رضي اللَّه عنه-: اقتلوا كل ساحر وكاهن، وليس هو من أمر الإسلام. وقال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي قال: قال عمي: الساحر والكاهن يقتلان إذا تبين أمرهما، والعراف طرف من السحر. وقال: أخبرني موسى قال: حدثنا حنبل في هذِه المسألة قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: السحرة تقتل. قيل له: فالعراف؟ قال: أبعده منه. قلت: فالكاهن؟ قال: هو نحو العراف، والساحر أخبث؛ لأن السحر شعبة من الكفر. قلت: فإن كان رجلًا يتقلد الإسلام وهو يعمل هذا؟ قال: أرى أن يستتاب من هذِه الأفاعيل كلها، فإنه عندي في معنى المرتد، فإن تاب وراجع. قلت له: يقتل؟

قال: لا، يحبس. قلت له: لِمَ؟ قال: إذا كان يصلي لعله يتوب ويرجع. "أحكام أهل الملل" 2/ 530 - 534 (1357 - 1360)

باب التعزير

باب التعزير 2711 - ما جاء فيما يجري فيه التعزير: قال إسحاق بن منصور: قال سفيانُ: إذا قال الرجلُ للرّجلِ: يا يهودي، يا نصراني، يا مجوسي قال: يعزر. قال أحمدُ: هذا أهل أَنْ يُؤدَّبَ. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2645) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال عليٌّ -رضي اللَّه عنه- في رجلٍ وُجد مع امرأة في لحافِهَا: يُجلدُ مائة. قال أحمدُ: أمَّا على مذهبِنَا لا يجلدُ مائة إلَّا في الحدِّ، وعليه تعزيرٌ، وكلُّ مَنْ لم يكنْ عليه حدٌّ قائم بعينه فعليه تعزير، والتعزيرُ دون عشر جلدات حديث أبي بردة (¬1). قال إسحاقُ: هذا يجلدُ كما قال عليٌّ -رضي اللَّه عنه-؛ لأنَّ تعزيره إذا كانا في لحاف فهو سبب الزنا. "مسائل الكوسج" (2652) نقل يعقوب بن بختان في رجل فجر بامرأة فيما دون الفرج: يضرب مائة؛ لأن عليًّا أتي برجل وجد مع امرأة في لحافها فضربه مائة. "الأحكام السلطانية" (280) نقل حرب عنه: إذا أتت المرأة المرأة؛ تعاقبان وتؤدبان. "بدائع الفوائد" 3/ 149 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 466، والبخاري (6848)، ومسلم (1708) أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ".

2712 - مقدار التعزير

قال حرب: سأله عن ديوث؟ فقال: يُعزر. قلت: هذا عند الناس أقبح من الفرية، فسكت. "الإنصاف" 26/ 394 2712 - مقدار التعزير قال صالح: يروى عن أبي بردة بن نيار، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إِلَّا فِي حَدٍّ"، وقد روي عن عمر وعلي خلاف ذلك، جازا به العشر. "مسائل صالح" (677) نقل عنه أبو الصقر: إذا قال للرجل: يا مرابي، يا شارب الخمر، يا عدو اللَّه، يا خائن، يا ظالم، يا كذاب؛ عليه في هذا كله أدب، والأدب، من ثلاثة إلى عشرة. "الأحكام السلطانية" (280)

باب أحكام متعلقة بكتاب الحدود

باب أحكام متعلقة بكتاب الحدود 2713 - ترتيب الحدود، وبيان أن بعضها أشد من بعض قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الحسن: ضربُ الزنا أشدُّ مِنْ ضربِ القذفِ، والقذفُ أشدُّ مِنَ الشّربِ، والشربُ أَشَد مِنَ التعزيرِ (¬1). قال أحمدُ: هو نحو ما قال. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2631) قال الخلال: أخبرني حامد بن أحمد بن داود، أنه سمع الحسن بن محمد بن الحارث، قال: سمعت أحمد قال: ليس من المعاصي شيء أشد من الزنا بعد قتل النفس. وقال: أخبرني عبد الملك الميموني، أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: ليس بعد قتل النفس أشد من الزنا. "أحكام النساء" (96)، (97) 2714 - ما جاء في الشروط العامة لمن يجب عليه الحد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما- لا يرى على العبدِ حدًّا، ولا على اليهود والنصارى (¬2). قال: عليه الحدُّ، واليهود والنصارى عليهم الحدود. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 368 (13509) مختصرًا. (¬2) رواه عبد الرزاق 7/ 396 (13615).

قال إسحاق: هكذا هو. "مسائل الكوسج" (931) قال إسحاق بن منصور: قلت: وَصِيفٌ سَرق فشُبِّر، فوُجِد ستة أشبار، يُقطع؟ قال: أما أنا أقول: على ثلاثة حدود: إذا نبت، أو بَلَغ خمسة عشر، أو احتلم. قال إسحاق: هو كما قال، والأشبار: هي الخصلة الرابعة، يحكم به، ويشبر بالشبر الذي تعرفه العوام، وإذا كان القصير قبل أن يعرف بلوغه، يشبر نفسه. "مسائل الكوسج" (2413) قال صالح: سألت أبي عن نصراني قتل نصرانيًّا ثم أسلم؟ قال: يقتل به، لأنه قتله وهو نصراني، فليس يدرأ عنه الإسلام القتل. "مسائل صالح" (635) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن ذمي أصاب حدًّا، ثم أسلم؟ قال: يقام عليه الحد. "مسائل أبي داود" (1466) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجم يهوديًّا، ويهودية (¬1). وسئل عن: ذمي صار زنديقًا؟ قال: لا يقتل، وذلك أنه يكون ضررًا في أخذ الجزية. "مسائل ابن هانئ" (1577) قال عبد اللَّه: سئل أبي وأنا أسمع عما يجب الحد؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 7، والبخاري (1329)، ومسلم (1699) من حديث ابن عمر.

2715 - تداخل الحدود

قال: الحدود ثلاثة: الاحتلام، وأن ينبت، وأن يبلغ خمس عشرة. هذِه حدود كلها قد رويت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، كل من بلغ هذِه الحدود يحد، إن سرق، أو زنى. "مسائل عبد اللَّه" (1560) 2715 - تداخل الحدود قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل سرقٌ، وشربَ الخمرَ، ثم قتلَ؟ قال: كلُّ شيءٍ مِنْ حقوقِ النَّاس، فإنَّه يُقام عليه الحد، ويُقتص منه، ثم يُقتل. قال إسحاقُ: كما قال، وما كان من حقوق اللَّه عز وجل، فلا يُقتص منه، مثل السَّرقة، وشرب الخمر. "مسائل الكوسج" (2390) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ قَذَفَ رجلًا، وقَتَلَ آخرَ عمدًا؟ قال: لا بد مِنْ أن تُقام عليه الحدود. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2391) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا قران، عن أبي سيار، عن ثابت، عن الضحاك: أن عليًّا ضرب رجلا حدين في مقام. "مسائل صالح" (829) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل تستجمع عليه حدود: قطع يد، أو رجل، وجراح؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا كانت لناسٍ متفرقة حدود. وناس هم متفرقون، أخذ بهم من الجاني.

2716 - هل تسقط الحدود بالتقادم؟

فقيل له: يقتل بعدما جرح وقطع؟ قال: يؤخذ الناس بقدر ما أصاب منهم، إذا كانت حدود شيء في القتول: قطع رجل، أو ذكر، وإذا كان لرجل واحد، قتل فإنه يفتك به خشية القتيل. "مسائل ابن هانئ" (1583) 2716 - هل تسقط الحدود بالتقادم؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان في رجلٍ زنا أو سرقَ أو شربَ الخمرَ أُقيمَ عليه ولو كان بعد عشرين سنة. قال أحمد: كما قال. قال إسحاقُ: كما قال كذلك رأى عثمانُ -رضي اللَّه عنه- في الوليد (¬1). "مسائل الكوسج" (2662) 2717 - الشفاعة في الحدود قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: يشفعُ الرجلُ في حدٍّ؟ قال: مَا لم يبلغِ السلطان. "مسائل الكوسج" (2490) ¬

_ (¬1) رواه ابن عدي في "الكامل" 6/ 41، والإسماعيلي في "معجمه" 1/ 413، والبيهقي 6/ 77، والخطيب في "تاريخ بغداد" 3/ 391، كلهم من طريق بقية، عن أبي محمد الكلاعي عمر بن أبي عمر، قال ابن عدي: عمر بن أبي عمر ليس بالمعروف. وقال البيهقي: تفرد به بقية عن أبي محمد عمر بن أبي عمر الكلاعي، وهو من مشايخ بقية المجهولين، ورواياته منكرة، واللَّه أعلم. وقال الألباني في "الإرواء" (1415): ضعيف.

2718 - الكفالة في الحدود

2718 - الكفالة في الحدود قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قوله: "لا كفالة في حد"؟ قال: إذا وجبَ عليه الحدُّ لا يكفل، ولكن يحبس أو يقامُ عليه الحدّ. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2487) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا كفالة في حد، فإن ادعى على رجل أنه قتل أو قذف فلا يكفل بحبس ولا يكون كفيلًا. "مسائل عبد اللَّه" (1156) 2719 - إذا مات المحدود وقت إقامة الحد، هل يضمن؟ قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: حديث عمر -رضي اللَّه عنه- قتيل اللَّه لا يودى؟ (¬1). قال: إذا قامت البيّنة، لم يكن عليه شيء. قال إسحاق: كما قال، وكذلك إن علم ذَلِكَ؛ حتَّى يستيقن (به) ولم تكن بيّنة. "مسائل الكوسج" (2346) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الذي يموت من قصاص. قال: لا دية له، وإذا حُدَّ في الخمرِ فماتَ فلا ديةَ له. قال إسحاقُ: كما قال. "مسائل الكوسج" (2379) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 438 (27784)، وعبد الرزاق 9/ 435 (17919).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: في الذي يموتُ في قصاص؟ قال: لا ديةَ له. قُلْت: وفي الخمرِ؟ قال: لا دِيةَ لَهُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2503) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: ديته على العاقلة من مات في القصاص. قال أحمدُ: لا ديةَ له. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2626) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل اقتص منه، فمات؟ قال: ليس على من اقتص منه فمات شيء. "مسائل ابن هانئ" (1538)

فصل مواضع إقامة الحد

فصل مواضع إقامة الحد 2720 - إقامة الحدود في الحرم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: لو لقيتُ قاتلَ أبي في الحرمِ ما هجته؟ قال: لا يحرك حتَّى يخرج. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2524) قال ابن هانئ: وسألته عن: رجل قتل في الحرم. قال: يقام عليه الحد في الحرم. "مسائل ابن هانئ" (1539) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: الرجل يسرق الشيء من الكعبة. قال: يقطع، فإذا كان خارجًا من الكعبة، لم يقطع، إذا حرز قطع. "مسائل ابن هانئ" (1560) قال ابن هانئ: سألته عن رجل يسرق في الحرم. قال: يقام عليه الحد في الحرم. قُلْتُ: فإنه سرق في الحل ثم التجأ إلى الحرم؟ قال: لا يبايع، ولا يكلم حتى يخرج، فيقام عليه الحد. "مسائل ابن هانئ" (1562) قال أحْمَد في رواية المروذي إذا قتل، أو قطع يدًا، أو أتى حدًّا في غير الحرم، ثم دخله لم يقم عليه الحدُّ، ولم يقتصَّ منه، ولكن لا يبايع،

2721 - إقامة الحدود في المسجد

ولا يشارى، ولا يؤاكل حتى يخرج، فإن فعل شيئًا من ذلك في الحرم استوفي منه. قال أحْمَدِ في رواية حنبل: إذا قتل خارج الحرم ثم دخله، لم يقتل. وإن كانت الجناية دون النفس، فإنه يقام عليه الحد. "الروايتين والوجهين" 2/ 271، "زاد المسير" 1/ 427 نقل حنبل عنه: أن الحدود كلها تقام في الحرم إلا القتل. "الروايتين والوجهين" 2/ 271، "زاد المعاد" 3/ 447 2721 - إقامة الحدود في المسجد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يكره أن يُقضى في المسجدِ؟ قال: ما زال المسلمون يقضون في المساجدِ، ولكن لا تُقامُ الحدودُ في المساجدِ. قال إسحاقُ: كما قال، إلَّا أنَّ تَركَ الخصومات في المساجدِ أفضلُ، فإن جلس في المسجدِ فبالرحبة، وليكن مجلسه مستقبل القبلة. "مسائل الكوسج" (2695) 2722 - إقامة الحدود في دار الحرب قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ: إذا أراد أن يدخلَ دار الحْربِ فقتل أو زنا أو سرق؟ قال: أمَّا أنا فلا يعجبني. أي: أن لا يقام عليه ما أصاب هنالك. "مسائل الكوسج" (2415)

2723 - إقامة الحدود في الجيش

2723 - إقامة الحدود في الجيش قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل تُقامُ الحدودُ في الجيشِ؟ قال: لا، حتَّى يخرجوا مِنْ بلادِهم. قال إسحاق: إذا كان الإمَامُ يرى إقامة ذَلِكَ؛ أحسن. "مسائل الكوسج" (2737)

كتاب الأطعمة

كتاب الأطعمة باب ما يباح من لحوم البر وما لا يباح 2724 - جنين البهيمة قال أبو داود: سمعت أحمد قال: لا بأس بالجنين أشعر أو لم يشعر، ما أحسن ما قال إبراهيم: إنما هو ركن من أركانها (¬1). "مسائل بي داود" (1629) قال ابن هانئ: سألته عن الجنين إذا أشعر، يؤكل؟ قال: نعم. قلت: فإذا لم يشعر. قال: يؤكل أيضًا. "مسائل ابن هانئ" (1767). 2725 - الخيل والبَرَاذين قال إسحاق بن منصور: قلتُ: لحومُ الخيلِ والبَرَاذين (¬2)؟ قال: لا بَأسَ بهما. قال إسحاق: كما قال، فإن تَرَكهما تاركٌ فَلَهُ حجةٌ أيضًا، والرّخصةُ أحبُّ إلينَا. "مسائل الكوسج" (1532). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 501 (8646)، والبيهقي 9/ 336. (¬2) البرذون: الخيل الهجين من غير نتاج العرب.

2726 - الحمر الأهلية

قال أبو داود: سمعت أحمد قال: لا بأس بلحوم الخيل. "مسائل أبي داود" (1646) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسُئلَ عن أكل لحوم الخيل؟ قال: تؤكل. قيل له: العراب وغيرها؟ قال: نعم، تؤكل. "مسائل ابن هانئ" (1776) قال عبد اللَّه: قال: سمعت أبي سُئلَ عن لحوم الخيل، تؤكل؟ قال: لا بأس بأكله. "مسائل عبد اللَّه" (997) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فالبراذين؟ قال: ما سمعنا، إنما سمعنا الخيل، قالت أسماء: نحرنا على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فرسًا (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (998) قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئلَ عن لحم الفرس تؤكل؟ قال: لا بأس بأكله. "مسائل عبد اللَّه" (998) 2726 - الحمر الأهلية قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: لحوم الحمر الأهلية؟ قال: منهي، مكروه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 345، والبخاري (5510)، ومسلم (1942).

2727 - الأرنب

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2804). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: القد الذي يكون من الحمير لا يحل -يعني: لا يخرز به أو يستعمل في شيء- وإن ذكي الحمار لا يؤكل لحمه، والميتة لا ينتفع بها. "مسائل عبد اللَّه" (41) 2727 - الأرنب قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الأرنب؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل عبد اللَّه" (1005). 2728 - أكل السلحفاة قال عبد اللَّه: سألت أبي عن السلحفاة؟ فقال: كان عطاء لا يرى به بأسًا (¬1). قال أبي: إذا ذبح لا بأس به. قلت لأبي: فإن رمي به في النار من غير أن يذبح؟ قال: لا، إلا أن يذبح. "مسائل عبد اللَّه" (1011). قال مهنا: وسئل عن السلحفاة؟ فقال: لا أدري. "تهذيب الأجوبة" 2/ 710 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 146 (24588).

2729 - أكل الورل

2729 - أكل الورل قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الورل (¬1)؟ فقال: ما أدري، وكل شيء يشتبه عليك فدعه. "مسائل عبد اللَّه" (1010) ¬

_ (¬1) الورل: دابة مثل الضب، والجمع وِرْلَان، ينظر: "الصحاح" 5/ 1841.

فصل أحكام الجلالة

فصل أحكام الجلالة 2730 - لحوم الجلالة وألبانها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ -رضي اللَّه عنه-: الجلَّالَة؟ قال: أكرهه، نهى النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن لحومِ الجلَّالةِ (¬1)، وأكره ركوبَهَا. قال إسحاق: كما قال، وكذلكَ ألبانها. "مسائل الكوسج" (1530). قال أبو داود: وسمعت أحمد قال: الدابة الجلالة تحبس أربعين، والدجاجة الجلالة تحبس ثلاثًا. سمعت أحمد قال: الجلالة: ما أكلت العذرة من الدواب والطير. "مسائل أبي داود" (1645). قال ابن هانئ: قال: وكان ابن عمر لا يأكل الدجاج حتى يتربص به ثلاثة أيام يحبسها (¬2). "مسائل ابن هانئ" (1746). قال الأثرم: قال أحمد: أكره لحوم الجلالة وألبانها. "إعلام الموقعين" 1/ 40. ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (3785)، والترمذي (1824)، وقال: حديث حسن غريب والنسائي 7/ 239 - 240، وابن ماجه (8189) من حديث ابن عمر. وصححه الألباني في "الإرواء" (2503)، وله شاهد من حديث ابن عمرو: رواه الإمام أحمد 2/ 219، وحسنه الحافظ في "الفتح" 9/ 558. (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 521 - 522 (8710، 8711، 8717)، وابن أبي شيبة 5/ 147 (24598).

2731 - بقرة شربت خمرا ثم ذبحت، يؤكل من لحمها؟

2731 - بقرة شربت خمرًا ثم ذُبحت، يؤكل من لحمها؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: بَقرةٌ شربت خَمرًا، ثم ذُبحت يُؤكل من لحمها؟ قال أحمد: ما يعجبني، ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- كره الجلالة وكان يَحبسها حتى تَطيب بَطنُها. قال إسحاق: لا بأسَ أن يُؤكل لحمها بعد أن يُغسل غَسلًا جيدًا. "مسائل الكوسج" (2853) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: بقرة شربت خمرًا أيحل أكلها؟ قال: فيه اختلاف، وأرى أن ينتظر بها أربعين يومًا. "مسائل ابن هانئ" (1745) 2732 - شاة تأكل الذبان (¬1) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا الزبير قال: حدثنا المسعودي، عن القاسم، عن شريح أنه اختصم إليه في شاة تأكل الذبان فقال: لبن طيب، وعلف مجان (¬2). "مسائل صالح" (123) ¬

_ (¬1) الذَّبَّان واحده الذُّباب بغير هاء، ولا يقال: ذبابة. انظر: "تهذيب اللغة" 3/ 1366، و"لسان العرب" 3/ 1484، و"مشارق الأنوار" 1/ 268 [ذ ب ب]. (¬2) رواه أبو نعيم في "الحلية" 4/ 135.

2733 - إطعام الميتة والطعام النجس لما لا يؤكل من البهائم

2733 - إطعام الميتة والطعام النجس لما لا يؤكل من البهائم نقل مهنا عنه في الرجل يموت عنده الطير يطعمه طيرًا آخر، فكرهه. ونقل حنبل في الرجل يطعم كلبه المعلم الميتة: فلا حرج على صاحبه. نقل بكر بن محمد ومحمد بن الحسن في الخبز إذا عجن بماء نجس، يطعمه البهائم التي لا يؤكل لحمها. "الروايتين والوجهين" 3/ 38

باب صيد البحر وطعامه

باب صيد البحر وطعامه 2734 - السرطان وذكاته قال إسحاق بن منصورْ قُلْتُ: قيل له -يعني: سفيان-: السرطانُ يؤكلُ؟ قال سفيان: أرجو ألا يكون به بأسٌ. قال أحمد: أرجو ألا يكون به بأسٌ. قال إسحاق: هو مكروه؛ لأنَّه ليس فيه سنةٌ تبيحُه. "مسائل الكوسج" (3288) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن السرطان؟ قال: لا بأس به. قلت: لا يذبح؟ قال: لا. "مسائل عبد اللَّه" (1013) 2735 - كلب الماء قال عبد اللَّه: سألت أبي عن أكل كلب الماء؟ فقال: حَدَّثنَا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار وأبي الزبير، سمعا شريحًا -رجل أدرك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: كل شيء في البحر مذبوح، فذكرت ذلك لعطاء فقال: أما الطير، فأرى أن يذبحه (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1012) ¬

_ (¬1) علقه البخاري قبل حديث (5493)، ورواه موصولا في "التاريخ الكبير" 4/ 228 (2609) دون قوله: فذكرت ذلك لعطاء. ورواه أيضا ابن منده في "معرفة الصحابة" كما في "فتح الباري" 9/ 616 وابن حجر في "تغليق التعليق" 4/ 509 وقال: =

2736 - الجري

2736 - الجِرِّي قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تَكره الجِرِّيَّ؟ قال: لا واللَّه، وكيفَ لنا بالجِرِّيّ؟ ! قال إسحاق: لا بأسَ به. "مسائل الكوسج" (2827). 2737 - الطافي من السمك وما جزر عنه الماء قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الطافي من السمكِ، وما جَزرَ عنه الماءُ؟ قال: الطافي لا بأسَ به. وما جَزرَ عنه الماءُ أجودُ. قال إسحاق: كما قال، كلاهما يؤكلان، مَضت السُّنةُ بذلك. "مسائل الكوسج" (2824). قال صالح: سألته: السمك الطافي؟ قال: ليس به بأس، وقال: إن أبا بكر أكله (¬1) "مسائل صالح" (421). قال أبو داود: قلت لأحمد: الطافي من السمك؟ ¬

_ = ولا يصح رفعه [وقع في المطبوع: وقفه. وهذا خطأ، ويؤكد ذلك ما قاله في "فتح الباري" 9/ 616: والموقوف أصح] وقد روي مرفوعا: رواه الدارقطني 4/ 269 وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" 3/ 1479 (1425). (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 503 (8654)، وابن أبي شيبة 4/ 254 (19749) والدارقطني 4/ 270، والبيهقي 9/ 253، وعلقه البخاري قبل حديث (5493)، ووصله ابن حجر في "تغليق التعليق" 4/ 506 - 507.

قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل أبي داود" (1648) قال ابن هانئ: وسئل عن الذي ينضب عنه الماء؟ قال: هذا الذي ليس فيه اختلاف في أكله. "مسائل ابن هانئ" (1801) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: يرى الرجل السمك في جزيرة، قد نضب الماء عنها؟ قال: هو لمن سبق إليه. وقال: هو لحريم دجلة. قال المروذي: قال أبو عبد اللَّه: السمك الطافي يؤكل. عن جابر؛ أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل عن البحر؟ فقال: "هو الطهور ماؤه، الحلال ميتته" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 373، ومن طريقه ابن ماجه (388)، والدراقطني 1/ 34، وابن خزيمة 1/ 59 (112)، وابن حبان (1244)، والبيهقي 1/ 253 - 254، 9/ 252 من طريق إسحاق بن حازم عن أبي مقسم عن جابر به، وصححه ابن الملقن في "البدر المنير" ونقل عن الحافظ أبي علي ابن السكن أنه قال: حديث جابر هذا أصح ما روي في هذا الباب. انظر: "البدر" 1/ 361 - 363. قال الحافظ في "الدراية" (1/ 54): إسناده لا بأس به. وله طريق آخر: رواه الطبراني 2/ 186 - 187 (1759)، والدارقطني 1/ 34، والحاكم 1/ 143، من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر به. وقال الحافظ في "التلخيص" 1/ 11: وإسناده حسن، إلا ما يخشى فيه من التدليس. وعلى أية حال فالحديث صحيح، كما قال الألباني في "صحيح ابن ماجه" (311) وله شواهد كثيرة، وهي مخرجة في "البدر المنير" 1/ 348 - 381.

2738 - صيد السمك مما ليس مشاعا

2738 - صيد السمك مما ليس مشاعًا قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل تكون له الضيعة، فتصير عَيْضةً، فيصير فيها السمك، أيتصيد الرجل من ذلك السمك؟ قال: لا يصيد منه شيئًا، إلا بإذنهم. "مسائل ابن هانئ" (1959)

باب ما يباح أكله من الميتة والدم وما يخرج من ميت

باب ما يباح أكله من الميتة والدم وما يخرج من ميت 2739 - من اضطر إلى أكل الميتة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل مُضطرٌّ وجد ميتةً ووجد ثمرًا، غنمًا، أو زرعًا؟ قال: يأكل الميتة، إلا أن يكون ثمرًا في رءوس النخل، أو غنمًا لم تأوي إلى المراح. قال إسحاق: أكل ذلك أحبُّ إليَّ، ويغرمُ ثمنه بعد أن لا يدخل البيوت. "مسائل الكوسج" (2699) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَنِ اضطر إلى الميتةِ يأكله؟ وقدر ما يأكلُ منه؟ قال: يأكلُ بقدرِ ما يستغني، وإنْ خافَ أن يحتاجَ إليه تَزوَّد منه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3327) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن المحرم يضطر إلى الصيد والميتة؟ قال: يأكل الميتة ولا يقرب الصيد؛ لأن الميتة قد أحلت له. "مسائل ابن هانئ" (1754) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إذا اضطر الرجلُ إلى الميتة ووجد مع قومٍ طعامًا، يأخذ الطعام بغير إذن أصحابه أو يأكل الميتة؟

قال: يأكلُ الميتة؛ قد أحلت له. "الورع" (413) نقل حنبل وأبو طالب: إنما تحل الميتة إذا خاف على نفسه الموت، فيأكل منها بقدر ما يقيمه عن الموت، فإذا أقامه عن الموت أمسك. نقل الفضل: يأكل بقدر ما يستغني، فإن خاف أن يحتاج إليه تزود منه. "الروايتين والوجهين" 3/ 32 قال الأثرم: سئل أبو عبد اللَّه عن المضطر يجد الميتة ولم يأكل؟ فذكر قول مسروق: من اضطر فلم يأكل ولم يشرب فمات دخل النار (¬1). "الشرح الكبير" 27/ 239، "معونة أولي النهى" 11/ 124. قال الأثرم: قيل له: أيهما أفضل المسألة أم أكل الميتة؟ قال: يأكل الميتة وهو مع الناس! هذا أشنع. وقال له يعقوب: أيهما أحب إليك؟ قال: الصدقة ويأثم بتركه. "الفروع" 6/ 303. ونقل الأثرم أنه قيل له: فثلاثة؟ قال: لا أدري. "الفروع" 1/ 97، "معونة أولي النهى" 1/ 194 نقل الأثر: إذا اشتبهت عليه ميتة بمذكاة لا يتحرى. قال أحمد: أما الشاتان (¬2) فلا يجوز التحري، فأما إذا كثرت فهذا غير هذا. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 413 (19536)، والبيهقي 9/ 357. (¬2) يعني: إذا اشتبهت ميتة بمذكاة.

2740 - الطحال وحكمه

2740 - الطحال وحكمه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أكلُ الطحالِ. قال: لا أكرهُ من الطحالِ شيئًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2812) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن شيء من الشاة حرام؟ قال: دمها، والطحال لا بأس به. قلت: الغدة؟ قال: كرهها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث مجاهد [الأوزاعي عن واحد] (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1018) نقل أبو طالب عنه: نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أذن القلب (¬2). "الفروع" 6/ 318، "معونة أولي النهى" 11/ 122 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 535 (8771)، والبيهقي 10/ 7، من طرق عن الأوزاعي عن واصل، عن مجاهد مرسلًا. قال البيهقي: هذا منقطع وضعفه الألباني في "الضعيفة" (4292)، وقال: وهذا إسناد ضعيف واصل هذا مجهول، وقد وصله ابن عدي في "الكامل" 6/ 21 ترجمة عمر بن موسى وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 62/ 373، والبيهقي 10/ 7 وضعف إسناده عبد الحق في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 243. وقال ابن عساكر: وصل هذا الحديث غريب. (¬2) رواه ابن عدي في "الكامل" 5/ 359 ترجمة عبد اللَّه بن يحيى بن أبي كثير اليمامي. وذكره الألباني في "الإرواء" (2509) وقال: منكر.

2741 - أنفحة ولبن الميتة

2741 - أنفحة ولبن الميتة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سئِلَ سفيان عن شاةٍ ميتة في ضَرعها لبنٌ. قال: لا يعجبني؛ لأنه في ظَرفِ ميت. قال أحمد: صدقَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2851) قال إسحاق بن منصور: قلت: الجبن؟ قال: يؤكل من كل. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1534) قال أبو داود: سألت أحمد عن جبن وجدناه في بلاد الروم وهو رطب قد عقد في قدر من قدورهم؟ قال: أخاف. وكأنه كرهه. "مسائل أبي داود" (1644) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان، عن عاصم الأحول، عن أبي سعيد الرقاشي، عن ابن عباس: لا تأكل من الجبن إلا ما صنع المسلمون وأهل الكتاب. قال أبي: وكان في كتابنا عن سليمان التيمي، فقال وكيع: عاصم الأحول وهو الصواب، وكنا نسخناه من كتاب ابن أبي شيبة (¬1). "العلل" برواية عبد اللَّه (608) ¬

_ (¬1) لم أقف عليه بهذا الإسناد عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" وقد رواه عن عبد اللَّه بن مسعود 5/ 129 (24404)، وسعيد بن جبير (24407).

2742 - اللبن يقع فيه قطرة دم

قال محمد بن أبي حرب: وسألته عن أكل الجبن هل سمعت في كراهيته شيئًا يثبت؟ قال: لا. وكأنه لم يكرهه، ولم يتكلم فيه. "بدائع الفوائد" 4/ 41 نقل حنبل عن أنفحة الميتة: طاهرة؛ لأن اللبن لا يموت. "الروايتين والوجهين" 3/ 31 2742 - اللبن يقع فيه قطرة دم قال إسحاق بن منصور: قلت: اللبن يقع فيه قطرة دم، أيحل أكله؟ قال: كلما كان اللبن حيث يحلب حتى اختلط وهو يسير لا يتبين أثره فيه فلا بأس به، لأن دم الشاة وما اختلط كاللحم يجعل في القدر، فيخرج منه الدم حتى يرى أثر ذلك في المرقة، ثم لا يكون به بأس، وأما دم الإنسان أو غير ذلك من الأقذار واختلط باللبن حرم شربه. "مسائل الكوسج" (498) قال إسحاق بن إبراهيم (¬1): قلت: ترى الدم في القدر من اللحم؟ قال: إنما يكر الدم العبيط. "تهذيب الأجوبة" 2/ 767 2743 - سلق الفرخ في البيض قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: البيضُ إذا غسلَ، فطرح في قدر مع المرقةِ؟ قال: لا بأسَ أنْ يطرح في القدر. ¬

_ (¬1) ابن هانئ.

2744 - حكم البيض في الدجاجة الميتة

قُلْتُ: وإن كان فيها فرخ؟ قال: إذا لم ينكسر فلا بأس. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3335). 2744 - حكم البيض في الدجاجة الميتة نقل الميموني في الدجاجة إذا ماتت وأخذ منها البيض: جائز، أو قال: ليس البيض بمنزلة اللبن، هذا سائل يختلط والبيض جامد. "الروايتين والوجهين" 3/ 31. 2745 - سكين الطعام إذا أصابه دم أو بول قال صالح: وسألته عن رجل ذبح بسكين ومسح السكين بخرقة، ثم قطع بها جبنا رطبًا، هل يؤكل الجبن أم لا؟ قال: إذا كانت السكين ليس عليها أثر دم وقطع الجبن وليس عليه أثر دم لا بأس به. قلت: وكيف القول إن أصاب السكين بول فمسحه؟ قال: البول لا يشبه الدم، قد يصلي الرجل وفي ثوبه من الدم القليل، ولا يعيد لذاك، والبول يعيد من القليل والكثير. قال اللَّه تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145]. قال أبي: فسمعت سفيان يقول: المسفوح: العبيط. "مسائل صالح" (265).

باب ما يستخبث أكله

باب ما يستخبث أكله 2746 - لحوم الحيات والعقارب قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: التِّرياقُ؟ قال: أكرهُه، إذا كان عَلى ما يَصفون أنه من الحيَّات. قال إسحاق: كما قال، إلا أن تُذكَّى الحياتُ. "مسائل الكوسج" (2811) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِل سفيان عن لُحوم الحيَّاتِ، فكرهها، فقال له الذي سَأله: أَحلالٌ أم حرام؟ قال: مكروه؛ نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن لحوم السباع، وهي من شرِّ السباع. قال أحمد: ما أَحسن ما قال! قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2848) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن أكل الحية والعقرب؟ فقال: قال ابن سيرين: يسقي ابن عمر ولده الترياق (¬1)، ولو علم ما فيه ما سقاه. قال أبي: أكره الحية والعقرب؛ وذلك أن العقرب لها حمة، والحية لها ناب. "مسائل عبد اللَّه" (1017) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 7/ 56 (23651).

2747 - لحم القنفذ

2747 - لحم القنفذ قال ابن هانئ: وسُئلَ عن أكل لحم القُنفذ؟ قال: أما أبو هريرة فكان يكره لحم القنفذ (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1763). 2748 - الفأر قال عبد اللَّه: سألت عن أكل الفأر؟ فقال: من يأكل الفأر؟ ! سماها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الفويسقة (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (1021). 2749 - الذِّبَّان قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ الأوزاعي عن أكل الذِّبَّانِ. قال: إن طابَت نفسُه فليأكُله. قال أحمد: لا أراهُ حرامًا. قال إسحاق: تركُه خير؛ لأنه ليسَ من الأشياءِ التي يُنتفعُ بها. "مسائل الكوسج" (2849). ¬

_ (¬1) روي عن أبي هريرة أنه قال: ذكر القنفذ عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال "خبيث من الحبائث". رواه الإمام أحمد 2/ 381، وأبو داود (3793) والبيهقي 9/ 326 من رواية عيسى بن نميلة، عن أبيه قال: كنت عند ابن عمر. . . الحديث، قال الخطابي في "معالم السنن" 5/ 313: ليس إسناده بذاك. وقال البيهقي: لم يرو إلا بهذا الإسناد وهو إسناد فيه ضعف اهـ. وضعفه الألباني في "الإرواء" (2492). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 301، والبخاري (3316)، ومسلم (2012)، من حديث جابر بن عبد اللَّه.

2750 - بنت وردان

نقل عنه الميموني: وقد سئل عن الذباب والبق؟ فقال: إذا وقع الذباب في الطعام فانقلوه، فإن أحد جناحيه فيه سم يعني: فاغمسوه. "الروايتين والوجهين" 3/ 30 2750 - بنت وَرْدان (¬1) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن بنت وردان وقع في شيء؟ قال: لا يؤكل. "مسائل أبي داود" (1649) 2751 - أكل وقتل الضفادع قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الضفادع؟ فقال: لا يؤكل ولا يقتل؛ نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن قتل الضفدع، حديث عبد الرحمن عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (1015) 2752 - اللحم إذا تغيرَّ ريحه ونتن، هل يؤكل؟ قال عبد اللَّه: سألت أبي عن اللحم إذا تغير ريحه ونتن، يقوى الرجل على أكله، أيما أحب إليك؟ يأكله أو يرمي به؟ قال: حديث أنس: جيء إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بإهالة سنخة فأكلها (¬3)، ¬

_ (¬1) قال في "المصباح المنير" ص 251: دويبة نحو الخنفساء، حمراء اللون، وأكثر ما تكون في الحمامات وفي الكنف. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 453، وأبو داود (3871)، والنسائي 7/ 210 وصححه الحاكم 4/ 411، وكذا الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (2991). (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 133، والبخاري (2069).

2753 - البقل يسقى بالماء الخبيث، أيؤكل؟

وإنما هو شيء يتقذره الرجل، فإن أكله على حديث أنس. كأنه لم ير به بأسًا. "مسائل عبد اللَّه" (1022) نقل مهنا: ولا بأس بلحم نيَّئ. نقل أبو الحارث في اللحم المنتن: يكره. "معونة أولي النهى" 11/ 122 2753 - البقل يسقى بالماء الخبيث، أيؤكل؟ قال ابن هانئ: سالت أبا عبد اللَّه عن الرجل يسقي البقل بالماء الخبيث البليد، أيؤكل؟ قال: لا يؤكل. "مسائل ابن هانئ" (1752). 2754 - أكل البطيخ المدوَّد والباقلاء قال عبد اللَّه: سألت أبي عن أكل البطيخ المدود؟ فقال: يؤكل الجيد ويترك الرديء منه. "مسائل عبد اللَّه" (1019) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الباقلاء المدود؟ قال: تجتنبه أحب إليّ، إن لم تستقذره فأرجو. "مسائل عبد اللَّه" (1020)

2855 - حكم أكل العنب يغلى وهو عنب

2855 - حكم أكل العنب يغلى وهو عنب قال أبو داود: سمعت أحمد سُئلَ عن العنب يغلى وهو عنب؟ قال: لا بأس به. "مسائل أبي داود" (1663). 2756 - حكم اللحم يُطبخ بالعنب قال أبو داود: سمعت أحمد سُئلَ عن اللحم يطبخ بالعنب؟ قال: لا بأس. "مسائل أبي داود" (1652) 2757 - مُرِّىُّ النِّينان (¬1) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئلَ عن مرى النينان؟ قال: لا يعجبني. النينان: هو الحيتان، قاله أبو داود. قال أبو داود: قال أحمد: يعمله أهل الشام من الخمر. "مسائل أبي داود" (1662، 1664) ¬

_ (¬1) قال في "النهاية" 2/ 153: النينان: جمع نون، وهي السمكة، وهذه صفة مُرِّيِّ يعمل بالشام؛ تؤخذ الخمر فيجعل فيها الملح والسمك، وتوضع في الشمس، فتتغير الخمر إلى طعمه المري، فتستحيل عن هيأتها كما تستحيل إلى الخلِّيَّة.

2758 - حكم أكل الطين لضرورة

2758 - حكم أكل الطين لضرورة نقل جعفر: كأنه لم يكرهه "معونة أولي النهى" 11/ 121 2759 - الكراث والثوم والبصل قال حرب: سئل أحمد عن أكل الكراث والثوم والبصل، فكرهه. قيل: الكراث مثل الثوم؟ قال: إذا كان في موضع يوجد به. وقال حرب: حدثنا إسحاق قال: أخبرنا معتمر قال: حدثني مظهر بن أبي مجلز أنه رأى على مائدة عمر بن عبد العزيز كراثا. "مسائل حرب" ص 335 قال الجرجاني: سئل عن الكراث والبصل في السفر؟ قال: إن كان من علة فأرجو، لمان كان من غير ذلك فلا يؤكل، وأما الكراث فليس كبير شيء، هو أهون من البصل. "بدائع الفوائد" 4/ 41. 2760 - حكم حَبٍ دِيْسَ بالحُمُر الأهلية قال حرب: كرهه، كراهية شديدة. ونقل أبو طالب في حب ديس بالحمر: لا يباع ولا يشترى ولا يؤكل حتى يغسل. "الفروع" 6/ 302، "المعونة" 11/ 122

فصل أكل كل ذي ناب من السباع

فصل أكل كل ذي ناب من السباع 2761 - أكل لحم الفيل قال ابن هانئ: وسُئلَ عن لحم الفيل يؤكل؟ قال: مكروه. "مسائل ابن هانئ" (1762) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن لحم الفيل؟ قال: ليس هو من أطعمة المسلمين. "مسائل عبد اللَّه" (1003) 2762 - أكل الضبِّ والضَّبع قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أكلُ الضبِّ والضَّبعِ؟ قال: أما الضبعُ فلا بأسَ به، والضبُّ قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا آكله، ولا أحرمه" (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2801). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا بأس بالضب، قد أكل على مائدة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (1006). ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 9، 13، 33، والبخاري (5536)، ومسلم (1943)، من حديث عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما-. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 254، والبخاري (2575)، ومسلم (1947) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.

2763 - حكم أكل الثعلب وابن عرس والجندبادستر

2763 - حكم أكل الثعلب وابن عرس والجندبادستر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الثعلب؟ قال: أكرهه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1533). قال ابن هانئ: وسألته عن: (الجندبادستر) (¬1)، فقال: مكروه. "مسائل ابن هانئ" (1804) قال عبد اللَّه: سألت أبي قلت: ما ترى أكل الثعلب؟ قال: لا يعجبني؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع (¬2)، ما أعلم أحدًا رخص فيه إلا عطاء، فإنه قال: لا بأس بجلودها، يصلى فيها؛ لأنها تودى -يعني: في الحرم- إذا أصابه عليه الجزاء. "مسائل عبد اللَّه" (1007). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن ابن عرس؟ قال: كل شيء يأخذ ينهش بأنيابه فهو من السباع، وكل شيء يأخذ بمخالبه فهو مما نهي عنه من كل ذي مخلب من الطير. "مسائل عبد اللَّه" (1008). نقل حنبل: كل ما يؤدى إذا أصابه المحرم يؤكل. يعني: الثعلب. "الروايتين والوجهين" 3/ 28. ¬

_ (¬1) حيوان على هيئة الثعلب، أحمر اللون، له ذنب طويل، ينظر: "حياة الحيوان" للدميري 1/ 215. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 193، والبخاري (5530)، ومسلم (1932) من حديث أبي ثعلبة.

2764 - أكل السنونو

2764 - أكل السُّنُونُو (¬1) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن السنونو؟ قال: لا يعجبني أكله، ليس هو يشبه السباع؟ ! "مسائل عبد اللَّه" (1004) 2765 - أكل اليربوع قال عبد اللَّه: سألت أبي عن أكل اليربوع؟ فقال: ما أدري أيش هو. "مسائل عبد اللَّه" (1009) 2766 - أكل السنور وقال في رواية حنبل: ما يؤدى إذا أصابه المحرم يؤكل. نقل عبد اللَّه، وقد سئل عن السنور؟ فقال: لا يعجبني أكله؛ يشبه السبع. "الروايتين والوجهين" 3/ 30 نقل حنبل: هو سبع، ويعمل بأنيابه كالسبع -يقصد: السنور- وقال: قال الحسن: هو مسخ. "الفروع" 6/ 295، "المبدع" 9/ 195 ¬

_ (¬1) قال الدميري في "حياة الحيوان الكبرى" 1/ 294، 2/ 38: السُّنُونُو: بضم السين والنونين، الواحدة سنونة، وهي نوع من الخطاطيف، يألف سواحل البحر، يحفر بيته هناك ويعشعش فيه، وهو صغير الجثة دون عصفور الجنة، ولونه رمادي.

فصل أكل كل ذي مخلب من الطير

فصل أكل كل ذي مخلب من الطير 2767 - حكم أكل البازي والصَّقر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أكل البازِيِّ والصَّقرِ؟ قال: أرجو أن لا يكونَ به بأسٌ. قال إسحاق: لا بأسَ به؛ لأن تعليمَ الطيرِ أخذه، وقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أمسك البازي فكله" (¬1). "مسائل الكوسج" (2808). 2768 - أكل الخشاف والخطاف قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الخطاف؟ قال: لا أدري، وكان عنده أسهل من الخشاف. "مسائل عبد اللَّه" (1000). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 257 مطولا، وأبو داود (2851)، والترمذي (1467) والبيهقي 9/ 238 من طرق عن مجالد، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم. قال أبو داود: البازي إذا أكل فلا بأس به. وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث مجالد عن الشعبي، وأهل العلم لا يرون بصيد البزاة والصقور بأسا. وقال البيهقي: ذكر البازي في هذِه الرواية لم يأت به الحفاظ الذين قدمنا ذكرهم عن الشعبي، وإنما أتى به مجالد، واللَّه تعالى أعلم. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (2541): حديث صحيح إلا قوله: "أو باز" فإنه منكر، تفرد به مجالد مخالفا لجميع روايات الثقات المتقدمة، وبذلك أعله البيهقي، ويؤيده أنه ثبت عن الشعبي أنه قال: كل من صيد الباز وإن أكل. فلو كان ذكر الباز ثابتا في حديثه لم يخالفه إن شاء اللَّه تعالى.

2769 - أكل ما يجيف

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الخشاف يؤكل؟ قال: من يأكل الخشاف؟ ! كأنه كرهه. "مسائل عبد اللَّه" (1001) 2769 - أكل ما يجيف قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الغراب (الأبقع) (¬1)؟ قال: كل شيء يأكل الجيف فلا يؤكل، وما لم يأكل الجيف فلا بأس بأكله. وقال أبي: يُكره من الطير ما يأكل الجيف. "مسائل عبد اللَّه" (1014) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن أكل لحم الرخم؟ فقال: كل شيء يأكل الجيف لا يؤكل، وهي تأكل الجيف. "مسائل عبد اللَّه" (1016) نقل حرب وأبو الحارث عنه: لا ينهى عن الطير إلا ذي المخلب، وما أكل الجيف. "الفروع" 6/ 299 ونقل مهنا عنه: يؤكل الأيّل. قيلْ إنه يأكل الحيات. فعجب. "الفروع" 6/ 299 نقل حرب: لا بأس به؛ لأنه لا يأكل الجيف. يعني: الغراب؟ "المبدع" 9/ 197 ¬

_ (¬1) وقع في المطبوع من "مسائل عبد اللَّه": الأبتع، والصواب ما أثبتناه.

باب الأكل من حرز لا ناظر له

باب الأكل من حرز لا ناظر له 2770 - الأكل من ثمر البستان لمن مر به، والشرب من ألبان الغنم والإبل قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: لا يحتلب أحدٌ ماشية أحدٍ إلَّا بإذنه؟ قال: لا يحتلبنَّ حتَّى ينادي ثلاثًا، فإِنْ أجابَهُ، فأذن لهُ، فهو إِذنه، وإِنْ أبي، فَلَا يحتلب، على حديث أبي سعيدٍ الخدري -رضي اللَّه عنه-. قال إسحاق: إِنْ أبى، وكان جائعًا، طعم قدر ما يُبلغه إلى غيرهِ، وإنْ لم يجبْهُ أحدٌ شرب. "مسائل الكوسج" (1824) قال أبو الفضل صالح: وسألته عن حديث أبي سعيد: "إذا مر أحدكم بحائط فيناد ثلاثًا" (¬1) فكره أحمد هذا: أن يأكل إذا لم يكن محتاجًا. قال: أما الأحاديث فتروى هكذا، ولكن إذا كان عليها حائط، فلا يدخل إلا بإذن، وذاك أن الحائط حريم. "مسائل صالح" (223) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 8/ 3، وابن ماجه (2350)، وصححه ابن حبان 12/ 87 (5281)، والحاكم 4/ 132 من طريق يزيد بن هارون، عن الجريري، عن أبي نضرة عنه، قال البوصيري في "الزوائد" (762): هذا إسناد ضعيف فيه الجريري، واسمه سعيد بن إياس، وقد اختلط بأخرة، ويزيد بن هارون روى عنه بعد الاختلاط، لكن أخرج مسلم له صحيحه من طريق يزيد بن هارون عن الجريري واللَّه أعلم. أهـ. والحديث صححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1862)، و"الإرواء" 8/ 160 - 161.

قال أبو الفضل صالح: قلت: ما تقول في حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أتى أحدكم بستانًا فليناد ثلاثا" وكذلك راعي الإبل: "فإن أجابوك؛ وإلَّا فكل واشرب" (¬1)؟ قال: هذا في المسافر يمر بالحائط، فينادي ثلاثًا، فإن أجيب وإلا أكل، ولم يحمل إذا لم يكن عليه حائط، فإذا كان عليه حائط فلا يدخل. يقول ذلك ابن عباس (¬2). وروي عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تحتلب مواشي القوم إلا بإذنهم" (¬3). "مسائل صالح" (556) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يمر بالحائط أو النخل، يأكل منه؟ قال: قد سهل فيه قومٌ من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأما سعد فأبى أن يأكل (¬4). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 21، وابن ماجه (2300) من حديث أبي سعيد الخدري قال البوصيري في "الزوائد"، هذا إسناد ضعيف، فيه الجريري واسمه سعيد بن إياس، وقد أختلط بأخرة، ويزيد بن هارون روى عنه بعد الاختلاط، لكن أخرج مسلم في "صحيحه" من طريق يزيد بن هارون عن الجريري، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1862)، و"الإرواء" 8/ 160 - 161. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 301 (20316، 20320). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 6، ومسلم (1726). (¬4) رواه ابن أبي شيبة 4/ 301 (20315)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 243.

قلت: فما تقول إذا اضطر إليه؟ قال: يأكل ولا يحمل. "الورع" (416) قال المروذي: وسألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يمر ببستان؟ قال: إذا كان عليه حائط لم يدخل، وإذا كان غير محوط أكل ولم يحمل معه شيئًا. وأبو عبد اللَّه مناولة، قال: حدثني الأوزاعي قال: حدثني هارون بن رئاب قال: بعث سعد غلامًا له يتعلّف، فجاء بحشيش رأى فيه سُنبلة أو سنبلات، فقال: ما هذا؟ قال: احتششته. فقال سعد: اجعل هذِه السنبلات بين يدي دابة الدهقان. عن نافع، عن ابن عُمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من دخل حائطًا، فليأكل، ولا يتخذ خبنة" (¬1) "الورع" (417 - 419) نقل حرب عنه أنه قال: إذا كان عليه حائط فلا يأكل، وإن لم يكن عليه حائط، وكان في فضاء من الأرض، فلا بأس أن يأكل. وقال الأثرم: وقيل له: يأكل على الضرورة، أو غير ضرورة؟ فقال: ليس في الأحاديث ضرورة. ونقل أبو طالب وحنبل: وقد سئل: إذا لم يكن تحت الثمرة شيء يصعد؟ فقال: لم أسمع يصعد، فإن أضطر أرجو ألا يكون به بأس. ونقل بكر بن محمد، عن أبيه، عنه أنه قال: فإذا كان ثمرًا في نخل، أو بستان، أو إبل في صحراء على حديث أبي سعيد، أو سنبل قائم أكل ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (1287)، وابن ماجه (2301). وقال الترمذي: حديث غريب. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (1034).

منه، وإن كان ثمرًا قد أخزن في البيوت، أو حنطة قد أحرزت في بيت، أو إبل أو غنم قد أويت إلى المراح، فلا يأكل منه ويأكل الميتة. "الروايتين والوجهين" 3/ 33، 34 نقل بكر بن محمد عن أبيه: وسئل عن الرجل يمر بالغنم والإبل، يشرب من ألبانها من غير أمر صاحبها؟ قال: لا، أذهب إلى حديث ابن عمر؛ هو أجود إسنادًا. قيل: فيمر بالبساتين؟ قال: يأكل، هذا فعله غير واحد من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "الروايتين والوجهين" 3/ 35

باب الأكل من طعام أهل الكتاب والمجوس

باب الأكل من طعام أهل الكتاب والمجوس 2771 - هل يحل لنا طعام أهل الكتاب والمجوس؟ قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل: يجيب الرجل دعوة الذميّ؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1639) قال أبو داود: سمعت أحمد، سُئل: يأكل الرجل عند المجوسيّ؟ قال: لا بأس، ما لم يأكل من قدورهم، يأكل من فواكههم. ذكر شيئًا أو أشياء -ذهب علي- قيل له: جبنهم؟ فذهب إلى الرخصة فيه، ولم يصرح به. "مسائل أبي داود" (1640) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل عن الرجل يشتري اللحم، فيجيء به إلى البيت مع غلام له مجوسي أيأكل منه؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1641) قال ابن هانئ: سئل عن الوضوء للصلاة من منزل اليهودي والنصراني، والأكل من طعامهم والشرب من مائهم؟ قال: لا بأس، يأكل طعامهم. ولم يجب في الوضوء والشراب شيئا. "مسائل ابن هانئ" (1775) قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل. وأخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا صالح -والمعنى واحد- قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه سُئل عن الأكل في منزل اليهودي والنصراني؟ قال: لا بأس به.

وقال: يؤكل من طعامهم. وزاد حنبل: ويشرب من شرابهم. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 447 (1050) قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل قال: سُئل أحمد عن الأكل مع المشرك على مائدته، فكأنه كرهه، وقال: اجتنب ذلك، أرجو أن يعوضك اللَّه. وقال: يذله الخبيث بذلك. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 447 (1052) قال الخلال: أخبرني عبد الملك أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: طعام المجوس ليس به بأس أن يؤكل، وإذا أهدي إليه أن يقبل، إنما تكره ذبائحهم فلا تؤكل، أو شيء فيه دسم -يعني: من اللحم- وسُئل عن السمن فلم ير به بأسًا، وسُئل عن خبز المجوسي فلم ير به بأسًا. وقال: أخبرني عصمة قال: حدثنا حنبل أن أبا عبد اللَّه قال: ما كان من ذبيحة أو صيد فلا تأكل، وما كان من لبن أو فاكهة أو سمن فلا بأس. قلت: فالخبز؟ قال: إذا كان مجوسيّ تعلم أنه يعالجه بالميتة فلا تأكل، وإذا لم تعلم فكله؛ قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] وهؤلاء ليسوا من أهل الكتاب. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 451 - 452 (1071 - 1072) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح. وأخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل أن أبا عبد اللَّه قال: يأكل من فواكههم. قال: قلت: ليست لهم ذكاة، ولا يجتنبون البول.

وقال: أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم أن أبا عبد اللَّه قال: يأكل من طعامهم ما لم تكن ذبائحهم. وقال: أخبرني موسى بن سهل قال: حدثنا محمد بن أحمد الأسدي قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب، عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد: ما يصنع المجوس لأمواتهم، ويزمزمون عليها أيامًا عشرًا، ثم يقسمون ذلك في الجيران؟ قال: لا بأس بذلك. وسألت أحمد عن طعام المجوس؟ قال: لا بأس بغير الذبيحة. وقال: أخبرنا عبد اللَّه قال: سألت أبي عن طعام المجوس، فقال: لا بأس بطعامهم، ورُوي عن الشعبي: كُلْ مع المجوسي وإن زمزم. "أحكام أهل الملل" 2/ 452 (1074 - 1077) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: قلت لأحمد: نأكل من طعام المجوسي؟ قال: نعم، ما لم يكن ذبيحة. قلت لأحمد: إن سالمًا الأفطس قال: كنت مع سعيد بن جبير في النخل، فكان يأكل من كواميخ المجوسي. قال: من ذكره؟ قال: حدثنا به ضمرة. قال: عمَّن؟ قلت: لا أحفظه. فأعجبه أن سعيد بن جبير كان يأكل من كواميخ المجوسي. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 453 (1079)

2772 - ما ذكر في القرآن مما حرم الله من الشحوم وغير ذلك على أهل الكتاب

2772 - ما ذكر في القرآن مما حرم اللَّه من الشحوم وغير ذلك على أهل الكتاب قال الخلال: أخبرني زهير بن صالح بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: ثنا أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، أملى علينا بالبصرة قال: حدثنا سفيان قال: حدثني حبيب بن أبي ثابت قال: حدثنا سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن إسرائيل أخذه عرق النسا قال: فكان [يبيت] (¬1) له زقاء (¬2)، فجعل على نفسه إن شفاه اللَّه ألا يأكل -يعني: لحم الإبل- فحرمته اليهود (¬3) وتلا هذِه الآية: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93)} [آل عمران: 93]. فنرى أن هذا كان قبل التوراة. قال أبو بكر الخلال: وأما عبد اللَّه بن أحمد فقال: سألت أبي عن الشحوم تحرم على اليهود؟ فقال: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} [الأنعام: 146]. قال: والقرآن يقول: {حَرَّمْنَا} وفي آية أخرى في سورة المائدة (¬4): {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا} [الأنعام: من الآية 146]. ¬

_ (¬1) في المطبوع بياض مقدار كلمة، والمثبت من مصادر التخريج. (¬2) قال سفيان: له زقاء: صياح، انظر تفسير عبد الرزاق 1/ 132 (431). (¬3) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 132 (431)، والطبري 3/ 351 (7409)، وبنحوه الطبراني في "مسند الشاميين" 3/ 67 (2748)، والحاكم 2/ 292، والبيهقي 10/ 8. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. (¬4) كذا بالمطبوع، وعلق في الحاشية: بل في الأنعام. فيؤكد أنها كذلك بالمخطوط.

يعني نزلت بعد: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5]. قلت: فيحل للمسلم أن يطعم يهوديًّا شحما؟ قال: لا؛ لأنه محرم عليه. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: حدثنا أحمد، عن الزبيري، عن مالك: في اليهودي يذبح الشاة؟ قال: لا يأكل من شحمها. قال أحمد: هذا مذهب دقيق. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 442 - 443 (1036 - 1037) قال صالح: كان أبي يكره شحوم ذبائح اليهود. "الروايتين والوجهين" 3/ 37

كتاب الأشربة

كتاب الأشربة 2773 - ما يعتبر خمرًا، ويدخل في المسكرات قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: غبيراء السُّكُرْكَة؟ قال: هو الذي يقالُ له: المِزرُ: نبيذ الشعيرِ والبُرِّ، ويقال له: الجعةُ. قال إسحاق: كما قال. قال عبد الرزاق: نحن نقولُ: المِزَر. "مسائل الكوسج" (2878). قال صالح: وسألته عمن قال: لا يصح حديث فيما روي: "ما أسكر كثيره فقليله حرام" (¬1)، ما يكون قوله؟ قال: هذا رجل مُغل. "مسائل صالح" (212). قال أبو داود: سمعت أحمد غير مرةٍ يقول: كل مسكرٍ خمر. "مسائل بي داود" (1653). قال أبو داود: قلت لأحمد: ما أسكر كثيره فقليله حرام؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 343، وأبو داود (3681)، والترمذي (1865)، وابن ماجه (3393) قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من حديث جابر. وقال ابن الملقن في "البدر المنير" 8/ 701: وفي إسناده داود بن بكر بن أبي الفرات الأشجعي، وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: لا بأس به ليس بالمتين. قال ابن القطان [في الوهم والإيهام 3/ 586]: ولهذا السبب لم يصححه الترمذي. وقال ابن حجر في "تلخيص الحبير" 4/ 73: حسنه الترمذي ورجاله ثقات. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2737) وللحديث شواهد انظر: "الإرواء" 8/ 42 - 44.

قال: نعم. سمعته غير مرةٍ ينهى عن قليل ما أسكر كثيره. "مسائل أبي داود" (1654). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قال الثوري: الداذي (¬1): خمر الهند (¬2). "مسائل ابن هانئ" (1777). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كل مسكرٍ خمر. "مسائل ابن هانئ" (1781). قال المروذي: وسألت أبا عبد اللَّه: عن المسكر؟ فقال: هو عندي خمر. "الورع" (458) قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل رحمه اللَّه تعالى قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا الصعق بن الحزن قال: شهدت قراءة كتاب عمر بن عبد العزيز إلى عدي وأهل البصرة، وهو: أما بعد، فإنه قد كان في الناس من هذا الشراب أمر ساءت فيه رغبتهم، وغشوا فيه أمورا انتهكوها عند ذهاب عقولهم، وسفه أحلامهم، بلغت بهم الدم الحرام، والفرج الحرام، والمال الحرام، وقد أصبح جل من يصيب من ذلك الشراب يقول: شربنا شرابا لا بأس به. ولعمري أن ما حمل على ¬

_ (¬1) كذا في الأصل وقد تكرر استعمالها، ورسمت تارة: (الذاري) وتارة: (الداذي) وقصد به تارة: الخمر، وتارة: النبات الذي يطيب طعم الخمر. وجاء في "القاموس المحيط" ص 425: الدّاذي: شراب الفساق. (¬2) ذكره أبو داود إثر حديث (3689) بلفظ: قال سفيان الثوري: الداذي: شراب الفاسقين.

هذِه الأمور وضارع الحرام البأس الشديد، وقد جعل اللَّه عز وجل عنه مندوحة وسعة من أشربة كثيرة طيبة ليس في الأنفس منها حاجة، الماء العذب الفرات واللبن والعسل والسويق، فمن ينتبذ نبيذا فلا ينتبذه إلا في أسقية الأدم، التي لا زفت فيها؛ فإنه بلغنا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن نبيذ الجر والدباء والظروف المزفتة (¬1)، وكان يقول: "كل مسكر حرام". فاستغنوا بما أحل اللَّه عز وجل لكم عما حرم اللَّه؛ فإنا من وجدناه يشرب شيئا من هذِه بعد ما تقدمنا إليه أوجعناه عقوبة شديدة، ومن استخفى فاللَّه أشد عقوبة وأشد تنكيلا، وقد أردت بكتابي هذا اتخاذ الحجة عليكم في اليوم وفيما بعد اليوم، أسأل اللَّه عز وجل أن يزيد المهتدي منا ومنكم هدى، وأن يراجع بالمسيء منا ومنكم التوبة في يسر منه وعافية، والسلام عليكم. "الورع" (546)، "الأشربة" للخلال (96) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن المسكر؟ فقال: هو عندي خمر. قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل مُسكر حرامٌ" عن عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كل شراب أسكر فهو حرام" (¬2). عن نافع، عن ابن عُمر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كل مسكرٍ خمرٌ، وكل مسكرٍ حَرام" (¬3). "الورع" (509 - 510) قال الخلال: أخبرنا أبو القاسم عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 29، ومسلم (1997) من حديث ابن عمر. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 96، والبخاري (242)، ومسلم (2001). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 16، ومسلم (2003).

البغوي ابن بنت أحمد بن منيع البغدادي ببغداد قال: حدثنا أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل، سنة ثمان وعشرين ومائتين من كتابه قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة -رضي اللَّه عنهما- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كل شراب أسكر فهو حرام". قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا مالك بن أنس، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة -رضي اللَّه عنهما- قالت: سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن البتع فقال: "كل شراب أَسكر فهو حرام". "الأشربة" للخلال (1 - 2) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد اللَّه بن نمير قال: أخبرنا الحسن بن عمرو الفقيمي، عن الحكم، عن شهر بن حوشب قال: سمعت أم سلمة -رضي اللَّه عنها- تقول: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن كل مسكر ومفتر (¬1). وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن سعيد بن عبيد اللَّه قال: حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما أسكر كثيره فقليله حرام" (¬2). "الأشربة" للخلال (4 - 5) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 309، وأبو داود (3686)، والبيهقي 8/ 296. قال المنذري في: "مختصر سنن أبي داود" 5/ 269 (3540): شهر بن حوشب وثقه الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وتكلم فيه غير واحد، والترمذي يصحح حديثه. وقال ابن حجر في "فتح الباري" 10/ 44: وحديث أم سلمة أخرجه أبو داود بسند حسن اهـ. والحديث صححه الألباني في "صحيح الجامع" (6977) دون قوله: ومفتر. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 179، والنسائي 8/ 300، وابن ماجه (3394)، وحسن إسناده الألباني في "الإرواء" 8/ 44.

قال البغوي: حدثنا أحمد قال: حدثنا عبد اللَّه بن إدريس، عن ليث، عن أبي عثمان، عن القاسم، عن عائشة -رضي اللَّه عنهما- قالت: قال: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "ما أسكر الفرق فالوقية منه حرام" (¬1). "الأشربة" للخلال (6، 43) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد اللَّه بن الحارث المخزومي، حدثني الوليد بن كثير قال: حدثني الضحاك بن عثمان، عن بكير بن عبد اللَّه الأشج، عن عامر بن سعد -رضي اللَّه عنه- يرفعه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره" (¬2). وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام". وقال: حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 71، وأبو داود (3687)، والترمذي (1866) بلفظ "ما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام". قال الترمذي: حديث حسن وقال المنذري في "مختصر السنن" 5/ 270: والأمر كما ذكره الترمذي فإن رواته جميعهم محتج بهم في الصحيحين اهـ. وصححه ابن الملقن في "البدر المنير" 8/ 703، وكذا الألباني في "الإرواء" (2376) قلت: روى بمعناه البخاري (242)، ومسلم (2001) بلفظ: "كل شراب أسكر فهو حرام" وقد تقدم آنفا. (¬2) رواه النسائي 8/ 301، والدارقطني 4/ 251 موصولًا من حديث عامر بن سعد عن أبيه وقال في "العلل" 4/ 349: والصواب حديث عامر بن سعد، عن أبيه. وقال المنذري في "مختصره" 5/ 267: وحديث سعد بن أبي وقاص الأجود إسنادًا في هذا الباب، وصحح إسناده ابن حجر في "المطالب العالية" (1816)، وصححه الألباني في "الإرواء" 8/ 44 وقال: إسناد جيد على شرط مسلم.

عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده -رضي اللَّه عنه- قال: بعث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أبا موسى ومعاذ بن جبل إلى اليمن، فقال أبو موسى -رضي اللَّه عنه-: يا رسول اللَّه، إنا بأرض يصنع بها شراب من العسل يقال له: البتع، وشراب من الشعير يقال له: المزر. قال: فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل مسكر حرام" (¬1). "الأشربة" للخلال (7 - 9) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو داود قال: أخبرنا حريش بن سليم قال: حدثنا طلحة بن مصرف، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كل مسكر حرام". "الأشربة" للخلال (11) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو المغيرة، ثنا معان قال: حدثني جنادة بن الحارث قال: سألت عطاء بن أبي رباح عما أسكر وأخدر؟ فقال: حرام. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا زكريا بن عدي قال: أخبرنا عبيد اللَّه، عن عبد الكريم، عن قيس بن حبتر، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه عز وجل حرم عليكم الخمر والميسر والكوية، وكل مسكر حرام" (¬2). "الأشربة" للخلال (13 - 14) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 417، والبخاري (4343)، ومسلم (1733). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 274، وأبو داود (3696)، وابن حبان في "صحيحه" 12/ 187 (5365)، والبيهقي 8/ 303، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (1748).

قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا إبراهيم بن أبي العباس قال: حدثنا شريك، عن عياش -يعني: العامري- عن عبد اللَّه بن شداد، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: الخمر حرام بعينها قليلها وكثيرها، وما أسكر من كل شراب (¬1). وقال: حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا روح بن عبادة قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا أبو إسحاق، عن أبي بردة أن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- قال: الأشربة تصنع من خمسة: من الزبيب والتمر والعسل والحنطة والشعير، وما خمرته حتى يكون خمرا فهو خمر (¬2). وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا روح بن عبادة قال: حدثنا شعبة قال: سمعت عبد اللَّه بن أبي السفر، عن الشعبي، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: إنما الخمر من خمسة، فعدد هؤلاء. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يونس بن محمد قال: حدثنا حماد -يعني: ابن زيد- عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كلُّ مسكر خمر، وكل مسكر حرام، من شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتب لم يشربها في الآخرة" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 96 (24057)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 214، والطبراني 10/ 339 (10842)، والبيهقي 10/ 213. (¬2) رواه البخاري برقم (4619)، ومسلم برقم (3032) من حديث الشعبي عن ابن عمر، عن عمر به. أما طريق أبي إسحاق عن أبي بردة عن عمر فرواه عبد الرزاق 9/ 234 (17051)، وابن أبي شيبة 5/ 66 (23741)، والبيهقي 8/ 288. (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 19، والبخاري (5575)، ومسلم (2003).

وحدثنا أبو الربيع الزهراني قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله. وحدثنا الحسن بن عيسى -مولى ابن المبارك- قال: حدثنا ابن المبارك، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن إسحاق، ثنا يحيى ابن أيوب، عن عبيد اللَّه بن زمر عن بكر بن سوادة، عن قيس بن سعد بن عبادة، -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه عز وجل حرم عليَّ الخمر والكوبة والقنين، وأَياكم والغبيراء؛ فإنها ثلث خمر العالم" قال: قلت: ليحيى: ما الكوبة؟ قال: الطبل (¬1). "الأشربة" للخلال (23 - 27) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا قرة، عن الضحاك قال: ما خمرته فهو خمر. "الأشربة" للخلال (33، 147) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر وابن جريج، عن ابن طاوس، عن أبيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تلا آية الخمر ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 422، والطبراني 18/ 352، والبيهقي 10/ 22، وأعله ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 650، وقال: فيه عبيد اللَّه بن زحر وهو ضعيف كما هو أسلفته لك في كتاب النذر، وقال عبد الحق [في "الأحكام الوسطى" 4/ 246] في إسناده يحيى بن أيوب عن عبيد اللَّه بن زحر. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 54: رواه أحمد والطبراني، وفيه: عبيد اللَّه ابن زحر، وثقه أبو زرعة والنسائي وضعفه الجمهور.

وهو يخطب الناس على المنبر، فقال رجل: فكيف بالمزر يا رسول اللَّه؟ قال: "وما المزر؟ " قال: شراب يصنع من الحب. قال: "أيسكر؟ " قال: نعم. قال: "كل مسكر حرام" (¬1). قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة -رضي اللَّه عنهما- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل عن البتع، فقال: "كل شراب يسكر فهو حرام" (¬2) والبتع: نبيذ العسل. " الأشربة" للخلال (41 - 42) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا برد، عن مكحول أنه قال: كل مسكر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام. "الأشربة" للخلال (58) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج، عن عطاء قال: بلغنا أن كل مسكر حرام (¬3). "الأشربة" للخلال (69) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أسود بن عامر قال: حدثنا إسرائيل، عن إبراهيم بن مهاجر، عن عامر، عن النعمان بن بشير يرفعه أنه قال: "من الزبيب خمر، ومن التمر خمر، ومن الحنطة خمر، ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 220 (17001)، والبيهقي 8/ 292، وقال: هكذا جاء مرسلا. ورواه موصولا النسائي 8/ 300 من حديث طاوس عن ابن عمر به. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 96، والبخاري (242)، ومسلم (2001). (¬3) رواه النسائي 8/ 299، وعبد الرزاق 9/ 227 (17025).

ومن الشعير خمر، ومن العسل خمر" (¬1). وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن عبد اللَّه بن أبي السفر، عن الشعبي، عن ابن عمر أنه قال: الخمر من خمسة: من الزبيب والتمر والشعير والبر والعسل. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا هاشم -يعني: ابن القاسم- قال: حدثنا أبو معشر، عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد اللَّه، عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل مسكر خمر، وما أسكر كثيره فقليله حرام". وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا هاشم قال: حدثنا أبو معشر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله. "الأشربة" للخلال (72 - 74) قال البغوي؛ حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن عامر، عن ابن أبي مليكة قال: كان ابن عباس يكره كل مسكر. "الأشربة" للخلال (85) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عفان بن مسلم قال: حدثنا مهدي بن ميمون قال: حدثنا أبو عثمان الأنصاري قال: سمعت القاسم بن محمد بن أبي بكر يحدث عن عائشة أنها سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: كل مسكر حرام، وما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام" (¬2). "الأشربة" للخلال (95) ¬

_ (¬1) رواه الإمام 4/ 267، وأبو داود (3676)، والترمذي (1872) وابن ماجه (3379) قال الترمذي: وهذا حديث غريب وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2724). وهو عند البخاري (4619)، ومسلم (3032)، عن عمر بن الخطاب موقوفًا. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 71، وأبو داود (3687)، والترمذي (1866)، وقال: =

قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يونس بن محمد قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "كل مسكر حرام" (¬1). وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا محمد بن عمرو، عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل مسكر حرام" (¬2). "الأشربة" للخلال (100 - 101) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن مسعر، عن أبي عون، عن عبد اللَّه بن شداد، عن ابن عباس قال: إنما حرمت الخمر بعينها والمسكر من كل شراب. قال أبو القاسم: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: شريك ربما حدث المسكر، وربما حدث السكر. "الأشربة" (106) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو كامل قال: حدثنا زهير قال: حدثنا أبو إسحاق، عن هبيرة وأصحابه سمعوا من علي قال أبو إسحاق: وسمع عليا أكثر من ألف حديث، وما لا أحصيه من أهل الكوفة ¬

_ = حديث حسن. وقال المنذري في "مختصر السنن" 5/ 270: والأمر كما ذكره الترمذي فإن رواته جميعهم محتج بهم في الصحيحين. وصححه ابن الملقن في "البدر المنير" 8/ 703، وكذا الألباني في "الإرواء" (2376). (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 98، ومسلم (2003). (¬2) "المسند" 2/ 31.

يقول: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الجَعْة (¬1) شراب يصنع من الشعير والحنطة فيكون شديدا حتى يسكر. "الأشربة" للخلال (111) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل رحمه اللَّه قال: حدثني يحيى بن سعيد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كل مسكر حرام" (¬2). "الأشربة" للخلال (113) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا إسرائيل، عن موسى، عن ابن أبي عائشة عن مرة الهمداني قال: قال عبد اللَّه: لا خير في السكر. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ليث، عن حرب بن أبي حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: السكر خمر. "الأشربة" للخلال (115 - 116) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 132، والترمذي (2808)، والنسائي 8/ 165، والبزار في "مسنده" 2/ 302 (727)، والبيهقي 8/ 293. قال الترمذي: حسن صحيح. وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى إلا عن علي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بهذا اللفظ بهذا الإسناد. وذكره الألباني في "صحيح الترمذي" (2251) وقال: صحيح المتن. قلت: رواه مسلم (2078)، من طريق آخر دون قوله: الجعة. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 429، والنسائي 8/ 297، وابن ماجه (3401) وقال البوصيري في "زوائد ابن ماجه" ص 442 (1121): إسناده صحيح، رجاله ثقات، وذكره الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2745) وقال: حسن صحيح.

قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: قال عبد اللَّه: السكر خمر. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا جرير، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبير قال: السكر خمر. "الأشربة" للخلال (119 - 120) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا جرير، عن ليث، عن حرب، عن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عمر عن السكر فقال: الخمر ليس لها كنية. "الأشربة" للخلال (121) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: السكر خمر. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا مغيرة، عن أبي رزين قال: السكر خمر. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا يونس، عن الحسن أنه كان يقول ذلك. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا ابن شبرمة، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير قال: السكر خمر، غير أنها ألأم من الخمر. "الأشربة" للخلال (123 - 126) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا شريك، عن أبي فروة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: السكر خمر. "الأشربة" للخلال (128)

قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير قال: أخبرني أبو كثير أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة" (¬1). "الأشربة" للخلال (134) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا بكار -يعني: ابن عبد اللَّه بن وهب- قال أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل -وكان ثقة- قال: سمعت رجلا سأل وهبًا عن المزر -وهي الغبيراء- فقال: يا أبا عبد اللَّه، إن عمالنا لا يكادون أن يعينونا حتى نسقيهم. فقال: لا أدري ما المزر من غيره، كل مسكر حرام. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو المنذر إسماعيل بن عمر قال: حدثنا مالك بن مغول، عن أكيل، عن الشعبي قال: قال ابن عمر: الخمر من العنب. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو المنذر قال: حدثنا مالك، عن أكيل، عن الشعبي قال: قال ابن عمر: البتع من العسل، والمزر من الذرة. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو المنذر قال: أخبرنا مالك، عن أكيل، عن الشعبي قال: قال لنا ابن عمر: السكر من التمر. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا إسماعيل بن عمر قال: حدثنا مالك، عن أكيل، عن الشعبي قال: قال ابن عمر: الجعة من الشعير. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 279، ومسلم (1985).

قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت أبا الجويرية قال: سمعت ابن عباس يقول: كل مسكر حرام. "الأشربة" للخلال (138 - 143) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا سليمان بن داود قال: حدثنا إسماعيل -يعني: ابن جعفر- قال: أخبرني داود بن بكر بن أبي الفرات، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللَّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما أسكر كثيره، فقليله حرام" (¬1). وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو سعيد وعبد الصمد قالا: حدثنا محرز، عن قعنب -قال أبو عبد اللَّه: هو ثقة- قال: سمعت الضحاك يقول: كل مسكر حرام. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد قال: أخبرنا قرة، عن الضحاك قال: ما خمرته فهو خمر. "الأشربة" للخلال (145 - 147) وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى، عن الأوزاعي قال: حدثني أبو كثير قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الخمر ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 343، وأبو داود (3681)، والترمذي (1865)، وابن ماجه (3393) قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وقال ابن الملقن في "البدر المنير" 8/ 701: وفي إسناده داود بن بكر بن أبي الفرات الأشجعي، وثقه ابن معين وقال أبو حاتم: لا بأس به، ليس بالمتين، قال ابن القطان في "الوهم والإيهام" 3/ 586: ولهذا السبب لم يصححه الترمذي. اهـ. وقال ابن حجر في "التلخيص" 4/ 73: حسنه الترمذي، ورجاله ثقات، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2737).

في هاتين الشجرتين النخلة والعنبة". "الأشربة" للخلال (151) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو كامل قال: حدثنا زهير قال: حدثنا أبو إسحاق، عن أبي بردة قال: قال عمر: الأنبذة من خمسة: من التمر والزبيب والحنطة والشعير والعسل. "الأشربة" للخلال (154) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا حجاج قال: أخبرنا شريك، عن ليث، عن مجاهد قال: السكر خمر قبل تحريمها. "الأشربة" للخلال (159) وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا عقيل ابن معقل الصنعاني أن همام بن منبه أخبره قال: سألت ابن عمر عن النبيذ، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، هذا الشراب ما تقول فيه؟ قال: كل مسكر حرام. قال: قلت: فإن شربت الخمر فلم أسكر؟ قال: أف أف أف وما بال الخمر؟ وغضب، قال: فتركته حتى انبسط -أو حتى أسفر وجهه- وحدث من كان من حوله قال: فقلت: يا أبا عبد الرحمن، إنك بقية من يعرف، وقد يأتيك الرجل فيسألك عن الشيء فيأخذ بِذَنَبِ الكلمة فيضرب بها في الآفاق، ثم يقول: قال ابن عمر كذا وكذا. فقال: أعراقي أنت؟ قلت: لا. قال: فممن أنت؟ قال: قلت: من اليمن قال: أما الخمر فحرام لا سبيل إليها، وأما ما سواها من الأشربة فكل مسكر حرام. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين قال: سمعت ابن عمر يقول لرجل: أنهاك عن المسكر قليله وكثيره، وأشهد اللَّه عليك.

وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثنا أيوب، عن محمد أن رجلا قال لابن عمر وهو يسمع: آخذ التمر فأجعله في الفخار ثم أجعله في التنور؟ فقال: لا أدري ما تقول: آخذ التمر فأجعله في الفخار ثم أجعله في التنور ولا تشرب الخمر؟ ثم قال: يتخذ أهل الأرض كذا وكذا، من كذا وكذا خمرا يسمونه كذا وكذا، ويتخذ أهل كذا وكذا من كذا وكذا خمرا ويسمونها كذا وكذا. قال: نبيذا فيسمونها خمرا، ثم قال: تسميها بالاسم الذي يسمونها به حتى عد خمسة أشربة. قال محمد: لا أحفظ منها إلا العسل والشعير واللبن. قال أيوب: فكنت أهاب أن أحدث باللبن حتى حدثني رجل أنه يصنع منه شراب لا يلبث صاحبه. قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال: كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام. "الأشربة" للخلال (168 - 171) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثنا أبو حيان قال: حدثنا الشعبي، عن ابن عمر قال: سمعت عمر بن الخطاب يخطب على منبر المدينة فقال: يا أيها الناس، ألا إنه نزل تحريم الخمر يوم نزل وهي من خمسة: من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير، والخمر ما خامر العقل، وثلاث يا أيها الناس وددت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يفارقنا حتى يعهد إلينا فيهن عهدا ننتهي إليه: الجَدُّ والكلالة وأبواب من أبواب الربا (¬1). "الأشربة" للخلال (182). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (4619)، ومسلم (3032).

قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا روح بن عبادة قال: حدثنا ابن جريج قال: أخبرنا موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل مسكر خمر وكل مسكر حرام" (¬1). "الأشربة" (186) قال البغوي: حدثثا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد اللَّه بن إدريس قال: سمعت مختارًا قال: قال أنس: الخمر من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والذرة، ومما خمرت من ذلك فهو الخمر. "الأشربة" (188) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو أحمد -يعني: الزبيري- قال: حدثنا سفيان، عن علي بن بذيمة قال: حدثني قيس بن حبتر قال: قال ابن عباس: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل مسكر حرام" (¬2). قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد اللَّه قال: أخبرني نافع، عن ابن عمر قال: لا أعلمه إلا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "كل مسعر خمر، وكل خمر حرام". قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمد -يعني: ابن عمرو- عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 29، ومسلم (2003). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 274، وأبو داود (3696)، وابن حبان في "صحيحه" 12/ 187 (5365)، والبيهقي 8/ 303، وصححه الألباني "صحيح الجامع" (1748)، ورواه البخاري (53)، ومسلم (17) من طريق آخر، دون لفظ "كل مسكر حرام".

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل مسكر حرام" (¬1). "الأشربة" للخلال (191 - 193) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي فروة قال: قال عمر: ما عتقت فخمرت فهو خمر. "الأشربة" (196) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية أو غيره، عن عبد اللَّه بن مغفل قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اجتنبوا المسكر". "الأشربة" للخلال (200) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا وكيع، ثنا علي بن مبارك، عن كريمة بنت همام، عن عائشة قالت: إن ظننت أن مجها يسكر فلا تشربه. "الأشربة" للخلال (202) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا الضحاك بن مخلد قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر قال: حدثنا يزيد بن أبي حبيب، عن عمرو بن الوليد بن عبدة، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن اللَّه عز وجل حرم الخمر والميسر والكوبة والغبيراء" (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 429، والنسائي 8/ 297، وابن ماجه (3401) وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه ص 442 (1121): هذا إسناده صحيح، رجاله ثقات وذكره الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2745)، وقال: حسن صحيح. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 158، وأبو داود (3685)، والطبراني 12/ 101 (12598)، =

قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو عاصم النبيل -الضحاك بن مخلد- قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر قال: حدثنا يزيد بن أبي حبيب، عن عمرو بن الوليد، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل مسكر حرام". "الأشربة" للخلال (204 - 205) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا هاشم قال: حدثنا فرج قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الرحمن بن رافع، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه عز وجل حرم على أمتي الخمر والميسر والمزر" (¬1). قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا هاشم قال: حدثنا فرج قال: حدثنا إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه حرم على أمتي الغبيراء". "الأشربة" (208 - 209) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الأوزاعي وعكرمة، عن أبي كثير، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ¬

_ = وفي الأوسط 7/ 241 (7388). قال المنذري في "المختصر" 5/ 268 (3539): الوليد بن عبدة. قال أبو حاتم: هو مجهول، وقال ابن يونس في "تاريخ المصريين" وليد بن عبدة مولى عمرو بن العاص، روى عنه يزيد بن أبي حبيب، والحديث معلول، ويقال: عمرو بن الوليد بن عبدة، وذكر له هذا الحديث اهـ. وكذا أعله ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 649. (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 165، والبيهقي 10/ 221، وقال ابن كثير في "تفسيره" 5/ 340: تفرد به أحمد. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 240: فيه إبراهيم بن عبد الرحمن بن رافع وهو مجهول.

-صلى اللَّه عليه وسلم-: "الخمر في هاتين الشجرتين النخلة والكرمة". وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن ذر، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه قال: سألت أبي بن كعب، قلت: التمر يفعل به؟ قال: اشرب الماء، اشرب السويق، اشرب العسل، اشرب اللبن الذي فجعت به. قال: قلت: أنأخذ التمر نفعل به؟ قال: الخمر تريد! وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا بهز بن أسد قال: حدثنا همام قال: أخبرنا قتادة، عن عكرمة أن ابن عباس كان يكره البسر وحده ويقول: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وفد عبد القيس عن المزاء، فأرهب أن تكون البسر (¬1). قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن يحيى أبي عمر أنه سمع ابن عباس يقول: كل مسكر حرام. "الأشربة" للخلال (212 - 215) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان، عن (أشعث بن أبي الشعثاء) (¬2) عن رجل لم يسمه عن معاذ أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن غبير السكر (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 310، وأبو داود (3709)، ورواه الإمام أحمد 1/ 228، والبخاري (53)، ومسلم (17) بلفظ: ونهاكم عن الدباء والختم والنقير والمزفت. (¬2) في "الأشربة": (أشعث عن ابن أبي الشعثاء) والصحيح ما أثبتناه. انظر: "الجرح والتعديل" 2/ 270 (977)، و"تهذيب الكمال" 3/ 271 (526). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 5/ 108 (24195).

وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى قال: بعثني النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنا ومعاذ ابن جبل إلى اليمن، فقلت: يا رسول اللَّه، شرابا يصنع بأرضنا يقال له: المزر، من الشعير، وشرابا من العسل يقال له: البتع. قال: "كل مسكر حرام". وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا روح قال: حدثنا حمادة قال: حدثنا علي بن زيد، عن صفوان بن محرز قال: سمعت أبا موسى الأشعري -وهو يخطب ههنا على منبر البصرة- يقول: ألا خمر المدينة البسرة والتمر، وخمر أهل فارس العنب، وخمر أهل اليمن البتع، وخمر أهل الحبشة السكركة، وهو الأرز. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا معتمر، عن أبيه، عن ابن سيرين، عن ابن عمر قال: المسكر قليله أو كثيره حرام. أو قال: خمر. "الأشربة" (220 - 222) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثني يحيى بن سعيد قال: حدثني أبو حيان قال: حدثني أبي، عن مريم ابنة طارق، قالت عائشة: كل مسكر حرام. قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا معتمر، عن أبيه، عن ابن سيرين، عن ابن عمر قال: المسكر قليله أو كثيره حرام. أو قال: خمر. "الأشربة" للخلال (224 - 225) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا سفيان، عن أبي الجويرية الجرمي قال: قال ابن عباس: ما أسكر فهو حرام. "الأشربة" للخلال (227)

قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا قرة قال: حدثنا سيار أبو الحكم، عن أبي بردة، عن أبيه قال: قلت للنبي: إن لأهل اليمن شرابين: هذا البتع من العسل، والمزر من الذرة والشعير فما تأمرني فيهما؟ قال: "أنهاكم عن كل مسكر". "الأشربة" (234) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا عكرمة -يعني: ابن عمار- عن القاسم أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كل مسكر حرام" (¬1). وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا عكرمة، عن عطاء، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كل مسكر حرام" (¬2). وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا عكرمة، عن سالم، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كل مسكر حرام". "الأشربة" للخلال (236 - 238) نقل أبو حامد الخياط: ما تقول في المُسكِرِ؟ قال: لا آمُرُه أن يشرب مسكرًا. "الطبقات" 2/ 518 قال أحمد بن القاسم: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: في تحريم المسكر عشرون وجهًا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، في بعضها: "كل مسكر خمر" وبعضها: "كل مسحر حرام". "المغني" 12/ 498 ¬

_ (¬1) رواه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية" (1829)، من حديث القاسم وسالم مرسلا. (¬2) رواه البيهقي 8/ 305.

2774 - حكم شرب دردي الخمر

2774 - حكم شرب دردي (¬1) الخمر قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أخذ تمرًا، فصب عليه ماء، وجعل فيه عكرًا. قال: أكرهه. قلت لأبي: حكى عنك إنسان أنك قلت: من شرب منه فهو مرتد، فقال: ما قلت فيه، لقد شنّع عليَّ، هذا الذي حكاه عني، ولكن ابن المسيب قال: العكر (¬2) خمر (¬3). "مسائل عبد اللَّه" (1562) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد المجازي -أبو محمد- عن ليث، عن مجاهد، وسأله رجل عن العصير يجعل فيه الدردي؟ قال: فقال رجل: سبحان اللَّه يصلح هذا؟ ! فقال: دعه فإنما سأل ليعلم تلك الخمر. "الأشربة" للخلال (20) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن داود، عن سعيد بن المسيب أنه قال: في الدردي يجعل في النبيذ، قال: ذاك خمر. "الأشربة" للخلال (65) وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، عن ابن المسيب: كره أن يجعل نطل النبيذ في النبيذ ¬

_ (¬1) دردي الخمر: ما يبقي أسفله. (¬2) العَكْرُ: دردي كل شيء، انظر: "القاموس المحيط" باب: الراء، فصل العين (570). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 5/ 88 (23976).

2775 - حكم النبيذ والعصير

ليشتد بالنطل. "الأشربة" للخلال (67) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا سلام قال: حدثنا أن رجلا سأل سعيد بن المسيب عن النبيذ؟ فقال: انبذه في سقاء ثم أوكه حيث بلغ. فقال: إنه لا يطيب إلا بعكر، فقال: لا طاب. فكأنه كره العكر في النبيذ. "الأشربة" للخلال (173) 2775 - حكم النبيذ والعصير قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد -رضي اللَّه عنه-: قولُ ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: اشرب العصيرَ ما لم يأخذه شيطانُه (¬1)؟ قال: فإن ما بيَنه وبين ثلاثٍ يُشربُ، فإذا مضى ثلاثةُ أيام لا يُشرب، وإن غلى قبل ذَلِكَ لا يُشرب. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2875). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: العصير إذا غلى قبل ثلاثة أيام؟ قال: لا تقربه، وما جازَ ثلاثة أيامٍ فلا تقربهُ. قُلْتُ: غلى أو لم يغلِ؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال، وأجادَ المعنَى. "مسائل الكوسج" (2886). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 217 (16990)، وابن أبي شيبة 5/ 76 (23848).

قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: أخبرني أبو وهب أن ابن المبارك قال: حاجَّني أهل الكوفة في المسكر، فقلت لهم: إنَّه حرامٌ. فأنكروا ذلك، وسموا من التابعين رجالًا مثل إبراهيم ونظرائه فقالوا: ألقوا اللَّه عز وجل وهم يشربون الحرام؟ ! فقلت لهم ردًّا عليهم: لا تسموا الرجال عند الحجاج، فإن أبيتهم فما قولكم في عطاء وطاوس نظرائهم من أهل الحجاز؟ فقالوا خيار. فقلت: فما يقولون في الدرهم بالدرهمين؟ فقالوا: حرام. فقلت لهم: أيلقون اللَّه عز وجل وهم يأكلون الحرام، دعوا عند الحجاج تسمية الرجال. "مسائل الكوسج" (3459) قال صالح: سألته من قال في النبيذ: شربه قوم على التأويل، وتركه قوم على التحريم، كأنه وقف في قوله؟ قال أبي: لا يعجبني هذا القول، التحريم أثبت عندي وأقوى، لا يثبت عندي في تحليل المسكر شيء. "مسائل صالح" (203) قال أبو داود: سمعت أحمد سأله رجل قال: نقعت زبيبًا، ثم جعلته في إناء لأشربه، فسمعت له صوتًا خفيًّا؟ قال: هذا غليان؛ لا تشربه. "مسائل أبي داود" (1655) قال أبو داود: قلت لأحمد: كم نشربه؟ قال: ثلاثة أيام. "مسائل أبي داود" (1658) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئلَ عن العصير؟

قال: يشربه ثلاثة أيام ما لم يغل، فإن جاز ثلاثة أيام و [لم] (¬1) يغل لم يشربه، وإن غلى قبل ثلاثة أيام لم يشربه. "مسائل أبي داود" (1659). قال ابن هانئ: وسُئلَ عن نبيذ الزبيب؟ قال: يشربه ثلاثة أيام ما لم يغل، فإذا غلى من ساعته، فلا يشربه، وبعد الثلاثة أيام لا يشرب، يهراق. "مسائل ابن هانئ" (1779). قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، حدثنا شعيب بن حرب، قال لي مالك بن أنس -وذكر سفيان فقال- قد فارقني على أن لا يشربه. يعني: النبيذ. سمعت محمد بن شروك المدائني يقول: حدثني محمد بن أبي داود الأنباري قال: قلت لأبي أسامة: أجيب وليمة فيها نبيذ؟ قال: لا. قلت: أخاف الحديث الذي جاء عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من لم يجب فقد عصى اللَّه" (¬2) فقال: من لم يجب اليوم فقد أطاع اللَّه ورسوله. "الورع" (443 - 444) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه: عن الخردل، يكون فيه الزبيب؟ فقال: إذا غلا لم يُؤكل، ولكن يُصبّ فيه خل حتى لا يغلى. وقال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه: عن الخردل يُطرح فيه الزبيب؟ قال: يؤكل إلى ثلاث. ¬

_ (¬1) زيادة يقتضيها السياق. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 241، ومسلم (1432)، من حديث أبي هريرة.

قلت: فإنه لا يغلى، فإيش تكره من أكله؟ فقال: العصير يُشرب إلى ثلاث، فإذا كان بعد ثلاث لم يُشرب، وإن لم يغل بعد الثلاث هذا رأي ابن عمر. قلت: فقِسْتَ الخردل على العصير؟ قال: نعم، أليس فيه زبيب؟ لا يؤكل بعد ثلاث، إلا أن يصب فيه الخل. قلت: فالسلجم يصب به الروسان. قال: إذا غلى لم يُؤكل، ولكن يُصب فيه الخل حتى لا يغلى. حدثنا عبد الملك، عن عطاء قال: كان لا يرى بأسًا بشرب العصير ما لم يغل (¬1). عن يونس، عن الحسن قال: اشربِ العصيرَ ما لم يغل (¬2). عن عمرو بن أبي حكيم قال: سمعت عكرمة يقول: اشرب العصيرَ ما لم يَهدر (¬3). حدثنا خصيف، أنَّه سأل سعيد بن جُبير عن العصير؟ فقال: يشرب من يومه أو ليلته، ولا يُطبخ، ولا يُشرب ولا يُباع بعد يوم (¬4). عن يزيد بن عبد اللَّه بن قسيط قال: قال سعيد بن المسيب: لا بأسَ بشربِ العصير ما لم يزيد، فإذا أزبد فاجتنبوه، فإنما تزبد الخمر (¬5). ¬

_ (¬1) رواه النسائي 8/ 332، وابن أبي شيبة 5/ 76 (23848). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 77 (23852). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 5/ 76 (23845). (¬4) رواه ابن أبي شيبة 5/ 76 (23844). (¬5) رواه النسائي 8/ 331، وابن أبي شيبة 5/ 76 (23843).

عن أبي وائل، عن عبد اللَّه قال: نبيذُ العنب خمرٌ. "الورع" (527 - 535). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن النبيذ؟ فقال: ما أسكر كثيره، فقليله حرام. سمعت أبي يقول: الداذي خمر. "مسائل عبد اللَّه" (1561) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل، ثنا محمد بن فضيل، ثنا ضرار، عن محارب بن دثار، عن عبد اللَّه بن بريدة، عن أبيه -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نهيتكم عن النبيذ في الأسقية فاشربوا في الأسقية كلها، ولا تشربوا مسكرا" (¬1). "الأشربة" (3) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا حماد ابن يزيد، ثنا فرقد السبخي، حدثنا جابر بن زيد أنه سمع مسروقا يحدث عن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "نهيتكم عن هذِه الظروف فانتبذوا فيها، واجتنبوا كل مسكر" (¬2). "الأشربة" (12) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثني بهز بن أسد قال: حدثنا حماد، عن علي بن زيد، عن أم محمد أن عائشة -رضي اللَّه عنها- كانت تتخذ من إهاب أضحيتها وسقًا للنبيذ. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 350، ومسلم (977). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 452، وأورده الهيثمي في "المجمع" 4/ 26 - 27 وقال: فيه فرقد السبخي، وهو ضعيف. والحديث المتقدم شاهد له، وله شاهد أيضًا من حديث على رواه الإمام أحمد 1/ 145.

وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا قريش بن إبراهيم قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن شبيب بن عبد الملك التيمي، عن مقاتل بن حيان، عن عمته عمرة، عن عائشة -رضي اللَّه عنها-، قالت: كنا ننبذ لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غدوة في سقاء ولا نخمره، ولا نجعل فيه عكرا، فإذا أمسى تعشى فشرب على عشائه، فإن بقي شيء فرغته -أو صببته- ثم نغسل السقاء، فننبذ له من العشي، فإذا أصبح تغدى فشرب على غدائه، فإن فضل منه شيء صببته -أو فرغته- ثم غسل السقاء، فقيل له: أفيه غسل السقاء مرتين؟ فقال: مرتين (¬1). قال أحمد: ما أحسنه من حديث! "الأشربة" (15 - 16) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا هاشم بن القاسم قال: حدثنا المبارك قال: سأل الحسن رجل فقال: أنتبذ في الجر الأخضر؟ قال: لا. قال: أفأنتبذ في جر من رصاص؟ قال: لا. قال: أنتبذ في جر من قوارير؟ قال: لا. قال: سبحان اللَّه! ما أشد ما تقرون من الأسقية والسقاء بنصف درهم! فقال رجل: فإنه يسكر؟ قال: لا. يا لكع، لا تدعه يسكر. قال: كيف أصنع به؟ قال: انبذه غدوة واشربه على عشائك، وانبذه عشية واشربه على غدائك. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا حجاج -أو أبو أحمد، أو غيره- قال: أخبرنا شريك عن زيد بن جبير قال: سئل ابن عمر عن الأشربة، فقال: اجتنب كل شيء ينش. "الأشربة" للخلال (21 - 22) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 124، وأبو داود (3712)، وفيه: عمرة عمة مقاتل قال الذهبي في "الميزان" 6/ 282: لا تعرف ووافقه ابن حجر في "اللسان" 9/ 552.

قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا عبد الملك، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما- قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ينبذ له في سقاء، فإذا لم يكن له سقاء، نبذ له في تور من برام (¬1). "الأشربة" للخلال (37) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن بكر قال: أخبرنا هشام، عن الحسن ومحمد أنهما كانا يكرهان نبيذ إلا الحلو. "الأشربة" للخلال (48) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو سعيد وعبد الصمد -قال أبو عبد اللَّه: والمعنى واحد- قال: حدثنا يحيى بن جعفر المازني قال: حدثنا هلال بن يزيد المازني قال: سألت أبا هريرة -رضي اللَّه عنه- عن الفضيخ؟ فقال: اقطع كل حلقاته. قال: قلت: وما حلقاته يا أبا هريرة؟ قال: المذنبة اقرضها بالمقاريض، ثم انتبذ أيها شئت، ولا تجمعها جميعا بسرا وتمرا. "الأشربة" للخلال (54) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو عبيدة، عن عيسى ابن حميد الراسبي قال: سأل رجل عكرمة -وأنا جالس- عن نبيذ البسر وحده؟ فقال: ذاك شر، إنما أفسد التمر بالبسر. "الأشربة" (60) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا روح بن عبادة قال: سمعت هشاما يقول: ما أعلم أني وجدت من النبيذ شيئا لم يكره. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 304، مسلم برقم (1999).

وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا روح قال: سمعت ابن عون، عن ابن سيرين ووصف النبيذ فقال: ينبذ في سقاء، ويعلق، ثم يوكأ من حيث بلغ النبيذ، لا يترك له متنفس. "الأشربة" (63 - 64) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو نميلة قال: أخبرني حميد بن أبي حكيم قال: سمعت عكرمة سئل عن نبيذ المنخنخ؟ قال: فقال: كان نائمًا فأحييتموه بالماء. "الأشربة" للخلال (66) قال البغوي: وحدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن يزيد، عن النعمان قال: كان مكحول لا يرى بأسًا بالنبيذ في السقاء. "الأشربة" للخلال (71) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا هاشم قال: حدثنا عبد اللَّه بن المبارك قال: حدثنا سليمان التيمي، عن قيس بن هبار قال: قلت لابن عباس: إن لي جريرة أنتبذ فيها، فإذا غلى وسكن شربته. قال: منذ كم هذا شرابك؟ قال: قلت: كذا وكذا سنة. قال: طال ما تروت عرقك من الخبث. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا داود بن عمرو الضبي قال: حدثنا ابن المبارك نحوه. "الأشربة" للخلال (75) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا سريج -يعني: ابن النعمان- قال: حدثنا حماد -يعني: ابن زيد- عن محمد بن واسع، عن حكيم بن دريم قال: سئل ابن مغفل عن نبيذ الجر؟ فنهى عنه، وكان

ابن مغفل يأمر بنبيذ السقاء. "الأشربة" للخلال (76) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا معاوية بن عمرو، عن زائدة قال: حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان قال: كان عطاء يقول: اشرب العصير ما لم يكن يغلي أو يكون مسكرا إذا لم يكن في الأوعية التي نهى عنها. "الأشربة" (81) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عفان قال: حدثني القاسم قال: حدثنا ثمامة بن حزن القشيري قال: سألت عائشة عن النبيذ؟ فدعت جارية حبشية، فقالت لي: سل هذِه، فإنها كانت تنبذ لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فقالت: كنت أنبذ لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في سقاء من الليل وأوكيه فأعلقه، فإذا أصبح شرب منه (¬1). "الأشربة" (98) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عفان قال: حدثنا أبان قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير قال: حدثني عبد اللَّه بن أبي قتادة، عن أبيه، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، نهى عن خليط البسر، والتمر، والزهو، والرطب، وقال: "انبذوا كل واحد على حدة" (¬2). وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عفان بن مسلم قال: حدثنا أبان قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، ¬

_ (¬1) رواه أحمد 6/ 131، ومسلم برقم (2005). (¬2) رواه مسلم برقم (1988) (26) ورواه أيضًا البخاري برقم (5602)، ومسلم برقم (1988) (24) من طريق هشام الدستوائي عن يحيى به.

عن أبي قتادة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله. "الأشربة" للخلال (102) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يونس بن محمد قال: حدثنا حرب -يعني: ابن ميمون- قال: سألت هند -أو هنيدة، شك أبو عبد اللَّه- ما كان شراب أبي حمزة بالمدينة؟ فقالت: العسل واللبن. قلت: فالنبيذ؟ قالت: ما نبذ في بيتنا نبيذ قط. قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا سفيان قال: سألت جابر بن جعفر فقال: أخبرك عن أبي جعفر قال: ما غلى لنا نبيذ قط. "الأشربة" للخلال (108 - 109) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا جرير، عن ليث، عن حرب، عن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عمر نبيذ الزبيب الذي يعتق العشر والشهر؟ فقال: الخمر اجتنبوها. "الأشربة" للخلال (122) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا آدم -يعني: ابن عبد الرحمن الحنفي- قال: شهدت عطاء سئل عن النبيذ؟ فقال: قال: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "كل مسكر حرام" فقلت: يا ابن أبي رباح إن هؤلاء يسقونا في المسجد نبيذا شديدًا. فقال: أما واللَّه لقد أدركتها، وإن الرجل يشرب فتلتزق شفتاه من حلاوتها، ولكن الحرية ذهبت ووليها العبيد فتهاونوا بها (¬1). "الأشربة" للخلال (148) ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 8/ 305 من طريق أحمد بن حنبل، عن عبد الصمد، عن دارم بن عبد الحميد الحنفي عن عطاء به.

قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا الهيثم بن خارجة قال: حدثنا ابن علاق -وهو عثمان بن حصن- عن زيد بن واقد، حدثني خالد بن حسين -مولى عثمان بن عفان- قال: سمعت أبا هريرة يقول: علمت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصوم في الأيام التي كان يصوم فيها، فتحينت فطره بنبيذ صنعته في الدباء، فلما كان المساء جئت به أحمله إليه فقال: "ما هذا؟ ". فقلت: علمت أنك يا رسول اللَّه تصوم هذا اليوم، فتحينت فطرك بهذا النبيذ. فقال: "ادنه مني يا أبا هريرة". فإذا هو ينش، قال: "خذ هذا فاضرب به الحائط، فإن هذا شراب من لا يؤمن باللَّه ولا باليوم الآخر" (¬1). "الأشربة" للخلال (150) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا سليمان قال: سألت الحسن عن البسر يكون فيه الوخز؟ فكرهه. "الأشربة" للخلال (162) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: حدثنا سفيان، عن دينار، عن مصعب بن سعد؛ أن سعدا كانت له أعناب، فحملت له في عام حملا كثيرا، فقال: اجعلوه زبيبا. فقالوا: إنه أكثر من ذلك -فكأنهم عرَّضوا له بالعصير- فخرج إلى تلك الأرض وأمر بقطع الكرم منها، وكره العصر. "الأشربة" للخلال (165) ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (3716)، والنسائي 8/ 301، وابن ماجه (3409)، وصححه الألباني في "الصحيحة" (3010).

قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا سالم أبو غياث قال: حدثنا بكر عن ابن عباس قال: لا شراب إلا في سعن موكى. "الأشربة" للخلال (173) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن أبي يونس حاتم بن أبي صغيرة قال: حدثني هلال أبو مصعب قال: سمعت أبا هريرة يقول: لما حرمت الخمر، كنا نعمد إلى الحلقانة فنقطع ما كان فيه من الرطب؛ حتى نخلص البسر فنفضخه فنشربه. "الأشربة" للخلال (185) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا معروف، عن محارب بن دثار، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كنت نهيتكم عن الأشربة فاشربوا في كل وعاء، ولا تشربوا مسكرًا" (¬1). "الأشربة" للخلال (198) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا مالك بن مغول، عن موسى بن أبي عثمان، عن أم ظبيان، عن عائشة أنها سئلت عن النبيذ فقالت: إن ظنت إحداكن أن ماجها يسكر فلا تشربه. "الأشربة" للخلال (201) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا إسماعيل ابن علية قال: حدثنا أيوب، عن سعيد بن جبير وعكرمة أن ابن عباس: كره نبيذ البسر وحده. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 350، ومسلم (977).

وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثنا أيوب، عن سعيد وعكرمة عنهما -أو عن أحدهما- عن ابن عباس قال: هو الذي أفسد التمر. "الأشربة" للخلال (216 - 217) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن المبارك، عن أسامة، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نهيتكم عن النبيذ فاشربوا ولا أحل مسكرا" (¬1). وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الوهاب الخفاف، عن سعيد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: إنما أفسد التمر البسر. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الوهاب الخفاف، عن سعيد، عن قتادة، عن عكرمة أن ابن عباس كان يكره البسر وحده. "الأشربة" للخلال (228 - 230) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا دريك، عن الحسن قال: قلت: نبيذ الراقود؟ قال: لا. قلت: فنبيذ الشعير الذي على ثلاث قوائم؟ قال: ما يمنعكم من الأفيقة الطيبة؟ ! "الأشربة" للخلال (233) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى، عن الأوزاعي، عن القاسم بن مخيمر قال: إن أبا موسى أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 38، وصححه الحاكم 1/ 375، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

2776 - طبخ العصير والطلاء

(بنبيذ) (¬1) جر ينش قال: "أضرب به الحائط؛ فإنما يشربه من لا يؤمن باللَّه واليوم الآخر" (¬2). "الأشربة" للخلال (235) قال مهنا: سمعت أحمد يقول: من أراد أن يشرب هذا النبيذ يتبع فيه شرب من شربه، فليشربه وحده. "الآداب الشرعية" 1/ 189 قال إبراهيم الحربي: قال أحمد: لو كان في الرجل مائة خصلة من خصال الخير، وكان يشرب النبيذ لمحتها كلها. "الآداب الشرعية" 1/ 86 2776 - طبخ العصير والطلاء قال إسحاق بن منصور: سألت أحمد عن: الطِّلاءِ كيف يُطبخ؟ قال: يرفعُ رغوته التي ترتفع، ثم يأخذُ مقدارَه. قُلْتُ: طبخه ساعةً، ثم تركه حتى بَردَ قبل أن يَنتهي، ثم طَبخه؟ قال: لا بأس. قلت: إنهم يذكرون عن عبد اللَّه بن المبارك كراهته؟ ¬

_ (¬1) في الأشربة (نبيذ) ولعل المثبت أصح. (¬2) رواه أبو يعلى 13/ 243 (7259)، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 147، والبيهقي 8/ 303، وذكره الدارقطني في "العلل" 7/ 234 وقال: والحديث مضطرب عن الأوزاعي، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 60: رواه أبو يعلى وفيه موسى بن سليمان بن موسى، وثقه أبو حاتم ورجاله ثقات. وقال الألباني في "الإرواء" 8/ 52 - متعقبا رواية البيهقي- محمد هذا مجهول، كما قال أبو حاتم، وظاهره مرسل.

قال: إنه يُشربُ دون الثلاثِ، فما بأس بهذا. قُلْتُ: قالوا: أفسدَه؟ فأبى إلا أن لا بأسَ به دونَ الثلاثِ، إلا أن يكون الفسادُ من قبلِه. قال إسحاق: السُّنَّةُ في طبخ العصيرِ أن يُوضع القدرُ على النار، وقد صبَّ العصيرُ فيه فيغلى عليه، ثم يُرفع من النار فتُرفع رغوتُه، وما رَمى من الترابِ وغيره، فإذا ألقى ذَلِكَ فقد صَفا العصيرُ حينئذٍ؛ لما ذهب منه ما اختلط به من الترابِ وشبهِهِ، فيأخذُ مقداره حينئذ حتى يعرف ذهابُ الثلثين، ويبقى الثلث الحلال، لا بد من طبخه على هذا المثال؛ لأنه لو صُبَّ العصير فيه أولًا وأخذ المقدارُ، فذهب الثلثان منه لا يكون ما ذهب قدر ثلثي العصيرِ؛ لما أختلطَ به من الغبارِ، وما فيه من الدُّرْدِيِّ وشبهه؛ فلذلك لا بد من غَليانه حتى يرمي ما اختلط مما وصفنا به، ثم يؤخذ المقدار، وكل ما صنع من العصيرِ الفراتج، وما أشبهه في الثلثِ قبل أن يغلى فلا بأس به، هو مباحٌ للخلق، فإذا مضى الثلثُ ولم يُغلِ لم ينتفع به أصلًا؛ لما قال ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: يأخذه شيطانه في ثلاث. "مسائل الكوسج" (2876). قال صالح: وكتب المتوكل إلى إسحاق يأمره أن يسأل عن المطبوخ؟ فوجه إليه إسحاق، فكتب إليه: إنما جاء في الحديث: ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه (¬1). "السيرة" لصالح ص 85 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 255 (17121)، وابن أبي شيبة 5/ 89 (23978)، والنسائي في "الكبرى" 3/ 240 (5224)، والبيهقي 8/ 300 بنحوه من حديث عمر بن الخطاب.

2777 - حكم الفقاع

قال أبو داود: سمعت أحمد سُئلَ عن شرب الطلاء، إذا ذهب ثلثاه وبقي ثلثه؟ قال: لا بأس به. قيل لأحمد: إنهم يقولون: إنه يسكر؟ قال: لا يسكر، لو كان يسكر ما أحله عمر. "مسائل أبي داود" (1661). قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا روح قال: حدثنا سعيد قال: سمعت مغيرة بن مخلد قال: سمعت ابن عمر يقول في الطلاء: كل مسكر حرام. "الأشربة" للخلال (219) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الجويرية الجرمي قال: سئل ابن عباس عن الباذق، فقال: سبق النبي الباذق. "الأشربة" للخلال (226) 2777 - حكم الفُقَّاع قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمد عن الفُقَّاع؟ فقال: لا أدري ما هو، يُقال: إنَّه لا يسكر، ويقال: من الشعير الخمر. قال إسحاق: كلُّ مَا كان لا يُسكر أصلًا -وإنْ أكثرَ منه المكثرُ- فقليلُه وكثيره لا بأسَ به. "مسائل الكوسج" (3301).

2778 - النهي عن الخليطين

قال إسحاق بن منصور: ورأيتُ إسحاقَ يشربُ الفقاع، وكان لا يرى بشربهِ بأسًا. "مسائل الكوسج" (3471). قال أبو داود: سمعت أحمد سُئلَ عن الفقاع غير مرةٍ، فقال: الفقاع زعموا لا يسكر، وزعموا أنه يفسد. سمعت أحمد غير مرةٍ يذكر نحو هذا، ورأيته يميل إلى الرخصة في شربه. "مسائل أبي داود" (1666). قال ابن هانئ: سألته عن شرب الفقاع؟ قال: لا أدري أيش هو. كأنه لا يعجبه شربه. "مسائل ابن هانئ" (1780) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: إن ابنك الصغير يطلب مني أن أسقيه فقاعًا، أسقيه؟ فقال: لا تسقه، ولا تعوده. "مسائل ابن هانئ" (1778). 2778 - النهي عن الخليطين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما يُكره من الجمعِ بينهما: الزهو والبلحِ، والتمرِ والزبيب؟ قال: كلُّ شيءٍ من الخليطين: ما يَشدُّ بعضُه بعضًا. قال إسحاق: كما قال؛ لأنهما إذا اجتَمَعا أزبدا، ولا يزيد إلا الخمرُ،

كذلك فسَّره جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما- (¬1). "مسائل الكوسج" (2885). قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أسود بن عامر قال: أخبرنا كامل، عن الحسن بن عمرو، عن محارب بن دثار، عن جابر -رضي اللَّه عنه- قال: حرمت الخمر يوم حرمت، وما كان شراب الناس إلا التمر والزبيب. "الأشربة" (28) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت أبا إسحاق قال: سمعت رجلًا من أهل نجران قال: سألت ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: قلت: إنما أسألك عن شيئين عن السلم في النخل وعن الزبيب والتمر فقال: أتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- برجل نشوان قد شرب زبيبًا وتمرًا قال: فجلده الحد ونهى أن يخلطا. "الأشربة" للخلال (35) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن زيد بن رفيع، عن معبد الجهني قال: سأل رجل عن الرُّبِّ والزبيب ينبذان؟ قال: أحييتهما بعد ما كانت قد ماتت. قال ابن شاذان: رأيت في كتاب معمر، عن الزهري، وفي كتاب معمر، عن زيد، فاللَّه أعلم بالصواب. "الأشربة" (44) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا سليمان التيمي قال: حدثني أبو نضرة قال: حدثني أبو سعيد عن ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 211 (16969)، وابن أبي شيبة 5/ 92 (24014).

النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ أنه نهى عن التمر والزبيب أن يخلط بينهما، وعن البسر والتمر أن يخلط بينهما (¬1). "الأشربة" (50) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال: حدثنا زائدة قال: أخبرنا الأعمش عن مالك بن الحارث، عن أبي سعيد قال: نهى رسول -صلى اللَّه عليه وسلم- عن التمر والزبيب، والزهو والتمر، فقلت لسليمان -يعني: الأعمش- (أينبذان) (¬2) جميعا؟ قال: نعم. "الأشربة" (78) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا معاوية بن عمرو قال: حدثنا زائدة قال: حدثنا حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أن يخلط البلح والزهو (¬3). "الأشربة" (80) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عفان قال: حدثنا همام قال: حدثنا قتادة، عن أنس؛ أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن ينبذ البسر والتمر جميعا (¬4). "الأشربة" (103) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الواحد بن صفوان -مولى عثمان بن عفان- قال: سمعت أبي يحدث عن أمه -أم عياش- ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 3، ومسلم (1987). (¬2) في "الأشربة": (أن ينبذان) ولعل المثبت أصح، واللَّه أعلم. (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 276، ومسلم (1995). (¬4) رواه الإمام أحمد 3/ 134، ومسلم (1981).

قالت: كنت أمغث لعثمان رحمه اللَّه الزبيب، فيشربه عشية، وأمغثه عشية، فيشربه غدوة. فقال لها عثمان رحمه اللَّه ذات يوم: لعلك أن تكوني تخلطين فيه زهوا؟ قالت: فقلت له: ربما خلطت فيه الزهوات. فقال: لا تعودي. قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن محارب بن دثار قال: سمعت جابر بن عبد اللَّه يقول: التمر والزبيب، أو التمر والبسر خمر. "الأشربة" (144) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا سليمان قال: سألت الحسن عن التمر والزبيب يخلطان؟ فكرهه. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا سليمان قال: سألت الحسن عن البسر والتمر؟ فكرهه. "الأشربة" (160 - 161) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أسباط بن محمد قال: حدثنا أبو إسحاق الشيباني، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن البسر والتمر أن يخلطا جميعا، وعن الزبيب والتمر أن يخلطا جميعا، قال: وكتب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى أهل جرش أن ألا يخلطوا الزبيب والتمر (¬1). "الأشربة" (163) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 336، ومسلم (1990).

2779 - تحريم الفضيخ خليطا كان أو لم يكن

2779 - تحريم الفضيخ خليطًا كان أو لم يكن قال صالح: وقال الخمر، يروى عن أبي هريرة وابن عمر وابن عباس ومعقل بن يسار وأنس: وكان شرابهم الفضيخ حيث حرمت الخمر. "مسائل صالح" (1248) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا بهز قال: حدثني مثنى ابن سعيد، حدثنا أبو التياح، عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- قال: دخل علينا داخل وأنا قائم أسقي عمومتي من شرابهم فقال: حرمت الخمر. فأهراق القوم بقية شرابهم والإناء الذي كان في يد أنس، قال: وما هو إلا الفضيخ: البسر والتمر (¬1). قال أبو القاسم: ما حدث بهذا الحديث عن أبي التياح إلا مثنى وحده. "الأشربة" للخلال (17) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثنا سليمان التيمي قال: حدثنا أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- قال: إني لقائم على الحي أسقيهم من فضيخ لهم، إذ دخل رجل فقال: قد حرمت الخمر. فقالوا: أكفها يا أنس، فكفأتها. فقلت لأنس: ما هي؟ قال: بسر ورطب. قال: فقال أبو بكر بن أنس: كانت خمرهم يومئذ. قال: وحدثني رجل عن أنس أنه قال ذلك أيضا. "الأشربة" للخلال (18، 177) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو سعيد قال: حدثنا عطية -يعني: ابن مهران- قال: سمعت مورقا يقول: لأن أشرب بول حمار ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 181، والبخاري (2464)، ومسلم (1980).

أحب إلى من أن أشرب شربة فضيخ. "الأشربة" للخلال (34) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا يحيى بن جعفر قال: سمعت هلال بن يزيد يقول: شراب أهل المدينة يوم حرمت الخمر الفضيخ. "الأشربة" للخلال (55) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو عبيدة، عن عبد الرحمن -يعني: الخياط- قال: سئل عكرمة عن الفضيخ، فقال: حرام ما كان خلط وما لم يكن (¬1). "الأشربة" للخلال (62) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا جرير، عن ليث، عن حرب، عن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عمر عن الفضيخ فقال: ذاك الفضوخ. "الأشربة" للخلال (120) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثنا المثنى بن عوف الجسري، عن معقل بن يسار قال: قدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينة وهي كثيرة التمر فحرم علينا الفضيخ (¬2). "الأشربة" للخلال (131) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 95 (24046). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 25 - 26، والطبراني 20/ 217 (504)، وقال الهيثمي في "الزوائد" 5/ 57: رواه أحمد والطبراني، ورجالهما ثقات.

قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن أبي عدي، عن حميد، عن أنس قال: كنا في بيت أبي طلحة وعنده أبي بن كعب وأبو عبيدة بن الجراح وسهيل بن بيضاء وأنا أسقيهم شرابا لهم، حتى إذا أخذ فيهم إذا رجل من المسلمين ينادي: ألا إن الخمر قد حرمت. قال: فواللَّه ما انتظروا حتى يعلموا أو يسألوا عن ذلك، قال: قالوا: يا أنس، أَكْفِ ما في إنائك فما عادوا فيها حتى لقوا اللَّه، وشرابهم يومئذ خليط البسر والتمر. "الأشربة" للخلال (133). وقال: حدثنا أحمد قال: حدثنا سفيان، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عمر أنه سئل عن فضيخ البسر والتمر؟ فقال: ذاك الفضوج. "الأشربة" للخلال (135) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن فضيل، عن يزيد، عن مجاهد قال: سألت ابن عمر عن الفضيخ فقال: وما الفضيخ؟ قال: ذاك هو الفضوخ. قال: فقال ابن عمر: حرمت الخمر وعامة شراب الناس هذا الذي يقولون. "الأشربة" للخلال (137) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا حميد، عن أنس قال: كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح وأبي بن كعب وسهيل بن بيضاء ونفرا من الصحابة عند أبي طلحة، وأنا أسقيهم حتى كاد الشراب أن يأخذ فيهم، حتى أتى آت من المسلمين فقال: أما شعرتم أن الخمر قد حرمت؟ فما قالوا: حتى ننظر ونسأل. فقالوا: يا أنس، أكفئ

ما بقي في إنائك. قال: فواللَّه ما عادوا فيها، وما هي إلا التمر والبسر، وهي خمرهم يومئذ. "الأشربة" للخلال (151) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثنا عبد العزيز بن صهيب قال: قال أنس بن مالك: ما كان لنا خمر غير فضيخكم هذا الذي تسمونه الفضيخ، وإني لقائم أسقي أبا طلحة فلانا وفلانا إذ جاء رجل فقال: هل بلغكم الخبر؟ قالوا: وما ذاك؟ قال: حرمت الخمر. قالوا: أهرق بقية القلال يا أنس. فما سألوا عنها ولا راجعوها بعد خبر الرجل. "الأشربة" للخلال (153) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محبوب قال: حدثنا خالد، عن عكرمة أن ابن عباس كان يكره الفضيخ وإن كان بسرا محضًا. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محبوب قال: حدثنا خالد، عن عكرمة أن ابن عباس قال: حرمت الخمر وهي الفضيخ. "الأشربة" للخلال (157 - 158) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو عامر عبد الملك ابن عمرو قال: حدثنا هشام، عن قتادة، عن أنس قال: إني لأسقي أبا دجانة وأبا طلحة وسهيل بن بيضاء من خليط بسر وتمر، إذا دخل علينا داخل فقال: إنه قد حدث أمر. فقالوا: وما هو؟ قال: حرمت الخمر. قال: فأهرقناها وما نعدها يومئذ إلى خمرًا. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن ثابت وقتادة، عن أنس قال: لما حرمت الخمر قال: إني

يومئذ لأسقي أحد عشر رجلًا، فأمروني فكفأتها، وكفأ الناس آنيتهم بما فيها، حتى كادت السكك أن تمتنع من ريحها. قال أنس: وما خمرهم يومئذ إلى البسر والتمر مخلوطين. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن عثمان الشحام قال: حدثنا عكرمة عن ابن عباس قال: كانت خمرهم يومئذ. يعني: الفضيخ. وقال يحيى مرة أخرى: وقد حرمت الخمر يوم حرمت وما هي إلا فضيختكم هذا. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا بكر بن عيسى الراسبي قال: حدثنا جامع بن مطر الحبطي قال: حدثنا معاوية بن قرة قال: قال معقل بن يسار: حرمت الخمر ونحن نشرب الفضيخ فجعلنا نشربها ونقول: هذا آخر العهد بالخمر. "الأشربة" للخلال (178 - 181) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا روح قال: حدثنا مالك، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة، عن أنس قال: كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح وأبا طلحة وأبي بن كعب شرابًا من فضيخ وتمر فجاءهم آت فقال: إن الخمر قد حرمت. فقال أبو طلحة: يا أنس، قم إلى هذِه الجرار فاكسرها. قال: فقصت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى تكسرت. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا روح بن عبادة قال: حدثنا سعيد ومحمد بن أبي بكر قالا: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: كنت أسقي أبا طلحة وأبا دجانة في رهط من الأنصار فدخل علينا داخل فقال: حدث خبر، نزل تحريم الخمر. قال: فأكفأتها، وما هي

2780 - ما يكره من الظروف

يومئذ إلا الفضيخ: خليط البسر والتمر. قال أنس: وقد حرمت الخمر وإن عامة خمورهم يومئذ الفضيخ والتمر والبسر. "الأشربة" (183 - 184) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا مسعر والمسعودي، عن سفيان، عن محارب بن دثار قال: سمعت جابر ابن عبد اللَّه يقول: البسر والتمر إذا خلطا جميعا خمر. "الأشربة" للخلال (195) وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا مفضل -يعني: ابن مهلهل- عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عمر أن رجلا سأله عن الفضيخ، فقال: وما الفضيخ؟ قال: بسر وتمر. قال: ذلك الفضوخ، لقد حرمت الخمر وهي شرابنا. "الأشربة" (197) 2780 - ما يكره من الظروف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما يكره من الظروفِ: المزفت (¬1) والحنتم (¬2) والنقير (¬3) والدُبَّاء (¬4)؟ قال: الذي ينهى عنها الدباءُ والحثتمُ والنقير، وأَحَبُّ إِليَّ أن تتقى الأوعيةُ كلها. ¬

_ (¬1) المزفَّت: هو الإناء المطلي بالزفت. (¬2) الحنتم: جرار مدهونة خضر كانت تُحمل الخمر فيها إلى المدينة. (¬3) والمقير. النقير: خشبة تُجوَّف فيصنع فيه النبيذ. (¬4) الدُبَّاء: هو القرع، وما شابهه.

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2879). قال أبو داود: قلت لأحمد: نبيذ الجر؟ قال: لا يعجبني من الأوعية إلا سقاء يوكى. "مسائل أبي داود" (1657). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: المزادة المجبوبة: السقاء المقطوع العنق، نهى أن ينتبذ فيه، كيما يكون عنقه منه. "مسائل ابن هانئ" (1787). قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، عن هشام قال: شهدتُ ابن سيرين، وعنده أبو معشر. قال: فذكر أبو معشر نبيذَ الجر. قال: ابن مسعودٍ كان لا يرى به بأسًا. قال: فرفعَ ابن سيرين رأسَه، وقال: أيها الرجل، لقد لقينا أصحاب ابن مسعودٍ فأنكروا ما تقول مرتين أو ثلاثًا. أنبأنا كثير بن شنطير قال: سمعت الحسن يقول: إذا أصاب ثوبك نبيذ الجر فاغسله. "الورع" (521 - 522). قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وأبو عامر قالا: حدثنا زهير -يعني: ابن محمد- عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، وعن عطاء بن يسار، عن ميمونة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "لا تنتبذوا في الدباء ولا في الجرار ولا في المزفت ولا في المقير، وكل شراب أسكر فهو حرام" (¬1). "الأشربة" للخلال (10) ¬

_ (¬1) رواه أحمد 6/ 333، والنسائي 8/ 297 من طريق ابن زبر عن القاسم به وصححه =

قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الوهاب الخفاف قال: حدثنا محمد بن الزبير الحنظلي، عن بلال بن أبي بردة، عن أبيه وعمه، عن سرية لأبي موسى قالت: قال أبو موسى -رضي اللَّه عنهما-: ما يسرني أن أشرب نبيذ الجر. ولي خراج السواد سنين. "الأشربة" للخلال (19) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا هشام، عن عبيد اللَّه بن حزوة، عن الحسن بن نافع، عن أم إياس بنت عمرو بن سبرة، أنها أتت عائشة -رضي اللَّه عنها- فدنت منها فقالت: كأن لك حاجة؟ قالت: إن أهلي يسمنوني، فينبذون لي في جر غدوة فأشربه عشية، وينبذونه عشية فأشربه غدوة. فقالت: حلوه وحامضه حرام. "الأشربة" للخلال (31) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يزيد قال: أخبرنا عبد الملك، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما- قال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الدباء، والنقير، والمزفت، والحنتم. "الأشربة" للخلال (36) قال البغوي: حدثنا أحمد، حدثنا يزيد قال: أنا عبد الملك قال: كان رجل يدعوني وسعيد بن جبير بشهر رمضان كله، قال: فذكروا ليلة النبيذ، فقال سعيد: لا أرى بأسًا في السقاء، وأكرهه في الجر الأخضر. وقال: أخبرنا أحمد بن حنبل، حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر ¬

_ = الألباني في "صحيح الجامع" (7462)، وفي الباب عن أبي هريرة، وأنس، وابن عباس وعائشة رواها البخاري برقم (5587، 5594، 5595)، ومسلم (1992 - 1995).

عن أبي جمرة الضبعي قال: سمعت ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- يقول: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الدباء والمزفت والنقير والحنتم (¬1). وقال: حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: سمعت حسن بن مسلم يخبر، عن طاوس أنه قال: كان ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- ينهى عن نبيذ الجر والدباء. "الأشربة" للخلال (38 - 40) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا إسماعيل -يعني: ابن علية- قال: حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: انتهيت إلى الناس وقد فرغ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الخطبة، فقلت: ماذا قام به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قالوا: نهى عن المزفت والدباء. وقال البغوي: حدثنا أحمد، حدثنا إسماعيل، عن عبد الخالق بن سلمة قال: سألت سعيد بن المسيب عن النبيذ فقال: سمعت عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما- يقول عند منبر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هذا: قدم وفد عبد القيس مع الأشج، فسألوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الشراب فقال: "لا تشربوا في حنتم ولا في في دباء ولا في نقير" فقلت له يا أبا محمد، والمزفت؟ وظننت أنه نسي، فقال: لم أسمعه يومئذ من عبد اللَّه بن عمر، وقد كان يكرهه. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثنا إسرائيل، عن عمار (الدهني) (¬2)، عن سعيد بن جبير قال: لأن أشرب بول ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 333، ومسلم برقم (1995). (¬2) في "الأشربة": (الرهبي) والمثبت هو الصحيح، انظر ترجمة عمار الذهني من "التهذيب" 21/ 208 (4171). وقال الترمذي بعد حديث (1679)، والدهن بطن من بجيلة، وعمار الدُّهني هو عمار بن معاوية الذهني، ويكنى أبا معاوية، وهو ثقة عند أهل الحديث.

حمار أحب إليَّ من أن أشرب في مزفت أو مقير. "الأشربة" للخلال (45 - 47) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا سليمان قال: حدثنا أبو نضرة قال: حدثني أبو سعيد -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نهى عن الجر أن ينبذ فيه (¬1). "الأشربة" للخلال (49) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا سليمان بن داود قال: أخبرنا هشام الدستوائي، عن عبيد اللَّه الأحمر العبدي، عن امرأة منهم أنها قالت لعائشة -رضي اللَّه عنها-: إن أهلي يسمنونني فيسقونني النبيذ -نبيذ الجر- فما تقولين؟ قالت: حلوه وحامضه حرام. قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا سلام بن مسكين قال: شهدت قراءة كتاب عمر بن عبد العزيز -رضي اللَّه عنه- إلى أهل البصرة ينهاهم عن الشرب في الحنتم. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا سلام قال: شهدت قراءة كتاب عمر بن عبد العزيز إلى أهل البصرة ينهاهم عن الشرب في الدباء والنقير والمزفت. "الأشربة" للخلال (51 - 53) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن فضيل قال: حدثنا مغيرة، عن إبراهيم، عن عائشة قالت: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الدباء، وعن الحنتم، والمزفت (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 3، ومسلم برقم (1996). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 47، ومسلم برقم (1995).

وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن فضيل قال: حدثنا مغيرة، عن إبراهيم قال: كانت عائشة تقول: الحنتم جرار بيض، يجاء بها من مصر فيحمل فيها الخمر. "الأشربة" للخلال (56 - 57) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الأعلى، عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: نبيذ الجر حرام. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو عبيدة، عن هارون (الزنداني) (¬1) سمع عكرمة قال: قلت له: نبذت في سقاء ثم حولته إلى إناء رصاص. قال: حولته إلى شيطان. "الأشربة" للخلال (59 - 60) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن يزيد، عن النعمان، عن مكحول، عن أبي هريرة أنه كان ينادى أن نبيذ الجر حرام. "الأشربة" للخلال (68) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن يزيد، عن النعمان، عن مكحول، عن أبي سعيد الخدري وبلال وعائشة كرهوا نبيذ الجر. "الأشربة" للخلال (70) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا معاوية بن عمر قال: حدثنا زائدة قال: حدثنا حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن ¬

_ (¬1) في "الأشربة" (الذبذباني) والمثبت هو الصحيح، انظر ترجمة هارون بن عبد اللَّه الزنداني من "الثقات" لابن حبان 7/ 582 (11573).

عباس قال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن نبيذ الدباء، والحنتم، والمزفت، والمقير. "الأشربة" للخلال (79) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا روح قال: حدثنا ابن جريج قال: أخبرني أبو قزعة أن أبا نضرة وحسنا أخبراه أن أبا سعيد الخدري أخبره أن وفد عبد القيس قالوا: يا نبي اللَّه، ما يصلح لنا من الأشربة؟ قال: "لا تشربوا في النقير" قالوا: يا نبي اللَّه -جعلنا اللَّه فداك- أَوَتدري ما النقير؟ قال: "نعم الجذع ينقر في وسطه، ولا تشىربوا في الدباء، ولا في الحنتمة، ولكن عليكم بالموكى، عليكم بالموكى" (¬1). "الأشربة" للخلال (84) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن عامر، عن ابن أبي مليكة قال: كان ابن عباس يكره نبيذ الجر. قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا ثابت قال: حدثنا عاصم قال: كان الدن والجر عند الحسن وعكرمة سواء. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا ثابت، حدثنا عاصم قال: سألت أبا العالية عن نبيذ الجر في بيت النضر ابن أنس؟ فقال: لا حاجة لنا فيه. فقالت له امرأته: ما تقول؟ قال: نهى عنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في غزوة خيبر. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا ثابت قال: حدثنا عاصم قال: سأل عبد الملك عكرمة عن نبيذ جر رصاص؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 57، مسلم برقم (18) (28).

فقال: حرام فوهبها عبد الملك لرجل انحدر بها إلى البصرة. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا ثابت قال: حدثنا عاصم قال: قال جميل -أحد بني العدوية. يعني: لعكرمة-: إن ابن مسعود كان يشرب نبيذ الجر. فقال: لا والذي نفس عكرمة بيده ولكنكم أردتم أن تخالفوا عكرمة، وتردوا حديثه، قالا: وكان عكرمة يسأل عن الزجاج فيقول: الدباء أهون وأضعف قد كره، أو نهى عنه. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن يزيد، عن سفيان ابن حسين قال: سألت الحسن وابن سيرين، عن النبيذ في الرصاص؟ فكرهاه، ونهياني عنه. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو سعيد -مولى بني هاشم- قال: حدثنا ثابت أبو زيد قال: حدثنا عاصم الأحول، عن لاحق بن حميد أبي مجلز قال: قال أناس منهم: إن ابن مسعود كان يفتي في نبيذ الجر، فقال أبو مجلز: عمر خير أو ابن مسعود؟ قالوا: عمر. قال: فإن عمر قد نهى عنه. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو سعيد قال: حدثنا ثابت أبو زيد قال: حدثنا عاصم عن عمرة -أخت بني غيلان- عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: تدخل إحداكن في موضع ظفر النار، بسقاء تشتريه بدرهم. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا ثابت قال: حدثنا عاصم، عن الحسن أنه كان ينهى عن الجر قبل إمرة عمر بن عبد العزيز وقبل الذي أستعمل عمر. "الأشربة" للخلال (86 - 94)

وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عفان قال: حدثنا القاسم بن الفضل قال: حدثني ثمامة بن حزن القشيري قال: سألت عائشة عن النبيذ؟ فقالت: قدم وفد عبد القيس على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فنهاهم أن ينتبذوا في الدباء، والنقير، والحنتم (¬1). "الأشربة" للخلال (97) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عفان قال: حدثنا ثابت بن يزيد -أبو زيد- قال: حدثنا عاصم الأحول، عن فضيل ابن زيد الرقاشي -وقد غزا سبع غزوات في إمرة عمر بن الخطاب- أنه أتى ابن مغفل فقال: أخبرني بما حرم علينا من هذا الشراب. فقال: الخمر. قال: هذا في القرآن؟ قال: أفلا أحدثك؟ ! سمعنا محمدا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بدأ بالاسم، أو بالرسالة. قال: اكتفيت. قال: نهى عن الدباء والحنتم. قال: قلت: وما الحنتم؟ قال: الجر الأخضر والأبيض، والمقير: ما لطخ بالقار من زق أو غيره. قال: فانطلقت إلى السوق واشتريت أفيقة -قال أبو عبد اللَّه: يعنى: السقاء- قال: فما زالت معلقة في بيتي (¬2). "الأشربة" للخلال (99) ¬

_ (¬1) رواه الإمام 6/ 131، ومسلم (1995). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 87، والطيالسي في "مسنده" 2/ 233 (960)، والدارمي في "مسنده" 2/ 1342 (2158)، والطبراني في "الأوسط" 5/ 268، (5280)، وقال: لم يرو هذا الحديث عن عاصم الأحول إلا معمر، ولا عن معمر إلا موسى بن أعين. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 58، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" بعضه، ورجال أحمد رجال الصحيح خلا الفضيل بن زيد، وهو ثقة.

قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عفان قال: حدثنا همام، عن قتادة قال: حدثني أربعة رجال، عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللَّه نهى عن نبيذ الجر (¬1). وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عفان قال: حدثنا همام قال: حدثنا قتادة قال: حدثني خمس نسوة، عن عائشة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن نبيذ الجر (¬2). "الأشربة" للخلال (104 - 105) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو مرة الحارث بن مرة بن جماعة اليمامي، قال: حدثنا يعيش عن عبد اللَّه بن جابر العبدي قال: كنت في الوفد الذين أتوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من عبد القيس، ولست منهم، وإنما كنت مع أبي، فنهاهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الشرب في الأوعية التي سمعتم: الدباء، والحنتم، والنقير، والمزفت. "الأشربة" للخلال (110) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن غيلان قال: حدثنا رشدين قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير، عن أبي إسحاق -مولى بني هاشم- حدثه أنهم ذكروا يوما ما ينتبذ فيه، فتنازعوا في القرع، فمر بهم أبو أيوب الأنصاري، فأرسلوا إليه إنسانا فقال: يا أبا أيوب، أرأيت القرع؟ قال: سمعت رسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ينهى عن كل مزفت ينتبذ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 78، ومسلم (1996). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 96، والبخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 434 (1397)، وأبو يعلى 2/ 418 (1211)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 224، وللحديث شاهد من حديث أبي سعيد الخدري رواه مسلم (1996)، وقد تقدم.

فيه، فرد عليه: القرع؟ فرد أبو أيوب مثل قوله الأول (¬1). "الأشربة" للخلال (112) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا الحسن بن موسى وأبو سعيد -والمعنى واحد- قالا حدثنا الفضل بن ميمون قال: سمعت رجلا سأل الحسن عن نبيذ الجر؟ فقال له: يا أبا سعيد، ما تقول في نبيذ الجر؟ فقال له الحسن: أهرقه في الجبان. "الأشربة" للخلال (149) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا سلام بن مسكين قال: شهدت قراءة كتاب عمر بن عبد العزيز إلى أهل البصرة ينهاهم عن الشرب في المزفت. "الأشربة" للخلال (155) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن إسماعيل بن سميع قال: حدثني مالك بن عمير قال: جاء زيد بن صوحان إلى علي بن أبي طالب فقال: حدثني ما نهاك عنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فقال: نهاني عن الحنتم والدباء والنقير (¬2). "الأشربة" للخلال (164) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو قطن قال: حدثنا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 414، والبخاري في "التاريخ الكبير" كتاب الكنى ص 5، والطبراني 4/ 158 (4000)، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 58، رواه أحمد والطبراني، وأبو إسحاق مولى بني هاشم مستور، وفيه رشدين بن سعد، وفيه ضعف، وقد وثق. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 138، وأبو داود (3697)، والنسائي 8/ 166 - 167، وذكره المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 5/ 275 وقال: وأخرجه النسائي.

الربيع، عن ابن سيرين قال: أتيت الكوفة، وبها عبيدة وشريح؛ فاجتهدت أن أصيب لجرة عبد اللَّه أصلا، فما وجدت. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عارم قال: حدثنا معتمر قال: قال أبي: حدثنا صاحب لنا عن عبد اللَّه بن عتبة أنه ذكر له قول عبد اللَّه في نبيذ الجر؟ فقال: إنهم -واللَّه- يكذبون عليه. "الأشربة" للخلال (166 - 167) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا زياد أبو عمر قال: حدثنا بكر بن عبد اللَّه المزني، سألت النضر ابن أنس عن الذنوب؟ فقال: اقطعه. "الأشربة" للخلال (174) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا عبيد مولى أبي شيخ، عن أبي شيخ الهنائي، أنه كان يكره نبيذ الجر. "الأشربة" للخلال (175) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا ثابت، عن عاصم قال: سأل أبو السوار موسى بن أنس ونحن بواسط: أكان أبو حمزة يشرب في الدن؟ فقال: معاذ اللَّه. "الأشربة" للخلال (176) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا ابن إدريس قال: سمعت مختار بن فلفل قال: سألت أنسًا عن الشرب في الأوعية؟ فقال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المزفتة. قال: قلت: وما المزفتة؟ قال: المقيرة. وقال: "كل مسكر حرام" قال: قلت: الرصاص والقارورة؟ قال:

وما بأسهما؟ ! قال: قلت: فإن ناسا يكرهونهما. فقال: فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن كل مسكر حرام. قال: فقلت: له صدقت، والسكر حرام فالشربة والشربتين على طعامنا؟ قال: إن ما أسكر كثيره فقليله حرام (¬1). "الأشربة" للخلال (187) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو أحمد -يعني: الزبيري- قال: حدثنا سفيان، عن علي بن بذيمة قال: حدثني قيس بن حبتر قال: سألت ابن عباس عن الجر الأخضر، والأبيض، والأحمر؟ فقال: أول من سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وفد عبد القيس فقالوا: إنا نصيب من الثقل فأي الأسقية؟ قال: "لا تشربوا في الدباء، ولا في المزفت، ولا في النقير، ولا في الجر، واشربوا في الأسقية" (¬2). "الأشربة" للخلال (189) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يزيد قال: أخبرنا محمد، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن ينبذ في المزفت، والحنتم، والنقير، والمقير (¬3). "الأشربة" للخلال (194) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية -أو عن غيره- ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 112، والنسائي 8/ 308، والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (2920)، وأبو يعلى 7/ 42 (3954)، وذكره الهيثمي في "المجمع" 5/ 56، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار باختصار، ورجال أحمد رجال الصحيح. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 274، والبخاري (53)، ومسلم (17). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 501، ومسلم (1993).

عن عبد اللَّه بن مغفل -وكان أحد النفر الذين نزل فيهم {إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} - قال: أنا شهدت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين نهى عن نبيذ الجر، وأنا شهدته حين رخص فيه (¬1). "الأشربة" للخلال (199) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا علي بن مبارك، عن كريمة بنت همام، عن عائشة قالت: إياكن ونبيذ الجر. "الأشربة" للخلال (203) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا روح قال: حدثنا هشام، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: نبيذ الجر حرام. "الأشربة" للخلال (218) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثني يحيى بن سعيد قال: حدثنا أبو حيان قال: أخبرني أبي، عن مريم ابنة طارق قالت: دخلت على عائشة -رضي اللَّه عنها- في حجة حجتها في نساء أهل الأمصار، فجعلن يسألنها عن الظروف التي ينبذ فيها، فقالت: يا نساء المؤمنين إنكن لتسألن عن ظروف ما كان كثير منها على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وما أسكر إحداكن فلتجتنبه، وإن أسكرها ماجها. "الأشربة" للخلال (223) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا روح قال: حدثنا سعيد، عن غالب التمار، عن عبد اللَّه بن أبي تميم أن عمر بن الخطاب ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 87، وابن أبي شيبة 5/ 67 (23754). وقال الهيثمي في "المجمع" 5/ 62: رواه أحمد ورجاله ثقات، وفي أبي جعفر الرازي كلام لا يضر وهو ثقة.

قال: لأن تختلف الأسنة في جوفي أحب إلى من أن أشرب نبيذ الجر. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الوهاب، عن عطاء قال: أخبرنا سعيد، عن غالب التمار، عن عبد اللَّه بن تميم قال: قال عمر: فذكر مثله. وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا دريك بن أبي دريك -قال أبو عبد اللَّه: ثقة- وكان يبيع الطعام قال: سألت الحسن عن نبيذ الجر؟ فقال: لا. "الأشربة" للخلال (231 - 232)

باب أحكام تتعلق بكتاب الأشربة

باب أحكام تتعلق بكتاب الأشربة 2781 - الخمر يتخد خلًّا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ: أتكره أنْ أشتريَ عَصيرًا فأتخَّذه خلًّا؟ قال: إِذَا علمتَ أنَّهُ يَصيرُ خَمرًا، ثم يَصيرُ خَلًّا، فإنِّي أكْرهه. قال أحمدُ: أكْرهه، لا ينبغي لمسلم أنْ يكونَ في بيتِهِ خمرٌ. قال إِسحاقُ: كما قال، لا ينبغي أنْ يأتيَ عليه طرفةُ عينٍ وفي منزلِهِ خمرٌ، والعصيرُ لا يصيرُ خلًّا أبدًا حتَّى يصيرَ خمرًا، إلَّا أنْ يعالجَ بأنْ يُصَب عليهِ من الخلِّ بقدرِ ما يمنعه عَن طِباعِ الخَمْرِ. "مسائل الكوسج" (2117) قال صالح: سألته عن خل الخمر. فقال: إذا أفسدت متعمدًا لا تؤكل، إلا أن تفسد هي. "مسائل صالح" (10) قال صالح: وسألته عن قول عمر: لا يؤكل خل من خمر أفسدت، حتى يكون اللَّه بدأ فسادها، فأفسدها رجل هل يكون سواء، أو لا يكون سواء؟ قال أبي: لا يأكلها إذا أفسدها، وذلك أنه لو جاز فسادها فانتقلت عن اسم الخمر، كان يجعلها في اللبن والكامخ والمرقة؛ لأنه انتقل اسم الخمر عنها، وانتقلت عن طباعها، ولا يجوز فسادها حتى يكون اللَّه يبدأ بفسادها. "مسائل صالح" (208)

قال صالح: قلت: ما تقول في رجل يصب الشيرج -وهو العصير- في منزله حتى يصير خلًّا؟ قال: إذا كان عنده عصير فيعجبنا أن يصب عليه من الخل ما لا يكون يغلي، إذا صار خلًّا أكله، وإن تركه حتى يغلي من ذاته خشيت أن يكون جمعه وإياه الخمر؛ لأنه يغلق عليه بابه وهو خمر، فإذا صب فيه الخل حتى لا يغلي أمن من ذلك، فإذا غلى فقد صار خمرًا. فكلما أفسده فهو بعد غليانه، فلا يأكله، وقد قيل: إن أبا طلحة سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أيتام في حجره ورثوا خمرًا، أتجعلها خلًّا؟ فقال: "لا" (¬1). وروي عن عمر قال: لا تأكلوا خل خمر أفسدها أهلها حتى يُبدئ اللَّه فساده، فذاك حين طاب الخل. "مسائل صالح" (564) قال صالح: قلت: رجل معه في منزله من يتخذ مسكرًا، فإن صب فيه خل أو ملح أو شيء مما يفسد به وصاحبه لا يعلم، وانتقل المسكر فصار خلًّا، فقال: لا بأس أن يفسده عليه، فإذا صار خلًّا لم يأكله، حتى يكون اللَّه يبدأ بفساده. "مسائل صالح" (1333) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الخمر يصير خلا أيؤكل؟ قال: إذا كان اللَّه عز وجل هو الذي أفسده أكل، وإذا طُرح فيه شيء حتى يصير خلا لم يؤكل. قلت: حديث عمر في العصير والخمر، ما أفسد اللَّه فهو حلال، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 119، ومسلم (1983) مختصرا من حديث أنس بن مالك.

وما أفسدتم أنتم فهو حرام (¬1) قال: يعني: الخمر تصير خلًّا وهي خبيثة حرام، فإذا تركت حتى تصير خلًّا، فهو حلال، على حديث عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-. "مسائل بن هانئ" (1753) قال ابن هانئ: وسُئل عن: المسكر يعمل منه الخل؟ فقال: لا يؤكل. "مسائل ابن هانئ" (1786) قال عبد اللَّه: قلت: يصبون في المري ماء اللبن، ويصبون عليه الخمر فيخلطونها، وتوضع في الشمس، يريدون بذلك إفساد الخمر فيأكلونها؟ فقال -يعني: أباه-: هذا يعد خمرًا. "مسائل عبد اللَّه" (1566) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الخمر يتخذ خلًّا؟ قال: لا يعجبني، أكرهه، ولا بأس بما أذن اللَّه في فساده. يقول: إذا جعل رجل خمرًا ففسدت هي فلا بأس بأكل الخل منها، إذا كان فسادها من عند اللَّه تعالى، حديث السدي عن أبي هبيرة، عن أنس: سُئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الخمر يجعل خلًّا، فكرهه (¬2)، وقال عمر بن الخطاب: لا بأس بالخمر إذا أذن اللَّه في فسادها. يعني: الخل. "مسائل عبد اللَّه" (1567) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 253 (17110) بنحوه، والبيهقي 6/ 37. (¬2) سبق تخريجه.

2782 - حكم اتخاذ الخل وشرائه

2782 - حكم اتخاذ الخل وشرائه قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عن الخلِّ؟ قال: يُصب الخلُّ على العصيرِ حتى يغلبَه. "مسائل الكوسج" (2881) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: العصير إذا غلى شيئًا، ثم جُعل في الكامَخِ (¬1) وغيره؟ قال: إذا استهلك دون الثلثِ فلا بأسَ به. "مسائل الكوسج" (2882) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئلَ عن الخل يتخذ؟ قال: يصبُّ عليه الخلُّ حتى لا يغلي. قيل: صُب عليه الخل فغلى؟ قال: يُهراقُ. قلت لأحمد: فإن رجلًا فعله فغلى، ثم جعل خلًّا، أنشتريه منه؟ قال: نعم. إذا كان خلًّا فأشتريه منه؟ قال: نعم، إذا كان خلًّا فاشتر. "مسائل أبي داود" (1665) قال أحمد بن محمد بن صدقة: سئل: كيف يعمل الخل من العصير؟ قال: يصب على العصير من الخل حتى يعلم أنه لا يغلي. "طبقات الحنابلة" 1/ 156 قال جعفر بن محمد النسائي: سمعت أبا عبد اللَّه سُئل عن الخل يعمل من العنب، فقال: يصب على العصير خل حتى يحمض. "طبقات الحنابلة" 1/ 377 ¬

_ (¬1) الكامخ: نوع من الأُدْم وهو معرَّب.

2783 - المضطر لا يجد إلا الخمر، هل يشربه؟

وقال في رواية أبي الحارث: خل الخمر لا يعجبني أكله، إلا أن يعمله الرجل بنفسه قبل أن يغلي فيصب عليه خلًّا قبل أن يغلي، فأما إذا غلى فقد صار خمرًا. "الانتصار" 1/ 219 2783 - المضطر لا يجد إلا الخمر، هل يشربه؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المضطر يشربُ الخمرَ إذا عطشَ؟ قال: ما أعرفُه، يقال: إنه لا يَروي. قال إسحاق: كما قال، إلا أنْ يكونَ في طمعٍ أن يَرويَهُ حتَّى يجاوز إلى موضع يطمع في الماء. "مسائل الكوسج" (2822). قال صالح: وقال: المضطر لا يشرب الخمر، يقال أنها لا تروي. "مسائل صالح" (456) قال ابن هانئ: قلت له: فإن عطش يشرب الخمر؟ قال: لا، الخمر تعطش شاربها، ورخص في الميتة، ولم يرخص في الصيد، ولا بشرب الخمر. "مسائل ابن هانئ" (1755). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فخمر يضطر إليها رجل يشربها؟ قال: لا يكون الخمر اضطرارًا، إنما الاضطرار إلى الميتة؛ لأن الخمر يُعطش "مسائل عبد اللَّه" (1569).

2784 - من شك في شرابه

2784 - من شك في شرابه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: إذا رابه من شرابه ريب؟ قال: إذا رابه منه شك فيه ليس إذا استيْقنَ. "مسائل الكوسج" (2883) 2785 - ما جاء في الآثار المترتبة على شرب الخمر قال ابن هانئ: سمعته يقول: المسكر خمر، فمن سكر لم تقبل له صلاة أربعين يومًا، عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1798). قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان ابن إدريس لا يذهب إلى وليمة حتى يسأل، فإن كان فيها مسكر لم يذهب. ثم قال: عجبًا لهؤلاء؛ أهل الكوفة يحتجون بهشيم وشريك، ويدعون ابن مسعود وعليًّا. قلت: إنهم يحتجون بخلف البزار. قال: نعم. أراه أخذه عن أبي شهاب. سمعت أبا بكر بن حماد المقرئ يقول: سمعت خلف البزار يقول: قد جعلتُ للَّه عليَّ بدل كل يومٍ كنت أشربه أن أصوم بدله يومًا، أو صومًا. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 176، والنسائي 8/ 318، وابن ماجه (3377)، وصححه ابن حبان (5357)، من حديث عبد اللَّه بن عمرو، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 69: رواه النسائي خلا قوله: "فإن تاب لم يتب اللَّه عليه" ورواه أحمد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح خلا نافع بن عاصم، وهو ثقة اهـ. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2722).

سمعت عثمان بن أبي شيبة يقول: سمعت ابن إدريس يقول: رأيت مجنونًا قد أخذ رأس سكران، وهو يقول له: نونو، نونو. سمعت يحيى الجلا -أو غيره يذكر- عن شعيب بن حرب قال: لأن أرى ابني يزني أو يسرق أحب إليَّ من أن يسكر، يأتي عليه وقت لا يعرف اللَّه فيه! وأظن أني سمعت عبد الوهاب -غير مرة إن شاء اللَّه تعالى- يقول: إن رجلًا سكران قالت له امرأته: قم صل. قال: فحلف بالطلاق أن لا يُصلي ثلاثة أيام. فلما أصبح قال لها: اكتمي عليَّ. قال: فبات فمات! قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، حدثنا شعيب بن حرب، قال لي مالك بن أنس -وذكر سفيان فقال- قد فارقني على أن لا يشربه. يعني: النبيذ. سمعت محمد بن شروك المدائني يقول: حدثني محمد بن أبي داود الأنباري قال: قلت لأبي أسامة: أجيب وليمة فيها نبيذ؟ قال: لا. قلت: أخاف الحديث الذي جاء عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من لم يجب فقد عصى اللَّه" (¬1) فقال: من لم يجب اليوم فقد أطاع اللَّه ورسوله. قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا من أهل الخير قد تركتُ كلامه؛ لأنه قذف رجلًا بما ليس فيه، ولي قرابةٌ يشربون المسكر ويسكرون. وكان هذا قبل ليلة النصف من شعبان؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 241، ومسلم (1432)، من حديث أبي هريرة.

فقال: اذهب إلى ذلك الرجل حتى تكلمه، فتخوف على من أمر قرابتي أن آثم، وإنما تركت كلامهم أني غضبت لنفسي. قال: اذهب كلم ذاك الرجل ودع هؤلاء، ثم قال: أليس يسكرون؟ ! وكان الرجل قد ندم. "الورع" (539 - 545) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا ملازم بن عمرو السحيمي، حدثنا سراج بن عقبة، عن عمته خلدة ابنة طلق قالت: حدثني أبي طلق أنه كان عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فجاء صحار بن عبد القيس فقال: يا رسول اللَّه، ما ترى في شراب نصنعه بأرضنا من ثمارنا؟ فأعرض عنه نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى سأله ثلاث مرات، حتى قام فصلى، فلما قضى صلاته قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من سائلي عن المسكر؟ لا تشربه ولا تسقه أخاك، فوالذي نفس محمد بيده -أو كالذي يحلف به- لا يشربه رجل ابتغاء لذة سكره فيسقيه اللَّه الخمر يوم القيامة" (¬1). "الأشربة" للخلال (32) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 65 (23733)، والطبراني 8/ 337 (8259)، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 70: رواه أحمد والطبراني، ورجاله ثقات اهـ. قلت: لم أقف عليه في المطبوع من "مسند أحمد". وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة" 4/ 379: هذا إسناد صحيح على شرط ابن حبان.

كتاب الصيد والذبائح

كتاب الصيد والذبائح باب ما جاء في أركان وشروط صحة الذبح أولًا: المذكي أهلية المذكي: 2786 - حكم ذبيحة الصبي والمرأة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ذبيحةُ المرأة والصبي؟ قال: لا بَأسَ بهِ، إذا كان الصبيُّ يُطيقُ الذَّبح. قال إسحاق: كما قال، ولا أقلَّ مِنْ سبع سنين. "مسائل الكوسج" (1525). قال ابن هانئ: وسمعته يقول: لا بأس بذبيحة الصبي والمرأة، إذا أطاقا وسميا فلا بأس. "مسائل ابن هانئ" (1734) قال عبد اللَّه: قال: سألت أبي عن ذبيحة الصبي والمرأة؟ قال: إذا أطاقا وسميا، فلا بأس. ويروى أن جاريةً لكعب بن مالك ذبحت بمروة، فسألوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأمرهم بأكلها (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (988). قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حَدَّثنَا محمد بن جعفر، حَدَّثنَا شعبة، عن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 386، والبخاري (2304). وفيه: كسرت حجرًا فذبحتها.

2787 - ذبيحة السارق

قيس، عن أبي حصين، عن أبي بردة، عن أبي موسى: أنه كان يأمر بناته فيذبحن أضاحيهن بأيديهن. "مسائل عبد اللَّه" (989) 2787 - ذبيحة السارق قال إسحاق بن منصور: قلت: ذبيحة السارق؟ قال: لا بأس بها. قال إسحاق: مكروه. "مسائل الكوسج" (1523) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لو أن رجلًا سرق شاة ثم ذبحها؟ فقال: لا يحل أكلها -يعني: له. قلت لأبي: فإن ردها على صاحبها؟ قال: لا تؤكل. "مسائل عبد اللَّه" (976) 2788 - ذبيحة الجنب قال إسحاق بن منصور: قلت: يذبح الجنب أو يصلي؟ قال: لا بأس بهما. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2791) نقل حنبل: لا يذبح الجنب. "معونة أولي النهى" 11/ 138

2789 - ذبيحة الأقلف

2789 - ذبيحة الأقلف قال إسحاق بن منصور: قلت: ذبيحة الأقلف؟ قال: لا بأس به. قال إسحاق: كما قال، ولكن لا يتعمدن. "مسائل الكوسج" (1526) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه قال لأبي عبد اللَّه: إن كان نصرانيًّا أقلف ما تقول في ذبيحته؟ قال: يكون من النصارى نصراني أقلف؟ ! قلت: نعم. قال: ابن عباس يشدّد فيه (¬1). قلت: ما تقول؟ قال: ابن عباس يشدّد فيه. قلت: فيجتنب الإنسان الشراء منهم؟ قال: نعم. قال أبو بكر الخلال: وقد سهل أبو عبد اللَّه في هذا بعد الذي حكاه أبو طالب، وقد بينت ذلك في موضعه. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 442 (1035) قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام، حدثنا حنبل قال: حدثنا أبو عبد اللَّه، حدثنا محمد بن عبيد، عن سالم المرادي، عن عمرو بن هرم، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس: لا تُؤكل ذبيحة الأقلف. وقال حنبل في موضع آخر: حدثنا أبو عمر الحوضي، حدثنا همام، عن قتادة، عن عكرمة قال: لا تُؤكَل ذبيحة الأقلف. قال: وكان الحسن ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 483 (8562)، وابن أبي شيبة 5/ 20 (23324)، والبيهقي 8/ 325. قال الحافظ في "الدراية" 173: أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح.

لا يرى ما قال عكرمة، قال: وقيل لعكرمة: أله حج؟ قال: لا. قال حنبل: قال أبو عبد اللَّه: لا تؤكل ذبيحته، ولا صلاة له ولا حجَّ حتى يتطهَّر، هو من تمام الإسلام. وقال حنبل في موضع آخر: قال أبو عبد اللَّه: الأقلف لا يَذْبح ولا تُؤكَلُ ذبيحته، ولا صلاة له. وقال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس قال: الأقلف لا تحلُّ له صلاة، ولا تُؤْكل ذبيحتُه ولا تجوز له شهادة. قال قتادة: وكان الحسن لا يرى ذلك. وقال أبو طالب: سألتُ أبا عبد اللَّه عن ذبيحة الأقلف؟ فقال: ابن عباس شدَّد في ذبيحته جدًّا. وقال الفضل بن زياد: سألتُ أبا عبد اللَّه عن ذبيحة الأقلف، فقال: يُروى عن إبراهيم والحسن وغيرهما أنهم كانوا لا يرون بها بأسا (¬1)، إلا شيئًا يُروى عن جابر بن زيد، عن ابن عباس أنه كَرِهه. قال أبو عبد اللَّه: وهذا يشتدُّ على الناس، فلو أنَّ رجلًا أسلم وهو كبير فخافوا عليه الختان، أفلا تُؤْكَلُ ذبيحتُه؟ وذكر الخلَّال عن أبي السمح أحمد بن عبد اللَّه بن ثابت قال: سمعتُ ¬

_ (¬1) قال الحافظ في "الفتح" 9/ 637: أثر الحسن أخرجه عبد الرزاق [4/ 483 (8562)] عن معمر قال: كان الحسن يرخص في الرجل إذا أسلم بعدما يكبر فخاف على نفسه إن أختتن ألا يختتن، وكان لا يرى بأكل ذبيحته بأسًا. وأما أثر إبراهيم فأخرجه أبو بكر الخلال من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن مغيرة، عن إبراهيم النخعي قال: لا بأس بذبيحة الأقلف.

2790 - ذبيحة أهل الكتاب

أحمد بن حنبل، وسئُل عن ذبيحة الأقلف وذُكِرَ له حديثُ ابن عباس. فقال أحمد: ذاك عندي، إذا كان الرجل يُولد بين أبوين مسلمينِ، فكيف لا يُختَتن؟ ! فأما الكبير إذا أسلم وخاف على نفسه الختان فله عندي رخصة. ثم ذكر قصة الحسن مع أمير البصرة الذي ختن الرجال في الشتاء، فمات بعضُهم (¬1). قال: فكان أحمد يقول: إذا أسلم الكبير وخاف على نفسه فله عندي عذر. "تحفة المودود" (204، 205). 2790 - ذبيحة أهل الكتاب قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ذبائحُ نَصارى أهلِ الحربِ؟ قال: لا بأسَ به، فيه حديث عبدِ اللَّه بن مغفل في الشَّحم (¬2) قال إسحاق: كما قال، أجاد. "مسائل الكوسج" (2802). قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا بن يحيى قالا: ¬

_ (¬1) قال ابن القيم في "التحفة" ص 178: وقال الإمام أحمد: حدثنا المعتمر عن سلم بن أبي الذيال قال: سمعت الحسن يقول: يا عجئا لهذا الرجل -يعني أمير البصرة- لقي أشياخًا من أهل كيكر، فقال: ما دينكم؟ قالوا: مسلمين، فأمر بهم ففتشوا، فوجدوا غير مختونين فختنوا في هذا الشتاء، قد بلغني أن بعضهم مات، وقد أسلم مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الرومي والفارسي والحبشي، فما فتش أحدًا منهم. (¬2) رواه أحمد 4/ 86، 5/ 55، 56، والبخاري (3153)، ومسلم (1772). من حديث عبد اللَّه بن مغفل قال: دُلِّى جراب من شحم يوم خيبر قال: فالتزمته، قلت: لا أعطي أحدًا منه شيئًا قال: فالتفت فإذا رسول اللَّه يبتسم.

حدثنا أبو طالب قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: رحم اللَّه عمر بن عبد العزيز غيرَّ أشياء في قلة ما وَلِيَ قال: لا يجزر للمسلمين اليهودُ. وقال: في المسلمين كفاية. وصدق، في المسلمين كفاية (¬1). وقال: أخبرني محمد بن جعفر قال: حدثني أبو الحارث، وأخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل سمع أبا عبد اللَّه يقول: تؤكل ذبيحة اليهودي والنصراني. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 437 (1009 - 1010) قال الخلال: أخبرنا محمد بن المنذر قال: حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن ذبائح أهل الكتاب؟ فقال: لا بأس به. فقلت: إلى أي شيء تذهب؟ قال: حديث عبد اللَّه بن مغفل يوم فتح خيبر. قال: دليت جراب شحم فأخذتها. فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما هو"؟ قلت: شحم (¬2). وقال: أخبرني الخضر بن أحمد قال: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد قال: قال أبي: لا بأس بذبائح أهل الحرب إذا كانوا أهل الكتاب. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 439 (1021 - 1022) ¬

_ (¬1) لم أقف عليه بلفظه، وروى عبد الرزاق 6/ 119 (10186) قال: أخبرنا عمرو بن ميمون قال: كان قوم من النصارى يذبحون بالشام ثم يبيعونه من المسلمين، فوكل بهم عمر بن عبد العزيز من المسلمين من يحضرهم إذا ذبحوا أن يسموا اللَّه، ويمنعهم أن يشركوا على ذبائحهم. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 86، والبخاري (3153)، ومسلم (1772).

2791 - ذبيحة المرأة والصبي من أهل الكتاب

2791 - ذبيحة المرأة والصبي من أهل الكتاب قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ذَبيحةُ الصَّبي والمرأةِ من أهلِ الكتابِ؟ قال: لا بأسَ بهما. قال إسحاق: كما قال إذا عَقلا الذبيحةَ. "مسائل الكوسج" (2792) قال الخلال: : أخبرني الميموني قال: قلت: فإذا ذبحت الجارية والغلام من أهل الكتاب؟ قال: لا بأس إذا أطاقت الذبح (¬1). "أحكام هل الملل" للخلال ص 367 (1029) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا صالح أنه قال لأبيه: ذبيحة المرأة من أهل الكتاب؟ قال: لا بأس به إذا أطاقت الذبح (¬2). "أحكام أهل الملل" 2/ 441 - 442 (1033) 2792 - ذبائح المختلف فيهم من فرق أهل الكتاب قال إسحاق بن منصور: قلت: ذبائح الصابئين؟ قال: أما من ذهب إلى مذهب عليٍّ في ذبائح بني تغلب فإنه يكرهه (¬3). قال إسحاق: لا بأس بذبائح الصابئين؛ لأنهم طائفة من أهل الكتاب. "مسائل الكوسج" (2797) ¬

_ (¬1) هذِه الرواية ناقصة من الطبعة التي أعتمدناها في العمل وهي طبعة (مكتبة المعارف)، واستدركناها من طبعة (دار الكتب العلمية) بتحقيق سيد كسروي حسن. (¬2) في طبعة دار الكتب العلمية ص 368 (1030) ذبيحة الصبي من أهل الكتاب؟ قال: لا بأس به إذا أطاق الذبح. (¬3) رواه الشافعي في "مسنده" 2/ 174 (614)، وعبد الرزاق 6/ 72 (10034)، وابن =

قال إسحاق بن منصور: وسألت أحمد عن ذبائح نصارى بني تغلب؟ فقال: ما أثبته على عليّ -رضي اللَّه عنه- لم يزد على ذلك. قال إسحاق: لا بأس به. "مسائل الكوسج" (2798) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح أنه قال لأبيه: ذبائح الصابئين؟ قال: أما من ذهب إلى مذهب عمر -رضي اللَّه عنه- فإنه قال: يسبتون السبت (¬1). كأنه جعلهم بمنزلة اليهود. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 438 (1013) قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال في ذبائح الصابئين قال: أما من ذهب إلى مذهب عمر -رضي اللَّه عنه- فإنه قال: هم يسبتون السبت. جعلهم بمنزلة اليهود فلا بأس به. وقال: أخبرني موسى بن حمدون قال: حدثنا حنبل في هذه مسألة قال: قلت لأبي عبد اللَّه: والصابئين؟ قال: هم جنس من النصارى، إذا كان لهم كتاب أكل -يعني: من ذبائحهم. وقال: وأخبرني الحسين بن الهيثم أن محمد بن موسى، حدثهم أن أبا عبد اللَّه سئل عن الصابئين؟ قال: بلغني أنهم يسبتون، فهؤلاء إذا أسبتوا يشبهون باليهود. ¬

_ = أبي شيبة 3/ 465 (16187)، والطبري في "تهذيب الآثار" 4/ 226 (357) والبيهقي 9/ 284، وقال الحافظ في "الفتح" 9/ 637: أخرجه الشافعي وعبد الرزاق بأسانيد صحيحة. (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 487 (8576)، والبيهقي 7/ 173.

وقال: أخبرني موسى بن حمدون قال: حدثنا حنبل أنه قال لأبي عبد اللَّه: قوم بالشام يقال لهم: لا مساس؟ قال: أراهم ينسبون إلى اليهود، كل من يصير إلى كتاب فلا بأس. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 438 - 439 (1015 - 1018) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أبا عبد اللَّه عن ذبائح السامرة؟ قال: تؤكل، هم من أهل الكتاب. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 439 (1019) قال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: قال أبو عبد اللَّه: ما أعلم شيئًا أثبت من قول عليّ -رضي اللَّه عنه- في ذبائح بني تغلب. وقال: أخبرني الحسين بن الهيثم أن محمد بن موسى حدثهم أنه قال لأبي عبد اللَّه: نصارى بني تغلب تؤكل ذبائحهم؟ فقال -فيما أحسب هذا عن علي: لا تؤكل ذبائحهم. بإسناد صحيح. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 440 (1024 - 1025) قال: أخبرني عصمة قال: حدثنا حنبل، وأخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم وهو أتم. وأخبرني الحسين بن الحسن قال: حدثنا إبراهيم بن الحارث -وهذا لفظ الأثرم- قال: قلت لأحمد: ذبائح نصارى العرب ما ترى فيها -بني تغلب وغيرهم من العرب؟ قال: أما عليٌّ فكرهها، وقال: إنهم لم يتمسكوا من دينهم إلَّا بشرب الخمر (¬1). وابن عباس رخص فيها (¬2). ¬

_ (¬1) سلف قريبًا. (¬2) رواه مالك في "الموطأ" ص 303، والشافعي في "مسنده" 2/ 175 (617)، وابن أبي شيبة 3/ 465 - 466 (16191)، والبيهقي 9/ 217.

2793 - ذبيحة المرتد والزنديق

وقال: حديث عمر أيضًا يقويه حديث يروى عن عبادة بن نسي (¬1)، عن غطيف بن الحارث، عن عمر أنهم كانوا يسبتون السبت (¬2)، ويفعلون، فذكر الاختلاف، ثم قال أبو عبد اللَّه: سنتهم سنة أهل الكتاب. أي: لا بأس بذبائحهم. قال حنبل: يعني: في الذبيحة لا بأس بها. وقال إبراهيم بن الحارث: فكان آخر قوله على أنه لا يرى بذبائحهم بأسًا. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 440 - 441 (1027) قال الخلال: أخبرني موسى بن حمدون، أن حنبل بن إسحاق حدثهم، أنه قال لأبي عبد اللَّه: فالحبشة ما ترى في أكل طعامهم؟ قال: هم نصارى، إلا أن منهم قومًا يذبحون بالظفر فلا يؤكل طعامهم، ولا ما غاب إلا ما ذبح وأنت تراه لا يغيب عنك؛ لأنه لعله أن يكون ذبحه وافترسه بيد بظفر، أو قتله. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 447 (1049) 2793 - ذبيحة المرتد والزنديق قال إسحاق بن منصور: قلت: ذبيحة المرتد؟ قال: أكرهها. قال إسحاق: إن كان ذهب إلى النصرانية فذبيحته جائزة، كذلك قال ¬

_ (¬1) في المطبوع: عمارة بن رضي، والتصويب من مصادر التخريج وكتب الرجال. (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 487 (8576)، والبيهقي 7/ 173 من طريق عبادة به.

الأوزاعي، خالف هؤلاء واحتج بقول علي -رضي اللَّه عنه-: من تولى قومًا فهو منهم (¬1). "مسائل الكوسج" (2799) قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل سفيان عن ذبيحة المرتد قال: يكرهونها. قال أحمد: صدق؛ لأنه لا يقر على دين. قال إسحاق: كما قلت أولًا. "مسائل الكوسج" (2846) قال أبو داود: المرتد يذبح؟ قال: لا يأكل. قيل: الزنديق يذبح؟ قال: لا تؤكل ذبيحته. "مسائل أبي داود" (1629) قال عبد اللَّه: قال أبي: لا بأس بأكل ذبيحة المرتد، إذا كان ارتداده إلى يهودية أو نصرانية ولم يكن إلى مجوسية. "اجتماع الجيوش الإسلامية" لابن القيم ص 98 ¬

_ (¬1) لم أقف عليه عن علي، وروي عن ابن عباس رواه عبد الرزاق 6/ 73 (10037).

2794 - ذبيحة المجوسي

2794 - ذبيحة المجوسي قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان، عن قيس ابن مسلم، عن الحسن بن محمد قال: كتب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى مجوس هجر يعرض عليهم الإسلام فمن أسلم قبل منه، ومن أبى ضربت عليهم الجزية، على أن لا تؤكل لهم ذبيحة، ولا تنكح لهم امرأة (¬1). "مسائل صالح" (631) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل عن المجوسي يذبح؟ قال: لا يؤكل ذبيحته. "مسائل أبي داود" (1629) قال ابن هانئ: وسمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن ذبيحة المجوسي؟ فقال: لا تنكح لهم امرأة، ولا تؤكل لهم ذبيحة. "مسائل ابن هانئ" (1742) قال ابن هانئ: وسُئلَ عن المجوس؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 326 (19256) وأبو عبيد في "الأموال" ص 36، وابن أبي شيبة 4/ 432 (32635)، وابن زنجويه في "الأموال" 1/ 137 (124)، والبيهقي 2/ 192، وقال: هذا مرسل، وإجماع أكثر المسلمين عليه يؤكده ولا يصح ما روي عن حذيفة في نكاح مجوسية. وقال ابن تيمية في "المجموع" 3/ 108: وقد عمل بهذا المرسل عوام أهل العلم، والمرسل في أحد قولي العلماء حجة كمذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وفي الأخرى: هو حجة إذا عضده قول جمهور أهل العلم وظاهر القرآن، أو أرسل من وجه آخر، وهذا قول الشافعي، فمثل هذا حجة باتفاق العلماء. وقال الألباني في "الإرواء" 5/ 91: رجال إسناده ثقات.

فقال: لا تنكح لهم امرأة، ولا تؤكل لهم ذبيحة. "مسائل ابن هانئ" (1774) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن ذبيحة المجوسي؟ قال: لا تؤكل لهم ذبيحة. "مسائل عبد اللَّه" (978) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في ذبائح المجوس: لا تؤكل لهم ذبيحة، ولا تنكح لهم امرأة حتى يسلموا. قلت لأبي: قول عمر: سنوا بهم سنة أهل الكتاب (¬1)؟ قال: إنما ذلك في الجزية، وكره ذبائحهم ستة من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" ص 178، والشافعي في "مسنده" 2/ 130 (430)، وعبد الرزاق 6/ 98 (10025)، وأبو عبيد في "الأموال" ص 37 (78)، وابن أبي شيبة 2/ 435 (10765) وابن زنجويه في "الأموال" 1/ 136 (122)، والبيهقي 9/ 189 من طريق جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس فقال: ما أدري كيف أصنع بهم. فقال له عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب". ورواه البزار 3/ 264 (1056) وزاد: عن أبيه، عن جده. وذكر الرواية ثم قال عقبها: وهذا الحديث قد رواه جماعة عن جعفر، عن أبيه ولم يقولوا: عن جده. وحده: علي بن الحسين. والحديث مرسل، ولا نعلم أحدًا قال: عن جعفر، عن أبيه عن جده إلا أبو يعلى الحنفي عن مالك. وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 2/ 114: هذا حديث منقطع؛ لأن محمد بن علي لم يلق عمر ولا عبد الرحمن بن عوف، ورواه أبو علي الحنفي عن مالك فقال فيه: عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، وهو مع هذا أيضًا منقطع؛ لأن علي بن الحسين لم يلق عمر ولا عبد الرحمن. ثم ذكر عدة روايات ثم قال: هذا كله منقطع، ولكن معناه متصل من وجوه حسان. =

ابن عباس (¬1)، وابن مسعود (¬2)، وعن عبد اللَّه بن يزيد الخطمي (¬3)، وعن علي (¬4)، وجابر بن عبد اللَّه (¬5)، وعن أبي برزة (¬6)، وروي عن الحسن بن محمد، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في المجوس: "لا تؤكل لهم ذبيحة". قال: قلت لأبي: فلا يؤكل صيد كلب المجوس؟ فقال: إذا أرسله المجوسي فلا يؤكل، ولكن إن أرسله مسلم فسمى فأخذ فقتل فلا يكون ذلك له تعليم. قلت: فإن كان حيًا؟ قال: يذكيه المسلم. "مسائل عبد اللَّه" (979) قال الخلال: أخبرنا المروذي أن أبا عبد اللَّه قال: علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- كره ذبائح نصارى بني تغلب (¬7)، وههنا قوم لا يرون بذبائح المجوس بأسًا. ما أعجب هذا. يعرض بأبي ثور. ¬

_ = قال الحافظ في "الفتح" 6/ 261: هذا منقطع مع ثقة رجاله. وضعفه الألباني في "الإرواء" 5/ 88 (1248). (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 481 (8548)، والحاكم 4/ 233 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 437 (32683)، والطحاوي في "مشكل الآثار" كما في "تحفة الأخيار" 8/ 232. (¬3) رواه الطبري في "تفسيره" 5/ 329 (13833). (¬4) رواه الدارقطني 4/ 196 والبيهقي 9/ 285. (¬5) رواه ابن أبي شيبة 4/ 243 (19613)، وبنحوه الدارقطني 4/ 294، والبيهقي 9/ 245. (¬6) رواه ابن أبي شيبة 5/ 125 (24362). (¬7) سلف قريبًا.

قيل له: يحتج في ذبائح المجوس بسعيد بن المسيب (¬1). قال: قد روي عن سعيد خلافه. ثم قال: الناس قد اختلفوا في صيد المجوس، وأما ذبائحهم فما علمت. وقال: أخبرني منصور بن الوليد: أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه ذكر عنده قول من يقول: تؤكل ذبائح المجوس فغضب وقال: قول سوء، علي -رضي اللَّه عنه- لم يصيّر نصارى بني تغلب من أهل الكتاب، فكيف المجوس؟ ! وقال: أخبرني الحسين بن عبد الوهاب: أن خطاب بن بشر حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن نكاح المجوس؟ قال: ما علمت أن أحدًا من العلماء قال ذلك، وأمْرُ المجوس أن لا تؤكل ذبائحهم، ولا يحل نكاحهم، وما أخذ مثهم الجزية حتى أخبر عبد الرحمن بن عوف أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبلها منهم (¬2). قال: وقد بلغني أن بعض من يذهب إلى هذا يجوز نكاحهم. فرأيته يعيب هذا جدًّا. وقال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد أن أبا عبد اللَّه قال: المجوسيّ لا تؤكل ذبيحته. قال: ولا أعلم قال أحد بخلافه إلا أن يكون صاحب بدعة. وقال: أخبرني محمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال: قال أبو عبد اللَّه: وقد كره ذبائحهم -يعني: ذبائح المجوس- ابن مسعود، ¬

_ (¬1) رواه ابن حزم في "المحلى" 7/ 456. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 191، والبخاري (3156).

وابن عباس، وجابر بن عبد اللَّه، وعلي -رضي اللَّه عنهم- (¬1). وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يكره ذبائح المجوس، وأنكر على من قال: تحل ذبائحهم. وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل: أن أبا عبد اللَّه قال: لا تؤكل ذبيحة المجوسيّ، وإن قال: قد سمّيت عليها. وقال حنبل في موضع آخر: قال: لأنهم ليسوا أهل كتاب، ولا يسمّون على الذبيحة. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 447 - 449 (1053 - 1059) قال الخلال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال أن أبا عبد اللَّه قال: المجوس لا تؤكل ذبائحهم. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 449 (1061) قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسن بن هارون قال: سألت أبا عبد اللَّه عن نكاح المجوس وأكل ذبائحهم؟ فقال: لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم. وقال: أخبرني حرب أن أبا عبد اللَّه قال: تكره ذكاة المجوسيّ. وأخبرني في موضع آخر: أن أبا عبد اللَّه قال: ذبائح المجوس لا تؤكل. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 449 (1063 - 1064) قال الخلال: أخبرنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن قيس بن سكن الأسدي قال: قال ¬

_ (¬1) سلف قريبًّا.

(رسول اللَّه) (¬1) -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنكم نزلتم بفارس والنبط، فإذا اشتريتم لحمًا [فسلوا] فإن كان ذبحه يهودي أو نصراني فكلوا، وإن كان ذبحه مجوسي فلا تأكله. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 450 (1066) قال الخلال: أخبرني عبد الملك الميموني قال: قال أبو عبد اللَّه: والمجوس ليس لهم كتاب، ولا تؤكل ذبائحهم، ولا ينكحوا. وقال: أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: إنه يقول -أعني: أبا ثور- في ذبائح المجوس ونكاح نسائهم، أي لا بأس به؟ قال: ما أدري ما هذا! قلت له: يحتج بحديث عبد الرحمن بن عوف في المجوس (¬2). فقال: إنما ذلك في الجزية. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 469 - 470 (1138 - 1139) نقل حنبل عنه: وقد سئل عن الأكل من منزل المجوسي؟ فقال: ما كان من صيد أو ذبيحة فلا، قال اللَّه تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (¬3). "العدة في أصول الفقه" 2/ 250 - 251 ¬

_ (¬1) كذا وقع في طبعتي الخلال، وهو خطأ قطعًا، وصوابه (عبد اللَّه) يعني: ابن مسعود. قوله رواه عبد الرزاق 4/ 487 (8578) عن معمر، عن أبي إسحاق عن قيس بن سكن عن عبد اللَّه به. ورواه ابن أبي شيبة 6/ 437 (32683) عن وكيع -كما هنا سندًا ومتنًا- إلا أنه على الصواب (عبد اللَّه) بدل (رسول اللَّه). ومتن الأثر لا يناسب أن يقوله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلم تفتح فارس والروم إلا بعده -صلى اللَّه عليه وسلم-. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 191، والبخاري (3156). (¬3) ذكرها الخلال في "أحكام أهل الملل" 2/ 451 (1072) بتفصيل أكثر من ذلك.

2795 - صيد المجوسي للجراد والسمك يؤكل؟

2795 - صيد المجوسي للجراد والسمك يؤكل؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: صيدُ المجوسي في البحرِ؟ قال: لا بأسَ به. قُلْتُ: والجرادُ؟ قال: والجرادُ كذلك. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2828) قال ابن هانئ: وسُئلَ عن المجوسي يصيد السمك؟ قال: لا بأس أن يأكله المسلم، ليس للسمك ذكاة. "مسائل ابن هانئ" (1796) قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا يعجبني أن يؤكل صيد المجوسي في البر ولا في البحر؛ لأنهم ليست لهم ذكاة. وقال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي. فذكر هذِه المسألة وزاد فيها. قال: فلا أرى أن تؤكل ذبائحهم ولا ما اصطادوا في بر ولا بحر. وأخبرني عبيد اللَّه في موضع آخر قال: حدثني أبي قال: قال أبو عبد اللَّه: يؤكل من صيد المجوسي السمك والجراد؛ لأنه لا يذكى. ولا تؤكل ذبائح، ولا صيد كلب، ولا طير يصيده؛ لأن الجراد والسمك لا يذبحان. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي أنه سأل أبا عبد اللَّه عن المجوسيّ يصيد السمك؟ قال: ليس للسمك ذكاة. ولم ير به بأسًا.

وقال: عطاء كرهه (¬1). وقال: أخبرني عبد الملك: أن أبا عبد اللَّه قال: وكل ما أخذ من الحوت من المجوس فهو ذكي. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب. وأخبرني محمد بن جعفر: أن أبا الحارث حدثهم. . وأخبرني منصور بن الوليد: أن جعفر بن محمد حدثهم: أن أبا عبد اللَّه سئل عن المجوسيَّ يصيد السمك؟ قال: لا بأس. قال أبو طالب: ليس للسمك ذكاة. وقال جعفر بن محمد: يؤكل الطافي، فكيف صيد المجوس؟ ! "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 480 - 481 (1178 - 1182) قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه قال: ولا بأس بأكل الحيتان يصيدها المجوسيُّ. قال: وفي كتاب أبي، وكذا قال مالك بن أنس. وقال: أخبرني حرب قال: قلت لأحمد: فالمجوسيُّ يصيد السمك؟ فلم ير به بأسًا. أخبرنا المروذي، عن أبي عبد اللَّه قال: حدثنا أسباط قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم قال: يؤكل صيد المجوسيَّ في البحر، ولا يؤكل صيده في البر (¬2). قال أبو بكر الخلال: كأن أبا عبد اللَّه قال بكراهيته مرة واحدة في ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 247 (19669) وقال الحافظ في "الفتح" 9/ 617: رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 247 (19667) عن وكيع عن سفيان به.

2796 - الأكل مما ذبح أهل الشرك لغير الله

مسألة حنبل الأولى، وكأنه مال إلى كراهية عطاء بن أبي رباح فيه. ثم قد ذكر عنه حنبل والجميع بأنه لا بأس به، فالعمل من قوله على هذا. وباللَّه التوفيق. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 481 (1184 - 1186) 2796 - الأكل مما ذبح أهل الشرك لغير اللَّه قال عبد اللَّه: سألت أبي عمن ذبح للزُّهرة؟ قال: لا يعجبني. قلت لأبي: أحرام أكله؟ قال: لا أقول حرام، ولكن لا يعجبني. "مسائل عبد اللَّه" (984) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فرجل يذبح للكوكب؟ قال: ولا يعجبني، أكره كل شيء يذبح لغير اللَّه، وقد كره بعضهم ما ذبح للكنيسة. "مسائل عبد اللَّه" (985) قال الخلال: أخبرني عبد الملك أنه سأل أبا عبد اللَّه عمن ذبح من أهل الكتاب ولم يسم؟ قال: إن كان مما يذبحون لكنائسهم فقال: يدعون التسمية فيه على عمد إنما يذبح للمسيح (قد كرهه) (¬1) ابن عمر (¬2). إلَّا أن أبا الدرداء يتأوّل أن طعامهم حل (¬3). وأكثر ما رأيت منه الكراهة لأكل ما ذبحوا لكنائسهم. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 441 (1032) ¬

_ (¬1) في "أحكام أهل الملل": (فذكره) والمثبت من "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 253. (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 120 (10187). (¬3) لم أقف عليه.

قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: حدثني أبو عبد اللَّه قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: سمعت الأوزاعي قال: سألت ميمونًا عما ذبحت النصارى لأعيادهم وكنائسهم فكره أكله. قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه قال: لا تؤكل؛ لأنه أهل لغير اللَّه به، ويؤكل ما سوى ذلك. وإنما أحل اللَّه عز وجل من طعامهم ما ذكر اسم اللَّه عليه، قال اللَّه عز وجل: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121]. وقال: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3]. فكلَّ ما ذبح لغير اللَّه فلا يؤكل لحمه. وقال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: حدثنا أبو جعفر الأنباري قال: حدثنا الهذيل بن بلال قال: سألت عطاء عن ذبيحة النصراني سمعته يقول: باسم المسيح؟ قال: كل. قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يُسْأل عن ذلك؟ قال: لا يؤكل. قال اللَّه جلّ ثناؤه: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}. فلا أرى هذا ذكاة: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}. وقال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي قال: قال عمي: أكره كل ما ذبح لغير اللَّه، والكنائس إذا ذبح لها. وما ذبح أهل الكتاب على معنى الذكاة فلا بأس به. وإذا ذبح يريد به غير اللَّه فلا تأكله. وما ذبحوا في أعيادهم أكرهه. وقال: أخبرنا الميموني قال: سألت أبا عبد اللَّه عن ذبائح أهل الكتاب؟ فقال: إن كان مما يذبحون لكنائسهم، فقال: يدعون التسمية على عمد، إنما يذبحون للمسيح.

وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي أن أبا عبد اللَّه قال: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} [المائدة: من الآية 3]. قال: على الأصنام. وقال: كل شيء ذبح على الأصنام لا يؤكل. وقال: أخبرنا أبو بكر في موضع آخر قال قرئ على أبي عبد اللَّه: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} [المائدة: الآية 3]. فذكر مثله. قال أبو بكر الخلال (¬1): ذبح أهل الكتاب لكنائسهم فكل من روى عن أبي عبد اللَّه الكراهية فيه وهي متفرقة في هذِه الأبواب. وما قاله حنبل في هاتين المسألتين ذكر عن أبي عبد اللَّه: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121]. {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3] فإنما الجواب من أبي عبد اللَّه فيما أهلّ لغير اللَّه به والتسمية وتركها. فقد روى عنه جميع أصحابه أنه لا بأس مما لم يسموا عليه إلَّا في وقت ما يذبحون لأعيادهم وكنائسهم فإنه معنى قوله تبارك وتعالى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}. وعند أبي عبد اللَّه: أن تفسير: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}. إنما عنى به الميتة. وقد أخرجته في موضعه. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 444 - 446 (1042 - 1047) ¬

_ (¬1) في طبعة المعارف: أبو بكر المروذي، وفي هامش طبعة دار الكتب العلمية قال المحقق: جاء بالأصلين (أ، ب) أبو بكر المروذي، وعلق على ذلك الناسخ بالهامش بقوله: كذا بالأصل ولعله: أبو بكر الخلال.

2797 - ما يذبحه المسلم لهم مما يقربوه لآلهتهم

2797 - ما يذبحه المسلم لهم مما يقربوه لآلهتهم قال إسحاق بن منصور: قلت: سألت سفيان عن الرجل المسلم يدفع إليه المجوسي الشاة يذبحها لآلهته فيذبحها ويسمي أيأكل منه المسلم؟ قال: لا أرى به بأسًا. قال أحمد: صدق. قال إسحاق: لا يسع المسلم ذبحها على هذِه الحال، وأكره أكلها. "مسائل الكوسج" (2847) قال الخلال: أخبرني موسى بن سهل قال: حدثنا محمد بن أحمد الأسدي قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد عما يقرب لآلهتهم يذبحه رجل مسلم؟ قال: لا بأس به. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 446 (1048) 2798 - ذبيحة الجنة قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن ذبيحة الجنة؟ قال: لا بأس بها. "مسائل ابن هانئ" (1741)

ثانيا: الحيوان المراد ذبحه

ثانيًا: الحيوان المراد ذبحه 2799 - ذكاة الحيوان المقدور عليه إذا ند أو لم يقدر على ذبحه أو نحره في الحلق أَو اللبة قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاق عن بعيرٍ تَردى في بئرٍ، فلم يُوصل منه إلا إلى الفخذِ أو ما دُون ذَلِكَ القوائم، أَيُطعنُ ثم يُؤكلُ؟ قال: كلُّ ما قدر عَليه من المتَردِّية في البئرِ فله أن يَطعن في ذَلِكَ الموضع ليَذكيه سُنة مَسنونة، فعله النبي-صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1) وأصحابُ النبي-صلى اللَّه عليه وسلم-رضي اللَّه عنهم- (¬2). "مسائل الكوسج" (2869) ¬

_ (¬1) روى الإمام أحمد 4/ 334، وأبو داود (2825)، والترمذي (1481)، والنسائي 7/ 228، وابن ماجه (3184) من حديث أبي العشراء عن أبيه قال: يا رسول اللَّه: أما تكون الذكاة إلا في اللبة والحلق؟ قال: فقال رسول اللَّه-صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك" قال الترمذي: غريب، وقال الخطابي في "المعالم" 4/ 260: وضعفوا هذا الحديث؛ لأن راويه مجهول، وأبو العشراء لا يدرى من أبوه. . وقال الألباني في "ضعيف أبي داود" (490): حديث منكر، وإسناده مجهول. قلت: ولعل الإمام يشير إلى حديث رافع بن خديج في البعير الذي ند فرماه رجل بسهم فحبسه فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا" رواه الإمام أحمد 3/ 463، والبخاري (2488)، ومسلم (1968). (¬2) رواه عبد الرزاق عن ابن عباس 4/ 468 (8488) قال: إذا وقع البعير في البئر فاطعنه من قبل خاصرته، واذكر اسم اللَّه وكل. ورواه بنحوه عن ابن عمر ابن أبي شيبة 4/ 291 (19831)، وعنده بمعناه عن علي (19833).

2800 - أكل المصبورة والمجثمة

2800 - أكل المصبورة والمجثمة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تُؤكل المصبُورَةُ؟ قال: لا، والمجثَّمة هي المصبورة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2800) 2801 - طرح السمك أو الجراد في النار حيًّا قال صالح: سألت أبي عن الجراد يطبخ وهو حي؟ فقال: لا بأس به. "مسائل صالح" (632). قال عبد اللَّه: سُئلَ أبي عن الجراد، يطبخ وهو حي بالماء والملح يموت؟ قال: هذا ذكاته. قلت لأبي: فإن ألقي في النار وهو حي يشوى؟ قال: لا بأس به، ما أعلم له ولا للسمك ذكاة. "مسائل عبد اللَّه" (1002) نقل صالح وأبو الحارث وابن القاسم في حيتان شويت وهن أحياء أتؤكل؟ قال: نعم. "الروايتين والوجهين" 3/ 22

2802 - ما يوجد من السمك ميتا في بطن أخرى

2802 - ما يوجد من السمك ميتًا في بطن أخرى نقل أبو الصقر في رجل اشترى سمكة فوجد في بطنها سمكة أخرى هل تؤكل السمكة التي في بطنها؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس، إلا في أشد من هذا. ونقل مهنا: كل شيء أكل مرة فلا يؤكل ثانية. "الروايتين والوجهين" 3/ 21 2803 - تذكية غير السمك من صيد البحر قال عبد اللَّه: سألت أبي عن السرطان؟ قال: لا بأس به. قلت: لا يذبح؟ قال: لا. "مسائل عبد اللَّه" (1013) 2804 - الجراد الميت حتف أنفه، هل يباح أكله أم لا؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ذكاةُ الجراد وما وُجد ميتًا؟ قال: ذكاةُ الجرادِ أخذُه، وأما إذا قَتله البردُ أتوقَّاه. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ البردَ إذا ماتَ منه فَقدْ ماتَ بغيرِ مَنيَّتِه. "مسائل الكوسج" (2825). قال ابن هانئ: سألته عن الجراد يوجد في الصحراء؟ قال: كله، إلا أن تعلم أن البرد قتله فلا تأكله. "مسائل ابن هانئ" (1756).

2805 - أثر ذكاة الأم في الجنين

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم عن حجاج عن عطاء أنه كان يكره من الجراد ما قتله الصبر سمعت أبي يقول: لم يسمعه هشيم من حجاج. "العلل" رواية عبد اللَّه (2165) نقل المروذي عنه في الرجل يجد جرادًا ميتا فلم يكره. نقل أبو طالب في الجراد يوجد في الصحراء قال: كُلْه إلا أن تعلم أن البرد أو الحر -يعني: الريح- قتله فلا تأكله. "الروايتين والوجهين" 3/ 21 2805 - أثر ذكاة الأم في الجنين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: ذكاةُ الجنين؟ قال: ذكاةُ أُمِّهِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1531). قال صالح: وسمعته يقول: ذكاة الجنين ذكاة أمه. قلت: أشعر أو لم يشعر؟ قال: نعم. "مسائل صالح" (381)، ونقلها عبد اللَّه عن أبيه في "مسائله" (982). قال أبو داود: سمعت أحمد قال: لا بأس بالجنين أشعر أو لم يشعر، ما أحسن ما قال إبراهيم: إنما هو ركن من أركانها! "مسائل أبي داود" (1629) نقل عنه الميموني: إن خرج حيًّا فلابد من ذبحه. "الفروع" 6/ 316.

2806 - أثر الذكاة فيما وجد فيه سبب الموت

2806 - أثر الذكاة فيما وجد فيه سبب الموت قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: شاة تَردَّت فكُسِرَتْ، فأدركها صاحبُها وهي تَجري، فذبحَها وسَال الدمُ ولم تتحرَّك. قال: هذا أشدُّ مما رُوي عن زيدِ بن ثابت (¬1). قال إسحاق: لا بأسَ بهذا؛ لأنَّ في قولِ أبي هريرةَ (¬2)، وابن عباس (¬3) -رضي اللَّه عنهم- رخصة. "مسائل الكوسج" (2829) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن شاةٍ خُرق بَطنُها، وفيها الرُّوح، قال: تذبحُ، هذِه ذَكية. قال أحمد: أرجو أن لا يكونَ به بأسٌ؛ على قولِ ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما-. قال إسحاق: كما قال سفيانُ. "مسائل الكوسج" (2856) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأمَّا الشَّاةُ يعدو عليها الذئبُ فيبقر بطنَهَا حتى تخرجَ المصارين فَيُخاف عليها موت من ذَلِكَ حَتَّى يُعلمَ أنه لا يعيشُ مثلها، فالسنة ما وصفَ ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما-؛ لأَنَّه وإِنْ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 183 - 184، والنسائي 7/ 225، وابن ماجه (3176)، وابن حبان 13/ 200 (5885)، والطبراني 5/ 127 (4832)، والحاكم 4/ 113 - 114. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد. وصححه لغيره الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2572). (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 499 - 500 (8636)، والبيهقي 9/ 250. (¬3) رواه الطبري في "تفسيره" 4/ 411 (11036)، والبيهقي في "الكبرى" 9/ 249 (18950).

ألقى المصارين فإِنَّ الشَّاةَ حيةٌ بعدُ، فإنَّما يقعُ الذبحُ والذكاة على الحي ولا ينظر أيعيشُ مثلها أم لا. وكذلك لو عرض لها الموتُ حَتَّى أشرفَتْ فخشي أنْ لا يعيشَ مثلها، فما دام الروح فيها فله أن يذكيها ويأكلها، فإن ذبحهَا وهي مريضةٌ أو بها علة، قد عرضَ لها الموتُ ولم يسل منها الدم أو تحركت أو لم تتحرك وسَالَ منها الدم، وكلما بلغ المذبح وقطع الحلقوم والودجين فإِنَّ لَهُ أَنْ يأكلَها؛ لأنَّ ذَلِكَ مبلغ الذبح. وأمَّا مَا قال هؤلاء: إذا خرجَ الأمعاء فإِنَّه لا يحلُّ أكلُهَا وإن ذكيتها لما لا يعيشُ مثلُهَا، فإِنَّ ذَلِكَ خطأ خلاف السنة؛ لما مضت السنة بما وصفنا، وإنما ينظرُ عند الذبحِ أحية هي أم ميتة، ولا يمنع الذكاة مما يخشى من العوارض بعد، وكذلك لو عرضَ لها الموتُ أو نزل بها داء يخاف أن لا يعيش مثلها، فذكاها وهي حية، فلا بأس بها. "مسائل الكوسج" (3449). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن البهيمة إذا عقرت، وصارت إلى حد الموت، وتبين آثار الموت فيها، هل يجوز أكلها؟ قال أبي: اكتب وأملِ علي: إذا ذكيت ففحصت بذنبها، وطرفت بعينها، وسال دمها، فلا بأس بأكلها. "مسائل عبد اللَّه" (983). نقل أبو الحارث عنه: في الصيد إذا تردَّى ولحقه وبه رمق: يذكيه ويأكله، إلا أن يكون قد خرجت أمعاؤه ويكون مثله لا يعيش. "الروايتين والوجهين" 3/ 19 قال الشالنجي: سألت أحمد عن شاة مريضة خافوا عليها فذبحوها، فلم يعلم منها أكثر من أنها طرفت بعينها، أو حركت يدها، أو رجلها،

2807 - إذا ذبحت الذبيحة ثم وقعت في ماء فماتت؟

أو ذنبها بضعف فنهر الدم؟ قال: لا بأس. "الشرح الكبير" 27/ 316 نقل عنه الأثرم: لا يحل إن كان يعلم أنها تموت من عقر السبع. نقل عنه في اشتراط حياة يذهبها الذبح: ما تيقن موته بالسبب. "المبدع" 9/ 222، "معونة أولي النهى" 11/ 146 2807 - إذا ذبحت الذبيحة ثم وقعت في ماء فماتت؟ قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما الدجاجة إذا ذبحت فطارت، ثم وقعت في ماء فماتت فإنها لا تؤكل؛ لما أعان الماء على قتلها أيضًا، كما ذكر عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه - في الطائر الذي يقع على جبل ثم يتردى منه فيموت أو يقع في ماء فيموت، فذلك مثلهما (¬1). "مسائل الكوسج" (2874) نقل عنه الأثرم: في الرجل يذبح الذبيحة فتقع بعد ذبحه في الماء، فقال: لا تؤكل؛ لحديث عاصم "إذا وقعت رميتك في ماء فلا تأكل" (¬2). "الروايتين والوجهين" 3/ 18 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 248 (19684). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 378، وأبو داود (2850) طريق عاصم -وهو الأحول- عن الشعبي عن عدي بن حاتم مرفوعًا به، قال الألباني في "صحيح أبي داود" (2540): إسناده صحيح على شرط البخاري.

ثالثا: آلة الذبح

ثالثًا: آلة الذبح 2808 - كل ما ينهر الدم ويفري الأوداج إلا السن والظفر قال إسحاق بن منصور: قلت: ما يُذَكَّى به؟ قال: كل شيء إلا السن والظفر. قال إسحاق: كما قال؛ لأن السن عظم. "مسائل الكوسج" (1527)

باب ما جاء في صفة الذبح والآداب التي يجب مراعاتها

باب ما جاء في صفة الذبح والآداب التي يجب مراعاتها 2809 - النية قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاقُ عن البعيرِ المغتلم يَحمِل على الرجلِ فيضربه بسيفِه أو يطعنه برمحِه أو يرميه بسهمِه فيقتله على ذَلِكَ أيكرهُ أكلَه؟ قال: كلما حَمل على الرجلِ فاتقاه حتى دافعه عن نفسِه، فصارَ مطعونًا، فأتى على نفسِه فليس ذَلِكَ بذكاة، إنما الذكاةُ ما أُريد به الذكاة، وهذا رجلٌ دافعَ عن نفسِه لا يَنوي شيئًا من الذكاة. "مسائل الكوسج" (2713)، (2870) 2810 - استقبال القبلة قال أبو طالب: قلت: يذبح لغير القبلة؟ قال: لا. قلت: إلى القبلة أحب إليك؟ قال: نعم. "تهذيب الأجوبة" 2/ 628، "العدد في أصول الفقه" 5/ 1628 نقل محمد الكحال عن أحمد: يجوز لغيرها -أي: القبلة- إذا لم يتعمدها. "معونة أولي النهى" 11/ 153

2811 - ما يقال عند الذبح

2811 - ما يقال عند الذبح قال عبد اللَّه بن أحمد بن محمد بن حنبل ببغداد سنة خمس وثمانين: سألت أبي: ما يقال عند الذبيحة؟ قال: يقال: بسم اللَّه، واللَّه أكبر. قلت لأبي: هل يصلي على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم - عند الذبيحة؟ قال: ما سمعت فيه بشيء. "مسائل عبد اللَّه" (969) نقل حنبل: كيف شاء باركة وقائمة، في الوهدة بين أصل العنق والصدر، ويسمي ويكبر. "الفروع" 3/ 545، "المبدع" 3/ 281، "الإنصاف" 9/ 356 2812 - إذا ترك التسمية على الذبيحة ناسيًا أو متعمدًا؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: من نَسي التَّسميَة عند الذَّبح؟ قال: لا بأسَ به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1524). قال إسحاق بن منصور: قلت: نصراني ذبح ولم يسم؟ قال: لا بأس به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2805) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجلٍ ذَبح، ولم يذكر اسمَ اللَّه تبارك وتعالى مُتَعمدًا؟ قال: ما أرى أن يَأكل.

قيل: أرأيتَ إن كانَ يَرى أنه يُجزئ عنه؛ فلم يذكر؟ قال: أَرى أن لا تَأكل (¬1). قال إسحاق: لا يَأكل أَصلًا، كل ذبيحة تَرك المسلم التسميةَ عمدًا، وكذلك الصيدُ إذا رماهُ، وإنما أُبيح النسيانُ فَقط، وقوله: تسميةُ اليهودي والنصراني إنما تُؤكل ذبيحتهم لما في الكتابِ أن ذبائحهُم حلالٌ لنا. "مسائل الكوسج" (2857) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: عن الذبيحة إذا لم يسم متعمدًا؟ قال: لا تؤكل. قلت: فإن نسي؟ قال: تؤكل. "مسائل ابن هانئ" (1740) قال عبد اللَّه: حدثني محمد بن أبي بكر المقدمي قال: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد، في رجل ذبح ونسي أن يسمي، فكره ذلك وتلا هذِه الآية: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}. سألت أبي عن هذا الحديث وحدثته به، فقال: لا بأس، وإن لم يسم. "مسائل عبد اللَّه" (974). قال عبد اللَّه: سألت أبي عمن ذبح ولم يسم ناسيًا أو عامدًا؟ قال: أما ناسيًا فلا بأس إن شاء اللَّه، وأما عامدًا فلا يعجبني. "مسائل عبد اللَّه" (975) ¬

_ (¬1) زاد الخلال على هذِه الرواية في "أحكام أهل الملل" 2/ 441 (1030): قال إسحاق: قال أحمد: المسلم فيه اسم اللَّه يأكل، ولكن أساء في تركه التسمية، النصارى أليس يذكرون اسم اللَّه؟ ! قول أحمد لم يقرأه علينا الشيخ، كتبناه من أصل كتابه، ولم يقرأه.

قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: لا بأس بذبيحة أهل الكتاب إذا هلّلوا اللَّه وسمّوا عليه. قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: من الآية 121]. والمسلم فيه اسم اللَّه. وما أهل لغير اللَّه به فما ذبحوا لكنائسهم وأعيادهم يجتنب ذلك. وأهل الكتاب يسمُّون على ذبائحهم أحبُّ إليَّ. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 437 (1012) قال الخلال: أخبرني الميموني في موضع آخر قال: سألت أبا عبد اللَّه عن: ذبيحة المرأة من أهل الكتاب ولم تسم؟ قال: إن كانت ناسية فلا بأس، وإن كان مما يذبحون لكنائسهم قد يدعون التسمية على عمد. "أحكام أهل الملل" (¬1) للخلال (1029) نقل أبو طالب: لا تجزئ الذبيحة إلا بالتسمية. "المستوعب" 4/ 370 نقل حنبل: لا بأس أن يأكل وإن لم يسم، وينبغي أن يسمي اللَّه. وكذلك نقل أحمد بن هاشم، وبكر بن محمد: إذا ذبح ولم يسم تؤكل ذبيحته؛ إنما قال اللَّه تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}. ونقل الميموني وصالح: إذا لم يسم على الذبيحة عامدًا لا تؤكل. "الروايتين والوجهين" 3/ 10 نقل محمد بن يحيى المتطبب: قيل له: يذبح ولم يسم؟ قال: جائز، إذا لم يتعمد. "الروايتين والوجهين" 3/ 12 ¬

_ (¬1) طبعة. دار الكتب العلمية.

2813 - كيف يذبح الأخرس؟

نقل الميموني: قال أحمد في قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} يعني: الميتة. "المبدع" 9/ 224 2813 - كيف يذبح الأخرس؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ذبيحةُ الأخرسِ؟ قال: يُشير إلى السَّماءِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2809) قال صالح: حدثني أبي قال: حسين، قال: حَدَّثَنَا خارجة بن مصعب، عن خالد الحذاء قال: سُئلَ عكرمة: كيف يذبح الأخرس؟ قال: يشير بيده إلى السماء. "مسائل صالح" (862) 2814 - الذبح والنحر للإبل والبقر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يَذبحُ الإبلَ، وينحرُ البقرَ إن شاءَ؟ قال: كلُّه واحدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2794)

2815 - القدر المجزئ في الذكاة

نقل الميموني عنه: ابن عباس (¬1) وابن عمر (¬2) قالا: النحر في اللبة، والذبح في الحلق، والذبح والنحر في البقر واحد، وإن ذبح مغصوبًا حلّ. "الفروع" 6/ 313، "المبدع" 9/ 219. 2815 - القدر المجزئ في الذكاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ ذبح شاةً فتركَها ساعةً حتى إذا ظَنَّ أن نفسها خَرجت، قَطع رأسها فَتحرَّكت بعد ذَلِكَ؟ قال: لا بأسَ به، إذا كان قد (أفرى) (¬3) الأوداجَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2830). نقل حنبل والفضل بن زياد عنه: ينبغي أن يقطع الحلق واللبة. نقل ابن إبراهيم: إذا فرى الأوداج فلا بأس. "الروايتين والوجهين" 3/ 26 - 27 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 495 (8615)، وابن أبي شيبة 4/ 260 (19822)، والبيهقي 9/ 278. وهو عند البخاري معلقًا بصيغة الجزم قبل الرواية (5510) ووصله الحافظ في "التغليق" 4/ 519 من طريق سعيد بن منصور. وعزاه إليه في "الفتح" 9/ 641، وقال: إسناده صحيح. (¬2) لم أقف عليه عن ابن عمر، وإنما يروى عن عمر رواه عبد الرزاق 4/ 495 (8614)، وابن أبي شيبة 4/ 260 (19825)، والبيهقي 9/ 278 وقال: وقد روي هذا من وجه ضعيف مرفوعًا وليس بشيء. (¬3) في "مسائل الكوسج": (أقرّ). ولعل المثبت هو الصحيح، وانظر: "تهذيب اللغة" 3/ 2756 (فرا).

2816 - الذبح من القفا

2816 - الذبح من القفا قال إسحاق بن منصور: دَجاجةٌ ذُبحت مِن قِبَل قَفاها؟ قال: كَرهه سَعيد بن المسيب (¬1)، والشَّعبي لم يَر به بأسًا (¬2). وقول سعيد أحبُّ إلى أحمد -رضي اللَّه عنه-. قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2796). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن دجاجة ذبحت من قبل قفاها؟ قال: كرهه سعيد بن المسيب، والشعبي لم ير به بأسًا. قلت: أيش ترى أنت؟ قال: قول سعيد أحب إليَّ من قول الشعبي. "مسائل ابن هانئ" (1739). قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئلَ عن الذبيحة تذبح من قفاها، ولم تجر على الحلقوم والأوداج؟ قال: لا تؤكل حتى يذبحها على الحلقوم والأوداج. "مسائل عبد اللَّه" (977). قال مهنا: قال أحمد: أن يذبحها حتي تزهق. فقلت: يقطع فيها قبل أن تبرد؟ قال: مكروه. قلت: حرام هو؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 467 (8486 - 8487)، وابن أبي شيبة 4/ 260 (19823) (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 490 (8592)، وابن حزم في "المحلى" 7/ 444 - 445

2817 - إذا ذبح الشاة فرمى برأسها أو أسرع الذبح فأطر رأسه؟

قال: لا، إنما قلت: مكروه. "تهذيب الأجوبة" 2/ 772 - 773، "المسودة" 2/ 773. قال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد اللَّه عمن ذبح في القفا؟ قال: عامدًا أو غير عامد؟ قلت: عامدًا. قال: لا تؤكل؛ فإذا كان غير عامد كأنه التوى عليه، فلا بأس. "المغني" 13/ 307. 2817 - إذا ذبح الشاة فرمى برأسها أو أسرع الذبح فأطر (¬1) رأسه؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا ذَبح فَأَبانَ الرأسَ؟ قال: لا بأس به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2795). قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما من ذَبح الشاةَ فرمى برأسِها فإن السُّنة في ذَلِكَ أن تُؤكل؛ قال ذَلِكَ عليٌّ (¬2) وابنُ عباس -رضي اللَّه عنهم- (¬3)، وقد أخطأَ إن تعمدَ ذَبحها من قِبَل قفاها، فأما إذا أسرعَ الذبحَ فأَطرَّ رأسه فمباحٌ أكله. "مسائل الكوسج" (2873). ¬

_ (¬1) أطر: أسقط، انظر: "المحكم" ج 9/ 105 - 106 الطاء والراء [ط ر ر]. (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 491 (8596). (¬3) علقه البخاري قبل الرواية (5510)، ورواه ابن أبي شيبة بسند صحيح كما في "الفتح" 9/ 641.

2818 - إذا نخع؟

قال صالح: سألت أبي عن الرجل يذبح فيبين الرأس؟ قال: لا بأس به إذا سمى وأراد التذكية. "مسائل صالح" (41)، وذكرها عبد اللَّه على أبيه في "مسائله" (980). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل إذا ذبح فقطع رأس الذبيحة عامدًا؟ قال: إذا سبقته السكين فلا بأس، وأما عامدًا فلا يعجبني. "مسائل عبد اللَّه" (981). 2818 - إذا نخع؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا نَخع (¬1)؟ قال: لا بأس بأكله، ولكنه مكروه يعني: النخع. قال إسحاق: أكره أكله لما صح عن عمر (¬2) وابن عمر (¬3) -رضي اللَّه عنهما-. "مسائل الكوسج" (2803) نقل حنبل عنه: لا يفعل. "المبدع" 9/ 226 - 227، "معونة أولي النهى" 11/ 153 ¬

_ (¬1) النخع: أن تذبح الشاة ثم يكسر قفاها من موضع الذبح لنخعه ولمكان الكسر فيه، أو تضرب ليعجل قطع حركتها. (¬2) رواه البيهقي 9/ 280. (¬3) علقه البخاري قبل الرواية (5510) قال: وقال ابن جريج: وأخبرني نافع أن ابن عمر نهى عن النخع ..

كتاب الصيد

كتاب الصيد باب ما جاء في شروط صحة الصيد 2819 - 1 - التسمية عند الرمي وإرسال الجارح قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قيل له -يعني: سفيان: رجلٌ رَمى طيرًا أو صَيدًا فأنفَذَهُ فأصابَ آخر؟ قال: يَأكل. قال أحمد: يَأكل كليهما. قال إسحاق: كما قال، لو أصَاب عشرين لأكلَها. "مسائل الكوسج" (2801). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا أرسلَ الكلبَ ولم يُسمِّ؟ قال: لا يَأكل قال: في حديثِ عَدي قال: "فإنك سمَّيت على كلبك؟ " (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2814). قال ابن هانئ: سألته عن رجل أرسل كلبه وسمى عليه، وهو يريد صيدًا بعينه، فأصاب الكلب غير ذلك الصيد؟ قال: إذا سمي على الكلب فكلما صاد، فُكل. "مسائل ابن هانئ" (1792). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يرمي الصيد وهو يريده، فيصيب غيره؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 256، والبخاري 175، ومسلم (1929).

2820 - إذا شرب الكلب من الدم ولم يأكل

قال: إذا سمى فلا بأس بأكله. "مسائل ابن هانئ" (1794) نقل جعفر بن محمد بن يحيى المتطبب في الرجل يرمي سهمه ولا يسمي: فجائز، قيل له: يرسل كلبه فلا يسمي؟ فقال: لا. "الروايتين والوجهين" 3/ 12 نقل حرب عنه: إذا صار الكلب من غير أن يرسل فلا يعجبني؛ لأن حديث عدي بن حاتم "إذ أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم اللَّه" وهذا لم يذكر اسم اللَّه. "الروايتين والوجهين" 3/ 16، "أعلام الموقعين" 1/ 40 - 41، "الفروع" 6/ 329 قال حنبل: قال أحمد: إن نسي التسمية على الذبيحة والكلب أبيح. قال الخلال: سها حنبل في نقله فإن في أول مسألته: إذا نسي وقتل لم يؤكل. "المغني" 13/ 258 2 - أن يكون الجارح معلمًا: 2820 - إذا شرب الكلب من الدم ولم يأكل قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا شَرب الكلبُ من الدمِ ولم يأكلُ؟ قال: لا بأسَ به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2813)

2821 - إذا أكل الكلب من الصيد

2821 - إذا أكل الكلب من الصيد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الكلبُ إذا أكلَ منَ الصَّيد؟ قال: لا يُؤكَل. قال إسحاق: كما قال، لا يتبع حينئذٍ. "مسائل الكوسج" (1521). قال أبو داود: سمعت أحمد سُئلَ عن الكلب إذا أكل من الصيد؟ قال: لا يؤكل -يعني: لا يؤكل صيده. "مسائل أبي داود" (1635). قال في رواية أبي الحارث وأحمد بن القاسم ومحمد بن موسى: قد رخص في الكلب يأكل من صيده أربعة من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أبو هريرة وسلمان وابن عمر (¬1). وإنما حديث عدي (¬2) في الكراهية. نقل الأثرم، وأبو طالب، والميموني: أنه لا يحل أكله، وهو المذهب. "الروايتين والوجهين" 3/ 8 ¬

_ (¬1) رواه عنهم عبد الرزاق 3/ 473 - 474 (8516 - 8520)، وابن أبي شيبة 4/ 240 (19580 - 19584) وعندهم تسمية الرابع من الصحابة وهو سعد بن أبي وقاص. وليس عند عبد الرزاق أبو هريرة. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 256، والبخاري (175)، ومسلم (1929/ 4).

2822 - 3 - أن يكون الجارح مرسلا من قبل مسلم أو كتابى مقرونا بالتسمية

2822 - 3 - أن يكون الجارح مرسلًا من قبل مسلم أو كتابى مقرونًا بالتسمية قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من كَره كلبَ اليهوديِّ والنصراني أو كلبَ المجوسي؟ قال: إذا سَمَّى عليه المسلمُ، وقَبِلَ ذَلِكَ منه، وكَلبُ اليهودي والنصراني أهونُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2816). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن صيدِ كلبِ اليهودي والنصراني فلَم يرَ به بأسًا، وكره صَيد كلبِ المجوسي. قال أحمد: إذا كان المسلمُ يرسله، ويجيئه على ما يريد، فما بأسَ به (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2850). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فلا يؤكل صيد كلب المجوس؟ فقال: إذا أرسله المجوسي فلا يؤكل، ولكن إذا أرسله مسلم فسمى فأخذ فقتل فلا يكون ذلك له تعليم (¬2). ¬

_ (¬1) علق الخلال على هذِه الرواية في "أحكام أهل الملل" 2/ 478 (1172) قائلًا: فقد روى حنبل والمشكاني كراهية ذلك عن أبي عبد اللَّه. وروى عبد اللَّه والكوسج: أنه لا بأس به. وذكر عبد اللَّه عن أبيه أحاديث، إلَّا أنه لا بأس به، وهذا قول لأبي عبد اللَّه أول، وقد رجع عنه إلى أنه لا بأس به، وله في القول الأول أيضًا حجة عمن مضى وهو كان لا يذهب إلى قول إلَّا بحديث. (¬2) ذكر الخلال هذِه الرواية عن عبد اللَّه أيضًا في "أحكام أهل الملل" 2/ 476 (1168) =

قلت: فإن كان حيًا؟ قال: يذكيه المسلم. "مسائل عبد اللَّه" (979) قال الخلال: قال عبد اللَّه: وحدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: وسُئل عن الرجل يستعين بكلب المجوسيّ أو صقره؟ فحدثنا عن سعيد، عن قتادة، قال: هو بمنزلة شفرته. ولم ير به بأسًا. قال: وحدثني أبي قال: حدثنا عبد اللَّه بن إدريس قال: أخبرنا ابن جريج، عن عطاء قال: إذا أرسلت كلب المجوسيّ وقد علم فقتل فكل. "أحكام أهل الملل" 2/ 476 - 477 (1168) قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، وسأله عن كلب المجوسيّ إذا أرسله المسلم وقلت: إن مالكًا لا يرى به بأسًا؟ فقال: لا يعجبني قول مالك في هذا. قال اللَّه تبارك وتعالى: {مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ}، إلَّا أن يكون الكلب غير معلم فيعلمه المسلم، فأما إذا كان معلمًا فلا. وقال: أخبرني عصمة بن عصام، وعبيد اللَّه بن حنبل أن حنبلًا حدثهما قال: حدثنا القعنبي قال: قال مالك: الأمر المجمع عليه أن المسلم إذا أرسل كلب المجوسيّ فصاد أو قتل فإنَّ أكل ذلك حلال، وإن لم يذكه المسلم، وإنما مثل ذلك مثل المسلم يذبح بشفرة المجوسيّ أو يرمي بقوسه ونبله فيقتل بها، فذبيحة ذلك وصيده حلال كله. ¬

_ = بهذا اللفظ قال: إن أرسله مسلم فسمّى فقتل فلا بأس يكون ذلك تعليمًا له.

زاد عبيد اللَّه: قال أبو عبد اللَّه: إذا كان الكلب معلمًا فأرسله المسلم فسمى أكل، وإن لم يكن معلمًا فلا أرى صيده حلالًا؛ لأنهم لا ذكاة لهم، ولا تجوز ذبيحتهم. قال مالك: وإن أرسل المجوسيّ كلب المسلم المعلم على صيد فأخذه، فإنه لا يؤكل ذلك الصيد إلَّا أن يذكى. قال: وإنما مثله مثل قوس المسلم ونبله يأخذها المجوسيّ فيرمي بها الصيد فيقتله، وبمنزلة شفرته يذبح بها المجوسيّ الصيد. فلا يحل أكل شيء من ذلك. قال حنبل: قال عمي -وقال عصمة: قال أبو عبد اللَّه- لا يأكل من ذلك شيئًا، ولا أراه يصحّ أكله على كل حال. والقول الأول أقرب. "أحكام أهل الملل" 2/ 477 - 478 (1170 - 1171) قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام، وعبيد اللَّه بن حنبل أن حنبلًا حدثهم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: فصيد كلب المجوسي إذا صاد وقال: قد سميت عليه؟ قال: لا يؤكل صيده ولا صيد كلبه. زاد عصمة قال: وأكره صيد كلب المجوسي وإن كان معلمًا. قلت: فكلب اليهودي والنصراني؟ قال: يؤكل إذا سمّى عليه وكان معلمًا، قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4]، وما علمنا من الطير والكلاب. وقال: أخبرني محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو الحارث قال: سئل أبو عبد اللَّه عن صيد كلب المجوسي؟ قال: إذا أرسل المجوسي فلا تأكل. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 479 (1174 - 1175)

2823 - المجوسي يرسل صيده فيدركه المسلم قبل أن يقتله فيذكيه

2823 - المجوسي يرسل صيده فيدركه المسلم قبل أن يقتله فيذكيه قال الخلال: أخبرنا صالح أن أباه قال: لا يؤكل صيد كلب المجوسي إذا أرسل، ولا يؤكل صيد كلب المجوسي إذا قتل، فأما إذا كان حيًا ذكاه. "أحكام أهل الملل" 2/ 476 (1165) قال الخلال: أخبرني جعفر بن محمد قال: حدثنا أبو الحارث أنه قال لأبي عبد اللَّه: صيد كلب المجوسي؟ قال: إذا أدركته حيًّا فذكيته فلا بأس، وإن قتل فلا، قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: 4]. "أحكام أهل الملل" 2/ 476 (1167) 2824 - صيد الكلب الأسود قال إسحاق بن منصور: قلت: صيد الكلب الأسود؟ قال: ما أعرف أحدًا رخص فيه إذا كان بهيمًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2815) نقل إسماعيل بن سعيد عنه الكراهة فيما صاده الكلب الأسود. "المبدع" 9/ 242

2825 - من كره صيد الطير

2825 - من كره صيد الطير قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن أبي عوانة عن أبي بشر عن مجاهد: كره صيد الطير. "العلل" رواية عبد اللَّه (5430) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: كان شعبة يضعف حديث أبي بشر عن مجاهد وقال: حديث الطير هو حديث المنهال. "العلل" رواية عبد اللَّه (5431) 2826 - 4 - أن يكون المصيد حيوانًا متوحشًا نقل حنبل عنه: لا يصاد الحمام إلَّا أن يكون وحشيًا. "معونة أولي النهى" 11/ 178 2827 - إذأ تأهل الوحش هل يأخذ حكم الأهلية؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: حمرُ الوحشِ إذا تَأَهَّلت؟ قال: هي حُمر الوحشِ أبدًا. قال إسحاق: كما قال، ولكن إذا ذُبح ذبح كالإنسَّيةِ. "مسائل الكوسج" (2861) 2828 - 5 - ألَّا يغيب الصائد عن صيده مدة طويلة قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا غاب الصيد؟

2829 - إذا منع الصيد عن الماء ثم ذكي، يؤكل؟

قال: لا يأكله إذا كان ليلًا، وأما إذا كان بالنهار فلم ير به أثرًا غيره يأكله. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2818) قال في رواية حنبل والأثرم: في رجل رمى صيدًا فغاب عنه، ثم وجده بعد ميتا، فعرف سهمه فيه، أياكله؟ قال: نعم. قال في رواية جعفر بن محمد: إن كان رماه رميا يرى أنه يموت منه، وإن خشي أن يكون شاركه شيء فلا. "الروايتين والوجهين" 3/ 13 - 14 2829 - إذا منع الصيد عن الماء ثم ذكي، يؤكل؟ قال أبو داود: سمعت أحمد سُئلَ عن الوحش يُنصب لها شيء فيمنع من الماء فيصاد، يؤكل -يعني: إذا ذكي؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1634) 2830 - إذا أرسل المسلم كلبه فوجد معه غيره؟ قال عبد اللَّه: سألت أبي قلت: إذا رمى المسلم كلبه، فوجد معه غيره كلبًا آخر، وقد قتلا الصيد؟ [قال] (¬1): فلا يأكله. "مسائل عبد اللَّه" (1022) ¬

_ (¬1) ليست بالمطبوع، والسياق يقتضيها.

2831 - حكم جزء الصيد

2831 - حكم جزء الصيد قال أبو داود: سمعت أحمد قال: إذا قطع منه -يعني: من الصيد- قطعة فمن الناس من يتوقى أكل تلك القطعة (¬1). "مسائل أبي داود" (1637) قال في رواية الميموني في المناجل إذا قطعت بعض الصيد: إنه مباح. ونقل أحمد بن الحسين المروذي: إذا رمى صيدًا فأبان منه شيئًا فإنه يأكل ما بان منه. قال في رواية حنبل: لا يأكل البائن. "الروايتين والوجهين" 3/ 17 ¬

_ (¬1) انظر: "مصنف عبد الرزاق" 4/ 463 (8468 - 8471)، وابن أبي شيبة 4/ 249 - 250 (19692 - 19700)

فصل: الصيد بغير الجارح

فصل: الصيد بغير الجارح 2832 - الصيد بالبندقة والحجر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: البندقة والحجر؟ قال: لا. أي: لا يُؤكل. قال إسحاق: كما قال، إلَّا مَا أدركت ذكاته. "مسائل الكوسج" (1522). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن صيد البندقة؟ قال: لا تأكله. "مسائل ابن هانئ" (1793) 2833 - الصيد بالمناجل قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن صيد المناجل؟ قال: إذا سميت إنما هو حديد، لا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (1791). 2834 - الصيد بالمعراض (¬1) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: المِعْرَاض؟ قال: أكْرَه صيدَ المعراضِ حتَّى يخرق. ¬

_ (¬1) قال في "النهاية" 3/ 25: المِعْرَاض: سهم بلا ريش ولا نصل، وإنما يصيب بعرضه دون حده.

2835 - صيد السمك بالميتة

قال إسحاق: كما قال، فإذا أصَابَ بعرضه فلا يأكل. "مسائل الكوسج" (1528) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: صيد المعراض؟ قال: شبيه السهم، فربما خرمه، وربما جرحه فيؤكل، وإذا أصاب بعرضه فهو بمنزلة الوقيذ (¬1)، لا يؤكل. "مسائل عبد اللَّه" (1023) 2835 - صيد السمك بالميتة قال ابن هانئ: وقيل: إن بعض الصيادين يصطادون بالفأر، والضفادع؟ قال: ويفعلون هذا؟ ! مرهم وانْهَهُم. قيل له: فإن لم يقبلوا مني، أستعدِ عليهم السلطان؟ قال: إن قدرت عليه فاستعدِ عليهم، لعلهم ينتهون. "مسائل ابن هانئ" (1800) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: السمك يلقى له الطعام حتى يجتمع يصاد بذلك؟ قال: لا بأس، إلا أن يكون ميتة، فإني أكره أن يصاد بالميتة. "مسائل عبد اللَّه" (996) ¬

_ (¬1) قال في "القاموس المحيط" ص 433: شاة وقيذ وموقوذة: قتلت بالخشب.

2836 - صيد السمك بالشبكة

2836 - صيد السمك بالشبكة قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في صيد السمكة بالشبكة: لا بأس به، ليس فيه اختلاف، وهو أحب إلى من نبع الحصى. "مسائل عبد اللَّه" (995) 2837 - الاصطياد بالسهم المسموم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن رجلٍ رَمى صيدًا بسهمٍ مَسموم. قال: إذا رَأى أن سَهمَه الذي قتلَه فلا يأكل. قال أحمد: إذا عَلم أنَّ السُّم أعانَ على قتلِه فلا يَأكله. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2852). 2838 - من جعل دواءً في شيء للطير فأكل منه ثم وقع، يحل لحمه؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاق: من جعل دواءً في شيء للطير، فأكل منه، ثم وقع يحل لحمه؟ قال: نعم ما لم يقع ميتًا. "مسائل الكوسج" (2723). 2839 - صيد الطير من وكره وبالليل قال أبو داود: سمعت أحمد سُئلَ عن صيد الليل؟ قال: ما أدري، ما سمعت فيه. "مسائل أبي داود" (1636). قال ابن هانئ: وسُئلَ عن صيد الطير بالليل من وكرها؟

قال: لا أرى أن تصطاد من وكرها، الذي تأوي فيه بالليل، ومن الناس من يفسر "دعوا الطير على وكراتها" (¬1) إنما هو الطير، وليس هو صيد الطير، واللَّه أعلم. "مسائل ابن هانئ" (1798) قال ابن هانئ: وسُئلَ عن صيد الطير من وكرها؟ قال: لا أدري. "مسائل ابن هانئ" (1802). قال الجرجاني: وسئل عن صيد الليل؟ فقال: لا أعلم فيه شيئا، حديث ثابت روى فيه حديث ابن عباس، ثم ذكر تفسيره، أراه عن نافع أو غيره قال: كانوا في الجاهلية إذا خرجوا يطيرون الطير من مكانه. قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أقروه في مكانه" (¬2) يعني: أنه لا يضر ولا ينفع، ولم ير به بأسًا. "بدائع الفوائد" 4/ 40 ¬

_ (¬1) سيأتي قريبًا. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 381، وأبو داود (2835)، والشافعي في "السنة" 2/ 62 (410) والطيالسي 3/ 204 (1739)، وإسحاق بن راهويه 5/ 158 (2278)، والحميدي في "مسنده" 1/ 340 (350)، وابن أبي شيبة 5/ 312 (26392)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 6/ 72، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"، وابن حبان في "صحيحه" 13/ 495 (6126)، والطبراني 25/ 167 (407)، والحاكم 4/ 237، وأبو نعيم في "الحلية" 9/ 94 - 95، والبيهقي 9/ 311 من طرق عن سفيان واختلف عليه، فعند الطيالسي والطبراني وأبي نعيم عنه، عن عبيد اللَّه بن أبي يزيد، عن سباع بن ثابت، عن أم كرز قالت: سمعت الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أقروا الطير على مكناتها". وعند الباقي عنه، عن عبيد اللَّه بن أبي يزيد، عن أبيه عن سباع بن ثابت، عن أم كرز به. فزادوا والد عبيد اللَّه بن أبي يزيد بينه وبين سباع بن ثابت. قال الحاكم: صحيح الإسناد. وقال الهيثمي في "المجمع" 5/ 106: رواه الطبراني بأسانيد، ورجال أحدها ثقات.

2840 - الاشتراك في الصيد

2840 - الاشتراك في الصيد روى ابن الحكم عنه: إن أصاباه جميعًا فذكياه جميعًا حل، وإن ذكاه أحدهما فلا. "الفروع" 6/ 332

باب الآثار المترتبة على صحة الصيد

باب الآثار المترتبة على صحة الصيد 2841 - ثبوت ملك الصائد لصيده إذا صاده نقل عنه حنبل: ولا يزول ملكه عن صيد بعتقه أو إرساله، كبهيمة الأنعام، كانفلاته، أو ند أيامًا ثم صاده آخر. "معونة أولي النهى" 11/ 178 2842 - لمن الصيد إذا وقع في أرض قوم؟ قال المروذي: وذكر أبو عبد اللَّه مسائل ابن المبارك، قال: كان فيها مسألة دقيقة؛ في رجل رمى طيرًا، فوقع في أرض قوم، لمن الصيد؟ قال ابن المبارك: لا أدري! . قلت لأبي عبد اللَّه: ما تقول أنت فيها؟ قال: هذِه دقيقة، ما أدري ما أقول فيها. وأبى أن يُجيب. "الورع" (338) روى صالح عنه فيمن صاد من نخلة بدار قوم فهو له، فإن رماه ببندقه فوقع فيها فهو لأهلها. "الفروع" 6/ 332، "معونة أولي النهى" 11/ 177

كتاب الأيمان

كتاب الأيمان 2843 - اليمين لا تكون إلا بذكر اسم اللَّه أو صفة من صفاته أو بالقرآن أو بالمصحف قال إسحاق بن منصور: قلتُ: تكرهُ أن يَحلف الرجلُ بالمصحفِ؟ قال: لا أكرهُ ذلك، بل يُغلظ عليه بكل ما يقدره. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1725). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكره أن يَحلف الرجلُ بعتقٍ أو طلاقٍ أو مشي؟ قال: سبحان اللَّه تعالى مَن لا يكره ذَلِكَ، لا يَحلفُ إلا باللَّهِ عز وجل. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1777) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يكره لعمري ولعمرك؟ قال: ما أعلمُ به بأسًا. قال إسحاق: تركه أسلمُ لما قال إبراهيم: كانوا يكرهون (¬1). ويقولون: ليقل: لعمر اللَّه "مسائل الكوسج" (3510). قال صالح: وسمعت أبي يقول: إذا حلف الرجل بالقرآن فقد روي عن ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 471 (15937).

2844 - لو حذف المقسم به، هل يصح اليمين؟

الحسن، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "من حلف بسورة من القرآن: فبكل آية منها يمين صبر" (¬1)، وروي ذلك عن عبد اللَّه بن مسعود (¬2) وإبراهيم النخعي. "مسائل صالح" (177). نقل عنه أبو طالب فيمن حلف بحق رسول اللَّه وجبت عليه الكفارة. "المبدع" 9/ 364 نقل عنه أبو طالب: أنه لا تجب كفارة في حلف بغير اللَّه سبحانه وتعالى. "معونة أولي النهى" 11/ 195 2844 - لو حذف المقسم به، هل يصح اليمين؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: الرجل يقول: حلفت، أو أقسمت؟ قال: إذا كان يُريد اليمين فكفارة يمين. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1726) قال صالح: الرجل يحلف فيقول أقسم، ولا يقول: باللَّه، ويقول: أحلف، ولا يقول: باللَّه، وأشهد، ولا يقول: أشهد باللَّه؟ قال: فيه اختلاف، فمن الناس من يقول: إذا قال: أقسم ولم يقل: باللَّه فهي يمين. فقال بعضهم: لا، حتى يقول: أقسم باللَّه، وأحلف باللَّه، وأشهد باللَّه. ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 10/ 43 وقال هذا الحديث روي من وجهين جميعًا مرسلًا. وروي عن ثابت بن الضحاك موصولًا مرفوعًا وإسناده ضعيف. (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 472 (15946)، وابن أبي شيبة 3/ 77 (12230)، والبيهقي 10/ 43.

2845 - الصيغ الخالية من أداة القسم، هل يصح بها اليمين؟

قلت: ما تقول فيها؟ قال: فيها بعض الاختلاف. "مسائل صالح" (1364). نقل أبو طالب: القسم يمين، فإذا قال: أقسمت عليك. فهو يمين إذا حنث وإن لم يقل: باللَّه. ونقل حنبل: إذا قال: أقسم، ونيته اليمين، فكفارة يمين. وإن قال: أقسم، ولم يكن له نية، فلا شيء عليه. ونقل المروذي: في القسم يمين. وفرق بين قوله: قسمت عليك، وبين أقسمت عليك. "الروايتين والوجهين" 3/ 48 - 49. 2845 - الصيغ الخالية من أداة القسم، هل يصح بها اليمين؟ قال صالح: حدثني أبي قال: حَدَّثَنَا حسين بن الوليد النيسابوري، قال: سألت مسعر عن الرجل يقول: عليّ عهد اللَّه وميثاقه، فقال: قال حماد: العهد يمين. "مسائل صالح" (858). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يقول: عليّ عهد اللَّه إن كلمت أخي؟ قال: يعتق رقبة ويكلمه. "مسائل ابن هانئ" (1485). قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: أبو القاسم بن أبي الزناد، عن

عبد اللَّه بن عبد العزيز بن أبي أمامة، عن ابن حزم قال: سألت القاسم بن محمد قلت: إني حلفت بعهد اللَّه وميثاقه لا أكلم ابن عمي، ثم كلمته، قال: أعتق رقبة. قال أبو عبد اللَّه بعقب هذا الحديث: ما أحسن ما قال. "مسائل ابن هانئ" (1517) قال ابن هانئ: سألته عمن قال: عليّ عهد اللَّه وميثاقه، إن فعلت كذا وكذا، ففعل؟ قال: يمين، يكفرها. "مسائل ابن هانئ" (1517) نقل حرب عنه: إذا حلف بالأمانة، فإن أراد أن يعقد اليمين فهو يمين، فإن قال: لا وأمانة اللَّه فهو يمين. قيل له: وإن لم يرد في الثاني. فكأنه ذهب إلى أنه يمين إذا سمى اللَّه تعالى. ونقل عنه أبو طالب فيمن قال على عهد اللَّه إن فعلت كذا وكذا، قال: العهد شديد في عشرة مواضع من كتاب اللَّه، يتقرب إلى اللَّه بكل ما استطاع (¬1)، عائشة عليها السلام أعتقت أربعين رقبة؟ (¬2). "الروايتين والوجهين" 3/ 50، "الفروع" 6/ 349 نقل حرب فيمن قال: لعمر اللَّه، فإن أراد اليمين فعليه الكفارة. وقال أحمد في رواية أبي طالب: أشهد يمين، ولعمري ليس بشيء. "الروايتين والوجهين" 3/ 52 ¬

_ (¬1) زاد في "الفروع" ويكفر إذا حنث بأكثر من كفارة يمين. (¬2) رواه البخاري (6073 - 6075).

فصل: الحالات الواردة على صيغة اليمين

فصل: الحالات الواردة على صيغة اليمين أولًا: تعليق اليمين 2846 - تعليق التزام قربة قال إسحاق بن منصور: من قال: إن فعلت كذا وكذا فأنا يومئذ محرم، أو قال: فأنا محرم بحجة؟ قال: إذا أراد اليمين فكفارة يمين. قال إسحاق كما قال. "مسائل الكوسج" (1568) قال إسحاق بن منصور: سُئل الإمام أحمدُ عن امرأةٍ حَلفت فقالت: إن لَبستُ قَميصي هذا فهي تُهديه؟ قال: تلبسُ قمَيصها وتُكفِّر يَمينها عشرة مساكين، لكلِّ مسكينٍ مدٌّ، فإن كانت مُوسرةً وأرادت اليمينَ فعليها كفارةُ اليمين. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1773). قال صالح: وسألت أبي عن رجل حلف بالمشي إلى بيت اللَّه ثلاثين حجة؟ قال: لا أفتي فيه بشيء. قلت: فإلى أي شيء كنت تذهب فيه؟ قال: إلى كفارة اليمين، ولكن قد لهج الناس به، فلا أحب أن أجيب فيه. "مسائل صالح" (7). قال صالح: وسألته: إلى أي شيء تذهب في المشي؟ قال: كفارة يمين، ولا أحمله على الحنث، فإن أحنث أطعم عشرة مساكين، إذا كان عقده عقد اليمين.

قلت: فأي شيء يطعم؟ قال: مدُّ برٍّ أقله إن شاء، وإلا فنصف صاع تمر أقله. "مسائل صالح" (13). قال صالح: وسألته عن رجل حلف بثلاثين حجة؟ فقال: لا أقول في هذا شيئًا، وإن قال: على حجة إن فعلت كذا وكذا. قال: لا أحمله على الحنث، وإن حنث فعليه كفارة يمين. والكفارة مدَّين من حنطة. "مسائل صالح" (359). قال صالح: الرجل يحلف بالمشي إلى بيت اللَّه؟ قال: إذا كان عقده عقد يمين فكفارة يمين. "مسائل صالح" (1362). نقل أبو بكر بن محمد بن صدقة عنه، وقد سُئل عن رجل حلف بصدقة ما يملك، فقال: هذِه يمين. فقيل له: ثلاثين حجة؟ قال: لا أفتي فيه بشيء. "بدائع الفوائد" 4/ 69 نقل يعقوب بن بختان عنه فيمن جعل على نفسه أن يضحي كل عام بشاتين، فأراد عامًا أن يضحي بواحدة. قال: إن كان نذرًا يوفى به، وإلا كفارة يمين. وإن قال: إن لبست ثوبًا من غزلك فهو هدي، فلبسه: أهداه أو ثمنه. "الفروع" 3/ 547. نقل عبد اللَّه: إن حلف فقال: إن خرجت فلانة فعليه ألف. إن كان على وجه اليمين فكفارة يمين، وعلى وجه النذر فيوفي به. "الفروع" 6/ 400

2847 - تعليق الكفر

2847 - تعليق الكفر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يقولُ: كَفَر باللَّه أو أشرك باللَّه تعالى ثم يحنثُ؟ قال: كلما أراد به اليمين فكفارة يمين على حديث أبي رافع (¬1). قال إسحاق: كما قال، وعلى الإمامِ أن يؤدِّبَه كما فعلَ عمر بن عبد العزيز -رضي اللَّه عنه- (¬2). "مسائل الكوسج" (1763). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يقول: أنا يهودي، أنا نصراني، إن عملت كذا وكذا؟ قال: يستغفر اللَّه عز وجل، وعليه كفارة يمين. "مسائل ابن هانئ" (1502). نقل حنبل عن مالك: أنه يقول في الرجل يقول: أكفر باللَّه أو أشرك باللَّه ثم يحنث: عليه كفارة ويستغفر اللَّه. قال أحمد: أحب إليَّ أن يكفر ويستغفر اللَّه. "الروايتين والوجهين" 3/ 43، "المغني" 13/ 464. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 486 (16000)، والدارقطني 4/ 163 - 164، والبيهقي 10/ 65 - 66. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 545 (28865).

2848 - إذا علق الكفر وكان صادقا، هل يكون كافرا؟

2848 - إذا علق الكفر وكان صادقًا، هل يكون كافرًا؟ قال ابن هانئ: وسألته عمن قال: أنا بريء من الإسلام إن كان كذا وكذا. وكان صادقًا؟ قال: يقال: إنه لا يرجع إلى الإسلام سالمًا (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1503). ثانيًا: الاستثناء في اليمين 2849 - الأيمان التى يؤثر فيها الاستثناء من التى لا يؤثر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أرأيت إن قال: إن دخلتُ هذِه الدار فعليه حجة؟ قال: إنْ دخلها؛ فقدْ حنثَ، ويكفر يمينه في مذهبِنَا. قال إسحاق: هو كما قال، ولكن أختار في الكفارة في الأَيْمَانِ المغلَّظَات ستين مسكينا. قال أحمد: وإن قال: إن دخلتُ هذِه الدار فامرأتُهُ طالقٌ، أليس تطلَّق امرأته؟ ! وكان سفيان إذا سئل عن هذا لم يقل فيه شيئًا. قال إسحاق: له الاستثناءُ. "مسائل الكوسج" (947). ¬

_ (¬1) هو حديث مرفوع من حديث بريدة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ حَلَفَ أنَّهُ بَرِئٌ مِنْ الإِسْلامِ، فَإِنْ كَانَ كَاذبًا، فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَإِنْ كَانَ صَادقًا فَلَنْ يَرْجِعَ إِلَى الإِسْلامِ سَالِمًا". رواه الإمام أحمد 5/ 355، وأبو داود (3258)، والنسائي 7/ 6، وابن ماجه (2100). صححه الألباني في "الإرواء" (2576).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إلى كم يكونُ للرجلِ الاستثناءُ؟ قال: ما دامَ في ذلك الأمرِ. قال إسحاق: كما قال إلا أن يكونَ سكوتٌ، ثم عَودٌ في الأمرِ. "مسائل الكوسج" (1742). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يجوزُ له الاستثناءُ في نفسِه. قال: لا، حتَّى يتكلم؟ قال إسحاق: كما قال، لا بُدَّ من نُطقٍ. "مسائل الكوسج" (1743). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من حَلف فقال: إن شاءَ اللَّه لم يَحنث؟ قال: ليسَ له الاستثناءُ في الطلاقِ والعَتاقِ. قال إسحاق: كلَّما استثنى متصلًا في الطلاقِ والعَتاقِ فله ثنياه؛ لأنَّ من لم ير له الاستثناءَ في ذلك يقول: ليست بيمين، ولكن إنَّما أجزنا اسثناءَه؛ لإرادِتِهِ ونيَّتِه المتقدّمة أنه لا يُريد أن يَقع هذا الطلاقُ وهذا العَتاقُ. "مسائل الكوسج" (1745). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الاستثناءُ في الأيمان كلّها؟ هالى مَتى له الاستثناءُ؟ قال: له الاستثناءُ ما كان في الكلامِ لم يخرج إلى غيرِ ذَلِكَ الكلامِ، وله الاستثناءُ في كلّ شيء إلا الطلاق والعتق، قال: إذا قال: أنتِ طالق إن شاءَ اللَّه تعالى، لم أُفتِ فيه بشيءٍ. قال إسحاق: الاستثناءُ في كلّ شيءٍ جائزٌ. "مسائل الكوسج" (1762).

قال في رواية المروذي: حديث ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "واللَّه لأغزون قريشًا، واللَّه لأغزون قريشًا" ثم سكت ثم قال: "إن شاء اللَّه" (¬1). إذ هو استثناء بالقرب، ولم يخلط كلامه بغيره. وقال إسماعيل بن سعيد الشالنجي: سألت أحمد بن حنبل عن الاستثناء في اليمين. فقال: من استثنى بعد اليمين فهو جائز، على مثل فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ قال: "واللَّه لأغزون قريشًا" ثم سكت ثم قال: "إن شاء اللَّه" ولم يبطل ذلك، قال: ولا أقول فيه بقول هؤلاء، يعني: من لم ير ذلك إلا متصلًا. "الروايتين والوجهين" 3/ 61، "الشرح الكبير" 27/ 490، "إعلام الموقعين" 4/ 78 نقل أبو طالب عنه: إذا حلف يمينًا تكفر ثم استثنى بعد، فهو جائزُ. قيل له: إذا قال: واللَّه، وسكت قليلًا ثم قال: إن شاء اللَّه؟ [قال: ] فله استثناؤه، لا يكفر. "الروايتين والوجهين" 3/ 61 ¬

_ (¬1) رواه أبو يعلى 5/ 78 (2674)، وابن حبان 10/ 185 (4343)، والطبراني في "الكبير" 11/ 282 (11742) و"الأوسط" 1/ 300 (1004)، وابن عدي في "الكامل" 3/ 179 كلهم من طرق عن سماك بن حرب عن عكرمة، عن ابن عباس. ورواه أيضًا ابن عدي 6/ 521 من طريق آخر عن عبد الواحد بن صفوان، عن عكرمة به. وذكره الهيثمي في "المجمع" 4/ 182، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" ورجاله رجال الصحيح. ورواه أبو داود (3285)، والبيهقي 10/ 48 من طرق عن عكرمة مرسلا. قال ابن أبي حاتم في "العلل" (1322): المرسل أشبه وقال عبد الحق في "الأحكام الوسطى" 4/ 30: الصحيح أنه مرسل وأن الرواية الموصولة ضعيفة اهـ. وصحح المرسل ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 445 وكذلك ابن حجر في "الدراية" 2/ 93 وانظر: "تلخيص الحبير" 4/ 166.

قال في رواية حنبل: من حلف، فقال: إن شاء اللَّه. لم يحنث، وليس له استثناء في الطلاق والعتاق. قال حنبل: قال: لأنهما ليسا من الأيمان. "المغني" 13/ 488، "أعلام الموقعين" 4/ 58 قال أبو طالب: وقد سُئل عن الاستثناء، فقال: الاستثناء فيما يكفر، قال اللَّه تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} فكل يمين فيها كفارة، غير الطلاق والعتاق. "مجموع الفتاوى" 33/ 192 - 193. قال هارون بن عبد اللَّه: قيل لأبي عبد اللَّه: أليس قد كان ابن عباس يرى الاستثناء بعد حين (¬1)؟ قال: إنما هذا في القول؛ ليس في اليمين؛ كان يذهب إلى قول اللَّه عز وجل: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} قال أبو عبد اللَّه: إنما هذا في القول: ليس في اليمين، وإنما يكون الاستثناء جائزا فيما تكون فيه الكفارة. إذا حلف بالطلاق والعتاق لا يكفر. "مجموع الفتاوى" 33/ 196. قال الإمام أحمد في رواية حرب: إذا كان مظلومًا فاستثنى في نفسه، رجوت أنه يجوز إذا خاف على نفسه. "إعلام الموقعين" 4/ 80، 81. ¬

_ (¬1) رواه الطبراني 11/ 68 (11069) والبيهقي 10/ 48، وقال الهيثمي في "المجمع" 7/ 53: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" ورجاله ثقات.

باب الأمور التي يجب مراعاتها في الأيمان

باب الأمور التي يجب مراعاتها في الأيمان 2850 - 1 - النية في اليمين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من قال: يَمينك على ما يُصدقك عَليه صاحبُك. قال: هَكذا هُو إلا أنْ يخافَ القتلَ نحو حديثِ وائلِ بن حُجْر (¬1). حدثنا إسحاق، أبنا أحمد، ثنا هُشَيْم، أنبأ عبدَ اللَّه بن أَبي صالح ذَكوان، عن أبيه، عن أبي هُريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يمينك على ما يصدِّقك به صاحبك" (¬2). قال إسحاق: هَكذا هو. "مسائل الكوسج" (1728). قال أبو داود: سمعت أحمد قال: في اليمين النية نية المستحلف، إلا أن يكون ظالمًا، فهذا تكلموا فيه. "مسائل أبي داود" (1428). نقل أبو طالب عنه، قال في الرجل يحلف وينوي غير ذلك: فاليمين على نية ما يحلِّفه صاحبه إذا لم يكن مظلومًا، فإذا كان مظلومًا حلف على ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 79، وأبو داود (3256)، وابن ماجه (2119) من حديث سويد بن حنظلة قال: خرجنا نريد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومعنا وائل بن حجر، فأخذه عدو له فتحرج القوم أن يحلفوا، وحلفت أنه أخي فخلى سبيله فأتينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأخبرته. . قال: "صدقت المسلم أخو المسلم". وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1722). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 228، ومسلم (1653).

2851 - أثر التأويل في اليمين

نيته، ولم يكن عليه من نية الذي حلَّفه شيء. "الطبقات" 1/ 83، "إعلام الموقعين" 3/ 175. قال مهنا: سألت أحمد عن رجل له امرأتان، اسم كل واحدة منهما فاطمة، فماتت واحدة منهما، فحلف بطلاق فاطمة، ونوى التي ماتت؟ قال: إن كان المستحلف له ظالمًا، فالنية نية صاحب الطلاق، وإن كان المطلق هو الظالم، فالنية نية الذي استحلف. "المغني" 13/ 498. ونقل حرب توقف أحمد في من عامل حيلة ربوية، هل يحلف أنه ما عليه إلا رأس ماله؟ ! "الفروع" 4/ 531 2851 - أثر التأويل في اليمين قال في رواية إسحاق بن إبراهيم فيمن حلف لا يدخل الدار وقال: نويت شهرًا: قبل منه، أو قال: إذا دخلت دار فلان فأنت طالق، ونوى تلك الساعة، أو ذلك اليوم: قُبلت نيته. "إعلام الموقعين" 4/ 80، 81. 2852 - الحيل في الأيمان قال حرب: سُئلَ إسحاق، عن رجل حلف فقال لرجل: لا آكل من طعامك إلى سنة في هذِه الدار. فأخذ من طعام هذا فحمله إلى موضع آخر فأكله. فلم يرخص له، وقال: لا يأكله، لأنه من طعام هذا، وهو حيلة. "مسائل حرب" ص 184

قال الميموني: قلت لأبي عبد اللَّه: من حلف على يمين ثم احتال لإبطالها، فهل تجوز تلك الحيلة؟ قال: نحن لا نرى إلا بما يجوز. قلت أليس حيلتنا فيها أن نتبع ما قالوا، وإذا وجدنا لهم قولًا في شيء واتبعناه؟ قال: بلى، هكذا هو. قلت: أو ليس هذا منا نحن حيلة؟ قال: نعم. "بيان الدليل" ص 60، "إغاثة اللهفان" (334). وقال في رواية الميموني، وقد سأله: إنهم يقولون في رجل حلف على امرأته وهي على درجة إن صعدت أو نزلت فأنت طالق، فقالوا: تُحْمَلُ حملًا، فقال: هذا هو الحنث بعينه، ليست هذِه حيلة، هذا هو الحنث، وقالوا: إذا حلف لا يطأ بساطًا يطأ بساطين، وإذا حلف لا يدخل دارًا يحمل، فأقبل أبو عبد اللَّه يعجب. "بيان الدليل" ص 60، "إعلام الموقعين" 3/ 179، "إغاثة اللهفان" 349 - 350، "الفروع" 6/ 355 - 356. قال الإمام أحمد في رواية موسى بن سعيد الديواني: لا يجوز شيء من الحيل. وقال في رواية بكر بن محمد: إذا حلف على شيء، ثم احتال بحيلة فصار إليها فقد صار إلى ذلك الذي حلف عليه بعينه، وقال: من احتال بحيلة فهو حانث. وقال في رواية أبي الحارث، وقد ذُكر له قول أصحاب الحيل فأنكره. وقال في رواية إسماعيل بن سعيد وقد سُئل عمن احتال في إبطال الشفعة، فقال: لا يجوز شيء من الحيل في إبطال حق امرئ مسلم. "إعلام الموقعين" 3/ 174 - 175.

2853 - 2 - مراعاة السبب المهيج لليمين

نقل المروذي عنه: لعن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المُحلل والمحلل له"، وقالت عائشة: لعن اللَّه صاحب المرق لقد احتال حتى أكل. "الفروع" 6/ 356 2853 - 2 - مراعاة السبب المهيج لليمين نقل الأثرم عن أحمد في رجل حلف أن لا يكلم رجلًا، فكتب إليه كتابًا، قال: وأي شيء كان سبب ذلك، إنما ينظر إلى سبب يمينه، ولِمَ حلف، إنَّ الكتاب قد يجري مجرى الكلام، وقد يكون بمنزلة الكلام في بعض الحالات. "المغني" 13/ 612. 2854 - 3 - التعيين في اليمين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئل سفيان عن رجلٍ أَمَّ قومًا وفيهم رجلٌ قد حلف ألا يكلمه فسلَّم ونوى بالتسليم فلانًا. قال: أراه قد حنث إلا أن يُسَلِّمَ وهو لا ينويه، فإن لم ينوه لم يحنث. قال أحمد: جيد. قال إسحاق: كلما سلَّم ونواهم بالتسليم لم يعمد قَصدَ كَلامِهِ، لم يحنث؛ لأنَّ يمينَه يقع عليه الحنث على إرادته، وهو لم ينو تسليم الصلاة حين حلف. "مسائل الكوسج" (1280).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: حَلف أن لا يَشربَ اللبنَ قال: فأكلَ الزُّبدَ. قال: لا بأسَ به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1766). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل حلف أن لا يأكل لبنًا فأكل زبدًا؟ قال أحمد: ينبغي، عرفت مذهبنا في الأيمان، ينظر ما كان نيته حيث حلف. "مسائل أبي داود" (1429). قال ابن هانئ: سئل عن الرجل يحلف أن لا يشتري لحمًا، فيشتري رأسًا أو أكارع. قال: إذا كان عقده أن يدفع عن نفسه أكل اللحم لشيء أراد به، فقال: لا أشتري -يريد: اللحم فقط- فالرأس مفارق للبدن. وإن قال: لا أشتري لحمًا، وكان عقده أن لا يشتري لحمًا البتة، قال: لا يعجبني أن يشتري شيئًا من الشاة البتة. "مسائل ابن هانئ" (1529). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يحلف أن لا يأكل لحمًا، أيأكل المرق؟ قال: لا يعجبني، ليس يخلو أن يكون قد خرج طعم اللحم في المرق. "مسائل ابن هانئ" (1530). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه: وسئل عن رجل حلف على أخيه أن لا يساكنه اثني عشر شهرًا. وكانت يمينه، حِل اللَّه عليه حرام، أفيعمل معه بكراء؟

قال أبو عبد اللَّه: إن كانت اليمين على أنه لا يئويه دكان، فلا أرى أن يستعمله في شيء من دكانه. "مسائل ابن هانئ" (1531). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل حلف بالطلاق ثلاثًا، بتة إن سكنت هذِه الدار، أو نزلت هذِه الدار، وإن أويت هذِه الدار. قال أبو عبد اللَّه: يتحول هو وامرأته، ومتاعه، وكل شيء هو له في تلك الدار. "مسائل ابن هانئ" (1532). قال ابن هانئ: سألته عن رجل قال لامرأته: أنت على مثل أمي إن قربت فراشك -وعني بذلك الجماع- فمضى على ذلك أيام، فجاءت المرأة عند السحر، تنظر إلى ابنها، وهو عند أبيه نائم في الفراش، فذهب بها النوم فنامت على الفراش، والصبي بينهما، ما عليه في ذلك؟ قال: إنما عنى بذلك الجماع، لا يلزمه شيء. "مسائل ابن هانئ" (1533). نقل أبو طالب فيمن حلف لا يكلم رجلًا فمر به في جماعة فسلم عليهم فنواه بالسلام: حنث، وإن لم ينوه؛ لم يحنث. ونقل مهنا في رجل حلف أن لا يكلم فلانًا، فدخل المسجد وفيه جماعة، فقال: سلام عليكم، فأخرج رأسه من باب المسجد كان قد استتر به فقال: وعليكم السلام: حنث الحالف. "الروايتين والوجهين" 3/ 59.

2855 - 4 - اعتبار مدلول الألفاظ: شرعا وحقيقة وعرفا

2855 - 4 - اعتبار مدلول الألفاظ: شرعًا وحقيقة وعُرفًا قال إسحاق بن منصور: قال: قُلْتُ: قال: قال إبراهيم: رجلٌ حلف أن لا يلبسَ مِنْ غزلِ امرأتِه، فحاكت ثوبًا يبيعه ويشتري غيره؟ فكره ذَلِكَ. قال أحمد: يكره ذَلِكَ. قال إسحاق: أجاد إبراهيم؛ لأنه على إرادته. "مسائل الكوسج" (1251). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: ما المنُّ؟ قال: كلُّ رجلٍ يمونُ رجلًا، أو امرأة تَمون زَوجها فتمنن عَلى زوجها: إني أُنفقُ عليكَ أو أَكسوكَ. فيحلف الزوج أو الممنونَ عليه أن لا يَأكلَ من طعامِه ولا يلبسَ من ثيابهِ، فمتى ما صَار إلى شيء مما أرادَ وقعَ من ذَلِكَ عليه حنث في وجهٍ من الوجوهِ، إنْ حَلف أن لا يَلبس ثوبًا فباعَ الثوبَ فاشترى بثمنهِ ثوبًا آخر أو نحو هذا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1758). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ حلفَ أن لا يأكلُ اللحمَ فأكلَ الشحمَ؟ قال: لا بأسَ به، إلا أن يكونَ أرادَ اجتنابَ الدَّسمِ. قال إسحاق: كما قال إلا أن يُريد به كلَّ شيء من اللحمِ فإن الشَّحمَ من اللحمِ كما قال إبراهيم (¬1). "مسائل الكوسج" (1765). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 103 (12508).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ حلف أَنْ لا يشربَ مِنْ لبنِ هذِه البقرةِ فبيعت واشترى بثمنها شاةً؟ قال: يشربُ من لبنها كلُّ هذا إذا لَم يُرد دفعَ اليمين أو حيلةً. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1767). قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: وأما ما سَألت عن الحالفِ متى زوَّج ابنتَهُ من فلان فامرأته طالقٌ، فغاب الأبُ فزوجها الأخ، فلمَّا رَجع الأب لم يرضَ بما زوج ابنه أيلزمُ الأب اليمين؟ قال: فإنَّ ذَلِكَ لا يلزمُه إذا كانت الإرادةُ عندَ عقدِ اليمينِ أن لا يزوجها منه، ولم يَحتل بعد ذَلِكَ بهذِه الغَيبة لكي يُزوجها، فإنه لا يَقع عليه طلاقُ امرأة، وتزويجُ الأخ عندنا جائزٌ إذا كان الأبُ غائبًا في مصرٍ أُخرى، ألا تَرى أن عائشةَ -رضي اللَّه عنها- زوَّجت بَني أُختها بنات أَخيها (¬1) وإنما معنى ذَلِكَ: أنها رَأت ذَلِكَ جائزًا، والذي ولي العقدة بنو الأخِ وأبوهُم غائبٌ بالطائِفِ، واحتجَّ بحديث ابن المبارك. قال: ومعنى قول عائشة: أنكحت: أي: تكلمت لما رَأت تَزويج الولي -والأبُ غائبٌ- جائزًا، وهذا الذي يُعتمد عليه، أن يَكون تَزويج الولي الدون جائزًا إذا كان الولي من الأولياء بمصرٍ آخر وبين المصرَين سَفر تقصر فيه الصلاة. "مسائل الكوسج" (1779). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 159 (10340)، وابن أبي شيبة 3/ 444، (15953) والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 10، وصححه ابن حجر كما في "فتح الباري" 9/ 186.

قال صالح: سألته عن رجل حلف أن لا يأكل لحمًا، فأكل سمكًا طريًا؟ فقال: يكون ذلك عندي على قدر نيته. "مسائل صالح" (605). قال صالح: وسألته عمن حلف أن لا يأكل لحمًا فأكل سمكًا؟ قال: إن كان إنما حلف أن يدفع عن نفسه منفعة اللحم والدسم فلا يأكل الشحم، وإن كان إنما حلف على اللحم؛ لأنه تأذى منه، فلا بأس أن يأكل الشحم. قال: وكذلك لو أن رجلًا كان يمنُّ على رجل بما يعطيه، فحلف أن لا يقبل منه دراهم. قال: إن كان إنما يريد أن يدفع عنه مَنَّه فلا يقبل مِنْه شيئًا، لا ثوبًا ولا غيره؛ لأنه إنما أراد أن يدفع عن نفسه مَنَّه. "مسائل صالح" (837). قال صالح: يقولون: إذا حلف على العبد والدار: إن بعتهما بكذا وكذا فباعهما بأقل من كذا وكذا، أنه لا يحنث؟ قال أبي: سبحان اللَّه! فما يقولون في رجل أوصى لرجل بثلثه، أليس يقولون: يجب له بعد الموت؟ ! وكذا إذا قال: إن بعته فهو حر، فباعه عتق من مال البائع. "مسائل صالح" (959). قال ابن هانئ: وسألته عن رجل حلف على امرأته فقال: أنت على مثل أمي إن لبست هذا المنا غزل (¬1): الذي عندك، وعندها منا ونصف؟ ¬

_ (¬1) قال في "القاموس" ص 1722: المَنَا: كيل أو ميزان، ويُثَنَّى مَنَنوان أو مَنَيان.

قال أبو عبد اللَّه: لا يلبس مما عندها شيئًا ولو كان أكثر من منوين. "مسائل ابن هانئ" (1514). قال ابن هانئ: وسئل عن: الإيواء. كم يكون؟ قال: أقله ساعة، قال اللَّه تعالى: {إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ} [الكهف: 63]. فكان إيواؤهما ساعة وأكثر. وعلى المكث، قال اللَّه تعالى: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [المؤمنون: 50]. فهذا إيواء على المكث. "مسائل ابن هانئ" (1534). قال حرب: قرأت على إسحاق: رجل حلف أن لا يطعم من منزل أم امرأته، فأخذ برة فوضعها في فيه؟ قال أبو يعقوب: كلما فعل ذلك ناسيًا، وإرادته حين حلف أن لا يأكل ما يكون من الأطعمة التي يأكلها الناس فلا حنث عليه. قلت لأبي يعقوب: ويحنث الإنسان في برة إذا حلف أن لا يأكل؟ قال: نعم. "مسائل حرب" ص 184 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يحلف لا يأوي هذِه الدار. فما حد الإيواء عندك؟ ومقدار كم هو؟ وكم يكون؟ قال: الإيواء يكون ساعة، واحتج بهذِه الآية قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ} [الكهف: 63]. وقال: قدر كم يكون ذلك إلا شيئًا يسيرًا، أو ما شاء اللَّه. "مسائل عبد اللَّه" (1334). نقل مهنا: إذا قال لامرأته: أنت طالق إن لبست ثوبًا من غزلك، فلبس ثوبًا فيه من غزلها أقل من الثلث، أخشى أن يكون قد حنث.

ونقل أبو الحارث فيمن حلف لا يلبس من غزل امرأته فنسج ثوبًا من غزلها وفيه من غزل غيرها لم يحنث. ونقل أبو طالب: إذا حلف لا يدخل الدار أو البيت فأدخل يده أو رجله أو رأسه فقد دخل. "الروايتين والوجهين" 3/ 55. نقل مهنا عنه فيمن حلف: لا يشرب هذا النبيذ، فثرد فيه وأكله: لا يحنث. ونقل إبراهيم الحربي عنه فيمن حلف: لا يشرب شيئًا فمصَّ قصب سكر، ليس عليه شيء، وكذلك لو حلف لا يأكل شيئًا فمص قصب سكر، لم يكن عليه شيء على ما يتعارف الناس أن الرجل يقول: أكلت قصب السكر. "الروايتين والوجهين" 3/ 58. نقل الشالنجي: سألت أحمد عن رجل حلف على زوجته أن لا يأوي عندها هذا العيد؟ فقال: إذا عَيَّدَ الناس دخل إليها. قلت: فإن قال: أيام العيد؟ فقال: على ما يعرفه الناس ويعهدونه بينهم. "الطبقات" 1/ 274 - 275، "المبدع" 9/ 288، "معونة أولي النهى" 11/ 221 قال أحمد بن أصرم: وسمعته سئل عن رجل حلف أن لا يلبس من غزل امرأته، فخاط الخياط من غزلها، فلم يجب فيه شيء. "بدائع الفوائد" 4/ 60.

نقل عنه جعفر بن محمد النسائي، وقد سُئل عن رجل حلف لا ينتفع بكذا، فباعه واشترى به غيره: فكره ذلك، وهذا عنده لا يجوز. "إعلام الموقعين" 1/ 41. نقل حرب عنه: أكره إذا حلف لا يلبس امرأته من كده أن يعطي أجرة الخياط أو القصار (¬1) أو نحو هذا. "الفروع" 6/ 360 قال في رواية محمد بن الحكم: إن حلف لا يبيعه شيئًا، فباع ممن يعلم أنه يشتريه للذي حلف له، حنث. "الفروع" 6/ 393. نقل عنه مهنا فيمن قال: إن رأيتك تدخلين هذِه الدار؛ فأنت طالق، قال: إن أراد أن لا تدخلها بالكلية فدخلت ولم يرها؛ حنث، وإن كان نوى إذا رآها؛ فلا يحنث حتى يراها تدخلها. وقال في رواية محمد بن يحيى الكحال: لو حلف لا يدخل هذا البيت، يريد هجران قومٍ، فدخل عليهم بيتًا آخر؛ حنث. "تقرير القواعد" 2/ 579 - 580. ¬

_ (¬1) القصار: قال الجوهري: هو الذي يدق الثياب، وقال في "المطلع" ص 265: هو في عرف بلادنا الذي يبيض الثياب بالغسيل والطبخ ونحوها، وقال الفاسي في "الصناعات الشامية" ص 354 هو من يقصر القماش -أي: ينقيه من الأوساخ والأدناس- وبدمشق محل مشهور من قديم يعرف بعين القصارين.

2856 - اقتضاء اليمين استمرار الترك للمحلوف عليه

2856 - اقتضاء اليمين استمرار الترك للمحلوف عليه نقل إسماعيل بن سعيد في من حلف بالطلاق ليخرجن من بغداد، فخرج ثم عاد، فهل تسقط يمينه أم لا، فقال: لا شيء عليه. ونقل مثنى بن جامع في رجل قال لامرأته: أنت طالق إن لم نرحل عن الدار، ولم ينو شيئًا، هل يجوز له أن يرحل عنها ويعود بعد ذلك بيوم أو شهر. فلم ير أن يرجع. "الروايتين والوجهين" 3/ 56. نقل علي بن سعيد عنه فيمن حلف لا يصطاد من نهر لظلم رآه فيه، ثم زال الظلم، قال: النذر يوفى به. "تقرير القواعد" 2/ 573.

باب كفارة اليمين

باب كفارة اليمين فصل: ما جاء شروط وجوب الكفارة 2857 - 1 - أن تكون اليمين منعقدة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ حلف، فجرى على لسانِه غيرُ ما في قلبِهِ وأرادَ أنْ يتكلَّمَ به؟ قال أحمد: لا أدري ما هذا. عاودته، فقال: أرجو أن يكونَ الأمرُ فيه واسعًا. قال إسحاق: هو على الإرادة؛ لأنها أغلوطة. "مسائل الكوسج" (1134). 2858 - ثبوت حكم اليمين على من قال: حلفت. ولم يكن قد حلف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فيمن قال: حَلفتُ، ولم يحلف؟ قال: إذا لم يَعقد اليمينَ. قال إسحاق: نعم، كما قال لا شيء عليهِ. "مسائل الكوسج" (1741). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ قال: حلفتُ أو أقسمتُ؟ قال: إن أرادَ الكذبَ، فقد وجبَ عليه الكفارةُ فيهما؟ قال إسحاق: كلَّما لم يُرد اليمينَ فلا كفارةَ عليه، كانَ كما أرادَ. "مسائل الكوسج" (1768).

2859 - من حلف على شيء ثم فعله ناسيا

نقل الميموني فيمن حلف قال: حلفت يمينًا، ولم يكن قد حلف. عليه كفارة يمين وإن قال: حلفت بالطلاق، ولم يكن حلف يلزمه. ونقل بكر بن محمد، عن أبيه، عنه في الرجل يقول: حلفت ولم يكن قد حلف: ليس عليه يمين وهي كذبة. "الروايتين والوجهين" 3/ 60. 2859 - من حلف على شيء ثم فعله ناسيًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاق: رجلٌ حلفَ بالطلاقِ ألا يفعلَ كذا وكذا، ثم نسي ففعلَ؟ قال: أرجو ألا يلزمه شيءٌ مِنَ الطلاقِ والعتاق إذا كان قد ارتكبَ ناسيًا. "مسائل الكوسج" (1334). قال حرب: سألت أحمد بن حنبل قلت: فإن حلف بطلاق امرأته أن لا يدخل هذِه الدار، فدخلها ناسيًا؛ قال: أرجو أن لا يكون عليه الكفارة. يذهب أبو عبد اللَّه في النسيان إلى الطلاق وحده. وقال: وسُئلَ إسحاق، عن رجل قال لرجل: إن شربتُ أو أكلتُ من دارك فامرأته طالق ثلاثًا. فمر بباب الدار فشرب ناسيا. قال: لا يقع عليه الطلاق إذا كانت يمينه معناه على التعمد. وسمعت إسحاق مرة أخرى يقولُ في الرجل يحلف بالطلاق أن لا يدخل هذِه الدار، فدخلها ناسيًا قال: اختلفوا فيها. قلت: أخبرني عن مذهبك. قال: أنا أميل إلى الرخصة إذا دخلها ناسيًا.

قلت: يُستَحْلف أنه دخلها وهو ناسي ليمينه؟ قال: لا أقل من ذلك. وسُئلَ أيضًا، عن رجل قال لامرأته: إن لبستُ من غزلك فأنت طالق. فانتبه من نومه وحضرت الصلاة فأخذ إزار المرأة فلبسه وخرج إلى الصلاة وهو لا يعلم. قال: لا يقع الطلاق؛ لأنه لم يتعمد لذلك، ولكنه نسي. وسُئلَ إسحاق مرة أخرى، عن رجل حلف بطلاق امرأته ثلاثًا إن لبس من غزل امرأته فأخذ سراويل ابنه! وهو من غزل امرأته! ناسيًا ليمينه فلبسها، وصلى فيها. قال: لا يحنث -يعني: إذا نسي. "مسائل حرب" ص 155. قال حرب: قرأت على إسحاق: رجل حلف بالطلاق إن كلم فلانًا، فكلمه ناسيًا؟ قال إسحاق: فإن أهل العلم اختلفوا في ذلك، منهم من لا يرى إيقاع الطلاق بالنسيان، ومنهم من يوقع، يقول: إنه قد كلمه. وأرجو أن لا يقع إذا كانت نيته يوم حلف على التعمد. وقرأت على إسحاق أيضًا رجل كان بينه وبين آخر كلام، وبينهما كرم، ولهما في ذلك شركاء من الورثة، فقال الرجل: متى ما أكلت من هذا الكرم فامرأته طالق ثلاثًا. وكان نية الرجل حين حلف أن لا يأكل عمدًا، فأكل منه، ولا يعلم أن هذا العنب من هذا الكرم. قال أبو يعقوب: لا شيء عليه. "مسائل حرب" ص 182

2860 - اليمين بالطلاق والعتاق في اللجاج والغضب

نقل محمد بن الحسن بن هارون عنه إذا حلف باللَّه أو بالطلاق والعتاق لايفعل شيئًا ففعله ناسيًا لم يحنث. "الروايتين والوجهين" 2/ 153. 2860 - اليمين بالطلاق والعتاق في اللجاج والغضب قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من قال: عليَّ عِتقُ رقبةٍ فحنثَ. قال: عليهِ كفارة يمينٍ. قال إسحاق: كما قال إذا كان ذَلِكَ في غضب أو معصيةٍ. "مسائل الكوسج" (1733). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجلٍ حلف على حرية رقيقه، وطلاق نسائه؟ قال: إن باع رقيقه بيعًا ليس فيه وصل ولا يريد الرجوع فيهم، فلم ير به بأسًا. "مسائل أبي داود" (1432). قال المروذي: قال أبو عبد اللَّه: إذا قال: كل مملوك له حر فيعتق عليه إذا حنث؛ لأن الطلاق والعتق ليس فيهما كفارة. وقال: ليس قول: كل مملوك لها حر. في حديث ليلى بنت العجماء، وحديث أبي رافع أنها سألت ابن عمر وحفصة وزينب، وذكرت العتق فأفتوها بكفارة اليمين (¬1)، وأما حميد وغيره فلم يذكروا العتق (¬2). قال: وسألت أبا عبد ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 486 (16000)، والدارقطني 4/ 163 - 164، والبيهقي 10/ 66. (¬2) رواه البيهقي 10/ 66 من طريق حماد، عن حميد، عن بكر بن عبد اللَّه، عن أبي رافع، وانظر السابق.

اللَّه عن حديث أبي رافع -قصة امرأته- وأنها سألت ابن عمر وحفصة، فأمروها بكفارة يمين، قلت: فيها المشي؟ قال: نعم. أذهب إلى أن فيها كفارة يمين، قال أبو عبد اللَّه: ليست تقول فيه: كل مملوك. إلا (¬1) قلت: فإذا حلف بعتق مملوكه يحنث؟ قال: يعتق، كذا يروى عن [ابن] (¬2) عمر وابن عباس أنهما قالا للجارية: تعتق (¬3)، ثم قال: ما سمعنا إلا من عبد الرزاق، عن معمر. وقلت: فأيش إسناده؟ قال: معمر؛ عن إسماعيل بن أمية، عن عثمان ابن حاضر، عن ابن عمر وابن عباس. وقال: إسماعيل بن أمية، وأيوب بن موسى مكيان. "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام 33/ 190 قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد بن حنبل عن الرجل يقول لابنه. إن كلمتك فامرأتي طالق، وعبدي حر؟ فقال لا يقوم هذا مقام اليمين؛ ويلزمه ذلك في الغضب والرضا. قال إسماعيل: وأخبرنا أحمد بن حنبل، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن عثمان بن أبي حازم، أن امرأة حلفت بمالها في سبيل اللَّه أو في المساكين، وجاريتها حرة إن لم تفعل كذا وكذا، فسألت ابن عمر وابن عباس؟ فقالا: أما الجارية فتعتق، وأما قولها في المال فإنها تزكي المال. "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام 35/ 259 - 260. ¬

_ (¬1) أشار في هامش المطبوع أنها بياض بالأصل. (¬2) ليست في المطبوع والسياق يقتضيها. (¬3) رواه عبد الرزاق 8/ 485 (15998)، والبيهقي 10/ 68.

2861 - يمين العبد

2861 - يمين العبد قال ابن هانئ: سألته عن: العبد يحلف بالمشي وعتق رقبته؟ قال: أما المشي فليس عليه، وأما العتق إذا حنث فإنه يصوم، ليس للعبد مال فيطعم ولا يعتق. أرى أن يصوم إذا حنث. "مسائل ابن هانئ" (1511). نقل عنه أبو طالب: ليس له أن يعتق، وإن أذن له سيده؛ لأنه ملك لمولاه. ونقل حنبل عنه: يعتق إذا أذن له سيده في العتق. "الروايتين والوجهين" 3/ 53. 2862 - اليمين اللغو وحكمها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاق: رجلٌ حلف بالطلاقِ على شيءٍ أنه ليس هكذا، ثم علمَ أنه ليس كما حلف؟ قال: كلما حلف على أنه عمل كذا وكذا بالطلاق، ثم استيقن بعدُ أنه لم يعمله فحكم ذَلِكَ كحكمِ النسيان؛ لأنه خطأٌ، وقد ضُمَّ الخطأ إلى النسيانِ في الحديثِ. "مسائل الكوسج" (1337). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: لغوُ اليمينِ؟ قال: أن يحلفَ على الشيءِ يَرى أنه كما حلفَ عليه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1761).

قال صالح: الرجل يحلف بالطلاق أو بغيره من الأيمان على الشيء الذي يرى أنه فيه صادق، لا يشك فيه، ثم تبين له بعد ذلك أنه ليس كما حلف عليه، يكون هذا لغوًا؟ قال: أما الطلاق لا أقول فيه شيئًا، وأما اليمين من غير الطلاق فلا شيء عليه، وهو من اللغو. "مسائل صالح" (1366). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل، عن رجل كان معه منديل فقال: قد واللَّه رميت به، فإذا هو في كمه؟ فرأى أحمد هذا من اللغو. "مسائل أبي داود" (1430). قال أبو داود: سمعت أحمد قال: اللغو أن يحلف على الشيء وهو يرى أنه كما حلف عليه. "مسائل أبي داود" (1431). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن امرأة حلفت بعتق جارية لها إن كان عندها دينار، فنظرت فإذا عندها ديناران؟ قال أبو عبد اللَّه: أما العتق والطلاق فإنه يقع عليها، وإذا حلفت على الشيء ترى أنه كما حلفت عليه، فلا يكون كما حلفت، فذلك اللغو الذي قال اللَّه تبارك وتعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} فأما العتق والطلاق فإنه يعتق ويطلق. "مسائل ابن هانئ" (1481). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يكون له في دار حصة، فقال له رجل بعني ما لك في هذِه الدار، والرجل قد نسي أن يكون له في هذِه الدار شيء. فقال: كل ما لي في هذِه الدار في المساكين صدقة؟

2863 - إذا أقسم على رجل فلم يبره؟

قال أبو عبد اللَّه: يطعم عشرة مساكين. قيل له: فإن لم يطعم، ولم يصم؟ قال: أرجو أن لا يكون عليه شيء؛ لأنه حين حلف، حلف وهو يرى أنه كما حلف عليه. "مسائل ابن هانئ" (1524). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم، عن ابن أبي ليلى عن عطاء قال: أتيت عائشة مع عبيد بن عمير، قال: فسألها عبيد عن قوله عز وجل {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} قالت عائشة: هو قول الرجل لا واللَّه وبلى واللَّه ما لم يعقد عليه قلبه. "العلل" رواية عبد اللَّه (2198) نقل عنه ابنه عبد اللَّه أنه قال: اللغو عندي أن يحلف على اليمين، يرى أنها كذلك ولا كفارة. والرجل يحلف ولا يعقد قلبه على شيء، فلا كفارة. ونقل حنبل عنه، وقد سئل عن اللغو فقال: الرجل يحلف فيقول: لا واللَّه، وبلى واللَّه، لا يريد عقد اليمين في كلام أو مراجعة كلام، فإذا عقد على اليمين لزمته الكفارة. "الروايتين والوجهين" 3/ 45، "زاد المسير" 1/ 255. 2863 - إذا أقسم على رجل فلم يبرهُ؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: من أقسمَ على رجلٍ فلم يَبَرهُ؟ قال: الحِنْثُ على المقسمِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1727).

2864 - اليمين الغموس وحكمها

قال صالح: الرجل يقول للرجل: باللَّه عليك إلا أكلت، فلا يأكل، أو يقول: أقسمت عليك باللَّه إلا أكلت. قال: الناس فيه مختلفون، فمن الناس من يقول: تجب الكفارة على الذي أقسم أو أحلف. ومن الناس من يقول: على الذي أقسم عليه. "مسائل صالح" (1385). 2864 - اليمين الغموس وحكمها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يحلفُ كاذبًا على أمرٍ يَتعمَّدُ ذَلِكَ. قال: هذا أَتى عَظيما. قلت: الكفارةُ. قال: هذا تبوَّأ مقعدَه. قال إسحاق: ليسَ في ذَلِكَ كفارةٌ ولكن فيه إثمٌ عظيمٌ فَلْيَتُب إلى اللَّه سبحانه وتعالى. "مسائل الكوسج" (1776). قال حرب: قلت: حلف كاذبًا متعمدًا فيه كفارة؟ قال: هذا أعظم من أن يكون فيه كفارة، وقد روى عن بعضهم أنه قال: يكفر. "تهذيب الأجوبة" 1/ 511. نقل أبو طالب: لا كفارة فيها وهو أعظم من أن يكون فيه كفارة. نقل أبو العباس اللحياني: إنما الكفارة فيمن يتعمد الحلف على الكذب أنه قال: يكفرها. قال: ولا أعلمه إلا وقد سمعته يقول أيضًا،

2865 - من حلف على شيء ثم فعله مكرها

وقد روي في الذي يتعمد الحلف على الكذب أنه قال: يكفرها. "الروايتين والوجهين" 3/ 44. 2 - أن يحلف مختارًا: 2865 - من حلف على شيء ثم فعله مكرهًا قال ابن هانئ: وسئل عن: رجل حلَّفه المحتسب، أن لا يقصر إلا ثوبًا تاما، أو شقه اثني عشر ذراعًا، يكفر يمينه، ويقصر؟ قال: إذا لم يكن طلاق أو عتاق، يكفر. "مسائل ابن هانئ" (1525). قال ابن هانئ: وسألته عن: الرجل يأخذه المحتسب (¬1)، فيجد معه الدراهم الزيف (¬2) فيحلفه أنه يأتي صاحبه؟ قال أبو عبد اللَّه: يكفر يمينه، ولا يأتيه، ما لم يكن طلاق، أو عتاق. "مسائل ابن هانئ" (1526). قال ابن هانئ: وسئل عن رجل يقهره السلطان، فيستحلفه؟ قال: إذا كان طلاق، فلا أقول شيئًا، وإن كانت يمين، يقهره عليها، إذا ضربه، فلا أرى عليه شيئًا. "مسائل ابن هانئ" (1527). ¬

_ (¬1) المحتسب: له الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأمور الدينية والدنيوية، مما ليس من خصائص الولاة والقضاة وأهل الديوان، والاحتساب: مشترك بين ولاة الأمور، فمن أدى فيه الواجب، وجبت طاعته فيه. ملخص من كتاب "الحسبة" لشيخ الإسلام ابن تيمية. (¬2) الدراهم الزيوف: الرديئة، يقال: درهم زيف وزائف، إذا كان رديئًا، أما المشوبة بغير الفضة من الغش فهي مغشوشة.

قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يقدم إلى السلطان بحق لرجل عليه، فيهدده السلطان، فيدهش، فيقر له، ثم يرجع بعد عما أقر به، ويقول: هددتني ودهشت. أللسلطان أن يأخذ بما أقر به، أو يستثبت، وهو ربما علم أنه إنما أقر بتهدده إياه؟ قال أبو عبد اللَّه: وما علمه أنه إنما أقر بتهدده إياه، يؤخذ بإقراره الأول. "مسائل ابن هانئ" (1528). قال حرب: سألتُ إسحاقَ قلتُ: رجل حلف بالطلاق أن لا يدخل دارًا، فحمله قوم كرها فأدخلوه الدار؟ قال إسحاق: إن كان نوى أن لا يدخل طوعًا من ذات نفسه، فأُدخِلَ كرهًا، وهو يقدر على أن يمتنع، فتركهم حتى حملوه كرها؛ لما هوى ذلك فهو كالداخل من ذات نفسه. "مسائل حرب" ص 157 نقل أبو الحارث عنه في الرجل يحلف لا يدخل هذِه الدار، فحمل وأُدخل الدار، وهو عاقل لا يريد الدخول. قال: أخاف أن يكون قد حنث. "الروايتين والوجهين" 2/ 155. قال في رواية أبي طالب: إذا حلف أن لا يدخل الدار فحمل كرهًا، فأدخل فلا شيء عليه. وقال في رواية أبي الحارث: إذا حلف أن لا يدخل الدار فحمل كرهًا، فأدخل فإنه لا يحنث. "إعلام الموقعين" 4/ 94.

2866 - 3 - الحنث في اليمين

2866 - 3 - الحنث في اليمين قال ابن هانئ: وسئل عن رجل قال: لا يراني اللَّه في موضع -قد سماه- فحنث؟ قال: عليه كفارة يمين. "مسائل ابن هانئ" (1486). 2867 - إذا حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمد عن رجلٍ حلفَ أن لا يدخلَ على أختِه، تأمره أنْ يكَفِّرَ يمينه ويدخل؟ قال: لا آمره، وإذا حلفَ فحنثَ فهو أهون، وأنا عليه أَجْرأُ مِن أن آمرَه أنْ يكفرَ يمينه، ثم يحنث. قال إسحاق: بل نأمرُه بذلكَ ونحرضه عليه؛ لأنَّ في ذَلِكَ أجرًا؛ لقولِ الرسولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ حلفَ عَلَى يَمِينٍ غَيرَهَا خَيرًا مِنْهَا فَليأْتِ الذِي هُوَ خَيْرٌ" (¬1). "مسائل الكوسج" (3266). قال صالح: حدثني أبي قال: حَدَّثَنَا هشيم قال: أخبرنا منصور ويونس، عن الحسن، عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، إِذَا آلَيْتَ عَلى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ" (¬2). "مسائل صالح" (504). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 361، ومسلم (1650) من حديث أبي هريرة. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 61، والبخاري (6622)، ومسلم (1652).

2868 - من حرم حلالا سوى زوجته

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: إذا حلف على معصية يكفر يمينه؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1427). 2868 - من حرم حلالًا سوى زوجته قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَن قال: كلُّ حلالٍ عليه حرامٌ إذا كانت له امرأة؟ قال: إذا كانت له امرأةٌ فكفارةُ الظهارِ، وإذا لم يكن له امرأةٌ فكفارةُ يمينٍ. قال إسحاق: كما قال إذا لم ينو طلاقَ امرأتِهِ. "مسائل الكوسج" (1734). قال صالح: الرجل يقول: هذا الطعام على حرام إن أكلت منه شيئًا؟ قال: يكفر إذا أكل. "مسائل صالح" (1398). 2869 - الوقوع في الممنوع بلا اختيار قال صالح: سألت أبي: الرجل يحلف أن يشرب هذا الماء في الكوز فانصب؟ قال: يحنث. وكذا إن حلف أن يأكل هذا الرغيف، فجاء كلب فأكله؟ قال: يحنث؛ لأن هذا شيء لا يقدر عليه. "مسائل صالح" (745).

نقل جعفر بن محمد بن شاكر في رجل حلف على غريم له ألَّا يفارقه حتى يستوفي منه ماله فهرب منه خلته يحنث. "الروايتين والوجهين" 3/ 57، و"إعلام الموقعين" 4/ 94 وقال في رواية مهنا في رجل قال لامرأته: إن تركت هذا الصبي يخرج من باب البيت فأنتِ عليّ كظهر أمي، فانفلت الصبي فخرج أو قامت تصلي فخرج: فإن كان نوى أن لا يخرج الباب فخرج حنث، وإن نوى أن لا تدعه فهي لم تدعه فلا يحنث. "الروايتين والوجهين" 3/ 57، "الفروع" 6/ 360

فصل: أنواع الكفارة

فصل: أنواع الكفارة 1 - الإطعام 2870 - مقدار وجنس الطعام، وكم يطعم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كَم في كفارَةِ اليمينِ من الطَّعامِ؟ قال: مُدَّينِ لكلِّ مِسكين. قال إسحاق: كما قال، ونصفُ صاعٍ أفضلُ. "مسائل الكوسج" (1736). قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: إذا أطعم ستين مسكنيًا يطعم مدًّا مدًّا لكل مسكين. قال إسحاق؟ جائز. "مسائل الكوسج" (3247) قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: يطعمُ في كفارةِ اليمين عشرة مساكين، لكلِّ مسكين مُدُّ بُرٍّ، أو مُدَّا تمر؟ قُلْتُ: ومُدَّا شعير؟ قال: ليس في الشعير حديث. قال: إذا كان طعامه؟ قال: مُدَّان سوى البُرِّ. "مسائل الكوسج" (3404). قال صالح: كفارة اليمين؟ قال: مد بر أو نصف صاع تمر. "مسائل صالح" (737).

قال صالح: وسألته عن كفارة اليمين؟ فقال: ثلاثة أرطال غير ثلث تمر لكل مسكين، وإلا فرطل وثلث دقيق. "مسائل صالح" (836) قال صالح: وقال: كفارة اليمين: رطل وثلث حنطة أو دقيق. "مسائل صالح" (1102). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن كفارة اليمين؟ قال: مد لكل مسكين، أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كعبًا أن يطعم (¬1) يعني: مد من تمر. "مسائل أبي داود" (1439). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن أمر عمر مُدين في كفارة اليمين (¬2)؟ قال: هذا على التفضل عندنا أو كلمة نحوها. "مسائل أبي داود" (1440). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يقول: على المشي إلى بيت اللَّه إن لم أفعل كذا وكذا، فحنث؟ قال: فيه اختلاف، والذي أرى أنه يطعم عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من تمر ثلاثة أرطال غير ثلث، أو مُد بُر رطل وثلث. "مسائل ابن هانئ" (1482) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن كفارة اليمين؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام 4/ 241 - 242، والبخاري (1814)، ومسلم (1201) من حديث كعب بن عجرة. (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 507 (16075)، وابن أبي شيبة 3/ 73 (12192)، والبيهقي 10/ 55.

قال: مُد مُد من كل شيء، إلا من التمر نصف صاع. "مسائل ابن هانئ" (1490). قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: يجمعهم ويطعمهم خبزًا ولحمًا، أو خبزًا وأُدمًا؟ قال: أنا أكره ذلك بل يعطيهم تمرًا، أو حنطة، أو شعيرًا. "مسائل ابن هانئ" (1491). قال ابن هانئ: سألته عن كفارة اليمين؟ قال: مد بر أقله، أو نصف صاع تمر. "مسائل ابن هانئ" (1492). قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يكون طعامه شعيرًا وحنث، عليه كفارة يمين؟ قال: يعطيهم شعيرًا، ما يأكل هو منه. "مسائل ابن هانئ" (1506). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: أخبرنا الحجاج عن حصين بن عبد الرحمن قال أبي -يعني: الحارثي الكوفي- عن عافر، عن الحارث، عن علي في كفارة اليمين. قال: يغدي ويعشي خبزًا ولحمًا، وخبزًا وسمنًا، خبزًا وتمرًا. "العلل" رواية عبد اللَّه (305) قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: فيعطى البر والدقيق؟ فقال: أما الذي جاء فالبر، ولكن إن أعطاهم الدقيق بالوزن، جاز. قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل أخذ ثلاثة عشر رطلًا وثلثا دقيقًا، وهو كفارة اليمين، فخبزه للمساكين، وقسم الخبز على عشرة مساكين، أيجزئه ذلك؟

2871 - إن لم يجد إلا مسكينا أو مسكينين، يرد الطعام عليهم؟

قال: ذلك أعجب إلي، وهو الذي جاء في الحديث أن يطعمهم مُدَّ بُرٍّ، وهذا إن فعل فأرجو أن يجزئه. قلت: إنما قال اللَّه تعالى: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} فهذا قد أطعم عشرة مساكين، وأوفاهم المد. قال: أرجو أن يجزئه. ونقل الأثرم، في موضع آخر، أن أحمد سأله رجل عن الكفارة، قال: أطعمهم خبزًا وتمرًا؟ قال: ليس فيه تمر. قال: فخبز؟ قال: لا، ولكن بُرًّا أو دقيقًا بالوزن، رطل وثلث لكل مسكين. "المغني" 11/ 100 ونقل عنه الأثرم: إن أطعم برًا فمد لكل مسكين، وإن أطعم تمرًا: فنصف صاع لكل مسكين وهم ستة مساكين في الفدية. "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 325 2871 - إن لم يجد إلا مسكينًا أو مسكينين، يُرد الطعام عليهم؟ قال صالح: وسألته عن رجل عليه كفارات، أيجوز له أن يجمع عشرة مساكين فيطعمهم عشر كفارات في يوم واحد؟ وهل يعطي كل مسكين في كل يوم أكثر من مد؟ قال أبي: إذا كان يجد مساكين فأحب إلى أن يعطيهم، ولا يكرر عليهم، فإن ضاق عليه: فلا بأس أن يجمع عشرة، فيعطيهم ليمينين، لثلاثة. وقال: كل من أكل الطعام يعطى مدًّا. "مسائل صالح" (194).

2872 - هل يشترط التتابع في الإطعام؟

قال صالح: وسألته عن الرجل يريد أن يطعم مائة مسكين، وليس يجد في محلته مائة مسكين؟ فقال: إذا جمع عشرة فلا بأس به أن يطعمهم كفارتين وثلاثة. "مسائل صالح" (268). قال أبو داود: سمعت أحمد قال: كفارة اليمين يعطيه عشرة مساكين، إذا كان يجدهم أحب إلي من أن يعطي مسكينًا واحدًا. "مسائل أبي داود" (1438). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يعطي عشرة أمداد أقل من عشرة مساكين؟ قال: يجمع عشرة مساكين فيعطيهم كفارتين. "مسائل ابن هانئ" (1493). نقل مهنا عنه في رجل عليه أن يطعم عشرين ومائة مسكين عن ظهاره فأطعم ستين مسكينًا عن ظهار في يوم، لكل مسكين نصف صاع جميعًا: لا يجزئه إلا أن يكون لا يجد مساكين، فأما من يجد فلا. ونقل أبو الحارث عنه: لا يجوز إعطاء خمسة مساكين، لكل مسكين فدان، فإن أعطى من جنسين أو ثلاثة أجزأه. "الروايتين والوجهين" 2/ 191. 2872 - هل يشترط التتابع في الإطعام؟ نص في رواية الأثرم، وقيل له: تكون عليه كفارة يمين، فيطعم اليوم واحدًا، وآخر بعد أيام، وآخر بعد، حتى يستكمل عشرة؟ فلم ير بذلك بأسًا. "المغني" 11/ 98.

2873 - من يطعم من كفارة اليمين؟

2873 - من يطعم من كفارة اليمين؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قِيل لَهُ -يعني: سفيان: يُطعَم أهلُ الكتابِ من كفارةِ اليمينِ؟ قال: المسلمُ أحبُّ إليَّ. قال الإمام أحمدُ: لا يَجُوز لَهُ أنْ يُطعم أهلَ الذمةِ مِنْ كلِّ شيء، من الواجبِ لا يُطعم أهلَ الذمة كفارةَ اليمين والظهارِ وكلّ شيء من الكفارات. قال إسحاق: كما قال أحمد، وأجادَ. "مسائل الكوسج" (1750) قال صالح: يطعم الصغار في كفارات اليمين؟ قال: الكبار أعجب إليّ، فإن كان ممن يطعم الطعام فأقل ما قيل فيه عشرة مساكين، مد لكل مسكين، إن كان من وصية فلا يُزادون على مد مد، وإن كان رجل يكفر عن يمينه فشاء أن يعطي نصف صاع بر، أعطى، أو صاع تمر، أو صاع شعير. والمد: ربع الصاع، والصاع: خمسة أرطال وثلث بالبر. "مسائل صالح" (443). قال أبو داود: قلت لأحمد: يُعطى في كفارة اليمين الصغار؟ قال: إذا كانوا يأكلون الطعام. "مسائل أبي داود" (1441). قال أبو داود: سمعت أحمد وسئل: يعطي قراباته كفارة اليمين؟ قال: إذا كانوا محاويج؛ أظنه قال: وليس يحابيهم بذلك إن شاء اللَّه. "مسائل أبي داود" (1442).

2 - الكسوة

قال ابن هانئ: الصبي يكون مفطومًا، يُعطى في كفارة اليمين؟ قال: إذا كان يأكل الطعام يُعطى. "مسائل ابن هانئ" (1495). قال الميموني: مسألة هل يطعم في كفارة اليمين والظهار وقتل النفس خطأ ووطء أهله في رمضان غير أهل الإسلام؟ فقال: لا يطعم في هذِه غير أهل الإسلام، ولا في شيء من الواجبات. "الروايتين والوجهين" 2/ 299. 2 - الكسوة 2874 - جنس الكسوة، وما يجزئ فيها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا كَسا كم يَكسو؟ قال: ثوبًا جامعًا تَجوزُ فيه الصلاةُ. قال إسحاق: أحسَنَ، كما قال "مسائل الكوسج" (1740). قال أبو جعفر محمد بن علي الوراق: تجزئ العمامة في الكسوة في كفارة اليمين؟ فقال لي: تجزئ القلنسوة، ثم قال: لا إلا الثوب أو القميص، وإن كسا امرأة فقميص ومقنعة، لأنه لا يجوز للمرأة أن تصلي إلا في قميص ومقنعة، الكسوة فيما تجوز فيه الصلاة. "بدائع الفوائد" 4/ 53. نقل حرب عنه: ما يجوز فيه الفرض كوبر وصوف، وما يسمى كسوة ولو عتيقًا لم تذهب قوته. "الفروع" 6/ 351

3 - العتق

3 - العتق 2875 - ما يجزئ في الرقبة المعتقة (¬1) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُجزئ المُكاتب في الرَّقبةِ الواجِبةِ؟ قال أحمد: إذا لم يكن أَدى شيئًا فنعم، وأمَّا إذا كان أَدى الثُّلثَ، النصفَ، الثلثينِ، فلا يُعجبني. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1737). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُجزئ ولدُ الزنا في الرقبةِ الواجبةِ؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1738). قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عنْ عتقِ النسمةِ؟ فَاختارَ الرجلَ عَلَى المرأةِ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ الرجلَ هو بدل الرجلِ، والمرأتان تعدلان برجلٍ، فعتقُ رجلٍ يكونُ برجلٍ أعظم أجرًا، وإذَا قَتَلَ النفرُ المرأةَ عمدًا؛ قُتِلُوا بها "مسائل الكوسج" (2321). ¬

_ (¬1) قال أبو بكر الخلال في "أحكام أهل الملل" 2/ 333 (713)، باب عتق غير المسلم في الكفارات: روى هذا الباب عن أبي عبد اللَّه أحمد خمس أنفس. ثلاثة منهم قال عنه: لا يجوز الميموني. وأبو طالب. وصالح واحتج له. وروى عنه إسماعيل بن سعيد، وإسحاق أنه يجوز في احتجاجه في قوله الأول فليعلم أنه قد نسخ هذا من ذكره الآية وتأويل الشهود وغير ذلك. والأمر في قوله الذي هو أحوط وأقرب إلى الحق وأشبه بالكتاب: أن لا يعتق في جميع الكفارات إلا مسلمًا. وباللَّه التوفيق.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يكره عتق اليهودي والنصراني؟ قال: غيرُهُ آجرُ له وخير، أليسَ قَد أعتقَ عمرُ -رضي اللَّه عنه- (¬1)، وأعتق ابن عمر -رضي اللَّه عنه- (¬2). قال إسحاق: عتقُه جائزٌ، وغيرُه أفضلُ إلَّا أنْ يطمعَ في إسلامهِ إنْ أعتقَهُ فهو حينئذٍ أفضل من غيره. "مسائل الكوسج" (3079). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يجزئ أم الولدِ والمدَبَّر مِنَ الرقبةِ؟ قال أحمد: أمَّا المدَبَّرُ فليسَ فيه شك، وأَرجُو أنْ يجزئ أم الولدِ. قُلْتُ: ويجزئ ولد الزِّنَا مِنَ الرقبةِ؟ قال: ويجزئ ولد الزنا من الرقبة. قال إسحاق: كما قال أحمد، إلَّا أم الولدِ، فإنَّها لا تجزئ عن رقبة واجبة. "مسائل الكوسج" (3220). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ويجزئ اليهودي والنصراني في الظهارِ واليمينِ؟ قال: نعم، في الظهارِ واليمينِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3221). ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 6/ 158 - 159، وابن أبي شيبة 3/ 107 (12548، 12549). (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 118 (16577)، وابن أبي شيبة 3/ 107 (12551).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما يجوز في قتلِ النفسِ خطأ، أيجوزُ فيها أعرج، أعمى، ولد زنا؟ قال: إذا كانت مؤمنة قد صَلَّت فهي تجوزُ في قتلِ النفسِ، ولكن لا يقصد قصد ذلك، وفي الظهار واليميَن يجوز الصغير، ولا يجوزُ أن يكون على غيرِ الإسلامِ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ كلَّ رقبةٍ سَمَّاهَا اللَّهُ عز وجل مؤمنةً، فلا يجوزُ إلَّا مسلمة، وأعجبُ إليَّ أنْ يكونَ كلَّما كان على الواجب أن يكونَ مسلمًا. "مسائل الكوسج" (3222). قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا قُرَّان بن تَمَّام، عن عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أنه أعتق ولد زنا وأمه، فكان يغسل رأسه بالخطميِّ قبل أن يحلق. "مسائل صالح" (823) قال صالح: قال أبي: لا يجوز عتق اليهودي ولا النصراني في شيء من الكفارات، وأما التطوع؛ فلا بأس به. "مسائل صالح" (1386). قال ابن هانئ: سألته عن رجل عليه عتق رقبة يشتري غلامًا حجامًا فيعتقه، أيجزئ عنه؟ قال: نعم يجزئ عنه، يشتري ويعتقه. "مسائل ابن هانئ" (1201)، (1522) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يعتق العبد؟ فقال أبي: أعجب إليّ أن يعتق عبدًا عاملًا بيده ويكتسب، أحب إليّ من أن يسأل الناس.

قلت لأبي: فإن كان ضعيفًا لا يقدر على الكسب؟ قال: إن كان في يدي رجل سئ الملكة أو به ضُر فلا بأس أن يعتقه، وأعجب إليَّ أن يكون مكتسب. "مسائل عبد اللَّه" (1431). قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن كان خصي؟ قال: نعم، وإن كان خصي لا بأس أن يعتق. قلت: والمرأة؟ قال: يعتق عنها امرأة أحب إليّ. "مسائل عبد اللَّه" (1432). قال حرب: سمعت أحمد يقول: يعجبني في الكفارات كلها أن تكون رقبة مؤمنة. "مسائل حرب" ص 269. قال الخلال: أخبرنا الميموني أنه قال لأبي عبد اللَّه يعتق في شيء من الكفارات أحد من أهل الكتاب؟ قال: لا يعتق في الكفارات أحد من أهل الكتاب وتأول يمين الشاهد. قال في غير موضع: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: من الآية 282]. [وقال] {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: من الآية 2]. وقال: أخبرنا ابن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن من قال اليهودي والنصراني يجزئ من رقبة؟ قال: المسلم أحب إليَّ. قال: من احتج أن اللَّه تبارك وتعالى قال: في الدية مؤمنة لا يجوز إلا مؤمنة وغير ذلك قال: {رَقَبَةٍ}. فلا بأس إن كانت. واحتج من

احتج بالمسلم قال: اللَّه عز وجل يقول: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} وقال موضع آخر: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: من الآية 282] فلم يذكر عدلًا فلا يجوز إلا العدل. وكذلك يكونون مسلمين. وعمر -رضي اللَّه عنه- لما أعتق نصرانيًا لم يكن في كفارة ولا يعتق إلا مسلمًا. وقال: أخبرني موسى بن سهل قال: حدثنا محمد بن أحمد الأسدي قال: حدثنا إبراهيم بن يعوق، عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد عن اليهودي والنصراني والمجوسي هل يجوز في الكفارات؟ قال: نعم إلا في القتل لأن اللَّه قال في ذلك: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: من الآية 92]. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 331 - 333 (710 - 712) نقل الميموني عنه: يعتق الصغير، إلا في قتل الخطأ فإنه لا يجزئ إلا مؤمنة. أراد التي قد صلت. "الروايتين والوجهين" 2/ 185، "الفروع" 5/ 550 نقل الأثرم عنه، وقد سُئل عن عتق الصغير في الكفارة، فقال: أعجب إلى أن يكون يُصلي؛ لأن الإيمان قول وعمل. ونقل حنبل عنه: أحب إليّ أن يكون كبيرًا؛ لأنه تكون مؤمنة. "الروايتين والوجهين" 2/ 185. نقل يوسف بن موسى عنه في عتق الأعور في الكفارة: يجزئه. "الروايتين والوجهين" 2/ 188.

4 - الصيام

4 - الصيام 2876 - كيفية صيام الكفارة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ صيام ثلاثةِ أيام متتابعة. قال: نعم، متتابعة في كفارةِ اليمينِ في قراءة أُبي (¬1)، وابن مسعود (¬2) -رضي اللَّه عنهما-. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1749). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في صيام شهرينِ متتابعينِ يستقبلُ الرجلُ من المرضِ وغيره والمرأةُ تقضي من الحيضِ وتستقبلُ من المرضِ. قال أحمد: يبني. رمضان متتابعًا، أليس يفطر، ثم يقضي ما أفطر؟ قال إسحاق: كما قال أحمد يبني على ما مضى أبدًا من مرضٍ أو غيره. "مسائل الكوسج" (1754). قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عمن عليه صوم شهرين متتابعين فصام شهرين إلا يومًا -يعني: ثم أفطر، أعيد الصوم؟ قال: بل يصوم يومًا. "مسائل أبي داود" (1170) ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" ص 204، وابن جرير 5/ 31، وابن أبي داود في "المصاحف" ص 53، والحاكم 2/ 276، والبيهقي 10/ 60 قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. (¬2) رواه عبد الرزاق في "المصنف" 8/ 514 (16104)، وابن جرير 5/ 31، وابن أبي حاتم 4/ 1195 (6735)، والبيهقي 10/ 60.

2877 - من صام في الكفارة ثم أيسر

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه، قلت: في الكفارات يفرق الصيام؟ قال: لا يفرق صيام الثلاثة أيام، ويفرق ما سوى ذلك، في قراءة أبي بن كعب، وابن مسعود: (فصيام ثلاثة أيام متتابعات). قال حجاج: قلت لعطاء فقال: إذًا ننقاد لكتاب اللَّه عز وجل. "مسائل ابن هانئ" (1497). قال ابن هانئ: سألته عن كفارة اليمين صيام ثلاثة أيام. قال: متواليات في قراءة أبي وابن مسعود. "مسائل ابن هانئ" (1498). 2877 - من صام في الكفارة ثم أيسر قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن صام في الكفارة، ثم أيسر؟ قال: يمضي في صومه، أرجو أن يجزئه. "مسائل أبي داود" (1437). قال عبد اللَّه: وقال أبي: أخبرني على كفارة اليمين إذا لم يكن عنده ما يطعم فصام يومًا أو يومين، أنه يمضي ولا يطعم، وكذلك المظاهر والعائل إذا صام ثم وجد، يمضي في صومه. وقال الزهري: هي السنة إذا صام ثم وجد أنه يمضي في صومه (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (152). ¬

_ (¬1) رواه ابن الجعد في "مسنده" (2786) عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب، ومن طريقه البيهقي 7/ 389. قلت: وقع في المطبوع من "السنن": ابن أبي ذئب بن شهاب، وهذا خطأ والصواب ما أثبتناه.

2878 - الترتيب أو التخيير في الكفارة

2878 - الترتيب أو التخيير في الكفارة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في الذي يَحنثُ مَتى يجبُ عليه الصومُ ممن لا يَجدُ الكفارَةَ؟ قال: يَتركُ لنفسِه قوتَ يومِهِ، ثم يُكفر ما بَقي، وإذا دَخلَ في الصَّومِ، ثم وجدَ سَعَةً يمضي في صَيامهِ. قال إسحاق: كما قال إلا أنَّا نَختارُ له إذا وَجد سَعة قبلَ فَراغه من الصومِ أن يُعتق أو يُطعم أو يَكسو. "مسائل الكوسج" (1739). قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: إذا حلفَ وحنثَ فهو في الطَّعامِ والكسوةِ والعتق بالخيارِ أيها شاء فعلَ، فإذا لم يجدْ فإذ ذاك يجوز أنْ يصومَ. قال إسحاق: كما قال، ويصوم تباعًا لا يجزئه غير ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (3265). 2879 - هل تجزئ القيمة في الكفارة؟ قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يعطي في كفارة اليمين قيمة؟ قال: لا يعطي إلا ما أعطى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، تمرًا أو حنطة، ولا يعجبني قيمة. "مسائل ابن هانئ" (1496). روى الأثرم، أن رجلًا سأل أحمد، قال: أعطيتُ في كفارة خمسة دوانيق؟ فقال: لو استشرتني قبل أن تُعْطي لم أشر عليك، ولكن أعط ما بقي

2880 - متى ترفع الكفارة الحنث؟

من الأثمان على ما قلت لك. وسكت عن الذي أعطى. "الروايتين والوجهين" 2/ 192، "المغني" 11/ 101 نقل الأثرم والميموني عنه فيمَنْ دفع القيمة في الكفارة: أخاف أن لا يجزئ. "الروايتين والوجهين" 2/ 192. 2880 - متى ترفع الكفارة الحنث؟ قال صالح: كفارة اليمين قبل وبعد، ابن عمر كفر بعد وقبل (¬1)، وسلمان قبل (¬2). "مسائل صالح" (1045). قال صالح: قال أبي: ولا بأس بتعجيل الكفارة قبل الحنث، يروى فيه عن سلمان وابن عمر كفرا قبل الحنث، وقال اللَّه عز وجل: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] قد أمر بالكفارة قبل الحنث، فلو أنه طلقها أو مات عنها قبل أن يكفر لم يكن عليه كفارة؛ لأنه لم يحنث، وقال بعض الناس: لا تجزئ الكفارة إلا بعد الحنث. "مسائل صالح" (1391). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: يكفر في اليمين قبل أن يحنث؟ قال: قبل وبعد. "مسائل أبي داود" (1436). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 515 (16107)، والبيهقي 10/ 54. (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 515 (16109)، وابن أبي شيبة 3/ 84 (13310).

2881 - وقت اعتبار الاستطاعة في أداء الكفارة

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عمن حلف بيمين، أيكفر قبل أن يحنث، أو يحنث ويكفر؟ قال: أيهما شاء فعل، فقد أجزأه، وأحب إلى أن يكفر، ثم يحنث. "مسائل ابن هانئ" (1523). 2881 - وقت اعتبار الاستطاعة في أداء الكفارة قال صالح: وقال: يروى في الرجل يحلف فيحنث وليس عنده، فروي عن إبراهيم قال: إذا كان عنده عشرون درهمًا كَفَّر. وقال الحسن: أما يجد واف. وروي عنه أيضًا أنه كان لا يوقت في ذلك ولا محمد بن سيرين، وروي عن سعيد بن جبير: إذا كان عنده ثلاثة دراهم كفر (¬1). قال أبي: إذا كان عنده أكثر من قوت يوم كَفَّر، ويروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كان عنده ما يبيته لم يسأل" (¬2) وإن لم يكن عنده صام ثلاثة أيام متتابعات. "مسائل صالح" (1357). قال صالح: رجل عليه كفارة يمين وليس له مال؟ قال: إذا كان عنده من الورق أكثر من قوت يوم، كفر عن يمينه بالفضل من قوت يومه، وإن لم يكن عنده صام ثلاثة أيام متوالية. "مسائل صالح" (1368). ¬

_ (¬1) روى عبد الرزاق 8/ 501 (16049 - 16050) أثر إبراهيم وسعيد بن جبير. وروى ابن أبي شيبة 3/ 103 (12502 - 12503، 12505 - 12507) أثر إبراهيم، والحسن ومحمد بن سيرين، وسعيد بن جبير. (¬2) رواه الطبري في "تهذيبه" السفر الأول مسند عمر ص 32.

2882 - سقوط الكفارة بالدين

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل تكون عليه كفارة وليس عنده شيء؟ قال: ولا فضل قوت يوم. قال: إن كان عنده فضل قوت يوم أطعم في الكفارة. "مسائل ابن هانئ" (1494). قال ابن هانئ: سمعته غير مرة يقول: إذا كان عنده أكثر من قوت يوم أطعم في الكفارة. "مسائل ابن هانئ" (1512). 2882 - سقوط الكفارة بالدين نقل عبد اللَّه فيمن حلف بصدقة ما يملك وعليه دين أكثر مما يملك، أعليه كفارة؟ قال: نعم، يكفر عن يمينه إذا كان في يديه ما يفضل عن عياله يومه. ونقل الحسن بن محمد بن الحارث فيمن له مائة درهم وعليه مائة درهم دين، يكفر؟ قال: أحب إليَّ أن يكفر. "الروايتين والوجهين" 3/ 53. 2883 - من لزمته أيمان، موجبها واحد؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فِيمن يَحلفُ على أمورٍ شتَّى، أو على شيءٍ واحدٍ مرارًا، أو في مجلسٍ واحد أو في مجالسَ. قال: ما لم يُكفر فهو كفارةٌ واحدةٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1732).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ حلفَ فقال: واللَّهِ لا آكلُ هذا الطعامَ، ولا ألبسُ هذا الثوبَ ولا أدخلُ هذا البيتَ؟ قال: في كلّ هذا كفارةٌ واحدةٌ؛ لأنه في شيء واحدٍ نَسقًا واحدًا. قال إسحاق: كما قال؛ إلا أن يُريد أن يؤكِّد على نفسِه، في كلِّ واحد يمينا. "مسائل الكوسج" (1764). قال صالح: في الرجل يقول: أنا يومًا يهودي، وأنا يومًا نصراني أو مجوسي أو مالي في المساكين، قال: قال ابن عمر: كفارة يمين (¬1) وإن تفرد بيهودي أو نصراني أو واحد من هذِه اليمين. قال: فيه كفارة يمين. وإذا جمعهما فيه كفارة واحدة. "مسائل صالح" (957). قال صالح: وقال أبي: إذا قال: جاريتي حرة إن لم أصنع كذا وكذا، قال: قال ابن عباس، وابن عمر: تعتق (¬2). وإذا قال: كل مالي في رتاج الكعبة أو مالي في المساكين لم يدخل فيه جاريته؟ قال: قال أبي: ذا لا يشبه ذا، ألا ترى أن ابن عمر فرق بينهما، العتق والطلاق لا يكفر. وقال: أصحاب أبي حنيفة يقولون: إذا قال الرجل: مالي في المساكين أنه يتصدق به على المساكين. وإذا قال: مالي على فلان صدقة. قالوا: ليس بشيء حتى يقبضه. وإذا قال: في المساكين خرج منه إلا قدر قوته. فكان ينبغي أن يكون قوله على المساكين أبعد منه على ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 486 (16000)، والدارقطني 4/ 163، والبيهقي 10/ 66. (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 485 (15998)، والبيهقي 10/ 68.

رجل بعينه، ويعجب مما يقولون في الحيل في الأيمان، ويبطلون الأيمان بالحيل. وقال اللَّه تعالى: {وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: 91] وقال اللَّه: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: 7]، وابن عيينة قال لسفيان: أفتى رجل غير ثقة فاجترأ -يعني: أبا حنيفة. وكان ابن عيينة يشتد عليه أمرهم وأمر هذِه الحيل. كان الشعبي والحكم يقولان: إذا قال الرجل: مالي في المساكين ليس عليه كفارة ولا شيء (¬1). وكان ابن عمر إذا حلف على يمين فكررها أعتق رقبة (¬2)، وإذا حلف على يمين واحدة كفر كفارة واحدة. "مسائل صالح" (958). قال صالح: الرجل يحلف فيقول: واللَّه واللَّه واللَّه لا فعلت كذا وكذا، يريد بذلك التأكيد على نفسه والتغليظ حتى لا يفعل؟ قال: أما ابن عمر فكان إذا وكد أعتق، والتأكيد: أن يحلف على الشيء فيكرر اليمين. وأرجو أن تجزئه كفارة يمين. "مسائل صالح" (1365). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يقول: مالي في المساكين وعليَّ المشي؟ قال: إذا عقد بها اليمين فعليه كفارتان، يروى فيه عن ابن عمر وزينب وحفصة (¬3). "مسائل ابن هانئ" (1480). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن رجل قال لامرأته: حل اللَّه عليّ حرام إن لم تأكلي معي، فأبت، ثم عاد فقال: حل اللَّه عليّ حرام ¬

_ (¬1) لم أقف عليه. (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 503 (16058)، وابن أبي شيبة 3/ 86 (12040). (¬3) انظر مصنف عبد الرزاق 8/ 486 (16000)، والبيهقي 10/ 66.

إن لم تأكلي معي؟ قال: عليه كفارة واحدة. "مسائل ابن هانئ" (1487). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يحلف خمس مرات: واللَّه واللَّه، ثم يحنث؟ قال: عليه كفارة واحدة. "مسائل ابن هانئ" (1488). قال ابن هانئ: سألته عن رجل حلف على أخيه أن لا يصحبه أكثر من سفرته هذِه، وكانت يمينه: ماله في المساكين؟ قال: تجزئه كفارة يمين إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد بر، أو ثلاثة أرطال غير ثلث تمر، أو رطل وثلث دقيق، والتمر والدقيق أحب إليّ مما سواهما. وكل شيء روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في كفارة اليمين تمر، أو دقيق، أو حنطة. "مسائل ابن هانئ" (1489). قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يحلف بثلاثين حجة، وماله في المساكين، وغلمانه أحرار؟ قال: إذا حنث، أما الثلاثون حجة لا أقول فيها شيئًا، وأما إذا حنث، قال: ماله في المساكين، أو غلمانه أحرار فإطعام عشرة مساكين، كفارة اليمين. "مسائل ابن هانئ" (1507). قال ابن هانئ: سألته عن الرجل يقول: واللَّه واللَّه واللَّه ثلاثين مرة، أو مائة مرة، أعليه كفارة واحدة؟ فقال: أما ابن عمر فكان يقول: إذا حلف الرجل وغلظ فعليه كفارة، عتق رقبة (¬1). قال أبو عبد اللَّه: وإن تقرب بأكثر ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 503 (16058)، وابن أبي شيبة 3/ 86 (12340).

من كفارة كان أحب إلي. "مسائل ابن هانئ" (1508). قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا وسأله رجل فقال: رجل قال لامرأته: متى طلقتك فكل امرأة أتزوجها إلى ثلاثين سنة فهي طالق، وكل مال له في المساكين وما استفيد إلى ثلاثين سنة، وعليَّ حجة، وقد طلق هذِه المرأة التي حلف بطلاقها وتزوج أخرى؟ قال أبو يعقوب: هذِه المرأة التي تزوج بعد طلاق امرأته جائز، وأما ما حلف بالمال والمساكين والحج، فيكفر بيمينه. "مسائل حرب" ص 114 - 115 نقل عنه المروذي في امرأة قالت لزوجها: بوجه اللَّه لا أعطيه كذا، ثم حلفت بوجه اللَّه إن هي تركتك تدخل الدار، وهي تريد إعطاءه، قال أحمد: تكفر كفارتين. "الروايتين والوجهين" 3/ 46. وقال أبو طالب: قال أبو عبد اللَّه: من حلف بالمشي إلى بيت اللَّه، وهو محرم بحجة، وهو يهدي، وماله في المساكين صدقة، وكل يمين يكفر عندها عقد يمين يحلف على شيء، فإنما هي كفارة يمين، على حديث بكر، عن أبي رافع في قصة حفصة. حلفت لتفرقن بينها وبين زوجها، فقالت: يا هاروت وماروت! كفري عن يمينك، وأعتقي جاريتك. "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام 33/ 190. قال أبو بكر الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن رجل قال: ماله في رتاج الكعبة، قال: كفارة يمين. واحتج بحديث عائشة.

قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يُسْأل عن رجل يحلف بالمشي إلى بيت اللَّه، أو الصدقة بالملك، ونحو ذلك من الأيمان، فقال: إذا حنث فكفارة؛ إلا أني لا أحمله على الحنث، ما لم يحنث. قيل له: تفعل. قيل لأبي عبد اللَّه: فإذا حنث كفر؟ قال: نعم. قيل له: أليس كفارة يمين؟ قال: نعم. "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام 35/ 254 - 255. قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في حديث ليلى بنت العجماء حين حلفت بكذا وكذا وكل مملوك لها حر، فأفتيت بكفارة يمين (¬1)، فاحتج بحديث ابن عمر وابن عباس حين أفتيا فيمن حلف بعتق جاريته وأيمان فقال: أما الجارية فتعتق (¬2). "مجموع الفتاوي" 35/ 255، "إعلام الموقعين" 3/ 57. نقل عبد اللَّه (¬3): أعجب إلى أن يغلظ على نفسه إذا كرر الأيمان أن يعتق رقبة، فإن لم يمكنه أطعم. "الفروع" 6/ 352 نقل عنه المروذي: إن كانت اليمين على أفعال فعليه لكل يمين كفارة. "معونة أولي النهى" 11/ 213 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 486 (16000)، والدارقطني 4/ 163 - 164، والبيهقي 10/ 66. (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 485 (15998)، والبيهقي 10/ 68. (¬3) لم نقف عليها في "مسائل عبد اللَّه" وهي في "مسائل صالح" بلفظ: وكان ابن عمر إذا حلف على يمين فكررها أعتق رقبة، وإذا حلف على يمين واحدة كفر كفارة واحدة.

2884 - كراهية كثرة الحلف

2884 - كراهية كثرة الحلف قال حنبل: لا يكثر الحلف، فإنه مكروه. "الفروع" 6/ 347، "الإنصاف" 27/ 499، "المبدع" 9/ 277، "المعونة" 11/ 197. 2885 - إذا نسى كيف حلف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ حلف على يمينٍ لا يدري ما هي أطلاقٌ أم غيره؟ قال: لا يجب عليه الطلاقُ حتَّى يعلم أو يستيقن. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1286). قال صالح: سألته عن رجل حلف على يمين، لا يدري بماذا حلف، باللَّه، أو بالطلاق، أو بالمشي؟ فقال: لو أنه إذا عرف اجترأت أن أجيب فيها، فكيف إذا لم يدر؟ ! "مسائل صالح" (200). قال أحمد بن علي الأبار: سمعت أبا عبد اللَّه، وقال له رجل: حلفتُ بيمين ما أدري أيش هي؟ فقال: لشأنك إذا دريتَ دريتُ أنا. "الطبقات" 1/ 127، "الفروع" 5/ 463 قال الحربي: سمعت رجلًا يسأل أحمد بن حنبل عن يمين حلفها، فقال له أحمد: كيف حلفت؟ فقال له الرجل: لا أدري كيف حلفت. فقال أحمد: حدثنا يحيى بن آدم، قال: قال رجل لشريك: حلفت ولست أدري كيف حلفت، فقال له شريك: ليتني إذا دريت أنت كيف حلفت دريتُ أنا كيف أفتيك! "تقرير القواعد" 3/ 246.

كتاب النذر

كتاب النذر 2886 - حكم النذر نقل عبد اللَّه عنه: نهى عنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "الفروع" 6/ 395، "معونة أولي النهى" 11/ 269 2887 - وجوب الوفاء به قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من يقولُ: النذر نذران: فنذرٌ للَّه عز وجل، ونذرٌ للشيطان؟ قال: فما كان للَّه عز وجل فعليه الوفاءُ، وما كان للشيطان هي المعصيةُ وعليه الكفارةُ، وفيه حديثُ الهياج (¬1) وحديث عائشة (¬2) -رضي اللَّه عنها- حديث الزهري وما كان للَّه عز وجل ففيه الوفاءُ إلا أن يكون مُعذبًا في نحو حديث أخت عقبة كفَّر عن يمينه وركبَ (¬3)، وإن كان معناهُ اليمين؛ فليُكفِّر عن يمينه. قال إسحاق: كما قال، المعذبُ وغير المعذَّبِ كفارةُ يمينٍ مغلظةٌ. "مسائل الكوسج" (1760). ¬

_ (¬1) رواه أحمد 4/ 428، وأبو داود (2667)، والطبراني 18/ 543، والبيهقي 9/ 69 فذكر قصة غلام أبيه الآبق، فجعل للَّه عليه إن قدر عليه أن يقطع يده، فقدر عليه، فأخبره سمرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن المثلة وأمره أن يكفر عن يمينه ويتجاوز عن غلامه. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 36، والبخاري (6696)، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من نذر أن يطيع اللَّه فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه". (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 143، والبخاري (1866)، ومسلم (1644).

قال ابن هانئ: سألته عن النذر؟ فقال: قال اللَّه عز وجل: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7)} [الإنسان: 7]. "مسائل ابن هانئ" (1499). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن امرأة نذرت أن تعتكف في مسجد الجامع فمنعت. قال أبي: تعتكف في غير ذلك الموضع. قلت: فإن منعت؟ قال: قال شريح: تصوم وتفطر معها كل يوم مسكين. "مسائل عبد اللَّه" (731) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل نذر أن يحج في سنة من السنين إلا أن يحول بينه وبينه حائل وهو يتخوف أن يحول بينه وبين الخروج شغل وقد أخرج الحجة فترى له أن يتصدق بها على المساكين أو يدعها إلى من يحج عنه وكذا كانت. قال: قال اللَّه عز وجل {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} فليس إلا الوفاء بالنذر فإن حيل بينه وبين الحاج في عامه هذا فأرجو أن يكون معذورًا ويكفر عن يمينه ويحج من قابل أو إذا أمكنه ذلك فإن حدث به حدث يحج عنه. "مسائل عبد اللَّه" (840) قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده حدثنا إبراهيم بن خالد المؤذن في رمضان سنة ثمان وتسعين قال: أخبرني أمية بن شبل قال: بلغني أن صفوان بن معطل كان نذر أن يضرب حسان بن ثابت بالسيف فلم يقض ذلك حتى مات، فلما أن مات حسان مشي إليه وهو على نعشه حتى ضربه. "العلل" رواية عبد اللَّه (2773)

2888 - تصرف الناذر في المنذور به بعد إيقاع النذر

ونقل الشالنجي: إذا نذر نذرًا يجمع في يمينه البر والمعصية ينفذ في البر ويكفرّ في المعصية. "الفروع" 6/ 402. 2888 - تصرف الناذر في المنذور به بعد إيقاع النذر قال ابن هانئ: وسألته عن رجل يقول لجارية له: إن لم أضرب فلانة، فأنت حرة، فباعها قبل أن يضربها؟ قال أبو عبد اللَّه: إن كان سمى وقتًا يضربها فيه، فمضى ذلك الوقت الذي سمى أن يضربها فيه، أو نوى أن يضربها فيه، ثم لم يضربها. يتبعها حتَّى يشتريها، فيعتقها. "مسائل ابن هانئ" (1521). ممن يصح النذر وممن لا يصح 2889 - لا نذر فيما لا يملك قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حَدَّثَنَا هشيم قال أخبرنا عامر الأحول عن عمرو بن شعيب عن أَبيه عن جده قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَلَا عِتْقَ لَهُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَلَا طَلَاقَ لَهُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ". "مسائل عبد اللَّه" (1316) نقل محمد بن الحكم: لا نذر فيما لا يملك ابن آدم، على حديث أبي المهلب، عن عمران بن حصين قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَملِك ابن آدمَ" (¬1). "الروايتين والوجهين" 3/ 74. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 430، ومسلم (1641).

نقل ابن الحكم: لا نذر فيما لا يملك ابن آدم، حديث المرأة حين نذرت في الناقة لتنحرنها إن سلمت. ليس في قلبي منه شيء، لا نذر فيما لا يملك، وإن كان نذر معصية فعليه كفارة يمين. ونقل حنبل عن الحسن فيمن نذر يهدم دار فلان: يكفر يمينه؟ قال أبو عبد اللَّه: ليس عليه كفارة، بمنزلة من قال: غلام فلان حرّ؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال "لا نَذْرَ فِيمَا لا يَملِكُ" (¬1) فهذا مما لا يملك، وإن كفر فهو أعجب إليَّ. "الفروع" 6/ 402. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 33، والبخاري (1363)، ومسلم (110) من حديث ثابت بن الضحاك.

باب أقسام النذر وما يجب فيها

باب أقسام النذر وما يجب فيها أولًا: من جهة اللفظ النذر المطلق وما يجب فيه 2890 - من لم يسم النذر قال صالح: من نذر نذرًا ولم يسمه؟ قال: كان ابن عباس يقول: عليه أغلظ الكفارات (¬1)، وقال غير واحد من التابعين: كفارة يمين (¬2). "مسائل صالح" (739). 2891 - من نذر بماله كله أو بعضه قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد بن محمد بن حنبل رحمه اللَّه: حديثُ أبي لُبابة حين قال: أَنْخلِعُ مِنْ مالي صدقةً إلى اللَّهِ عز وجل وإلى رسولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يُجْزِئُكَ الثُلثُ مِنْ ذَلِكَ" (¬3). قال: هذا عَلى النَّذْرِ والتقربِ إلى اللَّهِ عز وجل، فيُجزئه الثلثُ من ماله. وإذا ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 441 (15834). (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 443 - 444 (15850). (¬3) رواه أحمد 3/ 452 وابن حبان 8/ 164 (3371)، والحاكم 3/ 632، وأشار إليه أبو داود بإثر حديث (3320) من طرق عن السائب عن الحسين بن السائب عن جده أبي لبابة. ورواه أبو داود (3319) من حديث الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أَبيه أنه قال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أو أبو لبابة أو من شاء اللَّه. فذكر نحوه قال أبو داود: القصة لأبي لبابة. صحح الألباني سنده في تخريج "المشكاة" (3439).

كان عَلَى مَعنى اليمينِ فكفارةُ يمين عَلَى ما قالت عائشةُ، وحفصةُ، وابنُ عُمر، وابنُ عباسٍ -رضي اللَّه عنهم- (¬1). فإذا كان في الحجِّ وكان مُعذَّبًا في مشيه فكفارةُ يمين عَلَى حديثِ أُختِ عُقبة (¬2)، وإذا كانَ يريدُ اليمينَ فقال هو محرمٌ بحجه أو عليه المشي إلى بيتِ اللَّه عز وجل فكفارةُ يمين عَلَى حديثِ أبي رافعٍ: قصَّة مولاته. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ كلّ ذَلِكَ إذا لم يَكن عَلى وجهِ النذرِ قربةً إلى اللَّه عز وجل فكفارةُ يمين مُغلَّظة. وأما فِعلُ أَبي لبابة فليسَ فيه أنه قال: فعلتُ في مالي، إنما قال: أُريد أن أَفعلَ، فإذا فعلَ في ماله كلِّه قربةً فهو كما قال، إلَّا أنه يحبس قوتَ نفسِهِ قَدرَ ما يَكفيه إلى أنْ يُصيب. "مسائل الكوسج" (1722). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فِيمن جَعلَت مَالها في سبيلِ اللَّه عز وجل فأَعتقت جَاريتَها. حديثُ امرأةٍ من ذِي أصبُح. قال: أما العتقُ فعلى ما قُلْتَ، وأما المالُ فكفارةُ يمينٍ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1729). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ قال: قيل له -يعني: سفيان: ما تَرى في رجلٍ قال: إن مَلكتُ عَشرةَ دراهمَ فَهي عَلى المساكينِ فَملكها ¬

_ (¬1) هو ما رواه عبد الرزاق 8/ 485 (15998)، 8/ 503 (16058)، والدارقطني 4/ 163 - 164، ومن طريقه البيهقي 10/ 65 - 66، 68 في قصة مولاة أبي رافع. (¬2) حديث عقبة بن عامر -رضي اللَّه عنه- في قصة نذر أُخته رواه أحمد 4/ 143، والبخاري (1866)، ومسلم (1644).

فأصَاب مِنها؟ قال: أحبُّ إليّ أن يتنزه عنها. قيل: يتصدق بها كلها؟ قال: نعم. قال أحمد: إذا كانَ يريدُ اليمينَ أجزأَهُ كفارةُ اليمينِ وإذا أَرادَ النذرَ يجزئه الثلثُ. قال إسحاق: كما قال، إلَّا في النذرِ عليه أن يُمضيَهُ إذا كانَ في طاعةٍ إلا قُوتَه حتَّى يُصيبَ، ثم يتصدقَ بقدرِ ما كانَ حبسَه. "مسائل الكوسج" (1751). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا قال الرَّجلُ: كلُّ مالٍ لي في سبيلِ اللَّه عز وجل أو للَّه تعالى عليَّ حجة أو ثلاثون حَجة إن كانَ كذا وكذا؟ قال: إذا كانَ يريدُ اليمينَ فكفارةُ يمين، وأَجْبُنُ إن تَكلَّم في ثلاثين حَجة، وإذا كانَ معناهُ معنى النذرِ فالوفاءُ به. قُلْتُ: حَجة وثلاثون حجة؟ قال: ليسَ في ثلاثين حَجة حديث. قُلْتُ: فثلاثون أشدُّ من واحدةٍ؟ قال: فيه كفارةُ يمين. قال إسحاق: في كلِّ هذا كفارةُ يمين مغلظة ثلاثين حجة كانت أو أكثر بما عظم من الحجِّ وكثر فهو أجدَرُ أن يكفر. "مسائل الكوسج" (1778). قال صالح: قلت لأبي: رجل قال: كل شيء أملكه اليوم أو أملكه إلى ثلاثين سنة وعليه المشي إلى بيت اللَّه الحرام، وكل مملوك له حر؟ قال: إذا قال: ماله في المساكين، وكل مملوك له حر إن فعلت كذا وكذا وهو يريد اليمين، فإنا نذهب إلى أنه تجزئه كفارة يمين. وإذا قال: ماله

في المساكين إن برئت من مرضي، أو قدم أخي من سفر، أو أتى معافى، فقدم أو برأ فإنَّه يخرج من ماله الثلث، فيتصدق به، وكل شيء يريد به النذر أو القربة إلى اللَّه فإنَّه يجزئه في ذلك ثلث ماله، وكل شيء يريد به اليمين فكفارة يمين، وقد قال ذلك بعض الناس في الحج، إلَّا أن يكون على جهة النذر، فإن كان على جهة النذر فعليه نفاذ ذلك إلَّا أن يكون معذبًا به، كما نذرت أخت عقبة بن عامر أن تحج حافية، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعقبة: "إِن اللَّه عَنْ تَعْذِيبِ أُخْتِكَ نَفْسَهَا لَغَنِيٌّ, مُرْهَا فَلْتَرْكَبْ ولتكفر" (¬1). فإن كان على وجه النذر فعليه الإنفاذ بالحج، إلَّا أن يكون ممن لا يستطيع المشي، فيكفر عن يمينه ويركب، وأما العبيد فأحرار. قال: وإذا قال: امرأته كذا وكذا -يسمي الطلاق- فحنث في يمينه، فإن ذلك يلزمه الطلاق والعتاق؛ لأن الطلاق والعتاق لا كفارة فيهما. "مسائل صالح" (335) قال صالح: قلت: النذر ما يجب فيه، إذا كان طاعة أو معصية؟ قال: أما في المال إذا قال: إن برئت من مرضي، أو سلمت من سفري، أو قدم أبي أو أخي سالمًا، فمالي في المساكين، يجزئه من ذلك الثلث، لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي لبابة؛ إذ قال له: إن من توبتي أن أنخلع من مالي وأهجر دار قومي. فقال: "يجزئك الثلث" (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 201 بمعناه، والبخاري (1866)، ومسلم (1644) مختصرًا. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 542، وابن حبان 8/ 164 (3371)، والحاكم 3/ 632، وأشار إليه أبو داود بإثر حديث (3320) من طرق عن الحسين بن السائب عن جده أبي لبابة ورواه أبو داود (3319) من حديث الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أَبيه أنه قال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أو أبو لبابة أو من شاء اللَّه، فذكر نحوه، قال أبو داود: القصة لأبي لبابة. انتهى. وصحح الألباني سنده في "المشكاة" (3439).

وإذا كان معناه معنى اليمين فكفارة يمين في المال، ولا يكون ذلك في العتق ولا الطلاق، وروي عن ابن عباس وابن عمر أنهما أوجبا العتق (¬1). "مسائل صالح" (738). قال صالح: الرجل يقول: كل مال أملك في المساكين صدقة، أو كل ما أملك في سبيل اللَّه؟ قال: عليه كفارة يمين إذا كان عقده عقد اليمين، ولم يكن على وجه النذر. "مسائل صالح" (1363). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل قال: كل ما ورثت من أبي فهو في المساكين، فورثه؟ قال: يأخذه ويطعم عشرة مساكين. سمعته غير مرة يفتي بهذا في هذا النحو، إذا قال: ماله في المساكين صدقة. "مسائل أبي داود" (1434). قال أبو داود: سمعت أحمد قال: إذا قال: كل مالٍ له في المساكين صدقة إن لم يفعل كذا، قال: آمره بكفارة يمين. قيل: متى يحنث؟ قال: إذا عقد على خلافه. "مسائل أبي داود" (1435). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 485 (15998)، والبيهقي 10/ 68.

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجلٍ قال: إذا قدم فلان تصدقت بمالي؟ قال: يجزئه الثلث إذا كان على وجه النذر كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي لبابة (¬1)، وإذا كان على وجه اليمين فكفارة يمين. "مسائل أبي داود" (1443) قال ابن هانئ: سئل أبو عبد اللَّه عمن جعل ماله في المساكين؟ قال: إطعام عشرة مساكين وإن يقري أكثر من عشرة أحب إليَّ. "مسائل ابن هانئ" (1479) قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يمرض فيقول: إن قمت من مرضي هذا للَّه عز وجل على أن أتصدق بمالي. فقام من مرضه ذلك؟ قال: يتصدق بثلث ماله. "مسائل ابن هانئ" (1500, 1510) قال ابن هانئ: سألته عن رجلٍ جعل ماله في المساكين؟ قال: يجزئه من ذلك الثلث، يذهب إلى حديث كعب بن مالك (¬2). "مسائل ابن هانئ" (1509) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 453، وابن حبان في "صحيحه" 8/ 164 (3371) والحاكم 3/ 632، وأشار إليه أبو داود في "سننه" بإثر حديث (3320) كلهم من طرق عن الحسين بن السائب عن جده أبي لبابة وسكت عنه الذهبي في "التلخيص". ورواه أبو داود (3319) من حديث الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أَبيه أنه قال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أو أبو لبابة أو من شاء اللَّه فذكر نحوه وقال أبو داود. والقصة لأبي لبابة. وصحح الألباني سنده في "المشكاة" (3439). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 389، والبخاري (4418)، ومسلم (2769) دون ذكر الثلث ورواه أبو داود (3321) وفيه: قال كعب بن مالك: ثلثه؟ قال النَّبِيّ: "نعم".

2892 - القدر المجزئ في نذر الصلاة

وقال الخرقي: سألته عن رجل فقال: جميع ما أملك في المساكين صدقة. قال: كفارته كفارة اليمين. قال: سُئل عن رجل قال: ما يرث عن فلان فهو للمساكين؛ فذكروا أنه قال: يطعم عشرة مساكين. "المغني" 13/ 629. ونقل مهنا: إن قال: غنمي صدقة، وله غنم شركة، إن نوى يمينًا فكفارة يمين. "الفروع" 6/ 396، "الإنصاف" 28/ 175. ونقل الأثرم عنه فيمن نذر ماله في المساكين، أيكون الثلث من الصامت أو من جميع ما يملك، قال: إنما يكون هذا على قدر ما نوى، أو على قدر مخرج يمينه، والأموال تختلف عند الناس. "الفروع" 6/ 398 - 399، "الإنصاف" 28/ 191. نقل عبد اللَّه: إن نذر الصدقة بماله أو ببعض وعليه دين أكثر مما يملكه أجزأه الثلث؛ لأنه عليه الصلاة والسلام أمر أَبا لبابة بالثلث، فإن نفد هذا المال وأنشأ غيره وقضى دينه فإنما يجب إخراج ثلث ماله يوم حنثه. "الفروع" 6/ 399 2892 - القدر المجزئ في نذر الصلاة نقل عنه إسماعيل بن سعيد الشالنجي، إذا نذر أن يصلي: يجزئه ركعة، واحتج بأن الوتر ركعة. "الروايتين والوجهين" 3/ 70.

2893 - نذر مقيد بوقت

ب - نذر مقيد 2893 - نذر مقيد بوقت قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئل سفيانُ عن رجلٍ قال: للَّهِ تعالى عليه أن يَصومَ شَعبان، فَمضى شعبانُ ولم يَصُمْ مِن غيرِ عُذر؟ قال: يَصوم ويُطعم. قال أحمد: ما أَحسَنه! يصومُ ويُكَفّر عن يمينه. قال إسحاق: كما قال أحمد؛ الصومُ مكان الصومِ، والكفارةُ مكان التأخير. "مسائل الكوسج" (1752) نقل حنبل فيمن نذر صوم شهر بعينه: لم يجزئه حتَّى يصومه بعينه. "الفروع" 6/ 408. ما يُعتبر في تفسير ألفاظ النذر 2894 - نية النذر قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجلٍ قال: إن قدم فلان لأتصدقن بمالي، فنوى في نفسه أَلْف درهم، فقدم؟ قال: يخرج ما شاء ما يُسمى مال. "مسائل أبي داود" (1447).

ثانيا: أقسام النذر من جهة الأشياء التي من جنس المعاني المنذور بها

ثانيًا: أقسام النذر من جهة الأشياء التي من جنس المعاني المنذور بها 2895 - 1 - نُذور بأشياء من جهة القرب والواجب فيها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ نذرَ ثلاثين حَجةً؟ قال: يحجُّ ما استطاعَ فإذا لم يَستطع كفّر عن يمينهِ. قال إسحاق: لا يكونُ هذا النذرُ أبدًا في طاعةٍ، عليه كفارةٌ مغلظةٌ. "مسائل الكوسج" (1759). 2896 - من نذر المشي لبيت اللَّه الحرام، فركب مع القدرة؟ نقل المروذي: عليه كفارة يمين، واحتج بحديث أخت عقبة (¬1). ونقل الأثرم فيمن نذر أن يمشي إلى أن يصيبه ما أصاب أخت عقبة فيركب ويهدي. "الروايتين والوجهين" 3/ 62. 2897 - إذا نذر المشي إلى الحج، ولم يسم من أين يمشي؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا نذرَ الرجلُ أن يحجَّ ماشيًا ولم يسمِّ مِنْ أين يمشي؟ قال: على نيته، فإن كان معذبًا في ذَلِكَ فعلى حديث أخت عقبة، عاودته في ذَلِكَ فقال: مِنْ حيثُ حلفَ إذا لم ينو. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 201، والبخاري (1866)، ومسلم (1644).

2898 - من جعل على نفسه المشي متى يركب؟

قال إسحاق: هو يلزمه إذا كان نذر طاعة أن يحج من حيث حلف، وحديث أخت عقبة يستعمل على ما جاء؛ لأنها خلطت بطاعتها معصية. "مسائل الكوسج" (1392). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا نذرَ أنْ يحج ماشيًا، ولمْ ينو مِنْ أين يمشي؟ قال: يكون ذَلِكَ مِنْ حيثُ حَلفَ، فإنْ لمْ يقدرْ يمشي وكان معذبًا بالمشي فعلَ ما أمرَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أخت عقبة بن عامر. قال إسحاق: كما كان المشي عَجَزَ عنه فله أن يركب ويهدي؛ فإنما معنى صومِ ثلاثةِ أيام معنى الكفارة، إذا لمْ يجدْ. "مسائل الكوسج" (1633). قال عبد اللَّه: سأَلتُ أبي عن الرجل إذا نذر أن يحج ماشيًا ولم يسم من أين يمشي؟ قال: على نيته، فإن كان (. . .) (¬1) بذلك فعلى حديث عقبة بن عامر، حيث حلف إذا لم ينو. "مسائل عبد اللَّه" (838). 2898 - من جعل على نفسه المشي متى يركب؟ قال إسحاق بن منصور: قال: قُلْتُ: مَنْ جَعَلَ على نفسهِ المشي متى يركَب؟ قال: إذا رمَى الجَمرَةَ فقَد فَرغَ، يركب. ¬

_ (¬1) بياض في المطبوع من المسائل، ولعلها (معذبًا) كما في رواية الكوسج (1392).

2899 - من جعل على نفسه المشي ولم يذكر حجا ولا عمرة؟

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1566). 2899 - من جعل على نفسه المشي ولم يذكر حجًا ولا عمرة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ جَعل على نفسِه المشيَ ولَم يَذكر حجًّا ولا عُمرة؟ قال: لا يكونُ المشيُ إلَّا في حج أو عمرةٍ، وإنْ أراد اليمينَ فكفارةُ يمينٍ، وإذا أَرادَ التقربَ إلى اللَّهِ عز وجل فليوفِ بنذرِهِ. قال إسحاق: كما قال؛ إذا أَرادَ بذكرِهِ حَجًّا أو عُمرة، فإن نَوى بذا مَسجدًا من مساجدِ اللَّه عز وجل كان كما أَرادَ. "مسائل الكوسج" (1757). 2900 - التتابع في صوم النذر المطلق قال صالح: من نذر أن يصوم شهرًا يصومه متفرفًا؟ قال: إذا سمى شهرًا بعينه لم يصم متفرقًا، وإذا لم يسم شهرًا بعينه، وقال: عليَّ أن أصوم شهرًا، فلا بأس أن يصوم متفرقًا. "مسائل صالح" (659). نقل مهنا في رجل نذر أن يصوم شهرًا ولم يقل متتابعًا ولا متفرقًا: فالمتتابع أعجب إلى ونقل محمد بن الحكم في رجل قال: للَّه عليَّ أن أصوم عشرة أيام يصومها متتابعة، وإذا قال: ثلاثين يومًا فله أن يفرق

2901 - الإفطار أثناء صيام الشهر المنذور

إذا قال ثلاثين يومًا. "الروايتين والوجهين" 3/ 63 2901 - الإفطار أثناء صيام الشهر المنذور قال ابن هانئ: سألته عن رجل نذر أن يصوم شهرين متتابعين؟ قال: يصوم شهرين متابعين، إلَّا أن يكون مرض أو غير ذلك من الأسقام، يفطر، ويبني على صيامه، وإذا كان يوم الفطر يفطر؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن صيام يوم الفطر (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1505). قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: من نذر أن يصوم شهرًا متتابعًا فأفطر؟ قال: إذا كان من عذرٍ، أتم صيام ذلك الشهر، ويقضي يومًا مكانه، وإن لم يكن من عذر فقال: شهرًا بعينه، فإن أفطر فيه عامدًا أتم الشهر، ويقضي اليوم الذي أفطر، ويكفر كفارة يمين؛ لأنه لا يدرك هذا الشهر، لأنه قال: شهرًا بعينه. وإذا قال: للَّه على أن أصوم شهرين متتابعين، إن أعترض الأيام، صام ستين يومًا؛ لأن الشهر قد يكون تسعة وعشرين، وثلاثين، فيأخذ بأحوط ذلك، وإذا ابتدأ الشهرين، فصام شهرين متتابعين، فكانا تسعة وخمسين، أجزأه. "مسائل ابن هانئ" (1519). نقل صالح فيمن نذر صوم شهر بعينه فأفطر عامدًا: أتم الشهر، وقضى ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 40، والبخاري (1990)، ومسلم (1137) من حديث عمر -رضي اللَّه عنه-.

2902 - وجود شرط صوم النذر أثناء النهار

الذي أفطر، وكفر كفارة يمين. ونقل محمد بن يحيى المتطبب فيمن نذر أن يصوم رجب فصام بعضه ثم أفطر، يكفر، ويأتي بشهر غيره. "الروايتين والوجهين" 3/ 64 2902 - وجود شرط صوم النذر أثناء النهار قال في رواية محمد بن يحيى المتطبب فيمن نذر إن قدم فلان أن يصوم ذلك اليوم لقدوم فلان وقد أكل: ليس عليه شيء؛ لأنه اليوم معدوم. "الروايتين والوجهين" 3/ 66. 2903 - الكفارة على من صادف صيام نذره صياما واجبًا أو محرمًا قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول سئل ابن عمر عن رجل نذر أن يصوم الاثنين والخميس فوافق ذلك يوم فطر أو أضحى فقال: أمر اللَّه بوفاء النذر ونهانا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن صيام هذين اليومين فلم يجبه إلَّا بذلك. "مسائل عبد اللَّه" (670). نقل حنبل قال: حَدَّثَنَا أبو عبد اللَّه، عن روح قال: حَدَّثَنَا أشعث، عن الحسن في رجل جعل على نفسه صوم الاثنين والخميس، فوافق ذلك يوم الفطر أو يوم أضحى، قال: يفطر ويصوم يومًا مكانه، ولا شيء عليه. قال حنبل: سمعت أَبا عبد اللَّه يقول: أذهب إلى قول الحسن يفطر يوم العيدين ولا يصومهما، ويقضي مكانه ولا شيء عليه.

2904 - من نذر أن يصوم يوم العيد

وروى أبو طالب وأثرم والمروذي: القضاء والكفارة. "الروايتين والوجهين" 3/ 67. نقل جعفر بن محمد في النذر إذا وافق رمضان: يصوم رمضان ثم يقضي النذر. وقال في رواية المروذي: إذا نذر أن يصوم كل اثنين وخميس فوافق رمضان يجزئه لصومه ونذره. "الروايتين والوجهين" 3/ 65. قال في رواية أحمد بن سعيد فيمن نذر أن يصوم شهرًا فوافق يوم عيد منه: يفطر ويكفر كفارة يمين. فقيل له: فنذر أن يصوم أيامًا مسماة فوافق يوم عيد، فقال: يكفر ويعيد صيامه. "الروايتين والوجهين" 3/ 66. 2904 - من نذر أن يصوم يوم العيد قال صالح: قلت: من نذر أن يصوم يوم الفطر ويوم الأضحى، كيف يصنع، وما يجب عليه؟ قال: أما ابن عمر فقال: أمر اللَّه بوفاء النذر ونهانا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن صيام هذين اليومين، أما عقبة بن عامر فقال: النذر حلفه. وقال: لا يصوم يوم النحر ولا يوم الفطر ويكفر عن يمينه ويصوم يومًا. "مسائل صالح" (320) نقل حنبل عنه فيمن نذر أن يصوم يوم النحر: لا يصوم ويكفر عن يمينه. ونقل أبو طالب فيمن نذر أن يصوم شوالًا، فصام إلَّا يوم الفطر: يصوم

2905 - نذر الصوم لمن لا يقدر عليه

يومًا كان يوم الفطر ويكفر كفارة يمين. "الروايتين والوجهين" 3/ 68. 2905 - نذر الصوم لمن لا يقدر عليه قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجلٍ نذر الصوم فصار شيخًا وكبر؟ قال: يعجبني أن يطعم ويكفر. "مسائل أبي داود" (1446). نقل الفضل بن زياد: يطعم ويكفر. ونقل المروذي في الشيخ الكبير إذا لم يطق صوم النذر: يكفر ويعود إلى نذره. "الروايتين والوجهين" 3/ 72. 2906 - صيام الأشهر المنذورة متتابعة قال صالح: قال أبي: إذا قال: للَّه أن أصوم شهرين متتابعين، فإن اعترض الأيام صام ستين يومًا، وإن ابتدأ الشهر فصام شهرين متتابعين فكان تسعة وخمسين أجزأه. وقال في رواية أبي طالب فيمن كان عليه صيام سنة أو أقل: فإن كان صام في النصف من الشهر صام بقية الشهر والشهر الذي بعده على التمام والنقصان، وتم أيامه الأولى ثلاثين يومًا. "الروايتين والوجهين" 3/ 73.

2907 - 2 - نذور بأشياء من جهة المعاصي، والواجب فيها

2907 - 2 - نذور بأشياء من جهة المعاصي، والواجب فيها قال البغوي: حَدَّثَنَا أحمد بن حنبل قال: حَدَّثَنَا هشيم عن مغيرة قال: سألت إبراهيم عن رجل نذر أن يشرب الفضيخ فقال: يكفر عن يمينه ولا يشربها. "الأشربة" للخلال (136). نقل أبو طالب عنه: ما كان نذر معصية أو لا يقدر عليه، ففيه كفارة يمين. "المغني" 28/ 229, "الفروع" 6/ 411. نقل عنه مهنا في النذر للقبور: هو للمصالح ما لم يعلم ربه، وفي الكفارة الخلاف، وأن من الحسن صرفه في نظيره من المشروع، فإن فعل المعصية لم يكفّر. "الفروع" 6/ 404. 2908 - 3 - نذور بأشياء من جهة المكروهات, والواجب فيها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا استْلحَحَ أحدُكم باليمينِ في أهلهِ فإنَّه أتمُّ له عند اللَّه عز وجل من الكفارةِ التي أمرهُ اللَّه عز وجل بها. قال: يَعني: يكفرُ يمينَهُ. قال إسحاق: كما قال، يقولُ: لا يلح في يمينهِ فَتَمضي عَليه بَل يَرجع فيكفرُ يمينه. "مسائل الكوسج" (1731).

2909 - من نذر نذر لا يقوى عليها

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل نذر أن يطلق امرأته؟ قال: يكفر يمينه؛ لأن في طلاقه هلاكها. "مسائل أبي داود" (1445). نقل عنه أبو طالب في رجل نذر أن يطلق امرأته فقال: لا يطلق ويكفر. قيل له: هو معصية؟ قال: وأي شيء من المعصية أكثر من الطلاق، إذا طلقها فقد أهلكها. "الروايتين والوجهين" 2/ 144 قال الفضل بن زياد: سألت أَبا عبد اللَّه عن حديث ابن شبرمة، عن الشعبي في رجل نذر أن يطلق امرأته. فقال له الشعبي: أوف بنذرك (¬1)، أترى ذلك، فقال: لا، واللَّه. "المسائل التى حلف عليها الإمام أحمد" (71)، "الطبقات" 2/ 192، "إعلام الموقعين" 4/ 68. 2909 - من نذر نذر لا يقوى عليها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلٌ حَلف بنذورٍ كَثيرة مسماة إلى بيتِ اللَّه عز وجل أن لا يُكلم أباهُ أو أخاهُ بكذا وكذا؟ نَذرَ الشيَء لا يقوى عَليه أبدًا؟ قال: كفارةُ يمينٍ إذا كانَ على مَعنى اليمين، وإذا كانَ على وجهِ التقرُّبِ إلى اللَّه عز وجل فالوفاءُ به أن لا يكونَ مُعذَّبا في ذَلِكَ، فيكونُ على حديث أخت عقبة (¬2). ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور في "سننه" 2/ 89 (2172) وفيه: فقال الشعبي: كفَّر يمينك. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 201، والبخاري (1866)، ومسلم (1644).

قال إسحاق: كما كان نذورًا على هذِه الجهةِ فكفارةُ يمينٍ مُغلظةٌ وهو مُخير، وإذا كانَ في طاعةِ اللَّه فعليهِ الوفاءُ بما نَذرَ. "مسائل الكوسج" (1756). قال إسحاق بن منصور: قلت: من قال: عليه عتق مائة رقبةٍ؟ قال: إذا أراد اليمين فكفارة يمين. قال إسحاق: كما قال، إلَّا أنها مغلظة. "مسائل الكوسج" (1770). قال أبو داود: سمعت أحمد ذُكر له رجل نذر نذرًا لا يطيقه؟ قال: يكفر يمينه. "مسائل أبي داود" (1444). قال ابن هانئ: سألت أَبا عبد اللَّه قلت: رجل عاهد اللَّه عز وجل أن لا يأكل من قرابته شيئًا وهو يحتاج إليهم؟ قال: أحب إلى أن يتقرب بأكثر من كفارة اليمين. "مسائل ابن هانئ" (1483). قال ابن هانئ: سألته عن النذر إذا لم يقدر عليه؟ قال: إذا كان فيه تعذيب كفر. وذكر حديث أخت عقبة وذهب إليه. "مسائل ابن هانئ" (1501). قال ابن هانئ: سألته عن رجل يجعل على نفسه نذرًا أن يحج ماشيًا فيضعف عن المشي؟ قال: إذا ضعف عن المشي يكفر، يطعم عشرة مساكين، أو يصوم. "مسائل ابن هانئ" (1504).

2910 - من حلف بهدي ما لا يقدر عليه من إنسان أو دار أو غير ذلك

2910 - من حلف بهدي ما لا يقدر عليه من إنسان أو دار أو غير ذلك قال إسحاق بن منصور: قلت الرجل يهدي الرجل؟ قال: إذا أراد اليمين فكفارة اليمين إلَّا أن ينذر أن ينحره فعليه كبش، كما قال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-. قال إسحاق: كما قال، لما استعمل هاهنا النية. "مسائل الكوسج" (1567) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رَجل نَذَرَ أنْ ينَحر نَفسَهُ؟ قال: يَفدي نَفسَه، إذا حَنث يذبحُ كبشًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1774). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: من قال: أنا أُهدي جاريتي هذِه، أو دَاري هذِه؟ قال: كفارةُ يمين إذا أَرادَ اليمين. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1775). قال صالح: سمعت أبي يقول: من حلف بهدي ما لا يقدر عليه من إنسان، أو دار، أو غير ذلك، قال أبي: فإن كان حلف يريد اليمين مثل قوله: ماله في المساكين، أو هو يهدي فلانًا، فأرجو أن يجزئه كفارة يمين إذا كان يريد اليمين، وقد قال بعض الناس بحجة، وقال بعض الناس: يهدي بدنة، وقال بعضهم: شاة. "مسائل صالح" (178).

2911 - تعدد النذور وموجبها واحد

نقل حنبل عنه: إذا نذر ذبح أولاده، وله ثلاثة، يذبح عن كل واحد منهم كبشًا. وعن أبي طالب: قرأت على أحمد: حَدَّثَنَا ابن نمير، عن حجاج، عن عطاء، عن ابن عباس في الذي يقول: أنا أنحر فلانًا. فقال: عليه كبش؛ ذبح إبراهيم كبشًا. وقال المروذي: وقال في امرأة حلفت بنحو ولدها: اختلفوا فيها فقال قوم: تهريق دمًا. فقيل له: ليس شيء أكثر من هذا، تطعم عشرة مساكين، فإن لم تقدر تطعم صامت ثلاثة أيام متتابعة يجزئ عنها. "الروايتين والوجهين" 3/ 70, 71 نقل حنبل فيمن نذر ذبح ولده أو نفسه ذبح كبشًا قيل: مكانه، وقيل: كهدي: يلزمانه. "الفروع" 6/ 403, "المبدع" 9/ 329 2911 - تعدد النذور وموجبها واحد قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجلٍ قال: إن فعل ابني كذا وكذا فكل ما يملك في المساكين صدقة وهو يهودي ونصراني وعليه ثلاثون حجة، ففعل ذلك ابنه، فسمعت أَبا عبد اللَّه أفتاه بنحو هذا، ثم أخرجه إلينا الرجل خط أبي عبد اللَّه أَيضًا فقرأت الرقعة بقوله: عليه، ماله في المساكين صدقة، إن عليه كفارة يمين إطعام عشرة مساكين، وأما الحج فمن الناس من يشدد فيه، ومن الناس من يرخص، وأما قوله: يهودي ونصراني، فيكفر كفارة يمين، والذي سمعته أفتاه قال:

2912 - قضاء النذر عن الغير

يتصدق بشيء. "مسائل أبي داود" (1483). 2912 - قضاء النذر عن الغير قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: الصومُ يُطعم عنه في رمضان والنَّذرُ يُقضى عنه. قال إسحاق: أجادَ كما قال. "مسائل الكوسج" (1753). قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: في النذرِ يقضى عنه، ورمضان يطعم عنه إذا فرط. "مسائل الكوسج" (3406). قال ابن هانئ: وسألته عن حديث سعد أنه استفتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في نذر كان على أمه، فقال: "اقضه" (¬1). فقال: يقضى النذر، فإن كان صومًا صام عنه، وإن كان رمضان وفرط، أطعم عنه. "مسائل ابن هانئ" (1516). قال عبد اللَّه: سئل أبي عن الرجل يموت وقد فرط في صيام رمضان؟ قال: يطعم منه وعن النذر يصام عنه. "مسائل عبد اللَّه" (697) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 329، البخاري (2761)، ومسلم (1638) من حديث ابن عباس.

جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة لدار الْفَلاح وَلَا يجوز نشر هَذَا الْكتاب بِأَيّ صِيغَة أَو تَصْوِيره PDF إِلَّا بِإِذن خطي من صَاحب الدَّار الْأُسْتَاذ/ خَالِد الرِّبَاط الطبعة الأولى 1430 هـ - 2009 م رقم الْإِيدَاع بدار الْكتب 19194/ 2009 دَار الْفَلاح للبحث العلمي وَتَحْقِيق التراث 18 شَارِع أحمس - حَيّ الجامعة - الفيوم ت: 01000059200 [email protected]

الْجَامِعُ لِعُلوْم الإِمَامِ أَحْمد [13]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قسم الفقه (9) 1 - كتاب الإمامة العظمى. 2 - كتاب القضاء. 3 - كتاب الحسبة. 4 - كتاب الطب والتداوي. 5 - كتاب اللباس والزينة. 6 - كتاب علوم القرآن والتفسير.

كتاب الإمامة العظمى والقضاء

كتاب الإمامة العظمى والقضاء باب وجوب الإمامة 2913 - حكم طلب الإمارة قال صالح: حدثني أبي قال: حَدَّثَنَا عبد اللَّه بن بكر قال: حَدَّثَنَا هشام، عن الحسن، عن عبد الرحمن بن سمرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "يَا عبد الرحمن، لا تسأل الإمارة؛ فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها. وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها فكفر عن يمينك وأتِ الذي هو خير" (¬1). "مسائل صالح" (503). قال صالح: حدثني أبي قال: حَدَّثَنَا قُرَّان، عن الأَعمش، عن إبراهيم أن أَبا بردة كتب وفدًا، قال قُرَّان: وكان قاضيًا، فكتب علقمة فيهم، فأرسل إِليه علقمة: أن امحوني. "مسائل صالح" (828). قال المروذي: قرأت على أبي عبد اللَّه: أبو عبد الرحمن الرقي، قال: حَدَّثَنَا الحسن -يعني: أَبا المليح- عن حبيب، عن ميمون، أنه قال: وددت أن إحدى عيني ذهبت، وأني لم آل. فقلت: ولا لعمر؟ فقال: ولا لعمر، ولا لغيره. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (46) قال المروذي: سمعت أَبا عبد اللَّه يقول: حَدَّثَنَا عبد الرزاق قال: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 62، والبخاري (6622)، ومسلم (1652).

2914 - وجوب تنصيب الإمام

طلب داود بن علي خلاد بن عبد الرحمن يستعمله على اليمن، فذهب عقله. قال أبو عبد اللَّه: وكان من الأبناء. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (145) قال عبد اللَّه: حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا عبد الرحمن، حَدَّثَنَا حماد، عن ثابت، عن أنس، عن أبي طلحة قال لا أؤم رجلين ولا أتأمر عليهما. "الزهد" برواية عبد اللَّه ص 250 قال المروذي: قال أبو عبد اللَّه: استعمل عمر -رضي اللَّه عنه- رجلًا فأبى أن يدخل له في عمل، فقال -يعني: عمر-: يوسف قد سأل العمل فاستعمل على خزائن الأرض. "بدائع الفوائد" 3/ 99 2914 - وجوب تنصيب الإِمام قال الخلال: قال محمد بن عوف بن سفيان الحمصي: سمعت أحمد ابن حنبل يقول: الفتنة إذا لم يكن إمام يقوم بأمر الناس. وقال أخبرنا أبو نعيم الهمداني بَطَرسُوس قال: ثنا عبد الرحمن بن عُمر رُسته، عن أحمد بن حنبل قال: رأيت السنة معلقة بعثمان رحمه اللَّه، ورأيت الفتنة معلقة بالسلطان. "السنة" للخلال 1/ 58 (11 - 12) قال في رواية المروذي: لا بد للمسلمين من حاكم، أتذهب حقوق الناس؟ ! "الأحكام السلطانية" (ص 24)، "طبقات الحنابلة" 2/ 339، "معونة أولي النهى" 11/ 59

فصل: ما جاء في شروط الإمامة

فصل: ما جاء في شروط الإمامة 2915 - أن يكون قرشيًا من الصميم قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن حديث إبراهيم بن سعد، عن أَبيه، عن أنس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال"الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ" (¬1)؟ قال: ليس هذا في كتب إبراهيم، لا ينبغي أن يكون له أصل. "مسائل أبي داود" (1860) قال حرب: حَدَّثَنَا أحمد بن حنبل قال: حَدَّثَنَا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة، عن حبيب بن الزبير قال: سمعت ابن أبي الهذيل قال: كان عمرو ابن العاص يتخولنا، فقال رجل من بكر بن وائل: لئن لم تنته قريش ليضعن هذا الأمر في جمهور من جماهير العرب سواهم، فقال عمرو بن العاص: كذبت، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "قُرَيْشٌ وُلَاةُ النَّاسِ في الخَيْرِ وَالشَّرِّ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ" (¬2). "مسائل حرب" ص 391 ¬

_ (¬1) رواه من هذا الطريق الطيالسي في "مسنده" 3/ 595 (2247)، ومن طريقه البزار 12/ 321 (6181) وقال: لا نعلم أسند سعد بن إبراهيم عن أنس إلَّا هذا. وأبو يعلى 6/ 321 (3644)، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 171، والبيهقي 8/ 144. ورواه الإمام أحمد 3/ 129 وابن أبي عاصم في "السنة" 2/ 517 (1120) والنسائي في "الكبرى" (5942) من طريق بكير بن وهب الجزَري عنه به. قال الهيثمي في "المجمع" 5/ 192: رجال أحمد ثقات. وصححه الألباني في "ظلال الجنة" (1120) و"الإرواء" (520) وذكر بقية شواهده. . . فلينظر. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 203، والترمذي (2227) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. وصححه الألباني في "الصحيحة" (1155).

قال الخلال: عن عبد الملك بن عبد الحميد الميموني، أنه سأل أَبا عبد اللَّه عن قول سلمان: لا يؤمكم، أليس إنما أراد الخلافة؟ قال: نعم. قال الخلال: قال محمد بن علي: ثنا مهنا أن أَبا عبد اللَّه ذكر عن يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن أوس بن ضمعج، عن سلمان، قال: لا يؤمكم، قال: لا يكون منهم إمام. يعني: الموالي. قلت: ما يعني به: لا يؤمكم، أراد ألا يؤم الرجل المولى أحدًا؟ قال: لا، يريد الخلافة؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ" فلا يكون في غير قريش خليفة. قال الخلال: قال يوسف بن موسى: إن أَبا عبد اللَّه قيل له: الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ؟ قال: نعم. قال الخلال: قال عبد الملك الميموني: ثنا ابن حنبل قال: ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة، عن حبيب بن الزبير قال: سمعت عبد اللَّه بن أبي الهذيل، قال: كان عمرو بن العاص يتخولنا، فقال رجل من بني بكر وائل: لئن لم تنته قريش لنضعن هذا الأمر في جمهور من جماهير العرب سواهم، فقال عمرو بن العاص: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "قُرَيْشٌ وُلَاةُ النَّاسِ في الخَيْرِ وَالشَّرِّ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ". "السنة" للخلال 1/ 72 - 73 (32 - 35)

قال إبراهيم الحربي: سئل أحمد عن ذلك (¬1)، فقال: يعني في الخلافة. "مناقب ابن الجوزي" ص 605 ¬

_ (¬1) يعني: حديث: "قدموا قريشًا ولا تقدموها. . . ". وقد روي هذا الحديث من طرق: 1 - فرواه الشافعي في "مسنده" 2/ 194 (691)، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (206)، والبيهقي في "المعرفة" 1/ 154 (217) عن الزهري مرسلًا. 2 - ورواه أبو نعيم في "الحلية" 9/ 64 من حديث أنس. 3 - ورواه البزار 2/ 112 (465) من طريق عدي بن الفضل عن أبي بكر بن أبي جهمة عن أَبيه عن ابن عباس عن علي به. وقال: لا نعلمه يروي عن ابن عباس عن على إلَّا عن هذا الوجه بهذا الإسناد، وابن الفضل ليس بالحافظ، وأبو بكر بن أبي جهمة وأبوه لا نعلمهما يحدثان إلَّا بهذا الإسناد. قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 25: فيه عدي بن الفضل وهو متروك، وليس هو عدي بن الفضل الذي في "ثقات ابن حبان". 4 - ورواه عبد الرزاق 54/ 11 - 55 (19893) وابن أبي شيبة 60/ 405 (32376) من طريق الزهري عن سهل بن أبي حثمة. ومن طريق عبد الرزاق رواه البيهقي 3/ 121 وقال: هذا مرسل، وروي موصولًا وليس بالقوي. قال الحافظ في "الفتح" 6/ 530: أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح لكنه مرسل وله شواهد. 5 - ورواه الطبراني كما في "مجمع الزوائد" 5/ 195 عن عبد اللَّه بن حنطب. فيه الهيثمي: قال من لم أعرفه. 6 - ورواه ابن أبي شيبة 6/ 404 (32371) من طريق هاشم بن أبي هاشم عن أبي جعفر مرسل. 7 - ورواه الطبراني في "الكبير" من حديث أبي معشر، عن سعيد المقبري، عن السائب كما في "البدر المنير" 4/ 466 قال ابن الملقن: وأبو معشر هذا هو السندي منكر الحديث كما قاله البخاري. قال الألباني في "الإرواء" (519) بعد ما ذكر طرقه التي وقف عليها: فهو بهذِه الطرق صحيح إن شاء اللَّه تعالى.

2916 - هل يشترط اعتبار العدالة والعلم والفضل في الإمام؟

2916 - هل يشترط اعتبار العدالة والعلم والفضل في الإِمام؟ قال المروذي: سمعت أَبا عبد اللَّه يقول: حَدَّثَنَا أبو معاوية، عن الأَعمش، عن شَقِيق، قال: قال لي: يَا سليمان، إن أمراءنا هؤلاء ليس عندهم واحدة من ثنتين، ليس عندهم تقوى أهل الإِسلام، ولا أحلام أهل الجاهلية. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (228) نقل عنه عبدوس بن مالك القطان: ومن غلبهم بالسيف حتَّى صار خليفة، وسمي أمير المؤمنين، لا يحل لأحد يؤمن باللَّه واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إمامًا عليه، برًا كان أو فاجرًا فهو أمير المؤمنين. وقال المروذي: قال أحمد: فإن كان أميرًا يعرف بشرب المسكر والغلول يغزو معه، إنما ذاك له في نفسه. وقال حنبل: قال أحمد: وأي بلاء كان أكبر من الذي كان أحدث عدو اللَّه وعدو الإِسلام من إماتة السنة؟ يعني: الذي كان أحدث قبل المتوكل فأحيا المتوكل السنة. وقال أبو الفتح بن منيع: سمعت جدي يقول: كان أحمد إذا ذكر المأمون قال: كان لا مأمون. وقال في رواية الأثرم في امرأة لا ولي لها: السلطان، فقيل له: تقول: السلطان ونحن على ما ترى اليوم؟ وذلك في وقت يمتحن فيه القضاة. فقال: أنا لم أقل: على ما نرى اليوم، إنما قلت: السلطان. "الأحكام السلطانية" ص 20

2917 - ما تنعقد به الإمامة

2917 - ما تنعقد به الإمامة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قول جابر: دخلتُ على الحجاج فما سلمتُ عليه (¬1)؟ قال: يعني: بالإمرة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3298) قال ابن هانئ: سألت أَبا عبد اللَّه عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية" (¬2) ما معناه؟ قال: تدري ما الإِمام؟ الذي يجتمع المسلمون عليه كلهم يقول: هذا إمام، فهذا معناه. "مسائل ابن هانئ" (2011) قال حمدان بن علي: قال الإِمام: ما كان في القوم أوكد بيعة من عثمان كانت بإجماعهم، فلما بايعه ذوو الشوكة والقدرة؛ صار إمامًا، وإلا فلو قدر أن عبد الرحمن بايعه، ولم يبايعه علي ولا غيره من الصَّحَابَة -أهل الشوكة- لم يصر إمامًا. "منهاج السنة" 1/ 532 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 190، والحاكم 3/ 565. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 96، وابن أبي عاصم في "السنة" 2/ 489 (1057)، وأبو يعلى في "مسنده" 13/ 366 (7375)، وابن حبان 10/ 434 (4573)، والطبراني 19/ 334 (769) من حديث معاوية -رضي اللَّه عنه-. حسنه الألباني في تعليقه على كتاب "السنة". وفي "ظلال الجنة" (1557) واللفظ لابن حبان، ففي "المسند"، و"السنة" (عليه) بدل (له).

باب ما جاء في واجبات الإمام

باب ما جاء في واجبات الإِمام 2918 - ذكر عظم أمر تولى شيء من أمور المسلمين قال المروذي: سمعت أَبا عبد اللَّه يقول: حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد، عن مجالد، قال: أخبرني عامر، عن مسروق، عن عبد اللَّه -قال يحيى: رفعه مرة، أو مرتين- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما من حاكم إلا جئ به يوم القيامة, وملك آخذ بقفاه, حتى يوقفه على جهنم, ثم يرفع رأسه إلى اللَّه عز وجل, فإن قال اللَّه له: ألقه، ألقاه في مهوى أربعين خريفًا" (¬1). "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (134) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حَدَّثَنَا وكيع، عن سعيد بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن عبد اللَّه، سمعته منه، عن ابن غنم، عن عمر قال: ويل لديان الأرض من ديان السماء يوم يلقونه، إلَّا من أمّ العدل، وقضى بالحق، ولم يقض بهوى، ولا لقرابة ولا لرغبة ولا لرهبة، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 430، وابن ماجه (2311) وبنحوه البزار في "مسنده" 5/ 321 (1939)، والطبراني 1/ 196 (10313)، والدارقطني 4/ 205، والبيهقي 10/ 89. من طرق عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عبد اللَّه بن مسعود، مرفوعًا. قال البوصيري في "الزوائد" ص 316: هذا إسناد ضعيف لضعف مجالد. ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/ 422 (32535) من طريق عبد الرحيم بن سليمان، عن مجالد به، موقوفًا. قال الدارقطني في "العلل" 5/ 249: يرويه مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، رفعه يحيى بن سعيد القطان، عن مجالد، وتابعه علي بن صالح. ووقفه عبد الرحيم بن سليمان وهشيم ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن مجالد. والموقوف أصح. وضعف المرفوع الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (508).

وجعل كتاب اللَّه مرآته بين عينيه. "الزهد" ص 155 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حَدَّثَنَا عبد الرحمن، حَدَّثَنَا حماد، عن ثابت، عن أنس، عن أبي طلحة قال: لا أؤم رجلين ولا أتأمر عليهما. "الزهد" 250 قال عبد اللَّه: حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا مؤمل، حَدَّثَنَا سفيان، وأبو عوانة، عن المغيرة، عن الشعبي قال: بعث زياد مسروقًا عاملًا على السلسلة، فلما خرج مسروق خرج معه قراء أهل الكوفة يشيعونه، فكان فيهم شاب على فرس، فلما رجع وبقي مسروق في نفر من أصحابه دنا منه الفتى فقال: إنك سيد قراء أهل الكوفة وقريعهم، إن قيل: من أفضلهم؟ قيل: مسروق. وإن قيل: من أعلمهم؟ قيل: مسروق. وإن قيل: من أفقههم؟ قيل: مسروق، وإن زينك لهم زين، وإن شينك لهم شين، وإني أنشدك اللَّه -أو قال: أعيذك باللَّه- أن تحدث نفسك بفقر أو بطول أمل. فقال له مسروق: ألا تعينني على ما أنا فيه؟ قال: واللَّه ما أرضى لك ما أَنْتَ فيه، فكيف أعينك عليه؟ ! انصرف، فلما انصرف الفتى قال مسروق: ما بلغت مني موعظة، ما بلغت موعظة هذا الفتى، قال سفيان: فلما رجع مسروق من عمله ذلك أتاه أبو وائل، فقال له مسروق: ما عملت عملًا أنا منه أخوف أن يدخلني النار من عملي هذا، وما ظلمت فيه مسلمًا ولا معاهدا, ولكني ما أدري ما هذا العمل الذي لم يسنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا أبو بكر ولا عمر قال أبو وائل: فقلت له: ما حملك على ذلك؟ قال: اكتنفني شريح وابن زياد والشيطان. "الزهد" 420 - 421

2919 - الشورى في أمور الرعية

قال البغوي: حَدَّثَنَا شيبان، ثنا سلام بن مسكين، ثنا أبو عتاب، عن الحسن قال: دخل زياد على معقل بن يسار وهو مريض يعوده سأله ولاطفه، فبينما هو كذلك إذ قال معقل بن يسار: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ما من والٍ ولي من أمر المسلمين شيئًا لم يحط من ورائهم بالنصيحة إلَّا أكبَّه اللَّه على وجهه في جهنم يوم يجمع اللَّه الأولين والآخرين" (¬1). "البغوي" (70). قال البغوي: حَدَّثَنَا شيبان، ثنا أبو الأشهب، عن الحسن أن معقل قال لعبيد اللَّه بن زياد: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ما من عبد يسترعيه اللَّه رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلَّا حرَّم اللَّه عليه الجنة" (¬2). "البغوي" (71). 2919 - الشورى في أمور الرعية قال صالح: حدثني أبي قال: حَدَّثَنَا أبو المغيرة قال: حَدَّثَنَا ابن عياش قال: حدثني شرحبيل بن مسلم قال: لما بعث بحجر بن عدي بن الأدبر وأصحابه من العراق إلى معاوية بن أبي سفيان، استشار الناس في قتلهم، فمنهم المشير، ومنهم الساكت، فدخل معاوية إلى منزله، فلما صلى الظهر قام في الناس خطيبًا، فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم جلس على ¬

_ (¬1) رواه الطبراني 20/ 205 (469) قال: حَدَّثَنَا موسى بن هارون ثنا شيبان بن فروخ، به. فساقه بسنده ومتنه سواء. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 25، والبخاري (7150) ومسلم (142).

منبره، فقام المنادي، فنادى: أين عمرو بن الأسود العنسي؟ فقام فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: ألا إنَّا بحصن من اللَّه حصين، لم نؤمر بتركه، وقولك يَا أمير المؤمنين في أهل العراق، ألا وأنت الراعي ونحن الرعية، ألا وأنت أعلمنا بدائهم وأقدرنا على دوائهم، وإنما علينا أن نقول: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}. قال معاوية: أما عمرو بن الأسود فقد تبرأ إلينا من دمائهم، ورمى بها ما بين عيني معاوية، ثم قام المنادي فنادى: أين أبو مسلم الخولاني؟ فقام فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فلا واللَّه ما أبغضناك منذ أحببناك، ولا عصيناك منذ أطعناك، ولا فارقناك منذ جامعناك، ولا نكثنا بيعتنا منذ بايعناك، سيوفنا على عواتقنا، إن أمرتنا أطعناك، وإن دعوتنا أجبناك، وإن سبقتنا أدركناك، وإن سبقناك نظرناك، ثم جلس. ثم قام المنادي فقال: أين عبد اللَّه بن مخمر الشرعبي؟ فقام فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال: وقولك يَا أمير المؤمنين في هذِه العصابة من أهل العراق، إن تعاقبهم فقد أصبت، وإن تعف فقد أحسنت. فقام المنادي، فنادى: أين عبد اللَّه بن أسد القسري؟ فقام، فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: يَا أمير المؤمنين، رعيتك وولايتك وأهل طاعتك، إن تعاقبهم فقد جنوا أنفسهم العقوبة، وإن تعف فإن العفو أقرب للتقوى، يَا أمير المؤمنين لا تطع فينا من كان غشومًا لنفسه، ظلومًا بالليل، نئوما عن عمل الآخرة. يَا أمير المؤمنين! إن الدينا قد انخشعت أوتادها، ومالت بها عمادها، وأحبها أصحابها، واقترب منها ميعادها، ثم جلس. فقلت لشرحبيل: فكيف صنع؟ قال: قتل بعضًا واستحيى بعضًا، وكان فيمن قتل حجر بن عدي بن الأدبر.

قال: قدم لتضرب عنقه. فقال: لا تطلقوا عني حديدًا، وادفنوني وما أصاب الثرى من دمي، فإنِّي ألتقي أنا ومعاوية بالجادة. قال أبو المغيرة: كان ابن عياش لا يكاد يحدث بهذا الحديث إلَّا بكى بكاءً شديدًا. "مسائل صالح" (751). قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي قال: حدثني محمد بن إدريس -يعني: الشافعي- قال: لما أراد عُمر بن الخطاب أن يُدون الدواوين، ويضع الناس على قبائلهم -ولم يكن قبله ديوان- استشار الناس، فقال: بمن ترون أبدأ؟ فقال له قائل: تبدأ بقرابتك، فقال: بل أبدأ الأقرب فالأقرب من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فبدأ ببني هاشم وبني المطلب، وقال: حضرت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عام حُنين حين أعطاهم الخمس معا دون بني عبد مناف، وكانت السنن إذا كانت في بني هاشم قدمها، وإذا كانت في بني المطلب قدمها، وكذلك كان يصنع في جميع القبائل يدعوهم على الأسنان، ثم نظر فاستوت له قرابة بني عبد شمس وبني نوفل بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فرأى أن عبد شمس أخو هاشم لأمه دون نوفل، فرآه بهذا أقرب، ورأى فيهم سابقة وصهرًا بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دون بني نوفل، فقدم دعوتهم على دعوة بني نوفل ثم بعدهم. ثم استوت له قرابة بني أسد بن عبد العزي وبني عبد الدار، فرأى أن في بني أسد سابقة وصهرا -يعني: للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنهم من المطيبين، ومن حلف الفضول، وأنهم كانوا أذب عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقدمهم على بني عبد الدار، ثم جعل بني عبد الدار بعدهم. ثم رأى آل بني زهرة وهم لا ينازعهم أحدٌ، ثم استوت له قرابة بني تيم ابن مُرة وبني مخزوم بن يقظة بن مرة، فرأى أن لبني تيم سابقة وصهرًا

2920 - فرض الفروض، والعدل في ذلك

للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فإن بني تيم من المطيبين، ومن حلف الفضول، فقدمهم على بني مخزوم، ثم وضع بني مخزوم بعدهم. ثم استوت له قرابة بني جمح وسهم وعدي بن كعب رهطه، فقال: أما بنو عدي بن كعب وسهم فمعًا؛ وذلك أن الإِسلام دخل عليهم وهو كذلك، ولكن بمن ترون أن أبدأ بسهمٍ أم جمح؟ إنِّي أرى أن أبدًا بجمح، فلا أدري السن لجمح أم لغير ذلك؟ ثم وضع بني سهم وبني عدي بعدهم، ثم وضع بني عامر بن لؤي، ثم بني فهر، وقد زعموا أن أَبا عُبيدة بن الجراح لما رأى من يقدم بين يديه قال: أيدعى، يوضع قبلي؟ فقال: أَنْتَ حيث وضعك اللَّه، فلما رأى جزعه قال: أما على نفسي وأهل بيتي فأنا طيب النفس أن أقدمك، وكلم قومك، فإن هم طابوا بذلك نفسًا، لم أمنعكه. وقد ادعى بنو الحارث بن فهو أن عُمر قدمهم، فجعلهم بعد بني عبد مناف أو بعد بني قصي، فسألت عن ذلك أهل العلم من أصحابه، فأنكروه وقالوا: أبو عُبيدة من بني مُحارب بن فهر لا من بني الحارث، وهذِه الدعوة المقدمة في غير موضعها لبني الحارث لا لبني محارب، وإنما قدمهم معاوية بن أبي سفيان لخُئولة كانت له فيهم. "العلل ومعرفة الرجال" (5810) 2920 - فرض الفروض، والعدل في ذلك قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حَدَّثَنَا غسان قال: حَدَّثَنَا سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد اللَّه قال: لما ولي عمر الخلافة

2921 - ضرب السكة

فرض الفرائض ودون الدواوين وعرف العرفاء. قال: قال جابر: وعرفنى على أصحابي. "العلل" رواية عبد اللَّه (1980) قال عبد اللَّه: حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا عبد الصمد، حَدَّثَنَا سلام قال: سمعت الحسن يقول: جيء إلى عمر رحمه اللَّه بمال، فبلغ ذلك حفصة بنت عمر -أم المؤمنين- فجاءت فقالت: يَا أمير المؤمنين، حق أقربائك من هذا المال، قد أوصى اللَّه عز وجل بالأقربين من هذا المال، فقال: يا بنته، حق أقربائي في مالي، وأما هذا ففي سدد المسلمين، غششت أَبَاك ونصحت أقرباءك، قومي، فقامت واللَّه تجر ذيلها. "الزهد" ص 145 قال عبد اللَّه، حدثني أبي، حَدَّثَنَا هشيم، أنبأنا منصور، عن الحسن أن قومًا قدموا على عامل لعمر بن الخَطَّاب رحمه اللَّه، فأجاز العرب، وترك الموالي؛ فبلغ ذلك عمر قال: فكتب إليه: بحسب المؤمن من الشر أن يحقر أخاه المسلم. "الزهد" ص 150 2921 - ضرب السكة قال في رواية محمد بن عبيد اللَّه المنادى: ليس لأهل الإِسلام أن يضربوا إلَّا جيدًا ويكره الضرب لغير السلطان. وقال في رواية جعفر بن محمد: لا يصلح ضرب الدراهم إلَّا في دار الضرب بإذن السلطان؛ لأن الناس إن رخص لهم ركبوا العظائم. "المبدع" 2/ 366

باب ما جاء واجب الرعية تجاه الإمام

باب ما جاء واجب الرعية تجاه الإِمام 2922 - السمع والطاعة ما لم يؤمر بمعصية، والدعاء له بالصلاح والعافية قال ابن هانئ: قال: والجهاد مع السلطان، والصبر تحت لوائه، ولا يخرج على السلطان بسيفٍ ولا عصا، وأن لا يكفر أحدًا بذنب؟ قال أبو عبد اللَّه: اسكت، من ترك الصلاة فقد كفر. "مسائل ابن هانئ" (1876) قال المروذي: سئل أبو عبد اللَّه عن الوالي يقول: هو في حرج من ذبح أو حلب. ترى أن يلزمنا إن ذبحنا أو حلبنا؟ فقال: لا يعجبني أن تذبحوا, ولا أن تحلبوا, ولا أن تخالفوا الوالي، ثم تلا هذه الآية: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} "الورع" (424). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حَدَّثَنَا عبد الرحمن، عن المثنى بن سعيد، عن طلحة بن نافع قال: خطبنا ابن الزبير قال: إنَّا قد ابتلينا بالذي قد ابتلينا به من أمركم، فما أمرناكم من أمر فيه طاعة للَّه سبحانه، فلنا عليكم فيه السمع والطاعة، وما أمرناكم به من أمر ليس فيه طاعة للَّه عز وجل فلا طاعة لنا فيه ولا نعمة عين. "الزهد" ص 250 قال أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال: أنبأ أحمد بن محمد بن الحجاج أبو بكر المروذِيُّ قال: سمعت أَبا عبد اللَّه، وذكر له السُّنة والجماعة والسمع والطاعة، فحثَّ على ذلك، وأمر به.

وقال: عن أبي بكر المَرُّوِذيّ، أن أَبا عبد اللَّه قال: السمع والطاعة ما لم يؤمر بمعصية. وقال: قال أحمد بن الحسين بن حسان: سمعت أَبا عبد اللَّه، وسئل عن طاعة السلطان، فقال بيده: السلطان! عافى اللَّه السلطان! تنبغي، سبحان اللَّه، السلطان! ! . وقال: قال عصمة بن عصام: ثنا حنبل قال: قلت لأبي عبد اللَّه في صلاة الجمعة وتعجيلها؟ فقال: ولدُ العباس أقوم للصلاة، وأشدُّهم تعاهدًا للصلاة من غيرهم؛ قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اطيعوهم ما أقاموا الصلاة" (¬1). وقال: وقال حنبل في موضع آخر: قال أبو عبد اللَّه: الأضحى إلى الإِمام والفطر؛ إذا أفطر الإِمام أفطر الناس، وإذا ضحى الإِمام ضحى الناس، والصلاة إليه أَيضًا. وقال: عن يوسف بن موسى، أن أَبا عبد اللَّه قيل له: صلاة الجمعة والعيدين جائزة خلف الأئمة، البر والفاجر ما داموا يقيمونها؟ قال: نعم. قال محمد بن أبي هارون: ثنا مُثنى قال: قرأت على أحمد: عن محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة، عن فرات قال: سمعت أَبا حازم قال أبو عبد اللَّه: كوفي، مولى عزة من أشجع قال: قاعدت أَبا هريرة خمس سنين، سمعته يحدث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إِنَّ بَنِي إسْرَائِيلَ كَانَتْ تَسُوسُهُمْ الأَنْبِيَاءُ؛ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَ نَبِيٌّ, وَإِنَّهُ لا نَبِيَّ بَعِدي, ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 24، ومسلم (1855) من حديث عوف بن مالك -رضي اللَّه عنه-.

إِنَّهُ سَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَتَكثُرُ" قَالُوا: فَمَا تَأمُرُنَا؟ قال: "فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فالْأَوَّلِ، وَأَعْطوهُمْ حَقَّهمْ الذِي جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ، فَإِنَّ اللَّه سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرعَاهُمْ" (¬1). قال أبو عبد اللَّه: ما أحسن هذا الحديث! كأنه أعجبه، وهو قول أهل السنة، أو كما قال. "السنة" للخلال 1/ 49 - 52 (1 - 6) قال الخلال: عن محمد بن يحيى، أنه قال لأبي عبدِ اللَّه: يروى عن الفضيل أنه قال: وددت أن اللَّه عز وجل زاد في عُمرِ هارون (¬2) ونقص من عمري. قال: نعم. يروي هذا عنه. وقال: يرحم اللَّه الفضيل، كان يخاف أن يجيء أشر منه. "السنة" للخلال 1/ 55 - 56 (9) قال الخلال: عن علي بن عيسى بن الوليد، أن حنبلًا حدثهم، قال عصمة بن عصام: ثنا حنبل، في هذِه المسألة قال: وإني لأدعو له بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار، والتأييد، وأرى له ذلك واجبًا عليَّ. "السنة" للخلال 1/ 58 - 60 (13 - 14) قال الخلال: قال أبو بكر المرُّوذي: سمعت أَبا عبد اللَّه، وذكر الخليفة المتوكل رحمه اللَّه فقال: إنِّي لأدعو له بالصلاح والعافية، وقال: لئن به حدثُ لتنظرن ما يحل بالإِسلام. "السنة" للخلال 1/ 61 (16) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 297، والبخاري (3455)، ومسلم (1842). (¬2) هو هارون الرشيد أمير المؤمنين.

قال الخلال: قال أبو بكر المرُّوذي: دخلت على أبي عبد اللَّه يوم ضرب ابن عاصم الرافضي رأس الجسر، وكان ضرب بحد، فدخلت على أبي عبد اللَّه، فرأيته مستبشرًا يتبين في وجهه أثر السرور، فقال لي: إن أَبا هريرة قال: لإقامة حد في الأرض خير للأرض من أن تمطر أربعين يومًا (¬1). فقلت لأبي عبد اللَّه: قد جعلت الخليفة في حل إن كان يجب لنا عليه شيء من أمورنا؟ فتبسم أبو عبد اللَّه، وكان الذي أمر بضربه جعفر المنصور رحمه اللَّه، فلما كان بعد الضرب الثاني الذي مات فيه دخلت على أبي عبد اللَّه فجعل يسترجع ويسأل اللَّه العافية. وقال: وأخبرني محمد بن يحيى الكحال قال: قال أبو عبد اللَّه: جعفر المتوكل غير معتقد لمقالة. يعني: غير معتقد لمقالة من كان قبله في القرآن. قال: وحدثنا الدوري قال: ثنا سليمان بن داود قال: ثنا حماد بن زيد قال، ثنا عطية السراج أن أَبا مسلم الخولاني قال: إنه مؤمر عليك مثلك، فإن اهتدى فأحمد اللَّه، وإن عمل بغير ذلك فادع له بالهدى، ولا تخالفه فتضل. وقال: وثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة قال: حدثني أبو إسحاق، عن سعد بن حذيفة، عن حذيفة قال: من فارق الجماعة شبرًا، فقد فارق الإِسلام. ¬

_ (¬1) رواه النسائي 8/ 76 موقوفًا وصححه ابن حبان 10/ 243 (4397) وقال الألباني في "الصحيحة" 1/ 462: سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات. ورواه النسائي 8/ 76 وابن ماجه (2538) مرفوعًا من حديث أبي هريرة أَيضًا. وحسنه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2057).

وقال: وثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا سفيان، عن أيوب، عن أبي رجاء قال: سمعت ابن عباس يقول: من فارق الجماعة شبرًا فمات، فميتة جاهلية. قال: قال عبيد اللَّه بن حنبل: حدثني أبي قال: قال عمي: وعمر بن عبد العزيز جاء إلى أمر مظلم فأناره، وإلى سنن قد أميتت فأحياها, لم يخف في اللَّه لومة لائم، ولا خاف في اللَّه أحدًا، فأحيا سننًا قد أميتت، وشرع شرائع قد دَرست، رحمه اللَّه. قال عمي: ويقال: إن في كل كذا وكذا يقوم قائم بأمر اللَّه، ثم ذكر المتوكل، فقال: لقد أمات عن الناس أمورًا قد كانوا أحدثوها من درس الإِسلام، وإظهار المنكر. قلت: فتراه من أُولي الحق؟ قال: أليس قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أحيا سنة من سنتي قد أميتت، فقد أظهر ما أَظهر" (¬1)، وأي بلاء كان أكثر من الذي كان أحدث عدو اللَّه وعدو الإِسلام في الإِسلام من إماتة السنة. يعني: الذي قبل المتوكل، فأحيا المتوكل السنة، رضوان اللَّه عليه. "السنة" للخلال 1/ 62 - 65 (18 - 23) ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (2677)، وابن ماجه (209، 210) من حديث عمرو بن عوف المزني. قال الترمذي: هذا حديث حسن. ولفظه كما في ابن ماجه: "من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل أجر من عمل بها من الناس، لا ينقص من أجور الناس شيئًا، ومن ابتدع بدعة لا يرضاها اللَّه ورسوله فان عليه مثل إثم من عمل بها من الناس، لا ينقص من آثام الناس شيئًا". وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (965).

قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسين قال: ثنا الفضل بن زياد قال: ثنا أحمد قال: ثنا أبو المغيرة قال: حدثني صفوان بن عمرو أبو عمرو السكسكي قال: حدثني عمرو بن قيس السكوني قال: حدثني عاصم بن حميد قال: سمعت معاذ بن جبل يقول: إنكم لن تروا من الدنيا إلَّا بلاء وفتنة، ولن يزداد الأمر إلَّا شدَّة، ولن تروا من الأئمة إلَّا غلظة، ولن تروا أمرًا يهولكم ويشتد عليكم إلَّا حضره بعده ما هو أشد منه، أكثر أمير، وشر تأمير (¬1). قال أحمد: اللهم رضينا. أخبرني عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز قال: ثنا أحمد قال: ثنا أبو المغيرة قال: ثنا صفوان بن عمرو، عن عمرو بن قيس قال: حدثني عاصم ابن حميد، عن معاذ بن جبل قال: لن تروا من الأئمة إلَّا غلظة، ولن تروا أمرًا يهولكم أو يشتد عليكم إلَّا حضره بعده ما هو أشر منه، أكثر أمير، وشر تأمير (¬2). قال أبو عبد اللَّه: اللهم رضينا. يمد بها صوته مرتين أو ثلاثة. "السنة" للخلال 1/ 70 - 71 (29 - 30) قال البغوي: حَدَّثَنَا أحمد بن حنبل قال: حَدَّثَنَا وكيع قال: حَدَّثَنَا عبد الأعلى بن كيسان سمع ابن أبي الهديل يقول: ما في نفسي من نبيذ الجر شيء إلَّا أن عمر بن عبد العزيز نهى عنه وكان إمام عدل. "الأشربة" للخلال (71) ¬

_ (¬1) رواه نعيم بن حماد في "الفتن" 1/ 74 من حديث أبي المغيرة وبقية، عن صفوان بن عمرو، عن عمرو بن قيس به. ورواه ابن بطة في "الإبانة" (16). (¬2) سبق تخريجه.

2923 - الإنكار على من خرج على السلطان، وبيان ضعف أحاديث رويت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخروج على الإمام

قال في رواية المروذي -وذكر الحسن بن صالح- فقال: كان يرى السيف، ولا نرضى بمذهبه. "الأحكام السلطانية" ص 20 قال في رواية أبي الحارث في الإمام يخرج عليه من يطلب الملك فيفتتن الناس، فيكون مع هذا قوم ومع هذا قوم، مع من تكون الجمعة؟ قال: مع من غلب. وقال في رواية المروذي، وقد سُئل أي شيء الحجة في أن الجمعة تجب في الفتنة؟ فقال: أمر عثمان لهم أن يصلوا (¬1). قيل له: فيقولون إن عثمان أمر بذلك. فقال: إنما سألو بعد أن صلوا. "الأحكام السلطانية" ص 22، "المعونة" 11/ 56 2923 - الإنكار على من خرج على السلطان، وبيان ضعف أحاديث رويت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الخروج على الإمام قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي قال: حدثنا معاوية بن هشام قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد وإبراهيم أنهما كرها الدم. يعني: في الفتنة. "العلل" برواية عبد اللَّه (1607) ¬

_ (¬1) رواه البخاري (695) عن عبيد اللَّه بن عدي بن الخيار أنه دخل على عثمان -رضي اللَّه عنه- وهو محصور، فقال: إنك إمام عامة، ونزل بك ما نرى، ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرج؟ فقال: الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم.

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: أعطانا ابن الأشجعي كتبًا من كتب أبيه، فنسخنا من كتاب الأشجعي، عن سفيان، عن واصل، عن بنت المعرور، عن المعرور قال: سمعت عمر يقول: من دعا إلى إمرة من غير مشورة من المسلمين فاضربوا عنقه (¬1). "العلل" برواية عبد اللَّه (1660) قال الخلال: بيان أحاديث ضعاف رويت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فَسَّر أحمد بن حنبل ضعفها، وثبت غيرها مما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ترك الخروج على السلطان وكف الدماء، وإن حرموا الناس أعطياتهم. قال الخلال: قال عصمة بن عصام: ثنا حنبل قال: حدثني أبو عبد اللَّه قال: ثنا قراد قال: ثنا شعبة، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اسْتَقِيمُوا لِقُرَيْشٍ مَا اسْتَقَاموا لَكُمْ، فإن لم يستقيموا لكم فاحملوا سيوفكم على أعناقكم, فأبيدوا خضراءهم, فإن لم تفعلوا فكونوا زراعين أشقياء, وكلوا من كدِّ أيديكم" (¬2). وقال: قال حنبل: سمحت أبا عبد اللَّه قال: الأحاديث خلاف هذا، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اسْمَعْ وَأَطِعْ وَلَوْ لِعَبْدٍ مُجَدَّعِ" (¬3). وقال: "السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِي عُسْرِكَ, وَيُسْرِكَ, وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ" (¬4)، فالذي يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 5/ 445 (9759). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 277، وابن حبان في "روضة العقلاء" ص 194 والطبراني في "الأوسط" 8/ 15 (7815) و"الصغير" 1/ 134 (201). قال الهيثمي في "المجمع" 5/ 195: رجال "الصغير" ثقات. والحديث ضعفه الألباني في "الضعيفة" (1643). (¬3) رواه الإمام أحمد 5/ 161، ومسلم (648) من حديث أبي ذر. (¬4) رواه الإمام أحمد 5/ 314، ومسلم (1709) من حديث عبادة بن الصامت.

الأحاديث خلاف حديث ثوبان، وما أدري ما وجهه. وقال: عن محمد بن علي ومحمد بن أبي هارون أن حمدان بن علي حدثهم قال: ذكرت لأحمد حديث الأعمش حديث ثوبان: "اسْتَقِيمُوا لِقُرَيْشٍ مَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ" فقال: حدثنا وكيع قال: "اسْتَقِيمُوا لِقُرَيْشٍ مَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ" إلى ههنا فقط. وقال: قال محمد بن علي: ثنا مهنا قال: سألت أحمد عن حديث الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان: "أطيعوا قُرَيْشًا مَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ"، فقال: ليس بصحيح، سالم بن أبي الجعد لم يلق ثوبان. قال: وسألت أحمد عن علي بن عابس، يحدث عنه الحماني، عن أبي فزارة، عن أبي صالح مولى أم هانئ، عن أم هانئ قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: مثل حديث ثوبان: "اسْتَقِيمُوا لِقُرَيْشٍ", فقال: ليس بصحيح, هو منكر. قال الخلال: قال موسى بن سهل الساوي: ثنا أحمد بن محمد الأسدي قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، عن إسماعيل بن سعيد الشالنجي قال: سألت أحمد: ما القول في الأحاديث التي جاءت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر في بعضها بالسمع والطاعة في العسر واليسر، وقال في بعضها -قيل له: يحرمون من الفيء والعطاء- قال: "قاتلوهم"، قال: "أما ما صلوا فلا" (¬1). وقال في بعضها: "سلوا سيوفكم، وبيدوا خضراءهم". ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 295، ومسلم (1954) من حديث أم سلمة.

فقلت: فما القول في ذلك؟ قال: الكف؛ لأنا نجد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من غير وجه: "أما ما صلوا فلا". فسألت أحمد عن الجهاد والجُمعات معهم؟ قال: تجاهد معهم. قال الخلال: عن محمد بن علي أن مهنَّا حدثهم قال: حدثني خالد بن خداش قال: ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لقريش عليكم من الحق ما ائتمنوا فأدوا، وما حكموا فعدلوا, وما استرحموا فرحموا, فمن لم يفعل ذلك فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين" (¬1). فقال أحمد: لا أعرفه، إلَّا أن ابن أبي ذئب قد حدث عنه معمر غير حديث. "السنة" للخلال 1/ 98 - 102 (80 - 84) قال الخلال: قال جعفر المخرمي: ثنا مذكور قال: ثنا علي بن عاصم قال: ثنا أبو المعلَّى العطار قال: كنت أمشي مع سعيد بن جبير، فنظر إلى امرأة قد تخمرت مصلبًا، فطرف لها، فقلت: سبحان اللَّه، تطرف لها، وهي منك غير محرم؟ ! فقال: إن من المعروف ما لا يؤمر إلَّا بالسيف. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 270 مختصرًا، ورواه عبد الرزاق 11/ 57 (19902) وابن حبان 10/ 442 (4581)، والطبراني في "الأوسط" 3/ 225 (2988). وقال: لم يرو هذا الحديث عن ابن أبي ذئب إلَّا معمر، تفرد به عبد الرزاق. وقال الهيثمي في "المجمع" 5/ 192: وراه أحمد والطبراني في "الأوسط" ورجال أحمد رجال الصحيح. وصحح إسناده أحمد شاكر في تعليقه على "المسند".

قال مذكورة فذكرت ذلك لأحمد بن حنبل، فقال: سعيد بن جبير! ! لم يرض فعله. وقال: عن أبي بكر المرُّوذي أن أبا عبد اللَّه قال: قد قلت لابن الكلبي صاحب الخليفة: ما أعرف نفسي مذ كنت حدثًا إلى ساعتي هذِه إلَّا أؤدي الصلاة خلفهم، وأعتد إمامته، ولا أرى الخروج عليهم. قال أبو بكر المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يأمر بكف الدماء، وينكر الخروج إنكارًا شديدًا. "السنة" للخلال 1/ 103 (85 - 87) وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر، أن أبا الحارث حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه في أمر كان حدث ببغداد، وهمَّ قوم بالخروج، فقلت: يا أبا عبد اللَّه، ما تقول في الخروج مع هؤلاء القوم؟ فأنكر ذلك عليهم، وجعل يقول: سبحان اللَّه، الدماء، الدماء، لا أرى ذلك، ولا آمر به، الصبر على ما نحن فيه خير من الفتنة يسفك فيها الدماء، وتستباح فيها الأموال، وتنتهك فيها المحارم، أما علمت ما كان الناس فيه. يعني: أيام الفتنة؟ ! قلت: والناس اليوم، أليس هم في فتنة يا أبا عبد اللَّه؟ قال: وإن كان، فإنما هي فتنة خاصة، فإذا وقع السيف عمت الفتنة وانقطعت السبل، الصبر على هذا ويسلم لك دينك؛ خير لك. ورأيته ينكر الخروج على الأئمة، وقال: الدماء، لا أرى ذلك ولا آمر به. قال الخلال: قال علي بن عيسى: سمعت حنبلًا يقول في ولاية الواثق: اجتمع فقهاء بغداد إلى أبي عبد اللَّه؛ أبو بكر بن عبيد وإبراهيم بن علي المطبخي وفضل بن عاصم، فجاءوا إلى أبي عبد اللَّه،

فاستأذنت لهم، فقالوا: يا أبا عبد اللَّه، هذا الأمر قد تفاقم وفشا. يعنون: إظهاره لخلق القرآن وغير ذلك. فقال لهم أبو عبد اللَّه: فما تريدون؟ قالوا: أن نشاورك في أنا لسنا نرضى بإمرته ولا سلطانه، فناظرهم أبو عبد اللَّه ساعة، وقال لهم: عليكم بالنكرة بقلوبكم، ولا تخلعوا يدًا من طاعة، ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم، انظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريح بر، أو يستراح من فاجر. ودار في ذلك كلام كثير لم أحفظه ومضوا، ودخلت أنا وأبي على أبي عبد اللَّه بعدما مضوا، فقال أبي لأبي عبد اللَّه: نسأل اللَّه السلامة لنا ولأمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وما أحب لأحد أن يفعل هذا، وقال أبي: يا أبا عبد اللَّه، هذا عندك صواب؟ قال: لا، هذا خلاف الآثار التي أمرنا فيها بالصبر، ثم ذكر أبو عبد اللَّه قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن ضربك فاصبر, وإن. . وإن فاصبر" (¬1)، فأمر بالصبر، قال عبد اللَّه بن مسعود: . . وذكر كلامًا لم أحفظه. وقال: قال عبد الملك الميموني: ثنا ابن حنبل قال: ثنا سفيان قال: لما قتل الوليد بن يزيد، كان بالكوفة رجل كان يكون بالشام أصله كوفي سديد عقله، قال لخلف بن حوشب لما وقعت الفتنة: اجمع بقية من بقي واصنع طعامًا، فجمعهم، فقال سليمان: أنا لكم النذير، كف رجل يده، وملك لسانه، وعالج قلبه. ¬

_ (¬1) لم أقف عليه مرفوعًا، لكن رواه ابن أبي شيبة 6/ 548 (33700)، والبيهقي 8/ 159 موقوفًا على عمر قاله لسويد بن غفلة.

قال الخلال: قال منصور بن الوليد النيسابوري: قال: ثنا القاسم بن محمد المروزي قال: ثنا أحمد قال: ثنا سفيان، فذكر مثله سواء. قال القاسم: قال أحمد: انظروا إلى الأعمش، ما أحسن ما قال! مع سرعته وشدة غضبه. "السنة" للخلال 1/ 104 - 106 (89 - 92) قال الخلال: عن أبي بكر المروذي، أنه قال لأبي عبد اللَّه: إن وهب بن بقية حكى أن خالدًا لما كان زمان المبيضة أنكر خالد على من خرج، وقال: رأيت إنسانًا معه رمحان، فأدخلته دكان الطحان فكلمته، فقال أبو عبد اللَّه: عبَّاد كان؟ قلت: نعم. "السنة" للخلال 1/ 108 (95) قال الخلال: قال أبو بكر المرُّوذي: سمعت أبا عبد اللَّه، وذكر عنده عبد اللَّه بن مغفل، فقال: لم يلتبس بشيء من الفتن، وذكر رجل آخر، فقال: رحمه اللَّه مات مستورًا قبل أن يبتلى بشيء من الدماء. "السنة" للخلال 1/ 109 (97) قال الخلال: قال محمد بن أبي هارون: ثنا إسحاق بن إبراهيم بن هانئ قال: قال أبو عبد اللَّه: ابن عمر وسعد ومن كف عن تلك الفتنة، أليس هو عند بعض الناس أحمد؟ ثم قال: هذا علي رحمه اللَّه لم يضبط الناس، فكيف اليوم والناس على هذا الحال ونحوه، والسيف لا يعجبني أيضًا. وقال: قال أبو بكر المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يأمر بكف الدماء وينكر الخروج إنكارًا شديدًا، وأنكر أمر سهل بن سلامة، وقال: كان بيني وبين حمدون بن شبيب أُنس، وكان يكتب لي، فلما خرج مع سهل

جفوته بعد، وكان قد خرج ذاك الجانب، فذهبت أنا وابن مسلم فعاتبناه، وقلت: إيش حملك؟ فكأنه ندم أو رجع. وقال: قال أبو بكر المرُّوذي: رأيت أبا عبد اللَّه في النوم في الفتنة، فقلت: يا أبا عبد اللَّه، ما أحوج أصحابنا إلى أن يعرفوا مذهبك، ما تقول في الفتنة؟ قال: مذهبنا حديث أبي ذر. قلت: فإن دخل على الحرم؟ فتكلم بشيء لم أفهمه. وقال: قال أبو بكر المرُّوذي: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد العزيز العمي قال: ثنا أبو عمران، عن عبد اللَّه بن الصامت، عن أبي ذر قال: كنت خلف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين خرج من حاشى المدينة، فقال: "يَا أَبَا ذَرٍّ, أَرَأَيْتَ إِنِ النَّاسُ قُتِلُوا حَتَّى تَغْرَقَ حِجَارَةُ الزَّيْتِ مِنْ الدِّمَاءِ كَيْفَ تصنع؟ " قلْت: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قال: "تَدْخُلُ بَيْتَكَ" قال: قُلْتُ: يا رسول اللَّهِ، فإِنْ أتى عَليَّ؟ قال: "تَأْتِي مَنْ أَنْتَ مِنْهُ" قال: فأحمل السِّلَاحَ؟ قال: "إِذًا شَارَكْتَ القوم" قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يا رَسُولَ اللَّه؟ قال: "إِنْ خِفْتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ فَأَلْقِ طَائِفَةً مِنْ ثَوْبِك عَلَى وَجْهِكَ, يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِهِ" (¬1). قال الخلال: قال سليمان بن الأشعث أبو داود: سمعت أبا عبد اللَّه ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 149 عن مرحوم بن أبي عمران الجوني به. وأبو داود (4261)، وابن ماجه (3958) من طريق حماد بن زيد عن أبي عمران عن المشعث ابن طريف عن عبد اللَّه بن الصامت به بنحوه. قال أبو داود: لم يذكر المشعثَ في هذا الحديث غيرُ حماد بن زيد. وصحح الألباني إسناد أحمد، انظر: "الإرواء" 8/ 102 (2451).

ذكر حديث صالح بن كيسان، عن الحارث بن فضيل الخطمي، عن جعفر ابن عبد اللَّه بن الحكم، عن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، عن أبي رافع، عن عبد اللَّه بن مسعود، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يكون أُمَرَاءٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، فمن جاهدهم بيده. . " (¬1). قال أحمد: جعفر هذا هو أبو عبد الحميد بن جعفر، والحارث بن فضيل ليس بمحمود الحديث، وهذا الكلام لا يشبهه كلام ابن مسعود. ابن مسعود يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي" (¬2). "السنة" للخلال 1/ 110 - 114 (101 - 105) قال الخلال: قال العباس بن محمد بن أحمد بن عبد الكريم: ثنا إسحاق بن إبراهيم بن هانئ، قال: حدثني أحمد قال: ثنا عبد اللَّه بن الوليد قال: ثنا سفيان، عن الحارث بن حصيرة، عن زيد بن وهب، عن حذيفة قال: إنما غبارها على من أثارها، قال أحمد: يعني: في الفتنة. "السنة" للخلال 1/ 115 - 116 (107) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 458، ومسلم (50). (¬2) لم أقف عليه بهذا اللفظ من حديث ابن مسعود، لكن رواه الإمام أحمد 3/ 111 والبخاري (2247) من حديث أنس. أما ما روي عن ابن مسعود، فرواه الإمام أحمد 1/ 384، والبخاري (6644) بلفظ: "إنكم سترون بعدي أثرة وأمورًا تنكرونها" قالوا: بما تأمرنا يا رسول اللَّه؟ قال "أدوا إليهم حقهم وسلوا اللَّه حقكم" الحديث.

2924 - نصح الإمام والولاة والصبر على أذاهم، والانقباض عنهم إن خاف ألا يصدقهم

2924 - نُصح الإمام والولاة والصبر على أذاهم، والانقباض عنهم إن خاف ألَّا يصدقهم قال صالح: سمعت أبي قال: دخل سفيان بن عيينة على معن بن زائدة وهو باليمن ولم يكن سفيان تلطخ بشيء من أمر السلطان بعد، فجعل سفيان يعظه ويذكر له أمر المسلمين فجعل معن يقول له أبوهم أنت؟ ! أخوهم أنت؟ ! . "مسائل صالح" (130) قال صالح: قال أبي: لما قيل لسفيان بن عيينة: من السلطان تكلموا، فقال: وجدتم مقالًا فتكلموا. "مسائل صالح" (334) قال صالح: حدثني أبي. قال: حدثنا سيار بن حاتم أبو سلمة العتري، قال: حدثنا جعفر، قال: حدثنا مالك بن دينار، قال: سألت سعيد بن جبير وهو في المسجد الحرام: يا أبا عبد اللَّه ما أميركم هذا؟ قال: يفسر القرآن تفسير زُرَقي في طاعة شامية -يعني: الحجاج. "مسائل صالح" (869) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا سيار بن حاتم قال: حدثنا جعفر قال: حدثنا مالك قال: سألت سعيد بن جبير قلت: أبا عبد اللَّه، من كان حامل راية رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: فنظر إليَّ وقال: إنك لترخي اللبب. قال: فغضبت وشكوته إلى إخواني من القراء. قلت: ألا تعجبون من سعيد بن جبير، إني سألته: من كان حامل راية رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فنظر إلى وقال: إنك لرخي اللبب. فقالوا لي: وأنت حين تسأله وهو خائف من الحجاج، قد لاذ بالبيت، كان حاملها عليّ، كان

حاملها عليّ، كان حاملها عليّ. "مسائل صالح" (870) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا أبو الأشهب هوذة، عن هشام بن حسان، عن الحسن قال: مر بي أنس بن مالك -وقد بعثه زياد إلى أبي بكرة يعاتبه- فانطلقت معه، فدخلنا على الشيخ وهو مريض، فأبلغه عنه فقال: إنه يقول: ألم أستعمل عبيد اللَّه على فارس؟ ! ألم أستعمل روادًا على دار الرزق؟ ! ألم أستعمل عبد الرحمن على الديوان وبيت المال؟ ! فقال أبو بكرة: فهل زاد على أن أدخلهم النار؟ ! قال: فقال أنس: إني لا أعلمه إلَّا مجتهدًا. فقال أبو بكرة: أقعدوني، فقال: قلتَ: إني لا أعلمه إلَّا مجتهدًا، وأهل حروراء قد اجتهدوا، أفأصابوا أم أخطئوا؟ قال الحسن: فرجعنا مخصومين. "مسائل صالح" (874) قال أبو الفضل صالح: دخلت على أبي يومًا فقلت: بلغني أن رجلًا جاء إلى فضل الأنماطي، فقال له: اجعلني في حل إذا لم أقم بنصرتك فقال فضل: لا جعلت أحدًا في حل، فتبسم أبي وسكت فلما كان بعد أيام قال لي: مررت بهذِه الآية: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} فنظرت في تفسيرها فإذا هو ما حدثني به هاشم بن القاسم، حدثني المبارك، حدثني من سمع الحسن يقول: إذا جثت الأمم بين يدي رب العالمين يوم القيامة ونودوا: ليقم من أجره على اللَّه عز وجل، فلا يقوم إلَّا من عفا في الدنيا. قال أبي: فجعلت الميت في حل من ضربه إياي، ثم جعل يقول: وما على رجل ألا يعذب اللَّه تعالى بسببه أحدًا. "سيرة الإِمام" رواية ابنه صالح 64 - 65

قال صالح: قال أبي: فلما كانت الليلة الثانية (¬1)، وجه إلى إسحاق بن إبراهيم ما تقول في الخروج؟ قال: فقلت: ذلك إليك. فقال: الذي حكيتَ هو عن محمد بن الحنفية؟ فقلت: لا، حكيت عن جعفر بن محمدعن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب. قال: فسكت. قال أبو الفضل: ثم أخرج أبي حتى إذا صرنا بموضع يقال: بصرى، بات أبي في مسجد، ونحن معه، فلما كان في جوف الليل، جاءه النيسابوري، فقال: يقول لك الأمير: ارجع. فقلت له: يا أبه، أرجو أن يكون فيه خيرًا. فقال: لم أزل الليلة أدعو اللَّه. "سيرة الإمام" لابنه صالح ص 84 قال أبو الفضل: وقد كان وجه محمد بن عبد اللَّه بن طاهر إلى أبي في وقت قدومه بالعسكر: أحب أن تصير إليّ، وتعلمني الذي تعزم عليه حتى لا يكون عندي أحد. فوجه إليه: أنا رجل لم أخالط السلطان، وقد أعفاني أمير المؤمنين مما أكره، وهذا مما أكره. فجهد أن يصير فأبى. "سيرة الإمام" رواية صالح ص 120 ¬

_ (¬1) كان المتوكل قد وجه إلى إسحاق بن إبراهيم يأمر بحمل الإمام أحمد إلى المعسكر.

قال المروذي: سمعت إسحاق بن حنبل، ونحن بالعسكر، يناشد أبا عبد اللَّه، ويسأله الدخول على الخليفة ليأمره وينهاه، وقال له: إنه يقبل منك، هذا إسحاق بن راهويه يدخل على ابن طاهر فيأمره وينهاه. فقال له أبو عبد اللَّه: تحتج على بإسحاق؟ ! فأنا غير راض بفعاله، ما له في رؤيتي خير، ولا لي في رؤيته خير. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (1) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: يجب عليَّ إذا رأيتهُ -يعني: الخليفة- أن آمره وأنهاه. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (2) وقال المروذي: وسمعت إسماعيل بن أخت ابن المبارك يناظر أبا عبد اللَّه ويكلمه في الدخول على الخليفة، فقال له أبو عبد اللَّه: قد قال خالك -يعني: ابن المبارك-: لا تأتهم، فإن أتيتهم فأصدقهم، وأنا أخاف أن لا أصدقهم. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (3) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: الدنو منهم فتنة، والجلوس معهم فتنة، نحن متباعدون منهم ما أرانا نسلم، فكيف لو قربنا منهم؟ ! "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (10) وقال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمارة بن عبد، وشبيع السلولي، عن حذيفة قال: أبوابهم مواقف الفتن، يدخلون الجنة بوجه، ويخرجون بآخر. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (11)

وقال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: حدثنا ابن مهدي، حدثنا سفيان، عن سلمة بن نبيط قال: قلنا لأبي: ألا تأتهم؟ قال: إني أخاف أن أشهد منهم مشهدًا يدخلني النار. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (12) وقال المروذي: قرأت على أبي عبد اللَّه: حسين بن محمد قال: حدثنا حماد الأبح، عن محمد بن واسع، أنه قال لرجل سأله شفاعة: ويحك، إن الدنو منهم هو الذبح. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (22) وقال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل يقول: حدثنا سفيان قال: قال الإفريقي لأبي جعفر: إن عمر بن عبد العزيز رحمه اللَّه كان يقول: إنما السلطان سوق، فما نفق عنده ارتجى به، أو فمن نفق عنده أتاه، أو كما قال. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (31) وقال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: حدثنا سفيان قال: لقيني مطرف وهو على حمار، قال: مالك لا تأتينا؟ قلت: وليت شيئا من الصدقة. قال: فبكى، وقال: تغفلوني! "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (45) وقال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان طاوس شديدًا عليهم، فولوه على شيخ، فكان يأخذ من الأغنياء ويعطي الفقراء، قال: فسألوه عن المال، فأعطاهم لوحًا، وقال: قد فرقته. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (52) وقال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: حدثنا عبد الرزاق قال:

وفد طاوس من مكة، . قال: فقدم أمير فقيل له: إن من فضله ومن (¬1)، فلو أتيته. قال: ما لي إليه حاجة، قالوا: إنا نخافه عليك، قال: فما هو إذًا كما تقولون. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (53) وقال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: يقول رجل لمثل سوَّار القاضي: أصلحك اللَّه؟ قال: فأي شيء عليه أن يصلحه اللَّه. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (66) وقال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه بن حنبل يقول: وذكر العمري فقال: كان شديدًا عليهم. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (79) وقال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: دخل سفيان عليه -يعني: المهدي- فاعتل بالبول فخرج. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (87) وقال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إن عبادًا قال لسفيان: ذكرتك لأبي جعفرٍ، فقال سفيان: لم أردت أن تذكرني له؟ ! قال أبو عبد اللَّه: قد أحسن، ولمَ أراد أن يذكره له؟ ! "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (95) وقال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: لو دخلت عليه -يعني: الخليفة- ما ابتدأته إلَّا بأبناء المهاجرين والأنصار. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (98) وقال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كتب إلى سفيان بن وكيع: سمعت أبي يقول: قال لنا سفيان: نحن اليوم على الطريق، فإذا رأيتمونا قد ¬

_ (¬1) يعني: ذكروا له فضله وعددوا مناقبه.

أخذنا يمينًا وشمالًا فلا تقتدوا بنا. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (99) وقال المروذي: قيل لأبي عبد اللَّه: فقول الثورى: إذا رأيتمونا أخذنا يمينا وشمالا فلا تقتدوا بنا، أي شيء معنى هذا؟ قال: إنما يريد أمر السلطان. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (100) وقال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان ابن أبي ذئب ومالك يحضران عند السلطان، فيسكت مالك ويتكلم ابن أبي ذئب، ولقد دخل على أبي جعفر فصدقه، فأمر له بشيء فلم يقبل، وفرض لولده، هكذا يقول أهل المدينة. "أخبار الشيوخ" (111) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: سمعت حمادًا الخياط يقول: كان ابن أبي ذئب يشبه بسعيد بن المسيب في الصرامة. قلت لأبي عبد اللَّه: سعيد بن المسيب ضربوه (¬1)؟ قال: نعم، ولقد أعطي مرة عطاءً فقال: لا أقبل حتى أعلم أنهم جبوه في حقه، وأنفذوه في حقه (¬2)، فساعده على ترك العطاء سالم، والقاسم، وقال: لم تبق في زمن الفتنة حلقة في المسجد إلَّا حلقة سعيد بن المسيب. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (112) وقال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قدم عبد الرحمن بن ثابت ابن ثوبان، فدخل على الخليفة وابنته على عنقه. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (115) ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد 5/ 126، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 171. (¬2) لم أقف عليه بلفظه، ورفض سعيد للعطاء رواه ابن سعد 5/ 128، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 167.

قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: دخل الإفريقي على أبي جعفر فوعظه وكلمه، وقال: حج من مصر بأهل مصر معه النساء وغيرهم. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (116) وقال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: تعرف الرجل يثنه الرجل على الشيء؟ وذكرت له هذا الحديث عن الوليد بن مسلم (¬1). فقال: قد كتبته عن رجل عن الوليد. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (121) وقال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه، ذكر حفص بن غياث، فقال: كان من العقلاء مع ما بُلي به من القضاء، وذكر أن حفصا كان صديقًا لوكيع، وكان يرشد إليه، فلما ولي القضاء جانبه ولم يرشد إليه. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (132) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: جاء رجل إلى الحسن بن صالح فسأله عن شيء من فتيا ابن أبي ليلى، فأبى أن يجيبه لئلا يجيء به، وذاك أن ابن أبي ليلى كان على القضاء. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (161) ¬

_ (¬1) ذكر الحديث في "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (120). حدثنا محمد بن الصباح، يقول: أخبرنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، قال: حدثني الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، قال: أُتي أبو بكر -رضي اللَّه عنه- بسيوف ثلاثة من اليمن أحدهما مُحلَّى، فسأله السيف ابنه عبد اللَّه بن أبي بكر، قال: فبسط أبو بكر يده ليعطيه إياه، فقال له عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: بل إياي فاعطه فقال أبو بكر: أنت أحق به. قال فانصرف به عمر إلى منزله، فنزع حليته، فجعلها في ظبية، وراح به وبالظبية إلى أبي بكر، وقال: استعن بها على بعض ما يعروك، فدفع النصل إلى عبد اللَّه بن أبي بكر، ثم قال: أما واللَّه ما دعاني إلى ما فعلت النفاسة عليك يا أبا بكر، ولكن النظر لك. قال: فبكى أبو بكر، وقال: يرحمك اللَّه، يرحمك اللَّه.

قال المروذي: قرئ على أبي عبد اللَّه: هاشم قال: حدثنا مبارك قال: حدثني عبيد اللَّه بن العيزار قال: كان مطرف يقول: وأعوذ بك أن أقول من الحق شيئا أريد به غير وجهك. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (167) وقال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: كنت مع الحسن بن الربيع وهو يريد الثغر، فشيعته إلى باب الأنبار، فجاءنا الربيع النخاس فدفع إليه كتابا، فإذا عنوانه: إلى موسى بن داود قاضي طرسوس، فوضع الحسن الكتاب على الأرض وتركه. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (171) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: إنما هو طعام دون طعام، ولباس دون لباس، وإنها لأيام قلائل. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (178) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: إن قاضيا جمحيًّا كان بمكة، وكان سفيان الثوري يطعن علي القضاة، فقال له الجمحي: أنت رأيت هو ذا يقضي، -يعني: هو ذا يفتي. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (183) قال المروذي: وسمعت زهير بن محمد يقول: أنا أول من تلقى أبا عبد اللَّه في دار إسحاق، قبل أن يخرج من الحراقة، قال: فخرج وعليه الكساء الذي خلع عليه، قال: فسقط، قال: فجعل يجره وما سواه عليه. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (200) قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثنا رباح بن زيد قال: بلغني أن أبا وائل شقيق بن سلمة كان يأخذ

العصا في زمن الحجاج، حسبت أنه قال: فلما مات الحجاج وضعها. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (216) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: رأيت محمد بن عيينة وعليه جُبة صوف، يجيء إلى سفيان بن عيينة يعظه. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (316) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: لما سُيِّر عامر -يعني: بن عبد القيس (¬1) - إلى الشام، قال: اجتمعوا حوله بالمربد، فقال: إني داع فأمّنوا: اللهم من سعى بي فأكثر ماله، وأطل عمره، واجعله موطًّأ العقبين. "الورع" (264) قال المروذي: وقال لي أبو عبد اللَّه: قد سألني إسحاق بن إبراهيم، أن أجعل أبا إسحاق في حلٍّ. قال: قلت له: قد كنت جعلته في حل. ثم قال أبو عبد اللَّه: تفكرت في الحديث: "إذا كان يوم القيامة، نادى مناد: لا يقوم إلَّا من عفا" (¬2). وذكرت قول الشعبي: إن تعف عنه مرة، ¬

_ (¬1) وقيل: سبب تسييره أنه مرّ برجل من أعوان السلطان وهو يجر ذميًّا والذمي يستغيث به، فأقبل على الذمي فقال: أديت جزيتك؟ قال: نعم. قأقبل على الرجل فقال: ما تريد منه؟ قال: أذهب به يكسح دار الأمير. فأقبل على الذمي فقال: تطيب نفسك له بهذا؟ قال: يشغلني عن ضيعتي. قال: دعه. قال: لا أدعه. قال: دعه. قال: لا أدعه. قال: فوضع كساءه. ثم قال: لا تخفر ذمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا حي. ثم خلّصه منه، فكان ذلك سبب تسييره، والأثر رواه ابن أبي شيبة 7/ 185 (35101)، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 91، 6/ 201. (¬2) رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" 11/ 198 - 199 من حديث ابن عباس بلفظ: "إذا كان يوم القيامة، ينادي مناد من بطنان العرش: ليقم من أعظم اللَّه أجره، فلا يقوم إلَّا من عفا عن ذنب أخيه". وذكره الألباني في "الضعيفة" (2583) وقال: ضعيف.

يكن لك من الأجر مرتين. "الورع" (265) قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه وذكر قومًا من المترفين فقال: الدنو منهم فتنة، والجلوس معهم فتنة. سمعت محمد بن مسلمة يقول: الذباب على عذرة أحسن من قارئ على باب هؤلاء. يعني: المترفين. "الورع" (296 - 297) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا شعبة، حدثني عمر بن سليمان من ولد عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- عن عبد الرحمن بن أبان ابن عثمان، عن أبيه، أن زيد بن ثابت خرج من عند مروان نحوا من نصف النهار، فقلنا: ما بعث إليه هذِه الساعة إلَّا لشيء سأله عنه، فقمت إليه فسألته، فقال: أجل؛ سألنا عن أشياء سمعتها من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "نضر اللَّه امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره، فإنه رب حامل فقه ليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى ما هو أفقه مثه، ثلاث خصال لا يغل عليهن قلب مسلم أبدًا: إخلاص العمل للَّه عز وجل, ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة؛ فإن دعوتهم تحيط من ورائهم" (¬1). "الزهد" ص 42 - 43 ¬

_ (¬1) هو في "المسند" 5/ 183 سندًا ومتنًا سواء، بزيادة فقرة أخرى. وروي تامًّا ومختصرًا بنحوه، رواه أبو داود (3660)، والترمذي (265)، وابن ماجه (230). قال الترمذي: حديث حسن. وصححه ابن حبان 2/ 454 (680). وأورده بلفظ أحمد وسنده الألباني في "الصحيحة" (404) وقال: وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، حدثنا هشام، عن الحسن قال: إن الرجل ليدخل المدخل ويجلس المجلس أو يأكل الأكلة فتغير قلبه، فإياكم والدخول على أهل البسطة؛ فإن الدخول عليهم يغير قلب الرجل فيتسخط ما في يديه. "الزهد" ص 242 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، وأبو بكر بن أبي شيبة قالا: حدثنا أبو أسامة، عن سفيان، عن واصل الأحدب قال: رأى إبراهيم أمير حلوان يسير في ردع، فقال إبراهيم: الجور في الطريق خير من الجور في الدين. "الزهد" ص 261 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد اللَّه بن عياش، مولى بني جشم، عن أبيه، عن شيخ قد سماه، وكان قد أدرك ذكر سبب تسيير عامر بن عبد اللَّه، قال: مر برجل من أعوان السلطان وهو يجر ذميا، والذمي يستغيث به، قال: فأقبل على الذمي وقال: أديت جزيتك؟ قال: نعم، وأقبل عليه وقال: ما تريد منه؟ قال: أريد منه يكسح دار الأمير، قال: فأقبل على الذمي وقال: تطيب نفسك له بهذا؟ قال: يشغلني عن صنعتي، قال: دعه. قال: لا أدعه، فقال له: دعه. قال: لا أدعه. قال: فوضع كساءه ثم قال: لا تخفر ذمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا حي! قال: ثم خلصه منه، قال: فترقى ذلك حتى كان سبب تسييره، فجاء أمير البصرة ابن عامر قال: فقيل له: الأمير بالباب، قال: فأذن له وإنه لنائم على بردعته قال: فقال: هذا كتاب أمير المؤمنين جاء إليك أنك لا تأكل اللحم ولا تتزوج النساء ولا تأكل السمن وتطعن علي الأئمة، قال: أما قولك: لا آكل اللحم، فإني مررت بقصاب يقول: النفاق النفاق، حتى

ذبح، وقد أكره الذبيحة التي لا يذكر اسم اللَّه عليها، فإذا اشتهينا اللحم ذبحنا الشاة وقد ربيناها فأكلنا لحمها. وأما قولك: لا آكل السمن فإني كنت أراهم في مغازينا يقطعون ألية الشاة ثم يسلونها مع السمن وتلك ميتة وقد آكل ما جاء من باديتنا هذِه. وأما قولك: إني أطعن علي الأئمة، فمعاذ اللَّه أن أطعن علي إمام. وأما قولك: إني لا أتزوج النساء، فلقد خطبت إلى ربي عز وجل قبل أن تلدك أمك، قال: فقال له حمران: لا أكثر اللَّه في المسلمين -يعني: مثلك- فقال: لكن أكثر اللَّه في المسلمين مثلك، لابد للمسلمين من مهمات. "الزهد" ص 277 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا المعلى بن زياد قال: لما قدم سلمة بن قتيبة البصرة قال لي مالك: انطلق بنا إليه، فانطلقنا إليه فاستأذنا، فلم نلبث أن دخلنا، قال: فقال سلمة: مرحبا، مرحبا بك يا أبا يحيى، حاجتك، وقرب مجلسه، قال أزائرين جئتما أم لكما حاجة؟ قال: فقال مالك: بل لنا حاجة، قال: ما هي أبا يحيى؟ قال: يا سلمة مالك وللملوك؟ مالك وللسلطان؟ قال: يا أبا يحيى قد عرفنا عندهم، قال: تجان عليهم، قال: لا ينفعني ذلك، قال: ويحك يا سلمة إني أخاف أن يلقوك في ورطة ثم لا يخرجوك منها. "الزهد" ص 392 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثني أمية بن شبل، عن عثمان بن مردويه قال: كنت مع وهب بن منبه وسعيد بن جبير يوم عرفة بجبل ابن عامر، فقال وهب لسعيد بن جبير: أبا عبد اللَّه كم لك منذ خفت من الحجاج؟ قال: خرجت عن امرأتي وهي حامل،

فجاءني الذي في بطنها وقد خرج وجهه (¬1)، قال: فقال له وهب: إن من قبلكم كان إذا أصاب أحدهم البلاء عده رخاء، وإذا أصابه رخاء عده بلاء. "الزهد" 446 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد اللَّه بن محمد التيمي قال: سمعت شيخا يحدثه عن رجل قال: قال طاوس: بينا أنا في الحجر إذ دخل عليَّ الحجاج، فمر رجل فيه أعرابية، فقال له الحجاج: من أين قدمت؟ قال: من اليمن، قال: فكيف خلفت محمد بن يوسف؟ قال: عظيما جسيما كما يسرك، قال: لست عن ذاك أسألك، قال: فعن أي حالة تسأل؟ قال: إنما أسألك عن سيرته، قال: تركته غشوما ظلوما، قال: ألم تعلم أنه أخي؟ قال: فترى أخاك بك أعز مني باللَّه عز وجل. قال طاوس: فما شهدت مشهدًا كان أقر لعيني منه، وسلم منه فما صنع به شيئًا. "الزهد" ص 450 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا كثير بن هشام، حدثنا جعفر بن برقان، حدثنا ميمون بن مهران أن عبد الملك بن مروان قدم المدينة فاستيقظ من قائلته فقال لحاجبه: انظر هل في المسجد أحد من حداثي؟ فخرج فلم ير فيه أحدا إلَّا سعيد بن المسيب، فأشار إليه بأصبعه فلم يتحرك سعيد، ثم أتاه فقال: ألم ترني أشير إليك؟ قال: وما حاجتك؟ قال: استيقظ أمير المؤمنين فقال: انظر في المسجد أحدا من حداثي؟ فقال سعيد بن المسيب: إني لست من حداثه، فخرج الحاجب فقال: ما وجدت في المسجد إلَّا شيخا أشرت إليه فلم يقم، ثم قلت: إن أمير المؤمنين سأل ¬

_ (¬1) يعني: أي نبت شعر وجه.

قال: انظر هل ترى أحدا من حداثي؟ قال: فإني لست من حداث أمير المؤمنين، قال (عبد الملك) (¬1): ذاك سعيد بن المسيب دعه. "الزهد" ص 459 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا هشام بن الغاز، حدثني يونس الهرم، عن أبي مسلم الخولاني أنه نادى معاوية رحمه اللَّه ابن أبي سفيان، وهو جالس على منبر دمشق فقال: يا معاوية، إنما أنت قبر من القبور، إن جئت بشيء كان لك شيء، وإن لم تجئ بشيء فلا شيء لك. يا معاوية، لا تحسبن الخلافة جمع المال وتفرقته، ولكن الخلافة العمل بالحق، والقول بالمعدلة، وأخذ الناس في ذات اللَّه. يا معاوية، إنا لا نبالي بكدر الأنهار، وما صفت لنا رأس أعيننا (¬2). وإنك رأس أعيننا. يا معاوية، إنك إن تحف على قبيلة من قبائل العرب يذهب حيفك بعدلك. فلما قضى أبو مسلم مقالته أقبل عليه معاوية فقال: يرحمك اللَّه، يرحمك اللَّه. "الزهد" ص 467 - 468 قال ابن شبويه الماخواني: قدمت بغداد على أن أدخل على الخليفة، وآمره وأنهاه، فدخلت على أحمد بن حنبل فاستشرته في ذلك فقال: إني أخاف عليك أن لا تقوم بذلك. "طبقات الحنابلة" 1/ 109 قال يحيى بن نعيم: لما خرج أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل إلى المعتصم يوم ضرب، قال له العون الموكل به: ادع على ظالمك، قال: ليس بصابر ¬

_ (¬1) في الأصل: عبد اللَّه، وما أثبتناه الصواب. (¬2) في المطبوع: عيننا.

من دعا على ظالمه. "طبقات الحنابلة" 2/ 541 "الآداب الشرعية" 2/ 226 روى حنبل عنه وهو يداويه قال: اللهم لا تؤاخذهم، فلما بريء ذكره حنبل له، فقال: نعم أحببت أن ألقي اللَّه تعالى، وليس بيني وبين قرابة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شيء، وقد جعلته في حل إلَّا ابن أبي دواد ومن كان مثله، فإني لا أجعلهم في حل. "الآداب الشرعية" 1/ 101 قال مهنا: سألت أحمد عن رجل ظلمني وتعدى عليّ، ووقع في شيء عند السلطان: أعين عليه عند السلطان؟ قال: لا، بل اشفع فيه إن قدرت. قلت: سرقني في المكيال والميزان أدس إليه من يوقفه على السرقة؟ قال: إن وقع في شيء فقدرت أن تشفع له فاشفع له. "الآداب الشرعية" 2/ 191 قال مهنا: سألت أحمد عن: إبراهيم بن موسى الهروي، فقال: رجل وسخ. فقلت: ما قولك إنه وسخ؟ قال: من يتبع الولاة والقضاة فهو وسخ. وروى الخلال عن الإمام أحمد أنه سئل عن الأخبار التي جاءت في أبواب هؤلاء السلاطين إذا كان للرجل مظلمة؟ فلم ير أن هذا داخل في ذلك إذا كان مظلومًا. فذكر له تعظيمهم، فكأنه هاب ذلك، وقد قال في رواية أبي طالب: وسأله عن رجل من أهل السنة يُسلم على السلطان ويقضي حوائجه، يُسلم عليه؟

قال: نعم؛ لعله يخافه، يداريه. وقال محمد بن أبي حرب: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل من أهل السنة يأتيه السلطان وصاجا البريد؟ قال: يمكنه معاندة السلطان. قلت: ربما بعثه إليه في الحاجة من الخراج، أو في رجل في السجن. قال: هذا يكون مظلومًا فيفرج عنه. وقال أبو بكر محمد بن الحسن بن زياد، عن عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: سمعت أبا يوسف القاضي يقول: خمسة تجب على الناس مداراتهم: الملك المسلط، والقاضي المتأول، والمريض، والمرأة، والعالم ليقتبس من علمه. فاستحسنت ذلك. "الآداب الشرعية" 3/ 458 - 459

باب انتهاء ولاية الإمام أو الوالي

باب انتهاء ولاية الإمام أو الوالي 2925 - العمل بحكم الوالي إذا عُزل قال في رواية يوسف بن موسى وقد سئل عن الإمام يعزل، فيصلي بالناس الجمعة؟ قال: لا بأس؛ قد كان الحسن يأمر من يُصلي بالناس في فتنة المهلب. "الأحكام" (65)

كتاب القضاء والإقرار والشهادات

كتاب القضاء والإقرار والشهادات ولاية القضاء 2926 - الحكم التكليفي للقضاء قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: أُقْدِمَ وكيع إلى ههنا، فأريد على القضاء، فاستعفى فأعفي. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (158). قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: لما قدم بابن إدريس إلى ههنا كان به ارتعاش، فلما دخل على هارون جعل يزداد ارتعاشه، فأعفي. يعني: من القضاء. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (159) 2927 - حكم طلب القضاء، والترهيب من الدخول فيه قال المروذي: قرأت على أبي عبد اللَّه يزيد بن هارون، عن معاوية بن صالح -رجل من أهل الشام- قال: قال مكحول: لأن تقطع يدي أحب إلى من أن أكون قاضيًا، ولأن تضرب عنقي أحب إلى من أن أكون على بيت المال. قال يزيد: سمعته منذ أكثر من أربعين سنة. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (164) قال عبد اللَّه في الرجل يكون في بلد لا يكون فيه أحد أولى بالقضاء منه، لعلمه ومعرفته، فقال: لا يُعجبني أن يدخل الرجل في القضاء، هو

باب ما جاء في القاضي وأحكامه

أسلم له. "الأحكام السلطانية" (70)، "الفروع" 6/ 417، "المبدع" 10/ 4، "معونة أولي النهى" 11/ 298 باب ما جاء في القاضي وأحكامه 2928 - قضاء المحدود قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئل سفيان عن محدود استقضي فقضى بقضايا؟ قال: تجوزُ قضاياه. قال أحمد: إذا تابَ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2933). 2929 - اختصاص القاضي، وتقليده النطر في جميع الأحكام في محلة من البلد قال حرب: قلت لأحمد: فالأمير أحق أو القاضي؟ قال: القاضي أحق؛ لأنه إليه الفروج والأحكام. وسمعت أحمد مرة أخرى يقول: القاضي يزوج ولا يزوج الوالي. قيل لأحمد فإن أهل الرساتيق مثل المدائن والأنبار وليس لهم قاضي كيف يصنعون؟ قال: وإليهم لا يحكم بحكم القضاة، فلا يجوز إلَّا من ينظر في هذا. "مسائل حرب" ص 23 نقل مهنا: في قرية مثل قطربل والربذة والتغلبية وأشباهها من القرى يكون فيها القاضي: يجوز فيها قضاؤه. "الأحكام السلطانية" (68).

2930 - إذا خلا المكان من القاضي

نقل أبو طالب: أمير البلد إنما هو مسلط على الأدب، وليس عليه المواريث والوصايا والفروج والحدود والرجم؛ إنما يكون هذا إلى القاضي. "الفروع" 6/ 420، "المبدع" 4/ 12 2930 - إذا خلا المكان من القاضي قال صالح: وسألت أبي عن رجل مات في أرض غربة لا قاضي فيها، وخلف جواري ومالًا وثيابًا، أترى أن يقوم به رجل من المسلمين، فيبيع الجواري والثياب، ويؤدي فيه الأمانة، وإن كان مات في طريق؟ قال: أما ما كان من متاع خرثي أو حيوان، ليس بجوارٍ، واضطر إلى بيعه، ولم يكن بحضرتهم قاضٍ: فلا أرى بأسًا أن يباع إذا استوفى الثمن، وأدى فيه الأمانة. وأما الجواري: فأحب إلى أن يكون يلي بعضهم حكم من حكام المسلمين. "مسائل صالح" (188) 2931 - القضاء بين أهل الكتاب قال إسحاق بن منصور: قلت: مسلم زنى بنصرانية؟ قال: المسلم يقام عليه الحد فإن جاءوا بالنصرانية أقمنا عليها الحد. "مسائل الكوسج" (2685) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن اليهود والنصارى إذا اختصموا

إلى إمام المسلمين في الخمر والخنازير؟ فقال: ما يعجبني أن أحكم بينهم في الخمر والخنازير والدم ونحو هذا. وسمعت أبا عبد اللَّه قيل له: فإن اختصموا في أثمانها؟ قال: حكم بينهم. "مسائل أبي داود" (1359) قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام وموسى بن حمدون وعبيد اللَّه ابن حنبل وعلي بن الحسن بن سليمان كلهم حدثوني عن حنبل -وزاد بعضهم عن بعض- قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: إذا تحاكم اليهود والنصارى إلينا أقمنا عليهم الحدود وعلى ما يجب، فإن لم يحتكموا فليس للحاكم أن يتبع شيئًا من أمورهم ولا يدعون إلى حكمنا حتى يحكم عليهم. قال اللَّه تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42]. فإن لم يحكم فلا بأس، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد حكم لما احتكموا إليه، ولو أعرض عنهم لكان له ذلك، إلَّا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أراد أن يقيم عليهم الحد؛ لئلا يلبسوا على المسلمين، وأراد إحياء الرجم؛ لأنهم قالوا: إن أمركم بالجلد فخذوا عنه، وإن أمركم بالرجم فلا تأخذوا، فخالفهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فرجم (¬1) فصار سُنة ورجم الخلفاء بعده: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان اللَّه عليهم (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 5، والبخاري (1329)، ومسلم (1699) من حديث ابن عمر. (¬2) رواه أحمد 1/ 29، والبخاري (6830)، ومسلم (1691) من حديث عمر -رضي اللَّه عنه- مطولًا، وفيه: ورجم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ورجمنا بعده.

قلت: فإذا جاء يهوديان أو نصرانيان أو مجوسيان يحتكمان إلينا؟ قال: إن شاء الحاكم حكم وإن شاء لم يحكم. قلت: يسعه ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن حكم عليهما فلم يرض أحدهما؟ قال: يجبره الحاكم. قال تعالى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ * وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42]. وهو العدل. قال اللَّه تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47]. قال أبو عبد اللَّه: إذا كانوا من أهل الذمة فارتفعوا إلينا أقمنا عليهم الحد ولا يبحث عن أمرهم. ولا يسأل عن أمرهم إلَّا أن يأتوا هم على فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قيل: يا أبا عبد اللَّه فعلى المواريث كيف يرثون؟ قال: من جهة الحلال يسقط من نكاح أمٍّ وأخت أو بنت فلا يعرض له، ويحكم لهم بحكم الحلال حكم الإسلام، ويورثون مواريث الإسلام. قال: وحدثنا الحسين بن الربيع قال: حدثنا أبو الأحوص، عن مغيرة، عن إبراهيم النخعي في أهل الكتاب يتحاكمون إلى إمام المسلمين قال: إن شاء الإمام أعرض وإن شاء حكم، وإن حكم بينهم حكم بما أنزل اللَّه. قال حنبل قال عمي: حكمنا يلزمهم شريعتنا، هذِه هي الشريعة؟ حكمنا جائز على جميع الملل. ولا يدعوهما الحاكم، فإن جاءوا حكمنا بحكمنا. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أبا عبد اللَّه عن نصراني أو يهودي أوصى بثلث ماله للمساكين؟

فقال: إن تحاكموا إلينا حكمنا فيهم بحكم الإسلام. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه وقال في نصراني شرب خمرًا وزنى؟ قال: إن شاء الحاكم أقام عليه الحد وإن شاء لم يقم عليه ودفعه إلى أهل الذمة. واحتج بالقرآن: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [المائدة: 42] قال: لا يحكم على يهودي ولا نصراني إلَّا بالقرآن إن شاء. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 203 - 205 (348 - 350) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: النصراني إذا جاء إلينا راغبًا فسألنا ألزمناه حكم الإسلام ثم تلا: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42]. وقال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: قرأت على أبي عبد اللَّه: إذا تحاكم إلينا أهل الكتاب في الحقوق أليس نحكم بحكمنا؟ فأملى عليّ: بلى إذا أتونا أن نحكم عليهم حكمنا عليهم، يتأول الكتاب: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42]. قال: وقرأت عليه: إذا تحاكموا في مواريثهم نحكم عليهم بحكمنا: للذكر مثل حظ الأنثيين؟ فأملى عليّ: كل شيء بحكم الإسلام. وقال: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه سأل عن الإمام يحكم بين أهل الكتاب؟

2932 - أثر حكم القاضي في تحويل الشيء عن صفته

قال: لا يحكم إلَّا بكتاب اللَّه. "أحكام أهل الملل" 1/ 205 - 206 (353 - 355) أخبرنا عبد اللَّه قال: سألت أبي عن رجل له على يهودي دنانير فقال له: احلف. فقال له: وإلا فأنت حنيف مسلم، خارج من اليهودية داخل في الإسلام إن كان لي عليك شيء. فقال: نعم؟ قال أبي: يجري الحاكم الأمر على وجهه. قلت لأبي: فإن كان له عليه بينة؟ فقال: يقيمها ويحكم عليه الحاكم. "أحكام أهل الملل" 1/ 206 (358) 2932 - أثر حكم القاضي في تحويل الشيء عن صفته سألت أحمد عن إباحة الفروج بشهادة الزور؟ فقال: مُحَّرمٌ ذلك، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ قطعتُ له من حقِّ أخيه شيئًا فإنَّما أقطع له قطعةً من النَّار" والأهل أكبر من المال. "الطبقات" 1/ 274. قال أبو الحسن الترمذيُّ: أملى علينا أبو عبد اللَّه: من فلانٍ إلى فُلان، فأما ما ذكرتَ مِنْ قولهم: إذا فرَّق القاضي بين الرجل وامرأته بشهادة رجلين، ثم تزوَّج المرأة أحد الشاهدين، وينبغي أن تكون شهادتهما عليه زورًا فهي له حلال، فإنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال -فيما حدَّثنا به يحيى بن سعيد- عن هشام بن عُروةَ عن أبيه، عن زينبَ ابنةِ أبي سلمةَ، عن أمِّ سلمةَ أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنَّكم تختصمون إليَّ، ولعلَّ بعضكم

نقض حكم القاضي

ألحنُ بحجَّته من بعضٍ، وإنَّما أقضي له بما يقول، فمن قضيتُ له من حقِّ أخيه بشيءٍ، فإنما أقطع له قطعةً من النَّار فلا يأخذها" (¬1). "الطبقات" 1/ 78. نقض حكم القاضي قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجلانِ حكّما رجلًا فقضى بينهما، فقال أحدُهما: لا أرضى؟ قال: قضاؤه عليهما جائزٌ إذا كانا تراضيا عليه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2696). نقل عنه محمد بن الحكم: إن أخذ بقول صحابي، وأخذ آخر بقول تابعي، فهذا يرد حكمه؛ لأنه حكم تجوز، وتأول الخطأ. وقال أبو طالب: قال أحمد: فأما إذا أخطأ بلا تأويل، فليرده، ويطلب صاحبه حتى يرده فيقضي بحق. "الفروع" 6/ 457، "الإنصاف" 28/ 386. ونقل عبد اللَّه عنه: إن لم يكن عدلًا لم يجز حكمه. "الفروع" 6/ 457 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 320، والبخاري (2680)، ومسلم (1713).

فصل: ما جاء في أدب القاضي

فصل: ما جاء في أدب القاضي 2933 - هل يأخذ القاضي أجرًا على القضاء؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يأخذُ القاضي أجرًا على القضاءِ؟ قال: ما يعجبني وإن كان فبقدر شغله مثل والي مال اليتيم. قال إسحاق: لَهُ أَنْ يأخذَ أجرًا من بيتِ المالِ؛ لأنَّ عملَه للمسلمينَ، وتركه أفضل. "مسائل الكوسج" (2697). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: الجائزة أحب إليك أو كرى العامل؟ قال: إذا كان عامل على حق فهو أحب إلى؛ لأنه قد وجب له حينئذٍ شيء. "مسائل أبي داود" (1371) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر قال: لما عزلوه -يعني: ابن شبرمة- شيعته، فلما أفردني وإياه المسير، ولم يكن معنا أحد، نظر إلى فقال: يا أبا عروة، أحمد اللَّه إليك، أما إني لم أستبدل بقميصي هذا قميصًا منذ دخلتها، قال: ثم سكت ساعة، فقال: يا أبا عروة، إنما أقول حلالًا، فأما الحرام فلا يُسعى إليه. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (156) قال عبد اللَّه: سألته عن القاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود، فقال: ثقة، روى عنه ابن مهدي، وكان على قضاء الكوفة، وكان

2934 - قبول الهدية

لا يأخذ على القضاء أجرًا، وكان رجلًا يعقل، وكان صاحب شعر، ونحو، وذكر، خَيَّرًا. "العلل" رواية عبد اللَّه (3340) 2934 - قبول الهدية نقل المروذي عنه: لا يقبل هدية؛ إلَّا أن يكافئ. "الإنصاف" 28/ 357. 2935 - هل للقاضي أو الوالي أن يتَّجِر؟ سأله حرب: هل للقاضي والوالي أن يتَجر؟ قال: لا؛ إلَّا أنه شدد في الوالي. "الفروع" 6/ 451، "الإنصاف" 28/ 362. 2936 - المشاورة في أمور القضاء قال صالح: قال أبي: ولي سعد بن إبراهيم قضاء المدينة، فكان يجلس بين القاسم وسالم يشاورهما، وولي محارب بن دثار الكوفة، فكان يجلس بين الحكم وحماد يشاورهما. قال: وكان سعد رجلًا هيوبًا. "مسائل صالح" (512). قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا ابن إدريس، عن أبيه قال: رأيت محارب بن دثار، والحكم عن يمينه، وحماد عن يساره وهو يلتفت إلى هذا مرة. وإلى هذا مرة، يعني: يشاورهم في القضاء. "مسائل صالح" (1220)

2937 - اتخاذ القاضي حبسا

2937 - اتخاذ القاضي حبسًا نقل حنبل: إذا قامت عليه البينة أو الاعتراف أقيم عليه الحد، ولا يحبس بعد إقامة الحد، وقد حبس النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في تهمة (¬1)، وذلك حتى يتبين للحاكم أمره ثم يخليه بعد إقامة الحد. "الأحكام السلطانية" (258)، "الفروع" 6/ 479. 2938 - استدعاء القاضي للحاكم إن عدا على أحد قال في رواية الأثرم في الرجل يستعدي على الحاكم: إنه يحضره ويستحلفه. "المغني" 14/ 39. 2939 - التسوية بين الخصمين نقل عبد اللَّه: سنة القاضي أن يجلس الخصمان بين يديه لأمره -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك (¬2). "الفروع" 6/ 444 "المبدع" 10/ 36 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 2، وأبو داود (3630)، والترمذي (1417)، والنسائي 8/ 67 من حديث بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، عن أبيه، عن جده. حسنه الترمذي، وصححه الحاكم 4/ 102، وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (2397). وانظر: "نصب الراية" 3/ 322. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 4، وأبو داود (3588)، والطبراني "قطعة من الجزء 13" (12)، والحاكم 4/ 94، والبيهقي 10/ 135 من حديث مصعب بن ثابت بن عبد اللَّه بن الزبير، عن جده عبد اللَّه بن الزبير قال: قضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن الخصمين يقعدان بين يدي الحكم.

2940 - القضاء على الغائب

2940 - القضاء على الغائب نقل عنه أبو طالب في رجل وجد غلامه عند رجل، فأقام البينة أنه غلامه، فقال الذي عنده الغلام: أودَعَني هذا رجل. فقال أحمد: أهل المدينة يقضون على الغائب، يقولون: إنه لهذا الذي أقام البينة. "المغني" 14/ 96، "معونة أولي النهى" 11/ 420. نقل أبو طالب إذا قام بينة بالعين المودعة عند رجل سلمت إليه، وقضى على الغائب. قال: ومن قال بغير هذا يقول: له أن ينتظر بقدر ما يذهب الكتاب، ويجيء، فإن جاء، وإلَّا أخذ الغلام المودع. "الفتاوى الكبرى" 4/ 525. نقل حرب عنه فيمن أقام بينة بسهم من ضيعة بين قوم فهربوا منه، يقسم عليهم ويدفع إليه حقه. "الفتاوى الكبرى" 4/ 532 - 533، "الفروع" 6/ 510، "المبدع" 10/ 130، "معونة أولي النهى" 11/ 420 نقل أبو طالب: يسمعان، ولكن لا يحكم عليه حتى يحضر. "المبدع" 10/ 92 ¬

_ = ورواية الحاكم وقع فيها (ثابت) بين مصعب وجده عبد اللَّه. وقال: صحيح الإسناد! وقال المنذري: في إسناده مصعب بن ثابت أبو عبد اللَّه المدني، ولا يحتج بحديثه.

2941 - إحالة القاضي القضاء لغيره

2941 - إحالة القاضي القضاء لغيره نقل المروذي عنه فيمن قال: لا أستطيع الحكم بالعدل يصير الحكم إلى أعدل منه. "الفروع" 5/ 424

فصل: انتهاء ولاية القاضي

فصل: انتهاء ولاية القاضي 2942 - عزل القاضي إذا لم يُحسن القضاء قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا يونس بن محمد قال: حدثنا جرير، عن محمد بن سيرين قال: أنبئت أن عمر بن الخطاب استعمل رجلًا على القضاء، فجاءه رجلان، فاختصما إليه في دينار، فحل من كمه، فدفعه إليهما، فبلغ ذلك عمر. فقال: اعتزل قضاءنا (¬1). "مسائل صالح" (121). نقل المروذي فيمن قال: لا أستطيع الحكم بالعدل: يصير الحكم إلى أعدل منه. "الفروع" 6/ 424 2943 - العمل بحكم القاضي إذا عُزل قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان حفص بن غياث على الشرقية، فجاءه كتاب هارون -يعني: الخليفة- وهو يقضي بالقضية، والرسول واقف، فلم يأخذ الكتاب حتى نفذت القضية، ثم أخذ الكتاب، وكان فيه: لا تنظر فيها. فقال: قد نفذت القضية. "أخبار الشيوخ" (168) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 535 (22887) بنحوه.

أبواب ما جاء في صفة القضاء وطريق الحكم

أبواب ما جاء في صفة القضاء وطريق الحكم 2944 - حكم من لم يحكم بما أنزل اللَّه قال أبو داود: سمعت أحمد ذكر قول اللَّه: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]. "مسائل أبي داود" (1355). قال أبو داود: حَدَّثنَا أحمد قال: ثنا وكيع قال: ثنا سفيان، عن سعيد المكي، عن طاوس قال: ليس بكفرٍ ينقل عن الملة. "مسائل أبي داود" (1356). قال أبو داود: ثنا أحمد قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء قال: كفر دون كفرٍ، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق. "مسائل أبي داود" (1357). قال ابن هانئ: وسألته عن: حديث طاوس عن قوله: كفر لا ينقل عن الملّة؟ قال أبو عبد اللَّه: إنما هذا في هذِه الآية: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]. "مسائل ابن هانئ" (2042) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا عبد العزيز العمي، قال: حدثني منصور بن المعتمر، عن سالم، عن أبي الجعد، عن مسروق، قال: سأل رجل عبد اللَّه بن مسعود عن السحت، فقال ابن مسعود: الرُّشا. فقال الرجل: الرشوة في الحكم؟

قال ابن مسعود: لا، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45]، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47]. قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، قال: هي به كفر، وليس كمن كفر باللَّه وملائكته وكتبه ورسله. قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا وكيع قال: ثنا زكريا، عن عامر، قال: أنزلت " الكافرين" في المسلمين و"الظالمين" في اليهود و"الفاسقين" في النصارى. قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، قال: نزلت في بني إسرائيل، ورضي لكم بها. قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق. قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن سعيد المكي، عن طاوس، قال: ليس بكفر ينقل عن الملة. قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن هشام بن حجير، عن طاوس، قال: قال ابن عباس: ليس بالكفر الذي تذهبون إليه. قال سفيان: أي ليس كفرًا ينقل عن ملة، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}.

قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، قال: سئل ابن عباس عن قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، قال: هي به كفر. قال ابن طاوس: وليس كمن كفر باللَّه وملائكته وكتبه ورسله. قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47] و {الظَّالِمُونَ}، قال: نزلت في بني إسرائيل، ورضي بها لهؤلاء. قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، قالك كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق. قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن، عن حبيب بن سليم، قال: سمعت الحسن يقول: نزلت في أهل الكتاب، أنهم تركوا أحكام اللَّه عز وجل كلها. قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا أبو جناب، عن الضحاك: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، و {الظَّالِمُونَ}، و {الْفَاسِقُونَ}، قال: نزلت هؤلاء الآيات في أهل الكتاب. قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البختري، قال: قيل لحذيفة: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}: في بني إسرائيل؟ فقال حذيفة: نعم الإخوة لكم، بنو إسرائيل، إن كانت لكم كل حلوة ولهم كل مرة؛

لتسلكنَّ طريقهم قد الشراك. "السنة" للخلال 2/ 104 - 107 (1413 - 1425) قال إسماعيل بن سعيد: ذكر له قول ابن عباس، وسأله: ما هذا الكفر؟ قال أحمد: هو كفر لا ينقل عن الملة مثل الإيمان بعضه دون بعض، فكذلك الكفر حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه. "فتح الباري" لابن رجب 1/ 141

2945 - إقرار الصغير

ما جاء في وسائل الإثبات أولًا: الإثبات بالإقرار باب ما جاء في شروط صحة الإقرار 2945 - إقرار الصغير قال في رواية مهنا في اليتيم إذا أُذن له في التجارة، وهو يعقل البيع والشراء؛ فبيعه وشراؤه جائز، وإن أقر أنه اقتضى شيئًا من ماله جاز بقدر ما أَذن له وليه فيه. "المغني" 7/ 263, "معونة" 12/ 125، "المبدع" 10/ 295. نقل الميموني عنه: فإن جهل عمل بقول الولي "الفروع" 6/ 615 2946 - إقرار العبد قال إسحاق بن منصور: سُئل سفيان عن العبد المأذون له في التجارة عن إقراره؟ قال: جائز. قال أحمد: إذا أذن له، فهو جائز. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2225)

2947 - من أقر بشيء خوفا أو كرها

2947 - من أقر بشيء خوفًا أو كرهًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن المحنة: أنْ يأخذَ السلطانُ الرجلَ فيمتحنه، فيقول: فعلت كذا وفعلت كذا. فلا يزال به حتَّى يسقطَه. قال: نعم ليس ذاك شيئًا عندي، فإذا اعترف أخذ به، وليس ينبغي لهم أن يفعلوا. قال أحمد: إذا أَقرَّ خوفًا فلا يؤخذ؛ على حديث عمر -رضي اللَّه عنه- وشريح (¬1). قال إسحاق: كما قال أحمد. "مسائل الكوسج" (2629). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قولُ عمرَ -رضي اللَّه عنه-: ليس بأمين على نفسه إذا أجعته، أو ضربته، أو حبسته (¬2). قال: فإذا أقر على هذا لم يؤخذ به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2684) نقل ابن هانئ عنه: فيمن تقدم إلى سلطان فيهدده فيدهش، فيقر، يؤخذ به فيرجع ويقول: هددني ودهشت يؤخذ، وما أعلمه أنه أقر بالجزع والفزع. "الفروع" 6/ 608، "معونة أولي النهى" 12/ 126 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 411 (11423) عن شريح، وسيأتي أثر عمر قريبًا. (¬2) رواه عبد الرزاق 6/ 411 (11424)، 10/ 193 (18792)، وابن أبي شيبة 5/ 490 (28294)، والبيهقي 7/ 358.

2948 - إقرار المريض مرض الموت لوارث

2948 - إقرار المريض مرض الموت لوارث نقل مهنا عنه فيمن أقرت -بمرضها- أن لا مهر لها عليه: لم يقبل منها إلَّا ببينة أنها أخذته. "معونة" 11/ 386، "المبدع" 10/ 301 2949 - إقرار المريض مرض الموت لغير وارث (أجنبي) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: إذا قال الرجل: فرسي هذا لفلان. صار له بإقراره، قيل لسفيان: لا يسأل البينة من أين هو له؟ قال: لا؛ لأنه أقر على نفسه. قال أحمد: إذا أقر وهو صحيح نعم، فأما إذا ما أقر وهو مريض فلا. قال إسحاق: كما قال سفيان إذا كان المقر له غير وارث في المرض وغير المرض. "مسائل الكوسج" (3081) نقل أبو طالب عنه فيمن اشترى عبدًا، فأقر للبائع بثمن مثله: يكون من الثلث. "المبدع" 10/ 300 2950 - تجزئة الإقرار قال إسحاق بن منصور: قلت: قال سفيان: إذا قال الرجل للرجل: له على مائة دينار، ولي عنده دينار؟ قال: أما المائة دينار فقد أقر بها، وبينته على الدينار.

قال أحمد: أما ظاهر الكلام فهو هكذا. قال إسحاق: كما قال سفيان. "مسائل الكوسج" (2226) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ: وإذَا قال: لكَ عندي مائة دينار إلَّا فرسًا، إلَّا ثوبًا. هذا محال مِنَ الكلامِ، يؤخذ بالمائةِ. قال أحمد: كما قال. قال إسحاق: كما قال. قال أحمد: وإِذَا قال: كَانتْ لكَ عندي مائةُ دينار -وليسَ بينهمَا بينةٌ- فَقَضَيتُكَ مِنْها خمسين دينارًا؛ فالقولُ قولُهُ إِذَا كَانَ كلامًا في نسقٍ واحدٍ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2227). نقل عنه أحمد بن سعيد: إذا قال: لي عندك وديعة، قال: هي رهن على كذا، فعليه البينة أنها رهن. "الفروع" 6/ 627، "معونة أولي النهى" 12/ 163.

2951 - الإقرار بالنسب

باب ما جاء في الحقوق التي تثبت بالإقرار 2951 - الإقرار بالنسب نقل أحمد بن سعيد عنه: النسب بالولد ثبت بإقرار الرجل به أنه ابنه، فلا ينكر، أو يولد على فراشه، أو يدخل على أهله وولده وحرمه. "الفروع" 6/ 616 2952 - الإقرار بالنكاح نقل الميموني عنه في المرأة إن أقرت بنكاح على نفسها، فهل يقبل؟ يقبل إن ادعى زوجيتها واحد لا اثنان. "المبدع" 10/ 314

2953 - حكم تحمل الشهادة وأدائها

ثانيًا: الإثبات بالشهادة باب وجوب أداء الشهادة 2953 - حكم تحمل الشهادة وأدائها قال الميموني: قلت لابن حنبل: قوله تعالي: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}؟ قال: هو أن يشهد بشهادة فتطلب منه فلا يأبى. قلت: وقد قال بعضهم: تفسير هذِه الآية إذا طلبوا يشهدون. قال: قد قال ذاك بعضهم. "تهذيب الأجوبة" 1/ 510. نقل محمد بن موسى في الشاهد يأبى أن يشهد أيأثم؟ قال: إذا كان يضر بأهل القرية ومثله يحتاج إليه فلا يفعل. "الأحكام السلطانية" (24). قال مثنى بن جامع الأنباري: قلت: ما تقول إذا ضرب رجل بحضرتي أو شتمه فأرادني أن أشهد له عليه عند السلطان؟ فقال: إن خاف أن يتعدى عليه لم يشهد، وإن لم يخف شهد. "البدائع" 4/ 46. 2954 - الشهادة عند أهل الفسق والمعاصي قال صالح: قال أبي: لا يشهد رجل عند قاضٍ جهميِّ، وفي لفظ آخر: سُئل عن رجل يكون قد شهد شهادة، فدعوه إلى القاضي يذهب إليه، والقاضي جهمي؟

قال: لا يذهب إليه، قال: قلت: فإن استُعدِي عليه، فذُهبَ به فامُتِحن قال: لا يُجيب، ولا كرامة، يأخذ كفًّا من تراب يضربُ به وجههُ. "الطبقات" 1/ 464، 465. وقال في رواية يعقوب بن بختان: إذا كان القاضي جهميًّا لا نشهد عنده. وقال أحمد بن الحسن الترمذي: قدمت على أبي عبد اللَّه، فقال: ما حال قاضيكم؟ لقد مُدَّ له في عمره. فقلت له: إنَّ للناس عندي شهاداتٍ، صرت إلى البلاد لا آمن إذ أشهد عنده أن يفضحني. قال: لا تشهد عنده. قلت: يسألني من له عندي شهادة. قال: لك ألا تشهد عنده. "الطرق الحكمية" (233). نقل ابن الحكم عنه: كيف أشهد عند رجل ليس عدلًا؟ لا تشهد عنده. "الفروع" 6/ 549.

باب ما جاء في أركان الشهادة وشروط صحتها

باب ما جاء في أركان الشهادة وشروط صحتها أولًا: الشاهد ما جاء في شروط صحته: 1 - أن يكون مسلمًا 2955 - شهادة أهل الكتاب على المسلمين وعلى بعضهم البعض قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: شهادة أهلِ الكتابِ بعضهم على بعضٍ؟ قال: لا تجوزُ شهادة أهلِ الكتابِ في شيء؛ لأنهم ليسوا بعدولٍ. قال إسحاق: شهادةُ أهلِ الكتابِ تجوز، كل ملة على ملتها، ولا تجوزُ شهادةُ ملةٍ على غيرِ ملتها؛ لما صح الخبر عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه دعا باليهودِ حين شهدوا على يهودي بالزنا (¬1)، ولا تجوزُ شهادةُ اليهودي على النصراني؛ لأنَّ ما بينهما من العداوة أعظم مما بين المسلمينَ بعضهم في بعض. "مسائل الكوسج" (2898). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان في رجلٍ ماتَ وتركَ ابنينِ: أحدهما نصراني، والآخر مسلم، فقال النصراني: ماتَ أبي وهو نصراني، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 5، والبخاري (4556)، ومسلم (1699)، من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنه-.

وقال المسلم: كان نصرانيًّا فأسلمَ، فجاءَ المسلمُ ببينةٍ من النصارى أنه أسلَم، وجاء النصراني ببينةٍ من المسلمينَ أنه لم يبسلم. قال سفيان: يؤخذُ بقولِ المسلمِ، يصلَّي عليه، وتجوزُ شهادةُ النصارى أنه أسلمَ، ولا تجوزُ شهادةُ المسلمينَ أنه لم يسلم. قال أحمد: القول قول المسلمينَ، ولا تجوزُ شهادةُ النصارى. قال إسحاق: كما قال سفيان. قال سفيان: فإنِ ادَّعى النصراني أنّهُ كان نصرانيًّا، وادَّعى المسلمُ أنه كان مسلمًا فالميراث بينهما. قال أحمد: دعواهما واحد، هُوَ بينهما شطرانِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2921). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا كان مسافرًا فأشهد اليهودي والنصراني لم تجز شهادتهم، إذا كان معهم مسلمون. قال أحمد: إذا لم يكن معهم مسلمون تجوز شهادتُهم، أجازَهُ أبو موسى الأشعري -رضي اللَّه عنه- (¬1). قُلْتُ: وتراه أنتَ؟ قال: نعم، في موضع الضرورةِ في السفرِ، إذا لم يكن معه مسلمون لم نجد بُدًّا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2923). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 360 (15539) والبيهقي 10/ 165.

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان في نصراني ماتَ فجاء رجلٌ مسلم فأقامَ عليه البينة من المسلمين بألف درهم، وجاء النصراني فأقامَ عليه البينةَ من النصارى بألف درهمٍ، قال: لا تُقبل شهادة النصارى على النصراني؛ لأنَّهُ يضر بالمسلم، وإن كان في المال فضل عن ألف درهم أجزنا الفضل للنصراني. قال أحمد: الشهادةُ شهادةُ المسلمينَ، ليس للنصراني شهادةٌ إلا في سفرٍ. قال إسحاق: كما قال سفيان، كان فيه فضلٌ أو لم يكن؛ لما تجوز شهادة النصارى على النصراني، فيكون المال بينهما. "مسائل الكوسج" (2924). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئل سفيان عن مسلمٍ بَاعَ نصرانيًّا دابة، فجاء النصرافي ببينةٍ منَ النصارى أنها دابته؟ قال: يأخذُ دابته، ولا تجوز شهادتهم على المسلمِ. قال أحمد: لا تجوز شهادةُ النصارى. قال إسحاق: شهادةُ النصارى على النصراني جائزةٌ، ولكن لا تجوزُ على المسلمِ إذا كان قبض الثمن، ولا يؤمر بالرد؛ لأنَّكَ حينئذٍ تكون أجزتَ شهادة النصراني على المسلمِ. "مسائل الكوسج" (2925). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان في نصراني ماتَ وتركَ ألفَ درهمٍ فجاء النصرانيُّ ببينةٍ منَ المسلمينَ بألفِ درهمٍ، وجاء المسلمُ ببينةٍ من النصارى بألفِ درهمٍ. قال: هما سواء؛ لأنَّ شهادةَ المسلمِ جائزة على المسلمِ.

قال أحمد: الشهادة للنصراني الذي جاء بشهداء من المسلمين. قال إسحاق: كما قال سفيان. "مسائل الكوسج" (2926). قال صالح: قال أبي: لا تجوز شهادة أهل الذمة إلا في موضع في السفر الذي قال اللَّه: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} [المائدة: 106]، فأجازها الأشعري (¬1). وروي عن ابن عباس أنه قال: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106]: من أهل الكتاب (¬2)، وهذا موضع ضرورة، لأنه في سفر ولا يجد من يشهد من المسلمين، وإنما جازت من هذا المعني، وإنما قال اللَّه: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وقال: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] فليسوا بعدول وليسوا برضا، وروي عن الحسن أنه قال: لا يحل لحاكم من حكام المسلمين أن يجيز شهادة أهل الكتاب في شيء، وقد روى بعض الناس عن الزهري أنه قال: لا تجوز شهادة بعضهم على بعض؛ لقول اللَّه عز وجل: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} (¬3) [المائدة: 14]. "مسائل صالح" (625). ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (3605) من طريق الشعبي. قال الحافظ في "الفتح" 5/ 412: رجاله ثقات عن الشعبي. (¬2) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1229 (6934) والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 10/ 151 (149). وعزاه السيوطي في "الدر" 2/ 604 لأبي الشيخ وابن مردويه. (¬3) ذكر الخلال في "أحكام أهل الملل" 1/ 212 (378) رواية صالح هذِه من عند قول الحسن، عن صالح وأبي الحارث مع زيادة لأبي الحارث. قلت: فما تقول في شهادة بعضهم لبعض؟ قال: لا تجوز شهادتهم في شيء إلا في الوصية في السفر.

قال صالح: قال أبي: شهادة اليهود والنصارى بعضهم على بعض، لا تجوز شهادة أحد من أهل الشرك بعضهم على بعض، ولا على المسلمين، قال اللَّه تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282]. "مسائل صالح" (679). قال أبو داود: قلت لأحمد: شهادة أهل الكتاب؟ قال: لا تجوز شهادتهم بعضهم على بعض. قلت: ولا للمسلمين؟ قال: ولا للمسلمين. قلت: لا تجوز شهادة أهل الكتاب إلا على الوصية في السفر؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (1365). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: شهادة اليهودي والنصراني في السفر تجوز في الوصية وحدها، ولا تجوز في غيرها. "مسائل ابن هانئ" (1335). قال ابن هانئ: وسُئل عن رجل اشترى جاريتين على أنه ليس بينهما قرابة، فلما صارتا في ملكه ادعتا أنهما أختان؟ قال أبو عبد اللَّه: لا يطأ واحدة منهما حتى يستثبت، ويصح عنده أنهما أختان، أو ليستا بأختين. قيل: فإن شهد بعض الروم أنهما أختان، كيف ترى فيهما؟ قال أبو عبد اللَّه: لا أقبل شهادة بعضهم على بعض، إلا أن يكون بعضهم قد أسلم، بعض من يشهد مسلم أنهما أختان، فإنه يعتزل واحدة منهما، إذا لم يكن وطئ أختها التي وطئ أولًا، وينبغي أن يخرج الأخرى من ملكه. "مسائل ابن هانئ" (1600)

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل يهودي ادعى على رجل مسلم ألف درهم؟ قال: إن أقام بينة مسلمين من العدول، جازت شهادتهم، ولا تجوز شهادة اليهودي على المسلم. وقال: سمعت أبي يقول (¬1): ومن الناس من يقول: تجوز شهادة بعضهم على بعض؛ ومنهم من يقول: إذا اختلفت الملل لم تجز شهادة يهودي على نصراني، ولا نصراني على يهودي، وكذلك المجوس. "مسائل عبد اللَّه" (1573) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا تجوز شهادة أهل الكتاب في شيء؛ لأنهم ليسوا ممن يرضى. وقال اللَّه جل ثناؤه: ممن ترضون من الشهداء؟ وأشهدوا ذوي عدل منكم؟ وليسوا ممن يرضى، وليسوا بعدول، إنما يعدله مثله، ولا تجوز شهادتهم في شيء إلا في الوصية في السفر، إذا لم يوجد غيره، قال اللَّه تعالى: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ}: من أهل الكتاب (¬2) وقد أجاز أبو موسى الأشعري شهادتهما في السفر على الوصية، فلا تجوز شهادتهم إلا في هذا الموضع. "مسائل عبد اللَّه" (1574). قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حَدَّثنَا وكيع: حَدَّثنَا زكريا، عن عامر أن رجلا من خثعم توفي بدقوقا، فلم يُشْهِدْ وصيته إلا نصرانيين، فأحلفهما ¬

_ (¬1) ذكرها الخلال في "أحكام أهل الملل" 1/ 211 (377) عن عبد اللَّه وأبي الحارث. (¬2) أسند الخلال هذا القول إلى سعيد بن المسيب، انظر: "أحكام أهل الملل" 1/ 221 (397).

أبو موسى في مسجد الكوفة، بعد العصر باللَّه ما خانا ولا بدلا، ولا كتما، وإنها لوصيته، فأجاز شهادتهما. "مسائل عبد اللَّه" (1575) قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: حدثنا قبيصة قال: حدثنا سفيان عن أبي حصين، عن الشعبي قال: تجوز شهادة اليهودي على النصراني. قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه قال: تجوز شهادة بعضهم على بعض. فأما على المسلمين فلا تجوز. وتجوز شهادة المسلم عليهم. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي، وحرب، وعبد الملك أن أبا عبد اللَّه قال: لا تجوز شهادتهم بعضهم على بعض. وقال: أخبرني حرب قال: سألت أبا عبد اللَّه عن شهادة أهل الملل؟ فقال: لا تجوز شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض ولا على غيرهم البتة؛ لأن اللَّه تعالى قال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] فليسوا ممن نرضى وتجوز شهادة المسلمين عليهم. "أحكام أهل الملل" 1/ 207 (360 - 362) قال أبو بكر الخلال: فقد روى قريب من عشرين نفسًا، كلهم عن أبي عبد اللَّه خلاف ما قال حنبل، وقد نظرت في أصل حنبل: أخبرني عبيد اللَّه -ابنه-. عن أبيه بمثل ما أخبرني عصمة عن حنبل، ولا أشك أن حنبلا توهم ذلك، لعله أراد أن أبا عبد اللَّه قال: لا تجوز فغلط فقال: تجوز. وقد أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد عن أبيه بهذا الحديث، وقال عبد اللَّه عن أبيه: قال أبي: لا تجوز. وقال في موضع آخر: فقد اختلفوا عن الشعبي، فأما أبو عبد اللَّه فما

اختلف عنه البتة إلا ما غلط حنبل بلا شك؛ لأن أبا عبد اللَّه مذهبه في أهل الكتاب ألا يجيزها البتة إلا للمسلمين ولا عليهم، ولا بعضهم على بعض، ولا ملة على ملة إلا المسلمين، ويحتج بقوله جل وعز {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وأنهم ليسوا بعدول؛ لقول اللَّه تبارك وتعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] واحتج بأنه يكون بينهم أحكام وأموال، فكيف يحكم بشهادة غير عدل وليس هم مسلمون، وقد قال اللَّه تعالى: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة: 64]؟ ! وإنما أخرجت هذِه الأحاديث عن هؤلاء النفر كلهم؛ لأبين مذهب أبي عبد اللَّه وغلط حنبل. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 212 - 214 (378 - 381) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن شهادة أهل الذمة؟ قال: لا تقبل شهادتهم علينا ولا عليهم، قال اللَّه تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وليس هم ممن يرضى، يكفرون ويفعلون ويفعلون. وقال: أخبرني الميموني قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض؟ قال: لا أجيزها بعضهم على بعض. وقال لي: ليس هم بعدول، وتكون بينهم أموال وأحكام، فكيف يحكم بها وليسوا بعدول؟ ! وقال: أهل المدينة ليس يذهبون لأن يجيزوها بتة في موضع من المواضع. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن شهادة أهل الذمة اليهود والنصارى

والمجوس إذا شهدوا على رجل من أهل الذمة بحق لرجل مسلم؟ قال: لا تجوز شهادتهم على شيء، ليسوا بعدول، ولا ممن يعدل؛ لأنه إنما يعدل؛ مثله. وقال اللَّه تبارك وتعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282]، قال {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 208 (364 - 366) قال الخلال: أخبرنا منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض؟ قال: لا أجيزها إلا في الوصية وحدها ليس هم بعدول. قال: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]، وليس هم بعدول؛ إنهم لا يجيزونها في موضع من المواضع. وقال: أخبرني جعفر بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم أن أبا عبد اللَّه سُئل عن شهادة أهل الذمة؟ فقال: إنما قال اللَّه تبارك وتعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وهم ممن لا نرضى. فقيل له: بعضهم على بعض؟ قال: ولا، إلا في الموضع الذي جاء في الوصية في السفر. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى قالا: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن شهادة اليهودي والنصراني؟ قال: ما يعجبني شهادة اليهودي على النصراني قال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282]. فنحن لا نرضاهم، ولا ملة على ملة لقول اللَّه تبارك وتعالى: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة: 64]. ولا النصراني على النصراني. قال: وأهل المدينة لا يجيزون شهادة

اليهودي والنصراني في شيء. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 209 (268 - 270) قال الخلال: أخبرني إبراهيم بن الخليل أن أحمد بن نصر -أبو حامد الخفاف- حدثهم قال: سُئل أحمد عن الذمي يشهد على الذمي فقال: لا تعجبني شهادة ذمي البتة. من يزكي الذمي؟ ! وقال: أخبرني موسى بن سهل قال: حدثنا محمد بن أحمد الأسدي قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني عن إسماعيل بن سعيد الشالنجي قال: سألت أحمد عن شهادة أهل الذمة بعضهم لبعض؟ قال: لا تجوز إلا موضع الوصية في الضرورة. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 210 (372 - 373) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي الوراق قال: حدثنا مهنا قال: سُئل أحمد عن شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض؟ قال: أكرهه. قلت: أرأيت إن عدلوا؟ قال: من يعدلهم؟ ! العلج منهم وأفضلهم يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير فكيف يعدل؟ ! قال: فلا ينبغي أن يشهد بعضهم على بعض إلا المسلمون؟ قال: نعم. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أبا عبد اللَّه عن شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض؟ قال: كان مالك بن أنس لا يجيز شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض. فقال لي أحمد بن حنبل: لأنهم ليسوا بعدول ولا يعدلهم إلا مثلهم.

فقلت له: كرهه غير مالك بن أنس؟ قال: نعم، الزهري يختلف عنه (¬1). قلت: ومن أيضًا؟ قال: شريح (¬2) وعمر بن عبد العزيز (¬3). "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 211 (375 - 376) قال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: سألت أبا عبد اللَّه عن شهادة أهل الكتاب؟ فقال: ليسوا بعدول. قلت: قد أقر اللَّه بشهادتهم؟ قال: في ذلك الموضع -يعني: في الضرورة- يتأول أبو عبد اللَّه الكتاب؟ قال أبو عبد اللَّه: وأنا أذهب إلى أن أجيزها في ذلك الموضع -يعني: في الضرورة- حيث استثبتوا في الوصية. قال أبو عبد اللَّه: ومن التابعين من يتأول: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] قال: من غير العشيرة. يعني: غير عشيرة الرجل. قال أبو عبد اللَّه: أهل المدينة ليس عندهم حديث أبي موسى الأشعري (¬4) ومن أين يعرفونه؟ ! أراد ظاهر الكتاب وأن حديث أبي موسى مع ظاهر الكتاب أعلي شيء. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 216 (382) ¬

_ (¬1) روي هذا الاختلاف عنه عبد الرزاق 8/ 357 (15526، 15527). (¬2) رواه عبد الرزاق 8/ 358 (15531)، والبيهقي 10/ 166. (¬3) رواه عبد الرزاق 8/ 358 (15533). (¬4) رواه عبد الرزاق 8/ 360 (15539)، والبيهقي 10/ 165.

قال الخلال: أخبرني موسى بن سهل قال: حدثنا محمد بن أحمد الأسدي وقال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد فذكر هذا المعنى. قلت: فإن كان ذلك على وصية المسلمين هل تجوز شهادتهم؟ قال: نعم إذا كان على الضرورة. قلت: ليس يقال: هذِه الآية منسوخة: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106]. قال: من يقول ذا؟ وهل أحد حكي إلا عن إبراهيم؟ فأنكر ذلك وقال: هو جائز. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 217 (384) قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل. . وأخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي، وبعضهم يزيد على بعض -قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: تجوز شهادة اليهودي والنصراني في الميراث على ما أجاز أبو موسى في السفر. قال عبيد اللَّه في مسألته: قال: أجيزها في الميراث، وأحلفه إذا كان في السفر على ما أجاز أبو موسى. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 217 (386) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم عن أحمد بن حنبل قال: لا تجوز شهادة اليهودي والنصراني في شيء إلا في الوصية في السفر إذا لم يكن يوجد غيرهم، قال: قال اللَّه تعالى: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] فلا تجوز شهادتهم إلا في هذا الموضع، وروي عن ابن عباس

{أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} قال: من أهل الكتاب (¬1). لا تجوز إلا في موضع الوصية في السفر موضع ضرورة إذا لم يوجد غيرهم. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 217 - 218 (388) قال الخلال: أخبرنا المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: فإن قومًا يحتجون بقول اللَّه تعالى: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106]. قال أبو عبد اللَّه: قد اختلفوا في هذا. قال قوم: هم غير أهل العشائر، ثم قال: الآية: {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: 106]. ثم قال: أقبل شهادتهم إذا كانوا في سفر ليس فيه غيرهم، هذا ضرورة. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 218 (390) قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه وسُئل عن شهادة اليهودي والنصراني فقال: لا تجوز شهادة اليهودي والنصراني على مسلم إلا في الموضع الذي قال اللَّه أن يكون في السفر، فلا يوجد من يشهد على وصيته إلا يهودي أو نصراني. فأما في الحضر فلا تجوز شهادتهم للمسلمين، ولا تجوز شهادة بعضهم على بعض، ولا تجوز شهادة اليهودي على اليهودي، ولا النصراني على النصراني، قال: هي مسألة ينكرها الناس ولا يحتملونها. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1229 (6934)، الضياء المقدسي في "المختارة" 10/ 151 (149) وزاد السيوطي في "الدر" 2/ 604 لأبي الشيخ وابن مردويه.

وقال: وأخبرني عبد اللَّه في موضع آخر قال: حدثنا بكر بن محمد عن أبيه أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول في شهادة أهل الكتاب: لا تجوز بعضهم على بعض ولا على المسلمين إلا في موضع الوصية كما قال اللَّه تبارك وتعالى: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106]. قال: لا يجوز أن أجوز شهادة النصراني على نصراني ولا يهودي على يهودي؛ لأنهم ليسوا عندي بعدول، فأنا لا أجوز في حكمنا إلا عدولًا، إلا في الموضع الذي قال اللَّه. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 220 - 221 (394 - 395) قال الخلال: قال عبد اللَّه: وحدثني أبي قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا هشام، عن الحسن قال: لا يحل للحاكم من حكام المسلمين أن يجيز شهادة غير أهل الإسلام. وكان يجيز شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض. قال: وحدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا زمعة، عن زياد ابن سعد، عن الزهري قال: لا تجوز شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض؛ لأن اللَّه تعالى قال: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة: 64]. قال: وحدثني أبي قال: حدثنا محمد بن أسد، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة قال: لا تجوز شهادة ملة على ملة إلَّا المسلمين. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 221 - 222 (398) قال الخلال: أخبرني حرب قال: حدثنا عبد اللَّه قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الأشعث عن الحسن أنه كان إذا حكم لم يقبل إلَّا شهادة مسلم. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 222 (400)

قال الخلال: أخبرني محمد بن موسى في آخرين قال: حدثنا جعفر بن محمد -وهذا لفظه- قال: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثني ابن مهدي، عن سفيان، عن إسماعيل، عن الشعبي قال: قضى بها أبو موسى في شهادة أهل الكتاب في الوصية. قال: وحدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثنا ابن مهدي قال: حدثنا شعبة، عن مغيرة والأزرق، عن الشعبي، قال: قضى بها أبو موسى. قيل لأبي عبد اللَّه: تراه؟ قال: نعم. "أحكام أهل الملل" 1/ 223 (404) قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه وسأله رجل مات وله أولاد مسلمون ونصارى، فأقام المسلمون بينة من النصارى أن أباهم مات مسلمًا، وأقام النصارى بينة من المسلمين أن أباهم مات نصرانيًّا؟ فقال أبو عبد اللَّه: القول قول المسلمين أجيز شهادة المسلمين أنه مات نصرانيًّا. وحكوا عن سفيان أنه قال: تجوز شهادة النصارى أنه مات مسلمًا. قال أبو عبد اللَّه: لا يعجبني هذا، لا تجوز شهادة نصراني على المسلمين في شيء، إلَّا في موضع لا يكون فيه مسلمون، فتجوز شهادتهم كما فعل أبو موسى (¬1). "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 227 (416) ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (3605) من طريق الشعبي. قال الحافظ في "الفتح" 5/ 412: رجاله ثقات عن الشعبي.

2956 - 2 - أن يكون بالغا

2956 - 2 - أن يكون بالغًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: شهَادةُ الصبيان؟ قال: إذا قاموا بها عدولًا كبارًا، وأما هم صغارًا فلا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2892). قال ابن هانئ: وسئل تجوز بشهادة الغلام؟ قال: إذا كان ابن ثنتي عشرة سنة أو عشر سنين، وأقام شهادته جازت شهادته. "مسائل ابن هانئ" (1325). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن شهادة الصبيان؟ فقال: عليٌّ أجاز شهادة الصبيان الذين عرفوا بعضهم على بعض. "مسائل عبد اللَّه" (1577). 2957 - 3 - كونه ناطقًا قال حرب: قال أحمد: من كان أخرس فهو أصم، لا تجوز شهادته. قيل له: فإن كتبها، قال: لم يبلغني في هذا شيء. "الفتاوى الكبرى" 4/ 538 2958 - 4 - أن يكون متيقظًا ضابطًا لما يشهد به قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجل يُغيِّرُ شهادتَه ويزيدُ وينقصُ؟ قال: مِنَ الرّجلِ العدل، فليس به بأسٌ.

2959 - 5 - أن تكون عن علم ويقين

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2906). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: والشاهدُ عند القاضي يغيرُ شهادتَه، ويزيدُ فيها، وينقص ما لم يقض فيها القاضي؟ قال: جيد. قال إسحاق: كما قال، إذا كان عدلا. "مسائل الكوسج" (2918). قال الفضل بن مضر: سُئل أحمد -وأنا حاضر- متى يجوز للحاكم أن يقبل شهادة الرجل؟ فقال: إذا كان يُحسن يتحمل الشهادة، يُحسن يؤديها. "الطبقات" 2/ 198. نقل بكر بن محمد عن أبيه، عنه، وقد سُئل عن الرجل يشهد وهو رديء اللفظ، قال: يكتبه هو عنده، فقال: فإن ودعت الشهادة أصلًا أتم، ثم قال: إن كان يضر بأهل القرية ومثله يحتاج إليه فلا يفعل. "البدائع" 4/ 68. 2959 - 5 - أن تكون عن علم ويقين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن أربعة عميان شهدوا على امرأةٍ بالزنا. قال: يُضربونَ. قال أحمد: يُضربونَ. قال إسحاق: كما قال؛ لما يحتاجُ في شهادةِ الزنا إلى المعاينة. "مسائل الكوسج" (2660).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيانُ في رجلٍ كتب وصيته فختم عليها، وقال: اشهدوا بما فيها؟ قال: كان ابن أبي ليلي يبطلها، والقضاة لا يُجيزونها (¬1). قال أحمد: لا يشهدون حتَّى يَعْلَموا ما فيها. قال إسحاق: بل يقيمون الشهادةَ على ما أُشهدوا سواء. "مسائل الكوسج" (2931). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان في الرجلِ الذي يُخنق في كل شهرٍ تجوز شهادته إذا كان في إفاقته، ويلزمه ما جرح في إفاقته، أو أصاب حدًّا في إفاقته. قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2939). قال صالح: وسألته عمن قال: السمع شهادة، يجوز للرجل أن يأبى أن يشهد إذا سمع وهو مار؟ قال: إذا لم يشهد، يجوز له أن لا يشهد، وإن قام بها فهي شهادة. "مسائل صالح" (210). قال صالح: قوله: الربا على من أربى يكون الرجل شهد على شيء من ذا ولم يعلم أو كتب، يكون عليه إثمه إذا لم يعلم؟ قال: ينبغي له أن يعرف ما يأتي. "مسائل صالح" (286). ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 10/ 129.

قال صالح: وسألته عن الرجل يشهد على من لا يعرف؟ فقال: لا يشهد إلا لمن يعرف، وعلى من يعرف. "مسائل صالح" (408). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن شهادة الرجل على المرأة؟ قال: إذا كان قد عرف صوتها، وعرفها قبل أن تتعرض لشهادتها بصوتها ووجهها، فلا بأس أن يشهد عليها إذا عرف وجهها وكلامها، وثبت عنده أنها فلانة بنت فلان، فإنه يشهد عليها على هذا النحو. "مسائل ابن هانئ" (1336). قال ابن مروان الأنطاكي: سُئل أحمد -وأنا أسمع- يشهدُ على الشَّهادة ولم ينظر في الكتاب؟ قال: إن حفظها، وإلا فليس بشيء. "الطبقات" 1/ 206. قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يُسْأَل عن قوم شهدوا على صحيفة، وبعضهم ينظر فيها وبعضهم لا ينظر؟ قال: إذا حفظ فليشهد. قيل: كيف يحفظ، وهو كلام كثير؟ ! قال: يحفظ ما كان عليه الكلام والوضع. قلت: يحفظ المعنى؟ قال: نعم. قيل له: والحدود والثمن وأشباه ذلك؟ قال: نعم. "المغني"14/ 81، "معونة أولي النهى" 11/ 36 قال مهنا: سألت أحمد عن رجل شهد لرجل بحق له على رجل، وهو لا يعرف اسم هذا، ولا اسم هذا، إلا أنه يشهد له؟ فقال: إذا قال: أشهد أن لهذا على هذا، وهما شاهدان جميعًا،

فلا بأس، وإن كان غائبًا، فلا يشهد حتى يعرف اسمه. "المغني" 14/ 139، "معونة أولي النهى" 12/ 15 قال حرب فيمن يرى خطه وخاتمه، ولا يذكر الشهادة، قال: لا يشهد إلا بما يعلم. "المغني" 14/ 140 - 141. قال الميموني: قال أبو عبد اللَّه: وهل معنى القول والشهادة إلا واحد؟ قال أبو طالب: قال أبو عبد اللَّه: العلم شهادة، وزاد أبو بكر بن حماد قال أبو عبد اللَّه: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} وقال: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا}. وقال المروذي: أظن أني سمعت أبا عبد اللَّه يقول: هذا جهل. عن قول من يقول: فاطمة بنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. ولا أشهد أنها بنت رسول اللَّه -صلي اللَّه عليه وسلم-. وقال أحمد: حجتنا في الشهادة للعشرة أنهم في الجنة؛ حديث طارق ابن شهاب -يعني: قول أبي بكر لأهل الردة: حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار (¬1). "الفتاوى الكبرى" 4/ 538، "الفروع" 6/ 594، "المبدع" 10/ 281 قال الحسن بن ثواب: قلت: الرجل يقال له: اشهد أن هذِه فلانة؟ قال: إذا كانت ممن قد عرف اسمها، ودعيت فذهبت وجاءت ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في "فضائل الصحابة" 2/ 1130 (1698) وسعيد بن منصور 2/ 333 (2934)، وابن أبي شيبة 6/ 440 - 441 (32721) قلت: رواه البخاري (7221) عن طريق يحيى عن سفيان عن قيس بن مسلم عن طريق بن شهاب مختصرًا دون ذكر قول أبي بكر -رضي اللَّه عنه-.

2960 - تحمل الشهادة بالاستفاضة

فليشهد، وإن كان لا يعلم ما اسمها فلا يشهد. قلت: ولا يجوز أن يقول الرجل للرجل: اشهد، إذا كان عنده ثقة أن هذِه فلانة فيشهد على شهادة ذلك الرجل. قال: إذا عرفت فاشهد. "بدائع الفوائد" 4/ 67. ونقل حنبل عنه في الشهادة على المرأة إذا كانت غائبة: يشهد عليها بإذن زوجها. وعلله بأنه أملك لعصمتها، وقطع به. "الفروع" 6/ 552، "المبدع" 10/ 195، "معونة" 12/ 16 نقل مثنى بن جامع فيمن شهد على رجل أنه أقر لأخ له بسهمين من هذا الدار من كذا وكذا سهمًا، ولم يحدها، يشهد كما سمع أو يتعرف حدها؟ فرأى أن يتعرف حدودها فيتعرفها. "الفروع" 6/ 555. 2960 - تحمل الشهادة بالاستفاضة قال حرب: قلت لإسحاق: امرأة زوجت، فقدم شأنها، ومات شهودها، ونسوا ذلك؛ إذ وقعت في أرض غربة، فمات زوجها وورثته، يسألونها البينة على مهرها. قال: كلما عرفوا أنها امرأة الميت قديمًا بالسماع، وإن لم يشهدوا عقدة النكاح، حتى تسكن قلوبهم أنها زوجته، وسعهم أن يشهدوا لها بالمهر والميراث، إلا أن يقيم الورثة أنها قد استوفت مهرها، فحينئذ يسقط المهر ويثبت الميراث. "مسائل حرب" ص 34.

2961 - 6 - أن يكون عدلا

قال المروذي: قال أحمد: اشهدْ أن دار بختان لبختان، وإن لم يشهدك. وقيل له: تشهد أن فلانة امرأة فلان، ولم تشهد النكاح؟ فقال: نعم، إذا كان مستفيضًا فأشهد، وأقول: إن فاطمة ابنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وإن خديجة وعائشة زوجتاه، وكل أحد يشهد بذلك من غير مشاهدة. "المغني" 14/ 143 نقل الحسن بن محمد: لا يشهد إذا ثبت عنده بعد موته. ونقل معناه جعفر. "الفروع" 6/ 554 2961 - 6 - أن يكون عدلًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: شهادةُ ولدِ الزِّنَا؟ قال: جائز، إذا كان عدلًا، وإنْ قذفَهُ إنسانٌ يُقامُ عليه الحدُّ، وإن قذفَ أمه، وقد أُقيم عليها الحد، فقد أسَاءَ، يؤدَّبُ ولا يُقامُ عليه الحدّ، وإن لم تُحد، فهي امرأة مستورة يُقام عليه الحد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2890). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: شهادةُ المختبئ؟ قال: تجوزُ شهادتُه، إذا كان عدلًا. قال إسحاق: كما قال، وقول شريح: لو كانوا عدولًا لم يحبسوا. أليس يخالف هؤلاء؛ لأنهم رُدوا لحالِ العدالة، فإذا كانوا عدولًا جَازَ؟ !

قال عمرو بن حريث: كذلك يفعل بالفاجر الظلوم. "مسائل الكوسج" (2909). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كان ابن أبي ليلي يجيزُ شهادةَ صاحبِ هوى، إذا كان فيهم عدلًا لا يستحل شهادة الزورِ. قال: ما يعجبني شهادة الجهمية، والرافضة، والقدرية المعلنة. قال إسحاق: كما قال، وكذلك كل صاحب بدعةٍ معلن بها داعٍ إليها. "مسائل الكوسج" (2913). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال أبو هريرة -رضي اللَّه عنه-: لا تجوزُ شهادةُ أصحابِ الخمرِ (¬1). قال أحمد: لا أدري ما هو. قال إسحاق: كلَّما كانوا عدولًا جاز؛ لأنَّ في أهلِ كلِّ يباعة عدلا وغير عدل، ولكن أبا هريرة -رضي اللَّه عنه- خصَّهم؛ لما فيهم من الأيمان الفاجرة. "مسائل الكوسج" (2930). قال صالح: قال أبي: الذي يشرب المسكر متأولًا، أقبل شهادته، وأصلي خلفه، وأجلده ثمانين. "مسائل صالح" (1267). قال أبو داود: قلت لأحمد: رجل قامت عليه بينة وعدلت، ثم جاء المقام عليه ببينة فجرحوا شهادتهم؟ قال: عدول هم؟ قال: نعم. قال: فقد جُرحت شهادتهم. "مسائل أبي داود" (1363). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 6 (23176).

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل موسر يأتي عليه سنون لم يحج، أتقبل شهادته؟ قال: إذا حبسه مرض أو علة قبلت، وغير ذلك لا تقبل شهادته. "مسائل ابن هانئ" (1329). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا تجوز شهادة من أيسر ولم يحج وليس به زمانة، ولا أمر يحبسه عنه. "مسائل ابن هانئ" (1332). قال أبو بكر: بلغني أن أبا عبد اللَّه سئل عن رجل أخذ من الطريق شيئًا، يكون مقبول الشهادة؟ قال: ما هذا بعدل. "الورع" (112) وروى عنه بكر بن محمد عن أبيه قال: إذا أخذ من طريق المسلمين شيئًا لا تجوز شهادته، ووارثُه من بعده أهونُ، وأعجبُ إلى أن يَرُدَّ. "تهذيب الأجوبة" 2/ 811 - 812. نقل الفضل بن زياد عنه: إذا كان عدلًا يحسن الأداء، يعلم ما يأتي وما يذَرُ، قبلت شهادته. وقال في مكان آخر: إذا كان عالمًا، عدلًا، ورعًا، زاهدًا. "تهذيب الأجوبة" 2/ 853. وسأله ابن الحكم عن الرجل يخرج إلى طريق المسلمين الكنيف، أو الأصطوانة: هل يكون عدلا؟ قال: لا يكون عدلا، ولا تجوز شهادته. "مجموع الفتاوى" 30/ 401 - 402

2962 - متى يكون الرجل عدلا؟

قال في رواية حرب: لا تجوز شهادة القدرية، والرافضة، وكل من دعا إلى بدعة يخاصم عليها. وقال الميموني: قال أبو عبد اللَّه في الرافضة -لعنهم اللَّه- لا تقبل شهادتهم ولا كرامة لهم. وقال الميموني: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من أخاف عليه الكفر مثل الروافض والجهمية لا تقبل شهادتهم ولا كرامة لهم. "الطرق الحكمية" ص 232 - 233 وقال في رواية حرب: لا تجوز شهادة صاحب بدعة، ولا شهادة قاذف، حُدَّ أو لا. "الفروع" 6/ 568. وقال في رواية محمد بن الحكم فيمن بنى حمامًا: لا تجوز شهادة من بناه للنساء. "الفروع" 6/ 575. 2962 - متى يكون الرجل عدلًا؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما العدل في المسلمينَ؟ قال: من لم يظهر منه ريبة رجلٌ مستور. قال إسحاق: كما قال، بعد أن يعرفه جيرانه وخلطاؤه في السفر تنفى الريبة عنه. "مسائل الكوسج" (2902). قال ابن هانئ: وسئل: متى يعدل الرجل؟

2963 - هل يؤخذ بتعديل الرجل للرجل، أو بتعديل القاضي؟

قال: قال إبراهيم: إذا لم تظهر منه ريبة يعدل (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1331). 2963 - هل يؤخذ بتعديل الرجل للرجل، أو بتعديل القاضي؟ قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يُعدل الرجل؟ قال: لا يعجبني يعدله؛ لأنه لا يدري ما يحدث، والناس يتغيرون. "مسائل ابن هانئ" (1327). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا يعجبني أن يُعدل القاضي؛ لأن الناس يتغيرون، ولا يدرى ما يحدث. "مسائل ابن هانئ" (1328) قال في رواية حنبل: ينبغي للرجل أن يسأل عن شهوده كل قليل؛ لأن الرجل قد يتغير من حال إلى حال. "تهذيب الأجوبة" 1/ 582 "الأحكام السلطانية" (66). 2964 - من ادعي شهادة عدل فأنكر أن عنده شهادة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: الرجلُ إذا كانتْ عنده شهادة فقيل له: أعندك شهادةٌ؟ قال: لا، ثم شهدَ فإنَّ شهادتَه جائزةٌ. قال أحمد: إذا كان عدلًا يذكر ما لم يكن يذكر قبل ذَلِكَ. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 319 (15361)، وأبو مسهر في "نسخته" (72)، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 229، والبيهقي 10/ 124.

قال إسحاق: كما قال؛ لما يمكن أن يكون يذكر بعد النسيان، فالعدول من الشهود لا يُتهمون في مثل هذا وشبهه. "مسائل الكوسج" (2917). 7 - ألَّا يكون محدودًا في قذف قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: القاذفُ إذا تابَ تُقْبلُ شهادته؟ قال: نعم، ولكن توبته أَنْ يُكذبَ نفسَه. قُلْتُ: يضربُ؟ قال: لا، إذا كان أقيم عليه الحد لا يضرب، وتُقبلُ شهادته. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2419). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجلٍ حد عبده، ثم أعتقَه بعد، فشهدَ، أتجوزُ شهادتُه؟ قال: نعم، إلَّا أَنْ يكونَ حده السلطانُ. قال: السلطانُ وغيره واحدٌ، إذا تابَ جازَتْ شهادتُه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2622). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الشعبيُّ في المملوك يقذفُ، ثم يعتق، ثم يرجع بعدما يعتق: حد المملوك. قال سفيانُ: لا تجوزُ شَهَادتُهُ. قال أحمد: نعم، حد المملوك، فَإنْ تَابَ جَازَتْ شهادته، وتوبتهُ أَنْ يرجعَ عَمَّا قَذَفَ به صَاحِبَه. قِيلَ: أين يتوبُ؟ قال: يتوبُ عندَ الحاكمِ.

قِيلَ: فَإِنْ كَانَ ذا فيه ما قَذَفَهُ بِهِ. قال: يتوب، إن كان رآه يستر عليه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2638). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا ضُربَ المملوك في القذفِ، ثم أعتق لم تجز شهادته، وإذا ضُرب النصراني في القذف فأسلم تجوزُ شهادته؛ لأنَّ الإسلامَ يهدمُ ما كان قبله. قال أحمد: إذا تابَ جازتْ شهادته -يعني: العبد. قال إسحاق: كما قال أحمد، كلاهما سواء. "مسائل الكوسج" (2914). قال صالح: وسألته عن القاذف إذا تاب؟ قال: تقبل شهادته. قلت: جُلد أو لم يُجلد؟ قال: نعم، أذهب إلى قول عمر بن الخطاب (¬1)، وتوبته: أن يكذب نفسه؛ أن يتوب مما قذف به. "مسائل صالح" (362). قال ابن هانئ: سألته عن القاذف تقبل شهادته؟ قال: إذا أكذب نفسه ثم تاب، تقبل شهادته. "مسائل ابن هانئ" (1330). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: في شهادة القاذف إذا تاب: تقبل شهادته، وتوبته، إذا أكذب نفسه. "مسائل ابن هانئ" (1334). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 362 (15549، 15550)، والبيهقي 10/ 152.

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: القاذف إذا تاب قبلت شهادته. قيل: جلد أو لم يجلد؟ قال: نعم، يذهب أبي إلى قول عمر (¬1)، وتوبته أن يكذب نفسه، أن يتوب مما قذف به. "مسائل عبد اللَّه" (1581) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: ابن مهدي قال: سألت سفيان قلت: تحفظ عن سالم عن سعيد في شهادة القاذف؟ فقال: عن سعيد لا تقبل شهادته، قلت: عن أبي بكرة أنهم دعوه ليشهد بشهادة، فقال: دعه دعه. "العلل" رواية عبد اللَّه (3702) قال أبو العباس البرتي: سألته عن شهادة القاذف إذا تاب؟ فقال: أراها جائزة. فقلت له: تعتمد على حديث عُمر في قوله لأبي بكرة: إن تُبتَ قبلتُ شهادتك؟ (¬2) فقال: نعم، وقول اللَّه عز وجل أبين: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ}. "الطبقات" 1/ 161. قال أبو حامد الخفاف: قال أبو عبد اللَّه: القاذف إذا كذب نفسه يقول: إني قد كنت قذفت فلانة أو فلانًا وكذبت عليه، يُحدُّ وتقبل شهادته. "الطبقات" 1/ 205. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 362 (15549، 15550)، والبيهقي 10/ 152. (¬2) رواه الشافي في "مسنده" 2/ 181 (642)، والطبري 9/ 265 (25780)، والبيهقي 10/ 152.

2965 - 8 - ألا يكون متهما في شهادته البعضية من جهة النسب

2965 - 8 - ألَّا يكون متهمًا في شهادته البعضية من جهة النسب قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: شهادةُ الأخ لأخيهِ؟ قال: جائزٌ، ولا تجوزُ شهادةُ الأبِ للابنِ، ولا الابن للأبِ والأم. قال إسحاق: شهاداتهم كلهم جائزةٌ إذا كانوا عدولًا. "مسائل الكوسج" (2889). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: لا تجوزُ شهادةُ الوالدِ لولدِهِ، ولا الولدِ لوالدِه، ولا الشريكِ لشريكِه، ولا العبدِ لسيدِه، ولا السيدِ لعبدِهِ، ولا المرأةِ لزوجها، ولا الزوج لامرأتهِ، ولا المريبِ، ولا الخصمِ، ولا دافعِ مغرمٍ، ولا الأجيرِ ولا الوليِّ، ولا الوصيِّ، ولا الأخ لأخيهِ. قال: الأخ لأخيه يجوز، والأجير تجوز شهادته إذا كان لا يَجُرُّ إلى نفسه، والوليُّ إذا كان لا يجرُّ إلى نفسه تجوز شهادته، والوليُّ والوصيُّ واحد، وهؤلاء كلهم إذا شهدوا عليهم جازت شهادتُهم. قال إسحاق: كما قال، وكذلك إذا شهدوا لم يجز مثل ما عليهم. قال الزهريُّ: إنما اتهمت القضاة الآباء للأبناء، والأبناء للآباء بعد، ولم يزل جائزًا فيما مضى، وقد قال اللَّه عز وجل: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وقد ذكر عن عمرَ بنِ الخطاب، وعمرَ بنِ عبدِ العزيز -رضي اللَّه عنهما- أنهما أجازا ذَلِكَ إذا كانوا عدولًا (¬1)، واحتجوا بهذِه الآيةِ. "مسائل الكوسج" (2901). قال صالح: وسألته عن شهادة الابن للأب، وشهادة الأب للابن؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 343 - 344 (15471، 15475).

فقال: لا تجوز، الأب له أن يأخذ من مال ابنه، والابن له أن يأخذ من مال أبيه إذا احتاج. "مسائل صالح" (403). قال صالح: سألته عن شهادة الزوج لامرأته، والمرأة لزوجها؟ فقال: لا تجوز، ولا تجوز شهادة الشريك لشريكه. "مسائل صالح" (404). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا تجوز شهادةُ الولدِ لوالدِه، ولا الوالدِ لولدِه إذا كانوا يجرُّون الشَّيء لأنفسهم. "مسائل ابن هانئ" (1337). قال ابن هانئ: وسمعتُه يقول: تجوز شهادة الأخ لأخيه، وكلُّ شيءٍ من القرابات لا تجوز، إذا كانوا يجرُّون الشَّيء لأنفسهم. "مسائل ابن هانئ" (1339). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: شهادة الأب للابن، لا تجوز، وشهادة الابن للأب لا تجوز. وقال أبي: إنَّ الأبَ له أن يأخذ من مال ابنه، والابن له أن يأخذ من مال أبيه إذا احتاج. "مسائل عبد اللَّه" (1579). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا تجوز شهادة الزوج لامرأته، ولا المرأةِ لزوجها، ولا تجوز شهادة الشريك لشريكه. "مسائل عبد اللَّه" (1580). قال أحمد بن هشام: قلت: الأمُّ تشهد للابن؟ قال: لا أدري. قلت: الأخرس: كيف شهادته؟ قال: لا أدري. "تهذيب الأجوبة" 2/ 715، "المسودة" 2/ 715

2966 - شهادة الأجير لمستأجره

قال أبو طالب: قلت: شهادة الوالد لولده والابنِ لأبيه؟ [قال: ] ولا الجد، لأنه بمنزلة الأب. "تهذيب الأجوبة" 2/ 743. 2966 - شهادة الأجير لمستأجره قال أحمد في رواية الميموني: كيف لا يجوز، ولكن الناس تكلموا فيه. قال الميموني: رأيت الإمام أحمد رحمه اللَّه ويغلب على قلبه جوازه. "المبدع" 10/ 247، "الإنصاف" 29/ 427. 2967 - شهادة الرجل في بضاعته قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إنَّ أبا الدرداء -رضي اللَّه عنه- قال: يُصَدَّقُ الرجل في كل شيء إلا في بضاعته إذا باعها. قال أحمد: إنما هو رجل يجرُّ إلى نفسه شيئا. قال إسحاق: كما قال، لأنَّه ليس بمأمون على تزيين سلعته، كما يُخْشَى أن يشبه عليه. "مسائل الكوسج" (3294). 2968 - العداوة والخصومة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن رجلٍ خاصمَ في خصومةٍ مرةً، ثُمَّ نزع بعد، ثم شهدَ بعد، أَلَهُ شهادةٌ؟ قال: لا. قال أحمد: لا يقبلُ قوله.

2969 - جر المنفعة أو دفع ضرر للشاهد نفسه

قال إسحاق: كما قال، إذا شهدَ في تلك الخصومةِ التي أدَّعاها مرةً لنفسِهِ، ولكن له أن يشهدَ ولا يبين، وليس على الحاكمِ أنْ يفتش، ولا يحلف إن سأل خصمه ذاك. "مسائل الكوسج" (2919). 2969 - جر المنفعة أو دفع ضرر للشاهد نفسه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إذا قال الرجلُ: أشهدُ أنَّ لي ولفلانٍ على هذا خمسمائة درهم. فقد بطلت شهادتُه فيها كلها، إذا شهدَ بشيء له فيه شيء بطلتْ شهادتُه. قال أحمد: نعم. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (2920). قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: إذا شهدَ رجلانِ من الورثةِ، وكانا عدلينِ جازتْ شهادتُهما على الورثةِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2927). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ -يعني: سفيان- عن شهادةِ الوصيِّ؟ قال: إذا شهدَ على الورثةِ جَازَ، وإذا شهدَ لهم لم يجزْ. قال أحمد: جيِّد. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2936).

2970 - هل تجوز شهادة القاضي إذا كان قد أشهد؟

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن قال: قال سفيان: سمعت أبا حصين يقول: كان شريح يجيز شهادة الوصي إذا لم يخاصم. "العلل" رواية عبد اللَّه (4762) 2970 - هل تجوز شهادة القاضي إذا كان قد أَشهد؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: هل تجوزُ شهادةُ الحاكمِ إذا كان قد أشهد؟ قال: لا، حتَّى يحاكمه إلى غيرِهِ، أو تكون شهادة شاهد ويمين الطالب. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2893). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تجوزُ شهادةُ الحاكمِ إذا رأى هُوَ بِعينِهِ؟ قال: لا يحكمُ إلا بشهادةِ الشهودِ. قال إسحاق: بل هو جائزٌ إذا عاينَ في حكمه، إذا عاين سوى الحد جاز؛ لما يُدرأُ بالشبهةِ. "مسائل الكوسج" (2895). نقل حنبل عنه: إذا رآه على حد، لم يكن له أن يقيمه إلا بشهادة من شهد معه؛ لأن شهادته شهادة رجل. ونقل حرب عنه: يذهبان إلى الحاكم، فأما أن يشهد عند نفسه فلا. "الفروع" 6/ 469.

2971 - هل تجوز شهادة الأعمى؟

2971 - هل تجوز شهادة الأعمى؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: شهادةُ الأعمى؟ قال: تجوزُ في المواضع: في النسبِ، وكل شيء يضبطُه ويعرفُه معرفةً لا تخفى عليه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2888). قال مهنا عنه: قلت له: شهادة الأعمى؟ قال: لا تجوز في بعض دون بعض. قلت: ماذا؟ قال: يكون يُعَين نسب الرجل، ويعرف الرجل أنه ابن فلان، وفي مثل هذا ونحوه. "تهذيب الأجوبة" 2/ 846. قال إسماعيل بن سعيد، وقد سأله عن شهادة الأعمى، فقال: يجوز في كل ما ظنه، مثل النسب، ولا يجوز في الحد. "الفروع" 6/ 553، "المبدع" 10/ 238، "الإنصاف" 29/ 268. 2972 - هل تجوز شهادة العبد؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: شهادةُ العبدِ والمكاتبِ؟ قال: العبدُ إذا كان عدلًا جازتْ شهادتهُ، والمكاتب أحرى أن تجوزَ شهادتُه. قال إسحاق: كما قال، وقد أجَادَ. "مسائل الكوسج" (2903).

2973 - إذا تغير حال الشاهد، هل يعيد الشهادة؟

قال صالح: قلت: شهادة العبد؟ قال: فيها اختلاف. "مسائل صالح" (731) قال الميموني: قلت: شهادة العبد في الحدود؟ قال: لا تجوز شهادته في الحدود، ولم يقيموا الحدود مقام الحقوق، في الحقوق شاهد ويمين، والحد ليس كذلك. قلت: لم تستوحش من هذا إذا كان علمًا يُتبع؟ قال: في الحدود كأنه يشنع، وإنما ذاك لهيب الناس، فردَّها. "تهذيب الأجوبة" 2/ 686. قال أحمد -رحمه اللَّه- في رواية إسماعيل بن سعيد: تجوز شهادة المملوك، إذا كان عدلا؛ لأن اللَّه تعالى يقول {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وقال: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]. "العدة في أصول الفقه" 2/ 348 ونقل عنه المروذي في شهادة العبد من أجاز شهادته، لم يجز لسيده منعه من قيامها. "الفروع" 6/ 580، "المبدع" 10/ 237، "معونة أولي النهى" 12/ 64 2973 - إذا تغير حال الشاهد، هل يعيد الشهادة؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: النصراني يسلم والعبد يعتق فيشهدون، كانت شهادتهم في النصرانية والرق؟ قال: إذا شهدوا في وقت وهم عدول تجوز شهادتهم، إلا أن تكون ردّت شهادتهم تلك. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2894)

قال الخلَّال: أخبرنا حرب بن إسماعيل أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول في المشرك: إذا شهد في شركِهِ ثم ردّت شهادته ثم أسلم لم نجز شهادته، فإذا لم يشهد بها حتى أسلم تقبل شهادته. وقال: أخبرنا محمد بن عليِّ قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن مشرك شهد على شهادة وهو مشرك ثم أسلم تجوز شهادته؟ قال: نعم. وقال: أخبرني إبراهيم قال: حدثنا نصر قال: حدثنا يعقوب بن بختان أن أبا عبد اللَّه قال: وإذا ردّت شهادة العبد أو الذميّ أو الصبيِّ ثم أسلم الذميّ وأُعتق العبد وأدرك الصبيُّ لم تجز شهادتهم؛ لأن الحكم قد مضى. وقال أخبرني زكريَّا بن يحيى النقَّاد قال: حدثنا أبو طالب قال: قال أبو عبد اللَّه: الصبي إذا حفظ الشهادة ثم كبر فشهد بها جازت شهادته. قلت: وكذلك العبد إذا أُعتق؟ قال: نعم. قلت: وكذلك اليهودي والنصراني إذا شهد ثم أسلم؟ قال: نعم. قلت: فإن كان العبد والنصراني قد قَذَفوا فضُرِبوا الحد ثم أسلم لم تقبل؟ قال: نعم. قلت: لا تقبل لهم شهادة أبدًا؟ قال: إذا قذفوا وضربوا فإن شهدوا بعد الإسلام أو العتق فلا تقبل لهم شهادة من بعد أن كان قد شهدوا وردهم القاضي، فإن شهدوا لم تقبل شهادتهم، وإن لم يكونوا شهدوا قبل العتق والإسلام ثم شهدوا جازت شهادتهم. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 224 (405 - 408)

فصل: ما جاء في عدد الشهود وجنسهم شهادة الواحد، والحالات التي تجوز فيها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تجوزُ شهادةُ الطبيبِ في الجراحة، يقول: هو كذا وكذا؟ قال: كل موضع يضطر الناس فيه مثل القابلة، تجوز شهادة الطبيب وحده؛ لأنه لا يُضبط إلّا به. قال إسحاق: كما قال، ولكن لا يجوز فيه إلا امرأتان في القابلة؛ لأنه إذا أمكن واحدة أمكن أخرى. "مسائل الكوسج" (2436) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: لا يجوزُ إلا قولُ طبيبينِ في الموضحة، ولا يجوز إلا قول بيطارين في الدابةِ يكون بها الداء فينظران إليها؛ لأنهما شاهدانِ. قال أحمد: إذا كان هذا في موضعٍ يضطرُ إليه إذا لم يكن إلا طبيب واحد وبيطار واحد، قوله جائز، إذا كان ثقةً. قال إسحاق: كما قال سفيان. "مسائل الكوسج" (2940) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: فإذا سرح القاضي إلى البيطارين لينظر ما يقولان، فلا يسرح إلا رجلين؛ لأنَّهما شاهدان على البيطارين. قال: هذا على ذاك أحسن، ولكن يجوزُ قولُ بيطارٍ واحد. قال: وإن قوَّم البيطاران قيمة؛ فقال أحدهما بأكثر، وقال الآخر بأقل؟ فتلكأ أحمد عند ذَلِكَ، ثم قال: نجعل بينهما آخر ثالثًا، إن كان يقدر عليه، حتَّى يتفقَ اثنانِ إذا اختلفَ اثنانِ.

2974 - الحالات التي يجوز فيها شهادة المرأة منفردة

قال إسحاق: كلما لم يكونا اثنين من البياطرة والأطباء فإنَّه لا يجوزُ، ولكن يجوزُ إرسال الحاكم واحدًا عدلًا؛ لأنه حينئذٍ خير. "مسائل الكوسج" (2941). 2974 - الحالات التي يجوز فيها شهادة المرأة منفردة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: شهادةُ المرأةِ في الرضاعِ والولادِةِ؟ قال: إذا كانت مرضية، وتستحلف في الرضَاعِ، كما قال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: فإنها إنْ كانتْ كاذبة يَبْيَضُّ ثديها (¬1)، ولا تستحلف به في الولادةِ. قال إسحاق: هُوَ كما قال. "مسائل الكوسج" (982). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: حديث عقبة بن الحارث أنه تزوج ابنة أبي إهاب (¬2)؟ قال أحمد: إذا كانتْ مرضية، وتستحلف على حديثِ ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنها- في الرضاع؛ فإنها إن كانت كاذبة ابيضَّ ثديها. قال إسحاق: هو كما قال "مسائل الكوسج" (983) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ: رجلٌ فجرَ بامرأةٍ فقالتِ المرأةُ: إنّي قدْ أرضعتُ امرأتَكَ، ثم رجعَتْ عمَّا قالت، يقبل قولها؟ أو ليس قولها بشيء، وتشهد امرأتانِ أنها كاذبةٌ في قولها الأوَّل؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 482 (13971). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 7، والبخاري (88).

قال: نقبل رجوعها وذلك أنها متهمةٌ في الشهادةِ، وإذا كذبتها امرأتانِ فذلك زيادة قوة، وإن لم تجز شهادتهن في الحكم، ولو لم ترجع ومضت على قولها فله أنْ يتهمها، إلا أنْ يكونَ ما قالت خبرًا مستفيضًا. "مسائل الكوسج" (1338) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تجوزُ شهادةُ امرأة؟ قال أحمد: وأجوز شهادة امرأة واحدة إذا كانت ثقةً، وإن كن أكثر هو أحبُّ إليَّ. قال إسحاق: لا يجوزُ دون امرأتينِ في العيوبِ والاستهلال، وفي كلِّ موضعٍ لا يطلعُ عليه الرجالُ لا بد مِنِ امرأتينِ يقومانِ مقامَ الرجلينِ. "مسائل الكوسج" (2640) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد -رضي اللَّه عنه-: هل تجوزُ شهادةُ المرأة؟ وكم يَكُنَّ؟ قال: رجلٌ وامرأتانِ، وشهادة المرأة في الولادةِ والرضاعِ فيما لا يطلعُ عليه الرجالُ. قال إسحاق -رضي اللَّه عنه-: كما قال إلا أنَّه لا بد من امرأتينِ في الولادةِ. "مسائل الكوسج" (2887) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: في الاستهلال يجوز شهادة امرأة واحدة، والحيض والعدة والسقط والحمام؟ قال: كل ما لا يطلع عليه إلا النساء يجوز شهادة امرأة واحدة إذا كانت ثقةً. قال إسحاق: لابد منِ امرأتينِ. "مسائل الكوسج" (2915)

قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسحاق عن شهادةِ امرأةٍ في الرضاع أنها أرضعتْ رجلًا وامرأته قبل التزويج أو بعد التزويج؟ قال: كلما كانتْ صالحةً حلفت، فإن تمت فُرِّقَ بينهما على التنزه، وإن أبت اليمينَ لم يفرق بينهما، إلا أنْ يكون خبرًا مستفيضًا أنَّ هذِه أرضعت كما ادعت، فإنها وإن لم تكن شهادة قاطعة، فإنَّ الخبرَ المستفيض يتقدمُ شهادة المرأة الواحدة. "مسائل الكوسج" (2942). قال صالح: ما تجوز من شهادة النساء فيما لا يطلع عليه الرجال؟ قال: فيه اختلاف كثير. قلت: إلى أي شيء تذهب؟ قال: دعها. "مسائل صالح" (692). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن شهادة أربع نسوة فيما لم يظهر عليه الرجال؟ فقال: إذا لم يكن شيء مما يظهر عليه الرجال جازت، إذا لم تكن ظهرت منهن خيانة ولا سوء. "مسائل ابن هانئ" (1323). قال الخلال: أخبرني موسى بن سهل قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الأسدي قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد: هل تقبل شهادة الذميّة على الاستهلال؟ قال: لا، وتقبل شهادة المرأة الواحدة إذا كانت مسلمة عدلة.

وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: قال أبو عبد اللَّه: أبو حنيفة يجيز شهادة القابلة وحدها إذا كانت يهودية أو نصرانية (¬1). "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 227 (417 - 418) قال أحمد في رواية بكر بن محمد عن أبيه، في المرأة تشهد على ما لا يحضره الرجال من إثبات استهلال الصبي، وفي الحمام يدخله النساء فتكون بينهن جراحات. وقال أحمد بن القاسم: سئل أحمد عن شهادة المرأة في الولادة والاستهلال هل تجوز امرأة أو امرأتان؟ قال: امرأتان أكثر. وليست الواحدة مثل الثنتين. روى إبراهيم بن الحارث، قيل لأحمد: شهادة المرأة الواحدة في الرضاع تجوز؟ قال: نعم. "الطبقات" 1/ 239. وقال أحمد بن أبي عبيدة (¬2): إن أبا عبد اللَّه قيل له: فالشهادة على الاستهلال؟ قال: أحب أن يكون امرأتين. وقال حرب: سئل أحمد، قيل له: فالشهادة على الاستهلال؟ قال: لا، إلا أن تكون امرأتين. وكذلك كل شيء لا يطلع عليه الرجال لا تعجبه شهادة امرأة واحدة، حتى تكون امرأتين. ¬

_ (¬1) ذكر ابن القيم هذِه الرواية في "الطرق الحكمية" ص 110 بزيادة: فسألت أحمد فقلت: هو كما قال أبو حنيفة. فقال: أنا لا أقول: تجوز شهادة واحدة مسلمة، فكيف أقول يهودية؟ ! (¬2) هو أحمد بن أبي عبدة، وليس عبيدة. وذكره الخلال فيمن لا يُعرف اسم أبيه انظر: "الطبقات" 1/ 214.

وقال أبو طالب: قلت لأحمد: ما تقول في شهادة القابلة تشهد بالاستهلال، فقال: تقبل شهادتها، وهذِه ضرورة، قال: ويقبل قول المرأة الواحدة. وقال هارون الحمال: سمعت أبا عبد اللَّه يذهب إلى أنه تجوز شهادة القابلة وحدها. فقيل له: إذا كانت مرضية؟ فقال: لا يكون إلا هكذا. قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: شهادة المرأة الواحدة في الرضاع تجوز؟ قال: نعم. وقال عليّ: سمعت أحمد بن حنبل يُسأل عن شهادة المرأة الواحدة في الرضاع تجوز؟ قال: نعم. قال في رواية الحسن بن ثواب، ومحمد بن الحسن وأبي طالب، ومهنا وحرب، واحتج بحديث عقبة بن الحارث هذا (¬1). وقال: هو حجة في شهادة العبد؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أجاز شهادتها وهي أمة. وقال أبو الحارث: سألت أحمد عن شهادة القابلة؟ فقال: هو موضع لا يحضره الرجال، ولكن إن كن اثنتين أو ثلاثًا فهو أجود. وقال في رواية إبراهيم بن هاشم وقد سئل عن قول القابلة: أيقبل؟ قال: كلما كثر كان أعجب إلينا: ثلاث، أو أربع. وقال سندي: سألت أحمد عن شهادة امرأتين في الاستهلال؟ فقال: يجوز، إن هذا شيء لا ينظر إليه الرجال. "الطرق الحكمية" 109 - 112 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 7، والبخاري (2659).

2975 - القضاء باليمين مع الشاهد

2975 - القضاء باليمين مع الشاهد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان في رجل طلَّقَ امرأتَهُ تطليقةً، فانقضتِ العدةُ فادعى (مراجعَتَها). (قال): بينة أنه قد راجعها وإلا فهي أملكُ بنفسِهَا، ولا يجوز شهادة رجلٍ ويمينه، إلا رجلين. قال أحمد: جيدٌ كما قال، إنما تكونُ شهادةُ رجلٍ ويمينه في الحقوق، وأمَّا في الطلاقِ والحدودِ فلا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1123) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: اليمينُ مع الشاهدِ؟ قال: إي لعمري، في الحقوق، لا يكون في الطلاقِ، ولا في الحدودِ، إلا في الحقوق التي تجب بها الأموال. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2900). قال صالح: حدثني أبي قال: حَدَّثنَا عبد اللَّه بن الحارث -من أهل مكة ما كان به بأس- عن سيف بن سليمان -وقال بعضهم: ابن أبي سليمان- عن قيس بن سعد، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس قال: قضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- باليمين مع الشاهد (¬1). قال عمرو: في الأموال. "مسائل صالح" (1294) قال الخلال: أخبرني الميموني قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 248، ومسلم (1712).

اليمين مع الشاهد قال: ظاهر الخبر الرجل والمرأة والمجوسي سواء. قلت: البر والفاجر؟ قال: هكذا ظاهر الخبر، إلا أنها مسألة يشنع بها. ورأيت أبا عبد اللَّه يميل إلى اليمين من كان مع شاهده. وقال: أخبرني محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم أن أباه حدثه قال: حدثني أحمد بن القاسم، وأخبرني زكريا بن الفرج عن أحمد بن القاسم. أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الشاهد واليمين: قلت له: إذا كان نصراني فأقام شاهدًا واحدًا يحلف مع شاهده ويأخذه؟ قال: نعم، النصراني والعبد والمرأة. قلت له: أنت لا تقبل شهادته، كيف تقبل يمينه؟ قال: ولم؟ شاهد هو يشهد لنفسه؟ إنما جاء الحديث: شاهد مع يمين الطالب، فمن يعمل له؟ ثم قال لي: أرأيت إن كان الطالب حرًّا أو لم يكن من أهل الشهادة أليس يحلف له؟ قلت. بلى. قال: ليس هذا من طريق الشهادة. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن رجل ادعى بشاهد وليس المدعى بعدل، أيحلف مع شاهده؟ قال: نعم. ثم قال: لو كان يهوديًّا أو نصرانيًّا لم يكن عليه إلا يمين، والسُّنة في هذا أنه قضى بشاهدٍ ويمين، فهو سُنة فليس يحتاج هذا إلى عدالته. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 336 - 337 (724 - 726) قال الخلال في "الجامع": حدثنا محمد بن عليِّ، حدثنا مهنا قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يقيم الشهود، أيستقيم الحاكم أن يقول لصاحب الشهود: احلف؟ فقال: قد فعل ذلك عليّ.

قلت: مَنْ ذكره؟ قال: حدثنا حفص بن غياث حدثنا ابن أبي ليلي، عن الحكم، عن حبيش قال: استحلف عليّ -رضي اللَّه عنه- عبد اللَّه بن الحسن مع الشهود. فقلت: يستقيم هذا؟ قال: قد فعله عليّ -رضي اللَّه عنه-. "الفتاوي الكبري "4/ 527 - 528، "الطرق الحكمية" ص 198، "المبدع" 10/ 154. نقل إبراهيم بن الحارث في رجلٍ جاء بشهود على حق، فقال المدَّعي عليه: استحلفه، لم يلزم المدعي اليمين. "الفتاوي الكبرى" 4/ 1528 قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في الشاهد واليمين: جائز الحكم به. فقيل لأبي عبد اللَّه: أيش معنى اليمين؟ قال: قضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بشاهد ويمين. قال أبو عبد اللَّه: ولعلَّهم يقضون في مواضع بغير شهادة شاهد، في مثل رجل اكترى من رجل دارًا، فوجد صاحب الدار في الدار شيئًا. فقال: هذا لي. وقال الساكن: هو لي. ومثل رجل اكترى من رجل دارًا فوجد فيها دفونا، فقال الساكن: هي لي، وقال صاحب الدار: هي لي، فقيل: لمن تكون؟ فقال: هذا كله لصاحب الدار. وقال أبو طالب: سئل أبو عبد اللَّه عن شهادة الرجل ويمين صاحب الحق؟ فقال: هم يقولون: لا تجوز شهادة رجل واحد ويمين، وهم يجوزون شهادة المرأة الواحدة، ويجيزون الحكم بغير شهادة. قلت: مثل أيش؟ قال: مثل الخص إذا ادعاه رجلان، يعطونه للذي القمط مما يليه، فمن قضى بهذا؟ وفي الحائط إذا ادعاه رجلان نظروا

إلى اللبنة لمن هي؟ فقضوا به لأحدهما بلا بينة، والزبل إذا كان في الدار، وقال صاحب الدار: أكريتك الدار، وليس فيها زبل، وقال الساكن: كان فيها. لزمه أخذها بلا بينة. والقابلة تقبل شهادتها في استهلال الصبي، فهذا يدخل عليهم. "الطرق الحكمية" ص 186 - 187. قال أبو الحارث: سُئل أحمد عن الفاسق، أو العبد إذا أقام شاهدًا واحدًا، قال: أحلفه وأعطيه دعواه. قلت: فإن كان الشاهد عدلًا والمدعى عليه غير عدل؟ قال: وإن كان المدعي غير عدل، أو كانت امرأة أو يهوديًّا، أو نصرانيًّا، أو مجوسيًّا، إذا ثبت له شاهد واحد حلف، وأعطي ما ادعى. "الطرق الحكمية" ص 192 - 193. نقل مهنا عن أحمد في عبد شهد له رجلان بأنَّ مولاه باعه نفسه بألف درهم، وشهد لمولاه رجل آخر أنه باعه بألفين: يعتق العبد ويحلف لمولاه أنه لم يبعه إلا بألف. "الفتاوي الكبرى" 4/ 534، "الفروع" 6/ 546. قال محمد بن عوف الحافظ: قال أحمد بن حنبل: ليس في الباب شيء أصح من هذا الحديث حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى باليمين مع الشاهد (¬1). "الكامل" لابن عدي 8/ 78، "السنن الكبري" للبيهقي 10/ 169، "سير أعلام النبلاء" 8/ 166 - 167. ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (3610)، والترمذي (1343)، وابن ماجه (2368) وصححه ابن حبان 11/ 462 - 463 (5073). قال الترمذي: حديث حسن غريب.

2976 - الحالات التي يجوز فيها شهادة رجل وامرأتين

نقل الشالنجي: والشاهد واليمين في الحقوق. "الفروع" 6/ 580 نقل عنه أبو طالب وأبو الحارث ويعقوب بن بختان في الأسير يدَّعي أنَّه كان مسلمًا قبل الأسر ليدرأ عن الرِّقِّ، إن شهد له بذلك رجل من الأسرى قُبِلَتْ شهادته مع يمينه، وكذا إن شهدت له امرأة واحدة. "الفروع" 6/ 592، "المبدع" 10/ 257 2976 - الحالات التي يجوز فيها شهادة رجلٍ وامرأتين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يجوزُ شهادةُ رجلٍ وامرأتينِ في الطلاقِ؟ قال أحمد: لا، واللَّهِ. قال إسحاق: يجوزُ. "مسائل الكوسج" (1146) 2977 - الحالات التي يجوز فيها شهادة النساء قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: شهادةُ النساءِ في الطلاقِ؟ قال: لا تجوزُ في الطلاقِ. ¬

_ = وقال ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 469: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه ربيعة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى بشاهد ويمين؛ فقالا: هو صحيح. أهـ. وحسن إسناده الزيلعي في "نصب الراية" 4/ 97. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (1080) وانظر: "الإرواء" 8/ 300 - 303.

2978 - هل يجب عليه أن يؤدي الشهادة بلفظ أشهد، أم لا يجب عليه ذلك، وتصح الشهادة بأي لفظ آخر؟

قال إسحاق: هو كما قال، إذا لم يكن معهن رجلٌ. فإن كان رجلٌ وامرأتان جازَ ذَلِكَ، وإنْ كان أربع فإنها لا تجوز. "مسائل الكوسج" (955). قال عبد اللَّه: سمعت أبي ذكر شهادة النساء في العقل. قال أبي: العقل: ما تحمله العاقلة. "مسائل عبد اللَّه" (1576). قال ابن صدقة: قلت: الرجل يوصي ويعتق، ولا يحضره إلا النساء، تجوز شهادتهن؟ قال: نعم في الحقوق. "الفروع" 6/ 589 - 590. ثانيًا: الصيغة: 2978 - هل يجب عليه أن يؤدي الشهادة بلفظ أشهد، أم لا يجب عليه ذلك، وتصح الشهادة بأي لفظ آخر؟ نقل عنه الميموني أنه قال: وهل معنى القول والشهادة إلَّا واحد. ونقل أبو طالب عنه أنه قال: العلم شهادة. "المبدع" 10/ 281

2979 - تبعيض الشهادة

2979 - تبعيض الشهادة قال ابن هانئ: سألته عن رجل له على رجل ألف درهم، أو أكثر أو أقل، وله عليه شهود ثقات بحقه، فأعطاه نصف حقه كله، أو يدعي ما بقي عليه؟ قال أبو عبد اللَّه: يقدم الشهود فيشهدون على حقه كله، ثم يقول للقاضي: إنه قد قضاني نصف حقي، ويكون الشهود على شهادتهم بألف درهم. "مسائل ابن هانئ" (1321). وقال في رواية الحسن بن محمد في رجل أشهد على ألف، ولا يحكم في البلاد إلا على مائة: لا تشهد إلا بألف. "الأحكام السلطانية" (68). قال أبو حامد الخفاف: سُئل أحمد عن رجل أشهد على ألف درهم، وكان الحاكم لا يحكُمُ إلا في مائة ومائتين، يُشهد له؟ قال: لا إلا ما أُشْهِدْتَ عليه. "الطبقات" 1/ 205 ثالثًا: المشهود له 2980 - الشهادة لأهل المعاصي نقل بكر بن محمد النسائي عن أبيه قال: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل استشهدني على شهادةٍ وهو يبيع بالرَّبا، ثم جاءني فقال: تعال اشهد عند السلطان؟

2981 - الشهادة على الجور

قال: لا تشهد له، إذا كان معاملته بالرَّبا. "الطبقات" 1/ 318 الشهادة لأهل الشرك قال حرب: سألت إسحاق عن مشرك أراد أن يزوج ابنته فجلس رجل مسلم، فخطب لهم وزوج. قال: لا ينبغي أن يعانوا في شهادة ولا في شيء. "مسائل حرب" ص 81 رابعًا: المشهود عليه 2981 - الشهادة على الجور قال عبد اللَّه حدَّثنا أبي، حدَّثنا عبد الملك بن عمير، حدَّثنا عبد اللَّه -يعني: ابن جعفر- عن أمِّ بكر، أنَّ مروانَ دعا المِسْوَر بن مَخْرَمَةَ، ليشهده حين تصدَّق بداره على عبد الملك، قال: فقال المسور: وترث فيها العَبْسِيَّة؟ قال: لا. قال: فلا أشهد. قال: ولم؟ قال: إنما أخذتَ من إحدى يديك فجعلته في الأخرى. فقال: وما أنت وذاك. أَحَكَمُ أنت! إنما أنت شاهد؟ ! فقال: وكلما فجرتم فجرة، شهدتُ عليها! قال عبد اللَّه (¬1): والعبسية: كانت امرأة مروان. "الزهد" (253) ¬

_ (¬1) ذكرها المروذي في "الورع" (249).

نقل أبو طالب: إن لم يشهدوا ليس عليهم شيء، قيل: فإن شهدوا عليهم شيء؟ قال: اعفني. وقال حنبل: له ألَّا يشهد إذا جاء مثل هذا وعرف، قال: وفي حديث بَشَيْر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-[ما] (¬1) شهد، وهو القاضي والحُكم إليه (¬2). "الفروع" 6/ 559. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين زيادة ليست في المطبوع، وهي زيادة يقتضيها السياق. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 268، والبخاري (2586)، ومسلم (1623).

باب الشهادة على الشهادة

باب الشهادة على الشهادة 2982 - حكم الشهادة على الشهادة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال ابن أبي ليلى: السمع سمعان: إذا قال: سمعتُ فلانًا. أجزته، وإذا قال: سمعت فلانًا يقول: سمعت فلانًا. لم أجزه. قال أحمد: كان هذا شهادة على شهادة لم يشهد عليه، ما أحسنه! قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2922). قال جعفر بن محمد: سمعت أحمد يسأل عن الشهادة على الشهادة؟ فقال: هي جائزة، وكان قوم يسمونها: التأويل. "المبدع" 10/ 264، "معونة أولي النهى" 12/ 91. 2983 - شهادة الرجل على الرجل والإنكار على من قال أنها لا تجوز قال إسحاق بن منصور: قلت: سُئل سفيان عن شهادةِ رجلٍ مكان رجلٍ في الطلاقِ؟ قال: ما أراه إلا جائزًا. قال أحمد: جيد، ما أحسن ما قال! قال إسحاق: كما قال، وكذلك في كلِّ الحقوق، وتجوز شهادةُ رجلٍ على شهادة آخر، كان شريح يجيزه (¬1) ويسميهم: المباديل يعني ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق 8/ 338 (15447، 15448) وابن أبي شيبة 4/ 554 (23068)، =

2984 - شهادة الرجل على شهادة امرأة

الضرروة. "مسائل الكوسج" (1221) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: شهادةُ الرجلِ على الرَّجلِ؟ قال: تجوزُ شهادةُ الرجل على الرجل، وأمَّا شهادةُ الرجلينِ على الرجلِ فلا أعرفه. كأنه يتعجب ممن يقولُ هذا ألا تجوز إلا شهادة رجلينِ على شهادة رجل. قال إسحاق: كما قال، لم يزل أهل العلمِ من التابعين ومَن بعدهم على ذَلِكَ حتَّى جاءَ هؤلاء. "مسائل الكوسج" (2897) قال أحمد بن خالد الخلال: بعض القضاة أنفذ إلى أحمد يسأله عن نسب رجل قد شهد عنده به شاهد واحد، وكان أحمد عارفًا بذلك الرجل، فقال أحمد للشاهدين: هذا فلان بن فلان الفلاني، أعرفه باسمه وعينه ونسبه، فشهدا عند الحاكم بما قال أحمد، فقال له الحاكم: ثبت نسبك، فقدَّم خَصْمكَ. "الطبقات" 1/ 91 2984 - شهادة الرجل على شهادة امرأة نقل حرب عنه: لا تجوز شهادة رجل على شهادة امرأة. "الإنصاف" 30/ 261 ¬

_ = ووكيع في "أخبار القضاة" 2/ 365.

2985 - شهادة امرأتين على شهادة امرأتين

2985 - شهادة امرأتين على شهادة امرأتين قال حرب: قيل لأحمد: فشهادة امرأتين على شهادة امرأتين تجوز؟ قال نعم. يعني: إذا كان معها رجل. "المغني" 14/ 205، "الفروع" 6/ 593.

باب اختلاف الشهود في الشهادة

باب اختلاف الشهود في الشهادة 2986 - موقف القاضي عند اختلاف الشهود، وما يقبل من شهادتهم وما يرد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: قال سفيانُ في صبيٍّ يتيم قطعت يده، فشهد رجلانِ على رجلٍ أنَّ هذا قطعَ يده، وشهدَ رجلانِ غيرهما على رجلٍ آخر أن هذا قطع يده يحبسان حتَّى يدركَ، فإذا أدركَ فعلى مَنِ ادَّعى مِنْ أحدِهما فهو عليه، وإنْ قال: لا أدري مَنْ قَطَعَ يدي، فليس بشيءٍ. قال: لا يحبسانِ، قد وجب له الدية منهما جميعًا يأخذُ منهما وليه، أرأيتَ إنْ ماتَ قبلَ أن يدركَ، أو ماتا؟ ! قُلْتُ: في العمد والخطأ؟ قال: العمدُ والخطأ واحدٌ، هو في العمدِ بالخيارِ إن شاء أخذَ الدية، وإن شاء القود. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2621). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: رجلٌ شهدَ بخمسمائة والآخر بألف؟ قال: يقال لصاحبِ الحقِّ: احلف على أن لك على هذا ألفًا مع شاهدك. قال إسحاق: إذا لم يحلفْ صاحبُ الحقِّ على الألفِ جازتْ على خمسمائة؛ لما أتفقا على ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (2910).

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن صبي يتيمٍ شهدَ له رجلانِ أنَّ هذا أخذَ منة ألفَ درهمٍ، وجاء آخرانِ فشهدا أنَّ فلانًا الذي أخذَ منه ألف درهم؟ قال: يؤخذُ منهما جميعًا كفلًا حتَّى يدركَ اليتيمُ، فإذا أدركَ اليتمُ فعلى منِ أدَّعى فَهُوَ عليه. قال أحمد: وما يدري اليتيم من أخذه؟ قُلْتُ: يؤخذ له الآن منهما. قال: لِمَ لا يؤخذ إن كانوا يشهدون على ألفٍ بعينها، يقوم وليه أو وصيه يأخذُ مِنْ أيهما شاء، وإذا شهد كل واحدٍ على ألف متفرقة يأخذُ من هذا ألفًا ومن هذا ألفًا. قال إسحاق: كما قال، إذا كان الولي جعلَ إليه أن يقومَ بأمره. "مسائل الكوسج" (2934). قال صالح: الشاهدان يخقلفان، فيشهد أحدهما على عشرة، والآخر على عشرين؟ قال: تجوز شهادة الذي شهد على عشرين مع يمين الطالب. "مسائل صالح" (735). قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حَدَّثَنَا هشيم، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم أن غلمانا ستة تغاطوا في الفوات، فغرق واحد منهم، فشهد ثلاثة على اثنين أنهما قتلاه. وشهد الاثنان على الثلاثة أنهم غرقوه. قال: فقضى عليُّ في ذلك أن ضمن الثلاثة خمسي الدية، وضمن الاثنين ثلاثة أخماس الدية. "مسائل عبد اللَّه" (1578).

2987 - اختلاف الشهود مع المشهود له

وقال مهنا: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل ادّعى دارًا في يد رجل، وأقام شاهدين، شهد أحدهما أن هذِه الدار لفلان، وقال الآخر: أشهد أن هذِه الدار دار فلان. قال: شهادتهما جائزة. "المغني" 14/ 243. نقل حنبل: إذا شهدا على أقل وأكثر أخذ في المهر بالأكثر؛ لأنه خرج وهو أجود له، وفي الدين والطلاق بالأقل. ونقل مهنا: إن شهد له أن سيده باعه نفسه بألف في ذمته، وآخر للسيد بألفين عتق ولا يُرد إلى الرق، ويحلف لسيده. وإن شهدا له عليه بمائة ثم قال أحدهما: قضاه منها خمسين، نقل الأثرم: تفسد في الخمسين. "الفروع" 6/ 546. 2987 - اختلاف الشهود مع المشهود له قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل كان عليه مهر لامرأته عشرة آلاف، فلما كان في مرضها، قالت: ما لي عليه إلا ستة آلاف، فكيف يشهد الشهود؟ فقال أبو عبد اللَّه: هم على شهادتهم على عشرة آلاف. وأما الشعبي فإنه كان يقول: القضاء ما قضت المرأة، وإليه أذهب (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1420). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 66 (12213).

باب ما جاء في الرجوع عن الشهادة

باب ما جاء في الرجوع عن الشهادة 2988 - الرجوع عن الشهادة والآثار المترتبة على ذلك قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عَنِ امْرأةٍ شَهدوا عليها بالزنا فَرُجمَتْ، فرجعوا وقالوا: تعمدنا. قال: يغرمون ويُضربون. قيل: أليس يعزرون ويغرمون الدية؟ ! قال: بلى. قال أحمدُ: يُقتلونَ بها. قال إسحاقُ: كما قال أحمد، إذا أقروا بالتعمدِ؛ لأنَّهم القتلةُ. "مسائل الكوسج" (2666) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا شهدَ بشهادةٍ ثم رجعَ فيها؟ قال: إذا رجعَ وقد أتلفَ مالًا فهو ضامنٌ بحصتهِ. قال: بقدر ما كانوا في الشهادةِ: إن كانوا اثنينِ فعليه النصفُ، وإن كانوا ثلاثةً فعليه الثلثُ، وإذا شهدوا بالزنَا فرُجم فعليه ربع الديةِ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2907). قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ سئلَ عن أربعةٍ شهدُوا على زنا، ثمَّ رجع أحدُهم؟ قالَ: عليه ربعُ الديةِ، وقال الحسنُ: يقتلُ. يعني: إذا شهدُوا فرجم المشهودُ عليها بشهادتهم. "مسائل أبي داود" (1461)

نقل أبو الحارث ويعقوب بن بختان عنه: فيمن شهدوا على امرأة بالزنا فرجع أحدهم قبل أن يقام الحد: يحد الثلاثة. ونقل حنبل عنه: حدوا كلهم. "الروايتين والوجهين" 2/ 320، 321 قال ابن مشيش: سئل أحمد عن الشاهد واليمين، تقول به؟ قال: إي لعمري. قيل له: فإن رجع الشاهد؟ قال: تكون المتالف على الشاهد وحده. قيل له: كيف لا تكون على الطالب؛ لأنه قد استحق بيمينه، ويكون بمنزلة الشاهدين؟ قال: لا، إنما هو السنة. يعني: اليمين. وقال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عن رجل قضي عليه بشهادة شاهدين، فرجع أحد الشاهدين؟ قال: يلزمه، ويرد الحكم. قيل له: فإن قضى بالشاهد ويمين المدعي، ثم رجع الشاهد؟ . قال: إن أتلف الشيء كان على الشاهد؛ لأنه إنما ثبت ههنا بشهادته، ليست اليمين من الشهادة في شيء. وقال أبو الحارث: قلت لأحمد: فإن رجع الشاهد عن شهادته بعد؟ قال: يضمن المال كله، به كان الحكم. وقال ابن مشيش: سألت أبا عبد اللَّه فقلت: إذا استحق الرجل المال بشهادة شاهد مع يمينه، ثم رجع الشاهد؟ فقال: إذا كانا شاهدين، ثم رجع شاهد غرم نصف المال؛ فإن كانت شهادة شاهد يمين الطالب، ثم رجع الشاهد غرم المال كله. قلت: المال كله؟ قال: نعم.

2989 - شاهد الزور ما يصنع به؟

وقال يعقوب بن بختان: سألت أحمد عن الوجل إذا استحق المال بشهادة شاهد مع يمينه، ثم رجع الشاهد. فقال: يرد المال؟ قلت: أيش معنى اليمين؟ فقال: قضاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). وقال أحمد بن القاسم: قلت لأبي عبد اللَّه: فإن رجع الشاهد عن الشهادة كم يغرم؟ قال: المال كله؛ لأنه شاهد واحد قضي بشهادته. ثم قال: كيف قول مالك فيها؟ قلت: لا أحفظه. قلت له -بعد هذا المجلس-: إن مالكا يقول: إن رجع الشاهد فعليه نصف الحق؛ لأني إنما حكمت بمقتضى شهادته، ويمين الطالب، فلم أره رجع عن قوله. "الطرق الحكمية" ص 187 - 189. 2989 - شاهد الزور ما يُصنع به؟ قال إسحاق بن منصور: شاهد الزور ما يُصنع به؟ قال: يُقَام للناس، ويعرف، ويُؤدَّب. قال إسحاق: كما قال: إن كان من التجار بعثه إلى سوقه، وإن كان من العرب فإلى حيه كما قال شريح، وهذا إذا تَحَقَّق تَعَمُّدَه لذلك. "مسائل الكوسج" (2896). ¬

_ (¬1) روى الإمام أحمد 1/ 248، ومسلم (1712) عن ابن عباس أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى بيمين وشاهد.

قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في شاهد الزور: يطاف به في حيه، ويُشهر أمره، ويؤدب أيضًا، ما به بأس. "مسائل ابن هانئ" (1333) نقل حنبل عنه في شاهد الزور: ذلك إلى السلطان إن شاء عاقبه. "الأحكام السلطانية" (282) قال عبد اللَّه بن إبراهيم: قال أحمد في شاهد الزور: يطاف به في حيِّه، ويشهر أمره ويؤدب. "الأحكام السلطانية" (283) قال مهنا: قال أحمد في شاهد الزور: يبعث به في محلته يقولون: هذا فلان يشهد الزوو، أعرفوه. قيل له: ثم يضرب؟ قال: نعم، قيل له: نصف الحد؟ قال: لا أقل. قيل له: يسود وجهه؟ قال: قد روى عن عمر -رضي اللَّه عنه- أن سود وجه شاهد الزور. قيل له: فترى أنت أن يسود وجهه؟ قال: لا أدري، وكأنه كره تسويد الوجه. "الأحكام السلطانية" (283)، "الفروع" 6/ 602، "المبدع" 10/ 280 نقل الأثرم: عن أحمد: ينفي من عمله إلى عمل غيره، وقال إسحاق: يجوز أن ينفي من مصر إلى مصر. "المغني" 12/ 324

2990 - حكم القاضي بعلمه

ثالثًا: الإثبات بعلم القاضي: 2990 - حكم القاضي بعلمه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا أَقرَّ القاضي بأنَّه قضى كذا وكذا تجوزُ شهادتُه، أو شهادته شهادةُ رجلٍ؟ قال: يقبلُ قوله في ذلك، ليست هذِه شهادة؛ إنما هذا خَبرُ علمٍ كانَ عند فَأَدَّاهُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2698، 3198). رابعًا: الإثبات بالقرائن 2991 - حالات القضاء بالقرائن وما يجوز فيها وما لا يجوز قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلان يدعيان السِّلعة وقَدْ أَقَامَا البينةَ؟ قال: إِذَا كَانَ في يد غيرهما أُقْرعَ بينهما، وإِذَا كَانتِ السِّلعة بيدِ أحَدِهمَا فالبينةُ بينةُ الذي ليسَ في يديه شيءٌ، وإِذَا كَانَتْ في أيديهما جميعًا فادَّعَيَاهَا وأَقَامَا البينةَ جميعًا فهو بينهما نِصفان. قال إسحاق: كذلكَ هوَ. "مسائل الكوسج" (1882). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: متاع البيت لمن يكون؟ قال أحمد: كلُّ شيءٍ للرجال مما لا يختلف فِيهِ القوسُ والسلاحُ ومتاعُ الرجلِ متاع اليد، وأمَّا الحلي فَللمرأةِ، ومَا اخْتَلفَا فِيهِ فهوَ بَينهمَا.

قال إسحاق: كما قال، ومَا اخْتَلَفَا فِيهِ فهوَ لمنْ أقامَ البينةَ. "مسائل الكوسج" (1883). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الشهداء إذا استووا يقرعُ بينهم؟ قال: إذا استووا وليستِ السلعةُ في يدِ أحدهم أقرعَ بينهم، فإذا كانت في يدِ أحدهما فادعياها جميعًا، فالبينةُ بينة الذي ليس في يدِه السلعة. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2891). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا استوتِ الشهود والسلعة في يدِ أحدهما؟ قال: الذي في يده السلعة فبينته ليس بشيء، قال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "البينة على المدَّعي، واليمين على المدَّعى عليه" (¬1) إنما على هذا اليمين. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2908). قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا المغيرة بن أبي الحر قال: أخبرني الحكم بن عتيبة قال: جاء رجل يخاصم إلى شريح في سنور. فقال: هات بينتك. فقال: واللَّه لقد علمت ما أجد بينة لسنور ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (1341)، والدارقطني 4/ 157 من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص. وقال الترمذي: هذا حديث في إسناده مقال. ومحمد بن عبيد اللَّه العزرمي يُضَعَّف في الحديث من قِبَل حفظه، ضعفه ابن المبارك وغيره. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (1078). وله شاهد من حديث ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لو يُعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه" رواه الإمام أحمد 1/ 351، والبخاري (2514)، ومسلم (1711).

ولدت عندنا. فاذهبا بها إلى أمها، فأرسلاها، فإن هي أستقرت واستمرت ودرت فهي سنورك، وإن هي أقشعرت وفرت وقدت فليس بسنورك. "مسائل صالح" (122). قال صالح: الرجلان يدعيان الشيء، وهو في أيديهما جميعًا؟ قال: إذا كان الشيء في أيديهما، فادعياه جميعًا فهو بينهما نصفين. فإن ادعى أحدهما الكل، وادعى الآخر النصف فهو بينهما نصفين، لكينونة الشيء في أيديهما، ومن الناس من يقول: للذي ادعى الكل ثلاثة أرباع، وللذي ادعى النصف الربع. وإذا لم تكن السلعة في أيديهما، فادعياها، وأقاما البينة جميعًا أقرع بينهما على اليمين، فأيهما أصابته القرعة حلف وكانت السلعة له. "مسائل صالح" (680). قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل إذا اختلف الزوج والمرأة في متاع البيت؟ فقال: ما كان من ثياب النساء فهو للمرأة، وما كان من ثياب الرجل فهو للرجل، وما بقي تحالفا عليه. قال أبو داود: أشك في (تحالفا) كيف قاله أحمد؟ وإلا فهو بينهما نصفان. قيل له: فإن كان زوجها مملوكًا؟ قال: الحر والمملوك فيه سواء. "مسائل أبي داود" (1196). قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجلٍ في يديه دار فأقام رجل البينة أنها داره، وأقام الذي في يديه الدار أنها داره ورثها؟ قال أحمد: البينة لينة المدعي ليس لصاحب الدار بينة. قال: وفي الثوب مثل ذلك، وفي كل شيء.

سمعته أفتى بهذا غيره ولم يذكر مرة ورثها. وقال فيه أحمد مرة: وقد قالوا في النتاج، وهو حديث ضعيف. قيل: ليس تذهب إليه؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (1361). قال أبو داود: سمعت أحمد قال في دار في يدي اثنين أقام كل واحد -يعني: البينة أنها له-: إنها بينهما نصفان. قيل لأحمد: وكذلك إن لم يقم أحد البينة؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1362). قال إسماعيل بن سعيد: قلت: حديث دهثم بن قُرَّان في معاقد القمط (¬1). فلم يعتقد ذلك. "تهذيب الأجوبة" 2/ 683 قال يعقوب بن بختان: قال أحمد في الرجل يطلق زوجته أو يموت، فتدعي المرأة المتاع، فما كان يصلح للرجال فهو للرجل، وما كان من متاع النساء فهو للنساء، وما استقام أن يكون بين الرجال والنساء فهو بينهما. "المغني" 14/ 334. ¬

_ (¬1) رواه ابن ماجه (2343) من طريق دهثم بن قران عن نمران بن جارية عن أبيه أن قومًا اختصموا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في خص كان بينهم، فبعث حذيفة يقضي بينهم، فقضى للذين يليهم القمط، فلما رجع إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبره فقال: "أصبت وأحسنت". قال البوصيري في "الزوائد" (779): هذا إسناد فيه مقال، نمران بن جارية بن ظفر، ذكره بن حبان في "الثقات"، وقال ابن القطان: حاله مجهول. قلت: ودهثم بن قران تركوه وشذ ابن حبان بذكره في "الثقات". وقال الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (513): ضعيف جدًّا.

2992 - النية في اليمين

نقل مهنا عنه: إن تنازع زوجان أو ورثتهما أو أحدهما وورثة الآخر في قماش البيت، فما صلح للرجل فهو له وعكسه بعكسه، وإلا فبينهما. ونقل الأثرم عنه: المصحف لهما، فإن كانت لا تقرأ ولا تعرف بذلك فله. "الفروع" 6/ 518 - 519، "المبدع" 10/ 153 خامسًا: الإثبات باليمين: 2992 - النية في اليمين قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل ادعى على رجلٍ مالًا، والمدعى عليه ليس عنده شيء. هل يسع المدعي أن يقدمه إلى الحاكم ويحلفه؟ فإن استحلفه عند الحاكم فحلف، ونوى الحالف بقلبه أن ماله عليه في وقت العدم، هل يحرج الحالف في يمينه؟ قال أبو عبد اللَّه: إن كان يعلم أن عنده مالًا لا يؤدي إليه حقه، فإن أحلفه فأرجو ألا يأثم، وينبغي للمدعى عليه أن يتقي اللَّه ويُقر بحق المدعي، إذا كان عليه ذلك الحق، ولا يحلف إلا على صدق. "مسائل ابن هانئ" (1320). 2993 - الحلف على العلم أو البته قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا طلبَ دَينًا على أبيه يحلفُ على علمه أو البتة؟ قال: يحلفُ على علمِه.

2994 - استحلاف أهل الكتاب

قال إسحاق: كَما قال. "مسائل الكوسج" (3185). 2994 - استحلاف أهل الكتاب قال الخلال: أخبرني الميموني أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الرجل من أهل الكتاب ترد عليه اليمين أستحلفه؟ قال: نعم، إلا أن الناس يختلفون في اليمين، فمنهم من يقول: يستحلف بالكنيسة ويغلظ عليهم بأيمانهم، ومنهم من يقول: يستحلف باللَّه. قلت: فإن استحلفه باللَّه أو بالكنيسة أليس تراه جائزًا؟ قال: بلى، وإذا رفع يستحلف بالكنيسة ويغلظ باللَّه. قال له رجل: فإن أرسل به إليهم فيستحلفونه؟ قال: فإذا صار إليه لم يرسل به إليهم، وتأول: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42]. فإذا صار إليه لم يرسل به إلى اليهود وإذا استحلفوه قبل أن يصير إليه بأيمانهم أجزأه. أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه: يُحلَّفُ اليهودي والنصراني باللَّه؟ قال: نعم. قلت: فإن كان لا يبالي يُحلَّف، بدينه، وبالتوراة، وبالعشريات، ويدخل معه الكنيسة يحلفه؟ قال: نعم إذا كان هذا أشد عليه يحلف بأشد ما يقدر عليه. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 335 (722 - 723)

2995 - هل يشترط للحلف باليمين فقدان البينة؟

2995 - هل يشترط للحلف باليمين فقدان البينة؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يحلفُ الرجلُ مع بينته أم لا؟ قال أحمد: لا أعرفْهُ. قال إسحاق: إذا استرابَ الحاكمُ أو أحبَّ المدعي ذَلِكَ؛ لما علم من الخروج له من حقه، وسها الشهود عنِ الشهادةِ، كذلك كان شريح والشعبي يُحلِّفَان الشهود (¬1). "مسائل الكوسج" (2905). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: مَن رأى أن يرد اليمين، أو يحلف الرجلُ مع بينته؟ قال: لا يرد اليمين، ولا يحلف الرجل مع بينته. قال إسحاق: بل يحلف مع بينته، ويرد إليمين أيضًا. "مسائل الكوسج" (2911). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: يحلفُ الرجلُ مع بينته أم لا؟ قال: لا أعرفه. قال إسحاق: بلى، كلَّما ادَّعى الخصمُ ذَلِكَ حلفَ؛ لأنها مثل ردِّ اليمينِ. "مسائل الكوسج" (3226). قال حنبل: بُلِيَ أبو عبد اللَّه بنحو هذا، جاء إليه ابن عمه، فقال: لي قبلك حق من ميراث أبي، وأطالبك بالقاضي، وأحلفك. فقيل لأبى عبد اللَّه: ما ترى؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 6/ 136، وابن أبي شيبة 4/ 552 (23051 - 23054)، والبيهقي 10/ 261.

2996 - الرجل يأتي بالبينة بعد استحلاف المدعى عليه

قال: أحلف له، إذا لم يكن له قبلي حق، وأنا غير شاك في ذلك، حلفت له، وكيف لا أحلف، وعمر قد حلف (¬1)، وأنا من أنا؟ ! وعزم أبو عبد اللَّه على اليمين، فكفاه اللَّه ذلك، ورجع الغلام عن تلك المطالبة. "المغني" 14/ 230 2996 - الرجل يأتي بالبينة بعد استحلاف المدعى عليه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يدعي على الرجلِ الشيء فيحلِّفه، ثم يأتي بالبينة؟ قال: إذا جَاء بالبينةِ فالحق حقه إن حلف ذاك كاذبًا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2912) 2997 - هل يشترط أن يكون اليمين عند الحاكم أم لا؟ قال مهنا: إن رجلًا أتهم رجلًا بشيء، فحلف له ثم قال: لا أرضى إلا أن تحلف لي عند السلطان، أله ذلك؟ قال: لا، قد ظلمه وتعنته ولا يصله باستثناء. "الفروع" 6/ 476، "المبدع" 10/ 65 ¬

_ (¬1) روى عبد الرزاق 8/ 471 (15944)، والدارقطني 4/ 242 عن محمد بن سيرين قال: اختصم عمر بن الخطاب ومعاذ بن عفراء، فحكما أبي بن كعب فأتياه، فقال عمر بن الخطاب: إلى بيته يؤتى الحكم، فقضى على عمر باليمين فحلف ثم قال: أبرأ أني قد استحققتها بيميني، اذهب الآن فهي لك.

2998 - الحقوق التي يجوز فيها اليمين، والحقوق التي لا يجوز فيها

2998 - الحقوق التي يجوز فيها اليمين، والحقوق التي لا يجوز فيها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيان عن رجلٍ ادَّعى قبل رجل أَنَّه قذفه، وليست له بينة، أيحلف؟ قال: لا. قال أحمد: بلى واللَّه، لم لا يحلف (¬1)، أليس ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما- قال: في الجلد استحلفوهما، حديث ابن أبي مليكة أن امرأتين كانتا تخرزان في بيت. فإن نكل أقيم عليه الحد إلا القتل. قال إسحاقُ: كما قال، وقد أجاد. "مسائل الكوسج" (2655). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاق: يُستحلف الرجلُ إن أدُّعِي عليه دم عمدًا عند أو إنِ لم يحلف ما يلزمه؟ قال إسحاق: كلَّما كان من دعوى لمدعيه، ولم يكن في موضع قسامة، فإن المدعي إذا أنكر المدعى عليه احتاج إلى إقامة البيِّنة، فإن لم تكن له بينة، يحلف المدعى عليه، فإن نَكلَ عن اليمينِ لزِمه دَعوى صاحبِهِ، في الدم، وقد فسر ذلك ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- في المرأتين اللتين تخرزان. "مسائل الكوسج" (2717). ¬

_ (¬1) نقل صاحب كتاب "المبدع" 10/ 285 عن أبي بكر قال: هذا قول قديم والمذهب خلافه وعنه لا يقضي بالقود فيما دون النفس.

2999 - النكول عن اليمين

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاق: في السرقة يستحلف؟ أو على أي وجه يستحلف؟ قال: كلما ادعى على السارق المدعي فأنكر ولم تكن له بينة فإنه يُغرمُ قدرَ السرقةِ إذا أبى أن يَنفِيَ عن نفسه؛ لأن عليه أن يَحلف: إنِّي لم أَسرِق. "مسائل الكوسج" (2717) قال صالح: افترى عليَّ رجل، ولم يكن لي بينة، استحلفه؟ قال: لا. قلت: وكذلك الحدود كلها؟ قال: اختلف الناس في ذلك. "مسائل صالح" (109)، ونقلها عبد اللَّه عن أبيه في "مسائله" (1532). قال في رواية أحمد بن القاسم: لا أرى اليمين في النكاح، ولا في الطلاق، ولا في الحدود؛ لأنَّه إن نكل لم أقتله، ولم أَحُدَّه، ولم أدفع المرأة إليه. "الطرق الحكمية" ص 151. 2999 - النكول عن اليمين قال صالح: إذا نكل عن اليمين، وجب عليه الحكم؟ قال: قدم ابن عمر إلى عثمان في عبد، فقال له عثمان: احلف أنك ما بعته يوم بعته وبه عيب علمته. فأبى ابن عمر أن يحلف، فرد عليه عثمان العبد (¬1). "مسائل صالح" (1320). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق في "المصنف" 8/ 162 - 163.

3000 - افتداء اليمين

3000 - افتداء اليمين قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: افتداءُ اليمينِ؟ قال: أَرجو ألا يكونَ به بأسٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1735). 3001 - رد اليمين قال الميموني: قلت له رَدُّ اليمين؟ قال: أكرهه، هذا حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "تهذيب الأجوبة" 2/ 767 - 768، "المسودة" 2/ 767، "الفروع" 6/ 477 نقل أبو طالب عنه: ليس له أن يردها. ثم قال بعد ذلك: وما هو ببعيد، يقال له: احلف وخذ. "الفروع" 6/ 477، "المبدع" 2/ 65 ¬

_ (¬1) روى الإمام أحمد 1/ 343، والبخاري (2514)، ومسلم (1711) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعي". وهذا لفظ مسلم.

باب الدعاوى

باب الدعاوى 3002 - من ادعى شيئًا وأقام البينة، حكم له قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ سفيانُ عنْ رجل كانتْ عنده دابةٌ مسروقةٌ، فَقال: هي وديعةٌ عندي قال: بينته أنَّهَا وديعةٌ، وإلا قُضِيَ عليه. قال أحمد: إِذَا أُقِيمَتْ عليه البينةُ أنَّها دابةُ فلان فمَا قولُه أنها وديعة؟ ! قُلْتُ: إنْ أقامَ البينةَ أنها وديعةٌ، وأقَامَ الآخرُ البينةَ أنها لَهُ؟ قال: تدفع إلى الذي أقَامَ البينةَ أنها لَهُ، حتَّى يجيءَ صَاحِبُ الوديعةِ فيثبت. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2204) قال صالح: الرجلان يدعيان الشيء، فيقيم أحدهما شاهدين والآخر أربعة؟ قال: فيها اختلاف. "مسائل صالح" (682). نقل الأثرم: ظاهر الأحاديث اليمين على من أنكر، فإذا جاء بالبينة فلا يمين عليه. "الفروع" 6/ 534

3003 - من أنكر شيئا ثم ادعى البينة عليه

3003 - من أنكر شيئًا ثم ادعى البينة عليه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال سفيان: إنَّ شريحًا كان لا يقبلُ البينةَ بعد الجحود. قال سفيان: والجحودُ أنْ تقولَ: ما جرى بيني وبينك شيءٌ، ثم تدعي البينة بعد إنكاره، وكان ابن أبي ليلى لا يقبلُها إذا جاء ببينة يقول: هذا كَذَّب شهوده. قال أحمد: هذا مكذِّب لشهودِه، لا يجوزُ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2935). 3004 - وجوب ذكر شروط النكاح في دعوى النكاح والطلاق قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل شهد تزويج امرأة، فلما كان بعد جاءته المرأة فقالت: إن زوجي قد طلقني وانقضت عدتي، يقبل الشاهد قولها ويتزوج بها؟ فقال أبي: إن كان الذي شهد تزويجها تزوجها بولي وشهود، ثم جاءته فقالت: إن زوجي قد طلقني، فليسأل عن طلاقه إياها، فإن ثبت عنده أنه طلقها ويكون في مثل ما ادعت من انقضاء عدتها، وكانت عنده مصدقة فيما ادعت من انقضاء عدتها صدقها، فإن كان هو وليها لا ولي لها أقرب منه، فإن تزوجها فليجعل أمرها إلى رجل فليزوجه إياها بشهود، ويوفيها مهر مثلها. "مسائل عبد اللَّه" (1182).

3005 - هل يثبت العتق والرق بمجرد الدعوى؟

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن امرأة ادعت أن رجلًا ميتًا زوجها، ولم يكن لها بينة، وذاك أنه كان جرى بينها وبين زوجها فرقة، لم تعرف كيف كانت الفرقة، أيجوز أن تقيم البينة بأصل النكاح، وتعطى الميراث؟ فقال أبي: إذا قامت البينة بأصل النكاح على الميت أنه تزوجها بولي وشهود، في صحة من بدنه، وجواز من أمره، فهي على حقها حتى يخرج الزوج أو ورثته من ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (1282). قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يدعي أن هذِه المرأة الميتة امرأتي، وهذا ابني منها، يجوز أن يقيم البينة بأصل النكاح، فالابن يصح بأنه ابنها على ما يقيم البينة بأصل النكاح. فقال أبي: هذِه المرأة إدن أقام الرجل على ذلك بينة بأنه زوجها ولي بشهود فهما على أصل نكاحهما، والفراش ثابت يلحق به الولد لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "الولد للفراش" (¬1) إذا كان الولد مثله يولد لهذا الذي يقيم البينة. "مسائل عبد اللَّه" (1283). 3005 - هل يثبت العتق والرق بمجرد الدعوى؟ قال عبد اللَّه: سمعت أبي سُئِلَ عن جارية جاءت إلى رجل فقالت: إن مولاي قد أعتقني، فقبل قولها وتزوجها؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 239، والبخاري (6818)، ومسلم (1458) من حديث أبي هريرة.

فقال: لا يقبل قولها، حتى يثبت عنده أن مولاها قد أعتقها، أو يسأل مولاها، أو تقوم عنده بينة. "مسائل عبد اللَّه" (1219). نقل عنه أبو الحارث: إن أقرت أنها أمة لا يستحقها بإقرارها؛ لأن إقرارها يزيل النكاح عنها، ويثبت حقًّا على غيرها، فلم يُقبل، كإقرارها بمال على غيرها. ونقل حنبل عنه: لا شيء حتى تثبت له، أو تقر هي أنها أمته. "المغني" 9/ 448، "الشرح الكبير" 20/ 443

باب تعارض البينات وموقف القاضي منها

باب تعارض البينات وموقف القاضي منها فصل: القضاء بالقسمة 3006 - الحالات التي يجوز فيه القضاء بالقسمة، والتي لا يجوز قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا عبدة قال: حدثنا حسن بن صالح، عن ابن شبرمة وابن أبي ليلى وربيعة الرأي في رجلين كان بينهما كيس فيه ألف درهم، فقال أحدهما: لي كله، وقال الآخر: لي نصفه. قال ابن شبرمة: قد أقر أحدهما للآخر بنصفه، فليس له في نصفه شيء، والنصف الباقي بينهما نصفين. وقال ابن أبي ليلى: يقسم الألف على ثنتين ويحلف، فيكون لصاحب الجميع ثلثا ألف، ويكون لصاحب النصف ثلث الألف. وقال ربيعة الرأي: هو بينهما نصفان. وقال أبي: إذا كان في أيديهما لم يصدق هذا على ذا، ولا هذا على ذا، وهو بينهما نصفان، فإذا لم يكن في أيديهما فقال هذا: لي الكل. وقال هذا: لي النصف، قد أقر صاحب النصف أنه لا حق له فيه، فهو مدعي الكل، ويبقى النصف قد أدعياه جميعًا، فيستهمان عليه، فأيهما أصابته القرعة حلف، وكان النصف الباقي له. وهذا على حديث أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن رجلين تدارآ في دابة، ليس لواحد منهما بينة، فأمرهما نبي

3007 - ظهور العيب في بعض الأنصباء في القسمة

اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يستهما على اليمين أحبا أو كرها (¬1). وكذا لو أقاما البينة جميعًا سقطت البينتان جميعًا؛ لأن كل واحدة منهما قد أكذبت صاحبتها، ويستهمان على اليمين. "مسائل صالح" (116). قال الفضل بن زياد: وقال أحمد: إذا ادعى أحدهما الدار أجمع، وقال الآخر: لي نصفها، فهي بينهما نصفان، وقد يقول بعض الناس: هي بينهما ثلاثة أرباع لمدعي الجميع، وللآخر الربع. "البدائع" 4/ 63. 3007 - ظهور العيب في بعض الأنصباء في القسمة ونقل أبو طالب في مجرى الماء: لا يغير مجرى الماء، ولا يضر بهذا إلا أن يتكلف له النفقة حتى يصلح مسيله، ومن وقعت ظلّه في حقه فله "الفروع" 6/ 516. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 489، وأبو داود (3616)، وابن ماجه (2329). ورواه البخاري (2674) بمعناه.

فصل: القضاء بالقرعة

فصل: القضاء بالقرعة 3008 - حكم القرعة قال صالح: وقال في القرعة: أراها، قد أقرع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في خمسة مواضع، قال: إذا أكره الاثنان على اليمين واستحباها فليستهما عليها (¬1)، وإذا ادعيا شيئًا وليس في يد واحد منهما يقرع بينهما، فأيهما أصابته القرعة حلف (¬2)، وأقرع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في العبيد الستة (¬3)، وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرع بين نسائه إذا أراد سفرًا (¬4). وأقرع في الولد، حديث الأجلح عن الشعبي، عن أبي الخليل، عن زيد بن أرقم، وهو مختلف فيه (¬5)، وفي القرآن: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 317، والبخاري (2674) بنحوه من حديث أبي هريرة. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 489، وأبو داود (3616)، وابن ماجه (2329) من حديث أبي هريرة. صححه الألباني في "الإرواء" (2659). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 438، ومسلم (1668) من حديث عمران بن حصين. (¬4) رواه الإمام أحمد 6/ 195، والبخاري (2593)، ومسلم (2445) من حديث عائشة. (¬5) رواه الإمام أحمد 4/ 373، وأبو داود (2269)، والنسائي 6/ 182، وابن ماجه (2348). قال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 3/ 176: وفي إسناده الأجلح، واسمه يحيى بن عبد اللَّه الكندي، ولا يحتج به. ورده الشيخ أحمد شاكر في تعليقه عليه قائلًا: هكذا جزم المنذري في شأن الأجلح وهو تسرع أو تهجم فالأجلح الكندي ثقة، وتكلموا في حفظه. . . ثم هو لم ينفرد برواية هذا الحديث. قلت: وصححه ابن حزم في "المحلى" 10/ 150 قائلًا: وهذا خبر مستقيم السند نقلته كلهم ثقات. . . ورد القول باضطراب إسناده. ونقل ابن القيم في "حاشيته على السنن" كلام ابن حزم مؤيدًا له. وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (1963).

{إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44] وفي يونس {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: 141]. وقد تزعم أصحاب أبي حنيفة: إذا قسمت الدور والأرضين أقرع بينهم، فأيهم أصابته القرعة كان له ما أصابه من ذلك. قال أبي: وسألوني عند يزيد بن هارون، فتكلمت فيها، فقالوا: رجل كان له أربع نسوة فطلق إحداهن، ثم تزوج خامسة، ثم مات، ولم يدر أيتهن طلق؟ قلت: قال إبراهيم وحماد: يرثن جميعًا ويعتددن جميعًا. وقال الحسن وسعيد بن المسيب وقتادة: يقرع بينهن (¬1)، فأيتهن أصابتها القرعة فهي هي. وفي قول من زعم أنهن يرثن جميعًا ويعتددن جميعًا أنه لا يشك أنه قد ورث من لم يجب لها الميراث، وأوجب العدة عليهن ولم يجب عليهن العدة. والذي يقول: يقرع بينهن، فسببها مغيب، وقد يكون أصاب، وقد يكون لم يصب، وذاك لم يشك فيه أنه قد أوجب الميراث لمن لا ميراث لها، وأوجب العدة عليها، وهذا أشبه بسنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- القرعة- يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه أقرع في خمسة مواضع. "مسائل صالح" (523). قال صالح: أذهب إلى القرعة؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أقرعَ. "مسائل صالح" (1291). قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده قال: حدثت عن معاذ بن معاذ، عن أشعث، عن محمد بن سيرين، عن خالد الحذاء، عن أبي ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 180 (19057، 19060) عن إبراهيم، وعن قتادة عن الحسن وابن المسيب.

قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين حديث القرعة (¬1). "العلل" رواية عبد اللَّه (5945) قال الفضل بن عبد الصمد: سمعت أبا عبد اللَّه، وسُئل عن القرعة، فجعل يُقوي أمرها، وبقول: في كتاب اللَّه في موضعين، قال اللَّه: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} وقال: {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ}، ثم قال أبو عبد اللَّه: قوم جهال الذين يقولون: القرعة قمار، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أقرع بين نسائه، وأقرع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ستة مملوكين، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "استهما". "الطبقات" 2/ 197 قال في رواية الأثرم وغيره، وقد سئل عن القرعة، فقال: في كتاب اللَّه في موضعين: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: 141]، و {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ} [آل عمران: 44]. "التمهيد في أصول الفقه" 2/ 411، "المسودة" 1/ 396 قال أحمد في رواية إسحاق بن إبراهيم، وجعفر بن محمد: القرعة جائزة. وقال يعقوب بن بختان: سئل أبو عبد اللَّه عن القرعة، ومن قال: إنها قمار؟ قال: إن كان ممن سمع الحديث فهذا كلام رجل له خبر، يزعم أن حكم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قمار. وقال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إن ابن أكثم يقول: إن القرعة قمار. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 438، ومسلم (1668).

قال: هذا قول رديء خبيث. ثم قال: كيف، وقد يحكمون هم بالقرعة في وقت إذا قُسمت الدار، ولم يرضوا، قالوا: يقرع بينهم؟ وهو يقول: لو أن رجلا له أربع نسوة فطلق إحداهن، وتزوج الخامسة، ولم يدر أيتهن التي طلق؟ قال: يورثهن جميعًا. ويأمرهن أن يعتددن جميعًا. وقد ورث من لا ميراث لها، وقد أمر أن تعتد من لا عدة عليها، والقرعة تصيب الحق، فعلها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال أبو الحارث: كتبت إلى أبي عبد اللَّه أسأله، فقلت: إن بعض الناس ينكر القرعة، ويقول: هي قمار اليوم. ويقول: هي منسوخة؟ فقال أبو عبد اللَّه: من ادعى أنها منسوخة، فقد كذب وقال الزور، القرعة سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أقرع في ثلاثة مواضع: أقرع بين الأعبُد الستة، وأقرع بين نسائه لما أراد السفر، وأقرع بين رجلين تدارآ في دابة، وهي في القرآن في موضعين. وقال الأثرم: إن أبا عبد اللَّه ذكر القرعة واحتج بها، وبيَّنها، وقال: إن قومًا يقولون: القرعة قمار. ثم قال أبو عبد اللَّه: هؤلاء قوم جهلوا فيها عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خمس سنن. قال الأثرم: وذكرت له أنا حديث الزبير في الكفن (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 165 والبزار 3/ 194 (980)، وأبو يعلى 2/ 45 (686)، والبيهقي 4/ 401 - 402 من طريق ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن جده الزبير.

فقال: حديث أبي الزناد؟ فقلت: نعم. قال أبو عبد اللَّه: قال أبو الزناد: يتكلمون في القرعة، وقد ذكرها اللَّه تعالى في موضعين من كتابه. وقال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه قال في قوله تعالى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} أي: أقرع، فوقعت القرعة عليه. قال سمعت أبا عبد اللَّه يقول: القرعة حكم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقضاؤه، فمن رد القرعة فقد رد على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قضاءه وفعله، ثم قال: سبحان اللَّه لمن قد علم بقضاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ويفتي بخلافه! قال اللَّه تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، وقال: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}. وقال في رواية الميموني: في القرعة خمس سنن (¬1)، حديث أم سلمة: إن قومًا أتوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في مواريث وأشياء درست بينهم، فأقرع بينهم، وحديث أبي هريرة -حين تدارآ في دابة- فأقرع بينهما، وحديث الأعبد الستة، وحديث أقرع بين نسائه، وحديث عليّ، وقد ذكر أبو عبد اللَّه من ¬

_ = قال الهيثمي في "المجمع" 6/ 118: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، وفيه: عبد الرحمن ابن أبي الزناد وهو ضعيف، وقد وثق. وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند": إسناده صحيح. عبد الرحمن بن أبي الزناد سبق أن وثقناه. . ونزيد هنا قول ابن معين: أثبت الناس في هشام بن عروة عبد الرحمن بن أبي الزناد. وأن الساجي حكى أن أحمد قال: أحاديثه صحاح. وأن الترمذي قال: ثقه حافظ. اهـ قلت: سيأتي قريبًا لفظه. (¬1) سلف تخريجها.

فعلها بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكر ابن الزبير (¬1)، وابن المسيب، ثم تعجب من أصحاب الرأي وما يردون من ذلك. وقال أحمد في رواية المروذي: حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة، عن عروة، قال: أخبرني أبي الزبير أنه لما كان يوم أحد أقبلت امرأة تسعى، حتى كادت أن تشرف على القتلى، قال: فكره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تراهم، فقال: "المرأة، المرأة"، قال الزبير: فتوهمت أنها أمي صفية: قال: فخرجت أسعى، فأدركتها قبل أن تنتهي إلى القتلى قال: فلهزت في صدري -وكانت امرأة جلدة- وقالت: إليك عني، لا أم لك، قال: فقلت: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عزم عليك، فوجعت وأخرجت ثوبين معها، فقالت: هذان ثوبان جئت بهما لأخي حمزة، فقد بلغني مقتله، فكفنوه فيهما، قال: فجئت بالثوبين ليكفن فيهما حمزة، فإذا إلى جنبه رجل من الأنصار قتيل، وقد فعل به كما فعل بحمزة قال: فوجدنا غضاضة أن نكفن حمزة في ثوبين والأنصاري لا كفن له، قلنا: لحمزة ثوب وللأنصاري ثوب فقدناهما، فكان أحدهما أكبر من الآخر، فأقرعنا بينهما فكفنا كل واحد في الثوب الذي طار له. "الطرق الحكمية" ص 380 - 383 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 27 (23382).

3009 - كيفية القرعة

3009 - كيفية القرعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كيف يقترع؟ قال: بالخاتم أو بالشيء. "مسائل الكوسج" (3382) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: يؤخذ في القرعة عود شبه القدح فيكتب عليه: عبد. وعلى الآخر: حر. "مسائل الكوسج" (3469) قال أبو داود: قلت لأحمد: القرعة كيف هي، فقال: يُجَّزءون ثلاثة أجزاء إن كانت قيمتهم واحدة، فإن نقصت زدت القرعة. قلت: بقي منه بعضه رقيق يسعى فيما يبقى عليه؟ قال: لا نقول بالسعاية. "مسائل أبي داود" (1403) قال أبو داود: قلت لأحمد: في القرعة يكتبون رقاعًا؟ قال: إن شاءوا رقاعًا، وإن شاءوا خواتيم. "مسائل أبي داود" (1404) قال الخلال: حدثنا أبو النضر: أنه سمع أبا عبد اللَّه يحب من القرعة ما قيل عن سعيد بن المسيب (¬1) أن يأخذ خواتيمهم، فيضعها في كمه، فمن خرج أولا فهو القارع. وقال إسحاق بن راهويه في القرعة: يؤخذ عود شبه القدح، فيكتب عليه عبد وعلى الآخر حر (¬2) وكذلك قال في رواية مهنا. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 180 (19060). (¬2) سبق ورود الرواية عن إسحاق بن منصور عن ابن راهويه برقم (3469) من "مسائل الكوسج".

3010 - مواضع القرعة

وقال بكر بن محمد عن أبيه: سألت أبا عبد اللَّه كيف تكون القرعة؟ قال: يلقي خاتمًا، يروى عن سعيد بن جبير (¬1)، وإن جعل شيئا في طين أو يكون علامة قدر ما يعرف صاحبه إذا كان له فهو جائز. وقال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: كيف القرعة؟ فقال: سعيد بن جبير يقول بالخواتيم، أقرع بين اثنين في ثوب فأخرج خاتم هذا وخاتم هذا، قال: ثم يخرجون الخواتيم، ثم تدفع إلى رجل، فيخرج منها واحدًا. قلت لأبي عبد اللَّه: فإن مالكا يقول: تكتب رقاع، وتجعل في طين؟ قال: وهذا أيضًا. قيل لأبي عبد اللَّه: فإن الناس يقولون: القرعة هكذا، وقال الرجل بأصابعه الثلاثة، فضمها ثم فتحها. فأنكر ذلك أبو عبد اللَّه وقال: ليس هو هكذا. وقال مهنا: قلت لأبي عبد اللَّه: كيف القرعة، أهو أن يخرج هذا، ويخرج هذا وأشرت بأصابعي؟ قال: نعم. "الطرق الحكمية" (384) 3010 - مواضع القرعة قال إسحاق بن منصور: قلتُ: سُئِلَ سفيانُ عن رجلٍ قال لجاريتهِ: أوَّلُ ولدٍ تَلِدينَه فهو حُرٌّ فولدتِ أثْنينِ لا يُدْرى أيهما قبلَ الآخرِ؟ قال: يستسعيان. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 26 (23377، 233378).

قال أحمد: يقرعُ بينهما، فَمَنْ أصابتْهُ القرعةُ عتقَ. قال إسحاق: كما قالَ أحمدُ. "مسائل الكوسج" (3105). قال إسحاق بن منصور: قال أحمد: إذَا أعتقَ ستَّةَ أعْبُدٍ يقرع بينهم، إن كانت مستوية أقرعَ بينهم، فيخرج الثلاث، فإذا كانتِ القيمةُ مختلفة جزئوا ثلاثة أجزاء، ثم أقرعَ بينهم، فإنْ كانت القرعةُ أصابَتِ الذين قيمتهم أقل من الثلثِ أُعِيدتِ القُرعةُ على الباقين حتَّى يستكملَ الثلث، فإنْ أصابتِ القرعةُ عبدًا وقيمته أكثر من الثلث أعتق منه بقدرِ الثلثِ، وكان في باقيه رقيقًا، فإنْ كان عبدًا واحدًا قيمته أكثر من الثلثِ وأصابته القرعةُ عتق منه الثلث، وكان في باقيه رقيقًا. قال إسحاق: كَما قال، إلَّا قوله في السعايةِ، فإنا نراه، وهو إنَّما قال: إذا زاد قيمته بقدرِ حصته منَ الزيادةِ، وهو عبد، ونحن نقولُ: يستسعي في قدرِ الزيادةِ، وهو حر. "مسائل الكوسج" (3136) قال أبو داود: رأيت رجلين تشاحا في الأذان عند أحمد فقالا: يجمع أهل المسجد فينظر من يختارون. قال أحمد: لا ولكن اقترعا، فمن أصابته القرعة أذن، كذلك فعل سعد بن أبي وقاص (¬1). "مسائل أبي داود" (194) ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 1/ 428، وعلقه البخاري قبل (615) بصيغة تمريض، ووصله الحافظ في "التغليق" 2/ 265 - 266 من طريق البيهقي، وقال: وهذا منقطع، ولذلك مرَّضه. وعزاه الحافظ أيضًا لسعيد بن منصور في "سننه"، ولم أقف عليه.

قال ابن هانئ: سألته عن رجل قال لغلمانه: بعضكم حر، ولم يقف عليه بعينه؟ قال: إذا لم يقف على أحد بعينه، أقرع بينهم، أخذ من كل واحد سهم، فأيهم خرج فهو حر. "مسائل ابن هانئ" (1433). قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: تذهب إلى حديث عمران بن حصين في الأعبد؟ قال: نعم. قال: قيل: في العتق في المرض وصية (¬1)؟ فكأنه أوصى أن يعتق كل عبد على انفراده، فإذا تعذر عتق جميعه عتق منه ما أمكن عتقه، كما لو كان ماله كله عبدًا واحدًا فأعتقه عتق منه ما حمل الثلث. وقد قال أحمد في رواية الميموني: لا يثبت لقاء الحسن لعمران بن حصين. وقال مهنا: سألت أحمد عن حديث الحسن، قال: حدثني عمران بن حصين. .، قال: ليس بصحيح، بينهما هياج بن عمران بن الفضيل التميمي البرجمي عن عمران بن حصين. وقال المروذي: ذكر أبو عبد اللَّه حديث أبي المهلب، فقال: قد روى الحسن عن عمران ولم يسمعه، وقال: يقولون: إنه أخذه من كتاب أبي المهلب. ¬

_ (¬1) الرواية في "مسائل ابن هانئ" برقم (1426)، ولم يرد فيها قوله: في العتق في المرض وصية. . إلى آخر روايته.

وقال مهنا: سألت أحمد عن حديث الحسن قال: حدثني عمران بن حصين. قال: ليس بصحيح، على أن الحديث قد صح من غير طريق عمران. قال المروذي: قال أحمد: ما ظننا أن أحدًا حدث بهذا إلا هشيم. قال أبو عبد اللَّه: أبو زيد هذا رجل من الأنصار من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال: كتبناه عن هشيم، وقال: إليه أذهب. قال أحمد: حدثنا سريج بن نعمان، حدثنا هشيم قال: حدثنا خالد قال: حدثنا أبو قلابة، عن أبي زيد الأنصاري عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمثله (¬1). وقال ابن القيم: ومن مواضع القرعة: إذا أعتق عبدًا من عبيده، أو طلق امرأة من نسائه، لا يدري أيتهن هي؟ فقال أحمد في رواية الميموني: إن مات قبل أن يقرع بينهن يقوم وليه في هذا مقامه، يقرع بينهن، فأيتهن وقعت عليها القرعة لزمته. وقال أبو بكر بن محمد عن أبيه: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل أعتق أحد غلاميه في صحته، ثم مات المولى، ولم يدر الورثة أيهما أعتق؟ قال: يقرع بينهما. وقال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه قال في القرعة: إذا قال: أحد غلاميَّ حر، ثم مات قبل أن يُعلم، يقرع بينهما، فأيهما وقعت عليه القرعة عتق، كذا فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الذي أعتق ستة أعبد له. وقال مهنا: سألت أحمد عن رجل قال لامرأتين له: إحداكما طالق، أو لعبدين له: أحدكما حر؟ قال: قد اختلفوا فيه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 341، وأبو داود (3960).

قلت: ترى أن يقرع بينهما؟ قال: نعم. قلت: وتجيز القرعة في الطلاق؟ قال: نعم. وقال في رواية الميموني فيمن له أربع نسوة طلق واحدة منهن، ولم يدر: يقرع بينهن. وكذلك في الأعبد، فإن أقرع بينهن، فوقعت القرعة على واحدة، ثم ذكر التى طلق رجعت هذِه، ويقع الطلاق على التي ذكر، فإن تزوجت فداك شيء قد مر، وإن كان الحاكم قد أقرع بينهن لم ترجع إليه. وقال أبو الحارث عن أحمد في رجل له أربع نسوة طلق إحداهن، ولم تكن له نية في واحدة بعينها: يقرع بينهن فأيتهن أصابتها القرعة فهي المطلقة، وكذلك إن قصد إلى واحدة بعينها ثم نسيها. قال: والقرعة سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد جاء بها القرآن (¬1). قال الإمام أحمد في رواية أبي طالب في رجل له أربع نسوة، فطلق إحداهن وتزوج أخرى، ومات، ولم يدر أي الأربع طلق، فلهذه الأخيرة ربع الثمن، ثم يقرع بين الأربع، فأيتهن قرعت أخرجت، وورث البواقي. قال الخلال: أنبأنا أبو النضر أن أبا عبد اللَّه قال: قال سعيد بن المسيب في رجل له أربع بنات فزوج إحداهن، لا يدرى أيتهن هي، أنه يقرع بينهن. ¬

_ (¬1) روى الإمام أحمد 6/ 195، والبخاري (2661، 2688) من حديث عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا أراد غزوة أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها. وأما القرآن فقوله عز وجل: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44]. وقوله تبارك وتعالى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: 141].

قال حنبل: وحدثني أبو عبد اللَّه، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة: أن رجلا زوج ابنته من رجل، فمات الزوج، ومات الأب، ولم يدر الشهود أي بناته هي؟ فسألت سعيد بن المسيب رحمه اللَّه، قال: يقرع بينهن، وأيتهن أصابت القرعة ورثت واعتدت. قال حنبل: فسألت أبا عبد اللَّه عن ذلك؟ فقال: يقوع بينهن على قول سعيد بن المسيب. وقال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أذهب إلى هذا. وكذلك رواية أبي طالب التي ذكرها القابسي. قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر أن أبا طالب حدثه أنه سأل أبا عبد اللَّه عن رجل زوج ابنته رجلًا، وله بنات فماتا، ولم تدر البنات أيتهن هي؟ قال: يقرع بينهن، فإذا قرعت واحدة ورثت. قلت: حماد يقول: يرثن جميعا؟ قال: يقرع بينهن، وقال: القرعة أبين، إذا أقرع فأعطى واحدة لعلها أن تكون صاحبته ولا يدري، هو في شك، فإذا أعطاهن فقد علم أنه أعطى من ليس له حق. قال الخلال: أخبرني الميموني أنه ناظر أبا عبد اللَّه في مسألة الذي له أربع نسوة، فطلق واحدة منهن، ثم لم يدر، قال: يقرع بينهن، كذلك في الأعبد. قلت: فإن أقرع بينهن، فوقعت القرعة على الواحدة، ثم ذكر التي طلق؟ قال: ترجع إليه، والتي ذكر أنه طلق يقع الطلاق عليها. قلت: فإن تزوجت؟ قال: هو إنما دخل في القرعة؛ لأنه اشتبه عليه، فإذا تزوجت فذا شيء قد مر.

فقال له رجل: فإن كان الحاكم أقرع بينهن؟ قال: لا أحب أن ترجع إليه؛ لأن الحاكم في ذا أخبر منه. فرأيته يغلظ أمر الحاكم إذا دخل في الإقراع بينهن. قال أبو الحارث: سألت أبا عبد اللَّه، قلت: فإن طلق واحدة من أربع وأقرع بينهن، فوقعت القرعة على واحدة، وفرق بينه وبينها، ثم ذكر وتيقن بعدما فرق الحاكم بينهما أن التي طلق في ذلك الوقت هي غير التي وقعت عليها القرعة؟ قال: اعفني من هذِه. قلت: فما ترى العمل فيها؟ قال: دعها. ولم يجب فيها بشيء. قال مهنا: سألت أبا عبد اللَّه عن رجك له امرأتان مسلمة ونصرانية، فقال في مرضه: إحداكما طالق ثلاثًا، ثم أسلمت النصرانية، ثم مات في ذلك المرض قبل أن تنقضي عدة واحدة منهما، وقد كان دخل بهما جميعًا؟ فقال: أرى أن يقرع بينهما. قلت له: يكون للنصرانية من الميراث ما للمسلمة؟ قال: نعم. فقلت: إنهم يقولون: للنصرانية ربع الميراث، وللمسلمة ثلاثة أرباعه؟ فقال: لم؟ فقلت: لأنها أسلمت رغبة في الميراث. قلت: ويكون الميراث بينهما سواء؟ قال: نعم. وقال حرب: قلت لأحمد: رجل له مماليك عدة، فقال: أحدهم حر. ولم يبين؟ قال: هذِه مسألة مشتبهة. قال مهنا: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل قال: أول غلام لي يطلع فهو حر، فطلع غلامان له أو طلع عبيده كلهم؟ قال: قد اختلفوا في هذا.

قلت: أخبرني ما تقول أنت فيه؟ قال: يقرع بينهم، فأيهم خرجت قرعته أعتق. قال: وسألت أبا عبد اللَّه عن رجل قال -وله أربع نسوة-: أول امرأة تطلع فهي طالق. فطلعن كلهن؟ قال: قد اختلفوا في هذا أيضًا. قلت: أخبرني فيه بشيء؟ فقال: قال بعضهم: يقسم بينهن تطليقه. قلت: أخبرني فيه بقولك، فقال: يقرع بينهن، فأيتهن خرجت عليها القرعة طلقت. ونقل عنه بكر بن محمد عن أبيه في الرجل يكون له امرأتان، وهو يريد أن يخرج بإحداهما، قال: يقرع بينهما فتخرج إحداهما بالقرعة، أو تخرج إحداهما برضا الأخرى، ولا يريد القرعة. قال: إذا خرج بها فقد رضيت، وإلا أقرع بينهما. قال حرب: سألت أحمد عن القرعة في الشراء والبيع، قلت: القوم يشترون الشيء فيقترعون عليه؟ قال: لا بأس. وكذلك قال في رواية ابن بختان. قال أبو طالب: نازعني ابن عمي في الأذان فتحاكمنا إلى أبي عبد اللَّه، رحمه اللَّه، فقال: إن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تشاحوا في الأذان يوم القادسية فأقرع بينهم سعد -رضي اللَّه عنه- (¬1)، فأنا أذهب إلى القرعة، أقرعا. قال مهنا: سألت أحمد عن رجل تزوج امرأة على عبد من عبيده؟ فقال: جائز. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه قريبًا.

فقلت: له عشرة أعبد، فقال: أعطيها من أحسنهم. فقال أبو عبد اللَّه: ليس له ذلك؛ ولكن يعطيها من أوسطهم. فقلت له: ترى أن يقرع بينهم؟ فقال: نعم. فقلت: تستقيم القرعة في هذا؟ فقال: نعم، يقرع بين العبيد. قال أبو النضر: سألت أبا عبد اللَّه عن عبد في يد رجل لا يدعيه، أقام رجل البينة أن فلانا باع هذا العبد مني بكذا وكذا، وهو يملكه، وأقام الآخر البينة على أن فلانا تصدق بهذا العبد على وهو يملكه، وأقام الآخر البينة على أن فلانا وهب هذا العبد لي، وهو يملكه، ولم يوقتوا وقتا، والبينة عدول كلهم؟ قال: أرى البينة ههنا تكاذبت، يكذب شهود كل رجل شهود الآخر، فأجعله في أيديهم، ثم أقرع بينهم، فمن وقع له العبد أخذه وحلف. قلت: تحلفه باللَّه لقد باعني هذا العبد وهو يملكه، أو إن هذا العبد لي؟ قال: هو واحد إن شاء اللَّه. قلت: إلى أي شيء ذهبت في هذا؟ قال: إلى حديث أبي هريرة؛ حدثنا عبد الرازق، حدثنا معمر، عن همام، حدثنا أبو هريرة -رضي اللَّه عنه-، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "إِذا أكره الرجلان على اليمين أو استحباها فليستهما عليها" (¬1). "الطرق الحكمية" ص 385 - 425. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 317 وإسحاق في "مسنده" 1/ 112 (23) بلفظه، والبخاري (2674) بنحوه.

3011 - الحلف بعد القرعة

قال صالح: سألت أبي عن رجل مات، وله ثلاثة غلمان؛ ثلاثتهم اسمهم فرج، فأوصى عند موته فقال: فرج حر، وفرج له مائة، وفرج ليس له شيء، قال: يقرع بينهم، فمن أصابته القرعة فهو حر، وأما صاحب المائة؛ فلا شيء له، وذلك لأنه عبد هو وماله لسيده. "تقرير القواعد" 2/ 425. ونقل حنبل عنه في رجل له غلامان اسمهما واحد، فأوصى عند موته فقال: فلان حو بعد موتي -لأحد الغلامين- وله مائتا درهم، وفلان ليس هو حرًّا واسمهما واحد، قال: يقرع بينهما، فمن أصابته القرعة فهو حر، وأما صاحب المائتين فليس له شيء، وذلك أنه عبد، والعبد ماله لسيده. "تقرير القواعد" 2/ 426. 3011 - الحلف بعد القرعة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا وَقعت اليمينُ بين رَجلين فاستحباها جميعًا أُقرع بينهما أيهما حَلف؟ قال: هذا في شيء ليسَ في أيديهما، يُقرعُ بينهما. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1744). قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال الثوريُّ: درهم بين رجلين، قال أحدُهُمَا: لي نصفُهُ، وقال الآخرُ: لي كلُّه، قال ابن أبي ليلى: ثلث وثلثان. قال ابن شبرمة: ثلاثة أرباع وربع (¬1). وأمَّا نحنُ فنقولُ: هو بينهمَا نصفَان. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 4581 (15220)، وابن أبي شيبة 4/ 458 (22067).

قال أحمد: إِذَا كَانَ في أيديهما بينهما نصفان، وإِذَا كَانَ في يدِ أحدِهمَا فهوَ لَهُ، وإذَا كان في يدِ رجلٍ، فأقرَّ أَنه لهذين، فادَّعى أحدُهُمَا كلَّه، وادعى الآخرُ النصفَ، فقدْ أقرَّ أنَّ لصاحِبِهِ النصفَ، واستوت دعواهما في النصفِ الباقي، يقرع بينهما، فمَنْ أصابته القرعةُ حلف، وكانت السلعةُ له. قال إسحاق: كما قال أحمدُ. "مسائل الكوسج" (2029) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سُئِلَ عنْ رجلٍ أخَذَ ثوبين مِنْ رجلين، أحدُهُمَا بعشرةٍ والآخرُ بعشرين، فَجَاء بِهمَا فقال: لا أدري أيّهما ثوبك مِنْ ثِوبِ هذا؟ قال سفيانُ: يضمن إِذَا كانَ لا يدري. قال أحمد: إِذَا ادَّعَيَا جميعًا ثوبًا مِنْ هذين الثوبين اقْترعَا بينهمَا، فأيُّهما أصابتُهُ القرعةُ حَلفَ، وكَانَ الثوبُ الجيَّدُ لَهُ، والثوبُ الآخرُ للآخر. قيل: كلّ مَنْ أصَابته القرعةُ حَلفَ؟ قال: نعمْ. قال إسحاق: كما قال سواءٌ. "مسائل الكوسج" (2196) ونقل الميموني إن كانت بيد ثالث فأقر لأحدهما وجهله، وأقرع بينهما فمن قرع حلف وهي له، قال الإمام أحمد: وإن أبى اليمين من قرع أخذها أيضًا -أي: بلا يمين. "الفروع" 6/ 520، "المعونة" 11/ 496.

كتاب الحسبة

كتاب الحسبة 3012 - فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعاقبة تركه وقال ابن هانئ: قال له رجل: يا أبا عبد اللَّه، أوصني قال: أعز أمر اللَّه حيثما كنت يعزك اللَّه. "مسائل ابن هانئ" (1986) نقل المروذي عنه: عن آدم بن علي قال: سمعت أخا بلال مؤذن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: الناس ثلاثة أثلاث، فسالم وغانم وشاجب، فالسالم: الساكت، والغانم: الذي يأمر بالخير والمعين على الظلم (¬1). "الورع" 251 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاهم بمقاريض من نار، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء خطباء من أهل الدنيا الذين كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، وهم يتلون الكتاب، أفلا يعقلون؟ " (¬2). "الزهد" 57 - 58 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 255، وابن أبي شيبة 7/ 231 (35568) والبيهقي في "الشعب" 4/ 272 (5072) وذكره الألباني في "الضعيفة" 5/ 149 وقال: وقد صح الحديث موقوفًا. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 120، ووكيع في "الزهد" (297)، وعبد بن حميد في =

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا ابن آتش، حدثنا منذر، عن وهب أن رجلا كان على مجامر بيت المقدس، وكان له ابنان، فبلغا، فجعلا يعبثان بالنساء، فلم ينكر عليهما، فبعزتي (¬1)، حلفت لأميتنهم ثلاثتهم في يوم واحد، ولأسلطن على أهله بعده الفقر. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، أخبرنا مالك بن دينار قال: كان حبر من أحبار بني إسرائيل يغشى منزله الرجال والنساء؛ يعظهم فيذكرهم بأيام اللَّه، فرأى بعض بنيه يوما غمز النساء، فقال: مهلًا يا بني، مهلًا يا بني، قال: فسقط من سريره، وانقطع نخاعه، وأسقطت امرأته، وقتل بنيه في الجيش، فأوحى اللَّه عز وجل إلى نبيهم أن أخبر فلانًا الحبر أني لا أخرج من صلبك صديقًا أبدا، ما غضبك لي إلا أن قلت: مهلًا يا بني، مهلًا يا بني. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا مالك بن دينار قال: مكتوب في التوراة: من كان له جار يعمل بالمعاصي فلم ينهه فهو شريكه. "الزهد" ص 128 - 129 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا أبو معاوية شيبان، عن آدم بن علي قال: "سمعت أخا بلال مؤذن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: الناس ثلاثة: فسالم، وغانم، وشاحب؛ فالسالم الساكت، والغانم يأمر بالخير، وينهى عن المنكر، فذلك في زيادة من اللَّه عز وجل، والشاحب ¬

_ = "المنتخب" 3/ 113 (1220)، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (513)، وأبو يعلى في "مسنده" 7/ 69 (3992)، وابن حبان في "صحيحه" 1/ 249 (53)، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (129). (¬1) كذا بالمطبوع، ولعل هناك سقط: فقال اللَّه تعالى.

الناطق بالخنا، والمعين على الظلم. "الزهد" ص 225 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية العلائي، حدثنا أبو علي الكلابي، حدثنا عبد الواحد بن زيد قال: قلت للحسن: يا أبا سعيد، أخبرني عن رجل، لم يشهد فتنة ابن المهلب إلا أنه سكت بلسانه ورضي بقلبه قال: يا ابن أخي، كم يدًا عقرت الناقة؟ قال: قلت: يد واحدة. قال: أليس قد هلك القوم جميعًا برضاهم وتماليهم. "الزهد" 352 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد اللَّه، حدثني عبد الوهاب الخفاف، أنبأنا عثمان أبو سلمة الخياط -وكان من أصحاب ابن عون من الكبار- عن محمد بن واسع قال: بلغني أن بعض من يلقى في النار يجر أقتابه -يعني: أمعاءه - تدور به كما تدور الرحا، قال: فيقال له: ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ ! قال: بلى، ولكن كنت آمر بالمعروف وأخالف إلى غيره، وأنهى عن المنكر وأقع فيه. "الزهد" ص 451 قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد بن عبد الحميد، حدثنا بكر بن محمد قال: كنا في أمر الحريق فقيل: يا أبا عبد اللَّه، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث. "الأمر بالمعروف" للخلال (23)

3013 - وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

3013 - وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن الرجل يرى الطنبور أو الطبل أو نحو ذلك واجب عليه تغييره؟ قال: ما أدري ما واجب، إن غير فله فضل. قيل لأحمد: فإن أصابه من قبل السلطان في ذلك مكروه، ترجو أن يؤجر؟ فرأى له فضلا تكلم بشيء كأنه يغبطه. "مسائل أبي داود" (1798) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: متى يجب على الأمر؟ قال: ما لم تخف سوطًا ولا عصا. "مسائل ابن هانئ" (1949) قال حرب: سمعت إسحاق يقول: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على المسلم إذا رآه. قيل: فإن خشي؟ قال: هو واجب عليه حتى يخاف، فإذا خشي على نفسه فلا يفعل. "مسائل حرب" ص 339 قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، أن أبا عبد اللَّه ذكر ابن مروان الذي صلب في الأمر بالمعروف، فترحم عليه وقال: قد قضى ما عليه. وقال: وأنبأنا أبو بكر المروذي قال: حَدَّثنَا أحمد بن حنبل وذكر ابن أبي خالد، وقد كان أبو عبد اللَّه عرف قصته في إقدامه، فقال: قد هانت عليه نفسه. "الأمر بالمعروف" للخلال (2 - 3)

قال الخلال: أخبرني موسى بن سهل قال: حَدَّثَنَا محمد بن أحمد الأسدي قال: حَدَّثَنَا إبراهيم بن يعقوب، عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد عمن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند من لا يخاف سيفه ولا سوطه. قال: إذا استطاع فليغير، فلا يسعه غيره. وقال: كتب إلى يوسف بن عبد اللَّه الإسكافي، قال: حَدَّثنَا الحسين بن علي بن الحسن أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الرجل يُشرع له وجه بر فيحمل نفسه على الكراهية، وآخر يُشرع له وجه بر فيسر بذلك، أيهما أفضل؟ فقال: ألم تسمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من تعلم القرآن وهو كبير يشق عليه أن له أجرين" (¬1). وقال: أخبرني محمد بن الحسين قال: حَدَّثَنَا الفضل بن زياد قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت: لنا جار يجيء بالقدر فيوضع على النار وينبذ فيها. قال: أنهوه. قلت: لا ينتهي. قال: أغلظ، أو يرضى لنفسه أن يقال: فاسق. "الأمر بالمعروف" للخلال (5 - 7) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن مُثنى الأنباري حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الحديث الذي جاء: "أنتم في زمان من عمل فيه بالعشر مما أمر به نجا" (¬2). فلم يعرفه، وحدثه به رجل فلم يعرفه. "الأمر بالمعروف" للخلال (10) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 48، والبخاري (4937)، ومسلم (798) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-. (¬2) رواه الترمذي (2267) والطبراني في "الصغير" 2/ 274 (1156) وابن عدي في "الكامل" 8/ 253، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 316 من حديث أبي هريرة.

3014 - ما روي في أن ذلك يسر المؤمن ويغيظ المنافق

قال المروذي: قال لي عبد الوهاب: أنت كيف استخرت أن تقيم بسامراء؟ قال المروذي: فذكرت ذلك لأبي عبد اللَّه، فقال: فلم لم تقل له: لا بد للأسير ممن يخدمه؟ ثم قال أبو عبد اللَّه: لا نزال بخير ما كان من الناس من ينكر علينا. "الآداب الشرعية" 1/ 195 3014 - ما روي في أن ذلك يسر المؤمن ويغيظ المنافق قال الخلال: أخبرني عمر بن صالح بطرسوس قال: قال لي أبو عبد اللَّه: يا أبا حفص، يأتي على الناس زمان يكون المؤمن فيه بينهم مثل الجيفة، ويكون المنافق يشار إليه بالأصابع. فقلت: يا أبا عبد اللَّه، وكيف يشار إلى المنافق بالأصابع؟ فقال: يا أبا حفص، صيَّروا أمر اللَّه فُضولًا. قال: المؤمن إذا رأى أمرًا بالمعروف أو نهيا عن المنكر لم يصبر حتى يأمر وينهى. يعني قالوا: هذا فضول. ¬

_ = قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث نعيم بن حماد عن سفيان بن عيينة. وقال ابن عدي: قال نعيم: هذا حديث ينكرونه. وقال الذهبي في "تذكرة الحفاظ" 2/ 418: هذا حديث منكر لا أصل له من حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا شاهد، ولم يأت به عن سفيان سوى نعيم، وهو مع إمامته منكر الحديث. والحديث ضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (684).

3015 - ما يوسع على الرجل في ترك الأمر والنهي إذا رأى قوما سفهاء

قال: والمنافق كل شيء يراه وقال بيده على فمه، فقال: نعم الرجل، وليس بينه وبين الفضول عمل. قال: وسمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا رأيتم اليوم شيئًا مستويًا فتعجَّبوا. "الآمر بالمعروف" للخلال (65 - 66) 3015 - ما يوسع على الرجل في ترك الأمر والنهي إذا رأى قومًا سفهاء قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثني عباس العنبري قال: كنت مارًّا مع أبي عبد اللَّه بالبصرة، قال: فسمعت رجلًا يقول لرجل: يا ابن الزاني. فقال الآخر: يا ابن الزاني. قال: فوقفت ومضى أبو عبد اللَّه، فالتفت فقال لي: يا أبا الفضل، امشِ، قال: فقلت: قد سمعنا، قد وجب علينا. قال: امض ليس هذا من ذلك. "الأمر بالمعروف" للخلال (68) 3016 - ما يكره أن يخرج إلى صائحة بالليل قال الخلال: أخبرني محمد بن علي، حدثنا صالح بن أحمد أنه سأل أباه عن الرجل يستغيث به جار من فاحشة يراها. قال: كل من رأى منكرًا فاستطاع أن يغيره بيده غيَّره، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإِيمان.

قال: ويكره أن يخرج إلى صيحة بالليل، فإنه لا يدري ما يكون. "الأمر بالمعروف" للخلال (109)

3017 - القدرة

ما جاء في أركان الحسبة أولًا: المحتسب فصل: ما جاء في شروطه 3017 - القدرة قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل عن رجل له جار يعمل بالمنكر لا يقوى على أن ينكر عليه، وآخر ضعيف يعمل بالمنكر أيضًا، يقوى على هذا الضعيف، ينكر عليه؟ قال: نعم، ينكر على هذا الذي يقوى أن ينكر عليه. "مسائل أبي داود" (1800)

3018 - ما يؤمر به من الرفق في الإنكار

فصل: ما جاء في آداب المحتسب 3018 - ما يؤمر به من الرفق في الإِنكار قال المروذي: قرأت على أبي عبد اللَّه: أبو الربيع الصوفي قال: دخلت على سفيان بالبصرة فقلت: يا أبا عبد اللَّه، إني أكون مع هؤلاء المحتسبة، فندخل على هؤلاء الحنينين، ونتسلق على الحيطان. قال: أليس لهم أبواب؟ قلت: بلى، ولكن ندخل عليهم لكيلا يفروا. فأنكر ذلك إنكارًا شديدًا، وعاب فعالنا. فقال رجل: من أدخل هذا؟ قلت: إنما دخلت إلى الطبيب لأخبره بدائي. فانتقض سفيان وقال: إنما هلكنا إذ نحن سقمى، فسمونا أطباء. ثم قال: لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلَّا من كان فيه ثلاث خصال: رفيق بما يأمر، رفيق بما ينهى. عدل بما يأمر، عدل بما ينهى. عالم بما يأمر، عالم بما ينهى. "الورع" (501) قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: ثنا حنبل، أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: والناس يحتاجون إلى مداراة ورفق في الأمر بالمعروف بلا غلظة، إلَّا رجلًا مباين معلن بالفسق والردى، فقد وجب عليك نهيه وإعلانه، لأنه يقال: ليس لفاسق حرمة، فهذا لا حرمة له. وقال: وأخبرني محمد بن علي الوراق قال: حدثني مهنا قال: قال أحمد بن حنبل: كان أصحاب ابن مسعود إذا مروا بقوم يرون منهم ما يكرهون يقولون: مهلًا رحمكم اللَّه.

وقال: أخبرني جعفر بن محمد، أن يعقوب بن بُختان حدثهم أن أبا عبد اللَّه سئل عن الأمر فقال: كان أصحاب عبد اللَّه يقولون: مهلًا رحمكم اللَّه مهلًا. وقال: وأخبرنا محمد بن أبي هارون قال: سمعت أبا العباس قال: صلى بأبي عبد اللَّه يومًا جوين، فكان إذا سجد جمع ثوبه بيده اليسرى، وكنت بجنبه، فلما صلينا قال لي وخفض من صوته: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يكف شعرًا ولا ثوبًا" (¬1). فلما قمنا قال لي جوين: أي شيء كان يقول لك؟ قلت: قال لي كذا وكذا، وما أحسب المعنى إلَّا لك. "الأمر بالمعروف" للخلال (32 - 36) قال الخلال: وأنا أبو داود قال: حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا معتمر قال: سمعت أبي يقول: ما أغضبت رجلًا فقبل منك. "الأمر بالمعروف" للخلال (38) وقال: أخبرني عبد الملك الميموني، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا معتمر بن سليمان، عن فرات بن سليمان، عن ميمون بن مهران، عن عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز قال لأبيه: يا أبت، ما يمنعك أن تمضي لما تريده من العدل، فواللَّه ما كنت أُبالي لو غلت بي وبك القدور في ذلك. قال: يا بني، إني إنما أروض الناس رياضة الصَّعب، إني أُريد أن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 255، والبخاري (809)، ومسلم (490) من حديث ابن عباس.

3019 - ما يؤمر به الرجل من الاحتمال وترك الانتصار في الإنكار

أُحيي الأمر من العدل فأؤخِّر ذلك حتى أُخرج معه طمعًا من طمع الدنيا، فينفروا من هذِه، ويسكنوا لهذِه. "الأمر بالمعروف" للخلال (40) 3019 - ما يؤمر به الرجل من الاحتمال وترك الانتصار في الإِنكار قال أبو داود: قلت لأحمد: مثل زماننا نرجو ألا يلزم الرجل القيام بالأمر والنهي. قال: إذا خاف أن يُنال منه. قلت: يصلي الصلاة يراهم لا يحسنون. قال: مثل هذا يأمرهم. قلت: يُشتم؟ قال: يحتمل، من يريد أن يأمر وينهى لا يريد أن ينتصر بعد ذلك. "مسائل أبي داود" (1796) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي السمسار قال: حدثني مهنا قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كيف ينبغي أن يأمر؟ قال: يأمر بالرِّفق والخضوع. ثم قال: إن أسمعوه ما يكره لا يغضب، فيكون يريد ينتصر لنفسه. "الأمر بالمعروف" للخلال (46) قال الخلال: أخبرني زكريا بن يحيى الناقد أن أبا طالب حدثهم أنه قال لأبي عبد اللَّه: إذا أمرتُه بالمعروف فلم ينته، أدعُه، لا أقول له شيئًا؟ قال: الأمر بالمعروف. قلت له: فإن أسمعني؟

3020 - ما يؤمر به من أدب اللعابين بالمنكر

قال: دعه. إن رددت عليه ذهب الأمر بالمعروف وصرت تنتصر لنفسك، فتخرج إلى الإِثم، فإذا أمرت بالمعروف فإن قبل منك، وإلَّا فدعه. "الأمر بالمعروف" للخلال (48) 3020 - ما يؤمر به من أدب اللعابين بالمنكر قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن أبا الصقر يحيى بن يزدان حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الرجل يضرب بالعود والطنبور والمزامير هل عليه أدب؟ وكم الأدب فيه إذا رفع إلى السلطان؟ فقال: عليه أدب، ولا أرى يجاوز بالأدب عشرة أسواط. وقال: أخبرني روح بن الفرح قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا محمد بن الخليل قال: قال أبو عبد اللَّه: أن يضرب صاحب التغبير (¬1). "الأمر بالمعروف" للخلال (102 - 103) وقال: أخبرني منصور بن الوليد قال: حدثنا جعفر قال: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثنا محمد بن يزيد عن أبي بلج قال: رأيت سمراء بنت نُهيك -وكانت قد أدركت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بيدها سوط تؤدب الناس، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. "الأمر بالمعروف" للخلال (106) ¬

_ (¬1) التغبير: اجتماع الناس على التهليل ورفع الصوت بالقراءة (القاموس المحيط 2/ 99) وسيأتي في باب مستقل. ولا زال هذا النوع من المنكر معمولًا به في بعض الطرق الصوفية.

3021 - العدل في الأمر والنهي، في القريب والبعيد

3021 - العدل في الأمر والنهي، في القريب والبعيد قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: فإن كان للرجل قرابة فيرى عندهم المنكر، فيكره أن يغيره، أو يقول لهم فيخرج إلى ما يغتمُّ به من أهل بيته، وهو لا يرى بدًّا، أو يرى المنكر في غيره فيكره أن يغير للَّذي في قرابته. قال: إن صحت نيتك لم تُبال. "الأمر بالمعروف" للخلال (64) 3022 - يكره للرجل دخول مواضع النكرة قال الخلال: أخبرنا محمد بن يحيى، أنه قال لأبي عبد اللَّه: أجيء إلى الدار وفيها الرَّبضُ، وأسمع منها ما أكره. قال: انههم. قلت: إن كان الرجل يشرب المسكر ويجمع ما لا خير فيه؟ قال: أكره المدخل السوءَ. "الأمر بالمعروف" للخلال (98)

ثانيًا: المحتسب عليه الاحتساب على الصبيان قال إسحاق بن منصور: قلت: الجوز الذي يلعبُ به الصبيان؟ قال: ما يعجبني. قال إسحاق: هو مكروه؛ لأنه من القمار، والقمار أصله من الميسر. "مسائل الكوسج" (3317) قال الخلال: حدثنا محمد بن أحمد الأسدي، حدثنا إبراهيم بن يعقوب، عن إسماعيل بن يعقوب قال: سألت أحمد عن الفتيان يتمردون. قال: لا بأس بضربهم. "الأمر بالمعروف" للخلال (107)

3023 - أن يكون المنكر ظاهرا للمحتسب بغير تجسس

ثالثًا: المحتسب فيه (ما تجرى فيه الحسبة) ما جاء في شروط المُنْكِر: 3023 - أن يكون المنكر ظاهرًا للمحتسب بغير تجسس قال الخلال: أخبرني يوسف بن موسى وأحمد بن الحسين، وهذا لفظ يوسف، أن أبا عبد اللَّه سئل عن الرجل يسمع صوت الطبل والمزمار. ولا يعرف مكانه قال: وما عليه إذا لم يعرف مكانه؟ وقال: أخبرني عبد الكريم بن الهيثم العاقولي قال: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عن الرجل يسمع حسَّ الطبل والمزمار ولا يعرف مكانه، فقال: وما عليك؟ وقال: ما غاب فلا تفتِّش. "الأمر بالمعروف" للخلال (70 - 71) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون، أن مثنى الأنباري حدثهم قال: سمع أحمد بن حنبل حسَّ طبل في جواره، فقام إليهم من مجلسنا، حتى أرسل إليهم فنهاهم. وقال: أخبرني محمد بن جعفر، أن أبا الحارث حدثهم أنه قال لأبي عبد اللَّه: إن لنا جيرانًا يشربون النبيذ في الطريق. قال: انههم أشدَّ النهي، واغلظ لهم ووبِّخهم. وقال: أخبرني محمد بن علي الوراق، أن محمد بن أبي حرب حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يسمع المنكر في دار بعض جيرانه؟

قال: يأمره. قلت: فإن لم يقبل؟ قال: يجمع عليه الجيران ويُهوِّل عليه. وقال: أخبرني منصور بن الوليد، أن جعفر بن محمد النَّسائي حدثهم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عن الرجل يمر بالقوم يغنون؟ قال: إذا ظهر له، هم داخل. ولكن الصوت يُسمع في الطريق. قال: هذا قد ظهر، عليه أن ينهاهم، ورأى أن ينكر الطبل -يعني: إذا سمع صوته. قيل له: مررنا بقوم وقد أشرفوا من علية لهم، وهم يغنون، فجئنا إلى صاحب الخبر فأخبرناه، فقال: لم تكلَّموا في الموضع الذي سمعتم؟ فقيل: لا. قال: كان يعجبني أن تكلَّموا، لعل الناس كانوا يجتمعون، وكانوا يُشهِّرون. "الأمر بالمعروف" للخلال (72 - 75) قال الخلال: أنا محمد بن علي، ثنا مهنا قال: قلت لأحمد: دخلت على رجل في منزله، فدخل البيت وتركني، فإذا قنِّينة إلى جانبي، فكشفت عنها فإذا فيها نبيذ، فكرهت أن أقول له. فقال أحمد: كان ينبغي لك أن تُلقي فيها ملحًا إن استطعت، أو شيئًا يفسده. "الأمر بالمعروف" للخلال (85)

3024 - ما يؤمر به من كسر المنكر إذا كان مغطى

3024 - ما يؤمر به من كسر المنكر إذا كان مغطى قال ابن هانئ: سئل أبو عبد اللَّه -وأنا أسمع- عن القوم يكون معهم المنكر مغطى، مثل طنبور، ومسكر، وأشباه ذلك، أيكسره إن رآه؟ قال: إن كان مغطّى فلا يكسره. "مسائل ابن هانئ" (1947) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن كسر الطنبور؟ قال: يكسر قلت: فإذا كان مغطى؟ قال: إذا سُتر عنك فلا. "الورع" (503) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في رجل يرى مثل الطنبور أو العود أو طبل أو ما أشبه هذا، ما يصنع به؟ قال: إذا كان مغطى فلا، وإذا كان مكشوفًا كسره. "مسائل عبد اللَّه" (1174) قال الخلال: وأخبرني يوسف بن موسى وأحمد بن الحسن -والمعنى واحد- قال أحمد: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يرى الطنبور والمنكر مما يشبهه؟ وقال يوسف: والعود، يكسره؟ قال: لا بأس. قلت: وإن كان من وراء الثوب وهو يصفه أو يبيِّنه؟ قال: لا، إذا كان مغطى فلا أرى له. "الأمر بالمعروف" للخلال (115 - 116)

3025 - الرخصة في أن يكسره وإن كان مغطى إذا علم أنه شيء من المنكر بعينه

ما يكره أن يفتش عنه إذا استراب به قال الخلال: أخبرني أحمد بن الحسين أن أبا عبد اللَّه سئل عن الرجل يرى القنينة يرى أن فيها مسكرًا. قال: دعه. يعني: لا تفتش. وقال: وأخبرني محمد بن علي والحسن بن عبد الوهاب، أن محمد ابن أبي حرب حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه عن القربة المغطاة فقال: لا تعرض له. "الأمر بالمعروف" للخلال (117 - 118) 3025 - الرخصة في أن يكسره وإن كان مغطى إذا علم أنه شيء من المنكر بعينه قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يرى الطنبور أو الطبل مغطى أيكسره؟ قال: إذا كان تبيَّنه أنه طنبور أو طبل كسره. "مسائل ابن هانئ" (1951) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يرى القنينة مغطاة يعلم أن فيها شيئًا فلا يدري أمسكر هو أم خل؟ قال: إذا علم أنه خل لم يتعرض له، وإذا علم أنه مسكر كسره. قيل له: فإذا كان خلًّا أو دبسًا (¬1) ثم كسره أيغرمه؟ قال: نعم، وتبسم. "مسائل ابن هانئ" (1952) ¬

_ (¬1) الدبس: عسل الرطب.

3026 - ما رخص في ترك ذلك إذا علم أن السلطان يمنع عليهم

قال الخلال: أخبرني محمد بن علي والحسن بن عبد الوهاب، أن محمد بن أبي حرب حدثهم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل لقي رجلًا ومعه عود أو طبل أو طنبور مغطى. قال: يكسره. قلت: قربة مغطاة. قال: تريبُه؟ قلت: نعم، قال: يكسره إلَّا أن يكون خلًّا أو لبنًا. "الأمر بالمعروف" للخلال (121) 3026 - ما رخص في ترك ذلك إذا علم أن السلطان يمنع عليهم قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون قال: حدثنا مثنى قال: سألت أحمد قلت: ما تقول في الرجل يكون في بعض قرى السَّواد، فيرى فيها الخمر يبيعه اليهودي والنصراني ظاهرًا، وقد علم عاملهم والسلطان، فهل عليه في ذلك شيءٌ؟ قال: إذا كان من السلطان ليس يتعرض هو. قلت: فإن رأى مسلمًا قد حمل شيئًا منه؟ فقال: المسلم تعظه، وتقول له، فإن أبى أهرقه. "الأمر بالمعروف" للخلال (122)

باب ما جاء في صور المنكر الواجب تغييره

باب ما جاء في صور المنكر الواجب تغييره 3027 - ما يأمر الرجل وينهى في أمور الصلوات قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه قلت: نصلي خلف من يقرأ قراءة حمزة؟ (¬1) قال: إن كان رجلًا يقبل منك، فانهه. قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: وصلينا يومًا إلى جنب رجل لا يتم ركوعه ولا سجوده، فقال: يا هذا، أقم صلبك في الركوع والسجود، وأحسن صلاتك. "مسائل ابن هانئ" (1950) قال أبو داود: سمعت أبا عبد اللَّه قيل له: يصلي الرجل في المسجد، فيرى أهل المسجد يسيئون الصلاة. قال: يأمرهم. قلت: إنهم يكثرون، ربما كانوا عامَّة أهل المسجد. قال: يقول لهم. قيل له: يقول لهم مرتين أو ثلاثًا فلا ينتهون، يتركهم بعد ذلك؟ قال: أرجو أن يسلم، أو كلمةً نحوها. "مسائل أبي داود" (1797) ¬

_ (¬1) هو حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل الإمام الحبر أبو عمارة الكوفي التيمي مولاهم، أحد الأعلام، ولد سنة 85 هـ وأدرك الصحابة بالسن فيحتمل أن يكون رأى بعضهم توفي سنة 156 هـ وقيل 158 هـ. قال الذهبي: وقبره بحلوان مشهور. وقال الجزري في "غاية النهاية في طبقات القراء" ص 263: وما نقل من كراهية أحمد ابن حنبل والشافعي محمول على قراءة من سمنعا منه ناقلًا عن حمزة، وما آفة الأخبار إلا رواتها. وكان حمزة يكره المد والهمز وغير ذلك من التكلف.

3028 - الرجل يرى المرأة مع الرجل السوء أو يراها معه راكبة

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد أن المسور بن مخرمة رأى رجلا يصلي، فلم يتم ركوعًا ولا سجودًا، قال له: أعد. فأبى، فلم يدعه حتى أعاد. "الزهد" ص 254 قال الخلال: أخبرنا عصمة بن عصام، حدثنا حنبل قال: قلت لأبي عبد اللَّه: ترى الرجل إذا رأى الرجل لا يُتمُّ ركوعها ولا سجودها، ولا يقيم أمر صلاته، ترى أن تأمره بالإِعادة؟ قال: يحسن صلاته أو نمسك عنه. ثم قال: إن كان يظن أنه يقبل منه أمره، وقال له ووعظه، حتى يُحسن الصلاة، إن الصلاة من تمام الدين. "الأمر بالمعروف" للخلال (88) وقال: أخبرني محمد بن علي، أن أبا بكر الأثرم حدثهم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل رأى رجلًا مُشمرًا كمَّيه في صلاته، عليه أن يأمره؟ قال: يستحب له أن يصلي غير كاف شعرًا ولا ثوبًا، ليس هذا من المنكر الذي يغلظ ترك النهي عنه. "الأمر بالمعروف" للخلال (91) 3028 - الرجل يرى المرأة مع الرجل السوء أو يراها معه راكبة قال الخلال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال، أنه قال لأبي عبد اللَّه: أرى الرجل السوء مع المرأة. قال: صح به.

3029 - ما ينبغي أن ينكر على الرجل يعلم منه أنه طلق امرأته وهي معه أو يحتج بحجة صحيحة

وقال: وأخبرني محمد بن يحيى أنه قال لأبي عبد اللَّه: الغلام يركب خلف المرأة؟ قال: يُنهى ويُقال له، إلَّا أن يقول: إنها محرم. وقال: أخبرني أحمد بن حمدويه الهمذاني قال: حدثنا محمد بن أبي عبد اللَّه قال: حدثنا أبو داود قال: سمعت أبا عبد اللَّه وقيل له: امرأة أرادت أن تسقط عن الدابة، يمسكها الرجل؟ قال: نعم. "الأمر بالمعروف" للخلال (95 - 97) 3029 - ما ينبغي أن ينكر على الرجل يعلم منه أنه طلق امرأته وهي معه أو يحتج بحجة صحيحة قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر أن أبا طالب حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الرجل تكون معه امرأته على غير حلال، قد طلقها ثلاثًا، وهو معها، ما ترى في معاملته؟ قال: تعظه وتذكِّره اللَّه وتأمره. قلت: فإن قال: قد استحلت وتزوجتُها. قال: يُقبل منه إذا قال: قد استُحلَّت. قال الحسن: يُقبل قوله ولا يُفتَّش عن أحد، والمرأة إذا كانت تُعرف بصدق يُقبل منها. وقال: وأخبرني محمد بن الحسن، أن أبا بكر المروذي حدثهم، أن أبا عبد اللَّه بلغه عن ساكن له بين المغرب والعشاء أنه طلق امرأته، وأنها

3030 - الأخ يعرف من أخيه حيفا في ميراث أخته، كيف وجه العمل والإنكار إليه؟

مقيمة معه، فرأيته خرج إليه وصاح به، ثم قال له: تطلِّق وتقيم؟ وأمره أن يتحول عنه وقال: انتقل. وقال: أخبرني محمد بن هارون بن حُبيش حدثهم أن أبا عبد اللَّه سئل عن الرجل يسمع عن الرجل الذي يطلق امرأته، أيسعه أن يخرجها؟ قال: نعم. وقال: وأخبرني زكريا بن يحيى قال: حدثنا أبو طالب أن أبا عبد اللَّه قيل له: الرجل يقول للرجل: قد طلقت امرأتي ثلاثًا، فلا تخبر ختني فإني أخاف وهي عندي. قال: يخبره، هذا فرج، يخبره حتى يفرِّق بينهما. "الأمر بالمعروف" للخلال (80 - 83) 3030 - الأخ يعرف من أخيه حيفًا في ميراث أخته، كيف وجه العمل والإنكار إليه؟ قال الخلال: أنا محمد بن أبي هارون، أنا مثنى الأنباري حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه قال: قلت: ما تقول في أخوين وأختين، بينهما ميراث من قبل أبيهم، وأحد الأخوين يتحيف الأختين، فهل على الأخ من ذلك شيءٌ؟ وكيف وجه العمل فيه؟ وهل يجوز قطيعة هذا الأخ إذا كان على هذِه الحال، أم يرفق به وينصح؟ قال أحمد: إذا أمره ونهاه فليس عليه أكثر من هذا. "الأمر بالمعروف" للخلال (84)

3031 - ما يؤمر من كسر أواني الخمور وشق الأزقاق إذا كان فيها مسكر يمر به في الأسواق

3031 - ما يؤمر من كسر أواني الخمور وشق الأزقاق إذا كان فيها مسكر يمر به في الأسواق قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إن رأيت مسكرًا مكشوفًا في قربة أو قنينة ترى أن أكسره أو أصبَّه؟ قال: اكسره. "الورع" (505) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي، حدثنا أبو بكر الأثرم. وأخبرني الحسين بن الحسن، حدثنا إبراهيم بن الحارث. وأخبرني الحسن بن محمد قال: كتبت من مسائل أبي عبد اللَّه الدينوري مناولة من مسائل ابن مزاحم، قلت لأبي عبد اللَّه، وقال العبادي: سئل أبو عبد اللَّه عن رجل رأى زق خمر، أيشقُّه؟ قال: يَحُلُّه. قيل له: فإن لم يقدر على حلِّه؟ قال: فليشقَّه إن لم يقدر. وقال: وأخبرني أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا بن يحيى أن أبا طالب حدثهم أنه قال لأبي عبد اللَّه: نمرُّ على المسكر القليل والكثير، أكسره؟ قال: نعم تكسره، لا يُمرُّ بالخمر مكشوفًا. قلت: فإذا كان مغطًّى؟ قال: لا تتعرض له إذا كان مغطى. "الأمر بالمعروف" للخلال (110 - 111)

3032 - ذكر الطنبور

3032 - ذكر الطنبور قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن كسر الطنبور؟ قال: يُكسر. قلت: فالطنبور الصغير يكون مع الصبي؟ قال: تكسره أيضًا، إذا كان مكشوفًا فاكسره. "الورع" (503) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر قال: سئل إياس عن الضرب بالبربط فقال: لو جُعلتُ حكمًا بين عمل أهل الجنة وعمل أهل النار لم أجعل البربط (¬1) من عمل أهل الجنة. "العلل" رواية عبد اللَّه (4074) قال الخلال: أخبرني عمر بن صالح بطرسوس (¬2) قال: رأيت أحمد ابن حنبل مرّ به عود مكشوف فقام فكسره. وقال: أخبرني الحسن بن علي بن عمر المصيصي قال: سمعت عمر ابن الحسين يقول: كسر أحمد بن حنبل طنبورًا في يد غلام لأبي عبد اللَّه نصر بن حمزة. قال: فذهب الغلام إلى مولاه فقال: كسر أحمد بن حنبل الطنبور. فقال له مولاه: فقلت له: إنك غلامي؟ قال: لا. قال: فاذهب أنت حر لوجه اللَّه تعالى. "الأمر بالمعروف" للخلال (124 - 125) ¬

_ (¬1) البربط: آلة موسيقية كالعود "المعجم في اللغة الفارسية" ص 39. (¬2) طرسوس: مدينة بثغور الشام بين أنطاكية وحلب وبلاد الروم، وكانت موطنًا للصالحين "معجم البلدان" (6/ 39).

3033 - ذكر الطبل

3033 - ذكر الطبل قال المُّروذِيّ: سألت أبا عبد اللَّه قلت: أمرّ في السوق فأرى الطبول تباع، أكسرها؟ قال: ما أراك تقوى، إن قويت يا أبا بكر! قلت: أُدعى أغسل ميتًا، فأسمع صوت الطبل؟ قال: إن قدرت على كسره، وإلَّا فاخرج. "الورع" (502) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا هاشم قال: حدثنا فرج قال: حدثنا إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "إن اللَّه حرم على أمتى الكوبة" (¬1) يعني: بالكوبة كل شيء يُكَبُّ عليه. "الأشربة" للخلال (211) قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن علي بن بَذِيْمة قال: حدثني قيس بن حَبْتَر قال: قال ابن عباس: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 158 وأبو داود (3685)، والطبراني 12/ 101 (12598)، وفي "الأوسط" 7/ 241 (7388). قال المنذري في "المختصر" 5/ 268 (3539): الوليد بن عبدة، قال أبو حاتم الرازي: هو مجهول، وقال ابن يونس في "تاريخ المصريين": وليد بن عبدة مولى عمرو بن العاص، روى عنه يزيد بن أبي حبيب، والحديث معلول، ويقال: عمرو ابن الوليد بن عبدة وذكر له هذا الحديث انتهى. وقال ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 649: فيه عنعنة ابن إسحاق. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (1747).

3034 - ذكر الدفوف

قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه عز وجل حرم علي -أو حرم- الخمر والميسر والكوبة" قلت: لعلي بن بذيمة: ما الكوبة؟ قال: الطبل (¬1). "الأشربة" للخلال (190) قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: أكره الطبل، وهو الكوبة. نهى عنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى أن أبا طالب حدثهم أنه قال لأبي عبد اللَّه: هذِه الطبَّالة تبيع الطبول، أكسرها؟ قال: إذا دخلت الدور كيف تكسرها؟ قيل له: فهذِه الطبول التي في الأسواق أكسرها؟ قال: لا تقوى يا أبا بكر -يعني: المروذي- أن تكسرها في الأسواق. قلت له: سمعت من يقول: لما قدم علي بن المديني قال: رأيت مَعْزَفَة مع جارية، فأردت أن أكسرها، فقال أبو عبد اللَّه: يكسرها. "الأمر بالمعروف" للخلال (128 - 129) 3034 - ذكر الدفوف قال إسحاق بن منصور: قلت: سئل عن بيع الدفوف؟ فكرهه. قال أحمد: اذهب إلى حديث إبراهيم: كان أصحاب عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- يستقبلون الجواري في الطريق معهن الدفوف فيخرقونها (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام 1/ 274، وأبو داود (3696)، وصححه ابن حبان في "صحيحه" 12/ 187 (5365) وكذا الألباني في "صحيح الجامع" (1748). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 486 (16407).

وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فصل ما بين الحلال والحرام ضرب الدف" (¬1). الدف على ذاك أيسر. الطبل ليس فيه رخصة. "مسائل الكوسج" (2209) قال ابن هانئ: قلت: فالدف الذي يلدب به الصبيان؟ قال: يروى عن أصحاب عبد اللَّه: أنهم كانوا يتبعون الأزقة يخرقون الدفوف. "مسائل ابن هانئ" (1955) قال الخلال: أخبرني أحمد بن الحسن بن حسان أن أبا عبد اللَّه سئل عن: الدُّفوف، فقال: قد ترخص فيها الكوفيون، يروون عن محمد بن حاطب فيها. ويروى عن الحسن قال: ليس الدفوف من أمر المسلمين في شيءٍ (¬2). وأصحاب عبد اللَّه كانوا يشقِّقُونها. قيل له: فهذِه الدفوف هي؟ قال: لا أدري أخبرك. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن إسحاق حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يكسر الطبل أو الطنبور، أو مسكرًا، عليه في ذلك شيءٌ؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 418 وفي "الزهد" (104)، والترمذي (1088)، والنسائي 6/ 127، وابن ماجه (1896) من حديث محمد بن حاطب، قال الترمذي: حديث محمد بن حاطب حديث حسن. وحسنه الألباني في "الإرواء" (1994). (¬2) لم أقف عليه، وقد عزاه الألباني في "تحريم آلات الطرب" ص 103 للخلال فقط ولم يعزه إلى أحد من الكتب المسندة. وقد روى عبد الرزاق عنه 11/ 6 (19744) ما يؤيد معناه.

قال أبو عبد اللَّه: اكسر هذا كله وليس يلزمك شيءٌ. قلت له: فالدف؟ وفي موضع آخر قلت: الدف الذي يلعب به الصبيان؟ قال: الدف لا يعجبني كسره، وكان أصحاب عبد اللَّه يتشددون فيه. قال إبراهيم: كنا نتتبع الأزقة نخرق الدفوف من أيدي الصبيان (¬1). وقال: أخبرني منصور بن جعفر حدثهم، قال: سألت أبا عبد اللَّه عمن كسر الطنبور والعود والطبل فلم ير عليه شيئًا. قيل له: الدف؟ فرأى أن الدف لا يُعرض له، وقال: قد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في العرس (¬2). قيل له: يكون فيه جرس؟ قال: لا. وقد ذكر كراهية أصحاب عبد اللَّه في الدف، ولم يذهب إليه. "الأمر بالمعروف" للخلال (137 - 139) قال الخلال: وأخبرني أبو بكر المروذي قال: سئل أبو عبد اللَّه: ما ترى في الناس اليوم يحركون الدف في أملاك أو بناء بلا غناء؟ فلم يكره ذلك. قيل له في الحديث الذي جاء: "فصل ما بين الحلال والحرام الضرب". فعرفه وذهب إليه. ¬

_ (¬1) انظر: "مسائل ابن هانئ" (1951، 1952، 1955)، وقد سبق ذكرها. (¬2) روى الإمام أحمد 6/ 359، والبخاري (4001) من حديث الرُّبيِّعِ بنت معوذ أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل عليها يوم عرسها فجعلت جويريات لا يضربن بالدف ويندبن قتلاهم في بدر -الحديث.

3035 - الإنكار على من يلعب الشطرنج

وقال: وأخبرني محمد بن أبي هارون، أن مثنى الأنباري حدثهم أن أبا عبد اللَّه ذُكر له أبو بكر المروذي أنه جاء ليغسل ميتًا، فرأى دفًّا فكسره، فتبسَّم ولم ير به بأسًا، وقال: يكسره في مثل الميت. وقال: أخبرنا محمد بن علي السمسار، حدثنا يعقوب بن بختان، أن أبا عبد اللَّه سئل عن ضرب الدف في الزفاف ما لم يكن غناءٌ، فلم ير به بأسًا، ولم يكره ذلك. وسئل عن كسر الدف عند الميت فلم ير بكسره بأسًا، وقال: كان أصحاب عبد اللَّه يأخذون الدف مع الصبيان في الأزقة يخرقونها. وقال: وأخبرنا أحمد بن فرح الحمصي، ثنا بقية، عن أبي عبد اللَّه كان يقول: إذا ضربتم بالدفوف في النكاح فلا تضربوه إلا بتسبيح وتكبير. وكان يرخص في النكاح، كي يعلم أنه نكاح. "الأمر بالمعروف" للخلال (143 - 145) 3035 - الإنكار على من يلعب الشطرنج قال إسحاق بن منصور: الرجل يمرّ على قوم يلعبون بالنرد أو بالشطرنج، يسلم عليهم؟ قال: ما هؤلاء بأهل أن يُسلَّم عليهم. قال إسحاق: لا، بل إن كان يريد أن يبين لهم ما هم فيه سلَّم ثم أمر ونهى، وإن لم يرد ذلك فلا، ولا كرامة. "مسائل الكوسج" (3318) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل مر بقوم يلعبون بالشطرنج، فنهاهم فلم ينتهوا، فأخذ الشطرنج فرمى به؟ فقال: قد أحسن.

قيل لأحمد: ليس عليه شيء؟ قال: لا. قيل لأحمد -وأنا أسمع: وكذلك إن كسر عودًا أو طنبورًا؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1801) قال حرب: قيل لإِسحاق: أترى بلعب الشطرنج بأسًا؟ قال: البأس كله. قيل: فإن أهل الثغور يلعبون به للحرب. قال: هو فجور. "مسائل حرب" ص 337 قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون والحسن بن جحدر، أن الحسن بن ثواب حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه -وقال له رجل وأنا أسمع: ما ترى في القوم يلعبون بالشطرنج، أجيبهم في حاجة؟ أُسلم عليهم؟ قال: انههم، عظهم. وقال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد أن مملوكًا سأل أبا عبد اللَّه فقال: إن مولاه يرسله إلى قوم يلعبون بالشطرنج، فأُسلم أو لا أُسلم؟ قال له: عظهم، قل لهم: هذا لا يحل لكم، ولا يسعكم، مرهم. فأعاد عليه المملوك، فأعاد عليه الكلام. "الأمر بالمعروف" للخلال (150 - 151) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر، أن أبا طالب حدثهم، أنه سأل أبا عبد اللَّه: أمر بالقوم يلعبون بالشطرنج، أقلبها، أو أنهاهم؟ قال: النرد أشد، والشطرنج أيضًا.

فقلت: إن غطوها أو جعلوها خلفهم. قال: لا تعرض لهم إذا ستروها، أو ستروها عنك. وقال: أخبرني محمد بن علي السمسار قال: حدثني مهنا، سألت أبا عبد اللَّه عن اللعب بالشطرنج، هل تعرف فيه شيئًا؟ قال: لا أعلم إلا قول علي. قلت: كيف هو؟ اذكره. فحدثني عن غير واحد منهم: وكيع عن فضيل بن غزوان، عن ميسرة ابن حبيب النهدي قال: مرّ عليُّ بقوم يلعبون بالشطرنج فقال: ما هذِه التماثيل التي أنتم لها عاكفون (¬1). فسألت أحمد فقلت: أدرك ميسرة عليًّا؟ قال: لا. فقلت: من أين ميسرة؟ فقال: كوفي روى عنه شعبة. قلت: سمع ميسرة من شعبة (¬2)؟ قال: نعم. وسألت أحمد مرة أخرى قلت: كرهه أحد غير عليّ؟ قال: نعم. قلت: من؟ قال: ابن عمر. قلت: من ذكره؟ قال: أبو بدر شجاع، عن عبد اللَّه بن عمر كذا قال، ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 289 (26149)، والأجري في "تحريم النرد والشطرنج والملاهي" ص 135، والبيهقي 10/ 212. وقال ابن حزم في "المحلى" 9/ 63: هذا هو الصحيح عنه، أي عن علي -رضي اللَّه عنه-. (¬2) ميسرة بن حبيب النهدي، أبو حازم الكوفي، روى عن عدي بن ثابت الأنصاري، والمنهال بن عمرو، وأبي إسحاق السبيعي روى عنه: الحسن بن صالح، سفيان الثوري، شعبة بن الحجاج وغيرهم، وثقه الإمام أحمد ويحيى بن معين والعجلي والنسائي انظر ترجمته في "التاريخ الكبير" للبخاري 7/ 376، "الجرح والتعديل" 8/ 253، "تهذيب الكمال" 29/ 192 - 193.

3036 - ذكر النوح

ليس فيه نافع أن ابن عمر كره لعب الشطرنج (¬1). "الأمر بالمعروف" للخلال (153 - 154) 3036 - ذكر النوح قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا علي بن ثابت قال: حدثني سعيد ابن صالح قال: ورأيت أبا وائل يستمع النَّوح ويبكي، ويقول لجارية سوداء: يا بركة عليك السلام. "العلل" رواية عبد اللَّه (5373) قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل قال: قلت لأحمد بن حنبل: الرجل يستمع النوح فيترقَّق. قال: ما أدري. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: النياحة من فعل الجاهلية. وقال: أخبرني عصمة بن عصام، حدثنا حنبل قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت: ما ترى في النياحة إذا كنت في موضع، ننهى أن تنوح؟ قال: أجل من المعروف، قال اللَّه تعالى: {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: 12]. يعني: من النياحة. وهي معصية. وقال: أخبرني محمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال: سألت أحمد عن الرجل يدعى ليغسل الميت فيسمع عندهم صوت النَّوح فما ترى، يدخل يغسله وهم ينوحون؟ ¬

_ (¬1) رواه الأجري في "تحريم النرد والشطرنج والملاهي" ص 137 - 138، والبيهقي 10/ 212.

3037 - ذكر الغناء وإنكاره

قال: نعم، ولكن ينهاهم. "الأمر بالمعروف" للخلال (161 - 164) 3037 - ذكر الغناء وإنكاره قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل له بنات يريد أن يبيع داره ويشتري المغنيات، لابنه أن يمنعه؟ قال: أرى أن يمنعه، ويحجر عليه. "الورع" (192) قال حرب: وسمعت أحمد يستحب ضرب الدف والصوت في الملاك. قيل: الصوت ما هو؟ فقال: الصوت أن يحدث به ويتكلم به، ويظهر ويبسم، وقال: لا أقول كما يقول قوم. قال: وأهل المدينة يسهلون فيه -يعني: الغناء. "مسائل حرب" ص 107 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الغناءِ؟ فقال: الغناءُ ينبتُ النفاق في القلب، لا يعجبني. "مسائل عبد اللَّه" (1175)، "العلل" رواية عبد اللَّه (1597) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: لو أن رجلًا عمل بكل رُخصة: بقول أهل الكوفة في النبيذ، وأهل المدينة في السماع -يعني: الغناءَ- وأهل مكة في المتعة -أو كما قال أبي- كان به فاسقًا. "مسائل عبد اللَّه" (1632) , "العلل" (1455)

3038 - ذكر المزمار

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع قال: سألت مالك بن أنس عما يترخص فيه أهل المدينة من الغناءِ، فقال: إنما يفعله عندنا الفسَّاق. "العلل" رواية عبد اللَّه (1581) قال الخلال: قال أبو عبد الرحمن: ووجدت في كتاب أبي: ثنا أبو معاوية الغلابي قال: حدثني خالد بن الحارث قال: قال سليمان التَّيمي: لو أخذت برخصة كل عالم أو زلة كل عالم اجتمع فيك الشر كله. "الأمر بالمعروف" للخلال (169) 3038 - ذكر المزمار قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن عبد الحميد، حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، وسأله عن الرجل ينفخ في المزمار؟ فقال: أكرهه، ليس به عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث زمَّارة الراعي فقلت: أليس هو منكرًا؟ فقال: سليمان بن موسى يرويه عن نافع، عن ابن عمر (¬1)، ثم قال: أكرهه. "الأمر بالمعروف" للخلال (174) سأله ابن الحكم عن النفخ في القصبة كالمزمار؟ قال: أكرهه. "الفروع" 5/ 311 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 8، وأبو داود (4924) وقال: هذا حديث منكر. لكن صحح الحديث ابن حبان 2/ 468 (396). وكذا الألباني في "تحريم آلات الطرب" ص 116 وأشار إلى تصحيح ابن حزم له.

3039 - ذكر غنائهم الذي كانوا يغنون

3039 - ذكر غنائهم الذي كانوا يغنون قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: حديث الزهري، عن عروة، عن عائشة (¬1). وهشام، عن أبيه، عن عائشة، عن جوار يغنين (¬2). أيش هذا الغناء؟ قال: غناء الركب: أتيناكم. وقال: وأخبرني منصور بن جعفر حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عن حديث هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة في لعب الحبشة في المسجد؟ فلم يجب عنه. "الأمر بالمعروف" للخلال (183 - 184) 3040 - ذكر القصائد قال الخلال: أخبرنا إسماعيل بن إسحاق الثقفي أن أبا عبد اللَّه سئل عن إسماع القصائد، فقال: أكرهه. وقال: أخبرني محمد بن موسى قال: سمعت عبدان الحذَّاء قال: سمعت عبد الرحمن المتطبِّب قال: سألت أحمد بن حنبل قلت: ما تقول في أهل القصائد؟ قال: بدعة، لا يُجالسون. "الأمر بالمعروف" للخلال (185 - 186) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 84، والبخاري (987)، ومسلم (892/ 17). (¬2) رواه من هذا الطريق الإمام أحمد 6/ 56 - 57، والبخاري (952)، ومسلم (892/ 16).

3041 - ذكر التغبير

3041 - ذكر التغبير قال أبو داود: سمحت رجلًا ضريرًا قال لأحمد: ما تقول في التغبير؟ فقال: لا يعجبني. "مسائل أبي داود" (1814) قال البغوي: وسئل أحمد -وأنا أسمع- عن التغبير؟ فقال: لا يعجبني. "مسائل البغوي" (44) قال الخلال: حدثنا صالح بن علي الحلبي، عن ميمون بن مهران قال: سمعت أحمد بن حنبل وجعل الناس يسألونه عن التغبير وهو ساكت حتى دخل منزله. وقال: وأخبرني محمد بن علي والحسين بن عبد اللَّه أن محمد بن حرب حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن التغبير، فقال: كل شيءٍ محدث، كأنه كرهه. وقال: وأخبرني محمد بن علي أن أبا بكر الأثرم حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: التغبير هو محدثةٌ. وقال: وأخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه: ما ترى في التغبير أنه يرقق القلب؟ فقال: بدعة. وقال: أنا الحسين بن صالح العطار، حدثنا هارون بن يعقوب الهاشمي قال: سمعت أبي أنه سأل أبا عبد اللَّه عن التغبير؟ فقال: هو بدعة ومحدث.

وقال: وأخبرني محمد بن علي السمسار، أن يعقوب بن بختان، أنه سأل أبا عبد اللَّه عن التغبير فكرهه، ونهى عن استماعه. "الأمر بالمعروف" للخلال (187 - 193) قال الخلال: وأخبرني إسماعيل بن إسحاق الثقفي، أن أبا عبد اللَّه سئل عن استماع التغبير، فكرهه. "الأمر بالمعروف" للخلال (195) نقل إبراهيم بن عبد اللَّه القلانسي أن أحمد قال عن الصوفية: لا أعلم أقوامًا أفضل منهم، قيل: إنهم يستمعون ويتواجدون، قال: دعوهم يفرحون مع اللَّه ساعة، قيل: فمنهم من يموت ومنهم من يغشى عليه، فقال: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر: 47]. ونقل يوسف عنه: لا يستمعه. قيل: هو بدعة؟ قال: حسبك. "الفروع" 5/ 312

3042 - ما يكره أن يكتب أمام الشعر (بسم الله الرحمن الرحيم)

فصل في ذكر الشعر 3042 - ما يكره أن يكتب أمام الشعر (بسم اللَّه الرحمن الرحيم) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم عن مجالد، عن الشعبي قال: أجمعوا ألا يكتبوا أمام الشعر بسم اللَّه الرحمن الرحيم. سمعت أبي يقول: لم يسمعه هشيم من مجالد. "العلل" رواية عبد اللَّه (2172، 2217) قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد بن عبد الحميد قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه أنه سئل عن الرجل يكتب بسم اللَّه الرحمن الرحيم أمام الشعر. فكأنه لم يعجبه، وقال: حدثنا حفص، عن مجالد، عن الشعبي، قال: كانوا يبهتبون أمام الشعر: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، وقال: بسم اللَّه الرحمن الرحيم آية من القرآن، فما بال القرآن يكتب مع الشعر، وقال: هذا حديث أنس: " أُنزلت على سورة، وقرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} " (¬1). وهو حجة ألَّا تكتب أمام الشعر. "الأمر بالمعروف" للخلال (233) نقل محمد بن الحكم: لا تكتب -أي: بسم اللَّه الرحمن الرحيم- أمام الشعر. "الفروع" 1/ 413 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 102، ومسلم (400).

3043 - ما يكره من الشعر وما لا يكره

3043 - ما يكره من الشعر وما لا يكره قال إسحاق بن منصور: قلت: ما يكره من الشعر؟ قال: الهجاءُ والرقيق الذي يشبب بالنساءِ، وأما الكلام الجاهلي فما أنفعه، قال رسول اللَّه: "إن من الشعر لحكمة" (¬1). قال إسحاق: أو كما قال. "مسائل الكوسج" (3274) قال إسحاق بن منصور: قلت: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا خير من أن يمتلئ شعرًا" (¬2). فتلكأ، فذكرت له قول النضر بن شميل -يعني: أجوافنا لم تمتلئ شعرًا؛ فيها القرآن، والعلم، والذكر، هذا لأولئك الأعراب الذين لا يحسنون إلا الشعر. فقال: ما أحسن ما قال. قال إسحاق: أجاد. "مسائل الكوسج" (3275) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان، عن علي بن زيد بن جدعان تذاكروا -أي: بيتًا من الشعر- فقال رجل: قول أبي طالب: شق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد "العلل" رواية عبد اللَّه (1032) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا عمر بن أبي ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 456، والبخاري (6145) من حديث أبي بن كعب. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 288، والبخاري (6155)، ومسلم (2257) من حديث أبي هريرة.

زائدة، عن الشعبي قال: كان أبو بكر شاعرًا، وكان عمر شاعرًا، وكان على يقول الشعر، وكان أشعرهم. "العلل" رواية عبد اللَّه (2125) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثنا أيوب عن ابن سيرين، عن كثير بن أفلح قال: كان آخر مجلس جالسنا فيه زيد بن ثابت مجلسا تناشدنا فيه الشعر. "العلل" رواية عبد اللَّه (2743) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا علي بن ثابت قال: قال سعيد بن أبي عروبة: كان قتادة ربما حدثني بالحديث فينشد بعده بيت شعر أو بيتين. "العلل" رواية عبد اللَّه (5372) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى، عن سفيان، حدثني سليمان، عن مسلم قال: سئل مسروق عن بيت شعر؟ قال: ما أحب أن أجد في صحيفتي شعرا. "الزهد" ص 419 قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح أنه سأل أباه عما يروى: "من روى هجاءً فهو أحد الهاجين" (¬1). ¬

_ (¬1) لم أقف عليه بهذا اللفظ، لكن روى عبد الرزاق 11/ 176 (20252)، والبيهقي 10/ 241 وفي "الشعب" 4/ 277 (5092) من طريقه عن معمر، عن محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "أربى الربا شتم الأعراض، وأشد الشثم الهجاء، والراوية أحد الشاتمين". قال البيهقي في "السنن": هذا مرسل، وهو يؤكد ما قبله، ورواه عمران بن أنس المكي، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- موصولَّا باللفظ الأول، قال البخاري: ولم يتابع عليه. أ. هـ.

3044 - في ذكر ما أنشده الإمام أحمد من الشعر أو نسب إليه

فقال: لا يعجبني أن يروى الهجاءُ. "الأمر بالمعروف" للخلال (235) 3044 - في ذكر ما أنشده الإمام أحمد من الشعر أو نسب إليه قال أحمد بن يحيى ثعلب: كنت أحب أن أرى أحمد بن حنبل، فصرت إليه، فلما دخلت عليه، قال لي: فيم تنظر؟ فقلت في النحو والعربية، فأنشدني أحمد بن حنبل (¬1) إذا ما خلوت الدهرَ يوما فلا تقل ... خَلَوْتُ، ولكن قل: عليَّ رقيبُ ولا تحسبن اللَّه يغفل ساعةً ... ولا أن ما نخفي عليه يغيبُ لَهَونَا عن الأيام حتى تتابعتْ ... ذنوبٌ على آثارهن ذنوبُ فيا ليت أن اللَّه يَغْفر ما مضى ... ويأذن في توباتنا فنتوبُ وقال في موضع آخر: دخلت على أحمد بن حنبل فرأيت رجلًا كأن النار تُوقد بين عينيه، فسلمت عليه فردّ وقال: من الرجل؟ فقلت: ثعلب. ¬

_ = صحح الألباني صدره: "أربى إلربا شتم الأعراض" في "صحيح الجامع" (872)، وضعف عجزه الباقي في "ضعيف الجامع" (745). (¬1) الأبيات في طبقات الحنابلة جـ 1 ص 83.

فقال: ما الذي تطلب من العلم؟ قلت: القوافي والشعر، ووددت أني قلت له غير ذلك. فقال: اكتب، ثم أملى عليّ (¬1): إذا ما خَلَوْتَ الدهرَ يوما فلا تَقُلْ ... خَلَوْتُ، ولكن قل عليَّ رقيبُ ولا تحسبن اللَّهَ يغفل ساعةً ... ولا أنَّ ما نُخفي عليه يغيبُ لَهَوْنَا عن الأعمال حتى تتابعتْ ... ذنوبٌ على آثارهن ذنوبُ فيا ليت أن اللَّه يَغْفِر ما مَضَى ... ويأذَنُ في تَوْبَاتنا فَنَتوبُ إذا ما مَضَى القَرْنُ الذي أنت فيهمُ ... وخُلّفْتَ في قرنٍ فأَنت غريبُ وقال علي بن خَشْرَم أنه سمع أحمد بن حنبل يقول (1): تَفْنَى اللَّذَاذَةُ ممن نال صَفْوَتَهَا ... من الحرام، ويَبْقَى الإِثمُ والعارُ تبقى عواقبُ سوء من مَغَبَّتِهَا ... لَا خَيْرَ في لَذَّةٍ من بعدها النَّارُ وقال أبو عبد اللَّه الخيطَ: أنشدت لأحمد بن حنبل من قوله في علي بن المديني (¬2). ¬

_ (¬1) الأبيات في "المنهج الأحمد" 1/ 25. (¬2) الأبيات في "تاريخ بغداد" 11/ 469 - 470، و"المنهج الأحمد" 1/ 25.

يا ابن المدينيِّ الذي عَرَضَتْ له ... دُنْيَا، فجادَ بدينهِ لينالَهَا مَاذَا دَعَاكَ إلى انتحال مقالةٍ ... قد كنتَ تَزْعُمُ كافرًا مَنْ قالهَا؟ أَمْرٌ بَدَا لَكَ رُشْدَهُ فتبعتَهُ ... أَم زهرة الدنيا أَردْتَ نوالَهَا؟ ولقد عهدتُكَ مَرَّةً متشدِّدًا ... صَعْبَ المقالة للتي تُدْعَى لها إِن المرزَّأَ مَنْ يُصاب بدينِهِ ... لا مَنْ يرزَّأَ ناقَة وفِصَالَها "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 265 - 266

3045 - وجوب طمس الصور وأنها محرمة

فصل: ما جاء في الصور 3045 - وجوب طمس الصور وأنها محرمة قال أبو الفضل صالح: وسألت أبي عن قوم يرخصون في الصور ويقولون: كان نقش خاتم سليمان فيه صورة وغيره؟ فقال أبي: إنما هذِه الخواتيم كانت نقشت في الجاهلية، والصور لا ينبغي لبسها؛ لما روي فيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من صور صورة كلف أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ، وعذب" (¬1)، وقد قال إبراهيم: أصاب أصحابنا خمائص فيها صلب، فجعلوا يضربونها بالسوك، يمحونها بذلك. وفي حديث أبي طلحة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة" (¬2). "مسائل صالح" (144) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: الصورة الرأس. حَدَّثَنَا محمد بن محبوب قال: حدثنا وهيب، عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: الصورة الرأس، فإذا قطع الرأَس فليس هي صورة. "مسائل أبي داود" (1676) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: فالرجل يُدعى، فيرى سترًا عليه تصاوير؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 145، والبخاري (5951)، ومسلم (2108) من حديث عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنه-. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 28، والبخاري (3226)، ومسلم (2106).

قال: لا ينظر إليه. قلت: قد نظرت إليه كيف أصنع، أهتكه؟ قال: تخرق شيء الناس؟ ولكن إن أمكنك خلعه خلعته. "الورع" (453) قال المروذي: قلت: فالرجل يكتري البيت يرى فيه تصاوير ترى أن يحكه؟ قال: نعم. "الورع" (455) ونقل المروذي عنه: عن خالد بن سعيد قال: دُعي أبو مسعود إلى طعام فقالوا له: في البيت صورة، فأبي أن يأتيهم حتى ذهب إنسان فكسرها. وقال: حدثني عيسى بن المنذر الراسبي قال: سمعت الحسن وقال له عُقبة الراسبي: في مسجدنا ساجة فيها تصاوير؟ فقال الحسن: انجروها. عن الزهري، عن سالم قال: عرستُ في عهد أبي، فآذن الناس، وكان فيمن آذن أبو أيوب، وقد ستروا بيتي بجُناديٍّ أخضر، فجاء أبو أيوب، فطأطأ رأسه، فإذا البيت مستور بجنُاديِّ أخضر. فقال: أتسترون الجدر؟ ! فقال أبي، واستحيا: غلبنا النساء يا أبا أيوب. فقال: من خشيت أن يغلبنه النساء، فلن أخشى أن يغلبنك. لا أطعم لكم طعامًا ولا أدخل لكم بيتًا، فخرج. عن مجاهد، عن أبي هريرة: أن جبرائيل جاء فسلم على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فعرف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صورته، فقال: "ادخل"، فقال: "إن في البيت سترًا في الحائط فيه تماثيل، فاقطعوا رءوسها، واجعلوا بساطًا

أو وسائد فأوطئوه؛ فإنا لا ندخل بيتًا فيه تماثيل" (¬1). عن أبي مسلم الخولاني: أنه انصرف إلى منزله، فإذا هو بالبيت قد سُتِر. فقال: إن بيتكم هذا ليجد القرَّ فأدفئوه، وإلا فلا أبرح حتى تنزعوه، فنزعوا الستر، ثم دخل. عن عائشة -رضي اللَّه عنها-: أنها كان لها ثوب فيه تصاوير، ممدود إلى سهوة، فكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي إليه، فقال: "أخريه عني"، قال فأخذته فجعلتها وسادة (¬2). عن بُسر بن سعد، عن زيد بن خالد الكهني، عن أبي طلحة صاحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة". قال بُسر: ثم اشتكى، فعدناه، فإذا على بابه ستر فيه صورة، فقلت لعبيد اللَّه الخولاني -ربيب ميمونة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: ألم يخبرنا ويذكر لنا الصورة يوم الأول؟ فقال عُبيد اللَّه: ألم تسمعه حين قال: "إلا رقمًا في ثوب؟ " (¬3). "الورع" (459 - 465) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 308، وأبو داود (4158)، والترمذي (2806)، والنسائي 8/ 216 قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (2250). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 172، ومسلم (2107/ 93). ورواه البخاري (2150) بلفظ مقارب. (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 28، والبخاري (5958)، ومسلم (2106/ 85).

3046 - الصور إذا كانت في لعب الأطفال

3046 - الصور إذا كانت في لعب الأطفال قال المروذي: قيل لأبي عبد اللَّه: ترى للرجل الوصي تسأله الصبية أن يشتري لها لعبة؟ فقال: إن كانت صورة فلا، وذكر فيه شيئا قلت: الصورة أليس إذا كان لها يد أو رجل؟ فقال: عكرمة يقول: كل شيء له رأس فهو صورة. قال أبو عبد اللَّه: فقد يصيرون لها صدرًا، وعينًا وأنفًا وأسنانًا. قلت: فأحب أليك أن يجتنب شراءها؟ قال: نعم قلت: أفليس عائشة تقول: كنت ألعب بالبنات (¬1)؟ قال: نعم، هذا محمد بن إبراهيم يرفعه، وأما هشام فلا أراه يذكر فيه كلاما، في حديث محمد بن إبراهيم، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يسرحهن إلي (¬2). قال المروذي: وألقيت على أبي عبد اللَّه: عن أسامة، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن عائشة: أهديت إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ومعي لعبي (¬3). فاستغربه، وقال: هو غريب ما أعرفه. قال المروذي: قلت: حدثنا محمود بن غيلان، عن ابن عمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الذين يصنعون الصور يوم القيام يقال لهم: أحيوا ما خلقتم". ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 57، والبخاري (6130)، ومسلم (2440) من طريق هشام عن أبيه عنها. (¬2) روى طريق محمد بن إبراهيم أبو داود (4932)، والنسائي في "الكبرى" 5/ 306 (8950)، والبيهقي 10/ 219 ليس فيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يسرحهن إليها، إنما ذلك في حديث هشام السالف. (¬3) رواه بسنده ولفظه: عبد الرزاق 6/ 162 (10349). وهو عند البخاري (3894)، ومسلم (1422) بنحوه مطولًا.

عن سعد بن هشام، عن عائشة قالت: كان لنا سترٌ فيه تمثال طائر، فكان الداخل إذا دخل استقبله، فقال لي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا عائشة، حَوِّلِي هذا، فإني كلما دخلت فرأيته ذكرت الدنيا". قالت: وكانت لنا قطيفة لها أعلام. حدثنا سفيان، عن الزهري، عن القاسم، عن عائشة قالت: دخل عليَّ رسول اللَّه وقد سترت بقرام فيه تمثال، فلما رآه تلون وجهه -وقال سفيان مرة: تغير وجهه- وهتكه بيده وقال: "إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق اللَّه ويشبهون". قال سفيان: سواء. عن عكرمة عن ابن عباس: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رأي الصور في البيت -يعني: الكعبة- فلم يدخل، وأمر بها فمحيت، ورأى إبراهيم وإسماعيل بأيديهما الأزلام، فقال: "قاتلهم اللَّه، واللَّه ما استقسما بالأزلام قط" (¬1). عن عائشة أنها قالت: كان لنا ثوب فيه تصاوير ممدود إلى سهوة، فكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي إليه. فقال: "أخريه عني". قالت: فأخرته فجعلته وسادة. حدثنا أسامة بن زيد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: قدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من سفر، وقد سترت سهوةً لي بستر فيه تصاوير. قالت: فلما رآه هتكه وقال: "أتسترين الجُدُرَ بستر فيه تصاوير"؟ ! قال: فجعلنا منه منتبذتين، فرأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- متكئًا على أحداهما (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 365، والبخاري (3352). ورواه مسلم (1331) بلفظ مقارب. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 247، وقد تقدم نحوه عند البخاري (2150)، ومسلم (2107) من حديثها.

3047 - الصور إذا كانت في أساس المنزل

حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من سفر، وقد علَّقت على بابي سترًا فيه الخيل أولات الأجنحة، فلما رآها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "انزعيه" (¬1). عن مجاهد عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "أتاني جبريل عليه السلام، فقال: إني أتيتك الليلة فلم يمنعني أن أدخل البيت الذي أنت فيه إلا أنه كانت في البيت تمثال رجل، وكان في البيت قِرَام ستر فيه تماثيل، فأمر برأس التمثال الذي في البيت أن يُقطع فيصير كهيئة الشجرة، فأمر بالستر يُقطع، فيُعمل منه وسادتين مننبذتين يوطئان، وأمر بالكلب أّن يُخرج، ففعلت" (¬2). "الورع" (466 - 475) سأله بكر بن محمد النسائي عن حديث عائشة: كنت ألعب بالبنات. قال: لا بأس بلعب اللعب إذا لم يكن فيه صورة، فإذا كان فيه صورة فلا. "الأحكام السلطانية" ص 294 3047 - الصور إذا كانت في أساس المنزل قال إسحاق بن منصور: قلت: ما يكره من الصور؟ قال: ما يوطأ أرجو ألا يكون به بأس. قلت: ويصلى عليه إذا وطئ؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 229، وانظر المصدر السابق. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 305، وأبو داود (4158)، والترمذي (2806) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وكذا الألباني في "صحيح الترمذي" (2250).

قال: ويصلى عليه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3315) قال أبو الفضل صالح: حدثني أبي، قال: حَدَّثنَا أبو حفص المعيطي، قال: حَدَّثنَا هشام بن عروة قال: كان لأبي حجلة فيها الصورة. "مسائل صالح" (864) قال ابن هانئ: سألته عن الجلوس على ما فيه التماثيل؟ النوم على الخز وعلى الحرير؟ فقال: التماثيل إذا كان متوطئًا فلا بأس بالجلوس عليه، والخز لبسه أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يفترش الحرير. "مسائل ابن هانئ" (1829) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أخبرنا (معتمر) (¬1) بن سليمان قال: أخبرنا ليث قال: دخلت على سالم بن عبد اللَّه وهو متكئ على وسادة فيها تصاوير وحش أو سباع فقلت: أما تكره هذا، قال: يكره للذي يصورها، ثم قال سالم: سمعت أبي يحدث أن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من صور شيئًا كلف أن يحييه يوم القيامة" (¬2). وسمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "الفتنة ههنا" (¬3) وأشار بيده نحو المشرق. قال: قلت له: بما جهزك ¬

_ (¬1) في "مسائل حرب": (معمر) والمثبت كما في رواية البزار، وانظر ترجمة معتمر بن سليمان من "التهذيب" 28/ 250 (6080). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 145 من طريق حفص بن غياث عن ليث به مع اختلاف الجزء المرفوع ففيهك "من صور صورة كلف أن ينفخ فيها وليس بنافخ". ورواه البزار في "مسنده" 12/ 274 (666) من طريق المعتمر بن سليمان عن ليث بالجزء المرفوع فقط. وقد سبق تخريج القدر المرفوع من الصحيحين. (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 18، والبخاري (3511)، ومسلم (2905).

أبوك؟ قال: بتابوتين من خشب، وحجلة من صوف، ونبد وسائد، وزربية، وسرير عليه حشية قال: قلت إلى من أرسل؟ قال: أرسل إلى أبي أيوب صاحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دعو لنا بالبركة، فلما رأى ما في البيت أبى أن يدخل وقال: ما كنت أرى أن تدعوني إلى مثل هذا. أو كما قال. "مسائل حرب" ص 340

3048 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد

رابعًا: الاحتساب فصل: ما جاء في مراتب الاحتساب 3048 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: نحن نرجو إن أنكر بقلبه فقد سلم وإن أنكر بيده فهو أفضل. "مسائل أبي داود" (1799) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: كيف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال: باليد، وباللسان، وبالقلب وهو أضعف. قلت: كيف باليد؟ قال: تفرق بينهم. ورأيت أبا عبد اللَّه مر على صبيان الكتاب يقتتلون، ففرّق بينهم. "الورع" (499) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عفان، حدثنا جعفر، حدثنا مالك بن دينار، حدثني فلان أن عامر بن عبد اللَّه مر بالرحبة، وإذا ذمي يظلم قال: فألقى عامر رداءه، قال: ثم قال: لا أرى ذمة اللَّه تخفر وأنا حي! ثم استنقذه. "الزهد" ص 278 قال الخلال: وأخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح أن أباه قال: التغيير باليد، ليس بالسيف والسلاح. وقال: وأخبرني محمد بن علي قال: ثنا المهنَّا قال: سألت أحمد عن الأمر بالمعروف يستقيم باليد يكون ضربًا باليد إذا أمر بالمعروف؟ قال: الرفق.

وقال: وأخبرنا محمد بن علي السمسار، حدثنا مهنَّا، قال: سئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يأمر بالمعروف بيده؟ فقال: إن قوي على ذلك فلا بأس به. فقلت: أليس قد جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس للمؤمن أن يذل نفسه" (¬1). أن يعرضها من البلاء ما لا طاقة له به؟ قال: ليس هذا من ذلك. "الأمر بالمعروف" (28 - 30) قال صالح، قال أبي: يقتل الخنزير، ويفسد الخمر، ويكسر الصليب. "الطرق الحكمية" ص 359 قال المروذي: بعثني أبو عبد اللَّه إلى رجل بشيء، فدخلت عليه، فأتي بمكحلة رأسها مفضض، فقطعتها، فأعجبه ذلك، وتبسم وأنكر على صاحبها. "الطرق الحكمية" ص 362، "الآداب الشرعية" 1/ 189، 3/ 479 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 405، والترمذي (2254)، وابن ماجة (1640) والبغوي في "شرط السنة" 13/ 179 من حديث حذيفة -رضي اللَّه عنه-. قال الترمذي والبغوي: حديث حسن غريب. ونقل الحافظ العراقي تصحيح الترمذي في "تخريج الإحياء" (118) وأقره. وصححه أيضًا الألباني في السلسلة الصحيحة (613).

3049 - الاستعداء ورفع الأمر إلى الحاكم، وما قيل في كراهة ذلك

3049 - الاستعداء ورفع الأمر إلى الحاكم، وما قيل في كراهة ذلك قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل يتهم بغلامه، فأراد بعض الناس أن يرفعه إلى الإمام فدبر غلامه؟ فقال: هذا يحال بينه وبينه إذا كان فاجرًا معلنًا. "مسائل أبي داود" (1803) قال ابن هانئ: قلت له: إن بعض الصيادين يصطادون بالفأر والضفادع؟ قال: ويفعلون هذا! ؟ مرهم وانههم. قيل له: فإن لم يقبلوا مني، أستعدي عليهم السلطان؟ قال: إن قدرت فاستعدِ عليهم، لعلهم ينتهون. "مسائل ابن هانئ" (1958) قال الخلال: أخبرني إبراهيم بن الخليل، أن أحمد بن نصر أبا حامد حدثهم، أن أبا عبد اللَّه سئل عن الرجل يُرى منه الفسق والدعارة، ويُنهى فلا ينتهي، يرفعه إلى السلطان؟ قال: إن علمت أنه يقيم عليه الحدَّ فارفعه. وقال: كان لنا جار فرفع إلى السلطان، كان قد تأذى منه جيرانه فرفعوه، فضربوه ثلاثين درَّة فمات. وقال: أخبرني أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: يستعان على من يعمل بالمنكر بالسلطان؟ قال: لا، يأخذون منه الشيء ويستتيبونه.

ثم قال: جار لنا حبس ذلك الرجل فمات في السجن (¬1). ثم قال: كيف حكى أبو بكر بن خلَّاد؟ فذكرت له قصة ابن عيينة. وقال: فأخبرنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا بكر بن خلاد يقول: كنا عند ابن عيينة، فجاء الفضل فوقف عليه، فقال لنا: لا تجالسوه، حبس رجلًا في السجن، ما يؤمنك أن يقع السجن عليه، قم فأخرجه. وقال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال، أنه قال لأبي عبد اللَّه: يكون لنا الجار يضرب بالطنبور والطبل. قال: انهه. قلت: أذهب به إلى السلطان؟ قال: لا. قلت: فلم ينته، يُجزئني نهي له؟ قال: نعم، إنما يكفيك أن تنهاه. وقال: أخبرني جعفر بن محمد، أن يعقوب بن بختان حدثهم، أنه سأل أبا عبد اللَّه عن القوم يؤذونه بالغناءِ؟ فقال: تقدَّم إليهم وانههم واجمع عليهم. قلت: السلطان؟ قال: لا. قلت: فأدع الصلاة؟ قال: لا تضيّع المسجد. وقال: وأخبرني زكريا بن يحيى الناقد أن أبا طالب حدثهم: سئل أبو عبد اللَّه: إذا أمرتُ بالمعروف فلم ينته، ما أصنع؟ قال: فدعه، قد أمرته، وقد أنكرت عليه بلسانك وجوارحك، لا تخرُج إلى غيره، ولا ترفعه للسلطان يتعدى عليه، كان أصحاب عبد اللَّه إذا تلاحى قوم قالوا: مهلًا بارك اللَّه فيكم، مهلًا بارك اللَّه فيكم. وقال: وأخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث ¬

_ (¬1) "الورع" (500 - 501).

حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت: الرجل يأمر بالمعروف فلا يُقبل منه، فترى إذا رأى منكرًا وهو يعلم أنه لا يُقبل منه أن يسكت ولا يتكلم؟ قال: إذا رأى المنكر فليغيِّر بما أمكنه. قلت له: فإن أمره ونهاه وتقدَّم إليه في ذلك فلم يقبل منه، ترى أنه يستعين عليه بالسلطان؟ قال: أما السلطان فما أرى ذلك. قال: وسألته مرة أُخرى قلت: يا أبا عبد اللَّه، إن بعض إخوانك له جيران يؤذونه بشرب الأنبذة وضرب العيدان، وارتكاب المحارم، وبينت له أمر النساءِ، وهو يريد أن يرفعهم إلى السلطان. فقال أبو عبد اللَّه: يعظهم وينهاهم. قلت له: قد فعل فلم ينتهوا. فقال: أما السلطان فلا، إذا رفعهم إلى السلطان خرج الأمر من يده، أما علمت قصة عقبة بن عامر؟ (¬1) وقال: أخبرني أحمد بن بشر بن سعيد الكندي قال: حدثني عبد اللَّه بن الطِّيب قال: كان لي جار يؤذيني يضرب الطنابير والعيدان، فأتيت أحمد بن حنبل، فقال لي: انهه. فقلت: قد نهيته. فقال لي: انهه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 174، وأبو داود (4892) عن مولى عقبة بن عامر قال: أتيت عقبة بن عامر فأخبرته أن لنا جيرانًا يشربون الخمر. قال دعهم. ثم جاءه فقال: ألا أدعو عليهم الشرط؟ وقال عقبة: ويحك دعهم، فإني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قول: "من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة من قبرها". وهذا لفظ الإمام أحمد. وضعفه الألباني في "ضعيف الترغيب والترهيب" (1401).

فقلت: قد نهيته فعاد. فقال: هذا عليك. فقلت: السلطان؟ قال: لا، إنما عليك أن تنهاه. وقال: أخبرني أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: إن صالحًا ابنك يريد أن يدخل هو وأبو يوسف إلى السلطان فيخبروه بقصة شمخصة أنه شتمك، وقد أشهدوا عليه، وكان قد شهد عليه أبو بكر بن حماد المقرئ. فقال أبو عبد اللَّه: قل لهم: لا تعرضوا له، وأنكر أن يذهبوا إلى السلطان. وبلغ أبا عبد اللَّه أن قرابة له حبس رجلًا في السجن، فأمر أن يُخرج. فقال لي أبو عبد اللَّه: رأيت هذِه المرأة، قد رقَّ لها قلبي، أو قال: رققت لها. قالت: ابني حُبس بسببك، حبسه شمخصة وأصحابه. قال: لو تكلمتم في أمره؟ قلت: قد سألوا أصحابنا أن أذهب إلى فلان. قال: فلا تذهب، تكلِّمُ من يُكلِّمُه على شرط ألا يحبس منهم أحدًا. "الأمر بالمعروف" (50 - 60) قال مثنى الأنباري: قلت لأبي عبد اللَّه: ما تقول إذا ضرب رجل رجلًا بحضرتي أو شتمه فأرادني أن أشهد له عند السلطان؟ قال: إن خاف أن يتعدى عليه لم يشهد، وإن لم يخف شهد. "الآداب الشرعية" 1/ 216 قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عمن يعمل المسكر ويبيعه، ترى أن يحول من الجوار؟ قال: أرى أن يوعظ في ذلك ويقال له، فإن انتهى

3050 - إنكار المنكر بالقلب إن لم يستطع له تغييرا

وإلا أنمي أمره إلى السلطان حتَّى يمتنع من ذلك. "الآداب الشرعية" 1/ 218 3050 - إنكار المنكر بالقلب إن لم يستطع له تغييًرا قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه قلت: رجل تكلم بكلام سوءٍ يجب عليّ أن أُغيّره في ذلك الوقت، فلا أقدر على تغييره، وليس لي أعوان يعينونني عليه؟ قال: إذا علم اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من قلبك أنك منكر لذلك، فأرجو ألا يكون عليك شيء. "مسائل ابن هانئ" (1948) قال ابن هانئ: قلت: متى يجب على الرجل الأمر والنهي؟ قال: ليس هذا زمان نهي، إذا غيرت بلسانك، فإن لم تستطع فبقلبك، فهو أضعف الإيمان. وقال لي: لا تتعرض للسلطان فإن سيفه مسلول وعصاه. "مسائل ابن هانئ" (1956) قال المروذي: وشكوت إلى أبي عبد اللَّه جارًا لنا يؤذينا بالمنكر، فقال: مره بينك وبينه. قلت: قد تقدمت إليه مرارًا، فكأنه تمحل. قال: أي شيء عليك؟ إنما هو على نفسه، أنكر بقلبك ودعه. قلت لأبي عبد اللَّه: فيستعان بالسلطان عليه؟ قال: لا، ربما يأخذ الشيء ويترك. "الورع" (500)

قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه وقال له رجل: لي جار يشرب ويعتدي، ترى لي أن أنهاه عن ذلك؟ قال: ما أحسن ما تفعل. قال له الرجل: فإن لم أفعل؟ قال: ما أحسن ما تفعل. قال له الرجل: فإن لم أفعل؟ قال: تخافه؟ قال: نعم. قال: أنْكِرْ بقلبك، وليعلم اللَّه ذلك منك، رُويَ ذلك عن عبد اللَّه بن مسعود (¬1). "الأمر بالمعروف" للخلال (12) قال الخلال: أخبرني أبو بكر المروذي أن أبا بكر الأثرم قال: قيل لأبي عبد اللَّه: رجل رأى منكرًا أيجب عليه تغييره؟ قال: غير بقلبه فأرجو، ثم قال: إن منهم من يخاف منه، فإذن يغير بقلبه. "الأمر بالمعروف" للخلال (14) قال الخلال: وأخبرني الحسين بن محمد ببيْت المقدس قال: كتبْت من مسائل أبي علي الدينوري، من مسائل ابن مزاحم أن أَبا عبد اللَّه قيل له: رجل رأى منكرًا، أيجب عليه تغييره؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 458، ومسلم (50) مرفوعًا.

قال: إذا غير بقلبه فأرجو. "الأمر بالمعروف" للخلال (16) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ثنا مُثنى قال: سلمت على أحمد، ووضعت عنده قرطاسًا وقلت: انظر فيها واكتب لي جوابها، وفيها ما تقول إن رأى الرجل الطنبور تباع في سوق من أسواق المسلمين مكشوفة، فأيهما أحب إليك: ذهابه إلى السلطان فيها، أو يأمر بكسرها، أو يكون منه فيها بعض التغيير، أو جلوسه عن الذهاب إلى السلطان وهو يأمر بلسانه وينكر بقلبه؟ فكتب: يغير ذلك إذا لم يخف، فإن خاف أنكر بقلبه، وأرجو أن يسلم على إنكاره. "الأمر بالمعروف" للخلال (18) قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد، حَدَّثَنَا جعفر بن محمد النَّسائي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: يجب الأمر والنهي على الإنسان؟ قال يا أبا محمد، في هذا الزمان أظنه شديدًا، مع أن في حديث أبي سعيد تسهيلًا. قلت له: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده" (¬1)؟ قال: نعم. قال: "بقلبه، وذلك أضعف الإيمان". قلت: هذا أشدها عليَّ. قال: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده". وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما أمرتكم من الأمر فأتوا منه ما استطعتم" (¬2). فسكت. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 10، ومسلم (49). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 247، والبخاري (7288)، ومسلم (1337).

وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: حَدَّثنَا أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا يزيد بن هارون قال: قيل لسفيان الثوري: ألا تأتي السلطان فتأمره؟ قال: إذا انْبَثَقَ البحر فمن يسَكِّرُه؟ وقال: قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: فمن كان له جار يسمع المنكر؟ قال: يغيره مرة ومرتين وثلاثة، فإن قبل وإلا ترك. قلت: فإن كان سمعه؟ قال: وأي شيء تقدر أن تصنع؟ أنكر بقلبك ودعه. "الأمر بالمعروف" للخلال (20 - 21)

كتاب الطب والتداوي

كتاب الطب والتداوي باب الوقاية والرخصة في التداوي إن أصابه مرض 3051 - الحمية من المرض قال حرب: سمعت إسحاق، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح قال: سأل عمر بن الخطاب الحارث بن كلدة: ما الطب؟ قال: الأزم -يعني: الحمية (¬1). "مسائل حرب" ص 305 قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أخبرنا وكيع، عن ثابت بن أبي صفية، عن أبي جعفر محمَّد أن عليًا كان ناقهًا من مرض فرآه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وبين يديه تمرات، فأخذ عليٌّ يتناول، فقبض النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على التمر، ثم جعل يلقي إلى على تمرة تمرة، قال وكيع: سماه بذلك (¬2). حدثنا إسحاق قال: أنا وكيع، عن رزام بن سعيد -ثقة- عن أبي المعارك قال: سمعت ابن عمر يقول: لا يحمين أحدكم مريضه طعامًا يشتهيه، لعل اللَّه يجعل شفاه فيه، إن شاء اللَّه يجعل الشفاء حيث شاء. "مسائل حرب" ص 306 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق في "الأمالي" ص 101 (156)، وأبو عبيد في "غريب الحديث" 3/ 330. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 364، وأبو داود (3856)، والترمذي (2037)، وابن ماجة (3442) من حديث أم المنذر بنت قيس الأنصارية أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لعلي -رضي اللَّه عنه-: "يا علي، أصب عن هذا، فهو أنفع لك" الحديث. قال الترمذي: هذا حديث جيد غريب. وصححه الألباني، انظر الصحيحة (59)

3052 - لا عدوى ولا طيرة

قال في رواية حنبل: لا بأس بالحمية. "الآداب الشرعية" 2/ 342، "الإنصاف" 6/ 12. 3052 - لا عدوى ولا طيرة قال إسحاق بن بهلول: قال: ذكرت لأحمد بن حنبل هذا الحديث -يعني: حديث جابر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أخذ بيد مجذوم، فوضع يده معه في القصعة فقال: "باسم اللَّه، ثقة باللَّه" (¬1)، فقال: إليه أذهب، فيحتمل أن هذا كما ذهب إليه عمر وغيره من السلف إلى الأكل معه. "الآداب الشرعية" 3/ 360. 3053 - الرخصة في التداوي قال ابن هانئ: قلت: الرجل يمرض، ترك الأدوية أفضل، أو شربها؟ قال: إذا كان يتوكل فتركها أحب إليَّ من شربها، وإذا لم يتوكل فشربه الدواء أعجب إلى من تركه. "مسائل ابن هانئ" (1809) ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (3925)، والترمذي (1817)، وابن ماجة (3542) وصححه ابن حبان (6120)، والحاكم 4/ 136 - 137. قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يونس بن محمد، عن الفضل بن فضالة، وروى شعبة عن حبيب بن الشهيب، عن ابن بريدة أن عمر أخذ بيد مجذوم، وحديث شعبة أشبه عندي وأصح وأورده الألباني في "الضعيفة" (1144) وقال: ضعيف

قال ابن هانئ: سألته عن رجل مريض وصف له دواء، فأبى أن يشربه، ويقول: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في حديث له: "لا يكتوون ولا يسترقون، وعلى ربهم يتوكلون" (¬1). قال: هذا معنى آخر، ومن رخص في الدواء أكثرُ من ذلك، هذا محمد بن عبد اللَّه بن المثني بن أنس بن مالك، روى حديثًا. قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: محمد بن عبد اللَّه بن المثني قال: حَدَّثَنَا هشام بن حسَّان، عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصف من عرق النسا ألْيَةَ كبش أسود عربي، ليس بالعظيم ولا بالصغير، يجزأ ثلاثة أجزاء، فيذاب فيشرب كل يوم على ريق النفس جزء (¬2) "مسائل ابن هانئ" (1818). قال صالح: اعتل أبي فتعالج. "المناقب" لابن الجوزي ص 321 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 271 من حديث ابن عباس، وكذا البخاري (5705)، ومسلم (220). وفي الباب عن غير واحد. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 219، وابن ماجة (3463)، والحاكم 4/ 206 وقال: صحيح على شرط الشيخين. وصححه الألباني في "الصحيحة" (1899).

3054 - فضل الصبر على المرض

3054 - فضل الصبر على المرض قال ابن هانئ: سألته عن حديث عمارة -حديث أبي معمر: إن الوجع لا يكتب به الأجر، ولكن يكفر به الخطايا (¬1). قال: رواه شعبة، عن جامع بن شداد، عن عمارة، عن أبي معمر، عن أبي ميسرة وهو عمرو بن شرحبيل، والحديث صحيح. حديث أبي معمر. ثم قال: الجامع بن شداد ثبت ثبت ثبت. "مسائل ابن هانئ" (2311) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا ابن آتش، أخبرنا منذر، عن وهب: أن سائحًا دخل قرية، فإذا رجل من عظماء تلك القرية قد توفي، فخرج منها، فقال: لا أقبر هذا الجبار، ثم نام نومة، فجاءه رجل، فقال: يا فلان، هل تملك من رحمة اللَّه شيئًا؟ قال: لا، حتَّى قال ذلك ثلاث مرات، وهو يقول: لا، فقال: وما يدريك ما أحدث في وجعه هذا. "الزهد" 126 - 127 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا ابن المبارك، عن الحسن أنه ذكر الوجع فقال: أما واللَّه ما هي بأسر أيام المسلم أيام قورب له فيها من أجله، وذكر فيها ما نسي من معاده، فكفر بها عنه خطاياه. "الزهد" 338 ¬

_ (¬1) رواه الطبراني 9/ 93، 188 والبيهقي في "شعب الإيمان" 7/ 162 من طريق جامع ابن شداد عن تميم بن سلمة عن أبي معمر عن عبد اللَّه بن مسعود موقوفًا. قال الهيثمي في "المجمع" 2/ 301: إسناده حسن.

باب ما يتداوى به وما لا يتداوى به

باب ما يتداوى به وما لا يتداوى به 3055 - التداوي بالقرآن الكريم وما رُخص من الرقى والتمائم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما تكره من الرقي، وما ترخص منها؟ قَالَ: التعليقُ كله يكره، والرقى ما كانَ مِنَ القرآنِ، فلا بأسَ به. قال إسحاق: كمَا قَالَ. "مسائل الكوسج" (3328) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ما يكره من المعاليق؟ قَالَ: كلُّ شيءٍ يعلى فهو مكروه. قَالَ: من يعلى تميمة وكل إليها. قال إسحاق: كما قَالَ، إلَّا أن يفعله بعد نزول البلاء، فهو حينئذ مباح له لما قالت عائشة -رضي اللَّه عنها- دلِكَ (¬1). "مسائل الكوسج" (3526) قال صالح: قلت: يكتب الشيء من القرآن في قرطاس ويدفن للآبق؟ قال: لا بأس. "مسائل صالح" (341) قال أبو داود: رأيت على ابن لأحمد وهو صغير تميمة في رقبته في أديم. "مسائل أبي داود" (1670) قال أبو داود: قلت: لأحمد: الرقية من العين؟ ¬

_ (¬1) رواه الحاكم 4/ 217، والبيهقي 9/ 350 موقوفًا على عائشة: ليس التميمة ما يعلق به بعد البلاء. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. وقال الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (3458): صحيح موقوف.

قال: لا بأس به. "مسائل أبي داود" (1671). قال أبو داود: قلت لأحمد: الرقية من الفرس والصداع؟ قال: أرجو، أي: أن لا بأس به. "مسائل أبي داود" (1672) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل عن الرجل يكتب القرآن في شيء ثم يغسله ويشربه؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. وقال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: يكتبه في شيء، ثم يغسله فيغتسل به؟ قال: لم أسمع فيه بشيء. "مسائل أبي داود" (1673) قال حرب: قلت لأحمد: فالقراءة في الماء للتعويذ؟ فكأنه سهّل. وقال: قلت لأحمد: فتعليق التعاويذ فيه القرآن أو غيره؟ قال: كان ابن مسعود يكرهه كراهيةً شديدة جدًّا (¬1). وذكر أحمد عن عائشة وغيرها أنهم سهَّلوا في ذلك، ولم يشدد فيه أحمد. وقال: سألت أحمد عن رقية العقرب، فلم يَر به بأسًا إذا كان يعرف، أو من القرآن "مسائل حرب" ص 301 - 302 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 381، وأبو داود (3883)، وابن ماجة (3530) وصححه الحاكم 4/ 417 - 418، وكذلك الألباني في "الصحيحة" (331) وفيه أن زينب امرأة عبد اللَّه قالت: دخل عبد اللَّه بن مسعود فرأى في عنقي خيطًا، فأخذه فقطعه، ثم قال: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن الرقي، والتمائم والتولة شرك" الحديث.

قال عبد اللَّه: رأيت أبي يكتب التعاويذ للذي يصرع، وللحمى لأهله وقراباته، ويكتب للمرأة إذا عسر عليها الولادة، في جام أو شيء لطيف، ويكتب حديث ابن عباس، إلَّا أنه كان يفعل ذلك عند وقوع البلاء، ولم أره يفعل هذا قبل وقوع البلاء، ورأيته يعوذ في الماء ويشربه المريض، ويصب على رأسه منه، ورأيت أبي يأخذ شعرة من شعر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيضعها على فيه يقبلها، وأحسب أني قد رأيته يضعها على رأسه أو عينه، فغمسها في الماء ثم شربه، يستشفي به، ورأيته قد أخذ قصعة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث بها إليه أبو يعقوب بن سليمان بن جعفر فغسلها فيجب الماء، ثم شرب فيها، ورأيته غير مرة يشرب من ماء زمزم يستشفي به، ويمسح به يديه ووجهه. "مسائل عبد اللَّه" (1622) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي رحمه اللَّه: يعلى بن عبيدة قال: حَدَّثنَا سفيان، عن محمد بن أبي ليلى، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إذا عسر المرأة ولادتها فلتكتب: بسم اللَّه الذي لا إله إلَّا هو الحليم الكريم، سبحان اللَّه رب العرش العظيم، الحمد للَّه رب العالمين، {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} [الأحقاف: 35] قال أبي: وزاد فيه وكيع: وينضح ما دون سرتها. "مسائل عبد اللَّه" (1623) قال البرزاطي: سألته عن رجل يزعم أنه يعالج المجنون من الصرع بالرقى والعزائم، ويزعم أنه يخاطب الجن ويكلمهم، وفيهم من يحدثه، فترى أنه يدفع إليه الرجل المجنون ليعالجه؟ قال: ما أدري ما هذا، ما سمعت في هذا شيئًا، ولا أحب لأحد أن يفعل، وتركه أحب إلي. "الأحكام السلطانية" (308). "بدائع الفوائد" 4/ 48

قال المروذي: بلغ أبا عبد اللَّه أني حممت، فكتب لي من الحُمَّى رقعة فيها (¬1): بسم اللَّه الرحمن الرحيم، باسم اللَّه، وباللَّه، محمَّد رسول اللَّه، {قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} اللَّهم ربَّ جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، اشفِ صاحب هذا الكتاب بحولك وقوتك وجبروتك، إله الحق آمين. وقال: وقرأ على أبي عبد اللَّه -وأنا أسمعُ- أَبُو المنذر عمرو بن مجمع، حدثنا يونسُ بن حبان، قال: سألتُ أبا جعفر محمد بن علي أن أعلَّق التعويذ، فقال: إن كان مِن كتاب اللَّه، أو كلام عن نبي اللَّه فعلَّقه واستشف به ما استطعت. قلتُ: أكتب هذِه من حُمَّي الربع: باسم اللَّه، وباللَّه، ومحمد رسول اللَّه إلى آخره؟ قال: أي نعم. قال الخلال: أنبأنا أبو بكر المروذي، أن أبا عبد اللَّه جاءه رجل فقال: يا أبا عبد اللَّه، تكتب لامرأة قد عسر عليها ولدُها منذ يومين؟ فقال: قُلْ له: يجيء بجام واسع، وزعفران، ورأيتُه يكتب لغير واحد، ويذكر عن عكرمة، عن ابن عباس قال: مر عيسى صلى اللَّه على نبينا وعليه السَّلام، على بقرة قد اعترض ولدها في بطنها، فقالت: يا كلمة اللَّه! ادع اللَّه لي أن يخلصني مما أنا فيه. فقال: يا خالق النفس من النفس، ويا مخلص النفس من النفس، ويا مخرج النفس من النفس، خلصها. ¬

_ (¬1) في "الآداب الشرعية" لابن مفلح 2/ 440 - 441 عن المروذي أن الإمام أحمد كتب هذا الدعاء لامرأة شكت أنها مستوحشة في بيت وحدها.

قال: فرمت بولدها، فإذا هي قائمة تشمه. قال: فإذا عسر على المرأة ولدها، فاكتبه لها. "زاد المعاد" 4/ 356، 358 قال أحمد في رواية مهنا في الرجل يكتبُ القرآنَ في إناء ثم يسقيه المريض، قال: لا بأس، قال مُهَنّا: قلتُ له: فيغتسل به؟ قال: ما سمعتُ فيه بشيء. قال الخلال: إنما كره الغسل به؛ لأنَّ العادةَ أنَّ ماءَ الغسل يجري في البلاليع والحُشوشِ، فوجب أن يُنَزَّه ماءُ القرآن من ذلك، ولا يكره شربه لما فيه من الاستشفاء. وقال صالح: ربما اعتللتُ فيأخذُ أبي قدحًا فيه ماء فيقرأ عليه ويقول لي: اشرب منه، واغسل وجهك ويديك. وقال يوسف بن موسى: إنَّ أبا عبد اللَّه كان يُؤْتى بالكوزِ ونحنُ بالمسجد سيقرأ عليه ويعوذ. "الآداب الشرعية" 2/ 440 - 441 قال صالح: هل تعلق شيئًا من القرآن؟ قال: التعليق كله مكروه، وكان ابن مسعود يشدد فيه. وقال الميموني: سمعت من سأل أبا عبد اللَّه عن التمائم، تعلق بعد نزول البلاء؟ قال: أرجو أن لا يكون فيه بأس. "الآداب الشرعية" 2/ 443، 444.

3056 - التفل في الرقية

3056 - التفل في الرقية قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يُكره التفل في الرقيةِ؟ قال: أليس يُقالُ: إذا رَقى نفخَ ولم يتفل؟ ! قال إسحاق: كمَا قَالَ. "مسائل الكوسج" (3489). 3057 - التداوي بالحنّاء قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي قال: حدثنا حماد بن زيد قال: حدثنا فائد مولى عبيد اللَّه بن علي، عن مولاه عبيد اللَّه بن علي بن أبي رافع، عن جدته سلمى قالت: كنت أخدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فما كانت عليه قرحة ولا نكتة، إلَّا أمرني أن أضع عليه العشاء (¬1). "الترجل" للخلال (115) 3058 - التداوي بالمسك والطيب قال ابن هانئ: سمعته يقول: لا بأس أن يجيء الرجل بالطيب فيلطخه بالبيت ثم يقلعه يستشفي به، ولا يقلع من البيت شيئًا. "مسائل ابن هانئ" (1817). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 462، وأبو داود (3858)، والترمذي (2054) وابن ماجة (3502). قال الترمذي: هذا حديث غريب، إنَّما نعرفه من حديث فائد. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (1676).

3059 - التداوي بالحقن

نقل الشالنجي: لا بأس بجعل المسك في الدواء، ويشرب. "الإنصاف" 6/ 12، "معونة أولي النهى" 11/ 106. 3059 - التداوي بالحقن قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في الحقنة: إذا اضطر إليها، لا بأس به. وقال أبو عبد اللَّه: قد احتقنت أنا. وسمعته يقول: إذا اضطر الرجل إلى الحقنة احتقن. "مسائل ابن هانئ" (1806). قال حرب: سألت أحمد عن الحقنة قلت: أتكره الحقنة للدواء وغير الدواء؟ قال: نعم. وقال: سألتُ إسحاقَ قلت: أتكره الحقنة؟ قال: شديدًا. ولم يرخص فيها. وسُئلَ إسحاق مرة أخرى عن الحقنة قال: أما إذا كان لدواء فلا بأس، وأمَّا للسمن فلا. وقال: حدثنا إسحاق قال: أخبرنا حفص بن غياث قال: حدثنا ليث، عن زيد أن عليًا كان يكره الحقنة. قال: وحدثنا ليث، عن مجاهد أنه كرهها. وقال: حدثنا إسحاق قال: أنا عيسى بن يونس، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن حكيم بن عمير، وضمرة بن حبيب، وحبيب بن عبيد أنهم كانوا يكرهون الحقنة. "مسائل حرب" ص 296.

قال ابن سعيد الكندي: سألت أحمد: ما تقول في الحقنة للمريض؟ فرخص فيها. قال المروذي: سئل أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل عن الحقنة؟ فقال: أكرهها؛ لأنَّها تشبه اللواط. "طبقات الحنابلة" 3/ 226. قال أبو ثابت الخطاب: تزوجت امرأة فكنت إذا أردت أن أدنو منها أنزلت، فوصفت ذلك لإنسان. فقال لي: احتقن، فأتيت أحمد بن حنبل فسألته. قلت: أيش ترى؟ قال: احتقن. "طبقات الحنابلة" 2/ 579 قال في رواية صالح: الحقنة إذا كانت لضرورة فلا بأس. وقال في رواية المروذي: الحقنة إن اضطر إليها فلا بأس. قال المروذي: ووصف لأبي عبد اللَّه ففعل. "بدائع الفوائد" 4/ 105. التداوي بخبث الحديد قال حرب: سألت أحمد عن الاستمشاء وخبث الحديد؟ ! فقال: وهل يترك الناس هذا؟ ! وكأنه سهل فيه قليلًا. وقال: سألت إسحاق عن شرب خبث الحديد باللبن؟ قال: شديدًا. ورخص فيه. قال: وقال ابن عون: شرب محمَّد الخبث.

وقال: حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أزهر، عن ابن عون، عن ابن سيرين، وسئل عن شرب خبث الحديد فلم يَر به بأسًا، ووصف أنه يشربه باللبن. قال: وأراه من المنافع التي قال اللَّه عز وجل: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}. "مسائل حرب" ص 299 - 300.

3060 - أوقات التداوي بالحجامة

فصل: التداوي بالحجامة 3060 - أوقات التداوي بالحجامة قال حرب: قلت لأحمد: فتكره الحجامة في شيء من الأيام؟ قال: قد جاء في الأربعاء والسبت، وذلك حديث الزهري (¬1)، وكرهها في هذين اليومين. قلت: فالجمعة والثلاثاء فيه شيء؟ قال: لا. وقال: وسألتُ إسحاقَ قلت: أتكره الحجامة في شيء من الأيام؟ قال: نعم يوم السبت والثلاثاء والأربعاء، وقال: يقال: إن في الثلاثاء ساعة لا يراق فيها الدم فلعله يوافق تلك الساعة (¬2). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 11/ 29 (19816)، وأبو داود في "المراسيل" (451) مرفوعًا. قال أبو داود: وقد أسند هذا، ولم يصح. وذكره الألباني في "السلسلة الضعيفة" (1672) وقال: ضعيف وقد روي موصولًا من طريق أخرى عن الزهري، عن سعيد ابن المسيب، عن أبي هريرة رواه ابن عدي في "الكامل" 5/ 204 ترجمة عبد اللَّه بن زياد بن سمعان. والحاكم 4/ 209 - 410، والبيهقي 9/ 340. قال ابن عدي: هذا الحديث غير محفوظ، وابن سمعان الضعف علي حديثه بيَّن. اهـ بتصرف. وذكره الألباني في "الضعيفة" (1524) وقال: ضعيف. (¬2) هذا جزء من حديث أبي بكرة رواه أبو داود (3862)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" 1/ 150 ترجمة بكار بن عبد العزيز، وابن الجوزي في "الموضوعات" 3/ 506 (1730)، وقال العقيلي: بكار لا يتابع عليه. وقال المناوي في "كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح" 4/ 101: وفي إسناده بكار بن عبد العزيز قال يحيى بن معين: ليس حديثه بشيء. وضعف إسناده الألباني، انظر المشكاة (4549) و"الضعيفة" (2251).

وقال: الحديث الذي روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من احتجم يوم الثلاثاء لسبع عشرة من الشهر" (¬1). قال أبو يعقوب: لعل هذا يوم مخصص من السنة. وقال: سمعت إسحاق مرة أخرى يقول: أكره الحجامة يوم الثلاثاء والأربعاء والسبت. قيل: أفتكره الإطلاء يوم الأربعاء والسبت؟ قال: شديدًا. ورخص الحجامة يوم الثلاثاء، إذا كان يوم سبع عشرة من الشهر، أو تسع عشرة، أو إحدى وعشرين. وقال: قلتُ لإسحاق مرة أخرى: أتكره الحجامة يوم الجمعة؟ قال: لا أكرهه. قال: وقال ابن المبارك: أكرهه للضعف. وذكر إسحاق، عن ابن عون، عن ابن سيرين أنه كان يحتجم لسبع عشرة، وتسع عشرة، وإحدى وعشرين لا يبالي أي يوم كان. قلت: من ذكره عن ابن عون؟ قال: أخبرنا يحيى بن حفص، عن ابن عون. "مسائل حرب" ص 293 - 294 قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخطِّ يده قال: ذكر لسفيان حديث عبيد اللَّه بن أبي يزيد، عن عبيد بن عمير فقال: أخبرنيه البصري -يعني: حماد بن زيد- يعني: قال: يحتجم ما لم يحلق شعره. "العلل" رواية عبد اللَّه (6030) ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 448، والطبراني 20/ 215 (499)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 309 ترجمة سلام بن سليم. والبيهقي 9/ 340، وابن الجوزي في "الموضوعات" 3/ 507 (1732) من حديث معقل بن يسار، قال: ابن الجوزي هذا حديث ليس فيه شيء صحيح. وقال الألباني في "الضعيفة" (5575): موضوع.

قال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يُسأل عن الحجامة يوم السبت. فقال: يعجبني أن تتوقى؛ لحديث الزهري وإن كان مرسلًا، قال: أو كان حجاج بن أرطأة يروي فيه رخصة حديث ليس له إسناد (¬1). "التمهيد" 16/ 224. قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: كان أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل يحتجم أي وقت هاج به الدم، وأي ساعة كانت. وعن (الحسين بن حسان) (¬2) أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الحجامة: أي يوم تُكره؟ فقال: في يوم السبت، ويوم الأربعاء، ويقولون: يوم الجمعة. وقال الخلال: أخبرنا محمد بن علي بن جعفر، أن يعقوب بن بختان حدثهم، قال: سئل أحمد عن النورة والحجامة يوم السبت ويوم الأربعاء؟ فكرهها. وقال: بلغني عن رجل أنه تنوَّر. واحتجم -يعني: يوم الأربعاء- فأصابه البرصُ. قلت له: كأنه تهاون بالحديث؟ قال: نعم. "زاد المعاد" 4/ 59 - 60. قال المروذي: كان أبو عبد اللَّه يحتجم يوم الأحد ويوم الثلاثاء. "الآداب الشرعية" 3/ 331 ¬

_ (¬1) رواه أبو داود في "المراسيل" (452) بلفظ: "من كان محتجمًا، فليحتجم يوم السبت". (¬2) كذا في المطبوع، والذي ذكر في "طبقات الحنابلة" 1/ 80 (12) أنه من أصحاب الإمام أحمد هو: أحمد بن الحسين بن حسان، هذا وفي ترجمة الخلال في "الطبقات" 3/ 24 (582) أن الخلال سمع من محمد بن الحسين بن حسان ثم عقب قائلًا: ولا أعرف في أصحاب أحمد (محمد بن الحسين بن حسان) ولا (محمد بن الحسن بن حسان)، وإنما المقصود هنا أحمد بن الحسين بن حسان.

3061 - حلق القفا عند الحجامة

3061 - حلق القفا عند الحجامة قال المروذي: كان أبو عبد اللَّه يحلق قفاه وقت الحجامة. "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 58 3062 - ما جاء فيما يؤكل بعد الاحتجام قال الخلال: كتب الحسن بن خلف الصايغ. قال: جاءني المروذي في علة أبي عبد اللَّه فقال: أبو عبد اللَّه عليل فذهبنا بالمتطبب، فدخلنا عليه، فقال: ما حالك؟ قال: احتجمت أمس، قال: وما أكلت؟ قال: خبزًا وكامخًا، قال: يا أبا عبد اللَّه تحتجم وتأكل خبزًا وكامخًا؟ قال: فما آكل؟ ! "مناقب الإمام" ص 319 3063 - أجر الحجام روى المروذي عنه أنه قال: ما كتبت حديثًا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا وقد عملت به، حتى مر بي في الحديث أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- احتجم وأعطى أبا طيبة دينارًا، فأعطيت الحجام دينارًا حين احتجمت (¬1). "المناقب" لابن الجوزي ص 6 ¬

_ (¬1) رواه الطبراني 11/ 377 (11934) وفي "الأوسط" 8/ 20 (7834) من حديث ابن عباس، وقال: لا يروى عن ابن عباس من جهة من الجهات إلا بهذا الإسناد. وذكره الهيثمي في "المجمع" 4/ 94 وقال: هو في "الصحيح" وغيره خلا ذكر الدينار. قلت: روى الإمام أحمد 3/ 282، والبخاري (2102) ومسلم (1577) من حديث أنس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- احتجم وأعطى أبا طيبة صاعًا أو صاعين من طعام.

3064 - البط بالنار وقطع العروق

فصل: العلاج بالجراحة والكي 3064 - البط بالنار وقطع العروق قال صالح: وسألته عن الرجل به الماء والدبيلة (¬1) أيبط (¬2) عنهما؟ وما ترى في الفصد وشرب الأدوية؟ قال: أما ما كان يخاف عليه مثل الماء إن بط عنه مات، فلا أرى أنه يبط عنه، ولا بأس بقطع العروق إذا احتيج إلى ذلك. "مسائل صالح" (187). قال أبو داود: قلت لأحمد: قطع العروق؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "مسائل أبي داود" (1669). قال حرب: قلت: فالبط بالنار؟ قال: كيف هو؟ قلت: يصيب الإنسان الرِّيح في بعض جسده فيمتد فيحمى مسل ثم يدخل فيه؛ ليخرج المدة. قال: هذا ليس كي. وسهَّل فيه. "مسائل حرب" ص 301. قال الأثرم: سألت أحمد بن حنبل عن قطع العرق؟ فقال: لا بأس بذلك، عمران بن حصين قطع عرقًا (¬3)، وأسيد بن حضير قطع عرق ¬

_ (¬1) خراج ودمل كبير تظهر في الجوف فتقتل صاحبها غالبًا، انظر "اللسان" 3/ 1324 مادة (دبل). (¬2) البط: شق الدمل والخراج ونحوهما، انظر "اللسان" 1/ 301 مادة (بطط). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 5/ 53 (23620).

3065 - قطع البواسير

النسا (¬1)، وأبي بن كعب قطع عرقًا، فيما قال أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر (¬2). "التمهيد" 15/ 380. 3065 - قطع البواسير قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه ينهي عن قطع البواسير، ويكرهه كراهية شديدة، ويقول: أخشى أن يموت، فيكون قد أعان على نفسه. "مسائل ابن هانئ" (1813). قال حرب: سألت إسحاق، عن قطع البواسير. فقال: ابن سيرين يكرهه جملةً، وقال: يطلى عليه (مردا سنج) (¬3) ودهن خل (¬4). ¬

_ (¬1) رواه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 439، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 3/ 349 (1739)، وأبو يعلى 2/ 243 (945)، وصححه ابن حبان 16/ 268 (7279) من طرق مطولًا وذكر فيه حديث: "إنكم ستلقون أثرة بعدي" وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/ 33 وقال: رواه أحمد، ورجاله ثقات إلا ابن إسحاق مدلس وهو ثقة اهـ قلت: هو في "المسند" 4/ 351 - 352. ولم يذكر فيه قطع عرق النسا. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 315، ومسلم (2207). (¬3) كذا في "مسائل حرب"، وفي "مسند إسحاق": (مرذا سبخ) وبهامشه: لم أعرف معناهما، فلعل فيهما تحريف [كذا والصواب: تحريفًا] واللَّه أعلم. اهـ قلت: في "القاموس المحيط" ص 263، و"تاج العروس" 3/ 486: [مردر سنج]، [مرد سنج]: المردار سنج: معرب، وهو بضم الميم، وقد تسقط الراء الثَّانية تخفيفًا، وهو معرَّب مُرْدارْ سنك، ومعناه: الحجر الميت. أهـ (¬4) رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" 3/ 998 (1727).

3066 - جواز الشق بعد موافقة ولي الأمر

قال أبو يعقوب: إن كان لمنفعة فلا بأس، ورخص في هذِه الأشياء إذا كانت لمنفعة. "مسائل حرب" ص 298 3066 - جواز الشق بعد موافقة ولي الأمر قال حرب: سُئلَ إسحاق، عن غلامٍ به الحصاة: هل يشق تحت مثانته فتخرج؟ قال: لا أحسن هذِه المسألة، لأنَّ هذا قضاء على اللَّه، والكلام فيه جرة، ثم قال: إن اجتمع الأطباء والناس فأشاروا على أبي الصبي أن يفعله؛ فعله رجاء المنفعة فمات رجوت أن لا يكون عليهم شيء. قال إسحاق: وقد رأيت أنا صبيًّا فعل به ذلك فمات. قلتُ لإسحاقَ: فإن كانت (خنازير) (¬1) في حلقه هل تبط عنه؟ قال: كما كان الغالب عليه السلامة إذا فعلوه فبطوهُ لم أر به بأسًا. "مسائل حرب" ص 297 قال حرب: قلتُ لإسحاقَ: صبي لا يتكلم فشقوا تحت لسانه ليتكلم، أتكره ذلك؟ قال: إذا كان دواؤه ذلك فليس عليه شيء. "مسائل حرب" ص 297، 298 ¬

_ (¬1) كذا في "مسائل حرب": (خنازير)، وقال المحقق هناك: في المخطوط (حنارير) ولعلها ما أثبتُّ! ! .

3067 - جواز ترك الوشم إذا خشي الضرر

3067 - جواز ترك الوشم إذا خشي الضرر قال حرب: قلتُ لإسحاقَ: الوشم يكون في يد الرجل أنقلعه أم نتركه؟ قال: إذا خشي في قلعه الضرر تركه. حدثنا إسحاق قال: حدثنا وكيع قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: دخلت أنا وأبي على أبي بكر الصِّديق نعوده فإذا عنده أسماء تذب عنه موشومة اليدين. "مسائل حرب" ص 299. 3068 - يقطع الرجل رجله من الأَكِلة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يقطع الرجل رِجْلَه من الأكلة؟ قَالَ: عروة، أليس قد فعل؟ ! إذا كان يخاف على أكثر من ذَلِكَ. قال إسحاق: كمَا قَالَ. "مسائل الكوسج" (3502) 3069 - التداوي بالكي قال ابن هانئ وسئل عن حديث معمر، عن الزهري، عن أنس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كوى (أسعد) (¬1)؟ ¬

_ (¬1) جاء في المطبوع من المسائل: (سعدًا). والصواب ما أثبتناه كما في مصادر التخريج، والحديث رواه الترمذي (2050)، وأبو يعلى 6/ 274 - 275 (3582) وصححه ابن حبان 13/ 433 (6080) والحاكم 4/ 417.

فقال: باطل هذا، إنما هو حديث الزهري عن أبي أمامة أسعد بن سهل من حنيف (¬1). قال حرب: سألت أحمد قلت: الكي ما تقول فيه؟ قال: لا يعجبني. "مسائل حرب" ص 301. قال حرب: سألت إسحاق: قلت: الرجل يخرج على جسده الثواليل فيحرقها بالنار؟ فقال: إن كان ذلك دواءه فلا بأس. وقال: هو كالكي إن كان منفعته ذاك فأرجو أن لا يضره. "مسائل حرب" ص 299 ¬

_ = قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (2277): سألت أبي عن حديث رواه يزيد بن زريع عن معمر، عن الزهري، عن أنس أن النبي كوى أسعد بن زرارة. فقال أبي: هذا خطأ، أخطأ فيه معمر، إنما هو الزهري عن أبي أمامة بن سهل أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كوى أسعد. مرسل اهـ. وقال ابن حبان: تفرد به يزيد ابن زريع. (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 138، والطبراني 6/ 83 (5583) موصولًا من حديث أسعد ابن زرارة. قال الهيثمي في "المجمع" 5/ 98: وفيه زمعة بن صالح وقد ضعفه الجمهور ووثقه ابن معين في رواية، وضعفه في غيرها، ورواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 611، وعبد الرزاق 10/ 407 (1915)، والطبراني 6/ 83 (5584)، وصححه الحاكم 4/ 214. قال الهيثمي في "المجمع" 5/ 98: ورجاله رجال الصحيح اهـ. وانظر الحديث السابق.

3070 - إعادة العضو المقطوع إلى مكانه

3070 - إعادة العضو المقطوع إلى مكانه قال صالح: قلت: قطع عضو من الجسد؟ قال: لا بأس أن يعيده مكانه، وذاك أن فيه الروح، مثل الأذن تقطع فيعيدها بطراتها. "مسائل صالح" (1082). 3071 - من وضع أسنان الغنم ونحوها مكان الساقطة قال صالح: الأسنان تسقط فيضع فيها من غير سنه؟ قال: سن الغنم لا بأس به. فسنة يعيدها من الرأس؟ قال: لا بأس به، ويكره سن غيره. "مسائل صالح" (1067). 3072 - قطع الأصبع الزائد قال أبو الفضل صالح: الصبي يولد وأصبع له زائدة تقطع؟ قال: لا يقطع. "مسائل صالح" (521)

3073 - العلاج بالخبيص والخبز

فصل العلاج ببعض الأطعمة والأشربة 3073 - العلاج بالخبيص والخبز قال حرب: سألت إسحاق قلت: البيطار يضع الخبيص والطعام على دبر الدابة؟ قال: ليس به بأس ورخّص فيه. قلتُ لإسحاقَ فالخبز السخن يوضع على الجرح؟ فكرهه، وكذلك كل الطَّعام. "مسائل حرب" ص 302، 303 3074 - ما جاء في اللحم باللبن والحرمل قال حرب: سمعت إسحاق ذكر عن بقية بن الوليد في حديث أسنده، قال: شكا نبي من الأنبياء الضَّعف، فأوحى اللَّه إليه أن كُلِ اللحم باللبن فإن القوة فيهما، وقال: وشكا نبي جبن قومه فأوحى اللَّه إليه أن مرهمْ فليستفوا الحرمل. "مسائل حرب" ص 304 3075 - أَكْلُ الرمان بشحمه قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل قال: حدثنا سعيد بن خثيم قال: حدثتني جدتي أم أبي ربيعة بنت عياض الكلابية قالت: كان علي بن أبي طالب كرم اللَّه وجهه يقول: يا أيها الناس، إذا أكلتم هذا الرمان فكلوه

3076 - التداوي بالضفادع

بشحمه فإنَّه دباغ المعدة. "مسائل حرب" ص 341. 3076 - التداوي بالضفادع قال إسحاق بن منصور: قيل له -يعني: سفيان: تؤكل الضفادع؟ قَالَ: لا. قيل: يتداوى بها؟ قَالَ: لا. قال أحمد: جيدٌ. قال إسحاق: كمَا قَالَ. "مسائل الكوسج" (3287). نقل عنه أبو طالب: الضفدع لا تَحِلُّ في الدواء، نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن قَتْلِها (¬1). "الآداب الشرعية" 2/ 447. 3077 - شُرب أبوال الإبل وألبان البقر للتداوي قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن شرب أبوال الإبل؟ فقال: أما من علةٍ وسقمٍ فنعم، وأمَّا رجلٌ صحيح فلا يعجبني أن يشرب أبوال الإبل. "مسائل أبي داود" (1668). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 453، وأبو داود (3871)، والنسائي 7/ 210، وصححه الحاكم 4/ 410 - 411 من حديث عبد الرحمن بن عثمان. وحسنه البغوي في "المصابيح" كما في "كشف المناهج" 4/ 99 وصحح إسناده الألباني كما في "المشكاة" (4545).

قال ابن هانئ: وسألته عن رجل وصف له أن يشرب أبوال الإبل، ترى له أن يشربها؟ قال: إذا كان عليلًا، على ما سقاه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- المرضى الذين قدموا عليه (¬1)، فإنه يشربه إذا كان مريضًا. "مسائل ابن هانئ" (1808). قال ابن هانئ: وسئل عن أبوال الإبل؟ قال: إذا كانت بهم عاهة، رخص لهم أن يشربوا من أبوال الإبل، وألبانها حتى يبرءوا، فإذا كان على هذِه الصفة شرب أبوال الإبل. "مسائل ابن هانئ" (1815). قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل رخص في شرب أبوال الإبل. وسمعت أحمد مرة أخرى يقول: أبوال الإبل لا بأس بشربها لدواء. قِيل: فإن صار بول بعير في بئر؟ قال: أكرهه. قال: حدثنا إسحاق قال: أخبرنا النضر بن شميل قال: حدثنا المسعودي، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن عبد اللَّه، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، إلا الهرم، فعليكم بألبان البقر فإنها ترم من كل الشجر" (¬2). "مسائل حرب" ص 305، 293 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 177، والبخاري (233)، ومسلم (1671) من حديث أنس ابن مالك. (¬2) رواه الطيالسي 1/ 286 (366)، والبزار في "مسنده" 4/ 283 (1451) وصححه الحاكم 4/ 197 من طريق المسعودي، به ورواه الإمام أحمد 4/ 315 والنسائي في "الكبرى" 4/ 194 (6864) من طرق عن قيس عن طارق بن شهاب مرسلًا. وصححه الألباني في "الصحيحة" (518) وقال: صح الحديث مرسلًا ومسندا.

3078 - ما جاء في شرب ألبان الأتن

3078 - ما جاء في شرب ألبان الأتُن قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: ألبان الأتن؟ قال: أكرهه شديدًا. قال إسحاق: كما قال، إلا من ضرورة تنزلُ بالمسلم، (ذا) (¬1) يوصف أن ذلك دواؤه، فحينئذ يجوز له للضرورة، ويغسل فمه للصلاة، كذلك إن أصاب ثوبه فله غسلُه. "مسائل الكوسج" (2810). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في ألبان الأتن قال: لا يعجبني. "مسائل ابن هانئ" (1803). قال ابن هانئ: وسئل عن رجل مريض، وصف له لبن الأتن، ترى له أن يشرب، وبه وجع شديد؟ قال: لا يشربه. "مسائل ابن هانئ" (1805) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا تعجبني ألبان الأتن. "مسائل عبد اللَّه" (1572). قال حنبل: قال في ألبان الأتن: لا تُشرب، ولا لضرورة. "الآداب الشرعية" 2/ 448. ¬

_ (¬1) في ط. الجامعة الإسلامية: (داء).

3079 - التداوي بالترياق

3079 - التداوي بالترياق قال إسحاق من منصور: قلت: الترياق؟ قال: أكرهه إذا كان على ما يصفون أنه من الحيات. قال إسحاق: كما قال، إلا أن تذكى الحيات. "مسائل الكوسج" (2811) قال حرب: سُئل أحمد، عن الترياق، فكأنه ذهب إلى الكراهة، وذكر عن ابن سيرين قال: لو علم ابن عمر ما تُجعل في الترياق ما شربه (¬1). "مسائل حرب" ص 299 قال عبد اللَّه: سألت أبي من أكل الحية والعقرب؟ فقال: قال ابن سيرين: يسقي ابن عمر ولده الترياق، ولو علم ما فيه ما سقاه. قال أبي: أكره الحية والعقرب، وذلك أن العقرب لها حمة والحية لها ناب. "مسائل عبد اللَّه" (1017) 3080 - ما جاء في الإكثار من شرب الماء قال المروذي: سمعت رجلًا يشكو إلى أبي عبد اللَّه: إني أجد ضربانًا في إبهامي؟ فقال: هذِه تخمة الماء، وأرى أن يُقل من شرب الماء بالليل. وقال أيضًا: قلت لأبي عبد اللَّه: أصابك بمكة استرخاء المركب حتى ما قدرت تمشي؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 56 (23651).

3081 - حكم التداوي باللدود والوجور

فقال: إنهم يقولون: إذا استعذبوا الماء أصابهم هذا. وفي معناه ما قاله المروذي: كنت أكبس لأبي عبد اللَّه الخبز في القدح، وأصب عليه الماء، فكان يأكله ويشرب ماء الخبز، قال: هو يقوي. "الآداب الشرعية" 3/ 63. 3081 - حكم التداوي باللدود والوجور قال ابن هانئ: سألته عن اللدود؟ فقال: اللدود: شيء يأخذ الرجل في خاصرته، فيسقى شيئًا من جانب فيه، من أحد شقيه. "مسائل ابن هانئ" (1810). قال ابن هانئ: فقلت له: ما الوجور؟ قال: الوجور: يُسقى من وسط فمه. "مسائل ابن هانئ" (1811). قال ابن هانئ: قلت: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يبقى في البيت أحد إلا لدَّ، إلا عمي العباس". قال: ولد ميمونة أو زينب -الشك مني- فإنها قالت: إني صائمة (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1812). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 53، والبخاري (4458)، ومسلم (2213) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- دون ذكر خبر ميمونة أو زينب. وقد روى الإمام أحمد 6/ 438 من حديث أسماء بنت عميس أن ميمونة التدت يومئذ، وإنها لصائمة.

3082 - ما جاء في دهن اللوز

3082 - ما جاء في دهن اللوز قال الخلال: قال حنبل بن إسحاق: لما مرض أبو عبد اللَّه وصف له عبد الرحمن دهن اللوز. فأبى أن يشربه، وقال: الشيرج. فلما اشتدت علته جعل له اللوز، فلما علم به نحاه، ولم يشربه. "مناقب الإمام" ص 319. 3083 - التداوي بماء القرع قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: ثنا صالح أن أباه مرض، فوصف له عبد الرحمن المتطبب قرعة تشوى ويسقى ماءها. فقال لي: يا صالح، لا تشوى في منزلك ولا منزل عبد اللَّه، فسمعت أبا بكر المروذي يقول: فمضيت بها وشويتها، وجئت بها إليه. "مناقب الإمام" ص 332. 3084 - حكم التداوي بالمُسكر قال ابن هانئ: سُئل أبو عبد اللَّه -وأنا أسمع- عن رجل به علة، فوصف له دواء، فيه الداذي؟ (¬1) فقال: إذا شرب مع الدواء فلا أراه، وشدد فيه، وإذا دق وطرح في الدواء، فلا أعلم به بأسًا. "مسائل ابن هانئ" (1807). قال ابن هانئ: وسألته عن رجل كان عليلًا، فوصف له دواء، يطرح فيه شيء من مسكر، فجاء به أبوه إليه يريد أن يسقيه، فقال المريض: ¬

_ (¬1) في "مسائل ابن هانئ" (1777): قال الثوري: الداذي: خمر الهند.

لا أشربه، وحلف أن لا يشربه، وحلف الأب عليه بالطلاق ثلاثة أن يشربه، فقلت له: أيش ترى في هذا؟ ! فقال: لا يشرب، أمره أن يشرب حرامًا، تحرم امرأته عليه ولا يشرب. "مسائل ابن هانئ" (1814). قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يُنكر على أبي ثور قوله: وإذا أجمع الأطباء أن يشفى الرجل في الخمر أنه يشربه. فأنكر عليه إنكارًا شديدًا. وقال: ولقد كره أن يداوى المدبر بالخمر، فكيف يشربه؟ وتكلم بكلام غليظ. "الورع" (520). قال المروذي: سمعت هارون بن عبد اللَّه يقول: جاءني فتى فقال: إن أبي حلف على بالطلاق أن أشرب دواء مع مسكر؟ قال؟ فذهبت به إلى أبي عبد اللَّه، فأخبرته. فقال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل مُسكر حرام" أو قال: "خمر" (¬1). ولم يرخص له. "الورع" (549). قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن ابن مسعود قال: إن أولادكم ولدوا على الفطرة، فلا تسقوهم السكر؟ فإن اللَّه لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم (¬2). "الورع" (550) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 16، ومسلم (2003) من حديث ابن عمر. (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 250 (17097)، وابن أبي شيبة 5/ 37 (23482)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 108 والطبراني 5/ 349 (9717، 9716، 9714) والبيهقي 10/ 5.

قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه: حدثنا منصور. عن أبي وائل قال: اشتكى رجل منا يقال له: خثيم بن العداء داء يُقال له: الصفراء -وقال سفيان: تسميه العرب: الصفر- فُنعت له السكر، فأرسل إلى ابن مسعود. فقال: إن اللَّه لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم. "الورع" (551) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: وكذلك قولي: لا يداوى بها جرح ولا غيره، وهي محرمة، وكره أبي جدًّا المريَّ الذي يصنع فيه الخمر. "مسائل عبد اللَّه" (1571) ¬

_ = وعلقه البخاري بصيغة الجزم قبل (5614)، ووصله ابن حجر في "تعليق التعليق" 5/ 29 - 30.

3085 - هل السحر حق؟

فصل ما جاء في السحر وعلاجه 3085 - هل السحر حق؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: السحرُ حقٌّ؟ قَالَ: بلى، أليسَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قد سحرَ؟ ! (¬1) قال إسحاق: أليس كما قَالَ؟ ! "مسائل الكوسج" (3487). 3086 - هل يدخل الجني بدن الإنسان؟ قال عبد اللَّه: قلت لأبي: إن قومًا يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنسي. فقال: يا بني يكذبون، هو ذا يتكلم على لسانه. "مجموع الفتاوى" لابن تيمية 19/ 12. 3087 - علاج السحر قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عن رجل يزعم أنه يحل السحر، فقال: قد رخص فيه بعض الناس. قيل لأبي عبد اللَّه: إنه يجعل في الطنجير ماء، ويغيب فيه، ويعمل كذا، فنفض يده كالمنكر، وقال: ما أدري ما هذا؟ ! قيل له: فترى أن يؤتى مثل هذا يحل السحر؟ فقال: ما أدري ما هذا! "تهذيب الأجوبة" ص 714، "التمهيد" 15/ 341، "المغني" 12/ 304 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 57، والبخاري (3175) ومسلم (2189) من حديث عائشة.

قال محمد بن يحيى الذهلي: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق عن إبراهيم بن معقل، عن وهب بن منبه، عن جابر بن عبد اللَّه قال: سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن النشرة، فقال: "من الشيطان" (¬1) "الطبقات" 2/ 382. قال الفضل بن زياد: أخبرنا أحمد، ثنا عبد الرزاق عن عقيل بن معقل، عن وهب بن منبه، عن جابر بن عبد اللَّه، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل عن النشرة فقال: "هي من الشيطان". "بدائع الفوائد" 4/ 56. قال في رواية مهنا في الرجل تأتيه المرأة المسحورة فيطلق عنها السحر، قال: لا بأس وحدثنا إسماعيل بن عليه، عن سعد بن أبي عروبة، عن قتادة قال: سألت سعيد بن المسيب عن المرأة تأتي الرجل فيطلق عنها السحر، فقال: لا بأس. فقلت لأحمد: أحدث بهذا عنك؟ قال: نعم. "بدائع الفوائد" 4/ 105، "الفروع" 6/ 178. قال جعفر بن محمد النسائي: سمعت أبا عبد اللَّه سُئل عن النشرة؟ فقال: ابن مسعود يكره هذا كله. "الآداب الشرعية" 3/ 63. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 294، وأبو داود (3868). وحسَّنه البغوي في "المصابيح" كما في "كشف المناهج" وكذلك الألباني في "المشكاة" (4553).

باب ما جاء في أحكام التداوي وضوابطه

باب ما جاء في أحكام التداوي وضوابطه 3088 - الرجل تداويه المرأة قال حرب: قلت لأحمد: رجل اشتكى بطنه، فجاءت امرأة لا تحل له، فوضعت يدها على بطنه؟ قال: لا ينبغي. قلت: إنها عجوز. قال: وإن كانت عجوزًا؛ إلا أن يكون موضع ضرورة. "مسائل حرب" ص 296 قال المروذي: تضع يدها على صدره؟ قال: ضرورة. "الفروع" (5/ 158) 3089 - المرأة يداويها الرجل نقل المروذي عنه: عن ثابت بن ذروة قال: خرجت، فصرعت امرأة كانت معنا، فانكسر فخذها، فلم أجبرها. قال: فلقيت جابر بن زيد، فذكرت ذلك له؟ فقال: بئس ما صنعتَ، إن المضطر كاسمه، أما إِنك لو كُنت جبرتها لأجرت. أنبأنا سعيد، عن ثابت بن ذروة، عن سعيد بن جبير قال: بلغني أنك تؤتى بالمرأة الكسير فلا تقدم عليها، أقدِمْ عليها؛ فإنَّه لا بأس به. عن هشام بن عُروة؛ أن أختًا لعروة، اشتكت من عنقها جراحًا، أو قرحة، فدعا لها عروةُ الطبيبَ. قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: المرأة يكون بها الكسر، فيضع المجبر يده عليها؟

قال: هذِه ضرورة، ولم يَر به بأسًا. وقال: قلت لأبي عبد اللَّه: مجبر يعمل بخشبة، فقال: لا بد لي من أن أكشف صدر المرأة، وأضع يدي عليها؟ قال: قال طلحة: يزجر. قلت: ابن مصرَّف؟ قال: نعم. قلت: فأيش تقول؟ ! قال: هذِه ضرورة، ولم يَر به بأسًا. وقال: قلت لأبي عبد اللَّه: فالمرأة يكون بها الجراح؟ قال: تقرر ما حول الثوب. وقال: قيل لأبي عبد اللَّه: فالكحال يخلو بالمرأة، وقد انصرف من عنده من النساء؟ هل هذِه الخلوة منهي عنها؟ قال: أليس هو على ظهر الطريق؟ قيل: نعم. قال: إنَّما الخلوة تكون في البيت. "الورع" (379 - 386) قال حرب: قال: وسألت أحمد أيضًا، قلت: المرأة ينكسر فخذها أيجبرها الرجل؟ قال: نعم إذا اضطرت. "مسائل حرب" ص 296 قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام، قال: حدثنا حنبل، قال: حضرت أبا عبد اللَّه بعث إلى حجَّامِ يُقال له: أيوب، وكان غلامًا ابن عشر سنين، أو إحدى عشرة، حجم أهل أبي عبد اللَّه -أم عبد اللَّه-، فقلت للحجَّام بعد ما خرج، قال: حجمت أهل أبي عبد اللَّه، وكتب له أبو عبد اللَّه رقعة بخطه يُعطيه أجره، قال حنبل: قلت لأبي عبد اللَّه: أما تكره هذا يحجم النساء؟

3090 - تداوي المسلم عند غير المسلم

قال: هذا غلام، قلت له: فالعبد الحجَّام إذا بلغ يحجم المرأة؟ قال: لا، قال: ولا أرى أبا طيبة لم يبلغ مبلغ الرجال، وكان عبدًا. "أحكام النساء" للخلال (82) قال الأثرم: سألت أحمد بن حنبل -أو سُئل وأنا أسمع- عن المرأة يداويها الرجل في مثل الكسر وشبهه؟ قال: نعم، قد رخص في ذلك عدة من التابعين. "التمهيد" 5/ 280 3090 - تداوي المسلم عند غير المسلم قال ابن هانئ: وسئل عن هذِه الآية: {أَوْ نِسَائِهِنَّ}؟ قال: نساء أهل الكتاب: اليهودية والنصرانية، لا تقبلان المسلمة ولا تنظران إليها. "مسائل ابن هانئ" (1841) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: اليهودية والنصرانية (¬1) فتقبل -أعني: القابلة؟ قال: لا. "مسائل عبد اللَّه" (505) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أبا عبد اللَّه عن القابلة تكون يهودية أو نصرانية؟ فقال: أهل الشام يكرهون. فقلت: مَن أهل الشام؟ قال: مكحول وسليمان بن موسى. قلت: مَن ذكره عنهم؟ فحدثني عن هشام بن الغاز، قال: حدثني عنه عن مكحول وسليمان بن موسى أنهم كرهوا القابلة اليهودية والنصرانية. ¬

_ (¬1) ذكر الخلال في "أحكام أهل الملل" 2/ 457 (1090) هذِه الرواية عن عبد اللَّه عن أحمد وزاد فيها والمجوسية.

قلت: من ذكره عن هشام بن الغاز؟ قال: حدثوني عنه. "أحكام أهل الملل" 2/ 456 - 457 (1088)، "أحكام النساء" (38) قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم. وأخبرنا أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى أن أبا طالب حدثهم أن أبا عبد اللَّه قال: لا ينبغي أن يقبلن المسلمات. "أحكام أهل الملل" 2/ 457 (1092)، و"أحكام النساء" (43) قال الخلال: أخبرنا الميموني قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن القابلة من أهل الكتاب، فسمعته يقول: عدة يكرهونه: مكحول، وأهل الشام لم يزالوا عليه أن تكون القابلة يهودية أو نصرانية، وكتب عمر إلى أهل الشام: امنعوا نساءهم أن يدخلن مع نسائكم الحمامات (¬1). ثم قال: ليس له ذلك الإسناد. ثم قال: أراهم تأولوا هذه الآية: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور: الآية 31]. قرأ علي، ثم قال: وهكذا أخبرك فيه: أن يكون يلي ذلك منها غير أهل دينها. قلت: فتكره أنت يا أبا عبد اللَّه أن تكون النصرانية واليهودية تُقبل ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 9/ 307، والبيهقي 7/ 95 من طرق عن هشام بن الغاز، عن عبادة بن نسي، عن عمر. ورواه سعيد بن منصور في "سننه" كما في "تفسير ابن كثير" 10/ 220 - 221، والبيهقي 7/ 95 من طريق هشام بن الغاز، عن عبادة ابن نُسي، عن أبيه، عن الحارث بن قيس قال: كتب عمر. . وذكر الألباني الروايتين في "جلباب المرأة المسلمة" ص 115، وقال في الرواية الأولى: رجاله ثقات، لكنه منقطع، فإن عبادة لم يدرك عمر. وقال في الثانية: رجال ثقات؟ غير نُسي. أهـ

المرأة منا؟ قال: نعم أكرهه. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 458 (1095)، "أحكام النساء" (37) قال المروذي: أدخلت على أبي عبد اللَّه رحمه اللَّه نصرانيًّا، فجعل يصف وأبو عبد اللَّه يكتب ما وصفه، ثم أمرني فاشتريتُ له. (¬1) قال أحمد رحمه اللَّه في رواية أحمد بن الحسين الترمذي: يُكره شرب دواء المشرك. وقال المروذي: كان يأمرني ألا أشتري له ما يصف له النصارى، ولا يشرب من أدويتهم. (¬2) "الآداب الشرعية" 2/ 428 ¬

_ (¬1) قال القاضي أبو يعلى: إنما يرجع إلى قوله في الدواء المباح، فإن كان موافقًا للداء فقد حصل المقصود، وإن لم يوافق فلا حرج في تناوله، وهذا بخلاف ما لو أشار بالفطر في الصوم. والصلاة جالسًا ونحو ذلك، لأنه خبر متعلق بالدين فلا يقبل ا. هـ انظر: "الآداب الشرعية" 2/ 428. (¬2) قال ابن مفلح عقبها: وللدلالة على أنه لا يؤمن أن يخلطوا بذلك شيئا من السمومات والنجاسات، فهذا من القاضي يقتضي أن لا يجوز استعمال دواء ذمي لم تعرف مفرداته، وسبق في "الرعاية" الكراهة، وقد كرهه أحمد، وفيما كرهه الخلاف المشهور؛ هل يحرم أو يكره؟ وقال الشيخ تقي الدين: إذا كان اليهودي أو النصراني خبيرًا بالطب، ثقة عند الإنسان جاز له أن يستطب، كما يجوز له أن يودعه المال، وأن يعامله، كما قال تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [سورة آل عمران: 75] وفي "الصحيح" (3905) أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما هاجر استأجر رجلًا مشركا هاديًا خِرَّيتا. اهـ يراجع كلام القاضي في الهامش السابق.

كتاب اللباس والزينة

كتاب اللباس والزينة باب ما جاء في اللباس وأحكامه 3091 - النهي عن تشبه النساء بالرجال والعكس قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الرجل يلبس جاريته القرطق؟ قال: لا يلبسها شيئًا من زي الرجال، لا يشبهها بالرجال. "مسائل أبو داود" (1685) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه: يخاط للنساء هذِه الزيقات (¬1) العراض. فقال: إذا كان شيئًا عريضا فأكرهه، هو محدث، وإن كان شيئًا وسطا لم أر به بأسًا. وكره أن يصير للمرأة مثل جيب الرجال. "الورع" (553) قال المروذي: وقطع أبو عبد اللَّه لابنته قميصًا -وأنا حاضر- فقال للخياط: صَيِّر جيبها برسكاب -يعني: من قدام- وقطع لولده الصغار قمصًا. فقال للخياط: صير زيقاتها دقاقًا، وكره أن يصير عريضًا. حدثني محمد بن هشام المروزي قال: أتيت وكيعًا وعلي دراعة (¬2) جيبها من قدام، فلما رآها وكيع. قال: يكره أن يلبس الرجل مثل لباس المرأة. "الورع" (554 - 555) ¬

_ (¬1) الزيق: ما يكف به جيب القميص. يقال: عمل للجيب زيقا: خاطه به لتقويته. (¬2) ثوب يلبس، تجتمع أطراف، وهو من زي الرجال.

قال المروذي: وقطعت لأبي عبد اللَّه جبة، وصيرت زيقها دقيقًا. فقلت لأبي عبد اللَّه: هل أدركت أحدًا من المشيخة كان له زيق عريض؟ قال: لا. حدئني عبد الصمد بن يحيى الدهقان قال: دعا يزيد بن هارون خياطًا من النساك، فقال: اقطع لهذِه الجارية قباء (¬1). قال: فوضع الخياط المقراض من يده، وقال: يا أبا خالد! قباء عمن؟ ! فسكت يزيد. "الورع" (556 - 557) قال المروذي: وكنت يومًا عند أبي عبد اللَّه، فمرت به جارية عليها قباء، فتكلم بشيء. قلت: تكرهه؟ قال: كيف لا أكرهه جدًا، لعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المتشبهات من النساء بالرجال (¬2). "الورع" (558) قال المروذي: وسألت أبا عبد اللَّه: عن حديث ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة؛ أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لعن المترجلات من النساء" (¬3). قال: رواه حجاج بن محمد، عن ابن جريج بغير هذا الإسناد. "الورع" (560) ¬

_ (¬1) ثوب يلبس، تجتمع أطراف، وهو من زي الرجال. (¬2) رواه البخاري (5885). (¬3) كذا ساقه، والحديث رواه أبو داود (4099) من طريق سفيان، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة قال: قيل لعائشة -رضي اللَّه عنها-: إن امرأة تلبس النعل؟ فقالت: لعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الرجلة من النساء.

3092 - عورة المرأة

قال المروذي: وحدثنا أبو عبد اللَّه، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "لعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المترجلات من النساء، والمخنثين من الرجال" (¬1). "الورع" (561) 3092 - عورة المرأة قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل قال: قيل لأحمد: الرجل يكون في السوق، يبيع ويشتري، فتأتيه المرأة تشتري منه، فيرى كفها ونحو ذلك، فكره ذلك، وقال: كل شيء من المرأة عورة. قيل له: فالوجه؟ قال: إذا كانت شابة تُشتهى فإني أكره ذلك، وإن كانت عجوزًا رجوت. وقال: أخبرني إبراهيم بن رحمون السنجاري قال: حدثنا نصر بن عبد الملك السنجاري قال: حدثنا يعقوب بن بختان: أن أبا عبد اللَّه سئل: فذكر مثل مسألة حرب سواءً. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد: عن الرجل يأكل مع مطلقته، قال: لا، هو رجل أجنبي، لا يحل له أن ينظر إليها، فكيف يأكل معها، ينظر إلى كفها؟ ! فلا يحل له ذاك. وقال: أخبرني منصور بن الوليد، أن جعفر بن محمد حدَّثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل: ينظر إلى الأرملة اليتيمة تكون عنده؟ قال: لا ينظر نظر شهوة إلى ذي رحم -أو قال: محرم- وغيرها، ولا بأس بالنظر إلى الوجه إذا لم يكن من شهوة. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 225، البخاري (5886).

وقال: وأخبرني منصور بن الوليد -في موضع آخر- أن جعفرًا حدثهم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كل شيء من المرأة محرَّم. أو قال: عورة. "أحكام النساء" للخلال (9 - 13) قال الخلال: أخبرني موسى بن سهل قال: حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب عن إسماعيل بن سعيد أن أبا عبد اللَّه قال: الزينة الظاهرة: الثياب وكل شيء منها عورة -يعني المرأة- حتى الظفر، ولا نقول في نساء أهل الذمّة شيئًا. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 455 (1082) قال الخلال: وأخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كل شيء من المرأة عورة، حتى ظفرها. وقال أخبرني محمد بن علي، أن مهنا حدثهم، قال: سألت أحمد عن المرأة تغطي خفها؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه يصف قدمها. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب، أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: ظفر المرأة عورة، وإذا خرجت فلا يبين منها لا يدها ولا ظفرها ولا خفها، فإن الخف يصف القدم، وأحب إليَّ أن تجعل أكفها إلى عند يدها، حتى إذا خرجت يدها لا يبين منها شيء. "أحكام النساء" (15 - 18)

قال الخلال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، قال: حدثنا العباس بن محمد بن موسى الخلال، أن أبا عبد اللَّه، قال -في نساء السواد المسلمات يبدو منهن شعر أو صدر- قال: لا، إذا كانت مسلمة، المرأة كلها عورة حتى ظفرها. "أحكام النساء" (21) ذكر أبو بكر قول أحمد في رواية عبد اللَّه روايةً عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا بلغت الحيض فلا تكشف إلا وجهها ويديها" (¬1). "الفروع" 5/ 153. قال الأثرم لأبي عبد اللَّه: حديث نبهان (¬2) عندك لأزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (4104) والبيهقي 2/ 226، وابن عدي في "الكامل" 4/ 417 من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن خالد بن دريك عن عائشة قالت: دخلت أسماء بنت أبي بكر على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعليها ثياب شامية رقاق. . الحديث. قال أبو داود: هذا مرسل، خالد بن دريك لم يدرك عائشة -رضي اللَّه عنها-. وقال ابن عدي: ولا أعلم رواه عن قتادة غير سعيد بن بشير، وقال مرة فيه: عن خالد بن دريك، عن أم سلمة بدل عائشة. قال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 6/ 58: وفي إسناده سعيد بن بشير أبو عبد الرحمن البصري نزيل دمشق مولى بني نصر، وقد تكلم فيه غير واحد، وذكر الحافظ أبو أحمد الجرجاني هذا الحديث، وقال: لا أعلم من رواه عن قتادة غير سعيد بن بشير أهـ. وقد حسنه الألباني بشواهده في "الإرواء" (1795)، و"جلباب المرأة المسلمة" ص 58 وقال: لكن الحديث جاء من طرق يتقوى بها، أخرج أبو داود في مراسيله (437) بسند صحيح عن قتادة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن الجارية إذا حاضت لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها ويداها إلى المفصل". (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 296، وأبو داود (4112)، والترمذي (2778) وضعفه الألباني في "الإرواء" (1806) وقال في "جلباب المرأة المسلمة" ص 11: ضعيف =

3093 - جواز كشف المرأة في بيتها

وحديث فاطمة (¬1) لسائر الناس؟ فقال: نعم، أو أظهر استحسانه، ولم يقل: نعم. نقل الأثرم: يحرم على أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. نقل أبو طالب: ظفر المرأة عورة، فإذا خرجت فلا يبين منها شيء ولا خفها، فإن الخف يصف القدم، وأحب إلى أن تجعل لكمها زرًا عند يدها، لا يبين منها شيء. "الفروع" 5/ 154 3093 - جواز كشف المرأة في بيتها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: المرأةُ تكشف عن رأسِهَا في بيتِهَا؟ قَالَ: نعم. قُلْتُ: وَإِنْ كانَتْ في صحنِ الدَّارِ؟ قَالَ: نعم. "مسائل الكوسج" (3373) قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد النسائي حدثهم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: المرأة تقعد بين يدي زوجها وفي بيتها مكشوفة في ثياب رقاق؟ فلم ير به بأسًا، قلت: تخرج في الدار من بيت إلى بيت مكشوفة الرأس، ليس في الدار إلا هي وزوجها؟ فرخص في ذلك. "أحكام النساء" (25) ¬

_ = عند المحققين من الحفاظ كالإمام أحمد والبيهقي وابن عبد البر ونقل القرطبي أنه لا يصح عند أهل الحديث. أهـ. (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 412، ومسلم (1480).

3094 - لبس النقاب للأمة

3094 - لبس النقاب للأمة قال إسحاق بن منصور: قلت: على الأمة أن تنتقب؟ قال: لا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1299) قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: يكره للأمة أن تخرج متقنعة؟ قال: أما إذا كانت جميلة تقنعت. قال إسحاق: أحسن كما قال لمعنى ما يخشى من الفساد عليها وعلى غيرها، وليس بلازم. "مسائل الكوسج" (3321) قال الخلال: أخبرني محمد بن داود البوصراي، قال: حدثنا حنبل قال: قال أبو عبد اللَّه: إن الأمة قد ألقت فروة رأسها، قال: يعني القناع، قال: وعمر كره أن يتشبهن بالحرائر، فلذلك أمرهن بإلقاء القناع (¬1). "أحكام النساء" (103) نقل حنبل عنه: إن لم تختمر الأمة فلا بأس. "الفروع" 5/ 155 3095 - لبس الحرير والذهب للنساء قال إسحاق بن منصور: قلت: الذهب والحرير للنساء. قال: أرجو أن لا يكون به بأس، ولكن الذهب لا تظهره. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 136 (5064)، وابن أبي شيبة 2/ 41 (6235 - 6239).

قال إسحاق: كما قال، وقوله: لا تظهره. يعني: لا تباهي به، تظهره للناس. "مسائل الكوسج" (3513) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن: الحرير للنساء، للكبار والصغار؟ قال: نعم. ورخص فيه. "مسائل أبي داود" (1675) قال حرب: سمعت أحمد يكره الذهب والحرير للصغير والكبير الذكور. قيل له والمرأة عليها ذهب كثير؛ قال: إذا لم تظهره. "مسائل حرب" ص 311 قال الخلال: حدثنا أبو بكر الأثرم، قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: فالذهب للنساء، ما تقول فيه؟ قال: أما للنساء فهو جائز إذا لم تظهره إلا لبعلها. قلت له: أي حديث في هذا أثبت؟ قال: أليس في حديث سعيد بن أبي هند (¬1)؟ ! ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 392، والترمذي (1720)، والنسائي 8/ 160. عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم". واختلف فيه على سعيد فمرة يروى عنه عن رجل عن أبي موسى، ومرة: عنه عن أبي موسى. وهو لم يلق أبا موسى كما قال الدارقطني في "العلل" 7/ 241 (1320) ورجع رواية سعيد عن رجل عن أبي موسى. والحديث قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الألباني في "الإرواء" (277).

قلت: ذاك مرسل. قال: وإن كان، ثم قال: أليس فيه حديث أخت حذيفة (¬1)؟ ! قلت: ذاك على الكراهية. قال: إنما كره أن تظهره في ذلك الحديث. قال: ما أنكره امرأة تحلى بذهب تظهره. قلت: وكيف يمكنها ألا تظهره؟ قال: تظهره لبعلها، يكون خاتم ذهب، تغطي يدها إلا عند بعلها. وقال أخبرني محمد بن الحسين، أن الفضل بن زياد حدثهم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه وقيل له: ما تقول في الذهب للنساء؟ قال: ما لم تظهره المرأة فإني أرجو ألا يكون به بأس. قلت له: وكيف تخفيه؟ قال: لتغطه، لا تظهره إلا عند بعلها. وقال: أخبرني محمد بن جعفر، قال: حدثنا أبو الحارث: أن أبا عبد اللَّه سئل عن الحرير والذهب. فقال: تلبسه المرأة في بيتها، ولا تُظهره لغير زوجها، فإني أكره له ذلك، إلا أن تكون في بيتها مع أهلها. "أحكام النساء" (86 - 88) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 398، وأبو داود (4237)، والنسائي 8/ 156 - 157 عن ربعي بن حراش عن امرأته عن أخت حذيفة قال: خطبنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "يا معشر النساء أما لكنَّ في الفضة ما تحلين؟ أما إنه ما منكن من امرأة تلبس ذهبًا تظهره إلا عذبت يوم القيامة". وضعفه الألباني في "ضعيف الترغيب والترهيب" (474).

3096 - لبس الخز والملحم والمصمت من الحرير للرجال

3096 - لبس الخز والملحم والمصمت من الحرير للرجال قال إسحاق بن منصور: قلت: لبس الخز (¬1)؟ قال: قد ترخص فيه من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- غير واحد (¬2)، وأرجو أن لا يكون به بأس، وأما الملحم (¬3) الذي قد لبسه بعض الناس فلا أدري ما هو. قال إسحاق: كلاهما لا بأس به، والملحم أحسن حالًا، لما ليس فيه ميتة، وكره المصمت من الحرير. "مسائل الكوسج" (3311) قال صالح: قلت: الثوب فيه حرير، سداه ولحمته قطن؟ قال: هذا شبيه بالخز، قال ابن عباس: نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المصمت من الحرير (¬4)، وقد لبس عدد من الصحابة -أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الخز. "مسائل صالح" (613) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم قال أخبرنا ابن عون قال دخلنا على الحسن فأخرج لنا كتاب من سمرة فإذا فيه أنه يجزي من ¬

_ (¬1) قال في "النهاية في غريب الحديث" 2/ 28: ثياب تنتج من صوف وإبريسم، وهي مباحة. (¬2) رواه عبد الرزاق 11/ 76 - 77 (19958 - 19959، 19961، 19963)، وابن أبي شيبة 5/ 149 - 150 (24613، 24618، 24621، 24623، 24635) عن أبي هريرة وأنس وعبد اللَّه بن الزبير وسعد بن أبي وقاص ابن عمر وجابر وأبي سعيد. (¬3) الملحم: وهو الثوب تكون لحمته من الحرير. (¬4) رواه الإمام أحمد 1/ 313، وأبو داود (4055) وصححه الألباني في "الإرواء" (8221).

الاضطرار صبوح أو غبوق قال نبئت إنه كتب أثر لابن عمر في النهي عن لبس الحرير. "مسائل صالح" (637) قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا إسحاق بن يوسف، قال: حدثنا ابن عون، عن الحسن قال: دخلنا على عبد اللَّه بن عمر بالبطحاء، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، إن ثيابنا هذِه قد خالطها الحرير، وهو قليل؟ قال: دعوا الحرير قليله وكثيره. "مسائل صالح" (638) قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عامر بن عبيدة الباهلي، قال: رأيت أنس بن مالك عليه جبة خز، فسألته، فقال: أعوذ باللَّه من شرها. قال: قلت هل لبسها أحد من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقال: كلهم غير عمر وابن عمر (¬1). قال أبي: ليس في كتاب غندر غير هذا الحديث. "مسائل صالح" (778) قال ابن هانئ: وسئل عن: لبس الحرير يكون في الثوب؟ فقال: إذا كان قدر أصبعين، أو ثلاثة، أو أربعة، فلا بأس به. وإن كان أكثر من ذلك، مكروه. "مسائل ابن هانئ" (1822) قال ابن هانئ: سألته عن: خياطة الخز، والحرير؟ فقال: أما الخز، فقد لبسه أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. فقلت: الخز الأسود؟ قال: إذا علمت أنه لجندي فلا تخطه، وأما ¬

_ (¬1) رواه بنحوه البيهقي 3/ 272.

الحرير، فللنساء. "مسائل ابن هانئ" (1825) قال ابن هانئ: سألته عن: الملحم؟ فقال: أما للرجال، فلا، وأما النساء، فخطه. "مسائل ابن هانئ" (1826) قال ابن هانئ: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: أخبرنا إنسان قال: رأيت على ابن المبارك كساءً مربعًا. "مسائل ابن هانئ" (1830) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن خياطة الملحم، فقال: ما كان للرجل فلا، وما كان للنساء فليس به بأس. "الورع" (552) قال حرب: سألت أحمد، عن الثوب ينسج بالحرير، وهو الملحم، فكرهه وقال: هو محدث. وسألت أحمد أيضًا عن الثوب يكون سداه حرير ولحمته قطن؟ قال: هذا الملحم هذا محدث لم يكن على عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكرهه، ورخص في الخز إذا كان سداه حرير. وقال: الخز قد لبسه أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وسُئِلَ أحمد مرة أخرى عن الثياب الملحمة فكرهها لأنها محدثة. وقال: حدثنا إسحاق قال: أنبأ عتاب بن بشير، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: وإنما نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، عن المصمت منه. يعني: الحرير.

وقال: سألت أحمد، عن الأعلام للثياب فرخص فيه وقال: أكثر ما جاء إلى أربع أصابع، وكأنه سهل فيه إلى أربع أصابع. وقال حرب: وسألت أحمد، عن الأعلام للثياب فرخص فيه، وقال: أكثر ما جاء إلى أربع أصابع، وكأنه سهل فيه إلى أربع أصابع. وقال: سألت إسحاق عن حديث معاوية أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن لبس الحرير إلا مقطعًا (¬1). قال: يقول: لا يلبسه باجًا واحدًا ولكن إذا كان تكة أو جيب، أو نحو ذلك، فأما قميص تام أو رداء تام فلا. "مسائل حرب" ص 309 - 311 قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن لبس الخز؟ فلم ير به بأسًا. "الروايتين والوجهين" 1/ 404، "المغني" 2/ 309 قال صالح: قلت: كَسَا بمعلم؟ قال: فيه اختلاف، من الناس من يسهل فيه، ومنهم من لا يسهل. "تهذيب الأجوبة" 1/ 535 لبس الحرير في الحرب قال إسحاق بن منصور: قلت: الديباج في الحرب؟ قال: ما يعجبني في الحرب ولا في غيره. قال إسحاق: بل هو جائز في الحرب إذا كان ذلك أهيب للعدو. "مسائل الكوسج" (3504) ¬

_ (¬1) رواه النسائي 8/ 161.

3097 - افتراش الحرير والجلوس عليه

قال أبو داود: قلت لأحمد: لبس الحرير في الحرب؟ قال: لا يعجبني. "مسائل أبو داود" (1677) نقل إبراهيم بن الحارث عنه: جواز ذلك. "الروايتين والوجهين" 1/ 188 قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن لبس الحرير في الحرب. قال: أرجو أن لا يكون به بأس. "المغني" 2/ 307، "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 137، "معونة أولي النهى" 2/ 38. 3097 - افتراش الحرير والجلوس عليه قال صالح: سألت أبي عن افتراش الحرير: هو عندك بمنزلة لبسه؟ قال: نعم قد نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن افتراش مُسوك السباع (¬1). قلت: وروي عن عبيدة: افتراش الحرير مثل لبسه (¬2)؟ قال: نعم. "مسائل صالح" (136) ¬

_ (¬1) بلفظة (مسوك) رواه الحارث كما في "بغية الباحث" ص 175 (553) من حديث سمرة بن جندب. ورواه الإمام أحمد 5/ 74، وأبو داود (4132)، والترمذي (1770) عن أبي المليح عن أبيه نهى رسول اللَّه عن جلود السباع. وصححه الألباني في "الصحيحة" (1011). (¬2) علقه البخاري عنه قبل الرواية (5837)، وقال الحافظ: وصله الحارث بن أبي أسامة في "مسنده". "الفتح" 10/ 292.

3098 - ما كره من لبس الثياب الرقاق والطراز في الثوب

قال ابن هانئ: سألته عن الجلوس على ما فيه التماثيل، والنوم في الخز وعلى الحرير؟ فقال: التماثيل، إذا كان متوطأ، فلا بأس بالجلوس عليها، والخز قد لبسه أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا يفترش الحرير. "مسائل ابن هانئ" (1829) قال حرب: سألت إسحاق عن المرفقة واللحاف من حرير. قال: كل ما لم يلِ جلده. قلت: فإن اللحاف بطانته من قطن وظهارته وشي؟ قال: لا بأس كل ما لم يلى جلده فلا بأس. "مسائل حرب" ص 312 3098 - ما كره من لبس الثياب الرقاق والطراز في الثوب قال المروذي: وأمروني في منزل أبي عبد اللَّه أن أشتري لهم ثوبًا. فقال لي: لا يكون رقيقًا، أكره الرقيق للحي والميت. قلت لأبي عبد اللَّه: قد سألوني أن أشتري لهم ثوبًا عليه كتاب. فقال: قل لهم: إن أردتم أن أشتريه ويقلع الكتاب. قلت: فإنهم إنما يريدون الكتاب؟ قال: لا تشتره. "الورع" (577) قال حنبل: قال أحمد: إني أخاف أن تصف عجم عظامها أيضًا هو حجم عظامها، وهذا إنما هو لحديث أسامة بن زيد كساني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبطية كساه إياها دحية، فكسوتها نسائي، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-:

3099 - كراهية صبغ الحمرة

"مرها تجعل تحتها غلالة لا تصف حجم عظامها" (¬1). "تهذيب الأجوبة" 1/ 373 - 374 3099 - كراهية صبغ الحمرة قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا عمرو بن مجمع الكوفي أبو المنذر، قال: حدثنا يونس بن خباب أبو حمزة، قال: كان إبراهيم النخعي يلبس الملاحف الحمر. "مسائل صالح" (848) قال ابن هانئ: وسئل عن: المياثر؟ قال: السروج الأرجوان. "مسائل ابن هانئ" (1824) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن المرأة تلبس المصبوغ الأحمر، فكرهه كراهة شديدة، وقال: أما أن تريد الزينة فلا، وقال: إن أول من لبس الثياب الأحمر آل قارون أو آل فرعون، ثم قرأ: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} قال: في ثياب حمر (¬2). عن مجاهد قال في قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} في ثياب أرجوان حمر. عن قتادة: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} قال: على ألف بغلة شهباء، عليها مياثر الأرجوان. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 205، والبزار في "مسنده" 7/ 30 (2579) والطبراني 1/ 160 (376)، وحسنه الألباني في "الثمر المستطاب" 1/ 318. (¬2) رواه الطبري في "تفسيره" 10/ 108 (27625).

عن مجاهد، عن عائشة قالت: نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الميثرة الحمراء. عن مالك بن عُمير، أن صَعْصَعة بن صُوحَان أتى عليًا فسلَّم عليه. فقال: يا أمير المؤمنين! أنهانا عما نهاك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فقال: نهانا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن لبس القَسِّيّ، والحرير، والميثرة الحمراء. قال المروذي: وانصرفت من عند أبي همام، ودخلت على أبي عبد اللَّه، فأخرجت الكتاب، فدفعته إليه، فإذا فيه أحاديث من كان يركب بالأرجوان. فقال: هذا زمان لا تحدث بمثل هذِه؟ وكرهها وأنكرها. عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يقرأ أحدكم وهو راكع ولا ساجد، ولا يلبس ثوبًا أحمر". عن مجاهد، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: مر رجل على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعليه ثوبان أحمران- فسلم، فلم يرد عليه. "الورع" (566 - 573) قال المروذي: ورأى أبو عبد اللَّه بطانة جبتي حمراء. فقال: لم صبغتها حمراء؟ قلت: الرقاع التي فيها. قال: وأيش تبالي أن يكون فيها رقاع! قلت: تكرهه؟ قال: نعم وأمرني أن أشتري له تكة. فقال: لا يكون فيها حمرة. قلت: تكرهه؟ قال نعم. وأمرني أن أشتري مدًا. فقال: لا يكون فيها حمرة، ثم قال: هو شيء ليس ينتفع به، وإنما هو ظاهر، وإنما كرهته من أجل هذا. وقال لي: لا تغيره بالشعير، زن الحنطة رطلًا وثلثًا، حتى يكون على قدره، وهو ربع الصاع. "الورع" (574)

3100 - حكم لبس المعصفر من الثياب

قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: الثوب الأحمر تغطي به الجنازة، فكرهه، قلت: ترى أن أجذبه؟ قال: نعم. حدثنا حرب بن ميمون الأنصاري قال: رأينا محمد بن سيرين يغسل النضر بن أنس -والحسن شاهد- قال حرب: وأنا أعاطيهم، فقال حرب: فقال لي محمد: جئنا بنمط، فجئته بنمط أحمر. قال محمد: هذا زينة قارون، فقال له الحسن: نعم. فقال محمد: جئنى بغيره، فأتيته بنمط أخضر، فلفه فيه. "الورع" (575 - 576) ونقل عنه أحمد بن واصل المقرئ أنه سئل عن كساء أسود له علم أحمر؟ فقال: لا بأس به. "شرح العمدة" ص 370 - 371 3100 - حكم لبس المعصفر من الثياب قال أبو داود: سمعت أحمد قال: يكره المعصفر للرجال، ولا بأس للنساء. "مسائل أبو داود" (1674) 3101 - حكم لبس الكتان قال عبد اللَّه: ورأيت أبي يكره لبس الكتان للرجال، ولا يكرهه للصبي الصغير.

3102 - لبس الدراعة

قال: سمعت أبي يقول: الأحداث يرفق بهم. "مسائل عبد اللَّه" (1627) 3102 - لبس الدراعة قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: الدراعة يكون لها فرج؟ فقال: كان لخالد بن معدان دراعة فيها فرج من بين يديها قدر ذراع. قيل لأبي عبد اللَّه: فيكون لها فرج من خلفها؟ فقال: ما أدري، أما من بين يديها فقد سمعتُ، وأما من خلفها فلم أسمع، قال: إلا أن في ذلك سعة له عند الركوب ومنفعة. "الآداب الشرعية" 3/ 496 3103 - لبس الإزار والسروال قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمد: عن الإزار؟ قال: أسفل من السرة؟ قلت: هكذا؟ فأريته. قال: لا أدري. قلت: أسفل من السرة؟ قال: نعم. "مسائل الكوسج" (3379) قال أبو داود: ورأيت إزار أحمد غير مفتول، وكنت أرى أزراره محلولة. "مسائل أبو داود" (1678)

3104 - لبس الجبة والدواج

قال ابن هانئ: وسئل عن: السراويل أحب إليك من الميازر؟ فقال: السراويل محدث، ولكنه أستر. "مسائل ابن هانئ" (1928) قال الفضل بن زياد: وسألته عن الإزار تحت السرة أعجب إليك أم فوق السرة. فقال: تحت السرة. "بدائع الفوائد" 4/ 57 3104 - لبس الجبة والدواج قال صالح: وسألته عن لبس الدواج؟ قال: أرجو. قلت: فإن لبسه في الصلاة؟ قال: يطرح أحد طرفيه على الآخر. "مسائل صالح" (292) قال أبو داود: ورأيت على أحمد جبة فري ثغري. "مسائل أبو داود" (1684) 3105 - ثوب الشهرة قال إسحاق بن منصور: قلت: ما ثوب الشهرة؟ قال: كل شيء يشهر به ويستشرفه الناس، كل إنسان على قدره. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3312)

قال الميموني: ما رأيت أبا عبد اللَّه قط مرخي الكمين، يعني: في المشي، "الآداب الشرعية" 3/ 498 تقصير الثياب قال ابن هانئ: دخلت على أحمد وعليّ قميص قصير، أسفل من الركبة، وفوق الساق، فقال: أيش هذا، وأنكره عليّ. فقلت له: إنه لم يدق، فلذلك فهو كذا. فقال لي: هذِه نمرة (¬1)، لا ينبغي. "مسائل ابن هانئ" (1820) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا بكر بن عيسى الراسبي، حدثنا أبو عوانة، حدثنا أبو حمزة قال: رأيت ابن عباس قميصه متقلص فوق الكعب، والكم يبلغ أصول الأصابع يغطي ظهر الكف. "الزهد" 236 قال ابن حرب: سألت أبا عبد اللَّه عن القميص الطويل، فقال: إذا لم يصب الأرض، لأن أكثر الأحاديث فيها ما كان أسفل من الكعبين في النار (¬2). "شرح العمدة" (367) ¬

_ (¬1) النمرة: كساء فيه خطوط بيض وسود تلبسه الأعراب، وكل شملة مخططة من مآزر العرب فهي نمرة كما في "اللسان" و"المصباح المنير"، ولعل إنكار الإمام لها إنما هو لما فيها من القصر الذي لا يبلغ نصف الساق، وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ازرة المؤمن إلى نصف الساق. . ". (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 410، والبخاري (5787) من حديث أبي هريرة.

3106 - جواز فتل الثوب

قال حنبل: قال أحمد: جر الإزار إذا لم يرد الخيلاء فلا بأس به. "الآداب الشرعية" 3/ 492. 3106 - جواز فتل الثوب قال إسحاق بن منصور: سألت أحمد عن الفتل؟ فقال: ما أعلم به بأسًا. قال إسحاق: كما قال وفي حديث الزهري بيان رخصة حيث أخذت. يهدبة ثوبها فقالت: ما معه. يعني: مثل هذِه (¬1). "مسائل الكوسج" (3303) قال أبو داود: ورأيت إزار أحمد غير مفتول، وكنت أرى أزراره محلولة. "مسائل أبو داود" (1676) قال حرب: سُئل أحمد: هل بلغك في الفتل كراهية؟ قال: لا -يعني- فتل الثوب. وقال: حدثنا أحمد قال: حدثنا يزيد بن الحباب قال: حدثنا معاوية ابن عبد الكريم الثقفي -قال أحمد: وكان شيخًا صالحًا- قال: رأيت على بكر بن عبد اللَّه رداءً مفتولًا. قال: قلت لأحمد: ما تقول في الهدب في الثوب؟ قال: لا بأس به. "مسائل حرب" ص 313 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 38، والبخاري (2639)، ومسلم (1433) من حديث عائشة.

3107 - لبس النعل السندي والأحمر

3107 - لبس النعل السندي والأحمر قال صالح: قلت: النعل السندي؟ قال: إذا كان للوضوء فأرجو، وأما للزينة فأكره للرجل والنساء، سُئِلَ عنه بعض أهل العلم فقال: سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحب إلينا من سنة الأكهر. وقال أبي: ويكره لبس البطيطات الحمر. "مسائل صالح" (619) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: النعل السندي؟ قال: لا أرى هذِه التي للزينة، وكرهها، ولكن إذا كان يلبس من هذِه الخلقان (¬1) للمخرج، فلا بأس به. "مسائل ابن هانئ" (1819) قال أبو داود: رأيت على أحمد نعلين حمراوين، وكان لنعليه قبال واحد. "مسائل أبو داود" (1679) قال أبو داود: قلت لأحمد: يلبس النعل الصرارة؟ قال: لا إلا أن يكون يلبسها للوضوء. قلت: للجمال؟ قال: لا. قيل له: فيجز شعرها؟ قال: لا. "مسائل أبو داود" (1686) قال المروذي سألت أبا عبد اللَّه: عن الرجل يلبس النعل السندي؟ ¬

_ (¬1) الخلقان: مفردها خلق -للمذكر والمؤنث- البالي من الثياب وغيرها.

فقال: أما أنا فلا أستعملها، ولكن من المخرج أو الطين فأرجو، وأما من أراد الزينة فلا، ورأى نعلًا سنديّا على باب المخرج، فسألني: لمن هي؟ فأخبرته. فقال: يتشبه بأولاد الملوك! يعني: صاحبها. "الورع" (563) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه، قلت: أمروني في المنزل أن أشتري نعلًا سنديًا للصبية؟ فقال: لا تشتر. فقلت: تكرهه للنساء والصبيان؟ قال: نعم أكرهه. قال زياد بن أيوب: كنت عند سعيد بن عامر، وأتاه صبي له -ابن ابنته- وفي رجله نعل سندي. فقال: من ألبسك هذا؟ قال: أمي. قال: اذهب إلى أمك حتى تنزعها. "الورع" (564 - 565). قال حرب: قلت لأحمد: فهذِه النعال الغلاظ؟ قال: هذِه السندية. قال: إذا كان الوضوء، أو للكنيف، أو موضع ضرورة فلا بأس. وكأنه كره أن يمشي فيها في الأزقة. قيل: فالنعل من الخشب؟ قال: لا بأس بها أيضًا إذا كان موضع ضرورة. "مسائل حرب" ص 313. قال محمد بن أبي حرب: سئل أحمد عن نعل سندى يخرج فيه؟ فكرهه للرجل والمرأة قال: إن كان للكنيف والوضوء وأكره الصَّرار، وقال: هو من زي العجم، وقد سئل سعيد بن عامر عنه فقال: سنة نبينا

3108 - النهي عن السير في نعل واحدة أو خف واحد

أحب إلينا من باكهن (¬1). "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 82، "الآداب الشرعية" 3/ 508. 3108 - النهي عن السير في نعل واحدة أو خف واحد قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: أتكره أَنْ يمشي الرجلُ في نعلٍ واحدة أو خف واحدة؟ قال: إي لعمري، ولا ينتعل الرجل قائمًا. قال إسحاق: كما قال. قلت: أو ينتعل اليسرى قبل اليمنى، أن ينزع اليمنى قبل اليسرى؟ قال: أكره هذا كله. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3501). قال حرب: سمعت أحمد يكره أن يمشي في نعل واحدة كراهية شديدة. "مسائل حرب" ص 312 قال عبد اللَّه: ذكرت لأبي حديث عبد الصمد عن أبيه عبد الوارث عن الحسن بن ذكوان عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يمشي الرجل في نعل واحدة أو خف واحد. قال أبي: هذا حديث منكر. "العلل" رواية عبد اللَّه (3634) قال الأثرم: قلت له: الرجل انقطع شسع نعله أيمشي في الأخرى؟ فقال: لا، حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر الحديث. "تهذيب الأجوبة" 1/ 333 ¬

_ (¬1) في "اقتضاء الصراط المستقيم" أنه ملك الهند.

3109 - لبس العمامة وصفته

3109 - لبس العمامة وصفته قال إسحاق بن منصور: سألته عن حديث سليمان بن أبي عبد اللَّه في العمامة (¬1)؟ فأفف، وقال: ما أدري ما هو. قلت: تحت الذقن أحب إليك؟ قال: نعم. "مسائل الكوسج" (3402) قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن: التعمم تحت الحنك؟ قال: ما نعرف العمامة إلا تحت الحنك. "مسائل أبو داود" (1681) قال أبو داود: رأيت أحمد يعتم بعمامة بيضاء يجعلها تحت الحنك. "مسائل أبو داود" (1682) قال أبو داود: رأيت أحمد يعتم على قلنسوة. "مسائل أبو داود" (1683) قال حرب: قيل لأحمد: الرجل إذا اعتم يدخل العمامة تحت ذقنه؟ قال: نعم. وقال: سألت إسحاق عن العمامة كيف يعتم بها؟ قال: إن أدخلها تحت ذقنه جاز، وإن لم يفعل فهو أحبُّ إليَّ. حدثنا إسحاق قال: أخبرنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى ابن أبي عمرو الشيباني قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعتم عمة العرب لا يدخل تحت ذقنه، وكلٌّ حسن جميل. "مسائل حرب" ص 311 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 181 (24977)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" 3/ 882 (1556).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال حدثنا إبراهيم من مرزوق قال رأيت على الحسن عمامة سوداء وسعيدي قد أرخى العمامة من خلفه. "العلل" رواية عبد اللَّه (1974) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قال: أخذنا كتاب الأشجعي يعني مما أعطاهم ابنه في حديث سفيان بن معمر عن ابن طاوس عن أبيه أنه كره العمامة إذا لم يجعلها تحت الذقن. "العلل" رواية عبد اللَّه (3693). قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن ليث عن طاوس في الرجل يلوي العمامة على رأسه ولا يجعلها تحت ذقنه قال تلك عمة الشيطان. "العلل" رواية عبد اللَّه (3694) قال في رواية الحسن بن محمد: يكره أن لا تكون تحت الحنك كراهية شديدة، وقال: إنما يتعمم مثل ذلك اليهود والنصارى والمجوس. وقال أيضًا: أحب الرجل إذا اعتم أن يتحنك بها ولا يعتم إلا بتحنيك فإنه مكروه. وقال الميموني: رأيت أبا عبد اللَّه وعمامته تحت ذقنه ويكره غير ذلك، وقال العرب عمائمها تحت ذقنها. وقال في رواية الأثرم وإبراهيم بن الحارث: ينبغي أن يرخي خلفه من عمامته كما جاء عن ابن عمر (¬1). "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 83، "شرح العمدة" 1/ 267: 268، 270، "سير أعلام النبلاء" 11/ 298، "المبدع" 1/ 105 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 180 (24966، 24971)، ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" 5/ 175 (6256).

3110 - لبس المنطقة

وقال أحمد في رواية الحسن بن محمد: يكره أن تكون العمامة تحت الحنك كراهة شديدة. وقال: إنما يتعمم بمثل ذلك اليهود والنصارى والمجوس. "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 83 3110 - لبس المنطقة وقال حرب الكرماني: قلت لأحمد: الرجل يشدُّ وسطه بحبل ويصلي؟ قال: على القباء لا بأس به. وكرهه على القميص. وذهب إلى أنه من اليهود. فذكرت له السفر، وأنا نشد ذلك على أوساطناه فرخص فيه قليلًا. وأما المنطقة والعمامة ونحو ذلك: فلم يكرهه إنما كره الخيط. وقال: هو أشنع. "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 136 قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن المنطقة والحلية فيها؟ فقال: أما المنطقة فقد كرهها قوم، يقولون هي زي الأعاجم، وكانوا يحتجزون العمائم. "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 136

باب الزينة وأحكامها

باب الزينة وأحكامها 3111 - كراهة إتيان المعادن قال إسحاق بن منصور: قلت: تكره إتيان المعادن؟ قال: أليس يروى أنه لا يأتيها إلا شرار الخلق (¬1). قال إسحاق: في إتيان المعادن إذا أتاها لطلب المعيشة، وفيه استصلاح الرعية لما تكون لبيت المال فحسن. "مسائل الكوسج" (3482) 3112 - استعمال الذهب والفضة قال إسحاق بن منصور: قلت الشرب في قدح مفضض؟ قال: إذا لم يضع فمه على الفضة (¬2)، وهو مثل العلم في الثوب. قال إسحاق: هو كما قال، وقد وضع عمر بن عبد العزيز فمه بين ضبتين (¬3)، وكذلك قول إبراهيم. "مسائل الكوسج" (2880) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 430، وابن أبي شيبة في "مسنده" 2/ 90 (589)، وعن ابن أبي شيبة ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 3/ 109 (1430) عن عبد الرحمن ابن مهدي عن سفيان عن زيد بن أسلم عن رجل من بني سليم عن جده أنه أتى النبي بفضة فقال: هذا من معدن لنا. فقال النبي "أنه سيكون معادن يحضرها شرار الناس". (¬2) ذكرها ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" 4/ 228 عن الكوسج وعن مهنا أيضًا. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 5/ 103 (24138).

قال المروذي: قيل لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا دعا قومًا، فجيء بطست فضة أو إبريق، فكُسر. فأعجب أبا عبد اللَّه كسره. "الفروع" (449) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: فإن وقع إلى إبريق فضة لأبيعه، ترى أن أكسره أو أبيعه كما هو؟ قال: أكسره. "الفروع" (450) قال عبد اللَّه: قال أبي: كل شيء يستعمل فيما نهى عنه من الذهب والفضة: أكرهه. قلت لأبي: فالنمور؟ قال: أكرهه لأنه سبع. "مسائل عبد اللَّه" (1630) قال الخلال: أخبرني إبراهيم بن الخليل: أن أحمد بن نصر أبا حامد الخفاف حدثهم أن أبا عبد اللَّه سئل عن: الفضة، ورءوس القوارير وما أشبه ذلك؟ قال: لا يعجبني؛ لأن هذا يستعمل كله، ولا حلقة المرآة. وقال: أخبرني منصور بن الوليد: أن جعفر بن محمد النسائي حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن: حلقة الفضة، ورؤوس القوارير، وما أشبه ذلك؟ قال: لا يعجبني؛ لأنه يستعمل. قيل: ولا حلقة المرآة؟ قال: ولا حلقة المرآة، وكذلك المكحلة والمرود. وقال: أخبرني محمد بن علي حدثنا الأثرم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: حلقة المرآة من فضة، ورأس المكحلة من فضة، وما أشبه هذا ما تقول فيه؟

قال: كل شيء استعمل مثل حلقة المرآة، فإن المرآة ترفع بالحلقة، وأنا أكره هذا لأنه يستعملها، ورأس المكحلة أيضًا يستعملها، فأنا أكرهها. وقال: أخبرني محمد بن الحسين: أن محمد بن داود حدثهم قال: سئل أبو عبد اللَّه عن حلقة المرآة. .، فذكر مثل مسألة الأثرم. قال الفضل بن زياد: سمعت أحمد سئل عن الحلقة تكون على المرآة من فضة؟ قال: هذا يستعمل؛ لأنه تحمل به المرآة لا يعجبني. وسمعت أحمد، وسئل عن الميل والمكحلة قال: هذِه من الآنية، لا تجوز. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد بن عبد الحميد قال: حدثنا بكر بن محمد عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، وسأله عن: المجمرة، أو الملعقة، أو المدهنة تجعل من الرصاص؟ قال: لا بأس به. قلت: أليس يشبه الفضة، أو من رآه يظن أنه فضة؟ قال: لا بأس به. أليس قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأم سلمة: "اجعلي قلادة فضة والطخيه بزعفران، حتى يكون كأنه ذهب" (¬1)؟ قال: فهذا يشبه الذهب، وإنما نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الذهب. قال: حتى يشبه الذهب، فهذا لا بأس به. قال أبو بكر المروذي: رأى أبو عبد اللَّه صينية فيها جوز مرصص، ¬

_ (¬1) لم أقف عليه بلفظه وروى معناه عن أم سلمة الإمام أحمد 6/ 310، 315، وعن عائشة 6/ 33، وعن أسماء بنت يزيد 9/ 456.

3113 - حلية السيف

وخشخاش مرصص -يعني عند مختون- فلم أره ينكر ذلك. "الترجل" (2 - 7) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إني دخلت على رجل وكان أبو عبد اللَّه بعث إليه في شيء -فأتى بمكحلة رأسها مفضض فقطعتها فأعجبه ذلك فتبسم، وأنكر على صاحبها. "الطرق الحكمية" ص 362، "الآداب الشرعية" 1/ 89، 3/ 479. 3113 - حلية السيف قال صالح وعبد اللَّه: حدثني أبي عن عفان قال جاء أبو جزي -واسمه نصر بن طريف إلى جرير بن حازم يشفع لإنسان يحدثه فقال جرير: حدثنا قتادة عن أنس قال كانت قبيعة سيف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من فضة. قال أبو جزي كذب واللَّه ما حدثناه قتادة إلا عن سعيد بن أبي الحسن قال أبي: وهو قول أبي جزي، يعني أصاب وأخطأ جرير. "مسائل صالح" (838)، "العلل" رواية عبد اللَّه (312)، (1288) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال كان اسم سيف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذا الفقار واسم درعه ذات الفضول أو الفصول -شك عبد الرزاق- قال ابن جريج: كان سيفه محلى بالفضة، قال ابن جريج أخبرني بذلك محمد بن مرة. "العلل" رواية عبد اللَّه (2090) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرت عن أنس بن مالك أنه قال: كانت قلنسوة سيف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من فضة. "العلل" رواية عبد اللَّه (2091)

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال أخبرني جعفر بن محمد قال: رأيت سيف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قائمه من فضة ونعله من فضة وبين ذلك حلق من فضة. قال: وهو عند هؤلاء الآن -يعني آل عباس. "العلل" رواية عبد اللَّه (2092)، (5306) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: حدثنا محمد بن ميمون، عن إسماعيل بن أبي خالد قال: حدثنا أبو عيسى يحيى بن رافع حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن ميمون قال حدثني جعفر عن أبيه أن نعل سيف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقباعه وحلقه كان من فضة وكل شيء كان فيه فضة. "العلل" رواية عبد اللَّه (2903) قال الأثرم: قال أحمد: قد روي أنه كان في سيف عثمان بن حنيف مسمار من ذهب، قال أبو عبد اللَّه: فذاك الآن في السيف. وقال: إنه كان لعمر سيف فيه سبائك من ذهب (¬1). "المغني" 4/ 227، "شرح العمدة" 1/ 309 قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: الحلية لحمائل السيف؟ فسهل فيها وقال: قد روي: سيف محلى. "المغني" 12/ 522 ¬

_ (¬1) رواهما ابن أبي شيبة 5/ 197 (25172 - 25173) ولكن في أثر عمر أنه كان محلى. ولم يذكر بالذهب.

3114 - شد الأسنان بالذهب

3114 - شد الأسنان بالذهب قال حرب: سألت أحمد قلت: الرجل يشد أسنانه بالذهب؟ قال: لا بأس بذلك. سمعت إسحاق يقول: قد مضت السنة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه لعن الواصلة والموصولة (¬1)، وأن ما قطع من الحي فهو ميت (¬2)، وقد سن في عرفجة بن أسعد حين اتخذ يوم الكلاب أنفًا من ورق فأنتن عليه، فأمره حينئذ أن يتخذه من ذهب (¬3)، وقد ضبب غير واحد من أهل العلم سنَّة بذهب، والذهب والفضة محللان لم يكرهها للنجاسة، وأحل الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك للئساء، وقال: "هما محرمان على ذكور أمتى حل لإناثهم" (¬4). وهذا من غير علة حادثة ألا ترى أن عرفجة أمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يتخذ أنفًا من ذهب، وترخص نفر من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في خاتم الذهب حتى مات ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 345، والبخاري (5936)، ومسلم (2122) من حديث أسماء بنت أبي بكر. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 218، وأبو داود (2858)، والترمذي (1480) من حديث أبي واقد الليثي. قال الترمذي: وهذا حديث حسن غريب. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (1197). (¬3) رواه الإمام أحمد 5/ 23، وأبو داود (4232)، والترمذي (1770)، والنسائي 8/ 163. قال الترمذي: هذا حديث حسن. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (1446). (¬4) رواه الإمام أحمد 1/ 96، وأبو داود (4057) والنسائي 8/ 160، وابن ماجه (3595) من حديث علي بن أبي طالب. صححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2896).

بعضهم وهو يلبسه، وفسر ابن عباس لبس الحرير أنه إنما نهى عن المصمت منه (¬1)، ورخص عمر بن الخطاب فيه بقدر الكف (¬2)، ورخص النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام في لبس قميص الحرير للحكة التي كانت بهما (¬3). وقال: سمعت إسحاق أيضًا يقول: إذا أراد الرجل الذي انكسرت سنه أو انكسر منه عظم أن يعالجه بعظم أو غيره لم يفعل إلا بما يؤكل لحمه، ولا يعالجه بسن غير ذكي، وإن أراد أن يعيد سنه بعد ما بانت منه لم يجز له، لأنها حين سقطت صارت ميتة، فإن صلى كذلك أعاد الصلاة. قال: وكذلك كما رقعه بعظم ميت، أو عظم حي لم يذبح، وإذا رقعه بعظم ميتة، أو ذكي لا يؤكل لحمه، أو عظم إنسان فهو كالميتة، وعليه قلعه ولا يعتد بما صلى كذلك، فإن أبى أن يقلعه فإن بعض أهل العلم قال: يجبره السلطان على قلعه، فإن مات ولم يقلعه لم يقلع بعد الموت لما صار الحكم واحد وإن خشي سقوط سنة فربطها قبل سقوطها فلا بأس لأنها لا تصير ميتة إلا بعد السقوط، وأحب الأشياء أن يضبب سنه بالذهب لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعرفجة حين أمره أن يتخذ أنفًا من ذهب. وقال: حدثنا إسحاق قال: ثنا وكيع قال: ثنا طعمة الجعفري قال: رأيت موسى بن طلحة قد شد أسنانه بالذهب. "مسائل حرب" ص 307 - 309 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 218، وأبو داود (4055). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 51، ورواه البخاري (5828)، ومسلم (2069) عنه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن الحرير إلا هكذا، وأشار بإصبعيه اللتين تليان الإبهام. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 127، والبخاري (2919)، ومسلم (2076) من حديث أنس.

قال عبد اللَّه: قال أبي: رأيت مقدم فم حفص بن غياث مضببة أسنانه بالذهب "العلل" رواية عبد اللَّه (523) قال الأثرم (¬1): قال: قلت لأبي عبد اللَّه: يخاف عليه أن يسقط يجعل فيه مسمارًا من ذهب؟ قال: إنما رخص في الأسنان، وذلك إنما هو على الضرورة فأما المسمار (¬2)، فقد روي: "من تحلى بخربصيصة كوي بها يوم القيامة" (¬3) قلت: أي شيء خربصيصة؟ قال: شيء صغير مثل الشُعيرة. "المغني" 4/ 227 نقل صالح وأبو طالب وأبو الحارث عنه: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن لبس الذهب إلا مقطعًا (¬4)، قال: الشيء اليسير كشد أسنانه، وما كان مثله مما يتزين به الرجل، فأما الخاتم ونحوه فلا. "شرح العمدة" 1/ 309 ¬

_ (¬1) نقل شيخ الإسلام في "الفتاوى الكبرى" 4/ 328، "المبدع" 2/ 337 الرواية عن الأثرم وإبراهيم بن الحارث. (¬2) في "الفتاوى الكبرى" 4/ 328، و"المبدع" 2/ 337 (فأما المسمار فلا). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 227 من حديث عبد الرحمن بن غنم، 4/ 453، 460 عن أسماء بنت يزيد. ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" 2/ 76. ورواه عنها أيضًا ابن عساكر في "تاريخه" 69/ 36. (¬4) رواه الإمام أحمد 4/ 92، وأبو داود (4239)، والنسائي 8/ 161 من حديث معاوية بن أبي سفيان صححه الألباني في "المشكاة" (3495).

3115 - حكم لبس الخاتم

فصل في لبس الخاتم 3115 - حكم لبس الخاتم قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن لبس الخاتم؟ فلم ير به بأسًا. "مسائل أبو داود" (1690) قال المروذي: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: اتخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خاتما فلبسه، ثم قال: "شغلني هذا عنكم منذ اليوم: إليه نظرة وإليكم نظرة" ثم رمى به (¬1). "الورع" (285) روى الأثرم عن أحمد أنه سئل عن الخاتم أيجوز لبسه؟ فقال: إنما هو شيء يرونه أهل الشام، -يعني: الكراهية. قال: وقد تختم قوم. قال الأثرم: وحدثنا أبو عبد اللَّه بحديث أبي ريحانة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كره عشر خلال وفيها الخاتم إلا لذي سلطان (¬2). فلما بلغ هذا الموضع تبسم كالمعجب. "مجموع مسائل ابن رجب" 2/ 657 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 322، والنسائي 8/ 195، صححه الألباني في "الصحيحة" (1192). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 134، وأبو داود (4049)، والنسائي 8/ 143 - 144.

3116 - الخاتم من الذهب أو الحديد أو صفر أو رصاص

3116 - الخاتم من الذهب أو الحديد أو صفر أو رصاص قال إسحاق بن منصور: قلت: الخاتم من ذهب أو حديد يكره؟ قال: أي واللَّه، الحديد يكره. قال إسحاق: كلاهما كما قال. "مسائل الكوسج" (3508) قال ابن هانئ: سألته عن: لبس خاتم الحديد، فقال: لا تلبسه. "مسائل ابن هانئ" (1827) قال حرب: سئل إسحاق عن رجل في فص خاتمه مسمار من ذهب دقيق، فقال: لو كان الخاتم من ذهب لرجوت، وقال: مات خمسة من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وخواتيمهم من ذهب. "مسائل حرب" ص 311 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نهى عن لبس الذهب إلا مقطعًا، قال: الشيء اليسير الصغير. قلت: فالخاتم؟ قال: روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نهى عن خاتم الذهب (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1619) قال عبد اللَّه: قال أبي في حديث شعبة، عن ابن أبي نجيح، عن محمد بن إسماعيل كذا قال غندر قال حدثني من رأى على سعد وطلحة وذكر ستة أو سبعة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خواتيم الذهب. ¬

_ (¬1) أما حديث النهي عن الذهب إلا مقطعًا فرواه الإمام أحمد 4/ 92، وأبو داود (4239)، والنسائي 8/ 161 من حديث معاوية. وأما حديث النهي عن خاتم الذهب فرواه الإمام أحمد 4/ 284، والبخاري (1239)، ومسلم (2066) من حديث البراء.

قال أبي: وهذا خطأ إنما هو إسماعيل بن محمد (¬1). "العلل" رواية عبد اللَّه (1918) قال الفضل بن زياد: وسألته عن خاتم الحديد، فقال: لا تلبسه. "بدائع الفوائد" 4/ 64 وقال في رواية أبي طالب وسأله عن الحديد والصفر والرصاص تكرهه، فقال: أما الحديد والصفر فنعم. وأما الرصاص فليس أعلم فيه شيئًا، وله رائحة إذا كان في اليد، كأنه كرهه. قال أبو عبد اللَّه: اختلفوا فيه. وقال في رواية يوسف بن موسى وإسحاق وقد سئل عن التختم بالحديد قال: لا يلبسه. "مجموع رسائل ابن رجب" 2/ 662، 663 وقال في رواية علي بن زكريا التمار، وقد سئل عن رجل يلبس الخاتم الحديد فيصلي فيه؟ قال: لا. "مجموع رسائل ابن رجب" 2/ 666 نقل مهنا عنه: أكره خاتم الحديد، لأنه حلية أهل النار. ونقل أبو طالب: كان للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خاتم حديد عليه فضة فرمى به (¬2). وسأله الأثرم عن خاتم الحديد، فذكر خبر عمرو بن شعيب أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "هذه حلية أهل النار" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 195 (25145). (¬2) روى أبو داود (4224)، والنسائي 8/ 175 من حديث معيقيب. وضعفه الألباني كما في "ضعيف النسائي" (397). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 163، والبخاري في "الأدب المفرد" (1021)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 261. وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/ 151، وقال: =

3117 - خاتم الفضة

وابن مسعود قال: لبسة أهل النار (¬1). وابن عمر قال: ما طهرت كف فيها خاتم من حديد (¬2). وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث بريدة لرجل لبس خاتمًا من صفر "أجد منك ريح الأصنام" (¬3). "مجموع رسائل ابن رجب" 2/ 667، "معونة" 3/ 274. 3117 - خاتم الفضة روى صالح وأبو داود وعلي بن سعيد عنه: قال في خاتم الفضة للرجل: ليس به بأس، واحتج بأن ابن عمر كان له خاتم (¬4). "الآداب الشرعية" 3/ 502 ¬

_ = رواه أحمد والطبراني، وأحد إسنادي أحمد ثقات. وحسنه الألباني في تعليقه على "الأدب المفرد". (¬1) لم أقف عليه. (¬2) لم أقف عليه عن ابن عمر، وروى البخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 252 (1074)، والبزار كما في "الزوائد" (2993)، والطبراني في "الكبير" 19/ 435 (1054)، وفي "الأوسط" 2/ 25 (1114) عن عباد بن كثير الرملي، عن شمسية بنت نبهان، عن مولاها مسلم بن عبد الرحمن قال: رأست رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يبايع النساء يوم الفتح على الصفا، فجاءت امرأة كأن يدها يد الرجل فأبى أن يبايعها حتى ذهبت فغيرت يدها بصفرة، وأتاه رجل في يده خاتم من حديد فقال: "ما ظهر اللَّه كفًا فيها خاتم من حديد". وضعفه الألباني في "الضعيفة" (4457). (¬3) رواه الإمام أحمد 5/ 359، وأبو داود (4223)، والترمذي (1785)، والنسائي 8/ 172 من حديث بريدة بن الحصيب. ضعفه الألباني كما في "ضعيف النسائي" (396). (¬4) رواه عبد الرزاق في "جامع معمر" 10/ 394 (19468)، وابن أبي شيبة 5/ 191 (25098).

3118 - نقش الخاتم بذكر أو صورة أو نحو ذلك

قال مهنا: سألت أحمد عن خاتم الحديد، فقال: أكرهه هو حلية أهل النار. قلت: الشبه (¬1) قال: لم يكن خواتيم الناس إلا فضة. "مجموع رسائل ابن رجب" 2/ 667 3118 - نقش الخاتم بذكر أو صورة أو نحو ذلك قال إسحاق بن منصور: قلت: يكتب في الخاتم فيه ذكر اللَّه عز وجل أو أي شيء من القرآن: لا يكتب فيه ذكر اللَّه عز وجل. قال إسحاق بن راهويه: لما يدخل الخلاء فيه. "مسائل الكوسج" (3481) قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده حدثنا روح بن عبادة قال: حدثنا بن جريج قال: أخبرني وهب -يعني بن سليمان- عن شعيب الجبائي قال الاسم الذي في خاتم سليمان بن داود عليه السلام: يهيا شريا، وهو اسم واحد قال شعيب: هو من الأسماء العظام، وبه ملك سليمان الجن والإنس. "العلل" رواية عبد اللَّه (426) قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده حدثنا إبراهيم بن خالد المؤذن قال؛ حدثنا رباح، عن معمر قال أخرج عبد اللَّه بن محمد بن عقيل خاتما نقشه تماثيل زعم أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لبسه مرتين أو نحو ذلك فغسله بعض ¬

_ (¬1) هو ضرب من النحاس.

3119 - التختم في اليسار

من كان معنا وشرب ماءه (¬1). "العلل" رواية عبد اللَّه (4771) 3119 - التختم في اليسار قال صالح: وقال: التختم في اليسار أحب إلي. "مسائل صالح" (620) قال أبو داود: ذكرت لأحمد حديث عباد بن العوام، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يتختم في يمينه؟ فلم يعرفه، وقال: عند عباد عن سعيد غير حديث خطأ، فلا أدري سمع منه بآخره أم لا؟ "مسائل أبو داود" (1893) قال الأثرم: ذكرت لأبي عبد اللَّه عن عباد بن العوام عن سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يتختم في يمينه فأنكره، وقال: مضطرب الحديث عن سعيد. وقال علي بن سعيد: سألت أحمد عن لبس الخاتم في اليمين، فقال: في حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أنه رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يتختم في اليسرى (¬2). فذكرت له حديث علي -رضي اللَّه عنه- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان ¬

_ (¬1) رواه النسائي 8/ 193، والترمذي في "الشمائل" (104)، وأبو يعلى 5/ 427 (3119). قال الترمذي بعده: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا من هذا الوجه، وروى بعض أصحاب قتادة عن قتادة عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يتختم في يساره، وهو حديث لا يصح أيضًا. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 267، ومسلم (2095).

3120 - في إي إصبع يكون الخاتم؟

يتختم في اليمين فأنكره (¬1). "مجموع رسائل ابن رجب" 2/ 694 3120 - في إي إصبع يكون الخاتم؟ قال في رواية ابن القاسم وقد سأله عن الخاتم أتكره أن يجعله الرجل في أي أصبع شاء؟ قال: نعم أليس قد روي أنه كره أن يصير في السباحة وفي الوسطى فيما أحسب. حديث علي -رضي اللَّه عنه- قال: نهاني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن أتختم في هذِه أو هذِه، وأومأ إلى السبابة والوسطى (¬2). وذكر مهنا لأحمد من طريق شعبة، عن عاصم بن كليب، عن أبي بردة، عن جابر، فقال أحمد: شعبة يحدثه عن عاصم بن كليب عن أبي بردة، عن علي. "مجموع رسائل ابن رجب" 2/ 695 - 696 ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (4226). وصححه الألباني في "الإرواء" 3/ 303. (¬2) رواه مسلم (2095).

باب الترجل وسنن الفطرة

باب الترجل وسنن الفطرة فصل: الشعر وأحكامه 3121 - صفة شعر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه واتخاذ الشعر قال ابن هانئ: سئل عن الرجل يتخذ الشعر، فقال: سنة حسنة. ثم قال أبو عبد اللَّه: لو أمكننا اتخذناه. "مسائل ابن هانئ" (1831) قال ابن هانئ: وسئل عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-"لا أكف شعرًا ولا ثوبًا" (¬1)؟ قال: قال ابن مسعود: دعه حتى يتترب (¬2). "مسائل ابن هانئ" (2037) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا هشام بن عروة قال: رأيت جابر بن عبد اللَّه وابن عمر ولكل واحد منهما جُمة. "العلل" برواية عبد اللَّه (1969) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يونس بن محمد قال: حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل قال: رأيت أبا العباس سهل بن سعد بن مالك الأنصاري ثم الساعدي يغير لحيته بالحناء أو بالصفرة ورأيت شعره ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 255، والبخاري (809)، ومسلم (490) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-. (¬2) رواه عبد الرزاق (2/ 185) (2996)، وابن أبي شيبة 2/ 196 (8046).

أسفل من أذنه. "العلل" برواية عبد اللَّه (4928) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا يعقوب بن عبد اللَّه، عن حفص بن حميد، قال لي زياد بن حدير: خذ من شعرك فإن فيه فتنة. "الزهد" لعبد اللَّه (442) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي بن محمود الوراق، حدثنا أبو بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن: صفة شعر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقال: في بعض الحديث: أنه كان إلى شحمة أذنيه (¬1). وفي بعض الحديث: إلى منكبيه (¬2). وفي بعض الحديث: أنه فرق (¬3). وإنما يكون الفرق، إذا كان له شعر. قال: وأحصيت على ثلاثة عشر من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان لهم شعر. فذكر: أبا عبيدة بن الجراح، وعمار بن ياسر، والحسن، والحسين (¬4). وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر: أنا أبا الحارث حدثهم: أن أبا عبد اللَّه قال: كان للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جُمَّة. وقال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: تسعة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لهم شعور. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 281، والبخاري (3551) ومسلم (2337) من حديث البراء. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 245، والبخاري (5903) ومسلم (2338) من حديث أنس. (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 261، والبخاري (3558)، ومسلم (2336) من حديث ابن عباس. (¬4) انظر: "مصنف ابن أبي شيبة" 5/ 187 - 189 (25056 - 25078).

قال: وسمعته يقول: عشرة لهم. يعني جُمة. وقال: أخبرني حامد بن أحمد بن داود السجستاني: أنه سمع الحسن بن محمد بن محمد بن الحارث السمسار أن أبا عبد اللَّه ذكر من كان له شعر من الصحابة فقال: أبو عبيدة عقيصتين، والحسن، والحسين، وابن مسعود: شعر إلى أذنيه، وعثمان: عقيصتين. وقال: أخبرنا محمد بن علي السمسار: أن محمد بن موسى بن مشيش حدثهم: أن أبا عبد اللَّه سُئِلَ عن تطويل الشعر. فقال: تدبرت مرة، فنظرت، فإذا هو عن بضعة عشر رجلًا من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أبو عبيدة كان إلى أنصاف أذنيه، وعمار بن ياسر، وذكر ابن مسعود. قال: سألت أحمد بن يحيى النحوي عن حديث ابن عمر: "رأيت ابن مريم له لِمّة، فأحسن ما أنت راءِ من اللِّمَم" (¬1). فقال: اللِّمّة: ما لمت بالأذن. والجُمّة: ما طالت. وقال: أخبرني عبد اللَّه ابن أبي داود: حدثنا زياد بن أيوب قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا بأس بتطويل الشعر. وقال: أخبرني يوسف بن موسى القطان: أن أبا عبد اللَّه قيل له: يترك الرجل شعره؟ قال: نعم، إن قوي عليه. "الترجل" للخلال (22 - 28) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 126، والبخاري (5902)، مسلم (169) من حديث ابن عمر.

3122 - ما يستحب من فرق الشعر

قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسين: أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه -وسئل عن ترك الشعر؟ فقال: لو كنا نقوى عليه؛ له كلفة، أو مؤنة. "الترجل" (30) 3122 - ما يستحب من فرق الشعر قال ابن هانئ: سألته عن فرق الشعر؟ فقال: ما أحبَّ إلى فرق الشعر، من قوي عليه، فحسن. "مسائل ابن هانئ" (1834) قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسين: أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن فرق الشعر؟ فقال: نعم، لمن قوي عليه. "الترجل" (31) قال أبو الحارث: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يتخذ الشعر يُطوله؟ فقال لي: الفرق سُنة. قلت: يا أبا عبد اللَّه يُشهر نفسه؟ قال: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد فرق شعره (¬1)، وأمر بالفرق. "الترجل" (33) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 261، والبخاري (3558)، ومسلم (2336) من حديث ابن عباس.

3123 - حلق الرأس

3123 - حلق الرأس قال أبو داود: رأيت أحمد يستأصل شعره. سمعت أحمد قال: إن ابن عيينة يستأصل شعره، ولا يحلقه. "مسائل أبي داود" (1691) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: عبد الرزاق قال: كان معمر يكره -يعني: حلق الرأس. "مسائل أبي داود" (1692) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه: سمعت عبد الرزاق قال: كان معمر يكره حلق الرأس ويقول: هو التسبيت. "مسائل ابن هانئ" (1840) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن حلق الرأس فكرهه. قلت: تكرهه؟ قال: أشد الكراهية، ثم قال: معمر يكره الحلق وأنا أكرهه واحتج أبو عبد اللَّه بحديث عمر بن الخطاب أنه قال لرجل لو وجدتك محلوقًا لضربت الذي فيه عيناك (¬1). عن ابن عمر قال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن القزع. والقزع أن يحلق رأس الصبي ويترك بعض شعره. "الورع" (598 - 599) قال المروذي: ورأيت رجلًا من أصحابنا صلى إلى جانب أبي عبد اللَّه وكان قد استأصل شعره وظن أبو عبد اللَّه أنه محلوق، وكان رأه بالليل فقال لي: تعرفه؟ قلت: نعم. ¬

_ (¬1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 23/ 412. وهي قصة صبيغ الذي كان يسأل عن غريب القرآن تنطعًا.

قال: قد أردت أن أغلظ له في حلق رأسه. "الورع" (600) قال الخلال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي أنه قال لأبي عبد اللَّه: الحلق في غير حج ولا عمرة؟ قال: لا بأس. وكنت أنا وأبي نحلق في حياة أبي عبد اللَّه، فيرانا ونحن نحلق، فلا ينهانا عن ذلك، وكان هو يأخذ شعره بالجلمين ولا يحفيه. ويأخذه وسطًا. وقال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: وذكر لي أبو عبد اللَّه يومًا: أنه لا توضع النواصي إلا في حج أو عمرة. وقال: أخبرني عبد الملك في موضع آخر قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كانوا يكرهون الحلق، إلا في حج أو عمرة. وقال أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن حلق الرأس؟ فقال: يُكره في غير الحج والعمرة، من أجل الخوارج أن يتشبه بهم؛ لأنَّ سيماهم التحليق ويقال: التسبيت. قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قال عبد الرزاق. كان معمر يكره الحلق، في غير الحج والعمرة. وقال أخبرنا محمد بن علي السمسار قال: حدثنا مُهنا قال: سألت أبا عبد اللَّه: عن الحلق، حلق الرأس بالموسى في غير الحج؟ قال: مكروه حلق النواصي، إلا في حج أو عمرة. وقال: كان سفيان بن عُيينة: لا يحلق رأسه، في غير الحج والعمرة إلا بالمقراض.

قال: وسألت أبا عبد اللَّه قلت: فتكره حلقه بالمقراض أن يستأصله. قال: إنما كرهوا الحلق بالموسى، فأما المقراض فليس به بأس. قال: ورأيت شعره مستأصل. وقال أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر: أنا أبا الحارث حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه: عن حلق الرأس؟ قال: يكره ذلك إلا في حج أو عمرة. فقلت: ولم يُكره؟ قال: من أجل الخوارج يكره أن يتشبه بهم لأنَّ سيماهم التحليق. "الترجل" (34 - 39) قال الخلال: أخبرني العباس بن محمد، حدثنا جعفر الطيالسي، حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا إبراهيم بن خالف، فذكر حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الخوارج: سيماهم التحليق (¬1) والتسبيت. قال جعفر: قلت لأحمد بن حنبل: التسبيت ما هو؟ قال: الحلق الشديد يشبه نعال السبتية. وحدثنا أبو عبد اللَّه، حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي موسى، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ليس منا" يعني من حلق. [ح] قال: وحدثنا أبو عبد اللَّه حدثنا: محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم، عن يزيد بن أوس، عن أبي موسى، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بنحو ذلك. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 5، ومسلم (1065) من حديث أبي سعيد الخدري.

وقال أخبرنا أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثنا بشر بن المفضل، عن عبد اللَّه بن عثمان، عن نافع بن سرجس، عن عبيد بن عمير قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس منا من حلق". وقال أخبرني عبد الملك، وأبو داود: أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: كان ابن عيينة يستأصل شعره، ولا يحلقه. قال الميموني: حتى كأنه قد حلقه. زاد الميموني قال: ورأيت أبا عبد اللَّه يكره الحلق. "الترجل" (41 - 44) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن مثنى الأنباري حدثهم: أنه قال لأبي عبد اللَّه: أوقفني على أخذ الشعر، فإن أبي يلتقط الرأس بالمقراض. "الترجل" (46) وقال: أخبرني محمد ابن أبي هارون ومحمد بن جعفر: أن أبا الحارث أنه قال لأبي عبد اللَّه: فإن استأصله بالمقراض ولم يحلقه بالموسى؟ قال أبو عبد اللَّه: لا بأس أن يستأصله بالمقراض. وقال: أخبرني بعض أصحابنا: أنه سأل أبا عبد اللَّه عن حلق الرأس من علة؟ فكأنه سهل فيه. وقال أخبرني محمد بن الحسين: أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: لا بأس أن يستأصله بالمقراض. "الترجل" (47 - 49)

3124 - القزع للصبيان

قال الخلال: أخبرني الحسن بن علي بن عمر الفقيه بالمصيصية قال: سمعت علي بن إسماعيل قال: أتينا أحمد بن حنبل، فبينا نحن عنده، إذ جاء غلام محلوق الرأس. قال: فأخذ أحمد بن حنبل نعله ودخل. "الترجل" (51) 3124 - القزع للصبيان قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد: أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل: عن القزع (¬1). قال نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن القزع. وقال أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي حدثنا عثمان بن عثمان قال: حدثنا عمر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن القزع. قال عبد اللَّه: قال أبي: لم أسمع أحدًا يحدث عن عمر بن نافع، إلا هذا الشيخ. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد، حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه وسأله: عن القزع؟ قال: هو أن يحلق بعض الشعر ويترك بعض. قلت. والذؤابة تكرهها؟ قال: إنما الحديث: أن يحلق بعض الشعر ويترك بعض، فأما إذا جُزَّ فليس عندي بمنزلة الحلق. وكأنه رخص فيه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 4 (4473).

3125 - ما يكره من التحذيف وحلق القفا

وقال: كان (. . .) له ذؤابة، وكأنه الذي كره الحلق. وقال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال: أنه قال لأبي عبد اللَّه: الصبي يلبس القلنسوة فيها شعر؟ قال: لا. "الترجل" (193 - 196) 3125 - ما يكره من التحذيف وحلق القفا قال إسحاق بن منصور: سألت أحمد عن حلق القفا، فقال: لا أعلم فيه حديثًا إلا ما روي عن إبراهيم أنه كره (قردا برقوش). "مسائل الكوسج" (3419) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه: عن حلق القفا؟ فقال: هو من فعل المجوس، "ومن تشبه بقوم فهو منهم" (¬1). "الورع" (585) قال المروذي: قرئ على أبي عبد اللَّه -وأنا أسمع: يحيى بن سعيد، عن أبي عبيدة قال: دعي حذيفة إلى شيء. قال: فرأى شيئًا من زي الأعاجم. قال: فخرج وقال: من تشبه بقوم فهو منهم. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 50 وأبو داود (4031) عن ابن عمر، وقد صححه غير واحد منهم شيخ الإِسلام. وقال في "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 59: مخالفة المجوس أمر مقصود للشارع. .، ولهذا لما فهم السلف كراهة التشبه بالمجوس كرهوا أشياء غير منصوصة بعينها عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من هدي المجوس. أهـ.

وكان أبو عبد اللَّه لا يحلق قفاه إلا في وقت الحجامة. "الورع" (589) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: يكره للرجل أن يحلق قفاه أو وجهه؟ فقال: أما أنا فلا أحلق قفاي، وقد روي فيه حديث مرسل عن قتادة فيه كراهية، قال: "إن حلق القفا من فعل المجوس"، ورخص في وقت الحجامة. سمعت مثنى الأنباري يقول: سألت أبا عبد اللَّه: عن حلق القفا؟ قال: لا، إلا أن يكون في وقت الحجامة (¬1). "الورع" (587 - 588) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون: أن مثنى الأنباري حدثهم: أنه قال لأبي عبد اللَّه: أوقفني على التحذيف؟ فرأى أن يلقط الوجه بالمقراض. وقال: أخبرني محمد عبد اللَّه بن محمد، حدثنا بكر بن محمد قال: سألت أبا عبد اللَّه: عن الرجل يمر الموسى على جبهته؟ فقال: من الناس من يتوقاه. قال: كأنه يعني: المقراض أعجب إليه. وقال أخبرني محمد بن علي: حدثنا مهنا بن يحيى: سألت أحمد عن الحف؟ فقال: ليس به بأس للنساء، أكرهه للرجال. ¬

_ (¬1) ذكرها الخلال في "الترجل" (70، 71).

3126 - الأخذ من الحاجبين بالمقراض

وقال أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل: حدثني أبي قال: لم يكن أبو عبد اللَّه يتحذف. "الترجل" (57 - 60). قال عبيد اللَّه بن حنبل حدثني أبي قال: كان أبو عبد اللَّه يحلق قفاه للحجامة، ولا يحلقه لغير ذلك. وقال: ما سمعت أن أحدًا فعل ذلك. "الترجل" (72) روى الحسن بن الحارث: أنه رأى أبا عبد اللَّه حلق قفاه، أخذ شعره وحلق قفاه. "الترجل" (73) 3126 - الأخذ من الحاجبين بالمقراض قال ابن هانئ: رأيت أبا عبد اللَّه، يأخذ من حاجبه بالمقراض. وقال: قال أبو حمزة: أرسلنا إلى امرأة -قد سماها أبو عبد اللَّه- فقلنا: أكان الحسن يأخذ من حاجبه؟ فقالت: نعم. "مسائل ابن هانئ" (1836) 3127 - المرأة تحلق رأسها وقفاها قال الخلال: أخبرني محمد بن علي: أبو بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل: عن المرأة تعجز عن شعرها، وعن معالجته، أتأخذه على حديث ميمونة؟ فقال: لأي شيء تأخذه؟

3128 - حف المرأة وجهها وحلقه، وكراهية النتف

قيل له: لا تقدر على الدهن، وما يصلحه يقع فيه الدواب؟ فقال: إذا كان لضرورة، أرجو ألا يكون به بأس. "الترجل" (211) ونقل عنه الأثرم في حلق المرأة لقفاها: أرجو ألا بأس به لضرورة. "المبدع" 1/ 105، "معونة" 1/ 246 3128 - حف المرأة وجهها وحلقه، وكراهية النتف قال إسحاق بن منصور قلت: تحف المرأة جبينها؟ قال: أكره النتف، والحلق ليس به بأس. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3514) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: فما ترى في تحذيف الوجه؟ فقال: أما الوجه فالمقراض يأتي عليه، وكره أن يؤخذ الشعر بالمنقاش من الوجه. وقال: "لعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المتنمصات" (¬1). "الورع" (589) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي، أن مهنا بن يحيى حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن النتف؟ فقال: أكرهه للنساء والرجال جميعًا. قلت: لم تكرهه للرجال والنساء؟ قال: يقولون: النتف مُثْلَةٌ. "الترجل" (66) ¬

_ (¬1) رواه الإمام 1/ 416، والبخاري (4886)، ومسلم (2125) عن عبد اللَّه بن مسعود.

قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي الوراق: قال: حدثنا مهنا: أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الحف؟ قال: ليس به بأس للنساء. وسألت أحمد عن النتف؟ فقال: أكره للرجال والنساء. "الترجل" (218) قال الخلال: أخبرني محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم: أن أبا عبد اللَّه سئل عن النامصة والمتنمصة؟ فقال: هي التي تنتف الشعر، فأما الحلق فلا. قيل له: فما تقول في النتف؟ قال: الحلق غير النتف. النتف تغيير. فرخص في الحلق. وقال. أخبرني جعفر بن محمد القطان: أن يعقوب بن بختان: أن أبا عبد اللَّه سئل عن الواشرة؟ فقال: التي تنتف جبينها. وقال: أخبرني جعفر بن محمد: أن يعقوب بن بختان: أن أبا عبد اللَّه سئل عن النامصة؟ فقال: المفلجة الأسنان. قال أبو بكر: غلط يعقوب بن بختان فيما روى عن أبي عبد اللَّه فقلب الكلام، فجعل النامصة الواشرة والواشرة النامصة. وقد صح عن أبي عبد اللَّه: أن. . (¬1) "الترجل" (220 - 222) ¬

_ (¬1) قال بهامش المطبوع: هنا انتهت المخطوطة.

3129 - وصل الشعر

3129 - وصل الشعر قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: تكره كل شيء تصل المراة بشعرها؟ قال: غير الشعر إذا كان قراميل قليلًا بقدر ما تشد به شعرها، فليس به بأس إذا لم يكن كثيرًا. قال إسحاق: لا بأس بكل شيء من القرامل من الصوف وما أشبهه ما لم يكن شعرًا، إلا أن تكثر وتريد بذلك المباهاة. "مسائل الكوسج" (3322) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن المرأة تصل رأسها بقرامل؟ فكرهه. عن جابر: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- زجر أن تصل المرأة برأسها شيئًا. "الورع" (590 - 591) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: فالمرأة الكبيرة تصل رأسها بقرامل؟ فلم يرخص لها. وأراه قال: إن كان صوفًا أبيض! وتبسم. حدثنا هشام قال: حدثتني فاطمة ابنة المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر أن امرأة من الأنصار قالت لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن لي بنية عريس، وأنه تمرق شعرها، فهل عليّ جناح إن وصلت رأسها؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لعن اللَّه الواصلة والمستوصلة". "الورع" (593 - 594)

قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه: عن عبد اللَّه قال: لعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الواصلة، والواشمة، والمستوشمة (¬1). عن ابن سيرين، عن معقل بن يسار؛ أن رجلًا من الأنصار تزوج امرأة فسقط شعرُها، فسأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الوصل؟ فلعن الواصلة والمستوصلة (¬2). "الورع" (595 - 596) قال المروذي: دخلت على أبي عبد اللَّه، فرأيت امرأة تمشط صبية. فقلت للماشطة بعد أن وصلت رأسها بقرامل: لم لم تتركي الصبية وقد قالت: إن أبي نهاني. وقالت: إنه يغضب. "الورع" (597) قال الخلال: أحمد بن هاشم الأنطاكي (¬3): أنه سأل أبا عبد اللَّه: عن المرأة تصل برأسها شيئًا؟ قال: لا تصل به شيئًا، لا صوفًا ولا غيره. ¬

_ (¬1) رواه البخاري (5940)، و (5942)، ومسلم (2124) من حديث ابن عمر، وعندهما زيادة: "والمستوصلة". والواصلة: هي التي تصل شعر المرأة بشعر آخر. والمستوصلة: هي التي تطلب أن يفعل بها ذلك. والواشمة: فاعلة الوشم، وهو غرز الإبرة أو نحوها في ظهر الكف أو المعصم أو غير ذلك من بدن المرأة، حتى يسيل الدم، ثم حشوه بالكحل أو نحوه فيخضرّ. والمستوشمة: هي التي تطلب أن يفعل بها ذلك، وإلا فهي الموشومة. (¬2) رواه أحمد 5/ 25 بسند ضعيف، ولكن يشهد له ما سبق، وعنده: "الوصولة" بدل: "المستوصلة". (¬3) كذا بالمطبوع بالنسختين بدون أخبرنا أو حدثنا. . .

وقال أخبرني أحمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: يُكره أن تصل المرأة برأسها شيئًا. وقال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر: أن أبا طالب حدثهم: أن أبا عبد اللَّه سأله رجل: عن بيع قرامل الشعر؟ قال: لا تبعه. قال: يبيعه شريكي؟ قال: لا. قلت: لا تصل المرأة برأسها الشعر؟ قال: لا. قلت: ولا الصوف؟ قال: ولا الصوف، نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الوصال، فأي شيء يصل فهو وصال. وسعيد بن جبير كره أن تصل المرأة برأسها شيئًا. ولا تصل شيئًا. إذا وصلت المرأة أليس تزين به وتصله فلا تفعل (. . .). وقال أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد: عن المرأة تصل شعرها بشيء يحسن لزوجها، وقد دخل بها. قال: لا. قلت له: أليس إنما يكره من هذا أن يغتر الرجل بالمرأة. فقال: حدثنا عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن أبيه، عن أبي هريرة: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تصل المرأة برأسها شيئًا. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، وسأله عن الواصلة؟

فقال: الذي لا شك فيه أنه مكروه الشعر، فأما الصوف القرامل فإني أكرهه؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: لعن الواصلة. وفي حديث معاوية: أخرج كبة من شعر (¬1). قال الخلال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال: أنه قال لأبي عبد اللَّه: وصال الشعر؟ قال: لا. قلت: بالشعر وغيره؟ قال: هكذا جاء الحديث، لم يبين شعرًا ولا صوفًا، إنما قالت عائشة للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن امرأة قد تَمَعَّط شعرها فتصله؟ قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لعن اللَّه الواصلة والمستوصلة" (¬2) إلا أن تكون تعقصه. معناه تشده، ولا يكون موصولًا. وقال: أخبرني حرب بن إسماعيل قال: سألت أحمد عن القرامل؟ فقال: تشده المرأة في أطراف شعرها ولا تصله. قلت: فإن كان من صوف؟ قال: وإن كان من صوف، فإنها لا تصله بشعرها. وقال: أخبرني محمد ابن أبي هاون: أن مثنى الأنباري حدثهم أنه سأله أبا عبد اللَّه قلت: المرأة تصل في شعرها، من الصوف المصبوغ، أو من شعر المعزى، غير شعور بني آدم؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 93، والبخاري (3468)، ومسلم (2127). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 111، والبخاري (5934).

3130 - كسب الماشطة

قال: لا يعجبني أن تصل من هذا شيئًا، إلا أن يعلق به. معنى قوله: تشده شدًا. وأما شعور بني آدم فلم يره وصلًا ولا غيره. وقال أخبرني أحمد بن محمد الوراق قال: حدثنا محمد بن حاتم بن نعيم قال: حدثنا علي بن سعيد قال: سألت أحمد: عن الوصل من غير الشعر بالخرق والصوف؟ فذكر حديث أبي الزبير عن جابر: كره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تصل المرأة برأسها شيئًا (¬1). قال: تشد رأس الشعر بشيء ولا تصله، أرجو ألا يكون به بأس. "الترجل" (198 - 207) 3130 - كسب الماشطة قال المروذي: سمعت امرأة تقول: جاءت امرأة من هؤلاء الذين يمشطون إلى أبي عبد اللَّه. فقالت: إني أصل رأس المرأة بقرامل وأمشطها، فترى لي أن أحج مما اكتسبت؟ قال: لا. وكره كسبه؛ لنهي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال: يكون من مال أطيب منه. "الورع" (592) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: سمعت أبا عبد اللَّه وسألته جارة لنا ماشطة، فقالت: قد جمعت شيئًا من كسب يدي، وأريد أحج به؟ فقال لها: غيره أحب إلى لك. قالت: ليس عندي. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 296، ومسلم (2126).

3131 - التطيب والترجل والاكتحال

قال: من الغزل تَحُجِّين أحب إليّ. وقال: أخبرنا محمد بن علي قال: سمعت حُسنًا أمَّ ولد أبي عبد اللَّه تقول: جاءتني امرأة من جيراننا فقالت: قد جمعت من العلف شيئًا، وأريد أن أحج؟ فقال أبو عبد اللَّه: لا تحج به ليس ها هنا أجل من الغزل. "الترجل" (215 - 216) 3131 - التطيب والترجل والاكتحال قال إسحاق بن منصور قلت كيف يكتحل الرجل؟ قال: وترًا. وليس له إسناد. قال إسحاق: السنة أن يكتحل وترًا، ثلاثا في الأول، وثنتين في الآخرة فإن اكتحل في كل عين ثلاثًا جاز. "مسائل الكوسج" (3506) قال ابن هانئ: وقال لي أبو عبد اللَّه: ما المسك الأذفر؟ قلت له: قد قلت لي أمس. قال: هو الذي لا يخالطه شيء. "مسائل ابن هانئ" (2022) قال الخلال: أخبرنا عصمة بن عصام قال: أنبأنا حنبل قال: رأيت أبا عبد اللَّه، وكانت له صينية من خشب فيها مرآة، ومكحلة، ومشط، فإذا فرغ من قراءة جزئه، نظر في المرآة واكتحل وامتشط، وربما اكتحل عند نومه بالليل ويقول لي: عليك بالكحل فإنه مبارك، وهو يجلو البصر. وربما تطيب، وكان يعجبه الطيب.

قال: وجاؤوا إلى أبي عبد اللَّه بمرآة وعليها علاقة فضة، فنزع أبو عبد اللَّه العلاقة فرمى بها، واستعمل المرآة. "الترجل" (1) قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد، حدثنا بكر بن محمد بن الحكم، عن أبيه أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: وسأل عن هذِه الدابة التي يكون فيها المسك؟ فقالوا: إن لها أنيابًا. قال: إن كان لها أنياب فهي سبع لا يؤكل ولا تدبغ جلودها؛ لأنَّ السبع لا يكون له ذكاة. قال: والمسك لولا أن فيه أثرًا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لكان لا ينتفع به، إذ كان من هذِه الدابة. قال: كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير. وقال: أخبرنا المروذي: سُئِلَ أبو عبد اللَّه عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ضربت بيدى فإذا مسك أذفر" (¬1). قال: الذي لا خلط له. "الترجل" (10 - 11) قال الخلال: أخبرني محمد بن محمد بن مطر، حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الطيب: يتطيب الرجل بالمسك؟ قال: لا بأس. وقال: وأخبرني أبو النضر إسماعيل بن عبد اللَّه بن ميمون العجلي أن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 103، والبخاري (7517) من حديث أنس.

أبا عبد اللَّه ذكر له المسك فقال: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد قال: "هو من أطيب طيبكم" (¬1). وقال: أخبرني جعفر بن محمد القطان، أن يعقوب بن بختان حدثهم: سمع أبا عبد اللَّه يقول: شعبة، عن خليد بن جعفر، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سُئِلَ عن المسك فقال: "أو ليس أطيب طيبكم؟ ". وقال أخبرنا عبد اللَّه قال: حدثني أبي، حدثنا يحيى، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي يونس، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أهل الجنة رشحهم المسك، ووقودهم الألوّة". قلت لابن لهيعة: يا أبا عبد الرحمن ما الألُوّه؟ قال: العود الهندي الجيد. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد بن عبد الحميد، حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه - وسأله عن: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن طيب النساء لون لا ريح له" (¬2). قال: كل شيء يسطع ريحه فيُشم من بعيد مثل البخور. قال: فما يكره للرجل من الطيب؟ قال: كل شيء أصفر أو أحمر، مثل الخلوق وما أشبهه. "الترجل" (13 - 17) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن هاشم الأنطاكي: أنه رأى أبا عبد اللَّه، وفي عينيه أثر الكحل بالنهار. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 31، ومسلم (2252) من حديث أبي سعيد الخدري. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 540، وأبو داود (2174) والترمذي (2787)، والنسائي 8/ 151، من حديث أبي هريرة وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (2238).

قال الخلال: أخبرني الحسن بن عبد الوهاب قال: حدثنا إبراهيم بن هانئ. . . . (ح) وأخبرني محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو الحارث. . (ح) وأخبرني إبراهيم بن رحمون البخاري قال: حدثنا نصر بن عبد اللَّه السنجاري حدثنا يعقوب بن بختان: قالوا: سئل أبو عبد اللَّه عن الترجل غبًا؟ قال: يدهن يوما، ويوما لا. زاد يعقوب: قال: وسمعته يقول: قال جويرة -يعني ابن أسماء-: فذكرت ذلك لنافع، فقال: كان ابن عمر يدهن في كل يوم مرتين. "الترجل" (19 - 20)

فصل في الخضاب

فصل في الخضاب 3132 - حكم الخطاب قال أبو داود: رأيت أحمد يخضب بالحمرة، ورأيته قبل ذلك يخضب لحيته ولا يخضب رأسه، وكان الشيب في رأسه يومئذ قليلًا، ورأيت في منزل أحمد فراش ملون. "مسائل أبي داود" (1693) قال ابن هانئ: سمعته يقول لأبي هاشم: يا أبا هاشم، أخضب ولو مرة واحدة، أحب لك أن تخضب، ولا تشبه باليهود، فإنَّه يروى عن علي بن أبي طالب رحمة اللَّه عليه: أنه خضب مرة واحدة (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1832) قال: ما رأيت أحد أكثر خضابًا من أهل الشام. ثم قال: الخضاب عندي كأنه فرض، وذلك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم" (¬2). "مسائل ابن هانئ" (1835) قال عبد اللَّه: خضب أبي، وهو ابن ثلاث وستين. "العلل" برواية عبد اللَّه (1214، 1226، 1598) قال عبد اللَّه: قال أبي: رأيت الناس في مسجد الجامع، كأنه ذكر قلة الخضاب، قال أبو عبد الرحمن فخضب. "العلل" برواية عبد اللَّه (1216) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 183 (25001). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 240، والبخاري (3462)، ومسلم (2103) من حديث أبي هريرة.

قال الخلال: أخبرنا محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر: حدثنا أبو الحارث قال: رأيت أبا عبد اللَّه اختضب، وفي رأسه ولحيته سواد كثير، ورأيته بعدما قدم من العسكر ترك الخضاب حتى يصل البياض، ثم اختضب بعد ذلك. "الترجل" (95) قال الخلال: أخبرني أبو الغالب ابن بنت معاوية بن عمرو قال: رأيت أبا عبد اللَّه غير مخضوب، ثم خضب يوم الخميس ليلة الجمعة سنة سبع وعشرين ومئتين. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه -في مرضه- وقد دخلوا عليه، وفيهم شيخ مخضوب، فقال له: إني لأرى الشيخ المخضوب، فأفرح به. وذكر رجلًا فقال: لم لا يخضب؟ قالوا: يستحي. قال: سبحان اللَّه، سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلت لأبي عبد اللَّه: يحكى عن بشر بن الحارث أنه قال: قال لي ابن أبي دواد: خضبت؟ قلت: أنا لا أتفرغ لغسلها، فكيف أتفرغ لخضابها؟ فقال: أنا أنكر أن يكون بشر كشف عمله لابن أبي دواد. أي كلام ذا؟ ثم قال: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "غيروا الشيب" (¬1) وأبو بكر وعمر قد خضبا (¬2) والمهاجرون (¬3)، فهؤلاء لم يتفرغوا لغسلها! ! النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أمر ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 291، والترمذي (1752) من حديث أبي هريرة بهذا اللفظ وبمعناه رواه البخاري (3462)، ومسلم (2103) عنه. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 223، ومسلم (2341) من حديث أنس. (¬3) رواه ابن سعد 3/ 191 بلفظ: فصبغ أبو بكر بالحناء والكتم، وصبغ عمر فاشتد =

بالخضاب، فمن لم يكن على ما كان عليه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه، فليس هو من الدين في شيء. وحديث أبي ذر (¬1). وحديث أبي هريرة (¬2) وعن أبي رمثة (¬3). وعن أم سلمة (¬4). "الترجل" (102 - 103) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد الوراق قال: حدثنا محمد بن حاتم بن نعيم، حدثنا علي بن سعيد قال: سألت أحمد: عن الخضاب أحب إليك أم تركه للشيخ؟ فقال: الخضاب أحب إلي. وذكر حديث الزهري: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم" (¬5). وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون: أن مثنى الأنباري حدثهم: أن أبا عبد اللَّه ذكر له الخضاب، فذكر فيه مكسرة وذكر الحديث الذي جاء: "ولا تشبهوا باليهود". "الترجل" للخلال (107 - 108) قال الخلال: أخبرني عبد الملك: أنه سمع أبا عبد اللَّه يثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الخضاب: أنه خضب، وأمر. ¬

_ = صبغه، وصفر عثمان بن عفان. . . . (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 147، وأبو داود (4205)، والترمذي (1753)، والنسائي 8/ 139، وابن ماجه (3622). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 240، والبخاري (3462)، ومسلم (2103). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 227. (¬4) رواه الإمام أحمد 6/ 296، والبخاري (5897). (¬5) سلف قريبًا.

وذاكرته بحديث أنس: لم يأن لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يخضب (¬1). فقال في هذا الموضع: هذا الذي يقول: خضب، هو يشهد على الخضاب. وقال: أخبرني عبد الملك في موضع آخر: وقال أبو عبد اللَّه: حديث أنس: لم يأن لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يخضب. وغيره يقول: قد خضب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فهذِه شهادة على الخضاب. فقال: الذي شهد على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليس بمنزلة من لم يشهد. وقال: أخبرني الميموني في موضع آخر: قال: سأل رجل أبا عبد اللَّه عن خضاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقال: فيه أحاديث: أنه قد خضب، وأنه قال "غيروا الشيب". فذكرنا حديث ابن عمر (¬2)، وحديث أم سلمة: أخرجت شعرات (¬3). "الترجل" (110 - 112) قال الخلال: وأخبرني محمد ابن أبي هارون، أن أبا الحارث حدثهم قال: سئل أبو عبد اللَّه عن الخضاب وتغيير الشيب؟ قال: ما أحسنه يستحب ذلك -تغيير الشيب من السنة (. . .) (¬4) عبد الرزاق، عن معمر عن الزهري قال: أمرنا بالأصباغ فأحبها إلينا كحلها. "الترجل" (114) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 198، والبخاري (5894)، ومسلم (2341). (¬2) رواه النسائي 8/ 137. (¬3) سلف. (¬4) كذا بالمطبوع، وأشار بهامشه أنه بياض بالأصلين.

3133 - من كان يخضب من الصحابة والمحدثين

3133 - من كان يخضب من الصحابة والمحدثين قال صالح: قال أبي: لم يكن وكيع يخضب. قال: أبو معاوية كان يخضب، وكان جيد الخضاب، وحفص، وابن إدريس. وعباد بن العوام كان خضابه إلى السواد ما هو. وجرير كان يخضب. وابن نمير كان يخضب. وابن فضيل كان يخضب وغندر يخضب. والبُرْسَاني كان يخضب. عباد بن عباد يخضب. وابن أبي زائدة يخضب خضابًا جيدًا. ابن عيينة لم يكن يخضب. الوليد بن مسلم يخضب خضابًا قليلًا، وكان أسود الرأس. وابن مهدي كان يخضب، قال: رأيته في سنة خمس وثمانين وهو يومئذ ابن خمسين وقد خضب. ويحيى بن سعيد كان يخضب. ورأيت عبد الرحمن بن مهدي سنة إحدى وثمانين وقد خضب سنة كان عندنا أبو بكر بن عياش. هشيم كان يخضب. حماد بن مَسْعَدة يخضب. معتمر يخضب، وكان له جُمَيْمَة صغيرة. ومَرْحُوم العطار يخضب. ويزيد بن هارون يخضب، ومحمد ابن يزيد. ورأيت إسحاق الأزرق رأسه مرة يخضب خضابًا خفيفًا. حجاج يخضب خضابًا جيدًا. علي بن عاصم خضابًا خفيفًا. قلت: إبراهيم بن سعد؟ قال: لا أدري كان آدم. ولكن سعد ويعقوب كانا يخضبان. أبو داود كان يخضب. عبد الأعلى لم يكن يخضب، ولا سهل بن يوسف. معاذ خِضَاب خفيفٌ. عبد الصمد لم يكن يخضب. وروح يخضب. وأبو النضر كان يخضب. وعبد الرزاق كان يخضب. وأبو أسامة لم يكن يخضب، إلا أني رأيته مرة قد غسل رأسه بالحناء. وأبو نعيم كان يخضب. محمد

ابن سلمة؛ لا أدري. محمد بن عبيد ويعلى كانا يخضبان. كان عبد الرازق يخضب، أخوه لم يكن يخضب. ربعي بن علية خضابا خفيفا. أبو عامر لم يكن يخضب، ولا أزهر السمان، ولا عبد اللَّه بن سلمة الأفطس. أبو كامل لم يكن يخضب؛ لا هو ولا موسى بن داود ولا يحيى بن آدم؛ كان في رأسه سواد. أبو المغيرة وأبو اليمان وعلي بن عياش وعصام بن خالد وبشر بن شعيب كانوا يخضبون، علي بن ثابت لم يكن يخضب أبيض الرأس واللحية. قال أبي: الخضاب بالشام أكثر من ذلك. والمقرئ كان يخضب. يحيى بن سعيد الأموي لم يكن يخضب، ولكن أخوه محمد بن سعيد كان يخضب. يحيى بن أبي بكير يخضب، كان قاضيًا على كرمان. قلت: مروان بن معاوية؟ قال: شيئًا كذا كان يخضب مروان بن شجاع كان يخضب. شجاع بن الوليد أبو بدر كان يخضَب. حُميد الرُّؤَاسي كان يخضب. يحيى بن حماد كان يخضبْ، وكان ربما حدثنا وهو مخضوب. إبراهيم بن خالد كان يخضب. أبو سعيد مولى بني هاشم لم يكن يخضب. مُؤَمل لم يكن يخضب. أبو خالد الأحمر لم يكن يخضب، كان أبيض الرأس واللحية، كان يحدث بحفظ، ما كتبنا عنه إلا بحفظه. أبو تُميلة لا يخضب. زيد بن الحُبَاب لا يخضب. عَثَّام بن علي يخضب. "مسائل صالح" (811) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ما أزهد أصحابنا -يعني المحدثين- في الخضاب ثم قال: ما أدركت أحدًا من أصحابنا إلا وهم يخضبون، إلا سفيان بن عيينة، ووكيع، ومعاذ بن معاذ.

ثم قال: كان جرير بن عبد الحميد، وحفص بن غياث، وأبو بكر ابن عياش، والكوفيون كلهم يخضبون. ثم قال: والبصريون كلهم إلا القليل. "مسائل ابن هانئ" (1849) قال عبد اللَّه: قال أبي: قال ابن مهدي: قال عبد اللَّه: قيل لأبي: رأيت بشر بن المفضل يخضب؟ قال: نعم. وقدم علينا ابن مهدي بغداد وهو ابن خمس أو ست وأربعين وقد خضب. "العلل" برواية عبد اللَّه (928) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: رأيت يحيى بن سعيد يخضب ورأيت عبد الرحمن بن مهدي يخضب في سنة خمس وثمانين وقد خضب يومئذ وهو ابن خمسين سنة، ورأيته أيضًا خضب وهو ابن خمس وأربعين؛ وكان هشيم يخضب، ورأيت معاذ بن معاذ يخضب وابن أبي عدي يخضب، ورأيت إسماعيل بن إبراهيم يخضب وقدم علينا من البصرة وهو يخضب وربما حدثنا وقد اختضب. "العلل" برواية عبد اللَّه (1224) قال عبد اللَّه: قال أبي: رأيت عبد الوهاب الثقفي يخضب، وروح يخضب، ويزيد بن هارون رأيته يخضب، أبو معاوية يخضب جيد الخضاب، قال: وحفص بن غياث يخضب، ابن إدريس خضاب خفيف وعباد بن العوام خضاب إلى السواد، وجرير يخضب، وابن نمير يخضب، ابن فضيل يخضب، غندر يخضب، البرساني يخضب. قلت: عبد الرزاق يخضب؟ قال: نعم.

قلت: العباد بن عباد يخضب أيضًا؟ قال: نعم. قلت: ابن أبي زائدة؟ قال: يخضب خضابًا جيدًا. الوليد بن مسلم خفيفًا كان أسود الرأس. "العلل" برواية عبد اللَّه (1225) قال عبد اللَّه قال أبي: حماد بن مسعدة يخضب؛ قلت له: معتمر؟ قال: كان يخضب وكانت له جُمة صغيرة، ومرحوم العطار يخضب، ومحمد بن يزيد ويزيد بن هارون يخضبان، إسحاق الأزرق مرة رأيته خضب خضابًا خفيفًا. قلت له: حجاج؟ قال: يخضب خضابًا جيدًا. قلت له: إبراهيم بن سعد؟ قال: لا أدري، كان أدَمَ أدْلَم ولكن سعد ويعقوب كانا يخضبان، وأبو داود كان يخضب، أبو النضر كان يخضب، عبد الرزاق يخضب وأخوه لا يخضب، وكان أبو أسامة لا يخضب رأيته مرة خضب خضابًا دونًا، أبو نعيم خضابًا خفيفًا، محمد بن سلمة ما أراه كان يخضب، محمد ويعلى ابنا عبيد كانا يخضبان، عمر بن عبيد ما أراه إلا خضابًا خفيفًا، أبو قطن خضاب خفيف، أسباط يخضب، أبو المغيرة وعلي بن عياش وأبو اليمان وعصام بن خالد وبشر بن شعيب كلهم يخضبون، عبد الرزاق بن زيد كان يخضب. يحيى بن كثير كان يخضب. عصام بن علي كان يخضب. مروان بن معاوية كان يخضب. حميد الرؤاسي كان يخضب. يحيى بن حماد كان يخضب، وربما حدثنا وقد اختضب. قلت له: أبو الوليد؟ قال: رأيته عند يحيى بن سعيد أسود الرأس واللحية، ثم رأيته بعد له شعرات بيض. إبراهيم بن خالد يخضب. مؤمل يخضب.

قال أبو عبد الرحمن: قلت له: هؤلاء الذين ذكرت ممن خضب، أنت رأيتهم؟ قال: نعم. "العلل" برواية عبد اللَّه (1227) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: مات عبد الرحمن بن مهدي وهو ابن ثلاث وستين سنة وقد خضب قبل ذلك بسبع وعشرين سنة. "العلل" برواية عبد اللَّه (4279) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا علي بن ثابت قال: حدثني أبو العنبس قال: كان شقيق بن سلمة يخضب بشيء قال: وبعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا أمرد فلم يقض لي أن ألقاه. "العلل" برواية عبد اللَّه (4833) قال الخلال: أخبرنا المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان إسماعيل يخضب، وكان يحدثنا وهو مخضوب. قلت: كان بشر بن المفضل يخضب؟ قال: نعم. قلت: كان حفص يخضب؟ قال: نعم. قلت: كان ابن إدريس يخضب؟ قال: نعم. قال: وكان يعقوب بن إبراهيم، وسعد يخضبان، وأبو بكر ابن عياش يخضب. قال: وكان ابن داود يخضب. قلت: وكيع يخضب؟

3134 - من ترك الخضاب من الصحابة والمحدثين

قال: لا، ولا سفيان بن عيينة. قلت: فأبو سعيد مولى بني هاشم؟ قال: لم يخضب. قلت: الحكم بن نافع؟ قال: الشاميين جدهم لخضاب. "الترجل" (126) 3134 - من ترك الخضاب من الصحابة والمحدثين قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثتني أم غراب عن بنانة قالت: ما خضب عثمان. "العلل" برواية عبد اللَّه (79) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان قال: كان أبو الزبير لا يخضب. "العلل" برواية عبد اللَّه (165) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع: قال رأيت مالك بن أنس لا يخضب، فسألته عن تركه الخضاب، فقال: بلغني أن عليًا كان لا يخضب. "العلل" برواية عبد اللَّه (1588) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم عن يونس ومبارك عن الحسن قال: أخبرني عتي السعدي قال: رأيت أبي بن كعب أبيض الرأس واللحية ما يخضب. "العلل" برواية عبد اللَّه (2251)

3135 - الخضاب بالسواد

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال: كان عمرو وأبو الزبير لا يخضبان، وابن أبي نجيح والأعمش لا يخضبان وأبو حصين أبيض الرأس واللحية. "العلل" برواية عبد اللَّه (2438) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثني علي بن المديني قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: قال رجل لأم داود الوابشية: أكان شريح يخضب لحيته فقال: كانت أمك تخضب؟ أي أن شريحا كان كوسجًا. "العلل" برواية عبد اللَّه (3294، 4691) 3135 - الخضاب بالسواد قال إسحاق بن منصور حدثهم: أنه قال لأبي عبد اللَّه: يكره الخضاب بالسواد؟ قال: إي واللَّه مكروه. "مسائل الكوسج" (3946) قال إسحاق بن منصور: قلت لإسحاق الخضاب بالسواد للمرأة؟ قال: لا بأس بذلك للزوج، تتزين له به. "مسائل الكوسج" (3360) قال عبد اللَّه: قال أبي: ورأيت عباد بن العوام يخضب خضابًا إلى السواد قاني، وكنيته أبو سهل. "العلل" برواية عبد اللَّه (4582) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا حجاج قال: قلت للمسعودي: أكان القاسم يخضب بالسواد؟ قال: كان شيئًا مرة ثم ترك ذاك فكان

يخضب بالحمرة. "العلل" برواية عبد اللَّه (5239) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أزهر عن ابن عون قال: رأيت موسى بن طلحة بن عبيد اللَّه يخضب بالسواد. "العلل" برواية عبد اللَّه (5241) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي الوراق: حدثنا صالح أنه سأل أباه عن الخضاب بالسواد؟ قال: لا، لا يعجبني. وقال: أخبرني عصمة بن عصام: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: وأكره السواد؛ لان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "وجنبوه السواد". فلا يعجبني الخضاب به. قال الميموني: حدثنا ابن حنبل قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن هشام، عن محمد بن سيرين قال: سئل أنس بن مالك عن خضاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن شاب إلا يسيرًا، ولكن أبا بكر وعمر خضبا بعد بالحناء والكتم. قال: وجاء أبو بكر بأبيه أبي قحافة إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم فتح مكة، يحمله حتى وضعه بين يدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي بكر: "لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه" تكرمة لأبي بكر، فأسلم ولحيته ورأسه كالثغامة بياضًا، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "غيروها وجنبوه السواد" (¬1). "الترجل" (129 - 131) ¬

_ (¬1) "المسند" 3/ 160 بإسناده ومتنه سواء.

3136 - الخضاب بالحناء والكتم

قال الفضل بن زياد: قلت: يكره الخضاب بالسواد، قال: إي واللَّه مكروه. "بدائع الفوائد" 4/ 66 3136 - الخضاب بالحناء والكتم قال ابن هانئ: سمعته يقول: أما الكتم فليس نجده ههنا، وأما أبو بكر فإنه خضب بالحناء والكتم. "مسائل ابن هانئ" (1833) قال ابن هانئ: سمعته يقول: قال أبو جعفر محمد بن علي: كان عارضي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد شابا. وقال أبو رمثة: أتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فإذا الشعر أحمر (¬1). وقالت أم سلمة: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يخضب (¬2). وكان أبو بكر يخضب بالحناء والكتم (¬3). "مسائل ابن هانئ" (1834) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هشيم قال: أخبرنا حصين، عن الشعبي قال: سألت ابن عمر عن الخضاب بالوسمة فلم يعرفها. قال: قلت: بالحناء والكتم. فقال: ذاك خضاب أهل تهامة. "العلل" برواية عبد اللَّه (3183) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 227. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 296، والبخاري (5897). (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 223، ومسلم (2341).

قال عبد اللَّه: قال أبي: كنت أقرأ على عبد الرحمن، أنا وهو وحدي ليس معي أحد غيره في بيته، وربما كنت أقرأ عليه وقد اختضب بالحناء. "العلل" برواية عبد اللَّه (2426) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا إسماعيل بن علية قال: كان الحسن يصفر لحيته، وكان ابن سيرين يخضب بالحناء، وكان ابن عون ويونس وأيوب بخضبون بالحناء إلا ابن عون كان أحسنهم خضابًا، وكان ابن سيرين يخرج إلى السوق في الصيف في إزار ورداء، وكان ابن عون يخرج في إزار ورداء قد لونهما. "العلل" برواية عبد اللَّه (2729) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن عبد اللَّه بن يزيد بن عبد اللَّه بن أنيس قال رأيت عبد اللَّه بن الحسن يخضب بالحناء ورأيت محمد بن جابر يعني ابن عبد اللَّه الأنصاري وغيره من مشيخة الأنصار يستدبرون الشمس حتى إني انظر إلى قفا أحدهم يسود وبين كتفيه. "العلل" برواية عبد اللَّه (4347) قال الخلال: أخبرنا عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ما أحب لأحد إلا أن يغير الشيب، ولا يتشبه بأهل الكتاب لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "غيروا الشيب، ولا تشبهوا بأهل الكتاب". قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: وأحب للرجل إذا بلغ سنًا أن يغير الشيب، لما أمر به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، وفعله أصحابه من بعده. ¬

_ (¬1) روى الإمام أحمد 2/ 240، والبخاري (3462)، ومسلم (2103) من حديث أبي هريرة مرفوعًا "إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم".

3137 - الخضاب بالورس والزعفران وما فيه حمرة أو صفرة

قال أبو عبد اللَّه: وأعجب إلى من الخضاب: الحناء، والكتم. "الترجل" (105) قال الخلال: أخبرنا الميموني: حدثنا ابن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا سلام بن أبي مطيع، عن عثمان بن عبد اللَّه بن موهب قال: دخلت على أم سلمة، فأخرجت إلينا شعرًا من شعر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مخضوبًا بالحناء والكتم. "الترجل" (113) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر قال: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثنا معتمر، عن حميد، عن أنس: لم يكن في رأس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عشرون شعرة بيضاء، وقد خضب أبو بكر بالحناء والكتم، وخضب عمر بالحناء. "الترجل" (119) 3137 - الخضاب بالورس والزعفران وما فيه حمرة أو صفرة قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو النضر قال: حدثنا محمد -يعني: ابن طلحة- قال: كان طلحة وزبيد (¬1) يخضبان بالصفرة. "العلل" برواية عبد اللَّه (1802) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سلمة بن نبيط قال: رأيت رجالًا من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يخضبون بالورس. "العلل" برواية عبد اللَّه (1968). ¬

_ (¬1) هما طلحة بن مصرف وزبيد بن الحارث.

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي قال: حدثنا بكر بن عيسى الراسبي أبو بشر قال حدثنا أبو عوانة: قال حدثنا أبو مالك الأشجعي قال: سمعت أبي وسألته قال: كان خضابنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الورس والزعفران (¬1). "العلل" برواية عبد اللَّه (2122) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم عن أبي حمزة قال: رأيت ابن عباس يخضب بالحمرة. "العلل" برواية عبد اللَّه (2194) قال الخلال: أخبرني عبد الملك الميموني، والحسن بن محمد الأنماطي: أنهما رأيا أبا عبد اللَّه، قد خضب رأسه ولحيته بالحناء. قال الحسين: خضاب قاني. وقال: أخبرنا عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: رأيت أبا عبد اللَّه يخضب بالحناء بالحمرة. وقال: أخبرني عبد الكريم بن الهيثم العاقولي، ومحمد بن جعفر، وإسماعيل بن إسحاق الثقفي: أنهم رأوا أبا عبد اللَّه مصفر اللحية. قال عبد الكريم: شديدة حسنة. وقال محمد بن جعفر: صفرة ليست بالمشبعة. "الترجل" (97 - 99) قال الخلال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل: عن الخضاب بالورس والزعفران؟ فرخص فيه. ¬

_ (¬1) انظر: "الترجل" (118) أخبرنا المروذي قال: حدثنا أبو عبد اللَّه.

وقال أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل: عن الخضاب بالورس والزعفران؟ فسهل في ذلك. قلت لأبي عبد اللَّه: أبو مالك عن أبيه قال: كان خضابنا على عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الورس والزعفران؟ قال: نعم. قيل له: هذا ثبت؟ قال: هذا رواه أبو عوانة (¬1). "الترجل" (116 - 117) قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدثني أبي حدثنا هاشم قال: حدثنا عبد الصمد بن حبيب بن عبد اللَّه الأزدي قال: حدثني أبي، عن الحكم بن عمرو الغفاري قال: دخلت أنا وأخي رافع بن عمرو على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وأنا مخضوب بالحناء وأخي مخضوب بالصفرة، فقال عمر بن الخطاب: هذا خضاب الإِسلام. وقال لأخي رافع: هذا خضاب الإيمان. وقال: أخبرني أبو بكر المرُّوذي قال: حدثنا أبو عبد اللَّه، حدثنا المحاربي، عن عبد الملك بن عمير قال: رأيت المغيرة بن شعبة يخضب بالصفرة، ورأيت جابر بن عبد اللَّه يخضب. وقال: أخبرنا الميموني قال: حدثنا ابن حنبل قال: حدثنا أبو المغيرة قال: حدثنا صفوان قال: رأيت عبد اللَّه بن بشر المازني صاحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وخالد بن معدان وأبا راشد، ونمران أبا الحسن، وعبد الرحمن بن ¬

_ (¬1) سبق مسندًا قريبًا.

3138 - خطاب النساء، وما يكره من ذلك

حميد، وضمضم أبا المثنى الأملوكي، وأبا هبيرة الرحبي، وعبد الرحمن ابن عرس الحميري، يصفرون لحاهم. "الترجل" (122 - 124) 3138 - خطاب النساء، وما يكره من ذلك قال المروذي: وأخبرتني امرأةٌ، قالت: نهاني أبو عبد اللَّه عن النقش في الخضاب، وقال: اغمسي اليد كلها. "الورع" 578 قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه -وذكر المختضبة- فقال: قالت عائشة: اسلتيه، وأرغميه. يعني: المختضبة (¬1). حدثنا ابن عون: قال: أخبرني أبو سعيد -رضيع لعائشة- عن عائشة؛ أنها سئلت عن الخضاب، فقالت: اسلتيه وارغميه. عن التيمي، عن أبي عثمان -وليس النهدي- قال: أرسلت أم الفضل بنت غيلان إلى أنس تسأله عن المعصفر؟ وعن القلادة في عنق المرأة؟ وعن الخضاب؟ وعن النبيذ؟ قال: فأرسل: أنه يستحب للمرأة أن تعلق في عنقها شيئًا في الصلاة ولو سير. فذكر الحديث. وقال في الخضاب: فأمرها أن تغمس اليد كلها. عن أم عطية، عن امرأة منهم قالت سمعت عمر ينهى عن النقش والتطاريف في الخضاب. ¬

_ (¬1) رواه الدارمي 1/ 715 (1132)، وابن أبي شيبة 1/ 112 (1280) والبيهقي 1/ 77.

عن زكريا قال: حدثتني آمنة قالت: كنت أقين العرائس بالمدينة، فسألت عائشة عن الخضاب؟ فقالت: لا بأس به ما لم يكن نقش. عن مغيرة، عن إبراهيم قال: يكره النقش، ويرخص في الغمسة. "الورع" (579 - 584) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا أبو حرة عن الحسن قال: رأيت نساء من نساء أهل المدينة يصلين في الخضاب بالوسمة. "العلل" برواية عبد اللَّه (2182)

باب ما جاء في سنن الفطرة

باب ما جاء في سنن الفطرة 3139 - قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أعفوا اللحى" قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يأخذ من عارضيه؟ قال: يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة. قلت: فحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى" (¬1)؟ . قال: يأخذ من طولها، ومن تحت حلقه. ورأيت أبا عبد اللَّه يأخذ من طولها، ومن تحت حلقه. "مسائل ابن هانئ" (1848) قال الخلال: أخبرني حرب قال: سئل أحمد عن الأخذ من اللحية؟ قال: كان ابن عمر يأخذ منها ما زاد عن القبضة (¬2)، وكأنه ذهب إليه. قلت له: ما الإعفاء؟ قال: يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: كأن هذا عنده الإعفاء. "الترجل" (90) قال الخلال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل: حدثني أبي قال: قال أبو عبد اللَّه: ويأخذ من عارضيه، ولا يأخذ من الطول. وكان ابن عمر يأخذ من عارضيه، إذا حلق رأسه في حج أو عمرة، لا بأس بذلك. "الترجل" (92) ¬

_ (¬1) رواه الإمام 2/ 16، والبخاري (5892)، ومسلم (259) من حديث ابن عمر. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 227 (25477).

3140 - السنة في أخذ الشارب

3140 - السنة في أخذ الشارب قال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد، ثنا ابن حنبل قال: حدثنا ابن مهدي، حدثنا سفيان قال: سمعت عبد الرحمن -قال ابن مهدي: هو ابن علقمة- قال سمعت ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أعفوا اللحى، وأحفوا الشوارب". قال أبو عبد اللَّه: هذا غريب. وقال: وأخبرني عبد الملك قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ناظرني إنسان مرة -وأظنه قال: مِنْ (¬1) أهل المدينة قال: ليس هي: "أحفوا الشوارب". إنما هي: "حفوا" بغير ألف؟ قال: فنظرت في كتابي، فإذا هي في موضعين، ألف مثبتة "أحفوا". وقال: أخبرنا الحسن بن عبد الوهاب: عن إبراهيم بن هانئ، حدثنا أحمد، حدثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا الحسن بن صالح، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقص شاربه، وكذلك أبوكم إبراهيم من قبل يقص شاربه. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي، أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أحفوا الشوارب". فمن رغب عن فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأصحاب الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- والمهاجرين، والأنصار، فهو على غير الحق، فليس هو من الدين في شيء. قال: ودفع إلى أبي المقراض فقال: خذ شاربي فأحفنيه. ¬

_ (¬1) كرر (من) في المطبوع وضَبَطها: مَنْ مِنْ. ولا يستقيم السياق بذلك.

وقال: أخبرني محمد بن علي، حدثنا أبو بكر الأثرم قال. سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن السنة في أخذ الشارب؟ فقال: أحفه. وقال: وأخبرني عصمة بن عصام، حدثنا حنبل: أنه قال لأبي عبد اللَّه: ترى للرجل يأخذ شاربه ويحفيه، أم كيف يأخذه؟ قال: إن أحفاه فلا بأس، وإن أخذه قصًا فلا بأس. قلت لأبي عبد اللَّه: فترى للرجل يأخذُ الحجام من شاربه؟ فقال: لا بأس. كان أبو هريرة لا يفعل ذلك، كان يأتي الصانع. أراه قد رده. ورأيت أبا عبد اللَّه يأخذ شاربه الحجام، ويدع أصول الشعر، ولا يستأصله فيحفيه. قال حنبل: حدثنا صالح، حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي المهزم، عن أبي هريرة: أنه كان يكره أخذ الحجام من شاربه. وكان يأتي الصانع، فيأخذ من شاربه. قال: ورأيت أبا عبد اللَّه يأخذ شاربه بيده في البيت، ومرآة معه ينظر فيها، ويقصه. ورأيت أيوب الحجام يأخذ من شارب أبي عبد اللَّه بعدما أخذ شعره. وقال: أخبرنا محمد بن الحسين بن هارون قال: سألت أبا عبد اللَّه: عن إحفاء الشارب؟ فقال: يُحف كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أحفوا الشوارب" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 16، والبخاري (5892)، ومسلم (259) من حديث ابن عمر.

3141 - نتف الشيب

قال: ورأيت أبا عبد اللَّه، ما لا أحصي، يحفي شاربه سواه. وقال: أخبرنا أحمد بن هاشم الأنطاكي، ومحمد بن جعفر: أنهما رأيا أبا عبد اللَّه، وقد أحفى شاربه. وقال: وأخبرني الحسين بن الحسن عن إبراهيم بن الحارث: أن أبا عبد اللَّه سئل عن أخذ الشارب إلى أي موضع؟ فقال: إنما هو كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أحفوا الشوارب". إنما هو الموضع الذي يُعلم أنه شارب. "الترجل" (74 - 84) 3141 - نتف الشيب قال صالح: قال أبي: سألت ابن مهدي -أنا أو غيري- عن هذين الحديثين، فقال: من سمعهما من هشيم؟ فقلت: أنا، حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن إبراهيم قال: كان يكره نتف الشعر. قال أبي: وحدثنا هشيم، حدثنا مغيرة عن الشعبي، ويونس عن الحسن: أنهما كرها نتف الشيب. فقال ابن مهدي: هكذا هو. "مسائل صالح" (831)، (833)، (834) قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن محمد بن حنبل: سمعت أبي في حديث عبد اللَّه بن مسعود: كره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خمس خصال (¬1)، تغيير الشيب: نتف الشيب. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 380، وأبو داود (4222)، والنسائي 8/ 141 وفيه: عشر. وقال الألباني كما في "ضعيف النسائي" (379): منكر.

3142 - الرجل ينتف لحيته ويقطع ظفره

قال أبي: فسر لنا جرير بن عبد الحميد الراوي. "الترجل" (85) قال الخلال: أخبرنا المروذي قال: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا شريك، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر قال: لم يكن شيب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نحوًا من عشرين شعرة. وقال: وأخبرني حرب قال: حدثنا أحمد حدثنا هشيم قال: أخبرنا عبد الملك بن عمير، عن إياد بن لقيط، حدثنا أبو رمثة التميمي قال: أتيت رسول اللَّه ورأيته (. . .) (¬1). "الترجل" (120 - 121) 3142 - الرجل ينتف لحيته ويقطع ظفره قال صالح: وسألته: عن رجل قد بُلي بنتف لحيته، وقطع ظفره بيده، ليس يصبر عنهما؟ قال: إن صبر عن ذلك فهو أحب إليّ (¬2). "مسائل صالح" (151) 3143 - نتف الإبط قال الخلال: أخبرني محمد بن علي: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد: عن نتف الإبط، تكرهه؟ قال: نتف الإبط سُنة. ¬

_ (¬1) بياض بالأصل، كذا أشار بهامش المطبوع. (¬2) ذكرها الخلال عن الفضل بن زياد أيضًا. "الترجل" (138).

3144 - دفن الشعر والأظافر والدم

وقال: أخبرني حرب قال: قلت لإسحاق: نتف الإبط أحب إليك، أو بالنُّورة؟ قال: نتفه إن قدر. "الترجل" (139 - 140). 3144 - دفن الشعر والأظافر والدم قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد قال: سمعت أبي يقول: أرى أن يدفن، كان ابن عمر يدفن شعره إذا حلقه. "الترجل" (141) وقال: أخبرني منصور بن الوليد: أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل: عن دفن الدم، والشعر، والأظافر؟ قال: نعم يستحب. وقال: أخبرني حرب قال: سمعت أحمد يقول: يدفن الشعر والأظافر، وإن لم يفعل لم ير به بأسًا. وقال أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن الرجل يأخذ من شعره ومن أظفاره، أيدفنه أو يلقيه؟ قال: يدفنه. قلت: بلغك فيه شيء؟ قال: كان ابن عمر يدفنه. قلت: عمن هذا الحديث؟ فحدثني أحمد: عن عبد الرحمن بن مهدي، عن العمري، عن نافع، عن ابن عمر: كان يفعله. وقال: أنبأنا المروذي قال: قرئ على أبي عبد اللَّه: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} [المرسلات: 25، 26].

3145 - الرجل ينتف عانته ويأخذها بالمقراض

قال: يكفتون فيها الأحياء: الدم، والشعر، والأظفار. ثم قال: {وَأَمْوَاتًا} تدفنون فيها موتاكم. قال: سمعته يقول: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} [المرسلات: 25، 26]. يدفن ثلاثة أشياء: الأظافر، والشعر، والدم. ثم قال: {وَأَمْوَاتًا}: يدفن فيها الأموات. "الترجل" (142 - 145) 3145 - الرجل ينتف عانته ويأخذها بالمقراض قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر: أن أبا طالب حدثهم: أنه سأل أبا عبد اللَّه عن: الرجل يكره دخوله الحمام يحلق عانته بالموسى أو بالمقراض؟ قال: نعم. وقال: أخبرني الحسين بن الحسن: أن محمد بن داود حدثهم: أن أبا عبد اللَّه قيل له: ترى أن يأخذ الرجل سفلته بالمقراض، وإن لم يستقص؟ قال: أرجو أن يجزئ ذلك إن شاء اللَّه. وقال: أخبرني العباس بن محمد قال: حدثنا محمد بن هشام ابن أبي الدسك قال: حدثنا ابن أبي مريم قال: كنت عند أحمد بن حنبل، فجاءه رجل فقال له: يا أبا عبد اللَّه، ما تقول في الرجل ينتف عانته، فقال: وهل يقوى على هذا أحد؟ ! "الترجل" (149 - 151)

3146 - التوقيت في حلق العانة ونتف الإبط

3146 - التوقيت في حلق العانة ونتف الإبط قال أبو داود: سمعت أحمد سئل: في كم تحلق العانة؟ قال: قالوا: في أربعين. قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر: أن أبا الحارث حدثهم قال: سألت أحمد قلت: الرجل يترك عانته الشهرين والثلاثة، على التهاون والشغل؟ قال: أليس الوقت فيه: أربعين ليلة؟ ! كذا روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد: حدثنا بكر بن محمد قال: سئل أبو عبد اللَّه: عن العانة يمضي لها أكثر من أربعين يومًا لا تحلق؟ فكأنه كرهه. وقال: كتب إليّ يوسف بن عبد اللَّه الإسكافي: أن الحسن بن علي بن الحسن حدثهم: أن أبا عبد اللَّه سئل عن التوقيت في حلق العانة ونتف الإبط؟ قال: لا يثبت. وقال: أخبرني الحسين بن الحسن أن محمد بن داود حدثهم: أن أبا عبد اللَّه قال: قد سمعنا فيه حديثًا لا أدري كيف نثبته. قال: كان شعبة ينكره. يعني حديث أبي عمران الجوني عن أنس: وقت لنا. وقال: أخبرني محمد بن علي بن محمود بن قديد الوراق: أن مهنا حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه أحمد: عن صدقة بن موسى الدقيقي؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 122، ومسلم (258) من حديث أبي عمران الجوني عن أنس.

فقال: له حديث منكر. قلت: أليس هو؟ قال: يحدث عن أبي عمران الجوني، عن أنس: وقت لنا في حلق العانة، ونتف الإبط. قلت: وهذا منكر؟ قال: نعم، كان شعبة ينكر هذا الحديث. وقال: أخبرني محمد بن علي بن يحيى السمسار قال: حدثنا مهنا قال: سألت أبا عبد اللَّه: عن حديث جعفر بن سليمان الضبعي، عن أبي عمران الجوني عن أنس قال: وقت لنا في حلق العانة أربعين يومًا. فقال لي: صدقة بن موسى الدقيقي، يرويه عن أبي عمران الجوني، عن أنس يرفعه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. فقلت: ما تقول في هذا الحديث؟ فقال: كان شعبة ينكره. فقلت: ما معنى قول شعبة ينكره؟ قال: يقول: ليس له أصل. وقال لي أحمد بن حنبل: ما أحسنه أن يتعاهد الرجل نفسه في كل أربعين يومًا. قال لي أحمد بن حنبل: هذان رجلان قد حدثا به: جعفر بن سليمان، وصدقة بن موسى الدقيقي. فتعجب من قول شعبة: ليس لهذا الحديث أصل. وقال: أخبرني المروذي قال: كنت مع أبي عبد اللَّه بالعسكر أربعة أشهر، فلم يتنور إلا مرة، وأشك في الأخرى.

وقال: أخبرني عصمة بن عصام: حدثنا حنبل: أنه سمع أبا عبد اللَّه قال: ما تنورت منذ ثلاثة أشهر، وإن عليَّ شعرًا كثيرًا. وقال: أخبرني أبو المثني العنبري: أن هارون بن عبد اللَّه البزاز حدثهم قال: سئل أبو عبد اللَّه: عن حديث أبي عمران الجوني، عن أنس: في حلق العانة والأظفار؟ فقال: أعجب إليّ أن يُعمل به. قيل له: فترى أن يتركه أكثر من أربعين يومًا؟ قال: ما يعجبني أن يترك أكثر من أربعين يومًا. قال أبو عبد اللَّه: بلغني عن الأوزاعي أنه قال في هذا: للرجل عشرين، وللمرأة عشرًا. وجعل أبو عبد اللَّه يضحك عند قول الأوزاعي هذا. وقال أبو عبد اللَّه: يعجبني أن يفعل هذا بالحجاز؛ لأنَّ الحجاز يتعرون ويلبس الرجل الإزارين، ونحو هذا من الكلام. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون: أن سندي الخواتيمي حدثهم: سئل أبا عبد اللَّه: عن حلق العانة، وتقليم الأظفار كم يترك؟ قال: أربعين. الحديث الذي يروى فيه. وقد بلغني عن الأوزاعي أنه قال: للمرأة خمسة عشر، وللرجل عشرين. فأما الشارب في كل جمعة؛ لأنك إذا تركته بعد الجمعة تصير وحشًا. وقال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل حدثنا أبي قال: كان أبو عبد اللَّه يأخذ شاربه كل جمعة وجمعتين. وقال: لا أحب للرجل أن لا يتعاهد هذا منه ولا يُوفره. "الترجل" (153 - 162)

3147 - حلق العانة بالنورة

3147 - حلق العانة بالنورة قال المروذي: قال: أصلحت لأبي عبد اللَّه النورة غير مرة واشتريت له جلدًا ليده، فكان يدخل يده فيه وينور نفسه. "الآداب الشرعية" 3/ 321 3148 - ما جاء في الختان قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا بن يحيى: أن أبا طالب حدثهم: قال أبو عبد اللَّه: كان صالح يسألني لإنسان من الشاش قال: عندنا رجال ونساء لم يختتنوا؟ قال: فأخرجت هذِه الأحاديث. "الترجل" (168) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا ابن يحيى: أن أبا طالب حدثهم: قرأ على أبي عبد اللَّه: أبو عبيد الحداد، عن الأصم، عن حسان الأعرج، عن جابر بن زيد أنه قال في الختان: هو للرجل سُنة، وللنساء مكرمة. "الترجل" (171) قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: لا تؤكل ذبيحة الأقلف، ولا الصلاة له، ولا حج حتى يتطهر، هي تمام الإِسلام. "الترجل" (174) قال الخلال: أخبرني محمد بن جعفر: حدثنا أبو الحارث قال: سئل أبو عبد اللَّه: عن حج الأقلف؟

3149 - الكبير يسلم؛ يختتن، والعمل إذا أبى الختان

فقال: ابن عباس كان يشدد في أمره. روي عنه: أنه لا حج ولا صلاة له (¬1). قيل له: فما تقول؟ قال: يختتن ثم يحج. "الترجل" (177) قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: حدثنا أبي حدثنا سفيان، عن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يقول: "إنكم ملاقو اللَّه مشاة حفاة غُرلًا". قال أبو عبد الرحمن: وسمعت أبي يقول: غرلًا. قال: الأقلف. "الترجل" (191) 3149 - الكبير يُسلم؛ يختتن، والعمل إذا أبى الختان قال إسحاق بن منصور: سئل أحمد عن رجل أسلم وهو أقلف يحج أو يختتن؟ قال: يختتن ثم يحج؛ لأن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: لا تقبل لأقلف صلاة، ولا ولاء. "مسائل الكوسج" (3377) قال عبد اللَّه: سألت أبي: عن الرجل، إذا أسلم فقيل له: أختتن، قال: لا أفعل؟ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 483 (8562)، وابن أبي شيبة 5/ 21 (23324) وفيه: الأقلف لا تجوز شهادته، ولا تقبل له صلاة ولا تؤكل له ذبيحة.

فقال: صلاة ولا حج. "مسائل عبد اللَّه" (160) قال الخلال: وأخبرني عصمة بن عصام في موضع آخر: أن حنبل حدثهم: أنه سأل أبا عبد اللَّه: عن الذمي إذا أسلم، قلت له: ترى أن يطهر بالختانة؟ قال: لا بد له من ذلك. قلت: فإن كان كبيرًا أو كبيرة؟ قال: أحب إليّ أن يتطهر لأن الحديث: "اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة" (¬1). قال اللَّه: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78]. قيل له: فإن كان يُخاف عليه؟ قال: وإن كان يخاف عليه، كذلك يرجى له السلامة. وقال حنبل في موضع آخر: قيل لأبي عبد اللَّه: فالأقلف؟ قال: يختتن. قيل له: فإن كان شيخًا كبيرًا؟ قال: لا بد له من الطهارة هذِه نجاسة. وذكر نحو المسألة الأولى. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون: أن حبيش بن سندي: أن أبا عبد اللَّه سئل عن الشيخ يسلم، فيخاف أن يختتن؟ قال: حدثنا معتمر عن سلم، وساق قصة الحسن (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 322، والبخاري (3356)، ومسلم (2370) من حديث أبي هريرة. (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 483 (8562).

قال: إلا أنه يعجبني أن يختتن. وقال: أخبرني محمد بن جعفر، حدثنا أبو الحارث قال: سئل أبو عبد اللَّه: عن حج الأقلف؟ فقال: ابن عباس كان يشدد في أمره. روي عنه: أنه لا حج، ولا صلاة له. قيل له: فما تقول؟ قال: يختتن ثم يحج. "الترجل" للخلال (175 - 177) قال الخلال: أخبرني عبد الملك: أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول لم نسمع في الأقلف أشد من حديث ابن عباس (¬1). وذكر شيئًا من قول الحسن: إنه أسلم مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الأسود والأبيض وغير ذلك (¬2). معناه أفتراهم كلهم مُختتنين؟ قالوا: ما تقول أنت في الأقلف؟ قال: أعجب إليّ أن يختتن. قال عبد الملك: والذي تبينت منه ورأيته، والتسهيل في أمره. وقال: أخبرني عبد الملك في موضع آخر قال: قيل لأبي عبد اللَّه: الكبير يسلم، فيخاف على نفسه إن اختتن؟ فحدث بحديث الحسن: أسلم مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . فكأن الأمر عنده ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 4/ 483 (8562)، وابن أبي شيبة 5/ 21 (23324). (¬2) سيأتي مسندًا، ورواه البخاري في "الأدب المفرد" ص 460 (1251).

سهل، ولم يقل: لا يختتن. "الترجل" (179 - 180) وقال: أخبرني حرب قال: سئل أحمد: عن الرجل يسلم وهو كبير أيختتن؟ قال: نعم. إلا أن يخاف على نفسه الموت، أو نحو ذلك. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا بن يحيى: أن أبا طالب حدثهم: أنه قال لأبي عبد اللَّه: من أسلم يختتن؟ قال: نعم. إلا أن يكون شيخ كبير يخاف عليه أن يموت إن اختتن. ابن عباس شديد فيه يقول: لا صلاة ولا حج له. والحسن يرخص فيه يقول: إذا أسلم لا يبالي إن اختتن أو لا، يقول: أسلم الناس الأسود والأبيض، لم يفتش أحدًا منهم ولم يختتنوا. "الترجل" للخلال (181 - 182) وقال أخبرني عبد اللَّه بن أحمد (¬1) قال: سألت أبي: عن الرجل، إذا أسلم فقيل له: اختتن، قال: لا أفعل؟ فقال: أما الحسن، فكان يعذره إذا خيف عليه. وكان ابن عباس يقول: ليس له صلاة ولا حج. وقال الحسن: قد أسلم مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الفارسي والرومي والحبشي، فلم يفتش أحدًا منهم. قال: لأن بعض الأمراء أخذ قومًا، ففتش، فوجدهم غير مختتنين، فختنهم، فمات بعضهم. ¬

_ (¬1) مسائل عبد اللَّه (160) باختصار عن ذلك.

فقال الحسن: قد أسلم مع نبي اللَّه الفارسي، والرومي، والحبشي، ولم يفتش أحدًا. وقال: أخبرني إبراهيم بن الخليل: أن أحمد بن نصر أبا حامد الخفاف حدثهم قال: سئل أحمد عن الرومي يسلم، وهو أقلف يختتن؟ فذكر نحو أصحابه. قال: قال الحسن: قد كان يسلم على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- اليهودي، والنصراني، والسندي، والرومي، والحبشي، فلم يفتش أحدًا. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا معتمر بن سليمان قال: سمعت سلم -يعني ابن أبي الذيال- قال سمعت الحسن يقول: يا عجبًا لهذا الرجل لقي أشياخًا من أهل كسكر فقال: ما أنتم؟ قالوا: مسلمون. فأمرهم، ففُتشوا، فُوجدوا غير مُختَنين، فأمر بهم، فخُتنوا في هذا الشتاء، وقد بلغني أن بعضهم قد مات. وقد أسلم مع نبي اللَّه الرومي، والفارسي، والحبشي، فما فتش أحدًا منهم، وما بلغني أنه فتش أحدًا منهم. وقال: أخبرني حرب بن إسماعيل: حدثنا إسحاق قال: حدثنا معاذ بن معاذ، عن الأشعث عن الحسن: كان لا يرى بأسا للشيخ الكبير: ألا يختتن، وكان لا يرى بأسا بإمامته وحجه. "الترجل" (187 - 190) قال أبو زرعة الدمشقي: وسمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن الكافر يسلم ويخاف الختان؟ قال: إن كان يُخَافُ عليه من الختان فلا بأس أن لا يختتن، أسلم ناس من أهل البصرة فخُتِنُوا فمات بعضهم. "الطبقات" 2/ 75

3150 - المرء يختن نفسه

3150 - المرء يختن نفسه قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن تفسير حديث أبي هريرة: "إن إبراهيم اختتن بالقدوم" (¬1)، قال: موضع (¬2). "مسائل أبو داود" (1834) قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل يختن نفسه؟ قال: إذا قوي عليه، فحسن، وهي سنة حسنة. وذكر حديث عمر: أن ختانة ختنت. فقال: أبقي منه شيئًا إذا ختنت (¬3). "مسائل ابن هانئ" (1847) قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده قال: حدثنا عبد اللَّه بن يزيد أبو عبد الرحمن قال حدثنا سعيد يعني بن أبي أيوب قال حدثني عمران ابن يحيى المعافري قال: سمعت بن المسيب يقول: اختتن إبراهيم وهو ابن أربعين سنة. "العلل" رواية عبد اللَّه (5837) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المرُّوذي قال: سئل أبو عبد اللَّه: هل ختن إبراهيم نفسه بقدوم، قال: طرف القدوم. "الترجل" (169) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سئل أبو عبد اللَّه: عن الرجل يختن نفسه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 322، والبخاري (3356)، ومسلم (2370) عن أبي هريرة. (¬2) ذكرها الخلال في "الترجل" (170) عن أبي داود وعبد اللَّه وحرب بن إسماعيل. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 5/ 420 (27591 - 27592).

3151 - القدر الذي يؤخذ في الختان

فقال: إن قوي. وقال: أخبرني عبد الكريم بن الهيثم قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل: عن الرجل يختن نفسه؟ فقال: إن قوي على ذلك. وحسنه. "الترجل" (172 - 173) 3151 - القدر الذي يؤخذ في الختان (¬1) قال الفضل بن زياد: سئل أحمد: كم يُقطع في الختانة؟ قال: حتى تبدو الحشفة. وقال عبد الملك الميموني: قلتُ: يا أبا عبد اللَّه، مسألة سُئلتُ عنها: ختَّان ختَنَ صبيًّا فلم يستقصِ، فقال: إذا كان الختان قد جاز نصف الحشفة إلى فوق فلا يُعتد به؛ لأن الحشَفة تغلظ، وكلما غلطت هي ارتفعت الختانة، ثم قال لي: إذا كانت دون النصف أخاف. قلتُ له: فإن الإعادة عليه شديدة جدًّا، ولعله قد يُخاف عليه الإعادة. قال: أيش يُخاف عليه؟ ورأيتُ سهولة الإعادة، إذا كانت الختانة في أقل من نصف الحشَفة إلى أسفل، وسمعتُه يقول: هذا شيء لا بد أن تيسر فيه الختانة. "التحفة" (198)، "زاد المعاد" 1/ 180. ¬

_ (¬1) ذكر الخلال في "الترجل" (184) في ختان المرأة فقال أبو عبد اللَّه: تبقى شيئًا إذا أخفضت.

3152 - حكم ختان المرأة

3152 - حكم ختان المرأة قال ابن هانئ: وسئل عن: المرأة تدخل على زوجها ولم تختن، أيجب عليها الختان؟ فقال: الختان سنة حسنة. ثم قال له السائل: أنه أتى عليها أربعون سنة، أو أقل، أو أكثر؟ فقال: أما الحسن فكان يقول في الشيخ الكبير إذا خاف على نفسه، فإنه لم ير بأسًا ألا يختتن. ثم قال أبو عبد اللَّه: ذكر معتمر عن سلم بن أبي الذيال: أن أميرًا كان بالبصرة فختن قومًا، فموت بعضهم، فقال الحسن: يا عجباه! ! قد أسلم مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- العجمي، والرومي، والأسود، والأبيض، فلم يفتش أحدًا منهم (¬1). قيل له: فإن هي قويت على ذلك؟ قال: ما أحسنه (¬2). "مسائل ابن هانئ" (1846) قال الخلال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال قال: سألت أبا عبد اللَّه: عن المرأة تختتن؟ فقال: خرجت فيه أشياء، ولكن لم يكن له في قلبي، وذلك أن الحسن يقول: كانوا يموتون فيه، وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يأتيه الأسود والرومي وغير ذلك، فلا يفتش. ¬

_ (¬1) رواه البخاري في "الأدب المفرد" ص 460 (1251) وسلف مسندًا. (¬2) ذكرها الخلال في "الترجل" (184) قال: وسئل عن الرجل يختن نفسه؟ قال: إذا قوي عليه فهو حسن، وهي سنة حسنة. وحديث عمر: أن ختانة ختنت، فقال: أبقي منه شيئًا إذا أخفضت.

وابن عباس يقول: من لم يختتن، فلا صلاة له. قال أبو عبد اللَّه: ونظرت فإذا خبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: حين يلتقي الختانان (¬1) ولا يكون واحدًا، إنما هو اثنان. قلت لأبي عبد اللَّه: فلا بد منه؟ فقال: الرجل أشد، وذلك أن الرجل إذا لم يختتن، فتلك الجلدة مدلاة على الكمرة، ولا ينقى ما ثم، والنساء أهون. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي، وأخبرني عبد الكريم بن الهيثم، ويوسف بن موسى، وقد دخل كلام بعضهم في بعض. أن أبا عبد اللَّه سئل: عن المرأة تدخل على زوجها ولم تختتن أيجب عليها الختان؟ فسكت، والتفت إلى أبي حفص البستي فقال: تعرف في هذا شيئًا؟ قال: لا. فقيل له: أنه أتى عليهما ثلاثون، أو أربعون سنة؟ فسكت. فقيل له: فإن قدرت على أن تختتن؟ قال: حسن. ثم قال: أما الحسن فيقول في الشيخ الكبير، ثم قال أبو عبد اللَّه: هذا معتمر، عن سلم بن أبي الذيال: أن أميرًا كان بالبصرة فختن قومًا فموت بعضهم. فقال الحسن: يا عجبا قد أسلم مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- العجمي وغيره، فلم ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 123، ومسلم (349) من حديث عائشة ولفظ حديث مسلم ولفظ مسلم: "ومس الختان الختان وجب الغسل".

3153 - ختان الصبي

يفتش أحدًا منهم. وذكر في قصة المرأة حديث عمر: أن ختانة. . . فقال أبو عبد اللَّه: تبقي شيئًا إذا أخفضت. "الترجل" للخلال (183 - 184) نقل صالح أن أباه قال: إذا جامع امرأته ولم ينزل؟ قال: "إذا التقى الختانان وجب الغسل" (¬1) (¬2). قال: وفي هذا بيان أن النساء كن يختتن. "الترجل" (186) 3153 - ختان الصبي قال صالح: قلت: يختن الصبي لسبعة أيام؟ قال: يروى عن الحسن أنه قال: هو فعل اليهود. وسئل وهب بن منبه عن ذلك فقال: إنما يستحب ذلك -أي: في يوم السابع- لخفته على الصبيان، فإن المولود يولد وهو خدر الجسد كله، لا يجد ألم ما أصابه سبعًا، فإذا لم يختن لذلك فدعوه حتى يقوي. "مسائل صالح" (617) قال عبد الملك بن عبد الحميد أنه ذاكر أبا عبد اللَّه ختانه الصبي لكم يختن؟ قال: لا أدري لم أسمع فيه شيئًا. فقلتُ: إنه يشقُّ على الصغير ابن عشر يغلظ عليه، وذكرت له ابني محمدًا أنه في خمس سنين، فأشتهي أن أختنه فيها، ورأيتُه كأنه يشتهي ¬

_ (¬1) انظر: "مسائل صالح" (1325). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 239، وابن ماجه (608) من حديث عائشة.

3154 - ختان الخنثى

ذلك، ورأيتُه يكره العشرة لغلظه عليه وشدته، فقال لي: ظننتُ أن الصغير يشتدُّ عليه هذا. ولم أرَهُ يكرهُ للصغير للشهر أو السنة، ولم يقله في ذلك شيئًا إلا أني رأيته يعجب من أن يكون هذا يؤذي الصغير. قال عبد الملك: وسمعتُه يقول: كان الحسن يكره أن يختتن الصبي يوم سابعه، أخبرنا محمد بن علي السمسار قال حدثنا مهنا: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل، يختن ابنه بسبعة أيام، فكرهه، وقال: هذا فعل اليهود. وقال لي أحمد: بلغني أن سفيان الثوري سأل سفيان بن عيينة: في كم يختن الصبي؟ فقال سفيان: لو قلت له في كم ختن ابن عمر بنيه، فقال لي أحمد: ما كان أكيس سفيان ابن عيينة يعني حين قال: لو قلت له: في كم ختن ابن عمر بنيه. قال حنبل: أن أبا عبد اللَّه قال: وإن خُتن يوم السابع فلا بأس؛ وإنما كرهه الحسن كيلا يتشبه باليهود، وليس في هذا شيء. "التحفة"190، "زاد المعاد" 2/ 133 3154 - ختان الخنثى نقل حنبل عنه في الخنثى: يختتن. "المبدع" 1/ 104

ملحق بالمسائل الجديدة التي تم إضافتها أثناء طباعة "الجامع لعلوم الإمام أحمد"

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ملحق بالمسائل الجديدة التي تم إضافتها أثناء طباعة "الجامع لعلوم الإمام أحمد" وجميعها من رواية حرب، وهي من مصدرين: الأول: "أجزاء من مسائل حرب" في الطهارة والصلاة وغيرهما، بتحقيق: د. الوليد آل فريان. الثاني: أول مخطوطة المسائل بها أيضًا الطهارة والصلاة، وهي تشمل الأجزاء السابقة وأتم منها، وهذه النسخة فيها كثير من الأخطاء ولم يُتح الوقت لتحريرها. وبالنسبه للأول فالعزو إليه على رقم الصفحات لعدم ترقيم المحقق للروايات، أما الثاني فقد قمنا بترقيم رواياته، وكان العزو إليها. كتاب الطهارة باب المياه: أقسامها وأحكامها الماء الراكد قال حرب: سألت إسحاق بن إبراهيم قلت: أخبرني عن نهر ماءٍ يجري في وسط قريةٍ، سكن الماء طرف القرية وبقي في المثاعب والحياض والأنهار، وماء في القرية وليس يجري ولكنه راكد، هل يتوضأ به؟ قال: إذا كان قلتين، فتوضأ به واغتسل. قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى عن ماء النهر إذا سكن طرف القرية وبقي في الأنهار في القرية ماءٌ راكدٌ لا يجري؛ قال: يغتسل فيه ويتوضأ، إذا كان قلتين. قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى وسأله رجل فقال: يكون وسكن الماء ويبقى في الأنهار ماء؛ قال: إذا كان قلتين، فلا بأس بالوضوء من ذلك الماء. "مسائل حرب/ مخطوط" (12 - 14)

الماء المسخن

الماء المسخن قال حرب: سئل إسحاق عن الوضوء بماء المسخّن؛ فقال: كان مجاهد يكره الوضوء بماء المسخّن. وذكر عن يحيى بن يعمر أنه أتي بماء سخّن يتوضأ به فمزجه ثم توضأ به، وكأن أبا يعقوب اختار المزج. "مسائل حرب/ مخطوط" (89) الماء المستعمل، وحكم أسار بني آدم، وأسار البهائم قال حرب: سئل أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل عن الرجل يرى الماء في الجنابة قليلًا وليس معه ما يغرف به، أيأخذ بفمه ويغسل يديه إذا كانتا غير طاهرتين؟ قال: نعم، إذا اضطر إليه. قيل: وكذلك الحمَّام؟ قال: نعم. قال حرب: وسألت إسحاق بن إبراهيم عن ماء قليل من ماء المطر؛ قال: يرفعه من موضعه أو يجعل خده يولي ذلك الماء، ولا يتوضأ فيه. "مسائل حرب/ مخطوط" (25 - 26) قال حرب: سألت إسحاق عن سؤر القرد؛ أيتوضأ به؟ قال: لا، ثم قال: سؤر الخنزير لا يحل، والقرد مثله أو شر منه. "مسائل حرب/ مخطوط" (43) قال حرب: سألت إسحاق بن إبراهيم عن الوضوء بسؤر الفأر؛ فقال: سئل سفيان عن الوضوء بسؤر الفأر؛ فكرهه. "مسائل حرب/ مخطوط" (46) قال حرب: سمعت إسحاق يقول: أما سؤر الكلب والخنزير، فلا يتوضأ به المتوضئ؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اغسل الإناء من الكلب سبعًا"، والخنزير مثله أو شر منه، ولكن يتيمم ويصلى، ولا إعادة عليه إذا وجد الماء. "مسائل حرب/ مخطوط" (50) قال حرب: وسئل أحمد عن الكلب يلغ في الإناء؛ قال أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: "يغسل سبع مرار أولاهن بالتراب"؛ قال أحمد: يغسل سبع مرار بالماء والثامنة بالتراب. ذهب إلى حديث عبد اللَّه بن مغفل رضي اللَّه عنه. قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة قال: أنا

أبو التياح، عن مطرف، عن ابن مغفل أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بقتل الكلاب، ثم قال: "ما لهم ولها"، ورخص في كلب الصيد وكلب الغنم، "وإذا ولغ الكلب في الإناء فاغسله سبع مرار والثامنة عفّره بالتراب". "مسائل حرب/ مخطوط" (52 - 53) قال حرب: سألت أحمد بن حنبل عن سؤر الهر؛ قال: لا بأس به. "مسائل حرب/ مخطوط" (63) قال حرب: سئل أحمد بن حنبل عن رجل أصاب سؤر حمار؛ أيتوضأ أم يتيمم؟ قال: يتوضأ ويتيمم. "مسائل حرب/ مخطوط" (65) قال حرب: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول إن لم يجد ماءً إلا سؤر البغل والحمار أو سائر الدواب التي لا يؤكل لحمها أو ما كان من السباع فإنه يتوضأ به، والوضوء من سؤر البغل والحمار وسائر الدواب جائز إذا كان من ضرورة، ولا يتيمم معه؛ لأنه لم يفعله إلَّا لحال الضرورة والأمر المختلف فيه أحب إليَّ من التيمم، وأما من قال يتيمم معه فإئه خطأ بين؛ لأن سؤر الحمار والبغال والسباع وإن كان نجسًا فتوضأت به؛ زادت مواضع وضوئك نجاسة وقد زاد التيمم لا يطهر النجاسات إن التيمم طهارة بدل الماء فإن كنت توضأت ثم تيممت لسؤر الحمار فقد أذهبت بتيممك بالماء القذر عنك، فمن ههنا كرهنا أن يجمعهما، والذي نختار من ذلك أن يتوضأ به. "مسائل حرب/ مخطوط" (67) قال حرب: سئل أحمد عن الرجل يتوضأ بفضل وضوء المرأة؛ قال: إذا خلت هي بالماء لم يتوضأ الرجل بفضلها، وإذا اغترفا فلا بأس. قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: أما سؤر الحائض فقد رخص فيه، وفضل وضوئها منهي عنه، فنرجو أن يكون فضل سؤرها إذا توضأ به جائزًا، ونهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن فضل وضوئها، ونكره ذلك للتعبد والاستسلام. قال حرب: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: لا بأس بسؤر الحائض والجنب أن يتوضأ به، ولا بأس بسؤر المشرك أن يتوضأ به. "مسائل حرب/ مخطوط" (69 - 71)

الماء المتغير

قال حرب: سئل أحمد عن الرجل يتمضمض فيدخل يده في فيه ثم يدخلها في الإناء؛ قال: لا بأس به. وقال: البزاق نظيف. وقال في البزاق يسقط في الإناء: لا بأس به، والنخاعة أسهل. "مسائل حرب/ مخطوط" (85) الماء المتغير قال حرب: قلت لإسحاق: ملاحة عندنا فيها ملح، وربما ذهب الناس يحولون الملح فتحضر الصلاة وليس لهم ماء وفي الملاحة ماء، مستنقع مالح؛ هل يجوز الوضوء به أو يتيمم؟ قال: هذا ليس ماء، يتيمم، ولا يتوضأ به. "مسائل حرب/ مخطوط" (87) قال حرب: سئل أحمد عن الوضوء بالنبيذ، فكرهه. قيل: حديث أبي فزارة، عن أبي زيد؟ ! فلم يصححه. قيل: يروى عن علي؟ ! فلم يصححه. "مسائل حرب/ مخطوط" (206) الماء المتنجس قال حرب: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل يقول في الماء إذا كان قلتين: لم ينجس إلا أن يصير فيه شيء يغير طعمه، أو ريحه، أو يصير فيه بول، أو عذرة. قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى وسئل عن القلة قدر كم هو؛ قال: قربتين كل قلة. قيل أنتوضأ من القلتين؟ قال: إذا لم يتغير طعمه وريحه. فسئل: الرجل يرى ماء في الجباية قدر قلتين أيتوضأ منه؟ قال: إذا كان ماء السماء فنعم، وإن كان قليلًا. قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى عن الفأرة تقع في البئر فلا يُغيَّر؛ [قال: ] إذا كان الماء أكثر من قلتين فأرجو أن لا يكون به بأس. قال حرب: وسئل إسحاق بن إبراهيم عن القلتين؛ قال: أربع قرب إلى خمس قرب. قال: وأحب إليّ أن يكون حُبّين عظيمين، وأما ابن مهدي فيرى لو كان الماء

كفًا صارت فيه فأرة فماتت: رَمَى بالفارة وتوضأ؟ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الماء لا ينجسه شيء". قال حرب: وسمعت إسحاق يقول مرة أخرى: أما الذي نعتمد عليه أن الماء إذا كان قدر القلتين وهما نحو ستة قرب؛ لأن القلة نحو الخابية العظيمة وهو نحو من أربعين دلوًا بالدلاء الصغار، فحينئذٍ لا يحمل النجاسة ولا يفسده ما امتزج به من الأقذار إلا أن يغيِّر ذلك طعمه أو ريحه. قال: وقال النضر: القلتين الخابيتين العظيمتين. "مسائل حرب/ مخطوط" (6 - 10) قال حرب: سألت أحمد عن الحياض التي في طريق مكة يغتسل فيها الناس ويلقى فيها القذر؛ قال: هذِه الحياض المحدثة وماؤها كثير، ولم ير بذلك بأسًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (16) قال حرب: وسمعت رجلًا سأل أحمد رحمه اللَّه قال: فإنا توضأنا في طريق البادية من بئر فإذا فيه دجاجة ميتة، قال: كم الماء؟ قال: كثير؛ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. قال حرب: وسألت إسحاق عن بئر فيها ماء كثير فوقعت فيها فأرة فماتت وتفسخت وتغير طعم الماء وريحه، قال: لا تتوضأ به، وكذلك الماء. قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى عن بئر انصب فيها خمر، وفيها من الماء أكثر من قلتين؛ قال: إن صار فيها من غير تعمد إذا احتمله ولم يتغير، فلا بأس. "مسائل حرب/ مخطوط" (18 - 20) قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى عن الشيء يسقط في البئر فيغير طعم الماء؛ قال: تعاد الصلوات، ولا يؤكل الطعام الذي يعجن بذلك الماء. قال حرب: وسألت إسحاق قلت: بئر فيه ماء قليل أقل من قلتين سقطت فيها فأرة فماتت؛ قال: ما كان دون القلتين فإنها تحمل النجاسة. قلت: تعاد الصلوات وتغسل الثياب؟ قال: نعم. "مسائل حرب/ مخطوط" (23 - 24)

قال حرب: سئل أحمد -وأنا أسمع- عن الماء إذا تغير طعمه وريحه؛ [قال: لا يتوضأ به ولا يشرب، وليس فيه حديث، ولكن اللَّه تعالى حرم الميتة، فإذا صارت الميتة في الماء فتغير طعمه أو ريحه] فذلك طعم الميتة وريحها، فلا يحل، وقال: [ذلك] أمرٌ ظاهر. "مسائل حرب/ مخطوط" (27) قال حرب: قلت لأحمد: بئر سقطت فيها عذرة يابسة فذابت؟ قال: تنزح. قلت: وإن كان الماء أكثر من قلتين؟ ! قال: نعم. قلت: حتى يغلبهم الماء؟ قال: نعم، إلا أن يكون مثل هذِه البرك التي في طريق مكة، فلا بأس. "مسائل حرب/ مخطوط" (30) قال حرب: سئل أحمد عن بئر بضاعة؛ فقال: هي بالمدينة، كنت مع ابن أبي فديك فمر بباب دار، فقال: بئر بضاعة في هذِه الدار. قال: وهي قريبة من سقيفة بني ساعدة. "مسائل حرب/ مخطوط" (32) قال حرب: سئل أحمد عن بئر يُصَبُّ فيها بول؛ قال: تنزح؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن يبال في الماء الدائم. قلت: وإن كان قليلًا؟ قال: لا أدري، قد نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يبال في الماء الدائم. قيل لأحمد: فإنا توضأنا منها أيامًا وصلينا؟ ! قال: تعاد الصلوات. قال: فإنا لا ندري كم يومًا صلينا؟ ! قال: تحرّوا. قيل: فالثياب؟ ! قال: تغسل الثياب. قال حرب: وسألت إسحاق قلت: لو أن صبيًا بال في بئر فيه ماء كثير راكد؛ قال: لا بأس، ولو أن الرجل بال فيه بنفسه. قلت فحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "لا يبال في الماء الراكد"؛ قال: الراكد: هو ما دون القلتين. "مسائل حرب/ مخطوط" (34 - 35) قال حرب: قلت لإسحاق بن إبراهيم: شاة أكلت عذرة ثم أدخلت فمها في ماء؛ هل أتوضأ به؟ قال: أكلت الشاة بعد ذلك شيئًا؟ قلت: لا. قال: إذا لم تكن أكلت بعد العذرة شيئًا، فلا تتوضأ به. "مسائل حرب/ مخطوط" (39)

حكم البول في الماء الجاري

قال حرب: قلت لإسحاق: دجاجة أكلت عذرة فصار أثرها على منقارها ثم أدخلت منقارها في سطل فيه ماء؛ هل أتوضأ به؟ قال: إن كان في منقارها شيء، فلا. "مسائل حرب/ مخطوط" (41) قال حرب: سألت إسحاق بن إبراهيم؛ قلت: سطل ماء وقعت فيه قطرة خمر أو بول أو دم؛ قال: كلما كان الماء دون القلتين، فإنه عندنا ينجسه. "مسائل حرب/ مخطوط" (77) قال حرب: قلت لإسحاق: قطعة زفت أخرجت من زق فيه خمر يحشى به الشُقاق؟ قال: إذا كان الزفت الغالب، فلا بأس. "مسائل حرب/ مخطوط" (80) قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا يحيى بن سعيد قال: ثنا سفيان قال: ثنا عبيد الصيد قال: سألت الحسن عن قلتين أو جرتين بال فيه حمار وقعت فيه جيفة وشرب منه كلب، قال: اشرب وتوضأ. "مسائل حرب/ مخطوط" (252) حكم البول في الماء الجاري قال حرب: سألت إسحاق عن البول في الماء الجاري؛ قال: لا يأثم، وإن تركه فهو أحب إليّ. "مسائل حرب/ مخطوط" (93) أبواب الطهارة عن الحدث باب في السواك وسنن الوضوء وفروضه وآدابه إذا لم يجد السواك قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا معتمر، عن القاسم بن مطيب قال: إذا لم يجد الرجل السواك؛ قال: بأصبعه في فيه. "مسائل حرب/ مخطوط" (127) حكم التسمية عند الوضوء، والعمل إذا نسيها قال حرب: قيل لأحمد: الرجل يتوضأ فينسى التسمية؟ قال: يتعاهد ذلك فإن نسي أرجو أن يجزئه وضوؤه. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا توضأت فقل: "بسم اللَّه" وإن ترك

غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء، وأول الوضوء

التسمية ناسيًا أو متأولًا أجزأه إن شاء اللَّه، وإن تركها متعمدًا أو نسي ذلك في كل طهوره ثم ذكر بين ظهراني وضوئه، أعاد الوضوء حتى يستكمل فضل الطهور. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا عبدة بن سليمان قال: ثنا حارثة بن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا توضأ فوضع يده في الإناء سمى اللَّه، ويتوضأ فيسبغ الوضوء. "مسائل حرب/ مخطوط" (116 - 118) قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: مضت السنة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان إذا وضع يده في الوضوء قال: "بسم اللَّه". قال أبو يعقوب: فإذا توضأت فقل: "بسم اللَّه" حين تبتدئ في وضوئك، وإن كنت تستنجي بالماء فإذا ابتدأت سميت اللَّه، قال: وأعجب إليّ أن يفعل ذلك حين يبدأ بغسل الكفين. "مسائل حرب/ مخطوط" (120) غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء، وأول الوضوء قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يقول في الرجل يقوم من النوم فيغمس يده في الإناء؛ قال: لا، إلا أن يغسلها. قيل: فإن كان نوم النهار؟ قال: لا، هذا في نوم الليل؛ لأن في الحديث: "فإنه لا يدري أين باتت يده"، فهذا بالليل -يعني: بالبيات، لا يكون إلا بالليل. "مسائل حرب/ مخطوط" (72) قال حرب: قلت لأحمد يغسل اليدين ثلاثًا قبل الوضوء؛ أواجب هو؟ قال: هو من سنن الوضوء. قلت: فإن كانت يداه نظيفتين فلم يغسلهما؟ فسهل فيه. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا توضأت فاغسل يديك قبل أن تدخلهما الإناء، وإن كانت يداك نظيفتين، فلا بأس أن تدخلهما الإناء قبل أن تغسلهما، ثم اغسل كفيك ثلاثًا، وتمضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا، ولا بأس بأن تمضمض وتستنشق جميعًا إذا فضل في كفك من الماء فاستنشق به، واغسل وجهك ثلاثًا، واغسل يديك إلى المرفقين ثلاثًا، وامسح برأسك وأذنيك ظاهرهما وباطنهما

تحريك الخاتم عند الوضوء والغسل

مرة واحدة، ثم اغسل رجليك ثلاثًا إلى الكعبين، ويجزئك مرة أو مرتين إذا أسبغت في الوضوء والثلاث الذي ليس بعده. قال: وإن كان بعض وضوئه ثلاثًا وبعضه مرة أو مرتين جاز ذلك؛ لحديث عبد اللَّه بن زيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه فعل ذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (121 - 122) تحريك الخاتم عند الوضوء والغسل قال حرب: قلت لإسحاق: فنسي أن يحرك خاتمه؟ فسهل فيه؛ إذا علم أن الماء قد وصل. قال حرب: وسئل إسحاق عن تحريك خاتمه في الوضوء؛ قال: شديدًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (171 - 172) تخليل الأصابع قال حرب: قلت لأحمد: فرجل أدخل رجليه الماء، ولم يخلل أصابعه؛ أيجزئه الوضوء؟ فقال: أعجب إليّ أن يخلل أصابعه. قلت: فلم يفعل. قال: إذا وصل الماء. قال حرب: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: مضت السنة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في التحريض على إسباغ الوضوء وتخليل الأصابع، وقال أصحاب محمد ومن بعدهم ذلك، حتى كانوا يحركون خواتيمهم عند الوضوء ويزيلونها حتى يبلغ الماء موضع الخواتيم، وما أشبه ذلك من الأفتال والخيوط في الأصابع فكمثله، قال: ورب رجل يستذكر بالخيط في أصابعه الشيء فإذا توضأ اجتهد في إزالته حتى يصيبه الماء، وفيما سن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه تخليل أصابع اليدين والرجلين ما يدل على ذلك أيضًا، وهو أشبه شيء فلا يدعنَّ ذلك متوضيء ولا مغتسل من جنابة، وكذلك النساء عند محيضهن أو جنابتهن أو وضوئهن، فأما من قال: هو لا يجزيه أن لا يحركه ضيقًا كان أو واسعًا، إذا كان أكثر ظنه أنه قد أوصل إليه الماء، فهو خطأ وقلة احتياط في الوضوء. وقد مضى من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما يدل على ذلك على تحريكه تحريضه على إسباغ الوضوء. وقوله بعد فراغه من صلاته التي

حكم المضمضة والاستنشاق

أوهم فيها قال: "ما لي لا أهم ورفع أحدكم بين ظفره وأنمليه" وقوله: "ويل للعراقيب من النار" فمواضع الخواتيم والخيوط وكذا الأصابع موضع فرض الوضوء، فيلزمه تتبع ذلك؛ ليسبغ العرقوب وتخليل الأصابع، فإن لم يحرك خاتمه في وضوئه أو الخيط الذي يشده على أصبعه وعلم أنه قد وصل الماء أجزأه إن شاء اللَّه، وإن كان ظنًا غسل موضعه. "مسائل حرب/ مخطوط" (175 - 176) حكم المضمضة والاستنشاق قال حرب: سألت أحمد قلت: رجل نسي المضمضة والاستنشاق وصلى؟ قال: يعيد الصلاة. قلت: ويعيد الوضوء؟ قال: لا، ولكنه يمضمض ويستنشق ويعيد. قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى بقول: في الرجل ينسى المضمضة والاستنشاق؛ قال: يعيد الصلاة، ويجزيه أن يمضمض ويستنشق، ولا يعيد الوضوء، وكذلك في الجنابة. قال حرب: وسألت إسحاق بن إبراهيم قلت: رجل نسي المضمضة والاستنشاق ومسح على خفيه؟ قال: يعيد الصلاة. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: إن نسيت المضمضة والاستنشاق في الوضوء وقد صليت لم يجزك حتى تعيد، وإن نسيت المضمضة والاستنشاق في الجنابة، فمضمض واستنشق وأعد الصلاة. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: هما في الوضوء والجنابة سواء. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: المضمضة والاستنشاق فرض في الوضوء لا يجوز لأحد من المتوضئين والمغتسلين أن يترك ذلك على حال من الحال، وفيما سن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حيث غسل وجهه ثلاثًا في الوضوء ومضمض واستنشق ثلاثًا، بيان ما وضعنا، مع أن ابن المبارك قال: يعيد الصلاة إذا تركهما في الوضوء. أخبرنا بذلك أصحابنا: سفيان بن عبد الملك وغيره، عن ابن المبارك. "مسائل حرب/ مخطوط" (129 - 134)

صفة المضمضة والاستنشاق

صفة المضمضة والاستنشاق قال حرب: سألت أحمد قلت الاستنثار باليمين أو بالشمال؟ قال: بالشمال. "مسائل حرب/ مخطوط" (128) يتمضمض ويستنشق من غرفة واحدة قال حرب: سألت أحمد بن حنبل عن المضمضة والاستنشاق من كف واحد؛ قال: نعم. قيل: أيجزيه أن لا يدخل أصبعيه في فيه؟ قال: نعم. قال حرب: وقال إسحاق: لا بأس أن يتمضمض ويستنشق من كف واحد. "مسائل حرب/ مخطوط" (124 - 125) حكم تخليل اللحية والعمل إذا نسيه قال حرب: قلت لأحمد رجل نسي أن يخلل لحيته؟ قال: أرجو أن لا يكون عليه شيء، فإنه لم يصح في هذا حديث يروى فيه غير شيء. قال: وأصحهما عن حديث عثمان، وهم قد قالوا فيه: إنه عن حمران. ويضطربون فيه. قلت: فحديث عمار؛ قال: وذاك أيضًا، وسهَّل في التخليل. قال حرب: وسئل إسحاق عن تخليل اللحية، فقال: سنة. "مسائل حرب/ مخطوط" (164 - 165) إذا لم يبلغ الماء أصول شعر شاربيه قال حرب: قلت لأحمد رجل على شاربيه غالية كثيرة، فان توضأ لم يبلغ الماء أصول الشعر؟ قال: ليس في هذا حديث. قلت: إن أمرّ عليه الماء أترجو أن يجزئه؟ فسهل فيه. "مسائل حرب/ مخطوط" (169) حكم مسح الرأس والعمل إذا نسيه قال حرب: سألت أحمد قلت: رجل توضأ ونسي مسح رأسه؟ قال: إن كان الوضوء جف أعاد الوضوء.

صفة مسح الرأس

قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى يقول: من نسي مسح رأسه حتى جف وضوؤه فإنه يعيد الوضوء قيل فإن كان في الصلاة وكان في لحيته بلل؛ أيمسح؟ قال: لا. قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى سئل عن رجل نسي مسح رأسه؛ قال: إن كان بالقرب مسح برأسه وأعاد غسل قدميه يذهب إلى الكتاب، وإن كان وضوءه؛ جف أعاد الوضوء. قيل لأحمد: فرجل نسي المسح على الخفين؟ قال: إن كان بالقرب مسح، وإن كان وضوءه جف؛ أعاده. "مسائل حرب/ مخطوط" (147 - 149) قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: إذا نسيت أن تمسح رأسك فكان في يدك بلل أو في لحيتك أجزأك أن تمسح مما في يدك أو لحيتك، وأن تأخذ ماء جديدًا أحبّ إليّ؛ لما ذكر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه أخذ لرأسه ماءً جديدًا، ولم يصح عنه أنه مسح رأسه بما فضل في يديه ولم يصح عنه في النسيان أنه لا يجوز حتى يأخذ ماءً جديدًا، ورآه بعض أهل العلم بعده، فهو جائز. قال حرب: قال إسحاق: وأخبرني عبد اللَّه بن وهب قال أبنا عمرو بن الحارث عن حبان بن واسع عن عبد اللَّه بن زيد بن عاصم أنه رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتوضأ، وأنه مسح رأسه بماءٍ غير فضل وضوئه. "مسائل حرب/ مخطوط" (151 - 152) صفة مسح الرأس قال حرب: رأيت أحمد يصف مسح الرأس: وأخذ بيديه من مقدم رأسه عند الجبهة إلى أسفل رأسه عند العنق، ثم أقبل بيديه من ذلك المكان إلى مقدَّم الرأس، ثم قال: علي وعبد اللَّه بن زيد أدبر بيديه، ثم أقبل بهما. قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى عن المسح على الرأس، قال: واحدة بيديه. "مسائل حرب/ مخطوط" (137 - 138) قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى عن الرجل يمسح رأسه بيد واحدة؛ قال: إذا أتى على الرأس كله أجزأه. "مسائل حرب/ مخطوط" (140) قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى؛ قيل: رجل مسح مقدم رأسه؟ قال: أحب

إذا أصاب المطر رأسه فمسحه، أيجزئه؟

إليّ أن يمسح الرأس كله. "مسائل حرب/ مخطوط" (142) قال حرب: وسئل أحمد كيف تمسح المرأة برأسها؟ قال: من تحت الخمار، ولا تمسح على الخمار. قيل له: فتمسح الرأس كله؟ قال: قد قال بعضهم: تمسح مقدم رأسها، واختلفوا فيه. فكأنه رخص فيه، ومذهبه أن تمسح الرأس. "مسائل حرب/ مخطوط" (144) إذا أصاب المطر رأسه فمسحه، أيجزئه؟ قال حرب: وسألت إسحاق بن إبراهيم؛ قلت: رجل توضأ ونسي مسح رأسه فأصابه مطر؟ قال: لا يجزيه، إلا أن يصيبه مطر فيمسحه بيديه ويتعمد لذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (150) حكم مسح الأذنين والعمل إذا نسيه قال حرب: قلت لأحمد: فنسي أن يمسح أذنيه، فكأنه ذهب أيضًا إلى الإعادة، وقال: إن الأذنين من الرأس. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إن مسحت رأسك ولم تمسح أذنيك عمدًا لم يجزك، وإن مسحت أذنيك ولم تمسح رأسك لم يجزك حتى تمسح رأسك، ولا يجوز ترك مسح الأذن عمدًا على أي حال كان، وإن كان نسي أو سها عن موضع الأذن رجونا أن يكون جائزًا، فأما إن تركها عمدًا فعليه الإعادة؛ لأن أمر المسلمين في وضوئهم على مسح الأذنين من لدن النبي عليه السلام إلى يومنا هذا، لا يختلف فيه أحد من أهل العلم أن يمسحا، فإذا ثبتت السنة بمسحهما، لم يجز لنا تركهما عمدًا إلا أن يعيد، فأما الناسي فهو جائز. "مسائل حرب/ مخطوط" (158 - 159) هل الأذنان من الرأس؟ قال حرب: قلت لأحمد مرة أخرى فالأذنان من الرأس؟ قال: نعم. قلت: فيه شيء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: لا أعلم. قلت: يروى عن أبي أمامة؟ قال: نعم، رواه حماد بن زيد.

يأخذ لأذنين ماءا جديدا

قلت: وسليمان بن موسى مرسل عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: نعم. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: الذي نختار له إذا غسل وجهه غسل باطن أذنيه مع وجهه؛ لما وصف علي بن أبي طالب وضوء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كذلك، وكذلك كان ابن عمر يفعل، حتى إن إبراهيم قال: أما أنا فأغسل مقدمهما مع وجهي، وأمسح مؤخرهما مع رأسي، فإن كانتا من الوجه أكون قد غسلتهما، وإن كانتا من الرأس أكون قد مسحتهما. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا يحيى بن واضح، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن عبيد اللَّه الخولاني، عن ابن عباس، عن علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في قصة وضوء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر غسل باطن الأذن مع الوجه، ومسح ظاهره مع الرأس. "مسائل حرب/ مخطوط" (160 - 162) يأخذ لأذنين ماءًا جديدًا قال حرب: سئل أحمد رحمه اللَّه عن مسح الأذن؛ قال: أنا أستحب أن يأخذ لأذنه ماءً جديدًا. وذكر عن ابن عمر أنه كان يفعله. "مسائل حرب/ مخطوط" (155) غسل الرجلين إلى الكعبين قال حرب: قلت لأحمد فمن لم يغسل عرقوبه؟ قال: لا يجزيه، وشدد في ذلك جدًا. وقال: يغسل العرقوب. قال حرب: سألت أحمد عن المسح على القدمين؛ قال: قد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من غير وجه أنه غسل قدميه. "مسائل حرب/ مخطوط" (179 - 180) ما يقول إذا فرغ من وضوئه قال حرب: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: إذا فرغت من وضوئك فقل سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين. "مسائل حرب/ مخطوط" (192)

وضوء الأقطع

وضوء الأقطع قال حرب: وسألت إسحاق: قلت: رجل مقطوع اليدين من المرفقين، توضأ أو تيمم، ولم يمسح أطراف مرفقيه، أتراه جائزًا؟ قال: كلما كان دون المرفق إلى الكف فلا بد من مسح الأطراف، فإن كان القطع فوق الذراع، لم يلزمه المسح بالماء. قلت: فإن كان التيمم؟ قال: الكف بدل الذراع. يعني: أنه يقول في الكف: إلى الرصغ في التيمم، كما قال في الذراع: إلى المرفق في الوضوء. "مسائل حرب/ مخطوط" (677) فصل في الأحكام المتعلقة بالوضوء ما يجزئ من الماء في الوضوء والغسل قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يقول في حديث عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يتوضأ بالمد، قال: المد رطل وثلث، على أن الوضوء مرة مرة سوى الاستنجاء. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: المد من الماء يجزيك في الوضوء، والصاع من غسل الجنابة، وإنما ذلك استحباب فمن زاد أو نقص من مد أو صاع، فلا بأس بعد أن لا يكون وضوؤه أو غسله أقل من واحدة، أو أكثر من ثلاث. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: المد الذي أمر به في الوضوء إنما هو قدر رطلين وقد زيد في الأمنان، وعيرنا ما عندنا من الصاع بالصاع المدني المنسوب إلى صاع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإذا هو قدر خمسة أرطال وثلث رطل برطل زماننا والمد هو ربع ذلك. قال: فإن توضأ رجل بمد، واغتسل بصاع فلم تأت النظافة على ما أمر به، لم يجزه ذلك، وإذا أتى على ما أمر به وقد توضأ بأقل من مد، واغتسل بأقل من صاع، أجزأه، إنما المد والصاع من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اختيار وتصديق ذلك ما حكت عائشة قالت كنت اغتسل أنا والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من إناء واحد، وهو الفرق وذلك ثلاثة آصع.

تنشيف الوضوء

قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا يحيى بن آدم قال ثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من إناء واحد، وهو الفرَق. "مسائل حرب/ مخطوط" (188 - 191) تنشيف الوضوء قال حرب: وسئل أحمد عن مسح الوجه بالمنديل بعد الوضوء؛ قال: أرجو ألا يكون به بأس. قيل: حديث كريب، عن ابن عباس، عن ميمونة؛ قال: ذلك ليس بين، إنما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هكذا ووصفه. "مسائل حرب/ مخطوط" (209) قال حرب: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: أما المنديل بعد الوضوء في الجنابة والوضوء فالفضل في أن لا يمسح ندى وضوئه أو جنابته بثوبه؛ لما قيل: إن الوضوء كل قطرة توزن وزنًا، ولا ينبغي للرجل أن يزيل نور وضوئه، فإن كان يمسحهما من علة برد، أو غير ذلك، جاز. والجنابة أشد لما اغتسل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الجنابة فناولوه ثوبًا يمسح به فأبى وردّه. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا محمد بن فضيل بن غزوان، عن عاصم الأحول، عن بكر بن عبد اللَّه المزني قال: أنفع ما تكون المناديل في الشتاء. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا بزيع الكوفي قال: رأيت الضحاك بن مزاحم توضأ من نهر، ثم مسح وجهه ببرقة قبائه. "مسائل حرب/ مخطوط" (211 - 213) الموالاة في الوضوء قال حرب: سئل أحمد عن الرجل يفرق الوضوء؛ قال: إذا جف وضوءه، أعاده. قال حرب: وسألت أحمد مرة أخرى؛ قلت: فإن ترك من موضع وضوئه لمعة أو نحو ذلك؟ فكأنه ذهب إلى أن يعيد إذا جف. قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول بالفارسية: لو بقي من موضع الوضوء قدر رأس الإبرة لم يصبه، كان عليه أن يعيد.

ما يوجب الوضوء وما لا يوجب

قال حرب: وأتاه رجل فأراه طرف أصبعه وعليه تبنة صغيرة، قال: توضأت، وكانت هذِه التبنة لاصقةً على أصبعي هل تجوز صلاتي؟ قال: إذا علمت أن الماء لم يصل إلى ما تحت التبنة، لم يجزك. قال حرب: وسئل إسحاق مرة أخرى عن رجل توضأ وبقي من مواضع الوضوء قدر عدسة لم يصبه الماء؛ قال: يغسل ذلك الموضع، ويغسل ما بعد ذلك الموضع من أعضاء الوضوء، ويعيد. قلت: فإن جف الوضوء؟ قال: جف، أو لم يجف. "مسائل حرب/ مخطوط" (181 - 185) ما يوجب الوضوء وما لا يوجب قال حرب: قيل لأحمد بن حنبل: الجنب ينام، قال: لا يعجبني، إلا أن يتوضأ. قيل: روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نام وهو جنب؟ فكأنه أنكره، وقال: قد روي. قال حرب: وسئل عن الرجل ينام وهو جنب؛ قال: لا ينام حتى يتوضأ. قال حرب: وسئل عن الرجل يجامع، ثم يريد أن يعود؛ قال: يتوضأ، وأظنه قال: إن قدر. قلت: فإن أراد أن يأكل أو يشرب؟ قال: كذلك أيضًا. قال حرب: قيل لأحمد: حديث أنس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- طاف على نسائه؟ قال: نعم. وذكر أحمد حديث أبي رافع وذهب إليه. قيل فما تقول أنت في هذا؟ فكأنه رخص فيه. قيل: أن أهل الجبل خاصة يشتد عليهم؛ قال: نعم، أخبرتك، وربما كان أشد من الغسل وسهل فيه. وذكر له حديث أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة في ذلك: لم يروه أحد إلا أبو إسحاق. "مسائل حرب/ مخطوط" (450 - 453) قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا حيوة بن شريح قال: ثنا بقية بن الوليد، عن شعبة، عن هشام بن زيد، عن أنس بن مالك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- طاف على نسائه بغسل واحد. "مسائل حرب/ مخطوط" (457)

نواقض الوضوء

نواقض الوضوء قال حرب: سألت إسحاق بن إبراهيم؛ قلت: رجل أحدث بين ظهراني وضوئه قبل أن يتم وضوؤه؛ قال: يستأنف الوضوء شديدًا. قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى، قلت: رجل توضأ فرعف قبل أن يتم وضوءه؛ قال: يستأنف الوضوء. قلت: يرجع إلى أول الوضوء؟ قال: نعم. "مسائل حرب/ مخطوط" (186 - 187) قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يتوضأ من لحوم الإبل. قلت: فالوضوء من ألبانها؟ قال: لا يتوضأ من ألبانها. قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى يقول: يتوضأ من لحوم الإبل. يذهب إلى حديث جابر بن سمرة والبراء وثلتهما. قال حرب: وسألت إسحاق قلت: رجل أكل لحم جزور فصلى ولم يتوضأ؛ قال: يعيد أحب إليّ. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: لا وضوء من طعام، ولا شراب لبن، ولا غيره، ولا من طعام مسته النار إلا ما جاءت به السنة في عين لحوم الإبل والغنم، فأمر بالوضوء من لحوم الإبل وقد قال: "لا توضؤا من لحوم الغنم" ففي هذا بيان أن هذا بعد الرخصة من الوضوء مما مسته النار؛ لأن لحوم الغنم قد مسته النار أيضًا، ولا تنقض سنة إلا بمثلها. قال: ويقوي هذا القول قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصلاة في معاطن الإبل حيث قال: "لا تصلوا فيها فإنها خلقت من الشياطين وصلوا في مرابض الغنم". قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن عبد اللَّه بن عبد اللَّه، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلوا في مرابض الغنم ولا توضؤوا من لحومها وتوضؤا من لحوم الإبل ولا تصلوا في أعطانها". "مسائل حرب/ مخطوط" (197 - 201) قال حرب: سئل أحمد عن الوضوء مما غيرت النار؛ قال: لا. "مسائل حرب/ مخطوط" (203)

قال حرب: سئل أحمد -وأنا أسمع- عن الدم يخرج من جسد الإنسان، من قدر كم يعاد منه الوضوء؟ قال: إذا كان فاحشًا. قلت: إن خرج من رأس الجرح شيء يسير؟ قال: ليس عليه وضوء. "مسائل حرب/ مخطوط" (356) قال حرب: وسمعت أحمد بن حنبل مرة أخرى يسهل في الدم إذا كان قليلًا، وذكر حديث ابن المسيب أنه أدخل أصابعه العشر أنفه فأخرجها متلطخة بالدم، وذكر حديث ابن عمر أنه كان يعصر البثرة في وجهه فتخرج منه مدة. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: مضت السنة في الرجل يدخل أصابعه في أنفه فيخرج عليها الدم، قال: ما لم يكن دمًا سائلًا، فلا بأس. "مسائل حرب/ مخطوط" (359 - 360) قال حرب: قلت لأحمد: القيح والصديد والدم كله واحد؟ قال: نعم كله بمنزلة الدم. قال حرب: سئل أحمد مرة أخرى عن الدم والقيح؛ فقال: هو واحد. قيل: أيعيد الوضوء إذا سال؟ قال: يعيد الوضوء إذا كان فاحشًا. قيل: الفاحش قدر كم هو؟ قال: ما يقع عليه قلبه، إنه فاحش. "مسائل حرب/ مخطوط" (364 - 365) قال حرب: قلت لأحمد: رجل في عينه غرب تسيل منه دمعة لا ترقأ، وليس هي مدة؟ قال: إذا كان دمعة فإني أرجو أن لا يكون عليه وضوء. "مسائل حرب/ مخطوط" (367) قال حرب: سئل أحمد عن الرجل يحتجم؛ قال: يتوضأ، ولا يغتسل. قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى عن الوضوء من الحجامة؛ قال: يتوضأ. وذكر له مثل قول أهل المدينة، فلم يذهب إليه. قال حرب: وسألت إسحاق بن إبراهيم عن رجل احتجم فصلى ولم يتوضأ؛ قال: الإعادة؛ لأن كل دم يسيل من جسد الإنسان فحكمه كحكم الاستحاضة. قال حرب: قلت لإسحاق مرة أخرى: رجل احتجم فصلى، ولم يغسل أثر

المحاجم؟ قال: يعيد الصلاة. راجعته في هذِه المسألة. قال حرب: سئل أحمد عن الناصور يكون بالإنسان؛ قال: إذا كان سائلًا شديدًا، فإنه يتوضأ لكل صلاة، وإن كان يسيل منه ماء قليل، فإني أرجو ألا يكون عليه وضوء. قيل فإن كان في المقعدة؟ قال: كل شيء يخرج من سبيل الغائط والبول، فإنه يعيد الوضوء من قليلة وكثيرة. "مسائل حرب/ مخطوط" (369 - 373) قال حرب: سألت أحمد؛ قلت: رجل به رعاف شديد لا يرقأ؟ قال: يتوضأ ويصلي. واحتج بحديث عمر. قال: وكذلك الجراحة تكون بالإنسان. قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: رجل به رعاف لا يرقأ؛ أليس يتوضأ لكل صلاة مرة واحدة؟ قال: نعم. "مسائل حرب/ مخطوط" (376 - 377) قال حرب: قيل لأحمد: الرجل يبزق فيكون بعضه دمًا وبعضه بزاقًا؟ قال: إذا فحش أعاد. قيل: ما الفاحش، كم هو؟ قال: ما يرى أنه كثير. قال حرب: وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: ما تقول فيمن يتنخع دمًا عبيطًا أينقض ذلك وضوءه؟ قال: شديدًا. قال حرب: قلت لإسحاق: فما تقول في الحمرة من الدم يظهر في البزاق؛ أينقض الوضوء؟ قال: إذا كان الأغلب على البزاق الحمرة -يعني: يعيده. "مسائل حرب/ مخطوط" (381 - 383) قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل سئل عن القلس إذا كان كثيرًا؛ [قال: ] يعيد الوضوء. قال حرب: وقال أحمد مرة أخرى في القلس إذا فحش: أعاد الوضوء. قال حرب: وسألت إسحاق عن القلس؛ فقال: يعيد من قليله وكثيره. "مسائل حرب/ مخطوط" (390 - 392) قال حرب: سئل أحمد قيل ما تقول في الدود يخرج من الدبر؛ قال: يتوضأ منه. "مسائل حرب/ مخطوط" (397)

قال حرب: قيل لأحمد الرجل ينقلب دبره فيمسه فيجد بلة؛ فلم يجب فيها. "مسائل حرب/ مخطوط" (401) قال حرب: سئل أحمد بن حنبل عن الرجل يأخذ من شعره وأظفاره أيمر عليه الماء؛ قال: لا بأس. "مسائل حرب/ مخطوط" (406) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا أخذ الرجل من شعره وأظفاره وقد توضأ، فأحب إليّ أن يمر عليه الماء، والوضوء منه أفضل؛ لأنه إن كان قد انتقض عليه وضوءه لما قص من مواضع الوضوء فقد صار بعض وضوئه مذ ساعة وبعضه الآن، حيث يمر عليه الماء، وليس هذا وضوء الناس، ولكني أرجو إن لم يمر عليه الماء ولا يتوضأ أن يكون ذلك جائزًا، كما قال ابن عمر للذي سأله أتوضأ من قلم الأظفار؟ قال: لأنت أكيس من الذي سمته أمه كيسان. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا معتمر بن سليمان قال سمعت ليثا يحدث، عن مجاهد أن علي بن أبي طالب كرم اللَّه وجهه: كان إذا قلم إظفاره أو أخذ شاربه توضأ، وإذا احتجم اغتسل. "مسائل حرب/ مخطوط" (408 - 409) قال حرب: سمعت أحمد بن محمد حنبل يقول: يتوضأ من مس الذكر. قال حرب: سألت أحمد مرة أخرى؛ قلت: الرجل يتوضأ فيفضي بيده إلى فرجه؟ قال: يعيد الوضوء. قلت: الرجل والمرأة في ذلك سواء؟ قال: لا أدري. قلت: فإن مسه بأصبع أو أصبعين؟ قال: إذا مسه فليتوضأ. قال حرب: وسألت إسحاق؛ قلت: رجل مس ذكره فصلى ولم يتوضأ؛ قال: يعيد. قال حرب: قال وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: كل ما مس ذكره، وليس بين يديه وبين الذكر ثوب، أعاد الوضوء في صلاة أو غيرها؛ لما صح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن من مس ذكره أعاد الوضوء، فإن كان الذكر يصيب الذراع أو اليد؛ فإن مالكًا وأصحابه رأوا إيجاب الوضوء في ذلك وشبهوه باليد إذا مس الذكر، قالوا: اليد من مواضع الوضوء، وكلما أصاب الذكر من مواضع الوضوء، فعليه الوضوء،

وهذا خطأ. قال أبو يعقوب: وإنما هذا موضع تعبد واستسلام، فكلما مس ما شاء ذكره توضأ، ولا يكون ذلك إلا بقبض اليد عليه، فحينئذ يقال: مس فلان ذكره. قال: لو صارت يده عليه أو على القصبة، وهو لا يريد مسيسه، لم يجب عليه الوضوء أيضًا. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا عبد اللَّه بن إدريس قال: سمعت هشام بن عروة يذكر عن أبيه، عن مروان بن الحكم، عن بسرة بنت صفوان قالت: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إذا مس أحدكم فرجه فليتوضأ". قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا بقية بن الوليد قال: حدثني الزبيدي محمد بن الوليد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أيما رجل مس فرجه، فليتوضأ وأيما امرأة مست فرجها، فلتتوضأ". قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي اللَّه عنها، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من مس فرجه، فليتوضأ". "مسائل حرب/ مخطوط" (414 - 420) قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يقول في الرجل يقبل امرأته؛ قال: يتوضأ الرجل. ولم ير على المرأة وضوءا. قال حرب: سمعت إسحاق في الرجل يقبل امرأته؛ قال: يتوضأ. قال حرب: سمعت إسحاق بن إبراهيم مرة أخرى يقول: إذا قبل الرجل أو لامس وهو على وضوء، فإن السنة مضت في الملامسة التي قال اللَّه: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} أنها على وجهين في قول عليّ وابن عباس على معنى الظاهر أنها جماع، وقال ابن مسعود وابن عمر أن ما كان من الرجل إلى أهله أو جاريته من قبلة أو لمس أو نظر إلى الجسد من شهوة أنها من اللماس أيضًا، فرأينا أن كل ما قبل من شهوة، فعليه الوضوء، وكذلك إذا لمس شيئًا في جسدها من شهوة، فعليه الوضوء، كذلك رأى ابن مسعود وابن عمر والرجل والمرأة في ذلك سواء، إلا أن تكون قبلة رحمة، أو لغير شهوة.

قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا وكيع، عن الاعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قَبلَّ ولم يتوضأ. قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول في هذِه الرواية: إنها ليست بصحيحة؟ لما يظن أن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة، وإنما بلغه عنه، ويروى عن هشام بن عروة، عن أبيه خلاف ذلك، وهذا أعظم الدلالة في ذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (422 - 426) قال حرب: سألت أحمد بن حنبل؛ قلت: الرجل ينام وهو جالس؟ قال: إذا كان قليلًا. قال حرب: ثم سئل بعد ذلك عن الرجل ينام وهو جالس؛ قال: إذا كان كثيرًا، لم يعجبني. قيل: فإن كان مساندًا إلى حايط؟ فكرهه، ورأى الوضوء. قال حرب: ثم سألته بعد ذلك، فقلت: أحب أن أفهمه عنك؟ قال: إذا كان نومًا كثيرًا أثقله، فإنه لا يعجبني. كأنه يرى أن يتوضأ. قلت: تعمد ولم يتعمد؟ فكان الأمر عنده واحدًا تعمد أو لم يتعمد. قلت: وإن كان راكعًا أو ساجدًا؟ قال: هذا أشد؛ لأنه ينفتح. قلت: يجب أن يتوضأ؟ فكأنه. . . . قال حرب: قلت لأحمد مرة أخرى: نام وهو جالس فسقط على شقه؟ فقال: ما أدري كيف هذا؟ ! قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى عن الحديث "من استحق النوم فليتوضأ"؛ قال: الاستحقاق: أن يضع جنبه وينام. قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: كلما نام الرجل حتى استثقل نومًا في صلاة أو غير صلاة أعاد الوضوء، واستثقال النوم: غلبة العقل، فأما إذا كان خفيفا فلا بأس به، ولا ينظر في ذلك راكعًا كان أو ساجدًا أو على أي حال كان، إنما هو حدث أحدثه حيث ذهب عقله. والعجب لهم حيث أنكروا ما وصفنا إلا من كان جالسًا، وهم يجمعون على أن كل من أغسى عليه فقد انقضت طهارته، وليس بينهما فرق، وليس في المغمى عليه أثر صحيح أنه ينتقض منه وضوءه، وفي النوم

فصل في المسح على الخفين

غير حديث. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا بقية بن الوليد، عن الوضين بن عطاء، عن محمود بن علقمة الحضرمي، عن عبد الرحمن بن عابد الأزدي، عن علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنما العين وكاء السه فإذا نامت العين استطلق الوكاء" قال بعضهم: وأخبرني أبو بكر بن أبي مريم، عن عطية ابن قيس، عن معاوية بن أبي سفيان، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله، وزاد "فمن نام فليتوضأ". قال حرب: سمعت أحمد يقول: قال الحسن، وسعيد بن المسيب، وعطاء، وعروة: إذا خالط النوم قلبه توضأ. وليس هو مذهب أحمد. "مسائل حرب/ مخطوط" (428 - 435) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: أوجب هؤلاء في الضجعة الوضوء، إذا غلبه النوم في ذلك الحال، وأسقطوا ذلك عن النائم المستقثل راكعًا أو ساجدًا، وهذان الحالان في خشية الحدث أشد من الضجعة، فلا اتبعوا الأثر ولا لزموا قياسًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (438) قال حرب: سألت إسحاق بن إبراهيم عن الوضوء من الغيبة؛ قال: إن أعاد فهو أحب إليّ، ولا يتبين إيجاب الإعادة. "مسائل حرب/ مخطوط" (442) فصل في المسح على الخفين حكم المسح على الخفين قال حرب: سئل أحمد عن المسح على الخفين؛ فقال: امسح. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: المسح على الخفين سنة مسنونة لا يسع المسلمين أن يتعدوه إلى غيره، فإن المسح عليهما أفضل من غسل الرجلين؛ لأن السنة أفضل من غيرها، فأما من يقول: أنا أغسل الرجلين وأرى المسح على الخفين، فهذا لا يكون إلا من مرض في القلب، وكيف يرغب عن السنة إلى غيرها، ثم يدعي إتباعها.

المسح على العمامة والخمار والقلنسوة والحمة

قال حرب: قيل لأحمد بن حنبل: فأي حديث عندك أثبت في المسح؟ قال: حديث شقيق، عن حذيفة، وحديث جرير بن عبد اللَّه وفيه غير حديث. "مسائل حرب/ مخطوط" (480 - 482) المسح على العمامة والخمار والقلنسوة والحمة قال حرب: وسئل أحمد عن المسح على العمامة؛ قال: لا بأس أن تمسح. قال حرب: وسئل إسحاق عن المسح على العمامة؛ قال: شديدًا في السفر. "مسائل حرب/ مخطوط" (490 - 499) قال حرب: وسألت أحمد عن المسح على القلنسوة؛ قال: لا يمسح. قلت: وليس هي مثل العمامة؟ قال: لا. قال حرب: وسألت أحمد قلت أيمسح الرجل على الكمة كما يمسح على العمامة؟ قال: لا، لا يمسح على الكمة. قال حرب: وسألت إسحاق عن المسح على القلنسوة؛ قال: لا. ولم يرخص فيه. "مسائل حرب/ مخطوط" (503 - 505) المسح على الجروح والجبيرة قال حرب: قلت لأحمد: رجل جبرت يده، وشد عليها الجبائر وهو غير متوضئ، ثم توضأ؟ قال: يمسح على الجبائر؟ لأن الجبائر بمنزلة جسده. "مسائل حرب/ مخطوط" (589) قال حرب: سألت أحمد قلت رجل به جراحة فعصب عليها خرقة وهو غير متوضئ ثم توضأ فمسح على الخرقة؛ فسهل في ذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (592) ما جاء في شروط المسح 1 - النية عند المسح: قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا أصاب الخف المطر أو ماء صب عليه حتى أصاب أعلاه أو أسفله، لم يجزه أبدًا حتى ينوي بذلك المسح؛ لأن رسول اللَّه

2 - أن يلبسهما على طهارة حاملة

-صلى اللَّه عليه وسلم- حيث سن المسح صار ذلك عوضًا من غسل الرجل، ولا يجوز تطهير شيء من أعضاء الوضوء التي أمر اللَّه بتطهيرها إلا بتجديد نية. "مسائل حرب/ مخطوط" (587) 2 - أن يلبسهما على طهارة حاملة: قال حرب: قيل لأحمد: فإن مسح على خفيه، ثم شد عليه العمامة، هل يمسح على العمامة؟ قال: ما أدري. "مسائل حرب/ مخطوط" (498) قال حرب: وسئل إسحاق بن إبراهيم عن الرجل يلبس العمامة وهو غير متوضئ، أيمسح عليها؟ قال: لا. "مسائل حرب/ مخطوط" (502) قال حرب: قلت لأحمد بن حنبل: رجل غسل قدميه ولبس خفيه ثم أتم وضوؤه؟ قال: لا، ولكن يتوضأ، ثم يلبس خفيه. قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى عن رجل غسل قدميه ولبس خفيه ثم مشى فرسخًا ثم توضأ ومسح على خفيه؛ قال: لا يجوز، وأنكره. وقال: هذا خلاف كتاب اللَّه وسنة رسوله، قال اللَّه تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}. فذكر حديث ابن جريج، عن عطاء قال: الذي يروى عن عطاء التفريق في الوضوء. قال حرب: وأظنني سمعته يقول: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أدخل رجليه الخف وهما طاهرتان بتمام الوضوء. قال حرب: وسئل إسحاق عن رجل غسل قدميه ولبس خفيه ثم توضأ؛ قال: لا يجوز، إلا أن يخلع الخف. "مسائل حرب/ مخطوط" (551 - 554) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا توضأت ونسيت مسح رأسك أو شيئا من وضوئك، ولبست خفيك فاحدثت حدثًا، فانزع خفيك وأتم الوضوء؛ لأنك لبست الخفين وليس الوضوء بتمام، وابتدئ تمامه من أوله، ولا تعتد بما كنت توضأت؛ لأنه لا يبدأ في الوضوء إلا لما بدأ اللَّه به. "مسائل حرب/ مخطوط" (559) 3 - أن يستر محل الغرض: قال حرب: وقال أحمد: إذا جاوز الخف موضع الغسل، مسح.

قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى يقول: في الخف الصغير: إذا كان إلى موضع الغسل وهو العقب، فإنه يمسح. قال حرب: وسألت إسحاق عن المسح على الخف الصغير؛ قال: إذا غطى الكعبين، جاز المسح. وذكر إسحاق حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في المحرم لا يجد النعلين؛ قال: "يلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين" أي أنه إذا كانا فوق الكعبين قليلًا، فهما خفان. قال إسحاق: الكعب: هو العظم الناتئ -يعني به: العرقوب. قلت: أليس الكعب وسط القدم؟ قال: ذاك في القطع. "مسائل حرب/ مخطوط" (517 - 520) قال حرب: سألت أحمد؛ قلت: فإن كان الخف متخرقًا؟ قال: إذا ظهر من القدم شيء، لم يعجبني أن يمسح عليهما. قلت: فإن ظهر بعض الأصابع؟ قال: قد قلت: إذا ظهر من القدم شيء في الخف، لم يمسح، وإذا كان فتق أو خرق في ناحية الخف، فإنه يمسح، وإذا كان في رجليه جورب مسح، وإن كان الخف متخرقًا. قيل: فالمسح على الجورب؟ قال: يمسح. قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: إذا كان الخف متخرقًا، فامسح عليه ما دام الخف يستمسك في القدم؟ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مسح على الخفين فليس الخف الجديد بأولى بهذا الاسم من المتخرق، وكل يسمى خفًا. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: أبيح لك المسح على الخفين، وجهل هؤلاء الذين وقتوا في الخرق ثلاثة أصابع حتى أنهم قالوا فإن كان ذلك في مواضع شتى ضم بعض ذلك إلى بعض حتى ننظر فيه، فإن كان إذا جمع ذلك كله كان قدر ثلاثة أصابع، لم يمسح عليهما، وهذا قول لم يسبقهم إليه عالم قط فيما مضى، وأنكر ابن عيينة ذلك أشد الإنكار حتى إنه قال: ما لقن هؤلاء إلا الشيطان قدر ثلاثة أصابع. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: سمعت سفيان بن عيينة وسئل عن المسح على

4 - أن يثبت في القدم بنفسه

الخف المتخرق، قال: نعم، يمسح عليه. قيل لسفيان: فإن كان فيه خرق بقدر ثلاثة أصابع؟ قال: يمسح. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا يحيى بن ضريس قال: سمعت سفيان الثوري وسئل عن الخروق في الخفاف؛ فقال: امسح على الخف ما سمي خفًا. وقال ابن المبارك مثل ذلك، وقال: أما ترى خفاف أصحاب محمد فيها خروق. "مسائل حرب/ مخطوط" (521 - 526) 4 - أن يثبت في القدم بنفسه: قال حرب: سألت أحمد عن المسح على الجوربين؛ قال: يمسح إذا ثبتا على قدميه. قال حرب: ورأيت أحمد مرة أخرى رأى في رجلي جوربًا رقيقًا قد استرخى من الساق؛ فقال: لا يجوز عليه المسح؛ لأنه ليس يثبت على المكان. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: النعلان مع الجوربين بمنزلة الخفين، يمسح عليهما، ويمسح على الجوربين وإن لم يكن عليه نعلان سنة ماضية، ولا يمسح على النعلين إذا لم يكن عليه جوربان. "مسائل حرب/ مخطوط" (486 - 488) قال حرب: سألت إسحاق: رجل في إحدى رجليه خف وفي الأخرى جورب؛ أيمسح عليهما؟ قال: نعم، إذا كان الجورب من صوف أو مرعزى. قلت فإن كان الجورب من خرقة؟ قال: لا يمسح عليه. "مسائل حرب/ مخطوط" (582) صفة المسح قال حرب: سألت أحمد بن حنبل، قلت: المسح بالأصابع؟ قال: نعم. قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى عن المسح على الخفين؛ قال: بالأصابع من أسفل -يعني: من طرف الأصابع إلى أصل القدم. قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: يجزئ المسح بثلاثة أصابع؟ قال: بالكف. وذكر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه مسح على الموقين بكفه.

قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول إن مسح على الخفين بأصبعين أو بثلاث أصابع أو بأنصاف أصابع كفيه لم يجزئه ذلك حتى يمسح بكفيه إلا أن يكون بإحدى كفيه علة فحينئذ يجزئ عند الضرورة أن يمسح بما أمكنه من الكف. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: إن كان الذي يمسح على خفيه مسح عليهما بأصبع واحدة، فليس ذلك بمسح حتى يمسح بيديه كما أمر، إلا أن تكون علة بيديه أو بإحداهما لما مضت السنة أن المسح عليهما باليدين، إلا ما أخطأته اليد. "مسائل حرب/ مخطوط" (529 - 533) قال حرب: ورأيت أحمد مرة أخرى وصف المسح على الخفين، فأخذ من أطراف أصابعه إلى أصل القدم، وذكر أظنه عن الشعبي أنه كان يمسح من أصل القدم إلى طرف الأصابع. "مسائل حرب/ مخطوط" (537) قال حرب: سمعت إسحاق بن إبراهيم وسأله رجل عن مسح الخف؛ فقال: أعلى الخف وأسفله أحب إليّ. قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى عن المسح على الخفين؛ فقال: من فوق وأسفل ووصفه لنا. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: إذا أراد المسح على الخفين مسح أعلاه وأسفله؛ لما أخبرنا الوليد بن مسلم، عن ثور بن يزيد، عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة، عن المغيرة بن شعبة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مسح أعلى الخفين وأسفلهما. قال حرب: قال إسحاق: وهذا رأي مالك، وأهل الحجاز، وأخذ به بعض أهل العراق. ومن لم ير إلا أعلاه، فحجته ما ذكرناه عن قيس بن سعد حيث رؤيَ على شاطئ دجلة مسح على خفيه فرأي أثر الأصابع على ظاهر الخفين، وليس ذلك بواضح؛ لأن من مسح أعلاه وأسفله أيضًا، فإنه يجعل مسح الأعلى خططا بالأصابع. وقد صح أن ابن عمر مسح أعلاه وأسفله، فأخذ بذلك الزهري وقال: هو السنة. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: وأخبرني أبو روح أنه رأى ابن المبارك يمسح

مدة المسح

أعلى الخفين وأسفله. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا محمد بن بكر قال: أبنا ابن جريج قال: قلت لنافع: كيف كان ابن عمر يمسح على الخفين؟ قال: ظهورهما وبطونهما بكفيه، رأيته فعل ذلك، دعي إلى جنازة فتوضأ مسح عليهما. "مسائل حرب/ مخطوط" (541 - 546) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إن مسح أعلاه، ولم يمسح أسفله فأعاد أحب إليَّ، من غير أن يتبين وجوب الإعادة عليه؛ لما ذكر في غير حديث عن المغيرة بن شعبة أنه مسح على الخفين، ولم يذكر فيه أعلاه ولا أسفله، فمن تأول ذلك وعمل به لم يتبين عليه إيجاب الإعادة. "مسائل حرب/ مخطوط" (548) مدة المسح قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى عن المسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر؛ فقال: من الحدث إلى الحدث خمس عشرة صلاة، وللمقيم يوم وليلة من الحدث إلى الحدث. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: قد مضت السنة في المسح على الخفين، للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يومًا وليلة. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا عبدة بن سليمان قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن أبي معشر، عن إبراهيم النخعي، عن أبي عبد اللَّه الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة". "مسائل حرب/ مخطوط" (483 - 485) قال حرب: قيل لأحمد: فالوقت في المسح على الجوربين والنعلين؟ قال: بمنزلة الخف. قيل: فالعمامة؟ قال: لم يبلغني في العمامة شيء، ولكنه عندي بمنزلة الخف. يعني: ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوم وليلة للمقيم. "مسائل حرب/ مخطوط" (500) قال حرب: قلت لأحمد بن حنبل: إن رجلًا لما جاء الوقت الذي أحدث مسح

من مسح ثم بدا له أن يسافر

أيضًا وصلى؟ قال: يعيد ما زاد على وقت المسح من الصلوات. قال حرب: وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: في سفر وقد صلى في خفيه ثلاثة أيام ولياليهن فحضرت الصلاة فأراد أن ينزع الخف فضاف الخف في رجله ولم يخرج، كيف يصنع؟ قال: يمسح ويصلي. قلت: يعيد الصلاة؟ فكأنه قال: لا. قال: لأن أهل المدينة يرون المسح ثمانية أيام. قال: وأنا أراه ثلاثة أيام ولياليهن، ولكني قلت بقول أهل المدينة في موضع العذر. وقال أبو يعقوب: ينزع الخف من رجليه أو يقطع الخف على حال. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا معتمر بن سلمان، عن أبيه، عن الحسن قال: امسح على الخفين ما لم تخلع. "مسائل حرب/ مخطوط" (567 - 569) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا يحيى بن آدم قال: ثنا أبو بكر -هو: النهشلي- قال ثنا حماد، عن إبراهيم، عن أبي عبد اللَّه الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال في المسح على الخفين: "للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة". قال: وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أجاز شهادة خزيمة بن ثابت بشهادة رجلين. "مسائل حرب/ مخطوط" (572) قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يصلى في الخف إلى الساعة التي أحدث قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: من الحدث إلى الحدث لا شك في ذلك تمام خمس صلوات، وإنما معنى المسح من الحدث إلى الحدث؛ لأنه حتى يحدث يلزمه المسح، فهو وإن أخره من الحدث حتى يمر به وقت صلاة أخرى، فهو يحتسب عليه من الحدث، فلا يكون بالمسح إلا خمس صلوات، فهذا تفسير المسح من الحدث إلى الحدث. "مسائل حرب/ مخطوط" (575 - 576) مَنْ مسح ثم بدا له أن يسافر قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا مسحت على خفيك وأنت مقيم، ثم بدا لك أن تسافر، ولم تمسح عليهما تمام يوم وليلة فأتممت ثلاثة أيام ولياليهن،

متى تستأنف الطهارة في المسح على الخفين؟

فاحتسب بما مسحت وأنت مقيم بعض يوم أو ليلك حتى صليت بالمسح ثم سافرت أن لا يزيد على تمام يوم وليلة من حين مسحت؛ لأن السنة قد مضت للمقيم بيوم وليلة وللمسافر بثلاث، وقد صار هذا داخلا في الإقامة والسفر، ولا نعلم في ذلك سنة، والاحتياط أن يأخُذَ بأقلِّ من ذلك، وربما كان ابتداء مسحه وهو مقيم حتى يوجد في ذلك سنة أو يتضح بنا على السنة بخلاف ما قلنا. قال: وإذا مسحتَ على خُفيك وأنت مسافر فقدمت المصر فأتممت يومًا وليلة، فامسح عليهما تمام يوم وليلة، وان كنت قد أتممت يومًا وليلة في السفر ثم قدمت المصر فانزعهما، ولا تمسح عليهما. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا مسح على خفيه في أول وقت صلاة صلى إلى اليوم الثاني تمام خمس صلوات مكتوبات، وصلى ما بين المكتوبات النوافل والوتر وعلى الجنائز وكل شيء بذلك المسح، فهو جائز. قال: وإن لبس خفيه، ولم يحدث إلا بعد عشاء الآخرة لزمه المسح حين أحدث، ويصلي تمام خمس صلوات بعد الحدث لا يحتسب عليه ما كان لابسًا خفه ولم يحدث ومضى أيامًا في المصر كان أو في السفر. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى بقول: إذا توضأت فغسلت رجليك، ثم لبست خفيك عند الفجر فلم تحدث إلا عند العصر فمسحت عليهما عند العصر، فامسح عليهما إلى العصر من الغد تمام خمس صلوات. "مسائل حرب/ مخطوط" (584 - 586) متى تستأنف الطهارة في المسح على الخفين؟ قال حرب: سألت أحمد بن حنبل؛ قلت: رجل مسح على خفيه ثم خلعهما؟ قال: يعيد الوضوء. قال: وقال الزهري: إذا خلع أحدهما غسل إحدى رجليه ومسح على الأخرى، وإذا خلعهما جميعًا توضأ. قال أحمد: ومن قال إذا خلعهما غسل قدميه، فإنه يلزمه أن يقول: يعيد الوضوء. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا مسح ثم خلع، فإنه يعيد الوضوء.

قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: إذا مسحت على خفيك ثم خلعتهما، أعدت وضوؤك كله. واختلف أهل العلم في ذلك، وكل له معنى، وأوضح المعاني: إعادة الوضوء. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: أما إبراهيم النخعي، فإنه يروى عنه الأوجه الثلاثة، فمنهم من قال: قال إبراهيم: ليس عليه شيء. وقد صح عنه القولان: إعادة الوضوء، وأن لا يغسل رجليه أصلًا، وأما غسل القدمين: فقد ذكر عنه بغير تصحيح، وما أرى إبراهيم اختلف أصحابه عليه، إلا لما رأى أولًا مذهبًا، ثم نزع عنه. "مسائل حرب/ مخطوط" (509 - 512) قال حرب: وسمعت أحمد يقول: كان الحكم وحماد والشعبي والزهري ومكحول إذا مسح ثم خلع، توضأ. وهو مذهب أحمد. قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: ثنا يحيى بن آدم، عن يزيد بن عبد العزيز بن سياهٍ، عن الأعمش، عن أبي ظبيان قال: رأيت عليًا مسح على نعليه ثم خلعهما فجعلهما في كمه، وصلى بهم الفريضة. قال الأعمش: فحدثت به إبراهيم. قال أبو ظبيان: هو حي؟ قلت: نعم. قال: فإذا لقيته فأخبرني، فلقيته، فجئت إبراهيم فأخبرته، فأتاه فساله عن ذلك إبراهيم، فحدثه، فقال إبراهيم: ألا ترى إلى على مسح على خفيه ثم خلعهما. "مسائل حرب/ مخطوط" (514 - 515) قال حرب: سألت أحمد بن حنبل، قلت: الرجل يمسح على الخفين ثم نزع بعض قدمه من موضعه؟ قال: إذا خرج العقب فجاوز موضع الوضوء من الخف، خلع وتوضأ. قلت: إنه ربما أخرج العقب والأصابع في مواضعها؟ قال: هذا لا يكون. وذهب إلى أنه لو أزال القدم من موضعه، خلع وتوضأ. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا مسحت على خفك فوجدت في خفك حصاة أو شيئًا فنزعت خفيك فبقي من قدمك شيء في خفك حيث يكون القدم ثم أدخلتهما، فلا بأس. وإن كانت قدمك قد خرجت إلى ساق الخف فانزعهما فقد انتقضت الطهارة؛ لأن الأصل في ذلك أن تمسح على الخفين وأنت لابسهما

متى تنتقض الطهارة في المسح على العمامة والخمار؟

كما يلبسهما الناس، فإذا زال الكعب من موضعه حتى يخرج من الخف، فعليه إعادة الوضوء. كذلك قال عمر بن عبد العزيز، وإبراهيم النخعي أخبرنا بذلك الوليد بن مسلم، عن عثمان بن أبي العاتكة، عن محمد بن سويد الفهري، عن عمر بن عبد العزيز. "مسائل حرب/ مخطوط" (561 - 562) قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن رجل مسح على النعلين والجوربين ثم خلع النعلين؛ قال: يخلع الجوربين، ويعيد الوضوء. قال حرب: سمعت إسحاق يقول: إذا مسحت على الجوربين والنعلين فامض على صلاتك، فإن وضوؤك لم ينتقض، ولا تغسل قدمك، ولا تعد الوضوء. قال حرب: سئل أحمد عن رجل مسح على الجوربين، ثم لبس النعلين، ثم خلع نعليه؛ قال: لا يضره لبس النعل، ولا خلعها. "مسائل حرب/ مخطوط" (578 - 580) متى تنتقض الطهارة في المسح على العمامة والخمار؟ قال حرب: وسألت أحمد مرة أخرى، قلت: الرجل يمسح على عمامته ثم يخلع العمامة؟ قال: يعيد الوضوء. قال حرب: جعله مثل الخف. "مسائل حرب/ مخطوط" (493) قال حرب: وسألت أحمد مرة أخرى، قلت: فإن مسح على عمامته ومسح ناصيته أو بعض رأسه ثم نزع العمامة، أيعيد الوضوء؟ قال: إنما المسح على الرأس كله، كذلك جاء الحديث أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مسح الرأس كله. وكأنه ذهب إلى أن بعض الرأس لا يجزئ. قال حرب: وقيل لأحمد مرة أخرى فإن مسح على العمامة ولم يمسح أذنيه؟ قال: الأذنان من الرأس، وكأنه لم ير به بأسًا. قيل: فإن رفع العمامة قليلًا عن رأسه وحك رأسه؟ فسهل فيه، إلا أن ينقضها. "مسائل حرب/ مخطوط" (495 - 496) الرجل يريد أن يحدث فيعجل بلبس الخفين قال حرب: سمعت إسحاق يقول: لا بأس على الرجل إذا كان يريد الحدث أن

باب الغسل

يعجل بلبس الخفين حتى يكون ماسحًا عليهما ما أمكنه أن يصلي كما أمر ولم يشغله ذلك عن الركوع والسجود؛ لأن المسح سنة مسنونة لا اختلاف بين أهل العلم فيها. "مسائل حرب/ مخطوط" (564) باب الغسل النية عند إحداث الغسل قال حرب: قيل لأحمد بن حنبل: الجنب يتبرد بالماء لا ينوي به الاغتسال من الجنابة؟ قال: لا يجزيه. قيل: وكذلك الوضوء إذا علّمه رجلا؟ قال: نعم، لا يجزيه، وكذلك التيمم "إنما الأعمال بالنية". وذهب إلى حديث عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنية". "مسائل حرب/ مخطوط" (444) صفة غسل الجنابة قال حرب: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: إذا أراد الغسل من الجنابة بدأ فغسل فرجه ثلاثًا، ويغسل ما أصاب فخذه من الجنابة، وإن احتاج إلى الاستنجاء غسل مقعدته ثلاثًا إلى السبع حتى ينقيها، لا يزيد على ذلك إلا أن يكون لم ينق فيزيد حتى ينقيه؛ لأن الإنقاء واجب، ثم يتمضمض، ويستنشق، ويغسل وجهه وذراعيه كما وصفنا في الغسل في الوضوء، ثم يأخذ الماء فيصب على رأسه ثلاثًا وعلى جسده ثلاثًا، ويتبع مواضع السرر والمغابن حتى يشربه الماء، ثم يتنحى فيغسل رجليه غسلًا. قال حرب: وسمعت أبا يعقوب مرة أخرى يقول: إذا أردت ان تغتسل من الجنابة فأفرغ على يديك من الإناء، فاغسل كفيك ثلاثًا، ثم صب بيدك اليمنى فاغسل فرجك بيدك اليسرى، فإذا غسلت فرجك فامسح يدك بالتراب أو بحائط، ثم اغسل كفيك، ثم تمضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا، واغسل وجهك ثلاثًا، واغسل يديك إلى المرفقين ثلاثًا ثلاثًا، ثم اغسل رأسك ثلاثًا، وبلغ أصول

تنقض المرأة شعرها لغسلها من الجنابة والحيض؟

الشعر ولحيتك، واغسل أذنيك ظاهرهما وباطنهما، ثم أفرغ على سائر جسدك الماء، ثم تنحّ من مكانك فاغسل قدميك، وكان يقال: "تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وأنقوا البشر". قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا أبو معاوية قال: ثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على يساره فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوؤه للصلاة، ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر حتى يرى أنه استبرأ، حفن على رأسه ثلاث حفنات، ثم أفاض على سائر جسده ثم غسل رجليه. "مسائل حرب/ مخطوط" (447 - 449) تنقض المرأة شعرها لغسلها من الجنابة والحيض؟ قال حرب: سألت أحمد بن حنبل؛ قلت: أتنقض المرأة شعرها للجنابة؟ قال: لا، إذا روت أصول الشعر. ثم قال: حديث أم سلمة، إلا أن تكون اغتسلت من حيض فإنها تنقض شعرها كله. ثم قال: للحيض أشد من الجنابة؛ لأن الجنب تغتسل فتطهر، والحائض لا يطهرها الغسل. يعني: حتى ينقطع عنها الدم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1153) من يجب عليه الغسل، وما يوجب الغسل وما لا يوجب قال حرب: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل يقول في المني: هو الماء الغليظ الذي يفتر منه الذكر، وفيه الغسل، وفي المذي الوضوء، والودي: ماء أبيض غليظ يخرج بعد البول. قال: فيه الوضوء. قال حرب: وسمعت أبا يعقوب إسحاق بن إبراهيم يقول: هو المني والمذي والودي؛ فأما المني ففيه الغسل وهو الماء الدافق الذي يفتر منه الذكر، ويكون منه الولد. وأما المذي: فهو الذي ينتشر الذكر فيخرج منه الشيء لا يفتر منه ذكره، ولا يكون منه الولد ففيه الوضوء، وأما الودي: فهو الذي يخرج منه بعد البول أو شبهه، فليس فيه إلا الوضوء، يغسل ذكره ويتوضأ. "مسائل حرب/ مخطوط" (595 - 596)

الاستتار عند الغسل

قال حرب: سمعت أحمد سئل عن امرأة أجنبت، ثم حاضت قبل أن تغتسل؛ أتغتسل من الجنابة؟ قال: إن فعلت، وإلا فلا شيء عليها. قال حرب: سالت إسحاق، قلت: امرأة جنب حاضت؛ هل تغتسل؟ قال: لا تغتسل. "مسائل حرب/ مخطوط" (1156 - 1157) الاستتار عند الغسل قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا يقول: بلغنا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: "إذا تجرد أحدكم في الغسل فليستتر بجرم حائط أو ببعيره" قال: فمهما أمكنه الستر بشيء، فهو جائز، وإن أمر رجلًا أن يوليه ظهره حتى يفرغ من غسله، فهو جائز، قد أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أبا ذر أن يغتسل وأمر من يستر عليه، وكذلك أمر غيره من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (محرم نكاحها على رجل برجل جاز ذلك) (¬1)، إذا تقدم إليها أن لا تنظر إليه، قد قال ذلك عثمان بن عفان لخادم امرأته: صُبِّي عليَّ ولا تنظري إليّ، فإنك لا تحلين لي. "مسائل حرب/ مخطوط" (734) فصل في أحكام الحمام بناء الحمام وبيعه وشراؤه وكرؤه قال حرب: سمعت إسحاق يكره غلة الحمام. "مسائل حرب/ مخطوط" (721) لا يدخل الماء إلا بإزار قال حرب: سألت أحمد بن حنبل، قلت: الرجل يدخل الحمام، وفيه قوم ليست عليهم مآزر؟ قال: لا وكرهه كراهة شديدة. "مسائل حرب/ مخطوط" (711) قال حرب: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل، قلت: الرجل يدخل الماء بغير مئزر؟ فكرهه شديدًا. ¬

_ (¬1) كذا بالاصل والكلام فيه نقص.

قراءة القرآن والذكر في الحمام

قلت: كل المياه؟ قال: نعم. قيل: فإذا أدخل الماء يحل إزاره؟ قال: لا (¬1). قال حرب: سمعت إسحاق يقول: إذا أراد الرجل الاغتسال في النهر، أو يكون في وادٍ، أو ما أشبه ذلك، أو في البرك، أو الحياض، فإن لبس إزارًا من سرته إلى ركبته، فهو أفضل؛ لما قال الحسن والحسين، وقد دخلا الماء وعليهما بردان، فقالا: للماء سُكّانٌ. وهذا أفضل الوجوه. "مسائل حرب/ مخطوط" (735 - 736) قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا يقول: إن لم يدخل بإزار، وتجرد في الماء حتى يستر بالماء عورته رجونا أن لا يكون آثمًا في فعله؛ لما صح أن موسى -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يغتسل وحده وبنو إسرائيل يغتسلون أيضًا فذكروا بينهم أن موسى عليه السلام إنما يترك الغسل معنا؛ لأنه آدر، فدخل يومًا فوضع ثوبه فجاءت الريح، وخرج موسى عليه السلام يتبع ثوبه وهو ينادي: "يا حجر ثوبي يا حجر ثوبي" حتى رآه بنو إسرائيل عريانًا؛ لما أراد اللَّه أن يبين لهم إن ما قالوا ليس كما قالوا، فهو قول اللَّه تعالى: {لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} ففي هذا بيان أنه كان يدخل الماء، ولا يستتر بشيء إلا بالماء، فإن قال قائل: فإن أحكام الأنبياء تختلف. قيل له: صدقت، ولكن كلما ذكر عن نبي من الأنبياء سنة رخصة أو عزمة المسلمين، فالاقتداء بذلك حسن جائز ما لم يكن شريعة نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- على خلاف ذلك قال اللَّه تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}. "مسائل حرب/ مخطوط" (739) قراءة القرآن والذكر في الحمام قال حرب: قلت لأحمد: فالقراءة في الحمام؟ قال: الحمام لم تبن للقراءة وكأنه كره ذلك. قلت: فيذكر اللَّه؟ فرخص فيه. قال حرب: وسئل إسحاق عن القراءة في الحمام؛ قال: لا يقرأ. وذكر حديث ¬

_ (¬1) أوردناها في بابها من "فتح الباري" لابن رجب 1/ 336.

باب ما جاء في التيمم

على: لا يقرأ فيه آية من القرآن. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا روّاد بن الجراح، عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن مكحول أنه كره القراءة في الحمام. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا النضر بن شميل قال: ثنا شعبة، عن سيار قال: سمعت أبا وائل يقول: لا تقرأ في الحمام. "مسائل حرب/ مخطوط" (715 - 718) باب ما جاء في التيمم حقيقة التيمم هل التيمم رافع للحدث، أو مبيح لما تجب له الطهارة؟ قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا تيممت فأصابك بول أو نتن أو شيء في موضع التيمم، فامسح المكان الذي أصابك بالتراب تيممه به. قال: وإن تيممت فأصاب جسدك بول أو نتن في غير موضع التيمم، فامسحه بخرقة أو بشيء، وإن مسحت التراب عليه، لم يكن به بأس؛ لأنه وإن لم يكن بالتراب تطهر به الأقذار، فإنه جعل عوضَا من الماء؛ لتطهير المواضع التي فرض اللَّه عليها الطهارة، فلا يكون حكم التراب عند الضرورة أسوأ حالًا من مسجه إياه بخرقة أو ما أشبهها، وأخطأ من قال: لا يمسح بالتراب ويمسح بخرقة. قال حرب: قال أبو يعقوب: وإن لم يمسح بتراب ولا بخرقة، أجزاه؛ لأن مسحها بالتراب أو بخرقة ليست بطهارة مجمع عليها، لو كان كذلك كان إذا ضيعها لزمه الإعادة. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: الحائض والنفساء والذي على غير وضوء سواء في التيمم، إذا لم يجدوا الماء. "مسائل حرب/ مخطوط" (706 - 708) صفة التيمم قال حرب: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل يقول في التيمم: ضربة واحدة

للوجه والكفين يبدأ بوجهه ثم يمسح كفيه إحداهما بالأخرى. قيل له: صح حديث عمار، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك؟ قال: نعم، قد صح (¬1). قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى يقول: التيمم ضربة واحدة، يبدأ بالوجه. قيل: ينفخ يديه؟ فلم يذهب إليه. قال حرب: حدثنا أحمد قال: ثنا معتمر، عن برد، عن مكحول: يضرب بيديه إلى الأرض، ثم يمسح وجهه وكفيه. قال حرب: حدثنا أحمد قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: ثنا داود، عن الشعبي قال: التيمم: ضربة للوجه واليدين إلى المرفقين. "مسائل حرب/ مخطوط" (598 - 601) قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول في التيمم: ضربة للوجه، وضربة للكفين إلى الرصغ. قال: ويجوز ضربة. ووصفه لنا. قلت: يجوز ظهر؟ قال: نعم. قال حرب: ووصف لنا إسحاق بن إبراهيم مرة أخرى التيمم فضرب بيديه ثم نفخهما فمسح بهما وجهه، ثم ضرب بيديه الثانية ولم ينفخهما، ثم مسح ظهور الكفين اليمنى باليسرى واليسرى باليمنى. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: إذا أردت أن تتيمم، فأول ذلك أن تقول: بسم اللَّه مع وضع كفيك على الأرض، ثم تمر بهما، ثم تنفخ فيهما إن لزق بالكفين تراب كثير، أجزأك أن لا تنفخ، ثم امسح بهما وجهك، وتمر بيديك على جميع الوجه واللحية، أصاب ما أصاب، وأخطأ ما أخطأ، ثم تضرب ضربة أخرى كذلك لكفيك، فإن جاوز الرجل الكفين إلى المرفقين لم نعب عليه إذا كان ممن يرى الكفين جائزًا، وإن رأى الكفين فاسدًا، فقد جهل وأخطأ، وذلك أن الصحيح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- المعروف المشهور الذي يرويه الثقة عن الثقة بالأخبار الصحيحة أن النبي ¬

_ (¬1) نقلناها في بابها من "فتح الباري" لابن رجب 2/ 258.

ما جاء في شروط صحة التيمم

-صلى اللَّه عليه وسلم- علم عمار بن ياسر التيمم للوجه والكفين وعلى ذلك كان علي بن أبي طالب، وعبد اللَّه بن عباس، والشعبي، وعطاء، ومجاهد، ومكحول، وغيرهم يرون الكف، ولا يجوز لأحد أن يدعي على هؤلاء أنهم لم يعرفوا التيمم، ولو قالوا الذراعين أحب إلينا اختيارًا لكان أشبه. "مسائل حرب/ مخطوط" (604 - 606) قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا سليمان بن حيان قال أبنا حجاج عن عطاء والحكم، عن إبراهيم: التيمم: ضربتين للكفين والوجه. "مسائل حرب/ مخطوط" (613) ما جاء في شروط صحة التيمم 1 - النية قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إن علّمت رجلًا التيمم، فلا يجزئك ذلك حتى تنوي به التيمم، وإذا علّمت رجلًا الوضوء ولم تنو لنفسك، لم يجزك، والوضوء مثل التيمم لا يجزي حتى تجدد نية. "مسائل حرب/ مخطوط" (686) 2 - العجز عن استعمال الماء قال حرب: وسمعت أحمد يقول في الجنب يتيمم ثم يجد الماء؛ قال: يغتسل. قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: رجل في سفر أصابته جنابة، فتيمم فوصل إلى الماء بعد يوم أو يومين، فلم يغتسل حين وصل إلى الماء وصلى، فوصل إلى الماء بعد ذلك بثلاثة أيام؟ قال: يعيد ما صلى بعد ما وصل إلى الماء. "مسائل حرب/ مخطوط" (652 - 653) قال حرب: قلت لأحمد بن حنبل الرجل يكون في السفر فتحضر الصلاة والماء على غير الطريق، وإن ذهب إلى الماء مضى أصحابه وبقي وحده وخاف؟ قال: إذا كان كذلك، فلا يذهب إلى الماء. قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: رجل في سفر والماء على غير الطريق، فإن ذهب إلى الماء مضى أصحابه وتركوه؟ قال: لا يذهب إلى الماء، تيمم؛ لأني أخشى. "مسائل حرب/ مخطوط" (658 - 659)

إذا كان معه الماء ولكنه يحتاجه

قال حرب: قلت لأحمد فصاحب الجدري يتيمم؟ قال: نعم يتيمم. قال حرب: وسئل إسحاق عن المريض إذا لم يقدر أن يتوضأ؛ [قال: ] يتيمم. قال حرب: قلت لإسحاق: فإن المبطون يشتد عليه أن يصيب شيئا من جسده الماء هل يتيمم؟ قال: المبطون وغيره يتيمم. قلت: ييممه بعض من عنده؟ قال: نعم. "مسائل حرب/ مخطوط" (664 - 666) قال حرب: قلت لإسحاق بن إبراهيم: فرجل من المدينة على فرسخ، وليس في سفر فحضرت الصلاة، وليس له ماء، أيتيمم ويصلي؟ قال: نعم، يتيمم ويصلي. قلت: ويعيد؟ قال: لا، وأنا أرى في الحضر التيمم. "مسائل حرب/ مخطوط" (668) قال حرب: قلت لإسحاق: رجل في الصيد، وليس هو في سفر فحضرت الصلاة، ولم يكن له ماء، فتيمم وصلى؟ قال: يتيمم ويصلي. قلت: فيعيد الصلاة؟ قال: إن كان في معصية؛ يعيد. قيل: فهذا الذي في الصيد؟ قال: إن كان خرج في الصيد للكسب على عياله؛ فانه لا يعيد. "مسائل حرب/ مخطوط" (674) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا عرعرة بن البرند، عن أشعث، عن الحسن قال: إذا تيمم، ثم أتى على ماء فلم يتوضَ فحضرت الصلاة؛ قال: يعيد التيمم. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إن كنت على نهر أو بئر لا تقدر أن تنزل وليس معك ما تستقي به، فتيمم، ولا تعجل بالتيمم حتى تخشى الفوت، فإنك بمنزلة من لا يقدر على الماء. "مسائل حرب/ مخطوط" (680 - 681) إذا كان معه الماء ولكنه يحتاجه قال حرب: سئل إسحاق عن رجل في سفر، ومعه ماء قليل، وقد أجنب؛ قال: يتوضأ، ويتيمم، وإن خاف على نفسه العطش يتيمم. "مسائل حرب/ مخطوط" (670) قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى بقول: إن كنت في مفازة، وكان معك ماء يسير، وأنت تخشى على نفسك، فتيمم واستبق الماء لنفسك؛ لأنه رخص لك

من لا يجد الماء إلا بالثمن

في التيمم؛ لحال الضرورة، فإذا أمكنك ذلك، وكان معك من الماء قدر ريّك أو ريّ من معك، وأنت إن توضأت به خفت تلف نفسك، حل لك إمساك الماء؛ لأنك كأنك لا تجد حينئذ. "مسائل حرب/ مخطوط" (672) من لا يجد الماء إلا بالثمن قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إن لم تجد الماء إلا بثمن كما يبيع الناس، فاشتره، فإنه لا ينبغي لك أن تيمم وأنت تجد ما تشتري به كما يشتري الناس في أسعارهم، فإذا كان فوق ذلك، لم يلزمك الشراء، فإن أخذت بالفضيلة فاشتريت بما بلغ، فهو أحب إلينا؛ لما قال أبو هريرة: لأغتسلن يوم الجمعة ولو كأسًا بدينار، وأخطأ حيث وقّتوا في ذلك عشرة دراهم، أنه إذا بلغ ذلك أو جاوزه، لم يلزمه الشراء، ولا نرى زعمهم أنه يجزئه التيمم إذا أصاب دون عشرة دراهم فيما ذكر عبد اللَّه بن المبارك، عن أبي حنيفة. "مسائل حرب/ مخطوط" (682) الرجل يجامع أهله في السفر وليس معه ماء قال حرب: سمعت إسحاق يقول: إذا أردت أن تأتي أهلك وأنت في مفازة وليس معك ماء، فائت أهلك، وتيمم، فقد مضت السنة في أبي ذر وغيره. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا المعتمر قال: سمعت ليثًا يحدث، عن عطاء، عن ابن عباس أنه سئل عن الرجل يكون في السفر ومعه أهله وليس معه ماء، وقد أشتد عليه الشبق؛ قال: إن شاء أتى أهله وتيمم. "مسائل حرب/ مخطوط" (702 - 703) 3 - دخول وقت الصلاة، وهل يؤقت التيمم أم لا؟ قال حرب: سألت أحمد؛ قلت: الرجل يصلي الصلاتين بتيمم واحد؟ قال: أما أنا فأعجب إليّ أن يتيمم لكل صلاة. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: السنة أن يتيمم لكل صلاة؛ لقول اللَّه تبارك وتعالى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} الآية؛ ولما ذكر علي وابن عمر، ومن بعدهم من التابعين مثل: إبراهيم النخعي والشعبي. "مسائل حرب/ مخ" (623 - 624)

المتيمم إذا حضر الوقت يؤخر لعله يبلغ الماء

المتيمم إذا حضر الوقت يؤخر لعله يبلغ الماء قال حرب: قلت لأحمد فإذا حضر الوقت أيتمم ويصلي أم يؤخر لعله يبلغ الماء؟ قال: يؤخر أحب إليّ. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا حضر وقت صلاته، ولم يجد ماء، ولم يكن يطمع في الوجود من قريب، فتيمم لأول الوقت وصلي كما فعل ابن عمر. قال: أكره أن أؤخّر الصلاة عن ميقاتها؛ لعلي لا أبلغ وقت الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (630 - 631) 4 - أن يكون تراب طاهر له غبار قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: لا يتيمم بالثلج ولا يتوضأ به، إلا أن يسخنه فيكون ماء فيتوضأ به، ذكر عن عمر بن الخطاب، وعن أهل العلم من التابعين ومن بعدهم. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا بذلك سويد بن عبد العزيز، عن أبي جبيرة زيد بن جبيرة، عن داود بن حصين، عن نافع، عن ابن عمر قال: أصاب الناس الثلج على عهد عمر بن الخطاب فبسط بساطًا ثم صلى عليه، فقال: إن الثلج لا يتيمم، ولا يصلي عليه. "مسائل حرب/ مخطوط" (689 - 690) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا لم تجد ترابًا تتيمم به وكان في ثوبك أو في سرجك أو في برذعتك تراب يمكن التيمم به، وإمكانه وصول الغبار إلى كفيك، فهو جائز، ولا يتيمم بشيء على الأشجار والثياب، إلا أن يكون ترابًا يلزق باليد حتى يعرف ذلك كما يضع الرجل يده على الصعيد فيلزق به ما يتبين أثره. "مسائل حرب/ مخطوط" (692) ما جاء في نواقض التيمم 1 - وجود الماء قال حرب: سمعت إسحاق يقول: إن تيممت، ثم مررت بماء ولم توضأ فجاورت الماء فقد انتقض التيمم على كل حال، فتيمم من الرأس؛ لأنك

الرجل ينسى أن معه الماء، فتيمم

ضيعت الماء بعد الوجود إلا أن يكون في مكان لا يوصل إليه، كأنك لم تصب. "مسائل حرب/ مخطوط" (679) الرجل ينسى أن معه الماء، فتيمم قال حرب: قلت لإسحاق بن إبراهيم: رجل كان في سفر ومعه ماء فنسي أن معه ماء فتيمم وصلى، فلما فرغ من صلاته ذكر أن معه ماء؟ قال: يتوضأ ويعيد. قال حرب: وقال إسحاق أيضًا: كلما نسي فلم يذكر حتى تيمم وصلى، فإن ذلك جائز، وإن وجد الماء في الوقت الذي تجوز له الصلاة فيه، فإنه يعيد أحب إلينا؛ لما عد بعضهم ذلك منه إذا كان الماء في رحله تفريطًا. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: كلما كان في رحلك ماء فنسيت حتى صليت ثم علمت، فأعد الصلاة فإنك مفرط حيث لزمك الطلب ففرطت، والماء في رحلك، وكنت واجدًا له، إنما التيمم إذا جاء العجز من الإصابة فأما إذا ضيعتَ أعدتَ. "مسائل حرب/ مخطوط" (655 - 657) إذا تيمم وصلى ثم وجد الماء في الوقت قال حرب: قيل لأحمد: فرجل تيمم وصلى، ثم أدرك الماء في وقت الصلاة؟ فكأنه أحب أن يعيد الصلاة، وإن لم يعد؛ لم ير عليه شيئًا. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا تيممت فصليت، ثم وجدت الماء وقد صليت، فقد مضت صلاتك سنة ماضية. "مسائل حرب/ مخطوط" (641 - 642) إذا رأى الماء وهو في الصلاة قال حرب: قيل لأحمد: رجل تيمم فصلى ركعة، ثم رأى الماء؟ قال: أحب العافية من هذا، يروى عن مالك أنه قال: يمضي. قال أحمد: جعله مثل صوم الكفارة، إذا أخذ فيه ثم أيسر، مضى في صيامه. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: وإن وجدت الماء وأنت في صلاتك لم تسلم، فانصرف فتوضأ، وأعد الصلاة. قال: الانصراف أحب إلينا، وأما مالك وعامة أهل الحجاز، ومن يسلك طريقهم من أهل العراق، فإنهم

أبواب الطهارة من النجس

يرون إذا رأى الماء وهو في الصلاة أن يمضي فيها؛ لأن افتتاحه كان على الصحة، كما قالوا: إذا مضى في كفارة اليمين أو الظهار مضى على الصوم لما لم يجد، ثم وجد قبل الفراغ مضى على صومه. يقولون: إنما عليه الطلب بحدث ينتقض عليه صلاته. فهو قول يشبه السنة إلا أن ما وصفنا أولًا أحب إلينا؛ لما أخذ به الحسن بن أبي الحسن، ورأى ذلك الثوري، وابن المبارك، ومن سلك طريقهم، وكلٌ مذهب، واللَّه أعلم. "مسائل حرب/ مخطوط" (648 - 649) أبواب الطهارة من النجس ما جاء في أنواع النجاسات والمحال التي يجب إزالة النجاسة عنها، وكيف تزال، وحكم الانتفاع بها بعد إزالة النجاسة إزالة النجاسة عن غير الماء من المائعات والجامدات وحكم الانتفاع به قال حرب: قلت لإسحاق: آكل الجبن الذي قد بال عليه الفأر؟ قال: لا يعجبني إلا أن يغسل إذا أمكن ذلك، أو يطرح موضع بوله من الجبن إذا كان قد لطخه ثم يأكل الباقي. "مسائل حرب/ مخطوط" (48) قال حرب: سألت أحمد مرة أخرى؛ قلت: كلب ولغ في سمن أو زيت؟ قال: إذا كان في آنية كبيرة مثل جب أو نحو ذلك، رجوت أن لا يكون به بأس يؤكل، فإذا كان في آنية صغيرة، فلا يعجبني أن يؤكل. "مسائل حرب/ مخطوط" (61) قال حرب: قلت لإسحاق مرة أخرى: قدح من خمر انصب في جرة خل؟ قال: لا يصطبغ به من ساعته. كأنه رأى أن تركه حتى يشتد الخل. وذكر حديث عمر: "كلوا من الخمر ما بدا اللَّه فسادها". "مسائل حرب/ مخطوط" (81) الطهور يصيب ثوبه قال حرب: قلت لإسحاق الرجل ينام فيسيل لعابه؟ قال: لا بأس به، إذا صار

الثوب يصيبه البول والعذرة

على الثوب. قلت: فإن كان متغير الطعم يعلم أنه خرج من المعدة؟ قال: إن أصاب الثوب غسله. قال حرب: وسئل إسحاق مرة أخرى عن الرجل ينام فيخرج من فيه الماء الكثير ويصير على ثوبه؛ أيصلي فيه؟ قال: لا بأس. "مسائل حرب/ مخطوط" (329 - 330) الثوب يصيبه البول والعذرة قال حرب: سمعت إسحاق، يقول فمن سوى بين بول الغلام والجارية بعد: أخطأ وخالف الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ ولم يسمع عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا عن من بعده إلى زمن التابعين: أن أحدًا سوى بين بول الغلام والجارية. فاتباع السنن في ذلك أسلم. قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "بول الغلام يرش عليه وبول الجارية يغسل". قال قتادة: وهذا ما لم يطعما الطعام، فإذا طعما غسل. قال حرب: وسمعت إسحاق، يقول: إذا أكل الغلام الطعام غسل بوله، كما يغسل بول الجارية قبل أن تأكل. وما أشبه ذلك فليس من الطعام؛ لأن الصبي قبل أن يبلغ مبلغ أن يطعم ربما ألعقته الأم عسلًا وما أشبه ذلك لقلة لبنها، وأكل الصبي: هو الطعام إذا بلغ مبلغ ذلك. وأما سلحه: فلا نعلم في ذلك سنة مسنونة، فغسله طعم أو لم يطعم أحب إلينا. ولو كان الأمر بالقياس لكان سلحه يشبه ببوله، ولكن ترك القياس واتباع السنة أسلم. "أجزاء من مسائل حرب" ص 40 قال حرب: سألت إسحاق بن إبراهيم قلت ذبابة وقعت على عذرة رطبة ثم وقعت على وجهي أو ثوبي؟ قال: ما لم تستقر فليس عليك شيء. "مسائل حرب/ مخطوط" (249) قال حرب: قلت لإسحاق: رجل صب شيئًا من ماء على أرض عليها بول يابس أو عذرة يابسة فرش ذلك الماء بعد ما صار على الأرض على ثوبي

الثوب يصيبه الدم

قطرات، قال: يغسل ما أصابه ذلك الماء الذي رش على البول والعذرة حتى تبتل منه ثيابك. قال: ولذلك لا بد من غسله؛ لأن الماء والبول والعذرة إذا اختلط صار حكمه واحدًا يغسل. ورأيته يشدد في البول والعذرة جدًا. قلت لإسحاق: فرجل بال في ماء جارٍ فيرتفع من ذلك الماء ساعة يصير فيه البول قطرات فترش على ثوبي تلك القطرات التي ترتفع عن الماء؟ قال: ليس عليك شيء. "مسائل حرب/ مخطوط" (251) قال حرب: قلت لإسحاق: رجل بال فأراد أن يمسح ذكره بالحائط فأصاب ثوبه؟ قال: فإن استيقن؛ غسله للاحتياط. "مسائل حرب/ مخطوط" (253) قال حرب: قلت لإسحاق: رجل بال فصار على أصبعه بول قليل فلم يغسل أصبعه فعرقت فمس ثوبه، ما تقول في ذلك؟ قال: يغسله، وإن لم يعرف موضعه غسل الثوب كله. "مسائل حرب/ مخطوط" (255) قال حرب: قلت لإسحاق: ما تقول في الفراش ينام عليه الرجل وامرأته فيجامعها عليه وربما صار المني على الفراش، ولا يشك أن الفراش ليس بنظيف فينام عليه الرجل فيعرق ويبتل الفراش فيصيب ذلك البلل جسده هل يغسله؟ قال أبو يعقوب: إذا استيقن غسل ما أصابه شديدًا. قلت: لا يعرف مكانه. قال: يغسل جسده كله مثل الثوب إذا لم يعرف موضعه غسل الثوب كله. قلت لإسحاق: فإن كان الفراش لصبي لم يأكل الطعام يبول عليه فنام عليه رجل فعرق، ما تقول في ذلك؟ قال: ليس عليه شيء. قلت: فإن كان الصبي قد أكل الطعام؟ قال: يغسله شديدًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (257) الثوب يصيبه الدم قال حرب: قلت لإسحاق: رجل صار على ثوبه قطرة دم فبله ببزاقة ومحه حتى ذهب أثره؟ قال: لا يعجبني، إلا أن يغسله بماء. قلت: وإن ذهب أثره بالبزاق؟ قال: نعم. "مسائل حرب/ مخطوط" (331)

الثوب يصبه المني أو المذي أو الودي

قال حرب: قلت لأحمد: فرجل به جراحة وعليه ثوب فيصيب ثوبه المدة والدم وغير ذلك؟ قال: كلما كثر عليه غسَلَه. [قلت: ] فصاحب الجدري؟ قال: يغسل ثوبه، كلما كثر عليه. قال حرب: قلت لأحمد: فرجل به جراحة فعصب عليها خرقة فظهر الدم من فوق الخرقة؟ قال: إن كان قليلًا رجوت، فإن كان فاحشًا حل عنه الخرقة، وغسل عنه الدم، وغسل الخرقة. "مسائل حرب/ مخطوط" (387 - 388) الثوب يصبه المني أو المذي أو الودي قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: المني الخالص الذي لا يشوبه بول يصيب الثوب فيعرق فيه، قال: لا بأس به. قال حرب: قلت لإسحاق: فإن ثوبًا فيه بلل حتى لزق الثوب بالفراش؟ قال: إن كان قذر الفراش سوى المني غسله. "مسائل حرب/ مخطوط" (258 - 259) قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يفرك المني من الثوب إن شاء. قال حرب: وسألت أحمد مرة أخرى قلت: الثوب تصيبه الجنابة فيغمس في الماء؟ قال: يجزيه إذا ذهب ذاك عنه، ورخص في المني إن شاء فرك، وإن شاء مسح. قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى قيل: الرجل يجنب في الثوب فيصلي مكانه؟ قال: إن شاء غسل الثوب كله، وإن شاء فركه. قيل: ويجزئه الفرك؟ قال: نعم. قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: إذا أصاب البول الثوب، ولم يعلم مكانه غسل الثوب كله، وإن كان منيًا يعرف مكانه فركه، وإن لم يعرف مكانه، فإن شاء فرك الثوب كله حتى يأتي الفرك على كل موضع، وإن شاء غسله، وأما الفرك فسنة لا اختلاف فيها إذا كان المني يابسًا والرطب يُختلف فيه، منهم من رأى غسله، ومنهم من رأى مسحه بأذخرة وكل جائز، وغسله أحب إلينا ما دام رطبًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (262 - 265) قال حرب: ورأيت إسحاق يشدد في المذي إذا أصاب الثوب وقال: إذا لم

الثوب يصيبه عرق الجنب والحائض

يعرف مكانه غسل الثوب كله. "مسائل حرب/ مخطوط" (269) الثوب يصيبه عرق الجنب والحائض قال حرب: سمعت إسحاق يقول: السنة المجمع عليها أن اللَّه تبارك وتعالى فرض اجتناب وطئهن -يعني الحيض- ويغتسلن إذا طهرن. فعرقها لا ينجس شيئًا كعرق الجنب، وحكمها وحكم الجنب في ذلك سواء. وكان التشديد في أمر الحيض من المجوس ومشركي العرب؛ في اجتنابهن خشية العرق وغير ذلك، حتى أنزل أدته في ذلك أنه المحيض. فصرف في كل أمرهن على ما كن عليه، غير أنهم لا يصلين ولا يصمن ولا يوطئن. فإذا أصابت يد الحائض الماء وأصاب بزاقها شيئًا فهي في ذلك كسائر النساء، ولا ينجس عرق الحائض والجنب شيئًا. وأما عمل الحائض ومماستهن للرجال في غسل رؤسهن وغير ذلك، فلا بأس بذلك؛ وقد بينت عائشة ذلك كما وصفنا، وكن نساء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهن حيض يرجلنه. وفيما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن حيضها ليس في يدها". بيان ما وصفنا، وكذلك وضعها الشيء في المسجد ورفعها لا بأس به، غير أن لا يدخل جسدها كله المسجد، مساجد البيوت كانت أو الجماعات. ويكره مرورهن في المسجد إلا أن تحتاج كما يحتاج الجنب لضرورته في طلب الماء لغسله أو لغسلها، وما أشبه ذلك. ولا ينبغي مرورها في المسجد لغير حاجةٍ؛ لأن ذلك كدخولها وجلوسها. وحكم الحائض والجنب في ذلك سواء. قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا جرير، عن العلاء بن المسيب، قال: سألت حمادًا أتغسل الحائض ثيابها من عرقها؟ قال: لا، إنما يفعل ذلك المجوس. "أجزاء من مسائل حرب" ص 65، 66 كيفية غسل دم الحيض من الثوب قال حرب: سمعت إسحاق يقول: غسل دم الحيض من الثوب كما وصفت

البدن أو الثوب يصيبه نجس كالكلب وغيره

أسماء بنت أبي بكر، حيث قالت: تقرصه أو تحكه. فإذا كسر الدم كذلك ثم أصابه الماء كان أذهب لأثر الدم؛ لأن مرور الماء في الدم وما أشبهه من اللازق بالثوب لا ينقي كما ينقي ما حُك قبل ذلك أو قرص. ولو فعلت كما فعلت عائشة حيث كانت تقرص الدم من ثوبها بريقها حتى يذهب أثر الدم، كان ذلك جائزًا، والماء أطهر، وذلك رخصة. فمن قال: لا يُجزئ إذا فعلت المرأة كما فعلت عائشة فقد أخطأ؛ لأنهن أعلم بذلك. وفيما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حُتِّيه ثم أقرصيه ثم رُشيه بالماء"، بيان أن الغسل يجزئ دون ثلاث مرات. ليس كما قال هؤلاء: لا يُجزئ دون ثلاث غسلات وإن ذهب أثره. "أجزاء من مسائل حرب" ص 62 قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن عائشة، قالت: كانت إحدانا تكون لها الدرع فيه تحيض وفيه تصيبها الجنابة فتصيبه القطرة من الدم فتقطعه بريقها. "أجزاء من مسائل حرب" ص 64 البدن أو الثوب يصيبه نجِس كالكلب وغيره قال حرب: قلت لإسحاق: رجل مس كلبًا قد صب عليه ماء وظهر الكلب رطب فمسه رجل يصلي ولم يغسل يده؟ قال: إن ابتل يده أو ثوبه من الكلب، فإنه ينبغي له أن يغسله. "مسائل حرب/ مخطوط" (341) البدن أو الثوب يصيبه عرق الدواب ولعابها وسؤرها قال حرب: سئل أحمد عن عرق الحمار؛ فقال: لا يعجبني شيء منه. وسئل عن لعاب الحمار؛ فلم يعجبه أيضا. قال حرب: وسألت إسحاق عن عرق الحمار؛ فقال: إن غسل فحسن، وإن لم يغسل فحسن. قال حرب: قلت لإسحاق مرة أخرى: ركبت حمارًا عريًا فعرقت حتى بدى ظهر الحمار وأعرق الحمار حتى أصاب عرقه ثوبي؟ قال: لا بأس به. قال: وقال مالك بن أنس لا بأس بعرق الحمار، واحتج بحديث عمر بن الخطاب

النعل أو الثوب يصيبها بول الدواب وروثها

رضي اللَّه عنه أنه ركب حمارًا عريًا فعرق. "مسائل حرب/ مخطوط" (271 - 273) قال حرب: قلت لأحمد بن حنبل: فإن نخر الحمار فرشَّ على لعابه؟ قال: فرشه بالماء. قال حرب: وسألت إسحاق عن نثرة الحمار، قال: لا تغسل. "مسائل حرب/ مخطوط" (275 - 276) قال حرب: وسألت إسحاق عن نثرة السنور، قلت: سنور عطس فقطر على ثوبي من لعابه أو لحست الهرة يدي أو ثوبي بلسانها فأصاب بلل لسانها ثوبي أو يدي؟ قال: لا بأس به، ولا بسؤره، ورخص فيه. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا عبد العزيز بن محمد قال: ثنا داود بن صالح، عن أمه أن مولاة لعائشة أرسلت إلى عائشة بهريسة قال: فوجدتها تصلي، فأشارت إلى أن ضعيها. قالت: فوضعتها فجاءت الهرة فأخذت منها نهسة، فلما انصرفت، قالت للنساء: كلن فأبقين موضع فم الهرة، فأكلت عائشة من حيث أكلت الهرة، ثم قالت: إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم، ولقد رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتوضأ بفضلها. قال حرب: قلت لإسحاق: ربما ألقينا الخبز للسنور فيأكل بعضه ويدع بعضه ونحن نتقذر أن نأكله ونكره أن نلقيه؟ قال: إن تقذره فليعطه مسكينًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (345 - 347) النعل أو الثوب يصيبها بول الدواب وروثها قال حرب: سألت أحمد بن حنبل، قلت: حمار بال فرش على ثوبي قطرات؟ قال: أحب إليّ أن تغسله. قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: حمار بال فحمل الريح ذلك البول فأصاب وجهي وثيابي، ولا أرى أثره، ولكن قد حسست بذلك؟ قال: إذا استيقنت فاغسله. قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يطأ في سرقين الحمير وفي رجله خف؟ قال: يغسله، يعجبني كل شيء مما لا يؤكل لحمه أن يغسل.

البول إذا أصاب الأرض

قلت: إن هذا أمر يضيق جدًا، إن المسافر يدخل الخانات فلا يخلو من أن يطأ في الأرواث الرطبة؛ فقال بعد: إذا كان قليلًا رجوت. "مسائل حرب/ مخطوط" (280 - 282) قال حرب: وسمعت أحمد بن حنبل يقول في بول ما لا يؤكل لحمه يغسل وبول ما يؤكل لحمه: أحب إليّ أن يغسله أيضًا، إذا كان فاحشًا. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: قد مضت السنة أنه لا بأس ببول ما أكل لحمه ولا بأس بسؤره، وبكره سؤر البغل والحمار، ولا بأس بسؤر البعير والبقر والشاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (285 - 286) قال حرب: سألت إسحاق عن درق الطير والبازي والسقر والشاهين؛ قال: لا بأس به. قال: ويفركه. قلت: فدرق الغراب والنسر وهما يقعان على الجيف؟ فرخص فيه، وقال: درق الطير كلها لا بأس به. "مسائل حرب/ مخطوط" (294) البول إذا أصاب الأرض قال حرب: وقيل لأحمد مرة أخرى: الحديث الذي يروى؟ قال: زكاة الأرض يبسها؟ ! قال: لا أدري كيف هذا، لو أن بولا في الأرض فيبس وطلعت عليه الشمس لم يطهر؟ ! قيل: فإن ألقى رجل عليه ثوبًا وصلى؟ فلم يعجبه، واحتج بحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الأعرابي الذي بال في المسجد فقال: "صبوا عليه ماء". ومذهب أحمد أن يصب على الأرض الماء. "مسائل حرب/ مخطوط" (300) قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أبنا المطلب بن زياد قال ثنا محمد ابن مهاجر عن أبي جعفر قال: ذكاة الأرض يبسها. "مسائل حرب/ مخطوط" (305) الأرض يصيبها المطر، يطهرها من النجاسة؟ قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا صار البول في مكان من الأرض

أبواب إزالة النجاسة عن الأبدان

ثم أصابه المطر فقد طهر. قيل: فالعذرة؟ قال: إن العذرة ربما بقي أصله في مكانه. "مسائل حرب/ مخطوط" (299) أبواب إزالة النجاسة عن الأبدان باب في الاستطابة والحدث ما يقول إذا دخل الخلاء قال حرب: قلت لأبي عبد اللَّه أحمد: يتعوذ الرجل قبل أن يدخل الخلاء؟ قال: نعم. قلت: يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث"؛ قال: يروى ذلك عن أنس، وزيد بن أرقم. وكأنه أعجبه. "مسائل حرب/ مخطوط" (94) كراهية الذكر في الخلاء قال حرب: قلت لأحمد وإن كان على الخلاء فعطس؟ قال: يحمد اللَّه في نفسه. "مسائل حرب/ مخطوط" (96) صفة الاستنجاء قال حرب: سئل أحمد عن الاستنجاء بثلاثة أحجار؛ قال: أما أنا فأتبع الحجارة الماء، ويجزئ الاستنجاء بثلاثة أحجار إذا نظفه عن الماء. قال: ولم يصح في الاستنجاء بالماء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حديث. قيل: حديث عائشة؟ قال: هو حديث معاذة، عن عائشة، ولا يصح؛ لأن غير قتادة لم يرفعه. قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: ثلاثة أحجار إذا استنجيت بها تكفيك وتجزئك من الماء وأن تستنجي بالماء بعد الأحجار أحب إليّ إذا رأيت أن التمسح بالأحجار لم يجزئك ولا تستنجي بيمينك ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها بغائط ولا بول. "مسائل حرب/ مخطوط" (99 - 100) قال حرب: سئل أبو عبد اللَّه كيف الاستنجاء بالأحجار؟ قال: ثلاثة أحجار.

حكم الصلاة بدون الاستنجاء

قيل: فإن كان حجر له ثلاثة أطراف. قال: إذا كان كبيرًا. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: لا تستنج بعظم ولا رجيع -يعني العذرة- ويكره أن يستنجي بما قد استنجى به مرة إلا أن يكون الحجر عظيما له حروف فإن استنجى بالحرف الذي لم يستنج به، أجزأه، وإن حك الحجر حتى ذهب عنه القذر، أجزأه أيضًا. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا وكيع، عن سنان البرجمي، عن الحسن وحفص بن غياث، عن مسعر، عن عبد الملك قال: لا بأس به إذا قلبه أو حكه. "مسائل حرب/ مخطوط" (105 - 107) قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: لا يعجبنا أن يزيد على الاستنجاء على سبع مرات؛ لأن أكثر ما بلغنا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه أمر بغسل النجاسات سبعًا وأقل من ذلك يجزئ، بعد أن يأتي على الإنقاء. قال: وإن تمسح بثلاثة أحجار غير رجيعات أجزأ ذلك سنة مسنونة لا اختلاف بين أهل العلم في ذلك، إلا أن يثلط ثلطًا يزيد النجاسات على موضع المقعدة فحينئذ يلزمه الغسل، ولو كان في موضع مقعدته بواصير وما أشبهها تسيل منها المدة لم يجزه التمسح بالأحجار حينئذ؛ لأنه اختلط بما لم يؤمر بمسحه بالحجارة. قال حرب: قال إسحاق: وأخبرنا عبدة بن سلمان، عن هشام بن عروة، عن عمرو بن خزيمة، عن عمارة بن خزيمة، عن خزيمة بن ثابت الأنصاري رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الاستطابة بثلاثة أحجار: "ليس فيهن رجيع". "مسائل حرب/ مخطوط" (109 - 110) حكم الصلاة بدون الاستنجاء قال حرب: قيل لأحمد رجل توضأ ونسي الاستنجاء وصلى؛ قال: يعيد الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (112) ما يجزئ من الماء والأحجار في الاستطابة قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى في الرجل يمسح بالأحجار ولا يستنجي

باب في الدماء الخارجة من الرحم وأحكامها

بالماء: أجزت صلاته. قال حرب: وسمعت إسحاق سئل عن رجل ترك الاستنجاء بالماء وصلى؛ قال: تجوز إذا مسح بالأحجار. "مسائل حرب/ مخطوط" (113 - 114) باب في الدماء الخارجة من الرحم وأحكامها فصل في الحيض وأحكامه أكثر سن تحيض فيه المرأة قال حرب: سألت أحمد، قلت: المرأة في كم ينقطع عنها الدم إذا بلغت السن؟ قال: يقال ينقطع عنها الولد في ستين. وإذا انقطع الولد انقطع الدم. "أجزاء من مسائل حرب" ص 68 أكثر الحيض وأقله قال حرب: سمعت إسحاق بقول: حاج بعض أهل المدينة أهل العراق، فقال: إذا ادعيتم أن المستحاضة تدع الصلاة عشرًا وجعلتم أقل الطهر خمسة عشر يومًا، فما بال هذِه الخمس تمام الشهر؟ إلا جعلتم في الشهر حيضة وطهرًا؛ إذ لم يكن في الطهر سنة. فلو جعلتم في الشهر حيضةً وإلا طهرًا كان أشبه بالكتاب والسنة. وكذلك قال مالك بن أنس: في الشهر حيضة وطهر للمستحاضة. وهذا لمن لم يكن له أقراء معروفة. فلما أدخلوا على مالك أن بعض نساء الماجشون تحيض إحداهن عشرين يومًا حيضًا معتدلًا؛ فقال مالك: لا تحيض المرأة أكثر من نصف دهرها. وقال مالك في التي لها الأقراء المعلومة فتستطهر بعد أقرائها بثلاث: تدع الصلاة فيها كما تدع في أيام أقرائها. يعني إذا مضت أيام أقرائها وزيادة ثلاثة أيام فهي حينئذٍ مستحاضة. وقالوا: إن مالكًا قال بهذا القول حتى مات؛ وتأول في الثلاث التي زادها

على أقرائها حديثًا رواه بعض أهل المدينة، فيه ضعف يرفعونه: أنه أمرها أن تستطهر بعد أقرائها بثلاث، ثم هي مستحاضة. وخالف بعض أهل المدينة مالكًا في ذلك، وقال: إذا مضت عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضها من الشهر فهي مستحاضة حينئذ، وليس لها أن تستطهر بعد أقرائها بأيام. وهذا القول أصح، وأشبه حينئذ بالسنة الماضية المعروفة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، حيث قال للمستحاضة: "اجلسي عدة الليالي والأيام التي كانت تحيض". وليس في حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- استطهار، ولا تنقض السنة المعروفة بمثلها. وإنما صح الاستطهار بيوم أو بيومين بعد أقرائها: عن ابن عباس، والحسن، وعطاء، ونظرائهم. فمن قال كذلك لم يعنف، والمعروف ما وصفنا من قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ترك الاستطهار. وأجمع مالك وأهل المدينة: على أن أكثر الحيض خمسة عشر يومًا وأقل. فذلك عندهم حيض، كان لها أقراء معلومة أو لم يكن. وقالوا: هذِه امرأة زاد حيضها على وقتها، فبلغت أقصى ما تحيض النساء ثم انقطع. وقالوا: لا نرى أقصى الحيض إلا خمسة عشر يومًا. وقال مالك: لو رأت المرأة دفعة حيضًا أو يومًا ثم رأت الطهر يومًا فدامت على ذلك أشهرًا، لكان ذلك حيضًا وطُهرًا؛ ويحتج بقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لفاطمة: "إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فصلي". فإقبال الدم عنده المعاينة، وإدباره الطهر. فإذا كان وقت المرأة معلومًا لا يزيد عليه في الشهر حيضًا مُعتدلًا، فرأت زيادة مرة على أقصى أيام أقرائها: فإن كان الدم الذي رأته عبيطًا أو صفرة أو كدرة أو دمًا سائلًا مستمرًا بها فهي مستحاضة؛ لما وقت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أيام الأقراء لمن تعرف الأقراء، وقد سألته المرأة: إني استحضت، فبين لي الأقراء. ففي سؤالها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: بيان أن أيام حيضها زادت على أقرائها من قبل، فلم يؤقّت لها وقتًا ولم يأمرها أن تجلس أكثر من أيام أقرائها.

وأدخل بعض أهل العراق على مالك بن أنس، فقال: إذا جعلت الحيض يومًا واحدًا وأقل وأكثر. فإذا طلقها زوجها فقد انقضت عدتها في أيام قلائل. فقال: إن حكمها في الطلاق أن تربص أقصى أيام أقرائها قبل أن تبتلى بالاستحاضة. فإن قالوا: قد جعلت حُكمين للمستحاضة. حُكمًا للطلاق على حدة، وحكمًا للصلاة على حدةٍ! قيل لهم: إنما تنكرون على من اتبع السنة وقلدها مثل ما تأبون، وكيف جاز لك أن تنكر على مالك وأهل المدينة ومن سلك طريقهم وتمييزهم إذ أشكل عليهم شأن المستحاض بين وقت الصلاة ووقت عدة الطلاق، وقد قلتم بأجمعكم: لو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام ثم رأت الشهر الثاني ستة أيام والشهر الثالث سبعة أيام أجزنا لها الصلاة بأقل أيام أقرائها، وفي عدة الطلاق بأقصى أيام أقرائها. فهل هذا التمييز منكم بعقولكم إلا مثل ما أنكرتم على مالك بن أنس وأهل المدينة، حيث فرقوا بين حُكم الصلاة والطلاق. بل هم أشد اتباعًا واستقصاءً وحيطة منكم؛ حيث ردوا حكم المستحاضة إذا اختلط إلى ما أشبه الكتاب والسنة. جعل السنة عدة المطلقات ثلاثة قروء، وجعل لمن لم يكن لها قرؤ شهرًا بدل كل قرؤ. فمن هنا حكموا. قال أبو يعقوب: ولا تكون المستحاضة حائضًا أبدًا؛ وسماها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مستحاضة، وبين لها الأيام كما بين للحائض الطهارة من الدم، وهي أن تقعد قدر أيام حيضها من أيام استحاضتها لا تصوم ولا تصلي. فإذا كان أقراؤها متفاوتًا كان الاحتياط لها أولى عند أهل العلم، إذا لم يكن عندها يقين وجهلت ما بين لها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من أيام الأقراء، فلا تعلم على أي دميها معنى قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أيام أقرائها. قال أبو يعقوب: والنساء في أيام أقرائهن يحضن في أول الشهر مرة، في أوسطه مرة أخرى، وفي آخر الشهر كذلك، ينتقلن في الشهور على ما وصفنا لا يقدر عالمٌ أن ينكر ما وصفنا من انتقالهن، وهن مؤتمنات مصدقات على ما أخبرن عن أنفسهن ما لم يعلم أنهن قلن ما لا تحيض النساء في مثله. وأمرهن في الاستحاضة كأمرهن في الحيض إذا ادعين من ذلك ما يكون من النساء، مع

أن المعلوم من النساء لا يبلغن العشر. وقال أبو يعقوب: وقال بعض أهل العلم: إن معنى قول أنس بن مالك، وإن لم يكن في الاستناد لما ضعفه حماد بن زيد وغيره: أنه جعل الغالب من أقراء الحيض دون العشر وصيرها مستحاضة بعد العشر. ولم يجعل أنس أقصى الحيض شهرًا، ولكن جعل ذلك اختيارًا على معنى الاحتياط. وليس في حديث الجلد في ضعفه أن لا يكون الحيض أكثر من العشر. وأحسن الناس سياقة لألفاظ الحديث: إسماعيل بن علية. فذكر في حديث الجلد: تغتسل وتصوم بعد العشر. ولم يقل إنها بعد العشر غير حائض ولا حائض. قال أبو يعقوب: كلما كان الوقت بينًا عندها تعرف ذلك قبل استحاضتها فإنها لا تقصر عما علمت أبدًا، كان أكثر من عشر أو أقل من ثلاث. وإنما جعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لكل امرأة على حالها عند استحاضتها أن تقعد أيام أقرائها لا أيام أقراء غيرها. واختار قوم من أهل العراق العشر، فجعلوا ذلك أقصى حيض النساء كلهن. واختار عدة من أهل المدينة وعدة من علماء أهل الحجاز الخمس عشرة يومًا، فجعلوا ذلك أقصى ما يكون من الحيض. وهم أولى أن يتبعوا؛ لما تحقق عند أهل العلم أن الحيض يكون كذلك. وقال عطاء: خمسة عشر. وسعيد بن جبير: ثلاث عشرة، فقد استيقنا أن الحيض يكون أكثر من عشرة. فمن ها هنا قال ابن المبارك: أو استطيع أن أرد حيض امرأة لها أقراء معروفة أكثر من عشرة -أن أردها- إلى عشر. وإنما قال عبد اللَّه في العشر في بعض ما قال، كمعنى ما قال أنس بن مالك لمن لم يعرف الأقراء. وقد قال عبد اللَّه بالثلاث للبكر التي لم تعرف وقت الحيض: إن أوثق عندي في نفسي أن تجلس البكر ثلاثًا. وإنما أمرها بثلاث للاحتياط. وقال بعض أهل العلم: أرى للبكر أن لا تجلس إذا استمر بها الدم في أول ما ترى إلا يومًا واحدًا؛ لأن من العلماء من رأى الحيض يومًا. فالأخذ بالثقة -كهذه التي رأت الدم أولًا واستمر بها الدم- أولى وأحوط. وليس ما قال بين. "أجزاء من مسائل حرب" ص 71 - 78

قال حرب: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل، قلت: الحيض، كم أقله؟ قال: أما الذي أختاره أنا، فأقله يوم وليلة. قلت: فكم أكثره؟ قال: خمسة عشر يومًا. قلت: لا يكون أكثر من خمسة عشر؟ قال: لا. قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: قال عطاء: الحيض يوم واحد. قال حرب: قال إسحاق: وذكر عن بكر بن عبد اللَّه المزني أنه قال: تحيض امرأتي يومين. قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا يقول: قد صح في زماننا عن غير واحدة أنها قالت: حيضتي يومان. قالت امرأة من أهلنا معروفة: لم أفطر منذ عشرين سنة في رمضان إلا يومين، ويكتفى في مثل هذِه الحكاية بالرجل الصالح عن المرأة الصالحة التي لا تتهم تخبر بحيضتها عن نفسها. "مسائل حرب/ مخطوط" (947 - 950) قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أبنا عيسى بن يونس، عن الربيع بن صبيح، عن عطاء قال: الحيض خمس عشرة. قال حرب: وسألت أحمد مرة أخرى، قلت: امرأة تحيض في كل شهر ستة عشر يومًا أو سبعة عشر يومًا؟ فأنكر ذلك، وقال: لا يكون، يذهب إلى الخمسة عشرة يومًا. قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى، وسئل كم أقل الحيض؟ قال: يروى عن عطاء قال: أدنى وقت الحيض يوم. قيل: وأكثره؟ قال: يقولون خمس عشرة. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: حدثنا سفيان بن عبد الملك، عن ابن المبارك قال: قال الأوزاعي، ومالك بن أنس: كانت عندنا امرأة تحيض، قال أحدهما: خمسة عشر يومًا، وقال الآخر: تحيض يومًا واحدًا حيضًا معتدلًا. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا حفص بن غياث، عن أشعث، عن عطاء قال: الحيض خمسة عشر. قال حرب: سمعت إسحاق أيضًا يقول: قال عبد الرحمن بن مهدي: قول

مالك بن أنس حيث يقول: لا يكون الحيض أكثر من خمسة عشر يومًا، إنما ذلك لامرأة لا تعلم وقت حيضتها، فسنتها ما أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تدع الصلاة أمام أقرائها، ثم تغتسل وتصلي؛ لأن حيض النساء يتغير في الأحايين، وربما كان حيضها خمسة أيام، ثم يرتفع إلى أكثر من عشرة، ثم ينقص، مع أنه لم يبلغنا أن امرأة حاضت أكثر من خمسة عشر يومًا إلا واحدة سبعة عشر يومًا، فيما وصف عنها، وهذا قليل في النساء، وكذلك اليومين، ولقد قالت امرأة يقال لها أم العلاء: حيضتي منذ آباد الدهر يومان، فلم يزل على ذلك حتى تعدت من الحيض. قال حرب: ورأيت أحمد بن حنبل لا يصحح حديث الجلد بن أيوب، عن معاوية بن قرة، عن أنس بن مالك في الحيض. وكذلك قال حماد بن زيد: كان ههنا شيخ يعني الجلد بن أيوب لا يدري قرء الحائض من المستحاضة؛ لقنوه، حتى صح لهم حديثًا، قوله: الثلث والخمس إلى العشر. "مسائل حرب/ مخطوط" (953 - 959) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول عن بعض أهل العلم: إن امرأة كانت ترى الدم سبعة عشر يومًا، حيضًا معتدلًا في الشهر. وقال آخرون: بعض نساء الماجشون تجلس عشرين يومًا، فأنكر ذلك مالك، وقال: لا تحيض أكثر من نصف دهرها، فلست أرى ما زاد على الخمسة عشر يومًا، فأرى إن كان ذلك يكون حتى يعرف ذلك لامرأة وترى في ذلك في أبانها لأوقاتها أن يحكم لها بحكمها؛ لما أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اجلسي أيام أقرائك" فردّ كل واحدة إلى خلقتها، مع أني أظن أن ذلك لا يكون إلا بالاختلاط تحيض مرة سبع عشرة ومرة أنقص ومرة أكثر، فإذا دخل في الوقت ذلك، ولم يصح فيه سنة ولا إجماع من أهل العلم رجعنا إلى إجماع أهل العلم وما عقلوه خمسة عشر يومًا، وهكذا اختار ابن مهدي ونظراؤه من أهل العلم، إلا أن يكون ما زاد على الخمسة عشر، كما وصفنا أمر معروف في كل شهر. "مسائل حرب/ مخطوط" (1062) قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن مخلد قال: أخبرني المعتمر بن سليمان، عن أبيه قال: قلت لمحمد بن سيرين: المرأة تحيض فتزيد على ذلك

خمسة أيام؟ قال: تصلي. قلت: فأربعة أيام؟ قال: تصلي. قلت: ثلاثة أيام؟ قال: تصلي قلت: يومين؟ قال: ذلك حيضها. قال حرب: قال أبو يعقوب: فقد تبين في قول ابن سيرين، حيث يقول: النساء أعلم بذلك، إنها تعرف خلقتها وطبيعتها، وفيما وصفنا من قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للنسوة اللاتي استحضن على عهده، فأفتى كل واحدة بفتيا خلاف ما أفتى الأخرى: أن الحيض من النساء في ذلك مختلف، ولم يحجر عليهن أن يلزمن وقتًا واحدًا يكون ذلك آخر حيضهن، كما فعل هؤلاء، ولو كان للحيض أول وآخر كما قال هؤلاء: الثلاث أقله، والعشر أكثره، لبين النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك لبعضهن، ولم يعم عليهن. ويعلم الناس كلهم أن العدد أهون عليهن في الإحصاء من أن يكلفن إقبال الحيضة وإدبارها، فكيف يستوسع عالم أن يوقت لها؟ والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جعل ذلك إليهن من غير وقت، فقال لهن: "إذا أقبلت الحيضة وإذا أدبرت" فلو لم يكن الإقبال والإدبار معقولًا عندهن ما كلفهن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولقال لهن لو كان الوقت يجوز في ذلك، كما وقت هؤلاء: أجلسن كذا وكذا يومًا لا تزدن على ذلك، وهل سمعتم أن إحداهن ردت على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما سمعت منه بأني لا أعقل ما وصفت لي؟ ففي ذلك بيان أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خاطبهن بما عقلن وفهمن، وفيما قال على المستحاضة بيان نفي العدد حيث قال: "فإذا رأت الدم العبيط الذي لا خفاء به" علم أن ذلك معقول عند النساء، ألا ترى إلى ما قال الأوزاعي: إن إقبال الحيضة: سواد الدم ونتنه وتغيره لا يدوم بالمرأة، ذلك لو دام بها لقتلها، فقد فسر الأوزاعي الإقبال والإدبار، مع أن مالك بن أنس فسر الإقبال بظهور الدم، ولو كان ذلك قدر قطرة واحدة رآه حيضًا، حتى أنه لو دفعت دفعة واحدة دمًا عبيطًا في رمضان كفت عن الصلاة وتركت الصلاة. والإدبار فسره الطهر يقول: كلما رأت دمًا تركت الصلاة، وإذا رأت طهرًا صلت، وعلم رسول اللَّه أن طبائع النساء في ذلك مختلفة، ربما حاضت المرأة ثلاثًا، وربما كان خمسًا أو ستًا أو سبعًا أو أكثر من ذلك أو أقل، فجعل كلما كان من ذلك وقتًا لقرئها، إنما ذلك إليها. أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إحدى النساء اللاتي سألنه: "اجلسي أيام أقرائك" وأمر

الأخرى إذا أقبلت الحيضة "فدعي الصلاة وإذا أدبرت فصلي" وأمر حمنة بنت جحش حيث أكثرت عليه من تخليط حيضها قالت: إنما أثج ثجًا. فأمرها حينئذ بالتحري. فقال: "تحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم اللَّه، ثم صلي ثلاثًا وعشرين ليلة أو أربعًا وعشرين ليلة وأيامها" فجعل وقتها عند اختلاط حيضها في كل شهر حيضًا وطهرًا ذلك على معنى الأقراء أنه جعل بدل كل شهر حيضة في العدة وهكذا الغالب من حيض النساء، مع أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كفى النساء مؤنة العدد فقال: "ستة أيام أو سبعة أيام كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن". قال حرب: قال أبو يعقوب: فحكم الاستحاضة: ما سن فيه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للنسوة اللاتي استحضن فسألنه، فأمر كل واحدة منهن على حالها بحكم مختلف، وردّ كل واحدة منهن إلى طباعها، ولم يجعل حكم كل امرأة استحيضت حكم نساء الدنيا. فقال لبعضهن: أيام أقرائها، إذا علمت ذلك عشرًا أو خمسة عشر أو أقل أو أكثر، إذا كان ذلك أقراء معروفة في الشهر. وقال للأخرى: "إذا اقبلت الحيضة فدعي الصلاة" وقال للثالثة التي اختلط عليها حيضها من استحاضتها حيضًا وطهرًا في الشهر. وهو ما وصفنا من قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لحمنة بنت جحش في صدر باب: الحيض، فلا تكاد المرأة تعدو في دمها ما وصفنا، فمن يفهم ما وصفنا من هذِه الأصول الصحيحة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومنازل الحيض عرف حكم ما يطهر من النساء من الدم، وقد بينا حكم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على الوجوه التي ذكرنا، ولا يخرج الدم من هذِه المعاني أبدًا؟ لأنه لو كان خارجًا من ذلك لبين لهن، وهي مسائل قد ابتلي بها هؤلاء النسوة، فسألن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فحكم لهن بما وصفنا من غير وقت ولا عدد، ولو كان يجوز فيه الوقت والعدد لكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أولى البشر بذلك؛ لأن وقت العدد على النساء أخف مما كلفهن من الإقبال والإدبار، وتحري دم الحيض من دم الاستحاضة، وبعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ميسرًا ومبينًا، فأما ما قال هؤلاء في الحيض والاستحاضة، وتوقيتهم العشر للنساء كلهن على طبيعة واحدة، فهو خلاف قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وخلاف طبائع النساء، وذلك أنه موجود عندهم الاختلاف في طبائعهن بحيض النساء خمسًا أو ستًا أو سبعًا أو ثمانيًا في الشهور

مدة الطهر بين الحيضتين

كلها حيضًا معتدلًا مستقيمًا، فإذا عرفوا اختلاف طبائعهن فيما دون العشر فكيف حكموا لجميعهن فوق العشر بأمر واحد؟ ولم يردوا على واحد إلى خلقتها وطبيعتها، إذا كان موجودًا عندهم اختلاف حيض النساء، وقد تقدمهم الثقات من أهل العلم من التابعين ومن بعدهم أن خلقتهن تختلف فوق العشر كما تختلف هنا. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا روح بن عبادة قال: ثنا مالك بن أنس، عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فاستفت لها أم سلمة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصببها الذي أصابها، فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر فإذا خلفت ذلك فلتغتسل، ثم لتستثفر بثوب، ثم تصلي". "مسائل حرب/ مخطوط" (1043 - 1046) مدة الطهر بين الحيضتين قال حرب: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل، قلت: كم بين الحيضتين؟ قال: ليس فيه شيء موقت، هو: ما تعرف المرأة وعادتها. قال حرب: وسألت أحمد مرة أخرى، قلت: امرأة تحيض في كل اثني عشر يومًا؟ قال: إن كان ذلك عادتها. قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم، وسئل: هل يكون بين الحيضتين أقل من خمسة عشر يومًا؟ قال: نعم يومين. "مسائل حرب/ مخطوط" (1047 - 1049) قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم، عن أهل المدينة: إن أقل الطهر خمسة عشر يومًا يجعلون في الشهر حيضة وطهرًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (1052) الأقراء ومعناه قال حرب: قيل لأحمد: الأقراء، الأطهار أو الحيض؟ قال: لا أتكلم في هذا. قيل: حديث عمر وعبد اللَّه صحيح في هذا؟ قال: نعم. قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى، عن الأقراء، فقال: أكره أن أقول فيه

الصفرة والكدرة في أيام الحيض

شيئًا، وأهل المدينة يقولون: الأطهار. فكنت أقوله ثم هبته؛ لحديث عمر وعبد اللَّه. قال حرب: وسألت أحمد مرة أخرى قلت: الرجل يطلق امرأته فيراجعها وقد دخلت في الحيضة الثالثة؛ قال: في هذا اختلاف. وسكت، ثم قال: ربما قلت بقول أهل المدينة ثم أتهيبه؛ لحديث عمر وعبد اللَّه. قال: وأهل المدينة يقولون إذا رأت قطرةً من دم الحيضة الثالثة فقد بانت. قال: ويقولون هذا أحوط. قال حرب: وسألت إسحاق عن الأقراء؟ قال: الطهر تنقضي به العدة، والحيض قرؤ. "أجزاء من مسائل حرب" ص 57 الصفرة والكدرة في أيام الحيض قال حرب: سألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: امرأة كان طهرها عشرين يومًا، وربما كان خمسة وعشرين يومًا وربما كان ثلاثين يوفا فاستحيضت كيف تصنع؟ قال: إذا كانت المرأة حيضها بيّن كم من يوم ثم استحيضت، فما تدري ما الذي رفعها عن حيضها؟ فإنها تقعد أيامها التي كانت تحيض قبل البلاء الذي نزل بها، ودم الحيض: دم أسود، يعرف فإذا صارت كدرة أو صفرة أو تربة وجاوزت أيام حيضها حينئذ، فهي مستحاضة تغتسل إذا مضى وقت حيضها وتوضأ لكل صلاة وتصلي وتصوم رمضان، ويأتيها زوجها في الاستحاضة، وذلك أن الصلاة أعظم حرمة من الجماع. قال حرب: قال إسحاق: والحيض قد يتقدم ويتأخر. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا الوليد بن مسلم قال: سمعت الأوزاعي يقول في المستحاضة إذا لم تعرف وقت نسائها ولم يكن لها أيام تعرف فيما مضى؛ قال: تأخذ بهذا الحديث "إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة". قال حرب: قال الأوزاعي: وإقبالها: سواد الدم ونتنه وتغيره لا يدوم عليها؛ لأنه لو دام عليها قتلها، فإذا اسود الدم؛ فهو حيض، وإذا أدبرت الحيضة فصارت صفرة أو كدرة؛ فهي مستحاضة. قال حرب: قال أبو يعقوب: وفيما روى محمد بن عمرو، عن الزهري، عن عروة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لأم حبيبة: "إن دم الحيض: دم أسود" يعرف تصديق قول

الصفرة والكدرة بعد أيام الحيض

الأوزاعي. وكذلك روى، عن ابن عباس أنه قال لامرأة مستحاضة: أما ما دامت ترى الدم البحرانيّ؛ فلتدع الصلاة، فإذا جاوزت ذلك؛ اغتسلت وصلت. قال حرب: قال إسحاق: وسألت النضر بن شميل عن الدم البحراني فأنشأ هذِه الأبيات: وردٌ من الجوفِ وبحرانيُّ حتى إذا مست منه الري مماطل العرق به الصريُّ وصار منه السكب السكريُّ فالدم البحراني: الأحمر الذي يضرب إلى السواد. قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا محمد بن أبي عدي قال: ثنا محمد بن عمرو، عن الزهري، عن عروة أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض، فقال لها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن دم الحيض: دم أسود يعرف، فإذا كان ذاك فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق". قال حرب: حدثنا أحمد قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: أنبا خالد الحذاء، عن ابن سيرين قال: استحيضت امرأة من آل أنس بن مالك، فأمروني فسألت ابن عباس؟ فقال: أما ما رأيت الدم البحراني، فلا تصلي، فإذا رأت الطهر ولو ساعة من نهار، فلتغتسل ولتصلي. قال حرب: قال أحمد: إذا رأت الطهر، فلتغتسل ولتصلي. يذهب إلى قول ابن عباس. "مسائل حرب/ مخطوط" (1007 - 1016) الصفرة والكدرة بعد أيام الحيض قال حرب: سألت أحمد بن حنبل قلت: امرأة ترى الصفرة والكدرة بعد طهرها؟ قال: كل شيء تراه بعد طهرها فليس بشيء، تصوم وتصلي. قلت: فإن كان دمًا؟ قال: وإن كان دمًا. قال حرب: سمعت إسحاق يقول: إذا رأت صفرة أو كدرة ملتزقًا بحيضها في

أيام أقرائها، فذلك حيض كله، ولا اختلاف بين أهل العلم في ذلك. قال حرب: هذا عندي الصواب. "مسائل حرب/ مخطوط" (1065 - 1066) قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن ربيعة ويحيى بن سعيد قالا: الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض حتى تترك الصلاة، فإذا أستكملت أيامها فتمادى الدم بها أو صفرة أو كدرة، فهي استحاضة تغتسل وتصلي، فإن انقطع عنها الدم أو الصفرة أو الكدرة عند تمام أيامها اغتسلت وصلت، فإن عاودها الدم بعد ذلك أو كدرة أو صفرة، فهي استحاضة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1068) قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: ثنا محمد بن إسحاق قال: حدثتني فاطمة بنت المنذر قالت: كنا في حجر جدتي أسماء بنات بنتها، فكانت إحدانا ترى الطهر، ثم لعل الحيضة تنكسها إلى الصفرة والكدرة، فتأمرنا أن نعتزل الصلاة حتى لا نرى إلا البياض خالصًا. قال أبو محمد: هكذا عنتني في أيام الأقراء. قال حرب: حدثنا أحمد قال: ثنا عبد الملك بن عمرو قال: ثنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو سلمة أن أم بكر أخبرته عن عائشة رضي اللَّه عنها أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في المرأة ترى ما يريبها بعد الطهر، قال: "إنما هو عرق أو عروق". "مسائل حرب/ مخطوط" (1071 - 1072) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا أبو بكر بن عياش قال: ثنا أبو إسحاق عن الحرث عن علي قال: إذا رأت المرأة بعد طهرها مثل غسالة اللحم ما لم يكن دمًا فلتنضحه بالماء ولتحتشي وتصلي، فإنما هي ركضة من الشيطان في الرحم. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا جرير، عن المغيرة، عن إبراهيم قال: إذا كان يسيل منها مثل غسالة اللحم، فإن كان أحمر اغتسلت، وإن لم يكن أحمر توضأت وصلت، إلا أن يكون في أيام حيضها فهي بمنزلة الحائض. قال حرب: سمعت إسحاق مرة أخرى يقول: تفسير ما وصفنا عن عائشة وأم عطية ومن وصفنا من التابعين ومن بعدهم في الصفرة والكدرة ما بين الأوزاعي، عن

المرأة تحيض قبل الوقت

ربيعة ويحيى بن سعيد، إذا رأت المرأة صفرة أو كدرة في أقرائها المعروفة، فذلك حيض، وربما كانت المرأة خلقتها في دم حيضها أرق من الأخرى، فمن ههنا قالوا: التربة في أيام الحيض حيض، ولم يجعلوا ذلك بعد أيام أقرائها. فرأى أكثر أهل العلم أن تغتسل وتصلي، ولا تعد التربة شيئًا يعني بعد أيام حيضتها. وإنما معنى قول عائشة: حتى ترين القصة البيضاء، إذا كان ذلك عند انقضاء أيام محيضها، قالت: لا تغتسل ما دامت ترى صفرة أو كدرة -يعني: في أيام الحيض- فإذا انقضى حيضها اغتسلت وصلت. والذين قالوا: إذا كانت التربة بعد أيام حيضها مع حيضها لا ترى طهرًا بينهما فذلك حيض حتى تستكمل أقصى أيام أقرائها، على ما قال الحكم والحارث العكلي يتبين دم الحيض من دم الاستحاضة، إذا أدرك قرءا قرءا فحينئذ هي مستحاضة لما يكون الدم متغيرًا. والقول الأول أشبه بسنة النبي صلى اللَّه عليه وسلم حيث أمر المستحاضة أن تجلس أيام أقرائها، ثم تغتسل وتصلي، وهذا الذي نعتمد عليه، وعليه أكثر أهل العلم. قال حرب: وقال إسحاق: وقد اختلفوا في الكدرة في أيام الحيض؛ فقال بعضهم: ليس بحيض، وخالف أكثرهم في ذلك. وأما الصفرة وما أشبهها فهو عند أهل العلم كلهم حيض، إذا كان ذلك في أيام الحيض. "مسائل حرب/ مخطوط" (1074 - 1077) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا وكيع، عن شريك، عن عبد الكريم، عن عطاء قال: إذا رأت الصفرة بعد الغسل توضأت وصلت. "مسائل حرب/ مخ" (1079) المرأة تحيض قبل الوقت قال حرب: سألت أحمد، قلت. امرأة كانت تحيض في عشرين يومًا مرة، ثم إنها حاضت في ثلاثة عشر يومًا أو خمسة عشر يومًا أو أقل؟ قال: تنظر إلى وقتها وعادتها التي كانت، ولا تلتفت ذلك. يذهب إلى أنه العشرين قال حرب: وأما إسحاق فسمعته يقول: إن كان الدم الذي رأته قبل وقتها دمًا

أسود فهو حيض تترك الصلاة وإن كانت صفرة أو كدرة لم تترك الصلاة حتى يجيء وقتها. قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى، قلت: امرأة كان لها وقت معلوم تحيض فيه، فرأت الدم قبل وقتها؟ قال: كلما رأت دم الحيض تركت الصلاة، وإن كانت صفرة أو كدرة فلا، هي استحاضة. قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى، قلت: امرأة كانت تحيض في اثنين وعشرين يومًا، فحاضت في ستة عشر يوما، وبينها وبين حيضها بعد ستة أيام؟ قال: إذا كان الدم الذي رأته قبل الوقت مثل في م الحيض، فإنها تدع الصلاة بقدر أيام حيضها وإن رأته قبل وقتها، وإذا كانت صفرة أو كدرة، توضأت وصلت حتى تأتي أيام حيضها؛ لأنها بمنزلة الاستحاضة. راجعته في ذلك غير مرة، فكان هذا قوله. "مسائل حرب/ مخطوط" (1094 - 1097) قال حرب: سألت أحمد بن حنبل، قلت: امرأة رأت الدم في وقت صلاة في ساعة من نهار في أيام حيضتها، ثم انقطع عنها؟ فكأنه ذهب إلى أنها لا تلتفت إلى ذلك، وأنكر أن يكون ذلك. وقال: رأيت قط هذا! . قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: إذا رأت المرأة الدم أيام أقرائها يومًا أو يومين، ثم انقطع الدم عنها، ولم يكن ذلك من أمرها فيما مضى، فالاحتياط لها أن لا تعد ذلك حيضًا وتقضي الصلاة؛ لأن ذلك ربما كان من عرق عاند، فليس لها أن تعد الحيض إلا ما تعلمه من أقرائها، ولا يجوز لها ترك الصلاة إلا بالحيض البين، وإن كانت ترى أقراءها فيما مضى كذلك مختلفًا ربما قصر وربما زاد، فإن جلست إذا زاد الدم في أيام الأقراء، فأرجو أن يكون ذلك لها، ولا تنتظر ثلاثًا كان أو أقل، وكذلك إن رأت الطهر قبل انقضاء أيامها اغتسلت وصلت، إذا رأت القصة البيضاء فإن عاودها الدم في أقرائها، فقد اختلف أهل العلم في ذلك فأما مالك بن أنس ومن نحا نحوه فإنه يرى حيضها ذلك حيضًا مستقبلًا لما لم يوقت للطهر وقتًا، ولا للحيض إلا أن يكون خمسة عشر يومًا، فذلك أقصى الحيض عنده فلو رأت يومًا دمًا ويومًا طهرًا في قوله،

كان ذلك حيضًا وطهرًا، كان ذلك في أيام الأقراء أو غير أيام الأقراء، ولو قال ذلك في غير أيام الأقراء، كنا نرجو أن يكون كذلك، فأما أيام الأقراء فإن ذلك موجود في النساء أن ترى المرأة في أيام أقرائها دمًا وطهرًا تكون خلقها ذلك، فإذا رأت في أيام أقرائها يومين أو ثلاثًا دمًا ويومًا طهرًا ثم حيضًا ثم طهرًا حتى تستكمل أقراؤها وينقطع الدم حينئذ، فكل ذلك حيض، إذا كان ذلك مما تعقله وجربت مثل ذلك في أوقاتها. وقال بعض العلماء: إذا رأت الطهر بين قرئها، تربصت إلى آخر ما تخشى فوت الصلاة ثم تغتسل وتصلي، فإن استظهرت في مثل هذا الحال يومًا أو يومين، كما جاء عن ابن عباس والحسن وعطاء، فحسن جميل، وتترك ذلك وتغتسل في آخر وقت الصلاة أحب إليّ. فإن عاودها الدم بعد ذلك حتى تستكمل أقراءها، قضت صومًا إن صامته في حال طهرها وأما استظهارها بعد استكمال أقرائها، إذا استمر بها الدم فلا نراه؛ لما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أدبرت الحيضة فصلي". مع أن بعض أهل العلم قال: كلما زادت على أيام أقرائها اغتسلت وصلت، إلا أن تكون ترى مثل ذلك أشهرًا، فحينئذ هي امرأة زاد أقراؤها على ما كانت من قبل، فحينئذ تستكمل ما رأت الدم إلى أقصى ما تحيض امرأة، ولأن تصلي وهي شاكة أحب إليّ أن تترك الصلاة، وليس لها أن تترك الصلاة إلا على يقين من حيضها. "مسائل حرب/ مخطوط" (1105 - 1106) قال حرب: وسألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل، قلت: امرأة كانت تحيض سبعة أيام، وربما حاضت ثمانية أيام فاسحيضت؛ كم تجلس؟ قال: هذا وقتها، ولكنها تجلس ثمانية أيام. قال أبو محمد: هكذا وجدته في كتابي. قال حرب: وسألت أحمد مرة أخرى، قلت: يا أبا عبد اللَّه؛ امرأة كان لها وقت تحيض فيه سبعة أيام أو ثمانية أيام، ثم تغير عليها وقتها، فحاضت شهرين أو ثلاثة: عشرة أيام؟ قال: إذا كان توالى بها ثلاثة أشهر فهو وقت، وإن كان أقل، فلا. "مسائل حرب/ مخطوط" (1108 - 1109) قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: ثنا عبد الأعلى، عن يونس، عن الحسن في إمرأة كان أقراؤها سبعة أيام قبل أن تتزوج، فلما تزوجت ارتفعت إلى

المرأة يضطرب عليها الدم

خمسة عشر أو ثلاثة عشر؛ قال: تنظر تلك الأيام التي كانت تحيضها قبل أن تتزوج، فإذا مضت اغتسلت كل يوم عند صلاة الظهر إلى مثلها، وتوضأت عند كل صلاة وتنظف وتصلي. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا محمد بن أبي عدي، عن الأشعث، عن الحسن قال: المستحاضة تدع الصلاة أيام حيضها من الشهر وسطًا من حيضها، ثم تغتسل. "مسائل حرب/ مخطوط" (1113 - 1114) المرأة يضطرب عليها الدم قال حرب: وسألت أحمد بن حنبل مرة أخرى، قلت: امرأة أول ما حاضت استمر بها الدم، كم تجلس أول ما تحيض؟ قال: إن كان مثلها من النساء تحيض، فإن شاءت جلست ستًا أو سبعًا حتى يتبين لها حيض ووقت، فإن أرادت الاحتياط جلست يومًا واحدًا أول مرة حتى يتبين وقتها بعد. قال حرب: قلت لأحمد: فإنها جلست يومًا واحدًا فحاضت عشرًا أو نحوها ثم انقطع عنها؟ قال: هذا وقتها، تعيد الصيام إن كانت صامت. في هذِه الأيام؛ لأنه حيض. قلت: فإنها جلست يومًا فاستمر بها الدم إلى عشرة، ثم انقطع عنها وفي الشهر الثاني انقطع عنها في سبع، واختلف عليها ونحو ذلك؟ قال: تنظر إلى أقل ذلك؛ لتجعله وقتًا وأيام حيضها. قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى في سنن الحيض: أحدها: التي لها أيام معلومة، فهي تعمل على أيامها ما كانت. والثانية: التي لها أيام فاختلط عليها، قال أحمد: جاءت فاطمة رضي اللَّه عنها فقالت: إني أستحاض، ولا أطهر أفأدع الصلاة؟ قال أحمد: فنسيت أيامها التي كانت تقعد فيها، فهذِه تعمل بإقبال الدم وإدباره. قال أبو عبد اللَّه: وإقبال الدم أسود يعرف. والثالثة: حديث حمنة: إني أثجه ثجًا، إنه أشد من ذلك؛ فقال لها: "تحيضي في علم اللَّه ستًا أو سبعًا".

قيل لأبي عبد اللَّه: قصة حمنة لامرأة رأت الدم أول مرة، ثم استمر بها الدم؟ قال أحمد: حمنة عجوز. قيل له: إن بعض الناس يقول: قصة حمنة للتي لم تر الدم قط، ثم رأته فاستمر بها؟ قال: لم تكن قصة حمنة هكذا، وإنما يتاول بعض الناس في هذا للتي لم تر الدم، ثم رأته شبّه قصتها بقصة حمنة: إني أثجه ثجًا، وإنه أكثر من ذلك يقول الذي يتأول: فإذا رأت الدم أول مرة، ثم استمر بها، أمرها بقصة حمنة. وقد قال بعضهم: يوم واحد. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: مضت السنة من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في النسوة اللاتي استحضن على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكن قد حضن قبل ذلك زمانًا أو ما شاء اللَّه، وهذِه حيث استمر بها الدم حتى اختلط دم حيضتها بدم استحاضتها فأشبه شيء أن يكون حكمها حكم حديث حمنة بنت جحش: سبعة أيام حتى ترجع في الأشهر إلى قرئها، ويبين لها دم حيضتها من دم الاستحاضة فيما بعد، فترجع إلى خلقتها، وليس في البكر يستمر بها الدم سنّة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- علمناها، وجاء عن التابعين ومن بعدهم من أهل العلم في ذلك مثل الأوزاعي وسفيان وابن المبارك، ومن نحا نحوهم. فرأى الأوزاعي وسفيان: أن تترك الصلاة والصوم بنحو حيض أمهاتها حتى يتبين لها فيما بعد خلقتها، فتثبت على ذلك، ويكف زوجها عن غشيانها إلى أقصى أقراء أمهاتها. قال حرب: قال إسحاق: قال بعض أهل العلم من أهل المدينة: أقصى ما تحيض المرأة عندنا خمسة عشر يومًا، وهو قول مالك بن أنس ومن اتبعه، فإذا كانت الحيضة في أول ما رأت الدم أكثر من خمسة عشر يومًا، فإن رأت الطهر خمسة عشر يومًا أو أقل جعلنا ذلك قرئها وإن جاوزت خمسة عشر فهي مستحاضة، ولو رأت في أول حيضها يومًا دمًا ويومًا طهْرًا ضمت الأيام التي رأت دمًا بعضها إلى بعض وطرحت ما طهرت فيها، فإذا كان ما حاضت يكون خمسة عشر يومًا اغتسلت وصلت، وإن زاد فهي مستحاضة، وشأن المستحاضة عند أهل المدينة كما بينا يردونها إلى أقرائها إلى ما قال مالك: أقراؤها

وتستظهر بثلاث. وقالوا: لو رأت دفعة بعد الخمسة عشر يومًا فهي مستحاضة بالدفعة، إذا لم يكن بينها وبين الحيضة قدر الطهر؛ لأنها صارت كمن حاضت في شهر أكثر من خمسة عشر يومًا وذلك عندهم ما لا تحيضه النساء، ولا [يتركن] تلك الصلاة بتلك الدفعة، فلا تزال تصلي حتى تأتيها دفعة بعد خمسة عشر يومًا أو أكثر؛ لأن أقل طهرها خمسة عشر يومًا يجعلون في الشهر حيضة وطهرًا. وقال مالك: لا تحيض المرأة أكثر من نصف دهرها، ثم تصنع كذلك فيما تستقبل مثلما وصفنا إلا أن يكون لها أقراء معلومة، وإذا كان ذلك فيما زاد على خمسة عشر حكموا لها بحكم المستحاضة، وإنا وإن لم نعتمد على قول مالك وأصحابه في البكر إذ ذهب بها إلى أقصى حيض النساء، فقد ذهب مذهبًا ولم ينكر توقيت الخمسة عشر يومًا؛ لأن الخمسة عشر قد صح أنه يكون حيضًا. قال حرب: قال إسحاق: وقال ابن المبارك: إن أوثق عندي في نفسي في البكر أن تدع الصلاة ثلاثة أيام إذا استمر بها الدم. قال أبو يعقوب: وجدنا علماء الأمصار مختلفين في ذلك، كلٌ يوم العدل والصواب، فوجدنا أشبه ما نختار لها بالسنة الماضية وأقرب إلى الاحتياط، أن يحكم لها في أول حيضتها بحكم حيض أمهاتها في كشيان الزوج إياها، والعدة لها إن كانت مطلقة. "مسائل حرب/ مخطوط" (978 - 983) قال حرب: وسمعت إسحاق ابن إبراهيم يقول: في هذا القول جاؤوا بخطأ بين في البكر، ولو قالوا: نختار لها أن تجلس أغلب جلوس النساء في الحيض، وذلك سبعة أيام وشبهه؛ لما أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حمنة بنت جحش عند اختلاط حيضتها أن تجلس سبعة أيام وثلاثة وعشرين يومًا طهر، فجعل الحيضة والطهر يستغرقان الشهر كاملًا على إتباع الكتاب والسنة، لكان ذلك أحسن مما قالوا: إنا نبلغ بها العشر، وهي أيضًا حيض النساء عندهم، ومن قال من التابعين، ومن بعدهم مثل: الأوزاعي وسفيان: إنها تقعد أقراء أمهاتها، فقد اتبعوا في ذلك مذاهب السنة، وأشبه الأمور حتى تأتي عليها الأشهر وأوقات الحيض فإذا استقامت، لم تزد بعد ذلك على وقتها، وتركت الاقتداء بأوقات أمهاتها؛ لما

يتبين من خلقها. "مسائل حرب/ مخطوط" (986) قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أبنا محمد بن سلمة الجزري عن المثنى بن الصباح عن عطاء قال: إذا كانت بكرًا فقدر ما كانت تقعد أمها أوأختها أو عمتها أو خالتها أو نساؤها. "مسائل حرب/ مخطوط" (991) قال حرب: قلت لأحمد: المرأة ترى الدم في غير أيام حيضها ثم ينقطع عنها أتغتسل؟ قال: توضأ. قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: امرأة رأت الدم في غير أيام حيضها دمًا، ثم انقطع عنها أتغتسل إذا انقطع الدم، أم توضأ؟ قال: في غير أيام الحيض؟ قلت: نعم. قال: تتوضأ. قلت: فإن كان دم أسود؟ قال: ليس هذا حيض. إذا لم يكن في أيام حيضها. "مسائل حرب/ مخطوط" (1080 - 1081) قال حرب: سألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: امرأة كانت تحيض سبعة أيام، فانقطع عنها الدم في خمسة أيام أو ستة أيام هل يأتيها زوجها؟ قال: لا. "مسائل حرب/ مخطوط" (1084) قال حرب: سألت أحمد، قلت: امرأة استحيضت فنسيت أيام أقرائها؟ قال: ليس في هذا شيء، ولم يجب فيه. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا كان حيضها حيضًا متفاوتًا، فاستحيضت فما سن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في حمنة بنت جحش حيث أخبرت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- باختلاط حيضها، وأنها لا تعقل أقراءها، فوقت لها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- السبع، وتتحرى أيامها بعلمها، فتقعد كتقديرها بحيضتها في تلك الأيام على علمها، ثم تغتسل وتصوم وتصلي ثلاثًا وعشرين، فذلك حيضة وطهر في شهر واحد، وأوضحت السنة أن الصلاة لا تترك إلا بالحيض البين. "مسائل حرب/ مخطوط" (1158 - 1159)

إن عبر الدم أكثر زمن الحيض فهو استحاضة، وتتوضأ لكل صلاة وتصلي

إن عبر الدم أكثر زمن الحيض فهو استحاضة، وتتوضأ لكل صلاة وتصلي قال حرب: سألت أحمد بن حنبل، قلت: امرأة أول ما حاضت استمر بها الدم؟ قال: تصلي ثلاثًا أو أربعًا وعشرين، وتجلس ستًا أو سبعًا. يذهب إلى حديث حمنة بنت جحش حديث عبد اللَّه بن محمد بن عقيل (¬1). "مسائل حرب/ مخطوط" (970) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا أبو عامر العقدي قال: ثنا زهير بن محمد العنبري، عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبد اللَّه، عن عمه عمران بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش قالت: كنت استحاض حيضة كثيرة شديدة، فأتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلت: يا رسول اللَّه إني استحاض حيضة كثيرة شديدة، فما ترى فيها قد منعتني الصلاة والصيام؟ قال: "أنعت لك الكرسف فإنه يذهب عنك الدم". قالت: هو أكثر من ذلك. قال: "فتلجمي". قالت: هو أكثر من ذلك. قال: "فاتخذي ثوبا" قالت: هو أكثر من ذلك، إنما أثج ثجًا. قال: "سآمرك بأمرين أيهما فعلت أجزأ عنك من الآخر، وإن قويت عليهما فأنت أعلم، إنما هي ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم اللَّه، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت، فصلي أربعًا وعشرين أو ثلاثًا وعشرين ليلة وأيامها، وصلي وصومي، فإن ذلك بجزبك، وكذلك فافعلي في كل شهر، كما يحضن النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن، وإن قويت على أن تؤخري الظهر، وتعجلي العصر وتغتسلين، ثم تصلين الظهر والعصر جميعًا، وتؤخرين المغرب، وتعجلين العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الفجر وتصلين الفجر، فافعلي وصومي وصلي" قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هذا أعجب الأمرين إلي". قال حرب: قال إسحاق: قد روى هذا الحديث ابن جريج، وشريك، وعبيد اللَّه ¬

_ (¬1) ذكرناها مختصرة في بابها من "فتح الباري" لابن رجب 2/ 64.

ابن عمر، والرقي، وجرير بن حازم، والنعمان بن راشد، كلهم عن عبد اللَّه بن محمد ابن عقيل، بهذا الإسناد، وليس في جميع من رواه أثبت عندي في هذا الحديث من زهير بن محمد. "مسائل حرب/ مخطوط" (972 - 973) قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أبنا الوليد بن مسلم، عن أبي غنيم الكلاعي، عن عنبسة بن سعيد، عن مكحول قال: وقت الحائض سبعة أيام. "مسائل حرب/ مخطوط" (975) قال حرب: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: قد مضت السنة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في المستحاضة على أوجه مختلفة؛ لاختلاف طبائعهن، وكل ذلك يصدق بعضه بعضًا، وتأوله الذين لا يعلمون على التناقض والاختلاف، والحيض أمر لا يدرك بالعقول والمقاييس؛ لأن الحيض خلقة. . . في النساء، ولا يستوين في ذلك، فمن عقل ما وصفنا وتفهم علم أن ذلك كذلك، وكيف يجوز للعالم أن يجعل حيض النساء على أمر واحد يوقت لهن في ذلك وقتًا لا يقصر عن أدناه، ولا يجاوز أقصاه، وقد تبين له من أمر النساء ما كان له فيه غنية وكفاية عن صفاتنا؛ لأنهم قد علموا وأبصروا أن حيض النساء يكون ثلاثًا وأربعًا وخمسًا وستًا وسبعًا وثمانيًا وتسعًا وعشرًا مع أنهم يعلمون أن الغالب من حيضهم الست والسبع، كما وصف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لحمنة بنت جحش السبع والست. وقال لها: "تحيضي كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن" وسمعنا من النساء من تحيض يومين ثم تطهر، كما يكون طهر النساء، أو تحيض أحد عشر يومًا أو اثني عشر يومًا أو ثلاثة عشر يومًا أو أربعة عشر يومًا أو خمسة عشر يومًا، كل ذلك قد صح عن العلماء، واستيقنوا ذلك من نسائهم وغيرهن، حتى أن بعضهم قال: وحاضت امرأة من نساء الماجشون عشرين يومًا حيضًا معتدلًا. وأنكر ذلك مالك بن أنس، وعدة من علماء أهل المدينة، ولم يروا الوقت إلا خمسة عشر يومًا، وجعلوا الخمسة عشر آخر وقت الحائض. وقال مالك: لا تحيض المرأة أكثر من نصف دهرها. وقد صح الخمسة عشر عن غير واحد من العلماء مثل: عطاء بن أبي رباح، ومالك بن أنس من بعده. وثلاثة عشر عن: سعيد بن جبير، وحتى إن

الأوزاعي، ومالك بن أنس قالا: كانت عندنا امرأة تحيض يومًا واحدًا حيضًا معتدلًا. قال حرب: أخبرني بذلك سفيان بن عبد الملك، عن ابن المبارك، عنهما. وقال ابن المبارك: وأستطيع أن أرد أمر امرأة حيضها أكثر من عشرة أيام معروف أقراؤها، كذلك، لا يختلف عليها إلا كما يختلف من أقراؤها دون العشرة، أن أرد أمرها إلى العشرة فأجعل ما بعد ذلك استحاضة، وامرأة حيضها أقراء معروفة أن أقول: لم يحضر قط، فإذا كان أقراء المرأة معروفة، فأقراؤها ما كانت. قال ابن المبارك: وأوثق في نفسي عندي أن البكر أول ما ترى الدم أن تجلس ثلاثًا، وصدق ابن المبارك. قال حرب: قال أبو يعقوب: فكلما كان الدم يعرف أنه دم المحيض، ورأت الطهر كما تراه النساء، فذلك حيض تقعد عن الصلاة وكذلك اليومين، فإن أنكر منكر من هؤلاء، وقالوا: لا نقول إذا كانت تقعد يومين حيضًا معتدلًا إن هذا حيض، فلا نجعله خلقة، ولكنا نقول ليست بحائض. قيل له: قد أجمعتم أن الحيض يكون ثلاثًا، حتى قال بعضهم: يومين وأكثر اليوم الثالث فكان يلزمكم في قياسكم أن لا تجعلوا يومين وبعض الثالث حيضًا؛ لقلة وجود هذا في النساء. قال حرب: وقال إسحاق: ولو جاز لأحد أن يوقت لهن وقتًا يكون ذلك الوقت أقصى ما يحضن ويجعل النساء كلهن في ذلك الوقت شرعًا واحدًا، لكان ما وقت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لحمنة بنت جحش الحيض سبعة أيام والطهر ثلاثًا وعشرين أشبه الأوقات؛ لأن الغالب من أمر النساء كذلك، وقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لها: "كما يحضن النساء وكما يطهرن" فكان في هذا دلالة أن يكون هذا الوقت للنساء كلهن، ولكن لما سن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للنساء اللاتي استحضن فسألنه فحكم لهن بحكم مختلف؛ لما ركب فيهن من اختلاف طبائعهن علمنا أن أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لحمنة في السبعة الأيام؛ لما وصفت وأكثرت على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالت: إني إستحاض حيضة كثيرة شديدة منعتني الصلاة والصوم؛ فقال: "أنعت لك الكُرْسُف؛ فإنه يذهب الدم"، فلم يقنعها ذلك من قوله، وقالت: هو أكثر من ذلك. قال: "فتلجمي" قالت: هو أكثر من ذلك.

قال: "فاتخذي ثوبًا". قالت: إنما أثج ثجًا. فحينئذ أمرها بتحري وقتها، وأن تجلس سبعًا، فإذا كانت المرأة في حال استحاضتها واختلاط حيضتها وقلة معرفتها لأوقاتها على ما وصفنا؛ حكمنا لها بحكم حمنة بنت جحش، ولم نجعل السبع للنساء كلهن لما وصفنا من هذِه العلل، وقال بعض أهل العلم: السبع وقت موقوت للنساء كلهن إذا استحضن؛ لأن في كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، حيث أمر حمنة بما أمرها. قال لها: "كما تحيض النساء وكما يطهرن" فالسبع وقت المستحاضة، إذا لم تعرف الأقراء، لا تجاوز السبع. "مسائل حرب/ مخطوط" (992 - 995) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا يحيى بن آدم، عن المفضل بن مهلهل، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء قال: الحيض خمسة عشر. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا وكيع، عن حماد بن سلمة، عن علي بن ثابت، عن محمد بن زيد، عن سعيد بن جبير قال: الحيض ثلاث عشرة. قال حرب: وسمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل يقول: ثنا عبد اللَّه بن نمير قال: ثنا عبيد اللَّه، عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنها استفتت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في امرأة تهراق الدم؟ فقال: "تنتظر قدر الليالي والأيام التي كانت تحيضهن وقدرهن من الشهر فلتدع الصلاة ولتستثفر ولتصل". قال حرب: حدثنا أحمد قال: ثنا وكيع قال: ثنا الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: يا رسول اللَّه إني امرأة استحاض فلا أطهر؛ أفأدع الصلاة؟ فقال: "لا، إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، فاجلسي أيام أقرائك، ثم اغتسلي وتوضئ لكل صلاة، ثم صلي وإن قطر الدم على الحصير قطرًا". قال حرب: وأملي علينا إسحاق بن إبراهيم قال: أصل الحيض ما اجتمع عليه أهل العلم على يوم وليلة، لا يكون الحيض عندهم أقل من ذلك، وقد عرفوه في زمانهم كذلك، وإذا كانت المرأة حيضها أيامًا بينًا فاستمر بها الدم حتى وقع عليها اسم الاستحاضة، فإنها تجلس أيامًا وقدرها من الشهر الذي كانت تحيض حيضًا

معتدلًا قبل أن تبتلي ثم تدخل في الاستحاضة، والاستحاضة هو بين من دم الحيض، إنما هو عرق عاند، إذا استحيضت صلت وصامت حتى يأتيها بعد ذلك الدم العبيط الذي قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، فإذا أدبرت الحيضة فاغتسلي". قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا عبدة بن سليمان ووكيع قالا: ثنا هشام بن عروة، عن أبيه قال: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: يا رسول اللَّه إني إستحاض فلا أطهر؛ أفأدع الصلاة؟ فقال: "لا إنما ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدير الصلاة، فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي". قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: قال عبد الرحمن بن مهدي: أما الذي نعتمد عليه وأحسن ما سمعنا في المستحاضة أنها تقعد أقصى ما كانت تقعد، ثم تغتسل وتصلي، فإن انقطع الدم بعد ذلك عنها بيوم أو يومين، فأحب إليّ أن تغتسل غسلًا آخر؛ لأني لا أدري لعل حيضها متغير، وتصلي وهي شاكة في حيضها أحب إليّ من أن تترك الصلاة على الظن ولعلها طاهر، وهذا عندنا بناء على قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حيث رآها مستحاضة، فإن استمر بها الدم ورأت الثانية كذلك، فهو حيض متغير وغسل عن الصلاة فيه؛ لأن حيضهن يزيد وينقص، فإذا عادت إلى حالها الأول فتلك زيادة استحاضة. قال حرب: قال إسحاق: وأشكل على أهل العلم كثير من حيض النساء، فما أشكل من ذلك فالاحتياط والأخذ بالثقة أسلم؛ لما أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- باتقاء الشبهات والاستبراء لدينه. "مسائل حرب/ مخطوط" (997 - 1004) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنا النضر بن شميل ووهب بن جرير قالا: ثنا شعبة، عن عثمان مولى بني هاشم قال: سمعت ابن عباس وسئل عن المستحاضة؛ فقال: تدع الصلاة أيام حيضها ثم تغتسل وتتوضأ عند كل صلاة ولتستثفر، فإنما هو عرق وركضة من الشيطان. قيل له: وإن كان سائلا؟ قال: وإن كان يسيل مثل المثعب. "مسائل حرب/ مخطوط" (1006)

قال حرب: سألت أبا عبد اللَّه، قلت: المرأة تعيد الصلاة أول ما تستحاض فيما بينها وبين أقرائها؟ قال: وكيف تعيد؟ ففسرته له؛ فقال: المرأة إذا كان لها وقت معلوم أيام تحيض فيهن، فإنها إذا زاد على تلك الأيام ولم ينقطع عنها الدم، فإنه إذا كان يوم طهرها اغتسلت وصلت، ولا تترك الصلاة أكثر من أيامها. قلت: ولا تذهب إلى ما يقال في العشر أنها تترك الصلاة ثم تعيدها؟ قال: لا. "مسائل حرب/ مخطوط" (1019) قال حرب: سمعت أحمد يقول: أقل ما جاء في المستحاضة أنها تغتسل غسلًا واحدًا وتوضأ لكل صلاة. وهو مذهبه. قال حرب: وسألت أحمد، قلت: المستحاضة يجزئها أن تغتسل غسلًا واحدًا وتوضأ لكل صلاة؟ قال: نعم. قلت: هذا مذهبك؟ قال: نعم. قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أبنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة قال: قال أبي في المستحاضة: توضأ لكل صلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1026 - 1029) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا جرير، عن بيان، عن عامر، عن قمير امرأة مسروق قال: سألت عائشة عن المستحاضة؟ فقالت: تدع الصلاة أيام حيضها التي كانت تحيض، فإذا كان ذلك اليوم الذي تغتسل فيه، اغتسلت فيه ثم توضأت بعد لكل صلاة. . "مسائل حرب/ مخطوط" (1032) قال حرب: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: الذي يعجبنا ونعتمد عليه والاحتياط فيه أن تغتسل المستحاضة لكل صلاتين غسلًا واحدًا، وتجمع بين الصلاتين للصبح غسلًا واحدًا، ولو لم نختار ما وصفنا إلا لما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لحمنة بنت جحش حين وصف لها الاغتسال عند أوان طهرها، ثم الطهارة لكل صلاة، ثم قال لها: "إن شئت أخرت الظهر، وعجلت العصر واغتسلت لهما غسلًا واحدًا، والمغرب والعشاء كذلك، والصبح غسلًا" وقد قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "هذا أعجب الأمرين إليّ" ففي هذا بيان أن الغسل للصلاتين ليس بحتم، وأنه

اختيار من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه، فإن كلفت لهذا المعنى فحسن، وإن توضأت لكل صلاة إذا عقلت انقضاء أقرائها وإقبال حيضها من إدباره فحسن، وتبين أن الوضوء جائز، والغسل اختيار، وأن كل من صح عنه الغسل لكل صلاة أو للصلاتين صح عنه الوضوء أيضًا، ففي هذا ما يحقق أن أمرهم بالغسل على النظافة وقطع الدم وما أشبه ذلك من المعاني، ولم يكن ذلك منهم على مذهب الفرض، ومن أفتاها بالغسل لكل صلاة، فقد ذهب إلى مذهب اختلاط حيضها من استحاضتها يقول: عسى أن يكون ما أعده استحاضة حيضًا، فإن كان كذلك فالغسل عند كل صلاة أحب إلينا لأن الغسل لازم لها عند انقطاع الحيض، ولا يتبين لها متى انقطاع حيضتها، فالاحتياط لها الأخذ بالثقة والاغتسال عند كل صلاة أو الغسل للصلاتين. "مسائل حرب/ مخطوط" (1034) قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أبنا وكيع، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير قال: كنت عند ابن عباس فأتته امرأة بكتاب، قال سعيد: فقرأ به إني امرأة مستحاضة، وإن عليًا قال: تغتسل لكل صلاة قال: فقال ابن عباس: ما آخذ لها إلا ما قال علي. قال حرب: حدثنا أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل قال: ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة أن امرأة مستحاضة سألت على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فقيل لها: "إنما هو عاند" وأمرت أن تؤخر الظهر، وتعجل العصر، وتغتسل غسلًا واحدًا، وتؤخر المغرب، وتعجل العشاء، وتغتسل لهما غسلًا واحدًا، وتغتسل لصلاة الصبح غسلًا واحدًا. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا جرير، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عطاء ابن أبي رباح، عن ابن عباس قال: تؤخر المستحاضة الظهر، وتعجل العصر، وتقرن بينهما بغسل مرة واحدة، وتؤخر المغرب، وتعجل العشاء، ثم تصليهما بغسل واحد، ثم تغتسل للفجر مرة. قال حرب: حدثنا أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: ثنا عاصم الأحول، عن الشعبي قال: أرسلت امرأتي إلى قمير امرأة

المستحاضة تتوضأ لكل صلاة، تصلي النافلة بذلك لوضوء؟

مسروق فذكرت أنها حدثتها، عن عائشة أم المؤمنين إنها قالت: المستحاضة تغتسل غسلًا كل يوم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1038 - 1041) المستحاضة تتوضأ لكل صلاة، تصلي النافلة بذلك لوضوء؟ قال حرب: سمعت أحمد يقول في الرجل تكون به علة يحتاج أن يتوضأ لكل صلاة، والمستحاضة إذا توضأت للفريضة: فإنها تصلي التطوع والصلاة الفائتة بذلك الوضوء حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى. قال حرب: سألت أحمد بن حنبل أيضًا، قلت: المستحاضة إذا توضات؛ أتصلي إلى الصلاة الأخرى بذلك الوضوء؟ قال: نعم، تصلي بذلك الوضوء النوافل حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى. قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: المستحاضة إذا توضأت لكل صلاة أتصلي ما بين الصلاتين بذلك الوضوء؟ قال: تصلي بذلك الوضوء إلى الصلاة الأخرى ما شاءت التطوع والجنائز والصلاة الفائتة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1162 - 1164) الطهر في أثناء الحيض وعلامته قال حرب: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك، عن علقمة، عن أمه أن النساء كن يرسلن بالدرجة فيها الشيء من الصفرة إلى عائشة فتقول: لا تصلين حتى ترين القصة البيضاء. قال حرب: قال أحمد بن حنبل: القصة: ماء أبيض يتبع الحيضة في آخرها. "مسائل حرب/ مخطوط" (1149 - 1150) ما يجب على الحائض والمستحاضة إذا طهرت قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: قال اللَّه تعالى في كتابه: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} يعني من المحيض {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} يعني: بالماء، {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222] فمضى أهل العلم من التابعين ومن قبلهم: أن حكم الحائض إذا طهرت الاغتسال بالماء،

إلا أن يعزب عنها الماء فيكون حكمها التيمم. ومعنى قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والصحابة في ذلك كذلك. فصارت الأمة مجمعة على تطهير الحائض والنفساء بالماء بعد انقطاع الدم وتبيان النقاء. واختلفوا في حكم المستحاضة كيف تتطهر، أتغتسل أم تتوضأ. وأجمعوا أن حكمها حكم الطاهر في الصلاة وغشيان الزوج، إلا أن الدم حدث منها. وصح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنه قال: "ذلك عِرقٌ وليس بالحيض". فلما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك، وأنه ليس بحيض: تبين في هذا القرآن أن طهارتها بالوضوء جائز، وحكمه كحكم الرعاف والجروح وما أشبهها. فالمستحاضة طاهرة في أمورها، تصلي وتصوم وتطوف بالبيت وتدخله ويغشاها زوجها. أجمع أهل العلم على ذلك، إلا الغشيان خاصة. قال بعضهم: لا يغشاها زوجها، ولم نجد حُجةً لقائل هذا لما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنه عرق وليس بالحيضة". فكان هذا رخصة؛ إذا صير حكم ذلك غير حكم الحيض، حيث قال: إنه عرق وليس بالحيض، وإنما قال اللَّه عز وجل اعتزلوا الناس في المحيض، فحكم الحائض والنفساء غير حكم الاستحاضة. مع أن الأكثرين على غشيانها، فإذا استحيضت فجاءها وقت الصلاة أجلست وتنظفت لكيلا يغلبها الدم، وتثفر بثوب وتوضأت وصلَّت. فإن غلبها حتى يسيل على الثوب، فقدرت على دفع ذلك وإلا فلا شيء عليها؛ لما سن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تُصلي وإن قطر الدم على الحصير قطرًا ولا غسل عليها في ثيابها إلا ما أمكنها من منعه، ليس عليها غير ذلك؛ قال اللَّه تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]. ومما يوضح أمر المستحاضة: أنه على ما وصفنا فعل عمر رضي اللَّه عنه، حيث صلي وجرحه يثعب دمًا. وفعل زيد بن ثابت، حيث سلسل البول منه فكان يداويه ما استطاع، فإذا غلبه توضأ ولا يبالي ما أصاب ثوبه، وأشباه ذلك كثير

وطء المرأة قبل غسلها من حيضها

وفيما بينا كفاية لمن تفهم. "أجزاء من مسائل حرب" ص 79 - 81 وطء المرأة قبل غسلها من حيضها قال حرب: سمعت إسحاق يقول: أخبرنا يحيى بن سعيد، عن عثمان بن الأسود، قال: سألت مجاهدًا عن المرأة ترى الطهر ولما تغتسل أيأتيها زوجها؟ قال: لا، حتى تحل لها الصلاة. قال حرب: قال إسحاق: أما ما قال هؤلاء: إذا طهرت من الحيضة وغسلت فخرج الدم حل وطؤها، فهو خطأ بين؛ لما قال اللَّه تعالى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222]. فأجمع أهل العلم من التابعين ومن وصفنا: أن لا يطأها حتى تغتسل. قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا جرير، عن عبد الملك، عن عطاء: في المرأة ترى الطهر أيأتيها زوجها؟ قال: لا، حتى تغتسل. "أجزاء من مسائل حرب" ص 49 قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد اللَّه بن يزيد، قال: حدثنا حيوة بن شريح، قال: سمعت يزيد بن أبي حبيب، يقول: قال أبو الخير مرثد بن عبد اللَّه اليزني، سمعت عقبة بن عامر يقول: واللَّه لا أجامع امرأتي في اليوم الذي تطهر فيه حتى يصير لها يوم. "أجزاء من مسائل حرب" ص 50

فصل في أحكام الجنب والحائض

فصل في أحكام الجنب والحائض الحائض تسبح قدر ما كانت مصلية؟ قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: قلت لأبي قلابة: الحائض تسمع الأذان أتتطهر وتسبح قدر ما كانت مصلية؟ قال: قد سألنا عن هذا فما وجدنا له أصلًا. "أجزاء من مسائل حرب" ص 61 الذكر وقراءة القرآن للجنب والحائض قال حرب: سمعت إسحاق يقول: إذا أرادت الحائض أن تتطهر في وقت صلاة للتسبيح والذكر لا للصلاة فذلك لها، وتسبح وتذكر اللَّه ولا تقرأ من القرآن شيئًا قليلًا ولا كثيرًا تريد به التلاوة. وإذا سمعت السجدة وهي حائض فلا قضاء طيها إذا طهرت؛ كما لا تُصلي وهي حائض؛ الصلاة أعظم حُرمًا. قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا عيسى بن يونس، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: الجنب والحائض يذكران اللَّه ولا يقرآن من القرآن شيئًا. قيل: ولا آية. قال: ولا نصف آية. "أجزاء من مسائل حرب" ص 60 قال حرب: سمعت أحمد يقول: الجنب يذكر اللَّه، ولا يقرأ القرآن. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: أقرأ القرآن على كل حال إلا أن تكون جنبًا، وادخل المسجد على كل حال إلا أن تكون جنبًا، والجنب والحائض يسبحان اللَّه ويذكران اللَّه، وإذا أراد الرجل أن يمر في المسجد وهو جنب ولم يجد بدًا، فليتيمم بالتراب وليمر. قال: والجنب والحائض لا يقرءان حرفًا واحدًا -أراه التلاوة- إلا أن يأتي الجنب والحائض على حرف من القرآن في تسبيحه وذكره، وإنما قلنا لا يقرأ حرفًا؛ لقول علي بن أبي طالب. "مسائل حرب/ مخطوط" (462 - 463) قال حرب: قال إسحاق: وعلي أعلم بهذا الرواية عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يقرأ القرآن على كل حال إلا الجنابة، والحرف والحرفان هو من القرآن فبين علي عن

مس المصحف وما فيه ذكر الله

النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- معنى إرادته. "مسائل حرب/ مخطوط" (465) مس المصحف وما فيه ذكر اللَّه قال حرب: سئل أحمد عن الجنب يكتب الحديث والكتاب؛ قال: أرجو أن لا يكون به بأس ما لم يكن قرأن، كأنه كره أن يكتب القرآن. "مسائل حرب/ مخطوط" (471) قال حرب: سمعت إسحاق يقول: يكره أن تمس الدرهم الأبيض وأنت على غير وضوء ولكن تمسه من وراء الثوب إن شئت. قال: ولا بأس بأن يكون عليك الهميان فيه الدراهم البيض فتأتي الخلاء وهو معك لا بد للناس من نفقاتهم، قد قاله عمر بن عبد العزيز. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أخبرني عبد السلام بن حرب، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فروة، عن غيلان قال: قلت لعمر بن عبد العزيز: لو غيرت هذِه الدراهم البيض، فإنها تقع في يد اليهودي والنصراني والجنب؛ فقال: لقد أردت أن تحتج علينا الأمم أن نغير توحيد ربنا واسم نبينا. "مسائل حرب/ مخطوط" (473 - 474) المرور بالمسجد والجلوس به للجنب والحائض قال حرب: سمعت إسحاق يقول: الجنب والحائض يتناولان من المسجد الشيء ويضعانه فيه، ولكن لا يدخلانه. "مسائل حرب/ مخطوط" (475) قال حرب: قلت لأحمد: الرجل ينام في المسجد فتصيبه الجنابة؟ قال: إن قدر أن يخرج فيغتسل خرج وإلا بات في المسجد، فإنه لعله إن خرج يصيبه البرد أو يعرض له أمر يغتم به، ورخص له أن ينام في المسجد. قيل: فإن تيمم؟ قال: لم يبلغني. وقال: إن وفدًا قدموا على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فنزلوا المسجد. قال حرب: سألت إسحاق، قلت: الجنب ينام في المسجد؟ قال: لا، إلا أن يكون ابتلي بالجنابة في المسجد.

الخضاب والزينة للحائض

قلت: فيمكث فيه؟ قال: ينبغي له أن يخرج. "مسائل حرب/ مخطوط" (477 - 478) الخضاب والزينة للحائض قال حرب: سألت أحمد، قلت: الحائض تخضب يديها؟ قال: نعم. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: أما اختضابها في أيام حيضها فلا بأس بذلك، سُنة ماضية عن أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن بعدهن من أهل العلم. "أجزاء من مسائل حرب" ص 67 ما للرجل من امرأته وهي حائض قال حرب: سألت أحمد، قلت: الرجل يباشر امرأته وهي حائض وعليه إزار وليس عليها؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس، ولا نرى بأسًا بمباشرة الحائض على كل حال. ونرى أنه لا بأس أن يصيب منها ما يريد إذا اتقى موضع الدم. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: أما الرخصة للرجال في مباشرة الحائض ومسيسه إياها دون الفرج، فإجماع أهل العلم على ذلك. ولم يرخص أحد من أهل العلم في وطئه إياها إذا طهرت من حيضها قبل اغتسالها؛ لأن الاغتسال عليها فرض في الكتاب، وبذلك مضت السنة. "أجزاء من مسائل حرب" ص 51 قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: كانت إحدانا إذا حاضت أمرها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تتزر ثم يباشرها. قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا وكيع، عن سفيان، عن غيلان، عن الحكم، قال: لا بأس أن يضعه على فرجها ما لم يدخله. "أجزاء من مسائل حرب" ص 52 قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا يقول: قد مضت السنة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه مع إجماع المسلمين على ذلك أن اللَّه قد فرض اجتناب وطئهن في حيضهن حتى يطهرن من الحيض، وكذلك في طهرها حتى تغتسل من محيضها؛

تفسير قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من أتى حائضا فقد كفر"

لقول اللَّه تعالى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} يقول: إذا اغتسلن {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} أن تعتزلوهن وهو موضع مخرج الولد، ولا بأس على الرجل أن يجامع الحائض ويباشرها ويتلذذ بها دون الجماع في الفرج. "مسائل حرب/ مخطوط" (1216) تفسير قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أتى حائضًا فقد كفر" قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: غلظ رسول اللَّه على واطئ الحائض؛ فقال: "من أتى حائضَا فقد كفر" ويمكن في هذا القول معنيان: فأحد المعنيين: على استحلال وطئه إياها في حيضتها، فإن كان معنى قوله على ذلك، فقد اجتمع أهل العلم على تكفير هذا. ويمكن فيه معنى آخر إن أراده النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك لمن تهاون بها، وإن رآه حرامًا، فأما الذي يستيقن به فالمعنى الأول، ويخشى المعنى الآخر، فإذا فعله على التهاون والاستخفاف، فقد ارتكب الحرام واجترأ على اللَّه، ولا نجترئ على تكفيره؛ لما بين أن لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- معاني. ومما يدل على أن لا يكون المتهاون بها كافرًا، ما أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالكفارة لمن وطئها حائضًا، ففي هذا ما يستدل أنه لو ألزمه الكفر في إتيانها، وهو يرى ذلك حرامًا، لم يأمره بالكفارة أيضا، وأما ما قال هؤلاء أن لا كفارة على الذي يأتي امرأته حائضا، فهو خطأ؛ لما سن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك، وفيما بين النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك ما ينبغي لأهل العلم أن يرغبوا في ذلك؛ لأن الكفارة للذنوب أهون من الذنوب التي لا كفارة لها، ولو لم نقض في ذلك سنة لكان يلزم العالم أن يحتاط فيأمر صاحبها بصدقة فيتقرب إلى اللَّه؛ ليكون ذلك كفارة له، فكيف وهو يرد ما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ وأخذ بذلك أهل العلم، فأما من لم ير ذلك من التابعين، فقد اقروا أنا لم نعلم في ذلك كفارة. وإنما الحجة على من يعلم، مع أنهم لو لم يقولوا لم نعلم في ذلك كفارة، لكان الظن بهم ذلك؛ لأنهم إذا سمعوا اتبعوا، والعجب لمن يرى مزاحمة التابعين في الكلام يقول: إذا قالوا، ولم أر قولهم؛ فلي خلافهم، ثم يحتج بهم عند ذكر الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل حرب/ مخطوط" (1217)

كفارة من أتى امرأته وهي حائض

كفارة من أتى امرأته وهي حائض قال حرب: سألت أحمد؛ قلت: رجل غشي حائضًا؟ قال: إذا كان له مقدرة، فعليه ما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلت: دينار ونصف دينار؟ قال: نعم. قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: امرأة لم تخبر زوجها أنها حائض فوطئها؟ قال: عليه دينار إذا كان في إقبال الدم، وإذا كانت صفرة فنصف دينار، وكذلك المرأة عليها دينار وأعظم؛ لأنها التي غرته، وإن استكرهها الزوج فليس عليها. قال حرب: قيل لإسحاق: فإن الرجل لم يعلم أنها حائض فوطئها؟ قال: عليه دينار؛ لوطئه، لا لعلمه. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخري يقول: إن قال قائل: كيف يتصدق بدينار ونصف دينار؟ وقال مرة: خمسي دينار. قيل له: لك في حديث ابن عيينة تبيان ما سألت حيث قال: "إن كان الدم عبيطًا فدينار، وإن كانت فيه صفرة فنصف دينار" فخمسي دينار على قدر رقة الدم، وغلظه وقرب طهارته من بعده، وفرق بينهما من لا يغلط ولا يسهو. فمن رغب عن هذِه السنة الصحيحة التي سنها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في غشيان الحائض، فقد زل واخطأ. وينبغي للمسلم إذا جاءه مثل هذا وأشباهه عن الرسول وأصحابه من بعده أن يقبله بقبول حسن. قال اللَّه تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} وكفارات الذنوب هي أهون من الذنوب التي لا كفارة لها؛ لأنه إن كان معسرًا ليس بواجد للكفارة التي أمر بها فإن اللَّه يعذر بالمعذرة وقال اللَّه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} أي: طاقتها. "مسائل حرب/ مخطوط" (1210 - 1213) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا عيسى بن يونس قال: ثنا زيد بن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن أبيه أن عمر أتى جارية له، فقالت: إني حائض، فكذبها، فوقع عليها، فوجدها حائضًا، فأتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكر ذلك له فقال: "يغفر اللَّه لك أبا حفص تصدق بنصف دينار". "مسائل حرب/ مخطوط" (1215)

المستحاضة يغشاها زوجها؟

قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا بقية بن الوليد، عن الأوزاعي قال: ثنا يزيد بن أبي مالك، عن ابن زيد بن الخطاب، عن عمر بن الخطاب، أنه كانت له امرأة تكره الرجال، فكان كلما أرادها اعتلت بالحيض، فظن أنها كاذبة، فأتاها، فوجدها صادقة، فأتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخبره فأمره أن يتصدق بخمسي دينار. "مسائل حرب/ مخطوط" (1219) المستحاضة يغشاها زوجها؟ قال حرب: سألت أحمد، قلت: المستحاضة يغشاها زوجها؟ قال: لا، إلا أن لا يصبر (¬1). قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: أما غشيان المستحاضة، فالذي نختار من ذلك: إذا عرفت أيام أقرائها ثم استحيضت ولم يختلط عليها حيضها، أن يجامعها زوجها وتصلي وتصوم. وإذا اختلط عليها دم حيضها من استحاضتها، فأخذت بالاحتياط في الصلاة بقول العلماء وتحري أوقات حيضتها من استحاضتها ولم تستيقن بذلك: أن لا يغشاها زوجها حتى يكون على يقين من استحاضتها. "أجزاء من مسائل حرب" ص 46 طبخ الحائض وعجنها قال حرب: سألت أحمد، قلت: الحائض تدخل يدها في الطعام والشراب والخل، وتعجن وغير ذلك؟ قال: نعم (¬2). قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: لم تزل الحيض تعجن وتغسلن وتعملن في بيوتهن لا يمنعهن الحيض من ذلك، وهن في أمرهن كله على ما نحن عليه إلا الغشيان والصلاة. وما زلن يضاجعن أزواجهن، ويباشرهن الأزواج ويغشوا منهن ما خلا الوقاع نفسه. قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا جرير، عن سفيان، عن المغيرة، عن ¬

_ (¬1) نقلنا الرواية في بابها من "فتح الباري" لابن رجب 2/ 182. (¬2) نقلنا الرواية في بابها من كتاب "الفروع" 1/ 264.

فصل في دم النفاس وأحكامه

إبراهيم، قال: لا بأس أن تعجن الحائض وتنبذ. قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا عبد الأعلى، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: كان أهل الجاهلية لا تُباشر الرجلَ في بيته حائض ولا تواكله، ولا تضاجعه على فراش؛ فأنزل اللَّه في ذلك: يحرم فرجها، وأحل ما سوى ذلك. "أجزاء من مسائل حرب" ص 53 - 54 فصل في دم النفاس وأحكامه أكثر النفاس وأقله، وما يجب على النفساء في ذلك قال حرب: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل، قلت: النفساء كم تجلس، قال: أربعين يومًا. قلت: فإن طهرت قبل الأربعين؟ قال: تصوم وتصلي. قلت: يأتيها زوجها؟ قال: لا يعجبني إلى الأربعين. قلت: فإن غشيها قبل الأربعين ولم تطهر بعد؟ قال: عليه ما على من يغشى الحائض. قلت: فإن لم تنقطع عن النفساء الدم في الأربعين؟ قال: هي بمنزلة المستحاضة. قال حرب: وأملى علينا إسحاق بن إبراهيم قال: النفساء، الوقت لها أربعين يومًا سنة ماضية، ولا يكون حكمه كحكم الحيض؛ لأن الحيض قد تبين عند الناس أنه يطول أيامًا ويكون لبعض النساء أيامًا دون ذلك، فأما النفساء فأكثر العلماء على أربعين يومًا لما مضت السنة فيها كذلك، فإذا جاوز الأربعين كانت طاهرًا. قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى، قلت: إن لم ينقطع عن النفساء الدم في الأربعين؛ كيف حالها؟ قال: إذا جاوزتها الأربعون تغتسل وتصلي وتوضأ لكل صلاة، فإذا جاء وقت حيضها تركت الصلاة. وقال: في الشهر مرة على حديث حمنة. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: السنة في النفساء أن لا تجاوز

الأربعين؛ لما وصفنا لها من الوقت بالأثر الصحيح، فجعلنا ذلك آخر وقتها، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك، فإنها تغتسل وتصلي، ولا يأتي عليها وقت صلاة وهي طاهر إلا اغتسلت وصلت. قال أبو يعقوب: فإن عاودها الدم في الأربعين، فالاحتياط لها والأخذ بالثقة أن تقضي صومها. يعني: إذا كانت صامت في طهرها قبل الأربعين. قال حرب: قال أبو يعقوب: لأن الأربعين لها وقت معلوم وقد يمكن أن تطهر المرأة قبل وقتها. وقال بعضهم: ربما طهرت المرأة في أسبوع وربما طهرت في أسبوعين، فإذا كان ذلك من أمرها اغتسلت وصلت وتوضأت لكل صلاة أو صلت الصلاتين بغسل واحد، وصار شبهها في نفاسها في قلة العدد وكثرتها كشبه الحائض، إلا ما بينا أن أقصى وقتها الأربعين ولم يحد في الحيض ذلك، مع أن مالك بن أنس وغيره من علماء الحجاز يرون: إذا استمر بها الدم فلها أن تجلس إلى شهرين. ولا يصح في مذهبهم هذا سنة إلا ما ذكرنا عن بعض التابعين، ولا تنقض السنة المجمع عليها إلا بمثلها، وخلقة النساء في النفاس مختلف كالحيض تكون إحداهن أسرع طهارة من بعض. "مسائل حرب/ مخطوط" (1165 - 1169) قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أبنا أبو بدر شجاع بن الوليد، عن علي بن علي، عن أبي سهل -وهو كثير بن زياد- عن مُسَّةَ الأزدية، عن أم سلمة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قالت: كانت النفساء تجلس على عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أربعين يومًا، وكنا نطلي وجوهنا بالورس من الكلف. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عبد اللَّه بن يسار، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب قال: تجلس النفساء أربعين يومًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (1172 - 1173) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت أبي يحدث أن الشعبي وطاووسًا قالا في النفساء: تربص شهرين. "مسائل حرب/ مخطوط" (1176)

النفساء تطهر في يوم أو يومين، أيأتيها زوجها؟

النفساء تطهر في يوم أو يومين، أيأتيها زوجها؟ قال حرب: سألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: النفساء تنقطع عنها الدم في يوم أو يومين؛ هل يأتيها زوجها؟ قال: إذا كان عادتها ذلك. قلت: فإن انقطع عنها الدم قبل الأربعين، ثم عاودها في الأربعين؟ قال: إذا كان عاد بها ذلك، يأتيها زوجها. قلت لإسحاق: فإن انقطع عنها الدم، ثم عاودها عنيتُ قبل الأربعين؟ قال: تترك الصلاة. يعني: إذا عاودها قبل أن تمضي أربعون يومًا. قال حرب: سمعت إسحاق مرة أخرى يقول في النفساء: إن طهرت في سبعة أيام أو أقل، اغتسلت وصلت وصامت، ولا يأتيها زوجها حتى تمضي الأربعون وذلك من أهل العلم؛ احتياطًا لها. "مسائل حرب/ مخطوط" (1179 - 1180) متى يثبت للمرأة حكم النفساء؟ قال حرب: سألت أحمد، قلت: امرأة دام بها الطلق أيامًا، وترى الدم ولا تسقط الولد أيامًا، وهل تدع الصلاة هذِه الأيام؟ قال: تدع الصلاة قدر أيامها التي كانت تحيض. "أجزاء من مسائل حرب" ص 69 قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: المرأة متى تستيقن بالحبل، حتى إن رأت الدم تركت الصلاة؟ قال: الحامل عندنا تحيض. "أجزاء من مسائل حرب" ص 69 قال حرب: سألت أحمد، قلت: امرأة أسقطت؛ كيف حالها في النفاس؟ قال: إذا استبان أنه خلق، فإنها نفساء. وإذا كان علقة أو مضغة، لم يتبين أنه خلق، فلا شيء. قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: امرأة حامل وبطنها لأربعة أشهر أو خمسة أشهر، فأخذها الطلق لتسقط؛ هل تدع الصلاة؟ قال: إذا استتم الخلق تركت الصلاة. وقال: السقط يغسل، ويكفن، ويصلي عليه. "مسائل حرب/ مخطوط" (1202 - 1203)

الحامل ترى الدم

الحامل ترى الدم قال حرب: سألت أحمد، قلت: الحامل ترى الدم على حملها؟ قال: ليس بشيء. قلت: إن رأته في أيام حيضها وغير أيام حيضها، إذا كانت حاملًا فهو واحد؟ قال: نعم. قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى يقول: لا يكون حيض على حمل، ولو كان كذلك ما عرفت العدة، ولا الحمل، ولا الحيض، وأنكر ذلك. قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى يقول: أهل المدينة يقولون: الحامل تحيض. قال أحمد: لا يكون حيض على حمل. "مسائل حرب/ مخطوط" (1184 - 1186) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا جرير، عن ليث، عن الشعبي قال: إذا رأت الحامل دمًا عبيطًا اغتسلت وصلت، وإن كان ثربة توضأت وصلت. "مسائل حرب/ مخطوط" (1188) قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: قد مضت السنة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه من بعده في الحائض أنها تدع الصلاة في أيام حيضتها. وإجماع أهل العلم كلهم على ذلك. واختلف أهل العلم في الحامل ترى الدم عبيطًا أو صفرة: فمنهم من رأى لها ترك الصلاة، إذا كانت تحيض وهي تصلي، كما كانت تحيض قبل ذلك وتطهر لوقت الطهر وهم أهل المدينة ومنهم من رأى أن تصلي استمر لها الدم، أو لم يستمر. وقال: لا يكون حيض مع حبل، ولم يثبت في ذلك سنة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تفصل بينهم. واختلف عن عائشة وهي من أعلم النساء بذلك، وأصح الروايات عنها أن الحبلى إذا رأت الدم، فإنها تكف عن الصلاة، فإذا كانت تحيض لإبّان حيضها قبل الحبل وتطهر لوقتها، كما كانت تطهر قبل ذلك، فإن ذلك حيض تدع الصلاة، وهذا أشبه شيء بالسنة الماضية التي صحت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في المستحاضة أنها تدع الصلاة (. . .) (¬1) أيام أقرائها، مع أن عدة من أهل العلم - ¬

_ (¬1) بياض بالأصل.

مالك بن أنس وذويه- كانوا على ذلك، وأخذ به عبد الرحمن بن مهدي، وقال: إذا كان ذلك، يكون كما وصفنا من إبان حيضها وطهرها، كما كانت تحيض وتطهر قبل حبلها، فهو حيض لا شك فيه، مع ما قالت عائشة: الحبلي تحيض. وفي قول عمر حيث قال: هذِه امرأة تهريق الدماء وهي حبلى، فحسر ولدها في بطنها، ولا له حيث سمى ما رأت في حبلها دمًا. قال حرب: قال أبو يعقوب: فإن كان ما رأت الحامل، لينس كدم الحيضة، ولا يكون حيضها لذلك الوقت الذي يجيء قبل ذلك، تراه ثم ينقطع أو تراه أيامًا ثم ينقطع أيامًا يختلف ذلك عليها، فالاحتياط لها أن تغتسل، ثم تصلي وتصوم. قال حرب: قال إسحاق: وأخبرني أبو مالك، عن حماد بن سلمة، عن بكر بن عبد اللَّه المزني قال: امرأتي تحيض وهي حبلى. "مسائل حرب/ مخطوط" (1190 - 1192) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا أبو أسامة، عن ابن أبي عروبة، عن مطر الوراق، عن عطاء، عن عائشة في المرأة الحامل ترى الدم؛ قالت: لا تدع الصلاة. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا سفيان، عن جامع بن أبي راشد، عن عطاء قال: تصلي الحامل إذا رأت الدم، ولا تدع الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1196 - 1197)

كتاب الصلاة

كتاب الصلاة باب وجوب الصلاة حكم تارك الصلاة، ومن ترك الصلاة حتى خرج وقتها قال حرب: قلت لأحمد: رجل تهاون في صغره بالصلوات؟ قال: يعيدها. قيل: فالصلوات التي صلاها بعد ذلك؟ قال: إن كان يصلي وهو ذاكر لما ترك؛ فإنه يعيدها. "مسائل حرب/ مخطوط" (1840) قال حرب: وسألت إسحاق قلت: رجل ترك صلاة واحدة متعمدًا فلم يعدها إلى سنة وهو ذاكر لها ثم تاب؟ قال: يعيد صلاة السنة كلها. "مسائل حرب/ مخطوط" (1841) قال حرب: وسئل إسحاق مرة أخرى عن رجل ترك الصلاة ثماني سنين ثم تاب؛ قال: يصلي الأول فالأول، ولا يعيد الوتر ولا التطوع ولا الركعتين قبل صلاة الغداة يعيد المكتوبات. "مسائل حرب/ مخطوط" (1842) قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى، قلت: رجل نسي صلاة فذكرها بعد أيام فلم يصليها ثم نسيها فذكرها بعد سنة؟ قال: يصلي تلك الصلاة وحدها. قلت: ولا تجعل هذا كتارك الصلاة متعمدًا حين ذكرها فلم يصليها؟ قال: لا؛ لأنه نسيها ثم ذكر حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها". "مسائل حرب/ مخطوط" (1843) قال حرب: قيل لأحمد: رجل قال: لا أصلي؟ فكأنه ذهب إلى أنه يستتاب، وقال: بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1848) قال حرب: وحدثنا إسحاق قال: ثنا بقية بن الوليد، عن زياد بن أبي حميد، عن مكحول فيمن يقول: الصلاة من عند اللَّه ولا أصليها، والزكاة من عند اللَّه ولا أؤديها قال: يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. "مسائل حرب/ مخطوط" (1849) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: قال ابن المبارك ووكيع في ترك الصلاة عمدًا فأحدهما يقول: هو أن يترك الظهر إلى وقت العصر متعمدًا، وقال الآخر: هو

من ضم السنة إلى الفريضة عن جهل، هل تجزئ عن الفريضة؟

أن يترك الظهر إلى المغرب، والمغرب إلى الفجر. "مسائل حرب/ مخطوط" (1850) من ضم السنة إلى الفريضة عن جهل، هل تجزئ عن الفريضة؟ قال حرب: وسمعت امرأة سألت إسحاق، فقالت: صليت الغداة منذ خمسين سنة أربع ركعات، لم أعرف ركعتي السنة من ركعتي الفريضة، والظهر ثماني ركعات لم أعرف الفريضة من التطوع؟ فقال لها: أعلمت أن عليك فرضأ؟ قالت: نعم، قد علمت أن على صلاة الغداة ركعتين فرض من اللَّه والظهر أربع ركعات. فرأى أبو يعقوب أن ذلك مُجزيء عنها، ولا إعادة عليها في ذلك، وقال لها: إذا قمت إلى صلاة الغداة فابتدئ بركعتي السنة، فإن فاتك فلا شيء عليك ولا قضاء. "مسائل حرب/ مخطوط" (1855) باب الأذان والإقامة فصل مشروعية الأذان وحكمه حكم الأذان قال حرب: سئل أحمد عن الأذان في السفر؛ قال: نعم. قيل: حديث مالك بن الحويرث، قال: قال لي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولصاحب لي: "إذا سافرتما فأذنا ثم أقيما ثم ليؤمكما أكبركما". قال: نعم. وقال أحمد في تفسير أكبركما: إنهما كانا في القراءة متقاربين. "مسائل حرب/ مخطوط" (874) قال حرب: قيل لأحمد مرة أخرى: فإن نسي الأذان والإقامة في السفر وصلى؟ قال: يجزيه. قلت: فإن كان في الحضر؟ قال: قد صلى عبد اللَّه لعلقمة والأسود بغير أذان ولا إقامة، وما أحسن الإقامة والأذان.

تكرار الأذان في المسجد الواحد عند تعدد الجماعات

قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: تجزيك الإقامة في السفر إلا صلاة الفجر، فإنه يؤذن، ويصلي الركعتين، ثم يقيم فيصلي الفجر، وإن نسيت فصليت بغير أذان ولا إقامة، أجزأتك صلاتك إن شاء اللَّه. "مسائل حرب/ مخ" (876 - 877) تكرار الأذان في المسجد الواحد عند تعدد الجماعات قال حرب: قيل لأحمد بن حنبل: قوم دخلوا المسجد وقد صلوا، أيؤذنون ويقيمون؟ قال: إن كانوا في مصر أقاموا إن شاؤوا، والامر عنده واسع. "مسائل حرب/ مخطوط" (857) الأذان للفوائت قال حرب: سألت أحمد بن حنبل، قلت: رجل فاتته صلوات فقضاها، أيؤذن ويقيم مرة واحدة، أو يصليها كلها؟ فسهل في ذلك جدًا، ورآه حسنًا. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إن أنت نسيت صلاة يوم وليلة، أو دون ذلك، فأقمت لكل صلاة، فهو أحب إلينا، وإن كان إمام فاته ذلك، أذن المؤذن، ثم أقام، ثم صلى بأصحابه ما فاته، كما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الخندق. "مسائل حرب/ مخطوط" (936 - 937) من يجمع بين الصلاتين، أيجزئه أذان وإقامة؟ قال حرب: سألت إسحاق، قلت: رجل يجمع بين الصلاتين أيجزئه أذان وإقامة؟ قال: أذان وإقامة واحدة للصلاتين جميعًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (942) فصل صفة الأذان والإقامة صيغة الأذان والإقامة قال حرب: سمعت أحمد يقول: الإقامة مرة مرة، ويجزي مرتين مرتين. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: الذي نختار في الإقامة واحدة؛ لأنه أصح في السنة، ومثنى مثنى جائز. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إن كان رجل يقيم بهم مثنى مثنى لم يزل

التثويب في الأذان

على ذلك بيننا وهو ممن عقل العلم فثبت عليه، لم أعبه، وإن كان في غير الحد الذي وضعنا فرجع إلى أن يقيم مرة مرة، فهو أحب إلينا، وأما الذي يعلم الأذان، فإنما يعلم مثنى مثنى، والإقامة مرة مرة. "مسائل حرب/ مخطوط" (840 - 842) قال حرب: سألت إسحاق عن الترجيع في الأذان؛ فقال: سنة. قلت: فإن رجع في الأذان رويدًا بقدر ما يسمع أذنيه؟ قال: أرجو أن يجوز، هو حسن. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: مضت السنة في الأذان على أوجه كلها مختلفة، لا يدفع أحدها الآخر، فإجماع أهل العلم أن الأذان مثنى، وإن أذن فأعاد في الأذان حتى يفرغ من قوله: أشهد أن محمدًا رسول اللَّه كفعل أبي محذورة؛ فحسن. "مسائل حرب/ مخطوط" (917 - 918) قال حرب: قلت لإسحاق: رجل دخل المسجد وقد صلوا، فأراد أن يصلي لنفسه فأقام الصلاة، أيفرد الإقامة أو يثني؟ قال: يثني الإقامة، وإن أقام مرة مرة يجزيه، يعني: إذا لم يؤذن. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا معتمر، عن أبيه، عن شعيب، عن أبي العالية قال: إذا جعلتها إقامة فثنها. "مسائل حرب/ مخطوط" (920 - 921) التثويب في الأذان قال حرب: سألت أحمد بن حنبل، قلت: فإن أذن، وقد أسفر يثوب؟ قال: نعم، يثوب، لا يدع التثويب في الفجر. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: بلغنا عن أبي محذورة وبلال في أذان الفجر إذا قالا: حي على الفلاح قالا: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. "مسائل حرب/ مخطوط" (889 - 895) التطريب في الأذان قال حرب: قلت لإسحاق: الرجل يطرب في أذانه؟ قال: التسميع أحب إليّ. قال: وإن كان يؤذن بأجر، فإني أكرهه -يعني: التطريب- وإن كان بغير أجر، وكان

هيئة المؤذن عند الأذان

أنشط للعامة، فلا بأس (¬1). "مسائل حرب/ مخطوط" (914) قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: سنة الأذان أن يترسل والإقامة أن يحذفها، وكان يكره التمدد والتمطيط في الأذان، والإقامة يحذم حذمًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (916) هيئة المؤذن عند الأذان قال حرب: قلت لأحمد: فإذا أذن المؤذن يجعل أصبعيه السبابتين في أذنيه؟ قال: نعم. قلت: ويدور في المنارة؟ قال: يلتفت عن يمينه ويساره، وأما الدوران، فكأنه لم يعجبه. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: يدخل المؤذن أصبعيه في أذنيه، ويثبت قدميه مكانهما إذا أذن، ويستقبل القبلة بالتكبير والتشهد، ثم ينحرف عن يمينه بحي على الصلاة وعن يساره بحي على الفلاح، ثم يستقبل القبلة بالإقامة والتكبير. "مسائل حرب/ مخطوط" (819 - 820) قال حرب: سمعت إسحاق يقول: إن كان يؤذن في المنارة، أو على تل، أو ما ارتفع من الأرض من شيء، فأراد أن يسمع من حواليه جاز له أن يزيل قدميه من مكانه؛ ليكون أشد لرفع صوته، وأمر المؤذن أن يجعل أصبعيه في أذنيه؛ لشدة الصوت. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا أبو حيوة الحمصي قال: ثنا سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن أبي شجرة كثير بن مرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: أول من أذن في السماء جبريل، فسمعه عمر بن الخطاب، فأخبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بما سمع، فقال: "قم يا بلال فأذن" وأمره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يجعل أصبعيه في أذنيه؛ استعانة بهما على الصوت. "مسائل حرب/ مخطوط" (930 - 931) ¬

_ (¬1) نقلناها في بابها كاملة من "فتح الباري" لابن رجب 5/ 219.

فصل في صفة المؤذن، وما ينبغي أن يتوافر فيه من شروط الأحق بالأذان، والعمل إذا تشاحوا في الأذان

فصل في صفة المؤذن، وما ينبغي أن يتوافر فيه من شروط الأحق بالأذان، والعمل إذا تشاحوا في الأذان قال حرب: قلت لأحمد: فالمؤذن هو ما رضيه أهل المسجد، أو الذي بنى المسجد؟ قال: هو ما رضيه أهل المسجد؛ لأن المسجد ليس للذي بناه لأنه قد جعله للَّه (¬1). "مسائل حرب/ مخطوط" (897) قال حرب: وقال إسحاق: لا يجوز الأذان، إلا لمن عقل الأذان وعرف سنته، فإذا عرف ذلك، جاز له أن يؤذن صبيًا كان أو كبيرًا أو أعمى أو عبدًا، مع أنا نختار أهل البصر، لما يحتاج المؤذن إلى النظر في أوقات الصلوات، ومعالجة النظر في الشمس والقمر والنجوم والأفياء. "مسائل حرب/ مخطوط" (927) أذان الصغير قال حرب: سمعت إسحاق يقول: أقل ما يجوز للغلام أن يؤذن إذا بلغ سبعًا؛ لما أمرنا بالصلاة حينئذ، وكما أمر أن يؤم القوم، إذا كان أقرأهم، وقد بلغ سبعًا أو جاوزها. "مسائل حرب/ مخطوط" (923) أذان المرأة قال حرب: سألت أحمد، قلت: أعلى النساء أذان وإقامة؟ فسهل في ذلك، إلا أنه قال: ما أحسن الإقامة. هو زيادة ولم ير به بأسًا. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: مضت السنة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "ليس على النساء أذان ولا إقامة" في سفر ولا حضر، إذا صلين جماعة، أو وحدانا على معنى الفرض، وأن تقيم المرأة أحب إلينا. "مسائل حرب/ مخطوط" (899 - 900) هل يشترط الطهارة للأذان؟ قال حرب: سألت أحمد بن حنبل عن المؤذن يؤذن وهو على غير وضوء؟ ¬

_ (¬1) الرواية مذكورة بمعناها في بابها من "الروايتين الوجهين" 17/ 114.

فصل: ما يندب للمؤذن فعله عند الأذان

قال: يجزئ، وأحب إلى أن لا يؤذن إلا طاهرًا، وأما الإقامة، فلا يقيم إلا وهو طاهر. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: الأذان والإقامة على الطهارة تنبغي وذلك؛ لما قال عطاء: حق وسنة مسنونة أن لا يؤذن المؤذن إلا متوضئًا، وذكر عن أبي هريرة ذلك. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزهري قال: قال أبو هريرة رضي اللَّه عنه: لا تناد بالصلاة إلا متوضئًا. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: أما الإقامة فهو أحرى ألا يفعله أحد إلا متوضئًا؛ لما قيل في غير حديث: "إن الإقامة مفتاح الصلاة" فمن قال لا؛ فقد أخطأ. "مسائل حرب/ مخطوط" (807 - 810) قال حرب: قلت لأحمد بن حنبل: فالجنب يؤذن؟ قال: لا. قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى عن الرجل يؤذن وهو جنب؛ قال: لا يؤذن. قيل: فإن كان على غير وضوء؟ فرخص فيه. قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى عن الجنب يؤذن؛ قال: لا. قيل: فإن فعل؛ يعيد؟ قال: لا يؤذن. "مسائل حرب/ مخطوط" (812 - 814) فصل: ما يندب للمؤذن فعله عند الأذان استقبال القبلة عند الأذان قال حرب: سئل أحمد ما تقول في المسافر يؤذن لغير القبلة؟ قال: أحب إليّ أن يؤذن ووجهه إلى القبلة، وأرجو أن يجزئ لغير القبلة، فإذا قال: أشهد أن لا اله إلا اللَّه يستقبل القبلة، ثم يمضي في أذانه لغير القبلة، حتى إذا انتهى إلى لا إله إلا اللَّه استقبل القبلة (¬1). "مسائل حرب/ مخطوط" (838) ¬

_ (¬1) ذكرنا الرواية في بابها من "المغني" 2/ 85.

أذان الراكب

أذان الراكب قال حرب: سئل أحمد بن حنبل عن الأذان على ظهر الدابة؛ فقال: أرجو. قال حرب: وسألت إسحاق عن الأذان على ظهر الدابة؟ قال: لا بأس به، ويقيم بالأرض. "مسائل حرب/ مخطوط" (851 - 852) القعود بين الأذان والإقامة قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا أذن المؤذن قعد قعدة في الصلوات كلها، حتى في المغرب لا بد من القعدة؛ لما صح عن بلال حيث علمه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الأذان، فأمره أن ينتظر بين الأذان والإقامة قدر ما يستيقظ النائم وينتشر المنتشر للصلاة، فأذن مثنى مثنى، وأقام مرة مرة. "مسائل حرب/ مخطوط" (928) أن يؤذن ويقيم مكانه قال حرب: سألت أحمد بن حنبل عن الرجل يمشي في الإقامة؟ قال: أحبه إليَّ أن يقيم في مكانه، ولم يبلغني فيه شيء إلا حديث بلال أنه قال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا تسبقني بآمين. قال حرب: وسئل مرة أخرى عن الرجل يمشي في الإقامة؛ فكرهه. قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: إذا قام المؤذن، فإنه يمكث في موضع إقامته، فإن كان يفوته من تحريم الصلاة شيء مع الإمام فإنه مدرك لفضيلتها إن شاء اللَّه، وقال: قال بلال: يا رسول اللَّه لا تسبقني بآمين، وكذلك أبو هريرة وغيره من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قالوا مثل ذلك لأئمتهم. ففي هذا بيان أن لا يمشي في الإقامة؛ لأنهم لو مشوا لم يفتهم إدراك التحريم مع الأئمة، وقد رأى ما وصفنا ابن المبارك وقال: عسى أن يدركه في ثبوته من الأجر ما كان يدركه من قبل. "مسائل حرب/ مخطوط" (822 - 824) حكم الإقامة في الموضع الذي يريد أن يصلي فيه قال حرب: سألت إسحاق، قلت: المؤذن يكون إمامًا فيقوم في الموضع الذين يريد أن يصلي فيه فيقيم؟ فكرهه، وقال: يقوم خلف الناس فيقيم.

فصل ما يباح للمؤذن فعله وما يكره

قلت لأسحاق: فيقيم على المنارة؟ قال: لا، الأذان في المنارة، والإقامة في المسجد. "مسائل حرب/ مخطوط" (911) فصل ما يباح للمؤذن فعله وما يكره الكلام في الأذان قال حرب: سئل أحمد عن الكلام في الأذان؛ فقال: لا بأس به، قد تكلم سليمان بن صرد. قيل: فتكلم في أذانه؟ قال: لا. قيل له: فما الفرق بينهما؟ قال: ما يدريني. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إن تكلم المؤذن بين ظهراني أذانه؛ لحاجة عرضت له من سبب الصلاة، أو أمر، أو نهي، أو ما أشبه ذلك من غير حوائج الدنيا، أو رد السلام، فلا بأس؛ لما ثبت ذلك عن سليمان بن صرد، وكانت له صحبة أنه كان يأمر غلامه في أذانه بالحاجة، فأحسن ما يظن به أنه كان كلامًا من معاني أسباب الصلاة أو الخير؛ لأنه إن كان يرخص في كل الكلام، فما كان من ذكر اللَّه أو إرادة الخير، فهو أحرى بأن يجوز. "مسائل حرب/ مخطوط" (870 - 871) هل يباح للمؤذن التأذين على سطح بيته إذا كان قريبًا من المسجد؟ قال حرب: قلت لإسحاق: المؤذن يصعد فوق بيته فيؤذن؟ قال: إذا كان ذلك أسمع للجيران وأنفع، فهو جائز. "مسائل حرب/ مخطوط" (913) حكم خروج المؤذن من المسجد بعد الأذان قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: لا ينبغي للمؤذن إذا أذن أن يخرج من المسجد على حال، إلا أن يكون سها فأذن على غير وضوء، فحينئذ يرجع إلى وضوئه؛ لما لا بد منه، وما أشبه ذلك من العذر، وأما لحاجة دنيا أو غداء، أو ما كان من منافع الدنيا فلا، وإنما جعل المؤذنين الأذان والإقامة وقت بقدر ما

فصل ما يندب للمستمع فعله حال الأذان

يتوضأ القوم في منازلهم، ثم يمشون على هنيتهم إلى المسجد فيصلون ركعات ثم يقيم، فالمؤذن يلزمه تعاهد من يجيء، ومن ينتظر، وهل فرغوا مما أمروا من الصلاة؟ ثم يقيم، فإذا جلس في منزله يتغدا فاته ما وصفنا من النظر، ولا نعلم أحدًا من السلف فعل ذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (925) فصل ما يُندب للمستمع فعله حال الأذان حكم الكلام والمؤذن يؤذن قال حرب: سمعت إسحاق بن إبراهيم كثيرًا يتكلم، والمؤذن يؤذن. "مسائل حرب/ مخطوط" (909) الجنب يسمع الأذان أيقول كما يقول؟ قال حرب: سئل إسحاق عن الرجل يسمع الأذان وهو جنب؛ هل يقول، كما يقول المؤذن؟ قال: أحب إليّ أن يقول، كما يقول المؤذن؛ لأنه ليس قرآنًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (940) فصل في أحكام متعلقة بالأذان والإقامة تعدد المؤذنين قال حرب: قلت لأحمد: فالأذان يوم الجمعة إذا أذن على المنارة عدةٌ؟ قال: لا بأس بذلك، قد كان يؤذن للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بلال وابن أم مكتوم، وجاء أبو محذورة، وقد أذن رجل قبله، فأذن أبو محذورة أيضًا. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: الأذان الذي كان على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبي بكر، وعمر أذان واحد وإقامة، إذا خرج الإمام وقعد على المنبر أذن، وإذا نزل أقام، وهذا الأذان الذي زادوه محدث أحدثه عثمان؛ نظرًا للناس لما كثروا على عهد عثمان رأى أن لا يسعه إلا أن يزيد في المؤذنين؛ ليُعلِم

حكم الأذان قبل دخول الوقت

الأبعدين ذلك كي يعلموا كعلم من قرب من المسجد والإمام يصير بهم على السواء، فصارت سنة؛ لأن على الخلفاء النظر في مثل ذلك للناس. "مسائل حرب/ مخطوط" (893 - 894) حكم الأذان قبل دخول الوقت قال حرب: سئل أحمد بن حنبل عن الأذان بالليل؛ فكأنه لم ير به بأسًا، وقال: أهل الحجاز يقولون: هو السنة يعني: أذان الفجر. قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى وسئل عن الرجل يؤذن الفجر بليل؛ قال: لا بأس. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: لا يؤذن للصلوات كلها إلا بعد حلول وقتها إلا الفجر، فإنه سنة أذانه بليل. قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا شعيب بن حرب قال: قال مالك بن أنس: لم يزل الأذان عندنا بليل. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عثمان، عن ابن مسعود، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن بلالًا يؤذن بليل؛ ليوقظ نائمكم، وبرجع قائمكم". "مسائل حرب/ مخطوط" (861 - 865) قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا يؤذن أحد في شهر رمضان حتى يطلع الفجر. قال أبو محمد حرب: رأيتهم بمكة يؤذنون السنة جميعًا يؤذنون الفجر بليل إلا في شهر رمضان، فإنهم لا يؤذنون الفجر في شهر رمضان حتى يطلع الفجر. "مسائل حرب/ مخطوط" (876 - 868) من أذن فهو يقيم قال حرب: سئل أحمد بن حنبل عن الرجل يؤذن، ثم يذهب، أيقيم غيره؟ فذكر عن أبي محذورة أنه جاء، وقد أذن رجل فأذن أبو محذورة وأقام، وذكر حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أذن فهو يقيم" ولم يقل على واحد منهما، إلا أنه كأنه

وقت قيام الناس للصلاة

ذهب إلى الأذان والإقامة. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: لا يقيم إلا من أذن. قال حرب: وقال إسحاق مرة أخرى: كان يقال: من أذن فهو يقيم. "مسائل حرب/ مخطوط" (883 - 885) وقت قيام الناس للصلاة قال حرب: ورأيت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل ينهض إلى الصلاة إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة المرة الأولى. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا كان الإمام في المسجد فأخذ المؤذن في الإقامة، قام القوم إذا قال: قد قامت الصلاة، وسووا الصفوف يمنة ويسرة حتى يصير الصف كالقدْح في الاستواء، ثم يتقدم فيكبر للصلاة بعد فراغ المؤذن، وليس لأحد من الأئمة أن يكبر قبل أن يفرغ المؤذن من الإقامة كلها، كذلك سن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأخذ بذلك بعده عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه. "مسائل حرب/ مخطوط" (827 - 828) قال حرب: وسمعت أبا يعقوب يقول: إذا أقام المؤذن الصلاة، ولم يجيء الإمام، فلينتظره القوم قعودًا، وقد كانوا يستحبون أن ينتظروا الإمام قدر ما ينزل المؤذن. قال حرب: قال إسحاق: فقد أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: أقيمت الصلاة ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نجيّ لرجل فما قام إلى الصلاة حتى نعس بعض القوم. "مسائل حرب/ مخطوط" (932 - 933)

باب ما جاء في شروط الصلاة

باب ما جاء في شروط الصلاة الشرط الأول: الطهارة من الحدث والنجس طهارة الثوب والبدن، والعمل إذا صلى وعلم أثناء صلاته أو بعدها بنجاسة في ثوبه أو على بدنه قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى عن الدم إذا كان في الثوب فصلى فيه ناسيًا؛ قال: ليس عليه إعادة ما مضى ويغسله لما استقبل، وإن كان قدر الدرهم أو أقل؛ لأنه أمر بنظافة الثياب. وأسماء حين سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت قطرة من دم الحيض تصيب ثيابي؛ قال: "حتيه ثم اقرصيه ثم رشيه بالماء". قال حرب: قلت لإسحاق: أتجعل الدم كله واحدًا دم الحيض وغيره؟ قال: نعم، هو كله عندي واحد. "مسائل حرب/ مخطوط" (217 - 218) قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى عن الرجل صلى وفي ثوبه من الدم قدر أربع أصابع؛ أيعيد الصلاة؟ قال: لا يعيد، ولكن يغسله لما يستأنف. قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى، قلت: رجل هو إمام قوم يصلي بهم فرأى من خلفه على ثوب الإمام دمًا قدر أربع أصابع وليس يراه الإمام بنفسه؟ قال: يشيرون إليه بالإيماء. قلت: فإن لم يفعلوا وصلوا؟ قال: أجزأت عنهم وعن الإمام. "مسائل حرب/ مخطوط" (222 - 223) قال حرب: قلت لأحمد بن حنبل: فإن كان بولًا؟ قال: أما البول والغائط، فإنه يعيد من قليله وكثيره. "مسائل حرب/ مخطوط" (233) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: يعيد الصلاة من البول والغائط من قليله وكثيره. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: يعيد الصلاة في البول والغائط، أن يعيد من قليله وكثيره، وإن كان بقدر رأس إبرة وبقدر رأس ذباب، وأما غير ذلك من

الأقذار، فلا يعيد. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: البول والغائط يعيد من قليله وكثيره، والدم والخمر وغير ذلك، لا يعيد. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: وسائر الأقذار قليلًا كان أو كثيرًا ما خلا الغائط والبول فصلى في الثوب الذي أصابه ولا يعلم، فلا إعادة عليه، مضى الوقت أو هو في الوقت. "مسائل حرب/ مخطوط" (235 - 238) قال حرب: قلت لأحمد: تعاد الصلاة من خرو الدجاج إذا كان في الثوب؟ قال: نعم، إذا كان يأكل القذر. قلت: فإن كان في قفص لا يأكل القذر؟ قال: هو أسهل. قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى عن سلح الدجاج؛ فقال: اختلف فيه الناس. "مسائل حرب/ مخطوط" (290 - 291) قال حرب: وسئل إسحاق عن رجل صلى وفي ثوبه قطرة من خمر؛ قال: صلاته جائزة. قال حرب: قلت لإسحاق: رجل شرب دواء المشي (¬1) فوضع على رأسه لخلخة (¬2)؟ قال: إنما كره أن يخلّق الرجل جسده، فأما الشيء اليسير يضعه على بطنه ورأسه، فلا بأس. قلت: فإنه يعالج بالمسكر؟ ! قال: كل شيء يعالج بالمسكر. . (¬3). قال حرب: قلت لإسحاق مرة: فالمسكر يصير على الثوب؟ قال: يعيد الصلاة؛ لأن حكمه عندي كحكم الخمر. قال حرب: وسألته عن النضوح تتخذ من زبيب فتترك حتى يغلي ثم تجعل فيه؛ ¬

_ (¬1) هو الدواء؛ وسُمي كذلك لأنه يحمل شاربه على المشي والتردد إلى الخلاء. (¬2) اللخلخة: طيب معروف، وقد لخلخه: إذا تطيب به. (¬3) بياض بقدر كلمة أو كلمتين.

قال: تعيد الصلاة إذا جعلت في رأسها من ذلك، أو أصابك من ذلك شيء. قيل: فإن جعل وهو حلو ثم غلا فيه؟ قال: هذا قد خرج من حد الشراب. قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا عبد اللَّه بن إدريس قال: أخبرني حريش قال: رأى طلحة المسجد قد نضح بالنضوح؛ فقال: من نضح الخمر في مسجدنا؟ قال حرب: حدثنا أحمد قال: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: ثنا أبان العطار، قال: ثنا كثير بن شنطير، قال: سمعت الحسن يقول: إذا أصابَ ثوبك نبيذ الجر فاغسله. قال حرب: قلت لاسحاق: فإن صلي وعلى ثوبه شيء من خلوق وليس فيه مسكر؟ ! قال: لا بأس به، إذا لم يكن فيه مسكر. قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى قلت رجل صلي وفي جسده خلوق؟ قال: ينبغي له أن يغسله؛ لما نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يتزعفر الرجل، فأما إذا صلي فصلاته جائزة. "مسائل حرب/ مخطوط" (309 - 316) قال حرب: سئل أحمد رحمه اللَّه عن الصلاة في ثوب اليهودي والنصراني؛ قال: لا يصلي في شيء من ثيابه التي تلي جسده القميص والسراويل وغير ذلك. قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: قوم عندنا مشركون -يقال لهم: الخبيصيِّين- يأكلون الميتة، ويشربون الخمر، ولا يغتسلون من جنابة، وهم ينجسون الثياب؛ فما تقول في لبس هذِه الثياب من قبل أن تغسل والصلاة فيها؟ قال: لا بأس؟ يروى عن الحسن قال: لا بأس بالصلاة في الثياب التي ينسجها المجوسي. يعني: من قبل أن تغسل. "مسائل حرب/ مخطوط" (348 - 349) قال حرب: سألت أحمد بن حنبل عن الصلاة في جلود السباع؛ قال: أكرهه. قلت: فلبسته من غير أن يصلي فيه؟ قال: هو أسهل، وقد روي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن يفترش جلود السباع. قلت: فالسمّور والسنجاب أسبع هو؟ قال: لا أدري، هذا يكون في بلاد الترك. "مسائل حرب/ مخطوط" (2118)

قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى عن الصلاة في جلود الثعالب؛ فكرهه. قيل: فإن صلى فيه سنة أو سنتين؟ قال: إذا كان. . (¬1) فلا بأس. "مسائل حرب/ مخطوط" (2119) قال حرب: وسألت إسحاق بن إبراهيم عن رجل صلى وفي كمه جلد ثعلب؛ قال: أما أنا فإني أكرهه وأرجو أن تكون صلاته جائزة وذكر حديث أبي العالية أنه صلى وفي رأسه قلنسوة من جلود الثعالب فوضعها في كمه. "مسائل حرب/ مخطوط" (2120) قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى عن السمور و. . (¬2) والسنجاب أسبع هو؟ قال: السمور و. . (¬3) سبع، وأما السنجاب فقد اختلفوا فيه، وأكثرهم على أنه ليس بسبع، قالوا: هي دويبة تشبه الفأرة تقع على الشجر تأكل من ذلك، ولا تأكل الجيف. فمن ههنا قال: ليس سبع. قلت: فالحواصل؟ قال: فالحواصل طير لا بأس به. "مسائل حرب/ مخ" (2122) قال حرب: وسئل إسحاق مرة أخرى عن الصلاة في السنجاب -يعني: جلده-؛ فكرهه. "مسائل حرب/ مخطوط" (2123) قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: أما جلود السباع فقد صح فيها النهي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأخذ به الخفاء، فإن لبسه إنسان يستذكي به، أو صير منه لحافًا، أو ما أشبهه، رجونا أن يكون ذلك جائزًا؛ لما ذكر عن عمار بن ياسر ونفر من التابعين الرخصة في الإستدفاء. "مسائل حرب/ مخطوط" (2124) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: أما في الصلاة فيها -أي: جلود السباع- فلا خير في ذلك، فإن صلى فيها أعاد؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما نهى عن لبسها للنجاسة؛ لأنه لا يؤكل لحومها، ولا دباغ لجلودها. "مسائل حرب/ مخطوط" (2126) ¬

_ (¬1) غير واضح بالأصل. وفي رواية عبد اللَّه عنه: سُئل عن ذلك فقال: إذا كان يتأول فلا يعيد. "مسائل عبد اللَّه" (27). (¬2) غير واضح بالأصل. (¬3) غير واضح بالأصل.

هل يشترط طهارة الثوب لصلاة الجنازة؟

قال حرب: قال إسحاق: أخبرنا عيسى بن يونس، عن هشام بن حسان، عن محمد أن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه رأى على رجل قلنسوة من ثعالب فانتزعها من رأسه ففتقها فرمى بطانتها وألقي إليه القلنسوة. "مسائل حرب/ مخطوط" (2127) قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا يقول: الذي يعتمد عليه: نهي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن جلود السباع وكل ذي ناب من السبع، فلا يجوز الانتفاع بشعورها -وليس جلودها- إلا أن يستدفي مستدفي به، فإن صلي فيه أعاد؛ للإحتياط، ولم يتبين إيجاب الإعادة؛ لما اختلف في أكل لحومها. "مسائل حرب/ مخطوط" (2128) هل يشترط طهارة الثوب لصلاة الجنازة؟ قال حرب: قلت لإسحاق: رجل حضرت جنازة وعليه ثوب ليس بطاهر فصلى فيه على الجنازة؟ قال: هو جائز. "مسائل حرب/ مخطوط" (338) من صلى في ثوب نجس ليس معه غيره قال حرب: سألت أحمد بن حنبل، قلت: رجل أدرك الصلاة وصلى في ثوب ليس بطاهر عليه دم فاحش وقذر؟ قال: يعيد الصلاة. قيل: أيتعرى ويصلي؟ قال: لا يتعرى، ولكن يصلي في الثوب ويعيد. "مسائل حرب/ مخطوط" (228) قال حرب: وسألت إسحاق بن إبراهيم قلت: رجل في سفر حضرت الصلاة ومعه ثوب ليس بطاهر وليس معه غيره؛ هل يصلي فيه؟ قال: يصلي فيه، ما دام لا يجد ثوبًا غيره. قلت: فصلاته جائزة لا يعيدها؟ قال: نعم. "مسائل حرب/ مخطوط" (230) طهارة النعل والخف في الصلاة قال حرب: قلت لأحمد بن حنبل فإن كان البول في النعل أو الخف؟ قال: أرجو أن يكون أخف. قال: وأما حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه خلع النعل في صلاته من شيء كان عليه، فإنه لم يجيء ما كان في النعل بول أو غيره. "مسائل حرب/ مخطوط" (244)

الرجل يطأ نجاسة وهو حافي ثم يمر بالموضع الطاهر

قال حرب: وسألت إسحاق قلت: يصلي وفي خفه روث حمار؟ قال: إن كان مسح الخف بالأرض فذهب أثره فلا بأس. "مسائل حرب/ مخطوط" (283) الرجل يطأ نجاسة وهو حافي ثم يمر بالموضع الطاهر قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يتوضأ فلا يلبس نعلًا فيمر بالمكان الذي قد أصابه البول، ولكنه حافي ورجلاه رطبتان ثم يمر بعد ذلك بالمكان النظيف؟ فكره ذلك، وقال: لا يطأ البول. "مسائل حرب/ مخطوط" (296) إذا صلى الرجل واتصل به نجاسة قال حرب: قلت لإسحاق: رجل صلي ومعه سيف مخضب بالدم؟ قال: إن كان في موضع قتال لا يقدر على غسله أو مسحه بالتراب فهو موضع ضرورة أرجو أن يجزئه، وإن كان في أمن وطمأنينة فمنعه الكسل من غسله أو مسحه، فتهاون في ذلك فصلى عمدًا وهو مخضب بالدم؛ فالإعادة أحب إليّ. "مسائل حرب/ مخطوط" (325) قال حرب: قلت لإسحاق: متطبب صلى وفي كمه جونة فيها حية؟ قال: لا تفسد صلاته، إلا أن تكون منتنة. "مسائل حرب/ مخطوط" (2156) قال حرب: سألت إسحاق عن الرجل يصلي وقد شد على تكته شعرات من شعر الخنزير مثل: الإسكاف وغيره؟ قال: يعيد الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (2159) قال حرب: وسئل إسحاق عن رجل له جمة فطمها ووضعها في كمه؛ هل يصلي وهي في كمه؟ لا يصلي، ولم يرخص له. وقال: ما قطع من الحي فهو ميت. "مسائل حرب/ مخطوط" (2161) قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: كل شيء يسقط من شعر رجل أو إمرأة فوصل به شعر آدمي، لم تجز الصلاة معه، فإن صلي فيه أعاد؛ لأن الشعر من الآدميين لا يستمتع به على حال ويستمتع بشعور البهائم التي لا تؤكل لحومها. "مسائل حرب/ مخطوط" (2162)

الشك في الحدث

قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنا عبد الصمد بن عبد الوارث، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن دينار، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي واقد الليثي قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما قطع من الحي فهو ميت". "مسائل حرب/ مخطوط" (2163) الشك في الحدث قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يكون في الصلاة فيظن أنه قد خرج منه شيء؟ قال: إذا كان في الصلاة فإنه لا ينظر إليه ولا. . (¬1). "مسائل حرب/ مخطوط" (194) طهارة محل الصلاة قال حرب: وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رجل صلى على أرض ليست بطاهرة؟ قال: إن علم أنه قد أصابها بول فلا يصلي. قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى، قلت: رجل صلى على أرض ليست طاهرة؟ قال: عليه الإعادة. قلت: فإن بسط عليه ثوبًا؟ قال: جائز. "مسائل حرب/ مخطوط" (301 - 303) قال حرب: وسألت إسحاق عن الصلاة في مسلح الحمام؛ قال: لا بأس بالصلاة في المسلح. "مسائل حرب/ مخطوط" (722 ب) الصلاة على السرير قال حرب: سألت إسحاق عن الصلاة على السرير من الخشب؛ فقال: لا بأس به. "مسائل حرب/ مخطوط" (2165) الصلاة على الثلج قال حرب: سئل أحمد بن حنبل عن الصلاة على الثلج؛ قال: تصلي عليه، وتسجد عليه. قيل: فالصلاة في الماء والطين؟ قال: يؤمئ. "مسائل حرب/ مخطوط" (2177) ¬

_ (¬1) غير واضح بالأصل.

الصلاة على الطنفسة والخمرة واللبد وغير ذلك

قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى عن الصلاة على الثلج؛ قال: يبسط ثوبًا ويصلي. قلت: فإن لم يكن معه إلا الثوب الذي على جسده؟ قال: إن أمكنه السجود عليه وإلا أومأ. إذا كان الثلج باردًا فإنه عذر، وسهل فيه. "مسائل حرب/ مخطوط" (2178) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا صليت في الثلج أو الرمضاء أو البرد أو الطين فآذاك فاسجد على ثوبك، يوم الجمعة كان وغير ذلك. وإن اشتد عليك وضع اليدين على الأرض أيضًا فضعهما على ثوبك أو أدخلهما كميك ثم اسجد كذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (2179) قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: إن كنت في ردغة أو ماء أو ثلج لا يستطيع أن يسجد فأومئ إيماءً، كذلك فعل أنس بن مالك وجابر بن زيد وغيرهما. "مسائل حرب/ مخطوط" (2180) الصلاة على الطنفسة والخمرة واللبد وغير ذلك قال حرب: سألت إسحاق عن الصلاة على الطنفسة (¬1)؛ قال: جايز. "مسائل حرب/ مخطوط" (2138) قال حرب: وحدثنا إسحاق قال: أنبأ عيسى بن يونس قال: ثنا الأوزاعي، عن عثمان بن أبي سودة، عن خليد، عن أبي الدرداء رضي اللَّه عنه قال: ما أبالي لو صليت على ست طنافس بعضها فوق بعض. "مسائل حرب/ مخطوط" (2139) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: مضت السنة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه صلى على الخمرة والبساط وعلى الثوب الحائل بينه وبين الأرض. ولا بأس أن يصلي الرجل على البساط والطنفسة واللبد وما أشبه ذلك، وإن ¬

_ (¬1) الطِّنْفِسَةُ بِكَسْرَتَيْنِ فِي اللُّغَةِ الْعَاليَةُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا جَمَاعَةْ مِنْهُمْ ابْنُ السِّكِّيتِ وَفي لُغَةٍ بِفَتْحَتَيْنِ، وَهِيَ بِسَاطٌ لَهُ خَمْلٌ رَقِيقٌ، وَقِيلَ: هُوَ مَا يُجْعَلُ تَحْتَ الرحْلِ عَلَى كَتِفَي الْبَعِيرِ. وَالْجَمْعُ طَنَافِسُ.

الصلاة على شيء أصابه قذر أو نجاسة

سجد على الأرض فهو أحب إليّ، وإن. . (¬1) بجبهته ويديه إلى الأرض فهو أحب إلينا، ومن لم يفعل أجزأه. "مسائل حرب/ مخطوط" (2140) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنبأ عبدة بن سلمان قال: ثنا عبيد اللَّه بن عمر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي سلمة، عن عائشة -رضي اللَّه عنها-، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان له حصير يبسطه بالنهار ويحتجزه بالليل ويصلي عليه. "مسائل حرب/ مخ" (2141) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا عيسى بن يونس قال: ثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: ثنا أبو سعيد الخدري أنه دخل على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فوجده على حصير يسجد عليه. "مسائل حرب/ مخطوط" (2143) الصلاة على شيء أصابه قذر أو نجاسة قال حرب: سألت أحمد بن حنبل عن الصلاة على بردعة الحمار؛ فقال: لا أدري، أخبرك لا يعجبني شيء من الحمار. قال حرب: وسألت إسحاق؛ قلت: رجل صلى على بردعة الحمار؛ قال: لا بأس به. "مسائل حرب/ مخطوط" (318)، (319) قال حرب: سألت أحمد عن الصلاة على المسح الذي ليس بنظيف؛ فقال: لا يصلى. قال حرب: وسألت إسحاق؛ قلت: رجل صلى على فراش ليس بنظيف؟ قال: صلاته فاسدة إذا سجد عليها وقام. قلت: فإن بسط على الفراش ثوبًا طاهرًا؛ فإنه لا بأس صلاته جائزة. "مسائل حرب/ مخطوط" (322 - 323) الشرط الثاني: دخول الوقت الزوال وتقديره قال حرب: سألت أحمد بن حنبل؛ قلت: الزوال يستقصى؟ قال: إنما هو تقدير. "مسائل حرب/ مخطوط" (3073) ¬

_ (¬1) غير واضح بالأصل.

حكم تعلم منازل القمر

قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى يقول: الزوال في الدنيا كلها واحد. قيل له: فإنه يتغير في البلدان؟ فأنكر ذلك إنكارًا شديدًا، وذهب إلى أنه كلام المنجمين، وقال: أول وقت الظهر إذا زالت الشمس، وآخر وقتها إذا صار ظل كل شيء مثله، وهو أول وقت العصر، وآخر وقت العصر أصفرار الشمس، ويقال: إذا صار ظل كل شيء مثليه. "مسائل حرب/ مخطوط" (3074) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: قد صح الخبر عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مواقيت الصلاة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى الظهر حين زالت الشمس، وصلى العصر حين كان ظله مثله من الزوال، وصلى الظهر من الغد حين كان ظله مثله، وصل العصر حين كان ظله مثليه. "مسائل حرب/ مخطوط" (3075) حكم تعلم منازل القمر قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يتعلم منازل القمر؟ فلم ير به بأسًا. قلت: إنهم نظروا إلى كواكب مجتمعة يشبهوها بالبهائم ونحو ذلك مثل: الحمل والثور. قال: كذلك كانت العرب، ولم ير به بأسًا أن يقول الرجل: مضى من الليل كذا وبقي كذا. "مسائل حرب/ مخطوط" (3081) قال حرب: وسألت إسحاق عن الرجل يتعلم منازل القمر؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. قلت: فإن تعلم أسماء النجوم التي يهتدى بها مثل: العيوق والنسر والجدي والفرقدين ونحو ذلك؟ قال: ما كان منها نهتدي به، فلا بأس. "مسائل حرب/ مخطوط" (3082) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا معتمر بن سليمان قال: ثنا أبو عوانة، عن قتادة أنه كره أن يتعلم الرجل منازل القمر. "مسائل حرب/ مخطوط" (3088) من وجبت عليه الصلاة ثم طرأ عليه عذر أول الوقت أو آخره قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: إذا حاضت المراة في أول

وقت صلاة فعليها الإعادة عند أهل العلم؛ لأن الفرض قد لزمها في أول الوقت فعليها القضاء، فإن حاضت وعليها من الوقت ما لا تكون مصلية لو صلت حتى أدركها الحيض فلا قضاء عليها. "مسائل حرب/ مخطوط" (1115) قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنا يحيى بن سعيد القطان، عن ابن شبرمة قال: سألت الشعبي عن امرأة أذن المؤذن وصلوا فحاضت فلم تصلي؟ فقال: إذا طهرت، فلتجعل أول صلاة تصليها قضاء. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا سفيان ابن عيينة، عن ابن شبرمة، عن الشعبي قال: إذا دخل وقت صلاة فحاضت قبل أن تصلي، فإذا طهرت فلتصلها حتى تطهر. "مسائل حرب/ مخطوط" (1117 - 1118) قال حرب: سألت أحمد بن حنبل؛ قلت: امرأة طهرت قبل غروب الشمس؟ قال: تصلي الظهر والعصر قلت: فإن طهرت قبل طلوع الفجر؟ قال: تصلي المغرب والعشاء. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: أما الذي نعتمد عليه، وعليه أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن بعدهم، إذا طهرت قبل غروب الشمس صلت الظهر والعصر جميعا، وإذا طهرت قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء جميعًا. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: اختلف أهل العلم في قضاء الحائض إذا طهرت في وقت صلاة. فقال بعضهم: لا تقضي إلا الصلاة التي طهرت في وقتها؛ لأنها لو قضت غير الصلاة التي طهرت في وقتها، كانت إذًا تقضي الصلوات التي مرت بها وهي حايض. وخالف هؤلاء آخرون فقالوا: إذا طهرت في وقت صلاة، وليس عليها قدر ما تقدر على الطهارة التي أمرت بها، فليس عليها قضاء هذِه الصلوات التي طهرت في وقتها. قال حرب: ومذهب إسحاق: إذا طهرت قبل غروب الشمس، صلت الظهر والعصر إذا طهرت. "مسائل حرب/ مخطوط" (1126 - 1129) قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أبنا النضر بن شميل قال: أبنا حماد ابن سلمة، عن قيس، عن عطاء، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: إذا طهرت المرأة

الشرط الثالث: اتخاذ الزينة (ستر العورة)، وأحكام اللباس في الصلاة

من حيضها، فأدركت ركعتين، ثم صلي العصر قبل أن تغيب الشمس، فإنها تصلي الظهر والعصر، وإذا طهرت قبل أن يطلع الفجر، فإنها تصلي المغرب والعشاء. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنبأ جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: إذا طهرت الحائض في وقت من العصر، صلت الظهر والعصر، وإذا طهرت في وقت من العشاء صلت المغرب والعشاء، وكذلك إذا طهرت ما بقي من الشمس شيء أو ما بقي من الليل شيء، صلت الصلاتين قضاء، إن لم تفرغ من غسلها حتى ينشق الفجر، صلت الفجر، وإن رأت الطهر بعدما ينشق الفجر، صلت الفجر ما بينها وبين طلوع الشمس، فإن طلعت الشمس قبل أن تأخذ في صلاتها، فلا تصليها، وتستقبل الصلوات بعد. "مسائل حرب/ مخطوط" (1135 - 1136) الشرط الثالث: اتخاذ الزينة (ستر العورة)، وأحكام اللباس في الصلاة ما يجزئ الرجل للصلاة فيه قال حرب: سئل إسحاق عن رجل صلي في ثوب واحد متزرًا به ليس على منكبيه شيء وقد بدا سرته؛ قال: إذا كان من ضررورة فجائز. "مسائل حرب/ مخطوط" (3029) قال حرب: قلت لإسحاق: فصلي في سراويل وحده، هل يعيد؟ قال: السراويل والإزار عندي واحد. "مسائل حرب/ مخطوط" (3033) قال حرب: قيل لإسحاق: فصلي في قميص محلول الإزرار؟ قال: أكرهه؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "زره ولو بشوكة". قيل: فعليه الاعادة؟ قال: لا. "مسائل حرب/ مخطوط" (3035) ما يجزئ المرأة لصلاة فيه قال حرب: سألت أحمد بن حنبل قلت: المرأة في كم ثوب تصلي؟ قال: في ثلاثة أثواب. قلت: بثوبين؟ قال: إذا استترت بهما جاز. قلت: فإن صلت وموضع منهما ظاهر لا ينبغي لها أن تظهر ذلك الموضع؟

قال: لا يعجبني ذلك، ولم يعجبه شيء من ذلك. قلت: فالجارية إذا حاضت أليس تصلي في ثلاثة أثواب؟ قال: نعم. قلت: فالأمة تصلي مكشوفة الرأس؟ قال: نعم. "مسائل حرب/ مخطوط" (3040) قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: تصلي المرأة في درع وخمار تجهر بها، ويكره للمرأة أن تخرج إلى الدار وشعرها مكشوف، إلا أن يكون لها عذر كنحو ما تتوضأ فترفع طرف خمارها لتمسح رأسها وما أشبه ذلك، فأما أن يصير كشف رأسها عادة كالإماء فلا خير في ذلك، لتستر جهدها في دارها أو غير دارها، وأقل ما تصلي المرأة في ثلاثة أثواب: درع وخمار وإزار، فإن لم تتزر وتلتحف بملحفة فوق درعها فذلك جايز، وإن سرولت بدل الإزار فهو جائز، قد ذكر في بعض الأحاديث: "رحم اللَّه المسرولات" فإن صلت في ملحفة واحدة غطت كل شيء من جسدها جازت صلاتها. وتصلي الأمة بغير خمار، وليس على الأمة أن تختمر عجوزًا كانت أو شابة. "مسائل حرب/ مخطوط" (3041) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنبأ المعتمد قال سمعت أبي يحدث، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه قال: تصلي المرأة في ثلاثة أثواب إذا قدرت: درع وخمار وإزار. "مسائل حرب/ مخطوط" (3043) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا عبد اللَّه بن نمير، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر قال: تصلي المرأة في الدرع والخمار والمحلفة. "مسائل حرب/ مخطوط" (3044) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا محمد بن يزيد قال: حدثتنا أم كثير قالت: سمعت أنس بن مالك رضي اللَّه عنه يقول: تصلي المرأة في الدرع والخمار إذا كان سفيقًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (3045) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنبأ عبدة ابن سليمان، عن ابن أبي عروة، عن قتادة، عن الحسن أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: إذا حاضت الجارية فلم تختمر، لم تقبل لها صلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (3047)

متى تبلغ الجارية؟

قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنبأ المعتمر بن سليمان، عن هشام، عن الحسن قال: إذا بلغت الجارية الحيض فصلت ولم تور أذنها فلا صلاة لها. "مسائل حرب/ مخطوط" (3048) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنبأ وكيع قال: ثنا شريك، عن جابر بن عامر في أم الولد تصلي؛ قال: إن اختمرت فحسن. "مسائل حرب/ مخطوط" (3050) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن الحرث العكلي قال: تصلي أم الولد بغير قناع كما تصلي الأمة. "مسائل حرب/ مخطوط" (3051) متى تبلغ الجارية؟ قال حرب: سمعت إسحاق يقول: إذا بلغت الجارية المحيض وذلك خمس عشرة سنة أو قد أنبتت عليها الشعر الأسود ولم تحض فحكمها حكم النساء في التستر لا شك في ذلك؛ لما سن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك، وأما الجارية التي لم تحض ولم تبلغ أوان ذلك فصلت في إزار بادية الشعر فصلاتها جايزة، كما قالت عائشة رضي اللَّه عنها للمرأة التي خرجت في إزار وهي ناهد: إنها لم تحيض ولا بدا بعض الحيض، والتستر على كل حال للجارية التي قد بلغت سبعًا أحب إلينا لما أمرت بالصلاة، فإذا بلغت الجارية سبعا تخمرت في الصلاة وجهدت في التستر جهدها كالكبيرة، فإن لم تفعل فصلاتها جائزة إن شاء اللَّه، فلا تدع ذلك على حال إذا بلغت تسعًا وتغتسل من الجنابة إذا. . . لما بني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعائشة وهي بنت تسع. "مسائل حرب/ مخطوط" (3055) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنبأ زكريا بن عدي، عن أبي المليح، عن حبيب بن أبي مرزوق، عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: إذا بلغت الجارية تسعًا فهي امرأة. "مسائل حرب/ مخطوط" (3056) من ظهر بعض جسده في الصلاة قال حرب: وقيل لأحمد رحمه اللَّه: الرجل يصلي فيظهر بعض جسده؟ فلم ير عليه إعادة. وكذلك إن كان عليه قميص واحد فلم يزره، فلم يعد الصلاة، وذكر

صلاة العراة

حديثا يروى عن بعضهم أنه قال: غطوا عنا است إمامكم. وقيل: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال للنساء: "لا ترفعن رؤسكن حتى يرفع الرجال" وذلك من ضيق إزرهم؟ قال: نعم، ولكن هذا ليس فيه تبيان. قلت: الرجل والمرأة في هذا سواء في الإزرار؟ فكأنه ذهب إليه، ولكن المرأة تنبغي أن يكون عليها خمار. "مسائل حرب/ مخطوط" (3057) قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: امرأة صلت وهي مكشوفة الرأس؟ قال: إذا تعمدت فإنها تعيد الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (3058) قال حرب: وسألت إسحاق أيضًا؛ قلت: فإنها صلت وقد بدا من جسدها شيء يد ورجل أو شعر (¬1)؟ قال: كلما لم تتعمد لذلك، فإنه جايز. قلت: فإن تعمدت؟ قال: تعيد الصلاة شديدًا، وتتوب إلى اللَّه. "مسائل حرب/ مخطوط" (3059) صلاة العراة قال حرب: قيل لأحمد: القوم يخرجون من البحر عراة كيف يصلون؟ قال: جلوسًا بإمام. قلت: يقوم الإمام وسطهم؟ قال: نعم، يقوم الإمام وسطهم لا يتقدمهم، يومئون إيماء. "مسائل حرب/ مخطوط" (3061) الصلاة في الدواج قال حرب: وسئل أحمد بن حنبل عن الصلاة في الدواج؛ قال: وما بأسه. قيل: إنه ذكر عن ابن مبارك ووكيع أنهما كرهاه، ورخص فيه، وقال: ما أنفعه من ثوب! "مسائل حرب/ مخطوط" (3063) الصلاة في المنديل وغيره له أعلام قال حرب: سألت إسحاق عن الصلاة في المنديل وأريته منديلا له أعلام خضر وخطوط؛ قال: جايز. "مسائل حرب/ مخطوط" (3069) ¬

_ (¬1) غير واضحة بالأصل.

من صلى بتكة حرير

من صلى بتكة حرير قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يصلي وفي سراويله تكة حرير؟ قال: لا يعجبني، لو كان علما في ثوب كان أهون. قلت: يعيد الصلاة؟ قال: ما أدري. "مسائل حرب/ مخطوط" (2144) قال حرب: وسألت إسحاق قلت: الرجل صلى وفي سراوبله تكة حرير؟ قال: كلما كان قدر الكف فليس عليه شيء، وإن كان أكثر أكرهه، وإن صلى فيه لم يلزمه الإعادة؟ لما رخص النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للزبير وعبد الرحمن بن عوف في قميص الحرير من حكة كان بهما. "مسائل حرب/ مخطوط" (2145) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنبأ عتاب بن بشر، عن حصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: إنما نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المصمت منه. "مسائل حرب/ مخطوط" (2146) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنا عبد الرزاق قال: أنبأ معمر، عن قتادة أنه رأى على سعيد بن المسيب ساجًا مزررًا بالديباج. "مسائل حرب/ مخطوط" (2147) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنبأ عبد الرزاق قال: أنبأ معمر، عن ثابت قال: كانت بالبصرة فزعة فخرج علينا أنس بن مالك وعليه رايتين من ديباج. "مسائل حرب/ مخطوط" (2148) من صلى وفي كمه ثوب حرير قال حرب: قلت لإسحاق: رجل يصلي وفي كمه ثوب حرير؟ قال: قد أساء وبئس ما صنع، وذهب إلى أن صلاته جائزة. "مسائل حرب/ مخطوط" (2155) إذا صلى وفي كمه دنانير أو حلية من ذهب قال حرب: سئل أحمد عن الرجل صلى وفي كمه دنانير؟ قال: لا بأس به. قلت: فإن كانت حلية ذهب؟ قال: ما أدري. "مسائل حرب/ مخطوط" (2152) قال حرب: سألت إسحاق، قلت: رجل صلى وفي يده سوار من ذهب؟ قال: إذا لبسه من علة فإني أرجو أن يجزي عنه. "مسائل حرب/ مخطوط" (2153)

الرجل يصلي وقد شد وسطه بخيط

قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنبأ وكيع قال: ثنا أبو الأشعب، عن عبد الرحمن بن طرفة، عن جده عرفجة أنه أصيب أنفه يوم الكلاب فأتخذ أنفًا من ورق فأنتن عليه، فسأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأمره أن يتخذ أنفًا من ذهب. "مسائل حرب/ مخطوط" (2154) الرجل يصلي وقد شد وسطه بخيط قال حرب: قيل لأحمد: الرجل يشد وسطه بخيط ويصلي؟ قال: على القبا لا بأس به. وكرهه على القميص، وذهب إلى أنه من زي اليهود، فذكرت له السفر وإنا نشد على أوساطنا، فرخص فيه قليلا، أما المنطقة والعمامة ونحو ذلك، فلم يكرهه إنما كره الخيط، وقال: هو أشنع. "مسائل حرب/ مخطوط" (2185) من رفع ثوبه أو شعره وهو يصلي قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يصلي وقد لف خفيه؟ قال: يعجبني أن يرسلهما. وقال ابو عبد اللَّه: إذا صلى الرجل فلا يرفعن ثوبه ولا شعره ولا شيئًا من ذلك؛ لأنه يسجد. "مسائل حرب/ مخطوط" (2187) قال حرب: سئل إسحاق بن ابراهيم عن الرجل يصلي محتبيًا؟ قال: نعم، لا بأس. "مسائل حرب/ مخطوط" (2189) من سدل ثوبه في الصلاة قال حرب: وسئل أحمد عن السدل في الصلاة؛ فكرهه، وقال: يضم ثوبه. قيل: فالرجل يسترخي ثوبه في الصلاة يلتحف به ويتعاهده وهو في الصلاة؟ قال: نعم. "مسائل حرب/ مخطوط" (3067) قال حرب: حدثنا أحمد قال: ثنا منصور بن وردان قال: ثنا ابان بن تغلب أو المغيرة، عن الأوزاعي قال: رأيت مكحولا يسدل في الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (3068)

الشرط الرابع: استقبال القبلة

الشرط الرابع: استقبال القبلة جهة القبلة قال حرب: أملى علينا إسحاق قال: أول ما افترضت الصلاة بمكة ركعتين ركعتين، إلا المغرب ثلاثًا فصلوا بمكة عشر سنين، وقدموا المدينة فصلوا كذلك ست عشرة شهرًا، كل هذا إلى بيت المقدس، ولم تزل الصلاة بمكة والمدينة أول مقدمه حيث هاجر مع أصحابه تمام ستة عشر شهرًا كلها إلى بيت المقدس، ثم نظر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى السماء لما كان يحب أن تحول القبلة إلى الكعبة، فأنزل اللَّه تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} فوُلي إلى الكعبة، ولم يكونوا يعرفون الصلاة إلى الكعبة، فمن هاهنا قالت اليهود. قال [تعالى]: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا}. "مسائل حرب/ مخطوط" (945) تأويل قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا بَيْنَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ" قال حرب: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل يقول: ما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المشرق، وقال في ذلك: لو أن رجلًا التبست عليه القبلة فصلى ما بين المشرق والمغرب إذا تحرى الكعبة فهو جائز، ومذهبه من أقصى مشرق الصيف إلى أقصى مغربه يصلي في الشتاء والصيف جميعًا ليس ينظر إلى الشمس وذلك لأهل المشرق. "مسائل حرب/ مخطوط" (2031) قال حرب: وسألت إسحاق؛ قوله: "ما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المشرق"؟ وقال: لأهل اليمن. "مسائل حرب/ مخطوط" (2032) إذا صلى لغير القبلة وهو لا يعلم ثم علم؟ قال حرب: قيل لأحمد: رجل صلى لغير القبلة ثم تبين له؟ قال: اختلف الناس في ذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (2035) قال حرب: وسألت أحمد بن حنبل مرة أخرى قلت: رجل صلى لغير القبلة ثم استبان له بعد ما صلى أنه كان لغير القبلة؟ قال: يتحرى ذلك.

الصلاة في السفينة

قلت: فإنه تحرى؛ قال: جازت صلاته ولا يعيد. قلت: فإن صلى بعض صلاته ثم أستبان له وهو في الصلاة أنه على غير القبلة؟ قال: ينحرف إلى القبلة. قلت: يبني على صلاته أم يستأنف؟ قال: يبني على صلاته. "مسائل حرب/ مخطوط" (2036) قال حرب: قيل لأحمد: رجل صلى في المسجد الحرام وقد انحرف عن البيت؟ قال: لا تجزئه. "مسائل حرب/ مخطوط" (2039) قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا حماد بن مسعدة، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر أن عمر قال: ما بين المشرق والمغرب قبلة كله إلا عند البيت. "مسائل حرب/ مخطوط" (2040) الصلاة في السفينة قال حرب: سمع أحمد يقول: الصلاة في السفينة قائمًا إن أمكنه ويدورون مع السفينة إلى القبلة وسهل فيه. قلت: فإن لم يقدر أن يصلوا قيامًا يصلوا جلوسًا جماعة؟ قال: لا، ولكن يصلي كل إنسان على جهته. قلت: فيسجد على الثياب أو الأحمال أو نحو ذلك؟ فسهل فيه. "مسائل حرب/ مخطوط" (2041) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا كان الرجل في السفينة فليصل قائمًا على الشط، إن استطاع فهو أفضل، وإن صلى في السفينة فليصل قائمًا، وليتحول مع القبلة حيثما دارت السفينة، وليصل القوم في السفينة جماعة إن استطاعوا قيامًا، فإن لم يستطيعوا قيامًا فليصلوا جلوسًا، فإن صلى جالسًا وحده أو مع الإمام وهو يقدر على القيام فإنه يعيد أحب إلينا. وقد أوجب ذلك عليه ابن المبارك ومن نحا نحوه، فإن كان يشق على الإمام ومن خلفه صلوا حينئذ جلوسًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (2042)

فصل في اتخاذ السترة

فصل في اتخاذ السترة اتخاذ السترة، وما يصلح الاستتار به قال حرب: سئل أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل: كيف الخط بين يدي المصلي؟ قال: هكذا بالعرض. "مسائل حرب/ مخطوط" (1940) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: الخط بين يدي المصلي عرضًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (1941) قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرني المقبري قال: حدثني سعيد ابن أبي أيوب قال: حدثني جبر بن نعيم، عن عطاء بن أبي رباح قال: إذا صليت في صحراء فخط بين يديك خطأ واجعله عرضا وقال عمرو بن دينار في الخط: كالخبيّة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1943) قال حرب: قلت لأحمد: رجل صلى بفلاة من الأرض وليس بين يديه شيء ولا خط خطًا؟ قال: أحب إلي أن يفعل. قلت: فإن لم يفعل؟ قال: يجزئه. "مسائل حرب/ مخطوط" (1945) قال حرب: سئل إسحاق عن رجل أراد أن يصلي ومعه عصى كيف يضعه، قال: ينصبه. قيل: فلم يقدر؟ قال: يعرضه. "مسائل حرب/ مخطوط" (2029) ما يقطع الصلاة قال حرب: وسألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل، قلت: الصلاة يقطعها شيء؟ فكأنه ذهب إلى الكلب الأسود. "مسائل حرب/ مخطوط" (1928) قال حرب: قلت لأحمد: فحديث ابن عباس حيث قال: جئت إلى منى والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي وأنا على حمار، فركب الحمار بين يدي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو في الصلاة، وحديث عائشة قالت: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي وأنا معترضة بينه وبين القبلة. الاثنان ينسخان حديث أبي ذر رضي اللَّه عنه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "تقطع الصلاة المرأة والحمار". أما ينسخان فلا أدري، ولكن أرجو أن يكون الأمر فيه واسعًا وسهل فيه.

المرأة تصلي بحيال الرجل أو بين يديه

قلت: فالكلب الأسود؟ فذهب إلى أنه يقطع الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1930) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: قد ذكر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يقطع الصلاة إلا الكلب والحمار والمرأة" وذكر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رخصة في الحمار والمرأة، وبقي شأن الكلب الأسود لم يأت فيه رخصة علمناها، حتى أن عائشة قالت بعد موت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا يقطع الصلاة شيء إلا الكلب الأسود، وفي حديث أبي ذر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بيان ذلك في الكلب الأسود، فإذا صلى الرجل وليس بين يديه ما يستره فمر بين يديه كلب أسود أعاد الصلاة، فإن خشي مرور إنسان أو دابة أي الدواب كان فعليه أن يجتهد في ردها حتى لو مشي إلى القبلة أو عن يمينها أو عن شمالها كان ذلك أفضل حتى تمر الدابة خلفه، ولقد مشى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كذلك حتى ألزق بطنه بالقبلة ومرت الدابة خلفه. "مسائل حرب/ مخطوط" (1931) المرأة تصلي بحيال الرجل أو بين يديه قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يصلي وامرأة بحياله قائمة تصلي أو بين يديه؟ فقال: إذا كانت بحياله فهو أسهل من أن يكون بين يديه. قلت: أيعيد الصلاة؟ قال: ما أدري، وقال: إن كانت المرأة في غير الصلاة، فإنه لا بأس؛ لأن عائشة قد كانت بين يدي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل حرب/ مخ" (1933) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: لو أن إمرأة صلت وأنا خلفها أصلي صلاتي كانت صلاتي جائزة، ولو أن امرأة صلت وكان خلفها رجال يصلون يأتمون بها كانت صلاتهم فاسدة ويؤدبون. "مسائل حرب/ مخطوط" (1934) قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: إذا كنت تصلي وبين يديك امرأة قائمة أو قاعدة أو عن يمينك أو عن يسارك فلا بأس، إذا كانت المرأة في غير الصلاة. قال: وإن كانت بجنب رجل تصلي في الصف معه أو تقتدي به، فإن صلاتها فاسدة وصلاة الرجل جائزة؛ لأنها عاصية لما امرت أن تكون في

من صلى وبين يديه من يتحدث أو صلى إلى النيام

آخر الصفوف وحدها إن لم يكن معها نساء، فإن كان نساء كانت معهن في الصف، فكذلك قلنا عاصية والرجل الذي بجنبها مطيع للَّه وللرسول في إقامته في الصف مع الرجل فلا تكون العاصية تفسد على المطيع. "مسائل حرب/ مخطوط" (1935) من صلى وبين يديه من يتحدث أو صلى إلى النيام قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يصلي وبين يديه رجل يتحدث؟ قال: لا؟ لان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد نهى عنه. قال: والفريضة أشد، وكأنه ذهب إلى أنه يعيد. قلت: فإن صلى إلى النيام؟ قال: أما الفريضة، فلا. "مسائل حرب/ مخطوط" (1937) الرجل يصلي وبين يديه نهر جار قال حرب: قلت لإسحاق: فرجل صلى وبين يديه نهر يجري فيه الماء؟ قال: إذا كان نهر تجري فيه السفن فلا تصلي، وإن لم يكن تجري فيه السفن فهو أسهل. "مسائل حرب/ مخطوط" (1956) الصلاة إلى الكنف قال حرب: قلت لإسحاق بن إبراهيم: رجل صلى وفي قبلته كنف؟ قال: لا يعجبني. قيل: فإنه صلى أيامًا أو أشهرًا؟ قال: الإعادة أحب إليّ. قيل: وترى عليه الإعادة؟ قال: نعم. قيل: فإن لم يكن يدري أن في قبلته كنفًا؟ قال: هو أهون. قيل: ففيهما حائطين حائطًا للمسجد وحائطًا آخر للكنف؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. قال: وكان ابن مسعود رضي اللَّه عنه يكره أن يكلس المسجد إلا بتراب طيب. قيل: فإن كان سترة سوى الحائط؟ قال: إذا كان من قصب. قيل: فإن كان عن يمين القبلة أو عن يسارها؟ قال: لا بأس. "مسائل حرب/ مخطوط" (2013) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت ابن عون

الصلاة إلى السراج والكانون والتنور

يحدث عن ابن سيرين أنه رأى مسجدًا فوق قنطرة يجيئها قذر، فقال من غير أسئلة: كان ابن مسعود رضي اللَّه عنه يكره الصلاة في مثل هذا. "مسائل حرب/ مخطوط" (2017) الصلاة إلى السراج والكانون والتنور قال حرب: قلت لإسحاق: الرجل يصلي وبين يديه سراج أو كانون عليه نار؟ قال: السراج لا بأس به، والكانون أكرهه. "مسائل حرب/ مخطوط" (2018) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن بكر، عن ابن سيرين أنه كره الصلاة إلى تنور، وقال: هو بيت نار. "مسائل حرب/ مخطوط" (2019) وضع الشيء في القبلة قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يكره أن يكون في القبلة شيء حتى المصحف. "مسائل حرب/ مخطوط" (1960) من صلى بصلاة الإمام في داره قال حرب: قلت لأحمد: يا أبا عبد اللَّه إن مسجد البصرة زحامهم كبير وخارج المسجد دور يصلي فيها الناس بصلاة الإمام وبينها وبين المسجد طريق تمر فيه الناس، أيجوز هذا؟ قال: نعم. واحتج بحديث أنس بن مالك رضي اللَّه عنه أنه صلى على غرفة مشرفة على المسجد بصلاة الإمام. قيل: أيصلي وحده في هذِه المواضع؟ فأحب أن يكون معه غيره. "مسائل حرب/ مخطوط" (1949) قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى عن المرأة تصلي فوق بيت وبينها وبين الإمام طريق؛ قال: أرجو أن لا يكون به بأس، وذكر أن أنس بن مالك كان يفعل ذلك. قلت: فإن كان وحده فسكت عني، ثم سألته عند المغرب وحدي، فقلت: إذا كان وحده؟ قال: لا إذا كان وحده، يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه من صلى خلف الصف

باب صفة الصلاة

وحده أعاد، وهذا أشد -يعني: فوق البيت. "مسائل حرب/ مخطوط" (1950) قال حرب: وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: الرجل يصلي في دار بينه وبين المسجد طريق تمر فيه الناس؟ قال: لا يعجبني. قال: إلا ان يكون طريق يقوم فيه الناس ويصفون فيه للصلاة. قلت: فإنا حين صلينا لم يمر فيه أحد، فذهب إلى أن الصلاة جائزة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1951) قال حرب: وسألت إسحاق أيضًا، قلت: صلى وبينه وبين الإمام حائط وهو لا يرى الإمام؟ قال: إذا سمع قراءته واقتدى به جاز. "مسائل حرب/ مخطوط" (1952) باب صفة الصلاة التكبير في الصلاة قال حرب: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: إذا افتتحت الصلاة فقل: اللَّه أكبر، وارفع يديك حذو منكبيك، ولا تفتتح بغيرها. وأخطا من قال: اللَّه أجل اللَّه أعظم، أنه يجزئه. وهكذا ما ابتدعه أصحاب الرأي، وفيما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تحريم الصلاة التكبير" كفاية. "أجزاء من مسائل حرب" ص 102 رفع اليدين في الصلاة وكيفيته قال حرب: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل، قلت: حديث سعيد بن سمعان، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كان إذا افتتح الصلاة ونشر أصابعه" كيف نشر الأصابع وتفريجها؟ قلت لأحمد: فإن علي بن عبد اللَّه قال: هو تسوية الأصابع وضمها. فسكت. كأنه رضيه. قال حرب: وسألت إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي، قلت: حديث سعيد بن سمعان عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا افتتح الصلاة

نشر أصابعه. كيف نشر الأصابع؟ فقبض أصابعه ثم سواها وقد ضمها. قلت لإسحاق: فإن رفع يديه ولم ينشر الأصابع وقد ضمها؟ فرآه ناقصًا. "أجزاء من مسائل حرب" ص 85 - 86 قال حرب: سألت أحمد بن حنبل، قلت: إلى أين يرفع يديه -عنيت في الافتتاح؟ قال: قد رُوي عن ابن عمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه رفع إلى المنكبين. وقال أحمد: أرفع إلى فروع الأذنين. يذهب إلى حديث مالك بن الحويرث. قلت: ما يجاوز بهما شحمة أُذنيه؟ قال: أرجو أن يجزئ. قال حرب: وسئل إسحاق عن الرجل يجاوز بيديه أذنيه عند افتتاح الصلاة؟ فكرهها، وقال: أخبرنا جرير، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: كانوا يكرهون أن يجاوزوا باليدين الأذنين. وكره أبو يعقوب ذلك. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى في حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه رفع يديه حذو أذنيه؟ يعني: قبال أذنيه مما يليهما، ليس أن يردهما حتى يلزقهما بمنكبيه أو بأذنيه، إنما هو قبالة الأذنين. قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا يقول: إذا كبر رفع يديه حذو منكبيه ثم يكبر، فإن رفعهما إلى أذنيه فجائز، وحذو المنكبين أصح وأكثر. فإن نسي أن يرفعهما وقد كثر، أجزأه إن شاء اللَّه تعالى. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: إذا افتتحت الصلاة فقل: اللَّه أكبر. وارفع يديك حذو منكبيك. "أجزاء من مسائل حرب" ص 87 - 88 قال حرب: سمعت إسحاق مرة أخرى يقول: إذا افتتح الرجل الصلاة رفع يديه حذو منكبيه ثم يكبر، فإذا ركع؛ رفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه كذلك أيضًا، وقال: سمع اللَّه لمن حمده، ولا يفعل ذلك في السجود؛ سنة ماضية عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه. قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا يقول: إذا كبرت فلا تجاوز بإبهاميك أذنيك؛ فإنه بلغنا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كانت تُرى إبهاماه قريبًا من أذنيه. والذي تعتمد عليه: حذو المنكبين لا تجاوز بهما، وإنما يراد بالأذنين أو

المنكبين علامة لمنتهى اليدين ولا يراد بذلك أن يلزق يديه بأذنيه أو منكبيه. "أجزاء من مسائل حرب" ص 89 - 90 قال حرب: رأيت أبا عبد اللَّه ابن حنبل يرفع يديه في الصلاة إذا افتتح الصلاة واذا ركع، وإذا قال سمع اللَّه لمن حمده، وربما رأيته يرفع يديه إلى فروع أذنيه وربما رفعهما إلى منكبيه وربما رفعهما إلى صدره، رأيت الأمر عنده واسعًا. قال حرب: قلت لإسحاق: فإن ترك الرفع متعمدًا؟ قال: في الركوع هو جائز الصلاة، ترك سنة. قلت: هو ناقص الصلاة؟ قال: يجوز أن أقول كان سفيان الثوري ناقص الصلاة؟ (¬1). قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا هاشم بن القاسم، قال أخبرنا الربيع بن صبيح، قال: رأيت الحسن، وابن سيرين، وعطاء، وطاووسًا، ومجاهدًا، ونافعًا، وقتادة، وابن أبي نجيح، والحسن بن مسلم: إذا دخلوا في الصلاة كبروا ورفعوا أيديهم، وإذا كبروا للركوع رفعوا أيديهم. غير أن أهل الحجاز كانوا يرفعون أيديهم إذا قاموا من الركعتين من الفريضة وكانوا يقعون على أعقابهم. "أجزاء من مسائل حرب" ص 95 - 96 قال حرب: سمعت أحمد يقول: أنا أصلي خلف من لا يرفع يديه في الصلاة. قال: والرفع أحب إليّ وأصح. قال: ويروى أن من رفع فله بكل إشارة كذا وكذا حسنة. قال حرب: حدثنا أحمد، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن عبد اللَّه بن هبيرة، قال: أخبرني أبو المصعب المعافري، عن عقبة ابن عامر الجهني، قال: لك بكل إشارة تشيرها في الصلاة عشر حسنات بكل إصبع حسنة. "جزاء من مسائل حرب" ص 97 ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل، ونقلها ابن رجب في "فتح الباري" بلفظ: لا أقول سفيان الثوري ناقص الصلاة.

موضع التكبير مع رفع اليدين

موضع التكبير مع رفع اليدين قال حرب: وسألت أحمد بن حنبل، قلت: التكبير قبل أو رفع اليدين؟ قال: رفع اليدين مع التكبير. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إن رفع يديه مع التكبير أجزأه ذلك ويرفع يديه ثم يكبر أحب إلينا؛ ووائل الحضرمي يحدث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: رفع يديه مع التكبيرة، فإن فعل كذلك أجزأه. "أجزاء من مسائل حرب" ص 91 قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا جرير، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، قال: ما رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قام إلى الصلاة قط إلا شهر بيديه إلى السماء قبل أن يكبر ثم يكبر. "أجزاء من مسائل حرب" ص 93 رفع اليدين للمرأة في الصلاة وكيفيته قال حرب: سُئل أحمد بن حنبل: كيف ترفع المرأة يديها في الصلاة؟ فسكت. كأنه لم يحب أن يجيب فيها. قيل له: حديث عبد ربه بن زيتون، عن أم الدرداء. قال: رواه ابن عياش؟ قيل: نعم. فسكت. قال حرب: وسألت إسحاق: قلت: المرأة كيف ترفع يديها في الصلاة؟ قال: ترفعهما إلى الثدي. قلت: وترفع يديها إذا ركعت وإذا رفعت رأسها من الركوع؟ قال: نعم شديدًا. "أجزاء من مسائل حرب" ص 99 ما يقول إذا افتتح الصلاة قال حرب: سئل أبو عبد اللَّه: عن قوله في افتتاح الصلاة؛ قال: هو سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك -كله بالواو- كذلك في التشهد: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. قال: بعضهم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك -بغير واو.

الاستعاذة في الصلاة

قال حرب: سمعت إسحاق يقول: فإذا كبرت -يعني لافتتاح الصلاة- فقل: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، ثم يتعوذ. وإن لم تزد على التكبير أجزأك بعد أن يكون لك عذر، نحو: الذي يدرك الإمام راكعًا، وما أشبه ذلك من العلل. فأما عمدًا فلا يتركها، فإن تركها عمدًا فهو مسيء، ولا يتبين عليه إيجاب الإعادة؛ لما ذُكر في غير حديث أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا كبر قرأ فاتحة الكتاب. "أجزاء من مسائل حرب" ص 117 قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا أبو معاوية، قال: حدثنا حارثة، عن عمرة، عن عائشة أم المؤمنين، قالت: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا استفتح الصلاة قال: سبحانك اللَّه وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك. قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا يقول: إذا استفتحت الصلاة فقل: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إلى آخر الآية. وهو أحب إليّ من: سبحانك اللَّه وبحمدك؛ لما صح ذلك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وإن جمعهما جميعًا فهو أحب إليّ؛ لما ذكر ذلك في حديث المصريين: من حديث الليث بن سعد، عن سعيد بن يزيد، عن الأعرج، عن عبيد اللَّه بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه جمعهما. قال أبو محمد حرب: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا الحديث: والشر ليس إليك. معناه عندي إن شاء اللَّه: أنه لا يتقرب به إليك، وكذلك بلغني عن النضر بن شميل. "أجزاء من مسائل حرب" ص 118 - 119 قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يصلي التطوع ركعتين كلما افتتح الصلاة يقول: سبحانك اللهم وبحمدك؟ قال: نعم. "أجزاء من مسائل حرب" ص 123 الاستعاذة في الصلاة قال حرب: سمعت إسحاق يقول: الذي نعتمد من الاستعاذة ونختارها، ما ذكر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه. وما استعاذ من شيء سوى ذلك أجزأه. قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا محمد بن بكر، قال: حدثنا ابن

لا تجزئ صلاة إلا بفاتحة الكتاب

جريج، قال: قلت لنافع: كيف كان ابن عمر يستعيذ، فقال: كان ابن عمر يقول: اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم. قال حرب: قال إسحاق: وقد كان بعض الفقهاء -وهو مسلم بن يسار- يقول في التعوذ: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم، إن اللَّه هو السميع العليم، بسم اللَّه الرحمن الرحيم في نفسه، ثم يجهر بالحمد للَّه رب العالمين. "أجزاء من مسائل حرب" ص 125 لا تجزئ صلاة إلا بفاتحة الكتاب قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب". "أجزاء من مسائل حرب" ص 158 قال حرب: وقال أحمد، في رجل يصلي فلما قام في الركعتين نسي أن يقرأ فاتحة الكتاب وقرأ قُرآنًا، قال: وما بأس بذلك، أليس قد قرأ القرآن (¬1). قال حرب: وسئل إسحاق، عن رجل ترك القراءة في الأخريين؛ قال: إن كان ناسيًا فليس عليه شيء، وإن كان متعمدًا فقد أساء ولا نرى عليه إعادة. "أجزاء من مسائل حرب" ص 160 قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا يقول: اقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة سورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب ولا تسبح في الركعتين الأخريين أبدًا؛ لأن السنة قد صحت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والخلفاء من بعده، مثل أبي بكر وعمر وعلي ومن بعدهم من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، حتى أن عمر -رضي اللَّه عنه- كتب بذلك إلى الأمصار: أن اقرؤا في الأخريين بفاتحة الكتاب، وإنما ذكر من وجه ضعيف عن علي -رضي اللَّه عنه-، في التسبيح في الأخريين. وقد أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد اللَّه بن أبي رافع، ¬

_ (¬1) نقلنا هذه الرواية في بابها عن حرب من "بدائع الفوائد" لابن القيم 3/ 80.

عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-: في الاخريين بفاتحة الكتاب. خلاف ما ذكره الضعيف الذي وصفنا. فإذا لم يكن عن أحدٍ من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ورضي اللَّه عنهم التسبيح في الأخريين، وصح عن عدة من أصحاب علي عن علي في الأخريين بفاتحة الكتاب، مع ما تقدم من سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لم يجز ترك ذلك. ولو لم نذكر عن أحد من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قراءة فاتحة الكتاب في الأخريين، لكان فيما ذُكر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كفاية. فكيف وإجماع أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والتابعين وأكثر أهل العلم على ذلك، مع فضيلة فاتحة الكتاب على التسبيح، فمن لم ير ذلك فقد سها وغلط. "أجزاء من مسائل حرب" ص 160 - 161 قال حرب: قيل لأحمد بن حنبل: حديث ضمضم بن جوس، أن عمر -رضي اللَّه عنه- نسي أن يقرأ في الأولى، فقرأ في الثانية الحمد مرتين؟ قال: أنا لا آخذ بهذا. قيل: تذهب إلى حديث عبادة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب"؟ قال: حديث جابر: إلا بفاتحة الكتاب في كل ركعة. قال [حرب]: ومذهب أحمد: إذا نسي القراءة في ركعة أعاد تلك الركعة. قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى يقول: في كل ركعة لا تقرأ فيها بفاتحة الكتاب فإنها ليست بجائزة، وعلى صاحبها أن يعيدها. يعني: إذا كان الرجل وحده. قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى، وسئل عن رجل نسي القراءة في الركعتين الأوليين فذكر في الأخريين؛ قال: يعيد هاتين الركعتين. قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: رجل صلى وحده ونسي أن يقرأ السورة؟ قال: يقرأ في الأخرى الحمد وسورة. "أجزاء من مسائل حرب" ص 163 قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى عن رجل نسي القراءة في الأوليين فقرأ في الأخريين؛ هل تجوز صلاته؟ قال: تجوز. قال حرب: وسألت إسحاق أيضًا، عن رجل نسي القراءة في أول ركعة من الظهر؛ قال: يقرأ في الثانية الحمد وسورة، ثم الحمد وسورة.

قيل: فإن نسي القراءة في الأوليين؟ قال: يقرأ في الأخريين في كل ركعة الحمد وسورة مرة. قلت: ولا يقرأ في كل ركعة مرتين؟ قال: لا، إنه ليس في الأخريين قراءة. قال حرب: وسئل إسحاق مرة أخرى عن رجل نسي القراءة في أول ركعة من الظهر؛ قال: إن كان قرأ في الثلاث الركعات الباقيات أجزأه. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى، يقول: قد مضت السنة إذا نسي أن يقرأ في الركعة الأولى من الظهر أو العصر أو الصلوات كلها، فذكر وهو في الركعة الثانية؛ أعاد فاتحة الكتاب في الركعة الثانية وسورة -يعني: لهذِه الركعة التي هو فيها- ثم يعيد فاتحة الكتاب وسورة عِوضًا مما فاته؛ كما فعل عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه حين نسي قراءة فاتحة الكتاب في المغرب، ففعل في الركعة الثانِية كما وصفنا. ولو لم يكن في هذِه سنة كما وصفنا، لكان أشبه بالسنة الماضية: أن يقرأ في الثانية. فإن نسي في الركعة الأولى من الصبح، فكذلك يقرأ في الثانية مرتين وأجزأته، وإن نسي في الأوليين قرأ في الأخريين؛ كما قال علقمة والأسود ومن بعدهم. "أجزاء من مسائل حرب" ص 164 - 165 قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى، يقول: إذا ركعت ركعة فلم تقرأ فيها فذكرت وأنت راكع، فارفع رأسك فاقرأ ثم أسجد سجدتي السهو، فإن كنت سجدت فامض في سجودك واقرأ فيما تقضي، واسجد سجدتي السهو. فإن كان ذلك في صلاة الصبح، فإذا قام في الركعة الثانية قرأ فاتحة الكتاب مرتين وسورتين، وكذلك إن كان في المغرب نسي في أول الركعة فقرأ في الئانية مرتين، وجاء عن عمر بن الخطاب: أنه نسي القراءة في الركعة الأولى، فلما كان في الركعة التالية قرأ بفاتحة الكتاب مرتين وقرأ سورتين. "أجزاء من مسائل حرب" ص 166 قال حرب: سئل إسحاق عن قوله: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"؛ قال: لا صلاة له.

صفة الركوع

قيل: فمن قال: لا فضيلة له؟ فأنكره، وقال: لا صلاة له. "مسائل حرب/ مخطوط" (2103) صفة الركوع قال حرب: سمعت إسحاق يقول: من ضم أصابعه في الركوع فلم يفرجها فقد ابتدع ونقصت صلاته. "مسائل حرب/ مخطوط" (1871) قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: إذا ركعت فضع يديك على ركبتيك وأفرج بين أصابعك، ولا ترفع رأسك، ولا تصوبه، ولا. . . وأنشط ظهرك. "مسائل حرب/ مخطوط" (1872) التسبيح في الركوع والسجود قال حرب: قيل لأحمد: الرجل إذا سجد في الفريضة يدعو بدعاء؟ أما في الفريضة فلا يعجبني، وأما في التطوع فلا بأس. قلت: فيقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى وبحمده. قال: أما أنا فلا أقوله. قلت: وكذلك في الركوع؟ قال: نعم. ومذهب أحمد أنه يقول في السجود: سبحان ربي الأعلى، وفي الركوع: سبحان ربي العظيم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1639) قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: كان تسبيحه في السجود سبحان ربي الأعلى ثلاثًا، وفي الركوع سبحان ربي العظيم ثلاثًا، وإن سبحت دون ذلك أجزاك، وإن سبحت بأي تسبيح ذكر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والصحابة أجزاك، وذلك أن كل سنة سن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأمته في. . (¬1). سننًا تخفيفًا عليهم، وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يطول الركوع والسجود في النوافل. "مسائل حرب/ مخطوط" (1640) قال حرب: سمعت إسحاق -مرة أخرى- يقول إذا ركع: اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظامي. وإذا سجد ¬

_ (¬1) غير واضحة بالأصل.

ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

قال: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره فتبارك اللَّه أحسن الخالقين. "مسائل حرب/ مخطوط" (1643) ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل، يقول: الإمام يقول: ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد. وكذلك الرجل إذا كان وحده. وإذا كان خلف الإمام فإنه يقول: ربنا لك الحمد. لا يزيد على ذلك؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا قال الإمام: سمع اللَّه لمن حمده. فقولوا: ربنا لك الحمد" لم يزد على ذلك. قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى، يقول: الإمام يقول: سمع اللَّه لمن حمده ربنا لك الحمد ملء السماء وملء الأرض. الدعاء الذي جاء في الحديث. وكذلك إذا كان الرجل وحده. وإذا كان خلف الإمام قال: ربنا لك الحمد. لا يزيد عليه؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في حديث أبي موسى، قال: "إذا قال الإمام سمع اللَّه لمن حمده، ثم قم قائمًا حتى يستقيم صلبك ثم قل: اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات والأرض وما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد". وسمعته يقول أيضًا: قل: اللهم ربنا لك الحمد، وإن شئت قلت: ربنا ولك الحمد. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى، يقول: إذا رفعت رأسك من الركوع فقل: سمع اللَّه لمن حمده، ثم قم قائفا حتى يستقر كل عضو منك، ثم قل: اللهم ربنا لك الحمد. وإن شئت قلت: اللهم ربنا ولك الحمد، وإن شئت قلت: ما جاء عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-، وهو أحب إليّ. "أجزاء من مسائل حرب" ص 217 - 218 قال حرب: سمعت أحمد يقول: إذا قال الرجل إذا رفع رأسه من الركوع: اللهم ربنا لك الحمد، فإنه لا يجعل فيه الواو. قال حرب: قلت: لإسحاق بن إبراهيم: أيقول الرجل خلف الإمام ربنا لك الحمد شكرًا، إذا رفع رأسه من الركوع؟ قال: لا. قال إسحاق: ويقول خلف الإمام: سمع اللَّه لمن حمده. "جزاء من مسائل حرب" ص 220

كيفية الهوي إلى السجود

كيفية الهوي إلى السجود قال حرب: ورأيت أحمد إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه. "مسائل حرب/ مخطوط" (1701) هيئة السجود قال حرب: سألت أحمد بن حنبل، قلت: الرجل يريد أن يطيل السجود ولا يمكنه أن يجافي، أيضع مرفقيه على فخذيه وينضم؟ قال: لا، ولكن يجافي. قال حرب: قلت لأحمد: فحديث ابن عمر، أمعناه: استعينوا بالأيدي على الركب؟ قال: إذا نهض من السجود. "أجزاء من مسائل حرب" ص 199 قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا سجد جافى حتى يُرى بياض إبطيه. "أجزاء من مسائل حرب" ص 201 قال حرب: قيل لأحمد بن حنبل: رجل سجد ورفع أطراف أصابع قدميه من الأرض؟ قال: يروى أن السجود على ستة أعضاء، إلى أنه ناقص الصلاة. "أجزاء من مسائل حرب" ص 211 قال حرب: سألت أحمد بن حنبل، قلت: الرجل يسجد ولا يضع أنفه على الأرض؟ قال: لا يجزئه. قلت: يعيد الصلاة؟ قال: ما أدري. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: اسجد على أنفك وجبهتك. "أجزاء من مسائل حرب" ص 213 قال حرب: سمعت إسحاق يقول: أخبرنا النضر بن شميل عن يونس بن أبي إسحاق عن البراء أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا سجد جخ (¬1). "مسائل حرب/ مخطوط" (1697) ¬

_ (¬1) قال حرب في الرواية التي تليها، قال أحمد بن سجد: قال النضر بن شميل: وينبغي أن يكون جخًا، ولكن هكذا قال يونس، وتفسيره: أن يرفع عجيزته، ويقال: الكوز المجخي، شبه المنكوس.

السجود على كور العمامة

السجود على كور العمامة قال حرب: سألت أحمد عن السجود على كور العمامة، فكرهه، وقال: لا. "مسائل حرب/ مخطوط" (2182) كيفية القيام من السجود وجلسة الاستراحة قال حرب: قلت لأحمد: فالرجل ينهض من السجود للقيام، أيضع يديه على ركبتيه؟ قال: نعم. وسمعت أحمد مرة أخرى يصف النهوض من السجود للقيام، فقال مثل ذلك. "أجزاء من مسائل حرب" ص 202 قال حرب: وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: كيف ينهض الرجل من السجود للقيام إذا رفع رأسه من السجدة الثانية؟ قال: إن أمكنه أن يعتمد على يديه وينهض على صدور قدميه فعل، وإن لم يمكنه النهوض على صدور قدميه فإذا رفع رأسه من السجود جلس جلسة خفيفة، ثم اعتمد على الأرض بيديه ثم يقوم. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى، يقول: قد مضت السنة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا رفع رأسه من الركعة الأولى من السجدة الثانية أن يستوي ثم يعتمد على يديه ويقوم، شيخًا كان أو شابًا. هذِه سنة الصلاة، الآعتماد على اليدين إذا قام. قال حرب: قال إسحاق: وربما كان الرجل ناهضًا على صدور قدميه ومعتمدًا على يديه، إذا رفع رأسه من السجدة رجع إلى الجلسة كأنه في أرجوحة، ثم يعتمد على الأرض بيده ثم يقوم وقد استوى على الأرض بصدور قدميه. قال حرب: قال إسحاق: وقد أخبرنا الثقفي، عن خالد الحذاء عن أبي قلابة، قال: كان مالك بن الحويرث يأتينا، فيقول: ألا أصلي بكم صلاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فكان إذا رفع رأسه من السجدة الثانية في الركعة الأولى استوى جالسًا، ثم اعتمد على يديه وقام. "أجزاء من مسائل حرب" ص 202 - 203 قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عيسى بن يونس، عن الاوزاعي، عن الزهري، قال: سنة الصلاة الاعتماد على اليدين إذا قام. "أجزاء من مسائل حرب" ص 205

ما يقول بين السجدتين

قال حرب: رأيت أحمد إذا نهض من الركعتين للقيام وضع يديه على فخذيه فقام، ولم يضعهما على الأرض. "أجزاء من مسائل حرب" ص 208 ما يقول بين السجدتين قال حرب: سمعت أحمد يقول: الرجل يقول بين السجدتين رب اغفر لي. قلت: في الفريضة والتطوع؟ قال: نعم. ومذهب أحمد: أنه إن قال جاز، وإن لم يقل جاز؛ الأمر عنده واسع. قال حرب: وسمعت أحمد يقول: يقول الرجل في جلسته بين السجدتين: اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واجبرني. وإن شاء، قال: ثلاث مرات: رب اغفر لي. كل هذا جائز. "أجزاء من مسائل حرب" ص 214 الإقعاء في الصلاة قال حرب: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل يقول: الإقعاء: أن يجلس الرجل على أطراف أصابعه في التشهد وبين السجدتين. "مسائل حرب/ مخطوط" (1631) هيئة الجلوس قال حرب: سمعت أحمد يقول: لا يتورك الرجل في الصلاة إلا في آخر الأربع. "مسائل حرب/ مخطوط" (1633) قال حرب: وسألت إسحاق عن التورك في الصلاة قال: السنة في الركعتين أن ينصب اليمنى ويضع اليسرى، والتورك لا يكون إلا في الرابعة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1634) قال حرب: ووصف لنا أحمد -مرة أخرى- الجلوس في الصلاة قال: أما في الركعتين الاوليين فإنه ينصب اليمنى ويصحح اليسرى ويجلس عليها، وأما في آخر صلاته فإنه يضجع رجله اليسرى ويضع ظهر قدمه اليمنى على وسط أسفل قدمه اليسرى ويجعلهما من ناحية ولا يجلس على قدمه اليسرى ولكنه يجلس على الأرض شبه التورك؛ يذهب مذهب حديث أبي حميد الساعدي -رضي اللَّه عنه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

صيغة التشهد والدعاء في آخره

وقال: الجلوس في الصلاة هكذا هو. ليس هذا من كلام أحمد ولكن وصفه لنا والجلوس في آخر الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1635) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: الجلوس في الصلاة أن تضجع اليسرى وتنصب اليمنى، وإن فرش اليسرى ثم وضع اليمنى عليها ويسدلهما، إلا أنه يجتهد في نصب قدمه اليمنى فهو أحب إلينا في جلسته الآخرة من المكتوبات، وفي النوافل أيضًا كذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (1636) صيغة التشهد والدعاء في آخره قال حرب: قلت لأبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل: أتذهب في التشهد إلى حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-؟ قال: نعم. قلت: والدعاء في آخر التشهد، أتختار ما جاء عن ابن مسعود في حديث عمير بن سعد؟ قال: نعم أنا أختاره. "مسائل حرب/ مخطوط" (1879) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: التشهد أن يقول: "بسم اللَّه التحيات للَّه والصلوات والطيبات السلام عليكم أيها النبي ورحمة اللَّه وبركاته السلام علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله". وإن تشهد بغير هذا مما رواه أبو موسى الأشعري -رضي اللَّه عنه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو جايز، وبما علم عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- الناس على المنبر، أو بما تشهدت به عائشة، أو ابن عمر، أو عنهم من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو جايز، وما وصفنا من تشهد ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو أحب الينا ثم ينهض ويعتمد على يديه إذا كانت علة أم لا، فإذا جلس في آخر صلاته تشهد ثم حمد اللَّه تعالى، ثم يصلي على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل حرب/ مخطوط" (1880) قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: الرجل إذا تشهد فلم يصل على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: أما أنا فأقول: إن صلاته جائزة. وقال الشافعي: لا تجوز صلاته. قال أبو يعقوب: أنا أذهب إلى حديث الحسن بن الحر، عن القاسم بن مخيمرة، عن علقمة، عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- يعني: إذا فرغت من التشهد، فإن كانت لك حاجة فأردت أن تقوم فقم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1887)

حكم من نسي التشهد

حكم من نسي التشهد قال حرب: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل، قلت: رجل نسي التشهد حتى فرغ من الصلاة؟ قال: أما في الركعتين الأوليين فالأمر فيه اسهل؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قام من الثنتين فمضى في صلاته ولم يكن ثم جلوس ولا تشهد ولم يعد وهو في آخر الصلاة أشد. قلت: أيعجبك أن يحتاط ويعيد الصلاة؟ قال: ما أدري كيف هذا. "مسائل حرب/ مخطوط" (1892) قال حرب: وسألت إسحاق عن رجل نسي التشهد حتى فرغ من صلاته؟ قال: يعيد الصلاة. قلت: فإن ذكر قبل أن يتكلم؟ قال: يرجع إلى مكانه ويتشهد ويسلم، وإن ذكره بعد ما تكلم أعاد الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1893) قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا يزيد بن هارون قال: ثنا المسعودي، عن زياد بن علاقة قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة فلما صلى ركعتين قام ولم يجلس فسبح به من خلفه فأشار إليهم أن يقوموا فلما فرغ من صلاته سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم ثم قال: هكذا صنع بنا رسول -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل حرب/ مخطوط" (1894) من زاد على التشهد في الركعتين الأوليين قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: لا يزيدن الإمام في الركعتين الأوليين إذا جلس على التشهد، وإن زاد في الركعتين الأوليين على التشهد عمدًا فقد اخطأ، وإن زاد ناسيًا لما ظن أنه في آخر الجلسة فعليه سجدتا السهو أخبرنا يحيى بن ضريس، عن نعيم بن ميسرة القاري، عن مطرف، عن الشعبي. "مسائل حرب/ مخطوط" (1924) الدعاء بغير العربية في الصلاة قال حرب: قلت لأحمد: عندنا قوم لا يحسنون التشهد؟ قال: يعلمون.

من أحدث قبل أن يسلم

قلت: فإنهم لا يقدرون على التعليم؟ قال: . . . (¬1)، ورخص له أن يدعو بما يحسن. قلت لأحمد: فإن دعا قبل السلام بالفارسية؟ قال: لا، وشدد في ذلك، وقال: كلام. . . -يعني: بالفارسية. "مسائل حرب/ مخطوط" (1914) قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: رجل أمي دعا في صلاة الفريضة بالفارسية، فقال: يا رب. . . مرز؟ قال: صلاته فاسدة، ولم يرخص في الدعاء بالفارسية في الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1915) قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى، قلت: فالأعمى يدعو بالفارسية أو يفتح الصلاة بالفارسية؟ قال: لا يجوز. "مسائل حرب/ مخطوط" (1916) قال حرب: وسألت إسحاق أيضًا عن الرجل يسجد في التطوع ويدعو بالفارسية؟ قال: إذا لم يحسن شيئًا جاز، ورخص فيه. "مسائل حرب/ مخطوط" (1917) من أحدث قبل أن يسلم قال حرب: قلت لأحمد بن حنبل: الرجل يحدث بعدما يرفع رأسه من آخر ركعة؟ قال: هو في صلاة ما دام لم يسلم، يذهب إلى أنه يعيد. "مسائل حرب/ مخطوط" (1919) قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى، قيل: رجل تشهد فأحدث قبل أن يسلم؟ قال: يعيد؛ لأنه في صلاة ما لم يسلم، يذهب إلى حديث علي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وتحليلها التسليم" وذكر له حديث عبد اللَّه بن عمرو، فرده ولم يصححه. "مسائل حرب/ مخطوط" (1920) قال حرب: وسألت أحمد مرة أخرى، قلت: الرجل ينسى التسليم في الصلاة؟ قال: هو في صلاة ما لم يسلم. قلت: فإن تكلم؟ قال: يعيد الصلاة؟ لأن تحليل الصلاة التسليم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1921) ¬

_ (¬1) مواضع النقط بياض بالأصل.

فصل في القراءة في الصلاة

قال حرب: وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رجل أحدث قبل أن يسلم وقد تشهد؟ قال: صلاته جائزة، فذكرت له حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "وتحليلها التسليم". قال: يعني به التشهد؛ لأن في التشهد التسليم. وأما أحمد فإنه لا يرى صلاته تمت حتى يسلم. قلت: فإن تكلم؟ قال: لا بد من أن يعيد الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1922) فصل في القراءة في الصلاة مقدار ما يقرأ به في الصلاة، وما يستحب أن يقرأ به قال حرب: سألت أحمد بن حنبل، قلت: أتحب أن تكون القراءة في الظهر والعصر متقاربتين؟ قال: لا، ولكن يقرأ في الظهر بنحو من تنزيل السجدة أو ثلاثين آية، أو نحو ذلك، وفي العصر على نصف من ذلك. وقال: أذهب إلى حديث أبى سعيد الخدري. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: قد كانوا يستحبون أن يقرؤوا في الظهر قدر ثلاثين آية في الركعة الاولى، وفي الثانية بنصفها أو أكثر. "أجزاء من مسائل حرب" ص 134 قال حرب: سألت أحمد عن القراءة في المغرب؛ قال: بالسور القصار. قلت: فالقراءة في العشاء الآخرة؟ قال: بنحو والشمس وذواتها. "أجزاء من مسائل حرب" ص 136 قال حرب: قلت لأحمد: فإن قرأ في صلاة الغداة بمريم وطه، ونحو ذلك؟ قال: لا بأس؛ قد قرأ أبو بكر البقرة. وكأن أبا عبد اللَّه استحب موافقة من خلفه. "أجزاء من مسائل حرب" ص 137 قال حرب: سمعت إسحاق يقول: قد كانوا يستحبون أن يقرؤوا في الفجر بطوال المفصل، فإن قرأت دون ذلك أجزأك، وفي العشاء بوسط المفصل، وفي

قراءة السورة في الصلاة على التأليف

المغرب بقصار المفصل، وبلغني: أنهم حزروا قراءة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الظهر بقدر ألم تنزيل السجدة، والظهر يُعدل في القراءة بالعشاء والعصر يعدل بالمغرب. "أجزاء من مسائل حرب" ص 138 قال حرب: قيل لأحمد: الرجل يقرأ فاتحة الكتاب وآية في الصلاة؟ قال: إذا كانت آية كبيرة مثل آية الدين. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: ما كان من تطوع فاقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورةٍ معها، أو فاتحة الكتاب فقط إن أحببت ذلك فإنه يجزئ. فأما المكتوبة فلا تدعن الزيادة ولو آية مع فاتحة الكتاب، وإن قرأت فاتحة الكتاب ولم تقرأ معها شيئًا أجزأك، ولا تعمد ذلك. وإن قرأت سورة ولم تقرأ معها فاتحة الكتاب لم يجزئك؛ لأن النبي قال: "لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بأم الكتاب". "أجزاء من مسائل حرب" ص 157 قراءة السورة في الصلاة على التأليف قال حرب: قلت لأحمد: فالرجل يقرأ على التأليف الصلاة، اليوم سورة وغدًا التي تليها ونحو ذلك؟ قال: ليس في هذا شيء، إلا أنه يروى عن عثمان أنه فعل ذلك في المفصل وحدها. "أجزاء من مسائل حرب" ص 140 قال حرب: سألت إسحاق، قلت: رجل له ورد في شهر رمضان أو غيره، فيقرأ في الفريضة من ورده؟ فكره ذلك، وقال: لا؛ لأن سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على غير ذلك. وذكر قراءة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصلوات المكتوبات. قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا جرير، عن حمزة الزيات، أن عمرو ابن مرة الجملي: كان يقرأ على التأليف من حيث انتهى ورده في الفرائض. "أجزاء من مسائل حرب" ص 141 - 142

ما يقرأ في فجر الجمعة

ما يقرأ في فجر الجمعة قال حرب: قلت لأحمد: أيستحب أن يقرأ الرجل يوم الجمعة في صلاة الغداة {الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة، و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}؟ فكأنه لم يُعجبه إلا في الأيام مرة. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: لا بأس أن يقرأ الإمام في المكتوبة سورة فيها سجدة، وأحب السور إلينا {الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة؛ لما كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرأ في الفجر يوم الجمعة، ولا يُدمنهما في كل جمعة يجعلها عادة، ولكن يقرؤهما ويقرأ غيرها أحيانًا، وإن أدمنهما جاز ذلك (¬1). وإنما كُره إدمانها في زماننا هذا لكثرة الجهال؛ لأن كثيرًا من الناس ربما غلطوا في ذلك، فيدعون أن يوم الجمعة تكون الفجر ثلاث ركعات أو تزاد فيه سجدة وما أشبه ذلك من الدعوى. فهذا وإن لم يكن شيئًا، فإذا ترك إدمانها ذهب هذا المعنى أيضًا عن الجاهل. "أجزاء من مسائل حرب" ص 143 ما يقرأ في ليلة الجمعة قال حرب: قلت لأحمد: فنقرأ ليلة الجمعة في العتمة بسورة الجمعة، وسبح؟ قال: لا، لم يبلغني في هذا شيئًا. وكأنه كره ذلك (¬2). قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا يحيى بن ضريس، قال: حدثنا أبو سنان، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: كانوا يستحبون أن يقرؤا ليلة الجمعة سورة الجمعة؛ كي يعلم الناس أن الليلة ليلة الجمعة. "أجزاء من مسائل حرب" ص 144 القراءة على المنبر قال حرب: سألت أحمد عن القراءة في الخطبة على المنبر؟ قال: ليس فيه ¬

_ (¬1) نقلنا هذه الرواية إلى هنا في بابها من "فتح الباري" لابن رجب 8/ 138، وفيها تصحيف في اللفظ. (¬2) نقنا هذه الرواية عن حرب في بابها من "فتح الباري" لابن رجب 7/ 48.

القراءة في العيدين

شيء مؤقت، ما شاء قرأ. "أجزاء من مسائل حرب" ص 147 القراءة في العيدين قال حرب: سألت أحمد عن القراءة في العيدين؟ قال: يقرأ ما شاء. ولم يصحح فيه حديثًا، إلا أنه قال: جاء في صلاة الجمعة. فذكر سورة الجمعة، وأظنه قال: والمنافقون. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: يقرأ في صلاة العيدين بقاف واقتربت. "أجزاء من مسائل حرب" ص 145 الجهر بـ (بسم اللَّه الرحمن الرحيم) وقراءتها قال حرب: قلت لأحمد: الصلاة خلف من يجهر بـ "بسم اللَّه الرحمن الرحيم"؟ قال: لا بأس إذا لم يكن صاحب بدعة. ومذهب أحمد: أن يقرأ الرجل في كل ركعة بسم اللَّه الرحمن الرحيم، ولكن يخفي بها. قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى، عن الرجل يصلي بالناس في شهر رمضان فيقرن بين السورتين: أيجهر بـ "بسم اللَّه الرحمن الرحيم" في أول كل سورة؟ قال: لا. قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى، وسئل: الرجل يقرأ فاتحة الكتاب وهو في الصلاة فإذا فرغ وافتتح سورة أخرى يقول بسم اللَّه الرحمن الرحيم؛ قال: نعم، ولا يجهر بها؛ قرأها ابن عمر مرتين حين أبتدأ الحمد والسورة، وعدها ابن عباس آية. قال حرب: سمعت إسحاق بن إبراهيم، يقول: كلما قرأت فاتحة الكتاب فلا تجزئ قراءتها في كل ركعة إلا أن تقرأ بسم اللَّه الرحمن الرحيم الحمد للَّه رب العالمين؟ لأنها من الحمد، قال اللَّه تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} [الحجر: 87]، قال ابن عباس: هي فاتحة الكتاب، ثم قرأ بسم اللَّه

الجهر بالقراءة في الصلاة

الرحمن الرحيم الحمد للَّه رب العالمين. أخبرني بذلك عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. قال أبو يعقوب: وكذلك روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أن السبع المثاني هي فاتحة الكتاب. وذكر ذلك: عن علي بن أبي طالب، وغيره من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أخبرنا بذلك: وكيع، عن سفيان، عن السدي، عن عبد خير، عن علي. "أجزاء من مسائل حرب" ص 169 - 170 قال حرب: قال إسحاق: ومن ترك بسم اللَّه الرحمن الرحيم في الحمد كلما قرأها فقد زل زلة بينة، وكيف يجوز تركها وهي مبتدأ الحمد. ولو ترك حرفا من بسم اللَّه الرحمن الرحيم عمدًا أو من فاتحة الكتاب، إذا صلى وحده في الركعة التي يقرأ فيها الحمد للَّه: فصلاته فاسدةٌ؛ لقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صلاة إلا بأم الكتاب". فمن تعمد ترك حرف منها: فسدت صلاته وعليه الإعادة، إلا أن يكون تركها ناسيًا. وإن كان أعجميًا لا يفصح أو في لسانه لُكْنَةٌ، فذهب عنه لهذِه العلة بعض حروفها: نرجو أن يكون جائزًا. قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا عيسى بن يونس، عن عمران بن سليمان، عن الشعبي، أنه سئل عن بسم اللَّه الرحمن الرحيم؛ فقال: آية من كتاب اللَّه جعلت فصلًا بين السور. "أجزاء من مسائل حرب" ص 171 الجهر بالقراءة في الصلاة قال حرب: سئل أحمد عن القراءة في الصلاة التي يجهر فيها إذا سمع أذنيه؛ قال: يسمع من إلى جنبه. قال حرب: قلت لأحمد: فإن جهر في صلاة النهار التطوع بالقراءة؟ قال: لا؛ لأن قراءة النهار يسر بها إلا في صلاة الكسوف، فإن فيها اختلافًا. "أجزاء من مسائل حرب" ص 190 قال حرب: وسمعت إسحاق، يقول: صلاة النهار عجماء، وقراءة النهار إن أحببت أن تسمع نهارًا إذا كنت في بيتك أهل دارك جاز ذلك، إنما يكره في المسجد

الجمع بين السور في الركعة

حيث يصلون؛ لكيلا تختلط القراءة عليهم أو حيث كانوا مجتمعين للصلاة. قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، قال: سألت إبراهيم عن رفع الصوت بالقراءة بالنهار؛ فقال: إذا لم يؤذ أحدًا فلا بأس. "أجزاء من مسائل حرب" ص 191 قال حرب: حدثنا إسحاق، أخبرنا جرير، عن مسعر، عن أبي العلاء العبدي قال: كان سعيد بن جبير يجهر بالقراءة في صلاة النهار. قال مسعر: وسمعت أبا هبيرة يحيى بن عباد، يجهر بالقراءة في صلاة النهار. قال حرب: قال إسحاق: وإن صلى وحده في خلاء جاز له أن يرفع صوته، ينظر: أنشط ذلك لنفسه، وأرقه لقلبه، وأسرعه لدمعته. "أجزاء من مسائل حرب" ص 192 الجمع بين السور في الركعة قال حرب: قيل لأحمد: الرجل يقرن بين السورتين في ركعة؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. قال حرب: وقيل لأحمد مرة أخرى: الرجل يقرأ سورتين في ركعة؟ قال: نعم. وذكر في الظهر وغيرها. قيل: فيقرأ بعض سورة؟ قال: لا بأس. "أجزاء من مسائل حرب" ص 149 قراءة آخر السور في الفريضة قال حرب: سألت أحمد، قلت: فيقرأ سورة من المفصل في ركعة ثم يركع، ويقرأ آخر آل عمران -عنيت في الركعة الثانية. قال: قد فعل هذا بعض التابعين، ورخص فيه. قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: يقرأ آخر السورة في الفريضة؟ قال: جائز. قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا يقول: لا بأس أن يقرأ الرجل ببعض السورة في المكتوبة ويقرأ بقيتها في الركعة الثانية، أو يقرأ غيرها سورة أخرى أو بعض سورة.

قراءة القرآن منكوسا

قال: وقراءة السورة التي من المفصل التي قرأها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الفجر وأصحابه بعده، أحب إلينا من الاختصار من السورة، أولها كان أو آخرها؛ اقتداء بالسلف، وكان بعضهم يفعله الأحيان، فقد صيره قومٌ كأن ذلك سنة، والانتهاء إلى ما كان عليه السلف أفضل. وكل شيء قرئ مع أم الكتاب فهو جائز، والفضل في ما بينا. "أجزاء من مسائل حرب" ص 151 قراءة القرآن منكوسًا قال حرب: قيل لاحمد: الرجل يقرأ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} في ركعة، {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1)} في ركعة ثانية؟ قال: لا بأس بذلك؛ أليس يُعلَّم الصبي على ذلك؟ ! قال حرب: سألت أحمد: يكره أن يقرأ الرجل من آخر السورة إلى أولها، أو ياخذ القلم فيكتب مثل ذلك؟ فكرهه كراهةً شديدة. "أجزاء من مسائل حرب" ص 153 السرعة في القراءة قال حرب: سألت أحمد بن حنبل عن السرعة في القراءة؛ فكرهه، إلا أن يكون لسان الرجل كذلك لا يقدر أن يترسل. قيل: فيه إثم؟ قال: أما الإثم فلا أجترئ عليه. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: لا بأس أن تقرأ القرآن في ليلة بعد أن لا تنتقص من الحروف شيئًا، وتسمع أذنيك؛ وكانوا يستحبون التؤدة في القراءة ويكرهون السرعة، ويستحبون أن يرتلوه ويتفهموه إذا قرؤه. وإن قرأته في غير صلاة قائمًا أو قاعدًا أو مضطجعًا فاحتسبه من حزبك. "أجزاء من مسائل حرب" ص 155 تحسين الصوت بالقرآن قال حرب: قلت لإسحاق: الإمام يطرب في قراءته. قال: يحسن صوته ليكون أبسط لهم فلا بأس به؛ إذا كان أرق لهم. "أجزاء من مسائل حرب" ص 195

إذا لم يحسن من القرآن شيئا

إذا لم يحسن من القرآن شيئًا قال حرب: سألت إسحاق، قلت: يهودي أسلم ولا يحسن شيئًا من القرآن؟ قال: إذا كان لا يحسن شيئًا من القرآن يسبح. قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا، بقول: من لم يحسن يقرأ فسبح جاز؛ لأن التسبيح عوض من القراءة. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى، بقول: إذا كان رجلًا لا يحسن شيئًا من القرآن فليكبر وليسبح وليحمد اللَّه قدر فاتحة الكتاب وسورة معها. قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا وكيع بن الجراح، عن سفيان، عن أبي خالد الدالاني، عن إبراهيم السكسكي، عن عبد اللَّه بن أبي أوفى: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أتاه رجل، فقال: يا رسول اللَّه إني لا أستطيع أن أتعلم من القرآن شيئًا فعلمني ما يجزئني منه، فقال: "قل سبحان اللَّه والحمد للَّه ولا إله إلا اللَّه واللَّه أكبر ولا حول ولا قوة إلا باللَّه". قال: هذا للَّه، فما لي، قال: "قل اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني". قال حرب: قال إسحاق: وإنما أردنا من هذا الحديث، أن الأمي إذا لم يحسن أن يقرأ القرآن قاله في صلاته. "أجزاء من مسائل حرب" ص 186 - 187 القراءة بغير القرآن الكريم قال حرب: قلت لإسحاق: يهودي أو نصراني أسلم وصلى، يقرأ في صلاته من التوراة أو الإنجيل، هل تجوز صلاته؟ قال: لا تجوز صلاته. "أجزاء من مسائل حرب" ص 187

باب سجود التلاوة

باب سجود التلاوة حكم سجود التلاوة قال حرب: سمعت إسحاق يقول: قد مضت السنة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في سجود القرآن لا يدع المصلي ولا غيره إذا قرأ بها حتى يسجد؛ سنة مسنونة من غير أن يكون ذلك فرضًا على العباد، كما سن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الوتر والعيدين وما أشبه ذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (1658) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا النضر ابن شميل قال: ثنا صالح بن أبي الأخضر، عن ابن شهاب، عن عياض بن خليفة قال: رأيت عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- قرأ النحل وهو على المنبر فبرك فسجد ثم قام فرقى إلى المنبر. "مسائل حرب/ مخطوط" (1659) قال حرب: سئل أحمد عن الرجل يقرأ السجدة وهو في الصلاة؛ أيجوز أن لا يسجد؟ قال: نعم. ثم احتج بحديث عمر أنه قرأ السجدة على المنبر فلم ينزل. "مسائل حرب/ مخطوط" (1672) قال حرب: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: إذا قرأ الرجل السجدة وهو في المكتوبة سجد بها، فإن كان إمامًا فعلى من خلفه أن يقتدوا به، وإن كان ذلك في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة، فأخبرني يزيد بن هارون، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز، عن ابن عمر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى بهم الظهر فقرأ تنزيل السجدة فسجد بها. قال إسحاق: وكذلك فعل من بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأخطأ هؤلاء الذين قالوا: لا تقرأ السورة التي فيها السجدة إلا في صلاة الصبح. "مسائل حرب/ مخطوط" (1674) المرأة والصبي يقرآن السجدة فيسمعها الرجل قال حرب: سمعت إسحاق يقول: إذا قرأت المرأة السجدة فسمعها الرجل فلا يسجد لسجودها، ولكن ليقرأها هو ثم يسجد. قال: وكذلك إذا سمعتها من صبي لم يعقل فاقرأها أنت واسجد.

مواضع سجود التلاوة

فإن كان غلام قد راهق الحلم فسمعتها منه فاسجد بسجوده؛ فإن سجدت بسجود المرأة والصبي الذي لم يراهق الحلم أجزأ عنك السجدة إن شاء اللَّه تعالى. "مسائل حرب/ مخطوط" (1689) مواضع سجود التلاوة قال حرب: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل، قلت: كم سجود القرآن؟ أربع عشرة، خمس عشرة؟ قال: لا، ولا أن يقول في الحج سجدتين. "مسائل حرب/ مخطوط" (1648) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: سجود القرآن في: الأعراف والرعد والنحل وبني إسرائيل وسورة مريم وفي الحج سجدتان وفي الفرقان والنمل والم تنزيل السجدة وفي ص؛ وكان بعض أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يسجدون في ص؛ وكان بعضهم يسجد، والسجود أحب إليّ، وفي حم السجدة عند قوله: {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} وفي النجم وفي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} وفي {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} هذا سجود القرآن الذي بلغنا وقد قال القراء: ثم أربع؛ تنزيل السجدة وحم السجدة والنجم و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)}. "مسائل حرب/ مخطوط" (1649) قال حرب: وسمعت إسحاق -مرة أخرى- يقول: في الحج سجدتان. "مسائل حرب/ مخطوط" (1651) هل يشترط الطهارة لسجود التلاوة؟ قال حرب: قيل لأحمد: الرجل يقرأ السجدة وهو على غير وضوء؟ قال: لا بأس. قيل: أيسجد إذا توضأ؟ قال: لا. "مسائل حرب/ مخطوط" (1667) قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: الرجل إذا كان على غير وضوء فقرأ السجدة؟ قال: يقرؤها ولا يسجد. قلت: فإذا توضأ يسجد؟ قال: نعم سجدة أحب ملازمتها. "مسائل حرب/ مخطوط" (1668)

سجود القرآن في أوقات النهي

سجود القرآن في أوقات النهي قال حرب: وكره أحمد أن يسجد الرجل بعد صلاة العصر وبعد الفجر. قيل لأحمد: فبعد ركعتي الفجر قبل المكتوبة؟ فلم ير به بأسًا. وأمر السجود عند أحمد سهل، إن شاء سجد وإن شاء لم يسجد. "مسائل حرب/ مخطوط" (1655) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إن قرأ السجدة بعد صلاة الفجر لم يسجد حتى تطلع الشمس، وإن قرأ بها بعد العصر إذا ضاقت الشمس للغروب ولم يبق من الشمس قدر ما يصلي ركعة؛ أخر ذلك حتى تغيب الشمس. صفة سجود التلاوة قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يقرأ سجود القرآن فيسجد أيسلم؟ قال: نعم. قلت: تسليمة خفية عن يمينه؟ قال: نعم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1660) قال حرب: وقيل لأحمد: أتشهد إذا قرأ السجدة؟ قال: لا، وتسلم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1661) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا رفع رأسه من السجود كبر ثم استوى جالسًا فسلم عن يمينه السلام عليكم لا يزيد على ذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (1662) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنبا وكيع، عن شعبة، عن عطاء بن السائب قال: كنت أمشي مع أبي عبد الرحمن السلمي نحو الفرات فقرأ سجدة فأومأ بها ثم سلم تسليمة ثم قال: هكذا رأيت ابن مسعود يفعله. "مسائل حرب/ مخطوط" (1663) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا. . (¬1)، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة ومحمد بن سيرين قالا: إذا قرأ السجدة كبر ثم سجد، فإذا رفع رأسه كبر. ¬

_ (¬1) كلمة غير واضحة بالأصل.

من إذا قرأ السجدة ركع بها

قال خالد: وكل شيء يدخل فيه بتكبير فلا يُخْرَج منه إلا بتسليم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1664) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا وكيع قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن أبي الأحوص أنه قرأ سجدة فسجد فيها ثم سلم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1666) قال حرب: ورأيت أحمد بن حنبل انحط للسجود عند قراءة السجدة فرفع يديه. "مسائل حرب/ مخطوط" (1675) قال حرب: وسألت إسحاق عن الرجل يقرأ السجدة في الفريضة فينحط للسجود: أيرفع يديه؟ قال: نعم. فراجعته؛ فقال: نعم. قال حرب: قلت لإسحاق: رجل قرأ سجدة ويطوف بالبيت؟ قال: يومئ. "مسائل حرب/ مخطوط" (1678) قال حرب: قلت لإسحاق: فإن قرأ سجدة وهو يمشي في طريق؟ قال: يومئ. "مسائل حرب/ مخطوط" (1680) قال حرب: سمعت إسحاق بقول: إذا قرأ السجدة يقوم من مكانه قائمًا ثم يسجد. "مسائل حرب/ مخطوط" (1685) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا أراد الرجل أن يسجد كبر قائمًا ثم يسجد؛ وإن كان قرأ جالسًا قام حتى يكبر معتدلًا ثم يسجد. كذلك فعلت عائشة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1686) قال حرب: قال إسحاق: وإذا قرأ القاريء السجدة كبر قائمًا ثم سجد. "مسائل حرب/ مخطوط" (1688) من إذا قرأ السجدة ركع بها قال حرب: سئل إسحاق عن الرجل يقرأ السجدة من وسط السورة؛ أيركع بها؟ قال: نعم، وإن شاء لم يسجد؛ لأن السجدة ليست بواجبة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1683) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنبا معتمر، عن معمر، عن ابن طاووس، عن

الدعاء في سجود التلاوة

أبيه أنه قرأ في صلاة العشاء الآخرة تنزيل السجدة، فلما أتى إلى السجدة ركع بها. "مسائل حرب/ مخطوط" (1684) قال حرب: سمعت إسحاق يقول: إذا كانت السجدة في آخر السورة فإن شئت سجدت وإن شئت ركعت بها؛ وإن كانت السجدة بينها وبين الخاتمة آية أو آيتان فإن ركعت بها فلا بأس وإن سجدت بها كل ذلك معمول به. "مسائل حرب/ مخطوط" (1690) الدعاء في سجود التلاوة قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا قرأ السجدة المكتوبة فإن شاء دعا فيها بكل ما يسمى دعاء بعد أن يكون مما جاءت به الآثار مثل ما ذكر عن داود النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: (سجد وجهي متعفرا بالتراب لخالقي وحق له) وكما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "سجد وجهي للذي خلقه وصوره فأحسن صورته فشق سمعه وشق بصره بحوله وقوته تبارك اللَّه أحسن الخالقين" وهو الذي نعتمد عليه؛ لما روى علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول ذلك في سجود الصلوات المكتوبات، فأحسن ما يختار لسجود القرآن ما ثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه يدعو في المكتوبات والنوافل مع ما ذكر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يقول ذلك أيضًا في سجود القرآن قال: واختار قوم من أهل العلم -منهم ابن المبارك ونظراؤه- أن يقولوا في سجود القرآن في المكتوبات: ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فإن قال ذلك جاز وما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال هو أحب إلينا. قال إسحاق: وكل ما وقع عليه اسم الدعاء مما يدعو به جاز ذلك، والخيرة ما وصفنا في ذلك من فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل حرب/ مخطوط" (1695)

باب سجود السهو

باب سجود السهو الزيادة والنقص في الصلاة والشك فيها، وما يجبر من ذلك بسجود السهو قال حرب: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل يقول في رجل لا يدري ثلاثًا صلى أم أربعًا، قال: يضيف إليها أخرى حتى تكون أربعًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (1703) قال حرب: سمعت إسحاق يقول: إذا شككت في صلاتك فلم تدر أثلاثًا صليت أو اثنتين فانظر الذي تستيقن فاستمسك به وأتم ما شككت فيه، واسجد سجدتي السهو، واسجدهما بعد التسليم، ثم سلم عن يمينك وعن يسارك. "مسائل حرب/ مخطوط" (1704) قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: ثنا صفوان بن عيسى قال: ثنا بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا شك أحدكم في صلاته ولا يدري أثلاثًا صلى أم أربعًا فليلق الشك وليبن على اليقين، فإن كانت خامسة، شفعتها السجدتان، وإن كانت رابعة، فالسجدتان ترغيم للشيطان". "مسائل حرب/ مخطوط" (1705) قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يقول في رجل نسي سجدة من صلاته فذكرها بعد ما تكلم، قال: يعيد الصلاة؛ وإن ذكرها قبل أن يتكلم وهو جالس قام يصلي ركعة وسجدتين. "مسائل حرب/ مخطوط" (1728) قال حرب: وسمعت أحمد -مرة أخرى- يقول: إذا نسي سجدة من صلاته ثم سلم فإنه يقوم ويأتي بركعة وسجدتين؛ لأنه لا يجزئه ركعة إلا بسجدتين ولا سجدتان إلا بركعة ويسجد سجدتي السهو في هذا قبل التسليم؛ وكذلك إن نسي فاتحة الكتاب فإن تلك الركعة لا تجزئه. . "مسائل حرب/ مخطوط" (1729) قال حرب: وسئل أحمد -أيضًا- عن الرجل يترك سجدتين من صلاة الظهر من كل ركعة سجدة؛ قال: لا يعيدهما بين الركعتين، إن ذكرهما في صلاته قبل أن يسلم

أعاد ركعتين. "مسائل حرب/ مخطوط" (1730) قال حرب: قلت لأحمد: فنسي سجدة من صلاته فذكر بعد ما سلم وتكلم؟ قال: يعيد الصلاة. قلت: وكذلك إن نسي فاتحة الكتاب في ركعة؟ قال: نعم "مسائل حرب/ مخطوط" (1731) قال حرب: سألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رجل نسي سجدة من صلاته قال: إذا لم يدر من أية ركعة نسي؛ سجد سجدة للاولى ثم يعيد ما بعدها من الركعات؛ لأنه لا تجزئ أن تكون عليه فرض وهو يصلي بعدها، وإن علم من أية ركعة هي؛ سجد هذِه السجدة وأعاد ما بعدها. "مسائل حرب/ مخطوط" (1732) قال حرب: وسألت إسحاق -مرة أخرى- قلت: رجل نسي سجدة من ركعة؟ قال: إن عرف من أية ركعة نسيها سجد سجدة واحدة ليتم بها ركعته التي نسي منها السجدة ثم نظر إلى ما كان بعد نسيانه السجدة فأعادها. "مسائل حرب/ مخطوط" (1733) قال حرب: قلت لأحمد: فإن لم يدر من أية ركعة نسيها؟ قال: يعيد الصلاة كلها، ثم قال: يجعلها من أول كل ركعة فيعيد سجدة واحدة ثم يصلي ثلاث ركعات وذهب إلى ذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (1734) قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا سئل عن رجل نسي سجدة من ركعة؛ قال: إن عرف من أية ركعة نسيها سجد سجدة واحدة ليتم بها ركعته التي نسي منها السجدة ثم نظر إلى ما كان بعد نسيانه السجدة فأعادها. "مسائل حرب/ مخطوط" (1735) قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا سئل عن رجل نسي سجدة من صلاته؛ قال: يسجدها ويعيد ما بعدها من الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1736) قال حرب: قلت لأحمد: الرجل ينهض في الركعتين؛ قال: إن ذكر قبل أن يستوي جلس وإن استوى قائمًا مضى في صلاته وإن جلس فلا بأس والقيام أقوى. "مسائل حرب/ مخطوط" (1770) قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: ثنا ابن

سجدتي السهو في التطوع

عون، عن الشعبي قال: صلى بنا النعمان بن بشير، فلما كان في الركعتين حيث أراد أن يجلس نهض فسبحوا به فجلس، فلما فرغ سجد سجدتين وسجدنا معه. "مسائل حرب/ مخطوط" (1771) قال حرب: سمعت إسحاق يقول: قد مضت السنة من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن في كل سهو سجدتين، فإذا زدت ونقصت من الصلاة أو قمت فيما يقعد فيه أو قعدت فيما يقام فيه أو جهرت فيما يخافت فيه أو خافت فيما يجهر فيه أو سلمت في الركعتين الأوليين ناسيًا، ففي كل هذا سجدتا السهو. وكذلك لو تركت شيئًا من التكبيرات أو شيئًا من التسبيح في الركوع والسجود أو شيئًا مما أمرت به فإنه سهو؛ لأن كل ما وقع عليه اسم السهو على المصلي في شيء من صلاته سجد سجدتي السهو؛ لقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا سها أحدكم في صلاته فليسجد سجدتين" ولم يبين أي السهو عنى، فهذِه سنة معروفة قائمة مشهورة تستغني باسمها عن الصفة، فكلما وقع اسم السهو على المصلي في صلاته سجد سجدتي السهو؛ لأنه إن سجدهما وليستا عليه خير من أن يتركهما وهما عليه، كذلك قال ابراهيم النخعي وقال: في كل سهو سجدتان. وصلى الحسن بن علي نهارًا بالناص ولم يروه سها فسجد سجدتي السهو. "مسائل حرب/ مخطوط" (1783) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا وكيع، عن نعيم بن أبي حكم، عن أبي مريم قال: صلى بنا الحسن بن علي إحدى صلاتي النهار فسجد سجدتي السهو ولم يروه سها، فلما فرغ قال: إني حدثت نفسي. "مسائل حرب/ مخطوط" (1784) سجدتي السهو في التطوع قال حرب: سألت أحمد بن حنبل، قلت: سجدتا السهو في الفريضة والتطوع؟ قال: نعم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1738) السهو في سجدتي السهو قال حرب: وسئل أحمد عن الرجل يسهو في سجدتي السهو.

السهو خلف الإمام

قال: ليس عليه سهو. "مسائل حرب/ مخطوط" (1760) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إجماع أهل العلم من التابعين أنه ليس في السهو سهو، وأخطأ هؤلاء حيث قالوا: يسجد إذا ظن أنه بقي عليه من سجدتي السهو شيء ثم يسجد لذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (1761) السهو خلف الإمام قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ليس على من خلف الإمام سهو، وإن سها رجل بعد الإمام فعليه السهو. "مسائل حرب/ مخطوط" (1752) قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: إن سها رجل خلف الإمام في شيء من صلاته فليس عليه سجدتا السهو، إنما عليهم سهو إذا سها الإمام، فإن سها من خلفه فلا سهو عليه. "مسائل حرب/ مخطوط" (1753) قال حرب: سمعت إسحاق يقول: إذا سها الإمام فلم يسجد فلا يسجد من خلفه، فإنما عليهم السجود إذا سجد. "مسائل حرب/ مخطوط" (1754) من فاته بعض الصلاة مع الإمام وقد سها الإمام قال حرب: سألت أحمد، قلت: الرجل يفوته بعض الصلاة مع الإمام وقد سها الإمام قبله؟ قال: يسجد مع الإمام سجدتي السهو ثم يقوم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1764) قال حرب: ورأيت إسحاق دخل المسجد وقد صلى الإمام ركعة من العصر وعلى الإمام سهو، فسجد الإمام قبل الصلاة فسجد مع الإمام قبل الصلاة، ثم قام فقضى تلك الركعة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1765) قال حرب: وسئل إسحاق مرة أخرى؛ قيل: رجل جاء إلى الإمام وقد فاته بعض الصلاة وقد سها الإمام قبله، أيسجد مع الإمام سجدتي السهو ثم يقضي؟ قال: نعم، ثم قال أبو يعقوب أيضًا: أما أنا فأقول: لا يسجد مع الإمام؛ لأن عليه فرضا قد فاته فلا يسجد حتى يقضي الفرض. وكلامًا نحو هذا. "مسائل حرب/ مخطوط" (1766)

من فاتته ركعة مع الإمام ثم سها الإمام فزاد في صلاته، أيجزي ذلك عنه؟

قال حرب: وسمعت إسحاق -مرة أخرى- يقول: إذا سبقك الإمام بركعة أو ركعتين وكان على الإمام سهو؛ سجد الإمام وسجد المسبوق معه، فإذا سلم قام فأتم ما سبقه به من صلاته فهو جائز، والذي نختار كلما كان على الإمام وكان من خلفه مسبوقا ببعض الصلاة قام فقضى ثم سجد فذلك أحب الينا؛ لئلا يكون الإمام مسلمًا لنفسه عمدًا أو لسهوه، ومن خلفه لم يقضوا فرضهم، فيلحقوا في وسط فرضهم سنة. قال: وإن سجدهما مع الإمام ثم قضى رجونا أن يكون جائزًا؛ لما فعله عدة من التابعين. "مسائل حرب/ مخطوط" (1767) من فاتته ركعة مع الإمام ثم سها الإمام فزاد في صلاته، أيجزي ذلك عنه؟ قال حرب: وسئل إسحاق بن إبراهيم عن رجل صلى مع الإمام ثلاث ركعات وفاتته ركعة، فلما سلم الإمام سلم هذا معه ناسيًا؛ قال: يقوم فيقضي ركعة، وقد أجزأه. "مسائل حرب/ مخطوط" (1777) قال حرب: سألت إسحاق، قلت: رجل فاتته من صلاة الظهر ركعة مع الإمام فسها الإمام فزاد في صلاته ركعة ساهيًا، هل تجزيء هذِه الركعة التي زادها الإمام عن هذا بدلًا من الركعة التي فاتته؟ قال: إذا نوى هذِه الركعة عن فرضه أجزأه. قلت: فإن لم ينو؟ قال: إن لم ينو عن فرضه لم يجزه ويقوم فيأتي بفرضه. "مسائل حرب/ مخطوط" (1778) قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى -قلت: رجل دخل صلاة الظهر وقد سبقه الإمام بركعة فدخل مع الإمام في صلاته فسها الإمام فصلى خمس ركعات وصلاها معه هذا الذي قد فاته ركعة، هل تجزئه هذِه الركعة التي زادها الإمام عن ركعته الفائتة؟ قال: إن نوى ذلك جاز. "مسائل حرب/ مخطوط" (1779) قال حرب: سمعت إسحاق يقول: إذا أدرك الرجل الإمام في وتر من صلاته فإذا فرغ الإمام من صلاته قام فقضى ما فاته ثم سجد سجدتين. وذلك عن ابن عمر،

محل سجود السهو

وأبي سعيد، وعطاء، وطاووس، ومجاهد، وأبي قلابة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1781) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا معتمر قال: سمعت أبي يحدث، عن عطاء أن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وأبا سعيد الخدري رضي اللَّه عنهم ثلاثة من هؤلاء الأربعة اتفقوا على أن الرجل إذا فاته وتر من الصلاة فقضى ما بقي عليه سجد سجدتين وهو جالس. "مسائل حرب/ مخطوط" (1782) محل سجود السهو قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يقول في سجدتي السهو: إذا كانتا من تحري، أو سلم في ركعتين أو ثلاث، فهو بعد السلام، وسائر ذلك قبل السلام. "مسائل حرب/ مخطوط" (1707) قال حرب: وسمعت أحمد -مرة أخرى- يقول: السهو على خمسة أوجه: السهو في التحري على حديث ابن مسعود، يسجد بعد السلام والتشهد، وفي حديث زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد يسجدهما قبل التسليم ولا يتشهد، وفي حديث ابن بحينة يسجدهما قبل التسليم ولا يتشهد، وفي حديث أبي هريرة وعمران بن حصين في التسليم من ثنتين أو ثلاث يسجد بعد التسليم ويتشهد فيهما. "مسائل حرب/ مخطوط" (1708) قال حرب: وقال [أحمد]: كل سهو يدخل عليه سوى هذِه فإنه يأتي به قبل التسليم؛ لأنه أصح في المعنى كأنه ترك سجدة أو ركعة أو فاتحة الكتاب. "مسائل حرب/ مخطوط" (1709) قال حرب: وسئل أحمد -مرة أخرى- عن حديث ابن مسعود أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى الظهر خمسًا. قلت: جلس في الرابعة قال: ليس في الحديث قال: وهذا زيد بن أسلم يقول: إذا شك في الرابعة والخامسة جعلها أربعًا. يعني: حديث زيد ابن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس. "مسائل حرب/ مخطوط" (1710) قال حرب: قيل لأحمد: ويسجد سجدتي السهو قبل السلام؟ قال: نعم.

قيل: بالحديث؟ قال: نعم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1711) قال حرب: وسمعت أحمد -مرة أخرى- يذهب إلى حديث ابن بحينة في سجدتي السهو. "مسائل حرب/ مخطوط" (1712) قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: إذا سهى المصلي فكان سهوه نقصانًا في الصلاة فإنه يسجد سجدتي السهو قبل السلام، كما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قام في الثنتين من الظهر فسجد سجدتي السهو قبل التسليم. وقال ابن مسعود: كل شيء في الصلاة من نقصان من ركوع أو سجودٍ أوغير ذلك فسجدتا السهو قبل التسليم، وما كان من زيادة سجدهما بعد التسليم؛ أخبرنا بذلك عتاب بن بشر، عن حصيف، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود. "مسائل حرب/ مخطوط" (1713) قال حرب: حدثنا أحمد قال: ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى الظهر ركعتين ثم سلم، فقيل له: نقص من الصلاة، فصلى ركعتين أخريين ثم سلم ثم سجد سجدتين. "مسائل حرب/ مخطوط" (1715) قال حرب: حدثنا أحمد قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: ثنا خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سلم في ثلاث ركعات من العصر ثم قام فدخل، فقام إليه رجل يقال له الخرباق -وكان في يديه طول- فقال: يا رسول اللَّه، فخرج إليه فذكر له صنيعه فقال: "أصدق هذا؟ " قالوا: نعم، فصلى الركعة التي ترك ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1716) قال حرب: حدثنا أحمد قال: ثنا محمد بن بكر قال: أبنا ابن جريج قال: أخبرني ابن شهاب أن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج أخبره أن عبد اللَّه بن بحينة الأسدي حليف بني عبد المطلب وكان من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه أخبره أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى بهم ركعتين ثم قام ولم يقعد فيها، فقام الناس معه، فلما صلى الركعتين الأخريين وانتظر الناس تسليمه كبر فسجد، ثم كبر فسجد، ثم سلم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1717)

قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أبنا عبد العزيز بن محمد قال: حدثني زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا صلى أحدكم فلا يدري ثلاثًا صلى أم أربعًا فليصل ركعة وليسجد سجدتين ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كانت خامسة شفعها بسجدتين وإن كانت رابعة فالسجدتان ترغيم للشيطان". "مسائل حرب/ مخطوط" (1718) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه قال صلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: صلاة -قال إبراهيم: لا أدري أزاد أم نقص- فلما سلّم قيل له: يا رسول اللَّه أحدث في الصلاة شيء؟ قال: "وما ذاك؟ " قالوا: صليت كذا وكذا قال: فثنى رجليه واستقبل القبلة فسجد سجدتين ثم سلم فلما أقبل علينا بوجهه قال: "إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به ولكن إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصلاة ولينم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين". "مسائل حرب/ مخطوط" (1719) قال حرب: وسألت أحمد بن حنبل قلت: رجل صلى خمس ركعات متى يسجد سجدتي السهو؟ قال: يسجدهما قبل السلام. "مسائل حرب/ مخطوط" (1720) قال حرب: وقال أحمد في حديث ابن مسعود أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى خمس ركعات فسجد بعد التسليم قال: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سجدهما بعد الكلام. فذهب أبو عبد اللَّه إلى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يذكرهما إلا بعد ما تكلم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1721) قال حرب: وقيل لأحمد -مرة أخرى- عن رجل صلى خمس ركعات قال: يسجد سجدتي السهو وقد تمت صلاته. "مسائل حرب/ مخطوط" (1722) قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبا جرير، عن الحسن بن عبيد اللَّه، عن إبراهيم بن سويد قال: صلى بنا علقمة خمسًا فلما سلم قال القوم: يا أبا شبل صليت خمسًا قال: قال عبد اللَّه: صلى بنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خمسًا فلما انفتل قيل له: فسجد سجدتين ثم سلم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1724)

باب سجدة الشكر

قال حرب: وسمعت أحمد يقول: كل سجدتين للسهو يسجدهما قبل التسليم فليس فيهما تشهد، يسجدهما ثم يسلم، وإذا كانتا بعد السلام ففيهما، تشهد وسلام. "مسائل حرب/ مخطوط" (1726) قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن الأعرج، عن عبد اللَّه بن بحينة رضي اللَّه عنه صلى بنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاة يظن أنها العصر فقام في الثانية لم يجلس، فلما كان قبل أن يسلم سجد سجدتين. "مسائل حرب/ مخطوط" (1727) باب سجدة الشكر حكم سجدة الشكر قال حرب: سألت إسحاق عن سجدة الشكر؛ قال: سنة عند الفتوح وعند الغزو للبشارات ولكل شيء من أمر الآخرة. قال: وحديث إبراهيم أنه كرهه؛ إنما هو لأمر الدنيا. "مسائل حرب/ مخطوط" (1876) باب قضاء الفوائت وقت قضاء الفائتة قال حرب: سمعت أحمد يقول في رجل نسي صلاة قال: يصليها إذا ذكرها، وإن ذكرها فلم يصليها ثم صلى صلوات، فإنه يعيد تلك الصلوات، وإن لم يذكرها فإنه لا يعيدها، فإن كان إمامًا أعاد القوم أيضًا. قيل: فإن صلى بهم بغير وضوء؟ قال: يعيد ولا يعيدون. قال أحمد: ومن صلى بقوم بغير وضوء متعمدًا؛ أُدب. "مسائل حرب/ مخطوط" (1787)

إذا فاتته صلاة، وقد حضرت أخرى

إذا فاتته صلاة، وقد حضرت أخرى قال حرب: وسمعت أحمد -مرة أخرى- يقول: إذا فاتته صلاة فذكرها وهو يخاف أن تفوته وقت هذِه التي قد حضرت، فإنه يبدأ بهذِه ثم يعيد تلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (1788) من نسي صلاة فذكرها وهو في صلاة أخرى قال حرب: قيل لأحمد: رجل نسي صلاة فذكرها وهو في الصلاة وهو إمام قوم وقد صلوا ركعتين؛ قال: ينصرف هو ويستأنف القوم الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1792) قال حرب: وسألت إسحاق عن رجل نسي الظهر فذكرها وهو في صلاة العصر؟ قال: يقطعها ويصلي الظهر. قلت: فإن ذكرها وقد فرغ من التشهد ولم يسلم؟ قال: يسلم ويقضي الظهر؛ ولم ير أن يقطعها في هذِه الحال. "مسائل حرب/ مخطوط" (1793) من نسي صلاة لا يدري أيها هي قال حرب: قيل لاحمد: رجل نسي صلاة لا يدري أي صلاة هي؟ قال: يصلي خمس صلوات صلاة يوم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1797) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: ولو أن رجلًا نسي صلاة لا يدري أي صلاة هي، قال: يعيد خمس صلوات. "مسائل حرب/ مخطوط" (1798) صفة قضاء الفائتة قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يقول في رجل فاتته صلاة يجهر فيها بالقراءة في جماعة فصلى وحده، قال: إن شاء لم يجهر؛ لأن الجهر هو في الجماعة. قلت: وكذلك لو أن رجلًا فاتته صلاة بالليل مما يجهر فيها بالقراءة فقضاها بالنهار؟ قال: نعم. قال حرب: سمعت إسحاق يقول: إذا نسي الرجل المغرب والعشاء أو الفجر فقضاها بالنهار جهر بالقراءة، يسمع أذنيه. "أجزاء من مسائل حرب" ص 167

فصل فيمن يجب عليه قضاء الفوائت

فصل فيمن يجب عليه قضاء الفوائت المغمى عليه، يقضي ما عليه من صلوات قال حرب: سألت أحمد عن المغمى عليه؛ فقال: يعيد الصلوات كلها. "مسائل حرب/ مخطوط" (3022) قال حرب: وسألت إسحاق عن المغمى عليه، هل يعيد الصلوات؟ قال: لا يعيد الصلوات، إلا صلاة يومه الذي أفاق فيه. "مسائل حرب/ مخطوط" (2022) قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا يقول: قد مضت السنة في أن المغمى عليه على أوجه، فمنهم من يجعل حكمه حكم النائم يقضي الصلاة، ومنهم من يجعله كالمجنون لا يقضي، فأعدل ذلك أن المغمى عليه إذا أفاق من يومه صلى الصلاتين جميعًا، والصلاتان إن كان نهارًا فالظهر والعصر، وإن كان ليلا فالمغرب والعشاء، فإذا أغمى عليه الإمام فأفاق قضى صلاته يومه، فإن أفاق في آخر الليل قضى صلاة ليلته. واختلف أهل العلم في ذلك، فرأى قوم أن المغمي عليه يقضى الصلاة كما يقضي الصيام شبهوه بالنائم، وليس هذا بقول صحيح، ورأى آخرون أن لا يقضي شيئًا إلا أن يفيق في وقت صلاة فيقضي تلك الصلاة، ومن قال بهذا القول لزمه أن يأمره بقضاء صلاتين كما أمرنا لما جعل وقت العصر في وقت الظهر والعشاء في وقت المغرب لأصحاب العذر مثل: الخائف في السفر، وصاحب المطر، والحائض؛ حيث أمرت إذا طهرت قبل المغرب صليت الظهر والعصر جميعًا، وإذا طهرت قبل الفجر صلت المغرب والعشاء، وكذلك المغمى عليه إذا أفاق في آخر النهار صلى الظهر والعصر، وإذا أفاق قبل الفجر صلى المغرب والعشاء، فإنه ما دام مغمى عليه فهو كالمجنون المعتوه. والذين قالوا: إذا أغمى عليه يومًا وليلة أعاد الصلوات كلها فإذا أغمي عليه الأيام لم يقض شيئًا، فقد أخطأ في المذهب لا يخرج حكم المغمي عليه من هذِه الأوجه التي وصفناها وخالف هؤلاء الأوجه الثلاثة. "مسائل حرب/ مخطوط" (3023)

ليس على الحائض قضاء الصلاة إذا طهرت وتقضي الصوم

ليس على الحائض قضاء الصلاة إذا طهرت وتقضي الصوم قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: مضت السنة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه من بعده أن لا تقضي الحائض الصلاة، وتقضي الصوم. وإجماع أهل العلم على ذلك. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا عيسى بن يونس قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن معاذة العدوية أن امرأة قالت لعائشة رضي اللَّه عنها: المرأة تحيض، أتقضي الصلاة إذا طهرت؟ فقالت: أحرورية أنت؟ ! قد كنا نحيض على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم نطهر، ولا نقضي الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1147 - 1148) باب ما يباح في الصلاة وما يكره العمل اليسير في الصلاة لحاجة قال حرب: وسئل أحمد عن عد الآي في الصلاة؛ فقال: أرجو أن لا يكون به بأس. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: كان أهل العلم لا يرون بأسًا بعدِّ الآي في الصلاة. "أجزاء من مسائل حرب" ص 183 قال حرب: سألت أحمد، قلت: الرجل يصلي فيحتك ساقه، فيحكه؟ فكأنه كرهه. قلت: يحكه بقدمه؟ قال: هو بالقدم أسهل، وكأنه رخص فيه. "مسائل حرب/ مخطوط" (1836) قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يكون في الصلاة فيسقط رداؤه عن ظهره، أيحمله؟ قال: أرجو أن لا يضيق ذلك. قلت: فيفتح الباب بحيال القبلة (¬1)؟ "مسائل حرب/ مخطوط" (1838) ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل بلا جواب.

غمض العين في الصلاة

قال حرب: سمعت أحمد يقول: لا بأس بتسوية الحصا في الصلاة إن اضطره. "مسائل حرب/ مخطوط" (2093) غمض العين في الصلاة قال حرب: سمعت إسحاق يقول: لا تغمض عينك وأنت تصلي فإنه يكره؛ لأن اليهود يفعلون ذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (1645) قال حرب: وسألت إسحاق -أيضًا- قلت: المصلي يصلي فيغمض عينه؟ قال: أشد شيء في السجود، كأنه رخص في غير السجود. "مسائل حرب/ مخطوط" (1646) تشميت نفسه إذا عطس قال حرب: قلت لإسحاق: رجل عطس في الصلاة؛ قال: يحمد اللَّه تعالى. قلت: في الفريضة والتطوع؟ قال: نعم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1833) رد السلام قال حرب: وسئل أحمد عن رد السلام إشارة في الصلاة؛ فقال: لا بأس. "مسائل حرب/ مخطوط" (1812) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا سلم عليك وأنت تصلي فلا ترد عليه حتى تسلم، فإن كان قريبًا فرد عليه وإن كان ذهب فأتبعه السلام. "مسائل حرب/ مخطوط" (1813) قال حرب: وقال إسحاق أيضًا: إن لم ترد بالإشارة حتى سلمت فأتبعه السلام. قال: وإن رد إشارة كما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جاز. "مسائل حرب/ مخطوط" (1814) قال حرب: وقال إسحاق: إن سلم عليك رجل وأنت تصلي فرددت عليه فاستقبل الصلاة، فإن ذلك كلام. "مسائل حرب/ مخطوط" (1815) السلام على المصلي قال حرب: قيل لأحمد: الرجل يدخل المسجد ومنهم المصلي والجالس، أيسلم؟ قال: نعم يسلم على الجلوس. "مسائل حرب/ مخطوط" (1816)

من دعاه والداه وهو في الصلاة

قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا انتهيت إلى المسجد والقوم يصلون فلا تسلم عليهم، إلا أن يكون فيهم أحد لا يصلي فسلم عليهم جميعًا، فإن رد غير المصلي جاز عن المصلي. "مسائل حرب/ مخطوط" (1817) من دعاه والداه وهو في الصلاة قال حرب: قيل لأحمد: الحديث الذي جاء إذا دعاك أبوك وأنت في الصلاة فأجبه؟ فرأيته يضعف الحديث. "مسائل حرب/ مخطوط" (1819) الرجل يصلي وفي كمه الشيء قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يصلي وفي كمه فاكهة أو نحو ذلك؟ قال: لا بأس، إذا كان لا يشغله عن الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (2150) الرجل يصلي وهو يدافع الأخبثين قال حرب: قلت لأحمد: رجل صلى وهو يدافع الأخبثين؟ قال: يعيد. "مسائل حرب/ مخطوط" (2167) قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى عن رجل في صلاة فأدركه البول؛ قال: إذا كان ريح أو نفخ رجوت، وليصل ما دام لم يغلبه. "مسائل حرب/ مخطوط" (2168) الصلاة بحضرة الطعام قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يصلي بحضرة الطعام؟ قال: إذا كان أكل بعضه فأقيمت الصلاة فإنه يتم أكله، وإن كان لم يأكل شيئًا فأحب إليّ أن يصلي. "مسائل حرب/ مخطوط" (2172) قال حرب: سمعت إسحاق يقول: إذا كان الرجل على عشائه فسمع الإقامة جاز له أن يفرغ من عشائه إلا أن يكون عشاؤه خلاف عشاء القوم فيطول فحينئذ يبدأ فيصلي، وذلك أن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كانوا لا يشتغلون بالأطعمات شغل أهل زماننا، فإن كان الرجل يحب أن يدعو بعشائه وهو وحده فأخر العشاء وخرج إلى الجماعة فذلك له، وإن كان مع جماعة لم يفعل لما يدخل على أصحابه من ذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (2173)

باب مبطلات الصلاة

قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنبأ جرير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا وضع العَشَاء وأقيمت الصلاة فابدؤا بالعشاء". "مسائل حرب/ مخطوط" (2174) قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي قال: ثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا وضع العَشَاء وأقيمت الصلاة فابدؤا بالعَشاء". "مسائل حرب/ مخطوط" (2175) باب مبطلات الصلاة الكلام في الصلاة بما ليس من شأنها قال حرب: قيل لأحمد: إمام صلى بقوم المغرب فلما صلى ركعتين سلم، فلما سلم قال له بعض القوم: صليت ركعتين فتقدم فكبر فصلى ركعتين ثم سجد سجدتي السهو هل تجوز لنا صلاتنا؟ قال: من تكلم أعاد الصلاة ومن لم يتكلم جازت صلاته. قيل: فإن تكلم الإمام؟ قال: إن تكلم على نحو ما تكلم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث ذي اليدين فلا بأس. "مسائل حرب/ مخطوط" (1741) قال حرب: وسمعت أحمد -مرة أخرى- وقيل له: رجل صلى من المغرب ركعتين فسلم فقال له رجل: صليت ركعتين، قال: أما الرجل الذي قال له ذلك فإنه يستأنف الصلاة، وأما الإمام ومن معه فإنهم يتمون؛ لأنهم لم يتكلموا. "مسائل حرب/ مخطوط" (1742) قال حرب: سئل أحمد عن الرجل يتكلم في الصلاة؛ قال: يعيد الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1744) قال حرب: وسمعت [أحمد]-مرة أخرى- يقول: كل كلام يتكلم به الإنسان في الصلاة مما ليس هو من الصلاة فإنه يعيد الصلاة. فذكر له حديث ذي اليدين حيث

قال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أقصرت الصلاة؟ قال: جاز لذي اليدين يومئذ أن يقوله؛ لأنه إنما قال له على الظن منه ولا يجوز لأحد اليوم أن يقوله؛ لأن الصلاة قد علمت ولا تقصر؛ وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- له؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يصدقه فيما قال: حتى يكون معه غيره؛ وقول أصحابه له حيث أجابوه؛ لأنه كان واجبًا عليهم أن يجيبوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: ولو أن إمامًا تكلم اليوم وأجابه أحد أعاد الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1745) قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: ما رجعت في مسألة تكلمت فيها منذ أربعة وخمسين سنة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1746) قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: قد مضت السنة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بتحريم الكلام في المكتوبات والنوافل عمدًا. وقال في حديث ذي اليدين: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حيث سها فسلم في ركعتين كان على يقين أنه قد أكمل فرضه لنفسه وأصحابه فلما ذكره ذو اليدين فقال: أنسيت أم قصرت؟ فالدليل على قول ذي اليدين وإن كان مستيقنًا بنقص النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه لم يدر حينئذ أهي مقصورة أم لا؟ لما كانت قبل مقصورة فأتمت ولم ينقطع الوحي بعد، يؤمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ويُنهى، أو هو متبع لوحي اللَّه ورسالته؛ فلذلك جاز لذي اليدين أن يقول: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فأجابه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنها على حالها كما أكملت، ولم تقصر، ولم أنس، ثم لم يتثبت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على يقينه إذ ذكره ذو اليدين ودخل قلبه حزازة حتى استخبر يقينهم، فقال: "أكلكم يقول ما يقول ذو اليدين" قالوا: نعم، فأكمل ما بقي على ما مضى. قال: وأما إجابة أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على نفسه إياه لما سألهم عما وصف ذو اليدين فلم يجدوا بدًا من إجابته؛ لأنه لم يحل لهم ولا لغيرهم إذا سألهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن شيء إلا أن يجيبوه، كانوا في صلاة أو غيرها قال اللَّه تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، ولا يجب اليوم ذلك على أحد إلا بالإشارة والتسبيح؛ لأنهما حكمان بقيا للمصلي بعد نسخ الكلام. قال أبو يعقوب: فكلما سها ساهٍ من الأئمة الذين نصبوا أنفسهم لقضاء فرض

من ذكر الله في الصلاة من أمر تعرض له وغير ذلك

المسلمين وعلى من خلفه لسهوه، لم يحل له أن يخبره بصيغة الكلام ولكن ما أمكنه من الإشارة والتسبيح سنة مسنونة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: ويجوز للإمام إذا كان ساهيًا فلم يستيقن حتى سلم في الركعتين لما ظن أنه قد أكملها فسبحوا خلفه وأشاروا أن يتكلم فيقول: أنقصت من صلاتي؛ لأن كلامه حينئذ عند نفسه بعد فراغه من الصلاة وصار فعله هاهنا كفعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فله أن يتم ما بقي على ما مضى إذا بينوه بإشارة أو تسبيح حتى استقر، فإن بينوه بكلام، هم مستيقنون أنه لم يتم؛ فعليهم الإعادة؛ لما تكلموا عمدًا في صلاتهم. قال أبو يعقوب: ومن تكلم بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خلف إمام بما تكلم به ذو اليدين وأصحابه فعليه الإعادة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1747) من ذكر اللَّه في الصلاة من أمر تعرض له وغير ذلك قال حرب: سألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رجل لدغه عقرب في الصلاة فقال: بسم اللَّه؟ قال: إن كان ناسيًا فليس عليه شيء. قلت: فإن تعمد؟ فأحب أن يعيد ولم يبين لي. "مسائل حرب/ مخطوط" (1823) قال حرب: وسئل إسحاق أيضًا عن إمام قرأ آية فيها لا إله إلا اللَّه، فقال بعضهم: من خلفه لا إله إلا اللَّه؟ قال: لا تفسد صلاته. "مسائل حرب/ مخطوط" (1824) قال حرب: وسألت إسحاق مرة، قلت: رجل كان في الصلاة فانقض كوكب، فقال: لا إله إلا اللَّه؟ قال: إن أراد به تعجبًا وتعمد لذلك فهو كلام يعيد الصلاة، وإن سبق منه من غير تعمد فليس عليه إعادة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1825) الضحك في الصلاة قال حرب: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل، قلت: رجل ضحك في الصلاة؟ قال: لا يعيد الوضوء. قلت: فالصلاة؟ قال: يعيد الصلاة، ليس فيه اختلاف. "مسائل حرب/ مخطوط" (1802)

هل التبسم كالضحك، يبطل الصلاة؟

قال حرب: سألت أحمد بن حنبل -مرة أخرى- عن الضحك في الصلاة؛ قال: إن شاء أعاد الوضوء، وإن شاء لم يعد. "مسائل حرب/ مخطوط" (1803) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا قهقه الرجل في صلاته أعاد الصلاة، واختلف أهل العلم في إعادة الوضوء، فأوجب عليه عامة علماء العراق الوضوء في ذلك، ولم يوجب عليه علماء الحجاز وطوائف من أهل الشام والعراق، وأحب إلينا إعادة الصلاة ولا يعيد الوضوء، وكذلك إذا قهقه في الصلاة على الجنائز أو التطوع أو الفرض لا يلزمه الوضوء. "مسائل حرب/ مخطوط" (1804) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنبأ جرير، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنها- قال: إذا ضحك الرجل في الصلاة أعاد الصلاة، ولم يعد الوضوء. "مسائل حرب/ مخطوط" (1805) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنبأ النضر بن شميل، عن سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال أن أبا موسى الأشعري رضي اللَّه عنه صلى بالناس فضحك قوم في الصلاة فأمرهم أن يعيدوا الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1806) هل التبسم كالضحك، يبطل الصلاة؟ قال حرب: سمعت إسحاق يقول: إذا تكلم الرجل وقد صلى ركعة أو ركعتين استأنف الصلاة ولم يعد الوضوء، وإن هو تبسم ولم يقهقه مضى في صلاته، إلا أن يقهقه. "مسائل حرب/ مخطوط" (1810) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنبأ علي بن ثابت قال: أنبأ الوازع بن نافع العقيلي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى العصر فتبسم في صلاته فقال: "رأيت جبريل فضحك إليّ فتبسمت إليه". "مسائل حرب/ مخطوط" (1811)

باب صلاة الجماعة

باب صلاة الجماعة فصل في وجوب صلاة الجماعة القوم يجتمعون في الدار وعلى بابه المسجد قال حرب: قلت لأحمد -رحمه اللَّه- فالقوم نحو العشرة يكونون في الدار فيجتمعون وعلى باب الدار مسجد؟ قال: يخرجون إلى المسجد ولا يصلون في الدار. وكأنه قال: إلا أن يكون في الدار مسجد يؤذن فيه ويقام. "مسائل حرب/ مخطوط" (2074) قال حرب: سئل إسحاق عن قوله: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد"؛ قال: الصحيح أنه لا فضل له، والآخر لا آمن عليه -يعني: أنه لا صلاة له. "مسائل حرب/ مخطوط" (2098) من صلى المكتوبة، ثم دخل المسجد وأقيمت الصلاة قال حرب: قلت لأحمد: رجل صلى العصر، ثم دخل مسجدًا وأقيمت الصلاة يصلي معهم؟ قال: لا بأس. "مسائل حرب/ مخطوط" (2105) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إن كنت صليت المكتوبة، ثم دخلت مسجدًا فأقيمت الصلاة، فصل معهم الصلاة كلها، إلا المغرب فإن كانت المغرب فصليت معهم، فإذا سلم الإمام فقم فاشفع بركعة فاجعلها أربعا، وصلاتك التي صليت وحدك هي المكتوبة، وصلاتك معهم تطوع. "مسائل حرب/ مخطوط" (2106) فصل في صفة صلاة الجماعة تسوية الصف قال حرب: سمعت إسحاق يقول: الإمام إذا قام ينبغي أن يأمرهم بذلك -يعني تسوية الصفوف- ولا يكبر حتى يسوي الصفوف، ويكره أن يرفع الرجل بصره إلى السماء في الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (935)

من صلى خلف الصف وحده

قال حرب: قلت لأحمد: الإمام إذا تقدم القوم أيأمرهم أن يسووا الصف؟ قال: نعم، يأمرهم بذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (2028) من صلى خلف الصف وحده قال حرب: سألت أحمد، قلت: الرجل يصلي خلف الصف وحده؟ قال: يعيد الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (2089) قال حرب: وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رجل صلى خلف الصف وحده؟ قال: يعيد الصلاة. قلت لإسحاق: فإنه صلى ركعة ثم جاء فقام إلى جنبه؟ قال: يعيد تلك الركعة. "مسائل حرب/ مخطوط" (2090) قال حرب: قيل لأحمد: الرجل يركع قبل أن يصل إلى الصف؟ قال: لا يفعل ذلك حتى يأخذ مقامه منه، وإن فعل لم أر به بأسًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (2086) قال حرب: وسألت أحمد مرة أخرى، قلت: الرجل يركع دون الصف؟ فقال: لا بأس، إذا أدرك الإمام راكعًا. قلت: إن الإمام رفع رأسه قبل أن يصل إلى الصف؟ فكأنه أحب أن لا يعتد بهذِه الركعة. "مسائل حرب/ مخطوط" (2087) صفة التكبير خلف الإمام قال حرب: سألت إسحاق عن الرجل يجهر بالتكبير خلف الإمام؛ قال: السنة الجهر بالتكبير خلف الإمام، وقال: يجهر عقيب تكبيرة الإحرام. "أجزاء من مسائل حرب" ص 104 إذا فاتته تكبيرة الافتتاح أو نسيها قال حرب: سألت أحمد بن حنبل، قلت: رجلٌ نسي تكبيرة الافتتاح حتى إذا فرغ من الصلاة؟ قال: هذا ليس في صلاة، يعيد الصلاة. قال حرب: وسألت أحمد مرة أخرى، قلت: من نسي تكبيرة من الصلاة من

إذا أتى والإمام راكع، كم يكبر؟

الركوع أو السجود؟ قال: يسجد سجدتي السهو. قلت: فإن نسي تكبيرة الافتتاح؟ قال: هذا ليس في صلاة. "أجزاء من مسائل حرب" ص 105 إذا أتى والإمام راكع، كم يكبر؟ قال حرب: سُئل أحمد بن حنبل: عن الرجل يُدرك الإمام وهو راكع، أيجزئه تكبيرة واحدة؟ قال: نعم، وكذلك إن أدركه ساجدًا. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا جاء الرجل إلى الإمام وقد فاته بعض الصلاة فإن وجده راكعًا فليفتتح الصلاة بتكبيرة ينوي بها مفتاح الصلاة ثم يكبر ويركع، وإن كبر تكبيرةً وينوي بها مفتاح الصلاة ولم يكبر حتى يركع أجزأه، وإن كبر عند الركوع تكبيرة ينوي بها مفتاح الصلاة فقط ولم ينو بها افتتاح الصلاة والركعة أجزأته، وإن لم يكبر للركوع فإن نوى بالتكبير الافتتاح والركعة لم تجزئه صلاته؛ لأنه لم يكبر لتحريم الصلاة خالصًا. وتكبيرات الركوع والسجود لا يتركها، والتكبيرة الأولى هي فريضة لا تتم الصلاة إلا بها، فإن ضيعها عمدًا أو سهى عنها، فصلاته فاسدة؛ لأنها مفتاح الصلاة. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: إذا أدرك الإمام راكعًا فإن السنة في ذلك أن يكبر تكبيرةً واحدة يفتتح بها الصلاة قائمًا لا يهوي في تكبيرة الافتتاح، فإنه إن لم يتم تكبيرة الافتتاح قائمًا لم تجزئه أبدًا. فإذا كبر تكبيرة الافتتاح خرَّ راكعًا بعد تكبيرة الركوع، فإن شغلته تكبيرة الركوع حتى كاد أن يرفع الإمام فإن لم يخف كبر للركوع وهو يهوي. ولا يقل: سبحانك اللهم، ولا التعوذ ولا شيئًا يستفتح به إذا خشي أن يرفع الإمام رأسه قبل أن يهوي للركوع ويضع يديه على ركبتيه، وإن أمكنه الإقامة في ركوعه قدر ما يقول بعد تكبيرة الافتتاح: سبحانك اللهم، أو شيء يقوله يستفتح بها بقدر ما يركع قبل أن يرفع الإمام رأسه فعل، وإن رفع الإمام رأسه قبل أن يهوي للركوع وضع يديه على ركبتيه ولا يعتد بتلك الركعة، وأيضًا إذا شك في إدراكها مع الإمام قبل أن يرفع رأسه.

المسبوق إذا فاته دعاء الاستفتاح، متى يقوله؟

قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا زكريا بن عدي، عن عبيد اللَّه بن عمرو الرقي، عن إسحاق بن راشد الجزري، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: إذا كبر ليركع، فهوى للركوع فرفع الإمام رأسه فامترى (¬1): أركع قبل أن يرفع الأمام أم لا؟ لم يعتد بتلك الركعة. "أجزاء من مسائل حرب" ص 109 - 111 قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: وأما من يقول من الكوفيين يكبر تكبيرة واحدة للافتتاح وللركعة: فهو خطأ؛ لأنه لا يجزئ الفرض أن يخلط بها سنةً أو تطوعًا، وتكبيرة الافتتاح هي فرض بها يتحرم. "أجزاء من مسائل حرب" ص 111 المسبوق إذا فاته دعاء الاستفتاح، متى يقوله؟ قال حرب: سألت أحمد بن حنبل، قلت: رجل جاء والإمام جالس فكبر، يقول: سبحانك اللهم؟ قال: يكبر ويجلس، فإذا سلم الإمام قام فقرأ: سبحانك اللهم وبحمدك. قال حرب: وسألت أحمد مرة أخرى، قلت: إذا أدركه راكعًا فكبر، وركع: يسبح؟ قال: نعم. قلت: فإذا قام يقول: سبحانك اللهم وبحمدك؟ قال: لا؛ قد فاته موضع الافتتاح. قال حرب: وقال أحمد: إذا أدرك الإمام جالسًا، كبّر وجلس وتشهد، فإذا قام كبر. قال حرب: وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رجل أدرك الإمام جالسًا؟ قال: يكبر فيفتح الصلاة ثم يكبر فيجلس ثم يقوم بتكبير. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: إذا انتهيت إلى الإمام وهو ساجد فكبر تكبيرة تنوي بها مفتاح الصلاة، ثم اجلس ولا تكبر وتشهد، فإذا قمت فقم بتكبيرة وتكبيرتك الأولى مفتاح الصلاة. "أجزاء من مسائل حرب" ص 113 ¬

_ (¬1) أي: شك.

الاستعاذة خلف الإمام

قال حرب: وسألت إسحاق مرة أخرى، قلت: رجل انتهى إلى الإمام وهو ساجد؟ قال: يكبر لافتتاح الصلاة، ويقول: سبحانك اللهم وبحمدك، ثم يكبر ويسجد. قلت: ويتعوذ؟ قال: إن شاء مع سبحانك اللهم، وإن شاء إذا رفع رأسه من السجود. "أجزاء من مسائل حرب" ص 115 الاستعاذة خلف الإمام قال حرب: سمعت إسحاق يقول: يستعيذ خلف الإمام وإن لم يقرأ، ولا يقول: بسم اللَّه الرحمن الرحيم. "أجزاء من مسائل حرب" ص 124 سكتتا الإمام قال حرب: سمعت أحمد يقول في سكتتي الإمام، قال: قال بعضهم السكتتان سكتةٌ حين يفتتح قبل القراءة وسكتة حين يفرغ من القراءة قبل الركوع. قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: للإمام أن يسكت في كلتا الركعتين أو في الركعة الأولى؟ قال: في كل ركعة يجهر فيها بالقراءة. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: لا يقرأ الإمام الحمد للَّه إلا بعد سكتة حتى يقرأ من خلفه فاتحة الكتاب. "أجزاء من مسائل حرب" ص 127 قال حرب: سألت إسحاق عن الرجل إذا كان إمامًا وقرأ فاتحة الكتاب وفرغ من السورة: يكبر ساعة يفرغ ويصل التكبير بالقراءة، أو يقف قليلًا ثم يكبر؟ قال: يقف، أحب إلى أن يفصل بين التكبير والقراءة بسكتة. قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قال: كان لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سكتتان في صلاته. قال حرب: قال أحمد: قال بعضهم: السكتتان سكتة حين يفتتح قبل القراءة، وسكتةٌ حين يفرغ من القراءة قبل الركوع. "أجزاء من مسائل حرب" ص 194 القراءة خلف الإمام قال حرب: سألت أحمد عن الرجل يقرأ خلف الإمام إذا جهر به؟

قال: لا، ولكن ينصت للقرآن. قلت: فإذا لم يجهر الإمام؟ قال: يقرأ فاتحة الكتاب وسورة. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول في القراءة خلف الإمام، قال: في الظهر والعصر يقرأ خلف الإمام كما كان يقرأ إذا كان وحده، وفي المغرب يقرأ في الثالثة. وإن جهر الإمام، فإن قدر أن يقرأ في سكتة الإمام. وفي صلاة الفجر: لابد من أن يقرأ فاتحة الكتاب في سكتة الإمام ولابد من قراءة الحمد في إحدى الركعتين. قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم مرة أخرى يقول في القراءة خلف الإمام إذا جهر، قال: اقرأ قبل أن يفتتح الإمام القراءة فإذا افتتح الإمام القراءة فاسكت، فإذا فرغ الإمام من قراءة الحمد وسكت فأتم ما بقي عليك من الحمد. "أجزاء من مسائل حرب" ص 129 قال حرب: حدثنا إسحاق، قلت لموسى بن طارق: أحدثكم موسى بن عقبة، عن عروة بن الزبير: أنه كان يبادر الإمام بالقراءة إذا سكت، فأقر به، وقال: نعم. قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا يقول: السنة في القراءة في المكتوبات للإمام ومن خلفه، أن يقرأ الإمام في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة سورة، ومن خلفه؛ كذلك إجماع أهل العلم. وإذا صلى المغرب قرأ بفاتحة الكتاب في سورة وينصت من خلفه، ويقرأ الإمام ومن خلفه في الأخريين في العشاء بفاتحة الكتاب، ويقرا الإمام في الركعة الأولى من الصبح بفاتحة الكتاب وسورة، بعد ما يسكت سكتة بعد الاستفتاح قبل القراءة؛ كما كانت الأئمة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن بعدهم يفعلون، ليقرأ من خلفه بفاتحة الكتاب وينصت من خلف الإمام إذا قرأ الإمام في الصبح في الركعتين جميعًا؛ لقول اللَّه تعالى: {وإذا قُرئ القرآنُ فاستَمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا لعلَّكُم تُرْحمون} [الأعراف: 204]. فإن أعجله الإمام في الصبح في الافتتاح في كل ما ذكرنا، قرأ عند فراغ الإمام من السورة عند الركوع وليسرع القراءة ثم يلحق الإمام فيركع معه. "أجزاء من مسائل حرب" ص 130 - 131 قال حرب: سألت إسحاق، قلت: فإن ترك فاتحة الكتاب خلف الإمام عمدًا؟

التأمين خلف الإمام وصفته

قال: إذا كان متأولًا جازت صلاته. "أجزاء من مسائل حرب" ص 197 التأمين خلف الإمام وصفته قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يجهر الإمام ومن خلفه بآمين. قال حرب: حدثنا أحمد، قال: حدثنا روح بن عبادة، عن ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، أنه قال: هو السنة. يعني آمين. قال حرب: وسمعت أحمد مرةً أخرى، يقول: يجهر الإمام بآمين، يرفع بها صوته ومن خلفه. قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى يجهر بآمين جهرًا خفيًا رقيقًا، وربما لم أسمعه يجهر بها. قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم، وسأله رجل من أهل شاش عن الجهر بآمين؟ قال: يجهر حتى يسمع الصف الذي يليه. قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا يقول: إذا فرغت من فاتحة الكتاب، فقل: آمين، تمد بها صوتك؛ لتسمع من يليك من الصف، وذلك أدناه، وإذا سمع الصف الذين يلونهم جهروا بذلك؛ ليسمعوا الصف الذي يلونهم حتى يؤمن أهل المسجد، فإن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا قال الإمام ومن في المسجد آمين، فالتقت بآمين أهل السماء وأهل الأرض غُفر لمن في المسجد". قال: وكان أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يرفعون أصواتهم بآمين، حتى يسمع للمسجد رجة. قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: أخبرني علي بن الحسن بن شقيق، قال: حدثني أبو حمزة السكري، عن مطرف، عن خالد بن أبي نوف، عن عطاء بن أبي رباح، قال: أدركت مائتين من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، إذا قال الإمام: ولا الضالين، سمعت لهم ضجة بآمين. قال إسحاق: وكذلك قال عكرمة: أدركت الناس في هذا المسجد، ولهم ضجة بآمين. قال: أخبرنا بذلك وكيع، عن فطر بن خليفة، عن عكرمة.

الفتح على الإمام

قال: وقال عطاء: صلى بنا ابن الزبير في المسجد الحرام، فإذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} سمعت لأهل المسجد ضجة بآمين. قال: أخبرنا بذلك محمد بن بكر، عن ابن جريج، عن عطاء. "أجزاء من مسائل حرب" ص 176 - 178 قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: الرجل إذا قرأ الحمد خلف الإمام، فإذا فرغ قال: آمين؟ قال: نعم. قلت: فإذا فرغ الإمام، قال هو أيضًا: آمين؟ قال: نعم. قلت في الصلاة وغير الصلاة، كلما فرغ من الحمد، قال: آمين؟ قال: نعم. "أجزاء من مسائل حرب" ص 181 الفتح على الإمام قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى عن الفتح على الإمام؛ فلم ير به بأسًا. قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل، يقول: لا بأس بتلقين الإمام. قال حرب: سمعت إسحاق، يقول: السنة أنه إذا التبست على الإمام القراءة فسكت، حينئذ يلزم من خلفه تلقينه، فإن كان مترددًا فيها لم يلقنه من خلفه. من زعم أن التلقين كلام فقد أخطأ؛ لأنه قرآن يقرؤه. "أجزاء من مسائل حرب" ص 185 دعاء الإمام بعد التشهد قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا يقول: إن كنت إمامًا فأعمهم بدعائك، فقل: إنا نسألك من الخير كله، فإنه يكره للإمام أن يخص نفسه بالدعاء دون القوم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1885) الدعاء لمن فاته بعض الصلاة مع الإمام بعد التشهد قال حرب: سمعت أحمد يقول في رجل فاته بعض الصلاة مع الإمام، قال: إذا جلس مع الإمام في آخر صلاته، فإنه يردد التشهد ولا يدعو. "مسائل حرب/ مخطوط" (1902) قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى عن الرجل يجيء والإمام جالس فكبر

إذا سلم الإمام قبل أن ينتهي المأموم من صلاته

وجلس، أيتشهد؟ فإن أطال الإمام الجلوس ردد التشهد قبل، فإن تشهد وأطال الإمام: يذكر اللَّه؟ قال: أحب إلى أن يتشهد وإذا قام كبر. "مسائل حرب/ مخطوط" (1903) قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: رجل فاتته بعض الصلاة مع الإمام فلما جلس مع الإمام في آخر صلاته طوّل الإمام التشهد وهذا لم يتم صلاته بعد؟ قال أبو يعقوب: يردد التشهد يعني أنه لا يدعو إلا في آخر صلاته. "مسائل حرب/ مخطوط" (1904) إذا سلم الإمام قبل أن ينتهي المأموم من صلاته قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا سلم الإمام فينبغي لمن خلفه أن يسلموا [اقتداءًا] بالإمام. "مسائل حرب/ مخطوط" (1907) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا كنت مع الإمام فإذا سلم الإمام فسلم عن يمينك وعن يسارك السلام عليكم ورحمة اللَّه، ويرد على الإمام على كل حال. "مسائل حرب/ مخطوط" (1908) الإمام يقوم من تشهده وقد بقي على المأموم شيء منه قال حرب: وسئل أحمد عن الرجل يبقى عليه من تشهده في الركعة الثانية فيقوم الإمام قبل أن يفرغ هذا من تشهده؛ فقال: إنما جعل الإمام ليؤتم به. ثم قال: قال علقمة: إن لنا إمامًا لايتم الركوع والسجود، وأما نحن فنتم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1925) انصراف الإمام إذا سلم قال حرب: سألت أحمد بن حنبل، قلت: الإمام إذا سلم ينصرف عن يمينه أو عن شماله؟ قال: كل هذا جايز. "مسائل حرب/ مخطوط" (1910) قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: الإمام إذا سلم، على أي الشقين يقعد؟ قال: إن شاء عن يمينه، وإن شاء عن يساره، ثم ذكر حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه كان ينصرف يمينه وعن يساره.

فصل أحكام متعلقة بصلاة الجماعة

قلت: إنما ذلك الانصراف! قال: هذا مثله. "مسائل حرب/ مخطوط" (1911) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنبأ مسهر بن عبد الملك قال: أخبرني أبي، عن عبد خير قال: رأيت علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه صلى الغداة فلما سلم انحرف عن يمينه. "مسائل حرب/ مخطوط" (1912) فصل أحكام متعلقة بصلاة الجماعة بمَ يدرك الركوع مع الإمام؟ قال حرب: قلت لأحمد: متى يدرك الرجل الركوع مع الإمام؟ قال: إذا وضع يديه على ركبتيه وركع قبل أن يرفع الإمام رأسه. وقال إسحاق نحو ذلك أيضًا. "أجزاء من مسائل حرب" ص 116 الإمام ينتطر الرجل وهو راكع قال حرب: قيل لأحمد: الإمام يسمع وطي نعل الرجل أينتظره؟ قال: نعم، ما لم يشق على من خلفه. "مسائل حرب/ مخطوط" (2096) حكم سبق المأموم الإمام قال حرب: قلت لأحمد بن حنبل: الرجل يكبر بتكبيرة الافتتاح قبل الإمام؟ قال: هذا ليس مع الإمام. قلت: يعيد الصلاة؟ قال: نعم. "أجزاء من مسائل حرب" ص 103 قال حرب: سألت أحمد بن حنبل، قلت: رجل رفع رأسه قبل الإمام؟ قال: يعود لسجوده حتى يرفع الإمام. "مسائل حرب/ مخطوط" (1869) حال صلاة المسبوق قال حرب: وسمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل، يقول في الرجل يدرك ركعتين من صلاة الظهر مع الإمام، قال: يقرأ فيما يقضي في كل ركعة الحمد وسورة. وإن أدرك ركعة مع الإمام فإنه يقوم فيقرأ الحمد وسورة ثم يجلس، ثم يقوم فيقرأ الحمد

إذا أحدث في الصلاة كيف ينصرف

وسورة ولا يجلس، ثم يقوم فيقرأ الحمد وحدها ثم يجلس. قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى، يقول في رجل تفوته بعض الصلاة مع الإمام، قال: يجعل ما يدرك أول صلاته. قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: رجل أدرك من صلاة الظهر ركعة مع الإمام، كيف يصنع، وما يقرأ فيما أدرك مع الإمام؟ قال: يجعل ما أدرك مع الإمام أول صلاته، فيقرأ في الركعة التي أدرك مع الإمام الحمد وسورة أو آية، ثم إذا قام قرأ الحمد وسورة أو آية ثم يجلس، ثم يقوم فيقرأ في الركعتين الأخريين الحمد في كل ركعة. قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا محمد بن شعيب، عن النعمان بن المنذر، عن مكحول، قال: إذا سبقك الإمام بشيء من الصلاة فما أدركت منها فاجعله أول صلاتك، تقرأ في أولها أم القرآن وسورة بينك وبين نفسك. "أجزاء من مسائل حرب" ص 173 - 174 إذا أحدث في الصلاة كيف ينصرف قال حرب: سألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رجل انتقض عليه الوضوء وهو في الصلاة؛ كيف يتصرف؟ قال: يخرج فيتوضأ وينثني. قلت: يولي وجهه عن القبلة؟ قال: وبدٌ له من ذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (1866) قال حرب: سمعت إسحاق أيضًا يقول: إذا أحدث الرجل وقد صلى ركعة أو ركعتين من رعاف أو قيء، فلينتقل من غير أن يتكلم ثم ليتم ما بقي من صلاته، فإن هو تكلم أعاد الصلاة، وكذلك إذا أحدث من بول أو ريح أو قيء، وإن هو أحدث من بول أو ريح أو قيء وقد صلى ركعة أو ركعتين أعاد الوضوء وبنى على صلاته كل ذلك سواء؛ لأن كلًا عندنا حدث وإن لم يأخذ به بعض أهل الأمصار. "مسائل حرب/ مخطوط" (1868) التطوع في المكان الذي يصلي فيه الفريضة قال حرب: قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يتطوع في مكانه الذي يصلي فيه

حكم تعدد الجماعة في المسجد الواحد

المكتوبة؟ قال: أما الإمام فيكره له ذلك. وكأنه رخص لغير الإمام. "مسائل حرب/ مخطوط" (2022) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: يكره للإمام أن يصلي في المكان الذي صلى فيه الفريضة تطوعًا حتى يتحول منه. "مسائل حرب/ مخطوط" (2023) حكم تعدد الجماعة في المسجد الواحد قال حرب: سمعت أحمد يقول في الرجل يدخل المسجد وقد صلى القوم؛ قال: يجمعون إلا في المسجد الحرام، ومسجد المدينة. "مسائل حرب/ مخطوط" (2084) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا فات الرجل الجماعة مع الإمام في المسجد الجامع أو غيره من المساجد صلى مع أصحابه معًا في الجماعة؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين أبصر رجلًا يصلي وحده فقال: "ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه" فقام رجل فصلى معه فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وهذان جماعة" وفعله بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنس بن مالك وغيره من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، والجماعة أفضل من الواحد. "مسائل حرب/ مخطوط" (2085)

باب الإمامة وأحكامها

باب الإمامة وأحكامها مراتب الأئمة قال حرب: قلت لإسحاق: رجل صلى بقوم، وخلفه من هو أقرأ منه، فقرأ هذا الأمي وغير المعنى وبدل، ولكنه قد قرأ على كل حال؟ قال: صلاة القوم جائزة إذا قرأ. قلت: فإن لم يحسن يقرأ؟ قال: من قرأ خلفه فصلاته جائزة، ومن لم يقرأ خلفه يعيد. قلت: فإنه صلى الظهر ولم تُسمع له قراءة، ونحن لا نشك أنه لا يقرأ؟ قال: صلاة من قرأ خلفه جائزة ومن لم يقرأ يعيد. "أجزاء من مسائل حرب" ص 188 قال حرب: قلت لأحمد: الرجل المتيمم يؤم المتوضئين؟ قال: كان ابن عباس يؤم أصحابه في السفر وهو متيمم. "مسائل حرب/ مخطوط" (661) قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا صلى الإمام وهو على غير وضوء، فإنه يعيد ولا يعيدون. "مسائل حرب/ مخطوط" (1857) قال حرب: وسئل أحمد أيضًا عن إمام صلى بقوم وهو جنب ثم علم بعد ذلك؛ قال: يعيد ولا يعيدون. قلت: فإن ذكر وهو في الصلاة؟ قال: فسدت صلاتهم كلهم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1858) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: إذا صلى الإمام وهو على غير وضوء وهو جنب؛ قال: اجزم الإمام ولم يجزم من خلفه، يعيد ولا يعيدون سنة مسنونة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1859) قال حرب: قيل لأحمد بن حنبل: فالصلاة خلف من عليه جلود ثعالب؟ قال: إذا كان متأولًا، فلا بأس. قال: ويقول قوم: لا بأس أن يستدفئ بها، فأما الصلاة فلا. "مسائل حرب/ مخطوط" (1989) قال حرب: وسئل إسحاق عن الصلاة خلف العبد، قال: لا بأس. قال: وشهادته جائزة إذا كان عدلًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (2006)

الصلاة خلف أهل البدع والرأي

قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا يقول: لا بأس أن يكون الأعرابي أو العبد أو الأعمى أو ولد الزنا إمامًا إذا كان يقيم الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (2007) قال حرب: سألت أحمد بن حنبل، قلت: الرجل يؤم أباه؟ قال: نعم، إذا كان الأب لا يقرأ وكان الابن أقرأ منه، أو نحو ذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (2009) قال حرب: سمعت إسحاق يقول: أحق القوم أن يؤمهم أقرؤهم لكتاب اللَّه وأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (2021) قال حرب: قلت لأحمد: انتهيت إلى مسجد وإمامهم رديء القراءة، فقالوا لي: تقدم؟ قال: إذا كنت أقرأ منه ورضوا بك فتقدم، فإن لم يكن فإمامهم. "مسائل حرب/ مخطوط" (2076) قال حرب: قلت لأحمد: فإمام يكون لحانا؟ قال: إذا لم يغير المعنى. "مسائل حرب/ مخطوط" (2077) قال حرب: قلت لأحمد: الرجل إذا كان في قريته وداره فهو في سلطانه، لا ينبغي لأحد أن يتقدمه إلا بإذنه؟ قال: نعم. "مسائل حرب/ مخطوط" (2079) الصلاة خلف أهل البدع والرأي قال حرب: سألت إسحاق عن الصلاة خلف القدرية؛ قال: لا يصلي خلفه عمدًا وأنت تعلم أنه قدري، فإن صليت جاز ذلك، ولا إعادة عليك -يعني: إذا لم تعلم. "مسائل حرب/ مخطوط" (1967) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: من قال: أنا مؤمن فهو مرجئ. قلت: أتصلي خلفه؟ قال: لا. "مسائل حرب/ مخطوط" (1975) قال حرب: وسئل إسحاق بن إبراهيم عن الرجل يقول: أنا مؤمن حقًا هل يصلى خلفه؟ قال: إن كان داعية لم يصل خلفه. "مسائل حرب/ مخطوط" (1976) قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا معتمر بن سليمان، عن ليث، عن نعيم بن أبي هند قال: قال عمر بن الخطاب كرم اللَّه وجهه: من قال: هو مؤمن فهو

الصلاة خلف من شرب شيء من المسكر

كافر، ومن قال: هو عالم فهو جاهل، ومن قال: هو في الجنة فهو في النار. "مسائل حرب/ مخطوط" (1978) قال حرب: قيل لأحمد بن حنبل: الصلاة خلف رجل يقدم عليًّا على أبي بكر وعمر؟ قال: لا تصلي خلف هذا. "مسائل حرب/ مخطوط" (1979) قال حرب: قلت لأحمد: أفتكره الصلاة خلف أهل البدع كلهم؟ قال: إنهم لا يستوون. ومذهب أبي عبد اللَّه أن لا تصلي خلف أصحاب البدع. "مسائل حرب/ مخطوط" (1983) قال حرب: وسئل إسحاق عن الصلاة خلف أصحاب الرأي؛ قال: إذا كان صالحًا فلا بأس. "مسائل حرب/ مخطوط" (1987) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: سمعت يحيى بن أدم يقول: صليت خلف محمد بن الحسن فأعدت صلاتي من سوء صلاته. "مسائل حرب/ مخطوط" (1988) الصلاة خلف من شرب شيء من المسكر قال حرب: قيل لأحمد بن حنبل: فالصلاة خلف من يشرب المسكر؟ قال: إذا كان يتأول، فلا بأس. "مسائل حرب/ مخطوط" (1993) قال حرب: وسمعت أحمد مرة أخرى سئل عن الصلاة خلف من يشرب المسكر؛ قال: لا. قيل: فخلف من يجالسهم. قال: هو قريب منهم. وقال في الأول: إذا كان يدير الكأس فإنه لا يصلى خلفه. "مسائل حرب/ مخطوط" (1994) قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى قيل: رجل زاره سكران وهو إمام، أيصلي خلفه؟ قال: لا يصلي خلف هذا حتى يتوب. "مسائل حرب/ مخطوط" (1995) قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة، عن النعمان بن سالم، عن أبي نافع، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمر أنه قال: من شرب الخمر فسكر منها لم تقبل له صلاة أربعين ليلة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1996) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: السكران إذا صلى أعاد الصلاة.

من صلى خلف الذمي

قلت: فإنه صلى ومعه عقله ولكنه متغير؟ قال: قال ابن المبارك: إن مضمض وصلى فصلاته جائزة، وإن لم تمضمض أعاد، وذهب أبو يعقوب إلى ذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (1997) قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: كل شراب أسكر كثيره فأصاب منه بعض أعضاء الإنسان لزمه بطهره، وإن شرب منه لم يصلي حتى يمضمض فاه. "مسائل حرب/ مخطوط" (1998) قال حرب: قال إسحاق: وأخبرنا سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل شراب أسكر فهو حرام". "مسائل حرب/ مخطوط" (2002) من صلى خلف الذمي قال حرب: قيل لأحمد: رجل صلى خلف ذمى وهو لا يعلم؟ قال: يعيد الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1962) قال حرب: سمعت أحمد مرة أخرى سئل عن رجل صلى خلف ذمي؟ قال: يعيد الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1963) قال حرب: وسئل إسحاق عن يهودي أمَّ قومًا شهرًا وهم لا يعلمون؟ قال: يؤدب اليهودي ويعيدون الصلاة. قيل: ولا يلزمه الإسلام؟ قال: لا. قيل: فإن أذن، فقال في أذانه: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه؟ قال: لا يلزمه إلا بالاعتقاد. "مسائل حرب/ مخطوط" (1964)

فصل ما جاء في الاستخلاف في الصلاة

فصل ما جاء في الاستخلاف في الصلاة الإمام يحدث في الصلاة فينصرف، كيف يفعل من خلفه؟ قال حرب: وسئل أحمد عن الإمام إذا أحدث وهو راكع، كيف يقدم رجلًا؟ قال: أما أنا فأعجب إليَّ إذا أحدث الإمام في الصلاة، فإنه يُعلم من خلفه يستأنفون الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1863) قال حرب: وسألت إسحاق عن إمام صلى بقوم فانتقض عليه الوضوء فخرج من الصلاة، ولم يقدم رجلًا، كيف يصنع من خلفه؟ قال: إن شاء واصلوا بأن يقدموا رجلًا وإن صلى كل واحد منهم لنفسه بقية صلاتهم جاز، وأحب إليّ أن يقدم الإمام رجلًا، فإن صنع ذلك لما يريد أن يتوضأ فيرجع فيصلي بهم بقية صلاتهم، فإن فعل ذلك لهذا المعنى جاز ذلك، لأن كلًا معمول به. "مسائل حرب/ مخطوط" (1864) قال حرب: وسئل أحمد أيضًا عن إمام صلى بقوم ركعة فذكر أنه على غير وضوء أو رعف؛ قال: يستأنفون الصلاة أحب إلي. قيل: حديث ابن عمر وعلي في الرعاف أنه يبني ما لم يتكلم؟ قال: حديث علي مضطرب، سفيان يقول: عن الحارث عن علي، وشعبة يقول: عن عاصم؟ قال أحمد: أنا اختار أن يستأنفوا الصلاة. فذكر له حديث عمر أنه قال: يعيد ولا يعيدون؟ قال: ليس هذا مثل ذلك؛ لأن عمر كان قد صلى وكان ذلك بكمال الصلاة وهؤلاء لا يتموا الصلاة بعد. "مسائل حرب/ مخطوط" (1865) الإمام يحدث فيقدم من سبقه بركعة قال حرب: سمعت إسحاق ذكر: حدثنا عن الحسن في رجل دخل المسجد وقد سبقه الإمام بركعة فأحدث الإمام فقدم هذا الرجل. قال: يتم بهم صلاتهم ثم يسلم ثم يقوم فيقضي ركعته، ولا تفسد عليه تسليمته صلاته ولا صلاتهم. قلت: أيعجبك هذا وقد بقيت عليه ركعة من صلاته أن يسلم؟ قال: قول إبراهيم أحب إليّ أن يأمرهم فيسلموا، ثم يقوم فيقضي ركعة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1801)

باب صلوات أهل الأعذار

باب صلوات أهل الأعذار فصل صلاة المريض كيف يصلي المريض قال حرب: سألت أبا عبد اللَّه، قلت: أليس يكون المريض رجلاه مما يلي القبلة ووجهه إلى القبلة؟ قال: نعم. قلت: أليس يكبر ويقرأ ونحو ذلك؟ قال: نعم، إذا لم يقدر على الركوع. "مسائل حرب/ مخطوط" (3012) قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: يصلي المريض قائمًا، فإن لم يستطع قائمًا فقاعدًا ويسجد على الأرض، فإن لم يستطع أن يسجد على الأرض يومئ إيماء يجعل السجود أخفض من الركوع، فإن لم يستطع أن يومئ صلى على جنبه، ويروى عن إبراهيم النخعي. وقال بعضهم: يصلي على قفاه ورجلاه فيما يلي القبلة ووجهه مستقبل القبلة، منهم: سعيد بن المسيب، وهذا أحب إلينا. قال: فإن لم يقدر على ذلك بقراءة القرآن ترك القراءة أيضًا وذكر اللَّه لها بما قدر؛ لما جعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك عوضا للصحيح الذي لا يضبط القراءة؛ لأن حكم المريض إنما هو بالركوع والسجود والذكر، فلما أمكن المريض أن يأتي شيئًا من ذلك فلم يأت به فعليه الإعادة إذا علم، ألا ترى أن إجماع أهل العلم للخائف الذي يحضره العدو أنه لا يدع الذكر إذا لم يمكنه الركوع والسجود وغير ذلك وكذلك المريض، فإن لم يقدر على الذكر باللسان ولا بالإيماء بجوارحه أو بحاجبه فصلى بقلبه أجزأه، وإن كان بحضرته من يلقنه الركوع والسجود والمنكرات وغير ذلك فهو أحب إلينا، إذا كان يلقن ذلك. قال: ولا يجوز لأحد من المصلين أن يدع شيئا يقدر عليه في صلاته مما أمر به؛ لما لا يمكنه أن يأتي على كل ما أمر به؛ لأن العذر من اللَّه قد سبق لأهل العذر، ولم يجعل لهم عذر إنما يقدرون عليه لما لا يقدرون عليه. "مسائل حرب/ مخطوط" (3013)

المريض يسجد على الوسادة

المريض يسجد على الوسادة قال حرب: قيل لأحمد: المريض يسجد على الوسادة أو الشيء أو يومئ؟ قال: كل هذا قد جاء، وإن شاء سجد على شيء، وإن شاء أومأ. وسمعته يقول: يسجد على المرفقة. "مسائل حرب/ مخطوط" (3016) قال حرب: وسألت إسحاق عن السجود على المرفقة؛ فقال: الإيماء أحب إليّ. "مسائل حرب/ مخطوط" (3017) كيف يصلي جالسًا قال حرب: وسمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا صلى الرجل جالسًا فإنه يجعل قيامه التربع. قلت: إليه تذهب -يعني: التربيع؟ قال: نعم. قلت: فإذا ركع؟ قال: يثني رجليه. قلت: ولا يركع متربعًا؟ قال: لا. فقلت: فالجلوس؟ قال: يثني رجليه فيجلس عليهما كما يجلس في الصلاة. "مسائل حرب/ مخطوط" (2190) قال حرب: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: إذا صلى الرجل قاعدًا النوافل، فإنهم كانوا يستحبون أن تبدأ فيصلي ركعتين وهو قائم ثم يجلس فيصلي جالسًا. قال: وإذا صلى وهو قاعد جلس فتربع وقرأ وهو متربع ثم ركع وهو متربع، فإذا أراد أن يسجد ثنى على رجليه فسجد ثم جلس. "مسائل حرب/ مخطوط" (2194) قال حرب: ورأيت أحمد أيضًا يصلي جالسًا فجلس مثل جلسته في الصلاة، ولم يتربع ولا جلس مستويًا، ولكن كجلوس في الصلاة للتشهد. "مسائل حرب/ مخطوط" (2198) فضل صلاة القائم على صلاة القاعد قال حرب: سمعت إسحاق بن إبراهيم بقول: بلغنا أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، قد صح ذلك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعليه إجماع أهل العلم،

الإمام يؤم جالسا

ولا ينبغي للرجل الصحيح أن يصلي الفريضة قاعدًا وهو يستطيع القيام، فإن صلى قاعدًا أعاد الصلاة، وإنما قيل: صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم في التطوع، وهم يرجون للمريض إذا صلى قاعدًا لا يستطيع القيام أن يكون له مثل أجر القائم. "مسائل حرب/ مخطوط" (3001) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أنبأ وكيع، عن سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن القاسم بن مخيمرة عن عبد اللَّه بن عمرو عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما أحد من المسلمين يبتلى ببلاء في جسده إلا قال اللَّه لملائكته الذين يحفظنه: اكتبوا لعبدي هذا أحسن ما كان يعمل وهو محبوس في وثاقي ما دام كذلك". "مسائل حرب/ مخطوط" (3005) الإمام يؤم جالسًا قال حرب: قيل لأحمد: الإمام يصلي جالسًا، كيف يصلي من خلفه؟ قال: قد جاء إنهم يصلون بصلاته. قيل: فحديث زائدة! حديث عبيد اللَّه بن عبد اللَّه -يعني: ابن عتبة- عن عائشة رضي اللَّه عنها أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى جالسًا وأبو بكر قائم والناس قيام خلف أبي بكر! قال: هذا ابتداء صلاة أبو بكر، ثم جاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد فجلس، ولو كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ابتدأ الصلاة. أي: كأنه يذهب إلى أنه يصلي خلفه على ما ابتدأ. "مسائل حرب/ مخطوط" (3006) قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: الإمام إذا أصابته علة فصلى بالناس جالسًا هل يصلي من خلفه جلوسًا؟ قال: نعم. راجعته في هذِه المسألة فاستثبته؛ فقال: نعم. "مسائل حرب/ مخطوط" (3008)

باب أحكام المساجد

باب أحكام المساجد الأمر بتوقير المساجد قال حرب: سئل أحمد عن العمل في المسجد نحو الخياط وغيره يعمل؛ فكأنه كرهه ليس بذاك الشديد. "مسائل حرب/ مخطوط" (2069) حكم تحية المسجد عند دخوله قال حرب: قيل لأحمد: الرجل يدخل المسجد وهو على وضوء يصلي ركعتين قبل أن يجلس؟ قال: ما أحسن ذاك! "مسائل حرب/ مخطوط" (2081) قال حرب: وسئل إسحاق عن الرجل يدخل المسجد فيجلس ولا يصلي ركعتين؟ قال: لا بأس. "مسائل حرب/ مخطوط" (2082) فصل: ما يستحب وما يكره من الأفعال في المسجد تشبيك الأصابع قال حرب: ورأيت إسحاق. جالسًا في المسجد يقرأ، وقد شبك أصابعه. "مسائل حرب/ مخطوط" (2109) من بات فوق ظهر المسجد قال حرب: قلت لإسحاق: ينام الرجل مع أهله فوق بيت المسجد؟ قال: لا أحب أن يتخذه مبيتًا ولا مقيلًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (2112) فصل: أحكام تختص بمواضع الصلاة الصلاة بين السواري قال حرب: سئل أحمد عن الصلاة بين السواري، فكرهه. قيل: كثروا أو قلوا إن كانوا قدر عشرة؟ فكرهه. "مسائل حرب/ مخطوط" (2046)

الصلاة في المقصورة

قال حرب: وسئل إسحاق عن الصلاة بين الأساطين، قال: يكره الصف. وذهب إلى أنه لا بأس أن يصلي الرجل وحده. "مسائل حرب/ مخطوط" (2047) قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى بقول: الرجل وحده يصلي بين الأساطين. "مسائل حرب/ مخطوط" (2048) الصلاة في المقصورة قال حرب: وسئل أحمد عن الصلاة في المقصورة؛ فقال: أرجو. "مسائل حرب/ مخطوط" (2050) الصلاة في الأرض السب خة قال حرب: قلت لأحمد: هل بلغك أن أحدًا كره الصلاة في الأرض السبخة؟ قال: لا. الصلاة في أعطان الإبل ومرابض العنم قال حرب: سئل أحمد عن الصلاة في أعطان الإبل؛ فكرهه، وفي الغنم؛ فرخص فيه. "مسائل حرب/ مخطوط" (2054) قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: أنبأ يونس، عن الحسن، عن عبد اللَّه بن مغفل -رضي اللَّه عنه- قال: كنا نؤمر أن نصلي في مرابض الغنم ولا نصلي في أعطان الإبل فإنها خلقت من الشياطين. "مسائل حرب/ مخطوط" (2055) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا محمد بن أبي عدي، عن أشعث، عن الحسن قال: من صلى في أعطان الإبل أعاد الصلاة. "مسائل حرب/ مخ" (2056) الصلاة في أسفل القناة قال حرب: قلت لإسحاق: القنّاء يكون في أسفل القناة فتحضره الصلاة وله أسفل موضع واسع يقدر أن يصلي فيه؟ قال: يصلي أسفل القناة. ورخص فيه. "مسائل حرب/ مخطوط" (2057)

الصلاة في مسجد غصب

الصلاة في مسجد غصب قال حرب: سألت أبا عبد اللَّه قلت: رجل غصب رجلًا أرضًا فبنى منه مسجدًا؟ قال: لا تصلي في هذا المسجد. "مسائل حرب/ مخطوط" (2058) فصل: أحكام تختص ببناء المسجد وترميمه المسجد يبنى على الطريق والقنطرة قال حرب: قلت لأحمد: مسجد بني على الطريق؟ قال: يقلع ويرد الطريق إلى ما كان، حدثنا المسيب بن واضح قال: ثنا ابن المبارك، عن مشعر، عن جامع بن شداد، عن زياد بن جرير قال: سمعت عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- يقول: لا أعرفن أحدًا انتقص من سبل الناس أو من منافعهم شيئًا؛ إلا فعلت وفعلت. "مسائل حرب/ مخطوط" (2061) قال حرب: قلت لأحمد: المسجد يبنى على القنطرة؟ فكرهه وذكر -أراه- عن ابن مسعود كراهته. "مسائل حرب/ مخطوط" (2067) المسجد يخرب فتقلع خشبه ويبنى مكانه آخر قال حرب: قلت لأحمد: رجل بنى مسجدا فأذن فيه ثم قلعوا هذا المسجد وبنوا مسجدًا آخر في مكان آخر ونقلوا خشب هذا المسجد العتيق إلى ذلك المسجد؟ قال: يرمُّوا هذا المسجد الآخر العتيق ولا يعطلوه. قلت: فإذا خرب هذا المسجد يبنى مكانه بيت أو خان للسبيل؟ قال: لا، ولكن يرمُّ ويتعاهد إذا كان قد أذن فيه قبل وصلي. "مسائل حرب/ مخطوط" (2062) قال حرب: وسئل أحمد مرة أخرى، قيل: مسجد عتيق اشتراه رجل فأدخله في مزرعة؟ فقال: لا. وكرهه جدًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (2063) قال حرب: وسألت إسحاق بن إبراهيم قلت: مسجد خرب، هل يبنى مكانه خان للسبيل؟

فضل المسجد العتيق على المحدث

قال: لا هو مسجد أبدًا، إلا أن يكون والي ينظر؛ فإن كان مكانه خان أو غيره مما ينفع المسلمين خيرا لهم فحينئذ يفعل ما هو خير. قلت: فصاحب المسجد له أن يفعل ذلك؟ قال: لا، إلا السلطان. "مسائل حرب/ مخطوط" (2064) قال حرب: قلت لإسحاق: فخان خرب وذهبت منفعتها عن الناس، هل تباع هذِه الخان ويتصدق بثمنها على المساكن؟ قال: لا، إلا أن يكون إمام يرى ما هو أنفع فيغيره. قلت: فإن كان لهذا الخان والٍ أو وصي أو قيم، هل يفعل ذلك؟ قال: لا. "مسائل حرب/ مخطوط" (2065) قال حرب: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: أخبرنا يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: الحصاة إذا أخرجت من المسجد تضج. "مسائل حرب/ مخطوط" (2110) فضل المسجد العتيق على المحدث قال حرب: سألت أحمد بن حنبل قلت: الرجل يكون على باب داره مسجد وهو يؤذن فيه فلا يحضره جماعة إلا رجل أو نحو ذلك؟ قال: إذا كان مسجد عتيق لم يزل فلا أرى بأسًا، وإن كان محدثًا فكأنه أحب إليّ أن يأتي غيره إذا لم يكن جماعة، قال: وكان أنس بن مالك رضي اللَّه عنه يجاوز المساجد المحدثة فيأتي العتيق، وأبو عبد اللَّه استحب ذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (2071) تزيين المسجد قال حرب: سألت إسحاق؛ قلت: فتجصيص المساجد؟ قال: أشد وأشد. (¬1) المساجد لا ينبغي أن يزين إلا بالصلاة والبر. "مسائل حرب/ مخطوط" (2115) ¬

_ (¬1) انظر: "فتح الباري" لابن رجب 3/ 284.

قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا عارم قال: حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي اللَّه عنها أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر ببناء المساجد في الدور، وأمر بها أن تطيب وتنظف. "مسائل حرب/ مخطوط" (2116)

كتاب الصوم

كتاب الصوم من لم يجب عليه الصوم لعذر، ثم زال عذره وقت الصيام قال حرب: وسألت إسحاق: قلت: امرأة طهرت في شهر رمضان بعد الظهر هل تعيد هذا اليوم؟ قال: كلما طهرت بعد طلوع الفجر فعليها قضاء ذلك اليوم؛ لأنها دخلت في النهار وهي حائض فلذلك يلزمها قضاء ذلك اليوم. "أجزاء من مسائل حرب" ص 70 كتاب النكاح باب عشرة النساء الاستتار عند الجماع قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: بلغنا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أتى أهله فليستتر، ولا يتجردا تجرد العيرين، فإنهما إذا فعلا ذلك خرجت الملائكة من بينهما". "مسائل حرب/ مخطوط" (733) العزل قال حرب: سئل أحمد بن حنبل عن العزل؛ فقال: أما الحرة فلا، إلا بإذنها. وقال: إذا أذنت، فلا بأس. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: لا بأس بالعزل، تستأمر الحرة ولا تستأمر الأمة، إلا أن تكون أمة لها زوج، ولا يعزل عنها إلا بأمرها، فأما السرية فلا يستأمرها سيدها، ولا تستأمر مملوكتك. "مسائل حرب/ مخطوط" (460 - 461)

كتاب العدد

كتاب العِدّد عدة المستحاضة قال حرب: سألت أحمد، قلت: امرأة أول ما حاضت استمر بها الدم فطلقها زوجها، كيف تعتد؟ قال: تعتد سنة. يذهب إلى قول سعيد بن المسيب: أن المستحاضة تعتد سنة. قلت: وليس عدتها كاستحاضتها؟ قال: لا. قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، قال: إذا كانت تحيض في الأشهر مرة فعدتها سنة. وقال قتادة: قال عكرمة: هي ريبة. عدتها ثلاثة أشهر. "أجزاء من مسائل حرب" ص 55 الاختلاف في العدة قال حرب: وسئل أحمد بن حنبل -وأنا اسمع- وقيل له: في كم تصدق المرأة في انقضاء العدة؟ قال: في شهر في حديث علي وشريح، إذا قامت البينة، وأصدقها إذا انقضى الشهر في دعوتها بغير بينة بحديث أبي بن كعب: "أن المرأة ائتمنت على فرجها". مذهبه: أنه إذا زاد على شهر ثم ادعت انقضاء العدة صدقها بلا بينة. قال حرب: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: إن رأت الدم بعد طهرها في أدنى من عشرة أيام، فهي مستحاضة، لا يكون الطهر عند عامة أهل العلم أقل من عشرة، وذلك أدنى ما يذكر من طهر النساء. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أخبرني أبي قال: سألت ابن المبارك فقال: إذا رأيت قول سفيان: تصدق المرأة في انقضاء عدتها في شهر. كيف هذا؟ وما معناه؟ قال: جعل ثلاثًا حيضًا وعشرًا طهرًا وثلاثًا حيضًا وعشرًا طهرًا وثلاثًا حيضًا. قال حرب: قال إسحاق: وهذا بناء على ما ذكر عليٌّ وشريح وإبراهيم وعطاء، حيث لم ينكروا انقضاء العدة في شهر، وأن الحيض والطهر يجمعان في شهر ثلاث مرات، إذ لم ينكروا على من ادعت قدر هذا الوقت. وإنما يحقق ذلك سؤالهم

المرأة أن تجيء ببينة من النساء اللاتي يعلمن ذلك، ولو كان ذلك لا يكون بواحدة من النساء لم يحتاجوا أن يسألوها البينة واتهموا في دعواها لنفسها في انقضاء عدتها؛ لأن الاحتياط في انقضاء العدة أكثر الأقراء وما يعرف من الغالب من حيض النساء، كما أن الاحتياط في الصلاة أو في الحيض إذا اختلط عليها، وفي حديث ابن عباس أن حواء دمّاها اللَّه مرتين في الشهر ما يبين أن أدنى الطهر يكون أقل من خمسة عشر يومًا. فقد اخطأ من وقت الخمسة عشر يومًا للنساء كلهن في الطهر وذلك أنهم قالوا: لا يكون الطهر أقل من ذلك لمن لها أقراء معلومة، أو ليس لها أقراء معلومة فكل امرأة أقراؤها معلومة في الأشهر على وقت واحد في حيضها وطهرها فحاضت في شهر ثلاث حيض وتطهر عند كل حيضة، فقد انقضت عدتها يعني إذا كان حيضها وطهرها كذلك، وإنما الاختلاف لمن تزيد أقراؤها وتنقص. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا عيسى بن يونس، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي أن امرأة جاءت إلى علي بن أبي طالب فقالت: إني طلّقت فحضت في شهر ثلاث حيض، فقال عليٌّ لشريح: قل فيها قال: أقول فيها. وأنت شاهد؟ قال: قل فيها، قال: إن جاءت ببطانة من أهلها ممن يرضى دينهن، فقلن: إنها حاضت ثلاث حيضات، طهرت عند كل حيضة صُدّقت. فقال علي: قالون. قال عيسى: بالرومية أصبت. "مسائل حرب/ مخطوط" (1054 - 1058) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا محمد بن بكر قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عزرة عن الحسن العرني أن امرأة طلقها زوجها، فحاضت في خمس وثلاثين ليلة ثلاث حيض، فرفعت إلى شريح، فلم يدر ما يقول فيها، ولم يقل شيئًا، فرفعا إلى علي بن أبي طالب فقال: سلوا عنها جاراتها، فإن كان هكذا حيضها، فقد انقضت عدتها، وإلا فأشهر ثلاثة. "مسائل حرب/ مخطوط" (1061)

باب الاستبراء

باب الاستبراء من موجباب الاستبراء/ حدوث الملك في الأمة قال حرب: قال إسحاق: وكذلك أخبرني الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزهري قال: إذا اشترى جارية ممن تحيض، فارتفعت الحيضة يستبرئها بثلاثة أشهر. "مسائل حرب/ مخطوط" (1206) كتاب اللباس والزينة ما جاء في الختان قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: كان يقال: "الختان سنة للرجال مكرمة للنساء". "مسائل حرب/ مخطوط" (763) قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا محمد بن يزيد، عن سفيان بن حسين، عن يحيى بن مسلم، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس قال: الأقلف لا تقبل له صلاة، ولا تؤكل ذبيحته، ولا تقبل شهادته. "مسائل حرب/ مخطوط" (768) المرء يختن نفسه قال حرب: قلت لاحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم: حديث إبراهيم أنه اختتن بالقدوم؟ قالا: القدوم موضع. "مسائل حرب/ مخطوط" (756) الكبير يسلم يختتن، والعمل إذا أبى الختان قال حرب: وسئل أحمد عن الرجل يسلم كبيرا يختتن؛ قال: نعم، إلا أن يخاف على نفسه الموت، أو نحو ذلك (¬1). قال حرب: قلت لإسحاق: الشيخ الكبير يسلم، هل يختتن؟ قال: لا. قلت لإسحاق: فإن كان شابًا فأسلم، هل يختتن؟ قال: إن أمكنه ذلك، ولا يخشى ¬

_ (¬1) أوردناها في بابها من "الترجل" للخلال (181).

دفن الشعر والأظافر والدم

على نفسه، فليختتن. قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: إذا أدرك الرجل الختان فلم يختتن، فإنه يخشى عليه ما قال ابن عباس، إلا أن يكون أسلم وهو شيخ كبير يخشى على نفسه فحينئذ لا يختتن، وهو في أعماله كمن اختتن؛ لأنه ترك ذلك للعلة. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا معتمر، عن سلم بن أبي الذيال، عن الحسن قال: بلغني أن مسمع بن مالك عمد إلى أشياخ من كسكر ففتشهم فوجدهم ليسوا بمختتنين، فأمر بهم فختنوا في شدة هذا البرد، فمات بعضهم، ولقد أسلم مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الرومي والفارسي والحبشي، فما فتش أحدًا منهم، أو ما بلغني أنه فتش أحدًا منهم. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا معاذ بن معاذ، عن الأشعث، عن الحسن أنه كان لا يرى بأسا للشيخ الكبير يسلم أن لا يختتن، وكان لا يرى بأسًا بإمامته وحجه وذبيحته (¬1). "مسائل حرب/ مخطوط" (757 - 761) دفن الشعر والأظافر والدم قال حرب: سمعت أحمد يقول: يدفن الشعر والإظفار، وإن لم يفعل، لم ير عليه شيئًا. "مسائل حرب/ مخطوط" (771) الرجل ينوره غيره قال حرب: وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: الرجل يدخل الحمام فينوّره صاحب الحمام؟ قال: أكرهه، والفرح خاصة. "مسائل حرب/ مخطوط" (714) الأمة تنور سيدها والزوجة تنور زوجها قال حرب: سألت إسحاق، قلت: الأمة تنور سيدها؟ قال: شديدًا، وذكر عن ¬

_ (¬1) أوردناها كاملة في بابها من "الترجل" للخلال (190).

الأخذ من اللحية

مكحول أن خادمة كانت تنوره. قلت: فالمرأة الحرة تنور زوجها؟ قال: كذلك، ورخص فيه، وذكر إسحاق حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك". "مسائل حرب/ مخطوط" (724) الأخذ من اللحية قال حرب: سئل أحمد عن الأخذ من اللحية؛ قال: كان ابن عمر يأخذ منها ما زاد على القبضة. وكأنه قد ذهب إليه. قيل له: فالإعفاء يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: كأن هذا عنده إعفاء (¬1). "مسائل حرب/ مخطوط" (743) السنة في أخذ الشارب قال حرب: قلت لإسحاق: إحفاء الشارب أحب إليك، أو قصه؟ قال: يحفيه، ولا يستأصله. "مسائل حرب/ مخطوط" (747) قال حرب: سألت إسحاق عن الرجل ينتف شاربه بالمنقاش؛ قال: أخذ الشارب أحب إليّ. قلت لإسحاق: نتف الإبط أحب إليك، أو ينوره. قال: ينتفه إن قدر. "مسائل حرب/ مخطوط" (753) جامع سنن الفطرة قال حرب: وسمعت إسحاق يقول: كان يقال: عشر من السنة: المضمضة، والاستنشاق، والسواك، والفرق، وقص الأظفار، وقص الشارب، ونتف الإبط، وحلق العانة، والختان، والاستنجاء. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أبنا وكيع، عن زكريا بن أبي زائدة، عن مصعب بن شيبة، عن طلق بن حبيب، عن عبد اللَّه بن الزبير، عن عائشة أم المؤمنين -رضي اللَّه عنها-، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "عشر من الفطرة قص الشارب، وقص ¬

_ (¬1) أوردناها في بابها من "الترجل" للخلال (90).

حكم الخضاب

الأظفار، وغسل البراجم، وإعفاء اللحية، والسواك، والاستنشاق، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء" قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن يكون المضمضة. قال أبو القاسم: عن أبي عبيد: انتقاص الماء يعني: غسل الذكر بالماء، وذلك أنه إذا غسله بالماء، انقطع بوله. "مسائل حرب/ مخطوط" (754 - 755) حكم الخضاب قال حرب: قلت لإسحاق: الخضاب أحب إليك، أم البياض؟ قال: الخضاب. "مسائل حرب/ مخطوط" (797) الخضاب بالسواد قال حرب: وسألت إسحاق عن الخضاب بالسواد؟ قال: لا بأس به، إذا لم يغرّ امرأة. "مسائل حرب/ مخطوط" (799)

كتاب الأدب

كتاب الأدب ماذا ينظر الرجل من محارمه قال حرب: وسئل إسحاق عن الرجل يرى شعر ختنته؛ قال: لا يتعمد لذلك. "مسائل حرب/ مخطوط" (785) الرجل ينظر إلى عورة امرأته أو ملك يمينه قال حرب: قلت لإسحاق: الرجل يعري امرأته أو ملك يمينه، فينظر إليها عريانة؟ قال: ترك ذلك أسلم، وإن فعل فليس عليه شيء. "مسائل حرب/ مخطوط" (725) قال حرب: وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: بلغنا أن عائشة قالت: ما رأيت فرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أو ما نظرت إلى فرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قط. قال حرب: قال إسحاق: وإن فعل ذلك أحد فأرجو أن لا يكون به بأس، وترك ذلك أحب إلينا. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أخبرني عبد الصمد بن عبد الوارث، عن حماد ابن سلمة، عن حميد الطويل، عن الحسن بن مسلم، عن مجاهد قال: إنا ننظر إلى الفرج ولكنا لا نطّلع. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا الملائي قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن موسى بن عبيد اللَّه بن يزيد، عن مولاة عائشة، عن عائشة قالت: ما نظرت إلى فرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال حرب: قال أبو يعقوب: وفي قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لمعاوية بن حيدة: "احفظ عورتك إلا من زوجك أو ما ملكت يمينك" دلالة لما وصفنا من الرخصة أخبرنا عيسى بن يونس، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده. قال إسحاق: وبلغنا عن بعض الفقهاء أنهم كانوا يستحيون من اللَّه في ظلمة الليل. "مسائل حرب/ مخطوط" (727 - 731)

النهي عن نوم المرأة مع ابنها في لحاف واحد إذا بلغ

النهي عن نوم المرأة مع ابنها في لحاف واحد إذا بلغ قال حرب: سألت إسحاق عن غلام ابن خمس عشرة سنة ينام مع أمه أو مع جدته في لحاف واحد عريانًا؛ فقال إسحاق: السنة أن لا يباشر الرجل الرجل، ولا المرأة المرأة، وإن كانوا والد وولد، فلهم أن يناموا جميعًا في فراش واحد إلى تمام عشر سنين، فإذا جاوز ذلك، فلا يباشر والد ولده بعد ذلك، إلا وبينهما (. . .) من الهواجس التي تعرض في الصدر، فأما ما دون الست والسبع فلا بأس بمباشرة ابنته وذلك أنها لم تصر في حد شهوة بعد ذلك، فلذلك رخصا فيه. "مسائل حرب/ مخطوط" (789) نظر المرأة لعورة المرأة قال حرب: وسألت إسحاق، قلت: تبيت امرأة عند أمها وأختها، هل تخلع ثيابها؟ قال: يكره ذلك، إلا في بيت زوجها. "مسائل حرب/ مخطوط" (784) النظر إلى البهيمة وهي تلد أو تنزو على أخرى قال حرب: قلت لإسحاق: الرجل ينظر إلى البهيمة وهي تلد؟ قال: لا بأس بذلك. قلت لإسحاق: فالرجل ينظر إلى البهيمة وهي تنزو على البهيمة؟ قال: لا بأس، ليست لها حرمة. البهيمة تنزو على البهيمة قال حرب: وسألت إسحاق عن البهيمة تُنْزا على أمها أو ابنتها؟ قال: لا أعلم اليوم تحريمًا، ولكنه أحسن أن لا تنزأ. قال حرب: سألت عن الحمار ينزأ على الفرس؟ قال: أكرهه أشد الكراهة. "مسائل حرب/ مخطوط" (793 - 795)

أخطاء طباعية واستدراكات

أخطاء طباعية واستدراكات لوحظ الأخطاء الآتية في "الجامع لعلوم الإمام" بعد الطباعة (*) المجلد الخامس صـ 16 / س 17: "بهيمة الأنعام" تعدل: "البهائم".

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وقد تم استدراكها في مواطنها من هذه النسخة الإلكترونية

المجلد السادس

صـ 92 / س 6: "أحمد بن الحسين" تعدل: "أحمد بن الحسن". صـ 168 / س الثاني: "بهيمة الأنعام" تعدل: "البهائم". صـ 169: رواية إسحاق بن منصور رقم (46) في مسألة "الماء المستعمل" تنقل إلى مسألة "الماء المتنجس" صـ 178 من نفس المجلد. صـ 221 / س 10: تزاد "بن الحارث" بعد: "إبراهيم". صـ 221: آخر س: (74، 73) تعدل (74). صـ 372 / س 16: يوضع هامش على "الحارث": هكذا في المطبوع، والصواب: "وأبو الحارث". صـ 441 / س 10: يوضع هامش على "عبد اللَّه": هكذا في المطبوع، والصواب: "أبو عبد اللَّه". صـ 468: مسألة "النفساء إذا رأت النقاء" تنقل إلى فصل: دم النفاس وأحكامه. صـ 480: رواية يعقوب بن بختان من "المغني" 1/ 445 في مسألة "الحامل ترى الدم" تنقل إلى مسألة "متى يثبت للمرأة حكم النفساء" صـ 479. صـ 634: العمود الثاني / س 11: "بهيمة الأنعام" تعدل: "البهائم". المجلد السادس صـ 42 / س 1: "بكر بن محمد بن صدقة" تعدل: "أبو بكر بن محمد بن صدقة". صـ 55 / س 3: يوضع هامش على كلمة "الدراج": هكذا في المطبوع، والصواب: "الدواج"، وهو ضرب من الثياب غليظ. صـ 55 / س 7: (3/ 432) تعدل: (2/ 432). صـ 123 / س الثاني من أسفل: "أن يقرأ: " تعدل: "أن يقرأ، " صـ 134 / س 11: "هشام" تعدل: "هاشم". صـ 137: الآية {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} [يوسف: 84] آية واحدة وليس آيتين كما كتب. صـ 160 / س 1: "إبراهيم الكوفي" تعدل: "أحمد بن إبراهيم الكوفي". صـ 176 / س 1: "بكر بن محمد" تعدل: "أبو بكر بن محمد".

المجلد السابع

صـ 180/ س 16: "بكر بن محمد" تعدل: "أبو بكر بن محمد". صـ 211/ س 1: "المشكاتي" تعدل: "المشكاني". صـ 247/ س 17: "بكر بن محمد بن صدقه" تعدل "بكر بن محمد النسائي". صـ 300/ س 1: "قال العباس النخشبي" تعدل: قال "أبو العباس النخشبي". صـ 373/ س 12: "النفلي" تعدل: "التغلبي". صـ 455: رواية إسحاق بن منصور رقم (163) تنقل: إلى مسألة "التطوع في السفر". (*) صـ 477/ س 1: "أبو الحسين" تعدل: "أبو الحسن". صـ 511: الآية: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]، آية واحدة وليس آيتين كما ورد. صـ 547: هامش مسألة الكوسج رقم (310) يعدل إلى: بياض بمقدار أربع كلمات. صـ 576/ س 21: "حمدان العطار" تعدل: "ابن حمدان العطار". المجلد السابع صـ 43 / س 8: "الباقلاني" تعدل: "القافلاني". صـ 78 /س 15: "وحسان" تعدل: "بن حسان". صـ 111/ س 3: "فيمن زل" تعدل: "في منزل". صـ 130/ س 19: "أن دفنتم رسول اللَّه" تعدل: "أن تحثوا على رسول اللَّه". صـ 131/ س 1: "ما أدناه يا أبتاه إلى جبريل": تعدل: "ما أدناه يا أبتاه، جنة الفردوس ماواه، يا أبتاه إلى جبريل" صـ 131 س 3: يحذف الرقم (87). صـ 479/ س 3: "الهستجاني" تعدل: "الهسنجاني". (**) صـ 552/ س 2: "ابن قتيبة" تعدل: "قتيبة" (**). المجلد الثامن صـ 137/ س 10: "أحمد بن الحسين" تعدل: "الحسن".

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: لم أجدها (**) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذه في مجلد 17 وليس 7

المجلد التاسع

صـ 220: رواية الميموني وبكر بن محمد تنقل إلى صفحة 219 ويعدل مصدرها إلى "شرح العمدة" كتاب الحج 2/ 130. صـ 221 / س 1: "وأبي" تعدل: "أبي" بحذف الواو. صـ 286 / س 18: يوضع هامش على كلمة إبراهيم: أشار محقق الكتاب أنها هكذا في النسختين، وفي "التعليق" للقاضي ابن أبي يعلى: ابن إبراهيم، وهو إسحاق بن إبراهيم بن هانئ. صـ 356 / س 2 من الهامش: "تقم" تعدل: "تقدم". صـ 368 / س 10: "هشام" تعدل: "هاشم". صـ 413: تضاف هذه الرواية إلى مسألة "من يجوز قتله من العدو": قال عصمة بن عصام: سمعت أبا عبد اللَّه قال: لا تقتل النساء في دار الحرب، إلا من قاتل منهن، فإذا قاتلن وحاربن؛ قوتلن، ولا يقتلن صبرًا، يستأنى بهن. "طبقات الحنابلة" 2/ 176 المجلد التاسع صـ 36 / س 8: "الجيلي" تعدل: "الجبلي". صـ 188 / س 6: "الفضل" تعدل: "حفص". صـ 235: هامش (3): "التركذي" تعدل: "الترمذي". صـ 397 / س الأخير: "الفضل" تعدل: "حفص". المجلد العاشر صـ 31: " المروزي" تعدل: "المروذي". صـ 91: (حدثني سمع) يزاد حنبل بعد حدثني. صـ 100 / س 1: "من أوصى له" تعدل "من أوصي له" صـ 137 / س 1: يزاد (قال أبي: ) بعد (قال صالح). صـ 172 / س الأخير: "اليماني" تعدل "اليمامي". صـ 179: هامش (1) "صل" تعدل: "صلى". (*)

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: لم أجدها

المجلد الحادي عشر

صـ 246/ س 16: تزاد حنبل بعد حدثنا. صـ 348: هامش (1) يحذف. المجلد الحادي عشر صـ 102/ س 8: "البرني" تعدل: "البرتي". صـ 103/ س 11: "أرطاه" تعدل: "أرطاة". صـ 103/ س 12: "ردًا ابنته" تعدل: "ردَّ ابنته". صـ 161/ س 2: "فأجله" تعدل: "فيه فأجله". صـ 452/ س 7: "أحمد بن الحسين" تعدل: "أحمد بن الحسن". صـ 478/ س 5: "البزي" تعدل: "البرتي". صـ 499/ س 5: "عمى" تعدل: "عمي". صـ 589/ س الأخير: "وقف بنى" تعدل: "وقف بني". صـ 597/ س الأخير: يوضع هامش على رضا: هكذا في المطبوع ولا يوجد في أصحاب الإمام أحمد من يُسمى بهذا الاسم، ولعله زكريا بن يحيى. المجلد الثاني عشر ص 27/ س 5: "ثولب" تعدل: "الحارث". (*) صـ 58 و 59: تحذف رواية الكوسج (2577) و (2578)؛ لوجودهما في باب استيفاء القصاص فيما دون النفس. صـ 58/ س 18: "بَنَوْرَةٍ" تستبدل بـ "بِنَوْرَة". صـ 64/ س 4: "الجراج" تستبدل بـ "الجراح". صـ 73/ س 7: "أدَّعى" تستبدل بـ "ادَّعى". صـ 73/ س 11: "الخطإ" تستبدل بـ "الخطأ". صـ 89/ س 7: "ثوبان" تعدل: "ثواب". ص 94/ س 20: "أبريق" تعدل: "إبريق". صـ 112/ س 12: قال: قال صالح: تحذف: قال الأولى.

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: لم أجدها

صـ 119/ س 1: "الحسن بن إسحاق" تعدل إلى: "الحسين بن إسحاق". صـ 120/ س 4: "عشام" تعدل: "هشام". صـ 122/ س 11: "قال أبو جعفر" تعدل: "قال جعفر". صـ 147/ س 1: قبل أول كلمة في الصفحة توضع "-الأشهر الحرم-" صـ 153/ س 1: هامش: "عبد الرزاق 1/ 238" تعدل: "عبد الرزاق 10/ 238". صـ 176/ س 1: هامش، "واحدة" تعدل: "واحده". صـ 192/ س 5: "وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد" تعدل: "وقال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد". صـ 193/ س 6: عزو "أحكام أهل الملل" يعدل (794) بدلًا من (793). صـ 195/ س 3: محمد بن أبي عبدة، تعدل: محمد بن أبي عبيد. صـ 204/ س 13: (في ذمي وأخبرني الحسين بن عبد الوهاب قال حدثنا إبراهيم بن هانئ) تحذف. صـ 205/ س 13: (رجلًا من يهوديًّا) تعدل (رجلًا يهوديًّا). صـ 205/ س 13: تحذف كلمة "من" في جملة (صلب عمر رجلًا من يهوديًا). صـ 209/ س الأخير: "فظنته يعني: عن نفسه" تعدل: "فظننته يعني: نفسه" صـ 210/ س 6: "عمروة" تعدل: "عمرو". صـ 215/ س 3: "يهودبًا" تعدل: "يهوديًا" صـ 242/ س 9: تستبدل جملة: (الحسين بن الهشيم) بـ (الحسن بن الهيثم). صـ 243/ س 21: حدثني عصام، تستبدل بـ "حدثني عصمة بن عصام". صـ 244/ س 6: "وقال: سته" تعدل: "وقال ستة". صـ 246/ س 1: "أجتزئ" تعدل: "اجترئ". صـ 286/ س 11: "مصرُّ" تعدل: "مصرٌّ". صـ 298/ س 15: "بكلما" تعدل: "بكل ما". صـ 298/ س 16، "بكلما" تستبدل بـ "بكل ما". صـ 321/ س 15، قال أبي: يرفع عنها اللون الأسود.

المجلد الثالث عشر

صـ 340/ س 8: "الكاهن شرًا والساحر" تعدل: "الكاهن شر أو الساحر" صـ 376/ س 2، "فاغسلوه" تستبدل بـ "فاغمسوه". صـ 385/ س 7، "أبي" تستبدل بـ "أبى". صـ 405/ س 11، "أبا عبد الرحمن" تستبدل بـ "أبا عبد اللَّه". صـ 407/ س 2: "قال قال" تعدل: "قال: قال". صـ 422/ س 8، "غلم" تستبدل بـ "على". صـ 436/ س 16، "الرُّبَّ" إلى "الرُّبِّ". صـ 438/ س 18، "جرش" تستبدل بـ "أهل جرش". صـ 441/ س 11، "الفضوج "إلى "الفضوخ". صـ 446/ س 3، "يسرني" إلى "ما يسرني". صـ 459/ س 2، "الخمر يتخذ خلا" إلى "الخمر يتخذ خلًّا". صـ 481/ س 6: "يصيَّر" تعدل: "يصيّر". صـ 496/ س 9: "فصارت" إلى "فطارت". صـ 558/ س 17، "يا عن عبد الرحمن" تحذف عن. صـ 571/ س 2، "شيئًا لمالكه" تستبدل بـ "سئ المملكة". صـ 592/ س 6، "إنْ اللَّه" تستبدل بـ "إنَّ اللَّه". صـ 607/ س 7، "مسائل الكوج" تستبدل بـ "مسائل الكوسج" صـ 607/ س 8، "منضور" تستبدل بـ "منصور". المجلد الثالث عشر صـ 62/ س 2: "امرًأ" تعدل: "امرَأً". صـ 66/ س 5: "الماخواتى" تعدل: "الماخواني". صـ 73/ س 18، "على" تعدل: "علي". صـ 77/ س 3: (1/ 278، 279) تعدل: (1/ 78). صـ 85/ س 9: "في الكافرين" تعدل: "الكافرون". صـ 174/ س 8، "أبي الخيل" تعدل: "أبي الخليل".

صـ 278 / س 20، "وجه" تستبدل بـ: "وجهه". صـ 291 / س 19، "الفار" تعدل: "الغاز". صـ 326 / س 15، س 18: "بن جريج" تعدل: "ابن جريج". صـ 330 / س 8: "خر بصيصة" تعدل: "خربصيصة" صـ 333 / س 12، "الثمار" تعدل: "التمار". صـ 394: "الترجل" للخلال (179 - 180) تعدل إلى: "الترجل" للخلال (181 - 182).

§1/1