الجامع لعلوم الإمام أحمد - العقيدة

أحمد بن حنبل

جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة لدار الْفَلاح وَلَا يجوز نشر هَذَا الْكتاب بِأَيّ صِيغَة أَو تَصْوِيره PDF إِلَّا بِإِذن خطي من صَاحب الدَّار الْأُسْتَاذ/ خَالِد الرِّبَاط الطبعة الأولى 1430 هـ - 2009 م رقم الْإِيدَاع بدار الْكتب 19194/ 2009 دَار الْفَلاح للبحث العلمي وَتَحْقِيق التراث 18 شَارِع أحمس - حَيّ الجامعة - الفيوم ت: 01000059200 [email protected]

الْجَامِعُ لِعُلوْم الإِمَامِ أَحْمد [3]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قسم العقيدة (1) 1 - كتاب عقيدة أهل السنة والجماعة إجمالًا. 2 - كتاب الإيمان. 3 - كتاب الصفات. 4 - كتاب القرآن كلام اللَّه والرد الجهمية.

كتاب عقيدة أهل السنة والجماعة إجمالا

1 - كتاب عقيدة أهل السنة والجماعة إجمالًا قال أبو القاسم: حدثنا أبو محمد حرب بن إسماعيل قال: هذا مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السُّنة المعروفين بها المقتدى بهم فيها، وأدركتُ من أدركتُ مِنْ علماءِ أهلِ العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها، فمن خالف شيئًا من هذِه المذاهب، أو طعن فيها، أو عاب قائلها فهو مبتدع خارج من الجماعة، زائل عن منهج السنة وسبيل الحق، وهو مذهب أحمد، وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد، وعبد اللَّه بن الزبير الحميدي وسعيد بن منصور، وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا عنهم العلم، فكان من قولهم: الإيمانُ قولٌ وعَمَلٌ ونِيَّةٌ وتمسكٌ بالسنَّةِ، والإيمانُ يزيدُ ويَنْقُصُ، والاستثناء في الإيمان سُنَّة ماضِيةٌ عن العلماءِ، وإذا سُئِلَ الرجل أمؤمن أنت؟ فإنه يقولُ: أنا مؤمنٌ إن شاء اللَّه، أو مؤمنٌ أرجو، أو يقول: آمنتُ باللهِ وملائكتِهِ وكتُبِهِ ورُسُلِهِ، ومَنْ زَعَمَ أن الإيمانَ قولٌ بلا عمل فَهُوَ مُرْجئ، ومَنْ زَعَمَ أنَّ الإيمانَ هو القولُ والأعمالَ شرائع، فهو مُرجئ، وإنْ زعم أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص فهو مُرجئ، وإن قال: إن الإيمانَ يزيد ولا ينقص فقد قال بقول المُرجئة، ومَنْ لَمْ [يَرَ] (¬1) الاستثناء في الإيمان فهو مُرجئ، ومن زعم أن إيمانه كإيمان جبريل أو الملائكة فهو مُرجئ وأخبث من المُرجئ؟ فهو كاذب، ومن زعم أن الناس لا يتفاضلون في ¬

_ (¬1) المثبت من رواية ابن جعفر الإصطخري، الواردة في "طبقات الحنابلة" 1/ 54 - 74 وهي كرواية حرب مع اختلاف يسير، كما صوبنا الأخطاء الواضحة في نسخة حرب.

الإيمان فقد كذب، ومن زعم أن المعرفة تنفع في القلب، وإن لم يتكلم بها فهو جَهْمي، ومن زعم أنه مؤمن عند اللَّه مستكمل الإيمان فهذا من أشنع قول المرجئة وأقبحه. والقدر: خيرُه وشرُّه، وقليله وكثيره، وظاهره وباطنه، وحلوه ومره، ومحبوبه ومكروهه، وحسنه وسيئه، وأوله وآخره من اللَّه تبارك وتعالى، قضاءٌ قضاهُ على عباده، وقَدَرٌ قدّره عليهم لا يعدو أحد منهم مشيئة اللَّه، لا يجاوز قضاءه، بل هم كلهم صائرونَ إلى ما خلقهم له، وواقعون في ما قدّر عليهم لا محالة، وهو عدل منه عز ربنا وجل. والزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وقتل النفس، وأكل المال الحرام، والشرك باللَّه، والذنوب جميعًا، والمعاصي كلها بقضاء وقدر من اللَّه من غير أن يكون لأحد من الخلق على اللَّه حجة، بل للَّه الحجة البالغة على خلقه و {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}. وعلمُ اللَّه ماضٍ في خلقه بمشيئة منه، قد علم من إبليس ومن غيره ممن عصاه -من لدن أن عُصي ربنا تبارك وتعالى إلى أن تقوم الساعة- المعصيةَ وخلقهم لها، وعلم الطاعة من أهل طاعته وخلقهم لها، فكل يعمل لما خُلِقَ له، وصائر إلى ما قُضي عليه وعُلم منه، ولا يعدو أحد منهم قدر اللَّه ومشيئته، واللَّه الفعال لما يريد. فمن زعم أن اللَّه تبارك وتعالى شاء لعباده الذين عصوه الخير والطاعة، وأن العباد شاءوا لأنفسهم الشر والمعصية، فعملوا على مشيئتهم، فقد زعم أن مشيئة العباد أغلب من مشيئة اللَّه تبارك وتعالى ذكره، فأي افتراء على اللَّه أكثر من هذا؟ ! ومن زعم أن أحدًا من الخلق صائر إلى غير ما خلق له، فقد نفى قدرة اللَّه عن خلقه، وهذا إفك على اللَّه وكذب عليه.

ومن زعم أن الزنا ليس بقدر قيل له: أرأيت هذِه المرأة التي حملت من الزنا وجاءت بولد، هل شاء اللَّه أن يخلق هذا الولد؟ وهل مضى هذا في سابق علمه؟ فإن قال: لا. فقد زعم أن مع اللَّه خالقًا، وهذا قول يضارع الشرك بل هو الشرك، ومن زعم أن السرقة، وشرب الخمر، وأكل المال الحرام ليس بقضاء وقدر من اللَّه فقد زعم أن هذا الإنسان قادر على أن يأكل رزق غيره، وهذا القول يضارع قول المجوسية والنصرانية، بل أكل رزقه وقضى اللَّه له أن يأكله من الوجه الذي أكله. ومن زعم أن قتل النفس ليس بقدر من اللَّه فقد زعم أن المقتول مات بغير أجله، فأي كفر باللَّه أوضح من هذا؟ ! بل ذلك كله بقضاء من اللَّه وقدر، وكل ذلك بمشيئته في خلقه وتدبيره فيه، وما جرى في سابق علمه لهم، وهو الحق والعدل يفعلُ ما يريد ومن أقر بالعلم لزمه الإقرار بالقدر، والمشيئة على الصغر والقماءة (¬1)، واللَّه الضار النافع المضل الهادي فتبارك اللَّه أحسن الخالقين. ولا نشهد على أحد من أهل القبلة أنه في النار لذنب عمله ولكبيرة أتى بها، إلا أن يكون في ذلك حديث، فيروى الحديث كما جاء على ما روي ويصدق به ويقبل ويعلم أنه كما جاء، ولا نَنُصُّ الشهادة. ولا نشهد على أحد أنه في الجنة لصلاح عمله أو لخير أتى به إلا أن يكون في ذلك حديث فيروى الحديث كما جاء على ما روي، يصدق به، ويقبل ويعلم أنه كما جاء ولا ننصُّ الشهادة. والخلافة في قريش ما بقي من الناس اثنان، ليس لأحد من الناس أن ¬

_ (¬1) القماءة: بفتح القاف وضمها: الشيء القليل والحقير. "لسان العرب" (قمأ).

ينازعهم فيها، ولا يخرج عليهم، ولا يقر لغيرهم بها إلى قيام الساعة. والجهاد ماض قائم مع الأئمة بروا أو فجروا، ولا يبطله جور جائر، ولا عدل عادل، والجمعة والعيدان والحج مع السلطان وإن لم يكونوا بررة عدولًا ولا أتقياء، ودفع الخراج والصدقات والأعشار والفيء والغنيمة إلى الأمراء عدلوا فيها أم جاروا. والانقياد لمن ولاه اللَّه أمرك لا تنزع يدك من طاعة، ولا تخرج عليه بسيفك حتى يجعل اللَّه لك فرجًا ومخرجًا، وأن لا تخرج على السلطان، وتسمع وتطيع لا تنكث بيعة، فمن فعل ذلك فهو مبتدع مخالف مفارق للجماعة. وإن أمرك السلطان بأمر هو للَّه معصية، فليس لك أن تطيعه البتة، وليس لك أن تخرج عليه ولا تمنعه حقه. والإمساك في الفتنة سنة ماضية واجب لزومها، فإن ابتليت فقدم نفسك ومالك دون دينك، ولا تعن على الفتنة بيد ولا لسان، ولكن اكفف يدك ولسانك وهواك واللَّه المعين. والكف عن أهل القبلة لا نكفر أحدًا منهم بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل، إلا أن يكون في ذلك حديث، فيروى الحديث كما جاء وكما روي، ويصدق به ويقبله ونعلم أنه كما روي نحو ترك الصلاة، وشرب الخمر، وما أشبه ذلك أو ابتدع بدعة ينسب صاحبها إلى الكفر والخروج من الإسلام، واتَّبع الأثر في ذلك ولا تُجاوزه. ولا أحب الصلاة خلف أهل البدع، ولا الصلاة على من مات منهم. والأعور خارج لا شك في ذلك، ولا ارتياب وهو أكذب الكاذبين. وعذاب القبر حق، يسأل العبد عن ربه، وعن نبيه، وعن دينه، ويرى

مقعده من الجنة أو النار. ومنكر ونكير حق، وهما فتانا القبور نسأل اللَّه الثبات. وحوض محمد صلى اللَّه عليه وسلم حق، ترد عليه أمته، وله آنية يشربون بها منه. والصراط حق يوضع في سواء جهنم فيمر الناس عليه، والجنة من وراء ذلك نسأل اللَّه السلامة والجواز. والميزان حق يوزن به الحسنات والسيئات كما شاء اللَّه أن يوزن به. والصور حق ينفخ فيه إسرافيل فيموت الخلق، ثم ينفخ فيه فيقومون لرب العالمين للحساب والقضاء، والثواب والعقاب والجنة والنار. واللوح المحفوظ حق يستنسخ منه أعمال العباد، لما سبقت فيه من المقادير والقضاء. والقلم حق كتب اللَّه به مقادير كل شيء، وأحصاه في الذكر فتبارك ربنا وتعالى. والشفاعة يوم القيامة حق يشفعُ قوم في قوم، فلا يصيرون إلى النار، ويخرج قوم من النار -بعدما دخلوها- بشفاعة الشافعين، ويخرج قوم من النار برحمة اللَّه بعد ما يلبثهم فيها ما شاء اللَّه، وقوم يخلدون في النار أبدًا، وهم أهل الشرك والتكذيب والجحود والكفر باللَّه. ويذبح الموت يوم القيامة بين الجنة والنار، وقد خُلِقَت الجنة وما فيها، وخُلِقَت النار وما فيها خلقهما اللَّه، ثم خلق الخلق لهما لا يفنيان ولا يفنى من فيهما أبدًا، فإن احتج مبتدع زنديق بقول اللَّه تبارك وتعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] وبنحو هذا فقيل له: كل شيء مما كتب اللَّه عليه الفناء والهلاك هالك، والجنة والنار خُلقتا للبقاء لا للفناء، ولا للهلاك وهما من الآخرة لا من الدنيا، والحور العين لا يمتن عند

قيام الساعة، ولا عند النفخة، ولا أبدًا؛ لأن اللَّه تبارك وتعالى خلقهن للبقاء لا للفناء، ولم يكتب عليهن الموت، فمن قال بخلاف ذلك فهو مبتدع مخالف وقد ضل عن سواء السبيل. وخلق اللَّه سبع سماوات بعضها فوق بعض، وسبع أرضين بعضها أسفل من بعض، وبين الأرض العليا والسماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام، وبين كل سماءٍ إلى سماءٍ مسيرة خمسمائة عام، والماء فوق السماء السابعة، وعرش الرحمن فوق الماء، واللَّه تبارك وتعالى على العرش، والكرسي موضع قدميه، وهو يعلم ما في السماوات السبع، وما في الأرضين السبع، وما بينهن، وما تحتهن، وما تحت الثرى، وما في قعر البحار، ومنبت كل شعرة، وكل شجرة، وكل زرع، وكل نبت، ومسقط كل ورقة، وعدد ذلك كله، وعدد الحصا، والرمل والتراب، ومثاقيل الجبال، وقطر الأمطار، وأعمال العباد، وآثارهم، وكلامهم وأنفاسهم، وتمتمتهم، وما توسوس به صدورهم يعلم كل شيء لا يخفى عليه شيء من ذلك، وهو على العرش فوق السماء السابعة، ودونه حجب من نار ونور وظلمة وما هو أعلم بها، فإن احتج مبتدع أو مخالف أو زنديق بقول اللَّه تبارك وتعالى {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16] وبقوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] وبقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7] ونحو ذلك من متشابه القرآن فقل: إنما يعني بذلك العلم؛ لأن اللَّه تبارك وتعالى على العرش فوق السماء السابعة العليا يعلم ذلك كله، وهو بائن من خلقه لا يخلو من علمه مكان، وللَّه عرش، وللعرش حملة يحملونه، وله حدٌّ اللَّه أعلم بحده، واللَّه على عرشه عز ذكره، وتعالى جده، ولا إله غيره. واللَّه تبارك وتعالى سميع لا يشك، بصير لا يرتاب، عليم لا يجهل،

جواد لا يبخل، حليم لا يعجل، حفيظ لا ينسى، يقظان لا يسهو، رقيب لا يغفل، يتكلم ويتحرك، ويسمع ويبصر وينظر، ويقبض ويبسط، ويفرح، ويحب ويكره ويبغض ويرضى، ويسخط ويغضب، ويرحم ويعفو ويغفر، ويعطي ويمنع، وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا كيف شاء وكما شاء، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، وقلوب العباد بين [أصبعين من] أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، ويوعيها ما أراد. وخلق آدم بيده على صورته، والسماوات والأرضون يوم القيامة في كفه وقبضته، ويضع قدمه في جهنم فتزوى، ويخرج قوم من النار بيده، وينظر أهل الجنة إلى وجهه يزورونه فيكرمهم، ويتجلى لهم فيعطيهم، ويُعرض عليه العباد يوم الفصل والدين فيتولى حسابهم بنفسه لا يولي ذلك غيره، عز ربنا وجل وهو على ما يشاء قدير. والقرآن كلام اللَّه تكلم به ليس بمخلوق، فمن زعم أن القرآن مخلوق فهو جهمي كافر، ومن زعم أن القرآن كلام اللَّه ووقف ولم يقل ليس بمخلوق فهو أكفر من الأول وأخبث قولًا، ومن زعم أن ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة والقرآن كلام اللَّه فهو جهمي خبيث مبتدع. ومن لم يكفر هؤلاء القوم ولا الجهمية كلهم فهو مثلهم، وكلم اللَّه موسى وناوله التوراة من يده إلى يده (¬1)، ولم يزل اللَّه متكلمًا عالمًا فتبارك اللَّه أحسن الخالقين. والرؤيا من اللَّه وهي حق إذا رأى صاحبها شيئًا في منامه مما ليس ¬

_ (¬1) قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 12/ 533: وأما قوله: (ناولها بيده إلى يده) فهذا مأثور عن طائفة من التابعين، وهو هكذا عند أهل الكتاب، لكن لا أعلم غير هذا اللفظ مأثورًا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فالمتكلم به إن أراد ما يخالف ذلك فقد أخطأ، واللَّه أعلم.

هو ضغث فقصها على عالم وصدق فيها، وأولها العالم على أصل تأويلها الصحيح، ولم يحرف فالرؤيا وتأويلها حينئذٍ حق، وقد كانت الرؤيا من النبيين وحيًا، فأي جاهل بأجهل ممن يطعن في الرؤيا، ويزعم أنها ليست بشيء، وقد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنَّ رُؤيا المؤمنِ كلامٌ يكلم الربُّ عبده" (¬1)، وقال: "الرُّؤيا من اللَّه" (¬2) وباللَّه التوفيق. ومن السنة الواضحة البينة الثابتة المعروفة ذكر محاسن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كلهم أجمعين، والكف عن ذكر مساوئهم والذي شجر بينهم، فمن سب أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو أحدًا منهم أو طعن عليهم، أو عرض بعيبهم أو عاب أحدًا منهم بقليل أو كثير، أو دق أو جل مما يتطرق إلى الوقيعة في أحد منهم، فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف، لا قبل اللَّه صرفه ولا عدله، بل حبهم سنة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة. وخير الأمة بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أبو بكر، وخيرهم بعد أبي بكر عمر، وخيرهم بعد عمر عثمان. وقال قوم من أهل العلم وأهل السنة: وخيرهم بعد عثمان علي. ووقف قوم على عثمان، وهم خلفاء راشدون مهديون، ثم أصحاب محمد بعد هؤلاء الأربعة خير الناس، لا يجوز لأحد إن يذكر شيئًا من مساوئهم، ولا يطعن على أحد منهم بعيب، ولا ينقص ولا وقيعة، فمن فعل ذلك فالواجب على السلطان تأديبه وعقوبته ليس له أن يعفو بل ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي عاصم في "السنة" (486، 487)، والطبراني في "الكبير" 25/ 338، وفي "مسند الشاميين" 2/ 118 - 119 (1025 - 1026)، والضياء في "المختارة" 8/ 275 (337) من طرق ضعيفة عن عبادة بن الصامت. (¬2) رواه أحمد 5/ 296، والبخاري (3292)، ومسلم (2261) من حديث أبي قتادة.

يعاقبه ثم يستتيبه، فإن تاب قبل منه، وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة ثم خلده الحبس حتى يموت أو يراجع فهذا السنة في أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-. ويعرف للعرب حقها وفضلها وسابقتها ويحبهم لحديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حبُّ العربِ إيمانٌ وبُغضهم نفاق" (¬1) ولا يقول بقول الشعوبية وأراذل الموالي الذين لا يحبون العرب، ولا يقرون لها بالفضل، فإن قولهم بدعة وخلاف. ومَنْ حَرَّمَ المكاسبَ والتجارات وطلب المال من وجهه، فقد جهل وأخطأ وخالف، بل المكاسب من وجوهها حلال قد أحله اللَّه ورسوله، والعلماء من الأمة، فالرجل ينبغي له أن يسعى على نفسه وعياله، ويبتغي من فضل ربه، فإن ترك ذلك على أنه لا يرى الكسب فهو مخالف، وكلُّ أحدٍ أحق بماله الذي ورثه أو استفاده، أو أصابه أو اكتسبه لا كما يقول المتكلمون المخالفون. والدين إنما هو كتاب اللَّه وآثار وسنن وروايات صحاح عن الثقات بالأخبار الصحيحة القوية المعروفة المشهورة، يرويها الثقة الأول المعروف عن الثاني الثقة المعروف، يصدق بعضهم بعضًا حتى ينتهي ذلك إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو أصحاب النبي، أو التابعين، أو تابع التابعين، أو من بعدهم من الأئمة المعروفين المقتدى بهم، المتمسكين بالسنة، ¬

_ (¬1) رواه الطبراني في "الأوسط " 3/ 76 (2537)، والحاكم 4/ 87 من طريق معقل بن مالك، عن الهيثم بن جماز، عن ثابت، عن أنس مرفوعًا. وصحح الحاكم إسناده، وتعقبه الذهبي بأن الهيثم متروك، ومعقل ضعيف. وضعفه أيضًا العراقي في "محجة القرب" ص 84، 227، والهيثمي في "المجمع" 10/ 52. والألباني في "الضعيفة" (1190) وقال: ضعيف جدا.

والمتعلقين بالأثر، الذين لا يُعرفون ببدعة، ولا يُطعَن عليهم بكذب، ولا يُرمَون بخلاف، وليسوا أصحاب قياس ولا رأي، لأن القياس في الدين باطل، والرأي كذلك وأبطل منه، وأصحاب الرأي والقياس في الدين مبتدعة جهلة ضُلّال، إلا أن يكون في ذلك أثر عمن سلف من الأئمة الثقات، فالأخذ بالأثر أولى. ومن زعم أنه لا يرى التقليد، ولا يقلد دينه أحدًا فهذا قولُ فاسقٍ مبتدعٍ عدؤّ للَّه ولرسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولدينه، ولكتابه، ولسنة نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، إنما يريد بذلك إبطال الأثر، وتعطيل العلم، وإطفاء السنة، والتفرد بالرأي والكلام والبدعة والخلاف، فعلى قائل هذا القول لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين، فهذا من أخبث قول المبتدعة، وأقربها إلى الضلالة والردى، بل هو ضلالة، زعم أنه لا يرى التقليد وقد قلد دينه أبا حنيفة وبشرًا المريسي، وأصحابه، فأي عدو لدين اللَّه أعدى ممن يريد أن يطفئ السنن، ويبطل الآثار والروايات، ويزعم أنه لا يرى التقليد وقد قلد دينه من قد سميت لك، وهم أئمة الضلال، ورءوس البدع، وقادة المخالفين فعلى قائل هذا القول غضب اللَّه. فهذِه الأقاويل التي وصفت مذاهب أهل السنة والجماعة، والأثر، وأصحاب الروايات، وحملة العلم الذين أدركناهم وأخذنا عنهم الحديث، وتعلمنا منهم السنن، وكانوا أئمة معروفين ثقات أهل صدق وأمانة يقتدى بهم ويؤخذ عنهم، ولم يكونوا أصحاب بدع ولا خلاف، ولا تخليط وهو قول أئمتهم، وعلمائهم الذين كانوا قبلهم، فتمسكوا بذلك رحمكم اللَّه، وتعلموه وعلموه وباللَّه التوفيق. ولأصحاب البدع نبز وألقاب، وأسماء لا تشبه أسماء الصالحين ولا

الأئمة ولا العلماء من أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-. فمن أسمائهم المرجئة: وهم الذين يزعمون أن الإيمان قول بلا عمل، وأن الإيمان هو القول، والأعمال شرائع، وأن الإيمان مجرد، وأن الناس لا يتفاضلون في الإيمان، وأن إيمانهم وإيمان الملائكة والأنبياء واحد، وأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وأن الإيمان ليس فيه استثناء، وأن من آمن بلسانه ولما يعمل فهو مؤمن حقًّا، وأنهم مؤمنون عند اللَّه بلا استثناء. هذا كله قول المرجئة وهو أخبث الأقاويل وأضله وأبعده من الهدى. والقدرية: هم الذين يزعمون أن إليهم الاستطاعة والمشيئة والقدرة، وأنهم يملكون لأنفسهم الخير والشر والضر والنفع والطاعة والمعصية، والهدى والضلالة، وأن العباد يعملون بدءًا من أنفسهم من غير أن يكون سبق لهم ذلك في علم اللَّه، وقولهم يضارع قول المجوسية والنصرانية وهو أصل الزندقة. والمعتزلة: وهم يقولون قول القدرية ويدينون بدينهم، ويكذبون بعذاب القبر، والشفاعة، والحوض، ولا يرون الصلاة خلف أحد من أهل القبلة، ولا الجمعة إلا من كان على مثل رأيهم وأهوائهم، ويزعمون أن أعمال العباد ليست في اللوح المحفوظ. والبكرية: وهم قدرية، وهم أصحاب الحبة والقيراط، والدانق يزعمون أن من أخذ حبة، أو قيراطًا، أو دانقًا حرامًا فهو كافر، وقولهم يضاهئ قول الخوارج. والجهمية: أعداء اللَّه: وهم الذين يزعمون أن القرآن مخلوق وأن اللَّه لم يكلم موسى، وأن اللَّه لا يتكلم، ولا يرى، ولا يعرف للَّه مكان، وليس للَّه عرش، ولا كرسي، وكلام كثير أكره حكايته، وهم كفار زنادقة

أعداء اللَّه فاحذروهم. والواقفة: وهم الذين يزعمون أنا نقول: إن القرآن كلام اللَّه. ولا نقول: غير مخلوق. وهم شر الأصناف وأخبثها. واللفظية: وهم الذين يزعمون أنا نقول: إن القرآن كلام اللَّه. ولكن ألفاظنا. بالقرآن وتلاوتنا وقراءتنا له مخلوقة، وهم جهمية فساف. والرافضة: الذين يتبرءون من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ويسبونهم وينقصونهم، ويكفرون الأمة إلا نفرًا يسيرًا، وليست الرافضة من الإسلام في شيء. والمنصورية: وهم رافضة أخبث الروافض، وهم الذين يقولون: من قتل أربعين رجلًا ممن خالفهم هَواهم دخل الجنة، وهم الذين يخنقون الناس ويستحلون أموالهم، وهم الذين يقولون: أخطأ جبريل بالرسالة، وهذا الكفر الواضح الذي لا يشوبه إيمان، فنعوذ باللَّه منه. والسبائية: وهم رافضة كذابون، وهم قريب ممن ذكرت مخالفون للأئمة. والرافضة أسوأ أثرًا في الإسلام من أهل الكفر ومن أهل الحرب، وصنف من الرافضة يقولون: عليٌّ في السحاب، ويقولون: عليٌّ يبعث قبل يوم القيامة. وهذا كله كذب وزور وبهتان. والزيدية: وهم رافضة، وهم الذين يتبرؤون من عثمان وطلحة والزبير وعائشة، ويرون القتال مع كل من خرج من ولد علي برًّا كان أو فاجرًا حتى يَغلب أو يُغلب. والخشبية: وهم الذين يقولون قول الزيدية. والشيعة: وهم فيما زعموا ينتحلون حب آل محمد دون الناس، وكذبوا، بل هم خاصة المبغضون لآل محمد. دون الناس، إنما شيعة آل

محمد المتقون أهل السنة والأثر، من كانوا وحيث كانوا، الذين يحبون آل محمد وجميع أصحاب محمد، ولا يذكرون أحدًا منهم بسوء، ولا عيب، ولا منقصة، فمن ذكر أحدًا من أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- بسوء أو طعن عليه بعيب أو تبرأ من أحد منهم، أو سبهم، أو عرض بسبهم وشتمهم فهو رافضي مخالف خبيث ضال. وأما الخوارج: فمرقوا من الدين، وفارقوا الملة، وشردوا على الإسلام، وشذوا عن الجماعة، وضلوا عن سبيل الهدى، وخرجوا على السلطان والأئمة، وسلوا السيف على الأمة، واستحلوا دماءهم وأموالهم، وكفروا من خالفهم إلا من قال بقولهم، وكان على مثل رأيهم، وثبت معهم في دار ضلالتهم، وهم يشتمون أصحابَ محمدٍ وأصهارَه وأختانَه، ويتبرؤون منهم، ويرمونهم بالكفر والعظائم ويرون خلافهم في شرائع الدين وسنن الإسلام، ولا يؤمنون بعذاب القبر، ولا الحوض، ولا الشفاعة، ولا يخرجوا أحدًا من أهل النار، وهم يقولون: من كذب كذبة، أو أتى صغيرة أو كبيرة من الذنوب فمات من غير توبة فهو كافر فهو في النار خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، وهم يقولون بقول البكرية في الحبة والقيراط، وهم قدرية جهمية مرجئة رافضة، ولا يرون جماعة إلا خلف إمامهم، وهم يرون تأخير الصلاة عن وقتها، ويرون الصوم قبل رؤية [الهلال]، والفطر قبل رؤيته، وهم يرون النكاح بغير ولي ولا سلطان، ويرون المتعة في دينهم، ويرون الدرهم بالدرهمين يدًا بيد حلالًا، وهم لا يرون الصلاة في الخفاف، ولا المسح عليها، وهم لا يرون للسلطان عليهم طاعة، ولا لقريش خلافة، وأشياء كبيرة يخالفون فيها الإسلام وأهله، فكفى بقوم ضلالة يكون هذا

رأيهم ومذهبهم ودينهم وليسوا من الإسلام في شيء، وهم المارقة. ومن أسماء الخوارج: الحرورية، وهم أهل حروراء. والأزارقة: وهم أصحاب نافع بن الأزرق، وقولهم أخبث الأقاويل وأبعدها من الإسلام والسُّنة. والنجدية: وهم أصحاب نجدة بن عامر. والإباضية: وهم أصحاب عبد اللَّه بن إباض. والصفرية: وهم أصحاب داود بن النعمان حين قيل له: إنك صفر من العلم. والبهيسية، والميمونية، والخازمية؛ كل هؤلاء خوارج فساق مخالفين للسنة خارجين من الملّة أهل بدعة وضلالة، وهم لصوص قطاع قد عرفناهم بذلك. والشعوبية: وهم أصحاب بدعة يقولون: العرب والموالي عندنا واحد لا يرون للعرب حقًّا، ولا يعرفون لهم فضلًا، ولا يحبونهم، بل يبغضون العرب، ويضمرون لهم الغل والحسد والبغضة في قلوبهم. هذا قول قبيح ابتدعه رجل من أهل العراق، وتابعه نفر يسير فقُتِلَ عليه. وأصحاب الرأي: وهم مبتدعة ضُلّال أعداء السُّنة والأثر، يرون الدين رأيًا وقياسًا واستحسانًا، وهم يخالفون الآثار، ويبطلون الحديث، ويردون على الرسول، ويتخذون أبا حنيفة ومن قال بقوله إمامًا يدينون بدينهم، ويقولون بقولهم، فأي ضلالة أبين ممن قال بهذا أو كان على مثل هذا، يتركُ قولَ الرسول وأصحابه ويتبعُ رأيَ أبي حنيفة وأصحابه، فكفى بهذا غيًّا وطغيانًا وردًّا.

والولاية بدعة والبراءة بدعة، وهم يقولون: نتولى فلانًا ونتبرأ من فلان. وهذا القول بدعة فاحذروه. ومن قال بشيء من هذِه الأقاويل أو رآها، أو صوَّبَها، أو رضيها، أو أحبها فقد خالف السنة، وخرج من الجماعة، وترك الأثر، وقال بالخلاف، ودخل في البدعة، وزل عن الطريق، وما توفيقنا إلا باللَّه عليه توكلنا، وبه استعنا، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه. وقد أحدث أهل الأهواء والبدع والخلاف أسماء شنيعة قبيحة فسموا بها أهل السنة يريدون بذلك عيبهم والطعن عليهم، والوقيعة فيهم، والازدراء بهم عند السفهاء والجهال، فأما المرجئة فإنهم يسمون أهل السنة شكاكًا، وكذبت المرجئة بل هم أولى بالشك وبالتكذيب. وأما القدرية فإنهم يسمون أهل السنة والإثبات مجبرة، وكذبت القدرية، بل هم أولى بالكذب والخلاف ألغوا قدرة اللَّه عن خلقه، وقالوا له ما ليس بأهل له تبارك وتعالى. وأما الجهمية: فإنهم يسمون أهل السنة مشبهة، وكذبت الجهمية أعداء اللَّه بل هم أولى بالتشبيه والتكذيب افتروا على اللَّه الكذب وقالوا على اللَّه الزور والإفك وكفروا في قولهم. وأما الرافضة: فإنهم يسمون أهل السنة ناصبة، وكذبت الرافضة، بل هم أولى بهذا الاسم إذ ناصبوا أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- السب والشتم وقالوا فيهم غير الحق، ونسبوهم إلى غير العدل كذبًا وظلمًا، وجرأة على اللَّه واستخفافًا لحق الرسول، واللَّه أولى بالتغيير والانتقام منهم. وأما الخوارج: فإنهم يسمون أهل السنة والجماعة مرجئة، وكذبت الخوارج، بل هم المرجئة يزعمون أنهم على إيمان دون الناس ومن خالفهم كفار. وأما أصحاب الرأي والقياس: فإنهم يسمون أصحاب السنة نابتة وكذب

أصحاب الرأي أعداء اللَّه، بل هم النابتة تركوا أثر الرسول صلى اللَّه عليه وسلم وحديثه وقالوا بالرأي، وقاسوا الدين بالاستحسان، وحكموا بخلاف الكتاب والسنة، وهم أصحاب بدعة جهلة ضلال طلاب دنيا بالكذب والبهتان. فرحم اللَّه عبدًا قال بالحق، واتبع الأثر، وتمسك بالسنة، واقتدى بالصالحين، وجانب أهل البدع وترك مجالستهم ومحادثتهم أحتسابًا وطلبًا للقربة من اللَّه وإعزاز دينه، وما توفيقنا إلا باللَّه (¬1). "مسائل حرب" ص 355 - 366 قال عبدوس: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل يقول: أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والاقتداء بهم، وترك البدع وكل بدعة فهي ضلالة، وترك الخصومات، والجلوس مع أصحاب الأهواء، وترك المراء والجدال، والخصومات في الدين. والسنة: عندنا آثار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والسنة تفسر القرآن وهي دلائل القرآن. وليس في السنة قياس، ولا تضرب لها الأمثال، ولا تدرك بالعقول، ولا الأهواء إنما هي الاتباع وترك الهوى. ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها: ¬

_ (¬1) ورد في رواية ابن جعفر الإصطخري في "طبقات الحنابلة" 1/ 54 - 74 زيادة في آخرها: اللهم ادحض باطل المرجئة، وأوهن كيد القدرية، وأزل دولة الرافضة، وامحق شبه أصحاب الرأي، واكفنا مؤنة الخارجية، وعجل الانتقام من الجهمية. وقد ذكر الذهبي هذِه الرواية مختصرة في "السير" 11/ 302، 303 عن الإصطخري، وقال إنها منكرة وموضوعة على الإمام. اهـ ولعل الذهبي لم يطلع على هذِه الرواية عند حرب في "مسائله"، وبخاصة أنه مدح "مسائل حرب" 13/ 245 قائلًا. "مسائل حرب" من أنفس كتب الحنابلة.

الإيمان بالقدر خيره وشره، والتصديق بالأحاديث فيه، والإيمان بها لا يقال: لم؟ ولا كيف؟ إنما هو التصديق بها والإيمان بها. ومَنْ لم يعرف تفسير الحديث ويبلغه عقله فقد كُفي ذلك وأحكم له فعليه الإيمان به والتسليم له مثل حديث الصادق المصدوق (¬1) وما كان مثله في القدر. ومثل أحاديث الرؤية كلها، وإن نَبَتْ عن الأسماع واستوحش منها المستمع، فإنما عليه الإيمان بها، وأن لا يرد منها حرفًا واحدًا، وغيرها من الأحاديث المأثورات عن الثقات. لا يخاصم أحدا ولا يناظره، ولا يتعلم الجدلط فإن الكلام في القدر والرؤية والقرآن وغيرها من السنن مكروه منهي عنه، ولا يكون صاحبه -إن أصاب بكلامه السنة- من أهل السنة حتى يدع الجدل ويسلم، وبؤمن بالآثار. والقرآن كلام اللَّه، وليس بمخلوق، ولا تضعف أن تقول: ليس بمخلوق، فإن كلام اللَّه منه وليس ببائن منه، وليس منه شيء مخلوق، وإياك ومناظرة من أحدث فيه ومن قال باللفظ وغيره، ومن وقف فيه فقال: لا أدري، مخلوق أو ليس بمخلوق؟ وإنما هو كلام اللَّه وليس بمخلوق. والإيمان بالرؤية يوم القيامة كما رُوي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الأحاديث الصحاح. وأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد رأى ربه، وأنه مأثور عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صحيح. ¬

_ (¬1) هو ما رواه الإمام أحمد 1/ 382، والبخاري (3208)، ومسلم (2643) من حديث ابن مسعود قال: حدثنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق قال: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا. . " الحديث.

رواه قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس (¬1)، ورواه الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس (¬2)، ورواه علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس (¬3). والحديث عندنا على ظاهره كما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والكلام فيه بدعة، ولكن نؤمن به كما جاء على ظاهره ولا نناظر فيه أحدًا. والإيمان بالميزان كما جاء: "يوزن العبد يوم القيامة فلا يزن جناح بعوضة" (¬4). وتوزن أعمال العباد كما جاء في الأثر. والإيمان به والتصديق به، والإعراض عن من رد ذلك وترك مجادلته. وأن اللَّه تبارك وتعالى يكلم العباد يوم القيامة ليس بينهم، وبينه ترجمان، والإيمان به والتصديق به. والإيمان بالحوض، وأن لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حوضا يوم القيامة ترد عليه أمته، عرضه مثل طوله مسيرة شهر، آنيته كعدد نجوم السماء على ما ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 285 من طريق قتادة به، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رأيت ربي تبارك وتعالى". وروى ابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 479 (272)، والحاكم 1/ 65، من طريق قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس أن اللَّه اصطفى محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- بالرؤية. وصححه الحاكم على شرط البخاري. (¬2) رواه الترمذي (3279)، والنسائي في "الكبرى" 6/ 472 (11537)، وابن أبي عاصم في "السنة" (433)، وابن خزيمة في "التوحيد" (273)، من طريق الحكم به وقال الترمذي: حسن غريب. وصححه الألباني في تخريج أحاديث "السنة". (¬3) رواه الطبراني 12/ 219 (12941) من طريق علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، بلفظ: رأى ربه بفؤاده. . (¬4) رواه البخاري (4729)، ومسلم (2785) من حديث أبي هريرة مرفوعًا "إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند اله جناح بعوضة".

صحت به الأخبار (¬1) من غير وجه. والإيمان بعذاب القبر، وأن هذِه الأمة تفتن في قبورها وتسأل عن الإيمان والإسلام ومن ربه؟ ومن نبيه؟ ويأتيه منكر ونكير كيف شاء اللَّه وكيف أراد. والإيمان به والتصديق به. والإيمان بشفاعة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبقوم يخرجون من النار بعدما احترقوا وصاروا فحمًا، فيؤمر بهم إلى نهر على باب الجنة كما جاء في الأثر (¬2) كيف شاء اللَّه، وكما شاء، إنما هو الإيمان به والتصديق به، والإيمان أن المسيح الدجال خارج مكتوب بين عينيه (كافر) والأحاديث التي جاءت فيه، والإيمان بأن ذلك كائن، وأن عيسى ابن مريم ينزل فيقتله بباب لد. والإيمان قول وعمل يزيد وينقص كما جاء في الخبر: "أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا" (¬3). ومن ترك الصلاة فقد كفر، وليس من الأعمال شيء تركه كفر إلا الصلاة من تركها فهو كافر، وقد أحل اللَّه قتله. وخير هذِه الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان. نقدم هؤلاء الثلاثة كما قدمهم أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يختلفوا في ذلك، ثم بعد هؤلاء الثلاثة أصحاب الشورى الخمس علي بن أبي طالب، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد ¬

_ (¬1) رواه البخاري (6579) ومسلم (2292) من حديث عبد اللَّه بن عمرو. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 16، والبخاري (22)، ومسلم (184). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 250، وأبو داود (4682)، والترمذي (1162) من حديث أبي هريرة. وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الألباني في "الصحيحة" (284).

كلهم يصلح للخلافة وكلهم إمام. ونذهب إلى حديث ابن عمر: كُنّا نَعُدُّ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَيٌّ وَأَصْحابُهُ مُتَوافِرُونَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمانُ ثُمَّ نَسْكُتُ (¬1). ثم من بعد أصحاب الشورى أهل بدر من المهاجرين، ثم أهل بدر من الأنصار من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على قدر الهجرة والسابقة أولًا فأولًا. ثم أفضل الناس بعد هؤلاء: أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، القرن الذي بعث فيهم، كل من صحبه سنة أو شهرا أو يوما أو ساعة أو رآه فهو من أصحابه، له من الصحبة على قدر ما صحبه، وكانت سابقته معه، وسمع منه ونظر إليه نظرة، فأدناهم صحبة هو أفضل من القرن الذين لم يروه، ولو لقوا اللَّه بجميع الأعمال، كان هؤلاء الذين صحبوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ورأوه وسمعوا منه ومن رآه بعينه وآمن به ولو ساعة أفضل بصحبته من التابعين ولو عملوا كل أعمال الخير. والسمع والطاعة للأئمة، وأمير المؤمنين البر والفاجر، ومن ولي الخلافة فاجتمع الناس عليه ورضوا به، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين. والغزو ماض مع الأمراء إلى يوم القيامة البر والفاجر لا يترك، وقسمة الفيء وإقامة الحدود إلى الأئمة ماض ليس لأحدٍ أنْ يطعن عليهم ولا ينازعهم. ودفع الصدقات إليهم جائزة ونافذة، من دفعها إليهم أجزأت عنه برًّا كان أو فاجرًا. وصلاة الجمعة خلفه وخلف من ولَّى جائزة تامة ركعتين، من ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 14، ورواه بنحوه البخاري (3655)، (3698).

أعادهما فهو مبتدع تارك للآثار مخالف للسنة ليس له من فضل الجمعة شيء، إذا لم ير الصلاة خلف الأئمة من كانوا: برهم وفاجرهم، فالسنة أن تصلي معهم ركعتين، من أعادهما فهو مبتدع وتدين بأنها تامة، ولا يكن في صدرك من ذلك شك. ومن خرج على إمام المسلمين، وقد كان الناس اجتمعوا عليه، وأقروا له بالخلافة بأي وجه كان بالرضا أو بالغلبة فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية. ولا يحل قتال السلطان، ولا الخروج عليه لأحد من الناس فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق. وقتال اللصوص والخوارج جائز إذا عرضوا للرجل في نفسه وماله فله أن يقاتل عن نفسه وماله، ويدفع عنها بكل ما يقدر عليه. وليس له إذا فارقوه أو تركوه أن يطلبهم، ولا يتبع آثارهم ليس لأحد إلا للإمام أو ولاة المسلمين إنما له أن يدفع عن نفسه في مقامه ذلك، وينوي بجهده أن لا يقتل أحدًا، فإن أتى عليه في دفعه عن نفسه في المعركة فأبعد اللَّه المقتول، وإن قتل هذا في تلك الحال وهو يدفع عن نفسه وماله رجوت له الشهادة، كما جاء في الأحاديث. وجميع الآثار في هذا: إنما أمر بقتاله ولم يؤمر بقتله ولا اتباعه ولا يُجهز عليه إن صُرع أو كان جريحًا، وإن أخذه أسيرًا فليس له أن يقتله، ولا يقيم عليه الحد ولكن يرفع أمره إلى من ولاه اللَّه فيحكم فيه. ولا يشهد على أحد من أهل القبلة بعمل يعلمه بجنة ولا نار يرجو للصالح ويخاف عليه، ويخاف على المسيء المذنب ويرجو له رحمة اللَّه.

ومن لقي اللَّه بذنب يجب له به النار تائبًا غير مصر عليه، فإن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يتوب عليه ويقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات. ومن لقيه وقد أقيم عليه حد ذلك الذنب في الدنيا، فهو كفارته كما جاء الخبر عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). ومن لقيه مصرًّا غير تائب من الذنوب التي استوجب بها العقوبة، فأمره إلى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، ومن لقيه كافرًا عذبه ولم يغفر له. والرجم حق على من زنا وقد أحصن إذا اعترف أو قامت عليه بينة، وقد رجم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد رجمت الأئمة الراشدون. ومن انتقص أحدا من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أو أبغضه لحدث كان منه، أو ذكر مساوئه كان مبتدعًا حتى يترحم عليهم جميعًا، ويكون قلبه لهم سليمًا. والنفاق: هو الكفر، أن يكفر باللَّه ويعبد غيره، ويظهر الإسلام في العلانية مثل المنافقين الذين كانوا على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وهذِه الأحاديث التي جاءت "ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنافِقٌ" (¬2) هذا على التغليظ، نرويها كما جاءت ولا نفسرها. وقوله: "لا ترجعوا بعدي كفارًا ضلالًا يضرب بعضكم رقاب بعض" (¬3). ومثل: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" (¬4). ¬

_ (¬1) رواه أحمد 5/ 314، والبخاري (6784)، ومسلم (1709) من حديث عبادة. (¬2) رواه أحمد 2/ 536 من حديث أبي هريرة، وهو في "صحيح الجامع" (3043). (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 230، والبخاري (1739) من حديث ابن عباس. ورواه الإمام أحمد 5/ 37، 44، والبخاري (1741)، ومسلم (1679) من حديث أبي بكرة. (¬4) رواه أحمد 5/ 43، والبخاري (31)، (6875)، ومسلم (2888) عن أبي بكرة.

ومثل: "سِبابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتالُهُ كُفْرٌ" (¬1). ومثل: "من قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما" (¬2). ومثل: "كفْرٌ باللَّهِ تبَرُّؤٌ مِنْ نَسَبٍ وَإِنْ دَقَّ" (¬3). ونحوه من الأحاديث مما قد صح وحفظ فإنا نسلم له وإن لم يعلم تفسيرها ولا يتكلم فيه ولا يجادل فيه ولا تفسر هذِه الأحاديث إلا بمثل ما جاءت ولا نردها إلا بأحق منها. والجنة والنار مخلوقتان قد خلقتا كما جاء عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دخلتُ الجنة فرأيت قصرًا" (¬4) و"رأيتُ الكوثر" (¬5). و"اطلعتُ في الجنة فرأيتُ لأهلها كذا واطلعتُ في النار فرأيتُ كذا ورأيتُ كذا" (¬6) فمن زعم أنهما لم تخلقا فهو مكذب بالقرآن وأحاديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا أحسبه يؤمن بالجنة والنار. ومن مات من أهل القبلة موحدًا يصلى عليه ويستغفر له ولا تترك ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 385، والبخاري (48)، ومسلم (64) من حديث ابن مسعود. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 18، والبخاري (6104)، ومسلم (60) من حديث ابن عمر. (¬3) رواه الدارمي في "سننه" 4/ 1891 (2905)، والبزار في "مسنده" 1/ 139 (70)، والطبراني في "الأوسط" 3/ 167 (2818) من حديث أبي بكر الصديق. وفيه السري ابن إسماعيل قال البزار: ليس بالقوي، وقد حدث عنه الزهري وجماعة كثيرة، واحتملوا حديثه اهـ. وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (4485). (¬4) رواه الإمام أحمد 3/ 107، والترمذي (3688) من حديث أنس، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. (¬5) رؤية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للكوثر: رواها أحمد 3/ 103، والبخاري (6581) عن أنس. (¬6) روى الإمام أحمد 4/ 443، والبخاري (3241)، ومسلم (2738) مختصرًا من حديث عمران بن حصين مرفوعًا: "اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء".

الصلاة عليه لذنب أذنبه صغيرًا كان أو كبيرًا وأمره إلى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ (¬1). "شرح أصول الاعتقاد" لللالكائي 1/ 176 - 185 (317) قال الحسن بن إسماعيل الرَّبعي: قال لي أحمد بن حنبل، إمام أهل السنة الصابر تحت المحنة: أجمع تسعون رجلًا من التابعين، وأئمة المسلمين، وأئمة السلف، وفقهاء الأمصار على أن السُّنة التي توفي عليها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أولها: الرضا بقضاء اللَّه، والتسليم لأمره والصبر على حكمه، والأخذ بما أمر اللَّه به، والانتهاء عما نهى عنه، والإيمان بالقدر خيره وشره، وترك المراء والجدال في الدين، والمسح على الخفين، والجهاد مع كل خليفة، بر وفاجر، والصلاة على من مات من أهل القبلة، والإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. والقرآن كلام اللَّه، منزل على قلب نبيه محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- غير مخلوق، من حيثما تُلي، والصبر تحت لواء السلطان على ما كان فيه من عدل أو جور، وأن لا نخرج على الأمراء بالسيف وإن جاروا، وأن لا نُكفر أحدًا من أهل التوحيد، وإن عملوا الكبائر، والكف عما شجر بين أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وأفضل الناس بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ابن عم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والترحم على جميع أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأزواجه وأصهاره، رضوان اللَّه عليهم أجمعين، فهذِه السنة الزموها تسلموا، أخذها هدى وتركها ضلالة (¬2). "طبقات الحنابلة" 1/ 349 ¬

_ (¬1) رواها ابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" 2/ 166 - 174، وابن الجوزي في "مناقب الإمام أحمد" ص 222 - 227. (¬2) رواها ابن الجوزي في "مناقب الإمام أحمد" ص 228.

قال محمد بن حبيب الأندرابي: سمعت أَحْمد بن حَنْبَل يَقُولُ: صِفَةُ المُؤْمِنِ مِنْ أَهْلِ السّنَّة والجَماعَةِ: مَنْ يَشْهَدُ أَنْ لا إله إلَّا اللَّه وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ، وأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُوْلُهُ، وأَقَرَّ بِجَمِيْع ما أَتَتْ بِهِ الأنْبِياءُ والرُّسلُ، وعَقَدَ عَلَيْه على ما أَظْهَرَ، ولَمْ يَشُكَّ في إِيْمانِهِ، وَلَم يُكَفّرْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيْد بِذَنْبٍ، وأَرْجَأَ ما غابَ عَنْهُ مِنَ الأمُورِ إلى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وفَوَّضَ أَمْرَهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ولم يَقْطَعْ بالذُّنُوبِ بالعِصْمَةَ مِنْ عِنْد اللَّه، وعَلِمَ أَنَّ كلَّ شَيءٍ بِقَضاءِ اللَّهِ وقَدَرِهِ، والخَيْرُ والشَّرُّ جَمِيْعًا، ورَجا لمُحْسِنِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتَخَوَّفَ على مُسِيْئِهمْ، ولَمْ يُنْزِلْ أَحَدًا من أُمَّةِ محمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَنَّةً ولا نارًا، بإِحْسانٍ اكتَسَبَهُ ولا بِذَنْبٍ اكتَسَبَهُ، حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الذِي يُنْزِلُ خَلْقَهُ حَيْثُ يَشاءُ، وعَرَفَ حَقَّ السَّلَفِ الذِيْن اختارَهَم اللَّه لِصُحْبَةِ نَبِيّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقَدَّم أَبا بَكْرِ وعُمَر وعُثْمانَ، وعَرَفَ حَقَّ عَلِيِّ بن أَبِي طالبٍ، وطَلْحَةَ، والزُّبَيْرِ، وعَبْدِ الرَّحْمَن بن عَوْفٍ، وسَعْدِ بن أَبِي وَقّاصٍ، وسَعِيْدِ بنِ زيدِ بن عَمرو بن نُفَيْلٍ على سائِرِ الصَّحابة، فإِنَّ هؤلاء التّسْعَة الذِيْنَ كانُوا مَعَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على جَبلِ حِراء، فَقالَ النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اسْكُنْ حِراءُ، فَما عَلَيْكَ إِلّا نَبِيٌّ أَوْ صِدّيق أَوْ شَهِيدٌ" (¬1). والنَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عاشِرُهُمْ، وتَرَحَّمَ عَلى جَمِيْع أَصْحابِ مُحمَّدٍ صغيرِهِم وكَبِيِرِهِم، وحَدّثَ بفَضائِلِهِم، وأَمْسِكَ عَمّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ، وصَلاةُ العِيْدَيْنِ والخَوْفِ والجُمْعَةِ والجَماعاتِ مَعَ كل أَمِيْر بَرٍّ أَوْ فاجِرٍ، والمَسْحُ على الخُفَّيْنِ في السَّفَرِ والحَضَرِ، والقَصْرُ في السَّفَرِ، والقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ وتَنْزِيْلُهُ، وَلَيْسَ بمَخْلُوقٍ. والإيْمانُ قَوْلٌ وعَمَلٌ، يَزِيْدُ ويَنْقُصُ. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 187 - 188، وأبو داود (4648)، والترمذي (3757) وقال: حسن صحيح. من حديث سعيد بن زيد.

والجِهادُ ماضٍ مُنْذُ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى آخرِ عُصْبَةٍ يُقاتِلُون الدَّجّال، لا يَضُرُّهُمْ جَوْرُ جائِر، والشِّراءُ والبَيْعُ حَلال إلى يَوْمِ القِيامَةِ، على حُكْم الكِتابِ والسُّنَّة، والتَّكْبِيْرُ على الجَنائِز أَرْبَعًا، والدُّعاءُ لأئمَّةِ المُسْلِمين بالصَّلاحِ، ولا تَخْرُجْ عَلَيْهِم بسَيْفِكَ، ولا تُقاتِلْ في فِتْنَةٍ، والْزَمْ بَيْتَكَ، والإيْمانُ بعَذابِ القَبْر، والإيْمانُ بمُنْكَرٍ ونَكِيْر، والإيْمانُ بالحَوْضِ والشَّفاعة، والإيْمانُ أَنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ يَرَوْنَ رَبَّهُم تَبارَكَ وتَعالَى، والإيْمانُ أَنَّ المُوحِّدِيْن يَخْرُجُون من النّارِ بعد ما امْتَحَشُوا، كَما جاءَت الأحاديث في هذِه الأشْياء عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نُؤْمِنُ بِتَصْدِيْقها، ولا نَضْرِبُ لَها الأمْثال، هذا ما اجْتَمَعَ عَلَيْهِ العُلَماءُ في جَمِيْعِ الآفاقِ (¬1). "طبقات الحنابلة" 2/ 293 - 295 قال محمد بن عوف الحمصي: أَمْلَى عليَّ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: جاءَ الحديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنَّه قال: "مَنْ لَقِيَ اللَّهَ بِذَنْبٍ يجبُ لَهُ بِهِ النّارُ، تائِبٌ مِنْهُ غيرُ مُصِرٍّ عَلَيْهِ، فإِنَّ اللَّهَ يَتُوْبُ علَيْه، ومَنْ لَقِيَهُ، وقد أُقِيْمَ عَليه حَدُّ ذِلكَ الذَّنْبِ في الدُّنْيا فهو كَفّارَتُهُ" كَما جاءَ الحَدِيْثُ عنْ رَسُوْل اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2)، ومَن لَقِيَهُ مُصِرًّا غيْرَ تائِبٍ مِنَ الذُّنُوْبِ التي قَدْ اسْتَوْجَبَ بِها العُقُوْبَةَ، فأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ، إِنْ شاءَ عَذَّبَهُ وإِنْ شاءَ غَفَرَ لَهُ، إِذا تُوُفِّيَ عَلَى الإسْلامِ والسُّنَّةِ، ومَنْ تَنَقَّصَ أَحَدًا من أَصْحابِ رَسُوْل اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أَو أبغضَه لحَدَثٍ كَان مِنْهُ، أَوْ ذَكَرَ مَساوِيه، كانَ مُبْتَدِعًا، خارجًا عن الجَماعَةِ حَتَّى يَتَرَحَّمَ عَلَيْهِمْ جَمِيْعًا، ويَكُوْن قَلْبُهُ لَهُمْ بأَجْمَعِهِمْ سَلِيْمًا. ¬

_ (¬1) رواها ابن الجوزي في "مناقب الإمام أحمد" ص 214 - 216. (¬2) تقدم تخريجه من حديث عبادة بن الصامت.

والنِّفاقُ: هو الكُفْرُ باللَّهِ أَنْ يَكْفُرَ باللَّهِ ويَعْبُدَ غَيْرَهُ ويُظْهِرَ الإسْلامَ في العَلانِيَةِ مثلُ المُنافِقين الذْيْنَ كانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فمَنْ أَظْهَرَ مِنْهُمُ الكُفْرَ قُتِلَ ولَيْسَ بِمِثْلِ هذِه الأحاديث التِي جاءَتْ: "ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنافِقٌ" هذا علَى التَّغْلِيْظِ، وتُرْوى كَما جاءَتْ، لا يَجُوْزُ لأَحَدٍ أَنْ يُفَسّرَها، وقَوْلُهُ: "لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُم رِقابَ بَعْضٍ" ومثل قوله: "إِذا التَقَى المُسْلِمان بِسَيْفَيْهِما فالْقاتِلُ والْمَقْتُولُ فِي النّارِ" ومثل قوله: "سِبابُ المُسْلِمِ فُسُوق وَقِتالُهُ كُفْرٌ" ومثل قوله: "مَنْ قالَ لِأَخِيهِ يا كَافِرُ فَقَدْ باءَ بِها أَحَدُهُما" ومثل قوله: "كُفْرٌ باللَّه: مَنْ تبَرَّأ مِنْ نَسَبٍ، وإِنْ دَقَّ" ونَحْو هذِه الأحادِيْث، مِمّا قَدْ صَحَّ وحُفِظَ، فَإِنا نُسَلِّم لَها، وإِنْ لَمْ نَعْلَمْ تَفْسِيْرَها، وَلا نَتَكَلَّمُ فِيْها، ولا نُجادِلُ فيها، ولا نُفسِّرُها، ولَكِنّا نَرْويها كَما جاءَتْ، نُؤْمِنُ بِها، ونَعْلَمُ أَنَّها حَق، كَما قالَ رَسُوْلُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونُسَلّمُ بِها ولا نَرُدُّها. ولا نَتْرُكُ الصَّلاةَ عَلَى أَحَدٍ من أَهْلِ القِبْلَة بِذَنْبٍ أَذْنَبَهُ صَغِيْرًا أَوْ كبيرًا، إلَّا أَنْ يَكُوْنَ من أَهْلِ البدَعِ الذيْنَ أَخْرَجَهُمْ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الإسْلامِ؛ القَدَرِيَّهُ، والمُرْجِئَةُ، والرَّافِضَةُ، والجَهْمِيَّةُ، فَقالَ: "لا تُصَلُّوا مَعَهُمْ ولا تُصَلُّوا عَلَيْهِمْ" (¬1)، وكَما جاءَ الحَدِيْثُ عَنْ رسُوْلِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الأحادِيْثِ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي عاصم في "السنة" (328) من حديث جابر مرفوعًا: "إن مجوس هذِه الأمة المكذبون بأقدار اللَّه تعالى .. وإن ماتوا فلا تصلوا عليهم". وحسنه الألباني. وروى الخطيب في "تاريخ بغداد" 13/ 473 من حديث أنس مرفوعًا: "إن اللَّه تعالى اختارني واختار أصحابي وأنه سيجيء في آخر الزمان قوم ينتقصونهم". . ألا ولا تصلوا معهم، ألا ولا تصلوا عليهم". وذكره ابن حبان في "المجروحين" 1/ 187 وقال: وهذا خبر باطل لا أصل له.

الصحِيْحَةِ: أَنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قدْ رَأى رَبَّهُ (¬1)، فَإِنَّه مأثورٌ عن رَسُوْلِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. رَواهُ قَتادَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ. ورَواهُ الحَكَمُ بنُ أَبان العَدَنِيُّ، عن عِكْرمَةَ، عنِ ابن عَبّاسٍ. وَرَواهُ عَليُّ بنُ زيدٍ، عن يُوْسُفَ بنِ مِهْران، عَنْ ابن عَبّاسٍ؛ الإيْمانُ بِذلِكَ، والتَّصْدِيْقُ بِهِ، وأَنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ يَرَوْنَ اللَّهَ عَيانًا، وأَنَّ العبادَ يُوزَنُوْنَ بأَعْمالِهِمْ، فمِنْهُمْ مَنْ لا يَزِنُ جَناحَ بَعُوْضَةٍ، وأَنَّ اللَّهَ تَبارَكَ وتَعالَى يُكَلِّمُ العِبادَ، لَيْسَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُمْ تُرْجُمان. وأَنَّ لِرَسُوْلِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حَوْضًا آنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُوْمِ السَّماءِ. والإيمانُ بِعَذابِ القَبْر وبِفتْنَةِ القَبْر، يُسَأَلُ العَبْدُ عن الإيْمانِ والإِسْلامِ، ومَنْ رَبُّه؟ وما دِيْنُهُ؟ ومَنْ نَبِيُّهُ؟ وبِمُنْكَرٍ ونَكِيْرٍ. والإيْمانُ بِشَفاعَةِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، لقَوْمٍ يَخْرُجُوْنَ مِنَ النّارِ. والإيْمانُ بشَفاعَةِ الشّافِعِيْنَ، وأَنَّ الجَنَّةَ والنّارَ مَخْلُوقَتانِ، قَدْ خُلِقَتا، كَما جَاء الخَبَرُ عَنْ رَسُوْلِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَرَأَيْتُ فِيها قَصْرًا"، و" رَأَيْتُ الكَوْثَرَ"، و"اطَّلَعْتُ في النّارِ فَرَأَيْتُ أَكثر أَهْلِها كذا وكذا"، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُما لَمْ يُخْلَقا فهو مُكَذِّبٌ بِرَسُوْلِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلمِ وبالقُرْآن، كافِرٌ بالجَنَّة وبالنارِ، يُسْتَتابُ، فَإِنْ تابَ وإلَّا قُتِلَ. وأَنَّه إذا لَمْ يَبْقَ لأحَدٍ شَفاعَة قالَ اللَّهُ تَعالَى: أَنا أَرْحَمُ الرّاحِمِيْنَ. فَيُدْخِلُ كَفَّه في جَهَنَّمَ، فيُخْرِجُ مِنْها ما لا يُحْصِيْهِ غَيْرُهُ ولوْ شاءَ أَخْرَجَهُمْ كُلَّهُمْ. وحَدِيْثُ عَبْدِ الرَّحْمَن بن عائش الحَضْرَمِيِّ: "فَوَضَعَ كفَّهُ بينَ كَتِفَيَّ، فَوَجَدْتُ بَرْدَها بَيْنَ ثَدْيَيَّ" (¬2). ¬

_ (¬1) تقدم ص 26. والأحاديث التالية تقدمت أيضًا. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 66، والترمذي (3235) من طريق عبد الرحمن بن عائش عن بعض أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعند الترمذي: عن عبد الرحمن بن عائش، عن مالك بن =

وجَهَنَّمُ لا تَزالُ تَقُوْلُ: {هَلْ مِنْ مَزِيْدٍ} حَتَّى يَأتِيها الرَّبّ تَبارَكَ وتَعالَى، "فَيَضَعُ قَدَمَهُ فِيْها، فَتُزْوى، فَتَقُوْلُ: قَطِ قَطِ، حَسْبِي حَسْبِي" هَكَذا جاءَ الخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). ولا نُنْزِلُ أحَدًا من أهْلِ القِبْلَة جَنَّةً ولا نارًا إلَّا مَنْ شَهِدَ لَهُ رَسُوْلُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالجَنَّة: أَبُو بَكْرٍ، وعُمَرُ وعُثْمانُ، وعَلِيٌّ، وطَلْحَةُ، والزُّبَيْرُ، وعبدُ الرَّحْمَن ابنُ عَوْفٍ، وسَعْدُ بن أَبي وَقّاص، وسَعِيْدُ بنُ زيدٍ بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْل. وأَنَّ آدَم -صلى اللَّه عليه وسلم- خلِقَ على صُوْرَةِ الرَّحْمَن، كَما جاءَ الخَبرُ عَنْ رَسُوْلِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، رَواه ابن عُمَرَ عَنْ رَسُوْلِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2). وكَما صَحَّ الخَبرُ عَنْ رَسُوْلِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّهَ قالَ: "ما مِنْ قَلْبٍ إِلّا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصابِعِ الرَّحْمَنِ" (¬3)، و"كلْتا يَدَيْهِ يَمِينٌ" (¬4) الإيْمانُ بذلِكَ، فَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِذلِكِ، ويَعْلَمْ أَنَّ ذلِكَ حَقٌّ، كَما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو مُكَذّب بِرَسُوْلِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، يُسْتَتابُ فِإِنْ تابَ، وإلَّا قُتِلَ؛ لأنَّ الخَبَرَ قَدْ ¬

_ = يخامر، عن معاذ بن جبل. وقال: هذا حديث حسن صحيح، سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث حسن صحيح اهـ. ورواه الإمام أحمد 1/ 368، والترمذي (3233) من حديث ابن عباس وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (59)، وانظر: "السلسلة الصحيحة" (3169). (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 234، والبخاري (6661)، ومسلم (2848) من حديث أنس. (¬2) رواه ابن أبي عاصم في "السنة" (517)، والطبراني 12/ 430 (13580) من حديث ابن عمر، وضعفه الألباني في "الضعيفة" (1176). ورواه ابن أبي عاصم (518) من حديث ابن عمر بلفظ: "على صورته". ورواه أحمد 2/ 244، ومسلم (2612) من حديث أبي هريرة بلفظ: "إن اللَّه خلق آدم على صورته". (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 168، ومسلم (2654) من حديث عبد اللَّه بن عمرو. (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 160، ومسلم (1827) من حديث عبد اللَّه بن عمرو.

صَحَّ عَنْ رَسُوْلَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَنَّ اللَّهَ لَمّا خَلَقَ آدمَ ضَرَبَ بِيَدِهِ شقَّ آدمَ الأيْمَنَ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ الأخْرى -وكِلْتا يَدَيْهِ يَمِينٌ- عَلَى شقِّ آدمَ الأيْسَرِ، فَقالَ: في الأُوْلَى: من أَهْلِ الجَنَّةِ، وفي الأخْرى: مِنْ أَهْلِ النّارِ" (¬1). والإيْمانُ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ. والإيْمانُ قَوْلٌ وعَمَلٌ، يَزِيْدُ وَينْقُصُ، يَنْقُصُ بقلَّةِ العَمَلِ، وَيزِيْدُ بِكَثْرَةِ العَمَلِ. والقُرآنُ كَلامُ اللَّهِ غيرُ مَخْلُوْقٍ، منْ حَيْثُما سُمِعَ وتُلِيَ، مِنْهُ بَدأ، وإِلَيْهِ يَعُوْدُ. وخَيْرُ النّاسِ بَعْدَ رَسُوْلِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمانُ، ثُم عَلِيٌّ، فَقُلْتُ له: يا أَبا عَبْد اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ يَقُوْلُوْنَ: إِنَّكَ وَقَفْتَ على عُثْمانَ؟ فَقالَ: كَذَبُوا واللَّهِ عَلَيَّ. إِنَّما حَدَّثْتُهُمْ بِحَدِيْثِ ابن عُمَر: كُنا نُفاضِلُ بينَ أَصْحابِ رَسُوْلِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، نَقُوْلُ: أَبُو بكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمانُ، فَيَبْلُغُ النَّبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم فَلا يُنْكِرُهُ (¬2). ولم يَقُلِ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا تُخايرُوا بَعْدَ هؤلاء بينَ أَحَدٍ لَيْسَ لأحَدٍ في ذلِكَ حُجَّةٌ، فَمَنْ وَقَفَ علَى عُثْمانَ وَلَمْ يُربِّعْ بِعَلِيٍّ فَهُوَ عَلَى غيْر السُّنَّةِ يا أَبا جَعْفَر. "طبقات الحنابلة" 2/ 339 - 343 قال عَلِيٌّ عَنِ ابن بَطَّةَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ المُقْرِئُ المَراغِيُّ -بالمَراغَةِ- حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ السَّرَنْدِيبيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى الحافِظُ -المَعْرُوْفُ بابن المُعدِّلِ- حَدَّثَنا أَحْمَدُ بنُ ¬

_ (¬1) رواه بنحوه الإمام أحمد 6/ 441، والبزار في "مسنده" 10/ 78 (4143) من حديث أبي الدرداء، وليس فيه ذكر اليد ولا قوله: "وكلتا يديه يمين"، وزاد الهيثمي في "المجمع" 7/ 185 عزوه للطبراني، وقال: ورجاله رجال الصحيح. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 14، والبخاري (3655) دون قوله: (فيبلغ ذلك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا ينكره)، ورواه بتمامه الحارث في "مسنده" كما في "بغية الباحث" (964)، والطبراني في "الأوسط" 8/ 303 (8702).

محمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ الزَّرَنْدِيُّ قالَ: لَمّا أَشْكَلَ عَلَى مُسَدَّدِ بنِ مُسَرْهَد بن مُسَرْبَلٍ أَمْرُ الفِتْنَةِ، وَما وَقَعَ النّاسُ فيه من الاختلافِ في القَدَرِ، والرَّفْضِ، والاعتِزال، وخَلْقِ القُرآنِ، والإرْجاءِ، كَتَبَ إلى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: اكْتُبْ إِلَيَّ بِسُنَّة رَسُوْلِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: فَلَمّا وَرَدَ كِتابُهُ على أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ: بَكَى وقالَ: إِنّا للَّه وإِنّا إِلَيْهِ راجِعُوْنَ، يَزْعُمُ هذا البَصْرِيُّ، أَنَّه أَنْفَقَ على العِلْمِ مالًا عَظِيْمًا، وهو لا يَهْتَدِي إلى سُنَّةِ رسُوْلِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فَكَتَبَ إِلَيْه: بِسْم اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيْمِ، الحمْدُ للَّهِ الذي جَعَلَ في كلِّ زَمانٍ بَقايا من أَهْلِ العِلْمِ يَدْعُونَ من ضلَّ إلى الهُدى، ويَنْهَوْنَهُ عن الرَّدى، يُحْيُوْنَ بِكِتابِ اللَّهِ تَعالَى المَوْتَى، وبِسُنَّة رَسُوْلِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أَهْلَ الجَهالَةِ والرَّدى، فَكَمْ من قَتيْلٍ لإبْلِيْسَ قَدْ أَحْيَوْهُ! وكَمْ مِنْ ضالٍّ تائِهٍ قَدْ هَدَوْهُ! فَما أَحْسَنَ آثارَهُمْ عَلَى النّاسِ، يَنْفُوْنَ عن دينِ اللَّه تَحْرِيْفَ الغالِيْنَ، وانتِحالَ المُبْطِلِيْنَ، وتَأْوِيْلَ الضَّالِّين الذين عَقَدُوا أَلْوِيَةَ البِدَعِ، وأَطْلَقُوا عَنانِ الفِتْنَةِ، يَقُوْلُوْنَ على اللَّهِ، وفي اللَّه -تَعالَى اللَّه عَمّا يَقُولُ الظّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيْرًا- وفي كِتابِه بِغَيْرِ عَلْمٍ، فَنَعُوذُ باللَّه من كلّ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، وصلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ. أَمّا بَعْدُ: وَفَّقنا اللَّهُ وإِيّاكُمْ لِما فِيْهِ طاعَتُهُ، وجَنَّبَنا وإيّاكُمْ ما فِيْهِ سَخَطُهُ، واسْتَعْمَلَنا وإيّاكُمْ عَمَلَ العارِفِيْنَ بِهِ، الخائِفِيْنَ مِنْهُ، إِنَّه المَسْئُولُ ذلِكَ. أُوصِيْكُمْ ونَفْسِي بِتَقْوى اللَّه العَظِيْمِ، ولُزُوْمِ السُّنَّةِ. فَقَدْ عَلِمْتُمْ ما حَلَّ بِمَنْ خالَفَها، وَما جاءَ فيمن اتَّبَعَها، بَلَعَنا عنْ النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنَّه قالَ: "إنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ العَبْدَ الجَنَّةَ بالسُّنَّةِ يَتَمَسَّكُ بِها" (¬1) فآمُرُكُم أَنْ لا تُؤْثِرُوا عَلَى القُرْآنِ شيْئًا؟ فَإِنَّه كَلامُ اللَّهِ، وما تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ فَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، وَما ¬

_ (¬1) ذكره الشاطبي في "الاعتصام" 1/ 124 وعزاه لابن وهب.

أَخْبَرَ بِهِ عن القُرُوْنِ الماضِيَةِ فَغَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وما في اللَّوْحِ المَحْفُوظِ، وما في المَصاحِفِ وتِلاوَة النّاسِ وكَيْفَما قُرِئَ وكَيْفَما يُوْصَفُ، فَهُو كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَمَنْ قالَ: مَخْلُوقٌ، فهو كافرٌ باللَّه العَظِيْمِ، ومَنْ لَمْ يُكَفِّرْهُ فهو كافِرٌ. ثُمَّ من بَعْدِ كِتابِ اللَّهِ سُنَّةُ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- والحَدِيْث عَنْهُ، وعَن المَهْدِيِّينَ أَصْحابِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، والتَّصديقُ بِما جاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، واتباعُ سُنَّةِ النَّجاةِ، وهي التي نَقَلَها أَهْلُ العلم كابرًا عن كابرٍ. واحْذَرُوا رأَي جَهْمٍ؛ فَإِنَّهُ صاحِبُ رَأْيٍ، وكَلام وخُصُوْمات، فَقَدْ أَجْمَع مَنْ أَدْرَكْنا من أَهْلِ العِلْمِ أَنَّ الجَهْمِيَّة افتَرَقَتْ ثَلاثَ فِرَقٍ؛ فَقالَتْ طائِفة مِنْهُمْ: القُرآنُ كَلامُ اللَّهِ مَخْلُوْق. وقالَتْ طائِفَة: القُرْآنُ كَلامُ اللهِ. وسَكَتَتْ، وهي الواقِفَةُ المَلْعُوْنَةُ، وقالَ بَعْضُهُمْ: أَلْفاظُنا بالقُرآنِ مَخْلُوْقَةٌ. فكلُّ هؤلاء جَهْمِيَّة كُفّار، يُسْتَتابُوْنَ، فَإِنْ تابُوا وإِلا قُتِلُوا. وأَجْمَعَ منْ أَدْرَكْنا مِنْ أَهْل العِلْمِ: أَنَّ مَنْ هذِه مَقالَتُهُ إِنْ لَمْ يَتُبْ لَمْ يُناكَحْ، ولا يَجُوْزُ قَضاؤُه، ولا تُؤْكَّلُ ذَبِيْحَتُهُ. والإيْمانُ: قَوْلٌ وعَمَلٌ، يزيدُ ويَنْقُصُ، زِيادَتُهُ إِذا أَحْسَنْتَ ونُقْصانُهْ إِذا أَسأتَ، ويَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنَ الإيْمانِ إلى الإسْلامِ، وَلا يُخْرِجُهُ مِنَ الإسْلامِ شَيءٌ إلَّا الشِّرْكُ باللَّه العَظِيْمِ، أَو يَرُدُّ فَرِيْضَةً مِنْ فَرائضِ اللَّه جاحِدًا بِها، فإِنْ تَرَكَها كَسَلًا أو تَهاونًا كان في مَشِيْئَةِ اللَّه، إنْ شاءَ عَذَّبَهُ، وإِنْ شاءَ عَفا عَنه. وأَمَّا المُعْتَزِلَةُ المَلْعُوْنَةُ: فَقَدْ أَجْمَعَ مَنْ أَدْرَكْنا من أَهْلِ العِلْمِ أَنَّهُمْ يُكَفِّرُونَ بالذَّنْبِ، ومَنْ كانَ مِنْهُم كَذلِكَ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ آدمَ كانَ كَافِرًا، وأَنَّ إخوةَ يُوْسُفَ حِيْنَ كَذَّبُوا أَباهُم يَعْقُوبَ عليه السلام كانُوا كفّارًا، وأَجْمَعَتْ المُعْتَزِلةُ أَنَّ مَنْ سَرَقَ حَبَّةً فهو كافر، تَبِيْنُ مِنْهُ امرَأَتُهُ، ويَسْتَأْنِفُ الحجَّ إِنْ كانَ حَجَّ، فهؤلاء الذيْنَ

يَقُوْلُونَ بهذِه المَقالَة كفّارٌ، لا يُناكَحُوْنَ وَلا تُقْبَلُ شَهادَتُهُمْ. وأَمَّا الرَّافضَةُ: فَقَدْ أَجْمَعَ مَنْ أَدْركْنا مِنْ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّهُمْ قالُوا: إِنَّ عَلِيَّ ابنَ أَبِي طالبٍ -رضي اللَّه عنه- أَفْضَلُ من أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رضي اللَّه عنه-، وأَنَّ إِسْلامَ عَلِيٍّ كانَ أَقْدَمَ مِنْ إِسْلامِ أَبِي بَكْر فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ عَلِيَّ بنَ أَبي طالبٍ أَفْضَلُ من أَبِي بَكْرٍ قد رَدَّ الكِتابَ والسُّنَّة، لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الفتح: 29] فَقَدَّمَ اللَّه أَبا بَكْرٍ، بعدَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقالَ النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَوْ كنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيْلًا لاتَّخَذْتُ أَبا بَكْرٍ خَلِيْلًا، ولكنَّ اللَّهَ قد اتَّخَذَ صاحِبكُمْ خَلِيْلًا، ولا نَبِيَّ بَعْدِي" (¬1) فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ إِسْلامَ عَلِيٍّ أَقْدَمُ مِنْ إِسْلامِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَدْ كَذَبَ؛ لأنَّ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّه بنُ عُثْمان عَتَيْقُ بنِ أَبِي قُحافَةَ، وهو يَوْمَئِذٍ ابن خَمْسٍ وثَلاثين سَنَةً، وعليُّ ابن سَبْع سِنيْنَ، لم تَجْرِ عليه الأَحْكامُ والفَرائضُ والحُدُوْدُ. ونُؤْمِنُ بالقَضاءِ والقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ، وحُلْوِهِ ومُرِّهِ، وأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الجَنَّةَ قَبْلَ الخَلْقِ، وخَلَقَ لَها أَهْلا، ونَعِيْمُها دائمٌ، ومَنْ زَعَمَ أَنَّه يَبِيْدُ من الجَنَّةِ شَيءٌ فهو كافِر، وخَلَقَ النّارَ قَبْلَ خَلْقِ الخَلْقِ، وخَلَقَ لَها أَهْلًا، وعَذابُها دائمٌ، وأَنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ لا مَحالَةَ، وأَنَّ اللَّه يُخْرِجُ أَقْوامًا من النّارِ بِشَفاعَةِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وسلم. وأَنَّ اللَّهَ كَلَّمَ مُوْسَى عليه السلام، واتَّخذَ إِبْراهِيْمَ خَلِيْلًا. الصِّراطُ حَقٌّ، والمِيْزانُ حَقٌّ، والأنْبِياءُ حَقٌّ، وعَيْسَى ابن مَرْيَمَ رَسُوْلُ اللَّهِ وكَلِمتُهُ. والإيْمانُ بالحَوْضِ والشَّفاعَةِ، والإيْمانُ بمُنْكَرٍ ونكِيْرٍ، وعَذابِ القَبْر، والإيْمان بمَلَكِ المَوْتِ عليه السلام، أَنَّه يَقْبِضُ الأرْواح، ثُمَّ تُرَدُّ في ¬

_ (¬1) رواه أحمد 3/ 18، والبخاري (466)، ومسلم (2382) من حديث أبي سعيد.

الأجْسادِ في القُبُورِ، فيُسْأَلُونَ عَنِ الإيْمانِ والتَّوحِيْدِ، والإيْمانُ بالنَّفْخِ في الصُّورِ، والصُّوْرُ قَرْن يَنْفُخُ فيه إِسْرافِيْلُ، وأَنَّ القَبْرَ الذِيْ بالمَدِيْنَةِ قَبْرُ مُحَمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم- مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وعُمَر، وقُلُوْبُ العَبِادِ بينَ إِصْبعَيْنِ من أَصابعِ الرَّحَمن، والدَّجّالُ خارجٌ في هذِه الأُمَّةِ لا مَحالَةَ، وَينْزلُ عِيْسَى ابن مَرْيَمَ فَيَقْتُلَهُ ببابِ لُدٍّ. وما أَنْكَرتِ العُلَماءُ من الشُّبْهَةِ فهو مُنْكَرٌ، واحْذَرُوا البدَعَ كُلَّها. ولا عَيْنٌ تَطْرِفُ بعْدَ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَيْرًا من أَبِي بَكْرٍ الصِّدِيْقِ -رضي اللَّه عنه-، وَلا بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ عَيْنٌ تَطْرِفُ خَيْرًا من عُمَرَ. ولا بَعْدَ عُمَرَ عَيْنٌ تَطْرِفُ خَيْرًا منْ عُثْمانَ، ولا بَعْدَ عُثْمانَ بنِ عَفّانَ عَيْنٌ تَطْرِفُ خَيْرًا من عَلِيّ بن أَبِي طالبٍ -رضي اللَّه عنهم- أَجْمَعِيْن. قالَ أَحْمَدُ: -هُم واللَّهِ الخُلَفاءُ الرّاشِدُوْنَ المَهْدِيُّونَ- وأَنْ نَشْهَدَ للعَشَرَةِ بالجَنَّةِ، وهم أَبُو بَكْرٍ، وعُمَرُ، وعُثْمانُ، وعليٌّ، وطَلْحَةُ، والزُّبَيْرُ، وسَعْد، وسَعِيْدٌ، وعَبْدُ الرَّحْمَن بنُ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، وأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرّاحِ، ومَنْ شَهِدَ النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَهُ بالجَنَّةِ شَهِدْنا لَهُ بالجَنَّةِ. ورَفْعُ اليَدَيْنِ في الصَّلاةِ زِيادَة في الحَسَناتِ. والجَهْرُ بـ آمين عِنْدَ قَوْل الإمامِ {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] والصَّلاةُ على مَنْ ماتَ مِنْ أَهْلِ هذِه القبْلةِ وحِسابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. والخُرُوجُ مَعَ كلِّ إِمامٍ في غَزْوهِ وحَجهِ، والصَّلاةُ خَلْفَهُمْ صَلاةَ الجُمُعَةِ والعِيْدَيْنِ. والكَفُّ عن مَساوِئ أَصحابِ رَسُوْل اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، تَحَدَّثُوا بِفَضائِلِهِمْ وأَمْسِكُوا عَمّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ. ولا تُشاوِر أحَدًا من أَهْلِ البِدَع فيِ دِيْنِكَ، ولا تُرافِقهُ في سَفَرِكَ.

ولا نِكاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ، وخاطِبٍ، وشاهِديْ عَدْلٍ، والمُتْعَةُ حَرامٌ إِلَى يَوْم القِيامَةِ، ومَنْ طَلَّقَ ثَلاثًا في لَفْظٍ واحِدٍ فَقدْ جَهِلَ، وحَرُمَتْ عَلَيْه زَوْجَتُه، ولا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. والتَّكْبِيْرُ عَلَى الجَنائِزِ أَرْبَعٌ، فَإِنْ كَبَّر خَمْسًا فَكَبِّرْ مَعَهُ. قالَ ابن مَسْعُوْدٍ: كَبِّرْ ما كَبَّر إِمامُكَ (¬1). قال أَحْمَدُ: خالَفِني الشّافِعِيُّ وقال: إِنْ زادَ عَلَى أَرْبَع تَكْبِيْراتٍ أَعادَ الصَّلاةَ، واحْتَجَّ عليَّ بأنَّ النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلَّى على النَّجاشيّ، فكبَّر عليه أربع تكبيرات. والمسح على الخُفَّيْنِ لِلمُسافِرِ ثَلاثَةَ أَيّامٍ ولَيالِيْهِنَّ، وللمُقِيْمِ يَوْمًا ولَيْلَةً. وإذا دَخَلْتَ المَسْجِدَ فَلا تَجْلِسْ حَتَّى تَرْكَعَ رَكْعَتيَنِ تَحيَّةَ المَسْجِدِ. والوَتْرُ رَكْعَةٌ، والإقامَةُ فُرادى. أَحِبُّوا أَهْلَ السُّنَّةِ عَلَى ما كانَ مِنْهُمْ، أَماتنا اللَّهُ وإيّاكُمْ على السُّنَّةِ والجَماعَةِ، ورَزقَنا اللَّهُ وإِيّاكُمْ أتِّباعَ العِلْمِ، ووَفَّقَنا وإِيّاكُم لِما يُحبهَ وَيرْضاهُ (¬2). "طبقات الحنابلة" 2/ 426 - 432 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 496 (11450)، والبيهقي 4/ 37، الطبراني 9/ 321 (9606). وأورده الهيثمي 3/ 32 وعزاه لأحمد، وقال: ورجاله رجال الصحيح. (¬2) رواها ابن الجوزي في "مناقب الإمام أحمد" ص 216 - 222.

كتاب الإيمان

كتاب الإيمان 2 - باب الإيمان قول وعمل قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثني أبو جعفر السويدي، عن يحيى ابن سليم، عن هشام، عن الحسن قال: الإيمان قول وعمل (¬1). "سيرة الإمام أحمد" لصالح ص 81. قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد اللَّه بن يزيد، قال: حدثنا عبد اللَّه بن لهيعة، عن عبد اللَّه بن هبيرة السبئي (¬2)، عن عبيد بن عمير الليثي أنه قال: ليس الإيمان بالتمني، ولكن الإيمان قول يعقل وعمل يفعل (¬3). "سيرة الإمام" لصالح ص 82. قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثني ابن شماس، قال: سمعت يحيى بن سليم، قال: الإيمان قول وعمل (¬4). وروي أن ابن جريج قال: الإيمان قول وعمل. "سيرة الإمام" ص 82. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا ابن شماس قال: وسئل فضيل بن ¬

_ (¬1) رواه حرب من الإمام أحمد في "مسائله" ص 367، وعبد اللَّه عن أبيه في "السنة" 7/ 311 (637)، والخلال في "السنة" 2/ 52 (1207) عن أحمد به. (¬2) في المطبوع: النسائي. (¬3) رواه عبد اللَّه عن أبيه في "السنة" 1/ 317 (639)، ورواه الخلال فى "السنة" 2/ 52 (1212) عن المروذي، عن أحمد به. (¬4) رواه عبد اللَّه عن أبيه في "السنة" 1/ 316 (628، 629)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 37 - 38 (1163) عن المروذي، عن أحمد به.

عياض -وأنا أسمع- عن الإيمان، فقال: الإيمان عندنا داخله وخارجه الإقرار باللسان، والقبول بالقلب، والعمل (¬1). "سيرة الإمام" ص 82. قال صالح: حدثني أبي قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: الإيمان قول وعمل (¬2). "سيرة الإمام" ص 82. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا أبو سلمة الخزاعي، قال: قال مالك وشريك وأبو بكر بن عياش وعبد العزيز بن أبي سلمة وحماد بن سلمة وحماد بن زيد: الإيمان المعرفة والإقرار والعمل (¬3). "سيرة الإمام" ص 82. قال صالح: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن شماس قال: سمعت ابن المبارك، وجرير بن عبد الحميد، ويحيى بن سليم، والنضر بن شميل، وبقية بن الوليد، وأبو إسحاق الفزاري، وإسماعيل بن عياش قالوا: الإيمان قول وعمل (¬4). "سيرة الإمام" ص 82 قال صالح: سُئل أبي -وأنا شاهد- عن قوم لا يعملون ويقولون: متوكلون! قال: هؤلاء مبتدعة. "مسائل صالح" (430) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا سريج بن النعمان، قال: أخبرني ¬

_ (¬1) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 315 - 316 (627)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 37 - 38 (1163)، عن المروذي، عن أحمد به. (¬2) رواه أبو داود عن الإمام أحمد في "مسائله" (1769). (¬3) رواه حرب عن الإمام أحمد في "مسائله" ص 374، ورواه الخلال في "السنة" 1/ 460 (1006) عن أبي النضر إسماعيل بن عبد اللَّه العجلي، عن أحمد به. (¬4) رواه الخلال في "السنة" 2/ 37 - 38 (1163) عن المروذي، عن أحمد به.

عبد اللَّه بن نافع، قال: كان مالك يقول: أنا مؤمن، ويقول: الإيمان قول وعمل (¬1). "مسائل صالح" (839) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: بلغني أن مالك بن أنسٍ وابن جريج وفضيل بن عياضٍ قالوا: الإيمانُ قولٌ وعملٌ (¬2). "مسائل أبي داود" (1760). قال أبو داود: ثنا أحمد قال: ثنا إبراهيم بن شماسٍ قال: سألت بقية ابن الوليد وابن عياشٍ فقالا: الإيمانُ قولٌ وعملٌ. "مسائل أبي داود" (1766) قال أبو داود: ثنا أحمد قال: حدثنا إبراهيم بن شَمّاس قال: سألت أبا إسحاق الفزاري قلت: الإيمان قول وعمل؟ قال: نعم. قال (¬3): وسمعت ابن المبارك يقول: الإيمان قول وعمل (¬4). قال أبو داود: قال أحمدُ: وقال يحيى: الإيمان قولٌ وعملٌ (¬5). "مسائل أبي داود" (1768 - 1769) قال الميموني: وسمعت أبا عبد اللَّه بن حنبل يقول: الإيمان قولٌ وعملٌ، يزيد وينقص. ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 812 (1111) من طريق الفضل بن زياد. (¬2) رواه حرب في "مسائله" ص 367، وزاد فيه: شريكًا، وعبد اللَّه في "السنة" 1/ 317 (638)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 52 (1215) عن المروذي، عن أحمد به. (¬3) أي: إبراهيم. (¬4) رواه عبد اللَّه عن أبيه في "السنة" 1/ 316 (630 - 631) وزاد: والإيمان يتفاضل، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 37 - 38 (1163)، عن المروذي، عن أحمد به. (¬5) رواه حرب عن الإمام أحمد في "مسائله" ص 370.

قالوا له: ونية؟ قال: النية مقدمة في هذا الموضع. "العلل" برواية المروذي وغيره (424) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا إبراهيم بن شماس قال: سمعت جرير بن عبد الحميد يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص. قيل له: كيف تقول أنت؟ قال: أقول: مؤمن إن شاء اللَّه. قال أبو عبد الرحمن (¬1): وقد رأيت إبراهيم ولم أسمع منه أيام أبي كان محبوسًا. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 315 (626) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: قال إبراهيم: وسمعت النضر بن شميل يقول: الإيمان قول وعمل، والإيمان يتفاضل. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 316 (632) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قال إبراهيم: وسألت بقية وابن عياش -يعني إسماعيل- فقالا: الإيمان قول وعمل (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 316 (634) قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي رحمه اللَّه: قال: أخبرت أن فضيل بن عياض قرأ أول الأنفال حتى بلغ {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 4] ثم قال حين فرغ: إن هذِه الآية تخبرك أن الإيمان قول وعمل، وأن المؤمن إذا كان مؤمنًا حقًّا فهو من أهل الجنة، فمن لم يشهد أن المؤمن حقًّا من أهل الجنة فهو شاك في كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مكذب به، أو جاهل لا يعلم، فمن كان على هذِه الصفة فهو مؤمن حقًّا ¬

_ (¬1) أي: عبد اللَّه بن أحمد. (¬2) روى الخلال هذِه الآثار في "السنة" 2/ 37 - 38 (1163)، عن المروذي.

مستكمل الإيمان، ولا يستكمل الإيمان إلا بالعمل، ولن يستكمل عبد الإيمان ولا يكون مؤمنًا حقًا حتى يؤثر دينه على شهوته، ولن يهلك عبد حتى يؤثر شهوته على دينه. يا سفيه ما أجهلك! لا ترضى أن تقول: أنا مؤمن، حتى تقول: أنا مؤمن حقًّا مستكمل الإيمان! واللَّه لا تكون مؤمنًا حقًّا مستكمل الإيمان حتى تؤدي ما افترض اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عليك، وتجتنب ما حرم اللَّه عليك، وترضى بما قسم اللَّه لك، ثم تخاف مع هذا أن لا يقبل اللَّه منك. ووصف فضيل الإيمان بأنه قول وعمل، وقرأ {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] فقد سمى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ دينًا قيمًا بالقول والعمل، فالقول: الإقرار بالتوحيد، والشهادة للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالبلاغ، والعمل: أداء الفرائض واجتناب المحارم، وقرأ {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55)} [مريم: 54، 55]. وقال عَزَّ وَجَلَّ: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى: 13]. فالدين: التصديق بالعمل كما وصفه اللَّه، وكما أمر أنبياءه ورسله بإقامته، والتفرق فيه: ترك العمل، والتفريق بين القول والعمل. قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11] فالتوبة من الشرك جعلها اللَّه قولًا وعملًا، بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة. وقال أصحاب الرأي: ليس الصلاة، ولا الزكاة، ولا شيء من الفرائض من الإيمان، افتراء على اللَّه! وخلافا لكتابه وسنة نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-،

ولو كان القول كما يقولون، لم يقاتل أبو بكر -رضي اللَّه عنه- أهل الردة. وقال الفضيل رحمه اللَّه: يقول أهل البدع: الإيمان: الإقرار بلا عمل، والإيمان واحد، وإنما يتفاضل الناس بالأعمال، ولا يتفاضلون بالإيمان. ومن قال ذلك فقد خالف الأثر ورَدَّ على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قوله؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الإيمان بضع وسبعون شعبة أفضلها: لا إله إلا اللَّه وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" (¬1). وتفسير من يقول: الإيمان لا يتفاضل، يقول: إن الفرائض ليست من الإيمان. فميز أهل البدع العمل من الإيمان، وقالوا: إن فرائض اللَّه ليست من الإيمان. ومن قال ذلك فقد أعظم الفرية، أخاف أن يكون جاحدًا للفرائض، رادًّا على اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أمره. ويقول أهل السنة: إن اللَّه قرن العمل بالإيمان، وإن فرائض اللَّه من الإيمان، قالوا: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} فهذا موصول العمل بالإيمان. ويقول أهل الإرجاء: إنه مقطوع غير موصول. وقال أهل السنة: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [النساء: 124] فهذا موصول. وأهل الإرجاء يقولون: بل هو مقطوع. وقال أهل السنة: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [الإسراء: 19] فهذا موصول، وكل شيء في القرآن من أشباه ذلك، فأهل السنة يقولون: هو موصول مجتمع. وأهل الإرجاء يقولون: هو مقطوع متفرق. ولو كان الأمر كما يقولون ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 414، والبخاري (9)، ومسلم (35) من حديث أبي هريرة.

لكان من عصى وارتكب المعاصي والمحارم لم يكن عليه سبيل، وكان إقراره يكفيه من العمل، فما أسوأ هذا من قول وأقبحه! فإنا للَّه وإنا إليه راجعون. وقال فضيل: أصل الإيمان عندنا وفرعه بعد الشهادة والتوحيد، وبعد الشهادة للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالبلاغ، وبعد أداء الفرائض صدق الحديث، وحفظ الأمانة، وترك الخيانة، والوفاء بالعهد، وصلة الرحم، والنصيحة لجميع المسلمين، والرحمة للناس عامة. قيل له -يعني: فضيلًا-: هذا من رأيك تقوله أو سمعته؟ قال: بل عناه وتعلمناه، ولو لم آخذه من أهل الفقه والفضل لم أتكلم به. وقال فضيل: يقول أهل الإرجاء: الإيمان قول بلا عمل. ويقول الجهمية: الإيمان المعرفة بلا قول ولا عمل. ويقول أهل السنة: الإيمان المعرفة والقول والعمل. فمن قال: الإيمان قول وعمل فقد أخذ بالوثيقة، ومن قال: الإيمان قول بلا عمل فقد خاطر؛ لأنه لا يدري أيقبل إقراره أو يرد عليه بذنوبه. وقال؛ يعني: فضيلا: قد بينت لك إلا أن تكون أعمى. وقال فضيل: لو قال رجل: مؤمن أنت؟ ما كلمته ما عشت. وقال: إذا قلت: آمنت باللَّه فهو يجزيك من أن تقول: أنا مؤمن، وإذا قلت: أنا مؤمن لا يجزيك من أن تقول: آمنت باللَّه؛ لأن آمنت باللَّه أمر، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة: 136]، وقولك: أنا مؤمن تكلف لا يضرك أن لا تقوله، ولا بأس إن قلته على وجه الإقرار، وأكرهه على وجه التزكية. وقال فضيل: سمعت سفيان الثوري يقول: من صلى إلى هذِه القبلة فهو عندنا مؤمن، والناس عندنا مؤمنون بالإقرار والمواريث والمناكحة

والحدود والذبائح والنسك، ولهم ذنوب وخطايا، اللَّه حسيبهم، إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم، ولا ندري ما هم عند اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. وقال فضيل: سمعت المغيرة الضبي يقول: من شك في دينه فهو كافر، وأنا مؤمن -إن شاء اللَّه-. قال فضيل: الاستثناء ليس بشك. وقال فضيل: المرجئة كلما سمعوا حديثًا فيه تخويف قالوا: هذا تهديد، وإن المؤمن يخاف تهديد اللَّه وتحذيره وتخويفه ووعيده، ويرجو وعده، وإن المنافق لا يخاف تهديد اللَّه، ولا تحذيره، ولا تخويفه، ولا وعيده، ولا يرجو وعده. وقال فضيل: الأعمال تحبط الأعمال، والأعمال تحول دون الأعمال. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 374 - 377 (818) قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد: قال جعفر بن محمد: سمعت أبا عبد اللَّه، وسأله رجل خراساني فقال: إن عندنا قومًا يقولون: الإيمان قول بغير عمل. وقوم يقولون: قول وعمل. فقال: ما يقرؤون من كتاب اللَّه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]. "السنة" للخلال 1/ 467 (1037) قال الخلال: أخبرنا محمد بن المنذر بن عبد العزيز، قال: ثنا أحمد ابن الحسن الترمذي، قال: أملى علينا أبو عبد اللَّه: من فلان بن فلان إلى فلان بن فلان، سلام عليك، فإني أحمد إليك اللَّه الذي لا إله إلا هو، وأسأله أن يصلي على محمد عبده ورسوله. أما بعد: أحسن اللَّه إليك في الأمور كلها، وسلَّمك وإيانا من السوء كله برحمته، أتاني كتابك، والذي أنهيت إلي فيه، فنسأل اللَّه التوفيق لنا ولك بالذي يحب ويرضى.

أما ما ذكرت من قول من يقول: إنما الإيمان قول؟ هذا قول أهل الإرجاء، قول محدث، لم يكن عليه سلفنا ومن نقتدي به، وقد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ممّا يقوِّي أن الإيمان قول وعمل، ثم ذكر حديث ابن عباس في وفد عبد القيس (¬1)، وحديث الحسن بن موسى، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا أسامة بن زيد، عن ابن شهاب، عن حنظلة بن علي بن الأسقع، أن أبا بكر بحث خالد بن الوليد، وأمره أن يقاتل الناس على خمس، فمن ترك واحدة من خمس فقاتله عليها كما تقاتل على الخمس: شهادة أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان (¬2). "السنة" للخلال 2/ 14 - 15 (1101) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قال لي أبو عبد اللَّه في ابن أبي رزمة المروذي: بلغني أنهم سألوه بمكة عن الإيمان؟ فأبى أن يقول: الإيمان قول وعمل، ولو علمت هذا عنه ما أذنت له بالدخول علي. وقال لي بعد يومين أو ثلاثة: أي شيء حال ابن أبي رزمة؟ قلت: ليس عندي من خبره شيء، قلت لي: لا أحب أن يذهب إليه أحد من ناحيتي، فلم أذهب إليه. فلما كان بعد وصلينا عشاء الآخرة قال: اذهب إليه، فإنه قد كان بيننا وبينه حرمة (فقل) (¬3) له: إن ابن المبارك كان يقول: الإيمان يتفاضل. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 228، والبخاري (53)، ومسلم (17). (¬2) رواه محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (975). (¬3) في المطبوع: فقيل.

فذهبت إليه، فقال: قد قلت لهم: إذا قدمت العراق ولقيت أبا عبد اللَّه، فما أمرني من شيء صرت إليه. ثم جاء، فقال لأبي عبد اللَّه: أعطني حجة إذا قدمت على أهل مرو أخبرتهم، فعلَّم أبو عبد اللَّه على هذِه الأحاديث، وقال لي: ادفعها إليه. "السنة" للخلال 2/ 23 (1107) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الرقي، قال: ثنا الحسن -يعني: أبا مليح- عن الزهري، قال: قال هشام بن عبد الملك: أبلغك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر مناديًا ينادي: "من قال: لا إله إلا اللَّه فله الجنة" (¬1)؟ قال: قلت: نعم، وذاك قبل أن تنزل الفرائض، ثم نزلت الفرائض، فينبغي على الناس أن يعملوا بما افترض اللَّه عليهم. "السنة" للخلال 2/ 59 (1237) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: قال أبو عبد اللَّه: ثنا وكيع، قال: ثنا سلمة بن نُبَيط، عن الضحاك بن مزاحم قال: ذكرنا عنده: "من قال: لا إله إلا اللَّه دخل الجنة". فقال الضحاك: هذا قبل أن تُحدَّ الحدود وتنزل الفرائض. "السنة" للخلال 2/ 59 (1241) قال شاهين بن السميدع: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: الإيمان قول وعمل؛ قول باللسان، وعمل الأركان. "طبقات الحنابلة" 1/ 461. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 166، والبخاري (1237)، ومسلم (94) من حديث أبي ذر بلفظ: "ما من عبد قال: لا إله إلا اللَّه ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة".

3 - باب: الإيمان خوف ورجاء

3 - باب: الإيمان خوف ورجاء قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: ما تقول فيمن لا يخاف على نفسه النفاق؟ قال: ومن يأمن على نفسه النفاق؟ ! "مسائل ابن هانئ" (1963) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا محمد بن عبيد، أخبرنا المسعودي، عن عون بن عبد اللَّه قال: قال لقمان لابنه: ارج اللَّه عَزَّ وَجَلَّ رجاء لا تأمن فيه مكره، وخف اللَّه مخافة لا تيأس فيها من رحمته، قال: يا أبتاه، وكيف أستطيع ذلك؛ وإنما لي قلب واحد؟ قال: يا بني، إن المؤمن لذو قلبين: قلب يرجو به، وقلب يخاف به (¬1). "الزهد" ص 132 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا بَهْز بن أسد، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا علي بن زيد، عن مطرف، عن كعب، قال: قال لي عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- يوما وأنا عنده: يا كعب، خوفنا. قال: فقلت: يا أمير المؤمنين، أوليس فيكم كتاب اللَّه وحكمة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: بلى، ولكن يا كعب خوفنا، قال: قلت: يا أمير المؤمنين، اعمل عمل رجل لو وافيت القيامة بعمل سبعين نبيا لازدرأت عملك مما ترى، قال: فأطرق عمر وأنكس ونكس مليا، قال: ثم أفاق، قال: زدنا يا كعب زدنا. قال: قلت: يا أمير المؤمنين، لو فتح من جهنم قدر منخر ثور بالمشرق، ورجل بالمغرب لغلا دماغه حتى يسيل من حرها، قال: فأطرق عمر ونكس مليا، قال: ثم أفاق فقال: زدنا يا كعب، قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إن جهنم ¬

_ (¬1) رواه هناد في "الزهد" 1/ 306 (538).

لتزفر يوم القيامة زفرة ما بقي ملك مقرب ولا نبي مصطفًى إلا خر جاثيا على ركبتيه، قال: ويقول: رب نفسي نفسي، لا أسألك اليوم إلا نفسي، قال: فأطرق عمر مليا، قال: قلت: يا أمير المؤمنين، أوليس تجدون هذا في كتاب اللَّه؟ قال: كيف؟ قال: قلت: قول اللَّه سبحانه: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} (¬1) [النحل: 111]. "الزهد" ص 151 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا أبو سعيد، حدثنا مالك بن مغول، عن معاوية بن قرة أنه جلس ورجل من التابعين فتذاكرا، قال: فقال أحدهما: إني لأرجو وأخاف، فقال الآخر: من رجا شيئا طلبه، وإنه من خاف من شيء هرب منه، وما أحسب امرأ يرجو شيئا لا يطلبه، ما أحسب امرأ يخاف شيئا لا يهرب منه (¬2). "الزهد" ص 352 قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي، قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا هاشم بن القاسم، قال: ثنا الفرج، قال: ثنا لقمان، عن الحارث بن معاوية، قال: إني لجالس في حلقة فيها أبو الدرداء، وهو يومئذ يحذرنا الدجال، فقلت: واللَّه لغير الدجال أخوف في نفسي من الدجال. قال: وما الذي أخوف في نفسك من الدجال؟ ! ¬

_ (¬1) رواه ابن المبارك في "الزهد" (225) وعبد الرزاق في "التفسير" 1/ 313، وابن أبي شيبة 7/ 73 (34117)، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 251 لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم. (¬2) رواه البيهقي في "الشعب" 2/ 13 (1030)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 59/ 272.

قلت: إني أخاف أن يسلب مني إيماني ولا أدري. قال: للَّه أمك يا ابن الكندية! أترى في الناس خمسين يتخوفون مثل ما تخوف؟ للَّه أمك يا ابن الكندية! أترى في الناس عشرة يتخوفون مثل ما تخوف؟ للَّه أمك يا ابن الكندية! أترى في الناس ثلاثة يتخوفون مثل ما تتخوف؟ واللَّه ما أَمِنَ رجل قط يُسْلَب منه إيمانُه إلا سُلِبَه، وما سُلِبَه فوجد له فقدًا (¬1). "السنة" للخلال 2/ 22 - 23 (1106). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا إسماعيل، قال: ثنا غالب، عن بكر بن عبد اللَّه، قال: لو انتهيت إلى هذا المسجد وهو غاص بأهله، منعم من الرجال، فقيل لي: أي هؤلاء أخير؟ لقلت لسائلي: أتعرف أنصحهم لهم؟ فإن عرفه، عرفت أنه خيرهم، ولو انتهيت إلى المسجد وهو غاص بأهله، مفعم بالرجال، فقيل لي: أي هؤلاء شر؟ لقلت لسائلي: أتعرف أغشهم لهم؟ فإن عرفه، عرفت أنه شرهم، وما كنت أشهد على خيرهم أنه مؤمن مستكمل الإيمان، ولو شهدت لشهدت أنه في الجنة، وما كنت لأشهد على شرهم أنه منافق بريء من الإيمان، ولو شهدت عليه بذلك، شهدت أنه في النار، ولكني أخاف على خيرهم، وأرجو لشرهم، فإذا أنا خفت على خيرهم، فكم عسى خوفي على شرهم؟ وإذا رجوت لشرهم، كم رجائي لخيرهم؟ هكذا السنة (¬2). "السنة" للخلال 2/ 139 (1544) ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 758 (1060)، عن عبد اللَّه. (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 751 - 752 (1045)، عن عبد اللَّه.

قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا مؤمل، قال: سمعتُ حماد بن زيد يقول: قال أيوب: سمعتُ الحسن يقول: واللَّه، ما أصبح على وجه الأرض مؤمن ولا أمسى على وجهها مؤمن، إلا وهو يخاف النفاق على نفسه، وما أمن النفاق إلا منافق (¬1). "السنة" للخلال 2/ 170 (1653) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا هشام، قال: سمعت الحسن يقول: واللَّه ما مضى مؤمن ولا تقي إلا يخاف النفاق، وما أمنه إلا منافق (¬2). "السنة" للخلال 2/ 171 (1656) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عفان، قال: ثنا أبو الأشهب، قال: ثنا طريف بن شهاب، قال: قلتُ للحسن: إن أقوامًا يزعمون أن لا نفاق، ولا يخافون النفاق. فقال الحسن: واللَّه لأن أكون أعلم أني بريء من النفاق أحب إلي من طلاع الأرض ذهبًا. قال أبو علي: إنَّ طلاع الأرض: ملؤها (¬3). "السنة" للخلال 2/ 172 (1661) ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 757 - 758 (1058)، عن عبد اللَّه بن أحمد، عن أبيه، به، ورواه البيهقي في "الشعب" 1/ 556 (859). (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 757 (1057)، عن عبد اللَّه. (¬3) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 758 عن عبد اللَّه.

4 - باب: الإيمان يزيد وينقص، ومعنى ذلك

4 - باب: الإيمان يزيد وينقص، ومعنى ذلك قال إسحاق بن منصور: قلت لإسحاق: هل للإيمان منتهًى حتى يستطيع المرء أن يقول: مستكمل الإيمان؟ قال: لا؛ لأن جميع الطاعة من الإيمان، فلا يمكن أن يشهد باستكمال الإيمان لأحد إلا للأنبياء، أو من شهد له الأنبياء بالجنة؛ لأن الأنبياء وإن كانوا أذنبوا فقد غفر لهم ذلك الذنب قبل أن يخلقوا. "مسائل الكوسج" (3351) قال إسحاق بن منصور: سُئل أحمد عن الإيمان؟ فقال: يزيد وينقص. قلت: ينقص؟ قال: ينقص. "مسائل الكوسج" (3363) قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص (¬1)، ينقص حتى لا يبقى منه شيء. قال إسحاق بن منصور: وأنا أقول بها. "مسائل الكوسج" (3460) قال صالح: وسألت أبي عمن يقول: الإيمان يزيد وينقص، ما زيادته ونقصانه؟ فقال: زيادته بالعمل، ونقصانه بترك العمل، مثل تركه الصلاة والزكاة والحج وأداء الفرائض، فهذا ينقص، ويزيد بالعمل. وقال: إن كان قبل زيادته تامًّا، فكيف يزيد التام؟ ! فكما يزيد كذا ينقص. ¬

_ (¬1) رواه حرب عن الإمام أحمد في "مسائله" ص 367، وذكره ابن تيمية في "الفتاوى" 7/ 307 عن أبي عمرو الطلمنكي بإسناده.

وقال: كان وكيع ربما قال: إيمان الحجاج مثل إيمان أبي بكر وعمر؟ ! "مسائل صالح" (537) قال صالح: قال أبي: سمعت أبا نعيم يقول: سمعت سفيان يقول: الإيمان يزيد وينقص (¬1). قال صالح: قال أبي: وسمعت وكيعًا يقول: سمعت سفيان يقول: الإيمان يزيد وينقص (¬2). "سيرة الإمام" لصالح ص 80، "مسائل صالح" (1352 - 1353). قال صالح: قال أبي: الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص (¬3). "سيرة الإمام" لصالح ص 80 ¬

_ (¬1) رواه أبو داود في "مسائله" عن الإمام أحمد (1763)، وابن هانئ في "مسائله" (1897)، وعبد اللَّه في "السنة" 1/ 300 (604)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 28 (1128) عن المروذي، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 852 (1149) عن الفضل، عن أحمد به. (¬2) رواه أبو داود في "مسائله" 1764، وحرب في "مسائله" ص 369، وعبد اللَّه في "السنة" 1/ 320 (606) كلهم بزيادة: وكذا قال سفيان. ورواه الخلال في "السنة" 1/ 462 (1017) عن سفيان عن أحمد، 2/ 46 (1187) عن المروذي، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 851 (1146) عن الفضل. (¬3) رواه ابن هانئ عن الإمام أحمد في "مسائله" (1874)، (1900)، وقال الخلال في "السنة" 1/ 461 (1010): أخبرنا أبو بكر المروذي ويوسف بن موسى، ومحمد بن أحمد بن واصل، والحسن بن محمد، كلهم يقول: إنه سمع أحمد بن حنبل قال: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص. ورواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 813 (1116) عن الفضل، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1034 (1750) عن حنبل، وابن أبي يعلى في "الطبقات" 2/ 182 عن عيسى بن فيروز الأنباري، كلهم عن أحمد، به.

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: الإيمان قولٌ وعملٌ، يزيد وينقص، الصلاة والزكاة والحج والبر كله من الإيمان، والمعاصي تنقص من الإيمان. وقال: سمعت أحمد وذكر ابن عيينة فقال: سمعته يقول: الإيمان يزيد، ولا يعيب من قال: ينقص. وقال: سمعت أحمد يقول: سمعت سفيان يقول: لا يعنف من قال: الإيمان ينقص. "مسائل أبي داود" (1757 - 1759) وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: حسَّن يحيى -يعني: ابن سعيدٍ- الزيادة والنقصان، ورآه -يعني: قوله: الإيمان يزيد وينقص. "مسائل أبي داود" (1762) قال أبو داود: ثنا أحمد، قال: ثنا إبراهيم بن شماسٍ، قال: سمعت جرير بن عبد الحميد يقول: الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص. "مسائل أبي داود" (1765) قال أبو داود: ثنا أحمد، قال: ثنا سريج (¬1) بن النعمان، قال: ثنا عبد اللَّه بن نافع، قال: كان مالك يقول: الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص (¬2). "مسائل أبي داود" (1767) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: أدركنا الناس وهم يقولون: الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص، ونية صادقة. ¬

_ (¬1) في "مسائل أبي داود": "سفريج"، والتصويب من "السنة". (¬2) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 137 (636)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 27 (1124) عن المروذي، عن أحمد، به.

قال ابن هانئ: وسمعته يقول: أيش كان الإيمان؟ أليس كان ناقصًا فجعل يزيد؟ ! "مسائل ابن هانئ" (1894 - 1895) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: ما أدركت أحدًا من أصحابنا، إلا على سنتنا في الإيمان، ويقولون: الإيمان يزيد وينقص. "مسائل ابن هانئ" (1898) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يتأول هذِه الآيات في الإيمان: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} [البينة: 5] وهذِه الآية: {إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: 4]. قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يقول: الإيمان قول وعمل. قال: إذا جاء بالقول فالقول: سبحان اللَّه والحمد للَّه ولا إله إلا اللَّه، وإنما تنقص الأعمال وتزيد، من أساء نقص من إيمانه، ومن أحسن زاد في إيمانه. قال ابن هانئ: سألته عن الإيمان ونقصانه. قال: نقصانه قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِن" (¬1). "مسائل بن هانئ" (1905 - 1907) قال حرب: سمعت إسحاق، قال: سألتُ سفيان بن عيينة، فقلت: ما تقول في الإيمان، أيزيد؟ قال سفيان: أوأحد يستطيع رد هذا وقد قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: 13]، {إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: 4]، فتلا آيات احتج بها وتعجب ممن لم يقل به. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 243، والبخاري (2475) ومسلم (57) من حديث أبي هريرة.

فقلت له: ما الإيمان، أهو قول وعمل؟ فقال: نعم، هو قول وعمل، ومن يشك في هذا؟ ! "مسائل حرب" ص 369 قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا محمد بن طلحة، عن زبيد، عن ذر، قال: كان عمر بن الخطاب يقول لأصحابه: هلموا (نزداد) (¬1) إيمانًا، فيذكرون اللَّه (¬2). حدثنا أحمد قال: ثنا محمد بن فضيل، قال: ثنا أبي، عن شباك، عن إبراهيم، عن علقمة، أنه قال لأصحابه: امشوا بنا (نزداد) إيمانًا (¬3)، يعني: تفقهًا. "مسائل حرب" ص 370 قال حرب: حدثنا أحمد قال: ثنا وكيع، عن شريك، عن هلال بن ¬

_ (¬1) كذا في المطبوع وفي الرواية التالية، والجادة: نزدد، ولعله أوردها على القطع، قال سيبويه في "كتابه" 3/ 95 - 96: ائتني آتك، فتجزم على ما وصفنا، وإن شئت رفعت على أن لا تجعله معلقًا بالأوَّل، ولكنك تبتدئه وتجعل الأول مستغنيًا عنه كأن يقول: ائتني أنا آتيك. (¬2) ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 846 (1134) من طريق عبد اللَّه، والخلال في "السنة" 2/ 28 (1122)، 2/ 150 (1584) عن المروذي، والآجري في "الشريعة" ص 90 (208) من طريق الفضل بن زياد، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1012 (1700) من طريق حنبل، والأثر رواه ابن أبي شيبة في "الإيمان" (108). وقال الألباني في تعليقه على "الإيمان": محمد بن طلحة هو ابن مصرف اليامي الكوفي، وهو ثقة، من رجال الشيخين، وكذلك سائر الرواة، غير أن ذرًّا، وهو ابن عبد اللَّه المرهبي لم يدرك عمر. اهـ. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 164 (30353) وفي "الإيمان" (104)، والبيهقي في "شعب الإيمان" 1/ 77 (57)، وحسن إسناده الألباني في تعليقه على كتاب "الإيمان" لابن أبي شيبة.

حميد، عن عبد اللَّه بن عُكَيْم، قال: سمعت ابن مسعود يقول في دعائه: اللهم زدنا إيمانًا ويقينًا وفقهًا (¬1). "مسائل حرب" ص 370. قال حرب: حدثنا أحمد، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن هشام ابن عروة، عن أبيه قال: ما نقصت أمانة عبد قط إلا نقص إيمانه (¬2). "مسائل حرب" ص 370. قال عبد اللَّه بن أحمد: سمعت أبي رحمه اللَّه، وسئل عن الإرجاء؛ فقال: نحن نقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، إذا زنى وشرب الخمر نقص إيمانه. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 307 (599). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الصمد بن حسان، أنا سفيان الثوري، عن يزيد -يعني: ابن أبي زياد- عن مجاهد قال: الإيمان يزيد وينقص والإيمان قول وعمل (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 311 (611) ¬

_ (¬1) رواه عبد اللَّه عن أبيه في "السنة" 1/ 368 (797)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 26 (1120) من طريق المروذي، والآجري في "الشريعة" ص 95 (209) من طريق الفضل، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1013 (1704) من طريق حنبل. وعزاه ابن حجر في "الفتح" 1/ 48 لأحمد في كتاب "الإيمان" وقال: إسناده صحيح. (¬2) الأثر رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 368 (795)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 33 (1145) عن المروذي، والآجري في "الشريعة" ص 102 (235) من طريق الفضل، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 852 (1148)، واللالكائي "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1023 (1729) من طريق حنبل، ورواه ابن أبي شيبة 6/ 159 (30314)، وفي "الإيمان" ص 6 (10)، والبيهقي في "الشعب" 1/ 78 (58). (¬3) رواه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1023 (1728) من طريق حنبل، والبيهقي في "الشعب" 1/ 78 (60).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا هيثم، أخبرنا إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن عبد اللَّه بن ربيعة الحضرمي، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أنه كان يقول: الإيمان يزداد وينقص (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 314 (622) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هيثم بن خارجة، أنا إسماعيل بن عياش، عن (حريز بن) (¬2) عثمان، عن الحارث بن (مخمر) (¬3)، عن أبي الدرداء أنه كان يقول: الإيمان يزداد وينقص (¬4). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 314 (623) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عفان بن مسلم، نا حماد بن سلمة، عن أبي جعفر الخطمي، عن أبيه، عن جده عمير بن حبيب بن خُماشة؛ أنه قال: الإيمان يزيد وينقص. فقيل له: وما زيادته ونقصانه؟ قال: إذا ذكرنا اللَّه وخشيناه فذلك زيادته، وإذا غفلنا ونسينا وضيعنا فذلك نقصانه (¬5). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قال: قال عفان: سمعت حمادًا، عن عمير ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 26 (1118) عن المروذي عن أحمد به. (¬2) في المطبوع: جرير، عن عثمان، والصواب ما أثبتناه. (¬3) في المطبوع: الحارث بن محمد، والصواب ما أثبتناه. (¬4) رواه الخلال في "السنة" 2/ 26 (1119) عن المروذي عن أحمد به، والبيهقي في "الشعب" 1/ 76 - 77 (54). (¬5) الأثر رواه ابن أبي شيبة 6/ 160 (30318)، والبيهقي في "الشعب" 1/ 77 (56). ورواه الخلال في "السنة" 2/ 31 - 32 (1141) عن المروذي عن أحمد، والآجري في "الشريعة" ص 95 (207) من طريق الفضل بن زياد، عن أحمد، به. وعند الخلال من رواية عبد اللَّه عن أبيه، عن حسن بن موسى، عن حماد، به، ولفظه: قال: إذا كبرنا اللَّه وحمدنا وسبحناه فتلك زيادته، وإذا أغفلنا وضيعنا وأسأنا فذاك نقصانه. ورواه ابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" 2/ 329.

ابن حبيب. ليس فيه عن أبيه. فقلت له: إنك حدثتني (¬1) عن أبيه عن جده؟ قال: أحسب أنه عن أبيه عن جده. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 315 (624، 625). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا الأعمش ومسعر، عن جامع ابن شداد، عن الأسود بن هلال، قال: قال معاذ: واجلس بنا نؤمن ساعة (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 368 (796) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا إسرائيل، عن أبي الهيثم، عن سعيد بن جبير قال: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] قال: ليزداد إيماني (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 369 (798) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، عن حماد بن نجيح، نا أبو عمران الجوني، عن جندب، قال: كنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فكنا فتيانًا حزاورة فتعلمنا الإيمان، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانًا (¬4). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 369 (799)، 1/ 379 (825) ¬

_ (¬1) في "السنة" للخلال 2/ 150 (1582 - 1583): إنه حدثني. (¬2) رواه أبو عبيد في كتاب "الإيمان" ص 72 (20)، ابن أبي شيبة 6/ 164 (30354)، وصححه الألباني في كتاب "الإيمان" لابن أبي شيبة ص 35 (105) وقال: إسناده صحيح على شرط الشيخين. ورواه الخلال في "السنة" 2/ 27 (1121) عن المروذي عن أحمد. (¬3) رواه الخلال في "السنة" 2/ 27 (1123) عن المروذي عن أحمد. (¬4) رواه ابن ماجه (61)، قال البوصيري في "زوائده" 1/ 12: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (52).

قال الخلال: أخبرني موسى بن سهل، قال: ثنا محمد بن أحمد الأسدي، قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب، عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد عمَّن قال: الإيمان يزيد وينقص؟ قال: هذا بريء من الإرجاء. "السنة" للخلال 1/ 461 (1009) قال الخلال: أخبرني الحسن بن الهيثم، عن محمد بن موسى؛ أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص؛ إذا عملت الخير زاد، وإذا ضيعت نقص. "السنة" للخلال 1/ 461 (1013) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، أن أبا عبد اللَّه قيل له: كان ابن المبارك يقول: يزيد ولا ينقص؟ فقال: كان يقول: الإيمان يتفاضل، وكان سفيان يقول: ينقص حتى لا يبقى منه شيء. قال الخلال: وأخبرنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدثني أبي قال: قال سفيان: قال أبو الدرداء: الإيمان مثل قميص أحدكم ينزعه. "السنة" للخلال 1/ 462 (1018 - 1019) قال الخلال: وأخبرنا سليمان بن الأشعث، قال: ثنا إسحاق بن راهويه، قال: ثنا يحيى بن آدم قال: شهد أبو يوسف عند شريك بشهادة، فقال له: قم. وأبى أن يجيز شهادته. فقيل له: ترد شهادته؟ ! فقال: أجيز شهادة رجل يقول: الصلاة ليست من الإيمان؟ ! "السنة" للخلال 1/ 463 (1024) قال الخلال: وأخبرني محمد بن الحسين، أن الفضل حدثهم، أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: إنما الزيادة والنقصان في العمل، كيف يكون حاله إذا قتل النفس؟ أليس قد أوجب له النار، كيف يكون حاله إذا

ارتكب الموبقات (¬1)؟ "السنة" للخلال 1/ 466 (1032). قال الخلال: أخبرني علي بن الحسن بن هارون، قال: حدثني محمد ابن أبي هارون، قال: سمعت جعفر بن أحمد بن سام، عن أحمد بن حنبل قال: قال أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-حين حولت القبلة إلى البيت: فكيف بصلاتنا التي صلينا إليها، فأنزل اللَّه {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] فسمعت أحمد بن حنبل يقول: فجعل صلاتهم إيمانًا، فالصلاة من الإيمان. "السنة" للخلال 1/ 466 (1034) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11] وقال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وقال: هذا من الإيمان، ثم قال أبو عبد اللَّه: فالإيمان قول وعمل، وقال الزيادة في العمل، وذكر النقصان إذا زنى وسرق. "السنة" للخلال 1/ 466 - 467 (1035) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي، قال: ثنا أبو بكر الأثرم، قال: قيل لأبي عبد اللَّه: فقول: الإيمان يزيد وينقص؟ فقال: حديث النبي يدل على ذلك، قوله: "أخرجوا من كان في قلبه" كذا، "أخرجوا من كان في قلبه. . " (¬2) كذا، فهذا يدل على ذاك. "السنة" للخلال 1/ 468 (1041) ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 851 (1146). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 94 - 95، والبخاري (22)، ومسلم (183) من حديث أبي سعيد الخدري.

قال الخلال: أخبرنا زكريا بن الفرج، عن أحمد بن القاسم، قال: قلت: يا أبا عبد اللَّه، تقول: الإيمان يزيد وينقص؟ قال: نعم. قلت: وتقول: قول وعمل؟ قال: نعم. قلت: فيكون ذاك من هذا المعنى، أن يكون الرجل إذا أتى هذِه الأشياء التي نهي عنها يكون أنقص ممن لم يفعلها، ويكون هذا أكثر إيمانًا منه؟ قال: نعم، يكون الإيمان بعضه أكثر من بعض، هكذا هو. فتذاكرنا من قال: الإيمان يزيد وينقص، فعد غير واحد، ثم قال: ومالك بن أنس يقول: يزيد وينقص، فقلت له: إنَّ مالكًا يحكون عنه أنه قال: يزيد ولا ينقص. فقال: بلى، قد روي عنه يزيد وينقص، كان ابن نافع يحكيه عن مالك. فقلت له: ابن نافع حكى عن مالك؟ قال: نعم. قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدثني أبي قال: سمعت سفيان قال: الإيمان قول وعمل، ويزيد. "السنة" للخلال 1/ 468 - 469 (1043 - 1044) قال الخلال: فأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد؛ أنه سمع أبا عبد اللَّه ذكر الكتاب في الزيادة، وذكر الحياء، وذكر قول جرير، وذكر النقصان "يخرج من النار من في قلبه مثقال حبة"، وقوله: "لا يزني الزاني" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 243، والبخاري (2475)، ومسلم (57) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

وقال: وأخبرني محمد بن أبي هارون؛ أن حبيش بن سندي حدثهم: أن أبا عبد اللَّه قيل له: كيف نقول في قول النبي: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن"؟ فقال: هو كما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فقيل له: إن قوما يقولون: لا يزنين الزاني. فقال: هؤلاء كذابون، سمعوا هذا وعمي على الناس! "السنة" للخلال 1/ 469 - 47 (1046 - 1047) وقال الخلال: وأخبرنا أبو بكر، قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عفان، قال: ثنا عبد العزيز بن مسلم، قال: ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ، وَلا يَدْخُلُ النّارَ مَنْ كانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقالُ خَرْدَلَةٍ مِنْ إيمانٍ" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 31 (1138) قال الخلال: قال أبو بكر: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن منصور، عن ذر، عن وائل بن مهانة قال: قال عبد اللَّه: ما رأيت من ناقص العقل والدين أغلب للرجال ذوي الرأي من النساء. وقيل: ما نقصان عقلها؟ قال: جعل شهادة امرأتين برجل. قيل: ما نقصان دينها؟ قال: تمكث كذا وكذا يومًا لا تصلي للَّه سجدة (¬2). "السنة" للخلال 2/ 40 (1172) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 412، ومسلم (91). (¬2) رواه النسائي في "الكبرى" 5/ 398 (9258) والمزي في "تهذيب الكمال" 6/ 45. ورواه مرفوعًا أحمد 1/ 376، والنسائي في "الكبرى" 5/ 398 (9257) والحاكم 2/ 190 وصححه. وفي الباب عن أبي سعيد رواه البخاري (304)، ومسلم (80).

قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا جرير بن حازم، عن عيسى بن عاصم الأسدي؛ أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عدي: أما بعد: فإن الإسلام شرائع وحدود وسنن، من استكملها استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان، فإن أعش أبينها لكم، وإن أمت فواللَّه ما أنا على صحبتكم بحريص (¬1). "السنة" للخلال 2/ 141 - 142 (1553) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يزيد، قال: ثنا حريز بن عثمان، قال: ثنا أشياخنا -أو قال: بعض أشياخنا- أن أبا الدرداء قال: إن من فقه العبد أن يعلم ما زاد من إيمانه وما نقص منه، وإن من فقه العبد أن يعلم أمزداد هو أم منتقص، وإن من فقه العبد أن يعلم نزغات الشيطان أن تأتيه (¬2). "السنة" للخلال 2/ 150 (1585) قال القاسم البغدادي: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل رحمه اللَّه وقد سأله رجل عن زيادته ونقصانه -يعني الإيمان. فقال: يزيد حتى يبلغ أعلى السموات السبع، وينقص حتى يصير إلى أسفل السافلين السبع. "طبقات الحنابلة" 2/ 210. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 172) (30436)، وفي "الإيمان" (135). وقال الألباني في تعليقه على "الإيمان": عدي بن عدي، هو ثقة فقيه، عمل لعمر بن عبد العزيز، والسند إليه صحيح. (¬2) رواه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1016 (1710) من طريق حنبل.

5 - باب: تفاضل أهل الإيمان

5 - باب: تفاضل أهل الإيمان قال إسحاق بن منصور الكوسج: سئل أحمد: من تفضل؟ قال: أبو بكر وعمر وعثمان، وعلي -رضي اللَّه عنه- في الخلفاء. "مسائل الكوسج" (3364). قال صالح: وقال أبي: الإيمان يتفاضل، بعضه أفضل من بعض، يزيد وينقص، وزيادته في العمل، ونقصانه في ترك العمل؛ لأن القول هو مقر به. "مسائل صالح" (1198) قال أبو داود: سمعت أحمد قال له رجل: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي -يعني في التقدمة في التفضيل، فقال أحمد: أبو بكر وعمر وعثمان، وعلي في الخلفاء -يعني: يعد علي في الخلفاء. قال أبو داود: ثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: سألت أحمد بن حنبل، فقال: أبو بكر وعمر وعثمان، ولو قال قائل: وعلي، لم أعنفه -يعني: في التفضيل. "مسائل أبي داود" (1794 - 1795). قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه: سأل ابن أبي رزمة: ما كان أبوك يقول عن عبد اللَّه بن المبارك في الإيمان؟ قال: كان يقول: الإيمان يتفاضل. قال أبو عبد اللَّه: يا عجباه! إن قال لكم: يزيد وينقص رجمتموه، وإن قال: يتفاضل تركتموه؟ ! وهل شيء يتفاضل إلا وفيه الزيادة والنقصان؟ ! "مسائل ابن هانئ" (1722). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: كان وكيع يقول: ترى إيمان الحجاج بن

يوسف مثل إيمان أبي بكر وعمر -رضي اللَّه عنه-؟ ! "السنة" لعبد اللَّه 1/ 310 (607) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، عن سفيان، عن رجل، عن طاوس قال: يا أهل العراق، أنتم تزعمون أن الحجاج مؤمن؟ قال (¬1): وقال منصور، عن إبراهيم: كفى به عمًى الذي يعمى عليه أمر الحجاج. فقال منصور عن إبراهيم قال: وذكر الحجاج فقال: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18)} (¬2) [هود: 18]. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 327 (671) قال عبد اللَّه: حدثني أي -وقرأته عليه- نا مهدي بن جعفر، نا الوليد بن مسلم قال: سمعت أبا عمرو -يعني الأوزاعي- ومالكًا وسعيد بن عبد العزيز يقولون: ليس للإيمان منتهى، هو في زيادة أبدًا، وينكرون على من يقول: إنه مستكمل الإيمان، وأن إيمانه كإيمان جبريل عليه السلام. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 332 - 333 (687)، 1/ 336 (737) قال عبد اللَّه: حدثنا هارون بن معروف -غير مرة- نا ضمرة، عن ابن شوذب، عن محمد بن جحادة، عن سلمة بن كهيل، عن الهزيل بن شرحبيل قال: قال عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل ¬

_ (¬1) أي: سفيان. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 38 - 39 (1165)، 2/ 136 (1531) عن المروذي عن أحمد به، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1065 (1820) من طريق حنبل، عن أحمد به. والأثر رواه ابن أبي شيبة في "الإيمان" ص 32 (96) وصحح إسناده الألباني في التعليق عليه.

الأرض لرجح به (¬1). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يحدث عن هارون فذكر مثله. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 378 (821، 822). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبيد اللَّه بن محمد -يعني: التيمي- حدثنا عبد العزيز بن مسلم، عن حرب، عن الحسن قال: كان لعامر بن عبد اللَّه مجلسٌ في المسجد فتركه حتى ظننا أنه قد ضارع أصحاب الأهواء، قال: فأتيناه فقلنا له: كان لك مجلس في المسجد فتركتَه، قال: أجل، إنه مجلس كثير اللغط والتخليط، قال: فأيقنا أنه قد ضارع أصحاب الأهواء فقلنا: ما تقول فيهم؟ قال: وما عسى أن أقول فيهم! رأيتُ نَفَرًا من أصحابِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وصحبتُهم فحدَّثُونا أنَّ أحسن الناس إيمانا يوم القيامة أكثرهم محاسبةً لنفسه في الدنيا، وأن أشدهم فرحةً يوم القيامة أشدهم حزنًا في الدنيا، وأن أكثرهم ضحكا يوم القيامة أكثرهم بكاء في الدنيا، وحدَّثُونا أنَّ اللَّه تبارك وتعالى فَرَضَ فرائضَ، وسَنَّ سُننا، وحدَّ حدودًا، فمن عمل بفرائض اللَّه وسننه، واجتنب حدوده دخل الجنة بغير حساب، ومن عمل بفرائضه وسننه، ثم ربهب حدوده، ثم تاب، ثم ركب، ثم تاب استقبل الزلازل والشدائد والأهوال، ثم يدخله اللَّه الجنة، ومَنْ عمل بفرائض اللَّه وسننه، وركب حدوده، ثم مات مُصرًا على ذلك، لقي اللَّه مسلمًا، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه. "الزهد" ص 276 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حسين، حدثنا فرج، عن أسد بن ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 30 (1134) عن المروذي عن أحمد به.

وداعة قال: سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أي المؤمنين أفضل؟ قال: "مؤمن مغموم القلب ليس فيه غل ولا حسد" قالوا: يا نبي اللَّه، لا نعرف ذلك فينا، فأي المؤمنين بعد هذا أفضل؟ قال: "المؤمن الزاهد في الدنيا الراغب فى الآخرة" قالوا: يا نبي اللَّه، لا نعرف ذلك فينا إلا ما كان من رافع بن خَدَيج، فأي المؤمنين بعد هذا أفضل؟ قال: "مؤمن حسن الخلق" (¬1). "الزهد" ص 475 قال أبو بكر الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي أن أبا عبد اللَّه قيل له: الحجاج بن يوسف، تقول: إيمانه مثل إيمان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: لا. قيل: فيكون إيمانه مثل أبي بكر؟ قال: لا. "السنة" الخلال 1/ 465 - 466 (1031) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: ثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب (¬2) قال: قال حذيفة: لأن أعلم أن فيكم رجلًا مؤمنًا أحبُّ إليَّ من حمر النَّعَم وسودها. فقالوا: أما بهاجرتنا ولا بشامنا ولا بعراقنا عليه. قال: فيكم رجل لا يخاف في اللَّه لومة لائم، ما أعلمه إلا عمر بن الخطاب رحمه اللَّه، فكيف أنتم لو قد فارقكم؟ ! ¬

_ (¬1) لم أقف عليه، لكن ذكره الحافظ في "الإصابة" 1/ 500 ترجمة رافع مولى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال: أخرجه أحمد في "الزهد" من طريق أسد بن وداعة مرسلًا، لكنه قال: رافع ابن خديج، وقوله: ابن خديج وهم. اهـ. وفي الباب عن عبد اللَّه بن عمرو، رواه ابن ماجه (4216) وصححه الألباني في "الصحيحة" (948). (¬2) في المطبوع: طارق عن ابن شهاب.

ثم بكى حتى سالت دموعه على لحيته أو على سلبته (¬1). "السنة" للخلال 2/ 126 (1493) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا خالد بن حيان قال: ثنا نصر بن المثنى الأشجعي قال: كنت مع ميمون يومًا، فمر بجويرية وهي تضرب بدُف، وتقول: وهل عليَّ من قول قلته من كبيرة؟ ! فقال ميمون: أترون إيمان هذِه مثل إيمان مريم ابنة عمران صلى اللَّه عليها؟ والخيبة لمن قال: إيمانه كإيمان جبريل عليه السلام (¬2). "السنة" للخلال 2/ 157 (1607). قال ابن بطة: حدثنا إسحاق بن أحمد: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد، قال: قرأت على أبي: حدثكم مهدي بن جعفر، قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: سمعت أبا عمرو ومالكًا وسعيد بن عبد العزيز يقولون: ليس للإيمان منتهى، هو في زيادة أبدًا. ويقولون على من يقول أنه مستكمل الإيمان وأن إيمانه كإيمان جبريل، قال: قال الوليد: قال سعيد بن عبد العزيز: وهو أن يكون إذا أقدم على هذِه المقالة إيمانه كإيمان إبليس؛ لأنه أقرَّ بالربوبية وكَفَرَ بالعمل، فهو أقربُ إلى ذلك مِنْ أن يكون إيمانه كإيمان جبريل. "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 901 (1259) ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 857 (1162) من طريق عبد اللَّه بن أحمد به، وفيه: مائة مؤمن. وسقط منه (عن طارق بن شهاب). (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 900 (1258) من طريق عبد اللَّه بن أحمد.

6 - باب: التفريق بين الإسلام والإيمان

6 - باب: التفريق بين الإسلام والإيمان قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا أبو سلمة الخزاعي قال: قال مالك وشريك وأبو بكر بن عياش وعبد العزيز بن أبي سلمة وحماد بن سلمة وحماد بن زيد: الإيمان: المعرفة، والإقرار: العمل، إلا أن حماد بن زيد كان يفرق بين الإيمان والإسلام، ويجعل الإسلام عامًّا، والايمان خاصًّا (¬1). "مسائل صالح" (1351). قال صالح: وسئل أبي -وأنا شاهد- عن الإيمان والإسلام، فقال: قال ابن أبي ذئب: الإسلام القول، والإيمان العمل (¬2). قيل له: ما تقول أنت؟ قال: الإسلام غير الإيمان. قال الزهري في حديث عامر بن سعد حين قال الرجل: يا رسول اللَّه، إنه مؤمن. فقال النبي: "مسلم". "سيرة الإمام" لصالح ص 77 قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: أعطى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجالًا ولم يعط رجلًا منهم. فقال سعد: يا نبي اللَّه، أعطيت فلانًا وفلانًا، ولم تعط فلانًا شيئًا، ¬

_ (¬1) رواه عبد اللَّه عن أبيه في "السنة" 1/ 311 (612)، ورواه الخلال في "السنة" 1/ 460 (1600) من طريق أبي النضر إسماعيل بن عبد اللَّه العجلي، 2/ 61 (1249) من طريق المروذي، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 895 (1499) من طريق حنبل. وعندهم، وفي الطبعة الهندية لمسائل صالح: الإقرار والعمل. (¬2) رواه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 895 (1500) من طريق حنبل عن أحمد، به، وانظر الحديث التالي.

وهو مؤمن. فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَوْ مُسلم"، حتى أعادها سعد ثلاثًا، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول له: "أَوْ مُسلم" ثم قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني لأعطي رجالًا، وأدع من هو أحب إلي منهم فلا أعطيه شيئًا مخافة أن يكبوا في النار على وجوههم" (¬1). وقال الزهري: فترى أن الإسلام الكلمة، والإيمان العمل (¬2). "سيرة الإمام" لصالح ص 78 قال صالح: حدثنا أبي قال: حدثنا معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق، عن الأوزاعي، قال: قلت للزهري: إنهم يقولون: إن لم يكن مؤمنًا فما هو؟ قال: فأنكر ذلك، وكره مسألتي عنه. "سيرة الإمام" لصالح ص 79 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا مؤمل، نا حماد بن زيد، سمعت هشامًا يقول: كان الحسن ومحمد يقولان: مسلم. ويهابان مؤمن (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 322 (658) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن سعيد، عن حبيب بن الشهيد، نا عطاء، قال: سمعت أبا هريرة -رضي اللَّه عنه- يقول: "لا يَزْنِي الزّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 176، والبخاري (27) ومسلم (150). (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 11 (1592 - 1594) عن الميموني، 2/ 29 (1133) عن المروذي. وقول الزهري في "السنة" لعبد اللَّه 1/ 351 (752)، ورواه أبو داود (4684) وصححه ابن حبان 1/ 380 (163). (¬3) رواه الخلال في "السنة" 1/ 479 (1075) من طريق المروذي، 2/ 11 (1095) من طريق الأثرم، والآجري في "الشريعة" ص 119 (260)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 874 (1196)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 895 (1501) من طريق الفضل بن زياد.

مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ حين يسرق وَهُوَ مُؤْمِنٌ" (¬1)، قال عطاء: يتنحى عنه الإيمان. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 351 (754) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن سعيد، عن عوف قال: قال الحسن: يجانبه الإيمان ما دام كذلك، فإن راجع راجعه الإيمان (¬2). وقال: حدثني أبي، نا سليمان بن حرب، نا جرير بن حازم، عن الفضيل بن يسار قال: قال محمد بن علي: هذا الإسلام، ودوَّرَ دائرة في وسطها دائرة أخرى، وهذا الإيمان [الذي] (¬3) في وسطها مقصور في الإسلام، قال: فقول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَزْنِي الزّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ حين يَسرقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْربُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُها وَهُوَ مُؤْمِنٌ" يخرج من الإيمان إلى الإسلام ولا يخرج من الإسلام، فإذا تاب تاب اللَّه عليه. قال: رجع إلى الإيمان (¬4). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 352 (756 - 757) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: قيل لأبي عبد اللَّه: تقول: نحن المؤمنون؟ قال: نقول: نحن المسلمون (¬5). قال أبو بكر: وقلت لأبي عبد اللَّه: تقول: إنا مؤمنون؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 243، والبخاري (2475) ومسلم (57). (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 7 (1084) عن أبي الحارث الصائغ، عن الإمام أحمد. (¬3) في المطبوع: التي، والمثبت من "السنة" للخلال. (¬4) رواه الخلال في "السنة" 1/ 482 (1083) من طريق الميموني، و 2/ 69 (1280) عن المروذي. (¬5) رواه الآجري في "الشريعة" ص 119، وفيه زيادة: ثم قال أبو عبد اللَّه: الصوم والصلاة والزكاة من الإيمان، قيل له: فإن استثنيت في إيماني أكون شاكًّا؟ قال: لا.

قال: لا، ولكن نقول: إنا المسلمون. وقال: وأخبرني علي بن عيسى، أنه سمع حنبل يقول: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن الإيمان والإسلام؟ فقال: الإيمان غير الإسلام. "السنة" للخلال 1/ 479 (1073 - 1074) قال الخلال: أخبرني عبد الملك، قال: قلت لأبي عبد اللَّه: تفرق بين الإيمان والإسلام؟ قال: نعم، وأقول: مسلم ولا أستثني (¬1). قلت: بأي شيء تحتج؟ قال: عامة الأحاديث تدل على هذا، ثم قال: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن"، وقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14]. قلت: وفي كتاب اللَّه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17)} [الحجرات: 15 - 17]. وقلت لابن حنبل: في كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أيضًا آيات. قال لي ابن حنبل: وحماد بن زيد يفرق بين الإيمان والإسلام. قال: وحدثنا أبو سلمة الخزاعي، قال: قال مالك وشريك، وذكر قولهم، وقول حماد بن زيد فرق بين الإيمان والإسلام. قال عبد الملك: قال لي ابن حنبل: قال لي رجل: لو لم يجئنا في الإيمان إلا هذا لكان حسنًا. ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 9 - 10 (1087) من طريق الأثرم، 2/ 10 (1088) من طريق الميموني أيضًا.

قلت لأبي عبد اللَّه: فتذهب إلى ظاهر الكتاب مع السنن؟ قال: نعم. قلت: فإذا كان المرجئة يقولون: إن الإسلام هو القول؟ قال: هم يصيرون هذا كله واحدًا، ويجعلونه مسلمًا ومؤمنًا شيئًا واحدًا على إيمان جبريل، ومستكمل الإيمان. قلت: فمن هاهنا حجتنا عليهم؟ قال: نعم. "السنة" للخلال 1/ 479 - 480 (1077) قال الخلال: كتب إلي يوسف بن عبد اللَّه أن الحسن بن علي بن الحسن حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الإيمان أوكد أو الإسلام؟ قال: جاء حديث عمر هذا (¬1)، وحديث سعد (¬2) أحب لي. "السنة" للخلال 1/ 481 (1071) قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام، قال: ثنا حنبل، قال: ثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا معاوية بن هشام وأبو أحمد، قالا: ثنا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول اللَّه يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر كان قائلهم يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، إنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون. قال معاوية بن هشام: أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع، ونسأل اللَّه لنا ولكم العافية (¬3). وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: في هذا الحديث حجة على من قال: ¬

_ (¬1) يشير إلى حديث جبريل في الإسلام والإيمان الذي رواه أحمد 1/ 27، ومسلم (8). (¬2) يعني حديث سعد بن أبي وقاص أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطى رهطًا وسعد جالس فيهم: رواه الإمام أحمد 1/ 176، والبخاري (27)، ومسلم (150). (¬3) رواه الإمام أحمد 5/ 353، ومسلم (975).

الإيمان قول. من قال: أنا مؤمن، قوله: "من المؤمنين والمسلمين"، فبين المؤمن من المسلم، رد على من قال: أنا مؤمن مستكمل. وقوله: "إنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون"، وهو يعلم أنه ميت، يشد قول من قال: أنا مؤمن إن شاء اللَّه، الاستثناء في هذا الموضع. قلت لأبي عبد اللَّه: إذا أصاب الرجل ذنبًا من زنا أو سرق يزايله إيمانه؟ قال: هو ناقص الإيمان، فخلع منه كما يخلع الرجل من قميصه، فإذا تاب وراجع عاد إليه إيمانه. قال حنبل: وسمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَزْنِي الزّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ" (¬1). قال: هكذا يروى الحديث، ويروى عن أبي جعفر (¬2) قال: "لا يَزْنِي الزّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِن"، قال: يخرج من الإيمان إلى الإسلام، فالإيمان مقصور في الإسلام، فإذا زنى خرج من الإيمان إلى الإسلام. قال: وقال الزهري في حديث عامر بن سعد: قال الرجل: يا رسول اللَّه، إنه مؤمن. قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَوْ مُسلم". قال الزهري: فنرى أن الإسلام الكلمة، والإيمان العمل. قلت لأبي عبد اللَّه: ما تقول أنت؟ قال: الإسلام غير الإيمان. "السنة" للخلال 1/ 481 - 482 (1080) قال الخلال: وأخبرنا محمد بن علي. وقال: ثنا الأثرم أبو بكر، قال: قلت لأبي عبد اللَّه: أقول: هذا مسلم، وقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْمُسْلِمُ مَنْ ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 243، البخاري (2475)، ومسلم (57)، من حديث أبي هريرة. (¬2) روى صالح عن أبيه في "سيرة الإمام" ص 78 قول أبي جعفر بدون ذكر الحديث.

سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدِهِ" (¬1) وأنا أعلم أنه لا يسلم الناس منه؟ فذكر حديث معمر، عن الزهري، قال: فنرى الإسلام الكلمة، والإيمان العمل، قال: حدثني عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري. "السنة" للخلال 2/ 9 - 10 (1087) قال الخلال: وأخبرني موسى بن سهل، ثنا محمد بن أحمد الأسدي، قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب، عن إسماعيل بن سعيد، قال: سألت أحمد عن الإسلام والإيمان؟ فقال: الإيمان قول وعمل، والإسلام الإقرار. قال: وسألت أحمد عمن قال في الذي قال جبريل للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، إذ سأله عن الإسلام (¬2)، فقال له: فإذا فعلتُ ذلك فأنا مسلم؟ فقال: نعم. فقال قائل: فإن لم يفعلوا الذي قال جبريل للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فإنهم مسلمون أيضًا؟ فقال: هذا معاند للحديث. وقال أبو بكر الخلال: أخبرنا أبو بكر، حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا عبد اللَّه بن يزيد، قال: ثنا عبد اللَّه بن لهيعة، قال: حدثني بكر بن عمرو المعافري، عن رجل من حمير قال: قال عقبة بن عامر الجهني: إن الرجل ليتفصل الإيمان كما يتفصل ثوب المرأة (¬3). "السيرة" 2/ 88 (1352) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 212، والبخاري (6484)، ومسلم (40)، من حديث عبد اللَّه بن عمرو. وقول الزهري تقدم. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 27، ومسلم (8) من حديث عمر -رضي اللَّه عنه-. (¬3) رواه عبد اللَّه عن أبيه في "السنة" 1/ 334 (694)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 716 (969).

7 - باب: فضل التوحيد، والخوف من الشر

7 - باب: فضل التوحيد، والخوف من الشر قال حرب: حدثنا أحمد قال: حدثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن عبد اللَّه بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْإِيمانُ بِضْع وَسَبْعُونَ بابًا أَدْناها إِماطَةُ الأَذى عَنْ الطَّرِيقِ، وَأَرْفَعُها قَوْلُ لا إله إِلّا اللَّهُ" (¬1). قال حرب: حدثنا أحمد، قال: حدثنا هشيم، قال: حدثنا عبد الرحمن ابن عبد اللَّه بن دينار، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الإيمان تسع وسبعون شعبة أعظم ذلك قول لا إله إلا اللَّه، وأدنى ذلك كف الأذى عن طريق الناس، والحياء شعبة من الإيمان". "مسائل حرب" ص 368 - 369 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا إبراهيم بن خالد، حدثني رباح، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: مثل الإيمان كشجرة، فأصلها الشهادة وساقها وورقها كذا، وثمرها الورع، ولا خير في شجرة لا ثمر لها، ولا خير في إنسان لا ورع له (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 316 (635) قال عبد اللَّه: أخبرنا أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن سليمان بن ميسرة، عن طارق بن شهاب، عن (سلمان) (¬3) قال: دخل رجل الجنة في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب، قالوا: وكيف ذلك؟ ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 23 (1108) عن المروذي عن أحمد به. والحديث رواه الإمام أحمد 2/ 9، والبخاري (24). (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 39 (1166). (¬3) في المطبوع: سليمان، والصواب ما أثبتناه من مخطوط الزهد (النسخة المغربية).

قال: مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا، فقالوا لأحدهما: قرب. قال: ليس عندي شيء. فقالوا له: قرب ولو ذبابا. فقرب ذبابا، فخلوا سبيله، قال: فدخل النار، وقالوا للآخر: قرب ولو ذبابا. قال: ما كنتُ لأقرب لأحدٍ شيئا دون اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. قال: فضربوا عنقه، قال: فدخل الجنة (¬1). "الزهد" ص 22 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن بن المجبر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قال نوح عليه السلام لابنه: يا بني، إني موصيك بوصية وقاصر بها عليك حتى لا تنساها؛ أوصيك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين؛ فأما اللتان أوصيك بهما، فإني رأيتهما يكثران الولوج على اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، ورأيت اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يستبشر بهما، وصالح خلقه؛ قول: سبحان اللَّه وبحمده فإنها صلاة الخلق، وبها يرزق الخلق، وقول: لا إله إلا اللَّه، وحده لا شريك له، فإن السماوات والأرض لو ¬

_ (¬1) رواه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 203، والبيهقي في "شعب الإيمان" 5/ 485. والحديث ذكره الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه اللَّه رخَص للهُ تعالى في كتاب التوحيد مرفوعًا معزوًا لأحمد، وقد ناقش الألباني طرق الحديث باستفاضة في "الضعيفة" (5829) قائلًا: وبالجملة فالحديث صحيح موقوفًا على سلمان الفارسي -رضي اللَّه عنه-؛ إلا أنه يظهر لي أنه من الإسرائيليات التي كان تلقاها عن أسياده، حينما كان نصرانيًا. لم أقف عليه مرسلًا. لكنه روي بنحوه موصولًا من حديث عبد اللَّه بن عمرو، رواه الإمام أحمد 2/ 169 - 175، والبخاري في "الأدب المفرد" (548) وذكره ابن كثير في "البداية والنهاية" 1/ 119 وقال: وهذا إسناد صحيح ولم يخرجوه. وقال الهيثمي 4/ 219 - 220: رواه كله أحمد ورواه الطبراني بنحوه، ورجال أحمد ثقات. اهـ وصححه الألباني في "الصحيحة" (134) وهناك أشار إلى فوائد للحديث.

كن حلقة لفصمتها، ولو كن في كفة لرجحت بهن، وأما اللتان أنهاك عنهما فالشرك والكبر، فإن استطعت أن تلقى اللَّه وليس في قلبك شيء من شرك، ولا كبر فافعل" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد اللَّه بن يزيد، حدثنا موسى -يعني: ابن علي- قال: سمعت أبي يقول: بلغني أن نوحًا عليه السلام قال لابنه سام: يا بني، لا تدخلن القبر وفي قلبك مثقال ذرة من الشرك باللَّه؛ فإنه من يأت اللَّه مشركا فلا حجة له، ويا بني، لا تدخلن القبر وفي قلبك مثقال ذرة من الكبر، فإن الكبرياء رداء اللَّه، فمن ينازع اللَّه رداءه يغضب عليه، ويا بني، لا تدخلن القبر وفي قلبك مثقال ذرة من القنط؛ فإنه لا يقنط من رحمة اللَّه إلا ضال. "الزهد" ص 67 قال عبد اللَّه: قرأتُ على أبي: حدثنا عفان، حدثنا سعيد بن زيد، حدثنا معمر بن راشد، قال: عن الزهري، قال: أخبرني عمر بن عبد العزيز، عن أبيه، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل عن الدين أيه أفضل؟ قال: "الحنيفية السمحة" (¬2). "الزهد" ص 377 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي حاتم كما في "الدر المنثور" 5/ 88. وفيه إرسال عطاء. (¬2) "جامع معمر" 11/ 292 (20574)، ومن طريقه البزار كما في "الكشف" (77) ورواه عبد اللَّه بن أحمد في "زوائد الزهد" ص 353، وابن حجر في "تغليق التعليق" 2/ 42 من طريق أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري به. قال ابن حجر: صحيح مرسل. وقال الألباني في "تمام المنة" ص 45: أخرجه أحمد في "الزهد" بسند صحيح. اهـ. وله شاهد من حديث ابن عباس رواه الإمام أحمد 1/ 236، والبخاري في "الأدب المفرد" (287).

قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا هاشم بن القاسم، قال: ثنا عبد الحميد، قال: ثنا شهر، قال: ثنا ابن غَنْم، عن حديث معاذ بن جبل، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إِنَّ رَأسَ هذا الأَمْرِ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إله إِلّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِنَّ قِوامَ هذا الأَمْرِ إِقامُ الصَّلاةِ وَإِيتاءُ الزَّكاةِ، وَإِنَّ ذُرْوَةَ السَّنامِ مِنْهُ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَيَشْهَدُوا أَن لا إله إِلا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ اعْتَصَمُوا وَعَصَمُوا دِماءَهُم وَأَمْوالَهُمْ إِلّا بِحَقِّهَا وحِسابُهُمْ عَلَى اللَّهِ" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 40 (1171) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 245 مطولا، وابن ماجه (72)، والبزار 7/ 112 (2669)، والطبراني 20/ 63 (115) قال الهيثمي في "المجمع" 5/ 273: رواه الإمام أحمد والبزار والطبراني باختصار، وفيه شهر بن حوشب وهو ضعيف، وقد يحسن حديثه. والحديث صححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (59) وقال: صحيح متواتر.

8 - الإيمان ذو شعب، والحياء شعبة منه

8 - الإيمان ذو شعب، والحياء شعبة منه قال حرب: حدثنا أحمد قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجلًا يعظ أخاه في الحياء، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "الحياءُ مِنَ الإيمان" (¬1). "مسائل حرب" ص 370. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن سعيد، نا مالك، نا الزهري، عن سالم، عن أبيه: أن رجلًا من الأنصار كان يعظ أخاه في الحياء، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دَعْهُ؛ فَإِنَّ الحَياءَ مِنَ الإِيمان". "السنة" لعبد اللَّه 1/ 362 (779) قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجلًا يعظ أخاه في الحياء، فقال: "الحياء من الإيمان". قال الخلال: وأخبرني عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن الحكم -إمام مسجد طرسوس- قال: ثنا حامد بن علي، قال: قال لي أحمد بن حنبل: هذا الحديث شديد على المرجئة، وحجة عليهم. "السنة" للخلال 2/ 23 - 24 (1108 - 1109) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عفان، نا حماد بن سلمة، نا سهيل بن أبي صالح، عن عبد اللَّه بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الْإِيمانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ بابًا، أفضلها لا إله إِلّا اللَّهُ، وَأَدْناها إِماطَةُ الأَذى عَنْ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمان". ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 9، وعنه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 367 (778)، ورواه البخاري (24)، ومسلم (36).

وقال: حدثني أبي، نا وكيع، نا سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن عبد اللَّه بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الْحَياءُ شُعْبَة مِنْ الإِيمان". "السنة" لعبد اللَّه 1/ 331 - 332 (684 - 685) قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي، قال: ثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا يزيد، قال: أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْحَياءُ مِنَ الإِيمان والْإِيمانُ فِي الجَنَّةِ، والْبَذاءُ مِنَ الجَفاءِ والْجَفاءُ فِي النّارِ" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 25 (1115) قال الخلال: أخبرنا عبد الملك الميموني، قال: ثنا ابن حنبل، قال: ثنا موسى بن داود، قال: ثنا زهير، عن يحيى بن سعيد، عن النعمان بن مرة أن رجلًا ذُكِر عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بحياء، فقال: "إنَّ الإيمانَ ذو شُعب، وإنَّ الحياءَ شُعبة مِنَ الإيمان" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 36 (1158) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر، قال: ثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن النعمان بن مرة الأنصاري، أن رجلا ذكر عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بحياء، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ الإِيمانَ ذو ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 414، والبخاري (9)، ومسلم (35). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 501، والترمذي (2009)، وابن أبي شيبة في "الإيمان" (42) وصححه ابن حبان 2/ 372 (608). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وحسنه الألباني في تعليقه على "الإيمان".

شُعَبِ، وإِنَّ الحَياءَ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمان" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 46 (1186) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا هشيم، عن عوف، عن الحسن، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الحياءُ مِنَ الإِيمان، والْإِيمانُ فِي الجَنَّةِ" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 51 (1202) ¬

_ (¬1) لم أقف عليه، والنعمان بن مرة ذكره بعض المتأخرين أنه أخرج في الصحابة وهو تابعي، ذكره يحيى بن سعيد الأنصاري. قاله أبو نعيم في "معرفة الصحابة" 5/ 2664، وقد ذكر ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 8/ 447 (2052) أنه روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. (¬2) لم أقف عليه مرسلًا. ويروى من طريق الحسن، عن أبي بكرة، به. رواه البخاري في "الأدب المفرد" (1314)، وابن ماجه (4184)، وابن حبان 13/ 10 (5704)، والطبراني في "الأوسط" 5/ 193 (5055)، والحاكم 1/ 52. قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن هشيم، عن منصور، عن الحسن، عن أبي بكرة إلا سعيد بن سليمان. اهـ. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. اهـ. وقال البوصيري في "الزوائد" (1413): قلت: رواه ابن حبان في صحيحه من طريق. . [كذا بالمطبوع، قلت: هو من طريق محمد بن صالح، عن إسماعيل بن موسى، به، بتقديم البذاء على الحياء، وحكم الحاكم بصحته، فإن اعترض معترض على ابن حبان والحاكم في تصحيحه بقول الدارقطني: أن الحسن لم يسمع من أبي بكرة، قلت: احتج البخاري في صحيحه برواية الحسن عن أبي بكرة، في عدة أحاديث، منها: أن ابني هذا سيد. والمثبت مقدم على النافي. اهـ. وقد صححه الألباني في "الصحيحة" (495).

9 - باب: أركان الإسلام من الإيمان

9 - باب: أركان الإسلام من الإيمان قال الخلال: وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: قال أبو عبد اللَّه: جرير بن عبد اللَّه من آخر من أسلم من أصحاب رسول اللَّه، ويقول: بايعت النبي على النصح (¬1). فيكون النصح والحياء من الإيمان، ولا يكون الصوم والصلاة من الإيمان؟ ! . "السنة" للخلال 1/ 463 - 463 (1021) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحجاج أبو بكر المروذي، سُئل أبو عبد اللَّه عن الإيمان، فذكر حديث وفد عبد القيس؛ حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، قال: حدثني أبو جمرة، قال: سمعت ابن عباس قال: إن وفد عبد القيس لما قدموا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرهم بالإيمان باللَّه، قال: "أتدْرُون ما الإِيمان؟ ". قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: "شَهادَةُ أَنْ لا إله إِلَّا اللَّهُ وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقامُ الصَّلاةِ وَإِيتاءُ الزَّكَاةِ وَصَوْمُ رَمَضانَ وَأَنْ تُعْطُوا الخُمْسَ مِنَ المَغْنَمِ" (¬2). قال الخلال: أخبرنا محمد بن المنذر بن عبد العزيز، قال: ثنا أحمد ابن الحسن الترمذي، قال: أملى علينا أبو عبد اللَّه: من فلان ابن فلان إلى فلان ابن فلان، سلام عليك، فإني أحمد إليك اللَّه الذي لا إله إلا هو، وأسأله أن يصلي على محمد عبده ورسوله. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 361، والبخاري (57)، ومسلم (56). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 228، والبخاري (53)، ومسلم (17).

أما بعد: أحسن اللَّه إليك في الأمور كلها، وسلمك وإيانا من السوء كله برحمته، أتاني كتابك، والذي أنهيت إلي فيه، فنسأل اللَّه التوفيق لنا ولك بالذي يحب ويرضى. أما ما ذكرت من قول من يقول: إنما الإيمان قول. هذا قول أهل الإرجاء، قول محدث، لم يكن عليه سلفنا ومن نقتدي به، وقد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مما يقوّي أن الإيمان قول وعمل. ثم ذكر حديث ابن عباس في وفد عبد القيس، وحديث الحسن بن موسى قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا أسامة بن زيد، عن ابن شهاب، عن حنظلة بن علي بن الأسقع: أن أبا بكر بعث خالد بن الوليد، وأمره أن يقاتل الناس على خمس، فمن ترك واحدةٍ من خمس، فقاتله عليها كما تقاتل على الخمس: شهادة أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان (¬1). وحدثنا مسكين بن بكير، قال: ثنا ثابت بن عجلان، عن سليم أبي عامرة أن وفد الحمراء أتوا عثمان بن عفان يبايعونه على الإسلام، وعلى من وراءهم، فبايعهم على أن لا يشركوا باللَّه شيئا، وأن يقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، ويصوموا، ويدعوا عيد المجوس، فلما قالوا: نعم؟ بايَعَهم (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 39 (1169) عن المروذي، ورواه محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" 2/ 923 (975) وابن بطة في "الإبانة" 2/ 676 (880). وأورده صاحب "كنز العمال" 7/ 797، وعزاه لأحمد في "السنة". (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 39 (1167) عن المروذي، ورواه ابن بطة في "الإبانة" 2/ 676 (881) وأورده صاحب "كنز العمال" 1/ 526، وعزاه لأحمد في "السنة".

وذكر حديث عمر رحمه اللَّه: لا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة (¬1). فهؤلاء أئمة الهدى بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال أبو بكر الصديق لخالد بن الوليد ما قال، وقال عمر في تارك الصلاة ما قال، وقال عثمان -حيث اشترط عليهم- ما قال. فهذا انتهى إلينا مع أشياء كثيرة مما جاءت به الآثار عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ورضي عنهم، من تارك الصلاة، وتارك الزكاة، والحج والعمرة، وصفة المنافق، في أشياء كثيرة يطول ذكرها، كلها خلاف لأهل الإرجاء، لعلَّ في الأمر الواحد كذا وكذا حديثًا، فإياكم أن تزلكم المرجئة عن أمر دينكم، وليكن ذلك في لين وترك المجادلة لهم، حتى تبلغوا ما تريدون من ذلك. حدثنا أزهر، عن ابن عون، قال: قال محمد: كانوا يرون ما دام على ¬

_ (¬1) رواه الإمام مالك في "الموطأ" ص 50 ومن طريقه البيهقي 1/ 357، ورواه ابن أبي شيبة في "الإيمان" (103) عن ابن نمير، كلاهما -مالك وابن نمير- عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن المسور، وعن ابن نمير عن المسور وابن عباس. ورواه عبد الرزاق 1/ 150 (579) عن الثوري، عن هشام، عن أبيه، عن سليمان ابن يسار، عن المسور به، ورواه أيضًا برقم (580) عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة قال: دخل المسور وابن عباس على عمر بعد ما طعن. . الحديث، وبرقم (581) عن معمر، عن الزهري، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن ابن عباس به. ورواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 350 عن وكيع، عن هشام، عن أبيه، عن المسور أن ابن عباس دخل على عمر .. الحديث. ورواه أيضا محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (923)، والآجري في "الشريعة" ص 115 (252) وصححه الألباني في "الإرواء" (209) وفي تعليقه على "الإيمان" قائلًا: إسناده صحيح على شرط الشيخين. يعني طريق مالك وابن نمير.

الأثر، فهو على الطريق (¬1). واعلم أن ترك الخصومة والجدال هو طريق من مضى، ولم يكونوا أصحاب خصومة ولا جدالٍ، ولكنهم كانوا أصحاب تسليم وعمل، نسأل اللَّه التوفيق لنا ولكم في جميع أمورنا لما يحب ويرضى، وأن يسلمنا وإياكم من كل سوء برحمته، والسلام عليكم. "السنة" للخلال 2/ 14 - 16 (1100 - 1102) قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر، قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا أبو كامل والحسن بن موسى، قالا: ثنا شريك. وحجاج قال: أبنا شريك، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب، في قوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] قال: صلاتكم نحو بيت المقدس (¬2). قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر، قال: ثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما وجه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى الكعبة، قالوا: يا رسول اللَّه، كيف بالذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ فأنزل اللَّه تبارك وتعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (¬3). "السنة" 2/ 32 (1142 - 1143) قال أبو بكر الخلال: أخبرنا أبو بكر، ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى، عن إسماعيل، قال: ثنا قيس، قال: أخبرني جرير بن عبد اللَّه، أو: سمعت ¬

_ (¬1) رواه الدارمي في "مسنده" 1/ 251 (143). (¬2) رواه الطبري في "تفسيره" 2/ 19 (2225)، وابن أبي حاتم 1/ 251 (1347). (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 295، 347، وأبو داود (4680)، والترمذي (2964) وقال: حسن صحيح. وصححه الحاكم 2/ 269، والحافظ في "الفتح" 1/ 98.

جريرًا، قال: بايعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم (¬1). وقال: أخبرنا أبو بكر، قال: ثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا أبو نوح، قال: ثنا عاصم بن محمد وأبو النضر، قال: ثنا عاصم بن محمد، عن أبيه، عن ابن عمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْس: شَهادَةِ أَنْ لا إله إِلّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقامِ الصَّلاةِ، وَإِيتاءِ الزَّكاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضانَ" (¬2). وقال: أخبرنا أبو بكر، قال: ثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا أبو كامل، قال: ثنا حماد، عن بديل بن ميسرة العقيلي، عن عبد اللَّه بن شقيق، عن رجل من بلقين قال: أتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو بوادي القرى، فقلت: يا رسول اللَّه، ما أمرت؟ قال: "أمرتُ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَتُؤْتُوا الزَّكاةَ" (¬3). "السنة" للخلال 2/ 46 (1183 - 1185) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر، قال: ثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا معمر، عن الزهري: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أخذ على رجل دخل في الإسلام، فقال: "تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت" ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 365، والبخاري (57)، ومسلم (97). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 120، والبخاري (8)، ومسلم (21). (¬3) رواه أحمد بن منيع في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة المهرة" 5/ 185 (4495) وأبو يعلى 13/ 131 (7179)، والبيهقي 6/ 336. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 49 - 48: رواه أبو يعلى وإسناده صحيح. وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة" بعد أن ذكر رواية أبي يعلى وأحمد بن منيع: ورواتهما ثقات.

وتصوم رمضان، وإنك لا ترى نار مشرك إلا أنت له حرب" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 47 (1188) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر، قال: ثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، قال: ثنا عامر، عن معاذ بن جبل: لما بعثه نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى اليمن؛ اجتمع الناس عليه، فحمد اللَّه، وأثنى عليه، وقال: يا أيها الناس، إني رسولُ رسولِ اللَّه إليكم، أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وتقيموا الصلاة، وتؤتوا الزكاة، وإن تطيعوني أهدكم سبيل الرشاد، ألا إنما هو اللَّه وحده، والجنة والنار، إقامة فلا ظعن، خلود فلا موت، أما بعد (¬2). قال الخلال: أخبرنا أبو بكر، قال: ثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، قال: حدثني أبو جمرة، قال: سمعت ابن عباس قال: إن وفد عبد القيس لما قدموا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أمرهم بالإيمان باللَّه عَزَّ وَجَلَّ، قال: "أَتَدْرُونَ ما الإِيمانُ؟ "، قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: "شَهادَةُ أَنْ لا إله إِلّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقامُ الصَّلاةِ، وَإِيتاءُ الزَّكاةِ، وَصَوْمُ رَمَضانَ، وَأَنْ تُعْطُوا الخُمْسَ مِنَ المَغْنَمِ" (¬3). "السنة" 2/ 48 (1193 - 1194) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر، قال: ثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا معمر، عن عبد الكريم الجزري، عن مجاهد، بأن ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 6/ 6 (9824)، والطبري في "تفسيره" 6/ 296 (1635). (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 677 (883)، من طريق عبد اللَّه، والأثر رواه ابن أبي شيبة 7/ 103 (34354)، وابن المبارك (1566). (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 228، والبخاري (53)، ومسلم (17).

أبا ذر سأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الإيمان؛ فقرأ عليه هذِه الآية: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} [البقرة: 177] حتى ختم الآية (¬1). قال الخلال: أخبرنا أبو بكر، قال: ثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا هاشم بن القاسم، قال: ثنا أبو جعفر -يعني: الرازي- عن يونس، عن الحسن، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أُمِرْتُ أَنْ أُقاتِلَ النّاسَ حَتَّى يَقولوا: لا إله إِلّا اللَّهُ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ، فَإِذا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِماءَهُمْ، وَأَمْوالَهُمْ إِلّا بِحَقِّها، وَحِسابُهُمْ عَلَى اللَّهِ" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 50 (1999) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن مجالد، عن الشعبي، عن جرير قال: بايعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والسمع والطاعة، والنصح لكل مسلم (¬3). "السنة" للخلال 2/ 51 - 52 (1206) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن منصور، قال: سمعت أبا وائل يحدث، عن ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 772 (1067). والحديث رواه عبد الرزاق 11/ 28 (20110)، وابن أبي حاتم في "التفسير" 1/ 287 (1539)، والحاكم 2/ 272. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقال الذهبي في "التلخيص": كيف وهو منقطع. اهـ. وقال ابن حجر في "المطالب العالية" 27/ 474 (3533): هذا مرسل صحيح الإسناد. اهـ. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 502، والبخاري (2946) ومسلم (21). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 364 ورواه البخاري (57) ومسلم (56).

رجل، عن جرير أنه قال: بايعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم، وفراق المشرك (¬1). قال الخلال: قال أبو بكر: وحدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل، عن جرير، قال: بايعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم، وفراق المشرك، وكلمة هذا معناها. "السنة" للخلال 2/ 79 (1315 - 1316) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع قال: ثنا حنظلة الجمحي، عن عكرمة بن خالد، عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه: "بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهادَةِ أَنْ لا إله إِلّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقامِ الصَّلاةِ، وَإِيتاءِ الزَّكاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضانَ" (¬2). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن سالم، عن يزيد بن بشر، عن ابن عمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، مثله. فقيل لابن عمر: فالجهاد؟ قال: الجهاد حسن، هكذا حدثنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬3). "السنة" للخلال 2/ 95 (1382 - 1383) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 358 وانظر ما قبله. (¬2) رواه الامام أحمد 2/ 143، والبخاري (8)، ومسلم (22). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 26.

قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، عن يونس، عن الحسن أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "أمِرْتُ أَنْ أَقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يقولوا لا إله إلا اللَّه، ويُقِيمَوا الصَّلاةَ ويُؤتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذا فَعَلُوا ذَلِك فَقَدْ عَصَمُوا دِماءَهُم وَأَمْوالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسابُهُمْ عَلَى اللهِ" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 128 (1501) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع قال: ثنا أبي وإسرائيل وعلي بن صالح، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر العبسي، عن حذيفة قال: الإسلام ثمانية أسهم: الإسلام سهم، والصلاة سهم، والزكاة سهم، والحج سهم، ورمضان سهم، والجهاد سهم، والأمر بالمعروف سهم، والنهي عن المنكر سهم، وقد خاب من لا سهم له (¬2). "السنة" للخلال 2/ 142 (1554) ¬

_ (¬1) لم أقف عليه مرسلًا. ويروى مرفوعًا، من طريق الحسن، عن أبي هريرة، به. رواه ابن ماجه (71)، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" 1/ 90 (6) والبيهقي 7/ 4، ويروى من غير طريق الحسن. رواه البخاري (1399)، ومسلم (20). (¬2) رواه الطيالسي 1/ 329 (413)، وعبد الرزاق 3/ 125 (5011)، وابن أبي شيبة 6/ 158 (30304)، والبزار كما في "كشف الأستار" 1/ 170 (337)، موقوفًا. قال البزار: ولم يسنده إلا يزيد بن عطاء. اهـ، بتصرف. وقال الدارقطني؛ كما في "أطراف الغرائب" 3/ 18 (1975): ورفعه يزيد بن عطاء عن أبي إسحاق، وتفرد برفعه. اهـ. ويروى مرفوعًا. رواه البزار كما في "كشف الأستار" 1/ 170 (336، 875)، والمنذري في الترغيب والترهيب (741). قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 38: رواه البزار، وفيه يزيد بن عطاء، وثقه أحمد، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات. اهـ.

قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت صلة بن زفَر يحدث عن حذيفة قال: الإسلام ثمانية أسهم: الصلاة سهم، والإسلام سهم، والزكاة سهم، وصوم رمضان سهم، وحج البيت سهم، والجهاد في سبيل اللَّه سهم، والأمر بالمعروف سهم، والنهي عن المنكر سهم، وقد خاب من لا سهم له. "السنة" للخلال 2/ 143 - 144 (1557) ¬

_ = وقد حسنه الألباني لغيره -أعني المرفوع- في "صحيح الترغيب" (741). قلت: قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم 1/ 100: وصح من حديث أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن حذيفة. . وخرجه البزار مرفوعًا، والموقوف أصح. اهـ. وكذا صحح الألباني الموقوف، في "صحيح الترغيب" (741).

10 - باب: حكم تارك الصلاة

10 - باب: حكم تارك الصلاة قال أبو داود: سمعت أحمد يقولُ: إذا قال الرجل: لا أصلي، فهو كافر. "مسائل أبي داود" (1761) قال ابن هانئ: ثم قال (¬1): والصلاة خلف كل بر وفاجر؟ قال: نعم. قال: والجهاد مع السلطان، والصبر تحت لوائه، ولا يخرج على السلطان بسيف ولا عصا، وأن لا يكفر أحدًا بذنب؟ قال أبو عبد اللَّه: اسكت؟ من ترك الصلاة فقد كفر. "مسائل ابن هانئ" (1875 - 1876). قال حرب: حدثنا أحمد قال: ثنا زيد بن حُباب قال: حدثنا حسين بن واقد قال: ثنا عبد اللَّه بن بريدة، عن أبي قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ ترك الصَّلاةِ فَمَنْ تَرَكَها فَقَدْ كَفَرَ" (¬2). "مسائل حرب" ص 375. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا الوليد بن مسلم، نا عبد العزيز بن إسماعيل بن عبيد اللَّه أن سليمان بن حبيب حدثهم عن أبي أمامة الباهلي -رضي اللَّه عنه- عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَتُنقَضَنَّ عُرى الإِسْلامِ عُرْوَةً عُرْوَةً، فَكُلَّما انتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيها، وَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا ¬

_ (¬1) أي: رجل يسأل الإمام أحمد. (¬2) رواه عبد اللِّه عن أبيه في "السنة" 1/ 358 (769). ورواه الإمام أحمد 5/ 355، والترمذي (2621)، والنسائي 1/ 231 - 232، وابن ماجه (1079). قال أبو عيسى: حديث حسن صحيح غريب. وقال الألباني في تعليقه على كتاب "الإيمان" لابن أبي شيبة ص 15: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبي. اهـ

الحُكْمُ، وَآخِرُهُنَّ الصَّلاةُ" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 356 (764) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا عبد اللَّه بن الوليد العدني، نا سفيان، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَيْسَ بَيْنَ العَبْدِ وَبَيْنَ الكُفْرِ إِلّا تَرْكُ الصَّلاةِ". وقال: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا وكيع، عن سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "بَيْنَ العَبْدِ وَبَيْنَ الكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاةِ" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 357 - 358 (767 - 768) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا هاشم بن القاسم، نا شيبان، عن ليث، عن عطاء، عن جابر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشّرْكِ أن يَتْرُكَ الصَّلاةَ، وبَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الكُفْرِ أن يَتْرُكَ الصَّلاةِ" (¬3). وقال: حدثنا أبي، نا الوليد بن مسلم، سمعت الأوزاعي، عن القاسم بن مخيمرة، قال: أضاعوا المواقيت ولم يتركوها، ولو تركوها صاروا بتركها كفارًا (¬4). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 251، والطبراني 8/ 98 (7486)، وصححه الحاكم 4/ 92، وابن حبان 5/ 111 (6715). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 280: رواه أحمد والطبراني، ورجالهما رجال الصحيح. اهـ وقال الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (572): صحيح. اهـ. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 94 (1373) عن المروذي عن أحمد به. والحديث رواه الإمام أحمد 3/ 370، ومسلم (82). (¬3) رواه الخلال في "السنة" 2/ 94 (1377) عن المروذي عن أحمد به، والحديث رواه الإمام أحمد 3/ 389، وانظر السابق. (¬4) رواه الخلال في "السنة" 2/ 95 (1380) عن المروذي عن أحمد.

وقال: حدثنا أبي رحمه اللَّه، نا وكيع وعبد الرحمن، عن سفيان، عن عاصم، عن زر، عن عبد اللَّه قال: من لم يصل فلا دين له (¬1). وقال: حدثنا أبي، نا وكيع، نا المسعودي، عن القاسم والحسن بن سعد، قالا: قال عبد اللَّه: تركها الكفر (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 358 - 359 (770 - 773) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد اللَّه بن يزيد المقرئ من كتابه، نا سعيد -يعني: ابن أبي أيوب- حدثني كعب بن علقمة، عن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنه-، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنه ذكر الصلاة يومًا فقال: "مَنْ حافظ عليها كانتْ له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، ومَن لم يحافظ عليها لم تكن له نورًا ولا برهانًا ولا نجاة، ويأتي يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأُبي بن خلف" (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 363 (782) ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 96 (1387) عن المروذي عن أحمد به. والأثر رواه ابن أبي شيبة 2/ 161 (7636)، وفي "الإيمان" (47)، والطبراني 9/ 191 (8942)، والبيهقي في "الشعب" 1/ 72 (43). وذكره الألباني في "الضعيفة" 1/ 382 (214) وقال عنه -بعدما ذكر المرفوع منه-: وإسناده حسن، ثم هو موقوف، وهو الأشبه بالصواب. اهـ. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 98 (1390)، والطبراني 9/ 191 (8940)، وزاد في السند: عبد الرحمن بن عبد اللَّه، عن ابن مسعود. قال الهيثمي في "المجمع" 7/ 129: الحسن بن سعد والقاسم لم يسمعا من ابن مسعود. اهـ (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 169، والدارمي في "مسنده" 3/ 1789 (2763) وابن حبان 4/ 329 (1467) وذكره الهيثمي في "المجمع" 1/ 192 وزاد نسبته للطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وقال: ورجال أحمد ثقات. وصحح إسناده أحمد شاكر في تعليقه مع "المسند" 10/ 83 (6576).

قال عبد اللَّه: سألت أبي رحمه اللَّه عن ترك الصلاة متعمدًا. قال: يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بَيْنَ العَبْدِ وَبَيْنَ الكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاةِ". قال أبي: والذي يتركها لا يصليها، والذي يصليها في غير وقتها ادعوه ثلاثًا، فإن صلى وإلا ضربت عنقه، هو عندي بمنزلة المرتد يستتاب ثلاثًا فإن تاب، وإلا قتل على حديث عمر. قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل ترك العصر حتى غربت الشمس تركها عمدًا. قال: ادعوه إلى الصلاة ثلاثًا، فإن أبى وإلا ضربت عنقه. "مسائل عبد اللَّه" (191 - 192) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، نا هشام بن عروة، عن أبيه، عن المسور بن مخرمة، أن ابن عباس دخل على عمر، وقال مرة: دخلت مع ابن عباس على عمر بعد ما طعن، فقال: نعم، ولاحظ في الإسلام لامرئٍ أضاع الصلاة. فصلى والجرح يثعب دمًا (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (191 - 193) ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 95 (1381) عن المروذي عن أحمد. و 2/ 92 (1371) من طريق المروذي عن أحمد، ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا سفيان، عن هشام، به. وفي 2/ 97 (1388) عن المروذي. وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 671 (872) من طريق الفضل بن زياد، عن عبد اللَّه، عن أبيه، قال: نا إسماعيل بن إبراهيم، قال: نا أيوب، عن ابن مليكة، عن المسور، به. والأثر رواه مالك ص 50، ومن طريقه البيهقي 1/ 357، وابن أبي شيبة في "الإيمان" (103) من طريق، عن أبيه. وزاد ابن أبي شيبة ذكر ابن عباس فيه. ورواه عبد الرزاق 1/ 150 (579) عن الثوري، وابن أبي شيبة 2/ 227 (8388) من طريق أبي معاوية وهما عن هشام، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن المسور به. ورواه عبد الرزاق (580) عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة قال: دخل المسور =

قال أبو بكر الخلال: أخبرنا أبو بكر، قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع قال: ثنا حماد بن زيد، عن صدقة مولى آل الزبير، عن أبي ثَفال، عن أبي بكر بن حويطب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا إيمان لمن لا صلاة له" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 48 - 49 (1195) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الملك بن عمرو، قال: ثنا عكرمة، عن أبي عبد اللَّه الفلسطيني، قال: حدثني عبد العزيز أخو حذيفة، عن حذيفة بن اليمان قال: أول ما تفقدون من دينكم الخشوع، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة، وليصلين النساء وهن حيَّض، ولينتقضن الإسلام عروة عروة، ولتركبن طريق من كان قبلكم حذو النعل بالنعل وحذو القذة بالقذة، ولا تخطئون طريقهم ولا يخطأ بكم، حتى تبقى فرقتان من فرق كثيرة، يقول إحداهما: ما بال الصلوات الخمس، لقد ضلَّ من كان قبلنا، إنما قال: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} [هود: 114] لا تُصلَّون إلا صلاتين أو ثلاثًا، ¬

_ = وابن عباس على عمر بعدما طعن .. الحديث، ورواه (581) عن معمر، عن الزهري، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن ابن عباس به. ورواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 350 عن وكيع، عن هشام، عن أبيه، عن المسور أن ابن عباس دخل على عمر .. الحديث. ورواه الدارقطني 1/ 224 من طريق الزهري عن سليمان بن يسار، عن المسور بن مخرمة به، ومن طريق أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن المسور به. وقد صححه الألباني في "الإرواء" (209)، وفي تعليقه على "الإيمان" لابن أبي شيبة، فقال في طريق مالك وابن نمير: إسناده صحيح على شرط الشيخين. (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 798 (1079) من طريق عبد اللَّه بن أحمد، ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 18/ 27 وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه وصدقة هذا لم ينسب.

وفرقة أخرى تقول: إنا المؤمنون باللَّه كإيمان الملائكة، ما فينا كافر ولا منافق. حقًّا على اللَّه أن يحشرهم مع الدجال (¬1). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: ثنا عكرمة بن عمار اليماني، قال: ثنا حميد أبو عبد اللَّه، قال: حدثني عبد العزيز أخو حذيفة، أن حذيفة قال: أول ما تفقدون من دينكم الخشوع، فذكر مثل معناه، إلا أنه ذكر: ليصلين النساء وهن حيض. "السنة" للخلال 2/ 72 - 73 (1292 - 1293) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا عثمان، قال: ثنا أبو عوانة، قال: ثنا بيان، عن قيس بن أبي حازم، قال: رأى بلال رجلًا يصلي الصلاة، قال: يا صاحب الصلاة، لو مت مت على غير ملة عيسى ابن مريم عليه السلام (¬2). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: سمعت الأوزاعي يخبر أن عمر بن عبد العزيز كان قد أمر حراسه إذا خرج عليهم أن لا يقوموا له، وإن كانوا جلوسًا وسعوا له، فخرج عليهم ذات ¬

_ (¬1) روى طرفًا منه أحمد في "الزهد" ص 224، وابن أبي شيبة 7/ 153 - 154 (34797)، والطبري في "تهذيب الآثار" مسند ابن عباس (1006)، والحاكم 4/ 469 وصححه، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 281. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 1/ 259 (2981)، ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" 2/ 902 (943، 944)، والطبراني 1/ 356 (1085). قال المنذري، كما في "صحيح الترغيب والترهيب" (530): رواه الطبراني ورواته ثقات. وقال الهيثمي في "المجمع" 2/ 121: رواه الطبراني في "الأوسط"، و"الكبير" غير أنه قال في "الكبير": لمات على غير ملة عيسىى عليه السلام. ورجاله ثقات. وقال الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب": صحيح موقوف.

يوم فأوسعوا له، فقال: أيكم يعرف رسولنا إلى مصر؟ فقالوا: كلنا نعرفه. قال: فليقم إليه أحدثكم سنًا. فقال: فقام إليه رجل منهم، فقال له الرسول: لا تعجلني حتى أشدَّ ثيابي. قال: فأتاه، فقال له عمر رحمه اللَّه: إن اليوم يوم الجمعة، فلا تخرج حتى تصلي الجمعة، فإنا بعثناك في أمر عجلة من أمر المسلمين، فلا يحملنَّك استعجالنا إياك أن تؤخر الصلاة عن ميقاتها، فإنك لا محالة تصليها، وإن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ذكر قومًا، فقال: {أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} [مريم: 59] ولم يكن إضاعتهم إياها تركها، ولكن أضاعوا المواقيت (¬1). "السنة" للخلال 2/ 80 (1318 - 1319) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا عوف، عن الحسن قال: بلغني أن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كانوا يقولون: بين العبد وبين أن يشرك فيكفر أن يدع الصلاة من غير عذر (¬2). "السنة" للخلال 2/ 92 (1372) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد اللَّه بن الوليد، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَيْسَ بَيْنَ العَبْدِ وَبَيْنَ الكُفْرِ إِلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" 1/ 123 (40). ورواه الطبري في "تفسيره" 8/ 354 (23781) بإسناده عن يونس بن عبد الأعلى، عن الوليد بن مسلم به، وبرقم (23782) من طريق عيسى، عن الأوزاعي، به. (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 679 (877)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 910 (1539) من طريق عبد اللَّه عن أحمد به. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 370، مسلم (82).

قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا معاوية بن عمرو، قال: ثنا أبو إسحاق، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "بين العبد وبين الكفر والشرك ترك الصلاة". "السنة" للخلال 2/ 94 (1375 - 1376) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: ثنا الجريري، عن عبد اللَّه بن شقيق، قال: ما علمنا شيئًا من الأعمال قيل: تركه كفر، إلا الصلاة (¬1). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني أبان بن صالح، عن مجاهد بن جبير (¬2) أبي الحجاج، عن جابر بن عبد اللَّه الأنصاري قال: قلت له: ما كان فرق بين الكفر وبين الإيمان عندكم من الأعمال على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: الصلاة (¬3). "السنة" للخلال 2/ 94 (1378 - 1379) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا ابن جابر، قال: حدثني عبد اللَّه بن أبي زكريا، أنَّ أم الدرداء حدثته، أنها سمعت أبا الدرداء يقول: لا إيمان لمن لا صلاة ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (2622) وقال الألباني في تعليقه على "مشكاة المصابيح" (579): وإسناده صحيح، ووصله الحاكم 1/ 8 عن عبد اللَّه بن شقيق، عن أبي هريرة قال: . . فذكره، وقال: صحيح على شرطهما وقال الذهبي: إسناده صالح. (¬2) ويقال: ابن جبر، ورجحه المزي كما في "تهذيب الكمال" 22/ 287. (¬3) رواه ابن بطة في "الإبانة" (876)، واللالكائي 4/ 910 (1538).

له، ولا صلاة لمن لا وضوء له (¬1). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن المسعودي، قال: ثنا الحسن بن سعد، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه قال: قيل لعبد اللَّه: إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يكثر ذكر الصلاة: {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23)} [المعارج: 23]، {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34)} [المعارج: 34] قال: ذاك على مواقيتها. قالوا: ما كنا نرى إلا أن ترك الصلاة. قال: تركها كفر (¬2). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى، عن المسعودي، عن القاسم، قال: قال عبد اللَّه: الكفر ترك الصلاة (¬3). "السنة" للخلال 2/ 95 - 96 (1384 - 1386) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا أبو معاوية، قال: ثنا الأعمش، عن زيد بن وهب، قال: دخل حذيفة المسجد، فرأى رجلًا، فصلى مما يلي أبواب كندة، فجعل لا يتم الركوع ولا السجود، ¬

_ (¬1) رواه محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" 2/ 903 (945)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 909 (1536). وذكره المنذري في "الترغيب والترهيب" وقال: رواه ابن عبد البر وغيره موقوفًا. وقال الألباني: صحيح موقوف. انظر "صحيح الترغيب والترهيب" (575). (¬2) رواه اللالكائي في "أصول الاعتقاد" 4/ 908 - 909 (1534) من طريق عبد اللَّه بن أحمد، عن أبيه. (¬3) رواه العدني في "الإيمان" (11)، والآجري في "الشريعة" (269)، والطبراني 9/ 191 (8939) وغيرهم من طريق المسعودي، به. وفي الإسناد انقطاع؛ فالقاسم لم يسمع من ابن مسعود، فروى عنه مرسلًا. انظر "تهذيب الكمال" 23/ 379 (4799).

فلما انصرف قال له حذيفة: منذ كم هذِه صلاتك؟ قال: منذ أربعين سنة. فقال له حذيفة: ما صليتَ منذ أربعين سنة، ولو متَّ وهذِه صلاتك لمت على غير الفطرة التي فطر اللَّه عليها محمدًا، ثم أقبل عليه يُعلِّمه، قال: إن الرجل ليخف الصلاة، وإنه ليتم الركوع والسجود (¬1). "السنة" للخلال 2/ 98 (1389) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدثني مهدي بن ميمون، قال: ثنا واصل الأحدب، عن أبي وائل، عن حذيفة أنه رأى رجلًا يصلي لا يتم ركوعه ولا سجوده، فلما انصرف دعاه فقال: منذ كم صليت هذِه الصلاة؟ فقال: صليتها منذ كذا وكذا. فقال: ما صليت. أو: ما صليت للَّه. قال مهدي: وأحسبه قال: لو مِتَّ مت على غير سنة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-. "السنة" للخلال 2/ 128 (1503) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء، عن عبد اللَّه قال: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة (¬2). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن جعفر، عن أبيه قال: دخل رجل المسجد ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جالس، فصلى، فجعل ينقر كما ينقر الغراب، فقال: "لو مات هذا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 384، والبخاري (791). (¬2) رواه عبد الرزاق 3/ 363 (5981)، وابن أبي شيبة 7/ 256 (35823) وغيرهما من طرق عن ابن مسعود، به. وعند بعضهم زيادة.

لمات على غير دين محمد" (¬1). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا عبد اللَّه بن نمير، عن محمد -يعني: ابن أبي إسماعيل- عن معقل الخثعمي، قال: أتى رجلٌ عليًّا وهو في الرحبة، فقال: يا أمير المؤمنين، ما ترى في المرأة لا تصلي؟ فقال: من لم يصل فهو كافر. قال: إنها تستحاض. قال: فلتدع الصلاة قدر حيضتها، فإذا انقضى قدر حيضتها اغتسلت كل يوم، واتخذت صوفة فيها سمن أو زيت (¬2). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا خلف بن أيوب (¬3)، قال: ثنا (. . .) عن بيان، عن قيس: أن بلالًا رأى رجلًا يصلي فيسيء الصلاة، فقال: يا صاحب الصلاة، لو متَّ الساعة مت على غير ملة عيسى عليه السلام (¬4). "السنة" للخلال 2/ 98 - 99 (1391 - 1394) ¬

_ (¬1) رواه العدني في "الإيمان" (29)، وابن بطة فى "الإبانة" (888) من طريق جعفر، به، ورواه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" ص 198 (74) لكن عن جعفر، عن أبيه -محمد بن علي- عن علي بن الحسين، به، فزاد فيه الجد: على بن الحسين. وكما هو بَيِّن فالإسناد فيه انقطاع. (¬2) رواه العدني في "الإيمان" ص 126 (63)، والآجري في "الشريعة" ص 116 - 117 (256). وروى ابن أبي شيبة الجزء الأول منه في "الإيمان" (126) بإسناده عن عبد اللَّه بن نمير، به. (¬3) كذا في المطبوع. وفي النسخة الخطية أقرب إلى (الوليد)؛ وخلف بن الوليد من شيوخ الإمام أحمد. (¬4) رواه ابن أبي شيبة 1/ 259 (2981)، والطبراني 1/ 356 (1085) من طريق مفضل ابن مهلهل، عن بيان، به. قال الهيثمي في "المجمع" 2/ 121: رجاله ثقات. اهـ. وقال الألباني في "صحيح الترغيب" (530): صحيح موقوف. وقد تقدم تخريجه.

قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن حسان بن أبي وجزة، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمرو أنه قال: لأن أزني أحب إليَّ من أن أشرب الخمر، إني إذا شربت الخمر تركت الصلاة، ومن ترك الصلاة فلا دين له (¬1). "السنة" للخلال 2/ 99 (1395) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثثا يزيد بن هارون، قال: ثنا محمد -يعني: ابن إسحاق- عن مكحول أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال للفضل بن العباس وهو يعظه: "لا تشرك باللَّه وإن قُتلت أو حُرِّقت، ولا تترك الصلاة متعمِّدًا، فإنه من تركها متعمِّدًا فقد برئت منه ذمة اللَّه" (¬2). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا أبي، عن ابن إسحاق قال: حدثني عبد اللَّه بن أبي بكر، ويحيى بن سعيد أنهما حُدَّثا عن سعد بن عمارة -أخي بني سعد ابن بكر، وكانت له صحبة- أن رجلًا قال له: عظني في نفسي رحمك اللَّه. قال: إذا أنت قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء؛ فإنه لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا إيمان لمن لا صلاة له، ثم إذا أنت صليت فصل ¬

_ (¬1) بهذا اللفظ رواه ابن أبي شيبة 5/ 95 (24052)، ورواه البيهقي في "الشعب" 5/ 13 (5600)، وابن أبي الدنيا في "ذم المسكر" ص 18 (6) دون قوله: ومن ترك الصلاة فلا دين له. (¬2) رواه الحسين المروزي في زياداته على "البر والصلة" (105)، ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" 2/ 888 - 889 (917)، وابن عساكر في "تاريخه" 60/ 199.

صلاة مودع، واترك طلب كثير من الحاجات؛ فإنه فقر حاضر، واجمع الإياس ممّا عند الناس؛ فإنه هو الغنى، وانظر إلى ما تعتذر منه من القول والفعل فاجتنبه (¬1). "السنة" 2/ 99 - 100 (1396 - 1397) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا سليمان بن داود قال: أنبأ شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن حسان بن أبي وجزة، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: لأن أزني أحب إليَّ من أن أشرب الخمر، إنه من سكر -يعني: ترك الصلاة، ومن ترك الصلاة فلا دين له. "السنة" للخلال 2/ 134 (1523). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن محمد بن عمرو، قال: حدثني عبيدة بن سفيان الحضرمي، عن أبي الجعد الضمري -وكانت له صحبة- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ تَرَكَ ثَلاثَ جُمَعٍ تَهاوُنًا بِها طُبع عَلَى قَلْبِهِ" (¬2). ¬

_ (¬1) رواه محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" 2/ 903 - 904 (946)، والطبراني 6/ 44 (5459). قال الهيثمي في "المجمع" 15/ 236: رواه الطبراني ورجاله ثقات. وكذا قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 2/ 31. وقال الألباني في "الصحيحة" 4/ 546: وهذا إسناد حسن، ورجاله كلهم ثقات على الخلاف المعروف في محمد بن إسحاق، وقد صرح بالتحديث. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 424 - 425، وأبو داود (1052)، والترمذي (505) والنسائي 1/ 202 وابن ماجه (1125) وقال الترمذي: حديث حسن، وصححه الحاكم 1/ 280، وابن الملقن في "البدر المنير" 4/ 583، والألباني في "صحيح أبي داود" (965) وقال: إسناده حسن، رجاله ثقات -رجال الصحيح إلا أن محمد ابن عمرو -وهو ابن علقمة- إنما أخرج له الشيخان متابعة.

قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع قال: ثنا شعبة، عن محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة، عن عمه يحيى -وأثنى عليه خيرًا- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ تَرَكَ الجُمُعَةَ ثَلاثًا تَهاوُنًا بِها مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ طُبعَ عَلَى قَلْبِهِ، وجعل قلبهُ قلب منافق" (¬1). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع قال: ثنا سفيان، عن عوف، عن سعيد بن أبي الحسن، عن ابن عباس قال: من ترك أربع جمع متواليات من غير عذر فقد نبذ الإسلام وراء ظهره (¬2). "السنة" للخلال 2/ 154 - 155 (1596 - 1598) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر وروح قالا: ثنا عوف، عن سعيد بن أبي الحسن قال: قال ابن عباس: من ترك الجمعة أربع جمع -ولم يقل روح: جمع متواليات- من غير عذر فقد نبذ الإسلام وراء ظهره. قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى، عن عوف قال: ثنا سعيد بن أبي الحسن، عن ابن عباس قال: من ترك أربع ¬

_ (¬1) رواه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية" (717)، وأبو يعلى في "مسنده" 13/ 108 - 109 (7167). قال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة" (1500): رواه مسدد بسند الصحيح. (¬2) رواه عبد الرزاق 3/ 166 (5169)، وابن أبي شيبة 1/ 480 (5535)، وأبو يعلى في "مسنده" 5/ 102 (2712). قال المنذري كما في "صحيح الترغيب والترهيب" (733): رواه أبو يعلى موقوفًا بإسناد صحيح. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 193: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وقال الألباني في "الضعيفة" 2/ 112 (657): إسناده صحيح كما قال المنذري ورجاله ثقات رجال مسلم غير سفيان بن حبيب، وهو ثقة. اهـ.

جمع من غير عذر فقد نبذ الإسلام وراء ظهره. "السنة" للخلال 2/ 156 (1602) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الملك بن عمرو قال: ثنا زهير. وابن مهدي، عن زهير، عن أسيد -قال ابن مهدي: ابن أبي أسيد- عن عبد اللَّه بن أبي قتادة، عن جابر بن عبد اللَّه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَ مِرَارٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ -قال ابن مهدي: من غير ضرورة- طُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ" (¬1). قال ابن مهدي: "طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ". "السنة" للخلال 2/ 156 (1602) وسأله علي بن سعيد عن قوله: "مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا" (¬2)؛ قال: للتأكيد والتشديد، ولا أكفر أحدًا إلا بترك الصلاة. "الفروع 6/ 565 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 332 وابن ماجه (1126)، وصححه ابن خزيمة 3/ 176 (1856)، والحاكم 1/ 292. وجود إسناده المنذري كما في "الترغيب والترهيب" (732) قال البوصيري في "الزوائد" (371): إسناد حديث جابر صحيح، رجاله ثقات، وقال ابن حجر في "التلخيص" 2/ 52: إسناده حسن. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (942) وانظر: "صحيح أبي داود" (965). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 417، ومسلم (101) من حديث أبي هريرة.

11 - حكم تارك الزكاة والحج

11 - حكم تارك الزكاة والحج قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا وكيع، نا حسن بن صالح، عن مطرف، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص قال: قال عبد اللَّه: ما تارك الزكاة بمسلم. وقال: حدثني أبي، نا وكيع، نا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، قال: قال عبد اللَّه: من أقام الصلاة ولم يؤد الزكاة فلا صلاة له (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 373 (218 - 813) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا هشيم، قال: أنبأ منصور، عن الحسن، قال: قال عُمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: لقد هممت أن أبعث رجلًا إلى هذِه الأمصار، فلينظروا إلى كل رجل ذي جدة لم يحج، فيضربوا عليهم الجزية؛ ما هم بمسلمين! ما هم بمسلمين (¬2)! قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا هشيم، قال: ثنا داود بن أبي هند، قال: ثنا سعيد بن جبير، قال: قال عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: لو الناس تركوا الحج، لقاتلناهم عليه كما ¬

_ (¬1) رواهما الخلال في "السنة" 2/ 128 (1500، 1502) عن المروذي عن أحمد به. والأثران رواهما ابن أبي شيبة 2/ 353 (9826 - 9828): وابن بطة في "الإبانة" 2/ 680 - 681 (890 - 891) واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 926 (1574، 1575) من طريق أبي إسحاق، به، وضعفه الألباني في "ضعيف الترغيب" (465). (¬2) رواه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 924 (1568) من طريق قتادة، عن الحسن، عن عمر، به. وفي هذا الإسناد انقطاع فالحسن لم يدرك عمر. انظر: "تهذيب الكمال" 6/ 95 (1216).

نقاتلهم على الصلاة والزكاة (¬1). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا هشيم، قال: ثنا منصور، عن الحكم، عن عدي بن عدي، عن الضحاك ابن عرزم قال: قال عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: من مات وهو موسر ولم يحج فليمت إن شاء يهوديًّا، وإن شاء نصرانيًّا (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا هشيم، قال: ثنا مغيرة، عن إبراهيم، عن الأسود، أنه قال لمولى له -يقال له مقلاص: لئن مت ولم تحج لم أصل عليك (¬3). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا شعبة، عن أبي المعلى، عن سعيد بن جبير قال: لو مات جار لي لم يحج وهو موسر لم أصل عليه (¬4). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن مجاهد بن رومي قال: سألتُ سعيد بن جبير وعبد الرحمن ابن أبي ليلى وابن معقل عن رجل مات وهو موسر لم يحج؛ قال ابن أبي ليلى: إني لأرجو إن حج عنه وليه. وقال سعيد بن جبير: النار النار. وقال عبد اللَّه بن معقل: مات وهو للَّه عاص (¬5). ¬

_ (¬1) رواه العدني في "الإيمان" (34). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 293 (14453). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 3/ 292 (14448). (¬4) رواه ابن أبي شيبة 3/ 292 (14450). (¬5) رواه ابن أبي شيبة 3/ 292 (14449).

قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ليث، عن ابن سابط قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من مات ولم يحج، لم يمنعه من ذاك مرض حابس، أو سلطان ظالم، أو حاجة ظاهرة، فليمت على أي حال، إن شاء يهوديًّا، وإن شاء نصرانيًّا" (¬1). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن مغيرة ومنصور، عن إبراهيم أن الأسود قال لمولى له يقال له: مقلاص -هو موسر-: يا مقلاص أتحج؟ فإن لم تحج لم أصل عليك. قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا إسماعيل، عن ليث، عن عبد الرحمن بن سابط، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ ماتَ ولم يحج حجة لم يمنعه من ذاك حاجة ظاهرة، أو مرض حابس، أو سلطان ظالم، فليمت على أي حال، إن شاء يهوديًّا، وإن شاء نصرانيًّا". قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن عدي بن عدي، عن الضحاك ابن عبد الرحمن بن عرزم، عن أبيه، عن عمر قال: من كان ذا يسار فمات ولم يحج فليمت إن شاء يهوديًّا وإن شاء نصرانيًّا. "السنة" للخلال 2/ 147 - 149 (1571 - 1580) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 292 (14447).

12 - أعمال القلوب من الإيمان

12 - أعمال القلوب من الإيمان قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن فضيل، عن ضرار -وهو أبو سنان الشيباني- عن سعيد بن جبير قال: التوكل على اللَّه جماع الإيمان (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 361 (776) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن علقمة، عن عبد اللَّه قال: الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 374 (817) قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة. وحجاج قال: حدثني شعبة. قال: سمعت قتادة يحدث، عن أنس بن مالك، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ أو لجاره -ولم يشك حجاج في أخيه- مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" (¬3). قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي، قال: ثنا أبو عبد اللَّه، قال: ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 7/ 207 (35331)، وابن أبي الدنيا في "التوكل" (6)، والخلال في "السنة" 2/ 50 (1200) وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 274، والبيهقي في "الشعب" 2/ 111 (1323). (¬2) رواه البخاري معلقا قبل حديث (8)، ورواه موصولا ابن أبي خيثمة في "تاريخه" 3/ 10 (39)، والخلال في "السنة" 2/ 129 (1509)، والطبراني 9/ 154 (8544)، والحاكم 2/ 446، وابن حجر في "تغليق التعليق" 2/ 22 وقال: وهذا موقوف صحيح. وقال المنذري كما في "صحيح الترغيب والترهيب" (3397): رواه الطبراني في "الكبير" ورواته رواة الصحيح، وهو موقوف. وقال الألباني في المصدر السابق: صحيح موقوف. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 176، والبخاري (13)، ومسلم (45).

ثنا يزيد، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا قتادة، عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ أَوْ لِجَارِهِ -شك شعبة- مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ". "السنة" للخلال 2/ 24 (1111 - 1112) قال الخلال: قال أبو بكر: ثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا شريك، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن ابن حنيفة، قال: لا إيمان لمن لا تقية له (¬1). "السنة" للخلال 2/ 40 (1170) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا روح، قال: ثنا أشعث، عن الحسن، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ إِلَى الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 54 (1221) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 478 (33035). (¬2) لم أقف عليه مرسلًا لكنه روي موصولًا رواه الإمام أحمد 3/ 207، وبنحوه البخاري (21) ومسلم (43) من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-.

13 - نفي الوسوسة محض الإيمان

13 - نفي الوسوسة محض الإيمان قال صالح: قلت: الرجل يحدث نفسه بما إن سكت يخاف أن يكون قد أشرك، وذهب دينه؟ قال: يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه تجاوز لأمتي عما حدثتْ به أنفسها ما لم تعمل به أو تتكلم" (¬1) فإذا حدث نفسه بشيء صرف ذلك عن نفسه. "مسائل صالح" (1399) قال حرب: سمعت إسحاق يقول في حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه والتابعين في الوسوسة أنه محض الإيمان أو صريح الإيمان. قال إسحاق: إذا أنفى الوسوسة عن نفسه فنفيه محض الإيمان وليس الوسوسة محض الإيمان، ولكن نفيه، وأما الوسوسة إذا وقع في القلب فلم ينفه فهو الهلاك. قال: وأما ما روي عن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنهم كانوا إذا فقدوا الوسوسة عدوه نقصًا (¬2) فليس أن يكونوا عدوا فقد الوسوسة نقصًا، ولكن كانوا إذا أصابهم ذلك نفوها عن أنفسهم، فإذا لم يصبهم ذلك عدوه نقصًا؛ لأن نفي ذلك عندهم فضيلة عندهم. أو كما قال. "مسائل حرب" ص 351 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 393، والبخاري (5269)، ومسلم (127). (¬2) روى الإمام أحمد 2/ 397، ومسلم (132) عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: جاء ناس من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال "وقد وجدتموه"؟ قالوا: نعم. قال: "ذاك صريح الإيمان" وهذا لفظ مسلم. تنبيه: نحن نورد مسائل إسحاق بن راهويه الموجودة في كتب المسائل المروية عن الإمام أحمد؛ كما تقدم في مقدمة الكتاب.

14 - الطهور وذكر الله من الإيمان

14 - الطهور وذكر اللَّه من الإيمان قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن سعيد، عن سفيان، حدثني أبو إسحاق، عن ابن أبي ليلى الكندي قال: رأى حجر بن عدي ابنا له يتهاون بالوضوء، فقال: هات الصحيفة، هذا ما حدثنا علي -رضي اللَّه عنه- أن الوضوء نصف الإيمان (¬1). وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا يونس بن أبي إسحاق، عن عمير بن (قميم) (¬2)، عن غلام لحجر الكندي أن حجرًا رأى ابنا له خرج من الغائط ولم يتوضأ فقال: يا غلام ناولني الصحيفة من الكوة، سمعت علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- يقول: الطهور نصف الإيمان (¬3). وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي ليلى الكندي، عن حجر بن عدي حدثنا علي رضي اللَّه عنه أن الطهور شطر الإيمان (¬4). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 369 - 370 (800 - 802) ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 152 - 153 (1591)، عن المروذي عن أحمد به؛ والأثر رواه ابن أبي شيبة 1/ 15 (38)، والبيهقي في "الشعب" 1/ 72 (41). (¬2) في المطبوع: نمير. والصواب ما أثبتناه، وعمير بن قميم ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 6/ 378 (2092) وقال: عمير بن قميم الثعلبي، قال يحيى بن سعيد وأبو نعيم: هو أبو هلال الطائي، روى عن ابن عباس، روى عنه أبو إسحاق الهمداني ويونس بن أبي إسحاق. (¬3) رواه الخلال في "السنة" 2/ 153 (1592) وعن المروذي، عن أحمد به؛ والأثر رواه ابن سعد في "الطبقات" 6/ 220، عن يحيى بن عباد، عن يونس به .. (¬4) رواه الخلال في "السنة" 2/ 153 - 154 (1594)، عن المروذي، عن أحمد به.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن سعيد، عن سفيان، حدثني جامع بن شداد، عن الأسود بن هلال قال: خرج معاذ في ناس فقال: اجلسوا نؤمن ساعة نذكر اللَّه (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 378 - 379 (823) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن جامع بن شداد، عن الأسود بن هلال قال: قال معاذ بن جبل: اجلس نؤمن ساعة يعني: نذكر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. "السنة" للخلال 2/ 151 (1587) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عفان، قال: ثنا أبان، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام، عن أبي مالك الأشعري أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: "الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ" (¬2). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا يونس بن أبي إسحاق، قال: سمعت جري بن كليب النهدي، عن رجل من بني سليم، قال: عدهن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في يدي أو قال في يده: "التسبيح نِصْفُ الميزان، والحمدُ للَّه يملؤه، والتكبير يملأ ما بين السماوات ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في "الإيمان" كما في "تغليق التعليق" 2/ 21 والبخاري معلقا قبل حديث (8)، ووصله ابن أبي شيبة 6/ 164 (30354)، وفي "الإيمان" (105)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 235، وابن حجر في "تغليق التعليق" 2/ 20 وقال: هذا موقوف صحيح. وقال الألباني في تعليق على "الإيمان" لابن أبي شيبة: إسناده صحيح على شرط الشيخين. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 342، ومسلم (223).

والأرض، والصوم نصف الصبر، والطهور نصف الإيمان" (¬1). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن جري بن كليب النهدي، عن رجل من بني سليم، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله. "السنة" للخلال 2/ 130 - 131 (1510 - 1512) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 363، والترمذي (3519) وقال: هذا حديث حسن. وضعفه الألباني في "ضعيف الترغيب والترهيب" (944) وقال في تعليقه على "المشكاة" (296): فيه جري النهدي وهو ابن كليب ولم يرو عنه غير أبي إسحاق السبيعي فهو في عداد المجهولين.

15 - حسن الخلق من كمال الإيمان

15 - حسن الخلق من كمال الإيمان قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد اللَّه بن يزيد المقرئ، نا سعيد -يعني ابن أبي أيوب- حدثني ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة لعبه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَكمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا" (¬1) "السنة" لعبد اللَّه 1/ 348 - 349 (747) وقال: حدثني أبي، نا إسماعيل بن إبراهيم، نا خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ أَكْمَلَ المُؤْمِنِينَ إِيمانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 362 (781) قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر، قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن سعيد قال: ثنا محمد بن عمرو قال: ثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَكمَل المُؤْمِنِينَ إِيمانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وخِيارُكُمْ خِيارُكمْ لِنِسائِكِمْ" (¬3). "السنة" للخلال 2/ 24 - 25 (1113) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 527، وأبو داود (4682)، والترمذي (1162). وقال: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "الصحيحة" (284). (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 25 (1114) عن المروذي، عن أحمد به. والحديث رواه الإمام أحمد 6/ 47 والترمذي (2612)، والحاكم 1/ 53. وقال الترمذي: حديث حسن، ولا نعرف لأبي قلابة سماعًا من عائشة. وقال الألباني في "الصحيحة" (284): فالحديث بهذا الإسناد وزيادة: "وألطقهم بأهله" ضعيف. وكذلك ضعفه في "ضعيف الترغيب والترهيب" (1215)، و"المشكاة" (3263). (¬3) تقدم تخريجه.

قال الخلال: أخبرنا أبو بكر قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: ثنا يونس، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألا إِن أَفضل المُؤْمِنِينَ إِيمانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 51 (1204) ¬

_ (¬1) لم أقف عليه مرسلًا، وانظر ما قبله.

16 - باب: حلاوة الإيمان

16 - باب: حلاوة الإيمان قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الوهاب الثقفي، نا أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس -رضي اللَّه عنه- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُوقَد نارٌ فيُقْذَفَ فِيهَا" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 353 (759) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجِدَ طَعْمَ الْإِيمَانِ فَلْيُحِبَّ المَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ" (¬2) "السنة" لعبد اللَّه 1/ 371 (804) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا أبو داود، قال شعبة: عن أبي بلج، قال: سمعت عمرو بن ميمون يحدث عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَجِدَ طَعْمَ الْإِيمَانِ فَلْيُحِبَّ الْعَبْدَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ". "السنة" للخلال 2/ 174 (1666) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 153، والبخاري (16)، ومسلم (43)، (67). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 298، والطيالسي 4/ 235 (2617)، وإسحاق بن راهويه 1/ 281 (253)، والبزار كما في "كشف الأستار" (63) وصححه الحاكم 3/ 1. قال البزار: والصواب عندي حديث أبي بلج عن عمرو عن أبي هريرة. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 90: رواه أحمد والبزار ورجاله ثقات. وقال الألباني في "الصحيحة" (2300): وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير يحيى بن أبي سليم وهو أبو بلج الفزاري الواسطي، وهو صدوق ربما أخطأ كما قال الحافظ.

قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثني محمد بن إدريس الشافعي، قال: ثنا عبد العزيز -يعني: الدراوردي- عن يزيد -يعني: ابن الهاد- عن محمد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد، عن عباس بن عبد المطلب، أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ذاقَ طَعْمَ الإِيمان مَنْ رَضِيَ باللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 53 - 54 (1217) قال الخلال: قال المروذي: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا حجاج، قال: حدثني شعبة، قال: سمعت قتادة، يحدث عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ طَعْمَ الإِيمان: مَن كانَ يُحِبُّ المَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَمَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ كَانَ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 55 (1224) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا يحيى، عن حميد، عن أنس قال: ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان اللَّه ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن كان أن يلقى في النار فيحترق أحب إليه من أن يرجع في الكفر، ورجلًا يحب رجلًا لا يحبه إلا للَّه عَزَّ وَجَلَّ (¬3). "السنة" 2/ 55 (1225) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 208، ومسلم (34). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 172، والبخاري (21)، ومسلم (43)، (68). (¬3) لم أهتد إليه، وانظر ما قبله.

17 - باب الحب في الله والبغض في الله

17 - باب الحب في اللَّه والبغض في اللَّه قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: وحدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا أبو كامل ويحيى بن سعيد، قالا: ثنا زهير، قال: ثنا أبو إسحاق، عن أبي الأحوص، قال: قال عبد اللَّه: إن الإيمان أن يحب الرجل -ليس بينهما نسب قريب ولا مال أعطاه إياه- لا يحبه إلا للَّه (¬1). "السنة" للخلال 2/ 51 (1205) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، قال: سمعت أنس بن مالك يحدث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِلنّاسِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، وَحَتَّى يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلّا للَّه" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 53 (1215) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا حرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير، أن يعيش بن الوليد حدثه، أن الزبير بن العوام حدثه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "دَبَّ إِلَيْكُمْ داءُ الأُمَمِ مِن قَبْلِكُمْ: الحَسَدُ والْبَغْضاءُ، والْبَغْضاءُ هِيَ الحالِقَةُ، لا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ، ولكن تَحْلِقُ الدِّينَ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ -أَوْ والَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ- لا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 11/ 201 (20323)، والطبراني 9/ 173 (8860)، قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 90: رواه الطبراني في الكبير، وفي إسناده إسحاق الدبري، وهو منقطع بين عبد الرزاق وأبي إسحاق. اهـ. قلت: علَّه قَصدَ الانقطاع بين إسحاق الدبري وعبد الرزاق. وإلا فليسَ ثمَ انقطاع بين عبد الرزاق وأبي إسحاق؛ لأن بينهما معمرًا، واللَّه أعلم. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 176، والبخاري (13)، ومسلم (45).

تَحابُّوا، أَفَلا أُنَبِّئُكُمْ بِما يُثَبِّتُ ذَلِكَ لَكُمْ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 57 (1231) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة، عن سليمان، عن ذكوان، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "لا يبغض الأنصار رجل يؤمن باللَّه واليوم الآخر" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 74 (1298) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع قال: ثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "والَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحابُّوا، أولا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم: أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ" (¬3). "السنة" للخلال 2/ 131 (1513) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد اللَّه بن نمير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحابُّوا، إِن شئتم دللتكم عَلَى أَمْرٍ إِنْ فَعَلْتُمُوهُ تَحابَبْتُمْ". قالوا: أجل. قال: "أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ" (¬4). "السنة" للخلال 2/ 144 (1559) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 167، الترمذي: (2510)، وحسنه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (2038)، وفي "الإرواء" 3/ 238 (777) وقال: رجاله ثقات. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 45، ومسلم (77). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 442، ومسلم (54). (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 495، ومسلم (54). وقد تقدم تخريجه.

قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد اللَّه بن يزيد قال: ثنا سعيد بن أبي أيوب، قال: حدثني أبو مرحوم عبد الرحيم بن ميمون، عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني، عن أبيه، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ أَعْطَى للَّه، وَمَنَعَ للَّه، وَأَحَبَّ للَّه، وَأَبْغَضَ للَّه، وَأَنكح للَّه؛ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ الإِيمانَ" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 159 (1696) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن عبد اللَّه بن ضمرة قال: قال كعب: من أقام الصلاة، وآتى الزكاة، وسمع وأطاع فقد توسط، ومن أحب للَّه، وأبغض للَّه، وأعطى للَّه، ومنع للَّه فقد استكمل الإيمان (¬2). "السنة" للخلال 2/ 139 (1546) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن الأعمش، عن ذكوان، عن عبد اللَّه بن ضمرة، عن كعب قال: من أحب في اللَّه، وأبغض في اللَّه، وأعطى للَّه، ومنع للَّه، فقد استكمل الإيمان (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 440، والترمذي (2521) وقال: هذا حديث حسن. وحسنه الألباني في "الصحيحة" (380). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 171 (30428)، وفي "الإيمان" (128)، وهناد في "الزهد" (480) بإسنادهما، عن محمد بن عبيد به. وقال الألباني في تعليقه على "الإيمان" لابن أبي شيبة: إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن ضمرة فوثقه العجلي وابن حبان وروى عنه جماعة من الثقات. (¬3) السابق، ورواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 658 (848) من طريق عبد اللَّه، ورواه اللالكائي في "أصول الاعتقاد" 5/ 1022 (1726) من طريق سفيان.

قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عاصم، عن أبي صالح، عن كعب قال: من أقام الصلاة، وآتى الزكاة، وسمع وأطاع فقد توسط الإيمان، ومن أحب في اللَّه، وأبغض في اللَّه، وأعطى للَّه، ومنع للَّه فقد استكمل الإيمان (¬1). "السنة" للخلال 2/ 161 (1619 - 1620) قال ابن بطة: حدثنا أبو الحسين، قال: نا عبد اللَّه، قال: حدثني أبي، قال: نا محمد بن عبيد اللَّه، قال: نا الأعمش، عن أبي صالح، عن عبد اللَّه ابن ضمرة، قال: قال كعب: من أقام الصلاة وآتى الزكاة وسمع وأطاع فقد توسط الإيمان، ومن أحب للَّه وأبغض للَّه وأعطى للَّه ومنع للَّه فقد استكمل الإيمان (¬2). "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 659 (580) ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 659 (849) من طريق عبد اللَّه، ورواه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1022 (1725) من طريق حماد، به. (¬2) السابق.

18 - باب: صفات المؤمن

18 - باب: صفات المؤمن قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا علي بن صالح، عن أبي المهلب، عن عبيد اللَّه بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعني: قال عَزَّ وَجَلَّ اللَّه: "إن أغبط أَوليائي عندي مؤمن خفيف الحذ، ذو حظ من صلاة، أحسن عبادة ربه، وكان غامضًا في الناس؛ لا يشار إليه بالأصابع، فعجلت منيته، وقل تراثه، وقلت بواكيه" (¬1) قال أبو عبد الرحمن عبد اللَّه: سألت أبي: ما تراثه؟ قال: ميراثه. "الزهد" ص 17 قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا حسن بن موسى، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، ويونس بن عبيد، وحميد، عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السُّوءَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَبْدٌ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ " (¬2). "السنة" للخلال 2/ 30 (1135) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 252، والترمذي (2347)، وابن ماجه (4117) قال المناوي في "كشف المناهج والتناقيح" 4/ 383 (4168): رواه الترمذي في "الزهد"، وفي سنده علي بن يزيد وهو ضعيف. وضعفه الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (897). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 154، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (28)، وابن حبان 2/ 264 (510)، والحاكم 1/ 11 وقال: وقد اتفقا على إخراج طرف الحديث اهـ. ثم ذكر الشطر الثاني وقال: زيادة صحيحة سليمة ولم يخرجاها. وقال المنذري كما في "صحيح الترغيب والترهيب" (2555): إسناد أحمد جيد. وصححه الألباني في "الصحيحة" (549).

قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا هاشم بن القاسم قال: ثنا أبو جعفر الرازي، عن الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن ابن مسعود قال: لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعّانِ، وَلا اللَّعّانِ، وَلا الفاحِشِ البَذِيء (¬1). قال الخلال: أخبرنا أبو بكر قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا أسود بن عامر قال: ثنا أبو بكر، عن الحسن بن عمرو، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه، عن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ المؤمن لَيْسَ بِالطَّعّانِ، وَلا اللَّعّانِ، وَلا الفاحِشِ، وَلا البَذِي" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 47 - 48 (1190 - 1119) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن إسماعيل بن أبي خالد قال: أخبرني عامر قال: جاء رجل إلى عبد اللَّه بن عمرو وعنده أقوام فتخطا إليه، فمنعوه، فقال: دعوه. فدنا حتى جلس عنده، فقال: أخبرني بشيء حفظته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدِهِ، والْمُهاجِرُ مَنْ هَجَرَ ما نَهَى اللَّهُ عَنْهُ عَزَّ وَجَلَّ" (¬3). "السنة" للخلال 2/ 142 - 143 (1555) ¬

_ (¬1) رواه -موقوفًا- الخطيب البغدادي في "تاريخه" 5/ 339. ورواه مرفوعًا الإمام أحمد 1/ 405، والترمذي (1977). قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. اهـ. وصححه الألباني في "الصحيحة" (320). (¬2) رواه الإمام أحمد في "المسند" 1/ 416 وانظر ما قبله. (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 209، والبخاري (10)، ومسلم (40).

قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان؛ وعبد الرحمن، عن سفيان، المعنى واحد، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن عمار قال: ثلاث من جمعهن جمع الإيمان: الإنصاف في نفسه، والإنفاق من الإقتار، وبذل السلام للعالم (¬1). "السنة" للخلال 2/ 159 (1615) ¬

_ (¬1) علقه البخاري قبل حديث (28) ورواه ابن أبي شيبة في "الإيمان" (131)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1016 (1713) وابن حبان في "روضة العقلاء" ص 93، وابن حجر في "تغليق التعليق" 2/ 36.

19 - الكافر إذا أسلم يؤمر بالاغتسال

19 - الكافر إذا أسلم يؤمر بالاغتسال قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: ثنا عبد اللَّه بن عُمر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة: أن ثمامة بن أثال -أو أثالة- أسلم، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اذْهَبُوا بِهِ إِلَى حائِطِ بَنِي فُلانٍ فَمُرُوهُ أَنْ يَغْتَسِلَ" (¬1). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن قال: ثنا سفيان، عن الأغر، عن خليفة بن حصين، عن جده قيس بن عاصم أنه أسلم، فأمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يغتسل بماء وسدر (¬2). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرزاق قال: ثنا سفيان، عن الأغر، عن خليفة بن حصين، عن جده قيس بن عاصم قال: أتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا أريد الإسلام فأسلمت، فأمرني النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن أغتسل، فاغتسلت بماء وسدر (¬3). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرزاق قال: ثنا عبد اللَّه بن عمر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 304، والبخاري (4372)، ومسلم (1764). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 61، وأبو داود (355)، والترمذي (605)، والنسائي 1/ 109. قال الترمذي: هذا حديث حسن، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (381). (¬3) رواه عبد الرزاق في "مصنفه" 10/ 318 (19225)، وانظر التخريج السابق.

هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر ثمامة بن أثال حين أسلم أن يغتسل ويصلي ركعتين (¬1). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه أنه قال: ثنا عبد الرزاق قال: ثنا معمر، عن الزهري قال: سمعته يقول -في الذي يسلم: يبدأ بالغسل (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا حجاج قال: ثنا ليث بن سعد قال: حدثني سعيد أنه سمع أبا هريرة يقول: بعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خيلًا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثالة -سيد أهل اليمامة- فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال له: "ماذا عِنْدَكَ يا ثُمامَة؟ ". فقال: عندي يا محمد خير، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت. فتركه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى كان الغد، فقال له ذلك ثلاثَ مرارٍ، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "انطْلِقُوا بثُمامَةَ". وانطلق به إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه (¬3). "السنة" 2/ 175 - 176 (1667 - 1672) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 304، وعبد الرزاق 10/ 318 (19226) وأصل القصة رواها البخاري (462)، ومسلم (1764) من طريق سعيد بن أبي سعيد، به كما سيأتي. (¬2) رواه عبد الرزاق في "مصنفه" 10/ 318 (19227). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 452، والبخاري (4372)، ومسلم (1764).

20 - طاعات أخرى داخلة في مسمى الإيمان وتزيده

20 - طاعات أخرى داخلة في مسمى الإيمان وتزيده قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي قال: سمعت مالك ابن أنس يقول: قال عمر بن عبد العزيز: سن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وولاة الأمر بعده سننًا، الأخذ بها تصديق لكتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، واستكمال لطاعة اللَّه، وقوة على دين اللَّه، من عمل بها مهتديًا بها هدي، ومن استنصر بها منصور، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين وولاه اللَّه ما تولى (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 357 (766) وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، نا زهير بن محمد، عن صالح -يعني ابن كيسان- أن عبد اللَّه بن أبي أمامة أخبره أن أبا أمامة أخبره أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الْبَذاذَةُ مِنَ الإِيمانِ، البَذاذَةُ مِنَ الإِيمانِ، البَذاذَةُ مِنَ الإِيمانِ" (¬2). قال عبد اللَّه: هذا أبو أمامة الحارثي، قال عبد اللَّه: سألت أبي قلت: ما البذاذة؟ قال: التواضع في اللباس. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 362 (780)، "الزهد" ص 12 ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 83 (1329)، والآجري في "الشريعة" (90) وابن في "الإبانة" 1/ 352 (230)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (134). (¬2) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 12، وابن ماجه (4118)، والطبراني 1/ 2 (790، 792)، والحاكم 1/ 9 من طرق عن عبد اللَّه بن أبي أمامة، به. ورواه أبو داود (4161) والطبراني 1/ 272 (789) من طرق عن عبد اللَّه بن أمامة لكن عن عبد اللَّه بن كعب بن مالك، عن أبي أمامة، به. فأدخل بين ابن أمامة وأبيه عبد اللَّه بن كعب. وأورده الحافظ في "الفتح" 10/ 368 من طريق داود ثم قال: وهو حديث صحيح. اهـ. وذكره الألباني في "الصحيحة" (341) من طرق مختلفة وناقشها بإسهاب.

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد اللَّه بن يزيد، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثني أبو مرحوم عبد الرحيم بن ميمون، عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني، عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ تَرَكَ اللِّبَاسَ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ؛ تَوَاضُعًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ، حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ حُلَلِ الإِيمَانِ أَيَّها شَاءَ" (¬1). "الزهد" ص 49 - 50 قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي قال: رأيث أبا عبد الرحيم الجوزجاني عند أبي عبد اللَّه، وقد كان ذكره أبو عبد اللَّه فقال: كان أبوه مرجئا، أو قال: صاحب رأي. وأما أبو عبد الرحيم فأثنى عليه، وقد كان كتب إلى أبي عبد اللَّه من خراسان؛ يسأله عن الإيمان. قال أبو بكر المروذي: فحدثني أبو علي الحسين بن حامد النيسابوري قال: سمعت أبا عبد الرحيم الجوزجاني يقول: كتبت إلى أبي عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل أسأله فيما كانوا يحتجون ببلدنا، قوم من المرجئة وغيرهم من أهل البدع، قال: فأجابني في ذلك -رضي اللَّه عنه-: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، أحسن اللَّه إلينا وإليك في الأمور كلها، وسلمك وإيانا من كل سوء برحمته. وقال: وأخبرنا عبد اللَّه بن عبيد اللَّه الطرسوسي قال: ثنا محمد بن حاتم المروزي قال: ثنا أبو عبد الرحيم محمد بن أحمد بن الجراح الجوزجاني قال: كتب إلي أحمد بن حنبل: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 439، والترمذي (2481) وقال: حديث حسن وصححه الحاكم 4/ 183، وأورده الألباني في "الصحيحة" (718) بمتابعاته، ثم قال: وبالجملة فالحديث صحيح بهذِه المتابعات عن سهل بن معاذ.

أحسن اللَّه إلينا وإليك في الأمور كلها، وسلمك وإيانا من كل سوء برحمته -واتفقا من هاهنا- أتاني كتابك تذكر فيه ما يذكر من احتجاج من احتج من المرجئة، واعلم رحمك اللَّه أن الخصومة في الدين ليست من طريق أهل السنة، وأن تأويل من تأول القرآن بلا سنة تدل على معناها، أو معنى ما أراد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، أو أثر-قال المروذي: أو أثر عن أصحاب الرسول صلى اللَّه عليه وسلم- ويعرف ذلك بما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أو عن أصحابه، فهم شاهدوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وشهدوا تنزيله، وما قصه له القرآن، وما عني به، وما أراد به، وخاصٌّ هو أو عام. فأما من تأوله على ظاهرٍ بلا دلالة من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا أحد من أصحابه فهذا تأويل أهل البدع؛ لأن الآية قد تكون خاصة ويكون حكمها حكمًا عافّا، ويكون ظاهرها على العموم، فإنما قصدت لشيء بعينه، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المعبر عن كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وما أراد، وأصحابه -رضي اللَّه عنهم- أعلم بذلك منا لمشاهدتهم الأمر وما أريد بذلك، فقد تكون الآية خاصة، مثل قوله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] وظاهرها على العموم، وإن من وقع عليه اسم الولد فله ما فرض اللَّه تبارك وتعالى، فجاءت سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن لا يرث مسلم كافرًا، وروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1) وليس بالثبت إلا أنه عن أصحابه أنهم لم يورثوا قاتلا، فكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هو المعبر عن الكتاب؛ أن الآية إنما قصدت للمسلم لا للكافر، ومن حملها على ظاهرها لزمه أن يورث من وقع عليه اسم الولد كافرًا كان أو قاتلًا، فكذلك أحكام المواريث من ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 49، وأبو داود (4564) وابن ماجه (2646) وصححه الألباني في "الإرواء" (1671).

الأبوين وغير ذلك، مع آي كثير يطول به الكتاب، وإنما استعملت الأمة السنة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن أصحابه، إلا من دفع ذلك من أهل البدع والخوارج وما يشبههم، فقد رأيتَ إلى ما قد خرجوا. وأما من زعم أن الإيمان الإقرار، فما يقول في المعرفة؟ هل يحتاج إلى المعرفة مع الإقرار؟ وهل يحتاج إلى أن يكون مصدِّقًا بما أقر؟ قال محمد بن حاتم: وهل يحتاج أن يكون مصدقًا بما عرف؟ فإن زعم أنه يحتاج إلى المعرفة مع الإقرار فقد زعم أنه من شيئين، وإن زعم أنه يحتاج أن يكون مقرًّا ومصدقًا بما عرف، فهو من ثلاثة أشياء، فإن جحد وقال: لا يحتاج إلى المعرفة والتصديق، فقد قال عظيمًا، فكذلك العمل مع هذِه الأشياء، وقد سأل وفد عبد القيس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الإيمان، فقال: "شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُعْطُوا الخُمُسَ مِنَ المَغْنَمِ" (¬1)، فجعل ذلك كله من الإيمان، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الحَياءُ مِنَ الإِيمانِ" (¬2) و"الحَياءُ شعبة من الإِيمانِ" (¬3). وقال: "أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا" (¬4). وقال: "البَذاءَةَ مِنَ الإِيمانِ". ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 228، والبخاري (87)، ومسلم (17) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنها-. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 9، والبخاري (24)، ومسلم (36) من حديث ابن عمر. (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 414، والبخاري (9)، ومسلم (35) من حديث أبي هريرة. (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 250، وأبو داود (4682)، والترمذي (1162) من حديث أبي هريرة. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وذكر أن في الباب عن عائشة وابن عباس. وأورده الألباني في "الصحيحة" (284) وذكر شواهده.

وقال: "الْإِيمانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ بابًا فأَدْناها إِماطَةُ الأَذى عَنْ الطَّرِيقِ، وَأَرْفَعُها قَوْلُ لا إله إِلّا اللَّهُ" مع أشياء كثيرة منها: "أَخْرِجُوا مِنَ النّارِ مَنْ كانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقالُ ذرةٍ مِنْ إِيمانٍ، وأَخْرِجُوا مِنَ النّارِ مَنْ كانَ فِي قَلْبِهِ بُرة مِنْ إِيمانٍ" (¬1). وما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في صفة المنافق: "ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ، فَهُوَ مُنافِقٌ" (¬2)، مع حجج كثيرة، وما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في تارك الصلاة (¬3). وعن أصحابه من بعده، ثم ما وصف اللَّه تبارك وتعالى في كتابه من زيادة الإيمان في غير موضع، مثل قوله: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: 4]. وقال: {لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31]. وقال: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال: 2]. وقال: {فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة: 124]. وقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15)} [الحجرات: 15]. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 173، والبخاري (44)، ومسلم (193) من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 397، والبخاري (33)، ومسلم (59) من حديث أبي هريرة. (¬3) رواه الإمام أحمد 5/ 346 والترمذي (2621)، وابن ماجه (1079) والنسائي 1/ 231، وابن أبي شيبة في "الإيمان" (46). قال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب، قال الحاكم 1/ 7: هذا حديث صحيح الإسناد، لا تعرف له علة بوجه من الوجوه، فقد احتجا جميعًا بعبد اللَّه بن بريدة عن أبيه، واحتج مسلم بالحسين بن واقد ولم يخرجاه. اهـ. والحديث صححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" (884) وفي تحقيقه لكتاب "الإيمان" (37).

وقال: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5]. وقال: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11]. وقال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} [البينة: 5]. ويلزمه أن يقول: هذا هو مؤمن بإقراره، وإن أقر بالزكاة في الجملة، ولم يجد في كل مائتي درهم خمسة، أنه مؤمن، ويلزمه أن يقول: إذا أقر، ثم شد الزنار في وسطه، وصلى للصليب، وأتى الكنائس والبيع، وعمل عمل أهل الكتاب كله، إلا أنه في ذلك يقر باللَّه، فيلزمه أن يكون عنده مؤمنًا، وهذِه الأشياء من أشنع ما يلزمهم، فإن زعموا أنهم لا يقبلون زيادة الإيمان من أجل أنهم لا يدرون ما زيادته، وأنها غير محدودة، فما يقولون في أنبياء اللَّه وكتبه ورسله، هل يقرون بهم في الجملة ويزعمون أنه من الإيمان؟ فإذا قالوا: نعم. قيل: هل تجدونهم أو تعرفون عددهم؟ أليس إنما يصيرون في ذلك الإقرار بهم في الجملة ثم يكفوا عن عددهم، فكذلك زيادة الإيمان يا أخي، فعليك بالتمسك، ولا تخدع عنها بالشبهات، فإن القوم على غير طريق. قال المروذي: قال أبو علي: سألت أبا عبد الرحيم: في أي سنة كان ذلك؟ قال: في سنة عشرين ومائتين. "السنة" للخلال 2/ 16 - 20 (1103) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا هشيم، قال: ثنا يونس، عن الحسن. وأبو حيان، عن الشعبي. ومغيرة، عن إبراهيم. أنهم كانوا يقولون فيمن قتل مؤمنا، فعليه عتق رقبة قد بلغت، ويجزئ عتق الصغير في كفارة الظهار واليمين. قال الخلال: قال المروذي: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، عن

سفيان، عن أبي حيان، عن الشعبي. وهشام، عن الحسن، قالا: ما كان في القرآن من رقبة فلا يجوز، إلا ما صام وصلى. "السنة" للخلال 2/ 52 (1208 - 1209) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يعلى بن عبيد، قال: ثنا الأعمش، عن أبي إسحاق، قال: قال سلمان الخير: يا ابن أم حُجيّة، لو تقطعت أعضاء ما بلغت الإيمان (¬1). "السنة" للخلال 2/ 139 - 140 (1547) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه قال: لا يدخل الجنة أحد في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر، ولا يدخل النار أحد في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان (¬2). "السنة" للخلال 2/ 150 (1586) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن ابن عمر قال: لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعده الناس حمقى في دينهم (¬3). "السنة" للخلال 2/ 159 (1614) ¬

_ (¬1) رواه ابن عساكر في "تاريخه" 12/ 212 من طريق أحمد، ورواه ابن أبي شيبة في "الإيمان" (75) ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" 2/ 808 (801). (¬2) لم أقف عليه موقوفًا، ورواه الإمام أحمد 1/ 412 ومسلم (91) عن عبد اللَّه مرفوعًا. (¬3) رواه ابن المبارك في "الزهد" 100 (296)، بلفظ: حتى يرى الناس كأنهم حمقى في دينهم، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 306، بلفظ: حتى يعد الناس حمقى في دينه.

21 - الطيرة من الشرك

21 - الطيرة من الشرك قال أبو داود: سمعت أحمد يقول في حديث: "أقِرُّوا الطير على مَكِناتها" (¬1) قال: كان أحدهم -يعني: أهل الجاهلية- يريد الأمر، يثير الطير، يعني: يتفاءلُ إن جاء عن يمينه، كذا، وإن جاء عن يساره قال: كذا، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أقرُّوا الطير" -أي: على مَكِناتها، أي: إنَّها لا تضرُّكم. "مسائل أبي داود" (1836) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الفرخ يؤخذ من عشه يجوز؟ قال: حديث: "أقروا الطير على مكناتها" قال بعضهم: كانت العرب إذا أراد أحدهم أن يخرج نفر الطير، فإن أخذ -يعني: في طريق- أخذ منه، كأنه من الطيرة. "مسائل عبد اللَّه" (1614) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 381، وأبو داود (2835)، وصححه ابن حبان 13/ 495، والحاكم 4/ 237 كلهم من طريق سفيان بن عيينة، عن عبيد اللَّه بن أبي يزيد، عن أبيه، عن سباع بن ثابت عن أم كرز، مرفوعًا. قلت: وقد خولف سفيان في هذا فرواه غيره بإسقاط أبي يزيد، ودون ذكر الشاهد -والحديث في العقيقة. وقد روى الإمام غير هذا الحديث، ثم قال: سفيان يهم في هذِه الأحاديث، عبيد اللَّه سمعها من سباع بن ثابت. اهـ. وقال أبو داود: حديث سفيان خطأ. انظر: "تحفة الأشراف" 13/ 99 (18347)، وكذلك أعله الذهبي في "الميزان" (3076). وقال الألباني في "الضعيفة" (5862): بالجملة الحديث فيه علتان: الاضطراب، والجهالة. ثم أخذ في بسط القول. تنبيه: أشار ناشر الضعيفة إلى أن الألباني صحح الحديث في مواضع أخرى، ثم قال الناشر: التخريج هنا أي: "الضعيفة" متأخر عن تخريجه هناك. فرجح التضعيف وساق الأدلة على ذلك.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن غيلان، نا المفضل -يعني: ابن فضالة- حدثني فضالة، حدثني عياش بن عباس، عن عمران بن عبد الرحمن القرشي، عن أبي خراش الهذلي أنه قال: سمعت فضالة بن عبيد الأنصاري يقول: من ردته طيرة عن شيء فقد قارف الإشراك (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 354 - 355 (762) قال: حدثني أبي، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن عيسى الأسدي عن زر، عن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الطِّيَرَةُ مِنَ الشِّرْكِ ولكن اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكلِ" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 360 (775) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، حدثني محمد بن عبد اللَّه بن علاثة، عن عبد الكريم الجزري، عن زياد بن أبي مريم قال: خرج سعد ابن مالك على جيش من جيوش المسلمين فإذا ظبي قد سخت، فجاءه رجل من أصحابه فقال له: ارجع إلى الأمير، فقال سعد: من أي شيء تطيرت؟ أمن قرونها حين أقبلت، أم من أذنابها حين أدبرت؟ ! امض فإن الطيرة شرك (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 361 (777) ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 74 (1300) عن المروذي عن أحمد به. والأثر رواه ابن وهب 2/ 744 (656) وضعف الألباني إسناده، وصحَّح له شواهد. "الصحيحة" (1065). (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 104 (1410) عن المروذي عن أحمد به. والحديث رواه الإمام أحمد 1/ 438، وأبو داود (3910)، والترمذي (1614) وابن ماجه (3538). قال الترمذي: هذا حديث حسن. اهـ. وصححه الألباني في "الصحيحة" (429). (¬3) رواه عبد الرزاق 10/ 404 (19506). وابن أبي شيبة 5/ 312 (26390)، وفي "الأدب" (170).

قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن عيسى بن عاصم، عن زر بن حُبيش، عن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، ولكن اللَّهَ يُذهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ" (¬1). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن عامر القرشي قال: دُكِرَتْ الطيرةُ عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "أحسننها الفأل، ولا ترد مسلمًا، فإذا رأى أحدكم ن ذلك ما يكره، فليقل: اللهمَّ لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 109 - 902 (1404 - 1405) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 389 وقد تقدم تخريجه. (¬2) رواه أبو داود (3919)، وابن أبي شيبة 5/ 311 (26383). وفي "الأدب" (162)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 262 - 263، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (294)، والبيهقي 8/ 139، وفي "الدعوات الكبير" 2/ 262 - 263. قال ابن قانع: عروة بن عامر عندي ليس له لُقيّ، وقال قوم: له. وليس بصحيح. وقال الحافظ العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" 1/ 293 (1119): من حديث عروة بن عامر مرسلًا. ورجاله ثقات. وقال المزي في "تهذيب الكمال" 20/ 26: روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا في الطيرة. وقال الحافظ ابن حجر في "التهذيب" والظاهر أن رواية حبيب عنه منقطعة. وقال الألباني في "الضعيفة" (1619): ضعيف الإسناد، وإن كان رجاله ثقات، فإن حبيب بن أبي ثابت كثير التدليس ولم يصرح بالتحديث، وعروة بن عامر ذكره ابن حبان في ثقات التابعين. فالحديث مرسل.

22 - ما جاء في الرقى والتمائم

22 - ما جاء في الرقى والتمائم قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو كامل، نا زهير، عن عمرو بن قيس، عن المنهال، عن سير ابن أم أبي عبيدة، عن عبد اللَّه قال: التمائم والرقى والتولة شرك (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 365 (790) وقال: حدثني أبي، نا أبو معاوية، نا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن يحيى بن الجزار، عن ابن أخي زينب، عن زينب امرأة عبد اللَّه، عن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "الرقى والتمائم والتولة شرك" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 366 (792) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: وحدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا حجاج، قال: ثنا شريك، عن هلال بن حميد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من تعلق التمائم وعقد الرقى فهو على شعبة من الشرك" (¬3). "السنة" للخلال 2/ 82 (1326) ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 124 (1485) عن المروذي عن أحمد به. ورواه بنحوه عبد الرزاق 11/ 208 (20343)، والطبراني في "الكبير" 9/ 173 (8861). ورواه الإمام أحمد 1/ 381، وأبو داود (3883) وابن ماجه (3530) مرفوعًا وصححه الألباني في "الصحيحة" (331). (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 126 (1494) عن المروذي عن أحمد به. (¬3) رواه الترمذي (2072)، وابن الجعد (2385)، وابن أبي شيبة 5/ 35 (23460)، وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي" (1692).

قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي عبيدة، قال: دخل عبد اللَّه على امرأته، فلمس صدرها، فإذا في عنقها خيط قد علقته، فقال: ما هذا؟ فقالت: شيء رقي لي فيه من الحمى. فنزعه، وقال: لقد أصبح آل عبد اللَّه أغنياء عن الشرك (¬1). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا الأعمش، عن أبي ظبيان، قال: دخل حذيفة على رجل من عبس يعوده، فمس عضده، فإذا فيه خيط، قال: ما هذا؟ قال: شيء رقي لي فيه. فقطعه، وقال: لو مت وهو عليك ما صليت عليك (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: حدثني عثمان الشحام، عن أبي الحسن قال: كان أبو الحسن -يعني: علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- يقول: إن كثيرًا من هذِه التمائم والرقى شرك باللَّه، فاجتنبوها (¬3). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا هشيم، قال: أنبا منصور، عن الحسن، عن عمران بن حصين، أنه رأى في يد رجل حلقة من صفر، قال: فقال: ما هذِه؟ قال: من الواهنة. قال: فقال: أما إنها لن تزيدك إلا وهنًا، ولو مت وأنت ترى أنها نافعتك؛ لمت ¬

_ (¬1) رواه بهذا الإسناد ابن أبي شيبة 5/ 34 (33448) وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 742 (1029). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 34 (23453)، وابن بطة 2/ 743 (1030 - 1031). (¬3) رواه ابن بطة في "الإبانة" 2/ 744 (1032) من طريق وكيع، به.

على غير ملة الفطرة (¬1). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي ظبيان؛ أن حذيفة دخل على رجل يعوده، فرآه قد جعل في عضده خيطًا قد رقي فيه، قال: فقال: ما هذا؟ قال: من الحمى. فقام غضبان وقال: لو مت ما صليت عليك (¬2). "السنة" للخلال 2/ 162 - 163 (1623 - 1624) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 34 (23450)، والطبراني 18/ (414) من طريق هشيم، به موقوفًا. ورواه الإمام أحمد 4/ 445، وابن ماجه (3531) من طريق مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن عمران، بنحوه مرفوعًا. وأورده الألباني في "الضعيفة" (1029) ثم أعله بعلتين: عنعنة المبارك، والانقطاع بين الحسن وعمران، إلى أن ذكر الموقوف ثم قال: وهو الأشبه عندي. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 34 (23453)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 744 (1031).

23 - ما جاء في العرافة والكهانة والسحر

23 - ما جاء في العرافة والكهانة والسحر قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، قثنا. جعفر -يعني: ابن بُرقان- عن ميمون بن مهران قال: ثلاث ارفضوهن، سبّ أصحاب محمد صلى اللَّه عليه وسلم، والنظر في النجوم، والنظر في القَدر (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 70 - 71 (19) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا حماد -يعني: ابن سلمة- عن حكيم الأثرم، عن أبي تميمة، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أتى حائضًا أو امرأة في دبرها أو كاهنًا فقد كفر بما أنزل اللَّه على محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-" (¬2). "السنة" الخلال 2/ 62 (1251) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد اللَّه بن نمير، قال: ثنا الحسن -يعني: ابن عمرو- عن فضيل، عن إبراهيم قال: قال عبد اللَّه: من أتى كاهنًا أو ساحرًا فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل اللَّه (¬3). ¬

_ (¬1) رواه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" 4/ 700 من طريق جعفر، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس. فجعله موقوفًا على ابن عباس. ورواه عبد اللَّه في "السنة" 2/ 416 من طريق أخرى عن ميمون بن مهران. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 476، وأبو داود (3904)، والترمذي (135)، وابن ماجه (639) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (116). رواه الطبراني 10/ 76 (10005) من طريق إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه، به. (¬3) قال الهيثمي في "المجمع" 5/ 118: رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات. اهـ. ورواه ابن الجعد (425)، والبزار 5/ 256 (1873)، وأبو يعلى 9/ 280 (5408)، والبيهقي 8/ 136، من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن هيبرة بن يريم، عن عبد اللَّه، به. وسيأتي من هذا الطريق في الصفحة التالية. =

قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى، عن سفيان، قال: حدثنا سليمان، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث، عن عبد اللَّه قال: من أتى كاهنًا أو عرافًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد. "السنة" للخلال 2/ 103 (1409) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن حبة العرني، عن عبد اللَّه قال: من أتى كاهنًا أو عرّافًا فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد (¬1). "السنة" للخلال 75/ 2 - 76 (1301 - 1302) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا إسماعيل، قال: ثنا يونس وسعيد بن يزيد، عن الحسن قال: قال علي: من أتى عرافًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل اللَّه على محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2). "السنة" للخلال 2/ 76 (1304) ¬

_ = قال المنذري -كما في "صحيح الترغيب والترهيب" (3048): رواه البزار وأبو يعلى بإسناد جيد. قال الهيثمي في "المجمع" 5/ 118: رواه البزار، ورجاله ثقات. اهـ. قال الدارقطني في "العلل" 5/ 281: يرويه أبو إسحاق السبيعي، واختلف فيه، عنه، فرواه الحمّاني عن أبي خالد، عن عمرو بن قيس، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، عن عبد اللَّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وتابعه ثابت الزاهد، عن الثوري، عن أبي إسحاق. ثم قال: وكل من رواه عن أبي إسحاق غير من ذكرنا فقد وقفه، وهو الصواب. اهـ. وقد صححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (3048، 3049). (¬1) رواه ابن الجعد (1953) من طريق شعبة به. ورواه الطبراني في "الأوسط" 2/ 122 (1453) من طريق شعبة عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء، به. وانظر السابق. (¬2) رواه ابن الجعد (1954)، وابن أبي شيبة 5/ 41 (23515).

قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا روح قال: ثنا عوف، عن خلاس، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ: فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 100 (1398). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن عوف، قال: ثنا خلاس، عن أبي هريرة. والحسن، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ: فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أنزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَام" (¬2). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن حكيم الأثرم، عن أبي تميمة الهجيمي، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَام" (¬3). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد اللَّه قال: أخبرني نافع، عن صفية، عن بعض أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا". (¬4) "السنة" للخلال 2/ 100 - 101 (1400 - 1402) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 429، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 728 (992) من طريق عبد اللَّه. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 429. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) رواه الإمام أحمد 4/ 68، ومسلم (2230).

قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، عن عبد اللَّه قال: من أتى ساحرًا أو كاهنًا أو عرافًا فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد عليه السلام (¬1). "السنة" للخلال 2/ 103 (1407)، 2/ 124 (1484) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا أبو كامل، قال: ثنا حماد، قال: ثنا الحكيم الأثرم، عن أبي تميمة الهجيمي، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أَتَى حائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِها أَوْ كاهِنًا فَصدَّقَهُ فقد برئ مِما أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 107 (1427) قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن رجل يزعم أنه يحل السحر؛ فقال: قد رخَّصَ فيه بعضُ الناس. قيل لأبي عبد اللَّه: إنه يجعل في الطنجير ماء ويغيب فيه ويعمل كذا؟ فنفض يده كالمنكر، وقال: لا أدري. "معونة أولي النهى" 11/ 99 ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه قريبا. (¬2) الحديث رواه عبد الرزاق 11/ 442 (20953) وقد تقدم تخريجه.

24 - سباب المسلم فسوق وقتاله كفر

24 - سباب المسلم فسوق وقتاله كفر قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا صفوان بن عيسى، نا ثور بن يزيد، عن أبي عون، عن أبي إدريس قال: سمعت معاوية -رضي اللَّه عنه- قال: وكان قليل الحديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "كل ذنب عسى اللَّه أن يغفره إلا الرجل يموت كافرًا، أو الرجل يقتل مؤمنًا متعمدًا" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 349 - 350 (749) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع وعبد الرحمن، عن سفيان، عن زبيد، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سِبابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتالُهُ كُفْرٌ" (¬2). وقال: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن حبيب بن الشهيد، وحدثنا الحسن (عن) (¬3) أبي الأحوص، عن عبد اللَّه قال: سِبابُ المُسْلِمِ -أو المؤمن- فُسُوقٌ -أو فسق- وَقِتالُهُ -أو قتله- كُفْرٌ (¬4). ¬

_ (¬1) رواه أحمد 4/ 99، والنسائي 7/ 81، والطبراني 19/ 365 (858)، وصححه الحاكم 4/ 351، وقال الألباني في "الصحيحة" (511): أبو عون هذا لم يوثقه غير ابن حبان، وقد ترجم له ابن أبي حاتم 4/ 414 - 415 ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا اهـ. وله شاهد من حديث أبي الدرداء: رواه أبو داود (4270)، وصححه ابن حبان (51)، والحاكم 4/ 351، والألباني في "الصحيحة" (511)، و"غاية المرام" (441). (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 110 (1437) عن المروذي، عن أحمد به. والحديث رواه الإمام أحمد 1/ 433، والبخاري (48)، ومسلم (64). (¬3) في المطبوع: (بن). والصواب ما أثبتناه. (¬4) رواه الخلال في "السنة" 2/ 109 (1436) عن المروذي عن أحمد به، والأثر رواه النسائي 7/ 122، وفي "الكبرى" 2/ 313 (3568، 3570) من طرق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود به.

وقال: حدثني أبي، نا يحيى بن سعيد، عن التيمي، عن أبي عمرو الشيباني، عن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- قال: سب -أو سِبابُ- المُسْلِمِ -أو المؤمن- فسق -أو فُسُوقٌ- وَقِتالُهُ -أو قتله- كُفْرٌ (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 363 - 364 (783 - 785) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي: قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي موسى الأشعري، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أيما مسلمين تواجها بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه فهما في النار" قيل: يا رسول اللَّه، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ ! قال: "إنه أراد قتل صاحبه" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 48 (1192) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرزاق قال: ثنا معمر، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن عبيد اللَّه بن عدي بن الخِيار، أن المقداد بن الأسود حدثه قال: قلت: يا رسول اللَّه، رأيت إن اختلفت أنا ورجل من المشركين يضربني، فقطع يدي، فلما أهويت إليه لأضربه قال: لا إله إلا اللَّه. أقتله أم أدعه؟ قال: "لا، بل تدعه". قال: قلت: وإن قطع يدي. قال: "وإن فعل". فراجعته مرتين أو ثلاثًا، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن قتلته بعد أن يقول: لا إله إلا اللَّه، ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 111 (1442) عن المروذي عن أحمد به. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 418، والنسائي 7/ 124، وابن ماجه (3964). وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (3203) وقال في "غاية المرام" صـ 256: رجاله ثقات. اهـ. وللحديث شاهد من حديث أبي بكرة رواه البخاري (31)، ومسلم (2888).

فأنت مثله قبل أن يقولها، وهو مثلك قبل أن تقتله" (¬1). قال الخلال: قال المروذي: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن أبي بكرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إِذَا الْمُسْلِمَانِ حَمَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى أَخِيهِ السِّلَاحَ فَهُمَا عَلَى جُرُفِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، دَخَلَاهَا جَمِيعًا" (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن عبيد اللَّه بن عدي بن الخيار، عن المقداد بن عمرو قال: قلت: يا رسول اللَّه، أرأيت رجلًا ضربني بالسيف فقطع يدي، ثم لاذ مني بشجرة، ثم قال: لا إله إلا اللَّه. أقتله؟ قال: "لا". قال: فعدت مرتين أو ثلاثًا. قال: "لا؛ إلا أن تكون مثله قبل أن يقول ما قال، ويكون مثلك قبل أن تفعل ما فعلت" (¬3). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سلمة بن نبيط، عن الضحاك: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93]، قال: ما نسخها شيء منذ أنزلت (¬4). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن ابن مهدي قال: ثنا سفيان، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 5، والبخاري (4019)، ومسلم (95). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 41، ومسلم (2888/ 16)، وبنحوه رواه البخاري (31). (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 3، والبخاري (4019)، ومسلم (95). (¬4) رواه الطبري 4/ 223 (10215)، وبنحوه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 163 (618)، وابن أبي شيبة 5/ 432 (27729).

عن ابن عباس قال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} ما نسخها شيء (¬1). "السنة" للخلال 2/ 57 - 58 (1232 - 1236) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لا أعلمُ للقاتل توبة إلا أن يستغفر (¬2). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سلمة بن نبيط، عن الضحاك بن مزاحم قال: قاتل المؤمن ليس له توبة. وقال: لأن أتوب من الشرك أحب إلي من أن أتوب من قتل مؤمن (¬3). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن مطرف بن طريف الحارثي، عن أبي السفر سعيد بن أحمد الثوري -ثور همدان- عن ناجية، عن ابن عباس قال: هما المبهمتان: الشرك والقتل (¬4). "السنة" للخلال 2/ 59 (1238 - 1240) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن هارون بن سعد العجلي، عن أبي الضحى، قال: كنتُ عند ابن عمر في فسطاطه، فسأله رجل عن رجل قتل مؤمنًا ¬

_ (¬1) رواه البخاري (4590)، ومسلم (3023)، وبنحوه رواه الإمام أحمد 1/ 240. (¬2) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 162 (617)، والطبري 4/ 222 (10206). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 5/ 432 (27728)، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 2/ 351 وعزاه لعبد بن حميد. (¬4) رواه ابن أبي شيبة 5/ 432 (27723)، والطبري في "تفسيره" (10208). وقوله: مبهمتان؛ كأنهما باب مستغلق لا يُفتح؛ لأن الشرك والقتل جزاؤهما الخلود في النار.

متعمدًا. قال: فقرأ ابن عمر: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)} [النساء: 93]، فانظر من قتلت (¬1). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا سفيان، عن ابن نجيح، عن كردم، أتى رجل ابن عباس، فسأله عن رجل قتل مؤمنًا متعمدًا. فقال: يستطيع أن لا يموت؟ قال: لا. قال: يستطيع أن يحييه؟ قال: لا. قال: يستطيع أن يبتغي نفقًا في الأرض؟ قال: لا. قال: فأتى أبا هريرة وابن عمر، فقالا له مثل ذلك (¬2). "السنة" للخلال 2/ 60 (1242 - 1243) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد اللَّه بن نمير، عن الصلت، عن عمر، عن ابن مسعود قال: سباب المؤمن فسوق، وأخذٌ برأسه كفر. قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت أبا إسحاق يحدث عن أبي الأحوص، عن عبد اللَّه أنه قال: ألا إن قتل المسلم كفر، وسبابه فسوق، لا يحل لمسلم أن يهجر مسلمًا فوق ثلاث (¬3). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 432 (27725). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 431 (27721). (¬3) رواه النسائي في "الكبرى" 2/ 313 (3569، 3570)، وعبد اللَّه بن أحمد في "السنة" 1/ 363 (784)، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" 2/ 1021 (1095)، والخطيب في "تاريخه" 10/ 86 - 87. =

قال الخلال: ال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا إسماعيل قال: ثنا سليمان التيمي، عن أبي عمرو الشيباني قال: قال ابن مسعود: سب -أو قال: سباب- المسلم -أو قال: المؤمن- فسوق، وقتاله كفر (¬1). "السنة" للخلال 2/ 73 (1294 - 1296) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا إسماعيل قال: ثنا غالب قال: قلت للحسن: إنك تقول في أهل بابل: من قتل منهم فإلى النار، ومن رجع منهم رجع إلى غير توبة؟ قال: هو حديث بلغنا، فنحن نقوله، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ". فإن رجلًا خرج في أهل بابل، ثم رجع، فندم، فقال: آتي الروم، فأرابط. فتنهاه عن ذلك؟ قال: لا (¬2). "السنة" للخلال 2/ 80 - 81 (1320) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع وعبد الرحمن، عن سفيان، عن زبيد، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر". قال عبد الرحمن في حديثه: قلت لأبي وائل: سمعت ابن مسعود ¬

_ = قال الدراقطني في "العلل" 5/ 324: يرويه أبو إسحاق السبيعي وغيره فرفعه أبو بكر ابن عياش، عن أبي إسحاق ووقفه غيره، والموقوف عن أبي الأحوص أصح. اهـ بتصرف. (¬1) رواه عبد اللَّه بن أحمد عن أبيه في "السنة" 1/ 364 (785)، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" 2/ 122 (1097)، والطبراني في "الدعاء" 3/ 1714 (2042). (¬2) لم أقف عليه مرسلًا. لكن رواه أحمد 5/ 45 من طريق الحسن عن أبي بكرة، به ورواه البخاري (4406)، ومسلم (1679)، من طريق ابن أبي بكرة عن أبي بكرة.

يحدثه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: نعم. قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال سفيان: قلت لزبيد: أسمعت من أبي وائل؟ قال: نعم. قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا إسماعيل، عن أبي إسحاق، عن عبد اللَّه، مثله. "السنة" للخلال 2/ 110 - 111 (1437 - 1439). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا هشيم، عن يعلى بن عطاء، عن مجاهد قال: غبت عن ابن عمر، فلما قدمت أتيته بعد ذلك، فقال لي: أشعرت أن الناس كفروا بعدك -يعني: قتل بعضهم بعضًا (¬1). "السنة" للخلال 2/ 111 (1441) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى، عن شعبة قال: حدثني زبيد، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "سِبابُ المُسْلِمِ -أو: المؤمن- فِسقٌ، وَقِتالهُ كفْرٌ". قلت لأبي وائل: أنت سمعته من عبد اللَّه؟ قال: نعم (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "سِبابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتالُهُ كُفْرٌ" (¬3). "السنة" للخلال 2/ 111 - 112 (1443 - 1444) ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 740 (1023) من طريق عبد اللَّه. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 385، والبخاري (48)، ومسلم (64/ 116). (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 439، وانظر السابق.

قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا معمر، عن أبي إسحاق، عن عمر بن سعد، قال: ثنا سعد بن أبي وقاص، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قِتالُ المُسْلِمِ كفْرٌ، وَسِبابُهُ فُسُوقٌ، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 112 (1446) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد اللَّه بن نمير قال: ثنا فضيل -يعني: ابن غزوان- عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حجة الوداع: "لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ" (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا واقد بن محمد بن زيد، أنه سمع أباه يحدث عن عبد اللَّه بن عمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال في حجة الوداع: "وَيْحَكُمْ -أو قال: وَيْلَكُمْ- لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ" (¬3). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن سعيد، قال: ثنا قرة، قال: ثنا محمد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن رجل آخر -هو في نفسي أفضل من عبد الرحمن بن أبي بكرة- عن أبي بكرة، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خطب الناس بمنى، فقال: "لا تَرْجِعُوا بَعْدِي ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 176، والنسائي 7/ 121، ورواه ابن ماجه (3941) دون قوله: "ولا يحل لمسلم. . ". وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (3184). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 230، والبخاري (1739). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 85، والبخاري (4403)، ومسلم (66).

كُفَّارًا يَضرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 119 - 120 (1463 - 1465) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سليمان، قال: سمعت أبا الضحى يحدث عن مسروق، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خطب الناس في حجة الوداع، فقال: "لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ" (¬2). قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة بن علي بن مدرك، قال: سمعت أبا زرعة ابن عمرو بن جرير يحدث عن جرير، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في حجة الوداع لجرير: "استنصت الناس". قال: وقال: "لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ" (¬3). "السنة" للخلال 2/ 120 - 121 (1468 - 1469) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا إسرائيل وشريك، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة، أن رجلًا قتل نفسه، فلم يصل عليه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬4). "السنة" للخلال 2/ 163 (1625) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 39، والبخاري (1741)، ومسلم (1679). (¬2) رواه النسائي 7/ 127، وفي "الكبرى" 2/ 317 (3594)، والمروزي في "الفتن" 1/ 183 (479). قال النسائي: الصواب مرسل. اهـ، وقال الدارقطني في "العلل" 5/ 241: ورواه أبو معاوية وغيره عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق مرسلًا، وهو الصحيح. اهـ. وصححه الألباني في "الصحيحة" 4/ 624 (1974) وقال: مرسل صحيح الإسناد. (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 363، والبخاري (6869)، ومسلم (65). (¬4) رواه الإمام أحمد 5/ 102، ومسلم (978).

25 - النهي عن الرغبة عن الآباء

25 - النهي عن الرغبة عن الآباء قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا حجاج، نا محمد بن طلحة، عن أبيه، عن أبي معمر، عن أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- قال: كفر باللَّه انتماء إلى نسب لا يعرف، وكفر باللَّه انتفاء من نسب وإن دق (¬1). وقال: حدثني أبي، نا عبد الأعلى، عن يونس، عن الحسن، أن أبا بكر -رضي اللَّه عنه- قال: لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 350 - 351 (750 - 751) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، نا عبد اللَّه بن يزيد، نا حيوة، نا جعفر بن ربيعة القرشي، عن عراك بن مالك أخبره، أنه سمع أبا هريرة رضي اللَّه عنه يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا تَرْغَبُوا عَنْ آبائِكُمْ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ فَإنَّه كُفْرٌ" (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 360 (774) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا معمر، عن الزهري، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، عن ابن عباس، عن عمر أنه قال: كنا نقرأ: ولا ترغبوا عن ¬

_ (¬1) رواه البغوي في "مسند ابن الجعد" (2691)، والدارمي 4/ 1890 (2903)، وقد روي مرفوعًا وسيأتي تخريجه في موضعه. وذكره الدارقطني في "العلل" 1/ 255 وقال: والموقوف أشبه بالصواب. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 63 (1254) عن المروذي عن أحمد، به. (¬3) رواه الخلال في "السنة" 2/ 104 (1410) عن المروذي عن أحمد، به. والحديث رواه الإمام أحمد 2/ 526، والبخاري (6768)، ومسلم (62).

آبائكم فإنه كفر بكم. أو: إن كفرًا بكم أن ترغبوا عن ابائكم (¬1). "السنة" للخلال 2/ 61 - 62 (1250) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا هشيم قال: ثنا الأعمش، عن عبد اللَّه بن مرَّة، عن أبي معمر قال: قال أبو بكر -رضي اللَّه عنه-: كفر باللَّه تبرؤ من نسب وإن دق، كفر باللَّه عَزَّ وَجَلَّ ادعاء إلى نسب لا يعرف. "السنة" للخلال 2/ 120 (1466) قال الخلال: قال المروذي: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، عن سفيان قال: ثنا زكريا العبدي، عن أبي وائل قال: سمعت عبد اللَّه قال: كفر باللَّه تبرؤ من نسب وإن دق، كفر باللَّه إذا ادُّعي نسب لا يعرف (¬2). "السنة" للخلال 2/ 136 (1529) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن زكريا -من أهل الري- قال: سألت أبا وائل عن رجل يغير اسم أبيه في الديوان -قال عبد الرحمن: أو نحو هذا- قال: سمعت عبد اللَّه -أو قال: قال عبد اللَّه- كفر باللَّه عَزَّ وَجَلَّ من ادعى إلى نسب لا يعرف، وكفر باللَّه مَنْ تبرأ مِنْ نسب وإن دق. "السنة" للخلال 2/ 136 - 137 (1533) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 47، البخاري (6830). (¬2) لم أقف عليه بهذا الإسناد. وزكريا العبدي: ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 418 (1388)، وقال: من أهل الري، سمع أبا وائل، روى عنه الثوري، قال ابن مهدي، وقال وكيع: العبدي. اهـ. وكذا ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 2/ 597 (2699) وللخبر شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، رواه الإمام أحمد 2/ 215، وابن ماجه (2744). وصححه الألباني في الصحيحة (3370).

قال الخلال: قال المروذي: حدثنا عبد اللَّه قال: ثنا عبد اللَّه بن نمير، قال: ثنا سعد -يعني: ابن سعيد- قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الكفر من ادعى إلى غير نسبه، أو ترك شيئًا من نسبه وإن صغر" (¬1). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا روح، قال: ثنا حبيب -يعني: ابن الشهيد- عن ميمون بن مهران، عن أبي عدي الكندي، قال: قال عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه: يا زيد بن ثابت، أما علمت أنا كنا نقرأ فيما كنا نقرأ: ل اتنتفوا من آبائكم؛ فإنه كفر؟ قال: بلى (¬2). "السنة" للخلال 2/ 174 (1664 - 1665) ¬

_ (¬1) مرسل. وقد سبق موصولًا، بتخريجه. (¬2) رواه إسحاق -كما في "المطالب العالية" (1741) - وذكره صاحب "كنز العمال" 6/ 208 (15371)، وعزاه لأبي عبيد في "الفضائل" ورسته في "الإيمان". وأصله عند البخاري (6830) مطولًا من طريق الزهري عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة عن ابن عباس أنه سمع عمر يقول: ثم إنا كنا نقرأ: أن لا ترغبوا عن آبائكم. . وقد سبق قريبا.

26 - قول الرجل لأخيه: يا كافر

26 - قول الرجل لأخيه: يا كافر قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا حسين بن محمد، قال: ثنا يزيد -يعني: ابن عطاء- عن مطرف، عن أبي السَّفَر، عن معاوية بن سويد بن مقرن، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيما رجل قال لصاحبه: يا كافر، باء بها أحدهما يوم القيامة" (¬1). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا حجاج، قال: ثنا شريك، عن عاصم، عن أبي وائل، عن ابن مسعود قال: إذا قال المسلم لأخيه: أنت عدوي، فقد خرج أحدهما من الإسلام (¬2). "السنة" للخلال 2/ 70 (1283 - 1284) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة، عن عبد اللَّه بن دينار قال: سمعتُ ابن عمر يحدث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إِذْا قَالَ الرَّجُلُ لِأخيه: يا كافِرُ. فَقَدْ باءَ بِهِ أَحَدُهُما، إِن كانَ ¬

_ (¬1) رواه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" 5/ 2509 (6085) من طريق الحسن بن سفيان، عن عثمان بن أبي شيبة، عن عبثر، عن مطرف، عن عامر، عن معاوية به. ورواه ابن الأثير في "أسد الغابة" 5/ 209 من طريق أبي نعيم. قال الحافظ في "الإصابة" 3/ 435: معاوية بن سويد بن مقرن المزني أبو سويد الكوفي مشهور في التابعين، وذكره أبو يعلى والحسن بن سفيان والبغوي وابن السكن في الصحابة. اهـ. وله شاهد من حديث ابن عمر في الصحيحين، وسيأتي تخريجه. (¬2) رواه البغوي في "مسند ابن الجعد" 1/ 28 (78)، والبخاري في "الأدب المفرد" (421) والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (17) وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 731 - 732 (999)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 6/ 1102 (1899) قال الألباني في تعليقه على "الأدب المفرد": صحيح الإسناد.

كَما قالَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَى الآخَرِ" (¬1). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا معاوية بن عمرو، قال: ثنا أبو إسحاق، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: سمعت عبد اللَّه: إذا قال الرجل لأخيه: أنت عدوي، فقد كفر أحدهما. قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا الحسن بن موسى، قال: ثنا حماد، عن أبي المهزم قال: سمعت أبا هريرة يقول: لا يجتمع في الجنة رجلان: رجل قال لأخيه: يا كافر (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، عن إسماعيل، عن قيس، عن عبد اللَّه: إذا قال الرجل لصاحبه: أنت عدوي، فقد خرج أحدهما من الإسلام. قال قيس: فحدثني أبو جحيفة أن عبد اللَّه قال: إلا من تاب. "السنة" للخلال 2/ 122 - 123 (1475 - 1478) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَيما امرئٍ قالَ لِأخيه: يا كَافِرُ، فَقَدْ باءَ بِهِ أَحَدُهُما". قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة؛ أنه سمع أبا وائل قال: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 44، والبخاري (6104)، ومسلم (60). (¬2) لم أقف عليه موقوفًا، لكن رواه إسحاق بن راهويه في مسنده 1/ 434 (502) مرفوعًا.

سمعتُ عبد اللَّه بن مسعود يقول: إذا قال الرجل للرجل: أنت لي عدو، فقد كفر أحدهما بالإسلام. "السنة" للخلال 2/ 125 (9/ 148 - 1489) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه فقال: ثنا حماد بن أسامة، قال: ثنا عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أكفر أخاه فقد باء بها أحدهما". قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا أبي، قال: ثنا الحسين، عن ابن بريدة قال: حدثني يحيى بن يعمر، أن أبا الأسود حدثه عن أبي ذر أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى إِلى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلّا كَفَرَ، وَمَنْ ادَّعَى ما لَيْسَ لَهُ فَلَيْس مِنَّا وَلْيَتَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِن النَّارِ، وَمَنْ دَعا رَجُلًا بِالْكُفْرِ، أَوْ قالَ: عَدُوَّ اللَّهِ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إِلا حارَ عَلَيْهِ" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 127 - 128 (1504 - 1505) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الصمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني حسين، قال: قال ابن بريدة: حدثني يحيى بن يعمر أن أبا الأسود حدثه عن أبي ذرّ، أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا يَرْمِ رَجُلٌ رَجُلًا بِالْفِسْقِ وَلا يَرْميِهِ بِالْكُفْرِ إِلا ارْتَدَّتْ عَلَيهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ صاحِبُهُ كَذَلِكَ". "السنة" للخلال 2/ 141 (1552) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 166، والبخاري (3508، 6045)، ومسلم (61).

27 - إثم شارب الخمر والمنان والعاق والمتكبر

27 - إثم شارب الخمر والمنان والعاق والمتكبر قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن نبيط بن شريط، عن جابان، عن عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنه-، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنّانٌ وَلا عاقٌّ وَلا مُدْمِنُ خَمْرٍ" (¬1). قال أبو عبد الرحمن: نبيط بن شريط هو أبو سلمة بن نبيط، وكان شعبة ألثغ فكان يقول: شبيط بن شريط. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 381 (829) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن النعمان بن سالم، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن عبد اللَّه بن عمرو أنه قال: من شرب الخمر فسكر منها لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (¬2). "السنة" للخلال 2/ 63 - 64 (1256) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد ابن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن زبيد الأيامي، عن خيثمة قال: كنت إلى جنب عبد اللَّه بن عمرو، وليس بيني وبينه رجل، أو قال: بيني وبينه رجل، فذكروا الخمر، فكأن رجلًا تهاون بها، وقال: ليست من الكبائر. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 201، والنسائي 8/ 318 من طريق أحمد بن جعفر، عن شعبة به. وصححه ابن حبان 8/ 175 (3383) وليس فيه (نبيط بن شريط) وأورده الألباني في "الصحيحة" (673) مصححًا إياه بشواهده. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 98 (24079). ورواه الإمام أحمد 2/ 176، والنسائي 8/ 316، وابن ماجه (3377) مرفوعًا. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2722) مرفوعًا.

فقال عبد اللَّه: واللَّه لا يشرب الخمر رجل مصبحًا إلا ظل مشركًا حتى يمسي (¬1). "السنة" للخلال 2/ 64 (1258) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن عبيد قال: ثنا العوام، عن المسيب بن رافع الكاهلي، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: معاقر الخمر كعابد اللات والعزى (¬2). "السنة" للخلال 2/ 66 (1265) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يزيد، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد اللَّه بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة. قال: بينما أنا عندها، إذ مُرَّ برجل قد ضرب في خمر على بابها، فسمعت حس الناس، فقالت: أي شيء هذا؟ قلت: رجل أخذ سكران من خمر فضرب. فقالت: سبحان اللَّه! سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لَا يَشْرَبُ الشَّارِبُ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ -يَعْنِي الْخَمْرَ- وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ مُنْتَهِبٌ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ -وقد قال: شرف- يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارهم ورُءُوسَهُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاكُمْ" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 98 (24077)، ورواه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 6/ 1112 (1927) مطولًا. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 95 (24053). (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 139، وابن أبي شيبة 5/ 96 (24061) والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" 1/ 73، (112)، والطبراني في "الأوسط" 2/ 55 (1231). قال الهيثمي 1/ 100: رواه أحمد والبزار ببعضه والطبراني في "الأوسط" ورجاله ثقات إلا أن ابن إسحاق مدلس. وإسناد البزار رجاله رجال الصحيح. اهـ. وله شاهد من حديث أبي هريرة في الصحيحين بدون ذكر النهبة. وانظر التخريج التالي.

قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يزيد، قال: ثنا محمد -يعني: ابن إسحاق- عن يزيد بن أبي حبيب، عن بعجة -يعني: الجهني- عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمثل ذلك (¬1). "السنة" للخلال 2/ 67 - 68 (1271 - 1272) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا فضيل بن غزوان، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: لا يشرب الشارب حين يشرب وهو مؤمن. -يعني: الخمر (¬3). "السنة" للخلال 2/ 68 (1274 - 1275) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع ومحمد بن جعفر - المعنى واحد- قالا: ثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: من شرب الخمر مصبحًا ظل مشركًا، وإن سكر منها لم تقبل منه صلاة أربعين يومًا، فإن مات فيها مات كافرًا (¬4). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن عاصم بن أبي النجود، عن ذكوان أبي صالح، عن عبد اللَّه ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 376، والبخاري (6810)، ومسلم (57). (¬2) هذا الخبر روي مرفوعًا. رواه البخاري (6809). (¬3) سبق عنها مرفوعًا. (¬4) رواه الإمام أحمد في "المسند" 2/ 35، مرفوعًا، وقد سبق موقوفًا.

ابن عمرو قال: مدمن الخمر كمن يعبد اللات والعزى. قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن زبيد، وسلمة بن كهيل، عن خيثمة، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: من يشرب الخمر مصبحًا يظل مشركًا. "السنة" للخلال 2/ 69 (1277 - 1279) قال الخلال: قال المروذي: وحدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا إسماعيل، عن ليث، عن طلحة قال: قال مسروق: شارب الخمر كعابد اللات والعزى، شارب الخمر كعابد وثن (¬1). قال الخلال: قال المروذي: وحدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا محمد بن عبد الرحمن، قال: ثنا ليث، عن طلحة، عن مسروق قال: شارب الخمر كعابد الوثن، وشارب الخمر كعابد اللات والعزى. قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن زبيد والأعمش، قالا: ثنا عبد الرحمن. وسمعته مرة ذكر سلمة، عن خيثمة، عن عبد اللَّه بن عمرو في الخمر، فقال: لا يشربها مصبحًا إلا أمسى مشركًا، ولا يشربها ممسيًا إلا أصبح مشركًا. "السنة" للخلال 2/ 78 - 79 (1312 - 1314) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي صالح، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: مدمن الخمر كعابد اللات والعزى. "السنة" للخلال 2/ 79 (1317) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 9/ 237 (17064)، وابن أبي شيبة 5/ 96 (24059).

قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن يعلى بن عطاء قال: سمعت نافع بن عاصم يحدث عن عبد اللَّه بن عمرو قال: لا يدخل حظيرة القدس متكبر ولا منان ولا عاق (¬1). "السنة" للخلال 2/ 132 (1514) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن سالم بن أبي الجعد؛ أن عبد اللَّه بن عمرو قال: لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن (¬2). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا روح ابن عبادة، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا الحكم ويزيد بن أبي زياد، عن سالم ابن أبي الجعد، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن خمر. "السنة" للخلال 2/ 133 (1516 - 1517) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثثا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال مرة أخرى: أحسبه عن أبي سعيد الخدري- أنه قال: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنّانٌ وَلا عاقّ وَلا ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 330 (26581)، وابن خزيمة في "التوحيد" 2/ 869 (585). ووقع في "التوحيد": (سكير)، بدلًا من: (متكبر) وهو أشبه بالصواب. (¬2) رواه النسائي في "الكبرى" 3/ 176 (4917). ورواه الإمام أحمد 2/ 201، والنسائي 8/ 318، وفي "الكبرى" 3/ 176 (4914، 4915) مرفوعًا، وصححه الألباني في "الصحيحة" (673).

مُدْمِنُ" (¬1). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا روح ومحمد بن جعفر، قال: ثنا عوف، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال: قال فلان: من لقي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وهو مدمن الخمر فإنه يلقى اللَّه كعابد وثن. وقال أبو جعفر: عابد (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا روح قال: ثنا هشام بن أبي عبد اللَّه، عن قتادة، عن أبي الخليل، عن مجاهد أبي الحجاج؛ أن النبي عليه السلام قال: "ثلاثة لا يجدون ريح الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة خمس مِئة سنة: العاق لوالده، ومدمن الخمر، والبخيل المنان" (¬3). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد اللَّه بن يزيد، قال: ثنا حيوة وابن لهيعة، قالا: ثنا أبو صخر؛ أنه سمع يزيد بن عبد اللَّه بن قُسَيط يقول: سمعت أبا صالح السمان يقول: سمعت ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 44، والنسائي في "الكبرى" 3/ 176 (4920)، وأبو يعلى 2/ 394 (1168)، والبيهقي في "الشعب" 6/ 191 (7873). وفي الباب عن ابن عمرو، رواه الإمام أحمد 2/ 201، 203، والنسائي 8/ 318. وصححه الألباني في "الصحيحة" (673)، وفي "صحيح الجامع" (7676). (¬2) لم أقف عليه بهذا الإسناد. ويروى مرفوعًا من حديث ابن عباس؛ رواه أحمد 1/ 272، وعبد الرزاق 9/ 239 (1707)، وابن حبان 12/ 167 (5347)، والطبراني 12/ 45 (12428)، والبيهقي في "الشعب" 5/ 12 (5597) وصححه الألباني في "الصحيحة" (677). (¬3) رواه النسائي في "الكبرى" 3/ 177 (4923)، والطبري في "تهذيب الآثار" مسند علي 3/ 19 (309).

28 - ما جاء في الخيانة والكذب

أبا هريرة يقول: من بات في مثانته سبع قطرات من خمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة. قال أبو صالح: فعظمنا ذلك، فأتيت ابن عباس، فحدثته، فقال: صدق أبو هريرة، إن مات في الأربعين ليلة، مات كافرًا باللَّه. فعظمنا ذلك، ثم بلغنا عن ابن مسعود أنه سئل عن ذلك؟ فقال: أجل، من شربها فبات في مثانته سبع قطرات منها لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، ومن شربها حتى يتروى منها، ثم مات، وهي في بطنه، لم يتب إلى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، لقي اللَّه كعابد وثن (¬1). "السنة" للخلال 2/ 133 - 134 (1519 - 1522) 28 - ما جاء في الخيانة والكذب قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو كامل، نا زهير، نا أبو إسحاق، عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت أبا بكر الصديق ربه يقول: اتقوا الكذب، فإن الكذب مجانب للإيمان (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 364 (786) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن إسماعيل ومجالد، قالا: ثنا قيس، قال: سمعت أبا بكر رحمه اللَّه يقول: إياكم والكذب، فإن الكذب يجانب الإيمان (¬3). "السنة" للخلال 2/ 120 (1467) ¬

_ (¬1) روي مفرقًا، وقد سبق. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 121 (1470) عن المروذي عن أحمد به. (¬3) رواه أحمد 1/ 5، من طريق إسماعيل به، وقد سبق تخريجه. قال الألباني في تخريج "الإيمان" لأبي عبيد ص 36: رواه الإمام أحمد، موقوفًا عليه، بسند صحيح. اهـ.

قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل قال: سمعت مصعب بن سعد يحدث عن أبيه سعد أن المسلم يطبع على كل طبيعة غير الخيانة والكذب (¬1). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى، عن سفيان، قال: حدثني سلمة بن كهيل، عن مصعب بن سعد، عن أبيه قال: قال: يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن مؤمل، عن فضيل، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه قال: المسلم يطبع على كل طبيعة إلا الخيانة والكذب (¬3). "السنة" للخلال 2/ 134 - 135 (1524 - 1526) ¬

_ (¬1) رواه ابن المبارك في "الزهد" (828)، وابن أبي شيبة 5/ 237 (25595)، وابن أبي الدنيا في "ذم الكذب" (25)، و"الصمت" (492)، والبيهقي 10/ 197، وفي "الشعب" 4/ 207 (4808) وقال: روي مرفوعًا ورفعه ضعيف، وقال في "السنن": هذا موقوف وهو الصحيح. قال الدارقطني في "العلل" 4/ 331: رُوِيَ مرفوعًا، والموقوف أشبه بالصواب. اهـ، مختصرًا. (¬2) رواه ابن أبي شيبة في "الإيمان" (81)، وصححه الألباني في تعليقه عليه، رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 689 (906) من طريق عبد اللَّه بن أحمد وأبي داود ولم نقف عليها في "السنة" و"العلل" و"مسائل عبد اللَّه". (¬3) رواه ابن أبي شيبة 5/ 237 (25594) وفي "الإيمان" (80)، وابن أبي الدنيا في "ذم الكذب" (26)، وفي "الصمت" (493)، والطبراني 9/ 184 (8909). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 93: رواه الطبراني ورجاله ثقات. اهـ وصححه الألباني في تخريجه على "الإيمان"، تعليق رقم (69).

قال الخلال: قال المروذي: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن سلمة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه قال: المؤمن يطبع على كل خلق إلا الخيانة والكذب (¬1). "السنة" للخلال 2/ 135 (1528) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مالك بن الحارث، عن عبد اللَّه قال: المؤمن يطوى على كل خلةٍ إلا الخيانة والكذب (¬2). "السنة" للخلال 2/ 136 (1530) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثني منصور، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: قال عبد اللَّه: المؤمن يطوى على الخلال كلها غير الخيانة والكذب (¬3). "السنة" للخلال 2/ 136 (1532) ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 689 (907) من طريق عبد اللَّه بن أحمد وأبي داود. عن أحمد، به. (¬3) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 689 - 690 (908) من طريق عبد اللَّه ابن أحمد وأبي داود عن أحمد، به.

29 - الحلف بغير الله

29 - الحلف بغير اللَّه قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا الأعمش، عن سعيد بن عبيدة قال: كنت مع ابن عمر في حلقة، فسمع رجلًا في حلقة أخرى وهو يقول: لا وأبي. فرمى ابن عمر بالحصى، وقال: إنها كانت يمين عمر، فنهاه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عنها، وقال: "إنها شرك" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 103 (1408) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى، عن مسعر، قال: حدثني عبد الملك بن ميسرة، عن الحسن بن محمد، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَليس مِنا" (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا الوليد بن ثعلبة الطائي، عن عبد اللَّه بن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ. ومن خبب على امرئ زوجته أو مملوكه فليس منا" (¬3). "السنة" للخلال 2/ 118 (1456 - 1457) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا زيد بن الحباب، قال: حدثني حسين، قال: حدثني عبد اللَّه بن بريدة، عن أبيه ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 60، وأبو داود (3251)، والترمذي (1535). قال الترمذي: هذا حديث حسن. اهـ. وصححه الألباني في "الصحيحة" (2042). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 416 (12413). (¬3) رواه الإمام أحمد 5/ 352، وأبو داود (3253)، وصححه ابن حبان 10/ 205 (4363)، والحاكم 4/ 298. وصححه الألباني في "الصحيحة" (325).

قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ حَلَفَ أَنَّه بَرِيءٌ مِنَ الإِسْلامِ فَإِنْ كانَ كاذِبًا فَهُوَ كَما قالَ، وَإِنْ كانَ صادِقًا فَلَنْ يَرْجِعَ إِلَى الإِسْلامِ سالِمًا" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 127 (1499) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد اللَّه بن يزيد، قال: ثنا موسى، قال: سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة أنه كان يقول: ما أحب أن أحلف أني لأمسي كافرًا أو لأصبح كافرًا (¬2). "السنة" للخلال 2/ 129 (1508) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الملك بن عمير، قد قال: ثنا موسى بن علي، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: ما أحب أن أحلف كافرًا، ولا أصبح كافرًا، ولا أمسي كافرًا (¬3). "السنة" للخلال 2/ 158 (1612) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 355، وأبو داود (3258)، والنسائي 7/ 6، وابن ماجه (2100). والحديث صححه الألباني في "الإرواء" (2576). (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب "الإيمان" 2/ 866 (1176). (¬3) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 866 - 867 (1176) من طريق عبد اللَّه ابن أحمد وأبي داود عن أحمد، به.

30 - قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ليس منا من فعل كذا

30 - قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: ليس منا من فعل كذا قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا بشر بن المفضل، عن عبد اللَّه بن عثمان -يعني: ابن خثيم- عن نافع بن سرجس، عن عبيد بن عمير قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "لَيْسَ مِنّا مَنْ حَلَقَ" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 356 (765) وقال: حدثني أبي، نا أبو معاوية، نا الأعمش، عن إبراهيم، عن سهم بن منجاب، عن القرثع، قال: لما ثقل أبو موسى صاحت امرأته، فقال لها: أما علمت ما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقالت: بلى، ثم سكتت، فلما مات، قيل لها: أي شيء قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقالت: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لعن من حلق أو خرق أو سلق (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 367 (793) وقال: حدثني أبي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مر برجل يبيع طعامًا فسأله: "كيف تبيع؟ " فأخبره، فأوحى اللَّه إليه أن أدخل يدك فيه، فأدخل يده، فإذا هو مبلول، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَيْسَ مِنّا مَنْ غَشَّ" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا وكيع، نا سفيان، عن زُبَيد، عن إبراهيم، عن مسروق، عن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه: ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 82 (1328)، عن المروذي عن أحمد به. وله شاهد من حديث أبي موسى. رواه الإمام أحمد 4/ 396، ومسلم (104). (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 146 (1567) عن المروذي عن الإمام أحمد به. ورواه الإمام أحمد 4/ 405، ومسلم (104). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 242، ومسلم (102).

"لَيْسَ مِنّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ وَشَقَّ الجُيُوبَ وَدَعا بِدَعْوى الجاهِلِيَّةِ" (¬1). قال: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان مثله، عن النبي بإسناده (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 372 - 373 (809 - 811) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا صفوان بن عيسى، قال: ثنا ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما سالَمْناهُنَّ مُنْذُ حارَبْناهُنَّ، فَمَنْ تَرَكَ مِنْهُنَّ شيئًا خِيفَتهن فَلَيْسَ مِنّا" (¬3). "السنة" للخلال 2/ 82 (1327) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا معاذ بن معاذ، قال: ثنا ابن جريج، عن ميمون أبي مُغلِّس، عن أبي نجيح، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من كان موسرًا لأَنْ يَنْكِحَ فَلَمْ يَنْكِحْ فَلَيْسَ مِنّا" (¬4). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا هشام بن القاسم، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس وحميد، عن أنس بن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 432، والبخاري (1294)، ومسلم (103). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 386. (¬3) يعني: الحيات، والحديث رواه الإمام أحمد 2/ 520، وأبو داود (5248) وصححه ابن حبان 12/ 461 (5644)، وكذا الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (2983) وقال: حسن صحيح. (¬4) رواه أبو داود في "المراسيل" (202)، وابن أبي شيبة 3/ 439 (15898)، والطبراني في "الأوسط" 1/ 297 (989)، والبيهقي 7/ 78، وفي "الشعب" 4/ 382 (5481). وقال: أبو نجيح اسمه يسار، وهو والد عبد اللَّه بن أبي نجيح، وهو من التابعين، والحديث مرسل. اهـ. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (1934).

مالك قال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن النهبى، وقال: "مَنْ انْتَهَبَ فَلَيْسِ مِنَّا" (¬1). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: ثنا محمد -يعني: ابن إسحاق- عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا" (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مر برجل يبيع طعامًا، فسأل: "كيف تبيع؟ فأخبره، فأوحي إليه أن أدخل يدك فيه، فأدخل يده، فإذا هو مبلول، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ" (¬3). "السنة" للخلال 2/ 112 - 114 (1447 - 1450) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى، عن يوسف بن صهيب، عن حبيب بن يسار، عن زيد بن أرقم، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ فَلَيْسَ مِنَّا" (¬4). "السنة" للخلال 2/ 117 (1451) ¬

_ (¬1) رواه أحمد 3/ 140، والترمذي (1601)، وصححه ابن حبان 7/ 415 (3146). قال الترمذي: صحيح غريب من حديث أنس. وهو في "صحيح الجامع" (6105). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 207، والترمذي (1920)، والبخاري في "الأدب المفرد" (355). قال الترمذي: حديث محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب حديث صحيح. اهـ. وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (1566). (¬3) سبق تخريجه. (¬4) رواه الإمام أحمد 4/ 368، والترمذي (2761)، والنسائي 1/ 15. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. اهـ. وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (2217)، وفي "المشكاة" (4438).

قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى، عن ابن جريج قال: حدثني أبو مُغلِّس، عن أبي نجيح، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من كان موسرًا أَن يَنْكِحَ فَلَمْ يَنْكِحْ فَلَيْسَ مِنّا" (¬1). "السنة" للخلال 1/ 117 (1455) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد اللَّه، قال: أخبرني نافع، عن عبد اللَّه وعبد الأعلى قال: ثنا عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن حَمَلَ عَلَيْنا السِّلاحَ فَلَيسَ مِنّا" (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثني بَهْز بن أسد أبو الأسود، قال: ثنا عكرمة، عن إياس بن سلمة، عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ سَلَّ عَلَيْنا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنّا" (¬3). قال الخلال: قال المروذي: حدلنا أبو عبد اللَّه قال: لنا الضحاك بن مخلد، قال: ثنا ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ حَمَلَ السِّلاحَ عَلَينا فَلَيْسَ مِنّا" (¬4). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا الأعمش. وابن نمير، قال: ثنا الأعمش، عن عبد اللَّه بن مرّة، عن مسروق، قال: قال عبد اللَّه: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَيْسَ مِنّا مَنْ ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 2، والبخاري (6874)، ومسلم (98، 161). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 46، ومسلم (99). (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 329، ومسلم (101).

ضَرب الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعا بِدَعْوى الجاهِلِيَّةِ". قال: وقال ابن نمير: "أَو شَقَّ الجُيُوبَ، أوَدَعا بِدَعْوى الجاهِلِيَّةِ" (¬1). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا أبو معاوية قال: ثنا الأعمش، عن عبد اللَّه بن مرة، عن مسروق، عن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَيسَ مِنّا مَن لَطَمَ الخدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعا بِدَعْوى الجَاهِلِيَّة" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 118 - 119 (1458، 1462) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا هاشم ببن القاسم، قال: ثنا محمد -يعني: ابن راشد- عن سليمان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنا السِّلاحَ فَلَيسَ مِنّا ولا رصدنا بطريق" (¬3). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن آدم قال: ثنا زهير، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ انْتَهَبَ -أو انْتَهَبَ نُهْبَةً- فَلَيْسَ مِنّا" (¬4). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم، عن يزيد بن أوس، عن أبي موسى أنه أغمي عليه، فبكت عليه أم ولده، فلما أفاق قال لها: ¬

_ (¬1) رواه ابن منده في الإيمان (599)، وقد تقدم. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 456، ومسلم (103). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 183، 184، وعبد الرزاق 10/ 160 (18682). وله شاهد من حديث ابن عمر، رواه الإمام أحمد 2/ 53، والبخاري (7070)، ومسلم (98). (¬4) رواه الإمام أحمد 3/ 312، وأبو داود (4391)، وابن ماجه (3935). وانظر: "الصحيحة" (1673).

أما بلغك ما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: فسألتها فقالت: قال: "لَيْسَ مِنّا مَنْ سَلَقَ وحَلَقَ وخَرَقَ" (¬1). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا ابن آدم، قال: ثنا زهير، عن حميد الطويل، عن الحسن، عن عمران بن حصين قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ انْتَهَبَ نُهْبَةً فَلَيْسَ مِنّا" (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن آدم، قال: ثنا شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي موسى، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَيْسَ -يعني: مِنّا- مَنْ حَلَقَ وخَرق وسَلَقَ" (¬3). "السنة" للخلال 2/ 145 - 146 (1563 - 1567) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن ابن مهدي، قال: ثنا جرير بن حازم، عن يعلى بن حكيم، عن أبي لبيد قال: غزونا مع عبد الرحمن بن سمرة كابل، فأصاب الناس غنمًا فانتهبوها، فأمر عبد الرحمن مناديًا ينادي أني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "مَنْ انْتَهَبَ نُهْبَةً فَلَيْسَ مِنّا" فردوا هذِه الغنم. فردوها، فقسمها بينهم بالسوية (¬4). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 396، ومسلم (104). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 438، وابن ماجه (3937)، وقد صححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (3180). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 411. (¬4) رواه الإمام أحمد 5/ 62، وأبو داود (2703). وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (2422).

قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا جرير، عن قابوس، عن أبيه، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ انْتَهَبَ أو استلب أو أشار بالسلاح" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 147 (1569 - 1570) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا حجاج، قال: ثنا شريك، عن عبد اللَّه بن عيسى، عن جميع بن عمير أو ابن سعيد، عن خاله أبي بردة بن نيار قال: انطلقت مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى بقيع لأصلي، فأدخل يده في طعام ثم أخرجها، فإذا هو مغشوش أو مختلف. فقال: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّنَا" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 172 (1662) ¬

_ (¬1) فيه قابوس، وهو ابن أبي ظبيان -واسم أبي ظبيان: حصين بن جندب الجنبي الكوفي. قال الذهبي: كان ابن معين شديد الحط عليه، على أنه قد وثقه. وقال أحمد: ليس بذاك، لم يكن من النقد الجيد. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال أبو حاتم: لين الحديث ولا يحتج به. وقال ابن حبان: رديء الحفظ، ينفرد عن أبيه بما لا أصل له؛ فربما رفع المرسل وأسند الموقوف. اهـ. وانظر: "الضعفاء" للنسائي (465)، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم 7/ 145 (808)، و"تهذيب الكمال" للمزي 23/ 327 (4777)، و"الميزان " للذهبي 4/ 287 (6788). (¬2) تقدم تخريجه.

31 - النهي عن المدح الكاذب

31 - النهي عن المدح الكاذب قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا سفيان بن عيينة، عن أيوب الطائي -قال أبو عبد الرحمن: وهو أيوب بن عائذ البحتري- عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن عبد اللَّه: يأتي الرجل الرجل لا يملك له ولا لنفسه ضرًّا ولا نفعًا، فيحلف له أنك كيت، ولعله لا يتحلى منه بشيء فيرجع وما فيه من دينه شيء، ثم قرأ عبد اللَّه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا (50)} [النساء: 49، 50] (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 379 (824) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان ووكيع، عن سفيان، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: قال عبد اللَّه: إن الرجل ليخرج من بيته ومعه دينه، فيرجع وما معه منه شيء، يلقى الرجل لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا ليقسم له باللَّه أنه لذيت وذيت، فيرجع ما حلي من صاحبه بشيء، قد أسخط اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عليه. "السنة" للخلال 2/ 125 (1487) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا سفيان، عن أيوب الطائي، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن عبد اللَّه قال: يأتي الرجل الرجل لا يملك له ولا لنفسه ضرًا ولا نفعًا، فيحلف له أنك لذيت وذيت، ولعله أن لا يحلى نه بشيء، ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 4/ 131 (9749) من طريق الأعمش، عن قيس بن مسلم، به.

فيرجع وما معه من دينه شيء. ثم قرأ عبد اللَّه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا (50)} [النساء: 49، 50] (¬1). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا سليمان بن داود قال: ثنا شعبة، قال: أخبرني قيس بن مسلم قال: سمعت طارق بن شهاب يحدث عن عبد اللَّه قال: إن الرجل ليخرج من بيته ومعه دينه، فيلقى الرجل له إليه الحاجة، فيقول: إنك لذيت وذيت -يثني عليه- وعسى أن لا يحلى من حاجته بشيء، فيرجع قد أسخط اللَّه عليه، ما معه من دينه شيء (¬2). "السنة" للخلال 2/ 140 (1549 - 1550) ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 748 (1038)، 2/ 860 (1173) من طريق عبد اللَّه بن أحمد وأبي داود، وقد سبق. (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 748 (1039)، من طريق عبد اللَّه عن أحمد به. ورواه أيضًا برقم (1174) وفيه زيادة: قال شعبة: لما حدثني قيس بهذا الحديث فرحتُ به، وكان قيس يرى رأي المرجئة.

32 - النهي عن مشابهة الكفار وأهل الكتاب

32 - النهي عن مشابهة الكفار وأهل الكتاب قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا الحكم بن نافع، حدثنا إسماعيل ابن عياش، عن عقيل بن مدرك السلمي قال: أوحى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل: قل لقومك لا يأكلوا طعام أعدائي، ولا يشربوا شراب أعدائي، ولا يتشكلوا شكل أعدائي، فيكونوا أعدائي كما هم أعدائي (¬1). "الزهد" رواية عبد اللَّه ص 154 قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا معاذ بن معاذ، قال: ثنا ابن عون، عن محمد، قال: رأى عبد اللَّه بن عتبة رجلًا صنع شيئًا من زي العجم، فقال: ليتق رجل أن يكون يهوديًّا أو نصرانيًّا وهو لا يشعر (¬2). "السنة" للخلال 2/ 129 (1507)، 2/ 154 (1595) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن هشام، قال: ثنا محمد، عن أبي عبيدة بن حذيفة، عن أبيه قال: ليتق أحدكم أن يكون يهوديًا أو نصرانيًّا وهو لا يعلم. "السنة" للخلال 2/ 155 (1600) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا سعيد -يعني: ابن عبد الرحمن- عن محمد، قال: قال عبد اللَّه بن عتبة: ليتق أحدكم أن يكون يهوديًا أو نصرانيًا وهو لا يشعر. قال محمد: فظننته أنه أخذها من هذِه الآية: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51]. "السنة" للخلال 2/ 156 (1603) ¬

_ (¬1) لم أقف عليه، وإنما روى أبو نعيم في "الحلية" 2/ 371 نحوه من قول مالك بن دينار. (¬2) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1156 (6511).

قال الخلال: أخبرني محمد بن علي، قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن شهود هذِه الأعياد التي تكون عندنا بالشام مثل: طور تابوت، ودير أيوب وأشباهه يشهده المسلمون يشهدون الأسواق، ويجلبون فيه البقر والغنم والدقيق والبر وغير ذلك، إلا أنه إنما (يدخلون) (¬1) في الأسواق يشترون ولا يدخلون عليهم ببيعهم، قال: إذا لم يدخلوا عليهم بيعهم، وإنما يشهدون السوق فلا بأس. "أحكام أهل الملل" 1/ 121 (132) قال في رواية أبي الحارث: ما أحب لرجل أن يتعمد الحلواء واللحم لمكان النيروز، لأنه من زي الأعاجم، إلا أن يوافق ذلك وقتًا كان يفعل فيه. "الفروع" 5/ 309 قال أبو محمد الكرماني المسمى بحرب: قلت لأحمد: فإن للفرس أيامًا وشهورًا يسمونها بأسماء لا تعرف. فكره ذلك أشد الكراهة. وروى فيه عن مجاهد: أنه يكره أن يقال: آذرماه، وذى ماه. قلت: فإن كان اسم رجل اسميه به؟ فكرهه. وقال: وسألت إسحاق قلت: تاريخ الكتاب يكتب بالشهور الفارسية، مثل: آذرماه وذى ماه؟ قال: إن لم يكن في تلك الأسامي اسم يكره فأرجو. قال: وكان ابن المبارك يكره إيزدان يحلف به. وقال: لا آمن أن يكون أضيف إلى شيء يعبد. وكذلك الأسماء الفارسية. قال: وكذلك أسماء العرب، كل شيء مضاف. قال: وسألت إسحاق مرة أخرى. قلت: الرجل يتعلم شهور الروم والفرس؟ قال: كل اسم معروف في كلامهم فلا بأس. "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 199، "الآداب الشرعية" 3/ 417 ¬

_ (¬1) في المطبوع (يكون) والمثبت من "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 198.

33 - ما جاء في الأمانة والعهد

33 - ما جاء في الأمانة والعهد وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الصمد، نا أبو هلال، نا قتادة، نا أنس -رضي اللَّه عنه- قال: ما خطبنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا قال: "لا إِيمانَ لِمَنْ لا أَمانَةَ لَهُ، وَلا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 371 (805) قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر، قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عفان، قال: ثنا حماد قال: ثنا المغيرة قال: سمعت أنس يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا إِيمانَ لِمَنْ لا أَمانَةَ لَهُ، وَلا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 30 (1136) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا الحسن ابن موسى، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا إِيمانَ لِمَنْ لا أَمانَةَ لَهُ، وَلا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ" (¬3). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا حسن قال: ثنا حماد بن سلمة قال: وأخبرني من سمع أنس بن مالك يذكر هذا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "السنة" للخلال 2/ 54 - 55 (1222) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد للَّه قال: ثنا وكيع، قال: ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 161 (1621) عن المروزي عن أحمد به. والحديث رواه الإمام أحمد 3/ 135، 154، 210 من طرق عن أبي هلال، به. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7179) وغيره. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 251. (¬3) رواه هناد في "الزهد" (1033، 1135) كذا مرسلًا، لكن من طريق أبي سنان، عن مالك، عن الحسن، به. وانظر السابق.

سمعت هشام يذكر عن أبيه، عن عمر أنه قال: لا تغرنك صلاة امرئ ولا صومه، من شاء صام، ألا لا دين لمن لا أمانة له (¬1). "السنة" للخلال 2/ 126 (1491) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا روح ومحمد بن جعفر، قالا: ثنا عوف، عن قَسامة بن زهير قال: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الملك بن عمير قال: ثثا أبو الأشهب، عن عوف، عن قسامة بن زهير، عن الأشعري قال: لا إيمان لمن لا أمانه له، ولا دين لمن لا عهد له (¬3). "السنة" للخلال 2/ 144 (1560 - 1561) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا الأعمش، عن زيد بن وهب، عن حذيفة قال: حدثنا رسول اللَّه ¬

_ (¬1) رواه الخرائطي في "مساوى الأخلاق" (152)، وابن المقرئ في "المعجم" (784)، وابن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (496)، والبيهقي 6/ 288، وفي "الشعب" 4/ 326 (5279). (¬2) رواه ابن أبي شيبة في "الإيمان" (51)، وصححه الألباني في تخريجه عليه، تعليق رقم (42) رواه ابن بطة في "الإبانة" (964) وصححه الألباني في تعليقه على "الإيمان". (¬3) أورده ابن أبي حاتم في "العلل" (1936) لكن من طريق الحسن بن دينار، عن عوف، عن قسامة، عن أبي موسى الأشعري، مرفوعًا. ثم قال: الحسن بن دينار متروك الحديث. اهـ قلت: ولم أقف عليه عن أبي موسى موقوفًا، وراجع ما سبق مرفوعًا وموقوفًا ومرسلًا.

حديثين، رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر، حدثنا "أنَّ الأمانة نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجالِ ثُمَّ نَزَلَ القُرْآنُ فَتعَلمُوا مِنَ القُرْآنِ وَتعلمُوا مِنَ السُّنَّةِ"، ثُمَّ حَدَّثَنا عَنْ رَفْعها فقالَ: "يَنامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فُتْنزَع الأَمانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُها كأثر الوكت، وينام الرجل النومة فتنزع الأمانة من قلبه، فيظل أثرها كأثر المجل كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ تَراهُ مُنْتَبِرًا، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ"، ثُمَّ أَخَذَ حذيفة حَصًى فَدَحْرَجَهُ عَلَى ساقه قال: "فَيُصْبِحُ النّاسُ يَتَبايَعُونَ لا يَكادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمانَةَ حَتَّى يُقالَ: إِنَّ فِي بَنِي فُلانٍ رجل أَمِين، حَتَّى يُقالَ لِلرَّجُلِ: ما أَجْلَدَهُ وأَعْقَلَهُ وأَظْرَفَهُ وَما فِي قَلْبِهِ مِثْقالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمانٍ"، ولقد أتى عليَّ حين وما أبالي أيكم بايعت، لأن كان مسلمًا ليُردن علي إسلامه، ولئن كان يهوديًا أو نصرانيًا ليردنه على ساعيه، فأما اليوم فما كنت لأبايع منكم إلا فلانًا وفلانًا (¬1). "السنة" للخلال 2/ 151 (1588) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 383، والبخاري (6497)، ومسلم (143).

34 - المعاصي تنافي كمال الإيمان وإطلاق لفظ الكفر وغيره عليها

34 - المعاصي تنافي كمال الإيمان وإطلاق لفظ الكفر وغيره عليها قال صالح: قال أبي: سمع الحسن من ابن عمر وأنس بن مالك وابن مغفل. وقال بعضهم: حدثني عمران بن حصين. وقال بعضهم: حدثنا أبو هريرة. وسمع من عمرو بن تغلب أحاديث وهو من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال بعضهم: سمع من سمرة بن جندب، وحكي عن الحسن أنه سمع عائشة وهي تقول: إن نبيكم -صلى اللَّه عليه وسلم- بريء ممن فرق دينه" (¬1). "مسائل صالح" (634) قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: ما تقول فيمن لا يخاف على نفسه النفاق؟ قال: ومن يأمن على نفسه النفاق؟ ! "مسائل ابن هانئ" (1963) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا ابن نمير، نا فضيل -يعني ابن غزوان- حدثني عثمان بن أبي صفية قال: قال عبد اللَّه بن عباس - رضي اللَّه عنهما - لغلمانه يدعو غلامًا غلامًا يقول: ألا أزوجك؟ ما من عبد يزني إلا نزع اللَّه منه نور الإيمان (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 352 (755) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا سفيان بن عيينة، عن أيوب، عن أبي رجاء قال: سمعت ابن عباس -رضي اللَّه عنه- يقول: من فارق الجماعة شبرًا فمات فميتته جاهلية (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 352 (758) ¬

_ (¬1) رواه عبد اللَّه في "العلل" (3597) عن أبيه، عن مؤمل، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن الحسن. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 66 (1265) عن المروذي. ورواه ابن أبي شيبة 6/ 160 (30321)، وفي "الإيمان" (94). قال الألباني: إسناده حسن، موقوف. اهـ. (¬3) رواه عبد الرزاق 11/ 329 (20682)، وابن أبي شيبة 7/ 452 (37147). =

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الملك بن عمرو، نا عباد بن راشد، عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه قال: إنكم لتعملون أعمالًا هن أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الموبقات (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 353 (760) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا بشر بن المفضل، عن منصور بن عبد الرحمن، عن الشعبي، عن جرير قال: أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 354 (761)، 1/ 372 (808) وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن سعيد، نا شعبة، أخبرني سليمان، عن زيد بن وهب، قال: قال عبد اللَّه: إذا جاء الرجلان دخلا في الإسلام، ثم اهتجرا فأحدهما خارج حتى يرجع. يعنى: الظالم (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 364 (787) وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد اللَّه. ¬

_ = ورواه مرفوعًا البخاري (7054) ومسلم (1849). (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 3، وللحديث شاهد من حديث أنس رواه الإمام أحمد 3/ 157، والبخاري (6492). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 365، ومسلم (68). (¬3) رواه الخلال في "السنة" 2/ 122 (1474) عن المروذي عن أحمد به. ورواه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (545)، والطبراني 9/ 183 (8904) موقوفًا. ورواه مرفوعًا البزار 5/ 176 (1773)، والحاكم 1/ 22، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 173. قال الدارقطني في "العلل" 5/ 75 (س 721): الموقوف أشبه. اهـ. وقال المنذري كما في "صحيح الترغيب والترهيب" (4764): رواه الطبراني موقوفا بإسناد جيد. اهـ. وكذلك صححه الألباني هناك.

وقال: عن زبيد، عن إبراهيم، عن مسروق، عن عبد اللَّه. وقال: وعن الأعمش، عن عمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد اللَّه قال: الربا بضع وسبعون بابا، والشرك نحو ذلك (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 366 (791)، 1/ 373 - 374 (814 - 816) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن زهير، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "هَلْ تَدْرُونَ مَنْ المُفْلِس؟ " قالوا: المفلس فينا يا رسول اللَّه من لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتاعَ، قالَ: "إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام، ويأتي قد شتم عرض هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وضرب هذا، يقعد فيقتص هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه من الخطايا أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار" (¬2). "الزهد" لعبد اللَّه ص 26 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الملك بن عمير، حدثنا عباد عن الخسن قال: قيل لسمرة: إن ابنك لم ينم الليلة، قال: أبشما. قيل: بشما، قال لو مات لم أصل عليه (¬3). "الزهد" ص 248 قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثثا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يزيد ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 124 (1486) عن المروذي عن أحمد به. والأثر رواه عبد الرزاق 8/ 314 (15344، 15346)، وابن أبي شيبة 4/ 452 (22006)، والطبراني 9/ 321 (9608)، وروي مرفوعًا: رواه ابن ماجه (2275)، والبزار (1935) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1845). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 303، ومسلم (2581). (¬3) رواه الخلال في السنة 2/ 164 (1627) عن المروذي عن أحمد به.

ابن هارون قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي شريح الكعبي بأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "واللَّه لا يُؤْمِنُ، واللَّه لا يُؤْمِنُ، واللَّه لا يُؤْمِنُ". قالوا: وما ذاك يا رسول اللَّه؟ قال: "الجارُ لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوائِقَهُ". فقالوا: يا رسول اللَّه وما بوائقه؟ قال: "شَرُّهُ" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 53 (1216) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة يبلغ به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُها وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَزْنِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ" (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا معاوية بن عمرو قال: ثنا أبو إسحاق، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يَزْنِي الزّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُها وَهُوَ مُؤْمِنٌ، والتَّوْبَةُ مَعْرُوضَة بَعْدُه" (¬3). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا معاوية، قال: ثنا أبو إسحاق، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب وأبي بكر بن الحارث، عن أبي هريرة، مثله، إلا أنه زاد فيه: "لا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع المؤمنون إليه فيها أبصارهم وهو حين ينتهبها وهو مؤمن" (¬4). ولم يذكر في حديثه التوبة. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 31، والبخاري (6016). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 243. (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 376، 479، البخاري (6810)، مسلم (57). (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 317، البخاري (2475)، (5578)، ومسلم (57).

قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا معاوية، عن أبي إسحاق، عن الأوزاعي قال: وقد قلت للزهري حين ذكر هذا الحديث: "لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ": إنهم يقولون: فإن لم يكن مؤمنًا، فما هو؟ قال: فأنكر ذلك، وكره مسألتي عنه (¬1). "السنة" للخلال 2/ 60 - 61 (1245 - 1248) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن حبيب الشهيد، قال: ثنا عطاء قال: سمعت أبا هريرة يقول: "لا يزني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن. قال: قال عطاء: يتنحى عنه الإيمان. قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا معمر، عن همام بن منبه، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يَسْرِقُ سَارِقٌ وَهُوَ حِينَ يَسْرِقُ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَزْنِي زَانٍ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ وَلَا يَنْتَهِبُ أَحَدُكُمْ نَهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ إِلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ أَعْيُنَهُمْ فِيهَا وَهُوَ حِينَ يَنْتَهِبُهَا مُؤْمِنٌ، وَلَا يَغُلُّ أَحَدُكُمْ حِينَ يَغُلُّ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاكُمْ" (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا معمر، عن الزهري. وقتادة، عن رجل، عن عكرمة. وعن ابن طاوس، عن أبيه قال: أحسبه عن أبي هريرة، كلهم يرفعه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 711 (955) من طريق عبد اللَّه. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 317، ومسلم (57/ 103).

يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ إِلَيْهِ فِيهَا أبصارهم وَهُوَ مُؤْمِنٌ". قال ابن طاوس: قال أبي إذا فعل ذلك؛ زال منه الإيمان. قال: فقال: الإيمان كالظل ونحو هذا (¬1). "السنة" للخلال 2/ 65 - 66 (1261 - 1263) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن سعيد قال: ثنا شعبة عن فراس، عن مدرك بن عمارة، عن ابن أبي أوفى، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشرَبُها وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَزْنِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤمِنٌ، وَلا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذاتَ شَرَفٍ -أو سرف- وَهُوَ مُؤْمِنٌ" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 66 - 67 (1267) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يزيد قال: ثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ السَّارِقَ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذا شَرَفٍ يرفع إليه فيها أبصارهم وَهُوَ مُؤْمِنٌ". "السنة" للخلال 2/ 67 (1270) قال الخلال: قال المروذي: حدئنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن إبراهيم السكوني، عن رجل، عن عبد اللَّه بن مسعود قال: ¬

_ (¬1) رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" 1/ 386 (415 - 417). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 352 - 353، والطيالسي في "مسنده" 2/ 163 (861)، وابن أبي شيبة 5/ 96 (24063)، وفي "الإيمان" (40، 41)، والبزار في "مسنده" 8/ 286 (3354). قال البزار: وهذا الحديث لا نعلم له طريقًا عن ابن أبي أوفى إلا هذا الطريق. وقال الهيثمي في "المجمع" 1/ 100: رواه أحمد والطبراني في "الكبير" والبزار، وفيه مدرك بن عمارة، ذكره ابن حبان في "الثقات" وبقية رجاله رجال الصحيح. اهـ. وقال الألباني في تخريج "الإيمان" (40): إسناده حسن بالذي بعده.

لا يزني حين يزني وهو مؤمن. "السنة" للخلال 2/ 68 (1276) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا ابن نمير قال: ثنا هشام -يعني: ابن عروة- عن أبيه، عن عائشة قالت: لا يزني عبد حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن. قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عفان قال: ثنا همام قال: ثنا قتادة أن عمر بن الخطاب رحمه اللَّه قال: من زعم أنه مؤمن فهو كافر، ومن زعم أنه في الجنة فهو في النار، ومن زعم أنه عالم فهو جاهل. قال: فنازعه رجل فقال: إن يذهبوا بالسلطان فإن لنا الجنة. فقال عمر: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من زعم أنه في الجنة فهو في النار" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 69 - 70 (9281 - 1282) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن حبيب، عن أبي البختري، قال: سئل حذيفة عن قوله: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31]، أكانوا يعبدونهم؟ قال: لا، كانوا إذا أحلُّوا لهم شيئًا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئًا حرموه (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا أبو معاوية ¬

_ (¬1) رواه الحارث في "مسنده" كما في "بغية الباحث" (17)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب: الإيمان، 2/ 868 (1180) من طريق عفان به. (¬2) رواه الثوري في "تفسيره" (333)، وعبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 245 (1073)، والطبري 6/ 354 (16649)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 1784 (10058)، والبيهقي 10/ 116.

قال: ثنا الأعمش، عن سليمان بن ميسرة، عن طارق بن شهاب قال: قيل لحذيفة: أتركت بنو إسرائيل دينها في يوم؟ قال: لا، ولكنهم كانوا إذا أمروا بشيء تركوه، وإذا نهوا عن شيء ركبوه، حتى انسلخوا من دينهم كما ينسلخ الرجل من قميصه (¬1). "السنة" للخلال 2/ 77 - 78 (1306 - 1307) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا سليمان بن داود قال: ثنا عمران، عن قتادة، عن أبي مجلز، عن جندب بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رايَةٍ عُمِّيَّةٍ بغضب للعصبة ويقاتل فَقِتْلَةٌ جاهِلِيَّةٌ" (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سليمان قال: سمعت سليمان، يحدث عن جرير قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "مَنْ لَم يَرْحَمْ النّاسَ، لا يَرْحَمْهُ اللَّهُ" (¬3). "السنة" للخلال 2/ 81 (1321 - 1322) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن عاصم بن أبي النجود، عن وائل بن ربيعة قال: قال ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 1/ 173 (7)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 279 - 278. (¬2) رواه النسائي 7/ 123، والطيالسي 2/ 588 (1355)، وابن حبان 10/ 440 (4579)، والطبراني 2/ 163 (1671) كلهم من طريق عمران القطان، به. قال النسائي: وعمران القطان ليس بالقوي. اهـ. وله متابعة عند مسلم (1850) من طريق المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي مجلز، به. (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 361، والبخاري (6013)، ومسلم (2319).

ابن مسعود: عدلت شهادة الزور بالشرك باللَّه، ثم قرأ: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)} [الحج: 30] (¬1). قال: وحدثنا أبو بكر قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا حجاج قال: ثنا شريك، عن عاصم، عن أبي وائل، عن ابن مسعود قال: الربا بضع وستون بابًا، والشرك نحو من ذلك (¬2). "السنة" للخلال 2/ 81 - 82 (1324 - 1325) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن عبيد قال: ثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اثْنَانِ هُمَا بالناس كُفْرٌ: النِّيَاحَةُ عَلَى المَيِّتِ، وَالطَّعْنُ فِي النَّسَبِ" (¬3). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن ادم، قال: ثنا شريك، عن السدي، عن أبي الضحى، عن مسروق، قال: سُئل عبد اللَّه عن السُّحت. فقال: الرشا. قيل له: في ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 327 (15395)، وابن أبي شيبة 4/ 550 (23032)، والطبري 9/ 144 (25134)، والطبراني 9/ 109 (8569)، والبيهقي في "الشعب" 4/ 224 (8462)، كلهم من طريق سفيان، به. قال الهيثمي في "المجمع" 4/ 200: رواه الطبراني في "الكبير"، وإسناده حسن. اهـ. وقد حسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (2301)، موقوفًا. (¬2) رواه البزار 5/ 318 (1935) من طريق مسروق، عن ابن مسعود مرفوعًا. ورواه عبد الرزاق 8/ 314 (15346)، وابن أبي شيبة 4/ 452 (22006) من طريق عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود، ورواه عبد الرزاق (15347) من طريق مسروق عن ابن مسعود موقوفًا. كلاهما -المرفوع والموقوف- بلفظ: بضع وسبعون. (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 441، ومسلم (67).

الحكم؟ قال: ذاك الكفر. قال: ثم قرأ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] (¬1). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا هشيم قال: ثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن سلمة بن كهيل، عن علقمة والأسود، أنهما سألا ابن مسعود عن الرشوة. فقال: هي السحت. قالا: أفي الحكم ذلك؟ قال: ذلك الكفر. ثم تلا هذا الآية: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] (¬2). "السنة" للخلال 2/ 104 (1411 - 1412) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن مسروق، عن عبد اللَّه أنه قال: الجور في الحكم كفر، والسحت الرشا. قال: فسألت إبراهيم، فقلت: أفي قول عبد اللَّه: السحت الرُّشا؟ قال: نعم (¬3). "السنة" للخلال 2/ 107 (1426) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: سُئل ابنُ عباس عن الذي يأتي امرأته في دُبرها. قال: هذا يسألني عن الكفر (¬4). ¬

_ (¬1) رواه أبو يعلى 9/ 173 (5266)، والطبراني 9/ 225 (9098)، والبيهقي 10/ 39. وقال الهيثمي 4/ 200: رواه الطبراني في "الكبير"، ورجاله رجال الصحيح. اهـ. (¬2) رواه الطبري 4/ 597 (12066)، وانظر السابق. (¬3) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب: الإيمان 2/ 737 (1013) من طريق عبد اللَّه بن أحمد. ورواه الطبراني 9/ 226 (9101)، والبيهقي 10/ 139 من طريق سالم، به. (¬4) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 738 (1015) من طريق عبد اللَّه.

قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن سعيد، عن قتادة، عن عقبة بن وساج، عن أبي الدرداء قال: ويفعل ذاك إلا كافر (¬1)؟ ! قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا إسماعيل، عن ليث، عن مجاهد، قال: قال أبو هريرة: من أتى النساء والرجال في أعجازهن فقد كفر (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن قال: حدثني محمد بن مسلم، عن عمرو بن قتادة، أنه سأل طاوس عن ذلك؟ فقال: تلك كفر، أتدري ما بدء قوم لوط؟ إنه فعل الرجل والنساء، ثم فعله الرجال بالرجال (¬3). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الوهاب الخفاف قال: ثنا ابن جريج، عن إبراهيم بن أبي بكر أن رجلًا سأل طاوس عن ذلك؟ فقال: هذا يسألني عن الكفر (¬4). "السنة" للخلال 2/ 107 - 108 (1428 - 1432) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن الحسن بن عبيد اللَّه، عن الشعبي، عن جرير قال: مع ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 11/ 443 (20957)، وابن أبي شيبة 3/ 522 (16800). (¬2) رواه عبد الرزاق 11/ 443 (20958)، وابن أبي شيبة 3/ 523 (16801). وقال السيوطي في "الدر" 1/ 472: قال الحافظ ابن كثير: هذا الموقوف أصح. اهـ. (¬3) عزاه السيوطي في "الدر المنثور" 1/ 473 لعبد بن حميد. وفي 3/ 185 لابن أبي الدنيا وابن عساكر. (¬4) رواه النسائي في "الكبرى" 5/ 321 (9007).

كل أنفة كفر (¬1). "السنة" للخلال 2/ 117 (1454) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن سليمان التيمي، عن كردوس، قال: قال عبد اللَّه: الشرك أخفى من دبيب النمل (¬2). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: [ثنا] وكيع وعبد الرحمن، عن سفيان، عن زبيد، عن إبراهيم، عن مسروق، عن عبد اللَّه قال: الربا بضع وسبعون بابًا، والشرك نحو ذلك. "السنة" للخلال 2/ 123 (1479 - 1480) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن زبيد، عن إبراهيم، عن مسروق، عن عبد اللَّه قال: الربا ثلاثة وسبعون بابًا، والشرك مثل ذلك. قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد اللَّه قال: الربا ثلاثة وسبعون بابًا، والشرك مثل ذلك. قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد اللَّه بن نمير، قال: ثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: اثْنَتانِ فِي النّاسِ هُما بِهِمْ كفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ، والنِّياحَةُ عَلَى المَيِّتِ". قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 455 (32849) وفيه: مع كل أبقة كفرة. وهو الصواب. (¬2) رواه وكيع في "الزهد" (298).

ابن مهدي، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: اثنتان بالناس هما كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت (¬1). "السنة" للخلال 2/ 127 (1495 - 1498) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا الحسن ابن موسى قال: ثنا حماد بن سلمة، عن حبيب بن الشهيد، عن الحسن قال: ما يرى هؤلاء القوم أن أعمالًا تحبط أعمالًا واللَّه عَزَّ وَجَلَّ يقول: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] إلى قوله: {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2] (¬2). "السنة" للخلال 2/ 129 (1506) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يعلى بن عبيد قال: ثنا محمد -يعني: ابن إسحاق- عن أبي جعفر، عن علي بن حسين قال: وُجد مع قائم سيف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صحيفة مقرونة: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، أشد الناس على اللَّه عذابًا، القاتل غير قاتله، والضارب غير ضاربه، ومن جحد غير أهل نعمته فقد كفر بما أنزل اللَّه، ومن آوى محدثًا فعليه لعنة اللَّه وغضبه، لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل (¬3). "السنة" للخلال 2/ 140 - 141 (1551) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن حذيفة، عن ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 746 - 747 (1035) من طريق عبد اللَّه. (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" 2/ 857 (1163)، من طريق عبد اللَّه وأبي داود. (¬3) رواه عبد الرزاق 9/ 47 (16304)، رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 747 (1037) من طريق عبد اللَّه بن أحمد وأبي داود عن أحمد به.

حذيفة قال: مَنْ فارقَ الجماعةَ شِبرًا فقد خَلَعَ رِبق الإسلام من عنقه (¬1). "السنة" للخلال 2/ 143 (1556) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى، عن شعبة، قال: أخبرني أبو إسحاق، عن سعيد بن حذيفة، عن حذيفة قال: من فارق الجماعة شبرًا فقد فارق الإسلام (¬2). "السنة" للخلال 2/ 144 (1558) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع قال: ثنا الأعمش، عن سليمان بن ميسرة، عن طارق بن شهاب، عن عبد اللَّه قال: إذا أذنبَ الرجلُ الذنبَ نُكت في قلبه نُكتة سوداء، فإذا أذنب الذنبَ نكت في قلبه نكتة سوداء أخرى، حتى يكون قلبه لون الشاة الربداء (¬3). "السنة" للخلال 2/ 155 (1599). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي معمر، عن حذيفة قال: إن الرجل ليصبح بصيرًا ويمسي ما ينظر بشفر (¬4). "السنة" للخلال 2/ 158 (1610) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 7/ 451 (37133)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب "الإيمان" 1/ 290 (123) وله شاهد مرفوع من حديث ابن عباس، رواه الإمام أحمد 1/ 275 والبخاري (7053، 7054)، ومسلم (1849). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 7/ 452 (37143)، وانظر السابق. (¬3) رواه ابن أبي شيبة في "الإيمان" ص 6 (9)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 842 (1123). قال الألباني في تعليقه على "الإيمان": صحيح الإسناد. (¬4) رواه ابن أبي شيبة 6/ 169 (30403)، ونعيم في "الفتن" 1/ 65 (120)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 273 من طريق الأعمش، عن عمارة بنت عمير، عن أبي عمار، عن حذيفة.

قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا سفيان قال: سمع عمرو بن عتاب بن (حُنين) (¬1) يحدث عن (أبي جعفر) (¬2)، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَوْ أَمْسَكَ اللَّهُ القَطْرَ عَنْ النّاسِ سَبْعَ سِنِينَ ثُمَّ أَرْسَلَهُ لَأَصْبَحَتْ طائِفَةٌ بِهِ كافِرِين يَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ المِجْدَحِ" (¬3). "السنة" للخلال 2/ 158 - 159 (1613) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن عبد اللَّه بن أبي زكريا قال: بلغني أن الرجل إذا راعى بشيء من عمله أحبط اللَّه عز وجل ما كان قبل ذلك. "السنة" للخلال 2/ 162 (1622) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى ابن سعيد، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن حبان، عن أبي عمرة، عن زيد بن خالد الجهني أن رجلًا من أشجع من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- توفي يوم خيبر، فذكر ذلك للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "صَلُّوا عَلَى صاحِبِكمْ". فتغير وجوه الناس لذلك. فقال: "لأن صاحِبَكُمْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". ففتشنا متاعه، فوجدنا فيه خَرَزًا من خَرَز يهود، ما يُساوي درهمين! (¬4) ¬

_ (¬1) في المطبوع: جبير. والمثبت من مصادر التخريج، وعمرو هو ابن دينار. (¬2) هكذا في المطبوع، والصواب: عن أبي سعيد، الخدري. (¬3) رواه الإمام أحمد في "مسنده" 3/ 7، والنسائي 3/ 165، ورواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 748 - 749 (1040) من طريق عبد اللَّه بن أحمد. (¬4) رواه الإمام أحمد 4/ 114، 5/ 192، وأبو داود (2710)، والنسائي 4/ 64، وابن ماجه (2848)، والحاكم 2/ 127 وقال: صحيح على شرط الشيخين، وأظنهما لم يخرجاه. =

قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: ثنا يحيى، عن محمد بن يحيى بن حبان، أن أبا عمرة -مولى زيد بن خالد- أخبره أنه سمع زيد بن خالد الجهني يحدث أن رجلًا من المسلمين توفي يوم خيبر، وأنهم ذكروه للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "صَلُّوا عَلَى صاحِبِكُمْ". فتغيرت وجوه الناس لذلك، فلما رأى الذي بهم قال: "إنَّ صاحِبَكُمْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". ففتشنا متاعه، فوجدنا خرزًا من خرز اليهود، واللَّه إن يساوي درهمين! (¬1) "السنة" للخلال 2/ 163 - 164 (1626 - 1627) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع وعبد الرحمن، عن سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مِراءٌ فِي القُرْآنِ كُفْرٌ" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 173 (1663) وقال الفضل بن زياد: قال أحمد: ما يؤمن أحدكم أن ينظر النظرة فيحبط عمله. "فتح الباري " لابن رجب 1/ 140 ¬

_ = وضعفه الألباني في "الإرواء" (726) وقال -متعقبًا للحاكم-: أما أنهما لم يخرجاه، فهو كذلك يقينا. وأما أنه على شرطهما فليس كذلك؛ لأن أبا عمرة هذا هو مجهول العين، وهناك أبو عمرة آخر يروي عن زيد بن خالد أيضًا والصواب فيه ابن أبي عمرة، واسمه عبد الرحمن فهذا قد أخرج له مسلم، فلعل الحاكم ظن أنه هذا أو أنهما واحد. أما قوله: "صلوا على صاحبكم" فصحيح. اهـ. (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 114 وانظر السابق. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 478، وأبو داود (4603).

35 - باب: من دخل النار من أهل القبلة لا يخلد فيلها

35 - باب: من دخل النار من أهل القبلة لا يخلد فيلها قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، نا معمر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنَ الإِيمانِ". قال أبو سعيد: فمن شك فليقرأ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: 40] (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 367 - 368 (794) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عفان، قال: ثنا سعيد بن زيد، قال: ثنا أبو سليمان العصري، قال: حدثني عقبة بن صُهبان، قال: سمعت أبا بكرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-! قال: "يُحْمَلُ النَّاسُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ فَتَقَادَعُ بِهِمْ جَنْبَتَا الصِّرَاطِ تَقَادُعَ الْفِرَاشِ فِي النَّارِ؛ فَيُنْجِي اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ". قَالَ: "ثُمَّ يُؤْذَنُ لِلْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ عليهم السلام أَنْ يَشْفَعُوا، فَيَشْفَعُونَ وَيُخْرِجُونَ، وَيَشْفَعُونَ وَيُخْرِجُونَ، وَيَشْفَعُونَ وَيُخْرِجُونَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً مِنْ إِيمَانٍ" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 149 (1581) قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا إسماعيل، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثني عبيد اللَّه بن المغيرة بن ¬

_ (¬1) الإمام أحمد 3/ 94، والبخاري (7439)، ومسلم (183). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 43، وابن أبي شيبة 7/ 81 (34182)، وابن أبي عاصم في "السنة" (837)، والبزار 9/ 122 (3671)، والطبراني في "الصغير" 2/ 142 (926). قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 357: رواه أحمد، والطبراني والبزار، ورجاله رجال الصحيح. اهـ. وقد حسنه الألباني في "الظلال" (837).

معيقب، عن سليمان بن عمرو بن عُبيد العتواري -أحد بني ليث- وكان في حجر أبي سعيد الخدري، قال: شهدتُ أبا سعيد الخدري يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "يَشْفَعُ الأَنْبِياءُ فِي كُلِّ مَنْ كانَ يَشْهَدُ أَنْ لا إله إِلّا اللَّهُ مُخْلِصًا ليُخْرِجُونَهُمْ مِنْها، ثُمَّ يَتَحَنَّنُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بَرَحْمَتِهِ عَلَى مَنْ فِيها، فَما يَتْرُكُ فِيها عَبْدًا فِي قَلْبِهِ مِثْقالُ حَبَّةٍ مِنْ إِيمانٍ إِلّا أَخْرَجَهُ مِنْها" (¬1). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن سعيد قال: ثنا ابن أبي عروبة قال: ثنا قتادة قال: ثنا أنس بن مالك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "يَخْرُجُ مِنَ النّارِ مَنْ قالَ: لا إله إِلّا اللَّهُ وَكانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الخَيْرِ ما يَزِنُ شَعِيرَةً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النّارِ مَنْ قالَ: لا إله إِلّا اللَّهُ وَكانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الخَيْرِ ما يَزِنُ بُرَّةً تُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النّارِ مَنْ قالَ لا إله إِلّا اللَّهُ وَكانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الخَيْرِ ما يَزِنُ مثقَال ذَرَّةٍ" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 150 - 152 (1586 - 1590) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 11، وابن أبي شيبة 7/ 81 (34181) والطبري في "تفسيره" 8/ 368 (23861)، والحاكم 4/ 585. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. اهـ. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 116، والبخاري (44)، ومسلم (193).

36 - باب: بيان المنافقين وصفاتهم

36 - باب: بيان المنافقين وصفاتهم قال صالح: قلت: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَكْثَرُ مُنافِقِي أمَّتِي قُرَّاؤُها" (¬1)؛ هو صحيح؟ قال: اللَّه أعلم، ما أدري. "مسائل صالح" (285) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا إسماعيل بن إبراهيم، عن ليث، عن بلال، عن شُتَير بن شَكَل (¬2)، وعن صلة بن زُفر، وعن سليك بن مسحل قالوا: خرج علينا حذيفة، ونحن نتحدث، فقال: إنكم لتتكلمون كلامًا إن كنا لنعده على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- النفاق (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 355 - 356 (763) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا الأعمش، عن سفيان، عن ثابت بن هرمز أبي المقدام، عن أبي يحيى، قال: سئل حذيفة: ما المنافق؟ قال: الذي يصف الإيمان ولا يعمل به (¬4). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 175، وابن أبي شيبة في "المصنف" 7/ 101 (34324) والفسوي في "المعرفة والتاريخ" 2/ 528، والبيهقي في "الشعب" 5/ 363 (6959) من حديث عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنه-. وقد صححه الألباني في "الصحيحة" (750). (¬2) شُتَيْر بن شَكَل. قال الحافظ في "تقريب التهذيب" ترجمة رقم (2747): يقال: إنه أدرك الجاهلية، ثقة، من الثانية. اهـ. (¬3) رواه الإمام أحمد 5/ 384، والخلال في "السنة" 2/ 78 (1309)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب "الإيمان" 2/ 692 (917). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 297: رواه أحمد ورجاله ثقات، إلا أن ليث ابن أبي سليم مدلس. اهـ. (¬4) رواه الخلال في "السنة" 2/ 166 (1639) عن الميموني، عن أحمد به، ورواه المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" 2/ 631 (682)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 282 - 281 من طريق وكيع، عن الأعمش، به.

وقال: حدثني أبي، نا معتمر بن سليمان، عن عباد بن عباد قال: سمعت أبا عثمان يقول: كان حذيفة يؤيس المنافق (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 371 - 372 (806 - 807) قال عبد اللَّه: ووجدت في كتاب أبي رحمه اللَّه قال: أخبرت عن فضيل، عن سليمان -يعني: الأعمش- عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري الطائي، عن حذيفة بن اليمان -رضي اللَّه عنه- قال: القلوب أربعة: قلب أجرد كأنما فيه سراج يَزْهَر فذلك قلب المؤمن، وقلب أغلف فذلك قلب الكافر، وقلب مُصَفَّح فذلك قلب المنافق، وقلب فيه إيمان ونفاق، ومثل الإيمان فيه كمثل شجرة يسقيها ماء طيب، ومثل النفاق فيه كمثل قرحة يمدها قيح ودم، فأيما غلب عليه غلبه (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 377 - 378 (820) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا الأعمش وسفيان، عن ثابت بن هرمز أبي المقدام، عن أبي يحيى قال: سئل حذيفة -رضي اللَّه عنه- ما المنافق؟ قال: الذي يصف الإسلام ولا يعمل به (¬3). وقال: حدثني أبي، نا سليمان بن داود -وهو أبو داود الطيالسي- نا عمران -يعني القطان- عن قتادة، عن نصر بن عاصم الليثي، ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 167 (1641) عن الميموني، عن أحمد، به. (¬2) رواه ابن المبارك في "الزهد" (1439)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 6/ 168 (30395)، وفي "الإيمان" (54)، والطبري في "تفسيره" 1/ 451 (1500)، مختصرًا. وقد صححه الألباني في تحقيقه "الإيمان" لابن أبي شيبة تعليق رقم (46). وقال: صحيح موقوفًا. (¬3) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 371 - 372 (806)، والخلال في "السنة" 2/ 166 (1639).

عن معاوية الليثى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَكُونُ النَّاسُ مُجْدِبِينَ فَيُنْزِلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِمْ رِزْقًا مِنْ رِزْقِهِ فَيُصْبِحُونَ مُشْرِكِينَ" فَقِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "يَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا" (¬1). وقال: حدثني أبي، نا بهز، نا شعبة، حدثني عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن جبر الأنصاري قال: سمعت أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "آيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ، وَآيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 379 - 380 (826 - 828) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو عبيدة، عن عمر بن نبهان، عن يزيد الرشك، عن أبي قلابة قال: ينادي مناد يوم القيامة من قبل العرش: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62] فلا يبقى أحد إلا رفع رأسه فيقول: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)} [يونس: 63] فلا يبقى أحد منافق إلا نكس (¬3). "الزهد" ص 368 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن أبي رزين، عن الربيع بن خثيم: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا} الدنيا {وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} [التوبة: 82] الآخرة (¬4). "الزهد" ص 410. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 429، والبخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 329 (1410)، والطيالسي 2/ 191 (1358)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 2/ 195 (940)، والطبراني 19/ 430 (1043). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 212: رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" ورجاله موثقون. اهـ. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 135، والبخاري (17)، ومسلم (74). (¬3) رواه أبو نعيم في "الحلية" 2/ 286. (¬4) رواه الطبري في "تفسيره" 6/ 437 (17053).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو النضر، حدثنا شعبة، عن عوف الأعرابي قال: من أخلاق المنافق أن يحب الحمد ويكره الذم. "الزهد" ص 446 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن عوف الأعرابي، قال: قال وهب بن منبه: آية المنافق أنه يكره الذم ويحب الحمد. "الزهد" ص 447 قال أبو بكر الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد ابن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد اللَّه أنه قال: ثلاث من كن فيه كان منافقًا: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر (¬1). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا أبو معاوية قال: ثنا الأعمش، عن زيد بن وهب، عن حذيفة، قال: مات رجل من المنافقين، فلم يصل عليه حذيفة، فقال له عمر: أمن القوم هو؟ قال: نعم. قال: باللَّه، أنا منهم؟ قال: لا، ولن أخبر أحدًا بعدك (¬2). ¬

_ (¬1) رواه النسائي 8/ 117، وابن بطة في "الإبانة" كتاب: الإيمان 2/ 688 (903) من طريق منصور، عن أبي وائل، عن ابن مسعود موقوفًا. ورواه البزار في "مسنده" 5/ 89 (1662) من طريق الطيالسي، عن شعبة، عن منصور به مرفوعًا. وقال: وغير أبي داود يرويه موقوفًا. وقال الدارقطني في "العلل" 5/ 86: ورفعه أبو داود الطيالسي، عن شعبة، عن منصور. وغيره يرويه موقوفًا أيضًا عن شعبة، والموقوف أصح. وقال الهيثمي في "المجمع" 1/ 108: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 7/ 481 (37379)، عزاه في "كنز العمال" 13/ 344 (36962) لرسته، وذكره الذهبي في "السير" 2/ 364.

قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا إسماعيل، قال: ثنا أيوب، قال: قال أبو قلابة: ما وجدتُ مثل أهل الأهواء إلا مثل النفاق؛ فإن اللَّه قد ذكر النفاق بقول مختلف وعمل مختلف، قال: غير أن جميع ذلك الضلال (¬1). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، ثنا معتمر، عن [ليث] (¬2)، عن نعيم بن أبي هند، قال: قال عمر بن الخطاب: من قال: أنا مؤمن فهو كافر، ومن قال: هو عالم فهو جاهل، ومن قال: هو في الجنة فهو في النار (¬3). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا ابن نمير قال: ثنا عبيد اللَّه -يعني: ابن عمر- عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَثَلُ المُنافِقِ مَثَلُ الشَّاةِ العائِرَةِ بَيْنَ الغَنَمَيْنِ، تَعِيرُ إِلَى هذِه مَرَّةً، وَإِلَى هذِه مَرَّةً، لا تَدْرى أَيَّهُما تَتْبَعُ" (¬4). "السنة" للخلال 2/ 71 - 72 (1287 - 1291) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا عوف، عن عبد اللَّه بن عمرو بن هند الجملي، قال: كان علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- يقول: إن الإيمان يبدو لُمْظة (¬5) بيضاء في القلب، كلما ازداد الإيمان زاد البياض، فإذا استكمل الإيمان أبيض ¬

_ (¬1) رواه أبو نعيم في "الحلية" 2/ 287. (¬2) هكذا في "السنة" للخلال، وفي "اعتقاد أهل السنة" لللالكائي: أبيه. (¬3) رواه الحارث بن أبي أسامة كما في "بغية الباحث" (17)، ورواه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1047 (1777) عن حنبل، عن أحمد به. (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 47، ومسلم (2784). (¬5) اللُّمْظة: مثل النكتة من البياض أو السواد. "تاج العروس" 20/ 278 [ل م ظ].

القلب، وإن النفاق يبدو لمظة سوداء في القلب، كلما ازداد النفاق ازداد السواد، فإذا استكمل النفاق أسود القلب كله، وايم اللَّه، وايم اللَّه لو شققتم عن قلب مؤمن لوجدتموه أبيض، ولو شققتم عن قلب منافق لوجدتموه أسود (¬1). "السنة" للخلال 2/ 155 - 156 (1601) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة قال: قال عبد اللَّه بن عمرو: ويأتي على الناس زمان يجتمعون في مساجدهم يقرأون القرآن، ليس فيهم مؤمن (¬2). "السنة" للخلال 2/ 158 (1609) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا جرير، عن منصور، عن أبي وائل قال: قال عبد اللَّه: ثلاث من كن فيه فهو منافق: من حدث فكذب، ووعد فأخلف، واؤتمن فخان، فمن كانت فيه خص منهن فهي خصلة من النفاق حتى يدعها. "السنة" للخلال 2/ 164 (1629) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد ابن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن منصور، ويحيى عن شعبة، قال: حدثني منصور، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه قال: ثلاث من كن فيه كان منافقًا، وإن ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 159 (30312)، وفي "الإيمان" (8) من طريق أبي أسامة، عن عوف، به. ورواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 841 - 842 (1122)، عن عبد اللَّه عن أبيه عن محمد بن جعفر به. (¬2) رواه ابن أبي شيبة في "الإيمان" (101)، وفي "المصنف" 6/ 163 (30346) والآجري في "الشريعة" ص 100 (223). وقد صححه الألباني موقوفًا، في تعليقه على "الإيمان" لابن أبي شيبة (33).

كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان. قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا الحسن ابن موسى وبهز، قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، عن ابن مسعود أنه قال: ثلاث من كن فيه فهو منافق: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان. قال: فقال عبد اللَّه ابن عمرو بن العاص: قال حسن: وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر. قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا الحسن، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). قال: روى حماد بن سلمة، عن حبيب بن الشهيد، عن الحسن، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ" (¬2). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا الحسن، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن حبيب بن الشهيد، أن الحسن قال: إن القوم لمّا رأوا هذا النفاق يعلو الإيمان لم يكن لهم هم غير النفاق (¬3). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى ¬

_ (¬1) رواه مسلم، وقد تقدم. (¬2) رواه أحمد 2/ 536، والفريابي في "صفة المنافق" (5)، وابن حبان 1/ 490 (257). (¬3) رواه الفريابي في "صفة المنافق" (82).

ابن أبي بكير وسليمان بن داود، قالا: ثنا شعبة، عن عوف، عن ابن منبه. وقال أبو داود قال وهب: آية النفاق ومن أخلاق النفاق: أن تكره الذم وتحب المدح (¬1). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى ابن سعيد، عن وائل بن داود قال: حدثني إبراهيم النخعي قال: قال الأشعري: لأن أصلي إلى السارية أحب إلي من أن أشرب الخمر (¬2). "السنة" للخلال 2/ 164 - 166 (1631 - 1636) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا الأعمش، عن عمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: قال عبد اللَّه: اعتبروا المنافق بثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر. ثم قرأ: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ. . .} إلى قوله: {وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: 75، 77]. "السنة" للخلال 2/ 167 (1640) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن عبد اللَّه بن مرة، عن مسروق، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: قال رسول اللَّه: "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ" (¬3). "السنة" للخلال 2/ 167 (1642) ¬

_ (¬1) رواه أبو نعيم في "صفة النفاق" (133). (¬2) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" 5/ 97 (24073). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 189، والبخاري (34)، ومسلم (58).

قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة قال: المنافقون الذين فيكم شر من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلنا: وكيف ذاك يا أبا عبد اللَّه؟ قال: إن أولئك كانوا يُسرون نفاقهم، وإن هؤلاء أعلنوه (¬1). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يزيد، قال: ثنا أبو الأشهب، قال: ثنا الحسن، قال: كانوا يقولون: من النفاق اختلاف اللسان والقلب، واختلاف السر والعلانية، واختلاف الدخول والخروج (¬2). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، عن ابن حرملة، قال: سمعت سعيد بن المسيب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بَيْنَنا وَبَيْنَ المُنافِقِينَ شُهُودُ العِشاءِ والصُّبْحِ، لا يجمعونهما" (¬3). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا هشيم، عن العوام، عن حماد، عن ابن مسعود قال: الغناء ينبت النفاق في القلب (¬4). ¬

_ (¬1) رواه وكيع في "الزهد" (468)، والفريابي في "صفة المنافق" (53)، وابن أبي شيبة 7/ 481 (37385). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 7/ 236 (35631)، ورواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 690 (910) عن عبد اللَّه، عن أبيه، به. (¬3) رواه مالك في "الموطأ" ص (100). قال ابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 11: ولم يختلف عن مالك في إسناد هذا الحديث وإرساله، ولا يحفظ هذا اللفظ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومعناه محفوظ من وجوه ثابتة. اهـ. وله شاهد صحيح، من حديث أبي هريرة. رواه الإمام أحمد 2/ 424، والبخاري (657)، ومسلم (651). (¬4) رواه المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" 2/ 629 (680)، والبيهقي 10/ 223، وفي "الشعب" 4/ 278 (5098، 5099). وقد صححه الألباني، موقوفًا، في "تحريم آلات الطرب" ص 145.

قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا ابن مهدي، عن سفيان، عن منصور، عن حماد، عن إبراهيم، عن عبد اللَّه قال: الغناء ينبت النفاق في القلب. قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: الغناءُ يُنبت النفاقَ في القلب (¬1). قال الخلال: قال أبو بكر: وحدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا جرير، عن ليث، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه قال: قال عبد اللَّه: الغناء يُنبت النفاق في القلب. قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن، عن محمد بن طلحة، عن سعيد بن كعب المرادي، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود قال: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع، وإن الذكر ينبت الإيمان في القلب كما ينبت الماء الزرع. قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: حدثني بهز بن أسد، قال: ثنا عكرمة بن عمار، قال: ثنا طيسلة بن علي، قال: رأيتُ عبد اللَّه بن عمر في أصول الأراك يوم عرفة، قال: وبين يديه رجل من أهل العراق، فقال: يا ابن عمر، ما المنافق؟ قال: المنافق الذي إذا حدث كذب، وإذا وعد لم ينجز، وإذا اؤتمن لم يؤد، وذئب (¬2) بالليل وذنب بالنهار. قال: يا ابن عمر، فما المؤمن؟ قال: الذي إذا حدث صدق، وإذا وعد أنجز، وإذا أؤتمن أدى، يأمن من أمسى ¬

_ (¬1) رواه معمر في "جامعه" 11/ 4 (19737)، وابن أبي شيبة 4/ 373 (21131). (¬2) في المطبوع: (ذنب)، والمثبت من "الإبانة".

بعقوبته (¬1) من عارف أو منكر (¬2). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا ابن أبي عدي، عن يونس، عن الحسن أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ" (¬3). "السنة" للخلال 2/ 167 - 170 (1646 - 1652) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري قال: قال رجل: اللهم أهلك المنافقين. فقال حذيفة: لو هلكوا ما انتقمتم ممن عذبكم (¬4). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: كان يقال: الغناء ينبت النفاق في القلب. "السنة" للخلال 2/ 170 - 171 (1654 - 1655) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد اللَّه بن نمير قال: الأعمش، عن عبد اللَّه بن مرة، عن مسروق، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أربع من كن فيه كان مناففًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خلة نفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذَا خاصم فجر" (¬5). ¬

_ (¬1) في المطبوع: (بعقوبة)، والمثبت من الإبانة. (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 688 (904) عن عبد اللَّه، عن أبيه، به. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) رواه ابن أبي شيبة 7/ 481 (37382)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 698 (933) بلفظ: ما انتصفتم من عدوكم. عن عبد اللَّه، عن أبيه، عن وكيع. (¬5) رواه الإمام أحمد 2/ 189، والبخاري (34)، ومسلم (58).

قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، عن سلام بن مسكين، عن شيخ لهم لم يكن يسميه، عن أبي وائل أنه دعي إلى وليمة، فرأى لعابين فخرج، قال: سمعت ابن مسعود يقول: الغناء ينبت النفاق كما ينبت الماء البقل. قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، عن شعبة، عن الحكم قال: قال إبراهيم: قال عبد اللَّه: الغناء ينبت النفاق في القلب. قلت: من حدثك؟ قال: حماد. قال شعبة: فأتيت حمادًا، فأقرَّ به. قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابنٍ له، وحدثنا عن الحسن، عن أبي مسكين، عن إبراهيم قال: الغناء ينبت النفاق في القلب. "السنة" للخلال 2/ 171 (1658 - 1660)

37 - باب: في أن من فعل ذنبا فارقه الإيمان، فإن تاب عاوده الإيمان

37 - باب: في أن من فعل ذنبًا فارقه الإيمان، فإن تاب عاوده الإيمان قال حرب: حدثنا أحمد قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن حبيب بن الشهيد، قال: حدثنا عطاء قال: سمعت أبا هريرة يقول: لا يزني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن (¬1). قال عطاء: يتنحى عنه الإيمان. قال حرب: حدثنا أحمد قال: حدثنا يحيى، عن عوف، قال: قال الحسن: يجانبه الإيمان ما دام كذلك، فإن راجع راجعه (¬2). قال حرب: حدثنا أحمد قال: ثنا يحيى، قال: ثنا أشعث، عن الحسن، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ينزع منه الإيمان، فإن تاب أعيد إليه الايمان" (¬3). "مسائل حرب" ص 376 قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا يزيد بن هارون، أنا العوام، نا علي ابن مدرك، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: الإيمان نَزِهٌ، فمن زنى ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 414 - 415 (13680) عن ابن جريج، عن عطاء به. (¬2) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 352 (756)، والخلال في "السنة" 2/ 67 (1268 - 1269) عن المروذي عن أحمد به، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 711 (956) عن عبد اللَّه، عن أبيه، به، والآجري في "الشريعة" 2/ 599 (232)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 6/ 1091 - 1092 (1874) من طريق حنبل عن أحمد به. (¬3) رواه الخلال في السنة" 2/ 67 (1269)، والآجري في "الشريعة" 2/ 598 (231)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب "الإيمان" 2/ 711 (956).

فارقه الإيمان، فإن لام نفسه ورجع راجعه الإيمان (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 351 (753) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عباس، أنه قال لغلمانه: من أراد منكم الباءة زوَّجناه، لا يزني منكم زان إلا نزع اللَّه منه نور الإيمان، فإن شاء أن يردَّه عليه ردَّه، وإن شاء أن يمنعه منعه (¬2). "السنة" للخلال 2/ 65 (1260). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة، عن سليمان، عن ذكوان، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "لا يَزْنِي [الزَّاني] (¬3) حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ حين يسرق وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُها وَهُوَ مُؤْمِنٌ، والتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ" (¬4). "السنة" للخلال 2/ 66 (1266) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة في "الإيمان" 1/ 7 (16)، وعبد اللَّه في "السنة" 1/ 351 (753)، والآجري في "الشريعة" 2/ 596 - 597 (229)، واللالكلائي في "شرح أصول الاعتقاد" 3/ 190 (1870). (¬2) رواه ابن أبي شيبة في "الإيمان" (94). قال الألباني في تعليقه على "الإيمان": إسناده حسن، موقوفًا، ورجاله ثقات، رجال الشيخين، غير إبراهيم بن المهاجر وهو البجلي الكوفي، فمن رجال مسلم وحده، وهو صدوق، لين الحفظ. اهـ. ورواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 352 (755) عن أبيه بإسناد آخر مختصرًا، ورواه اللالكلائي في "شرح أصول الاعتقاد" 6/ 1089 (1866) من طريق حنبل. (¬3) ليست في المطبوع، ومثبتة من مصادر التخريج. (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 479، ورواه البخاري (6810)، ومسلم (57/ 104) من طريق شعبة، وبه.

قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، عن الفضل بن دَلْهَم، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ينزع منه نور الإيمان كما يخلع أحدكم قميصه، فإن تاب تاب اللَّه عليه" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 68 (1273) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا جرير بن حازم، عن الفضيل بن يسار، قال: قال محمد بن علي: هذا الإسلام -ودوَّر دوّارة، وفي وسطها أخرى- وهذا الإيمان -للتي في وسطها- مقصور في الإسلام. قال: يقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزنِي وَهُوَ مُؤمِنٌ، وَلا يَسرِق حين يسرق وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشرَبُها وَهُوَ مُؤْمِنٌ". قال: يخرج من الإيمان إلى الإسلام، ولا يخرج من الإسلام، فإذا تاب تاب اللَّه عليه. قال: رجع إلى الإيمان (¬2). "السنة" للخلال 2/ 69 (1280) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا إسماعيل، عن ليث، عن مجاهد، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: إن شربها فلم يسكر لم تقبل له صلاة سبعًا، فإن شربها فسكر لم تقبل له صلاة أربعين، فإن مات مات كافرًا، فإن تاب تاب اللَّه عليه، فإن عاد فكذلك ثلاثًا، فإن تاب تاب اللَّه عليه، فإن عاد فكذلك ثلاثًا، فإن تاب تاب اللَّه عليه، فلا أدري في ¬

_ (¬1) رواه الآجري في "الشريعة" ص 99 (221)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب "الإيمان" 2/ 716 - 715 (968). (¬2) رواه عبد اللَّه بن أحمد في "السنة" 1/ 342 (725) عن لُوَيْن، عن حماد بن زيد، عن جرير بن حازم، به. والآجري في "الشريعة" ص 98 (216).

الثالثة أو الرابعة، فإن عاد كان حقًّا على اللَّه أن يسقيه من طينة الخبال (¬1). "السنة" للخلال 2/ 78 (1311) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن سعيد، ثنا إسماعيل، قال: حدثني قيس، عن ابن مسعود قال: إذا قال الرجل لأخيه: أما عدو لي، خرج من الإسلام. قال: فأخبرني أبو جحيفة أنه قال: إلا من تاب. "السنة" للخلال 2/ 135 (1527) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 176 والنسائي 8/ 317، عن عبد اللَّه بن عمرو مرفوعًا.

38 - باب في أن من الكفر كفرا غير مخرج من الملة وكذلك الظلم والفسق

38 - باب في أن من الكفر كفرًا غير مخرج من الملة وكذلك الظلم والفسق قال أبو الفضل صالح: قلت: من الفاجر والفاسق من الناس؟ قال: هذا كلام يحتمل معاني شتى. "مسائل صالح" (567، 948). وقال ابن هانئ: وسألته عن حديث طاوس عن قوله: كفر لا ينقل عن الملَّة؟ قال أبو عبد اللَّه: إنما هذا في هذِه الآية: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]. "مسائل ابن هانئ" (2042) قال أبو بكر الخلال: وقال أبو الحارث: سألت أبا عبد اللَّه، وقال صالح: سألت أبي عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثَلاث مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهو منافق. . "؟ قال: قد روي هذا عن عبد اللَّه بن عمرو، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. زاد أبو الحارث: وأبو هريرة (¬1) عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقول عبد اللَّه، ما أدري ما أقول فيه. وقالا جميعًا عن أبي عبد اللَّه، أنهما سألاه عن حديث أبي بكر: "كفر باللَّه تبرؤ من نسب وإن دق، وكفر باللَّه ادعاء إلى نسب لا يعلم" (¬2)؟ قال صالح: قال: قد روي هذا عن أبي بكر، فاللَّه أعلم. ¬

_ (¬1) حديث أبي هريرة رواه الإمام أحمد 2/ 357، 397، والبخاري (33)، ومسلم (59) بلفظ: "آية المنافق ثلات: إذا حدت كذب وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان". وأما حديث عبد اللَّه، فقد رواه الإمام أحمد 2/ 200. (¬2) رواه الدارمي في "مسنده" 4/ 1891 (2905) والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث" (25)، والبزار في "مسنده" 1/ 139 (70) والطبراني في =

قال أبو الحارث: ما أدري. أو قال: ما أعلم، قد كتبناها. هكذا قال أبو الحارث. قال أبو الحارث: وسمعت أبا عبد اللَّه، وقيل له فحديث أبي هريرة: "مَنْ أتى النِّساءَ فِي أَعْجازِهِنَّ" (¬1)؟ قال: قد روي هذا. "السنة" للخلال 2/ 8 - 9 (1086) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس قال: سمعت عمر يقول: كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم، فإنه كفر بكم. أو: إن كفرًا بكم أن ترغبوا عن آبائكم (¬2). "السنة" للخلال 2/ 63 (1253) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا حجاج، قال: ثنا محمد بن طلحة، عن أبيه، عن أبي معمر، عن أبي بكر الصديق قال: ¬

_ = "الأوسط" 3/ 167 (2818). كلهم من طريق السري بن إسماعيل عن بيان عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر مرفوعًا. ورواه أيضًا في موضع آخر من طريق الحجاج بن أرطاة عن الأعمش عن عبد اللَّه بن مرة، عن عبد اللَّه بن سخبرة، عن أبي بكر. . الحديث "الأوسط" 8/ 260 (8575) قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 97: رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف، ورواه البزار، وفيه السري بن إسماعيل وهو متروك، وذكره الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1991) وقال: صحيح لغيره. (¬1) لم أقف عليه بهذا اللفظ. وقد روي -بنحوه- عند الإمام أحمد 2/ 408، وأبي داود (3904)، والترمذي (135)، وابن ماجه (639). قال الترمذي: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث حكيم الأثرم، عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي هريرة. اهـ. وقد صححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (116). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 47، والبخاري (6830) مطولًا.

كفر باللَّه انتماء إلى نسب لا يعرف، وكفر باللَّه انتفاء من نسب وإن دق. "السنة" للخلال 2/ 63 (1255) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، قال: ثنا ليث، عن مجاهد، عن أبي هريرة قال: من أتى امرأة في عجزها أو رجلًا فقد كفر (¬1). "السنة" للخلال 2/ 76 (1303) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد العزيز العمي، قال: حدثني منصور بن المعتمر، عن سالم، عن أبي الجعد، عن مسروق، قال: سأل رجل عبد اللَّه بن مسعود عن السحت، فقال ابن مسعود: الرُّشا. فقال الرجل: الرشوة في الحكم؟ قال: ابن مسعود: لا، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45]، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47]. قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، قال: هي به كفر، وليس كمن كفر باللَّه وملائكته وكتبه ورسله. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 11/ 443 (20958)، وابن أبي شيبة 3/ 523 (16802، 16803)، موقوفًا. ويُروى مرفوعًا، بلفظ: "من أتى حائضًا أو امرأة في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد). رواه الإمام أحمد 2/ 408، 476، وأبو داود (3904) والترمذي (135)، وابن ماجه (639). قال الترمذي: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث حكيم الأثرم، عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي هريرة. اهـ مختصرًا. وقد صححه الألباني في "الإرواء" (2006).

قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا زكرىا، عن عامر قال: أنزلت {والكافرون} في المسلمين، و {الظالمون} هو في اليهود، و {الفاسقون} في النصارى. قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، قال: نزلت في بني إسرائيل، ورُضي لكم بها. قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء قال: كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق. قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن سعيد المكي، عن طاوس قال: ليس بكفر ينقل عن الملة (¬1). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن هشام بن حُجَير، عن طاوس قال: قال ابن عباس: ليس بالكفر الذي تذهبون إليه (¬2). قال سفيان: أي ليس كفرًا ينقل عن ملة، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}. قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرزاق قال: ثنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: سئل ابن عباس عن قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}؟ قال: هي به ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 4/ 596 (12057)، ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" 2/ 522 (574). (¬2) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1143، والحاكم 2/ 313، والبيهقي 8/ 20.

كفر. قال ابن طاوس: وليس كمن كفر باللَّه وملائكته وكتبه ورسله (¬1). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ}، {الظَّالِمُونَ}، قال: نزلت في بني إسرائيل، ورضي بها لهؤلاء (¬2). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء قال: كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق (¬3). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن، عن حبيب بن سليم، قال: سمعت الحسن يقول: نزلت في أهل الكتاب، أنهم تركوا أحكام اللَّه عَزَّ وَجَلَّ كلها (¬4). قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا أبو جناب، عن الضحاك: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ}، و {الظَّالِمُونَ}، و {الفَاسِقُونَ}، قال: نزلت هؤلاء الآيات في أهل الكتاب (¬5). ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 4/ 596 (12060)، ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" 2/ 521 (570)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1143، وصححه الألباني في تعليقه على "الإيمان" لابن تيمية" ص 115. (¬2) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 186 (715)، والطبري 4/ 597 (12064). (¬3) رواه الطبري في "تفسيره" 4/ 595 (12052). (¬4) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1148 (6462). (¬5) رواه الطبري في "تفسيره" 4/ 592 (12029)، ووقع في المطبوع منه: عن (أبي حيان) بدلًا من (أبي جناب).

قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البختري قال: قيل لحذيفة: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ}: في بني إسرائيل؟ فقال حذيفة: نعم، الآخرة لكم، بنو إسرائيل، إن كانت لكم كل حلوة ولهم كل مرَّة، لتسلكنَّ طريقهم قَدَّ الشَّراك (¬1). "السنة" للخلال 2/ 104 - 107 (1413 - 1425) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزعراء، سمعه من عمه أبي الأحوص، سمع عبد اللَّه يقول: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر (¬2). "السنة" للخلال 2/ 111 (1440) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "سِبابُ المُسْلِمِ فُسُوق، وَقِتالُهُ كُفْرٌ" (¬3). "السنة" للخلال 2/ 112 (1445) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد اللَّه بن نمير، قال: ثنا الأعمش، عن مسروق، قال: خطب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حجة الوداع فقال في خطبته: "لا ألفينكم تَرْجِعُون بَعْدِي كفّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ" (¬4). ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 4/ 593 (12032). (¬2) رواه النسائي في "الكبرى" 2/ 313 (3570)، وقد تقدم تخريجه. (¬3) رواه أحمد 1/ 385، 439، والبخاري (48)، ومسلم (64) من طريق أبي وائل. (¬4) رواه النسائي 7/ 127، وفي "الكبرى" 2/ 317 (3594) وصوبه، وابن أبي شيبة 7/ 456 (37176)، والمروزي في "الفتن" 1/ 183 (479) من طرق عن مسروق. =

قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وهب بن جرير قال: ثنا أبي قال: سمعت عبد الملك بن عمير يحدث عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه، عن أبيه: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تَرْجِعَوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ" (¬1). قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عفان بن مسلم قال: ثنا حماد بن سلمة قال: ثنا علي بن زيد، عن أبي حرة الرقاشي، عن عمِّه قال: كنت آخذ بزمام ناقة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في أوسط أيام التشريق، فذكر خطبته، فقال: "لا تَرْجِعَوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 121 (1471 - 1493) قال الخلال: أخبرني موسى بن سهل، قال: حدثنا محمد بن أحمد الأسدي، حدثنا إبراهيم بن يعقوب، عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد عن المُصرِّ على الكبائر بجهده، إلا أنه لم يترك الصلاة والزكاة ¬

_ = وصححه الدارقطني في "العلل" 5/ 241، وكذا الألباني في "الصحيحة" 4/ 624 (1974) قائلًا: وهو مرسل صحيح الإسناد. (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 402، والبزار 5/ 386 (2020)، وأبو يعلى 9/ 223 (5326)، والشاشي 1/ 326 (297). قال الهيثمي في "المجمع" 7/ 295: رواه أحمد، والبزار، وأبو يعلى، والطبراني، ورجاله رجال الصحيح. اهـ. وله شاهد من حديث ابن عمر. رواه أحمد 2/ 85، والبخاري (7077)، ومسلم (66). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 72 - 73، والطبراني، 4/ 53 (3609) ولم يذكر نصه. قال الهيثمي في "المجمع" 3/ 265 - 266: رواه أحمد، وأبو حرة الرقاشي وثقه أبو داود، وضعفه ابن معين، وفيه علي بن زيد، وفيه كلام. اهـ. وللحديث شواهد منها: حديث ابن عمر، وقد سلف. وحديث ابن عباس رواه الإمام أحمد 1/ 230، والبخاري (7079).

والصوم والحج والجمعة، هل يكون مصرًّا أمن كانت هذِه حاله؟ قال: هو مصرُّ في مثل قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَزْنِي الزّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤمِنٌ"، من يخرج من الإيمان ويقع في الإسلام، ومن نحو قوله: "وَلا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُها وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ حين يسرق وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً. . " (¬1)، ومن نحو قول ابن عباس {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (¬2)، فقلت له: فما هذا الكفر؟ قال: كفر لا ينقل من الملة، مثل بعضه فوق [بعض]، فكذلك الكفر، حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف الناس فيه. فقلت له: أرأيت إن كان خائفًا من إصراره، ينوي التوبة، ويسأل ذلك، ولا يدع ركوبها؟ قال: الذي يخاف أحسن حالًا. "أحكام النساء" للخلال (91) [نقل إسماعيل بن سعيد الشالنجي عن أحمد -وذكر له قول ابن عباس المتقدم (¬3) - وسأله: ما هذا الكفر؟ قال أحمد: هو كفر لا ينقل عن الملة، مثل الإيمان بعضه دون بعض، فكذلك الكفر حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه. "فتح الباري" لابن رجب 1/ 139] (*) نقل حنبل عنه: كفر دون كفر، لا يخرج عن الإسلام (¬4). "معونة أولي النهى" 11/ 80 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 376، والبخاري (2475)، ومسلم (57) من حديث أبي هريرة. (¬2) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1143، والحاكم 2/ 312، والبيهقي 8/ 20. (¬3) هو قوله في قول اللَّه تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}: ليس بالكفر الذي تذهبون إليه. (¬4) تعليقًا على حديث "من أتى عرافًا". (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ورد في ملحق التصويبات بآخر الكتاب ما نصه: " رواية إسماعيل بن سعيد، المنقولة من "فتح الباري" لابن رجب 1/ 139 مكررة، وتحذف، ووردت قبلها كاملة نقلًا عن "أحكام النساء" للخلال (91) "

39 - باب الرجل يسأل: أمؤمن أنت؟ وكراهية المسألة في ذلك

39 - باب الرجل يسأل: أمؤمن أنت؟ وكراهية المسألة في ذلك قال صالح: قال أبي: وسمعت سفيان بن عيينة يقول: إذا سئل: مؤمن أنت؟ إن شاء لم يجبه، [قال: ويقول: ] سؤالك إياي بدعة، ولا أشك في إيماني، لا يعنف من قال: الإيمان ينقص إن قال: إن شاء اللَّه. ليس يكره، وليس بداخل في الشك (¬1). "مسائل صالح" (1354) قال أبو داود: قال أحمد: قال يحيى وسفيان: ينكر أن يقول: أنا مؤمن (¬2). "مسائل أبي داود" (1774) قال حرب: حدثنا أحمد قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: تكلم عنده رجل من الخوارج بكلام كرهه، فقال علقمة: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} [الأحزاب: 58] الآية، فقال الخارجي: أمنهم أنت؟ قال: أرجو (¬3). "مسائل حرب" ص 372 قال حرب: حدثنا أحمد، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ¬

_ (¬1) رواه أبو داود في "مسائله" (1771)، وحرب ص 371، وعبد اللَّه في "السنة" 1/ 310 (608)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 52 (1211) عن المروذي عن أحمد به، والآجري في "الشريعة" 2/ 661 (280) من طريق الفضل عن أحمد. (¬2) رواه حرب ص 370، وعبد اللَّه في "السنة" 1/ 310 (605)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 86 (1341) عن المروذي عن أحمد به. (¬3) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 322 (657)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 87 (1346) عن المروذي عن أحمد به، 2/ 87 (1347) عن المروذي عن أحمد، عن مؤمل، عن سفيان، عن منصور، عن إبرهيم به.

الحسن بن عبيد اللَّه، عن إبراهيم قال: إذا قيل لك: أمؤمن أنت؟ فقل: أرجو (¬1). وقال: حدثنا أحمد قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن الحسن بن عمرو، عن فضيل بن إبراهيم قال: إذا سُئلتَ: أمؤمن أنت؟ فقل: آمنت باللَّه وملائكته ورسله، فإنهم سيدعونك (¬2). وقال: حدثنا أحمد قال: ثنا عبد الرحمن، قال: حدثني حسن بن عياش، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: سؤال الرجل للرجل: أمؤمن أنت؟ بدعة (¬3). وقال: حدثنا أحمد قال: حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن عطاء ابن السائب، عن سعيد بن جبير قال: سألت ابن عمر، قلت: اغتسل من غسل الميت؟ قال: أمؤمن هو؟ قال: قلت: أرجو. قال: قال: فتمسح بالمؤمن ولا تغتسل منه (¬4). "مسائل حرب" ص 372 وقال حرب: سمعت إسحاق يقول: لا تقل لرجل أنه مؤمن باسم الإيمان الذي عليه، وذكر ذلك عن النضر بن شميل. وقال: سمعت إسحاق يقول، وسأله رجل، فقال: الرجل يقول: أنا ¬

_ (¬1) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 321 (652). (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 88 (1349) عن المروذي، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 880 (1211) عن عبد اللَّه، وفيه: فقل: لا إله إلا اللَّه. (¬3) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 321 (653)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 85 (1337) عن المروذي. (¬4) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 321 (654)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 85 (1338) عن المروذي.

مؤمن حقًّا هو كافر حقًّا. قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أخبرنا معتمر، عن ليث، عن صاحب له، عن الحسن، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "من قال أنه مؤمن حقًّا، فهو منافق حقًّا" (¬1). "مسائل حرب" ص 374 قال حرب: حدثنا أحمد قال: ثنا عبد اللَّه بن يزيد، قال: ثنا عبد اللَّه بن لهيعة، قال: حدثني بكر بن عمرو المعافري، عن رجل قال: قال عقبة بن عامر: إن الرجل (لينفضل) الإيمان كما (يفضل) (¬2) ثوب المرأة (¬3). "مسائل حرب" ص 375 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا سليمان بن داود، نا خالد بن عبد الرحمن ابن بكير السلمي قال: كنت عند محمد، وعنده أيوب، فقلت له: يا أبا بكر، يقول لي: مؤمن أنت؟ أقول: مؤمن؟ فانتهرني أيوب، فقال محمد: وما عليك أن تقول: آمنت باللَّه وملائكته وكتبه ورسله (¬4). وقال: حدثني أبي، نا عبد الرحمن، نا حماد بن زيد، عن يحيى ابن عتيق وحبيب بن الشهيد، عن محمد بن سيرين، قال: إذا قيل لك: أمؤمن أنت؟ فقل: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [البقرة: 136] (¬5). ¬

_ (¬1) رواه الطبراني في "تهذيب الآثار" مسند ابن عباس 2/ 681 (1025 - 1026). (¬2) كذا في المطبوع، وفي مطبوع "السنة" لعبد اللَّه: ليتفضل. (¬3) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 334 (694). (¬4) رواه الخلال في "السنة" 2/ 84 (1332) عن المروذي عن أحمد به. (¬5) رواه أبو عبيد في "الإيمان" (14) ورواه الخلال في "السنة" 2/ 85 (1335) عن المروذي، واللالكائي في "أصول الاعتقاد" 5/ 1052 (1790) من طريق حنبل.

وقال: حدثني أبي، نا عبد الرحمن، حدثني سفيان، عن مُحِلّ، قال لي إبراهيم: إذا قيل لك: أمؤمن أنت؟ فقل: آمنا باللَّه وملائكته وكتبه ورسله (¬1). وقال: حدثني أبي، نا عبد الرحمن، حدثني سفيان، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه بمثله (¬2). وقال: حدثني أبي، نا عبد الرحمن، حدثني سفيان، عن الحسين ابن عمرو، عن إبراهيم قال: إذا قيل لك: أمؤمن أنت؟ فقل: لا إله إلا اللَّه (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 320 - 321 (647 - 651) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى، نا شعبة، حدثني سلمة بن كهيل، عن إبراهيم، عن علقمة قال رجل عند عبد اللَّه: إني مؤمن. قال: قل: إني في الجنة! ولكنا نؤمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسله (¬4). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا الأعمش، عن أبي وائل، قال: جاء رجل إلى عبد اللَّه فقال: يا أبا عبد الرحمن، لقيت ركبًا، فقلت: من ¬

_ (¬1) رواه أبو عبيد في "الإيمان" (12) ورواه الخلال في "السنة" 2/ 84 (1333) عن المروذي عن أحمد به، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1051 (1787) من طريق حنبل عن أحمد به. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 85 (1334) عن المروذي عن أحمد، به، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1051 (1788) من طريق حنبل عن أحمد، به. (¬3) رواه الخلال في "السنة" 2/ 85 (1336) عن المروذي عن أحمد، به. (¬4) رواه ابن أبي شيبة في "الإيمان" (22)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 85 (1339) عن المروذي عن أحمد به، و 2/ 92 (1368) وفيه محمد بن جعفر بدلًا من يحيى، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1048 (1780) من طريق حنبل عن أحمد، به. وقال الألباني في تعليقه على "الإيمان": موقوف صحيح الإسناد.

أنتم؟ فقالوا: نحن المؤمنون، قال عبد اللَّه: أفلا قالوا: نحن أهل الجنة؟ ! (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 322 (655 - 656) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، قال: كان إذا قيل له: أمؤمن أنت؟ قال: آمنت باللَّه وملائكته وكتبه ورسله، لا يزيد على ذلك (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 323 (660) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا شعبة، نا مغيرة، عن أبي وائل قال: قال رجل عند عبد اللَّه: إني مؤمن. قال: قل: إني في الجنة! (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 326 (668) قال الخلال: أخبرني أحمد بن أصرم المزني؛ أن أبا عبد اللَّه قيل له: إذا سألني الرجل: أمؤمن أنت؟ قال: سؤاله إياك بدعة، لا تشُك في إيمانك، أو قال: لا نشك في إيماننا. قال المزني: وحفظي أن أبا عبد اللَّه قال: أقول كما قال طاوس: آمنت باللَّه وملائكته وكتبه ورسله. وقال: أخبرني يوسف بن موسى؛ أن أبا عبد اللَّه سئل عن الرجل يقال له: أمؤمن أنت؟ قال: سؤاله إياك بدعة، يقول: إن شاء اللَّه. "السنة" للخلال 1/ 478 (1068 - 1069) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة في "الإيمان" (23)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 86 (1340) عن المروذي عن أحمد به، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1049 (1781). وصحح إسناده الألباني في تعليقه على "الإيمان". (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 88 (1348) عن المروذي، عن أحمد، به. (¬3) رواه الخلال في "السنة" 2/ 91 (1365) عن المروذي، عن أحمد، به.

قال الخلال: أخبرني أحمد بن الحسن أنه سأل أبا عبد اللَّه: [الرجل] يقول لي أنت مؤمن؟ فقال: سؤاله إياك بدعة، وقل: أنا مؤمن أرجو. قلت: أقول: إن شاء اللَّه؟ قال: إن قلت: إن شاء اللَّه وأرجو. وقال: أخبرنا إسماعيل بن إسحاق الثقفي، أن أبا عبد اللَّه سئل عن الرجل يسألني: مؤمن أنت؟ قال: تقول: نعم إن شاء اللَّه. "السنة" للخلال 1/ 478 (1071 - 1072) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: ثنا الأشهب، عن الحسن؛ أن رجلًا قال عند عبد اللَّه -يعني: ابن مسعود-: إني مؤمن. فقيل لابن مسعود: يا ابن مسعود، إن هذا يزعم أنه مؤمن. قال: فسلوه: أفي الجنة هو أو في النار؟ ! فسألوه، فقال: اللَّه أعلم. فقال له عبد اللَّه: فهلا وَكَلْتَ الأولى كما وَكَلْتَ الآخرة (¬1). "السنة" للخلال 2/ 86 (1342) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن رجل، عن إبراهيم قال: السؤال عنها بدعة، وما أنا بشاك. "السنة" للخلال 2/ 88 (1350) قال أبو الحسين إسحاق بن أحمد الكاذي: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد، حدثني أبي قال: حدثنا عبد اللَّه بن ميمون الرقي، قال: أخبرنا الحسين -يعني؟ أبا المليح- قال: سأل رجلٌ ميمونَ بن مهران قال: فقال لي: أمؤمن أنت؟ قال: قل: آمنت باللَّه وملائكته وكتبه. قال: ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تهذيب الآثار" مسند ابن عباس (1003) والآجري في "الشريعة" ص 120.

لا يرضى مني بذلك. قال: فردها، فقال: لا يرضى! فردها عليه ثم ذره في غيظه يتردد. "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 877 (1202) قال محمد بن أحمد البصير: أنا عثمان بن أحمد قال: نا حنبل قال: حدثني أبو عبد اللَّه -يعني: أحمد بن حنبل- قال: نا معتمر، عن أبيه، عن نعيم بن أبي هند، قال: قال عمر: من قال: أنا مؤمن فهو كافر، ومن قال: هو عالم فهو جاهل، ومن قال: هو في الجنة فهو في النار. "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1047 (1777) قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عمن قال: أنا مؤمن عند نفسي من طريق الأحكام والمواريث، ولا أعلم ما أنا عند اللَّه؟ قال: ليس بمرجئ. "مجموع الفتاوى" 8/ 253

40 - باب: الاستثناء في الإيمان

40 - باب: الاستثناء في الإيمان قال صالح: قال أبي: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما أدركت أحدًا من أصحابنا ولا بلغني إلا على الاستثناء. وحسَّن يحيى الاستثناء ورآه (¬1). "مسائل صالح" (1355). قال أبو داود (¬2): سمعت أحمد قال له رجل: قيل لي: أمؤمن أنت؟ فقلت: نعم، هل علي في ذلك شيء؟ هل الناس إلا مؤمن وكافر؟ فغضب أحمد وقال: هذا كلام الإرجاء، قال اللَّه: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ} [التوبة: 106] من هؤلاء؟ ! ثم قال أحمد: أليس الإيمان قول وعمل؟ قال الرجل: بلى. [قال: فجئنا بالقول؟ قال: نعم]. قال: فجئنا بالعمل؟ قال: لا. قال: فكيف تعيب أن نقول: إن شاء اللَّه ونستثني؟ ! فأخبرني أحمد بن أبي سريج الرازي: أن أحمد بن حنبل كتب إليه في هذِه المسألة: إن الإيمان قول وعمل، فجئنا بالقول ولم نجيء بالعمل، فنحن مستثنون في العمل. فسمعت أحمد قال له هذا الرجل: عليَّ في هذا شر أن أقول: أنا مؤمن؟ قال أحمد: لا تقل: أنا مؤمن حقًّا، ولا البتة، ولا عند اللَّه. "مسائل أبي داود" (1770) ¬

_ (¬1) رواه أبو داود في "مسائله" (1772)، وابن هانئ (1898)، وحرب ص 370، وعبد اللَّه في "السنة" 1/ 310 (605)، ورواه الخلال في "السنة" 1/ 472 (1052) عن أبي داود والمروذي، والآجر في "الشريعة" ص 118 - 119 (258) من طريق الفضل، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 871 (1189) عن الفضل وعبد اللَّه، واللالكائي في "أصول الاعتقاد" 5/ 1053 (1794) من طريق حنبل. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 1/ 474 (1056) عن أبي داود والفضل بن زياد.

قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: الاستثناء في الإيمان؟ فقال: الاستثناء في العمل، لعلنا أن نكون قد قصرنا، والقول هو ذا يجيء به. وقال: قال يحيى بن سعيد، ما أدركت أحدًا لا ابن عون، ولا غيره إلا وهو يستثني في الإيمان بعد. "مسائل ابن هانئ" (1893) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: أذهب إلى حديث ابن مسعود في الاستثناء في الإيمان (¬1)؛ لأن الإيمان: قول وعمل، وقول الفعل، فقد جئنا بالقول، ونخشى أن نكون قد فرطنا في العمل، فيعجبني أن نستثني في الإيمان، نقول: أنا مؤمن إن شاء اللَّه تعالى. "مسائل ابن هانئ" (1896) قال حرب: سُئل أحمد بن حنبل: ما تقول في الاستثناء في الإيمان؟ قال: نحن نذهب إليه. قيل: الرجل يقول: أنا مؤمن إن شاء اللَّه؟ قال: نعم. وقال: سألت إسحاق قلت: أنت تقول: أنا مؤمن إن شاء اللَّه؟ قال: نعم. "مسائل حرب" ص 371 قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص ولكن لا يستثني، أمرجئ؟ قال: أرجو أن لا يكون مرجئًا. وقال: سمعت أبي يقول: الحجة على من لا يستثني: قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأهل القبور "وَإِنّا إِنْ شاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ" قال أبي: حدثنيه عبد الرحمن بن مهدي، نا زهير بن محمد، عن شريك بن أبي نمر، عن ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 161 (30326)، وفي "الإيمان" (76)، وضعفه الألباني.

عطاء بن يسار أن عائشة -رضي اللَّه عنهما- قالت: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يخرج إذا كانت ليلة عائشة (¬1)، فيقول هذا الكلام. وقال: حدثني أبي، نا يزيد بن هارون، أنا ابن أبي ذئب، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ذكوان، عن عائشة -رضي اللَّه عنهما- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أما فتنة القبر فبي تفتنون، وعني تسألون" فذكر الحديث. "ويقال: هذا مقعدك منها"، "ويقال: على اليقين كنت وعليه مت، وعليه تبعث إن شاء اللَّه" (¬2). وقال محمد بن عامر: فحدثني سعيد بن يسار، عن أبي هريرة (¬3) -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر هذا الحديث مثل حديث عائشة سواء. قال أبي: إنما نصير الاستثناء على العمل؛ لأن القول قد جئنا به. وقال: حدثني أبي، نا معاوية بن هاشم وأبو أحمد، قالا: نا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر، فكان قائلهم يقول: "السلام عليكم أهل من الديار المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون" (¬4). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 308 - 309 (600 - 603) قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي، ثنا إبراهيم بن شماس قال: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 180، ومسلم (974). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 139 - 140، وإسحاق بن راهويه 2/ 594 (1170)، وأورده المنذري في "الترغيب والترهيب" (3557)، وقال: رواه أحمد بإسناد صحيح. اهـ. وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (3557). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 364، وابن ماجه (4262، 4268) وصححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" (3437)، وفي "المشكاة"، (1627). (¬4) رواه الإمام أحمد 5/ 353، ومسلم (975).

سمعت جرير بن عبد الحميد يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، قيل له: كيف تقول أنت؟ قال: أقول: مؤمن إن شاء اللَّه (¬1). قال عبد اللَّه: وقد رأيت إبراهيم ولم أسمع منه أيام أبي كان محبوسًا. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 315 (626) وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا إبراهيم بن شماس، وقال الخليل النحوي: إذا أنا قلت: مؤمن، فأي شيء بقي؟ (¬2) "السنة" لعبد اللَّه 1/ 316 (633) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا علي بن بحر، سمعت جرير بن عبد الحميد يقول: الإيمان قول وعمل. وكان الأعمش ومنصور ومغيرة وليث وعطاء بن السائب وإسماعيل بن أبي خالد وعمارة بن القعقاع والعلاء بن المسيب وابن شبرمة وسفيان الثوري وأبو يحيى صاحب الحسن وحمزة الزيات، يقولون: نحن مؤمنون -إن شاء اللَّه، ويعيبون على من لا يستثني (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 335 (697) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي رحمه اللَّه: نا مهدي بن جعفر الرملي، نا الوليد -يعني ابن مسلم- قال سمعت أبا عمرو -يعني: الأوزاعي- ومالك بن أنس، وسعيد بن عبد العزيز ينكرون أن يقول: أنا مؤمن ويأذنون في الاستثناء أن أقول: أنا مؤمن إن شاء اللَّه. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 347 (744) ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 37 (1163) عن المروذي. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 1/ 447 (971) عن المروذي. (¬3) رواه الآجري في "الشريعة" 2/ 663 (283) من طريق المروذي.

قال عبد اللَّه: سمعت أبي رحمه اللَّه يقول: كان أسود بن سالم يقول: لا أروي عن علقمة شيئا؛ لأنه قال: أرجو أن أكون مؤمنًا (¬1). خاصمه صدقة المروزي على باب ابن علية في الرجل يقول: أنا مؤمن حقًّا، أنكر عليه صدقة، وكلنا أنكرنا عليه ذلك، وكان الأسود يقول: أنا مؤمن حقًّا، وتأول هذه الآية {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: 74]، فقال أبي: إنما هذِه لمن آوى ونصر، هذا شيء قد مضى وانقطع، هذا لهؤلاء خاصة. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 384 (832). قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسن بن هارون، قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الاستثناء في الإيمان؟ فقال: نعم، الاستثناء على غير معنًى شك؛ مخافةً واحتياطًا للعمل، وقد استثنى ابن مسعود وغيره، وهو مذهب الثوري، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27]، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأصحابه: "إني لأرجو أن أكون أتقاكم للَّه" (¬2). وقال في البقيع: "عليه نبعث إن شاء اللَّه". وقال: أخبرني حرب بن إسماعيل، قال: سمعت أحمد يقول في التسليم على أهل القبور أنه قال: "وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 160 (30325)، وفي "الإيمان" (75). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 67، ومسلم: (1110 من حديث عائشة بلفظ: "أخشاكم له"، وزيادته عند أحمد ومسلم: "وأعلمكم بما أتقي"، وأوردها ابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" 2/ 282. (¬3) رواه مسلم: (974)، وقد تقدم.

قال: هذا حجة في الاستثناء في الإيمان؛ لأنه لا بد من لحوقهم، ليس فيه شك، وقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} [الفتح: 27]، وهذِه حجة أيضًا؛ لأنه لا بد داخلوه. "السنة" للخلال 1/ 471 - 472 (1049 - 1050) قال الخلال: وأخبرني محمد بن أبي هارون؛ أن حبيش بن سندي حدثهم في هذِه المسألة، قال أبو عبد اللَّه: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين وقف على المقابر، فقال: "وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون"، وقد نعيت إليه نفسه أنه صائر إلى الموت، وفي قصة صاحب القبر: "عليه حييت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء اللَّه"، وفي قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني اختبأت دعوتي وهي نائلة -إن شاء اللَّه- من لا يشرك باللَّه شيئا" (¬1). وفي مسألة الرجل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أحدنا يصبح جنبا، يصوم؟ فقال: "إني لأفعل ذلك ثم أصوم"، فقال: إنك لست مثلنا أنت قد غفر اللَّه لك ما تقدم من ذنبك. فقال: "واللَّه إني لأرجو أن أكون أخشاكم للَّه" وهذا كثير وأشباهه على اليقين. قال: ودخل عليه شيخ فسأله عن الإيمان. فقال: قول وعمل. فقال له: يزيد؟ فقال: يزيد وينقص. فقال له: أقول: مؤمن إن شاء اللَّه؟ قال: نعم، فقال له: إنهم يقولون لي: إنك شاك قال: بئس ما قالوا، ثم خرج فقال: ردوه، فقال: أليس يقولون: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص؟ قال: نعم، قال: هؤلاء مستثنون، قال له: كيف يا أبا عبد اللَّه؟ ! قال: قل لهم: زعمتم أن الإيمان قول وعمل، فالقول قد أتيتم به، والعمل فلم تأتوا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 462، ومسلم (199) من حديث أبي هريرة.

به، فهذا الاستثناء لهذا العمل، فقيل له: فيستثنى في الإيمان؟ قال: نعم، أقول: أنا مؤمن إن شاء اللَّه، أستثني على اليقين لا على الشك، ثم قال: قال اللَّه: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27]، فقد علم تبارك وتعالى أنهم داخلون المسجد الحرام. قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: ثنا الأثرم قال: ثنا أبو عبد اللَّه بحديث عائشة رحمها اللَّه -عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني لأرجو أن أكون أخشاكم للَّه"، فقال: هذا أيضًا أرجو، أي: هو حجة في الاستثناء في الإيمان، أي: إنه قد قال: أرجو، وهو أخشاهم. قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل حدثهم: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان سليمان بن حرب حمل هذا -يعني: الاستثناء- على التقبل، يقول: نحن نعمل ولا ندري يتقبل منا أم لا (¬1). قال الخلال: وأخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: ثنا أبو طالب قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا نجد بُدًّا من الاستثناء؛ لأنه إذا قال: أنا مؤمن فقد جاء بالقول، فإنما الاستثناء بالعمل لا بالقول. وقال: أخبرني الحسين بن الحسن قال: ثنا إبراهيم بن الحارث، أنه سمع أبا عبد اللَّه قال. وأخبرني محمد بن علي قال: ثنا أبو بكر الأثرم قال: قلت لأبي عبد اللَّه -يعني: لما قال له: الاستثناء مخافة واحتياطًا. فقلت له: كأنك لا ترى بأسًا أن لا يستثني؟ فقال: إذا كان ممن يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، فهو أسهل عندي. ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 873 (1191) من طريق أبي نصر عصمة، عن أحمد به.

ثم قال أبو عبد اللَّه.: إن قومًا تضعف قلوبهم عن الاستثناء. كالمتعجب منهم. وقال: أخبرني محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم؛ أن أباه حدثه قال: حدثني أحمد بن القاسم. وأخبرني زكريا بن الفرج، عن أحمد بن القاسم أنه قال لأبي عبد اللَّه: يُروى عن الأوزاعي أنه قال: الاستثناء وترك الاستثناء سواء، كما قال اللَّه: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27]، فهذا ليس على شك، فلم أره يعجبه ترك الاستثناء، ورأيته أكثر عنده. وقال: وأخبرني محمد بن موسى أن حبيش بن سندي حدثنا، عن أبي عبد اللَّه قال: بلغني عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال: أول الإرجاء ترك الاستثناء. وقال: وأخبرني حامد بن أحمد أنه سمع الحسن بن محمد بن الحارث أنه سأل أبا عبد اللَّه: يصح قول الحارث بن عميرة أن ابن مسعود رجع عن الاستثناء؟ فقال: لا يصح، كذلك أصحابه -يعني: على الاستثناء- تم قال: سمعت حجاجًا، عن شريك، عن الأعمش ومغيرة، عن أبي وائل أن حائكًا بلغه قول عبد اللَّه، قال: زلة عالم -يعني: حيث قال له: إن قالوا: إنا مؤمنون، فقال: ألا سألتموهم أفي الجنة هم؟ وأنكر أحمد قولي: رجع عن الاستثناء إنكارًا شديدًا، وقال: كذلك أصحابه يقولون بالاستثناء. "السنة" للخلال 1/ 472 - 476 (1054 - 1062) قال الخلال: وأخبرني محمد بن أبي هارون، أن إسحاق حدثهم قال: وسمعت أبا عبد اللَّه، وسُئل عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وإنا إن شاء اللَّه بكم

لاحقون". الاستثناء هاهنا على أي شيء يقع؟ قال: على البقاع لا يدري أيدفن في الموضع الذي عليهم أو غيره. وقال: وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد؛ أنه سأل أبا عبد اللَّه عن قوله ورأيه في: مؤمن إن شاء اللَّه. قال: أقول: مؤمن إن شاء اللَّه، ومؤمن أرجو؛ لأنه لا يدري كيف أداؤه للأعمال، على ما افترض عليه أم لا؟ وقال: وأخبرني الحسن بن عبد الوهاب، قال: ثنا أبو بكر بن حماد المقرئ، وأخبرني يعض أصحابنا قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لو كان القول كما تقول المرجئة أن الإيمان قول، ثم استثنى بعد على القول لكان هذا قبيحًا أن تقول: لا إله إلا اللَّه، ولكن الاستثناء على العمل. "السنة" للخلال 1/ 477 (1065 - 1067) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا رجل -والرجل علي- عن جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة، عن سماك بن سلمة الضبي، عن عبد الرحمن بن عصمة قال: كنت عند عائشة -رحمها اللَّه، فأتاها رسول معاوية بهدية، فقال: أرسل بها إليك أمير المؤمنين، فقالت: أمير المؤمنين إن شاء اللَّه، وهو أميركم، وقبلت الهدية (¬1). "السنة" للخلال 2/ 39 (1168) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر قال: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا معاوية ابن هشام وأبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 190 (30563)، ومن طريقه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 349 (748) عن جرير بن عبد الحميد، به.

ابن بريدة، عن أبيه قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر، فكان يقول: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، إنا -إن شاء اللَّه- بكم لاحقون"، قال معاوية بن هشام: "أنتم فرطنا، ونحن لكم تبَعٌ، ونسأل اللَّه لنا ولكم العافية". وقال: أخبرنا أبو بكر قال: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عفان قال: ثنا عبد الواحد بن زياد قال: ثنا سعيد بن كثير بن عبيد قال: حدثني أبي أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أُمِرْتُ أَنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إله إِلّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّه، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ يحْرم عليَّ دماؤهم وأموالهم، وَحِسابُهُمْ عَلَى اللَّهِ" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 40 - 41 (1173 - 1174) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر، قال: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يزيد، قال: ثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: إنَّ الميت ليسمع خفق نعالهم حين يوَلُّون عنه مدبرين، فإن كان مؤمنًا كانت الصلاة عند رأسه، وكان الصيام عن يمينه، وكانت الزكاة عن يساره، وكان فعل الخيرات من الصدقة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه، فيؤتى من قبل رأسه، فتقول الصلاة: ما قِبَلي مدخل. ثم يؤتى عن يمينه، فيقول الصيام: ما قِبَلي مدخل. ثم يؤتى عن يساره، فتقول الزكاة: ما قِبَلي مدخل. ثم يؤتى من قبل رجليه فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلاة والمعروف والإحسان إلى الناس: ما قِبَلي مدخل. فيقال له: اجلس. فيجلس، قد مثلت له الشمس، قد مثلت للغروب، فيقال له: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 245، والبخاري (2946)، ومسلم (21).

أخبرنا عما نسألك عنه. قال: فيقول: دعوني أصلي. قالوا: إنك ستفعل، أخبرنا عما نسألك عنه. قال: وما تسألون؟ قال: أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ما تقول فيه؟ وماذا تشهد به عليه؟ قال: أمحمد؟ قالوا: نعم، قال: أشهد أنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنه جاء بالحق من عند اللَّه، فيقال له: على ذلك حييت، وعلى ذلك مت، وعلى ذلك تبعث -إن شاء اللَّه. ثم يفتح له باب من أبواب الجنة، فيقال له: ذلك مقعدك منها، وما أعد اللَّه لك فيها. فيزداد غبطة وسرورًا، ثم يفتح له باب من أبواب النار، فيقال له: ذلك مقعدك منها وما أعدَّ اللَّه لك فيها لو عصيته. فيزداد غبطة وسرورًا، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعًا، وينوَّر له فيه، ويجعل نسمته في النسيم الطيب، وهو طائر أخضر، تعلق بشجر الجنة، ويعاد الجسد لما بدأ منه من التراب، وذلك قول اللَّه تبارك وتعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)} [إبراهيم: 27]. فإن كان كافرًا، يؤتى من قبل رأسه فلا يوجد شيء، ثم يؤتى من قبل يمينه فلا يوجد شيء، ثم يؤتى عن يساره فلا يوجد شيء، ثم يؤتى من قبل رجليه فلا يوجد شيء. فيقال: اجلس. فيجلس خائفًا مرعوبًا، فيقال له: أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم؟ ماذا تقول فيه؟ وماذا تشهد به عليه؟ فيقول: أي رجل؟ فيقال: الرجل الذي كان فيكم؟ ! فلا يهتدي لاسمه، حتى يقال له: محمد! فيقول: لا أدري، سمعت الناس يقولون قولًا فقلت كما قال الناس. فيقال له: على ذلك حييت، وعلى ذلك متَّ، وعلى ذلك تبعث -إن شاء اللَّه. ثم يفتح له باب من أبواب النار، فيقال له: ذلك مقعدك منها وما أعدَّ اللَّه لك فيها، فيزداد حسرةً وثبورًا، ثم

يفتح له باب من أبواب الجنة، فيقال له: ذلك مقعدك منها وما أعدَّ اللَّه لك فيها لو أطعته، فيزداد حسرةً وثبورًا، ثم يضيق عليه قبره، حتى تختلف أضلاعه، وذلك المعيشة الضنك التي قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)} (¬1) [طه: 124]. "السنة" للخلال 2/ 42 - 43 (1176) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ذكوان، عن عائشة رحمها اللَّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أما فتنة القبر، ففيَّ تفتتنون، وعني تُسألون، فإذا كان الرجل الصالح أجلس في قبره غير فزع ولا مشعوف، ثم يقال له: فيم كنت تقول في الإسلام؟ فيقال له: ما هذا الرجل الذي كان فيكم؟ فيقول: محمد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، جاءنا بالبيِّنات من عند اللَّه، فصدَّقناه. فيفرج له فرجة قبل النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضًا، فيقال له: انظر إلى ما وقاك اللَّه. ثم يفرج له فرجة إلى الجنة، فينظر إلى زهرها وما فيها، فيقال له: هذا مقعدك فيها. ويقال له: على اليقين كنتَ، وعليه متَّ، وعليه تبعث إن شاء اللَّه. وإذا كان الرجل السوء أجلس في قبره فزعًا مشعوفًا، فيقال له: فيم كنت؟ فيقول: لا أدري. فيقال له: ما هذا الرجل الذي كان فيكم؟ فيقول: سمعت الناس يقولون قولًا فقلت كما قالوا. فيفرج له فرجة قبل الجنة، فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له: انظر إلى ما صرف اللَّه ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 3/ 567 (6703)، وابن أبي شيبة 3/ 59 (12061)، وابن جرير 7/ 448 (20761). وأورده الهيثمي مرفوعًا في "موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان" (781).

عنك. ثم يفرج له فرجة قبل النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضًا، ويقال: هذا مقعدك منها، على الشك كنتَ، وعليه متَّ، وعليه تبعث إن شاء اللَّه. ثم يعذَّب" (¬1). قال محمد بن عمرو: فحدثني سعيد بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكر الحديث ثم يصيران إلى القبر، فيجلس الرجل الصالح، فيقال له، ويرد مثل ما في حديث عائشة، ويجلس الرجل السوء، فيقال له، ويرد مثل ما في حديث عائشة سواء (¬2). قال الخلال: أخبرنا أبو بكر، قال: ثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا روح وأبو المنذر، قالا: ثنا مالك، عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري، عن أبي يونس مولى عائشة، عن عائشة أن رجلًا قال: يا رسول اللَّه -وهو واقف على الباب- يا رسول اللَّه، إني أصبح جنبًا وأنا أريد الصيام؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وأنا أصبح جنبًا وإني أريد الصيام ثم أغتسل فأصوم". قال الرجل: إنك لست مثلنا، إنك قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فغضب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال: "واللَّه إني لأرجو أن أكون أخشاكم للَّه وأعلم بما أتقي". قال أبو المنذر: "وأعلمكم بما أتقي" (¬3). "السنة" للخلال 2/ 43 - 44 (1179 - 1180) قال أبو بكر الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل سُئل عن الاستثناء في الإيمان، ما تقول فيه؟ قال: أما أنا فلا أعيبه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 139 - 140 وقد تقدم. (¬2) رواه ابن ماجه (4268). (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 245، ومسلم (1110).

قال أبو عبد اللَّه: إذا كان يقول: إن الإيمان قول وعمل، واستثناء مخافة واحتياطًا، ليس كما يقولون على الشك، أفما تستثني للعمل؟ قال اللَّه عز وجل: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27]، فهذا استثناء بغير شك، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني لأرجو أن أكون أخشاكم للَّه عَزَّ وَجَلَّ ". قال: هذا كله تقوية للاستثناء في الإيمان. "الشريعة" للآجري ص 118 (257). قال الفضل بن زياد: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا قال: أنا مؤمن -إن شاء اللَّه- فليس هو بشاك. قيل له: إن شاء اللَّه، أليس هو شك؟ فقال: معاذ اللَّه، أليس قد قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27] وفي علمه أنهم يدخلونه. وصاحب القبر إذا قيل له: وعليه تبعث -إن شاء اللَّه، فأي شك هاهنا؟ ! وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون". "الشريعة" للآجري ص 119 (258) قال أبو بكر الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عن الاستثناء [فقال]: إذا كان يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، فأستثني؛ مخافة واحتياطًا ليس كما يقولون على الشك، إنما يُستثنى للعمل. قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: يزعمون أن سفيان كان يذهب إلى الاستثناء في الإيمان، فقال: هذا مذهب سفيان المعروف به الاستثناء. قلت لأبي عبد اللَّه: من يرويه عن سفيان؟ فقال: كل من حكى عن سفيان في هذا حكى أنه كان يستثني، وقال وكيع عن سفيان: الناس عندنا مؤمنون في الأحكام والمواريث، ولا ندري ما هم عند اللَّه. "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 875 (1199 - 1200). قال أبو بكر المروذي: قيل لأبي عبد اللَّه: إن استثنيت في إيماني أكن

شاكًا؟ قال: لا. ثم قال لأبي عبد اللَّه: الحجاج بن يوسف يكون إيمانه مثل إيمان أبي بكر؟ قال: لا. قال: فيكون إيمانه مثل إيمان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: فالمرجئة يقولون: الإيمان قول. "الإبانة" الإيمان 2/ 905 (1271). قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد سُئل عن الإيمان؛ فقال: قول وعمل ونية. قيل له: فإذا قال الرجل: مؤمن أنت؟ قال: هذا بدعة. قيل له: فما يُرد عليه؟ قال: يقول: مؤمن -إن شاء اللَّه- إلّا أن يستثني في هذا الموضع. ثم قال أبو عبد اللَّه: والإيمان يزيد وينقص، فزيادته بالعمل، ونقصانه بترك العمل، قال اللَّه {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: 4] فهو يزيد وينقص، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأهل القبور لما أشرف عليهم: "وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون" فاستثنى، وقد علم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه ميت فاستثناه. "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1057 (1798) قال عيسى بن جعفر: سألت أبا عبد اللَّه عن الاستثناء في الإيمان؛ فقال: أذهب فيه إلى قول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} [الفتح: 27]. قد علم أنهم داخلون، واستثنى، وإلى قوله عَزَّ وَجَلَّ: {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [يوسف: 99]. وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سلام عليكم يا أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون" فقد علم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه لاحق بهم واستثنى. "طبقات الحنابلة" 2/ 181

41 - باب: فتنة المرجئة وإحداثهم ذلك وأول من تكلم فيه

41 - باب: فتنة المرجئة وإحداثهم ذلك وأول من تكلم فيه قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: أول من تكلم في الإيمان من هو؟ قال: يقولون أول من تكلم فيه ذر (¬1). قال ابن هانئ: قال أحمد رحمه اللَّه: فقال شعبة: قلت لحماد بن أبي سليمان (¬2): هذا الأعمش حدثنا، وزبيد، ومنصور، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سِبابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتالُهُ كُفْرٌ" (¬3) فأيهم يتهم؟ أيتهم الأعمش؟ أيتهم منصور؟ أيتهم زبيد؟ قال: أتهم أبا وائل. قلت لأبي عبد اللَّه: وأيش اتهم من أبي وائل؟ ! قال: رأيه الخبيث -يعني: حماد. سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قال ابن عون: كان حماد من أصحابنا، حتى أحدث. قال ابن عون: أحدث الإرجاء (¬4). "مسائل ابن هانئ" (1901 - 1902) قال حرب: وسمعت إسحاق أيضًا يقول: أول من تكلم بالإرجاء ¬

_ (¬1) هو ذر بن عبد اللَّه المرهبي. (¬2) كان حماد من مرجئة الفقهاء، قال الذهبي رحمه اللَّه: وهو أنهم لا يعدون الصلاة والزكاة من الإيمان، ويقولون: الإيمان إقرار باللسان ويقين في القلب، والنزاع على هذا لفظي إن شاء اللَّه، وإنما غُلُوُّ الإرجاء من قال: لا يضر مع التوحيد ترك الفرائض، نسأل اللَّه العافية. "السير" 5/ 233. (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 385، والبخاري (48)، ومسلم (64). (¬4) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 319 (646)، ورواه الخلال في "السنة" 1/ 476 (1064) عن الميموني، عن أحمد به، 2/ 73 (1297) عن الميموني، والمروذي.

زعموا أن الحسن بن محمد ابن الحنفية، ثم غلت المرجئة حتى صار من قولهم: إن قومًا يقولون: من ترك المكتوبات، وصوم رمضان، والزكاة، والحج، وعامة الفرائض من غير جحود بها إنا لا نكفره، يُرجأ أمره إلى اللَّه بعد؛ إذ هو مقر. فهؤلاء المرجئة الذين لا شك فيهم، ثم هم أصناف: منهم من يقول: نحن مؤمنون ألبتة، ولا يقول: عند اللَّه، ويرون الإيمان قولًا وعملًا، وهؤلاء أمثلهم، وقوم يقولون: الإيمان قول ويصدقه العمل، وليس العمل من الإيمان، ولكن العمل فريضة، والإيمان هو القول، ويقولون: حسناتنا متقبلة، ونحن مؤمنون عند اللَّه، وإيماننا وإيمان جبريل واحد. فهؤلاء الذين جاء فيهم الحديث أنهم المرجئة التي لعنت على لسان الأنبياء. "مسائل حرب" ص 377 قال حرب: حدثنا أحمد قال: ثنا محمد بن بشر، قال: حدثني سعيد ابن صالح، عن حكيم بن جبير، قال: قال إبراهيم: للمرجئة أخوف عندي على أهل الإسلام من عدتهم من الأزارقة (¬1). "مسائل حرب" ص 378. قال حرب: حدثنا أحمد قال: ثنا وكيع، قال: ثنا القاسم بن حبيب، عن رجل يقال له: نزار بن حيان، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: صنفان من هذِه الأمة ليس لهما في الإسلام نصيب: المرجئة، والقدرية (¬2). وقال: حدثنا أحمد قال: ثنا معاوية بن عمرو، قال؟ ثنا أبو إسحاق، قال: قال الأوزاعي: كان يحيى وقتادة يقولان: ليس من الأهواء أخوف ¬

_ (¬1) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 313 (620)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 91 (1367) عن المروذي، والآجري في "الشريعة" ص 123 (277) عن محمد بن كردي. (¬2) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 325 (666)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 90 (1362) عن المروذي.

عندهما من الإرجاء (¬1). وقال: حدثنا أحمد قال: ثنا مؤمل، قال: سمعت سفيان يقول: قال إبراهيم: تركتْ المرجئة الدين أرق من ثوب سابري (¬2). وقال: حدثنا أحمد، نا عبد اللَّه بن ميمون أبو عبد الرحمن الرقي، قال: أخبرنا أبو مليح، قال: سُئل ميمون عن كلام المرجئة، فقال: أنا أكبر من ذلك (¬3). وقال: حدثنا أحمد قال: ثنا عبد الرحمن، قال: حدثني محمد بن أبي الوضاح، عن العلاء"بن عبد اللَّه بن رافع، أن أبا عمر أتى ابن جبير يومًا في حاجة، قال: فقال: لا حتى تخبرني على أي دين أنت اليوم؟ فإنك لا تزال تلتمس دينًا قد أضللته، ألا تستحي من رأي أنت أكبر منه (¬4). "مسائل حرب" ص 378 - 379 قال حرب: حدثنا أحمد قال: ثنا أبو عمر، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن زاذان وميسرة، قالا: أتينا الحسن بن محمد ¬

_ (¬1) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 318 (641)، 1/ 345 (733)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 56 (1227) عن المروذي. (¬2) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 313 (618)، 1/ 338 (709)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 90 (1361) عن المروذي، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1061 (1807) من طريق حنبل. (¬3) رواه عبد اللَّه في "السنة" 8/ 311 (640)، 1/ 337 (704)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 55 (1226) عن المروذي، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1073 (1840) عن حنبل. (¬4) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 325 (667)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 91 (1364) عن المروذي.

فقلنا: ما هذا الكتاب الذي صغت -وكان هو الذي أخرج كتاب المرجئة؟ قال زاذان: فقال لي: يا أبا عمر لوددت أني مت قبل أن أخرج هذا الكتاب (¬1). "مسائل حرب" ص 379. قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا عبد اللَّه بن نمير قال: سمعت سفيان، وذكر المرجئة، فقال: رأي محدث أدركنا الناس على غيره (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 311 (610)، 1/ 338 (710) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا حجاج، أنا شريك، عن الأعمش ومغيرة، عن أبي وائل أن حائكًا من المرجئة بلغه قول عبد اللَّه في الإيمان؛ فقال: زلة من عالم (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 312 (615) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، نا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير قال: مثل المرجئة مثل الصابئين (¬4). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 311 (616)، 1/ 338 (708) وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا مؤمل، نا سفيان، نا سعيد بن صالح، قال: قال إبراهيم: لَآثار فتنة المرجئة أخوف على هذِه الأمة من فتنة الأزارقة (¬5). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 312 (617) ¬

_ (¬1) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 324 (665)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 90 (1358) عن المروذي، عن أحمد به. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 1/ 444 (952)، 2/ 47 (1189) عن المروذي. (¬3) رواه الخلال في "السنة" 2/ 31 (1137) عن المروذي. (¬4) رواه الخلال في "السنة" 2/ 89 (1355) عن المروذي، والآجري في "الشريعة" ص 123 (280) عن أبي نصر، واللالكائي 5/ 1063 (1183) من طريق حنبل. (¬5) رواه الخلال في "السنة" 2/ 90 (1360) عن المروذي، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1060 (1806) من طريق حنبل.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يونس، نا حماد، عن ابن عون قال: كان إبراهيم يعيب على ذر قوله في الإرجاء (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 313 (619) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا معاوية بن عمرو، نا أبو إسحاق، عن الأوزاعي قال: كان أبو سعيد الخدري يقول: الشهادة بدعة، والبراءة بدعة، والإرجاء بدعة (¬2). وقال: حدثني أبي، نا حسن بن موسى، نا شريك، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن أبي البختري قلت لشريك: عن علي رضي اللَّه عنه فذكره قال: الإرجاء بدعة، والشهادة بدعة، والبراءة بدعة (¬3). وقال: حدثني أبي، نا أبو عامر العقدي، نا أبو هلال، عن قتادة قال: إنما أحدث الإرجاء بعد هزيمة ابن الأشعث (¬4). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 338 (642 - 644) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن عبد اللَّه، نا عبد اللَّه بن حبيب، عن أمه قالت: سمعت سعيد بن جبير، وذكر المرجئة؛ فقال: اليهود (¬5). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 323 (661) ¬

_ (¬1) رواه الخلال 1/ 444 (954)، 2/ 91 (1363) عن المروذي. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 56 (1228) عن المروذي. (¬3) رواه الخلال في "السنة" 2/ 56 (1229) عن المروذي. (¬4) رواه الخلال في "السنة" 2/ 56 (1230) عن المروذي، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1048 (1778) من طريق حنبل، والأثر رواه البغوي في "مسند ابن الجعد" من طريق عارم، عن أبي هلال، به. (¬5) رواه الخلال في "السنة" 2/ 89 (1353) عن المروذي، عن أحمد به، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 886 (1227).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا الوليد بن مسلم، نا أبو عمرو -يعني: الأوزاعي- عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني، عن حذيفة قال: إني لأعلم أهل دينين، أهل ذينك الدينين في النار: قوم يقولون: إنما الإيمان كلام، وقوم يقولون: ما بال الصلوات الخمس وإنما هما صلاتان (¬1). وقال: حدثني أبي، نا أبو عمر -يعني: الضرير- عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب قال: ذَكَرَ سعيد بن جبير المرجئة، فضرب لهم مثلًا، قال: مثلهم مثل الصابئين، إنهم أتوا اليهود فقالوا: ما دينكم؟ قالوا: اليهودية. قالوا: فما كتابكم؟ قالوا: التوراة. قالوا: فما نبيكم؟ قالوا: موسى. قالوا: فماذا لمن تبعكم؟ قالوا: الجنة. ثم أتوا النصارى فقالوا: ما دينكم؟ قالوا: النصرانية. قالوا: فما كتابكم؟ قالوا: الإنجيل. قالوا: فمن نبيكم؟ قالوا: عيسى. ثم قالوا: فماذا لمن تبعكم؟ قالوا: الجنة. قالوا: فنحن به ندين (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 323 - 324 (663 - 664) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل قال: اجتمعنا في الجماجم، أبو البختري، وميسرة، وأبو صالح، وضحاك المشرقي، وبكير الطائي، فأجمعوا على أن الإرجاء بدعة، والولاية بدعة ¬

_ (¬1) رواه الخلال 2/ 89 (1356) عن المروذي عن أحمد عن وكيع عن الأوزاعي به، والآجري في "الشريعة" ص 123 (279) من طريق أبي نصر، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1018 (1717) من طريق حنبل. والأثر رواه ابن أبي شيبة في "الإيمان" (65)، وقال الألباني في تعليقه: منقطع. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 89 (1357) عن المروذي.

والبراءة بدعة والشهادة بدعة (¬1). وقال: حدثني أبي، نا عبد الصمد، نا يزيد -يعني: ابن إبراهيم- عن الليث -يعني: ابن أبي سليم- عن الحكم، عن سعيد الطائي، عن أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه- أنه قال: الولاية بدعة، والإرجاء بدعة، والشهادة بدعة (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 326 - 327 (669 - 670) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا هاشم بن القاسم، عن محمد -يعني ابن طلحة- عن سلمة بن كهيل قال: وصف ذر الإرجاء وهو أول من تكلم فيه، ثم قال: إني أخاف أن يتخذ هذا دينًا، فلما أتته الكتب من الآفاق قال: فسمعته يقول بعد: وهل أمر غير هذا (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 329 (677) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد اللَّه بن نمير، عن جعفر الأحمر، قال: قال منصور بن المعتمر في شيء: لا أقول كما قالت المرجئة الضالة المبتدعة. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 338 (707) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه نا أبو عمر -يعني: الضرير- عن حماد ابن سلمة، عن عطاء بن السائب قال: ذكر سعيد بن جبير المرجئة قال فضرب لهم مثلا فقال: مثلهم مثل الصابئين. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 346 (736) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا مؤمل بن إسماعيل، نا حماد بن زيد، حدثني محمد بن ذكوان -يعني خال ولد حماد- قال: قلت لحماد: كان ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 90 (1358) عن المروذي، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1050 (1784) من طريق حنبل. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 92 (1370) عن المروذي. (¬3) رواه الخلال في "السنة" 2/ 138 (1539) عن المروذي.

إبراهيم يقول بقولكم في الإرجاء؟ قال: لا كان شاكًّا مثلك (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 348 (746) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا خالد بن حيان أبو يزيد الرقي، نا معقل ابن عبيد اللَّه العبسي قال: قدم علينا سالم الأفطس بالإرجاء فعرضه، قال: فنفر منه أصحابنا نفارًا شديدًا، وكان أشدهم ميمون بن مهران وعبد الكريم ابن مالك، فأما عبد الكريم فإنه عاهد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ألا يأويه وإياه سقف بيت إلا المسجد. قال معقل: فحججت فدخلت على عطاء بن أبي رباح في نفر من أصحابي قال: فإذا هو يقرأ سورة يوسف قال فسمعته يقرأ هذا الحرف: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: 110] مخففة، قال: قلت إن لنا إليك حاجة فأخل لنا، ففعل، فأخبرته أن قومًا قبلنا قد أحدثوا وتكلموا، وقالوا: إن الصلاة والزكاة ليستا من الدين. قال: فقال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} [البينة: 5] فالصلاة والزكاة من الدين. قال: فقلت له إنهم يقولون: ليس في الإيمان زيادة. قال: أوليس قد قال اللَّه فيما {فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [التوبة: 124] فما هذا الإيمان الذي زادهم؟ قال قلت: فإنهم قد انتحلوك، وبلغني أن ذرًا دخل عليك في أصحاب له فعرضوا عليك قولهم فقبلته وقلت هذا الأمر. ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب: الإيمان 2/ 890 (1238) من طريق عبد اللَّه، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 38 (1164) عن المروذي.

فقال: لا واللَّه الذي لا إله إلا هو ما كان هذا -مرتين أو ثلاثًا. قال: ثم قدمت المدينة فجلست إلى نافع فقلت له: يا أبا عبد اللَّه، إن لي إليك حاجة. قال: أسر أم علانية؟ فقلت: لا، بل سر. قال: رب سر لا خير فيه. فقلت له: ليس من ذاك، فلما صلينا العصر قام وأخذ بيدي وخرج من الخوخة ولم ينتظر القاص. فقال: ما حاجتك؟ قال: قلت: أخلني من هذا. قال: تنح يا عمرو. فذكرت له بدو قولهم. فقال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَمرت أن أضربهم بالسيف حتى يقولوا لا إله إلا اللَّه، فإذا قالوا لا إله إلا اللَّه عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقه وحسابهم على اللَّه" (¬1). قال: قلت: إنهم يقولون: نحن نقر بأن الصلاة فريضة ولا نصلي، وأن الخمر حرام ونحن نشربها، وأن نكاح الأمهات حرام ونحن نفعل. قال: فنتر يده من يدي ثم قال: من فعل هذا فهو كافر. قال معقل: ثم لقيت الزهري فأخبرته بقولهم، فقال: سبحان اللَّه أَوَقَدْ أخذ الناس في هذِه الخصومات؟ ! قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِق السارق حين يسوق وَهُوَ مؤمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ الشارب الخَمرَ حِينَ يَشْرَبُها وَهُوَ مُؤمِنٌ" (¬2). قال معقل: ثم لقيت الحكم بن عتيبة، قال: فقلت: إن ميمونا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 245، والبخاري (2946)، ومسلم (21) من حديث أبي هريرة. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 243، والبخاري (2475)، ومسلم (57).

وعبد الكريم بلغهما أنه دخل عليك ناس من المرجئة فعرضوا عليك قولهم فقبلت قولهم. قال: فقبل ذلك علي ميمون وعبد الكريم؟ قلت: لا. قال: فدخل عليّ منهم اثنا عشر رجلا وأنا مريض فقالوا: يا أبا محمد بلغك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أتاه رجل بأمة سوداء أو حبشية، فقال: يا رسول اللَّه إن علي رقبة مؤمنة أفترى هذِه مؤمنة؟ قال لها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أتشهدين أن لا إله إلا اللَّه؟ " قالت: نعم، قال: "وتشهدين أني رسول اللَّه؟ " قالت: نعم، قال: "وتشهدين أن الجنة حق وأن النار حق؟ " قالت: نعم، قال: "أتشهدين أن اللَّه يبعثك من بعد الموت؟ " قالت: نعم، قال: "فأعتقها فإنها مؤمنة" (¬1) قال: فخرجوا وهم ينتحلوني. قال معقل: ثم جلست إلى ميمون بن مهران، فقيل له: يا أبا أيوب: لو قرأت لنا سورة ففسرتها؟ قال: فقرأ -أو قُرئت- {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} حتى إذا بلغ؟ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ؟ قال: ذاك جبريل صلوات اللَّه عليه، والخيبة لمن يقول: إيمانه كإيمان جبريل عليه السلام. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 382 - 384 (831) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن قال: حدثني سفيان، عن عطاء بن السائب، قال: قال سعيد بن جبير لذر: ما هذا الرأي، قد أحدثت بعدي؟ والزبير بن السيقل يغنيكم بالقرآن! "السنة" للخلال 2/ 89 (1354) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 447، ومسلم (537).

42 - باب: ذكر المرجئة من هم؟ وأقوالهم

42 - باب: ذكر المرجئة من هم؟ وأقوالهم قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: فسر لي المرجئة، قال: الذي يقول: الإيمان قول (¬1). "مسائل الكوسج" (3396). قال صالح: قال أبي: وسمعت وكيعًا يقول: قال سفيان: الناس عندنا مؤمنون في الأحكام والمواريث، ونرجو أن يكون كذلك، ولا ندري ما حالنا عند اللَّه (¬2). "مسائل صالح" (1356). قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه، أو سئل عن قيس بن مسلم؛ فقال: قال بعض الناس: كان مرجئًا، ولا أدري ثبت هذا أم لا، وهو ثقة في الحديث. وقال: أمَّا مسعر فلم أسمع أنه كان مرجئًا، ولكن يقولون: إنه كان لا يستثني. "مسائل ابن هانئ" (2382) قال حرب: قيل لأحمد: ما معنى حديث النبي "مَنْ غَشَّنا فَلَيْسَ مِنّا" (¬3)؟ فلم يجب فيه. قيل: فإن قومًا قالوا: من غشنا فليس مثلنا. ¬

_ (¬1) رواه حرب ص 367، 376، ورواه الخلال في السنة 2/ 446 (960 - 963) عن المروذي، أحمد بن الحسين، يوسف بن موسى، وصالح، كلهم عن أحمد به، وفي 1/ 449 (976) عن أحمد بن أصرم عن أحمد به، والآجرى في "الشريعة" ص 124 (282) عن الفضل عن أحمد. (¬2) رواه أبو داود في "مسائله" (1775)، وحرب في "مسائله" ص 374، وعبد اللَّه في "السنة" 1/ 311 (609)، ورواه الخلال في "السنة" 2/ 88 (1351) عن المروذي. (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 417، ومسلم (101) من حديث أبي هريرة.

فأنكره، وقال: هذا تفسير مسعر، وعبد الكريم أبي أمية، كلام المرجئة، قال أحمد: وبلغ عبد الرحمن بن مهدي فأنكره، وقال: لو أن رجلًا عمل بكل حسنة أكان يكون مثل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ ! "مسائل حرب" ص 354 قال حرب: سئل إسحاق عن الرجل قال: أنا ممن كتب اللَّه الإيمان في قلبي. قال: إذا قال لا أحتاج إلى النطق، فهو جهمي -أراه، قال- وإن قال: أحتاج إلى النطق بلا عمل فهو مرجئ. "مسائل حرب" ص 373 قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: سمعت سفيان بن عيينة قال: قال لي سفيان الثوري: ألا تقول لمسعر؟ أي: بالهلالية -يعني: في الإرجاء. وقال أبو نعيم: قال مسعر: أشك في كل شيء إلا في إيماني. "العلل" برواية عبد اللَّه (2457)، (3614) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا نافع بن عمر قال: قال لي ابن أبي مليكة: أن فهدان يزعم أنه يشرب الخمر، ويزعمون أن إيمانه كإيمان جبردل وميكائيل! (¬1) "السنة" لعبد اللَّه 1/ 370 (803) قال الخلال: وأخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم: أنه قال لأبي عبد اللَّه: فمن قال: الإيمان قول؟ قال: من قال: الإيمان قول، فهو مرجئ. قال: وسئل أبو عبد اللَّه -وأنا أسمع- عن الإرجاء ما هو؟ قال: من قال: الإيمان قول، فهو مرجئ، والسنة فيه أن تقول: الإيمان ¬

_ (¬1) رواه إسحاق بن راهويه 3/ 669 - 670 (1266)، والآجري في "الشريعة" ص 126 (285) من طريق نافع بن عمر، به.

قول وعمل، يزيد وينقص. وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: قيل لابن المبارك: ترى الإرجاء؟ قال: أنا أقول: الإيمان قول وعمل، وكيف أكون مرجئًا! قال الحسين بن منصور: قال لي أحمد بن حنبل: من قال من العلماء: أنا مؤمن؟ قلت: ما أعلم رجلا أثق به. قال: لِمَ (نقول) (¬1) شيئًا لم يقله أحد من أهل العلم قبلنا! "السنة" للخلال 9/ 446 (964 - 965) قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسين: أن الفضل حدثهم في هذِه المسألة، عن أبي عبد اللَّه، وزاد: {إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 106]. "السنة" للخلال 1/ 447 (1/ 968) قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن داود قال: ثنا زياد بن أيوب قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا يعجبنا أن نقول مؤمن حقًّا، ولا نكفر من قاله. "السنة" للخلال 1/ 448 (975) قال الخلال: أخبرني يوسف بن موسى أن أبا عبد اللَّه سئل: ما المرجئة؟ قال: الذي يقول: الإيمان قول. قيل: فالذي يقول: الإيمان يزيد ولا ينقص. قال: ما أدري ما هذا. وقال: أخبرني محمد بن أحمد بن واصل المقري، أن أبا عبد اللَّه سئل عمَّن قال: الإيمان قول بلا عمل، وهو يزيد ولا ينقص؟ قال: هذا قول المرجئة. ¬

_ (¬1) في المطبوع: (تقل) والجادة ما أثبتناه، لأنه استفهام تعجبي بـ (لِمَ) وليس نفيًا، واللَّه أعلم.

قال الخلال: كتب إليّ يوسف بن عبد اللَّه الإسكافي يذكر أن الحسن ابن علي بن الحسين الإسكافي حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه عن حديث: "من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن" (¬1)؛ قال أبو عبد اللَّه: من سرته سيئته فأي شيء هو؟ سلهم! قال الخلال: أخبرني محمد بن موسى ومحمد بن علي: أن حمدان بن علي الوراق حدثهم قال: سألت أحمد وذكر عنده المرجئة فقلت له: إنهم يقولون: إذا عرف الرجل ربه بقلبه فهو مؤمن. فقال: المرجئة لا تقول هذا، بل الجهمية تقول بهذا، المرجئة تقول: حتى يتكلم بلسانه وتعمل جوارحه، والجهمية تقول: إذا عرف ربه بقلبه وإن لم تعمل جوارحه، وهذا كفر؟ إبليس قد عرف ربه، فقال: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} [الحجر: 39]، قلت: فالمرجئة لما كانوا يجتهدون وهذا قولهم؟ قال: البلاء. وقال: أخبرني محمد بن جعفر؛ أن أبا الحارث قال: قال أبو عبد اللَّه: كان شبابة يدعو إلى الإرجاء وكتبنا عنه قبل أن نعلم أنه كان يقول هذِه المقالة، كان يقول: الإيمان قول وعمل، فإذا قال فقد عمل بلسانه. قول رديء. وقال: قال أبو بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وقيل له: شبابة، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 18، والترمذي (2165) وقال: حديث غريب صحيح من هذا الوجه اهـ، والنسائي في "الكبرى" 5/ 387 - 389 (9291 - 9226)، وصححه ابن حبان 16/ 240 (7254)، والحاكم من حديث عمر بن الخطاب، والألباني في "الصحيحة" 3/ 109 - 110 (1116)، وفي "إرواء الغليل" 6/ 215 (1813). والحديث روي عن غير واحد من الصحابة غير عمر منهم: أبو موسى، وأبو إمامة، وعلي ابن أبي طالب. انظر "مجمع الزوائد" 1/ 86.

أي شيء يقول فيه؟ فقال: شبابة كان يدعو إلى الإرجاء. قال: وقد حُكِيَ عن شبابة قول أخبث من هذِه الأقاويل، [ما سمعت عن أحدٍ بمثله] (¬1). قال: قال شبابة: إذا قال فقد عمل. قال: الإيمان قول وعمل كما يقولون، فإذا قال فقد عمل بجارحته -أي: بلسانه، فقد عمل بلسانه حين تكلم. ثم قال أبو عبد اللَّه: هذا قول خبيث، ما سمعت أحدًا يقول به ولا بلغني. "السنة" للخلال 1/ 449 - 451 (977 - 982) وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قال سفيان بن عيينة: قال لي الثوري: كلم مسعرًا. قال أبو عبد اللَّه: كان مسعر يشك في كل شيء إلا في الإيمان، قال: لا أشك في إيماني، قال: كان سفيان يريد منه أن يستثني. وقال: أخبرني محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم، أن أباه حدثه، قال: حدثني أحمد بن القاسم. وأخبرني زكريا بن الفرج، عن أحمد بن القاسم؛ أنهم ذكروا لأبي عبد اللَّه من كان يقول: إنما هو قول، ولا يستثني، فذكروا مسعرًا، فقيل له: يا أبا عبد اللَّه، كان يقول بالإرجاء؟ قال: إنما يريدون أنه قال: أشك في كل شيء إلا في إيماني، قال: سمعت أبا نعيم يقول سمعته من مسعر، وليس يروون عن مسعر غير هذا. ¬

_ (¬1) في المطبوع من "السنة" للخلال: (ما سمعت أحدًا عن مثله)، والمثبت من "مجموع الفتاوى" لابن تيمية 7/ 255.

قلت: فما معنى قوله: أشك في كل شيء؟ أراد تقوية قوله في ترك الاستثناء -أي: معنى لقوله: أشك في كل شيء، لا ما نشك نحن في الموت ولا في الجنة ولا في النار ولا في البعث، فقال: سبحان اللَّه! لم يرد هذا الطريق، إنما أراد -فيما أرى- أي: شك في الحديث وفي الأشياء التي تغيب عنه، وسمعته من ابن عيينة، قال: قال لي سفيان الثوري: لا تكلم مسعرًا في هذا الذي يقوله، قال: كان مسعر عنده ليس كغيره، وكان رجلًا صالحًا. "السنة" للخلال 1/ 453 - 454 (983 - 984) قال الخلال: وأخبرني موسى بن سهل قال: ثنا محمد بن أحمد الأَسَدي قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب، عن إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد: من قال: أنا مؤمن عند نفسي من طريق الأحكام والمواريث ولا أعلم ما أنا عند اللَّه عَزَّ وَجَلَّ؟ قال: ليس هذا بمرجئ. وقال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد: هل تخاف أن يدخل الكفر على من قال: الإيمان قول بلا عمل؟ فقال: لا يكفرون بذلك. قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي قال: قيل لأبي عبد اللَّه: المرجئة يقولون: الإيمان قول، فأدعو لهم؟ قال: أدعُ لهم بالصلاح. "السنة" للخلال 1/ 454 (987 - 989) قال الخلال: كتب إليَّ يوسف بن عبد اللَّه أنَّ الحسن بن علي بن الحسن، أن أبا عبد اللَّه قال في الحديث "أعتقها فإنها مؤمنة" (¬1)، قال: مالك لا يقول: إنها مؤمنة (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 447، ومسلم (537) من حديث معوية بن الحكم. (¬2) أي: في رواية الإمام مالك [كما في "الموطأ"] ليس فيها قوله: إنها مؤمنة.

قال أبو عبد اللَّه: يمكن أن يكون هذا قبل أن تنزل الفرائض. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: ثنا أبو بكر الأثرم، أنه قال لأبي عبد اللَّه في الحديث الذي يروى "أعتقها فإنها مؤمنة"؛ قال: ليس كل أحد يقول فيه إنها مؤمنة، يقولون: أعتقها، قال: ومالك سمعه من هذا الشيخ هلال بن علي لا يقول: فإنها مؤمنة، قال: وقد قال بعضهم: فإنها مؤمنة فهي حين تقر بذلك، فحكمها حكم المؤمنة. هذا معناه. وقال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال: سمعت أحمد بن حنبل يوما، وذكر هذا الحديث -يعني: حديث الجارية التي أتي بها رسول اللَّه- فقال: هم يحتجون به -يعني: المرجئة- وهو حجة عليهم -يعني: المرجئة- يقولون: الإيمان قول. والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يرض منها حتى قال: تؤمنين بكذا، تؤمنين بكذا. وقال: أخبرني الحسين بن الحسن قال: ثنا إبراهيم بن الحارث، أنه سأل أبا عبد اللَّه عن قول النبي: "أعتقها فإنها مؤمنة"، فقال أبو عبد اللَّه: ليس كل أحد يقول فيه: أعتقها فإنها مؤمنة، يقولون: أعتقها، وأما من قال: فإنها مؤمنة حين تقر بذلك، فحكمها حكم المؤمنة. "السنة" للخلال 1/ 455 - 456 (990 - 993) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: ثنا مهنا قال: سمعت أحمد يقول: وذكر رجل عند عبد الرحمن بن مهدي قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ وَشَقَّ الجُيُوبَ أَوْ دَعا دَعْوى الجاهِلِيَّةِ" (¬1) فقال الرجل: إنما هو ليس مثلنا، فقال عبد الرحمن لن مهدي منكرًا لقول الرجل: أرأيت ¬

_ (¬1) رواه أحمد 1/ 386، والبخاري (1297) ومسلم (103) من حديث ابن مسعود.

لو عمل أعمال البر كلها كان يكون مثل رسول اللَّه! وقال: وأخبرني زكريا بن الفرج، عن أحمد بن القاسم، قال: قال أبو عبد اللَّه: بلغني أن عبد الرحمن بن مهدي قيل له: إن بعض الناس فسر قوله: "مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا"، قال: قيل لعبد الرحمن أنهم قالوا: ليس منا: مثلنا، فقال عبد الرحمن: سبحان اللَّه العظيم! فلو أن رجلا عمل بأعمال البر كلها كان يكون مثل النبي! ليس هذا التفسير بشيء، فحسن أبو عبد اللَّه قول عبد الرحمن وصوبه. وقال: أخبرني أبو المثنى معاذ بن المثنى العنبري؟ أن هارون بن عبد اللَّه البزار، قال: سئل أبو عبد اللَّه عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ غَشَّنا فَلَيْسَ مِنّا" فسكت، فقيل له: ليس منا: ليس مثلنا، فأنكره، وقال: هذا رواه مسعر، عن عبد الكريم أبي أمية، ثم قال: كان سفيان بن عيينة يهم فيه، يقول: عن مسعر، عن حبيب، عن الحسن بن محمد، ثم قال أبو عبد اللَّه: لو أن رجلا صام وصلى كان يكون مثل النبي! ثم قال: هؤلاء المرجئة -يعني: أن هذا من قولهم: "ليس منا": مثلنا- ثم قال أبو عبد اللَّه: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ غَشَّنا فَلَيْسَ مِنّا". وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنّا" (¬1)، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَيْسَ مِنّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ وَشَقَّ الجُيُوبَ وَدَعا بِدَعْوى الجاهِلِيَّةِ". ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 397، وأبو داود (2175، 5170) وابن حبان في "صحيحه" 12/ 370 (5560) والحاكم في "المستدرك" 2/ 196 من حديث أبي هريرة. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه. وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (324) و"صحيح أبي داود" (1890).

حدثنا أبو طالب، أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول في قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ غَشَّنا فَلَيْسَ مِنَّا"، كما جاء الحديث. بلغني عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قيل له في هذا: إنهم يقولون: ليس منا: ليس بمثلنا، فقال: لو عملوا جميع أعمال البر ما كانوا مثل النبي، ولكنه مثل الجاهلية وعملهم، وقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنا السِّلاحَ فَلَيسَ مِنّا، وَمَنْ غَشَّنا فَلَيْس مِنّا" (¬1)، يحمل أحد السلاح على النبي إلا يريد قتله، ويحمل أحد على أحد إلا وهو يريد قتله، فهذا كله ليس من فعل الإسلام، "من حمل السلاح"، "ومن غشنا"، و"من لم يرحم صغيرنا" (¬2)، وهذِه كلها إنما هي فعل الجاهلية، "ليس منا" أي: ليس معنا، هو كما قال النبي: "ليس منا". وقال: كتب إليّ أحمد بن الحسين، وقال: ثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، وسأله عن حديث: "مَنْ غَشَّنا فَلَيْسَ مِنَّا"، ما وجهه؟ قال: لا أدري إلا على ما روي، وذكر قول عبد الرحمن، قال: هو لو لم يغش كان مثل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ ! وقال: أخبرني موسى بن سهل، قال: ثنا محمد بن أحمد الأسدي، قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب، عن إسماعيل بن سعيد: سألتُ أحمد عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ غَشَّنا فَلَيْسَ مِنّا، ومَنْ حَمَلَ السِّلاحَ عَلَيْنا فَلَيْسَ مِنّا"، قال: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 417، ومسلم (101) من حديث أبي هريرة. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 185، وأبو داود (4943) والترمذي (1920) من حديث عبد اللَّه بن عمرو وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2196) وفي الباب عن أبي هريرة، وابن عباس، وأنس وأبي أمامة.

على التأكيد والتشديد، ولا أكفر أحدًا إلا بترك الصلاة. "السنة" للخلال 1/ 457 - 459 (995 - 1000) قال الخلال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي -حنبل بن إسحاق بن حنبل قال: قال الحميدي: وأُخْبرت أن أقوامًا يقولون: إن من أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج، ولم يفعل من ذلك شيئًا حتى يموت، أو يصلي مسندًا ظهره مستدبر القبلة حتى يموت فهو مؤمن، ما لم يكن جاحدًا، إذا علم أن تركه ذلك في إيمانه إذا كان يقر الفروض، واستقبال القبلة. فقلت: هذا الكفر باللَّه الصراح، وخلاف كتاب اللَّه وسنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفعل المسلمين، قال اللَّه جل وعز: {حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]. قال حنبل: قال أبو عبد اللَّه، وسمعته يقول: من قال هذا، فقد كفر باللَّه، ورَدَّ على اللَّه أمره، وعلى الرسول ما جاء به. "السنة" للخلال 1/ 464 - 465 (1027)

43 - باب: لم سمي المرجئة بهذا الاسم؟

43 - باب: لِمَ سمي المرجئة بهذا الاسم؟ قال أبو بكر الخلال: أخبرني محمد بن يحيى بن خالد قال: سُئل إسحاق بن راهويه عن المرجئة: لم سُموا مرجئة وهم لا يرجئون الذنوب إلى اللَّه تبارك وتعالى؟ فقال: قال النضر بن شميل: إنهم سُموا بهذا الاسم؛ لأنهم يقولون بخلافه، بمنزلة المحكمة، وهم يقولون: لا حكم إلا للَّه، وبمنزلة القدرية، وهم يقولون بخلاف القدر، ولو أن رجلًا ينكر (. . .) لسمي (. . .). "السنة" للخلال 2/ 13 (1099)

44 - باب: بدء الإيمان كيف كان، والرد على المرجئة

44 - باب: بدء الإيمان كيف كان، والرد على المرجئة قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا مؤمل بن إسماعيل، نا سفيان قال: حدثني عباد بن كثير (¬1)، قال: قال لي عمر بن [. . .] (¬2) سل أبا حنيفة عن رجل قال: أنا أعلم أن الكعبة حق، وأنها بيت اللَّه، ولكن لا أدري أهي التي بمكة أو التي بخراسان؟ أمؤمن هو؟ قال: مؤمن. فقال لي: سله عن رجل قال: أنا أعلم أن محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- حق وأنه رسول، ولكن لا أدري أهو الذي كان بالمدينة أم محمد آخر؟ أمؤمن هو؟ قال: مؤمن. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 194 (274) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: ثنا أسود بن عامر قال: ثنا جعفر الأحمر، عن أبي الجحاف قال: قال سعيد بن جبير لذر: يا ذر، ما لي أراك كل يوم تجدد دينًا (¬3)؟ ! "السنة" لعبد اللَّه 1/ 328 (673) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر، أن أبا الحارث حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل قلت: إذا قال الرجل: لا إله إلا اللَّه؛ فهو مؤمن؟ قال: كذا كان بدء الإيمان، ثم نزلت الفرائض الصلاة والزكاة وصوم ¬

_ (¬1) عباد بن كثير: متروك؛ قال الإمام أحمد: روى أحاديث أكاذيب. (¬2) كذا بالمطبوع، ولعله: عمرو بن خالد القرشي، وهو متروك. (¬3) رواه الخلال في "السنة" 2/ 137 (1535) عن المروذي عن أحمد، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1062 (1811) عن حنبل عن أحمد به.

رمضان وحج البيت. وقال: أخبرني أبو يحيى زكريا بن يحيى الناقد قال: ثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن رجل رأوه يصلي في أرض العدو، يقتل؟ قال: لا، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نهيت أن أقتل المصلين" (¬1)، قال: وهذا يدخل على المرجئة وقد صلى ولم يقل: لا إله إلا اللَّه فهذا يدخل عليهم. "السنة" للخلال 1/ 445 (955 - 956) قال أبو بكر الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني أنه سأل أبا عبد اللَّه: الإيمان قول وعمل ونية؟ فقال لي: كيف يكون بلا نية؟ نعم، قول: وعمل ونية، لا بد من النية. قال لي: النية متقدمة. "السنة" للخلال 1/ 460 (1002) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: في معرفة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في القلب، يتفاضل فيه؟ قال: نعم. قلت: ويزيد؟ قال: نعم. "السنة" للخلال 1/ 460 (1004) قال الخلال: أخبرنا أبو بكار محمد بن علي أن يعقوب بن بختان حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن المعرفة والقول، تزيد وتنقص؟ قال: لا، قد جئنا بالقول والمعرفة وبقي العمل. "السنة" للخلال 1/ 460 (1007) ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (4928)، وأبو يعلى 10/ 509 (6126)، والدارقطني 2/ 54 - 55 من طريق الأوزاعي، عن أبي يسار القرشي، عن أبي هاشم، عن أبي هريرة. قال الدارقطني في "العلل" 11/ 230: أبو هاشم وأبو يسار مجهولان، ولا يثبت الحديث. اهـ. وقال المنذري في "مختصر السنن" 7/ 240: في إسناده أبو يسار القرشي سُئل عنه أبو حاتم الرازي فقال: مجهول. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2506).

قال الخلال: وأخبرني حرب بن إسماعيل الكِرْماني، قال: ثنا إسحاق -يعني: ابن راهويه- قال: ثنا مؤمل بن إسماعيل، قال: ثنا سفيان الثوري قال: ثنا عباد، قال: قلت لأبي حنيفة: يا أبا حنيفة رجل قال: أنا أعلم أن الكعبة حق، ولكن لا أدري هي التي بمكة أو هي التي بخراسان؟ أمؤمن هو؟ قال: نعم. قال مؤمل: قال الثوري: أنا أشهد أنه عند اللَّه من الكافرين، حتى يستبين أنها الكعبة المنصوبة في الحرم. قال: وقلت: رجل قال: أعلم أن محمدا نبي وهو رسول، ولكن لا أدري هو محمد الذي كان بالمدينة من قريش أو محمد آخر؟ مؤمن هو؟ قال: نعم، هو مؤمن. قال مؤمل: قال سفيان: هو عند اللَّه من الكافرين (¬1). "السنة" للخلال 2/ 20 (1104) وقال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا إسماعيل، قال: ثنا ابن عون، قال: قال إبراهيم: إن القوم لم يدخر عنهم شيء، فخبئ لكم بفضل عندكم (¬2)! "السنة" للخلال 2/ 138 (1542). ¬

_ (¬1) رواه عبد اللَّه بن أحمد في "السنة" 1/ 194 (274) عن أبيه، عن مؤمل بن إسماعيل، به، وليس قول سفيان، ورواه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1069 - 1070 (1831) من طريق حنبل، عن الحميدي، عن حمزة بن الحارث، عن أبيه، به، وفيه قال حنبل: قال الحميدي: من قال هذا فقد كفر، وسمعت أحمد بن حنبل يقول: من قال هذا فقد كفر. (¬2) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 138 (154) بدون إسناد عن إبراهيم، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 892 (1245) من طريق عبد اللَّه بهذا الإسناد، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" 2/ 946 (1808).

45 - باب: مجانبة المرجئة

45 - باب: مجانبة المرجئة قال إسحاق بن منصور: قلت: المرجئ إن كان داعيًا؛ قال: أي واللَّه يقصى ويجفى. "مسائل الكوسج" (3384) قال أبو داود: قلت لأحمد: لنا أقارب بخراسان يرون الإرجاء، فنكتب إلى خراسان نقرئهم السلام؟ قال: سبحان اللَّه! لم لا تقرئهم؟ قلت لأحمد: فنكلمهم؟ قال: نعم، إلا أن يكون داعيًا ويخاصم فيه. "مسائل أبي داود" (1785) قال حرب: قال الإمام أحمد: لا يعجبني للرجل أن يخالط المرجئة. "مسائل حرب" ص 379. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا إسماعيل، عن أيوب قال: قال سعيد بن جبير غير مسائله ولا ذاكرًا ذاك له: لا تجالس طلقًا -يعني أنه كان يرى رأي المرجئة (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 314 (621) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا مؤمل، نا حماد بن زيد، نا أيوب قال: قال لي سعيد بن جبير ألم أرك مع طلق؟ قال: قلت: بلى، فما له؟ قال: لا تجالسه فإنه مرجئ. قال: قال أيوب: وما شاورته في ذلك ولكن يحق للمسلم إذا رأى من أخيه ما يكره أن يأمره وينهاه (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 323 (659) ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 138 (1541) عن المروذي. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 87 (1347) عن المروذي. والأثر رواه ابن سعد في "الطبقات" 7/ 228، والدارمي 1/ 388 (406) وابن بطة في "الإبانة" 2/ 888 (1234).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أسود بن عامر، نا شريك، عن المغيرة قال: مر إبراهيم التيمي بإبراهيم النخعي فسلم عليه فلم يرد عليه (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 327 (672) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أسود بن عامر، أنا جعفر بن زياد -يعني الأحمر- عن حمزة الزيات، عن أبي المختار قال: شكى ذر سعيد بن جبير إلى أبي البختري الطائي فقال: مررت فسلمت عليه فلم يرد علي. فقال أبو البختري لسعيد بن جبير، فقال سعيد: إن هذا يجدد كل يوم دينًا، لا واللَّه لا أكلمه أبدًا (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 328 (674) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا معاذ بن معاذ، نا ابن عون، قال: كنا جلوسًا في مسجد بني عدي، قال: وفينا أبو السوار العدوي، فدخل عليه معبد الجهني من بعض الأبواب، فقال أبو السوار: ما أدخل هذا مسجدنا؟ لا تدعوه يجالسنا، لا تدعوه يجلس إلينا. فقال بعض القوم: إنما جاء إلى قريبة له معتكفة في هذِه القبة. قال: فجاء فدخل عليها ثم خرج فذهب (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 381 (830) قال أبو بكر الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد، قال: حدثني أبي قال: سمعت سفيان؛ قال: ما كان أحد من أولئك يحب أن يشهر به أو يريده. ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 137 (1534) عن المروذي، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1061 (1808) من طريق حنبل. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 137 (1536) عن المروذي، وابن بطة في "الإبانة" 2/ 891 (1240) ورواه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 51/ 1062 - 1063 (1812) من طريق حنبل. (¬3) رواه الخلال في "السنة" 2/ 138 (1540) عن المروذي.

يعني: الإرجاء. "السنة" للخلال 2/ 35 (1152) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر، أن أبا الحارث حدثهم، أنَّ أبا عبد اللَّه قال: إذا كان المرجئ داعية فلا تكلمه. "السنة" للخلال 2/ 35 (1154) قال الخلال: وأخبرني محمد بن الحسين، أن الفضل حدثهم أن أبا عبد اللَّه قال: المرجئ المخاصم منهم لا تكلمه. "السنة" للخلال 2/ 35 (1156)

46 - باب: الصلاة خلف المرجئة

46 - باب: الصلاة خلف المرجئة قال أبو داود: قلت لأحمد: يصلَّى خلف المرجئ؟ قال: إذا كان داعيًا فلا يصلَّى خلفه (¬1). "مسائل أبي داود" (307) قال حرب: سمعت أحمد يقول: لا يصلى خلف من يزعم أن الإيمان قول إذا كان داعية. وسمعت إسحاق يقول: من قال: أنا مؤمن فهو مرجئ. قلت: الصلاة خلفه؟ قال: لا. "مسائل حرب" ص 377 قال الخلال: وأخبرني محمد بن موسى؛ أن أبا الحارث حدثهم، قال: قال أبو عبد اللَّه: لا يصلى خلف مرجئ. وقال: وأخبرنا أبو بكر المروذي، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: المرجئ إذا كان يخاصم فلا يُصَلَّى خلفه. وقال: أخبرني منصور بن الوليد؛ أن جعفر بن محمد النسائي حدثهم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن مرجئ يُتلى عليه الشيء من القرآن فيرده ردًّا عنيفًا. قال: لا تصلي خلفه. وقال: وأخبرني محمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم أن أبا عبد اللَّه قال: لا يصلى خلف المرجئة. يريد: على الجنازة. "السنة" للخلال 2/ 34 (1148 - 1151) ¬

_ (¬1) رواه الخلال في السنة 2/ 34 (1146) عن المروذي وأبي داود وأحمد بن أصرم.

47 - باب: مناكحة المرجئة

47 - باب: مناكحة المرجئة قال الخلال: أخبرني علي بن عيسى أن حنبلًا حدثهم قال قلت لأبي عبد اللَّه: رجل زوج ابنته رجلًا، وهو لا يعلم، فإذا هو يقول بمقالة رديئة من الإرجاء. فقال: إذا كان يُغلي في ذلك، ويدعو إليه، رأيت أن يخلع ابنته ولا يقيم عنده. قلت: فيحرج الأب إذا فعل ذلك؟ قال: أرجو أن لا يحرج إذا علم ذلك منه وتبين له. "السنة" للخلال 2/ 36 (1157)

48 - باب: ذم المرجئة

48 - باب: ذم المرجئة قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، نا عبد اللَّه بن نمير، عن جعفر الأحمر قال: قال منصور بن المعتمر في شيء: لا أقول كما قالت المرجئة الضالة المبتدعة (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 312 (613) وقال: حدثني أبي، نا حجاج سمعت شريكًا وذكر المرجئة فقال: هم أخبث قوم، وحسبك بالرافضة خبثًا، ولكن المرجئة يكذبون على اللَّه تعالى (¬2). "السنة" 1/ 312 (314) و"العلل" برواية عبد اللَّه (2472) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، عن شريك، عن (أُبي) (¬3)، عن الشعبي قال: إنما سموا أصحاب الأهواء لأنهم يهوون في النار (¬4). وقال: حدثني أبي، نا إسماعيل، أنا خالد، حدثني رجل قال: رآني أبو قلابة وأنا مع عبد الكريم فقال: مالك ولهذا الهزء الهزء (¬5). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 328 (675 - 676) قال أبو بكر الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا إسماعيل، قال: ثنا يونس، قال: كان الحسن يقول: شر داء خالط قلبًا. يعني: الهوى. "السنة" للخلال 2/ 138 (1543) ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 28 (1125) عن المروذي، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1064 (1818) من طريق حنبل. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 28 (1126 - 1127) عن المروذي والميموني، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 5/ 1066 (1824) من طريق حنبل. (¬3) كذا في المطبوع، وفي المطبوع من "سنن الدارمي": أُمَيّ. وهو ابن ربيعة. (¬4) رواه الدارمي 1/ 391 (416) ورواه الخلال 2/ 137 (1537) عن المروذي. (¬5) رواه الخلال في "السنة" 2/ 137 (1537) عن المروذي.

49 - ذم أهل البدع والأهواء والأمر بمجانبتهم

قال محمد بن إبراهيم البوشنجي: سمعت أحمد يقول: تقربوا إلى اللَّه ببغض أهل الإرجاء، فإنه من أوثق الأعمال إلينا. "طبقات الحنابلة" 2/ 226 49 - ذم أهل البدع والأهواء والأمر بمجانبتهم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: القطيعة تثبت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قالَ: هو ثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قالَ إسحاق: شديدًا. "مسائل الكوسج" (3484) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: رجل مبتدع، داعية يدعو إلى بدعة، أيجالس؟ قال: لا يجالس، ولا يكلم، لعله أن يرجع. "مسائل ابن هانئ" (1855) قال الخلال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: ثنا أبي حنبل بن إسحاق قال: حدثني أبو عبد اللَّه قال: ثنا أبو سلمة. قال: وحدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبَة، قال: ثنا ابن عُلَيَّة، عن أيوب، عن أبي قِلابَة قال: لا تجالسوا أهل الأهواء -أو قال: أهل الخصومات- فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم بعض ما تعرفون (¬1). "السنة" للخلال 2/ 288 (1968) قال أبو بكر المروذي: بلغ أبو عبد اللَّه مجيء رجل مبتدع، فأنكر عليه حضوره وجفاه، وقال: حتى يظهر منه توبة وندم. وروى المروذي قال: جاء يحيى بن معين إلى أبي عبد اللَّه يعوده، فحول أبو عبد اللَّه وجهه وما كلمه، فلم يزل جافيًا له لم يكلمه. ¬

_ (¬1) رواه الدارمي 1/ 387 (405)، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 287، والبيهقي في "الشعب" 7/ 60 (9461) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، به.

ونقل المروذي عنه أنه سئل عن الرجل يكون [. . .] (¬1) صاحبه هذا يكره، ونقل أيضًا المروذي، قال: كان ربما دخل على أبي عبد اللَّه الرجل [. . .] (¬2) غمض عينيه، وربما سلم عليه الرجل منهم فلم يرد عليه. ونقل [. . .] (¬3) قال: سمعت يعقوب الدورقي يقول لأبي عبد اللَّه: معك اليوم أحد على هذا الأمر الذي أنت عليه يعني: المجانبة والإنكار؟ فقال: معي عبد الوهاب. "الروايتين والوجهين/ مسائل العقيدة" ص 122 - 123 قال المروذي: أخبرنا أن أبا عبد اللَّه ذكر حارثًا المحاسبي؛ فقال: حارث أصل البلية -يعني حوادث كلام جهم- ما الآفة إلا حارث، عامة من صحبه أنْبَتَكَ، إلا ابن العلاف، فإنه مات مستورًا، حذروا عن حارث أشد التحذير. قلت: إن قومًا يختلفون إليه؟ قال: نتقدم إليهم لعلهم لا يعرفون بدعته. فإن قبلوا وإلا هجروا، ليس للحارث توبة، يشهد عليه ويجحد، إنما التوبة لمن اعترف. "طبقات الحنابلة" 1/ 150 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي قال: قبور أهل السنة من أهل الكبائر روضة، وقبور أهل البدعة من الزهاد حفرة، فساق أهل السنة أولياء اللَّه، وزهاد أهل البدعة أعداء اللَّه (¬4). قال عبد اللَّه بن محمد بن الفضل الصيداوي: قال لي أحمد: إذا سلم الرجل على المبتدع فهو يحبه، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألا أدلكم على ما إذا ¬

_ (¬1) في هامش المطبوع: مقدار نصف سطر مطموس. (¬2) في هامش المطبوع: طمس مقدار ثلاث كلمات. (¬3) في هامش المطبوع: طمس مقدار كلمتين. (¬4) رواها ابن الجوزي في "مناقب الإمام أحمد" ص 239.

فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" (¬1). "طبقات الحنابلة" 2/ 47، "الآداب الشرعية" 1/ 251 قال عثمان بن إسماعيل بن بكر السكري قال: سمعت أبا داود السجستاني يقول: قلت لأبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل: أرى رجلا من أهل السنة مع رجل من أهل البدع، أَترك كلامه؟ قال: لا، أو تُعْلِمه أن الرجل الذي رأيته معه صاحب بدعة، فإن ترك كلامه فكلمه، وإلا فألحقه به. قال ابن مسعود: المرء بخدنه. "طبقات الحنابلة" 1/ 429 قال ابن هارون الحمال: سمعت أحمد يقول: لا تجالس أصحاب الكلام وإن ذبوا عن السنة. "طبقات الحنابلة" 2/ 405 قال إسماعيل بن إسحاق السراج: قال لي أحمد بن حنبل يوما: بلغني أن الحارث هذا -يعني المحاسبي- يكثر الكون عندك، فلو أَحضرته منزلك وأجلستني من حيث لا يراني فأسمع كلامه؟ فقلت: السمع والطاعة لك يا أبا عبد اللَّه. وسَرَّني هذا الابتداء من أَبي عبد اللَّه فقصدت الحارث، وسأَلته أَن يحضرنا تلك الليلة، فقلت: وتسأَل أَصحابك أَن يحضروا معك فقال: يا إسماعيل، فيهم كَثْرة فلا تَزِدْهم على الكُسْب (¬2) والتمر وأكثر منهما ما استطعت، ففعلت ما أَمرني به، وانصرفت إلى أَبي عبد اللَّه وأَخبرته، فحضر بعد المغرب وصَعِدَ غُرْفَةً في الدار، واجتهد في وِرْدِه إلى أَن فرغ، وحضر الحارث وأَصحابه فأكلوا، ثم قاموا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 391، ومسلم (54) من حديث أبي هريرة. (¬2) الكسب، بالضم: عصارة الدهن. انظر: "القاموس المحيط" ص 167 مادة: كسب.

لصلاة العتمة ولم يصلوا بعدها، وقعدوا بين يدي الحارث وهم سكوت لا ينطق واحد منهم إلى قريب من نصف الليل، وابتدأَ واحد منهم، وسأل الحارث عن مسألة فأخذ في الكلام وأصحابه يستمعون كأن على رؤوسهم الطير، فمنهم من يبكي، ومنهم من يحن، ومنهم من يزعق، وهو في كلامه، فصعدت الغرفة لأَتَعَرَّف حال أبي عبد اللَّه، فوجدته قد بكى حتى غشي عليه، فانصرفت إليهم، ولم تزل تلك حالهم حتى أصبحوا فقاموا وتفرقوا، فصعدت إلى أبي عبد اللَّه وهو متغير الحال فقلت: كيف رأيت هؤلاء يا أبا عبد اللَّه؟ فقال: ما أَعلم أَني رأَيت مثل هؤلاء القوم، ولا سمعت في علم الحقائق مثل كلام هذا الرجل، وعلى ما وصفت من أحوالهم فلا أرى لك صحبتهم. ثم قام وخرج. قال أبو القاسم النَّصْرأباذي: بلغني أن الحارث المحاسبي تكلم في شيءٍ من الكلام، فهجره أَحمد بن حنبل فاختفى في دار ببغداد ومات فيها، ولم يصل عليه إِلا أَربعة نفر. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 240 - 241 قال محمد بن عوف الحمصي: قال أحمد: من أهل البدع الذين أخرجهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الإسلام القدرية، والمرجئة، والرافضة، والجهمية، فقال: "لا تصلوا معهم ولا تصلوا عليهم" (¬1). "الفروع" 10/ 161 روى أَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ أنه قال لِرَجُل: إيّاكَ وَمُجالَسَةَ أَصْحاب الخُصوماتِ والْكَلامِ. وروى ابن أصرم أنه قال لِرَجُلٍ: لا يَنْبَغِي الجِدالُ، اتَّقِ اللَّهَ، وَلا يَنْبَغِي ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

أَنْ تُنَصَّبَ نَفْسَكَ وَتَشْتهر بِالْكَلامِ، لَوْ كانَ هذا خَيْرًا لَتقدمنا فِيهِ أَصْحابُ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، إنْ جاءَك مُسْتَرْشِدًا فَأَرْشِدْهُ. وروى حَنْبَل عنه: عَلَيْكُمْ بِالسُّنَّةِ والْحَدِيث وَما يَنْفَعكُمْ، وَإِيّاكُمْ والْخَوْضَ والْمِراءَ، فَإِنَّهُ لا يُفْلح مَنْ أَحَبَّ الكَلام، وَقالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّه: لا تُجالِسْهُمْ وَلا تُكَلَّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ. وَقالَ أَيْضًا: وَذَكَر أَهْل البِدَع؛ فقال: لا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُجالِسَهُمْ وَلا يُخالطَهُمْ وَلا يَأْنَسَ بِهِمْ، وَكُلُّ مَنْ أَحَبَّ الكَلام لَمْ يَكُنْ آخِرُ أَمْرِهِ إلّا إلَى بِدْعَة؛ لِأَنَ الكَلام لا يدعُو إلَى خَيْر، عَلَيْكُمْ بِالسُّننِ والْفِقْه الذِي تَنْتَفعُون بِه، ودعُوا الجدالَ، وكلام أَهْلِ البدع والْمِراءِ، أَدْرَكْنا النّاسَ وَما يَعْرِفُونَ هذا وَيُجانِبُونَ أَهْل الكَلامِ. "الآداب الشرعية" 1/ 219 قال أحمد في رواية الفضل، وقيل له: ينبغي لأحد أن لا يكلم أحدًا؟ فقال: نعم، إذا عرفت من أحد نفاقًا فلا تكلمنه؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خاف على الثلاثة الذين خلفوا فأمر الناس ألا يكلموهم. قلت: يا أبا عبد اللَّه كيف يصنع بأهل الأهواء؟ قال: أما الجهمية والرافضة فلا. قيل: له: فالمرجئة؟ قال: هؤلاء أسهل إلا المخاصم منهم فلا تكلمه. ونقل الميموني عن أحمد: نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن كلام الثلاثة الذين تخلفوا بالمدينة حين خاف عليهم النفاق، وهكذا كل من خفنا عليه. وروى القاسم بن محمد عنه: إنه اتهمهم بالنفاق، وكذا من اتهم بالكفر لا بأس أن يترك كلامه. "الآداب الشرعية" 1/ 248

50 - النهي عن مناظرة أهل البدع

50 - النهي عن مناظرة أهل البدع قال صالح: كتب رجل إلى أبي يسأله عن مناظرة أهل الكلام والجلوس معهم، فأملى علي جوابه: أحسن اللَّه عاقبتك، ودفع عنك كل مكروه ومحذور، الذي كنا فسح وأدركنا عليه من أدركنا من أهل العلم؛ أنهم كانوا يكرهون الكلام والخوض مع أهل الزيغ، وإنما الأمر في التسليم والانتهاء إلى ما في "كتاب اللَّه جل وعز، لا يعد ذلك. ولم يزل الناس يكرهون كل محدث، من وضع كتاب أو جلوس مع مبتدع، ليورد عليه بعض ما يلبس عليه في دينه، فالسلامة إن شاء اللَّه في ترك مجالستهم والخوض معهم في بدعتهم وضلالتهم، فليتق اللَّه رجل، وليصر إلى ما يعود عليه نفعه غدا من عمل صالح يقدمه لنفسه، ولا يكون ممن يحدث أمرًا، فإذا هو خرج منه أراد الحجة له، فيحمل نفسه على المحك فيه، وطلب الحجة لما خرج منه بحق أو باطل؛ ليزين به بدعته وما أحدث. وأشد ذلك أن يكون قد وضعه في كتاب، فأخذ عنه، فهو يريد [أنْ] يزين ذلك بالحق والباطل وإن وضح له الحق في غيره. نسأل اللَّه التوفيق لنا ولك ولجميع المسلمين، والسلام عليك. "مسائل صالح" (588) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا إسحاق بن الطباع قال: رأيت مالك بن أنس يعيب الجدال والمراء في الدين، قال: أفكلما كان الرجل أجدل من رجل أردنا أن نرد ما جاء به جبريل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "العلل" رواية عبد اللَّه (1585) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: أخبرنا مَخْلَد بن يزيد الحرّاني، قال: حدثنا الأوزاعي، عن عبد الواحد بن قيس، عن أبي هريرة قال: تكفير كُلَّ

لِحاء ركعتان (¬1). قال أبي: تفسيره: الرجل يُلاحي الرجُل يخاصِمهُ، يُصَلَّي ركعتين، تكفيره -يعني: كفارته. "العلل" رواية عبد اللَّه (5359) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية ووكيع قالا: حدثنا الأعمش، عن صالح بن حيان، قال أبو معاوية الكبسي: عن حصين بن عقبة، عن ابن مسعود قال: مِنْ أكثر الناس خطايا -وقال وكيع: ذنوبًا- يوم القيامة أكثرهم خوضا في الباطل (¬2). "الزهد" 199 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل، عن يونس قال: نبئت أن عمر بن عبد العزيز قال: من جعل دينه غوضًا للخصومة، أكثر التنقل (¬3). "الزهد" رواية عبد اللَّه ص 366 قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من تعاطى الكلام لا يفلح، ومن تعاطى الكلام لا يخلو من بدعة. "طبقات الحنابلة" 1/ 149 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 162 (7648)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 37/ 262 عن أبي هريرة موقوفا. ورواه تمام في "الفوائد" 1/ 368 (939) وابن الأعرابي في "معجمه" (1811) من طريق الأوزاعي عن عبد الواحد عن أبي هريرة مرفوعًا. وأورده الألباني في "الصحيحة" (1789) مرفوعًا عن أبي هريرة من طريق ابن الأعرابي ثم قال: وهذا سند حسن رجاله كلهم ثقات، وفي حفظ عبد الواحد بن قيس ضعف يسير، لا ينزل حديثه من رتبة الحسن إن شاء اللَّه تعالى. اهـ. قلت: لكن عبد الواحد هذا روى عن أبي هريرة مرسلًا. كما في "تهذيب الكمال" 18/ 469 (3592). وفي الباب عن أبي أمامة مرفوعًا رواه الطبراني 8/ 149 (7651) لكن فيه مسلمة بن على وهو متروك، كما قال الهيثمي في "المجمع" 2/ 251. (¬2) رواه ابن وهب في "الجامع في الحديث" 1/ 445 (330)، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (76)، وابن المبارك في "الزهد" من رواية المروزي ص 160. (¬3) رواه الدارمي 1/ 342 (313).

قال أبو الحارث: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من أحب الكلام لم يخرج من قلبه. "طبقات الحنابلة" 1/ 178 قال العباس بن غالب: قلت لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد اللَّه أكون في المجلس ليس فيه من يعرف السنة غيري، فيتكلم مبتدع فيه، أرد عليه؟ فقال: لا تنصب نفسك لهذا، أخبره بالسنة، ولا تخاصم. فأعدت عليه القول، فقال: ما أراك إلا مخاصمًا (¬1). "طبقات الحنابلة" 2/ 156 قال عبد اللَّه: سَمِعْتُ أَبِي يَقُول: كانَ الشّافِعِيُّ له إذا ثَبَتَ عِنْدَهُ خَبَرٌ قَلَّدَهُ، وَخَيْرُ خَصْلَة فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَشْتَهِي الكَلام، إنَّما كانَتْ هِمَّتُهُ الفِقْهَ. "الآداب الشرعية" 1/ 220 قال حَنْبَلٍ: قال أحمد: قَدْ كُنّا نَأمُرُ بِالسُّكُوتِ، فَلَمّا دُعينا إلَى أَمْرٍ ما كانَ بُدٌّ لَنا أَنْ نَدْفَعَ ذَلِكَ، وَنُبَيَّنَ مِنْ أَمْرِهِ ما يَنْفِي عَنْهُ ما قالُوهُ. ثُمَّ اسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعالَى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]. "الآداب الشرعية" 1/ 227 ¬

_ (¬1) قال القاضي ابن أبي يعلى معلقًا: وَجْهُ قول إمامنا: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أراد اله بقوم شرًّا ألقى بينهم الجدل، وخزن عنهم العمل " ألم أجده، وقيل للحسن البصري: نجادلك؟ فقال: لست في شك من ديني. وقال مالك بن أنس: كلما جاء رجل أجدل من رجل تركنا ما نزل به جبريل على محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- لجدله؟ ! وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ وإياكم والمحدثات، فإن كل محدثة بدعة" [أحمد 4/ 126، وأبو داود (4607)، والترمذي (2676)] وقال الأوزاعي: عليك بآثار من سلف، وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك القول، فليحذر كل مسئول ومناظر من الدخول فيما ينكره على غيره، وليجتهد في اتباع السنة، واجتناب المحدثات كما أمر.

51 - التحذير من أهل البدع

51 - التحذير من أهل البدع قال عبد اللَّه: قلت لأبي: ما تقول في أصحاب الحديث، يأتون الشيخ لعله يكون مرجئًا، أو شيعيًّا، أو فيه شيء من خلاف السنة، أينبغي أن أسكت فلا أحذر عنه، أم أحذر عنه؟ قال: إن كان يدعو إلى بدعة، وهو إمام فيها ويدعو إليها، قال: نعم تحذر عنه؟ "مسائل عبد اللَّه" (1591) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: ترى للرجل أن يشتغل بالصوم والصلاة، ويسكت عن الكلام في أهل البدع؟ فكلح وجهه، وقال: إذا هو صام وصلى واعتزل الناس، أليس إنما هو لنفسه؟ قلت: بلى. قال: فإذا تكلم كان له ولغيره، يتكلم أفضل. "طبقات الحنابلة" 3/ 400 قال ابن الجوزي: أخبرنا محمد بن ناصر، قال: أنا المبارك بن عبد الجبار، قال: أنا أبو طالب محمد بن علي البيضاوي، قال: أَنا أَبو عمر بن حيويه، قال أَبو مُزاحِم موسى بن عُبيد اللَّه بن يحيى بن خاقان: قال لي عمي أبو علي عبيد الرحمن بن يحيى بن خاقان أمر المتوكل بمسألة أحمد بن حنبل عمن يتقلد القضاء؟ فسأَلته، قال أبو مزاحم: فسأَلت عمي أن يخرج إلى جوابه، فوجَّه إليَّ بنسخة فكتبتها، ثم عدت إلى عمي فأَقرّ لي بصحة ما بعث به. وهذا نسخته: بسم اللَّه الرحمن الرحيم نسخة الرقعة التي عرضتها على أحمد بن محمد بن حنبل بعد أَن سأَلته عما فيها فأَجابني عن ذلك بما قد كتبته، وأَمر ابنه عبد اللَّه أَن يوقع بأَسفلها

بأَمره، ما سأَلته أَن يوقع فيها: سأَلتُ أَحمد بن حنبل عن أَحمد بن رباح؛ فقال فيه: إنه جهمي معروف بذلك، وإِنه إِن قلد شيئًا من أمور المسلمين كان ضررًا على المسلمين لما هو عليه من مذهبه وبدعته. وسألتُه عن ابن الخلنجي؛ فقال فيه أيضًا مثل ما قال في أَحمد بن رباح، وذكر أنه جهمي معروف بذلك، وأنه كان من شرهم وأعظمهم ضررًا على الناس، وسألته عن شعيب بن سهل؛ فقال فيه: جهمي معروف بذلك. وسألتُه عن عبيد اللَّه بن أحمد؛ فقال: جهمي معروف بذلك. وسألتُه عن المعروف بأبي شعيب؛ فقال فيه: إنه جهمي معروف بذلك. وسأَلتُه عن محمد بن منصور قاضي الأَهواز، فقال فيه: إنه كان مع أَبي دُؤاد وفي ناحيته وأعماله، إلا أنه كان من أَمثلهم ولا أَعرف رأيه. وسألتُه عن ابن علي بن الجعد؛ فقال: كان معروفا عند الناس بأنه جهمي مشهور بذلك، ثم بلغني عنه الآن أنه رجع عن ذلك. وسأَلتُه عن الفتح بن سهل صاحب مظالم محمد بن عبد اللَّه ببغداد؛ فقال: جهمي معروف بذلك، من أصحاب بشر المرِيسي، وليس ينبغي أن يقلد مثله شيئًا من أمور المسلمين لما في ذلك من الضرر. وسألتُه عن ابن الثلجي؛ فقال: مبتدع صاحب هوى. وسألتُه عن إبراهيم بن عتاب؛ فقال: لا أَعرفه، إِلا أَنه كان من أصحاب بشر المرِيسي فينبغي أَن يحذر ولا يقرب ولا يقلد شيئًا من أُمور الناس. وفي الجملة أَن أَهل البدع والأَهواءِ لا ينبغي أن يستعان بهم في شيء من أُمور المسلمين، فإن في ذلك أَعظم الضرر على الدين، مع ما عليه

52 - حبس أهل البدع

رأي أمير المؤمنين -أَطال اللَّه بقاءَه- من التمسك بالسنة والمخالفة لأَهل البدع. وبقول أحمد بن محمد بن حنبل: وقد سأَلني عبد الرحمن بن يحيى بن خاقان عن جميع ما في هذا القرطاس وأَجبته بما كتبته به، وكنت عليل العين ضعيفا في بدني فلم أقدر أَن أَكتب بخطي، فوقع هذا التوقيع في أَسفل هذا القرطاس عبد اللَّه ابني بأَمري وبين يدي، وأَسأَل اللَّه أن يطيل بقاءَ أمير المؤمنين، وأن يديم عافيته ويحسن له المعونة والتوفيق بمنه وقدرته. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 236 - 239 52 - حبس أهل البدع قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل ابتدع بدعة يدعو إليها، وله دعاة عليها، هل ترئ أن يحبس؟ قال: نعم. أرى أن يحبس وتكف بدعته عن المسلمين. "مسائل عبد اللَّه" (1590)

كتاب الصفات

كتاب الصفات 53 - باب: ما جاء في اتصاف اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بالعزة والعظمة والكبرياء قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عمار بن محمد ابن أخت سفيان الثوري، عن عطاء -يعني: ابن السائب- عن الأغر أبي مسلم، عن أبي هريرة لبه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني شيئًا منهما ألقيته في جهنم" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 473 (1079) وقال: حدثني أبي، نا يحيى بن آدم، نا ابن المبارك، عن إسماعيل، عن أبي صالح، عن عكرمة قال: خلقت الملائكة من نور العزة، وخلق إبليس من نار العزة (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 474 (1083) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 442، ورواه مسلم (2620) من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن الأغر أبي مسلم، عن أبي هريرة وأبي سعيد بلفظ "العز إزاره، والكبرياء رداؤه، فمن نازعني عذبته". (¬2) أخرجه ابن راهويه في "المسند" 2/ 278 (788) بإسناده به، وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة" من طريق هناد عن ابن المبارك به، وهو حديث مرسل. قال الألباني في "الصحيحة" عقب حديث (458): وأما ما رواه عبد اللَّه بن أحمد في "السنة" عن عكرمة قال: خلق الملائكة من نور العزة وخلق إبليس من نار العزة. هذا من الإسرائيليات التي لا يجوز الأخذ بها. لإنها لم ترد عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

54 - باب ما جاء في قوله تعالى: {لا تأخذه سنة ولا نوم}

54 - باب ما جاء في قوله تعالى: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، نا معمر، عن قتادة والحسن في قوله: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: 255]. قال: السنة: النعسة (¬1). قال: حدثني أبي، نا يحيى بن يمان، نا أشعث، عن جعفر -يعني: ابن المغيرة- عن سعيد -يعني: ابن جبير- قال: قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام: أينام ربك؟ قال: فقال: يا موسى، خذ قدحين زجاجتين فاملأهما ماء، فصلَّ وهما في يديك، فانظر هل يثبتان. فقام يصلي فنعس فانكسرتا، فقال: يا موسى، لو نمت لضاعت السموات والأرض (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 455 - 456 (1027 - 1028) ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 113، ومن طريقه ابن جرير في "التفسير" 3/ 8. تنبيه: سقط معمر من إسناد الأثر في تفسير عبد الرزاق. (¬2) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" 4/ 276 - 277، قال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" 1/ 28 بعدما ذكر أحاديث لا تصح في الباب: وقد روى عبد اللَّه في كتاب "السنة" عن سعيد بن جبير .. وهذا هو الصحيح، فإن القوم كانوا جهالًا باللَّه عَزَّ وَجَلَّ. ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 487 ومن طريقه أبو الشيخ في "العظمة" ص 83 - 84 (140) عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن الأشعث، به، عن ابن عباس موقوفًا.

55 - باب: الله الطبيب

55 - باب: اللَّه الطبيب قال الفضل بن محمد الشعراني: ثنا أحمد بن حنبل، ثنا سفيان بن عيينة، ثنا عبد الملك بن أبجر، عن إياد بن لقيط، عن أبي رمثة -رضي اللَّه عنه- قال: أتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مع أبي، فرأى التي بظهره، فقال: يا رسول اللَّه، ألا أعالجها فإني طبيب؟ قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنت رفيق، واللَّه الطبيب". قال: "من هذا معك؟ " قال: قلت: ابني، أشهد. قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه" (¬1) (¬2). "الأسماء والصفات" 1/ 217 - 218 (152) 56 - باب: السلام من أسماء اللَّه قال أبو داود: قلت لأحمد: أمُرُّ بالقوم يتقاذفون، أُسلم عليهم؟ قال: هؤلاء قوم سفهاء، والسلام اسم من أسماء اللَّه. قال أبو داود: قلت لأحمد: أُسلم على المخنث؟ قال: لا أدري، السلام اسم من أسماء اللَّه. "مسائل أبي داود" (1805 - 1806) ¬

_ (¬1) قال البيهقي تعليقا على هذا الحديث: قال الحليمي: ومنها ما جاء عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اللهم اشف أنت الشافي". (¬2) أخرجه الإمام أحمد 4/ 163، وأبو داود (4207)، والنسائي 8/ 53، وصححه الألباني في "الصحيحة" (1537).

57 - باب إثبات صفة العلو والفوقية والاستواء على العرش وأنه سبحانه في السماء، وإثبات الكرسي

57 - باب إثبات صفة العلو والفوقية والاستواء على العرش وأنه سبحانه في السماء، وإثبات الكرسي قال الإمام أحمد: فقلنا: لما أنكرتم أن يكون اللَّه على العرش، وقد قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]. وقال: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54]. فقالوا: هو تحت الأرض السابعة، كما هو على العرش، فهو على العرش وفي السماوات وفي الأرض وفي كل مكان، ولا يخلو منه مكان، ولا يكون في مكان دون مكان. وتلوا آية من القرآن: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 3]. فقلنا: قد عرف المسلمون أماكن كثيرة ليس فيها من عظمة الرب شيء. فقالوا: أي مكان؟ فقلنا: أجسامكم وأجوافكم وأجواف الخنازير والحشوش، والأماكن القذرة ليس فيها من عظمة الرب شيء، وقد أخبرنا أنه في السماء. فقال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} [الملك: 16]. {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} [الملك: 17]. وقال: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10]. وقال: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55]. وقال: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: 158]. وقال: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ} [الأنبياء: 19].

وقال: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50]. وقال: {ذِي اَلمَعَارِجَ} [المعارج: 3]. وقال: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18]. وقال: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255]. فهذا خبر اللَّه؛ أخبرنا أنه في السماء، ووجدنا كل شيء أسفل منه مذمومًا، يقول اللَّه جل ثناؤه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 145]. {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29)} [فصلت: 29]. وقلنا لهم: أليس تعلمون أن إبليس كان مكانه والشياطين مكانهم، فلم يكن اللَّه ليجتمع هو وإبليس في مكان واحد؟ ! وإنما معنى قول اللَّه جل ثناؤه: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 3]. نقول: هو إله من في السماوات وإله من في الأرض، وهو على العرش، وقد أحاط علمه بما دون العرش، ولا يخلو من علم اللَّه مكان، ولا يكون علم اللَّه في مكان دون مكان، فذلك قوله: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)} [الطلاق: 12]، ومن الاعتبار في ذلك: لو أن رجلًا كان في يديه قدح من قوارير صاف، وفيه شراب صاف، كان بصر ابن آدم قد أحاط بالقدح من غير أن يكون ابن آدم في القدح، فاللَّه -وله المثل الأعلى- قد أحاط بجميع خلقه، من غير أن يكون في شيء من خلقه. وخصلة أخرى: لو أن رجلًا بنى دارًا بجميع مرافقها، ثم أغلق بابها وخرج منها، كان ابن ادم لا يخفى عليه كم بيت في داره، وكم سعة كل بيت

من غير أن يكون صاحب الدار في جوف الدار، فاللَّه -وله المثل الأعلى- قد أحاط بجميع خلقه، وعلم كيف هو، وما هو، من غير أن يكون في شيء مما خلق. "الرد على الجهمية والزنادقة" للإمام أحمد ص 135 - 137. قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا سُرَيج بن النعمان قال: حدثنا عبد اللَّه بن نافع قال: قال مالك: اللَّه تبارك وتعالى في السماء، وعلمه في كل مكان، لا يخلو من علمه مكان (¬1). "مسائل أبي داود" (1699) قال حرب: قلت لإسحاق: العرش بحد؟ قال: نعم بحد. وذكر عن ابن المبارك قال: هو على عرشه بائن من خلقه بحد (¬2). "مسائل حرب" ص 412 قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أخبرنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن ميسرة في قول اللَّه: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17)} [الحاقة: 17] قال: أرجلهم في التخوم، لا يستطيعون أن يرفعوا أبصارهم من شعاع النور (¬3). "مسائل حرب" ص 413 ¬

_ (¬1) رواه حرب في "مسائله" ص 412، عن أحمد به، ورواه الدارمي في "الرد على الجهمية" 1/ 47 (67) والبيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 336 (903) من طريق علي بن الحسن بن شفيق، عن ابن المبارك. (¬2) رواه عبد اللَّه بن أحمد في "السنة" 1/ 156، عن أبيه به. (¬3) رواه ابن أبي شيبة في "العرش" 1/ 66 (30)، وابن جرير في "تفسيره" 12/ 216 (34794) من طرق عن جرير به. وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة" عن زاذان به.

قال حرب: أملى إسحاق: إن اللَّه تبارك وتعالى وصف نفسه في كتابه بصفات استغنى الخلق أن يصفوه بغير ما وصف به نفسه، من ذلك قوله: {يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة: 210] وقوله: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} [الزمر: 75] وآيات مثلها تصف العرش، وقد ثبتت الروايات في العرش، وأعلى شيء فيه وأثبته قول اللَّه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} (¬1) [طه: 5]. "مسائل حرب" ص 414 قال حرب: وقال إسحاق في حديث أبي رزين العقيلي: قوله: "في عماء ما فوقه هواء، وما تحته هواء" معناه: أنه كان في عماء قبل أن يخلق السماوات والأرضين، وتفسيره عند أهل العلم: إنه كان في عماء يعني: سحابة. "مسائل حرب" ص 414 قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، أنا يزيد بن هارون، أنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين العقيلي قال: قلت يا رسول اللَّه: أين كان ربنا عَزَّ وَجَلَّ قبل أن يخلق خلقه؟ قال: "كان في عماء، ما تحته هواء، وما فوقه هواء، ثم خلق عرشه على الماء" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 245 - 246 (450) ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 3/ 153 - 154 (115) من طريق الفضل عن أحمد به. (¬2) أخرجه الإمام أحمد 4/ 11، 4/ 12، والترمذي (3109)، وابن ماجه (182) من طرق عن حماد بن زيد، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين به، وضعفه الألباني في "الضعيفة" (5320).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّهُ قال: حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عبد اللَّه بن خليفة، عن عمر -رضي اللَّه عنه- قال: إذا جلس تبارك وتعالى على الكرسي سمع له أطيط كأطيط الرحل الجديد (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، عن سفيان، عن عمار الدُّهْني، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر أحد قدره (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 301 (585 - 586)، 2/ 454 (2101). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع بحديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد اللَّه بن خليفة، عن عمر -رضي اللَّه عنه- قال: إذا جلس الرب على الكرسي. فاقشعر رجل -سماه أبي- عند وكيع، فغضب وكيع، وقال: أدركنا الأعمش وسفيان يحدثون بهذِه الأحاديث، لا ينكرونها (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه كما في "تهذيب الكمال" 14/ 456 والخطيب في "تاريخ بغداد" 1/ 295 من رواية شعبة عن أبي إسحاق به موقوفًا. وقد روي مرفوعًا أيضا والحديث كيفما دار فمداره على عبد اللَّه بن خليفة، قال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" 1/ 5 - 6: هذا حديث لا يصح عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وإسناده مضطرب جدا، يرويه ابن خليفة عن عمر عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وتارة يقفه على عمر، وتارة يوقف على ابن خليفة. وقال الألباني في "الضعيفة" (6329): منكر. (¬2) أخرجه الدارمي في "الرد على المريسي" 1/ 207 (94)، وأبو جعفر ابن أبي شيبة في "العرش" 1/ 79 (61)، وابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 248 - 249 (154، 156) وأبو الشيخ في "العظمة" 1/ 111، والدارقطني في كتاب "الصفات" 1/ 111 (36)، والحاكم في "المستدرك" 2/ 282، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 196 (758) من طرق عن سفيان به. وقال الألباني في "مختصر العلو" 102: إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات. (¬3) ذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 9/ 165 عن أبي حاتم الرازي عن أحمد به.

وقال: حدثني أبي؛ نا عبد الصمد، نا أبي، نا محمد بن جُحادة، عن سلمة بن كهيل، عن عمارة بن عمير، عن أبي موسى قال: الكرسي موضع القدمين، وله أطيط كأطيط الرحل (¬1). وقال: حدثني أبي، نا رجل، ثنا إسرائيل، عن السدي، عن أبي مالك في قوله: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: 255] قال: إن الصخرة التي تحت الأرض السابعة ومنتهى الخلق على أرجائها أربعة من الملائكة، لكل ملك منهم أربعة وجوه؛ وجه إنسان، ووجه أسد، ووجه نسر، ووجه ثور، فهم قيام عليها، قد أحاطوا بالأرض والسماوات، ورءوسهم تحت الكرسي، والكرسي تحت العرش، قال: وهو واضع رجليه تبارك وتعالى على الكرسي (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 301 - 303 (587 - 589) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، ثنا ابن مهدي وأبو سفيان -يعني: ¬

_ (¬1) أخرجه أبو جعفر ابن أبي شيبة في "العرش" 78 (60) والطبري في "التفسير" 3/ 11، وأبو الشيخ في "العظمة" 1/ 125، من طرق عن عبد الصمد به، وأخرجه ابن منده في "الرد على الجهمية" 46 (17) عن أحمد بن إبراهيم البغدادي، ثنا محمد بن يزيد، ثنا علي بن مسلم، ثنا عبد الصمد، عن محمد بن جحادة بإسقاط عبد الوارث. وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "تفسير الطبري" 5/ 398: الحديث منقطع، لأن عمارة بن عمير لم يدرك أبا موسى الأشعري ا. هـ وقال الألباني في "مختصر العلو" 1/ 123: صحيح موقوف. (¬2) أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" 1/ 104، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 295 من طريق عبيد اللَّه بن موسى، عن إسرائيل به. وأخرجه أبو الشيخ أيضًا من طريق ابن أبي زائدة عن السدي به.

المعمري- عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد قال: ما السماوات والأرض في الكرسي إلا كحلقة في أرض فلاة (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 248 (456)، 1/ 304 (591) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا ابن مهدي، عن سفيان، عن عماد الدهني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: الكرسي موضع قدميه، والعرش لا يقدر أحد قدره (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 454 (1020) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو المغيرة، حدثتنا عبدة بنت خالد بن معدان، عن أبيها خالد بن معدان أنه كان يقول: إن الرحمن سبحانه وتعالى ليثقل على حملة العرش من أول النهار إذا قام المشركون، حتى إذا قام المسبحون خفف عن حملة العرش. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 455 (1026) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا سفيان، عن جابر، عن عبد اللَّه ابن يحيى، عن عكرمة، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} [المزمل: 18] قال: ممتلئ به (¬3). ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور في "سننه" كتاب التفسير 3/ 952 (425)، والدارمي في "الرد على بشر المريسى" (101) من طريق الأعمش عن مجاهد، ورواه ابن أبي شيبة في "العرش" (45)، وأبو الشيخ في "العظمة" 2/ 632، من طريق ليث عن مجاهد، ورواه البيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 301، من طريق سعيد بن منصور، عن الأعمش، عن مجاهد بلفظ "الأرض الفلاة". (¬2) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" 12/ 39 (12404)، ومن طريقه الضياء في "المختارة" 10/ 310 (331) وأبو الشيخ في "العظمة" 1/ 112 (219)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 3/ 337 - 339 (269). (¬3) رواه ابن أبي شيبة في "العرش" ص 60 (18) والطبري في "تفسيره" 12/ 292 (35289)، وابن أبي حاتم كما في "الدر المنثور" للسيوطي 6/ 448.

وقال: حدثني أبي قال: أملى علينا وكيع ببغداد، عن سفيان، عن عكرمة {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} [المزمل: 18] قال: ممتلئ به (¬1). وقال: حدثني أبي، نا عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ}. قال: مثقلة به (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 457 (1033 - 1035) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا معاذ بن هشام بمكة، حدثني أبي، عن قتادة، عن كثير بن أبي كثير، عن أبي عياض، عن عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنه- قال: إن العرش لمطوق بحية، وإن الوحي لينزل في السلاسل (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 474 (1081) قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل يقول: قال مالك بن أنس: اللَّه في السماء، وعلمه في كل مكان، لا يخلو منه مكان. فقلت: من أخبرك عن مالك بهذا؟ قال: سمعته من سريج بن النعمان، عن عبد اللَّه بن نافع. "الشريعة" للآجري ص 240 (599). قال الأثرم: حدثنا محمد بن إبراهيم القيسي قال: قلت لأحمد بن ¬

_ (¬1) السابق. (¬2) رواه الطبري في "التفسير" 12/ 292 (35287) من طريق زيد عن سعيد، وبزيادة: مثقل به ذلك اليوم، ورواه ابن أبي حاتم كما في "الدر المنثور" للسيوطي 6/ 448، من طريق عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة. (¬3) رواه ابن أبي شيبة في "كتاب العرش" 78 (60)، والطبري في "التفسير" 3/ 11 (5790)، وأبو الشيخ في "العظمة" 2/ 627، وابن منده في "الرد على الجهمية" ص 21 (17) وصححه الألباني وقال: إسناده موقوف. "صفة العلو" ص 123 - 124.

حنبل: يحكى عن ابن المبارك قيل له: كيف نعرف ربنا؟ قال: في السماء السابعة على عرشه بحد. قال الإمام أحمد: هكذا هو عندنا (¬1). وقال أبو بكر المروذي، سمعت أبا عبد اللَّه وقيل له: روى علي ابن الحسن بن شقيق عن ابن المبارك؛ أنه قيل له: كيف نعرف اللَّه قال: على العرلش بحد، فقال بلغني ذلك عنه وأعجبه، ثم قال أبو عبد اللَّه: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة: 210] ثم قال {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} (¬2) [الفجر: 22]. وقال يوسف بن موسى القطان: قيل لأبي عبد اللَّه: واللَّه تعالى فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه، وقدرته وعلمه بكل مكان، قال: نعم، على عرشه، لا يخلو شيء من علمه (¬3). "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 3/ 156 - 159 (113 - 115) ¬

_ (¬1) رواه البخاري تعليقًا في "خلق أفعال العباد" (11)، والدارمي في "الرد على الجهمية" (67)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 335 (902)، وابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" 2/ 233، والمقدسي في "إثبات صفة العلو" (105)، والذهبي في "العلو" 2/ 987 (361)، وصححه شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتوى الحموية" ص 333، وقال: روى عبد اللَّه بن أحمد وغيره بأسانيد صحاح، وذكره، وصححه ابن القيم في "الجيوش" ص 55، وقال: روى الدارمي والحاكم والبيهقي بأصح إسناد إلى علي بن الحسن بن شقيق قال: سمعت عبد اللَّه بن المبارك، ولم أقف عليه عند الحاكم، وصححه الألباني في "مختصر العلو" ص 152. (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" 3/ 158 - 159 (114)، وابن عبد البر في التمهيد 7/ 142، وانظر التخريج السابق. (¬3) رواه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 3/ 445 (674)، وابن قدامة في "إثبات صفة العلو" ص 116 (96).

قال أبو بكر المروذي: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا حسن بن موسى الأشيب قال: ثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن الشعبي قال: إن اللَّه تعالى قد ملأ العرش، حتى إن له أطيطًا كأطيط الرحل الجديد (¬1). "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 3/ 176 - 177 (133) وسأل حميد بن الصباح أحمد بن حنبل: كم بيننا وبين عرش ربنا؟ قال: دعوة مسلم يجيب اللَّه دعوته (¬2). "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 3/ 187 (141). قال ابن شيرويه: ثنا إسحاق بن راهويه قال: أخبرنا إبراهيم بن الحكم بن أبان، عن أبيه، عن عكرمة في قوله: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} [الأعراف: 17] قال: قال ابن عباس: لم يستطع أن يقول: من فوقهم علم أن اللَّه من فوقهم (¬3). وقال ابن شيرويه: ثنما إسحاق، أخبرنا بشر بن عمر قال: سمعت غير واحد من المفسرين يقولون: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5] ارتفع (¬4). "شرح أصول الاعتقاد" 3/ 439 - 440 (661 - 662). قال الخلال: أخبرنا الحسن بن صالح العطار، حدثنا هارون بن يعقوب الهاشمي، سمعت أبي يعقوب بن العباس، قال: كنا عند أبي ¬

_ (¬1) رواه أبو الشيخ في "العظمة" 2/ 593 (35). (¬2) رواه ابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" 1/ 452. (¬3) رواه الطبري في "تفسيره" 5/ 447 (14387) بلفظ "الرحمة تنزل من فوقهم" ورواه المقدسي في "إثبات صفة العلو" 106 (78). (¬4) رواه الطبري في "تفسيره" 8/ 391، والذهبي في "الأربعين" ص 36 (3) وفي "العلو للعلي العظيم" 2/ 1011 (376).

عبد اللَّه، قال: فسألناه عن قول ابن المبارك. قيل له: كيف نعرف ربنا؟ قال: في السماء السابعة، على عرشه، بحد، فقال الإمام أحمد: هكذا على العرش، استوى بحد. فقلنا له: ما معنى قول ابن المبارك: بحد؟ قال: لا أعرفه، ولكن لهذا شواهد من القرآن في خمسة مواضع: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10]، {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16]، {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4] وهو على العرش، وعلمه مع كل شيء. "بيان تلبيس الجهمية" 2/ 613 - 614 قال حنبل: قال الإمام أحمد: نحن نؤمن أن اللَّه تعالى على العرش كيف شاء، وكما شاء بلا حد ولا صفة يبلغها واصف، أو يحده أحد (¬1). "بيان تلبيس الجهمية" 3/ 4 - 5 قال الخلال: أخبرني عبد الملك الميموني أنه سأل أبا عبد اللَّه: ما تقول فيمن يقول: إن اللَّه ليس على العرش؟ قال: كلامهم كله يدور على الكفر (¬2). "بيان تلبيس الجهمية" 3/ 705 - 706. قال الأثرم: قلت لأحمد: يحكى عن ابن المبارك: نعرف ربنا في السماء السابعة، على عرشه، بحد. فقال الإمام أحمد: هكذا هو عندنا. قال أبو بكر بن أبي داود: سمعت أبي يقول: جاء رجل إلى أحمد بن ¬

_ (¬1) ذكره ابن القيم في "اجتماع الجيوش الإسلامية" ص 99، وفيها زيادة: وصفات اللَّه له ومنه، وهو كما وصف نفسه لا تدركه الأبصار، بحد، ولا غاية، وهو يدرك الأبصار، وهو عالم الغيب والشهادة، وعلام الغيوب. (¬2) ذكره ابن القيم في "اجتماع الجيوش الإسلامية" ص 92.

حنبل فقال له: للَّه تبارك وتعالى حد؟ قال: نعم، لا يعلمه إلا هو. قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} [الزمر: 75] يقول: محدقين. "بيان تلبيس الجهمية" 3/ 733 قال عبد اللَّه: ثنا هارون بن معروف نا محمد بن فضيل، عن ليث، عن مجاهد في قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قال: يقعده على العرش (¬1)، فحدثت به أبي رحمه اللَّه فقال: لم يُقدر لي أن أسمعه من ابن فضيل. روى المروذي حكاية بنزول عن إبراهيم بن عرفة، سمعت ابن عُمير يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: هذا قد تلقته العلماء بالقبول. "العلو للعلي العظيم" للذهبي 2/ 1085 - 1086 (424 - 424 - 1)، "العرش" 2/ 220 (191) قال: أبو داود الخفاف سليمان بن داود، قال: قال إسحاق بن راهويه: قال تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] إجماع أهل العلم أنه فوق العرش استوى، ويعلم كل شيء في أسفل الأرض السابعة. "العلو" للذهبي 2/ 1128 (451) ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" (8/ 132 (22633) بلفظ: يجلسه، وذكره البغوي في "تفسيره" 5/ 121.

58 - باب: "إثبات صفة النزول لله تعالى إلى سماء الدنيا

58 - باب: "إثبات صفة النزول للَّه تعالى إلى سماء الدنيا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد -رضي اللَّه عنه-: "ينزلُ ربُّنَا -تبارك وتعالى اسمه- كل ليلةٍ حين يبقى تْلثُ الليلِ الآخِرُ إلى السماءِ الدُّنيا"، أليس تقول بهذِه الأحاديث؟ ويرون -أهل الجنة- ربَّهم، عَزَّ وَجَلَّ، و"لا تقبحوا الوجه فإنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خلقَ آدمَ على صورته" -يعني: صورة رب العالمين- "واشتكتِ النارُ إلى ربِّها عَزَّ وَجَلَّ يضعَ اللَّه فيها قدمه"، وأن موسى عليه السلام لطم ملك الموت عليه السلام. قَالَ الإمام أحمد: كلُّ هذا صحيحٌ. قَالَ إسحاقُ: كل هذا صحيح، ولا ينكره إلا مبتدعٌ، أو ضعيف الرأي (¬1). "مسائل الكوسج" (3290) قال حرب: سألتُ إسحاق بن إبراهيم قلت: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ينزل اللَّه كل ليلة إلى السماء الدنيا" (¬2)؟ قال: نعم، ينزل اللَّه كل ليلة إلى السماء الدنيا، كما شاء، وكيف شاء، وليس فيه صفة. وقال إسحاق: لا يجوز الخوض في أمر اللَّه كما يجوز الخوض في ¬

_ (¬1) رواه الآجري في "الشريعة" ص 255 (641)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 3/ 205 (160)، وأبو يعلى في "إبطال التأويلات" 1/ 260. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 264 - 265، والبخاري (1145)، ومسلم (758) من حديث أبي هريرة.

فعل المخلوقين، يقول اللَّه تبارك وتعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)} [الأنبياء: 23]، ولا يجوز لأحد أن يتوهم على الخالق بصفاته وفعاله بوهم ما يجوز التفكر والنظر في أمر المخلوقين، وذلك أنه يمكن أن يكون موصوفًا بالنزول كل ليلة إذا مضى ثلثها إلى السماء الدنيا كما شاء، لا يسأل كيف نزوله؛ لأنه الخالق يصنع ما شاء كما شاء. "مسائل حرب" ص 416 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو المغيرة الخولاني، نا الأوزاعي، نا يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة قال: إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إذا أراد أن يخوف عباده أبدى عن بعضه إلى الأرض فعند ذلك تزلزل، وإذا أراد أن تدمدم على قوم تجلى لها (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 470 (1069) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا سفيان بن عيينة، عن عمرو -يعني: ابن دينار- عن نافع بن جبير، عن رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا ذهب -وقال مرة: إذا مضى- شطر الليل الأول نزل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إلى السماء الدنيا، يُفتح بابُها، يقول: من ذا الذي يسألني فأعطيه؟ من ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ حتى يطلع الفجر" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 511 (1197) ¬

_ (¬1) رواه ابن جماعة في "إيضاح الدليل" 1/ 220 (21). (¬2) رواه أحمد 4/ 81، عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه، والنسائي في "الكبرى" 6/ 125 (10321) وأبو يعلى في "مسنده" 13/ 404 - 405 (7408) وابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 315 (39)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 373 (948)، والحديث سبق تخريجه عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- في الصحيحين.

ذكر أحمد بن علي الأبَّار [عن علي بن خشرم] (¬1) أن عبد اللَّه بن طاهر قال لإسحاق بن راهويه: ما هذِه الأحاديث التي يحدث بها أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ينزل إلى سماء الدنيا، واللَّه يصعد وينزل؟ ! قال: فقال له إسحاق: تقول إن اللَّه يقدر على أن ينزل ويصعد ولا يتحرك؟ قال: نعم. قال: فلم تنكر؟ ! (¬2) "شرح أصول الاعتقاد" للالكائي 3/ 501 (774). قال حنبل: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه ينزل إلى السماء الدنيا" (¬3)، فقال أبو عبد اللَّه: نؤمن بها ونصدق بها، ولا نرد شيئًا منها إذا كانت أسانيد صحاح، ولا نرد على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قوله، ونعلم أن ما جاء به الرسول حق. حتى قلت لأبي عبد اللَّه: ينزل اللَّه إلى السماء الدنيا، قال: قلت: نزوله بعلمه [أم] بماذا؟ فقال لي: اسكت عن هذا، ما لَكَ ولهذا، امض الحديث على ما روي، بلا كيف، أولا حد، بما جاءت به الآثار وبما جاء به الكتاب قال اللَّه: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} [النحل: 74] ينزل كيف يشاء؛ بعلمه وقدرته، أحاط بكل شيء علما، لا يبلغ قدره واصف، ولا ينأى عنه ¬

_ (¬1) مثبت من "العلو" للذهبي. (¬2) ذكره الذهبي في "العلو" 2/ 1125 (448)، وفيه: قال إسحاق: قلت: نعم، رواها الثقات الذين يروون الأحكام، فقال: [ابن طاهر]: ينزل ويدع عرشه؟ فقلت: بقدر أن ينزل من غير أن يخلو منه العرش؟ قال: نعم. قلت: فلم تتكلم في هذا؟ ! (¬3) سبق تخريجه قريبًا.

هَرَبُ هارب] (¬1) (¬2). "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 3/ 243 (184). قال الإمام أحمد بن سعيد بن إبراهيم بن عبد اللَّه الرباطي: حضرتُ مجلس الأمير عبد اللَّه بن طاهر ذات يوم، وحضر إسحاق بن إبراهيم -يعني: ابن راهويه- فسُئل عن حديث النزول: أصحيحٌ هو؟ قال: نعم. فقال له بعض قواد عبد اللَّه: يا أبا يعقوب، أتزعم أن اللَّه ينزل كل ليلة؟ قال: نعم. قال: كيف ينزل؟ فقال له إسحاق: أثبته فوق حتى أصف لك النزول، فقال له الرجل: أثبته فوق. فقال له إسحاق: قال اللَّه: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} [الفجر: 22]. فقال الأمير عبد اللَّه بن طاهر: يا أبا يعقوب، هذا يوم القيامة! فقال إسحاق: أعز اللَّه الأمير، ومن يجيء يوم القيامة من يمنعه اليوم؟ ! "عقيدة السلف أصحاب الحديث" ص 48 (44) قال الإمام أحمد بن الحسين بن حسان: قيل لأبي عبد اللَّه: إن اللَّه تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة قال: نعم. قيل له: وفي شعبان كما جاء في الأثر؟ قال: نعم. وقال يوسف بن موسى: قيل لأبي عبد اللَّه: إن اللَّه ينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء من غير وصف؟ قال: نعم. "إبطال التأويلات" 1/ 260 ¬

_ (¬1) زيادة من "شرح أصول الاعتقاد". (¬2) ذكره اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 3/ 502 (777)، وأبو يعلى في "إبطال التأويلات" 1/ 260، والذهبي في "العرش" 1/ 206 - 207.

قال قاضي فارس: قال إسحاق بن راهويه: دخلت يومًا على عبد اللَّه بن طاهر فقال لي: يا أبا يعقوب، تقول: إن اللَّه ينزل كل ليلة؟ فقلت له: ويقدر؟ فسكت عبد اللَّه. قال أبو العباس: أخبرني الثقة من أصحابنا قال: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: دخلت على عبد اللَّه بن طاهر فقال لي: يا أبا يعقوب، تقول: إن اللَّه ينزل كل ليلة؟ فقلت: أيها الأمير، إن اللَّه تعالى بعث إلينا نبيا، نقل إلينا عنه أخبار بها نحلل الدماء، وبها نحرم، وبها نحلل الفروج وبها نحرم، وبها نبيح الأموال وبه نحرم، فإن صح ذا صح ذاك، وإن بطل ذا بطل ذاك. قال: فأمسك عبد اللَّه. قال الإمام أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: جمعني وهذا المبتدع -يعني: إبراهيم بن أبي صالح- مجلس الأمير عبد اللَّه بن طاهر، فسألني الأمير عن أخبار النزول فسردتها، فقال إبراهيم: كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء، فقلت: آمنت برب يفعل ما يشاء. قال: فرضي عبد اللَّه كلامي وأنكر على إبراهيم. هذا معنى الحكاية (¬1). قال أبو العباس: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: دخلت يوما على طاهر بن عبد اللَّه بن طاهر وعنده منصور بن طلحة، فقال لي: يا أبا يعقوب إن اللَّه ينزل كل ليلة؟ فقلت له: تؤمن به؟ فقال طاهر: ألم أنهك عن هذا الشيخ؟ ! ما دعاك إلى أن تسأله عن مثل هذا؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن عبد الهادي في "الاستواء على العرش" ص 65، والذهبي في كتابيه: "العرش" 2/ 251 (225)، و"العلو" 2/ 1123 (447).

قال إسحاق؟ فقلت له؟ إذا أنت لم تؤمن أن ربًّا يفعل ما يشاء، لست تحتاج أن تسألني. قال أبو محمد بن حيان أبو الشيخ الأصبهاني: وفيما أجازني جدي -يعني: محمود بن الفرح- قال: قال إسحاق بن راهويه: سألني ابن طاهر عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-يعني: النزول- فقلت له: النزول بلا كيف. "الأسماء والصفات" 2/ 375 - 377 (950 - 953) قال إسماعيل الترمذي: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: اجتمعت الجهمية إلى عبد اللَّه بن طاهر يومًا فقالوا له: أيها الأمير، إنك تقدم إسحاق، وتكرمه، وتعظمه، وهو كافر يزعم أن اللَّه ت ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة، ويخلو منه العرش. قال: فغضب عبد اللَّه، وبعث إليَّ، فدخلت عليه وسلمت؛ فلم يرد عليَّ السلام غضبًا، ولم يستجلسني، ثم رفع رأسه، وقال لي: ويلك يا إسحاق، ما يقول هؤلاء؟ ! قال: قلت: لا أدري. قال: تزعم أن اللَّه ينزل إلى السماء الدنيا في كل ليلة، ويخلو منه العرش؟ فقلت أيها الأمير، لست أنا قلته، قاله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ حدثنا أبو بكر بن عياش، عن إسحاق، عن الأغر بن مسلم أنه قال: أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد أنهما شهدا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "ينزل اللَّه إلى السماء الدنيا في كل ليلة فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له" (¬1) ولكن مرهم يناظروني. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه عن أبي هريرة، وعن نافع ابن جبير، عن أبيه، وحديث الأغر عن أبي هريرة، وحديث أبي هريرة وأبي سعيد عن أبي مسلم، رواه أحمد 2/ 383، وأبو يعلى في "مسنده" 2/ 400 (1180) وابن حبان في "صحيحه" 3/ 201 (921).

قال: فلما ذكرت له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سكن غضبه، وقال لي: أجلس. فجلست. فقلت: مرهم أيها الأمير يناظروني. قال: ناظروه. قال: فقلت لهم: يستطيع أن ينزل ولا يخلو منه العرش أم لا يستطيع؟ قال: فسكتوا وأطرقوا رءوسهم، فقلت: أيها الأمير، مرهم يجيبوا. فسكتوا. فقال: ويحك يا إسحاق! ! ماذا سألتهم؟ قال: قلت: أيها الأمير، قل لهم: يستطيع أن ينزل، ولا يخلو منه العرش أم لا؟ قال: فأيش هذا؟ قلت: إن زعموا أنه لا يستطيع أن ينزل إلا أن يخلو منه العرش؟ فقد زعموا أن اللَّه عاجز مثلي ومثلهم، وقد كفروا. وإن زعموا أنه يستطيع أن ينزل ولا يخلو منه العرش، فهو ينزل إلى السماء الدنيا كيف يشاء، ولا يخلو منه مكان. "مجموع الفتاوى" 5/ 387 - 389 قال محمد بن حاتم: سمعت إسحاق بن إبراهيم بن مخلد يقول: قال لي عبد اللَّه بن طاهر: يا أبا يعقوب، هذِه الأحاديث التي تروونها في النزول -يعني: وغير ذلك- ما هي؟ قلت: أيها الأمير، هذِه أحاديث جاءت مجيء الأحكام، والحلال والحرام، ونقلها العلماء، فلا يجوز أن ترد؛ هي كما جاءت بلا كيف. فقال عبد اللَّه: صدقت، ما كنت أعرف وجوهها إلى الآن. "مجموع الفتاوى" 5/ 389

59 - باب: إثبات السمع والبصر

59 - باب: إثبات السمع والبصر قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا جرير، عن الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة، عن عائشة أنها قالت: الحمد للَّه الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت خولة إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تشكو زوجها، فكان يخفى عليّ كلامها، فأنزل اللَّه: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (¬1)} [المجادلة: 1]. "مسائل حرب" ص 410 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق قال: سمعت جعفر بن سليمان يحدث عن أبي عمران قال: سمعته يقول: ما نظر اللَّه إلى شيء إلا رحمه، قال: وكان يحلف يقول: واللَّه لو نظر اللَّه إلى أهل النار لرحمهم، ولكنه قضى أنه لا ينظر إليهم (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 465 (1056) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا يحيى بن سعيد القطان، عن ابن عجلان قال: سمعت أبي، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- يقول: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ثلاثة لا ينظر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إليهم يوم القيامة: الإمام الكذاب، والشيخ الزاني، والعائل المزهو" (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 468 (1063) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 46، والنسائي 6/ 168 (3460)، وابن ماجه (188)، والحاكم 2/ 481، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وصححه الألباني في "الإرواء" 7/ 175، تحت حديث رقم (2087). (¬2) رواه أبو نعيم في "الحلية" 6/ 290. (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 433، والنسائي 5/ 86 (2575)، وابن حبان 10/ 261 (4413)، وصححه الألباني في " صحيح الجامع" (3070).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، عن شريك، عن عطاء بن السائب، عن أبي الضحى، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- {الر}: أنا اللَّه أرى (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 471 (1074) قال حنبل: أنكر أحمد التشبيه، فقال: المشبهة تقول: بصر كبصري، ويد كيدي، وقدم كقدمي. ومن قال ذلك فقد شبه اللَّه بخلقه. وقال في رواية يوسف بن موسى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} [الشورى: 11]. "إبطال التأويلات" 1/ 43 قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل يقول: امتحن إسحاق بن إبراهيم القوم مرة مرة، وامتحنني مرتين مرتين، فقال لي: ما تقول في القرآن؟ قلت: كلام اللَّه غير مخلوق، فأقامني فأجلسني في ناحية ثم سألني، ثم ردني ثانية فسألني، فقلت: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، فأخذني في التشبيه فقلت: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] فقال لي: وما السميع البصير؟ فقلت: هكذا قال، السميع البصير. "إبطال التأويلات" 1/ 46 قال حنبل: حججت في سنة إحدى وعشرين فرأيت في المسجد الحرام كسوة البيت من الديباج، وهي تخاط في صحن المسجد، وقد كتب في الدارات (ليسَ كمثلِهِ شَيء وهُوَ اللطيفُ الخبيرُ)، فلما قدمت سألني أبو عبد اللَّه عن بعض الأخبار، فأخبرته بذلك، فقال أبو عبد اللَّه: قاتله اللَّه، الخبيث، عمد إلى كتاب اللَّه فغيره -يعني: ابن أبي دؤاد -يعني: أزال: {السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]. "إبطال التأويلات" 1/ 386 ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "التفسير" 1/ 119 (238)، وابن أبي حاتم 6/ 1921 (10184)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 1/ 232 (167).

60 - باب: إثبات الإتيان والمجيء

60 - باب: إثبات الإتيان والمجيء قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة في قوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة: 210]، قال: يأتيهم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في ظلل من الغمام، وتأتيهم الملائكة عند الموت (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 504 - 505 (1170) قال حنبل: قال الإمام أحمد: احتجوا عليَّ يومئذ بقوله: "تجيء اليقرة يوم القيامة. . وتجيء تبارك. . "، وقلت لهم: الثواب، قال اللَّه تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} [الفجر: 22] إنما تأتي قدرته (2)، وإنما القرآن أمثال ومواعظ وزجر. "الروايتين والوجهين" مسائل العقيدة ص 55 قال حنبل: قال الإمام أحمد في قوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: 22] قال: قدرته (¬2). وقال أبو طالب: قال الإمام أحمد في: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة: 210]، {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} [الفجر: 22]: فمن قال: إن اللَّه لا يرى فقد كفر (¬3). "إبطال التأويلات" 1/ 132 (120 - 121) ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "التفسير" 2/ 349 (4038)، وابن أبي حاتم كما في "الدر" 1/ 434. (¬2) قال القاضي أبو يعلى معلقًا: قال أبو إسحاق بن شاقلا: هذا غلط من حنبل لا شك فيه. وأراد أبو إسحاق بذلك أن مذهبه حمل الآية على ظاهرها في مجيء الذات. (¬3) قال القاضي أبو يعلى: وظاهر هذا أن أحمد أثبت مجيء ذاته، لأنه احتج بذلك على جواز رؤيته، وإنما يحتج بذلك على جواز رؤيته إذا كان الإتيان والمجيء مضافًا إلى الذات.

61 - فصل: مناظرة الإمام للجهمية في إثبات الكلام

باب: صفة الكلام 61 - فصل: مناظرة الإمام للجهمية في إثبات الكلام قال الإمام أحمد: فقلنا: لِمَ أنكرتم ذلك؟ قالوا: إن اللَّه لم يتكلم ولا يتكلم. إنما كوَّن شيئًا فعبر عن اللَّه، وخلق صوتًا فأسمع. وزعموا أن الكلام لا يكون إلا من جوف ولسان وشفتين. قلنا: هل يجوز لمكون أو غير اللَّه أن يقول: {يَامُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} [طه: 11، 12]؟ ! أو يقول: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)} [طه: 14] فمن زعم ذلك، فقد زعم أن غير اللَّه ادعى الربوبية، كما زعم الجهم أن اللَّه كون شيئًا، كان يقول ذلك المكون: {يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30)} [القصص: 30] وقد قال جل ثناؤه: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164)} [النساء: 164]. وقال: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: 143]. وقال: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: 144] فهذا منصوص القرآن. فأما ما قالوا: إن اللَّه لا يتكلم. فكيف يصنعون بحديث الأعمش، عن خيثمة، عن عدي بن حاتم الطائي: قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ما بينه وبينه ترجمان" (¬1)؟ ! وأما قولهم: إن الكلام لا يكون إلا من جوف وفم وشفتين ولسان. أليس اللَّه قال للسموات والأرض: {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11)} [فصلت: 11]؟ ! أتراها أنها قالت بجوف وفم وشفتين ولسان وأدوات؟ ! وقال: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ} [الأنبياء: 79]. أتراها سبحت ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 256، والبخاري (6539)، ومسلم (1016) 67.

بجوف وفم ولسان وشفتين؟ ! والجوارح إذ شهدت على الكافر، فقالوا: {لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [فصلت: 21]. أتراها أنها نطقت بجوف وفم ولسان؟ ! ولكن اللَّه أنطقها كيف شاء، وكذلك اللَّه تكلم كيف شاء من غير أن يقول بجوف، ولا فم، ولا شفتين، ولا لسان. قال الإمام أحمد -رضي اللَّه عنه-: فلما خنقته الحجة قال: إن اللَّه كلم موسى إلا أن كلامه غيره. فقلنا: وغيره مخلوق؟ ! قال: نعم. فقلنا: هذا مثل قولكم الأول، إلا أنكم تدفعون عن أنفسكم الشنعة بما تظهرون. وحديث الزهري قال: لما سمع موسى كلام ربه قال: يا رب، هذا الذي سمعته هو كلامك؟ قال: نعم يا موسى هو كلامي، إنما كلمتك على قدر ما يطيق بدنك، ولو كلمتك بأكثر من ذلك لمت. قال: فلما رجع موسى إلى قومه قالوا له: صف لنا كلام ربك. قال: سبحان اللَّه، وهل أستطيع أن أصفه لكم؟ ! قالوا: فشبهه. قال: هل سمعتم أصوات الصواعق التي تقبل في أحلى حلاوة سمعتوها، فكأنه مثله (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الدارمي في "الرد على الجهمية" ص 178 (321)، وعبد اللَّه في "السنة" 1/ 283 (541)، والطبري في "تفسيره" 4/ 368 (10848)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1119 (6287)، والطبراني في "الأوسط" 1/ 296 (987)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 32، 33 (602)، من طرق عن الزهري، عن أبي بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن جزء بن جابر الخثعمي، عن كعب الأحبار مقطوعًا، قال البيهقي: وأما قول كعب الأحبار فإنه يحدث عن التوراة التي أخبر اللَّه تعالى عن أهلها أنهم حرفوها وبدلوها، فليس من قوله ما يلزمنا توجيهه إذا لم يوافق أصول الدين. واللَّه أعلم. اهـ. =

وقلنا للجهمية: من القائل يوم القيامة: {يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [المائدة: 116]؟ ! أليس اللَّه هو القائل؟ ! قالوا: فيكوَّنُ اللَّه شيئًا، فيعبر عن اللَّه كما كون شيئًا فعبر لموسى. قلنا: فمن القائل: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ} [الأعراف: 6، 7]؟ ! أليس اللَّه هو الذي يسأل؟ ! قالوا: هذا كله إنما يكَوَّن شيئًا فيعبر عن اللَّه. قلنا: قد أعظمتم على اللَّه الفرية، حين زعمتم أنه لا يتكلم، فشبهتموه بالأصنام التي تعبد من دون اللَّه، لأن الأصنام لا تتكلم ولا تتحرك ولا تزول من مكان إلى مكان. فلما ظهرت عليه الحجة قال: إن اللَّه يتكلم، ولكن كلامه مخلوق. قلنا: وكذلك بنو آدم كلامهم مخلوق فقد شبهتم اللَّه بخلقه حين زعمتم أن كلامه مخلوق، ففي مذهبكم قد كان في وقت من الأوقات لا يتكلم حتى خلق التكلم، وكذلك بنو آدم كانوا لا يتكلمون حتى خلق اللَّه لهم كلامًا، وقد جمعتم بين كفر وتشبيه، وتعالى اللَّه عن هذِه الصفة، بل نقول: إن اللَّه لم يزل متكلمًا إذا شاء، ولا نقول: إنه كان لا يتكلم حتى خلق الكلام. ولا نقول: إنه قد كان لا يعلم حتى خلق علمًا فعلم، ولا نقول: إنه قد كان ولا قدرة له حتى خلق لنفسه القدرة. ولا نقول: إنه قد كان ولا نور له حتى خلق لنفسه نورًا. ولا نقول: إنه قد كان ولا عظمة له حتى خلق لنفسه عظمة. ¬

_ = وذكره ابن كثير في "تفسيره" 4/ 283، وقال: هذا موقوف على كعب الأحبار، وهو يحكي عن الكتب المتقدمة المشتملة على أخبار بني إسرائيل وفيها الغث والسمين. اهـ.

فقالت الجهمية لما وصفنا اللَّه بهذِه الصفات: إن زعمتم أن اللَّه ونَوره واللَّه وقدرته، واللَّه وعظمته، فقد قلتم بقول النصارى حين زعموا أن اللَّه لم يزل ونوره. ولم يزل وقدرته. قلنا: لا نقول: إن اللَّه لم يزل وقدرته. ولم يزل ونوره. ولكن نقول: لم يزل بقدرته ونوره، لا متى قدر ولا كيف قدر. فقالوا: لا تكونوا موحدين أبدًا حتى تقولوا: قد كان اللَّه ولا شيء. فقلنا: نحن نقول: قد كان اللَّه ولا شيء. ولكن إذا قلنا: إن اللَّه لم يزل بصفاته كلها، أليس إنما نَصِف إلهًا واحدًا بجميع صفاته؟ ! وضربنا لهم في ذلك مثلًا فقلنا: أخبرونا عن هذِه النخلة أليس لها جذع وكرب وليف وسعف وخوص وجمار؟ ! واسمها اسم شيء واحد، وسميت نخلة بجميع صفاتها، فكذلك اللَّه -وله المثل الأعلى- بجميع صفاته إله واحد، لا نقول: إنه قد كان في وقت من الأوقات ولا يقدر حتى خلق له قدرة، والذي ليس له قدرة هو عاجز، ولا نقول: قد كان في وقت من الأوقات ولا يعلم حتى خلق له علمًا فعلم، والذي لا يعلم هو جاهل، ولكن نقول: لم يزل اللَّه عالمًا قادرًا، لا متى ولا كيف، وقد سمى اللَّه رجلًا كافرًا اسمه الوليد بن المغيرة المخزومي فقال: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} وقد كان هذا الذي سماه اللَّه وحيدًا له عينان وأذنان ولسان وشفتان ويدان، ورجلان، وجوارح كثيرة، فقد سماه اللَّه وحيدًا بجميع صفاته، فكذلك اللَّه -وله المثل الأعلى- هو بجميع صفاته اله واحد. "الرد على الجهمية والزنادقة" للإمام أحمد ص 130 - 134

62 - فصل: إثبات صفة الكلام لله تعالى

62 - فصل: إثبات صفة الكلام للَّه تعالى قال إسحاق بن منصور: قال الإمام أحمد: قَالَ عبد الرحمن بن مهدي: من قَالَ: إنَّ اللَّه لم يكلم موسى عليه السلام يُستتاب، فَإِنْ تاب، وإلَّا قُتِلَ (¬1). "مسائل الكوسج" (3421). قال أبو الفضل صالح: حدثني أبي قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي -وذكر عنده بشر المريسي- فقال: من زعم أن اللَّه تبارك وتعالى لم يكلم موسى فهو كافر، يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه (¬2). "سيرة الإمام أحمد" صالح ص 66. قال صالح: قال أبي: كتبنا هذا من كتاب ابن الأشجعي، عن أبيه، عن سفيان، عن عبيد المكتب، عن فضيل بن عمرو، عن الشعبي، عن أنس بن مالك قال: كنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فضحك حتى بدت نواجده، فقال: "هل تدرون مم أضحك؟ من مخاطبة الرب عبده يوم القيامة. قال: يقول: يا رب! ألم تجرني من الظلم؟ قالَ: يقول: بلى. قال: فإني لا أجيز علي شاهدًا إلا من نفسي. قال: يقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا، وبالكرام الكاتبين، قال: فيختم فيه، فيقال لأركانه: انطقي، فتنطق بأعماله، ثم يُخلى بينه وبين الكلام فيقول: بُعدًا لكُنَّ وسحقًّا، عنكن كنت أناضل" (¬3). "مسائل صالح" (709) ¬

_ (¬1) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 280 (531)، و"العلل" (4783 ي) بلفظ: وإلا ضربت عنقه، الآجرى في "الشريعة" ص 250 (623)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 2/ 320 (493)، من طريق أبي طالب عن أحمد به. (¬2) رواه أبو داود في "مسائله" (1695). (¬3) رواه مسلم (2969).

قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال: حدثني عبد الصمد بن معقل قال: سمعت وهب بن منبه يقول: قال اللَّه لموسى: أدنيتك وقربتك حتى سمعت كلامي، وكنت بأقرب الأمكنة مني، فانطلق برسالتي، فإنك بعيني وسمعي، وإن معك أيدي وبصري. "مسائل حرب" ص 410 قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا سريج بن النعمان، نا عبد اللَّه بن نافع، قال: كان مالك بن أنس يقول: الإيمان قول وعمل، ويقول: كلم اللَّه موسى، وقال مالك: اللَّه في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء (¬1). قال عبد اللَّه: سألت أبي رحمه اللَّهُ عن قوم يقولون: لما كلم اللَّه موسى لم يتكلم بصوت. وقال أبي: بل إن ربك تكلم بصوت هذِه الأحاديث، نرويها كما جاءت. قال عبد اللَّه: وقال أبي رحمه اللَّهُ: حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- ربه "إذا تكلم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ سمع له صوت كجر السلسلة على الصفوان" (¬2) قال أبي: وهذا الجهمية تنكره. وقال أبي: هؤلاء كفار يريدون أن يموهوا على الناس، من زعم أن اللَّه ¬

_ (¬1) رواه عبد اللَّه أيضًا في "العلل" (1248)، (4783 ط) ورواه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (673)، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 327، والمقدسي في "إثبات صفة العلو" (92)، والذهبي في "العلو" 2/ 950 (343) وصححه الألباني في "مختصر العلو"/ 140. (¬2) رواه الطبري في "تفسيره" 10/ 372 (28841).

عَزَّ وَجَلَّ لم يتكلم فهو كافر. ألا إنا نروي هذِه الأحاديث كما جاءت. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 280 - 281 (532 - 534) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عبد اللَّه: إذا تكلم اللَّه بالوحي سمع صوته أهل السماء فيخرون سجدًا {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ: 23]-قال: سكن عن قلوبهم- نادى أهل السماء: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق قال: كذا وكذا (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 281 (536) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا سفيان عن عمرو سمع طاوسًا، سمع أبا هريرة -رضي اللَّه عنه- يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "احتج آدم وموسى عليهما السلام، فقال موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة. قال آدم: يا موسى، أنت الذي اصطفاك اللَّه بكلامه، -وقال مرة: برسالته- وخطَّ لك بيده، أتلومني على أمر قدره اللَّه علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ ! قال: فحج آدم موسى"ثلاثا (¬2). وقال: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: وقال: وحدثني أبي، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: وقال: وحدثني أبي رحمه اللَّه، نا محمد بن بشر، نا محمد بن عمرو، عن ¬

_ (¬1) رواه البخاري معلقا قبل (7481) وابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 350 (208)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 1/ 507 (432). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 248، والبخاري (6614).

أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال: وحدثني أبي، حدثنا أيوب بن النجار اليمامي، حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "احتج آدم وموسى صلوات اللَّه عليهما، فقال موسى لآدم: أنت الذي أدخلت ذريتك النار. قال آدم: يا موسى، أنت الذي اصطفاك اللَّه عَزَّ وَجَلَّ برسالته وبكلامه، وأنزل عليك التوراة، فهل وجدت أني أهبطت؟ قال: نعم. فحجه آدم" والحديث على لفظ حديث معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، والمعنى واحد. وقال: حدثني أبي، حدثنا عبد المتعال بن عبد الوهاب، نا ضمرة، عن ابن شوذب قال: أوحى اللَّه إلى موسىى عليه السلام: يا موسى، هل تدري لم اصطفيتك بكلامي ورسالتي؟ قال: لا يارب، قال: لأنه لم يتواضع لي تواضعك أحد قط (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 287 - 289 (549 - 555) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي رحمه اللَّه، حدثنا الحسن بن موسى، نا حماد، عن ثابت البناني أن رجلًا أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: إني رأيت فيما يرى النائم. .، فذكر حديثًا طويلًا قال: فذهب بي إلى دار، فإذا في وسطها منبر من ذهب، وإذا أنت فوقه، وإذا عن يمينك رجل إذا تكلم أنصت الناس لكلامه، قال: "أما الذي رأيت عن يميني فموسى صلوات اللَّه عليه، إذا تكلم أنصت الناس لفضل كلام اللَّه إياه" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 290 (557) ¬

_ (¬1) رواه أبو بكر النجاد في "الرد على من يقول القرآن مخلوق" ص 47 (55). (¬2) رواه أبو بكر النجاد في "الرد على من يقول القرآن مخلوق" ص 47.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا علي بن عبد اللَّه، حدثني محمد بن عمرو بن مقسم قال: سمعت عطاء بن مسلم، نا وهب بن منبه قال: كان لموسى عليه السلام أختٌ يُقال لها: مريم، فقالت له: يا موسى، إنك كنت تزوجتَ في آل شعيب وأنت يومئذ لا شيء لك، ثم أدركت ما أدركت فتزوج في ملوك بني إسرائيل. قال: ولِمَ أتزوج في ملوك بني إسرائيل؟ فواللَّه ما أحتاج إلى النساء منذ كلمتُ ربي عَزَّ وَجَلَّ (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 292 (562) قال أبو طالب: سألتُ أبا عبد اللَّه عمن قال: إن اللَّه لم يكلم موسى؟ فقال: يستتاب، فإن تاب وإلا ضُربت عنقه، قال أبو عبد اللَّه: وسمعتُ عبد الرحمن بن مهدي في هذِه المسألة بعينها يقول: من قال: إن اللَّه لم يكلم موسى فهو كافر، يستتاب، فإن تاب وإلا ضُرِبت عنقه (¬2). "كتاب الشريعة" للآجري ص 250 (623). وقال المروذي وإسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم بن معقل بن منبه، قال: حدثني عبد الصمد بن معقل، قال: سمعت وهب بن منبه يقول: لما اشتد على موسى عليه السلام كربه قال له ربه عَزَّ وَجَلَّ: ادن مني. فلم يزل يدنيه حتى شد ظهره بجذع الشجرة، فاستقر، وذهبت عنه الرعدة، وجمع يديه في العصا، وخضع برأسه وعنقه، فقال له ربه تبارك وتعالى: إني قد أقمتك اليوم مقامًا لا ينبغي لبشر من بعدك أن يقوم مقامك، أدنيتك مني حتى سمعت ¬

_ (¬1) رواه النجاد ص 53. (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 2/ 320 (493) من طريق أبي طالب و (495) من طريق حنبل، 2/ 321 - 322 (498) من طريق الميموني.

كلامي، وكنت بأقرب الأمكنة مني (¬1). قال: وذكر الحديث. "الشريعة" ص 271 (708) قال حنبل بن إسحاق: وسمعت أبا عبد اللَّه قال: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]؛ فأثبت الكلام لموسى كرامة منه لموسى، ثم قال بعد كلامه: هو {تَكْلِيمًا}. قلت لأبي عبد اللَّه: يكلم عبده يوم القيامة؟ قال: نعم، فمن يقضي بين الخلق إلا اللَّه؟ ! يكلم اللَّه عبده ويسأل، اللَّه متكلم، لم يزل اللَّه يأمر بما شاء ويحكم، وليس للَّه عدل، ولا مثل، كيف شاء، وأنى شاء (¬2). "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 2/ 321 (496) قال أبو الحارث: سمعت أبا عبد اللَّه قال: إذا قال: إن اللَّه لم يكلم موسى، فقد كفر بقول اللَّه تعالى في كتابه: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]، وهو يقول: لم يكلمه، يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما منكم من أحد إلا سيكلمه اللَّه، ليس بينه وبينه ترجمان" (¬3) فمن زعم أن اللَّه ليس بمتكلم فقد رد القرآن، ومن رد آية من كتاب اللَّه فقد كفر. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 2/ 321 (497) قال يعقوب بن بختان: سُئل أبو عبد اللَّه عمن زعم أن اللَّه لم يتكلم بصوت، قال: بلى يتكلم سبحانه بصوت. "طبقات الحنابلة" 2/ 556. ¬

_ (¬1) لم أقف عليه. (¬2) رواها اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 3/ 479 (738). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 256، والبخاري (6539)، ومسلم (1016/ 67).

قال الإمام أحمد في رواية حنبل: لم يزل اللَّه متكلما عالما غفورًا. وفي "المحنة" رواية حنبل لما سأله عبد الرحمن بن إسحاق قاضي المعتصم فلامه، فقال: ما تقول في القرآن؟ قال: فقلت: ما تقول في العلم؟ فسكت. فقلت لعبد الرحمن: القرآن من علم اللَّه، ومن زعم أن علم اللَّه مخلوق فقد كفر باللَّه. قال: فسألت عبد الرحمن فلم يرد علي شيئًا، وقال لي عبد الرحمن: كان اللَّه ولا قرآن. فقلت: كان اللَّه ولا علم؟ فأمسك، ولو زعم أن اللَّه كان ولا علم كفر باللَّه. ثم قال أبو عبد اللَّه: لم يزل اللَّه عالمًا متكلما، يعبد اللَّه بصفاته غير محدودة، ولا معلومة. إلا بما وصف به نفسه ولا رد القرآن إلى عالمه إلى اللَّه فهو أعلم به، منه بدأ، وإليه يعود. وقال في موضع آخر: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لم يزل اللَّه متكلمًا، والقرآن كلام اللَّه غير مخلوق. وعلى كل جهة، ولا يوصف اللَّه بشيء أكثر مما وصف به نفسه. "مجموع الفتاوى" 6/ 157

63 - باب: المعية

63 - باب: المعية قال الإمام أحمد: قالوا: إن اللَّه معنا وفينا. فقلنا: اللَّه جل ثناؤه يقول: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}. ثم قال: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} يعني اللَّه: بعلمه {وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ}. يعني اللَّه: بعلمه {سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ} يعني: بعلمه فيهم {أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}. يفتح الخبر بعلمه، ويختم الخبر بعلمه. ويقال للجهمي: إن اللَّه إذا كان معنا بعظمة نفسه فقل له: هل يغفر اللَّه لكم فيما بينه وبين خلقه؟ فإن قال: نعم. فقد زعم أن اللَّه بائن من خلقه دونه، وإن قال: لا. كفر. وإذا أردت أن تعلم أن الجهمي كاذب على اللَّه حين زعم أن اللَّه في كل مكان، ولا يكون في مكان دون مكان، فقل: أليس اللَّه كان ولا شيء؟ فيقول: نعم. فقل له: حين خلق الشيء خلقه في نفسه أو خارجًا من نفسه، فإنه يصير إلى ثلاثة أقوال لابد له من واحد منها: إن زعم أن اللَّه خلق الخلق في نفسه كفر، حين زعم أن الجن والإنس والشياطين في نفسه. وإن قال: خلقهم خارجًا من نفسه ثم دخل فيهم، كان هذا كفرًا أيضًا. وقال الإمام أحمد: قال اللَّه في القرآن: {وَهُوَ مَعَكُمْ}. وهذا على وجوه: قال اللَّه جل ثناؤه لموسى: {إِنِّنِي مَعَكُمَا} [طه: 46]. يقول: في

الدفع عنكما. وقال: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]. يقول: في الدفع عنا. وقال: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249)} [البقرة: 249]. يقول: في النصر لهم على عدوهم. وقال: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)} [محمد: 35]. في النصر لكم على عدوكم. وقال: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ} [النساء: 108]. يقول: بعلمه فيهم. وقال: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء: 61]. يقول: في العون على فرعون (¬1). فلما ظهرت الحجة على الجهمي بما ادعى على اللَّه أنه مع خلقه قال: هو في كل شيء غير مماس لشيء، ولا مباين منه. فقلنا: إذا كان غير مباين أليس هو مماس؟ قال: لا. قلنا: فكيف يكون في كل شيء غير مماس لشيء ولا مباين؟ .. فلم يحسن الجواب. فقال: بلا كيف. فيخدع جهال الناس بهذِه الكلمة، وموه عليهم. ¬

_ (¬1) في المطبوع: (قريش) وما أثبتناه من "درء تعارض العقل والنقل" 3/ 178، "بيان تلبيس الجهمية" 5/ 119، "اجتماع الجيوش الإسلامية" ص 205، وكما قال صبري سلامة في ط. دار الثبات ورجوعه لنسخة الشيخ الأنصاري.

فقلنا: أليس إذا كان يوم القيامة، أليس إنما هو في الجنة والنار والعرش والهواء. قال: بلى. فقلنا: فأين يكون ربنا؟ . . فقال: يكون في كل شيء. حين زعم أنه دخل في مكان وحش قذر رديء. وإن قال: خلقهم خارجًا من نفسه ثم لم يدخل فيهم، رجع عن قوله أجمع، وهو قول أهل السنة. إذا أردت أن تعلم أن الجهمي لا يقر بعلم اللَّه فقل له: اللَّه يقول: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} [البقرة: 255]. وقال: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166]. وقال: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ} [هود: 14] وقال: {وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ} [فصلت: 47]. فيقال له: تقر بعلم اللَّه هذا الذي أوقفك عليه بالإعلام والدلالات أم لا؟ فإن قال: ليس له علم. كفر. وإن قال: للَّه علم محدث. كفر حين زعم أن اللَّه قد كان في وقت من الأوقات لا يعلم حتى أحدث له علمًا فعلم. فإن قال: للَّه علم وليس مخلوقًا ولا محدثًا. رجع عن قوله كله، وقال بقول أهل السنة. (كما كان حين في الدنيا في كل شيء) (¬1). فقلنا: فإن مذهبكم أن ما كان من اللَّه على العرش فهو على العرش، وما كان من اللَّه في الجنة فهو في الجنة، وما كان من اللَّه في النار فهو في ¬

_ (¬1) كذا في "الرد على الجهمية" وبهامشه: في (ب): (حيث كانت في الدنيا).

النار، وما كان من اللَّه في الهواء فهو في الهواء. فعند ذلك تبين كذبهم على اللَّه جل ثناؤه. وزعمت الجهمية أن اللَّه جل ثناؤه في القرآن إنما هو اسم مخلوق. فقلنا: قبل أن يخلق هذا الاسم، ما كان اسمه؟ قالوا: لم يكن له اسم. فقلنا: وكذلك قبل أن يخلق العلم أكان جاهلًا لا يعلم حتى يخلق لنفسه علمًا، وكان لا نور له حتى يخلق لنفسه نورًا، وكان ولا قدرة له حتى يخلق لنفسه قدرة؟ ! فعلم الخبيث أن اللَّه قد فضحه، وأبدى عورته حين زعم أن اللَّه جل ثناؤه في القرآن إنما هو اسم مخلوق. وقلنا للجهمية: لو أن رجلًا حلف باللَّه الذي لا إله إلا هو كاذبًا كان لا يحنث؛ لأنه حلف بشيء مخلوق ولم يحلف بالخالق، ففضحه اللَّه في هذِه. وقلنا له: أليس النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي والخلفاء من بعدهم، والحكام والقضاة، إنما كانوا يحلفون الناس باللَّه الذي لا إله إلا هو؟ ! فكانوا في مذهبهم مخطئين، إنما كان ينبغي للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولمن بعده في مذهبكم أن يحلفوا بالذي اسمه اللَّه، وإذا أرادوا أن يقولوا: لا إله إلا اللَّه. يقولون: لا إله إلا الذي خلق اللَّه. وإلا لم يصح توحيدهم، ففضحه اللَّه بما ادعى من الكذب على اللَّه. ولكن نقول: إن اللَّه هو اللَّه، وليس اللَّه باسم، إنما الأسماء شيء سوى اللَّه؛ لأن اللَّه إن لم يتكلم فبأي شيء خلق الخلق؟ قالوا: أموجود عن اللَّه أنه خلق الخلق بقوله وبكلامه؟ وحين قال: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40)} [النحل: 40]. فقالوا: إنما معنى {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ} [النحل: 40]: يكوَّن.

قلنا: فلم أخفيتم أن يقول له؟ فقالوا: إنما معنى كل شيء في القرآن معانيه، وقال اللَّه مثل قول العرب: قال الحائط، وقالت النخلة، فسقطت، فالجهمية لا يقولون بشيء. فقلنا: على هذا أفتيتم؟ . قالوا: نعم. فقلنا: فبأي شيء خلق الخلق إن كان اللَّه في مذهبكم لا يتكلم؟ فقالوا: بقدرته. فقلنا: هي شيء؟ . قالوا: نعم. فقلنا: قدرته مع الأشياء المخلوقة؟ . قالوا: نعم. فقلنا: كأنه خلق خلقًا بخلق، وعارضتم القرآن وخالفتموه حين قال اللَّه جل ثناؤه: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [الأنعام: 101]. فأخبرنا اللَّه أنه يخلق وقال: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر: 3]. فإنه ليس أحد يخلق غيره، وزعمتم أنه خلق الخلق غيره، فتعالى اللَّه عما قالت الجهمية علوًّا كبيرًا. "الرد على الجهمية والزنادقة" للإمام أحمد ص 138 - 144 قال الإمام: وقلنا للجهمية حين زعموا أن اللَّه في كل مكان لا يخلو منه مكان، فقلنا: أخبرونا عن قول اللَّه جل ثناؤه: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} [الأعراف: 143]. لِمَ يتجلى للجبل إن كان فيه بزعمهم؟ ! فلو كان فيه كما تزعمون لم يكن يتجلى لشيء هو فيه، ولكن اللَّه جل ثناؤه على العرش، وتجلى لشيء لم يكن فيه، ورأى الجبل شيئًا لم يكن رآه قبل ذلك . . وقلنا للجهم: فاللَّه نور؟ . فقال: هو نور كله. فقلنا: فاللَّه قال: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} [الزمر: 69]. فقد أخبر اللَّه جل ثناؤه أن له نورًا. قلنا: أخبرونا حين زعمتم أن اللَّه في كل مكان وهو نور، فلم لا يضيء

البيت المظلم من النور الذي هو فيه، إن زعمتم أن اللَّه في كل مكان؟ ! وما بال السراج إن أدخل البيت يضيء؟ ! فعند ذلك تبين للناس كذبهم على اللَّه تعالى. فرحم اللَّه من عقل عن اللَّه ورجع عن القول الذي يخالف الكتاب والسنة، وقال بقول العلماء، وهو قول المهاجرين والأنصار، وترك دين الشيطان، ودين جهم وشيعته. "الرد على الجهمية الزنادقة" للإماد أحمد ص 148 - 149 قال أبو داود: ثنا أحمد قال: ثنا نوح بن ميمون قال: ثنا بكير ابن معروف، عن مقاتل بن حيان، عن الضحاك في قوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: 7] قال: هو على العرش، وعلمه معهم (¬1). "مسائل أبي داود" (1698). قال حرب: سألت إسحاق بن إبراهيم قلت: قول اللَّه تبارك وتعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: 7] كيف تقول فيه؟ قال: حيثما كنت فهو أقرب إليك من حبل الوريد، وهو بائن من خلقه. "مسائل حرب" ص 412 قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه قال: حدثنا سريج بن النعمان، أخبرني عبد اللَّه بن نافع قال: كان مالك بن أنس رحمه اللَّهُ يقول: من قال: القرآن ¬

_ (¬1) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 304 (592) عن أبيه، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 3/ 152 - 153 (109) عن الفضل بن زياد، عن أحمد، به، ورواه الطبري في "تفسيره" 12/ 13 (33759)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 3/ 444 (670)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 341 (909) من طرق عن نوح بن ميمون، به.

مخلوق. يوجع ضربًا، ويحبس حتى يموت، وقال مالك رحمه اللَّه: اللَّه في السماء، وعلمه في كل مكان، لا يخلو من شيء، وتلا هذِه الآية: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: 7] وعظم عليه الكلام في هذا واستشنعه (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 106 - 107 (11) قال أبو طالب: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل قال: إن اللَّه معنا، وتلا هذِه الآية: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7]، قال أبو عبد اللَّه: قد تجهم هذا، يأخذون بآخر الآية ويدعون أولها: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7]، العلم معهم. وقال في (ق): {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)} [ق: 16] فعلمه معهم. "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 3/ 159 - 160 (116). وقال حنبل: أنه سئل عن قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] وقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7]، قال: علمه: عالم بالغيب والشهادة، علمه محيط بالكل. وربنا على العرش، بلا حد (¬2)، ولا صفة، وسع كرسيه السماوات والأرض بعلمه. "شرح أصول الاعتقاد" لللالكائي 3/ 446 (675). ¬

_ (¬1) رواه عبد اللَّه أيضًا في "العلل" (4783). (¬2) نفي الحد معناه نفي أنَّ العباد يحدوا اللَّه أو صفاته بحد، أو يقدرون ذلك بقدر، وإثبات السلف للحد معناه أنه في نفسه له حد لا يعلمه غيره، وهكذا كان سائر كلام السلف يثبتون الصفات وينفون علم العباد بكنهها. ويوضح ذلك قوله بعدها: (ولا صفة).

قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل، إن رجلًا قال: أقول كما قال اللَّه: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7] أقول هذا ولا أجاوزه إلى غيره، فقال أبو عبد اللَّه: هذا كلام الجهمية. قلت: فكيف نقول؟ قال: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: 7] علمه في كل مكان، وعلمه معهم، ثم قال: أول الآية يدل على أنه علمه (¬1). قال حنبل: قلت لأبي عبد اللَّه: ما معنى قوله {وَهُوَ مَعَكُمْ}، و {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7] قال: علمه محيط بالكل، وربنا على العرش، بلا حد، ولا صفة (¬2). "كتاب العرش" للذهبي 2/ 245 - 246 (218 - 220) ¬

_ (¬1) رواه الذهبي في "العلو" 2/ 1115 (440)، وذكره ابن بطة في "الإبانة" الرد على الجهمية 2/ 160 (117)، وابن القيم في "اجتماع الجيوش الإسلامية" ص 93. (¬2) ذكره ابن القيم في "اجتماع الجيوش الإسلامية" ص 92 - 93. وتقدم التعليق في الصفحة السابقة عن معنى قوله: (بلا حد ولا صفة).

64 - باب: إثبات صفة الضحك

64 - باب: إثبات صفة الضحك قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّهُ تعالى قال: نا يزيد بن هارون، أنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين -قال حسن: العقيلي- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ضحك ربنا عَزَّ وَجَلَّ من قنوط عباده وقرب غيره" قال أبو رزين: قلت: يا رسول اللَّه، أويضحك الرب العظيم عَزَّ وَجَلَّ (¬1)؟ ! قال: "نعم". قلت: لن نعدم من رب يضحك خيرًا. قال حسن في حديثه: فقال: "نعم لن نعدم من رب يضحك خيرًا". "السنة" لعبد اللَّه 1/ 246 (452) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- يبلغ به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه عز وجل ليضحك من الرجلين قتل أحدهما الآخر فدخلا الجنة جميعًا". يقول: "كان كافر فقتل مسلمًا، ثم إن الكافر أسلم قبل أن يموت فأدخلهما اللَّه الجنة" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 463 (1050) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يزيد بن هارون، أنا إسماعيل بن أبي خالد، عن إسحاق بن راشد، عن امرأة من الأنصار يقال لها: أسماء بنت يزيد بن سكن، قالت: لما توفي سعد بن معاذ صاحت أمه، فقال ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 11 عن يزيد، وابن ماجه (181) عن ابن أبي شيبة، عن يزيد به، قال البوصيري في "الزوائد" (45): هذا إسناد فيه مقال، وكيع ذكره ابن حبان في "الثقات"، وذكره الذهبي في "الميزان" وباقي رجاله احتج بهم مسلم. وضعفه الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (31). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 244، والبخاري (2826)، ومسلم (1890).

النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأم سعد بن معاذ: "ليرقأ دمعك، ويذهب حزنك، فإن ابنك أول من ضحك اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إليه، واهتز له العرش" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 464 - 465 (1055) قال المروذي: سألتُ أبا عبد اللَّه عن عبد اللَّه التيمي؛ قال: هو صدوق، وقد كتبتُ عنه شيئًا من الرقائق، ولكن حكي عنه أنه ذكر حديث الضحك فقال: مثل الزرع إذا ضحك. وهذا كلام الجهمية (¬2). "الإبانة" كتاب: الرد على الجهمية 3/ 111 (83) قال حنبل: قال: يضحك اللَّه، ولا يُعلم كيف ذلك إلا بتصديق الرسول. وقال: المشبهة تقول: بصر كبصري، ويد كيدي، وقدم كقدمي، ومن قال ذلك فقد شبه اللَّه بخلقه. "إبطال التأويلات" 1/ 45 (10)، 1/ 217 (211) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 456، وابن أبي شيبة 6/ 396 (32308)، وابن أبي عاصم (559) عنه عن يزيد به. ورواه ابن خزيمة في "التوحيد" 2/ 580 (342) عن محمد بن بشار، عن يزيد به، ثم قال: لست أعرف إسحاق بن راشد هذا، ولا أظنه الجزري أخو النعمان بن راشد، ورواه الطبراني 24/ 185 (467) من طريق ابني أبي شيبة عن يزيد به، ورواه الحاكم 3/ 206 من طريق سعيد بن مسعود عن يزيد به. وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الهيثمي في "المجمع" 9/ 309: رجاله رجال الصحيح. قال الألباني في "ظلال الجنة" إسناده ضعيف، رجاله كلهم ثقات غير إسحاق بن راشد، فإنه مجهول لا يعرف، وهو غير الجزري فإنه أقدم طبقة منه. (¬2) رواه أبو يعلى في "إبطال التأويلات" 1/ 217 (212)، وفيه زيادة: قلت: ما تقول =

65 - ما جاء في وطأة الله "وجا"

65 - ما جاء في وطأة اللَّه "وجًّا" قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن أبي سويد، عن عمر بن عبد العزيز رحمه اللَّهُ قال: زعمت المرأة الصالحة خولة بنت حكيم -رضي اللَّه عنهما- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج محتضنًا أَحَدَ ابنيِ ابنته وهو يقول: "واللَّه إنكم لتُجَبِّنون وتُبَخِّلون، وإنكم لمن ريحان اللَّه عز وجل وإن آخر وطأة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لبِوَجٍّ" وقال سفيان مرة: "إنكم لتبخَّلون وإنكم. . " (¬1). وقال: حدثني أبي، نا سفيان، عن عمرو بن أوس؛ أن آخر وطأة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَبِوَجٍّ. قيل لسفيان: ذكره عمرو عن أحد؟ قال: لا. قال سفيان: وكان سعيد بن جبير يأتي أخته -أو أهله- فيسلم عليهم، يقول: يصل بذلك عمرو بن أوس، قال سفيان: قال أبو هريرة تسألوني وفيكم عمرو بن أوس؟ ! "السنة" لعبد اللَّه 2/ 499 - 500 (1153 - 1154) ¬

_ = في حديث ابن جريج، عن ابن الزبير، عن جابر: "فضحك حتى بدت. . " قال: هذا يشنع به. قلت: فقد حدثت به. قال: ما أعلم أني حدثت به إلا محمد بن داود -يعني: المصيصي- وذلك أنه طلب إلي فيه. قلت: أفليس العلماء تلقته بالقبول؟ قال: بلى. (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 409، والترمذي (1915) دون قوله: "إن آخر وطأة. . . " ورواه الحميدي في "مسنده" 1/ 331 (336)، والباغندي في "مسند عمر" (19)، والطبراني 24/ 239 (609) من طريق سفيان به. والحديث ضعفه الألباني في "الضعيفة" (3214).

66 - باب: إن الله خلق آدم على صورته

66 - باب: إن اللَّه خلق آدم على صورته قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، فإن اللَّه خلق آدم على صورته" (¬1). وقال: حدثني أبي، سمعت الحميدي، وحدثنا سفيان بهذا الحديث، ويقول: هذا حق، ويتكلم وابن عيينة ساكت. قال أبي رحمه اللَّه: ما ينكر ابن عيينة قوله، كأنه أعجبه (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 267 - 268 (496 - 497)، 2/ 463 - 464 (1052 - 1053) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار قال: سمعت عبيدًا يقول: خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم عليه السلام، وفيه تقوم الساعة، وأن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ خلق آدم على صورته، فعطس فألقى اللَّه على لسانه: الحمد للَّه رب العالمين فقال: رحمك ربك (¬3). وقال: حدثني أبي مرة أخرى، نا سفيان، عن عمرو، عن عبيد: أن اللَّه خلق آدم على صورته. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 271 - 277 (520 - 521) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن سعيد، نا ابن عجلان، حدثني ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 244، والبخاري (2559)، ومسلم (2612/ 112). (¬2) ذكره ابن تيمية في "بيان تلبيس الجهمية" 6/ 415 - 416، وعزاه للخلال في "السنة" عن المروذي، عن أحمد، به، وفيه زاد في قول الحميدي: من لا يقول بهذا فهو كذا وكذا، يعني من الشتم، وسفيان ساكت لا يرد عليه شيئًا. (¬3) رواه عبد الرزاق 3/ 259 (5569).

سعيد، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، ولا يقل: قبح اللَّه وجهك ووجه من أشبه وجهك. فإن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ خلق آدم على صورته" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 471 (1071) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو عامر -يعني: عبد الملك بن عمرو- نا زهير -يعني: ابن محمد- عن يزيد -يعني: ابن جابر- عن خالد بن اللجلاج، عن عبد الرحمن بن عايش، عن بعض أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن رسول اللَّه خرج عليهم ذات غداة وهو طيب النفس مسفر الوجه أو مشرق الوجه فقلنا: يا نبي اللَّه إنَّا نراك طيب النفس، مسفر الوجه -أو مشرق الوجه؟ فقال: "وما يمنعني وأتاني ربي عَزَّ وَجَلَّ الليلة في أحسن صورة، فقال: يا محمد قلت لبيك ربي وسعديك. فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري أي رب -قال ذاك مرتين أو ثلاثًا- قال: فوضع كفيه بين كتفي، فوجدت بردها بين ثدييَّ حتى تجلى لي ما في السماوات وما في الأرض، ثم تلا هذِه الآية: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأنعام: 75] الآية، ثم قال: يا محمد، فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: في الكفارات، قال: وما الكفارات؟ قلت: المشي على الأقدام إلى الجمعات، والجلوس في المساجد خلاف الصلوات، وإبلاغ الوضوء في المكاره. قال: فمن فعل ذلك عاش بخير، ومات بخير، وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه، ومن الدرجات: طيب الكلام، وبذل السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام. وقال: يا محمد، إذا صليت فقل: اللهم إني أسألك ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 251 وقد سبق تخريجه.

الطيبات، وترك المنكرات، وحبَّ المساكين، وأن تتوب علي، وإذا أردت فتنة في الناس فتوفني غير مفتون" (¬1). وقال: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، يبلغ به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "خلق اللَّه عَزَّ وَجَلَّ آدم على صورته" (¬2). وقال: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، نا معمر، عن قتادة {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4] قال: في أحسن صورة (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 489 - 490 (1121 - 1123) قال أبو بكر المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: كيف تقول في حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خلق اللَّه آدم على صورته"؟ قال: أما الأعمش فيقول: عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء، عن ابن عمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ خلق آدم على صورة الرحمن" فنقول كما جاء الحديث (¬4). وقال: وسمعت أبا عبد اللَّه، وذكر له بعض المحدثين، قال: خلقه ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 66 من طريق عبد الرحمن بن عايش به، والترمذي (3235) من طريق عبد الرحمن بن عايش عن مالك السكسكي عن معاذ بن جبل. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "المشكاة" (725). (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 444 (17950) عن قتادة مرسلًا، ورواه الإمام أحمد 2/ 463، ومسلم (2612/ 115) من طرق عن قتادة عن أبي أيوب عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "إذا قاتل أحدكم أخاه فلتجتنب الوجه، فإن اللَّه آدم على صورته". (¬3) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 311 (3652)، والطبري 12/ 636 (37613). (¬4) رواه ابن أبي عاصم في "السنة" (517)، وابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 85 (4107)، والطبراني 12/ 430 (13580)، والآجري (670)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 64 (640). =

على صورته، قال: على صورة الطين. فقال: هذا كلام الجهمية (¬1). "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 3/ 264 - 265 (196) قال يعقوب بن بختان: قال الإمام أحمد: خلق آدم على صورته لا نفسره كما جاء الحديث (¬2). "إبطال التأويلات" 1/ 79 قال عبد اللَّه: قال رجل لأبي: إن فلانًا يقول في حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه خلق آدم على صورته" فقال: على صورة الرجل؟ قال أبي: كذب هذا، هذا قول الجهمية، وأي فائدة في هذا. قال عبد اللَّه: كنا بالبصرة عند الشيخ، فحدثنا بحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ خلق آدم على صورته"، فقال الشيخ: تفسيره خُلقَ على صورة الطين، فحدثت بذلك أبي رحمه اللَّه، فقال: هذا جهمي، أو قال: هذا كلام الجهمية. قال أبو مسعود: قال الإمام أحمد: معنى حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "إن اللَّه خلق آدم على صورته" قال: صورة آدم قبل خلقه، ثم خلقه على تلك ¬

_ = قال الألباني في "ظلال الجنة": إسناده ضعيف، ورجاله ثقات كلهم رجال البخاري، وعلته عنعنة حبيب بن أبي ثابت فإنه كان يدلس، وكذلك الأعمش. اهـ. وقد ذكره ابن تيمية في "بيان تلبيس الجهمية" 6/ 415، وعزاه للخلال في "السنة"، وزاد فيه: وقد رواه أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. وقد سبق تخريج هذا الإسناد. (¬1) ذكره ابن تيمية في "بيان تلبيس الجهمية" 6/ 416 وعزاه للخلال في "السنة" عن المروذي قال: أظن أني ذكرت لأبي عبد اللَّه عن بعض المحدثين بالبصرة أنه قال. ثم ذكر الأثر، وزاد في قول أحمد: نسلم الخبر كما جاء. (¬2) ذكره ابن تيمية في "بيان تلبيس الجهمية" 6/ 414 وعزاه إلى الخلال في "السنة"، وفيه زاد: لا تفسره، ما لنا أن نفسره.

الصورة، فأما أن يكون اللَّه خلق آدم على صورته فلا، وقد قال اللَّه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] ولا نقول: إن اللَّه يشبهه شيء من خلقه، ولا يخفى على الناس أن اللَّه خلق آدم على صورة آدم، فلا يجوز أن يقال: له كيف؛ لأن اللَّه لا يوصف بصفة الإنسان، وقد قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ} فذاك ربنا عَزَّ وَجَلَّ ليس كمثله أحد من خلقه. قال أبو طالب المكي: هذا توهم عن أحمد، إنما هذا قول أبي ثور، فذكر ذلك لأحمد فأنكر عليه، وقال: ويله، وأي صورة لآدم حتى خلقه اللَّه عليها؟ ! يقول: إن اللَّه خلق على مثال، ويله، فكيف يصنع بالحديث الآخر "إن اللَّه خلق آدم على صورة الرحمن"؟ ! قال حمدان بن علي: سمعت أحمد يقول وسأله رجل عن الحديث الذي روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه خلق آدم على صورته": على صورة آدم؟ فقال الإمام أحمد: فأين الذي يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه خلق آدم على صورة الرحمن"؟ ! "إبطال التأويلات" 1/ 89، 91 قال إبراهيم بن أبان الموصلي: سمعت أبا عبد اللَّه، وجاءه رجل فقال: إني سمعت أبا ثور يقول: إن اللَّه خلق آدم على صورة نفسه. فأطرق طويلًا، ثم ضرب بيده على وجهه، ثم قال: هذا كلام سوء، هذا كلام جهم، هذا جهمي، لا تقربوه. "طبقات الحنابلة" 1/ 336 قال حمدان الوراق: سألت أبا ثور عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه خلق آدم على صورته" فقال: على صورة آدم. وكان هذا بعد ضرب أحمد ابن حنبل والمحنة، فقلت لأبي طالب: قل لأبي عبد اللَّه، فقال أبو طالب: قال لي أحمد بن حنبل: صح الأمر على أبي ثور، من قال: إن اللَّه خلق آدم على صورة آدم، فهو جهمي، وأي صورة كانت لآدم

67 - باب: النهي عن سب الدهر

قبل أن يخلقه؟ ! "طبقات الحنابلة" 2/ 336 قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: قد صح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه خلق آدم على صورة الرحمن" إنما عليه أن ينطق بما صح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نطق به. "بيان تلبيس الجهمية" 6/ 418. 67 - باب: النهي عن سب الدهر قال الخلال: أخبرني بشر بن موسى الأسدي قال: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل عن الدهر، فلم يجبني فيه بشيء. قال حنبل: سمعت هارون الحمال يقول لأبي عبد اللَّه: كنا عند سفيان بن عيينة، بمكة فحدثنا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تسبوا الدهر" (¬1). فقام فتح بن سهل، فقال: يا أبا محمد، نقول: يا دهر ارزقنا. فسمعت سفيان يقول: خذوه؛ فإنه جهمي. وهرب. فقال أبو عبد اللَّه: القوم يردون الآثار عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونحن نؤمن بها، ولا نرد على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قوله. "الروايتين والوجهين" مسائل العقيدة ص 71 - 72، "تلبيس الجهمية" 1/ 412 - 413 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 395، والبخاري (6181)، ومسلم (2246/ 5) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

68 - باب: إثبات الوجه ونعت الحجاب

68 - باب: إثبات الوجه ونعت الحجاب قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا روح بن عبادة قال: ثنا موسى بن عبيدة، قال: ثنا أبو حازم، عن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن دون اللَّه سبعين ألف حجاب من نور، ما من نفس تسمع حس شيء من تلك الحجب إلا زهقت نفسه" (¬1). "مسائل حرب" ص 415 قال أبو الحارث الصائغ: قلت لأبي عبد اللَّه: يا أبا عبد اللَّه، قلت لرجل: لا نقول: إن وجه اللَّه ليس بمخلوق؟ فقال: لا، إلا أن يكون في الكتاب نص، فارتعد أبو عبد اللَّه وقال: أستغفر اللَّه، سبحان اللَّه، هو الكفر باللَّه، أحدثك في أن وجه اللَّه ليس بمخلوق. "الإبانة" كتاب "الرد على الجهمية" 3/ 267 (199) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي عاصم (788)، وأبو يعلى 13/ 520 (7525)، والطبراني 6/ 148 (5802)، وأبو الشيخ في "العظمة" (265). قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 79: موسى بن عبيدة لا يحتج به. وقال الألباني في "ظلال الجنة": إسناده ضعيف، موسى بن عبيدة وهو الربذي ضعيف، وسائر رواته ثقات.

69 - باب: إثبات الحقو

69 - باب: إثبات الحقو قال المروذي: جاءني كتاب من دمشق فعرضته على أبي عبد اللَّه فنظر فيه، وكان فيه: إن رجلًا ذكر حديث أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ خلق الخلق حتى إذا فرغ منها قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن" (¬1) وكان الرجل يلقيه -يعني: حديث أبي هريرة- فرفع المحدث رأسه وقال: أخاف أن تكون كفرت، فقال أبو عبد اللَّه: هذا جهمي. قال أبو طالب: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عن حديث هشام بن عمار أنه قرئ عليه حديث: "تجيء الرحم يوم القيامة، فتتعلق بالرحمن" فقال: أخاف أن تكون قد كفرت، قال: هذا شامي ما له ولهذا؟ ! قلت: ما تقول؟ قال: يمضى الحديث على ما جاء. "إبطال التأويلات" 2/ 421 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 330، والبخاري (4830).

70 - باب: إثبات العينين

70 - باب: إثبات العينين قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو المغيرة، حدثتنا عبدة، عن أبيها خالد -يعني: ابن معدان- قال: عين اللَّه تعالى فوق سبع سماوات وفوق سبع أرضين، والأخرى فضل عن كل شيء. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 473 (1080) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وهب بن جرير، أنا شعبة، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس ذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه ذكر الدجال فقال: "أعور هجان، كأن رأسه أصلة، أشبه رجالكم به عبد العزة بن قطن، فإمَّا هلك الهلك (¬1) فإن ربكم ليس بأعور" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 492 - 493 (1130) ¬

_ (¬1) في المطبوع: (فأما هلك الهالك)، والمثبت من "المسند". (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 313، والطيالسي 4/ 399 (280)، وابن حبان 15/ 207 (6796)، قال الهيثمي في "المجمع" 7/ 337 - 338: رجاله رجال الصحيح.

71 - باب: إثبات الذراعين والصدر

71 - باب: إثبات الذراعين والصدر قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو أسامة، نا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنه- قال: خلق اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الملائكة من نور الذراعين والصدر (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 475. ¬

_ (¬1) رواه الدارمي في "نقضه على المريسي" ص 376 (192)، وأبو الشيخ في "العظمة" (153)، وابن منده في "الرد على الجهمية" (78)، وأبو يعلى في "إبطال التأويلات" 1/ 221، ورواه البيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 178 (744) من طريق ابن جريج، عن رجل، عن عروة بن الزبير أنه سأل عبد اللَّه بن عمرو: أي الخلق أعظم؟ قال: الملائكة. قال: من ماذا خلقت؟ قال: من. . الحديث بتمامه. قال البيهقي: هذا موقوف على عبد اللَّه بن عمرو، وراويه رجل غير مسمى، فهو منقطع، وقد بلغني أن ابن عيينة رواه عن هشام بن عروة عن أبهي عن عبد اللَّه بن عمرو، فإن صح ذلك فعبد اللَّه بن عمرو وقد كان ينظر في كتب الأوائل، فما لا يرفعه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يحتمل أن يكون مما رآه فيما وقع بيده من تلك الكتب، ثم لا ينكر أن يكون الصدر والذراعان من أسماء بعض مخلوقاته، وقد وجد في النجوم ما سمى ذراعين، وفي الحديث الثابت عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خلق الملائكة من نور" هكذا مطلقًا. اهـ. قلت: هذا تأويل من البيهقي رحمه اللَّه، وإنقاص من قدر أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال الدارمي في "نقضه على المريسي": قلتَ: وقال بعضهم: من شعر الذراعين والصدر. فيقال لهذا المعارض: إذا كان هذا الحديث عندك من المنكرات التي تترك من أجله جل الروايات فلِمَ فسرته كأنك تثبته؟ فقلتَ: تأويله عندنا محتمل على ما يقال في أسماء النجوم الذي يسمى منها الذراع والجبهة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ويحكك أيها المعارض؛ استنكرت الحديث، وتفسيرك أنكر منه، أخلق اللَّه الملائكة من نور النجوم وشعرها التي تسمى الذراع والجبهة؟ ! أم للنجوم شعور فيخلق منها الملائكة؟ ! لقد أغربت بهذا التفسير على جميع المفسرين، وأندرت وكدت أن تقلب العربية ظهرها لبطنها إن جازت عنك هذِه المستحيلات: إن اللَّه خلق الملائكة من شعور النجوم التي تسمى ذراعًا! ! وقال القاضي أبو يعلى: غير ممتنع حمل الخبر على ظاهره في إثبات الذراعين والصدر إذ ليس في ذلك ما يُحيل صفاته، ولا يخرجها عما تستحقه، لأنا لا نُثبت ذراعين وصدرًا هي جوارح وأبعاض، بل نُثبت ذلك صفة كما أثبتنا اليدين والوجه والعين والسمع والبصر، وإن لم نعقل معناه. فإن قيل: عبد اللَّه بن عمرو لم يرفعه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وإنما هو موقوف عليه فلا يلزم الأخذ به. قيل: إثبات الصفات لا يؤخذ إلا توقيفًا؛ لأن لا مجال للعقل والقياس فيها، فإذا رُوي عن بعض الصحابة فيه قول علم أنهم قالوه توقيفًا. فإن قيل: فقد قيل إن عبد اللَّه بن عمرو أصاب وسقين يوم اليرموك، وكان فيها من كتب الأوائل مثل "دانيال" وغيره، فكانوا يقولون له إذا حدثهم: حدثنا ما سمعت من رسول اللِّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا تحدثنا من وسقيك يوم اليرموك. فيحتمل أن يكون هذا القول من جملة تلك الكتب فلا يجب قبوله، وكذلك كان وهب بن منبه يقول: إنما ضل من ضل بالتأويل، ويرون في كتب "دانيال" أنه لما علا إلى السماء السابعة فانتهوا إلى العرش رأى شخصًا ذا وفرة فتأول أهل التشبيه على أن ذلك ربهم وإنما ذلك إبراهيم. قيل: هذا غلط لوجهين: أحدهما أنه لا يجوز أن يظن به ذلك؛ لأن فيه إلباس في شرعنا، وهو أنه يروي لهم ما يظنوه شرعًا لنا، ويكون شرعًا لغيرنا، ويجب أن نُنزه الصحابة عن ذلك. والثاني: إن شرعنا وشرع غيرنا سواء في الصفات؛ لأن صفاته لا تختلف باختلاف الشرائع. =

72 - باب: إثبات الباع

72 - باب: إثبات الباع قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو اليمان، نا إسماعيل بن عياش، عن أم عبد اللَّه، عن أبيها خالد بن معدان أنه قال: إن ريح الجنة لتضرب على مقدار أربعين خريفًا، والخريف باع اللَّه عَزَّ وَجَلَّ (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 525 (1207) ¬

_ = فإن قيل: يحتمل أن يكون ذلك صدرًا وذراعين لبعض خلقه؛ لأنه ذكر الذراعين والصدر مطلقًا، وقد وجد في النجو ما يسمى ذراعين وصدرًا، وتكون الفائدة في ذلك التنبيه على ما في قدرته من المخلوقات وإنشاء المخترعات. قيل: هذا غلط؛ لأنه ذكر الذراعين والصدر بالألف واللام، والألف واللام يدخلان للعهد أو للجنس، وليس يمكن حمله على الجنس؛ لأنه يقتضي كل ذراع وكل صدر، وليس هاهنا معهود من الخلق يشار إليه، فلم يبق إلا أن يحمل عليه سبحانه؛ لأنه أعرف المعارف، يبين صحة هذا أنه لما أراد تخصيص بعض الملائكة بفضيلة أو حكم عرَّفه باسمه نحو قوله تعالى {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: 98] وقوله تعالى {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء: 193] ونحو ذلك؛ ولأن حمله على بعض خلقه يسقط فائدة التخصيص بالملائكة، فلما خصَّ الملائكة بالذكر علم أنه قصد تشريفهم، وإذا حُمل على بعض خلقه لم يكن لهم مزية. اهـ. (¬1) رواه ابن منده في "الرد على الجهمية" (81).

73 - باب: إثبات اليدين

73 - باب: إثبات اليدين قال عبد اللَّه: قرأت على أي رحمه اللَّه: نا إسحاق بن سليمان، نا أبو الجنيد -شيخ كان عندنا- عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير أنهم يقولون: إن الألواح من ياقوتة، لا أدري قال: حمراء أو لا. وأنا أقول: سعيد بن جبير يقول: إنها كانت من زمرد، وكتابتها الذهب، وكتبها الرحمن عَزَّ وَجَلَّ بيده ويسمع أهل السماوات صرير القلم. وقال: حدثني أبي رحمه اللَّه: نا يزيد بن هارون، أنا الجُريري، عن أبي عطاف قال: كتب اللَّه التوراة لموسى عليه السلام بيده، وهو مسند ظهره إلى الصخرة في ألواح من در، فسمع صريف القلم ليس بينه وبينه إلا الحجاب (¬1). وقال: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن قتادة قال: قال كعب: كتب اللَّه التوراة بيده (¬2). وقال: وقرأت على أبي، حدثنا ابن نمير، نا إسماعيل -يعني: ابن أبي خالد- عن حكيم بن جابر قال: أخبرت أن اللَّه خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده لموسى عليه السلام (¬3). ¬

_ (¬1) رواه النجاد في "الرد على من يقول القرآن مخلوق" (95). (¬2) رواه عثمان بن سعيد في "نقضه" (46)، والنجاد في "الرد على من يقول القرآن مخلوق" (96). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 7/ 53 (33946)، وهناد في "الزهد" 1/ 66 (46)، والآجري في "الشريعة" (631)، وصححه الذهبي في "الأربعين" ص 80 (77)، وذكره في "العلو" 2/ 886 (303). وقال الألباني في "مختصر العلو" (104): أخرجه الآجري في "الشريعة"، وإسناده صحيح.

وقال: قال أبي: وحدثناه محمد بن عبيد بإسناده ومعناه. وقال: حدثنا أبي، نا يحيى بن سعيد، عن ابن عجلان سمعت أبي، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه كتب على نفسه بيده لما خلق الخلق إن رحمتي تغلب غضبي" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 294 - 295 (567 - 571) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي، نا إبراهيم بن الحكم بن أبان قال: حدثني أبي، عن عكرمة قال: إن اللَّه لم يمس بيده شيئًا إلا ثلاثًا: خلق آدم بيده، وغرس الجنة بيده، وكتب التوراة بيده (¬2). وقال: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا أبو المغيرة، حدثتنا عبدة، عن أبيها خالد ابن معدان قال: إن اللَّه لم يمس بيده إلا آدم صلوات اللَّه عليه، خلقه بيده، والجنة، والتوراة كتبها بيده، قال: ودملج اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لؤلؤة بيده فغرس فيها قضيبًا فقال: امتدي حتى أرضى، وأخرجي ما فيك بإذني فأخرجت الأنهار والثمار (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 296 - 297 (573 - 574) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 433، والترمذي (3543)، وابن ماجه (4295)، وابن أبي عاصم في "السنة" (608، 609)، وابن حبان في "صحيحه" 14/ 14 (6145): وصححه الألباني في "الصحيحة" (1629)، و"صحيح ابن ماجه" (3467). وهو في البخاري (3194)، ومسلم (2751) من طرق عن أبي هريرة، دون قوله: "بيده". (¬2) عزاه السيوطي في "الدر المنثور" 3/ 224 لعبد بن حميد، وعزاه الألباني في "مختصر العلو" (104) للذهبي في "الأربعين" وقال: ورواه بتمامه عن عكرمة، وسنده ضعيف. (¬3) رواه النجاد في "الرد على من يقول بخلق القرآن" (101).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا حسين بن محمد، نا محمد بن مطرف، عن زيد بن أسلم أن اللَّه عز وجل لما كتب التوراة بيده قال: بسم اللَّه، هذا كتاب اللَّه بيده لعبده موسى: يسبحني ويقدسني، ولا يحلف باسمي آثمًا، فإني لا أزكي من حلف باسمي آثمًا (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 298 (576) وقال: حدثني أبي، نا يزيد بن هارون، نا الجريري عن أبي عطاف قال: كتب اللَّه التوراة لموسى بيده، وهو مسند ظهره إلى الصخرة في ألواح من در، يسمع صريف القلم، ليس بينه وبينه إلا الحجاب (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 461 (1046) وقال: حدثني أبي، حدثنا أبو داود، نا شعبة، عن الحكم قال: في قراءة ابن مسعود (بَلْ يَدَاهُ بسطانِ) (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 472 (1075) قال عبد اللَّه: حدثني أبي [نا] (¬4) معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن علي بن الحكم، عن أبي صفوان مجاهد، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: ما التقى صفان إلا وبينهما يد اللَّه، فإذا أمالها على هؤلاء انهزموا، وإذا أمالها على هؤلاء انهزموا (¬5). قال أبي: سمعته من معاذ باليمن في قرية يقال لها: الكدراء. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 474 (1082) ¬

_ (¬1) رواه النجاد في "الرد على من يقول بخلق القرآن" (101). (¬2) رواه النجاد في "الرد على من يقول القرآن مخلوق" (95). (¬3) رواه أبو عبيد في "فضائل القرآن" 2/ 117 (605)، وابن أبي داود في "المصاحف" ص 54، ورواه أيضًا عبد بن حميد وابن الأنباري كما في "الدر المنثور" 2/ 526. (¬4) ساقطة من "السنة" ولا يستقيم الكلام بدونها أو بأختها من ألفاظ التحمل. (¬5) لم أقف عليه.

وقال: حدثني أبي، نا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن عمرو ابن مالك، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: ما السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهما في يد اللَّه عز وجل إلا كخردلة في يد أحدكم (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 476 (1090) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي، نا إبراهيم بن الحكم بن أبان، حدثني أبي، عن عكرمة قال: إن اللَّه لم يمس بيده شيئًا إلا ثلاثًا: خلق آدم بيده، وغرس الجنة بيده، وكتب التوراة بيده (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 525 (1206) قال الميموني: قال الإمام أحمد: من زعم أن يداه: نعماه، كيف يصنع بقوله {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]، مشددة؟ ! قال الميموني: فقلت: وحين خلق آدم بقبضته -يعني: من جميع الأرض- والقلوب بين أصبعين. "إبطال التأويلات" 1/ 169 قال المروذي: وقرئ عليه -أي: أحمد- {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}. قال: مشددة، مخالفة على الجهمية. "بدائع الفوائد" 3/ 96 ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 11/ 24 (30212). (¬2) تقدم تخريجه.

74 - باب: إثبات اليمين

74 - باب: إثبات اليمين قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، نا وكيع، حدثني أبو حجير، عن الضحاك {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] قال: كل ذلك في يمينه (¬1). وقال: حدثني أبي، نا الفضل بن دكين، عن سلمة، عن الضحاك {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] قال: كلًّا في يمينه. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 531 - 532 (1229 - 1330) قال يعقوب بن زاذان: بلغني أن أحمد بن حنبل قرأ عليه رجل: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] ثم أومأ بيده، فقال له أحمد: قطعها اللَّه، وحرد (¬2) وقام (¬3). "شرح أصول الاعتقاد" 3/ 479 (739) ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 11/ 24 (30215) بنحوه. (¬2) الحرَدُ: مصدر الأحرد؛ وهو الذي إذا مشى رفع قوائمه رفعًا شديدًا ووضعها مكانها من شدة قطافته في الدواب وغيرها. انظر "تهذيب اللغة" 1/ 778 [حرد]. (¬3) رواه أبو يعلى في "إبطال التأويلات" 2/ 322 - 323 (307) من طريق اللالكائي.

75 - باب: إثبات الأصابع

75 - باب: إثبات الأصابع قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، ثنا معاذ بن معاذ، حدثنا أبو كعب صاحب الحرير، حدثني شهر بن حوشب، قال: قلت لأم سلمة: يا أم المؤمنين، ما كان أكثر دعاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا كان عندك؟ قالت: كان أكثر دعائه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك". قالت: فقلت له: يا رسول اللَّه، ما أكثر دعائك: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"؟ قال: "يا أم سلمة، إنه ليس من آدمي إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع اللَّه، ما شاء أقام، وما شاء أزاغ" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 178 - 179 (222) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا يحيى بن سعيد، عن سفيان، حدثني منصور وسليمان، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه أن يهوديًّا أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا محمد، إن اللَّه يمسك السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والثرى على إصبع، والجبال على إصبع، والخلائق على إصبع، ثم يقول: أنا الملك. فضحك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى بدت نواجذه وقرأ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} (¬2) [الأنعام: 91]. قال أبي، قال يحيى: قال فضيل بن عياض: فضحك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 315، والترمذي (3522) والطيالسي 3/ 181 (1713)، وابن أبي عاصم في "السنة" (223). قال الترمذي: حديث حسن. وصححه الألباني في "ظلال الجنة" (223) فقال: حديث صحيح، رجال إسناده ثقات غير شهر بن حوشب فإنه سيَّئ الحفظ، ولا بأس به في الشواهد، وأبو كعب اسمه عبد ربه بن عبيد الأزدي مولاهم. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 429، والبخاري (7415)، ومسلم (2786/ 21).

تعجبًا وتصديقًا له. وقال: سمعت أبي رحمه اللَّه، ثنا يحيى بن سعيد بحديث سفيان، عن الأعمش، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد اللَّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "إن اللَّه يمسك السماوات على أصبع" قال أبي رحمه اللَّه: جعل يحيى يشير بأصابعه، وأراني أبي كيف جعل يشير بإصبعه، يضع إصبعًا إصبعًا حتى أتى على آخرها. وقال: حدثني أبي، ثنا يونس، نا شيبان، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم، عن عبيدة السلماني، عن عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- قال: جاء حبر إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا محمد -أو يا رسول اللَّه- إن اللَّه يوم القيامة يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، ثم يهزهن فيقول: أنا الملك. فضحك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى برزت نواجذه تصديقًا لقول الحبر، ثم قرأ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} [الزمر: 67] إلى آخر الآية. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 264 - 265 (488 - 490) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا حسين بن حسن، نا أبو كدينة، عن عطاء، عن أبي الضحى، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- قال: مر يهودي برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو جالس قال: كيف تقول يا أبا القاسم يوم يجعل اللَّه السماء على ذِهِ وأشار بالسبابة، والأرضين على ذِهِ، والماء على ذه، والجبال على ذه، وسائر الخلق على ذه، وجعل يشير بأصابعه، فأنزل اللَّه: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} الآية (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 226 (494)، 2/ 483 (1113) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 251، والترمذي (3240)، وابن أبي عاصم في "السنة" =

قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا حسن بن موسى الأشيب، نا أبو هلال محمد بن سليم، نا رجل أن ابن رواحة قال للحسن: هل تصف ربك عَزَّ وَجَلَّ؟ قال: نعم أصفه بغير مثال (¬1). وقال: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا معاذ بن معاذ، نا حماد بن سلمة، نا ثابت البناني عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في قوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: 143] قال: قال هكذا -يعني: أخرج طرف الخنصر. قال أبي: أراناه معاذ، فقال له حميد الطويل: ما تريد إلى هذا يا أبا محمد؟ قال: فضرب صدره ضربة شديدة، وقال: من أنت يا حميد، وما أنت يا حميد؟ حدثني به أنس بن مالك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، تقول أنت ما تريد إليه (¬2)؟ ! حدثني أبي قال: حدثني من سمع معاذًا يقول: وددت أنه حبسه شهرين. يعني: لحميد. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 269 (499 - 500) ¬

_ = (545) قال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح، لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه، وأبو كدينة اسمه يحيى بن المهلب، وقال الألباني في "ظلال الجنة" إسناده ضعيف، ورجاله ثقات رجال البخاري غير فضل بن سهل الأعرج، وهو ثقة توفي سنة (255) إلا أن عطاء بن السائب كان اختلط، هو علة الحديث. (¬1) رواه البيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 41 (611). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 120، والترمذي (3074)، وابن أبي عاصم في "السنة" (482، 483)، وابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 258 - 259 (162)، وابن منده في "الرد على الجهمية" (59)، والحاكم في "المستدرك" 2/ 325. قال الترمذي: حسن صحيح غريب. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وقال الألباني في "الظلال": إسناده صحيح.

وقال: حدثني أبي، نا سريج بن النعمان، نا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "ليس الخبر كالمعاينة، إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أخبر موسى بما صنع قومه في العجل فلم يلق الألواح، فلما عاين ما صنعوا ألقى الألواح، فانكسرت" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 483 (1114) وقال أبو طالب: سُئِل أبو عبد اللَّه عن حديث الحبر: يضع السماوات على إصبع، والأرضين على أصبع، والجبال على إصبع يقول: إلا أشار بيده هكذا، أي: يشير، فقال أبو عبد اللَّه: رأيت يحيى يحدث بهذا الحديث ويضع إصبعا إصبعا، ووضع أبو عبد اللَّه الإبهام على إصبعه الرابعة من أسفل إلى فوق على رأس كل إصبع. "إبطال التأويلات" 2/ 322 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 271، والبزار 11/ 272 (5062)، وابن حبان 14/ 96 (6213)، والطبراني في "الكبير" 12/ 54 (12451)، وفي "الأوسط" 1/ 12 (25)، والحاكم 2/ 321، والضياء في "المختارة" 5/ 202 (1827، 1828). قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. وقال الهيثمي 1/ 153: رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير"، و"الأوسط" ورجاله رجال الصحيح، وصححه ابن حبان اهـ. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (5374)، و"مشكاة المصابيح" (5738).

76 - باب: إثبات القدم

76 - باب: إثبات القدم قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد -رضي اللَّه عنه-: أليس تقول بهذِه الأحاديث. . . واشتكت النار إلى ربها عَزَّ وَجَلَّ حتى يضع اللَّه فيها قدمه (¬1) وإن موسىى عليه السلام ملك الموت عليه السلام (¬2). قال الإمام أحمد: كل هذا صحيح. قال إسحاق: كل هذا صحيح، ولا ينكره إلا مبتدع أو ضعيف الرأي. "مسائل الكوسج" (3290) قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه (حدَّث) (¬3) محدث وأنا عنده بحديث: "يضع الرحمن فيها قدمه" وعنده غلام؛ فأقبل على الغلام فقال: إن لهذا تفسيرًا؟ فقال أبو عبد اللَّه: انظر، كما تقول الجهمية سواء (¬4). "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 3/ 330 - 331 (259). قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه: "يضع قدمه"؟ فقال: نمرها كما جاءت (¬5). "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 3/ 331 (260). قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يضع قدمه" نؤمن به، ولا نرد على رسول اللَّه ما قال، بل نؤمن باللَّه، وبما جاء به الرسول صلى اللَّه عليه وسلم، قال اللَّه {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]. "طبقات الحنابلة" 1/ 386 ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 276، والبخاري (4849)، ومسلم (2846)، من حديث أبي هريرة. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 315، والبخاري (3407)، ومسلم (2372). (¬3) في "الإبانة": (حرب). (¬4) ذكرها أبو يعلى في "إبطال التأويلات" 1/ 75 (59). (¬5) ذكرها أبو يعلى في "إبطال التأويلات" 1/ 195 (189).

77 - باب: الرؤية

77 - باب: الرؤية فصل: مناظرة الإمام للجهمية في النظر إلى وجه اللَّه يوم القيامة قال الإمام أحمد رحمه اللَّه: فقلنا لهم: لم أنكرتم أن أهل الجنة ينظرون إلى ربهم؟ فقالوا: لا ينبغي لأحد أن ينظر إلى ربه؛ لأن المنظور إليه معلوم موصوف، لا يرى، إلا شيء يفعله. فقلنا: أليس اللَّه يقول: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة: 22 - 23]. فقالوا: إن معنى {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} أنها تنتظر الثواب من ربها، وإنما ينظرون إلى فعله وقدرته؛ وتلوا آية من القرآن: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ}، فقالوا: إنه حين قال: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ} [الفرقان: 45] إنهم لم يروا ربهم، ولكن المعنى: أَلَمْ تَرَ إِلَى فعل رَبِّكَ. فقلنا: إن فعل اللَّه لم يزل العباد يرونه، وإنما قال: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)}. فقالوا: إنما تنظر الثواب من ربها. فقلنا: إنها مع ما تنتظر الثواب هي ترى ربها. فقالوا: إن اللَّه لا يُرى في الدنيا ولا في الآخرة. وتلوا آية من المتشابه من قول اللَّه جل ثناؤه: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)} [الأنعام: 103]. وقد كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يعرف معنى قول اللَّه: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} وقال: "إنكم سترون ربكم" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 360، والبخاري (554)، ومسلم (633/ 211) من حديث جرير بن عبد اللَّه البجلي.

وقال لموسى: {لَنْ تَرَانِي}. ولم يقل: لن أرى، فأيهما أولى أن نتبع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين قال: "إنكم سترون ربكم". أو قول الجهمي حين قال: لا ترون ربكم؟ والأحاديث في أيدي أهل العلم عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن أهل الجنة يرون ربهم لا يختلف فيها أهل العلم. ومن حديث سفيان، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد في قول اللَّه: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]. قال: النظر إلى وجه اللَّه (¬1). ومن حديث ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "إذا استقر أهل الجنة في الجنة نادى منادٍ: يا أهل الجنة، إن اللَّه قد أذن لكم في الزيادة، قال: فيكشف الحجاب (فينظرون) (¬2) إلى اللَّه لا إله إلا هو" (¬3). وإنا لنرجو أن يكون الجهم وشيعته ممن لا ينظرون إلى ربهم، ويحجبون عن اللَّه، لأن اللَّه قال للكفار: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15)} [المطففين: 15] فإذا كان الكافر يحجب عن اللَّه، والمؤمن يحجب عن اللَّه، فما فضل المؤمن على الكافر؟ والحمد للَّه الذي لم يجعلنا مثل جهم وشيعته، وجعلنا ممن اتبع، ولم يجعلنا ممن ابتدع، والحمد للَّه وحده. "الرد على الجهمية والزنادقة" ص 127 - 129 ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "التفسير" 6/ 549 (17627)، والدارمي في "الرد على الجهمية" 1/ 118 (191)، وابن منده في "الرد على الجهمية" 1/ 51 (83). (¬2) في "الرد على الجهمية": (فينتظرون)، والمثبت هو الصواب، واللَّه أعلم. (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 332، ومسلم (181) من هذا الطريق عن صُهيب -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا.

78 - فصل: إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة

78 - فصل: إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة قال صالح: أملى علينا أبو العباس عبد اللَّه بن محمد بن عمرو بن الجراح الأزدي العربي قال: جاءني إبراهيم بن محمد بن خلف العسقلاني برقعة رق بخط محمد بن خلف: زعم أنه رأى في المنام كأن ولد آدم كلهم في اللَّه غيري، وإذا رب العالمين جل وعز قد برز للخلق في الهواء، وموسى بن عمران عن يمينه، وأنا أقرب الخلق إليه بعد موسى. فقلت له: هو ربكم. فقالوا: إن كان ربنا (فقل) (¬1) له: يجعل الشمس والقمر والكواكب في الأرض كهيئتها في السماء، فسرنا وأنا أَقدم القوم أنه ربنا، فإذا بأحمد يتوضأ على شط نهر، وهو واقف على ظهر جادة عظيمة، وإذا هو ملتحف بطيلسان له قومس، فقال للخلق: أين تريدون؟ قالوا: نريد رب العالمين، يجعل الشمس والقمر والنجوم كهيئتها في الأرض. فقال الإمام أحمد: هو ربكم، وليس هو بفاعل ما تريدون. فرجع الخلق. يقول أحمد: موقنين أنه ربهم. "سيرة الإمام أحمد" لابنه صالح ص 67 قال أبو داود: سمعت أحمد وذكر له عن رجل شيء في الرؤية فغضب وقال: من قال: إن اللَّه لا يُرى فهو كافر. "سيرة أبي داود" (1700) قال أبو داود: سمعت أحمد وقيل له في رجل حدث بحديث عن أبي العطوف؛ يعني: أن اللَّه لا يُرى في الآخرة؟ فقال: لعن اللَّه من يحدث بهذا الحديث اليوم، ثم قال: أخزى اللَّه هذا. "مسائل أبي داود" (1702) ¬

_ (¬1) في المطبوع من "سيرة الإمام": (عقل).

قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من لم يؤمن بالرؤية فهو جهمي، والجهمي كافر. "مسائل ابن هانئ" (1850) قال ابن هانئ: قال (¬1): وإن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يُرى في الآخرة؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (1878) قال عبد اللَّه: رأيتُ أبي رحمه اللَّه يصحح الأحاديث التي تروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الرؤية، ويذهب إليها، وجمعها أبي رحمه اللَّه في كتاب وحدَّثَنا بها (¬2). وقال: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا وكيع، ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد اللَّه رحمه اللَّه قال: كنا جلوسًا عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال "أما إنكم ستعرضون على ربكم عَزَّ وَجَلَّ، فترونه كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا". قال: ثم قرأ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} (¬3) [طه: 130]. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 229 - 230 (411 - 412) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن إسماعيل، قال: سمعتُ قيس بن أبي حازم يحدِّث عن جرير بن عبد اللَّه البجلي -رضي اللَّه عنه- قال: كنا عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة البدر، فقال: "إنكم سترون ربكم عَزَّ وَجَلَّ كما ¬

_ (¬1) رجل يسأل الإمام. (¬2) ذكرها الدارقطني في "الرؤية" ص 60، 81، ورواها القاضي أبو يعلى في "إبطال التأويلات" 1/ 145. وفيه أيضًا 2/ 290: قال إسحاق بن منصور: قيل له -يعني: الإمام- تقول بهذِه الأحاديث التي تروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الرؤية وتذهب إليها؟ وجَمَعَها في كتاب وحدَّثنا بها. (¬3) تقدم تخريجه.

ترون القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على هاتين الصلاتين قبل طلوع الشمس وقبل غروبها" فذكر الحديث. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 232 (421) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، ثنا يحيى بن آدم، ثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "إنكم سترون ربكم عَزَّ وَجَلَّ" فقالوا: يا رسول اللَّه نرى ربنا عَزَّ وَجَلَّ؟ قال: فقال: "أفتضارون في رؤية الشمس نصف النهار"؟ فقالوا: لا. قال: "أفتضارون في رؤية القمر ليلة البدر"؟ قالوا: لا. قال: "فإنكم لا تضارون في رؤيته إلا كما تضارون في رؤية ذلك" قال: قال الأعمش: تضارون، يقول: تمارون. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 236 (427) قال عبد اللَّه: وحدثنا أبي رحمه اللَّه، نا سليمان بن داود الهاشمي، نا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة -رضي اللَّه عنه- أخبره. وقال: وحدثنا أبي رحمه اللَّه وأبو كامل قالا: نا إبراهيم بن سعد، ثنا ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن الناس قالوا لرسول اللَّه: يا رسول اللَّه، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ وقال: وحدثني أبي، نا عبد الرزاق، نا معمر، عن الزهري، عن عطاء ابن يزيد الليثي، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال الناس: يا رسول اللَّه، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ وقال: وحدثني أبي رحمه اللَّه، نا عبد الرزاق مرة أخرى، أنا معمر، عن الزهري في قوله عَزَّ وَجَلَّ: {كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا} [الجاثية: 28] عن عطاء بن

يزيد الليثي، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال الناس: يا رسول اللَّه، هل نرى ربنا عَزَّ وَجَلَّ يوم القيامة؟ فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب"؟ فقالوا: لا يا رسول اللَّه. فقال "هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب"؟ قالوا: لا يا رسول اللَّه. قال: "فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك، يجمع اللَّه الناس فيقول: من كان يعبد شيئًا فليتبعه، فيتبع من كان يعبد القمر القمر، ومن كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذِه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم اللَّه في غير صورته التي كانوا يعرفون، فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعوذ باللَّه منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه -قال: فيأتيهم اللَّه في الصورة التي يعرفون فيقول: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا فيتبعونه. قال: فيضرب جسر على جهنم" قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فأكون أول من يجيز، ودعوى الرسل يومئذ: اللهم سلم، اللهم سلم. وبها كلاليب مثل شوك السعدان؟ ! هل رأيتم شوك السعدان؟ ! غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا اللَّه، تتخطف الناس بأعمالهم" فذكر الحديث بطوله إلى آخره (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 237 - 239 (431 - 434) قال عبد اللَّه: وحدثني أبي، حدثنا هيثم بن خارجة، أخبرنا حفص بن ميسرة وقتيبة قالا: أخبرنا عبد العزيز عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يجمع اللَّه الناس يوم القيامة في صعيد واحد، ثم يطلع عليهم رب العالمين، ثم يقول: ألا تتبع كل أمة ما كانوا يعبدون. . " فذكر الحديث فقالوا: وهل نراه يا رسول اللَّه؟ قال: "وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر"؟ قالوا: لا. قال "فإنكم لا تضارون رؤيته تلك الساعة، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 293 - 294، والبخاري (7437)، ومسلم (182).

ثم يتوارى، ثم يطلع فيعرفهم نفسه، ثم يقول: أنا ربكم، اتبعوني. فيقوم المسلمون ويوضع الصراط، فهم يمرون عليه مثل جياد الخيل والركاب، وقولهم عليه: سلم سلم. . " فذكر الحديث بطوله إلى آخره (¬1). وقال: حدثني أبي رحمه اللَّه، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، نا هشام الدستوائي، عن قتادة، عن صفوان بن محرز، قال: قال رجل لابن عمر -رضي اللَّه عنه-: كيف سمعتَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول في النجوى؟ قال: سمعتُه يقول: "يدنى المؤمن يوم القيامة من ربه عز وجل حتى يضع عليه كنفه، فيقرره بذنوبه، فيقول: هل تعرف؟ فيقول: رب أعرف، قال: فيقول: إني سترتها عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم، فيعطى صحيفة حسناته، وأما الكافرون والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم (¬2). وقال: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا أبو معاوية وابن نمير ووكيع المعنى، قالوا: أنا الأعمش، عن خيثمة، عن عدي بن حاتم قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "ما منكم من رجل إلا سيكلمه اللَّه عز وجل يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان، ثم ينظر أيمن منه فلا يرى إلا شيئًا قدمه، ثم ينظر أشأم منه فلا يرى إلا شيئًا قدمه، ثم ينظر تلقاء وجهه فتستقبله النار" ثم قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فمن استطاع منكم أن يقي وجهه النار ولو بشق تمرة فليفعل" (¬3). وقال وكيع: ما منكم من أحد إلا سيكلمه اللَّه عز وجل. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 368، وهو في الصحيحين كما في الحديث الذي قبله. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 74، والبخاري (2441)، ومسلم (2768). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 256، والبخاري (6539)، ومسلم (1016).

قال عبد اللَّه حدثني أبي رحمه اللَّه، نا عبد الرحمن بن مهدي، نا حماد بن سلمة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار. . " فذكر الحديث "فينكشف الحجاب فيتجلى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لهم، فما أعطاهم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ شيئًا كان أحب إليهم من النظر إليه" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 244 (446) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا يزيد بن هارون، نا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رَزِين العقيلي -رضي اللَّه عنه- قال: قلت يا رسول اللَّه، أَكُلُّنا يرى اللَّه يوم القيامة؟ وما آية ذلك في خلقه؟ قال: "يا أبا رزين، أليس كلكم يرى القمر مخليا به "؟ قال: قلت بلى. قال: "فاللَّه عَزَّ وَجَلَّ أعظم" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 246 (451) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا بهز بن أسد وحسن بن موسى الأشيب قالا: حدثنا حماد بن سلمة، أنا يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين العقيلي أنه قال: يا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أكلنا يرى ربه عَزَّ وَجَلَّ يوم القيامة؟ وما آية ذلك في خلقه؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "أليس كلكم ينظر إلى القمر مخليا به" قال: بلى. قال: "فاللَّه عَزَّ وَجَلَّ أعظم". وقال: حدثني أبي رحمه اللَّه، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وبهز، قالا: نا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين -قال بهز في حديثه: العقيلي- قال: قلتُ يا رسول اللَّه، كيف نرى ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 332، وقد تقدم تخريجه. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 11، وأبو داود (4731)، وابن ماجه (180)، والحاكم 4/ 560، وقال: صحيح على شرطيهما ولم يخرجاه. والحديث ضعفه الألباني في "مشكاة المصابيح" (5658).

ربنا عَزَّ وَجَلَّ؟ وقال بهز في حديثه: أكلنا يرى ربه عَزَّ وَجَلَّ يوم القيامة، وما آية ذلك في خلقه؟ فقال: "أليس كلكم ينظر إلى القمر مخليا به"؟ قال: قلت: بلى. قال: "فاللَّه عَزَّ وَجَلَّ أعظم". "السنة" لعبد اللَّه 9/ 247 (454 - 455) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا روح بن عبادة، نا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير؛ أنه سمع جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- يسأل عن الورود، فقال: نحشر يوم القيامة على كذا وكذا، انظر أي ذلك فوق الناس؟ قال: فتدعى الأمم بأوثانها، وما كانت تعبد الأول فالأول، ثم يأتينا ربنا عَزَّ وَجَلَّ بعد ذلك، فيقول: من تنظرون؟ فيقولون: ننظر ربنا عَزَّ وَجَلَّ. فيقول: أنا ربكم. فيقولون: حتى ننظر إليك، فيتجلى -تبارك وتعالى- لهم يضحك، قال فينطلق بهم ويتبعونه، ويعطى كل إنسان منهم -منافق أو مؤمن- نورًا، ثم يتبعونه، وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك تأخذ من شاء اللَّه، ثم يطفأ نور المنافقين ثم ينجو المؤمنون، فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر، سبعون ألفًا لا يحاسبون، ثم الذين يلونهم كأضوأ نجم في السماء، ثم كذلك، ثم تحل الشفاعة حتى يخرج من النار من قال: لا إله إلا اللَّه وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، فيجعلون بفناء الجنة، ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتى ينبتوا نبات الشيء في السيل، ثم يسأل حتى تجعل له الدنيا وعشرة أمثالها معها (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 248 - 249 (457) قال عبد اللَّه: وحدثني أبي عَزَّ وَجَلَّ، نا أبو معاوية، نا عبد الملك بن أبجر، عن ثُوَيْر بن أبي فاختة، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 383، ومسلم (191).

-صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه ألفي سنة، يرى أقصاه كما يرى أدناه، ينظر في أزواجه، وسرره وخدمه، وإن أفضلهم منزلة لمن ينظر في وجه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في يوم مرتين" (¬1). وقال: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا حسين بن محمد، نا إسرائيل، عن ثوير، عن ابن عمر رضي اللَّه عنه رفعه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن أدنى أهل الجنة منزلة الذي ينظر إلى جنانه ونعيمه وخدمه وسرره من مسيرة ألف سنة، وإن أكرمهم على اللَّه عَزَّ وَجَلَّ من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية". ثم تلا هذِه الآية {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة: 22 - 23]. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 251 - 252 (461 - 462) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن يحيى بن جعدة قال: كان -يعني: عمارًا- يقول: أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ولذة النظر إلى وجهك (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 255 (468)، 2/ 509 (1188) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، ثنا وكيع، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد البَجَلي، عن أبي بكر -رضي اللَّه عنه- {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] قال: الزيادة: النظر إلى وجه اللَّه تعالى (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 257 (471). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 13، وأبو يعلى 10/ 96 (5729)، وأبو الشيخ في "العظمة" (606)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (841)، والحاكم 2/ 509. قال الهيثمي 10/ 392: فيه ثوير بن أبي فاختة مجمع على ضعفه. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 264، والنسائي 3/ 54 (1305)، مرفوعًا ورواه موقوفًا ابن أبي شيبة 5/ 46 (29339). (¬3) رواه الطبري في "تفسيره" 6/ 549 (17625)، وإسحاق في "مسنده" 3/ 793 (1424)، وابن خزيمة 1/ 450 (8/ 264).

وقال: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد في هذِه الآية: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} قال: الزيادة: النظر إلى وجه الرحمن عَزَّ وَجَلَّ (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 257 (472)، 2/ 497 (1145) وقال: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا وكيع، نا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم بن نذير السعدي، عن حذيفة -رضي اللَّه عنه- {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} قال: النظر إلى وجه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 258. وقال: حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن شريك، عن هلال بن حميد، عن عبد اللَّه بن عكيم، قال: سمعت عبد اللَّه بدأ باليمين قبل الكلام: ما منكم إلا سيخلو به ربه عز وجل كما يخلوا القمر بالقمر ليلة البدر فيقول: ابن آدم، ما غرك بي؟ ابن آدم ما غرك بي؟ ماذا أجبت المرسلين؟ ماذا عملت فيما علمت؟ . "السنة" لعبد اللَّه 1/ 258 (474) 2/ 498 (1150) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا هاشم بن القاسم وحسين بن محمد قالا: حدثنا ابن المبارك، عن الحسن في قوله عَزَّ وَجَلَّ {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة: 22، 23] قال: الناضرة: الحسنة، حسنها اللَّه بالنظر إلى ربها عز وجل، وحق لها أن تنضر وهي تنظر إلى ربها جل جلاله (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 261 (479)، 2/ 497 (1146) ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 7/ 153 (3479)، وإسحاق في "مسنده" 3/ 793 (1424)، والدارمي في "الرد على الجهمية" (191)، وابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 451 (8). (¬3) رواه الطبري في "تفسيره" 12/ 342 (35645)، وابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 454، وعزاه السيوطي في "الدر" 4/ 469 للدارقطني والآجري واللالكائي والبيهقي ..

قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا أبو معاوية، نا إسماعيل، عن أبي صالح في قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22)} قال: حسنة {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 262 (482)، 2/ 456 (1031) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا هشيم، أنا إسماعيل بن سالم، عن أبي صالح في قوله عز وجل: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} قال: بهجة بما هي فيه من النعمة، {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 262 (483)، 2/ 456 (1029) وقال: حدثني أبي، نا خلف بن الوليد، نا المبارك عن الحسن في قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} قال: الناضرة: الحسنة، حسنها اللَّه بالنظر إلى ربها، وحق لها أن تنضر وهي تنظر إلى ربها ومولاها (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 456 (1032) قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل -وبلغه عن رجل- قال: إن اللَّه تعالى لا يُرى في الآخرة، فغضب غضبًا شديدًا، ثم ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 7/ 209 (35356) عن أبي معاوية به، وفيه زيادة: قال: تنتظر الثواب من ربها، ورواه ابن جرير في "تفسيره" 12/ 344 (35663) من طريق سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد بهذِه الزيادة دون صدر الرواية. قلت: وقد أورد الطبري اختلاف أهل التأويل في تفسير هذِه الآية على قولين: الأول: أنها تنظر إلى ربها، والثاني: أنها تنتظر الثواب من ربها، ثم قال: وأولى القولين في ذلك عندنا بالصواب القول الذي ذكرنا عن الحسن وعكرمة، من أن معنى ذلك تنظر إلى خالقها، وبذلك جاء الأثر عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. (¬2) عزاه السيوطي في "الدر" 6/ 469 لعبد بن حميد وابن المنذر. (¬3) رواه ابن جرير في "تفسيره" 12/ 342 (35654) عن البخاري قال: ثنا آدم ثنا المبارك به. وعزاه السيوطي في "الدر" 6/ 469 للدارقطني والآجري واللالكائي والبيهقي.

قال: من قال: إن اللَّه تعالى لا يرى في الآخرة فقد كفر، عليه لعنة اللَّه وغضبه، من كان من الناس، أليس اللَّه عز وجل قال: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة: 22، 23]؟ ! وقال تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15)} [المطففين: 15] وهذا دليل على أن المؤمنين يرون اللَّه تعالى (¬1). "الشريعة" للآجري ص 215 (529) قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قالت الجهمية: إن اللَّه تعالى لا يُرى في الآخرة. وقال تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15)} [المطففين: 15] فلا يكون هذا إلا أن اللَّه تعالى يرى، وقال: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة: 22، 23] فهذا النظر إلى اللَّه تعالى، والأحاديث التي رويت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنكم ترون ربكم" بروايات صحيحة، وأسانيد غير مدفوعة، والقرآن شاهد أن اللَّه تعالى يُرى في الآخرة (¬2). "الشريعة" ص 215 (530). قال المروذي: قال أبو عبد اللَّه: ونحن نؤمن بالأحاديث في هذا ونقرها، ونمرها كما جاءت بلا كيف، ولا معنى، إلا على ما وصف به نفسه تعالى. "الإبانة" الرد على الجهمية 3/ 58 (50) قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: من قال: إن اللَّه لا يُرى في الآخرة. فهو جهمي، قال: وإنما تكلم من تكلم في رؤية الدنيا. "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 3/ 59 (51) قال اللالكائي: أخبرنا عبد اللَّه بن محمد، قال: أخبرنا عثمان بن ¬

_ (¬1) ذكره الدارقطني في "الرؤية" ص 60، وابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" 2/ 193. (¬2) ذكره الدارقطني في "الرؤية" ص 60.

أحمد، قال ثنا حنبل، قال: قلت لأبي عبد اللَّه في الرؤية، قال: أحاديث صحاح، نؤمن بها ونقر، وكل ما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأسانيد جيدة نؤمن به ونقر (¬1). "شرح أصول الاعتقاد" 3/ 562 (889) قال المروذي: سمعت القواريري يقول: رأيت أحمد بن حنبل في النوم فقال: المؤمنون ينتظرون أن (يرون) (¬2) ربهم، فأما الكفار فلا يجوز أن (يرون) اللَّه تعالى. "إبطال التأويلات" 2/ 290 قال الإصطخري: قال أبو عبد اللَّه: وينظر أهل الجنة إلى وجهه، يرونه فيكرمهم، ويتجلى لهم فيعطيهم. "طبقات الحنابلة" 1/ 62 قال المروذي: سمعت أحمد يقول: من زعم أن اللَّه لا يُرى في الآخرة فهو كافر. "طبقات الحنابلة" 1/ 143 قال إبراهيم بن زياد الصائغ: قال الإمام أحمد: من كذب بالرؤية فهو زنديق. "طبقات الحنابلة" 1/ 244 قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من زعم أن اللَّه لا يُرى في الآخرة فقد كفر باللَّه وكذب بالقرآن ورد على اللَّه أمره، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، واللَّه تعالى لا يُرى في الدنيا، ويرى في الآخرة. "طبقات الحنابلة" 1/ 387 قال ابن السَّمَيدع: سألت أبا عبد اللَّه عمن يبطل الرؤية ويقول: إن اللَّه ¬

_ (¬1) ذكرها ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 6/ 500، وابن القيم في "حادي الأرواح" ص 472. . (¬2) كذا في "إبطال التأويلات" ولعلها خرجت على أن (أن) مخففة من الثقيلة مع بقاء عملها، واسمها ضمير الشأن محذوف وجوبًا، وخبرها جملة فعلية، كما قال الشاعر: علموا أنْ يؤملون فجادوا. وانظر: "أوضح المسالك" 1/ 370 - 373.

تبارك وتعالى لا يُرى في القيامة. فقال: هذا من الجهمية، من زعم أن اللَّه لا يُرى في القيامة فقد أبطل حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "طبقات الحنابلة" 1/ 461 قال عبدوس بن مالك: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: والإيمان بالرؤية يوم القيامة، كما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الأحاديث الصحاح، وأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد رأى ربه، فإنه مأثور عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صحيح. قد رواه قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس (¬1)، ورواه الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس (¬2)، ورواه علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس (¬3)، والحديث عندنا على ظاهره، كما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، والكلام فيه بدعة، ولكن نؤمن به كما جاء على ظاهره، ولا نناظر به أحدًا. "طبقات الحنابلة" 2/ 168 قال محمد بن حميد الأندرابي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: والإيمان أن أهل الجنة يرون ربهم تبارك وتعالى. "طبقات الحنابلة" 2/ 294 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 285، والنسائي في "الكبرى" 6/ 472 (11539)، وابن أبي عاصم في "السنة" (442)، وابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 449 (272)، والحاكم 1/ 65 - 64، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (905). قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجه. وقال الألباني في "ظلال الجنة": إسناده صحيح على شرط البخاري. (¬2) رواه الترمذي (3279)، والنسائي في "الكبرى" 6/ 472 (11537)، وابن أبي عاصم في "السنة" (437)، وابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 481 (273)، والطبراني 11/ 242 (11619)، قال الترمذي: حسن غريب. وقال ابن أبي عاصم: وفيه كلام. وقال الألباني في "ظلال الجنة": إسناده ضعيف، ورجاله ثقات، لكن الحكم بن أبان فيه ضعف من قبل حفظه. . (¬3) رواه الطبراني 12/ 219 (12941).

قال محمد بن عوف الطائي: أملى عليَّ أحمد بن حنبل: وأن أهل الجنة يرون اللَّه عيانًا. "طبقات الحنابلة" 2/ 341 عن مسدد بن مسرهد: كتب إليه أبو عبد اللَّه: وأن أهل الجنة يرون ربهم لا محالة. "طبقات الحنابلة" 2/ 430 قال الخلال: أخبرنا المروذي قال: قيل لأبي عبد اللَّه: أتعرف عن يزيد بن هارون، عن أبي العطوف، عن أبي الزبير، عن جابر: إن استقر مكانه تراني، وإن لم يستقر فلا تراني في الدنيا ولا في الآخرة (¬1)؟ فغضب أبو عبد اللَّه غضبًا شديدًا، حتى تبين في وجهه، كان قاعدًا والناس حوله، فأخذ نعله وانتعل، وقال: أخزى اللَّه هذا! لا ينبغي أن يكتب هذا، ودفع أن يكون يزيد بن هارون رواه، أو حدث به، وقال: هذا جهمي، هذا كافر، أخزى اللَّه هذا الخبيث، من قال: إن اللَّه لا يُرى في الآخرة، فهو كافر. وقال مهنا: سألت أحمد عن أبي العطوف؟ فقال: جزري، متروك الحديث. "المنتخب من علل الخلال" لابن قدامة (173). قال الخلال في "كتاب السنة": أخبرنا حنبل قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: القوم يرجعون إلى التعطيل في قولهم، ينكرون الرؤية. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: قالت الجهمية: إن اللَّه لا يُرى في الآخرة. ونحن نقول: إن اللَّه يرى؛ لقول اللَّه تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة: 22، 23] وقال تعالى لموسى: {فَإِنِ اسْتَقَرَّ ¬

_ (¬1) لم أقف عليه.

مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} [الأعراف: 143]، فأخبر اللَّه تعالى أنه يُرى، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنكم ترون ربكم ما ترو هذا القمر". رواه جرير وغيره عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال: "كلكم يخلو بكم ربه"، و"إن اللَّه يضع كنفه على عبده، فيسأله ماذا عملت". هذِه أحاديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تروى صحيحة عن اللَّه تعالى أنه يُرى في الآخرة، أحاديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غير مدفوعة، والقرآن شاهد أن اللَّه يُرى في القيامة، وقول إبراهيم لأبيه: {يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ} [مريم: 42] فثبت أن اللَّه يسمع ويبصر، وقال اللَّه تعالى: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7)} [طه: 7]. وقال: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)} [طه: 46]، وقال أبو عبد اللَّه: فمن دفع كتاب اللَّه ورده، والأخبار عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، واخترع مقالة من نفسه، وتأول رأيه فقد خسر خسرانًا مبينا. وقال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من قال: إن اللَّه لا يُرى في الآخرة، فقد كفر، وكذب بالقرآن، ورد على اللَّه أمره، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. وروي عن يعقوب بن بختان أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: صارت (محبتهم) (¬1) كفرًا صراحًا يقولون: إن اللَّه تبارك وتعالى لا يُرى في الآخرة، وسمعته يقول: كفرهم ضروب. "بيان تلبيس الجهمية" 2/ 395 - 399. قال حنبل: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: ما أحد أشد حدثًا على أهل البدع والخلاف من حماد بن سلمة، ولا أروى لأحاديث الرؤية والرد على القدرية والمعتزلة منه. ¬

_ (¬1) قال محققه: في (ط): حجتهم.

قال حنبل: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: القوم يرجعون إلى التعطيل في قولهم كله، ينكرون الآثار، وما ظننتهم هكذا حتى سمعت مقالتهم. "بيان تلبيس الجهمية" 3/ 714. قال أبو بكر الخلال في كتاب "السنة": أخبرني يوسف بن موسى أن أبا عبد اللَّه قيل له: أهل الجنة ينظرون إلى ربهم عَزَّ وَجَلَّ ويكلمونه ويكلمهم؟ قال: نعم، ينظر وينظرون إليه، ويكلمهم ويكلمونه، كيف شاء وإذا شاء. "درء تعارض العقل والنقل" لابن تيمية 2/ 29 قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إن اللَّه لا يُرى في الدنيا وُيرى في الآخرة، ثبت في القرآن وفي السنة وعن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والتابعين. "تلبيس الجهمية" 7/ 127، "بغية المرتاد" ص 470 قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد اللَّه وقيل له: تقول بالرؤية، فقال: من لم يقل بالرؤية فهو جهمي. "حادي الأرواح" ص 469 قال أبو طالب: وقال أبو عبد اللَّه: قول اللَّه تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة: 210] {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} [الفجر: 22] فمن قال: إن اللَّه لا يُرى، فقد كفر. "حادي الأرواح" لابن القيم ص 470 قال حنبل: وقال أبو عبد اللَّه: أدركنا الناس وما ينكرون من هذِه الأحاديث -أحاديث الرؤية- وكانوا يحدثون بها على الجملة، يمرونها على حالها غير منكرين لذلك ولا مرتابين. "حادي الأرواح" ص 471

79 - فصل هل رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه في الدنيا؟

79 - فصل هل رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ربه في الدنيا؟ قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أسود بن عامر، نا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رأَيت ربي عَزَّ وَجَلَّ" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 484 (1116). وقال: حدثني أبي، نا عفان، نا عبد الصمد بن كيسان، نا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رأيت ربي عَزَّ وَجَلَّ". "السنة" لعبد اللَّه 2/ 484 (1117)، 2/ 503 (1167). قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: نا أبو قُرة الزبيدي موسى بن طارق -قاض لهم باليمن- وذكر ابن جريج، أخبرني عطاء أنه سمع ابن عباس يقول: رأى محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ربه عز وجل مرتين. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 495 (1138) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إن قوما يقولون: إن عائشة قالت: من زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم الفرية (¬2). فبأي شيء تدفع قول عائشة؟ قال: يقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رأيت ربي" وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أكبر من قولها. وقيل له: إن رجلا يقول: أنا أقول: إن اللَّه يُرى في الآخرة، ولا أقول: إن محمدًا رأى ربه في الدنيا، فقال: هذا أهل أن يجفى، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 290، وابن أبي عاصم في "السنة" (440) عن أحمد بن محمد المروزي كلاهما -أحمد والمروزي- عن أسود بن عامر، به. (¬2) قال الألباني في "ظلال الجنة": حديث صحيح، ورجاله ثقات رجال الصحيح. رواه الإمام أحمد 6/ 49 - 55، والبخاري (3234) ومسلم (177).

ما اعتراضه في هذا الموضوع؟ ! يسلم الخبر كما جاء (¬1). "إبطال التأويلات" 1/ 110 قال حنبل: قلت لأبي عبد اللَّه: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى ربه؟ قال: رؤيا حلم، رآه بقلبه. "إبطال التأويلات" 1/ 111 قال مهنا: سألته -يعني: أحمد- عن حديث رواه ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال: أن مروان بن عثمان حدثه عن أم الطفيل -امرأة أبي بن كعب- أنها قالت: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يذكر أنه رأى ربه في المنام في صورة شاب موفر رجلاه في خضر، عليه نعلان من ذهب، على وجهه فراش من ذهب (¬2). فحول وجهه عني، وقال: هذا حديث منكر، وقال: لا نعرف هذا، رجل مجهول -يعني: مروان بن عثمان. "إبطال التأويلات" 1/ 140 قال الأثرم: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل عن حديث حماد ابن سلمة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رأيت ربي. . " الحديث. فقال الإمام أحمد بن حنبل: هذا حديث رواه الكبر عن الكبر عن الصحابي، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فمن شك في ذلك، أو في شيء منه فهو جهمي، لا تقبل شهادته، ولا يسلم عليه، ولا يعاد في مرضه. "إبطال التأويلات" 1/ 145 قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: إلى أي شيء تذهب؟ قال: قال الأعمش: عن زياد بن الحصين، عن أبي العالية، عن ابن ¬

_ (¬1) ذكره ابن تيمية في "بيان تلبيس الجهمية" 7/ 180 وفيه زيادة من قول المروذي: وقد أنكر عليه قوم واعتزلوا أن يصلوا خلفه، وهو أمام. فغضب وقال: . . الرواية. (¬2) رواه الدارقطني في "الرؤية" (286).

عباس قال: رأى محمد ربه بقلبه (¬1). وقال الأثرم: أن رجلًا قال لأحمد: عن حسن الأشيب أنه قال: لم ير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ربه تعالى. فأنكر عليه إنسان، وقال: لم لا تقول: رآه، ولا تقول: بعينيه ولا بقلبه كما جاء الحديث؟ ! فاستحسن الأشيب، فقال أبو عبد اللَّه: حسن. "الروايتين والوجهين - مسائل العقيدة" ص 63 قال أبو بكر المروذي: حدثني عبد الصمد بن يحيى الدهقان، قال: سمعت شاذان يقول: أرسلت إلى أبي عبد اللَّه أستأذنه في أن أحدث بحديث قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس: "رأيت ربي"، فقال: حدِّث به، فقد حدَّث به العلماء. "الروايتين والوجهين - مسائل العقيدة" ص 68 قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إنهم يقولون: ما رواه إلا شاذان. فغضب، وقال: من قال هذا؟ ! ثم قال: أخبرني عفان، حدثنا عبد الصمد بن كيسان، حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "رأَيت ربي عَزَّ وَجَلَّ ". قال المروذي: فقلت: يا أبا عبد اللَّه، إنهم يقولون: ما روى قتادة عن عكرمة شيئًا، فقال: من قال هذا؟ أخرج خمسة أو ستة أحاديث أو سبعة عن قتادة عن عكرمة. "طبقات الحنابلة" 3/ 81 - 82 نقل حنبل، عن الإمام أحمد كما رواه عنه الخلال قال: قلت لأبي عبد اللَّه: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى ربه؟ قال: رؤيا حلم رآه بقلبه. روى الخلال، عن جعفر بن محمد، حدثني أبو عبد اللَّه قال: قرأت على أبي قرة الزبيدي عن ابن جريح. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 223، ومسلم (176).

أخبرني عطاء أنه سمع ابن عباس يقول: رأى محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ربه بقلبه مرتين. قلت: يا أبا عبد اللَّه، عائشة تقول: لم يره، وأظن أني قلت له: وأبو ذر قال: قد اختلفوا في رؤية الدنيا ولم يختلف في رؤية الآخرة إلا هؤلاء الجهمية. قلت: تعيب على من يكفرهم؟ قال: لا. قلت: فيكفرون؟ قال: نعم. "بيان تلبيس الجهمية" 7/ 169 - 170 وروى الخلال عن حبيش بن سندي أن أبا عبد اللَّه سئل عن: حديث ابن عباس أن محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى ربه، فقال: بعضهم يقول: بقلبه. فقيل له: أيما أثبت عندك؟ فقال: في رؤية الدنيا قد اختلفوا فيها، وأما في رؤية الآخرة فلم يختلف فيها إلا هؤلاء الجهمية. قيل له: تعيب على من يكفرهم؟ قال: لا. قيل: فيكفرون؟ قال: نعم. "بيان تلبيس الجهمية" 7/ 171. قال الخلال: أنا أبو بكر المروذي قال: قرأت على أبي عبد اللَّه قال: قرأت على أبي قرة الزبيدي، عن ابن جريح قال: أخبرني عطاء أنه سمع ابن عباس يقول: رأى محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ربه مرتين. "بيان تلبيس الجهمية" 7/ 172. قال الخلال: أخبرنا المروذي، عن أبي عبد اللَّه، عن وكيع، ثنا عباد الناجي، سمعت عكرمة يقول: نعم. رأى محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ربه حتى انقطع نفسه. قال الخلال: وأخبرنا المروذي، عن أبي عبد اللَّه، عن يزيد بن عباد قال: سألت الحسن وعكرمة عن قول اللَّه تعالى {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)} [النجم: 1] قالا: إذا غاب فذكر الحديث {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8)} [النجم: 8]. قال الحسن: (هو ربي) {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)} [النجم: 9] فقلت:

يا أبا سعيد هل شاهده؟ قال: نعم. فقرأها حتى بلغ {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] فتلكأ الحسن وقال: رأى عظمة ربه ورأى أشياء، فقال عكرمة: ما تريد؟ قال: أريد أن تبين لي فقال: قد رآه ثم رآه. "بيان تلبيس الجهمية" 7/ 173 - 174. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قرأت على أبي عبد اللَّه: إبراهيم بن الحكم حدثني أبي عن عكرمة قال: سألت ابن عباس: هل رأى محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ربه؟ قال: نعم رآه دونه ستر من لؤلؤ. قال المروذي: قرأته عليه بطوله فصححه. "بيان تلبيس الجهمية" 7/ 180. وقال أبو بكر الخلال: أنا محمد بن علي الوراق قال: ثنا إبراهيم بن هانئ ثنا أحمد بن عيسى وقال له أحمد بن حنبل: حدثهم به في منزل عمه ثنا عبد اللَّه بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال أن مروان بن عثمان حدثه عن عمارة بن عامر عن أم الطفيل -امرأة أبي بن كعب- أنها قالت: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يذكر أنه رأى ربه في المنام في صورة شاب موفَّر رجلاه في خضر عليه نعلان من ذهب على وجهه فراش من ذهب. "بيان تلبيس الجهمية" 7/ 191 - 192. وقال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: فشاذان فكيف هو؟ قال: ثقة، وجعل يثبته، وقال: في هذا يشنع به علينا؟ قلت: أفليس العلماء تلقته بالقبول؟ قال: بلى. قلت: إنهم يقولون أن قتادة لم يسمع من عكرمة؟ قال: هذا لا يدري الذي قال، وغضب وأخرج إليَّ كتابه فيه أحاديث بما سمع قتادة من عكرمة فإذا ستة أحاديث، سمعت عكرمة.

قال أبو عبد اللَّه: قد ذهب من يحسن هذا، وعجب من قول من قال: لم يسمع، وقال: سبحان اللَّه، هو قدم بالبصرة فاجتمع عليه الخلق، وقال يزيد بن حازم: رواه حماد بن زيد أن عكرمة سأل عن شيء من التفسير فأجابه قتادة. "بيان تلبيس الجهمية" 7/ 195 - 196. قال عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا الأسود بن عامر قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "رأيت ربي في صورة شاب أمرد له وفرة جعد قطط في روضة خضراء". "بيان تلبيس الجهمية" 7/ 197 - 198، 223 - 224. ذكر أبو بكر الأثرم في "كتاب العلل"، قال: سألت أحمد عن حديث فيه عبد الرحمن بن عائش الذي روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "رأيت ربي في أحسن صور"؟ فقال: يضطرب في إسناده، لأن معمرًا رواه عن أيوب عن أبي قلابة عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن أبي قلابة، عن خالد بن اللجلاج، عن ابن عائش، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه حماد بن سلمة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه يوسف بن عطية، عن قتادة، عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ورواه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن خالد بن اللجلاج، عن عبد الرحمن بن عائش سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه يزيد بن يزيد بن جابر، عن خالد بن اللجلاج، عن عبد الرحمن بن عائش، عن رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه يحيى بن أبي كثير فقال: عن ابن عائش، عن مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل، عن النبي، وأصل الحديث واحد، وقد اضطربوا فيه. "بيان تلبيس الجهمية" 7/ 215 - 217.

80 - باب جامع في صفات الله تعالى وتنزيهه

80 - باب جامع في صفات اللَّه تعالى وتنزيهه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد -رضي اللَّه عنه-: "ينزلُ ربُّنا تبارك وتعالى اسمه كل ليلةٍ حين يبقى تلث الليل الآخر إلى السماءِ الدُّنيا". أليس تقولُ بهذِه الأحاديث؟ ويرون -أهل الجنة- ربَّهم عَزَّ وَجَلَّ، "ولا تقبحوا الوجه فإنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خلقَ آدمَ على صورته " -يعني: صورة رب العالمين- "واشتكتِ النارُ إلى ربِّها عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يضعَ اللَّه فيها قدمه"، وأن موسى عليه السلام لطم ملك الموت عليه السلام. قَالَ الإمام أحمد: كلُّ هذا صحيح. قَالَ إسحاق: كل هذا صحيح، ولا ينكره إلا مبتدعٌ أو ضعيف الرأي. "مسائل الكوسج" (3290) قال حرب: وقال إسحاق: لا يجوز التفكر في الخالق، ويجوز للعباد أن يتفكروا في المخلوقين بما سمعوا فيهم ولا يزيدون على ذلك؛ لأنهم إن فعلوا تاهوا. "مسائل حرب" ص 427 قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سريج بن النعمان، قال: أخبرني عبد اللَّه بن نافع، قال: كان مالك بن أنس رحمه اللَّه يقول: الإيمان قول وعمل، ويقول: كلم اللَّه موسى، وقال: ملك اللَّه في السماء، وعلمه في كل مكان، لا يخلو منه شيء، وتلا هذه الآية {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: 7] وعظم عليه الكلام في هذا -أو استشنعه- من قال: القرآن مخلوق يوجع ضربًا، ويحبس حتى يتوب. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 107 (11)، 1/ 280 (532) "العلل" برواية عبد اللَّه (4783) قال عبد اللَّه حدثني أبي، نا حسن بن موسى الأشيب، نا أبو هلال محمد بن سليم الراسبي، نا رجل أن ابن رواحة قال للحسن: هل تصف

ربك عز وجل قال: نعم، أصفه بغير مثال. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 493 (1132) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أخبرنا ابن أتش، حدثنا عمران، عن وهب قال: قال موسى عليه السلام: يا رب، إنهم يسألونني كيف كان بدؤك؟ قال: فأخبرهم أني الكائن قبل كل شيء، والمكون لكل شيء، والكائن بعد كل شيء (¬1). "الزهد" ص 84 قال أبو بكر المروذي: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل رحمه اللَّه عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والأسماء والرؤية وقصة العرش فصححها، وقال: تلقتها العلماء بالقبول، تسلم الأخبار كما جاءت (¬2). قال المروذي: أرسل أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة إلى أبي عبد اللَّه يستأذنانه في أن يحدثا بهذِه الأحاديث التي تردها الجهمية، فقال أبو عبد اللَّه: حدثوا بها فقد تلقاها العلماء بالقبول، وقال أبو عبد اللَّه: تسلم الأخبار كما جاءت. "الشريعة" ص 262 (671 - 672) قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: نعبد اللَّه بصفاته، كما وصف به نفسه؛ قد أجمل الصفة لنفسه؛ ولا نتعدى ذلك، نؤمن بالقرآن كله، محكمه ومتشابهه، ولا نزيل عنه تعالى ذكره صفة من صفاته، لشناعة شنعت، ولا نزيل ما وصف به نفسه من كلام، ونزول، وخلوه بعبد يوم القيامة، ووضع كنفه عليه، هذا كله يدل على أن اللَّه يُرى في الآخرة، والتحديد ¬

_ (¬1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" 4/ 27. (¬2) رواه ابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" 1/ 138، ونقلها الذهبي في "الأربعين" ص 86 (89) عن الخلال في "السنة".

في هذا بدعة، والتسليم للَّه بأمره، ولم يزل اللَّه متكلمًا عالمًا، غفورًا، عالم الغيب والشهادة، عالم الغيوب؛ فهذِه صفات اللَّه وصف بها نفسه، لا تدفع، ولا ترد، وقال: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} [الحشر: 23]. هذِه صفات اللَّه وأسماؤه، وهو على العرش بلا حد، وقال: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} كيف شاء، المشيئة إليه والاستطاعة {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] كما وصف نفسه، سميع بصير، بلا حد، ولا تقدير. قلت لأبي عبد اللَّه: والمشبهة ما يقولون؟ قال: بصر كبصري، ويد كيدي، وقدم كقدمي. فقد شبه اللَّه بخلقه وهذا كلام سوء، والكلام في هذا لا أحبه. وأسماؤه وصفاته غير مخلوقة؛ نعوذ باللَّه من الزلل والارتياب والشك، إنه على كل شيء قدير (¬1). "الإبانة" لابن بطة كتاب "الرد على الجهمية" 3/ 326 - 327 (252). وقال في رواية أبي طالب: "قلب العبد بين أصبعين" (¬2)، و"خلق آدم بيده" (¬3) وكلما جاء الحديث مثل هذا قلنا به. قال حنبل: قال أبو عبد اللَّه في الأحاديث التي تروى "إن اللَّه تبارك ¬

_ (¬1) رواها الخلال في "السنة" 2/ 225 - 226 (1858)، وآثارنا ذكرها عن ابن بطة لوجود زيادة كبيرة ليست عند الخلال، وقد ذكرها ابن تيمية في "بيان تلبيس الجهمية" 2/ 622 - 628، 6/ 512 - 513. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 168، ومسلم (2654) من حديث عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنهما-. (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 392، والبخاري (3340)، ومسلم (194) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

وتعالى ينزل إلى سماء الدنيا" واللَّه يُرى، وأنه يضع قدمه وما أشبه بذلك: نؤمن بها ونصدق بها، ولا كيف ولا معنى، ولا نرد شيئًا منها، ونعلم أن ما قاله الرسول صلى اللَّه عليه وسلم حق إذا كانت بأسانيد صحاح (¬1). "إبطال التأويلات" 1/ 45 قال المروذي: ذكرت لأبي عبد اللَّه حديث محمد بن سلمة الجراني، عن عبد الرحمن قال: حدثني زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال، عن أبي عبيدة، عن مسروق قال: حدثنا عبد اللَّه بن مسعود، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2). .، قال أبو عبد اللَّه: هذا حديث غريب لم يقع إلينا عن محمد بن سلمة. واستحسنه. "إبطال التأويلات" 1/ 157 قال الخلال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل، حدثني أبي -حنبل بن إسحاق- قال: قال عمي: نحن نؤمن بأنه تعالى على العرش كيف شاء، وكما شاء، بلا حد، ولا صفة يبلغها واصف، ويحده أحد، فصفات اللَّه له ومنه، وهو كما وصف نفسه؛ لا تدركه الأبصار بحد ولا غاية، وهو يدرك الأبصار، وهو عالم الغيب والشهادة، علام الغيوب، ولا يدركه وصف واصف، وهو كما وصف نفسه، ليس من اللَّه تعالى شيء محدود، ولا يبلغ علم قدرته أحد، غلب الأشياء كلها بعلمه وقدرته وسلطانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] وكان اللَّه ¬

_ (¬1) ذكره ابن تيمية في "بيان تلبيس الجهمية" 6/ 510 - 511، وعزاه للخلال في "السنة"، عن علي بن عيسى، عن حنبل به، وفيه زاد: ولا يرد على اللَّه تعالى قوله، ولا يوصف اللَّه تعالى بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}. (¬2) هذا حديث طويل رواه الطبراني في "الكبير" 9/ 357 - 361.

تعالى قبل أن يكون شيء، واللَّه تعالى الأول، وهو الآخر ولا يبلغ أحد حد صفاته، والتسليم لأمر اللَّه تعالى والرضا بقضائه، نسأل اللَّه التوفيق والسداد، إنه على كل شيء قدير. "بيان تلبيس الجهمية" 2/ 620 - 621 قال الخلال: وأخبرني علي بن عيسى أن حنبلًا حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الأحاديث التي تروى: أن اللَّه تعالى ينزل إلى سماء الدنيا، وأن اللَّه تعالى يُرى، وأن اللَّه تعالى يضع قدمه وما أشبه هذِه الأحاديث؟ فقال أبو عبد اللَّه: نؤمن بها، ونصدق بها، بلا كيف ولا معنى، ولا نرد منها شيئا، ونعلم أن ما جاءت به الرسل حق، ونعلم أن ما ثبت عن رسول اللَّه حق إذا كانت بأسانيد صحيحة، ولا نرد على قوله، ولا نصف اللَّه تبارك وتعالى بأعظم مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية. قال حنبل في موضع آخر: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} في ذاته كما وصف به نفسه، قد أجمل تبارك وتعالى بالصفة لنفسه، فحد لنفسه صفة، ليس يشبهه شيء، فيعبد اللَّه تعالى بصفاته، غير محدودة، ولا معلومة، إلا بما وصف به نفسه، قال تعالى {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. قال حنبل في موضع آخر قال: فهو سميع بصير بلا حد ولا تقدير، ولا يبلغ الواصفون صفته، وصفاته منه وله، ولا نتعدى القرآن والحديث، فنقول كما قال، ونصفه كما وصف نفسه تعالى ولا نتعدى ذلك، ولا تبلغه صفة الواصفين. "بيان تلبيس الجهمية" (2/ 622 - 624، 6/ 510 - 512 وقال حنبل: وقال: قال إبراهيم لأبيه: {لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [مريم: 42] فثبت أن اللَّه تعالى سميع بصير، صفاته

منه، لا نتعدى القرآن والحديث والخبر، "يضحك اللَّه" (¬1) ولا يعلم كيف ذلك إلا بتصديق الرسول صلى اللَّه عليه وسلم وبتثبيت القرآن، لا يصفه الواصفون والمشبهة، ولا يحده أحد، تعالى اللَّه عما يقول الجهمية والمشبهة. وقال أبو عبد اللَّه: قال لي إسحاق بن إبراهيم لما قرأ الكتاب بالمحنة: تقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فقلت له: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] قال: ما أردت بها؟ قلت: القرآن صفة من صفات اللَّه تعالى وصف بها نفسه، لا ننكر ذلك ولا نرده. قلت له: المشبهة ما يقولون؟ قال: من قال: بصر كبصري، ويد كيدي. وقال حنبل في موضع آخر: وقدم كقدمي فقد شبه اللَّه تعالى بخلقه (¬2)، وهذا يحده، وهذا كلام سوء، وهذا محدود، الكلام في هذا لا أحبه. قال عبد اللَّه (¬3): جردوا القرآن، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يضع قدمه"، نؤمن به لا نحده، ولا نرده على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، بل نؤمن به، قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7] قد أمرنا اللَّه بالأخذ بما جاء، والنهي عما نهى، وأسماؤه وصفاته منه غير مخلوقة، ونعوذ باللَّه من الشرك والارتياب والشك، إنه على كل شيء قدير. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 175 - 176، والبخاري (6573)، ومسلم (182) من حديث أبي هريرة. (¬2) ذكره ابن القيم في "اجتماع الجيوش الإسلامية" ص 99 - 100. (¬3) أي: عبد اللَّه بن مسعود.

وقال الخلال: وزادني أبو القاسم الجبلي، عن حنبل في هذا الكلام: وقال اللَّه تبارك وتعالى: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} [الحشر: 23] وهذِه صفات اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وأسماؤه تبارك وتعالى. "تلبيس الجهمية" 2/ 625 - 628، 6/ 513 - 516. روى الخلال في "كتاب السنة" عن أبي طالب قال: قلت لأبي عبد اللَّه: قال أبو إسحاق بن أبي الليث: الذين يصفون ربهم، يقول هو السميع البصير، قال: عافاه اللَّه، كأنه أعجبه قوله. قلت: ما تقول أنت؟ قال: أقول كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ووصف، لا يجوز الحديث، قال: "بين أصبعين"، وقال: "خلق اللَّه آدم" وكما جاء في الحديث مثل هذا قلنا مثله. قلت: فنحن الذين يصفون؟ قال: نعم، كما جاء وصف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا نجوزه. "بيان تلبيس الجهمية" 6/ 173 - 174. قال أبو بكر الخلال في كتاب "السنة": أخبرني يوسف بن موسى أن أبا عبد اللَّه قيل له: ولا يشبه ربنا شيئًا من خلقه، ولا يشبهه شيء من خلقه، قال: نعم، ليس كمثله شيء. "بيان تلبيس الجهمية" 6/ 509. قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر؛ أن أبا الحارث حدثهم، قال: قلت لأبي عبد اللَّه: ما معنى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه يدني العبد يوم القيامة فيضع عليه كنفه"، قال: هكذا يقول: "يدنيه ويضع كنفه عليه" كما قال، ويقول له: "أتعرف ذنب كذا". "بيان تلبيس الجهمية" 8/ 193.

كتاب: القرآن كلام الله والرد على الجهمية

كتاب: القرآن كلام اللَّه والرد على الجهمية 81 - باب: القرآن كلام اللَّه قال أبو الفضل صالح: حدثني أبي قال: حدثنا سريج بن النعمان قال: أخبرني عبد اللَّه بن نافع قال: كان مالك يقول: كلم اللَّه موسىى عليه السلام. ويقول: القرآن كلام اللَّه، ويستفظع قول من يقول: القرآن مخلوق. وقال: ويوجع ضربًا، ويحبس حتى يتوب. "سيرة الإمام أحمد" لصالح ص 66. وقال: قال أبي: بلغني أن إسماعيل ابن عُلية، دخل على محمد بن هارون وهو على سرير عَلية، فلما نظر إليه جعل يزحف على سريره، ويقول له: يا ابن الفاعلة، أنت المتكلم في القرآن. قال: فجعل إسماعيل يقول له: جعلني اللَّه فداك يا أمير المؤمنين، زلة من عالم. "سيرة الإمام أحمد" لصالح ص 67. وقال: قال أبي: أسماع اللَّه في القرآن، والقرآن من علم اللَّه، وعلم اللَّه ليس بمخلوق، والقرآن كلام اللَّه ليس بمخلوق على كل وجه، وعلى كل جهة، وعلى أي حال. فقيل لأبي عبد اللَّه: قوم يقولون: إذا قال الرجل: كلام اللَّه ليس بمخلوق. يقولون: ما إمامك في هذا؟ ومن أين قلت: ليس بمخلوق؟ قال: الحجة قول اللَّه تبارك وتعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [آل عمران: 61] فما جاءه غير القرآن.

قال: القرآن من علم اللَّه، وعلم اللَّه ليس بمخلوق، والقرآن كلام اللَّه ليس بمخلوق، ومثل هذا في القرآن كثير. قيل له: يجزئ أن أقول هذا قول جهم، وعلى كل حال هو كلام اللَّه. قال: نعم. قيل له: فأحد من العلماء قال: ليس بمخلوق؟ قال: جعفر بن محمد. قال صالح: فحدثني أبي: أملاه عليَّ من كتابه، قال: حدثنا موسى بن داود قال: حدثنا أبو عبد الرحمن بن معبد، عن معاوية بن عمار الدهني قال: قلنا لجعفر: إنهم يسألونا عن القرآن أمخلوق هو؟ قال: ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام اللَّه. قال أبي: وقد رأيت معبدًا، وبلغني أنه كان يفتي برأي ابن أبي ليلى (¬1). "سيرة الإمام أحمد" لصالح ص 69. قال أبو داود: سمعت أحمد وذكر القرآن فقال: سمعت أبا النضر يقول: ليس بمخلوق. وقال: سمعت أحمد يقول: قيل لي: ما تقول، أراه في شيء فيما مضى؟ قال: فقلت: لا يكون من اللَّه شيء مخلوق. "مسائل أبى داود" (1703 - 1704) قال أبو داود: سمعت إسحاق بن إبراهيم بن راهويه، وهناد بن ¬

_ (¬1) رواه البخاري في "خلق أفعال العباد" ص 28 (86)، وأبو داود في "مسائله" ص 356 (1712)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب: الرد على الجهمية 1/ 287 - 288 (54، 55)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 2/ 241 - 243، والمزي في "تهذيب الكمال" 28/ 203 - 204. وقال الألباني في "مختصر العلو" ص 148: الأثر ثابت عن جعفر بن محمد.

السري، وعبد الأعلى بن حماد، وعبيد اللَّه بن عمر بن ميسرة، وحكيم ابن سيف الرقي، وأيوب بن محمد الرقي، وسوار بن عبد اللَّه، والربيع صاحب الشافعي، وعبد الوهاب بن الحكم، ومحمد بن الصباح بن سفيان، وعثمان بن شيبة، ومحمد بن بكار بن الريان، وأحمد بن جواس الحنفي، ووهب بن بقية، ومن لا أحصيهم من علمائنا، كل هؤلاء سمعتهم يقولون: القرآن كلام اللَّه ليس بمخلوق، وبعضهم قال: القرآن غير مخلوق. "مسائل أبي داود" (1720) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: على كل حال من الأحوال، القرآن كلام اللَّه، غير مخلوق. "مسائل ابن هانئ" (1882) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: بلغ محمد ابن زبيدة أمير المؤمنين، أن إسماعيل ابن علية، يقول: القرآن مخلوق، قال: فبعث إليه، فجيء به، فلما دخل عليه فبصر به أمير المؤمنين، قال له: يا ابن الفاعلة -من البعد- أنت الذي تقول: القرآن مخلوق، أو قال: كلام اللَّه مخلوق؟ قال: فوقف إسماعيل، فجعل ينادي: يا أمير المؤمنين، جعلني اللَّه فداءك، زلَّة من عالم، يا أمير المؤمنين جعلني اللَّه فداءك، زلَّة من عالم. قال: ثم أمر به فأخرج، وأمر ألا يحدث. سمعت أحمد يقول: إني لأرجو أن يرحم اللَّه محمد ابن زبيدة بإنكاره على إسماعيل. "مسائل ابن هانئ" (1892) قال حرب بن إسماعيل: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار قال: أدركت الناس منذ سبعين سنة، أدركت أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فمن دونهم يقولون: اللَّه الخالق وما سواه مخلوق،

إلا القرآن فإنه كلام اللَّه منه خرج وإليه يعود (¬1). قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل وعمرو بن العباس، قالا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن زيد بن أرطاة، عن جبير بن نفير، قال: قال رسول اللَّه: "إنكم لن ترجعوا إلى اللَّه بشيء أفضل مما خرج منه" يعني: القرآن (¬2). "مسائل حرب" ص 421 قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: ثنا أسود بن عامر، قال: ثنا إسرائيل، عن عثمان بن المغيرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد اللَّه قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعرض نفسه على الناس بالموقف، فيقول: "هل من رجل يحملني إلى قومه فإن قريشًا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 226 - 227 (1865)، والبيهقي 10/ 43، وفي "الأسماء والصفات" (532)، والذهبي في "العلو" 2/ 1020 (382)، قال الألباني في "مختصر العلو" ص 164 (153): إسناده صحيح مسلسل بالثقات الحفاظ. ورواه البخاري في "خلق أفعال العباد" ص 7 (1) من طريق الحكم بن محمد الطبري، عن سفيان، به، وجوّد الألباني إسناده. (¬2) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 46، والترمذي (2912)، وأبو داود في "المراسيل" (538)، والخلال في "السنة" 2/ 285 (1960) مرسلًا. قال البخاري في "خلق أفعال العباد" (454): هذا الخبر لا يصح لإرساله وانقطاعه. وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (2542) وانظر: "الضعيفة" (1957). وقد روي موصولًا: رواه الحاكم 1/ 555 والبيهقي في "الأسماء والصفات" (503) من طريق زيد بن أرطاة، عن جبير بن نفير، عن أبي ذر الغفاري مرفوعًا به. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 390، وأبو داود (4734)، والترمذي (2925)، وابن ماجه (201) وصححه الحاكم 2/ 613، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، والحديث صححه الألباني في "الصحيحة" (1947).

قال حرب: حدثنا إسحاق قال: أخبرنا جرير، عن ليث بن أبي سليم، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء قال: قال عمر: إن هذا القرآن كلام اللَّه، فلا (عرفتكم) (¬1) ما عطفتموه على أهوائكم (¬2). "مسائل حرب" ص 422 قال عبد اللَّه بن أحمد: سمعت أبي، وسأله عبد اللَّه بن عمر -المعروف بمشكدانه- عن القرآن؟ فقال: كلام اللَّه، وليس بمخلوق. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 132 (79) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية -يعني: ابن صالح- عن العلاء بن الحارث، عن زيد بن أرطاة، عن جبير بن نفير قال: قال رسول اللَّه: "إنكم لن ترجعوا إلى اللَّه عز وجل بشيء أفضل مما خرج منه" يعني: القرآن. قال أبي: كذا قال عبد الرحمن. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 140 (109)، 2/ 497 (1143) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه: ثنا جرير، عن منصور بن المعتمر، عن هلال بن يساف، عن فروة بن نوفل الأشجعي قال: كنت جارًا لخباب، فخرجنا يومًا من المسجد وهو آخذ بيدي فقال: يا هناه، تقرب إلى اللَّه ما استطعت، فإنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه -يعني: القرآن (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 141 - 142 (111) ¬

_ (¬1) كذا في المطبوع من المسائل، وفي "سنن الدارمي": (أعرفنكم). (¬2) رواه الدارمي في "سننه" (3398)، وعبد اللَّه بن أحمد في "السنة" 1/ 144 - 145 (117 - 118)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 1/ 591 (521). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 136 (30089)، والآجري في "الشريعة" ص 69 (148)، وصححه الحاكم 2/ 441.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، حدثنا أسود بن عامر، أنا أبو بكر -يعني: ابن عياش- عن الأعمش، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فضل القرآن على الكلام كفضل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ على عباده" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 148 (124)، 2/ 495 (1137) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، ثنا موسى بن داود، ثنا أبو عبد الرحمن معبد، عن معاوية بن عمار الدهني قال: قلت لجعفر -يعني: ابن محمد: إنهم يسألون عن القرآن، مخلوق هو؟ قال: ليس بخالق ولا مخلوق ولكنه كلام اللَّه. قال أبي: قد رأيت معبدًا هذا، ولم يكن به بأس. وأثنى عليه أبي وكان يفتي برأي ابن أبي ليلى (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 151 - 152 (132) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: بلغني عن إبراهيم بن سعد، وسعيد ابن عبد الرحمن الجمحي، ووهب بن جرير، وأبي النضر هاشم بن القاسم، وسليمان بن حرب قالوا: القرآن كلام اللَّه ليس بمخلوق. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 154 (138) ¬

_ (¬1) رواه البيهقي في "الأسماء والصفات" 1/ 596 من طريق أحمد بن يونس، عن أبي بكر بن عياش، به، من قول الحسن، وقد جاء موصولا بنحوه من حديث أبي سعيد الخدري، رواه الترمذي (2926) وغيره. وقال عنه ابن أبي حاتم في "العلل" 2/ 82: حديث منكر. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (1335). (¬2) رواه البخاري في "خلق أفعال العباد" ص 28 (86)، وأبو داود في "مسائله" ص 356 (1712)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 287 - 288 (55 - 54) واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 2/ 241 - 243، والمزي في "تهذيب الكمال" 28/ 203 - 204. وقال الألباني في "مختصر العلو" ص 148: الأثر ثابت عن جعفر بن محمد.

قال عبد اللَّه: حدثني مهنا أبو عبد اللَّه السلمي قال: سألت أحمد بن حنبل بعد ما أخرج من السجن بسنتين: ما تقول في القرآن؟ فقال: كلام اللَّه غير مخلوق. وقال: من روى عني غير هذا القول فهو مبطل. قلت له: إن بعض من ذكر عنك أنك قلت له: هو كلام اللَّه لا مخلوق ولا غير مخلوق، ولكن هو كلام اللَّه، فقال أحمد: أبطل، ما قلت هذا، ولكنه هو كلام اللَّه غير مخلوق. قال عبد اللَّه: حدثني مهنا أبو عبد اللَّه السلمي قال: سألت حارثًا البقال: ما تقول في القرآن؟ فقال: القرآن كلام اللَّه عز وجل لا أقول غير هذا. فقلت له: إن أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل يقول: هو كلام اللَّه غير مخلوق، فقال لي: إن أبا عبد اللَّه لثقة عدل. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 280 (529 - 530). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أمية بن خالد، نا سفيان بن سعيد الثوري، عن طلحة بن يحيى، عن أبي بريدة، أن أبا موسى وجد كتابًا فقال: لولا أني أخشى أن يكون فيه شيء من كتاب اللَّه لأحرقته (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 465 (1057) قال الخلال: أخبرني أحمد بن حمدويه الهمداني، قال: حدثني محمد ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة كما في "إتحاف الخيرة" 1/ 244 (363). قال البوصيري: هذا إسناد رجاله ثقات. وروى البزار 8/ 134 (3142، 3143) عن أبي بردة قال: قال لي أبي: ما تسمع مني؟ قلت: بلى. قال: فأتني به. فقلت: أنا أكتبه. قال: فأتني به. فأتيته فمحاه ثم قال: احفظ كما حفظنا عن رسول اللَّه. قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 151: رواه الطبراني في "الكبير" والبزار بنحوه. إلا أن البزار قال: أحفظ كما حفظنا عن رسول اللَّه. ورجاله رجال الصحيح اهـ. ورواه ابن أبي داود في "المصاحف" ص 195.

ابن أبي عبد اللَّه الهمداني، قال: ثنا عيسى بن علي، قال: ثنا المثنى -يعني: الأنباري- قال: قال أبو الحسين -يعني: عبد الوهاب: سألني أبو طالب عمن حلف ألا يتكلم -وأكبر حفظي- بالطلاق؛ فقرأ القرآن، فقلت: لا يحنث، قال: فأخبرت أبا عبد اللَّه -يعني: أحمد بن حنبل- فأعجبه. قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي قال: سئل أبو عبد اللَّه: ما تقول في رجل حلف ألا يتكلم فقرأ شيئا من القرآن؟ فقلت: إن عبد الوهاب قال: لا يحنث. فتبسم، وقال: عافى اللَّه عبد الوهاب. قيل لأبي عبد اللَّه: كل ما أجاب عبد الوهاب بشيء تقول به! قال: سبحان اللَّه! الناس يختلفون في الفقه، هو موضع. "السنة" للخلال 2/ 223 (1849 - 1850) قال الخلال: وأخبرني علي بن الحسن بن هارون قال: حدثني محمد ابن أبي هارون قال: حدثني أبو بكر بن صالح قال: سمعت عبد الوهاب، وسئل عن رجل حلف ألا يتكلم، فقرأ شيئًا من القرآن؟ فقال: قال أبو عبيد: لم يحنث. قيل لعبد الوهاب: هو كما قال؟ قال: نعم. وذكر عبد الوهاب أن أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل قال: لا يحنث. قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي قال: كتبت إلى أبي بكر الأثرم فكان في كتابه كلام أبي عبد اللَّه: ومن يحتج بقول أبي عبد اللَّه: من حلف بالطلاق ألا يتكلم، فقرأ أنه لا يحنث؛ لأنه لا يتكلم. "السنة" للخلال 2/ 224 (1852 - 1853) قال الخلال: وسمعت عبد اللَّه بن أحمد قال: ذكر أبو بكر الأعين

قال: سئل أحمد بن حنبل عن تفسير قوله: القرآن كلام اللَّه، منه خرج وإليه يعود، فقال أحمد: منه خرج هو المتكلم به، وإليه يعود. "السنة" للخلال 2/ 226 (1859). قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: ثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا أسود بن عامر، قال: ثنا إسرائيل، عن عثمان بن المغيرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يعرض نفسه على الناس بالموقف فيقول: "هل من رجل يحملني إلى قومه؟ ! فإن قريشًا قد منعوني أَن أبلغ كلام ربي" (¬1). "السنة" للخلال 2/ 279 (9951) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يحيى بن غيلان، قال: ثنا رشدين بن سعد، قال: حدثني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب أن عمر رحمه اللَّه قال: هذا القرآن كلام اللَّه (¬2). "السنة" للخلال 2/ 283 (1955) قال الخلال: أخبرني حرب، قال: ثنا أحمد بن حنبل وبشار بن موسى، قالا: ثنا جرير، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن فروة بن نوفل الأشجعي قال: كنت جارًا لخباب، فقال: يا هناه، تقرب إلى اللَّه ما استطعت، فإنك لن تقرب إلى اللَّه بشيء أحب إليه من كلامه (¬3). "السنة" للخلال 2/ 285 - 286 (1961) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 390، وأبو داود (4734)، والترمذي (2925) وصححه، وكذلك الألباني في "الصحيحة" (1947)، وقد تقدم تخريجه. (¬2) لم أقف عليه من هذا الطريق، لكن رواه الدارمي في "سننه" 4/ 2111 (3398) من طريق ليث عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء، وقد تقدم تخريجه. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 136 (30089)، والآجري في "الشريعة" ص 69 (148)، والحاكم 2/ 441 وصححه.

قال الخلال: قال عبد اللَّه: وحدثني أبي قال: ثنا هاشم بن القاسم قال: ثنا أبو عقيل عبد اللَّه بن عقيل الثقفي -ثقة- قال: ثنا مجالد، عن عمير بن شهر الهمداني، وكان وافد همدان إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "انظروا قريشًا، اسمعوا من قولهم، ودعوا فعلهم". قال: وكنت عند النجاشي فأتاه بنون له غلمان بألواح يقرءون عليه من الإنجيل، فقرأ ابن له آية، فضحكت، فقال له النَّجاشي: أتضحك من كلام اللَّه؟ قال: لا، ولكن أضحك عجبًا مما قال غلامك (¬1). "السنة" للخلال 2/ 297 - 298 (2009) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، عن أبي عبد اللَّه، عن موسى ابن داود قال: ثنا أبو عبد الرحمن معبد، عن معاوية بن عمار الدهني قال: قلت لجعفر بن محمد: إنهم يسألوننا عن القرآن: مخلوق هو؟ فقال: ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام اللَّه. "السنة" للخلال 2/ 313 (2071) قال الخلال: وأخبرني حرب قال: ثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا يحيى ابن سعيد، عن مالك بن أنس قال: حدثني نافع قال: كان ابن عمر لا يقرأ القرآن إلا وهو طاهر (¬2). "السنة" للخلال 2/ 315 (2080) قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني قال: قلت لإسحاق -يعني: ابن راهويه- الصبي يكتب القرآن على اللوح يمحوه بالبزاق؟ قال: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 428 واللفظ له، وأبو داود (4736)، وابن أبي عاصم في "السنة" (1543)، وصححه ابن حبان (4585) والألباني في "الصحيحة" (1577). (¬2) رواه عبد الرزاق 1/ 338 (1314)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 278 - 277 (44) بنحوه.

يمحوه بالماء، ولا يعجبني أن يبزق عليه. وكره أن يمحوه بالبزاق. "السنة" للخلال 2/ 316 (2088) قال حمويه بن يونس إمام مسجد جامع قزوين: حدثنا جعفر بن محمد ابن فضيل الرأسي -رأس العين- قال: حدثنا عبد اللَّه بن صالح -كاتب الليث بن سعد- قال: حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- في قول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} [الزمر: 28] قال: غير مخلوق. وقال حمويه بن يونس: بلغ أحمد بن حنبل هذا الحديث، فكتب إلى جعفر بن محمد بن فضيل يكتب إليه بإجازته، فسرَّ أحمد لهذا الحديث (¬1). "الشريعة" للآجري ص 69 - 70 (150) قال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد اللَّه عن عباس النرسي فقلت: كان صاحب سنة، فقال: رحمه اللَّه تعالى. قلت: بلغني عنه، قال: ما قولي: القرآن غير مخلوق إلا كقولي: لا إله إلا اللَّه، فضحك أبو عبد اللَّه وسرَّ بذلك. قلت: يا أبا عبد اللَّه، أليس هو كما قال؟ قال: بلى، ولكن هذا الشيخ دلنا عليه لوين على شيء لم نفطن له، قوله: إن أول ما خلق اللَّه من شيء خلق القلم. ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب: الرد على الجهمية 2/ 289 (57 - 58) واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 2/ 242 (355)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 1/ 590 (518)، وذكره السيوطي في "الدر" 5/ 326 وزاد نسبته لابن مردويه.

قلت: يا أبا عبد اللَّه، أنا سمعته يقول، قال: سبحان اللَّه! ما أحسن ما قال: كأنه كشف عن وجهي الغطاء، ورفع يده إلى وجهه. قلت: إنه شيخ قد نشأ بالكوفة، فقال أبو عبد اللَّه: إن واحد الكوفة واحد، ثم ذكر حديث ابن عباس لكنه: أول ما خلق اللَّه من شيء خلق القلم، فقال: لم يروَ وقد كتبناه. ثم قال: نظرت فيه، فإذا قد رواه خمسة عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه (¬1). "الشريعة" للآجري ص 73 (167) ¬

_ (¬1) روي من طرق بعضها موقوف وبعضها مرفوع، والموقوف على ابن عباس له حكم الرفع؛ لأنه لا يقال من قبل الرأي. وسنقتصر على ذكر خمس طرق كما جاء وهي: الأولى: طريق أبي الضحى عن ابن عباس: رواه الطبري في "تفسيره" 12/ 175، وعبد بن حميد في "تفسيره" كما في "الدر" 6/ 387، والآجري في "الشريعة" ص 153 (326) موقوفًا، ورواه الطبرانيُّ 11/ 433 مرفوعا. الثانية: طريق سعيد بن جبير: رواه ابن أبي عاصم في "السنة" (108) وأبو يعلى 4/ 217 (2329)، وأبو نعيم في "الحلية" 8/ 181، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 237 (803) مرفوعًا. الثالثة: طريق أبي ظبيان: رواه الطبري في "تفسيره" 12/ 175، وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 8/ 80، والآجري في "الشريعة" ص 154 (327)، والحاكم 2/ 498، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 239 (804) موقوفا. الرابعة: طريق مقسم: رواه الدولابي في "الكنى" 2/ 8 (1793)، والآجري في "الشريعة" ص 153 (325)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب القدر 1/ 345 (1376) موقوفا. الخامسة: طريق مجاهد: رواه الطبري 12/ 178، والآجري في "الشريعة" ص 154 (327)، وابن بطة في "الإبانة" ك القدر 1/ 338 (1371) موقوفًا. قلت: والحديث المرفوع صححه الألباني في "ظلال الجنة"، و"السلسلة الصحيحة" (133)، وللحديث فوائد ذكرها العلامة الألباني فلينظر.

قال أبو بكر المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: ولا نرضى أن نقول: كلام اللَّه. ونسكت حتى نقول: إنه غير مخلوق. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 1/ 314 (115) قال إسحاق بن أحمد الكاذي: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا حسين بن محمد قال: حدثنا أبو معشر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: من أخذ القرآن وهو شاب، اختلط بلحمه ودمه، وكان رفيق السفرة الكرام البررة، ومن أخذه كبيرًا وهو حريص عليه ويتفلت منه فذاك الذي له أجره مرتين (¬1). "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 363 - 364 (173) قال الحسين بن البزار: قيل لأبي عبد اللَّه: إن لوينًا قال: إن أول ما خلق اللَّه القلم؛ فأول الخلق القلم، وكلام اللَّه قبل خلق القلم، فاستحسنه أبو عبد اللَّه وقال: أبلغ منهم بما حدث. "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 2/ 25 (217) قال محمد بن سليمان الجوهري: قلت لأبي عبد اللَّه أحمد بن محمد ابن حنبل: ما تقول في القرآن؟ قال: عن أي باله تسأل؟ قلت: كلام اللَّه، فقال: كلام اللَّه وليس بمخلوق، ولا تحرج أن تقول ليس بمخلوق، فإن كلام اللَّه من ألله ومن ذات اللَّه، وتكلم اللَّه به، وليس من اللَّه شيء مخلوق. قال أحمد بن الحسن الترمذي: سألت أبا عبد اللَّه، قال: قد وقع من ¬

_ (¬1) رواه ابن عدي في "الكامل" 6/ 95 من طريق عمر بن طلحة، عن سعيد المقبري به، وقال: وعمر بن طلحة له غير ما ذكرت من الحديث وأحاديثه عن سعيد المقبري بعضه مما لا يتابعه عليه أحد. وانظر: "المقاصد الحسنة" ص 341.

أمر القرآن ما قد وقع، فإن سئلت عنه، ماذا أقول؟ قال لي: ألست أنت مخلوقًا؟ قلت: نعم. قال: أليس كل شيء منك مخلوقًا؟ قلت: نعم. قال: فكلامك، أليس هو منك وهو مخلوق؟ قلت: نعم. قال: فكلام اللَّه أليس هو منه؟ قلت: نعم. قال: فيكون شيء من اللَّه مخلوقًا؟ ! ! "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 2/ 35 (224 - 225) قال أبو بكر الأعين: سئل أحمد بن حنبل عن تفسير قوله: القرآن كلام اللَّه منه خرج وإليه يعود، قال أحمد: منه خرج وهو المتكلم به، وإليه يعود. "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 2/ 36 (226) قال المروذي: رأيت أحمد بن محمد بن حنبل في النوم وعليه حلتان خضراوان، وفي رجليه نعلان شراكهما من المرجان، وعلى رأسه تاج مكلل بأنواع الجواهر، فقلت: يا أبا عبد اللَّه، ما الذي فعل اللَّه بك؟ قال: غفر لي وتوجني وكساني، وقال لي: يا أبا عبد اللَّه، إنما أعطيتك هذا لمقالتك: القرآن غير مخلوق. "شرح أصول الاعتقاد" 2/ 404 (624) قال أبو الحسن محمد بن إسحاق بن راهويه القاضي بمرو: سئل أبي، وأنا أسمع عن القرآن، وما حدث فيه من القول بالمخلوق؛ فقال: القرآن كلام اللَّه وعلمه ووحيه ليس بمخلوق، ولقد ذكر سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار قال: أدركت مشيختنا منذ سبعين سنة يقولون: اللَّه الخالق وما سواه مخلوق، والقرآن كلام اللَّه منه خرج وإليه يعود. قال أبي: وقد أدرك عمرو بن دينار أجلة أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من

البدريين والمهاجرين والأنصار مثل جابر بن عبد اللَّه، وأبي سعيد الخدري، وعبد اللَّه بن عمرو، وعبد اللَّه بن عباس، وعبد اللَّه بن الزبير -رضي اللَّه عنهم-، وأجلة التابعين رحمة اللَّه عليهم، وعلى هذا مضى صدر هذِه الأمة لم يختلفوا في ذلك. "الأسماء والصفات" للبيهقى 1/ 598 (532) قال أبو عبد اللَّه السجزي: أتيت إلى باب المعتصم: إلى أن قال: قال: يحضر أحمد بن حنبل، فأحضرني فلما وقفت بين يديه وسلم عليه قال: يا أحمد، تكلم ولا تخف، فقال له أحمد: لا، واللَّه لقد دخلت عليك وما في قلبي مثقال ذرة من الفزع، فقال: ما تقول في القرآن؟ فقال: كلام اللَّه قديم غير مخلوق. "المسائل التي حلف عليها الإمام أحمد" ص 47 قال أعين بن زيد: سمعت أحمد بن حنبل يقول: القرآن كلام اللَّه، غير مخلوق. "طبقات الحنابلة" 1/ 317 قال ابن أبان القرشي: سألتُ أبا عبد اللَّه عن القرآن؛ فقال: كلام اللَّه عز وجل وليس بمخلوق. "طبقات الحنابلة" 2/ 141 قال ابن وارة: سألتُ أحمد عن القرآن، فقال: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق حيثما تصرف. "طبقات الحنابلة" 2/ 370 قال أبو موسى العكبري: سألت أحمد لما قدم عُكْبُرا في خان مليح، قلت: يا أبا عبد اللَّه، القرآن كلام اللَّه غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود؟ قال: منه بدأ علمه، وإليه يعود حكمه. "طبقات الحنابلة" 2/ 517 - 518

82 - باب: القرآن يحفظ في قلوب الرجال

82 - باب: القرآن يحفظ في قلوب الرجال قال الفضل بن زياد: قلت لأبي عبد اللَّه: إن ابن عم لي قدم من طرسوس فأخبرني عنهم أنهم يحبون أن يعلموا رأيك في الذي تكلم به موسى بن عقبة. فقال: قد كنت تكلمت بكلام فيه. قلت: إنهم يريدون منك حركة في أمره. فقال: قد أخرجت فيه أحاديث، وادفع إليَّ كاغدًا حتى أخرجها إليك. فقام فأخرجت كتابًا فدفعه إليَّ، فقال: اقرأ عليَّ. فقرأت الأحاديث، ودفع إليَّ طبق كاغد من عنده، فقال: انسخه. فنسخته، وعارضت به، وصححته. "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 357 (165) قال الفضل بن زياد: قرأت على أحمد: هاشم بن القاسم قال: حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية -أو غيره- عن أبي هريرة في قوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: 1]، فذكر الحديث، أعني: حديث الإسراء، حتى بلغ إلى قوله: "وجعلت من أمتك قومًا قلوبهم أناجيلهم". قال أحمد: هذا أردت: "وجعلتك أول النبيين خلقًا، وآخرهم بعثًا، وأولهم مقضيًّا له. . "، فذكر الحديث (¬1). قال -يعني: الفضل: قال لي أحمد: أوليس أول النبيين خلقًا -يعني: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} [الأحزاب: 7] فبدأ به؟ ! ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 8/ 7 (22021) من طريق أبي جعفر الرازي به.

قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي قال: حدثنا حسين بن محمد قال: حدثنا شيبان، عن قتادة قال: حدثنا رجل من أهل العلم أن نبي اللَّه موسى عليه السلام قال لما أخذ الألواح، قال: رب أجد في الألواح أمة، أناجيلهم في قلوبهم يقرءونها. قال قتادة: وكان من قبلكم إنما يقرءون كتابهم نظرًا، فإذا رفعه من بين يديه لم يحفظه، ولم يعه، وإن اللَّه أعطاكم أيتها الأمة من الحفظ شيئًا لم يعطه أحدًا قبلكم. قال: رب، فاجلها أمتي. قال: تلك أمة أحمد (¬1). "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 366 - 369 (177 - 178) ¬

_ (¬1) عزاه في "الدر المنثور" 3/ 227 إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.

83 - باب: النهي عن المراء في القرآن

83 - باب: النهي عن المراء في القرآن قال حرب بن إسماعيل: قال إسحاق: فالأشياء عند اللَّه على معنى إرادته وحكمه، وأظهر للعباد من العلم ما يكتفون به، فينبغي الانتهاء إلى ما علمنا وحد لنا؛ حتى نصيب سبيلًا في التفكر في خلق اللَّه، مشغلة عن التفكر فيما لم نؤمر به. قال أبو يعقوب: وكيف يستوسع من يدعي العلم الخوض في الأشياء المنهي عنها، قال اللَّه: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] فكيف يجوز لخلق أن يخوض في التسبيح من الشجب (¬1) والأشياء المعمولة، فيخوضوا كيف تسبح القصاع والأجوبة [. . .] (¬2) المجنون، الثياب المنسوجة، وكل هذا قد صح فيه العلم أنهم يسبحون؛ فذلك إلى اللَّه أن يجعل تسبيحهم كيف شاء وكما شاء، وليس للناس أن يخوضوا في ذلك إلا بما علموا، ولا يتكلموا بشيء في هذا وشبهه إلا بما أمر اللَّه، ولا يزيدون على ذلك، واللَّه الموفق، وعليه التوكل، فاتقوا اللَّه، ولا تخوضوا في هذِه الأشياء المتشابهة؛ فإنه يردكم الخوض فيه عن سنن الحق. "مسائل حرب" ص 427 - 428 قال عبد اللَّه: قثنا أبي، قثنا مكي بن إبراهيم، قثنا الجُعَيد بن عبد الرحمن، عن يزيد بن خُصَيْفة، عن السائب بن يزيد، أنه قال: أُتي ¬

_ (¬1) قال في "القاموس" ص 127: الشَّجْب: الحاجة، والهم، وعمود من عمد البيت، وسقاء يابس يحرك فيه الحصى تذعر بذلك الإبل، وأبو قبيلة، والطويل، وسقاء يقطع نصفه فيتخذ أسفله دلوا. (¬2) كذا بالمطبوع، لعدم وضوحها بالمخطوط. و (الأجوبة) وقعت بالمطبوع: الأحوته.

إلى عمر بن الخطاب فقالوا: يا أمير المؤمنين إنا لقينا رجلًا يسأل عن تأويل القرآن فقال: اللهم أمكني منه. قال: فبينا عمر ذات يوم جالس يُغَدي الناس إذ جاءه وعليه ثياب وعمامة فغداه ثم إذا فرغ، قال: يا أمير المؤمنين {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2)} [الذاريات: 1، 2] قال عمر: أنت هو؟ فمال إليه وحَسَرَ عن ذِراعيه، فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته، ثم قال: واحملوه حتى تُقدموه بلاده، ثم ليقم خطيبًا ثم ليقل: أن صَبِيْغًا ابتغى العلم فأخطأ. فلم يزل وَضيعًا في قومه حتى هلك وكان سيد قومه (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 544 - 545 قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يزيد قال: ثنا محمد -يعني: ابن عمرو- عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مراء في القرآن كفر" (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الآجري في "الشريعة" ص 65 بسنده عن سليمان بن يسار، ثم قال: فإن قال قائل: فمن سأل عن تفسير {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2)} استحق الضرب، والتنكيل به والهجرة؟ قيل له: لم يكن ضرب عمر -رضي اللَّه عنه- له بسبب هذه المسألة، ولكن لما بلغ عمر -رضي اللَّه عنه- ما كان يسأل عنه من متشابه القرآن من قبل أن يراه علم أنه مفتون، قد شغل نفسه بما لا يعود عليه نفعه، وعلم أن اشتغاله بطلب علم الواجبات من علم الحلال والحرام أولى به، وتطلب علم سنن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أولى به، فلما علم أنه مقبل على ما لا ينفعه سأل عمر -رضي اللَّه عنه- ربه أن يمكنه منه حتى ينكل به، وحتى يحذر غيره؛ لأنه راع يجب عليه تفقد رعيته في هذا وفي غيره، فأمكن اللَّه منه. اهـ. وسيأتي تخريجه. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 503، وأبو داود (4653) من طريق أحمد، به. وصححه ابن حبان 4/ 324 (1464)، والحاكم 2/ 223، ورواه البيهقي في "الشعب" 2/ 416 (2255)، ثلاثتهم من طريق محمد بن عمرو به. وصححه الألباني في "المشكاة" (236)، و"الترغيب" (143).

قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا حماد بن أسامة قال: ثنا محمد بن عمرو الليثي قال: ثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة قال: مراء في القرآن كفر (¬1). "السنة" للخلال 2/ 108 - 109 (1433 - 1434) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: قال أبو عبد اللَّه: ثنا أبو سلمة منصور بن سلمة الخزاعي قال: ثنا سليمان بن بلال قال: حدثني يزيد ابن خصيفة قال: أخبرني بسر بن سعيد، قال: أخبرني أبو جهيم أن رجلين اختلفا في آية من القرآن، فقال هذا: تلقيتها من رسول اللَّه. وقال الآخر: تلقيتها من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فسألا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عنها، فقال: "إِنَّ القُرْآنَ يقرأ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَلَا تَمَارَوْا فِي القرآن، فَإِنَّ مِرَاءً فِيهِ كُفْرٌ" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 109 (1435)، 2/ 288 (1969) قال الخلال: وأخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: ثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن رجل حلف ألا يتكلم يومًا إلى الليل، فقرأ القرآن. قلت: بلغني عن أبي عبيد يحنث. قال: من أبو عبيد؟ قلت: المحدث، ما تقول أنت؟ قال: ما أحب أن أتكلم في هذِه المسألة، ولا تجب من سألك عنها، ولا تكلمه. قلت: عبد الوهاب أخبرني أن له جارًا كان يقول: إن من حلف ألا يتكلم، ثم قرأ القرآن وهو يصلي، لم يحنث، وإن كان قرأ في غير الصلاة حنث. قال: إن قرأ القرآن في الصلاة وغير الصلاة لا يحنث. ¬

_ (¬1) لم أجده موقوفًا، وانظر السابق. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 169، والطبري 1/ 41 (41)، وصححه الألباني في "الصحيحة" (1522) و"صحيح الجامع" (4444).

فقلت لأبي عبد اللَّه: سألتك فسكت، ولم تخبرني! فتبسم، وقال: ما أحب أن أتكلم في الشيء الذي لم يتكلم فيه، فأكره أن أبتدعه. "السنة" للخلال 2/ 223 - 224 (1851) قال الخلال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قال اللَّه في كتابه: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] فجبريل سمعه من اللَّه، وسمعه النبي من جبريل عليهما السلام، وسمعه أصحاب النبي من النبي عليه السلام، والقرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ولا نشك ولا نرتاب فيه، وأسماء اللَّه في القرآن وصفاته في القرآن من علم اللَّه وصفاته منه، فمن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر، والقرآن كلام اللَّه غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، فقد كنا نهاب الكلام في هذا حتى أحدث هؤلاء ما أحدثوا، وقالوا ما قالوا، دعوا الناس إلى ما دعوهم إليه، فبان لنا أمرهم وهو الكفر باللَّه العظيم. ثم قال أبو عبد اللَّه: لم يزل اللَّه عالمًا متكلمًا، نعبد اللَّه بصفاته غير محدودة، ولا معلومة إلا بما وصف بها نفسه، سميع عليم، غفور رحيم، عالم الغيب والشهادة، علام الغيوب، فهذِه صفات اللَّه تبارك وتعالى وصف بها نفسه، ولا تدفع ولا ترد، وهو عنى العرش بلا حد كما قال، استوى على العرش كيف شاء، والمشيئة إليه والاستطاعة له. {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] لا يبلغ وصفه الواصفون، وهو كما وصف به نفسه، نؤمن بالقرآن محكمه ومتشابهه، كل من عند ربنا، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا} [الأنعام: 68] فنترك الجدال والمراء في القرآن، ولا نجادل

ولا نماري فيه، ونؤمن به كله، ونرده إلى عالمه إلى اللَّه تبارك وتعالى؟ فهو أعلم به، منه بدأ، وإليه يعود. قال أبو عبد اللَّه: وقال لي عبد الرحمن بن إسحاق: كان اللَّه ولا قرآن. فقلت له مجيبًا: كان اللَّه ولا علم؟ فالعلم من اللَّه وله، وعلم اللَّه منه، والعلم غير مخلوق، فمن قال: إنه مخلوق فقد كفر باللَّه، وزعم أن اللَّه مخلوق، فهذا الكفر الصراح (¬1). "السنة" للخلال 2/ 225 - 226 (1858) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: أنبا أبو عبد اللَّه قال: ثنا أبو سلمة منصور بن سلمة الخزاعي قال: ثنا سليمان بن بلال قال: حدثني يزيد بن خصيفة قال: أخبرني بشر بن سعيد قال: أخبرني أبو جهيم أن رجلين اختلفا في آية من القرآن، فقال هذا: تلقيتها من رسول اللَّه. وقال الآخر: تلقيتها من رسول اللَّه. فسألا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "إن القرآن يقرأ على سبعة أحرف، لا تماروا في القرآن، فإن مراءً فيه كفر" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 288 (1969) قال حنبل بن إسحاق: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق بكل جهة وعلى كل تصريف، وليس من اللَّه شيء مخلوق ولا يخاصم في هذا ولا يتكلم، ولا أرى المراء ولا الجدال فيه. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 2/ 36 (227) ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب: الرد على الجهمية 2/ 32 - 34 (223). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 169، وأبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 337، والطبري في "تفسيره" 1/ 41 (40). قال الهيثمي في "المجمع" 7/ 151: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. قلت: وهو في البخاري (2419)، ومسلم (818) من حديث عمر بن الخطاب بلفظ "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف".

84 - فصل: مبشرات المحنة

باب المحنة 84 - فصل: مبشرات المحنة (¬1) قال علي بن عبد العزيز الطلحي: قال لي الربيع: قال لي الشافعي: يا ربيع خذ كتابي وامض به وسلمه إلى أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل وَأْتِني بالجواب. قال الربيع: فدخلتُ بغداد ومعي الكتاب، ولقيت أحمد بن حنبل صلاة الصبح فصليت معه الفجر فلما انفتل من المحراب سلمت إليه الكتاب، وقلت له: هذا كتاب أخيك الشافعي من مصر. فقال أحمد: نظرتَ فيه؟ قلت: لا. وكسر أحمد الخاتم وقرأ الكتاب فتغرغرت عيناه بالدموع. فقلت له: أي شيء فيه يا أبا عبد اللَّه؟ فقال: يذكر أنه رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في المنام فقال له: اكتب إلى أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل واقرأ عليه مني السلام، وقل: إنك ستمتحن وتدعى إلى خلق القرآن، فلا تجبهم يرفع اللَّه لك علمًا إلى يوم القيامة. قال الربيع: فقلت: البشارة. فخلع قميصه الذي يلي جلده فدفعه إليَّ، فأخذته وخرجت إلى مصر، وأخذت جواب الكتاب وسلمته إلى الشافعي. فقال لي: يا ربيع أي شيء الذي دفع إليك؟ قلت: القميص الذي يلي جلده. فقال لي الشافعي: ليس نفجعك به، ولكن بله وادفع إلينا الماء حتى ¬

_ (¬1) وانظر لهذا الفصل وما بعده ما تقدم في هذا الموضوع في قسم ترجمة الإمام أحمد.

أشركك فيه (¬1). "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 551 قال محمد بن ناصر: أنبأنا الحسن بن أحمد بن البناء، قال: أنا ¬

_ (¬1) قال الإمام الذهبي في "السير" عند ترجمة الربيع بن سليمان: ولم يكن صاحب رحلة، فأما ما يُروى أنَّ الشافعي بعثه إلى بغداد بكتابه إلى أحمد بن حنبل؛ فغير صحيح "سير أعلام النبلاء" 12/ 587. قال الشيخ سليمان بن عبد اللَّه: ذكر بعض المتأخرين أن التبرك بآثار الصالحين مستحب كشرب سؤرهم والتمسح بهم أو بثيابهم، وحمل المولود إلى أحد منهم ليحنكه بتمرة حتى يكون أول ما يدخل جوفه ريق الصالحين، والتبرك بعرقهم، ونحو ذلك، وقد أكثر من ذلك أبو زكريا النووي في "شرح مسلم" في الأحاديث التي فيها أن الصحابة فعلوا شيئًا من ذلك مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وظن أن بقية الصالحين في ذلك كالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهذا خطأ صريح لوجوه: منها: عدم المقاربة فضلًا عن المساواة للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الفضل والبركة. ومنها: عدم تحقق الصلاح؛ فإنه لا يتحقق إلا بصلاح القلب، وهذا أمر لا يمكن الاطلاع عليه إلا بنص كالصحابة الذين أثنى اللَّه عليهم ورسوله، أو أئمة التابعين، أو من شهر بصلاح ودين كالأئمة الأربعة ونحوهم من الذين تشهد لهم الأمة بالصلاح، وقد عدم أولئك، أما غيرهم فغاية الأمر أن نظن أنهم صالحون، ونرجو لهم. ومنها: أنا لو ظننا صلاح شخص فلا نأمن أن يختم له بخاتمة سوء، والأعمال بالخواتيم، فلا يكون أهلًا للتبرك بآثاره. ومنها: أن الصحابة لم يكونوا يفعلون ذلك مع غيره لا في حياته ولا بعد موته، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه، فهلا فعلوه مع أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ونحوهم من الذين شهد لهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالجنة، وكذلك التابعون هلا فعلوا مع سعيد بن المسيب وعلى بن الحسين وأويس القرني والحسن البصري ونحوهم ممن يقطع بصلاحهم، فدل أن ذلك مخصوص بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ومنها: أن فعل هذا مع غيره صلى اللَّه عليه وسلم لا يؤمن أن يفتنه وتعجبه نفسه، فيورثه العجب والكبر والرياء فيكون هذا كالمدح في الوجه، بل أعظم. اهـ "تيسير العزيز الحميد" ص 153 - 154.

أبو محمد الحسن بن محمد الحافظ، قال: ثنا عبد الواحد بن على بن الحسين الفامي قال: ثنا أبو الحسن علي بن موسى بن عيسى البزاز قال: حدثني أحمد بن محمد بن الحجاج المروذي قال: كنت يومًا قاعدا على قنطرة التبانين، فإذا أنا برجلين يقدمان رجلًا بدويا على قعود له، إذ وقفوا علي وقالوا: هو ذا، هو جالس، فقال لي البدوي: أنت أحمد بن حنبل؟ فقلت له: لا، أنا صاحبه، أذكر حاجتك، فقال: أريده. قلت: أدلك عليه؟ قال: إي واللَّه. فمضيت بين يديه حتى أتيت باب أبي عبد اللَّه، فدققت الباب فقالوا: من هذا؟ فقلت: أنا المروذي، قالوا: ادخل. قلت: أنا ومن معي؟ قالوا: أنت ومن معك، فأناخ الأعرابي ناقته وعقلها، ودخلت ودخل معي، فلما رأى أبا عبد اللَّه، قال الأعرابي: إي واللَّه، ثلاث مرات! فسلم عليه، فقال له: ما حاجتك؟ فقال: أنا رسول رسول اللَّه إليك. قال: ويحك ما تقول؟ قال: إني رجل بدوي بين حيي والمدينة أربعون ميلًا، أوفدني أهلي المدينة أمتار لهم برًّا وتمرًّا، فأتيت المدينة فابتعت ما عهدوا إلي من ذلك، وجنَّني المساء، فصليت في مسجد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عشاء الآخرة، واضطجعت، فبينا أنا نائم إذ أتاني محرك فحركني، وقال لي: أتمضي لرسول اللَّه في حاجة؟ فقلت: إي واللَّه، فقبض بيده اليمنى على ساعدي اليسرى وأتى بي حائط قبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فوقفنى عند رأسه، فقال: يا رسول اللَّه، فسمعت

من وراء الحائط قائلا يقول: أتمضي لنا في حاجة؟ فقلت: إي واللَّه، إي واللَّه، إي واللَّه، ثلاثًا. فقال: تمضي حتى تأتي بغداد، أو الزوراء -الشك من المروذي- فإذا أتيت بغداد فسل عن منزل أحمد بن حنبل، فإذا لقيته فقل: النبي يقرأ عليك السلام ويقول لك: إن اللَّه مبتليك ببلية. وممتحنك بمحنة، وقد سألته لك الصبر عليها، فلا تجزع. قال المروذي: وكان إذا قال له رجل: (وحملك) (¬1) يا أبا عبد اللَّه في السوط؟ يقول: قد تقدمت المسألة. قال أبو بكر: وكان بين منصرف الأعرابي وبين المحنة خمسة وعشرون يومًا. "مناقب الإمام أحمد" ص 558 - 559 قال أبو القاسم عبيد اللَّه بن القاسم: سمعت أحمد بن محمد المروذي يقول: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: خرجت مع أحمد بن حنبل في آخر حجته التي حج فيها، فلما أن صرنا على عقبة المدينة فإذا نحن بشيخ يحمل في محفة، وقد سقط حاجباه على عينيه من الكبر قد شدها بعصابة، وإذا حوله مشيخة وشباب، وقائل يقول: أيكم أحمد بن حنبل؟ فأومأ الناس بأيديهم إلى أحمد، فأقبل الرجل حتى وقف بين يديه، فقال: أنت أحمد بن محمد بن حنبل؟ قال له: كذلك تزعم أمي. قال له: أتعرفني؟ قال: اللهم لا. قال: أنا من ولد عبيد اللَّه بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رأيت البارحة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبا بكر وعمر ¬

_ (¬1) كذا بالمطبوع.

في المنام، وكانوا قد عبروا على جسر بغداد، فسقط رداء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن شقه الأيمن، فأقبلت أنت يا أحمد فشلت الرداء حتى وضعته على كتف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فالتفت إليك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكر وعمر -رضي اللَّه عنهما- وقالوا لك: أبشر، فإنك غدا رفيقنا في الجنة. فقال شيخ ممن حضر في ذلك مع أحمد بن حنبل: إن الرداء الذي رده أحمد على كتف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، يردها أحمد على الناس. قال: فكان أحمد إذا ذكر هذا الحديث نكت بإصبعه الأرض، ثم قال: وددت لو أن الجبل ساخ بي -أو سار بي- ولم أسمع من هذا الكلام. كل ذلك لئلا يتكل أحمد على شيء من القول. "محنة الإمام أحمد" لعبد الغني المقدسي ص 33 - 34

85 - فصل: محنة الإمام مع المأمون

85 - فصل: محنة الإمام مع المأمون قال صالح: سمعت أبي يقول: لما أدخلنا على إسحاق بن إبراهيم للمحنة، فقرئ عليه كتاب الذي كان إلى طرسوس، فكان فيما قرئ علينا: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، و {هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} فقال أبي: فقلت: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]. فقال بعض من حضر: سله ما أراد بقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}؟ فقال أبي: فقلت: هو كما قال تبارك وتعالى. قال صالح: ثم امتحن القوم، فوجه بمن امتنع إلى الحبس، فأجاب القوم جميعا غير أربعة: أبي رحمه اللَّه، ومحمد بن نوح، وعبيد اللَّه بن عمر القواريري، والحسن بن حماد سَجَّادة. ثم أجاب عبيد اللَّه بن عمر، والحسن بن حماد، وبقي أبي، ومحمد بن نوح في الحبس، فمكثا أيامًا في الحبس، ثم ورد كتاب من طرسوس بحملهما، فحمل أبي ومحمد بن نوح رحمة اللَّه عليهما مقيدين زميلين، أخرجا من بغداد فصرنا معهما إلى الأنبار. فسأل أبو بكر الأحول أبي، فقال له: يا أبا عبد اللَّه، إن عرضت على السيف تجيب؟ فقال: لا. قال أبي: فانطلق بنا حتى دخلنا في الرحبة، فلما دخلنا منها وذلك في جوف الليل، وخرجنا من الرحبة عرض لنا رجل فقال: أيكم أحمد بن حنبل؟ . فقيل له: هذا، فسلم على أبي ثم قال: يا هذا، ما عليك أن تقتل هاهنا، وتدخل الجنة هاهنا. ثم سلم وانصرف.

فقلت: من هذا؟ فقيل: هذا رجل من ربيعة العرب، يعمل الشعر في البادية، يقال له: جابر بن عامر. فلما صرنا إلى أَذِنَة (¬1)، ورحلنا منها، وذلك في جوف الليل، فتح لنا بابها، لقينا رجل ونحن خارجون من الباب وهو داخل، فقال: البشرى فقد مات الرجل. قال أبي: وكنت أدعو اللَّه أني لا أراه. فحدثني أبي قال: حدثنا معمر بن سليمان، عن مرار بن سلمان، عن ميمون بن مهران قال: ثلاث لا تبلون نفسك بهن: لا تدخل على السلطان وإن قلت: آمره بطاعة اللَّه. ولا تدخلن على امرأة وإن قلت: أعلمها كتاب اللَّه. ولا تصغين سمعك لذي هوى، فإنك لا تدري ما يعلق قلبك منه (¬2). قال صالح: فصار أبي ومحمد بن نوح إلى طرسوس، وجاء نعي المأمون من البذَنْدُون (¬3)، فردا في أقيادهما إلى الرقة، وأخرجا من الرقة في سفينة مع قوم محبسين، فلما صارا بعانة توفي محمد بن نوح، وتقدم أبي فصلى عليه، ثم صار إلى بغداد وهو مقيد، فمكث بالياسرية أياما، ثم صير إلى الحبس في دار اكتريت عند دار عمارة. ¬

_ (¬1) قال ياقوت: بفتح أوله وثانيه ونون بوزن حَسَنَة، وأذِنة بكسر الذال بوزن خَشِنَة، قال السكونى: بحذاء توز جبل يقال له الغمر شرقي توز. "معجم البلدان" 1/ 132. (¬2) رواه أبو نعيم في "الحلية" 4/ 84 - 85 من طريق الإمام به. (¬3) قال في "معجم البلدان" 1/ 361: بفتحتين وسكون النون ودال معجمة وواو ساكنة ونون، قرية بينها وبين طرسوس يوم من بلاد الثغر، ومات بها المأمون.

ثم نقل بعد ذلك إلى حبس العامة في درب الموصلية، فمكث في السجن منذ أخذ، وحمل إلى بغداد ضربًا، وخلي عنه ثمانية وعشرين شهرًا. قال أبي: فكنت أصلي بهم، وأنا مقيد. فقال أبي: إذا كان القيد لا يحجزه عن تمام الصلاة فلا بأس. وكنت أرى فوران يحمل له في دورق ماءً باردًا فيذهب به إلى السجن. "سيرة الإمام أحمد" لابنه صالح ص 48 - 50 قال الحسين بن محمد: ثنا محمد بن إسماعيل بن أحمد بن صالح بن أحمد بن حنبل، حدثني أبو عبد اللَّه السلال، قال: سمعت أبا عبد اللَّه محمد بن نوح قال: قلت لأبي عبد اللَّه: إن رأيتني ضعفت أو خذلت فلا تضعف، فلست أنت كأنا. فقال لي: أبشر فإنك على إحدى ثلاث: إما ألا تراه ولا يراك، وإما رأيته فكذبته فقتلك فكنت من أفضل الشهداء، وإما رأيته فصدقته فحال اللَّه بينك وبينه. أخبرنا عبد اللَّه بن جعفر وحدثني عنه الحسين بن محمد، ثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد اللَّه قال: قال أحمد بن غسان: حملت أنا وأحمد بن حنبل في محمل على جمل يراد بنا المأمون، فلما صرنا قريب عانة قال لي أحمد: قلبي يحس أن رجاء الحصار يأتي في هذِه الليلة، فإن أتى وأنا نائم فأيقظني وإن أتى وأنت نائم أيقظتك. فبينا نحن نسير إذا قرع المحمل قارع، فأشرف أحمد، فإذا برجل يعرفه بالصفة وكان لا يأوي المدائن والقرى، وعليه عباءة قد شدها على عنقه، فقال: يا أبا عبد اللَّه إن اللَّه قد رضيك له وافدًا، فانظر لا يكون وفودك على المسلمين وفودًا مشئومًا، واعلم أن الناس إنما ينتظرونك؛ لأن تقول فيقولوا، واعلم أنما هو الموت والجنة.

فلما أشرفنا على البذندون، قال لي: يا أحمد بن غسان إني موصيك بوصية فاحفظها عني، راقب اللَّه في السراء والضراء، واشكره على الشدة والرخاء، وإن دعانا هذا الرجل أن نقول: القرآن مخلوق. فلا تقل، وإن أنا قلت فلا تركن إلي، وتأول قول اللَّه تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود: 113] فتعجبت من حداثة سنه وثبات قلبه، فلم يكن بأسرع أن خرج خادم وهو يمسح عن وجهه بكمه وهو يقول: عز علي يا أبا عبد اللَّه أن جرد أمير المؤمنين سيفًا لم يجرده قط، وبسط نطعًا لم يبسطه قط، ثم قال: وقرابتي من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا رفعت عن أحمد وصاحبه حتى يقولا: القرآن مخلوق. قال: فنظرت إلى أحمد وقد برك على ركبتيه ولحظ السماء بعينيه، ثم قال: سيدي غر هذا الفاجر حلمُك حتى يتجرأ على أوليائك بالقتل والضرب، اللهم فإن يكن القرآن كلامك غير مخلوق فاكفنا مؤنته. قال: فواللَّه ما مضى الثلث الأول من الليل إلا ونحن بصيحة وضجة، وإذا رجاء الحصار قد أقبل علينا فقال: صدقت يا أبا عبد اللَّه، القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، قد مات واللَّه أمير المؤمنين. "حلية الأولياء" 9/ 194 - 195 قال الخطيب: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق، حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق: ثنا حنبل بن إسحاق قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ما رأيت أحدًا على حداثة سنه، وقلة علمه، أقوم بأمر اللَّه من محمد بن نوح، وإني لأرجو أن يكون اللَّه قد ختم له بخير، قال لي ذات يوم وأنا معه خلوين: يا أبا عبد اللَّه، اللَّه اللَّه، إنك لست مثلي، أنت رجل يقتدى بك، وقد مد هذا الخلق أعناقهم إليك لما يكون منك، فاتق اللَّه واثبت لأمر اللَّه. أو نحو هذا الكلام.

قال أبو عبد اللَّه: فعجبت من تقويته لي، وموعظته إياي. قال أبو عبد اللَّه: انظر بما ختم له! فلم يزل ابن نوح كذلك وحتى مرض صار إلى بعض الطريق فمات. قال عبد اللَّه: فصليت عليه ودفنته -أظنه قال: بعانة. قال الخطيب: وكانت وفاته سنة ثمان عشرة ومائتين (¬1). "تاريخ بغداد" 3/ 323 قال الخطيب البغدادي: أخبرني الحسن بن علي التميمي قال: حدثنا عمر بن أحمد الواعظ، حدثنا أحمد بن محمد بن مسعدة الأصبهاني، حدثنا أبو يحيى مكي بن عبد اللَّه بن يوسف الثقفي، حدثنا أبو بكر الأعين قال: أتيت لآدم العسقلاني فقلت له: عبد اللَّه بن صالح كاتب الليث يقرئك السلام. قال: لا تقرئه مني السلام، فقلت له: لم؟ قال: لأنه قال: القرآن مخلوق. قال: فأخبرته بعذره، وأنه أظهر الندامة، وأخبر الناس بالرجوع. قال: فأقرئه السلام. فقلت له بعد: إني أريد أن أخرج إلى بغداد، أفلك حاجة؟ قال: نعم، إذا أتيت بغداد فأْتِ أحمد بن حنبل فأقرئه مني السلام، وقل له: يا هذا، اتق اللَّه وتقرب إلى اللَّه بما أنت فيه، ولا يستفزنك أحد، فإنك إن شاء اللَّه مشرف على الجنة، وقل له: حدثنا الليث بن سعد، عن محمد بن عجلان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن ¬

_ (¬1) رواها ابن الجوزي في "المناقب" ص 393.

أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أرادكم على معصية اللَّه فلا تطيعوه" (¬1). فأتيت أحمد بن حنبل في السجن فدخلت عليه، فسلمت عليه وأقرأته السلام، وقلت له هذا الكلام والحديث، فأطرق أحمد إطراقة ثم رفع رأسه فقال: رحمه اللَّه حيًّا وميتًا، فلقد أحسن النصيحة. "تاريخ بغداد" 7/ 28 - 29 قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن أبي الحواري عن بعض أصحابه قال: قال أحمد بن حنبل: ما سمعت كلمة كانت أوقع في قلبي من كلمة سمعتها من أعرابي في رحبة طوق، قال لي: يا أحمد، إن قتلك الحق مت شهيدًا، وإن عشت عشت حميدًا. قال ابن أبي حاتم: قال أبي: فكان كما قال، لقد رفع اللَّه عَزَّ وَجَلَّ شأن أحمد بن حنبل بعد ما امتحن، وعظم عند الناس وارتفع أمره جدًا. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 390 قال ابن الجوزي: أخبرنا محمد بن ناصر قال: أنبأنا أحمد بن أبي سعد النيسابوري قال: سمعت عبد اللَّه بن يوسف يقول: سمعت أبا العباس الأصم يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: سمعت أبا جعفر الأنباري يقول: لما حمل أحمد بن حنبل إلى المأمون أخبرت، فعبرت الفرات فإذا هو جالس في الخان، فسلمت عليه، فقال: يا أبا جعفر، تعنيت؟ ¬

_ (¬1) رواه المزي في "تهذيب الكمال" 2/ 306 من طريق الخطيب، وفي الباب عن عبد اللَّه بن عمر، رواه البخاري (2955)، ومسلم (1839) بلفظ "فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة".

فقلت: ليس هذا عناء، وقلت له: يا هذا أنت اليوم رأس، والناس يقتدون بك، فواللَّه لئن أجبت إلى خلق القرآن ليجيبن بإجابتك خلق كثير من خلق اللَّه، وإن أنت لم تجب ليمتنعن خلق من الناس كثير، ومع هذا فإن الرجل إن لم يقتلك فأنت تموت، ولا بدَّ من الموت، فاتق اللَّه ولا تجبهم إلى شيء. فجعل أحمد يبكي ويقول: ما شاء اللَّه، ما شاء اللَّه. ثم قال لي أحمد: يا أبا جعفر، أعد علي ما قلت، فأعدت عليه، فجعل يقول: ما شاء اللَّه، ما شاء اللَّه. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 391 قال أبو عبد اللَّه محمد بن الحسن بن علي البخاري: سمعت محمد بن إبراهيم البوشنجي يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: دعوت ربي ثلاث دعوات، فتبينت الإجابة في ثنتين، دعوته ألا يجمع بيني وبين المأمون، ودعوته ألا أرى المتوكل، فلم أر المأمون، مات بالبذندون -وهو نهر الروم- وأحمد محبوس بالرقة، حتى بويع المعتصم بالروم، ورجع فرد أحمد إلى بغداد سنة ثمان عشرة ومائتين، والمعتصم امتحنه. فأما المتوكل فإنه لما أحضر أحمد دار الخلافة ليحدث ولده، قعد له المتوكل في خوخة، حتى نظر إلى أحمد ولم يره أحمد. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 392 قال ابن الجوزي: أخبرني أبو العباس -وكان من حفاظ أهل الحديث- أنهم دخلوا على أحمد بالرقة وهو محبوس، فجعلوا يذاكرونه ما يروى في التقية من الأحاديث.

فقال أحمد: وكيف تصنعون بحديث خباب: "إن من كان قبلكم كان ينشر أحدهم بالمنشار ثم لا يصده ذلك عن دينه" (¬1). قال: فيئسنا منه. فقال أحمد: لست أبالي بالحبس، ما هو ومنزلي إلا واحد، ولا قتلا بالسيف، إنما أخاف فتنة بالسوط، وأخاف ألا أصبر. فسمعه بعض أهل الحبس وهو يقول ذلك فقال: لا عليك يا أبا عبد اللَّه، فما هو إلا سوطان ثم لا تدري أين يقع الباقي. فكأنه سري عنه، ورد من الرقة وحبس. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 394 قال أبو علي حنبل بن إسحاق بن حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل، وذكر الذين حملوا إلى الرقة إلى المأمون وأجابوا، فذكرهم أبو عبد اللَّه بعد ذلك فقال: هؤلاء لو كانوا صبروا وقاموا للَّه لكان الأمر قد انقطع، وحذرهم الرجل -يعني: المأمون- ولكن لما أجابوا وهم عين البلد اجترأ على غيرهم. وكان أبو عبد اللَّه إذا ذكرهم اغتم لذلك ويقول: هم أول من ثلم هذِه الثلمة وأفسد هذا الأمر. قال أبو علي حنبل: وكان أول من حمل للمحنة هؤلاء السبعة، جاء كتاب المأمون في أمرهم أن يحملوا إليه ولم يمتحنوا هاهنا، وإنما أخرجهم إليه فأجابوه بالرَّقة، وكانوا: يحيى بن معين، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وأحمد بن إبراهيم الدَّوْرَقَي، وإسماعيل الجوزي، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 109، والبخاري (3612).

ومحمد بن سعد كاتب الواقدي، وأبو مسلم عبد الرحمن بن يونس المستملي، وابن أبي مسعود. فحضرتهم حين أخرجوا إلى الرقة في الخان بباب الأنبار، فأخرجوا جميعا فأجابوا وأطلقوا. قال: ثم ورد كتاب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم يأمره بإحضار أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل، وعبيد اللَّه بن عمر القواريري، والحسن بن حماد سجادة، ومحمد بن نوح بن ميمون، وأن يمتحنهم. فوجه إليهم إسحاق، فأخذهم وأنا بالكوفة عند أبي نعيم، فقدمت بعد ذلك فأخبرني أبي بعد قدومي أن أبا عبد اللَّه أتاه صاحب الريع وقت غروب الشمس فذهب به. قال أبي: فذهبت معه فقال: إذا كان غدًا فاحضر دار الأمير. قال أبي: فقلت لأبي عبد اللَّه: لو تواريت. فقال: كيف أتوارى؟ إن تواريت لم آمن عليك وعلى ولدي وولدك، ويلقى الناس بسببي المكروه، ولكني أنظر ما يكون. فلما كان من الغد حضر أبو عبد اللَّه والمسمون معه فأدخلوا إلى إسحاق فامتحنهم، فأبى أبو عبد اللَّه والقوم أن يجيبوا جميعًا. فسمعت أبا عبد اللَّه يقول بعد ما أخرج من الحبس: لما أدخلنا على إسحاق بن إبراهيم قرأ علينا كتاب الرجل -يعني: المأمون- الكتاب الذي كتب به إلى إسحاق تسمية رجل رجل بنسبه وبلقبه، وكان فيه: أما أحمد فذاك الصبي، وأما ابن نوح فما له ولهذا؟ ! عليه بالغيبة، وأما فلان فالآكل أموال اليتامى، وأما فلان فكذا، يسمي رجلًا رجلًا.

قال أبو عبد اللَّه: وكان في الكتاب: اقرأ عليهم: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]. قال أبو عبد اللَّه: فلما قرأ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} قلت: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} فقال إسحاق: ما أردت بهذا؟ فقلت: كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، ولم أزد في كتابه شيئًا كما قال ووصف تبارك وتعالى. ثم امتحن القوم، فمن لم يجبه وامتنع عليه أمر بحبسه وتقييده، فلما كان بعد ذلك دعا بالقواريري وسجادة، فأجابا وخلى عنهما، وكان أبو عبد اللَّه بعد ذلك يعذر القواريري وسجادة، يقول: قد أعذرا وحبسا وقيدا، وقال اللَّه: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} ثم قال: القيد كره، والحبس كره. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 39 - 43 قال أبو طاهر السلفي: أخبرنا أبو محمد الحسن بن عبد الملك بن محمد بن يوسف، وأخبرنا أبو طالب المبارك بن علي بن محمد بن خضير الصيرفي ببغداد، أخبرنا أبو طاهر عبد الرحمن بن أحمد بن عبد القادر، وأبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف، قالوا: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن عمر بن أجمد، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن مَرْدَك البرزعي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، حدثنا أبي قال: قال إبراهيم بن الحارث العبادي -من ولد عبادة بن الصامت، وكان رافقنا في بلاد الروم: حضر أبا عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل أبو محمد الطُّفاوي، فذكر له حديثًا.

فقال أبو عبد اللَّه: أخبرك بنظير هذا، لما أخرجنا جعلت أفكر فيما نحن فيه، حتى إذا صرنا إلى الرحبة أُنزلنا خارجًا من البيوت مما يلي البرية، فعامة من كان معنا ناموا، فجعلت أفكر في تلك البرية، وماذا أقول إذا صرت إلى ذلك؟ فأنا في تلك الحال إذ مددت بصري إذا بشيء لم أستبنه، فلم يزل يدنو حتى استبان، فإذا بأعرابي عليه ثياب الأعراب قد دنا، وجعل يتخطى تلك المحامل حتى صار إلي، فوقف علي فسلم ثم قال: أنت أحمد بن حنبل؟ فسكتُّ تعجبا، ثم قال الثانية: أنت أحمد بن حنبل؟ فسكتُّ فلم أجبه، فبرك على ركبتيه وقال: أنت أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل؟ قلت: نعم، فقال: أبشر واصبر، فإنما هي ضربة هاهنا، وتدخل الجنة هنا. وزادني بعض أصحابنا أنه قال له الأعرابي: تحب اللَّه؟ قال أبو عبد اللَّه: قلت: نعم. قال: فإنك إن أحببت اللَّه أحببت لقاءه. ثم مضى فلم أزل أنظر إليه حتى غاب فلم أره. قال له أبو محمد الطُّفاوي: احمدِ اللَّه يا أبا عبد اللَّه، فإنك محمود عند العامة. فقال أبو عبد اللَّه: أحمد اللَّه على ديني، إنما هذا دين، ولو قلت لهم كفرت. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 48 - 49 قال حنبل: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: كنت أدعو اللَّه ألا يريني وجهه -يعني: المأمون- وذلك أنه بلغني عنه أنه يقول: لئن وقعت عيني عليه لأقطعنه إربا إربا.

قال أبو عبد اللَّه: فكنت أدعو اللَّه: لا ترني وجهه، فلما دخلنا طرسوس أقمنا أيامًا وأنا في ذلك، إذا رجل قد دخل علينا، فقال لي: يا أبا عبد اللَّه، قد مات الرجل. فحمدت اللَّه تعالى، وكنت على ذلك أتوقع الفرج، إذ دخل علينا رجل فقال: إنه قد صار مع أبي إسحاق -يعني: المعتصم- رجل يقال له: ابن أبي دؤاد، وقد أمر بإحضاركم إلى بغداد. فجاءني أمر آخر وحمدت اللَّه على ذلك، وطمعت وقلت: إنا قد استرحنا حين قيل لنا: انحدروا إلى بغداد. قال أبو عبد اللَّه: فصيَّرتُ في سفينة من الرقة مع أسراهم، فكنت في أمر عظيم -يعني: من الأذى. فقدم أبو عبد اللَّه بغداد، فجلس في دار عمارة في اصطبل لمحمد بن إبراهيم -أخي إسحاق بن إبراهيم- وكان في حبسٍ ضيق، ومرض أبو عبد اللَّه وكان في شهر رمضان، وكان مقيدًا، وكان في أمر عظيم، فحبس في ذلك الحبس قليلا، ثم حول إلى التعيين إلى سجن العامة، فمكث في السجن نحوًا من ثلاثين شهرًا، فكنا نأتيه في السجن أنا وأبي وأصحاب أبي عبد اللَّه، فأكثر ذلك ندخل عليه، وربما حجبنا. فسأله أبي فقال: تُحدِّث أبا علي وتقرأ عليه، فإنك فارغ. فأجابه، فقرأ عليّ كتاب الإرجاء وغيره في الحبس، فرأيتُ أبا عبد اللَّه يُصلي بأهل الحبس وهو محبوس معهم وعليه القيد، وكان قيدا واسعًا، فكان في وقت الصلاة والوضوء والنوم يخرج إحدى الحلقتين من إحدى رجليه ويشدها على ساقه، فإذا صلى ردَّها في رجليه، وذلك بغير علم من إسحاق بن إبراهيم. فقلت له في الحبس: يا عم، أراك تصلي بأهل الحبس!

فقال: ألا تراني وما أصنع؟ ! -يعني: في إخراج القيد من إحدى رجليه- قلت: بلى. ثم ذكر أبو عبد اللَّه حُجر بن عدي أصحابه (¬1)، فقال: أليس كانوا مقيدين؟ أليس كانوا يصلون جماعة؟ ! على الضرورة لا بأس بذلك. قال أبو عبد اللَّه: وإن كان فيهم مطلق ورضوه صلى بهم. قلت: فالذي في رجليه القيد لا يمكنه أن يقعد في الصلاة على ما فعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الركعة الأخيرة يمنعه القيد من ذلك. فقال أبو عبد اللَّه: كيفما تيسر له وأطاق، إلا أني أطيق ذلك؛ لأني أخرجه من رجلي. ثم قال: فكرت في أمرنا فرأيت مثلنا في هذا الأمر مثل حجر وأصحابه لما أخرجوا وقيدوا، فكأنا كنا في مثال أمرهم. ثم قال أبو عبد اللَّه: أولئك أنكروا شيئًا ونحن دُعِينا إلى الكفر باللَّه، فالحمد للَّه على معونته وإحسانه، سبحان اللَّه لهذا الأمر الذي ابتلى اللَّه به العباد. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 51 - 54 وقال محمود بن عبد الرحمن: لما حُمل أبو عبد اللَّه ومحمد بن نوح وصارا إلى حبسٍ بطاطيا، حانت الظهر فأنيخ له البعير، وذهب محمد بن نوح يتهيأ للصلاة، فجاء وهو يبكي. فقال أبو عبد اللَّه: ما يبكيك يا أبا عبد اللَّه؟ فقال: يا أبا عبد اللَّه، واللَّه ما أبكي أسًى على أهل ولا مال ولا ولد، ¬

_ (¬1) قصة حجر بن عدي وأصحابه انظرها في "طبقات ابن سعد" 6/ 217 - 225، "أسد الغابة" 1/ 385 - 386، "المستدرك" للحاكم 3/ 470، "الاستيعاب" 1/ 390، "تاريخ الإسلام" للذهبي 4/ 194.

ولكنا نقدم على هذا الرجل وما ندري ما يكون حالنا. فقال له أبو عبد اللَّه: أبشر، فلست تراه ولا يراك. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 55 قال أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الهمذاني: سمعت بعض أصحابنا من المحدثين يقول: لما حمل أحمد إلى المصيصة دخل عليه أبو ثوبة الربيع بن نافع الحلبي، فقال: يا هذا، إن أعين الناس ممدودة إليك، فإن كنت تعلم أنك تقوم المقام الذي فيه استنقاذك واستنقاذ الخلق فيما بينهم وبين اللَّه تعالى، وإلا فاجعل الذي في رجلك في رجلي، وقم فاخرج. قال: فقال: يا هذا! أتظن أن نفسك أعز علي من نفسي؟ ! لا آثرتك بهذا المقام أبدًا. أو نحوه. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 56. قال عباس بن عبد اللَّه البغدادي: كنت في مجلس الرمادي فحدثني من سمع القواريري يقول: لما حملنا إلى المأمون إلى بلاد الروم في أيام المحنة، سرنا حتى قربنا من الرقة في ليلة قمراء، فإذا أنا بشاب يدق المحمل، فأشرفت عليه وقلت: ما وراءك؟ فقال: بشر أحمد أن المأمون قد مات في هذِه الساعة. قال القواريري: فنظرت إلى أحمد وهو رافع يديه يدعو، فما شككنا أنه دعا عليه فاستجيب له. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 61 - 62 قال أحمد بن نصر: سمعت عبد اللَّه بن أحمد يقول: سمعت أبي يقول: كنت في الحبس، فرأيت كأن قائلًا يقول لي: يا أحمد، {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 35]. فقلت: ما شاء اللَّه. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 68

86 - فصل: محنة الإمام مع المعتصم

86 - فصل: محنة الإمام مع المعتصم قال أبو الفضل: قال أبي رحمه اللَّه: لما كان في شهر رمضان ليلة تسع عشرة خلت منه، حولت من السجن إلى دار إسحاق بن إبراهيم، وأنا مقيد بقيد واحد، يوجه إلي كل يوم رجلين -سماهما أبي، قال أبو الفضل: وهما أجمد بن رباح وأبو شعيب -الحجام- يكلماني ويناظراني، فإذا أرادا الانصراف، دعي بقيد فقيدت فمكثت على هذِه الحال ثلاثة أيام، وصار في رجلي أربعة أقياد. فقال لي أحدهما في بعض الأيام في كلام دار، وسألته عن علم اللَّه؟ فقال: علم اللَّه مخلوق. قلت: يا كافر، كفرت. فقال لي الرسول الذي كان يحضر معهم من قبل إسحاق: هذا رسول أمير المؤمنين. قال: فقلت: إن هذا قد كفر. وكان صاحبه الذي يجيء معه خارجًا، فلما دخل قلت: إن هذا زعم أن علم اللَّه مخلوق. فنظر إليه كالمنكر عليه. قال: ثم انصرف. قال أبي: وأسماء اللَّه في القرآن، والقرآن من علم اللَّه، فمن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر، ومن زعم أن أسماء اللَّه مخلوقة فقد كفر. قال أبي: فلما كان الليلة الرابعة بعد عشاء الآخرة وجه -يعني: المعتصم- ببغا (¬1) إلى إسحاق يأمره بحملي، فأدخلت على إسحاق، فقال لي: يا أحمد، إنها واللَّه نفسك، إنه قد حلف ألا يقتلك بالسيف، ¬

_ (¬1) بغا: أحد الأتراك من حاشية المعتصم.

وأن يضربك ضربا بعد ضرب، وأن يلقيك في موضع لا ترى فيه الشمس، أليس قال اللَّه تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} أفيكون مجعولا إلا مخلوقا؟ قال أبي: فقلت: فقد قال اللَّه تعالى: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} أفخلقهم؟ ! قال: فقال: اذهبوا به. قال أبي: فأنُزلت إلى شاطئ دجلة، فأحدرت إلى الموضع المعروف بباب البستان، ومعي بغا الكبير ورسول من قبل إسحاق، فقال بغا لمحمد الحارس بالفارسية: ما يريدون من هذا؟ قال: يريدون منه أن يقول: القرآن مخلوق. فقال: ما أعرف شيئا من هذا إلا قول: لا إله إلا اللَّه، وأن محمدا رسول اللَّه، وقرابة أمير المؤمنين من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال أبي: فلما صرنا إلى الشط، أخرجت من الزورق، وحملت على دابة، والأقياد عليَّ، وما معي أحد يمسكني، فجعلت أكاد أخِرُّ على وجهي حتى انتهى بي إلى الدار، فأُدخلت ثم خُرج بي إلى حجرة، فصيرت في بيت منها، وأغلق علي الباب، وأقعد عليه رجل، وذلك في جوف الليل، وليس في البيت سراج، فاحتجت إلى الوضوء، فمددت يدي أطلب شيئا، فإذا بإناء فيه ماء وطست، فتهيأت للصلاة، وقمت أصلي. فلما أصبحت جاءني الرسول، فأخذ بيدي فأدخلني الدار، وإذا هو جالس، وابن أبي دؤاد حاضر، وقد جمع أصحابه والدار غاصة بأهلها، فلما دنوت منه سلمت، فقال: أدنه، أدنه. فلم يزل يدنيني حتى قربت منه، ثم قال لي: اجلس. فجلست. وقد أثقلتني الأقياد، فلما مكثت هنيهة، قلت: تأذن في الكلام. قال: تكلم. قلت: إلامَ دعا إليه رسوله؟

قال: إلى شهادة أن لا إله إلا اللَّه. قال: فقلت: فأنا أشهد أن لا إله إلا اللَّه. قال: ثم قلت: إن جدك ابن عباس حكى أن وفد عبد القيس لما قدموا على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرهم بالإيمان باللَّه تعالى، فقال: "أَتَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ؟ " قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أعلم. قَالَ: "شَهَادَةُ أَن لَا إله إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَن تُعْطُوا الخُمُسَ مِنْ المَغْنَمِ". قال أبو الفضل: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة قال: حدثني أبو جمرة قال: سمعت ابن عباس -رضي اللَّه عنه- قال: إن وفد عبد القيس لما قدموا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرهم بالإيمان (¬1)، فذكر مثل ذلك. قال أبو الفضل: قال أبي: فقال لي عند ذلك: لولا أني وجدتك في يد من كان قبلي ما عرضت لك، ثم التفت إلى عبد الرحمن بن إسحاق فقال له: يا عبد الرحمن، ألم آمرك أن ترفع المحنة؟ قال أبي: فقلت في نفسي: اللَّه أكبر، إن في هذا لفرجا للمسلمين. قال: ثم قال: ناظروه، وكلموه. ثم قال: يا عبد الرحمن، كلمه. فقال لي عبد الرحمن: ما تقول في القرآن؟ قلت: ما تقول في علم اللَّه؟ قال: فسكت. قال أبي: فجعل يكلمني هذا وهذا، فأرد على هذا، ثم أقول: يا أمير المؤمنين أعطوني شيئًا من كتاب اللَّه أو سنة رسوله أقول به. فيقول لي ابن أبي دؤاد: وأنت لا تقول إلا كما في كتاب اللَّه أو سنة ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 228 بهذا الإسناد، ورواه البخاري (53)، ومسلم (17).

رسوله! قال: فقلت له: تأولت تأويلًا فأنت أعلم، وما تأولت ما يحبس عليه ويقيد عليه. قال: فقال ابن أبي دؤاد: فهو واللَّه يا أمير المؤمنين ضال مضل مبتدع يا أمير المؤمنين، وهؤلاء قضاتك والفقهاء فسلهم. قال: فيقول لهم: ما تقولون؟ فيقولون: يا أمير المؤمنين، هو ضال مضل مبتدع. قال: فلا يزالون يكلموني. وقال: وجعل صوتي يعلو على أصواتهم، فقال لي إنسان منهم: قال اللَّه تعالى {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] فيكون محدثًا إلا مخلوقًا. قلت له: قال اللَّه تعالى: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} [ص: 1] فالذكر هو القرآن، وتلك ليس فيها ألف ولام. قال: فجعل ابن سماعة لا يفهم ما أقول. قال: فجعل يقول لهم ما يقول؟ قال: فقالوا: إنه يقول كذا وكذا. قال: فقال لي إنسان منهم: حديث خباب: يا هنتاه، تقرب إلى اللَّه بما استطعت؛ فإنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه (¬1). قال: فقلت: نعم هكذا هو. قال: فجعل ابن أبي دؤاد ينظر إليه، ويلحظه متغيظا عليه. قال أبي: وقال بعضهم: أليس قال: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 102]. قال: قلت: قد قال: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الأحقاف: 25] فدمرت إلا ما أراد اللَّه. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 136 (30089)، والآجري في "الشريعة" ص 69 (148)، والحاكم 2/ 441 وصححه.

وقال: فقال لي بعضهم فيما يقول، وذكر حديث عمران بن حصين: "إن اللَّه تبارك وتعالى كتب الذكر" (¬1) فقال: إن اللَّه خلق الذكر. قال: فقلت: هذا خطأ. حدثنا غير واحد: "كتب الذكر". قال أبي: فكان إذا انقطع الرجل منهم اعترض ابن أبي دؤاد يتكلم، فلما قارب الزوال، قال لهم: قوموا. ثم حبس عبد الرحمن بن إسحاق فخلا بي وبعبد الرحمن، فجعل يقول لي: أما كنت تعرف صالحا الرشيدي؟ كان مؤدبي، وكان في هذا الموضع جالسا. وأشار إلى ناحية من الدار، قال: فتكلم وذكر القرآن، فخالفني، فأمرت به فسحب ووطئ. قال أبي: ثم جعل يقول لي: ما أعرفك، ألم تكن تأتينا؟ فقال له عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين، أعرفه منذ ثلاثين سنة، يرى طاعتك والحج والجهاد معك، وهو ملازم لمنزله. قال: فجعل يقول: واللَّه إنه لفقيه، وإنه لعالم، ومما يسرني أن يكون مثله معي يرد عني أهل الملل، ولئن أجابني إلى شيء له فيه أدنى فرج لأطلقن عنه بيدي، ولأوطئن عقبه، ولأركبن إليه بجندي. قال: ثم التفت إلي فيقول: ويحك يا أحمد ما تقول؟ قال: فأقول: يا أمير المؤمنين، أعطوني شيئا من كتاب اللَّه أو سنة رسوله. فلما طال بنا المجلس ضجر فقام، فرددت إلى الموضع الذي كنت فيه، ثم وجه إلي برجلين -سماهما وهما: صاحب الشافعي وغسان، من أصحاب ابن أبي دؤاد- يناظراني فيقيمان معي، حتى إذا حضر ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 431، والبخاري (3191).

الإفطار وجه إلينا بمائدة عليها طعام، فجعلا يأكلان، وجعلت أتعلل حتى رفع المائدة، وأقاما إلى غد، وفي خلال ذلك يجيء ابن أبي دؤاد فيقول لي: يا أحمد، يقول لك أمير المؤمنين: ما تقول؟ فأقول له: أعطوني شيئا من كتاب اللَّه أو سنة رسوله حتى أقول به. فقال لي ابن أبي دؤاد: واللَّه لقد كتب اسمك في السبعة فمحوته، ولقد ساءني أخذهم إياك، وإنه واللَّه ليس هو السيف، إنه ضرب بعد ضرب، ثم يقول لي: ما تقول؟ فأرد عليه نحوًا مما رددت عليه، ثم يأتي رسوله، فيقول: أين أحمد بن عمار؟ أخو الرجل الذي أنزلت في حجرته، فيذهب ثم يعود، فيقول: يقول لك أمير المؤمنين: ما تقول؟ فأرد عليه نحوا مما رددت على ابن أبي دؤاد، فلا تزال رسله تأتي. قال أحمد بن عمار وهو يختلف فيما بيني وبينه، ويقول: يقول لك أمير المؤمنين: أجبني حتى أجيء فأطلق عنك بيدي. قال: فلما كان في اليوم الثاني أدخلت عليه، فقال: ناظروه، كلموه. قال: فجعلوا يتكلمون، هذا من هاهنا وهذا من هاهنا، فأرد على هذا وهذا، فإذا جاءوا بشيء من الكلام مما ليس في كتاب اللَّه ولا سنة رسوله صلى اللَّه عليه وسلم، ولا فيه خبر ولا أثر، قلت: ما أدري ما هذا؟ فيقولون: يا أمير المؤمنين، إذا توجهت عليه الحجة علينا وثب، وإذا كلمناه بشيء يقول: لا أدري ما هذا؟ قال: فيقول: ناظروه. قال: ثم يقول: يا أحمد، إني عليك شفيق. فقال رجل منهم: أراك تذكر الحديث وتنتحله. قال: فقلت له: ما تقول في قول اللَّه تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}.

فقال: خص اللَّه بها المؤمنين. قال: فقلت له: ما تقول: إن كان قاتلًا أو كان قاتلًا عبدا يهوديا أو نصرانيا؟ قال: فسكت. قال أبي: وإنما احتججت عليه بهذا؛ لأنهم كانوا يحتجون علي بظاهر القرآن، ولقوله: أراك تنتحل الحديث. وكان إذا انقطع الرجل منهم اعترض ابن أبي دؤاد، فيقول: يا أمير المؤمنين، واللَّه لئن أجابك لهو أحب إلي من مائة ألف دينار، ومائة ألف دينار. فيعيد ما شاء اللَّه من ذلك، ثم أمرهم بعد ذلك بالقيام، وخلا بي وبعبد الرحمن، فيدور بيننا كلام كثير، وفي خلال ذلك يقول لي: تدعو أحمد بن أبي دؤاد. فأقول: ذلك إليك. فيوجه إليه فيجيء فيتكلم، فلما طال بنا المجلس قام، ورددت إلى الموضع الذي كنت فيه، وجاءني الرجلان اللذان كانا عندي بالأمس، فجعلا يتكلمان، فدار بيننا كلام كثير، فلما كان وقت الإفطار جيء بطعام على نحو مما أتي به في أولى ليلة فأفطرا وتعللت، وجعلت رسله تأتي أحمد بن عمار، فيمضي إليه ويأتيني برسالته على نحو مما كان أول ليلة، وجاءني ابن أبي دؤاد فقال: إنه قد حلف أن يضربك ضربا بعد ضرب، وأن يحبسك في موضع لا ترى فيه الشمس. فقلت له: فما أصنع؟ . حتى إذا كدت أن أصبح قلت: لخليق أن يحدث من أمري في هذا اليوم شيء. وقد كنت أخرجت تكَّتي من سراويلي، فشددت بها الأقياد أحملها بها إذا توجهت إليهم، فقلت لبعض من كان مع الموكلين: ارتَدْ لي خيطا، فجاءني بخيط، فشددت بها الأقياد، وأعدت التكة في

السراويل، ولبسته كراهية أن يحدث شيئا من أمري فأتعرى. فلما كان في اليوم الثالث أدخلت عليه والقوم حضور، فجعلت أدخل من دار إلى دار وقوم معهم السيوف، وقوم معهم السياط، وغير ذلك من الزي والسلاح وقد حشرت الدار الجند، ولم يكن في اليومين الماضيين كثير أحد من هؤلاء، حتى إذا صرت إليه قال: ناظروه كلموه. فعادوا بمثل مناظرتهم، ودار بيننا كلام كثير، حتى إذا كان في الوقت الذي يخلو فيه، فجاءني ثم اجتمعوا فشاورهم، ثم نحاهم ودعاني فخلا بي وبعبد الرحمن، فقال لي: ويحك يا أحمد، أنا عليك واللَّه شفيق، وإني لأشفق عليك مثل شفقتي على هارون ابني فأجبني. فقلت: يا أمير المؤمنين أعطوني شيئا من كتاب اللَّه أو سنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-. فلما ضجر وطال المجلس قال لي: عليك لعنة اللَّه، لقد كنت طمعت فيك، خذوه واسحبوه. قال: فأخذت وسحبت ثم خلعت، ثم قال: العقابين والسياط. فجيء بالعقابين والسياط. قال أبي: وقد كان صار إلي شعرة أو شعرتان من شعر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فصررتهما كم قميصي، فنظر إسحاق بن إبراهيم إلى الصرة في كم قميصي فوجه إلي: ما هذا المصرور في كمك؟ فقلت: شعر من شعر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وسعى بعض القوم إلى القميص ليخرقه في وقت ما أقمت بين العقابين فقال لهم -يعني: المعتصم- لا تخرقوه انزعوه عنه. قال: إني ظننت أنه درئ عن القميص الخرق بسبب الشعر الذي كان فيه، ثم صيرت بين العقابين وشدت يدي، وجيء بكرسي فجلس عليه، وابن أبي دؤاد قائم على رأسه، والناس أجمعون قيام ممن حضر، فقال

لي إنسان ممن شدني: خذ بأي الخشبتين بيدك وشد عليهما. فلم أفهم ما قال، فتخالعتْ يداي لما شدت، ولم أمسك الخشبتين. قال أبو الفضل: ولم يزل أبي رحمة اللَّه عليه يتوجع منهما إلى أن توفي. ثم قال للجلادين: تقدموا، فنظر إلى السياط فقال: ائتوا بغيرها. ثم قال لهم: تقدموا، فقال لأحدهم: ادنه، أوجع، قطع اللَّه يدك. فتقدم فضربني سوطين ثم تنحى، ثم قال لآخر: ادنه، أوجع، شد، قطع اللَّه يدك، ثم تقدم فضربني سوطين ثم تنحى. فلم يزل يدعو واحدا بعد واحد يضربني سوطين ويتنحى، ثم قام حتى جاءني وهم محدقون بي فقال: ويحك يا أحمد، تقتل نفسك! ويحك أجبني حتى أطلق عنك بيدي! فجعل بعضهم يقول لي: ويلك إمامك على رأسك قائم! قال لي عجيف: فنخسني بقائم سيفه ويقول: تريد أن تغلب هؤلاء كلهم! وجعل إسحاق بن إبراهيم يقول: ويحك الخليفة على رأسك قائم! قال: ثم يقول بعضهم: يا أمير المؤمنين دمه في عنقي. قال: ثم رجع فجلس على الكرسي، ثم قال للجلاد: ادنه، شد، قطع اللَّه يدك. ثم لم يزل يدعو بجلاد بعد جلاد فيضربني بسوطين ويتنحى، وهو يقول: شد، قطع اللَّه يدك، ثم قام إليّ الثانية فجعل يقول: يا أحمد، أجبني. فجعل عبد الرحمن بن إسحاق يقول: من صنع بنفسه من أصحابك في هذا الأمر ما صنعت؟ ! هذا يحيى بن معين، وهذا أبو خيثمة وابن أبي إسرائيل! وجعل يعد عليَّ من أجاب. قال: وجعل وهو يقول: ويحك أجبني. قال: فجعلت أقول نحو

ما كنت أقول لهم. قال: فرجع فجلس ثم جعل يقول للجلاد: شد، قطع اللَّه يدك. قال أبي: فذهب عقلي فما عقلت إلا وأنا في حجرة مطلق عني الأقياد، وقال لي إنسان ممن حضر: إنا أكببناك على وجهك وطرحنا على ظهرك بارية ودسناك. قال أبي: فقلت: ما شعرت بذاك. قال: فجاءوني بسويق فقالوا: اشرب. فقلت: لا أفطر. فجيء به إلى دار إسحاق بن إبراهيم. قال أبي: فنودي بصلاة الظهر فصلينا الظهر. وقال ابن سماعة: صليتَ والدم يسيل من ضربك؟ فقلت: به صلى عمر وجرحه يثعب دما (¬1). فسكت. ¬

_ (¬1) رواه مالك ص 50 ومن طريقه البيهقي 1/ 357، وابن أبي شيبة في "الإيمان" (103) -تحقيق الألباني- عن ابن نمير كلاهما -مالك وابن نمير- عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن المسور بن مخرمة، وزاد ابن أبي شيبة ذكر ابن عباس فيه. ورواه عبد الرزاق 1/ 150 (579) عن الثوري، وابن أبي شيبة 2/ 227 (8388) من طريق أبي معاوية كلاهما عن هشام، عن أبيه عن سليمان بن يسار، عن المسور به. ورواه عبد الرزاق (580) عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة قال: دخل المسور وابن عباس على عمر بعدما طعن. . الحديث، ورواه (581) عن معمر عن الزهري، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن ابن عباس به. ورواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 350 عن وكيع، عن هشام، عن أبيه عن المسور أن ابن عباس دخل على عمر. . الحديث. ورواه الدارقطني 1/ 224 من طريق الزهري عن سليمان بن يسار، عن المسور بن مخرمة به، ومن طريق أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن المسور به. وقد صححه الألباني في "الإرواء" (209)، و"الإيمان" لابن أبي شيبة؛ فقال في طريق مالك وابن نمير: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

ثم خلي عنه فصار إلى المنزل، ووجه إليه الرجل من السجن ممن يبصر الضرب والجراحات يعالج منه فنظر إليه، فقال: قال لنا: واللَّه لقد رأيت منه ضرب السيوط ما رأيت ضربًا أشد من هذا، لقد جر عليه من خلفه ومن قدامه. ثم أدخل ميلًا في بعض تلك الجراحات، فقال: لم ينفذ. فجعل يأتيه فيعالجه، وقد كان أصاب وجهه غير ضربة ثم مكث يعالجه ما شاء اللَّه، ثم قال له: إن هذا شيء أريد أن أقطعه، فجاء بحديدة فجعل يعلق اللحم بها ويقطعه بسكين معه، وهو صابر يحمد اللَّه لذلك فبرأ منه، ولم يزل يتوجع من مواضع منه، وكان أثر الضرب بَيِّنًا في ظهره إلى أن توفي رحمة اللَّه عليه. قال صالح: سمعت أبي يقول: واللَّه لقد أعطيت المجهود من نفسي، ولوددت أن أنجو من هذا الأمر كفافا لا علي ولا لي. قال أبو الفضل: أخبرني أحد الرجلين اللذين كانا معه -وقد كان هذا الرجل صاحب حديث قد سمع ونظر، ثم جاءني بعد فقال: يا ابن أخي، رحمة اللَّه على أبي عبد اللَّه، واللَّه ما رأيت أحدا -يعني: يشبهه. لقد جعلت أقول له في وقت ما يوجه إلينا الطعام: يا أبا عبد اللَّه، أنت صائم وأنت في موضع تقية! ولقد عطش. فقال لصاحب الشراب: ناولني. فناوله قدحا فيه ماء ثلج فأخذه فنظر إليه هنيهة ثم رده عليه، قال: فجعلت أعجب من صبره على الجوع والعطش وما هو فيه من الهول. قال أبو الفضل: قد كنت ألتمس وأحتال أن أوصل إليه طعامًا أو رغيفًا أو رغيفين في هذِه الأيام فلم أقدر على ذلك. وأخبرني رجل حضره قال: فقدته في هذِه الأيام الثلاثة وهم يناظرونه

ويكلمونه، فما لحن ولا ظننت أن يكون أحد في مثل شجاعته وشدة قلبه. قال أبو الفضل: دخلت على أبي رحمة اللَّه عليه يومًا وقلت له: بلغني أن رجلًا جاء إلى فضل الأنماطي، فقال: اجعلني في حل إذ لم أقم بنصرتك. فقال فضل: لا جعلت أحدا في حل. فتبسم أبي وسكت، فلما كان بعد أيام مررت بهذِه الآية: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40] فنظرت في تفسيرها فإذا هو ما حدثني به هاشم بن القاسم قال: حدثنا المبارك قال: حدثني من سمع الحسن يقول: إذا جثت الأمم بين يدي اللَّه تبارك وتعالى يوم القيامة نودوا: ليقم من أجره على اللَّه. فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا (¬1). قال أبي: فجعلت الميت في حل من ضربه إياي، ثم جعل يقول: وما على رجل ألا يعذب اللَّه بسببه أحدًا. "سيرة الإمام أحمد" لصالح ص 51 - 65 قال ابن بطة: وأخبرني أبو عمرو عثمان بن عمر قال: حدثنا أحمد بن محمد بن هارون قال: وأخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الحميد الكوفي قال: سمعت عبيد بن محمد القصير قال: سمعت من حضر مجلس أبي إسحاق يوم ضرب أحمد بن حنبل، فقال له أبو إسحاق: يا أحمد، إن كنت تخشى من هؤلاء النابتة جئتك أنا في جيشي إلى بيتك حتى أسمع منك الحديث. قال: فقال له: يا أمير المؤمنين، خذ من غير هذا، واسأل عن العلم، واسأل عن الفقه، أي شيء تسأل عن هذا؟ ¬

_ (¬1) رواه أسد بن موسى في "الزهد" (80) عن المبارك بن فضالة، عن رجل، عن الحسن به.

قال عبيد بن محمد: وسمعت من حضر مجلس أبي إسحاق يوم ضرب أحمد بن حنبل قال: التفت إليه المعتصم فقال: تعرف هذا؟ قال: لا. قال: تعرف هذا؟ قال: لا. فالتفت أحمد فوقعت عينه على ابن أبي دؤاد، فحول وجهه، فكأنما وقعت عينه على قرد. قال: تعرف هذا -يعني: عبد الرحمن؟ قال: نعم. قال: قل: اللَّه رب القرآن. قال: القرآن كلام اللَّه. قال: فشهد ابن سماعة وقتلته، فقالوا: قد كفر، اقتله ودمه في أعناقنا. "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 2/ 262 - 263 (439) قال ابن بطة: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الشيرجي قال: حدثنا أبو بكر المروذي قال: كان أبو عبد اللَّه لا يلحن في الكلام. قال: وأخبرت أنه لما نوظر بين يدي الخليفة لم يتعلق عليه بلحن، حتى حكي أنه جعل يقول: فكيف أقول ما لم يقل؟ ! قال أبو بكر المروذي: وقال لي ابن أبي حسان الوراق: طلب مني أبو عبد اللَّه وهو في السجن كتاب حمزة في العربية؛ فدفعته إليه، فنظر فيه قبل أن يمتحن. وقال ابن بطة: أخبرني أبو عمرو عثمان بن عمر قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون، وأخبرنا محمد بن علي السمسار قال: رأيت شيخًا قد جاء إلى أبي عبد اللَّه وهو مريض، فجعل يبكي وقال: إنه ممن حضر ضربه. فلما خرج سمعته يقول: واللَّه لقد كلمت ثلاثة من الخلفاء ووطئت بسطهم ما هبتهم، وما دخلني من الرعب ما دخلني منه وهو مسجى، واللَّه لقد رأيته يناظر وهو عالٍ عليهم قوي القلب،

والمعتصم يكلمه ويقول: أجبني إلى ما أسألك، أو شيء منه. فيقول: لا أقول إلا ما في كتاب اللَّه أو سنة رسول اللَّه. فيقول له: ألا تقول: القرآن مخلوق؟ فيقول له: وكيف أقول ما لم يقل؟ ! قال الرجل: فقلت لرجل كان إلى جانبي: ما تراه ما يرهب ما هو فيه، ولا يلحن في مثل هذا الوقت، والسياط والعقابين بين يديه، وليس في يده منه شيء! وقال ابن بطة: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الشيرجي قال: حدثنا المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لما ضربت كانا جلادين يضرب كل واحد منهما سوطًا ويتنحى، ويضرب الآخر سوطًا ويتنحى. قلت: قام إليك أبو إسحاق مرتين؟ قال: أما مرة فأحفظ أنه خرج إلى الرواق وقال: خذوه. فأخذوا بضبعي وجروني نحوًا من مائة ذراع إلى العقابين فخلعوني، وأنا أجد ذلك في كتفي إلى الساعة، وكان علي شعر كثير، وانقطعت تكتي، فقلت: الآن تسود -يعني: وهو بينهم. قلت: من ناولك خيطًا في ذلك الموضع؟ قال: لا أدري، فشددت سراويلي، وأخبرت أنهم خلعوا القميص ولم يحرقوه، وكان في كمه شعر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال المروذي: وبلغني عن يعقوب الفلاس قال: سمعت عيسى الفتاح يقول: قال لي أبو عبد اللَّه: يا أبا موسى! ما رأيت هؤلاء قط كان أشد علي من تلفت الجلاد، ثم يثب علي. قال: وسمعت الفلاس يقول: سمعت عيسى الفتاح قال: قال لي

أبو عبد اللَّه: قال أبو إسحاق: ما رأيت ابن أنثى أشجع من هذا الرجل. قال المروذي: وسمعت عيسى الجلاء يقول: رأى رجل في النوم قائلًا يقول: وإذا جماعة ناحية فجعل يقول: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ} وأشار بيده إلى ابن أبي دؤاد وأصحابه، {فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} [الأنعام: 89] أحمد بن حنبل وأصحابه. قال المروذي: وأخبرت عن زياد بن أبي بادويه القصري، قال: سمعتُ الحماني يقول: رأيتُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في المنام، قد جاء فأخذ بعضادتي فقال: نجا الناجون، وهلك الهالكون. فقلت: يا رسول اللَّه، بأبي أنت وأمي مَنِ الناجون؟ قال: أحمد بن حنبل وأصحابه. قال المروذي: وبلغني عن امرأة رأوها في النوم وقد شاب صدغها فقيل لها: ما هذا الشيب؟ فقالت: لما ضرب أحمد بن حنبل زفرت جهنم زفرة [لم] (¬1) يبق منا أحد إلا شاب. وقال ابن بطة: وحدثنا أبو إسحاق الشيرجي قال: حدثنا المروذي قال: حدثنا أبو عمر المخرمي قال: كنت مع سعيد بن منصور ونحن في الطواف قال: فسمعت هاتفًا يقول: ضرب أحمد بن حنبل اليوم بالسياط؟ قال: فقال لي سعيد: أوما سمعت -أو سمعت؟ قلت: بلى. قال -يعني: سعيد بن منصور: هذا من صالحي الجن أو من الملائكة، إن كان هذا حقّا، فإن اليوم قد ضرب أحمد بن حنبل. فقال: فنظرنا فإذا قد ضرب في ذلك اليوم. قال أبو عبد اللَّه: لما ضربت امتلأت ثيابي بالدماء، وكنت صائمًا، ¬

_ (¬1) زيادة يقتضيها السياق.

فجاءوا بسويق فلم أشرب، وأتممت صومي، وكان بعض الجيران ثم حاضرًا، فأي شيء نزل به -يعني: لما امتنع أبو عبد اللَّه من شرب السويق- لا أدري، إسحاق بن إبراهيم أو غيره، قال: وبلغني أنه لم يدخل على أبي عبد اللَّه طعام في قصر إسحاق، وقد كان منع أن يدخل إليه، وقال: تأكل من طعامنا. قال أبو عبد اللَّه: فمكثت يومين لا أطعم. قال المروذي: فقال لي النيسابوري -صاحب إسحاق بن إبراهيم: قال لي الأمير: إذا جاءوا بإفطاره فأرونيه. قال: فجاءوا برغيفين وخبازة قال: فأروه الأمير، فقال: هذا لا يجيبنا إذا كان هذا يقنعه. "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 2/ 264 - 267 (441 - 450) قال أحمد بن الفرج: كنت أتولى شيئًا من أعمال السلطان، فبينا أنا ذات يوم قاعد في مجلس، إذا أنا بالناس قد أغلقوا أبواب دكاكينهم وأخذوا أسلحتهم، فقلت: ما لي أرى الناس قد استعدوا للفتنة؟ فقالوا: إن أحمد بن حنبل يحمل ليمتحن في القرآن، فلبست ثيابي وأتيت حاجب الخليفة وكان لي صادقًا فقلت: أريد أن تدخلني حتى أنظر كيف يناظر أحمد الخليفة؟ فقال: أتطيب نفسك بذلك؟ فقلت: نعم. فجمع جماعة وأشهدهم علي وتبرأ من إثمي، ثم قال لي: امض فإذا كان يوم الدخول بعثت إليك، فلما أن كان اليوم الذي أدخل فيه أحمد على الخليفة أتاني رسوله فقال: البس ثيابك واستعد للدخول، فلبست قباء فوقه قفطان، وتمنطقت بمنطقة وتقلدت سيفًا، وأتيت الحاجب فأخذ بيدي وأدخلني إلى الفوج الأول، مما يلي أمير المؤمنين، وإذا أنا بابن الزيات وإذا بكرسي من ذهب مرصع بالجوهر، قد غشي أعلاه بالديباج، فخرج الخليفة فقعد عليه، ثم قال: أين هذا الذي يزعم أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يتكلم

بجارحتين، علي به. فأدخل أحمد وعليه قميص هروي وطيلسان أزرق، وقد وضع يدًا على يد، وهو يقول: لا حول ولا قوة إلا باللَّه. حتى وقف بين يدي الخليفة، فقال: أنت أحمد بن حنبل؟ فقال: أنا أحمد بن محمد بن حنبل. فقال: أنت الذي بلغني أنك تقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود. من أين قلت هذا؟ قال أحمد: من كتاب اللَّه تعالى وخبر نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: وما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقال: حدثني عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: إن اللَّه كلم موسى بمائة ألف كلمة وعشرين ألف كلمة وثلاثمائة كلمة وثلاث عشرة كلمة، فكان الكلام من اللَّه والاستماع من موسى، فقال موسى: أي رب، أنت الذي تكلمني أم غيرك؟ قال اللَّه تعالى: يا موسى أنا أكلمك لا رسول بيني وبينك" (¬1). ¬

_ (¬1) قال أبو نعيم "الحلية" 9/ 206: وهم أحمد بن الفرج في حفظ إسناد هذا الحديث حين ذكره عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، وإنما يحفظ بعض هذا الحديث من حديث الضحاك عن ابن عباس اهـ. قلت: وحديث ابن عباس رواه عبد اللَّه في "السنة" 2/ 479 (1099) والآجري في "الشريعة" ص 271 (709)، والطبراني 12/ 120 (1265) من طرق عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس بنحوه. ورواه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 4/ 381 موقوفًا. قال ابن كثير: إسناد ضعيف فإن جويبرًا ضُعف، والضحاك لم يدرك ابن عباس. وأورد الألباني المرفوع في "الضعيفة" (5258) وقال: ضعيفة جدا، فالآفة من جويبر، فإنه ضعيف جدا متروك، ثم إنه منقطع بين الضحاك وابن عباس، فإنه لم يسمع منه. اهـ بتصرف.

قال: كذبت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال أحمد: فإن يك هذا كذبًا مني على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقد قال اللَّه تعالى: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة: 13] فإن يكن القول من غير اللَّه فهو مخلوق، وإن كان مخلوقًا فقد ادعى حركة لا يطيق فعلها. فالتفت إلى أحمد وابن الزيات، فقال: ناظروه. قالوا: يا أمير المؤمنين، اقتله ودمه في أعناقنا. قال: فرفع يده فلطم حر وجهه فخر مغشيا عليه، فتفرق وجوه قواد خراسان، وكان أبوه من أبناء قواد خراسان، فخاف الخليفة على نفسه منهم، فدعا بكوز من ماء فجعل يرش على وجهه، فلما أفاق رفع رأسه إلى عمه وهو واقف بين يدي الخليفة، فقال: يا عم، لعل هذا الماء الذي صب على وجهي غضب صاحبه عليه. فقال الخليفة: ويحكم ما ترون ما يهجم علي من هذا الحديث، وقرابتي من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا رفعت عنه السوط حتى يقول: القرآن مخلوق. ثم دعا بجلاد -يقال له: أبو الدن- فقال: في كم تقتله؟ قال: في خمسة أو عشرة أو خمسة عشر أو عشرين. فقال: اقتله، فكلما أسرعت كان أخفى للأمر ثم قال: جردوه. قال: فنزعت ثيابه ووقف بين العقابين، وتقدم أبو الدن -قطع اللَّه يده- فضربه بضعة عشر سوطًا، فأقبل الدم من أكتافه إلى الأرض، وكان أحمد ضعيف الجسم، فقال إسحاق بن إبراهيم: يا أمير المؤمنين، إنه إنسان ضعيف الجسم. فقال: قد سمعت قولي، وقرابتي من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا رفعت السوط

عنه حتى يقول كما أقول. فقال: يا أبا عبد اللَّه، البشرى، إن أمير المؤمنين قد تاب عن مقالته وهو يقول: لا إله إلا اللَّه. فقال أحمد: كلمة الإخلاص، وأنا أقول: لا إله إلا اللَّه. فقال: يا أمير المؤمنين، إنه قد قال كما تقول، فقال: خلِّ سبيله. وارتفعت بالباب، فقال: اخرج فانظر ما هذِه الضجة. فخرج ثم دخل فقال: يا أمير المؤمنين، إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك، فأخرج أحمد بن حنبل إني لك من الناصحين. فأخرج وقد وضع طيلسانه وقميصه على يده، وكنتُ أول من وافى الباب فقال الناس: ما قلت يا أبا عبد اللَّه حتى نقول؟ قال: وما عسى أن أقول، اكتبوا يا أصحاب الأخبار، واشهدوا يا معشر العامة: إن القرآن كلام اللَّه غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود. قال أحمد بن الفرج: وكنت أنظر إلى أحمد بن حنبل والسوط قد أخذ كتفيه وعليه سراويل فيه خيط فانقطع الخيط، ونزل السراويل، فلحظته وقد حرك شفتيه فعاد السراويل كما كان، فسألته عن ذلك، فقال: نعم، إنه لما انقطع الخيط قلت: اللهم إلهي وسيدي، أوقفتني هذا الموقف، فلا تهتكني على رؤوس الخلائق. فعاد السراويل كما كان (¬1). "حلية الأولياء" لابي نعيم 9/ 204 - 206 ¬

_ (¬1) قال الذهبي في "السير" 11/ 255: هذِه الحكاية لا تصح. قلت: قد روى مثل هذِه الحكاية كثير من تلاميذ الإمام، وممن شاهدوه في المحنة واللَّه أعلم.

قال علي بن صالح المصري: حدثنا سليمان بن عبد اللَّه السجزي قال: أتيت إلى باب المعتصم وإذا الناس قد ازدحموا على بابه كيوم العيد، فدخلت الدار فرأيت بساطا مبسوطا وكرسيًّا مطروحًا، فوقفت بإزاء الكرسي، فبينما أنا قائم فإذا المعتصم قد أقبل، فجلس على الكرسي، ونزع نعله من رجله، ووضع رجلا على رجل، ثم قال: يحضر أحمد بن حنبل، فأحضر، فلما وقف بين يديه وسلم عليه قال له: يا أحمد، تكلم ولا تخف. فقال أحمد: واللَّه يا أمير المؤمنين، لقد دخلت عليك وما في قلبي مثقال حبة من الفزع. فقال له المعتصم: ما تقول في القرآن؟ فقال: كلام اللَّه قديم غير مخلوق، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6]. فقال له: عندك حجة غير هذا؟ فقال أحمد: نعم يا أمير المؤمنين، قول اللَّه عز وجل: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ} ولم يقل: الرحمن خلق القرآن. وقوله عَزَّ وَجَلَّ: {يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} ولم يقل: يس والقرآن المخلوق. فقال المعتصم: احبسوه. فحبس وتفرق الناس، فلما أصبحت قصدت الباب، فأدخل الناس فدخلت معهم، فأقبل المعتصم وجلس على كرسيه فقال: هاتوا أحمد بن حنبل. فجيء به، فلما أن وقف بين يديه، قال له المعتصم: كيف كنت يا أحمد في محبسك البارحة. فقال: بخير والحمد للَّه، إلا أني رأيت يا أمير المؤمنين في محبسك أمرًا عجبا. قال له: وما رأيت؟ قال: قمت في نصف الليل فتوضأت للصلاة وصليت ركعتين، فقرأت في ركعة {الْحَمْدُ لِلَّهِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} وفي الثانية {الْحَمْدُ لِلَّهِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ} ثم

جلست وتشهدت وسلمت، ثم قمت فكبرت وقرأت {الْحَمْدُ لِلَّهِ} وأردت أن أقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فلم أقدر، ثم اجتهدت أن أقرأ غير ذلك من القرآن فلم أقدر، فمددت عيني في زاوية السجن، فإذا القرآن مسجًّى ميتا، فغسلته وكفنته، وصليت عليه ودفنته. فقال له: ويلك يا أحمد، والقرآن يموت؟ ! فقال له أحمد: فأنت كذا تقول: إنه مخلوق، وكل مخلوق يموت. فقال المعتصم: قهرنا أحمد، قهرنا أحمد. فقال ابن أبي دؤاد وبشر المريسي: اقتله حتى نستريح منه. فقال: إني قد عاهدت اللَّه ألا أقتله بسيف ولا آمر بقتله بسيف. فقال له ابن أبي دؤاد: اضربه بالسياط. فقال: نعم، ثم قال: أحضروا الجلادين. فأحضروا، فقال المعتصم لواحد منهم: بكم سوط تقتله؟ فقال: بعشرة يا أمير المؤمنين. فقال: خذه إليك. قال سليمان السجزي: فأخرج أحمد بن حنبل من ثيابه، واتزر بمئزر من الصوف، وشد في يديه حبلان جديدان، وأخذ السوط في يده، وقال: أضربه يا أمير المؤمنين؟ فقال المعتصم: اضرب. فضربه سوطًا. فقال أحمد: الحمد للَّه. وضربه ثانيًا، فقال: ما شاء اللَّه كان. فضربه ثالثًا، فقال: لا حول ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم. فلما أراد أن يضربه السوط الرابع نظرت إلى المئزر من وسطه قد انحل ويريد أن يسقط، فرفع رأسه نحو السماء، وحرك شفتيه، وإذا الأرض قد انشقت وخرج منها يدان فوزرتاه بقدرة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، فلما أن نظر المعتصم إلى

ذلك قال: خلوه. فتقدم إليه ابن أبي دؤاد وقال له: يا أحمد، قل في أذني: إن القرآن مخلوق، حتى أخلصك من يد الخليفة. فقال له أحمد: يا ابن أبي دؤاد قل في أذني: إن القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، حتى أخلصك من عذاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. فقال المعتصم: أدخلوه الحبس. قال سليمان: فحمل إلى الحبس، وانصرف الناس وانصرفت معهم، فلما كان الغد أقبل الناس وأقبلت معهم فوقفت بإزاء الكرسي، فخرج المعتصم وجلس على الكرسي، وقال: هاتوا أحمد بن حنبل. فجيء به، فلما وقف بين يديه قال له المعتصم: كيف كنت في محبسك الليلة يا ابن حنبل. قال: كنت بخير والحمد للَّه. فقال: يا أحمد، إني رأيت البارحة رؤيا. قال: وما رأيت يا أمير المؤمنين. قال: رأيت في منامي كأن أسدين قد أقبلا إلي وأرادا أن يفترساني، وإذا ملكان قد أقبلا ودفعاهما عني، ودفعا إلي كتابا وقالا لي: هذا المكتوب رؤيا رآها أحمد بن حنبل في محبسه. فما الذي رأيت يا ابن حنبل؟ فأقبل أحمد على المعتصم، فقال له: يا أمير المؤمنين، فالكتاب معك؟ قال: نعم، وقرأته لما أصبحت وفهمت ما فيه. فقال له أحمد: يا أمير المؤمنين رأيت كأن القيامة قد قامت، وكأن اللَّه قد جمع الأولين والآخرين في صعيد واحد وهو يحاسبهم، فبينما أنا قائم إذ نودي بي، فقدمت حتى وقفت بين يدي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، فقال لي: يا أحمد، فيم ضربت؟ فقلت: من جهة القرآن.

فقال لي: وما القرآن؟ فقلت: كلامك اللهم لك. فقال لي: من أين قلت هذا؟ فقلت: يا رب حدثني عبد الرزاق، فنودي بعبد الرزاق فجيء به حتى أقيم بين يدي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فقال له: ما تقول في القرآن يا عبد الرزاق؟ فقال: كلامك اللهم لك، فقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: من أين قلت هذا؟ فقال: حدثني معمر، فنودي بمعمر، فجيء به حتى أوقف بين يدي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، فقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ له: ما تقول في القرآن يا معمر؟ فقال معمر: كلامك اللهم لك. فقال له: من أين قلت هذا؟ فقال معمر: حدثني الزهري، فنودي بالزهري، فجيء به حتى أوقف بين يدي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، فقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ له: يا زهري ما تقول في القرآن؟ فقال الزهري: كلامك اللهم لك. فقال: يا زهري، من أين لك هذا؟ قال: حدثني عروة. فجيء به فقال: ما تقول في القرآن؟ فقال: كلامك اللهم لك. فقال له: يا عروة، من أين لك هذا؟ فقال: حدثتني عائشة بنت أبي بكر الصديق. فنوديت عائشة، فجيء بها، فوقفت بين يدي اللَّه، فقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لها: يا عائشة، ما تقولين في القرآن؟ فقالت: كلامك اللهم لك. فقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لها: من أين لك هذا؟ قالت: حدثني نبيك محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: فنودي بمحمد صلى اللَّه عليه وسلم، فجيء به، فوقف بين يدي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، فقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: يا محمد ما تقول في القرآن؟ فقال له: كلامك اللهم لك. فقال اللَّه له: من أين لك هذا؟ فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: حدثني به جبريل. فنودي بجبريل، فجيء به حتى وقف بين يدي اللَّه فقال له: يا جبريل ما تقول في القرآن؟ قال: كلامك اللهم لك. فقال اللَّه تعالى له: من أين لك هذا؟ فقال: هكذا حدثنا إسرافيل. فنودي بإسرافيل، فجيء به حتى وقف بين يدي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، فقال اللَّه

سبحانه: يا إسرافيل، ما تقول في القرآن؟ فقال: كلامك اللهم لك. فقال اللَّه له: ومن أين لك هذا؟ فقال إسرافيل: رأيتُ ذلك في اللوح المحفوظ. فجيء باللوح، فوقف بين يدي اللَّه، فقال له: أيها اللوح، ما تقول في القرآن؟ فقال: كلامك اللهم لك. فقال اللَّه تعالى له: من أين لك هذا؟ فقال اللوح: كذا جرى القلم علي. فأتي بالقلم حتى وقف بين يدي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، فقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ له: يا قلم، ما تقول في القرآن؟ فقال القلم: كلامك اللهم لك. فقال اللَّه: من أين لك هذا؟ فقال القلم: أنت نطقت وأنا جريت. فقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: صدق القلم، صدق اللوح، صدق إسرافيل، صدق جبريل، صدق محمد، صدقت عائشة، صدق عروة، صدق الزهري، صدق معمر، صدق عبد الرزاق، صدق أحمد بن حنبل، القرآن كلامي غير مخلوق. قال سليمان السجزي: فوثب عند ذلك المعتصم فقال: صدقت يا ابن حنبل. وتاب المعتصم، وأمر بضرب رقبة بشر المريسي وابن أبي دؤاد، وأكرم أحمد بن حنبل وخلع عليه، فامتنع من ذلك فأمر به فحمل إلى بيته. "طبقات الحنابلة" 1/ 438 - 443 قال ميمون بن الأصبغ: سمعت المعتصم يوم المحنة يقول لأحمد: بلغني أنك تقول: إن القرآن كلام اللَّه غير مخلوق؟ فقال له: أصلح اللَّه أمير المؤمنين البلاغات تزيد وتنقص.

فقال له أمير المؤمنين: فأيش تقول؟ قال: أقول: غير مخلوق على أي الحالات كان. قال: ومن أين قلت؟ . فقال: حدثني عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن كلام اللَّه الذي اختص به موسى مائة ألف كلمة وثلاثمائة وثلاثة عشر كلمة" (¬1) فكان الكلام من اللَّه والاستماع من موسى. . إلى أن قال: قال أحمد: قال اللَّه تعالى: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة: 13] فإن يكن القول من اللَّه فالكلام كلام اللَّه. وقال ميمون بن الأصبغ: لما ضرب أحمد سوطًا قال: بسم اللَّه. فلما ضرب الثاني قال: الحمد للَّه، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه. فلما ضرب الثالث قال: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق. فلما ضرب الرابع قال: لن يصيبنا إلا ما كتب اللَّه لنا. فضربوه تسعة وعشرين سوطا، وكانت تكة أحمد حاشية ثوب، فانقطعت، فنزلت السراويل إلى عانته، فرمى بطرفه نحو السماء، وحرك شفتيه، فما كان بأسرع أن بقي السراويل فلم تنزل. وذكر الكلام إلى أن قال: فدخلت إلى أحمد بعد سبعة أيام من ضربه وهو يقرأ في مصحف بين يديه، فقلت: يا أبا عبد اللَّه، رأيتك يوم ضربوك وقد انحل سراويلك، فرفعت طرفك نحو السماء ورأيتك تحرك شفتيك، فأيش قلت؟ قال: قلت: اللهم إني أسألك باسمك الذي ملأت به ¬

(¬1) لم أقف عليه، وانظر حديث ابن عمر.

العرش، إن كنت تعلم أني على الصواب فلا تهتك لي سترًا. "طبقات الحنابلة" 2/ 407 - 409 قال عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: حدثني أبو معمر القطيعي قال: لما حضرنا في دار السلطان أيام المحنة، وكان أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل قد أحضر، وكان رجلا لينا، فلما رأى الناس يجيبون، انتفخت أوداجه، واحمرت عيناه، وذهب ذلك اللين الذي كان فيه، فقلت: إنه قد غضب للَّه. قال أبو معمر: فلما رأيت ما به قلت: يا أبا عبد اللَّه، أبشر، حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان، عن الوليد بن عبد اللَّه بن جميع، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: كان من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من إذا أريد على شيء من دينه رأيت حماليق عينيه في رأسه تدور كأنه مجنون (¬1). قال ابن أبي أسامة: حكي لنا أن أحمد بن حنبل قيل له أيام المحنة: يا أبا عبد اللَّه، ألا ترى الحق كيف ظهر عليه الباطل؟ فقال: كلا. إن ظهور الباطل على الحق أن تنتقل القلوب من الهدى إلى الضلالة، وقلوبنا بعد لازمة للحق. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 388 - 389 قال محمد بن إبراهيم البوشنجي: قدم المعتصم من بلاد الروم بغداد في شهر رمضان سنة ثمان عشرة، فامتحن فيها أحمد وضرب بين يديه. ¬

(¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 279 (26049) عن محمد بن فضيل به، والبخاري في "الأدب المفرد" ص 190 (555) عن إسحاق، عن محمد بن الفضيل -وقع في المطبوع (الفضل) - به، قال الحافظ في "الفتح" 10/ 540: بسند حسن. وحسنه الألباني في تعليقه على "الأدب المفرد".

فحدثني من أثق به من أصحابنا عن محمد بن إبراهيم بن مصعب -وهو يومئذ على الشرط للمعتصم، خليفة إسحاق بن إبراهيم- أنه قال: ما رأيت أحدًا لم يداخل السلطان، ولا خالط الملوك أثبت قلبًا من أحمد يومئذ، ما نحن في عينه إلا كأمثال الذباب. قال المروذي في محنة أحمد بن حنبل وهو بين الهنبارين: يا أستاذ، قال اللَّه تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] فقال أحمد: يا مروذي، اخرج انظر أي شيء ترى؟ قال: فخرجت إلى رحبة دار الخليفة، فرأيت خلقًا من الناس لا يحصي عددهم إلا اللَّه، والصحف في أيديهم والأقلام والمحابر في أذرعتهم، فقال لهم المروذي: أي شيء تعملون؟ فقالوا: ننتظر ما يقول أحمد فنكتبه. قال المروذي: مكانكم. فدخل إلى أحمد بن حنبل وهو قائم بين الهنبارين قال له: رأيت قومًا بأيديهم الصحف والأقلام، ينتظرون ما تقول فيكتبونه. فقال: يا مروذي، أُضل هؤلاء كلهم! أقتل نفسي ولا أُضل هؤلاء كلهم (¬1). "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 408 - 409 ¬

(¬1) قال ابن الجوزي معلقا على هذا الخبر: هذا رجل هانت عليه نفسه في اللَّه تعالى فبذلها، كما هانت على بلال نفسه. وقد رُوينا عن سعيد بن المسيب أنه كانت نفسه عليه في اللَّه تعالى أهون من نفس ذباب. وإنما تهون أنفسهم عليهم لتلمحهم العواقب، فعيون البصائر ناظرة إلى المآل لا إلى الحال، وشدة ابتلاء أحمد دليل على قوة دينه، لأنه قد صح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "يبتلى الرجل على حسب دينه" فسبحان من أيده وبصره وقواه ونصره!

قال جعفر الرازي: كان إسحاق بن إبراهيم يقول: أنا واللَّه رأيت يوم ضرب أحمد بن حنبل سراويله وقد ارتفع من بعد انخفاضه، وانعقد من بعد انحلاله، ولم يفطن بذلك لذهول عقل من حضره، وما رأيت يوما كان أعظم على المعتصم من ذلك اليوم، واللَّه لو لم يرفع عنه الضرب لم يبرح من مكانه إلا ميتا. قال إبراهيم بن إسحاق الأنصاري: سمعت بعض الجلادين يقول: لقد بطل أحمد بن حنبل الشطار، واللَّه لقد ضربته ضربًا لو أبرك لي بعير فضربته ذلك الضرب لنقبت عن جوفه. قال: محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة: سمعت شاباص التائب يقول: لقد ضربت أحمد بن حنبل ثمانين سوطًا، لو ضربته فيلًا لهدته. قال محمد بن جعفر الراشدي: حدثني بعض أصحابنا قال: لما أخذت أبا عبد اللَّه السياط، قال: بك استغثت يا جبار السماء ويا جبار الأرض. قال عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: كنت كثيرًا أسمع والدي يقول: رحم اللَّه أبا الهيثم، غفر اللَّه لأبي الهيثم، عفا اللَّه عن أبي الهيثم. فقلت: يا أبت، من أبو الهيثم؟ قال: ألا تعرفه؟ قلت: لا. قال: أبو الهيثم الحداد، اليوم الذي أخرجت فيه للسياط، ومدت يداي للعقابين، إذا أنا بإنسان يجذب ثوبي من ورائي ويقول لي: تعرفني؟ قلت: لا. قال: أنا أبو الهيثم العيار، اللص الطرار، مكتوب في ديوان أمير المؤمنين أني ضربت ثمانية عشر ألف سوط بالتفاريق، وصبرت في ذلك على طاعة الشيطان لأجل الدنيا، فاصبر أنت في طاعة الرحمن لأجل الدين. قال: فضربت ثمانية عشر سوطًا بدل ما ضرب ثمانية عشر ألفا، وخرج

الخادم فقال: عفا عنه أمير المؤمنين. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 412 - 413. قال أبو شعيب الحراني: كنا مع أبي عبيد القاسم بن سلام بباب المعتصم وأحمد بن حنبل يضرب، قال: فجعل أبو عبيد يقول: أيضرب سيدنا؟ لا صبر، أيضرب سيدنا؟ لا صبر. قال أبو شعيب فقلت: ضربوا ابن حنبل بالسياط بظلمهم ... بغيا فثبت بالثبات الأنور قال الموفق حين مدد بينهم ... مد الأديم مع الصعيد القرقر إني أموت ولا أبوء بفجرة ... يصلى بوائقها محل المفتري "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 416 قال ميمون بن الأصبغ: كنت ببغداد فسمعت ضجة، فقلت: ما هذا؟ قال: أحمد بن حنبل يمتحن في القرآن. قال: فأتيت منزلي فأخذت مالا له خطر، فذهبت به إلى من يدخلني إلى المجلس الذي يمتحن فيه أحمد، قال: فأدخلوني، فإذا بالسيوف قد نضيت، والقواد بالأعمدة قد ترجلت، وبالأسواط قد طرحت، قال: فألبسوني أقبية سودًا ومنطقة وسيفًا حتى أوقفوني عند المجلس من حيث أسمع الكلام، فإذا أنا بأمير المؤمنين عليه رداء عدني، حتى جلس على الكرسي، فقال: أين هذا الذي يزعم أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ينطق بجارحتين؟ . قال: فأتي بأحمد بن حنبل وعليه قميص أبيض، وكساء أخضر، ونعله

معلقة بيده حتى أوقف بين يديه، فقال: أنت أحمد بن حنبل؟ فقال: أنا أحمد بن محمد بن حنبل. قال: بلغني أنك تقول: إن القرآن كلام اللَّه غير مخلوق. فقال له: أصلح اللَّه أمير المؤمنين، البلاغات تزيد وتنقص. فقال له: يا مبارك، فأيش تقول؟ قال: أقول: القرآن غير مخلوق، وعلى أي الحالات كان. قال: ومن أين قلت؟ قال: روي في الحديث، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: " إن كلام اللَّه الذي استخص به موسى عليه السلام، مائة ألف كلمة وثلاث عشرة كلمة" فكان الكلام من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، والاستماع من موسى. فقال: كذبت يا عدو اللَّه على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ما قال رسول اللَّه شيئًا من هذا. فقال أحمد: إن كنتَ تقول: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يقل شيئًا من هذا. فإن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قال: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة: 13]، فإن يكن القول من اللَّه، فإن الكلام من اللَّه. فالتفت إلى ابن أبي دؤاد. فقال: كلمه. فقال ابن أبي دؤاد: اقتله. ولطم أحمد فخر مغشيا عليه، ثم أفاق. فقال المعتصم: وقرابتي من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأضربنك بالسياط أو تقول كما أقول. ثم التفت إلى جلاد، فقال: خذه إليك. قال: فأخذه فخرق قميصه ثم أوقفه بين العقابين، فلما ضرب سوطًا واحدًا قال: باسم اللَّه. فلما ضرب الثاني قال: لا حول ولا قوة إلا باللَّه. فلما ضرب الثالث قال: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق. فلما ضرب الرابع قال: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: 51]، فضربه تسعة وعشرين سوطا، وكانت تكة أحمد حاشية ثوب، فانقطعت،

فنزل السراويل على عانته، فقلت: الساعة ينهتك. فرمى أحمد بطرفه نحو السماء وحرك شفتيه، فما كان بأسرع من أن بقي السراويل لم ينزل. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 73 - 76 قال أبو علي حنبل بن إسحاق بن حنبل: فلما طال حبس أبي عبد اللَّه، قال: وكان أبي يختلف في أمره ويكلم القواد وأصحاب السلطان في أمره، رجاء أن يطلق ويخلى له السبيل، فلما طال ذلك ولم يره يتم، استأذن على إسحاق بن إبراهيم، فقال له: أيها الأمير، إن بيننا وبين الأمير حرما في حرمة منها ما يرعاها الأمير؛ جوار بمرو، كان والدي حنبل مع جدك الحسين بن مصعب. قال: قد بلغني ذلك. قلت: فإن رأى أمير المؤمنين أن يرعى لنا ذلك ويحفظه. قال أبي: وقلت له: أيها الأمير، علام يحبس ابن أخي؟ ما جحد التنزيل، وإنما اختلفوا في التأويل، فاستحل منه أن حبس هذا الحبس الطويل، أيها الأمير، اجمع لنا الفقهاء والعلماء، قال أبي: ولم أذكر أهل الحديث. فقال إسحاق: وترضى؟ قلت: نعم أيها الأمير، فمن فلجت حجته كان أغلب. فقال لي ابن أبي ربعي بعد ذلك: ما صنعت! تجمع على ابن أخيك المخالفين له، فيثبتون عليه الحجة ممن يريد ابن أي دؤاد من أهل الكلام والخلاف، هلا شاورتني في ذلك؟ قلت له: قد كان ما كان. قال أبي: ولما ذكر لإسحاق بن إبراهيم ما بيننا وبينه من الحرمة المتقدمة، قال لحاجبه البخاري: يا بخاري، اذهب معه إلى ابن أخيه فليكلمه ولا يكلم ابن أخيه بشيء لا تفهمه إلا أخبرتني به.

قال أبي: فدخلت على أبي عبد اللَّه مع حاجب إسحاق الذي يقال له: البخاري. فقلت له: يا أبا عبد اللَّه، قد أجاب أصحابك، وقد أعذرت فيما بينك وبين اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وقد أجاب القوم وبقيت أنت -يعني بقيت في الحبس والضيق. فقال لي: يا عم، إذا أجاب العالم تقية، والجاهل بجهل فمتى يتبين الحق؟ ! قال أبي: فأمسكت عنه، فلما كان بعد أيام من لقائي إسحاق بن إبراهيم وكلامي إياه، لقي إسحاق المعتصم فأخبره بقول أبي وما كلمه به. غدونا إلى الحبس يومًا نريد الدخول على أبي عبد اللَّه على ما كنا نختلف، وكان في جيراننا رجل، يقال له: هارون، يختلف إلى أبي عبد اللَّه بطعامه من المنزل، ويقضي حوائجه ويخدمه، فقيل لنا: قد حول الليلة أبو عبد اللَّه إلى دار إسحاق، فذهبت أنا وأبي وأصحابنا إلى دار إسحاق، فأردنا الدخول على أبي عبد اللَّه والوصول إليه، فحيل بيننا وبين ذلك، وجاء هارون الجصاص بإفطار أبي عبد اللَّه فدفعه إلى بعض الأعوان يوصله إلى أبي عبد اللَّه، فبعث إسحاق، فأخذ الزنبيل الذي فيه إفطاره فنظر إليه، فإذا فيه رغيفان وشيء من باقلا، فتعجب إسحاق من ذلك. ولما كان الغد من اليوم الذي حول فيه أبو عبد اللَّه إلى دار إسحاق ونحن عند باب دار إسحاق، إذ جاء أبو شعيب الحجام ومحمد بن رباح، حتى دخلا إلى دار إسحاق، ثم دخلا إلى أبي عبد اللَّه ومعهما صورة السماوات والأرض وغير ذلك. قال أبو عبد اللَّه: فسألني عن شيء ما أدري ما هو. قال أبو عبد اللَّه: فلما سألاني -يعني: ابن الحجام وابن رباح- قلت:

ما أدري، وما أعرف هذا، ثم قال لي أبو شعيب في كلام دار بيني وبينه: وسألته عن علم اللَّه ما هو؟ قال: علم اللَّه مخلوق. فقلت له: كفرت باللَّه العظيم، فقال لي رسول إسحاق -وكان معه: هذا رسول أمير المؤمنين. فقلت له: إن هذا قد كفر باللَّه. وقلت لصاحبه ابن رباح الذي جاء معه: إن هذا- أعني: أبا شعيب- قد كفر، زعم أن علم اللَّه مخلوق، فنظر وأنكر عليه مقالته، وقال: ويحك، ما قلت؟ ثم انصرفنا. قال حنبل: فبلغني عن أبي شعيب أنه لما خرج من عند أبي عبد اللَّه، سمعه من كان قريبًا منه يقول: ما رأيت لهذا نظيرًا. وكان أبو عبد اللَّه قال لأبي شعيب في وقت مناظرته: ويلك، بعد طلبك الحديث وكتابتك للعلم، ألم أرك في موضع كذا؟ ! ألم تحضر كذا؟ ! فقال أبو شعيب: ما رأيت لهذا نظيرًا، عجبت من رجل في هذا الذي هو فيه وتوبيخه إياي. قال: ولما حول أبو عبد اللَّه من السجن إلى دار إسحاق، كان عليه قيدٌ خفيف فزيد عليه في القيد وثقل، فمكث ثلاثة أيام في دار إسحاق، فلما كانت الليلة الرابعة بعد عشاء الآخرة في شهر رمضان، جاء بُغا الكبير إلى إسحاق بن إبراهيم فأمره بحملي إلى المعتصم. قال أبو عبد اللَّه: فأدخلت على إسحاق، فقال لي: يا أحمد، إنها واللَّه نفسُك، قد حلف ألا يقتلك بالسيف، وأن يضربك ضربا بعد ضرب، وأن يحبسك في موضع لا ترى فيه الشمس، أليس قال اللَّه تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: 3] أفيكون مجعولا إلا مخلوقا؟ ! قال أبو عبد اللَّه:

فقلت: قال اللَّه تعالى: {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا} [الأنبياء: 58] {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: 5] أفخلقهم؟ فسكت. قال أبو عبد اللَّه: ثم قال لي إسحاق: يا أحمد، لو أجبت أمير المؤمنين إلى ما دعاك إليه. قال: فكلمته بكلام، فقال: إني عليك مشفق، وإن بيننا وبينك حرمة. فقلت: ما عندي في هذا إلا الأمر الأول، فقال: اذهبوا به. فأمر بي فحملت في زورق إلى دار أبي إسحاق، وكانت في سراويلي تكة، فلما حولوني وزاد في قيودي وثقلت علي القيود، لم أقدر أن أمشي فيها، أخرجت التكة من السراويل وشددت بها قيودي، ثم لففت السراويل بغير تكة ولا خيط، فمضى بي إلى دار أبي إسحاق ومعي بُغا، ورسول إسحاق بن إبراهيم، فلما صرت إلى الدار أخرجت من الزورق وحملت على دابة والأقياد ثقلت عليّ وما معي أحدٌ يمسكني، فظننت أني أسقط إلى الأرض أو نحوه، فأدخلت فصيرت في بيت وأغلق علي الباب وأقعد عليه رجلان، وليس في البيت سراج، فقمت أصلي ولم أعرف القبلة، فصيلت، فلما أصبحت نظرت فإذا أنا على القبلة. قال أبو عبد اللَّه: فأدخلت من الغد على أبي إسحاق، فإذا هو قاعد، وابن أبي دؤاد حاضر وقد جمع أصحابه، فلما نظر إلي أبو إسحاق فسمعته يقول لهم وقد قربت منهم: أليس زعمتم أنه حدث؟ هذا شيخ مكتهل. فما أدري ما احتج به الخبيث عليه فلم أفهم ما قال، والدار كثيرة الناس، فلما دنوت سلمت، فقال لي: ادنه. فلم يزل يقول: ادنه. حتى قربت منه، قال: اجلس. فجلست وقد أثقلتني الأقياد، فلما مكثت ساعة قلت له: يا أمير المؤمنين، تأذن لي في الكلام؟

قال: تكلم. قلت: إلامَ دعا إليه ابن عمك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: إلى شهادة أن لا إله إلا اللَّه. قلت: فأنا أشهد أن لا إله إلا اللَّه. وقلت: إن جدك ابن عباس حكى أن وفد عبد القيس لما قدموا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أمرهم بالإيمان باللَّه (¬1). . -وذكرت له الحديث كله- يا أمير المؤمنين، وإلام أدعى وهذِه شهادتي وإخلاصي للَّه بالتوحيد؟ ! قال: فسكت، فقال ابن أبي دؤاد كلامًا لم أفهمه. "المحنة" لعبد الغني المقدسي 80 - 86 قال العباس بن المغيرة: حدثنا أبو علي حنبل قال: قال أبو عبد اللَّه: ولقد احتجوا علي بشيء ما يقوى قلبي ولا ينطلق لساني أن أحكيه، أنكروا الآثار وما ظننتهم على هذا حتى سمعت مقالتهم، وجعل ابن عون يقول: الجسم، وكذا وكذا، فقلت: لا أدري ما تقول. وقلت: هو الأحد الصمد. قال أبو عبد اللَّه: فاحتججت عليه، فقلت: زعمتم أن الأخبار تردونها باختلاف أسانيدها وما يدخلها من الوهم والضعف، فهذا القرآن، نحن وأنتم مجمعون عليه، وليس بين أهل القبلة فيه خلاف، وهو الإجماع، قال اللَّه في كتابه تصديقا منه لقول إبراهيم، غير دافع لمقالته ولا منكر، فحكى اللَّه ذلك فقال: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ} [مريم: 42] فذم إبراهيم أباه أن عبد ما لا يسمع ولا يبصر، فهذا منكر عندكم؟ ! ¬

(¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 228، والبخاري (53)، ومسلم (17).

قالوا: شبه يا أمير المؤمنين، شبه يا أمير المؤمنين! قلت: أليس هذا القرآن، هذا منكر مدفوع؟ ! وهذِه قصة موسى عليه السلام، قال اللَّه لموسى في كتابه حكاية عن نفسه تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} فأثبت اللَّه تعالى الكلام لموسى كرامة منه لموسى، وقال بعد كلامه له: {تَكْلِيمًا} [النساء: 164] تأكيدًا للكلام. وقال اللَّه تعالى في كتابه: يا موسى {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا} [طه: 14] أفتنكرون هذا؟ ! فتكون هذِه الياء الراجعة حكاية ترد على غير اللَّه ويكون مخلوقا يدعي الربوبية إلا هو عَزَّ وَجَلَّ. قال اللَّه تعالى: {يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} [طه: 11، 12] فهذا كتاب اللَّه يا أمير المؤمنين. فأمسكوا وأداروا بينهم كلامًا لم أفهمه. قال أبو عبد اللَّه: وكان القوم يدفعون هذا وينكرونه. قلت له: فأبو إسحاق؟ قال: لم يقل شيئًا، ولم يقدر على دفع القرآن، وأنكروا الكلام والرؤية. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 99 - 100 قال أحمد في رواية حنبل: إن عرضتُ على السيف لا أجيب. "الآداب الشرعية" 1/ 183

87 - فصل: خروج الإمام من دار المعتصم

87 - فصل: خروج الإمام من دار المعتصم قال ابن محمد المصيصي: سمعت عبد الرزاق قال لأحمد بن حنبل: وأما أنت فجزاك اللَّه عن نبيك خيرًا. "طبقات الحنابلة" 2/ 85 قال أبو محمد الطفاوي لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد اللَّه، أخبرني عما صنعوا بك؟ قال: لما ضربت بالسياط جاء ذاك الطويل اللحية -يعني: عجيفًا- فضربني بقائم السيف، فقلت: جاء الفرج تضرب عنقي وأستريح. فقال له ابن سماعة: يا أمير المؤمنين، اضرب عنقه ودمه في رقبتي. فقال له ابن أبي دؤاد: لا يا أمير المؤمنين، لا تفعل، فإنه إن قتل أو مات في دارك قال الناس: صبر حتى قتل، فاتخذه الناس إماما وثبتوا على ما هم عليه، لا، ولكن أطلقه الساعة، فإن مات خارجًا من منزلك شك الناس في أمره، وقال بعضهم: لم يجبه. فيكون الناس في شك من أمره. وقال ابن أبي حاتم: وسمعت أبا زرعة يقول: دعا المعتصم بعم أحمد ابن حنبل، ثم قال للناس: تعرفونه؟ قالوا: نعم! هو أحمد بن حنبل. قال: فانظروا إليه، أليس هو صحيح البدن؟ قالوا: نعم. ولولا أنه فعل ذلك لكنت أخاف أن يقع شر لا يقام له، فلما قال: قد سلمته إليكم صحيح البدن، هدأ الناس وسكتوا. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 419 - 420

قال ابن أبي حاتم: وحدثنا أحمد بن سنان قال: بلغني أن أحمد بن حنبل جعل المعتصم في حل يوم فتح بابل أو في يوم فتح عمورية، فقال: هو في حل من ضربي. قال عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: قال لي أبي: وجه إليَّ الواثق أن أجعل المعتصم في حل من ضربه إياي. فقلت: ما خرجت من داره حتى جعلته في حل، وذكرت قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يقوم يوم القيامة إلا من عفا" (¬1) فعفوت عنه. قال أبو علي الحسين بن عبد اللَّه الخرقي -وقد رأى أحمد بن حنبل: بت مع أحمد بن حنبل ليلة، فلم أره ينام إلا يبكي إلى أن أصبح، فقلت: أبا عبد اللَّه، كثر بكاؤك الليلة، فما السبب؟ فقال لي: ذكرت ضرب المعتصم إياي، ومر بي في الدرس: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40] فسجدت وأحللته من ضربي في السجود. قال إبراهيم الحربي: أحل أحمد بن حنبل من حضر ضربه وكل من شايع فيه، والمعتصم، وقال: لولا أن ابن أبي دؤاد داعية لأحللته. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 424 - 425 ¬

(¬1) رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" 11/ 198 - 199 من حديث ابن عباس، وروي من حديث عمران بن حصين رواه البيهقي في "شعب الإيمان" 6/ 44 (7451)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 6/ 145. وذكرهما الألباني في "الضعيفة" (2583) وقال عن الحديث الأول: موضوع وقال عن الثاني: إسناده ضعيف.

قال أبو علي حنبل بن إسحاق: لما أمر أبو إسحاق بتخلية أبي عبد اللَّه، خلع عليه أبو إسحاق منطقة وقميصًا وطيلسانًا وخفًّا وقلنسوة، فبينا نحن على باب أبي إسحاق في الدهليز، والناس في ذلك الوقت مجتمعون في الميدان، وفي الدروب وغيرها، وأغلقت الأسواق واجتمع الناس، فنحن على ذلك إذ خرج أبو عبد اللَّه على دابة من دار أبي إسحاق وقد ألبس تلك الثياب، وابن أبي دؤاد عن يمينه وإسحاق بن إبراهيم عن يساره، فلما صار في دهليز أبي إسحاق قبل أن يخرج إلى الطريق، قال لهم ابن أبي دؤاد: اكشفوا رأسه. فكشفوه وذهبوا يأخذون به ناحية الميدان نحو طريق الحبس، فقال لهم: خذوا به هاهنا. يريد دجلة، فذهب به إلى الزورق، فحمل إلى دار إسحاق ومعه غسان وصاحب الشافعي، فأتي به دار إسحاق فأقامه عنده إلى أن صلينا الظهر، وبعثت إلى أبي وإلى جيراننا وإلى مشايخ المحال فجمعوا، فأدخلوا عليه، فقال لهم: هذا أحمد بن حنبل إن كان فيكم من يعرفه وإلا فليعرفه. وجاء ابن سماعة فدخل. قال أبو عبد اللَّه: فقال ابن سماعة حين دخل للجماعة: هذا أحمد بن حنبل، وإن أمير المؤمنين ناظره في أمر وقد خلى سبيله، وها هو ذا، فأخرج على دابة لإسحاق عند غروب الشمس، فصار إلى منزله ومعه السلطان والناس. فلما صار إلى الباب سمعت عياشًا صاحب الحبس لما رأى أبا عبد اللَّه قد أقبل، فقال عياش لصاحب إسحاق والناس قيام: تازية تازية -يعني: عربي عربي- فدخل أبو عبد اللَّه ودخلت معه من باب الزقاق، وهو منحنٍ على الضربة التي كانت قد أجافت ولم تنقب بحمد اللَّه، وكان عليها

منحنيا، فلما صار إلى باب الدار ذهب لينزل علي احتضنته ولم أعلم، فوقعت يدي على موضع الضربة فصاح وآلمه ذلك ولم أعلم، فنحيت يدي، ونزل متوكئًا علي ودخلنا وأغلق الباب. ورمى أبو عبد اللَّه بنفسه على وجهه، لا يقدر يتحرك هكذا ولا هكذا إلا بجهد، وخلع ما كان عليه وأمر به فبيع، وأخذ ثمنه فتصدق به. وكان إسحاق بن إبراهيم لا يقطع عنه خبره، وذلك أنه تركه -فيما حكي لنا- عند الإياس منه. وكان أبو إسحاق ندم بعد ذلك وأسقط في يده حتى صلح. وكان صاحب خبر إسحاق بن إبراهيم يأتينا في كل يوم يتعرف خبره، حتى صلح وبرئ بعد الصلاح وخرج إلى الصلاة والحمد للَّه رب العالمين. وبقيت يده وإبهاماه متخلعتين يضربان عليه إذا أصابهما البرد حتى نسخِّن له الماء، وصار سوط من الضرب في خاصرته فظنوا أنها قد نقبت فسلمه اللَّه من ذلك ورزقه العافية. قال أبو علي: وجاء رجل من أهل السجن يقال له: أبو الصبح، ممن يبصر الضرب والجراحات، قال: قد رأيت مَنْ ضُرِب الضربَ العظيم، ما رأيت ضربًا مثل هذا، ولا أشد منه، وهذا ضرب التلف، ولقد جر عليه الجلادون -قدَّ اللَّه أيديهم- من قدامه ومن خلفه، وإنما أريد قتله. ثم سبره بالميل -يعني: قدره- مخافة أن تكون نقبت فلم تكن نقبت. ورأيت أبا عبد اللَّه وقد أصابت أذنه ضربة فقطعت الجلد وأنتنت أذنه، وأصابت وجهه غير ضربة فما كان يضطرب. قال أبو عبد اللَّه: وقال لي بعضهم: يا أبا عبد اللَّه، لا تتحرك وانتصب.

ولما أردنا علاجه خفنا أن يدس ابن أبي دؤاد إلى المعالج فيلقي في دوائه ما يقتله، فعملنا الدواء والمرهم في منزله وكان في بَرْنِيَّة (¬1) عندنا، فكان إذا جاء المعالج ليعالجه حضرنا جميعًا معه فيعالجه منها، فإذا فرغ رفعناها، وكان في ضربه شيء من اللحم قد مات، فقطعه بالسكين، فلم يزل أثر الضرب في ظهره إذا أصابه البرد ضرب عليه، فإذا آذاه الدم بعث إلى الحجام في أي ساعة كان، فيخرج الدم حتى يسكن عنه ضربان كتفيه، وكان يسخن له الماء الحار لبدنه. قال جرير بن أحمد بن أبي دؤاد -عم أبي نصر- قال أبي: ما رأيت أشد قلبًا من هذا الرجل أحمد بن حنبل، جعلنا نكلمه، وجعل الخليفة يكلمه يسميه مرة ويكنيه: يا أحمد، يا أبا عبد اللَّه، وهو يقول: أوجدني شيئًا من كتاب اللَّه أو سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى أجيبك. قال جعفر بن عبد الواحد: ذاكرت المهتدي بشيء فقلت به: كان أحمد بن حنبل يقول، ولكنه كان يخالف -كأني أومأت إلى من مضى من آبائه. قال: فقال لي المهتدي: رحم اللَّه أحمد بن حنبل، واللَّه لو جاز لي أن أتبرأ من أبي لتبرأت منه. قال: ثم قال: تكلم بالحق وقُل به، فإن الرجل ليتكلم بالحق فينبل في عيني. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 102 - ص 107 ¬

(¬1) بفتح الباء، وسكون الراء، وكسر النون، وتشديد الياء: إناء من الخزف "تهذيب اللغة" 1/ 322، مادة (برن).

قال محمد بن إدريس بن محمد الخياط: قال من حضر الضرب ومحنة أحمد: واللَّه أنا رأيت بعد ما استرخى أحمد في الضرب، كاد أن ينحل مئزره حتى خرج يدان من خاصرته فشدَّت المئزر، وغشي عند ذلك على المعتصم، حتى حمل بين اثنين، قال: فبلغني أن المعتصم كان يقول في منامه: يا أحمد، إني قد عفوت عنك فاعف عني، وإلا فخذ السوط فاقتص مني. قال أبو علي حنبل بن إسحاق: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ذهب عقلي مرارًا، فإذا رفع عني الضرب رجعت إليّ نفسي، وإذا استرخيت وسقطت رفع عني الضرب، أصابني ذلك مرارًا وأنا لا أعقل. وقال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: وكان ابن أبي دؤاد قبل أن أضرب يختلف إلي وإذا أخذه القلق ذهب إلى أبي إسحاق، وجاء إلي بالوعيد والتهديد، وحاجبه ابن دنقش أيضا يمشي برسالة أبي إسحاق يقول لك كذا، يقول لك كذا، فلما لم يروا الأمر يصير إلى الذي أرادوا، عزموا على أن ينالوني بما نالوني به. فقال له أبو بكر بن عبيد اللَّه: يا أبا عبد اللَّه، فكيف رأيته هو -يعني: أبا إسحاق؟ قال: رأيته في الشمس قاعدا بغير ظلة، فربما لم أعقل وربما عقلت، إذا أعاد الضرب ذهب عقلي فلا أدري، فيرفع عني الضرب. فسمعته يقول لابن أبي دؤاد: لقد ارتكبت إثمًا في أمر هذا الرجل. فقال له: يا أمير المؤمنين، إنه واللَّه كافرٌ مشرك، قد أشرك من غير وجه. فلا يزال به حتى يصرفه عما يريد، وقد كان أراد تخليتي بغير ضرب، فلم يدعه، ولا إسحاق بن إبراهيم، وعزم حينئذ على ضربي.

قال أبو علي: وبلغني عن النوفلي قال: قال أبو إسحاق لابن أبي دؤاد بعد ما ضرب أحمد، وهو يسأله: كم ضرب؟ فقال ابن أبي دؤاد: نيفًا وثلاثين -أو أربعة وثلاثين- سوطًا. قال أبو عبد اللَّه: فقال لي إنسان ممن كان حضر: ثم إنا ألقينا على صدرك بارية وأكببناك على وجهك ودسناك. قال أبو عبد اللَّه: وما عقلت بهذا كله، وأمر بإطلاقي فلم أعلم حتى أخرج القيد من رجلي. وقال له ابن أبي دؤاد بعدما ضربت وأمر بتخليتي: يا أمير المؤمنين، احبسه فإنه فتنة، يا أمير المؤمنين، إنه ضال مضل مبتدع، وإن خليته فتنت به الناس. فقال: يا إسحاق، أطلقه، وقام فدخل، فحينئذ عقلت بالقيد وقد نزع من رجلي. وقام أبو إسحاق فدخل من مجلسه ذلك، فلم يجد بدان أن يخلي عني، ولولا ذلك كان حبسني. فقال أبو بكر بن عبيد اللَّه لأبي عبد اللَّه: يا أبا عبد اللَّه، فابن سماعة؟ فقال أبو عبد اللَّه: سمعته يقول له -وقد أوقفت من الضرب وأنا بين العقابين: يا أمير المؤمنين، إنه رجل شريف، وهو رجل في نفسه مستور، ولعله يجيب أمير المؤمنين بما يكون له وجه عما دعاه إليه أمير المؤمنين. ثم قال لي ابن سماعة: ويحك! إن أمير المؤمنين مشفق عليك، وهو ذا بين يديك، فأجبه إلى ما يريد منك. قلت له: ما رأيت أمرًا أوضح من كتاب ولا سنة. فتنحى ابن سماعة وتكلم بكلام لم أفهمه.

قال أبو علي حنبل: وبلغني أن أبا عبد اللَّه قال: لي ولهم موقف بين يدي اللَّه تعالى، وكتب بها إليه، فقال: يخلى سبيله الساعة. قال: وبلغني أن أبا العلاء الأهتمي قال: ما رأيت أحدًا أشجع قلبا من أحمد بن حنبل. وأخبرني أبي قال: قال لي بعض من حضر يومئذ: كان أحمد في دهره مثل صاحب بني إسرائيل في دهره. وكان هؤلاء يحتجون عليه، وهؤلاء يحتجون عليه، فيحتج على هؤلاء، ويحتج على هؤلاء بقلب ثابت وفهم، ليس ثم شيء ينكر. وقال لهم أبو إسحاق: ليس هذا كما وصفتم لي. وذلك أنهم وضعوا من قدره عنده ونالوه وصغروه عنده، فلما شاهده ورأى ما عنده عرف له فضله. قال أبو عبد اللَّه: لولا الخبيث ابن أبي دؤاد كان أبو إسحاق قد خلاني، ولكن هو وإسحاق بن إبراهيم قالا له: يا أمير المؤمنين، ليس من تدبير الخلافة أن تخالف خليفتين وتخلي سبيله. ولولا ذلك كان أبو إسحاق قد أراد تخليتي قبل الضرب. وقد أراد ابن أبي دؤاد أن يحبسني بعد الضرب، فقال أبو إسحاق: يخلى. فعاوده فغضب أبو إسحاق وقال: يخلى عنه. فلم أعلم إلا بالقيد وقد نزع عني. وقال لي أبو إسحاق في اليوم الثالث حين أمر بضربي: أجبني إلى شيء يكون لك فيه بعض الفرج حتى أطلق عنك، وأطأ عقبك، وآتيك بأهلي وولدي وحشمي. وأراد بذلك أن يتشبث بشيء يكون له فيه عذر، فقلت له: ما أتيتموني ببيان من كتاب اللَّه، ولا من سنة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال أبو عبد اللَّه: وكان أبو إسحاق أرق علي منهم كلهم، فأما ابن أبي دؤاد، فكان فدما (¬1) لا يحسن يحتج ولا يهتدي إلى شيء، إنما كان يعتمد على أولئك البصريين المعتزلة، برغوث وأصحابه. قال أبو بكر بن يزدانيار -يعني: الأرموي- في حديث طويل: بلغني أن المعتصم لما ضرب أحمد بن حنبل لم ينتفع بنفسه، وأخذته الرعدة وضيق النفس، وكانت ترتعد فرائصه ولا تكاد تستقيم له قدم على الأرض، فإذا قيل له: الأطباء؟ قال: أنا أعرف علتي، علتي محنة العبد الصالح أحمد بن حنبل حين ابتليت به. حتى مات على ذلك. وقال الشيخ -يعني: ابن يزدانيار-: وبلغني أن الجلاد الذي ضرب أحمد وقعت في يده الأكلة في وقته ذلك، وبعد ثلاثٍ مات، واسود وجهه كله. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 110 - 116 قال أبو الفضل البغدادي: قال لي حنبل: لما ضرب ابن عمي انكسرت له قطعة من عظام ضلعه، وكنا لا نجسر أن نداويه مخافة أن يكون في الدواء شيء من السموم، حتى وصف لنا بالبصرة متطبب صالح، فجئنا به، فلما نظر إلى الكسر وإذا العظم متعلق بلحم مفسود، فجذبه الطبيب بأسنانه فانجذب، وغشي عليه، فلما أفاق سمعته يقول بلسان ضعيف: اللهم لا تؤاخذهم. ¬

(¬1) الفدم من الناس: العَيِيُّ عن الحجة والكلام مع ثقل ورخاوة وقلة فهم، وهو أيضًا: الغليظ السمين الأحمق الجافي. "لسان العرب" 6/ 3365 مادة (فدم).

فلما برئ قلت: سمعتك تقول -وذكر ما قال- فقال: نعم، أحببت أن ألقى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وليس بيني وبين قرابة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شيء، وقد جعلته في حل، إلا ابن أبي دؤاد ومن كان مثله، فإني لا أجعلهم في حل. قال عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: كان لي جلادان، يضرب ذا سوطا ويتأخر، ويضرب ذا سوطا، فإذا وقع الضرب على الضرب أقول: يا نفس ما لك راحة دون الموت. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 116 - 117 قال عبد اللَّه بن أحمد: جاء رجل إلى أبي رحمه اللَّه فذكر أنه كان عند بشر فذكروه، فأثنى عليه بشر، وقال: لا نسي اللَّه لأحمد صنيعه، ثبت وثبتنا ولولاه لهلكنا. قال عبد اللَّه: ووجه أبي يتهلل، فقلت: يا أبة، أليس يكره المدح في الوجه؟ فقال لي: يا بني، إنما ذكرت عند رجل من عباد اللَّه الصالحين وما كان مني، فحمد صنيعي، وقد قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المؤمن مرآة المؤمن" (¬1). قال عبد اللَّه: لقيني بشر في بعض الطريق فبدأني بالسلام، ثم قال: كيف أبو عبد اللَّه؟ ¬

(¬1) رواه البخاري في "الأدب المفرد" ص 90 (239)، وأبو داود (4918)، من حديث أبي هريرة. وقال المنذري في "مختصر السنن" 7/ 235: في إسناده كثير بن زيد، قال ابن معين: ليس بذاك القوي، وقال مرة: ثقة، وقال النسائي: ضعيف اهـ. وحسنه العراقي في "تخريج الإحياء" 1/ 479 (1824) وكذا الألباني في "الصحيحة" (926).

قلت: بخير، فقال بشر: أنا أخصه بالدعاء في كل وقت، وأبتدئ به ثم بنفسي، ولولاه واستقامته في هذا الأمر هلكنا آخر الأبد. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 117 - 119 قال أبو علي حنبل: حضرت أبا عبد اللَّه وأتاه رجل في مسجدنا، وكان الرجل حسن الهيئة، كأنه كان مع السلطان، فجلس حتى انصرف من كان عند أبي عبد اللَّه، ثم دنا منه فرفعه أبو عبد اللَّه لما رأى من هيئته، فقال له: يا أبا عبد اللَّه، اجعلني في حل. قال: من ماذا؟ قال: كنت حاضرًا يوم ضربت، وما أعنت ولا تكلمت، إلا أني حضرت ذلك. فأطرق أبو عبد اللَّه ثم رفع رأسه إليه، فقال: أحدث للَّه توبة، ولا تعد إلى مثل ذلك الموقف. فقال له: يا أبا عبد اللَّه، أنا تائب إلى اللَّه تعالى من السلطان، قال له أبو عبد اللَّه: فأنت في حل وكل من ذكرني إلا مبتدع. قال أبو عبد اللَّه: وقد جعلت أبا إسحاق في حل ورأيت اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يقول: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22] وأمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أبا بكر بالعفو في قضية مسطح (¬1). ثم قال أبو عبد اللَّه: العفو أفضل، وما ينفعك أن يعذب أخوك المسلم بسببك. ولكن تعفو وتصفح عنه، فيغفر اللَّه لك كما وعدك. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 159 - 160 ¬

(¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 59، والبخاري (2661)، ومسلم (2770) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنهما-.

88 - فصل: قصة الإمام مع الواثق

88 - فصل: قصة الإمام مع الواثق قال ابن الجوزي: ولي الواثق أبو جعفر هارون بن المعتصم في ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين، وحسن له ابن أبي دؤاد امتحان الناس بخلق القرآن، ففعل ذلك ولم يعرض لأحمد، إما لما علم من صبره، أو لما خاف من تأثير عقوبته، لكنه أرسل إلى أحمد بن حنبل: لا تساكني بأرض. فاختفى أحمد بقية حياة الواثق، فما زال يتنقل في الأماكن ثم عاد إلى منزله بعد أشهر، فاختفى فيه إلى أن مات الواثق (¬1). قال البغوي: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل في سنة ثمان وعشرين في أولها، وقد حدث حديث معاوية عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتنة فأعدوا للبلاء صبرا" (¬2). فجعل يقول: اللهم رضينا! اللهم رضينا! ¬

(¬1) قد ذُكر رجوع الواثق عن هذِه المقالة في أواخر حياته على يد شيخ اسمه أبو عبد الرحمن عبد اللَّه بن محمد بن إسحاق الأذرمي، شيخ أبي داود وأبي حاتم الرازي، كما قال الخطيب في "تاريخ بغداد" 10/ 74 وكان ذلك في مناظرة تمت بينه وبين ابن أبي دؤاد بحضرة الواثق، وقد علا فيها الشيخ، وذكرها الآجري في "الشريعة" ص 80 - 83 (177). وقد ذكرناها بالتفصيل في تعليقنا على "ترجمة الإمام أحمد" من هذه الموسوعة. (¬2) روى أوله الإمام أحمد 4/ 94، وابن ماجه (4035) عنه. قال البوصيري في "زوائده" ص 521 (1352): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. ورواه بتمامه "فأعدوا للبلاء صبرًا" ابن عدي في "الكامل" 9/ 151 في ترجمة يزيد بن يوسف، عنه، ونقل عن النسائي أنه متروك الحديث. وقال: ابن عدي: وهو مع ضعفه يكتب حديثه. ورواه بها من طريقه أبو عمرو الداني في "السنن الواردة =

قال إبراهيم بن هانئ: اختفى عندي أحمد بن حنبل ثلاثة أيام. ثم قال: اطلب لي موضعا حتى أتحول إليه. قلت: لا آمن عليك يا أبا عبد اللَّه. فقال: افعل، فإذا فعلت أفدتك. وطلبت له موضعا، فلما خرج قال لي: اختفى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الغار ثلاثة أيام ثم تحول (¬1)، وليس ينبغي أن يتبع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الرخاء ويترك في الشدة. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 429 - 430 ¬

= في الفتن" 1/ 182 - 183 (3) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 62/ 129. لكن وقع عند أبي عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" 1/ 287 (67) من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي عبد ربه، عن معاوية، وهو سند أحمد وابن ماجه السابق بها أيضًا. لكن أشار محققه في الحاشية أنها ليست بالأصل. فرجع الأمر أنها لم تثبت إلا من طريق يزيد بن يوسف وهو ضعيف. (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 198، والبخاري (3905) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنهما-.

89 - فصل: رسالة المتوكل إلى الإمام وجواب الإمام إليه

89 - فصل: رسالة المتوكل إلى الإمام وجواب الإمام إليه قال أبو الفضل: كتب عبيد اللَّه بن يحيى إلى أبي يخبره: إن أمير المؤمنين أمرني أن أكتب إليك كتابا أسألك عن أمر القرآن، لا مسألة امتحان، ولكن مسألة معرفة وبصيرة. فأملى عليَّ أبي رحمه اللَّه إلى عبيد اللَّه بن يحيى وحدي ما معنا أحد: بسم اللَّه الرحمن الرحيم أحسن اللَّه عاقبتك أبا الحسن في الأمور كلها، ودفع عنك مكاره الدنيا برحمته، قد كتبتُ إليك -رضي اللَّه تعالى عنك- بالذي سأل عنه أمير المؤمنين بأمر القرآن بما حضرني، وإني أسأل اللَّه أن يُديم توفيق أمير المؤمنين، قد كان الناس في خوض من الباطل واختلاف شديد يغتمسون فيه، حتى أفضت الخلافة إلى أمير المؤمنين، فنفى اللَّه بأمير المؤمنين كل بدعة، وانجلى عن الناس ما كانوا فيه من الذل وضيق المحابس، فصرف اللَّه ذلك كله، وذهب به أمير المؤمنين، ووقع ذلك من المسلمين موقعا عظيما، ودعوا اللَّه لأمير المؤمنين، وأسأل اللَّه أن يستجيب في أمير المؤمنين صالح الدعاء، وأن يتم ذلك لأمير المؤمنين، وأن يزيد في بيته، ويعينه على ما هو عليه. فقد ذكر عن عبد اللَّه بن عباس أنه قال: لا تضربوا كتاب اللَّه بعضه ببعض، فإن ذلك يوقع الشك في قلوبكم (¬1). وذكر عن عبد اللَّه بن عمرو أن نفرًا كانوا جلوسا بباب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال بعضهم: ألم يقل اللَّه كذا؟ وقال بعضهم: ألم يقل اللَّه كذا؟ ¬

(¬1) رواه أبو الفضل المقرئ في "أحاديث في ذم الكلام وأهله" 2/ 13 (171).

قال: فسمع ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فخرج كأنما فقئ في وجهه حب الرمان فقال: "أبِهَذَا أُمِرْتُمْ أَنْ تَضْرِبُوا كتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعضٍ؟ إِنَّمَا ضَلَّتِ الأُمَمُ قَبْلَكُمْ فِي مِثْلِ هذا، إِنَّكُمْ لَسْتُمْ مِمَّا هاهنا فِي شَيءٍ، انْظُرُوا الذِي أُمِرْتُمْ بِهِ فَاعْمَلُوا بِهِ، وَانظروا الذِي نُهِيتُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا عنه" (¬1). وروي عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مِرَاءٌ فِي القُرْآنِ كُفْرٌ" (¬2) وروي عن أبي جهيم -رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تماروا فِي القُرْآنِ، فَإِنَّ مِرَاءً فِي القُرْآنِ كفرٌ" (¬3). وقال عبد اللَّه بن عباس: قدم على عمر بن الخطاب رجل، فجعل عمر يسأل عن الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، قد قرأ القرآن منهم كذا وكذا. فقال ابن عباس: فقلت: واللَّه ما أحب أن يتسارعوا يومهم هذا في القرآن هذِه المسارعة. فقال: فنهرني عمر، وقال: مه. ¬

(¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 178، 195، ورواه ابن ماجه (85) بنحوه وابن أبي عاصم في "السنة" (406). قال البوصيري في "الزوائد" ص 39 (10): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. وحسنه الألباني في "ظلال الجنة" (406). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 286، وأبو داود (4603)، والبزار في "البحر الزخار" 14/ 156 (7688)، وأبو يعلى 10/ 303 (5897)، وابن حبان 4/ 324 (1464)، والحاكم 2/ 223، وغيرهم من طرق عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عنه. صححه الحاكم وابن حبان، قال الذهبي: على شرط مسلم. وقال الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب" (143): حسن صحيح. وانظر "المشكاة" (236). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 169، وأبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 337، والطبري في "تفسيره" 1/ 41 (41). قال الهيثمي في "المجمع" 7/ 151: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

فانطلقت إلى منزلي مكتئبا حزينا، فبينا أنا كذلك، إذ أتاني رجل فقال: أجب أمير المؤمنين. فخرجت، فإذا هو بالباب ينتظرني، فأخذ بيدي، فخلا بي، وقال: ما الذي كرهت مما قال الرجل آنفا؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، متى ما يتسارعوا هذِه المسارعة، يحتقُّوا (¬1)، ومتى ما يحتقُّوا يختصموا، ومتى ما يختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا. قال: دته أبوك، واللَّه إن كنت لأكتمها الناس حتى جئت بها (¬2). وروي عن جابر بن عبد اللَّه قال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يعرض نفسه على الناس بالموقف، فيقول: "هَلْ مِنْ رَجُلٍ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلّغَ كَلَامَ رَبِّي" (¬3). وروي عن جبير بن نفير قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنكم لن ترجعوا إلى اللَّه بشيء أفضل مما خرج منه" يعني: القرآن (¬4). ¬

(¬1) احتقَّ القوم: قال كل واحد منهم: الحق في يدي. انظر "لسان العرب" 2/ 940 مادة: (حقق) .. (¬2) رواه عبد الرزاق 11/ 217 (20368). (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 390، وأبو داود (4734)، والترمذي (2925)، وابن ماجه (201)، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب، وصححه الألباني في "الصحيحة" (1947). (¬4) رواه الترمذي (2912) بعد أن قال: وقد روي هذا الحديث عن زيد بن أرطاة، عن جبير بن نفير، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا. ورواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 46، وأبو داود في "المراسيل" (538)، والخلال في "السنة" 2/ 285 (1960). قال البخاري في "خلق أفعال العباد" ص 150: هذا الخبر لا يصح لإرساله وانقطاعه. وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (2042).

وروي عن أبي أمامة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَا تَقَرَّبَ العِبَادُ إِلَى اللَّهِ بِمِثْلِ مَا خَرَجَ مِنْهُ" (¬1) يعني القرآن. وروي عن عبد اللَّه بن مسعود أنه قال: جردوا القرآن، لا تكتبوا فيه شيئًا إلا كلام اللَّه عَزَّ وَجَلَّ (¬2). وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: هذا القرآن كلام اللَّه، فضعوه على مواضعه (¬3). وقال رجل للحسن البصري: يا أبا سعيد، إني إذا قرأت كتاب اللَّه وتدبرته ونظرت في عملي كدت أن آيس وينقطع رجائي. قال: فقال الحسن: إن القرآن كلام اللَّه، وأعمال ابن آدم إلى الضعف والتقصير، فاعمل وأبشر (¬4). وقال فروة بن نوفل الأشجعي: كنت جارا لخباب -وهو من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فخرجت معه يوما من المسجد، وهو آخذ بيدي فقال: يا هناه، ¬

(¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 268، والترمذي (2911) مطولا. وضعفه الألباني في "ضعيف الترغيب والترهيب" (862). (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 323 (7944)، وابن أبي شيبة 2/ 241 (8547) بلفظ: جردوا القرآن ولا تلبسوا به ما ليس منه. ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني 9/ 353 (9753). قال الهيثمي في "المجمع" 7/ 328: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير أبي الزعراء وقد وثقه ابن حبان، وقال البخاري وغيره: لا يتابع في حديثه. وانظر "نصب الراية" 4/ 334. (¬3) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 46، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 249 (22). (¬4) رواه بنحوه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 151 (130، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 1/ 596 (530).

تقرب إلى اللَّه بما استطعت، فإنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه (¬1). وقال رجل للحكم بن عتيبة: ما حمل أهل الأهواء على هذا؟ قال: الخصومات (¬2). وقال معاوية بن قرة -وكان أبوه ممن أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إياكم وهذِه الخصومات، فإنها تحبط الأعمال (¬3). وقال أبو قلابة -وكان قد أدرك غير واحد من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا تجالسوا أصحاب الأهواء -أو قال: أصحاب الخصومات- فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، ويلبسوا عليكم بعض ما تعرفون (¬4). ودخل رجلان من أصحاب الأهواء على محمد بن سيرين، فقالا: يا أبا بكر نحدثك بحديث؟ فقال: لا. قالا: فنقرأ عليك آية من كتاب اللَّه؟ قال: لا، لتقومان عني أو لأقوم عنكما. قال: فقام الرجلان فخرجا، فقال بعض القوم: يا أبا بكر، وما عليك أن يقرآ عليك آية من كتاب اللَّه تعالى؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 136 (30089)، والآجري في "الشريعة" ص 69 (148)، وصححه الحاكم 2/ 441. (¬2) رواه الآجري في "الشريعة" ص 53 (117)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 1/ 145 (218). (¬3) رواه الآجري في "الشريعة" ص 52 (110)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 1/ 145 (221). (¬4) رواه الدارمي في "سننه" 1/ 387 (405)، والآجري في "الشريعة ص 52 (109)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 435 (363)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" 1/ 151 (244).

فقال له ابن سيرين: إني خشيت أن يقرآ علي آية فيحرفانها، فيقر ذلك في قلبي (¬1). وقال محمد: لو أعلم أني أكون مثل الساعة لتركتهما. وقال رجل من أهل البدع لأيوب السختياني: يا أبا بكر، أسألك عن كلمة؟ فولى وهو يقول بيده: ولا نصف كلمة (¬2). وقال ابن طاوس لابن له يكلمه رجل من أهل البدع: يا بني أدخل أصبعيك في أذنيك حتى لا تسمع ما يقول، ثم قال: اشدد (¬3). وقال عمر بن عبد العزيز: من جعل دينه غرضا للخصومات، أكثر التنقل (¬4). وقال إبراهيم النخعي: إن القوم لم يدخر عنهم شيء خبئ لكم لفضل عندكم (¬5). وكان الحسن رحمه اللَّه يقول: شر داء خالط قلبا. يعني: الأهواء (¬6). ¬

(¬1) رواه الدارمي في "سننه" 1/ 389 (411)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 1/ 445 (398) والآجري في "الشريعة" ص 53 (115)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" 1/ 151 (242) ورواية ابن بطة والآجري مختصرة. (¬2) رواه الدارمي 1/ 390 (412)، والآجري في "الشريعة" ص 53 (114)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 1/ 447 (402)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" 1/ 162 (291). (¬3) رواه عبد الرزاق 11/ 125 (20099) عن معمر قال: كنت عند ابن طاوس، فذكره. (¬4) رواه مالك في "الموطأ" رواية محمد بن الحسن 3/ 402 (917) عن يحيى بن سعيد قاله، ورواه الدارمي في "سننه" 1/ 342 (312)، والآجري في "الشريعة" ص 52 (112)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 2/ 502 (565 - 566، 568 - 569)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" 1/ 144 (216). (¬5) رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" 2/ 946 (1808). (¬6) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 323.

وقال حذيفة بن اليمان -وكان من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: اتقوا اللَّه معشر القراء، وخذوا طريق من كان قبلكم، واللَّه لئن استقمتم لقد سبقتم سبقًا بعيدًا، ولئن تركتموه يمينا وشمالًا لقد ضللتم ضلالًا بعيدًا، أو قال: مبينًا (¬1). قال أبي رحمه اللَّه: وإنما تركت ذكر الأسانيد لما تقدم من اليمين التي حلفت بها -مما علمه أمير المؤمنين- لولا ذلك لذكرتها بأسانيدها. وقد قال اللَّه جل ثناؤه: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ} [التوبة: 6]. وقال: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] فَأخبر بالخلق ثم قال: {وَالأَمْرُ}. فأخبر أن الأمر غير مخلوق. وقال عزَّ وجلَّ: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 1 - 4]. فأخبر تبارك تعالى أن القرآن من علمه. وقال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120]. وقال: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 145]. ¬

(¬1) رواه البخاري (7282) بلفظ: يا معشر القراء استقيموا فقد سبقتم سبقا بعيدًا، فإن أخذتم يمينًا وشمالًا، لقد ضللتم ضلالًا بعيدًا.

وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ} [الرعد: 37]. فالقرآن من علم اللَّه تعالى. وفي هذِه الآيات دليل على أن الذي جاءه -صلى اللَّه عليه وسلم- هو القرآن لقوله: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [الرعد: 37]. وقد روي عن غير واحد ممن مضى ممن سلفنا أنهم كانوا يقولون: القرآن كلام اللَّه ليس بمخلوق. وهو الذي أذهب إليه، لست بصاحب كلام، ولا أدري الكلام في شيء من هذا إلا ما كان في كتاب اللَّه، أو حديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو عن أصحابه، أو عن التابعين رحمهم اللَّه، فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محمود. وإني أسأل اللَّه أن يطيل بقاء الأمير، ويمده منه بمعونة، إنه على كل شيء قدير (¬1). "سيرة الإمام أحمد" لصالح ص 112 - 117، "مسائل صالح" (871) ¬

(¬1) رواها عبد اللَّه في "السنة" عن أبيه 1/ 133 - 140 (84 ب-108)، ورواها الخلال في "السنة" من طريق المروذي 2/ 373 - 276 (1947 - 1948)، وذكرها الذهبي في "تاريخ الإسلام" 18/ 132 - 136 عن عبد اللَّه بن أحمد، وقال: رواة هذِه الرسالة عن أحمد أئمة أثبات، أشهد باللَّه أنه أملاها على ولده. وذكرها أيضا في "السير" 11/ 281 - 286، وقال: فهذِه الرسالة إسنادها كالشمس، فانظر إلى هذا النفس النوراني.

90 - فصل: ذكر أناس من الجهمية وأخبارهم

باب: الجهمية 90 - فصل: ذكر أناس من الجهمية وأخبارهم (¬1) قال صالح: قال أبي: بلغني أن المثنى الأنماطي قعد بواسط، فأثنى على بشر المريسي، فقام يزيد بن هارون فقال: لا واللَّه أو ينفى منها. فأخرجه من واسط. "مسائل صالح" (333) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: أخزى اللَّه الكرابيسي، لا يجالس ولا يكلم ولا تكتب كتبه، ولا يجالس من جالسه. وذكره بكلام كثير. وقيل له ما لا أحصي: من قال: القرآن مخلوق؛ فهو عندك كافر؟ قال: نعم، هو عندي كافر. "مسائل ابن هانئ" (1865) قال ابن هانئ: حضرت الصلاة مع أبي عبد اللَّه يوم عيد، فإذا قاص يقص، فذكِر القاص كلمة قال: على ابن أبي دؤاد ألف لعنة اللَّه -أو كلمة نحوها- ثم جعل يقول: لعن اللَّه ابن أبي دؤاد. وجعل يذكره بالقبيح. فلما قضى أبو عبد اللَّه صلاة العيد، ووافق ذلك يوم الجمعة، فصلى العيد ثم انصرف، ولم يغد إلى الجمعة -فلما صرنا ببعض الطريق، جلسنا نستريح، فذكر أبو عبد اللَّه القاص. قال: ما أنفعهم للعوام، وإن كان عامة ما يحدثون به كذبًا. قلت له: إن أبا حامد الخفاف، قال لي: إن أبا نصر التمار مر بهذا وهو يقص بباب الشام والناس مستجمعون. ¬

(¬1) انظر ما تقدم صفحة 296 - 298 وفيه ذكر جماعة من الجهمية بأسمائهم.

فقال: ما هذا؟ فقيل له: قاص، فقرأ هذِه الآية: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} [فاطر: 8]. قال أبو عبد اللَّه: فهو أيش زين له؟ ! ثم ذكر كلمة، فقال: واللَّه ما كانت حجة عبد الرحمن بن إسحاق، وإسحاق بن إبراهيم عليّ إلا بأبي نصر التمار. وإسحاق جعل يقول لي: ألا ترى إلى إخوانك إسحاق بن أبي إسرائيل وأبي نصر. "مسائل ابن هانئ" (1880) قال حرب بن إسماعيل: سمعت أحمد وذكر شعيب بن سهل قاضي بغداد، فقال: أخزاه اللَّه، وهو يرى رأي جهم (¬1). "مسائل حرب" ص 456 قال عبد اللَّه: سمعت أبي رحمه اللَّه يقول: كنا نحضر مجلس أبي يوسف، وكان بشر المريسي يحضر في آخر الناس، فيشغب فيقول: أيش تقول؟ وأيش قلت يا أبا يوسف؟ فلا يزال يضج ويصيح، فكنت أسمع أبا يوسف يقول: اصعدوا به إلي، اصعدوا به إلي. قال: فجاء يومًا فصنع مثل هذا، فقال أبو يوسف: اصعدوا به إلي. قال أبي رحمه اللَّه: وكنت بالقرب منه، فجعل يناظره في مسألة فخفي علي بعض قوله، فقلت: للذي كان أقرب مني: أيش قال له أبو يوسف؟ فقال: قال له: لا تنتهي حتى تفسد خشبة (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 171 (203) ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 199 (1764). (¬2) رواها الخطيب في "تاريخ بغداد" 7/ 63، بلفظ: حتى تصعد خشبة. ومعناه حتى تصلب على خشبة.

قال أبو بكر الخلال: أخبرني عوان بن إسحاق الهمذاني قال: سمعت القاسم بن أسد الأصبهاني قال: سمعت أحمد بن حنبل قال: سمعت بعض ولد ساسان يقول: سمعت جهمًا يقول: أنا من حران من قدار. "السنة" للخلال 2/ 180 (1678) قال الخلال: حدثنا أبو بكر، قال: ثنا أحمد بن إسحاق بن عيسى البزاز، قال: سمعت أبي يقول: قدم علينا رجل من صور معروف بالصوري متكلم، حسن الهيئة كأنه راهب، فأعجبنا أمره، ثم إنما لقي سائلا فجعل يقول لنا: الإيمان مخلوق، والزكاة مخلوقة، والحج مخلوق، والجهاد مخلوق، فجعلنا لا ندري ما نرد عليه، فأتينا عبد الوهاب الوراق، فقصصنا عليه أمره، فقال: ما أدري ما هذا؟ ائتوا أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل؟ فإنه جهبذ هذا الأمر. قال أبي: فأتينا أبا عبد اللَّه، فأخبرناه بما أخبرنا عبد الوهاب من المسائل التي ألقاها علينا. فقال لنا أبو عبد اللَّه: هذِه مسائل الجهم بن صفوان، وهي سبعون مسألة، اذهبوا فاطردوا هذا من عندكم. "السنة" للخلال 2/ 185 (1701) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه ذكر بشرًا المريسي، فقال: من كان أبوه يهوديا أيش تراه يكون؟ وقال المروذي في موضع آخر: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ملأ اللَّه قبر المريسي نارًا. "السنة" للخلال 2/ 189 (1717) قال الخلال: وأخبرني عبد الملك الميموني أن أبا عبد اللَّه ذكر عنده بشر المريسي، فقيل: كافر. فلم أر أبا عبد اللَّه أنكر من قول القائل شيئًا.

قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: قال يزيد: أما في الحربية من يفتك بالمريسي؟ قال: قد كان يقول ذاك. "السنة" للخلال 2/ 190 (1720 - 1721) قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: أن مثنى الأنماطي تكلم بواسط، فأثنى على المريسي؟ فقال: نعم، فقال يزيد: ينفى. فأنفي، وكان من أهلها -يعني: من أهل واسط. قال الخلال: أخبرني أبو بكر بن صدقة قال: سمعت محمد بن منصور الطوسي قال: كنا نمضي إلى سعدويه قال: فكان أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو خيثمة وعدة، قال: فتلقانا بشر المريسي. قال: فقصد له أبو خيثمة، ثم التفت إلينا فقال: رأيتم قط أشبه باليهود منه؟ قال: فجعل أحمد بن حنبل رحمه اللَّه يقول لأبي خيثمة رحمه اللَّه: ستورثني يا أبا خيثمة، رأيت مثل ذلك الوجه. قال الخلال: أخبرني أحمد بن بحر الصفار المخرمي قال: ثنا أحمد بن الحسن الترمذي قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كان المريسي صاحب خطب وليس صاحب حجج -وهو يومئذ حي. قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: ثنا الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه قديمًا يُسأل عن الصلاة خلف بشر المريسي. قال: لا يصلى خلفه. "السنة" للخلال 2/ 191 (1724 - 1727) قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرسوسي، قال: ثنا جعفر بن أحمد، قال: ثنا محمد بن عبد اللَّه بن الحارث، قال: ثنا زكريا بن الحكم، عن جعفر بن محمد، قال: ثنا يحيى الزمي قال:

بينما أنا جاءٍ من خراسان، إذ نمت ببعض الخانات، فتمثل لي في منامي شيء عظيم، له عينان في صدره، هالني أمره، فقلت: لا إله إلا اللَّه. فقال: يا يحيى، صدقت، لا إله إلا اللَّه. قال: فصارت العينان في موضع العينين. قال: قلت: ويلك، من أنت؟ فقال لي: يا يحيى، لا تعرفني؟ قال: قلت لا، ما كنت أبالي ألا أعرفك، من أنت؟ قال: هو إبليس. قال: فقلت له: لا حييت، من أين أقبلت؟ قال: من العراق. قلت له: وأي العراق؟ قال: بغداد. قال: قلت له: ما كنت تصنع ببغداد؟ قال: استخلفت بها خليفة. قلت: ومن الذي استخلفت؟ قال: استخلفت بشرًا المريسي. قلت: وما أصبت أوثق منه تستخلفه؟ قال لي: إنه دعا الناس إلى شيء لو دعوتهم ما أجابوني إليه. قال: قلت له: إلام دعاهم؟ قال: إلى خلق القرآن. قال: فقلت له يا ملعون، ما تقول في القرآن؟ قال لي: اللَّه اللَّه يا يحيى، إن كنت أعصي اللَّه، فإن القرآن كلام اللَّه ليس بمخلوق، ولا بمجهول. قال أبو يحيى: قال أحمد بن حنبل: لو رحل في هذا إلى خراسان أو إلى مصر لكان (قليلًا) (¬1). "السنة" للخلال 2/ 194 (1738) قال أبو بكر الخلال: أخبرني الحسن بن ثواب المخرمي قال: قلت ¬

(¬1) في "السنة": (قليل).

لأحمد بن حنبل: ابن أبي دؤاد؟ قال: كافر باللَّه العظيم (¬1). وقال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، قال: سمعت أبي يقول: سمعت بشر بن الوليد يقول: استتيب ابن أبي دؤاد من القرآن مخلوق في ليلة ثلاث مرات يتوب ثم يرجع، يتوب ثم يرجع. وقال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون: أن حبيش بن سندي حدثهم: أن أحمد بن حنبل ذكر ابن أبي دؤاد، فقال: حشا اللَّه قبره نارًا. وقال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون؛ أن إسحاق بن إبراهيم حدثهم؛ أنه حضر العيد مع أبي عبد اللَّه، قال: فإذا بقاص يقول: على ابن أبي دؤاد لعنة اللَّه، وحشا اللَّه قبر ابن أبي دؤاد مائة ألف عمود من نار. وجعل يلعن، فقال أبو عبد اللَّه: ما أنفعهم للعامة. وقال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن أحمد؛ أن البندنيجي قال: ثنا عبد اللَّه بن الحسن الزراد الهمذاني، قال: ثنا محمد بن يعقوب البغدادي، قال: سمعتُ أبا بكر الأثرم يقول: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد ابن حنبل يقول: رأيتُ ابن أبي دؤاد في المنام، فقلت: ما فعل بك ربك؟ فقال: ما فعل لي، قال لي: انطلقوا إلى ما كنتم تعبدون. يا أحمد، تمسك بما أنت عليه فإنه الحق. وقال الخلال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال قال: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل صلى على ابن أبي دؤاد. فقال: هذا معتقد، هو جهمي. ¬

(¬1) ورواها الخطيب في "تاريخ بغداد" 4/ 153، وابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" 1/ 354.

قال: وذكرت لأبي عبد اللَّه البارودي، فقال: ذاك خزانة من خزائنه، يعني ابن أبي دؤاد. وقال الخلال: أخبرني عبد الملك الميموني قال: ذكر أبو عبد اللَّه ابن رباح، فقال: ذاك الخبيث. "السنة" للخلال 2/ 198 - 199 (1757 - 1763) قال الخلال: أخبرني عبد الملك الميموني قال: ذكر أبو عبد اللَّه ابن رباح وشعبويه، فدعا عليهم دعاءً ما سمعت يدعو على أحد مثله. "السنة" للخلال 2/ 199 (1765) قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن عبد اللَّه بن صدقة، قال: سمعت الميموني يقول: قلت لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد اللَّه، لما أخرجت جنازة ابن طراح جعلوا الصبيان يصيحون: اكتب إلى مالك: قد جاء حطب النار. قال: فجعل أبو عبد اللَّه يشير وجعل يقول: يصيحون يصيحون. "السنة" للخلال 2/ 199 (1768) قال أبو جعفر محمد بن الحسن بن بدينا: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل، فقلت: يا أبا عبد اللَّه، أنا رجل من أهل الموصل الغالب على أهل بلدنا الجهمية، وفيهم أهل سنة نفر يسير محبوك، وقد وقعت مسألة الكرابيسي فأفتنتهم -قول الكرابيسي: لفظي بالقرآن مخلوق. فقال لي أبو عبد اللَّه: إياك إياك إياك إياك وهذا الكرابيسي، لا تكلمه، ولا تكلم من يكلمه -أربع مرار أو خمسًا- إن في كتابي أربعًا. قلت: يا أبا عبد اللَّه فهذا القول عندك ما يتشعب منه يرجع إلى قول جهم؟ قال: هذا كله قول جهم. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 1/ 329 - 330 (129)

قال أبو بكر -يعني: المروذي- قلت لأبي عبد اللَّه ونحن بالعسكر جاءني كتاب من بغداد أن رجلا قد تابع الحسين الكرابيسي على القول، فقال لي: هذا قد تجهم وأظهر الجهمية، ينبغي أن تحذر منه، ومن كل من اتبعه. قال: مات بشر المريسي وخلف حسينًا الكرابيسي. وذكر حسين الكرابيسي فقال: ما أعرفه بشيء من الحديث، وقال: صاحب كلام لا يفلح، من تعاطى الكلام لم يخل من أن يتجهم، وقال: ما كان اللَّه ليدعه حتى يبين أمره -وهو يقصد إلى سليمان التيمي يتكلم فيه. وقال: ليس قوم عندي خيرًا من أهل الحديث، لا يعرفون الكلام. وقال: صاحب كلام لا يفلح. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 2/ 128 - 129 (403) قال أبو طالب: أخبروني عن الكرابيسي أنه ذكر قول اللَّه {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] قال -يعني، الكرابيسي: لو أكمل لنا ديننا ما كان هذا الاختلاف. فقال -يعني أحمد: هذا الكفر صراحًا. "طبقات الحنابلة" 1/ 84 - 85 وقال ابن حماد المقرئ: سألت أبا عبد اللَّه عن حسين الكرابيسي، فقال: جهمي. "طبقات الحنابلة" 1/ 88

91 - فصل: مقالة الجهمية

91 - فصل: مقالة الجهمية قال الخلال: سمعت أبا بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه وذكر الجهمية، فقال: إنما كان يراد بهم المطابق، تدري أي شيء عملوا هؤلاء في الإسلام؟ قيل لأبي عبد اللَّه: الرجل يفرح بما ينزل بأصحاب ابن أبي دؤاد، عليه في ذلك إثم؟ قال: ومن لا يفر بهذا؟ قيل له: إن ابن المبارك قال: الذي ينتقم من الحجاج هو ينتقم للحجاج من الناس. قال: أي شيء يشبه هذا من الحجاج؟ هؤلاء أرادوا تبديل الدين. قال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: قال لي أبو عبد اللَّه وذكر الجهمية وما يصنعون، قال: ليس بالناس حياة. قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد: ثنا المثنى الأنباري أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: ما حل بالإسلام؟ قال الخلال: أخبرني محمد بن موسى أن حمدان بن علي حدثهم قال: سمعت أحمد يقول: الجهمية تقول: إذا عرف ربه بقلبه وإن لم تعمل جوارحه -عني: فهو مؤمن- وهذا كفر إبليس، قد عرف ربه بقلبه، فقال: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} [الحجر: 39]. "السنة" للخلال 2/ 200 (1769 - 1772) قال الخلال: أخبرني عبد الملك أنه ذاكر أبا عبد اللَّه أمر الجهمية وما يتكلمون به، فقال: في كلامهم كلام الزندقة، يدورون على التعطيل، ليس يثبتون شيئًا وهكذا الزنادقة.

وقال أبو عبد اللَّه: بلغني أنهم يقولون شيئًا هم يدعونه وينقضونه على المكان، يقولون: هو شيء في الأشياء كلها وليس الشيء في الشيء. قال لي: فهو قد ترك قوله الأول. وأقبل متعجبًا لي. قال الخلال: أخبرني محمد بن علي بن محمود بن فرقد الوراق قال: حدثني أحمد بن سعد الجوهري قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما أحد أضر على أهل الإسلام من الجهمية، ما يريدون إلا إبطال القرآن وأحاديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "السنة" للخلال 2/ 200 - 201 (1774 - 1775)

92 - فصل: فرق الجهمية

92 - فصل: فرق الجهمية قال أبو الفضل: سمعت أبي يقول: افترقت الجهمية على ثلاث فرق: فرقة قالوا: القرآن مخلوق. وفرقة قالوا: كلام اللَّه. وتسكت. وفرقة قالوا: لفظنا بالقرآن مخلوق. قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في كتابه: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] فجبريل سمعه من اللَّه، وسمعه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من جبريل عليه السلام، وسمعه أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من النبي فالقرآن كلام اللَّه غير مخلوق. "سيرة الإمام أحمد" لصالح ص 72 قال أبو بكر الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: افترقت الجهمية على ثلاث فرق: الذين قالوا: مخلوق، والذين شكوا، والذين قالوا: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة (¬1). فقال أبو عبد اللَّه: ولا نقول: هؤلاء واقفة، نقول: هؤلاء شكاكة (¬2). وقال الخلال: أخبرني حنبل بن إسحاق بن حنبل بواسط، قال: سمعت أبو عبد اللَّه يقول: الجهمية على ثلاثة ضروب: فرقة قالوا: القرآن مخلوق. وفرقة قالوا: كلام اللَّه. وتقف، وفرقة قالوا: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، فهم عندي في المقالة واحد (¬3). وقال الخلال: أخبرني أحمد بن أصرم المزني قال: حدثني أحمد بن حازم أنه سمع أبا عبد اللَّه. ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" 1/ 297 (72)، 1/ 343 (150). (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" 1/ 297 (73) (¬3) رواه ابن بطة في "الإبانة" 1/ 306 - 307 (96).

وأخبرني أحمد بن يحيى الصفار، قال: سمعت الحسن بن البزار قال: قال أبو عبد اللَّه. وأخبرني محمد بن علي، قال: ثنا صالح بن أحمد، قال: سمعت أبي -والمعنى واحد- يقول: افترقت الجهمية على ثلاث فرق: فرقة قالوا: القرآن مخلوق، وفرقة قالوا: كلام اللَّه وتسكت، وفرقة قالوا: ألفاظنا مخلوقة. زاد صالح بن أحمد عن أبيه قال: وقال اللَّه في كتابه: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} فجبريل سمعه من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وسمعه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من جبريل عليه السلام، وسمعه أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من النبي، فالقرآن كلام اللَّه غير مخلوق. أخبرني منصور بن الوليد، أن جعفر بن محمد حدثهم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: قال لي ابن أبي عمر: جاءني اليوم قوم من أهل بغداد فقلت لهم: من قال: القرآن مخلوق. والواقفة واللفظية شيء واحد؟ فقال: بارك اللَّه فيه. قالها ثلاثا. قلت لأبي عبد اللَّه: سمعت هارون بن إسحاق يقول: من قال القرآن مخلوق والواقفة واللفظية جهمية؛ فأعجبه ذلك، وقال: عافاه اللَّه وجزاه خيرًا. "السنة" للخلال 2/ 202 - 203 (1777 - 1780) قال أبو طالب أحمد بن حميد: قال لي أبو عبد اللَّه: صاروا ثلاث فرق في القرآن. قال ابن بطة: قلت: نعم، هم ثلاث: الجهمية، والواقفة، واللفظية، فأما الجهمية، فهم يكشفون أمرهم، يقولون: مخلوق. قال: لهم جهمية، هؤلاء يستترون، فإذا أحرجتهم كشفوا الجهمية، فكلهم جهمية، قال اللَّه: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] وقال:

{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] فيسمع مخلوقًا، وجبريل جاء إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمخلوق؟ ! "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 1/ 294 - 295 (64) قال ابن بطة: قال أبو حفص عمر بن محمد بن رجاء: حدثنا أبو نصر عصمة بن أبي عصمة قال: حدثنا الفضل بن زياد قال: حدثنا أبو طالب -أحمد بن حميد- عن أبي عبد اللَّه، قلت: قد جاءت جهمية رابعة. قال: ما هي؟ قلت: زعموا أن إنسانًا أنت تعرفه قال: من زعم أن القرآن في صدره فقد زعم أن في صدره من الألهية شيئًا. قال: ومن قال هذا فقد قال مثل ما قالت النصاري في عيسى أن كلمة اللَّه فيه. وقال: ما سمعت بمثل هذا قط. قلت: هذِه الجهمية. قال: أكبر من الجهمية من قال هذا؟ قلت: إنسان. قال: لا تكتم عليَّ مثل هذا. قلت: موسى بن عقبة. وأقرأته الكتاب فقال: إنا للَّه وإنا إليه راجعون، فقال: ليس هذا صاحب حديث، وإنما هو صاحب كلام، لا يفلح صاحب كلام. واستعظم ذلك وقال: هذا أكثر من الجهمية، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ينزع القرآن من صدوركم" (¬1). ¬

(¬1) رواه ابن ماجه (4049) والحاكم 4/ 474 بنحوه من حديث حذيفة بن اليمان، قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وصحح إسناده البوصيري في "زوائده" ص 522 (1357) وقال: رجاله ثقات. وكذا الألباني في "الصحيحة" (87). وقد ذكرها الذهبي في "تاريخ الإسلام" 18/ 86 وقال: الملفوظ كلام اللَّه، وهو غير مخلوق، والتلفظ مخلوق لأن التلفظ من كسب القارئ، وهو الحركة، والصوت، وإخراج الحروف، فإن ذلك مما أحدثه القارئ، ولم يحدث حروف القرآن ولا معانيه، =

وقال: في صدورنا وأبنائنا. هذا أكثر من الجهمية. ثم قلت: إنه قد أقر بما كتب به وقال: أستغفر اللَّه، فقال: لا يقبل منه ولا كرامة، يجحد ويحلف ثم يقر، ليته بعد كذا وكذا سنة إذا عرف منه التوبة يقبل منه، لا يكلم ويجفى، ومن كلمه وقد علم فلا يكلم. "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 355 (164) قال أبو زرعة الرازي: كان أحمد بن حنبل رحمه اللَّه يقول: تفرقت الجهمية على ثلاثة أصناف: صنف قالت: القرآن مخلوق، وصنف وقفت، وصنف قالت: لفظنا بالقرآن مخلوق. "طبقات الحنابلة" 2/ 59 ¬

_ = وإنما أحدث نطقه به. فاللفظ قدر مشترك بين هذا وهذا، ولذلك لم يجوز الإمام أحمد: لفظي بالقرآن مخلوق ولا غير مخلوق، إذ كل واحدٍ من الإطلاقين موهم. واللَّه أعلم.

93 - فصل: الواقفة والرد عليهم

93 - فصل: الواقفة والرد عليهم قال أبو داود: سمعت أحمد، سئل: هل لهم رخصة أن يقول الرجل: كلام اللَّه، ثم يسكت، فقال: ولم يسكت؟ ! لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت، ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا لأي شيء لا يتكلمون؟ ! (¬1) وقال أبو داود: سمعت أحمد ذكر رجلين كانا وقفا في القرآن ودعيا إليه فجعل يدعو عليهما وقال لي: هذا -لأحدهما- فتنة عظيمة، وجعل يذكرهما بالمكروه. "مسائل أبي داود" (1705 - 1706) قال أبو داود: سمعت أحمد وقيل له: كتب إليك فلان -رجل من المحدثين كان قذف بالوقف- كتابا به؟ قال: ما أحب مثله إذا كان على ذلك الرأي. فقيل له: لعل فيه شيئًا، فأذن أن يأتي به. وقال أبو داود: سمعت أحمد وقيل له: إن فلانا -يعني: هذا الرجل (¬2) - روى عليك أنك أمرته أن يقف. قال: وأنا لم أثبته معرفة إلا بعد وإنه ربما سألني الإنسان عن الشيء فأقف، لا أقف إلا كراهية الكلام فيه. "مسائل أبي داود" (1708 - 1709) ¬

(¬1) رواها الآجري في "الشريعة" ص 76 ثم قال: معنى قول أحمد في هذا المعنى: يقول: لم يختلف أهل الإيمان أن القرآن كلام اللَّه، فلما جاء جهم فأحدث الكفر بقوله: إن القرآن مخلوق. لم يسع العلماء إلا الرد عليه بأن القرآن كلام اللَّه غير مخلوق بلا شك ولا توقف فيه، فمن لم يقل: غير مخلوق سمي واقفا، شاكًّا في دينه. (¬2) في "السنة" الخلال: اسمه أبو سمينة.

قال أبو داود: سمعت إسحاق بن إبراهيم بن راهويه يقول: من قال: لا أقول: القرآن مخلوق، ولا غير مخلوق؛ فهو جهمي. "مسائل أبي داود" (1744) قال ابن هانئ: وسئل عمن يقول: الإيمان قول، وعن الشاكة؛ فقال: المرجئة خير من هؤلاء الشاكة. "مسائل ابن هانئ" (1904) قال حرب بن إسماعيل: وسألته عن الرجل يقول: القرآن كلام اللَّه ويقف، قال: هو عندي شر من الذي يقول إنه مخلوق؛ لأنه يقتدي به غيره. حدثنا إبراهيم بن الحارث قال: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل قلت: يا أبا عبد اللَّه، يكون من أهل السنة من قال: لا أقول: القرآن مخلوق، ولا أقول: ليس بمخلوق؟ قال: لا، ولا كرامة، لا يكون من أهل السنة، قد بلغني عن ذاك الخبيث ابن معذل أنه يقول بهذا القول، وقد فتن به قوم كثير من أهل البصرة. "مسائل حرب" ص 417 قال عبد اللَّه بن أحمد: سمعت أبي رحمه اللَّه يقول: من كان من أصحاب الحديث أو من أصحاب الكلام فأمسك عن أن يقول: القرآن ليس بمخلوق. فهو جهمي. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 151 (131) قال عبد اللَّه: سمعت أبي رحمه اللَّه وسئل عن الواقفة، فقال أبي: من كان يخاصم ويعرف بالكلام فهو جهمي، ومن لم يعرف بالكلام يجانب حتى يرجع، ومن لم يكن له علم يسأل. وقال عبد اللَّه: سئل أبي رحمه اللَّه -وأنا أسمع- عن اللفظية والواقفة، فقال: من كان منهم جاهلًا ليس بعالم فليسأل، وليتعلم. وقال عبد اللَّه: سمعت أبي رحمه اللَّه مرة أخرى وسئل عن اللفظية والواقفة،

فقال: من كان منهم يحسن الكلام فهو جهمي. وقال مرة أخرى: هم شر من الجهمية. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 179 (223 - 225) قال أبو بكر الخلال: أخبرنا الحسن بن ثواب المخرمي أنه قال لأبي عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل: الواقفة؟ قال: هم شر من الجهمية، استتروا بالوقف. وقال الخلال: أخبرنا صالح بن علي الحلبي من آل ميمون بن مهران؛ أنه قال لأبي عبد اللَّه: ما تقول فيمن وقف؟ قال: لا أقول: خالق ولا مخلوق؟ قال: هو مثل من قال: القرآن مخلوق. وهو جهمي. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل من الواقفة يقف في الموضع ويتكلم. قال: هذا داعية، هذا جهمي لا نشك في هذا. وقال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عمن وقف لا يقول: غير مخلوق؟ قال: أنا أقول: كلام اللَّه. قال: يقال له: إن العلماء يقولون: غير مخلوق. فإن أبى فهو جهمي. "السنة" للخلال 2/ 204 (1782 - 1785) قال الخلال: وأخبرني محمد بن يحيى الكحال أنه قال لأبي عبد اللَّه: الشكاك عندك بمنزلة الجهمية؟ قال: من كان منهم يتكلم، فهو جهمي. قال الخلال: وأخبرني محمد بن أحمد بن جامع الرازي قال: سمعت محمد بن مسلم أن أبا عبد اللَّه قيل له: فالواقفة؟ قال: أما من كان لا يعقل فإنه يُبَصَّر، وإن كان يعقل ويبصر الكلام فهو مثلهم. قال: والقرآن حيث ما تصرف كلام اللَّه غير مخلوق.

وقال الخلال: أخبرنا محمد بن علي أبو بكر أن يعقوب بن بختان حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يقف؟ قال: هذا عندي شاك مرتاب. وقال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: حدثني أبو طالب المشكاني قال: كنت عند أبي عبد اللَّه فسمعت نفرًا على الباب يتكلمون. وقال الخلال: وأخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: ثنا أبو طالب، بمثله. قال: فسمعت أحدهم يسألك عن إمام لنا وقف، فصاح بهم أبو عبد اللَّه، قال: فقال واحد للآخر: هو ذا تسمع أبا عبد اللَّه، هو ذا يقول لك قد كره كلامًا في ذا. فقال أبو عبد اللَّه: ردهم. فصحت بهم. فقال أبو عبد اللَّه: من شك فهو كافر، ومن وقف فهو كافر. وقال الخلال: وأخبرني يعقوب بن يوسف المطوعي قال: حضرت باب أحمد بن حنبل، فجاء قوم من أهل دار القطن، فقالوا: إن هاهنا رجلًا قد علق بقلبه مذهب ابن الأشعث، وقال: إنه ما قال لي أبو عبد اللَّه فأنا أصير إليه. فقال: جيئوا به. فجاء الرجل، فقال أحمد: ما لكم وللجدل؟ ما لكم وللكلام؟ ما لكم وللخصومة؟ فقال الرجل: يا أبا عبد اللَّه، جزاك اللَّه خيرًا، تنهى عن الجدال، وعن الكلام، وعن الخصومة. فقال له القوم الذين جاءوا به: إن هذا الساعة يذهب فيقول: ذهبت إلى أحمد بن حنبل، فنهاني عن الجدال والكلام والخصومة ويسكت على الشك.

وقال الخلال: أخبرنا محمد بن علي أبو بكر أن يعقوب بن بختان حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يقف؟ قال: هذا عندي شاك مرتاب. وقال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: حدثني أبو طالب المشكاني قال: كنت عند أبي عبد اللَّه فسمعت نفرًا على الباب يتكلمون. وقال الخلال: وأخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: ثنا أبو طالب، بمثله. قال: فسمعت أحدهم يسألك عن إمام لنا وقف، فصاح بهم أبو عبد اللَّه، قال: فقال واحد للآخر: هو ذا تسمع أبا عبد اللَّه، هو ذا يقول لك قد كره كلامًا في ذا. فقال أبو عبد اللَّه: ردهم. فصحت بهم. فقال أبو عبد اللَّه: من شك فهو كافر، ومن وقف فهو كافر. وقال الخلال: وأخبرني يعقوب بن يوسف المطوعي قال: حضرت باب أحمد بن حنبل، فجاء قوم من أهل دار القطن، فقالوا: إن هاهنا رجلًا قد علق بقلبه مذهب ابن الأشعث، وقال: إنه ما قال لي أبو عبد اللَّه فأنا أصير إليه. فقال: جيئوا به. فجاء الرجل، فقال أحمد: ما لكم وللجدل؟ ما لكم وللكلام؟ ما لكم وللخصومة؟ فقال الرجل: يا أبا عبد اللَّه، جزاك اللَّه خيرًا، تنهى عن الجدال، وعن الكلام، وعن الخصومة. فقال له القوم الذين جاءوا به: إن هذا الساعة يذهب فيقول: ذهبت إلى أحمد بن حنبل، فنهاني عن الجدال والكلام والخصومة ويسكت على الشك.

قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت: إن بعض الناس يقول: إن هؤلاء الواقفة هم شر من الجهمية؟ قال: هم أشد على الناس (تزيينًا) (¬1) من الجهمية، هم يشككون الناس، وذلك أن الجهمية قد بان أمرهم، وهؤلاء إذا قالوا: إنا لا نتكلم. استمالوا العامة، إنما هذا يصير إلى قول الجهمية. قال: وسمعته يسأل عمن قال: أقول القرآن كلام اللَّه وأسكت. قال: لا، هذا شاك، لا حتى يقول: غير مخلوق (¬2). قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي السمسار قال: ثنا مهنا قال: سألت حارثًا البقال: ما تقول في القرآن؟ فقال: القرآن كلام اللَّه، لا أقول غير مخلوق. فقلت له: يا أبا عبد اللَّه، أحمد بن حنبل يقول: هو كلام اللَّه غير مخلوق. فقال لي: أخي، أحمد بن حنبل ثقة عدل. قال: وسألت أبا يعقوب إسحاق بن سليمان الجواز عن القرآن؛ فقال: هو كلام اللَّه وهو غير مخلوق. ثم قال لي: إذا كنا نقول: القرآن كلام اللَّه لا نقول: مخلوق ولا غير مخلوق. فليس بيننا وبين هؤلاء الجهمية خلاف. فذكرت ذلك لأحمد بن حنبل، فقال أحمد: جزى اللَّه أبا يعقوب خيرًا. ¬

_ (¬1) في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 293 - 294 (62) تربيثا، وفي هامشها: أي: خديعة. (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 293 - 294 (62 - 63).

قال: وسألت أحمد بعدما أخرج من السجن بيسير، ما تقول في القرآن؟ فقال: هو كلام اللَّه غير مخلوق. وقال: من روى عني غير هذا القول؛ فهو مبطل. فقلت له: إن بعض من ذكر عنك أنك قلت له: هو كلام اللَّه، وإنك قلت له: لا مخلوق ولا غير مخلوق، ولكنه كلام اللَّه. فقال أحمد: أبطل، ما قلت هذا، ولكن هو كلام اللَّه وهو غير مخلوق. "السنة" للخلال 2/ 207 - 208 (1799 - 1800). قال الخلال: وأخبرنا محمد بن علي قال: ثنا أبو بكر الأثرم قال: أتينا أبا عبد اللَّه أنا والعباس بن عبد العظيم فقال لنا العباس: وأخبرني موسى بن سهل، قال: ثنا محمد بن أحمد الأسدي، قال: حدثني إبراهيم بن الحارث العبادي، قال: قمتُ من عند أبي عبد اللَّه، فأتيت عباسًا العنبري، فأخبرته بما تكلم أبو عبد اللَّه في أمر ابن معذل، فسر به ولبس ثيابه ومعه أبو بكر بن هانئ، فدخل على أبي عبد اللَّه، فابتدأ عباس فقال: يا أبا عبد اللَّه قوم هاهنا حدثوا يقولون: لا نقول مخلوق ولا غير مخلوق. قال: هؤلاء أضر من الجهمية على الناس، ويلكم! فإن لم تقولوا: ليس بمخلوق، فقولوا: مخلوق! فقال أبو عبد اللَّه: كلام سوء. فقال العباس: ما تقول يا أبا عبد اللَّه؟ فقال: الذي أعتقده وأذهب إليه، ولا أشك فيه أن القرآن غير مخلوق. ثم قال: سبحان اللَّه! ومن يشك في هذا؟ ثم تكلم أبو عبد اللَّه استعظاما للشك في ذلك فقال: سبحان اللَّه! في هذا شك؟ ! قال اللَّه: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] ففرق بين الخلق والأمر. قال أبو عبد اللَّه: فالقرآن من علم اللَّه، ألا تراه يقول: {عَلَّمَ الْقُرْآنَ} [الرحمن: 2]، والقرآن فيه أسماء اللَّه، أي شيء تقولون؟ ألا تقولون أن

أسماء اللَّه عَزَّ وَجَلَّ غير مخلوقة؟ من زعم أن أسماء اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مخلوقة فقد كفر، لم يزل اللَّه قديرًا، عليمًا، عزيزًا، حكيمًا، سميعًا، بصيرًا، لَسْنا نشك أن أسماء اللَّه ليست بمخلوقة، ولسنا نشك أن علم اللَّه تبارك وتعالى ليس بمخلوق وهو كلام اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، ولم يزل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ (حكيمًا) (¬1). ثم قال أبو عبد اللَّه: وأي كفر أبين من هذا، وأي كفر أكفر من هذا؟ إذا زعموا أن القرآن مخلوق، فقد زعموا أن أسماء اللَّه مخلوقة وأن علم اللَّه مخلوق، ولكن الناس يتهاونون بهذا، ويقولون: إنما يقولون القرآن مخلوق، فيتهاونون ويظنون أنه هين ولا يدرون ما فيه من الكفر. قال: فأنا أكره أن أبوح بهذا لكل أحد، وهم يسألوني، فأقول: إني أكره الكلام في هذا، فبلغني أنهم يدعون علي أني أمسك. قلت لأبي عبد اللَّه: فمن قال: القرآن مخلوق، فقال: لا أقول: أسماء اللَّه مخلوقة ولا علمه. ولم يزد على هذا، أقول: هو كافر؟ فقال: هكذا هو عندنا. قال أبو عبد اللَّه: نحن نحتاج أن نشك في هذا؟ ! القرآن عندنا فيه أسماء اللَّه وهو من علم اللَّه، من قال: مخلوق؛ فهو عندنا كافر. ثم قال أبو عبد اللَّه: بلغني أن أبا خالد وموسى بن منصور وغيرهم يجلسون في ذلك الجانب، فيعيبون قولنا، ويدعون إلى هذا القول ألا يقال: مخلوق ولا غير مخلوق، ويعيبون من يكفر، ويزعمون أنا نقول بقول الخوارج. ثم تبسم أبو عبد اللَّه كالمغتاظ، ثم قال: هؤلاء قوم سوء. ثم قال أبو عبد اللَّه للعباس: وذاك السجستاني الذي عندكم بالبصرة، ¬

_ (¬1) في المطبوع من "الإبانة": متكلمًا.

ذاك خبيث، بلغني أنه قد وضع في هذا يومًا يقول: لا أقول: مخلوق ولا غير مخلوق، وذاك خبيث، ذاك الأحول. فقال العباس: كان يقول مرة بقول جهم، ثم صار إلى أن يقول هذا القول. فقال أبو عبد اللَّه: ما يعني أنه كان يقول بقول جهم إلا الشفاعة. أخبرني محمد بن سليمان قال: سألت أبا عبد اللَّه عن القرآن قال: وإياك من أحدث فيه؟ فقال: أقول: كلام اللَّه، ولا أقول: مخلوق أو غير مخلوق، فإن قال: مخلوق، فهو ألحن بحجته من هذا، وإن كانت ليست لهما حجة والحمد للَّه. "السنة" للخلال 2/ 208 - 210 (1804 - 1805) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الصلاة على الواقفي يعني: إذا مات؟ قال: لا يصلى عليه. "السنة" للخلال 2/ 210 (1808) قال أبو طالب: وجاء رجل إلى أبي عبد اللَّه وأنا عنده، فقال: إن لي قرابة يقول بالشك. قال: فقال وهو شديد الغضب: من شك فهو كافر. قال أبو طالب: وقال رجل: القرآن كلام اللَّه ليس بمخلوق. قال: فقال: هذا قولنا: من شك فهو كافر. قال: فقال: جزاك اللَّه خيرًا. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 1/ 295 (66 - 67) قال أبو بكر المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من لم يقل: إن القرآن كلام اللَّه غير مخلوق. فهو يحل محل الجهمية. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 1/ 296 - 297 (70). قال أبو بكر المروذي: قال لي أبو عبد اللَّه: أول من سألني عن الوقف علي الأشقر، فقلت له: القرآن غير مخلوق. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 1/ 296 - 297 (70 - 71)

قال مهنا بن يحيى: قلت لأحمد بن حنبل: أي شيء تقول في القرآن؟ قال: كلام اللَّه وهو غير مخلوق. قلت: إن بعض الناس يحكي عنك أنك تقول: القرآن كلام اللَّه وتسكت. قال: من قال عليَّ ذا فقد أبطل. وقال يعقوب الدورقي: سألت أحمد بن محمد بن حنبل قلت: فهؤلاء الذين يقولون: نقف ونقول: كما في القرآن، كلام اللَّه ونسكت. قال: هؤلاء شر من الجهمية، إنما يريدون رأي جهم. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 1/ 308 - 309 (99 - 100) قال أبو عبد اللَّه السلمي: سألتُ أبا يعقوب الخزاز إسحاق بن سليمان -يعني: الرازي- عن القرآن؟ فقال: هو كلام اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وهو غير مخلوق. فقال لي: إذا كنا نقول: القرآن كلام اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، ولا نقول: مخلوق، ولا غير مخلوق. ليس بيننا وبين هؤلاء -يعني: الجهمية- خلاف. فذكرت ذلك لأحمد بن حنبل، فقال لي أحمد: جزى اللَّه أبا يعقوب خيرًا. "شرح أصول الاعتقاد" للالكائي 2/ 288 (443) قال محمد بن مسلم بن وارة: قال لي أبو مصعب: من قال: القرآن مخلوق؛ فهو كافر، ومن قال: لا أدري -يعني: مخلوق أو غير مخلوق- فهو مثله، ثم قال: بل هو شر منه. فذكرت رجلًا كان يظهر مذهب مالك، فقلت: إنه أظهر الوقف، فقال: لعنه اللَّه ينتحل مذهبنا، وهو بريء منه. فذكرت ذلك لأحمد بن حنبل فأعجبه وسر به. "شرح أصول الاعتقاد" 2/ 358 (522)

وقال سلمة بن شبيب: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الواقفي لا تشك في كفره. "شرح أصول الاعتقاد" 2/ 363 (544) قال أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل عمن يقول: القرآن مخلوق، فقال: القرآن من علم اللَّه، وعلم اللَّه غير مخلوق، فمن قال: مخلوق؟ فهو كافر، فالواقف الذي يبصِر الكلام ويعرف هو جهمي، والذي لا يبصِر ولا يعرف يُبَصَّر. "شرح أصول الاعتقاد" 2/ 391 (600) قال شاهين بن السميدع: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل يقول؟ الواقفة أشر من الجهمية، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: إسحاق بن أبي إسرائيل واقفي مشؤوم. قال: وسألت أبا عبد اللَّه عمن يقول: أنا أقف في القرآن تورعًا، قال: ذاك شاك في الدين، إجماع العلماء والأئمة المتقدمين على أن القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، هذا الدين الذي أدركت عليه الشيوخ، وأدرك الشيوخ من كان قبلهم على هذا. "طبقات الحنابلة" 2/ 460 قال ابن الليث: وسئل أحمد بن حنبل -وأنا حاضر- عن الواقفة، فقال: الواقفة والجهمية واللفظية عندنا سواء. "مناقب الإمام أحمد" ص 205

94 - فصل: مجانبة الواقفة

94 - فصل: مجانبة الواقفة قال صالح: قلت لأبي: ولا يكلم من وقف؟ قال: لا يكلم. قلت: [فإن] (¬1) كلمه رجل؟ قال: يأمره، فإن ترك كلامه كلمه، وإن لم يترك كلامه فلا تكلمه. "سيرة الإمام أحمد" لصالح ص 72 قال أبو داود: ورأيت أحمد سلم عليه رجل من أهل بغداد -قال أبو داود: بلغني أنه أبو بكر المغازلي ممن وقف فيما بلغني- فقال له: اغرب، لا أرينك تجيء إلى بابي -في كلام غليظ- ولم يَرد عليه السلام، وقال له: ما أحوجك أن يصنع بك ما صنع عمر بصبيغ (¬2) - ¬

_ (¬1) في المطبوع: قال. (¬2) روى الإمام مالك ص 282 عن الزهري عن القاسم بن محمد أن رجلَّا جَاء يسأل ابن عباس، فكرر في المسألة حتى كاد أن يحرجه فقال ابن عباس: أتدرون ما مَثَلُ هذا؟ مثل صبيغ الذي ضربه عمر بن الخطاب ا. هـ باختصار. وروى عبد الرزاق 11/ 426 (20906) عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه أن صبيغًا قدم على عمر فقال: من أنت؟ فقال: أنا عبد اللَّه صبيغ، فسأله عمر عن أشياء، فعاقبه. قال عبد الرزاق: في علمي أنه قال: وحرق كتبه، وكتب إلى أهل البصرة ألا تجالسوه. وروى الإمام أحمد في "فضائل الصحابة" 1/ 554 - 545 (717) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 23/ 412 عن السائب بن يزيد أنه قال: أتي إلى عمر فقالوا: إنا لقينا رجلًا يسأل عن تأويل القرآن بنحوه. ورواه الدارمي 1/ 252 (146)، والآجري في "الشريعة" ص 65 (144) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 33/ 410 عن سليمان بن يسار وروى البزار 1/ 433 (299) عن سعيد بن المسيب. ورواه ابن عساكر 23/ 413 عن محمد بن سيرين. قال الحافظ في "الإصابة" 2/ 199 بعد ذكر رواياته وتضعيف بعضها: أخرجه ابن الأنباري -يعني: في "المصاحف"- عن يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد، عن عمر بسند صحيح.

أفهمني: عمر بصبيغ. بعض أصحابنا- فدخل بيته ورد الباب. "مسائل أبي داود" (1707) قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: ما ترى في الصلاة خلف من يقول -يعني: في القرآن: كلام اللَّه ويقف؟ قال: يعجبني أن يجفو. "مسائل أبي داود" (1710) قال ابن هانئ: شهدت أبا عبد اللَّه في طريق مسجد الجامع، وسلم عليه رجل من الشاكة، فلم يَرُد عليه السلام، فأعاد عليه، فدفعه أبو عبد اللَّه، ولم يسلم عليه. قال إسحاق: هو ابن المخنون. بخاء معجمة. "مسائل ابن هانئ" (1859) قال ابن هانئ: وسئل عن الواقفي، أيجالس؟ قال: إذا كان يخاصم؛ لا يكلم، ولا يجالس. "مسائل ابن هانئ" (1881) قال عبد اللَّه: ذُكِر عند أبي رجل من أهل البصرة ممن كان يحدث، فقلت: إنه واقفي، يقف؛ وقد ترك أصحاب الحديث ما يأتونه. فقال: أبعده اللَّه. "العلل" برواية عبد اللَّه (1442) قال أبو بكر الخلال: أخبرنا محمد بن النقيب بن أبي حرب الجرجرائي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن رجلٍ له والد واقفي. فقال: يأمره ويرفق به. قلت: فإن أبى، يقطع لسانه عنه؟ قال: نعم. قال: وأخبرنا محمد بن أبي حرب قال: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل له أخت، أو عمة، ولها زوج واقفي. قال: يلتقي بها، ويسلم عليها. قلت: فإن كانت الدار له؟ قال: يقف على الباب، ولا يدخل.

قال: أخبرنا أحمد بن أصرم المزني قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال له رجل: إن لي أخا واقفيا، فأقطع لساني عنه؟ قال: نعم نعم -مرتين أو ثلاثا. قال: وأخبرني أحمد بن حسين بن حسان أن أبا عبد اللَّه سأله الطالقاني عن اللفظية. فقال أحمد: لا يجالسون، ولا يكلمون. قال: أخبرني يوسف بن موسى أن أبا عبد اللَّه قيل له: فمن وقف؟ قال: يقال له، وبكلم في ذاك، فإن أبى هجر. "السنة" الخلال 2/ 212 (1813 - 1817) قال الخلال: وأخبرني محمد بن يحيى الكحال قال: قال أبو عبد اللَّه: كتب إلي ذاك المغازلي بكتاب فيه كلام جهم. "السنة" للخلال 2/ 213 (1820) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: ذكرت لأبي عبد اللَّه رجلا من المحدثين سألوه، فوقف. قال: قد جاءني فلم آذن له، ولم أخرج إليه. "السنة" للخلال 2/ 213 (1822) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي أن يعقوب بن بختان حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه عمن قال: القرآن كلام اللَّه، ليس بمخلوق، وعن رجل يقول: القرآن كلام اللَّه، ويعتقد أنه ليس بمخلوق، ويكفر من زعم أنه مخلوق، أيكلم هذا الرجل؟ قال: يكلم الذي يرى أنه ليس بمخلوق، ويجفى الذي سكت. "السنة" للخلال 2/ 293 (1825) قال أبو طالب: سألت أبا عبد اللَّه عمن أمسك فقال: لا أقول ليس هو مخلوقًا، إذا لقيني في الطريق وسلم علي، أسلم عليه؟ قال: لا تسلم عليه، ولا تكلمه، كيف يعرفه الناس إذا سلمت عليه؟

وكيف يعرف هو أنك منكر عليه؟ فإذا لم تسلم عليه عرف الذل، وعرف أنك أنكرت عليه، وعرفه الناس. "الشريعة" للآجري ص 77 (176) قال أبو بكر المروذي: وقدم رجل من ناحية الثغر فأدخلته عليه فقال: ابن عم لي يقف وقد زوجته ابنتي، وقد أخذتها وحولتها على أن أفرق بينهما، فقال: لا ترضى منه حتى يقول: غير مخلوق فإن أبى ففرق بينهما. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 1/ 298 (75) قال محمد بن عبد الملك الدقيقي الواسطي: سمعت سلمة بن شبيب، قال: دخلتُ على أحمد بن حنبل، فقلت: يا أبا عبد اللَّه! ما تقول فيمن يقول: القرآن كلام اللَّه؟ فقال أحمد: من لم يقل: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، فهو كافر، ثم قال لي: لا تشكن في كفرهم، فإنه من لم يقل: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق. فهو يقول: مخلوق، فهو كافر. وقال لنا سلمة بن شبيب: وقلت يعني: لابن حنبل -الواقفة؟ فقال: كفار. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 1/ 305 - 306 (94) قال ابن هانئ: وسألته عن رجل من الشاكة يسلم على الرجل، أيرد عليه الرجل؟ قال: إذا كان ممن يخاصم ويجادل فلا أرى أن يُسَلِّم عليه. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 1/ 313 (112).

95 - فصل: اللفظية وحكم الإمام فيهم

95 - فصل: اللفظية وحكم الإمام فيهم قال أبو الفضل: قلت لأبي: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، يكلم؟ قال: هذا لا يكلم، ولا يصلى خلفه، وإن صلى رجل أعاد. قال أبو الفضل: سأل يعقوب بن إبراهيم الدورقي أبي عمن قال: لفظه بالقرآن مخلوق، كيف تقول في هؤلاء؟ قال: لا يكلم هؤلاء، ولا يكلم في هذِه، القرآن كلام اللَّه غير مخلوق على كل جهة، وعلى كل وجه، وعلى أي حال. قال صالح: تناهى إلي أن أبا طالب يحكي عن أبي أنه يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق، فأخبرت أبي بذلك، فقال: من أخبرك؟ فقلت: فلان. قال: ابعث إلى أبي طالب. فوجهت إليه، فجاء، وجاء فوران، فقال له أبي: أنا قلت: لفظي بالقرآن غير مخلوق؟ ! وغضب، وجعل يرعد، فقال له: قرأتُ عليك {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}. فقلتَ لي: هذا ليس بمخلوق. قال: قال: تحكي عني أني قلت لك: لفظي بالقرآن غير مخلوق (¬1)؟ ! وبلغني أنك وضعت ذلك في كتابك، وكتبت به إلى القوم، فإن كان في كتابك فامحه أشد المحو، واكتب إلى القوم الذين كتبت إليهم أني لم أقل لك هذا. وغضب وأقبل عليه، فقال: تحكي عني ما لم أقل لك. فجعل فوران يعتذر إليه، وانصرف من عنده وهو مرعوب. فعاد أبو طالب فذكر أنه قد حك ذلك من كتابه، وأنه كتب إلى القوم يخبرهم أنه وهم ¬

(¬1) في المطبوع من "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي: فقال له: فلم حكيت عني أني قلت: لفظي بالقرآن غير مخلوق.

على أبي عبد اللَّه في الحكاية (¬1). "سيرة الإمام أحمد" لصالح ص 70 - 71 قال أبو داود: سمعت أحمد يتكلم في اللفظية وينكر عليهم كلامهم، فقال له هارون: يا أبا عبد اللَّه، هؤلاء جهمية؟ فجعل يقول: هم وهم، ولم يصرح بشيء، ولم ينكر عليه ما قال من قوله: هم جهمية (¬2). قال أبو داود: كتبتُ رقعةً وَأرسلت به إلى أبي عبد اللَّه، وهو يومئذ متوارٍ، فأخرج إليَّ جوابه مكتوبًا فيه: قلتَ: رجل يقول: التلاوة مخلوقة وألفاظنا بالقرآن مخلوقة، والقرآن ليس بمخلوق، ما ترى في مجانبته؟ وهل يسمى مبتدعًا؟ وعلى ما يكون عقد القلب في التلاوة والألفاظ؟ وكيف الجواب فيه؟ قال: هذا يجانب، وهو فوق المبتدع، وما أراه إلا جهميًّا، وهذا كلام الجهمية، القرآن ليس بمخلوق؟ قالت عائشة: تلا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} [آل عمران: 7] الآية، فقالت: فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا رَأَيْتُمْ الذِينَ يتبعون ما تشابه منه فاحذروهم؛ فإنهم الذِينَ عَنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ" (¬3)، والقرآن ليس بمخلوق (¬4). "مسائل أبي داود" (1711 - 1712). ¬

(¬1) ذكرها الذهبي في "السير" 11/ 288 وقال: الذي استقر الحال عليه، أن أبا عبد اللَّه كان يقول: من قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق، فهو مبتدع. وأنه قال: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو جهمي. فكان رحمه اللَّه لا يقول هذا ولا هذا. وربما أوضح ذلك، فقال: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، يريد به القرآن فهو جهمي. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 325 (2118)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 331 (131). (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 48، والبخاري (4547)، ومسلم (2665). (¬4) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 330 (130).

قال أبو داود: سمعت إسحاق بن إبراهيم بن راهويه ذكر اللفظية فبدعهم. "مسائل أبي داود" (1745)، (1752) قال أبو داود: ثنا يعقوب بن إبراهيم أن أحمد بن محمد بن حنبل قال له: اللفظية إنما يدورون على كلام جهم؛ يزعمون أن جبريل عليه السلام إنما جاء بشيء مخلوق [إلى مخلوق] يعني: [جبريل] (¬1) مخلوق جاء به إلى محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2). قال أبو داود: ثنا أحمد بن إبراهيم قال: سألتُ أحمد بن حنبل قلتُ: هؤلاء الذين يقولون: إن ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، فقال: هذا شر من قول الجهمية، من زعم هذا فقد زعم أن جبريل عليه السلام جاء بمخلوق وأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تكلم بمخلوق (¬3). "مسائل أبي داود" (1753 - 1754) ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفات من "الإبانة". (¬2) رواه حرب في "مسائله" ص 423، والخلال في "السنة" 2/ 324 - 325 (2116)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 331 - 332 (132). (¬3) رواه الخلال في "السنة" 2/ 325 (2117)، وذكرها الذهبي في "السير" 11/ 290 وقال: فقد كان هذا الإمام لا يرى الخوض في هذا البحث خوفًا من أن ينذرع به إلى القول بخلق القرآن، والكف عن هذا أولى. آمنا باللَّه تعالى، وبملائكته، وبكتبه، ورسله، وأقداره، والبعث، والعرض على اللَّه يوم الدين. ولو بسط هذا السطر، وحرر وقرر بأدلته لجاء في خمس مجلدات، بل ذلك موجود مشروح لمن رامه، والقرآن فيه شفاء ورحمة للمؤمنين، ومعلوم أن التلفظ شيء من كسب القارئ غير الملفوظ، والقراءة غير الشيء المقروء، والتلاوة وحسنها وتجويدها غير المتلو، وصوت القارئ من كسبه فهو يحدث التلفظ والصوت والحركة والنطق، وإخراج الكلمات من أدواته المخلوقة، ولم يحدث كلمات القرآن، ولا ترتيبه، ولا تأليفه، ولا معانيه. فلقد أحسن الإمام أبو عبد اللَّه حيث منع من الخوض في المسألة من الطرفين إذ كل =

قال ابن هانئ: وسئل عمن يقول: لفظي بالقرآن مخلوق، أيصلى خلفه؟ قال: لا يصلى خلفه، ولا يجالس، ولا يكلم، ولا يسلم عليه. وسمعته يقول: الجهمية قوم سوء. وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: من زعم أن لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1851 - 1853) وسألته عن الذي يقول: لفظي بالقرآن مخلوق؟ قال: هذا كلام جهم، من كان يخاصم منهم فلا يجالس ولا يكلم، والجهمي كافر (¬2). "مسائل ابن هانئ" (1864) قال حرب بن إسماعيل: سمعت إسحاق بن إبراهيم وسئل عن الرجل قال: القرآن ليس بمخلوق، ولكن قراءتي أنا له مخلوقة؛ لأني أحكيه، وكلامنا مخلوق. فقال إسحاق: هذا بدعة، ولا يقار على هذا حتى يرجع ويدع قوله هذا (¬3). "مسائل حرب" 423 قال عبد اللَّه بن أحمد: سألت أبي رحمه اللَّه ما تقول في رجل قال: التلاوة مخلوقة، وألفاظنا بالقرآن مخلوقة، والقرآن كلام اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وليس بمخلوق؟ وما ترى في مجانبته؟ وهل يسمى مبتدعًا، فقال: هذا يجانب وهو قول ¬

_ = واحد من إطلاق الخلقية وعدمها على اللفظ موهم، ولم يأت به كتاب ولا سنة بل الذي لا نرتاب فيه أن القرآن كلام اللَّه منزل غير مخلوق. واللَّه أعلم. (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 339 (144). (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 332 (2146). (¬3) رواه الخلال في "السنة" 2/ 331 (2141).

المبتدع، وهذا كلام الجهمية، ليس القرآن بمخلوق، قالت عائشة -رضي اللَّه عنها-: تلا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ} [آل عمران: 7] (¬1). فالقرآن ليس بمخلوق (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 163 - 164 (178) قال عبد اللَّه: سألت أبي رحمه اللَّه: إن قوما يقولون: لفظنا بالقرآن مخلوق. فقال: هم جهمية وهم أشر ممن يقف، هذا قول جهم. وعظم الأمر عنده في هذا، وقال: هذا كلام جهم (¬3). وقال عبد اللَّه: وسألته عمن قال: لفظي بالقرآن مخلوق. فقال: قال اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حتى أبلغ كلام ربي" (¬4) وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ هذِه الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ" (¬5). وقال: سمعت أبي رحمه اللَّه يقول: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق. فهو جهمي (¬6). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 48، والبخاري (4547)، ومسلم (2665). (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب: الرد على الجهمية 1/ 342 - 343 (149). (¬3) رواه الخلال في "السنة" 2/ 325 - 326 (2119). (¬4) رواه الإمام أحمد 3/ 390، وأبو داود (4734)، والترمذي (2925)، وابن ماجه (201) من حديث جابر -رضي اللَّه عنه-. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب، وصححه الألباني في "الصحيحة" (1947). (¬5) رواه الإمام أحمد 5/ 447 ومسلم (537) من حديث معاوية بن الحكم السلمي. (¬6) رواه الخلال في "السنة" 2/ 324 (2113)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 341 - 342 (146).

وقال: سمعت أبي رحمه اللَّه، وسئل عن: اللفظية فقال: هم جهمية وهو قول جهم، ثم قال: لا تجالسوهم. وقال: سمعت أبي رحمه اللَّه يقول: كل من يقصد إلى القرآن بلفظ أو غير ذلك يريد به: مخلوق. فهو جهمي (¬1). وقال: سُئل أبي وأنا أسمع عن: اللفظية والواقفة، فقال: من كان منهم جاهلا فليسأل وليتعلم. وقال: سئل أبي رحمه اللَّه وأنا أسمع عن اللفظية والواقفة، فقال: من كان منهم يحسن الكلام فهو جهمي، وقال مرة: هم شر من الجهمية، وقال مرة أخرى هم جهمية (¬2). وقال: سمعت أبي يقول: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق. هذا كلام سوء رديء، وهو كلام الجهمية. قلت له: إن الكرابيسي يقول هذا، فقال: كذب -هتكه اللَّه- الخبيث وقال: قد خلف هذا بشرًا المريسي. وكان أبي رحمه اللَّه يكره أن يتكلم في اللفظ بشيء أو يقال: مخلوق أو غير مخلوق (¬3). وقال: سألته عن: الكرابيسي حسين هل رأيته يطلب الحديث؟ فقال: ما أعرفه وما رأيته يطلب الحديث. قلت: فرأيته عند الشافعي ببغداد، فقال: ما رأيته ولا أعرفه. ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 324 (2114)، 2/ 328 (2127). (¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 324 (2111)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب: الرد على الجهمية 1/ 307 (97). (¬3) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب: الرد على الجهمية 1/ 342 (147).

فقلت: إنه يزعم أنه كان يلزم يعقوب بن إبراهيم بن سعد، فقال: ما رأيته عند يعقوب بن إبراهيم ولا غيره وما أعرفه. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 164 - 166 (180 - 187) قال أبو بكر الخلال: أخبرني أبو يحيى زكريا بن يحيى الناقد قال: ثنا أبو طالب قال: قلت لأبي عبد اللَّه: كتب إلي من طرسوس أن الشراك يزعم أن القرآن كلام اللَّه، فإذا تلوته فتلاوته مخلوقة. قال: قاتله اللَّه! هذا كلام جهم بعينه. قلت: رجل قال: القرآن كلام اللَّه وليس بمخلوق، ولكن لفظي به مخلوق. قال: من قال هذا فقد جاء بالأمر كله، إنما هو كلام اللَّه على كل حال، الحجة فيه حديث أبي بكر: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)} [الروم: 1، 2] فقيل له: هذا مما جاء به صاحبك؟ فقال: لا واللَّه، ولكنه كلام اللَّه (¬1). هذا وغيره إنما هو كلام اللَّه. قلت: بسم اللَّه الرحمن الرحيم {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1)} [الأنعام: 1]. هذا الذي قرأت الساعة كلام اللَّه؟ ¬

(¬1) رواه الترمذي (3194) مطولا دون ذكر: هذا مما جاء به صاحبك. وقال: صحيح حسن. ورواه البخاري في "خلق أفعال العباد" (72) معلقا وعبد اللَّه بن أحمد في "السنة" 1/ 143 (116)، وابن خزيمة في "التوحيد" (237)، والبيهقي في "الاعتقاد" ص 107 - 108، وفي "الأسماء والصفات" (510) وقال: وهذا إسناد صحيح. وذكر الألباني رواية الترمذي وحسن إسنادها. انظر "الضعيفة" 7/ 36 حديث رقم (3354).

قال: إي واللَّه، فهو كلام اللَّه، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فقد جاء بالأمر كله، أيش بقي إذ قال: لفظي؟ ! إن لم يرجع هذا فاجتنبه، ولا تكلمه، هذا مثل ما قال الشراك، أخزاه اللَّه! قال: تدري من كان خاله؟ قلت: لا. قال: عبدك الصوفي، كان صاحب كلام ورأي سوء، كل من كان صاحب كلام فليس ينزع إلى خير، واستعظم ذلك واسترجع. وقال: إلام صار الناس؟ ثم قال لي بعد ذلك: إن فلانا بلغني عنه أنه كان يقول: إن ابن نوح قال: الورق والحبر والكتاب مخلوق. وأبو عبد اللَّه يستمع فلم ينكر، كذبت ما سمعت [. . .] (¬1) قلت: يا أبا عبد اللَّه، إني احتججت عليهم بالقرآن والحديث، وأحب أن أعرضه عليك: قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6]. أليس من محمد صلى اللَّه عليه وسلم سمع كلام اللَّه؟ وقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)} [النحل: 98]. وقال اللَّه تبارك وتعالى: {يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)} [البقرة: 75]. وقال: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [الإسراء: 45]. وقال: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27)} [الكهف: 27]. وقال: {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ} [النمل: 92]. وقال: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45)} [الإسراء: 45]. وقال: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20]. فعلى كل حال هو قرآن. ¬

(¬1) قال محققه: طمس بمقدار ثلاث كلمات.

وقال في حديث جابر: "إن قُرَيْشًا مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي". وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لمعاوية بن الحكم: "إِنَّ هذِه الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ الآدميين إلا القرآن" (¬1)، فالقرآن غير الكلام. وقال أبو بكر الصديق رضي اللَّه عنه: لا، ولكنه كلام اللَّه وقوله. قال أبو عبد اللَّه: ما أحسن ما احتججت! جبريل جاء إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمخلوق، والنبي عليه السلام جاء إلى الناس بمخلوق؟ ! قلت: يحزنني أن أقول: هذا كلام جهم -وعلى كل حال هو كلام اللَّه عز وجل. قال: نعم. ثم أتيته بعد ذلك، فقال: قد وجدت فيه غير آية: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106)} [الإسراء: 106]. وفي سورة الجمعة: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ} [الجمعة: 2] (¬2). قال الخلال: وأخبرني محمد بن علي قال: ثنا يعقوب بن بختان قال: ذكرت لأبي عبد اللَّه أمر الشراك وما جاء فيه من طرسوس فقال: تحذر عنه ولا يجالس ويجفى من دفع عنه وجالسه إذا كان يخبره أمره، إلا أن يكون رجلا جاهلا. قال: وأخبرنا أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل: جاءنا كتاب ابن حبان النجار من طرسوس، وفيه كلام الشراك وما شهدوا عليه (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 447، ومسلم (537) من حديث معاوية بن الحكم السلمي. (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" الرد على الجهمية (1/ 335 - 339) رقم (141، 143). (¬3) أخرج نحوه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية (1/ 338) (143).

فقال أبو عبد اللَّه: يحذر عنه وكان قال: لفظي بالقرآن مخلوق. قال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: إني قلت لأبي ثور: وسألته عن الشراك، قال: هذِه بدعة. فغضب غضبا شديدا، وقال: هكذا أراد أن يقول: بدعة! هذا كلام جهم بعينه. قلت: فقد جاءني كتاب من طرسوس يذكرون فيه أمر الشراك وما [. . .] (¬1) عنه. قال: يحذر عنه. قلت: أخبرني رجل من أصحاب الشراك ممن يدفع عنه أنه تكلم بطرسوس إنسان يقال له: أبو حنيفة بهذا الكلام -يعني: لفظي بالقرآن مخلوق- ثم جاء بعد هذا الكلام غلام فتكلم هذا الكلام، وكانوا يرونه يلزم الشراك، فقالوا له: عمن أخذت هذا؟ قال: بيني وبينكم أحمد الشراك. فجاءوا إليه، فقال: هذا يجوز في كلام العرب، وحسن قول الغلام. وقلت: وهو يحلف أني لم أقل. فأي شيء تقول؟ قال: يجفى. قلت: ومن دفع عنه؟ قال: يجفى. وأمرني أبو عبد اللَّه أن أحذر عنه، وأهجر من جلس إليه، فأخبرت أبا عبد اللَّه بقدومه إلى بغداد؛ فأمرني أن أحذر عنه، وعن كل من جلس إليه حتى يظهر توبة صحيحة. قلت: فإن الشراك يقول: لم أقل، فكيف أتوب؟ فقال أبو عبد اللَّه: كذب، هؤلاء يحكون عنه ويشهدون -يعني: الذين شهدوا عليه بطرسوس. قلت: فيجفى من جلس إليه ودفع عنه؟ قال: نعم، إلا رجلا جاهلا لا يدري فيحذر عنه. ¬

(¬1) قال محقق الكتاب: كلمة مطموسة.

قلت لأبي عبد اللَّه: إن رجلا من أصحاب الشراك قال: الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل. فقال أبو عبد اللَّه: أخزاه اللَّه -أو قاتله اللَّه- أبوا إلا أن يظهروا الكفر. قال أبو بكر المروذي: وقال لي إسحاق بن حنبل عم أبي عبد اللَّه: لما قدم الشراك من طرسوس جاءني فانكب على رأسي فقبله، وقال: إن أبا عبد اللَّه غليظ علي. فقلت: قد حذر عنك. قال: فاكتب رقعة وتعرضها على أبي عبد اللَّه. قال: فكتب رقعة بخطه فأخذتها، فأي شيء لقيت من أبي عبد اللَّه من الغلظة؟ ! وأريت أبا عبد اللَّه كتابا جاءني من طرسوس في الشراك أنهم احتجوا عليه بقول اللَّه: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت: 49] وفي حديث أبي أمامة: "هو أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرّجَالِ مِنْ النَّعَمِ مِنْ عُقُلِهَا" (¬1) وحديث ابن أشعث الباهلي: القرآن -وفيه الذى في صدورنا- غير مخلوق. فقال أبو عبد اللَّه: ما أحسن ما احتجوا عليه! قال الخلال: أخبرنا الحسن بن عبد الوهاب قال: ثنا أبو بكر -يعني: ابن حماد- قال: سمعت هارون الحمال يقول: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل عن أحمد الشراك؟ فقال: لا يُكلَّم، ولا يُجالَس، ويُهجَر، ويحذر عنه. ¬

(¬1) لم أقف عليه من حديث أبي أمامة، لكن رواه الإمام أحمد 1/ 417، والبخاري (5032)، ومسلم (790) من حديث ابن مسعود. ورواه الإمام أحمد 4/ 397، والبخاري (5033)، ومسلم (791) من حديث أبي موسى الأشعري.

قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه عن أحمد الشراك، فقال: تبين أمره وتحذر عنه، ولا يجالس ولا يكلم. وسمعت أبا عبد اللَّه يقول لأبي يوسف عمه: لم أردت أن تقعد معهم أو تكلمهم؟ لا يقربنك منهم أحد -يعني: الشراك ومن كان معه. قلت له: يا أبا عبد اللَّه! إنه يدفع عن نفسه هذِه المقالة، فقال: لقد قرأت كتابا جاءني في أمره فيه كلام سوء، لا أخبرك لا أدري ما هو، لا أخبرك لا أدري ما هو، وذاكرته أمر رجل؟ فقال: جهمية صراح، يعني: لفظي بالقرآن مخلوق. "السنة" للخلال 2/ 318 - 322 (2097 - 2102) قال الخلال: وأخبرني محمد بن يحيى الكحال؛ قال: مرَّ بنا الشراك فسلَّم عليَّ وحكى لي كيف فعل، وقلت: نهانا أبو عبد اللَّه عنك وأمر بهجرانك -أو كما قال محمد بن يحيى- قال: فقال: بيننا وبينكم القيامة. قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر، قال: ثنا أبو طالب، قال: قلت لأبي عبد اللَّه: قال أحمد بن إبراهيم بن الدورقي: إن الكرابيسي كان إلى جنبه فسمعه يقول: أخرجوا أحمد البائس -يعني: الشراك- من عبادان. واستعدوا عليه السلطان حتى أخرجوه، هؤلاء الكفار باللَّه، هم أعظم من اليهود والنصاري، فقال أبو عبد اللَّه: رجع أمره إلى أصل الجهمية لما كفر وأظهر الجهمية. قلت: كان هذا عقده فأظهره؟ قال: نعم. قال الخلال: أخبرني محمد بن جعفر ومحمد بن موسى أن أبا

الحارث حدثهم أنه قال لأبي عبد اللَّه: إذا قال: لفظي بالقرآن مخلوق. فهو جهمي؟ قال: فأيش بقي إذا قال: لفظي بالقرآن مخلوق؟ ! قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عمن قال: لفظي بالقرآن مخلوق؟ قال: يقال لمن قال هذِه المقالة: لا إله إلا اللَّه هو مخلوق؟ هو يلزمه في مقالته هذِه هذا، ويقال له: لفظ جبريل به مخلوق؟ ولفظ محمد به مخلوق؟ قال: هذا كلام سوء رديء وهو كلام الجهمية، قال: وبلغني أنهم أنحلوه نعيما وكذبوا عليه وما نعلم [. . .] (¬1) كتابا يقرؤه على الناس، هذِه الكتب بدعة وضعها. قال الخلال: سمعت أبا بكر المروذي يقول: أتيت أبا عبد اللَّه ليلة في جوف الليل فقال لي: يا أبا بكر بلغني أن نعيمًا كان يقول: لفظي بالقرآن مخلوق. فإن كان قاله فلا غفر اللَّه له في قبره. "السنة" للخلال 2/ 322 - 323 (2105 - 2109) قال الخلال: وأخبرني محمد بن الحسن بن هارون، قال: سألت أبا عبد اللَّه فقلت: يا أبا عبد اللَّه، أنا رجل من أهل الموصل، وقد سمعت فيهم مسألة الكرابيسي فأفتنهم قول الكرابيسي: لفظي بالقرآن مخلوق. فقال لي: إياك إياك أربعا أو خمسا؛ لا تكلم الكرابيسي، ولا تكلم من يكلمه. فقلت: يا أبا عبد اللَّه، هذا القول عندك، وما تشعب منه يرجع إلى قول جهم؟ قال: هذا كله من قول جهم. "السنة" للخلال 2/ 324 (2115) ¬

_ (¬1) قال محقق "السنة" للخلال: طمس بمقدار كلمة.

قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر، قال: ثنا أبو طالب أنه سمع أبا عبد اللَّه سأله يعقوب الدورقي. وأخبرنا محمد بن علي، قال: ثنا صالح؛ قال: سمعت أبي سأله يعقوب الدورقي. وأنبأ محمد بن علي، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: ثنا يعقوب الدورقي. وأخبرنا عثمان بن صالح الأنطاكي قال: ثنا الدورقي قال: قلت لأحمد بن حنبل -المعنى قريب- ما تقول فيمن زعم أن لفظه بالقرآن مخلوق؟ قال: فاستوى أحمد لي جالسًا ثم قال: يا أبا عبد اللَّه، هؤلاء عندي أشر من الجهمية، من زعم هذا فقد زعم أن جبريل هو المخلوق، وأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تكلم بمخلوق وأن جبريل جاء إلى نبينا بمخلوق، هؤلاء عندي أشر من الجهمية، لا تكلم هؤلاء ولا تكلم في شيء من هذا، القرآن كلام اللَّه غير مخلوق على كل جهة وعلى كل وجه تصرف وعلى أي حال كان، لا يكون مخلوقًا أبدًا، قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] ولم يقل: حتى يسمع كلامك يا محمد، وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ" (¬1)، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حتى أبلغ كلام ربي" (¬2)، هذا قول جهم، على من جاء بهذا غضب اللَّه. قلت له: إنما يدورون هؤلاء على الإبطال؟ قال: نعم، عليهم لعنة اللَّه. "السنة" للخلال 2/ 324 - 325 (2116) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 447، ومسلم (537) من حديث معاوية بن الحكم السلمي. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 390، وأبو داود (4734)، والترمذي (2925)، وابن ماجه (201) من حديث جابر -رضي اللَّه عنه-. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. وصححه الألباني في "الصحيحة" (1947).

قال الخلال: أخبرني حنبل بن إسحاق بن حنبل؛ أنه سمع أبا عبد اللَّه قيل له: فمن قال: لفظي بالقرآن مخلوق يكلم؟ قال: وأي شيء بقي؟ ! هذا لا يكلم، ولا يصلى خلف من قال: القرآن مخلوق، ولا خلف من يقف، ولا خلف من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، وإن صلى خلف رجل منهم وهو لا يعلم ثم علم أعاد الصلاة. ثم قال أبو عبد اللَّه: وأي شيء بقي إذا وقف وشك أن كلام اللَّه غير مخلوق؟ ! أو قال: لفظه بالقرآن مخلوق فكيف يتم به الصلاة؟ لا تتم الصلاة بمخلوق، والقوم قد [. . .] (¬1) أو هم لا يعلمون. "السنة" للخلال 2/ 326 (2121) قال الخلال: وأخبرني حنبل بن إسحاق، قال: سمعت أبا عبد اللَّه وذكر هذا الحديث -يعني: حديث معاوية بن الحكم السلمي (¬2) - فقال: فيه حجة أن كلام اللَّه ليس بمخلوق، وأن الصلاة تتم به، وكلام الآدميين لا يصلح في الصلاة، ففرق رسول اللَّه بين الكلام بالقرآن والكلام بغيره في الصلاة لما قال: "لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين" فلو كان كذلك لم تتم الصلاة به كما لا تتم بغيره من كلام الناس. فبين قراءة القرآن وكلام الناس فرق، ولا تتم الصلاة إلا بقراءة القرآن، وقراءة الآدميين في الصلاة ليس مثل كلامهم بغيره، وجعل كلامهم بالقرآن تتم، وكلامهم بغير القرآن لا تتم، وقال: "إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ، وَالتَّكْبِير، وَقِرَاءَة القرآن" (¬3) فبين النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا أنها بقراءة ¬

_ (¬1) قال محقق "السنة": طمس بمقدار كلمة. (¬2) سبق تخريجه. (¬3) رواه الإمام أحمد 5/ 447، ومسلم (537) من حديث معاوية بن الحكم.

القرآن تتم، وبغير القرآن لا تتم، والتهليل والتسبيح من القرآن وبه تتم الصلاة. ثم قال أبو عبد اللَّه: لا أحب الخوض في هذا ولا الكلام فيه. قال الخلال: أخبرني محمد بن أحمد بن جامع الرازي قال: سمعت محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل قلت له: أحب أن تتحمل لي استفتاء عما أريد في اللفظية. قال: هم شر من هؤلاء من الواقفة يلبسون على الناس، وقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] وقال: {يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ} [البقرة: 75] ممن كانوا يسمعون. قال أحمد: القرآن حيث تصرف كلام اللَّه، واللفظية جهمية. قلنا: هل علمت أن أحدًا من الجهمية كان يقوله؟ قال: بلغني أن المريسي كان يقوله. قال الخلال: أخبرني معاذ بن المثني العنبري أن هارون بن عبد اللَّه البزار حدثهم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: إنه قد ظهر قوم يتكلمون بكلام تشمئز منه القلوب، وأن قوما يسألوننا فنخبرهم، وأحب أن أزداد برأيك بصيرة، قوم يقولون: لفظنا بالقرآن مخلوق. فقال قولًا بغضب: هذا كلام سوء خبيث. فقلت: أليس نقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق على كل حال وعلى كل جهة؟ قال: نعم. قال الخلال: أخبرني الحسين بن إسحاق التستري؛ أن أبا عبد اللَّه سُئل عن هؤلاء اللفظية؛ فقال: هم الجهمية. "السنة" للخلال 2/ 327 - 328 (2123 - 2126) قال الخلال: أخبرنا إسماعيل بن إسحاق الثقفي وأحمد بن الحسين،

قال إسماعيل: سألت أحمد قلت: من يقول: لفظي بالقرآن مخلوق؟ قال: هو جهمي، زاد أحمد بن الحسين: لا يشك فيه. قال الخلال: أخبرني (أحمد أبو بكر محمد بن علي) (¬1) أن يعقوب بن بختان حدثهم. وأخبرني علي بن عيسى أن حنبلًا حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: الذين قالوا: لفظنا بالقرآن مخلوق هذا كلام الجهمية. قال: أخبرني محمد بن سليمان الجوهري، قال: قال لي أبو عبد اللَّه: وإياك ومن أحدث حدثًا ثالثًا، فقال باللفظ الكلام فيه لا يحل؛ القرآن كلام اللَّه غير مخلوق من جميع الجهات. قال: أخبرني أحمد بن الحسين؛ أن أبا عبد اللَّه قال له الطالقاني: أبا عبد اللَّه، اللفظية ما تقول فيهم؟ قال: اللَّه المستعان نحن نطلب العافية وليس شرك، جهمية لا يشك فيهم. قال له: كيف قلت يا أبا عبد اللَّه في اللفظية؟ قال: جهمية لا يشك فيهم. قال: أخبرني أبو بكر محمد بن علي؛ أن يعقوب بن بختان حدثهم؛ أنه سأل أبا عبد اللَّه عمن قال: أقول كلامي ولفظي، وكلام اللَّه غير مخلوق؟ فقال: هذا قول سوء، هؤلاء شر من الجهمية. قال: أخبرني منصور بن الوليد؛ أن جعفر بن محمد حدثهم، قال: قلت لأبي عبد اللَّه: أيش ترى أنا أقول: من قال: لفظه بالقرآن مخلوق كافر؟ قال: هو كلام جهم، هو كلام جهم، هو كلام جهم، والجهمية يكفرون. قال: وأخبرني محمد بن أبي هارون؟ أن إسحاق حدثهم قال: سمعت ¬

(¬1) كذا جاء الاسم في طبعتي دار الراية، والفاروق لكتاب "السنة" للخلال، ولعل كلمة (أحمد) مقحمة، أو المقصود الخلال وسقطت لفظة التحمل.

أبا عبد اللَّه يقول: من زعم أن لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي. قال: أرأيت حيث جاء جبريل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فتلا عليه القرآن، فتلاوة جبريل على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالقرآن أكان مخلوقًا؟ ! قال: أخبرني جعفر بن محمد العطار، قال: ثنا خطاب بن بشر، قال: أتينا أحمد بن حنبل في النصف من رجب سنة ثمان وثلاثين أنا وأبو عثمان الشافعي، فسئل عن هؤلاء الذين يقولون: لفظنا بالقرآن مخلوق. فكره المسألة وأعرض عنه، ثم قال: هؤلاء جهمية، هؤلاء جهمية. قال الخلال: سمعت عبد اللَّه بن أحمد يقول: سمعت أبي يقول: وقيل له: إن لوينا، وأخبرني عبد الكريم بن الهيثم أن الحسن بن البزار حدثهم أن أبا عبد اللَّه قيل له: إن لوينا احتج على اللفظية {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6]، قال أبو عبد اللَّه: وهل هذا إلا في الدنيا ممن سمع كلامه؟ ! وقال: قد أبلغ منهم بما حدث. وهذا على لفظ ابن البزار. قال: أخبرني أبو بكر محمد بن علي أن يعقوب بن بختان حدثهم أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: صاروا طبقات اللفظية، ثم قال: قال اللَّه: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ} [مريم: 97]. فقلت: يقول اللَّه: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] إنما سمعوا كلام اللَّه عَزَّ وَجَلَّ من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: نعم. وسُئل عمن يقول: لفظي بالقرآن مخلوق هو جهمي، [قال: ] ما هم عندي مسلمون، والجهمية كفار (¬1). ¬

(¬1) انظر: "طبقات الحنابلة" 1/ 46.

قال: وأخبرني أبو بكر محمد بن علي؛ أن يعقوب بن بختان حدثهم؛ أنه قال لأبي عبد اللَّه: قال عبدوس الرازي: إذا قرأت القرآن فأردت به الصلاة والثواب والأجر فهو مخلوق، وإذا قرأت القرآن أريد اللَّه به فهو غير مخلوق. فقال: لا فرج اللَّه عن هذا، هذا كلام سوء، ما أقل ما يفلح صاحب كلام. قال: ذكر محمد بن عبيد الرحبي قال: سمعت علي بن المصري يقول: رأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في النوم وعلى يمينه أبو بكر وعلى يساره عمر -رضي اللَّه عنهما- فقلت: يا رسول اللَّه، هؤلاء اللفظية؟ فقال: هم الجهمية، فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: ولا صلاة لهم فقلت: يا رسول اللَّه! ومن يبين لي ذلك؟ ومن يشهد لي بذلك؟ قال: أحمد بن محمد بن حنبل. وأومأ بيده إلى رجل مغطى الرأس جالس ناحية، فجئت فكشفت الخرقة عن وجهه فإذا هو أحمد بن محمد بن حنبل رحمه اللَّه وإذا أثر الحناء قد نصل (¬1) في لحيته، ويده على خده كهيئة الحزين، فلما أصبحت غدوت عليه فقلت: هؤلاء اللفظية؟ فقال: هم الجهمية. قال: أخبرني الحسين بن عبد اللَّه قال: سألت أبا بكر المروذي عن قصة هشام بن عمار أيش أنكر عليه أبو عبد اللَّه؟ فقال: ورد علي كتاب من دمشق فيه: سل لنا أبا عبد اللَّه فإن هشام بن عمار قال: لفظ جبريل ومحمد عليهما السلام بالقرآن مخلوق، فسألت أبا عبد اللَّه عما كتبوا به، فقال: قاتله اللَّه، الكرابيسي لم يجترئ أن ¬

(¬1) النصل: أثر خروج الخضاب من اللحية.

يدخل جبريل ولا محمدًا صلى اللَّه عليه وسلم، هذا قد تجهم، قاتله اللَّه (¬1). "السنة"، للخلال 2/ 328 - 331 (2128 - 2140) قال الخلال: أخبرني أحمد بن الحسين بن حسان سمع أبا عبد اللَّه يقول: اللفظية جهمية، لا تكلمه ولا تجالسه. قال: أخبرني أبو بكر المروذي، أن أبا عبد اللَّه سئل عمن قال: لفظي بالقرآن مخلوق؟ قال: جهمي. قال: أخبرني الحسين بن محمد أنه قال لأبي عبد اللَّه: فمن قال هذِه المقالة يحذر عنه؟ قال: أشد التحذير. قال: أخبرني حنبل بن إسحاق بن حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه قيل له: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق يكلم؟ فقال: وأي شيء بقي؟ ! هذا لا يكلم. قال: وأخبرني محمد بن علي أن يعقوب بن بختان حدثهم. وأخبرنا محمد بن علي؛ أن صالح بن أحمد حدثهم، قال: قلت لأبي: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق يكلم؟ قال: وأيش بقي؟ ! هذا لا يكلم، قال يعقوب وإسحاق: ولا يجالس. قال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: أنكر أبو عبد اللَّه على من رد بشيء ¬

_ (¬1) ذكرها الذهبي في "السير" 11/ 432 وقال: كان الإمام أحمد يسد الكلام في هذا الباب، ولا يجوزه، وكذلك كان يبدع من يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق. ويضلل من يقول: لفظي بالقرآن قديم، ويكفر من يقول: القرآن مخلوق. بل يقول: القرآن كلام اللَّه منزل غير مخلوق، وينهى عن الخوض في مسألة اللفظ. ولا ريب أن تلفظنا بالقرآن من كسبنا، والقرآن الملفوظ المتلو كلام اللَّه تعالى غير مخلوق، والتلاوة والتلفظ والكتابة والصوت به من أفعالنا، وهي مخلوقة، واللَّه أعلم.

من جنس الكلام إذا لم يكن فيها إمام يقدم. قال: وأخبرنا أبو بكر المروذي، قال: قيل لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا تكلم بكلام فرد عليه رجل من أهل السنة بعد ذلك بكلام محدث. فغضب أبو عبد اللَّه وأنكر عليهما جميعًا، وقال: يستغفر ربه الذي رد بمحدثة، وقال: كلما ابتدع رجل بدعة اتسعوا في جوابها. قال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: حدثني أبو عبد اللَّه محمد بن الوليد صاحب غندر، قال: أخبرني أبو يعقوب البصري -وكان من خيار المسلمين رحمه اللَّه- قال: تكلم معاذ بن معاذ بشيء فبلغ يحيى بن سعيد القطان فأرسل بابنه: قد أدركت ابن عون ويونس، هل سمعت أحدًا منهم تكلم بمثل هذا؟ فرجع معاذ وقال: أي شيء يقول يحيى حتى أقول؟ ! قال ابن الوليد: فهؤلاء -يعني: الجهمية اللفظية- الذين قالوا: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، ويزعمون أن إمامهم أحمد بن حنبل ويظهرون خلافه عن جهم، من قال: لفظي بالقرآن مخلوق إلا أحمد بن حنبل حتى انتشر في الآفاق وقبل الناس قوله، فالذي جهم من قال: لفظي بالقرآن مخلوق. هو أنكر على من قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق، وقال: ما سمعت عالمًا قال هذا. "السنة" للخلال 2/ 331 - 333 (2142 - 2148) قال الخلال: أخبرنا المروذي قال: بلغ أبا عبد اللَّه عن أبي طالب أنه كتب إلى أهل نصيبين أن لفظي بالقرآن غير مخلوق، قال أبو بكر: فجاءنا صالح بن أحمد فقال: قوموا إلى أبي. فجئنا فدخلنا على أبي عبد اللَّه، فإذا هو غضبان شديد الغضب يبين الغضب في وجهه فقال: اذهب فجئني بأبي

طالب. فجئت به، فقعد بين يدي أبي عبد اللَّه وهو يرعد، فقال: كتبت إلى أهل نصيبين تخبرهم عني أني قلت: لفظي بالقرآن غير مخلوق؟ فقال: إنما حكيت عن نفسي. قال: فلا تحك هذا عنك ولا عني، فما سمعت عالمًا قال هذا. قال أبو عبد اللَّه: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق كيف تصرف، فقيل لأبي طالب: اخرج فأخبر أن أبا عبد اللَّه قد نهى أن يقال: لفظي بالقرآن غير مخلوق، فخرج أبو طالب، فلقي جماعة من المحدثين فأخبرهم أن أبا عبد اللَّه نهى أن يقال: لفظي بالقرآن غير مخلوق. قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: وقال حمدان بن علي الوراق: شكا إليّ أبو طالب ما نزل به من أبي عبد اللَّه، قال: وثب علي كأنه أسد، وقال أبو عبيدة، جاءني أبو طالب فقال لي: يا أبا عبيدة، كان الوهم من قبلي، وأخبر بنهي أبي عبد اللَّه وما نزل به. وقال الفضل بن زياد: كنت أنا والبستي عند أبي طالب، قال: فأخرج إلينا كتابا وقد ضرب على المسألة، وقال: الخطأ من قبلي، وأنا أستغفر اللَّه، إنما قرأت على أبي عبد اللَّه القرآن فقال: هذا غير مخلوق. وكان الوهم من قبلي يا أبا العباس. وقال أبو بكر المروذي: وكاتبه جماعة من أهل نصيبين ممن كان أبو طالب كتب بالمسألة إليهم، فأخبرهم أبو طالب بإنكار أبي عبد اللَّه أن يقال: لفظي بالقرآن غير مخلوق. قال أبو بكر المروذي: ورأيت كتاب أبي طالب بخطه إلى أهل نصيبين بعد وفاة أبي عبد اللَّه يخبرهم أن أبا عبد اللَّه نهى أن يقال: لفظي بالقرآن غير مخلوق.

قال الخلال: أخبرني محمد بن علي الوراق قال: ثنا صالح قال: تناهى إلى أبي أن أبا طالب يحكي عن أبي أنه يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق، فأخبرت أبي بذلك، فقال: من أخبرك؟ قلت: فلان. قال: ابعث إلى أبي طالب. فجئت إليه، فجاء وجاء فوران، فقال له أبي: أنا قلت لك: لفظي بالقرآن غير مخلوق؟ ! وغضب وجعل يرعد. فقال له: قرأت عليك: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فقلت لي: هذا ليس بمخلوق. قال له: لم حكيت عني أني قلت لك: لفظي بالقرآن غير مخلوق، وبلغني أنك وضعت ذلك في كتابك وكتبت به إلى قومٍ، فإن كان في كتابك فامحه أشد المحو، واكتب إلى القوم الذين كتبت إليهم أني لم أقل لك هذا. وغضب وأقبل عليه، فقال: تحكي عني ما لم أقل لك؟ ! فجعل فوران يعتذر إليه، وانصرف من عنده وهو مرعوب، فعاد أبو طالب فذكر أنه قد محا ذلك من كتابه، وأنه كتب إلى القوم يخبرهم أنه وهم على أبي عبد اللَّه في الحكاية. قال الخلال: قال أبو يحيى بن زكريا بن الفرج البزار: قال لي أبو محمد فوران. وأخبرني محمد بن علي الوراق، قال: ثنا أبو محمد فوران، قال: جاءني صالح وأبو بكر المروذي عندي، فدعاني إلى أبي عبد اللَّه، وقال: إنه قد بلغ إليّ أن أبا طالب قد حكى عني أنه يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق، فقمت إليه وتبعني صالح من بابه فدخلنا على أبي عبد اللَّه فإذا أبو عبد اللَّه غضبان شديد الغضب، يتبين الغضب في وجهه، فقال لأبي بكر: اذهب فجئني بأبي طالب، فجاء أبو طالب، فجعلتُ أُسكِّن

أبا عبد اللَّه قبل مجيء أبي طالب، وأقول: له (حرمة)، فقعد بين يديه وهو متغير اللون. فقال له أبو عبد اللَّه: حكيتَ عني أني قلت: لفظي بالقرآن غير مخلوق؟ فقال: إنما حكيتُ عن نفسي. فقال له: فلا تحك هذا عنك ولا عني؛ فما سمعت عالمًا قال هذا. أو العلماء، شك فوران. وقال له: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق حيث تصرف، فقلت لأبي طالب -وأبو عبد اللَّه يسمع: إن كنت حكيت هذا لأحد، فاذهب حتى تخبره أن أبا عبد اللَّه نهى عن هذا، فخرج أبو طالب، فأخبر غير واحد بنهي أبي عبد اللَّه، منهم: أبو بكر بن زنجويه، والفضل بن زياد القطان، وحمدان بن علي الوراق، وأبو عبيدة بن عامر. وكتب أبو طالب بخطه إلى أهل نصيبين بعد موت أبي عبد اللَّه يخبرهم أن أبا عبد اللَّه نهى أن يقال: لفظي بالقرآن غير مخلوق. وجاءني أبو طالب بكتابه، وقد ضرب على المسألة من كتابه. زاد زكريا بن الفرج قال: فمضيت إلى عبد الوهاب الوراق، فأخذ الرقعة فقرأها، فقال لي: من أخبرك بهذا عن أحمد؟ فقلت له: فوران. فقال: الثقة المأمون على أحمد. قال زكريا بن الفرج: وكان قبل ذلك قد أخبر أبو بكر المروذي عبد الوهاب، فصار عن عبد الوهاب شاهدان. قال أبو زكريا: وسمعت عبد الوهاب قال: من قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق؛ يهجر ولا يكلم، ويحذر عنه، وكان قبل ذلك قال: هو مبتدع. قال علي بن عيسى: إن حنبلًا حدثهم قال: كان أبو طالب حكى عن أبي عبد اللَّه أنه قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق، فأخبر أبو عبد اللَّه، فبعث

إلى أبي طالب فجاء وجاء معه فوران، فقال له أبو عبد اللَّه وغضب: أنا قلت لك: لفظي بالقرآن غير مخلوق؟ ! فقال له أبو طالب: قرأت عليك: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، فقلت لي: هذا ليس بمخلوق. قال: فلم حكيت عني أني قلت: لفظي بالقرآن غير مخلوق؟ ! ووضعت في ذلك كتابًا، وكتبت به إلى قوم؛ فإن كان في كتابك فامحه أشد المحو، واكتب إلى القوم أو من كتبت به إليه أني لم أقل هذا. وغضب غضبًا شديدًا، إنما كره أبو عبد اللَّه أنه حكى عنه كلاما [لم] يقله؛ فأنكر ذلك عليه، وغضب من ذلك. ثم قال أبو عبد اللَّه: القرآن كلام اللَّه بكل جهة غير مخلوق، فأجمل الكلام فيه أنه على كل جهة غير مخلوق. قال حنبل: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: قد نهيتم أن تماروا في القرآن، وأن تضربوا بعضه ببعض، فما لكم وللجدال في القرآن؟ ! القرآن كلام اللَّه غير مخلوق على كل وجه وعلى كل حالٍ وحيث تصرف، وما أحب الكلام ولا المراء. وكان ينهى عن ذلك. قال محمد بن هارون الجرجرائي بطرسوس: ثنا إبراهيم بن أبان الموصلي قال: سمعت أبا عبد اللَّه وقد دخل عليه أبو طالب، فقال له: بلغني أنك أخبرت عني في القرآن بشيء لم تسمعه مني، سمعتني أقول: إن لفظي بالقرآن غير مخلوق؟ ! فقال: ما سمعت منك شيئًا؛ هذا شيء قلته عن نفسي. فقال: ما كل ما تكلمت به إلا منسوب إليَّ؛ لولا أني أكره صرم المسلم أو قطعه ما كلمتك. قال أحمد بن محمد بن مطر: ثنا أبو طالب قال: سمعت أبا عبد اللَّه

يقول -وأبو محمد فوران حاضر، فقال لي: حكيت عني أني قلت: لفظي بالقرآن غير مخلوق؟ ! قلت: إنما حكيت عن نفسي. قال: لا تحك عني ولا عنك هذا، ما سمعت عالمًا قال هذا. وقال: القرآن كلام اللَّه ليس بمخلوق حيث تصرف وعلى كل جهة. قال أبو بكر المروذي: قال لي أبو عبد اللَّه: قد غلظ قلي على ابن شداد. قلت: أي شيء حكى عنك في اللفظ؟ فبلغ ابن شداد أن أبا عبد اللَّه قد أنكر عليه، فجاءنا حمدون بن شداد بالرقعة فيها مسائل، فأدخلتها على أبي عبد اللَّه، فنظر فرأى فيها أن لفظي بالقرآن غير مخلوق مع مسائل فيها. فقال أبو عبد اللَّه: فيها كلام ما تكلمت به. فقام من الدهليز فدخل فأخرج المحبرة والقلم، وضرب أبو عبد اللَّه على موضع: لفظي بالقرآن غير مخلوق، وكتب أبو عبد اللَّه بخطه بين سطرين: القرآن حيث تصرَّف غيرُ مخلوق، وقال: ما سمعت أحدًا تكلم في هذا بشيء. وأنكر على من قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق. قال أبو بكر المروذي: قال ابن الطبري: فجاءنا حمدون بن شداد بالرقعة فقال: الساعة جئت من عند أبي عبد اللَّه، وفيها القرآن حيث تصرف غير مخلوق. قال: وقال علي الجزاز: أنا أحضر عند ابن الطبري حين جاء شداد بالرقعة فيها: لفظي بالقرآن غير مخلوق مضروب عليه، وبين السطرين: القرآن حيث تصرف غير مخلوق. وقال أبو العباس: ثنا محمد بن علي الوراق قال: ثنا أبو محمد فوران

قال: جاءني شداد برقعة فيها مسائل، وفيها: أن لفظي بالقرآن غير مخلوق، فدفعتها إلى أبي بكر المروذي، وقلت له: اذهب بها إلى أبي عبد اللَّه فأخبره أن ابن شداد هاهنا، وهذِه الرقعة قد جاء بها، فما كرهت منها وأنكرت فاضرب عليه. فجاءني بالرقعة قد ضرب على موضع: لفظي بالقرآن غير مخلوق، وكتب أبو عبد اللَّه بخطه: القرآن حيث تصرف غير مخلوق. قال فوران: وأعرف خط أبي عبد اللَّه. قال أحمد بن الحسين بن علي البزوري: سمعت أبا عبد اللَّه حين سأله رجل عن اللفظ، فقال له: يا أبا عبد اللَّه، حكوا عنك بالكرخ أنك قلت: لفظي بالقرآن غير مخلوق. فوقف غضبان، وقال: ما أكثر الكذب عليَّ! ما قلت في هذا شيئًا، ولا أقول، إنما بلغني هذا الكلام. فقلت: هذا كلام سوء أختبره، اللَّه المستعان. ودخل إلى منزله مغضبًا. قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد النيسابوري: أن جعفر بن محمد النسائي قال: صح عندي في حياة أبي عبد اللَّه أنه نهى أن يقال: لفظي بالقرآن غير مخلوق. قال جعفر بن محمد النسائي: من قال هذا فهو كلام محدث لم يقله أحد من العلماء. قال سليمان بن الأشعث: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: على كل حال من الأحوال القرآن غير مخلوق. قال محمد بن موسى ومحمد بن جعفر إن أبا الحارث حدثهم، قال: سمعت رجلًا يقول لأبي عبد اللَّه: يا أبا عبد اللَّه، أليس تقول: القرآن كلام اللَّه ليس بمخلوق، لمعنى من المعاني، وعلى كل حال وجهة؟

قال أبو عبد اللَّه: نعم. قال أبو بكر المروذي: قرأت على أبي عبد اللَّه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، فقال: هذا غير مخلوق. قال عبد اللَّه بن محمود بن أفلح -بعين زربة- سمعت أبا بكر بن زنجويه يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: من قال: لفظه بالقرآن مخلوق، فهو جهمي، ومن قال: لفظه بالقرآن غير مخلوق، فهو مبتدع لا يكلم. "السنة" للخلال 2/ 334 - 339 (2153 - 2167) قال الخلال: أخبرني أحمد بن الحسين بن حسان؛ أن أبا عبد اللَّه سُئل عن اللفظي؟ فقال: لا تجالسه، ولا تكلمه. قال أبو بكر المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه قال: لا يُصلى على اللفظية. قال أبو بكر الخلال: فهذا الذي ثبت عن أبي عبد اللَّه في اللفظ الأخير، وأولها قصة أبي طالب، وقد حكاها عن أبي عبد اللَّه أصحابه الثقات، وقصة حمدويه بن شداد، وما أنكر عليهم أبو عبد اللَّه، فثبت عن أبي عبد اللَّه الإنكار عليهم فيما حكوا عنه، وثبت عنه من الجميع أنه أنكر على من قال هذِه المقالة، وأمر بهجرانهم. وقال أبو بكر ابن زنجويه خاصة عنه أنه بدعهم، فهؤلاء الكاذبون الذين يحكون عن أبي عبد اللَّه غير هؤلاء الجهال الذين يقولون باللفظ بغير إمام، فنسأل اللَّه العافية، ثم بعدها قول الشيوخ، فالرجوع إلى الحق خير من الإقامة على الباطل. قال أبو بكر المروذي أحمد بن محمد بن الحسين: سمعت أبا الحسن عبد الوهاب الوراق يقول: أبو عبد اللَّه إمامنا وهو من الراسخين يقول: ما سمعت عالمًا، يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق. غير هؤلاء عند أبي

عبد اللَّه الذين خالفوا قوله: إذا وقفت بين يدي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فسألني: بمن اقتديت؟ أي شيء أقول؟ وأي شيء ذهب على أبي عبد اللَّه من أمر الإسلام؟ وأبو عبد اللَّه عالم هذِه المسألة وقد بلي منذ عشرين سنة في هذا الأمر، فمن لم يصر إلى قول أبي عبد اللَّه فنحن نظهر خلافه ونهجره ولا نكلمه، إذا قلنا: إن القرآن غير مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو جهمي، وأي شيء بقي، فإنما هذا من طريق أصحاب الكلام، وأصحاب الكلام لا يفلحون. قال أبو بكر المروذي: سمعت عبد الوهاب -يعني: الوراق- يقول لإسحاق بن داود: ما رفع اللَّه أخاك بما سمع، يخالف أبا عبد اللَّه، فقال له إسحاق: قد كتبت إلى أخي: إنما ارتفعت بأبي عبد اللَّه فإن أظهرت خلافه وضعك اللَّه. قال إسحاق: قد جاءني كتاب أخي بخطه: أما إذ صح عندك أن أبا عبد اللَّه نهى عن هذا فنحن لأبي عبد اللَّه ولمشيختنا هؤلاء تبع. قال إسحاق بن داود: نحن نقتدي بمن مات، أحمد بن حنبل إمامنا وهو من الراسخين في العلم يقول: ما سمعت عالمًا يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق، وأي شيء ذهب على أبي عبد اللَّه من أمر الإسلام إذا قلنا من قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق فنحن نهجره ولا نكلمه، وهذِه بدعة، وما غضب أحد من هذا الأمر إلا وهو دون غضب أبي عبد اللَّه، وأبو عبد اللَّه يغضب الغضب الشديد حتى جعلوا يسكنونه. قال أبو بكر المروذي: سمعت أبا الحسين علي بن مسلم الطوسي يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، وهذا قول أبي عبد اللَّه، وبه نقتدي، إذ كنا لم ندرك في عصره أحدًا يقدمه في العلم والمعرفة والديانة،

وهو وإن كان مقدمًا عند من أدركنا من علمائنا، فما علمت أحدًا بُلي بمثل ما بلي به فصبر، فهو حجة وقدوة، وحجة لأهل هذا العصر، ومن بلي بعدهم فنحن متبعون لمقالته وموافقون له، فمن قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ قد ابتدع، وقد صحَّ عندنا أن أبا عبد اللَّه أنكر على من قال ذلك، وغضب منه الغضب الشديد، وقال: ما سمعت عالمًا قال هذا. فمن خالف أبا عبد اللَّه فيما نهى عنه فنحن غير موافقين له منكرون عليه، وقد أدركنا من علمائنا مثل عبد اللَّه بن المبارك، وهشيم بن بشير، وإسماعيل ابن علية، وسفيان بن عيينة، وعباد بن عباد، وعباد بن العوام، وأبو بكر بن عياش، وعبد اللَّه بن إدريس، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ويحيى بن أبي زائدة، ويوسف بن يعقوب الماجشون، ووكيع، ويزيد بن هارون، وأبو أسامة، وهؤلاء كلهم قد أدركوا التابعين وسمعوا منهم ورووا عنهم، ما منهم أحد قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق. والحمد للَّه، فنحن لهم متبعون ولما أحدث بعدهم مخالفون. قال أبو بكر المروذي: سمعت إسحاق بن حنبل -عم أبي عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل ومولده في السنة التي توفي فيها سفيان الثوري سنة إحدى وستين (¬1) ومائة رحمه اللَّه- يقول: القرآن كلام اللَّه وليس بمخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ فهو جهمي، ومن زعم أن لفظه بالقرآن غير مخلوق فقد ابتدع، وقد نهى أبو عبد اللَّه عن هذا وغضب، وقال: ما سمعتُ عالمًا قال هذا. ¬

(¬1) في المطبوع: (وسبعين)، والتصويب من "طبقات الحنابلة" 1/ 298، وانظر: "تهذيب الكمال" 11/ 169.

قال أبو يوسف: وأنا ما سمعت عالمًا قال هذا، أدركت العلماء مثل: هشيم وأبو بكر بن عياش، وسفيان بن عيينة، فما سمعتهم قالوا هذا، وأبو عبد اللَّه أعلم الناس في زمانه بالسنة، لقد ذب عن دين اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وأوذي في اللَّه، وصبر على السراء والضراء، فمن حكى عن أبي عبد اللَّه أنه قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق؛ فقد كذب، ما سمعت أبا عبد اللَّه قال هذا، إنما قال أبو عبد اللَّه: اللفظية جهمية. وأبو عبد اللَّه أعلم الناس بالسنة في زمانه. "السنة" للخلال 2/ 340 - 342 (2170 - 2175) قال الخلال: أبو بكر المروذي أخبرنا، قال: سمعت أبا بكر محمد بن سهل بن عسكر صاحب عبد الرزاق يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق وحيث تصرف، والقرآن من علم اللَّه، ومن زعم أنه ليس من علم اللَّه فهو كافر، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي كافر باللَّه، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق، فلم أر أحدًا من العلماء قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق؛ ونحن متبعون لأحمد بن حنبل في هذِه المسألة، فمن خالفه فنحن منه بريئون في الدنيا والآخرة، سمعت عبد الرزاق يقول: إن يعش هذا الرجل يكن خلفا من العلماء -يريد أحمد بن محمد بن حنبل- رحمه اللَّه. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سمعت عبد اللَّه بن أيوب المخرمي يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ومن قال: إنه مخلوق، فقد أبطل الصوم والحج والجهاد وفرائض اللَّه، ومن أبطل واحدة من هذِه الفرائض فهو كافر باللَّه العظيم، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو جهمي، ومن قال: إن لفظي بالقرآن غير مخلوق، فهو ضال مبتدع، أدركتُ ابن عيينة ويحيى بن سليم ووكيع بن الجراح وعبد اللَّه بن نمير وجماعة من علماء الحجاز والبصرة والكوفة، ما سمعتُ أحدًا منهم

قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ولا غير مخلوق. وقد صحَّ عندنا أن أبا عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل نهى أن يقال: لفظي بالقرآن غير مخلوق. فمن خالف ما قال أبو عبد اللَّه فقد صحت بدعته. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا يعقوب إسحاق ابن إبراهيم الخراساني بن عمير منيع، يقول: أدركت إسماعيل ابن علية، ومعاذ بن معاذ، ويزيد بن هارون، ووكيع بن الجراح، وجماعة، ما رأيت أحدًا بلي بمثل ما بلي به فصبر. قال حنبل: قد صح عندنا أنه نهى أن يقال: لفظي بالقرآن غير مخلوق. وقال: ما سمعت عالمًا قال هذا. قال أبو يعقوب: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ومن قال: إنه مخلوق. فهو كافر، ومن قال: إن لفظه بالقرآن مخلوق. فهو جهمي، ومن قال: لفظه بالقرآن غير مخلوق، فقد ابتدع وأحدث في الإسلام أمرًا لا نعرفه، أدركنا مشايخنا وأئمتنا، مثل: معاذ، ويزيد، فما أدركنا أشد منهما على أهل البدع، فما سمعناهما ولا غيرهما ممن شهدنا يقول هذا القول. وقد صح عندنا عن إمامنا وإمام المسلمين في زمانه أحمد بن محمد بن حنبل أنه نهى أن يقال: لفظي بالقرآن غير مخلوق، وقال: ما سمعت عالمًا قال هذا. قال أبو يعقوب: ونحن لم نسمع عالمًا قال هذا، ولا بلغنا عن عالم أنه قاله منذ بعث اللَّه محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- وإلى زماننا هذا، وإنما نحن أصحاب اتباع وتقليد لأئمتنا وأسلافنا الماضين رحمهم اللَّه، لا نحدث بعدهم حدثا ليس في كتاب اللَّه ولا في سنة رسوله ولا قاله إمام، فمن خالف أبا عبد اللَّه في هذا هجرناه وحذرنا عنه، حتى يرجع إلى قول أبي عبد اللَّه والعلماء. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: سمعت علي بن شعيب

صاحب شعيب بن حرب يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ومن قال: إنه مخلوق؛ فهو كافر، وما نعرف اللفظ مخلوقًا ولا غير مخلوق، ومن قال: إن لفظي بالقرآن غير مخلوق، فلا نكلمه ونهجره. قلت له: فأدركت أحدًا من العلماء يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق، أو صوتي بالقرآن غير مخلوق؟ قال: معاذ اللَّه. ثم قال: قد قال لي رجل بضده. فقلت له: وعلينا أن نقول بضد الشيء. ثم قال: أحمد بن حنبل في زمانه أو في مثل هذا الزمان مثل قوم علي [. . .] (¬1) لولا أن أحمد أنكر مثل هذِه المواضع من كنا؟ ! نحن المساكين، من خالف (¬2) أحمد بن محمد بن حنبل في هذا هجرناه ولا نكلمه، أحمد سيدٌ، أحمد [سيد] (¬3). قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: سمعت محمد بن عبد اللَّه المخرمي الحافظ يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق على كل الجهات، والقول من علم اللَّه، ومن قال: إن علم اللَّه مخلوف، فهو كافر، ومن قال: إن لفظي بالقرآن غير مخلوق، فهو مبتدع، وما أحد ممن أدركنا من العلماء قال هذا -يعني: لفظي بالقرآن غير مخلوق- وأبو عبد اللَّه ممن يقتدى به، وما أنكره أبو عبد اللَّه فنحن ننكره، ونتبع أبا عبد اللَّه فيما قال ولا نخالفه، وما أدركت أحدًا قال: لفظي بالقرآن مخلوق ولا غير مخلوق، وقد أدركت يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع بن الجراح، ويزيد بن هارون، وأبا أسامة، ويحيى بن عيسى ¬

(¬1) قال محقق "السنة": طمس بمقدار كلمة. (¬2) في المطبوع "السنة": (قلده)! ! ، وانظر ما سبق، وما سيأتي في الصفحات التالية. (¬3) ليست بالمطبوع، والسياق يقتضيها.

الرملي، وغيرهم من العلماء. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: سمعت أبا الفضل العباس بن محمد الدوري يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ومن قال: إنه مخلوق، فهو كافر، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو جهمي، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق، فقد أحدث حدثًا لم نسمعه ممن أدركنا من العلماء، وأبو عبد اللَّه عندنا الإمام الذي نقتدي به، فمن خالف أبا عبد اللَّه فنحن نهجره. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق الصغاني يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، فمن قال: إنه مخلوق؛ فهو كافر، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ فهو جهمي، ومن قال: إن لفظي بالقرآن غير مخلوق؛ فهو مبتدع، ما القول إلّا قول أبي عبد اللَّه، فمن خالفه؛ فنحن نهجره ولا نكلمه. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: سمعت هارون بن سفيان المستملي يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق. وقال هارون: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: اللفظية جهمية. قلت لهارون: فمن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق. أي شيء هو؟ قال: هذِه بدعة لا نعرفها. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي: سمعت أبا علي بن الجروي يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق على كل جهة، ما نعرف غير هذا. قلت لابن الجروي: فسمعت أحدًا يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق؟ قال: معاذ اللَّه. قال ابن الجروي: قد قلت لهم -يعني: لسليمان اللؤلؤي ولابن سالم الخلقاني: من قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق،

فهذِه بدع، ونهيتهم عنها. فقالوا: نقبل. فقلت لابن الجروي: فمن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق، أي شيء هو عندك؟ قال: هذِه بدعة، يضرب رأس قائلها ويحبس. فقلت له: فلم لا تهجرهم أنت؟ فقال: لو سألني رجل له معرفة ومذهب لقلت: اهجرهم حتى يراجعوا. وقال ابن الجروي: ربما بليت بهم في جنازة. وجعل يعتذر. وقال: إنهم ليعرفون خلافي وإنكاري لهذِه المقالة، وما أقول إلا لينكشف عني. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: قلت لمحمد بن هشام المروذي: أدركتَ أحدًا من العلماء يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق؟ قال: لا، هذِه بدعة. وقد أدرك أبا علقمة الفروي، وهشيمًا، وأبا بكر ابن عياش، وابن إدريس، وابن أبي زائدة، ووكيعًا، والمحاربي، وأبا خالد الأحمر، والقاسم بن مالك المزني. وقال: لقد شهدت إسماعيل -يعني: ابن إبراهيم- إذا أقيمت الصلاة قال: هاهنا أحمد بن حنبل؟ قولوا له: يتقدم يصلي بنا. قال محمد بن هشام: وما نعرف اللفظ مخلوقًا ولا غير مخلوق، وهذِه بدعة. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: سمعت أبا يوسف يعقوب ابن أخي معروف الكرخي رحمه اللَّه يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ومن قال: إنه مخلوق؛ فهو كافر، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ فهو جهمي، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق. فهو مبتدع، أنا صاحب هذِه المسألة أولًا، كتبوا إلي من الموصل فدرت على مشيختنا، وكتبوا إلي من نصيبين فقالوا لي: هذِه بدعة، قال يعقوب: وأبو عبد اللَّه أفضل

من معروف الكرخي رحمهما اللَّه، نحن بمنزلة الأنصار من أبي عبد اللَّه، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَوْ سَلَكَتِ الأَنْصَارُ وَادِيًا -أَوْ قال: شِعْبًا- لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ" (¬1) ولو قال الناس قولًا، وقال أحمد بن محمد بن حنبل قولًا، لقلنا بقوله. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: سمعتُ أبا جعفر وأبا الحسين محمد وعلي ابني داود القنطري يقولان: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق وحيث تصرف، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فنحن نهجره ولا نكلمه؛ لخلافه لأبي عبد اللَّه. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: سمعت أبا حمدون المقري يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق. وسمعت وكيع بن الجراح يقول: من قال: القرآن مخلوق، فهو كافر. قال أبو حمدون: ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو جهمي، ومن قال: إن لفظي بالقرآن غير مخلوق، فهو مبتدع، ما أدركتُ أحدًا من العلماء قال هذا. أما العلماء فقد حجوهم، فأما أهل القرآن فقد دفعوا قولهم، وقالوا: ما نجد هذا في كتاب اللَّه، هذِه بدعة، فاذهبوا إلى أهل الكلام حتى يناظروكم، أما أصحاب العلم والقرآن، فقد دفعوكم. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: سمعت أبا الحسن مثنى ابن جامع يقول: من قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق فقد أحدث، وقد صح عندنا أن أبا عبد اللَّه نهى عنه، فمن خالف أبا عبد اللَّه فنحن نهجره. "السنة" للخلال 2/ 343 - 347 (2177 - 2191) ¬

(¬1) رواه أحمد 3/ 169، والبخاري (3778)، ومسلم (1059) من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-.

قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: كتب إليَّ هارون بن إسحاق الهمداني: ما رسمه أبو عبد اللَّه فهو المرسوم، وهذِه بدعة لا نعرفها، وكان في كتابه: ما بكم من حاجة أن يستوحشوا إلى قول أحد ما لم يكن لأبي عبد اللَّه فيه قول. "السنة" للخلال 2/ 348 (2194) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: سألت أبا يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، وكتب إليَّ بخطه: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق ومن قال: إنه مخلوق فهو كافر، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو جهمي، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق، فقد أحدث وابتدع، ونحن متبعون لأبي عبد اللَّه ننكر ما أنكر، فمن حكى عني غير هذا فقد كذب. "السنة" للخلال 2/ 348 (2196) قال إسحاق بن داود: سمعت جعفر بن أحمد يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: اللفظية والواقفة زنادقة عتق. قال أبو حفص: حدثنا أبو جعفر محمد بن داود قال: قال عباس الدوري: كان أحمد بن حنبل يقول: الواقفة واللفظية جهمية. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 1/ 296 (68 - 69) قال يعقوب الدورقي: قلت لأحمد بن حنبل: هؤلاء الذين يقولون: لفظنا بالقرآن مخلوق؟ فقال: القرآن على أي جهة ما كان لا يكون مخلوقًا أبدًا، قال اللَّه تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] ولم يقل: حتى يسمع كلامك يا محمد. فقلت له: إنما يدور هؤلاء على الإبطال والتعطيل.

قال: نعم، وقال أحمد بن حنبل: عليهم لعنة اللَّه. قال صالح: جاء عباس فقال: يا أبا عبد اللَّه إن قومًا عندنا يقولون: لفظنا بالقرآن مخلوق، فنقول: ليس بمخلوق؟ قال: لا، ما سمعت أحدًا يقول هذا. قال أبو جعفر: حدثني أبو الحارث الصائغ قال: وسمعته -يعني: أبا عبد اللَّه- يسأل عن قول حسين الكرابيسي، قيل له: إنه يقول لفظي بالقرآن مخلوق، فقال: هذا قول جهم، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] فمن يسمع كلام اللَّه؟ أهلكهم وضع الكتب، تركوا آثار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأقبلوا على الكلام. فقلت له: إذا قال: لفظي بالقرآن [مخلوق]؛ فهو جهمي. قال: فأي شيء بقي إذا قال: لفظي بالقرآن مخلوق. قال أبو الحارث: ذهبت أنا وأبو موسى إلى أبي عبد اللَّه فقال له أبو موسى: يا أبا عبد اللَّه، هذا الأمر الذي قد أحدثوه تشمئذ منه القلوب، والناس يسألوننا عنه، يقولون: لفظنا بالقرآن مخلوق؟ قال أبو عبد اللَّه -بالانتهار منه: هذا كلام سوء رديء خبيث لا خير فيه. قال له أبو موسى: أليس تقول: القرآن كلام اللَّه ليس مخلوقًا على كل حال، وبجميع الجهات والمعاني؟ قال: نعم، وكل ما تشعب من هذا فهو رديء خبيث. قال أبو طالب أحمد بن حميد: قلت لأبي عبد اللَّه: أخبرني ساكني أن رجلًا بالرميلة كان يقول [بقول] الكرابيسي: لفظه بالقرآن [مخلوق]، فمنعوه يصلِّيَ بهم، فجاء فسألك عن: الرجل يقول: لفظي بالقرآن مخلوق، يُصلَّى خلفه؟ فقلت له: لا. فرجع إليهم فأخبرهم بقولك، وقال: إني تائب

وأستغفر اللَّه مما قلت. فقالوا له: صلِّ بنا. فصلَّى بهم. قال: هو كان نفسه! سألني رجل طويل اللحية بعدما صليتُ الظهر، فقلت له: لم تَكلَّمون فيما قد نهيتم عنه، لا يُصلَّى خلفه ولا يُجالَس. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 1/ 333 - 335 (136 - 140) قال عبد اللَّه بن سويد: سمعتُ أبا إسحاق الهاشمي يقول: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل فقلت: إذا قالوا لنا: القرآن بألفاظنا مخلوق؛ نقول لهم: ليس هو بمخلوق بألفاظنا أو نسكت؟ فقال: اسمع ما أقول لك: القرآن في جميع الوجوه ليس بمخلوق. ثم قال أبو عبد اللَّه: جبريل حين قاله للنبي صلى اللَّه عليه وسلم كان منه مخلوقًا؟ ! والنبي حين قاله كان منه مخلوقا؟ ! هذا من أخبث قول وأشره. ثم قال أبو عبد اللَّه: بلغني عن جهم أنه قال بهذا في بدء أمره. نقل أبو طالب عن أبي عبد اللَّه قال: قلت له: كتب إليَّ من طرسوس أن الشراك يزعم أن القرآن كلام اللَّه، فإذا تلوته فتلاوته مخلوقه. قال: قاتله اللَّه، هذا كلام جهم بعينه. قلت: رجل قال في القرآن: كلام اللَّه ليس بمخلوق، ولكن لفظي هذا به مخلوق؟ قال: هذا كلام سوء، من قال هذا فقد جاء بالأمر كله. قلت: الحجة فيه حديث أبي بكر لما قرأ {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: 1، 2] فقالوا: هذا جاء به صاحبك؟ قال: لا، ولكنه كلام اللَّه (¬1). قال: نعم، هذا وغيره إنما هو كلام اللَّه، إن لم يرجع عن هذا فاجتنبه ولا تكلمه، هذا مثل ما قال الشراك. ¬

(¬1) سبق تخريجه.

قلت: كذا بلغني. قال: أخزاه اللَّه تدري من كان خاله؟ قلت: لا. قال: كان خاله عبدك الصوفي، وكان صاحب كلام ورأي سوء، وكل من كان صاحب كلام فليس ينزع إلى خير. واستعظم ذلك واسترجع وقال: إلام صار أمر الناس؟ ! "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 1/ 338 - 339 (142 - 143) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا من أصحابنا زوج أخته من رجل، فإذا هو من هؤلاء اللفظية، يقول: لفظي بالقرآن مخلوق، وقد كتب الحديث، فقال أبو عبد اللَّه: هذا شر من جهمي. قلت: فتفرق بينهما؟ قال: نعم. قلت: فإن أخاها يفرق بينهما؟ قال: قد أحسن، وقال: أظهروا الجهمية، هذا كلام ينقض آخره أوله. قلت لأبي عبد اللَّه: إن الكرابيسي يقول: من لم يقل: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر؟ قال: بل هو كافر، وقال: مات بشر المريسي وخلفه حسين الكرابيسي. قال أبو طالب عن أبي عبد اللَّه: سأله يعقوب الدورقي عمن قال: لفظنا بالقرآن مخلوق، كيف تقول في هذا؟ قال: لا يكلم هؤلاء ولا يكلم هذا، القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، على كل جهة، وعلى كل وجه تصرف، وعلى أي حال كان. قال اللَّه تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6]. وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يصلح في الصلاة شيء من كلام الناس"؛ وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حتى أبلغ كلام ربي". هذا كلام جهم، على من جاء بهذا غضب اللَّه. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 1/ 344 - 345 (151 - 152)

قال أبو حفص عمر بن محمد بن رجاء: حدثنا أبو جعفر محمد بن داود، قال: حدثنا أبو بكر المروذي، قال: سمعت أبا الحسن عبد الوهاب الوراق يقول: ما سمعت عالمًا يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق، فمن هؤلاء عند أبي عبد اللَّه الذين خالفوا قوله إذا وقفت غدا بين يدي اللَّه، فسألني: بمن اقتديت؟ أي شيء أقول؟ وأي شيء ذهب على أبي عبد اللَّه من أمر الإسلام؟ وأبو عبد اللَّه عالم هذِه المسألة، فقد بلي منذ عشرين سنة في هذا الأمر، فمن لم يصر إلى قول أبي عبد اللَّه؛ فنحن نظهر خلافه ونهجره، ولا نكلمه إذا قلنا: القرآن غير مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن، فهو جهمي، فأي شيء بقي؟ ! وإنما هذا من طريق أصحاب الكلام، وأصحاب الكلام لا يفلحون. قال أبو حفص: حدثنا أبو جعفر قال: حدثنا أبو بكر قال: قال إسحاق بن داود: نحن نقتدي بمن مات، أحمد بن حنبل إمامنا، وهو من الراسخين في العلم، يقول: ما سمعت عالمًا يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق. وأي شيء ذهب على أبي عبد اللَّه من أمر الإسلام؟ ! إذ قلنا: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو جهمي، وقلنا كما قال العلماء: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق حيثما تصرف، فأي شيء بقي؟ ! من قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق فنحن نهجره ولا نكلمه، وهذِه بدعة، وما غضب أحد من هذا الأمر وهو دون غضب أبي عبد اللَّه، أبو عبد اللَّه يغضب الغضب الشديد؛ حتى جعلوا يسكنونه. قال أبو حفص: حدثنا أبو جعفر قال: حدثنا أبو بكر: سمعت [أبا] (¬1) ¬

(¬1) ليست في المطبوع، وهو أبو الحسن الطوسي، انظر: "تهذيب الكمال" 21/ 132.

الحسن علي بن مسلم يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، هذا قول أبي عبد اللَّه؛ فِبهِ نقتدي إذ كنا لم ندرك في عصره أحدًا تقدمه في العلم والمعرفة والديانة، وكان مقدمًا عند من أدركنا من علمائنا، فما علمت أن أحدًا بلي بمثل ما بلي به فصبر، فهو قدوة وحجة لأهل هذا العصر، ولمن يجيء بعدهم، فنحن متبعون لمقالته وموافقون له. فمن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق. فقد أبدع، وليس هو من كلام العلماء، وهذا مما أحدثه أصحاب الكلام المبتدعة، وقد صح عندنا أن أبا عبد اللَّه أنكر على من قال ذلك، وغضب منه الغضب الشديد. وقال: ما سمعت عالمًا قال هذا، فمن خالف أبا عبد اللَّه فيما نهى عنه؛ فنحن غير موافقين له، منكرون عليه، وقد أدركنا من علمائنا مثل عبد اللَّه بن المبارك، وهشيم بن بشير، وإسماعيل ابن علية، وسفيان بن عيينة، وعباد بن عباد، وعباد بن العوام، وأبي بكر بن عياش، وعبد اللَّه بن إدريس، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ويحيى بن زائدة، ويوسف بن يعقوب بن الماجشون، ووكيع، ويزيد بن هارون، وأبي أسامة، وقد أدرك هؤلاء كلهم التابعين، وسمعوا عنهم ورووا عنهم، ما منهم أحد قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق. فنحن لهم متبعون، ولما أحدث بعدهم مخالفون. قال أبو حفص: حدثنا أبو جعفر قال: حدثنا أبو بكر -يعني: المروذي- قال: وقال إسحاق بن حنبل: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق. فهو جهمي، ومن زعم أن لفظه بالقرآن غير مخلوق؛ فقد ابتدع. فقد نهى أبو عبد اللَّه عن هذا، وغضب منه وقال: ما سمعت عالمًا قال هذا، أدركتُ العلماء مثل هشيم، وأبي بكر بن عياش، وسفيان بن عيينة، فما سمعتهم قالوا هذا، وأبو عبد اللَّه أعلم الناس بالسنة في زمانه، لقد ذب

عن دين اللَّه، وأوذي في اللَّه، وصبر على السراء والضراء. قال أبو يوسف: فمن حكى عن أبي عبد اللَّه أنه قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق؛ فقد كذب، ما سمعت أبا عبد اللَّه قال هذا، إنما قال أبو عبد اللَّه: اللفظية جهمية، وأبو عبد اللَّه أعلم الناس بالسنة في زمانه. "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 347 - 351 (155 - 158) قال أبو حفص: حدثنا أبو جعفر قال: حدثنا أبو بكر، قال: سمعت أبا بكر بن سهل بن عسكر يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق حيث تصرف، والقرآن من علم اللَّه، ومن زعم أنه ليس من علم اللَّه؛ فهو كافر، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ فهو جهمي كافر باللَّه، ومن قال: إن لفظي بالقرآن غير مخلوق، لم أر أحدًا من العلماء قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق. ونحن متبعون لأحمد بن محمد بن حنبل في هذِه المسألة، فمن خالفه؛ فنحن منه بريئون في الدنيا والآخرة؛ سمعت عبد الرزاق يقول: إن يعش هذا الرجل يكن خلفًا من العلماء -يريد أحمد بن حنبل رحمه اللَّه. قال أبو حفص: حدثنا أبو جعفر قال: حدثنا أبو بكر قال: سمعت عبد اللَّه بن أيوب المخرمي يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ومن قال: إنه مخلوق؛ فقد أبطل الصوم والحج والجهاد وفرائض اللَّه، ومن أبطل واحدة من هذِه الفرائض فهو كافر باللَّه العظيم، ومن قال: إن لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو ضال مبتدع، أدركت ابن عيينة، ويحيى بن سليم، ووكيع بن الجراح، وعبد اللَّه بن نمير، وجماعة من علماء الحجاز والبصرة والكوفة، ما سمعت أحدًا منهم قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ولا غير مخلوق. وقد صح عندنا أن أبا عبد اللَّه -أحمد بن حنبل- نهى أن يقال: لفظي

بالقرآن غير مخلوق، فمن قال بخلاف ما قال أبو عبد اللَّه؛ فقد صحت بدعته. "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 351 - 353 (160 - 161) قال أبو عمران (الجصاص) (¬1): سمعت رجلًا يسأل أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل من أهل الشام، قال له: يا أبا عبد اللَّه، إن قومًا قد حدثوا عندنا يقولون: إن كلام اللَّه وأسماءه وصفاته مخلوق. فقال أحمد بن حنبل: تبارك وتعالى، ليس شيء من صفاته ولا كلامه ولا أسمائه مخلوق، قال: ولا على لسان المخلوقين مخلوقة. قال: فأي شيء المخلوق؟ قال: كل شيء على لسان المخلوقين مخلوق. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 2/ 16 - 17 (204) قال أبو إسماعيل الترمذي: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل يقول: اللفظية جهمية، قال اللَّه تعالى: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] من يسمع؟ ! قال ابن جرير: وسمعت جماعة من أصحابنا لا أحفظ أسماءهم يحكون عنه أنه كان يقول: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ فهو جهمي، ومن قال: غير مخلوق؛ فهو جهمي. "شرح أصول الاعتقاد" 2/ 392 (602) نقل عبد اللَّه بن الإمام أحمد عن أبيه قال: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق -يريد به القرآن- فهو كافر (¬2). "الاعتقاد" للبيهقي ص 115 قال ابن شاذان بن خالد الهمذاني: سمعت أحمد يقول: من قال: لفظه ¬

(¬1) في المطبوع من "الإبانة": الحصاصي. ولعل المثبت صحيح، انظر: "تاريخ بغداد" 1/ 5 ففيه: أبو عمران الجصاص سمع أحمد وروى عنه. (¬2) رواه عبد اللَّه في "السنة" 1/ 165 (181) بلفظ: فهو جهمي.

بالقرآن مخلوق، فهو جهمي مخلد في النار خالدًا فيها، ثم قال: وهذا شرك باللَّه العظيم. "طبقات الحنابلة" 1/ 109 قال أبو الحارث: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من أحب الكلام لم يخرج من قلبه. قال: وسمعته وسُئل عن قول الحسين الكرابيسي، فقيل له: إنه يقول: لفظي بالقرآن مخلوق، فقال: هذا قول جهم، قال اللَّه: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6]، فمن لم يسمع كلام اللَّه أهلكهم اللَّه. "طبقات الحنابلة" 1/ 178 - 179 قال إبراهيم بن سعيد الجوهري: يا أبا عبد اللَّه، إن الكرابيسي وابن الثلجي قد تكلما، فقال أحمد: فيم؟ قلت: في اللفظ، فقال أحمد: اللفظ بالقرآن غير مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي. "طبقات الحنابلة" 1/ 241 قال أبو بكر السراج: سألت أحمد عن رجل يقول: القرآن مخلوق، قال: كافر. وسألته عمن يقول: لفظي بالقرآن مخلوق، قال: جهمي. "طبقات الحنابلة" 1/ 270 قال بديل بن محمد بن أسد: دخلت أنا وإبراهيم بن سعيد الجوهري على أحمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه- في اليوم الذي مات فيه أو مات في تلك الليلة التي تستقبل ذلك اليوم، قال: فجعل أحمد يقول لنا: عليكم بالسنة، عليكم بالأثر، عليكم بالحديث، لا تكتبوا رأي فلان ورأي فلان، فسمى أصحاب الرأي. ثم قال له إبراهيم بن سعيد: يا أبا عبد اللَّه إن الكرابيسي وابن الثلجي قد تكلما، فقال أحمد: فيم تكلموا؟

قال: في اللفظ، فقال أحمد: اللفظ بالقرآن غير مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق. فهو جهمي كافر. قال أبو طاهر: ثم لقيت إبراهيم بن سعيد ببغداد وما دخلت عليه إلا بعد كدٍّ في داره، فسألته فقلت: أخبرني بديل بن محمد أنك سألت أحمد بن حنبل عن اللفظ بالقرآن، فأخبرني إبراهيم أنه سأل أحمد فقال: اللفظ بالقرآن غير مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر. ثم دخلت عليه بعد ذلك في زربة فسألته عن هذِه اللفظة فأخبرني بها كما أخبرني أول مرة. "طبقات الحنابلة" 1/ 325 قال ابن بدينا: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه- فقلت له: يا أبا عبد اللَّه، أنا رجل من أهل الموصل، والغالب على أهل بلدنا الجهمية، ومنهم أهل سنة نفر يسير يحبونك وقد وقعت مسألة الكرابيسي ففتنهم قول الكرابيسي: لفظي بالقرآن مخلوق، فقال لي أبو عبد اللَّه: إياك وإياك وهذا الكرابيسي لا تكلمه ولا تكلم من يكلمه. أربع مرار، أو خمسًا إلا أن في كتابي أربعًا. فقلت: يا أبا عبد اللَّه فهذا القول عندك وما نشأ عنه يرجع إلى قول جهم؟ قال: هذا كله من قول جهم. "طبقات الحنابلة" 2/ 281 قال ابن شداد الصفدي: سمعت أحمد بن حنبل، وتذاكرنا أمر القرآن، فقال: هو من حيث تصرف غير مخلوق، واللفظ بالقرآن من قال: هو مخلوق. فهذا من قول جهم، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ" (¬1) وقال اللَّه: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6]. ¬

(¬1) تقدم تخريجه.

قال: وقال أحمد: لا يجالس من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ولا يُصلَّى خلفه؛ فإن هذا من قول جهم. "طبقات الحنابلة" 2/ 304 قال ابن منده: قال أحمد: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ فهو كافر يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. "طبقات الحنابلة" 2/ 391 قال شاهين بن السميدع: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ فهو كافر. وقال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من قال: القرآن مخلوق. فهو كافر، ومن شك في كفره فهو كافر. قال أبو طالب: قرأت عليه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1] وسألته هذا مخلوق؟ فقال له أحمد: هذا ليس بمخلوق، فبلغه أن أبا طالب حكى عنه أنه قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق. فغضب عليه أحمد وقال: أنا قلت لك: لفظي بالقرآن غير مخلوق؟ ! فقال: لا، ولكن قرأت عليك: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} فقلت لك: هذا غير مخلوق؟ فقلت: نعم. فقال: فلم حكيت عني أني قلت لك: لفظى بالقرآن غير مخلوق؟ فقال: لم أحكه عنك وإنما حكيته عن نفسي. قال: فلا تقل هذا، فإني لم أسمع عالِمًا يقول هذا، ولكن قل: القرآن حيث تصرف كلام اللَّه غير مخلوق. "مجموع الفتاوى" 12/ 325 قال ابن زنجويه: سمعت أحمد بن حنبل يقول: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ فهو جهمي، ومن قال: غير مخلوق؛ فهو مبتدع لا يكلم. "مجموع الفتاوى" 12/ 325

96 - فصل: ذكر من قال: القرآن محدث

96 - فصل: ذكر من قال: القرآن محدث قال حرب الكرماني: سمعت إسحاق يقول: من قال: إن القرآن محدث على معنى مخلوق؛ فهو كافر باللَّه الغني العظيم. قلت: ما معنى قوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2]، قال: محدث من العرش آخر ما نزل من الكتب من العرش. ثم راجعته في ذلك فقال: أحدث الكتب عهدًا بالرحمن (¬1). "مسائل حرب" ص 417 - 418. قال أبو بكر المروذي: قال أبو عبد اللَّه: مَنْ داود بن علي الأصبهاني! لا فرَّج اللَّه عنه، جاءني كتاب محمد بن يحيى النيسابوري؛ أن داود الأصبهاني قال كذبا: إن القرآن محدث. وقال عبد اللَّه: استأذن داود على أبي، فقال: مَنْ هذا؟ داود؟ لا جبر ود اللَّه قلبه، ودود اللَّه قبره. فمات مدودًا. "مجموع الفتاوى" 6/ 161 ¬

(¬1) قال البيهقي في "الاعتقاد" ص 99: قال أحمد بن حنبل: قد يحتمل أن يكون تنزيله إلينا هو المحدث، لا الذكر نفسه محدث.

97 - فصل: مناظرة الجهمية

97 - فصل: مناظرة الجهمية قال الإمام أحمد: قوله: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)} [النجم: 1]، قال: وذلك أن قريشًا قالوا: إن القرآن شعر. وقالوا: أساطير الأولين، وقالوا: أضغاث أحلام، وقالوا: تقوله محمد من تلقاء نفسه. وقالوا: تعلمه من غيره؛ فأقسم اللَّه بالنجم إذا هوى، يعني: القرآن إذا نزل فقال: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2)} يعني: محمدًا {وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} يقول: إن محمدًا لم يقل هذا القرآن من تلقاء نفسه، فقال: {إِنْ هُوَ} يقول: ما هو، يعنى: القرآن {إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}. فأبطل اللَّه أن يكون القرآن شيئًا غير الوحي؛ لقوله إِن {إِنْ هُوَ} يقول: ما هو {إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} ثم قال: {علَّمَهُ} يعني: علم محمدًا جبريل -صلى اللَّه عليه وسلم-، {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} إلى قوله: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} فسمى اللَّه القرآن وحيًا ولم يسمه خلقًا. ثم إن الجهم ادعى أمرًا آخر فقال: أخبرونا عن القرآن، هو شيء؟ فقلنا: نعم، هو شيء. فقال: إن اللَّه خلق كل شيء، فلم لا يكون القرآن مع الأشياء المخلوقة، وقد أقررتم أنه شيء؟ ! فلعمري لقد ادعى أمرا أمكنه فيه الدعوى، ولبس على الناس بما ادعى، فقلنا: إن اللَّه في القرآن لم يسم كلامه شيئًا إنما سمى شيئًا الذي كان بقوله، ألم تسمع إلى قوله تبارك وتعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ} [النحل: 40] فالشيء ليس قوله، إنما الشيء الذي كان بقوله، وفي آية أخرى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا} [يس: 82] فالشيء ليس هو أمره، إنما الشيء الذي كان بأمره. ومن الأعلام والدلالات أنه لا يعني كلامه مع الأشياء المخلوقة، قال اللَّه للريح التي أرسلها على عاد: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 25] وقد

أتت تلك الريح على أشياء لم تدمرها؛ منازلهم ومساكنهم والجبال التي بحضرتهم، فأتت عليها تلك الريح ولم تدمرها، وقال: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} فكذلك إذا قال: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر: 62] لا يعني نفسه ولا علمه ولا كلامه مع الأشياء المخلوقة، وقال لملكة سبأ: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23] وقد كان ملك سليمان شيئًا ولم تؤته، وكذلك إذا قال: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 102] لا يعني: كلامه مع الأشياء المخلوقة، وقال اللَّه لموسى: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41)} [طه: 41] {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28] وقال: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54] وقال: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: 116] ثم قال: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185] فقد عرف من عقل عن اللَّه أنه لا يعني نفسه مع الأنفس التي تذوق الموت، وقد ذكر اللَّه عز وجل كل نفس، فكذلك إذا قال: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} لا يعني نفسه ولا علمه ولا كلامه مع الأشياء المخلوقة. ففي هذا دلالة وبيان لمن عقل عن اللَّه، فرحم اللَّه من فكر، ورجع عن القول الذي يخالف الكتاب والسنة، ولم يقل على اللَّه إلا الحق، فإن اللَّه قد أخذ ميثاقَ خلقه فقال: {أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [الأعراف: 169] وقال في آية أخرى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)} [الأعراف: 33] فقد حرم اللَّه أن يقال عليه الكذب. وقد قال: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} [الزمر: 60] فأعاذنا اللَّه وإياكم من فتن المضلين. وقد ذكر اللَّه كلامه في غير موضع من القرآن فسماه كلامًا ولم يسمه

خلقًا، قوله: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37]، وقال: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ} [البقرة: 75]، وقال: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: 143]، وقال: {يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: 144] وقال: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] وقال: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ} [الأعراف: 158] فأخبرنا اللَّه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يؤمن باللَّه وبكلام اللَّه، وقال: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} [الفتح: 15] وقال: {لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف: 109] وقال: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] ولم يقل: حتى يسمع خلق اللَّه. فهذا منصوص بلسان عربي مبين لا يحتاج إلى تفسير، هو مبين بحمد اللَّه. وقد سألت الجهمي: أليس إنما قال اللَّه {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة: 136]، {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83] {وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} [العنكبوت: 46] {وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] {اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] وقال: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ} [الكهف: 29] وقال: {فَقُلْ سَلَامٌ} [الأنعام: 54] ولم نسمع اللَّه يقول: قولوا إن كلامي خلق. وقال: {وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا} [النساء: 171] وقال: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: 94] {لَا تَقُولُواْ رَاعِنَا} [البقرة: 104]، {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ} [البقرة: 154] {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23، 24] {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: 23] {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [القصص: 88] {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ} [الأنعام: 151] {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} [الإسراء: 29]

{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الأنعام: 151] {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} [الإسراء: 37]. ومثله في القرآن كثير، فهذا ما نهى اللَّه عنه ولم يقل لنا: لا تقولوا إن القرآن كلامي. وقد سمَّت الملائكة كلام اللَّه كلامًا ولم تسمه خلقًا، قوله: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ} [سبأ: 23]، وذلك أن الملائكة لم يسمعوا صوت الوحي ما بين عيسى ومحمد صلى اللَّه عليه وسلم، وبينهما كذا وكذا سنة. فلما أوحى اللَّه إلى محمد سمع الملائكة صوت الوحي كوقع الحديد على الصفا، فظنوا أنه أمر من الساعة ففزعوا وخروا لوجوههم سجدًا، فذلك قوله: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} يقول: حتى إذا انجلى الفزع عن قلوبهم رفع الملائكة رؤوسهم فسأل بعضهم بعضا فقالوا: ماذا قال ربكم؟ ولم يقولوا: ماذا خلق ربكم، فهذا بيان لمن أراد اللَّه هداه. ثم إن الجهم ادعى أمرًا آخر فقال: أنا أجد آية في كتاب اللَّه تبارك وتعالى تدل على القرآن أنه مخلوق. فقلنا: في أي آية؟ فقال: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] فزعم أن اللَّه قال للقرآن: محدث، وكل محدث مخلوق. فلعمري لقد شبه على الناس بهذا، وهي آية من المتشابه، فقلنا في ذلك قولًا واستعنا باللَّه ونظرنا في كتاب اللَّه ولا حول ولا قوة إلا باللَّه. قال أحمد -رضي اللَّه عنه-: اعلم أن الشيئين إذا اجتمعا في اسم يجمعهما فكان أحدهما أعلى من الآخر، ثم جرى عليهما اسم مدح فكان أعلاهما أولى بالمدح وأغلب عليه، وإن جرى عليه اسم ذم فأدناهما أولى به. ومن ذلك قول اللَّه تعالى في كتابه: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}

[البقرة: 143] {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: 6] يعني: الأبرار دون الفجار، فإذا اجتمعوا في اسم الإنسان واسم العباد فالمعنى في قول اللَّه جل ثناؤه: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} يعني: الأبرار دون الفجار؛ لقوله إذا انفرد الأبرار: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13)} [الانفطار: 13] وإذا انفرد الفجار: {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 14]. وقوله: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} فالمؤمن أولى به وإن اجتمعا في اسم الناس؛ لأن المؤمن إذا انفرد أعطي المدحة؛ لقوله: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}، {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: 43] وإذا انفرد الكفار جرى عليهم الذم في قوله: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] وقال: {أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ} [المائدة: 80] فهؤلاء لا يدخلون في الرحمة. وفي قوله: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ} [الشورى: 27] فاجتمع الكافر والمؤمن في اسم العبد، والكافر أولى بالبغي من المؤمنين؛ لأن المؤمنين انفردوا ومدحوا فيما بسط من لهم الرزق، وهو قوله: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان: 67]، وقوله: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3]. وقد بسط الرزق لسليمان بن داود، ولذي القرنين، وأبي بكر، وعمر ومن كان على مثالهم ممن بسط له فلم يبغ، وإذا انفرد الكافر وقع عليه اسم البغي في قوله لقارون: {فَبَغَى عَلَيْهِمْ} [القصص: 76] ونمرود بن كنعان حين آتاه اللَّه الملك فحاج في ربه، وفرعون حين قال موسى: {رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 88] فلما اجتمعوا في الاسم الواحد فجرى عليهم اسم البغي كان الكفار أولى به كما أن المؤمن أولى بالمدح.

فلما قال اللَّه تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] فجمع بين ذكرين: ذكر اللَّه وذكر نبيه، فأما ذكر اللَّه إذا انفرد لم يجر عليه اسم الحدث ألم تسمع إلى قوله: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}، {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ}؟ ! وإذا انفرد ذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فإنه جرى عليه اسم الحدث ألم تسمع إلى قوله: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)} [الصافات: 96] فذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- له عمل واللَّه له خالق محدث، والدلالة على أنه جمع بين ذكرين، لقوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} فأوقع عليه الحدث عند إتيانه إيانا وأنت تعلم أنه لا يأتينا بالأنبياء إلا مبلغ ومذكر، وقال اللَّه: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55] {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9)} [الأعلى: 9] {إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ} [الغاشية: 21] فلما اجتمعوا في اسم الذكر جرى عليهم اسم الحدث، وذكر النبي إذا انفرد وقع عليه اسم الخلق، وكان أولى بالحدث من ذكر اللَّه الذي إذا انفرد لم يقع عليه اسم خلق ولا حدث. فوجدنا دلالة من قول اللَّه {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان لا يعلم فعلمه اللَّه، فلما علمه اللَّه؛ كان ذلك محدثًا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ثم إن الجهم ادعى أمرًا آخر فقال: إنا وجدنا آية في كتاب اللَّه تدل على أن القرآن مخلوق. فقلنا: أي آية؟ فقال: قول اللَّه: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ} [النساء: 171] وعيسى مخلوق. فقلنا: إن اللَّه منعك الفهم في القرآن، عيسى تجري عليه ألفاظ لا تجري على القرآن؛ لأنه يسميه مولودًا وطفلًا وصبيًا وغلامًا يأكل ويشرب، وهو مخاطب بالأمر والنهي يجري عليه اسم الخطاب والوعد

والوعيد، ثم هو من ذرية نوح ومن ذرية إبراهيم، ولا يحل لنا أن نقول في القرآن ما نقول في عيسى، هل سمعتم اللَّه يقول في القرآن ما قال في عيسى؟ ! ولكن المعنى من قول اللَّه جل ثناؤه: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} فالكلمة التي ألقاها إلى مريم حين قال له: {كُنْ} وفكان عيسى بـ {كُنْ} وليس عيسى هو الكن؛ ولكن بالكن كان، فالكن من اللَّه قول وليس الكن مخلوقا. وكذب النصارى والجهمية على اللَّه في أمر عيسى، وذلك أن الجهمية قالوا: عيسى روح اللَّه وكلمته؛ لأن الكلمة مخلوقة، وقالت النصارى: عيسى روح اللَّه من ذات اللَّه وكلمته من ذات اللَّه، كما يقال: إن هذِه الخرقة من هذا الثوب. وقلنا نحن: إن عيسى بالكلمة كان، وليس عيسى هو الكلمة، وأما قول اللَّه: {وَرُوحٌ منْه} يقول من أمره كان الروح فيه كقوله: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: 13]. يقول: من أمره. وتفسير روح اللَّه إنما معناها أنها روح بكلمة اللَّه خلقها اللَّه، كما يقال: عبد اللَّه، وسماء اللَّه، وأرض اللَّه. ثم إن الجهم ادعى أمرًا آخر فقال: إن اللَّه يقول: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [الفرقان: 59] فزعم أن القرآن لا يخلو أن يكون في السماوات أو في الأرض أو فيما بينهما فشبه على الناس ولبس عليهم. فقلنا له: أليس إنما أوقع اللَّه جل ثناؤه الخلق والمخلوق على ما في السموات والأرض وما بينهما؟ فقالوا: نعم. فقلنا: هل فوق السموات شيء مخلوق؟ قالوا: نعم. فقلنا: فإنه لم يجعل ما فوق السموات مع الأشياء المخلوقة، وقد

عرف أهل العلم أن فوق السموات السبع الكرسي والعرش واللوح المحفوظ والحجب وأشياء كثيرة لم يسمها ولم يجعلها مع الأشياء المخلوقة، وإنما وقع الخبر من اللَّه على السموات والأرض وما بينهما. قلنا: فيما ادعوا أن القرآن لا يخلو أن يكون في السموات أو في الأرض أو فيما بينهما، فقلنا: اللَّه تبارك وتعالى يقول: {مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} [الروم: 8] فالذي خلق به السموات والأرض قد كان قبل السموات والأرض، والحق الذي خلق به السموات والأرض هو قوله؛ لأن اللَّه يقول الحق، وقال: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84)} [ص: 84] {وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ} [الأنعام: 73] فالحق الذي خلق به السموات والأرض قد كان قبل السموات والأرض، والحق قوله، وليس قوله مخلوقًا. "الرد على الجهمية والزنادقة" للإمام أحمد ص 114 - 126 قال الإمام أحمد: فقالوا: جاء الحديث: "إن القُرْآن يجيء في صورة الشاب الشَّاحِبِ فيأتي صِاحبَه فيقول: هل تعرفني؟ . . فيقول له: من أنت؟ . . فيقول: أَنَا القرآن أَظْمَأْتُ نهارك وأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ" (¬1). قال: "فيأتي به اللَّه، فيقول: يا رب. . " (¬2). ¬

(¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 348، وابن ماجه (3781) - مختصرًا، والدارمي (3434)، والحاكم 1/ 556، والبغوي في "شرح السنة" 4/ 453 (1190) وقال: حسن غريب. وقال ابن كثير في "تفسيره" 1/ 242: هذا إسناد حسن على شرط مسلم. وقال الهيثمي في "المجمع" 7/ 159: رجاله رجال الصحيح. وقال البوصيري في "زوائد ابن ماجه" (1255): هذا إسناد رجاله ثقات. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 130 (30038)، والبيهقي في "الشعب" 2/ 345 (1991)، من حديث أبى هريرة

فادعوا أن القرآن مخلوق من قبل هذِه الأحاديث، فقلنا لهم: القرآن لا يجيء إلا بمعنى أنه قد جاء من قرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فله كذا وكذا، ألا ترون أن من قرأ: {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} لا يجئه إلا بثواب؛ لأنا نقرأ القرآن فيقول: يا رب؛ لأن كلام اللَّه لا يجيء ولا يتغير من حال إلى حال، وإنما معنى أن القرآن يجيء إنما يجيء ثواب القرآن، فيقول: يا رب. "الرد على الجهمية والزنادقة" للإمام أحمد ص 145 قال صالح: وجَّه المتوكل إلى أبي إسحاق بن إبراهيم يأمره بحمل أبي إلى المعسكر. قال: فوجَّه إسحاق إلى أبي فقال: إن أمير المؤمنين قد كتب إليَّ يأمرني بإشخاصك إليه فتأهب لذلك. قال أبي: فقال لي إسحاق بن إبراهيم: اجعلني في حل، فقلت: قد جعلتك وكل من حضر في حل. قال أبي: فقال لي إسحاق: أسألك عن القرآن مسألة مسترشد لا مسألة امتحان، وليكن ذلك عندك مستورًا، ما تقول في القرآن؟ . قال أبي: فقلت: القرآن كلام اللَّه ليس بمخلوق. قال: فقل لي: من أين قلت غير مخلوق؟ قال أبي: فقلت له: قال اللَّه تبارك وتعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] ففرق بين الخلق والأمر. فقال إسحاق: الأمر مخلوق؟ فقال أبي: فقلت له: يا إسحاق، إن اللَّه يخلق خلقًا (¬1). فقال أبي: فقال لي: وعمن تحكي أنه ليس بمخلوق؟ ¬

_ (¬1) كذا في المطبوع من "السيرة"، وعند ابن الجوزي في "المناقب" ص 441، والذهبي في "السير" 11/ 266: فقال: يا سبحان اللَّه! أمخلوق يخلق خلقَا؟ ! قال الذهبي معلقًا: يعني: إنما خلق الكائنات بأمره، وهو قوله {كُن}.

فقلت: جعفر بن محمد قال: ليس بخالق ولا مخلوق. قال: فسكت. "سيرة الإمام أحمد" لابنه صالح ص 83 - 84 قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقِول: كان فيما احتججت عليهم يومئذ قلت: قال اللَّه: {أَلَا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمرُ} ففرق بين الخلق والأمر، وذلك أنهم قالوا لي: أليس كل ما دون اللَّه مخلوق؟ قلت لهم: ما دون اللَّه مخلوق، فأما القرآن فكلامه وليس بمخلوق، فقال لي شعيب: قال اللَّه: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْءَانًا} [الزخرف: 3] أفليس كل مجعول مخلوقًا؟ قلت: فقد قال اللَّه: {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا} [الأنبياء: 58] خلقهم؟ ! {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)} [الفيل: 5] فخلقهم؟ ! أفكل مجعول مخلوق؟ ! كيف يكون مخلوقًا وقد كان قبل أن يخلقه؟ . قال: فأمسك. وقال: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40]. فقلت لهم حينئذ: الخلق غير الأمر؛ قال اللَّه تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1] فأمره وكلامه واستطاعته ليس بمخلوق، فلا تضربوا كتاب اللَّه بعضه ببعض، قد نهينا عن هذا. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية ص 30، 31 (221) وقال أبو عمر عثمان بن عمر الدراج: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد ابن هارون الخلال، قال: كتب إلي أحمد بن الحسين الوراق من الموصل، قال: حدثنا بكر بن محمد بن الحكم، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه قال: سألته عما احتج به حين دخل على هؤلاء؟ فقال: احتجوا علي بهذِه الآية: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] أي: أن القرآن حث، فاحتججت عليهم بهذه الآية: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1)} [ص: 1] قلت:

فهو سماه الذكر، وقلت: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] فهذا يمكن أن يكون غير القرآن محدث، ولكن {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} فهو القرآن ليس هو محدثا، قال: فبهذا احتججت عليهم. واحتجوا عليَّ: ما خلق اللَّه من سماء ولا أرض ولا كذا أعظم من آية الكرسي (¬1). قال: فقلت له: إنه لم يجعل اية الكرسي مخلوقة، إنما هذا مثل ضربه -أي: هي أعظم من أن تخلق، ولو كانت مخلوقة لكانت السماء أعظم منها- أي: فليست بمخلوقة. قال: واحتجوا علي بقول: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: 16]. فقلت: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذاريات: 49]؛ فخلق من القرآن زوجين؟ ! {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23] فأوتيت القرآن؟ ! فأوتيت النبوة؟ أوتيت كذا وكذا؟ ! وقال اللَّه تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الأحقاف: 25]؛ فدمرت كل شيء؟ ! إنما دمرت ما أراد اللَّه من شيء. قال: وقال لي ابن أبي دؤاد: أين تجد أن القرآن كلام اللَّه؟ قلت: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27)} [الكهف: 27] ¬

(¬1) رواه الترمذي (2884) عن سفيان بن عيينة أنه قال في تفسير قول ابن مسعود هذا: لأن آية الكرسي هو كلام اللَّه، وكلام اللَّه أعظم من خلق السماء والأرض. ورواه ابن الضريسي في "فضائل القرآن" (187)، وأبو عبيد في "فضائل القرآن " 230، والطبراني 9/ 133 (8659) من طريق الشعبي، عن شتير بن شكل ومسروق، عن ابن مسعود، قال الهيثمي في "المجمع" 6/ 323: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

فسكت. وقلت له بين يدي الرئيس، وجرى كلام بيني وبينه، فقلت له: اجتمعت أنا وأنت أنه كلام، وقلت: إنه مخلوق. فهاتوا الحجة من كتاب اللَّه أو من السنة. فما أنكر ابن أبي دؤاد ولا أصحابه أنه كلام. قال: وكانوا يكرهون أن يظهروا أنه ليس بكلام فيشنع عليهم. قال حمزة بن القاسم: حدثنا حنبل قال: قال أبو عبد اللَّه: وكان إذا كلمني ابن أبي دؤاد لم أجبه ولم ألتفت إلى كلامه، فإذا كلمني أبو إسحاق ألنت له القول والكلام. قال: فقال لي أبو إسحاق: لئن أجبتني لآتينك في حشمي وموالي، ولأطأن بساطك، ولأنوهن باسمك، يا أحمد اتق اللَّه في نفسك، يا أحمد! اللَّه اللَّه. قال أبو عبد اللَّه: وكان لا يعلم ولا يعرف، ويظن أن القول قولهم، فيقول: يا أحمد! إني عليك شفيق. فقلت: يا أمير المؤمنين! هذا القرآن وأحاديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأخباره، فما وضح من حجة صرت إليها. قال: فيتكلم هذا وهذا. قال: فقال ابن أبي دؤاد لما انقطع وانقطع أصحابه: والذي لا إله إلا هو لئن أجابك لهو أحب إلي من مائة ألف ومائة ألف عددًا مرارًا كثيرة. قال أبو عبد اللَّه: وكان فيما احتججت عليهم يومئذ قلت لهم: قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، وذلك أنهم قالوا لي: أليس كل ما دون اللَّه مخلوق؟ فقلت لهم: فرق بين الخلق والأمر، فما دون اللَّه مخلوق، فأما القرآن فكلامه ليس بمخلوق.

فقال: قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40)} [النحل: 40]. فقلت لهم: قال اللَّه تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} [النحل: 1]؛ فأمره كلامه واستطاعته ليس بمخلوق، فلا تضربوا كتاب اللَّه بعضه ببعض، فقد نهينا عن ذلك. قال حنبل: وقال أبو عبد اللَّه: واحتججت عليهم، فقلت: زعمتم أن الأخبار تردونها باختلاف أسانيدها، وما يدخلها من الوهم والضعف، فهذا القرآن نحن وأنتم مجمعون عليه، وليس بين أهل القبلة فيه خلاف، وهو الإجماع. قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في كتابه تصديقا منه لقول إبراهيم غير دافع لمقالته ولا لما حكي عنه فقال: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42)} [مريم: 42]، فذم إبراهيم أباه أن عبد ما لا يسمع ولا يبصر، فهذا منكر عندكم؟ ! فقالوا: شبه شبه يا أمير المؤمنين. فقلت: أليس هذا القرآن؟ هذا منكر عندكم مدفوع؟ ! وهذه قصة موسى، قال اللَّه لموسى في كتابه حكاية عن نفسه: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى} [النساء: 164] فأثبت اللَّه الكلام لموسى كرامة منه لموسى ثم قال: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه: 14] فتنكرون هذا؟ ! فيجوز أن تكون هذه الياء راجعة ترد على غير اللَّه؟ ! أو يكون مخلوقًا يدعي الربوبية؟ ! وهل يجوز أن يقول هذا غير اللَّه؟ ! وقال له: {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} [طه: 12]. فهذا كتاب اللَّه يا أمير المؤمنين، فيجوز أن يقول لموسى: أنا ربك مخلوق؟ ! وموسى كان يعبد مخلوقًا؟ ! ومضى إلى فرعون برسالة مخلوق يا أمير المؤمنين؟ !

قال: فأمسكوا، وأداروا بينهم كلامًا لم أفهمه. قال أبو عبد اللَّه: والقوم يدفعون هذا وينكرونه، ما رأيت أحدا طلب الكلام واشتهاه إلا أخرجه إلى أمر عظيم، لقد تكلموا بكلام واحتجوا بشيء ما يقوى قلبي ولا ينطق لساني أن أحكيه، والقوم يرجعون إلى التعطيل في أقاويلهم، وينكرون الرؤية والآثار كلها، ما ظننت أنه هكذا حتى سمعت مقالاتهم. قال أبو عبد اللَّه: قيل لي يومئذ: كان اللَّه ولا قرآن. فقلت له: كان اللَّه ولا علم؟ ! فأمسك، ولو زعم (غير) (¬1) ذلك أن اللَّه كان ولا علم لكفر باللَّه. قال أبو عبد اللَّه: وقلت له يعني: لابن الحجام: يا ويلك، لا يعلم حتى يكون، فعلمه وعلمك واحد! كفرت باللَّه عالم السر وأخفى، عالم الغيب والشهادة، علام الغيوب، ويلك، يكون علمه مثل علمك، تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور؟ ! قال أبو عبد اللَّه: فهذه أليست مقالته؟ قال أبو عبد اللَّه: وهذا هو الكفر باللَّه، ما ظننت أن القوم هكذا، لقد جعل برغوث (¬2) يقول يومئذ: الجسم وكذا. .، وكلام لا أفهمه. فقلت: لا أعرف ولا أدري ما هذا، إلا أنني أعلم أنه أحد صمد، لا شبه له ولا عدل، وهو كما وصف نفسه. فيسكت عني. ¬

(¬1) كذا في "الإبانة"، وأرى أن السياق لا يقتضيها، واللَّه أعلم. (¬2) هو محمد بن عيسى، من رؤوس البدع، كان على مذهب النجار في أكثر مذاهبه، وإليه تنتسب الفرقة البرغوثية.

قال: فقال لي شعيب: قال اللَّه: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: 3]؛ أفليس كل مجعول مخلوقًا؟ قلت: فقد قال اللَّه: {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا} [الأنبياء: 58]؛ أفخلقهم؟ ! {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)} [الفيل: 5] أفخلقهم؟ ! أفكل مجعول مخلوق؟ ! كيف يكون مخلوقًا وقد كان قبل أن يخلق الجعل؟ قال: فأمسك. قال أبو عمرو، عثمان بن عمر: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون، قال: أخبرني علي بن أحمد أبو غالب، قال: حدثني محمد بن يوسف المروزي -المعروف بابن سرية- قال: دخلت على أبي عبد اللَّه والجبائر على ظهره، قال لي: يا أبا جعفر، أشاط القوم بدمي، فقالوا له؟ يعني: المعتصم: يا أمير المؤمنين، سله عن القرآن، أشيء هو أو غير شيء؟ قال: فقال لي المعتصم: يا أحمد، أجبهم. قال: فقلت له: يا أمير المؤمنين! إن هؤلاء لا علم لهم بالقرآن، ولا بالناسخ والمنسوخ، ولا بالعام والخاص، قد قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في قصة موسى: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [الأعراف: 145]؛ فما كتب له القرآن. وقال في قصة سبأ: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23] وما أوتيت القرآن. فأخرسوا. "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 2/ 250 - 258 (431 - 433) وقال أبو عمرو، عثمان بن عمر: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال، قال: أخبرنا محمد بن جعفر، قال: سمعت هرثمة بن خالد -قرابة إسحاق بن داود- وكنا جميعا أنا وإسحاق، قال: قال أحمد بن حنبل: قال لي ابن أبي دؤاد -وهم يناظروني- وقد كنت قلت لهم: أوجدوني ما تقولون في كتاب اللَّه أو في سنة رسول اللَّه: أوجدني

أنت يا ابن حنبل في علمك أن هذا البساط الذي نحن عليه مخلوق؟ قال: قلت: نعم، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (80)} [النحل: 80] قال: فكأني ألقمته حجرًا. حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الشيرجي الخصيب، قال: حدثنا أبو بكر، [أحمد بن] محمد بن الحجاج المروذي، قال: قال لي أبو عبد اللَّه: مكثت ثلاثة أيام يناظرونني. قلت: فكان يدخل إليك بالطعام؟ قال: لا. قلت: فكنت تأكل شيئا؟ قال: مكثت يومين لا أطعم، ومكثت يومين لا أشرب، ومكثت ثلاثة أيام يناظرونني بين يديه -يعني: الرأس أبا إسحاق- وقد جمعوا عليّ نحوا من خمسين بصريًّا وغير ذلك -يعني من المناظرين- وفيهم الشافعي الأعمى. فقلت له: كلهم يناظرونك بالليل؟ قال: نعم، كل ليلة، وكان فيهم الغلام غسان -يعني: قاضي الكوفة- وقال: إنما كان الأمر أمر ابن أبي دؤاد. قلت له: كانوا كلهم يكلمونك؟ قال: نعم، هذا يتكلم من هاهنا، وهذا يحتج من هاهنا، وهذا يتأول على آية، وعجيف عن يمينه، وإسحاق عن يساره قائم، ونحن بين يديه -يعني: أبا إسحاق- فسألني غير مرة، فقلت: أوجدني في كتاب أو سنة. فقال لي إسحاق وعجيف: وأنت لا تقول إلا ما كان في كتاب أو سنة؟ قلت لهم: ناظروني في الفقه أو في العلم. فقال عجيف: أنت وحدك تريد أن تغلب هؤلاء الخلق كلهم. ولزني بقائمة سيفه، وأشار أبو عبد اللَّه إلى عنقه يريني بيده هكذا، ثم قال إسحاق بن إبراهيم: وأنت لا تقول إلا ما كان في كتاب أو سنة. ولكزني بقائمة سيفه -وأومأ أبو عبد اللَّه إلى حلقه.

قلت: فكان أبو إسحاق يتكلم؟ قال: لا، إلا ساكت، إنما كان الأمر أمر ابن أبي دؤاد. ثم قال أبو عبد اللَّه: لم يكن فيهم أحد أرق علي من أبي إسحاق مع أنه لم يكن فيهم رشيد. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: لما قلت: لا أتكلم إلا ما كان في كتاب أو سنة، احتج الأعمى الشافعي بحديث عمران بن حصين: "خلق اللَّه الذكر" (¬1). قال: فقلت له: هذا خطأ، رواه الثوري وأبو معاوية، وإنما وهم فيه محمد بن عبيد، وقد نهيته أن يحدث به. قال: فقال أبو إسحاق: أراه فقيهًا. وقال أبو عمرو، عثمان بن عمر: حدثنا أحمد بن محمد بن هارون، قال: وكتب إلي أحمد بن الحسين الوراق من الموصل، قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه قال: واجتمع علي خلق من الخلق، وأنا بينهم مثل الأسير، وتلك القيود قد أثقلتني، قال: وكان يلغطون ويضحكون، وكل واحد منهم ينزع آية، وآخر يجيء بحديث، قال: والرئيس يسكتهم. قال: فكان هذا يقول شيئًا، وهذا يقول شيئًا، وهذا يقول شيئًا، فقال لي واحد منهم: أليس يروى عن أبي السليل، عن عبد اللَّه بن رباح، عن أُبيِّ ¬

(¬1) بهذا اللفظ رواه الطبراني 18/ 203 (499) وقال: هذا الحرف كان محمد بن عبيد يخطئ فيه وينهاه أحمد بن حنبل أن يحدث له. وروى الإمام أحمد 4/ 431 - 432، والبخاري (3191) من طريق أبي معاوية بلفظ: ". . . وكتب في الذكر كل شيء". ورواه البخاري (3190) من طريق سفيان.

[ابن] كعب (¬1)؟ فقلت: وأنت ما يدريك من أبو السليل؟ ومن عبد اللَّه بن رباح؟ وما لك ولهذا؟ قال: فسكت. وقال لي آخر: "ما خلق اللَّه من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي"، فقلت: إنما هذا مَثَل. فسكت. واحتج علي آخر بحديث الطنافسي عن الأعمش، عن جامع حديث عمران بن حصين: "إن اللَّه خلق الذكر"؟ فقلت: هذا وهم فيه -يعني: الطنافسي- وأبو معاوية يقول: "كتب اللَّه الذكر". قال: وكنت أصيح عليهم، وأرفع صوتي، وكان أهون علي من كذا وكذا، ذهب اللَّه بالرعب من قلبي، حتى لم أكن أبالي بهم ولا أهابهم، فلما يئسوا مني واجتمعوا علي، قال لي عبد الرحمن: ما رأيت مثلك قط، من صنع ما صنعت؟ ! قلت له: القرآن، قد اجتمعت أنا وأنتم على أنه كلام اللَّه، وزعمتم أنه مخلوق، فهاتوه من كتاب أو سنة، فقال لي ابن أبي دؤاد: وأنت تجد في كل شيء كتابًا وسنة؟ فلما أيس مني قال: خذوه، وأدخل الأتراك أيديهم في أقيادي فجروني إلى موضع بعيد، وذكر قصة الضرب. "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 2/ 258 - 262 (436 - 438) ¬

(¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 141 - 142، ومسلم (810)، ولفظه: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب اللَّه أعظم؟ " قال: قلت: اللَّه ورسوله أعلم. قال: "يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب اللَّه معك أعظم؟ " قال: قلت: اللَّه لا إله إلا هو الحي القيوم قال: فضرب في صدري وقال: "واللَّه ليهنك العلم أبا المنذر". هذا لفظ مسلم، وزاد الإمام أحمد: "والذي نفسي بيده إن لها لسانًا وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش". قال الهيثمي 6/ 321: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

قال زرقان بن محمد سمعت أبا داود السجستاني يقول: لما جيء بعبد اللَّه بن عبد اللَّه الخراساني، وأحضر للمحنة، وأحمد بن حنبل محبوس، قال الخراساني: هذا الذي تدعوني إليه، اعرضوه علي. قال: تقول: القرآن مخلوق؟ قال: هذا الذي تدعون إليه، علمه اللَّه ورسوله وجميع المؤمنين؟ قالوا: نعم. قال: فوسعهم السكوت عنه؟ فأطرق المعتصم مليًّا، ثم رفع رأسه فقال: نعم. قال: فما وسعكم ما وسع القوم؟ ! قال: فقال المعتصم: أخلوا لي بيتًا، فأخلي له بيت، فطرح نفسه فيه على قفاه، ورفع رجليه مع الحائط وهو يقول: علمه اللَّه، وعلمه رسوله، والمؤمنون، ووسعهم السكوت عنه، وسعنا ما وسع القوم، صدق الخراساني، ما زال يقول ذلك ويردده يومه وليلته، لا يجد فيه حجة. فلما كان من الغد أمر بإحضار الجماعة ثم جلس على كرسيه وأحضر القوم، فبدأ الخراساني فأسكتهم وقطع حجتهم، فقال المعتصم: خلوا عن الخراساني. فقال ابن أبي دؤاد: يا أمير المؤمنين، إن هذا متى يخرج على هذه السبيل يفتن العامة، ويقول: غلبت أمير المؤمنين وغلبت قضاته وشيوخه وعلماءه، وقهرته وأدحضت حجته، فقال: صدقت يا أحمد، ثم قال: جروا برجله. فجروا برجله على وجهه إلى البيت الذي فيه أحمد بن حنبل، فتعلقت الرزة بغلصمته، فقال: اجذبوه. فانقطع رأسه. قال أحمد بن حنبل: فسمعت اللسان يقول في الرأس: غير مخلوق ثلاث مرات، ثم سكت.

قال أحمد: فكان ذلك مما بصرني في أمري، وشجع به قلبي. "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 2/ 282 - 283 (455) قال سلامة بن جعفر الرملي: حدثنا العباس بن مشكويه الهمذاني، قال: أدخلت على الخليفة المتكنى بالواثق أنا وجماعة من أهل العلم، فأقبل بالمسألة علي من بينهم، فقلت: يا أمير المؤمنين إني رجل مروع ولا عهد لي بكلام الخلفاء من قبلك. فقال: لا تروع ولا بأس عليك، ما تقول في القرآن؟ فقلت: كلام اللَّه غير مخلوق، فقال: أشهد لتقولن مخلوقًا أو لأضربن عنقك. قال: فقلت: إنك إن تضرب عنقي فإنك في موضع ذلك إن جرت به المقادير من عند اللَّه، فتثبت علي يا أمير المؤمنين، فإما أن أكون عالمًا فتثبت حجتي، وإما أن أكون جاهلًا فيجب عليك أن تعلمني؛ لأنك أمير المؤمنين وخليفة اللَّه في أرضه، وابن عم نبيه. فقال: أما تقرأ: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} [القمر: 49]، {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2)} [الفرقان: 2]. قلت: يا أمير المؤمنين! الكلية في كتاب اللَّه خاص أم عام؟ قال: عام. قلت: لا، بل خاص، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23] فهل أوتيت ملك سليمان عليه السلام؟ فحذفني بعمود كان بين يديه، ثم قال: أخرجوه فاضربوا عنقه. فأخرجت إلى قبة قريبة منه، فشد عليها كتافي، فناديت: يا أمير المؤمنين، إنك ضارب عنقي وأنا متقدمك، فاستعد للمسألة جوابًا. فقال: أخرجوا الزنديق وضعوه في أضيق المحابس. فأخرجت إلى دار العامة، فإذا أنا بابن أبي دؤاد يناظر الناس على خلق القرآن، فلما نظر إلي قال: يا خرمي!

قلت: أنت والذين معك، وهم شيعة الدجال. فحبسني في سجن ببغداد يقال له: المطبق، فأرسل إلي جماعة من العلماء رقعة يشجعونني ويثبتونني على ما أنا عليه، فقرأت ما فيها، فإذا فيها: عليك بالعلم واهجر كل مبتاع ... وكل غاوٍ إلى الأهواء ميالِ ولا تميلن يا هذا إلى بدع ... يضل أصحابها بالقيل والقالِ إن القرآن كللام اللَّه أنزله ... ليس القرآن بمخلوق ولا بالِ لو أنه كان مخلوقا لصيره ... ريب الزمان إلى موت وإبطال وكيف يبطل ما لا شيء يبطله؟ ... أم كيف يبلى كلام الخالق العالي وهل يضيف كلام اللَّه من أحدٍ ... إلى البلى غير ضلال وجهالِ فلا تقل بالذي قالوا وإن سفهوا ... وأوثقوك بأقياد وأغلالِ ألم ترى العالم الصبار حيث بلي ... بالسوط هل حالٍ عن حالِ إلى حالِ فاصبر على كل ما يأتي الزمان به ... فالصبر سرباله من خير سربالِ

يا صاحب السجن فكر فيم تحسبه ... أقاتل هو أم عون لقتالِ أم هل أتيت به رأسا لرافضة ... يرى الخروج لهم جهلًا على الوالي؟ أم هل أصيب على خمرٍ ومعزفةٍ ... يصرف الكأس فيها كل ضلالِ؟ ما هكذا هو بل لكنه ورع ... عف عفيف عن الأعراض والمالِ ثم ذكرني بعد أيام وأخرجني من السجن، وأوقفني بين يديه، وقال: عساك مقيمًا على الكلام الذي كنت سمعته منك؟ فقلت: واللَّه يا أمير المؤمنين إني لأدعو ربي تبارك وتعالى في ليلي ونهاري ألا يميتني إلا على ما كنت سمعته مني. قال: أراك متمسكًا! قلت: ليس هو شيء قلته من تلقاء نفسي، ولكنه شيء لقيت فيه العلماء بمكة والمدينة والكوفة والبصرة والشام والثغور، فرأيتهم على السنة والجماعة. فقال لي: وما السنة والجماعة؟ قلتُ: سألت عنها العلماء، فكل يخبر ويقول: إن صفة المؤمن من أهل السنة والجماعة أن يقول العبد مخلصًا: لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، والإقرار بما جاءت الأنبياء والرسل، ويشهد العبد على ما ظهر من لسانه وعقد عليه قلبه، والإيمان بالقدر خيره وشره من اللَّه، ويعلم العبد أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، والإيمان قول وعمل، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وأن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قد علم من خلقه ما هم فاعلون،

وما هم إليه صائرون، فريق في الجنة وفريق في السعير، وصلاة الجمعة والعيدين خلف كل إمام بر وفاجر، وصلاة المكتوبة من غير أن تقدم وقتًا أو تؤخر وقتًا، وأن نشهد للعشرة الذين شهد لهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من قريش بالجنة، والحب والبغض للَّه وفي اللَّه، وإيقاع الطلاق إذا جرى كلمة واحدة، والمسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة، والتقصير في السفر إذا سافر ستة عشر فرسخا بالهاشمي -ثمانية وأربعين ميلًا- وتقديم الإفطار وتأخير السحور، وتركيب اليمين على الشمال في الصلاة، والجهر بآمين، وإخفاء بسم اللَّه الرحمن الرحيم، وأن تقول بلسانك. وتعلم يقينا بقلبك أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضوان اللَّه عليهم، والكف عما شجر بين أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والإيمان بالبعث والنشور، وعذاب القبر، ومنكر ونكير، والصراط، والميزان، وأن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، يخرج أهل الكبائر من هذه الأمة من النار، وأنه لا يخلد فيها إلا مشرك، وأن أهل الجنة يرون اللَّه بأبصارهم، وأن القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} [الزمر: 67]. قال: فلما سمع هذا مني أمر بي فقلع لي أربعة أضراس، وقال: أخرجوه عني لا يفسد علي ما أنا فيه. فأخرجت فلقيت أبا عبد اللَّه -أحمد بن حنبل- فسألني عما جرى بيني وبين الخليفة فأخبرته، فقال: لا نسي اللَّه لك هذا المقام حين تقف بين يديه، ثم قال: ينبغي أن نكتب هذا على أبواب مساجدنا، ونعلمه أهلنا وأولادنا، ثم التفت إلى ابنه صالح فقال: اكتب هذا الحديث، واجعله في رق أبيض واحتفظ به، واعلم أنه من خير حديث كتبته إذا لقيت اللَّه

يوم القيامة تلقاه على السنة والجماعة. "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 2/ 284 - 288 (456) قال أبو عمر حمزة بن القاسم بن عبد العزيز الهاشمي الخطيب، كان في جامع منصور: حدثنا أبو علي -حنبل بن إسحاق بن حنبل- قال: حضرت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين عند عفان، وكان أول ما امتحن عفان، وسأله يحيى بعدما امتحن من الغد، فقال له: يا أبا عثمان، أخبرنا بما كلمك به إسحاق، وما كان مرده عليك؟ فقال: يا أبا زكريا، لم أسود وجهك ولا وجوه أصحابك -يعني بذلك: أني لم أجب. فقال له: كيف كان؟ قال: قرأ علي الكتاب الذي كتب به المأمون من أرض الجزيرة من الرقة، فإذا فيه: امتحن عفان وادعه إلى أن يقول: القرآن -يعني: مخلوق- فإن أجاب فأقره على أمره، وإن لم يجبك إلى ما كتبت به فاقطع عنه الذي تجري عليه. قال عفان فلما قرأ علي قال لي إسحاق: ما تقول؟ قرأت عليه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1]. فقال لي إسحاق: يا شيخ، إن أمير المؤمنين يقول: إنك إن لم تجبه إلى ما يدعوك إليه يقطع عنك ما يجري عليك، وإن قطع عنك أمير المؤمنين قطعنا نحن أيضًا. فقال: قال عفان: فقلت له: فقول اللَّه: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)} [الذاريات: 22] قال: فسكت عني، وانصرفت، فسر أبو عبد اللَّه بذلك ويحيى وأصحابهم. قال حنبل: فسمعت أبا عبد اللَّه بعد ذلك يقول: سبحان اللَّه! كان

الناس يتكلمون -يعني: في هذين الشيخين- ويذكرونهما، وكنا من الناس في أمرهما ما اللَّه به عليم، قاما للَّه بأمر لم يقم به أحد مثل ما قاما به: عفان وأبو نعيم. "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 2/ 293 - 294 (463) نقل حنبل عن أحمد في كتاب "المحنة" أنه قال ذلك في المناظرة لهم يوم المحنة لما احتجوا عليه بقوله: "تجيء البقرة وآل عمران" (¬1) قالوا: والمجيء لا يكون إلا لمخلوق، فعارضهم أحمد بقوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: 22] {أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} (¬2) [الأنعام: 158]. "إبطال التأويلات" 2/ 396. [باقي أبواب الرد على الجهمية في المجلد التالي] ¬

(¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 249، ومسلم (804) من حديث أبي أمامة بلفظ "اقرءوا الزهراوين: البقرة وآل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان". (¬2) ذكره ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 16/ 404 - 405.

جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة لدار الْفَلاح وَلَا يجوز نشر هَذَا الْكتاب بِأَيّ صِيغَة أَو تَصْوِيره PDF إِلَّا بِإِذن خطي من صَاحب الدَّار الْأُسْتَاذ/ خَالِد الرِّبَاط الطبعة الأولى 1430 هـ - 2009 م رقم الْإِيدَاع بدار الْكتب 19194/ 2009 دَار الْفَلاح للبحث العلمي وَتَحْقِيق التراث 18 شَارِع أحمس - حَيّ الجامعة - الفيوم ت: 01000059200 [email protected]

الْجَامِعُ لِعُلوْم الإِمَامِ أَحْمد [4]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قسم العقيدة (2) 1 - تابع: الرد على الجهمية 2 - الإيمان بنبوة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- 3 - كتاب القدر 4 - كتاب الفتن وأشراط الساعة 5 - كتاب الإيمان باليوم الآخر 6 - كتاب الصحابة

98 - فصل آخر في الرد على الجهمية

98 - فصل آخر في الرد على الجهمية قال أبو داود: سمعت أحمد وسأله علي بن عثام بن عليٍّ حين ذُكر محنة الأسرى عند فداهم؟ فقال أحمد: يأبون -يعني: يأبون الإجابة- ويدفعونه أشد الدفع. قيل فيقاتلون؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (1701) قال ابن هانئ: وقال: أرأيت جبريل عليه السلام، حيث جاء إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فتلا عليه؟ تلاوة جبريل للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أكان مخلوقًا؟ ! ما هو مخلوق. "مسائل ابن هانئ" (1854) قال ابن هانئ: سمعت دلويه يقول لأبي عبد اللَّه: يا أبا عبد اللَّه، سمعتُ علي بن الجعد يقول: أنا لا أقول: القرآن مخلوق، ولو أن رجلًا قال: القرآن مخلوق، لم أعنفه؟ قال أحمد لدلويه: آه آه، هذا أشد شيء بلغني عنه. "مسائل ابن هانئ" (1861) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: وكيع قال: حدثنا الأعمش عن إبراهيم -يعني: ابن مهاجر- عن مجاهد، عن ابن عباس قال: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} [الطلاق: 12]. قال: لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم، وكفركم تكذيبكم بها (¬1). ¬

(¬1) رواه ابن الضريس في "فضائل القرآن" (3)، والطبري في "تفسيره" 12/ 145 (34372)، وعبد بن حميد كما في "الدر المنثور" 6/ 363، وإبراهيم بن مهاجر ضعفه غير واحد. قال يحيى بن معين: ضعيف. وقال الإمام أحمد: لا بأس به. وقال البرهاني الحلبي: قال أحمد في "العلل": لي به بأس، هو كذا وكذا. وقد قال =

قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: روح قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} من السماء السابعة، إلى الأرض السابعة (¬1). قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: علي بن حفص، في تفسير ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} من السماء السابعة، إلى الأرض السابعة. قرأت على أبي عبد اللَّه: عبد الرزاق قال: حدثنا معمر، عن قتادة، في قوله: {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} قال: في كل سماء، وفي كل أرض خلق من خلقه، وأمر من أمره، وقضاء من قضائه عَزَّ وَجَلَّ (¬2). "مسائل ابن هانئ" (1886 - 1889) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: يحيى بن سعيد، عن سفيان قال: حدثني إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عباس، قوله: {يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} هو قال: لو أخبرتكم بتفسيرها لرجمتموني بالحجارة (¬3). ¬

= المصنف في "الميزان" -يعني الذهبي- في ترجمة يونس بن أبي إسحاق السبيعي في بيان مصطلح الإمام أحمد في هذه الكلمة: كذا وكذا. وهي بالاستقراء كناية عمن فيه لين، فلا تعارض إذا بين قوله وقول القطان والنسائي في المترجم -يعني إبراهيم بن مهاجر. ا. هـ. انظر: "الكامل في ضعفاء الرجال" 1/ 348 وما بعدها، و"تهذيب الكمال" 2/ 213، و"الكاشف" (209) وحاشيته. (¬1) "تفسير مجاهد" 2/ 682، ورواه عنه عبد بن حميد وابن المنذر كما في "الدر المنثور" 6/ 363. (¬2) "تفسير عبد الرزاق" 2/ 239 (3241)، ورواه الطبري 12/ 145 (34378) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، به. (¬3) انظر الصفحة السابقة.

قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: حديث عطاء بن السائب فيه: "محمد كمحمدكم، وادم كآدم، وإبراهيم كإبراهيم" (¬1). قال: ليس حديثه في هذا بشيء، اختلط عطاء بن السائب، ليس فيها شيء من آدم كادم، ولا نبي كنبيكم. "مسائل ابن هانئ" (1890 - 1891) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الإيمان، مخلوق هو؟ قال أبو عبد اللَّه وقرأ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] أمخلوق هذا؟ ما هو واللَّه مخلوق. "مسائل ابن هانئ" (1899) قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده، مما يحتج به على الجهمية من القرآن الكريم: في سورة البقرة: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174)} [البقرة: 174]. وقال في يس: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: 82، 83]. ¬

(¬1) رواه الحاكم 2/ 493، ومن طريقه البيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 267 (831) من طريق عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس. ورواه الطبري في "تفسيره" 12/ 145 (34371)، والحاكم 2/ 493 ومن طريقه البيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 267 (832) من طريق عمرو بن مرة عن أبي الضحى عن ابن عباس بنحوه. قال الحاكم: هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. قال البيهقي: إسناد هذا عن ابن عباس صحيح وهو شاذ بمرة، لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعًا واللَّه أعلم ا. هـ.

وقال في سورة البقرة أيضًا: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117) وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118)} [البقرة: 117، 118]. وقال اللَّه في سورة آل عمران: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [آل عمران: 45] وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)} [آل عمران: 77]. وقال عَزَّ وَجَلَّ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة: 22، 23]. وقال: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [النساء: 171]. وقال في سورة الأنعام: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)} [الأنعام: 115]. وقال في سورة النمل: {فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَامُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10)} [النمل: 8 - 10]. وقال في سورة الأعراف: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]. وقال في القصص: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)} [القصص: 88]. وقال في الرحمن: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} [الرحمن: 26، 27]

وقال في طه: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ} [طه: 39، 40]. وقال في البقرة: {مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 174]. وقال في آل عمران: {أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39)} [آل عمران: 39]. وقال في سورة النساء: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]. وقال: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء: 171]. وقال في الأنعام: {حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [الأنعام: 34]. {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)} [الأنعام: 115]. وقال في طه: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَامُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)} [طه: 11 - 14]. وقال في الكهف: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27)} [الكهف: 27]. وقال: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)} [الكهف: 109]. وقال في التوبة: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: 6]. وقال في {حم (1) عسق (2)} [الشورى: 1، 2]: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51].

وقال في سورة لقمان: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)} [لقمان: 27]. وفي القصص: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30)} [القصص: 30]. وفي الأعراف: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144)} [الأعراف: 143، 144]. وفي الفتح: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10] وفي البقرة: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115)} [البقرة: 115]. وفي الكهف: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف: 28]. وفي الأعراف: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا} [الأعراف: 137]. {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: 143]. وفي الأنفال: {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} [الأنفال: 7]. وفي التوبة: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)} [التوبة: 40]. وفي يونس: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40]. وفي يونس: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19)} [يونس: 19]. وفي يونس: {كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ

فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: 33]. {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ} [يونس: 64]. وقال: {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (82)} [يونس: 82]. وقال: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96)} [يونس: 96]. وفي فصلت: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (45)} [فصلت: 45]. وفي هود: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)} [هود: 119]. وفي الكهف: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} [الكهف: 27]. وفي طه: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا} [طه: 129]. وفي الصافات: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171)} [الصافات: 171]. وفي المؤمن (¬1): {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6)} [غافر: 6]. وقال: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110)} [هود: 110]. وفي {حم (1) عسق (2)} [الشورى: 1، 2]: {وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24)} [الشورى: 24]، {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51]. رفي الفتح: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا} [الفتح: 15]. وفي التحريم: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ} [التحريم: 12]. وفي المؤمن (1): {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [غافر: 15]. ¬

(¬1) في المطبوع: المؤمنون.

وفي النحل: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا} [النحل: 102] {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [النحل: 2]. وفي الإسراء: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)} [الإسراء: 85]. وفي {حم (1) عسق (2)} [الشورى: 1، 2]: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52]. وفي الشعراء: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194)} [الشعراء: 193، 194]. وقال في {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ} [النبأ: 38]. وفي الواقعة: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65)} [الواقعة: 63 - 65]. وقال: {أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70)} [الواقعة: 69، 70]. وقال: {أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)} [الواقعة: 81، 82]. وفي الروم: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا} [الروم: 48]. وفي {ن وَالْقَلَمِ} [القلم: 1]: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35)} [القلم: 35]. وفي المرسلات: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22)} [المرسلات: 20 - 22]. وفي الأنعام: {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (39)} [الأنعام: 39] {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا} [الأنعام: 136]. {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 100].

وفي الأعراف: {وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47)} [الأعراف: 47] {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ} [الأعراف: 74]. {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ} [الأعراف: 69]. {يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: 138]. {فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150)} [الأعراف: 150]. وفي الرعد: {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ} [الرعد: 16]. {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 33]. وفي هود: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} [هود: 82]. وقال في الشعراء: {قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29)} [الشعراء: 29]. {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85)} [الشعراء: 84 - 85]. وفي فصلت: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9)} [فصلت: 9]. وفي النمل: {وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62)} [النمل: 62]. {إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} [النمل: 34]. وفي القصص: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} [القصص: 4]. وفي الذاريات: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42)} [الذاريات: 41، 42]. وقال: {وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51)} [الذاريات: 51]. وفي القصص: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5)} [القصص: 5] وقال: {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7)} [القصص: 7]. وقال: {فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا} [القصص: 38]. {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [القصص: 41].

وقال: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [القصص: 71]. وقال: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)} [القصص: 83] وفي {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا} [القصص: 72]. وفي إبراهيم: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا} [إبراهيم: 35] {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 37] {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [إبراهيم: 40]. {وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ} [إبراهيم: 30]. وفي الحجر: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91)} [الحجر: 91] {الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الحجر: 96] {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73)} [الحجر: 73]. وفي النحل: {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} [النحل: 56]. {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57)} [النحل: 57]. {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ} [النحل: 62]. {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا} [النحل: 80]. {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا} [النحل: 81]. {وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} [النحل: 91]. وفي الإسراء: {وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)} [الإسراء: 6]. {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الإسراء: 22]. وفي الفرقان: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)} [الفرقان: 23]. {وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً} [الفرقان: 37]. {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54)} [الفرقان: 54]. {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (35)} [الفرقان: 35]. وفي العنكبوت: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (15)} [العنكبوت: 15].

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت: 10]. وفي سبأ: {وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} [سبأ: 19]. {وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [سبأ: 33]. وفي إبراهيم: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا} [إبراهيم: 35]. وفي المائدة: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ} [المائدة: 103]. وفي التوبة: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [التوبة: 19]. وفي يونس: {فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} [يونس: 73] {عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85)} [يونس: 85] وفي الزخرف: {فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ (56)} [الزخرف: 56]. {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60)} [الزخرف: 60]. وفي الفيل: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)} [الفيل: 5]. وفي سورة الأنبياء: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ} [الأنبياء: 57، 58]. {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70)} [الأنبياء: 70]. {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [الأنبياء: 72، 73]. وقال: {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15)} [الأنبياء: 15]. وفي الصافات: {فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98)} [الصافات: 97، 98]. {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} [الصافات: 158]. وفي ص: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28)} [ص: 28].

وفي الزمر: {ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا} [الزمر: 21]. وفي يوسف: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ} [يوسف: 55]. وقال: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} [يوسف: 70]. {اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ} [يوسف: 62]. وفي الأعراف: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180)} [الأعراف: 180]. وفي الإسراء: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110]. وفي النساء: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174)} [النساء: 174]. وفي الواقعة: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77)} [الواقعة: 77]. وفي البروج: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21)} [البروج: 21]. وفي الزخرف: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)} [الزخرف: 4]. وفي فصلت: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41)} [فصلت: 41]. {حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ} [الزخرف: 1، 2]. {يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} [يس: 1، 2]. وفي الفرقان: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59)} [الفرقان: 59]. {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} [الحجر: 1]. وفي فصلت: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)} [فصلت: 41، 42]. {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102)} [النحل: 102].

وفي الأنعام: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)} [الأنعام: 155]. وفي فصلت: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)} [فصلت: 44]. وفي {حم (1) عسق} [الشورى: 1، 2]: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الشورى: 7]. {حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: 4]. وفي سورة العلق: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15)} [العلق: 14، 15]. وفي المائدة: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116)} [المائدة: 116]. وفي الأنعام: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنعام: 12]. {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54]. وفي الطور: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [الطور: 48]. وفي البقرة: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة: 37]. {يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ} [البقرة: 75]. وفي طه: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)} [طه: 46]. وفي مريم: {يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42)} [مريم: 42]. {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39)} [طه: 39]. وفي لقمان: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [لقمان: 28].

وفي النساء: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134)} [النساء: 134]. وفي الزمر: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} [الزمر: 67]. وفي المائدة: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64]. وفي الفتح: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} [الفتح: 10]. وفي طه: {قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47)} [طه: 45 - 47]. وفي القيامة: {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (21) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22)} [القيامة: 20 - 22]. وفي المطففين: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16)} [المطففين: 15، 16]، {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23)} [المطففين: 22، 23]. وفي الملك: {قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الملك: 26، 27]. وفي النجم: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15)} [النجم: 10 - 15]. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 512 - 520 (1202)

قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي قال: قال أبو عبد اللَّه: بلغني عن إبراهيم بن سعد، وسعيد بن عبد الرحمن الجميح، ووكيع بن الجراح، ووهب بن جرير، وسليمان بن حرب، قالوا: إن القرآن ليس بمخلوق. زاد المروذي وكيعًا. "السنة" للخلال 2/ 220 (1840) قال الخلال: أخبرني علي بن عيسى أن حنبلًا حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: من زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أن اللَّه مخلوق. ثم قال أبو عبد اللَّه: لا إله إلا اللَّه، ما أعظم هذا القول وأشده! هذا الذى كنا نحذره أن يكون. قال أبو بكر الخلال: ومعنى قول أبي عبد اللَّه عندي -واللَّه أعلم- هذا الذى كنا نحذر ما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يكون قوم يقولون: هذا اللَّه خلق الخلق، فمن خلق اللَّه؟ " (¬1)، لأن هذا معنى ذاك. قال الخلال: وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني؛ أنه قال لأبي عبد اللَّه: ما تقول فيمن قال: إن أسماء اللَّه عَزَّ وَجَلَّ محدثة؛ فقال: كافر. ثم قال لي: اللَّه من أسمائه، فمن قال: إنها محدثة، فقد زعم أن اللَّه تبارك تعالى مخلوق. فأعظم أمرهم عنده، وجعل يكفرهم، وقرأ علي: {اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126)} [الصافات: 126]، وقرأ آية أخرى. قال الخلال: أخبرنا محمد بن سليمان أنه قال لأبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل: ما تقول في القرآن؟ قال: عن أي شيء تسأل؟ قلت: كلامه. قال: كلام اللَّه، وليس بمخلوق، ولا تجزع أن تقول: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 102، والبخاري (7296)، ومسلم (136) من حديث أنس. وفي الباب عن أبي هريرة وخزيمة بن ثابت، عائشة.

ليس مخلوقًا؛ فإن كلام اللَّه عَزَّ وَجَلَّ من اللَّه، ومن ذات اللَّه، وتكلم اللَّه به، وليس من اللَّه شيء مخلوق. قال الخلال: وأخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر؛ أن أبا الحارث حدثهم، قال: سمعتُ أبا عبد اللَّه يقول: القرآن كلام اللَّه ليس بمخلوق، ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر. قلت: يا أبا عبد اللَّه، أي شيء قلت لأبي العباس؟ فقال: لا أقول: غير مخلوق إلا أن يكون في كتاب اللَّه. قلت له: فتقول: إن وجه اللَّه ليس بمخلوق؟ فقال: لا، إلا أن يكون في كتابي نصًّا. فارتعد أبو عبد اللَّه وقال: أستغفر اللَّه، سبحان اللَّه! هذا الكفر باللَّه، أحد يشك أن وجه اللَّه ليس مخلوقًا؟ ! فقلت: يا أبا عبد اللَّه، إن الجهمية لم تقل هذا. قال: أيش الجهمية؟ ! هؤلاء أشر من جهم وأخبث هذا الكفر الذي لا شك فيه. قال الخلال: أخبرني حنبل بن إسحاق بن حنبل، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق بكل جهة وعلى كل تصريف، وليس من اللَّه شيء مخلوق، ولا تخاصم في هذا ولا تكلم فيه، ولا أرى الجدال والمراء فيه. قال الخلال: أخبرني محمد بن يحيى، ومحمد بن المنذر، وأحمد بن يحيى الصفار، قالوا: ثنا أحمد بن الحسن الترمذي، قال: سألتُ أحمد فقلت: يا أبا عبد اللَّه، قد وقع من أمر القرآن ما قد وقع، فإن سئلت عنه، ماذا أقول؟ فقال لي: ألست مخلوقا؟ قلت: نعم. فقال: أليس كل شيء منك مخلوقًا؟ قلت: نعم. قال: فكلامك أليس هو منك، وهو مخلوق؟

قلت: نعم. قال: فكلام اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أليس هو منه؟ قلت: نعم. قال: فيكون من اللَّه شيء مخلوق؟ ! "السنة" للخلال 2/ 221 - 223 (1843 - 1848) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: هذا ما احتج به أبو عبد اللَّه على الجهمية في القرآن، كتب بخطه، وكتبته من كتابه، فذكر المروذي آيات كثيرة دون ما ذكر الخضر بن أحمد، عن عبد اللَّه وقال: وفيه سمعت أبا عبد اللَّه يقول: في القرآن عليهم من الحجج في غير موضع -يعني: الجهمية. قال الخلال: وأخبرنا الخضر بن أحمد بن المثنى الكندي قال: سمعت عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل قال: وجدت هذا الكتاب بخط أبي فيما يحتج به على الجهمية، وقد ألف الآيات إلى الآيات من السورة، وأول ما ذكر عبد اللَّه: بسم اللَّه الرحمن الرحيم {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]، {مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} [الكهف: 39]، {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} [غافر: 44]، {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِىَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحَمِينَ} [الأنبياء: 83] يا اللَّه، يا رحمن، يا رحيم، يا راحم، يا مالك، يا ملك، يا مليك، يا حي، يا قيوم، يا غفار، يا تواب، يا حكيم، يا عزيز، يا وهاب، يا ودود، يا محيط، يا فاطر، يا فاصل، يا فالق، يا مولى، يا بصير، يا واسع، يا قابض، يا باسط، يا محيي، يا مميت، يا مغيث، يا حسيب، يا رقيب، يا شهيد، يا برُّ، يا عليُّ، يا ولي، يا فتاح، يا منان، يا جواد، يا متين، يا قدوس، يا سلام، يا مؤمن، يا مهيمن، يا عزيز، يا جبار، يا متكبر، يا بارئ، يا مصور، يا من له الأسماء الحسنى، يا خير الحاسبين، يا أرحم الراحمين، يا أحكم الحاكمين، يا أحسن الخالقين، يا كبير، يا متعال،

يا علي، يا عظيم، يا حليم، يا قيوم، يا ذا الطول، لا إله إلا أنت، يا ذا الجلال والإكرام، يا قوي، يا قائم على كل نفس بما كسبت، يا ذاري (¬1)، يا رفيع، يا ماجد، يا جواد، يا مدبر، يا خير الرازقين، يا إله العالمين. ثم ولفت ما روى المروذي، وعبد اللَّه من هاهنا في سورة البقرة: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} و {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115)} [البقرة: 115]، {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)} [البقرة: 37]، {يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ} [البقرة: 75]. {مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ} [البقرة: 174]، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)} [البقرة: 186] وقال: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117) وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ} [البقرة: 117، 118]، وقال: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا} [البقرة: 126]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174)} [البقرة: 174]. [وفي آل عمران] {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [آل عمران: 45]، {كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47)} [آل عمران: 47]، وقال: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ¬

_ (¬1) قال الشيخ السعدي في "تفسير أسماء اللَّه الحسنى" ص 11: وإذا ورد في الكتاب والسنة اسم فاعل يدل على نوع من الأفعال ليس بعام شامل فهذا لا يكون من الأسماء الحسنى؛ لأن الأسماء الحسنى معانيها الحاملة الحسن تدل على الذات ولا تدل على معنى خاص مثل مُجري السحاب، هازم الأحزاب، الزارع، الذاري.

خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60)}، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)} [آل عمران: 77]. وقال في سورة النساء: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164)} [النساء: 164]، وقال: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)} [النساء: 58]، وقال: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء: 171]، وقال: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [النساء: 165]، وقال: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134)} [النساء: 134]. وقال في سورة المائدة: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} [المائدة: 103] {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64]، وقال: {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116)} [المائدة: 116]. وفي الأنعام: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنعام: 12]، وقال: {فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54]، وقال: {حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [الأنعام: 34]، {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)} [الأنعام: 115]، وقال: {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (39)} [الأنعام: 39]، وقال: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا} [الأنعام: 136]، {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ} [الأنعام: 100]، {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63)} [الأنعام: 63]، وقال: {وَهَذَا كِتَابٌ

أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأنعام: 155]، وقال: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الأنعام: 92]، وقال: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} [الأنعام: 73]. الأعراف: {المص (1) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}، {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الأعراف: 137]، {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: 143]، {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: 144]، {فَآمِنُوا النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158]، {وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأعراف: 47]، وقال: {إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ} [الأعراف: 69]، وقال: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ} [الأعراف: 74]، {قَالُوا يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: 138]، {فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150)} [الأعراف: 150]، وقال: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)} [الأعراف: 55، 56]، {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ} [الأعراف: 190] وقال: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180)} [الأعراف: 180]، {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205)} [الأعراف: 205]، {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)} [الأعراف: 54]، {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)} [الأعراف: 143]، {وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144)} [الأعراف: 144]. الأنفال: {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7)} [الأنفال: 7].

التوبة: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6]، وقال: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40]، وقال: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 19]. يونس: وقال: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} [يونس: 1]، {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [يونس: 19]، {كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا} [يونس: 33]، {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [يونس: 64]، {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [يونس: 82]، {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: 96]، وقال: {فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} [يونس: 73]، وقال: {فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [يونس: 85]، وقال: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} [يونس: 87]، وقال: {أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} [يونس: 24]، وقال: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا} [يونس: 59]، وقال: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [يونس: 12]، وقال: {جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [يونس: 22، 23]. هود: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: 1] {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} [هود: 110]، {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [هود: 119]، وقال:

{فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} [هود: 82]. سورة يوسف: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} [يوسف: 1 - 3] {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ} [يوسف: 55]، وقال: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} [يوسف: 70]، {وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ} [يوسف: 62]، {يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} [يوسف: 100]. الرعد: {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ} [الرعد: 16]، وقال: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 33]. إبراهيم عليه السلام: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا} [إبراهيم: 35]، وقال: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 37]. وقال: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ} [إبراهيم: 40]، وقال: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ} [إبراهيم: 30]. الحجر: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} [الحجر: 1] {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: 91]، وقال: {الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الحجر: 96]، وقال: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} [الحجر: 73، 74]، {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر: 95، 96]. النحل: قال: {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا} [النحل: 56]، وقال: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} [النحل: 57]، {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ} [النحل: 62]، قال: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [النحل: 2]، وقال: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا} [النحل: 80] {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا} [النحل: 81]، {وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} [النحل: 91]، {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا} [النحل: 80]، {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا

خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا} [النحل: 81]، وقال: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82]، وقال: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا} [النحل: 102]. بني إسرائيل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] {ثُمَّ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)} [الإسراء: 6]، {وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ} [الإسراء: 39]، {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} [الإسراء: 29]، وقال: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (67)} [الإسراء: 67] وقال: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110)} [الإسراء: 110]. الكهف: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98)} [الكهف: 98]، {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)} [الكهف: 109، 110]، {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27)} [الكهف: 27]، قال: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف: 28]. مريم: وقال: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي} [مريم: 2 - 4]. طه: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَامُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)} [طه: 11 - 14]، وقال: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)} [طه: 46]، {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39]، {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41) اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي [طه: 41، 42]

{وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} [طه: 42 - 47]، {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا} [طه: 129]. الأنبياء: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ} [الأنبياء: 57، 58] وقال: {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70)} [الأنبياء: 70]، وقال: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [الأنبياء: 72، 73] وقال: {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15)} [الأنبياء: 15] وقال: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ} [الأنبياء: 83، 84] وقال: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89)} [الأنبياء: 87 - 89]. وقال في السورة التي يذكر فيها المؤمنون: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76)} [المؤمنون: 76]. الفرقان: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)} [الفرقان: 23] {وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً} [الفرقان: 37]، {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54)} [الفرقان: 54] {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)} [الفرقان: 74] {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (35)} [الفرقان: 35] {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا

دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)} [الفرقان: 77]، {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59)} [الفرقان: 59] من الفرقان. {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174)} [النساء: 174]، {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77)} [الواقعة: 77]، {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)} [الزخرف: 4]، {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} [فصلت: 41]، {حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ} [الزخرف 1، 2]. الشعراء: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194)} [الشعراء: 193، 194] {قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29)} [الشعراء: 29]، وقال: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85)} [الشعراء: 84، 85]. النمل: {طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)} [النمل: 1، 2]، {فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَامُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10)} [النمل: 8 - 10]، {وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ} [النمل: 62]، {إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} [النمل: 34]. القصص: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} [القصص: 4]، {قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35)} [القصص: 35]، {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30)} [القصص: 30]، {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)} [القصص: 88]، {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5)} [القصص: 5]، وقال: {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 7]، وقال: {فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي

صَرْحًا} [القصص: 38]، وقال: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [القصص: 41]، وقال: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا} [القصص: 71]، وقال: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)} [القصص: 83]. العنكبوت: قال: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (15)} [العنكبوت: 15]، وقال: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت: 10]، {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65)} [العنكبوت: 65]. الروم: {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (33)} [الروم: 33]، {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48)} [الروم: 48]. لقمان: {الم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2) هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (3)} [لقمان: 1 - 3] {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28)} [لقمان: 28]، {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)} [لقمان: 27]، {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32)} [لقمان: 32]. السجدة: {الم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3)} [السجدة: 1 - 3]. الأحزاب: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4)} [الأحزاب: 4]. سبأ: {وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} [سبأ: 19]، قال:

{وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [سبأ: 33]، وقال: {إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33)} [سبأ: 33]. سورة الملائكة: يس: {يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2)} [يس: 1، 2]، {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71)} [يس: 71]، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)} [يس: 82، 83]. الصافات: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171)} [الصافات: 171]، وقال: {قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98)} [الصافات: 97، 98]، وقال: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158)} [الصافات: 158]. ص: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28)} [ص: 28]، وقال: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} [ص: 4، 5]، {قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75)} [ص: 75]. الزمر: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} [الزمر: 67]، وقال: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا} [الزمر: 8]، وقال: {ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا} [الزمر: 21]، وقال: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28)} [الزمر: 27، 28]. المؤمن: {هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68)} [غافر: 68]، {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (20)} [غافر: 20]، {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} [غافر: 6]،

{رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [غافر: 15]، وقال: {وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14)} [غافر: 13، 14]، وقال: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65)} [غافر: 65]، {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)} [غافر: 60]، {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56)} [غافر: 56]. حم السجدة: {حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4)} [فصلت: 1 - 4]، وقال: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)} [فصلت: 44]، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا} [فصلت: 29]، {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9)} [فصلت: 9]، وقال: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51)} [فصلت: 51]، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)} [فصلت: 41، 42]. عسق: {يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} [الشورى: 11]، وقال: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14)} [الشورى: 14]، {وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24)} [الشورى: 24]، {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51]، {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52]، {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الشورى: 7].

الزخرف: وقال: {حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)} [الزخرف: 1 - 4]، {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ} [الزخرف: 55، 56]، وقال: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60)} [الزخرف: 60]، {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19)} [الزخرف: 19]. الجاثية، والشريعة، الدخان: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18)} [الجاثية: 18]، وقال: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الجاثية: 21]. سورة الفتح: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (15)} [الفتح: 15]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} [الفتح: 10]. الذاريات، وقال: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (43)} [الذاريات: 42، 43]، وقال: {وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51)} [الذاريات: 51]. والطور: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [الطور: 48]. النجم: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14)} [النجم: 10 - 14]. الواقعة: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65)} [الواقعة: 63 - 65]، وقال: {أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70)} [الواقعة: 69، 70]، وقال: {أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)} [الواقعة: 81، 82].

الرحمن: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} [الرحمن: 26، 27]. قد سمع: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)} [المجادلة: 1]. وقال في التحريم: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ} [التحريم: 12]. سورة الملك: {قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الملك: 24 - 27]. القلم: قال: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35)} [القلم: 35]. وفي القيامة: {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (21) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة: 20 - 23]. ويل للمطففين: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16)} [المطففين: 14 - 16]، وقال: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23)} [المطففين: 22، 23]، وقال: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21)} [البروج: 21]. وقال في ألم تر: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)} [الفيل: 5]. وقال في اقرأ: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15)} [العلق: 14، 15]. وقال في لم يكن: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] (¬1). "السنة" للخلال 2/ 240 - 252 (1906 - 1907) ¬

_ (¬1) قال أبو بكر الخلال معلقًا: أسماء اللَّه عَزَّ وَجَلَّ التي خرجها أبو عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-، وهذِه الآيات والأحرف في القرآن بيّن -رضي اللَّه عنه- في ذلك أنه لا يكون القرآن مخلوقًا بوجه ولا سبب، ولا معنى من المعاني، وهذا نقض لفتوى الجهمية الضلال؛ لأن هذِه الآيات الأخرى وهذِه الأسماء تبين له أنه لا يكون من القرآن شيء مخلوق؛ وأما أسماء اللَّه تبارك وتعالى، فقد وجدت أيضًا من أخرجها من كتاب أحمد، وبين =

قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحجاج أبو بكر المروذي قال: أمرني أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل أن أكتب إلى رجل بلغه عنه الشك. قال: وكتبتُ ما يقوله، وبينت ما جرى فيه. وأخبرنا [. . .] (¬1). موضع آخر قال: أمرني أبو عبد اللَّه أن أكتب إلى محمد بن حمدون الأنطاكي مواعظ في بعض الكتاب، وكتبتُ الكتاب، فعرضتُه عليه، فصححه بيده، قال: وكانت له معرفة بالحديث، وكان يختلف إليَّ، فهو ذا، أكتب: أنا، وانظر ما عندك من المشيخة ممن قال: القرآن غير مخلوق، فصيره معه؛ واكتب به أنت إليه، اكتبها نسختين؛ فإني لا آمن إن لم [. . .] (¬2) أن يكتمها، واكتب إلى عيسى الفتاح نسخة وإليه نسخة. قال أبو بكر المروذي: وزاد أبو عبد اللَّه فيه ونقص، ثم أمرني أن أتوجه به إليه، وهذِه نسخته: أحسن اللَّه إلينا وإليك في الأمور كلها برحمته، وأعاذنا وإيإك من الأهواء المردية والفتن المضلة بقدرته، ومن علينا وعليك بالتمسك بكتابه، والعمل بطاعته، الذي حملني على الكتاب إليك، وإن لم يجر بيني وبينك خلطة ما أوجبه اللَّه تبارك وتعالى على المؤمنين من النصح بعضهم لبعض، وما رأيته من اغتمام أبي عبد اللَّه بأمرك للمكان الذي كنت به من قلبه، ومذهبك في اتباعك الآثار، وتركك من خالفها ¬

_ = مواضعها من القرآن، وهذا تصديق لما ذكره أبو عبد اللَّه له في هذا الموضع من القرآن والأسماء. (¬1) قال محقق "السنة": بين المعقوفين غير مقروء، بمقدار ثلاث كلمات. (¬2) طمس بمقدار ثلاث كلمات.

ومجانبتهم، بلغه عنك الشك في القرآن، وأنك لا تقول: القرآن غير مخلوق، وأبو عبد اللَّه يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، وإنه من علم اللَّه، ويحتج لذاك بغير شيء، قال اللَّه: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120)} [البقرة: 120]، وقال: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)} [الرعد: 37]، وقال: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60)} [آل عمران: 59، 60]، وقال: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [البقرة: 145]، الآية، فالقرآن من العلم الذى جاء، وقال: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، فأخبر أن الخلق غير الأمر، وقال تبارك وتعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ} [الروم: 25]، وقال في موضع آخر: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} [الأعراف: 54]، وقال: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} [يس: 82]، وقال: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40)} [النحل: 40]، فأخبر أن أمره هو القول، وفرق بين خلقه وأمره، فقال: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3)} [الرحمن: 1 - 3]. وقال أبو ذر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1): "عطائي كلام وعذابي كلام" (¬2)، فأخبر تبارك وتعالى أن الخلق يكون بكلامه، وفرق بين الخلق والأمر. ¬

_ (¬1) يعني عن رب العزة تبارك وتعالى. (¬2) بهذا اللفظ رواه الإمام أحمد 5/ 154، والترمذي (2495)، وابن ماجه (4257) قال الترمذي: هذا حديث حسن. وقال الألباني في "الضعيفة" (5375): وهذا إسناد ضعيف لسوء حفظ شهر بن حوشب. اهـ. قلت: وقد جاء عند الإمام أحمد 5/ 160، ومسلم (2577) من طريق أخرى بأطول منه.

وقال ابن عباس: إن أول ما خلق اللَّه عَزَّ وَجَلَّ القلم، فقال له: اكتب. فقال: يا رب، وما أكتب؟ قال: اكتب القدر. فجرى بما هو كائن إلى قيام الساعة. (¬1) ورواه الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس (¬2). ورواه وكيع، وأبو معاوية، والثوري، وشعبة، وحدث به عن الحكم، عن أبي ظبيان. رواه منصور بن زاذان (¬3). ورواه مجاهد عن ابن عباس (¬4)، وعروة بن عامر عن ابن عباس (¬5)، وأبو الضحى عن ابن عباس (¬6)، فكان أول ما خلق اللَّه القلم، فاللَّه لم يخل من العلم والكلام، وليسا من الخلق؛ لأنه لم يخل منها، فالقرآن كلام اللَّه ومن علم اللَّه، وليس بمخلوق، ولم يزل اللَّه عالما متكلما، وعند جماعة من العلماء أنهم قالوا: غير مخلوق. فاتقِ اللَّه وانظر لنفسك، فإن هذا أمر قد بان لأهل الإسلام أنه ضلالة، وأنه أحيا رأي جهم، وإنما يضلكم في هذِه المقالة رجلان، وهما القائلان بها: ¬

_ (¬1) رواه عبد اللَّه بن أحمد في "السنة" 2/ 401 (871)، والطبري في "تفسيره" 12/ 175، وعبد بن حميد في " تفسيره" كما في "الدر المنثور" 6/ 387، والآجري في "الشريعة" 1/ 517، والبيهقي 3/ 9 من طرق متعددة، سيأتي بيانها في السطور التالية. (¬2) رواه الفريابي في "القدر" ص 79 (77، 78، 79)، والآجري في "الشريعة" ص 154 (327)، وابن بطة في "الإبانة" الرد على الجهمية 2/ 29 (220). (¬3) رواه عبد اللَّه بن أحمد في "السنة" 2/ 401 (872)، وابن بطة في "الإبانة" الرد على الجهمية 2/ 22 (216). (¬4) رواه عثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية" 1/ 37 (44)، والطبري في "تفسيره" 12/ 178 (34546، 34547). (¬5) رواه عبد اللَّه بن أحمد في "السنة" 2/ 411 (898)، والطبري 11/ 166 (30759). (¬6) رواه عبد اللَّه في "السنة" 2/ 401 (871)، والآجري في "الشريعة" ص 153 (326).

أحدهما قد عرف الناس أمره كيف كان، وأنه قد كان تجهم، وصحب بشرا المريسي، ثم جاء إلى الناس فأظهر تكفير الجهمية بالنفاق منه -عدو اللَّه- لما رأى من الذلة حتى إذا ظن أنه قد تمكن أظهرها ثانية. وآخر قد عرف الناس جهله، وإن كان قد سمع الحديث، فقد عرف أهل العلم بأنه ليس من أهل المعرفة بمعاني الأخبار ولا بأحكامها ولا بالتفقه فيها ولا بالتمييز لضعيفها من قويها، وأنه صاحب لجاج وخفة وقلة فهم بحمد اللَّه ونعمته، وإلا فهل يشتبه أمر هؤلاء على أحد له في اللَّه نصيب، إن قومًا قصدوا إلى جعل جهم وضرار، وأبي بكر الأصم، وبشر المريسي، رؤساء الضلالة والكفر، وإلى مثل عبد اللَّه بن المبارك، وابن عيينة، ووكيع، ويزيد بن هارون، فقالوا: هؤلاء وهؤلاء سواء أحكامهم واحدة. هؤلاء فيما أحدثوا من التكذيب بكتاب اللَّه، وقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ إذ جحدوا كلام اللَّه وصفاته، وقالوا: إن أسماءه مخلوقة، فلم يثبتوا شيئًا، حتى قال حماد بن زيد: إنما يحاولن أن لا شيء في السماء (¬1). رواه عنه سليمان بن حرب، ورواه إبراهيم بن سعد أو، شعيب: إنما يعبدون صنما. ورواه عنهم هارون بن معروف، فسووا بينهم وبين الذين قاموا بكتاب اللَّه وسنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقد بين اللَّه لنا أمرهم بأئمتنا الذين أدركناهم، وبما نقل إلينا الثقات عمن مضى من سلفنا، مثل: جعفر بن محمد، وحماد بن زيد، وابن ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد" ص 9 (9)، وعبد اللَّه بن أحمد في "السنة" 1/ 117 (41)، وابن بطة في "الإبانة" 2/ 95 (329).

عيينة، وإبراهيم بن سعد، ووكيع، ويزيد بن هارون، وابن المبارك، ويحيى ابن عبد الرحمن، وأبي بكر بن عياش، وحفص، وابن إدريس، وخلق من خلق اللَّه كثير ممن أكفرهم وضللهم؛ فبين اللَّه لنا بهم، وبما بين في كتابه أنه متكلم عالم سميع بصير، كل هذه صفاته، وقد بين ذلك أيضا على لسان نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ إذ أخبر أن المؤمنين ينظرون إلى ربهم في القيامة ويكلمونه ويسائلهم، ويضحك إليهم، وأنهم يعاينون ذلك منه، وينظرون إليه ويسمعون منه، ولقد أكد ذلك فقال: "مَا مِنْكُم من أحدٍ إلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ ولا حاجب" رواه أبو أسامة قال: ثنا الأعمش قال: ثنا خيثمة، عن عدي بن حاتم قال "ليس بينهم وبينه ترجمان" (¬1). وحدثناه الحكم بن موسى، قال: ثنا عيسى بن يونس، قال: ثنا الأعمش، عن خيثمة، عن عدي بن حاتم، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا مِنْكُم مِنْ أحدٍ إلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ" (¬2). وحدثونا عن عبد الواحد أيضًا، عن الأعمش (¬3). قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يدنو المؤمن من اللَّه عز وجل يوم القيامة فيضع عليه كنفه فيقول: هل تعرف ذنب كذا وكذا؟ فيقول: رب، أعرف. فيقول: هل تعرف؟ فيقول: رب، أعرف. فيقول: أنا سترتها عليك في الدنيا". حدثناه ابن المنهال الضرير، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن صفوان بن محرز قال: بينا ذات يوم مع ابن عمر ¬

(¬1) رواه البخاري (7443) من طريق أبي أسامة به، بلفظ: "ليس بينه وبينه". (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" 3/ 17 - 18 (18) من طريق الحكم بن موسى به. (¬3) رواه الطبراني في "الكبير" 17/ 82 من طريق عبد الواحد، به. ورواه الإمام أحمد 4/ 256، 377 من طريق الأعمش، به.

إذ عرض له شيخ فقال له: يا ابن عمر، هل سمعت من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في النجوى شيئا؟ قال: نعم، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول. .، وذكر القصة (¬1). وحتى قال عبد اللَّه بن مسعود: وليس أحد إلا يخلو اللَّه به. حدثونا به عن شريك، عن هلال الوزان، عن عبد اللَّه بن عكيم، عن عبد اللَّه بن مسعود (¬2). ثم ما بينه من الزيادة، والدنو، والقرب، على قدر التسارع إلى الجماعات. وفي ذلك من الأخبار أمر عظيم، لا يجهلها أحد من أهل العلم رد على أعداء اللَّه المكذبة الرادة على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: إنهم يعاينون ذلك من ربهم ويسمعون. ولقد قال محمد بن عبد اللَّه بن نمير: من شك في القرآن، فهو شر من الجهمية. وقال: هذا الوقف زندقة. ولقد أخبرني شيخ أنه سمع ابن عيينة يقول: القرآن خرج من اللَّه. وحدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا ابن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن زيد بن أرطاة، عن جبير بن نفير قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنكم لن ترجعوا إلى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بشيء أفضل مما خرج منه". يعني: القرآن (¬3). ¬

(¬1) رواه أحمد 2/ 105، والبخاري (2441)، ومسلم (2768). رواه البخاري (4685) من طريق يزيد بن زريع به. ورواه أحمد 2/ 105 من طريق سعيد بن أبي عروبه، به. (¬2) رواه ابن المبارك في "الزهد" (38)، وابن خزيمة في "التوحيد" (217، 245)، والطبراني في "الكبير" 9/ 182 (8900)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 3/ 43 - 44 (32) من طريق شريك به. (¬3) رواه مرسلا الإمام أحمد في "الزهد" ص 46، والترمذي (2912) وأبو داود =

وحدثنا عباس الوراق، وغيره -يعني: عن أبي النضر هاشم بن القاسم قال: ثنا بكر بن خنيس، عن ليث بن أبي سليم، عن زيد بن أرطاة، عن أبي أمامة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما تقرب العباد إلى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بمثل ما خرج منه" (¬1) يعني: القرآن. في [. . .] (¬2). وحدثني عثمان بن أبي شيبة، قال: ثنا وكيع، عن موسى بن عبيدة، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: إذا سمع القرآن من في الرحمن كأنهم لم يسمعوه. وحدثني أبو علي الحسن بن الحباب المقري، قال: ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا وكيع، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي، قال: إذا سمع الناس القرآن يوم القيامة من في الرحمن تبارك وتعالى كأنهم لم يسمعوا قبل ذلك قط. وفي أحاديث الرؤية الصحاح التي قالها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما يبين هذا أن ¬

= في "المراسيل" (38) من طريق عبد الرحمن بن مهدي به، ورواه الطبراني 2/ 46 (1614) من طريق آخر عن ليث بن أبي سليم عن عيسى، عن زيد بن أرطأة به. قال البخاري في "خلق أفعال العباد" ص 150 (404): لا يصح لإرساله وانقطاعه. وقال الهيثمي في "المجمع" 2/ 250: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه ليث بن أبي سليم وفيه كلام. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (1957). (¬1) رواه أحمد 5/ 268، والترمذي (2911) والطبراني 8/ 151 (7657)، وابن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" 1/ 208 (178) والخطيب في "تاريخ بغداد" 7/ 88 كلهم من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم به. قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وبكر بن خنيس قد تكلم فيه ابن المبارك وتركه في آخر أمره. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (1975). (¬2) بياض بالمطبوع.

المؤمنين يعاينون ذلك من اللَّه إذا تكلم وهم ينظرون، وإذا ضحك إليهم، ولقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للحسن والحسين: "أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ". حدثنا ابن أبي شيبة قال: ثنا أبو حفص الأبار قال: ثنا منصور والأعمش، عن المنهال -يعني: ابن عمرو- عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان النبي يعوذ الحسن والحسين: "أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ. . " (¬1) وذكر الحديث. ورواه سفيان الثوري أيضا، عن منصور (¬2). وحدثونا أيضا عن جعفر بن سليمان، قال: ثنا أبو التياح، قال: سأل رجل عبد الرحمن بن خنبش، كيف صنع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين كادته الشياطين؟ قال: تحدرتْ عليه الشياطين من الجبال والأودية يريدون رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: وفيهم شيطان معه في يده شعلة من نار يريد أن يحرق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فمأتاه جبريل عليه السلام فقال: يا محمد، قل. قال: "ما أقول؟ " قال: قل: "أعوذ بكلمات اللَّه التامات. . " وذكر الحديث (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 236، والبخاري (3371). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 270، والترمذي (2060) وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه (3525) من طريق سفيان عن منصور، به. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 419، وأبو يعلى 12/ 237 - 238 (6844) وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 173، وأبو نعيم في "الدلائل" 1/ 191 (137)، وفي "معرفة الصحابة" 4/ 1836 - 1837 (4636)، والبيهقي في "الدلائل" 7/ 95. وقال البخاري كما في "الإصابة" 2/ 396: في إسناده نظر. وقال الألباني في "الصحيحة" (840): والإسناد صحيح، رجاله إلى ابن خنبش على شرط مسلم، وقد اختلفوا في صحبته، وقد اختار الحافظ في "الإصابة" قول من جزم بأن له صحبة.

وحدثونا عن عفان، عن وهيب، عن ابن عجلان، عن يعقوب بن عبد اللَّه، عن سعيد بن المسيب، عن سعيد بن مالك، عن خولة بنت حكيم أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "لو أن أحدكم إذا نَزَلَ مَنْزِلًا قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ. . ". وذكر الحديث (¬1). وحدثونا عن يزيد بن هارون، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "إِذَا أَصَابَ أَحدكم فزع عِنْدَ النَّوْمِ، فليقل: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ" (¬2). وحدثونا عن جرير بن حازم، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ قَالَ حين يمسي: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ" (¬3) وذكر الحديث. ولا يجوز أن يقال: أعيذك بالنبي، أو بالجبال، أو بالأنبياء، أو بالملائكة، أو بالعرش، أو بالأرض، أو بشيء مما خلق اللَّه، لا يتعوذ إلا باللَّه أو بكلماته. وقوله: أوجبوا على من حلف بالقرآن كل آية يمين. حدثونا عن هشيم قال: ثنا أبو بشر، وعون، عن الحسن قال: قال ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 377، ومسلم (2708). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 181، وأبو داود (3893)، والترمذي (3528). والنسائي في "الكبرى" 6/ 190 - 191، وعلقه البخاري في "خلق أفعال العباد" (347) وصححه الحاكم 1/ 548. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب وقال الحافظ في "نتائج الأفكار" 3/ 118: هذا حديث حسن. وحسنه الألباني في "الصحيحة" (264). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 290، ومسلم (2709).

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من حلف بسورة من القرآن بكل آية يمين" (¬1). وحدثونا عن هشيم قال: أنبأ مغيرة، عن إبراهيم أنه كان يقول: من حلف بسورة من القرآن بكل آية يمين (¬2). وقد روي عن الأعمش، عن عبد اللَّه بن مرة، عن أبي كنف، عن عبد اللَّه بن مسعود أنه سمع رجلا يحلف بسورة البقرة، فقال: أما إن عليه بكل آية يمينا (¬3). فهذا خلاف ما قاله هؤلاء الجهمية الشكاك، هؤلاء إذا قالوا: إنه مخلوق، وهؤلاء إذا شكوا فيه، وقد سمعت وهب بن بقية الواسطي يقول: سمعت وكيعًا وكتبته عنه -يعني: وكيعًا- وسألوه عن القرآن؟ فقال: كلام اللَّه وليس بمخلوق. وحدثونا عن معاوية عن عمار الدهني قال: سئل جعفر بن محمد عن القرآن؛ فقال: ليس بخالق ولا مخلوق. وأخبرني من سمع يزيد بن هارون، يقول: القرآن كلام اللَّه، وليس بمخلوق. وأخبرني عباس العنبري قال: أخبرني عمرو بن هارون المقري، قال: سمعت ابن عيينة وسئل عن القرآن، فقال: القرآن كلام اللَّه، وليس بمخلوق. ¬

(¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 263 - 264 (35) والبيهقي 10/ 43 وقال: هذا الحديث إنما روي من وجهين جميعًا مرسلًا، وروي عن ثابت بن الضحاك موصولًا مرفوعًا وإسناده ضعيف. (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 265 - 266 (36). (¬3) رواه عبد الرزاق 8/ 472 (15947)، وابن بطة في "الإبانة" 1/ 262 - 263 (34)، واللالكائي في "شرح السنة" 2/ 258 (379)، والبيهقي 10/ 43.

وأخبرنيه أيضًا أبو بكر الأعين، أنه سمع من عمرو بن هارون هذا قال: سمعت ابن عيينة يقول هذا. وسمعت جعفر بن مكرم يقول: سمعت وهب بن جرير يقول: القرآن كلام اللَّه، وليس بمخلوق. وسمعت أبا عبد اللَّه يقول هذا، ويقول: بلغني هذا عن جعفر بن محمد، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي، وإبراهيم بن سعد، وأبي النضر، ووهب بن جرير، ووكيع، وغيرهم، أنهم كانوا يقولون: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، إنه ممن يقول: غير مخلوق، فهل يحل عنده محل الجهمية النافعة. وقد سمعت من يقول: وقع بيني وبين مثنى الأنماطي كلام، ونحن في طريق مكة، فأتيت وكيعا، وسألته عمن قال: القرآن مخلوق؛ فقال: هذا كفر، هذا كفر، هذا كفر كفر. وسمعت فضلا الأنماطي يقول: سمعت يزيد بن هارون والفريابي يقولان: من قال: القرآن مخلوق. فهو كافر. وأخبرني محمد بن غيلان، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة المروزيان، أنهما سمعا علي بن الحسن بن شقيق يقول: سمعت عبد اللَّه بن المبارك يقول: القرآن كلام اللَّه وليس بمخلوق. وهذان من فضلاء أهل خراسان. وأخبرني أبو سعيد بن أخي حجاج الأنماطي؛ أنه سمع عمه يقول: القرآن كلام اللَّه، وليس من اللَّه شيء مخلوق، وهو منه، وليس بمختلف عندنا. عن أبي النضر، وعفان، وعاصم، أنهم كانوا يقولون: القرآن كلام

اللَّه، وليس بمخلوق. وسمعت عباسا العنبري يقول: سمعت أبا الوليد يقول: القرآن كلام اللَّه، وليس بمخلوق؛ ومن لم يعقد عليه قلبه أنه ليس بمخلوق، فهو كافر. وحدثنا حسن بن عيسى مولى ابن المبارك قال: سمعت ابن المبارك يقول: الجهمية كفار. وحدثني أبو عمر الدوري المقري، قال: ثنا عفان، قال: شهدتُ سلَّامًا أبا المنذر قارئ أهل البصرة، وقد جاءه رجلٌ جهمي والمصحف في حجره، فقال له: ما هذا يا أبا المنذر؟ قال: قم يا زنديق، هذا كلام اللَّه غير مخلوق. وسمعت محمد بن يحيى بن سعيد القطان يقول: كان أبي وعبد الرحمن بن مهدي يقولان: الجهمية تدور أن ليس في السماء شيء. وحدثني العباس العنبري، قال: سمعت شاذًّا يقول: سمعت يزيد بن هارون يقول: من قال: القرآن مخلوق. فهو -واللَّه الذى لا إله إلا هو- زنديق. وقال عمر بن عثمان الواسطي ابن أخي علي بن عاصم قال: سألت هشيما، وجريرا، والمعتمر، ومرحوما، وعمي علي بن عاصم، وأبا بكر ابن عياش، وأبا معاوية، وسفيان، والمطلب بن زياد، ويزيد بن هارون عمن قال: القرآن مخلوق، فقالوا: زنادقة. قال أبو بكر: زنادقة يقتلون. قلت ليزيد بن هارون: يقتلون يا أبا خالد بالسيف؟ قال: بالسيف. وأخبرنا من سَمِعَ يعقوب بن إبراهيم بن سعد يقول: جاء سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، فسأل أبي عن رجل يقول: القرآن مخلوق؟ فقال: هذا كافر باللَّه، تضرب عنقه من هاهنا، وأشار بيده إلى عنقه.

فقلت ليعقوب: أي شيء تقول أنت؟ قال: القرآن كلام اللَّه، وليس بمخلوق. وأخبرني فطر بن حماد قال: سألت المعتمر، وحماد بن زيد عمن قال: القرآن مخلوق؛ فقالا: كافر. قال: وسألت يزيد بن زريع، صليت خلف من يقول: القرآن مخلوق؟ فقال: خلف رجل مسلم أحب إلي. وسمعتُ حسينا يقول: سمعت قبيصة يقول: من قال: محدث؛ فهو يقول: إنه مخلوق، ومن قال: إنه مخلوق؛ فهو كافر باللَّه، سمعته من وكيع، وقد أخبرتك من ينصب في هذا الأمر ويقوم به في تكفير من مضى لهم بيان ذلك، حتى تكلموا في استتابتهم وموارثتهم، ولو كان هذا الأمر الذي جاءت به الجهمية أمرا يرتاب فيه أو يشك فيه، لما وسع أهل العلم التكذيب به، ولا إخراج أهله من الحق، ولا إثبات ما جحدوه من صفات اللَّه وأسمائه، وانتحالهم خلق القرآن، ولا جاز لهم مباينتهم إذا استتابوا بشرا وأصحابه، ولوجب عليهم الإمساك عنهم وترك الرد عليهم والخلاف لهم، ولكنهم كانوا -واللَّه- أعلم باللَّه، وأشد في أمره في أن يشكوا فيما قد وضع لهم من الحق، وبان لهم من الباطل، فاتق اللَّه، وانظر لنفسك، فإني قد نصحتك، وأحببت لك ما أحببت لنفسي، ودعوتك إلى ما عليه شيخ الإسلام أبو عبد اللَّه، وأهل العلم قبلنا، وأهل الشورى، انْقَدْ للحق وتواضع عليه، وعظم أمره، وبين ذلك واكشفه، فإني أرجو أن يقبل اللَّه إليك بقلوب المؤمنين، ويشرح صدرك بالذي شرح به صدورهم إذا علم منك الصدق والتواضع والاستكانة له والتضرع إليه، فإن كان قوم قد نازعوك هذا وأنكروه عليك فأَلِنْ لهم جانبك، وتواضع للحق والفهم، وبين ذلك،

فقد كان من ابن علية كلام في نبله ومجالسته أيوب، ويونس، وابن عون، والتيمي، فما منعه ذلك أن كشفه على رءوس الناس ورجع عنه فرفعه اللَّه بذلك، فإن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ كافيك ما تحذر، فإني قد رأيت أبا عبد اللَّه يحب أن يوفقك اللَّه، ورأيته معنيا بأمرك، يحب أن يسددك اللَّه للذي أجمع عليه أصحابك من أهل السنة وأهل الحديث، فإن هذا عنده مثل رأي الجهمية -عصمنا اللَّه وإياك- وباللَّه التوفيق، وجمع لنا ولك خير الدنيا والآخرة، وقد بلغني أن زكريا أظهر كتابا بحضرتك حكى فيه حكايات في الوقف عن مشيخة عرفها الناس عندنا أنها كذب. قال أبو بكر المروذي: هذا آخر الكتاب الذي سطر أبو عبد اللَّه فيه وصححه بخطه. "السنة" للخلال 2/ 255 - 270 (1909 - 1941) قال ابن بطة: حدثنا أبو حفص، قال: حدثنا أبو نصر، قال: حدثنا الفضل، قال: حدثنا أبو طالب، قال: قلت: يا أبا عبد اللَّه! إني قد احتججت عليهم بالقرآن والحديث وأحب أن أعرضه عليك، قال اللَّه تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6]؛ أليس من محمد يسمع كلام اللَّه؟ ! قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)} [البقرة: 75]. وقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)} [النحل: 98]. وقال: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ} [الإسراء: 45]. وقال: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الأعراف: 204]. وقال: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27)} [الكهف: 27].

وقال: {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى} [النمل: 92]؛ أليس يتلو القرآن؟ ! وقال عَزَّ وَجَلَّ: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20]؛ فعلى كل حال فهو قرآن. وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث جابر: "إن قريشًا منعوني أن أبلغ كلام ربي" (¬1). وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لمعاوية بن الحكم: "إنَّ هذِه الصَّلَاةَ لَا يَصلُح فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إلا القرآن" (¬2)؛ فالقرآن غير كلام الناس. وقال أبو بكر -رضي اللَّه عنه-: لا واللَّه، ولكنه كلام اللَّه (¬3). فقال لي: ما أحسن ما احتججت به! جبريل جاء إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمخلوق! والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جاء إلى الناس بمخلوق! "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 1/ 335 - 337 (141) ¬

(¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 390، وأبو داود (4734)، والترمذي (2925)، وابن ماجه (201)، والنسائي في "الكبرى" 4/ 411 (7727). قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، وصححه الألباني في "الصحيحة" (1947). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 447، ومسلم (537). (¬3) رواه عبد اللَّه بن أحمد في "السنة" 1/ 143 (116)، وابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 404 (237) وحمزة بن يوسف في "تاريخ جرجان" (414)، وابن بطة في "الإبانة" الرد على الجهمية 1/ 271 - 273 (41)، والبيهقي في "الاعتقاد" ص 107 - 108، وابن الأثير في "أسد الغابة" 6/ 298 ترجمة أبي مكرم الأسلمي (6267) جميعًا من طريق سريج بن النعمان عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عروة بن الزبير عن نيار بن مكرم أن أبا بكر -رضي اللَّه عنه- خاطر قومًا. . وفيه قصة المراهنة بين أبي بكر وكفار مكة في غلبة الروم على فارس مصداقًا للآية. وروى أصله الترمذي (3194) دون موضع الشاهد وقال: حسن صحيح.

قال ابن بطة: وأخبرني أبو صالح وحدثنا أبو حفص قالا: حدثنا محمد بن داود بن جعفر البصروي قال: حدثنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ومن قال: مخلوق؛ فهو كافر باللَّه واليوم الآخر، والحجة فيه: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [آل عمران: 61]. وقال: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120)} [البقرة: 120]. وقال: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)} [الرعد: 37]. فالذي جاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به من العلم هو القرآن، وهو العلم الذي جاءه، والعلم غير مخلوق، والقرآن من العلم وهو كلام اللَّه. وقال: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3)} [الرحمن: 1 - 3]. وقال: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]. فأخبر أن الخلق خلق، والأمر غير الخلق، وهو كلام، فإن اللَّه لم يخل من العلم. وقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (23)} [الإنسان: 23]. والذكر هو القرآن، وأن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لم يخل منهما، ولم يزل اللَّه متكلمًا عالمًا. وقال في موضع آخر: إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لم يخل من العلم والكلام وليسا من الخلق؛ لأنه لم يخل منهما، فالقرآن من علم اللَّه. وقال ابن عباس: أول ما خلق اللَّه القلم، فقال له: اكتب. فقال: يا رب! وما أكتب؟ قال: اكتب القدر. فجرى بما هو كائن من ذلك اليوم إلى قيام الساعة.

رواه الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس (¬1)، وأبو الضحى، عن ابن عباس (¬2)، ورواه منصور بن زاذان (¬3)، ورواه مجاهد، عن ابن عباس (¬4)، ورواه عروة بن عامر، عن ابن عباس (¬5)، وحدث به الحكم، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس (¬6)، فكان أول ما خلق اللَّه من شرعه القلم. وفي هاتين الآيتين رد على الجهمية: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: 210]، {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} [الفجر: 22]. وقال: {وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ} [الأنعام: 34]، ولا يقولون: إنه مخلوق. وفي هؤلاء الآيات أيضًا دليل على أن الذي جاءه هو القرآن؛ لقوله تعالى: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [الرعد: 37]. "الإبانة" لابن بطة كتاب: الرد على الجهمية 2/ 26 - 29 (218) قال المروذي: هاهنا رجل قد تكلم في ذلك الجانب وقال: اعرضوا كلامي على أبي عبد اللَّه: فذكر في رقعة أشياء منها: أن صلاتنا وإيماننا ¬

(¬1) رواه الفريابي في "القدر" ص 79 (77، 78، 79)، والآجري في "الشريعة" صـ 154 (327)، وابن بطة في "الإبانة" الرد على الجهمية 2/ 29 (220) بعد هذه المسألة. (¬2) رواه الإمام أحمد في "السنة" 2/ 401 (871) والآجري في "الشريعة" ص 53 (326). (¬3) رواه الإمام أحمد في "السنة" 2/ 401 (872) وابن بطة في "الإبانة" الرد على الجهمية 2/ 22 (216) قبل هذه المسألة من طريق منصور، عن الحكم، عن أبي ظبيان، عنه. (¬4) رواه عثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية" 1/ 37 (44)، والطبري في "تفسيره" 12/ 178 (34546)، (34547). (¬5) رواه الإمام أحمد في "السنة" 2/ 411 (898)، والطبري 11/ 166 (30759). (¬6) هو طريق منصور بن زاذان السابق.

مخلوق على الحركة والفعل لا على القول، فمن قال: الإيمان مخلوق. وأراد القول فهو كافر. فلما قرأها أحمد وانتهى إلى قوله: الحركة والفعل. رمى (¬1) بالرقعة وغضب، ثم قال: هذا أهل أن يحذر عنه، هذا كلام جهم، إذا قال: الإيمان مخلوق فأيش بقي! الذي يقول: الإيمان شهادة أن لا إله إلا اللَّه، ولا إله إلا اللَّه مخلوق (¬2)! "الروايتين والوجهين" ص 82 - 83 قال إبراهيم بن الحكم القصار: سئل أحمد بن محمد بن حنبل عن الإيمان: مخلوق أم لا؟ قال: أما ما كان من مسموع فهو غير مخلوق، وأما ما كان من عمل الجوارح فهو مخلوق. "طبقات الحنابلة" 1/ 238 قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إن علي بن المديني حدث عن الوليد حديث عمر: كلوه إلى عالمه. فقال: إلى خالقه. فقال: هذا كذب. ثم قال: هذا قد كتبناه عن الوليد، إنما هو: فكلوه إلى عالمه (¬3)، ¬

_ (¬1) زيادة من "تاريخ الإسلام" للذهبي. (¬2) ذكرها الذهبي في "تاريخ الإسلام" 18/ 94 وقال: إنما حط عليه أحمد بن حنبل لكونه خاض وأفتى وقسم، وفي هذا عبرة وزاجر، واللَّه أعلم. فقد زجر الإمام أحمد كما ترى في قصة الرقعة التي في الإيمان، وهي واللَّه بحث صحيح، وتقسيم مليح. وبعد هذا فقد ذم من أطلق الخلق على الإيمان، باعتبار قول العبد لا باعتبار مقوله، لأن ذلك نوع من الكلام، وهو كان يذم الكلام وأهله، وإن أصابوا، ونهى عن تدقيق النظر في أسماء اللَّه وصفاته، مع أن محمد بن نصر المروزي قد سمع إسحاق بن راهويه يقول: خلق اللَّه الإيمان والكفر، والخير والشر. (¬3) رواه الطبراني في "مسند الشاميين" 4/ 156 (2989) عن أبي زرعة، عن أبي اليمان، عن شعيب عن الزهري عن أنس قال: قرأ عمر بن الخطاب {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا=

وهذه اللفظة قد روي عن ابن المديني غيرها. "تاريخ بغداد" 1/ 468 قال الميموني: قال رجل لأبي عبد اللَّه: ذهبت إلى خلف البزار أغظه، بلغني أنه حدث بحديث عن [أبي] الأحوص، عن عبد اللَّه قال: ما خلق اللَّه شيئًا أعظم. . وذكر الحديث. فقال أبو عبد اللَّه: ما كان ينبغي له أن يحدث بهذا في هذه الأيام -يريد زمن المحنة- والمتن: ما خلق اللَّه من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي (¬1). وقد قال أحمد بن حنبل لما أوردوا عليه هذا يوم المحنة: إن الخلق واقع هنا على السماء والأرض وهذه الأشياء، لا على القرآن. "سير أعلام النبلاء" 10/ 578. ¬

وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31)} فقال: كل هذا قد علمنا به، فما الأب؟ ثم قال: هذا لعمر اللَّه التكلف، اتبعوا ما بين لكم من هذا الكتاب، وما أشكل عليكم فكلوه إلى عالمه. ورواه الخطيب في "تاريخه" بعد المسألة المذكورة من طريق علي بن المديني، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزهري، به، بلفظ: فكلوه إلى ربه. (¬1) رواه ابن الضريس في "فضائل القرآن" ص 92، 93 (193، 194)، وأبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 230، من طرق عن ابن مسعود. وروى الترمذي (2884) عن سفيان بن عيينة أنه قال في تفسير قول ابن مسعود هذا: لأن آية الكرسي هو كلام اللَّه، وكلام اللَّه أعظم من خلق السماء والأرض.

99 - فصل: حكم الجهمية

99 - فصل: حكم الجهمية قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا سريج بن النعمان، قال: أخبرني عبد اللَّه بن نافع، قال: كان مالك يقول: أنا مؤمن، ويقول: الإيمان قول وعمل، ويقول: كلم اللَّه موسى، ويستفظع قول من يقول: القرآن مخلوق؛ قال: يوجع ضربًا، ويحبس حتى يتوب. وقال مالك: اللَّه في السماء، وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء. "مسائل صالح" (839) قال أبو الفضل: حدثني أبي قال: سمعت إسماعيل ابن علية يقول: من قال: القرآن مخلوق؛ مبتدع. وقال أبي: من زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر، ومن زعم أن أسماء اللَّه مخلوقة كفر، لا يصلى خلف من قال: القرآن مخلوق؛ فإن صلى رجل عاد. "سيرة الإمام أحمد" لصالح ص 66 - 67 قال أبو داود: قلت لأحمد: الجمعة؟ قال: أنا أعيد، ومتى ما صليت خلف أحد ممن يقول القرآن مخلوق فأعد. قلت: وبعرفة؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (305) قال أبو داود: سمعتُ أحمد ذكر له رجل أن رجلا قال: إن أسماء اللَّه مخلوقة، والقرآن مخلوق؟ فقال أحمد: كفر بين. قال: قلت لأحمد: من قال: القرآن مخلوق أهو كافر؟ قال: أقول: هو كافر. "مسائل أبي داود" (1696 - 1697) قال ابن هانئ: سمعتُ أبا عبد اللَّه يقول: القرآن كلام اللَّه، وليس بمخلوق، ومن قال: إن القرآن مخلوق؛ فهو كافر باللَّه العظيم. قال ابن هانئ: سمعتُ أبا عبد اللَّه يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: لو كان لي قرابة ممن يقول: القرآن مخلوق، ثم مات لم أرثه.

قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: والقرآن علم من علم اللَّه، ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر باللَّه تعالى. "مسائل ابن هانئ" (1856 - 1858) وسمعته يقول: من زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر، والقرآن علم من علم اللَّه، فمن زعم أن علم اللَّه مخلوق (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1860) قال ابن هانئ: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: أربعة مواضع في القرآن: {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} فمن زعم أن القرآن مخلوق؛ فهو كافر. قال ابن هانئ: وسمعته يقول: القرآن علم من علم اللَّه، فمن زعم أن علم اللَّه مخلوق، فهو كافر. "مسائل ابن هانئ" (1862 - 1863) قال ابن هانئ: وسئل عن رجل حلف بالطلاق لا يكلم زنديقًا، فلقي رجلا يقول: القرآن مخلوق، فكلمه، فسكت أحمد، فقال له هارون الديك: إن سجادة يقول: طلقت امرأته. قال أبو عبد اللَّه: ما أبعد. "مسائل ابن هانئ" (1872) قال ابن هانئ: قال (¬2): والقرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ومن قال: إنه مخلوق فهو كافر؟ فقال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (1877) قال المروذي: حدثنا الميموني قال: سألته فيما بيني وبينه، واستفهمته واستثبته، قلت: يا أبا عبد اللَّه: قد بلينا بهؤلاء الجهمية، ما تقول فيمن قال: إن اللَّه ليس على العرش؟ قال: كلامهم كلهم يدور على الكفر. قلت: ما تقول فيمن قال: إن اللَّه لم يكلم موسى؟ قال: كافر لا يشك فيه. ¬

(¬1) كذا جواب الشرط ساقط من المطبوع، ولعله: فهو كافر، كما في الروايات التالية. (¬2) رجل يسأل الإمام.

قلت من قال: إن أسماء اللَّه محدثة؟ قال: كافر، ثم قال لي: اللَّه من أسمائه، فمن قال: إنها محدثة، فقد زعم أن اللَّه مخلوق، وأقبل يعظم أمرهم، ويكفر، وقرأ: {اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126)} [الصافات: 126]. وذكر آية أخرى قلت: من قال: إن اللَّه كان ولا علم، فتغير وجهه في هذا كله، وكان في هذا أشد تغيرا وأكثر غيظا، ثم قال لي: كافر، وقال: في كل يوم أزداد في القوم بصيرة. "العدل" برواية المروذي وغيره (349) قال حرب: سمعت أحمد بن حنبل وذكر عنده كلام الناس في القرآن أنه مخلوق، فقال: كفرٌ ظاهر. مرتين. قال: سألت إسحاق قلت: أليس تقول: القرآن كلام اللَّه تكلم به ليس بمخلوق؟ [قال: نعم، القرآن كلام اللَّه تكلم به ليس بمخلوق] (¬1)، ومن قال: إنه مخلوق، فهو كافر. وسألته عن الرجل يقول: القرآن كلام اللَّه ويقف. قال: هو عندي شر من الذي يقول إنه مخلوق، لأنه يقتدي به غيره. "مسائل حرب" ص 41 قال حرب: سمعتُ إسحاق يقول: ليس بين أهل العلم اختلاف أن القرآن كلام اللَّه، وليس بمخلوق، وكيف يكون شيء من الرب عز ذكره مخلوقًا؟ ! ولو كان ما قالوا لكان يلزمهم أن يقولوا: علمه وقدرته ومشيئته مخلوقة. فإن قالوا ذلك لزمهم أن يقولوا: كان اللَّه تبارك اسمه ولا علم ولا قدرة ولا مشيئة. وهو الكفر المحض الواضح، لم يزل اللَّه عالما متكلمًا، له المشيئة والقدرة في خلقه. والقرآن كلام اللَّه وليس بمخلوق، فمن زعم أنه مخلوق، فهو كافر، ومن وقف فهو شر منه. ¬

(¬1) من "السنة" للخلال (1827).

قال حرب: حدثنا إبراهيم بن الحارث، قال: قال أحمد بن حنبل: القرآن كلام اللَّه، ومن قال: إنه مخلوق فهو كافر، والقرآن من علم اللَّه، وفيه أسماؤه، وعلم اللَّه ليس بمخلوق، وقال اللَّه: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)} [الرحمن: 1 - 4] فالقرآن من علم اللَّه، وعلم اللَّه ليس بمخلوق، فيه أسماؤه. قال حرب: سمعتُ إسحاق بن إبراهيم قال: القرآن كلام اللَّه تكلم به. من قال: إنه كعباد اللَّه. فهو كافر. "مسائل حرب" ص 41 قال حرب: وقال أبو عبد اللَّه: من قال: القرآن مخلوق؛ فهو كافر. قلت: لا يصلى عليه؟ قال: لا. قلت: ولا تجوز الصلاة خلفه؟ قال: لا. قلت: فإن صلى خلفه يعيد الصلاة؟ قال: نعم. "مسائل حرب" ص 42 قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن أعين أنه شهد ابن المبارك وقيل له: إن النضر بن محمد يقول: من قال: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه: 14] مخلوق؛ فهو كافر. فقال ابن المبارك: صدق النضر. "مسائل حرب" ص 42 قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سريج بن النعمان، قال: أخبرني عبد اللَّه بن نافع، قال: كان مالك -يعني: ابن أنس- يقول: الإيمان قول وعمل. ويقول: القرآن كلام اللَّه. ويقول: من يقول القرآن مخلوق. قال: يوجع ضربا ويحبس حتى يتوب، وقال مالك: اللَّه في السماء وعلمه في كل مكان، لا يخلو منه شيء. "العلل" برواية عبد اللَّه (1248) قال عبد اللَّه: سمعت أبي رحمه اللَّه يقول: من قال: القرآن مخلوق؛

فهو عندنا كافر؛ لأن القرآن من علم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وفيه أسماء اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. وقال: سمعت أبي رحمه اللَّه يقول: إذا قال الرجل: العلم مخلوق؛ فهو كافر؛ لأنه يزعم أنه لم يكن له علم حتى خلقه. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 102 (1 - 2) قال عبد اللَّه: سمعت أبي رحمه اللَّه يقول: من قال: القرآن مخلوق؛ فهو عندنا كافر؛ لأن القرآن من علم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [آل عمران: 61] وقال عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120)} [البقرة: 120] وقال عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145)} [البقرة: 145] وقال عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)} [الأعراف: 54] قال أبي رحمه اللَّه: والخلق غير الأمر، وقال عَزَّ وَجَلَّ {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ} [هود: 17]. قال أبي رحمه اللَّه: قال سعيد بن جبير: والأحزاب: الملل كلها {فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} [هود: 17]، وقال عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (36) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)} [الرعد: 36، 37] (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 1/ 103 (3) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه قال: حدثنا سريج بن النعمان، أخبرني عبد اللَّه بن نافع، قال: كان مالك بن أنس رحمه اللَّه يقول: من قال: القرآن ¬

(¬1) رواه الخلال في "السنة" 2/ 230 (1873) مختصرًا، 2/ 238 - 239 (1901).

مخلوق، يوجع ضربًا ويحبس حتى يموت. وقال مالك رحمه اللَّه: اللَّه في السماء، وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء وتلا هده الآية: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: 7] وعظم عليه الكلام في هذا واستشنعه. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 106 - 107 (11) قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه: سمعناه من ابن علية، وجاءه منصور بن عمار فقال ابن علية: من قال: القرآن مخلوق، فهو مبتدع. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 131 - 132 (80) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثني شاذ بن يحيى، سمعت يزيد بن هارون يقول: من قال: القرآن مخلوق؛ فهو -واللَّه الذي لا إله إلا هو- زنديق. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 481 (1105) أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من قال: القرآن مخلوق؛ فهو كافر باللَّه العظيم واليوم الآخر. قال الخلال: عن أحمد بن الحسين، ويوسف بن موسى، وإسماعيل ابن إسحاق الثقفي -المعنى واحد- أنهم سمعوا أبا عبد اللَّه يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ومن قال: إنه مخلوق فهو كافر. قال الخلال: وأخبرني يعقوب بن يوسف أبو بكر المطوعي، قال: سمعت أحمد وقال له رجل: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق؟ قال أحمد: كذا نقول. قال الرجل: يا أبا عبد اللَّه، هذا هو الحق؟ قال: كذا نقول. قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال له رجل: رأيت بالبصرة قد كُتِب على مسجد:

القرآن مخلوق. ففزع أبو عبد اللَّه من ذلك، وجعل يقول: لا إله إلا اللَّه، لا إله إلا اللَّه. قال الخلال: أخبرني محمد بن علي، قال: ثنا صالح، وأخبرني محمد بن علي قال: ثنا الحسن بن إبراهيم. وأخبرني أحمد بن بحر الصفار قال: سمعت الحسن بن البزار. وأخبرني بن جحدر، ومحمد بن أبي هارون، أن الحسن بن ثواب حدثهم -المعنى قريب- كلهم سمع أبا عبد اللَّه أنه قال: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ومن قال: إنه مخلوق؛ فهو كافر. "السنة" للخلال 2/ 217 - 218 (1828 - 1832) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: ثنا صالح أن أباه قيل له: أفأحد من العلماء قال: ليس بمخلوق؟ قال: جعفر بن محمد. حدثني أبي -أملاه عليَّ إملاء من كتابه- قال: ثنا موسى بن داود قال: ثنا أبو عبد الرحمن معبد. .، فذكر الحديث. قال أبي: وقد رأيت معبدًا. "السنة" للخلال 2/ 219 (1837) قال الخلال: أخبرني محمد بن العباس القطيعي، قال: حدثني محمد ابن أحمد بن مهنا، قال: سألت عبد الوهاب الوراق، يعني: عن شيء من القرآن؟ فقال: أخبرني المروذي قال: قال أبو عبد اللَّه، أو قال أحمد: من طعن في القرآن بسوء فهو جهمي. "السنة" للخلال 2/ 227 (1861) قال الخلال: أخبرني أبو النضر إسماعيل بن عبد اللَّه بن ميمون العجلي، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من قال: إن أسماء اللَّه مخلوقة، وإن علم اللَّه مخلوق؛ فهو كافر (¬1). ¬

(¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" -كتاب الرد على الجهمية- 2/ 65 - 66 (279) عن إسحاق بن هانئ، 2/ 67 (285) عن إبراهيم بن هانئ.

قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر؛ أن أبا الحارث حدثهم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: القرآن كلام اللَّه ليس بمخلوق، ومن زعم أن القرآن مخلوق؛ فقد كفر؛ لأنه يزعم أن علم اللَّه مخلوق، وأنه لم يكن له علم حتى خلقه (¬1). قال الخلال: وأخبرني عبد الملك؛ أنه سأل أبا عبد اللَّه، قال: قلت: من قال: إن اللَّه كان ولا علم؟ فتغير وجهه تغيرا شديدا، وكثر غيظه، ثم قال: الكافر، وقال لي: إني كل يوم أزداد في القوم بصيرة (¬2). قال: وقال لي أبو عبد اللَّه: علمت أن بشرًا المريسي كان يقول العلم علمان، فعلم مخلوق، وعلم ليس بمخلوق، فهذا أيش يكون هذا؟ ! قلتُ: يا أبا عبد اللَّه كيف يكون إذًا؟ قال: لا أدري، أيكون علمه كله بعضه مخلوق، وبعضه ليس بمخلوق، لا أدري كيف ذا؟ بشر كذا كان يقول! ، وتعجب أبو عبد اللَّه تعجبًا شديدًا. قال الخلال: وأخبرني أحمد بن أصرم المزني، قال: سمعت هارون الحمال يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: من زعم أن أسماء اللَّه مخلوقة؛ فقد كفر. قال الخلال: أخبرني موسى بن محمد الوراق، قال: ثنا عبد اللَّه بن محمد الحلبي، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من قال: اسم اللَّه مخلوق؛ فهو كافر، وأسماؤه في القرآن. قال الخلال: أخبرنا أبو محمد عبيد بن شريك البزار، قال: ثنا محمد ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة 2/ 69 - 70 (290). (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 2/ 70 (291).

ابن إبراهيم الأشمي ابن الكردية، قال: دخلت على أحمد بن حنبل أنا وأبي، فقال له أبي: يا أبا عبد اللَّه ما تقول في القرآن؟ قال: القرآن من علم اللَّه، ومن قال: من علم اللَّه شيء مخلوق؛ فقد كفر. قال الخلال: أخبرني محمد بن موسى؛ أن حبيش بن سندي وإسحاق ابن إبراهيم حدثاه، قال حبيش: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من زعم أن علم اللَّه مخلوق؛ فهو كافر. قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي، قال: قال أبو عبد اللَّه: قلت لابن الحجام -يعني: يوم المحنة- ما تقول في علم اللَّه؟ فقال: مخلوق، فنظر ابن رباح إلى ابن الحجام نظر المنكر عليه لما أسرع. فقلت لابن رباح: أيش تقول أنت؟ فلم يرض ما قال ابن الحجام. فقلت له: كفرت. قال أبو عبد اللَّه: يقول: إن اللَّه كان لا علم له، وهذا الكفر باللَّه، وقد كان المريسي يقول: إن علم اللَّه وكلامه مخلوق، وهذا الكفر باللَّه. "السنة" للخلال 2/ 228 - 230 (1864 - 1872) قال الخلال: وكتب إليَّ أحمد بن الحسين الوراق من الموصل، قال: ثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، وسمعه يقول: من قال: إن علم اللَّه مخلوق، فهو كافر، ومن زعم أن علمه مخلوق فكأنه لم يكن يعلم حتى خلق العلم. ومن قال: إن أسماء اللَّه مخلوقة؛ فكأن أسماء اللَّه لم تكن حتى خلقت، وإن كل مخلوق يبيد فهذا عندي كافر إذا قال هذا. قال الخلال: وأخبرنا أحمد بن محمد بن مطر، قال: ثنا أبو طالب، قال: قال أبو عبد اللَّه: ليس شيء أشد عليهم مما أدخلت علي ممن قال: القرآن مخلوق، قلت: علم اللَّه مخلوق؟ قالوا: لا. قلت: فإن علم اللَّه هو القرآن، قال اللَّه: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ

مِنَ الْعِلْمِ} [آل عمران: 61] (¬1). قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد، أن جعفر بن محمد حدثهم، قال: قلت لأبي عبد اللَّه: القرآن من علم اللَّه؟ فقال: القرآن من علم اللَّه، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} وهو في القرآن في أربع مواضع. قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن جامع الرازي، قال: ثنا أبو زرعة الرازي، قال: ثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا أبو أسامة، عن مجالد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لتغلبن مضر عباد اللَّه حتى لا يبقى للَّه اسم يعبد، أو ليغبنهم عباد اللَّه حتى لا يمنعوا ذنب تلعة" (¬2) قال أبو زرعة: قال أحمد بن حنبل: أسماء اللَّه غير مخلوقة، أما ترى أنه ¬

(¬1) رواه الآجري في "الشريعة" (172)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 2/ 249 (428)، وسيأتي نحوه ص 75. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 86 من طريق عباد بن عباد، عن مجالد بن سعيد به. قال الهيثمي 7/ 313: فيه مجالد وثقه النسائي، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات. وله شاهد من حديث حذيفة قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن هذا الحيَّ من مضر لا تدع للَّه في الأرض عبدًا صالحًا إلا افتتنته وأهلكته حتى يدركها اللَّه بجنود من عنده فيذلها حتى لا تمنع ذنب تلعة". رواه الإمام أحمد 5/ 390، عن الطيالسي 1/ 336 (421)، عن هشام عن قتادة عن أبي الطفيل عن حذيفة. وهو طريق أحمد السالف. ورواه البزار 7/ 225 من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة به وقال: وهذا الحديث لا نعلم رواه عن قتادة إلا هشام. ورواه الحاكم 4/ 469 - 470 من طريق موسى بن إسماعيل عن هشام به، قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. قال الهيثمي في "المجمع" 7/ 313: رواه أحمد بأسانيد البزار من طرق وأحد أسانيد أحمد وأحد أسانيد البزار رجاله رجال الصحيح. انتهى باختصار.

قال: "حتى لا يبقى للَّه اسم يعبد". قال الخلال: أخبرنا عبد الملك الميموني، قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا عباد بن عباد، عن مجالد بن سعيد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لتضربن مضر عباد اللَّه حتى لا يعبد للَّه اسم، وليضربنهم المؤمنون حتى لا يمنعوا ذنب تلعة" (¬1). قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي أبو بكر؛ أن يعقوب بن بختان سأل أبا عبد اللَّه عمن قال: القرآن مخلوق؛ فقال: كنت أهاب أن أقول كافر فرأيت قول اللَّه: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [آل عمران: 61]. قال الخلال: وأخبرنا محمد بن داود، قال: ثنا حنبل، قال: سمعت أبا عبد اللَّه -وسأله ابن الدورقي- فقال: قد كنا نهاب الكلام في هذا، ثم بان لنا الحكم، يقول اللَّه في كتابه: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ} (¬2). قال الخلال: وأخبرنا أحمد بن محمد بن مطر، أن أبا طالب حدثني أنه قال لأبي عبد اللَّه: قوم يقولون من إمامك في هذا؟ ومن أين قلت: إنه ليس بمخلوق؟ قال لي: الحجة ما أخبرتك، قال اللَّه تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ}. قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي، قال: سمعت أبا عبد اللَّه ¬

_ (¬1) تقدم ذكر هذه الطريق في تخريج الحديث السالف. (¬2) رواها الآجري في "الشريعة" 1/ 507، ونص الرواية: قال حنبل: سمعتُ أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل، وسأله يعقوب الدورقي عمن قال: القرآن مخلوق؟ فقال: من زعم أن علم اللَّه وأسماءه مخلوقة فقد كفر، ويقول اللَّه تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} أفليس هو القرآن؟ فمن زعم أن علم اللَّه وأسماءه وصفاته مخلوقة فهو كافر، لا شك في ذلك إذا اعتقد ذلك، وكان رأيه ومذهبه، وكان دينا يتدين به، كان عندنا كافرا. وانظر: "طبقات الحنابلة" (2/ 553).

يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ومن قال: القرآن مخلوق، فهو كافر باللَّه واليوم الآخر، والحجة فيه: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ}. الآية [آل عمران: 61]. وقال: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120)} [البقرة: 120]. {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 145]. وقال: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)} [الرعد: 37]. والذي جاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- القرآن، وهذا العلم الذي جاءه العلم غير مخلوق، والقرآن من العلم، وهو كلام اللَّه، وقال: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3)} [الرحمن: 1 - 3]. وقال: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، فأخبر أنه خلق الخلق، والأمر غير الخلق، وهو كلام اللَّه، وأن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لم يخل من العلم، وقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} [الحجر: 9] والذكر هو القرآن، وأن اللَّه لم يخل منهما، ولم يزل متكلما عالما. وقال في موضع آخر: وأن اللَّه لم يخل من العلم والكلام، وليسا من الخلق؛ لأنه لم يخل منهما، فالقرآن من علم اللَّه، وهو كلامه عن أبي عبد اللَّه. وأخرج المروذي الفعل من الكلام، وزاد المروذي قال: وقال ابن عباس: أول ما خلق اللَّه القلم، فقال له: اكتب فقال: يا رب، وما أكتب؟ قال: اكتب القدر مجرى بما هو كائن من ذلك اليوم إلى قيام الساعة. رواه الأعمش عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، وأبو الضحى، عن ابن عباس، ورواه منصور بن زاذان، ورواه مجاهد، عن ابن عباس، ورواه عروة بن عامر، عن ابن عباس، وحدث به الحكم، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس: كان أول ما خلق اللَّه عَزَّ وَجَلَّ القلم.

وفي هاتين الآيتين الرد على الجهمية: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: 210]، {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} [الفجر: 22]، وقال: {وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [الأنعام: 34]، وهؤلاء يقولون: إنه مخلوق، وفي هذه الآيات أيضًا دليل على أن الذي جاءه هو القرآن؛ لقوله: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [البقرة: 120] (¬1). قال الخلال: وأخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر؛ أن أبا الحارث حدثهم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قول ابن عباس حجة عليهم، أول ما خلق اللَّه القلم، وكلام اللَّه قبل أن يخلق القلم (¬2). قال الخلال: وأخبرني أحمد بن محمد بن عبد اللَّه بن صدقة، قال: سمعتُ لوينا يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ما أنا قلته، ولن ابن عباس قاله: حدثنا هشيم، قال: ثنا منصور بن زاذان، عن الحكم، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: أول ما خلق اللَّه القلم. قال لوين: فأخبر ابن عباس أن أول ما خلق اللَّه القلم، وقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40)} [النحل: 40]. فإنما خلق الخلق بكن، وكلامه قبل الخلق. قال الخلال: قال أبو بكر بن صدقة: قال الفضل بن زياد: فدخلت على أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل، وقد كنت حضرت مجلس لوين، فقال لي: يا أبا العباس، حضرت مجلس هذا الشيخ؟ . قلت: نعم. ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 2/ 26 - 29 (218). (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" -الكتاب الثالث- 2/ 22 (215).

قال: سمعت ما قال الشيخ في القرآن؟ . فقلت: نعم. قال: سبحان اللَّه! كأنما كان على وجهي غطاء، فكشفه عنه، أما سمعت قوله: إن أول الخلق القلم، وإنما خلق القلم بكلامه، وكان كلامه قبل خلقه، ثم قال لي: [تعلم أن واحد] (¬1) الكوفيين. واحد يعني: أنَّ لوينا أصله كوفي. (¬2) قال الخلال: أخبرني عبد الكريم بن الهيثم العاقولي أن الحسن بن الصباح حدثهم أن أبا عبد اللَّه قيل له: إن لوينا قال: أول ما خلق اللَّه عَزَّ وَجَلَّ القلم، فأول الخلق القلم، وكلام اللَّه قبل خلق القلم، فاستحسنه أبو عبد اللَّه وقال: أبلغ منهم بما حدث (¬3). قال الخلال: وأخبرنا عبد اللَّه بن أحمد إن أبي قيل له: إن لوينا [. . .] (¬4). قال الخلال: وأخبرني عبد اللَّه في موضع آخر قال: قلت لأبي: إن لوينا محمد بن سليمان الأسدي يقول: أول ما خلق اللَّه القلم، واللَّه لم يزل متكلما قبل أن يخلق الخلق. فأعجبه هذا واستحسنه. "السنة" للخلال 2/ 230 - 235 (1874 - 1887) قال الخلال: قال عبد اللَّه: وحدثني أبي قال: ثنا وكيع، قال: ثنا الأعمش، عن أبي ظبيان -قال وكيع: هو حصين بن جندب- عن ابن عباس قال: إن أول ما خلق اللَّه من شيء القلم، فقال له: اكتب، فقال: يا رب، وما أكتب؟ فقال: اكتب القدر. قال: فجرى بما هو كائن من ذلك اليوم إلى قيام الساعة، ثم خلق النون فدحا الأرض عليها، فارتفع ¬

_ (¬1) طمس في الأصل، والمثبت من "الإبانة". (¬2) رواه الآجري (388)، وابن بطة في "الإبانة" الكتاب الثالث (2/ 23 - 24) (216). (¬3) رواه ابن بطة -الكتاب الثالث- (2/ 24 - 25) (217). (¬4) قال محقق "السنة": بين المعقوفين سطر غير مقروء في (ص).

بخار الماء ففتق منه السماوات، فاضطرب النون فمالت، أو فمادت الأرض، فأثبتت بالجبال، فإن الجبال لتفخر على الأرض إلى يوم القيامة. قال الخلال: قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا معمر والثوري، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: إن أول ما خلق اللَّه القلم فقال له: اكتب قال: يا رب وما أكتب؟ قال: اكتب القدر. فجرى القلم بما هو كائن في ذلك اليوم إلى قيام الساعة، ثم طوي الكتاب ورفع القلم، ثم رفع بخار الماء ففتقت السماوات، ثم خلقت النون، ثم بسط عليها الأرض، والأرض على ظهر النون، فاضطرب النون، فمادت الأرض، ثم خلق اللَّه الجبال فأثبتها؛ فإن الجبال لتفخر على الأرض إلى يوم القيامة، ثم قرأ ابن عباس: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)} إلى {بِمَجْنُونٍ}. قال الخلال: قال عبد اللَّه: وحدثني أبي قال: ثنا عتاب، قال: ثنا هاشم، قال: ثنا عطاء بن السائب، قال: حدثني أبو ظبيان، عن عطية، وابن عباس قالا: إن أول شيء خلق اللَّه القلم، وأمره أن يكتب، فالناس يجرون فيما كتب إلى يوم القيامة. "السنة" للخلال 3/ 235 - 236 (1890 - 1892) قال الخلال: قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سليمان -يعني: الأعمش- عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: إن أول ما خلق اللَّه من شيء القلم، فجرى بما هو كائن، ثم رفع بخار الماء فخلقت منه السماوات، ثم خلقت النون فبسطت الأرض على النون، فتحركت النون، فمادت الأرض، فأثبتت بالجبال، فإن الجبال لتفخر على الأرض، ثم قرأ هذه الآية: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2)}. قال الخلال: قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: ثنا عبد الرحمن بن

مهدي، عن شعبة، عن الأعمش، قال: سمعت أبا ظبيان يحدث عن ابن عباس؛ فذكر الحديث. قال الخلال: قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: ثنا أبو معاوية وابن نمير وأسباط قالوا: ثنا الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: أول ما خلق اللَّه القلم، قال له: اكتب. قال: يا رب، وما أكتب؟ قال: اكتب القدر قال: فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى يوم القيامة، فذكر الحديث. "السنة" للخلال 2/ 237 (1894 - 1896) قال الخلال: وأخبرني صالح بن علي النوفلي المرخي من آل ميمون بن مهران، قال: سألت أحمد بن حنبل عمن قال: القرآن مخلوق؛ فقال: من قال: القرآن مخلوق، فهو كافر باللَّه العظيم. ثم التفت إلي وقال: لعلك تسأل كيف كفر؟ قلت: لا. قال: إن القرآن من علم اللَّه، ومن جعل علم اللَّه مخلوقًا، فهو كافر باللَّه العظيم، ألم تسمع إلى قول اللَّه: {عَلَّامُ الغُيُوبِ} [سبأ: 48] و {عَالِمُ الغُيُوبِ} [سبأ: 48]، وفي غير موضع من القرآن ذكر الغيب. قال الخلال: أخبرنا الحسن بن ثواب المخرمي أنه قال لأبي عبد اللَّه: من أين أكفرتهم؟ قال: قرأت في كتاب اللَّه غير موضع {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [البقرة: 145]، فذكر الكلام. قال الحسن بن ثواب: ذاكرت ابن الدورقي، فذهب إلى أحمد، ثم جاء فقال لي: سألته فقال لي كما قال لك، {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166]، ثم قال لي أحمد: إنما أرادوا الإبطال (¬1). أخبرني محمد بن أبي هارون؛ أن حبيش بن سندي حدثهم، عن أبي ¬

_ (¬1) انظر: "شرح أصول الاعتقاد" 2/ 290.

عبد اللَّه، قال اللَّه: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3)}، ففرق بين العلم والخلق. "السنة" للخلال 2/ 237 - 238 (1898 - 1900) قال الخلال: وأخبرني أحمد بن محمد بن مطر أن أبا طالب حدثهم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} [الحجر: 9]، وقال: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1)} [ص: 1]، فالذكر هو القرآن، وليس بمخلوق وقال: هذا شيء فتح لي. قال الخلال: أخبرنا محمد بن العباس، قال: سمعت أبا علي الصائغ، وكان من كبار أصحاب إدريس الحداد المقرئ، قال: سمعت عمران التمار يقول: قال أحمد بن حنبل: قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25)} [الروم: 25]، من زعم أن دعوة اللَّه س مخلوقة؛ فقد كفر. "السنة" للخلال 2/ 239 (1902 - 1903) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي أبو بكر؛ أن يعقوب بن بختان حدثهم، قال: قلت لأبي عبد اللَّه: إن رجلا جاء إلى سجادة. . وأخبرني عبد الكريم بن الهيثم الديرعاقولي قال: حدثني الحسن بن البزار، قال: قيل لأبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل: إن سجادة سئل عن رجل قال: امرأته طالق ثلاثا إن كلم زنديقا، فكلم رجلًا يقول: القرآن مخلوق، فقال سجادة: طلقت امرأته؛ فقال أبو عبد اللَّه: ما أبعد. قال الخلال: أخبرنا علي بن الحسن بن هارون الحربي، قال: ثنا أبو الفضل الوراق، قال: سألت أبا علي الحسن بن حماد سجادة، فقلت: بلغنا أنك قلت: لو أن رجلا حلف بالطلاق ألا يكلم زنديقًا فكلَّم رجلا يقول: القرآن مخلوق؛ حنث؟ فقال: نعم، من حلف ألا يكلِّم

كافرًا، فكلم رجلا يقول: القرآن مخلوق. حنث. قال أبو الفضل: وحدثني أبو بكر بن زنجويه أن هذا ذكر لأحمد بن حنبل فقال: ما أبعد (¬1). "السنة" للخلال 2/ 271 (1942 - 1943) قال حنبل بن إسحاق: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل وسأله يعقوب الدورقي عمن قال: القرآن مخلوق؛ فقال: من زعم أن علم اللَّه تعالى وأسماءه مخلوقة فقد كفر بقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [آل عمران: 61] أفليس هو القرآن؟ ومن زعم أن علم اللَّه تعالى وأسماءه وصفاته مخلوقة؛ فهو كافر، لا شك في ذلك، إذا اعتقد ذلك وكان رأيه ومذهبه دينا يتدين به؛ كان عندنا كافرًا (¬2). "الشريعة" للآجري ص 71 (160) قال محمد بن يوسف بن الطباع: سمعت رجلًا سأل أحمد بن حنبل فقال: يا أبا عبد اللَّه، أصلي خلف من يشرب المسكر؟ فقال: لا. قال: فأصلي خلف من يقول القرآن مخلوق؟ فقال: سبحان اللَّه، أنهاك عن مسلم، وتسألني عن كافر (¬3). "الشريعة" للآجري ص 72 (163) قال أبو طالب قال: قال أحمد: يا أبا طالب ليس شيء أشد عليهم مما أدخلت عليَّ من قال: القرآن مخلوق. قلتُ: علم اللَّه تعالى مخلوق؟ قال: لا. قلت: فإن علم اللَّه تعالى هو القرآن، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145)} [البقرة: 145]، وقال جل وعلا: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب: الرد على الجهمية - 2/ 61 - 62 (269). (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب: الرد على الجهمية 2/ 71 (294). (¬3) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب: الرد على الجهمية 2/ 71 - 72 (295).

مِنَ الْعِلْمِ} [آل عمران: 61] هذا في القرآن في غير موضع (¬1). "الشريعة" للآجرى ص 72 (164) قال ابن بطة: حدثنا حفص، قال: حدثنا أبو نصر -عصمة، قال: حدثنا حنبل بن إسحاق، قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: من زعم أن القرآن مخلوق، فقد زعم أن اللَّه مخلوق. ثم قال أبو عبد اللَّه: لا إله إلا اللَّه، ما أعظم هذا القول وأشده! هذا الذي كنا نحذره أن يكون. بلغني عن بعض شيوخنا أنه قال: معنى قول أبي عبد اللَّه هذا الذي كنا نحذره ما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يكون قوم يقولون: هذا اللَّه، خلق الخلق، فمن خلق اللَّه؟ " (¬2). "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 2/ 67 - 68 (286) قال الميموني: سألتُ أبا عبد اللَّه، قلت: من قال: إن اللَّه تعالى كان ولا علم؛ فتغير وجهه تغيرا شديدا، وكثر غيظه، ثم قال لي: كافر. وقال لي: كل يوم أزداد في القوم بصيرة. "الإبانة"، لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 2/ 70 (291) قال أبو طالب: قلتُ لأبي عبد اللَّه: قال لي رجل: لم قلتَ: مَنْ كفر بآية من القرآن فقد كفر؟ هو كافر مثل اليهودي والنصراني والمجوسي، أو كافر بنعمة اللَّه، أو كافر بمقالته؟ قلت: لا أقول: هو كافر مثل اليهودي والنصراني والمجوسي. ولكن مثل المرتد، أستتيبه ثلاثًا، فإن تاب، وإلا قتلته. ¬

(¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" - الرد على الجهمية 2/ 249 (428)، وانظر هنا ص 66. (¬2) رواه أحمد 2/ 282، والبخاري (3276)، ومسلم (134) من حديث أبي هريرة.

قال: ما أحسن ما قلت، ما كافر بنعمة؟ ! من كفر بآية فقد كفر. قلت: أليس بمنزلة المرتد إن تاب وإلا قتل؟ قال: نعم. وقال أبو طالب: وقلت لأبي عبد اللَّه: سألني إنسان عن الجهمي يقول: القرآن مخلوق، فهو كافر؟ قلت: قوم يقولون: حلال الدم والمال، لو لقيته في خلاء لقتلته. قال: من هؤلاء؟ هذا المرتد يستتاب ثلاثة أيام، قول عمر وأبي موسى، وهذا بمنزلة المرتد يستتاب. وقال أبو توبة الطرسوسي -الربيع بن نافع: قلت لأحمد بن حنبل وهو عندنا بطرسوس -يعني: حين حمل في المحنة: ما ترى في هؤلاء الذين يقولون: القرآن مخلوق؟ فقال: كفار. قلت: ما يصنع بهم؟ قال: فقال: يستتابون، فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم. قال: فقلت: قد جئت تضعف أهل العراق، لا بل يقتلون ولا يستتابون. قال أبو بكر الأثرم: فقال أبو إسحاق العباداني يومًا لأبي عبد اللَّه ونحن عنده: يا أبا عبد اللَّه، حكى عنك أبو توبة كذا وكذا فابتسم، ثم قال: عافى اللَّه أبا توبة. وقال أبو بكر عبد العزيز بن جعفر: نا الخلال، قال: حدثني علي بن عيسى العكبري؛ أن حنبلا حدثهم سمع أبا عبد اللَّه قال: من قال: إن اللَّه لم يتخذ إبراهيم خليلًا؛ فقد كفر ورد على اللَّه أمره وقوله، يستتاب فإن تاب؛ وإلا قُتل. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 2/ 77 - 79 (301 - 304) قال أبو طالب: سألت أبا عبد اللَّه عن ميراث الجهمي إذا كان له ابن

أخ يرثه. قال: بلغني عن عبد الرحمن (¬1) أنه قال: لو كنت أنا ما ورثته. قلت: ما تقول أنت؟ قال: ما تصنع بقولي؟ قلت: على ذاك؟ قال: لست أقول شيئًا. قلت: فإن ذهب إنسان إلى قول عبد الرحمن تنكر عليه؟ قال: لم أنكر عليه. كأنه أعجبه. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 2/ 80 (307) قال الخلال: أخبرنا المروذي؛ أنه سمع أبا عبد اللَّه يقول: بلغني عن عبد الرحمن أنه قال: لو كان لي قرابة ممن يقول: القرآن مخلوق ثم مات لم أرثه (¬2). قال يعقوب بن بختان: قلت لأبي عبد اللَّه رحمه اللَّه: من كان له قرابة جهمي يرثه؟ قال: بلغني عن عبد الرحمن أنه قال: لا يرثه. فقيل: ما ترى؟ فقال: إذا كان كافرًا. قلت: لا يرثه؟ قال: لا. "الإبانة" لابن بطة كتاب الرد على الجهمية 2/ 81 (309 - 310) قال أبو محمد فوران: كان أبو عبد اللَّه رحمه اللَّه لا يرى أن يرث رجلا يقول: القرآن مخلوق. وقال أبو محمد فوران: قال أحمد بن حنبل: في الجهمي إذا مات وله ولد: أنه لا يرثه. وقال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن الجهمي يموت وله ابن عم ليس ¬

_ (¬1) هو عبد الرحمن بن مهدي الإمام. (¬2) روى عبد اللَّه في "السنة" 1/ 121 (47) عن أبي بكر بن الأسود قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول ليحيى بن سعيد وهو على سطحه: يا أبا سعيد لو أن رجلًا جهميًّا مات وأنا وارثه ما استحللت أن آخذ من ميراثه.

له وارث غيره؟ فقال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يرث المسلم الكافر" (¬1). قلت: فلا يرثه؟ قال: لا. قلت: فما يصنع بماله؟ قال: بيت المال، نحن نذهب إلى أن مال المرتد لبيت المال. "الإبانة" لابن بطة كتاب: الرد على الجهمية 2/ 82 - 83 (312 - 314) وقال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل صلى خلف الصف هو ورجل، فلما سلَّم نظر إلى الذي صلى على جانبه فإذا هو جهمي؛ قال: يعيد الصلاة؛ فإنه إنما صلى خلف الصف وحده. أو كلام هذا معناه -إن شاء اللَّه. "الإبانة" لابن بطة كتاب: الرد على الجهمية 2/ 122 (389) قال الفضل بن زياد: قلت لأبي عبد اللَّه: إن الشراك بلغني عنه أنه قد تاب ورجع. قال: كذب، لا يتوب هؤلاء، كما قال أيوب: إذا مرق أحدهم لم يعد فيه أو نحو هذا. "الإبانة" لابن بطة كتاب: الرد على الجهمية 2/ 129 - 130 (404) قال أبو الحارث الصائغ: قلت لأبي عبد اللَّه: إن أصحاب ابن الثلاج نلنا منهم ومن أعراضهم، فنستحلهم من ذلك؟ فقال: لا، هؤلاء جهمية، من أي شيء يستحلون؟ ! "الإبانة" لابن بطة -الرد على الجهمية 2/ 131 - 132 (408) قال أحمد بن سلمة: حدثنا إسحاق بن راهويه قال: أفضوا إلى أن قالوا: أسماء اللَّه مخلوقة؛ لأنه كان ولا اسم. وهذا الكفر المحض؛ لأن للَّه الأسماء الحسنى، فمن فرق بين اللَّه وبين أسمائه وبين علمه ومشيئته فجعل ذلك مخلوقًا كله، واللَّه خالقها؛ فقد كفر، وللَّه عَزَّ وَجَلَّ تسعة وتسعون ¬

_ (¬1) رواه أحمد 5/ 200، والبخاري (4283)، ومسلم (1614) عن أسامة بن زيد -رضي اللَّه عنه-.

اسمًا. صح ذلك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قاله (¬1)، ولقد تكلم بعض من ينسب إلى جهم بالأمر العظيم فقال: لو قلت: إن للرب تسعة وتسعين اسما لعبدت تسعة وتسعين إلها، حتى إنه قال: إني لا أعبد اللَّه الواحد الصمد، إنما أعبد المراد به. فأي كلام أشد فرية وأعظم من هذا، أن ينطق الرجل أن يقول: لا أعبد اللَّه. "شرح أصول الاعتقاد" 2/ 240 (352). قال يعقوب بن سفيان: سمعت أبا هاشم زياد بن أيوب، قال: قلت لأبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل: يا أبا عبد اللَّه رجل قال: القرآن مخلوق. فقلت له: يا كافر، ترى علي فيه إثم؟ قال: كان عبد الرحمن بن مهدي يقول: لو كان لي فيهم قرابة ثم مات ما ورثته. فقال له خراساني بالفارسية: الذي يقول القرآن مخلوق، أقول: إنه كافر؟ قال: نعم. "شرح أصول الاعتقاد" للالكائي 2/ 353 (513) ونقل أبو طالب عن أحمد وقد حكى له سري السقطي: لما خلق اللَّه الحروف سجدت له إلا الألف قالت: لا أسجد حتى أؤمر، فقال: هذا كفر. "الروايتين والوجهين" مسائل العقيدة ص 81 وقال في رواية أبي طالب: من قال: القرآن مخلوق؛ فهو كافر، ومَنْ لا يكفر من قال: القرآن مخلوق؛ فلا نكفره. وكذلك نقل المروذي في قوم بطرسوس يكفرون من لا يكفر، فقال: ما سمعت في هذا شيئًا. "الروايتين والوجهين" مسائل العقيدة ص 111، "الفروع" 6/ 568 ¬

(¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 258، والبخاري (2736)، ومسلم (2677) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

قال أبو جعفر الدارمي: قلت لأحمد بن حنبل: أقول لك قولي، وإن أنكرت منه شيئًا؟ فقل: إني أنكره. قلتُ له: نحن نقول: القرآن كلام اللَّه من أوله إلى آخره، ليس منه شيء مخلوق، ومن زعم أن شيئًا منه مخلوق فهو كافر. فما أنكر منه شيئًا ورضيه. "طبقات الحنابلة" 1/ 104 قال ابن منيع البغوي: سمعت أحمد بن حنبل وسئل عمن قال: القرآن مخلوق، فقال: كفر. "طبقات الحنابلة" 1/ 184 قال أبو توبة الربيع بن نافع: قلت لأحمد بن حنبل: إنا قد لقينا من ضعف أهل العراق في السنة، فأيش تقول فيمن زعم أن القرآن مخلوق؟ فقال: أقول: إنه كافر. قال: قلت: فما تقول في دمه؟ قال: حلال بعد أن يستتاب. فقلت: أديتها عراقية. قال أبو توبة: لا يستتاب، ولكنه يقتل. "طبقات الحنابلة" 1/ 418 قال زياد بن أيوب: كنت عند علي بن الجعد، فسألوه عن القرآن، فقال: القرآن كلام اللَّه، ومن قال: مخلوق؛ لم أُعَنِّفْه. قال أبو هاشم زياد بن أيوب: فذكرت ذلك لأحمد بن حنبل، فقال: ما بلغني عنه أشد من هذا. "طبقات الحنابلة" 1/ 422 قال البخاري: قلت لأبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل: أنا رجل مبتلى، قد ابتليت أن أقول لك، ولكن أقول، فإن أنكرت شيئًا فردني عنه، القرآن من أوله إلى آخره كلام اللَّه، ليس شيء منه مخلوق، ومن قال: إنه مخلوق -أو شيء منه مخلوق- فهو كافر، ومن زعم أن لفظه بالقرآن مخلوق فهو جهمي كافر. قال: نعم. "طبقات الحنابلة" 2/ 259

قال ابن بدينا: وسألت أبا عبد اللَّه عمن: قال بخلق القرآن، وقال: إن اللَّه لم يكلم موسى، أكافر هو؟ فذهب إلى أنه كافر. "طبقات الحنابلة" 2/ 285 قال الخانقيني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: القرآن كلام اللَّه، وليس بمخلوق، ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر. "طبقات الحنابلة" 2/ 420 قال الحسن بن الصباح: قيل لأحمد بن حنبل: أن سجادة سئل عن رجل قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا إن كلم زنديقًا، فكلم رجلا يقول: القرآن مخلوق، فقال سجادة: طلقت امرأته. فقال أحمد: ما أبعد. "سير أعلام النبلاء" 11/ 392 وسأله إبراهيم الأطروش: عن قتل الجهمية، قال: أرى قتل الدعاة منهم. "الفروع" 6/ 158

100 - فصل: مجانبة الجهمية

100 - فصل: مجانبة الجهمية قال إسحاق بن منصور: قلت لأبي عبد اللَّه: من يقول: القرآن مخلوق؟ قال: ألحق به كل بلية. قلت: يقال له (ك - ف - ر). قال: إي واللَّه، كل شر وكل بلية بهم. قلت: فتظهر العداوة لهم أو تداريهم؟ قال: أهل خراسان لا يقوون بهم. يقول كأن المداراة (¬1). "مسائل الكوسج" (3386) قال أبو الفضل صالح: قال أبي: إن امتحن فلا يجيب، ولا كراهة، فالمكره (¬2) لا يكون عندي إلا أن ينال بضرب أو بتعذيب، فأما المتهدد فلا يكون عندي بالتهديد مكرها؛ لأن الآية التي قال اللَّه فيها: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106] فالإيمان (¬3)، نزلت في عمار، وكان عمار عذب (¬4). ¬

_ (¬1) رواها الخلال في "السنة" 2/ 317 (2092). (¬2) في المطبوع: المكروه. (¬3) يقصد آية الإيمان السالفة. (¬4) روي في تعذيب المشركين عمارًا ونزول الآية المذكورة فيه بعد نطقه بكلمة الكفر والوقوع في النبي أحاديث كثيرة منها: 1 - ما رواه ابن ماجه (150) عن عبد اللَّه بن مسعود أن أول من أظهر إسلامه سبعة وعد منهم عمارًا وبلالًا، فمنهم من منعه قومه، ومنهم من عذب وألبس أدراع الحديد وصهروهم في الشمس، فما صبر منهم على العذاب غير بلال. قال البوصيري في "الزوائد" (35): هذا إسناد رجاله ثقات. وحسنه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (122). 2 - وما رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 311 (1509)، وابن سعد في "طبقاته" 3/ 249، والطبري في "تفسيره" 7/ 651 (21946)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 374 جميعًا من طريق عبد الكريم الجزري عن أبي عبيدة بن محمد بن =

قلت لأبي: فإذا اجتمع رجلان أحدهما قد امتحن والآخر لم يمتحن ثم حضرت الصلاة. قال: يتقدم الذي لم يمتحن. وقال أبي: كان سفيان بن عيينة يحدث هذا الحديث، ولم أسمعه أنا عن إسماعيل، عن قيس قال: اجتمع الأشعث بن قيس وجرير على جنازة فقدمه الأشعث عليها. وقال الأشعث للناس: إني ارتددتُ وإنه لم يرتد. وأعجب أبي هذا الحديث. قال أبو الفضل: حدثنا علي بن عبد اللَّه، عن (¬1) سفيان بن عيينة، قال أبو الفضل: وضرب أبي على حديث كل من أجاب. وقال أبو الفضل: قدم ابن رباح يريد البصرة، فبلغه أن عبد اللَّه القواريري شيعه أو سلم عليه، فصار القواريري إلى أبي، فلما نظر إليه ¬

_ = عمار بن ياسر قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر فعذبوه حتى قاربهم في بعض ما أرادوا، فشكا ذلك إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كيف تجد قلبك؟ " قال: مطمئنا بالإيمان. قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فإن عادوا فعُد". قال الحافظ في "الفتح" 125/ 312: هو مرسل ورجاله ثقات. 3 - وما رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 250، وابن أبي شيبة 6/ 389 (32244) والطبري في "تفسيره" 7/ 652 عن أبي مالك في قوله {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106] قال: نزلت في عمار بن ياسر. 4 - وما رواه الطبري في "تفسيره" عن ابن عباس. قوله: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106] وذلك أن المشركين أصابوا عمار فعذبوه ثم تركوه فنزلت الآية. قال الحافظ في "الفتح" 12/ 312: وفي سنده ضعيف ثم قال بعد ما ذكر مراسيل أُخَر: وهذه المراسيل يقوي بعضها بعضًا. (¬1) في المطبوع: بن.

قال: ألم يكف ما كان منك من الإجابة، حتى سلمت على ابن رباح، ورد الباب في وجهه وجاءه الحزامي -وقد ذهب إلى ابن أبي دؤاد- فدق الباب، فلما خرج إليه، ورآه أغلق الباب ودخل. قال صالح: قال أبي: لا يشهد رجل عند قاض جهمي. قال صالح: وسئل أبي عن الرجل يكون قد أشهد رجلا على شهادة يدعوه إلى القاضي ليشهد له، والقاضي جهمي. قال: لا يذهب إليه. قيل له: فإن استعدى عليه فذهب به فامتحن؛ قال: لا يجيب ولا كراهة، يأخذ كفًّا من تراب يضرب به وجهه. "سيرة الإمام أحمد" ص 73 - 74 قال عبد اللَّه: سمعت أبي رحمه اللَّه يقول: من قال ذلك القول: لا يصلى خلفه الجمعة ولا غيرها، إلا إنا لا ندع إتيانها، فإن صلى رجل أعاد الصلاة، يعني: خلف من قال: القرآن مخلوق. قال عبد اللَّه: سألت أبي رحمه اللَّه عن الصلاة خلف أهل البدع، قال: لا يصلى خلفهم مثل الجهمية والمعتزلة. قال عبد اللَّه: سمعت أبي رحمه اللَّه يقول: إذا كان القاضي جهميًّا فلا تشهد عنده. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 103 (4 - 6) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عفان، قال: حدثني معاذ بن معاذ، قال: جاء الأشعث بن عبد الملك إلى قتادة، فقال له قتادة: من أين؟ لعلك دخلت في هذه المعتزلة، فقال له رجل: إنه لزم الحسن ومحمدًا، قال: هي ها اللَّه إذًا فالزمهما (¬1). "العلل" برواية عبد اللَّه (622) ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" - القدر 2/ 305 (1976) من طريق الفضل، وابن عدي في "الكامل" 2/ 38 من طريق الأثرم.

قال الخلال: أخبرني يوسف بن موسى وإسماعيل بن إسحاق الثقفي؛ أن أبا عبد اللَّه سئل عن رجل له جار جهمي يسلم عليه؟ قال: لا. قال الخلال: وأخبرني محمد بن الحسين أن الفضل حدثه قال: قال أبو عبد اللَّه: أما الجهمية فلا تكلمهم. وأخبره علي بن عبد الصمد قال: سألت أحمد بن حنبل عن جار لنا جهمي يسلم عليَّ؛ أرد عليه؟ قال: لا. قال الخلال: أخبرني الحسن بن عبد الوهاب قال: ثنا أبو بكر بن حماد قال: حدثني أبو ثابت الحطاب، قال: كنت أنا وإسحاق بن أبي عمر جالسان، فمر بنا رجل جهمي، وأنا أعلم أنه جهمي، فسلم علينا، فرددت عليه السلام، ولم يرد عليه إسحاق بن أبي عمر، فقال لي إسحاق: ترد على جهمي السلام! قال: فقلت: أليس أرد على اليهودي والنصراني؟ قال: ترضى بأبي عبد اللَّه؟ قلت: نعم. قال: فغدوت إلى أبي عبد اللَّه، فأخبرته بالخبر. فقال: سبحان اللَّه! ترد على جهمي؟ ! فقلت: أليس أرد على اليهودي والنصراني؟ فقال: اليهودي والنصراني قد تبين أمرهما. قال الخلال: أخبرني عبد الملك الميموني: أن أبا عبد اللَّه ذكر رجلا من الجهمية فقال: أخزاه اللَّه. قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثني بكر بن محمد قال: سمعت أبا عبد اللَّه ذكر إنسانًا فقال: قاتله اللَّه. قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر، وذكره ابن يحيى أن

أبا طالب حدثه، أنه قال لأبي عبد اللَّه: قد يقولون: نقاتلهم ونخرج عليهم. فقال: لا، السيف لا نريده، تكون فتنة يقتل فيه البريء، الدعاء عليكم به. قال أحمد بن محمد بن مطر: ثنا أبو طالب، قال: قلت لأبي عبد اللَّه: إنهم مرُّوا بطرسوس بقبر رجل، فقال أهل طرسوس: الكافر لا رحمه اللَّه. فقال أبو عبد اللَّه: نعم، فلا رحمه اللَّه، هذا الذي أسس هذا وجاء بهذا. قال الخلال: أخبرني موسى بن محمد الوراق، قال: ثنا عبيد اللَّه بن أحمد الحلبي، قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وحدثني بحديث جرير بن عبد اللَّه في الرؤية (¬1)، فلما فرغ قال: على الجهمية لعنة اللَّه. قال الخلال: قرأت على الحسين بن عبد اللَّه النعيمي، عن الحسين بن الحسن فقال: ثنا أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل المقرئ يجيئه ابن الجهمي، ترى أن يأخذ عليه؟ قال: وابن كم هو؟ قلت: ابن سبع أو ثمان. قال: لا تأخذ عليه ولا تقبله؛ ليذل الأب به. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: أمر بقرية جهمي وليس معي زاد، ترى أن أطوي؟ قال: نعم، اطو ولا تشتر منه شيئًا. وقال المروذي في موضع آخر: قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت: أبيع ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 358، والبخاري (554)، ومسلم (633) أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نظر للقمر ليلة البدر فقال: "إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا"، ثم قرأ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39)} [ق: 39].

الثوب من الرجل الذى أكره كلامه ومبايعته أعني: الجهمي؟ قال: دعني حتى أنظر. فلما كان بعدما سألته عنها، قال: توق مبايعته. قلت لأبي عبد اللَّه: فإن بايعته وأنا لا أعلم. قال: إن قدرت أن ترد البيع فافعل. قلت: فإن لم يمكنِّي، أتصدق بالثمن؟ قال: أكره أن أحمل الناس على هذا؛ فتذهب أموالهم. قلت: فكيف أصنع؟ قال: ما أدري، أكره أن أتكلم فيه بشيء. قلت: إنما أريد أن أعرف مذهبك. قال: أليس بعت ولا تعرفه؟ قلت: نعم. قال: أكره أن أتكلم فيه بشيء، ولكن أقل ما هاهنا أن تصدق بالربح وتوقى مبايعتهم. قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي أن يعقوب بن بختان حدثهم أن رجلا قال لأبي عبد اللَّه: ما تقول في رجل من الجهمية يموت ولا يشهد أحد من أصحابه، أندفنه؟ قال لي: أقل ما يكون هذا، أرجو ألا تبتلى بهذا. ثم قال: بلغني أن بعض [. . .] (¬1) من أن رجلا منهم ضرب عنقه، فطرحوه فيها، فلم يصل عليه. قال الخلال: أخبرني الحسين بن عبد اللَّه النعيمي، عن الحسين بن الحسن، قال: ثنا يعقوب بن بختان، أن أبا عبد اللَّه قال: لا يصلى على الجهمي. قال الخلال: أخبرني عبد الملك الميموني، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يذكر الجهمية، فقال رجل لأبي عبد اللَّه: أرأيت إن مات في قرية ليس فيها ¬

_ (¬1) قال محقق "السنة": ما بين المعقوفين كلام غير واضح في (ص) بمقدار أربع كلمات.

إلا نصارى، من يشهده؟ قال أبو عبد اللَّه مجيبا: أنا لا أشهده، يشهده من شاء. قال لي أبو عبد اللَّه: غير واحد يحكي عن وكيع أنه قال: كافر. "السنة" للخلال 2/ 185 - 188 (1702 - 1713) قال الخلال: أخبرني علي بن عيسى أن حنبلًا حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من قال: القرآن مخلوق؛ لم يجالس، ولا أرى لمن قال بهذه المقالة إلا أن يجانبه، ويظهر له الجفاء. قال الخلال: أخبرني محمد بن جعفر، ومحمد بن موسى، أن أبا الحارث حدثهم قال: قال أبو عبد اللَّه: لا يكلمون، ولا يجالسون. قال الخلال: أخبرني يعقوب بن يوسف أبو بكر المطوعي، قال: سمعت محمود بن غيلان قال لأحمد بن حنبل: إن يحيى بن يحيى النيسابوري قال: من قال: القرآن مخلوق، فهو كافر. لا يكلم، ولا يجالس. فقال أحمد: ثبت اللَّه قوله (¬1). "السنة" للخلال 2/ 316 - 317 (2089 - 2091) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من قال: القرآن مخلوق؛ فإن مرض فلا تعده. قال الخلال: أخبرني محمد بن جعفر ومحمد بن موسى أن أبا الحارث حدثهم أن أبا عبد اللَّه قال: لا يعادون. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من قال: القرآن مخلوق؛ فلا تشهد جنازته. ¬

_ (¬1) انظر: "طبقات الحنابلة" 2/ 420 - 421.

قال الخلال: أخبرني محمد بن جعفر، ومحمد بن موسى، أن أبا الحارث حدثهم قال: قال أبو عبد اللَّه: لا يصلى عليه. "السنة" للخلال 2/ 317 (2093 - 2096) قال الخلال: حدثنا أبو طالب قال: سألت أبا عبد اللَّه عمن أمسك فقال: لا أقول ليس هو مخلوقًا، إذا لقيني بالطريق وسلم علي أسلم عليه؟ قال: لا تسلم عليه ولا تكلمه، كيف تعرفه الناس إذا سلمت عليه؟ وكيف يعرف هو أنك منكر عليه؟ فإذا لم تسلم عليه عرف الذل، وعرف أنك أنكرت عليه وعرفه الناس. "الشريعة" للآجري ص 77 (176) قال شاهين بن السميدع: وسألتُ أبا عبد اللَّه قلت: أصلي خلف الجهمي؟ قال: لا تصلي خلف الجهمي، ولا خلف الرافضي. "طبقات الحنابلة" 2/ 460 قال أبو طالب: نقل عن أبي عبد اللَّه في "الإيمان": أن مَنْ قال: مخلوق؛ فهو جهمي، ومن قال: إنه غير مخلوق، فقد ابتدع، وأنه يهجر حتى يرجع؛ أن ذلك وعيد على مخالفة أمر لا يسع الجواب فيه. "طبقات الحنابلة" 3/ 319

كتاب الإيمان بنبوة محمد -صلى الله عليه وسلم-

كتاب الإيمان بنبوة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- 101 - باب: نسب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده قال: حدثنا محمد بن إدريس -يعني: الشافعي- قال: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: محمد بن عبد اللَّه بن (عبد المطلب) (¬1)، وعبد المطلب شيبة، واسم هاشم عمرو بن مناف، واسم عبد مناف المغيرة بن قصي، واسم قصي زيد بن كلاب بن مرة بن كعب ابن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مُدركة بن إلياس بن مُضر. فأول الناس يلقاه بنو عبد المطلب، والعقب منهم في بني العباس بن عبد المطلب، وفي آل أبي طالب بن عبد المطلب، فمنهم علي وجعفر وعقيل بنو أبي طالب، وبنو أبي لهب، وبنو الحارث بن عبد المطلب. ثم يلقاه بنو المطلب بن عبد مناف، ومنهم الشافع وآل رُكانة وآل عُجير بنو عبد يزيد بن هاشم بن المطلب، ومنهم عبيدة والحصين والطفيل بنو الحارث بن المطلب، ومسطح بن أثاثة بن المطلب، وهؤلاء الأربعة بدريُّون. ومنهم آل أبي مَخْرَمة بن المطلب، وهم آل أبي نبقة بن المطلب، وبنو عبد شمس بن عبد مناف. ¬

_ (¬1) في المطبوع: (المطلب) فقط.

ومنهم عثمان بن عفان بن أبي العاص [بن] (¬1) أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، ومروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية. ومنهم معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمَيَّة. ومنهم سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس. ومنهم أبو حذيفة بن عُتْبة بن ربيعة بن عبد شمس، وهو بَدْرِيٌّ. ومنهم عبد اللَّه بن عامر بن كُرَيز بن حبيب بن عبد شمس، وبنو نوفل بن عبد مناف. ومنهم جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف. ومنهم عُبيد اللَّه بن عَدِيِّ بن الخيار بن عَدِيّ بن نوفل بن عبد مناف، ومنهم آل أبي حُسين، وهم من بني سِروَعة الذي قتل خُبَيبًا، ومنهم بنو عامر بن نوفل بن عبد مناف. ومنهم قرظَة بن عبد عمرو بن نَوفل بن عبد مناف. ثم تلقاه أسد بن عبد العزّي بن قُصَي، وبنو عبد الدار بن قصي، وهم الحَجبَة. ومن بني أسد أم المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد، وأقرب الناس بها حكيم بن حزام بن خويلد، أسلم من قبل أن يفتح رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مكة بيومٍ. ومنهم الزُّبير بن العوَام بن خويلد، وقرابته وقرابة حكيم منها واحدة. ومنهم وَرَقة بن نوفل بن أسد الذي يقال: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تسُبُّوا ورقة، فإني رأيت له جنة أو جنتين" (¬2). ¬

_ (¬1) ليست في المطبوع، والمثبت من "أسد الغابة" 3/ 584. (¬2) رواه البزار كما في "كشف الأستار" للهيثمي 3/ 281 (2750، 2751) موصولًا =

ومنهم آل حُميد بن زهير. ومن بني عبد الدار [بن] (¬1) قصي مصعب بن عمير قُتِل بأحد. ومنهم النضر بن الحارث قتله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صبرًا منصرَفَه من بدر. ومنهم ابن أبي طلحة، وهم الحجَبة، قُتل عامَّتهم يوم أحد مشركين، وهم كانوا أصحاب لواء قريش. ومن بني أبي طلحة آل شيبة بن عثمان، وآل نبيه بن وهب، ثم بنو زهرة بن كلاب. ومنهم عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، والمسور بن ¬

_ = عن عبد اللَّه بن سعيد، عن أبي معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به. ومرسلًا عن عبد اللَّه بن سعيد، عن أبي أسامة، عن هشام، عن أبيه به، بزيادة في أوله: كان بين أخي ورقة وبين رجل كلام فوقع الرجل في ورقة ليغضبه. قال البزار: لا نعلم أحدًا رواه عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة إلا أبو معاوية، ولا رواه عن أبي معاوية مسندًا إلا أبو سعيد. وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" 3/ 9 بعد ما ذكر رواية البزار المسندة: وكذا رواه ابن عساكر "تاريخ دمشق" 63/ 24] من حديث أبي سعيد الأشج، عن أبي معاوية، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، وهذا إسناد جيد، وروي مرسلًا وهو أشبه. وقال الهيثمي في "المجمع" 9/ 416: رواه البزار متصلًا ومرسلًا وزاد في المرسل [الزيادة التي ذكرناها] والباقي بنحوه، ورجال المسند والمرسل رجال الصحيح. ورواه الحاكم 2/ 609 من طريق ابن خزيمة أبي بكر محمد بن إسحاق ثنا أبو سعيد الأشج ثنا أبو معاوية به موصولًا. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. والحديث صححه الشيخ الألباني في "الصحيحة" (405) (¬1) ليست بالمطبوع.

مَخرمة، وعبد الرحمن بن أزهر بن عبد عوف، وابن شهاب محمد بن مسلم بن عبيد اللَّه بن شهاب الزهري، والأسود بن عبد يغوث. ثم بنو تيم بن مُرَّة، وبنو مخزوم بن يَقَظة بن مُرَّة. فمن بني تَيم بن مُرّة، أبو بكر الصديق وهو عبد اللَّه بن عثمان، وعائشة أم المؤمنين، وطلحة بن عبيد اللَّه. ومنهم آل جُدعان بن عمرو، وآل هشام بن زُهرة. ومنهم قوم يقال لهم: بنو شُتَيم، ولهم فيهم نسبٌ جَيّد، وآل معاذ بن عبد الرحمن. ومنهم محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي. ومن بني مخزوم أبو سلمة بن عبد الأسَد بن هلال بن عبد اللَّه بن عمر بن مخزوم. ومنهم آل عائذ بن عبد اللَّه بن عُمر بن مخزُوم. ومن آل عائذ الصيفي والسائب بن أبي السائب شريك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعبد اللَّه ابنا عَبّاد بن جعفر. ومنهم بنو المغيرة بن عبد اللَّه بن عُمر بن مخزوم. فمن بني المغيرة بن عبد اللَّه أم المؤمنين أمُّ سلمة بنتُ أبي أميَّة، وأخوها عبد اللَّه بن أبي أميَّة، وقد شهد مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الطائف. ومنهم خالد بن الوليد بن المغيرة، وقد بعثه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى عدوَّه (¬1) ¬

_ (¬1) روى أبو داود (3037) والبيهقي 9/ 186، 187 من حديث أنس، وعثمان ابن أبي سليمان أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة فأخِذ فأتوه فحق له دمه وصالحه على الجزية. =

وعلى يَديه كان فتح عامة الرِّدة، وكان له بلاء في الإسلام، ومنهم الوليد ابن الوليد، وعياش بن أبي ربيعة اللذان دعا لهما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصلاة (¬1). ومنهم المهاجر بن أبي أميَّة الذي شهد فتح النُّجَيْر، وزياد بن لَبِيد الأنصاري. ومنهم عكرمة بن أبي جهل بن هشام، وكان محمود البلاء في الإسلام محمود الإسلام، حسن الإسلام حين دخل فيه. ومنهم الحارث بن هشام مات في الطاعون بالشام. ومنهم عبد اللَّه بن أبي ربيعة عامل عمر على بَعض اليمن، وهي الجند. ومن بني مخزوم آل عمران بن مخزوم، وهم أخوالُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بن عبد اللَّه بن عبد المطلب منهم. فمن بني عمران بن مَخْزوم سعيد بن المسيب. ثم جُمَح، ومنهم أخوال. وعدي بن كعب (تلقى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يلقونه) (¬2) فمن بني عدي بن كعب عمر بن الخطاب، وحفصة بنت عمر أم المؤمنين، وعبد اللَّه بن عمر وسالم. ومنهم سَعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. ¬

_ = قال الحافظ في "التلخيص" 4/ 123: إن ثبت أن أكيدر كان كندِيًّا ففيه دليل على أن الجزية لا تختص بالعجم من أهل الكتاب؛ لأن أكيدر عربي كما سبق. اهـ. (¬1) روى هذا الدعاء الإمام أحمد 2/ 239، والبخاري (804)، ومسلم (675) من حديث أبي هريرة ولفظه: "اللهم أنج الوليد بن الوليد. . ". (¬2) كذا العبارة في "العلل" ولعله يقصد أنهم يلتقون مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ومنهم آل مُطيع، وآل سُراقة، وفي بني سراقة سابقةٌ، ولهم حِلْف. ومن بني جمح آل مظعون أوعَبُوا كلهم هجرة. فمن بني جُمَح عُثمان، وقُدامة، ومن بني جُمح آل عبد اللَّه بن صفوان، وآل أبَيِّ بن خلف. ومن بني سهم عبد اللَّه بن حُذافة، وعَمرو بن العاص، وهشام بن العاص، وآل نُبِيْه، ومُنَبّه ابني الحجاج، وآل أبي وَدَاعة. فمنهم المطَّلِب بن أبي وَداعة. ومنهم كثير بن كَثير بن المُطَّلِب. ومن بني سهم آل قيس بن عديّ، فمنهم عبد اللَّه بن الزَّبعْرى بن قيس الشاعر، ثم من بني عامر بن لؤيّ، ومنهم أبو سَبْرة بن أبي رُهْم بَدريٌّ. ومنهم آل مُساحق، وآل سَهل بن عمرو أخي سُهيل بن عمرو صاحب عقد قريش يوم الحديبية، والقائم بمكة خطيبًا يوم مات رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومات بالشام في الطاعون، وكان محمود الإسلام من حين دخل فيه عام الفتح. ومنهم حُوَيطِبُ بن عبد العزى، وكان حميد الإسلام، وهو أكبر قريش بمكة رَبعًا جاهليًّا. ومنهم عَمرو بن عبد، المقتول مُشركا يومَ الخندق. ومنهم آل أوس، وبَنو فهِر، فمنهم بنو الحارث بن فِهر، وبيت بني الحارث آل الحارث بن عمرو، ومن بني الحارث الحلم، ومن بني محارب بن فهر أبو عبيدة بن عبد اللَّه بن الجرّاح، وأمُّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة، وسعد بن أبي وقاص بن وهيب بن عبد مناف بن زُهَرة.

قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي قال: حدثني محمد بن إدريس -يعني: الشافعي- قال: لما أراد عُمر بن الخطاب أن يُدَوِّن الدَّواوين، ويَضَع الناس على قَبائِلهم ولم يكن قَبْله ديوانٌ استشار الناس فقال: بمن ترون أبدأ؟ فقال له قائلٌ: تَبْدأ بقرابتك. فقال: بل أبدأ بالأقرب فالأقرب من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فبدأ ببني هاشم وبني المُطَّلِب، وقال: حضرت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عامَ حُنَين حِيْن أعطاهم الخُمُسَ معًا دون بني عبد مناف، وكانت السِّنُّ إذا كانت في بني هاشم قدَّمها، وإذا كانت في بني المطلب قَدَّمها، وكذلك كان يصْنَعُ في جميع القبائل يَدعوهم على الأسنان. ثم نظر فاستوت له قرابة بني عبد شمس وبني نوفل بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فرأى أن عبد شمس أخو هاشم لأمِّه دون نوفل، فرآه بهذا أقرب، ورأى فيهم سابقةً وصِهْرًا بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دونَ بني نوفل، فقدَّم دَعْوتَهم على دعوة بني نوفل ثم بعدهم. ثم استوت له قرابة بني أسد بن عبد العُزى وبني عبد الدار فرأى أن في بني أسدٍ سابقةً وصِهرًا -يعني للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنهم من المطيَّبين، ومن حِلْفِ الفضول، وأنهم كانوا أَذَبَّ عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقدَّمهم على بني عبد الدار، ثم جعل بني عبد الدار بعدهم. ثم رأى آل بني زهرة وهم لا ينازعهم أحدٌ. ثم استوت له قرابة بني تيم بن مُرة وبني مخزوم بن يقظة بن مُرَّة، فرأى أن لبني تيم سابِقة وصهرًا للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فإِن بني تيم من المطيَّبين، ومن حِلْف الفضول، فقدّمَهم على بني مخزوم، ثم وضع بني مخزوم بَعْدهم. ثم استوت له قرابة بني جُمَح وسَهْم وعدي بن كعب رهطه، فقال: أما بنو عدي بن كعب وسهم فمعًا وذلك أن الإسلام دخل عليهم وهم كذلك، ولكن بمن ترون أن أبدأ بَسْهمٍ أمْ جُمَح؟ إني أرى أن أبدأ

بجُمَح فلا أدري ألسنُّ لجُمَح أم لغير ذلك؟ ثم وضع بني سهم وبني عدي بعدهم. ثم وضع بني عامر بن لُؤَيّ ثم بني فِهْر، وقد زعموا أن أبا عُبيدةَ بن الجرّاح لما رأى من يقدم بين يَديه قال: أيدعى؟ يوضع قبلي؟ فقال: أنت حيث وضعَك اللَّه، فلما رأى جَزعَه قال: أما عَلى نفسي وأهل بيتي فأنا طيّب النفس أن أقدمك وكلم قومك، فإن هم طابوا بذلك نفسًا، لم أمنعكه. وقد ادّعى بنو الحارث بن فهر أن عُمر قدّمهم، فجعلهم بعد بني عبد مناف أو بعد بني قصي، فسألت عن ذلك أهل العلم من أصحابه، فأنكروه وقالوا: أبو عُبيدة من بني مُحارب بن فهر لا من بني الحارث، وهذِه الدعوة المقدّمَة في غير موضعها لبني الحارث لا لبني محارب، وإنما قدّمهم معاوية بن أبي سفيان لخُئولةٍ كانت له فيهم. "العلل" رواية عبد اللَّه (5810 أ - ب)

102 - باب: فضائل النبي -صلى الله عليه وسلم-

102 - باب: فضائل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال حرب: سمعت أحمد يقول في حديث أنس: أنَّ رجلًا قال للنبي صلى اللَّه عليه وسلم: يا خير البرية. قال: "ذاك أبي إبراهيم" (¬1) قال: قد روي غير هذا أنه قال: "أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ" (¬2) وقال اللَّه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] وذهب فيه إلى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أراد به التواضع (¬3). "مسائل حرب" ص 322 قال حرب: قلت لإسحاق: حديث مَيْسَرَةَ الفَجْرِ قال: قلت: يَا رَسولَ اللَّهِ، مَتَى (كتبت) (¬4) نبيًّا؟ قَالَ: "وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ" (¬5) ما معناه؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 178، ومسلم (2369). (¬2) رواه أحمد 3/ 2، والترمذي (3148)، وابن ماجه (4308) من حديث أبي سعيد. قال الترمذي: هذا حديث حسن. وصححه الألباني في "الصحيحة" (1571). (¬3) رواه الخلال في "السنة" 1/ 159 - 165 (207 - 208). (¬4) في المطبوع من "المسائل"، و"الكبير": (كنت)، وفي "المسند"، و"السنة" و"المجمع": (كُتِبْت) وفي حاشية "المجمع": في (1): (كتب) وهو مخالف لأحمد والمطبوع، موافق للطبراني. (¬5) رواه الإمام أحمد 5/ 59، وابن أبي عاصم في "السنة" (410)، والطبراني 20/ 353 (353)، قال الهيثمي في "المجمع" 8/ 223: رواه أحمد والطبراني، ورجاله رجال الصحيح. قال الحافظ في "الإصابة" 3/ 470 (8263): أخرج البخاري والبغوي وابن السكن وغيرهم من طريق بديل بن ميسرة، عن عبد اللَّه بن شفيق، عن ميسرة الفجر، قال: وهذا سند قوي لكن اختلف فيه على بديل .. ثم قال: وأخرجه أحمد وسنده صحيح ا. هـ بتصرف. وقال الألباني في "ظلال الجنة": إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح. وانظر أيضًا: "الصحيحة" (1856).

قال: قبل أن ينفخ فيه الروح وقد خلق (¬1). "مسائل حرب" ص 431 قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان، عن علي بن زيد بن جدعان: تذاكروا أي بيت من الشعر؛ فقال رجل قول أبي طالب: شق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد (¬2) "العلل" برواية عبد اللَّه 1/ 454 (1032) قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي قال: ثنا وكيع، عن سفيان قال: سألت السدي: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} [النحل: 83] قال: محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬3). "العلل" 2/ 93 (2757) قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسين، أن الفضل حدثهم، قال: قرأت على أبي عبد اللَّه: أبو النضر، قال: ثنا أبو جعفر الرازي، فذكر حديث الإسراء، قال: "وجعلتك أول النبيين خلقًا وآخرها بعثًا، وأولهم مقضيًّا له" (¬4)، فذكر الحديث. ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 156 (200). (¬2) رواه الخلال في "السنة" 1/ 161 (210). (¬3) "تفسير سفيان الثوري" ص 166، ورواه الطبري 629/ 7 (21838، 21839) من طريق عد الرحمن ووكيع عن سفيان به. (¬4) روى البزار كما في "كشف الأستار" 1/ 38 (55) من طريق أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية أو غيره، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه أتي بفرس يجعل كل خطو منه أقصى بصره من. . الحديث بطوله. قال البزار: وهذا لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد من هذا الوجه. قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 72: رواه البزار ورجاله موثقون إلا أن الربيع بن أنس قال: عن أبي العالية أو غيره. فتابعِيُّه مجهول.=

قال الفضل: قال لي أحمد: أول النبيين -يعني- خلقًا {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} [الأحزاب: 7] فبدأ به. "السنة" للخلال 1/ 156 (199) قال الخلال: قال أبو بكر المرّوذِيّ: سئل أبو عبد اللَّه: هل ولد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مختونًا؟ قال: اللَّه أعلم، ثم قال: لا أدري. قال الخلال: وقال أبو بكر المرُّوذي: قال أبو عبد اللَّه: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما مِنْكُمْ مِنْ أحدٍ إلا وَمَعه شَيطانٌ" قالوا: ولا أنت يا رسول اللَّه؟ قال: "ولا أنا، إلا أنَّ اللَّهَ أعانني عليه فأَسْلَم"، قال أبو عبد اللَّه: لا أدري هو يسلم منه أو إبليس أسلم. قلت: إن قومًا يقولون: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يسلم منه. قال: لا أدري (¬1). "السنة" للخلال 1/ 157 (202 - 203) قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: ثنا زياد بن عبد اللَّه البكائي، قال: ثنا منصور، عن سالم، عن أبيه، عن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما من أحد إلا وقد وكل به قرينه ¬

_ = ورواه ابن جرير 8/ 7 - 11 (22021) من طريق أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن سليمان، عن أبي العالية الرياحي، عن أبي هريرة أو غيره -شك أبو جعفر- وفيه: "وجعلتك أول النبيين خلقًا، وآخرهم بعثا وأولهم يقضى له". قال ابن كثير في "تفسيره" 8/ 425 بعدما ذكره وعزاه لابن جرير: أبو جعفر الرازي قال فيه الحافظ أبو زرعة الرازي: يهم في الحديث كثيرًا. (¬1) رواه البيهقي في "الدلائل" 7/ 101 بهذا اللفظ، ورواه الإمام أحمد 1/ 385، ومسلم (2814) من حديث عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه: "ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة"، قالوا: وإياك يا رسول اللَّه؟ قال: "وإياي، ولكن اللَّه أعانني عليه فلا يأمرني إلا بحق"، ورواه الإمام أحمد 1/ 401 بلفظ: "لكن اللَّه أعانني عليه فأسلم. . ".

من الجن" قالوا: وأنت يا رسول اللَّه؟ قال: "وأنا إلا أن اللَّه أعانني عليه فأسلمَ، فليس يأمرني إلا بخير" (¬1). "السنة" للخلال 1/ 159 (206) قال عصمة بن عصام العُكْبَريُّ: ثنا حنبل بن إسحاق، قال: قلت لأبي عبد اللَّه: من زعم أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان على دين قومه قبل أن يبعث، فقال: هذا قول سوء، ينبغي لصاحب هذِه المقالة يحذر كلامه، ولا يجالس. قلت له: إن جارنا الناقد أبا العباس يقول هذِه المقالة؟ فقال: قاتله اللَّه! ، وأي شيء أبقى إذا زعم أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان على دين قومه وهم يعبدون الأصنام، وقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وبشر به عيسى، فقال: {اسْمُهُ أَحْمَدُ}. قلت له: وزعم أن خديجة كانت على ذلك حين تزوَّجها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الجاهلية، فقال: أما خديجة فلا أقول شيئًا، قد كانت أول من آمن به من النساء، ثم ماذا يحدث الناس من الكلام، هؤلاء أصحاب الكلام؛ من أحب الكلام لم يفلح، سبحان اللَّه، سبحان اللَّه لهذا القول! واستعظم ذلك، واحتج في ذلك بكلام لم أحفظه، وذكر أمه حيث ولدت رأت نورًا، أفليس هذا عندما ولدت رأت هذا، وقبل أن يبعث كان طاهرًا مطهرًا من الأوثان، أوليس كان لا يأكل ما ذبح على النُّصُب، ثم قال: احذروا أصحاب الكلام، لا يؤول أمرهم إلى خير. عن علي بن عيسى بن الوليد، أن حنبلًا حدثهم، قال: قلت لأبي عبد اللَّه: إن رباحًا مرَّ بأبي عفيف فجرى بينهما كلام، فقال رباح لأبي عفيف: أنت تشهد كل يوم وليلة خمس مرات زورًا فقال له أبو عفيف -واستعظم ذلك: كيف؟ ويحك! قال: تشهد أن محمدًا رسول اللَّه، إنما ¬

_ (¬1) انظر التخريج السابق.

هو رسول جبريل، فقال أبو عبد اللَّه: قاتله اللَّه! إنه رد على اللَّه أمره وقوله، وكفر بالقرآن وجحد، قال أبو عبد اللَّه: هذا الكفر باللَّه صراحًا، والرد على اللَّه وتكذيب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم قال أبو عبد اللَّه: قد عرفت للقوم مقالات ما ظننت أن أحدًا يقول بها، ولا يحتجُّ بها. وتكلَّم بكلامٍ، واحتجَّ به، لم أخرجه هاهنا. "السنة" للخلال 1/ 162 - 163 (212 - 214) قال محمد بن علي: ثنا أبو بكر الأثرم، قال: قلت لأبي عبد اللَّه: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني أراكم مِنْ وراء ظهري" (¬1). فقال: كان يرى من خلفه كما يرى من بين يديه. فقلت له: إن إنسانًا قال لي: هو في هذا مثل غيره، إنما كان يراهم كما ينظر الإمام إلى من عن يمينه، وعن شماله. فأنكر ذلك إنكارًا شديدًا. عن الحسين بن الحسن أن محمدًا حدثهم، قال: سئل أبو عبد اللَّه عن تفسير قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني أراكم مِنْ وراء ظهري"، فقال: كان يرى من خلفه. قيل: أفليس هذا له خاص؟ قال: بلى. عن محمد بن أبي هارون؛ أن إسحاق بن إبراهيم حدثهم، قال: سألتُ أبا عبد اللَّه عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تراصوا، فإني أراكم من خلفي كما أراكم من بين يدي" (¬2)، ما تفسيره؟ قال أبو عبد اللَّه: يراهم صلى اللَّه عليه وسلم من خلفه كما يراهم من بين يديه، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219)} [الشعراء: 219] هذا تفسيره. "السنة" للخلال 1/ 164 - 165 (217 - 219) ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 303، والبخاري (418)، ومسلم (424) من حديث أبي هريرة. ورواه الإمام أحمد 3/ 103، والبخاري (742)، ومسلم (425) من حديث أنس. (¬2) رواه بهذا اللفظ: الإمام أحمد 3/ 103، والبخاري (719) من حديث أنس.

قال أبو بكر: ثنا أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل، قال: ثنا يحيى ابن آدم، قال: ثنا حمزة، عن عدي بن ثابت، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: خير ولد آدم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وخيرهم محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "السنة" للخلال 1/ 294 (324) قال أحمد بن محمد بن عبد اللَّه بن صدقة: سمعت عمرو بن محمد الراسبي -ثقة- قال: قال أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل: ليس في القرن ومقداره. قال: أبو بكر بن صدقة: وتفسيره -شيء أثبت من حديث عبد اللَّه ابن بسر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يعيش هذا الغلام قرشًا" قال: فعاش مائة سنة (¬2). "السنة" للخلال 1/ 385 (774) ¬

_ (¬1) رواه البزار كما في "كشف الأستار" (2368) من طريق أبي أحمد الزبيري، ورواه ابن عساكر 62/ 271 من طريق أبي أحمد الزبيري وإسماعيل بن عمر كلاهما عن حمزة الزيات به. قال البزار: لا نعلم رواه عن عدي إلا حمزة. وقال ابن كثير في "تفسيره" 11/ 121: موقوف، وحمزة فيه ضعف. وقال الهيثيمي في "المجمع" 8/ 254: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح. وقال الألباني في "ضعيف الجامع" (2876): ضعيف. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 189، والبخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 323، والطبراني في "مسند الشاميين" 2/ 17 (836)، والبزار كما في "كشف الأستار" (2747)، والحاكم 4/ 555، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 503. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 405: رواه الطبراني وأحمد بنحوه، ورجال أحمد رجال الصحيح غير الحسن بن أيوب، وهو ثقة، ورجال الطبراني ثقات. وأورده بنحوه من رواية الطبراني والبزار وقال: ورجال أحد إسنادي البزار رجال الصحيح غير الحسن بن أيوب الحضرمي، وهو ثقة. وصححه الألباني في "الصحيحة" (2660).

103 - باب: خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم-

103 - باب: خصائص النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال إسحاق بن منصور: قلت: أيصلي أحد على أحد؟ قال: أليس قال علي -رضي اللَّه عنه- لعمر -رضي اللَّه عنه-. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3316) روى الخلال: عن محمد بن الحسين، أن الفضل حدثهم، قال: كتبت إلى أبي عبد اللَّه أسأله عمَّا روي عن فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- له خاص. "السنة" للخلال 1/ 165 (220) قال صالح: وسألته عما يُروى من فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- له خاص، ما هو يكون مثل النوم والصَّفِيّ، وما في معناه من الفعال مما يفعله غيره؟ قال: مثل ما أبيح له من النساء، مات عن تسع وتزوج أربع عشرة. وقالَ: "تَنَامُ عَيْنِي وَلَا يَنَامُ قَلْبِي" (¬1)، وكان يصطفي من المغنم (¬2). قال صالح: وسألته عن المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى اللَّه عليه وسلم تزوجها؟ قال: فيه اختلاف، أما مجاهد فكان يقول: {إِنْ وَهَبَتْ} [الأحزاب: 50] أي: لم تهب (¬3). "مسائل صالح" (219 - 220) قال الخلال: قال محمد بن العباس بن إبراهيم: ثنا محمد بن منصور بن محمد بن منصور الحربي، قال: ثنا إبراهيم بن سقلاب، قال: ثنا يوسف بن عبد اللَّه الخوارزمي، قال: قيل لأحمد بن حنبل: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 36، والبخاري (3569)، مسلم (738) من حديث عائشة. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 1/ 165 (221)، 1/ 167 (223). (¬3) رواه الخلال في "السنة" 1/ 167 (225).

قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تنام عيناي" فذكر مثل مسألة صالح سواء. "السنة" للخلال 1/ 167 (234) روى الخلال: عن الحسن بن الهيثم أن محمد بن موسى حدَّثهم: أنه سأل أبا عبد اللَّه: ما معنى قول الشعبي: سهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والصفي؟ قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصطفي من الغنيمة. "السنة" للخلال 1/ 165 - 167 (222) قال الخلال: وأخبرني علي بن عيسى أن حنبلًا حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه وسألته، فقال: الجنة والنار قد خلقتا، وفي هذا حجة أن رؤيا الأنبياء في الأحلام رأي العين، وليس حلمهم كسائر الأحلام. "بيان تلبيس الجهمية" 7/ 273 - 274

104 - باب: محو الأشعار التي تنقص من قدر النبي -صلى الله عليه وسلم-

104 - باب: محو الأشعار التي تنقص من قدر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال محمد بن علي: ثنا صالح بن أحمد بن حنبل، أنه سأل أباه عن هذِه الأشعار التي في كتاب "المغازي"، كتاب محمد بن إسحاق فيها أشعار تنقص للنبي صلى اللَّه عليه وسلم، مما قال له الكفار، في القصيدة البيت والبيتين، وأقل وأكثر، قال: تمحى أشد المحو. قال علي بن الحسن بن هارون: قلت لعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: أبو عبد اللَّه أيش كتب من شعر المغازي؟ قال: ما هجا المسلمون المشركين، ولم يكتب هجاء المشركين للمسلمين. "السنة" للخلال 1/ 168 - 169 (227 - 228) قال عصمة بن عصام: ثنا حنبل، فذكر حديث جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من لكعب بن الأشرف؟ ! قد آذى اللَّه ورسوله" (¬1)، قال حنبل: قال أبو عبد اللَّه: كان قد ذكر بعض أزواج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الخبيث، لعنه اللَّه. "السنة" للخلال 1/ 376 (751) ¬

_ (¬1) رواه البخاري (510)، ومسلم (1801) من حديث جابر بن عبد اللَّه.

105 - باب: وجوب محبته -صلى الله عليه وسلم-

105 - باب: وجوب محبته -صلى اللَّه عليه وسلم- قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا حجاج، قال: حدثني شعبة. ومحمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت قتادة، عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلدِهِ وَوَالَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" (¬1). قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا قتادة، عن أنس بن مالك، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "لَا يُؤمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَحَتَّى يُقذَفَ فِي النَّارِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِن أَنْ يَعُودَ فِي الكُفرِ بَعْدَ أَنْ نَجَّاهُ اللَّهُ مِنْهُ، وَلَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكونَ أَحَبَّ إِلَيهِ مِن وَلَدِهِ ووَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" (¬2). قال الخلال: قال المروذي: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت منصور، قال: سمعت طلق بن حبيب، يحدث عن أنس بن مالك، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، بمثله (¬3). "السنة" للخلال 2/ 54 (1218 - 1220) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 177، 275، والبخاري (15)، ومسلم (44). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 207. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 207.

106 - باب: وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم

106 - باب: وجوب طاعته صلى اللَّه عليه وسلم قال أبو عبد الرحمن عبد اللَّه بن أحمد بن محمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: ذكر اللَّه تبارك وتعالى طاعة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في القرآن في غير موضع، فذكرها أبي كلها أو عامتها فلم أحفظ، فكتبتها بعد من كتابه، قال اللَّه تعالى في آل عمران: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)} [آل عمران: 131، 132]. وقال تعالى: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56)} [النور: 56]. وقال تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)} [آل عمران: 32]. وقال في النساء: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} [النساء: 65]. وقال: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [النساء: 69] إلى هنا قرأ علينا عبد اللَّه بن أحمد. ثم قرئ علينا من هنا وأنا أسمع. وقال تعالى: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79) مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 79، 80]. وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59]. وقال: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)} [النساء: 13، 14].

وقال: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105)} [النساء: 105]. وقال في المائدة: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (92)} [المائدة: 92]. وقال تعالى في الأنفال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)} [الأنفال: 1]. وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20)} [الأنفال: 20] وقال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)} [الأنفال: 46] الآية. وقال في النور: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51)} [النور: 51]. وقال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52)} [النور: 52]. وقال: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56)} [النور: 56]. وقال: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54)} [النور: 54]. وقال: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} [النور: 63]. وقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: 62].

وقال في آخر الأحزاب: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)} [الأحزاب: 71]. وقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)} [الأحزاب: 36]. وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب: 21]. وقال في الذين كفروا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33)} [محمد: 33]. وقال في الحجرات: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)} [الحجرات: 1] وكان الحسن يقول: لا تذبحوا قبل ذبحه (¬1). وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2)} [الحجرات: 2]. وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3)} [الحجرات: 3]. وقال في سورة الفتح: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17)} [الفتح: 17]. وقال في النجم: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2)} [النجم: 1، 2]. ¬

_ (¬1) روى الطبري في "تفسيره" 11/ 377 - 378 (31660، 31661) في تفسير هذِه الآية: عن الحسن قال: أناس من المسلمين ذبحوا قبل صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم النحر فأمرهم نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يعيدوا ذبحًا آخر. وروى ابن أبي الدنيا في "الأضاحي" كما في "الدر المنثور" 6/ 85 عن الحسن: ذبح رجل قبل الصلاة فنزلت.

وقال في الحشر: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)} [الحشر: 7]. وقال في التغابن: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (12)} [التغابن: 12]. وقال في الطلاق: {فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الطلاق: 10، 11]. وقال: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9)} [الفتح: 8، 9]. فقال عكرمة: يقاتلوا معه بالسيف، ويوقروه ويسبحوه بكرة وأصيلا (¬1). وقال تعالى: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى}. فقال: وهي: لا اله إلا اللَّه. إلى هنا مختصرة. وقرأ علينا عبد اللَّه من هاهنا: وقال في سورة هود [17]: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ}. وقال ابن عباس: جبريل (¬2). وقال مجاهد: محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬3). {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ} [هود: 17]. ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 11/ 337 - 338 (31472 - 31475). (¬2) رواه ابن جرير في "تفسيره" 7/ 17 (63 - 18). (¬3) رواه ابن جرير في "تفسيره" 7/ 18 (18079).

قال سعيد بن جبير: الأحزاب: الملل كلها (¬1). {فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} [هود: 17]. "مسائل عبد اللَّه" (1635) قال الفضل بن زياد: قال الإمام أحمد: نظرت في المصحف فوجدت طاعة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- في ثلاثة وثلاثين موضعًا، ثم جعل يتلو: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: 63]، وجعل يكررها، ويقول: وما الفتنة؟ الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيزيغ قلبه فيهلكه، وجعل يتلو هذِه الآية: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65]. "الصارم المسلول" (56) ¬

_ (¬1) روى عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 265 (1194) عن معمر، عن أيوب، عن سعيد ابن جبير قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما من أحد يسمع بي من هذِه الأمة، ولا يهودي ولا نصراني فلا يؤمن بي إلا دخل النار" قال: فجعلت أقول: فأين تصديقها في كتاب اللَّه، وقلما سمعت حديثًا إلا وجدت له تصديقًا في القرآن، حتى وجدت هذِه: {ومن يكفر به من الأحزاب} فالأحزاب: الملل كلها. ورواه الطبري في "تفسيره" 7/ 21 (18088، 18089، 18090) من طرق عن أيوب، به. ورواه الحاكم 2/ 342 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي عمرو البصري، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس بالمتن السابق. وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

107 - باب: الإسراء والمعراج

107 - باب: الإسراء والمعراج قال الخلال: وقد حدثنا أبو بكر المروذي رحمه اللَّه قال: سألتُ أبا عبد اللَّه عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات، والرؤية، والإسراء، وقصة العرش، فصححها أبو عبد اللَّه، وقال: قد تلقتها العلماء بالقبول، نسلم الأخبار كما جاءت. قال: فقلت له: إن رجلًا اعترض في بعض هذِه الأخبار كما جاءت، فقال: يُجفى، وقال: ما اعتراضه في هذا الموضع؟ ! يسلم الأخبار كما جاءت. "السنة" للخلال 1/ 1199 (283) قال أبو بكر المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: يُحكى عن موسى بن عقبة أنه قال: أحاديث الإسراء منام. فقال: هذا كلام الجهمية، وقال: منام الأنبياء وحي. "الروايتين والوجهين/ مسائل العقيدة" ص 58 قال يعقوب بن بختان: سألت أبا عبد اللَّه عن المعراج، فقال: رؤيا الأنبياء وحي. قال: موسى بن عقبة حُكي (عنه) (¬1) أنه قال: إن أحاديث الإسراء منام، فقال: هذا كلام الجهمية، وجمع أحاديث الإسراء فأعطانيها وقال: منام الأنبياء وحي. "إبطال التأويلات" 1/ 104 قال الخلال: حدثنا المروذي، قال: قرئ على أبي عبد اللَّه: عبد اللَّه بن الوليد، حدثنا سفيان في قوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: 1]، قال: أُسري به من شعب أبي طالب. "بيان تلبيس الجهمية" 7/ 278 ¬

_ (¬1) في المطبوع من "إبطال التأويلات": (له) والمثبت أصح، واللَّه أعلم.

108 - باب: المقام المحمود

108 - باب: المقام المحمود قال أبو بكر الخلال: ذكر عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل قال: سمعت حديث ابن فضيل، عن ليث، عن مجاهد: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79)} [الإسراء: 79] من أبي معمر عن أخيه، عن ابن فضيل، قال: فذاكرته أبي فقال: ما وقع إلي بعلو. وجعل كأنه يتلهَّف، يعني: إذا لم يقع إليه بعلو. "السنة" للخلال 1/ 173 (239) وقال هارون بن العباس الهاشمي: جاءني عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، فقلت له: إن هذا الترمذي الجهمي الراد فضيلة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يحتج بك، فقال: كذب عليَّ، وذكر الأحاديث في ذلك، فقلت لعبد اللَّه: اكتبها لي، فكتبها بخطه. حدثنا هارون بن معروف، قال: ثنا محمد بن فضيل، عن ليث، عن مجاهد في قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79)} قال: يقعده على العرش (¬1)، فحدثت به أبي -رضي اللَّه عنه-، فقال: كان محمد بن فضيل يحدِّث ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 308 (31643)، والطبري في "تفسيره" 8/ 132 (22633) قال الطبري: فإن ما قاله مجاهد من أن اللَّه يُقعد محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- على عرشه، قولٌ غير مدفوع صحته، لا من جهة خبر ولا نظر. قلتُ: هو قول لمجاهد، وليس بمرفوع، وتلقاه أهل العلم بالقبول، وضعفه الألباني رحمه اللَّه في "السنة" لابن أبي عاصم، وأنكره في "مختصر العلو"، وقبول السلف له أولى، ولا يعني تضعيفه من أحدٍ إنكار للعلو والاستواء، والثابت بالأحاديث الصحيحة أنَّ المقام المحمود هو الشفاعة العظمى، وهو ثابت عن مجاهد أيضًا. ومَن يقول بالأثر -وهم كُثُر- يعتبره معنى إضافي للمقام المحمود لا ينافي الشفاعة، وإثبات لعلو الرب عز وجل، ويتهمون من ينكر جلوس النبي على العرش. وجلوس النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على العرش إنما هو فضيلة عظيمة وليس فيه أي صفة ربوبية. =

به، فلم يقدر لي أن أسمعه منه. فقال هارون: فقلت له: قد أخبرت عن أبيك أنه كتبه عن رجل، عن ابن فضيل، فقال: نعم، قد حكوا هذا عنه. "السنة" للخلال 1/ 198 (277) قال أبو بكر: حدثني محمد بن إبراهيم النيسابوري صاحب إسحاق بن راهويه، وغيره، قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي -وهو ابن راهويه- قال: ثنا محمد بن فضيل، عن ليث، عن مجاهد، في قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79)} [الإسراء: 79] قال: يقعده معه على العرش. قال إسحاق بن راهويه لأبي علي القوهستاني: من رد هذا الحديث فهو جهمي. "السنة" للخلال 1/ 200 (287) قال ابن عمير: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل، وسُئل عن حديث مجاهد: يقعد محمدًا على العرش، فقال: قد تلقته العلماء بالقبول، نسلم هذا الخبر كما جاء. "إبطال التأويلات" 2/ 480، "الاعتقاد" لأبي الحسين الفراء ص 39 قال أبو بكر بن صدقة: ذُكر الحديث -حديث مجاهد- عند أبي عبد اللَّه فقال: فاتني عن ابن فضيل. وجعل يتلهف. "بيان تلبيس الجهمية" 6/ 214 ¬

_ = أما لفظ الإقعاد والجلوس للرب (رواية: معه على العرش)، فلعله اجتهاد من مجاهد، ولم يرد ذلك في سنة ثابتة، وإنما الثابت الاستواء. واحتجاج العلماء بأثر مجاهد يأتي مع حشد الأدلة لإثبات الصفات مع غيره من عشرات الأدلة والآثار، بصرف النظر عن صحة كل دليل استقلالا؛ لذلك ينكرون على من يرُد خبر مجاهد باعتباره رادًّا للصفات، وموافِقًا للجهمية، ومنكرًا للعرش، أما تضعيفه من جهة الإسناد فهذا أمر آخر، واللَّه أعلم.

109 - باب: هل يجوز التبرك بآثار النبي -صلى الله عليه وسلم-

109 - باب: هل يجوز التبرك بآثار النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال صالح: قال في الذي يدخل المدينة: ولا يمس الحائط، ويضع يده على الرمانة، وموضع الذي جلس فيه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يقبل الحائط. وكان ابن عمر يمسح النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان يتبع آثار النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يمر بموضع صلى فيه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (إلا صلى) (¬1) فيه، حتى مر بشجرة صب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في أصلها ماء، فصب في أصلها الماء (¬2). "مسائل صالح" (1062) قال عبد اللَّه: سألته عن الرجل يمس منبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ويتبرك بمسِّه ويقبِّله، ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلى اللَّه جل وعز، فقال: لا بأس بذلك. "العلل" (3243) قال سندي الخواتيمي: سألنا أبا عبد اللَّه عن الرجل يأتي هذِه ¬

_ (¬1) المثبت من الطبعة الهندية 3/ 61 (1340). (¬2) روى الحميدي في "مسنده" 1/ 540 (680)، وابن حبان في "صحيحه" 15/ 551 (7074) والبيهقي 5/ 245 أن ابن عمر -رضي اللَّه عنه- كان يتتبع آثار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وكل منزل نزله ينزل فيه، فنزل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سمرة فكان ابن عمر يجيء بالماء فيصبه في أصل السمرة كي لا تيبس. واللفظ لابن حبان. قال الألباني في " صحيح موارد الظمآن" 2/ 375 (1899) صحيح. وروى البزار في "مسنده" 12/ 213 (5909) عنه أنه كان يأتي شجرة بين مكة والمدنية فيقيل تحتها ويخبر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يفعل ذلك. قال المنذري كما في "صحيح الترغيب" (47): رواه البزار بإسناد لا بأس به وقال الألباني: حسن، وقال الهيثمي في "المجمع" 1/ 175: رواه البزار، ورجاله موثقون.

المشاهد، ويذهب إليها: ترى ذلك؟ قال: أما على حديث ابن أم مكتوم أنه سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أن يصلي في بيته حتى يتخذ ذلك مصلى (¬1)، وعلى ما كان يفعله ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، يتتبع مواضع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأثره؛ فليس بذلك بأس أن يأتي الرجل المشاهد، إلا أن الناس قد أفرطوا في هذا جدًّا وأكثروا فيه. وكذلك نقل عنه أحمد بن القاسم. ولفظه: سئل عن الرجل يأتي هذِه المشاهد التي بالمدينة وغيرها يذهب إليها؟ قال: أما على حديث ابن أم مكتوم أنه سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يأتيه، فيصلي في بيته حتى يتخذه مسجدًا وعلى ما كان يفعل ابن عمر يتتبع مواضع سير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وفعله، حتى إنه رئي يصب في موضع الماء، فسئل عن ذلك؛ فقال: رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصب هاهنا ماء. قال: أما على هذا فلا بأس. قال: ورخص فيه. ثم قال: ولكن قد أفرط الناس جدًّا وأكثروا في هذا ¬

_ (¬1) لم أجد عن ابن أم مكتوم أنه سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يصلي له في بيته حتى يتخذ ذلك الموضع مصلى، وإنما روى ذلك محمود بن الربيع عن عتاب بن مالك وكان قد أصاب بصره بعض الشيء فأتاه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن شاء اللَّه من أصحابه رواه الإمام أحمد 4/ 43، والبخاري (424)، ومسلم (33). والذي روي عن ابن أم مكتوم أنه قال: جئت إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلت: يا رسول اللَّه كنت ضريرًا شاسع الدار ولي قائد لا يلائمني فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: "أتسمع النداء" قال: قلت: نعم قال: "ما أجد لك رخصة" وليس فيه أنه سأله أن يصلي له في بيته ليصلي في ذلك الموضع. رواه الإمام أحمد 3/ 423، وأبو داود (552)، والنسائي 2/ 109 - 110، وابن ماجه (792) من طرق عن ابن أم مكتوم. وصححه ابن خزيمة 2/ 369 (1480)، والحاكم 1/ 274، وصححه أيضًا الألباني في "صحيح أبي داود" (561، 562).

المعنى، فذكر قبر الحسين وما يفعل الناس عنده. "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 304 - 305، 383، و"الفروع" 3/ 168 قال أبو بكر الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: قبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يُمَسُّ ويتمسح به؟ فقال: ما أعرف هذا. قلت له: فالمنبر؟ فقال: أما المنبر فنعم، قد جاء فيه، قال أبو عبد اللَّه: شيء يروونه عن ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن ابن عمر أنه مسح على المنبر، قال: ويروونه عن سعيد بن المسيب في الرمانة. قلت: ويروون عن يحيى بن سعيد: أنه حين أراد الخروج إلى العراق جاء إلى المنبر فمسحه ودعا. فرأيته استحسنه، ثم قال: لعله عند الضرورة والشيء. قيل لأبي عبد اللَّه: إنهم يلصقون بطونهم بجدار القبر، وقلت له: رأيت أهل العلم من أهل المدينة لا يمسونه ويقومون ناحية فيسلمون، فقال أبو عبد اللَّه: نعم، وهكذا كان ابن عمر يفعل، ثم قال أبو عبد اللَّه: بأبي هو وأمي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 366، "الإخنائية" ص 305 - 306 قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: سمعت أبا زيد حماد بن دليل قال لسفيان قال: كان أحد يتمسح بالقبر؟ قال: ولا يلتزم القبر ولكن يدنو. قال أبي: يعني: الإعظام لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "الإخنائية" ص 415 وروى عبد اللَّه، عن أبيه، عن النوح بن يزيد قال: أخبرنا أبو إسحاق -يعني: إبراهيم بن سعد- قال: ما رأيت أبي قط يأتي قبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان يكره إتيانه. "الإخنائية" ص 415، 416

قال المروذي: قال الإمام أحمد: يتوسل بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في دعائه (¬1). "الإنصاف" 5/ 420 ¬

_ (¬1) التوسل المشروع ينقسم إلى أقسام ثلاثة: 1 - التوسل باسم من أسماء اللَّه تبارك وتعالى أو صفة من صفاته. 2 - التوسل بعمل صالح قام به الداعي كما في حديث الثلاثة الذين كانوا في الغار فسدت عليهم الصخرة باب الغار. 3 - التوسل بدعاء رجل صالح كما في حديث الضرير. قال الشيخ الألباني رحمه اللَّه في "التوسل أنواعه وأحكامه" ص 42 - 43: وأما ما عدا هذِه الأنواع من التوسلات ففيه خلاف، والذي نعتقده وندين اللَّه تعالى به أنه غير جائز ولا مشروع؛ لأنه لم يرد فيه دليل تقوم به الحجة وقد أنكره العلماء المحققون -في العصور الإسلامية المتعاقبة مع أنه قد قال ببعضه بعض الأئمة: فأجاز الإمام أحمد التوسل بالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وحده، وأجاز غيره كالإمام الشوكاني التوسل به وبغيره من الأنبياء والصالحين ولكننا -كشأننا في جميع الأمور الخلافية- ندور مع الدليل حيث دار، ولا نتعصب للرجال، ولا ننحاز لأحد إلا للحق كما نراه ونعتقده، وقد رأينا في قضية التوسل التي نحن بصددها الحق مع الذين حظروا التوسل بمخلوق، ولم نر لمجيزيه دليلًا صحيحًا يعتد به، ونحن نطالبهم بأن يأتونا بنص صحيح صريح من الكتاب أو السنة فيه التوسل بمخلوق وهيهات أن يجدوا شيئًا يؤيد ما يذهبون إليه أو يسند ما يدعونه اللهم إلا شبها واحتمالات. انتهى كلامه رحمه اللَّه.

110 - باب: فضل أمة محمد صلى الله عليه وسلم

110 - باب: فضل أمة محمد صلى اللَّه عليه وسلم قال الفضل بن زياد: قال أبو عبد اللَّه: عن عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة، عن أبى خالد قال: وذكر له أن موسى لما أخذ الألواح قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم الأولون، والآخرون السابقون -قال قتادة: هم الأولون في العرض يوم القيامة، وهم الآخرون في الخلق، السابقون في دخول الجنة- اجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم، يقرءونها. قال قتادة: وكان من قبلكم إنما يقرءون كتبهم نظرًا، فإذا رفعوها لم يَعُوْها، ولم يحفظوها، وإن اللَّه أعطى هذِه الأمة من الحفظ ما لم يعط الأمم قبلها، وذكره إلى آخره (¬1). "بدائع الفوائد" 4/ 64 ¬

_ (¬1) نقلنا هذا الأثر كاملًا من "تفسير الطبري" 6/ 66 (15142)، قال: حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {أَخَذَ الْأَلْوَاحَ} [الأعراف: 154]، قال: رب، إني أجد في الألواح أمةً خيرَ أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون -أي: آخرون في الخلق- السابقون في دخول الجنة، رب أجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرءونها - وكان من قبلهم يقرءون كتابهم نظرًا، حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئا، ولم يعرفوه. قال قتادة: وإن اللَّه أعطاكم أيتها الأمة من الحفظ شيئًا لم يعطِه أحدًا من الأمم- قال: ربّ اجعلهم أمتي! قال: تلك أمة أحمد! قال: رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر، ويقاتلون فضول الضلالة، حتى يقاتلوا الأعور الكذاب، فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم، ثم يؤجرون عليها- وكان من قبلهم من الأمم إذا تصدق =

111 - هل اليهود والنصارى والمجوس من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-؟

111 - هل اليهود والنصارى والمجوس من أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال صالح: قلت: أحد يقول: اليهودي والنصراني من أمة محمد صلى اللَّه عليه وسلم؟ فقال: سبحان اللَّه، النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "اختبأت شفاعتي لأمتي" (¬1)، أيشفع إذًا لليهودي والنصراني؟ ! أحد يقول هذا؟ ! "مسائل صالح" (1319) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن اليهود والنصاري والمجوس من أمة محمد صلى اللَّه عليه وسلم هم؟ ¬

_ = بصدقة فقبلت منه، بعث اللَّه عليها نارًا فأكلتها، وإن ردَّت عليه تركت تأكلها الطير والسباع. قال: وإن اللَّه أخذ صدقاتكم من غنيكم لفقيركم -قال: رب اجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني أجد في الألواح أمة إذا همّ أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة، رب اجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني أجد في الألواح أمة إذا همّ أحدهم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها، فإذا عملها كتبت عليه سيئة واحدة، فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم، فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم المشفَّعون والمشفوع لهم، فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: وذكر لنا أن نبي اللَّه موسى عليه السلام نبذ الألواح وقال: اللهم اجعلني من أمة أحمد. قال: فأعطي نبي اللَّه موسى ثنتين لم يعطهما نبيٌّ، قال اللَّه: {يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: 144]. قال: فرضي نبي اللَّه. ثم أعطي الثانية: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159)} [الأعراف: 159]، قال: فرضي نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كل الرضى. (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 381، والبخاري (7474)، ومسلم (198) من حديث أبي هريرة.

فقال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث الشفاعة "فأقول: أمتي أمتي" (¬1). قال أبي: فليس يرى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يشفع إلا في أمته المسلمين. فقلت لأبي: فأمة من هم؟ فقال: قال عليه السلام: "بعثت إلى الأحمر والأسود" (¬2) فمن أسلم منهم فقد دخل في أمته. قال عبد اللَّه: قال أبي: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ}، فقال: ابن عباس وغيره قالوا: عيسى (¬3). ثم تلا: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 157 - 159]. وقال: فهذا يدل على أنه عيسى، ليس هو محمد صلى اللَّه عليه وسلم، وإنما هو عيسى. "مسائل عبد اللَّه" (1596 - 1597) وقال عبد اللَّه: قال أبي في سورة هود: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ} [هود: 17]. قال ابن عباس: جبريل (¬4)، وقال مجاهد: محمد صلى اللَّه عليه وسلم (¬5). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 247 - 248، والبخاري (7510)، ومسلم (193) (326) من حديث أنس. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 304، والبخاري (335)، ومسلم (521) من حديث جابر. (¬3) رواه الطبري في "تفسيره" 4/ 356 - 357 عن ابن عباس وأبي مالك وقتادة والحسن وغيرهم. (¬4) الذي وقفت عليه أن ابن عباس قال: قوله: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ} يعني: محمد على بينة من ربه {وَيَتْلُوُه شَاهِدٌ مِّنْهُ} فهو جبريل شاهد من اللَّه. رواه الطبري في "تفسيره" 7/ 18 (18078). (¬5) رواه الطبري في "تفسيره" 7/ 17 (18058).

{وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} [هود: 17]. قال سعيد بن جبير: الأحزاب: الملل كلها (¬1). {فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ} [هود: 17]. "مسائل عبد اللَّه" (1635) قال الخلال: أخبرنا المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن اليهود والنصارى من أمة محمد صلى اللَّه عليه وسلم هم؟ فغضب غضبًا شديدًا، وقال: هذِه مسألة قذرة لا يتكلم فيها. قلت: فأُنكر على من قال ذا؟ قال: هذِه مسألة قذرة جدًّا لا يتكلم فيها. وعاب أبو عبد اللَّه على من تكلم فيها. وقال الخلال: أخبرنا محمد بن علي بن بحر قال: حدثنا يعقوب بن بختان أنه سأل أبا عبد اللَّه عن اليهود والنصارى من أمة محمد هم؟ فغضب غضبًا شديدًا وقال: يقول هذا مسلم؟ ! أو كما قال. وقال: أخبرني محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم أن أباه حدثه قال: حدثني أحمد بن القاسم، وأخبرني زكريا بن الفرج عن أحمد بن القاسم قال: ذكرت لأبي عبد اللَّه من يقول: إن اليهود والنصارى من أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال: وأخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر: أن أبا الحارث حدثهم -ولفظ بعضهم في بعض قال: سألت أبا عبد اللَّه عن اليهود والنصارى من أمة محمد صلى اللَّه عليه وسلم هم أم لا؟ فإن قومًا قد اختلفوا فيهم. فقال: أي شيء هذا؟ ! منكرًا للمسألة وغضب. ¬

_ (¬1) رواه الطبري 7/ 21 (18090).

قلت: إن هاهنا من يقول هذا، قال: دعنا. وتغير لونه. قلت: فيرد عليهم؟ ننكر عليهم ما يقولون؟ قال: نعم، شديد الرد والإنكار. وكان أبو ياسر قاعدًا في مجلس أبي عبد اللَّه فقال: يا أبا عبد اللَّه: حدثنا ابن وهب العابد، قال: حدثنا (بكير) (¬1) بن معروف، عن مقاتل بن حيان، عن عطاء بن أبي رباح، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ صدّق بي وآمن بي فهو من أمتي، ومن لم يصدق بي ويؤمن بي فليس من أمتي، وهو في النار" (¬2). فجعل أبو عبد اللَّه يبتسم واستفهمه الحديث والكلام، فظننت أنه يتحفظه. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 54 - 57 (1 - 4) قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثني أبو طالب ¬

_ (¬1) في المطبوع: (بكر) وهو تحريف، فبكير بن معروف هو الأسدي، أبو معاذ، وقيل: أبو الحسن النيسابوري، صاحب التفسير، كان على قضاء نيسابور، ثم سكن دمشق. قال فيه الإمام أحمد: ما أرى به بأسًا. ومرة: ذاهب الحديث. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال الحافظ ابن حجر: صدوق فيه لين. انظر "تهذيب الكمال" 4/ 252 (772) و"تقريب التهذيب" (768). (¬2) مرسل، ولم أهتد إليه، لكل يشهد له حديث رواه الإمام أحمد 2/ 350، ومسلم (153) من طريق أبي يونس، عن أبي هريرة، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "والذي نفس محمد بيده، لا يسمع به أحد من هذِه الأمة يهودي أو نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار". وفي الباب عن أبي موسى الأشعري.

أنه سأل أبا عبد اللَّه عن اليهود والنصارى من أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: لا، النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أمتي .. أمتي"، يشفع لليهود والنصارى؟ ! قلت: يقولون الرسل إلى الناس كافة، قال: من يقول اليهود والنصارى؟ ! "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 59 - 60 (6)

كتاب القدر

كتاب القدر 112 - باب الإيمان بالقدر قال ابن هانئ: حضرت رجلًا عند أبي عبد اللَّه وهو يسأله، فجعل الرجل يقول: يا أبا عبد اللَّه، رأس الأمر وإجماع المسلمين على أن الإيمان بالقدر، خيره وشرّه، حلوه ومرّه، والتسليم لأمره، والرضا بقضائه؟ فقال أبو عبد اللَّه: نعم. "مسائل ابن هانئ" (1873) قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي، نا إسحاق بن سليمان الرازي، سمعتُ أبا سنان، عن وهب بن خالد الحمصي، عن ابن الديلمي قال: وقع في نفسي شيء من هذا القدر فأتيت أُبيّ بن كعب، فقلت: أبا المنذر، وقع في نفسي شيء من هذا القدر، فخشيت أن يكون فيه هلاك ديني وأمري، حدثني عن ذلك بشيء؛ لعل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ينفعني به، فقال: لو أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته خيرًا لهم من أعمالهم، ولو كان لك جبل أُحدٍ -أو مثل جبل أُحد- ذهبًا أنفقته في سبيل اللَّه ما قبله اللَّه منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وإنك إن مت على غير هذا دخلت النار، ولا عليك أن تأتي عبد اللَّه بن مسعود فتسأله. فأتيت عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- فسألته، فقال مثل ذلك، كان أبو سنان يقتص الحديث. قال: ولا عليك أن تأتي أخي حذيفة بن اليمان فتسأله. فأتيت حذيفة رضي اللَّه عنه فسألته، فقال مثل ذلك، قال: فأتِ زيد بن ثابت فسله. فأتيت زيد بن ثابت -رضي اللَّه عنه- فسألته فقال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-

يقول: "لو أن اللَّه عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم، ولو كان لك جبل أحد ذهبا أنفقت في سبيل اللَّه ما قبله اللَّه منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأَن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنك إن مت على غير هذا دخلت النار" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا يحيى بن سعيد، نا سفيان، نا أبو سنان سعيد بن سنان، نا وهب بن خالد الحمصي، عن ابن الديلمي قال: لقيت أبي بن كعب -رضي اللَّه عنه-، فذكر معنى حديث إسحاق الرازي، وحديث إسحاق بن سليمان أتم كلاما وأكثر. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن علي -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِأَرْبَعٍ: حَتَّى يَشْهَدَ أَنْ لَا إله إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، وَيُؤْمِنَ بَالْبَعْثِ بَعْدَ المَوْتِ، وَحَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ". قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا سفيان، عن منصور، عن ربعي ابن حراش، عن رجل، عن علي -كرم اللَّه وجهه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نحوه وزاد فيه: "خَيْرِهِ وَشَرِّهِ" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه بن أحمد 2/ 288 - 390 (843 - 846). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 183، وأبو داود (4699)، وابن ماجه (77). قال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 7/ 68 - 69 (4534): وأخرجه ابن ماجه، وفي إسناده أبو سنان سعيد بن سنان الشيباني، وثقه يحيى بن معين وغيره، وتكلم فيه الإمام أحمد وغيره. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (62). (¬2) رواه أحمد 1/ 97، 133، والترمذي (2145) من طريق الطيالسي، عن شعبة، به. =

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا بهز بن أسد، نا بشر بن المفضل، نا داود، عن أبي نضرة، عن أسير بن جابر قال: طلبت عليًّا -رضي اللَّه عنه- في منزله فلم أجده، فنظرت فإذا هو في ناحية المسجد، قال: فقلت له، كأنه خوفه، قال: فقال: إنه ليس أحد إلا ومعه ملك يدفع عنه ما لم ينزل القدر، فإذا نزل القدر لم يغن شيئا (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 404 (877). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، نا معمر، عن قتادة قال: سألت ابن المسيب عن القدر، فقال: ما قدر اللَّه فهو قدر (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا إبراهيم بن خالد، حدثني رباح، عن معمر قال: كان إياس بن معاوية يقول: أعلم الناس بالقدر ضعفاؤهم، يقول: إن كل من لم يدخل في خصومة القدر كان من قوله: كان من ¬

_ = ورواه ابن ماجه (81) من طريق شريك، عن منصور به. قال الترمذي: حديث أبي داود -يعني الطيالسي- عن شعبة عندي أصح من حديث النضر. اهـ. وقال الألباني في "ظلال الجنة في تخريج السنة" ص 59: إسناده صحيح. أي: الطريق الأول. أما طريق منصور، عن ربعي، عن رجل من بني راشد، عن علي. فقد رواه الإمام أحمد 1/ 133، قال الدارقطني في "العلل" 3/ 196 لما سئل عن حديث ربعي: حدث به شريك وورقاء وجرير وعمر بن أبي قيس، عن منصور، عن ربعي، عن علي، وخالفهم سفيان الثوري وزائدة وأبو الأحوص وسليمان التيمي، فرووه عن منصور، عن ربعي، عن رجل من بني راشد. والحديث صححه الألباني فى "صحيح الترمذي" (1744). (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب القدر 2/ 136 - 137 (1571، 1574) بمعناه. وسيأتي نحوه ص 150. (¬2) رواه عبد الرزاق 11/ 126 (20101).

قدر اللَّه كذا وكذا. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 406 (883 - 884). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن حماد، أنا أبو عوانة، عن رقبة، عن أبي صخرة، عن عمرو بن ميمون قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه يقول حين طعن: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (38)} (¬1) [الأحزاب: 38]. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 409 (892). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا أسامة بن زيد، عن عكرمة قال: سئل ابن عباس: كيف تفقد سليمان الهدهد من بين الطير؟ قال: إن سليمان صلوات اللَّه عليه نزل منزلا فلم يدر ما بعد الماء، وكان الهدهد مهندسا، قال: فأراد أن يسأله عن الماء ففقده. قلت: وكيف يكون مهندسا والصبي ينصب له الحبالة فيصيده؟ ! قال: إذا جاء القدر حال دون البصر (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 412، 424 (900، 931). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن جعفر غندر، نا كَهْمَس، نا ابن بريدة. وقال: قال أبي: نا يزيد بن هارون، نا كهمس، عن ابن بريدة. وقال: قال أبي: ونا عبد اللَّه بن يزيد المقرئ، نا كهمس، عن ابن بريدة. وقال: قال أبي: نا وكيع، نا كهمس، عن ابن بريدة. قال عبد اللَّه: قال أبي: وقرأت على يحيى بن سعيد، نا عثمان بن غياث، حدثنا عبد اللَّه بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، وحميد بن ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 348 - 349، وابن أبي شيبة 7/ 438 - 439 (37057)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 418 بنحوه. (¬2) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 9/ 2859 (16212) من طريق أسامة بن زيد، عن عكرمة به. ورواه أيضًا الطبري في "تفسيره" 9/ 505، والحاكم 2/ 406 وصححه، ووافقه الذهبي.

عبد الرحمن الحميري قالا: لقينا عبد اللَّه بن عمر -وهذا لفظ حديث كهمس، عن ابن بريدة، عن يحيى بن يعمر سمع ابن عمر قال: حدثني عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- قال: بينما نحن ذات يوم عند نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأسند ركبتيه، إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه، ثم قال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام، ما الإسلام؟ فقال: "الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إله إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ البَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا". قال: صدقت. قال: فعجبنا له، يسأله ويصدقه! قال: ثم قال: أخبرني عن الإيمان. قال: "أَنْ تُؤْمِنَ باللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ" قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان، ما الإحسان؟ -قال يزيد: - "أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ". قال: فأخبرني عن الساعة. قال: "مَا المَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ" قال: فأخبرني عن أماراتها. قال: "أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرى الحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي البُنْيَانِ". قال: ثم انطلق، قال: فلبثت مليًّا -قال يزيد: ثلاثًا- فقال لي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَن السَّائِلُ؟ " قال: قلت: اللَّه ورسوله أعلم. قال: "فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ، أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دَينَكُمْ" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 414 - 415 (904 - 908). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 27، ومسلم (8).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا إسحاق بن عيسى، أخبرني مالك، عن زياد بن سعد، عن عمرو بن مسلم، عن طاوس اليماني، قال: أدركت ناسا من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولون: كل شيء بقدر. قال: وسمعت عبد اللَّه بن عمر يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى العَجْزُ وَالْكَيْس" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 417 (913). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أنس بن عياض، حدثني أبو حازم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا يُؤْمِنُ المَرْءُ حَتَّى يُؤْمِن بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ" (¬2) وقال أبو حازم: لعن اللَّه دينا أنا أكبر منه، يعني التكذيب بالقدر. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 418 (916). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو معاوية، نا الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي حجاج الأزدي، عن سلمان قال: لقيته بماء سبذان، قال: فقلت له: أخبرني كيف الإيمان بالقدر؟ قال: أن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولا تقل: لولا كذا لكان كذا، ولو لم يفعل كذا لكان كذا (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 421 (923). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 110، ومسلم (2655). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 181، وابن أبي عاصم في "السنة" (134) واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 823 (1387). قال الشيخ أحمد شاكر (حديث: 6753): إسناده صحيح. وقال الألباني في "ظلال الجنة": إسناده حسن. (¬3) رواه عبد الرزاق 11/ 118 (20083)، والآجري في "الشريعة" (401)، والطبراني 6/ 220 (6060) مختصرًا. واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1240)، والبيهقي 10/ 204. وذكره الهيثمي في "المجمع" 7/ 199 وقال: رواه الطبراني، وأبو الحجاج لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن، نا سفيان، عن عمر بن محمد، عن رجل، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- قال: الإيمان بالقدر نظام التوحيد، فمن آمن وكذب بالقدر فهو نقض للتوحيد (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 422 (925). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، عن معمر قال: قال عمرو بن العاص لأبي موسى الأشعري: وددت أني أجد من أخاصم إليه ربي عَزَّ وَجَلَّ. فقال أبو موسى: أنا. فقال عمرو بن العاص: أيقدر عليَّ شيئا يعذبني عليه؟ فقال أبو موسى: نعم. قال: لم؟ قال: لأنه لا يظلمك. فقال عمرو: صدقت (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، ثنا سفيان، عن عمر بن محمد بن زيد، عن رجل، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- قال: الإيمان بالقدر نظام التوحيد، فمن وحد وكذب بالقدر فقد نقض التوحيد. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 422 (927 - 928). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الصمد، نا حماد، نا حميد قال: قرأت على الحسن في بيت أبي خليقة القرآن أجمع من أوله إلى آخره، فكان يفسره على الإثبات (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 428 (944). ¬

_ (¬1) رواه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 689 (1112) من طريق سفيان، عن عمر بن محمد به، ورواه أيضًا الآجري في "الشريعة" (422) من طريق عمر بن محمد، وإسماعيل بن رافع وعبد الرحمن بن عمرو، عن ابن عباس بنحوه. (¬2) رواه عبد الرزاق 11/ 124 - 125 (20097). (¬3) رواه الطبري في "تفسيره" 7/ 495 (21039 - 21040)، وابن بطة في "الإنابة" كتاب القدر 2/ 191 (1700).

قال الفضل بن زياد: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا ابن زيد، عن أيوب قال: أدركت الناس وما كلامهم إلا: وإن قضى وإن قدر. "الإبانة" كتاب القدر 2/ 86 (1493) قال أبو رجاء محمد بن حمدويه: سمعت أحمد بن حنبل يقول: سمعت أبا معاذ النحوي يقول: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182)} [الأعراف: 182] قال: أظهر لهم النعم، وأنسيهم الشكر. "القضاء والقدر" للبيهقي ص 243 (323). قال عبدوس بن مالك العطار: قال أحمد: يجب الإيمان بالقدر، وبالأحاديث فيه، ومثل أحاديث الرؤية كلها وإن نبت عن الأسماع واستوحش منها المستمع. "إبطال التأويلات" 1/ 44. قال عبدوس بن مالك العطار: قال أحمد: ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقلها ولم يؤمن بها لم يكن من أهلها: الإيمان بالقدر خيره وشره، والتصديق بالأحاديث فيه، ومن لم يعرف تفسير الحديث ويبلغه عقله فقد كفي ذلك وأحكم له، فعليه الإيمان والتسليم. "إبطال التأويلات" 1/ 55. قال أحمد بن جعفر الإصطخري: قال أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل: . . والإيمان بالقدر خيره وشره، وقليله وكثيره، وظاهره وباطنه، وحلوه ومره، ومحبوبه ومكروهه، وحسنه وسيئه، وأوله وآخره من اللَّه، قضاء قضاه، وقدرًا قدّره عليهم، لا يعدو واحد منهم مشيئة اللَّه، ولا يجاوز قضاءه، بل هم كلهم صائرون إلى ما خلقهم له، واقفون فيما قدر عليهم لأفعاله، وهو عدل منه عز ربنا وجل. والزنا، والسرقة،

وشرب الخمر، وقتل النفس، وأكل المال الحرام، والشرك باللَّه، والمعاصي كلها بقضاء وقدر، من غير أن يكون لأحد من الخلق على اللَّه حجة، بل للَّه الحجة البالغة على خلقه {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)} [الأنبياء: 23]، وعلم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ماض في خلقه بمشيئة منه، قد علم من إبليس ومن غيره ممن عصاه -من لدن أن عصي تبارك وتعالى إلى أن تقوم الساعة- المعصية، وخلقهم لها، وعلم الطاعة من أهل الطاعة وخلقهم لها، وكل يعمل لما خلق له، وصائر إلى ما قضي عليه وعلم منه، لا يعدو واحد منهم قدر اللَّه ومشيئته، واللَّه الفاعل لما يريد، الفعال لما يشاء. ومن زعم أن اللَّه شاء لعباده الذين عصوه الخير والطاعة، وأن العباد شاؤوا لأنفسهم الشر والمعصية، فعملوا على مشيئتهم، فقد زعم أن مشيئة العباد أغلظ من مشيئة اللَّه تبارك وتعالى، فأي افتراء أكثر على اللَّه من هذا؟ ! ومن زعم أن الزنا ليس بقدر، قيل له: أرأيت هذِه المرأة، حملت من الزنا، وجاءت بولد، هل شاء اللَّه عز وجل أن يخلق هذا الولد، وهل مضى في سابق علمه؟ فإن قال: لا، فقد زعم أن مع اللَّه خالقًا، وهذا هو الشرك صراحًا. ومن زعم أن السرقة، وشرب الخمر، وأكل المال الحرام ليس بقضاء وقدر فقد زعم أن هذا الإنسان قادر على أن يأكل رزق غيره، وهذا صراح قول المجوسية، بل أكل رزقه، وقضى اللَّه أن يأكله من الوجه الذي أكله. ومن زعم أن قتل النفس ليس بقدر من اللَّه، وأن ذلك بمشيئته في خلقه، فقد زعم أن المقتول مات بغير أجله، وأي كفر أوضح من هذا؟ ! بل

ذلك بقضاء اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وذلك بمشيئته في خلقه، وتدبيره فيهم، وما جرى من سابق علمه فيهم، وهو العدل الحق الذي يفعل ما يريد، ومن أقر بالعلم لزمه الإقرار بالقدر والمشيئة على الصغر والقَمْأ (¬1). "طبقات الحنابلة" 1/ 56 - 57. قال الحسن بن إسماعيل الربعي: قال لي أحمد بن حنبل إمام أهل السنة والصابر تحت المحنة: أجمع تسعون رجلًا من التابعين وأئمة المسلمين وأئمة السلف، وفقهاء الأمصار على أن السنة التي توفي عليها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أولها: الرضا بقضاء اللَّه، والتسليم لأمره، والصبر على حكمه، والأخذ بما أمر اللَّه به، والانتهاء عما نهى عنه، والإيمان بالقدر خيره وشره، وترك المراء والجدال في الدين. . . "طبقات الحنابلة" 1/ 349 - 350. قال أحمد بن محمد التميمي الزرندي: لما أشكل على مسدد بن مسرهد بن مسربل أمر الفتنة، وما وقع الناس فيه من الاختلاف في القدر، والرفض والاعتزال وخلق القرآن، والإرجاء، كتب إلى أحمد بن حنبل: أكتب إليَّ بسنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فكتب إليه: . . ونؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره، وحلوه ومره، وأن اللَّه خلق الجنة قبل الخلق، وخلق لها أهلًا، ونعيمها دائم، ومن زعم أنه يبيد من الجنة شيء فهو كافر، وخلق النار قبل خلق الخلق، وخلق لها أهلًا، وعذابها دائم، وأن أهل الجنة يرون ربهم لا محالة، وأن اللَّه يخرج أقوامًا من النار بشفاعة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-. "طبقات الحنابلة" 2/ 426، 430. ¬

_ (¬1) القَمْأ: الذُّل، وانظر: "القاموس المحيط" ص 62 مادة: قمأ.

113 - المرتبة الأولى: العلم

باب: مراتب الإيمان بالقدر 113 - المرتبة الأولى: العلم قال عبد اللَّه بن أحمد: سمعت أبي رحمه اللَّه يقول: إذا قال الرجل: العلم مخلوق فهو كافر؛ لأنه يزعم أنه لم يكن له علم حتى خلقه. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 102 (2). قال عبد اللَّه بن أحمد: سمعت أبي رحمه اللَّه -وسأله علي بن الجهم- عمن قال بالقدر يكون كافرًا؟ قال: إذا جحد العلم، إذا قال: إن اللَّه لم يكن عالمًا حتى خلق علمًا فعلم، فجحد علم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فهو كافر. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 385 (835). قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي، نا عبد اللَّه بن الحارث المخزومي، نا شبل بن عباد -مولى لعبد اللَّه بن عامر- عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)} [البقرة: 30] قال: علم من إبليس المعصية وخلقه لها (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 408 - 409 (891). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع ومحمد بن بشر قالا: نا سفيان، قال وكيع، عن رجل، عن مجاهد. وقال ابن بشر، عن علي بن بذيمة، عن مجاهد في قوله عَزَّ وَجَلَّ: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}. قال: علم من إبليس المعصية وخلقه لها. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 426 (938). ¬

_ (¬1) هو في "تفسير مجاهد" 1/ 72 من رواية ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به. ورواه سعيد ابن منصور في "سننه" 2/ 548 (184)، وابن جرير في "تفسيره" 1/ 250، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 79 (334).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن سلمة، أنبأنا خصيف، قال: قال عمر [بن عبد العزيز] لغيلان: ألست تقر بالعلم؟ . قال: بلى. قال: فما تريد من أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يقول: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (161) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (163)} (¬1) [الصافات: 161 - 163]. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 428 - 429 (947). قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن عمرو بن عبيد. قال: كان لا يقر بالعلم، وهذا الكفر باللَّه عَزَّ وَجَلَّ. وقال الخلال: وأخبرني محمد بن يحيى الكحال، أن أبا عبد اللَّه قال: القدري الذي يقول: إن اللَّه لم يعلم الشيء حتى يكون، هذا كافر. وقال الخلال: أخبرني علي بن عيسى، أن حنبلا حدثهم في هذِه المسألة، أن أبا عبد اللَّه قال: ولم يزل اللَّه عالمًا. وقال الخلال: وأخبرني عصمة بن عصام، أن حنبلًا حدثهم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: آدم عليه السلام خلقه اللَّه للأرض، وعلم ما هو كائن منه قبل أن يكون، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30]، هذا قبل أن يخلق آدم، قد علم اللَّه ما هو كائن منه قبل أن يكون، وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: علم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أن آدم سيأكل من الشجرة التي نهاه عنها قبل أن يخلقه. "السنة" للخلال 1/ 417 - 418 (863 - 866) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يكون له قرابة قدري؟ . قال: القدري لا يخرجه من الإسلام. قلت: أولئك لم يكونوا يدعون إلى القدر، فأما من كان عالمًا وجحد ¬

_ (¬1) رواه الفريابي في "القدر" (301) عن نصر بن عاصم، عن محمد بن سلمة، به.

العلم؟ . قال: إذا جحد كفر. وقال الخلال: وأخبرنا أبو بكر، قال: سألت أبا عبد اللَّه عن القدري، فلم يكفره إذا أقر بالعلم. وقال الخلال: وأخبرنا أبو بكر، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا جحد العلم قال: إن اللَّه لا يعلم الشيء حتى يكون؟ استتيب، فإن تاب وإلا قتل. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول في قول اللَّه: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} [آل عمران: 81]. هذِه حجة على القدرية، وقال: {وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} [الأحزاب: 7]، هذه حجة عليهم. وقال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عمن قال: إن لمن الأشياء أشياء لم يخلقها اللَّه يكون مشركًا؟ قال: لم يخلقها اللَّه! إذا جحد العلم يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. وقال الخلال: وأخبرني منصور بن الوليد النيسابوري؛ أن جعفر بن محمد النسائي حدثهم قال: سمعت أبا العباس صاحب أبي عبيد: وسأل أبا عبد اللَّه عمن جحد العلم؟ قال: يستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه. وقال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: ثنا بكر بن محمد، عن أبيه، أنه سأل أبا عبد اللَّه عن القدري، يستتاب؟ وقلت: إن مالكا وعمر بن عبد العزيز يرون أن يستتيبوه، فإن تاب وإلا ضربت عنقه (¬1). ¬

_ (¬1) قول عمر بن عبد العزيز رواه الإمام مالك في "الموطأ" ص 561 ووافقه، ورواه ابن أبي عاصم في "السنة" (199)، والآجري في "الشريعة" ص 193 (470)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 785 (1319)، والبيهقي 10/ 205. قال الألباني في "ظلال الجنة": إسناده صحيح.

قال: أرى أن أستتيبه إذا جحد علم اللَّه. قلت: وكيف يجحد علم اللَّه؟ قال: إذا [قال]: لم يكن هذا في علم اللَّه أستتيبه، فإن تاب وإلا ضربت عنقه. قال: إن منهم من يقول: كان في علم، ولكن لم يأمرك بالمعصية. "السنة" للخلال 1/ 417 - 420 (863 - 875). قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا معتمر، عن أبيه، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} قال: السر: ما أسر في نفسه، وأخفى: ما لم يكن وهو كائن (¬1). "الإبانة" كتاب القدر 2/ 165 (1638). قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: علم اللَّه تعالى في العباد قبل أن يخلقهم سابق وقدرته ومشيئته في العباد. قال: قد خلق اللَّه آدم وعلم منه [المعصية] قبل أن يخلقه، وكذا علمه سابق محيط بأفاعيل العباد وكل ما هم عاملون. "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 775 (1299). ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 8/ 393، والحاكم 2/ 378، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 311 (238) من طرق عن عطاء بن السائب به.

114 - المرتبة الثانية: الكتابة

114 - المرتبة الثانية: الكتابة قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: قال أخبرنا بقية بن الوليد، عن أرطاة بن المنذر، عن بشر، عن مجاهد، عن ابن عمر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: إن اللَّه أول شيء أخذ القلم بيمينه، وكلتا يديه يمين، فكتب الدنيا بما فيها من عمل معمول، برٌّ أو فاجر، رطبٌ أو يابس، وأحصاه في الذكر ثم قال: اقرؤوا إن شئتم: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)} [الجاثية: 29] فهل تكون النسخة إلا من شيء قد فرغ منه. "مسائل حرب" ص 380 قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي، نا زيد بن يحيى الدمشقي، نا خالد بن صبيح المري، نا إسماعيل بن عبيد اللَّه، أنه سمع أم الدرداء، تحدث عن أبي الدرداء -رضي اللَّه عنه- قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "فَرَغَ اللَّهُ إِلَى كُلِّ عَبْدٍ مِنْ خَمْسٍ: مِنْ أَجَلِهِ، وَرِزْقِهِ، وَأَثَرِهِ، ومَضْجَعِهِ، وَشَقِيِّ أَمْ سَعِيدٍ" (¬1). وقال: حدثني أبي، نا يحيى القطان، نا حماد بن زيد، حدثني عبيد اللَّه بن أبي بكر، عن أنس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إِنَّ اللَّهَ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا فقَالَ: أَيْ رَبِّ نُطْفَةٌ، أَيْ رَبِّ عَلَقَةٌ، أَيْ رَبِّ مُضْغَةٌ، فَإِذَا قَضَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ خَلْقَهَا قَالَ: أَيْ رَبِّ أَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ذَكَرًا أَؤ أُنْثَى فَمَا الرِّزْقُ وَمَا الأَجَلُ؟ قَالَ: فَيُكْتَبُ ذَلِكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 395 - 396 (859 - 860). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 197، وابن أبي عاصم في "السنة" (307)، والبزار 10/ 73 (4137). قال الهيثمي في "المجمع" 7/ 195: أحد إسنادي أحمد رجاله ثقات. اهـ. وقال الألباني في "تخريج السنة": إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 116، والبخاري (318)، ومسلم (2646).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، نا منصور بن سعد، عن بديل، عن عبد اللَّه بن شقيق، عن ميسرة الفجر قال: قلت: يا رسول اللَّه، متى كتبت نبيًّا؟ قال: "وَآدَمُ بَينَ الرُّوحِ وَالْجسَدِ" (¬1). وقال: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، نا معاوية بن صالح، عن سعيد بن سويد الكلبي، عن عبد الأعلى بن هلال السلمي -كذا قال عبد الرحمن- عن العرباض بن سارية قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ لَخَاتَمُ النَّبِيينَ، وَإِنّ آدَمَ عليه السلام لَمنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وسَأنبِّكُمْ بأَوَّلِ ذَلِكَ: دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَبشَارَة عِيسَى بِي" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 398 (864 - 865). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 59، وابن أبي عاصم في "السنة" (410)، والطبراني 20/ 353، وأبو نعيم في "الحلية" 9/ 53. قال الهيثمي 8/ 223: ورجاله رجال الصحيح. اهـ. وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1856). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 127، والبخاري في "التاريخ الكبير" 6/ 68 - 69، وابن أبي عاصم في "السنة" (409) والبزار في "مسنده" (4199)، وابن حبان 14/ 312 (6404) والطبراني 18/ 252، والحاكم 2/ 600 من طرق عن سعيد بن سويد به، بزيادة "ورؤيا أمي التي رأت أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام، وكذلك ترى أمهات النبيين". قال البزار: لا نعلمه يروى بإسناد أحسن من هذا، وسعيد بن سويد لا بأس به. وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ورده الذهبي بقوله: أبو بكر بن أبي مريم ضعيف. وقال الهيثمي في "المجمع" 8/ 223: رواه أحمد بأسانيد والبزار والطبراني بنحوه، وأحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سويد، وقد وثقه ابن حبان. وقال الألباني في "ظلال الجنة": حديث صحيح؛ إنما صححته لأن له شاهدًا أخرجته في "الصحيحة" (1546). اهـ. وانظر: "الضعيفة" (2085). قلت: وقوله "إني عند اللَّه لخاتم النبيين" له شاهد من حديث ميسرة الفجر، إسناده صحيح، وقد سبق تخريجه وذكر أقوال العلماء عليه.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، نا حماد -يعني: ابن سلمة- عن عمار، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَقِيَ آدَمَ مُوسَى عليهما السلام، فَقَالَ: أَنْتَ آدَمُ الذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، ثُمَّ فعلت ما فعلت؟ قَالَ: أَنْتَ مُوسَى الذِي كَلَّمَكَ اللَّهُ، واصطفاك برسالته، وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ التَّوْرَاةَ، أنا أقدم أم الذكر؟ قال بل الذكر، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدمُ مُوسَى" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 399 - 400 (868). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 464، وهو عند البخاري (3409)، ومسلم (2652) دون قوله: "أنا أقدم أم الذكر". قال ابن القيم بعد أن ذكر كلامًا طويلًا في الرد على المبتدعة: إذا عرف هذا فموسى صلوات اللَّه وسلامه عليه أعرف باللَّه وأسمائه وصفاته من أن يلوم على ذنب قد تاب منه فاعله، واجتباه ربه بعده وهداه واصطفاه، وآدم صلوات اللَّه عليه وسلامه أعرف بربه من أن يحتج بقضائه وقدره على معصيته، بل إنما لام موسى آدم على المصيبة التي نالت الذرية بخروجهم من الجنة، ونزولهم إلى دار الابتلاء والمحنة، بسبب خطيئة أبيهم، فذكر الخطيئة تنبيهًا على سبب المصيبة والمحنة التي نالت الذرية، ولهذا قال له: "أخرجتنا ونفسك من الجنة" وفي لفظ: "خيبتنا" فاحتج آدم بالقدر على المصيبة، وقال: إن هذِه المصيبة التي نالت الذرية بسبب خطيئتي كانت مكتوبة مقدرة قبل خلقي، والقدر يحتج به في المصائب دون المعائب، أي: أتلومني على مصيبة قُدرت عليّ وعليكم قبل خلقي بكذا وكذا سنة؟ هذا جواب شيخنا رحمه اللَّه. وقد يتوجه جواب آخر: هو أن الاحتجاج بالقدر على الذنب ينفع في موضع، ويضر في موضع، فينفع إذا احتج به بعد وقوعه والتوبة منه، وترك معاودته، كما فعل آدم، فيكون في ذكر القدر إذ ذاك من التوحيد ومعرفة أسماء الربّ وصفاته، وذكرها ما ينتفع به الذاكر والسامع؛ لأنه لا يدفع بالقدر أمرًا ونهيًا؛ ولا يبطل به شريعة، بل يخبر بالحق المحض على وجه التوحيد والبراءة من الحول والقوة، يوضحه: أن آدم قال لموسى: "أتلومني على أن عملت عملًا كان مكتوبًا عليَّ =

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا جرير، عن عطاء، عن أبي الضحى، عن عباس رضي اللَّه عنه قال: أول ما خلق اللَّه القلم، ثم قال له: اكتب. قال: اكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 401 (871)، 2/ 410 (894) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا هشيم، أنا منصور -يعني: ابن زاذان- ¬

_ = قبل أن أخلق؟ "، فإذا أذنب الرجل ذنبًا ثم تاب منه توبة نصوحًا وزال أثره وموجبه حتى كأن لم يكن، فأنَّبه مؤنّب عليه ولامه، حسن منه أن يحتج بالقدر بعد ذلك، ويقول: هذا أمر كان قد قدر عليَّ قبل أن أخلق، فإنه لم يدفع بالقدر حقا، ولا ذكره حجة له على باطل، فلا محذور في الاحتجاج به. وأما الموضع الذي يضرّ الاحتجاج به ففي الحال أو المستقبل، بأن يرتكب فعلًا محرمًا أو يترك واجبًا، فيلومه عليه لائم، فيحتج بالقدر على إقامته عليه وإصراره، فيُبطل بالاحتجاج به حقا، ويرتكب باطلًا، كما احتجَّ به المصرون على شركهم وعبادتهم غير اللَّه فقالوا: {مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} [الأنعام: 148] {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: 20] فاحتجوا به مُصَوِّبين لما هم عليه، وأنهم لم يندموا على فعله، ولم يعزموا على تركه، ولم يقروا بفساده، فهذا ضدُّ احتجاج من تبين له خطأ نفسه، وندم وعزم كل العزم على أن لا يعود، فإذا لامه لائم بعد ذلك قال: كان ما كان بقدر اللَّه. ونكتة المسألة: أن اللوم إذا ارتفع صحَّ الاحتجاج بالقدر، وإذا كان اللوم واقعًا فالاحتجاج بالقدر باطل. "شفاء العليل" 1/ 93 - 95. (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 12/ 175، وعبد بن حميد في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" 6/ 387، ورواه مرفوعا الطبراني 11/ 433 من طريق عطاء به. ورواه ابن أبي عاصم في "السنة" (108)، وأبو يعلى 4/ 217 (2329) من طرق عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعًا. والحديث المرفوع صححه الألباني في "ظلال الجنة" (108)، و"الصحيحة" (133). وله فوائد ذكرها الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة".

عن الحكم بن عتيبة، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: إن أول ما خلق اللَّه القلم، قال: وأمره، فكتب ما هو كائن. قال: فكتب فيما كتب: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} [المسد: 1]. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 402 (872). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، عن سفيان، عن محمد بن جحادة، عن قتادة، عن أبي السوار العدوي، عن الحسن بن علي -رضي اللَّه عنه- قال: رفع الكتاب وجفَّ القلم، وأمور تقضى في كتاب قد خلا! (¬1) "السنة" لعبد اللَّه 3/ 402 (875). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن إسحاق، نا ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة. قال أبي: وحدثنا حسن، ثا ابن لهيعة، نا بكر بن سوادة، عن كثير بن غريب الخولاني، عن كريب الحضرمي، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: مضت الكتب وجفت الأقلام. قال حسن في حديثه: فشقي أو سعيد، فريق في الجنة وفريق في السعير. وقال: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن عبيد بن عمير قال: إنكم مكتوبون عند اللَّه بأسمائكم وسيماكم وفحواكم وحلاكم ومجالسكم. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 404 - 405 (878 - 879). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الصمد، نا حماد، عن حميد، عن ثابت قال: ولا أعلمني إلا قد سمعته من ثابت، عن الحسن بن علي -رضي اللَّه عنه- قال: قضي القضاء وجفَّ القلم، وأمور تكفي في كتاب قد خلا. ¬

_ (¬1) رواه الفريابي في "القدر" (84)، والطبراني 3/ 67 (2684)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 746 (1234).

وقال: حدثني أبي، نا حجاج، نا ابن جريج، حدثني يعلى بن مسلم، أنه سمع سعيد بن جبير، يقول فذكر قصة بختنصر وملك ابنه، فرأى كفا فرجت بين لوحين، ثم كتبت سطرين، فدعا الكهان والعلماء، فلم يجد عندهم منه علما، فقالت له أمه: إنك لو أعدت لدانيال منزلته التي كانت له من أبيك -وكان قد جفاه- أخبرك. فدعاه فقال: إني معيد لك منزلتك من أبي، فأخبرني ما هذان السطران؟ قال: أما ما ذكرته أنك معيد لي منزلتي من أبيك فلا حاجة لي بذاك، وأما هذان السطران فإنك تقتل الليلة. فأخرج من في القصر أجمعين وأمر بقفله، فأقفلت الأبواب عليه، وأدخل معه آمَنَ أهل القرية في نفسه معه سيف، وقال له: من جاء من خلق اللَّه فاقتله وإن قال أنا فلان، وبعث اللَّه عليه البطن، فجعل يمشي والآخر مستيقظ حتى إذا كان على شطر الليل رقد ورقد صاحبه، ثم نبهه البطن، فذهب يمشي والآخر راقد، فرجع فاستيقظ فقال: أنا فلان فضربه بالسيف فقتله (¬1). وقال: حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثنا رباح، أنا معمر، أن ابن شبرمة، كان يغضب إذا قيل له: مد اللَّه في عمرك، يقول: إن العمر لا يزاد فيه ولا ينقص منه. وقال: حدثني أبي، حدثنا محمد بن سلمة، عن ابن علاثة، عن علي بن بذيمة، عن سعيد بن جبير، في قوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)} [الدخان: 4] قال: أمر السنة إلى السنة إلا الموت والحياة والشقاء والسعادة. وقال: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا هشيم، عن ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 8/ 33 - 34 (22083).

عثمان بن حكيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إن الرجل ليمشي في الأسواق، وإن اسمه لفي الموتى (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 5/ 402 - 407 (881 - 887). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن سعيد، عن هشام -يعني: الدستوائي- حدثني القاسم بن أبي بزة، حدثني عروة بن عامر قال: سمعت ابن عباس -رضي اللَّه عنه- يقول: إن أول ما خلق اللَّه القلم فأمره أن يكتب ما يريد أن يخلق، فالكتاب عنده، ثم قرأ: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)} [الزخرف: 4] (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 411 (898). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا هاشم بن القاسم، نا عبد العزيز -يعني: ابن أبي سلمة- عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه قال: ذكر عنده القدر يوما، فأدخل أصبعيه السبابة والوسطى في فيه فرقم بهما باطن يديه، فقال: أشهد أن هاتين الرقمتين كانتا في أم الكتاب (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 432 (955). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، ثنا إسماعيل، عن منصور بن عبد الرحمن الغداني قال: قلت للحسن: قوله: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22] قال: سبحان اللَّه! ومن يشك ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 11/ 223 (31040). (¬2) رواه الطبري في "تفسيره" 11/ 166 من طريق هشام الدستوائي به. ورواه من طريق آخر 12/ 175، وقد تقدم تخريجه. (¬3) رواه الآجري في "الشريعة" ص 174 (392)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 737 - 738 (1213).

في هذا؟ ! كل مصيبة بين السماء والأرض ففي كتاب اللَّه قبل أن يبرأ النسمة (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 433 - 434 (961). قال الخلال: وأخبرني عصمة بن عصام قال: ثنا حنبل قال: قال أبو عبد اللَّه: الخير والشر والشقاوة والسعادة مكتوبان على العبد، واحتج بحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، "فمنهم من يولد مؤمنًا، ويحيا مؤمنًا، ويموت كافرًا، ومنهم من يولد كافرًا، ويحيا كافرًا، ويموت مؤمنًا" (¬2)، قال: هذا من كتب اللَّه عليه الشقاء والسعادة. قال: وسألت أبا عبد اللَّه عن الإيمان بالقدر؟ قال: نؤمن به، ونعلم أن ما أصابنا لم يكن يخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا، وأن اللَّه قدَّر كل شيء من الخير والشر، فهو سابق في اللوح المحفوظ، الشقاء والسعادة مكتوبان على ابن آدم قبل أن يخلق، ونحن في أصلاب الآباء. "السنة" للخلال 1/ 424 (886). قال الخلال: أخبرنا سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني، قال: ثنا محمد بن يزيد الأسفاطي أبو عبد اللَّه الأسفاطي قال: رأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في المنام جالسًا مع عمر بن الخطاب رحمه اللَّه، فقلت: يا رسول اللَّه، إن عبد اللَّه ابن مسعود، حدث بحديث الصادق المصدوق -أريد حديث القدر (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 11/ 686 (33660)، والبيهقي في "الشعب" 7/ 140 - 141، وفي "القضاء والقدر" ص 314 (519). (¬2) رواه أحمد 3/ 19، والترمذي (2191)، والطيالسي (2270)، والحميدي (769) وغيرهم من حديث أبي سعيد، ومداره على علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. (¬3) يعني حديث: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه. . " الحديث رواه الإمام أحمد 1/ 382، والبخاري (3208) ومسلم (2643).

فقال: أنا واللَّه الذي لا إله إلا هو حدثته، أعادها ثلاثًا، غفر اللَّه للأعمش كما حدث به، وغفر اللَّه لمن حدث به قبل الأعمش، وغفر اللَّه لمن حدث به بعد الأعمش. قال أبو عبد اللَّه: فحدثت به ابن داود الخُريبي، فبكى -يعني حديث الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد اللَّه، قال: حدثنا رسول اللَّه وهو الصادق المصدوق .. قال أبو داود: وهذا الأسفاطي ضربه الزنج فمات، فرأيته في المنام بعد موته، فقلت له: أمت؟ فقال: أنا حي. "السنة" للخلال 1/ 425 (889). قال أبو داود السجستاني: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا حسين بن محمد، عن فطر، عن سلمة بن كهيل، عن زيد بن وهب، عن عبد اللَّه بن مسعود قال: حدثنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق .. قال: أبو داود: قلت لأحمد: حديث "يجمع في بطن أمه. . "؟ قال: نعم. قال أحمد: قص حسين نحو حديث الأعمش. "الإبانة" كتاب القدر 2/ 21 (1396). قال الفضل بن زياد: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا معاذ -يعني: ابن معاذ- قال: كنتُ عند عمرو بن عبيد، فجاء عثمان بن خاش -وهو أخو السمري- فقال: يا أبا عثمان، سمعت واللَّه اليوم الكفر. قال: ما هو؟ لا تعجل بالكفر، قال: هاشم الأوقص زعم أن {تَبَّت يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] وقول اللَّه: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} [المدثر: 11] لم يكن هذا في أم الكتاب، واللَّه يقول: {حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)} [الزخرف: 1 - 3]، فما الكفر إلا هذا، فسكت عمرو ساعة ثم تكلم فقال: واللَّه

115 - المرتبة الثالثة: المشيئة

لو كان الأمر كما تقول ما كان على أبي لهب من لوم، ولا كان على الوليد من لوم. قال أحمد: رحم اللَّه معاذ، أملاه علينا بالبصرة على رؤوس الناس. "الإبانة" كتاب القدر 2/ 303 (1969). 115 - المرتبة الثالثة: المشيئة قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي، نا وكيع، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: "يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِك" (¬1). وقال: حدثني أبي، نا سفيان بن عيينة، عن أبي الزعراء، سمع أبا الأحوص عمه سمعت ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- يقول: "الشقِيّ مَن شَقِيَ في بَطْنِ أمِّهِ، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيرِهِ" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 399 (866 - 867). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الصمد، نا حماد -يعني ابن سلمة- نا داود -يعني ابن أبي هند- عن أبي نضرة، عن أسير بن جابر، أن عليًّا -رضي اللَّه عنه- قال: ما من آدمي إلا ومعه ملك يقيه ما لم يقدر له فإذا جاء القدر خلاه وإياه (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 204 (874) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 294، والترمذي (3522)، وابن أبي عاصم في "السنة" (232). قال الترمذي: حديث حسن. وقال الألباني في تعليقه على "السنة": هذا حديث صحيح. (¬2) رواه مسلم (2645) من طريق عامر بن واثلة أنه سمع ابن مسعود، ورواه الإمام أحمد 2/ 176 من حديث عبد اللَّه بن عمرو. (¬3) تقدم ص 129.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا سفيان، عن الأعمش، عن عبد اللَّه بن عبد اللَّه الرازي، عن سعيد بن جبير {يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال: 24] قال: يحول بين المؤمن والكفر وبين الكافر والإيمان. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 405 (880). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا ابن فضيل، حدثنا الأعمش، عن عبد اللَّه بن عبد اللَّه، عن سعيد بن جبير في قوله: {يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ} قال: يحول بين المؤمن والكفر ومعاصي اللَّه، ويحول بين الكافر وبين الإيمان وطاعة اللَّه (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 8/ 402 (888). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أنس بن عياض، سمعت أبا حازم يقول: قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقوَاهَا} [الشمس: 8] قال: الفاجرة ألهمها اللَّه تعالى الفجور، والتقية ألهمها اللَّه عز وجل التقوى. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 408 (890). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39] قال: إلا الشقاء والسعادة والحياة والموت (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 411 (897). قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي، نا إسماعيل، أنا خالد الحذاء، عن عبد الأعلى بن عبد اللَّه بن عامر القرشي، عن عبد اللَّه بن الحارث الهاشمي ¬

_ (¬1) رواه وما قبله ابن جرير في "تفسيره" 6/ 213 - 214 من طرق عن سعيد بن جبير، وابن عباس. (¬2) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 293، والطبري في "تفسيره" 7/ 399 (20462)، والبيهقي في "الشعب" 3/ 322 (3666) من طرف عن ابن أبي ليلى، به.

قال: خطب عمر -رضي اللَّه عنه- بالجابية -وقد قال خالد مرة أخرى: بالشام، والجاثليق (¬1) ماثل- فتشَهد فقال: من يهده اللَّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. فقال الجاثليق: لا. فقال عمر: ما قال؟ فقالوا ما قال. فأعاد: من يهده اللَّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. فقال الجاثليق بقميصه هكذا -ونفض إسماعيل ثوبه وأخذه من صدره فنفضه- وقال: إن اللَّه لا يضل أحدًا. فقال: ما يقول؟ فقالوا ما قال، فقال: كذبت عدو اللَّه، اللَّه خلقك واللَّه أضلك ثم يميتك فيدخلك النار إن شاء اللَّه، واللَّه لولا ولث (¬2) عقد لك لضربت عنقك، ثم قال: إن اللَّه عز وجل خلق آدم عليه السلام فنشر ذريته في يده ثم كتب أهل الجنة وما هم عاملون، وكتب أهل النار وما هم عاملون، ثم قال: هؤلاء لهذِه وهؤلاء لهذِه. قال: فتصدع الناس وما يتنازع في القدر (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 423 (929) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، نا معمر، قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطاة: أما بعد: فإن استعمالك سعد بن مسعود على عمان من الخطايا التي قدر اللَّه عز وجل عليك وقدر أن تبتلى بها (¬4). وقال: حدثني أبي، نا وكيع، نا عمر بن ذر: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: لو أن اللَّه أراد أن لا يعصى لم يخلق إبليس، ثم قرأ: ¬

_ (¬1) بفتح الثاء المثلثة: رئيس للنصارى في بلاد الإسلام. "القاموس المحيط" ص 1125. (¬2) الولثُ: العهد. (¬3) رواه الآجري في "الشريعة" ص 173 (389)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1197). (¬4) رواه عبد الرزاق 11/ 122 (20091)، واللالكائي 4/ 753 (1248).

{مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (163)} (¬1) [الصافات: 162، 163]. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 425 (935 - 936). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا إبراهيم بن خالد، حدثني رباح، قال: سألت عمر بن حبيب عن قوله: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] قال: حدثني داود بن رافع؛ أن مجاهدًا كان يقول: من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، فليس بمعجزي، يقول: وعيد من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 427 - 428 (943). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا إسماعيل -يعني: ابن علية- نا خالد الحذاء قال: قلت للحسن أرأيت آدم، أللجنة خُلِق أم للأرض؟ قال: للأرض. قال: قلت: أرأيت لو اعتصم؟ قال: لم يكن بد من أن يأتي على الخطيئة (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 428 (945). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال: قال المسيح ابن مريم عليه السلام: ليس كما أريد ولكن كما تريد، وليس كما أشاء ولكن كما تشاء (¬4). "الزهد" ص 119 ¬

_ (¬1) رواه البيهقي في "الأسماء والصفات" 1/ 401 (327)، وذكره السيوطي في "الدر" 5/ 292 وعزاه لعبد بن حميد. (¬2) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" 5/ 384، واللفظ له. ورواه الطبري في "تفسيره" 8/ 217 (23031) مختصرًا. (¬3) رواه أبو داود (4614)، وابن سعد في "الطبقات" 1/ 34، والآجري في "الشريعة" ص 186 (430)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (1006). (¬4) رواه ابن بطة "الإبانة" كتاب القدر 2/ 86 (1494) عن الفضل، ورواه أبو نعيم في "الحلية" 6/ 125.

قال الخلال: أخبرني يوسف بن موسى، أن أبا عبد اللَّه سئل عن أعمال الخلق، مقدرة عليهم من الطاعة والمعصية؟ قال: نعم. قيل: والشقاء والسعادة مقدَّران على العباد؟ قال: نعم. قيل له: والناس يصيرون إلى مشيئة اللَّه فيهم من حسن أو سيئ؟ قال: نعم. وقال: وأخبرني منصور بن الوليد، أن جعفر بن محمد النسائي حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وذكر عنده أن رجلًا محدثًا قال: ما شاء اللَّه يفعل، وما لم يشأ لم يفعل. فقال رجل عنده: ما شاء اللَّه، أو ما لا يشاء اللَّه يفعل. فاستعظم ذاك. قلت: يستتاب؟ قال: أيش يستتاب؟ قال: هذا الكفر. "السنة" للخلال 1/ 440 (937 - 938) قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: ثنا حنبل قال: قال أبو عبد اللَّه: الاستطاعة للَّه والقوة، ما شاء اللَّه كان من ذلك، وما لم يشأ لم يكن، ليس كما يقول هؤلاء -يعني: المعتزلة- الاستطاعة إليهم. "السنة" للخلال 1/ 440 (940). قال الفضل: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن معمر، عن زيد بن أسلم قال: اشتد غضب اللَّه على من يقول: من يحول بيني وبينه. قال اللَّه عز وجل: أنا أحول بينك وبينه (¬1). "الإبانة" كتاب القدر 2/ 87 (1496). قال أبو بكر المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه قال: حدثنا حميد بن ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 11/ 248 (20451).

الربيع بن عبد الرحمن الرؤاسي، قال: سمعت الأعمش قال: استعان بي مالك بن الحارث في حاجة، قال: فجئت وعليَّ قباء مخرق. قال: فقال لي: لو لبست ثوبًا غير هذا. قال: قلت: امشِ، فإنما حاجتك بيد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ (¬1). "الإبانة" كتاب القدر 2/ 274 (1898). ¬

_ (¬1) رواه ابن الجعد 1/ 122 (758)، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 49 - 50.

116 - المرتبة الرابعة: الخلق

116 - المرتبة الرابعة: الخلق قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: حديث أبي الضحى عن ابن عباس؟ قال أبو عبد اللَّه: أما ما روى أبو داود الطيالسي: قرأت على أبي عبد اللَّه؟ أبو داود قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، سمع أبا الضحى يحدّث عن ابن عباس قال: قوله: {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: 12] قال: في كل أرض خلق مثل إبراهيم (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الحاكم 2/ 493، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 268 (832)، وذكره ابن الجوزي في "تفسيره" 8/ 300، وابن كثير في "البداية والنهاية" 1/ 22 - 23، وفي "تفسيره" 14/ 46. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقال البيهقي: إسناد هذا عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- صحيح، وهو شاذ بمرة، لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعًا، واللَّه أعلم. وقال ابن الجوزي: فهذا الحديث تارة يرفع إلى ابن عباس، وتارة يوقف على أبي الضحى، وليس له معنى إلا ما حكى أبو سليمان الدمشقي، قال: سمعت أن معناه أن في كل أرض خلقًا من خلق اللَّه لهم سادة، يقوم كبيرهم ومتقدمهم في الخلق مقام آدم فينا، وتقوم ذريته في السن والقدم كمقام نوح. وقال ابن كثير في "البداية والنهاية": وهو محمول -إن صح نقله عنه- على أنه أخذه ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- عن الإسرائيليات، واللَّه أعلم. وقال العجلوني: قال السيوطي: هذا من البيهقي في غاية الحسن، فإنه لا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن؛ لاحتمال صحة الإسناد مع أن في المتن شذوذًا أو علة تمنع صحته. . . قال: قال الهيتمي في "فتاويه": إذا تبين ضعف الحديث أغنى ذلك عن تأويله؛ لأن مثل هذا المقام لا تقبل فيه الأحاديث الضعيفة، وقال: يمكن أن يؤول الحديث على أن المراد بهم النذر الذين كانوا يبلغون الجن عن أنبياء البشر، ولا يبعد أن يسمى باسم النبي بلغ عنه. انتهى. قال: فتدبر، فإنه لو صح في نبينا لم يستقم في غيره. . وذلك وأمثاله إذا لم يصح سنده إلى المعصوم فهو مردود على قائله. انتهى. "كشف الخفاء" 1/ 113 - 114.

قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: وكيع قال: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم -يعني ابن مهاجر- عن مجاهد، عن ابن عباس قال: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: 12]. قال: لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم، وكفركم تكذيبكم بها (¬1). قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: روح قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} من السماء السابعة إلى الأرض السابعة. قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: علي بن حفص، في تفسير ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} من السماء السابعة، إلى الأرض السابعة (¬2). قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: عبد الرزاق قال: حدثنا معمر، عن قتادة، في قوله عَزَّ وَجَلَّ: {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} قال: في كل سماء، وفي كل أرض خلق من خلقه، وأمر من أمره، وقضاء من قضائه عَزَّ وَجَلَّ (¬3). قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: يحيى بن سعيد، عن سفيان قال: حدثني إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عباس، قوله: {يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} قال: لو أخبرتُكم بتفسيرها لرجمتموني بالحجارة. "مسائل ابن هانئ" (1885 - 1890). ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 12/ 145 (34372). (¬2) رواه الطبري في "تفسيره" 12/ 146 (34381). (¬3) رواه الطبري في "تفسيره" 12/ 145 (34378).

قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي، نا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَمَّا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ الخلْقِ كتَبَ عَلَى عَرْشِهِ: رَحْمَتِي سَبَقَت غَضَبِي" (¬1). وقال: حدثني أبي، نا هشيم، أنا علي بن زيد، سمعت أبا عبيدة بن عبد اللَّه يحدث قال: قال عبد اللَّه رضي اللَّه عنه: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ النُّطْفَةَ تَكُونُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا عَلَى حَالِهَا لَا تَغَيَّرُ، فَإِذَا مَضَتْ الأَرْبَعُونَ صَارَت عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً كَذَلِكَ ثُمَّ عِظَامًا كَذَلِكَ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُسَوِّيَ خَلْقَهُ بَعَثَ إِلَيهَا مَلَكًا، فَيَقُولُ المَلَكُ الذِي يَلِيَهُ: أَيْ رَبِّ، أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟ أَقَصِيرٌ أَمْ طَوِيلٌ؟ أَنَاقِصٌ أَمْ زَائِدٌ؟ قُوتُهُ وَأَجَلُهُ؟ أَصَحِيحٌ أَمْ سَقِيمٌ؟ قَالَ: فَيَكْتُبُ ذَلِكَ كلَّهُ" فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ القَوْمِ: فَفِيمَ العَمَلُ إِذَنْ وَقَدْ فُرِغَ مِنْ هذا كُلِّهِ؟ فقَالَ: "اعْمَلُوا فَكُلٌّ سَيُوَجَّهُ لِمَا خُلِقَ لَهُ" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 397 (863 - 863). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة ابن يزيد، عن ابن الديلمي قال: سألت عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنهما- عن جف ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 466، والبخاري (3194)، ومسلم (2751). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 374 - 375، ورواه الطبراني 10/ 194 (10440) وابن عدي في "الكامل" 4/ 356 (ترجمة سلام بن سليم) من طريق سلام بن سليم الطويل، عن زيد العمي، عن حماد بن أبي سليمان، عن شقيق بن سلمة، عن ابن مسعود بنحوه. قال ابن حجر في "الفتح" 11/ 481: وأما ما أخرجه أحمد من طريق أبي عبيدة ففي سنده ضعف وانقطاع. اهـ. وقال الشيخ شاكر في تعليقه على "المسند" (3553): إسناده ضعيف لانقطاعه. قلت: روى البخاري (3208) ومسلم (2643) من طريق آخر عن ابن مسعود بلفظ: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون في ذلك علقة. . " الحديث.

القلم، فقال: إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ حين خلق الخلق ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه شيء منه اهتدى (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 424 (932) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، نا عبد الصمد، نا حماد، نا حميد قال: قدم الحسن مكة فقال لي فقهاء مكة: الحسن بن مسلم وعبد اللَّه بن عبيد: لو كلمت الحسن فأخلانا يومًا؟ فكلمت الحسن فقلت: يا أبا سعيد، إخوانك يحبون أن تجلس لهم يومًا. قال: نعم، ونعمت عين. فوعدهم يوما، فجاؤوا واجتمعوا وتكلم الحسن، وما رأيته قبل ذلك اليوم ولا بعده أبلغ منه ذلك اليوم، فسألوه عن صحيفة طويلة، فلم يخطئ فيها شيئًا إلا في مسألة، فقال له رجل: يا أبا سعيد، من خلق الشيطان؟ فقال: سبحان اللَّه سبحان اللَّه، وهل من خالق غير اللَّه؟ ! ثم قال: إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ خلق الشيطان وخلق الشر وخلق الخير. فقال رجل منهم: قاتلهم اللَّه يكذبون على الشيخ (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 427 (942). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا إسماعيل، أنا منصور بن عبد الرحمن قال: سألت الحسن عن قوله: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: 118، 119] ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 176، والترمذي (2642)، وابن أبي عاصم (241)، وابن حبان 14/ 44 (6170)، والحاكم 1/ 35 من طرق عن ابن الديلمي، عن عبد اللَّه ابن عمرو مرفوعًا. قال الترمذي: هذا حديث حسن. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح قد تداوله الأئمة. ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في "المجمع" 7/ 193 - 194: رواه أحمد بإسنادين، ورجال أحد إسنادي أحمد ثقات. والحديث صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1076). (¬2) رواه أبو داود (4618)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب القدر 2/ 181 - 182 (1672)، 2/ 190 - 191 (1698).

فقال: الناس مختلفون على أديان شتى إلا من رحم ربك، ومن رحم غير مختلف. قلت: ولذلك خلقهم؟ قال: نعم، خلق هؤلاء لجنته، وخلق هؤلاء لناره، وخلق هؤلاء لرحمته، وخلق هؤلاء لعذابه (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 430 (950). قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثني حجاج بن محمد بن اليزيدي، أنبأنا شريك، عن أبي سنان عبد اللَّه بن أبي الهذيل، عن عمار بن ياسر قال: قال موسى عليه السلام: يا رب خلقت خلقًا تدخلهم النار وتعذبهم! فأوحى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إليه: كلهم خلقي، ثم قال: ازرع زرعًا. فزرعه، فقال: اسقه. فسقاه، ثم قال له: قم عليه. فقام عليه أو ما شاء اللَّه من ذلك، فحصده ورفعه، فقال: ما فعل زرعك يا موسى، قال: فرغت منه ورفعته، قال: ما تركت منه شيئًا؟ قال: ما لا خير فيه، أو ما لا حاجة لي فيه. قال: كذلك أنا لا أعذب إلا من لا خير فيه أو ما لا حاجة لي فيه (¬2). "الزهد" رواية عبد اللَّه ص 110 - 111 قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عمن قال: إن من الأشياء شيئًا لم يخلقه اللَّه، هذا يكون مشركًا؟ قال: إذا جحد العلم فهو مشرك يستتاب؛ فإن تاب، وإلَّا قتل إذا قال: إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لا يعلم الشيء حتى يكون. "السنة" للخلال 1/ 440 (939). ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 7/ 138 (18719)، وابن أبي حاتم 6/ 2093، وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 645، وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. (¬2) رواه البيهقي "القضاء والقدر" ص 146 (76) بمعناه، وفيه حجاج بن محمد بن اليزيدي بدلًا من ابن المبارك، ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 61/ 144 من طريق ابن المبارك به.

117 - باب: الفطرة

117 - باب: الفطرة قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي، نا ابن نمير، نا الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: أخرج اللَّه جل جلاله ذرية آدم عليه السلام من ظهره مثل الذر فسماهم، قال: هذا فلان وهذا فلان ثم قبض قبضتين، فقال للتي في يمينه: ادخلوا الجنة، وقال للتي في يده الأخرى: ادخلوا النار ولا أبالي (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 3/ 402 - 404 (876). قال الخلال: أخبرني يوسف بن موسى، أن أبا عبد اللَّه سئل عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ" (¬2)، قال: الفطرة التي فطر اللَّه العباد عليها. وقال: وأخبرني محمد بن الحسين، أن الفضل حدثهم. وأخبرني عصمة بن عصام قال: ثنا حنبل. وأخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر؛ أن أبا الحارث حدثهم، سمعوا أبا عبد اللَّه في هذِه المسألة قال: الفطرة التي فطر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ العباد عليها من الشقاء والسعادة. وقال: أخبرني منصور بن الوليد قال: ثنا علي بن سعيد أنه سأل أبا عبد اللَّه عن: "كل مولودٍ يولد على الفطرة"، قال: على الشقاء والسعادة، قال: يرجع على ما خلق. ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 6/ 111 (15355)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1613 (8531)، والآجري في "الشريعة" ص 181 (408). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 233، والبخاري (1358) ومسلم (2658) من حديث أبي هريرة.

وقال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: الفطرة الأولى التي فطر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عليها. قلت له أنا: فما الفطرة الأولى؟ هي الدين؟ قال: نعم. وقال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال، أنه قال لأبي عبد اللَّه: "كل مولود يولد على الفطرة"، ما تفسيرها؟ قال: هي الفطرة التي فطر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الناس عليها، شقي أو سعيد. وقال أبو عبد اللَّه: سألني عن هذِه المسألة إنسان بمكة، وكان قدريًا، فلما قلت له، كأني ألقمته حجرًا (¬1). "السنة" للخلال 1/ 421 - 422 (878 - 882). قال الخلال: وأخبرني أحمد بن الحسين بن حسان، قال: سئل أبو عبد اللَّه عن حديث: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ"، فقال: الفطرة التي فطر اللَّه، التي فطر الناس عليها. "السنة" للخلال 1/ 422 - 423 (884). وقال: أخبرني عبد الملك الميموني: أنه قال لأبي عبد اللَّه: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ" يدخل عليه إذا كان أبواه معه أن يكون حكمه حكم ما كانوا صغارًا؟ فقال لي: نعم يدخل عليك في هذا. فتناظرنا بما يدخل عليَّ من هذا القول بما يكون يقويه، قلت لأبي عبد اللَّه: فما تقول أنت فيها؟ وإلى أي شيء تذهب؟ قال: إلى أي شيء أقول؟ ! ما أدري خبرك؟ هي مسألة كما ترى، ثم قال لي: والذي يقول: كل مولود يولد. . انظر أيضًا إلى الفطرة الأولى التي فطر اللَّه الناس عليها. ¬

_ (¬1) ورواها الخلال أيضًا في "أحكام أهل الملل" 1/ 78 - 79 (30 - 33).

قلت: فما الفطرة الأولى؟ هي الدين؟ قال لي: نعم من الناس من يحتج بالفطرة الأولى مع قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ". قلت لأبي عبد اللَّه: فما تقول؛ لا أعرف قولك؟ قال: أقول: إنه على الفطرة الأولى. "أحكام أهل الملل" 1/ 77 (28). قال أبو عبد اللَّه بن نصر المروزي: وهذا المذهب شبيه بما حكاه أبو عبيد، عن عبد اللَّه بن المبارك، أنه سئل عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ"، فقال: يفسره الحديث الآخر حين سئل عن أطفال المشركين، فقال: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ" (¬1). قال المروزي: ولقد كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا القول ثم تركه. "التمهيد" 18/ 79. قال محمد بن نصر المروزي: سمعت إسحاق بن راهويه يذهب إلى هذا المعنى، واحتج بقول أبي هريرة: اقرؤوا إن شئتم: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30] قال إسحاق: يقول: لا تبديل لخلقته التي جبل عليها ولد آدم كلهم، يعني: من الكفر والإيمان والمعرفة والإنكار. واحتج إسحاق أيضًا بقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعراف: 172] الآية. قال إسحاق: أجمع أهل العلم أنها الأرواح قبل الأجساد، استنطقهم {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 244، والبخاري (1384)، ومسلم (2659) من حديث أبي هريرة.

فقال: انظروا ألا تقولوا: {إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ} [الأعراف: 172، 173]. واحتج إسحاق أيضًا بحديث أبي بن كعب في قصة الغلام الذي قتله الخضر، قال: أخبرنا سلم بن قتيبة قال: حدثنا عبد الجبار بن عباس الهمداني، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الْغُلَامُ الذِي قَتَلَهُ الخَضِرُ طبعَهُ اللَّه يَوْمَ طبعَه كَافِرًا" (¬1)، قال إسحاق: وكان الظاهر ما قال موسى: أقتلت نفسًا زكيةً بغير نفس! فأعلم اللَّه الخضر ما كان الغلام عليه في الفطرة التي فطره عليها (وأنه لا تبديل لخلق اللَّه، فأمر بقتله) (¬2)؛ لأنه كان قد طُبع يوم طُبع كافرًا. قال إسحاق: وأخبرنا سفيان، عن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه كان يقرأ: (وأما الغلام فكان كافرًا وكان أبواه مؤمنين) (¬3). قال إسحاق: فلو ترك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الناس ولم يبين لهم حكم الأطفال لم يعرفوا المؤمنين منهم من الكافرين؛ لأنهم لا يدرون ما جبل كل واحد منهم عليه حين أخرج من ظهر آدم، فبين النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حكم الطفل في الدنيا بأن "فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ويُنَصِّرَانِهِ ويُمَجِّسَانِهِ" يقول: أنتم لا تعرفون ما طبع عليه في الفطرة الأولى، ولكن حكم الطفل في الدنيا حكم أبويه، فاعرفوا ذلك بالأبوين، فمن كان صغيرًا بين أبوين كافرين ألحق بحكمهما، ومن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 121، ومسلم (2661). (¬2) زيادة من "شفاء العليل" والسياق يقتضيها. (¬3) رواه البخاري (3401)، ومسلم (2380).

كان صغيرًا بين أبوين مسلمين ألحق بحكمهما، وأما إيمان ذلك وكفره مما يصير إليه فعلم ذلك إلى اللَّه، وبعلم ذلك فُضِّل الخضر على موسى، إذْ أطلعه اللَّه عليه في ذلك الغلام وخصه بذلك العلم. (قال: ولقد سئل ابن عباس عن ولدان المسلمين والمشركين فقال: حسبك ما اختصم فيه موسى والخضر) (¬1). واحتج إسحاق أيضًا بحديث عائشة -حين مات صبي من الأنصار بين أبوين مسلمين- فقالت عائشة: طوبى له، عصفور من عصافير الجنة فرد عليها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "مَهْ يَا عَائِشَةُ! وما يُدرِيكِ؟ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الجَنَّةَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا، وَخَلَقَ النَّارَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا" (¬2)، قال إسحاق: هذا الأصل الذي يعتمد عليه أهل العلم (¬3). "التمهيد" 18/ 84 - 88. ¬

_ (¬1) زيادة من "شفاء العليل". (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 41، ومسلم (2662). (¬3) ذكرها ابن القيم في "شفاء العليل" 2/ 801 - 803.

118 - باب الجبر على الإسلام وما يلزم للدخول فيه

118 - باب الجبر على الإسلام (¬1) وما يلزم للدخول فيه قال إسحاق بن منصور الكوسج: قُلْتُ لإسحاقَ: إذا جَاء رجلٌ من أهلِ الذِّمَّةِ فَقال: اعرضْ عليَّ الإسلامَ؟ قَالَ: فإِنَّ السنةَ في ذَلِكَ أَنْ يعرض عليه أن يقولَ: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأشهد أنَّ محمَّدًا رسولُ اللَّهِ، وأقررتُ بكلِّ ما جاء مِن عندِ اللَّهِ وبرئتُ من كلِّ دينٍ سوى دينِ الإسلامِ. فهذا العرض التام الذي اجتمع العلماءُ على قبول ذَلِكَ، وصيروه دخولًا في الإسلام وبراءة من الشركِ، فإنِ اقتصرَ العارضُ على المشركِ الإسلام على شهادةِ أن لا إله إلا اللَّه، وأنَّ محمدًا رسولُ اللَّهِ [فهذا] (¬2) دخول في الإسلام، إذا كان ذَلِكَ على معنى الدخول في الإسلام كما قَالَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حيث دخل مدراس اليهود فعرض على اليهوديِّ الإسلام قدر هذا، فلما قَالَ ومات اليهودي، قَالَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صَلُّوا على أخيكم" (¬3). فإنَّما احتطنا أَنْ يكونَ الذي يعرض على الذميِّ الإسلامَ، يعرضُ عليه الخصال الأربع، كي لا يكون اختلافًا من العلماءِ (¬4). "مسائل الكوسج" (3370) ¬

_ (¬1) انظر مسألة: أثر السبي في الحكم بإسلام المسبي وأحوال ذلك في كتاب الجهاد. (¬2) زيادة من "أحكام أهل الملل". (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 260، والنسائي في "الكبرى" 4/ 356، والحاكم 1/ 363 من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-. (¬4) ذكر الخلال هذه الرواية في "أحكام أهل الملل" 2/ 378 - 379 (846) وزاد فيها: وقال أبو عبد اللَّه: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول لعمّه أبي طالب: "أدعوك إلى كلمة: تشهد أن لا إله إلا اله وأني رسول اللَّه. . ". وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للغلام اليهودي: "يا غلام، قل: لا إله إلا اللَّه وأني رسول اللَّه، وجعل أبو عبد اللَّه ينكر قول أبي حنيفة.

قال إسحاق بن منصور: سألتُ أحمد عن الرجلِ يُعرضُ عليه الإسلامُ عند الموتِ يقر ويشهد أن لا إله إلا اللَّه وأنَّ محمدا رسول اللَّه أترثه وارثة الإسلام؟ قال: نعم، ومن يقول غير هذا، هؤلاء في مذهبهم لا ينبغي أن يكون إلا هكذا، ولكن العجب. أي: لا يوفقون. "مسائل الكوسج" (3410). قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن حماد، عن إبراهيم، قال: إذا سبين اليهوديات والنصرانيات يُجبرن على الإسلام، فإن أسلمن أو لم يسلمن: وطئن واستخدمن، وإذا سبين المجوسيات وعبدة الأوثان جبرن على الإسلام، فإن أسلمن وطئن واستخدمن، وإن لم يسلمن استخدمن ولم يوطأن. "مسائل صالح" (630) قال أبو داود: قلت لأحمد: رجل قال: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه؟ قال: يُجبر على الإسلام. وأنكر على من يقول: لا يجبر. "مسائل أبي داود" (1465). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، قال: حدثني عمرو بن مرة، عن عبد اللَّه بن سلمة، عن صفوان بن عسال، قال: قال رجل من اليهود: انطلق بنا إلى هذا النبي. قال: لا تقل النبي، فإنه لو سمعها كان له أربعة أعين وقص الحديث (¬1). ¬

(¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 240، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/ 55 (63) عن يحيى بن سعيد، عن شعبة، به. بلفظ: نشهد أنك رسول اللَّه. ورواه أحمد 4/ 239 وابن ماجه مختصرًا (3705)، والحاكم 1/ 9 عن محمد بن جعفر، عن شعبة، وزاد ابن ماجه: عبد اللَّه بن إدريس وأبا أسامة. ورواه الترمذي (2733) والنسائي 7/ 111 عن عبد اللَّه بن إدريس، زاد الترمذي: =

فقالا: نشهد أنك رسول اللَّه. سمعت أبي يقول: خالف يحيى بن سعيد غير واحد. فقالوا: نشهد أنك نبي. قال أبي: ولو قالوا: نشهد أنك رسول اللَّه كانا قد أسلما. ولكن يحيى أخطأ فيه خطأ قبيحًا (¬1). "العلل" برواية عبد اللَّه (4286) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن قوم يزوجون بناتهم من قوم على أنه ما كان من ذكر فهو للرجل المسلم، وما كان من أنثى فهي مشركة أو يهودية أو مجوسية أو نصرانية؟ قال: يجبر من هؤلاء كل من أبى منهم على الإسلام، لأن آباءهم مسلمون؛ لحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ ينَصِّرَانِهِ" (¬2) يردون كلهم على الإسلام. "مسائل عبد اللَّه" (1263) ¬

_ = أبا أسامة، كلهم بلفظ: نشهد أنك نبي. وقال الترمذي: حسن صحيح. وقال النسائي في "السنن الكبرى" 2/ 306 - 307: حديث منكر. وقال الحاكم: حديث صحيح لا نعرف له علة بوجه من الوجوه. قال الزيلعي في "نصب الراية" 4/ 258، تعليقًا على حكم النسائي: قال المنذري: وكان إنكاره له من جهة عبد اللَّه بن سلمة، فإن فيه مقالًا. اهـ. قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" 4/ 93: رواه أصحاب السنن بإسناد قوي. اهـ. وضعفه الألباني في "مشكاة المصابيح" (58). (¬1) ذكر الخلال هذِه الرواية في "أحكام أهل الملل" 2/ 373 (834) وزاد فيها: فإذا قال: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه. فقد دخل في الإسلام. (¬2) سبق تخريجه.

قال الخلال: أخبرنا المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: ما تقول في رجل مسلم ونصراني في دار لهما أولاد فلم نعرف ولد النصراني من ولد المسلم؟ قال: يجبرون على الإسلام. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 64 (13) قال الخلال: حدثنا أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: إني كنت بواسط، فسألوني عن الذي يموت هو وامرأته ويدعا طفلين، ولهما عم، ما تقول فيهما؟ فإنهم كتبوا إلي بالبصرة فيها، وقالوا: إنهم قد كتبوا إليك، فقال: أكره أن أقول فيها برأيي، دعني حتى أنظر لعل فيها عمن تقدم. فلما كان بعد الشهر عاودته، فقال: نظرت فيها فإذا قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ" وهذا ليس له أبوان. قلت: يجبر على الإسلام؟ قال: نعم، هؤلاء مسلمون لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 89 (55). قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا يعقوب بن بختان قال: قال أبو عبد اللَّه: الذمي إذا مات أبواه، وهو صغير أجبر على الإسلام، وذكر الحديث: "فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ". "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 89 (57). قال الخلال: أخبرني الميموني أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الأمة المجوسية اشتريتها، أجبرها على الإسلام؟ قال: إن كنت اشتريتها من المجوس فلا تجبرها، فإن لهم ذمّة ما كانت عند أولئك؛ لأنهم كانوا يؤدّون الجزية بذمّة أولئك، لا تجبرها. وقال: أخبرني عبد الملك في موضع آخر قال: سُئل أبو عبد اللَّه: إذا

استبينا المرأة المجوسية، نجبرها على الإسلام، فسمعته يقول: ليس هذِه بمنزلة أهل الكتاب، تجبر على الإسلام. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 277 (560 - 561) قال الخلال: فإن حرب الكرماني أخبرني قال: قيل لأحمد: حديث صفوان بن عسال قال: فقبلوا يده وقالوا: نشهد أنك نبي. قال: هذا قال: نبي، ولم يقل رسول اللَّه، والنبي غير الرسول. وإذا قال: أشهد أنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فقد أقرّ أنه أرسل إليه وإلى الناس كلهم. وقال الخلال: أخبرني أحمد بن حمدويه الهمداني، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد اللَّه، قال: حدثني أحمد بن أبي عبدة، قال: قلت لأحمد: حديث صفوان بن عسال. فذكر مثل مسألة حرب وزاد: قال: لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسل إلى الناس كافة، وإذا قال: نبي فهو غير هذا. وقال: أخبرني الحسن بن الهيثم؛ أن محمد بن موسى حدثهم أن أبا عبد اللَّه قيل له: لو أن رجلًا قال: أشهد أن محمدًا رسول اللَّه أو أشهد أن محمدًا نبي كان واحدًا؟ قال: لا، إذا قال: أشهد أنه نبي فقد يكون أن يقول: نبي، ولا أدري مرسل هو أم لا. وقال: أخبرني إبراهيم قال: حدثنا نصر بن عبد الملك، قال: أخبرني يعقوب؛ أن أبا عبد اللَّه سُئل عن ذميّ قال: أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه؟ قال: يجبر على الإسلام، وإذا قال: أشهد أنه نبي لم نقل له شيئًا. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 372 - 373 (830 - 833). قال الخلال: أخبرني حرب قال: سُئل أحمد عن نصراني قال: أشهد

أن لا إله إلَّا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: إنما شهدت شهادة ولم أرد الإسلام؟ قال: يضرب عنقه ويجبر عليه. "أحكام أهل الملل" 2/ 374 (835) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر، قالا: حدثنا أبو الحارث: أن أبا عبد اللَّه سُئل عن نصراني قال: أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أيجبر على الإسلام؟ قال: نعم، وأي شيء أوكد أو أكبر من هذا. وقال الخلال: أخبرني محمد بن علي، قال: حدثنا صالح (¬1) أنه قال لأبيه: اليهودي والنصراني إذا قال: أشهد أن محمدًا رسول اللَّه. ثم قال: لم أرد الإسلام، هل يجبر؟ قال: أما اليهودي فيجبر، إنه يوحد، وأما النصراني والمجوسيّ فلا؛ لأنهم لا يوحدون. وقال: أخبرنا العباس بن أحمد المستملي النجار بطرسوس؛ أنهم سألوا أبا عبد اللَّه عن رجل نصراني أو يهودي قال: أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: فقد أسلم؟ فقلنا له: قال ذاك عندنا رجل بطرسوس، فقال فيه ابن شبويه: رأيته قد أسلم، وقال غيره: لا، حتى يقول: برئت من النصرانية وتركت ديني. فقال: سبحان اللَّه، لقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لرجل: "قل: أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه وأني رسول اللَّه". فأسلم بذاك. ثم قال: كل من نظر في رأي أبي حنيفة إلَّا كان دغل القلب يذهب إليه. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد، قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه قال: قال أبو عبد اللَّه: أصحاب أبي حنيفة يقولون: وهو بريء من دينه وإلَّا ¬

_ (¬1) ذكرها أبو يعلى في "الروايتين والوجهين" 2/ 311.

فلا يكون مسلمًا. قال أبو عبد اللَّه: إذا قال: أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه إذا جاء يريد الإسلام فهو مسلم. وأما إذا قال: أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه، وأن محمدًا رسول اللَّه وهو لا يريد الإسلام لم أجبره. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون، قال: حدثنا محمد بن أبي هاشم، قال: دفع إليّ فوران شيئًا من مسائل أبي عبد اللَّه قال: سألته قال: قلت: اليهود يقول بعضهم: أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه وأشهد أن محمدًا رسول اللَّه. فقال: إذا لم يرد الإسلام، أما إذا جاء ليسلم فشهد أن لا إله إلَّا اللَّه وأن محمدًا عبده ورسوله وصلَّى، فأي إسلام أتمّ من هذا؟ ! أليس يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إله إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوا منعُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ". "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 374 - 375 (837 - 841) قال الخلال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا مهنا، قال: سألت أحمد عن رجل من أهل الذمّة يهودي أو نصراني أو غير ذلك من الأديان يقول: أنا مسلم وإن محمدًا نبي؟ قال: هو مسلم، ثم قال: أما أنا فكنت أجبره على الإسلام. وقال: عجبًا لأبي حنيفة بلغني عنه أنه يقول: لا يكون مسلمًا حتى يقول أنا بريء من الكفر الذي كنت فيه، وإلَّا فلا يكون مسلمًا ولا يجبر على الإسلام حتى يقول: وإني بريء من الكفر. وقال: أخبرنا محمد بن علي في موضع آخر، قال: حدثنا مهنا، قال: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل يهودي أو نصراني أو مجوسيّ قال: أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه. قال: يجبر على الإسلام.

قلت: فإن أبى أن يسلم؟ قال: يحبس. قلت: يقتل؟ قال: لا، ولكن يحبس. ولم ير عليه القتل. وسألت أبا عبد اللَّه قلت: فإن قال: أنا أؤمن بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يقل: أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه؟ قال: لا، حتى يقول: أشهد أن محمدًا رسول اللَّه، فإذا قال: أشهد أن محمدًا رسول اللَّه فقد دخل في الإسلام، ويجبر على الإسلام، فإن يهوديًّا قال لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أشهد أنك رسول اللَّه ثم مات، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: " صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ" (¬1). سألت أبا عبد اللَّه قلت: من ذكره؟ قال: شريك، عن عبد اللَّه بن عيسى، عن عبد اللَّه بن جبر، عن أنس بن مالك. فقلت: من ذكره عن شريك؟ قال: غير واحد. قلت: من غير واحد؟ قال: محمد بن الصباح، عن شريك، عن عبد اللَّه بن عيسى، عن عبد اللَّه بن جبر. قلت: عبد اللَّه بن جبر سمع من أنس بن مالك؟ قال: نعم، وهو كذا قد سمع منه شعبة وهو يقول: عبد اللَّه بن جبر. ¬

_ (¬1) رواه أحمد 3/ 260، وابن أبي شيبة 3/ 37 (11871)، ومن طريقه أبو يعلى 7/ 283 - 282 (4306). ورواه النسائي في "الكبرى" 4/ 356، والحاكم 1/ 363، 4/ 291، وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. كلهم من طرق عن شريك، به. قال الهيثمي في "المجمع" 3/ 42: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1272). وأصله في البخاري (1356)، (5657)، من حديث أنس.

وقال الخلال: أخبرني أبو بكر المروذي قال: دخلت على أبي عبد اللَّه وعنده يهودي قد أسلم على يديه. فقلت له: ما قلت يا أبا عبد اللَّه؟ قال: قلت: تشهد أن لا إله إلَّا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-هـ وتؤمن بالبعث والجنة والنار. ثم قال أبو عبد اللَّه: هؤلاء أصحاب أبي حنيفة يقولون: لا يكون مسلمًا حتى يقول: إني خارج من اليهودية داخل الإسلام. وقال أبو عبد اللَّه: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول لعمه: "أدعوك إلى كلمة أشهد لك بها عند اللَّه: لا إله إلَّا اللَّه وأني رسول اللَّه" (¬1). واحتجّ بأحاديث ليس فيها ما ذكروا -يعني: أصحاب أبي حنيفة- وأخرج أحاديث. وقال المروذي في موضع آخر: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كنت عند أبي معاوية فقال له رجل: إن أبا حنيفة يقول: إذا أسلم الذميّ لا يكون مسلمًا حتى يقول: إني خارج من الكفر داخل في الإسلام. فأنكر أبو معاوية وجعل لا يصدق، وأراه قال: فأرسل إلى رجل من أصحاب أبي حنيفة فإذا هو كما قال الرجل. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 376 - 378 (843 - 845). قال الخلال: أخبرني أبو بكر المروذي في موضع آخر، قال لي أبو عبد اللَّه: إذا قال اليهودي أو النصراني: لا إله إلَّا اللَّه؛ فهو مسلم. واحتجّ بحديث ابن عباس في مرض أبي طالب. وقال: قرأت على أبي عبد اللَّه: يحيى بن سعيد، عن سفيان، قال: ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 434، ومسلم (25) من حديث أبي هريرة.

حدثني سليمان، عن يحيى بن عمارة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: مرض أبو طالب فأتته قريش وأتاه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعوده وعند رأسه مقعد رجل، فقام أبو جهل فقعد فيه. فقالوا: إن ابن أخيك يقع في آلهتنا، قال: ما شأن قومك يشكونك؟ قال: "يَا عَمِّ أُرِيدُهُمْ عَلَى كلِمَةٍ وَاحِدَةٍ تَدِينُ لَهُمْ بِهَا العَرَبُ وَتُؤَدِّي العَجَمُ إِلَيهم الجِزْيَةَ". قال: ما هي؟ قال: "لا إله إلَّا اللَّه". قال: فقاموا فقالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَحِدًا} [ص: 5]. قال: وتنزل القرآن: {صَ وَالْقُرءانِ ذِي الذِّكْرِ} [ص: 1] حتى بلغ: {إِنَّ هَذَا لِشَيْءٌ عُجَابٌ} (¬1) [ص: 5]. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 379 - 380 (847 - 848) قال أبو بكر الخلال روى هذِه المسألة عن أبي عبد اللَّه خلق كثير اقتصرت على هؤلاء منهم. فأما مهنا الشامي حكى عن أبي عبد اللَّه مثله، وقال: يحبس ولم ير عليه القتل إذ قال: لم أرد بهذا الإسلام. وأما أبو داود وأبو الحارث وصالح: أنه يجبر على الإسلام، فلم يبينوا بيانًا مقنعًا، إنما هذا توقّف منه بعد قوله الأول. وأما ما قال إسحاق الكوسج: فهو يوجب عليه الإسلام وكذلك المروذي. ثم بيّن عنه المشكاني وفوران: أنه إذا قال هذا وقد جاء يريد الإسلام فهو المعمول به إن رجع قُبل وصحّح إسلامه بمجيئه يريد الإسلام، إذا قال: أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه وأشهد أن محمدًا رسول اللَّه. ¬

_ (¬1) رواه أحمد 1/ 327، 362، والترمذي (3232) وقال: حسن صحيح.

وأما قول أبي حنيفة يقول: إني خارج من كذا داخل في كذا، وأنكره أبو عبد اللَّه واحتجّ بالأحاديث في الإنكار عليه. فعلى هذا مذهب أبي عبد اللَّه وإليه أذهب، وأما إذا صلَّى وشهد وقال: أنا مسلم، فهذا أوكد، إن أَبى استتيب ثلاثًا فإن تاب وإلَّا قتل. وقال: أخبرني بذلك إبراهيم بن الخليل: أن أحمد بن نصر أبو حامد حدثهم: سُئل أبو عبد اللَّه عن الذمي يقول: أنا مسلم ولا يرجع؟ قال: إذا صلَّى وشهد أجبر على الإسلام. وقال: أخبرني ابن مطر قال: حدثنا أبو طالب: أن أبا عبد اللَّه سُئل عن اليهودي يقول: قد أسلمت وأنا مسلم؟ قال: يجبر على الإسلام قد علم ما نريد منه، فإذا قال: أنا مسلم وقد أسلمت أجبر على الإسلام. وقال: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا قال الذميّ أنا مسلم يجبر. قيل: فإن قال: أنا مؤمن؟ قال: هذا أوكد. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 380 - 381 (850 - 851).

119 - باب: ذراري المسلمين والمشركين ممن لم يبلغ الحنث

119 - باب: ذراري المسلمين والمشركين ممن لم يبلغ الحنث قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: رجل وقع من بطن أمه أعمى أصم أبكم، فعاش حتى صار رجلًا، قال: هذا بمنزلة الميت، هو مع أبويه. قال: قلت: وإن كانا مشركين ثم أسلما بعد ما صار رجلًا؟ قال: هو معهما. قال إسحاق: هو كما قال. يعني: أنه على دين أبويه. "مسائل الكوسج" (1342). قال إسحاق بن منصور: قلت لإسحاق: أطفال المشركين؟ قال: الذي نعتمد عليه أن لا ينزلوا جنة ولا نارًا حتى يكون اللَّه عَزَّ وَجَلَّ هو الذي ينزلهم، وأما أولاد المسلمين فإنهم أهل الجنة، ولكن لا يجوز لأحد أن يشهد لولد مسلم بعينه أن هذا من أهل الجنة كنحو ما نقول: المؤمنون أهل الجنة. ولا تنصب أحدًا بعينه. "مسائل الكوسج" (3357). قال حرب بن إسماعيل: سألتُ إسحاق عن أطفال المشركين؛ فقال: خلِّ أمرهم إلى اللَّه، اللَّه أعلم بما كانوا عاملين. قال: وأطفال المسلمين هم في الجنة. قال إسحاق: ولا يشهد أحدكم لصبي يموت: إني أشهد أن هذا في الجنة. قال: وسُئل ابن عباس عن الولدان أفي الجنة هم؟ قال: حسبك

ما اختصم فيه موسى والخضر (¬1). وقال حرب: قال: أخبرنا بقية بن الوليد، قال: حدثني محمد بن زياد، قال: حدثني عبد اللَّه بن أبي قيس، قال: حدثتني عائشة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وسألتها عن ذراري المشركين والمؤمنين، فقالت: سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عنهم، فقال: "مع آبائهم". قالت: فقلت: يا رسول اللَّه، بلا عمل؟ قال: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ" (¬2). قال حرب: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا جرير، قال: أخبرنا العلاء ابن المسيب، عن الفضيل بن عمرو الفقيمي، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين قالت: توفي صبي من الأنصار، فقلت: طوبى له عصفور من عصافير الجنة. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا عائشة، أَوَ لَا تَدْرِينَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الجَنَّةَ وَخَلَقَ النَّارَ، فَخَلَقَ لِلْجَنَّةَ أَهْلًا وَللنَّارَ أَهْلًا" (¬3). "مسائل حرب" (350). قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي، نا إسماعيل، نا خالد الحذاء، عن ¬

_ (¬1) رواه الحاكم 2/ 369 - 370 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وذكره ابن حجر في "إتحاف المهرة" 7/ 344 (7961) وقال: رواه الحاكم في التفسير من طريق علي بن حمشاذ، عن إسماعيل بن إسحاق، عن أبي الوليد، عن نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس موقوفًا. (¬2) روه الإمام أحمد 6/ 84، وأبو داود (4712)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (1671)، وقال المناوي في "كشف المناهج والتناقيح" 1/ 116 (89): وسكت عليه أبو داود ولم يعترضه المنذري. وصححه الألباني في "المشكاة" (111) وقال: أخرجه أبو داود من طريقين أحدهما صحيح. (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 41، ومسلم (2662).

عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: كنت أقول في أولاد المشركين: هم منهم. فحدثني رجل عن رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلقيته فحدثني عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ، هُوَ خَلَقَهُمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ وَمَا كَانُوا عَامِلِينَ" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 400 (869). قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد؛ أن جعفر بن محمد حدثه، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن أطفال المسلمين، فقال: ليس فيه خلاف إنهم في الجنة. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 66 (14) قال الخلال: أخبرني عبد الملك الميموني أنهم ذاكروا أبا عبد اللَّه في أطفال المؤمنين ذكروا له حديث عائشة -رضي اللَّه عنهما- وأرضاها في قصة الأنصاري وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه. فسمعت أبا عبد اللَّه يقول غير مرة: وهذا حديث ضعيف وذكر فيه رجلًا ضعفه هو طلحة. وسمعته يقول غير مرة: وأحد يشك أنهم في الجنة؟ ثم أملى علينا الأحاديث فيه. وسمعته غير مرة يقول: هو يرجى لأبويه كيف يشك فيه؟ وقال أبو عبد اللَّه: إنما اختلفوا في أطفال المشركين. وابن عباس يقول: كنت أقول: هم مع آبائهم، حتى لقيت رجلًا من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فحدثني عن رجل آخر من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه سئل عنهم فقال: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ"، فسكت ابن عباس. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 328، والبخاري (1383)، ومسلم (2660).

فقال رجل له: فقال ابن عباس هذا؟ ! فقال: أما ظاهر قوله فيدل على ذلك. وقال: أخبرني حامد بن أحمد بن داود أنه سمع الحسن بن محمد بن الحارث سمع أبا عبد اللَّه يُسأل عن السقط إذا لم تنفخ فيه الروح يبعث؟ فقال: في الحديث: "يجيء السقط محبنطئًا" (¬1). قال أبو بكر: سألت ثعلب النحوي عن السقط محبنطئًا. فقال: يقال: غضبان، ويقال: ألقى نفسه. وقال: قرأت على الحسين بن عبد اللَّه النعيمي، عن الحسين ابن الحسن قال: حدثنا أبو داود قال: سمعت أبا عبد اللَّه قيل له: المرأة تموت وفي بطنها مضغة نرجو أن يكون ولدًا يوم القيامة؟ قال: اللَّه أعلم. وقال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا ابن أبي ¬

_ (¬1) رواه العقيلي في "الضعفاء" 3/ 253 (1256)، وابن حبان في "المجروحين" 2/ 111، وتمام في "فوائده" 2/ 176 (1463)، والطبراني في "الكبير" 19/ 416 (1004) من طريق علي بن نافع، وقال بعضهم: علي بن الربيع، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده. وأعله العقيلي بعلي بن نافع قائلًا: مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ. وقال ابن حبان في ترجمة علي بن الربيع: هذا حديث منكر لا أصل له من حديث بهز بن حكيم، وعلي هذا يروي المناكير. وكذا أعله الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/ 258 بعلي بن الربيع. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (3267). وفي الباب أحاديث لا تثبت، منها حديث ابن مسعود، وحديث أبي موسى، وسهل بن حنيف، انظر: "إتحاف الخيرة" 4/ 9 - 10، و"الضعيفة" (1413)، 12/ 817.

عدي، عن سليمان -يعني التيمي- عن أبي السليل، عن أبي حسان قال: توفي ابنان لي، فقلت لأبي هريرة: سمعت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حديثًا تحدثنا به تطيب به أنفسنا؟ قال: نعم، سمعته يقول: "صِغاركم دعاميص الجنَّةِ، يلقى أحدهم أبويه فيأخذُ بناحية ثوبه كما يأخذ بصنفة ثوبك هذا، ولا يفارقه حتى يدخل وإياه الجنةَ" (¬1). "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 66 - 71 (14 - 19) قال الخلال: رأيتُ في كتاب لهارون المستملي قال أبو عبد اللَّه: إذا سأل الرجل عن أولاد المشركين مع آبائهم فإنه أصل كل خصومة، ولا يسأل عنه إلا رجل اللَّه أعلم به. قال: ونحن نمر هذِه الأحاديث على ما جاءت ونسكت لا نقول شيئا. وقال الخلال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: سمعت أبا عبد اللَّه وسأله ابن الشافعي -الذي ولي قضاء حلب- فقال له: يا أبا عبد اللَّه، ذراري المشركين أو المسلمين -لا أدري أيهما سأله. فصاح به أبو عبد اللَّه، وقال: مسائل أهل الزيغ. ما لك ولهذه المسائل؟ فسكت وانصرف ولم يعد إلى أبي عبد اللَّه بعد ذلك حتى خرج. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قال أبو عبد اللَّه: سأل بشر بن السري سفيان الثوري عن أطفال المشركين؛ فصاح به وقال: ناصبي أنت تسأل عن هذا؟ وقال: أخبرني منصور بن الوليد ومحمد بن موسى، وهذا لفظه أن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 488، 510، ومسلم (2635).

جعفر بن محمد حدثهم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه وسُئل عن أطفال المشركين فلم يقل فيه شيئًا. وقال: أخبرني منصور بن الوليد، قال: حدثنا علي بن سعيد؛ أنه سأل أبا عبد اللَّه: "فأبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ". قال: الشأن في هذا وقد اختلف الناس ولم نقف فيها على شيء نعرفه. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر، قال: حدثنا أبو طالب؛ أن أبا عبد اللَّه سُئل عن أطفال المشركين فقال: كان ابن عباس يقول: "فَأبَواهُ يُهَوِّدَانِهِ ويُنَصِّرَانِهِ". حتى سمع: "اللَّهُ أَعْلَمْ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ". فترك قوله، وهي صحاح ومخرجها صحيح. وكان الزهري يقول من الحديث ما يحدث بها على وجوهها. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 73 - 76 (21 - 26) قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد، قال: حدثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه وسأله عن أولاد المشركين فقال: أذهب إلى قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ". "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 78 (29) قال الخلال: أخبرني عصام بن عصمة، قال: حدثنا حنبل، قال: قال أبو عبد اللَّه: إذا أسلم أبواه ثم مات وهو صغير صُلي عليه ودُفن في مقابر المسلمين، وإن مات وهما مشركان كان تبعًا لهما. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 79 (34) قال الخلال: أخبرني عبد الكريم بن الهيثم العاقولي، قال: سمعتُ أبا عبد اللَّه يقول في المجوسيين يولد لهما ولد فيقولان: هذا مسلم فيمكث خمس سنين ثم يتوفى؛ قال: ذاك يدفنه المسلمون.

وقال: أخبرني محمد بن العباس بن إبراهيم، قال: حدثنا الحسن بن عبد الوهاب، قال: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم، قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الصبي المجوسي يجعله أبوه وأمه مسلمًا، ثم يموت، أين يدفن؟ قال: "يُهَوِّدَانِهِ ويُنَصِّرَانِهِ" أن معناه أن يدفن في مقابر المسلمين. قال أبو بكر الخلال: أحسب أن الحسن سمعها من عبد الكريم حفظًا، وما سمعته أنا من عبد الكريم فهو من كتابه والمعنى واحد، إلا أن اللفظ الذي سمعت أنا هو الصواب. "أحكام أهل الملل" 1/ 90 (62 - 63) قال أبو داود السجستاني: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو المغيرة، قال: حدثنا عتبة بن ضمرة، قال: حدثني عبد اللَّه بن أبي قيس مولى عطية أنه أتى عائشة أم المؤمنين، فسلم عليها، فقالت: من أنت؟ قال: أنا عبد اللَّه مولى عطية بن عازب. فقالت: ابن عفيف؟ فقال: نعم. فسألها عن الركعتين بعد صلاة العصر أركعهما رسول اللَّه؟ فقالت: نعم، وسألها عن ذراري الكفار؟ فقالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَعَ آبَائِهِمْ". فقالت له: يا رسول اللَّه بلا عمل؟ قال: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ". "الإبانة" كتاب القدر 2/ 81 (1485). سأله حنبل عن ابن الذمي إذا مات أحد أبويه؟ قال: هو مسلم ما لم يبلغ. "الروايتين والوجهين" 2/ 370

120 - باب: متى يقبل إسلام الصبي؟

120 - باب: متى يقبل إسلام الصبي؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد بن حنبل: ابن عشر أَسلَمَ؟ قَالَ: أمَّا أنا فأُجِيزُهُ على الإسلام؛ لأنه يؤمر بالصلاة في العشر. قَالَ إسحاق: هكذا هو، وكذلك إذا بَلغ سَبع سنين. "مسائل الكوسج" (2719) قال: إسحاق بن منصور: قُلْتُ: امرأةٌ أسلمَتْ ولها أولاد؟ قَالَ: إذا كانوا صغارًا أُجْبِروا على الإسلامِ، وإذا كانوا كبارًا لم يُجبروا. قُلْتُ: ما حد ذَلِكَ؟ قال: ابن عشر. "مسائل الكوسج" (3420) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي، قال: حدثنا مهنّا، قال: سألت أحمد عن غلام يهودي أو نصراني أسلم وله أبوان، هل يجوز إسلامه وأبواه كارهان؟ قال: إذا عقل الإسلام جاز، وإلا فلا يجوز. فقلت: وما عقله؟ قال: يعرف الصلاة ورغبة الإسلام. قلت: ابن كم ينبغي أن يكون؟ قال: ابن عشر سنين. قلت: فإن رجع عن الإسلام وهو ابن عشر سنين أيقتل؟ قال: لا يقتل، ولكن يضرب؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يضرب على الصلاة إذا كان ابن عشر". "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 106 (94) وقال الخلال: أخبرنا زكريا بن يحيى قال: وقال أخبرني ابن مطر قال: حدثنا أبو طالب، قال: سئل أبو عبد اللَّه عن الصبي يسلم وأبواه يهوديان؟ قال: أنا أحب إذا كان له عشر سنين جاز؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-

قال: "إذا بلغ الصبي عشر سنين فاضربوه على الصلاة" (¬1). "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 107 - 108 (95 - 97) أخبرني محمد بن أبي هارون أن إسحاق بن إبراهيم (¬2) حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن غلام له أبوان يهوديان، فأسلم وهو ابن سبع سنين. قال: جاز إسلامه، ويجبر على الإسلام إذا كان أحد أبويه مسلمًا أجبر على الإسلام، ويجوز إسلامه وهو ابن سبع سنين. قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح قال: قال أبي: إذا بلغ اليهودي والنصراني سبع سنين ثم أسلم، أجبر على الإسلام؛ لأنه إذا بلغ سبعًا أمر بالصلاة. قلت: وإن كان ابن ست؟ قال: لا. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 108 (99 - 100) قال الخلال: أخبرني عبد الملك أنه قال لأبي عبد اللَّه: الغلام في دارنا ومعه أبواه فيسلم وهو ابن عشر سنين أو أكثر ولم يبلغ الحنث؟ قال: أقبل إسلامه. قلت: بأي شيء تحتج فيه؟ قال: أنا أضربه على الصلاة ابن عشر؛ لما قال: "وفرقوا بينهم في المضاجع" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 404، وأبو داود (494)، والترمذي (407) من حديث سبرة ابن معبد، صححه الترمذي، والحاكم في "المستدرك" 1/ 201. ورواه من حديث عبد اللَّه بن عمرو: أحمد 2/ 180، 187، وأبو داود (495)، والحاكم وغيرهم، وزاد فيه: "وفرقوا بينهم في المضاجع" وحسنه عدد من الأئمة. (¬2) رواه ابن هانئ في "مسائله" (1605 - 1606) بمعناه. (¬3) جزء من حديث عبد اللَّه بن عمرو المتقدم.

قلت: فإن ارتد؟ قال: أحول بينه وبين الارتداد. قال: يكون أكبر من أن تضربه، أنحبسه؟ قال: أي شيء تصنع به؟ أقتله؟ ! لا أقتله؛ لأنه ما لم يبلغ المعالم لم أقم عليه الحدود، ولكن أحول بينه وبين الارتداد. ثم قال لي: وأنت قد تراه غلامًا ما لم يبلغ ينفذ عليه أشياء: وصيته وطلاقه وعتقه. وقال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم أن أبا عبد اللَّه سُئل عن قوم دفع إليهم صبي فربوه، فلما أدرك قال: أنا نصراني؟ قال: لا يقبل منه، يجبر على الإسلام بالضرب والعذاب. وقال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر في موضع آخر قالا: حدثنا أبو الحارث الصائغ أن أبا عبد اللَّه سُئل عن صبي نصراني لم يدرك، أسلم ثم ارتد. قال: ينتظر به أن يدرك أو يبلغ خمس عشرة، فإن أقام على نصرانيته وأبى أن يسلم قتل. وقال الخلال: أخبرني محمد بن الحسن أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سألت أحمد عن الصبي النصراني يسلم كيف يصنع به؟ قال: إذا بلغ عشرًا أجبرته على الإسلام؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "علموهم الصَّلَاةَ لِسَبْعٍ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ". يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا حديثان. قلت له: فإن هو أبى الإسلام كيف يصنع به؟ قال: انتظر به إلى أن يبلغ الحدود فإذا بلغ الحد عرضت عليه

الإسلام، فإن أسلم وإلا قتل. وقال الخلال: أخبرني محمد بن هارون وابن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال: قيل لأبي عبد اللَّه: إن غلامًا صغيرًا أقر بالإسلام وشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه، وصلى وهو صغير لم يدرك. ثم رجع عن الإسلام يجوز إسلامه وهو صغير؟ قال: نعم إذا أتى له سبع سنين ثم أسلم أجبر على الإسلام، لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "علموهم الصَّلَاةَ لِسَبْعٍ"، فكان حكم الصلاة قد وجب إذا أمر أن يعلموه الصلاة لسبع، فإذا رجع عن الإسلام انتظر به حتى يبلغ، فإن أقام على رجوعه عن الإسلام فحكمه حكم المرتد إن أسلم، وإلا قتل. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 109 - 110 (102 - 106)

121 - باب: أفعال العباد مقدرة

121 - باب: أفعال العباد مقدرة قال أبو داود: سمعت أحمد قال له رجل: يلجئني القدري إلى أن أقول: الزنا بقدر والسرقة بقدر؟ فقال: الخير والشر من اللَّه. "مسائل أبي داود" (1755) قال ابن هانئ: وسئل عن القدر؟ فقال: القدر: قدرة اللَّه على العباد. قال: الرجل إن زنى فبقدر اللَّه، وإن سرق فبقدر اللَّه؟ قال: نعم، اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قدره عليه. "مسائل ابن هانئ" (1868). قال حرب: سمعت إسحاق يقول: الخير والشر من اللَّه مقدور على عباده. "مسائل حرب" ص 380 قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي، نا عبد اللَّه بن يزيد المقرئ، نا حيوة وابن لهيعة قالا: نا أبو هانئ الخولاني أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يقول: سمعت عبد اللَّه بن (عمرو) (¬1) -رضي اللَّه عنهما- يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "قَدَّرَ اللَّهُ المَقَادِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 394 (856). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، نا سفيان عن عمرو بن محمد قال: كنت عند سالم بن عبد اللَّه فجاءه رجل فقال: الزنا بقدر؟ فقال: نعم. ¬

_ (¬1) في المطبوع: عمر. وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 169، ومسلم (2653).

قال: كتبه عليَّ ويعذبني عليه؟ ! قال: فأخذ له الحصا (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 424 (933). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا معاذ بن معاذ، نا ابن عون، قال: حدث رجل مُحمدًا (¬2) عن رجلين اختصما في القدر، فقال أحدهما لصاحبه: أرأيت الزنا، بقدر هو؟ قال الآخر: نعم؛ فقال محمد: أي: وافق رجلًا حيا (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 8/ 402 (889). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا العلاء بن عبد الكريم، سمعت مجاهدًا يقول: {وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِّنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عامِلُونَ} [المؤمنون: 63] قال: أعمال لا بد لهم من أن يعملوها (¬4). وقال: حدثني أبي، نا وكيع وابن بشر، قالا: نا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79] وأنا قدرتها عليك (¬5). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 426 - 427 (939 - 940). ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 429 (898 - 899) من طريق الحسن بن ثواب، عن أحمد. ورواه الآجري في "الشريعة" ص 203 (499)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب القدر 2/ 46 (1437)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 761 (1270). (¬2) هو: ابنُ سيرين. (¬3) رواه الفريابي في "القدر" (357) عن عبيد اللَّه بن معاذ، وفي (358) عن ابن أبي شيبة، وهما عن معاذ بن معاذ، به. ورواه الآجري في "الشريعة" (435) عن الفريابي. (¬4) في "تفسير مجاهد" 2/ 433، ورواه الطبري 9/ 228 (25578). وذكره السيوطي في "الدر" 6/ 107 وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم. (¬5) رواه سعيد بن منصور 4/ 1312 (662)، وابن جرير 4/ 179 (9983)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 3/ 1011 (5661)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 3/ 554 (978). وذكره السيوطي في "الدر" 2/ 331 وزاد: عبد بن حميد وابن المنذر.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا مُعاذ بن معاذ قال: حدثنا رجل من أصحابنا ببغداد قال: حدثني صاحب لي قال: قُلتُ لابن عون: إن قومًا يزعمون أن اللَّه لم يخلق الشر. فقال: أستعيذ بالسميع العليم {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ}. "العلل" برواية عبد اللَّه (4860) قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: ثنا حنبل قال: سألت أبا عبد اللَّه، قلت: أفاعيل العباد مخلوقة؟ قال: نعم، مقدرة عليهم بالشقاء والسعادة. قلت له: الشقاء والسعادة مكتوبان على العبد؟ قال: نعم، سابق في علم اللَّه، وهما في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقه، والشقاء والسعادة من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، قال عبد اللَّه: الشقي من شقي في بطن أمه (¬1)، وقال في موضع آخر: الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من سعد بغيره. قال: وكتب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ على آدم أنه يصيب الخطيئة قبل أن يخلقه. قلت: فأمر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ العباد بالطاعة؟ قال: نعم، وكتب عليهم المعصية؛ لإثبات الحجة عليهم، ويعذب اللَّه العباد، وهو غير ظالم لهم. وقال: قال: ليس شيء أشد على القدرية من قول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعلُومٍ} [الحجر: 21] وقوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] وفي القرآن في غير موضع إثبات القدر لمن تفهمه وتدبره. "السنة" للخلال 1/ 424 (885). ¬

_ (¬1) رواه مسلم (2645).

قال الخلال: وأخبرني محمد بن الحسين؛ أن الفضل حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وقيل له: الشقي من شقي في بطن أمه؟ قال: نعم، الشقي من شقي في بطن أمه. وقال: أخبرني محمد بن هارون، ومحمد بن جعفر أن الحارث حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل على القدر، قيل له: إنهم يقولون: إن اللَّه لا يضل أحدًا، هو أعدل من أن يضل أحدًا ثم يعذبه على ذلك، فقال: أليس قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {يُضِلُّ اَللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيهدِي مَنْ يَشَاءُ} [المدثر: 31]، فاللَّه عَزَّ وَجَلَّ قدر الطاعة والمعاصي، وقدر الخير والشر، ومن كتب سعيدًا فهو سعيد، ومن كتب شقيًّا فهو شقي. "السنة" للخلال 1/ 425 (887 - 888). قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن الزنا، بقدر؟ فقال: الخير والشر بقدر، ثم قال: الزنا والسرقة. وذكر عن سالم وابن عباس أنهم قالوا: الزنا والسرقة بقدر (¬1)، ثم قال أبو عبد اللَّه: كان ابن مهدي قد سألوه عن ذا، فقال: الخير والشر بقدر. ففحشوا عليه، فقالوا: الزنا والسحاق بقدر؟ فكأنه أنكر هذا، وقال: قد أجابهم إلى أن الخير والشر بقدر، فجعلوا يذكرون له مثل هذِه الأقذار (¬2). "السنة" للخلال 1/ 428 (894). قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون، قال: ثنا الحسن بن ثواب، ¬

_ (¬1) يأتي مسندًا. (¬2) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب القدر 2/ 261 (1877)، وفيه زيادة: قلت: يقول الرجل: إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أجبر العباد. فقال: هكذا لا نقول، وأنكر هذا وقال: {يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهدِى مَن يَشَاءُ} وسمعه يقول: يعافي من يشاء ويهدي من يشاء.

قال: حدثني أبو عبد اللَّه قال: حدثني إسماعيل، عن أبي هارون الغنوي، عن أبي سليمان الأزدي، عن أبي يحيى مولى بني عفراء قال: كنت عند ابن عباس، فقال رجل: الزنا بقدر؟ قال أبو عبد اللَّه: وفيه كلام آخر (¬1). "السنة" للخلال 1/ 428 (897). قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: قال رجل لأبي عبد اللَّه: إن عندنا قوما يقولون: إن اللَّه خلق الخير، ولم يخلق الشر، ويقولون: القرآن مخلوق، فقال: هذا كفر، هؤلاء قدرية جهمية، الخير والشر مقدر على العباد. قيل له: اللَّه خَلَقَ الخير والشر؟ قال: نعم، اللَّه قدَّره. "السنة" للخلال 1/ 429 (900) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر، أن أبا الحارث حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن القدر، فقال: الخير والشر بقدر، والزنا والسرقة وشرب الخمر كله بقدر. وقال: أخبرني عصمة بن عصام، قال: ثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: أفاعيل العباد مخلوقة، وأفاعيل العباد مقضية بقضاء وقدر. قلت: الخير والشر مكتوبان على العباد؟ قال: المعاصي بقدر، قال: وسمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: المعاصي بقدر. قال أبو عبد اللَّه: والخير والشر بقدر، والطاعة والمعصية بقدر، وأفاعيل العباد كلها بقدر. وقال حنبل: عن رجل، عن عبد الرحمن بن مهدي قال: من قال: ¬

_ (¬1) سيأتي عن عبد اللَّه في "السنة" 5/ 422 (937)، بأطول منه.

المعاصي ليس بقدر فقد أعظم على اللَّه الفرية. قال أبو عبد اللَّه: ما أحسن ما قال عبد الرحمن. قال أبو عبد اللَّه: فمن لم يؤمن بالقدر ورده فقد ضاد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في أمره، ورد على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما جاء به، وحجد القرآن وما أنزل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ" (¬1)، أما من كان من أهل النار فهو من أهلها، ومن كان من أهل الجنة فهو من أهلها، وأفاعيل العباد مخلوقة مقضية عليهم بقضاء وقدر، والخير والشر مكتوبان على العباد، والمعاصي بقدر، قال اللَّه: {إِنَّا شَيْءٍ خَلقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]. "السنة" للخلال 1/ 429 - 430 (902 - 903). قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وذكر موعدًا، فقال: إن قدر. وقال: أخبرني أحمد بن الحسين بن حسان؛ أن أبا عبد اللَّه سئل عن القَدر، فقال: الخير والشر مقدران. وقال: وأخبرني يوسف بن موسى، أن أبا عبد اللَّه سئل عن القدر، فقال: خيرِه وشره كتبه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ على العباد. قيل له: من اللَّه؟ قال؟ فممن؟ ! وأظنه قال: نعم، فممن؟ ! . وقال: أخبرني عصمة بن عصام، قال: ثنا حنبل قال: قلت لأبي عبد اللَّه: إن قوما يحتجون بهذِه الآية: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79]، فقال أبو عبد اللَّه: {مَا أَصَابَكَ مِنْ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 427، والبخاري (6596)، ومسلم (2649) - من حديث عمران بن حصين.

حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَّفسِكَ}، واللَّه قضاها. وقال: أخبرني عصمة بن عصام، قال: ثنا حنبل، قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: الزنا بقدر والعجز والكيس بقدر، قدر اللَّه ذلك على العباد، فمن أتى من ذلك شيئًا، فأمره إلى اللَّه إن شاء عذب، وإن شاء غفر، وهن من قدر اللَّه. "السنة" للخلال 1/ 430 - 431 (906 - 910) قال الخلال: أخبرني علي بن عيسى؛ أن حنبل بن إسحاق حدثهم قال: قال أبو عبد اللَّه: ونؤمن بالقدر، خيره وشره، قال: ومن قال بالقدر وعظم المعاصي فهو أقرب، مثل الحسن وأصحابه. قلت: مَن مِن أصحاب الحسن؟ قال: علي الرفاعي، ويزيد الرقاشي، ونحوهم، ومن قال بالإبطال بالرؤية كان أشد قولا وأخبث. قال أبو عبد اللَّه: وكان عمرو بن عبيد ونظراؤه يقولون بهذا. ثم قال أبو عبد اللَّه: في القرآن كذا وكذا موضع رد على القدرية. قلت: فالذي يلزم القدرية؛ قال: قول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعلُومٍ} [الحجر: 21]، وقال: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]، وفي غير موضع، ولو تدبر إنسان القرآن كان فيه ما يرد على كل مبتدع بدعته. وقال الخلال: قال حنبل: وثنا الحميدي قال: ثنا سفيان، عن عمرو قال: قلت لابن منبه، ودخلت عليه فأطعمني من جوزة في داره، فقلت له: وددت أنك لم تكن كتبت في القدر كتابًا قط. قال: وأنا وددت أني لم أفعل. قال حنبل: سألت أبا عبد اللَّه عن ذلك فقال: يريد كتاب وهب كتاب الحكمة، ويذكر فيه المعاصي، وينزه الرب جل وعز ويعظمه.

قال أبو عبد اللَّه: وهؤلاء يحتجُّون به. يعني: القدرية. "السنة" للخلال 1/ 432 (912 - 913). قال الخلال: قال عبد الملك: وذكر لي أبو عبد اللَّه قال: حج وهب بن منبه سنة مائة، فذهب إليه عطاء والحسن بعد عشاء الآخرة يسلمان عليه ويذكرانه شيئًا من أمر القدر، فأمسى في باب من الحمد، فما زال كذلك إلى أن انفجر الصبح، فتفرقوا ولم يذاكروه شيئًا (¬1). "السنة" للخلال 1/ 433. قال الخلال: أخبرني يوسف بن موسى أن أبا عبد اللَّه سئل عن أعمال الخلق، مقدرة عليهم من الطاعة والمعصية؟ قال: نعم. قيل: والشقاء والسعادة مقدَّران على العباد؟ قال: نعم. قيل له: والناس يصيرون إلى مشيئة اللَّه فيهم من حسن أو سيئ؟ قال: نعم. "السنة" للخلال 1/ 440 (937) ¬

_ (¬1) ذكرها المزي في "تهذيب الكمال" 31/ 147، عن أحمد، عن عبد الرزاق، عن أبيه، به، وزاد فيه: قال أحمد: وكان يتهم بشيء من القدر، ورجع.

122 - باب: المطالبة بالعمل

122 - باب: المطالبة بالعمل قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، نا شعبة، عن عاصم بن عبيد اللَّه قال: سمعت سالم بن عبد اللَّه يحدث عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: قال عمر -رضي اللَّه عنه-: يا رسول اللَّه، أرأيت ما نعمل فيه أفي أمر قد فرغ منه، أو أمر مبتدأ -أو مبتدع- قال: "فِيمَا قَدْ فُرِغَ مِنْهُ، فَاعْمَلْ يَا ابن الخَطَّابِ، فَإِنَّ كُلًّا مُيَسَّرٌ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ لِلسَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَإِنَّهُ يَعْمَل لِلشَّقَاءِ" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 942 (855). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا هشيم، نا علي بن زيد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللَّه أن سراقة بن مالك قال: يا رسول اللَّه، فيم العمل؟ أفي شيء قد فرغ منه، أو في شيء نستأنفه؟ قال: "بل في شيء قد فرغ منه" قال: ففيم العمل إذن؟ قال: "اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ" (¬2). وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا إسماعيل بن إبراهيم، نا يزيد -يعني: الرشك- عن مطرف بن الشخير، عن عمران بن حصين -رضي اللَّه عنه- قال: قال رجل: يا رسول اللَّه، أعلم أهل الجنة من أهل النار؟ قال: "نعم" قال: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 29، والترمذي (2135)، وابن أبي عاصم في "السنة" (169). قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الألباني في "ظلال الجنة": حديث صحيح. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 304، وهو عند مسلم (2648) من طريق آخر وبمعناه.

ففيم يعمل العاملون؟ قال: "اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ" (¬1) أو كما قال. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 394 - 395 (857 - 858). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قرأت على يحيى بن سعيد، ثنا عثمان بن غياث، حدثني عبد اللَّه بن بريدة، عن يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن قالا: لقينا عبد اللَّه بن عمر فذكرنا القدر وما يقولون فيه ثم قال: أخبرني عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- أنهم بينا هم جلوس أو قعود عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، جاءه رجل يمشي، حسن الوجه، حسن الشعر، عليه ثياب بيض. . فذكر الحديث. قال: وسأله رجل من جهينة أو مزينة فقال: يا رسول اللَّه، فيم العمل، أفي شيء قد خلا أو مضى؟ قال رجل -أو بعض القوم- يا رسول اللَّه، فيم نعمل؟ قال: "أهل الجنة يسروا لعمل أهل الجنة وأهل النار يسروا لعمل أهل النار" (¬2)، فقال يحيى بن سعيد: هو كذا، يعني: على ما قرأت علي. "السنة" 2/ 402 (873). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عصام بن خالد الحضرمي، حدثني العطاف بن خالد، عن شيخ من أهل البصرة، حدثني طلحة بن عبد اللَّه ابن عبد الرحمن بن أبي بكر، حدثني أبي، عن جدي -رضي اللَّه عنه- أنه قال لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا رسول اللَّه، نعمل على أمر قد فرغ منه أو على أمر مؤتنف؟ قال: "بل على أمر قد فرغ منه" قالوا: يا رسول اللَّه، ففيم ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 427، والبخاري (6596)، ومسلم (2649). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 27، وهو عند مسلم برقم (8) مختصرًا دون قوله: وسأله رجل من جهينة. وهذِه القطعة رواها أبو داود (4696) وصححها الألباني في "الصحيحة" (3521).

العمل؟ قال: "إِنَّ كُلًّا مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 410 - 411 (896). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يونس، حدثنا صالح، حدثنا سعيد الربعي أن عامر بن عبد قيس كان يقول: لو جاءني اليقين وأنا حي في الدنيا بأني من أهل النار، ما طابت نفسي عن نفسي بهلاكها أبدًا، لعبدت اللَّه عبادة واجتهدت اجتهادًا أكون قد هلكت بعد اجتهاد مني، فيكون أعذر لنفسي عندي (¬2). "الزهد" ص 269 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هارون بن معروف، حدثنا ضَمْرة، عن ابن شوذب قال: قال هرم بن حيان: لو قيل لي: إني من أهل النار لم أدع العمل؛ لئلا تلومني نفسي فتقول لي: ألا صنعت، ألا فعلت (¬3). "الزهد" ص 285 قال عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: حدثني أبي، حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 6، والبزار 1/ 83 (28)، والطبراني 1/ 64 (47). قال البزار: وهذا الكلام لا نعلمه يروى عن أبي بكر إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، والعطاف بن خالد قد حدث عنه جماعة وهو صالح الحديث، وإن كان قد حدث بأحاديث عن نافع لم يتابع عليها. وقال الهيثمي في "المجمع" 7/ 194: رواه أحمد والبزار والطبراني، وقال عن عطاف بن خالد: حدثني طلحة بن عبد اللَّه، وعطاف وثقه ابن معين وجماعة. وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات إلا أن في رجال أحمد رجلًا مبهما لم يسم. (¬2) لم أقف عليه. (¬3) رواه البيهقي في "الزهد الكبير" (781).

أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه، فلا تستبطئوا الرزق، واتقوا اللَّه أيها الناس، فأجملوا في الطلب، خذوا ما حل، ودعوا ما حرم" (¬1). "القضاء والقدر" للبيهقي ص 208 - 209 (234). ¬

_ (¬1) رواه ابن ماجه (2144) والطبراني في "المعجم الأوسط" 3/ 268 - 2690 قال الطبراني: لم يرو هذا عن أبي الزبير إلا ابن جريج، ولا يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد، والحاكم 2/ 4، والبيهقي 5/ 265 من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير، به. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ورواه ابن حبان 8/ 32 (3239) من طريق محمد بن المنكدر عن جابر، وصححه الحاكم 2/ 4. وقد صحح الألباني الطريقين، انظر: "الصحيحة" (2607).

123 - باب: الرد على الجبرية

123 - باب: الرد على الجبرية قال ابن هانئ: وكنت يومًا عند أبي عبد اللَّه، فجاء رجل فقال له: فلانًا قال: إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ جبر العباد على الطاعة؟ فقال: بئس ما قال. ولم يقل شيئًا غير هذا. "مسائل ابن هانئ" (1867). قال حرب: قلت لإسحاق: ما معنى "لا يكونن أحدكم إمعة" (¬1)؟ قال: يقول: إن ضل الناس ضللت، فإن اهتدوا اهتديت. "مسائل حرب" ص 349. قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي، نا هشيم، أنا داود بن أبي هند، عن مطرف بن عبد اللَّه بن الشخير قال: لم نوكل في القرآن إلى القدر، وقد أخبرنا في القرآن أنا إليه نصير (¬2)؟ ! "السنة" لعبد اللَّه 2/ 492 (899). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، نا منصور بن سعد، عن عمار مولى بني هاشم قال: سألت أبا هريرة عن القدر فقال: اكتف منه بآخر سورة الفتح (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 423 (930). قال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال: سمعت أبا عبد اللَّه يناظر خالد بن خداش -يعني: في القدر- فذكروا ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (2007) من حديث حذيفة، ورُوي موقوفًا على ابن مسعود. (¬2) رواه عبد الرزاق 11/ 125 (20098)، والآجري في "الشريعة" ص 187 (437). (¬3) رواه أبو نعيم في "الحلية" 9/ 53، به، ورواه البيهقي في "القضاء والقدر" ص 308 (498)، بلفظ: كيف بآخر سورة القمر.

رجلًا، فقال أبو عبد اللَّه: إنما كره من هذا أن يقول: جبر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. وقال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل يقول: إن اللَّه جبر العباد، فقال: هكذا لا تقل، وأنكر هذا، وقال: {يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهدِي مَن يَشَاءُ} (¬1) [المدثر: 31]. "السنة" للخلال 1/ 434 (919 - 920). قال الخلال: وأخبرني عصمة بن عصام قال: حنبل قال: حدثني أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن، عن ابن سعد. وأخبرني أبو يحيى زكريا بن يحيى، قال: ثنا أبو طالب، قال: ثنا أحمد قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن منصور بن سعد، عن عمار بن أبي عمار قال: سألت أبا هريرة عن القدر، قال: تكفيك آخر الآية في الفتح. قال أبو عبد اللَّه: قوله: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّورَاة وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ} [الفتح: 29]. زاد أبو طالب: فوصفهم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في التوراة والإنجيل قبل أن يخلقهم. وقال: أخبرنا محمد بن علي، قال: ثنا مهنا، قال: سمعت أحمد يقول: حدثنا هشيم، قال: أنا داود بن أبي هند، عن مطرف بن الشخير قال: لم نوكل إلى القدر، وإليه نصير. قال مهنا: وسمعت ضمرة -يعني: ابن ربيعة- يقول: قال مالك بن أنس: لم نؤمر أن نتكل على القدر، وإليه نصير. وقال: وأخبرنا أبو بكر المروذي، قال: كتب إليَّ عبد الوهاب في أمر حسين بن خلف بن البختري العكبري، وقال: إنه قد تنزَّه عن ميراث أبيه، فقال رجل قدري: إن اللَّه لم يجبر العباد على المعاصي، فرد عليه أحمد بن ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب القدر 2/ 261 (1877).

رجاء فقال: إن اللَّه جبر العباد، أراد بذلك إثبات القدر، فوضع أحمد بن علي كتابًا يحتج فيه، فأدخلته على أبي عبد اللَّه فأخبرته بالقصة، فقال: ويضع كتابًا! وأنكر أبو عبد اللَّه عليهما جميعًا، على ابن رجاء حين قال: جبر العباد، وعلى القدري الذي قال: لم يجبر العباد، وأنكر على أحمد بن علي وضعه الكتاب، واحتجاجه، وأمر بهجرانه لوضعه الكتاب، وقال لي: يجب على ابن رجاء أن يستغفر ربه لما قال: جبر العباد، فقلت لأبي عبد اللَّه: فما الجواب في هذِه المسألة؟ قال: {يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ}. قال: وأخبرنا أبو بكر المروذي، في هذِه المسألة أنه سمع أبا عبد اللَّه، لما أنكر على الذي قال: لم يجبر. وعلى من رد عليه، فقال أبو عبد اللَّه: كما ابتدع رجل بدعة اتسعوا في جوابها! وقال: يستغفر ربه الذي رد عليهم بمُحدثة، وأنكر على من ردَّ بشيء من جنس الكلام إذا لم يكن له فيها إمام تقدَّم. قال أبو بكر المروذي: فما كان بأسرع من أن قدم أحمد بن علي من عكبرا، ومعه مشيخة، وكتاب من أهل عكبرا، فأدخلت أحمد بن علي على أبي عبد اللَّه، فقال له: يا أبا عبد اللَّه، هو ذا الكتاب، ادفعه إلى أبي بكر حتى يقطعه، وأنا أقوم على منبر عكبرا وأستغفر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، فقال أبو عبد اللَّه لي: ينبغي أن تقبلوا وترجعوا له. "السنة" للخلال 1/ 435 - 436 (933 - 926).

124 - باب: كراهية الخوض في القدر

124 - باب: كراهية الخوض في القدر قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي، نا وكيع، نا جرير بن حازم سمعته من أبي رجاء، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: لا يزال أمر هذِه الأمة قوامًا، أو مقاربًا، ما لم يتكلموا في الولدان والقدر (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 400 - 401 (870). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن آدم، نا يعلى بن الحارث، عن وائل بن داود، عن إبراهيم قال: إن آفة كل دين كان قبلكم -أو قال: آفة كل دين: القدر (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 410 (895). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا كثير بن هشام، نا جعفر، نا مولى لابن أبي رواد قال: كان طاوس بمكة يصلي ورجلان خلفه يتجادلان في القدر، فانصرف إليهما فقال: يرحمكما اللَّه تجادلان في حكم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ؟ ! "السنة" لعبد اللَّه 2/ 415 - 416 (909). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا جعفر، عن ميمون بن مهران، قال: ثلاث ارفضوهن: ما شجر بين أصحاب رسول اللَّه ¬

_ (¬1) رواه الفريابي في "القدر" ص 175 (259، 260)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" 4/ 697 (1127)، وابن عبد البر في "التمهيد" 18/ 131 موقوفًا. ورواه البزار في "مسنده" 11/ 49 (4739)، وابن حبان في "صحيحه" 15/ 118 (6724) والطبراني 12/ 162 (12764)، والحاكم 1/ 33. عن ابن عباس يحدث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. صححه الحاكم والذهبي. وقال الهيثمي في "المجمع" 7/ 202: رجال البزار رجال الصحيح. وصححه الألباني في "الصحيحة" (1675). (¬2) رواه الآجري في "الشريعة" ص 190 (452)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب القدر 2/ 221 (1801).

صلى اللَّه عليه وسلم، والنجوم، والنظر في القدر (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 70 (19) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن إدريس بن وهب بن منبه، عن أبيه قال: كنا مع ابن عباس، فأخبر أن قومًا عند باب بني سهم يختصمون، قال: أظنه قال: في القدر، قال: فنهض إليهم، وأعطى مِحْجَنه عكرمة، ووضع إحدى يديه عليه، والأخرى على طاوس، فلما انتهى إليهم أوسعوا له، ورحبوا به، فلم يجلس، وقال: يا وهب، كيف قال الفتى؟ قال: قال: لقد كان في عظمة اللَّه وجلاله وذكر الموت ما يَكلّ لسانك، ويقطع حجتك، ويكسر قلبك، ألم تعلم يا أيوب أن للَّه عبادًا أسكتتهم خشية اللَّه من غير صلى اللَّه عليه وسلم ولا بكم، وإنهم لهم الفصحاء الطلقاء، والنبلاء الألباء، العالمون باللَّه وآياته، إلا أنهم إذا ذكروا اللَّه طاشت عقولهم، وانكسرت قلوبهم، وتقطعت ألسنتهم إعزازًا للَّه وإجلالًا له وإعظامًا، فإذا استفاقوا من ذلك استبقوا إلى اللَّه عزَّ وجلَّ بالأعمال الزكية، يعدون أنفسهم مع المفرطين، وإنهم لأكياس أقوياء مع الظالمين والخاطئين، وإنهم لأنزاه برآء إلا أنهم لا يستكثرون له الكثير، ولا يرضون له بالقليل، ولا يعلون عليه بالأعمال، هم حيث ما لقيتهم مهيمون مشفقون وجلون خائفون. قال: ثم انصرف عنهم، فرجع إلى مجلسه. "الزهد" ص 55 ¬

_ (¬1) رواه ابن بطة في "الإبانة" - القدر 1/ 243 (1281) عن طريق عبد اللَّه، ورواه عبد اللَّه في "السنة" 2/ 416 (915) عن أبيه، عن كثير، عن فرات: سمعت ميمونًا، بنحوه.

125 - باب: من هم القدرية؟

125 - باب: من هم القدرية؟ قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي، نا عبد الصمد، نا عكرمة قال: سألنا يحيى بن أبي كثير عن القدرية فقال: هم الذين يقولون: إن اللَّه لم يقدر الشر. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 392 (850). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد اللَّه بن الوليد العدني، نا سفيان، عن داود، عن ابن سيرين قال: إن لم يكن أهل القدر من الذين يخوضون في آيات اللَّه فلا أدري ما هم؟ . "السنة" لعبد اللَّه 2/ 432 (956). قال أحمد بن جعفر الإصطخري: قال أبو عبد اللَّه: ولأصحاب البدع ألقاب وأسماء، لا تشبه أسماء الصالحين، ولا العلماء من أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، فمن أسمائهم: . .، القدرية: وهم الذين يزعمون أن إليهم الاستطاعة والمشيئة والقدرة، وأنهم يملكون لأنفسهم الخير والشر، والضر والنفع، والطاعة والمعصية، والهدى والضلال، وأن العباد يعملون بدءًا، من غير أن يكون سبق لهم ذلك من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أو في علمه، وقولهم يضارع قول المجوسية والنصرانية، وهو أصل الزندقة. "طبقات الحنابلة" 1/ 66. قال أحمد بن جعفر الإصطخري: قال أحمد بن حنبل: وقد رأيت لأهل الأهواء والبدع والخلاف أسماء شنيعة قبيحة، يسمون بها أهل السنة، يريدون بذلك عيبهم، والطعن عليهم، والوقيعة فيهم، والإزراء بهم عند السفهاء والجهال. .، وأما القدرية: فإنهم يسمون أهل السنة والإثبات: مجبرة. وكذبت القدرية، بل هم أولى بالكذب والخلاف، ألغوا قدر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عن خلقه، وقالوا: ليس له بأهل، تبارك وتعالى. "طبقات الحنابلة" 1/ 72.

126 - باب: الرد على القدرية

126 - باب: الرد على القدرية قال أبو داود السجستاني: سمعت أحمد بن حنبل قال له رجل: يلجئني القدري إلى أن أقول: الزنا بقدر والسرقة بقدر؛ فقال: الخير والشر من اللَّه. "مسائل أبي داود" (1755). قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي، نا وكيع، نا سفيان، عن زياد بن إسماعيل المخزومي، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: جاء مشركو قريش إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يخاصمونه في القدر فنزلت {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خلَقنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49 - 48] في أهل القدر (¬1). وقال: حدثني أبي، نا محمد بن سلمة، عن خصيف، عن محمد بن كعب، قال: نزلت هذِه الآية {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خلَقنَاهُ بِقَدَرٍ} في أهل القدر (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 419 (918 - 919). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن قتادة، عن الحسن قال: من كذب بالقدر فقد كذب بالقرآن (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 425 (934). ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 444، ومسلم (2656) عن ابن أبي شيبة وأبي كريب عن وكيع، به. (¬2) رواه الفريابي في "القدر" ص 169 (246)، والطبري في "تفسيره" 11/ 569 (32839)، والآجري في "الشريعة" ص 189 (447)، وابن بطة في "الإبانة" - القدر 2/ 114 (1535)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 757 (1260). (¬3) رواه عبد الرزاق في "جامع معمر" 11/ 119 (20085)، والآجري في "الشريعة" ص 186 (430) وابن بطة في "الإبانة" كتاب القدر 2/ 180 (1666)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 755 (1254). ورواية اللالكائي: فقد كذب بالحق.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي -رضي اللَّه عنه-، نا إسماعيل، نا أبو هارون الغنوي، حدثني أبو سليمان الأزدي، عن أبي يحيى مولى ابن عفراء قال: أتيت ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- ومعي رجلان من الذين يذكرون القدر أو ينكرونه، فقلت: يا ابن عباس، ما تقول في القدر لو أن هؤلاء أتوك يسألونك؟ وقال إسماعيل مرة: يسألونك عن القدر إن زنا، وإن سرق أو شرب الخمر؟ فحسر قميصه حتى أخرج منكبه وقال: يا أبا يحيى لعلك من الذين ينكرون القدر ويكذبون به؟ واللَّه لو أني أعلم أنك منهم أو هذين معك لجاهدتكم، إن زنا فبقدر وإن سرق فبقدر، وإن شرب الخمر فبقدر (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 425 - 426 (937). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا سفيان، عن سالم بن أبي حفصة، عن محمد بن كعب القرظي قال: نزلت تعييرًا لأهل القدر {إِنَّا كلُّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 427 (941). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد اللَّه بن يزيد -يعني: المقرئ- نا حماد بن زيد، حدثني حبيب بن الشهيد قال: سمعت إياس بن معاوية يقول: ما كلمت أحدًا من أهل الأهواء بعقلي كله إلا القدرية، فإني قلت لهم: ما الظلم فيكم؟ فقالوا: أن يأخذ الإنسان ما ليس له. فقلت لهم: فإن اللَّه على كل شيء قدير (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 428 (946). ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 428 (897) من طريق الحسن بن ثواب، مختصرًا، وانظر: ابن بطة في "الإبانة" - القدر 2/ 45 (1436)، واللالكائي 4/ 771 (1289). (¬2) رواه الآجري في "الشريعة" ص 188 (439)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب القدر 2/ 275 (1900)، ورواه الخلال في "السنة" 1/ 441 (942) من طريق المروذي، عن سليمان بن داود، عن حماد، به.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عفان، نا حماد بن زيد، أنا أبو جعفر الخطمي، عن محمد بن كعب القرظي أن الفضل الرقاشي قعد إليه فذاكره شيئًا من القدر، فقال له محمد: تشهَّد. فلما بلغ من يهده اللَّه فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، رفع محمد عصا معه فضرب بها رأسه وقال: قم. فلما قام فذهب قال: لا يرجع هذا عن رأيه أبدًا. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 434 (962).

127 - باب: رؤوس القدرية وأقوال العلماء فيهم

127 - باب: رؤوس القدرية وأقوال العلماء فيهم قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان عمرو بن عبيد، رأس المعتزلة وأولهم في الاعتزال، وروى عنه الثوري، وكان الربيع بن صبيح معتزليًّا، وكان خيرًا من عمرو بن عبيد. "مسائل ابن هانئ" (1903). قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي، أنا سفيان قال: قال عمرو: قال لنا طاوس: أخزوا معبدًا الجهني فإنه قدري (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 390 (847). قال عبد اللَّه: حدثني أبي: نا مرحوم بن عبد العزيز العطار قال: سمعت أبي وعمي يقولان: سمعنا الحسن وهو ينهى عن مجالسة معبد الجهني يقول: لا تجالسوه فإنه ضال مضل (¬2). قال مرحوم: قال أبي: ولا أعلم أحدًا يومئذ يتكلم في القدر غير معبد ورجل من الأساورة يقال له: سيسويه. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 391 (849). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو سعيد، ثنا ربيعة بن كلثوم، عن أبيه قال: قال أصحاب مسلم بن يسار: كان مسلم يقعد إلى هذِه السارية فقال: ¬

_ (¬1) رواه الآجري في "الشريعة" ص 203 (501)، والمزي في "تهذيب الكمال" 2/ 2846 - 247 وفيه: احذروا. (¬2) رواه الفريابي في "القدر" ص 204 (345)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" 4/ 218، والآجري في "الشريعة" ص 204 (504)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب القدر 2/ 319 (2003)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 704 (1142).

إن معبدًا يقول بقول النصارى. "العلل" (1166)، "السنة" لعبد اللَّه 2/ 395 (852). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا حجاج، أنا ليث، أخبرني إبراهيم بن أبي عبلة، قال: وقف رجاء بن حيوة على مكحول وأنا معه فقال: يا مكحول بلغني أنك تكلمت في شيء من القدر، واللَّه لو أعلم ذلك لكنت صاحبك من بين الناس، فقال مكحول: لا واللَّه، أصلحك اللَّه ما ذاك من شأني ولا قولي، أو نحو ذلك. قال ليث: وكان مكحول يعجبه كلام غيلان، فكان إذا ذكره قال: كل كليله، يريد: قل قليله، وكانت فيه لكنة يعني: مكحولًا. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 409 - 410 (38). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يزيد بن هارون، أنا يحيى بن سعيد، أن أبا الزبير أخبره أنه كان يطوف مع طاوس بالبيت فمر بمعبد الجهني فقال قائل لطاوس: هذا معبد الجهني الذي يقول في القدر. فعدل إليه طاوس حتى وقف عليه، فقال: أنت المفتري على اللَّه القائل ما لا تعلم؟ قال معبد: يُكذب علي. قال أبو الزبير: فعدلت مع طاوس حتى دخلنا على ابن عباس فقال له طاوس: يا أبا عباس، الذين يقولون في القدر؟ فقال ابن عباس: أروني بعضهم. قال: قلنا: صانع ماذا؟ قال: إذًا أجعل يدي في رأسه ثم أدق عنقه (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 416 (911). ¬

_ (¬1) رواه الفريابي ص 176 (262)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" 4/ 218، والآجري في كتاب "الشريعة" ص 183 (417)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب القدر 2/ 156 (1611)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 787 (1322).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا مؤمل، نا حماد -يعني: ابن سلمة- حدثنا أبو جعفر الخطمي قال: شهدت عمر بن عبد العزيز وقد دعا غيلان لشيء بلغه في القدر فقال له: ويحك يا غيلان ما هذا الذي بلغني عنك؟ قال: يكذب علي يا أمير المؤمنين، ويقال علي ما لم أقل. قال: ما تقول في العلم؟ قال: قد نفد العلم. قال: فأنت مخصوم، اذهب الآن فقل ما شئت، ويحك يا غيلان إنك إن أقررت بالعلم خصمت، وإن جحدته كفرت، وإنك أن تقر به فتخصم خير لك من أن تجحده فتكفر، ثم قال: تقرأ ياسين؟ قال: نعم. فقال: اقرأ: {يس (1) وَالقُرآنِ الحَكِيمِ} فقرأ: {يسَ (1) وَالقُرآنِ الحَكِيمِ} [يس: 1، 2]، إلى قوله {لَقَدْ حَقَّ القَولُ عَلَى أَكَثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤمِنُونَ} [يس: 7] قال: قف، كيف ترى؟ قال: كأني لم أقرأ هذِه الآية يا أمير المؤمنين. قال: زد، فقرأ {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغلَالًا فَهِيَ إِلَى الأَذَقَانِ فَهُمْ مُّقمَحُونَ (8) وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغشَينَهُمْ فَهُمْ لَا يبُصِرُونَ} [يس: 8 - 9] قال: قال عمر -رضي اللَّه عنه-: قل: {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يبُصِرُونَ (9) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (10)} [يس: 9، 10] قال: كيف ترى؟ قال: كأني لم أقرأ هذِه الآيات قط، وإني لأعاهد اللَّه أن لا أتكلم في شيء مما كنت أتكلم فيه أبدًا. قال: اذهب. فلما ولى قال: اللهم إن كان كاذبًا فيما قال فأذقه حر السلاح. قال: فلم يتكلم زمن عمر رحمه اللَّه، فلما كان زمن يزيد بن عبد الملك جاء رجل لا يهتم لهذا ولا ينظر فيه فتكلم غيلان، فلما ولي هشام أرسل إليه

فقال: أليس قد عاهدت اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لعمر أن لا تتكلم في شيء من هذا الأمر أبدًا؟ قال: أقلني فواللَّه لا أعود. قال: لا أقالني اللَّه إن أقلتك، هل تقرأ فاتحة الكتاب؟ قال؟ نعم. قال: فاقرأ، فقرأ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} [الفاتحة: 2 - 5] قال: قف، علام استعنته؟ على أمر بيده لا تستطيعه إلا به، أو على أمر في يدك أو بيدك؟ اذهبوا به فاقطعوا يديه ورجليه واضربوا عنقه واصلبوه (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 429 - 430 (948). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، ثا عفان، حدثني همام، نا مطر، قال: لقيني عمرو بن عبيد فقال: واللَّه إني وإياك لعلى أمر واحد. قال: وكذب واللَّه إنما عنى على الأرض. قال: فقال مطر: واللَّه ما أصدقه في شيء (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 434 (963). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عفان، نا حماد بن سلمة قال: كان حميد من أكفهم عنه، قال: فجاء ذات يوم إلى حميد، قال: فحدثنا حميد بحديث، قال عمرو: كان الحسن يقوله. فقال حميد: لا تأخذ عن هذا شيئًا فإنه يكذب على الحسن، كأن يأتي الحسن بعدما أسن فيقول: يا أبا سعيد، أليس تقول كذا وكذا للشيء الذي ليس هو من قوله؟ قال ¬

_ (¬1) رواه بنحوه الفريابي في "القدر" ص 181 - 183 (279 - 280)، والآجري في "الشريعة" ص 194 (473)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب القدر 2/ 234 (1838). (¬2) رواه ابن الأعرابي في "المعجم" 1/ 230 (418)، عن الدقيقي، عن عفان، به.

فيقول الشيخ برأسه هكذا (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 436 (968). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا سليمان بن حرب، نا حماد بن زيد قال: قال رجل لأيوب: إن عمرو بن عبيد روى عن الحسن أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على المنبر فاقتلوه". قال: كذب عمرو (¬2). وقال: حدثني أبي، نا سليمان بن حرب، نا حماد بن زيد قال: قيل لأيوب: إن عمرو روى عن الحسن أنه قال: لا يجلد السكران من النبيذ. قال: كذب، أنا سمعت الحسن يقول: يجلد السكوان من النبيذ (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 438 - 439 (977 - 978). قال عبد اللَّه: قال أبي: الوضين بن عطاء ليس به بأس كان يرى القدر. "العلل" برواية عبد اللَّه (3550) قال عبد اللَّه: قال: ابن أبي نجيح كان يرى القدر، أفسدوه بأخره، كان يجالس عمرو بن عبيد فأفسده وكان قدريًّا، وأبو معاوية مرجئ. وقال: سمعته يقول: ثور بن زيد الديلي مديني، روى عنه مالك، صالح الحديث، وثور بن يزيد الكلاعي حدثنا عنه يحيى بن سعيد والوليد بن مسلم، وليس به بأس، كان يرى القدر، وكان من أهل حمص، أخرجوه فنفوه منها؛ لأنه كان يرى القدر (¬4). "العدل" برواية عبد اللَّه (3552 - 3553) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 6/ 246 عن علي بن الحسن الصنجائي، عن الإمام أحمد به. (¬2) رواه العقيلي في "الضعفاء الكبير" 3/ 280، وابن عدي في "الكامل" 6/ 176، والخطيب في "تاريخ بغداد" 12/ 180، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 59/ 157. (¬3) رواه مسلم في "صحيحه" المقدمة 1/ 23. (¬4) ذكره اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 801 (1337)، وفيه زيادة: قال: =

قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد أبو حامد الوراق الطرسوسي، قال: ثنا محمد بن حاتم المروذي، قال: ثنا علي بن سعيد، قال: سمعت أحمد يقول: أول من تكلم في القدر بالبصرة معبد الجهني، وسيسويه رجل من الأساورة. "السنة" للخلال 1/ 316 (859). قال الفضل: حدثنا أحمد قال: حدثنا معاذ بن معاذ قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: جاءني عبد العزيز الدباغ، قال: إني قد أنكرت وجه ابن عون، فلا أدري ما شأنه. قال: فذهبت معه إلى ابن عون فقلت: يا أبا عون، ما شأن عبد العزيز؟ قال: أخبرني قتيبة صاحب الحرير أنه رآه مع عمرو بن عبيد يمشي في السوق، فقال له عبد العزيز: إنما سألته عن شيء، واللَّه ما أحب رأيه، فقال: وتسأله أيضًا؟ ! "الإبانة" كتاب القدر 2/ 303 (1970). قال الفضل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قال ابن عيينة: قدم أيوب سنة وعمرو بن عبيد، فطافا بالبيت من أول الليل حتى أصبحا، ثم قدما بعد ذلك فطاف أيوب حتى أصبح وخاصم عمرو حتى أصبح. "الإبانة" كتاب القدر 2/ 204 (1975). ¬

_ = وبلغني أنه أتي المدينة، فقيل لمالك: قد قدم ثور. فقال: لا تأتوه. فقال: لا يجتمع عند رجل مبتدع في مسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

128 - باب: مجانبة القدرية

128 - باب: مجانبة القدرية قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن القدري: يكلم -يعني: يجادل؟ قال: ما يعجبني. قال: لا يدعُني؟ قال: ذلك أحرى أن لا تكلمه إذا كان صاحب جدال. "مسائل أبى داود" (1756). قال عبد اللَّه: سمعت أبي رحمه اللَّه يقول: لا يصلى خلف القدرية والمعتزلة والجهمية. قال: سألت أبي مرة أخرى عن الصلاة خلف القدري، فقال: إن كان ممن يخاصم فيه ويدعو إليه فلا يُصلى خلفه. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 384 - 2/ 385 (833 - 834). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد اللَّه بن يزيد، نا سعيد بن أبي أيوب، نا عطاء بن دينار، عن حكيم بن شريك الهذلي، عن يحيى بن ميمون الحضرمي، عن ربيعة الجُرَشي، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، عن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال أبي: وقال أبو عبد الرحمن مرة أخرى: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ القَدَرِ، وَلَا تُفَاتِحُوهُمْ" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 387 (841). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 30، وأبو داود (4710) عنه بهذا الإسناد، ورواه أبو داود (4720) من طرق عن عطاء بن دينار به. قال الألباني في تخريج "السنة" (330): إسناده ضعيف؛ من أجل حكيم بن شريك الهذلي مجهول.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا معاذ بن معاذ، أنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، قال: قال الحسن بن محمد بن علي: لا تجالسوا أهل القدر (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 91 (847 ب). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا كثير، عن فرات قال: سمعت ميمونًا يقول: لا تسبوا أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا تعلموا النجوم، ولا تجالسوا أو تجادلوا أهل القدر. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 16 (910). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أنس بن عياض، أخبرني عمر بن عبد اللَّه -مولى غفرة- عن عبد اللَّه بن عمر أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لِكُلِّ أُمَّةٍ مَجُوسٌ ومَجُوسُ أُمَّتِي الذِينَ يَقُولُون: لَا قَدَرَ؛ إِنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 418 (915). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد اللَّه بن يزيد، نا سعيد، حدثني أبو صخر، عن نافع، قال: كان لابن عمر صديق من أهل الشام يكاتبه، فكتب إليه: من عبد اللَّه بن عمر، بلغنني أنك تكلمت في شيء من القدر فإياك أن تكتب إليَّ، فإني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "سَيَكُونُ فِي ¬

_ (¬1) رواه الفريابي في "القدر" ص 179 (270) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن معاذ به، ورواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب القدر 2/ 230 (1829)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 764 (1278). من طريق سفيان، به. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 86، ورواه أبو داود (4691) عن ابن عمر بنحوه، قال المنذري في "المختصر" 7/ 58: هذا منقطع؛ أبو حازم سلمة بن دينار لم يسمع من ابن عمر. وقد روي هذا الحديث من طرق عن ابن عمر ليس فيها شيء يثبت.

أُمَّتِي أَقْوَامٌ يُكَذِّبُونَ بِالْقَدَرِ" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 418 - 419 (917). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن يحيى بن يعمر قال: قلت لابن عمر -أو قال له رجل: إنا نسافر فنلقى قوما يقولون: لا قدر؟ قال: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أن ابن عمر منهم بريء، وهم منه براء- ثلاث مرار (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 420 (921). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا مؤمل، نا عمر بن محمد، نا عمر بن عبد اللَّه مولى غفرة، عن رجل من الأنصار، عن حذيفة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "يكون في هذِه الأمة قوم يَقُولُونَ: لَا قَدَرَ أولئك القدريون، وأولئك سيصيرون إلى أن يكونوا مجوس هذِه الأمة، فَمَنْ مَرِضَ مِنْهُمْ فَلَا تَعُودُوهُ، وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَلَا تَشْهَدُوهُ، أولئك شِيعَةُ الدَّجَّالِ حَقّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُلْحِقَهُمْ بِالدجال" (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 433 (959). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 90، وعنه أبو داود (4613)، ومن طريقه الحاكم 1/ 84، ورواه الحاكم 1/ 84، والبيهقي 10/ 205 من طريق عبد اللَّه بن يزيد المقرئ به. صححه الحاكم على شرط مسلم، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (3669). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 52، ومسلم (8) بنحوه. (¬3) رواه الإمام أحمد 5/ 406، وأبو داود (4692)، والطيالسي 1/ 347 (435) وابن أبي عاصم في "السنة" ص 150 (329)، والبزار في "مسنده" 7/ 338 (2937). قال المنذري في "المختصر" 7/ 61: عمر مولى غفرة: لا يحتج بحديثه. ورجل من الأنصار مجهول، وقد روي من طريق آخر عن حذيفة ولا يثبت. وضعفه الألباني في "تخريج السنة".

قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: ثنا أبو بكر الأثرم قال: قيل لأبي عبد اللَّه: رجل قدري، أعوده؟ قال: إذا كان داعية إلى هوى فلا (¬1). وقال: أخبرني موسى بن سهل الشاوي، قال: ثنا أحمد بن محمد الأسدي، قال: ثنا إبراهيم بن الحارث، قال: قيل لأبي عبد اللَّه: قدري، أعوده؟ قال: إن كان داعية يدعو فلا. وقال: ثنا أبو بكر الأثرم، قال: قيل لأبي عبد اللَّه: أصلي عليه -يعني: على القدري؟ فلم يجب، فقال العبادي وأبو عبد اللَّه يسمع: إذا كان صاحب بدعة، فلا يسلم عليه، ولا يصلى خلفه، ولا عليه، فقال أبو عبد اللَّه: عافاك اللَّه يا أبا إسحاق، وجزاك خيرًا. أي: كالمعجب بقوله" (¬2). وقال: ثنا إبراهيم بن الحارث قال: قيل لأبي عبد اللَّه: القدري، أُصلِّي عليه؟ فلم يجب أبو عبد اللَّه، فقلت أنا له -وأبو عبد اللَّه يسمع: إذا كان صاحب بدعة فلا يكلم، ولا يسلم عليه، ولا يصلى خلفه، ولا عليه، فقال أبو عبد اللَّه: عافاك اللَّه يا أبا إسحاق، وجزاك خيرًا. كالمعجب بقولي. "السنة" للخلال 1/ 442 - 443 (946 - 949) ¬

_ (¬1) رواه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 809 (1359). (¬2) رواه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 809 (1359).

129 - باب: ذم القدرية وحكم العلماء فيهم

129 - باب: ذم القدرية وحكم العلماء فيهم قال صالح: سألت أبي: يصلي الرجل خلف القدري، فإذا قال: إن اللَّه لا يعلم ما يعمل العباد حتى يعملوا. قال: لا يصلى خلفه. "سيرة الإمام" لصالح ص 75 قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي، نا بهز، نا عكرمة بن عمار، قال: سمعت القاسم بن محمد وسالم بن عبد اللَّه يلعنان القدرية الذين يكذبون بقدر اللَّه حتى يؤمنوا بخيره وشره. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 391 (848). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الصمد، نا عكرمة قال: سمعت سالمًا والقاسم يلعنان القدرية (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 392 (851). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن سلمة، عن عبد اللَّه بن يزيد، نا عياش -يعني: ابن عقبة- حدثني موسى بن وردان عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: سيكون ناس يصدقون بقدر ويكذبون بقدر، قال موسى: فلعنهم أبو هريرة رضي اللَّه عنه عند قوله هذا (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 420 (920). ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 5/ 188 قال: أخبرنا أحمد بن إسحاق، عن عكرمة به، ورواه الفريابي في "القدر" ص 165 (239) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أحمد بن إسحاق به. ومن طريقه رواه الآجري في "الشريعة" ص 190 (453). ورواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب القدر 2/ 122 (1552 - 1553)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 713 (1167)، ووقع عند اللالكائي: القاسم وسليمان. (¬2) رواه الفريابي في "القدر" ص 173 (256) من طريق ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، عن أبي هريرة بنحوه. =

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو معاوية، نا الأعمش، عن عبد الملك ابن ميسرة، عن طاوس قال: كنت مع ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- في حلقة فذكر أهل القدر فقال: أفي الحلقة منهم أحد فآخذ برأسه ثم أقرأ عليه: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4)} [الإسراء: 4] وأقرأ عليه آية كذا وآية كذا (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 420 - 429 (922). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا هشيم، حدثنا أبو هاشم، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: ذكر عنده أهل القدر فقال: لو رأيت أحدًا منهم لعضضت أنفه (¬2). قال مجاهد: قال ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: من رأى منكم أحدًا منهم فليقل له: إن ابن عمر منكم بريء. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 421 (924). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق رحمه اللَّه، نا معمر، عن سعيد بن حيان، عن يحيى بن يعمر قال: قلت لابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: إن ناسًا عندنا يقولون ¬

_ = وروي عن أبي هريرة مرفوعًا من طريق ابن لهيعة، رواه الفريابي في "القدر" ص 174 (257) والطبراني في "الأوسط" 3/ 270 (3114)، والآجري في "الشريعة" ص 166 (367)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب القدر 2/ 118 (1542). قال الهيثمي في "المجمع" 7/ 205: رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه ابن لهيعة وهو لين الحديث. (¬1) رواه الفريابي في "القدر" ص 177 (265)، وعنه الآجري في "الشريعة" ص 183 (418)، ورواه ابن بطة في "الإبانة" ك القدر 2/ 162 (1630)، والحاكم 2/ 360. (¬2) رواه الفريابي في "القدر" ص 81 (81)، والآجري عنه في "الشريعة" ص 183 (419)، ورواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب القدر 2/ 157 (1613)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد" 4/ 712 (1163) من طريق هشيم به، وفيه زيادة ابن عمر الآتية.

الخير والشر بقدر، وناسًا يقولون: الخير بقدر والشر ليس بقدر" فقال ابن عمر: إذا رجحت إليهم فقل لهم: إن ابن عمر يقول: إنه منكم بريء وأنتم منه براء (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 422 (926). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا إسماعيل، حدثني أبو مخزوم، عن سيار، قال: قال عمر رحمه اللَّهُ في أصحاب القدر: يستتابون فإن تابوا وإلا نفوا من ديار المسلمين (¬2). وقال: حدثني أبي، نا إسحاق بن عيسى، أخبرني مالك، عن عمه أبي سهل قال: كنت مع عمر بن عبد العزيز رحمه اللَّه فقال لي: ما ترى في هؤلاء القدرية؟ قال: قلت: أرى أن تستتيبهم فإن قبلوا ذلك وإلا عرضتهم على السيف. فقال عمر بن عبد العزيز: ذلك هو الرأي. قلت لمالك: فما رأيك أنت؟ قال: هو رأي (¬3). وقال: حدثني أبي، نا أنس بن عياض، حدثني نافع بن مالك أبو سهل، أن عمر بن عبد العزيز قال له: ما ترى في الذين يقولون: لا قدر؟ قال: أرى أن يستتابوا فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم. قال ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 11/ 114 (20072)، ورواه من طريقه أيضًا ابن بطة في "الإبانة" كتاب القدر 2/ 155 (1609). (¬2) رواه الفريابي في "القدر" ص 222 (396)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب القدر 2/ 234 (1837)، واللالكائي في "شرح أصول السنة" 4/ 785 (1318) من طريق إسماعيل ابن علية به. (¬3) رواه الإمام مالك في "الموطأ" ص 561، ورواه الخلال في "السنة" 1/ 420 (877 - 876) عن الميموني وحنبل، عن القعنبي، عن مالك به وزاد: قال حنبل: سألت عمي عن ذلك، فقال: وذلك رأيي.

عمر: ذلك هو الرأي فيهم، لو لم يكن إلا هذِه الآية الواحدة كفى بها {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (161) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (163)} (¬1) [الصافات: 161 - 163]. وقال: حدثني أبي، نا أبو سعيد مولى بني هاشم، قال: سمعت عبد العزيز بن عبد اللَّه بن أبي سلمة يقول: سمعت نافعًا -مولى ابن عمر- يقول لأمير كان على المدينة: أصلحك اللَّه تعالى، أضرب أعناقهم -يعني: القدرية. قال: وأنا يومئذ قدري قال: حتى رأيت في المنام كأني أخاصم إنسانًا قال: فتلوت آية، فلما أصبحت جاءني أصحابي فقلت: يا هؤلاء إني أستغفر اللَّه وأتوب إليه، فأخبرتهم بما رأيت قال: فرجع بعضهم وأبى بعضهم أن يرجع. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 430 - 432 (951 - 954). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا مؤمل، نا عمر بن محمد بن زيد بن عبد اللَّه بن عمر، قال: سمعت سالمًا يقول: قال ابنُ عمر: من زعم أن مع اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بارئًا أو قاضيًا أو رازقًا يملك لنفسه ضرًا أو نفعًا أو موتًا أو حياةً أو نشورًا بعثه اللَّه يوم القيامة فأخرس لسانه وأعمى بصره وجعل عمله هباءً منثورًا وقطع به الأسباب وكبه على وجه في النار (¬2). وقال: حدثني أبي، نا مؤمل، نا عمر بن محمد، نا نافع قال: قيل ¬

_ (¬1) رواه الفريابي في "القدر" ص 180 (277) من طريق أنس بن عياض به، و (273 - 278) من طرق أخرى عن أبي سهيل به، وعنه الآجري في "الشريعة" ص 193 (470 - 471). (¬2) رواه حرب في "مسائله" ص 388 عن أبي معن قال: ثنا مؤمل به. ورواه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 772 (1292) من طريق نافع عن ابن عمر، مع اختلاف في ترتيب فقراته بزيادة الفقرة الآتية في الأثر التالي.

لابن عمر -رضي اللَّه عنه-: إن قومًا يقولون لا قدر. قال: فقال: أولئك القدريون، أولئك مجوس هذِه الأمة. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 432 - 433 (957 - 958). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن أبي بكير، نا جعفر -يعني: ابن زياد- عن عبادة بن مسلم، قال: قال مجاهد: لا تكون مجوسية حتى تكون قدرية، ثم يتزندقوا، ثم يتمجسوا. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 433 (960). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا معاذ، قال: حدثنا الأغضف عمرو بن الوليد، قال: قلت لعباد بن منصور: من حدثك أن أبي بن كعب رد ابن مسعود عن حديثه في القدر؟ قال: حدثني به رجلٌ ما أعرفه قال: قلت: فأنا أعرفه. قال: من هو؟ قال: قلت: الشيطان. "العلل" برواية عبد اللَّه (2106) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: القدرية أشد اجتهادًا من المعتزلة. "السنة" للخلال 1/ 417 (861). قال الخلال: أخبرنا الميموني، قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا مروان بن شجاع، قال: حدثني سالم بن عجلان الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: ما غلا أحدٌ في القدر إلا خرج من الإيمان (¬1). "السنة" للخلال 1/ 433 (918). ¬

_ (¬1) رواه الفريابي في "القدر" ص 152 (215)، وعنه الآجري في "الشريعة" ص 182 (412)، ورواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب القدر 2/ 166 (1641)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 699 (1131) كلهم من طريق مروان بن شجاع، به.

قال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد، قال: قال رجل لأحمد بن حنبل: قال رجل: أنا كافر برب يرزق أشناسًا. فقال: هذا كافر. وقال الميموني في موضع آخر: فسمعت أبا عبد اللَّه يقول في عقب كلام هذا الشيخ: هذا هو الكفر باللَّه. "السنة" للخلال 1/ 440 - 441 (941). قال عثمان بن خرزاد: ثنا أحمد بن حنبل، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، حدثني عبد اللَّه حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير قال: القدرية يهود. "شرح أصول الاعتقاد" 4/ 760 - 761 (12611).

كتاب الفتن وأشراط الساعة

كتاب الفتن وأشراط الساعة 130 - باب: الفتن والهجرة منها قال أبو داود: وسمعت أحمد يقول: الشام كلها إذا وقعت الفتنة فليس لأهل خراسان عندهم قدر، يقول ذلك في الانتقال إليها بالعيال. "مسائل أبي داود" (1473) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أخبرنا شجاع بن الوليد، عن ليث، عن عذار، عن محمد بن جحادة، قال: قال لقمان: يأتي على الناس زمان لا تقر فيه عين حكيم. "الزهد" 128 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا سفيان، عن العلاء ابن المسيب، رفع الحديث إلى سلمان قال: إذا ظهر العلم، وخزن العمل، وأُتْلفتِ الألسن، واختلفت القلوب، وقطع كل ذي رحم رحمه، فعند ذلك لعنهم اللَّه؛ فأصمهم وأعمى أبصارهم. "الزهد" 193 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا هشام -يعني: الدستوائي- عن جعفر -يعني: صاحب الأنماط- عن أبي العالية قال: يأتي على الناس زمان تخرب صدورهم من القرآن، ولا يجدون له حلاوة ولا لذاذة، إن قصروا عما أمروا به قالوا: إن اللَّه غفور رحيم، وإن عملوا بما نهوا عنه قالوا: سيغفر لنا، إنا لم نشرك باللَّه شيئًا (¬1). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي الدنيا في "العقوبات" ص 216 - 217 (341)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 18/ 181. ورواه الحارث بن أبي أسامة مرفوعًا عن معقل بن يسار، كما في "بغية الباحث" 2/ 767 (768)، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 59، وعنده زيادة: قيل: =

أمرهم كله طمع ليس معه صدق، يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب، أفضلهم في دينه المداهن. "الزهد" ص 367 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر قال: أخذ بيدي حوشب يومًا فقال: يوشك إن بقيت يا أبا سليمان أن لا تلقى مؤنسًا، يوشك إن بقيت أن لا تلقى مرشدًا. "الزهد" 396 قال محمد بن الحسين: ثنا الفضل بن زياد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أبو المغيرة، قال: حدثني صفوان بن عمرو أبو عمرو السكسكي، قال: حدثني عمرو بن قيس السكوني، قال: حدثني عاصم بن حميد، قال: سمعت معاذ بن جبل يقول: إنكم لن تروا من الدنيا إلا بلاء وفتنة، ولن يزداد الأمر إلا شدة، ولن تروا من الأئمة إلا غلظة، ولن تروا أمرًا يهولكم ويشتد عليكم إلا حضره بعده ما هو أشد منه، أكثر أمير وشر تأمير. قال أحمد: اللهم، رضينا (¬1). قال عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز: ثنا أحمد، قال: ثنا أبو المغيرة، قال: ثنا صفوان بن عمرو، عن عمرو بن قيس، قال: حدثني عاصم بن حميد، عن معاذ بن جبل قال: لن تروا من الأئمة إلا غلظة، ولن تروا أمرًا يهولكم أو يشتد عليكم إلا حضره بعده ما هو أشر منه، أكثر أمير وشر تأمير. ¬

_ = من المداهن؟ قال: "الذي لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر". وعند الحارث: "الذي لا يأمر ولا ينهى". (¬1) رواه نعيم بن حماد في "الفتن" 1/ 74 (154)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الإيمان 1/ 182 - 181 (16).

قال أبو عبد اللَّه: اللهم، رضينا. يمد بها صوته مرتين أو ثلاثًا. "السنة" للخلال 1/ 69 - 70 (29 - 30) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة، عن عبد اللَّه بن عمرو، قال: يأتي على الناس زمان لا يبقى مؤمن إلا لحق بالشام، ويأتي على الناس زمان يجتمعون في المساجد ليس فيهم مؤمن (¬1). "السنة" للخلال 2/ 77 - 78 (1308) قال الخلال: قال أبو بكر: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا أبو معاوية، قال: ثنا الأعمش، عن أبي عمار، عن حذيفة قال: ليأتين قوم في آخر الزمان، يقرؤون القرآن، يقيمونه كما يُقام القدح، لا يدرون منه ألفًا ولا واوًا، ولا يجاوز إيمانهم حناجرهم (¬2). "السنة" للخلال 2/ 84 (1331) قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا يعلى ابن عبيد، قال: ثنا الأعمش، عن عمارة، عن أبي عمار، عن حذيفة قال: ليأتين عليكم زمان يصبح الرجل بصيرًا ويمسي فما ينظر بِشُفْرٍ (¬3). "السنة" للخلال 2/ 126 (1492) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة في "الإيمان" (101)، وفي "المصنف" 4/ 223 (19438)، والآجري في "الشريعة" ص 150 (223)، والحاكم 4/ 457، وصححه. وقد صححه الألباني في تخريجه على الإيمان (تعليق رقم 94)، موقوفًا. (¬2) أخرج ابن ماجه نحوه (830). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 169 (30403)، 7/ 452 (37136)، وفي "الإيمان" (62)، ونعيم بن حماد في "الفتن" 1/ 65 (120)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 273. قال الألباني (تعليق 50): إسناده صحيح. اهـ. والشُّفْر: أصل منبت الشعر على العين.

قال الخلال: قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد اللَّه بن نمير قال: ثنا الأعمش، عن عمارة قال: ثنا أبو عمار، قال: قال حذيفة: إن الرجل ليصبح بصيرًا ثم يمسي وما ينظر بِشُفْرٍ. "السنة" للخلال 2/ 158 (1611) قال عمر بن صالح البغدادي: قال أحمد بن حنبل: يأتي على المؤمن زمان إن استطاع أن يكون حلسًا فليفعل. قلت: ما الحلس؟ قال: قطعة مسح في البيت ملقى (¬1). "طبقات الحنابلة" 2/ 107 - 108 قال المروذي: سُئل أبو عبد اللَّه- يعني: أحمد بن حنبل- أين ترى إذا كره المكان الذي هو فيه أن ينتقل؟ قال: إلى المدينة. قيل: فغير المدينة؟ قال: مكة. قيل: فغير هذا؟ قال: الشام، والشام أرض المحشر، ثم قال: دمشق؛ لأنها يجتمع إليها الناس إذا غلبت عليهم الروم. ونقل أبو طالب عن أحمد قريبًا من ذلك، وزاد: قلت له: فأصير إلى دمشق؟ قال: نعم. قلت: فالرملة؟ قال: لا، هي قريبة من الساحل. نقل حنبل عن أحمد قال: إذا لم يكن للرجل حرمة فالساحل والرباط أعظم للأجر، يرد عن المسلمين، والشام بلد مبارك. قال يعقوب بن بختان: سمعت أبا عبد اللَّه -يعني: أحمد- يقول: كنت آمر بحمل الحريم إلى الشام، فأما اليوم فلا. ¬

_ (¬1) ذكره العليمي في "المنهج الأحمد" 2/ 127 (446) وعزاه للخلال.

قال جعفر بن محمد: سألت أبا عبد اللَّه عن الحرمة قلت: دمشق؟ فأعجبه ذلك، وأحسبه قال: نعم. قال حنبل: قيل لأبي عبد اللَّه: فأين أحب إليك أن ينزل الرجل بأهله ولنتقل؟ قال: كل المدينة معقل للمسلمين مثل دمشق. "مجموع رسائل ابن رجب" 3/ 184 - 185

131 - باب: ما جاء في أشراط الساعة

131 - باب: ما جاء في أشراط الساعة قال ابن هانئ: وسئل عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يبقى حثالة من الناس" (¬1)، قال: الذين لا يبالى بهم. "مسائل ابن هانئ" (2027) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: لا تقوم الساعة وواحد يقول: اللَّه اللَّه (¬2). "الزهد" ص 236 قال عبد اللَّه: حدثني أبى، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن قتادة قال: سمعت أبا الطفيل ح. قال أبي وحجاج: ثنا شعبة، عن قتادة سمعت أبا الطفيل قال: مررتُ على حذيفة بن أسيد فقلت ما يقعدك وقد خرج الدجال؟ قال: أقعد. .، فذكر الحديث قال: وفيه ثلاث علامات: أعور وربكم ليس بأعور ولا يسخر له من الدواب إلا حمار رجس على رجس، مكتوب بين عينيه كافر، يقرأه كل مؤمن كاتب أو غير كاتب (¬3). "السنة" عبد اللَّه 2/ 443 - 444 (995) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يزيد بن هارون، أنا محمد بن إسحاق، عن داود بن عامر بن سعد بن مالك، عن أبيه، عن جده -رضي اللَّه عنه-: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "لأصفن الدجال صفة لم يصفها من كان قبلي، إنه أعور ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 221، وأبو داود (4342)، وابن ماجه (3957) والحاكم 2/ 159 وصححه، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (256). (¬2) رواه أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" ص 198 (424). وله شاهد من حديث أنس مرفوعًا عند "مسلم" (148). (¬3) رواه الحاكم 4/ 529 - 530 وصححه.

وليس اللَّه -رضي اللَّه عنه- بأعور" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 445 (997) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنه- قال: قام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الناس فأثنى على اللَّه بما هو أهله، ثم ذكر الدجال فقال: "إني لأنذركموه، وما مِنْ نبي إلا قَدْ أنذَرَ قومه، لقد أنذر نوح عليه السلام قومه، ولكن سأقول لكم فيه قولًا لم يقله نبي لقومه: تعلمون أنه أعور، وأن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ليس بأعور" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أيي، حدثنا حماد بن أسامة أبو أسامة، قال عبيد اللَّه: أنا -يعني: ابن عمر- قال أبي ومحمد بن بشر: نا عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكر المسيح الدجال، وقال ابن بشر: ذكر الدجال بين ظهراني الناس فقال: "إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ليس بأعور، ألا وإن المسيح الدجال أعور عين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي وأبو خيثمة، قالا: نا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عبيد -يعني: ابن عمير- قال: قال رسول اللَّه: "إن الدجال أعور، وإن اللَّه ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر، يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب" (¬4). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 445 - 446 (999 - 1001) ¬

_ (¬1) رواه أحمد 1/ 176، 182، والبزار 3/ 314 (1108)، وأبو يعلى 2/ 78 (725). قال الهيثمي 7/ 337: فيه ابن إسحاق، وهو مدلس. اهـ. وللحديث شاهد من حديث ابن عمر وهو الحديث التالي. (¬2) رواه أحمد 2/ 149، والبخاري (3337)، ومسلم (169). (¬3) رواه أحمد 2/ 37، والبخاري (3439)، ومسلم (169). (¬4) رواه مسدد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة المهرة" 8/ 128 (1/ 7645)، و"المطالب العالية" 18/ 439 (4521) عن وهب بن كيسان، عن عبيد بن عمير، به.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الدجال أعور هجان أزهر (¬1) كأن رأسه أصلة (¬2)، أشبه الناس بعبد العزى بن قطن -رجل من خزاعة- فإما هلك الهُلَّك فإنَّ ربكم عَزَّ وَجَلَّ ليس بأعور" (¬3). قال شعبة: فحدثت به قتادة فحدثني بنحو من هذا. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 446 - 449 (1003) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو عامر عبد الملك بن عمرو، نا زهير -يعني: ابن محمد- عن زيد -يعني: ابن أسلم- عن جابر بن عبد اللَّه، قال: أشرف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على فلق من أفلاق الحرة -ونحن معه- فقال: "نعمت الأرض المدينة إذا خَرج الدَّجال"، ثم قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما كانت فتنةٌ ولا تكون حتى تقومَ الساعةُ أكبر من فتنة الدجال، وما من نبيٍّ إلا قد حذَّرَ أمتَهُ، لأخبرنَّكم بشيءٍ ما أخبر نبيٌّ أمتَه قبلي" ثم وضع يده على عينه، ثم قال: "أشهدُ أَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ليس بأعورٍ" (¬4). "السنة" لعبد اللَّه 9/ 448 (1005) ¬

_ (¬1) الهِجان: الأبيض، والأزهر: الأبيض المستنير. انظر "النهاية" 5/ 248، 2/ 321. (¬2) الأَصَلَة: الأفعى، وقيل: هي الحية العظيمة الضخمة القصيرة، والعرب تشبه الرأس الصغير الكثير الحركة برأس الحية. انظر: "النهاية" 1/ 52. (¬3) رواه أحمد 1/ 240، وابن حبان 15/ 207 (6796)، والطبراني 11/ 273 (11711). قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 337: رجال الجميع رجال الصحيح. وصححه الألباني في "الصحيحة" (1193). (¬4) رواه أحمد 3/ 292، قال الهيثمي في "المجمع" 3/ 307 - 308: رجال أحمد رجال الصحيح.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا حيوة بن شريح ويزيد بن عبد ربه قالا: حدثنا بقية، حدثني بحير بن سعيد، عن خالد بن معدان، عن عمرو بن الأسود، عن جنادة بن أبي أمية أنه حدثهم، عن عبادة بن الصامت -رضي اللَّه عنه- أنه قال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إني قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت أن لا تعقلوا، [إن مسيح الدجال رجل قصير أفحج] (¬1) جعد أعور [مطموس العين ليس بناتئة ولا حجراء، فإن ألبس عليكم ربكم] (¬2) فاعلموا أن ربكم عَزَّ وَجَلَّ ليس بأعور، وأنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا" (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 448 - 449 (1007) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن جعفر، نا شعبة وحجاج، حدثني شعبة، عن قتادة قال: سمعت أنس بن مالك يحدث قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور، وإن ربكم عَزَّ وَجَلَّ ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر" (¬4). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا هاشم بن القاسم، نا عبد الحميد بن بهرام، نا شهر بن حوشب، قال: حدثتني أسماء بنت يزيد؛ أن رسول ¬

_ (¬1) زيادة من "المسند". (¬2) زيادة من "المسند". (¬3) رواه أحمد 5/ 324، وأبو داود (4320)، والبزار 7/ 129 (2681)، والنسائي في "الكبرى" 4/ 419 (7764). قال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 6/ 175 (4151): في إسناده بقية بن الوليد، وفيه مقال. وقال الهيثمي في "المجمع" 7/ 348: فيه بقية، وهو مدلس. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2459). (¬4) رواه الإمام أحمد 3/ 173، والبخاري (7131)، ومسلم (2933).

اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جلس مجلسًا مرة يحدثهم عن الأعور الدجال فقال: "واعلموا أن اللَّه عز وجل صحيح ليس بأعور، وأن الدجال أعور ممسوح العين، بين عينيه مكتوب كافر، يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثني أبي، عن صالح -يعني: ابن كيسان- نا نافع أن عبد اللَّه -يعني: ابن عمر- رضي اللَّه عنه قال: قام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر المسيح الدجال فقال: "إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ليس بأعور، ألا إن المسيح الدجال أعور عين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يعقوب بن إبراهيم، نا عاصم بن محمد، عن أخيه عمر بن محمد -يعني: ابن زيد- أن أبا عمر بن محمد قال: قال عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنه: كنا نحدث بحجة الوداع، ولا ندري أنه الوداع من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما كان في حجة الوداع خطب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر المسيح الدجال فأطنب في ذكره، ثم قال: "ما بعثَ اللَّه عز وجل مِنْ نبي إلا وقد أنذره أمته، لقد أنذره نوح والنبيون مِنْ بعده، ألا ما خفي عليكم من شأنه فلا يخفين عليكم أنَّ ربكم عَزَّ وَجَلَّ ليس بأعور إلا ما خفي عليكم" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وهب بن جرير، نا شعبة، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: ذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الدجال فقال: "أَعْوَرُ هِجَانٌ كَأَنَّ رَأْسَهُ أَصَلَةٌ، أَشْبَهُ رِجَالِكُمْ بِهِ عَبْدُ العزى بْنُ قَطَنٍ، فَإِمَّا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 456، والطبراني في "الكبير" 24/ 177 (446)، والحارث كما في "بغية الباحث" (784). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 27، والبخاري (7127)، ومسلم (169). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 135، والبخاري (4402)، ومسلم (169).

هَلَكَ الهُلَّكُ فَإِنَ رَبّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ بِأَعْوَرٍ" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يزيد بن هارون، أنا محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لم يكن نبي قبلي إلا وصفه لأمته -يعني: الدجال- ولأصفنه صفة لم يصفها من كان قبلي، إنه أعور واللَّه عَزَّ وَجَلَّ ليس بأعور، عينه اليمنى كأنها عنبة طافية" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا إسماعيل بن إبراهيم، أنا ابن عون، عن مجاهد قال: كان جنادة بن أبي أمية أميرًا علينا في البحر سنة ستين، فخطبنا ذات يوم فقال: دخلنا على رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلنا: حدثنا ما سمعت من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فقال: قام فينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "أنذركم المسيح، أنذركم المسيح، هو رجل ممسوح فاعلموا أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ليس بأعور، ليس اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بأعور ليس اللَّه بأعور" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، أنا سفيان، عن الأعمش ومنصور، عن مجاهد، عن جنادة بن أبي أمية الأزدي قال: ذهبت أنا ورجل من الأنصار إلى رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقلنا: حدثنا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 240، وابن أبي شيبة 7/ 490 (37459) من طريق سماك. ورواه ابن حبان 15/ 207 (1193)، والطبراني 11/ 273 (11711) من طرق عن شعبة به. قال الألباني في "الصحيحة" (1193)، وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 27، والخطيب في "تاريخ بغداد" 3/ 118 بهذا الإسناد. ورواه البخاري (3057) ومسلم (169) من طريق الزهري عن سالم، عن أبيه، بنحوه. (¬3) رواه الإمام أحمد 5/ 434، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 14/ 376. قال الهيثمي في "المجمع" 7/ 343: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

ما سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يذكر في الدجال، ولا تحدثنا عن غيرك وإن كان عندك مصدقًا. قال: خطبنا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "أنذركم الدجال -ثلاثًا- فإنه لم يكن نبي قبلي إلا قد أنذره أمته، وإنه فيكم أيتها الأمة وإنه جعد آدم ممسوح العين اليسرى معه جنة ونار، فناره جنة وجنته نار، ومعه جبل من خبز ونهر من ماء، وإنه يمطر المطر، ولا ينبت الشجر، وإنه يسلط على نفسر فيتلفها لا يسلط على غيرها، وإنه يمكث في الأرض أربعين صباحًا يبلغ فيها كل منهل، ولا يقرب أربعة مساجد مسجد الحرام ومسجد المدينة ومسجد الطور والمسجد الأقصى، وما يشبه عليكم؛ فإن ربكم ليس بأعور" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 450 - 452 (1009 - 1016) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن سليمان -يعني: الأعمش- عن مجاهد، عن جنادة بن أبي أمية قال: أتيت رجلًا من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلت له: حدثني حديثًا سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الدجال، ولا تحدثني عن غيرك وإن كان غيرك مصدقًا. فقال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أنذرتكم فتنة الدجال فإنه لم يبعث نبي إلا أنذره أمته، لا يقرب -أربعة مساجد- المسجد الحرام ومسجد المدينة والطور ومسجد الأقصى، وإن شكك عليكم أو شبه فإن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ليس بأعور" (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 435 من طريق ابن عون عن مجاهد به. ورواه الحارث بن أبي أسامة كما في "بغية الباحث" (785) من طريق فطر بن خليفة عن مجاهد به مختصرًا. ورواه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 14/ 379 (5692) من طريق قيس بن مسلم المكي - عن مجاهد به. قال الحافظ في "الفتح" 13/ 93 رجاله ثقات. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 434 بهذا الإسناد. وقد سبق تخريجه قريبًا.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عفان ويونس قالا: حدثنا حماد -يعني: ابن سلمة- أنا حميد وشعيب بن الحبحاب، عن أنس بن مالك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنَّ الدجالَ أعور، وإنَّ ربَّكم جل وعز ليس بأعورٍ، بَيْنَ عينيه ك ف ر يقرؤه كلُّ مؤمن قارئ وغير قارئ" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 532 - 533 (1232 - 1233) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الوهاب، نا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- أن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لم يُبعث نبيٌّ قبلي إلا حذَّر أمته الدجالَ الكذابَ، فاحذروه، فإنه أعورٌ ألا وإنَّ ربَّكم عَزَّ وَجَلَّ ليس بأعورٍ" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 533 (1235) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 228، 250 بهذا الإسناد. ورواه البخاري (7131)، ومسلم (2933) من طريق قتادة، عن أنس، به. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 233، وهو في الصحيحين كما في التخريج السابق.

كتاب الإيمان باليوم الآخر

كتاب الإيمان باليوم الآخر 132 - باب من أحب لقاء اللَّه قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن العلاء بن المسيب، عن إبراهيم قال: قال عبد اللَّه: لا راحة للمؤمن دون لقاء اللَّه (¬1). "الزهد" ص 194 ¬

_ (¬1) رواه ابن المبارك في "الزهد" (17)، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 136، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 33/ 182.

133 - باب الأرواح من يقبضها؟ وأين تكون؟

133 - باب الأرواح من يقبضها؟ وأين تكون؟ قال الكوسج: قَالَ إسحاقُ: وأما قبض أرواح السباع، والبهائم، وسائر الدواب فَإِنَّ بقيةَ بن الوليد أخبرنا في حديثٍ عن ابن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما-، أَنَّه سُئِلَ عن أرواحِ البهائمِ: من يقبضها؟ فقال: ملكُ الموتِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقد ذُكر في حديثٍ آخر أنَّها أنفاس تخرج (¬1)، وكل قد جاء، وليس على المتعلم في مثل هذا أو شبهه مضرة إلا أن يكون سقط عليه، بل يؤدي ما سمع كما سمعَ، فأمَّا أَنْ يحكمَ بأمرٍ ليس بمجمع عليه فليسَ ذَلِكَ له. "مسائل الكوسج" (3456) قال الكوسج: سأل سعيد بن زيد ابن مسعود -رضي اللَّه عنهما-: قبض النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأين هو (¬2)؟ قَالَ: لا أدري ما هذا الحديث. ¬

_ (¬1) روى الجورقاني في "الأباطيل والمناكير" 2/ 46 - 47 (433) وابن الجوزي في "الموضوعات" (314) من حديث بريدة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الأرواح في خمسة أجناس: في الإنس والجن والشياطين والملائكة والروح، وسائر الخلق لها أنقاس وليست لها أرواح". قال الجورقاني: هذا حديث باطل. وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح. (¬2) روى عبد الرزاق 11/ 231 (20406)، والطبراني 9/ 163 - 164 (8811) أن سعيد بن زيد قال: يا أبا عبد الرحمن؟ قبض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأين هو؟ قال: في الجنة هو. . الحديث. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/ 78: رواه الطبراني وإسناده حسن.

قَالَ إسحاق: هذا واضح بَيّن؛ لأنه يدل على كراهية نصب الشهادة، لمن لم يسمع ذَلِكَ من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فمن سمعه لزمه أن يشهد. "مسائل الكوسج" (3524) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن أرواح الموتى أتكون في أقبية قبورها، أم في حواصل طير؟ أم تموت كما تموت الأجساد؟ فقال: قد روي عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "نَسَمَةُ المُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الجَنَّةِ، حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُه" (¬1). وقد روي عن عبد اللَّه بن عمرو قال: إن أرواح المؤمنين في أجواف طير خضر، كالزائر يتعارفون فيها، ويرزقون من ثمرها (¬2). وقال بعض الناس: أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تأوي إلى قناديل في الجنة معلقة بالعرش. "مسائل عبد اللَّه" (546) قال حَنْبَلٍ: قال أحمد: أَرْوَاحُ الكُفَّارِ فِي النَّارِ، وَأَرْوَاحُ المُؤْمِنِينَ فِي الجَنَّةِ، وَالْأَبْدَانُ فِي الدُّنْيَا، يُعَذَبُ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ؛ وَيَرْحَمُ بِعَفْوِهِ مَنْ يَشَاءُ. "مجموع الفتاوى" 4/ 224 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 455، والترمذي (1640)، والنسائي 4/ 108، وابن ماجه (4271) من حديث كعب بن مالك، قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (995). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 7/ 56 (33967)، وأبو نعيم في "صفة الجنة" (133)، والبيهقي في "البعث والنشور" (228). ووقع في "مصنف ابن أبي شيبة": عبد اللَّه بن عمر.

134 - باب الإيمان بالملائكة والشياطين

134 - باب الإيمان بالملائكة والشياطين قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا هاشم بن القاسم أبو النضر قال: حدثنا محمد -يعني: ابن طلحة، عن زُبَيْد، عن مجاهد قال: إن لإبليس خمسة من ولده، قد جعل كل واحد منهم على شيء من أمره، قال: ثم سماهم، فذكر: ثبر والأعور ومسوط وداسم وزلنبور. فأما ثبر: فهو صاحب المصيبات الذي يأمر بالثبور، وشق الجيوب، ولطم الخدود، ودعوى الجاهلية. وأما الأعور: فهو صاحب الزنا الذي يأمر به ويزينه ويعمي عنه. وأما مسوط: فهو صاحب الكذب الذي يشيع الكذب، فيلقى الرجل فيخبره بالخبر، فينطلق الرجل إلى القوم فيقول: لقيت رجلًا أعرف وجهه، ولا أدري ما اسمه حدثني بكذا وكذا، وما هوَ إلا هو. وأما داسم: الذي يدخل مع الرجل إلى أهله يريه العيب فيهم، ويغضبه عليهم. وأما زلنبور: فهو صاحب راية السوق، يركز رايته في السوق، فلا يزالون ملتطمين (¬1). "مسائل صالح" (843) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد اللَّه بن نمير، حدثنا الأعمش، عن خيثمة، وعن حمزة، عن شهر بن حوشب قال: دخل ملك الموت على ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي الدنيا في "مكائد الشيطان" ص 54 (35) من طريق محمد بن طلحة، به. ورواه الطبري في "التفسير" 8/ 237 (23132)، وأبو الشيخ في "العظمة" (1150) من طريق ابن جريج، عن مجاهد، به، وانظر: "الدر المنثور" 4/ 413.

سليمان، فجعل ينظر إلى رجل من جلسائه يديم النظر إليه، فلما خرج قال الرجل: من هذا؟ قال: هذا ملك الموت عليه السلام قال: لقد رأيته ينظر إلي كأنه يريدني، قال: فما تريد؟ قال: أريد أن تحملني الريح فتلقيني بالهند، قال: فدعا بالريح، فحمله عليها، فألقته بالهند، ثم أتى ملك الموت سليمان عليه السلام فقال: إنك كنت تديم النظر إلى رجل من جلسائي؟ قال: كنت أعجب منه؟ إني أمرت أن أقبض روحه بالهند، وهو عندك (¬1). "الزهد" ص 53 قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا سأل رجلًا قال: مع الكفار ملائكة يكتبون؟ فأي شيء تقول؟ قال: أي مسألة ذا؟ لا ينبغي أن يتكلم في ذا. وكره الكلام فيها وقال: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} [ق: 18]. "أحكام أهل الملل" 1/ 63 ¬

_ (¬1) رواه أبو نعيم في "الحلية" 6/ 60 من طريق المصنف، ورواه ابن أبي شيبة 7/ 92 (34257) عن ابن نمير، به. ورواه أبو نعيم أيضًا في "الحلية" 4/ 118 من طريق الأعمش، عن حمزة، عن شهر ابن حوشب، به.

135 - باب الإيمان بفتنة القبر ونعيمه وعذابه

135 - باب الإيمان بفتنة القبر ونعيمه وعذابه قال ابن هانئ: [قال] (¬1): وعذاب القبر ومنكر ونكير؟ قال أبو عبد اللَّه: نؤمن بهذا كله، ومن أنكر واحدة من هذِه، فهو جهمي. "مسائل ابن هانئ" (1879) قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا يحيى بن سعيد، عن شعبة، حدثني عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، عن البراء، عن أبي أيوب رضي اللَّه عنه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج بعدما غربت الشمس فسمع صوتًا فقال: "يَهُود تُعذَّبُ فِي قُبُورِها" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو معاوية، نا الأعمش، عن شقيق، عن مسروق، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: دخلت عليها يهودية استوهبتها شيئًا طيبًا، فوهبت لها عائشة، فقالت: أجارك اللَّه من عذاب القبر، قالت: فوقع في نفسي من ذلك حتى جاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قالت: فذكرت ذلك له فقلت: يا رسول اللَّه، إن للقبر عذابًا؟ قال: "إِنَّهُمْ لَيُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ عَذابًا نَسْمَعُهُ البَهائِمُ" (¬3). قال عبد اللَّه حدثني أبي، نا يَعْلَى بن عبيد، نا قُدامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ العامِرِيُّ، عَنْ جَسْرَةَ قالَتْ: حَدَّثَتْنِي عائِشَةُ -رضي اللَّه عنها- قالَتْ: دَخَلَتْ عَلَيَّ امْرَأَة مِنَ اليَهُودِ فَقالَتْ: إِنَّ عَذابَ القَبْرِ مِنَ البَوْلِ. فَقُلْتُ: كَذَبْتِ. فَقالَتْ: بَلَى إِنّا لنَقْرِضُ مِنْهُ الثَّوْبَ والْجِلْدَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى ¬

_ (¬1) رجل يسأل الإمام أحمد عن مسائل. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 417، والبخاري (1375)، ومسلم (2869). (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 44 - 45، والبخاري (6366)، ومسلم (586).

الصَّلاةِ وَقَدْ ارْتَفَعَتْ أَصْواتُنا، فَقالَ: "ما هذِه؟ " فَأَخْبَرْتُهُ بِما قالَتْ، فَقالَ: "صَدَقَتْ". قالَتْ: فَما صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ يَوْمِئِذٍ إِلّا قالَ فِي دُبُرِ الصَّلاةِ: "اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكائِيلَ وَإِسْرافِيلَ أَعِذْنِي مِنْ حَرِّ النَّارِ وَعَذابِ القَبْرِ" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا الحكم بن نافع، أنا شعيب، عن الزهري، حدثني عروة بن الزبير، أن عائِشَةَ -رضي اللَّه عنها-. زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قالت: دَخَلَ عَلَيَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعندي امرأة من اليَهُودِ وهي تقول لي: شَعَرْتُ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي القُبُورِ، فارْتاعَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقالَ: "إِنَّما يُفْتَنُ اليَهُودُ" قالَتْ عائِشَةُ: فَلَبِثْنا لَيالِيَ ثُمَّ قالَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هَلْ شَعَرْتِ أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي القُبُورِ؟ " قالت عائشة: فسمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد ذلك يستعيذ من عذاب القبر (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يَحْيَى بن سعيد، نا سَعْدُ بْنُ إِبْراهِيمَ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ عائِشَةَ، عَنْ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قالَ: "إِنَّ لِلْقَبْرِ ضَغْطَةً، وَلَوْ كانَ أَحَدٌ ناجِيًا مِنْها، نَجَا مِنْهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا هشام، عن أبيه، عن عائشة -رضي اللَّه عنها-، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب النار، وفتنة النار، وفتنة القبر، وعذاب القبر، وشر فتنة الغنى، وشر فتنة الفقر، وشر فتنة المسيح الدجال اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 61، والنسائي 3/ 72. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 89، ومسلم (584). (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 55، وصححه ابن حبان 7/ 379 (3112)، والألباني في "السلسلة الصحيحة" (1695).

ونق قلبي من الخطايا، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا حجاج بن محمد، نا شعبة، عن بديل، عن عبد اللَّه بن شقيق، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه كان يتعوذ باللَّه من عذاب القبر، ومن عذاب جهنم ومن فتنة المسيح الدجال (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن محمد بن أبي عائشة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا تشهد أحدكم فليستعذ باللَّه من أربع يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وعذاب القبر، وشر فتنة المسيح الدجال، وشر فتنة المحيا والممات" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، نا حماد -يعني: ابن سلمة- عن محمد -يعني: ابن زياد- قال: سمعت أبا هريرة -رضي اللَّه عنه- يقول: سمعت أبا القاسم -صلى اللَّه عليه وسلم- يتعوذ باللَّه من فتنة المحيا والممات، ومن عذاب القبر، ومن شر المسيح الدجال (¬4). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 207، والبخاري (6375)، ومسلم (589) كتاب الذكر والدعاء، باب: التعوذ من شر الفتن وغيرها. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 298، ومسلم (588/ 133). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 237، والبخاري (1377)، ومسلم (588). (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 469 وانظر التخريج السابق.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، عن سفيان، عن السدي، عن أبيه، عن أبي هريرة -قال سفيان: يرفعه- قال: "إن الميت ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا هشيم، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: سمعنا أبا هريرة يقول على المنفوس الذي لم يعمل ذنبًا قط فيقول: اللهم قه عذاب القبر. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، نَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي اللَّه عنه قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وسلم بِحَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ فَسَمِعَ صَوْتًا مِنْ قَبْرٍ فَقَالَ: "مَتَى مَاتَ صَاحِبُ هذا القَبْرِ؟ " قَالُوا: مَاتَ فِي الجَاهِلِيَّةِ. فَقَالَ: "لَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا؟ لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ عَذَابَ القَبْرِ" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا سفيان بن عيينة، قال: سمع قاسم الرحال أنسا يقول: دخل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خربًا لبني النجار كأنه يقضي حاجة، فخرج إلينا مذعورًا أو فزعا، وقال: "لولا أن لا تدافنوا لسألت اللَّه أن يسمعكم من عذاب أهل القبور ما أسمعني". قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا إسماعيل بن إبراهيم ابن علية، نا سليمان التيمي، نا أنس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من العجز ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 445، وابن أبي شيبة 3/ 56 (12048)، وابن حبان 7/ 388 (3118) والحديث حسنه الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب" (3561). وفي الباب عن أنس -رضي اللَّه عنه-: رواه الإمام أحمد 3/ 126، والبخاري (1338)، ومسلم (2875). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 114، ورواه مسلم (2868) من طريق قتادة، عن أنس، به مختصرًا.

والكسل، والجبن والهرم والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن سعيد، نا حميد، عن أنس قال: دخل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حائطًا من حيطان المدينة لبني النجار، فسمع صوتًا من قبر فسأل عنه: "متي دفن هذا؟ " قالوا: يا رسول اللَّه، دفن هذا في الجاهلية، فأعجبه ذلك فقال: "لولا إن لا تَدَافنوا؛ لدعوتُ اللَّه أن يسمعكم عذابَ القبر". قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يزيد بن هارون، نا حميد، عن أنس قال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "اللهمَّ إني أعوذ بك من الكسلِ والهرمِ، والجبن، والبخلِ، وفتنةِ الدَّجال، وعذاب القبر". "السنة" لعبد اللَّه 2/ 592 - 598 (1408 - 1424) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نَا عَبْدُ الوَهَّابِ بن عطاء: نَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللَّه عليه وسلم دَخَلَ نَخْلًا لِبَنِي النَّجَّارِ، فَسَمِعَ صَوْتًا فَفَزعَ، فَقَالَ: "مَنْ أَصْحَابُ هذِه القبُورِ" قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ نَاسٌ مَاتُوا فِي الجَاهِلِيَّةِ فقَالَ: "تَعَوَّذوا باللَّهِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ وَعَذابِ النَّار وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ" قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "إِنَّ هذِه الأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا، وإِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ أَتَاهُ مَلَكٌ، فَسَأَلَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هذا الرَّجُلِ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. قَالَ: فَمَا يُسأَلُ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا، قال: فَينطَلَقُ بِهِ إِلَى بَيتٍ كان لَهُ فِي النَّارِ فَيُقالُ: هذا بَيْتُكَ كانَ فِي النَّارِ ولكن اللَّهَ عَصَمَكَ وَرَحِمَكَ فَأَبْدَلَكَ بِهِ بَيْتًا فِي الجَنَّةِ، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 113، والبخاري (2823)، ومسلم (2706).

فَيَقُولُ: دَعُونِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأُبَشِّرَ أَهْلِي. فَيُقَالُ لَهُ: اسْكُنْ. وَإِنَّ الكَافِرَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ أَتَاهُ مَلَكٌ فَيَقُولُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هذا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ. فَيُضْرِبُ بِمطارقَ مِنْ حَدِيدٍ بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهُ الخَلْقُ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الوهاب، أنا سَعِيد بن أبي عروبة، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ العَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ خفق نِعَالِهِم فيأتيه مَلَكَان فَيَقُولَان له: مَا كنْتَ تَقُولُ فِي هذا الرَّجُلِ؟ -يعني: مُحَمَّدًا- قال: فَأَمَّا المُؤْمِنُ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الجَنَّةِ، فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا أبو العميس، عن عبد اللَّه بن مخارق، عن أبيه، عن عبد اللَّه، {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124] قال: عذاب القبر (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن أبيه، عن خيثمة، عن البراء بن عازب قال: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ} [إبراهيم: 27] قال: نزلت في عذاب القبر (¬4). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 233 - 234، وبنحوه رواه البخاري (1338)، ومسلم (2870). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 233، وانظر التخريج السابق. (¬3) رواه الطبري في "تفسيره" 8/ 472 (24424)، والبيهقي في "عذاب القبر" (75). (¬4) رواه مسلم (2871/ 74) من طرق عن عبد الرحمن بن مهدي به، ورواه مرفوعا الإمام أحمد 4/ 291 - 292، والبخاري (1369)، ومسلم (2871/ 73).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا هشيم، عن العوام، عن المسيب بن رافع، في قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] قال: نزلت في صاحب القبر (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، نا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه يقول: دخل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يوما نخلا لبني النجار، فسمع أصوات رجال من بين النخل ماتوا في الجاهلية يعذبون في قبورهم، فخرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فزعا، يأمر أصحابه أن يتعوذوا من عذاب القبر (¬2). حدثني أبي، نَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، نَا ابن لَهِيعَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ مَات مُرَابِطًا، وُقِيَ فِتْنَةَ القَبْرِ، وَأُومِنَ مِنَ الفَزَع الأكبَرِ، وَغُدِيَ عَلَيْهِ وَرِيحَ بِرِزقِهِ مِنَ الجَنَّةِ، وَكُتِبَ لَهُ أَجْرُ المُرَابِطِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 7/ 450 (20768)، وذكره السيوطي في "الدر" 4/ 151 وزاد نسبته لابن أبي شيبة. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 295 - 296، وعبد الرزاق 3/ 584 (6742)، والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" 1/ 584 (6742)، وأبو يعلى 4/ 112 (2149). قال الهيثمي في "المجمع" 3/ 55: رجال أحمد رجال الصحيح. وقال ابن حجر في "الفتح" 1/ 321: رواه أحمد بإسناد صحيح على شرط مسلم. وصححه الألباني في "الصحيحة" (3954). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 404 عن موسى بن داود، به، أورده الألباني في "الضعيفة" 10/ 193 ثم قال: وابن لهيعة وإن كان سيء الحفظ فقد تابعه زهرة بن معبد، عن أبيه، عن أبي هريرة، به، وهذا إسناد لا بأس به. اهـ. قلت: هذِه المتابعة رواها ابن ماجه (6767)، وأبو عوانة 4/ 496 (7465). قال البوصيري: هذا إسناد صحيح "زوائد ابن ماجه" (926). =

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا حماد بن سلمة، عن ثمامة بن عبد اللَّه بن أنس، عن أنس بن مالك قال: مات صبي فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو أفلتَ أحدٌ من ضَمّةِ القبر أفلتَ هذا الصبي" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 599 - 602 (1427 - 1434) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، نَا وَكِيعٌ، نَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ، سمعه منْ نَافِع، عَنِ ابن عُمَرَ، عَنْ النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "يُعْرَضُ عَلَى ابن آدَمَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ غدْوَةً وَعَشِيَّةً فِي قَبْرِهِ" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن البراء، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال ذكر عذاب القبر قال: "يقال له: من ربك؟ قال: فيقول: ربي اللَّه، ونبيي محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- فذلك قوله عَزَّ وَجَلَّ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} (¬3) [إبراهيم: 27] يعني: بذلك المسلم. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، نَا الأَعْمَشُ، عَنْ مِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيّ صلى اللَّه عليه وسلم فِي جِنَازَةَ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى القَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَد، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ¬

_ = فائدة: والحديث له طرق أخرى عن أبي هريرة، بلفظ: "من مات مريضًا". . الحديث، انظرها في "الموضوعات" 3/ 513 لابن الجوزي، و"الضعيفة" (4661) حيث قال الألباني: موضوع. ثم بسط القول هناك. (¬1) رواه الطبراني في "الأوسط" 3/ 146 (2753)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 321 - 322. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 47: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثقون. اهـ. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (5307). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 59، والبخاري (6515)، ومسلم (2866). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 291 - 292، والبخاري (1369).

وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: "اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ" مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ، اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ. قَالَ: فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا، فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ، وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ قَالَ: فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ -يَعْنِي بِهَا- عَلَى مَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ، وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى. قَالَ: فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ. فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولَانِ لَهُ: وَمَا عِلْمُكَ؟ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ. فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ،

وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ. قَالَ: فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، قَالَ: وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ. فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ. فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ. فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي. قَالَ: وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا. وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمُ الْمُسُوحُ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ، اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَغَضَبٍ، قَالَ: فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا، فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلَا يُفْتَحُ لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40] فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى، فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا، ثُمَّ قَرَأَ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31] فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ

لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي. فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ فَافْرِشُوا لَهُ مِنَ النَّارِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ. فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ. فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، فَيَقُولُ: رَبِّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ". (¬1) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نَا ابن نُمَيرٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، نَا الْمِنْهَالُ، عَنْ أَبِي عُمَرَ زَاذَانَ، سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ، قَالَ: فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَلَسْنَا مَعَهُ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَقَالَ: "يَنْتَزِعُهَا تَتَقَطَّعُ مَعَهَا الْعُرُوقُ وَالْعَصَبُ". قَالَ أَبِي: وَكَذَا قَالَ زَائِدَةُ (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، نَا سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ، نَا الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَاذَانُ، عن الْبَرَاءُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: "وَتَمَثَّلَ لَهُ رَجُلٌ، حَسَنُ الثِّيَابِ، حَسَنُ الْوَجْهِ"، وَقَالَ فِي الْكَافِرِ: "وَتَمَثَّلَ لَهُ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ قَبِيحُ الثِّيَابِ (¬3) ". "السنة" لعبد اللَّه 2/ 602 - 605 (1436 - 1440) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 287 - 288، وأبو دواد (4753)، والبيهقي في "الشعب" 1/ 355 (395). وقال: هذا حديث صحيح الإسناد. اهـ. والحديث صححه الألباني في "المشكاة" (1630). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 288، وانظر السابق. (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 288.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، نَا مَعْمَرٌ، عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ، عَنِ المِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي اللَّه عنه قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلَى جِنَازَةٍ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم عَلَى القَبْرِ، وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّ عَلَى رُؤوسِنَا الطَّيْرَ -وَهُوَ يُلْحَدُ لَهُ- فَقَالَ: "أَعُوذُ باللَّهِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ" ثَلَاثَ مرَّات، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي إِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا نَزَلَتْ إِلَيْهِ المَلَائِكَةُ كَأَنَّ عَلَى وُجُوهِها الشَّمْسَ، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ كَفَنٌ وَحَنُوطٌ، يجلسُون مِنْهُ مَدَّ البَصَرِ، حَتَّى إِذَا خَرَجَ رُوحُهُ صَلَّى عَلَيْهِ كلُّ مَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَكلُّ مَلَكٍ فِي السَّمَاءِ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَابٍ إِلَّا وَهُمْ يَدْعُونَ اللَّهَ أَنْ يُعْرَجَ بِرُوحِهِ قِبَلَهم، فَإِذَا عُرِجَ بِرُوحِهِ قَالُوا: رَبِّ عَبْدُكَ فُلَانٌ فَيَقُولُ: أَرْجِعُوهُ" فذكر الحديث بطوله إلى آخره (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي رحمه اللَّه، نا عبد الرزاق، أنا سفيان، عن الأعمش، عن المنهال، عن زاذان، عن البراء بن عازب، قال: خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في جنازة، فوجدنا القبر لم يلحد. فجلس وجلسنا (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 607 (1442 - 1443) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن سعيد، عن يزيد بن كيسان، حدثني أبو حازم، عن أبي هريرة، أن المؤمن حين ينزل به الموت ويعاين ما يعاين، ودّ أنها خرجت، واللَّه يحب لقاء المؤمن، ويصعد بروحه إلى السماء، فتأتيه أرواح المؤمنين فيستخبرونه عن موتاهم من ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 297. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 297.

أهل الأرض، فإذا قال: إن فلانا قد فارق الدنيا قالوا: ما جيء بروح ذلك إلينا؛ لقد ذهب بروح ذلك إلى النار أو إلى أهل النار. وإن المؤمن إذا وضع في القبر يسأل: من ربك؟ فيقول: ربي اللَّه. فيقال: من نبيك؟ فيقول: نبيي محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-. فيقال: ما دينك؟ فيقول: الإسلام ديني. ثم يفتح له باب في القبر، فيقال: انظر إلى مقعدك، ثم يتبعه نوم كأنما كانت رقدة، فإذا كان عدو اللَّه عاين ما يعاين ودّ أنها لا تخرج أبدًا، واللَّه يبغض لقاءه، وإنه إذا دخل القبر يسأل: من ربك؟ قال: لا أدري. قال: لا دريت. قال: من نبيك؟ قال: لا أدري. قالا: لا دريت. قال: ما دينك؟ قال: لا أدري. قال: لا دريت. ثم يضرب ضربة يسمعه كل دابة إلا الثقلين، ثم يقال له: نم كما ينام المنهوش. قلت: يا أبا هريرة، وما المنهوش؟ قال: الذي تنهشه الدواب والحيات، ثم قال أبو هريرة: ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه هكذا. وشبك بين أصابعه (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 609 - 609 (1446) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، نَا ابن أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ عَائِشَةَ -رضي اللَّه عنه- قَالَتْ: جَاءَتْ يَهُودِيَّة فَاسْتَطْعَمَتْ عَلَى بَابِي، فَقَالَتْ: أَطْعِمُونِي أَعَاذَكُمْ اللَّهُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَمِنْ فِتْنَةِ عَذَابِ القَبْرِ. ¬

_ (¬1) رواه البزار كما في "الكشف" 1/ 413 (874) مرفوعًا من طريق سعيد بن بحر، عن الوليد بن القاسم، عن يزيد بن كيسان به. وصححه الألباني في "الصحيحة" (2628).

قَالَتْ: فَلَمْ أَزَلْ أَحْبِسُهَا حَتَّى أتى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَقُولُ هذِه اليَهُودِيَّةُ؟ قَالَ: "وَمَا تَقُولُ؟ " قُلْتُ: تَقُولُ: أَعَاذَكُمْ اللَّهُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَمِنْ فِتْنَةِ عَذَابِ القَبْرِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَرَفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا يَسْتَعِيذُ باللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَمِنْ فِتْنَةِ عَذَابِ القَبْرِ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا فِتْنَةُ الدَّجَّالِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلَّا قَدْ حَذَّرَ أُمَّتَهُ، وَسَأُحَذِّرُكمُوهُ تَحْذِيرًا لَمْ يُحَذِّرْهُ نَبِيٌّ أُمَّتَهُ، إِنَّهُ أَعْوَرُ واللَّه لَيْسَ بِأَعْوَرَ، مَكْتوب بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِر، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، وأَمَّا فِتْنَةُ القَبْرِ فَبِي تُفْتَنُونَ وَعَنِّي تُسْأَلُونَ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ أجْلِسَ فِي قَبْرِهِ غَيْرَ فَزعٍ وَلَا مَشْعُوفٍ، ثم يقال له: فيما كنت؟ فيقول: في الإسلام. فيقال له: من هذا الرجل الذي كان قبلكم. فَيَقُولُ: مُحَمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم- جَاءَنَا بِالبَينَاتِ مِن عِنْدِ اللَّهِ فَصَدَّقْنَاهُ، (فَيُفْرَجُ) (¬1) لَهُ فُرْجَة قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَا وَقَاكَ اللَّهُ. ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَة إِلَى الجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ: هذا مَقْعَدُكَ مِنْهَا، ويُقَالُ له: عَلَى اليَقِينِ كُنْتَ، وَعَلَيهِ مِتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وإذا كَانَ الرَّجلُ السُّوءُ أُجلسَ فِي قبرِهِ فَزِعًا مَشْعُوفًا، فَيُقَالُ لَهُ: فِيمَ كنتَ؟ فيَقُولُ: لَا أَدْرِي فَيُقَالُ: مَا هذا الرَّجل الذِي كَانَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: سَمِعْت النَّاسَ يَقُولونَ قَوْلًا فَقُلتْ كَمَا قَالوا. (فَيفرَجُ) (¬2) لَهُ فُرْجَة قِبَلَ الجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيقَال لَهُ: انْظُر إِلَى مَا صَرَفَ اللَّهُ عَنْكَ. ثمَّ يُفرَجُ لَهُ فُرْجَة قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيهَا تحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، ¬

_ (¬1) في المطبوع من "السنة": فيخرج، والمثبت من "المسند". (¬2) في المطبوع من "السنة": فيخرج، والمثبت من "المسند".

ويُقَال لَهُ: هذا مَقْعَدُكَ مِنْهَا، عَلَى الشَّكِّ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مِتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. ثُمَّ يُعَذَّبُ" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 609 - 610 (1448) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، نَا ابن لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ جَابِرًا عَنْ فَتَّانِ القَبْرِ فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقُولُ: "إنَّ هذِه الأمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا، فَإِذَا أُدْخِلَ الْمُؤْمِنُ قَبْرَهُ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، جَاءَ مَلَكٌ شَدِيدُ الِانْتِهَارِ، فَيَقُولُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: أَقُولُ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَعَبْدُهُ. فَيَقُولُ لَهُ الْمَلَكُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ الَّذِي كَانَ لَكَ فِي النَّارِ قَدْ أَنْجَاكَ اللَّهُ مِنْهُ، وَأَبْدَلَكَ بِمَقْعَدِكَ الَّذِي تَرَى مِنَ النَّارِ مَقْعَدَكَ الَّذِي تَرَى مِنَ الْجَنَّةِ. فَيَرَاهُمَا كِلَاهُمَا، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: دَعُونِي أُبَشِّرْ أَهْلِي. فَيُقَالَ لَهُ: اسْكُنْ. وَأَمَّا الْمُنَافِقُ، فَيُقْعَدُ إِذَا تَوَلَّى عَنْهُ أَهْلُهُ، فَيُقَالَ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ. فَيُقَالَ لَهُ: لَا دَرَيْتَ، هَذَا مَقْعَدُكَ الَّذِي كَانَ لَكَ مِنَ الْجَنَّةِ قَدْ أُبْدِلْتَ مَكَانَهُ مَقْعَدَكَ مِنَ النَّارِ" قَالَ جَابِرٌ: فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ فِي الْقَبْرِ عَلَى مَا مَاتَ، الْمُؤْمِنُ عَلَى إِيمَانِهِ، وَالْمُنَافِقُ عَلَى نِفَاقِهِ" (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 139، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" 2/ 594 - 595، والبيهقي في "عذاب القبر" (38)، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (3557). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 346، وعبد الرزاق 3/ 585 (6744)، والطبراني في "الأوسط" 9/ 38 - 39 (9076). وقال الألباني في "ظلال الجنة" (404): إسناده جيد. اهـ.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نَا [أبو] (¬1) عثمان، نَا شُعْبَةُ، قَالَ: عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ أَخْبَرَنِي عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عن النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "فِي القَبْرِ إِذَا سُئِلَ فَعَرَفَ رَبَّهُ" قَالَ: وَقالَ شَيئًا لَا أَحْفَظُهُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} (¬2) [إبراهيم: 27]. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نَا يَحْيَى بن سعيد، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابن عُمَرَ -رضي اللَّه عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم: "مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَمِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، يُقَالُ له: هذا مَقْعَدُكَ حَتَّى تُبْعَثَ إِلَيْهِ" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نَا عَفَّانُ، نَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم: "إِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا" (¬4). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن سعيد، عن إسماعيل، عن أبي صالح الحنفي، {مَعِيشَةً ضَنكًا} [طه: 124] قال: أخبرت أنه عذاب القبر (¬5). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا سفيان، عمن سمع أنس بن ¬

_ (¬1) ليست في المطبوع، وأبو عثمان هو عفان بن مسلم بن عبد اللَّه الصفار، انظر "تهذيب الكمال" 20/ 160. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 282، والبخاري (1369، 4699). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 17، والبخاري (1379)، ومسلم (2866). (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 347، وابن حبان 7/ 380 (3113)، والحاكم 1/ 380 - 381، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. اهـ وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" 3/ 403 (3561). (¬5) رواه الطبري في "تفسيره" 8/ 472 (24422).

مالك، فيقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ أعمالَ الأحياء لتُعرض على الأمواتِ مِن أهاليهم وعشائرهم، فإذا رأوا خيرًا حمدوا اللَّه واستبشروا، وإذا رأوا غيرَ ذلك قالوا: اللَّهم لا تُمتهم حتى تهديهم" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الملك بن عمير، نَا عَبَّادُ بن رَاشِدٍ، عن داود بنِ أبِي هِندٍ، عَنْ أبِي نضرَة، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخدْرِيَ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- جِنَارةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا، فَإِذَا الْإِنْسَانُ دُفِنَ فَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ جَاءَهُ مَلَكٌ فِي يَدِهِ مِطْرَاقٌ فَأَقْعَدَهُ، قَالَ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. فَيَقُولُ: صَدَقْتَ. ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى النَّارِ فَيَقُولُ: هَذَا كَانَ مَنْزِلُكَ لَوْ كَفَرْتَ بِرَبِّكَ، فَأَمَّا إِذْ آمَنْتَ بهِ فَهَذَا مَنْزِلُكَ. فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ، فَيُرِيدُ أَنْ يَنْهَضَ إِلَيْهِ فَيَقُولُ لَهُ: اسْكُنْ وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ مُنَافِقًا يَقُولُ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولَ: لَا أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا. فَيَقُولُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ وَلَا اهْتَدَيْتَ. ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: هَذَا مَنْزِلُكَ لَوْ آمَنْتَ بِرَبِّكَ، فَأَمَّا إِذْ كَفَرْتَ بِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَبْدَلَكَ بِهِ هَذَا. وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى النَّارِ، ثُمَّ يَقْمَعُهُ قَمْعَةً بِالْمِطْرَاقِ يَسْمَعُهَا خَلْقُ اللَّهِ كُلُّهُمْ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ" فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحَدٌ يَقُومُ عَلَيْهِ مَلَكٌ فِي يَدِهِ مِطْرَاقٌ إِلَّا هُبِلَ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} " [إبراهيم: 27] (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 165، ولم أقف عليه عند غيره. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 23، وقد سبق تخريجه.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا سفيان، عن عمرو، عن عبيد -يعني: ابن عمير- قال: أهل القبور يتوكفون الأخبار، فإذا أتاهم الميت قال: ألم يأتِكم فلان؟ قال: فيقولون: بلى. فيسألهم أهل القبور: ما فَعَلَ فلانٌ؟ فيقولون: صالح. فيقولون: ما فعل فلان؟ فيقولون: ألم يأتِكم؟ فيقولون لا، إنا للَّه وإنا إليه راجعون سَلَكَ به غير سبيلنا (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، عن ابن أبي خالد قال: سمعت أبا صالح الحنفي: {مَعِيشَةً ضَنكًا} [طه: 124] عذاب القبر. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا العلاء بن عبد الكريم، عن أبي كريمة الكندي قال: كنا جلوسا عند زاذان فقرئت هذِه الآية: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ} [الطور: 47] قال زاذان: عذاب القبر. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 611 - 614 (1450 - 1459) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا روح، نا سعيد -يعني: ابن أبي عروبة- عن قتادة، عن أنس بن مالك أن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنَّ العبدَ إذا وُضِعَ في قبرِهِ وتولَّى عنه أصحابه -حتى أَنَّه ليسمعُ قرعَ نِعالهم- أتاهُ مَلَكان فيقعِدانه، فيقولان له: ما كنتَ تقول في هذا الرَّجل مُحمد -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فأمَّا المؤمنُ فيقول: أشهدُ إنه عبد اللَّه ورسوله. فيقال: انظر إلى مقعدك مِنَ النارِ قد بدلَّك اللَّه عَزَّ وَجَلَّ به مقعدًا مِنَ الجنة"، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فيراهما جميعًا" قال قتادة: فذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعًا ويملأ عليه خضرًا إلى يوم يبعثون، ثم رجع إلى أنس بن مالك فقال: "وأما الكافرُ والمنافقُ فيُقالُ ¬

_ (¬1) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" 3/ 228 (867)، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 271، والبيهقي في "الشعب" 7/ 21 (9316).

له: ما كنتَ تقولُ في هذا الرَّجل؟ فيقول: لا أدريَ ما يقول الناسُ. فيُقالُ له: لا دريتَ ولا تليتَ. ثم يُضرب بمطرقٍ مِنْ حديدٍ ضربةً بين أذنيه، فيصيح صيحةً فيسمعها مَنْ يليه غير الثقلين، وقال بعضهم: يُضيق عليه في قبرِه حتى تختلف أضلاعه" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 614 - 615 (1461) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا مالك بن مغول، عن عبد اللَّه بن عبيد بن عمير، عن أبيه، قال: إنَّ القبرَ ليبكي يقول: أنا بيتُ الخلوة، وأنا بيتُ الوحشة، وأنا بيتُ الدود. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، عن سفيان، عن عبد العزيز بن رفيع، عن قيس بن سعد، عن عبيد بن عمير قال: إن أهل القبور يتلقون الميت كما يتلقى الراكب إذا قدم عليهم، فيسألونه: ما فعل فلان؟ ما فعل فلان؟ فإذا سألوه عمن قد مات قال: أولم يأتكم؟ قالوا: إنا للَّه وإنا إليه راجعون، سلك به إلى أمه الهاوية. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا علي بن إسحاق، نا عبد اللَّه يعني ابن المبارك، أنا ابن لهيعة، حدثني يزيد بن أبي حبيب، أن عبد الرحمن بن شِمَاسة حدثه قال: لما حضرت عمرو بن العاص -رضي اللَّه عنه- الوفاة. . فذكر الحديث. قال: وإذا واريتموني فاقعدوا عندي قدر نحر جزور وتقطيعها أستأنس بكم. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن سعيد، عن المسعودي، حدثني ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 126، والبخاري (1338)، ومسلم (2870) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، به.

عبد اللَّه بن المخارق، عن أبيه قال: قال عبد اللَّه: إن المؤمن إذا أجلس في قبره يقال له: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فيثبته اللَّه، فيقول: ربي اللَّه، ونبيي محمد صلى اللَّه عليه وسلم. فيوسع له في قبره، ويروح عنه، ثم قرأ عبد اللَّه {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} إلى قوله: {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: 27] وإن الكافر إذا مات أجلس في قبره فيقال له: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فيقول: لا أدري. فيضيق عليه قبره ويعذب فيه، وقرأ عبد اللَّه: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124] قال يحيى في كل حديث منها: إذا حدثناكم بحديث أنبأتكم بتصديق ذلك من كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن سعيد، نا إسماعيل بن مسلم، نا أبو المتوكل، أن سعد بن معاذ لما وضع في قبره تأوه نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلاث مرات قال: "أوَّه أوَّه أوَّه" ثم قال: "لو كان أحد ينفلت منها لانفلت منها سعد بن معاذ" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن سعيد، عن جرير بن حازم قال: سمعت ابن أبي مليكة قال: سمعت عائشة -رضي اللَّه عنه- قالت: إن الكافر يسلط عليه في قبره شجاع أقرع يأكله من رأسه، حتى ينتهي إلى قدمه، ثم يكسى لحما، فيأكله من قبل قدمه حتى ينتهي إلى رأسه، ثم يعاد فيعود حتى ينتهي إلى قدميه، ثم كذلك (¬2). ¬

_ (¬1) لم أهتد إليه بهذا الإسناد، لكن رواه الإمام أحمد من حديث عائشة في "المسند" 6/ 55، 98، وأورده الألباني في "الصحيحة" (1695) متتبعًا طرقه ثم قال: وجملة القول أن الحديث بمجموع طرقه وشواهده صحيح بلا ريب. اهـ. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 7/ 147 (34738)، والبيهقي في "عذاب القبر" (254).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا منصور بن سلمة -وهو أبو سلمة الخزاعي- نا ليث -يعني: ابن سعد- عن يزيد بن الهاد، عن عمرو ابن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمغرم والمأثم، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة القبر، وأعوذ بك من من عذاب النار" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نَا سُرَيْج بن النعمان، نَا بَقِيَّةُ، عَنْ مُعَاوِيةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ -رضي اللَّه عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم: "مَنْ مَاتَ يَوْمَ الجُمْعَةِ أَوْ لَيلَةَ الجُمُعَةِ وُقِيَ فِتْنَةَ القَبْرِ" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 615 - 618 (1463 - 1470) قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا صير العبد إلى لحده وانصرف عنه أهله، أعيد إليه روحه في جسده، فيسأل حينئذ في قبره وهو قول اللَّه {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} يعني: القبر، فنسأل اللَّه أن يثبتنا على طاعته ويبارك لنا في تلك الساعة عند المساءلة، فالسعيد من أسعده اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 186، والنسائي 8/ 269، وبنحوه رواه البخاري (832) من حديث عائشة. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 176، والترمذي (1074) وقال: هذا حديث غريب، وليس إسناده بمتصل. ربيعة بن سيف إنما يروي عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد اللَّه ابن عمرو، ولا نعرف لربيعة بن سيف سماعًا من عبد اللَّه بن عمرو اهـ. وقد حسَّنه الألباني في "صحيح الترمذي" (858).

يقول: نؤمن بعذاب القبر، ومنكر ونكير. "شرح أصول الاعتقاد" 6/ 1219 قال أبو عبد اللَّه محمد بن إبراهيم العبدي: ثنا أحمد بن حنبل، ثنا علي ابن عبد اللَّه المديني قال: كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ربه إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ يَبْكِي حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ، فَيقالَ لَهُ: تَذْكُرُ الجَنَّةَ وَالنَّارَ وَلَا تَبْكِي، وَتَبْكِي مِنْ هذا! قَالَ: فقال: سمعت رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إِنَّ القَبْرَ أَوَّلُ مَنَازِلِ الآخِرَةِ، فَمنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ، وَمنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ"، فقَالَ: واللَّه مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ (¬1). "عذاب القبر وسؤال الملكين" للبيهقي ص 178 (346) قال أحمد بن القاسم: قلت: يا أبا عبد اللَّه، تقر بمنكر ونكير وما يروى من عذاب القبر؟ فقال: نعم، سبحان اللَّه! نقر بذلك ونقوله. قلت: هذِه اللفظة: منكر ونكير. تقول هذا، أو تقول: ملكين؟ قال: نقول: منكر ونكير، وهما ملكان، وعذاب القبر. "طبقات الحنابلة" 1/ 135 وقال المروذي: قال لنا أبو عبد اللَّه: عذاب القبر حق، ما ينكره إلا ضال مضل. "طبقات الحنابلة" 1/ 149 قال صالح: قال أبي: عذاب القبر حق لا ينكره إلا ضال مضل. "طبقات الحنابلة" 1/ 465 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 63، والترمذي (2308)، وابن ماجه (4267) وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (3550).

قال يوسف بن موسى العطار الحربي: قيل لأبي عبد اللَّه: عذاب القبر حق؟ قال: نعم. "طبقات الحنابلة" 2/ 566 قال حنبل: قلت لأبي عبد اللَّه في عذاب القبر، فقال: هذِه أحاديث صحاح نؤمن بها ونقر بها، كلما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إسناد جيد أقررنا به، إذا لم نقر بما جاء به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ودفعناه ورددناه، رددنا على اللَّه أمره، قال اللَّه تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7]. قلت له: وعذاب القبر حق؟ قال: حقٌّ، يعذبون في القبور. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: نؤمن بعذاب القبر، وبمنكر ونكير، وأن العبد يسأل في قبره {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] في القبر. "الروح" ص 104

136 - باب: يوم القيامة

136 - باب: يوم القيامة قال حرب: قلت لإسحاق: لم سمي يوم القيامة الساعة؟ قال: لأنها تأتي على نفس كل إنسان. "مسائل حرب" ص 345 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدّثنا إِبْراهيمُ بن خالِدٍ، حدّثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَحِيرٍ، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن يَزِيدَ، وكانَ مِنْ أَهْلِ صَنْعاءَ قالَ: سَمِعْتُ ابن عُمَرَ يَقُولُ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى يَوْمِ القِيامَةِ فَلْيَقْرَأْ: إِذَا الشَّمْسُ كوِّرَتْ" (¬1). "الزهد" ص 58 قال عبد اللَّه: حدّثني أبي، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عمرو بن قيس، عن المنهال بن عمرو، عن عبد اللَّه بن الحارث، عن علي -رضي اللَّه عنه- قال: أول مَنْ يُكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام قبطية، ثم يُكسى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حلة حبرة، وهو على يمينِ العرش (¬2). "الزهد" ص 101 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا أبو عوانة، عن هلال الوزان، عن عبد اللَّه بن عكيم قال: سمعت عبد اللَّه بن مسعود في هذا المسجد بدأ باليمين قبل أن يحدثنا، فقال: واللَّه ما مِنْكم من أحدٍ إلا سيخلو ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 37، والترمذي (3333)، وحسّنه الألباني في "المشكاة" (5547). (¬2) رواه ابن المبارك في "الزهد" من زوائد نعيم بن حماد (364) وابن أبي شيبة 7/ 264 (35925) وابن أبي عاصم في "الأوائل" (22)، وأبو يعلى 1/ 427 - 428 (566)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (840) من طرق عن سفيان به.

به ربه كما يخلو أحدُكم بالقمرِ ليلةَ البدر، فيقول: ابن آدم ماذا غرَّك يا ابن آدم؟ ماذا أجبتَ المرسلين يا ابن آدم؟ ماذا عمِلتَ فيما علِمتَ (¬1)؟ "الزهد" ص 20 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، حدثنا بسطام بن مسلم قال: سمعت أبا التياح قال: سمعت أبا السوار العدوي يقرأ هذِه الآية {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13)} [الإسراء: 13] ثم قال: نشرتان وطية، أما ما جنيت يا ابن آدم فصحيفتك المنشورة فأمل فيها ما شئت، فإذا مت طويت، ثم إذا بعثت نشرت: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)} [الإسراء: 14]. "الزهد" ص 383 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في حديث ابن عباس: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بخطبة وهو يقول: "إنكم ملاقوا ربكم حفاةً عرأَةً، مشاةً غرلًا" (¬2). ¬

_ (¬1) رواه ابن المبارك في "الزهد" ص 13 (38)، وابن خزيمة في "التوحيد" 2/ 420 (245) والطبراني 9/ 182 (8900)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 131 من طرق عن هلال الوزان به. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 340: رواه الطبراني في "الكبير" موقوفًا، وروى بعضه مرفوعًا في "الأوسط" 1/ 142 (449): "عبدى ما غرك بي؟ ماذا أجبت المرسلين؟ ". ورجاله رجال الصحيح غير شريك بن عبد اللَّه وهو ثقة وفيه ضعف، ورجال "الأوسط" فيهم: شريك أيضًا، وإسحاق بن عبد اللَّه التميمي، ووثقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح. اهـ. قلت: له شاهد رواه البخاري (7443)، ومسلم (1016) من حديث عدي بن حاتم مرفوعًا بلفظ: "ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه ترجمان، ولا حجاب يحجبه". (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 220، والبخاري (6524)، ومسلم (2860).

(سمعتُ أبي يقول: الأقلف) (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1605) ¬

_ (¬1) من طبعة مكتبة الدار لمسائل عبد اللَّه، وحذفها الشيخ زهير في طبعته باعتبارها سبق قلم من الناسخ.

137 - باب الميزان

137 - باب الميزان قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الصمد، نا شعبة، عن سليمان -يعني: الأعمش- عن شِمْر بن عطية، عن أبي الأحوص، عن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- قال: يجاء بالناس يوم القيامة إلى الميزان فيجادلون عنده أشد الجدال (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 472 (1077) قال حنبل: نا أبو عبد اللَّه: قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47] وقال: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} [الأعراف: 8] فهو في كتاب اللَّه، فمَنْ ردَّ على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ردَّ على اللَّه. "شرح أصول الاعتقاد" 6/ 1245 (2211) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 7/ 81 (34185).

138 - باب الصراط

138 - باب الصراط قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو المغيرة، نا صفوان، سمعت أيفع بن عبد الكلاعي، وهو يعظ الناس يقول: إن لجهنم سبع قناطر، والصراط عليهن، واللَّه عَزَّ وَجَلَّ في الرابعة منهن. قال صفوان: وسمعت أبا اليمان الهَوْزَني يصل في هذا الحديث: فيمر الخلائق على اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وهو في القنطرة الرابعة قال: وهي التي يقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21)} [النبأ: 21] {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)} [الفجر: 14] {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)} [هود: 56] قال: فيأخذ بنواصي عباده، قال: فيلين للمؤمنين حتى يكون ألين من الوالد لولده، ويقول للكافر: {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الانفطار: 6] (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 525 - 526 (1208) قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: نؤمن بالصراط والميزان والجنة والنار والحساب، لا ندفع ذلك ولا نرتاب. "شرح أصول الاعتقاد" 6/ 1251 (2222) ¬

_ (¬1) رواه البيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 345 (915).

139 - باب القصاص يوم القيامة

139 - باب القصاص يوم القيامة قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن العوام القيسي، عن أبي السليل، عن أبي عثمان، عن سلمان أنه قال: إن اللَّه يدين يوم القيامة للناس أو للعباد، حتى يقاد للشاة الجلحاء من القرناء، نطحتها (¬1). "مسائل صالح" (790) ¬

_ (¬1) ذكره ابن أبي حاتم في "علله" 3/ 284 (2166)، وصححه موقوفًا. ورواه العقيلي في "الضعفاء الكبير" 1/ 285 - 286 (346)، وقال: هذا أولى، أي: حديث سلمان الموقوف. ورواه الدارقطني في "العلل" 3/ 63 - 64 وقال: وهو الصواب. اهـ. وله شاهد من حديث أبي هريرة، رواه أحمد 2/ 235، ومسلم (2582).

140 - باب في الشهادة على قوم بالجنة أو النار

140 - باب في الشهادة على قوم بالجنة أو النار قال حرب: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: مضت السنّة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والخلفاء من بعده، واجتمع علماء الأمصار على ذلك: ألا يشهد أحذ على أحدٍ -بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه في الجنة؛ لصلاحه وفضله وسوابقه، ولا أحد أنه من أهل النار؛ لارتكاب المعاصي والذنوب، ونكل ذلك إلى اللَّه، فإنه الذي يتولى السرائر. قال: ويحق عليك أن تعرف وتستيقن أن ما صح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "في الجنة" فهو في الجنة، كذلك الأمر عند أهل العلم من غير أن ينصب الشهادة. "مسائل حرب" ص 390

141 - باب الشفاعة

141 - باب الشفاعة قال الخلال: قال أبو بكر المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرزاق قال: ثنا معمر، عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لكلِّ نبي دعوة مستجابة، فأريد إن شاء اللَّه أنْ أؤخر دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة" (¬1). قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنَا عَفَّانُ قال: ثنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: بُعِثْتُ إِلَى الأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُحِلَّتْ لِي الغَنَائِمُ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ فَيُرْعَبُ العَدُوُّ وَهُوَ مِنِّي على مَسِيرَةِ شَهْرٍ، وَقِيلَ: سَلْ تُعْطَهْ، وَاختَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي، وهِيَ نَائِلَة مِنْكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ لَا يُشْرِكْ باللَّهِ شَيْئًا" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 43 (1177 - 1178) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا محمد بن فضيل قال: حدثني فليت العامري، عن جسرة العامرية، عن أبي ذر قال: ¬

(¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 313، والبخاري (6304)، ومسلم (198، 199). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 148، وأبو داود (489). وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (506). قلت: وله شاهد من حديث جابر، عند أحمد 3/ 304، والبخاري (335)، ومسلم (521).

صلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة، فقرأ حتى أصبح يركع ويسجد بها: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)} [المائدة: 118]، فلما أصبح قلت: يا رسول اللَّه، ما زلت تقرأ هذِه الآية حتى أصبحت تركع وتسجد بها؟ قال: "إني سألتُ ربي الشفاعة لأمتي، فأعطانيها، وهي نائلة إن شاء اللَّه مَنْ لا يُشرك باللَّه شيئًا" (¬1). وقال: أخبرنا أبو بكر قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ويعلى بن عبيد قالا: ثنا الأَعْمَش، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم: "لِكُلّ نَبِيٍّ دَعْوَة مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي -قال يعلى: شَفَاعَةً لِأُمَّتِي، وهِيَ نَائِلَة إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ باللَّهِ شَيْئًا" (¬2). "السنة" للخلال 2/ 45 (1181 - 1182) قال حنبل: قلت لأبي عبد اللَّه: ما يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الشفاعة؟ فقال: هذِه أحاديث صحاح نؤمن بها ونقر، وكل ما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأسانيد جيدة نؤمن بها ونقر. قلت له: وقوم يخرجون من النار؟ فقال: نعم، إذا لم نقر بما جاء به ¬

(¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 149. ورواه ابن أبي شيبة 6/ 327 (31758)، وفيه "قدامة العامري" بدلًا عن "فليت العامري". قلت: وهو هو؛ قال ابن حجر في "التقريب" (ص 454) ترجمة رقم (5527): قدامة بن عبد اللَّه بن عبدة البكري، أبو روح الكوفي، قيل: هو فُليت العامري، مقبول، من السادسة. اهـ. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 426، ومسلم (1999، 338).

الرسول ودفعناه رددنا على اللَّه أمره، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]. قلت: والشفاعة؟ قال: كم حديث يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الشفاعة والحوض، فهؤلاء يكذبون بها ويتكلمون، وهو قول صنف من الخوارج، وإن اللَّه تعالى لا يخرج من النار أحدًا بعد إذ أدخله، والحمد للَّه الذي عدل عنا ما ابتلاهم به. "شرح أصول الاعتقاد" 6/ 1183 (2090)

142 - باب النار (أعاذنا الله منها)

142 - باب النار (أعاذنا اللَّه منها) قال حرب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا جرير قال: حدثنا العلاء بن المسيب، عن الفضيل بن عمرو، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الجَنَّةَ، وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا، وَخَلَقَ النَّارَ، وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا" (¬1). "مسائل حرب" ص 407 قال حرب: سألتُ إسحاق قلت: قول اللَّه: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود: 107] وقال: أتت هذِه الآية على كل وعيد في القرآن. "مسائل حرب" ص 429 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن جبلة، حدثنا رباح قال: حدثت أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لجبريل عليه السلام: "لم تأتني إلا وأنت صار بين عينيك، قال: إني لم أضحك منذ خلقت النار" (¬2). "الزهد" ص 36 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا أبو اليمان، حدثنا ابن عياش، عن عمارة بن غزية الأنصاري، أنه سمع حميد بن عبيد مولى بني المعلى يقول: سمعت ثابتًا البناني يحدث عن أنس بن مالك، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال لجبريل عليه السلام: "ما لي لم أر ميكائيل عليه السلام ضاحكًا قط؟ قال: ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار" (¬3). "الزهد" ص 88 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 41، ومسلم (2662). (¬2) سبق تخريجه. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 224، وابن أبي الدنيا في " صفة النار" (219)، والآجري في =

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سفيان بن وكيع، حدثني أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون قال: قال عبد اللَّه: لو وعد أهل النار أن يُخفف عنهم يوما من العذاب لماتوا فرحا (¬1). "الزهد" ص 202 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا المعلى ابن زياد القردوسي قال: كان (أخو) (¬2) مطرف بن عبد اللَّه عنده فأفاضوا في ذكر الجنة فقال مطرف: لا أدري ما تقولون، حال ذكر النار بيني وبين الجنة (¬3). "الزهد" ص 292 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا معتمر بن سليمان التيمي، عن أبيه، عن رجل، عن سعيد بن أبي الحسن قال: البحر طبق جهنم (¬4). "الزهد" ص 350 ¬

_ = "الشريعة" ص 324 (886)، وأبو الشيخ في "العظمة" (386)، وابن عبد البر في "التمهيد" 5/ 9 من طريق إسماعيل بن عياش، به. قال المنذري -كما في "صحيح الترغيب والترهيب" (3664): رواه أحمد من رواية إسماعيل بن عياش، وبقية رواته ثقات. وقال العراقي في "تخريج الإحياء" 2/ 1077 (3906): رواه أحمد وابن أبي الدنيا في "كتاب الخائفين" من رواية ثابت عن أنس بإسناد جيد. اهـ وقال الهيثمي 10/ 385: رواه أحمد من رواية إسماعيل بن عياش عن المدنيين وهي ضعيفة، وبقية رجاله ثقات. اهـ وحسنه الألباني في "الصحيحة" (2511). (¬1) لم أقف عليه. (¬2) كذا في المطبوع من "الزهد" وفي "الحلية": إخوان. (¬3) رواه أبو نعيم في "الحلية" 2/ 202 من طريق حماد بن الحسن، عن سيار، به. ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" 1/ 597 (962) من طريق غيلان، عن مطرف، به. (¬4) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 302 (3612).

قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي رحمه اللَّه: حدثنا أبو عبيد الحداد عبد الواحد بن واصل، حدثنا هشام، عن الحسن في هذِه الآية: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} [النبأ: 23] قال: أما الأحقاب فليس لها عدة إلا الخلود في النار، ولكن قد ذكروا أن الحقب الواحد: سبعون ألف سنة، في كل يوم من ذلك السبعين: ألف سنة مما تعدون (¬1). "الزهد" ص 351 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، قال: سمعت مالكًا يقول: إذا أحسَّ أهلُ النارِ في النارِ بضربِ المقامع انغمسوا في حياض الجحيم فيذهبون سفالًا سفالًا كما يغرق الرجل في الماء في الدنيا يذهب سفالًا سفالًا. "الزهد" ص 386 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن أبي رزين، عن الربيع بن خثيم: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا} الدنيا {وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} [التوبة: 82] الآخرة. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبيه، عن منذر الثوري، عن الربيع بن خثيم: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89)} [الواقعة: 88، 89] قال: هذا له عند الموت، ويخبأ له في الآخرة الجنة، {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94)} [الواقعة: 92 - 94] قال: هذا له عند الموت، ويخبأ له في ¬

_ (¬1) رواه الطبري 12/ 405 (36058) من طريق عمرو بن أبي سلمة، عن زهير، عن سالم، عن الحسن به. ورواه (36059) من طريق هشام، عن الحسن مختصرًا.

الآخرة النار (¬1). "الزهد" ص 49 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثنا رباح قال: حُدثت عن وهب بن منبه قال: إذا سيرت الجبال فسمعت حسيس النار وتغيظها وزفيرها وشهيقها، صرخت الجبال كما تصرخ النساء، ثم ترجع أوائلها على أواخرها يدق بعضها بعضا (¬2). "الزهد" ص 447 ¬

(¬1) رواه ابن أبي شيبة 7/ 160 (34851) من طريق سالم، عن منذر الثوري، عن الربيع ابن خثيم. (¬2) أخرجه ابن الجوزي في "ذم الهوى" (ص 510) من طريق الإمام أحمد، به.

143 - باب: الشمس والقمر في النار يوم القيامة

143 - باب: الشمس والقمر في النار يوم القيامة قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا يونس بن محمد قال: حدثنا عبد العزيز بن المختار -يقال له: الدباغ- عن عبد اللَّه الداناج، قال: شهدت أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف زمن خالد بن عبد اللَّه بن أسيد في هذا المسجد -يعني: مسجد الجامع بالبصرة- قال: وجاء الحسن فجلس إليه قال: فحدث، فقال: حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إنَّ الشمسَ والقمر ثوران مكوران في النارِ يومَ القيامة"، قال: فقال الحسن: وما ذنبهما؟ قال: فقال: أحدثك عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: فسكت (¬1). "مسائل صالح" (491) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا عبد اللَّه بن واقد، عن سعيد بن أبي أيوب، عن عقيل، عن ابن شهاب قال: الشمس والقمر ثوران عقيران، من نار خلقا، وإلى النار يصيران (¬2). "مسائل صالح" (462) ¬

_ (¬1) رواه البخاري (3200) من طريق عبد العزيز بن المختار، به لكن دون ذكر خالد بن عبد اللَّه وكذا إتيان الحسن، ولفظه: "الشمس والقمر مكوران يوم القيامة". (¬2) لم أجده موقوفًا، ولكن روي مرفوعًا من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-. رواه الطيالسي في "مسنده" 3/ 574 (2217)، وأبو يعلى 7/ 148 (4116)، وأبو الشيخ في "العظمة" (643)، وصححه الألباني في "الصحيحة" (124) بشواهده.

144 - فصل: الرد على من قال بفناء الجنة والنار

أبواب ما جاء في الجنة 144 - فصل: الرد على من قال بفناء الجنة والنار قال الإمام أحمد: فزعموا أن اللَّه هو قبل الخلق، فصدقوا، وقالوا: يكون الآخر بعد الخلق فلا يبقى شيء ولا أرض ولا جنة ولا نار ولا ثواب ولا عقاب ولا عرش ولا كرسي. وزعموا أن شيئًا مع اللَّه لا يكون هو الآخر كما كان، فأضلوا بهذا بشرًا كثيرًا. وقلنا: أخبرنا اللَّه عن الجنة ودوام أهلها فيها فقال: {لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21)} [التوبة: 21] فإذا قال جل وجهه: {مُقِيمٌ}. وقال: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [النساء: 57]. وقال: {أُكُلُهَا دَائِمٌ} [الرعد: 35] فإذا قال اللَّه: {دَائِمٌ} لا ينقطع أبدًا. وقال: {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: 48]. وقال: {وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر: 39]. وقال: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)} [العنكبوت: 64]. وقال: {مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3)} [الكهف: 3]، وقال: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران: 107]. وقال: {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33)} [الواقعة: 32، 33]. ومثله في القرآن كثير. وذكر أهل النار فقال: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [فاطر: 36]. وقال: {أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي} [العنكبوت: 23].

وقال: {لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ} [الأعراف: 49]. وقال: {وَنَادَواْ يَامَالِكُ لِيَقَضِ عَليْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ} [الزخرف: 77]. وقال: {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَّحِيصٍ} [إبراهيم: 21]. وقال: {خِالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَّرُّ البَرِيَّةِ} [البينة: 6]. وقال: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [النساء: 56]. وقال: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} [السجدة: 20]. وقال {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُّؤصَدَة} [الهمزة: 8] ومثله في القرآن كثير. "الرد على الجهمية والزنادقة" للإمام أحمد ص 146 - 148

145 - فصل: وصف الجنة

145 - فصل: وصف الجنة قال المروذي: قرئ على أبي عبد اللَّه -وأنا أسمع- عن عفان، عن أبي بكر (¬1) بن أبي موسى، عن أبيه في قوله: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)} [الرحمن: 46] قال: جنتان من ذهب للسابقين، وجنتان من فضة للتابعين (¬2). "الورع" (375) قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كانوا عند أنس قبل طلوع الشمس، فقال: هكذا نهار الجنة (¬3). "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (310) قال بقي بن مخلد: نا أحمد بن حنبل قَال: نا عاصم بن خالد الحضرمي قال: نا صفوان بن عمرو، عن سليم بن عامر الخبائري وأبي اليمان الهوزني، عن أبي أمامة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه وعدني أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفا بغير حساب". فقال يزيد بن الأخنس السلمي: واللَّه ما أولئك في أمتك يا رسول اللَّه إلا كالذباب ¬

_ (¬1) وقع في المطبوع: بكر، والمثبت من مصادر التخريج. (¬2) لم أقف عليه من طريق عفان، ولكن رواه ابن أبي شيبة 7/ 154 (34803)، والطبري في "تفسيره" 11/ 603 (33089)، والحاكم 1/ 84 من طرق عن أبي بكر ابن أبي موسى به. قال الحاكم: هذا إسناد صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه هكذا، إنما خرجا من حديث الحارث بن عبيد وعبد العزيز بن عبد الصمد، عن أبي عمران الجوني، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "جنتان من فضّة. . " الحديث، وليس فيه ذكر السابقين والتابعين. قلت: هو البخاري (4878)، ومسلم (180). (¬3) رواه أبو نعيم في "صفة الجنة" (213) من قول أبي العالية، وهو في طريقه لأنس.

الأصهب في الذبان. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فإن ربي قد وعدني سبعين ألفا، مع كل ألف سبعون ألفا وزادني ثلاث حثيات" قال: فما سعة حوضك يا نبي اللَّه؟ قال: "كما بين عدن إلى عمان فأوسع فأوسع" يشير بيده، قال: "فيه شعبان من ذهب وفضة". قال: فما حوضك يا نبي اللَّه؟ قال: "أشد بياضًا من اللبن، وأحلى مذاقة من العسل، وأطيب رائحة من المسك، من شرب منه لم يظمأ أبدًا ولم يسود وجهه أبدًا" (¬1). "الحوض والكوثر" لبقي بن مخلد ص 80 (2) قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده: حدثنا يونس بن محمد قال: كان بالبصرة قاض يكنى أبا سالم، فذكر من فضله قال: فكان في مسجد بعض الأشياخ، قال يونس: وقد جلست إليه، قال: فبلغني أنه كان يصلي، فأتى على هذه الآية {فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} [الرحمن: 54] فقال: يارب هذِه البطائن فكيف الظواهر، فنودي ولا يدري من ناداه: الظواهر رضوان اللَّه، وكان يقص بالفارسية. "الزهد" ص 216 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، حدثنا عوف، عن الحسن، أنه قال في قوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97] قال: ما يطيب لأحد ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 250 - 251، به، ورواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1247)، وفي "السنة" (588)، وابن حبان (6457)، والطبراني 8/ 159 (7672)، كلهم من طريق صفوان، به. قال الألباني في "ظلال الجنة في تخريج السنة": عاصم بن خالد ثقة من رجال البخاري، فالسند صحيح. اهـ. قلت: وقد أخرج الترمذي (2437) وابن ماجه (4286) بعضا منه بإسناد آخر. قال الترمذي: حديث حسن غريب. وقال الألباني في "ظلال الجنة" إسناده صحيح.

الحياة إلا في الجنة (¬1). "الزهد" ص 344 قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا سيار، قال: حدثنا جعفر، قال: حدثنا عباد بن عمرو، قال: سألتُ الحسن: قلت: أبا سعيد، ما الحور العين؟ قال: هنَّ عجائزكم هؤلاء الدرد، ينشئهن اللَّه خلقًا آخر. فقال يزيد ابن أبي مريم السلولي للحسن: من حدثك هذا الحديث يا أبا سعيد؟ قال: فحسر عن كُمِّ قميصه فقال: حدثني فلان بن فلان المهاجري، وحدثني فلان بن فلان الأنصاري، حتى عد خمسة من المهاجرين وأربعة من الأنصار. "مسائل صالح" (707) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي وعلي بن مسلم قالا: حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا عباد بن عمر العبدي قال: قلت للحسن: يا أبا سعيد، ما الحور العين؟ قال: هي عجائز هؤلاء ينشئهن اللَّه خلقا آخر، قال: فقال يزيد ابن أبي مريم السلولي: يا أبا سعيد، من حدَّثك هذا؟ قال: فحسر الحسن عن كم قميصه، فقال: حدثني فلان بن فلان المهاجري وفلان بن فلان الأنصاري، حتى عدّ خمسة من الأنصار وأربعة من المهاجرين، أو أربعة من الأنصار وخمسة من المهاجرين (¬2). "الزهد" ص 351. ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره 7/ 642 (21905) من طريق عوف، عن الحسن، به. (¬2) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 172 (2826).

كتاب الصحابة

كتاب الصحابة 146 - باب: أفضل الصحابة والخلافة الراشدة قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمد: مَنْ تفضل؟ قَالَ: أبو بكر وعمر وعثمان، وعليّ -رضي اللَّه عنهم- في الخلفاءِ. "مسائل الكوسج" (3364) قال صالح: سألت أبي عن سعيد بن جُمهان؟ قال: بصري، قد روى عنه البصريون. قلت: إلى أي شيء تذهب في التفضيل؟ قال: إلى حديث ابن عمر (¬1). قلت: وتذهب إلى حديث سفينة؟ قال: نعم، نستعمل الخبرين جميعًا، حديث سفينة: "الخلافة ثلاثون سنة" (¬2)، فملك أبو بكر سنتين وشيئا، وعمر عشرًا، وعثمان أثني عشر، وعلي ستًّا. قلت: فإن قال قائل: ينبغي لمن يثبت خلافة علي أن يربع به؟ قال: إنما نتبع ما جاء، أما قولنا نحن: عليّ عندنا خليفة، قد سمى ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 14، والبخاري (3655، 3698)، وسيأتي نصه. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 220، وأبو داود (4646، 4647)، والترمذي (2225) من طريق سعيد بن جمهان عن سفينة، به. وصححه أحمد كما سيأتي قريبًا، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، قد رواه غير واحد عن سعيد بن جمهان، ولا نعرفه إلا من حديثه. وصححه ابن حبان (6657). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 35/ 18: وهو حديث مشهور من رواية حماد بن سلمة وعبد الوارث بن سعيد والعوام بن حوشب وغيره عن سعيد بن جمهان عن سفينة. اهـ. وصححه الألباني في "الصحيحة" (459).

نفسه أمير المؤمنين، وسماه أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمير المؤمنين، وأهل بدر متوافرون يسمونه أمير المؤمنين، ويحج بالناس، ويقطع ويرجم. قلت: فإن قال قائل: قد تجد الخارجي يخرج فيسمى بأمير المؤمنين ويسميه الناس بأمير المؤمنين؟ قال: هذا قول سوءٍ خبيث، يُقاس علي إلى رجل خارجي؟ ! ويقاس أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى سائر الناس؟ ! هذا قول رديء، فنقول: إنما كان عليٌّ خارجيًّا؟ ! إذن بئس القول هذا، [نعوذ باللَّه من الغلو] (¬1). "مسائل صالح" (349)، و"سيرة الإمام أحمد" لابنه صالح ص 76 - 77 قال صالح: قال أبي: أهل الكوفة كلهم يفضلون عليًّا على عثمان إلا رجلين: طلحة بن مصرف وعبد اللَّه بن إدريس. قلت له: زبيد؟ قال: لا، كان يحب عليًّا -أي: كأنه يفضله على عثمان. "مسائل صالح" (715) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على أحد وأبو بكر وعمر وعثمان، فقال: "اثبت؛ فما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان" (¬2). "مسائل صالح" (1275) ¬

_ (¬1) زيادة من "سيرة الإمام أحمد". (¬2) رواه أحمد 5/ 331، وعبد بن حميد (448)، وأبو يعلى (7518)، وابن حبان (6492)، وهو عند عبد الرزاق 11/ 229 (20401) من حديث سهل عن عثمان بن عفان. قال الهيثمي 9/ 55: ورواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. اهـ. وقال ابن حجر في "الفتح " 7/ 38 إسناده صحيح. وصحح إسناده الألباني في "الصحيحة" 2/ 533 تحت حديث رقم (875).

قال صالح: وسئل وأنا أشاهد عمن يقدم عليًّا على عثمان تبدع؟ قال: هذا أهل أن يبدع، أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قدموا عثمان. "سيرة الإمام أحمد" ص 77 قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ قالَ له رجلٌ: أبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليٌّ -يعني: في التقدمةِ فيِ التفضيلِ؟ فقال أحمد: أبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ، وعليٌّ في الخلفاءِ -يعني: يعدُّ عليٌّ في الخلفاءِ، وأبو بكير وعمرُ وعثمانُ وعليّ. ثنا محمدُ بنُ يحيى بن فارسٍ قالَ: سألتُ أحمدَ بنَ حنبل، فقالَ: أبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ، ولو قالَ قائل: وعليٌّ، لم أعنفهُ -يعني: في التفضيلِ. "مسائل أبي داود" (1794 - 1795) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في التفضيل: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ولو أن رجلًا قال: عليّ، لم أعنفه، وفي الخلافة: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي. قال ابن هانئ: قيل له: إن رجلًا يقول أبا بكر، وعمر، وعليًّا معهم، ويترك عثمان. فغضب، ثم قال: [قال] (¬1) ابن مسعود: أَمَّرنا خيْرنا [ولم نأل عن أعلاها] (1) ذا فُوق (¬2). وبيعته سابقة، هذا رجل سوء. ¬

(¬1) زيادة ليست في المطبوع والمثبت من "السنة" للخلال (539). (¬2) رواه الإمام أحمد في "فضائل الصحابة" (391)، وابن سعد في "الطبقات" 3/ 62 - 63، وابن أبي شيبة 6/ 363 (32023)، وابن أبي عاصم في "الآحاد" 1/ 131 (146)، والطبراني 1/ 90 (141)، 9/ 168 - 170 (8835، 8836 - 8837، 8840 - 8844)، والآجري في "الشريعة" (1212 - 1214)، والحاكم 3/ 97. وروى الخطيب في "تاريخه" 2/ 231، ومن طريقه ابن عساكر 39/ 52 عن المهلب =

ثم أخرج إليّ كتابًا فيه هذِه الأحاديث فقرأتها عليه. قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: منصور بن سلمة الخزاعي قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد اللَّه بن أبي سلمة، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر قال: كنّا في زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا نعدل بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأبي بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك، فلا نفاضل بينهم. قال: قرأت على أبي عبد اللَّه: أبو معاوية قال: حدثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن ابن عمر قال: كنا نعدّ -ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حيٌّ وأصحابه متوافرون-: أبو بكر، وعمر، وعثمان ثم نسكت (¬1). قال: قرأت على أبي عبد اللَّه: يحيى ووكيع، عن مسعر. قال وكيع: عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة -قال وكيع: سمعت ابن مسعود يقول: لما استخلف عثمان، قال عبد اللَّه: أمرْنا خير من بقي، ولم نألُ. سألته عمّن قدّم عليًّا على عثمان، فقال: هذا قول سوء، نبدأ بما قال أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومن فضلهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: قرأت على أبي عبد اللَّه: أبو معاوية، قال: حدثنا الأعمش، عن عبد اللَّه بن سنان، قال: قال عبد اللَّه حين استخلف عثمان: ما ألوْنا عن ¬

_ = ابن أبي صفرة؛ أنه سأل أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لِمَ قلتم في عثمان: أعلاها ذا فُوق؟ قالوا: لأنه لم يتزوج رجل من الأولين ولا الآخرين ابنتي نبي غيره. (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 14 من طريق سهيل بن أبي صالح به، ورواه البخاري (3698) من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر قال: كنا في زمن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا نعدل بأبي بكر أحدًا، ثم عمر ثم عثمان ثم نترك أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا نفاضل بينهم.

أعلاها، ذا فُوق (¬1). قرأت على أبي عبد اللَّه: أبو المغيرة، قال: حدثنا صفوان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن جُبير بن نُفير، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان القوم يختلفون إليّ في عَيب عثمان، ولا أرى إلا أنها معاتبة، فأما دمه فأعوذ باللَّه من دمه، واللَّه لوددت أني عشت في الدنيا برصاء سالخ وأني لم أذكر عثمان قط. فذكرتْ كلامًا فضلتْ عثمان على عليّ (¬2). قال: قرأت على أبي عبد اللَّه: بشر بن شعيب قال: حدثني أبي، عن الزهري، قال: أخبرني سالم ببن عبد اللَّه، أن عبد اللَّه بن عمر قال: جاءني رجل من الأنصار في خلافة عثمان فكلمني، فإذا هو يأمرني في كلامه بأن أعيب على عثمان، فتكلم كلامًا طويلًا -وهو امرؤ في لسانه ثقل- فلم يكد يقضي كلامه في سريح (¬3)، فلما قضى كلامه قلت: إنا كنا نقول ورسول اللَّه ¬

_ (¬1) قال أبو عبيد في "غريب الحديث" 2/ 208: قال الأصمعي: قوله: ذا فُوق يعني السهم الذي له فُوق وهو موضع الوتر، وإنما نراه قال: خيرنا ذا فوق. ولم يقل: خيرنا سهمًا؛ لأنه قد يقال له: سهم، وإن لم يكن أصلح فُوقه ولا أحكم فُوقه ولا أحكم عمله، فهو سهم وليس بتام كامل، حتى إذا أصلح عمله واستحكم فهو حينئذ سهم ذو فوق، فجعله عبد اللَّه مثلا لعثمان -رضي اللَّه عنه- يقول: إنه خيرنا سهما تاما في الإسلام والسابقة والفضل، فهذا خص ذا الفوق. (¬2) رواه نعيم بن حماد في "الفتن" 1/ 90 (209)، والطبراني في "مسند الشاميين" 2/ 75 (944)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 488 من طريق إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو، به، وقد ذكروا الكلام الذي فضلت به عثمان، قالت: وايم اللَّه لأصبع عثمان التي يشير بها إلى الأرض خير من طلاع الأرض من مثل علي. (¬3) قال الخلال (553): سألتُ إبراهيم الحربي عن قول ابن عمر في الأنصاري: ما يقضي كلامه في سريح. قال: يعني: في سهولة.

-صلى اللَّه عليه وسلم- وحي: أفضل أمة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعده: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان. وإنا واللَّه ما نعلم عثمان قتل نفسًا بغير حق، ولا جاء من الكبائر شيئًا، ولكن هو هذا المال، فإن أعطاكموه رضيتم، وإن أعطاه أولي قرابته سخطتم! إنما تريدون أن تكونوا كفارس والروم، لا يتركون أميرًا إلا قتلوه. قال: ففاضت عيناه بأربعٍ من الدمع، ثم قال: اللهم لا نريد ذلك (¬1). قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: فكل من فضل عليًّا على عثمان فقد أزرى على المهاجرين والأنصار. وسئل عن: الرجل لا يفضل عثمان على عليّ؛ قال: ينبغي له أن يفضل عثمان على عليّ، ولم يكن بين أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- اختلاف أن عثمان أفضل من علي، ولا أذهب إلى ما رآه الكوفيون وغيره، ولا إلى ما قال أهل المدينة لا يفضلون أحدًا على أحد (¬2). ثم قال: نقول: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نسكت، هذا في التفضيل. ثم نقول في الخلفاء: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، هذا في الخلفاء، على هذا الطريق، وعلى ذا كان رأي أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لو لم تسمع من أبي همام، إلا حديث عثمان بن عفان كان حسبك. وكان أبو همام حدثنا قال: حدثنا ضمرة بن ¬

_ (¬1) رواه الطبراني في "مسند الشاميين" 4/ 231 (3155) من طريق بشر به. ورواه ابن حبان 16/ 236 (7250) من طريق ثور بن يزيد عن الزهري بنحوه. وأصله في البخاري (3655)، (3697) من طريق نافع، عن ابن عمر. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 1/ 290 (508).

ربيعة، عن عبد اللَّه بن شوذب، عن عبد اللَّه بن القاسم، عن كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة، عن عبد الرحمن بن سمرة قال: جاء عثمان في جيش العسرة بألف دينار، فصبّها في حجر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجعل يدخل يده فيها ويقول: "ما ضرّ ابن عفان ما عمل بعد اليوم، ما ضرّ ابن عفان. ما عمل بعد اليوم" (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1935 - 1946) قال حرب بن إسماعيل: سألتُ أحمد بن حنبل عن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: خير الأمة بعد النبي أبو بكر وعمر، ثم عثمان على حديث ابن عمر. قال أحمد: وعليٌّ في الخلفاء. قلت: أليس تقول: علي خير من بقي بعد الثلاثة في الخلافة؟ قال: هو خليفة. قلت: ولا يدخل في ذلك على طلحة والزبير؟ قال: لا، أيش على طلحة والزبير، ألا ترى أن عليًّا كان يقيم الحدود، ويقسم الفيء، ويجمع بالناس، فإن قلت: ليس خليفة؛ ففيه ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 63، والترمذي (3701)، والفسوي في "المعرفة" 1/ 283، وابن أبي عاصم في "السنة" (1314)، والطبراني في "الأوسط" 9/ 94 (9226)، وفي "مسند الشاميين" (1274)، والحاكم 3/ 102، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 59، والبيهقي في "الدلائل" 5/ 215. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الألباني في "المشكاة" (6064): إسناده حسن.

شناعة شديدة (¬1). وسألتُ إسحاق عن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقال: خير هذِه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، وقال: هو أفضل الأمة يومئذ وهو خليفة عدل -يعني بعد عثمان. "مسائل حرب" ص 439 قال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة قال: حدثني أبي، عن الزهري قال: أخبرني سالم بن عبد اللَّه أن عبد اللَّه بن عمر قال: كنا نقول، ورسول اللَّه حي: أفضل أمته أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان. وقال حرب: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو معاوية قال: ثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن ابن عمر قال: كنا نعد -ورسول اللَّه حي وأصحابه متوافرون- أبو بكر وعمر وعثمان، ثم نسكت. "مسائل حرب" ص 440 قال حرب: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: من قدم عليًّا على عثمان فهو مخطئ. "مسائل حرب" ص 441 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: أما التفضيل فأقول: أبو بكر، عمر، عثمان؛ على قول ابن عمر: كنا نعد -ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حي- فنقول: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نسكت. قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الأئمة، فقال: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ في الخلفاء. وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: السنة في التفضيل الذي يذهب إليه ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 330 (645).

ما روي عن ابن عمر يقول: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان. وأما الخلافة فيذهب إلى حديث (سفينة) (¬1) فيقول: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي في الخلفاء. يستعمل الحديثين جميعًا. "مسائل عبد اللَّه" (1592 - 1593) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن جَعْفر، قثنا شعبةُ، عن الحكم قال: سمعتُ أبا جُحَيْفَة قال سمعتُ عليًّا قال: ألا أخبركم بخير هذِه الأمة بعد نبيها؟ فقالوا: نعم. فقال: أبو بكر، ثم قال: ألا أخبركم بخير هذِه الأمة بعد أبي بكر؟ قالوا: نعم. فقال: عمر. ثم قال: ألا أنبّئكم بخير هذِه الأمة بعد عُمَر؟ فقالوا: بلى. فسكت. "فضائل الصحابة" 1/ 95 (44) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو سَلَمة الخُزاعي، منصور بن سلَمة، قال: أنا عبد العزيز بن عبد اللَّه بن أبي سلمة -يعني: الماجِشُون- عن عُبَيْد اللَّه بن عُمْر، عن نافع، عن ابنْ عمرَ قال: كنا في زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا نَعْدِل بعدَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأبي بكر، ثم عمُر، ثم عثمان، ثم نَتْرُك ولا نُفاضِل بينهم (¬2). "فضائل الصحابة" 1/ 105 - 106 (54) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة أبو القاسم، قال: حدثني أبي، عن الزهري، قال: أخبرني سالم بن عبد اللَّه؛ أن عبد اللَّه بن عمر قال: إنا كنا نقول ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حي: أفضل أمة ¬

_ (¬1) في المطبوع من "مسائل عبد اللَّه" (سفيان)، والمثبت هو الصحيح، كما في مصادر التخريج. وقد تقدم تخريجه. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 12، والبخاري (3697) من طرق عن عبيد اللَّه بن عمر، به.

رسول اللَّه بعدَه أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان. "فضائل الصحابة" 1/ 107 - 108 (56) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرازق، قال: أنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عُقبة بن أوس، عن عبد اللَّه بن عَمرو قال: وجدتُ في بعض الكتب يومَ غَزَوْنا اليرموك: أبو بكر الصديق أصبتم اسمَه، عُمر الفاروق قُرِن من حَديد أصبتم اسمه، عثمان ذو النورين أوتي كفلين من الرحمة؛ لأنه يقتل، أصبتم اسمه، قال: ثم يكون والي أرض المقدسة وابنه، قال عقبة: قلت لابن العاص: سمِّها كما سَمَّيتَ هؤلاء، قال: معاوية وابنه. "فضائل الصحابة" 1/ 125 (74) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن فضيل بن غزوان، أبو عبد الرحمن الضبي، قثنا سالم -يعني: ابن أبي حفصة- والأعمش وعبد بن صهبان، وكثير النواء، وابن أبي ليلى، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما ترون النجم الطالع في أفق من آفاق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما" (¬1). قال عبد اللَّه: قثنا داود بن عمرو الضبي، قال: سمعت أحمد بن حنبل قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: وأنعما، قال: وأهلًا. ثم سمعت أبي ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 27، والترمذي (3658)، وابن ماجه (96)، ورواه أبو داود (3987) من طريق أبان بن ثعلب عن عطية، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن، وقد روي من غير وجه عن عطية عن أبي سعيد. وصححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" (79). وروي بنحوه عند البخاري (6555)، ومسلم (32830) دون ذكر أبي بكر وعمر.

يحدث به عن ابن عيينة مثله (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 206 - 207 (162 - 163) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا تليد بن سليمان أبو إدريس، قال: أنا أبو الجَّحاف، عن عطيَّة العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن أهل الدرجات العُلى ليراهم أهل الجنة من أسفل منهم كما ترون الكوكب الدري، وإن أبا بكر وعمر لمنهم وأنعما". "فضائل الصحابة" 1/ 210 (169) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا هاشم بن القاسم، قثنا أبو عَقِيْل وهو عبد اللَّه بن عَقِيل الثقفي، قثنا كَثيْر أبو إسماعيل، عن صَفْوان بن قَبِيْصة الأحمسي، عن أبي سريحة شيخ من أحْمَس قال: سمعتُ عليًّا يقول: ألا إن أبا بكر كان أوّاهًا مُنِيْبَ القلب، ألا وإن عُمَر ناصَحَ اللَّه فَنَصحَه (¬2). "فضائل الصحابة" 5/ 211 - 216 (178) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أسود بن عامر، قثنا شَرِيك عن فِراس، عن عامر، رفعه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هذان سيِّدا كهُول أهل الجنة من الأولين والآخرين، إلا النبيين والمُرسلين" (¬3). "فضائل الصحابة" 1/ 216 - 217 (180) ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 246 (373). (¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 171. (¬3) رواه الترمذي (3666)، وابن ماجه (95) من طريق ابن عيينة عن داود عن عامر الشعبي عن الحارث عن علي مرفوعًا به. قال الألباني في "صحيح ابن ماجه" (78): صحيح وانظر: "الصحيحة" (824)، ورواه أحمد 1/ 80 من طريق الحسن بن زيد بن حسن، عن أبيه، عن أبيه، عن علي. ورواه أبو يعلى 1/ 405 (533) من طريق يونس بن أبي إسحاق عن الشعبي عن علي.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا جعفر بن عون، قثنا أبو العُمَيْس، عن ابن أبي مُلَيْكة قال: سمعت عائشة -وسئلت: من كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مستخلفًا لو استخلف؟ قالت: أبو بكر. ثمَّ قيل لها: مَن بعد أبي بكر؟ قالت: عمر. ثم قيل لها: بعدَ عُمر؟ قالت: أبو عُبَيدة ثم انتهت إلى ذا. "فضائل الصحابة" 1/ 232 (204) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرحمن ووكيع، عن سفيان، عن أبي هاشم القاسم بن كثير، عن قيس الخارفي قال: سمعت عليًّا يقول: سبق رسول اللَّه وصلى (¬1) أبو بكر، وثلّث عمر، ثم خَطَتنا أو أصابتنا فتنة فما شاء اللَّه، أو أصَابتنا فتنة يعفو اللَّه عمن يشاء (¬2). "فضائل الصحابة" 1/ 263 (241) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثتنا أم عُمر -ابنة لحسان بن زيد- قال أبي: عجوز صِدْق- قالت: حدثني سعيد بن يحيى بن قيس بن عَبس، عن أبيه، قال: بلغني أن حفصة ابنة عُمر قالت لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إذا أنت مرضت قدّمت أبا بكر! قال: "لستُ أنا الذي أقدمه، ولكن اللَّه قدمه" (¬3). "فضائل الصحابة" 1/ 296 (298) ¬

(¬1) صلَّى أي: ثنَّى، والمصلِّي في خيل الحلبة هو الثاني، سُمي به لأن رأسه يكون عند صلا الأول، وهو ما عن يمين الذنب وشماله. "النهاية" 3/ 55. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 125 عن عبد الرحمن، 1/ 132 عن وكيع كلاهما عن سفيان به. ورواه ابن سعد في "الطبقات" 6/ 130، وابن أبي عاصم في "السنة" 2/ 559 (1209). قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 53: رجال أحمد ثقات. (¬3) رواه الخلال في "السنة" (371) من طريق عبد اللَّه، ورواه أبو نعيم في "الحلية" من طريق أحمد، ورواه أبو بكر الشافعي في "الفوائد" 1/ 540 (692)، وابن عساكر =

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وَهْب بن جَرير قال: أنا أبي عن يعلى -يعني: ابن حكيم- عن نافع -قال: وقد سمعته من نافع ثم ترك يعلى- أن الزَّبْرَقان بن بدر والأقرع بن حابس طلبا إلى أبي بكر أن يُقْطِعَهما، وكتب لهما كتابًا، فقال لهما عثمان: أشهدا عمر فإنه الخليفة بعده وهو أجوز لأمركما. فأتيا عمر بالكتاب، فلما نظر فيه بزق فيه، ثم ضرب به وجوههما، ثم قال: لا، ولا نُعْمَة عين، اللَّه لتفلقن وجوه المسلمين بالسيوف والحجارة، ثم لنكتبن لكم لفيئهم. فرجعا إلى أبي بكر فقالا: واللَّه ما ندري أنت الخليفة أم عمر؟ قال: وما ذاك؟ فأخبراه بالذي صنع فقال: وإنا لا نجيز إلا ما أجازه عمر. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وهب بن جرير، قثنا أبي، قال: سمعته من نافع، قال وهب وكان يحدثنا به، عن يعلى، عن نافع، قال: كتب خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص إلى أبي بكر أن زدنا في أرزاقنا، وإلا فابحث إلى عملك من يَكْفيكه. فاستشار أبو بكر في ذلك، فقال عمر: لا تزدهم درهمًا واحدًا. قال: فمن لعملهم؟ قال: أنا أكفيه، ولا أريد أن ترزقني شيئًا. قال: فتجهز فبلغ ذلك عثمان بن عفان، فقال لأبي بكر: يا خليفة رسول اللَّه، إن قرب عمر منك ومشاورته أنفع للمسلمين من شيء يسير، فزد هؤلاء القوم وهو الخليفة بعدك. فعزم على عمر أن يقيم، قال: وزادهم ما سألوا. قال: فلما ولي ¬

_ = 30/ 265 من طريق محمد بن الصباح، ورواه الطبراني في "الأوسط" من طريق الصلت بن مسعود، ثلاثتهم عن أم عمرة بنت أبي الغصن، عن زوجها يحيى بن سعيد بن قيس، عن أبيه، عن جده، به. وأورده الهيثمي 5/ 181، وقال: فيه من لم أعرفه.

عمر كتب إليهم: إن رضيتم بالرزق الأول وإلا فاعتزلوا عملنا، وقال: وقد كان معاوية -يعني: ابن أبي سفيان- استعمل مكان يزيد. قال: فأما معاوية وعمرو فرضيا، وأما خالد فاعتزل، قال فكتب إليهما عمر: أن اكتبا لي كل مال، وهو لكما. ففعلا، قال: فجعل لا يقدر لهما بعد على مال إلا أخذه فجعله في بيت المال. "فضائل الصحابة" 1/ 358 - 359 (3/ 383 - 384) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر، قثنا شعبة، عن حُصَيْن، عن ابن أبي ليلى، قال: تداروا في أمر أبي بكر وعمر، فقال رجل من عطارد: عمر أفضل من أبي بكر. فقال الجارود: بل أبو بكر، أبو بكر أفضل منه. قال: فبلغ ذلك عمر. قال: فجعل ضربًا بالدرة حتى شغر برِجْلَيْه، ثم أقبل إلى الجارود فقال: إليك عني. ثم قال عمر: أبو بكر كان خير الناس بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في كذا وكذا. قال: ثم قال عمر: من قال غير هذا أقمنا عليه، ما نُقِيمُ على المفتري. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو معاوية، قثنا هارون بن سَلمان، عن عمرو بن حريث قال: سمعت عليًّا يقول: خير الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر، ولو شئت أن أسمي الثالث. "فضائل الصحابة" 1/ 367 - 368 (396 - 397) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا سُفْيان بن عُيَيْنَة، عن ابن أبي خالد وأبو معاوية، قثنا إسماعيل، عن الشعبي، عن أبي جُحَيْفة قال: سمعتُ عليًّا يقول: خير هذِه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر، ولو شئت لحدثتكم بالثالث. لم يقل أبو معاوية: سمعت عليًّا. "فضائل الصحابة" 1/ 370 (403)

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: أنا منصور بن عبد الرحمن -يعني: الغُدَاني- عن الشعبي قال: حدثني أبو جُحَيْفة -الذي كان يسميه وَهْب الخير- قال: قال لي علي: يا أبا جُحَيْفة ألا أخبرك بأفضل هذِه الأمة بعد نبيها؟ قلت: بلى، ولم أكن أرى أن أحدًا أفضل منه. قال: أفضل هذِه الأمة بعد نبيها أبو بكر، وبعد أبي بكر عمر، وبعدهما آخر ثالث. ولم يسمه. "فضائل الصحابة" 1/ 371 (405) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن سفيان وشعبة، عن حَبِيْب بن أبي ثابت، عن عبد خير، عن علي قال: ألا أنبئكم خير هذِه الأمة بعد نبيها؟ أبو بكر، ثم عمر. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرحمن بن مهدي، قثنا سفيان، عن خالد بن علقمة، عن عبد خَيْر قال: سمعت عليًّا يقول: خير هذِه الأمة نبيها، وخير الناس بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر، ثم أحدثنا أحداثًا يقضي اللَّه فيها ما أحب. "فضائل الصحابة" 1/ 378 - 379 (421 - 422) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن عُبَيد -هو الطنافسي- قثنا سالم المرادي، عن عَمرو بن هَرم الأزدي، عن أبي عبد اللَّه وربِعي بن حراش، عن حذيفة قال: بينا نحن عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ قال: "إني لستُ أدري ما قدر بقائي فيكم، فاقتدوا باللذين مِنْ بعدي" (¬1) يشير إلى أبي بكر وعمر. "فضائل الصحابة" 1/ 406 - 407 (479) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 399 به، والترمذي (3663)، وابن ماجه (97)، وصححه ابن حبان 15/ 328 (6902)، والحاكم 3/ 75 من طرق عن ربعي بن حراش. وصححه الألباني في "الصحيحة" (1233).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عفان، قثنا حماد -يعني: ابن سلمة- قثنا عاصم بن بَهْدلة، عن أبي وائل: أن عبد اللَّه بن مسعود سار من المدينة إلى الكوفة ثمانيًا حين استخلف عثمان بن عفان، فَحمِد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإن أمير المؤمنين عُمَر بن الخطاب مات فلم يُرَ يوم أكثر نشيجًا من يومئذ، وإنا اجتمعنا أصحاب محمد صلى اللَّه عليه وسلم فلم نأل عن خيرنا ذي فُوق، فبايعنا أمير المؤمنين عثمان، فبايعوه (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 570 - 571 (759) حدثنا عبد اللَّه قال: حدثني أبي، قثنا إسماعيل بن إبراهيم، قتنا سعيد بن أبي عروبة، عن رجل، عن مطرف بن الشخير قال: لقيت عليًّا بهذا الحزيز، فقال: أحُبُّ عثمان منعك أن تأتينا؟ مرتين، فلما تنفّس عن أصحابه قال: إن تحبه فإنه كان خيرنا وأوصلنا (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا رَوْح، قثنا سعيد، عن الخليل ابن أخي مُطرف، عن مُطرف قال: لقيت عليًّا بهذا الحزيز -أي: بهذِه الصحراء- بعد الجمل وهو في مَوكِبه فأسرع بدابته. قال: فقلت: أنا كنت أحق أن أسرع إليك. فقال: أحُبُّ عثمان منعك أن تأتينا؟ فجعلتُ أعتذر إليه فقال: أحُبُّ عثمان منعك أن تأتينا؟ فلما علم أن أصحابه لا يسمعون مقالته، قال: واللَّه لئن أحببته إن كان لخيرنا وأفضلنا. "فضائل الصحابة" 1/ 572 - 573 (761 - 762) ¬

(¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 63، والطبراني 9/ 169 (8836) من طريق حماد بن سلمة. (¬2) رواه ابن أبي عاصم في "السنة" 2/ 559 (1211).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن عبد اللَّه بن الزُّبَير، قثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مُضَرِّب قال: سمعت حاديًا يحدو في إمارة عمر: ألا إن الأمير بعده عثمان. وسمعته يحدو في إمرة عثمان: إن الأمير بعده علي (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 604 (802) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا بَهْز، قثنا حماد بن سَلَمة، قثنا سعيد بن جُمْهان، عن سفينة قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "الخلافة ثلاثون عامًا، ثم يكون بعد ذلك الملك". قال سفينة: أمسك خلافة أبي بكر سنتين، وخلافة عمر عشر سنين، وخلافة عثمان اثنتا عشرة سنة، وخلافة علي ست سنين (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 744 (1027) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الأئمة فقال: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم عليٌّ في الخلفاء. قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: أما التفضيل فأقول: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان، على قول ابن عمر: كنا نعد ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حي فيقول: أبو بكر وعمر وعثمان، وعلي في الخلفاء. سمعت أبي يقول: والخلافة على ما روى سفينة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: ¬

_ (¬1) لم أقف عليه. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 220 به، وأبو داود (4647)، والترمذي (2225)، وابن أبي عاصم في "السنة" 2/ 550 (1185). وصححه الإمام أحمد كما في "المنتخب من العلل" للخلال (128)، وحسنه الترمذي، وصححه الألباني في "ظلال الجنة" 2/ 333 (1181).

"الخلافة في أمتي ثلاثون سنة" ونستعمل الخبرين جميعًا، ما قال سفينة وما قال ابن عمر، ولا نعيب من ربَّع بعليٍّ؛ لقرابته وصهره وإسلامه القديم وعدله، وأن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الذين كانوا معه سموه أمير المؤمنين، وأقام الحدود، ورجم، وحج بالناس، ودُعي أمير المؤمنين، ثم لم يعتب عليه في قسمته بالعدل، وكل ما كان عليه من مضى من اتباعهم الحق. سألت أبي رحمه اللَّه عن التفضيل بين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان اللَّه عليهم، فقال: أبو بكر وعمر وعثمان، وعلي الرابع من الخلفاء. قلت لأبي: إن قوما يقولون: إنه ليس بخليفة. قال: هذا قول سوء رديء. وقال: أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كانوا يقولون له: يا أمير المؤمنين. أفنكذبهم وقد حج وقطع ورجم، فيكون هذا إلا خليفة؟ ! "السنة" لعبد اللَّه 2/ 573 - 574 (1346 - 1349) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، ثا أبو معاوية نا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن ابن عمر قال: كنا نعد -ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حي وأصحابه متوافرون- أبو بكر وعمر وعثمان، ثم نسكت. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، عن هشام بن سعد، عن عمرو بن أسيد، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنه- قال: كنا نقول في زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: رسول اللَّه خير الناس، ثم أبو بكر، ثم عمر. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 574 (1350 - 1351) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، ثا بشر بن شعيب بن أبي حمزة أبو القاسم، حدثني أبي، عن الزهري، أخبرني سالم بن عبد اللَّه بن عمر، قال: كنا

نقول ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حي: أفضل أمة رسول اللَّه بعده أبو بكر ثم عمر ثم عثمان. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو سلمة الخزاعي (¬1) منصور بن سلمة، أنا عبد العزيز بن عبد اللَّه بن أبي سلمة -يعني: الماجشون- عن عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: كنا في زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا نعدل بعد النبي وبأبي بكر ثم عمر ثم عثمان. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 575 (1353 - 1354) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، عن سفيان، عن جامع بن أبي راشد، عن ابن الحنفية، قال: قلت لأبي: من خير الناس بعد رسول اللَّه؟ قال: أبو بكر. قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر. قال: قلت: فأنت؟ قال: أبوك بعد رجل من المسلمين. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، نا سفيان، عن جامع بن أبي راشد، عن أبي يعلى -يعني: منذرًا الثوري- عن محمد ابن الحنفية قال: قلت لعلي بن أبي طالب: يا أبت، أي الناس خير بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: أبو بكر. قلت: ثم من؟ قال: عمر. قال: فخشيت أن أقول من؟ فيقول: عثمان. قال: قلت: ثم أنت يا أبت؟ قال: ثم رجل من المسلمين (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 578 (1362 - 1363) ¬

_ (¬1) في مطبوع "السنة" زاد: عن. (¬2) رواه البخاري (3671) بلفظ: ما أنا إلا رجل من المسلمين.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا ابن عيينة، عن زائدة، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة -رضي اللَّه عنه- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر" (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 579 (136) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن آدم بن سليمان، نا مالك بن مغول، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد خير، عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-. وعن الشعبي عن أبي جحيفة، عن علي. وعن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، عن علي أنه قال: خير هذه الأمة بعد نبيها صلى اللَّه عليه وسلم أبو بكر، وخيرها بعد أبي بكر عمر، ولو شئت لسميت الثالث. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 581 (1370 - أ، ب، جـ) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن الحكم قال: سمعت أبا جحيفة قال: سمعت عليًّا -رضي اللَّه عنه- قال: ألا أخبركم بخير هذِه الأمة بعد نبيها صلى اللَّه عليه وسلم؟ قالوا: بلى، فقال: أبو بكر ثم قال: ألا أخبركم بخير هذِه الأمة بعد أبي بكر؟ قالوا: بلى. قال: عمر. ثم قال: ألا أنبئكم بخير هذِه الأمة بعد (عمر) (¬2)؟ فقالوا: بلى، فسكت. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 583 - 584 (1378) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا سفيان بن عيينة، عن أبي إسحاق، عن عبد خير، عن علي رضي اللَّه عنه: خير هذِه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 584 (1380) ¬

(¬1) تقدم تخريجه. (¬2) في المطبوع (محمد) والصواب: (عمر) كما في "فضائل الصحابة" (44).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، عن سفيان وشعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد خير، عن علي -رضي اللَّه عنه- أنه قال: ألا أنبئكم خير هذِه الأمة بعد نبيها؟ أبو بكر ثم عمر. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 586 (1387) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، نا سفيان، عن خالد بن علقمة، عن عبد خير قال: سمعت عليًّا يقول: خير هذِه الأمة بعد نبيها، وخير الناس بعد نبيها صلى اللَّه عليه وسلم أبو بكر ثم عمر، ثم أحدثنا أحداثًا يقضي اللَّه تعالى فيها ما أحب. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 587 (1390) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو معاوية، نا وقاء بن إياس الأسدي، عن علي بن ربيعة الوالبي، عن علي -رضي اللَّه عنه- قال: إني لأعرف أخيار هذِه الأمة بعد نبيها: أبو بكر وعمر، ولو شئت أن أسمي الثالث لفعلت. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 589 (1395) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: السنة في التفضيل الذي نذهب إليه ما روي عن ابن عمر -رضي اللَّه عنه- يقول: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان. وأما الخلافة فنذهب إلى حديث سفينة فنقول: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي في الخلفاء، فنستعمل الحديثين جميعًا ولا نعيب من ربع بعلي؛ لقرابته وصهره وإسلامه القديم وعدله (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 590 (1400) قال عبد اللَّه: قال أبي: أهل الكوفة يفضلون عليًّا على عثمان إلا رجلين: طلحة بن مصرف، وعبد اللَّه بن إدريس. ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 314 (592).

قلت له: ولا زبيد؟ قال: لا، كان يحب عليًّا. يعني: يفضل عليًّا على عثمان. "العلل" (3532) قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي، ثنا سريج بن النعمان قال: ثنا حشرج، قال: قلت لسعيد بن جمُهان (¬1): أين لقيت سفينة؟ قال: ببطن نخلة زمن الحجاج. "العلل" (1064) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المرُّوذِيُّ قال: قيل لأبي عبد اللَّه: قول النبي: "يؤم القوم أقرؤهم" (¬2)، فلما مرض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "قدموا أبا بكر يصلي بالناس" (¬3) وقد كان في القوم من أقرأ من أبي بكر؟ فقال أبو عبد اللَّه: إنما أراد الخلافة. "السنة" للخلال 1/ 243 (365) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: ثنا الأثرم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قدموا أبا بكر يصلي بالناس" هو خلاف حديث أبي مسعود عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يؤم القوم أقرؤهم" (¬4)؟ فقال: إنما قوله لأبي بكر عندي: "يصلي بالناس" للخلافة، إنما أراد الخلافة بذلك، وقد كان لأبي بكر فضل بين على غيره، وإنما الأمر في القراءة، فأمَّا أبو بكر فإنما أراد به الخلافة. ¬

_ (¬1) ستأتي ترجمته في قسم الرجال. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 118، ومسلم (673) من حديث أبي مسعود الأنصاري. (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 96، والبخاري (687)، ومسلم (418) من حديث عائشة بلفظ: "مروا أبا بكر فليصلي بالناس". (¬4) رواه الإمام أحمد 4/ 118، ومسلم (673).

ثم قال أبو عبد اللَّه: ألا ترى أن سالمًا مولى أبي حذيفة كان مع خيار أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكان يؤمهم؛ لأنه جمع القرآن، وحديث عمرو بن سلمة: أَمَّهم للقرآن (¬1). قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سمعت هارون بن عبد اللَّه يقول لأبي عبد اللَّه: جاءني كتاب من الرقة أن قوما قالوا: لا تقل إن أبا بكر خليفة رسول اللَّه استخلفه؟ فغضب وقال: ما اعتراضهم في هذا، يجفون حتى يتوبوا. قال له أبو موسى: أليس أبو برزة يقول لأبي بكر: يا خليفة رسول اللَّه؟ قال: نعم، هذا وغيره. قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر، أن أبا الحارث حدَّثهم في هذِه المسألة، قال أبو عبد اللَّه: يُجانبون، ولا يجُالسون، ويُبين أمرهم للناس. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المَرُّوذِيُّ، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: يتكلمون في خلافته! أو قال: خير البرية بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "السنة" للخلال 1/ 243 - 245 (367 - 370) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 30، والبخاري (4302).

قال الخلال: أخبرني الحسن بن محمد قال: ثنا أحمد بن أبي عبدة قال: قال أحمد: قال ابن عيينة في حديث النبي: "وأنعما": وأهلا. قال: رواه عن مالك بن مغول. قال الخلال: وأخبرني زكريا بن الفَرَج، عن أحمد بن القاسم أن أبا عبد اللَّه سأله داود بن عمرو: "إن أبا بكر وعمر منهم وأنعما" (¬1) ما معني "وأنعما"؟ قال: نعم، سمعت سفيان بن عيينة يقول: "وأَنعما": وأهلًا. "السنة" للخلال 1/ 247 (374 - 375) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر، أن أبا الحارث حدثهم، قال: قال أبو عبد اللَّه: وهل يقدر أحد أن يطعن على خلافة عثمان، وما رويت له من السوابق؟ ! وقال عبد اللَّه: ولَّينا. أعلاها ذا فُوق. قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون، قال: قال حمدان بن علي: سمعت أبا عبد اللَّه قال: ما كان في القوم أوكد بيعة من عثمان، كانت بإجماعهم. قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسين؛ أن الفضل حدَّثهم: سمع أبا عبد اللَّه، وذكر نوح بن حبيب، فقال: إن كان الذي قيل في نوح بن حبيب أنه يقدم عليًّا على عثمان، فهذا أيضًا بلاء -أو نحو هذا- ثم قال: كيف يقدم عليًّا على عثمان؟ ! وهل كانت بيعة أوثق من بيعته، ولا أصح منها؟ وخليفة قُتل ظلمًا لم يهش إليهم بقصبة. فجعل يقول هذا ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه.

الكلام، وهو مغضب شديد الغضب. قال الخلال: أخبرني عبد الملك الميموني قال: قال أبو عبد اللَّه: قد أرادوه على ذلك -يعني: في حديث عثمان "فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه" (¬1). "السنة" للخلال 1/ 256 - 257 (404 - 407) قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدثني أبي قال: قال سفيان: أهل المدينة لما وثبوا على عثمان فقتلوه قال لهم سعد: أمعاوية خير عندكم من عثمان؟ قالوا: لا، بل عثمان. قال: فلا تقتلوه. قالوا: نكله إلى اللَّه. قال: كذبة واللَّه. قال الخلال: اخبرني محمد بن الحسين أن الفضل حدثهم قال: كتبت إلى أبي عبد اللَّه أسأله عن قول ابن سيرين: كانوا لا يختلفون في الأهلَّة حتى قتل عثمان، ما معناه؟ فأتاني الجواب: لا أدري، دعه. قال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا يحيى ابن سعيد، عن إسماعيل قال: أخبرني قيس قال: سمعت سعيد بن زيد، يقول لقوم حوله: لو أن أحدًا نقض فيما فعلتم بابن عفان كان محقوقًا بأن ينقض. "السنة" للخلال 1/ 258 (410 - 412) ¬

_ (¬1) سيأتي تخريجه.

قال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا ابن مهدي، قال: ثنا معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن عبد اللَّه بن قيس؛ أن النعمان بن بشير حدث عن عائشة قالت: يا بني، ألا أحدثك بشيء سمعته من رسول اللَّه؟ قال: قلت: بلى. قالت: فإني كنت أنا وحفصة يومًا من ذاك عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "لو كان عندنا رجل يحدثنا" فقلت: يا رسول اللَّه، ألا أبعث لك إلى أبي بكر؟ فسكت، ثم قال: "لا" ثم قال: "لو كان عندنا رجلٌ يحدثنا". فقالت حفصة: ألا أرسل لك إلى عمر؟ فسكت، ثم قال: "لا " ثم دعا رجلًا، فساره بشيء فما كان إلا أن أقبل عثمان، فأقبل عليه بوجهه وحديثه، فسمعته يقول: "إن اللَّه لعله يقمصك قميصًا، فإن أرادوك على خلعه، فلا تخلعه" ثلاث مرات. قال: قلت: يا أم المؤمنين، وأين كنت عن هذا الحديث؟ قالت: يا بني واللَّه لقد أنسيته حتى ما ظننت أني سمعته (¬1). قال الخلال: أخبرنا عبد الملك، قال: نا ابن حنبل قال: ثنا وكيع، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مرضه الذي مات فيه: "وددت أن عندي بعض أصحابي". قلنا: يا رسول اللَّه، ألا ندعو لك أبا بكر؟ فسكت، قلنا: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 149 من طريق عبد الرحمن بن مهدي به. ورواه الترمذي (3705)، وابن ماجه (112) بنحوه، وابن أبي عاصم في "السنة" 2/ 545 (1172) قال الترمذي: حسن غريب. وصححه ابن حبان 15/ 346 (6915). وفال الألباني في "ظلال الجنة": إسناده صحيح على شرط مسلم.

يا رسول اللَّه، ألا ندعو لك عمر؟ فسكت. قلت: يا رسول اللَّه، ألا ندعو لك عليًّا؟ فسكت، قلنا: ألا ندعو لك عثمان؟ قال: "بلى"، قالت: فأرسلنا إلى عثمان فجاء، فخلا به، فجعل يكلمه ووجه عثمان يتغيَّر. قال قيس: فحدثني أبو سهل أن عثمان قال يوم الدار حين حصر: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عهد إلي عهدًا، فأنا صابر عليه. قال إسماعيل: قال قيس: فكانوا يرونه ذلك اليوم (¬1). قال الخلال: أخبرني عبد الملك، قال: ثنا ابن حنبل، قال: ثنا وكيع، عن مسعر، عن عمران بن عمير، عن كلثوم الخزاعي، قال: سمعت ابن مسعود يقول: ما أحب أني رميت عثمان بسهم وأن لي مثل أحد ذهبًا. قال مسعر: أراه قال: أريد قتله (¬2). قال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا وكيع، عن الأعمش، عن منذر، عن ابن الحنفية قال: كان علي عند أحجار الزيت، قال: فقيل له: هذا الرجل مقتول. قال: فذهب فضبطنا، قال: فقلنا: إن القوم يريدون أن يرتهنوك. فأخذ عمامة له سوداء فرمى بها إليهم، ثم قال: اللهم لم أقتُل، ولم أمالِ. ¬

(¬1) رواه الإمام أحمد بهذا الإسناد 6/ 214، ورواه الترمذي (3711) مقتصرا على ما رواه قيس عن أبي سهلة، وابن ماجه (113) واللفظ له، وصححه ابن حبان 15/ 356 (6918)، والحاكم 3/ 99. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال البوصيري في "الزوائد" (25): إسناد صحيح ورجاله كلهم ثقات. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 367 (32049).

قال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا وهب بن جرير قال: حدثني أبي قال: سمعت يعلى بن حكيم يحدث عن نافع أن ابن عمر قال: ما زال ابن عباس ينهئ عن قتل عثمان، ويعظم شأنه، حتى جعلت ألوم نفسي ألا أكون قلت مثل ما قال. قال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا أبو المغيرة قال: ثنا صفوان قال: ثنا عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لعثمان بن عفان: "إن غشاك اللَّه يومًا قميصًا فأرادك المنافقون أن تخلعه فلا تخلعه" (¬1). قال أبو عبد اللَّه: قد أرادوه على ذلك، يعني: هذا الحديث. قال الخلال: أخبرني عبد الملك، قال ثنا ابن حنبل، قال: نا محمد ابن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، أنه سمع أباه يحدث أنه سمع عثمان بن عفان يقول: هاتان رجلاي؛ إن وجدتم في كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أن تضعوهما في القيود فضعوهما (¬2). قال الخلال: أخبرني عبد الملك، قال: ثنا ابن حنبل، قال: ثنا إسماعيل، قال: ثنا أيوب، عن أبي قلابة، قال: لما قتل عثمان قام خطباء بإلياء، فقام من آخرهم رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقال له: مرَّةُ ابنُ كعب، فقال: لولا حديث سمعته من رسول اللَّه ما قمت، إن ¬

_ (¬1) رواه عبد اللَّه في "فضائل الصحابة" 1/ 553 (728) عن الهيثم بن خارجة، عن إسماعيل بن عياش، عن صفوان به، ورواه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 66 من طريق آخر عن عبد الرحمن بن جبير مرسلا، وسبق تخريجه عن عائشة مرفوعًا. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 7/ 523 (37685).

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكر فتنة -أحسبه قال: فقربها، الشك من إسماعيل- فمر رجل مقنَّع، فقال: "هذا وأصحابه يومئذ على الحق". فانطلقت فأخذت بمنكبه، فأقبلت بوجهه إلى رسول اللَّه، قلت: هذا؟ قال: "نعم". قال: وإذا هو عثمان بن عفان (¬1). قال الخلال: أخبرني عبد الملك، قال: حدثني ابن حنبل، قال: ثنا سويد، قال: ثنا حماد، قال: ثنا الزبير في الحديث في أبي لبيد، قال: قام خطيبهم يوم الجمل ينعى على عثمان، قال: جلد فلان بن فلان خمسة أسواط. وما استطاع أن يقول: عشرة أسواط. قال الخلال: أخبرنا عبد الملك قال: ثنا ابن حنبل، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا حمَّاد بن زيد، قال: ثنا أيوب، عن أبي قلابة أن رجلًا من أصحاب أنس يقال له: ثمامة. . فذكر الحديث (¬2). قال الخلال: أخبرني عبد الملك، قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا هشيم، عن منصور، عن ابن سيرين، قال: قالت نائلة بنت الفرافصة: إن تقتلوه أو تدعوه، فقد كان يحيي الليل في ركعة، وكان يجمع فيها القرآن. تعني: عثمان (¬3). قال الخلال: أخبرني عبد الملك، قال: ثنا أحمد بن حنبل، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا مسعر. وأخبرنا الأحمسي، قال: ثنا وكيع، عن مسعر، عن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 235 بهذا الإسناد، ورواه الترمذي (3704). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الحاكم 3/ 102. (¬2) سيأتي قريبًا. (¬3) رواه ابن سعد 3/ 76 بنحوه عن ابن سيرين، وابن أبي شيبة 2/ 89 (6816) من طريق هشيم به.

عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة، قال: سمعت عثمان يقول: أنا أتوب إلى اللَّه إن كنت ظَلمت، أو ظُلمت (¬1). قال الخلال: أخبرنا عبد الملك قال: ثنا ابن حنبل، قال: ثنا عبد اللَّه ابن إدريس، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن عبد اللَّه بن عامر، قال يوم الدار -يعني: عثمان: إن أعظمهم عني غناءً رجل كف يده وسلاحه (¬2). قال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا عبد اللَّه ابن إدريس، عن هشام، عن ابن سيرين قال: جاء زيد إلى عثمان فقال: قد جاءني الأنصار، وهم يقولون: نحن أنصار اللَّه -مرتين- فقال: أما القتال فلا (¬3). قال الخلال: أخبرني عبد الملك، قال: ثنا ابن حنبل، قال: ثنا إسماعيل، قال: ثنا ابن عون، عن محمد، قال: كان مع عثمان في الدار يومئذ سبعمائة، لو يدعوهم لضربوهم -إن شاء اللَّه- حتى يخرجهم من أقطارها، وكان منهم ابن عمر، والحسن بن علي، وابن الزبير (¬4). قال الخلال: أخبرني عبد الملك، قال: ثنا ابن حنبل، ثنا إسماعيل، عن أيوب، عن أبي قلابة؛ أن ثمامة بن حزن -رجل من قريش كان على ¬

(¬1) أورده خليفة بن خياط في "تاريخه" ص 171 عن أبي بكر الكلبي عن عبد الملك، به. ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 357. (¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 70، وابن أبي شيبة 6/ 364 (32025)، من طريق اللَّه بن إدريس، به. (¬3) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 70 من طريق عبد اللَّه بن إدريس، به. ورواه خليفة بن خياط في "تاريخه" ص 173 من طريق قتادة، عن زيد بن ثابت. (¬4) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 71 من طريق إسماعيل بن إبراهيم، به.

صنعاء- فلما جاءه قتل عثمان بكى فأطال البكاء، فلما أفاق قال: اليوم انتزعت النبوة. قال أيوب إذ قال: خلافة النبوة من أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وصارت ملكًا وجبرية فمن غلب على شيء أكله (¬1). "السنة" للخلال 1/ 260 - 264 (418 - 434) قال الخلال: أخبرني عبد الملك، قال: ثنا ابن حنبل، قال: ثنا إسماعيل، قال: ثنا ابن عون، عن عمران الخياط، عن أبي سليمان زيد ابن وهب قال: إنا لمع حذيفة في هذا المسجد قال: وذاك حين استنفر عليٌّ الناسَ وهو بذي قار، فذكر حديثًا فيه طول، قال: ثم تكلم حذيفة كلمة ضعيفة فقال: أرأيتم يوم الدار أسرا؟ كانت فتنة على المسلمين عامة، فقال الأعرابي -وما فينا حيٌّ يومئذ غيره-: أي دار؟ أي دار؟ فقال حذيفة: دار عثمان بن عفان، فقال: سبحان اللَّه، سبحان اللَّه، خليفة اللَّه، وقتلوه مظلومًا، قال: فإنها كانت أول الفتن، وآخرها فتنة المسيح الدجال. قال الخلال: أخبرني عبد الملك، قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا عبد اللَّه، عن حميد، عن سعيد بن عبيد؛ أن أبا عبد الرحمن كان يُظَلِّم قتلة عثمان. قال الخلال: حدثنا عبد الملك، قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا وكيع، عن فطر، عن زيد بن علي قال: كان زيد يوم الدار يبكي على عثمان (¬2). قال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا إسماعيل ¬

(¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 80، وابن أبي شيبة 6/ 363 (32020). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 7/ 524 (37693) من طريق وكيع بنحوه.

قال: زعم ليث، عن طاوس قال: قال عبد اللَّه بن سلام: إن عثمان يحكم يوم القيامة في القاتل والخاذل (¬1). قال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا إسماعيل قال: ثنا سعيد، عن قتادة قال: قال أبو موسى: إن قتل عثمان لو كان هدًى لاحتلبت به الأمة لبنًا، ولكنه كان ضلالة، فاحتلبت به الأمة دمًا (¬2). قال الخلال: أخبرني عبد الملك، قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، قال: قال ابن سلام: لا تقتلوا عثمان، فواللَّه لإن قتلتموه لا تصلوا جميعًا أبدًا (¬3). "السنة" للخلال 1/ 260 - 266 (418 - 439) قال الخلال: أخبرنا عبد الملك، قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا إسماعيل، قال: ثنا أيوب، عن عبد اللَّه بن أبي مليكة، عن عبد اللَّه بن الزبير قال: قلت لعثمان: يا أمير المؤمنين، إن معك في الدار عصابة ينصر اللَّه بأقل منهم، فأْذَن فنقاتل. فقال: اذكر اللَّه رجلًا -أو قال: أنشد اللَّه رجلًا- أهراق فيَّ دمه. قال أيوب: أو قال: أهراق فيَّ دماء (¬4). قال الخلال: أخبرنا عبد الملك قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا وهب بن ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد 3/ 82، وابن عساكر 39/ 481. (¬2) رواه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 369 عن أبي موسى، بنحوه. ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 491 عن الحسن، به. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 7/ 524 (37695) من طريق الأعمش بنحوه، ورواه ابن سعد 3/ 67 عن مجاهد عن عثمان بن عثمان مطولًا. (¬4) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 70، وخليفة في "تاريخه" 1/ 173، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 395.

جرير قال: ثنا أبي قال: سمعت يعلى بن حكيم يحدث، عن نافع، أن ابن عمر قال: مازال ابن عباس ينهي عن قتل عثمان ويعظِّم شأنه، حتى جعلت ألوم نفسي أن لا أكون قلت مثل ما قال. "السنة" للخلال 1/ 267 (443 - 444) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي، قال: ثنا صالح؛ أنه سأل أباه عمن لا يفضل أبا بكر وعمر على غيرهما؟ قال: السنة عندنا في التفضيل ما قال ابن عمر: كنا نعد ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حي: أبا بكر وعمر وعثمان، ونسكت. "السنة" للخلال 1/ 290 (507) قال الخلال: أخبرني أحمد بن الحسين بن حسان، أن أبا عبد اللَّه سئل عن رجل يحب أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يفضل بعضهم على بعض وهو يحبهم؟ قال: السنة أن يفضل أبا بكر وعمر وعثمان، وعلى من الخلفاء. قال الخلال: أخبرنا عبد الملك بن عبد الحميد أنه قال لأبي عبد اللَّه: من قال: أبو بكر وعمر وسكت، ولم يقل عثمان يكون تامًّا في السنة؟ فأقبل يتعجب، وقال: يكون تامًّا في السنة؟ ! -يعني: لا يكون تامًّا في السنة. قال الخلال: أخبرني زكريا بن يحيى قال: ثنا أبو طالب قال: قال أبو عبد اللَّه: بلغني أن يحيى كان يقف عند ذكر عمر، وكان يأخذه من سفيان، فبلغ عبد الرحمن فأنكره على يحيى وقال: بمن تقتدي في هذا، وأهل البصرة ليس هذا قولهم؟ "السنة" للخلال 1/ 290 - 291 (509 - 511) قال الخلال: أخبرني محمد بن موسى، قال: قال أبو جعفر حمدان بن علي؛ أنه سمع أبا عبد اللَّه قال: وكان يحيى بن سعيد يقول: عمر، وقِفْ،

وأنا أقِفُ، قال أبو عبد اللَّه: وما سمعت أنا هذا من يحيى، حدثني به أبو عبيد عنه، وما سألت أنا عن هذا أحدًا، أو ما أصنع بهذا؟ قال أبو جعفر: فقلت: يا أبا عبد اللَّه، من قال: أبو بكر وعمر، هو عندك من أهل السنة؟ قال: لا توقفني هكذا، كيف نصنع بأهل الكوفة؟ قال أبو جعفر: وحدثني عنه أبو السري عبدوس بن عبد الواحد. قال: إخراج الناس من السنة شديدٌ. قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسن الدوري بالمصيصة إملاءً من كتابه، قال: ثنا محمد بن عوف الحمصي، قال: سمعت أحمد بن حنبل وسُئل عن التفضيل؛ فقال: من قدَّم عليًّا على أبي بكر فقد طعن على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومن قدمه على عمر فقد طعن على رسول اللَّه وعلى أبي بكر، ومن قدمه على عثمان، فقد طعن على أبي بكر وعلى عمر، وعلى أهل الشورى، وعلى المهاجرين والأنصار (¬1). "السنة" للخلال" 1/ 291 - 292 (513 - 514) قال الخلال: أخبرني علي بن عيسى أن حنبلًا حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من زعم أن عليًّا أفضلُ من أبي بكر فهو رجل سوء، لا نخالطه، ولا نجالسه. قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد النسائي حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن رجل يفضل عليًّا على أبي بكر وعمر رحمهما اللَّه. قال: بئس القول هذا. "السنة" للخلال 1/ 294 (524 - 525) ¬

_ (¬1) ذكره ابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" 3/ 215.

قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن إسحاق بن إبراهيم حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عمن قدَّم عليًّا على عثمان؟ فقال: هذا رجل سوء، نبدأ بما قال أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومن فضله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال الخلال: كتب إليَّ أحمد بن الحسن الورَّاق من الموصل، قال: ثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، وسأله عمن قال: أبو بكر وعمر وعلي وعثمان؟ فقال: ما يعجبني هذا القول. قلت: فيقال: إنه مبتدع؟ قال أكره أن أبدعه، البدعة الشديدة. قلت: فمن قال: أبو بكر وعمر وعلي وسكت، فلم يفضل أحدًا؟ قال: لا يعجبني أيضًا هذا القول. قلت: فيقال: مبتدع؟ قال: لا يعجبني هذا القول، قال أبو عبد اللَّه: ويروى عن عدَّة من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنهم فضلوا عثمان، قال ابن مسعود: خير من بقي (¬1). وقالت عائشة: أصبح عثمان خيرًا من علي (¬2). قال: وحدثنا قبيصة بن عقبة قال: سمعت سفيان الثوري يقول: من قدم على أبي بكر وعمر أحدا فقد أزرى على المهاجرين والأنصار، ولا أحسبه ينفعه مع ذلك عمل. قال: وحدثنا عبد العزيز بن أبان القرشي قال: سمعت سفيان الثوري قال: من قذَم على أبي بكر وعمر أحدًا فقد أزرى على اثني عشر ألفًا من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، توفي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو عنهم راضٍ. "السنة" للخلال 1/ 294 - 290 (526 - 528) ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) رواه نعيم بن حماد في "الفتن" 1/ 90 (209)، والطبراني في "مسند الشاميين" 2/ 75 (944) بلفظ أقوى.

قال الخلال: وأخبرني زهير بن صالح بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: سئل أبي وأنا أسمع عمَّن يقدم عليًّا على عثمان: مبتدع؟ قال: هذا أهل أن يبدع، أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قدموا عثمان. قال الخلال: وأخبرني علي بن عيسى أن حنبلًا حدثهم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عمن يقدم عليًّا على عثمان هو عندك مبتدع؟ قال: هذا أهل أن يُبدَّع، أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قدَّموا عثمان بالتفضيل. وقال حنبل في موضع آخر: سألت أبا عبد اللَّه: من قال: علي وعثمان؟ قال: هؤلاء أحسن حالًا من غيرهم، ثم ذكر عدة من شيوخ أهل الكوفة، وقال: هؤلاء أحسن حالًا من الروافض. ثم قال أبو عبد اللَّه: إن أولئك -يعني: الذين قدَّموا عليًّا على عثمان- قد خالفوا من تقدمهم من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، من قال: علي ثم عثمان، وأنا أذهب إلى أن عثمان، ثم علي رحمهما اللَّه. قال الخلال: وأخبرني علي بن عبد الصمد قال: سمعت هارون الديك يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: من قال: أبو بكر وعمر وعثمان فهو صاحب سنة، ومن قال: أبو بكر وعمر وعلي وعثمان فهو رافضي - أو قال: مبتدع. "السنة" للخلال 1/ 295 - 296 (530 - 532) قال الخلال: أخبرني زكريا بن يحيى قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال له رجل: من قدم عليًّا على عثمان؟ قال: ذا قول سوء (¬1). "السنة" للخلال 1/ 291 (534) ¬

_ (¬1) قال أبو بكر الخلال معلقًا: لا نرى في هذا الباب مع توقف أبي عبد اللَّه في غير موضع يكره أن يقول: مبتدع، فكأنه لم ير بأسًا لو قال له: مبتدع، أو ترى [. .] لم =

قال الخلال: أخبرني يوسف بن موسى؛ أن أبا عبد اللَّه قيل له: الرجل يكتب الحديث، فيجيء الحديث: علي وعثمان، أيكتب هو: عثمان وعلي؟ قال: لا بأس. "السنة" للخلال 1/ 297 (536) قال الخلال: أخبرنا محمد بن أبي هارون؛ أن إسحاق حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه وقيل له: إن رجلًا يقول: نفضل أبا بكر وعمر، وعلي معهم، ونترك عثمان؟ فغضب، ثم قال: قال ابن مسعود: أَمَّرنا خيرنا ولم نألُ عن أعلاها، ذا فوق. وبيعته سابقة، هذا رجل سوء. ثم أخرج إليَّ كتابًا فيه هذِه الأحاديث، فقرأتها عليه. "السنة" للخلال 1/ 298 (539) قال الخلال: وأخبرنا الميموني، قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا أبو معاوية، قال: ثنا الأعمش، عن عبد اللَّه بن سنان قال: قال عبد اللَّه حين استخلف عثمان: ما ألونا عن أعلاها، ذا فُوق. "السنة" للخلال 1/ 300 (544) قال الخلال: وأخبرني عبد الملك قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا بشر قال: حدثني أبي، عن الزهري قال: أخبرني سالم أن عبد اللَّه بن عمر قال: جاءني رجل من الأنصار. . فذكر هذا الحديث إلى آخره (¬1). ¬

_ = أره في هذا الباب أجزم أنه مبتدع؛ لأن المسألة التي روأها علي بن عبد الصمد، عن هارون قد رواها أبو بكر بن صدقة، عن هارون، وقد صيرها في آخر الأبواب؛ لأنه زاد فيها زيادة، وقال فيها: هذا الآن شديد، هذا الآن شديد. ولم يقل ما قال علي ابن عبد الصمد، وشكَّ علي بن عبد الصمد أيضًا في اللفظ، فاستقر القول من أبي عبد اللَّه أنه يكره هذا القول، ولم يجزم في تبديعه، وإن قال قائل: هو مبتدع، لم ينكر عليه، وباللَّه التوفيق. (¬1) سبق تخريجه.

وسألت إبراهيم الحربي عن قول ابن عمر في الأنصاري: ما يقضي كلامه في سريح. قال: يعني: في سهولة. "السنة" للخلال 1/ 304 (553) قال الخلال: قال الميموني: قال أبو عبد اللَّه وقرأت عليه: يحيى بن آدم قال: ثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن حارثة قال: جاءت بيعة عثمان إلى الكوفة، فقام ابن مسعود فحمد اللَّه وأثنى عليه، فقال: ما ألونا عن أعلاها ذا فُوق، وبايعناه. قال الخلال: وأخبرني عبد الملك الميموني قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا أبو معاوية قال: ثنا الأعمش، عن عبد اللَّه بن سنان قال: قال عبد اللَّه حين استخلف عثمان: ما ألونا عن أعلاها، ذا فوق. سألت إبراهيم الحربي عن قوله: أمرنا خير من بقي أعلاها، ذا فُوق؟ فقال: قد قلت للمهلب بن أبي صفرة (¬1): ما معنى: كم أعلاها ذا فُوق؟ قال: ما نعلم أن أحدًا أغلق بابه على ابنتي نبي إلا عثمان رحمه اللَّه. ثم رجعت إلى مسألة إسحاق. قال أبو عبد اللَّه: فكل من قدم عليًّا على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار. قال الخلال: وأخبرنا محمد بن أبي هارون، قال: ثنا إسحاق أن أبا عبد اللَّه سئل عن الرجل لا يفضل عثمان على علي؟ قال: ينبغي أن نفضل عثمان على علي، لم يكن بين أصحاب رسول اللَّه اختلاف أن عثمان أفضل من علي رحمهما اللَّه، ثم قال: نقول: أبو بكر ¬

_ (¬1) كذا في المطبوع، وإبراهيم الحربي يروي عن المهلبي: محمد بن عباد بن عباد بن حبيب ابن الأمير المهلب بن أبي صفرة.

وعمر وعثمان، ثم نسكت، هذا في التفضيل، وفي الخلافة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، هذا في الخلفاء على هذا الطريق، وعلى ذا كان أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "السنة" للخلال 1/ 305 (557 - 559) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المرُّوذي، قال: ذكرت لأبي عبد اللَّه عن بعض الكوفيين أنه كان يقول في التفضيل: أبو بكر وعمر وعلي، فعجب من هذا القول. قلت: إن أهل الكوفة يذهبون إلى هذا، فقال: ليس يقول هذا أحد إلا مزكوم. واحتجَّ بمن فضل عثمان على علي فذكر ابن مسعود، وقال: قال ابن مسعود: أمَّرنا خيرَ مَنْ بقي، ولم نألُ، وذكر قول ابن عمر، وقول عائشة رحمها اللَّه في قصة عثمان: أنها فضلته على علي. قال الخلال: أخبرنا محمد بن موسى، قال: قال أبو جعفر حمدان بن علي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: وكان يزيد بن هارون يقول: لا تبالي من قدمت، علي على عثمان، أو عثمان على علي. قال أبو عبد اللَّه: وهذا الآن لا أدري كيف هو، وكان عامة أهل واسط يتشيعون. قال الخلال: أخبرني عبد الملك أنه سأل أبا عبد اللَّه قال: قلت: أليس تقول: أبو بكر وعمر وعثمان؟ قال: أما في التخيير فأبو بكر وعمر وعثمان. قلت: فإنه حكي لي عنك أنك تقول: إذا قال: أبو بكر وعمر وعلي وعثمان، وأبو بكر وعمر، أن هذا عندك قريب بعضه من بعض.

فتغير لونه، ثم قال لي: لا واللَّه ما قلت هذا قَطُّ، ولا دار بيني وبين أحد من هذا قول هكذا، وأنا لم أزل أقول: أبو بكر وعمر وعثمان وأسكت. واغتم بما حكيت له من القول. قال الخلال: أخبرنا محمد بن عوف بن سفيان الحمصي قال: قال أحمد بن حنبل في حديث أبي المغيرة قصة عائشة في عثمان؛ قال أحمد ابن حنبل: ثم ذكرت عائشة حديثا فضلت به عثمان على علي. سمعت أبا بكر المرُّوذي يقول: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لم تخرج الكوفة إلا رجلين: طلحة بن مصرف، وعبد اللَّه بن إدريس. "السنة" للخلال 1/ 306 - 307 (563 - 567) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المرُّوذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا أصبت الكوفي صاحب سنة فهو يفوق الناس. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا أصبت الكوفي أعاقلًا ديِّنًا، تراه واحد الناس، قد فاق الناس، وقال: هم أصحاب قرآن. "السنة" للخلال 1/ 308 (570 - 571) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المرُّوذي، ومحمد بن أحمد بن واصل، ومحمد بن الحسن بن هارون بن علي بن صالح الحلبي من آل ميمون بن مهران، ويعقوب بن يوسف المطوعي، أنهم سمعوا أبا عبد اللَّه يقول: أبو بكر وعمر وعثمان؛ قول ابن عمر: كنا نعد -ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حي- فنقول: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نسكت (¬1). ¬

_ (¬1) رواه البخاري (3655).

قال الخلال: أخبرني الحسن بن صالح العطار قال: ثنا هارون بن يعقوب الهاشمي قال: سمعت أبي يعقوب بن العباس قال: سألت أبا عبد اللَّه عن حديث التفضيل: حديث ابن عمر، وقال له أبو جعفر: قول ابن عمر: فيبلغ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا يقول شيئًا، فقال أحمد: ذاك رواه يزيد بن أبي حبيب، والذي نذهب إليه حديث ابن عمر: كنا نفاضل فنقول: أبو ببهر وعمر وعثمان. وإليه أذهب. قال الخلال: أخبرني محمد بن يحيى، ومحمد بن المنذر قالا: ثنا أحمد بن الحسن الترمذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: نحن نقول: أبو بكر وعمر وعثمان، ونسكت، على حديث ابن عمر. قال الخلال: سمعت أبا بكر بن أبي خيثمة يقول: قيل ليحيى بن معين -وأنا شاهد: إن أحمد بن حنبل يقول: من قال: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي لم أعنفه، فقال يحيى: خلوت بأحمد على باب عفان فسألته: ما تقول؟ فقال: أقول: أبو بكر وعمر وعثمان، لا أقول: علي. "السنة" للخلال 1/ 309 (572 - 575) قال الخلال: وأخبرني محمد بن أبي هارون: قال: ثنا أبو الصقر الوراق قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا أبو سلمة الخزاعي، وشاذان، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر، في التفضيل. يريد: أبا بكر، ثم عمر، ثم عثمان. "السنة" للخلال 1/ 310 (578) قال الخلال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن التفضيل، قال: أذهب إلى حديث ابن عمر، قال: كنا نفاضل على عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فنقول: أبو بكر وعمر وعثمان.

قال أبو عبد اللَّه: ولا نتعدى الأثر والاتباع، فالاتباع لرسول اللَّه ومن بعده لأصحابه، فإذا رضي أصحابه بذلك كانوا هم يفاضلون بعضهم على بعض، ولا يعيب بعضهم على بعض، فعلينا الاتباع لما مضى عليه سلفنا، ونقتدي بهم. "السنة" للخلال 1/ 312 (587) قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المرُّوذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه وذكر التفضيل فقال لي: كلمني عاصم في التفضيل وأبو عبيد حاضر فقلت: أبو بكر وعمر وعثمان. وأراه قال: احتججت بحديث ابن عمر، فقال عاصم: نقول: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ووافقه أبو عبيد. قال: فقلت لأبي عبيد: لست أدفع ما تقول يا أبا عبيد. قال: ففرح بها. قال الخلال: وأخبرني محمد بن الحسين، أن الفضل حدثهم، سمع أبا عبد اللَّه، وقال له رجل: لم يزل الناس نعرفهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي. فقال: ما يرد هذا شيء. قال الخلال: أخبرنا علي بن سهل بن المغيرة قال: حدثني من حضر مجلس عاصم، فقال أحمد: فإن قال قائل: مَنْ بعد عثمان؟ قلت: علي. قال الخلال: وأخبرنا صالح بن علي الحلبي من آل ميمون بن مهران قال: قلت: يا أبا عبد اللَّه، فتعنف من قال: الإمامة والخلافة؟ قال: لا. قال الخلال: وأخبرني الحسن بن صالح قال: ثنا محمد بن حبيب قال: قلت لأبي عبد اللَّه: من قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي؟

قال: اذهب إليه، ويعجبني أن أقول: أبو بكر وعمر وعثمان وأسكت، وإن قال رجل: وعلي؛ لم أعنفه، ولا يعجبني هذا القول. قال ابن عمر: أبو بكر وعمر وعثمان. ونترك أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا نفضل بينهم. قال الخلال: أخبرني محمد بن موسى، عن حمدان بن علي ومحمد ابن موسى، عن إسحاق بن إبراهيم. ومحمد بن موسى، ومحمد بن جعفر، عن أبي الحارث. ومحمد بن الحسين، عن الفضل. وأبو داود السجستاني، عن محمد بن يحيى بن فارس، المعنى قريب، قال: سألت أحمد بن حنبل، فقال: أبو بكر وعمر وعثمان، ولو قال قائل: وعلي؛ لم أعنفه. قال الخلال: وأخبرني محمد بن موسى أن حبيش بن سندي حدثهم، سمع أبا عبد اللَّه وقال له الذي سأله وكان غريبًا: لا أدري ما تقول: ومن قال: علي؛ لم أعنفه. فقال له: قل أنت: وعلي. قال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد أن أبا عبد اللَّه سئل عمن قال: أبو بكر وعمر، فسمعته يقول: ما يعجبني. قالوا له: فمن قال: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. قال الخلال: وأخبرني محمد بن موسى والحسن بن جحدر أن الحسن ابن ثواب حدثهم قال: قلت لأبي عبد اللَّه: فمن قال في أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي؟ قال: نعم. قلت: إن قومًا يقولون: أبو بكر وعمر وعلي وعثمان؟

قال: هؤلاء أهل بدر -رضي اللَّه عنهم-، يقدمون أبا بكر وعمر وعثمان وعليًّا، لا يقدمون عليًّا على عثمان، إلا أن يكون في حديث يحيى تقديم وتأخير، فأمَّا الحديث: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي. قلت: حديث ابن عمر: كنا نقول، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حي: أبو بكر وعمر وعثمان، ثم نسكت، أفليس من قال: بهذا فقد أصاب؟ ومن قال بأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، فقد أصاب؟ قال: نعم، قد أصاب، من قال أي هذين القولين فقد أصاب، ومن قال: أبو بكر وعمر وعلي وعثمان؛ فقد أخطأ. قلت: نتهمه في دينه؟ فرأيتُ قد أحَبَّ ما قلتُ له. قال الخلال: أخبرني محمد بن علي بن محمود الوراق قال: حدثني أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم البغوي -يعني: لؤلؤ ابن عم أحمد بن منيع- قال: قلت لأحمد: يا أبا عبد اللَّه من قال: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، أليس هو عندك صاحب سنة؟ . قال: بلى، لقد روي في علي رحمه اللَّه ما تقشعرُّ -أظنه: الجلود- قال صلى اللَّه عليه وسلم: "أنت مني بمنزة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي" (¬1). قال الخلال: أملى علي أحمد بن محمد بن عبد اللَّه بن صدقة قال: سمعت هارون بن سفيان قال: قلت لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد اللَّه، ما تقول فيمن قال: أبو بكر وعمر وعثمان؟ قال: فقال: هذا قول ابن عمر، وإليه نذهب. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 179، والبخاري (4416)، ومسلم (2404) من حديث سعد ابن أبي وقاص -رضي اللَّه عنه-.

فقلت: من قال: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي؟ قال: صاحب سنة. قلت: فمن قال أبو بكر وعمر؟ قال: قد قاله سفيان وشعبة ومالك. قلت: فمن قال: أبو بكر وعمر وعلي؟ فقال: هذا الآن شديد، هذا الآن شديد. قال الخلال: أخبرني محمد بن أحمد بن جامع الرازي، قال: ثنا أبو حاتم الرازي، قال: سمعت أحمد بن أبي الحواري، قال: سألتُ أحمد بن حنبل بحمص عن التفضيل -وقال نفر من أهل حمص: إن أبا الحسن صاحب سنة، يعني: نفسه. فقال أحمد: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان. ثم قال أحمد بن أبي الحواري: فذكرت ذلك ليحيى بن معين، فقال: صدق أبو عبد اللَّه، وهو مذهبي. قال الخلال: أخبرني محمد بن إسماعيل الأطروش قال: ثنا محمد بن الفضل أبو بكر القسطاني الرازي، قال: سمعت أبا حاتم الرازي يقول: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: قدم علينا أحمد بن حنبل فأتيته فسألته عن التفضيل، فصاح بي أصحابه فقال: دعوه؛ فإنه من أهل السنة، ما تريد؟ قال: قلت: ما تقول في التفضيل؟ قال: على حديث سفينة (¬1) في التفضيل والخلافة. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 223، وإسحاق 4/ 163 (1944)، وأبو داود (4647)، والترمذي (2226) مرفوعًا: "الخلافة ثلاثون عامًا ثم يكون بعد ذلك الملك. . الحديث". قال الترمذي: هذا حديث حسن. وصححه ابن حبان 15/ 34 (6657) وأقره الحافظ في "الفتح" 7/ 58، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (3341)، و"مشكاة المصابيح" (5395)، و"الصحيحة" (460).

قال الخلال: أخبرني أحمد قال: ثنا محمد بن الفضل قال: سمعت سلمة بن شبيب يقول: آخر ما فارقت عليه أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل في التفضيل قال: أذهب إلى حديث سفينة في التفضيل والخلافة. أخبرني محمد بن إدريس المصِّيصِي قال: سمعت حامد بن يحيى البَلْخِي يقول: كان أحمد بن حنبل يذهب في التفضيل: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي (¬1). "السنة" للخلال 1/ 314 - 317 (593 - 607) ¬

_ (¬1) قال أبو بكر الخلال معلقًا: مذهب أحمد بن حنبل رحمه اللَّه الذي هو مذهبه: أبو بكر وعمر وعثمان، وهو المشهور عنه، وقد حكى المرُّوذي رحمهُ اللَّه وغيره أنه قال لعاصم وأبي عبيد: لست أدفع قولكم في التربيع بعلي. وحكى بعد هذا أيضًا جماعة رؤساء أجلَّة كبارٌ في سنه وقريش من سنه، أنه قال: ومن قال: علي، فهو صاحب سنة. وحكى عنه أحمد بن أبي الحواري أنه قال: وعلي، وإنما هذا عندي أنه لم يحب أن يأخذ عنه أهل الشام ما يتقلدونه عنه في ذلك؛ لأنه إمام الناس كلهم في زمانه، لم ينكر ذلك أحد من الناس، فلم يحب أن يؤخذ عنه إلا التوسط من القول؛ لأن أهل الشام يغلون في عثمان كما يغلو أهل الكوفة في علي، وقد كان من سفيان الثوري رحمه اللَّه نحو هذا لما قدم اليمن، قال: في أي شيء هم مشتهرون به؟ قيل: في النبيذ وفي علي، فلم يحدث في ذلك بحديث إلى أن خرج من اليمن. فالعلماء لها بصيرة في الأشياء، وتختار ما تراه صوابًا للعامَّة، وكلُّ هذا القول صحيحٌ جيد. ويحيى بن معين رحمه اللَّه، وبشر بن الحارث، ففي الرواية عنهما كنحو الرواية عن أبي عبد اللَّه، يكرر عنه، مرة يقولون: وعثمان، وحكي عنه ومرة يقولون: وعثمان وعلي، وكل هذا صحيح على ما قالوا. والذي نذهب إليه من قول أبي عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- أنه من قال: أبو بكر وعمر وعثمان، فقد أصاب، وهو الذي العمل عليه في رواية الأحاديث والاتباع لها، ومن قال: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي -رضي اللَّه عنه-، فصحيح أيضًا جيد لا بأس به وباللَّه التوفيق.

قال ابن السميدع: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من قدم عليًّا على أبي بكر فقد أزرى على المهاجرين الأولين. "طبقات الحنابلة" 1/ 461. قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل (¬1)، وأبو بكر المروذي، وعبد الملك الميموني، وحرب بن إسماعيل الكرماني، وأبو داود السجستاني، وأحمد بن الحسين، ويوسف بن موسى، ومحمد بن يحيى، ومحمد بن أحمد بن واصل، وصالح بن علي الحلبي، ويعقوب ابن يوسف المطوعي، ومحمد بن الحسن بن هارون، المعنى قريب، كلهم سمع أحمد بن حنبل يقول: أبو بكر وعمر وعثمان في التفضيل، وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي في الخلافة. "السنة" للخلال 1/ 319 (610) قال الخلال: أخبرنا محمد بن المنذر بن عبد العزيز وأخبرني محمد ابن يحيى، قالا: ثنا أحمد بن الحسن الترمذي، قال: قيل لأبي عبد اللَّه: تقول علي خليفة؟ قال: نعم، وذكر حديث سفينة. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: علي رحمه اللَّه إمام عدل. قال الخلال: أخبرني الحسين بن الحسن قال: ثنا إبراهيم بن الحارث أن أبا عبد اللَّه سئل. وأخبرني محمد بن علي، قال: ثنا الأثرم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسْأَل عمن يقول: أسوي بين الخمسة أصحاب الشورى بعد عثمان، فقال: أما أنا فأقول: أبو بكر وعمر وعثمان في التقديم، وفي الخلافة علي عندنا من الخلفاء. ¬

_ (¬1) انظر لروايته عن أبيه "السنة" 2/ 590 (1400) وقد سبق ورود الرواية.

قال الخلال: وأخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه -وذكر عليًّا وخلافته- فقال: أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رضوا به واجتمعوا عليه، وكان بعضهم يحضر وعلي يقيم الحدود فلم ينكر ذاك، وكانوا يسمونه خليفة، ويخطب، ويقسم الغنائم فلم ينكروا ذلك. قال الخلال: قال حنبل: قلت له: خلافة علي ثابتة؟ فقال: سبحان اللَّه! يقيم علي رحمه اللَّه الحدود، ويقطع، ويأخذ الصدقة، ويقسمها بلا حقٍّ وجب له! أعوذ باللَّه من هذِه المقالة، نعم خليفة، رضيه أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وصلوا خلفه، وغزوا معه، وجاهدوا، وحجوا، وكانوا يسمونه أمير المؤمنين راضين بذلك غير منكرين، فنحن تبع لهم، ونحن نرجو من اللَّه الثواب باتباعنا لهم إن شاء اللَّه، مع ما أمرنا اللَّه به والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال الخلال: قال حنبل: قال عمي أبو عبد اللَّه: نقدم من قدمه اللَّه ورسوله، أبو بكر قدمه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فصلى بالناس ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حي، فاختيار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- له فضل من بين أصحابه، ثم قدم أبو بكر عمر فضلًا لعمر بعد أبي بكر، ثم اجتمع أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في المشورة وهم الشورى، فوقعت خيرتهم على خير من بقي بعد عمر عثمان، فهؤلاء الأئمة، وعلي رحمه اللَّه إمام عدل بعد هؤلاء، إمامته ثابتة، وأحكامه نافذة، وأمره جائز، كان أحقَّ الناس بها بعد عثمان، فهؤلاء الأئمة أئمة الهدى رحمهم اللَّه. "السنة" للخلال 1/ 320 - 321 (611 - 613) قال الخلال: وأخبرنا أحمد بن محمد بن مطر قال: ثنا أبو طالب أنه سمع أبا عبد اللَّه قيل له: تحتج بحديث سفينة؟

قال: وما يدفعه؟ قيل له: خلافة علي غير مشورة، ولا أمر. قال: لا تكلم في هذا، علي يحج بالناس، ويقيم الحدود، ويقسم الفيء، لا يكون خليفة وأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ينادونه يا أمير المؤمنين! ! . قال الخلال: أخبرني الحسن بن صالح العطار قال: ثنا هارون بن يعقوب الهاشمي قال: سمعت أبي يقول: قال أبو عبد اللَّه: ما يدفع علئا من الخلافة، وقد سماه جماعة من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمير المؤمنين منهم: عمار بن ياسر وابن مسعود. قال الخلال: وأخبرني محمد بن علي بن محمود قال: ثنا أبو بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: علي عندي خليفة يقيم الحدود، ويقال له: أمير المؤمنين، ولا ينكر. وقال لي أبو عبد اللَّه: اكتب هذا؛ فإنه يقوي من ذهب إلى أن عليًّا خليفة. وأملاه علينا من كتابه. حدثنا أبو عبد اللَّه، قال: ثنا إسحاق بن يوسف، قال: ثنا عبد الملك، عن سلمة بن كهيل، عن سالم بن أبي الجعد، عن محمد ابن الحنفية، قال: كنتُ مع علي رحمه اللَّه وعثمان محصور، قال: فأتاه رجلٌ فقال: إن أمير المؤمنين مقتول، ثم جاء آخر فقال: إن أمير المؤمنين مقتول الساعة. قال: فقام عليّ رحمه اللَّه قال محمد: فأخذت بوسطه تخوفًا عليه، فقال: خلِّ، لا أمّ لك. قال: فأتى علي الدار، وقد قتل الرجل رحمه اللَّه، فأتى داره فدخلها، وأغلق بابه، فأتاه الناس، فضربوا على الباب، فدخلوا عليه، فقالوا: إن هذا قد قتل، ولا بد للناس من خليفة، ولا نعلم أحدًا أحق بها منك. قال لهم علي: لا تريدوني، فإني لكم وزيرًا خير مني لكم

أميرًا. فقالوا: لا واللَّه، ما نعلم أحدًا أحق بها منك. قال: فإن أبيتم علي فإن بيعتي لا تكون سرًّا، ولكن أخرج إلى المسجد، فمن شاء أن يبايعني بايعني. قال: فخرج إلى المسجد فبايعه الناس (¬1). قال أبو عبد اللَّه: ما سمعته إلا منه، ما أعجبه من حديث. قال الخلال: وأخبرني الحسين بن الحسن قال: ثنا إبراهيم بن الحارث قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا إسحاق الأزرق، مثله سواء إلى آخره. "السنة" للخلال 1/ 321 - 322 (617 - 621) قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن عبد اللَّه بن صدقة قال: ثنا العباس قال: حدثني أبي قال: ثنا الأوزاعي قال: حدثني الزهري قال: حدثني أبو سلمة والضحاك بن مزاحم -كذا قال، وإنما هو الضحاك المشرقي- عن أبي سعيد الخدري، الحديث طويل فيه قصة ذي الثدية، وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه، قال أبو سعيد: أشهد لسمعت هذا من رسول اللَّه، وأشهد أني كنت مع علي حين قتلهم، والتمس في القتلى فأتي به على النعت الذي نعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2). قال الخلال: سمعت أبا بكر بن صدقة يقول: سمعت أبا القاسم بن الجبلي يقول: قال أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل: ليس شيء عندي في تثبيت خلافة علي أثبت من حديث أبي سلمة والضحاك المشرقي، عن أبي سعيد؛ لأن في حديث بعضهم: "يقتلهم أولى الطائفتين بالحة" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الآجري في "الشريعة" 4/ 1760 ط. دار الوطن. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 65، والبخاري (6163)، ومسلم (1064). (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 65، ومسلم (1065).

قال الخلال: وأخبرني حمد بن علي قال: ثنا مهنا قال: سألت أحمد عن الضحاك المشرقي حدث عنه الأوزاعي، عن الزهري، عن الضحاك المشرقي في حديث الخوارج؛ قال: كوفي. قلت: أيهما أقدم، الضحاك بن مزاحم؟ قال: الضحاك المشرقي، ولكن الضحاك بن مزاحم أعرف. قلت لأحمد: لا تعرف للضحاك المشرقي إلَّا حديثًا واحدًا؟ قال: لا. قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المرُّوذي قال: ذكرت لأبي عبد اللَّه حديث سفينة (¬1)، فصححه وقال: هو صحيح. قلت: إنهم يطعنون في سعيد بن جُمْهان. فقال: سعيد بن جُمْهان ثقة، روى عنه غير واحد، منهم: حماد، وحشرج، والعوام، وغير واحد. قلت لأبي عبد اللَّه: إن عياش بن صالح حكى عن علي بن المديني، ذكر عن يحيى القطان أنه تكلم في سعيد بن جُمْهان. فغضب، وقال: باطل، ما سمعت يحيى يتكلم فيه، قد روى عن سعيد ابن جُمْهان غير واحد، وقال: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، هؤلاء أئمة العدل، ما أعطوا فعطيتهم جائزة، لقد بلغ من عدل علي رحمه اللَّه أنه قسم الرمان والأبزاز، وأقام الحدود، وكان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولون: يا أمير المؤمنين، فهؤلاء يجمعون عليه ويقولون له: يا أمير المؤمنين، وليس هو أمير المؤمنين؟ ! ! . ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه.

وجعل أبو عبد اللَّه يفحش على من لم يقل: إنَّه خليفة، وقال: أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يسمونه أمير المؤمنين وهؤلاء -يعني الذين لا يثبتون خلافته، كأن يعني كلامه: أن هؤلاء قد نسبهم إلى أنهم قد كذبوا. قال الخلال: أخبرني علي بن الحسن بن سليمان قال: ثنا علي بن زكريا التمار، سمع أبا عبد اللَّه وذكر عليًّا فقال: أمير المؤمنين، وتعجب ممن لا يقول أمير المؤمنين، وقد رجم شراحة (¬1). "السنة" للخلال 1/ 323 - 325 (624 - 627) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: سمعت محمد بن مظهر المصِّيصي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن التفضيل، فذكر الجواب، وذكر حديث حماد بن سلمة عن سعيد بن جمُهان، عن سفينة في الخلافة. قال: علي عندنا من الراشدين المهديين، وحماد بن سلمة عندنا ثقة، وما نزداد فيه كل يوم إلا بصيرة. قال الخلال: وكتب إلي يوسف بن عبد اللَّه قال: ثنا الحسن بن علي بن الحسن قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في التفضيل: أبو بكر وعمر وعثمان، ومن قال: علي، لم أعنفه. ثم ذكر حديث حماد بن سلمة، عن سعيد بن جمهان، عن سفينة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الخلافة في أمتي ثلاثون سنة" (¬2). وقال -يعني: أبا عبد اللَّه: علي عندنا من الأئمة الراشدين، وحماد بن سلمة عندنا الثقة، وما نزداد كل يوم فيه إلا بصيرة. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 93، والبخاري (6812). (¬2) تقدم تخريجه.

قال الخلال: أخبرني الحسين بن حسان أن أبا عبد اللَّه سئل عن السنة في أصحاب محمد، فقال: أبو بكر وعمر وعثمان في حديث ابن عمر، وعلي من الخلفاء؟ الخلافة ثلاثون عامًا. "السنة" للخلال 1/ 326 - 327 (628 - 630). قال الخلال: وأخبرنا محمد بن علي قال: ثنا مهنا قال: سألت أحمد عن حشرج بن نباتة؛ فقال: ليس به بأس. قلت: بصري؟ قال: لا أدري، ولكن سعيد بن جمُهان الذي حدث عنه بصري. قال الخلال: وأخبرني محمد بن علي في موضع آخر قال: ثنا مهنا قال: سألت أحمد عن حشرج بن نباتة، فقال: لا بأس به. قلت: من أين كان؟ قال: بصري. قلت: روى عن غير سعيد بن جمُهان؟ قال: لا. "السنة" للخلال 1/ 327 (633 - 634) قال الخلال: سمعت أبا بكر بن صدقة يقول: سمعت غير واحد من أصحابنا وأبا القاسم بن الجبلي غير مرة، أنهم حضروا أبا عبد اللَّه سئل عن حديث سفينة، فصححه، فقال رجل: سعيد بن جمُهان؟ ! كأنه يضعفه، فقال أبو عبد اللَّه: يا صالح، خذ بيده. أراه قال: أخرجه، هذا يريد الطعن في حديث سفينة. "السنة" للخلال 1/ 327 (636) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر؛ أن أبا الحارث حدثهم، قال: جاءنا عدد معهم رقعة قدموا من الرقة، وجئنا بها إلى أبي عبد اللَّه: ما تقول -رحمك اللَّه- فيمن يقول: حديث سفينة

حديث سعيد بن جمُهان أنه باطل؟ فقال أبو عبد اللَّه: هذا كلام سوء رديء، يجانجبون هؤلاء القوم، ولا يجالسون، ويبين أمرهم للناس. قال الخلال: وأخبرني محمد بن علي، قال: ثنا صالح أنه قال لأبيه في هذِه المسألة: فإن قال قائل: فينبغي لمن ثبت الخلافة على علي أن يُرَبِّعَ به. قال: إنما نتبع ما جاء، وما قولنا نحن؟ ! وعلي عندي خليفة، قد سمى نفسه أمير المؤمنين، وسماه أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمير المؤمنين، وأهل بذر متوافرون يسمونه أمير المؤمنين. قلت: فإن قال قائل: تجد الخارجي يخرج فيتسمى بأمير المؤمنين، ويسميه الناس أمير المؤمنين؟ قال: هذا قول سوء خبيث، يقاس علي -رضي اللَّه عنه- إلى رجل خارجي، ويقاس أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى سائر الناس؟ ! ! هذا قول رديء، أفيقول إنما كان علي خارجيًا؟ ! إذًا بئس القول هذا. "السنة" للخلال 1/ 328 (638 - 639) قال الخلال: حدثني يحيى بن محمد بن صاعد، ثنا يعقوب الدَّورقي، قال: سألت أبا عبد اللَّه عن قوله: أبو بكر وعمر وعثمان، قال: هذا في التفضيل، وعلي الرابع في الخلافة، ونقول بقول سفينة: "الخلافة في أمتي ثلاثون سنة". "السنة" للخلال 1/ 328 (641) قال الخلال: وأخبرني محمد بن علي بن محمود بن قديد الوراق، قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم البغوي، قال وذكر عند أحمد بن حنبل يومًا ونحن عنده، فقالوا: يا أبا عبد اللَّه، إن هاهنا من يقول: من قال:

إن عليًّا إمام عدل فقد أهدر دم طلحة والزبير، فقال له قوم عنده: يا أبا عبد اللَّه! هذا كفر؛ لأن هذا حكم رب العالمين تبارك وتعالى، فمن قال هذا فكأنه حكم صير إليه، وهذا طلحة بن عبيد اللَّه انتزع له مروان بن الحكم سهمًا وهو معهم واقف يوم الجمل في الصفِّ وقال: لا اطلب بدم عثمان أحدًا غيرك. فرماه بسهم فقتله (¬1)، وهذا الزبير بن العوام قتله ابن جرموز، وعلي يقول: بشر قاتل ابن صفية بالنار (¬2). فهذِه دماءٌ تبرأ علي منها، فألزمه إياها، فما زاد أحمد على أن قال: هذا (الحروري) (¬3)، يعني: أنه هو قال ذا، فقال: ما كان بصيرًا بالحديث، ولا بالرأي. "السنة" للخلال 1/ 330 (644) ¬

_ (¬1) انظر: "الطبقات الكبرى" 5/ 38. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 89، والطيالسي 1/ 137 (158)، والحاكم 3/ 367 وقال بعد أن روى عدة أحاديث منها هذا الحديث: هذِه الأحاديث صحيحة عن أمير المؤمنين علي وإن لم يخرجاه بهذِه الأسانيد. (¬3) في "السنة": (الحوري)، وهو خطأ بيِّن.

قال الخلال: وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني؛ أنه قال لأبي عبد اللَّه: فأنا وبعض إخوتي هو ذا نعجب منك في إدخالك عليًّا في الخلافة. قال لي: فأيش أصنع، وأيش أقول بقول علي رحمه اللَّه: أنا أمير المؤمنين؟ ! ويقال له: يا أمير المؤمنين، ويحج بالناس، والموسم، وتلك الأحكام، والصلاة بالناس، وما قطع وقتل يترك؟ ! قلت: فما تصنع، وما تقول في قتال طلحة والزبير رحمهما اللَّه إياه، وتلك الدماء؟ قال: ما لنا نحن وما لطلحة والزبير وذكر ذا. ثم أعاد علي غير مرة: ما لنا نحن وما لقتال هؤلاء، وما كان من تلك الدماء. وذكر حجه وحكمه أيضًا. قال عبد الملك: وهذا آخر ما فارقني عليه سنة سبع وعشرين ونحن جلوس. "السنة" للخلال 1/ 330 (646) قال الخلال: أخبرني الحسن بن صالح، قال: ثنا محمد بن حبيب، قال: ثنا محمد بن أبي حسان، قال: قلت: يا أبا عبد اللَّه، كان عليٌ إمامًا؟ قال: نعم، كان إمامًا عدلًا رحمه اللَّه. وكان عمه حاضرًا، فقال لي عمه بحضرة أبي عبد اللَّه وأبو عبد اللَّه يسمع: هؤلاء الفساق الفجار الذين لا يثبتون إمامة علي، سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ما رأيتُ أعظم فرية ممن لم يثبت إمامة علي، رجل كان يقسم الفيء، ويرجم، ويقيم الحدود، ويسمى أمير المؤمنين، فكان خارجيًّا يكذب؟ ! وأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يكذبون؟ ! . وأبو عبد اللَّه ساكت يتبسم.

قال الخلال: أخبرني الحسن بن صالح، قال: ثنا محمد بن حبيب، قال: أخذته من فوران وصححها، عن أبي بكر الأحول المشكاني، عن أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل. وكتب إلي أحمد بن الحسن الوراق من الموصل، قال: ثنا بكر بن محمد بن الحكم، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، أنه قال له: أليس ثبتت خلافة علي؟ فقال: سبحان اللَّه! كان إمامًا من الخلفاء الراشدين المهديين. قال أبو عبد اللَّه: سعيد بن جمُهْان روى عنه عدة. وسألته عمن ضعف حديث سفينة من قبل سعيد بن جمُهْان؟ فقال: بئس القول هذا، سعيد بن جمُهْان رجل معروف، روى عنه حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، والعوام، وعبد الوارث، وحشرج بن نباتة، هؤلاء خمسة أحفظ أنهم رووا عنه. قلت: فما تقول فيمن لم يثبت خلافة علي؟ قال: بئس القول هذا. زاد أحمد بن الحسن، عن بكر، عن أبيه: قلت: يكون من أهل السنة؟ قال: ما أجترئ أن أخرجه من السنة؛ تأول فأخطأ. قلت: من قال: حديث ابن مسعود: "تدور رحى الإسلام بخمس وثلاثين" (¬1) -وقال أحمد بن الحسن: لست وثلاثين- إنها من مهاجر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 390 به، ورواه أبو يعلى 8/ 425 (5009)، وابن حبان 15/ 46 (6664)، والطبراني 10/ 170 (10356) من طريق القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه. وصححه الألباني في "الصحيحة" (976).

فقال: لقد اجترأ هذا، وما علمه؟ ! أيكون أن يصف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الإسلام لسنين هو في الحياة، إنما يصف ما يكون بعده من السنين. قال: وسألت أبا عبد اللَّه، قلت: أثبت شيء يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في خلافة علي؟ قال: من لم يثبت خلافة علي فيزعم أن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كانوا في رهج وفتنة، وأبطل أحكامهم؟ قال: فيروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حديث سفينة، وحديث ابن مسعود، حديث العوَّام بن حوشب عن الشيباني، عن القاسم ابن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد اللَّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين". فكأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يثبت أن أمر الناس خمس وثلاثون، أمرهم على الحق. قال: ويروى عن الزهري أن معاوية كان أمره خمس سنين، لا ينكر عليه شيء. قال: فكان هذا على حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خمس وثلاثين". قال: ومنصور يروي عن ربعي، عن البراء بن ناجية، عن عبد اللَّه: "ستزول رحى الإسلام بعد خمس وثلاثين" (¬1). زاد أحمد بن الحسين، عن بكر، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه قال: ثنا يزيد بن هارون، عن العوَّام، عن الشيباني، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد اللَّه، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "تزول رحى الإسلام بعد خمس وثلاثين (¬2). "السنة" للخلال 1/ 330 - 333 (648 - 649) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 393، 1/ 395، وأبو داود (4254). (¬2) قال أبو بكر الخلال معلقًا: لو تدبر الناس كلام أحمد بن حنبل رحمه اللَّه في كل شيء، وعقلوا معاني ما يتكلم به، وأخذوه بفهم وتواضع، لعلموا أنه لم يكن في الدنيا مثله =

قال الخلال: وأخبرني محمد بن الحسين؛ أن الفضل بن زياد حدثهم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يحدث عن عبد الرزاق، عن محمد بن راشد، عن عوف، قال: كنت عند الحسن، فكان ثم رجل انتقص أبا موسى باتباعه عليًّا، فغضب الحسن، ثم قال: سبحان اللَّه، قتل أمير المؤمنين عثمان، فاجتمع الناس على خيرهم فبايعوه، أفيلام أبو موسى وأتباعه! ! . "السنة" للخلال 1/ 334 (651) ¬

_ = في زمانه أتبع منه الحديث، ولا أعلم منه بمعانيه، وبكل شيء، والحمد للَّه، وقد تكلمت في هذا في غير موضع، وبينت عنه معاني ما يتكلم به في غير شيء من العلوم، فانظروا إلى ما تكلم فيه أيضًا في الشهادة للعشرة أنهم في الجنة، وما دفع قول عبد الرحمن بن مهدي، وما ردَّ قول الأوزاعي وغيره بالأحاديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وما أجهد نفسه مع العلماء في وقتهم حتى أوضح لهم أمر تثبيت الشهادة لهم بالجنة على معاني الحديث، وقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والحجة به، وما بين أيضًا من تثبيت خلافة علي بن أبي طالب رحمه اللَّه، وكيف احتج بالأحاديث في تثبيتها وأنكر على من تكلم فيها، وجاهدهم جهادًا فيما تكلموا به من أمر طلحة والزبير وغيرهم، وجواباته لهم على معاني النصح والشفقة للمسلمين، والدعوة له إلى منهاج الحق، وقبوله لقولهم ولآرائهم، ولما كانوا عليه من ذلك؛ حتى لا يخالفون في قول قالوه، ولا فعل فعلوه، فهم الأئمة الدَّالون على منهاج شرائع الدين، فنسأل اللَّه البر الرحيم أن يصلي على محمد عبده ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأن يجزيه عنَّا من نبيٍّ خيرًا، وأن يجزي عنا أصحابه صلوات اللَّه عليهم خيرًا، فقد أوضحوا السبيل، ونصحوا للمسلمين، ثم بعدهم فجزى اللَّه العظيم أحمد بن حنبل عنا أفضل الجزاء، المعلم المشفق، الدال على ما يقرب إلى اللَّه تبارك وتعالى من أتباعهم وذكرهم بالجميل، ونسأل اللَّه التوفيق.

قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه أيضا سئل عن التفضيل، فقال: أبو بكر وعمر وعثمان، وأما الخلافة فأبو بكر وعمر وعثمان وعلي؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الخلافة في أمتي ثلاثون سنة"، وقال ابن عمر: كنا نفاضل على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فنقول: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان. قال أبو عبد اللَّه: ولا نتعدى الأثر والاتباع، فالاتباع لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومِنْ بعده لأصحابه إذا رضي أصحابه بذلك، وكانوا هم يفاضلون بعضهم على بعض، هو ذا، فلا يعيب بعضهم على بعض، فعلينا أن نتبع ما مضى عليه سلفنا ونقتدي بهم -رضي اللَّه عنهم-. "شرح أصول الاعتقاد" لللالكائي 8/ 1453 (2625) قال محمد بن يزيد المستملي: كنت أسأل أحمد بن حنبل عن الخلفاء الراشدين، فيقول: دع هذا. فلززته (¬1) يومًا إلى حائط فسألته عن الخلفاء الراشدين المهديين -كأنه أنه جزم عليه- فقال: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز رحمة اللَّه عليهم. قال محمد بن سليمان بن داود: نا وزيره بن محمد قال: دخلت إلى أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل حين أظهر التربيع بعلي، فقلت: يا أبا عبد اللَّه، إن هذِه اللفظة توجب الطعن على طلحة والزبير، فقال لي: بين ما قلت وما نحن وحرب القوم نذكرها؟ ! فقلت: أصلحك اللَّه، إنما ذكرناها حين ربَّعت وأوجبت له الخلافة وما يجب للأئمة قبله. ¬

_ (¬1) يعني: ألصقته، يقال: لزه لزًّا ولززًا شده وألصقه. انظر: "القاموس المحيط" ص 673 (لزز).

قال: وما يمنعني من ذلك؟ قال: قلت: حديث ابن عمر. فقال لي: عمر حين طعن قدرضي عليًّا للخلافة على المسلمين، وأدخله في الشورى، وعلي بن أبي طالب قد سمى نفسه أمير المؤمنين، فأقول أنا: ليس للمؤمنين بأمير فأنصرف عنه! قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد سُئل عن التفضيل؛ قال: حديث عبد اللَّه بن عمر في التفضيل: أبو بكر وعمر وعثمان، وفي الخلافة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، حديث سفينة قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الخلافة بعدي ثلاثون". "شرح أصول الاعتقاد" 8/ 1475 - 1476 (2669 - 2671) قال عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: سألت أبي، قلت: من أفضل الناس بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: أبو بكر. قلت: يا أبت، ثم من؟ قال: عمر. قلت: يا أبت، ثم من؟ قال: عثمان. قلت: يا أبت، فعلي؟ قال: يا بني، علي من أهل بيت لا يقاس بهم أحد (¬1). "الروايتين والوجهين" 2/ 93 قال عبد اللَّه أحمد بن حنبل: سألت أبي عن حديث ابن عمر: كنا إذا فاضلنا بين أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قلنا: أبو بكر وعمر وعثمان. فقال: هو كما قال. قلت: فأين علي بن أبي طالب؟ ¬

_ (¬1) قال أبو يعلى معلقًا: ومعناه: لا يقاس بهم نسبًا.

قال: يا بني، لم يقل: من أهل بيت رسول اللَّه. "الروايتين والوجهين" 2/ 94 قال محمد بن عوف: يا أبا عبد اللَّه يقولون: إنك وقفت على عثمان؟ . فقال: كذبوا واللَّه عليَّ إنما حدثتهم بحديث ابن عمر: كنا نفاضل بين أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نقول: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، فيبلغ ذلك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا ينكره. ولم يقل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا تخايروا بعدها، ولا بين أحد، ليس في ذلك حجة لأحد، فمن وقف على عثمان، ولم يربَّع بعلي، فهو على غير السنة. "المسائل التي حلف عليها الإمام" ص 46 قال الميموني: ثنا أحمد بن حنبل، ثنا سفيان، قال: قال شيخنا: قال عبد الرحمن بن عوف: واللَّه ما بايعت لعثمان حتى سألت صبيان المدينة، فقالوا: عثمان خير من علي. "المسائل التي حلف عليها الإمام أحمد" ص 97 قال إبراهيم بن سويد: قلت لأحمد بن حنبل: مَنِ الخلفاءُ؟ قال: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي -رضي اللَّه عنهم-. قلت: فمعاوية؟ قال: لم يكن أحد أحق بالخلافة في زمن علي رضي اللَّه عنه، ورحم اللَّه معاوية. "طبقات الحنابلة" 1/ 244 قال صدقة بن موسى: حدثنا أحمد، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه فرض عليكم حب أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، كما فرض عليكم الصلاة والصيام والحج والزكاة. فمن أبغض واحدًا منهم فلا صلاة له،

ولا حج ولا زكاة ويحشر يوم القيامة من قبره إلى النار" (¬1). "طبقات الحنابلة" 1/ 473 قال ابن أبي يعلى: أنبأنا يوسف المهرواني، قال: أخبرنا علي بن بشران، حدثنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد. قال: وأخبرني السياري، قال: أخبرني أبو العباس بن مسروق الصوفي، قال أخبرني عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: كنت بين يدي أبي جالسًا ذات يوم، فجاءت طائفة من الكرخيين، فذكروا خلافة أبي بكر، وخلافة عمر بن الخطاب، وخلافة عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه-، فأكثروا، وذكروا خلافة علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه، وزادوا فأطالوا، فرفع أبي رأسه إليهم فقال: يا هؤلاء، قد أكثرتم القول في علي والخلافة، على أن الخلافة لم تزين عليًّا، بل علي زينها. قال السياري: فحدثت بهذا الحديث بعض الشيعة فقال لي: قد أخرجت نصف ما كان في قلبي على أحمد بن حنبل من البغض (¬2). "طبقات الحنابلة" 2/ 16 ¬

_ (¬1) رواه الديلمي كما في "الفردوس بمأثور الخطاب" 1/ 173، وابن عساكر 39/ 128 من طريق أحمد بن نصر بن عبد اللَّه الذارع، عن جده لأمه صدقة بن موسى، به. قلت: قال الخطيب في "تاريخ بغداد" 2/ 131: كان ثقة. وقال في 7/ 300: كان كثير السماع: إلا أنه أفسد أمره بان ألحق لنفسه السماع في أشياء لم تكن سماعه. وقال السمعاني في "الأنساب" 1/ 6: يقال: كان غير ثقة. وقال البرهان الحلبي في "الكشف الحثيث" ص 84 (110): فمن أباطيله فذكر الذهبي حديثا في فضل علي -رضي اللَّه عنه- ثم قال في آخره: فهذا من إفك الذارع انتهى. ثم نقل الحلبي عن ابن الجوزي أنه وضع حديثًا وفي حديث آخر قال: كان كذابا يضع الأحاديث، وفي حديث ثالث قال: واضعه الذارع. وقال الحافظ في "الإصابة" 1/ 397: أحد الكذابين. (¬2) ذكرها ابن الجوزي في "مناقب الإمام أحمد" ص 212.

قال الميموني: سمعت أحمد بن حنبل وقيل له: إلام تذهب في الخلافة؟ فقال: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي -رضي اللَّه عنه-. قال: فقيل له: كأنك تذهب إلى حديث سفينة؟ قال: أذهب إلى حديث سفينة وإلى شيء آخر، رأيت عليًّا في زمن أبي بكر وعمر وعثمان لم يسم أمير المؤمنين ولم يقم الجُمَع والحدود، ثم رأيته بعد قتل عثمان قد فعل ذلك، فقلت: إنه قد وجب له في ذلك الوقت ما لم يكن قد وجب له قبل ذلك. "طبقات الحنابلة" 2/ 97 قال عبدوس بن مالك العطار: سمعت أبا عبد اللَّه أَحمد بن حنبل يقول: خير هذِه الأمة بعد نبيها، أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، نقدم هؤلاء الثلاثة كما قدم أصحاب رسول اللَّه لم يختلفوا في ذلك، ثم بعد هؤلاء الثلاثة أصحاب الشورى الخمسة: علي، والزبير، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد، وكلهم يصلح للخلافة، وكلهم إمام. يذهب في ذلك إلى حديث ابن عمر: كنا نعدّ ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حي، وأصحابه متوافرون: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نسكت، ثم من بعد أصحاب الشورى أهل بدر من المهاجرين، ثم أهل بدر من الأنصار من أصحاب رسول اللَّه على قدر الهجرة والسابقة أولًا فأولا، ثم أفضل الناس بعد هؤلاء أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- القرن الذين بُعث فيهم، كل من صحبه: سنة أو شهرًا أو يومًا أو ساعة أو رآه فهو من أصحابه، له من الصحبة على قدر ما صحبه، وكانت سابقته معه، وسمع منه، ونظر إليه نظرة، فأدناهم صحبة هو أفضل من القرن الذين لم يروه، ولو لقوا اللَّه بجميع الأعمال، كان

هؤلاء الذين صحبوا النبي ورأوه وسمعوا منه أفضل لصحبتهم من التابعين ولو عملوا كل أعمال الخير، ومن أنتقص أحدًا من أصحاب رسول اللَّه، أو أبغضه لحدث كان منه، أو ذكر مساوئه، كان مبتدعًا، حتى يترحم عليهم جميعا، ويكون قلبه لهم سليمًا. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 210 قال عمرو بن عثمان الحمصي: لما حمل أَحمد بن حنبل من العسكر إلى الروم نزل هاهنا حمص، قال: فدخلت عليه فقلت: يا أبا عبد اللَّه، ما تقول في علي وعثمان؟ فقال: عثمان، ثم علي. ثم قال: يا أبا حفص من فضل عليًّا على عثمان فقد أزرى بأصحاب الشورى. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 211 قال أبو سعيد هشام بن منصور اليخامري: سمعت أَحمد بن حنبل يقول: من لم يثبت الإمامة لعلي فهو أضل من حمار أهله. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 213

147 - باب: العشرة المبشرون بالجنة

147 - باب: العشرة المبشرون بالجنة قال إسحاق بن منصور الكوسج: قلت: سأل سعيد بن زيد ابن مسعود -صلى اللَّه عليه وسلم-: قبض النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأين هو (¬1)؟ قال: لا أدري ما هذا الحديث. قال إسحاق: هذا واضح بين؛ لأنه يدل على كراهية نصب الشهادة لمن لم يسمع ذلك من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فمن سمعه لزمه أن يشهد. "مسائل الكوسج" (3524) قال ابن هانئ: سألته عن: الشهادة للعشرة بالجنة، فقال: أليس قال أبو بكر رحمة اللَّه عليه ورضوانه، قاتَلَ أهلَ الردّة، فقال: لا، حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار (¬2). فقد كان أصحاب أبي بكر، أكثر من عشرة. قلت له: فحديث ابن المسيب: لو شهدت على أحدٍ أنه في الجنة، ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 11/ 231 (20406) عن معمر عن عبد الكريم الجزري عن أبي عبيدة عن ابن مسعود أن سعيد بن زيد قال له: يا أبا عبد الرحمن، قد قبض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأين هو؟ قال: في الجنة هو. قال: توفي أبو بكر فأين هو؟ قال: ذاك الأواه عند كل خير يبغى. قال توفي عمر فأين هو؟ قال: إذا ذكر الصالحون فحي هلا بعمر. ورواه الطبراني 9/ 163 (8811) من طريق عبد الرزاق، وأبو نعيم في "الحلية" 9/ 78 من طريق الطبراني. فال الهيثمي في "المجمع" 9/ 78: رواه الطبراني وإسناده حسن. (¬2) رواه سعيد بن منصور 2/ 333 (2934)، وابن أبي شيبة 6/ 445 (32721)، والطبراني في "الأوسط" 2/ 270 (1953). قال الهيثمي في "المجمع" 6/ 222: رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه إبراهيم بن بشار الرمادي، وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه ابن معين وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح.

لشهدت على ابن عمر (¬1). قال أبو عبد اللَّه: فما قال ابن المسيب أحد حي، إلا ويعلمك أن من مات قد شهد له بالجنة (¬2). "مسائل ابن هانئ" (1883) قال عبد اللَّه: سألت أبي رحمه اللَّه عن الشهادة لأبي بكر وعمر، هما في الجنة؟ قال: نعم، وأذهب إلى حديث سعيد بن زيد أنه قال: أشهد أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الجنة، وكذلك أصحاب النبي التسعة، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عاشرهم (¬3). قلت لأبي: من قال: أنا أقول: إن أبا بكر، وعمر، في الجنة ولا أشهد؟ قال: يقال له: هذا القول لقول حق؟ فإن قال: نعم، فيقال له: ألا تشهد على الحق، والشهادة هو القول، ولا تشهد حتى تقول، فإذا قال: شهدت، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أهل الجنة عشرون ومائة صف، ¬

_ (¬1) سيأتي قول ابن المسيب: لو شهدت لأحدٍ حي لشهدتُ لعبد اللَّه بن عمر. قال الإمام أحمد: هذا يدلك أنه يشهد بذلك أنه في الجنة ولا يشهد للحي؛ لأنه لا يدري ما يحدث. "السنة" للخلال 1/ 285 (491). (¬2) رواه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 363. والبغوي في "معجم الصحابة" 3/ 475 (1438)، والحاكم 3/ 559، قال الذهبي: في "السير" 3/ 212: رواه ثقتان عنه -يعني: ابن المسيب. (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 188، وأبو داود (4946)، والترمذي (3757)، وابن ماجه (133). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقد روي من غير وجه عن سعيد بن زيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وصححه ابن حبان 15/ 454 (6993)، وكذا الألباني في " صحيح الجامع الصغير" (4010).

ثمانون منها من أمتي" (¬1). فإذا لم يكن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فمن يكون؟ "مسائل عبد اللَّه" (1594 - 1595) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا خالد بن نافع، مولى الأشعريين، قثنا الحُر بن الصَيَّاح النخعي، قال: بلغنا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أنا في الجنة، وأبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزُّبَيْر في الجنة، وعبد الرحمن في الجنة، وسعد في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة" (¬2). "فضائل الصحابة" 1/ 172 - 173 (117) قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده: نا محمد بن حُميد أبو عبد اللَّه، قثنا جرير، عن ثعلبة، عن جعفر عن سعيد بن جُبَيْر، قال: كان مقام أبي بكر، وعمر، وعلي، وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، كانوا أمام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في القتال وخلفه في الصلاة في الصف، ليس أحد من المهاجرين والأنصار يقوم مقام أحد منهم غاب أم شهد (¬3). "فضائل الصحابة" 1/ 400 (463) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 347، والترمذي (2546)، وابن ماجه (4289) من حديث بريدة -رضي اللَّه عنها-. قال الترمذي: هذا حديث حسن. وصححه ابن حبان 16/ 498 (7459)، والحاكم 1/ 81 - 82 وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2526). (¬2) لم أقف عليه مرسلا، لكن رواه الإمام أحمد 1/ 188، وأبو داود (4646)، والترمذي (3707 م) من طرق عن شعبة عن الحر بن الصياح عن عبد الرحمن بن الأخنس. عن سعيد بن زيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بنحوه. قال الترمذي: هذا حديث حسن. وصححه ابن حبان 15/ 454 (6993) من الطريق المذكور. (¬3) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 21/ 83.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سليمان بن داود، قال: أخبرنا شعبة، عن منصور بن عبد الرحمن الغداني قال: سمعت الشعبي قال: أدركت أكثر من خمسمائة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالوا: إن عثمان وعليًّا وطلحة والزبير في الجنة (¬1). "العلل" برواية عبد اللَّه (414) قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسن بن هارون قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الشهادة للعشرة، قال: نعم، أشهد للعشرة بالجنة. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المرُّوذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: حجتنا في الشهادة للعشرة أنهم في الجنة حديث طارق بن شهاب: قرأ عليه محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: لما صالح أبو بكر أهل الردَّة قال: صالحهم على حرب مجلية، أو سلم مخزية. قال: قالوا: قد عرفنا الحرب المجلية، فما السلم المخزية؟ قال: أن تشهدوا أن قتلانا في الجنة، وأن قتلاكم في النار. .، فذكر الحديث. قال الخلال: وأخبرنا عبد اللَّه بن أحمد عن أبيه في هذِه المسألة، قال: فلم يرض منهم إلا بالشهادة. وفي حديث وفد بُزاخة (¬2)، وليس بين الشهادة والقول فرق. ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 272 (455) من طريق عبد اللَّه به، ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 18/ 425 من طريق أبي الأحوص بن المفضل عن أبيه عن أبي داود -أظنه سليمان بن داود شيخ الإمام أحمد، وهو الطيالسي- به. (¬2) رواه البخاري (7221)، ونصه: عن أبي بكر -رضي اللَّه عنه- قال لوفد بزاخة: تتبعون أذناب الإبل حتى يُري اللَّه خليفة نبيه في والمهاجرين أمرًا يعذرونكم به.

قال الخلال: أخبرنا محمد بن أبي هارون؛ أن إسحاق حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الشهادة للعشرة المبشرين بالجنة؛ فقال: أليس قال أبو بكر لأهل الردة: لا، حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار. فقد كان أصحاب أبي بكر أكثر من عشرة. قال الخلال: وأخبرنا الحسن بن عبد الوهاب، قال: ثنا أبو بكر بن حمَّاد المقرئ، أنه سأل أبا عبد اللَّه في هذِه المسألة، قال: تفرق بين العلم وبين الشهادة؟ قال: لا، إذا قلت: أعلم، فأنا أشهد؟ قال اللَّه: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86)} [الزخرف: 86] وقال: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} [يوسف: 81]. قال الخلال: وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد أنه قال لأبي عبد اللَّه: أليس تشهد لعشرة من قريش في الجنة؟ قال: أقول: عشرة من قريش في الجنة، قال: هؤلاء يستطيعون الشهادة، وهل معنى القول والشهادة إلا واحد. قلت: ما تقول أني أشهد؟ قال: اشهد. قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر، وأبو يحيى، أن أبا طالب حدثهم في هذِه المسألة، قال: العلم الشهادة، فقال أبو عبد اللَّه: نعم، إذا علم أنه فلان ابن فلان، وعبد فلان، ودار فلان، ولا يعلم غيره، وكذلك تشهد أن العشرة في الجنة، قال: والرجل يشهد دار فلان، وعبد فلان، وابن فلان، هذا كله بالمعرفة وعلمه بالشيء. قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي في هذِه المسألة قال: قلت لأبي عبد اللَّه: أشهد أن فلانة امرأة فلان، وأنا لم أشهد النكاح؟ قال: نعم، إذا كان الشيء مستفيضًا فأشهد به. قال: وأشهد أن دار بختان هي لبختان، ولم يشهدني؟ قال: هذا أمر

قد استفاض، أشهد بها له. قال أبو بكر: وأظن أني سمعته يقول: هذا كمن يقول: إن فاطمة بنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا أشهد أنها بنت رسول اللَّه، أما طارق بن شهاب يقول عن أبي بكر: إنه قال لهم: تشهدون أن قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار وما رضي -يعني: أبا بكر- حتى شهدوا. قال أبو عبد اللَّه: وهذا أثبت وأصح ما روي في الشهادة. "السنة" للخلال 1/ 280 - 282 (474 - 481) قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي في هلإه المسألة قال: قلت لأبي عبد اللَّه: إن ابن الهيثم المقرئ قد حُكي عنه أنه قال: لا أشهد للعشرة أنهم في الجنة؛ قال: لم يذاكرني بشيء. قلت له: فلا يجانب صاحب هذِه المقالة؟ قال: قد جفاه قوم، وقد لقي أذى. وقال محمد بن يحيى الكحال في هذِه المسألة: سألت أبا عبد اللَّه عمَّن لا يشهد لأبي بكر وعمر وعثمان بالجنة، فقال: هذا قول سوء، وقد كان عندي منذ أيام من هو ذا يخبر عنه بهذا، ولو علمت لجفوته. قلت له: ابن الهيثم؟ قال: نعم، قد أخبروني أنه وضع في هذا كتابًا. وقال: واللَّه ما رضي أبو بكر الصديق من أهل الردَّة حتى شهدوا أن قتلانا في الجنة، وقتلاهم في النار. ثم رجحت إلى مسألة المروذي، قلت: إن ابن الدورقي أحمد قال لي: إنه ناظرك على باب إسماعيل، فقمت تجرُّ ثوبك مغضبًا؟ قال: لا أدري. قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد: قال أبي: اختلفنا فيها على

باب إسماعيل بن علية، فقال: أظنه أسود بن سالم. لم خلاف بهذا، وقلنا نحن بالشهادة. قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي، قال: ثنا أبو بكر الأثرم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه ونحن على باب عفان، فذكروا الشهادة للذين جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنهم في الجنة، فقال أبو عبد اللَّه: نعم نشهد. وغلظ القول على من لم يشهد، واحتج بأشياء كثيرة، واحتج عليه بأشياء، فغضب حتى قال: صبيان نحن! ! ليس نعرف هذِه الأحاديث؟ ! واحتج عليه بقول عبد الرحمن بن مهدي، فقال: عبد الرحمن بن مهدي من هو؟ ! أي: مع هذِه الأحاديث. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قال أبو عبد اللَّه في المسألة: وقوم يحتجون بابن الحنفية، قال: لا أشهد لأحد. .، ويحتجون بالأوزاعي (¬1). قال أبو عبد اللَّه: واحتججت عليهم بحديث ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اسكن فما عليك إلا نبي، وصديق، وشهيدان" (¬2). واحتججت بحديث أبي عثمان، عن أبي موسى: "افتح له الباب، ¬

_ (¬1) قال ابن تيمية رحمهُ اللَّه في "منهاج السنة" 6/ 203: وكان طائفة من السلف يقولون: لا نشهد بالجنة إلا الرسول صلى اللَّه عليه وسلم خاصة، وهذا قول محمد بن الحنفية والأوزاعي وطائفة أخرى من أهل الحديث، كعلي بن المديني وغيره، يقولون: هم في الجنة. لم ولا يقولون: نشهد لهم بالجنة. والصواب: أنا نشهد لهم بالجنة كما استقر على ذلك مذهب أهل السنة. اهـ. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 112، والبخاري (3675).

وبشره بالجنة" (¬1). قال الخلال: وأخبرني محمد بن أبي هارون؛ أن أبا الحارث حدثهم، فأخبرنا عبد اللَّه بن أحمد (¬2)، جميعًا في هذِه المسألة قال أبو عبد اللَّه: واحتججت عليهم. قال: وحديث جابر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "دخلت الجنة فرأيت قصرًا، فقلت: لمن هذا؟ قالوا: لعمر". حدثنا ابن عيينة، عن عمرو وابن المنكدر، سمعا جابرًا (¬3). ورواه حميد، عن أنس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نحوه (¬4). والزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه صالح بن كيسان، أو غيره (¬5). وما يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أن أبا بكر استأذن، فقال: "ائذن له، وبشره بالجنة"، لأبي بكر وعمر وعثمان. وروى أنس وسهل بن سعد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في أحد: "اسكن، فما عليك ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 406، والبخاري (3695)، ومسلم (2403). (¬2) رواه عبد اللَّه بن أحمد في "فضائل الصحابة" 1/ 395 (451) 1/ 524 (679)، 1/ 544 (715) جميعهم عن أنس. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 309، والبخاري (5226)، ومسلم (2394). (¬4) رواه الإمام أحمد 3/ 107، والترمذي (3688)، والنسائي في "الكبرى" 5/ 41 (8127). قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان 15/ 310 (6887)، وكذا الألباني في "الصحيحة" (1423). (¬5) رواه الإمام أحمد 2/ 339، والبخاري (3242)، ومسلم (2395) من طريق الزهري عن سعيد عن أبي هريرة.

إلا نبيٌّ وصديق وشهيدان" (¬1). قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي في هذِه المسألة أنه قال لأبي عبد اللَّه: قال ابن الدورقي في حديث عبد اللَّه بن ظالم شيء (¬2)؟ قال أبو عبد اللَّه: قال لكم لا أقول: إنهم في الجنة، ولا نشهد؛ هذا كلام سوء. قال أبو عبد اللَّه: علي بن المديني قدم إلى ها هنا، وأظهر هذا القول، وتابعه قوم على ذا، فأنكرنا ذلك عليهم، وتابعني أبو خيثمة، وقلنا: نشهد. قال الخلال: وأخبرنا محمد بن علي أبي بكر أن يعقوب بن بختان حدثهم في هذِه المسألة، قال أبو عبد اللَّه: وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أشهد على عشرة من قريش أنهم في الجنة" (¬3). فقيل له: إن رجلًا يقول: هم في الجنة، ولا أشهد. فقال: هذا رجل جاهل، أيش الشهادة إلا القول. قال الخلال: وأخبرنا أحمد بن محمد بن مطر، وأبو يحيى إن أبا طالب حدثهم في هذِه المسألة قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا إسماعيل، عن سعيد، عن قتادة قال: قال سعيد بن المسيب: لو شهدت لأحدٍ حي ¬

_ (¬1) رواه من حديث أنس: الإمام أحمد 3/ 112، والبخاري (3675)، ورواه من حديث سهل بن سعد: ابن أبي عاصم في "السنة" 2/ 608 بنحوه، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 295. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 187 - 188، وأبو داود (4648)، والترمذي (3757). (¬3) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 383 من حديث سعيد بن زيد. ورواه الطبراني في "الأوسط" 2/ 350 - 351 (2201)، وتمام في "فوائده" 1/ 344 (883)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 4/ 97 من حديث ابن عمر.

لشهدت لعبد اللَّه بن عمر. هذا يدلك أنه يشهد بذلك أنه في الجنة، ولا يشهد للحي؛ لأنه لا يدري ما يحدث. قال الخلال: وأخبرنا حمزة، قال: ثنا حنبل، قال: حدثني أبو عبد اللَّه قال: ثنا إسماعيل، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: لو شهدت لأحدٍ حيٍّ أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد اللَّه بن عمر. فرأيت أبا عبد اللَّه يستحسنه قال: لأحدٍ حي، لأحدٍ حي، يردد الكلام ويعجبه ذلك. "السنة" للخلال 1/ 282 - 285 (483 - 492) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن أبا الحارث حدثهم قال: كتبت إلى أبي عبد اللَّه أسأله عن الشهادة لأبي بكر وعمر، هما في الجنة؟ قال: نعم، وأذهب إلى حديث سعيد بن زيد أنه قال: أشهد أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الجنة. قال الخلال: وأخبرنا محمد بن علي، والحسن بن عبد الوهاب، أن محمد بن أبي حرب حدثهم قال: قال أبو عبد اللَّه: وسعيد بن زيد في بعض حديثه يقول: أشهد. ثم رجعت إلى مسألة عبد اللَّه وأبي الحارث، قال عبد اللَّه: قال أبي: وكذلك أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- التسعة، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عاشرهم، وقال اللَّه تبارك وتعالى {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} [التوبة: 100] {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} [الفتح: 18]. قال الخلال: وأخبرنا أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا بن يحيى، أن

أبا طالب حدثهم في هذِه المسألة، قال أبو عبد اللَّه: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [الفتح: 5] وقال: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11)} [الواقعة: 10، 11]. قال الخلال: وأخبرني أبو بكر محمد بن علي؛ أن يعقوب بن بختان حدثهم في هذِه المسألة، وقال: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}، ويروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أهل الجنة عشرون ومائة صف، أمتي منها ثمانون". فإذا لم يكن أبو بكر وعمر رحمهما اللَّه منهم، فمن منهم؟ ! ثم رجعت إلى مسألة عبد اللَّه وأبي الحارث، قال عبد اللَّه: قلت لأبي: فإن قال: أنا أقول: إن أبا بكر وعمر في الجنة، ولا أشهد؟ قال: يقال له: هذا الذي تقول حق؟ فإن قال: نعم، فيقال له: ألا تشهد على الحق؟ والشهادة هي القول، ولا يشهد حتى يقول، وإذا قال شهد، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أهل الجنة عشرون ومائة صف، ثمانون منها من أمتي" فإذا لم يكن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منهم، فمن يكون؟ ! قال الخلال: وأخبرنا أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا بن يحيى، أن أبا طالب حدثهم في هذِه المسألة، قال أبو عبد اللَّه: وأشهد أن أبا لهب في النار، هم لا يقولون: أبو لهب في النار، ليس في أبي لهب حديث أنه في النار. هو في الكتاب، ونحن نشهد أن أبا لهب وأبا جهل في النار. قال الخلال: وأخبرنا محمد بن أبي هارون قال: ثنا مثنى الأنباري أنه قال لأبي عبد اللَّه: وهل ترى أن نشهد لغير هؤلاء ممن شهد له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: نعم، كل من شهد له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يُشهد له. واحتج بحديث معاذ أنه

قال: واللَّه أشهد أن عمر حبي أنه من أهل الجنة (¬1). "السنة" للخلال 1/ 285 - 288 (492 - 499). قال الخلال: وأخبرنا محمد بن علي قال: ثنا صالح أنه قال لأبيه: قول سعيد بن زيد لابن مسعود: قبض النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأين هو؟ والأحاديث عنه في العشرة ما قد علمت؟ قال: هذا يروى عن أبي عبيدة أن ابن مسعود قال هذا القول، والذي يروى عن سعيد بن زيد في العشرة أحب إلي. "السنة" للخلال 1/ 288 (501) قال الخلال: وأخبرني عبد اللَّه بن محمد بن عبد الحميد، قال: ثنا بكر بن محمد بن الحكم، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه أنه سأله عن الرجل يقول: أشهد أن أبا بكر في الجنة، وأشهد أن عمر في الجنة، أو يقول: أشهد أن عثمان في الجنة، أو علي في الجنة؟ قال: لا بأس به، إذا قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قولًا فأنا أشهد عليه. قال: وفي حديث زائدة قال: ثنا معاوية بن عمرو، عن زائدة، عن حصين، عن هلال في حديث سعيد بن زيد، قال: أشهد أن عليًّا في الجنة. قال: حدثنا علي بن عاصم، عن حصين أيضًا قال: أشهد أن عليًّا في الجنة. قال الخلال: أخبرني محمد بن علي، والحسن بن عبد الوهاب، أن محمد بن أبي حرب حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه في دهليزه عن الشهادة للعشرة؛ فقال: نحن نشهد، أبو بكر يقول: تشهدون أن قتلانا في الجنة، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 245، والطبراني في "الكبير" 20/ 149، قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 74: ورجالهما رجال الصحيح.

وكانوا خلقًا كثيرًا. وسعيد بن زيد في بعض حديثه يقول: أشهد، وسعيد بن المسيب يقول: لو شهدت لأحد حي لشهدت لابن عمر. قلت: فمن لم يشهد يهجر؟ قال قلت: يقول ماذا؟ قلت: يقول كما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا أشهد، فسكت. قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن مثنى الأنباري حدثهم أنه قال لأبي عبد اللَّه: رجل محدث، يكتب عنه الحديث قال: من شهد أن العشرة في الجنة فهو مبتدع. فاستعظم ذلك، وقال: لعله جاهل، لا يدري، يقال له. "السنة" للخلال 1/ 289 (504 - 506) قال ابن بدينا: سألت أحمد عن الشهادة للعشرة؛ فقال: أنا أشهد للعشرة بالجنة. "طبقات الحنابلة" 2/ 282

148 - باب: مناقب الصحابة رضوان الله عليهم

148 - باب: مناقب الصحابة رضوان اللَّه عليهم قال صالح: وسألته عن قول إبراهيم: ما دُخِر عن القوم شيء خبئ لكم لفضل عندكم! قال: يقول: إن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يُدَّخر عنهم. "مسائل صالح" (214) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن عبيد، عن إسماعيل -يعني ابن أبي خالد- عن عامر، قال: شكا عبد الرحمن بن عوف خالدَ بنَ الوليد إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا خالد ما لكَ وما لرجل من المهاجرين؟ لَو أنفَقْتَ مثل أُحُدٍ ذهبًا لم تُدْرِكْ عَمله" (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 64 - 65 (12) ¬

_ (¬1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 16/ 242 من طريق محمد بن عبيد، ورواه ابن أبي حاتم في "العلل" 2/ 356 من طريق عبد اللَّه بن إدريس، كلاهما عن إسماعيل، به. ورواه عبد اللَّه بن أحمد في زوائده على "فضائل الصحابة" 1/ 65 (13)، والبزار 28/ 93 (3365)، وابن أبي حاتم في "العلل" (2585)، وابن صاعد في "مسند عبد اللَّه بن أبي أوفى" ص 101 (8)، وابن حبان 15/ 565 (7091)، والطبراني في "الكبير" 4/ 104 (3801)، وفي الصغير (508)، كلهم من طريق إسماعيل المؤدب، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر الشعبي، عن عبد اللَّه بن أبي أوفى، مرفوعًا بلفظ: "يا خالد لِمَ تؤذِ رجلًا من أهل بدر". وعند الطبراني في "الكبير" بلفظ آخر. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 349: رواه الطبراني في "الصغير" و"الكبير" باختصار، والبزار بنحوه، ورجال الطبراني ثقات. وحسنه الحافظ في "الأمالي المطلقة" 1/ 54. والحديث أصله عند الإمام أحمد 3/ 11، والبخاري (3673)، ومسلم (2541) من حديث أبي سعيد الخدري قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء، فسبه خالد، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تسبوا أحدًا من أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحدٍ ذهبًا، ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه" وهذا لفظ مسلم.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرازق، قال: أنا معمر، عَمَّن سمع الحسن يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مثل أصحابي في الناسِ كمثل الملح في الطعام" (¬1) ثم يقول الحسن: هَيْهَاتَ، ذَهَبَ مِلْحُ القَوم. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا حسين بن علي الجعفي، عن أبي موسى -يعني إسرائيل- عن الحسن، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنتم في الناس كمثل الملح في الطعام" (¬2). قال: يقول الحسن: وهل يَطِيبُ الطعامُ إلا بالمِلْح. قال: ثم يقول الحسن: فكيف بقوم قد ذهبَ مِلْحُهم. "فضائل الصحابة" 1/ 67 - 69 (16 - 17) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا أبي وسفيان وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال: كنا نتحدث أن عدة أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كانوا يوم بدر على عدَة أصحاب طالوت يوم جالوت ثلاثمائة وبضعة عشر الذين جازوا معه النهر قال: ولم يجاوز معه النهر إلا مؤمن (¬3). "العلل" برواية عبد اللَّه (3674) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 11/ 221 (20377) من طريق معمر. عمن سمع الحسن، به. ورواه ابن المبارك في "الزهد" 1/ 205، والبزار 13/ 219 (6698)، وأبو يعلى 5/ 151 (2762)، والقضاعي في "مسند الشهاب" 2/ 275، والبغوي في "شرح السنة" 14/ 73 (3863) عن الحسن، عن أنس. قال البزار: لا نعلم رواه عن الحسن عن أنس إلا إسماعيل بن مسلم، ولا رواه عنه إلا أبو معاوية، وإسماعيل بن مسلم روى عنه الأعمش والثوري وجماعة كثيرة، على أنه ليس بالحافظ، وقد احتمل الجماعة حديثه، تفرد به أنس اهـ. وقال الهيثمي 10/ 18: رواه أبو يعلى والبزار بنحوه، وفيه إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف ا. هـ. وضعفه الألباني في "الضعيفة" 4/ 245. (¬2) رواه ابن أبي شيبه 6/ 407 (32395) عن حسين بن علي به. (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 290، والبخاري (3958).

قال الخلال: أخبرنا الحسين بن صالح العطار قال: ثنا هارون بن يعقوب الهاشمي، قال: سمعت أبي يعقوب بن العباس قال: كنا عند أبي عبد اللَّه سنة سبع وعشرين، أنا وأبو جعفر بن إبراهيم، فقال له أبو جعفر: أليس نترحم على أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كلهم: معاوية، وعمرو ابن العاص، وعلى أبي موسى الأشعري، والمغيرة؟ قال: نعم، كلهم وصفهم اللَّه في كتابه؛ فقال: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: 29]. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المرُّوذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وذكر له أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: رحمهم اللَّه أجمعين. قال الخلال: أخبرنا صالح بن علي الحلبي من آل ميمون بن مهران؛ أنه سمع أبا عبد اللَّه: يترحم على أصحاب رسول اللَّه أجمعين. "السنة" للخلال 1/ 378 (755 - 757) قال الخلال: ثنا حنبل: وحدثنا أبو غسان قال: ثنا الحسن بن صالح، عن أبي بشر، عن الحسن: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] قال: أبو بكر وأصحابه (¬1). قال حنبل: قال أبو عبد اللَّه: أبو بشر هذا هو الحلبي، مر بهم بالكوفة فسمعوا منه. "السنة" للخلال 1/ 382 قال المروذي: وقال أبو عبد اللَّه: النفاقُ لم يكن في المهاجرين. "بدائع الفوائد" 3/ 103 ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور في "سننه" 4/ 1501، وعبد بن حميد كما في "الدر المنثور" 2/ 517، والطبري في "تفسيره" 4/ 623 (12184)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1165، وابن الأعرابي في "معجمه" 2/ 855، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 197، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 362.

149 - مناقب أبي بكر -رضي الله عنه-

149 - مناقب أبي بكر -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا سفيان، عن الزهري -إن شاء اللَّه- عن عُروة -أو عَمْرَة- قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما نفعنا مال أحد ما نفعنا مال أبي بكر" (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 75 (24) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا معاوية بن عَمرو، قثنا زائدة، عن الأعمش، عن أبي صالح، رفعه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أنفق زَوْجين مما يَمِلك فكل خزَنَة الجنة يدعوه يا عبد اللَّه، يا مسلم، هذا خيرٌ هَلْمَّ إليه"، فقال أبو بكر: يا رسول اللَّه، هذا رجل لا تَوى عليه (¬2) إن ترك بابًا دخل من الآخر. فحطا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كتِفَه بيده، ثم قال: "واللَّه إني لأطمعُ أن تكون منهم، واللَّه ما نَفَعني مالُ ما نفعني مالُ أبي بكر" قال: فبكى أبو بَكْرِ، ثم قال: وهل هَداني اللَّه ورفعني إلا بك (¬3)؟ ! "فضائل الصحابة" 1/ 78 - 79 (27) ¬

_ (¬1) رواه الحميدي في "مسنده" 1/ 283، وإسحاق بن راهويه 2/ 258، وأبو يعلى 7/ 391 (8/ 44) عن عروة عن عائشة. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 51: رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح غير إسحاق بن إسرائيل، وهو ثقة مأمون. وقال البوصيري في "الإتحاف" 7/ 150: رواه أبو يعلى، ورواته ثقات. وصحح إسناده الألباني في "الصحيحة" 6/ 487. (¬2) قال ابن الأثير في "النهاية" 1/ 201: أي: لا ضياع ولا خسارة، وهو من التَّوى: الهلاك. (¬3) لم أقف عليه مرسلًا، ورواه موصولًا الإمام أحمد 2/ 366 عن أبي صالح عن أبي هريرة، والبخاري (1897)، ومسلم (1027) من طريق حميد، عن أبي هريرة.

قال عبد اللَّه: قلت لأبي رحمه اللَّه: إن سفيان بن عُيَيْنة يحدّث عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر" فأنكره، وقال: من حدثك به؟ قلتُ: حدثنا يحيى بن معين، قثنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة. قال يحيى: فقال رجل لسفيان: من ذكره؟ قال: وائل. فقال أبي: نرى وائلًا لم يسمع من الزهري، إنما روى وائل عن أبيه. وقال: هذا خطأ ثم قال: نا عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيَّب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. .، فذكر الحديث. "فضائل الصحابة" 1/ 84 - 85 (34 - 35) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يزيد بن هارون قال: أنا عبد العزيز بن عبد اللَّه بن أبي سلمة، عن عبد الواحد بن أبي عون، عن القاسم بن محمد، عن عائشة أنها كانت تقول: قُبِضَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فارتدَّتِ العَربُ واشْرَأَبَّ النفاقُ بالمدينة، فلولا نزل بالجبال الروَاسي ما نزل بأبي لهاضَها، فواللَّه ما اختلفوا في نُقْطة إلا طار أبي بحظها وغنائها في الإسلام، وكانت تقول مع هذا: ومن رأى عمرَ بن الخطاب عرف أنه خلق غناءً للإسلام، كان واللَّه أحوزيا نسيج وَحْدِه، قد أعدَّ للأمور أقرانها (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 118 - 119 (68) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 7/ 434، والبيهقي 8/ 200 - 201. ورواه الحارث كما في "بغية الباحث" (970) عن يحيى بن أبي كثير، ورواه الطبراني في "الأوسط" 5/ 148 (4913) و"الصغير" 2/ 214 (1051) عن الأصمعي، ثلاثتهم عن عبد العزيز به. ورواه عبد اللَّه في زوائده على "فضائل الصحابة" 1/ 245 (217) ومن طريقه الطبراني في "الأوسط" 4/ 319 (4318) عن أبي معمر القطيعي، عن عبد اللَّه بن =

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا تليد بن سليمان، قثنا أبو الجَحّاف قال: لما بويع أبو بكر أغلق بابه دون الناس ثلاثًا، كل يوم يقول: قد أقلتكم بَيْعَتَكم فبايعوا من شِئْتُم، قال: كلَّ ذلك يقوم علي -يعني: ابن أبي طالب- فيقول: لا نُقِيْلُك ولا نَسْتَقِيْلُك، قدّمك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فمن يؤخرك؟ (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 162 (102) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن يونس، عن الحسن قال: قال عمر: لوددت أني من الجنة حيثُ أرى أبا بكر (¬2). ¬

_ = جعفر، عن عبيد اللَّه بن عمر، عن القاسم به. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 50: رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط" من طرق، ورجال أحدهما ثقات. (¬1) رواه أبو نعيم في "فضائل الخلفاء الأربعة" (190) من طريق أبي سعيد الأشج عن تليد به. وتليد بن سليمان الكوفي الأعرج له مناكير، ومن مناكيره عن أبي الجحاف عن محمد بن عمرو الهاشمي، عن زينب بنت علي، عن فاطمة قالت: نظر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى علي فقال: "هذا في الجنة وإن من شيعته قومًا يلفظون الإسلام لهم نبز يسمون الرافضة من لقيهم فليقتلهم فإنهم مشركون". قال أحمد: شيعي، لم نر به بأسًا. ونقل إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني عن أحمد أنه كان يكذب. وقال ابن معين كذاب يشتم عثمان. وقال أبو داود: رافضي يشتم أبا بكر وعمر، وفي لفظ: خبيث، وقال النسائي: ضعيف، وقال صالح بن محمد: كان سيئ الخلق، وكان أصحاب الحديث يسمونه بليد بن سليمان، لا يحتج بحديثه، وليس عنده كبير شيء. وقال ابن عدي: يبين على رواياته أنه ضعيف. انظر: "تهذيب الكمال" 4/ 320 (798)، "ميزان الاعتدال" 1/ 358 (1340). وهو إلى ضعف تليد منقطع بين أبي الجحاف وعلي -رضي اللَّه عنه-. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 354 (31947)، وابن عساكر 30/ 339.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا تليد، عن أبي الجَحَّاف قال: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما بعث اللَّه نبيًّا إلا كان له وزيران من أهل السماء، ووزيران من أهل الأرض، فوزيراي من أهل السماء جِبْرِيل وميكائيل، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر" (¬1). قال أبو عبد الرحمن: ذاكرتُ أبي رحمه اللَّه بحديث أبي سعيد الأشجّ من حديث تَلِيْد، عن عَطيَّة، عن أبي سعيد. قال: هو مرسل عن تليد عن أبي الجحاف فقط. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا تنيد قال: سمعتُ منصورًا يقول قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أصبح منكم اليومَ صائمًا"؟ قال الصديق: أنا. قال: "من تصدق منكم اليوم على سائل بشيء"؟ قال: قال الصديق: أنا، قال: "من عاد منكم اليوم مريضًا"، قال: قال الصديق: أنا. قال: "من شَيّع منكم اليوم جَنازة"؟ قال: قال الصديق: أنا. قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما كان اللَّه ليَجْمع هذِه الخصال إلا لرجل من أهل الجنة" (¬2). "فضائل الصحابة" 1/ 164 - 166 (104 - 107) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: قثنا إسماعيل بن إبراهيم، قثنا غالب -يعني: القطان- قال: قال بكر بن عبد اللَّه: إن أبا بكر لم يَفْضُل الناس ¬

_ (¬1) لم أقف عليه مرسلا، ورواه الترمذي (3680)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 285 موصولا عن تليد عن أبي الجحاف عن أبي سعيد الخدري. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وضعف الألباني إسناده في "مشكاة المصابيح" (6056). وقد سبق الكلام على ضعف تليد. (¬2) لم أقف عليه مرسلًا، ورواه مسلم (1028) موصولا عن أبي هريرة.

بأنه كان أكثرهم صلاة وصوما، إنما فضلَهم بشيء كان في قَلْبه. "فضائل الصحابة" 1/ 173 (118) قال عبد اللَّه: وحدثني أبي، قثنا مكي، قثنا أنيس بن أبي يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري قال: خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مرضه الذي مات فيه وهو عاصبٌ رأسه، قال: فاتبعته حتى صعد المنبر فقال: "إني الساعة لقائمٌ على الحوض"، قال: ثم قال: "إن عبدا عرضت عليه الدنيا وزينتها، فاختار الآخرة" فلم يَفْطِن لها أحد من القوم إلا أبو بكر، فقال: بأبي أنت وأمي، بل نفديك بأموالنا وأنفسنا وأولادنا. قال: ثم هبط رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المنبر، فما رئي عليه حتى الساعة (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 202 - 203 (154) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن آدم، قثنا أبو بكر -يعني: ابن عياش- عن الأعمش، عن أبي صالح قال: بعث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أبا بكر على الموسم، فلما سار بعث عليًّا في أثره بآيات من أول براءة، فرجع أبو بكر فقال: يا رسول اللَّه، ما لي؟ قال: "خير، أنت صاحبي في الغار وصاحبي على الحوض"، قال: فقال أبو بكر: رَضِيتُ (¬2). "فضائل الصحابة" 1/ 215 (177) ¬

(¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 91، والبخاري (3654)، ومسلم (2382) بنحوه عن أبي سعيد الخدري. (¬2) رواه ابن حبان 15/ 16 (6644)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 90 من طريق أبي عوانة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد أو أبي هريرة. وروى البخاري (4656) خبر بعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي بكر وعلي من حديث أبي هريرة.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: حدثني عبد الجبار بن ورد، عن ابن أبي مليكة، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل هو وأصحابه غديرًا ففرّقهم فِرْقَتَين، ثم قال لِيْسَبح كلُّ رجل منكم إلى صاحبه، فسبح كل رجل منهم إلى صاحبه حتى بقي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكر، فسَبَح النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إليه حتى احْتَضَنَهُ ثم قال: لو كنت متخذًا من هذِه الأمة خليلًا لاتخذت أبا بكر، ولكنه صاحبي (¬1) كما قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، عن نافع بن عمر، عن ابن أبي مُليَكة قال: لما هاجر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج معه أبو بكر، فأخذا طريق ثَور، فجعل أبو بكر يمشي خلفه ويمشي أمامه، قال: فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما لك؟ " قال: يا رسول اللَّه أخاف أن تُؤْتَى من خلفك فأتأخر، وأخاف أن تُؤْتَى من أمامك فأتقدم، قال: فلما انتهى إلى الغار، قال أبو بكر: كما أنت حتى أَقُمَّه، قال نافع: فحدثني رجل عن ابن أبي مليكة أن أبا بكر رأى جُحْرًا، فألقمها قدمه، وقال: يا رسول اللَّه إن كانت لَسْعة أو لَدْغة كانت بي. "فضائل الصحابة" 1/ 217 - 218 (181 - 182) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق قال: أنا مَعْمَر، عن موسى بن إبراهيم -رجل من آل رَبِيعة- أنه بلغه: أن أبا بكر حين استُخْلف قعد في بيته حزينًا فدخل عليه عُمر، فأقبل على عُمر يلومه، قال: أنت كلّفتني هذا. وشكا إليه الحُكْم بين الناس، فقال له عمر: ¬

_ (¬1) رواه ابن عساكر 30/ 152 عن ابن أبي مليكة مرسلًا، ورواه الطبراني 11/ 261 (11676) موصولًا عن ابن عباس.

أو ما علمت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن الوالي إذا اجتهد فأصاب الحق فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ الحق فله أجر واحد"؟ قال: فكأنه سَهل على أبي بكر حديثُ عمر (¬1). قال: حدثني أبي، قثنا أبو مُعاوية، قثنا الأعمش، عن عَمْرو بن مُرّة، عن أبي عُبَيْدة، عن عبد اللَّه قال: لما كان يومُ بَدْر قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما تقولون في هؤلاء الأسرى؟ فقال أبو بكر: يا رسول اللَّه قومُك وأهلُك، استَبْقِهم واستَتِبْهُم، لعلَّ اللَّه أن يتوبَ عليهم، فدخل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يردّ عليهم شيئًا، فقال: فخرج عليهم رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "مَثلُكَ يا أبا بكر كَمَثَلِ إبراهيم عليه السلام قال: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36)} [إبراهيم: 36] ومثْلُكَ يا أبا بكر كمَثَل عيسى قال: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)} [المائدة: 118] (¬2). قال عبد اللَّه: قثنا أبي، نا معاوية -هو ابن عمرٍو قال: نا زائدة فذكر نحوه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا حُسَيْن قال: نا جرير -يعني: ابن حازم- عن الأعمش فذكر نحوه. ¬

_ (¬1) هو في "مصنف عبد الرزاق" 11/ 328 (20674)، والبيهقي في "الشعب" 6/ 73 من طريق معمر. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 383 مطولا، ورواه الترمذي (1714)، وابن أبي شيبة 7/ 359 (36679)، والطبراني 10/ 143 (10257)، والحاكم 3/ 21 بنحوه. قال الترمذي: حديث حسن. وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الهيثمي في "المجمع" 6/ 88: فيها موسى بن مطير، وهو ضعيف.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا هُشَيْم قال: أنا حصين، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: خطب عمر بن الخطاب فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: ألا إن خير هذه الأمة بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أبو بكر، فمن قال سوى ذلك بعد مقامي هذا فهو مفتر، عليه ما على المُفتري. "فضائل الصحابة" 1/ 220 - 222 (185 - 189) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا يوسف بن يعقوب الماجشون أبو سلمة قال: أدركت مَشيختَنا ومن نأخذ عنه، منهم ربيعة بن أبي عبد الرحمن ومحمد بن المنكدر وعثمان بن محمد الأخنسي، يقولون: أبو بكر أول الرجال أسلم (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 274 - 275 (261) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا هشام، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: أول من أسلم أبو بكر. "فضائل الصحابة" 1/ 276 (265) قال عبد اللَّه: نا أبي، نا وكيع، قثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن إبراهيم قال: أبو بكر. يعني: أول من أسلم (¬2). "فضائل الصحابة" 1/ 278 (270) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع قال: نا جعفر بن برقان، عن الزهري قال: أول من قطع الرجل أبو بكر (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الآجري في "الشريعة" 4/ 1797 (1254). ط. دار الوطن. (¬2) رواه الترمذي (3735)، وابن أبي شيبة 7/ 30 (33856)، وقال الترمذي: حسن صحيح. (¬3) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" 7/ 256 (35826).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا جَرير عن منصور، عن مجاهد قال: أول من أظهر الإسلام سبعة: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكر، وبلال، وخباب، وصهيب، وعمار، وسُمَيَّة أم عمار (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 283 (281 - 282) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر، قثنا شعبة، عن قيس ابن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: لما صالح أبو بكر أهل الردة صالحهم على حرب مجلية أو سلم مخزية. قال: [قالوا: ] (¬2) قد عرفنا الحرب المجلية، فما السلم المخزية؟ قال: تشهدون أن قتلانا في الجنة وأن قتلاكم في النار، وأن تدوا قتلانا ولا ندي قتلاكم، وأن ما أصبنا منكم فهو لنا، وما أصبتم منا رددتموه إلى أهله. "فضائل الصحابة" 2/ 1130 (1698) ¬

(¬1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" 6/ 399 (32324)، وابن سعد في "الطبقات" 3/ 233، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 1/ 212، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 140. (¬2) زيادة من "السنة" للخلال 1/ 280 (475).

150 - مناقب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-

150 - مناقب عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- قال صالح: حدثني أبي: حديث عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن كان في الأمم محدثون، فإن يكن في أمتي فعمر بن الخطاب" (¬1) كان يلهم الشيء من الحق. وقوله: "السكينة تنطق على لسان عمر" (¬2). "مسائل صالح" (1241) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا مطلب بن زياد، قثنا عبد اللَّه بن عيسى قال: كان في وجه عمر خطان أسودان من البكاء (¬3). "فضائل الصحابة" 1/ 310 (318) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، قثنا هارون الثقفي، عن عبد اللَّه بن عبيد -يعني ابن عمير- قال: بينا عمر يقسم مالًا إذ رفع رأسه فإذا رجل في وجهه ضربة، قال: ما هذا؟ قال: أصابني في غزاة كذا وكذا، قال: فأمر له بألف درهم، ثم مكث ساعة ثم أمر له بألف ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 55، ومسلم (2398) من حديث عائشة، ورواه البخاري (3469) من حديث أبي هريرة. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 106، وعبد الرزاق 11/ 222 (20380)، وابن أبي شيبة في "المصنف" 6/ 357 (31965)، والطبراني في "الأوسط" 5/ 359 (5549) من حديث علي -رضي اللَّه عنه-. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 67: رواه الطبراني في "الأوسط"، وإسناده حسن. ورواه الطبراني في "الكبير" 8/ 320 (8202) عن طارق بن شهاب. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 67: ورجاله ثقات. ورواه الطبراني أيضًا في "الكبير" 9/ 167 (8827) عن عبد اللَّه بن مسعود. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 67: وإسناده حسن. (¬3) رواه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 51، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 308.

أخرى حتى أمر له بأربعة آلاف درهم، فقالوا: استح. فخرج، فقال: لو مكث لأعطيتُه ما بقي من المال درهم؛ رجل ضرب في وجهه ضربة في سبيل اللَّه حفرت وجهه (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 321 (337) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر، قثنا شعبة عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: كنا نتحدث أن عمر بن الخطاب ينطق على لسانه مَلك (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن سيار، عن الشعبي قال: إذا اختلفوا في شيء فانظروا إلى قول عمر بن الخطاب (¬3). "فضائل الصحابة" 1/ 323 (341 - 342) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا هشيم قال: أنا العوام، عن مجاهد قال: إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ما صنع عمر فخذوا به. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن آدم، نا أبو شهاب، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: كان لا يعدل بِقَول عمر وعبد اللَّه إذا اجتمعا. "فضائل الصحابة" 1/ 326 (349 - 350) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عتّاب بن زياد، قثنا عبد اللَّه -يعني: ابن المبارك- قثنا جرير بن حازم قال: سمعت نافعًا مولى عبد اللَّه بن عمر ¬

_ (¬1) رواه ابن زنجويه في "الأموال" 2/ 570 - 571 (940)، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 355 من طريق هارون به. (¬2) رواه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 42 عن طارق بن شهاب عن علي -رضي اللَّه عنه-. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 5/ 299 (26265)، وابن سعد في "الطبقات" 2/ 336، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 320 بنحوه.

يقول: أصاب الناسُ فتحًا بالشام فيهم بلال -وأظنه ذكر معاذ بن جبل- فكتبوا إلى عمر بن الخطاب: إن هذا الفيء الذي أصَبْنا لك خُمُسه ولنا ما بقي، ليس لأحد فيه شيء، كما صنع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بحُنَين. فكتب عمر: إنه ليس على ما قلتم، ولكني أقِفُها للمسلمين. فراجعوه الكتاب، وراجعهم، يأبون ويأبى، فلما أبوا قام عمر فدعا عليهم فقال: اللهم اكفني بلا، وأصحاب بلال. فما حال الحول عليهم حتى ماتوا جميعًا -رضي اللَّه عنهم- (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 353 - 354 (378) قال عبد اللَّه: قثنا أبي، قثنا يحيى -هو ابن سعيد- قثنا حُميد -هو الطويل- عن أنس -هو ابن مالك- قال: قال عمر: وافقتُ ربي في ثلاث، ووافقني ربي في ثلاث، قلتُ: يا رسول اللَّه، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فأنزل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى}. قلت: يا رسول اللَّه، إنه يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل اللَّه آية الحجاب. وبلغني معاتبة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعض نسائه قال: فاستقرئتُ أمهات المؤمنين فدخلت عليهن فجعلت استَقْرئُهن واحدة واحدة: واللَّه لئن انتهيتن وإلا ليبدلن اللَّه رسوله خيرًا منكن، قال: فأتيت على بعض نسائه قالت: يا عمر، أما في رسول اللَّه ما يَعِظ نساءه حتى تكون أنت تعظهن؟ فأنزل اللَّه: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: 5] (¬2). "فضائل الصحابة" 1/ 388 (437) ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 9/ 138 وقال: والحديث مرسل واللَّه أعلم. اهـ. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 24، والبخاري (402) من طريق حميد به، ورواه مسلم (2399) مختصرًا عن ابن عمر.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عفان، قثنا حماد -يعني: ابن سلمة- قال: أنا ثابت: أن رجلًا أتى عمر فقال: يا أمير المؤمنين أعطني، فواللَّه لئن أعطيتني لا أحْمدك، ولئن منعتني لا أذمك. قال: ولم ذاك؟ قال: لأن اللَّه جل ثناؤه هو المعطي وهو المانع. قال عمر: أدخلوه بيت المال، فليأخذ ما شاء. فأدخلوه، قال: فجعل يرى صفراء وبيضاء، فقال: ما هذا؟ ليس لي فيما هاهنا حاجة، إنما أردت زادًا وراحلة. وإنما أراد عمر أن يزوده، فأمر له عمر بزاد وراحلة، فرحل له، فلما ركب راحلته رفع يده فحمد اللَّه وأثنى عليه الذي حمله الذي أعطاه، وجعل عمر يمشي خلفه، ويتمنى أن يدعو له، قال: اللهم واجز عمر خيرًا. وصف عفان: أوما حماد بيده خلفه بين كتفيه (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 390 (442) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قثنا ابن جُرَيْج قال: سمعت عطاء وغيره من أصحابنا يزعمون أن عمر أول من رفع المقام فوضعه في موضعه الآن، وإنما كان في قُبل الكعبة (¬2). "فضائل الصحابة" 1/ 396 - 397 (455) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا موسى بن عبد الحميد -قال أبي: جار لنا حَسَن الهَيْئة- قثنا إبراهيم بن سَعْد، عن أبيه قال: بينما عَمرو بن العاص يومًا يسير أمام رَكْبه وهو يحدث نفسه إذ قال: للَّه درّ ابن حَنْتَمة، أي امرئٍ كان! يعني بذلك: عمر بن الخطاب (¬3). "فضائل الصحابة" 9/ 399 (459) ¬

_ (¬1) رواه هناد في "الزهد" (560) من طريق حماد بن سلمة به. (¬2) رواه عبد الرزاق 5/ 48 (8955)، والفاكهي في "أخبار مكة" 1/ 454. (¬3) رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" 13/ 32 - 33 من طريق عبد اللَّه بن أحمد به.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو معاوية، قثنا محمد بن عمرو، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن العباس قال: نِعْم الرجلُ عمر كان لي جارًا، فكان ليله قيام، ونهاره صيام، وفي حوائج الناس، قال: فسألت ربي أن يُرِيَنيه في المنام، فأرانيه رأسَ الحول وهو جاءٍ من السوق مستحييًا، فقلت ما صُنع بك، أو ما لَقْيِت؟ قال: فقال: كاد عرشي أن يهوى لولا أن لقيت ربًّا رحيمًا. "فضائل الصحابة" 2/ 1166 - 1167 (1762) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي، قال: ثنا مهنا، قال: سألت أحمد ما قوله: سبق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وصلى أبو بكر، وثلث عمر، هو في سباق الخيل؟ قال: لا. قلت: في أي شيء هو؟ قال: في الإسلام. "السنة" للخلال 1/ 251 (388) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر قال: ثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه عن العمرين؛ قال: عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز رحمهما اللَّه. قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي السمسار قال: ثنا مهنا قال: سألت أبا عبد اللَّه، قلت: من العمران؟ قال: عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز. قلت: إن أبا عبيد فيما حدثوني عنه، قال: العمران: أبو بكر وعمر، فقال: ما نعرف العمرين إلا عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز. "السنة" 1/ 252 (390 - 391)

151 - مناقب عثمان بن عفان -رضي الله عنه-

151 - مناقب عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- قال الكوسج: قُلْتُ: قَالَ ابن سيرين: إنَّما يكون الفدي بعد عثمان -رضي اللَّه عنه-؟ قال أحمد: لا أعرفه. قال إسحاق: لا أعرفه. "مسائل الكوسج" (3310) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا بِشْر بن شُعَيْب بن أبي حَمْزة قال: حدثني أبي، عن الزهري قال: أخبرني سالم بن عبد اللَّه أن عبد اللَّه بن عمر قال: جاءني رجل من الأنصار في خلافة عثمان فكلّمني، فإذا هو يأمرني في كلامه بأن أعيب على عثمان، فتكلم كلامًا طويلًا وهو امرؤ في لسانه ثِقَلٌ، فلم يكد يَقْضي كلامه في سَريح، قال: فلما قضى كلامه قلت له: إنا كنا نقول -ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حي-: أفضل أمة رسول اللَّه بعده أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، وإنا واللَّه ما نعلم عثمان قتل نفسًا بغير حق، ولا جاء من الكبائر شيئًا، ولكن هو هذا المال فإن أعطاكموه رضيتم، وإن أعطاه أُولي قرابته سخطتم! إنما تريدون أن تكونوا كفارس والروم لا يتركون لهم أميرًا إلا قتلوه (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 113 (64) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا المُطَّلِب بن زياد، قثنا عبد اللَّه بن عيسى ¬

_ (¬1) رواه الطبراني في "مسند الشاميين" 3/ 40 (1764)، وفي "الكبير" 12/ 285 (13132) بنحوه من حديث ابن عمر. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 58: في الصحيح طرف من أوله، رواه الطبراني في "الأوسط"، و"الكبير" بنحوه باختصار إلا أنه قال: أبو بكر وعمر وعثمان، ثم استوى الناس فيبلغ ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا ينكره علينا.

قال: قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: رأيت عليًّا رافعًا حِضْنَيْه يقول: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 552 - 553 (727) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثتنا أم عمر بنت حسان -قال أبي: عجوز صدق- قالت: سمعت أبي يقول: بلغني أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من جهز جيش العُسْرة فله الجنة" قال: فقال عثمان: عليَّ مائة راحلة. ثم قال: أقِلْني يا رسول اللَّه. فأقاله، فقال: عليَّ عَددُها من الخيل. فسَر ذاك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومَن عنده، ثم قال له عند ذلك كلامًا حسنًا. فحفظه أبوها ونسيته أم عمر قالت: وسمعتُ أبي يقول: إن عثمان جهز جيش العسرة مرتين (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو معاوية قال: حدثني الأعمش، عن عبد اللَّه بن سنان قال: قال عبد اللَّه حين استخلف عثمان: ما ألونا عن أعلاها ذي فُوق. "فضائل الصحابة" 1/ 554 - 555 (730 - 731) قال عبد اللَّه: نا أبي قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا أبو مالك الأشجعي، عن سالم بن أبي الجعد، عن محمد ابن الحَنَفِيّة قال: بلغ عليًّا أن عائشة تلعن قتلة عثمان في المربد، قال: فرفع يديه حتى بلغ ¬

_ (¬1) رواه ابن الجعد 1/ 369، ورواه الدولابي في "الكنى والأسماء" 1/ 343 عن الحسن بنحوه. ورواه الحاكم 3/ 95 عن الحسن، عن قيس بن عباد مطولا، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. (¬2) لم أقف عليه مرسلًا، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من جهز جيش العسرة فله الجنة" رواه البخاري (2778) من حديث عثمان -رضي اللَّه عنه-.

بهما وجهه فقال: وأنا ألعن قَتَلة عثمان، لعنهم اللَّه في السَّهْل والجبل. قال مرتين أو ثلاثًا (¬1). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، قثنا هُشَيْم، عن عبد الملك بن عُمَيْر، عن موسى بن طلحة قال: قالوا: يا أم المؤمنين، أخبرينا عن عثمان قال: فاستجلست الناس، فحَمِدت اللَّه وأثنت عليه فقالت: يا أيها الناس، إنَّا نقمنا على عثمان ثلاثًا: إمرة الفتى، والحِمَى، وضربه السوط، ثم تركتموه حتى إذا مُصتُموه مَوْص الثوب عدوتم عليه الفِقر الثلاث: حرمة دمه الحرام، وحرمة البلد الحرام، وحرمة الشهر الحرام، لعثمان كان أتقاهم للرب وأحصنهم للفرج، وأوصلهم للرحم (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا هُشَيْم عن يونس -يعني ابن عُبَيْد، عن الوليد بن مسلم، عن جندب، قال: أتيت باب حذيفة فاستأذنتُ ثلاثًا فلم يُؤذَن لي. فذكر هشيم قصة فيها قال: ذهبوا ليقتلوه، قلت: فأين هو؟ قال: في الجنة. قلت: فأين قَتَلتُهُ؟ قال: في النار. يعني: قَتَلَةَ عثمان (¬3). قال: حدثني أبي قال: نا محمد بن القاسم الأسدي، عن الأوزاعي، عن حَسان بن عَطِيّة قال: قال رسول اللَّه: "غفَرَ اللَّه لك يا عثمان ما قدّمتَ وما أخَّرْتَ، وما أسررتَ وما أعلَنْتَ وما أخفيتَ وما أَبديْتَ، ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 7/ 538 (37782)، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 4/ 1260 - 1261. (¬2) رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" 12/ 262 بنحوه، وكذا ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 489. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 7/ 516 (37656).

وما هو كائن إلى يوم القيامة" (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 555 - 557 (733 - 736) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا بَهْز بن أسد قال: نا حماد يعني ابن سَلَمة قال: حدثني العرار بن سويد الكوفي، عن عَمِيْرة بن سعد قال: كنا مع علي على شاطئ الفرات، فمرت سفينة مرفوع شراعها فقال علي: يقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24)} [الرحمن: 24] والذي أنشأها في بحر من بحاره، ما قتلتُ عُثمان ولا مَالأتُ على قتله. "فضائل الصحابة" 1/ 559 - 560 (739) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يوسف بن يعقوب الماجشون، عن ابن شهاب قال: لو هلك عثمان بن عفان وزيد بن ثابت في بعض الزمان لهلك علم الفرائض إلى يوم القيامة، ولقد جاء على الناس زمان وما يعلمها غيرهما (¬2). "فضائل الصحابة" 1/ 563 (745) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن سعيد ووكيع، عن مِسْعر، عن عبد الملك، قال يحيى في حديثه قال: حدثني عبد الملك بن مَيْسرة، عن النَّزَّال قال: لما استخلف عثمان قال عبد اللَّه: أمَّرنا خير من بقي، ولم نأل (¬3). "فضائل الصحابة" 1/ 563 - 564 (747) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 367 (32550) ومن طريقه ابن عدي في "الكامل" 7/ 492، عن محمد بن القاسم الأسدي به. قال ابن عدي: وعامة أحاديثه -أي محمد بن القاسم الأسدي- لا يتابع عليها. (¬2) رواه الدارمي 4/ 1886، والبيهقي 6/ 211. (¬3) سبق تخريجه.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا حجاج، قثنا ليث قال: حدثني عَقِيْل -يعني: ابن خالد- عن ابن شهاب، عن عُروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كانت تقول: يا ليتني كنت نسيًا منسيًّا، فأما الذي كان من شأن عثمان فواللَّه ما أحبَبْت أن ينتهك من عثمان أمر قط إلا انتهك مني مثله، حتى لو أحببت قتله قُتلت، يا عبيد اللَّه بن عَدي، لا يغرّنك أحد بعد الذي تعلم، فواللَّه ما احتقرت أعمال أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى نجمَ النَّفَرُ الذين طعنوا في عثمان فقالوا قولًا لا يَحْسُنُ مثله، وقرأوا قراءة لا يَحْسنُ مثلها، وصلوا صلاة لا يصلى مثلها، فلما تدبرت الصنِيْع إذن واللَّه ما تقاربوا أعمال أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإذا أعجبك حسن قول امرئ فقل: {اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105] ولا يستخفنك أحد (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 565 (750) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عفان، قثنا أبو عوانة، عن عاصم، عن المسيب -يعني: ابن رافع- عن موسى بن طلحة، عن حُمران قال: كان عثمان بن عفان يغتسل كل يوم مرة منذ أسلم (¬2). "فضائل الصحابة" 1/ 569 (756) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا رَوْح، قثنا ابن عون، عن نافع أن ابن عمر لبس يومئذ الدرع مرّتين، يعني: يوم الدار (¬3). "فضائل الصحابة" 1/ 573 (763) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 11/ 447 (20967)، والطبراني في "مسند الشاميين" 4/ 201. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 67 من طريق عفان مطولًا، ورواه ابن أبي شيبة 1/ 181 (2080) عن موسى بن طلحة، وسقط عنده حمران. (¬3) رواه الحارث كما في "زوائده" 1/ 293 عن الحسن بن قتيبة، حدثنا حسين المعلم، =

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عفان قال: حدثني معتمر قال: سمعت أبي، قثنا أبو نَضْرة، عن أبي سعيد مولى الأنصار قال: سمع عثمان أن وفد أهل مصر قد أقبلوا. .، فذكر الحديث، وقال: حصروه في القصر فأشرف عليهم ذات يوم، فقال: أُنشدكم اللَّه، هل علمتم أني اشتريت رومة من مالي ليستعذب منها، فجعلت رشائي فيها كرشاء رجل من المسلمين؟ فقيل: نعم. قال: فعلام تمنعوني أن أشرب منها حتى أفطر على ماء البحر؟ ! قال: والمصحف بين يديه فأهوى إليه بالسيف، فتلقاه بيده فقطعها، فلا أدري أبانها أو قطعها فلم يُبِنْها، فقال: أما واللَّه إنها لأول كف قد خطت المفصل. وفي غير حديث أبي سعيد: فدخل عليه التجوبي فأشعره مشقصًا، فانتضح الدم على هذِه الآية {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137)} [البقرة: 137] فإنها في المصحف ما حُكّت. وأخذت ابنة الفرافصة -في حديث أبي سعيد- حُلِيها فوضعته في حجرها، وذلك قبل أن يُقتل، فلما أشْعِر وقُتل تفاجت عليه، فقال بعضهم: قاتلها اللَّه، ما أعظم عجيزتها. قالت: فعرفت أن أعداء اللَّه لم يريدوا إلا الدنيا (¬1). قال: حدثني أبي، قثنا وهب بن جرير، قثنا أبي، سمعت يعلى بن حكيم، عن نافع، عن ابن عمر قال: استشارني عثمان وهو محصور، فقال: ما ترى فيما يقول المغيرة بن الأخنس؟ قلت: ما يقول؟ قال: ¬

_ = عن نافع به، وفيه زيادة. قال البوصيري في "الإتحاف" 7/ 178: رواه الحارث عن الحسن بن قتيبة، وهو ضعيف. ورواه ابن الأعرابي في "معجمه" 3/ 1000، وابن المقرئ في "معجمه" 1/ 154 عن ابن عون قال: لبس ابن عمر. . ليس فيه نافع. (¬1) رواه ابن أبي شيبة 7/ 520 (37679) عن عفان به.

يقول: إن هؤلاء القوم إنما يريدون أن تخلع هذا الأمر وتخلي بينهم وبينه. فقلت: أرأيت إن فعلت أمخلّف أنت في الدنيا؟ قال: لا. قلت: أفرأيت إن لم تفعل هل يزيدون على أن يقتلوك؟ قال: لا. قلت: أفيملكون الجنة والنار؟ قال: لا. قلتُ: فإني لا أرى أن تسُنّ هذِه السنة في الإسلام، كلما استخطوا أميرًا خلعوه، ولا أن تخلع قميصًا ألبسكهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا إسماعيل بن إبراهيم، قثنا أيوب عن نافع قال: دخلوا على عثمان من باب فسدّد الحربة لرجل منهم فولّى، وقال: اللَّه اللَّه يا عثمان. فقال عثمان: اللَّه اللَّه يا عثمان. اللَّه اللَّه يا عثمان ثم كفّ حتى قُتِل (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، قثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن عبد اللَّه بن سَلام قال: لا تقتلوا عثمان، فإنكم إن فعلتم لم تصلوا جميعًا أبدًا (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر، نا شعبة عن أبي عون قال: سمعت محمد بن حاطب قال: سألتُ عليًّا عن عثمان، فقال: هو من الذين آمنوا ثم اتقوا ثم آمنوا ثم اتقوا (¬4). ولم يختم الآية (¬5). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 7/ 515 (37645) عن عفان عن جرير بن حازم عن يعلى به. (¬2) رواه ابن شبة في "تاريخ المدينة" 4/ 1214 من طريق أحمد بن إبراهيم الموصلي، عن إسماعيل بن إبراهيم، به. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) يقصد قوله عَزَّ وَجَلَّ {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)} [المائدة: 93]. (¬5) رواه ابن أبي شيبة 6/ 367 (32051) عن محمد بن بشر، عن مسعر، عن أبي عون، بنحوه.

قال عبد اللَّه: نا أبي، نا يحيى بن سعيد، عن شعبة قال: حدثني أبو بِشْر، عن يوسف بن سعد، عن محمد بن حاطب قال: سمعتُ عليًّا يقول -يعني: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} [الأنبياء: 101]-منهم عثمان (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا حماد بن أسامة أبو أسامة (¬2)، عن هشام قال: حدثني أبي، عن عبد اللَّه بن الزبير قال: قلت لعثمان يوم الدار: قاتِلْهم، فواللَّه لقد أحِلّ لك قتالُهم. فقال له: واللَّه لا أقاتلهم أبدًا. قال: فدخلوا عليه فقتلوه وهو صائم، ثم قال: وقد كان عثمان أمّر عبد اللَّه بن الزبير على الدار، فقال عثمان: من كانت لي عليه طاعة فليطع عبد اللَّه بن الزبير (¬3). "فضائل الصحابة" 1/ 578 - 580 (766 - 772)، "الزهد" ص 160 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرحمن بن مَهْدي، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عثمان قال: ما من عامل يعمل عملًا إلا كساه اللَّه رداء عمله (¬4). "فضائل الصحابة" 1/ 586 (777) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا هاشم بن القاسم، قثنا عبد الحميد -يعني: ابن بهرام- قال: حدثني المهلب أبو عبد اللَّه، أنه دخل على ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 366 (32043) من طريق يوسف بن ماهك عن محمد بن حاطب به. (¬2) في المطبوع من "الزهد": حماد بن سلمة. وهو خطأ. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 7/ 442 (37072) عن حماد بن أسامة به. (¬4) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 157 عن عبد الرحمن عن حماد بن زيد عن عثمان -رضي اللَّه عنه-، فكأنه سقط منه أيوب وأبو قلابة. واللَّه أعلم.

سالم بن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، وكان الرجل ممن يَحْمَد علي بن أبي طالب ويَذُم عثمان، فقال الرجل: يا أبا الفضل، ألا تخبرني هل شهد عثمان البيعتين كلتيهما بيعة الرضوان وبيعة الفتح؟ فقال: سالم: لا. فكبّر الرجل، وقام، ونفض رداءه، وخرج منطلقًا، فلما أن خرج قال له جلساؤه: واللَّه ما أراك تدري ما أمر الرجل. قال: أجل، وما أمره؟ قالوا: فإنه ممن يحمد عليًّا ويذم عثمان. فقال: علَيّ بالرجل. فأرسل إليه، فلما أتاه قال: يا عبد اللَّه الصالح، إنك سألتني هل شهد عثمان البيعتين كلتيهما: بيعة الرضوان، وبيعة الفتح، فقلتُ: لا، فكبّرتَ وخرجتَ شاميًا، فلعلك ممن يحمد عليًّا ويذُم عثمان. فقال: أجل، واللَّه إني لمنهم. قال: فاسمَعْ مني وافهم ثم ارْوِ علَيّ، فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما بايع الناس تحت الشجرة كان بعث عثمان فيْ سَرِيّة وكان في حاجة اللَّه وحاجة رسوله وحاجة المؤمنين، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألا إنّ يميني يدي وشمالي يدُ عثمان"، فضرب شماله على يمينه فقال: "هذِه يد عثمان، وإني قد بايعت له"، ثم كان من شأن عثمان في البيعة الثانية: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث عثمان إلى علي، وكان أمير اليمن فصنع به مثل ذلك، ثم كان من شأن عثمان أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لرجل من أهل مكة: "يا فلان ألا تبيعني دارك أزيدها في مسجد الكعبة ببيت أضْمَنه لك في الجنة؟ " فقال له الرجل: يا رسول اللَّه، واللَّه ما لي بيت غيره فإن أنا بعتك داري لا يؤويني وولدي بمكة شيء. قال: "ألا بل بعْني دارك أزيدها في مسجد الكعبة ببيت أضمنه لك في الجنة" فقال الرجل: واللَّه ما لي في ذلك حاجة ولا أريده. فبلغ ذلك عثمان وكان الرجل ندمانًا لعثمان في الجاهلية وصديقًا، فأتاه فقال: يا فلان بلغني أن رسول

اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أراد منك دارك ليزيدها في مسجد الكعبة ببيت يضمنه لك في الجنة، فأبيتَ عليه. قال: أجل قد أبيتُ. فلم يزل عثمان يراوِدهُ حتى اشترى منه داره بعشرة آلاف دينار، ثم أتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه، بلغني أنك أردت من فلان داره لتزيدها في مسجد الكعبة ببيت تضمنه له في الجنة، وإنما هي داري فهل أنت آخذها مني ببيت تضمنه لي في الجنة؟ قال: "نعم"، فأخذها منه وضَمِن له بيتًا في الجنة، وأشهد له على ذلك المؤمنين، ثم كان من جِهازهِ جيش العسرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غزا غزوة تبوك فلم يلق في غزوة من غزواته ما لقي فيها من المخمصة والظمأ، وقلة الظهر والمجاعات، فبلغ ذلك عثمان فاشترى قوتًا وطعامًا وأدمًا وما يصلح رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه، فجهز إليه عيرًا، فحمل على الحامل والمحمول، وسرّحها إليه، فنظر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ووضع ما عليها من الطعام والأدم وما يصلح رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه، فرفع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يديه يَلْوِي بهما إلى السماء: "اللهم رضيتُ عن عثمان، فارض عنه" ثلاث مرات، ثم قال: "يا أيهما الناس ادعوا لعثمان" فدعا له الناس جميعًا مجتهدين ونبيهم صلى اللَّه عليه وسلم معهم. ثم كان من شأن عثمان أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جالس، فقال: يا عمر، إني خاطب فزوجني بنتك. فسمعه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "يا عمر، خطب إليك عثمان ابنتك، زوجني ابنتك وأنا أزوجه ابنتي"، فتزوج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ابنة عمر، وزوجه ابنته فهذا ما كان من شأن عثمان (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 591 - 593 (784) ¬

_ (¬1) لم أقف عليه بهذا السياق. ورواه بنحوه الإمام أحمد 2/ 101، والبخاري (3699) من حديث عبد اللَّه بن عمر.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يزيد قال: أنا سعيد، عن قتادة قال: وكان ابن سلام يقول: ليحكمن في قتلته يوم القيامة (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 595 (788) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو المغيرة، قثنا صفوان قال: حدثني شريح بن عُبيد وغيره أن عبد اللَّه بن سلام كان يقول: يا أهل المدينة، لا تقتلوا عثمان، فواللَّه إن سيف اللَّه مغمود عنكم، وإن ملائكة اللَّه ليَحرسون المدينة من كل ناحية، ما من نِقاب المدينة من نَقب إلا وعليه مَلك سالٌّ، فلا تَسُلُّوا سيف اللَّه المغمود عنكم، ولا تُنَفِّروا ملائكة اللَّه الذين يحرسونكم (¬2). "فضائل الصحابة" 1/ 601 (795) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يعقوب، قثنا أبي، عن أبيه، عن جده قال: سمعتُ عثمان لما حُصِر يقول: إن وجدتم في كتاب اللَّه أن تضعوا رجْلَيَّ في قيود فضعوهما (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أزهر بن سعد السمان قال: أنا ابن عون قال: أنا الحسن قال: لما اشتد أمرهم يوم الدار قال: قالوا: فمن فمن؟ قال: فبعثوا إلى أم حَبِيْبة فجاءوا بها على بغلة بيضاء وَمِلْحفة قد سترت، فلما دنت من الباب، قالوا: ما هذا؟ قالوا: أم حبيبة، قالوا: واللَّه لا تدخل. فرَدُّوها. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا إسحاق بن سليمان، قثنا أبو جعفر ¬

_ (¬1) رواه الحاكم في "المستدرك" 3/ 107 عن عثمان بن عفان بنحوه، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. (¬2) رواه الترمذي (3256) بنحوه، وقال: حديث غريب. (¬3) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" 7/ 523 (37685).

-يعني: الرازي- عن يونس بن عُبَيْد، عن الحسن قال: رأيت عثمان قائلًا في المسجد في ملحفة ليس حوله أحد، وهو أمير المؤمنين (¬1). قال: حدثني أبي، قثنا إسحاق بن سليمان قال: نا مغيرة بن مسلم، عن مطر الوراق، عن ابن سيرين، عن حذيفة قال: لما بلغه قتلُ عثمان قال: اللهم إنك تعلم براءتي من دم عثمان، فإن كان الذين قتلوه أصابوا بقتله فإني بريء منه، وإن كانوا أخطأوا بقتله فقد تعلم براءتي من دمه، وستعلم العرب لئن كانت أصابت بقتله لَيحتلبنّ بذلك لبنًا، وإن كانت أخطأت بقتله ليحتلبن بذلك دمًا. فاحتلبوا بذلك دمًا ما رفعت عنهم السيوف ولا القتل (¬2). "فضائل الصحابة" 1/ 602 - 603 (798 - 801) قال الخلال: أخبرني الميموني، قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبيه، عن ابن الحنفية، عن علي قال: لو سيرني عثمان إلى صرار لسمعت وأطعت (¬3). قال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا إسحاق ابن سليمان قال: ثنا أبو جعفر، عن قتادة، عن الحسن، أن عثمان بن عفان جاء بدنانير فنثرها في حجر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجعل النبي يقلبها ويقول: "ما على عثمان ما عمل بعد هذا" (¬4). "السنة" للخلال 1/ 259 - 260 (416 - 417) ¬

_ (¬1) رواه أبو نعيم 1/ 59 - 60 من طريق عبد اللَّه بن أحمد به، ورواه البيهقي 2/ 446 - 446، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 226 من طريق عبد اللَّه بن عيسى، عن يونس بنحوه. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 7/ 523 (37686) بنحوه. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 7/ 523 (37688). (¬4) رواه ابن أبي شيبة 7/ 425 (36998).

152 - مناقب على بن أبي طالب -رضي الله عنه-

152 - مناقب على بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا سيار بن حاتم قال: حدثنا جعفر قال: حدثنا مالك قال: سألت سعيد بن جبير قلت: أبا عبد اللَّه، من كان حامل راية رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: فنظر إِلي وقال: إِنك لرخي اللبب. قال: فغضبت وشكوته إِلى إِخواني من القراء، قلت: ألا تعجبون من سعيد بن جبير، إني سألته: من كان حامل راية رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فنظر إليَّ وقال: إنك لرخي اللبب. فقالوا لي: وأنت حين تسأله وهو خائف من الحجاج قد لاذ بالبيت! كان حاملها علي، كان حاملها علي، كان حاملها علي (¬1). "مسائل صالح" (870) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم، أنه كان يحدث أن عليًّا، سئل عن امرأة افتضت جارية كانت في حجر زوجها خشية أن يتزوجها، وقالت: إنها قد زنت، فقال: قل يا حسن، قال: عليها الصداق والحد. قال علي: لو كلفت إبلًا طحنًا لطحنت: قال فسمعت أبا عبد اللَّه يقول: زعموا أنه منذ تكلَّم به علي كلفت الإبل الطحن منذ يومئذ (¬2). "مسائل ابن هانئ" (1584) ¬

_ (¬1) رواه الحاكم 3/ 137 وقال: صحيح الإسناد. (¬2) رواها الخلال في "السنة" 1/ 271 (453)، ورواه عبد الرزاق 7/ 411 (13671) وسعيد بن منصور 2/ 85 (2149)، وابن أبي شيبة 4/ 30 (17463) من طريق إبراهيم، به.

قال حرب: قلت لإسحاق: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعلي: "أنت عون لي على عقر حوضي" (¬1) قال: هو في الدنيا يزود عنه، ويدعو إليه، ويبين لهم، ونحو ذلك من الكلام. إلا أنه في الدنيا (¬2). "مسائل حرب" ص 441 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، قثنا علي بن صالح، عن يحيى ابن هانئ بن عروة المرادي قال: خرج علي إلى ظهر الكوفة فرأى حمرة تطير فقال: يا لك من حُمَّرة بمعمر ... خلا لك الجو فبيضي واصفري (¬3) وزاد فيه غير علي: ونقري ما شئت أن تنقري قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع قال: نا عُمر بن منَبه السعدي، عن أوفى بن دُلْهم العدوي قال: بلغني عن علي أنه قال: تعلموا العلم تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، فإنه سيأتي من بعدكم زمان يُنِكر الحقَّ فيه تسعةُ أعشارهم، لا ينجو منه إلا كل نُؤمَة، أولئك أئمة الهدى ومصابيح العلم ليسوا بالعُجْل المذاييع بُذْرًا (¬4). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، قثنا ابن أبي خالد، عن زبيد قال: قال علي. ¬

_ (¬1) رواه العقيلي في "الضعفاء" 2/ 22، ورواه أبو نعيم في "الحلية" 10/ 211 عن أبي سعيد الخدري. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 1/ 275 (464). (¬3) رواه وكيع في "الزهد" 1/ 182. (¬4) رواه الدارمي في "السنن" 1/ 318 (265) بنحوه.

قال وكيع: ونا يزيد بن زياد بن أبي الجعد، عن مهاجر العامري، عن علي قال: إن أخوف ما أتخوف عليكم اثنتين: طول الأمل واتباع الهوى، فأما طول الأمل فيُنسي الآخرة، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، ألا وإن الدنيا وقد ولت مدبرة والآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وغدًا حساب ولا عمل (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 649 - 651 (879 - 881) قال: عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو معاوية قثنا ليث، عن مجاهد عن عبد اللَّه بن سَخْبرة، عن علي قال: ما أصبح بالكوفة أحد إلا ناعمًا، إن أدناهم منزلة ليأكل من البر، ويجلس في الظل، ويشرب من ماء الفرات (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وهْب بن إسماعيل قال: أنا محمد بن قيس، عن علي بن رَبِيْعة الوالبي، عن علي بن أبي طالب قال: جاءه ابن التَّيَاح فقال: يا أمير المؤمنين امتلأ بَيت مال المسلمين من صَفراء وبيضاء. قال: اللَّه أكبر. قال: فقام متوكئًا على ابن التَّيَاح حتى قام على بيت مال المسلمين، فقال: هذا جَناي وخياره فيه ... وكل جانٍ يدُه إلى فيه يا ابن التياح، عَليّ بأشياخ الكوفة. قال: فنودي في الناس فأعطى جميع ما في بيت مال المسلمين، وهو يقول: يا صفراء يا بيضاء غُرّي ¬

_ (¬1) رواه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 76، والبيهقي في "الشعب" 7/ 369 (10614). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 7/ 120 (34498)، وهناد في "الزهد" 2/ 366 (699).

غيري، ها وها، وهو يقول: يا صفراء يا بيضاء غُرّي غيري، ها وها. حتى ما بقي فيه دينار ولا درهم ثم أمر بنضحه وصلى فيه ركعتين (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، نا مِسْعر، عن أبي بَحْر، عن شيخ لهم قال: رأيتُ على علي إزارًا غليظًا قال: اشتريته بخمسة دراهم فمن أربحني فيه درهمًا بعتُه، ورأيت معه دراهم مَصْرُورة فقال: هذِه بقية نفقتنا من ينبع (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن سعيد، عن أبي حيان قال: حدثني مُجمَع -وهو التيمي- أن عليًّا كان يأمر ببيت المال فيكنس ثم يَنضح ثم يصلي؛ رجاء أن يشهد له يوم القيامة أنه لم يحبس فيه المال عن المسلمين (¬3). قال: حدثني أبي، قثنا بهز -هو ابن أسد- قثنا جَعفر -هو ابن سليمان- قثنا مالك بن دينار، قال: حدثتني عجوز من الحي: زوّج أبو موسى الأشعري بعض بنيه فأولم عليه فدعا الناس، قالت: فأتى علي، قيل: جاء أمير المؤمنين ففتحت باب الدار، قالت: فدخل علي وفي يده درة، وعليه قميص ليس له جربان (¬4). قال عبد اللَّه: نا أبي، حدثنا يحيى بن آدم، قثنا مَنْدل، عن مطرف، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن وَهْب، عن عبد اللَّه قال: ما تقولون؟ إن أعلم ¬

_ (¬1) رواه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 80 من طريق عبد اللَّه بن أحمد، به. (¬2) رواه البيهقي 5/ 330 من طريق الإمام أحمد بنحوه. (¬3) رواه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 81. (¬4) رواه ابن أبي الدنيا في "إصلاح المال" 1/ 326، والبغوي في "معجم الصحابة" 4/ 360 مختصرًا.

أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب (¬1). قال: حدثني أبي، قثنا أبو المنذر إسماعيل بن عُمر قال: نا سفيان، عن سعيد بن عُبَيْد، عن علي بن رَبِيْجة أن عليًّا كانت له امرأتان، كان إذا كان يوم هذِه اشترى لحمًا بنصف درْهم، وإذا كان يوم هذِه اشترى لحمًا بنصف درهم (¬2). "فضائل الصحابة" 1/ 653 - 657 (883 - 889) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو معمر، قثنا هُشَيْم قال: أنا إسماعيل بن سالم، عن عمّار الحضرمي، عن زاذان أبي عمر، أن رجلًا حدثه أن عليًّا سأل رجلًا عن حديث في الرحبة فكذبه، فقال: إنك قد كذبتني. فقال: ما كذبتك. قال: فأدعو اللَّه عليك إن كنت قد كذبتني أن يُعْمِي اللَّه بصرك. قال: فدعا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أنْ يعميه؛ فعَمِي. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن عَمْرو ابن مرة، عن أبي صالح، قال: دخلتُ على أم كلثوم بنت علي فإذا هي تمشط في ستر بيني وبينها، فجاء حسن وحسين، فدخلا عليها وهي جالسة تمتشط، فقالا: ألا تطعمون أبا صالح شيئًا؟ قال: فأخرجوا لي قصعة فيها مرق بحبوب، قال: فقلت: تطعموني هذا وأنتم أمراء. فقالت أم كلثوم: يا أبا صالح كيف لو رأيت أمير المؤمنين -يعني: عليًّا- وأتي بأتُرج فذهب حسن يأخذ مِنه أترجة فنزعها من يده، ثم أمر به فقُسِم بين الناس (¬3). "فضائل الصحابة" 1/ 663 - 664 (900 - 901) ¬

_ (¬1) لم أقف عليه. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 140 (24519) من طريق سعيد بن عبيد بنحوه. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 462 (32892) مختصرًا.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا حسين بن محمد، قثنا شريك، عن أبي المغيرة -وهو عثمان بن المغيرة- عن زيد بن وهب قال: قدم عليّ على وفدٍ من أهل البصرة منهم رجل من رؤوس الخوارج -يقال له: الجعد بن بعجة- فخطب الناس فحمد اللَّه وأثنى عليه، وقال: يا علي، اتق اللَّه فإنك ميت، وقد علمتَ سبيل المحسن -يعني بالمحسن: عمر- ثم قال: إنك ميت. فقال علي: كلا والذي نفسي بيده، بل مقتول قتلًا ضربة على هذا يخضب هذِه، قضاء مقضيّ وعهد معهودٌ، وقد خاب من افترى. ثم عاتبه في لبوسه فقال: ما يمنعك أن تلبس؟ قال: ما لك وللبوسي إن لبوسي ها أبعد من الكبر، وأجدر أن يقتدي به المسلم (¬1). "فضانل الصحابة" 1/ 667 (908) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، عن سفيان، عن عمرو بن قيس قال: حدثني أبي: رئي على علي ثوب مرقوع، فعوتب في لباسه فقال: يقتدي المؤمن، ويخشع القلب. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن شريك، عن عثمان الثقفي، عن زيد بن وهب أن بعجة عاتب عليًّا في لباسه، فقال: يقتدي المؤمن، ويخشع القلب. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا ابن نمير قال: وأنا أبو حيّان التيمي، عن مجمع أبي رجاء قال: خرج علي معه سيف إلى السوق فقال: من يشتري مني هذا، ولو كان عندي ثمن إزار لم أبعه. قال: قلت: يا أمير المؤمنين، أنا أبيعك وأنسئك إلى العطاء. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 91، والطيالسي 1/ 133 مختصرًا، وابن أبي عاصم في "السنة" 1/ 433 (918). قال الألباني في "ظلال الجنة" إسناده ضعيف.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن يمان قال: أخبرني مجالد، عن الشعبي، قال: ما ترك علي إلا سبعمائة درهم من عطائه، أراد أن يشتري بها خادمًا (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا حجاج، قثنا شريك، عن عاصم بن كُلَيْب، عن محمد بن كَعْب القرظي، عن علي قال: لقد رأيتني مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وإني لأربط الحَجَر على بطني من الجوع، وإن صدقتي اليوم لأربعون ألفًا (¬2). "فضائل الصحابة" 1/ 675 - 677 (923 - 928) قال عبد اللَّه: قال أبي رحمه اللَّه: علي بن أبي طالب، واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب، واسم عبد المطلب شيبة بن هاشم، واسم هاشم عمرو بن عبد مناف، واسم عبد مناف المغيرة بن قصي، واسم قصي زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لُؤَي بن غالب بن فِهْر بن مالك بن الخضر بن كنانة بن خزيمة بن مُدركة بن إلياس بن مضر. "فضائل الصحابة" 1/ 677 (929) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا الأعمش، عن عَطية بن سعد العوفي قال: دخلنا على جابر بن عبد اللَّه وقد سقط حاجباه على عينيه، فسألناه عن علي فقلت: أخبرنا عنه. قال: فرفع حاجِبَيْه بيديه فقال: ذاك من خير البشر (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 696 (949) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 200 من قول الحسن بن علي. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 159 به، والدولابي في "الكنى والأسماء" 2/ 359 (3019) دون قوله: وإن صدقتي اليوم لأربعون ألفًا. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 375 (32111).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن شعبة، عن أبي التَّيّاح، عن أبي السوّار قال: قال علي: ليحبني قوم حتى يدخلوا النار في حبي، وليبغضني قوم حتى يدخلوا النار في بغضي (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 698 (952) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن أيوب، عن عكرمة وعن أبي يزيد المديني، قالا: لما أهدِيَتْ فاطمة إلى عَلي لم يجد -أو تجد- عنده إلا رَمْلا مبسوطًا ووسادة وجَرّة وكُوزًا، فأرسل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى علي: "لا تَقْرب امرأتك حتى آتيك"، فجاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فدعا بماءٍ فقال فيه ما شاء اللَّه أن يقول، ثم نضح به صَدر علي ووجهه، ثم دعا فاطمة فقامت إليه تَعَثَّرُ في ثوبها، -وربما قال معمر: في مرطها- من الحياء فَنضحَ عليها أيضًا وقال لها: "أما إني لم آل أن أُنِكحَك أحبّ أهلي إليّ"، فرأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سوادًا وراء الباب فقال: "من هذا"؟ قالت: أسماء. قال: "أسماء بنت عميس؟ " قالت: نعم. قال: "أمع بنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جئتِ كرامة لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ " قالت: نعم. قالت: فدعا لي دعاء، إنه لأوثق عملي عندي. قالت: ثم خرج، ثم قال لعلي: "دونك أهلك" ثم ولى في حجرة فما زال يدعو لهما حتى دخل في حجرة (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر قال: نا شعبة، عن سَلمة بن كُهَيْل قال: سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي سريحة أو زيد بن ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 377 (32124). (¬2) رواه عبد الرزاق 5/ 485 (9781)، والطبراني 24/ 137 (365). قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 215: رجاله رجال الصحيح.

أرقم -شعبة الشاك- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "من كنت مولاه فعلي مولاه" (¬1) فقال سعيد بن جبير: وأنا قد سمعت مثل هذا عن ابن عباس (¬2)، قال محمد: أظنه قال: فكتمته. "فضائل الصحابة" 2/ 702 - 703 (958 - 959) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا ابن نُمَيْر، قثنا عامر بن السَّبْط قال: حدثني أبو الجَحاف، عن معاوية بن ثَعْلبة، عن أبي ذر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا علي إنه من فارقني فقد فارق اللَّه، ومن فارقك فقد فارقني" (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 704 - 705 (962) ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (3713) من طريق محمد بن جعفر به، ورواه النسائي في "الكبرى" 5/ 45 (8148)، والحاكم 3/ 109 من طريق أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم. قال الترمذي: حسن غريب. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. قال الذهبي كما في "البداية والنهاية" 5/ 214: الحديث متواتر، أتيقن أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قاله. اهـ. قال الألباني في "الصحيحة" 4/ 332: إسناده صحيح. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 347، والبزار 10/ 257 (4352)، والنسائي في "الكبرى" 5/ 45 (8145) من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن بريدة به. قال الذهبي في "السير" 5/ 415: الحديث ثابت بلا ريب، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 5/ 209: رواه النسائي، عن أبي داود الحراني، عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن عبد الملك بن أبي غنية بإسناد نحوه، وهذا إسناد جيد قوي رجاله كلهم ثقات. اهـ. وقال الهيثمي 9/ 108: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. اهـ. وصححه الألباني في "الصحيحة" (1750) بمجموع طرقه وشواهده. (¬3) رواه البزار 9/ 455 (4066)، والحاكم 3/ 124 من طريق عامر بن السبط، وزاد البزار أبا عوف بين أبي الجحاف ومعاوية بن ثعلبة. قال الحاكم: صحيح الإسناد. وقال الهيثمي في "المجمع" 9/ 135: رواه البزار ورجاله ثقات. قال الألباني في "الضعيفة" (4893): منكر.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن آدم، نا إسرائيل، عن أبي إسحاق، قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا لم يغز لم يعط سلاحه إلا عليًّا أو أسامة (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن آدم، نا يونس، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يُثَيْع، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لينتهين بنو وَليْعة أو لأبعثن إليهم رجلًا كنفسي، يمضي فيهم أمري يقتل المقاتلة، ويسبي الذرية"، قال: فقال أبو ذر: فما راعني إلا برد كفّ عمر في حجزتي من خلفي، فقال: من تراه يعني؟ قلت: ما يعنيك، ولكن يعني خاصفَ النعل (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 706 (965 - 966) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا إسحاق بن يوسف، قثنا عبد الملك -يعني: ابن أبي سليمان- عن سلمة بن كُهَيْل، عن سالم بن أبي الجعد، عن محمد بن الحَنَفِية قال: كُنْتُ مع علي -وعثمان محصور. قال: فأتاه رجل فقال: إن أمير المؤمنين مقتول. ثم جاء آخر فقال: إن أمير المؤمنين مقتول الساعة. قال: فقام علي، قال محمد: فأخذت بوَسَطه تخوّفًا عليه، ¬

_ (¬1) لم أقف عليه مرسلًا عن أبي إسحاق، ورواه ابن أبي شيبة 6/ 374 (32098) عن أبي إسحاق، عن جبلة به. وروى ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 5/ 64 عن أبي إسحاق عن جبلة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا لم يغز أعطى سلاحه أسامة. (¬2) رواه النسائي في "الكبرى" 5/ 127 (8457) من طريق يونس أبي إسحاق، عن زيد ابن يثيع، عن أبي ذر، ولم أقف عليه مرسلًا. ورواه الطبراني في "الأوسط" 4/ 133 (3797) من حديث جابر. قال الهيثمي في "المجمع" 7/ 240: رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عبد اللَّه بن عبد القدوس التميمي، وقد ضعفه الجمهور، ووثقه ابن حبان، وبقية رجاله ثقات.

فقال: خل لا أُمّ لك. قال: فأتى عليٌّ الدار وقد قتل الرجل، فأتى داره فدخلها، وأغلق عليه بابه فأتاه الناس فضربوا عليه الباب فدخلوا عليه، فقالوا: إن هذا الرجل قد قُتِل ولا بد للناس من خليفة، ولا نعلم أحدًا أحقّ بها منك. فقال لهم علي: لا تريدوني؛ فإني لكم وزير خير مني لكم أمير. فقالوا: لا واللَّه ما نعلم أحدًا أحقّ بها منك. قال: فإن أبيتم علي فإن بيعتي لا تكون سرًّا، ولكن أخرج إلى المسجد، فمن شاء أن يبايعني بايعني. قال: فخرج إلى المسجد فبايعه الناس (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وَهْب بن جَرِير، قثنا جويرية بن أسماء قال: حدثني مالك بن أنس، عن الزهري، عن عُبَيْد اللَّه بن عبد اللَّه، عن المِسْور بن مَخرمة قال: قُتِل عثمان وعلي في المسجد، قال: فمال الناس إلى طلحة، قال: فانصرف علي يريد منزله، فلقيه رجل من قريش عند موضع الجنائز، فقال: انظروا إلى رجل قتل ابن عمه وسلب ملكه. قال: فولّى راجعًا فرقى في المنبر فقيل: ذاك علي على المنبر، فمال الناس عليه فبايعوه وتركوا طلحة (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر، قثنا شعبة، عن واقد ابن محمد بن زَيد، أنه سمع أباه يحدث، عن ابن عُمَر، عن أبي بكر الصديق أنه قال: يا أيها الناس ارقبوا محمدًا في أهل بيته (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 708 - 710 (969 - 971) ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تاريخه" 4/ 427. (¬2) أورده المحب الطبري في "الرياض النضرة" 3/ 230. (¬3) رواه البخاري (3713).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن آدم، نا مالك بن مِغْول، عن أكيل، عن الشعبي قال: لقيتُ علقمة فقال: أتدري ما مَثل عَليّ في هذِه الأمة؟ قال: قلتُ: وما مثله؟ قال: مَثل عيسى ابن مريم أحبّه قوم حتى هلكوا في حبه، وأبغضه قوم حتى هلكوا في بغضه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا وكيع قال: نا علي بن صالح، عن أبيه، عن سعيد بن عَمْرو القرشي، عن عبد اللَّه بن عَيّاش الزرقي قال: قلت له: أخبرنا عن هذا الرجل علي بن أبي طالب. قال: إن لنا أخطارًا وأحسابًا، ونحن نكره أن نقول فيه ما يقول بنو عَمّنا، كان علي رجلًا تَلعابة -يعني: مزّاحًا- قال: وكان إذا قَرَع قرع إلى ضِرْس حديد- قال: قلت ما ضِرْس حديد؟ قال: قراءة القرآن وفقه في الدين وشجاعة وسماحة. "فضائل الصحابة" 2/ 711 - 712 (974 - 975) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: قثنا ابن نُمير قال: أنا الأعمش، عن عَمرو بن مُرّة، عن ابن أبي ليلى قال: ذكر عنده قول الناس في علي، فقال عبد الرحمن: قد جالسناه وحادثناه وواكلناه وشاربناه وقمنا له على الأعمال، فما سمعتُه يقول شيئًا مما تقولون، أولا يكفيهم أن يقولوا: ابن عم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وختنه، وشهد بيعة الرضوان وشهد بدرًا؟ ! قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا ابن نُمير، قثنا الأعمش، عن عَمرو بن مُرة، عن أبي البَختري قال: أتى رجل عليًّا يمدحه، وقد كان يقع فيه، فقال علي: ما أنا كما تقول، وإني لخير مما في نفسك. "فضائل الصحابة" 2/ 717 (982 - 983) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق قال: أنا معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال يوم خبير: "لأدفعن

الراية إلى رجل يحبه اللَّه ورسوله أو يحب اللَّه ورسوله" فدعا عليًّا، وإنه لأرمد ما يبصر موضع قدمه، فَتَفَل في عَيْنه ثم دفعها إليه، ففتح اللَّه عليه (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 722 (988) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا ابن نُمير وأبو أحمد -هو الزُّبَيْري- قالا: نا العلاء بن صالح، عن المِنْهال بن عَمرو، عن عَبّاد، عن عبد اللَّه قال: سمعت عليًّا يقول: أنا عبد اللَّه وأخو رسوله -قال ابن نمير في حديثه: وأنا الصديق الأكبر- لا يقولها بعد -قال أبو أحمد: بعدي- إلا كاذب مفتري، ولقد صليت قبل الناس سبع سنين. قال أبو أحمد: ولقد أسلمت قبل الناس بسبع سنين. "فضائل الصحابة" 2/ 716 (993) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، قال: نا مَعْمَر، قال: أخبرني عثمان الجزري، عن مِقْسم، عن ابن عباس: إن عليًّا أول من أسلم (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن قتادة، عن الحسن وغيره، أن عليًّا أول من أسلم بعد خديجة، وهو يومئذ ابن خمس عشرة سنة أو ست عشرة سنة (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 728 - 729 (728 - 998) ¬

_ (¬1) "مصنف عبد الرزاق" 5/ 287 (9637). ورواه الإمام أحمد 2/ 384، والطيالسي 4/ 187، والنسائي في "الكبرى" 5/ 111 (8406) من حديث أبي هريرة. وصححه ابن حبان 15/ 379 (6934). ورواه البخاري (2975)، ومسلم (2407) من حديث سلمة بن الأكوع. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 331 - مطولًا- وعبد الرزاق 11/ 227 (20392) وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 1/ 151 (185)، وصححه الحاكم 3/ 465 وقال الهيثمي 9/ 102: عثمان الجزري لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح. اهـ. (¬3) "مصنف عبد الرزاق" 11/ 227 (20391).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن عمرو بن مُرة، عن أبي حمزة، عن زيد بن أرقم قال: أول من أسلم مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- علي بن أبي طالب. قال: فذكرت ذلك للنخعي فأنكره، وقال: أول من أسلم أبو بكر مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي: قثنا عبد الرزاق، قثنا عكرمة بن عمار، قال: أنا أبو زميل، أنه سمع ابن عباس يقول: كاتب الكتاب يوم الحديبية علي بن أبي طالب (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق قال: أنا معمر قال: سألت الزهري: مَن كان كاتب الكتاب يوم الحديبية؟ فضَحِك وقال: هو علي ولو سألتَ هؤلاء قالوا: عثمان. يعني: بني أمية. "فضائل الصحابة" 2/ 730 - 731 (1000 - 1002) قال عبد اللَّه: نا أبي، قثنا يزيد بن هارون، قال: أنا شعبة، عن عَمْرو ابن مرة، قال: سَمِعتُ أبا حمزة يحدث عن زَيد بن أرقم قال: أول من صلى مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عليٌّ. فذكرت ذلك للنخعي فأنكره، وقال: أبو بكر أول من أسلم مع رسول ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 371، والترمذي (3735) وقال: حديث حسن صحيح. ورواه الحاكم 3/ 136 ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد، وإنما الخلاف في هذا الحرف أن أبا بكر الصديق ربه كان أول الرجال البالغين إسلامًا، وعلى بن أبي طالب تقدم إسلامه قبل البلوغ. اهـ. وصححه الألباني في "صحيح السيرة" ص 118. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 342، وعبد الرزاق 10/ 157 - 160 (18678) وصححه الحاكم 2/ 155 - 152 مطولًا. والحديث شاهد من حديث المسور ومروان بن الحكم عند البخاري (2731)، وانظر: "الفتح" 5/ 343.

اللَّه. قال عمرو: فذكرت ذلك لإبراهيم فأنكر ذلك، وقال: أبو بكر. "فضائل الصحابة" 2/ 732 (1004) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: لما بعث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى اليمن عليًّا خرج بُريدة الأسلمي معه، فَعَتب على علي في بعض الشيء، فشكاه بُريدة إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من كنت مولاه فإن عليًّا مولاه" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن ابن طاوس، عن المطلب بن عبد اللَّه بن حنطب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لوفد ثقيف حين جاؤه: "واللَّه لتُسْلِمُن أو لأبعَثَن إليكم رجلًا مني -أو قال: مثل نفسي- فليضربن أعناقكم، وليَسْبين ذراريكم، وليأخذن أموالكم" قال عمر: فواللَّه ما اشَتَهَيْت الإمارة إلا يومئذ، جعلت أنصب صدري له رجاء أن يقول: هذا، فالتفت إلى علي فأخذ بيده ثم قال: "هو هذا، هو هذا" مرتين (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 733 - 734 (1007 - 1008) ¬

_ (¬1) الحديث في "جامع معمر برواية عبد الرزاق" 11/ 225 (20388). ورواه الإمام أحمد 5/ 347، والنسائي في "الكبرى" 5/ 45 (8145)، والبزار 10/ 257 (4352) عن ابن عباس عن بريدة، وقد سبق. ورواه الطبراني في "الصغير" 1/ 129 (191) من طريق عبد الرزاق، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن بريدة مقتصرًا على القدر المرفوع. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/ 108: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في "الصحيحة" (1750) بمجموع طرقه وشواهده. (¬2) رواه معمر في "جامعه" 11/ 226 (20389). قال الألباني في "الضعيفة" 10/ 677: وهذا إسناد صحيح، لكنه مرسل. وإني =

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن حُبْشي قال خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي -رضي اللَّه عنه- فقال: لقد فارقكم رجل أمس ما سبقه الأولون بعلم ولا أدركه الآخرون، إن كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليبعثه ويعطيه الراية فلا ينصرف حتى يُفتح له، ما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم من عطائه كان يرصدها لخادمٍ لأهله (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: ونا إسحاق، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن هُبَيْرة قال: خطبنا. . فذكر نحوه، ليس فيه: ما ترك (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، عن سفيان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن حُسين قال: حدثني ابن عباس قال: أرسلني علي إلى طلحة والزبير يوم الجَمل، قال: فقلت لهما: إن أخاكما يُقرِئكما السلام ويقول لكما: هل وجدتما علي في حيف في حكم أو في استئثار في أو في كذا. قال: فقال الزبير: ولا في واحدة منها ولكن مع الخوف شدة المطامع (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 737 - 738 (1013 - 1015) ¬

_ = لأستنكر منه قوله: قال عمر: فواللَّه. . رجاء أن يقول: هو هذا. فإن هذا إنما قاله عمر يوم خيبر حين قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لأعطين الراية. . "؛ قال عمر: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، قال: فتساورت لها رجاء أن ادعى لها قال: فدعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- علي بن أبي طالب. . الحديث، رواه مسلم (2405) من حديث أبي هريرة. (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 199، وابن أبي شيبة 6/ 374 (32101)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 581. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 199، وابن أبي شيبة 6/ 372 (32085)، وانظر "الصحيحة" (2496). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 192 (30586)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 18/ 40.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا سفيان، عن أبي موسى، عن الحسن، عن علي قال: فينا واللَّه {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47)} [الحجر: 47] (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا زيد بن الحباب قال: حدثني حسين بن واقد، قال: حدثني مَطر الوراق، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- آخى بين أصحابه فبقى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكر وعمر وعلي، فآخى بين أبي بكر وعمر وقال لعلي: "أنت أَخي وأنا أخوك" (¬2). "السنة" 2/ 573 - 573 (1345)، "فضائل الصحابة" 2/ 739 - 740 (1018 - 1019) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت سعيد بن وَهْب قال: نشد علي على الناس فقام ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 217 (902) وكذا الطبري في "تفسيره" 5/ 493 (14666، 14667) عن ابن عيينة به لكن زاد بعد قوله: فينا واللَّه: (أهل بدر). (¬2) لم أقف عليه مرسلًا، وروى أبو يعلى كما في "المطالب العالية" 31/ 86 (3967)، و"إتحاف الخيرة" 7/ 204 (6675) عن علي قال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- آخى بين الناس وتركني فقلت: يا رسول اللَّه، آخيت بين أصحابك وتركتني. قال: "ولم ترني تركتك؟ ! إنما تركتك لنفسي، أنت أخي، وأنا أخوك" قال: "فإن حاجك أحد فقل: إني عبد اللَّه وأخو رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يدعيها أحد بعدك إلا كذاب". وقال البوصيري: رواه ابن ماجه مختصرًا. قلت: لفظه عند ابن ماجه (120): أنا عبد اللَّه، وأخو رسول اللَّه، وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كذاب، صليت قبل الناس لسبع سنين. قال البوصيري في "الزوائد" ص 46: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات. رواه الحاكم عن المنهال وقال: صحيح على شرط الشيخين. قال الألباني في "ضعيف ابن ماجه": باطل وعباد بن عبد اللَّه ضعيف، قاله الذهبي في "التلخيص".

خمسة أو ستة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فشهدوا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من كنت مولاه فعلي مولاه" (¬1). قال: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن إسحاق قال: سمعت عمرًا ذا مر، وزاد فيه: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اللهم والِ من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، وأحب من أحبه"، قال شعبة: أو قال: "أبغض من أبغضه" (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 741 - 742 (1021 - 1022) قال: حدثني أبي، قثنا يحيى بن آدم قال: نا شريك، عن عياش الغامري، عن عبد اللَّه بن شدّاد بن الهاد، قال: قدم على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من أهل اليمن وفد (ليشرح) (¬3)، قال: فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لتقيمن الصلاة، أو لأبعثن إليكم رجلًا يقتل المقاتلة ويسبي الذرية"، قال: ثم قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللهم أنا أو هذا" وانتشل بيد علي (¬4). قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده وأظنني قد سمعته منه، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 366 والنسائي في "خصائص علي" (83)، و"الكبرى" 5/ 131 (8471)، من طريق محمد بن جعفر، به. ورواه البزار 10/ 212 (4299)، عن سعيد بن وهب وعن زيد بن يُثَيْع بأطول منه. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 104: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. (¬2) رواه البزار 3/ 74 (786) من طريق فطر بن خليفة، والنسائي في "الكبرى" 5/ 136 (8484) من طريق إسرائيل، كلاهما عن أبي إسحاق، عن عمرو ذي مر، به. قال الهيثمي 9/ 105: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة. (¬3) في "المصنف": (أبي سرح) ولعله الصواب ففي "جمهرة أنساب العرب" ص 170 بنو جذيمة منهم ربيعة وأبو سرح. (¬4) رواه ابن أبي شيبة 6/ 371 - 372 (32084) عن شريك، به.

نا وكيع، عن شَرِيك، عن عثمان أبي اليقظان، عن زاذان، عن علي قال: مثلي في هذِه الأمة كمثل عيسى بن مريم، أحبته طائفة وأفرطت في حبه فهلكت، وأبغضته طائفة وأفرطت في بغضه فهلكت، وأحبته طائفة فاقتصدت في حبه فنجت. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، عن شريك، عن عاصم، عن أبي رَزِيْن قال: خَطبنا الحسن بن علي بعد وفاة علي وعليه عمامة سوداء فقال: لقد فارقكم رجل لم يسبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 742 - 744 (1024 - 1026) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عفان، نا وُهَيْب، قثنا سُهَيْل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم خيبر: "لأدفعن الراية إلى رجل يحب اللَّه ورسوله يفتح اللَّه عليه" قال: فقال عمر: فما أحببت الإمارة قبل يومئذ، فتطاولتُ لها واستشرفتُ رجاء أن يَدْفعها إليّ، فلما كان الغد دعا عليًّا فدفعها إليه، فقال: "قاتِلْ ولا تَلْتَفتْ حتى يُفْتَحَ عليك" فسار قريبًا، ثم نادى: يا رسول اللَّه، علام أقاتل؟ قال: "حتى يشهدوا ألا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على اللَّه" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا حسن، نا حماد بن سلمة، عن سُهَيْل، ¬

_ (¬1) رواه البزار 4/ 180 (1341) من طريق منصور، عن أبي رزين، به، ورواه الإمام أحمد 1/ 199 من طريق شريك، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، عن الحسن، به. وصححه ابن حبان من طريق هبيرة (6936). قلت: وقد روي من غير وجه عن الحسن، به. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 384، ومسلم (2405) من طريق سهيل، به.

عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال يوم خيبر: "لأدفعن الراية. . " فذكره نحوه، إلا أنه قال: قام ولم يلتفت للعزمة، فقال: علام أقاتل؟ (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 746 (1030 - 1031) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن علقمة، عن عبد اللَّه قال: كنا نتحدث أن أفضل أهل المدينة علي بن أبي طالب (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 747 - 748 (1033) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا سعيد بن محمد الوراق، عن علي بن حزور، قال: سمعت أبا مريم الثقفي يقول: سمعتُ عمار بن ياسر يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول لعلي: "يا علي طوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب فيك" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا سيار -يعني ابن حاتم- قال: نا جعفر -يعني: ابن سليمان- قال: نا مالك -يعني: ابن دينار- قال: سألتُ سعيدَ بن جُبَيْر، قلت: يا أبا عبد اللَّه، من كان حاملَ راية رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: فنظر إليَّ وقال: كأنك رخي البال. فغضبت وشكوته إلى ¬

_ (¬1) رواه ابن حبان 15/ 379 (6934) من طريق حماد، به. (¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 339، والحاكم 3/ 135، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 404 من طريق شعبة، به. بلفظ: أقضى أهل المدينة. وفي الباب عن غير ابن مسعود انظر "فتح الباري" 8/ 167. (¬3) رواه أبو يعلى 3/ 178 (1602)، والحاكم 3/ 135 من طريق سعيد الوراق، به، وصححه! لكن تعقبه الذهبي قائلًا: بل سعيد وعلي متروكان. اهـ وقال الهيثمي في "المجمع" 9/ 132 أيضًا: فيه علي بن الحزور وهو متروك. اهـ. وكذا أورده الألباني في "الضعيفة" (4895) وقال: باطل.

إخوانه من القراء، قلت: ألا تعجبون من سعيد؛ إني سألته من كان حامل راية رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فنظر إلي وقال: إنك لرخي البال، قالوا: أرأيت حين تسأله وهو خائف من الحجاج قد لاذ بالبيت! كان حاملها علي (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 846 - 847 (1162 - 1163) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا حجاج، نا شريك، عن عاصم بن كُلَيْب، عن محمد بن كَعْب القُرظي أن عليًّا قال: لقد رأيتُني مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإني لأربط الحجر على بطني من الجوع، وإن صدقتي اليوم لأربعون ألفًا. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أسود، نا شريك، عن عاصم بن كُليب، عن محمد بن كعب، عن علي فذكر الحديث، وقال فيه: وإن صدقة مالي لتبلغ أربعين ألف دينار (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 886 (1217 - 1118) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الصمد، قال: حدثنا أبو هلال، قال: حدثنا قتادة، أن رجلًا (¬3) قال لأبي الأسود الدئلي (¬4): ¬

_ (¬1) رواه الحاكم 3/ 137، وصححه ثم قال: ولهذا الحديث شاهد من حديث زنفل العرفي، وفيه طول فلم أخرجه. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 159 من طريق الأسود وحجاج، ورواه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 85 من طريق محمد بن سعيد الأصبهاني، ثلاثتهم عن شريك، عن عاصم، به. قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 123: رواه كله أحمد، ورجال الروايتين رجال الصحيح غير شريك بن عبد اللَّه النخعي، وهو حسن الحديث، ولكن اختلف في سماع محمد بن كعب من علي. اهـ. قلت: شريك قال عنه الحافظ في "التقريب": صدوق يخطئ كثيرًا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، . . اهـ. (¬3) قلت: لعل الرجل القائل كان ممن يبغض عليًّا أو يعتمد فيه اعتقادًا باطلًا، ومما لا شك فيه أن عليًّا -رضي اللَّه عنه- داخل مدخل صدق مع النبيين والصديقين. (¬4) كذا في "العلل" بينما في "السنة" للخلال: أبو السوار. وكلاهما له رواية عن علي.

أدخلك اللَّه مدخل علي، قال: إنك تحسن ولا تشعر (¬1). "العلل" برواية عبد اللَّه (4198) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا ابن نمير، نا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري قال: أتى رجل عليًّا يمدحه، قد كان يقع فيه، فقال علي: ما أنا كما تقول، وإني لأخير مما في نفسك (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 572 (1342) قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدثني أبي قال: ثنا أبو محمد الهلالي سفيان بن عيينة، عن ابن إسحاق، قال: قال المخزومي: قلت لجدتي أسماء: مالي أرى عليًّا يجالسه الأكابر من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قالت: يا بني، وكم لعلي من ضرس قاطع. فذكرت له القرابة، والقدم في الإسلام، والبذل للماعون، والسماحة، والصهر، وأشياء (¬3). قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدثني أبي قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي -يعني: ختن سلمة- قال: ثنا سلمة بن الفضل قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن الحارث، ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 271 - 272 (454)، وفيه: أبو هلال، هو محمد بن سليم، أبو هلال الراسبي، متكلم فيه. قال الحافظ في "التهذيب": قال أحمد بن حنبل: يحتمل في حديثه إلا أنه يخالف في قتادة، وهو مضطرب الحديث. اهـ. وقال في "التقريب": صدوق فيه لين. اهـ. (¬2) ذكره ابن كثير في "البداية والنهاية" 8/ 7 من طريق سفيان والأعمش، عن عمرو، به. وفي إسناده انقطاع، أبو البختري لم يسمع عليًّا. انظر: "جامع التحصيل" ص 183 (242). (¬3) لم أهتد إليه بهذا الإسناد، وانظر ما بعده.

عن خالد بن سلمة، عن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص قال: قلت لعبد اللَّه بن عياش بن أبي ربيعة: ألا تخبرني عن أبي بكر، وعلي بن أبي طالب؟ قال: إن أبا بكر رحمه اللَّه كانت له السنُّ والسابقة مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، توفِّيَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو ابن ستين سنة، وعلي ابن أربع وثلاثين سنة. قلت: الناس صاغية إلى علي؟ قال: أي ابن أخي كان له واللَّه -ما شاء، من ضرس قاطع، (السبطة) (¬1) في النسب، وقرابته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومصاهرته، والمسابقة في الإسلام، والعلم بالقرآن، والفقه في السنة، والنجدة في الحرب، والجود في الماعون، وكان له -واللَّه- ما شاء من ضرس قاطع (¬2). "السنة" للخلال 1/ 269 (448 - 449) قال الخلال: وأخبرنا عبد اللَّه بن أحمد، قال: ثنا داود بن عمرو الضبي -وانتخبه أبي عليه- قال: ثنا علي بن هاشم قال: ثنا أبو الجحاف، عن معاوية بن ثعلبة قال: جاء رجلٌ أبا ذر وهو في مسجد الرسول صلى اللَّه عليه وسلم، فقال: يا أبا ذر، ألا تخبرني بأحب الناس إليك، فإني أعرف أن أحبهم إليك أحبهم إلى رسول اللَّه؟ قال: إي ورب الكعبة، إن أحبهم إليَّ أحبهم إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو ذاك الشيخ، وأشار بيده إلى علي، وهو يصلي أمامه (¬3). ¬

_ (¬1) كذا في المطبوع من "السنة"، وفي "الاستيعاب": البسطة، بينما في "تهذيب الكمال": السَّطة. (¬2) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 417 من طريق عبد الرحمن بن الحارث، به. وأورده ابن عبد البر في "الاستيعاب" 3/ 208، والمزي في "التهذيب" 20/ 487 من طريق سعيد بن عمرو بن سعيد، به. (¬3) رواه ابن عدي في الكامل 3/ 544، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 265 من =

قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المرُّوذي قال: سئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يقول للرجل: أنت مولى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأيش نقول؟ قال: دعها. قال الخلال: وأخبرني زكريا بن يحيى، أن أبا طالب حدثهم، أنه سأل أبا عبد اللَّه عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعلي: "من كنت مولاه فعلي مولاه" (¬1) ما وجهه؟ قال: لا تكلم في هذا، دع الحديث كما جاء. قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن مثنى حدثهم، أنه سأل أبا عبد اللَّه قال: قلت: ما تقول في رجل يقول للرجل: أنت مولى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأيش تقول؟ قال: دعها. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المرُّوذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن قول ¬

_ = طريق علي بن هاشم، به. وفي إسناده أبو الجحاف، وهو داود بن أبي عوف، قال ابن عدي: لأبي الجحاف أحاديث غير ما ذكرته، وهو من غالية أهل التشيع، وعامة حديثه في أهل البيت .. وهو عندي ليس بالقوي ولا ممن يحتج به. اهـ. قلت: ثم هو بذلك يخالف الحديث الصحيح الذي رواه البخاري (3662)، ومسلم (2384) عن عمرو بن العاص أنه سئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: أي الناس أحب إليك قال: "عائشة" فقال: من الرجال؟ فقال: "أبوها". . الحديث. هذا ومما لا شك فيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يحب عليًّا -رضي اللَّه عنه- كما في حديث فتح خيبر الذي رواه البخاري (3702) ومسلم (2407) وفيه قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لأعطين الراية غدًا رجلًا يحبه اللَّه ورسوله. . " الحديث، وانظر لزامًا تخريج الحديث التالي: "من كنت مولاه". (¬1) هذا حديث تواتر على روايته جمع من الصحابة: فرواه الإمام أحمد 1/ 84 من حديث علي، وفي 4/ 281 عن البراء بن عازب، وفي 5/ 347 عن بريدة الأسلمي -وقال العجلوني في "كشف الخفاء" (2591): رواه الطبراني وأحمد والضياء في "المختارة" عن زيد بن أرقم، وعلي، وثلاثين من الصحابة. . اهـ وانظر "الأحاديث المتواترة" للكتاني ص 194. قلت: قد أورد الهيثمي في "المجمع" 9/ 103 - 108 قدرًا كبيرًا منها.

النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعلي: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى" (¬1) أيش تفسيره؟ قال: ¬

_ = قال الذهبي فيه: هذا حديث حسن عالٍ جدًّا، ومتنه متواتر. "السير" 8/ 335. وقال الحافظ في "الفتح " 7/ 74: هو كثير الطرق جدًّا، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان. اهـ. وقال الأمير الصنعاني في ثنايا كلامه عن التواتر المعنوي: ومن ذلك حديث: "من كنت مولاه فعلي مولاه". فإن له مائة وخمسين طريقًا، قال العلامة المقبلي بعد سرد بعض طرق هذا الحديث ما لفظه: فإن لم يكن هذا معلومًا، فما في الدنيا معلوم؟ ! وجعل هذا الحديث في الفصول من المتواتر لفظًا. . اهـ انظر: "إجابة السائل شرح بغية الآمل" ص 98. والحديث أورده الألباني كذلك في "الصحيحة" (1750) عن عشرة من الصحابة من أكثر من خمسة وعشرين وجهًا عنهم، ثم قال: وقد ذكرت وخرجت ما تيسر لي منها مما يقطع الواقف عليها -بعد تحقيق الكلام على أسانيدها، بصحة الحديث يقينًا، وإلا فهي كثيرة جدًّا. اهـ. وبالرغم مما تقدم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة" 7/ 319: تنازع الناس في صحته، فنقل عن البخاري وإبراهيم الحربي وطائفة من أهل الحديث أنهم طعنوا فيه وضعفوه. ثم نقل عن ابن حزم أنه قال فيه: لا يصح من طريق الثقات أصلًا! ثم قال شيخ الإسلام: إن لم يكن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قاله فلا كلام، وإن كان قاله فلم يُرد به قطعًا الخلافة بعده. . اهـ ثم أخذ يبين معنى المولى؛ ردًّا على الشيعة إذ أنهم فهموا الحديث فهمًا باطلًا، وهو أن عليًّا أحق بالخلافة؛ ونشأ عن هذا تخطئة أبي بكر وغيره من الصحابة؟ ! لكن الذي ينبغي: هو أن يوالي كل مؤمن عليًّا -رضي اللَّه عنه- كما ينبغي أن يوالي غيره من الصحابة، الولاية التي هي ضد العداوة. هذا ولو أنه عرف سبب ورود الحديث الذي من أجله خصَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عليًّا به، لزال الإشكال. . وانظر: "تحفة الأخيار بترتيب مشكل الآثار" 9/ 177 - 186، و"نصب الراية" 1/ 360. (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 179، والبخاري (4416)، ومسلم (2404) من حديث سعد ابن أبي وقاص.

اسكت عن هذا، لا تسأل عن ذا، الخبر كما جاء. قال الخلال: وأخبرنا أحمد بن محمد بن مطر، أن أبا طالب حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعلي: "من كنت مولاه فعلي مولاه"، ما وجهه؟ قال: لا تكلم في هذا، دع الحديث كما جاء. قال الخلال: أخبرنا محمد بن سليمان الحضرمي قال: ثنا أحمد قال: ثنا الحارث بن منصور قال: سألت الحسن بن صالح عن قوله: "من كنت مولاه فعلي مولاه"؟ قال: في الدين. "السنة" للخلال 1/ 272 - 275 (457 - 462) قال محمد بن المنصور الطوسي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما روي في فضائل أحدٍ من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالأسانيد الصحاح ما روي عن علي بن أبي طالب. "طبقات الحنابلة" 3/ 216 قال عبد اللَّه: حدث أَبي بحديث سفينة (¬1) فقلت: يا أَبة، ما تقول في التفضيل؟ قال: في الخلافة أبو بكر وعمر وعثمان. فقلت: فعلي بن أَبي طالب؟ قال: يا بني علي بن أَبي طالب من أهل بيت لا يقاس بهم أحد. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 212 قال عبد اللَّه بن أَحمد بن حنبل: سمعت أَبي يقول: ما لأحد من الصحابة من الفضائل بالأسانيد الصحاح مثل ما لعلي -رضي اللَّه عنه-. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 213 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 220، وأبو داود (4646، 4647)، والترمذي (2226)، وابن حبان 15/ 34 (6657) من طرق عن سعيد بن جمهان، عن سفينة مولى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، مرفوعًا بلفظ: "الخلافة ثلاثون سنة، ثم تكون بعد ذلك ملكًا". قال الإمام أحمد: حديث سفينة في الخلافة صحيح، وإليه أذهب في الخلفاء. =

153 - مناقب أبي عبيدة عامر بن الجراح -رضي الله عنه-

153 - مناقب أبي عبيدة عامر بن الجراح -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي عُبَيْدة، قال: قال عبد اللَّه: أخلائي من هذِه الأمة ثلاثة: أبو بكر وعمر وأبو عُبَيْدة بن الجرّاح (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 923 (1277) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد اللَّه بن يزيد، قثنا حَيْوَة قال: أخبرني أبو صَخْر أن زيد بن أسلم حدثه، عن أبيه، عن عُمر بن الخطاب أنه قال يومًا لمن حوله: تمنوا. فقال بعضهم: أتمنى لو أن هذِه الدار مملوءة ذهبًا فأنفقه في سبيل اللَّه. ثم قال: تمنوا. فقال رجل: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤًا أو زبرجدًا أو جوهرًا فأنفقه في سبيل اللَّه وأتصدق. ثم قال عمر: تمنوا. فقالوا: ما ندري يا أمير المؤمنين. قال عمر: أتمنى لو أنها مملوءة رجالًا مثل أبي عُبَيْدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حُذيفة وحذيفة بن اليمان (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 924 (1280) ¬

_ = انظر: "جامع بيان العلم" لابن عبد البر 12/ 129 (2313). وحسنه الترمذي كذلك. وغير واحد كشيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" 35/ 18. والألباني في "الصحيحة" (459) حيث أورد له شاهدين ثم قال: وجملة القول: أن الحديث حسن من طريق سعيد بن جمهان، صحيح بهذين الشاهدين، لاسيما وقد قواه من سبق ذكرهم وهاك أسماؤهم: الإمام أحمد، الترمذي ابن جرير، ابن أبي عاصم، ابن حبان، الحاكم، ابن عبد البر، ابن تيمية، الذهبي، العسقلاني. . اهـ. (¬1) بمعناه في "السنة" (1348). ورواه ابن الجعد (2549)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 474 من طريق أبي إسحاق، به. (¬2) رواه البخاري في "التاريخ الصغير" 1/ 54، والحاكم 3/ 226، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 102.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا حَسن، قثنا حماد بن سلمة، عن حُميد وزياد الأعلم، عن الحسن قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما من أحد من أصحابي إلا لو شئت آخذ عليه خُلُقَه إلا أخذت، ليس أبو عبيدة بن الجراح" (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 925 - 926 (1283) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا جعفر بن عون، قال: أنا أبو عُمَيْس، عن ابن أبي مليكة، قال: سمعت عائشة وسئلت من كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مستخلفًا لو استخلف؟ قالت: أبو بكر. قيل لها: مَن بعد أبي بكر؟ قالت: عمر، ثم قيل لها: من بعد عمر؟ قالت أبو عبيدة، قال: ثم انتهت إلى ذا (¬2). قال: قرأت على أبي هذا الحديث، نا مروان بن معاوية، قثنا سعيد بن أبي عروبة قال: سمعت شَهْر بن حَوشَب يقول: قال عمر بن الخطاب: لو استَخْلَفتُ أبا عُبيدة بن الجرّاح فسألني عنه ربي: ما حَمَلك على ذلك؟ لقلتُ: ربّ، سمعت نبيَّك وهو يقول: "إنه أمين هذِه الأمة"، ولو استَخْلفت سالمًا مولى حُذيفة، فسألني عنه ربي: ما حَملك على ذلك؟ لقلتُ: رب، سمعت نبيك وهو يقول: "إنه يُحِب اللَّه حقًّا من قلْبِه"، ¬

_ (¬1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 473 من طريق حماد، عن زياد، عن الحسن، به، مرسلًا. قال الحافظ في "الإصابة" 2/ 253: هذا مرسل ورجاله ثقات. ورواه الخلال في "السنة" (345)، والحاكم 3/ 266، وابن عساكر 25/ 473 من طريق المبارك بن فضالة، عن الحسن، به. قال الألباني في "الضعيفة" (4469): ضعيف، ابن فضالة مدلس وقد عنعنه. اهـ. (¬2) رواه مسلم (2385) من طريق جعفر، به، ورواه الإمام أحمد 6/ 63 من طريق أبي عميس، به. لكن دون ذكر أبي عبيدة.

ولو استَخْلَفْت معاذ بن جبل، فسألني عنه ربي ما حَمَلك على ذلك؟ لقلتُ: رب، سمعت نبيك وهو يقول: "إن العلماء إذا حضروا رَبّهم كان بين أيديهم رَتْوةً بحجر" (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 927 - 928 (1286 - 1287) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 18، وابن سعد في "الطبقات" 3/ 413 من طرق عن عمر، مختصرًا، ورواه ابن شبة في "تاريخ المدينة" 3/ 886، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 117، 228 من طريق مروان بن معاوية، به. والحديث أورده الألباني في "الصحيحة" 3/ 82 مختصرًا، من طريق شهر، وقال: هذا إسناد ضعيف؛ من أجل شهر فإنه سيئ الحفظ، ثم إنه لم يدرك عمر بن الخطاب، فهو منقطع. لكن وصله أبو نعيم 1/ 229. وذكر إسناده ثم قال: وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات معروفون. اهـ. قلت: وقوله في أبي عبيدة: "إنه أمين هذِه الأمة" رواه الإمام أحمد 1/ 125 البخاري (4382)، ومسلم (2419) من حديث أنس.

154 - مناقب طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه-

154 - مناقب طلحة بن عبيد اللَّه -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو معاوية، قثنا أبان بن عبد اللَّه البجلي، عن أبي بَكر بن حَفْص أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ظاهر يوم أحد بين درعين، قال: فلما صَعِد في الجبل انتهى إلى صَخْرة، فلم يستطع أن يَصْعَدها. قال: فجاء طلحة فَبرك له، فصعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على ظهره، قال: وجاء رجل يُريد أن يضربه بالسيف قال: فوقاه طلحةُ بيده فشلت، قال: فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أوجب طلحة" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو معاوية، قثنا أبو مالك الأشجعي، عن ابن أبي مُلَيْكة، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له يومئذ: "أبشر يا طلحة بالجنة اليوم". "فضائل الصحابة" 2/ 928 - 929 (1288 - 1289) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم قال: استأذن ابن جُرموز -الذي قتل الزبير أو أشرك في قتله- على عَلِيّ، فرأى في الإذن جفوة، فلما دخل على عليّ، قال: أما فلان فلان فيؤذن لهما، وأما أنا فلا، قاتل الزبير، قال له علي: بفيك التراب، بفيك التراب، إني لأرجو أن أكون أنا والزُّبير وطلحة من الذين قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّن غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ متَقابِلِينَ} [الحجر: 47] (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 930 - 931 (1291) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 165، والترمذي (1692، 3738) من حديث الزبير، به. قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. وقال الألباني في "الصحيحة" (945): الحديث حسن، كما قال المنذري، وقواه الحافظ بسكوته عنه. . اهـ بتصرف. وقوله: "أوجب طلحة" أي: عمل عملًا أوجب له الجنة. انظر "النهاية" (وجب). (¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 113، والطبري في "تفسيره" 7/ 520، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 18/ 224 من طريق منصور، عن إبراهيم، به.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا رَوح، قثنا عوف، عن الحسن: أن طلحة بن عُبَيْد اللَّه باع أرضًا له بسبعمائة ألف فبات ليلة عنده ذلك المال، فبات أرِقًا من مخافة ذلك المال حتى أصبح ففرّقه (¬1). قال عبد اللَّه: نا أبي، قثنا هُشَيْم قال: أنا إبراهيم بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن موسى بن طلحة: أن طلحة ضُرِبت كفه يومَ أُحد، فقال: حِس. فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو قلت: بسم اللَّه لرأَيتَ يُبْنى لك بها بيتٌ في الجنة وأنت حي في الدنيا" (¬2). قال عبد اللَّه: نا أبي، قثنا ابن نُمَيْر، عن طلحة -يعني: ابن يَحيى- قال: حدثني أبو حَبِيْبة قال: جاء عِمران بن طلحة إلى علي، فقال: ها هنا يا ابن أخي، فأجلسه على طُنْفُسة وقال: واللَّه إني لأرجو أن أكون أنا وأبوك كمن قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47)} [الحجر: 47]، فقال له ابن الكوّاء: اللَّه أعدل من ذلك، فقام إليه بدِرّته فضربه، فقال: أنت لا أمّ لك وأصحابك ينكرون هذا (¬3). قال: حدثني أبي، قثنا وكيع قال: نا موسى بن عبد اللَّه -من ولد طلحة-، قال: سمعت موسى بن طلحة يقول: جُرح طلحة مع رسول اللَّه ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 181، وابن سعد في "الطبقات" 3/ 220. (¬2) قال الدارقطني في "العلل" 4/ 203: يرويه هشيم، واختلف عنه. فقال محمد بن أبي غالب: عن هشيم، عن إبراهيم بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن موسى بن طلحة، عن أبيه. وأرسله سريج، عن هشيم. والمرسل أصح. اهـ. وعزاه صاحب "الكنز" (33375) إلى الدراقطني في "الأفراد" وابن شاهين في "أماليه"، وأبو نعيم في "فضائل الصحابة" وابن عساكر، عن طلحة، به. وانظر: "الصحيحة" (2796). (¬3) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 224 - 225، والطبري في "التفسير" 7/ 520 (21202)، والبيهقي 8/ 173.

-صلى اللَّه عليه وسلم- بضعًا وعشرين جراحة (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن طلحة بن يحيى، عن عيسى بن طلحة، عنه: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مر عليه طلحة، فقال: "هذا ممن قضى نحبه" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو معاوية، قثنا أبو مالك الأشجعي، عن أبي حَبيبة مولى طلحة، قال: دخل عمران بن طلحة على علي بعدما فرغ من أصحاب الجمل، قال: فرحب به، وقال: إني لأرجو أن يجعلني اللَّه وأباك من الذين قال اللَّه: {إِخوَانًا عَلَى سُرُرٍ متَقَابِلِينَ} [الحجر: 47] قال: ورجلان جالسان على ناحية البساط؛ فقالا: اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أعدل من ذلك، تقتلهم بالأمس وتكونون إخوانًا في الجنة! قال علي: قُوما أبعد أرض وأسْحقها، فمن هو إذا لم أكن أنا وطلحة؟ قال: ثم قال لعمران: كيف أهلك من بقي من أمهات أولاد أبيك، أما إنا لم نقبض أرضكم هذِه السنين ونحن نريد أن نأخذها، إنما أخذناها مخافة أن ينتهبها الناس، يا فلان اذهب معه إلى ابن قَرظة فمُره فليدفع إليه أرضه وغلة هذِه السنين، يا ابن أخ جئنا في الحاجة إذا كانت لك (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، قال: حدثني سفيان، عن منصور، عن إبراهيم وجعفر، عن أبيه، قالا: جاء ابن جُرموز قاتل ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 230 (19497). (¬2) رواه الترمذي (3203) من طريق طلحة بن يحيى، عن موسى وعيسى ابني طلحة، عن أبيهما، بنحوه. قال الترمذي: حديث حسن غريب. والحديث أورده الألباني في "الصحيحة" (125) وذكر له شواهد. (¬3) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 224، وصححه الحاكم 3/ 377.

الزُّبير يستأذن على عليَّ فحَجَبه طويلًا، ثم أذن له فقال: أما أهل البلاء فتَجْفُوهم، فقال علي: بِفيك التراب، إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزُّبير ممن قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مِّن غِلٍّ إِخوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، قثنا أبان بن عبد اللَّه البجلي، عن نُعيم بن أبي هند، عن ربعي بن حِراش، قال: قال علي: إني لأرجو أن أكون أنا والزبير وطلحة ممن قال اللَّه: {وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مِّن غِلٍّ إِخوَانًا عَلَى سُرُرٍ متَقَابِلِينَ}، قال: فقام رجل من هَمدان فقال: اللَّه أعدل من ذلك يا أمير المؤمنين، قال: فصاح به علي صَيحة، إن القصر يُدَهْدِه لها، ثم قال: مَن هم، إذا لم نكن نحن هم؟ (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 931 - 935 (1293 - 1300) قال الخلال: أخبرنا الميموني، قال: ثنا ابن حنبل، قال: ثنا حماد بن أسامة، قال: ثنا إسماعيل، قال: قال قيس: رأيتُ إصبعي طلحة قد شلتا، اللتين وقى بهما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم أحد (¬3). "السنة" للخلال 1/ 368 (733) ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد 3/ 113، والطبري في "التفسير" 7/ 520 (21200)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 18/ 424. (¬2) رواه ابن سعد 3/ 225، وابن أبي شيبة 7/ 539 (37784). (¬3) رواه البخاري (3724) من طريق إسماعيل، عن قيس، بلفظ: رأيتُ يد طلحة.

155 - مناقب الزبير بن العوام -رضي الله عنه-

155 - مناقب الزبير بن العوام -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا حسن، قثنا حمّاد بن سَلَمة، عن علي ابن زيد، عن سعيد بن المُسيب قال: أول من سلّ سَيْفَه في ذات اللَّه الزبير ابن العوام، وبينما الزبير بن العوام قائل في شعب المطابخ إذ سمع نغمة: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قتِل، فخرج من البيت متجردًا بيده السيف صَلْتًا، فلقيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كفة كفة، فقال: "ما شأنك يا زبير؟ " قال: سمعتُ أنك قُتِلْت، قال: "فما كنت صانعًا؟ " قال: أردت واللَّه أن أستعرض أهل مكة، قال: فدعا له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بخير، قال: سعيد: أرجو أن لا تضيع له عند اللَّه عَزَّ وَجَلَّ دعوة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 914 - 915 (1260). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، قثنا هِشام بن عُروة، عن أبيه. ويحيى، عن هشام قال: حدثني أبي أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لكل نبي حواري، وإن حواريّ الزبير ابن عَمّتي" (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 916 (1263) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا حماد بن أسامة قال: أنا هشام قال: أسلم الزبير وهو ابن لسِت عشرة سنة، ولم يتخلف عن غزاة غزاها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قط، وقُتِل وهو ابن بِضْعِ وستين (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا حَمّاد قال: أنا هشام، عن أبيه قال: إن ¬

_ (¬1) رواه الفاكهي في "تاريخ مكة" 4/ 139 (2469)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 18/ 351. كذا مرسلًا. ويأتي قريبًا من طريق عروة، بنحوه. (¬2) "المسند" 4/ 4، ويشهد له حديث جابر رواه البخاري (3719)، ومسلم (2415). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 4/ 228 (9478)، وابن أبي عاصم في "الآحاد" (199)، والطبراني 1/ 123 (244) من طريق حماد، به. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 151: رواه الطبراني وهو مرسل صحيح.

أول رجل سلّ سيفه في اللَّه الزبير بن العوام، نفخة نفخها الشيطان: أُخذِ رسولُ اللَّه. فخرج الزبير يشق الناس بسيفه والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأعلى مكة، قال: "ما لك يا زبير؟ " قال: أخبرت أنك أخذت، قال: فصلى عليه ودعا له ولسيفه (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 917 - 918 (1265 - 1266) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن بِشْر، قثنا هشام بن عُروة، عن عبّاد بن حَمْزة قال: كانت على الزبير رَيْطة صفراء، وإن الملائكة نزلت يوم بدر عليها عمائم صفر (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا عبّاد بن عَبّاد، عن هِشام، عن أبيه؛ أن الزبير كانت عليه عمامة صفراء يوم بدر فنزلت الملائكة عليها عمائم صفر (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن بِشر، عن مِسْعر، عن سُنْبُلة، عن مولاتها قالت: جاء قاتل الزبير وأنا عند علي جالسة يستأذن، فجاء الغلام فقال: هذا قاتلُ الزبير. فقال: ليدخل قاتل الزبير النار. قالت: وجاء قاتل طلحة يستأذن فقال الغلام: هذا قاتل طلحة يستأذن. فقال: ليدخل قاتل طلحة النار (¬4). قال: حدثني أبي، قثنا معاوية قال: نا زائدة قال: نا عاصم بن أبي ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق في "المصنف" 5/ 289 (9646)، وابن أبي شيبة 6/ 380 (32158). (¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 26 من طريق هشام، به. (¬3) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 103 من طريق همام، ورواه الطبراني 1/ 120 (230) من طريق حماد بن سلمة كلاهما عن هشام، بنحوه قال الحافظ في "الإصابة" 1/ 545 إسناد صحيح. (¬4) هو في "المسند" 1/ 89 من طرق عن علي، به -لكن دون ذكر قاتل طلحة.

النجود، عن زر، عن على قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لكل نبي حواري وحواريّ الزبير" (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 918 - 920 (1268 - 1271) قال عبد اللَّه: حدثني أبى، قثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا (سعيد بن أبي علي) (¬2)، عن نافع قال: سمع ابن عُمَر رجلًا يقول: أنا بني حواري رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال ابن عمر: إن كنت من آل الزبير، وإلا فلا (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 921 (1275) قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدثني أبي قال: سمعت سفيان يقول: الحواري: الناصر. يعني قوله: "الزبير حواري وابن عمتي" (¬4). قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه، حدثني أبي قال: سمعت سفيان يقول: كم من كربة قد فرجها السيف عن وجه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بسيف الزبير، بشر قاتله بالنار. "السنة" للخلال 1/ 368 - 369 (734 - 735) قال الخلال: أخبرنا الميموني، قال: ثنا أحمد بن محمد قال: ثنا أبو أسامة قال: ثنا هشام قال: أسلم الزبير وهو ابن ست عشرة سنة، ولم ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 89، والترمذي (3744)، وابن سعد 3/ 105 من طريق معاوية، به، قال الترمذي: حديث حسن صحيح. اهـ. وأورده الدراقطني في "العلل" 2/ 200 وقال: المحفوظ حديث زر. اهـ أي: زر، عن علي. (¬2) كذا في المطبوع، ولعله خطأ، وانظر التخريج. (¬3) رواه ابن سعد 3/ 106 عن يزيد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن نافع، به، ورواه ابن أبي شيبة 6/ 380 (32161) هكذا أيضًا، إلا أنه زاد فيه: (أيوب) بين سعيد ونافع. (¬4) رواه الإمام أحمد 3/ 314، والبخاري (2846)، ومسلم (2415) من طريق سفيان ابن عيينة، عن ابن المنكدر، عن جابر، بنحوه. ورواه الإمام أحمد أيضًا 4/ 4 من حديث عبد اللَّه بن الزبير، به.

156 - مناقب عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه-

يتخلف عن غزاة غزاها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقتل وهو ابن بضع وستين سنة، رحمه اللَّه (¬1). قال الخلال: أخبرنا الميموني: ثنا أحمد، ثنا حماد بن أسامة قال: ثنا هشام، عن أبيه قال: أول رجل سل سيفه في اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الزبير بن العوام، نفخة نفخها الشيطان: أخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجاء الزبير يشق بسيفه الناس، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأعلى مكة، قال: "ما لك يا زبير؟ " قال: أخبرت أنك أخذت. قال: فصلى عليه ودعا له ولسيفه (¬2). "السنة" للخلال 1/ 371 - 372 (739 - 740) 156 - مناقب عبد الرحمن بن عوف -رضي اللَّه عنه- قال أبو عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن حنبل: حدثني أبي رحمه اللَّه، قثنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن الزهري قال: حدثني عُبَيْد اللَّه ابن عبد اللَّه بن عُتْبة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطى رَهْطًا فيهم عبد الرحمن بن عوف، ولم يعطه معهم شيئًا، فخرج عبد الرحمن يبكي، فَلَقِيَه عمر، فقال: ما يبكيك؟ فقال: أعطى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رهطًا وأنا معهم ولَم يُعطِني، وأخشى أن يكون إنما منعه مَوْجِدَة وجدها عليّ، فدخل عمر على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأخبره خبر عبد الرحمن فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس بي سَخْطة عليه ولكني وَكلْتهُ إلى إيمانه" (¬3). "فضائل الصحابة" 8/ 908 (1248) ¬

_ (¬1) تقدم قريبًا من رواية عبد اللَّه. (¬2) تقدم قريبًا. (¬3) رواه معمر 11/ 233 (20410)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 35/ 281.

قال عبد اللَّه: نا أبي، قثنا عبد الملك بن عمر، وقثنا عبد اللَّه بن جعفر، عن عبد الرحمن بن حُمَيْد، عن أبيه، قال: قال المسور: بينما أنا أسير في ركب بين عثمان وعبد الرحمن قُدّامي وعليه خميصة سوداء، فقال عثمان: مَن صاحب الخميصة السوداء؟ قالوا: عبد الرحمن. قال: فناداني عثمان، فقال: يا مِسْور، قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، فقال: من زعم أنه خير من خالِك في الهجرة الأولى وفي الهجرة الآخرة فقد كذب (¬1). قال عبد اللَّه: نا أبي، نا سفيان، عن ابن أبي نَجِيْح قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن من حافظ على أزواجي -وقال سفيان مرة: (على أمهات المؤمنين) - إن الذي يحافظ عليهن بعدي فهو الصادق البار"، قال: فكان عبد الرحمن بن عوف يَحُجُّ بهن، ويجعل على هوادجهن الطيالسة ويُنْزلهن الشعب الذي ليس له مَنْفذ (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يزيد بن هارون قال: أنا زكريا، عن سعد بن إبراهيم قال: كان عبد الرحمن بن عوف إذا قدم مكة لم يَنزل منزله الذي كان يَنْزِله في الجاهلية حتى يخرج منها (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر، قثنا شعبة، عن سعد ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 125، والطحاوي في "المشكل" كما في "تحفة الأخيار" 9/ 144 - 145 (6453)، والحاكم 3/ 309 والخطيب في "المتفق والمفترق" 3/ 40، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 35/ 253. (¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات" 8/ 210، وعلي بن حرب في "فوائده" كما في "الإصابة" 2/ 417، ومن طريقه رواه ابن عساكر في "تاريخه" 35/ 285 - 286، والحديث رواه الإمام أحمد 3/ 299 عن أم سلمة، بنحوه. (¬3) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 131.

ابن إبراهيم قال: سمعت أبي يحدث أنه سمع عَمرو بن العاص، قال: لما مات عبد الرحمن بن عوف قال: اذهب ابن عَوفٍ ببطنتك لم يتغضغض منها شيء (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر، قال: نا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، قال: سمعت إبراهيم بن قارظ، قال: سمعت عليًّا يقول يوم مات عبد الرحمن بن عوف: اذهب ابن عوف، فقد أدركتَ صفوها وسبَقتَ رَنْقَها (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر، قال: نا شعبة. وحجاج قال: أنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، قال: لقد رأيت سعد بن أبي وقاص في جنازة عبد الرحمن بن عَوْف عند قائمتي السرير فجعل يقول: واجبلاه (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يعقوب، قثنا أبيه، عن جده، قال: سمعت عليّ بن أبي طالب يقول يوم مات عبد الرحمن: اذهب ابن عوف، فقد أدركت صفوها وسبقت رنقها (¬4). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا منصور بن سلمة قال: أنا بكر بن مُضَر، ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 191 (30575). (¬2) رواه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 312 (991) معلقًا عن سعد بن إبراهيم به، ورواه الحاكم 3/ 306 متصلا. (¬3) رواه ابن سعد 3/ 135، وابن أبي شيبة 2/ 473 (11185)، والحاكم 3/ 307 (5343)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 135، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 35/ 301. (¬4) تقدم تخريجه قريبًا.

قثنا صَخْر بن عبد اللَّه بن حَرْمَلة، قال: حدثني أبو سَلَمة بن عبد الرحمن، عن عائشة أم المؤمنين قالت: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول لَهُنَّ: "إن أمركن لمما يُهِمّني بعدي، ولن يَصبر عليكن إلا الصابرون"، ثم تقول لي: سقى اللَّه أباك من سلسبيل الجنة -تريد عبد الرحمن بن عوف؛ وكان أعطى نساء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مالًا بِيْع بأربعين ألفًا، وصلهن به (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، قثنا عبد اللَّه ابن جعفر: قرأت كتابًا لأبي بكر بن عبد الرحمن بن المِسْور يحدث عن محمد بن جُبَيْر، عن أبيه أن عمر قال: إن ضرب عبد الرحمن بإحدى يديه على الأخرى فبايعوه (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 910 - 914 (1251 - 1259) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن عُبَيْد، عن إسماعيل، عن عامر قال: شكا عبد الرحمن بن عَوْف خالد بن الوليد إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا خالد ما لك وما لرجلٍ من المهاجرين، لو أنفَقْت مثلَ أُحد لم تُدرك عمله" (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 915 (1261) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 77، والترمذي (3749). قال الترمذي: ذا حديث حسن صحيح غريب. وصححه ابن حبان 15/ 456 (6995)، والحاكم 3/ 352. وكذا الألباني في "الصحيحة" (1594). (¬2) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 35/ 290. (¬3) رواه ابن أبي حاتم في "العلل" 2/ 355 من طريق عبد اللَّه بن إدريس. ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 16/ 242 من طريق محمد بن عبيد. كلاهما، عن إسماعيل، عن الشعبي، مرسلًا بلفظ مختصر. والحديث وصله ابن حبان في "صحيحه" 15/ 565 (7091)، والحاكم 3/ 298، والخطيب في "تاريخ بغداد" 12/ 149 من طريق إسماعيل، عن الشعبي، عن عبد اللَّه بن أبي أوفى، مطولا. =

157 - مناقب سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو، وأبو سعيد -المعنى واحد- قالا: حدثنا عبد اللَّه بن جعفر، عن أم بكر أن عبد الرحمن بن عوف رحمه اللَّه باع أرضًا من عثمان بن عفان بأربعين ألف دينار، فقسم في فقراء بني زهرة، وفي ذي الحاجة من الناس، وفي أمهات المؤمنين رضي اللَّه عنهن، قال المسور: فدخلت على عائشة رحمها اللَّه بنصيبها من ذلك، فقالت: من أرسلك بهذا؟ قلت: عبد الرحمن، فقالت: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنه لا يحنو عليكن بعدي إلا الصابرون" سقى اللَّه ابن عوف من سلسبيل الجنة (¬1). "الزهد" ص 246 157 - مناقب سعد بن أبي وقاص -رضي اللَّه عنه- قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بلج، قال: سمعت مصعب بن سعد، أن سعدًا كاتب غلامًا له، فأراد منه شيئًا فقال: ما عندي ما أعطيك، وعمد إلى دنانير، فجعلها في نعله، فدعا سعد عليه، فسرقت نعلاه (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: أنا عبد الرزاق قال: أنا معمر، عن ¬

_ = قال ابن أبي حاتم بعدما أورده مرسلًا وموصولًا: سمعت أبا زرعة يقول: الصحيح حديث ابن إدريس. اهـ يعني: المرسل. وقال الذهبي في تعقبه الحاكم: رواه ابن إدريس عن أبي خالد، عن الشعبي مرسلًا وهو أشبه. اهـ. (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 135 وإسحاق بن راهويه 3/ 1011 (1755) والترمذي (3749)، وقال: حسن صحيح غريب وصححه ابن حبان 15/ 456 (6995) وصححه الألباني في "الصحيحة" (1594). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 378 (32139).

أيوب، عن عائشة بنت سعد قالت: أنا بنت المهاجر الذي فداه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم أحد بالأبوين (¬1). قال عبد اللَّه: قثنا أبي، قثنا يحيى بن سعيد، قثنا يحيى قال: سمعت سعيد بن المسيب [قال: سمعت سعدًا] (¬2) يقول: جمع لي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أبويه يوم أحد (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة الماجشون، عن أبيه، عن عائشة بنت سعد بن أبي وقّاص، قالت: لقد مكث أبي يومًا إلى الليل، وإن له لثلث الإسلام (¬4). "فضائل الصحابة" 2/ 935 - 936 (1301 - 1303) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا إسماعيل، قال: أنا أيوب، قال: سمعت عائشة بنت سعد تقول: أبي واللَّه الذي جمع له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الأبوين يوم أُحد (¬5). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن سَعيد، قثنا إسماعيل، قثنا قيس، قال: سمعت سعد بن مالك يقول: إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل اللَّه، ولقد رأيتُنا نغزو مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وما لنا طعامٌ نأكله إلا ورق الحُبُلَة وهذا السَّمرُ حتى إن أحدنا يضع كما تضع الشاة ما له ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 11/ 236 (20419)، وابن سعد في "الطبقات" 3/ 141 - 142، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 20/ 318. (¬2) ليست بالمطبوع، والمثبت من مصادر التخريج. (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 181، والبخاري (3728)، ومسلم (2966). (¬4) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 20/ 299، وروى البخاري (3726) مثله عن عامر بن سعد عن أبيه قال: لقد رأيتني وأنا ثلث الإسلام. (¬5) تقدم تخريجه قريبًا.

خِلْط، ثم أصبحت بنو أسد يعزّروني على الدِيْن، لقد خِبْتُ إذًا وضل عَملي (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى، عن إسماعيل، قثنا قيس، قال: أخبرت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لسعد: "اللهم استجب له إذا دعاك" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو سعيد، قثنا عبد اللَّه بن جعفر، قثنا إسماعيل بن محمد، عن عامر بن سَعد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال يوم أحد: "انثلوا سعدًا، اللهم ارم له، ارم فداك أبي وأمي" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو سعيد، قثنا عبد اللَّه بن جعفر، قثنا إسماعيل بن محمد بن عامر بن سعد قال: قال سعد: لقد شهدت بدرًا وما في وجهي غير شعرةٍ واحدةٍ أمسُّها بيدي، ثم أكثر اللَّه لي بعد اللحَى (¬4). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن شعبة. وعبد الرحمن قال: نا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 181، والبخاري (3728)، ومسلم (2966). (¬2) لم أقف عليه هكذا مرسلًا. ورواه الترمذي (3751)، والبزار 4/ 54 (1218) وابن حبان 15/ 450 (6960)، والحاكم 3/ 499 موصولا عن قيس، عن سعد به قال الترمذي: وقد روي هذا الحديث عن إسماعيل عن قيس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: قال: اللهم استجب لسعد إذا دعاك، وهذا أصح. اهـ. قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" (6116). (¬3) رواه النسائي في "عمل اليوم والليلة" 1/ 81 (204)، والحاكم 2/ 96 بلفظ: أنبلوا. ورواه البخاري (4055) موصولا عن سعيد بن المسيب عن سعد بلفظ: نثل لي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . الحديث. (¬4) رواه البزار في "مسنده" 3/ 312 (1104)، والطبراني في "الأوسط" 9/ 66 (9139) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 20/ 298، وذكره الهيثمي في "المجمع" 9/ 155 وقال: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.

شعبة، عن يحيى بن حُصَيْن، قال عبد الرحمن: قال: سمعت طارق بن شهاب، قال: وكان بين خالد بن الوليد وبين سعد كلام، وقال: فتناول رجل خالدًا، قال عبد الرحمن: عند سعد. قال: فقال سعد: إن ما بيننا لم يبلغ ديننا (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى، عن مُجالد، قثنا عامر، عن جابر قال: كنتُ عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فجاء سعد فقال: "هذا خالي" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن إسماعيل، عن قيس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اتقوا دعوات سعد" (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 937 - 941 (1306 - 1313) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، قثنا إسماعيل، عن قيس قال: سمعت سعدًا يقول: إني لأول رجل من العرب رمى بسهم في سبيل اللَّه. "فضائل الصحابة" 2/ 941 (1315) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا معاوية بن عَمْرو، قثنا زائدة، عن سُلَيمان الأعمش، عن أبي خالد الوالبي، عن جابر بن سَمرة قال: أول من رمى بسهم في سبيل اللَّه سعد (¬4). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 231 (25526)، والطبراني 4/ 106 (3810)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 94، وابن عساكر في "تاريخه" 20/ 358. قال الهيثمي في "المجمع" 7/ 223: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. (¬2) رواه الترمذي (3752)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 1/ 168 (211)، وأبو يعلى 4/ 42 (2049)، وصححه الحاكم 3/ 498، وابن الملقن في "البدر المنير" 7/ 279، والألباني في "المشكاة" (6118). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 378 (32141). (¬4) رواه ابن أبي شيبة 4/ 214 (19409)، وابن أبي عاصم في "الأوائل" 1/ 20 (43). =

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا معاوية قال: نا زائدة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد اللَّه قال: كنت أنا وسعد وعُمير بن مالك في جَحَفة واحدة، وإن سعدًا ليقاتل في يوم بدر قتال الفارس في الرجال. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو معاوية، قثنا الأعمش، عن إبراهيم، قال: قال عبد اللَّه: لقد رأيت سعدًا يقاتل يوم بدر قتال الفارس في الرجال (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا مكي بن إبراهيم، قثنا هاشم، عن سعيد ابن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص أنه قال: ما أسلم أحد إلا في اليوم الذي أسلمت، ولقد مكثت سَبْع ليال ثلث الإسلام (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا بَهز قال: نا حماد، عن سِماك، عن مُصْعب بن سَعْد، قال: كان رأس أبي في حِجْري وهو يقضي فبكَيْت فَدَمَعَتْ عيني عليه، فنظر إليّ فقال: ما يبكيك أي بُنَيّ؟ قلت: لمكانك، ¬

_ = والبزار في "مسنده" 10/ 250 (4287) والطبراني 2/ 208 - 209 (1854) والحاكم 3/ 498 وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الهيثمي في "المجمع" 9/ 155: رواه البزار والطبراني ورجاله رجال الصحيح، غير أبي خالد الوالبي وهو ثقة. (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 141، والبزار في "مسنده" 4/ 327 (1517، 1518) والطبراني 10/ 76 (10004)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 20/ 320. وذكره الدارقطني في "العلل" 5/ 150 (782) وقال: يرويه الأعمش واختلف عنه، فرواه إبراهيم بن يوسف الصيرفي عن أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه، ومرة يرويه عن أبي معاوية ولا يذكر فيه علقمة وكذلك رواه زائدة عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد اللَّه، وهو أشبه بالصواب. وقال الهيثمي في "المجمع" 6/ 82: رواه البزار بإسنادين أحدهما متصل والآخر مرسل، ورجالهما ثقات. (¬2) رواه البخاري (3726، 3727).

وما أرى بك. قال: فلا تبكِ عليّ؛ فإن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لا يعذبني أبدًا، وإني لَمِن أهل الجنة إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَدين المؤمنين يوم القيامة لحسناتهم، وأما الكافرون فَيُخفف عنهم بحسناتهم ما عملوا للَّه عَزَّ وَجَلَّ، فإذا نفدت قال: ليطلب كلّ عامل ثواب عمله ممن عمل له (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 942 - 943 (1317 - 1321) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قثنا مَعْمر قال: قدم محمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس الرصافة على هشام ونحن بها، قال معمر: فدخلنا عليه، فإذا رجل آدم جميل عليه جُبة خَزّ دكناء وساج من هذِه السِّيْجان، فدخلنا على رجل حَزِيْن، قال: فما استطعنا أن يحدثنا بشيء، قال: فحدَّثَنا رجل من أهل الجزيرة من أصحابنا -يقال له: داود- قال: دخل سعد بن مالك على معاوية فقال: السلام عليك أيها المَلك، فقال معاوية: أَوَ غير ذلك، أنتم المؤمنون وأنا أميركم؟ فقال سعد: نعم، إن كنا أمّرناك، فقال معاوية: لا يبلُغني أن أحدًا زعم أن سعدًا ليس من قريش إلا فعلت به وفعلت. فقال محمد بن علي: سبحان اللَّه! لعمري إن سعدًا لفي السطة من قريش ثابت نسبه (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1253 - 1254 (1955) ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 147، وابن عساكر في تاريخ دمشق 20/ 364. (¬2) رواه معمر 10/ 390 - 391 (19455) وابن عساكر في "تاريخه" 17/ 324.

158 - مناقب حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه-

158 - مناقب حمزة بن عبد المطلب -رضي اللَّه عنه- قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا معاوية بن عمرو، قال: حدثنا أبو إسحاق، عن ابن عون، عن عمير بن إسحاق قال: كان حمزة يقاتل يوم أحد بين يدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بسيفين، ويقول: أنا أسد اللَّه (¬1). "مسائل صالح" (866) 159 - مناقب جعفر بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يزيد بن هارون، قثنا إسماعيل، عن عامر قال: كان ابن عمر إذا سلم على ابن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذا، وقال مرة: ذي الجناحين (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1123 (1684) قال عبد اللَّه: قال: حدثني أبي، قثنا يزيد قال: أنا إسماعيل، عن عامر قال: أرسل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى امرأة جعفر بن أبي طالب أن ابعثي إليّ ببني جعفر، فأتي بهم، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ إن جعفرًا قد قدّم إليك أحسن الثواب، فاخلفه في ذريته بخير ما خَلَفت عبدًا من عبادك الصالحين" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يزيد قال: أنا إسماعيل، عن رجل أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لقد رأيته في الجنة وجناحيه مضرّجَين بالدّماء مصبوغ ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 12، وابن أبي شيبة 7/ 366 (36739) 3/ 12، والطبراني 3/ 149 (2953)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" 2/ 675 (1815). قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 268: رواه الطبراني ورجاله إلى قائله رجال الصحيح. (¬2) رواه البخاري (3709). (¬3) رواه ابن سعد في "الطبقات" 4/ 40، وابن أبي شيبة 6/ 383 (32187).

القوادم" يعني: جعفرًا (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد اللَّه بن يزيد، قثنا سعيد، عن عُقَيْل، عن ابن شهاب، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "وأنت يا جعفر أشبهت خَلْقي وخُلُقي، وخُلِقْتَ من طِيْنَتي التي خُلقتُ منها" (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1125 - 1127 (1690 - 1692) قال عبد اللَّه: قرأتُ على أبي هذين الحديثين قراءة، نا يحيى بن زكريا قال: حدثني أبي وابنُ أبي خالد، عن الشعبي قال: تزوج عليٌّ أسماء بنت عُمَيْس بعد أبي بكر، فتفاخر ابناها محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر، فقال واحد منهما: أنا خير منك وأبي خير من أبيك، فقال علي لأسماء: اقضي بينهما، فقالت لابن جعفر: أما أنت أي بُنَيّ فما رأيت شابًا من العرب كان خيرًا من أبيك، وأما أنت فما رأيت كَهْلًا من العرب خيرًا من أبيك، قال: فقال علي: ما تركت لنا شيئًا، ولو قلت غير هذا لمَقَتُّكِ، قال: فقالت: واللَّه إن ثلاثة أنت أخَسُّهم لأخيار (¬3). قال عبد اللَّه: قرأت على أبي -وقد سمعت منه- نا يحيى بن زكريا قال: ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 4/ 38 - 39، وذكره الألباني في "الصحيحة" 3/ 227 وقال: رواه ابن سعد من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن رجل مرفوعًا، وإسناده صحيح إلى الرجل، فإن كان صحابيا فالإسناد صحيح. (¬2) لم أهتد إلى هذا الإسناد، لكن رواه الإمام أحمد 1/ 98 من حديث علي بن أبي طالب، ورواه البخاري (2699) من حديث البراء بن عازب بنحوه. (¬3) رواه ابن سعد في "الطبقات" 4/ 41، وابن أبي شيبة 6/ 384 (321971) وذكره ابن حجر في "الإصابة" 4/ 231 وقال: وأخرج ابن السكن بسند صحيح عن الشعبي قال: تزوج علي أسماء بنت عميس، فتفاخر ابناها محمد بن جعفر، ومحمد بن أبي بكر. فذكره إلى قوله فقال لها علي: فما أبقيت لنا. اهـ بتصرف.

160 - مناقب زيد بن حارثة -رضي الله عنه-

أنا مجالد، عن عامر قال: حدثني عبد اللَّه بن جَعْفر قال: ما سألت عليًّا شيئًا قط بِحَقِّ جَعْفر إلا أعطانيه (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1142 (1720 - 1721) 160 - مناقب زيد بن حارثة -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خطب يومًا فقال: "يلومني الناس في تأميري أسامة، كما لاموني في تأميري أباه قَبْله، وإن أباه كاد أحبكم إلي، وإنه من أحبكم إلي بعده" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يزيد، قال: أنا إسماعيل، عن قيس قال: قام أسامة بن زيد بين يدي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد قتل أبيه، فَدَمَعت عينا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم جاء من الغد فقام مقامه ذلك، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألاقي منك اليوم ما لقيت منك بالأمس" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يزيد قال: أنا إسماعيل، عن إسحاق، عن أبي مَيْسرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين أتاه قتل زيد: "اللهم اغفر لزيد، اللهم اغفر لجعفر وعبد اللَّه بن رواحة" (¬4). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في "العلل" 1/ 377 (725)، والطبراني 2/ 109 (1476)، وابن عبد البر في "الاستيعاب 1/ 314، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 56/ 389. (¬2) رواه عبد الرزاق 11/ 234 - 235 (20413) مرسلا. ورواه بنحوه الإمام أحمد 2/ 89، والبخاري (3730)، ومسلم (2426) من حديث ابن عمر. (¬3) رواه ابن سعد في "الطبقات" 4/ 63، وابن أبي شيبة 6/ 395 (32294)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 370. (¬4) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 46، وابن أبي شيبة 3/ 47 - 48 (11975)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 369.

161 - مناقب سعد بن عبادة -رضي الله عنه-

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا حَمّاد بن سَلَمة، عن علي بن زيد قال: كنتُ مع أبي سلمة بن عبد الرحمن، فمرّ ابن أسامة بن زَيْد، فقال أبو سلمة: هذا ابن حب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، ثنا عبد الرزاق، قال معمر: سألت الزهري فقال: ما علمنا أحدًا أسلم قبل زيد بن حارثة (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا سفيان، عن ابن أبي خالد، عن الشعبي قال: ما بعث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سرية قط إلا أمَّره عليهم (¬2). قال سفيان: زيد ابن حارثة. قال سفيان: وقال غيره: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا لم يَغزُ أَعطى سِلاحه زيدًا. "فضائل الصحابة" 2/ 1054 - 1055 (1529 - 1534) 161 - مناقب سعد بن عبادة -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قثنا مَعْمر، عن الزهري، أن سعد بن عُبادة كان حامل راية الأنصار مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم بدر وغيرها (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 1039 (1503). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في "العلل" 3/ 425 - 426 (5817)، وعبد الرزاق 11/ 227 (20393)، وابن سعد في "الطبقات" 3/ 44، والطبراني 5/ 84 (4653) وابن عساكر في "تاريخه" 19/ 354، وأورده الهيثمي في "المجمع" 9/ 274: رواه الطبراني مرسلا، وإسناده حسن. (¬2) رواه الحاكم 3/ 215، وهو عند الإمام أحمد 6/ 227 موصولا من حديث عائشة وفيه زيادة: ولو بقي بعده استخلفه. (¬3) رواه عبد الرزاق 5/ 288 (9638).

162 - مناقب سعد بن معاذ -رضي الله عنه-

162 - مناقب سعد بن معاذ -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يزيد، قال: أنا محمد بن عَمْرو، قال: حدثني عاصم بن عُمر بن قتادة الأنصاري؛ أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نام حين أمسى فلما استيقظ جاءه جبريل -أو قال: ملك- فقال: مَنْ رجل من أمتك مات الليلة استبشر بموته أهل السماء؟ قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا أعلمه إلا أَن سعد ابن معاذ أمسى دَنِفًا ما فعل سعد؟ " قالوا: يا رسول اللَّه قد قُبِض، وجاء قومُه، فاحتملوه إلى دارهم، قال: فصلي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالناس صلاة الصبح، ثم خرج وخرج الناس مشيًا حتى إن شسوع نعالهم تَقَطّع من أرجلهم وإن أرديتَهم تسقط من عواتقهم، فقال قائل: يا رسول اللَّه، قد بَتَتَّ الناس مَشْيًا، قال: "إني أخشى أن تسبقنا إليه الملائكة كما سبقتنا إلى حَنْظَلة" (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1031 - 1032 (1489) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يزيد، قال: أنا محمد، قال: أخبرني أبي، عن أبيه علقمة، عن عائشة قالت: ما كان أحدٌ أشد فقدًا على المسلمين بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وصاحبيه أو أحدهما من سعد (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يزيد، قال: نا محمد بن عمرو، قال: حدثني محمد بن المنكدر، عن محمد بن شُرَحْبِيل -وقال يزيد مرة: شرحبيل- أن رجلًا أخذ من تراب قبر سَعْد قبضة يوم دفن ففتحها بعد ¬

_ (¬1) رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" 2/ 548، وابن سعد في "الطبقات" 3/ 423 - 424، وابن أبي شيبة 7/ 374 (36786). (¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 433، وابن أبي شيبة 7/ 375 (36786) مطولا.

فإذا هي مسك (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1034 - 1035 (1493 - 1494) قال: حدثني أبي، قثنا يزيد قال: أنا إسماعيل، عن رجل من الأنصار قال: لما قضى سعد بن معاذ في بني قُرَيْظَة رجع فانْفَجَرت يده دمًا، فبلغ ذلك النبيَّ فأقبل في نفر معه، فدخل عليه، فجعل رأسَه في حِجْره، فقال: "اللهم إن سعدًا قد جاهد في سبيلك وصدّق رُسُلك وقضى الذي عليه، فاقبل رُوْحه بخير ما تقبلت به الأرواح" (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1037 (1499) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى، عن شُعْبة قال: حدثني أبو إسحاق، عن عَمرو بن شُرَحْبِيْل قال: لما انفجر (¬3) جُرح سَعد بن مُعاذ التَزَمه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وجعلتِ الدماء تسيل على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجاء أبو بكر فقال: واكسر ظهرِياه، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَه يا أبا بكر"، ثم جاء عمر فقال: إنا للَّه وإنا إليه راجعون (¬4). "فضائل الصحابة" 2/ 1038 - 1039 (1502) ¬

_ (¬1) رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" 2/ 552 (1127) وفيه زيادة: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سبحان اللَّه، سبحان اللَّه، الحمد للَّه لو نجا أحد من ضمة القبر لنجا منها سعد" ورواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 431، وابن أبي شيبة 7/ 375 (36786) وأبو نعيم في "المعرفة" 1/ 196 (697)، وفيه: محمود بن شرحبيل. (¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 427 مطولا، وأورده الذهبي في "السير" 1/ 286 وقال: مرسل. (¬3) في المطبوع من "فضائل الصحابة": انفرج. (¬4) رواه ابن أبي شيبة 7/ 376 (36798) وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" 3/ 1242 - 1243 (1308).

163 - مناقب بلال بن رباح -رضي الله عنه-

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا بهز قال: نا حماد قال: أنا سِماك، عن عبد اللَّه بن شدّاد، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عاد سعد بن معاذ قال: فدعا له، فلما خرج من عنده مرت به ريح طيبة، قال: فقال: "هذا روح سعد قد مُر به"، قال: فلما وضع في قبره قالوا يا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن سعدًا كان رجلًا بادنا وإنا وجدناه خفيفًا، قال: فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، "أحَسِبتم أنكم حملتموه وحدكم، أعانتْكم عليه الملائكة" (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1039 - 1040 (1540) 163 - مناقب بلال بن رباح -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا هُشَيْم قال: أنا مغيرة، عن الحارث، عن أبي زرعة، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-! قال: "ما دخلت الجنة إلا سمعت خشفة بلال بين يدي"، فقيل لبلال في ذلك، قيل: بِمَ أدركت ذاك؟ قال: إني لم أتوضأ قط إلا صليت ركعتين (¬2) ". "فضائل الصحابة" 2/ 1149 (1732) ¬

_ (¬1) لم أهتد إليه هكذا، لكن لشطره الأخير شاهد من حديث أنس بن مالك، رواه الترمذي (3849) وقال: حديث حسن صحيح. وكذا حسنه الألباني في "الصحيحة" (3347). (¬2) لم أقف عليه مرسل، لكن رواه الإمام أحمد 2/ 333، والبخاري (1149)، ومسلم (2458) موصولا من حديث أبي هريرة.

164 - مناقب خالد بن الوليد -رضي الله عنه-

164 - مناقب خالد بن الوليد -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، قال: حدثني إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس. وابن نُمَيْر، قثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قَيْس، قال: سمعتُ خالد بن الوليد، يُحدِّث القوم بالحِيْرة قال: لقد رأيتُني يوم مؤتة اندقّ بيدي تِسعة أسياف، وصَبَرَت بيدي صَفِيْحة لي يمانية (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن زكريا قال: حدثني إسماعيل ابن أبي خالد، عن قَيْس بن أبي حازم قال: قال خالد بن الوليد: ما ليلة تهدى إليّ فيها عَرُوس أنا لها محب، أو أبَشَّر فيها بغلام بأحب إلي من ليلة شديدة الجليد في سَرِية من المهاجرين أُصَبِّح بها العدو (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا يحيى بن زكريا، قال: حدثني إسماعيل. وابن نُمير، عن إسماعيل، عن قيس، قال (¬3): سمعت خالد ابن الوليد يقول: لقد منعني كثيرًا من القراءة -قال ابن نُمير: من القرآن- الجهاد في سبيل اللَّه (¬4). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن زكريا قال: حدثني يونس بن ¬

_ (¬1) رواه البخاري (4266). (¬2) رواه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (176)، وأبو يعلى 13/ 141 (7185)، وذكره الهيثمي في "المجمع" 9/ 350 وقال: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. (¬3) في المطبوع من "فضائل الصحابة": عن قيس، قال ابن نمير. وما أثبتناه هو الصواب. (¬4) رواه ابن أبي شيبة 4/ 220 (19413) وأبو يعلى 13/ 143 (7188) وابن عساكر في "تاريخه" 16/ 250. قال الهيثمي 9/ 350: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وقال ابن حجر في "المطالب العالية" (4009): صحيح.

أبي إسحاق، عن أبي السفر قال: نزل خالد بن الوليد الحِيْرة على بني أم المرازبة، فقالوا له: أحذر السم لا يسقيكه الأعاجم، فقال: إيتوني به. فأتي منه بشيء، فأخذه بيده ثم اقتحمه وقال: بسم اللَّه. فلم يَضُرّه شيئًا (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1024 - 1026 (1475 - 1478) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا سفيان، عن إسماعيل، عن قيس، قال: سمعت خالدًا يقول: فقال: لقد اندقت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فلم يبق في يدي إلا صفيحة يمانية. وأتي بالسم، فقال: ما هذا؟ قالوا: السم، قال: بسم اللَّه، فشربه (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا سفيان، عن إسماعيل، عن قيس أتي خالد بسم، فقال: ما هذا؟ قال: سم. فشربه. "فضائل الصحابة" 2/ 1028 (1481 - 1482) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن عُبَيْد، عن إسماعيل، عن عامر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تؤذوا خالدًا فإنه سيف، من سيوف اللَّه، سله اللَّه على أعدائه" (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 1029 (1484) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 7/ 5 (33719)، وأبو يعلى 13/ 142 (7186) وابن عساكر في "تاريخه" 16/ 251، ورواه الطبراني 4/ 105 (3808) من طريق يونس عن أبي بردة عن خالد بن الوليد. قال الهيثمي 9/ 350: رواه أبو يعلى والطبراني بنحوه، وهو مرسل ورجالهما ثقات إلا أن أبا السفر وأبا بردة بن أبي موسى لم يسمعا من خالد اهـ. بتصرف. (¬2) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" 4/ 223 (19436) عن وكيع، عن إسماعيل به، دون ذكر السُّمِّ. (¬3) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 16/ 242 من طريق ابن سعد عن محمد بن عبيد =

165 - مناقب المقداد بن عمرو -رضي الله عنه-

165 - مناقب المقداد بن عمرو -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى، عن شُعبة، قال: حدثني أبو إسحاق، عن حارثة قال: سمعتُ عليًّا يقول: لم يكن فينا فارسٌ يوم بدر غير المقداد (¬1). "فضائل الصحابة" 12/ 123 (1686) 166 - مناقب عمار بن ياسر -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، قثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي ليلى الكندي، قال: جاء خباب إلى عمر، فقال له عمر: ادْن، فما أحد أحقّ بهذا المجلس منك إلا عمار. قال: فجعل خباب يُريه آثارًا في ظهره مما عذّبَه المشركون (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع قال: قال سفيان، وقال أبو قيس عن الهزيل قال: أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقيل: إن عمارًا وقع عليه حائط فمات، ¬

_ = عن إسماعيل عن الشعبي. . الحديث. ورواه ابن أبي حاتم في "العلل" 2/ 355 من طريق أبي زرعة، عن ابن الأصبهاني عن عبد اللَّه بن إدريس، عن إسماعيل به وقال -بعد ما أورده موصولا- سمعت أبا زرعة يقول الصحيح حديث ابن إدريس. وقال الذهبي في "التلخيص" 3/ 298: رواه ابن إدريس عن ابن أبي خالد عن الشعبي مرسلا. وهو أشبه. اهـ. (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 125 والطيالسي 1/ 111 (118)، وصححه ابن خزيمة (899)، وابن حبان (2257)، والألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (545). (¬2) رواه ابن ماجه (153)، وابن سعد 3/ 165. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 1/ 23: هذا إسناد صحيح. وقال الألباني في "صحيح السيرة النبوية" ص 157: أخرجه ابن سعد وابن ماجه بسند صحيح.

قال: "ما مات عمار" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، قثنا سفيان، عن سَلَمة بن كُهَيْل، عن مجاهد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما لهم ولعمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، وذاك دأب الأشقياء الفجار" (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1082 - 1084 (1596 - 1598) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع قال: قال سفيان، وقال الأعمش، عن أبي عمّار الهمداني، عن عمرو بن شُرَحْبِيْل قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عمار ملئ إيمانًا إلى مشاشه" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، قال: قال سفيان، وقال الأعمش: عن عمرو بن مرة، عن عبد اللَّه بن سَلمة قال: جاء رجلان قد خرجا من الحمام متزلقين متدهنين إلى علي، فقال: من أنتما؟ قالا: نحن من المهاجرين، فقال علي: المهاجر عمار بن ياسر (¬4). "فضائل الصحابة" 2/ 1084 - 1085 (1600 - 1601) ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 254، وابن أبي شيبة 6/ 388 (32240)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 436. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 388 (32237)، وابن عساكر في "تاريخه" 43/ 402 وقال: والمحفوظ مرسل. ورواه أحمد 3/ 90 والبخاري (447) من حديث أبي سعيد. (¬3) رواه ابن أبي شيبة في "الإيمان" ص 30 (91)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 393، قال الألباني في تعليقه على كتاب "الإيمان": الحديث صحيح، وإسناده مرسل صحيح، وعمرو بن شرحبيل هو أبو ميسرة الهمداني. اهـ. والحديث روي موصولًا من غير وجه. انظر: "الصحيحة" (807)، ولفظ (مشاشه) أي: من قرنه إلى قدمه. لما فيه رواية ابن عباس، كما ذكره الألباني في "الصحيحة". (¬4) رواه عبد الرزاق 1/ 291 (1122)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 141، وابن عساكر =

نحن من المهاجرين، فقال علي: المهاجر عمار بن ياسر (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1084 - 1085 (1600 - 1601) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا المطلب بن زياد، عن أبي إسحاق قال: قالت عائشة: لعمار ملئ من كعبيه إلى قرنه إيمانًا (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1086 (1603) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أزهر قال: أنا ابن عون، عن الحسن قال: قال عمرو بن العاص: ما كنا نرى أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مات وهو يحب رجلًا فيدخله اللَّه النار، فقيل له: قد كان يستعملك، فقال: اللَّه أعلم (أحبا أم تالفا) (¬3) ولكنه كان يحب رجلًا، فقالوا: من هو؟ قال: عمار بن ياسر، قيل له: ذاك قتيلكم يوم صفين، قال: قد واللَّه قتلناه (¬4). "فضائل الصحابة" 2/ 1087 - 1088 (1606) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 1/ 291 (1122)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 141، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 461 وذكره الهيثمي في "المجمع" 9/ 292 وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. (¬2) لم أقف عليه موقوفا، لكن رواه البزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (2685)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" 3/ 229 مرفوعًا. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 295: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وقال ابن حجر في "الفتح" 7/ 92 - بعدما ذكر رواية البزار- وإسناده صحيح. (¬3) في المطبوع: أحبي أم تالفي. والجادة ما أثبتناه. (¬4) رواه الإمام أحمد 4/ 203، والنسائي في "الكبرى" 5/ 74 - 75 (8274) والطبراني في "الأوسط" 1/ 193 (611) والحاكم 3/ 392 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، وإن كان الحسن بن أبي الحسن سمعه من عمرو بن العاص فإنه أدركه بالبصرة بلا شك. وقال الذهبي في "التلخيص" لكنه مرسل. وقال الهيثمي في "المجمع" 9/ 294: رجال أحمد رجال الصحيح.

167 - مناقب معاذ بن جبل

167 - مناقب معاذ بن جبل قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا حَسن بن موسى، قثنا حماد بن سلمة، عن ثابت ويونس بن عُبَيْد وحُمَيد عن الحسن، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن لِمعاذ رتوةً بين يدي العلماء" (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 925 (1282). ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 347، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 58/ 406 من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن الحسن، مرسلًا ورواه ابن أبي شيبة 6/ 394 (32284)، وابن أبي عاصم في "الآحاد" 9/ 413 (1835) من طريق هشام، عن الحسن، مرسلًا، بنحوه. وفي الباب، عن عمر موصولًا، رواه الإمام أحمد 1/ 18، وغيره وزاد عليهما الألباني في "الصحيحة" (1091) طريق محمد بن كعب مرسلًا، وكذا عن أبي عون، مرسلًا أيضًا ثم قال بعد تخريج هذِه الأربع: وبالجملة فالحديث بمجموع هذِه الطرق صحيح بلا شك، ولا يرتاب في ذلك من له معرفة بهذا العلم الشريف ويؤيده اشتهاره عند السلف. اهـ. قلت: ومعنى الحديث كما في بعض ألفاظه: أنه يتقدم العلماء يوم القيامة بَرتْوة: أي برمية سهم. انظر "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير مادة: (رتا).

168 - مناقب عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-

168 - مناقب عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يعقوب، قثنا أبي، عن ابن إسحاق قال: حدثني يحيى بن عُروة بن الزبير، عن أبيه، قال: كان أوّل مَن جَهر بالقرآن بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمكة عبد اللَّه بن مسعود، قال: اجتمع يومًا أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالوا: واللَّه ما سمعَت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط، فمن رجل يُسْمِعُهموه؟ قال عبد اللَّه بن مسعود: أنا. قالوا: إنا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلًا له عَشِيْرة يمنعونه من القوم إن أرادوه، قال: دعوني فإن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ سَيَمْنَعُني. قال: فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى، وقريش في أندِيتها فقام عند المقام، ثم قال: بسم اللَّه الرحمن الرحيم رافعًا صوته {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ القُرْآنَ} قال: ثم استقبلها يقرأ فيها، قال: وتأملوا فجعلوا يقولون: ما يقول ابن أم عبد؟ قال: ثم قالوا: إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد. فقاموا إليه فجعلوا يضربون في وجهه، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء اللَّه أن يبلغ، ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا في وجهه، فقالوا: هذا الذي خَشِينا عليك. قال: ما كان أعداء اللَّه أهون عليّ منهم الآن، ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها. قالوا: حَسْبك فقد أسْمَعْتَهم ما يكرهون (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، قثنا سفيان، عن منصور، عن القاسم بن عبد الرحمن، قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رضيت لأمتي ما رَضِي ¬

_ (¬1) رواه ابن إسحاق في "السيرة" 1/ 166، وابن عساكر في "تاريخه" 23/ 75، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 385 - 386.

لهم ابن أم عبد، وكرهت لأمتي ما كره لها ابن أم عبد" (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1056 - 1057 (1535 - 1536) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، قثنا مالك -يعني: ابن مِغْول- عن عبد الرحمن بن سعيد بن وهب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رضيت لأمتي ما رَضِي لهم ابن أم عبد" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى، قثنا سفيان، قال: نا سليمان، عن عُمارة، عن حُرَيْث بن ظُهَيْر قال: جاء نَعْي عبد اللَّه إلى أبي الدرداء فقال: ما ترك بعده مثله (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 1059 - 1060 (1539 - 1540) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قال محمد بن جعفر في حديثه: قال أبو إسحاق، عن سُليمان الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة: لقد عَلِم المحفوظون من أصحاب محمد أن ابن أم عبد من أقربهم إلى اللَّه وسيلة (¬4). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أسود بن عامر، قثنا شَرِيك، عن أبي ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 387 (32221)، والطبراني 9/ 80 (8458) والحاكم 3/ 317 مختصرا، ورواه البزار 5/ 357 (1986) بلفظه عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد اللَّه بن مسعود. قال الدارقطني في "العلل" 5/ 201: المرسل هو أثبت وقال الهيثمي في "المجمع" 9/ 290: رواه البزار والطبراني في "الأوسط" باختصار الكراهة ورواه في "الكبير" منقطع الإسناد، وفي إسناد البزار محمد بن حميد الرازي وهو ثقة وفيه خلاف وبقيه رجاله وثقوا. اهـ. والحديث ذكره الألباني في "الصحيحة" (1225). (¬2) لم أقف عليه بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 7/ 33 (33888) والبخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 2، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2038)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 1/ 150. (¬4) رواه الإمام أحمد 5/ 394، وهو عند البخاري (3762) بلفظ مقارب.

إسحاق، عن حارثة قال: قُرِيءَ علينا كتاب عُمَر: السلام عليكم، أما بعد، فإني قَد بَعَثْتُ إليكم عمارًا أميرًا وعبد اللَّه معلمًا ووزيرًا، وإنهما من نُجَباء أصحاب محمد وممن شهد بدرًا، اسمعوا لهما وأطيعوا، وقد آثرتكم بهما على نفسي (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مُضَرِّب، قال: قرئ علينا كتاب عُمر هاهنا: إني بعثت إليكم عمارًا أميرًا، وبعبد اللَّه بن مسعود معلمًا ووزيرًا، وهما من النُّجَباء من أصحاب محمد من أهل بدر، فاسمعوا لهما وأطيعوا، وآثرتكم بابن أم عبد على نفسي، وجعلته على بيت مالكم، ورزقهم كل يوم شاة، وبعث حذيفة وابن حُنَيْف على السؤاد، فجعل لعمار شطرها وبطنها، وجعل الشطر الباقي بين هؤلاء الثلاثة. "فضائل الصحابة" 2/ 1061 - 1063 (1545 - 1547) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، قثنا الأعمش، عن زيد بن وَهْب قال: كنت جالسًا عند عُمَر، فأقبل عبد اللَّه فدَنا منه، فأكب عليه، فكلّمه، فلما انصرف قال عمر: كُنَيْف ملئ علمًا (¬2). ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 255، وابن أبي شيبة 6/ 387 (32227)، وابن أبي عاصم في "الآحاد" 1/ 190 (246) والطبراني 9/ 186 (8478) وابن عساكر في "تاريخه" 23/ 129. وذكره الهيثمي في "المجمع" 9/ 291 وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، غير حارثة وهو ثقة. (¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 155 - 156، والفسوي في "المعرفة" 2/ 542 - 543، والطبراني 9/ 85 (8477)، والحاكم 3/ 318، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 129، وذكره الهيثمي في "المجمع" 9/ 291: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

169 - مناقب صهيب بن سنان الرومي -رضي الله عنه-

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي عُبيدة قال: قال عبد اللَّه أخلائي من هذِه الأمة أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1063 - 1064 (1550 - 1551) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: في حديث عبد اللَّه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "أذنت لك أن ترفع الحجاب، وتستمع سوادي، حتى أنهاك" (¬2): تفسيره: سري (¬3)، قالها لنا عبد اللَّه كلها: سوادي. برفع السين. "مسائل عبد اللَّه" (1611) 169 - مناقب صهيب بن سنان الرومي -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر، قثنا عوف، عن أبي عثمان: أن صُهَيْبًا حين أراد الهِجْرة فقال له كفار قريش: أتيتنا صعْلُوكًا حقيرًا، ثم أصبت بين أظهرنا المال، وبلغت الذي بلَغتَ، ثم تريد أن تخرج أنت ومالك! واللَّه لا يكون ذلك. قال: فقال صهيب: أرأيت إن جعلت لكم مالي أمخلُّون أنتم سبيلي؟ قالوا: نعم. فخلع لهم ماله، قال: فبلغ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "رَبح صُهَيْب، رَبحَ صهَيْب" (¬4). "فضائل الصحابة" 2/ 1043 - 1044 (1509) ¬

_ (¬1) رواه الحاكم 2/ 262 - 263، وصححه، وانظر "العلل" للدارقطني 5/ 317. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 388، 404، ومسلم (2169). (¬3) في "المسائل": سترى. والمثبت من "المسند". (¬4) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 227 - 228، وصححه ابن حبان (7082)، ورواه أيضًا ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 24/ 226 من طرق عن عوف، به.

170 - مناقب العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه-

170 - مناقب العباس بن عبد المطلب -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا سفيان بن عُيَيْنة، عن بِشْر بن عاصم، عن سعيد بن المُسَيّب، قال: أراد عمر توسيع المسجد فكان للعباس دار، فقال: لا أعطيكها، ليس ذاك، قال: اجعل بيني وبينك أُبي بن كعب حكمًا، فقضى عليه، فقال العباس: هي على المسلمين صدقة (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1160 (1753) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا موسى بن داود، قثنا الحَكَم بن المنذر، عن عُمر بن بِشْر الخَثْعمي، عن أبي جعفر، قال: أقبل العباس بن عبد المطلب وعليه حلة وله ضفيرتان وهو أبيض بَضٌّ، فلما رآه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تَبَسّم فقال له العباس: ما أضحكك يا رسول اللَّه أضحك اللَّه سنك؟ قال: "أعجبني جمالك يا عم النبي"، فقال العباس: ما الجمال في الرجل يا رسول اللَّه؟ قال: "اللسان" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، قال: قال العباس: يا رسول اللَّه، إنا نعرف في وجوه أقوام ¬

_ (¬1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 367، ورواه البيهقي في "سننه" 6/ 168، ومن طريقه ابن عساكر 26/ 368 عن سعيد، عن أبي هريرة موصولًا، وبلفظ أشمل. (¬2) رواه ابن عساكر من طريق الإمام أحمد في "تاريخ دمشق" 26/ 345، ورواه الحاكم 3/ 330 بزيادة واختلاف في هذا الإسناد، فرواه من طريق موسى بن داود، عن الحكم بن المنذر، عن محمد بن بشر، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسن، عن أبيه. فخالف عمر بن بشر. كما زاد في الإسناد علي بن الحسين. قال الذهبي: مرسل. اهـ والحديث قال عنه الحافظ في "التلخيص" 4/ 28: وهو مرسل وقال ابن طاهر: إسناده مجهول. اهـ ثم ذكره الحافظ عن غير واحدٍ بشيء من التفصيل. وانظر: "البدر المنير" 8/ 455، و"الضعيفة" 7/ 466.

الضغائن بوقائع أوقعتَها فيهم، قال: فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لن ينالوا خيرًا حتى يُحِبّوكم للَّه ولقرابتي، ترجو سَلهَم (¬1) شفاعتي، ولا يرجوها بنو عبد المطلب" (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1161 - 1162 (1755 - 1756) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا هُشَيْم، قال: أنا منصور، عن الحكم بن عُتَيْبة، عن الحسن بن مُسلم المكي قال: بعث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عمر بن الخطاب على الصدقات، قال: فأتى على العباس فسأله صدقة ماله، قال: فتجهَّمه العباس، وكان بينهما كلام، قال: فانطلق عُمر إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فشكا العباس إليه، قال: فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أما علِمت يا عُمر أن عَمّ الرجل صِنْوُ أبيه؟ ، إنا كنا تعجَّلنا صدقة مالِ العباسِ العامَ عامَ أول" (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 1163 - 1164 (1759) ¬

_ (¬1) كذا في المطبوع، وفي بعض الروايات: سهلب. وفي أخرى وقع: سليم. وفسرت في رواية بأنها: حي من مراد. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 385 (32203)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 26/ 337 من طريق سفيان، به مرسلًا. ورواه موصولًا الطبراني فى "الأوسط" 3/ 217 (2963) والخطيب في تاريخ بغداد 5/ 316 عن أبي الضحى، عن ابن عباس، به كذلك وصله الخطيب عن أبي الضحى، عن عائشة، به ثم قال الخطيب: والمحفوظ عن أبي الضحى، عن ابن عباس. اهـ. قلت: وقد رواه الإمام أحمد 1/ 257 من حديث عبد اللَّه ابن الحارث، عن العباس، مرة. وأخرى زاد عبد المطلب بن ربيعة بين ابن الحارث والعباس. (¬3) علقه أبو داود عقب حديث (1624) وقال: حديث هشيم أصح. ورواه أبو بكر البزاز في "الفوائد" (253). وذكره ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 215 وقال: وهو الصحيح. اهـ ووافقه الدارقطني في "العلل" 5/ 157. وقال البيهقي في "الكبرى" 4/ 111: وهذا هو الأصح من هذِه الروايات. وقال الألباني في "الإرواء" 3/ 348. والحسن بن مسلم هو ابن يناق تابعي ثقة فهو مرسل صحيح الإسناد، وله شواهد تقويه.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: أنا هُشَيْم، قثنا حجاج، عن ابن أبي مُلَيْكة وعطاء بن أبي رباح؛ أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث عمر بن الخطاب على الصدقات قال: فأتى على العباس فسأله صدقة مالهِ، قال: فتجَهَّمه العباس، قال: حتى كان بينهما، فانطلق عمر إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فشكا العباس، فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا عمر، أما عَلِمْتَ أن عم الرجل صِنْو أبيه؟ إنا كنا تعجلنا صدقة العباس العام عام أول" (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1167 (1763) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن زكريا قال: حدثني إسماعيل ابن أبي خالد قال: شهدتُ الشّعْبي يقول: ما سمع الشِّيب ولا الشبان بخطبة مثلها (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1168 (1766) ¬

_ (¬1) لم أقف عليه بهذا الإسناد، وانظر ما قبله. (¬2) يشير الشعبي إلى خطبة بيعة العقبة، ونصها: انطلق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- معه العباس عَمُّه إلى السبعين من الأنصار عند العقبة تحت الشجرة، فقال: ليتكلم متكلمكم ولا يُطِل الخُطبةَ، فإن عليكم من المشركين عَيْنًا وإن يعلموا بكم يفضحوكم، فقال قائلهم -وهو أبو أمامة- سل يا محمد لِرَبّك ما شئت، سل لنفسك ولأصحابك ما شئت، ثم أخبرنا ما لنا من الثواب على اللَّه وعليكم إذا فعلنا ذاك؟ قال: "أسألكم لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا وأسألكم لنفسي ولأصحابي أن تُؤْوُنا وتنصرونا وتمنعونا مما منعتم منه أنفسكم" قالوا: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال: لكم الجنة، قالوا: فلك ذاك". رواه الإمام أحمد 4/ 120. قال الهيثمي في "المجمع" 6/ 47 - 48 رواه هكذا مرسلا ورجاله رجال الصحيح. اهـ. وقال العجلي في ترجمة الشعبي: مرسل الشعبي صحيح لا يكاد يرسل إلا صحيحا. انظر: "معرفة الثقات" 2/ 12.

171 - مناقب أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-

171 - مناقب أبي موسى الأشعري -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا سُلَيمان بن داود أبو داود، قثنا شعبة، عن أبي التياح قال: سمعتُ الحسَن يقول: ما قدمها -يعني: البصرة- راكب كان خيرًا لهم من أبي موسى (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1123 (1685) مناقب أبي سنان الأسدي -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا ابن نُمَيْر، عن إسماعيل، عن الشعبي قال: أول من بايع بيعة الرضوان أبو سِنان الأسدي (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1124 (1689) 172 - مناقب عمرو بن العاص -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن إسحاق، قال: أنا ابن لَهِيْعة. والحسن بن موسى، قثنا ابن لهيعة، قال: نا يزيد بن أبي حبيب، عن سعيد ابن أبي هلال، عن المُطَّلِب بن عبد اللَّه بن حَنْطب قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نِعْمَ أهلُ البيت عبد اللَّه وأبو عبد اللَّه وأم عبد اللَّه" (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 1155 (1746) ¬

_ (¬1) رواه الحاكم 3/ 465. (¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 100، وابن أبي شيبة 6/ 417 (32498)، وأبو نعيم في "المعرفة" 5/ 2913 (6828). (¬3) لم أقف عليه مرسلا، ورواه الإمام أحمد 1/ 161، وأبو يعلى 2/ 18 (645) موصولا من حديث طلحة بن عبيد اللَّه. وروى الترمذي الموصول (3844) دون موضع الشاهد. قال الترمذي: هذا الحديث لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة عن =

قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه، حدثني أبي قال: ثنا يحيى بن إسحاق، قال: أنبأ الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سويد بن قيس، عن زهير بن قيس البلوي، عن علقمة بن رمثة، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث عمرو بن العاص، فخرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في سرية فخرجنا معه، فنعس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فاستيقظ فقال: "رحم اللَّه عمرًا" قال: فتذاكرنا كل من كان اسمه عمرًا، قال: فنعس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "رحم اللَّه عمرًا"، قال: ثم نعس الثالثة، فاستيقظ فقال: "رحم اللَّه عمرًا"، قلنا: يا رسول اللَّه، من عمرو هذا؟ قال: "عمرو بن العاص" قلنا: وما شأنه؟ قال: "كنتُ إذا ندبت الناس إلى الصدقة جاء فأجزل منها، فأقول: يا عمرو أنى لك هذا؟ " فيقول: من عند اللَّه، قال: "صدق عمرو إن له عند اللَّه خيرًا كثيرًا". قال زهير بن قيس: فلما قبض النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قلت: لألزمن هذا الذي قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن له عند اللَّه خيرًا كثيرًا" حتى أموت (¬1). "السنة" للخلال 1/ 349 - 350 (688) ¬

_ = مشرح وليس إسناده بالقوي. وقال الهيثمي في "المجمع" 9/ 354: رواه الترمذي باختصار، رواه أبو يعلى وأحمد بنحوه، ورجاله ثقات. (¬1) رواه البخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 40 (174)، والطبراني 5/ 18 (1)، والحاكم 3/ 455، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وقال الهيثمي في "المجمع" 9/ 352: رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال: قال زهير: فلما كانت الفتنة قلت: أتبع هذا الذي قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما قال، ورجال أحمد وأحد إسنادي الطبراني ثقات.

173 - مناقب معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-

173 - مناقب معاوية بن أبي سفيان -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو المغيرة، قثنا صفوان، قال: حدثني شُرَيْح بن عُبَيْد" أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دعا لمعاوية بن أبي سفيان: "اللهم علِّمْه الكتاب والحساب وقِه العذاب" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا حَسَن بن موسى، قثنا أبو هلال، قثنا جَبَلة بن عَطِيّة، عن مَسلمة بن مَخْلد أو عن رجل، عن مَسلمة بن مَخْلد أنه رأى معاوية يأكل، فقال لعمرو بن العاص: إن ابن عمك هذا المِخْضد أما إني أقول ذا، وقد سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "اللهم علمه الكتاب ومكّن له في البلاد وقه العذاب" (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1158 (1749 - 1750) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق قال: لما قدم معاوية عرض الناس على عطية آبائهم حتى انتهى إلي فأعطاني ثلاث مئة درهم (¬3) "العلل" برواية عبد اللَّه (1988) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع عن أبي المعتمر -يعني: ¬

_ (¬1) لم أقف عليه مرسلًا، وانظر ما بعده. (¬2) رواه ابن سعد كما في "البداية والنهاية" 4/ 516، والطبراني 19/ 439 (1065)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 59/ 78، وابن الجوزي في "العلل" 1/ 272 (439) وأعله بأبي هلال. وقال الهيثمي في "المجمع" 9/ 357: رواه الطبراني من طريق جبلة بن عطية عن مسلمة بن مخلد، وجبلة لم يسمع من مسلمة فهو مرسل، ورجاله وثقوا وفيهم خلاف. وذكره الألباني في "الصحيحة" 7/ 691 - 692 وأعله بجهالة الرجل الذي لم يسم. (¬3) رواه الخلال في "السنة" 1/ 345 (676)، وابن الجعد ص 73 (390)، وابن عساكر 46/ 206.

الحيري اسمه يزيد بن طهمان- عن ابن سيرين قال: كان معاوية لا يُتَّهم في الحديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "العلل" برواية عبد اللَّه (2273). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا أبو المعتمر، عن ابن سيرين -قال أبي: أبو المعتمر اسمه يزيد بن طهمان- عن معاوية، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تركبوا الخزّ ولا النمار". قال ابن سيرين: كان معاوية لا يُتَّهم في الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2). "العلل" برواية عبد اللَّه (5912). قال الخلال: أخبرني أبو النضر العجلي، أنه سأل أبا عبد اللَّه عن حديث جابر بن سمرة: "يكون بعدي اثنا عشر أميرًا -أو قال: خليفة" (¬3). فقال: قد جاء. قال الخلال: وأخبرني محمد بن علي، أن مهنا حدثهم قال: سألت أحمد عن معاوية بن أبي سفيان؟ فقال: له صحبة. قلت: من أين هو؟ قال: مكي قطن الشام. قال الخلال: وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني، قلت لأحمد بن حنبل: أليس قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل صهر ونسب ينقطع إلا صهري ونسبي؟ " (¬4)، قال: بلى. ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 344 (675)، وانظر التخريج التالي. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 93، وأبو داود (4129)، ورواه ابن ماجه مختصرًا (3656) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7283). (¬3) رواه الإمام أحمد 5/ 90، والبخاري (7222)، ومسلم (1821). (¬4) روي من حديث المسور بن مخرمة، وعبد اللَّه بن عباس، وعمر بن الخطاب، وعبد اللَّه بن عمر أما حديث المسور: فرواه الإمام أحمد 4/ 323 والطبراني 20/ 30 =

قلت: وهذِه لمعاوية؟ قال: نعم (¬1)، له صهر ونسب. قال: وسمعت ابن حنبل يقول: ما لهم ولمعاوية! نسأل اللَّه العافية. "السنة" للخلال 1/ 335 (652 - 654) قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى، أن أبا طالب حدَّثهم؛ أنه سأل أبا عبد اللَّه: أقول: معاوية خال المؤمنين؟ وابن عمر خال المؤمنين؟ قال: نعم، معاوية أخو أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ورحمهما، وابن عمر أخو حفصة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ورحمهما. قلت: أقول: معاوية خال المؤمنين؟ قال: نعم. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: سمعت هارون بن عبد اللَّه يقول لأبي عبد اللَّه: جاءني كتاب من الرقة أن قومًا قالوا: لا نقول: معاوية خال المؤمنين. فغضب وقال: ما اعتراضهم في هذا الموضع؟ يجفون حتى يتوبوا. قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر، أن أبا الحارث حدَّثهم، قال: وجهنا رقعة إلى أبي عبد اللَّه: ما تقول رحمك اللَّه فيمن قال: لا أقول إن معاوية كاتب الوحي، ولا أقول: إنه خال المؤمنين، ¬

_ = والحاكم 3/ 58، والبيهقي 7/ 64، قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 253: وفيه أم بكر بنت المسور، ولم يجرحها أحد ولم يوثقها، وبقية رجاله وثقوا. وحديث ابن عباس: رواه الطبراني 11/ 243 (11621)، والخطيب في "تاريخه" 10/ 271 وأورده الهيثمي في "المجمع" 9/ 173 وقال: ورجاله ثقات. وحديث عمر: رواه ابن سعد 8/ 463، والطبراني 3/ 45 (2635)، وصححه الحاكم 3/ 142 وتعقبه الذهبي بقوله: منقطع. وأورده الألباني بطرقه وقال عنه في "الصحيحة" (2036): الحديث بمجموع هذِه الطرق صحيح واللَّه أعلم. (¬1) رواه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 8/ 1532.

فإنه أخذها بالسيف غصبًا؟ قال أبو عبد اللَّه: هذا قول سوء رديء، يجانبون هؤلاء القوم ولا يجالسون، ويبين أمرهم للناس. قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي قال: قلتُ لأبي عبد اللَّه: أيهما أفضل: معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال: معاوية أفضل، لسنا نقيس بأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحدًا؛ قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خيرُ الناسِ قرني الذي بعثتُ فيهم" (¬1). قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام، قال: ثنا حنبل، قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل: من أفضل: معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ قال: من رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خيرُ الناس قرني". قال الخلال: أخبرني يوسف بن موسى وأحمد بن الحسين بن حسان، أن أبا عبد اللَّه قيل له: هل يقاس بأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحد؟ قال: معاذ اللَّه، قيل: فمعاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز؟ قال: إي لعمري، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خير الناس قرني". "السنة" للخلال 1/ 339 - 340 (657 - 662) قال الخلال: أخبرني محمد بن يزيد بن سعيد النهرواني، قال: وجدت في كتاب أبي بخطه قال: حدثني الفضل بن جعفر قال: يا أبا عبد اللَّه، أيش تقول في حديث قبيصة، عن عباد السماك، عن سفيان: أئمة العدل خمسة، أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز (¬2)؟ ¬

_ (¬1) رواه مسلم (2534) من حديث أبي هريرة، ورواه أحمد 1/ 378، والبخاري (2652)، ومسلم (2533) من حديث ابن مسعود بلفظ "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم". (¬2) رواه أبو نعيم في "الحلية" 6/ 378، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 45/ 190.

فقال: هذا باطل -يعني: ما ادُّعي على سفيان- ثم قال: أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يدانيهم أحد، أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يقاربهم أحد. قال: وسألت أبا معمر الكرخي عن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقال: أبو بكر وعمر وعثمان. قلت: إن عندنا إنسانًا يقول: وعلي وعمر بن عبد العزيز. فقال أبو معمر: ما قال بهذا أحد، ويحك من هذا؟ لم تصحبون مثل هذا؟ لم يخطأ معاوية، أصحاب محمد خير الناس بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لو جاء من بعدهم بأمثال الجبال من الأعمال لكانوا أفضل منه؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" (¬1)، ولو أن رجلًا في قلبه غيظ على أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- لكان كافرًا؛ لأن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يقول: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: 29] فمن كان في قلبه غيظ فهو كافر. "السنة" للخلال 1/ 341 - 342 (666) قال الخلال: أخبرني عبد الملك الميموني قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا مروان بن شجاع قال: حدثني خصيف عن مجاهد، وعطاء عن ابن عباس أن معاوية أخبره أنه رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قصر من شعره بمشقص قال: فقلت لابن عباس: ما بلغنا هذا إلا عن معاوية، فقال: ما كان معاوية على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- متهمًا (¬2). "السنة" للخلال 4/ 13 (674). قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في حديث ابن عمر: ما رأيت أحدًا بعد ¬

_ (¬1) رواه أحمد 3/ 11، والبخاري (3673)، ومسلم (2541) من حديث أبي سعيد. (¬2) "المسند" 4/ 95، وبنحوه رواه البخاري (1730)، ومسلم (1246) عن ابن عباس.

النبي كان أسود من معاوية. قال: تفسيره: أسخى منه (¬1). حدثناه الدوري قال: ثنا نوح بن يزيد المؤدب، قال: ثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر قال: ما رأيتُ أحدا بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان أسود من معاوية (¬2). قال: قلت: هو كان أسود من أبي بكر؟ قال: هو -واللَّه- أخير منه، وهو -واللَّه- كان أسود من أبي بكر. قال: قلت: فهو كان أسود من عمر؟ قال: عمر -واللَّه- كان أخير منه، وهو -واللَّه- كان أسود من عمر. قال: قلت: هو كان أسود من عثمان؟ قال: واللَّه إن كان عثمان لسيدًا، وهو كان أسود منه. قال الدوري: قال بعض أصحابنا: قال أحمد بن حنبل: معنى أسود، أي: أسخى. قال الخلال: وأخبرني محمد بن مخلد بن حفص العطار، قال: حدثني محمد بن المثنى، قال: ثنا نوح بن يزيد بن سيار أبو محمد المؤدب، قال: وسأل أحمد بن حنبل عنه، فقال: اكتب منه؛ فإنه كان مؤدب إبراهيم بن سعد، وحجَّ معه. ¬

_ (¬1) قال أبو بكر الخلال معلقًا: وقد روى هذا التفسير عن أحمد بن حنبل غير واحد ثقة، منهم محمد بن المثنى صاحب بشر بن الحارث رحمه اللَّه والدوري حكاه عن بعض أصحابه، ولا أحسب إلا أنه سمعه من محمد بن المثنى؛ لأنهما جميعًا رويا الحديث عن نوح بن يزيد. (¬2) رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 1/ 379 (516)، والطبراني 12/ 387 (13432) وفي "الأوسط" 7/ 31 (6759)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 59/ 174، قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 357: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وفي رجاله خلاف.

قال: ثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر قال: ما رأيت أحدًا بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان أسود من معاوية. قال: قلت: فهو كان أسود من أبي بكر؟ قال: أبو بكر أفضل منه، وكان هو أسود من أبي بكر. قال: قلت: أهو كان أسود من عمر؟ قال: عمر كان أفضل منه، وهو -واللَّه- كان أسود من عمر. قال: قلت: هو كان أسود من عثمان؟ قال: واللَّه إن كان عثمان لسيدًا، ومعاوية -واللَّه- كان أسود منه. قال محمد بن مخلد: سمعت محمد بن المثنى -بعدما حدثني بهذا الحديث- قال: سألت أحمد بن محمد بن حنبل فقلت: يا أبا عبد اللَّه، أيش معنى السيد؟ قال: السيد: الحليم، والسيد: المعطي، أعطى معاوية أهل المدينة عطايا ما أعطاها خليفة كان قبله. "السنة" للخلال 1/ 346 - 347 (678 - 679) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي قال: ثنا مهنا قال: سألت أحمد عن حديث وكيع، عن هشام، عن أبيه، عن معاوية: لا حلم إلا التجربة فقال: ما أعجب هذا! قال مهنا: وسألت يحيى بن معين، هل سمع عروة بن الزبير من معاوية؟ فقال: نعم. قلت: ما هو؟ قال: يقول عروة: سمعت معاوية يخطب يقول: لا حلم إلا التجربة. قلت: من يقول؟ قال: هشام بن عروة يقول عن عروة (¬1). "السنة" للخلال 1/ 348 - 349 (684) ¬

_ (¬1) رواه البيهقي في "الشعب" 6/ 361 (8528).

قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: ثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن يونس بن سيف، عن الحارث بن زياد، عن أبي رهم، عن العرباض بن سارية قال: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول في شهر رمضان يدعو إلى السحور يقول: "هلموا إلى الغداء المبارك"، وسمعته يقول: "اللهم علم معاوية الحساب والكتاب، وقه العذاب" (¬1). "السنة" للخلال 1/ 352 (696) قال محمد بن الحكم: قال أحمد: يروى عن الزهري أن معاوية كان أمره خمس سنين لا ينكر عليه شيء، فكان هذا على حديث النبي: "خمس وثلاثين سنة". قال ابن الحكم: قلت لأحمد: من قال حديث ابن مسعود: "تدور رحا الإسلام لخمس وثلاثين" (¬2) إنها من مهاجر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: لقد أخبر هذا، وما عليه أن يكون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يصف الإسلام (بسير هو بالجناية) (¬3)، إنما يصف ما بعده من السنين. "مجموع الفتاوى" 35/ 26 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 127، والبزار 10/ 138 (4202) وابن حبان (721)، والطبراني 18/ 251 (628)، وابن خزيمة (1938). وحديث السحور رواه أبو داود (2344)، والنسائي 4/ 145، قال الهيثمي 9/ 357: رواه البزار وأحمد في حديث طويل والطبراني، وفيه الحارث بن زياد، ولم أجد من وثقه، ولم يرو عنه إلا يون بن سيف، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم اختلاف. وصححه الألباني في "الصحيحة" (3227) وقال: وهذا إسناد حسن في الشواهد، رجاله ثقات غير الحارث بن زياد، فإنه مجهول لم يوثقه غير ابن حبان، ولم يذكر له راويًا غير يونس هذا. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 390، وأبو داود (4254)، وصححه ابن حبان 15/ 46 (6664)، والحاكم 4/ 521، والألباني في "الصحيحة" (976). (¬3) كذا بالمطبوع.

174 - مناقب عدي بن حاتم -رضي الله عنه-

174 - مناقب عدي بن حاتم -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، قال: قال عَدِي لعمر: أتعرفني؟ قال: نعم أعرفك بأحسن معرفة، أسلمتَ إذ كفروا، وأقبلتَ إذ أدبروا، ووفيتَ إذ غَدروا (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1123 - 1124 (1687) 175 - مناقب فرات بن حيان -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن أبيه، عن إسحاق، عن حارثة بن مضرب، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن مِنكم مَن وُكِل إلى إيمانه منهم فرات بن حيّان" (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1124 (1688) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 45، والبخاري (4394) (¬2) لم أهتد إلى هذا الإسناد، لكن رواه الإمام أحمد 4/ 366، وأبو داود (2652)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 128، والحاكم 2/ 115 عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن فرات بن حيان. . الحديث قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وصححه الألباني في "الصحيحة" (1701).

176 - مناقب عبد الله بن عمر رضي الله عنهما

176 - مناقب عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثني أبو معمر، حدثنا يوسف بن الماجشون، عن أبيه، عن عائشة رحمها اللَّه قالت: ما رأيت أحدا أشبه بأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الذين دفنوا في النمار من عبد اللَّه بن عمر (¬1). "الزهد" رواية عبد اللَّه ص 242 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا ابن إدريس قال: أنا حُصَيْن، عن سالم ابن أبي الجَعْد، عن جابر قال: ما رأيت أو ما أدركت أحدًا إلا قد مالت به الدنيا إلا عبد اللَّه بن عمر (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1130 - 1131 (1699) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو معاوية، قثنا الأعمش، عن إبراهيم قال: قال عبد اللَّه: إن من أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا عبد اللَّه بن (¬3) عمر. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا حَسن بن موسى، قثنا سَلام قال: سمعت الحسن قال: لما كان من عثمان ما كان، واختلاط الناس، أتوا عبد اللَّه بن عمر فقالوا: أنت سيدنا وابن سيدنا، اخرج يبايعك الناس، وكلهم بك راض. فقال: لا واللَّه لا يُهرَاق في سببي مِحْجَمة من دم، ما كان فِيَّ روح، ثم عادوا إليه فخوفوه فقالوا: لتَخرجَن أو لتُقْتَلن على فراشك. فقال مثلها، فأطمع وأُخيف، قال: فواللَّه ما استقلوا منه بشيء حتى لحق باللَّه عَزَّ وَجَلَّ (¬4). ¬

_ (¬1) رواه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 301. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 399 (32322)، والحاكم 3/ 560، وأبو نعيم 1/ 294. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 399 (32321)، وأبو نعيم 1/ 294. (¬4) رواه ابن سعد في "الطبقات" 4/ 151.

177 - مناقب أنس بن مالك -رضي الله عنه-

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا إسماعيل قال: أنا سعيد، عن قتادة قال: قال سعيد بن المسيب: لو كنت شاهدًا لأحدٍ حيٍّ أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد اللَّه بن عمر (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1132 - 1133 (1701 - 1703) 177 - مناقب أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، ثنا محمد بن جعفر، قثنا. وحجاج قال: حدثني شعبة قال: سمعتُ قتادة يحدث عن أنس بن مالك، عن أمّ سُلَيْم أنها قالت: يا رسول اللَّه، أنس خادمك ادع اللَّه له، فقال: "اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته". قال حجاج في حديثه قال: فقال أنس: أخبرني بعض ولدي أنه قد دفن من ولدي وولد ولدي أكثر من مائة (¬2). قال: حدثني أبي، قثنا محمد قال: نا شعبة وحجّاج قال: حدثني شعبة قال: سمعتُ هشام بن زيد قال حجاج بن أنس بن مالك يحدث عن أنس مثل ذلك. "فضائل الصحابة" 2/ 1070 - 1071 (1564 - 1565) ¬

_ (¬1) رواه الحاكم 3/ 559. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 430 بلفظه، ورواه البخاري (6378 - 6379)، ومسلم (2480) دون ذكر القطعة الثانية.

178 - مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما

178 - مناقب الحسن والحسين رضي اللَّه عنهما قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عُبَيْدة -وهو ابن حُميد- قال: حدثني عمار الدهني، عن حبيب بن أبي ثابت، أن حسينًا كان يريد أن يُحْرِم ومعه أصحابه فقدّم إليهم طيبًا فادهنوا به وادهن هو بزيت (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 676 - 677 (928) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن أبي عدي، عن ابن عون، عن أنس -يعني: ابن سيرين- قال: قال الحسن بن علي يوم كَلّم معاوية: ما بين جابرس وجابلق: رجل جده نبي غيري، وإني رأيت أن أصلح بين أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكنت أحقّهم بذاك، ألا إنا قد بايعنا معاوية، ولا أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 964 (1355) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن سعيد، عن صدقة بن المثنى قال: حدثني جدي، أن الناس اجتمعوا على الحسن بن علي بالمدائن بعد مقتل علي، فخطبهم فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد إن كل ما هو آت قريب، وإن أمر اللَّه واقع إذلاله وإن كره الناس، وإني واللَّه ما أحْبَبْت -قال محمد بن عُبيد اللَّه هذِه الكلمة فإني واللَّه ما أحببت- أن أَلِيَ مِن أمر أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- بما يزن مثقال حبة خردل، يُهراق فيها مِحْجَمةٌ من دم منذ عَقلتُ ما ينفعني مما يضرني، فالحقوا بمطيتكم (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 970 (1364) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 199 (13479). (¬2) رواه عبد الرزاق 11/ 452 (20980)، والطبراني 3/ 87 (2748) والبيهقي 8/ 173. (¬3) رواه المروزي في "الفتن" 1/ 173، والخطيب في "تاريخه" 8/ 419، وابن عساكر في "تاريخه" 13/ 263.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا الأعمش، عن سالم بن أبي الجَعْد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني سميت ابني هذين حَسن وحُسين بأسماء ابني هارون شَبّر وشبيرًا" (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 971 (1367) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي الجحّاف، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللهم إني أحِبُّهما فأحِبَّهُما" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن رَبيعْ بن سعد، عن ابن سابط ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 381 - 382 (32176) عن وكيع به، ورواه الطبراني 3/ 97 (2777) عن يحيى بن عيسى الرملي، نا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن علي مرفوعا. قال الألباني في "الضعيفة" (3706): وهذا إسناد ضعيف منقطع، سالم بن أبي الجعد عن علي مرسل، كما قال أبو زرعة، والرملي صدوق يخطئ كما قال الحافظ. اهـ. وبنحوه رواه الإمام أحمد 1/ 98، والبخاري في "الأدب المفرد" (823) من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ عن علي مرفوعًا. قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 3/ 471: إسناده صحيح. وتعقبه الألباني في "الضعيفة" قائلا: إن هانئا هذا لم يرو عنه غير أبي إسحاق وحده، ولازمه أنه مجهول، وهذا ما صرح به الإمام ابن المديني كما صرح بذلك الذهبي نفسه وغيره، وأيضا فأبو إسحاق -وهو السبيعي- مدلس مختلط وقد عنعنه فأنى للحديث الصحة؟ ! انتهى بتصرف. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 446، والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" 3/ 226 (2626)، والطبراني 3/ 49 (2651)، قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 180: رواه البزار وإسناده حسن. قلت: روى البخاري (2122)، ومسلم (2421) من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال للحسن: "اللهم إنى أحبه فأحبه وأحبب من يحبه".

قال: دخل حُسَيْن بن علي المسجد، فقال جابر بن عبد اللَّه: مَن أحب أن ينظر إلى سَيّد شباب الجنة فلينظر إلى هذا. سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي قال: نا حماد بن سَلَمة، عن عمار قال: سمعتُ أم سلمة قالت: سمعتُ الجِنّ يبكين على حسين. قال: وقالت أم سلمة: سمعت الجن تَنُوح على الحُسَيْن -رضي اللَّه عنه- (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا حَسن -هو ابن موسى- نا حماد بن سلَمة، عن يونس، عن الحَسن قال: جاء راهبا نجران إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال لهما رسول اللَّه: "أسلما تَسْلَما"، فقالا: قد أسلمنا قبلك، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كذبتُما منعكما من الإسلام ثلاث، سجودكما للصليب، وقولكما: اتخذ اللَّه ولدًا، وشُربكما الخمر"، فقالا: فما تقول في عيسى؟ قال: فسكت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ونزل القرآن: {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)} [آل عمران: 58] إلى قوله: {أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} [آل عمران: 58 - 61]. ¬

_ (¬1) رواه أبو يعلى 3/ 397 (1874)، وابن حبان 15/ 421 (6966)، وابن عساكر في "تاريخه" 13/ 210. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 187: رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح غير الربيع بن سعد، وقيل: ابن سعيد وهو ثقة. وصححه بمجموع طرقه الألباني في "الصحيحة" (796) قائلا: وبالجملة فالحديث صحيح بلا ريب، بل هو متواتر كما نقله المناوي وكذلك الزيادات التي سبق تخريجها فهي صحيحة ثابتة. اهـ. ولمزيد بيان انظر "الصحيحة". (¬2) رواه أحمد بن منيع وعبد بن حميد في "مسنديهما" كما في "المطالب العالية" (3963)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 1/ 308 (425)، والطبراني 3/ 121 - 122 (2862، 2867). قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 199: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

قال: فدعاهما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى الملاعنة، قال: وجاء بالحسن والحُسَيْن وفاطمة أهلِه وَوَلَده، قال: فلما خرجا من عنده، قال أحدهما لصاحبه: أقرر بالجزية ولا تلاعِنْه، قال: فرجعا فقالا: نُقِرّ بالجزية ولا نلاعنك، قال: فأقرا بالجزية (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 972 - 975 (1371 - 1374) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن آدم، نا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن رَزِين بن عُبَيْد قال: كنتُ عند ابن عباس، فأتى عليٌّ بن الحُسَيْن فقال ابن عباس: مرحبًا بالحَبِيْب بن الحبيب (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 976 (1377) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن فُضَيْل، نا سالم -يعني: ابن أبي حَفْصة- عن مُنْذِر قال: سمعت ابن الحنفية يقول: حَسَن وحسين خير مني، ولقد عَلِما أنه كان يستخليني دونهما وأنا صاحب البغلة الشهباء (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 977 (1379) ¬

_ (¬1) رواه الواحدي في "أسباب النزول" ص 107 (208) من طريق الإمام أحمد ورواه عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 2/ 583 عن ابن وهب عن الليث بن سعد عمن حدثه. . الحديث. ورواه أيضًا أبو نعيم في "دلائل النبوة" 2/ 354 (245) من طريق أبي عمر الدوري، عن محمد بن مروان، عن محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح عن ابن عباس. . الحديث. (¬2) رواه ابن عساكر في "تاريخه" 41/ 370 من طريق الإمام أحمد. ورواه ابن سعد في "الطبقات" 5/ 213 عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي العيزار ابن حريث. (¬3) رواه الإمام أحمد في "فضائل الصحابة" 2/ 977 (1379)، وابن عساكر في "تاريخه" 54/ 331، وذكره الذهبي في "السير" 4/ 115.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عفان، نا حماد قال: أنا عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس قال: رأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما يرى النائم بنصف النهار، قائل أشعث أغبر بيده قارورة فيها دم، فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول اللَّه ما هذا؟ قال: دمُ الحسين وأصحابه فلم أزل ألتقطه منذ اليوم. فأحصَيْنا ذلك اليوم، فوجدوه قُتِل في ذلك اليوم (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 978 (1381) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 283، والطبراني 3/ 110 (2822) وصححه الحاكم 4/ 397 - 398، وقال الهيثمي في "المجمع" 9/ 194: رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح. وصححه الألباني في "المشكاة" (6172).

179 - مناقب عبد الله بن عباس رضي الله عنهما

179 - مناقب عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن الزهري قال: قال المهاجرون لعُمر ألا تدعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ قال: ذاك فتى الكُهول، إن له لسانًا سئولًا وقلبًا عقولًا (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا رجل سقط من كتاب ابن مالك، قثنا مالك بن مِغْول، عن سَلمة بن كُهَيْل قال: قال عبد اللَّه: نعم ترجمان القرآن ابن عباس (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: {مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ} [الكهف: 22]، قال ابن عباس: أنا من أولئك القليل (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى، عن سفيان، قال: حدثني سليمان، عن أبي الضُحي، قال: قال عبد اللَّه: نعم ترجمان ابن عباس للقرآن (¬4). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 11/ 241 (20428)، والحاكم 3/ 539 - 540. قال الذهبي في "التلخيص" منقطع. ورواه عبد الرزاق 4/ 376 (8123)، والطبراني 10/ 265 (10620) وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 318 من طريق ابن عيينة عن أبي بكر الهذلي عن الحسن البصري عن عمر. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 277: رواه الطبراني وأبو بكر الهذلي ضعيف. (¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 366. (¬3) المصدر السابق. (¬4) رواه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 366، وصححه الحاكم 3/ 537، وابن كثير في "تفسيره" 1/ 4.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى، عن سُفْيان قال: حدثني سليمان، عن مسلم، عن مسروق، عن عبد اللَّه قال: لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عَشَرهُ منا رجل (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، ثنا سفيان قال: حدثني رجل من بني نصر، عن محمد بن علي، قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لابن عباس: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق قال: أنا سفيان، عن ليث، عن أبي الجهضم، أن ابن عباس رأى جبريل مرتين ودعا له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالحكمة مرتين (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق قال: أنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحي، عن مسروق، عن ابن مسعود أنه قال: لو ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 366، والفسوي في "تاريخه" 1/ 495 والحاكم 3/ 537، والخطيب في "تاريخه" 1/ 174. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 266 من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس به، وابن حبان 15/ 531 (7055)، والطبراني 10/ 263 (10614) والحاكم في "المستدرك" 3/ 534، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 276: هو في الصحيح غير قوله "وعلمه التأويل". رواه أحمد والطبراني بأسانيد، وله عند البزار والطبراني "اللهم علمه تأويل القرآن" ولأحمد طريقان رجالهما رجال الصحيح. وصححه الألباني في "الصحيحة" (2589). قلت: رواه البخاري (143)، ومسلم (2477) دون قوله: "وعلمه التأويل". (¬3) رواه الترمذي (3822)، وابن سعد في "الطبقات" 2/ 370. قال الترمذي: هذا حديث مرسل، ولا نعرف لأبي جهضم سماعًا من ابن عباس. قال الألباني في "المشكاة" (6150): إسناده ضعيف.

بلغ ابن عباس أسناننا ما عاشره منا رجلٌ نعم الترجمان ابن عباس للقرآن (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1066 - 1069 (1555 - 1562) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن عُبَيْد، قثنا إسماعيل -يعني: ابن أبي خالد- عن شُعَيْب بن يَسار، قال: أرسل العباس عبد اللَّه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: اذهب فانظر مَن عند رسول اللَّه، فانطلق ثم جاء، فقال: رأيتُ عنده رجلًا ما أدري كيف هو، فجاء العباس إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأخبره بالذي قال عبد اللَّه، فأرسل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى عبد اللَّه فدعاه وأجلسه في حِجْره ثم مسح رأسه ودعا له بالعلم (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا سفيان بن عُيَيْنة، عن طاوس قال: واللَّه ما رأيت أحدًا أشد تعظيمًا لحرمات اللَّه من ابن عباس، واللَّه لو أشاء إذا ذكرته أن أبكي لبَكَيْت (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا إسماعيل -يعني: ابن عُلَيّة- قال: أنا أيوب، قال: نُبّئت عن طاوس قال: ما رأيت أحدًا أشد تعظيمًا لحرمات اللَّه من ابن عباس، واللَّه لو أشاء إذا ذكرته أن أبكي لبكيت (¬4). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عفان، قثنا حماد بن زيد، وأنا أيوب، ¬

_ (¬1) رواه ابن جرير في "تفسيره" 1/ 65 من طريق إسحاق الأزرق، عن سفيان به. (¬2) لم أهتد إلى هذا الإسناد، لكن رواه الحاكم 3/ 536 وصححه، وتعقبه الذهبي في "التلخيص" قائلا: بل منكر. (¬3) رواه الأزرقي في "أخبار مكة" 2/ 132، والفاكهي في "أخبار مكة" 2/ 265 (1487)، وابن عساكر في "تاريخه" 14/ 201. (¬4) رواه أحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب" (4072)، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" 1/ 542، وأبو نعيم في الحلية" 1/ 329.

عن إبراهيم بن مَيسرة قال: ذكر طاوس ابن عباس فقال: ما رأيت رجلًا أشد تعظيمًا لمحارم اللَّه منه، ولو أشاء أن أبكي إذا ذكرته لبكيت. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو عبيدة الحداد -عبد الواحد- عن صالح بن رستم، عن ابن أبي مليكة قال: صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة كان إذا نزل قام شَطْر الليل، فسأله أيوب كيف كانت قراءته؟ قال: قرأ {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19)} [ق: 19] فجعل يرتل ويكثر في ذلكم النشيج (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا سفيان بن عُيَيْنة قال: نا عبد الكريم -يعني الجزري- عن سعيد بن جبير قال: كان ابن عباس يحدثني بالحديث، فلو يأذن لي أن أقبل رأسه لقبلت (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا سفيان، عن سالم بن أبي حَفْصة، قال: سمعت منذرًا يقول: أتيت محمد بن علي -وقال سفيان مرة: ابن الحنفية- أنا وابنه. فقال: من أين جئتما؟ قلت: من عند ابن عباس. قال: قضي الأمر الذي فيه تستفتيان. وقال يوم مات: اليوم مات رباني هذِه الأمة (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا مُعْتَمِر، عن شعيب، عن أبي رجاء، قال: كان هذا الموضع من ابن عباس -مَجرى الدموع- كأنه الشِراك ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 236، وفيه "التسبيح"، وابن أبي شيبة 7/ 244 (35709)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 327 والبيهقي في "الشعب" 2/ 365 (2061). (¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 370. (¬3) رواه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 368، والفسوي في "تاريخه" 1/ 517 ورواه الحاكم مختصرا 3/ 535.

البالي من الدموع (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرحمن بن مَهْدِي، عن الحسن بن أبي جعفر، عن أبي الصَّهْباء، عن سعيد بن جبير قال: رَأيت ابن عباس أخذ بلسانه وهو يقول: يا لسان قل خيرًا تَغْنَم، أو اصمت تسلم، قبل أن تندم (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: أخبرني صالح بن رُستم، عن عبد اللَّه بن أبي مُلَيْكة قال: صحبت ابن عباس من المدينة إلى مكة ومن مكة إلى المدينة، فكان يصلي ركعتين، فكان يقوم شطر الليل يكثر واللَّه في ذلكم النشيج. قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا عبد الوهاب، عن سعيد الجريري، عن رجل قال: رأيت ابن عباس آخذًا بثمرة لسانه وهو يقول: ويحك قل خيرًا تغنم، واسكت عن شر تسلم، فقال له رجل: يا أبا عباس، ما لي أراك آخذًا بثمرة لسانك، تقول كذا وكذا؟ قال: إنه بلغني أن العبد يوم القيامة ليس هو على شيء أحْنَقَ منه على لسانه (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا بكر بن عيسى الراسبي، قثنا أبو عوانة، قثنا أبو جمرة قال: رأيت ابن عباس قميصه مقلصًا فوق الكعب والكم يبلغ أصول الأصابع يغطي ظهر الكف (¬4). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 1/ 313 (389)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 329. (¬2) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 236، والبيهقي في "الشعب" 4/ 240 (4933). (¬3) رواه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 328. (¬4) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 236.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن عبد اللَّه أبو أحمد بن الزبيري، قثنا سفيان، عن ليث، عن طاوس قال: ولا رأيت رجلًا أعلم من ابن عباس (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن عبد اللَّه، قثنا كثير بن زيد، عن عبد المطلب بن عبد اللَّه قال: قرأ ابن الزبير آية فوقف عندها، أسْهَرَتُه حتى أصبح، فلما أصبح، قال: من حَبْر هذِه الأمة؟ قال: قلت: ابن عباس، فبعثني إليه فدعوته، فقال له: إني قرأت آية كنت لا أقف عندها، وإني وقفت الليل عندها فأَسْهَرَتْني حتى أصبحت {وَمَا يُؤمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشركِوُنَ} [يوسف: 106]. فقال ابن عباس: لا تُسْهِرك فإنا لم نُعْنَ بها إنما عني بها أهل الكتاب {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: 25] وهو {الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} [يس: 83] سيقولون اللَّه، فهم يؤمنون هاهنا وهم يشركون باللَّه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا سفيان بن عُيَيْنة، قثنا ابن أبي حُسَين قال: أَبْصَر ابن عباس رجل وهو داخل المسجد قال: من هذا؟ قالوا: هذا ابن عباس ابن عمِّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: اللَّه أعلم حيث يجعل رسالاته. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن إسحاق، عن سَيْف قال: قالت عائشة: من استُعْمِل على الموسم؟ قالوا: ابن عباس، قالت: هو أعلم بالسنة (¬2). ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد 2/ 366. (¬2) رواه بنحوه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 369.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا حَسَن بن موسى، قثنا أبو هِلال، قثنا عَمرو بن دِيْنار أو عُتبة، عن عَمرو بن دينار قال: ما رأيت مجلسًا أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس لحلال وحرام، وتفسير القرآن والعربية وأنساب الناس والطعام. "فضائل الصحابة" 3/ 1202 - 1210 (1836 - 1852) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن سعيد، عن زكريا، عن عامر، فقال ابن عباس: قد رأيتُ عنده رجلًا، فقال العباس: يزعم ابن عَمّك أنه رأى عندك رجلًا قال: كذا وكذا، قال: "نعم" قال: "ذاك جبريل" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن سفيان، عن سالم بن أبي حفصة قال: حدثني مَن شَهِد ابن الحَنفية يقول عند قبر ابن عباس: هذا كان رباني هذه الأمة (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1211 (1854 - 1855) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان قال حدثني سليمان، عن أبي الضّحي قال: قال عبد اللَّه: نعم ترجمان ابن عباس للقرآن. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان قال: حدثني سليمان، عن مُسلم، عن مسروق، عن عبد اللَّه قال: لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عَشَرَه منا رجل. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو أسامة قال: حدثني مجالِد، عن عامر، عن ابن عباس قال: قال لي أبي: يا بُنَيّ أرى أمير المؤمنين يُقَرِّبك ويخلو بك ويستشيرك مع ناس من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 386 (32212). (¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 368.

فاحفظ عني ثلاثًا: اتق اللَّه، لا تُفْشِين له سرًّا، ولا يُجَرّبَنَّ عليك كذِبة، ولا تغتابن عنده أحدًا، قال عامر: فقلت لابن عباس: يا أبا عباس كل واحدة خير من ألف. قال: نعم ومن عشرة آلاف (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا جعفر بن عَوْن قال: أنا الأعمش، عن مُسلم بن صُبَيْح، عن مسروق قال: قال عبد اللَّه: نعم ترجمان القرآن ابن عباس، لو أدرك أسناننا ما عَشَره منا رجل. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا ابن نُمَيْر، قثنا مالك -يعني: ابن مِغْول- عن سلمة -يعني: ابن كُهَيْل قال: قال عبد اللَّه: نعم ترجمان القرآن ابن عباس. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا هُشَيْم قال: أنا حُصَيْن، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عُتْبَة قال: شهدت ابن عباس وهو يُسْأَل عن عربية القرآن، فيُنْشِد الشعر -وقال هشيم- مرة: رأيتُ ابن عباس إذا سئل عن عربية القرآن مما يستعين بالشعر (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو نُعَيْم، قثنا شِبْل بن عَبّاد، عن ابن أبي نَجِيْح، عن مجاهد قال: عرضت القرآن على ابن عباس مرتين أو ثلاث مرات (¬3). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 230 (25518)، والطبراني 10/ 265 (10619)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 318، قال الهيثمي في "المجمع" 4/ 221: رواه الطبراني وفيه مجالد بن سعيد وثقه النسائي وغيره، وضعفه جماعة. (¬2) رواه البيهقي في "الشعب" 2/ 258 (1681). (¬3) رواه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (779)، وابن أبي شيبة 6/ 153 (30278)، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 280.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أسود بن عامر قال: قلت لشريك: أيُّ الرَّجُلين كان أعلم بالتفسير مجاهد أو سعيد بن جبير؟ قال: كان مجاهد، ثم ذكر عن خُصَيْف، عن مجاهد قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث مرات. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أحمد بن صالح، قثنا محمد بن مسلم -يعني: أبا سعيد المؤدب- عن خُصَيْف قال: قال لي مجاهد: قرأت القرآن على ابن عباس ثلاث مرات، أقفه على كل آية. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يونس بن محمد، قثنا حماد بن زيد، عن مَعْمَر، عن الزهري قال: كان أبو سلمة يسأل ابن عباس، فكان يحدث عنه، وكان عُبَيْد اللَّه يلطفه فكان يغره غرًّا (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو كامل وعفان المعني قالا: نا حماد قال: أنا عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس قال: كنت مع أبي عند النبي وعنده رجل يُناجيه -قال عفان: وهو كالمُعْرض عن العباس- فخرجنا من عنده. فقال: ألم تر إلى ابن عمك كالمعرض عني؟ فقلتُ له: إنه كان عنده رجل يناجيه. قال عفان: فقال: أَوَ كان عنده أحد؟ قلت: نعم. قال: فرجع إليه، فقال: يا رسول اللَّه، هل كان عندك أحد؟ فإن عبد اللَّه أخبرني أن عندك رجلًا تناجيه. قال: "هل رأيته يا عبد اللَّه؟ ". قلت: نعم. قال: "ذاك جبريل، فهو الذي شغلني عنك". ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في "العلل" 1/ 186 (156)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 29/ 298.

قال عفان: إنه كان عندك رجل يناجيك (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1213 - 1217 (1860 - 1870) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أسود بن عامر، قثنا شَرِيك، عن الأعمش قال: كنتُ إذا رأيتُ ابن عباس قلتُ: أجمل الناس، وإذا تكلم قلتُ: أفصحُ الناس، وإذا أفتى قلتُ: أقضى الناس، وإذا ذكر أهلَ فارِسَ قلتُ: أعلم الناس. نحو ذا قال شريك (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، نا مَعْمَر، عن علي بن زيد ابن جُدْعان، أن ابن عباس لما دَفَن زيدَ بن ثابت حثا عليه التراب، ثم قال: هكذا يُدْفن العِلم. قال علي: فحدثت به علي بن حُسين، فقال: وابن عباس واللَّه قد دفن به علم كثير (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق قال: سمعت معمرًا يقول: كان ابن عباس يقول لأخ له من الأنصار: اذهب بنا إلى أصحاب محمد فلعله أن يحتاج إلينا، فقال: وكان إذا صلّى أجلس غِلْمانه خلفه، فإذا مرّ بآية لم يسمع فيها شيئًا ردّدها فكتبوها، فإذا خرج سأل عنها (¬4). ¬

_ (¬1) رواه أحمد 1/ 293 - 294، وأبو داود الطيالسي (2831)، وعبد بن حميد في "المنتخب" (712)، والطبراني 10/ (10584)، والبيهقي 7/ 53. قال: الهيثمي في "المجمع" 9/ 276: رواه أحمد والطبراني بأسانيد رجالها رجال الصحيح. (¬2) رواه الطبري في "تهذيب الآثار" 1/ 179 (285). (¬3) رواه عبد الرزاق 3/ 501 (6479)، وابن سعد 2/ 361، والحاكم 3/ 428، والبيهقي 3/ 410. (¬4) رواه يعقوب بن سفيان الفسوي في "تاريخه" 1/ 541.

قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده، نا محمد بن النوشجان، قثنا بَشِيْر أبو توبة قال: نا خُصَيْف قال: كان عطاء إذا حدثنا عن ابن عباس قثنا البحر (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا هُشَيْم، عن أبي جَمْرة قال: شهدت وفاة ابن عباس بالطائف فوَلِيَه محمد ابن الحنفية (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا جَرِير، عن مغيرة قال: قيل لابن عباس: أنى أصبتَ هذا العلم؟ قال: لسانًا سئولًا وقَلبا عقولًا. قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا شعبة، عن أبي بِشْر، عن سعيد ابن جُبَيْر، عن ابن عباس أن عُمر كان يُدْنِيْه، فقال عبد الرحمن بن عوف: إن لنا أبناء مثله، فقال له عمر: إنه من حيث تعلم (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو عَمرو الجزري مروان بن شجاع قال: حدثني سالم بن عجلان الجزري الأفطس، عن سعيد بن جُبَيْر قال: مات ابن عباس بالطائف فشهدتُ جنازته، فجاء طائرٌ لم يُرَ على خِلْقَتِه حتى دخل في نَعْشه، ثم لم يُر خارجًا منه، فلما دُفِن تُليت هذِه الآية على شَفِير القبر، لا يُرى مَن تلاها: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)}. قال مروان: وأما إسماعيل بن علي وعيسى بن علي فقالا: هو طائر أبيض (¬4). ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد 2/ 366 بنحوه. (¬2) رواه عبد الرزاق 3/ 431 (6206)، وابن أبي شيبة 3/ 19 (11688)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 501 (2675)، والطبراني 10/ 234 (10574). (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 337، والبخاري (3627) مطولًا. (¬4) رواه الطبراني 10/ 236 (1081)، والحاكم 3/ 543 عن سعيد بن جبير به، وأبو =

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا مُؤَمَّل، قثنا حماد -يعني: ابن زيد- عن رجل قال: سمعتُ سعيد بن جبير ويوسف بن مِهران يقولان: ما نحصي كم سمعنا ابن عباس يسأل عن الشيء من القرآن، فيقول: هو كذا وكذا، أما سمعت الشاعر يقول: كذا وكذا (¬1). قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: أبو يحيى إسحاق بن سليمان الرازي قال: سمعت أبا سنان يذكر عن حبيب بن أبي ثابت، أن أبا أيوب الأنصاري أتى معاوية فشكا إليه أنَّ عليه دينًا، فلم يرَ منه ما يُحِب، ورأى أمرًا كرهه، فقال: إني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إنكم سترون بعدي أَثَرة"، قال: فأي شيء أمركم به؟ قال: قال: "اصبروا". قال: فقال: واللَّه لا أسألك شيئًا أبدًا، وقدم البصرة فنزل على ابن عباس وقرع له بَيْتَه الذي كان فيه، وقال: لأصنَعَنَّ ما صنعت برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال: كم عليك من الدين؟ قال: عشرون ألفًا، فأعطاه أربعين ألفًا وعشرين مملوكًا، وقال: لك ما في البيت كله (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1217 - 1222 (1872 - 1881) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أسود بن عامر، قثنا إسرائيل، عن جابر، عن مسلم بن صُبَيْح، عن ابن عباس قال: أردفني رسول اللَّه خَلْفه ¬

_ = نعيم في "الحلية" 1/ 329 عن ميمون بن مهران بنحوه. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 285: ورجاله رجال الصحيح. (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 367. (¬2) رواه الطبراني 4/ 118 (3852)، والحاكم 3/ 459، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الهيثمي في "المجمع" 9/ 323: رواه الطبراني. إسنادين، ورجال أحدهما رجال الصحيح، إلا أن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من أبي أيوب.

وقُثَم أمامه (¬1). قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخطه قال: أُخْبِرْت عن مِسْعر، عن غَيْلان بن عمرو بن سويد قال: لما مات ابن عباس أدرجناه في أكفانه، فجاء طائر أبيض فدخل في أكفانه (¬2). "فصائل الصحابة" 2/ 1223 (1884 - 1885) قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده: حدثنا عن هُشَيْم قال: أنا خالد بن صَفوان، عن زيد بن علي، أن طلحة قال لابن عباس: هل لك في المناحبة قال: نعم، فتحاكما إلى كَعْب، فقال لهما كعب: أمّا أنتم معاشر قريش أعلم بأحسابكم، وأما أنا فإني أجد في الكتب أن اللَّه لم يبعث نبيًّا إلا من خير مَن هُو مِنه، حتى يبلغ الأخوين فيكون مِنْ خيرهما، فقضى لابن عباس. "فضائل الصحابة" 2/ 1224 (1887) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 297 إسناده ومتنه. وروى البخاري (5966) عن ابن عباس قال: أتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد حمل قثم بين يديه، والفضل خلفه، أو قثم خلفه والفضل بين يديه، فأيهم شر أو أيهم خير؟ (¬2) رواه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 329 من طريق الفرات بن السائب، عن ميمون بن مهران.

180 - مناقب خديجة بنت خويلد رضي الله عنها

180 - مناقب خديجة بنت خويلد رضي اللَّه عنها قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا ابن نمير قال: أنا هشام عن أبيه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يذبح الشاة فيتتبع بها صدائقَ خديجة (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن الزهري، عن عروة، قال: توفيت خديجة فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أُرِيتُ لخديجة بيتًا من قَصَب لا صخَب فيه ولا نَصَب"، قال: وهو قصب اللؤلؤ (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا رجل سقط من كتاب ابن مالك قال: نا حماد، عن حُمَيْد، عن الحسن أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "حسبك من نساء العالمين: مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون، وفاطمة ابنة محمد، وخديجة ابنة خويلد" (¬3). قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده: نا سعد بن إبراهيم ويعقوب قالا: نا أبي، عن صالح قال: يقال: قالت عائشة لفاطمة ابنة ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 58، والبخاري (3816)، ومسلم (2435) موصولًا عن عائشة رضي اللَّه عنها. (¬2) هو في "جامع معمر" برواية عبد الرزاق 11/ 430 (20920) قال الألباني في "الصحيحة" 7/ 1612: رجاله ثقات. وقد روي موصولا من حديث أبي هريرة: رواه الإمام أحمد 1/ 230 - 231، والبخاري (3820)، ومسلم (2432)، وانظر: "الصحيحة" (3608). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 393 (32281) مرسلًا، ورواه الإمام أحمد 3/ 135، والترمذي (3878) موصولًا من حديث أنس. قال الترمذي: هذا حديث صحيح. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (3143).

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ألا أبشرك أني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "سيدات نساء أهل الجنة أربع: مريم ابنة عمران، وفاطمة ابنة رسول اللَّه، وخديجة ابنة خويلد، وآسية ابنة مزاحم امرأة فرعون" (¬1)، قال يعقوب: ابنة مراجِم. "فضائل الصحابة" 2/ 1074 - 1075 (1573 - 1576) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع وعبد اللَّه بن نُمَيْر قالا: نا هِشام -وهو ابن عُروة- عن أبيه، عن عبد اللَّه بن جعفر، عن علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة رضي اللَّه عنها" (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1077 (1583) ¬

_ (¬1) رواه الحاكم 3/ 185 من طريق عبد اللَّه بن أحمد، لكن جعله موصولا فرواه صالح عن ابن شهاب عن عروة قال: قالت عائشة. . الحديث. وصححه الألباني في "الصحيحة" 3/ 411. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 84، والبخاري (3432)، ومسلم (2430).

181 - مناقب فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

181 - مناقب فاطمة بنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو النضر، نا إبراهيم بن سعد، عن محمد ابن إسحاق، عن عُبَيْد اللَّه بن علي بن أبي رافع، عن أبيه، عن أمه سلمى قالت: اشتكت فاطمة ابنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شكواها التي قُبِضَتْ فيها، فكنت أمَرِّضها فأصبحت يومًا كأمثل ما رأيتها في شكواها تلك، قالت: وخرج علي لبعض حاجته فقالت: يا أُمَّه، اسكبي لي غُسْلًا. فسكبت لها غُسْلًا فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل، ثم قالت: يا أُمَّه، أعطيني ثيابي الجدد. فأعطيتها فلبستها، ثم قالت: يا أُمَّه، قدِّمي لي فراشي وسطَ البيت. ففعلتُ، واضطجعتْ فاستقبلت القبلة وجعلتْ يدها تحت خدِّها، ثم قالت: يا أُمَّه، إني مقبوضة الآن، وقد تطهّرت فلا يكشِفْني أحَدٌ. فقُبِضتْ مكانها، قالت: فجاء علي فأخبرته (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 903 (1243) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن زكريا قال: أخبرني أبي، عن الشعبي قال: خطب علي بنت أبي جَهْل إلى عمّها الحارث بن هاشم، فاستشار النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فيها فقال: "أعن حَسَبها تسألني؟ " قال علي: قد ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 461، وابن سعد في "الطبقات" 8/ 27، وابن الجوزي في "العلل" (419)، وفي "الموضوعات" 3/ 617 - 618 (1842) وقال: وهذا الحديث لا يصح، أما محمد بن إسحاق فمجروح شهد بأنه كذاب مالك وسليمان. ثم إن الغسل إنما يكون لحدث الموت فكيف يغتسل قبل الحدث؟ وهذا لا يصلح إضافته إلى علي وفاطمة عليهما السلام بل يتنزهون عن مثل هذا ا. هـ. مختصرا. وقال الهيثمي في "المجمع" 9/ 211: رواه أحمد وفيه من لم أعرفه.

أعلم ما حسبها، ولكن أتأمرني بها؟ فقال: "لا، فاطمة مُضغة مني، ولا أحِبّ أن تحزن أو تجزع"، فقال علي: لا آتي شيئًا تكرهه (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يزيد قال: أنا إسماعيل، عن أبي حنظلة أنه أخبره رجل من أهل مكة: أن عليًا خطب ابنة أبي جَهْل، فقال له أهلها: لا نُزَوجك على ابنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فبلغ ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "إنما فاطمة بضعة مني، فمن آذاها فقد آذاني" (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 944 - 945 (1323 - 1324) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا سفيان، عن عَمرو، عن محمد بن علي أن عليًّا أراد أن ينكح ابنة أبي جَهْل، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو على المنبر: "إن عليًّا أراد أن ينكح العوراء بنت أبي جَهْل، ولم يكن ذلك له أن يجمع بين ابنة عدو اللَّه وبين ابنة رسول اللَّه، وإنما فاطمة مضغة مني" (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 946 (1326) قال عبد اللَّه: حدثني أبي: نا أبو اليمان قال: أنا شعيب، عن الزُّهري قال: أخبرني علي بن حُسين أن المِسور بن مخرمة أخبره أن علي بن أبي طالب خطب ابنةَ أبي جَهْل وعنده فاطمة بنت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، يعني: فلما سَمِعت بذلك فاطمة أتت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالتْ له: إن قومك يتحدثون أنك لا تَغْضب لبناتك، وهذا عليٍّ ناكحًا ابنة أبي جهل. قال المِسْور: فقام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فسمعتُه حين تشهد ثم قال: "أما بعد، فإني أنكحت أبا العاص بن ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 301 (13268)، وابن أبي شيبة 6/ 391 (32264) وصححه الحاكم 3/ 158، وقال الذهبي في "التلخيص": مرسل قوي. اهـ، وانظر ما بعده. (¬2) رواه الحاكم 3/ 159 وصححه، وقال الذهبي: مرسل. (¬3) رواه عبد الرزاق 7/ 301 (13267)، وابن أبي شيبة 6/ 391 (32259).

الربيع، فحدّثني فَصَدقني، وإن فاطمة بنت محمد مُضْغَة مني، وأنا أره أن يفتنوها، وإنها واللَّه لا تجتمع ابنة رسول اللَّه وابنة عدو اللَّه عند رجل واحد أبدًا" (¬1) قال: فنزل علي عن الخِطْبة. وقال: حدثني أبي قال: أنا عبد الرزاق قال: أنا معمر، عن الزهري، عن عروة. وعن أيوب، عن ابن أبي مليكة أن علي بن أبي طالب خطب ابنة أبي جهل حتى وَعد النكاح، فبلغ ذلك فاطمة رضي اللَّه عنها، فقالت لأبيها -صلى اللَّه عليه وسلم-: يزعم الناس إنك لا تغضب لبناتك، وهذا أبو حسن قد خطب ابنة أبي جهل وقد وعد النكاح. قام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خطيبًا فحمد اللَّه وأثنى عليه بما هو أهله، ثم ذكر أبا العاص بن الربيع وأثنى عليه في صِهْره، ثم قال: "إنما فاطمة مضغة مني، وإنما أخشى أن يفتنوها، ووالله لا تجتمع ابنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وابنة عدو اللَّه تحت رجلٍ" قال: فسكت علي عن ذلك النكاح وتركه (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 946 - 948 (1326 - 1330) قال أبو عبد الرحمن: وجدت في كتاب أبي بخط يده: نا سعد بن إبراهيم بن سعد، ويعقوب بن إبراهيم قالا: نا أبي، عن صالح قال: قالت عائشة لفاطمة بنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ألا أبشرك أني سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "سيدات نساء أهل الجنة أربع: مريم بنت عمران، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 326، والبخاري (3729)، ومسلم (2449). (¬2) رواه أبو داود (2070)، وعبد الرزاق 7/ 301 (13269) إلا أن عروة لم يُذكر في المطبوع من "المصنف". قال الألباني في "صحيح أبي داود" (1806): هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. اهـ.

وفاطمة بنت رسول اللَّه، وخديجة بنت خويلد، وآسية امرأة فرعون" (¬1)، وقال يعقوب: ابنة مزاحم. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق قال: أنا معمر، عن قتادة، عن أنس، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "حسبك من نساء العالمين: مريم ابنة عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية امرأة فرعون" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق قال: أنا معمر، عن الزهري قال: أخبرني أنس بن مالك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "حسبك من نساء العالمين" فذكر مثله سواء (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 952 - 953 (1336 - 1338) ¬

_ (¬1) هذا إسناد فيه انقطاع بين صالح وعائشة، ولم أقف عليه هكذا، بينما رواه الحاكم 3/ 185 بإسناد متصل من طريق صالح، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، به. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (3678). قلت: وله شاهد من حديث ابن عباس رواه الإمام أحمد 1/ 293، وأبو يعلى 5/ 110 (2722)، والطبراني 11/ 336 (11928)، وصححه الحاكم 3/ 185. وقال الهيثمي في "المجمع" 9/ 223: رجالهم رجال الصحيح. اهـ. وكذلك صححه الألباني في "الصحيحة" (1508). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 135، والترمذي (3878): وقال: حديث صحيح، وصححه ابن حبان 15/ 401 - 402 (6951)، والحاكم 3/ 157، والحافظ في الفتح 6/ 471، والمناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" 2/ 127 وذكره الألباني في "الصحيحة" (1508) شاهدًا، وصححه في "الجامع" (3143). قلت: له شاهد رواه البخاري (3432)، ومسلم (2430) من حديث على بلفظ: "خير نسائها مريم ابنة عمران، وخير نسائها خديجة". (¬3) رواه الحاكم 3/ 157 - 158، وصححه.

182 - مناقب عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها

182 - مناقب عائشة أم المؤمنين رضي اللَّه عنها قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبي قال: حدثنا أبو أسامة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عيسى جار لمسروق قال: قال مسروق لولا بعض الأمر لأقمت على عائشة المناحة (¬1). "العلل" برواية عبد اللَّه (994)، (2843) قال عبد اللَّه بن أحمد: وجدت في كتاب أبي: حدثنا إبراهيم بن خالد قال: حدثني ربا قال: حدثني معمر، عن الزهري، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لو جمع علم نساء هذِه الأمة فيهن أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن علم عائشة أكثر من علمهن" (¬2). "العلل" برواية عبد اللَّه (4776) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق قال: أنا معمر، عن الزهري، عن يحيى بن سعيد بن العاص، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- استعذر أبا بكر من عائشة، ولم يخش النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن ينالها أبو بكر بالذي نالها، فرفع أبو بكر بيده فلطم في صدر عائشة، فوجد من ذلك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال لأبي بكر: ما أنا بمستعذرك منها بعد فَعْلَتِك هذِه (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 1099 (1629) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 376 (752). وفيه زيادة: قال أبو عبد الرحمن: قال أبي: وكانت عائشة يقال: إنها شقراء بيضاء رحمها اللَّه. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 1/ 376 (753)، والطبراني 23/ (299)، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/ 243: رواه الطبراني مرسلًا، ورجاله ثقات. اهـ. (¬3) رواه عبد الرزاق 11/ 431 (20923) به، ورواه ابن حبان عن يحيى بن سعيد بن العاص، عن عائشة مرفوعًا به.

مُصْعب بن إسحاق بن طلحة، وقال وكيع مرة: عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لقد رأَيت عائشة في الجنة كأني أنظر إلى بياض كفيها ليهون بذلك علي عند موتي" (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1101 (1633) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع قال: حدثني هارون بن أبي إبراهيم، عن عبد اللَّه بن عُبَيْد قال: استأذن ابن عباس على عائشة في مرضها الذي ماتت فيه، فأبت أن تأذن له، فلم يزل بها حتى أذنت له، فسمعها وهي تقول: أعوذ باللَّه من النار، قال يا أم المؤمنين إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قد أعاذك من النار، كنت أول امرأة نزل عذرها من السماء (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، قثنا ابن أبي خالد، عن قيس قال: بعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل قال: قال عمرو بن العاص: قلت: يا رسول اللَّه، من أحب الناس إليك؟ قال: "عائشة"، قال: قلت: إنما أقول من الرجال؟ قال: "أبوها" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد اللَّه بن إدريس قال: سمعت هشامًا عن أبيه، عن عائشة قالت: قال لي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أرِيتُك في المنام مرتين ¬

_ (¬1) رواه أحمد 6/ 138 به. قال ابن كثير في البداية والنهاية 8/ 92: تفرد به أحمد. اهـ. (¬2) لم أهتد إليه بهذا الإسناد، لكن رواه الإمام أحمد 1/ 220، والبخاري (4753) من طريق عبد اللَّه بن عبيد بن أبي مليكة به. (¬3) رواه الترمذي (3886)، والنسائي في "الفضائل" (5)، والحاكم 4/ 13 من طرق عن ابن أبي خالد، به. ورواه الإمام أحمد 4/ 23، والبخاري (3662)، ومسلم (2384) من طرق عن خالد الحذاء، عن أبي عثمان، عن عمرو بن العاص، به.

ورجل يحملك في سرقة من حرير فيقول: "هذِه امرأتك. فأقول: إن يك هذا من عند اللَّه يُمضِه" (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1102 - 1104 (1636 - 1638) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا زيد بن الخبَاب، قثنا عُمَر بن سعيد، قثنا عبد اللَّه بن أبي مُلَيْكة، عن ذكوان مولى عائشة، عن عائشة: أن دُرْجًا أتى عمر بن الخطاب فنظر إليه ونظر إليه أصحابه، فلم يعرفوا قيمته، فقال: أتأذنون لي أن أبعث به إلى عائشة لحُب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إياها؟ فقالوا: نعم، فأتي به عائشة ففتحته وقيل لها: هذا أرسل به عمر بن الخطاب، فقالت: ماذا فتح علي ابن الخطاب بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، اللهم لا تبقني لعطيته لقابل (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1106 (1642) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن سَعيد، عن عُمر بن سعيد قال: أخبرني ابن أبي مُلَيْكة قال: أستأذن ابن عباس على عائشة قُبَيْل موتها وهي مغلوبة، فقالت: إني أخشى أن يُثْنِيَ عَليّ. فقيل لها: ابن عم رسول اللَّه ومن وجوه المسلمين، قالت: ائذنوا له، فقال: كيف تجدينك يا أمَّه؟ قالت: بخير إن اتقيت، قال: فإنك بخير إن شاء اللَّه إن اتَّقَيْتِ، زوجة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم ينكح بكرًا غيرك ونزل عذرك من السماء، فدخل ابن الزبير ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 41 به، والبخاري (5078)، ومسلم (2438). (¬2) رواه أبو يعلى كما في "المقصد العلي" ص 420 (943)، ومن طريقه الضياء في "المختارة" 1/ 257 (147)، والحاكم 4/ 8 من طرق عن زين بن الحباب به. قال الحاكم: هذا حديث صحيح، إذا صح سماع ذكوان. اهـ. وتعقبه الذهبي في التلخيص: فيه إرسال. وقال: الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/ 6: رواه أبو يعلى في الكبير، ورجاله رجال الصحيح. اهـ. وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة" 5/ 185: هذا إسناد صحيح.

خلافه، فقالت: دخل ابن عباس فأثنى، وددت أني كنت نسيًا منسيًا (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا معاوية بن عَمْرو، قثنا زائدة قال: نا عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن مَعْمر قال: سمعتُ أنسًا يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا معاوية، قثنا زائد قال: نا عبد الملك بن عُمَيْر، عن موسى بن طلحة قال: ما رأيتُ أحدًا قط كان أفصح من عائشة (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن آدم، قثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عُرَيْب بن حُمَيْد قال: رأى عمار يوم الجَمل جماعة فقال: ما هذا؟ فقالوا: رجل يَسُبّ عائشة ويقع فيها، قال: فمشى إليه عَمار، فقال: اسكت مقبوحًا منبوحًا، أتقع في حبيبة رسول اللَّه، إنها لزوجته في الجنة (¬4). "فضائل الصحابة" 2/ 1107 - 1108 (1644 - 1647) ¬

_ (¬1) رواه البخاري (4753). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 156، والبخاري (3770)، ومسلم (2446). (¬3) رواه الترمذي (3884)، والطبراني 23/ 182 (292)، والحاكم 4/ 11 من طرق عن معاوية بن عمرو به. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/ 243: رواه الطبراني، ورجاله رجاله الصحيح. وصححه الألباني في "المشكاة" (6186). (¬4) رواه ابن الجعد ص 36 (2535)، وابن سعد 8/ 65، والطبراني 23/ 40 (103) من طرق عن أبي إسحاق به، إلا أنه وقع في رواية ابن الجعد على الشك: عريب بن حميد أو حميد بن عريب، وفي رواية ابن سعد: حميد بن عريب من غير شك. قلت: عينه الإمام أحمد وابن معين كما في "العلل" 1/ 310 (531)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 79 (362)، والحافظ في "التقريب": أبو عمار الهمداني عريب ابن حميد.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد اللَّه بن يزيد، قثنا سعيد -يعني: بن أبي أيوب قال: حدثني عُقَيْل، عن ابن شهاب أن عائشة قالت: قبض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في بيتي وفي يومي وعلى صدري، وكان آخر ما أصاب من الدنيا ريقي، مضغت له السواك فناولته إياه (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1108 (1649) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثتنا أم عمرة بنت حسان بن يزيد -عجوز صدق- قالت: وحدثني سعيد بن يحيى بن قيس بن عبس -قال أبي: وهو زوجها- عن أبيه أن عائشة رحمها اللَّه تعالى قالت: لا يبغضني إنسان في الدنيا إلا تبرأت منه في الآخرة (¬2). قال عبد اللَّه: قرأت على أبي هذِه الأحاديث فأقر بها، وقال: أروها عني، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا هارون -يعني البربري، عن (عبيد اللَّه ابن عبد) (¬3) قال: قدم رجل بعد وفاة عائشة فسأله عبيد بن عمير: كيف رأيت وجد الناس عليها؟ قال: واللَّه ما اشتد وجدهم كل ذلك، قال عبيد بن عمير: إنما يحزن على عائشة من كانت له أمًّا. "الزهد" ص 376 - 377 قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المرُّوذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وذكر ¬

_ (¬1) رواه إسحاق بن راهويه 3/ 989 (1715) من طريق سعيد بن أبي أيوب، به. تنبيه: زاد محققه (عروة) بين: ابن شهاب وعائشة، وعلق عليه قائلًا: سقط من الأصل. قلت: ورواه الإمام أحمد 6/ 121، والبخاري (890)، ومسلم (2443) من طرق عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة به. (¬2) رواه أبو بكر البزاز في "الفوائد" 1/ 542، واللالكائي في "أصول الاعتقاد" 4/ 1523 (2769)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 14/ 432 - 433. (¬3) كذا بالمطبوع، والصواب: عبد اللَّه بن عبيد. انظر "تهذيب الكمال" 15/ 259.

183 - مناقب الغميصاء -رضي الله عنها-

عائشة أم المؤمنين، فذكر زهدها وورعها وعلمها، فإنها قسمت مائة ألف وكانت ترقع درعها، وكانت ابنة ثماني عشرة سنة، وكان الأكابر من أصحاب محمد يسألونها -يعني: عن الفقه والعلم- مثل أبي موسى الأشعري وغيره يسألونها (¬1). "السنة" للخلال 1/ 376 (750) 183 - مناقب الغميصاء -رضي اللَّه عنها- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا هشيم، قثنا حميد، عن أنس بن مالك قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ خَشْفَةً بَيْنَ يَدَيْ فَإِذَا هِيَ الْغُمَيْصَاءُ ابْنَةُ مِلْحَانَ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ" (¬2). قال عبد اللَّه: قال أبي: قال أبو إسحاق العُبادي: الغميصاء هي أم حرام بنت ملحان، وهي أخت أم سليم، وتزوجها عُبادة -يريد: أم حِرام. "فضائل الصحابة" 2/ 1072 (1568 - 1569) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 302 (20336)، 7/ 146 (34729)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 1/ 376 (503)، والحاكم 4/ 14، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 47 - 48. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 99، ومسلم (2456).

184 - باب: مناقب الأنصار -رضي الله عنهم-

184 - باب: مناقب الأنصار -رضي اللَّه عنهم- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا شجاع بن الوليد، عن هشام، عن الحسن، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْأَنْصَارِ مِحْنَةٌ فمن أحبهُمْ فبحبي أحبّهم، ومن أبغضهم فببغضي أبُغْضُهُمْ، ولا يحيهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق" (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 994 (1411) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قال: أنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن رجُلٍ سماه النعمان بن مُرة -أو غيره- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن لكل نبي تركة وضيعة، وإن تركتي أو ضيعتي الأنصار، إلا وإن الناس يكثرون ويقلون، ألا فاقبلوا عن مُحْسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم" (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 995 (1413) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق قال: أنا سفيان، عن جابر، عن عبد اللَّه بن نُجيّ، قال: قال علي: ما من مؤمن إلا وللأنصار عليه حق. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق قال: أنا سفيان، عن يحيى ابن سعيد، عن رجل من أهل مصر يقال له: الحارث قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أحب الأنصار فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضهُمْ" (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 996 (1415 - 1416) ¬

_ (¬1) لم أهتد إليه مرسلًا، ورواه البخاري (3783)، ومسلم (75) من حديث البراء مرفوعًا، بنحوه. (¬2) رواه ابن سعد 2/ 251 من طريق يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد به. ورواه الطبراني في "الأوسط" 7/ 224 (7337) من طريق حماد بن سلمة، عن النعمان بن مرة، عن أنس مرفوعًا به. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 32: رواه الطبراني فىِ "الأوسط" وإسناده جيد. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 429، والطبراني 3/ 264 (3356) بإسناد آخر، عن الحارث =

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا حسن، قثنا حماد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أَحَبَّ الأَنْصَارَ أحَبَّهُ اللَّهُ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ" (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 997 (1418) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن عبد اللَّه بن يزيد بن عبد اللَّه بن أُنَيْس أبو زكريا الأنصاري، قال: حدثني محمد بن جابر بن عبد اللَّه بن عَمرو الأنصاري، عن أبيه جابر بن عبد اللَّه قال: أشهد على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لقال: "من أخاف هذا الحيّ من الأنصار فقد أخاف ما بين هذين"، ووضع كَفّيْه على جنبيه (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 999 - 1000 (1421) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا زيد بن الحباب، قثنا معاوية بن صالح قال: حدثني أبو مريم أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المُلْكُ فِي قُرَيْشٍ، وَالْقَضَاءُ فِي الْأَنْصَارِ، وَالْأَذَانُ فِي الْحَبَشَةِ، وَالسُّرْعَةُ فِي الْيَمَنِ". ¬

_ = ابن زياد، بنحوه قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 38: رواه أحمد والطبراني بأسانيد، ورجال بعضها رجال الصحيح، غير محمد بن عمرو وهو حسن الحديث. (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 501، والبزار في "البحر الزخار" 14/ 303 (7923)، وأبو يعلى 13/ 356 من طرف عن محمد بن عمرو به. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 39: رواه أبو يعلى وإسناده جيد، ورواه البزار، وفيه محمد بن عمرو، وهو حسن الحديث، وبقية رجاله رجال الصحيح. وحسنه الألباني في "الصحيحة" (991). ورواه مسلم (76) من حديث أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "لا يبغض الأنصار رجل يؤمن باللَّه واليوم الآخر". (¬2) رواه أحمد 3/ 354، والبخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 53، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثانى" 3/ 391 - 392، وصححه الألباني في "الصحيحة" (2304).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا رجل، قثنا معاوية بن صالح قال: أخبرني أبو الزاهرية، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله إلا أنه زاد: "والأمانة في الأزد" (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1000 - 1001 (1423 - 1424) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا زكريا بن عَدِيّ قال: أنا عُبَيْد اللَّه بن عَمْرو، عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، عن الطُّفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه قال: وسمعت رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لَوْلَا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَكُنْتُ مَعَ الأَنْصَارِ" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قثنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال يوم الخندق: "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ... فارحم الأنصار والمهاجرة والعن عُضَلاّ والقَارة ... هم كلفونا نقل الحجارة (¬3) " قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق قال: أنا معمر، عن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 364، والترمذي (3936)، وصححه الألباني في "الصحيحة" (1084)، وعنده "الشرعة في اليمن". (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 137، والترمذي (3899)، قال الترمذي: حديث حسن. وحسَّنه الألباني في "الصحيحة" (1768). (¬3) رواه معمر بن راشد كما في "مصنف عبد الرزاق" 11/ 62 (19912)، والإمام أحمد في فضائل الصحابة 2/ 1003 (1429)، والحارث كما في "زوائد مسند الحارث للهيثمي" (687)، وابن حجر في "المطالب العالية" 17/ 394 (4275). قلت: روى شطره الأول الإمام أحمد 3/ 172، والبخاري (3795)، ومسلم (1804، 1805)، من حديث أنس.

الزهري، عن عروة بن الزبير: أن الأنصار تلقت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين قدم المدينة (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1003 - 1004 (1428 - 1430) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قثنا معمر، عن الزهري، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن الأجر أجر الآخرة ... فارحم الأنصار والمهاجرة والعن عُضلا والقارة ... هم كلفونا نقل الحجارة" (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1009 (1441) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، أنا معمر قال: وأخبرني أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله (¬3). قال معمر: فبلغني أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: لم يبق من أهل الدعوة غيري. "فضائل الصحابة" 2/ 1010 (1443) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن أبي عَدِيّ، عن حَبِيْب بن شهِيد، عن عِكرمة قال: أصيب بين يدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم أحد سبعة من الأنصار كلهم يقول: نَحْري دون نَحْرِك، ونفسي دون نفسك (¬4). "فضائل الصحابة" 2/ 1011 (1445) ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 11/ 439 (20943). قلت: يروى مرفوعًا، من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-، في حديث طويل رواه الإمام أحمد 3/ 211، والبخاري (3932)، ومسلم (524). (¬2) سبق تخريجه. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 172، والبخاري (3795)، ومسلم (1804). (¬4) لم أجده موقوفًا، هكذا. ولكن يُروى نحوه مرفوعًا من حديث أنس عند الإمام أحمد 3/ 286، ومسلم (1789).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر، قثنا شعبة، عن هشام ابن زيد قال: سمعتُ أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- للأنصار: "إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ" (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1017 - 1018 (1458) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا المطَّلب بن زياد، قثنا عبد اللَّه بن عيسى أن رسول اللَّه قال: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلأَنْصَارِ، وَلِأَبْنَاءِ الأَنْصَارِ، وَلِأَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ، ولحشم الأنصار" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا المطَّلب، قثنا عبد اللَّه بن عيسى، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اقبَلُوا مِنْ مُحْسِنِ الأنصار وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ" (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 1018 (1460 - 1461) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن هُرمز الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ وَالأَشْجَعُ وَغِفَارٌ وَأَسْلَمُ وَمُزَيْنَةُ وَجُهَيْنَةُ مَوَالِي اللَّهِ وَرَسُولِهِ، لَا مَوْلَى لَهُمْ غَيْرَهُ" (¬4). "فضائل الصحابة" 2/ 1020 - 1021 (1467) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 171، والبخاري (3793)، ومسلم (1059). (¬2) لم أقف عليه مرسلًا، ولكن يُروى من حديث أنس، عند الإمام أحمد 4/ 369، والبخاري (4906)، ومسلم (2506). (¬3) لم أقف عليه مرسلًا، ولكن يروى من حديث أنس، مرفوعًا. رواه الإمام أحمد 3/ 176، والبخاري (3801)، ومسلم (2510). (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 481، والبخاري (3504)، ومسلم (2520).

185 - باب: فضائل العرب

185 - باب: فضائل العَرَب قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال: "قريشٌ والأنصارُ ومزينة وجهينة وأسلم وغفار وأشجع موالي ليس لهم مولى دون اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ورسوله (¬1) -صلى اللَّه عليه وسلم-". قال أحمد: أنعم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عليهم بالنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ليس لأحدٍ عليهم نعمة. قال إسحاق: كمَا قَالَ (¬2). "مسائل الكوسج" (3292) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق قال: أنا معمر، عن قتادة قال: لما مات رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ارتدت العرب إلا ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجد المدينة والبَحْرين (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 1045 (1510) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا هشيم، قثنا العوام، عن إبراهيم التيمي قال: لما كان يوم ذي قار انتصفت بَكر بن وائل من الفُرْس، فبلغَ ذلك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "انتصفوا منهم بكر بن وائل من الفرس ونحوهم"، قال: هذا أول يوم فض اللَّه فيه جنودَ الفرس بفوارس من بني ذُهْل بن شَيْبان. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا هشيم، قال: وأخبرني شيخ من قَيْس يقال له: حفص بن مجاهد، وكان عالمًا بأخبار الناس، قال: بلغني أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "بي نصروا" (¬4)، قال: وكان ذلك عند مَبْعَث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "فضائل الصحابة" 2/ 1045، 1046 (1511 - 1512)، والعلل (1 - 2) ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 467، والبخاري (3504)، ومسلم (2520)، من حديث أبي هريرة. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 1/ 358 (705). (¬3) رواه عبد الرزاق 11/ 52 (19886). (¬4) رواه خليفة بن الخياط في "الطبقات" ص 87 ترجمة رقم (274)، ومن طريقه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 63 (1692)، من حديث عبد اللَّه بن الأخرم. ورواه الطبراني 6/ 62 (5520) من طريق خالد بن سعيد بن العاص، عن أبيه، عن جده. =

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا رَوْح، قثنا شعبة، قثنا قتادة قال: قال معاوية لأصحابه: مَن أشعر العرب؟ قال: قالوا: بنو فلان، قال: إن أشعر العرب للزُّرْق من بني قيس بن ثَعْلبة في أصول العَرْفج، قالوا: ثم من؟ قال: ثم الصُّفْر من بني النجار المتفرقة أعضادُهم في أصول الفَسِيْل. "فضائل الصحابة" 2/ 1046 (1513) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عفان، قثنا مَهْدي بن ميمون قال: نا أبو الوازع -رجل من بني راسب- قال: سمعتُ أبا بَرْزَة قال: بعث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رسولًا له إلى حي من أحياء العرب في شيء -لا يدري مَهدي ما هو- قال: فسُّبوه وضربوه فشكى ذاك إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "لو أنك أهل عمان أتيت ما سبُّوك ولا ضربُوك" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا محمد بن سَلَمة، عن ابن إسحاق قال: وقال الزهري: هم بنو حنيفة أصحاب مُسَيْلمة الكذاب -يعني: قوله: {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} [الفتح: 16]. "فضائل الصحابة" 2/ 1048 (1516 - 1517) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو كامل، قثنا حماد، عن قتادة، عن دَعْفَل السدوسي قال: ما اختلف الناس قط إلا كان الحق مع مضر. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد اللَّه بن يزيد، قثنا سعيد -يعني: بن ¬

_ = قال الهيثمي في المجمع 6/ 211: ورجاله ثقات، رجال الصحيح، غير خلاد بن عيسى، وهو ثقة. اهـ. قال الذهبي في "السير" 3/ 444: سعيد بن العاص. . قال أبو حاتم: له صحبة. قلت: لم يرو عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وروى عن عمر وعائشة، وهو مقل. اهـ. (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 420، ومسلم (2544).

186 - باب: فضائل بني أسد

أبي أيوب قال: حدثني عبد اللَّه بن خالد، عن عبد اللَّه بن الحارث بن هشام المخزومي أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تسبوا مضر؛ فإنه كان على دين إبراهيم، وإن أول من غير دين إبراهيم لعمرو بن لُحَي بن قَمَعَة بن خِنْدِف" (¬1) وقال: "رأيته يجر قُصبه في النار" (¬2). 186 - باب: فضائل بني أسد قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قثنا مَعْمَر، عن رجل قال: مر عامرٌ الشعبي برجل من بني أسد ورجل من قَيْس، قال: فجعل الأسدي يتفلّت منه، ولا يَدَعه الآخر، قال: لا واللَّه حتى أعرفك قومك وتعرف ممن أنت. فقال له عامر: دع الرجل. قال: لا، حتى أعرفه قومه ونفسه. قال: دعه فلعمري أنه ليَجِدُ مفخرًا لو كان يَعْلم. قال: فأبى، قال: فاجْلِسا. وجلس معهما الشعبي فقال: يا أخا قَيسٍ، أكانت فيكم أول راية عقدت في الإسلام؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 58 من طريق ابن أبي أيوب، عن عبد اللَّه بن خالد، رفعه. مختصرًا، بلفظ: "لا تسبوا مضر فإنه كان قد أسلم". قال الألباني في "الضعيفة" (4780): وهذا ضعيف معضل، عبد اللَّه بن خالد هذا من اتباع التابعين، مجهول. اهـ بتصرف. قلت: وعبد اللَّه بن الحارث لا صحبة له، وروايته عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلة، نقله الحافظ عن البخاري وابن أبي حاتم وأبي عمر، انظر "الإصابة" 3/ 58 - 59 وأما شطر الحديث الأخير، فله شاهد من حديث ابن مسعود، رواه الإمام أحمد 1/ 446 وصححه الألباني في "الصحيحة" (1677). (¬2) رواه أحمد 2/ 366، والبخاري (3521)، ومسلم (2856) من حديث أبي هريرة.

قال: لا. قال: فإن ذلك قد كان في بني أسد. قال: فهل كان فيكم سُبْع المهاجرين يوم بدر؟ قال: لا. قال: فقد كان ذلك في بني أسد. قال: فهل كان فيكم أول غنيمة كانت في الإسلام؟ قال: لا. قال: فإن ذلك قد كانت في بني أسد. قال: فهل كان فيكم رجل بشّره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالجنة؟ قال: لا. قال: فقد كان ذلك في بني أسد. قال: فهل كانت فيكم امرأة زوّجها اللَّه من السماء، كان الخاطب رسول اللَّه والسفير جبريل؟ قال: لا. قال: فقد كان ذلك في بني أسد، خلِّ عن الرجل، فلعمري أنه لَيَجِد مفخرًا لو كان يعلم، فانطلق الرجل وتركه. عبد اللَّه بن جَحْش الذي بعثه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في أول راية (¬1)، وعكاشة ابن محصن الذي بشره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالجنة (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1040 - 1041 (1506) ¬

_ (¬1) رواه الحاكم 3/ 200، ومن طريقه البيهقي 6/ 363 (12843)، عن عبد اللَّه بن مسعود، قال الحاكم: صحيح الإسناد. ورواه خليفة بن خياط في "تاريخه" ص 62، عن الشعبي. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 271، والبخاري (5707)، ومسلم (220) من حديث ابن عباس. وهو في "جامع معمر - رواية عبد الرزاق" 11/ 48 (19880 - 19881).

187 - باب: فضائل أهل اليمن

187 - باب: فضائل أهل اليمن قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق قال: أنا معمر، عن قتادة قال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جالسًا في أصحابه يومًا فقال: "اللهم أنْجِ أصحاب السفينة"، ثم مكث ساعة فقال: "قد استمرت"، فلما دنوا من المدينة قال: "قد جاءوا يقودهم رجل صالح". والذين كانوا في السفينة: الأشعريُّون، كانوا أربعين رجلًا، والذي قادهم: عمرو بن الحَمِق الخزاعي (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1090 - 1091 (1612) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد اللَّه بن يزيد، قثنا سعيد، قال: حدثني شُرِحْبِيْل بن شَريك المعافري قال: سمعت عُلَيّ بن رَباح اللخمي يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن مثل الأشعريين في الناسِ كصوار المسك" (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1092 (1615) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن قتادة؛ أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الإِيمَانُ يَمَانٍ إلى هاهنا -وأشار بيده حتى جذام- صلوات اللَّه على جذام" (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 1094 - 1095 (1699) ¬

_ (¬1) "جامع معمر - رواية عبد الرزاق" 11/ 54 (19891). (¬2) رواه عبد اللَّه بن وهب في "الجامع في الحديث" 1/ 66 (27)، وابن سعد في "الطبقات" 1/ 348 - 349. (¬3) "جامع معمر - رواية عبد الرزاق" 11/ 52 (19887)، وذكره الألباني في "الصحيحة" 7/ 341 وقال: وهذا مرسل، رجاله ثقات.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عَفّان، قثنا حماد قال: أنا جبلة بن عَطِيَّة، عن عبد اللَّه بن عَوف أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: هَكَذَا، ووصف أنه طَبّق بيديه وقال: "الْإِيمَانُ يَمَانٍ إِلَى حدس وَجُذَامَ" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد اللَّه بن الحارث قال: حدثني حنظلة، أنه سمع طاوسًا يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَتَاكُمْ أَهْلُ اليَمَنِ، هُمْ أَلْيَنُ قُلُوبًا وَأَرَقٌّ أَفْئِدَةً، الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ" (¬2). قال حنظلة: فقلت: يا أبا عبد الرحمن ما يُعدّ اليمن؟ قال: المدينة. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو كامل، قثنا إسرائيل، قثنا أبو إسحاق، عن قَيْس بن أبي حازم قال: قال عبد اللَّه بن مسعود: الإيمان يمان (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 1095 - 1096 (1621 - 1623) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا علي بن حَفْص قال: أنا شعبة، عن رجل يقال له: عبد اللَّه بن عمرو، عن عَمرو بن مرة، عن خَيْثَمة أنه سَمِعه منه قال: سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أيّ الناس خير؟ قال: "أهلُ اليمن" (¬4). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا حُسَيْن، قثنا شعبة قال: أنا رجل -يقال له: عبد اللَّه- من قوم عَمْرو بن مرة، وكان يؤمهم بعدما مات، عن عمرو بن ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 410 (32427)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 4/ 267 (2287). (¬2) لم أقف عليه مرسلا، لكن رواه الإمام أحمد 2/ 235، والبخاري (4390)، ومسلم (52) من حديث أبي هريرة. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 410 (32429). (¬4) المصدر السابق 6/ 410 (32428)، عن يحيى بن أبي بكير، عن شعبة، به.

مرة، عن خيثمة بن عبد الرحمن أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل: أي الناس خير؟ قال: "أهل الأيمن". قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قثنا معمر، عن قتادة قال: رأى عمر امرأة في زيها فقال: أترين قرابتكِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تغني عنك من اللَّه شيئًا؟ فذكرت ذاك للنبي صلى اللَّه عليه وسلم، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنه لَتَرْجُو شفاعتي صُدَا وَسَلْهَب" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن خلاد بن عبد الرحمن، عن أبيه، أنها أم هانئ ابنة أبي طالب، وأنه قال: "إنه لترغب في شفاعتي خاء وحكم". (¬2) قال عبد الرزاق: خاء وحكم قبيلتان، خاء خولان وحكم مُذْحِج. "فضائل الصحابة" 2/ 1110 - 1111 (1651 - 1654) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا علي بن حَفْص قال: أنا ورقاء، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ، هُمْ أَضْعَفُ قُلُوبًا وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً، الْإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، قال: أخبرني من أصدق: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال للأشعريين أبي موسى وأبي ¬

_ (¬1) "مصنف عبد الرزاق" 11/ 56 (19899). (¬2) "جامع معمر - رواية عبد الرزاق" 11/ 57، ورواه الطبراني 24/ 434 (1060)، من طريق حماد بن سلمة، عن عبد الرحمن بن أبي رافع، عن أم هانئ، به. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 257: هو مرسل رجاله ثقات. (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 235، والبخاري (4390)، ومسلم (52).

188 - باب: فضائل قريش

مالك: "من أين جئتم؟ " قالوا: من زَبِيْد. قال: "اللهم بارك في زَبِيْد" قالوا: وفي رمع يا رسول اللَّه؟ قال: "اللهم بارك في زبيد" حتى قالها ثلاثًا، ثم قال في الثالثة: "وفي رِمَع" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قال: أنا مَعْمَر، عن قتادة -أو غيره- قال: قدم أبو موسى الأشعري على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ثمانين رجلًا من قومه. قال: ولم يَقْدُم على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من بني تميم عَشَرة رَهْط. قال قتادة: وما رحل إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من بكر بن وائل أحد (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1113 (1659 - 1660) 188 - باب: فضائل قريش قال ابن هانيء: وسألته عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم فتح مكة: "لا تغزي قريش بعدها؟ " (¬3). قال: نعم، يوم غزاهم قال: "لا يقتل قرشي صبرًا" (¬4). "مسائل ابن هانيء" (2013) ¬

_ (¬1) "جامع معمر" 11/ 54 (19891) مطولًا. قال الشوكاني في "الفوائد" ص 436 - وقد ذكره ضمن أحاديث في فضل صنعاء: لا يصح منها شيء ولا أعرف لها إسنادًا في كتاب من كتب الحديث. (¬2) "جامع معمر" 11/ 48 (19879). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 343 عن الحارث بن مالك بن برصاء بلفظ "لا تغزى مكة بعدها أبدًا" وكان اسمه عاصيا فسماه مطيعًا. (¬4) رواه الإمام أحمد 3/ 412، ومسلم (1782).

189 - فضائل المدينة

189 - فضائل المدينة قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول في حديث أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أمرت بقرية تأكل القرئ" (¬1): تفسيره -واللَّه أعلم- بفتح القرئ، فتحت بالمدينة، وما حول المدينة بها، لا أنها تأكلها أكلا. إنما تفتح القرئ بالمدينة. "مسائل عبد اللَّه" (1610). 190 - باب: فضائل أحمس قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر، قثنا شعبة، عن إسماعيل -يعني: ابن أبي خالد- عن رجلٍ منهم، عن أبي الدرداء أنه قال لرجل: ممن أنت؟ قال: من أحْمس قال: ما حَيُّ بعد قريش والأنصار أحبّ إلى من أكون منهم من أحمس. "فضائل الصحابة" 2/ 1072 - 1073 (1570) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن إسماعيل، عن قيس، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لبلال: "هل جهزت الركب البجليين؟ أبدًا بالأحمسيين قبل القَسْرِيِّيْن" (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1117 (1668) وقال عبد اللَّه في حديث جبير بن مطعم: أضللت بعيرًا لي بعرفة، فذهبت أطلبه فإذا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- واقف، قلت: إن هذا من الحمس، ما شأنه هاهنا (¬3)؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 237، والبخاري (1871)، ومسلم (1382). (¬2) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 6/ 418 (32502). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 80 والبخاري (1664) ومسلم (1220).

باب: فضائل بني ناجية

قال: سمعت أبي يقول: الحمس قريش ومن والاها (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1606) باب: فضائل بني ناجية قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر، قثنا. وحجاج قال: أنا شعبة قال: سألتُ سعد بن إبراهيم عن بني ناجية؟ فقال: هم منا، وقال سعيد: يروون، وقال حجاج: يُروى عن سعيد بن زيد، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "هُمْ حَيّ مِنِّي". قال شعبة: وأحسبه قال: "وأنا منهم" (¬2)، قال: وأهدَوا إلى عبد الرحمن بن عوف رحالًا عُلافية، قال حجاج: عِلافية. "فضائل الصحابة" 2/ 1073 (1571) باب: فضائل بنانة قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا روح، قثنا شعبة، عن إبراهيم بن مهاجر قال: سمعت طارق بن شِهاب قال: جاءت بنانة إلى عمر بن الخطاب فقالوا: نحن منك وأنت منا، فقال: ما سمعتُ أحدًا من آبائي يذكر ذلك. "فضائل الصحابة" 2/ 1073 (1572) ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 379 (761). (¬2) رواه أبو يعلى 2/ 252 (958)، وأبو داود الطيالسي 1/ 194 - 195 (238). قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 50: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح، إلا أن سعد بن إبراهيم لم يسمع من سعيد بن زيد.

باب: فضائل ثقيف

باب: فضائل ثقيف قال عبد اللَّه: قال أبي، قثنا عبد الرزاق، قثنا معمر، عن قتادة، عن رجل، عن عِمْران بن حُصَيْن قال: أتاه رجلان من ثقيف فقال: ممن أنتما؟ فقالا: ثقفيان قال: ثقيف من إياد، وإياد من ثمود. فكأن ذلك شق على الرجلين، فلما رأى ذلك شق عليهما، قال: ما يَشق عليكما؟ إنما نجا من ثمود صالح والذين آمنوا معه فأنتم ذرية قوم صالحين (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا سليمان بن داود، قثنا عِمْران، عن قتادة، عن زُرَارة قال: قال عمران بن حصين -يعني لرجل-: ممن أنت؟ قال: من ثقيف. قال: فإن ثقيفًا من إياد وإياد من ثمود، قال: فكأن الرجل شقّ عليه، قال: فقال عمران: لا يشق عليك، فإنما نجا منهم خيارهم. "فضائل الصحابة" 2/ 1117 - 1118 (1669 - 1670)، "العلل" برواية عبد اللَّه 2/ 556 (3632) ¬

_ (¬1) "الجامع" لمعمر بن راشد 11/ 65 (19922)، مرفوعًا.

باب: فضائل أسلم وغفار

باب: فضائل أسلم وغفار قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا سليمان بن داود قال: أنا شُعْبة، عن عَمرو بن مُرة، سمع ابن أبي أوفى يقول: كانت أسلم يومئذ -يعني: يوم الشجرة- ثُمُنَ المهاجرين (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1120 (1676) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا علي بن حَفْص قال: أنا ورقاء، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "غِفَارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ" (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1122 (1682) 191 - باب: فضائل الشام قال ابن هانئ: وسئل عن: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرّهم من خالفهم حتى يأتي أمر اللَّه، هم على ذلك" (¬3). قال: هم أهل المغرب، إنهم هم الذين يقاتلون الروم، كل من قاتل المشركين فهو على الحق. "مسائل ابن هانئ" (2041) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، قثنا إسرائيل، عن فُرات القَزّاز، عن الحسن قال: {الأَرْضِ الَّتِي بَارَكنَا فِيهَا} [الأنبياء: 81] قال: الشام (¬4). "فضائل الصحابة" 2/ 1134 (1705) ¬

_ (¬1) رواه البخاري (4155)، ومسلم (1857). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 418، والبخاري (1006)، ومسلم (2515). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 244، والبخاري (7311)، ومسلم (1921) بنحوه من حديث المغيرة بن شعبة، وهذا الحديث متواتر. روي عن نحو خمسة عشر من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. انظر: "نظم المتناثر" (146). وقال الألباني في "الصحيحة" 1/ 540: الحديث صحيح ثابت مستفيض أو متواتر. (¬4) رواه الطبري في "تفسيره" 9/ 45.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن عُبَيْد قال: حدثني أبي، عن واقد أبي عبد اللَّه الشَّيْباني، عن سعيد بن عبد اللَّه بن ضِرار الأسدي، وكان أبوه من أصحاب عبد اللَّه، قال: أخبرني أبي عبد اللَّه بن ضِرَار أنه خرج هو وعبد اللَّه إلى المطْهرة عند المسجد الأكبر، فتطهَّرا منها، ففرغ عبد اللَّه بن ضِرار قبل ابن مسعود، فأتاه عبد اللَّه وهو ينتظره، فقال: يا عبد اللَّه بن ضِرار، أين هواك اليوم؟ فأهوى بيده قبل الشام، فقال له عبد اللَّه: أما إنك إن تفعل فإن بها تسعةَ أعشار من الخير وعُشرًا من الشر، وإن بهذِه تسعة أعشار الشر وعُشرًا من الخير. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن عُبَيْد، قثنا الأعمش، عن عبد اللَّه بن ضِرار، عن أبيه، قال: قال عبد اللَّه: إن الخير قُسِم عشرة أعشار فتسعة بالشام وعُشر بهذِه، وإن الشر قسم عشرة أعشار فتسعة بهذِه وعُشْرٌ بالشام (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد اللَّه بن الحارث، قال: نا شِبْل بن عَبّاد، قال: سمعتُ أبا قَزْعَة يحدث عن حَكِيْم بن معاوية البَهْزي، عن أبيه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "هَاهُنَا تُحْشَرُونَ هَاهُنَا تُحْشَرُونَ، هَاهُنَا تُحْشَرُونَ -ثَلَاثًا- رُكْبَانًا وَمُشَاةً، وَعَلَى وُجُوهِكُمْ تُوفُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ" (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 1135 - 1137 (1708 - 1710) ¬

_ (¬1) رواه الطبراني 9/ 177 (8881)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 155. قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 60: رواه الطبراني موقوفًا، وعبد اللَّه بن ضرار ضعيف. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 446 - 447، والترمذي (2424) وقال: حسن. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2302) والنسائي في "الكبرى" 6/ 439 (11431)، والطبراني 19/ 427 - 428.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قثنا مَعْمَر، عن قتادة في قوله عَزَّ وَجَلَّ: {الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ} [المائدة: 21] قال: هي الشام (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا حسين في تفسير شَيْبان، عن قتادة قوله عَزَّ وَجَلَّ: {يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 21] قال: أُمِرَ القومُ بها كما أمروا بالصلاة والزكاة والحج والعمرة، {قَالُواْ يَامُوسَى إِنَّ فِيها قَوْمًا جَبَّارينَ} [المائدة: 22] قال: وذكر لنا أن قومًا جبارين كانوا بالأرض المقدسة لهم أجسام وخلق مُنْكر (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا حُسَيْن في تفسير شَيْبان، عن قتادة قوله: {إِلَى الأرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلعالَمِينَ} [الأنبياء: 81] قال: أنجاهما اللَّه مِنْ أرض العراق إلى أرض الشام (¬3). قال: وحدث أبو قلابة أن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "رأيت في المنام أن الملائكة حَمَلَتْ عَمُود الكِتاب، فعَمَدت به إلى الشام"، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا وقعت الفتن فإن الإيمان بالشام" (¬4). "فضائل الصحابة" 2/ 1138 - 1139 (1713 - 1716) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الوهاب، في تَفْسِير سَعِيْد، عن قتادة قوله: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41)} [ق: 41] قال سعيد: قال قتادة: كنا نتحدث أنه ينادي من صَخْرة بيت المَقْدِس، قال: وهي وسط الأرض (¬5). ¬

_ (¬1) "تفسير عبد الرزاق" 1/ 183، ورواه الطبري في "تفسيره" 4/ 513. (¬2) رواه الطبري في "تفسيره" 4/ 514 - 515. (¬3) رواه الطبري في "تفسيره" 9/ 45. (¬4) رواه مرسلًا -هكذا- الطبري في "تفسيره" 9/ 45. (¬5) رواه الطبري في "تفسيره" 11/ 439.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة قال: حُدِّثْنا أن كعبًا كان يقول: هي أقرب الأرضين من السماء بثمانية عَشر ميلا (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1140 - 1141 (1718 - 1719) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن جَعْفر، قثنا شُعْبة، عن معاوية ابن قُرّة، عن أبيه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إِذَا فَسَدَ أَهْلُ الشَّامِ فَلَا خَيْرَ فِيكُمْ، لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا سُليمان بن داود قال: أنا عمران، عن يزيد بن سُفيان قال: سمعتُ أبا هريرة يقول: لا تَسُبُّوا أهل الشام فإنهم الجند المقدم. "فضائل الصحابة" 2/ 1142 - 1144 (1722 - 1723) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق قال: أنا معمر، عن أيّوب، عن أبي قلابة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَكُونُ بِالشَّامِ جُنْدٌ وَبِالْعِرَاقِ جُنْدٌ، وَبِالْيَمَنِ جُنْدٌ" قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: خِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "عَلَيْكَ بِالشَّامِ فَمَنْ أَبَى فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِهِ وَلْيَسْتَقِ بِغُدُرِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ تَوَكَّلَ لِي بِالشَّامِ، وَأَهْلِهِ" (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 11/ 439، فقال: وحُدَّثنا أن كعبًا قال. . . ثم ذكره. (¬2) واه الإمام أحمد 3/ 436، والترمذي (2192). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. (¬3) "الجامع" لمعمر 11/ 250 (20456)، وقد صح الحديث مرفوعًا عند الإمام أحمد 5/ 33، وأبي داود (2483).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن الزهري، عن عبد اللَّه بن صَفْوان، وقال مرة: عن عبد اللَّه بن صَفْوان بن عبد اللَّه قال: قال رجل يوم صفين: اللهم العن أهلَ الشام. فقال علي: لا تَسُبّ أهل الشام جمًّا غفيرًا؛ فإن بها الأبدال، فإن بها الأبدال، فإن بها الأبدال (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1144 - 1146 (1725 - 1726) ¬

_ (¬1) "الجامع" لمعمر 11/ 249، والضياء المقدسي في "المختارة" 2/ 111 (485)، ورواه الإمام أحمد 1/ 112 من طريق صفوان، عن شريح بن عبيد، عن علي مرفوعا. ومن طريق الإمام أحمد رواه الضياء في "المختارة" 2/ 110 (484). قال الضياء المقدسي: شريح بن عبيد: شامي، سمع معاوية، بن أبي سفيان وغيره من أهل الشام، ولا أتحقق هل سمع من علي ألا أم لا؟ وصفوان بن عبد اللَّه بن صفوان سمع عليًا وغيره، فكأن الموقوف أولى واللَّه أعلم. قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 63 (16671): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير شريح بن عبيد، وهو ثقة، وقد سمع من المقداد، وهو أقدم من علي. قال السيوطي في "النكت" ص 240: خبر الأبدال صحيح فضلًا عما دون ذلك، وإن شئت قلت: متواتر، وقد أفردته بتأليف استوعبت فيه طرق الأحاديث الواردة في ذلك. وقد ضعف الألباني المرفوع في "الضعيفة" (2993).

192 - باب: النهي عن سب الصحابة، والبراءة ممن تبرأ منهم، وعدم الخوض فيما شجر بينهم.

192 - باب: النهي عن سب الصحابة، والبراءة ممن تبرأ منهم، وعدم الخوض فيما شجر بينهم. قال الكوسج: سئل أحمد عن أبي بكرٍ وعمر رضي اللَّه عنهما. قَالَ: ترحَّم عليهما، وتبرأ ممن يَتَنَقصهما. قال إسحاق: كمَا قَال. "مسائل الكوسج" (3291) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا أبو المغيرة، قال: حدثنا جرير، قال: قال جبير بن نفير: جئت عبد اللَّه بن عمر أستفتيه في بعض الأمر، فقال: ممن أنت؟ قلت: من أهل حمص. قال: تركت الجند المقدم ناصية أصحاب محمد ساروا بلواء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى حلوا بها جميعًا، أما أنا لا أفتيك في شيء. "مسائل صالح" (885) قال ابن هانئ: وسمعت أبا عبد اللَّه -وقال له دلويه: سمعت عليَّ بن الجعد يقول: مات واللَّه معاوية على غير الإسلام (¬1). وسمعت أبا عبد اللَّه يقول؛ وقال له أبي، أحاديث جاءت في عليَّ في الفضائل. فقال: على ما جاءت، لا نقول في أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا خيرًا. وقال: ابن عمر، وسعد، ومن كف عن تلك الفتنة، أليس هو عند بعض الناس أحمد. ¬

_ (¬1) قال المحقق الشيخ زهير الشاويش: إن قائل ذلك عن سيدنا معاوية أو أي أحد من الصحابة قد جعل إسلامه في خطر عظيم، وقد سقط جواب أحمد في الأصل ولعله قال: بئس ما قال.

ثم قال: هذا علي لم يضبط الناسَ، فكيف اليوم والناس على هذا الحال ونحوه، والسيف لا يعجبني أصلًا. "مسائل ابن هانيء" (1934) قال ابن هانئ: قلت: الشراة يأخذون رجلًا فيقولون: تبرأ من علي، وعثمان، وإلا قتلناك، فيكف ترى أن يفعل؟ قال: إذا عذب وضرب فليصر إلى ما أرادوا، واللَّه يعلم منه خلافه (¬1). "مسائل ابن هانيء" (1957) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو معاوية، قثنا محمد بن خالد الضبي، عن عطاء -يعني: ابن أبي رباح- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ حفظني في أصحابي كنتُ له يومَ القيامة حافِظًا ومَنْ سَبَّ أصحابي فعليه لعنة اللَّه" (¬2). "فضائل الصحابة" 1/ 63 - 64 (10) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، وأبو معاوية، قالا: نا هشام -يعني: ابن عروة- عن أبيه، عن عائشة: أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد فسبُّوهم (¬3). وقال أبو معاوية في حديثه: يا ابن أختي، أمروا أن يَستغفروا لأصحاب محمد فَسبّوهُم (¬4). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، قثنا سفيان، عن نُسَير بن ذُعْلوق، قال: سمعتُ ابن عمر يقول: لا تسُبّوا أصحاب محمد، فَلَمَقَام أحدِهم ساعةّ خيرٌ من عَمَل أحدكم عُمُرَه (¬5). "فضائل الصحابة" 1/ 66 - 67 (14 - 15) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو معاوية قال: ونا رجل، عن مجاهد، ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 379 (762). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 408 (32409). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 408 (32408)، وابن أبي عاصم (1003). (¬4) رواه مسلم (3022). (¬5) رواه ابن ماجه (162)، وابن أبي عاصم في "السنة" (1006)، وابن أبي شيبة 6/ 408 =

عن ابن عباس، قال: لا تسبُوا أصحاب محمد، فإن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قد أمَر بالاستغفار لهم وهو يَعلم أنهم سَيقتلون (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 69 - 70 (18) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن نُسَير بن ذُعلوق قال: سمعت ابن عمر يقول: لا تسبوا أصحاب محمد، ¬

_ = (32405). قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 1/ 24: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. تنبيه: قد وقع في إسناد ابن أبي عاصم: بسر بن دعلوق بدلا من نسير بن ذعلوق، لذا قال الألباني في "ظلال الجنة" (1006): رجال إسناده ثقات رجال الشيخين غير بسر بن دعلوق فلم أعرفه الآن. ثم وقفت على قول للألباني رحمه اللَّه تعالى نقله عنه محقق كتاب "السنة" (ط الصميعي) حيث قال 2/ 687: جاء في الأصل بسر .. قال الشيخ ناصر: فلم أعرفه الآن، ثم قال حفظه اللَّه -يقصد الشيخ الألباني- ومن نسخته الخاصة أنقل: ثم تبين أنه محرف وأن الصواب نسير. انتهى. وانظر: "الإكمال" 1/ 301. (¬1) رواه أحمد بن منيع كما في "إتحاف الخيرة المهرة" 7/ 338، و"المطالب العالية" 17/ 74، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" 7/ 1318. قال البوصيري: رواه أحمد بن منيع موقوفًا بسند فيه راو لم يسم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة النبوية" 2/ 22: وروى ابن بطة بالإسناد الصحيح عن عبد اللَّه بن أحمد قال: حدثني أبي، حدثنا معاوية، حدثنا رجاء، عن مجاهد، عن ابن عباس. . ثم ذكره. ولم أقف عليه في "الإبانة" إلا أن محقق "المنهاج" الدكتور محمد رشاد سالم قال في الهامش: ورد هذا الأثر في كتاب "الشرح والإبانة على أصول الديانة" لابن بطة العكبري ص 15 بتحقيق الأستاذ هنري لاوست، طبعة المعهد الفرنسي بدمشق 1958. ثم رجح أن ما نشره الأستاذ هنري لاوست هو "الإبانة الصغيرة" وقد استنبط المحقق هذا من ذكر ابن أبي يعلى لهذا الكتاب في "طبقات الحنابلة" 3/ 270. والإسناد الذي ذكره شيخ الإسلام يوضح أن الرجل المبهم هو رجاء، وقد يكون في الأمر تحريف بين رجاء ورجل.

فلَمقَام أحدهم ساعة خير من عِبادة أحدكم أربعين سنة. "فضائل الصحابة" 1/ 71 (20) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أسباط، عن عَمْرو بن قَيس، قال: سمعت جعفر بن محمد بن علي يقول: بَريء اللَّه ممَنْ تبَرَأَ من أبي بكر وعمر (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبى، قثنا أسباط، قثنا كَثِير النوّاء، قال: سألتُ أبا جعفر محمد بن علي عن أبي بكر وعمر، فقال: توَلَّهما، فما كان في ذلك فهو في عُنُقي (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أسباط، قثنا كثير النواء، قال: سألت زَيْدَ بن عَلي، عن أبي بكر وعمر، فقال: تولَّهما. قال: قلت: كيف تقول فيمن يتبرأ منهما؟ قال: أبرأ منه حتى يتوب (¬3). "فضائل الصحابة" 1/ 196 - 197 (143 - 145)، "السنة" لعبد اللَّه 2/ 557 (1300 - 1302) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن فضيل، قثنا سالم -يعني: ابن أبي حَفْصة- قال: سألتُ أبا جعفر وجعفرًا عن أبي بكر وعمر، فقالا لي: يا سالم تولّهما وابرأ من عَدُوهما؛ فإنهما كانا إمامَي هُدى. قال: وقال لي جعفر: يا سالم، أبو بكر جدي، أيسبُّ الرجلُ جدَّه؟ قال: وقال: لا نالتْني شفاعة محمد يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عَدُوّهما (¬4). "فضائل الصحابة" 4/ 211 - 215 (176)، "السنة" لعبد اللَّه 2/ 558 (1303) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، قثنا ابن نمير وهو عبد اللَّه: عن شَريك، عن ¬

_ (¬1) رواه المحاملي في "أماليه" رواية ابن يحيى البيّع ص 240 - 241. (¬2) رواه الدارقطني في "فضائل الصحابة" (27). (¬3) لم أقف عليه. (¬4) رواه الآجري في "الشريعة" 5/ 2225 (طبعة دار الوطن)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" 7/ 1326.

عُروة بن عبد اللَّه بن قُشَيْر، عن أبي جَعْفر، قال: قال أبو بكر الصديق. قلتُ: الصديق؟ قال: نعم الصديق، وذكر حديثًا فيه ذكر عُمر فقال: أمير المؤمنين عمر، قلتُ: أمير المؤمنين؟ قال: نعم أمير المؤمنين (¬1). "فضائل الصحابة" 1/ 293 - 294 (296) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثتنا أم عُمر بنت حسان بن يزيد أبي الغصن -قال أبي: وكانت عَجوز صِدْق- قالت: حدثني أبي، قال: دخلت المسجد الأكبر -مسجد الكوفة- قال: وعلي بن أبي طالب قائم على المنبر يخطب الناس وهو ينادي بأعلى صوته ثلاث مرار: يا أيها الناس، يا أيها الناس، يا أيها الناس، إنكم تكثرون في عثمان فإن مثلي ومثله كما قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47)} [الحجر: 47] (¬2). "فضائل الصحابة" 1/ 553 - 554 (729) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر، قثنا شعبة، عن حبيب ابن الزبير، قال: سمعتُ عبد الرحمن بن الشَّريد قال: سمعت عليًّا يخطب، فقال: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان كما قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47)} [الحجر: 47]. "فضائل الصحابة" 1/ 570 (758) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن حصين، عن هلال بن يساف، عن عبد اللَّه بن ظالم، قال: جاء رجل إلى سعيد بن زيدٍ فقال: إني أحببت عليًّا حبًّا لم أحبه شيئًا قط. قال: نِعْمَ ما رأيت أحببت رجلًا من أهل الجنة. ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 211، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 185 من طريق عروه، بنحوه. (¬2) رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 14/ 432.

وجاءه رجل فقال: إنّي أبغضت عثمان بغضًا لم أُبْغِضْه شيئًا قط. قال: بئس ما رأيت أبغضت رجلًا من أهل الجنة (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا وكيع، عن نُعَيم بن حَكِيم، عن أبي مريم، قال: سمعتُ عليًّا يقول: يهلِك فيَّ رجلان مفرط غالٍ، ومبغض قالٍ (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 705 - 706 (963 - 964) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الملك بن عمرو، قال: حدثنا قُرّة قال: سمعت أبا رجاء يقول: لا تسبوا عليًّا ولا أهل هذا البيت؛ إن جارًا لنا من بني الهُجَيْم قدم من الكوفة فقال: ألم تروا هذا الفاسق ابن الفاسق؟ إن اللَّه قتله يعني الحُسَيْن، قال: فرماه اللَّه بكوكبين في عينه فطمس اللَّه بصره (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن آدم، نا شَرِيْك، عن سعيد بن مَسْروق، عن مُنذر، عن الرِبيْع بنْ خثيم أنهم ذكروا عنده عليّا، فقال: ما رأيت أحدًا مبغضيه أشد له بغضًا ولا محبيه أشد له حبًّا ولم أرهم يجدون عليه في حكمه، واللَّه عَزَّ وَجَلَّ يقول: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا} [البقرة: 269] (¬4). "فضائل الصحابة" 2/ 710 - 711 (972 - 973) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي عاصم في "السنة" (1425)، والضياء في "المختارة" 3/ 280، ولكنهم زادوا فلان بن حيان؛ بين هلال وعبد اللَّه بن ظالم. قال البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 125: وزاد بعضهم ابن حيان فيه ولم يصح. ورواه أحمد 1/ 188، أبو داود (4648) والترمذي (3757)، وابن ماجه (134) ولكن دون أن يذكروا موضع الشاهد. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 377، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 8/ 1480. (¬3) رواه الطبراني 3/ 112 قال الهيثمي 9/ 196: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. (¬4) لم أقف عليه.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق قال: نا محمد -يعني: ابن راشد- قال: حدثني عوف قال: كنت عند الحسن فذكروا أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال ابن جوشن الغطفاني: يا أبا سعيد، إنما أزري بأبي موسى اتباعُه عليًّا. قال: فغضب الحسن حتى تبين الغضب في وجهه، قال: فمن يُتَّبَع؟ ! قُتِل أمير المؤمنين عثمان مظلومًا، فعمد الناس إلى خيرهم فبايعوه، فمن يُتَّبَع؟ ! حتى ردّها مرارًا (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 712 - 713 (976) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أسود بن عامر، قثنا إسرائيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري، قال: إنما كنا نعرف منافقي الأنصار ببغضهم عليًّا (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 715 (976) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قال: نا معمر، عن أبي إسحاق، عن العلاء بن عرار قال: سألت ابن عمر عن علي وعثمان، فقال: أما علي فهذا بيته لا أحدثك عنه بغيره، وأما عثمان فإنه أذنب فيما بينه وبين اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ذنبًا عظيمًا فغفره له، وأذنب فيما بينكم وبينه ذنبا صغيرا فقتلتموه (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 736 - 737 (1012) قال عبد اللَّه: قثنا أبي قال: نا إسماعيل، قال: أنا منصور بن عبد الرحمن، قال: قلت للشعبي: أبلغك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اثبتْ حراء ¬

_ (¬1) لم أقف عليه. (¬2) رواه الترمذي (3737) من طريق أبي هارون، عن أبي سعيد الخدري. ثم قال: هذا حديث غريب؛ إنما نعرفه من حديث أبي هارون، وقد تكلم شعبة في أبي هارون. وقد روي هذا عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد. (¬3) "جامع معمر برواية عبد الرزاق" 11/ 232.

فليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد" (¬1)؟ "فقال: نعم. قلت: من كان على الجبل يومئذ؟ قال: علي وعثمان وطلحة والزبير، وأنت وأصحابك يقولون لبعض الجنة، وبعض في النار. فقلت: يا أبا عمرو، ممن سمعته؟ فقال: واللَّه لو حدثتك أني سمعته من ألف إنسان لرأيتُ أني صادق (¬2). "فضائل الصحابة" 2/ 921 (1274) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يحيى بن زكريا، عن إسماعيل، عن قيس قال: أخبرت أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تسبوا خالدا، فإنه سيف من سيوف صبه اللَّه على الكفار" (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 1026 - 1027 (1479) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا المطَّلب بن زياد، عن أبي إسحاق، أن رجلًا وقع في عائشة وعابها، فقال له عمار: ويحك ما تريد من حبيبة رسول اللَّه، ما تريد من أم المؤمنين؟ فأنا أشهد أنها زوجته في الجنة. بين يدي عَلِيٍّ، وعليٌّ ساكت (¬4). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: ثنا أم عُمر ابنة حَسان بن زيد، قالت: ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (4648) والترمذي (3757) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (134) من حديث سعيد بن زيد. والحديث روي عن غير واحد من الصحابة منهم: عثمان ابن عفان، وأنس، وبريده بن الحصيب، وأبي هريرة، وابن عباس. انظر: "كنز العمال" 11/ 564 (32668)، "الصحيحة" (875)، "صحيح الجامع" (132). (¬2) لم أقف عليه. (¬3) رواه أبو يعلى 13/ 143 (7188)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" 7/ 395. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 349: رواه أبو يعلى، ولم يسم الصحابي، ورجاله رجال الصحيح. (¬4) رواه الترمذي (3888)، والطبراني 23/ 40 (102)، (103) من طرق عن عمار.

وحدثني -يعني: سعيد بن يحيى بن قيس بن عَبْس- عن أبيه، أن عائشة كانت تقول: لا ينتقصني إنسان في الدنيا إلا تبرأت منه في الآخرة (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1097 - 1098 (1625 - 1626) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن الزهري، قال: كنت عند الوليد وكاد أن يتناول عائشة، فقلتُ له: يا أمير المؤمنين ألا أحدثك عن رَجُل من أهل الشام وكان أوتي حكمة، قال: مَنْ هو؟ قلت: هو أبو مسلم الخولاني، وسمع أهل الشام كادوا ينالون من عائشة، فقال: ألا أخبركم بمَثَلِكم وَمَثل أمكم هذِه، كَمَثل عينين في رأس يؤذيان صاحِبَهما ولا يستطيع أن يعاقِبَهما إلا بالذي هو خير لهما، قال: فسكت. ذكره الزهري عن أبي إدريس عن أبي مسلم (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن عُرَيْب بن حُمَيْد، قال: جاء رجل إلى علي فوقع في عائشة، فقام عمار، فقال: اخرج مقبوحًا منبوحًا، واللَّه إنها لزوجة رسول اللَّه في الدنيا والآخرة (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 1099 - 1100 (1630 - 1631) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن نُسَيْر بن ذُعْلوق قال: سمعت ابن عُمر يقول: لا تسبوا أصحاب محمد، فلمقام ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 376، وأبو بكر البزاز في "الفوائد" 1/ 542، واللالكائي في "أصول الاعتقاد" 4/ 1523 (2769)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 14/ 432 - 433 بنحوه. (¬2) "الجامع" لمعمر 11/ 433 (20926)، ورواه الفسوي في "المعرفة والتاريخ" 2/ 384، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 27/ 204. (¬3) تقدم تخريجه.

أحدهم ساعة خير من عبادة أحدكم أربعين سنة (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر عمن سمع الحسن يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مثل أصحابي في الناس كمثلى المِلْح في الطعام" (¬2) ثم يقول الحسن: هيهات، ذهب مِلْحُ القوم. "فضائل الصحابة" 2/ 1148 (1729 - 1730) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو معاوية، قثنا محمد بن خالد الضبّي، عن عطاء بن أبي رباح قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من حفظني في أصحابي كنت له يوم القيامة حافظًا، ومن سبّ أصحابي فعليه لعنة اللَّه" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا يونس بن محمد، قثنا حماد، عن علي بن زيد، قال: قال لي سعيد بن المسيب: مُر غلامَك فلينظر إلى وجه هذا ¬

_ (¬1) تقدم قريبا. (¬2) "جامع معمر" 11/ 221 (20377) كذا مرسلًا، ورواه ابن المبارك في "الزهد" (572)، وابن أبي شيبة 7/ 197 (35215)، وأبو يعلى 5/ 151 (2762) من طرق عن الحسن، عن أنس، به. أشار الهيثيمي إلى ضعف إسناده في "المجمع" 10/ 18، وضعفه الألباني في "الضعيفة" (1762). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 6/ 408 (32409)، وابن أبي عاصم في "السنة" (1001)، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 103، من طرق عن عطاء، بنحوه، ورواه الطبراني 12/ 434 (13588) من طريق عطاء، عن ابن عمر. قال الألباني في "ظلال الجنة" ص 469 معلقًا على مرسل عطاء: حديث حسن وإسناده مرسل صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير محمد بن خالد. . وللحديث بعض الشواهد الموصولة المسندة ومن أجلها أوردت الحديث في "الصحيحة" (2340). قلت: في الباب عن ابن عباس، وجابر. وعائشة وأبي سعيد. انظر "المجمع" 10/ 21.

الرجل. قلتُ: بل أخبرني أنت. قال: إن هذا رجل قد سوّد اللَّه وَجْهَه. قلت: وَلمَهْ؟ قال: كان يقع في علي وطلحة والزُّبَيْر، فجعلتُ أنهاه فجعل يأبى، فقلت: اللهم إن كنت تعلم أن هؤلاء قوم لهم سوابق وقدم، فإن كان مُسْخِطًا لك ما يقول فأرِبه واجعله آية، قال: فسوّد اللَّه وَجْهَه (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1149 - 1150 (1733 - 1734) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، نا سفيان، عن نُسَيْر بن ذُعلوق قال: سمعت ابن عمر قال: لا تسبوا أصحاب محمد، فلَمَقام أحدهم ساعة خيرٌ من عَمَل أحدكم عمره (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، عن سفيان، عن يونس، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنا سابق العرب، وسلمان سابق فارس، وصهيب سابق الروم، وبلال سابق الحبش" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا وكيع، وأبو معاوية، قالا: نا هشام، عن أبيه، عن عائشة: أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد فسبُّوهم. وقال أبو معاوية: قالت: يا ابن أختي، أمروا أن يستغفروا لأصحاب ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 5/ 136 والخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 96 من طريق حماد، به. (¬2) تقدم قريبًا. (¬3) رواه معمر 11/ 242 (20432)، وابن سعد في "الطبقات" 1/ 21 وفي مواضع أخرى. والحديث أورده الألباني في "الضعيفة" (2953) وقال: ضعيف، روي من حديث أبي أمامة الباهلي وأنس بن مالك، وأم هانئ والحسن البصري مرسلًا. ثم ذكر طرق كل حديث وقال عن مرسل الحسن: مرسل صحيح الإسناد.

محمد فَسُّبوهم (¬1). "فضائل الصحابة" 2/ 1150 (1736 - 1738) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا حُسَيْن بن علي، عن أبي موسى، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأصحابه: "أنتم في الناس كمثل الملح في الطعام" (¬2)، قال: يقول الحسن: وهل يَطِيْب الطعام إلا بالملح؟ قال: "يقول الحسن: فكيف بقوم قد ذهب ملحهم؟ . قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا أبو معاوية، قثنا رَجُل، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: لا تسبوا أصحاب محمد، فإن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قد أَمَر بالاستغفار لهم وهو يعلم أنهم سَيَقْتَتِلُون ويُحدِثون (¬3). "فضائل الصحابة" 2/ 1152 (1740 - 1741) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا سلام بن مسكين، قال: حدثنا عمران بن عبد اللَّه بن طلحة الخزاعي، عن سعيد بن المسيب، قال: شهدت عليًّا وعثمان وكان بينهما نَزْغ من الشيطان، فما تَرَك واحد منهما لصاحبه شيئًا إلا قال له فلو شئت أن أقصّ عليك ما قالا فَعَلتُ، ثم لم يَبَرحا حتى اصطلحا واستغفر كل واحد منهما لصاحبه (¬4). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا سليمان، قال: ثنا عمارة بن ¬

_ (¬1) رواه مسلم (3022) من طريق أبي معاوية، به. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 6/ 407 (32395)، وقد تقدم قريبًا بإسناد آخر عن الحسن، فراجعه. (¬3) رواه الآجري في "الشريعة" 5/ 2491 (1979)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد" 7/ 1318 - 1319 (2339). (¬4) رواه الخلال في "السنة" 1/ 362 (715)، ورواه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 511 عن سليمان، بنحوه.

مهران، قال: حدثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: أما أول القصة فلا أذكرها، فما صليت الظهر حتى دخل أحدهما آخذًا بيد صاحبه كأنهما أخوان لأب وأم. يعني: عثمان وعليًّا (¬1). "العلل" برواية عبد اللَّه (2053 - 2054) قال عبد اللَّه: سألته عمن شتم رجلًا من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، -رضي اللَّه عنهم-. فقال أبي: أرى أن يضربه. فقلت له: حد؟ فلم يقف على الحد، إلا أنه قال: يُضرب. وقال: ما. أراه إلا متهما على الإسلام. سمعت أبي يقول: لا يضرب أكثر من عشرة إلا في حد (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (1559) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال: لقد رأيت عليًّا وعثمان -رضي اللَّه عنهما- يستبان سبابا ما أخبرت به أحدًا بعد (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 556 (1298) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو بدر شجاع بن الوليد قال: ذكر خلف ابن حوشب، عن أبي إسحاق، عن عبد خير، عن علي -رضي اللَّه عنه- قال: سبق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وصلى أبو بكر، وثلث عمر، ثم خبطتنا -أو أصابتنا- فتنة يعفو ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 362 (716). (¬2) رواه الخلال في "السنة" 1/ 390 (782) مختصرًا، بلفظ: ما أراه على الإسلام. (¬3) لهذِه الرواية تتمة ذكرت في الرواية التي قبلها في "السنة" (1297): عن محمد بن مرزوق -وجده مهدي بن ميمون- نا عثمان بن عثمان العطفاني عن علي بن زيد به، ونصها: ثم رأيتهما من العشي في ذلك المكان يضحك أحدهما لصاحبه. وقد تقدم قريبًا تخريج أثر سعيد هذا من طريق عمران بن عبد اللَّه، عنه.

اللَّه عمن يشاء (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 564 (1319)، 2/ 584 (1381) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو نعيم، نا شريك، عن الأسود بن قيس، عن عمرو بن سفيان قال: خطب رجل يوما بالبصرة حين ظهر علي، فقال علي: هذا الخطيب الشحشح (¬2) سبق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وصلى أبو بكر، وثلث عمر، ثم خبطتنا بعدهم فتنة يصنع اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فيها ما شاء (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 567 (1328) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، عن سفيان، عن أبي هاشم القاسم بن كثير، عن قيس الخارفي، عن علي -رضي اللَّه عنه- قال: سبق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وصلى أبو بكر، وثلث عمر، ثم خبطتنا فتنة فهو ما شاء اللَّه (¬4). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، وأبو نعيم، حدثنا سفيان، عن أبي هاشم القاسم بن كثير بياع السابري، عن قيس الخارفي قال: سمعت عليًّا لكنه على هذا المنبر. . فذكر الحديث (¬5). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 568 (1330 - 1331) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو خيثمة زهير بن حرب، نا سفيان بن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 112، والطبراني في "الأوسط" 2/ 177. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 54: رجال أحمد ثقات. (¬2) الخطيب الشحشح: الماهر بالخطبة الماضي فيها، وكل ماضٍ في كلام أو سير فهو شحشح. انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد 2/ 132 - 133. (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 147، وفي "فضائل الصحابة" 1/ 264 - 265 (243). (¬4) رواه الإمام أحمد 1/ 132. (¬5) رواه الإمام أحمد 1/ 124 من طريق عبد الرحمن، وفي 1/ 147 من طريق أبي نعيم، كلاهما عن سفيان، به.

عيينة، عن خالد بن سلمة -شيخ من قريش- قال: سمعت الشعبي يقول: قال مسروق: حب أبي بكر وعمر ومعرفة فضلهما من السنة (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 580 (1368) قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني أبو الحسن العقيلي قال: كنت آتي أبا عبد اللَّه، فيقبل عليَّ، ويلقاني لقاءً جميلًا، فأتيته يومًا، فأنكرت لقاءه، فقلت في نفسي: قد دهيت شيعتنا عنده، فقلت: يا أبا عبد اللَّه، بلغك عني شيء؟ فقد أنكرت لقاءك اليوم. فقال: وأومأ إلى شابٍّ ناحية تحت درجة المسجد، فقال: أخبرني ذاك -وكان من أهل اليمامة- أنك سببت، أو ذكرت بعض الصحابة. فقلت: لا واللَّه، ما سببت أحدًا من الصحابة قط، ولا ذكرت أحدًا منهم بسوء، ولكل سمعت هذا ذكر عليًا ومعاوية فسوى بينهما، أراه قال: فرددت عليه. فقال: قد بيَّن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ هذا في كتابه. ثم قال: قد قبلتُ منك، ولا تعد تكلم في هذا. "السنة" للخلال 1/ 275 (463) قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسين، أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن رجل انتقص معاوية وعمرو بن العاص، أيقال له: رافضي؟ فقال: إنه لم يجترئ عليهما إلا وله خبيئة سوء، ما انتقص أحدٌ أحدًا من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا له داخلة ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في "العلل" 1/ 452 (1026)، وابن أبي شيبة 6/ 352 (31928)، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" 2/ 813، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" 7/ 1312 (2322).

سوء، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي" (¬1). قال الخلال: قال أحمد بن محمد بن مطر قال: ثنا أبو طالب قال: سألت أبا عبد اللَّه: يكتب عن الرجل إذا قال: معاوية مات على غير الإسلام أو كافر؟ قال: لا. ثم قال: لا يكفر رجل من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال الخلال: أخبرني يوسف بن موسى، أن أبا عبد اللَّه سئل عن رجل شتم معاوية، يصيره إلى السلطان؟ قال: أخلق أن يتعدى عليه. قال الخلال: أخبرني محمد بن موسى، قال: سمعت أبا بكر بن سندي قرابة إبراهيم الحربي، قال: كنت، أو حضرت، أو سمعت أبا عبد اللَّه، وسأله رجل: يا أبا عبد اللَّه، لي خال ذكر أنه ينتقص معاوية، وربما أكلتُ معه. فقال أبو عبد اللَّه مبادرًا: لا تأكل معه. "السنة" للخلال 1/ 350 - 351 (690 - 693) قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر، أن أبا الحارث حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي" فلا يقاس بأصحابه أحد من التابعين. وقال أبو عبد اللَّه: من تنقص أحدًا من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا ينطوي إلا على بلية، وله خبيئة سوء، إذا قصد إلى خير الناس، وهم أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، حسبك. "السنة" للخلال 1/ 378 (758) قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد قال: ثنا أبو طالب قال: سألت أبا عبد اللَّه: البراءة بدعة؟ والولاية بدعة؟ والشهادة بدعة؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام 1/ 378، والبخاري (2652)، ومسلم (2533) من حديث ابن مسعود.

قال: البراءة أن تتبرأ من أحد من أصحاب رسول اللَّه، والولاية أن تتولى بعضًا وتترك بعضًا، والشهادة أن تشهد على أحد أنه في النار. "السنة" للخلال 1/ 379 (763) قال الخلال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل بن إسحاق بن حنبل قال: حدثني أبي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: الغلو في أصحاب محمد الغلو في ذكر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا" (¬1)، وقال: "إنما هم بمنزلة النجوم، بمن اقتديتم منهم اهتديتم" (¬2). فالنبي قد نهى عن ذكر أصحابه، وأن ينتقص أحد منهم، وقد علم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما يكون بعده من أصحابه، كان رسول ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 54 - 55، والترمذي (3862)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 131 (389) وقال: فيه نظر. والحديث ضعفه الألباني في "الضعيفة" (2901). (¬2) هذا الحديث مروي عن جابر وأبي هريرة وابن عباس وعمر وابنه عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهم-. أما حديث جابر فرواه ابن عبد البر في "جامع العلم" (1760) من طريق سلام بن سليم، عن الحارث بن غصين، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر مرفوعا. وقال: هذا إسناد لا تقوم به حجة، لأن الحارث بن غصين مجهول. وقال ابن حزم في "الإحكام" 6/ 82: هذِه رواية ساقطة، أبو سفيان ضعيف، والحارث بن غصين هذا هو أبو وهب الثقفي، وسلام بن سليمان يروي الأحاديث الموضوعة، وهذا منها بلا شك. وأما حديث أبي هريرة فرواه القضاعي في "مسند الشهاب" 2/ 275 (837). وأما حديث ابن عمر فرواه عبد بن حميد في "المنتخب" 2/ 28 (781). وأما بقية الأحاديث فقد ذكرها ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 584 - 588 وابن حجر في "التلخيص الحبير" 4/ 190، والألباني في "الضعيفة" (58 - 62) قال ابن الملقن: هذا الحديث غريب لم يروه أحد من أصحاب الكتب المعتمدة، وقال الألباني في "الضعيفة" (58): موضوع.

اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ينبأ بذلك، فالاقتداء برسول اللَّه، والكف عن ذكر أصحابه فيما شجر بينهم، والترحم عليهم، ونقدم من قدَّمه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، نرضى بمن رضي به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حياته وبعد موته. قال اللَّه -تبارك وتعالى-: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134)} [البقرة: 134]. وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي الذِينَ بعثت فيهم، ثُمَّ الذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ، ثُمَّ" (¬1). وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَوْ أَنْفَقَ أَحَدَكُمْ ملء الأرض ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ" (¬2) فالفضل لهم ودع عنك ذكر ما كانوا فيه. قال علي رحمه اللَّه: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {إِخوَانًا عَلَى سُرُرٍ متَقَابِلِينَ} [الحجر: 47] (¬3)، فعلي يقول هذا لنفسه ولطلحة والزبير، ويترحم عليهم أجمعين، ونحن فلا نذكرهم إلا بما أمرنا اللَّه به {اغفِرْ لَنَا وَلِإِخوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ} [الحشر: 10]. وقال عَزَّ وَجَلَّ: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134)} [البقرة: 134]. ثم قال أبو عبد اللَّه: هذا الطريق الواضح والمنهاج المستوي لمن أراد اللَّه به خيرًا ووفقه، وعصمنا اللَّه وإياكم من كل هلكة برحمته. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 426، والبخاري (2651)، ومسلم (2533) من حديث عمران بن الحصين. (¬2) رواه أحمد 3/ 11، والبخاري (3673)، ومسلم (2541)، من حديث أبي سعيد. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 7/ 539 (37784)، وابن أبي عاصم في "السنة" (1215)، والطبري في "تفسيره" 7/ 520 (21207)، والطبراني 1/ 79 - 80 (111). قال الهيثمي 9/ 97: رواه الطبراني وفيه عبد المنعم بن بشير ولا يحل الاحتجاج به.

قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: من سلم ما عليه أصحاب محمد أرجو أن يسلم. قال أبو عبد اللَّه: وما أجد في الإسلام أعظم منَّة على الإسلام بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من أبي بكر رحمه اللَّه لقتاله أهل الردَّة وقيامه بالإسلام، ثم عمر بن الخطاب رحمه اللَّه ورحم أصحاب النبي ونفعنا بحبهم. قال أبو عبد اللَّه: أرجو لمن سلم عليه أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الفوز غدًا لمن أحبهم؛ لأنهم كانوا عمادًا للدين، وقادة للإسلام، وأعوان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنصاره، ووزراءه على الحق، واتباع أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هي السنة، ولا يذكرون إلا بخير، ويترحم على أولهم وآخرهم. "السنة" للخلال 1/ 381 - 382 (768) قال جعفر الصائغ -وأشار إلى اسطوانة الجامع- يعني بمدينة المنصور: عند تلك الاسطوانة قال: إنه كان في جيران أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل رجل، وكان ممن يمارس المعاصي والقاذورات، فجاء يومًا مجلس أحمد بن حنبل فسلم عليه، فكأن أحمد لم يرد عليه ردًا تامًا وانقبض منه، فقال له: يا أبا عبد اللَّه لم تنقبض مني، إني قد انتقلت عما كنت تعهده مني برؤيا رأيتها. قال: وأي شيء رأيتَ؟ تقدم. قال: رأيتُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في النوم كأنه على علو من الأرض وناس كثير أسفل جلوس. قال: فتقدم رجل رجل منهم إليه فيقولون: ادع لنا. حتى لم يبق من القوم غيري، قال: فأردت أن أقوم فاستحييت من قبح ما كنت عليه. قال: فقال لي: "يا فلان، لم لا تقوم وتسألني أدعو لك"؟ فكأني قلت: يا رسول اللَّه، يقطعني الحياء من قبح ما أنا عليه قال: "إن كان

يقطعك الحياء فقم فسلني ادعو لك؛ إنك لا تسب أحدًا من أصحابي". قال: فقمت فدعا لي. قال: فانتبهت وقد بغض اللَّه إلي ما كنت عليه: فقال لنا أبو عبد اللَّه: يا جعفر يا فلان يا فلان، حدثوا بهذا واحفظوه، فإنه ينفع. "شرح أصول الاعتقاد" 7/ 332 - 1333 (2372). قال عبد الملك بن عبد الحميد الميموني: قال أَحمد بن حنبل: يا أبا الحسن، إذا رأَيت رجلا يذكر أحدًا من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بسوءٍ فاتهمه على الإسلام. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 209 قال أبو طالب: سألت أحمد عمن شتم أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: القتل أجبن عنه، ولكن أضربه ضربًا نكالًا. "الصارم المسلول" ص 567 قال الميموني: سمعت أحمد يقول: ما لهم ولمعاوية؟ نسأل اللَّه العافية. وقال لي: يا أبا الحسن، إذا رأيت أحدًا يذكر أصحاب رسول اللَّه بسوء فاتهمه على الإسلام. وقال: ما أراه على الإسلام. وقال: واتهمه على الإسلام. وقال: أجبن عن قتله. وقال إسحاق بن راهويه: من شتم أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يعاقب ويحبس. "الصارم المسلول" ص 568 قال أبو طالب: قال أحمد في الرجل يشتم عثمان: هذا زندقة. "الصارم المسلول" ص 571 قال المروزي: قال أحمد: من شتم أبا بكر وعمر وعائشة ما أراه على الإسلام. "الصارم المسلول" ص 571

193 - باب: التغليظ على من كتب الأحاديث التي فيها طعن على أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

193 - باب: التغليظ على من كتب الأحاديث التي فيها طعن على أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال عبد اللَّه بن أحمد: سمعت أبي يقول: سلام بن أبي مطيع من الثقات، حدثنا عنه عبد الرحمن بن مهدي، ثم قال أبي: كان أبو عوانة وضع كتابًا فيه معايب أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وفيه بلايا، فجاء إليه سلام بن أبي مطيع، فقال: يا أبا عوانة، أعطني ذاك الكتاب، فأعطاه فأخذه سلام فأحرقه. قال أبي: وكان سلام من أصحاب أيوب وكان رجلًا صالحًا (¬1). "العلل" برواية عبد اللَّه (357) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إن قومًا يكتبون هذِه الأحاديث الرديئة في أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد حكوا عنك أنك قلت: أنا لا أنكر أن يكون صاحب حديث يكتب هذِه الأحاديث يعرفها. فغضب وأنكره إنكارًا شديدًا، وقال: باطل، معاذ اللَّه، أنا لا أنكر هذا! لو كان هذا في أفناء الناس لأنكرته، فكيف في أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-! ! وقال: أنا لم أكتب هذِه الأحاديث. قلت لأبي عبد اللَّه: فمن عرفته يكتب هذِه الأحاديث الرديئة ويجمعها أيهجر؟ قال: نعم، يستأهل صاحب هذِه الأحاديث الرديئة الرجم. وقال أبو عبد اللَّه: جاءني عبد الرحمن بن صالح، فقلت له: تحدث بهذِه الأحاديث؟ فجعل يقول: قد حدث بها فلان، وحدث بها فلان، ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 401 - 402 (820).

وأنا أرفق به، وهو يحتج، فرأيته بعد فأعرضت عنه، ولم أكلمه. قال الخلال: وكتب إلي أحمد بن الحسين قال: ثنا بكر بن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه، وسأله عن الرجل يروي الحديث فيه على أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شيء، يقول: أرويه كما سمعته؟ قال: ما يعجبني أن يروي الرجل حديثًا فيه على أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شيء، قال: وإني لأضرب على غير حديث مما فيه على أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شيء. قال الخلال: أخبرني العباس بن محمد الدوري قال: ثنا إبراهيم أخو أبان بن صالح قال: كنت رفيق أحمد بن حنبل عند عبد الرزاق، قال: فجعلنا نسمع، فلما جاءت تلك الأحاديث التي فيها بعض ما فيها قام أحمد بن حنبل فاعتزل ناحية، وقال: ما أصنع بهذِه؟ ! فلما انقطعت تلك الأحاديث، فجاء، فجعل يسمع. قال الخلال: وأخبرنا مقاتل بن صالح الأنماطي قال: سمعت عباسًا الدوري يقول: كنا إذا اجتمعنا مع أحمد بن حنبل نسمع الحديث؛ فجاءت هذِه الأحاديث في المثالب، اعتزل أحمد بن حنبل حتى نفرغ، فإذا فرغ المحدث رجع فسمع، قال مقاتل: وسمعت غير شيخ يحكي عن أحمد ابن حنبل هذا. قال الخلال: وأخبرني العباس بن محمد بن إبراهيم، قال: سمعت جعفرًا الطيالسي، يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: كانوا عند عبد الرزاق: أحمد، وخلف، ورجل آخر، فلما مرت أحاديث المثالب وضع أحمد بن حنبل إصبعيه في أذنيه طويلًا حتى مرَّ بعض الأحاديث، ثم أخرجهما، ثم ردَّهما حتى مضت الأحاديث كلها، أو كما قال.

قال الخلال: سمعتُ محمد بن عبيد اللَّه بن يزيد المنادي، يحكي عن أحمد بن حنبل، فلم أحفظه، ولم أكتبه، فأخبرني محمد بن أبي هارون، قال: سمعت ابن المنادي، قال: كنتُ عند أحمد بن حنبل فجاء أحمد بن إبراهيم الموصلي الذي كان يحدث، ومعه ابن له، فأخرج الموصلي من كم ابنه دفترًا؛ فدفعه إلى أبي عبد اللَّه، فنظر أحمد في الكتاب، وجعل يتغير لونه كأنه ينتقص، فلما فرغ أحمد من النظر في الدفتر قال: قال عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ} [الحجرات: 2]، أما يخاف الذي حدث بهذِه أن يحبط عمله، وهو لا يشعر. ثم قال أحمد بعد أن مضى الموصلي: تدري من يحدث بهذِه؟ قلت: لا. قال: هذا جارك. يعني: خلفًا. قال الخلال: قال أبو بكر المرُّوذي: سألت أبا عبد اللَّه عن خلف المخرمي. فقال: خرج معي إلى طرسوس وكتبه على عنقه، خرجنا مشاة، فما بلغنا رحبة طوق حتى أزحف بي قال: وخرجنا في اللقاط يعني: بطرسوس وما كنت أعرفه إلا عفيف البطن والفرج. قال أبو عبد اللَّه: فلما كان بعد ذهبت إلى منزل عمي بالمخرم، فرأيته؛ فأعرضت عنه، ثم قال: وأيش أنكر الناس على خلف إلا هذِه الأحاديث الرديئة؟ لقد كان عند غندر ورقة، أو قال: رقعة، فخلا به خلف، ويحيى؛ فسمعوها، فبلغ يحيى القطان فتكلَّم بكلام شديد. قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي، قال: ثنا مهنا قال: سألت أحمد عن خلف بن سالم، فلم يحمده، ولم ير أن يكتب عنه. قال الخلال: وأخبرني محمد بن علي، قال: ثنا مهنا قال: سألت

أحمد عن عبيد اللَّه بن موسى العبسي. فقال: كوفي. فقلت: فكيف هو؟ قال: كما شاء اللَّه. قلت: كيف هو يا أبا عبد اللَّه؟ قال: لا يعجبني أن أحدث عنه. قلت: لم؟ قال: يحدث بأحاديث فيها تنقص لأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال الخلال: سمعتُ محمد بن عبيد اللَّه بن يزيد المنادي يقول: كُنّا بمكةَ في سنة تسع، وكان معنا عبيد اللَّه بن موسى، فحدَّث في الطريق، فمرَّ حديث لمعاوية، فلعن معاوية، ولعن من لا يلعنه، قال ابن المنادي: فأخبرتُ أحمد بن حنبل، فقال: متعدٍ يا أبا جعفر. فأخبرني محمد بن أبي هارون أن حبيش بن سندي، حدثهم، أن أبا عبد اللَّه ذكر له حديث عبيد اللَّه بن موسى، فقال: ما أحسب هو بأهل أن يُحدث عنه، وضع الطعن على أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولقد حدثني منذ أيام رجل من أصحابنا أرجو أن يكون صدوقا أنه كان معه في طريق مكة، فحدث بحديث لعن فيه معاوية، فقال: نعم لعنه اللَّه، ولعن من لا يلعنه، فهذا أهل يحدث عنه؟ ! على الإنكار من أبي عبد اللَّه، أي: إنه ليس بأهل يحدث عنه. قال الخلال: قال محمد بن علي، قال: ثنا الأثرم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وذكر له حديث عقيل، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في علي والعباس. وعقيل، عن الزهري، أن أبا بكر أمر خالدًا في علي، فقال أبو عبد اللَّه: كيف؟ فلم يعرفها، فقال: ما يعجبني أن تكتب هذِه الأحاديث. قال الخلال: وأخبرني عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، قال: سمعت هارون بن سفيان، قال سمعت أبا عبد اللَّه يقول: وذكر هذِه الأحاديث

التي فيها ذكر أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: هذِه أحاديث الموتى. قال الخلال: أخبرني حمزة بن القاسم قال: ثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أخرج إلينا غندر -محمد بن جعفر- كتبه عن شعبة فكتبنا منها: كنت أنا وخلف بن سالم، وكان فيها تلك الأحاديث، فأما أنا فلم أكتبها، وأما خلف فكتبها على الوجه كلها. قال أبو عبد اللَّه: كنت أكتب الأسانيد وأدع الكلام. قلت لأبي عبد اللَّه: لم؟ قال: لأعرف ما روى شعبة. قال أبو عبد اللَّه: لا أحب لأحد أن يكتب هذِه الأحاديث التي فيها ذكر أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، لا حلال، ولا حرام، ولا سنن. قلت: أكتبها؟ قال: لا تنظر فيها، وأي شيء في تلك من العلم، عليكم بالسنن والفقه، وما ينفعكم. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المرُّوذي قال: قال لي أبا عبد اللَّه: تعرف أبا سيار سماه، بلغني أنه رد على أبي همام حديثًا حدث به. قال أبو بكر: وحدث أبو همام بحديث فيه شيء على أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وظن أبو همام أنه فضيلة، فلما كان المجلس الثاني، ونحن حضور؛ فوثب جماعة، وقالوا: يا أبا همام، حدثت بحديث رديء؟ فقال: قد أخطأت، اضربوا عليه، ولا تحكوه عني. قال أبو بكر: فدخلت على أبي عبد اللَّه، وقد انصرفت من عند أبي همام، فقال: أيش حدثكم اليوم؟ فأخرجت إليه الكتاب، فنظر، فإذا فيه أحاديث رخصة من كان يركب الأرجوان، فغضب، وقال: هذا زمان يحدث يمثل هذِه الرخص. قال أبو بكر: وجاءوا بأحاديث كتبت عن إبراهيم بن سعيد الجوهري،

فذهبوا إليه، فقال: فيها ما لم أحدث به، وإنما كان هذا الرجل يشتري لي حوائج، فكتب من كتابي ما لم أقرأ عليه، ولكن أضرب عليها من كتابي، ولا أحدث منها بشيء، وأنا أستغفر اللَّه، فأقول في هذا المجلس، فقام في مجلسه، فقال مثل هذا الكلام، ثم تكلم ابن الكردية في أن يأخذ الأحاديث التي عندي، ولا يحدث منها بشيء، فجاء ابن الكردية مرتين، فقال: اللَّه اللَّه، هات الأحاديث حتى نقطعها، ولا نحدث منها بشيء، ونضرب عليها بحضرتك، فأخرجت الكتاب؛ فجعل ابن الكردية يضرب عليها حديثًا حديثًا، قال أبو بكر: فما علمت إبراهيم حدث منها بشيء حتى مات. قال الخلال: سمعت علي بن إسماعيل البندنيجي قال: جمعنا أحاديث فيما كان بين أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فقلت لعلي بن إسماعيل: المثالب؟ قال: نعم. قال: وأتينا بها سويد ابن سعيد قال: فأبى أن يقرأها علينا، فقال: كتب إليَّ أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل: يا أبا محمد، لا تحدث بهذِه الأحاديث، قال علي: فكان إذا مر منها بشيء لم أحدث به. "السنة" للخلال 1/ 395 - 399 (799 - 813) قال الخلال: أخبرنا عبد الملك الميموني قال: تذاكرنا حديث الأعمش وما يغلط فيه، وما يرى من تلك الأشياء المظلمة، قلت: يا أبا عبد اللَّه مع هذا؟ فقال لي: ها، أي: يثبت، وقال لي أبو عبد اللَّه: ما ينبغي لك أن تسمعها، لقد بلغ يحيى بن سعيد أن غندر حدث بشيء عن شعبة من هذِه القصة، فذهب إليه أصحابنا، ولم أذهب أنا، فقال يحيى: ما حمله على أن يحدث بها، لعلَّ رجلًا قد غلط في شيء فحدث به، يحدث به عنه!

قال الخلال: وأخبرني محمد بن علي قال: ثنا محمد بن سعد الزهري قال: سمعت أحمد بن حنبل، وسئل عن أبي عبد الرزاق قال: كان صالح الحديث، فيما حدث عن وهب بن منبه. قيل: حديث مينا؟ قال: من مينا؟ ما فحصت حديث عبد الرزاق في عيب أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ترى مالك بن أنس سلم على الناس إلَّا بتركه، هذِه الأحاديث تورث الغلَّ في القلب. قال الخلال: أخبرني محمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت: هذِه الأحاديث التي رويت في أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ترى لأحد أن يكتبها؟ قال: لا أرى لأحد أن يكتب منها شيئًا. قلت: فإذا رأينا الرجل يطلبها، ويسأل عنها، فيها ذكر عثمان وعلي ومعاوية، وغيرهم من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: إذا رأيت الرجل يطلب هذِه ويجمعها، فأخاف أن يكون له خبيئة سوء. قال الخلال: أخبرني موسى بن حمدون، قال: ثنا حنبل، قال: سمعتُ أبا عبد اللَّه يقول: كان سلام بن أبي مطيع أخذ كتاب أبي عوانة الذي فيه ذكر أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأحرق أحاديث الأعمش تلك. قال الخلال: وأخبرني محمد بن علي، قال: ثنا مهنا، قال: سألتُ أحمد، قلت: حدثني خالد بن خداش، قال: قال سلام. وأخبرني محمد بن علي، قال: ثنا يحيى قال: سمعت خالد بن خداش قال: جاء سلام بن أبي مطيع إلى أبي عوانة، فقال: هات هذِه البدع التي قد جئتنا بها من الكوفة.

قال: فأخرج إليه أبو عوانة كتبه، فألقاها في التنور، فسألت خالدًا ما كان فيها؟ قال: حديث الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اسْتَقِيمُوا لِقُرَيْشٍ" (¬1) وأشباهه. قلت لخالد: وأيش؟ قال: حديث علي: "أنا قسيم النار" (¬2). قلت لخالد: حدثكم به أبو عوانة، عن الأعمش؟ قال: نعم. "السنة" للخلال 1/ 400 - 401 (815 - 819) قال الخلال: قال أبو بكر المرُّوِذي: قلت لأبي عبد اللَّه: استعرت من صاحب حديث كتابًا، يعني: فيه الأحاديث الرديئة، ترى أن أحرقه، أو أخرقه؟ قال: نعم، لقد استعار سلام بن أبي مطيع من أبي عوانة كتابًا فيه هذِه الأحاديث، فأحرق سلام الكتاب. قلت: فأحرقه؟ قال: نعم. قال الخلال: أخبرنا الحسن بن عبد الوهاب، قال: ثنا الفضل بن زياد، قال: سمعتُ أبا عبد اللَّه، ودفع إليه رجل كتابًا فيه أحاديث مجتمعة، ما ينكر في أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ونحوه؛ فنظر فيه، ثم قال: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 277، والطبراني في "الأوسط 8/ 15 (7815)، وفي "الصغير" 1/ 134 (251)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 124. قال الهيثمي في "المجمع" 5/ 195: رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط" ورجال الصغير ثقات. وضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (1643)، وقال: حديث ثوبان هذا لا يصح من قبل إسناده، وابن أبي الجعد لم يسمع من ثوبان، فهو منقطع. اهـ. (¬2) رواه العقيلي في "الضعفاء" 3/ 415، وابن عدي في "الكامل" 7/ 160، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 298، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" 2/ 462 (1575). قال الألباني في "الضعيفة" (4924): موضوع.

ما يجمع هذِه إلا رجل سوء. وسمعتُ أبا عبد اللَّه يقول: بلغني عن سلام بن أبي مطيع أنه جاء إلى أبي عوانة، فاستعار منه كتابًا كان عنده فيه بلايا مما رواه الأعمش، فدفعه إلى أبي عوانة، فذهب سلام به فأحرقه. فقال رجل لأبي عبد اللَّه: أرجو أن لا يضره ذاك شيئًا إن شاء اللَّه؟ فقال أبو عبد اللَّه: يضره؟ ! بل يؤجر عليه إن شاء اللَّه. قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني قال: سألت إسحاق -يعني: ابن راهويه- قلت: رجل سرق كتابًا من رجل فيه رأي جهم، أو رأي القدر؟ قال: يرمي به. قلت: إنه أخذ قبل أن يحرقه، أو يرمي به، هل عليه قطع؟ قال: لا قطع عليه. قلت لإسحاق: رجل عنده كتاب فيه رأي الإرجاء أو القدر أو بدعة، فاستعرته منه، فلما صار في يدي أحرقته أو مزقته؟ قال: ليس عليك شيء. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المرُّوذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا نقول في أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا الحسنى. قال الخلال: وأخبرني محمد بن جعفر، ومحمد بن أبي هارون، أن أبا الحارث قال: جاءنا عدد ومعهم رقعة ذكروا أنهم من الرقة، فوجهنا بها إلى أبي عبد اللَّه، ما تقول فيمن زعم أنه مباح له أن يتكلم في مساوئ أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقال أبو عبد اللَّه: هذا كلام سوء رديء، يجانبون هؤلاء القوم، ولا يجالسون، ويبين أمرهم للناس. "السنة" للخلال 1/ 402 - 403 (821 - 825)

قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: ثنا مهنا قال: قلت لأحمد: حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: ثنا عبيد بن أبي رائطة، عن عبد الرحمن بن زياد، عن عبد اللَّه بن مغفل المزني قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هذا الحديث (¬1). قال: وحدثني أحمد بن حنبل قال: ثنا يزيد بن هارون، عن عبيدة بن أبي رائطة، عن عبد الرحمن بن زياد. وقال لي أحمد بن حنبل: حدَّثنا به سعد بن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الرحمن بن زياد. "السنة" للخلال 5/ 405 (832) قال سليمان بن سافري الواسطي: كنت في مجلس أحمد بن حنبل، فقال له رجل: يا أبا عبد اللَّه، رأيت يزيد بن هارون في النوم فقلت له: ما فعل اللَّه بك؟ قال: غفر لي ورحمني وعاتبني. فقلت: غفر لك ورحمك وعاتبك؟ قال: نعم، قال لي: يا يزيد بن هارون، كتبت عن حريز بن عثمان؟ قال: قلت: يارب، ما علمت إلا خيرًا. قال: إنه كان يبغض أبا الحسن علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه. "طبقات الحنابلة" 1/ 444 ¬

_ (¬1) يعني حديث: "اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي، لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدِي، فَمَنْ أَحَبَّهُ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُوشِك أَنْ يخزله". رواه الإمام أحمد 4/ 87، والترمذي (3862) وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 131: فيه نظر، والحديث ضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (2901).

194 - باب: في ذكر صفين والجمل

194 - باب: في ذكر صفين والجمل قال الكوسج: قُلْتُ: قولُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لعمار -رضي اللَّه عنه-: "تَقْتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ" (¬1). قَالَ: لا أتكلَّمُ فيه، ترْكُه أسلم. قال إسحاق: بل هو معاوية وأصحابه. "مسائل الكوسج" (3509) قال صالح: قال أبي: وقال أبو رجاء العطاردي: رميت عليًّا بأسهم. قال: يا لهفي عليها. "مسائل صالح" (875) قال ابن هانيء: وقال لي أبو عبد اللَّه: لم يشهد مسروق الجمل، ولا مُرّة، أما مُرّة فإنه لحق بالديلم، ولم يشهد الجمل. ثم قال: أهل الكوفة لو قدروا يلطخوا كل أحد لفعلوا (¬2). "مسائل ابن هانئ" (2092) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قثنا تليد بن سليمان، قال: أنا أبو الجحاف، قال: أخبرني أبى، قال: ما مررتُ بدار القصارين إلا ذكرت يوم الجماجم (¬3). "فضائل الصحابة" 1/ 211 (171) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، قال: رأى عبد اللَّه بن بديل بن ورقاء الخزاعي رؤيا فقصها على أبي بكر -رضي اللَّه عنه- فقال: إن صدقت رؤياك قتلت في أمر ذي لبس. فقتل مع علي -رضي اللَّه عنه- صفين. قال عبد الرزاق: فحدثت به ابن عيينة فحدثني بحديث أسنده أن بديل ابن ورقاء رأى رؤيا وامرأته حامل بعبد اللَّه، فقصها على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 161، ومسلم (2916) من حديث أم سلمة رضي اللَّه عنها. (¬2) رواه الخلال في "السنة" 1/ 367 - 368 (731). (¬3) رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" 7/ 137 من طريق عبد اللَّه.

"في بطن امرأتك غلام وسيقتل شهيدًا". "السنة" لعبد اللَّه 2/ 552 (1288) قال عبد اللَّه: حدثني أبي وعبيد اللَّه بن عمر القواريري -وهذا لفظ حديث أبي- قالا: حدثنا يحيى بن حماد أبو بكر، نا أبو عوانة، عن خالد الحذاء، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، أنَّ عليا -رضي اللَّه عنه- أتاهم عائدًا ومعه عمار فذكر شيئًا. فقال عمار: يا أمير المؤمنين. فقال: اسكت فواللَّه لأكونن مع اللَّه على من كان، ثم قال: ما لقي أحد من هذِه الأمة ما لقيت، إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- توفي فذكر شيئًا، فبايع الناس أبا بكر -رضي اللَّه عنه- فبايعت، وقال: سلمت ورضيت، ثم توفي أبو بكر وذكر كلمة، فاستخلف عمر -رضي اللَّه عنه-، فذكر كذلك فبايعت وسلمت، ورضيت، ثم توفي عمر فجعل الأمر إلى هؤلاء الرهط الستة، فبايع الناس عثمان نه فبايعت وسلمت ورضيت، ثم هم اليوم يميلون بيني وبين معاوية! "السنة" لعبد اللَّه 2/ 563 (1315) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، نا سفيان، عن الأسود بن قيس، عن رجل، عن علي -رضي اللَّه عنه- أنه قال يوم الجمل: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يعهد إلينا عهدًا فآخذ به في الإمارة، ولكنه شيء رأيناه من قبل أنفسنا، ثم استخلف أبو بكر -رضي اللَّه عنه- فأقام واستقام، ثم استخلف عمر -رضي اللَّه عنه- فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجرانه (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 566 (1327) ¬

_ (¬1) رواه أحمد 1/ 114، وابن أبي عاصم في "السنة" (1218)، قال الهيثمي في "المجمع" 5/ 175: فيه رجل لم يسم، وبقية رجاله رجال الصحيح. ومعنى قوله: حتى ضرب الدين بجرانه: أي قرَّ قراره واستقام، كما أن البعير إذا برك واستراح مد عنقه على الأرض. انظر: "النهاية" 1/ 263 مادة: جرن.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا زيد بن الحباب، نا سفيان الثوري، عن الأسود بن قيس، عن رجل، عن علي -رضي اللَّه عنه- أنه خطب لما فرغ من الجمل فقال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يعهد إلينا عهدًا نأخذ به في هذِه الإمارة، ولكن شيئًا رأيناه من قبل أنفسنا، فإن يكن صوابًا فمن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وإن يكن خطأ فمن أنفسنا، ولينا أبو بكر فأقام واستقام حتى مضى لسبيله رحمه اللَّه، ثم ولينا عمر من بعده فأقام واستقام حتى ضرب الإسلام بجرانه ثم مضى رحمه اللَّه. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 569 (1333) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أمية بن خالد، قال: قلت لشعبة: إن أبا شيبة حدثنا عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه قال: شهد صفين من أهل بدر سبعون رجلًا. قال: كذب واللَّه، لقد ذاكرت الحكم ذاك وذكرناه في بيته، فما وجدنا شهد صفين أحد من أهل بدر غير خزيمة بن ثابت (¬1). "العلل" برواية عبد اللَّه (462) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا روح قال: حدثنا شعبة قال: كان أبو جحيفة مع علي يوم الجمل على أهل المدينة (¬2). "العلل" برواية عبد اللَّه (956) قال عبد اللَّه: حدتني أبي قال: حدثنا روح، قال: حدثنا شعبة، قال: ذاكرتُ الحكمَ مَنْ شهد صفين من أهل بدر، فأثبت فيهم خزيمة بن ثابت، وكان شعبة ينكر أن يكون أبو الهيثم بن التيهان شهد صفين (¬3). "العلل" برواية عبد اللَّه (958) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا إسماعيل، قال: أخبرنا منصور بن ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 366 (726). (¬2) رواه الخلال 1/ 367 (730). (¬3) رواه الخلال 1/ 366 (727).

عبد الرحمن، قال: قال الشعبي: لم يشهد الجمل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- غير علي وعمار وطلحة والزبير، فإن جاءوا بخامس فأنا كذاب (¬1). "العلل" برواية عبد اللَّه (4096) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد (¬2)، عن يحيى بن سعيد (¬3)، أن سعيد بن المسيب قال: وقعت الفتنة ولم يبق من أهل بدر أحد. وقال يحيى مرة أخرى: لم يبق من المهاجرين أحد (¬4). "العلل" برواية عبد اللَّه (4321) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أيوب، عن محمد بن سيرين، قال: هاجت الفتنة وأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عشرة آلاف، فما خف فيها منهم مائة، بل لم يبلغوا ثلاثين (¬5). "العلل" برواية عبد اللَّه (4787) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المرُّوذي قال: قيل لأبي عبد اللَّه ونحن بالعسكر، وقد جاء بعض رسل الخليفة، وهو يعقوب؛ فقال: يا أبا عبد اللَّه، ما تقول فيما كان من علي ومعاوية رحمهما اللَّه؟ فقال أبو عبد اللَّه: ما أقول فيها إلا الحسنى، رحمهم اللَّه أجمعين. قال الخلال: أخبرنا محمد بن المنذر بن عبد العزيز، قال: ثنا أحمد بن الحسن الترمذي، قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت: ما تقول فيما كان من أمر طلحة والزبير وعلي وعائشة، وأظن ذكر معاوية؟ فقال: من أنا؟ ! أقول في أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان بينهم شيء؟ ! اللَّه أعلم. "السنة" للخلال 1/ 362 (713 - 714) ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 367 (729). (¬2) يحيى بن سعيد القطان. (¬3) يحيى بن سعيد الأنصاري. (¬4) رواه الخلال 1/ 366 (725). (¬5) رواه الخلال 1/ 367 (728).

قال الخلال: أخبرني يوسف بن موسى قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وقيل له: روى سلمة بن كهيل، عن بكير الطائي، عن عدسة الطائي قال: سمعت عمار بن ياسر يقول: ما وجدنا إلا قتال أهل الشام أو دخول النار. من بكير هذا؟ قال: لا أعرفه. "السنة" للخلال 1/ 363 (718) قال الخلال: أخبرني إسماعيل بن الفضل، قال: سمعت أبا أمية محمد بن إبراهيم يقول: سمعت في حلقة أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين وأبو خيثمة والمعيطي ذكروا: "يقْتُلُ عَمَّارًا الفِئَةُ الباغِيَةُ" (¬1) فقالوا: ما فيه حديث صحيح. قال الخلال: سمعت محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم، قال: سمعت أبي يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: روي في: "تَقتُلُ عَمَّارًا الفِئَةُ البَاغِيَةُ" ثمانية وعشرون حديثًا، ليس فيها حديث صحيح. قال ابن الفراء: وذكر يعقوب بن شيبة في الجزء الأول من "مسند عمَّار": سمعت أحمد بن حنبل سئل عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في عمار: "تَقْتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ". فقال أحمد: كما قال رسول اللَّه؛ قتلته الفئة الباغية. وقال: في هذا غير حديث صحيح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وكره أن يتكلم في هذا. قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام، قال: قال حنبل: أردت أن أكتب كتاب صفين والجمل عن خلف بن سالم، فأتيت أبا عبد اللَّه أكلمه في ذاك وأسأله، فقال: وما تصنع بذاك، وليس فيه حلال ولا حرام؟ ! وقد كتبت مع خلف حيث كتبه، فكتبت الأسانيد، وتركت الكلام، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 5، والبخاري (447)، ومسلم (2915).

وكتبها خلف، وحضرت عند غندر، واجتمعنا عنده، فكتبت أسانيد حديث شعبة، وكتبها خلف على وجهها؟ ! قلت له: ولم كتبت الأسانيد، وتركت الكلام؟ قال: أردت أن أعرف ما روى شعبة منها. قال حنبل: فأتيت خلفًا فكتبتها، فبلغ أبا عبد اللَّه، فقال لأبي: خذ الكتاب فاحبسه عنه، ولا تدعه ينظر فيه. قال الخلال: أخبرني الحسين بن الحسن، أن محمدًا حدثهم، أن أبا عبد اللَّه قال في حديث يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، وقعت الفتنة. قال أبو عبد اللَّه: سمعته من يحيى بن سعيد مرتين، مرة قال: لم يبق من المهاجرين، ومرة قال: لم يبق من أهل بدر. "السنة" للخلال 1/ 364 - 366 (721 - 724) قال الخلال: وأخبرني الحسين بن الحسن قال: ثنا إبراهيم بن الحارث، أن أبا عبد اللَّه ذكر تليد بن سليمان؛ فقال: أخبرنا تليد، عن أبي الجحاف قال: سمعت أبي قال: ما مررت بدار القصارين إلا ذكرت يوم الجمل (¬1) قيل لأبي عبد اللَّه: كأنه يعني من أجل الصوت؟ قال: نعم. "السنة" للخلال 1/ 368 (732) قال الخلال: أخبرني الميموني، قال: ثنا ابن حنبل، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا علي بن صالح، عن أبيه، عن أبي بكر بن عمر قال: كان بين الجمل وصفين شهران أو ثلاثة. "السنة" للخلال 1/ 377 (754) ¬

_ (¬1) رواه الخطيب في "التاريخ" 7/ 137، من طريق عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، عن أبيه.

195 - باب: ذكر الروافض ومساوئهم

195 - باب: ذكر الروافض ومساوئهم قال صالح: قال أبي: لا يصلى خلف الرافضي إذا كان يتناول أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "سيرة الإمام" لصالح ص 75 قال عبد اللَّه: سألت أبي: من الرافضة؟ فقال: الذين يسبون أو يشتمون أبا بكر وعمر (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 48 (1273) قال عبد اللَّه: حدثني أبي وقرأت عليه: نا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة أبو سعيد، في سنة تسع وسبعين ومائة، عن مجالد قال: قيل لعامر لم تقع في هذِه الشيعة وإنما تعلمت منهم؟ قال: من أيهم؟ قالوا: من الحارث الأعور وصعصعة بن صوحان ورشيد الهجري. فقال: سأحدثكم عن هؤلاء: أما الحارث فإنه كان رجلًا حاسبًا فتعلمت منه الحساب. وأما صعصعة بن صوحان فكان رجلًا خطيبًا ما أفتى بفتيا قط، وأما رشيد فإنه كان صاحبًا لي قال: هل لك في رشيد؟ فصلينا الغداة وعلي ثيابي، فأتيناه فنظر إلي صاحبي وأنكرني، فقال لصاحبي بيده هكذا -وحركها -يعني: أي شيء ذا الذي معك؟ قال: فأشار بيده وعقد ثلاثين. قال: هو على السكينة. قلنا: حدثنا رحمك اللَّه. قال: أتينا حسين بن علي -رضي اللَّه عنه-، بعد ما قتل علي لك فقلنا: استأذن لنا على أمير المؤمنين. فقال: هو نائم وحسين -يعني: حسنا. قال: فقلنا: ما نعني الذي تعني ولكن نعني أمير المؤمنين وسيد المرسلين. قال: فقال حسين: ذاك قتل. ¬

_ (¬1) رواها الخلال في "السنة" 1/ 389 (777).

فقلنا: إنه واللَّه ما قتل وإنه ليتنفس تنفس الحي، ويعرق من الدثار الثقيل. قال: أما إذا علمتم فادخلوا عليه فسلموا ولا تهيجوه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي وقرأت عليه، نا يحيى بن أبي زائدة، عن مجالد، عن عامر قال: قلت لزياد بن النضر: قد كنت من الشيعة فلم تركتهم؟ قال: إني رأيتهم يأخذون بأعجاز ليس لها صدور. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 558 - 559 (1304 - 1305) قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده -وأظني قد سمعته منه نا وكيع، عن شريك، عن عثمان بن أبي اليقظان، عن زاذان، عن علي -رضي اللَّه عنه- قال: مثلي في هذِه الأمة كمثل عيسى بن مريم عليه السلام، أحبته طائفة فأفرطت في حبه فهلكت، وأبغضته طائفة فأفرطت في بغضه فهلكت، وأحبته طائفة فاقتصدت في حبه فنجت. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 572 - 573 (1344) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا هشيم، نا حصين، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: خطب عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال: ألا إن خير الناس بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أبو بكر، فمن قال سوى هذا بعد مقامي هذا فهو مفتر، وعليه ما على المفتري. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن حصين، عن ابن أبي ليلى، قال: تدارءوا في أبي بكر وعمر، فقال رجل من عطارد: عمر أفضل من أبي بكر، فقال الجارود: بل أبو بكر أفضل منه، قال: فبلغ ذلك عمر -رضي اللَّه عنه- قال: فجعل ضربًا بالدرة حتى شغر برجليه ثم أقبل إلى الجارود فقال: إليك عني، ثم قال عمر: أبو بكر كان خير الناس بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في كذا وكذا، ثم قال عمر: من قال غير هذا أقمنا عليه

ما نقيم على المفتري (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 579 (1364 - 1365) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن حمدويه الهمذاني، قال: ثنا محمد بن أبي عبد اللَّه، قال: ثنا أحمد بن أبي عبدة، أن أبا عبد اللَّه قيل له: في رجل يقولون: إنه يقدِّم عليًّا على أبي بكر وعمر -رحمهم اللَّه- فأنكر ذلك وعظمه، وقال: أخشى أن يكون رافضيًّا. "السنة" للخلال 1/ 389 (776) قال الخلال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال، أن أبا عبد اللَّه قال: الرافضي الذي يشتم. قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سألت أبا عبد اللَّه عن من يشتم أبا بكر وعمر وعائشة؟ قال: ما أراه على الإسلام. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: قال مالك: الذي يشتم أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليس له سهم، أو قال: نصيب في الإسلام. قال الخلال: وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: من شتم أخاف عليه الكفر مثل الروافض، ثم قال: من شتم أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا نأمن أن يكون قد مرق عن الدين. قال الخلال: أخبرنا زكريا بن يحيى قال: ثنا أبو طالب، أنه قال لأبي عبد اللَّه: الرجل يشتم عثمان؟ فأخبروني أن رجلًا تكلم فيه، فقال: هذِه زندقة. "السنة" للخلال 1/ 389 - 390 (778 - 781) قال الخلال: أخبرني يوسف بن موسى، أن أبا عبد اللَّه سئل، وأخبرني علي بن عبد الصمد، قال: سألتُ أحمد بن حنبل عن جارٍ لنا رافضي يسلَّم عليَّ، أردُّ علي؟ قال: لا. ¬

_ (¬1) صحح إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية في "الصارم المسلول" ص 585.

قال الخلال: أخبرني إسماعيل بن إسحاق الثقفي النيسابوري، أن أبا عبد اللَّه سئل عن رجل له جار رافضي يسلم عليه؟ قال: لا، وإذا سلم عليه لا يرد عليه (¬1). قال الخلال: أخبرني يوسف بن عبد اللَّه، قال: ثنا الحسن بن علي بن الحسن، أنه سأل أبا عبد اللَّه عن صاحب بدعة، يسلم عليه؟ قال: إذا كان جهميًّا أو قدريًّا أو رافضيًّا داعية فلا يصلي عليه ولا يسلم عليه. قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسين، أن الفضل بن زياد حدثه أن أبا عبد اللَّه قال: الرافضة لا نكلمهم. "السنة" للخلال 1/ 390 (783 - 786) قال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد، أنه سمع أبا عبد اللَّه قال في الرافضي، قال: أنا لا أشهده، يشهده من شاء، قد ترك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على أقل من ذا، الدَّين، والغلول، والقتيل لم يصل عليه، ولم يأمرهم، وذكر أبو عبد اللَّه حديثًا مرسلًا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقاتل أهل خيبر من نواحيها، فثبت رجل؛ فقتل، فلم يصل عليه (¬2)، يحيى بن أبي كثير يرويه، قال عبد الملك: فلعلي كتبتهما، قال رجل لأبي عبد اللَّه: يقولون: أرأيت إن مات في قرية ليس فيها إلَّا نصارى من يشهده؟ قال أبو عبد اللَّه مجيبًا له: أنا لا أشهده، يشهده من شاء. "السنة" للخلال 1/ 393 (793) ونقل محمد بن منصور الطوسي: من زعم أن في الصحابة خيرًا من أبي بكر فولاه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقد افترى عليه وكفر بأن زعم بأن اللَّه سبحانه وتعالى يقر المنكر بين أنبيائه في الناس، فيكون ذلك سبب ضلالهم. "الفروع" 6/ 162 ¬

_ (¬1) ذكرها ابن مفلح في "الآداب الشرعية" 1/ 255. (¬2) لم أقف عليه.

196 - باب: الرد على الروافض في أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوصى لعلي

196 - باب: الرد على الروافض في أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أوصى لعلي قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا إسماعيل بن إبراهيم، عن ابن عون، عن إبراهيم، عن الأسود قال: ذكروا عند عائشة رضي اللَّه عنها أن عليا -رضي اللَّه عنه- كان وصيًّا. فقالت: متى أوصى إلي؟ ! قد كنت مسندته إلى صدري -أو قالت: في حجري- فدعا بالطست، ولقد انخنث في حجري وما شعرت أنه مات، فمتى أوصى إلي؟ ! (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، نا مالك بن مِغْوَل، عن طلحة بن مصرف، قال: سألت عبد اللَّه بن أبي أوفى: هل أوصى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: لا. قلت: فلم كتب على المسلمين الوصية؟ أو: لم أمروا بالوصية؟ قال: أوصى بكتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا حجاج بن محمد، قال مالك بن مغول: أخبرني طلحة قال: قلت لعبد اللَّه بن أبي أوفى: أوصى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: لا. قال: قلت: فكيف أمر المؤمنين بالوصية ولم يوص؟ قال: أوصى بكتاب اللَّه (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن سعيد. وحدثني أبو خيثمة، نا يحيى بن سعيد، نا سعيد بن أبي عروبة، نا قتادة، عن الحسن، عن قيس ابن عباد قال: انطلقتُ أنا والأشتر إلى علي -رضي اللَّه عنه- فقلنا: هل عهد نبي اللَّه ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 32، والبخاري (2741)، ومسلم (1636). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 354، والبخاري (2740)، ومسلم (1634).

إليك شيئًا لم يعهده إلى الناس عامة؟ قال: لا، إلّا ما في كتابي هذا، قال: وأخرج كتابًا من قراب سيفه، فإذا فيه: "المؤمنون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ألا لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده، من أحدث حدثًا فعلى نفسه ومن أحدث حدثًا أو آوى محدثًا فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين". وهذا لفظ حديث أبي رحمه اللَّه (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 536 - 538 (1245 - 1248) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا هشيم، نا مطرف، عن الشعبي، أنا أبو جحيفة قال: قلت لعلي رضي اللَّه عنه يا أمير المؤمنين، هل عندكم سوداء في بيضاء ليس في كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ؟ قال: فقال: لا والذي خلق الحبة وبرأ النسمة ما علمته إلا فهما يؤتيه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ رجالًا في القرآن، وما في الصحيفة. قال: قلت: وما في الصحيفة؟ قال: فيه العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مؤمن بكافر (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 539 (1251) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، قال: سمعت القاسم بن أبي بزة، يحدث عن أبي الطفيل قال: سئل علي -رضي اللَّه عنه- هل خصكم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بشيء؟ فقال: ما خصنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بشيء لم يعم به الناس كافة إلا كتابًا في قراب سيفي هذا، قال: فأخرج صحيفة مكتوب فيها: "لعن اللَّه من لعن والده، ولعن اللَّه من آوى محدثًا، ولعن اللَّه من ذبح لغير اللَّه، ولعن اللَّه من سرق منار الأرض" (¬3). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 539 - 540 (1253) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 122، والبخاري (1870)، ومسلم (1370). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 79، والبخاري (6903). (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 118، ومسلم (1978) (45).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أسود بن عامر، حدثني عبد الحميد بن أبي جعفر -يعني: الفراء- عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يُثيع، عن علي -رضي اللَّه عنه- قال: قيل: يا رسول اللَّه، من نؤمر بعدك؟ قال: "إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أمينًا زاهدًا في الدنيا راغبًا في الآخرة، وإن تؤمروا عمر تجدوه قوَيًّا أمينًا لا يخاف في اللَّه لومة لائم، وإن تؤمروا عليًّا ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديًا مهديًا يأخذ بكم إلى الطريق المستقيم" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي وأبو خيثمة، قالا: نا أبو معاوية، نا الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه قال: خطبنا علي رضي اللَّه عنه فقال: من زعم أن عندنا شيئًا نقرؤه إلا كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وهذِه الصحيفة -قال أبي رحمه اللَّه: صحيفة فيها أسنان الإبل وأشياء من الجراحات- فقد كذب. قال: وفيها قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المدينة حرم ما بين عير إلى ثور، من أحدث فيها حدثا أو آوى فيها محدثًا فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلًا، وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم". وزاد أبي في حديثه: "ومن ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل اللَّه يوم القيامة منه عدلًا ولا صرفًا" (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 541 - 542 (1257 - 1258) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 108، وفي "فضائل الصحابة" 1/ 284 (284)، ورواه البزار في "مسنده" 3/ 32 - 33 من طريق أبي إسحاق، به. قال الهيثمي في "المجمع" 5/ 176: رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط ورجال البزار ثقات. وضعفه الألباني في تعليقه على "مشكاة المصابيح" (6124). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 81، والبخاري (3172)، ومسلم (1370) (467).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن علي رضي اللَّه عنه قال: ما عندنا شيء إلا كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وهذِه الصحيفة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" فذكر الحديث إلى آخره. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، قال: قيل لعلي -رضي اللَّه عنه-: إن رسولكم كان يخصكم بشيء دون الناس عامة. قال: ما خصنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بشيء لم يخص به الناس، ليس شيء في قراب سيفي هذا، فأخرج صحيفة فذكر الحديث. إلا أن شعبة خالفهم قال: عن الحارث بن سويد فأخطأ إنما هو عن إبراهيم التيمي عن أبيه، وهو الصواب إن شاء اللَّه (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 542 - 543 (1260 - 1261) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي قال: نا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن مجالد، عن عامر قال: خطب صعصعة بن صوحان فذكر خلق آدم عليه السلام والأمم والجاهلية، ومبعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم قال: قبض النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، واستخلف اللَّه أبا بكر -رضي اللَّه عنه- فأقام المصحف، وقضى في الكلالة ثم توفي أبو بكر -رحم اللَّه أبا بكر- واستخلف عمر رضي اللَّه عنه ففرض العطاء، ودون الدواوين، ومصر الأمصار، ثم قتل عمر -يرحم اللَّه عمر- فاستخلف الناس عثمان -رضي اللَّه عنه-. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو معاوية، نا إسماعيل بن أبي خالد، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 151، والنسائي في "الكبرى" 2/ 486 (4277).

عن الشعبي، عن علقمة، قال: غلت الشيعة في علي -رضي اللَّه عنه- كما غلت النصارى في عيسى ابن مريم عليه السلام قال: وكان الشعبي يقول: لقد بغضوا إلينا حديث علي -رضي اللَّه عنه-. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 550 (1281 - 1282) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا الأسود بن عامر، نا شعبة، عن حصين، قال: قلت لأبي وائل: علي أعجب إليك صنيعًا أو عثمان؟ قال: علي. قلت: فاليوم؟ قال: عثمان؛ لأنه قتل رحمة اللَّه عليه. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 551 (1285) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا بهز بن أسد، أنا همام، أنا قتادة، عن أبي حسان، أن عليًّا رضي اللَّه عنه كان يأمر بالأمر فيؤتى فيقال: قد فعلنا كذا وكذا، فيقول صدق اللَّه ورسوله، فقال له الأشتر: إن هذا الذي تقول قد تفشى في الناس، أفشيء عهد إليك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: قال علي رضي اللَّه عنه: ما عهد إليَّ رسول اللَّه شيئًا خاصًّا دون الناس إلا شيئا سمعته منه -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو في الصحيفة في قراب سيفي، فما زلوا به حتى أخرج الصحيفة فإذا فيها: "مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أو آوَى مُحْدِثًا فعليه لعنةُ اللَّه والملائكةِ والناسِ أجمعين لا يُقبل منه صرف ولا عدلٌ". "السنة" لعبد اللَّه 2/ 560 - 561 (1310)

197 - باب: ذكر الخوارج وعلامتهم وقتالهم ووعيد الله فيهم

197 - باب: ذكر الخوارج وعلامتهم وقتالهم ووعيد اللَّه فيهم قال الأثرم: حدّثنا أبو عبد اللَّه بحديث ذكر فيه الصُّفْرِيَّة، فقال: الصفْرِيَّةُ الخوارجُ (¬1). "سؤلات الأثرم" (45) قال ابن هانئ: وسئل عن الحرورية والمارقة يكفرون؟ وترى قتالهم؟ فقال: اعفني من هذا، وقل كما جاء فيهم في الحديث. "مسائل ابن هانئ" (1884) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن التفضيل بين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي؟ فقال أبي رحمه اللَّه: أبو بكر وعمر وعثمان، وعلي الرابع من الخلفاء. قلت لأبي: إن قومًا يقولون إنه ليس بخليفة. قال: هذا قول سوء رديء. وقال: أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولون له: لا أمير المؤمنين. أفنكذبهم وقد حج بالناس وقطع ورجم فيكون هذا إلا خليفة! قلت لأبي: من احتج بحديث عبيدة أنه قال لعلي: رأيك في الجماعة أحب إلي من رأيك في الفرقة؟ فقال أبي: إنما أراد أمير المؤمنين بذلك أن يضع نفسه بتواضع قوله: خبطتنا فتنة. تواضع بذلك. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 590 (1401) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا جرير بن حازم، وأبو عمر بن العلاء، عن ابن سيرين، سمعناه عن عبيدة، عن علي -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 117 (108).

اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَخْرُجُ قَوْمٌ فِيهِمْ رَجُلٌ مُودَنُ اليَدِ أَوْ مَثْدُونُ اليَدِ أَوْ مُحدَجُ اليَدِ، وَلَوْلَا أَنْ تَبْطَرُوا لَأَنْبَأْتُكُمْ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ الذِينَ يَقْتلُونَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ" (¬1). "السنة" لعمد اللَّه 2/ 618 (1471) قال عبد اللَّه: حدثني أبي وأبو خيثمة قالا: نا إسماعيل بن إبراهيم، نا أيوب، عن محمد، عن عبيدة، عن علي -رضي اللَّه عنه- قال: ذكر الخوارج فقال: فيهم رجل مخدج اليد أو مودن اليد، أو مثدون اليد، لولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد اللَّه الذين يقتلونهم على لسان محمد، قلت: أنت سمعته من محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: أي ورب الكعبة، أي ورب الكعبة (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا جرير بن حازم، وأبو عمرو بن العلاء سمعاه من ابن سيرين، فذكر الحديث إلا أنه قال: مثدون. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 620 (1475 - 1476) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن آدم، نا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سويد بن غَفَلة، عن علي -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، قِتَالُهُمْ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن أبي عدي أبو عمرو دكين -من الرجال ما أشبهه بالشيوخ- عن ابن عون، عن محمد، قال: قال عبيدة: لا أحدثك إلا ما سمعت منه، قال محمد: فحلف لي عبيدة ثلاث مرار وحلف له علي -رضي اللَّه عنه-، قال: لولا أن تبطروا لنبأتكم بما وعد اللَّه الذين يقاتلونهم على ¬

_ (¬1) رواه أحمد 1/ 95، وانظر التالي. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 83، ومسلم (1066)، (155). (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 156، والبخاري (3611)، ومسلم (1066) (154).

لسان محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: قلت: أنت سمعته منه؟ قال: أي ورب الكعبة، أي ورب الكعبة، أي ورب الكعبة. فيهم رجل مخدج اليد أو مثدون اليد. قال: قال محمد فطلب ذاك الرجل فوجدوه في القتلى رجل عند أحد منكبيه كهيئة الثدي عليه شعرات. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 621 (1479 - 1480) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن أبي عدي، عن سليمان -يعني: التيمي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكر قومًا يكونون في أمته يخرجون في فرقة من الناس سيماهم التحالق (¬1)، هم شر الخلق أو من شر الخلق تقتلهم أدنى الطائفتين من الحق. قال: فضرب لهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثلًا أو قال قولا: الرجل يرمي الرمية أو قال: الغرض، فينظر في النصل فلا يرى بصيرة، وينظر في النضي (¬2) فلا يرى بصيرة وينظر في الفوق (¬3) فلا يرى بصيرة. ¬

_ (¬1) قوله: سيماهم التحالق، قال النووي في "شرح مسلم" 7/ 167: السيما العلامة وفيها ثلاث لغات، القصر، وهو الأفصح وبه جاء القرآن، والتحالق: حلق الرءوس، واستدل به بعض الناس على كراهة حلق الرأس ولا دلالة فيه، وإنما هو علامة لهم، والعلامة قد تكون بحرام وقد تكون بمباح كما قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "آتيهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة"، ومعلوم أن هذا ليس بحرام، وقد ثبت في سنن أبي داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: رأى صبيًا قد حلق بعض رأسه، فقال: "احلقوه له أو اتركوه له" وهذا صريح في إباحة حلق الرأس لا يحتمل تأويلًا. اهـ بتصرف. (¬2) النضي: هو نصل السهم، وقيل: السهم قبل أن ينجت إذا كان قدحًا، وهو أولى. قاله ابن الأثير في "النهاية" في غريب الحديث والأثر" 5/ 73. (¬3) الفوق من السهم: موضع الوتر. انظر: "لسان العرب" 6/ 3488، مادة (فوق).

قال: قال أبو سعيد: وأنتم قتلتموهم يا أهل العراق (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 622 (1482) قال عبد اللَّه: حدثني أبي وأبو خيثمة، قالا: نا أبو معاوية، نا الأعمش، عن خيثمة، عن سويد بن غفلة، قال: قال علي -رضي اللَّه عنه-: إذا حدثتكم عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حديثًا فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم عن غيره فإنما أنا محارب والحرب خدعة، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ، يَقُولُونَ مِنْ قَوْلِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ، لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". "السنة" لعبد اللَّه 2/ 624 (1487) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن آدم، نا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سويد بن غفلة، عن علي رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الإسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، قِتَالُهُمْ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ". قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا الأعمش. قال أبي: وعبد الرحمن عن سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة، عن سويد بن غفلة قال: قال علي: إذا حدثتكم عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حديثًا فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "يخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان، سفهاء" وقال عبد الرحمن في آخر حديثه: "أسفاه الأحلام. . " فذكر الحديث بطوله إلى آخره. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 625 - 626 (1461 - 1492) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 5، ومسلم (1065).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أسود بن عامر، نا حماد بن سلمة، عن معاوية بن قرة قال: هلكت الخوارج والأهواء. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو معاوية، نا الأعمش، عن زيد بن وهب قال: لما كان يوم النهر لعن علي رضي اللَّه عنه الخوارج فلم يبرحوا حتى شجروا بالرماح فقتلوا جميعًا، فقال علي رضي اللَّه عنه: ما كذبت ولا كُذبت، اطلبوا ذا الثدية. قال: فطلبوه فوجدوه في وهدة من الأرض عليه أناس من القتلى، فإذا رجل على ثديه مثل سبلة السنور، قال: فكبر علي وأعجبه ذلك والناس. وقال أبو معاوية مرة: فكبر علي وكبر الناس (¬1). "السنة" لعبد اللَّه 62/ 28 (1495 - 1496) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا الوليد بن القاسم الهمداني، نا إسرائيل، نا إبراهيم -يعني: ابن عبد الأعلى، عن طارق بن زيد قال: خرجنا مع علي رضي اللَّه عنه إلى الخوارج فقتلهم ثم قال: انظروا فإن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "سَيَخْرُجُ قَوْمٌ يَتَكَلَّمُونَ بِالْحَقِّ ولَا يجوز حَلْقَهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ الحَقِّ كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، سِيمَاهُمْ أَنَّ مِنْهُمْ رَجُلًا أَسْوَدَ مُخْدَجَ اليَدِ فِي يَدِهِ شَعَرَاتٌ سُودٍ إِنْ كانَ هُوَ فَقَدْ قَتَلْتُمْ شَرَّ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ فَقَدْ قَتَلْتُمْ خير النَّاسِ" فَبَكَيْنَا ثُمَّ قَالَ: اطْلُبُوا، فَطَلَبْنَا فَوَجَدْنَا المُخْدَجَ فَخَرَرْنَا سُجُودًا وَخَرَّ عَلِيّ -رضي اللَّه عنه- مَعَنَا سَاجِدًا، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: يَتَكَلَّمُونَ بِكَلِمَةِ الحَقِّ (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 628 - 629 (1498) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 7/ 558 (37902)، والنسائي في "الكبرى" 5/ 163 (8569). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 107 - 108، والبزار في "مسنده" 3/ 111، والنسائي في "الكبرى" 5/ 161 - 162 (8566).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يزيد بن هارون، أنا هشام، عن محمد، عن عبيدة قال: قال علي -رضي اللَّه عنه- لأهل النهروان: فيهم رجل مثدون اليد أو مخدج اليد، ولولا أن تبطروا لأنبأتكم بما قضى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ على لسان نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- لمن قتلهم. قال عبيدة: فقلت لعلي رضي اللَّه عنه: أنت سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: نعم ورب الكعبة. يحلف عليها ثلاثا (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن عاصم الأحول، عن عون بن عبد اللَّه قال: بعثني عمر بن عبد العزيز رحمه اللَّه إلى الخوارج أكلمهم، فقلت لهم: هل تدرون ما علامتكم في وليكم التي إذا لقيكم بها آمن بها عندكم وكان بها وليكم؟ وما علامتكم في عدوكم التي إذا لقيكم بها خاف بها عندكم وكان بها عدوكم. قالوا: ما ندري ما تقول. قلت: فإن علامتكم عند وليكم التي إذا لقيكم بها آمن بها عندكم، وكان بها وليكم أن يقول: أنا نصراني أو يهودي أو مجوسي، وعلامتكم عند عدوكم التي إذا لقيكم بها خاف بها عندكم، وكان بها عدوكم أن يقول: أنا مسلم (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 630 - 631 (1501 - 1502) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يعقوب بن إبراهيم، نا أبي، عن أبي إسحاق، حدثني أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، عن مقسم أبي القاسم، مولى عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل، قال: خرجت أنا وتليد بن كلاب الليثي حتى أتينا عبد اللَّه بن عمرو بن العاص -رضي اللَّه عنه- وهو يطوف ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 113، ومسلم (1066). (¬2) لم أقف عليه.

بالبيت معلقا نعليه بيده فقلنا له: هل حضرت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين كلمه التميمي يوم حنين؟ قال: نعم، أقبل رجل من بني تميم يقال له: ذو الخويصرة، فوقف على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو في الناس فقال: يا حمد، قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وكيف رأيت؟ "، قال: لم أرك عدلت. قال: فغضب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم قال: "ويحك إن لم يكن العدل عندي فعند من يكون؟ " فقال عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه: يا رسول اللَّه، ألا نقتله؟ قال: "لا، دعوه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية، فينظر في النصل فلا يوجد شيء، ثم في القدح فلا يوجد شيء، ثم في الفوق فلا يوجد شيء سبق الفرث والدم" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يعقوب، نا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن علي بن حسين أبو جعفر، مثل حديث أبي عبيدة وسماه ذا الخويصرة. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا إسرائيل، عن ابن أبي إسحاق، عن رجل، أن عائشة رضي اللَّه عنها لما بلغها قتل المخدج قالت: لقد قتل شيطان الردهة. قال: وقال سعد بن أبي وقاص: لقد قتل جان الردهة. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 631 - 632 (1504 - 1506) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا هاشم بن القاسم، نا حزام بن إسماعيل العامري، عن أبي إسحاق الشيباني، عن يسير بن عمرو، قال: دخلت على ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 219. قال الهيثمي 6/ 228: رجال أحمد ثقات. اهـ وقال الألباني في "ظلال الجنة" (930): إسناده جيد.

سهل بن حنيف بالمدينة فقلت: حدثني بما سمعت من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحرورية فقال: أحدثك ما سمعت من رسول اللَّه في الحرورية، لا أزيدك عليه، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يذكر قوما يخرجون من هاهنا -وأشار بيده نحو العراق- "يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية". قال: قلت هل ذكر لهم علامة؟ قال: هذا ما سمعته، لا أزيدك (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو كامل، نا حماد -يعني: ابن سلمة- عن سعيد بن جمهان قال: كانت الخوارج تدعوني حتى كدت أن أدخل معهم، فرأت أخت أبي بلال في النوم أن أبا بلال كلب أهلب (¬2) أسود عيناه تذرفان، قال: فقالت: بأبي أنت يا أبا بلال، ما شأنك أراك هكذا؟ قال: جعلنا بعدكم كلاب النار، وكان أبو بلال من رءوس الخوار. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 633 - 634 (1508 - 1509) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا عكرمة بن عمار، عن عاصم بن شميخ، عن أبي سعيد الخدري له قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا حلف في اليمين قال: "وَالذِي نَفْسُ أَبِي القاسِمِ بِيَدِهِ لَيَخْرُجَنَّ قوْمٌ تُحَقِّرُونَ أَعْمَالَكمْ عند أَعْمَالِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ" قَالُوا: فَهَلْ مِنْ عَلَامَةٍ يُعْرَفُونَ بِهَا قَالَ: "فِيهِمْ رَجُلٌ ذُو ثُدَيَّةٍ مُحَلِّقِي رُءُوسِهِمْ"، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَحَدَّثَنِي عِشْرُونَ -أَوْ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ- مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلِيَ قَتْلَهُمْ. قَالَ: فَرَأَيْتُ أَبَا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 486، والبخاري (6934)، ومسلم (1068) (159). (¬2) أي: كثير الشعر. انظر: "القاموس المحيط" ص 184 - 185 مادة: هلب.

سَعِيدٍ بَعْدَمَا كَبِرَ وَيَدَاهُ تَرْتَعِشَانِ يَقُولُ: إن قِتَالُهُمْ أَحَلُّ عِنْدِي مِنْ قِتَالِ عِدَّتِهِمْ مِنَ التُّرْكِ (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، ثا إسحاق بن يوسف -يعني: الأزرق- عن الأعمش، عن ابن أبي أوفى قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْخَوَارِجُ هُمْ كِلَابُ النَّارِ" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، نا معمر، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، أو قال: سمعت أنا أبو سعيد الخدري يحدث أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَان عَظِيمَتَانِ دَعْوَاهُمَا في الدين وَاحِدَةٌ، تَمْرُقُ بَيْنَهُمَا مَارِقَةٌ يَقْتُلُهَا أَوْلَاهُمَا بِالْحَقِّ" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، حدثني سويد بن عبيد العجلي، عن أبي مؤمن الوائلي قال: شهدت عليًّا -رضي اللَّه عنه- حين فرغ من قتالهم قال: انظروا فإن فيهم رجلا مخدج اليد. فطلبوه فلم يجدوه، فقال علي رضي اللَّه عنه: ما كذبت ولا كُذِبت. قال: فقام علي -رضي اللَّه عنه- فأخرجه من تحت ساقية، فخر ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 33. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 355، وابن ماجه (173) وابن أبي عاصم في "السنة" (904). قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 10/ 25: رجاله ثقات إلا أنه منقطع؛ الأعمش لم يسمع من ابن أبي أوفى. قاله غير واحد. اهـ. وللحديث إسناد آخر عند أحمد 4/ 382: سعيد بن جمهان، عن ابن أبي أوفى. كما أن له شاهدًا من حديث أبي أمامة عند الترمذي (3000)، وابن ماجه (176). قال الألباني في "ظلال الجنة" (904): حديث صحيح. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 95، ومسلم (1065).

علي -رضي اللَّه عنه- ساجدا (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا بسام، عن أبي الطفيل قال: سأل ابن الكواء عليًّا عن {بالأخسرين أعمالا} [الكهف: 103] قال: منهم أهل حروراء (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا حسن -يعني ابن صالح- عن أبي نعامة الأسدي، عن خال له قال: سمعت ابن عمر -رضي اللَّه عنه- يقول: إن نجدة وأصحابه عرضوا لعير لنا، ولو كنت فيهم لجاهدتهم. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن أيوب، عن نافع، قال: أخبر ابن عمر أن نجدة لاقيه فحل شرح سيفه فأشرجته، ثم مرَّ به فحله أيضا فأشرجته، ثم مر به الثالثة، فقال: من أشرج هذا؟ كأنه ليس في أنفسكم ما في أنفسنا (¬3)؟ ! قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا عثمان بن الشحام أبو سلمة، حدثني مسلم بن أبي بكرة، عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سَيَخْرُجُ قَوْمٌ أَحِدَّاءُ أَشِدَّاءُ ذُلِقَةٌ أَلْسِنَتُهُمْ بِالْقُرْآنِ يَقْرَءُونَهُ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي عاصم في "السنة" (919)، والبزار في "مسنده" 3/ 113 (900)، ومن طريق سويد العجلي، به. قال البزار: ولا نعلم روى أبو مؤمن عن علي إلا هذا الحديث. قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" 6/ 253: أبو مؤمن الوائلي لا يعرف. قال الألباني في "ظلال الجنة" (919): إسناده ضعيف. وللقصة طرق أخرى عن علي رضي اللَّه عنه. (¬2) رواه الطبري في "تفسيره" 8/ 294 من طريق أبي الطفيل، به. (¬3) "مصنف عبد الرزاق" 10/ 120 (18583).

فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّهُ يُؤْجَرُ قَاتِلُهُمْ" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا بهز وعفان قالا: نا حماد -يعني: ابن سلمة- نا سعيد بن جمهان قال: كنا مع عبد اللَّه بن أبي أوفى نقاتل الخوارج وقد لحق غلام لابن أبي أوفى بالخوارج، فناديناه: يا فيروز هذا ابن أبي أوفى فقال: نعم الرجل لو هاجر قال: ما يقول عدو اللَّه؟ يقول: نعم الرجل لو هاجر فقال: أهجرة بعد هجرتي مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال بهز في حديثه -يرددها ثلاثا-: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "طُوبَى لِمَنْ قتَلَهُمْ"، فقال عفان ويونس: لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ ثلاثا (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا روح بن عبادة، نا عثمان الشحام، نا مسلم بن أبي بكرة -وسألته-: هل سمعت في الخوارج شيئا؟ فقال: سمعت والدي أبا بكرة يقول: عن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَلَا إِنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ أَشِدَّاءُ أَحِدَّاءُ ذَلِيقَةٌ أَلْسِنَتُهُمْ بِالْقُرْآنِ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، أَلَا فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَأَنِيمُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَأَنِيمُوهُمْ، فَالْمَأْجُورُ قَاتِلُهُمْ ". قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا إسرائيل، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن زياد بن طارق، قال: رأيت عليًّا حين أخرج المخدج -على يده ثلاث شعرات- خر ساجدًا. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 36، وابن أبي عاصم في "السنة" (937)، والبزار في "مسنده" 9/ 126، والحاكم 2/ 146. قال الهيثمي في "المجمع" 6/ 230: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح والطبراني رواه أيضًا، وكذلك بنحوه. قال الألباني في "ظلال الجنة" (937): إسناده صحيح على شرط مسلم. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 382، وابن أبي عاصم في "السنة" (906). قال الألباني في "ظلال الجنة" (906): إسناده حسن.

قال عبد اللَّه: إنما هو طارق بن زياد، ولكن كذا قال وكيع. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، حدثني سفيان، عن محمد بن قيس الهمذاني، عن شيخ لهم يكنى أبا موسى قال: رأيت عليًّا سجد حين أتي بالمخدج. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يزيد بن هارون، نا حماد بن سلمة، عن أبي عمران الجوني، عن عبد اللَّه بن رباح، عن كعب قال: الذي يقتله الخوارج له عشرة أنوار، فضل ثمانية أنوار على غيره من الشهداء (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا ابن أبي خالد، عن مصعب بن سعد، عن أبيه. قال: ذكر عنده الخوارج فقال: هم قوم زاغوا فأزاغ اللَّه قلوبهم (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا حماد بن مسعدة، عن يزيد -يعني ابن أبي عبيد- قال: لما ظهر نجدة الحروري أخذ الصدقات، قيل لسلمة: ألا تباعد منهم؟ قال: فقال: واللَّه لا أبايعه ولا اتبعه أبدًا، قال: ودفع صدقته إليهم. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عفان، نا جويرية بن أسماء، قال: زعم نافع أن ابن عمر -رضي اللَّه عنه- كان يرى قتال الحرورية حقًا واجبًا على المسلمين (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محمد بن بشر، نا عبيد اللَّه، عن نافع، أن ابن عمر أراد أن يقاتل نجدة حين أتى المدينة يغير على ذراريهم فقيل له: إن ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 7/ 557 (37898). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 7/ 560 (37913)، وبنحوه رواه الطبري في "تفسيره" 8/ 293 (23390). (¬3) رواه نعيم بن حماد في "الفتن" 170 (444) من طريق معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، بنحوه.

الناس لا يبايعونك على هذا. قال: فتركه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا محبوب بن الحسن، نا خالد -يعني: الحذاء- عن أبي إياس معاوية بن قرة قال: حروري محكم فخرج إليه ناس من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من مزينة بأسيافهم منهم عائذ بن عمرو. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عفان، نا يزيد بن زريع، نا خالد الحذاء، عن معاوية بن قرة، خرج محكم في زمان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فخرج عليه بالسيف رهط من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منهم عائذ بن عمرو. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عفان، نا سلام أبو المنذر، عن عاصم بن بهدلة، قال: خرج خارجي بالكوفة فقيل: يا أبا وائل، هذا خارجي خرج فقتل. قال: واللَّه ما أعز هذا اللَّه من دين ولا دفع عن مظلوم. هذا وأبيك الخير. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو كامل مظفر بن مدرك، نا حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، قال: كنا بالأهواز نقاتل الخوارج وفينا أبو برزة الأسلمي، فجاء إلى نهر فتوضأ ثم قام يصلي. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يزيد بن هارون، نا محمد بن إسحاق، عن أبي الزبير، عن أبي العباس مولى بني الدّيل، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: ذكر عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قوم يجتهدون في العبادة اجتهادًا شديدًا فقال: "تلك ضراوة الإسلام وشرته، ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى الاقتصاد فلأمٍ ما هو، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فأولئك هم الهالكون" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 165، والبزار 6/ 382 - 383، قال الهيثمي في "المجمع" 2/ 259: رواه الطبراني في "الكبير" وأحمد بنحوه، ورجال أحمد ثقات.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا هشيم، نا حصين، عن مصعب بن سعد، عن سعد في قوله عَزَّ وَجَلَّ: {يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104] قال: قلت له: أهم الخوارج؟ قال: لا، ولكنهم أصحاب الصوامع، والخوارج الذين زاغوا فأزاغ اللَّه قلوبهم (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا هشيم، أنا العوام، حدثنا أبو غالب، عن أبي أمامة {زَاغُوَاْ أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: 5] قال: هم الخوارج. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، نا الأعمش، عن أبي إسحاق، عن حصين -وكان صاحب شرطة علي- قال: قال علي رضي اللَّه عنه: قاتلهم اللَّه، أي حديث شانوا -يعني: الخوارج. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا ابن نمير، أنا عبيد اللَّه، عن نافع قال: لما سمع ابن عمر بنجدة قد أقبل وأنه يريد المدينة وأنه يسبي النساء ويقتل الولدان قال: إذا لا ندعه وذاك. وهمّ بقتاله وحرض الناس، فقيل له: إن الناس لا يقاتلون معك، ونخاف أن تترك وحدك فتقتل، فتركه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أبو بكر بن عياش قال: سمعت أبا إسحاق، عن أبي الأحوص قال: خرج خوارج فخرج إليهم فقتلوه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن زكريا -يعني: ابن أبي زائدة- أخبرني عبد الملك، عن عطاء، عن ابن عباس، أن عليا أخرجه إلى الخوارج فكلمهم ففرق بينهم، فقالت الخوارج: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58]. ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 348 (1726)، والطبري في "تفسيره" 8/ 293 (23389، 23390).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، أخبرني عاصم الأحول، عن عون بن عبد اللَّه، أن عمر بن عبد العزيز أخرجه إلى الخوار فكلمهم. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا يزيد بن هارون، نا هشام بن حسان، حدثني أبو الوضيء القيسي، قال: كنتُ في أصحاب علي لما فرغ من أهل النهر، قال: اطلبوا فيهم ذا الثدية قال: فطلبوه فلم يجدوه، فأتوه فقالوا: لم نجده. قال: اطلبوه فإنه. فيهم. قال: فطلبوه فوجدوه فأتي به، فإني لأنظر إليه وله في أحد منكبيه مثل ثدي المرأة، ليس له يد غيرها عليها شعرات (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا وكيع، عن حماد بن سلمة، عن أبي غالب، عن أبي أمامة، أنه رأى رؤوسًا منصوبة على درج مسجد دمشق، فقال أبو أمامة: كلاب النار ثلاثًا، شر قتلى تحت أديم السماء، خير قتيل من قتلوه، ثم قرأ: {يَوْمَ تَبيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106] قلت لأبي أمامة: أنت سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: لو لم أسمعه إلا مرتين أو ثلاثا أو أربعًا أو خمسًا أو ستًا أو سبعا ما حدثتكم به (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، نا معمر قال: سمعت أبا غالب يقول: لما أتي برؤوس الأزارقة فنصبت على درج دمشق، جاء أبو أمامة -رضي اللَّه عنه- فلما رآهم دمعت عيناه، قال: كلاب النار، كلاب النار، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 139، وأبو داود (4769). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 256، والترمذي (3000)، وابن ماجه (176) قال الترمذي: هذا حديث حسن. وحسن إسناده الألباني في "صحيح ابن ماجه" (146).

كلاب النار -ثلاث مرات- هؤلاء شهر قتلى قتلوا تحت أديم السماء، وخير قتلى تحت أديم السماء الذين قتلهم هؤلاء. قلت: فما شأنك دمعت عيناك؟ ! قال: رحمة لهم؛ لأنهم كانوا من أهل الإسلام. قلت: أبرأيك قلت: هم كلاب النار أو شيئًا سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: إني إذا لجريء، بل سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غير مرة ولا مرتين ولا ثلاثًا، قال: فعد مرارًا ثم تلا هذِه الآية {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106] حتى بلغ {وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)} [البقرة: 25] ثم ذكر الحديث إلى آخره. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 635 - 643 (1512 - 1543) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا أنس بن عياض -وهو أبو ضمرة المديني- قال: سمعت صفوان بن سليم يقول: دخل أبو أمامة الباهلي -رضي اللَّه عنه- دمشق فرأى رءوس أهل حروراء قد نصبت فقال: كلاب النار -ثلاثًا، شر قتلى تحت ظل السماء، من خير قتلى من قتلوه، ثم بكى، فقام إليه رجل فقال: يا أبا أمامة، هذا الذي تقول من رأيك أو سمعته؟ فقال: إني إذا لجريء! كيف أقول هذا عن رأيي؟ ! ولكن قد سمعته غير مرة ولا مرتين. قال: فما يبكيك؟ قال: أبكي لخروجهم من الإسلام، هؤلاء الذين تفرقوا واتخذوا دينهم شيعًا (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا إسماعيل -يعني ابن علية- أنا سليمان التيمي، نا أنس بن مالك، قال: ذكر لي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن فيكم قومًا يعبدون ويدأبون حتى يعجبوا الناس وتعجبهم أنفسهم، يمرقون من ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 269.

الدين كما يمرق السهم من الرمية" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا إبراهيم بن خالد، أنا رباح، عن معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَكُونُ فِي أُمَّتِي اخْتِلَاف وَفُرْقَة، يَخْرُجُ فيهم قَوْمٌ يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، سِيمَاهُمْ الحَلْقُ والتسبيد، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَأَنِيمُوهُمْ" (¬2)، قوله: التسبيد. يعني: استئصال الشعر. "السنة" لعبد اللَّه 2/ 644 - 645 (1546 - 1548) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري لكنه قال: بينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقسم قسما إذ جاءه ابن ذي الخويصرة التميمي فقال: أعدل يا رسول اللَّه قال: "ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل؟ " فقال عمر بن الخطاب: يا رسول اللَّه، أتأذن لي أن أضرب عنقه؟ فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْتَقِرُ أَحَدُكمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِم، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِم، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، فَيُنْظَرُ فِي قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي نَضِيَّتِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، وقَدْ سَبَقَ الفَرْثَ وَالدَّمَ، آيتهم رَجُلٌ أَسْوَدُ فِي إِحْدى يَدَيْهِ -أَوْ قَالَ إِحْدى ثَدْيَيْهِ- ثَدْيِ المَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 183، وأبو يعلى 7/ 116 - 117 (4066) من طريق سليمان التيمي، به. قال الهيثمي في "المجمع" 6/ 229: رواه أحمد ورواه أبو يعلى عن أنس أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال، ورجالهما رجال الصحيح. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 197، وأبو داود (4766)، وابن ماجه (175)، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (145).

ويَخرُجُونَ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ النَّاسِ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ {وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 58] قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فإني أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هذا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا -رضي اللَّه عنه- حِينَ قَتَلَهُم وَأَنَا مَعَهُ جِيءَ بالرَّجُلِ عَلَى النَّعْتِ الذِي نَعَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "السنة" عبد اللَّه 2/ 644 (1550) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: نا هاشم بن القاسم، نا حشرج بن نباتة العبسي، حدثني سعيد بن (جمهان)، قال: لقيت عبد اللَّه بن أبي أوفى وهو محجوب البصر فسلمت عليه فقال: لي من أنت؟ قال: قلت: أنا سعيد بن جهمان. قال: فما فعل والدك؟ قال: قلت: قتلته الأزارقة. قال: لعن اللَّه الأزارقة، لعن اللَّه الأزارقة، لعن اللَّه الأزارقة، حدثنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أَنَّهُمْ كِلَابُ النَّارِ. قال: الأزارقة وحدهم أم الخوارج كلها؟ قال: لا، بل الخوارج كلها (¬2). "السنة" لعبد اللَّه 2/ 647 - 648 (1553) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثني عوف، عن أبي السليل قال: كنت اتبع صلة بن أشيم فأتعلم منه قال: قلت له يوما علمني شيئًا، أعهد إلى شيئًا، أوصني بشيء. قال: أفعل: انتصح كتاب اللَّه، وانصح المسلمين، وكثر في دعوة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وإياك لا تهلكنك دعوة العامة، ولا تكونن قتيل العصي، وإياك وقوما يزعمون أنهم على إيمان ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 56، والبخاري (3610)، ومسلم (1064). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 382، وابن أبي عاصم في "السنة" (905). قال الهيثمي في "المجمع" 5/ 230: رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات. قال الألباني في "ظلال الجنة" (905): إسناده حسن.

دون المؤمنين. قال: قلت: من هم؟ قال: هم هذِه الحرورية الخبيثة. "الزهد" رواية عبد اللَّه ص 258 قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني، أن أبا عبد اللَّه قال: الخوارج قوم سوء، لا أعلم في الأرض قوما شرًّا منهم، وقال: صح الحديث فيهم عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومن عشرة وجوه (¬1). "السنة" للخلال 1/ 118 (110) قال الخلال: وأخبرني يوسف بن موسى، أن أبا عبد اللَّه، قيل له: أكفر الخوارج؟ قال: هم مارقة، قيل: أكفارٌ هم؟ قال: هم مارقة؟ مرقوا من الدين. قال الخلال: وأخبرني محمد بن أبي هارون، أن إسحاق حدثهم، أن أبا عبد اللَّه سئل عن الحرورية والمارقة يكفرون؟ قال: اعفني من هذا، وقل كما جاء فيهم الحديث. قال الخلال: وأخبرني أحمد بن محمد بن حازم، أن إسحاق بن منصور حدثهم، أنه قال لأبي عبد اللَّه: الحرورية، ما ترى فيهم؟ قال: إذا دعوا إلى ما هم عليه إلى دينهم فقاتلهم، وإذا طلبوا مالك فقاتلهم، وأما إذا قالوا: نكون ولاتكم فلا تقاتلون. ¬

_ (¬1) من هذِه الأحاديث: ما رواه أحمد 1/ 156، والبخاري (3611)، ومسلم (1066) من حديث سويد بن غفلة، عن علي قال سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان. . الحديث. ما رواه الإمام أحمد 3/ 486، والبخاري (6934)، ومسلم (1068) من حديث سهل بن حنيف سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "قوم يقرأون القرآن بألسنتهم. . الحديث. وما رواه الإمام أحمد 3/ 95، ومسلم (1065) من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان. . . الحديث. .

قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق ابن راهويه: كما قال. قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: ثنا يعقوب بن بختان، أن أبا عبد اللَّه قيل له: تصحح عن ابن عمر أنه كان يقبل هدايا المختار؟ قال: لا أدري، إلا أنه يقال: إن هدايا المختار كانت تجيئه، وكان آخر موته. "السنة" للخلال 1/ 119 (111 - 114) قال أبو أمية الطرسوسي: سألت أحمد بن حنبل عن رجل سمع معي وهو يرى رأي الخوارج: أعطيه سماعه؟ قال: نعم أعطه، لعل اللَّه ينفعه به. "طبقات الحنابلة" 2/ 230

198 - باب: حكم الأموال والسبايا في الحرب بين المسلمين والخوارج

198 - باب: حكم الأموال والسبايا في الحرب بين المسلمين والخوارج قال إسحاقُ بن منصور: قُلْتُ لأحمد: السلطان ولي من حارب الدين؟ قال: إذا خَرَجَ محاربًا مثل هؤلاء الخرمية، فما أصابوا في ذَلِكَ، فهو إلى السلطان. قال إسحاق: كما قال، لا يجوز في ذَلِكَ عفو الأولياء، كذلك قتل الغيلة هو إلى السلطانِ (¬1). قال إسحاقُ بن منصور: قُلْتُ: قاتلت الحرورية، ثم أخذوا مالًا؟ قال: كل ما أصابوا من شيء في ذَلِكَ، فهو عليهم. قال إسحاق: كذا هو (¬2). "مسائل الكوسج" (2411 - 2412) قال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: نسخة كتاب أحمد بن حنبل إلى علي بن المديني قبل أن يُحدث، عنوانه: إلى أبي الحسن علي بن عبد اللَّه، من أحمد بن محمد بن حنبل، وداخله: إلى أبي الحسن علي بن عبد اللَّه، من أحمد بن محمد: سلام عليك، فإني أحمد إليك اللَّه الذي لا إله إلا هو، أما بعد، أحسن اللَّه إليك في الأمور كلها، وسلمك وإيانا من كل سوء برحمته، كتبت إليك وأنا ومن أعني به في نعم من اللَّه متظاهرة، أسأله العون على أداء شكر ذلك، فإنه ولي كل نعمة، كتبت إليك رحمك اللَّه في أمر لعله أن يكون قد بلغك من أمر هذا الخرمي الذي قد ركب الإسلام بما قد ركبه به من قتل الذرية، وغير ¬

_ (¬1) رواها الخلال في "السنة" 1/ 125 (122). (¬2) رواها الخلال في "السنة" 1/ 125 (121).

ذلك، وانتهاك المحارم، وسبي النساء، وكلمني في الكتاب إليك بعض إخوانك رجاء منفعة ذلك عند من يحضرك ممن له نيَّةٌ في النهوض إلى أهل أَرْدَبِيل والذب عنهم وعن حريمهم، ممن ترى أنه يقبل منك ذلك، فإن رأيت رحمك اللَّه لمن حضرك ممن ترى أنه يقبل منك، فإنهم على شفا هلكة وضيعة وخوف من هذا العدو المظل عليهم، كفاك اللَّه وإيانا كل مهم، والسلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته" وكتب. قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسين، أن الفضل حدثهم قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن غزو بابك؟ فقال: ما أعرف أحدًا كان أضرَّ على الإسلام منه، الفاسق. قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المرُّوذي، قال: سمعت حسين الصائغ قال: لما كان من أمر بابك جعل أبو عبد اللَّه يحرض على الخروج إليه، وكتب معي كتابًا إلى أبي الوليد والي البصرة يحرضهم على الخروج إلى بابك. قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن منصور قال: سمعت عيسى بن جعفر قال: ودعت أحمد بن حنبل حين أردت الخروج إلى بابك، فقال: لا جعله اللَّه آخر العهد منا ومنك. قال الخلال: أخبرني الحسن بن الهيثم، أن محمد بن موسى بن مشيش حدثهم، أنه سأل أبا عبد اللَّه: إذا استغاث من العدو من مثل بابك ونحوه إلى أهل هذِه المدينة، يجب على أهل هذِه المدينة أن يخرجوا؟ قال: يجب على من هو في القرب أول فأول. قيل: فإن لم يغيثوا؟ قال: إذًا ضيَّعوا ما عليهم. قال الخلال: وأخبرني الحسن بن عبد الوهاب قال: ثنا أبو بكر بن

حماد قال: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل: الرجل إذا أراد الغزو، وكان إذ ذاك الخرمية، قلت: فإلى أي الوجهتين أحب إليك؟ قال: وأين مسكن الرجل؟ قلت: في هذِه المدينة. فأشار نحو الخرمية. "السنة" للخلال 1/ 120 - 124 (115 - 120) قال الخلال: أخبرنا الحسن بن محمد، قال: ثنا أحمد بن أبي عبدة، قال: سألت أحمد قلت: حديث الزهري: هاجت الفتنة وأصحاب رسول اللَّه متوافرون، فأجمعوا ألا يقاد ولا يؤخذ مال على تأويل القرآن، إلا ما وجد بعينه؟ قال: نعم. قلت: هذا في الحرورية وأمثالهم؟ قال: نعم. قلت: فأما اللصوص والصعاليك فلا يؤمنون على شيء من هذا، يؤخذون به كله؟ قال: نعم. قال الخلال: حدثني محمد بن علي قال: ثنا الأثرم قال: ذكر لأبي عبد اللَّه: هاجت الفتنة وأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- متوافرون، فرأوا أن يهدر كلُّ دمٍ أصيب على تأويل القرآن، قيل له: مثل الحرورية؟ قال: نعم. قال أبو عبد اللَّه: فأما قاطع طريق فلا. قال الخلال: أخبرني موسى بن سهل السَّاوي قال: ثنا محمد بن أحمد الأسدي قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب، عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد عن أموال أهل البغي؟ قال: ليس أموالهم بغيًا. "السنة" للخلال 1/ 126 (124 - 126) قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن إسماعيل، قال: ثنا محمد بن مرجا، قال: ثنا أحمد بن محمد بن مطر، قال: ثنا أبو طالب، أن أبا عبد اللَّه سئل عن خرمية كان لهم سهم في قرية فخرجوا يقاتلون المسلمين فقتلهم

المسلمون، كيف تصنع بأرضهم؟ قال: هي فيء للمسلمين، من قاتل عليه حتى أخذوا، فيؤخذ خمسه فيقسم بين خمسة، وأربعة أخماس للذين فاءوا، يكون سهم الأمير خراجًا للمسلمين، مثل ما أخذ عمر السواد عنوة، فأوقفه للمسلمين (¬1). "السنة" للخلال 1/ 127 (128) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: لو أن رجلًا قدم من أرمينية بسبي لا يشترى؟ قال: لا؛ لحال ما فُعل، بِعْه، ما كان له أن يسبي الذرية. قال الخلال: أخبرني عبد الملك الميموني، أن أبا عبد اللَّه قال له الوليد: يا أبا عبد اللَّه نأخذ المرأة تدعي الإسلام، فتقول: دعوني وأرسل لكم عشر مسلمات بدلي؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا كانت تقر بالإسلام كيف تترك؟ لا تترك، قال: لها ولد ثم -يعني: عند بابك- فقال له أيضًا: لا تترك تذهب إليهم. قال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: قلت: يا أبا عبد اللَّه، أمر هذا الكافر ليس كغيره -أعني: بابك- سبى نساء فوقعوا عليهن فحبلن، فما تقول في أولادهن؟ قال: الولد تبع لأمه. قلت: كيف؟ قال: كذا حكم الإسلام، أليس إن كانت حرة فهم أحرار، وإن كانت مملوكة فهم مماليك؟ فهم تبع لأمهم. قلت: كبارًا كانوا أو صغارًا؟ قال: نعم -غير مرَّة- ثم قال: الشأن أن يكون قد بلغ ثم خرج إلينا ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور في "سننه" 2/ 227.

محاربًا، وهو مقيم في دار الشرك، إيش حكمه إذًا؟ هكذا حكم الارتداد، أو حكم يريد حكم أمه؟ وأقبل أبو عبد اللَّه يردَّد هذا الموضع، ولا يدري ما حكمه في ذا الموضع إذا بلغ عندهم، ثم خرج فقاتلنا (¬1). وقد كنت قلت لأبي عبد اللَّه في ابتداء المسألة: إذا أخذنا المرأة؛ فقامت البينة أنها كانت مسلمة، أو ادَّعت الإسلام، فما كان معها من ولد، أليس تبعًا لأمه؟ قال: بلى. قال عبد الملك: أردت من هذا أن قولها يجوز وحدها على ما ادعت هي من الإسلام. قال عبد الملك، وإنما ناظرته على بابك لما أخذ من المسلمات؛ فوثبوا عليهن (¬2). قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني قال: قلت لأحمد ابن حنبل: الرجل يبيع غلامه من الخوارج؟ قال: لا. قلت: فيبيع منهم الطعام والثياب؟ قال: لا. قلت: فإن أكرهوه؟ فكره ذلك كله. ¬

_ (¬1) قال أبو بكر الخلال -معلقًا: قول الميموني هاهنا: إن أبا عبد اللَّه لم يدر ما حكمه في هذا الموضع، فأبو عبد اللَّه قد حكى عنه جماعة حكم المرتدين، وحكم نسائهم وذراريهم إذا ولدوا في دار الشرك، وحاربوا بعد ذلك على نحو مما سأل الميموني في نساء من أخذه بابك، وقد أجاب أبو عبد اللَّه في ذلك، وقد أخرجه في كتاب السير، ويطول شرحه هاهنا، وإنما توهم الميموني أن أبا عبد اللَّه لا يدري ما حكم الولد إذا حاربنا، وباللَّه التوفيق. (¬2) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 62/ 217.

قلت: فيشتري منهم؟ قال: لا يشتري ولا يبيع. قال الخلال: وأخبرنا محمد بن علي السمسار، أن يعقوب بن بختان حدثهم أن أبا عبد اللَّه قال: لا تبع لهم الطعام والثياب، ولا تشتر منهم، قال: الخوارج مارقة، قوم سوء. قال الخلال: أخبرني حامد بن أحمد، أنه سمع الحسن بن محمد بن الحارث قال: قلت: يا أبا عبد اللَّه، يكره للرجل يحمل إلى مثل سجستان البزيون والأدم نبيعه في المدينة من قوم لا يرون رأي الخوارج، إلَّا أنه يرى أن يحمل إليهم، فلم ير بأسًا أن يبيع ممن لا يرى رأي الخوارج، قلت: ترى أن يحمل إليهم؟ قال: يعمل على ما يرى. كأنه لم ير بأسًا أن يحمل إليهم -يعني: أهل سجستان ممن لا يرى رأي الخوارج. قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل أنه قال لأبي عبد اللَّه: فإن بلدنا بلد يأتيه الخوارج في كل سنة، وإن الناس يختلفون علينا في المقام في تلك البلدة، فذهب إلى التسهيل في ذلك المقام. قال الخلال: وأخبرني حامد بن أحمد، أنه سمع الحسن بن محمد بن الحارث السجستاني، أنه سأل أبا عبد اللَّه عن أمر الخوارج عندنا، قال: قلت: إنا في المدينة نظهر خلافهم ونصلي في جماعة ونجمع، غير أنهم إن كتبوا إلى الوالي بأمر لم يجد الوالي بدَّا من أن ينفذه. فقال: يظهرون مخالفتهم؟ قلت: نعم. قال: أكره مجاورتهم. قلت: إذا كانت معيشته فيها -يعني في البلد الذي هم فيه؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس، وإن وجدت محيصًا فتخلص. قال الخلال: أخبرني أحمد بن الحسين، أن أبا عبد اللَّه سئل عن

الخوارج؟ فقال: لا تكلمهم ولا تصل عليهم. قال الخلال: أخبرنا الميموني قال: ثنا ابن حنبل قال: ثنا هشيم قال: أنبأ العوام قال: ثنا أبو غالب، عن أبي أمامة: {زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: 5] قال: هم الخوارج. "السنة" للخلال 1/ 128 - 130 (129 - 138)

199 - باب: ذكر الفتن في بني أمية

199 - باب: ذكر الفتن في بني أمية قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا الحارث بن مرة بن مُجَّاعة اليمامي أبو مرة الحنفي قال: حدثنا مطر الوراق أنه ليس أحد من أهل بيت مملكة يقتل رجلًا من أهل بيت نبوة إلا أخرج اللَّه الملك من أهل ذلك البيت، ثم لا يعيده فيهم أبدًا. قال: فقال له أبو نوفل قال -وكان يمازحه كثيرًا: هذا الآن خطأ، قد قتل الحسين في خلافة يزيد بن معاوية. فقال: إنه ليس بهذا يا خامس، إنما هو أن يخرج اللَّه الملك من ذلك الرجل، ثم لا يعيده فيه ولا في ولده. "مسائل صالح" (855) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا أبو الأشهب هوذة، عن هشام بن حسان، عن الحسن قال: مر بي أنس بن مالك -وقد بعثه زياد إلى أبي بكرة يعاتبه- فانطلقت معه، فدخلنا على الشيخ وهو مريض، فأبلغه عنه فقال: إنه يقول: ألم أستعمل عبيد اللَّه على فارس؟ ! ألم أستعمل روَّادًا على دار الرزق؟ ! ألم أستعمل عبد الرحمن على الديوان وبيت المال؟ ! فقال أبو بكرة: فهل زاد على أن أدخلهم النار؟ ! قال: فقال أنس: إني لا أعلمه إلا مجتهدًا. فقال أبو بكرة: أقعدوني، فقال: قلتَ: إني لا أعلمه إلا مجتهدًا، وأهل حروراء قد اجتهدوا، أفأصابوا أم أخطأوا؟ ! قال الحسن: فرجعنا مخصومين (¬1). "مسائل صالح" (874) قال عبد اللَّه: قال أبي: في حديث يزيد بن زريع، عن شعبة قال: أنباني عمرو بن مرة، عن عبد اللَّه بن سلمة قال: دخلنا على عمر -وفد مذحج- ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 408 (836).

وكنت من أقربهم منه مجلسًا، فجعل عمر ينظر إلى الأشتر ويصرف بصره، فقال لي: أمنكم هذا؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين. قال: ما له، قاتله اللَّه، كفى اللَّه أمة محمد شرَّه، واللَّه إني لأحسب أن للمسلمين منه يومًا عصيبًا (¬1). "العلل" برواية عبد اللَّه (540) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: قال أبو سعد: رأيت في أيديهم المصاحف والسيوف في أيديهم، وهم يشتدون -يعني: يوم شبيب الخارجي (¬2). "العلل" برواية عبد اللَّه (707) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: كان العلماء يحدثون أنه لم تخرج خارجة خير من أصحاب الجماجم والحرّة (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو بكر قال: لم يبايع ابن الزبير ولا حسين ولا ابن عمر يزيد بن معاوية في حياة معاوية. قال: فتركهم معاوية. قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: ثنا أبو بكر قال: ما بقي أرض إلا ملكها ابن الزبير إلا الأردنَّ (¬4). "العلل" برواية عبد اللَّه (4747 - 4749) قال الخلال: وأخبرني محمد بن علي قال: ثنا مهنا. ودفع إلى عبد اللَّه بن أحمد سمع مهنا قال: سألت أحمد عن مالك الأشتر، يُروى عنه الحديث؟ قال: لا. وسألته عن عبد اللَّه بن الكواء؟ قال: كوفي. ¬

_ (¬1) رواه الخلال في "السنة" 1/ 411 (843). (¬2) رواه الخلال في "السنة" 1/ 411 (842). (¬3) رواه الخلال في "السنة" 1/ 411 (844). (¬4) رواه الخلال في "السنة" 1/ 413 (849).

قلت: يُروى عنه الحديث؟ قال: لا. قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: ثنا الأثرم قال: وذكر أبو عبد اللَّه بن الكواء؟ قال: نعم، هو أبو الكواء، وهو ابن الكواء. قال الخلال: وأخبرني محمد بن علي قال: ثنا صالح قال: قال أبي: أبو الكواء اسمه عبد اللَّه بن الكواء. قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: ثنا مهنا قال: سألت أحمد عن طلحة بن عبيد اللَّه، من قتله؟ قال: يقولون: مروان. قلت: كيف؟ قال: إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: نظر مروان إلى طلحة بن عبيد اللَّه يوم الجمل فقال: لا اطلب بثأري بعد اليوم. قال: فرمى بسهم فقتله. قلت: من يقول هذا؟ فقال: وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد. قلت: حدثوني عن عمرو بن مرزوق، عن عمران القطان، عن قتادة، عن الجارود بن أبي سبرة قال: نظر مروان إلى طلحة بن عبيد اللَّه يوم الجمل فقال: لا اطلب بثأري بعد اليوم. فرماه بسهم فقتله. فقال: ما أدري. "السنة" للخلال 1/ 409 - 410 (837 - 839) قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي، قال: ثنا مهنا قال: سألت أحمد عن عمر بن سعد؟ فقال: لا ينبغي أن يحدث عنه. قلت: من هو؟ قال: أخو عامر بن سعد، وأخو مصعب بن سعد. قلت: لم؟ قال: لأنه صاحب الجيوش، وصاحب الدماء. قلت له: بلغني عن يحيى بن سعيد أنه قال: كان عمر بن سعد لا يعتمد عليه. "السنة" للخلال 1/ 410 (841) قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا بن يحيى، أن

أبا طالب حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه: من قال: لعن اللَّه يزيد بن معاوية؟ قال: لا تكلم في هذا. قلت: ما تقول؟ فإن الذي تكلم به رجل لا بأس به، وأنا صائر إلى قولك؟ فقال أبو عبد اللَّه: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَعْنُ المُؤْمِنِ كقَتْلِهِ" (¬1) وقال: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِيَ ثُمَّ الذِينَ يَلُونَهُمْ" (¬2)، وقد صار يزيد فيهم، وقال: "من لَعَنْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْهَا رحمة" (¬3)، فأرى الإمساك أحب لي (¬4). "السنة" للخلال 1/ 412 (846). قال الخلال: وأخبرني محمد بن جعفر، أن أبا الحارث حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت: الرجل يذكر عنده الحجاج فيقول: كافر؟ قال: لا يعجبني. ¬

_ (¬1) رواه أحمد 4/ 33، والبخاري (6047)، ومسلم (110). (¬2) رواه أحمد 1/ 378، والبخاري (2652)، ومسلم (2533). (¬3) رواه أحمد 2/ 396، ومسلم (2601). (¬4) قال أبو بكر الخلال -معلقا-: وبعد هذا الذي ذكر أبو عبد اللَّه من التوقي للعنة، ففيه أحاديث كثيرة لا تخفى على أهل العلم، ومن كتب الحديث إذا أنصف في القول، وقد ذُكر عن ابن سيرين وغيره أنهم كانوا يقولون: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}، إذا ذكر لهم مثل الحجاج وضربه، ونحن نتبع القوم ولا نخالف، ونتبع ما قال الحسن وابن سيرين؛ فهما الإمامان العدلان في زمانهما الورعان الفقيهان ومن أفاضل التابعين ومن أعلمهم بالحلال والحرام وأمر الدين، ولا نجهل ونقول: لعن اللَّه من قتل الحسين بن علي، ولعن اللَّه من قتل عمر، ولعن اللَّه من قتل عثمان، ولعن اللَّه من قتل عليًّا، ولعن اللَّه من قتل معاوية بن أبي سفيان، فكل هؤلاء قتلوا قتلًا، ويقال: لعنة اللَّه على الظالمين، إذا ذكر لنا رجل من أهل الفتن، وعلى ما تقلد أحمد بن حنبل من ذلك، وباللَّه التوفيق.

قلت: فإذا ذكر عنده يلعنه؟ قال: يقول: ألا لعنة اللَّه على الظالمين. قال أبو عبد اللَّه: قد كان رجل سوء يروي عنه ابن سيرين أنه قال: المسكين أبو محمد. قال: وسمعت رجلًا يقول له: ومن يرع عن ذكر الحجاج أنه كان كافرًا لا يؤمن بيوم الحساب، وإنه من أهل النار. فسكت ولم يرد عليه جوابًا. قال الخلال: وأخبرني زكريا بن يحيى، أن أبا طالب حدثهم قال: قال أبو عبد اللَّه: كان الحجاج بن يوسف رجل سوء. قال الخلال: وأخبرني محمد بن علي، قال: ثنا مهنا، قال: سألت أحمد عن يزيد بن المهلب؛ قال: بصري. قلت: كيف هو؟ قال: كان صاحب فتنة، يقول: هو الذي يقول شعبة: سمعت الحسن يقول: هذا عدو اللَّه ابن المهلب. "السنة" للخلال 1/ 413 - 414 (852 - 854) قال صالح: قلت لأبي: إن قومًا يقولون إنهم يحبون يزيد. فقال: يا بني! وهل يحب يزيد أحد يؤمن باللَّه واليوم الآخر؟ فقلت: يا أبت، فلماذا لا تلعنه؟ فقال: يا بني، ومتى رأيت أباك يلعن أحدًا. "مجموع الفتاوى" 4/ 483

أخطاء طباعية واستدراكات

أخطاء طباعية واستدراكات لوحظ الأخطاء الآتية في "الجامع لعلوم الإمام" بعد الطباعة (*) المجلد الثالث صـ 235: رواية إسماعيل بن سعيد، المنقولة من "فتح الباري" لابن رجب 1/ 139 مكررة، وتحذف، ووردت قبلها كاملة نقلًا عن "أحكام النساء" للخلال (91). - صـ 273: "الحسن بن علي بن الحسين" تعدل: "الحسن بن علي بن الحسن". صـ 504 / س 17: أبو حماد المقرئ تعدل ابن حماد المقرئ. صـ 541 / س 19: "الشتري" تعدل: "التستري". المجلد الرابع صـ 171: "السقلي" تعدل: "المستملي". صـ 351: "هشام بن منصور البخاري" يعدل: "هشام بن منصور اليخامري".

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وقد تم استدراكها في مواطنها من هذه النسخة الإلكترونية

§1/1