الجامع لعلوم الإمام أحمد - الترجمة

مجموعة من المؤلفين

مقدمة ترجمة الإمام أحمد

مقدمة ترجمة الإمام أحمد الحمدُ للَّه ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على النَّبي القدوة الأمين، محمد بن عبد اللَّه وعلى آله وصحبه ومَنْ اتبع هداه إلى يوم الدين. أما بعد فإنَّ الحديثَ عن واحدٍ مِنَ العظماء في تاريخِ الإنسانيةِ ليس كالحديثِ عن غيرِهِ مِنَ المشاهير والأعلام، ذلك أنَّ مقصدهم في الغالب -وبخاصة المسلمين منهم- ليس في البحثِ عن الشهرةِ أو التكريمِ في حياتهم، فلهم أهدافٌ أبعدُ وأنبلُ مِنَ الأهداف الموجودة عِنْدَ أصحابِ الطموح الذين يريدونَ إسعادَ أنفسِهم، وتربيةَ أولادهم، وخدمةَ مُجتمعاتِهم وأعمالِهم ووظائفِهم، وهي أهدافٌ مشروعةٌ حميدةٌ، لكنَّ أهدافَ العظماءِ تتجاوزُ ذلك إلى الإنسانيةِ جمعاء، وإحداث محطاتٍ تاريخيةٍ في مَجالِهم، لا يَنْفَكُّ ذِكْرهم إذا تكلَّم أحدٌ في تخصصهم، ولا يتمكن مغرض أن يطمس ولو بعض ما أنجزوا، هؤلاء هم الذين يشكلون لنا الحضارةَ والفكرَ والإبداعَ، والأهم من ذلك: يُحافظون على أصولِ هذا الدين ونقائه. وليس من السهولةِ الوصولُ إلى مكانةِ واحدٍ من هؤلاء، فعلى مرِّ التاريخ نجدُ مَنْ حاولَ جاهدًا أنْ يلصق نفسَه بهم دونَ حقٍّ؛ قد ينالُ بعضَ المنافعِ المؤقتةِ الزائلةِ، لكنْ ما يلبثُ أنْ ينكشفَ أمامَ الجميعِ، وأمامَ التاريخِ في الأجيالِ اللاحقةِ. هؤلاء العظماءُ أهلُ العزمِ والهمَّةِ الفائقةِ، لَمْ يرضوا بما رضي به غيرهم، ولَمْ يحفلوا بإنجازاتٍ صغيرةٍ أو وهميةٍ يتم تهويلها وتفخيمها، أو تأثيراتٍ ضعيفةٍ يلقوا بها بعض المديح، بل هُم كِبار، حتى لو لَمْ يذكرْهم الناسُ:

على قدْرِ أهلِ العزم تأتي العزائمُ ... وتأتي على قدرِ الكرام المكارمُ وتعظم في عَين الصغيرِ صغارها ... وتصغرُ في عينِ العظيمِ العظائمُ وقد يتعرضون للأذى والامتهان، ولكن تبقى نفوسهم قوية شامخة: وإذا كانت النفوسُ كِبارًا ... تعبتْ في مُرادِها الأجسامُ ولنتأمل عبارة قالها عبدُ اللَّه بن أحمد بن حنبل لأبيه: "يا أبتِ لا نقدرُ على ما تقدِرُ عليه"! والقائل له من المكانة والجهد والفضائل الكثير، لكنه يستعطِف أباه بأنه لا يمكنه العيش بطريقة الإمام، فلا يستطيع ذلك إلا العظماء، الذين يدفعون الثمن من الجهدِ والعرقِ والدَّمِ، مع صبرٍ وإرادةٍ قوية، وعزيمةٍ لا تفتر، ولا يهدّها طول البلاء وعِظم الشقاء! ! قيل لبِشْر بن الحارث حين ضُرِب أَحمد بن حنبل: يا أبا نصر، لو أنك خرجتَ فقلتَ: إني على قول أَحمد بن حنبل. فقال بِشر: أتريدونَ أنْ أقومَ مقامَ الأنبياء! إنَّ أَحمد بن حنبل قامَ مقامَ الأنبياء. نعم، إنه مقامُ الأنبياء، فالسيرة تعرض ما لقيه النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من أذى قريش، وتآمرهم على قتله، والكيد لجماعة المسلمين، وتآمر اليهود والمنافقين، لقي التعبَ والجوعَ، وشُجَّ وجهُه، وكُسرت رُباعيتُه، واجتمعتْ عليه الأحزابُ ليستأصلوا بيضةَ المسلمين، فكان -صلى اللَّه عليه وسلم- القدوةَ والمثلَ الأعلى في الصبرِ والثبات، مع رجاحةِ العقلِ والرأْي، وورث العلماء الربانيون هذه الأخلاق الفاضلة، فقد قال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [فاطر: 32] وفي الخبر: "إنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياء، وإنَّ الأنبياءَ لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، ولكن ورَّثوا علمًا". [رواه الترمذي (2682)، وابن حبان (88)]. إنَّ أتباعَ هذا الدين يحتاجون إلى مجددين ألقَوا الدُّنيا وراءَ ظهورهم، وأقدموا على إعلاء كلمة اللَّه، متحملين المشاق والعناء، لا يخافون في اللَّه

لومةَ لائمٍ، مع التزامِهم بالحدودِ الشرعية مع الجميع، مهما بَلَغَ منهم الأذى والقهر. والمتأمل في أحوالِ الدعاة والمنظرين المُعاصرين، يجدهم بعيدين -إلا ما ندر- عن السعي لما ذكرنا من صفات العظماء المجددين؛ نعم قد يكون لغالبيتهم أهداف نبيلة، ونيات صحيحة، لكنهم أبعد ما يكون عما يحتاجه الإسلام والمسلمون، مِنْ همةٍ عالية تتجاوز حدود نفع أنفسهم وأسرهم وجماعتهم، إلى نفعِ الأمةِ جمعاء. ولا أقصد التقليل من عمل هؤلاء؛ فإنَّ تكاتفهم على هذه الأهداف، مع البعد عن التحزب الضيق للأفراد والحركات، من شأنه نفع جموع غفيرة من المسلمين، ورد الكثير من شبهات المغرضين، وإيقاظ الفطرة في الذين تنكبوا الصراط المستقيم، ومحاربة البدع والضلالات. ولا أتحدث هنا عمَّن غايتهم جمع الأموال، وطلب الشهرة، وتحصيل النفوذ، ونيل الإعجاب والمدح والثناء، فهؤلاء لا علاقةَ لهم بموضوعِنا من الأصل، وهُمْ داءٌ يحتاج إلى دواءٍ. إنَّ سيرةَ الإمامِ أحمد نموذجٌ من النماذجِ النادرة؛ بصبرِهِ على البلاء في سبيلِ إنقاذ السنة وصونها والدفاع عنها، فهُوَ جبلٌ راسخ لم تزعزعه الأهواء، ولم يغتر بمَنْ ظهروا أنَّهم كثرة علماءِ الإسلام، وأفتوا بالباطل، أو بمن ترخصوا طلبًا للنجاة، ولم يؤثر فيه التهديد والوعيد، ولا الضرب والأذى الشديد، ولم يضعف أمام المغريات مِنْ أموالٍ وقرب مِنَ السلطان، وهو العالمُ الرباني الذي أجْمَعَ علماءُ الأمةِ -إلا مَنْ لا يُعبأَ بهم- على أنَّه القدوة التي تأطر النَّاس إلى العروة الوثقى لا انْفِصامَ لها؛ حتى قال غيرُ واحد من علماءِ الإسلام: "إذا رأيتَ الرجلَ يحبُّ أَحمد بن حنبل فاعلمْ أنه صاحبُ سُنَّة".

وقيل أيضا: "أحمد بن حنبل حجة بين اللَّه وبين عبيده في أرضه". وقيل: "إذا رأيتَ الرجل يقع في أحمد بن حنبل فاعلم أنه مبتدع". وقيل: "من سمعتموه يذكر أحمد بن حنبل بسوء فاتهموه على الإسلام". وسيأتي من ذلك في ترجمته الكثير. رحمه اللَّه، عن الدُّنيا ما كان أَصبره، وبالماضينَ ما كان أشبهه، وبالصالحينَ ما كان أَبْصره، أتتْ له الدنيا فأَباها، والبدعُ فنفاها، واختصه اللَّه سُبحانه بنصرةِ دينِه، والقيام بحفظِ سنَّتِه، ورضيه لإقامةِ حُجتِهِ ونصرة كلامه حين عَجز عنه الناسُ. ولسنا نذكرُ ذلك لنثني على الإمام ونمدحه، وهو مستحقٌّ لذلك، ولكن لنذكر أنفسَنا بالتمسك بالسُّنة، والثبات عليها، وطلب ما عند اللَّه. اللهمَّ ارحم إمامنا أحمد بن حنبل، واجزه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، واغفر لنا ولوالدينا ومشايخنا، واحشرنا في زمرة الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسُن أولئك رفيقا .. كتب: خالد الرباط

ترجمة الإمام أحمد ترجمة موجزة للإمام أحمد بن حنبل وفيها: تفصيل رواة المسائل عن الإمام أحمد تعريف بالكتب التي ترجمت للإمام أحمد: القسم الأول: الكتب التي أفردت الإمام أحمد بالترجمة القسم الثاني: الكتب التي ترجمت للإمام أحمد ضمن تراجم أخرى ترجمة الإمام أحمد بن حنبل من خلال المرويات عنه - نسبه. - مولده ونشأته. - صفته وسمته. - حسن أخلاقه. - زهده وورعه. - ماله ومطعمه وملبسه: * أ- فصل في ماله ومعاشه. * ب- فصل في مطعمه. * ج- فصل في ملبسه. - تعبده ودعاؤه. - كراماته. - زوجاته وسراريه وأولاده: * أ- فصل في زوجاته [الزوجة الأولى، الزوجة الثانية]. * ب- فصل في سراريه. * ج- فصل في ذكر أولاده. - بداية طلبه للعلم ورحلاته فيه. - إقباله على العلم واحترامه للعلماء.

- غزارة علمه وقوة فهمه. - جلوسه للتحديث والفتوى: * أ- فصل في بداية جلوسه للتحديث والفتوى. * ب- فصل في نهيه أن يكتب كلامه، وما ورد في تراجعه عن ذلك. * ج- فصل في مصنفاته. - ثناء العلماء عليه: * أ- فصل في ثناء مشايخه وأقرانه عليه. * ب- فصل في ثناء أتباعه عليه. * ج- فصل ما قيل فيه من أشعار. * د - تمسكه بالسنة والأثر. - المحنة: * أ- ابتداء المحنة مع المأمون. * ب- المحنة أيام المعتصم. * ج- خروجه من دار المعتصم. * د- المحنة أيام الواثق. * هـ- قصته مع المتوكل. * و- اتهامه بأنه يخفي بعض العلويين. * ز- خروجه إلى العسكر بعد انقضاء هذِه التهمة. * ح- عودته من العسكر. - مرضه وموته: * أ- فصل في مرض موته. * ب- فصل في تاريخ موته ومبلغ سنه. * ج- فصل في غسله والصلاة عليه ودفنه. * د- فصل في وصيته وتركته.

ترجمة موجزة للإمام أحمد بن حنبل

ترجمة موجزة للإمام أحمد بن حنبل * اسمه ونسبه: هو الإمام أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد اللَّه ابن حيان بن عبد اللَّه بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عُكَّابَةَ بن صعب بن علي بن بكر بن وائل الذهلي، الشيباني، المروزي، ثم البغدادي. وزاد بعضهم بعد وائل: ابن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان بن أُدِّ ابن أدد بن الهميسع بن نبت بن قَيدار بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام. * مولده ونشأته: ولد في ربيع الأول، سنة أربع وستين ومائة. كان أبوه بصري الأصل، منخرطًا في جيش خراسان، أقام في مرو، وكان جده والي سرخس لسنوات، وأمه شيبانية، قدم به والده من مرو وهو حمل، فوضعته أُمه في بغداد، ومات أبوه محمد شابًّا، وله نحو من ثلاثين سنة، وأحمد في الثالثة من عمره، فربي أحمد يتيمًا، وكفلته أمه، ويُنسب إلى جده لشهرته. اختلف إلى الكتاب صغيرًا، ثمَّ اختلف إلى الديوان وهو ابن أربع عشر سنة، وظهرت عليه إمارات العلم والصلاح منذ أن كان صبيًّا. * صفته وسمته: كان شيخًا مخضوبًا، يخضب بالحناء خضابًا ليس بالقاني، في لحيته شعرات سود، طوالًا، أسمر، شديد السمرة، حسن الوجه، ربعة، حسن السمت، له هيبة، أغلب جلوسه جلسة القرفصاء، إلا أن يكون في الصلاة. وكان متواضعًا نظيفًا في ملبسه ومطعمه وبيته.

* في أسرته

* في أسرته: جده: حنبل -الذي اشتهر بالنسب إليه- كان واليًا على منطقة سرخس في خراسان. وأبوه: محمد كان قائدًا صغيرًا في الجيش العباسي المرابط في خراسان، وكان يسكن في مرو، ثم رحل منها إلى بغداد، فاشترى دارين، سكن واحدة، وأكرى الأخرى. وأمه: صفية بنت ميمون بن عبد الملك، من بني شيبان المقيمين في البصرة، نزل أبوه عندهم، فخطبها من جدها الذي كان أحد وجوه البصرة، وعاد بصحبتها إلى مرو. زوجاته: تزوج زوجته الأولى عائشة بنت الفضل، من العرب من الربض، وهو في الأربعين من عمره، وأنجب منها صالح أكبر أولاده، ولم يتزوج عليها حتى ماتت، فلما ماتت تزوج ابنة عمه ريحانة بنت عمر، وأنجب منها ابنه عبد اللَّه، فلما ماتت اشترى جارية اسمها حُسن، وتسرى بها، ومات وهي عنده. وأولاده: صالح أبو الفضل، وعبد اللَّه أبو عبد الرحمن، وبه كان يكنى الإمام أحمد، لأن هذِه كانت كنيته قبل أن يتزوج، وبقيت تلازمه بعده. وله ستة أولاد آخرين من جاريته حُسن: الحسن والحسين، توأمان، وماتا بالقرب من ولادتهما، ثم ولدت الحسن ومحمدًا، فعاشا حتى صارا من السن إلى نحو الأربعين سنة، ثم ولدت بعدهما سعيدًا وزينب، وتكنى أم علي. * ماله ومعاشه: ترك له والده دارين، فكان يسكن دارًا، ويكري الأخرى، وكان ربما احتاج فخرج مع اللقاط، وكانت زوجته أم صالح تغزل له الغزل وتبيعه، وانقطعت نفقته في بعض أسفاره، فعرض عليه بعض أصحابه النفقة، فلم يقبل، وأكرى نفسه من بعض الحمالين. وفي مرة رهن نعليه عند خباز.

* طلبه للعلم ورحلاته فيه

* طلبه للعلم ورحلاته فيه: ابتدأ الإمام أحمد في طلب العلم من شيوخ بغداد وهو في السادسة عشر، ولم يبق أحد في بغداد إلا أخذ منه، ثم رحل إلى الكوفة، والبصرة، ومكة، والمدينة، واليمن، والشام، والجزيرة، وعبادان، وطرسوس. وكتب عن علماء كل بلد. * شيوخه: منهم: إبراهيم بن خالد الصنعاني (ت 200 هـ) إبراهيم بن سعد الزهري (ت 185 هـ) إبراهيم بن شماس السمرقندي (ت 221 هـ) إبراهيم بن أبي العباس البغدادي المعروف بالسامري إسحاق بن يوسف الأزرق (ت 295 هـ)، إسماعيل ابن علية (ت 193 هـ) الأسود ابن عامر شاذان (ت 208 هـ)، بشر بن السري (ت 195 هـ) بشر بن المفضل (ت 168 هـ)، بهز بن أسد (ت بعد 200 هـ) تليد بن سليمان المحاربي (ت بعد 190 هـ) ثابت بن الوليد بن عبد اللَّه بن جميع، جابر بن سليم الزرقي جابر بن نوح (ت 203 هـ)، جرير بن عبد الحميد الرازي (ت 188 هـ) جعفر بن عون (ت 206 هـ)، حجاج بن محمد المصيصي (ت 206 هـ) الحسن بن موسى الأشيب (ت 209 هـ) الحسين بن علي الجعفي (ت 203 هـ) الحسين بن الوليد النيسابوري (ت 202 هـ) حفص بن غياث النخعي (ت 194 هـ) أبو أسامة حماد بن أسامة (ت 203 هـ)، حماد بن خالد الخياط حماد بن مسعدة (ت 202 هـ)، حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي (ت 189 هـ) خالد بن نافع الأشعري، خلف بن الوليد الجوهري

داود بن مهران الدباغ، ربعي ابن علية (ت 197 هـ) روح بن عبادة (ت 205 هـ)، ريحان بن سعيد السامي (ت 203 هـ) زياد بن الربيع اليحمدي (ت 185 هـ) زياد ابن عبد اللَّه البكائي (ت 183 هـ)، زيد بن الحباب (ت 230 هـ) زيد بن يحيى بن عبيد الدمشقي (ت 207 هـ)، سفيان بن عيينة (ت 198 هـ) أبو داود سليمان بن داود الطيالسي (ت 204 هـ) سليمان بن داود الهاشمي (ت 219 هـ) سويد بن عمرو الكلبي (ت 204 هـ)، شبابة بن سوار الفزاري (ت 204 هـ) أبو بدر شجاع بن الوليد السكوني (ت 204 هـ) صفوان بن عيسى الزهري (ت 200 هـ) أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل (ت 212 هـ) طلق بن غنام النخعي (ت 211 هـ) عاصم بن علي ابن عاصم الواسطي (ت 221 هـ) عباد بن عباد المهلبي (ت 179 هـ)، عباد بن العوام (ت 185 هـ) عبد اللَّه بن إدريس الأودي (ت 192 هـ). عبد اللَّه بن بكر السهمي (ت 208 هـ)، عبد اللَّه بن نمير الهمداني (ت 199 هـ) أبو عبد الرحمن عبد اللَّه بن يزيد المقرئ (ت 213 هـ) عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي (ت 189 هـ) أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني الدمشقي (ت 218 هـ) عبد الرحمن بن غزوان المعروف بقراد (ت 187 هـ) عبد الرحمن بن مهدي (ت 198 هـ) عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت 211 هـ) عبد الصمد ابن عبد الوارث (ت 207 هـ) عبد العزيز بن عبد الصمد العمي (ت 187 هـ)

أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني الحمصي (ت 212 هـ) أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي (ت 204 هـ) أبو عبيدة عبد الواحد بن واصل الحداد (ت 190 هـ) عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي (ت 194 هـ) عبد الوهاب بن عطاء الخفاف (ت 204 هـ) عبيد اللَّه بن عبيد الرحمن الأشجعي (ت 182 هـ) عبيدة ابن حميد (ت 107 هـ)، عثمان بن عثمان الغطفاني عثمان بن عمر بن فارس (ت 209 هـ) عفان بن مسلم الصفار (ت بعد 219 هـ) عقبة بن خالد السكوني (ت 188 هـ)، علي ابن عاصم الواسطي (ت 201 هـ) علي بن عياش الحمصي (ت 219 هـ) عمر بن عبيد الطنافسي (ت 185 هـ)، غسان بن الربيع الموصلي غسان بن مضر الأزدي (ت 184 هـ)، غسان بن المفضل الغلابي غوث بن جابر بن غيلان بن منبه اليماني أبو نعيم الفضل ابن دكين (ت 218 هـ)، الفضل بن العلاء الكوفي القاسم بن مالك المزني (ت بعده 190 هـ)، قبيصة بن عقبة (ت 215 هـ) قتيبة بن سعيد (ت 240 هـ)، قران بن تمام الأسدي (ت 181 هـ) كثير بن مروان الفلسطيني، كثير بن هشام (ت 207 هـ) ليث بن خالد البلخي، مبشر ابن إسماعيل الحلبي (ت 200 هـ) محمد بن إدريس الشافعي (ت 204 هـ) محمد بن بكر البرساني (ت 204 هـ)، محمد بن جعفر غندر (ت 293 هـ) أبو معاوية محمد بن خازم الضرير (ت 295 هـ) محمد بن الحسن الواسطي، محمد بن سلمة الحراني (ت 191 هـ) أبو أحمد محمد بن عبد اللَّه بن الزبير الزبيري (ت 203 هـ)

محمد بن عبد اللَّه بن المثنى الأنصاري (ت 215 هـ) محمد بن عبيد الطنافسي (ت 204 هـ) محمد بن أبي عدي (ت 194 هـ)، محمد بن فضيل بن غزوان (ت 295 هـ) محمد بن يوسف الفريابي (ت 212 هـ) أبو كامل مظفر بن مدرك البغدادي (ت 207 هـ) معاذ بن معاذ العنبري (ت 196 هـ)، معاذ بن هشام الدستوائي (ت 200 هـ) معتمر بن سليمان التيمي (ت 187 هـ) أبو سلمة منصور بن سلمة الخزاعي (ت 210 هـ) أبو قرة موسى بن طارق الزبيدي، نصر بن باب أبو المغيرة النضر بن إسماعيل (ت 182 هـ) نوح بن ميمون (ت 218 هـ)، أبو النضر هاشم بن القاسم (ت 207 هـ) أبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي (ت 227 هـ) هشيم بن بشير الواسطي (ت 183 هـ)، هشيم بن أبي ساسان الكوفي وكيع بن الجراح (ت 196 هـ)، الوليد بن القاسم الهمداني (ت 183 هـ) الوليد بن مسلم الدمشقي (ت 194 هـ)، وهب بن جرير بن حازم (ت 206 هـ) يحيى بن آدم (ت 203 هـ)، يحيى بن زكريا بن أبي زائدة (ت 183 هـ) يحيى بن سعيد الأموي (ت 194 هـ)، يحيى بن سعيد القطان (ت 198 هـ) يزيد بن هارون (ت 206 هـ) يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري (ت 208 هـ) يعلى بن عبيد الطنافسي (ت 209 هـ)، يونس بن محمد المؤدب (ت 207 هـ) أبو بكر بن عياش (ت 194 هـ)، أبو سعيد مولى بني هاشم (ت 197 هـ) أبو عمرو الشيباني النحوي (ت 206 هـ)، أبو القاسم بن أبي الزناد.

* تلاميذه والرواة عنه

* تلاميذه والرواة عنه: وقد فصلنا القول فيهم لأنهم الذين رووا عنه فقهه ومسائله، ونذكر تراجمهم باختصار مع أهم مؤلفاتهم، وقد أوردناهم حسب تاريخ الوفاة: 1 - معروف بن الفيرزان الكرخي (ت 200 هـ) عَلَم الزهاد، أبو محفوظ البغدادي، ينسب إلى كرخ بغداد، واسم أبيه فيروز، وقيل: فيرزان، من الصابئة، وقيل: كان أبواه نصرانيين، فأسلماه إلى مؤدب كان يقول له: قل: ثالث ثلاثة، فيقول معروف: بل هو الواحد، فيضربه، فيهرب، فكان والداه يقولان: ليته رجع، ثم إن أبويه أسلما. أسند أحاديث يسيرة عن بكر بن حبيش، والربيع بن صبيح، وغيرهما. وروى عنه: خلف بن هشام البزاز، وزكريا بن يحيى المروذي. وكان أحد المشهورين بالزهد والعزوف عن الدنيا، يغشاه الصالحون، وكان يوصف بأنه مجاب الدعوات، وحكي عنه كرامات. ذُكر في مجلس أحمد، فقال بعض من حضره: هو قصير العلم. قال أحمد: أمسك عافاك اللَّه، وهل يراد من العلم إلا ما وصل إليه معروف! وقال عبد الوهاب الوراق: ما رأيت أحدًا أخوف للَّه عز وجل من معروف الكرخي. مات سنة مائتين، وقيل: سنة أربع ومائتين (¬1). 2 - يزيد بن هارون، أبو خالد الواسطي (ت 206 هـ) يزيد بن هارون بن زاذي -ويقال: ابن زاذان- بن ثابت السلمي، أبو خالد الواسطي. روى عن: حميد الطويل، والثوري، وشعبة، وعاصم الأحول. وروى عنه: عباس الدوري، وعبد بن حميد، وابن المديني، وابن معين. أحد شيوخ الإمام أحمد، وكان سأل الإمام أحمد عن أشياء. وثقه ابن معين، وقال علي بن المديني: هو من الثقات، وقال في موضع آخر: ما رأيت رجلا قط ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 13/ 199، "طبقات الحنابلة" 2/ 477، "سير أعلام النبلاء" 9/ 339.

3 - عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت 311 هـ)

أحفظ من يزيد بن هارون. وقال العجلي: ثقة ثبت في الحديث. وقال أبو حاتم: ثقة إمام صدوق، لا يسأل عن مثله. مات ضريرًا سنة ست ومائتين (¬1). 3 - عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت 311 هـ) عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري مولاهم، اليماني، أبو بكر الصنعاني. صاحب "المصنف"، قال: جالسنا معمرا ما بين سبع سنين، أو ثمان سنين. سئل الإمام أحمد: رأيت أحدا أحسن حديثا من عبد الرزاق؟ قال: لا. وقال أبو زرعة: عبد الرزاق أحد من ثبت حديثه. قال عبد الرزاق: كتب عني ثلاثة لا أبالي ألا يكتب عني غيرهم، كتب عني ابن الشاذكوني وهو من أحفظ الناس، وكتب عني يحيى بن معين وهو من أعرف الناس بالرجال، وكتب عني أحمد بن حنبل وهو من أزهد الناس. قال ابن عدي: وقد رحل إليه ثقات المسلمين وأئمتهم، وكتبوا عنه، ولم يروا بحديثه بأسا إلا أنهم نسبوه إلى التشيع، وقد روى أحاديث في الفضائل مما لا يوافقه عليها أحد من الثقات، فهذا أعظم ما رموه به من روايته لهذه الأحاديث، ولما رواه في مثالب غيرهم، وأما في باب الصدق فأرجو أنه لا بأس به، إلا أنه قد سبق منه أحاديث في فضائل أهل البيت ومثالب آخرين مناكير. كان مولده سنة ست وعشرين ومائة، ومات في النصف من شوال، سنة إحدى عشرة ومائتين (¬2). 4 - أحمد بن جعفر الوكيعي (ت 315 هـ) أحمد بن جعفر أبو عبد الرحمن الضرير الوكيعي، سمع، وكيع بن الجراح، ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 9/ 295، "تاريخ بغداد" 14/ 337، "طبقات الحنابلة" 2/ 569، "تهذيب الكمال" 32/ 261. (¬2) "الجرح والتعديل" 6/ 38، "الكامل" لابن عدي 6/ 537، و"طبقات الحنابلة" 2/ 81، "تهذيب الكمال" 18/ 52، "سير أعلام النبلاء" 9/ 563.

5 - أحمد بن داود، أبو سعيد الحداد الواسطي (ت 221 هـ)

وأبا معاوية، وحفص بن غياث، وأبي بكر بن عياش. حدث عنه: أحمد بن القاسم الأنماطي، وإبراهيم الحربي. قال أبو نعيم: ما رأيت ضريرا أحفظ من أحمد بن جعفر الوكيعي. وقال الدارقطني: أحمد الوكيعي ثقة، وابنه محمد ثقة. قال الحربي: سمعت أحمد ابن حنبل يقول لأحمد الوكيعي: يا أبا عبد الرحمن إني لأحبك. قال الحربي: مات أحمد الوكيعي ببغداد سنة خمس عشرة ومائتين، وعرضت عليه "مسند ابن أبي شيبة" كله فكان يذكر الحديث فأسأله عنه فيقول: ما سمعت هذا من محدث، وإنما سمعتكم يوم الجمعة تذكرونه. قال إبراهيم الحربي: وكان الوكيعي يحفظ مائة ألف حديث ما أحسبه سمع حديثا قط إلا حفظه (¬1). 5 - أحمد بن داود، أبو سعيد الحداد الواسطي (ت 221 هـ) نزل بغداد، وحدث بها عن حماد بن زيد، وخالد بن عبد اللَّه، ومحمد بن يزيد الكلاعي. روى عنه أحمد بن سنان، ومشرف بن سعيد، ومحمد بن عبد الملك بن مروان الواسطيون، والحسن بن علي بن المتوكل. قال يحيى بن معين: كان ثقة صدوقا، وفي رواية: ثقة لا بأس به، وقال ابن سعد: كان قد نزل بغداد وكان ثقة. قال البخاري: مات أبو سعيد الحداد سنة إحدى أو اثنتين وعشرين ومائتين (¬2). 6 - الحكم بن نافع البهراني، أبو اليمان (ت 222 هـ) الحمصي، مولى امرأة من بهراء، يقال لها: أم سلمة. روى عن: أرطاة بن المنذر، وإسماعيل بن عياش، وصفوان بن عمرو. وروى عنه: البخاري في "الصحيح"، وعثمان بن سعيد الدارمي، وابن معين. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 4/ 58، "طبقات الحنابلة" 1/ 52، "سير أعلام النبلاء" 10/ 574. (¬2) "الجرح والتعديل" 2/ 50، "تاريخ بغداد" 4/ 138، "طبقات الحنابلة" 1/ 93.

7 - القاسم بن سلام، أبو عبيد الهروي (ت 222 هـ)

قال أبو حاتم: نبيل ثقة صدوق. مات بحمص في ذي الحجة سنة 222، وقد جاوز الثمانين (¬1). 7 - القاسم بن سلام، أبو عبيد الهروي (ت 222 هـ) كان أبوه عبدا روميا لرجل من أهل هراة. روى عن: ابن المبارك، وهشيم بن بشير، وسفيان بن عيينة. وروى عنه: ابن أبي الدنيا، وعباس العنبري، وعباس الدوري. أقام ببغداد، ثم ولي القضاء بطرسوس ثماني عشرة سنة، وخرج بعد ذلك إلى مكة فسكنها حتى مات بها. قال أبو حاتم: كنت أراه في مسجده وقد أحدق به قوم معلمون، ولم أر عنده أهل الحديث، فلم أكتب عنه، وهو صدوق. وذكره ابن درستويه النحوي فقال: ممن جمع صنوفا من العلم، وصنف الكتب في كل فن من العلوم، والآداب، وكان ذا فضل ودين، وسنن ومذهب حسن. من مصنفاته: "الأموال"، و"غريب الحديث"، و"فضائل القرآن"، و"الطهور"، و"المواعظ"، و"الغريب المصنف"، و"الإيمان"، و"الأمثال". قال عن كتابه "غريب الحديث": مكثت في تصنيف هذا الكتاب أربعين سنة، وربما كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال، فأضعها في موضعها من هذا الكتاب، فأبيت ساهرا فرحا مني بتلك الفائدة. مات أبو عبيد سنة أربع وعشرين ومائتين، وقيل: سنة ثلاث وعشرين بمكة، وقيل: سنة اثنتين وعشرين في خلافة المعتصم (¬2). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 3/ 129، "طبقات الحنابلة" 1/ 398، "تهذيب الكمال" 7/ 146، "سير أعلام النبلاء" 10/ 319. (¬2) "الجرح والتعديل" 7/ 111، "تاريخ بغداد" 12/ 403، "طبقات الحنابلة" 2/ 210، "تهذيب الكمال" 23/ 354، "سير أعلام النبلاء" 10/ 490.

8 - يحيى بن صالح الوحاظي (ت 222 هـ)

8 - يحيى بن صالح الوحاظي (ت 222 هـ) أبو زكريا، ويقال: أبو صالح، الشامي الدمشقي، ويقال: الحمصي. روى عن: إسماعيل بن عياش، والدراوردي، وموسى بن أعين. وروى عنه: البخاري، والكوسج، وأبو حاتم الرازي، وابن معين. قال ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق. وقال أبو عوانة الإسفراييني: حسن الحديث، ولكنه صاحب رأي. وقال الكوسج: كان مرجئا خبيثا، داعي دعوة، ليس بأهل أن يروى عنه. مات سنة اثنتين وعشرين ومائتين (¬1). 9 - خالد بن خداش المهلبي (ت 223 هـ) خالد بن خداش بن عجلان أبو الهيثم المهلبي، مولى آل المهلب ابن أبي صفرة الأزدي، من أهل البصرة، سكن بغداد، وحدث بها. روى عن: مالك بن أنس، وحماد بن زيد، وصالح المري، وأبي عوانة. وروى عنه: مسلم في "صحيحه"، وأحمد الدورقي، وأبو حاتم الرازي. قال عبد الخالق بن منصور عن يحيى بن معين، وأبو حاتم، وصالح بن محمد البغدادي: صدوق. ووثقه ابن سعد، ويعقوب بن شيبة. وضعفه ابن المديني، وزكريا بن يحيى الساجي. مات ببغداد في جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين ومائتين (¬2). 10 - محمد بن الحكم، أبو بكر الأحول (ت 223 هـ) قال أبو بكر الخلال: كان قد سمع من أبي عبد اللَّه، ومات قبل موت أبي ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 9/ 158، "طبقات الحنابلة" 2/ 528، "تهذيب الكمال" 31/ 375، "سير أعلام النبلاء" 10/ 453. (¬2) "الجرح والتعديل" 3/ 327، "تاريخ بغداد" 8/ 304، "طبقات الحنابلة" 1/ 408، "تهذيب الكمال" 8/ 45، "سير أعلام النبلاء" 10/ 488.

11 - إبراهيم بن سويد الأرمني (ت 224 هـ)

عبد اللَّه بثمان عشرة سنة، ولا أعلم أحدا أشد فهما من محمد بن الحكم فيما سئل بمناظرة واحتجاج ومعرفة وحفظ، وكان أبو عبد اللَّه يبوح بالشيء إليه من الفتيا، لا يبوح به لكل أحد، وكان خاصا بأبي عبد اللَّه، وكان له فهم سديد، وعلم، وكان ابن عم أبي طالب، وبه وصل أبو طالب إلى أبي عبد اللَّه. وتوفي سنة ثلاث وعشرين ومائتين (¬1). 11 - إبراهيم بن سويد الأرمني (ت 224 هـ) حدث ببيروت عن أحمد بن حنبل، وسمع بدمشق هشام بن عمار، حكى عنه أبو العباس محمد بن سليمان الأصبهاني، وأبو سعد ميسرة بن علي القزويني (¬2). 12 - محمد بن الفضل البصري (ت 224 هـ) أبو النعمان السدوسي، المعروف بعارم حتى يكاد لا يعرف إلا به. روى عن: ثابت بن يزيد الأحول، وجرير بن حازم، والحمادان. وروى عنه: البخاري، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان. قال محمد بن مسلم بن وارة: حدثنا عارم بن الفضل، الصدوق المأمون. وقال أبو علي الزريقي: حدثنا عارم قبل أن يختلط. وقال البخاري: تغير بأخرة. وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: إذا حدثك عارم فاختم عليه. وقال: سمعت أبي يقول: اختلط عارم في آخر عمره وزال عقله، . . وكتبت عنه قبل الاختلاط سنة أربع عشرة، ولم أسمع منه بعد ما اختلط، فمن سمع منه قبل سنة عشرين ومائتين فسماعه جيد. وقال: سئل أبي عنه فقال: ثقة. مات سنة أربع وعشرين ومائتين (¬3). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 295. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 243، "تاريخ دمشق" 6/ 421. (¬3) "التاريخ الكبير" للبخاري 1/ 208، "الجرح والتعديل" 8/ 58، "طبقات الحنابلة" 2/ 183، "تهذيب الكمال" 26/ 287، "سير أعلام النبلاء" 10/ 265.

13 - الهيثم بن خارجة الخراساني (ت 227 هـ)

13 - الهيثم بن خارجة الخراساني (ت 227 هـ) أبو أحمد، ويقال: أبو يحيى، المروذي، نزيل بغداد. روى عن: الليث بن سعد، والجراح بن مليح، وإسماعيل بن عياش. وروى عنه: البخاري، وإبراهيم الحربي، وأبو يعلى الموصلي، وعباس الدوري، وأبو حاتم، وأبو زرعة الرازيان، وأبو زرعة الدمشقي. قال هشام بن عمار: كنا نسميه شعبة الصغير. وقال صالح بن محمد: كان أحمد يثني على الهيثم بن خارجة، وكان يتزهد، وكان سيئ الخلق مع أصحاب الحديث. قال يحيى بن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال النسائي: ليس به بأس. مات ببغداد في المحرم سنة 228، وقيل: في ذي الحجة سنة 227 (¬1). 14 - محمد بن مصعب، أبو جعفر الدعاء (ت 228 هـ) كان أحد العباد المذكورين والقراء المعروفين، أثنى عليه أحمد بن حنبل، ووصفه بالسنة. روى عن: الربيع بن بدر، وعبد اللَّه بن المبارك. وروى عنه: جعفر بن أحمد بن سام، وأبو الحسن بن العطار، ومحمد بن نصر الصائغ. قال ابن سعد: كان ثقة إن شاء اللَّه. وقال نصر بن منصور الصائغ: كان مجاب الدعوة، وما رأيت أحدًا أحسن تلاوة لكتاب اللَّه منه. مات ببغداد في ذي القعدة سنة ثمان وعشرين ومائتين (¬2). 15 - محمد بن جعفر الوركاني (ت 228 هـ) محمد بن جعفر بن زياد بن أبي هاشم الوركاني، أبو عمران الخراساني. سكن بغداد. روى عن: إبراهيم بن سعد، وأبي الأحوص سلام بن سليم، وشريك، ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 9/ 86، "تاريخ بغداد" 14/ 58، "طبقات الحنابلة" 2/ 504، "تهذيب الكمال" 30/ 374، "سير أعلام النبلاء" 10/ 477. (¬2) "الطبقات الكبرى" 7/ 361، "تاريخ بغداد" 3/ 279، "طبقات الحنابلة" 2/ 359.

16 - مسدد بن مسرهد بن مسربل البصري (ت 338 هـ)

ومالك بن أنس، ومعتمر بن سليمان التيمي. وروى عنه: مسلم، وأبو داود، وحرب الكرماني، وعباس الدوري، وعبد اللَّه ابن أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين. قال أبو داود: رأيت أحمد بن حنبل يكتب عنه. وقال أبو زرعة: كان جار أحمد بن حنبل، وكان يرضاه، وكان صدوقا ما علمته. وقال صالح بن محمد الأسدي: كان أحمد يوثقه ويشير به. وقال يحيى بن معين: ثقة. مات في رمضان لتسع بقين منه، سنة ثمان وعشرين ومائتين (¬1). 16 - مسدد بن مسرهد بن مسربل البصري (ت 338 هـ) أبو الحسن الأسدي. روى عن: إسماعيل بن علية، وسفيان بن عيينة، ووكيع ابن الجراح، وهشيم بن بشير. وروى عنه: البخاري، وأبو داود، والعجلي. قال أبو زرعة: قال لي أحمد: مسدد صدوق، فما كتبته عنه فلا تعده. وقال الميموني، عن الإمام أحمد: نعم الشيخ، عافاه اللَّه. وقال يحيى بن معين: صدوق. وفي رواية: ثقة ثقة. ووثقه أيضا النسائي، والعجلي، وأبو حاتم. مات سنة ثمان وعشرين ومائتين. (¬2) 17 - يحيى بن عبد الحميد الحماني (ت 228 هـ) يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن ميمون بن عبد الرحمن، أبو زكريا الحماني الكوفي. قدم بغداد وحدث بها عن سليمان بن بلال، وإبراهيم بن سعد، وسفيان بن عيينة، وأبي بكر بن عياش. وروى عنه: أحمد بن يحيى الحلواني، وابن أبي الدنيا، وعبد اللَّه البغوي. ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 7/ 222، "تاريخ بغداد" 2/ 116، "طبقات الحنابلة" 2/ 278، "تهذيب الكمال" 24/ 580. (¬2) "الجرح والتعديل" 8/ 438، "طبقات الحنابلة" 2/ 425، "تهذيب الكمال" 27/ 443، "سير أعلام النبلاء" 10/ 591.

18 - خلف بن هشام بن ثعلب (ت 229 هـ)

قال أبو حاتم: سألت يحيى بن معين عن الحماني، فأجمل القول فيه، وقال: ما له! وفي رواية قال: صدوق ثقة. وقال أبو داود: كان حافظا. وضعفه النسائي، وفي موضع آخر قال: ليس بثقة. وقال محمد بن يحيى: ما أستحل الرواية عنه. مات بسر من رأى في شهر رمضان سنة ثمان وعشرين ومائتين (¬1). 18 - خلف بن هشام بن ثعلب (ت 229 هـ) ويقال: خلف بن هشام بن طالب بن غراب، أبو محمد البغدادي البزار، المقرئ. سمع: مالك بن أنس، وحماد بن زيد، وأبا عوانة، وشريك، وهشيما. وروى عنه: مسلم في "صحيحه"، وأبو داود، وعباس الدوري، وأحمد بن أبي خيثمة، وإبراهيم الحربي، وعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، وأبو يعلى الموصلي. قال أبو جعفر النفيلي: كان من أصحاب السنة لولا بلية فيه شرب النبيذ. وقال يحيى بن معين: إنه الصدوق الثقة. وقال الدارقطني: كان عابدا فاضلا. وروي عنه أنه قال: أعدت الصلاة أربعين سنة كنت أتناول فيها الشراب على مذهب الكوفيين. مات ببغداد في سابع شهر جمادى الآخرة، سنة تسع وعشرين ومائتين. وقد شارف الثمانين (¬2). 19 - أحمد بن شبويه (ت 230 هـ) أحمد بن محمد بن ثابت بن عثمان، أبو الحسن الخزاعي المروزي، الحافظ ابن شبويه. سمع عبد اللَّه بن المبارك، وابن عيينة، والفضل بن موسى، وأبا أسامة. حدث عنه: أبو داود، وأبو زرعة الدمشقي، وأحمد بن أبي خيثمة. وحدث عنه من أقرانه يحيى بن معين، وغيره. ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 9/ 168، "تاريخ بغداد" 14/ 167، "طبقات الحنابلة" 2/ 526، "تهذيب الكمال" 31/ 419، "سير أعلام النبلاء" 10/ 526. (¬2) "الجرح والتعديل" 3/ 372، "تاريخ بغداد" 8/ 322، "طبقات الحنابلة" 1/ 411، "تهذيب الكمال" 8/ 299، "سير أعلام النبلاء" 10/ 576.

20 - إسماعيل بن سعيد، أبو إسحاق الشالنجي (ت 230 هـ)

وثقه النسائي وغيره. قال البخاري وأبو حاتم: توفي سنة ثلاثين ومائتين، زاد البخاري: وهو ابن ستين سنة. وقال ابن ماكولا: مات بطرسوس في شهر ربيع الأول سنة تسع وعشرين ومائتين (¬1). 20 - إسماعيل بن سعيد، أبو إسحاق الشالنجي (ت 230 هـ) ذكره أبو بكر الخلال فقال: عنده مسائل كثيرة، ما أحسب أن أحدا من أصحاب أبي عبد اللَّه روى عنه أحسن مما روى هذا، ولا أشبع، ولا أكثر مسائل منه، وكان عالما بالرأي كبير القدر عندهم معروفا، ولم أجد هذه المسائل عند أحد رواها عنه إلا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني فإنه حدث بها عن إسماعيل بن سعيد. وله كتاب "البيان" على ترتيب الفقهاء حدث فيه عن مروان الفزاري، وسفيان، وجرير، وسعيد بن عامر، وشبابة، ويزيد بن هارون (¬2). وله أيضًا: "فضائل الشيخين" (¬3). 21 - عمرو بن محمد الناقد (ت 232 هـ) عمرو بن محمد بن بكير بن سابور الناقد، أبو عثمان البغدادي الحافظ، سكن الرقة. روى عن: إسحاق بن يوسف الأزرق، وابن علية، ومعتمر بن سليمان. وروى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل. قال أحمد: كان عمرو يتحرى الصدق. وقال أبو حاتم: ثقة أمين صدوق. وقال ابن معين: ما هو من أهل الكذب، هو صدوق. وقال أبو داود: ثقة. توفي ببغداد يوم الخميس، لأربع ليال خلون من ذي الحجة في العشر، سنة ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 2/ 55، "الإكمال" لابن ماكولا 5/ 21، "طبقات الحنابلة" 1/ 109، "تهذيب الكمال" 1/ 433، "سير أعلام النبلاء" 11/ 7. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 273. (¬3) "كشف الظنون" 2/ 1276، "هدية العارفين" 1/ 208، "معجم المؤلفين" 2/ 271.

22 - العباس بن غالب الهمذاني الوراق (ت 233 هـ)

اثنتين وثلاثين ومائتين (¬1). 22 - العباس بن غالب الهمذاني الوراق (ت 233 هـ) سمع وكيعا، ومحمد بن بكر البرساني. وروى عنه: محمد بن إسحاق الصاغاني، ومحمد بن عبدك القزاز، ويزيد بن الهيثم البادا. قال ابن أبى حاتم: سئل أبو زرعة عنه فقال: شيخ ثقة، لا بأس به. ووثقه أبو داود والدارقطني. مات ببغداد لعشر ليال خلون من صفر سنة 233 (¬2). 23 - يحيى بن معين، أبو زكريا البغدادي (ت 233 هـ) يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام بن عبد الرحمن. وقيل: يحيى بن معين بن غياث بن زياد بن عون بن بسطام. روى عن: عبد اللَّه بن المبارك، وهشيم، وسفيان بن عيينة، وغندر. وروى عنه: زهير بن حرب، والبخاري، وأبو داود، وعبد اللَّه بن أحمد. قال الخطيب: كان إماما ربانيا عالما حافظا ثبتا متقنا. وقال العجلي: يحيى بن معين من أهل الأنبار، كان أبوه كاتبا لعبد اللَّه بن مالك، ثم صار على خراج الري، فمات، فخلف لابنه يحيى ألف ألف درهم وخمسين ألف درهم، فأنفقه كله على الحديث حتى لم يبق له نعل يلبسه. وقال أحمد: أعلمنا بالرجال يحيى بن معين. وقال عباس الدوري: مات بالمدينة أيام الحج قبل أن يحج وهو يريد مكة سنة ثلاثة وثلاثين ومائتين، وصلى عليه والي المدينة، ثم صُلي عليه مرارًا. ومات يحيى وقد استوفى خمسًا وسبعين سنة ودخل في الست، ودفن بالبقيع (¬3). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 6/ 262، "تاريخ بغداد" 12/ 205، "طبقات الحنابلة" 2/ 111، "تهذيب الكمال" 22/ 213، "سير أعلام النبلاء" 11/ 147. (¬2) "الجرح والتعديل" 6/ 217، "تاريخ بغداد" 12/ 136، "طبقات الحنابلة" 2/ 155. (¬3) "الجرح والتعديل" 9/ 192، "تاريخ بغداد" 14/ 177، "طبقات الحنابلة" 2/ 530، "تهذيب الكمال" 31/ 543، "سير أعلام النبلاء" 11/ 71.

24 - يحيى بن أيوب، أبو زكريا المقابري (ت 334 هـ)

24 - يحيى بن أيوب، أبو زكريا المقابري (ت 334 هـ) البغدادي العابد. روى عن: ابن علية، وابن المبارك، وابن وهب، ووكيع. وروى عنه: مسلم، وأبو داود، وأبو يعلى الموصلي، وأبو زرعة الرازي. قال أحمد: رجل صالح، صاحب سكون ودعة. وقال ابن المديني، وأبو حاتم: صدوق. وقال أبو شعيب الحراني: كان من خيار عباد اللَّه. وقال الحسين بن الفهم: كان ينزل عسكر المهدي، وكان ثقة ورعًا مسلمًا، يقول بالسنة، ويعيب على من يقول قول جهم وبخلاف السنة. مات يوم الأحد لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول سنة 234 (¬1). 25 - سليمان بن داود الشاذَكوني (ت 334 هـ) سليمان بن داود بن بشر، أبو أيوب البصري الشاذكوني المنقري. كان أبوه يتجر، ويبيع المضربات الكبار التي تسمى باليمن شاذكونة، فنسب إليها. روى عن: حماد بن زيد، وعبد الواحد بن زياد، وجعفر بن سليمان. وحدث عنه: أبو قلابة الرقاشي، وأبو مسلم الكجي، والحسن بن سفيان، وأبو يعلى الموصلي، وكانا يدلسانه ويقولان: حدثنا أبو أيوب المنقري. قال عمرو الناقد.: قدم سليمان الشاذكوني بغداد، فقال لي أحمد: أذهب بنا إليه نتعلم منه نقد الرجال. وسئل عنه أحمد فقال: جالس حماد بن زيد، ويزيد بن زريع وبشر بن المفضل، فما نفعه اللَّه بواحد منهم. وقال ابن عدي: سألت عبدان عن الشاذكوني، فقال: معاذ اللَّه أن يتهم، إنما كان قد ذهبت كتبه، فكان يحدث حفظا. وقال صالح جزرة: ما رأيت أحفظ منه. قيل: بم كان يتهم؟ قال: كان يكذب في الحديث. وروى الحاكم عن أبي زرعة قال: وضع الشاذكوني سبعة أحاديث على رسول ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 9/ 128، "تاريخ بغداد" 14/ 188، "طبقات الحنابلة" 2/ 521، "تهذيب الكمال" 31/ 238، "سير أعلام النبلاء" 11/ 386.

26 - علي بن عبد الله بن المديني (ت 234 هـ)

اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يقلها. وقال ابن معين: جربت على الشاذكوني الكذب. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال عباس العنبري: انسلخ من العلم انسلاخ الحية من قشرها. وعن البخاري قال: هو أضعف عندي من كل ضعيف. مات سنة أربع وثلاثين ومائتين. وقيل: سنة ست وثلاثين (¬1). 26 - علي بن عبد اللَّه بن المديني (ت 234 هـ) علي بن عبد اللَّه بن جعفر بن نجيح السعدي، أبو الحسن البصري، المعروف بابن المديني، الإمام صاحب التصانيف الواسعة. قال: صنفت "المسند" على الطرق مستقصى، وكتبته في قراطيس، وصيرته في قمطر كبير، وخلفته في المنزل، وغبت هذه الغيبة، فلما قدمت ذهبت يوما لأطالع ما كنت كتبت، فحركت القمطر، فإذا هو ثقيل رزين بخلاف ما كانت، ففتحتها فإذا الأرضة قد خالطت الكتب فصار طينا، فلم أنشط بعد لجمعه. روى عن: ابن علية، وجرير بن عبد الحميد، وابن عيينة، وابن مهدي. وروى عنه: البخاري، وأبو داود، والإمام أحمد وهو من أقرانه. قال أبو حاتم: كان علي علما في الناس في معرفة الحديث والعلل، وكان أحمد لا يسميه، إنما يكنيه تبجيلا له، وما سمعت أحمد سماه قط. وقال سفيان بن عيينة: واللَّه لقد كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني، وكان سفيان يسمي علي بن المديني حية الوادي. وقال البخاري: ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني. مات يوم الاثنين ليومين بقيا من ذي القعدة، سنة 234 بسر من رأى (¬2). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 4/ 114، "تاريخ بغداد" 9/ 40، "طبقات الحنابلة" 1/ 435، "سير أعلام النبلاء" 10/ 679. (¬2) "الجرح والتعديل" 6/ 193، "تاريخ بغداد" 11/ 458، "طبقات الحنابلة" 2/ 131، "تهذيب الكمال" 5/ 21، "سير أعلام النبلاء" 11/ 41.

27 - شجاع بن مخلد (ت 235 هـ)

27 - شجاع بن مخلد (ت 235 هـ) أبو الفضل البغوي، الفلاس، نزيل بغداد. روى عن: هشيم، وإسماعيل بن علية، وسفيان بن عيينة، ووكيع، وأبي عاصم النبيل. وروى عنه: مسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وإبراهيم الحربي. سئل يحيى بن معين عنه فقال: أعرفه ليس به بأس، نعم الشيخ، أو نعم الرجل ثقة. وقال إبراهيم الحربي: لم نكتب عن أحد أخير منه. مولده سنة خمسين ومائة، ومات ببغداد لعشر خلون من صفر سنة خمس وثلاثين ومائتين (¬1). 28 - عبد اللَّه بن محمد، أبو محمد اليمامي (ت 236 هـ) يعرف بابن الرومي سكن بغداد، وحدث بها. روى عن: عبد العزيز الدراوردي، وسفيان بن عيينة، وعبد الرزاق. وروى عنه: أبو حاتم الرازي، ومسلم، وبقي بن مخلد، وأبو يعلى. قال أبو حاتم: هو صدوق. وسئل يحيى بن معين عنه، فقال: مثل أبي محمد يسأل عنه! إنه مرضي. مات يوم الجمعة في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين ومائتين (¬2). 29 - محمد بن مقاتل، أبو جعفر العباداني (ت 236 هـ) أحد المشهورين بالصلاح والفضل والسنة. روى عن: حماد بن سلمة، وعبد اللَّه بن المبارك. وروى عنه: أحمد بن إبراهيم الدورقي، وأبو يعلى، وأبو بكر المروذي. قال أحمد بن إبراهيم الدورقي: كان من خيار المسلمين. ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 4/ 379، "تاريخ بغداد" 9/ 251، "طبقات الحنابلة" 1/ 457، "تهذيب الكمال" 12/ 379. (¬2) "الجرح والتعديل" 5/ 208، "تاريخ بغداد" 10/ 71، "طبقات الحنابلة" 2/ 47، "تهذيب الكمال" 16/ 105.

30 - محمد بن قدامة الجوهري (ت 237 هـ)

وقال الخطيب البغدادي: كان أحد الصالحين، مشهورا بحسن الطريقة ومذهب السنة، لم ينتشر عنه كثير شيء من الحديث. مات بعبادان في أول يوم من سنة ست وثلاثين ومائتين، وكان أبيض الرأس واللحية (¬1). 30 - محمد بن قدامة الجوهري (ت 237 هـ) محمد بن قدامة الأنصاري الجوهري اللؤلؤي، أبو جعفر البغدادي. روى عن: بشر بن الحارث الحافي، وسفيان بن عيينة، وعفان بن مسلم. وروى عنه: أحمد بن الحسين بن إسحاق الصوفي، وأحمد بن العباس بن أشرس البغدادي، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي. قال ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو داود: ضعيف، لم أكتب عنه شيئا قط. مات ببغداد سنة سبع وثلاثين ومائتين (¬2). 31 - إسحاق بن إبراهيم، ابن راهويه (ت 238 هـ) إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم أبو يعقوب الحنظلي المروزي، المعروف بابن راهويه. أحد أئمة المسلمين وعلماء الدين، اجتمع له الحديث والفقه والحفظ والصدق والورع والزهد. رحل إلى العراق والحجاز واليمن والشام، وعاد إلى خراسان، فاستوطن نيسابور إلى أن مات بها، وانتشر علمه عند أهلها. ولد سنة إحدى وستين ومائة، وقيل: ست وستين، وخرج إلى العراق سنة أربع وثمانين ومائة، وهو ابن ثلاث وعشرين سنة. سئل لم قيل لك ابن راهويه؟ قال: إن أبي ولد في طريق، فقالت المراوزة: راهويه؛ لأنه ولد في الطريق، وكان أبي يكره هذا، وأما أنا فلست أكرهه. قال النسائي: إسحاق بن راهويه أحد الأئمة، ثقة مأمون. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 3/ 276، "طبقات الحنابلة" 2/ 366، "تهذيب الكمال" 26/ 494. (¬2) "الجرح والتعديل" 8/ 66، "طبقات الحنابلة" 2/ 306، "تهذيب الكمال" 26/ 310.

32 - محمد بن الحسين، أبو جعفر البرجلاني (ت 238 هـ)

وقال أبو زرعة: ما رؤي أحفظ من إسحاق، وقال أبو حاتم: والعجب من إتقانه وسلامته من الغلط مع ما رزق من الحفظ. مات ليلة النصف من شعبان سنة ثمان وثلاثين ومائتين بنيسابور. قال البخاري: مات وهو ابن سبع وسبعين سنة (¬1). 32 - محمد بن الحسين، أبو جعفر البُرْجُلاني (ت 238 هـ) محمد بن الحسين بن أبي شيخ، صاحب التواليف في الرقائق. روى عن: حسين الجعفي، ومالك بن ضيغم، وزيد بن الحباب. وعنه: ابن أبي الدنيا كثيرا، وإبراهيم بن الجنيد، وأبو يعلى. قال أبو حاتم: قيل: إن رجلا سأل أحمد بن حنبل عن شيء من أخبار الزهد، فقال: عليك بمحمد بن الحسين. مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين (¬2). 33 - عبد اللَّه بن عمر، مشكدانة (ت 239 هـ) عبد اللَّه بن عمر بن محمد بن أبان بن صالح بن عمير القرشي، أبو عبد الرحمن الكوفي، المعروف بمشكدانة. قال: إنما لقبني مشكدانة أبو نعيم، كنت إذا أتيته تلبست وتطيبت، فإذا رآني قال: قد جاءكم مشكدانة. وقيل: سماه به أهل خراسان، ومشكدانة بلغتهم: وعاء المسك. روى عن: سلام بن سليم، وابن المبارك، وعبد اللَّه بن نمير، والدراوردي. وروى عنه: مسلم، وأبو داود، وابن أبي الدنيا، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان. قال أبو حاتم: صدوق. مات سنة تسع وثلاثين ومائتين (¬3). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 2/ 209، "تاريخ بغداد" 6/ 345، "طبقات الحنابلة" 1/ 286، "تهذيب الكمال" 2/ 373، "سير أعلام النبلاء" 11/ 358. (¬2) "الجرح والتعديل" 7/ 299، "تاريخ بغداد" 2/ 222، "طبقات الحنابلة" 2/ 285. (¬3) "الجرح والتعديل" 5/ 110، "طبقات الحنابلة" 2/ 24، "تهذيب الكمال" 15/ 345، "سير أعلام النبلاء" 11/ 155.

34 - محمد بن يحيى بن أبي سمينة (ت 239 هـ)

34 - محمد بن يحيى بن أبي سمينة (ت 239 هـ) أبو جعفر التمار البغدادي، واسم أبي سمينة مهران. روى عن: إسماعيل بن علية، وروح بن عبادة، وعبد الرحمن بن مهدي. وممن روى عنه: أبو داود، وأبو يعلى الموصلي، وعبد اللَّه بن أحمد. قال أبو حاتم: صدوق. وقال أحمد بن الحسين بن إسحاق الصوفي: ثقة. وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات". مات سنة 239 (¬1). 35 - محمد بن طريف، أبو بكر ابن أبي عتاب الأعين (ت 240) وأبوه طريف يكنى بأبي عتاب، وقيل: اسم أبيه: الحسن بن طريف. روى عن: روح بن عبادة، وعبد اللَّه بن صالح العجلي، وأبي الوليد الطيالسي، ومحمد بن يوسف الفريابي، ويزيد بن هارون. وروى عنه: مسلم في مقدمة "الصحيح"، والعباس الدوري، وابن أبي الدنيا، وأبو حاتم الرازي، وأبو زرعة الرازي. قال الخطيب: كان ثقة. وقال ابن معين: ليس هو من أصحاب الحديث. قال البغدادي: عنى بذلك: أنه لم يكن من الحفاظ لعلله والنقاد لطرقه مثل علي بن المديني ونحوه، وأما الصدق والضبط لما سمعه فلم يكن مدفوعا عنه. مات ببغداد يوم الثلاثاء لثلاث عشرة بقين من جمادى الآخرة سنة أربعين ومائتين. قال موسى بن هارون: شهدت جنازته، وكان لا يخضب (¬2). 36 - قتيبة بن سعيد الثقفي (ت 240 هـ) قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد اللَّه الثقفي، أبو رجاء البلخي البغلاني. ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 8/ 124، "الثقات" لابن حبان 9/ 86، "تاريخ بغداد" 3/ 413، "طبقات الحنابلة" 2/ 383، "تهذيب الكمال" 26/ 614. (¬2) "الجرح والتعديل" 7/ 229، "تاريخ بغداد" 2/ 182، "طبقات الحنابلة" 2/ 307، "تهذيب الكمال" 26/ 77، "سير أعلام النبلاء" 12/ 119.

37 - محمد بن محمد بن إدريس الشافعي (ت 240 هـ)

روى عن: ابن علية، وابن لهيعة، وابن المبارك، وعبد العزيز الدراوردي. وروى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وإبراهيم الحربي، وابنه عبد اللَّه، وأبو حاتم الرازي، والحكيم الترمذي، ويحيى بن معين. وثقه ابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، وزاد النسائي: صدوق. وأثنى عليه أحمد، وقال: هو آخر من روى عن ابن لهيعة. ولد سنة خمسين ومائة، ومات لليلتين خلتا من شعبان سنة أربعين ومائتين (¬1). 37 - محمد بن محمد بن إدريس الشافعي (ت 240 هـ) أبو عثمان القاضي، ابن الإمام محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع ابن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي، وهو أكبر أولاد الشافعي. سمع أباه، وسفيان بن عيينة، وعبد الرزاق. قال له الإمام أحمد: إني لأحبك لثلاث خلال: أنك ابن أبي عبد اللَّه، وأنك رجل من قريش، وأنك من أهل السنة. ولي القضاء بالجزيرة وأعمالها، وهناك أيضا حدث، وولي أيضا القضاء بمدينة حلب وبقي بها سنين كثيرة. قال الخطيب: توفي بالجزيرة بعد سنة أربعين ومائتين (¬2). 38 - أحمد بن أبي عبدة، أبو جعفر همذاني (قبل 241 هـ) قال أبو بكر الخلال: جليل القدر، كان أحمد يكرمه، وكان ورعا، نقل عن الإمام أحمد مسائل كثيرة، وتوفي قبل وفاة أحمد. وقال الإمام أحمد ما عبر هذا الجسر أنصح لأمة محمد صلى اللَّه عليه وسلم من أحمد بن أبي عبدة. قال الخلال: يعني جسر النهروان (¬3). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 7/ 140، "تاريخ بغداد" 12/ 464، "طبقات الحنابلة" 2/ 204، "تهذيب الكمال" 23/ 523، "سير أعلام النبلاء" 11/ 13. (¬2) "تاريخ بغداد" 3/ 197، "طبقات الحنابلة" 2/ 348، "طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي 2/ 71. (¬3) "طبقات الحنابلة" 1/ 214.

39 - الربيع بن نافع، أبو توبة الحلبي (ت 241 هـ)

39 - الربيع بن نافع، أبو توبة الحلبي (ت 241 هـ) روى عن: معاوية بن سلام، وابن عيينة، وابن المبارك، والوليد بن مسلم. وروى عنه: أبو داود فأكثر، وأبو بكر الأثرم، وأبو حاتم الرازي. قال أحمد: لم يكن به بأس. وقال أبو حاتم: ثقة صدوق حجة. وقال يعقوب ابن شيبة: ثقة صدوق. وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس به. مات سنة إحدى وأربعين ومائتين (¬1). 40 - عبيد اللَّه بن سعيد، أبو قدامة السرخسي (ت 241 هـ) عبيد اللَّه بن سعيد بن يحيى بن برد اليشكري مولاهم، أبو قدامة السرخسي، نزيل نيسابور. روى عن: إسحاق بن يوسف الأزرق، وحماد بن أسامة، وابن عيينة، وروح. وروى عنه: البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن خزيمة، وأبو حاتم الرازي. قال أبو حاتم: كان من الثقات. وقال أبو داود: ثقة. وقال النسائي: ثقة مأمون، قلَّ من كتبنا عنه مثله. وقال ابن حبان: هو الذي أظهر السنة بسرخس ودعا الناس إليها. قال الخلال: روى عن أحمد مسائل حسانا لم يروها عن أبي عبد اللَّه أحد غيره، وهو أرفع قدرا من عامة أصحاب أبي عبد اللَّه من أهل خراسان. مات سنة إحدى وأربعين ومائتين بفربر (¬2). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 3/ 470، "طبقات الحنابلة" 1/ 417، "تهذيب الكمال" 9/ 103، "سير أعلام النبلاء" 10/ 653. (¬2) "الجرح والتعديل" 5/ 317، "طبقات الحنابلة" 2/ 51، "تهذيب الكمال" 19/ 50، "سير أعلام النبلاء" 11/ 405.

41 - أحمد بن الحسن، أبو الحسن الترمدي (بعد 241 هـ)

41 - أحمد بن الحسن، أبو الحسن الترمدي (بعد 241 هـ) سمع يعلى بن عبيد، وأبا النضر، وعبيد اللَّه بن موسى، وسعيد بن أبي مريم، وأبا نعيم، وأبا صالح الكاتب، وطبقتهم. وتفقه بأحمد بن حنبل، وكان بصيرا بالعلل والرجال. حدث عنه: البخاري، والترمذي، وأبو بكر بن خزيمة، وحدث البخاري عنه في "الصحيح" عن الإمام أحمد. ونقل عن الإمام أحمد مسائل كثيرة، قال أبو بكر: حدثنا عنه الأكابر بخراسان بمسائله عن أحمد منهم محمد بن المنذر، وكان قد قدم نيسابور في سنة إحدى وأربعين، وحدث بها، لم يظفر له بتاريخ وفاة. وله رحلة شاسعة، وباع أطول في الحديث (¬1). 42 - نوح بن حبيب القومسي (ت 242 هـ) نوح بن حبيب القومسي، أبو محمد البذشي، من قرية من قرى بسطام. روى عن: حفص بن غياث، وسليمان بن حرب، وعبد الرحمن بن مهدي. وروى عنه: أبو داود، والنسائي، وعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل. قال أبو حاتم: صدوق. وقال النسائي: لا بأس به. وقال الخطيب البغدادي: كان ثقة. وقال أحمد بن سيار المروزي: كان ثقة، صاحب سنة وجماعة، ورأيته لا يخضب. مات في رجب سنة اثنين وأربعين ومائتين بقومس (¬2). 43 - يحيى بن أكثم التميمي (ت 242 هـ) يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن بن سمعان، من ولد أكثم بن صيفي، أبو محمد المروزي. ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 2/ 47، "طبقات الحنابلة" 1/ 76، "تهذيب الكمال" 1/ 295، "سير أعلام النبلاء" 12/ 156. (¬2) "الجرح والتعديل" 8/ 486، "تاريخ بغداد" 13/ 319، "طبقات الحنابلة" 2/ 495، "تهذيب الكمال" 30/ 39.

44 - أحمد بن سعيد بن إبراهيم، أبو عبد الله الرباطي (ت 243 هـ)

روى عن: عبد اللَّه بن المبارك، وسفيان بن عيينة، ووكيع. وروى عنه: البخاري في غير "الصحيح"، وأبو حاتم الرازي، والترمذي، وإسماعيل بن إسحاق القاضي. كان عالمًا بالفقه، بصيرًا بالأحكام، ولاه المأمون قضاء القضاة ببغداد. قال عبد اللَّه بن أحمد: ذكر يحيى بن أكثم عند أبي، فقال: ما عرفت فيه بدعة. فبلغت يحيى فقال: صدق أبو عبد اللَّه، ما عرفني ببدعة قط. قال: وذكر له ما يرميه الناس به. فقال: سبحان اللَّه! سبحان اللَّه! ومن يقول هذا؛ وأنكر ذلك أحمد إنكارًا شديدًا. ولي قضاء البصرة وسنه عشرون أو نحوها، فاستصغره أهل البصرة، فقال له أحدهم: كم سن القاضي؟ فعلم أنه قد استصغره، فقال: أنا أكبر من عتاب بن أسيد الذي وجه به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قاضيا على أهل مكة يوم الفتح، وأنا أكبر من معاذ بن جبل الذي وجه به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قاضيا على أهل اليمن. مات بالربذة منصرفه من الحج يوم الجمعة لخمس عشرة خلت من ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين ومائتين، وسنه ثلاث وثمانون سنة (¬1). 44 - أحمد بن سعيد بن إبراهيم، أبو عبد اللَّه الرباطي (ت 243 هـ) هو أمير الرباط، أبو عبد اللَّه، أحمد بن سعيد بن إبراهيم المروزي الرباطي الأشقر، نزيل نيسابور. سمع وكيعا، وعبد الرزاق، ووهب بن جرير، وأبا عاصم، وطبقتهم. وعنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن خزيمة. وكان ثقة، ورد بغداد، وجالس الإمام أحمد، وسمع منه أشياء. قال أحمد بن سعيد الرباطي: قدمت على أحمد بن حنبل فجعل لا يرفع رأسه إلي. فقلت: يا أبا عبد اللَّه إنه يكتب عني بخراسان، وإن عاملتني بهذه المعاملة رموا ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 9/ 129، "تاريخ بغداد" 14/ 191، "طبقات الحنابلة" 2/ 545، "تهذيب الكمال" 31/ 207، "سير أعلام النبلاء" 12/ 5.

45 - هارون بن عبد الله الحمال (ت 243 هـ)

بحديثي. فقال لي: يا أحمد هل بد يوم القيامة من أن يقال أين عبد اللَّه بن طاهر، وأتباعه انظر أين تكون أنت منه! قال: قلت: يا أبا عبد اللَّه إنما ولاني أمر الرباط لذلك دخلت فيه، قال: فجعل يكرر علي: يا أحمد هل بد يوم القيامة من أين يقال أين عبد اللَّه بن طاهر، وأتباعه فانظر أين تكون أنت منه! ! قال الحاكم: سمعت أبا علي الحافظ يقول: كان الرباطي من الأئمة المقتدى بهم. وقال الخليلي: كان حافظا متقنا. توفي سنة خمس وأربعين ومائتين، وقيل: سنة ثلاث وأربعين (¬1). 45 - هارون بن عبد اللَّه الحمال (ت 243 هـ) هارون بن عبد اللَّه بن مروان البغدادي، أبو موسى البزاز، المعروف بالحمال. سمي الحمال؛ لأنه حمل رجلا في طريق مكة على ظهره فانقطع به. روى عن: سفيان بن عيينة، وأبي داود الطيالسي، وأبي نعيم الفضل. وروى عنه: مسلم، وأصحاب السنن، وإبراهيم الحربي، وأبو حاتم. قال إبراهيم الحربي، وأبو حاتم: صدوق، زاد الحربي: لو كان الكذب حلالا تركه تنزها. وقال النسائي: ثقة. مات ليلة الثلاثاء لتسع عشرة خلت من شوال سنة ثلاث وأربعين ومائتين (¬2). 46 - أحمد بن منيع البغوي (ت 244 هـ) أحمد بن منيع بن عبد الرحمن أبو جعفر البغوي الأصم، نزيل بغداد، جد أبي القاسم البغوي لأمه. روى عن: ابن علية، وروح بن عبادة، وابن المبارك. وروى عنه: الجماعة سوى البخاري، وقد حدث البخاري عن رجل عنه، ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 2/ 54، "تاريخ بغداد" 4/ 165، "طبقات الحنابلة" 1/ 101، "تهذيب الكمال" 1/ 310، "سير أعلام النبلاء" 12/ 207. (¬2) "الجرح والتعديل" 9/ 92، "تاريخ بغداد" 14/ 22، "طبقات الحنابلة" 2/ 514، "تهذيب الكمال" 30/ 96، "سير أعلام النبلاء" 12/ 115.

47 - أحمد بن حميد، أبو طالب المشكاني (ت 244 هـ)

وأبو يعلى الموصلي، وابن خزيمة، وابن ابنته أبو القاسم البغوي. - وثقه النسائي، وصالح بن محمد جزرة البغدادي. وقال أبو القاسم البغوي: أخبرت عن جدي قال: أنا أختم من نحو أربعين سنة في كل ثلاث. - مات سنة أربع وأربعين ومائتين لأيام بقيت من شوال، وكان مولده سنة ستين ومائة. وقيل: مات يوم الأحد لثلاث بقين من شوال سنة ثلاث (¬1). مؤلفاته: - " المسند": وهو مخطوط بالظاهرية بدمشق جزء فيه مسند أسامة بن زيد حديث 344 (ق 143 - 153) مجموع رقم 1135. وقد ذكره له ابن مفلح في "المقصد الأرشد" 1/ 191، والذهبي في "السير" 11/ 483. 47 - أحمد بن حميد، أبو طالب المشكاني (ت 244 هـ) المتخصص بصحبة الإمام أحمد. روى عن أحمد مسائل كثيرة تفرد بها. روى عنه: أبو محمد فوزان، وزكريا بن يحيى. ذكره الخلال فقال: صحب أحمد قديما إلى أن مات، وكان أحمد يكرمه، ويقدمه، وكان رجلًا صالحًا فقيرا صبورا على الفقر، فعلمه أبو عبد اللَّه مذهب القنوع، والاحتراف، ومات قديمًا بالقرب من موت أبي عبد اللَّه فلم تقع مسائله إلى الأحداث. قال ابن قانع: مات سنة أربع وأربعين ومائتين (¬2). 48 - سعيد بن يعقوب الطالقاني (ت 244 هـ) سعيد بن يعقوب، أبو بكر الطالقاني، قدم بغداد، روى عن إسماعيل بن عياش، وحماد بن زيد، وابن المبارك، والنضر بن شميل، وهشيم، ووكيع. روى عنه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وأبو بكر الأثرم، والحارث بن أبي ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 2/ 77، "تاريخ بغداد" 5/ 160، "طبقات الحنابلة" 1/ 183، "تهذيب الكمال" 1/ 495، "سير أعلام النبلاء" 11/ 483. (¬2) "تاريخ بغداد" 4/ 122، "طبقات الحنابلة" 1/ 81.

49 - عصمة بن أبي عصمة، أبو طالب العكبري (ت 244 هـ)

أسامة، وعباس الدوري، وعبد اللَّه بن أحمد، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان. قال الأثرم: رأيته عند أحمد بن حنبل يذاكره الحديث. وقال أبو زرعة، والنسائي: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق، وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات"، وقال: ربما أخطأ. مات سنة أربع وأربعين ومائتين، ببغداد (¬1). 49 - عصمة بن أبي عصمة، أبو طالب العكبري (ت 244 هـ) ذكره الخلال فقال: كان صالحا، صحب أبا عبد اللَّه قديما إلى أن مات، وروى عنه مسائل كثيرة جيادا، وأول مسائل سمعت بعد موت أبي عبد اللَّه مسائله. حدث عنه جماعة، منهم أبو حفص عمر بن رجاء. مات سنة أربعة وأربعين ومائتين (¬2). 50 - علي بن حجر السعدي (ت 244 هـ) علي بن حجر بن إياس بن مقاتل بن مخادش بن مشمرج بن خالد السعدي، أبو الحسن المروزي. ولجده مشمرج صحبة. سكن بغداد قديما، ثم انتقل إلى مرو فنزلها، ونسب إليها، وانتشر حديثه بها، وكان متيقظا حافظا، ثقة مأمونا. روى عن: ابن علية، وإسماعيل بن عياش، وابن عيينة، وابن المبارك. وروى عنه: البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن خزيمة. وقال النسائي: ثقة مأمون حافظ. وقال الخطيب البغدادي: كان سكن بغداد قديما، ثم انتقل إلى مرو، فنزلها، واشتهر حديثه بها، وكان صادقا متقنا حافظا. مات يوم الأربعاء النصف من جمادى الأولى، سنة أربع وأربعين ومائتين (¬3). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 4/ 75، "تاريخ بغداد" 9/ 89، "طبقات الحنابلة" 1/ 446، "تهذيب الكمال" 11/ 122. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 174. (¬3) "الجرح والتعديل" 6/ 183، "تاريخ بغداد" 11/ 416، "طبقات الحنابلة" 2/ 119، "تهذيب الكمال" 20/ 355، "سير أعلام النبلاء" 11/ 507.

51 - محمد بن أحمد، أبو عبد الرحيم الجوزجاني (ت 245 هـ)

51 - محمد بن أحمد، أبو عبد الرحيم الجوزجاني (ت 245 هـ) محمد بن أحمد بن الجراح، أبو عبد الرحيم الجوزجاني، نزيل نيسابور. روى عن: أبيه أحمد بن الجراح، وروح بن عبادة، وأبي عاصم النبيل. وروى عنه: ابن ماجه في "التفسير"، وأبو حاتم الرازي، وابن خزيمة. ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: كان صديقا لابن حنبل، وكان صاحب سنة وخير وفضل، وكان أبوه ينتحل مذهب أبي حنيفة. وقال فيه الحاكم: واسع العلم، كثير الحديث، قديم الرحلة، حدث بنيسابور وأقام بها. قال الخلال: هو ثقة رجل جليل القدر في نحو إبراهيم بن يعقوب، كان أبو عبد اللَّه يكاتبه أيضًا، فكتب إليه في أشياء لم يكن يكتب إلى أحد بمثلها في السنة والرد على، أهل الخلاف والكلام. ذكره أبو عبد اللَّه فأثنى عليه. مات في ميدان الحسين يوم الجمعة لثلاث خلون من رجب سنة خمس وأربعين ومائتين (¬1). 52 - محمد بن رافع (ت 245 هـ) محمد بن رافع بن أبي زيد، واسمه سابور، القشيري مولاهم، أبو عبد اللَّه النيسابوري الزاهد. روى عن: أبي أسامة، وابن عيينة، وأبي داود الطيالسي، وعبد الرزاق وهو من المكثرين عنه، ووكيع بن الجراح. وروى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن خزيمة. قال البخاري: كان من خيار عباد اللَّه. وقال النسائي: الثقة المأمون. وقال أبو زرعة: شيخ صدوق، قدم علينا، وأقام عندنا أياما، وكان رحل مع أحمد بن حنبل. مات سنة خمس وأربعين ومائتين (¬2). ¬

_ (¬1) "الثقات" لابن حبان 9/ 118، "طبقات الحنابلة" 2/ 220، "تهذيب الكمال" 24/ 343. (¬2) "الجرح والتعديل" 7/ 254، "طبقات الحنابلة" 2/ 299، "تهذيب الكمال" 25/ 192، "سير أعلام النبلاء" 12/ 214.

53 - أحمد بن إبراهيم بن كثير الدورقي (ت 246 هـ)

53 - أحمد بن إبراهيم بن كثير الدورقي (ت 246 هـ) أحمد بن إبراهيم بن كثير بن زيد بن أفلح بن منصور بن مزاحم أبو عبد اللَّه العبدي المعروف بالدورقي أخو يعقوب، وكان أبوه ناسكا، ومن كان يتنسك في ذلك الزمان يسمى دورقيا، وقيل: بل كان الناس ينسبون الدورقيين إلى لباسهم القلانس الطوال التي تسمى الدورقية، وكان أحمد أصغر من أخيه يعقوب. سمع إسماعيل بن علية، ويزيد بن زريع، وهشيما. حدث عنه: مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وأبو القاسم البغوي. مولده: سنة ثمان وستين ومائة، ومات بالعسكر، وهي سر من رأى يوم السبت لتسع بقين من شعبان سنة ست وأربعين ومائتين. وكان حافظا يقظا، حسن التصنيف. قال أبو حاتم: صدوق (¬1). مؤلفاته: - " مسند سعد بن أبي وقاص": ذكره له الألباني في فهرس الظاهرية (278)، وقال: في ثلاثة أجزاء، مجموع 37 (ق 117 - 138). 54 - أحمد بن أبي الحواري (ت 246 هـ) أحمد بن عبد اللَّه بن ميمون بن العباس بن الحارث الغطفاني الثعلبي، أبو الحسن بن أبي الحواري الدمشقي، كوفي الأصل. حدث عن: ابن علية، وحماد بن أسامة، والوليد بن مسلم، وابن معين. وروى عنه: أبو داود، وابن ماجه، وأبو زرعة الدمشقي. قال أحمد بن أبي الحواري: قال أحمد بن حنبل: متى مولدك؟ قلت: سنة أربع وستين- يعني: ومائة. قال: وهي مولدي. قال يحيى بن معين: أظن أهل الشام يسقيهم اللَّه الغيث به. ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 2/ 39، "تاريخ بغداد" 4/ 6، "طبقات الحنابلة" 1/ 45، "تهذيب الكمال" 1/ 249، "سير أعلام النبلاء" 12/ 130.

55 - سلمة بن شبيب النيسابوري (ت 246 هـ)

وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يحسن الثناء عليه، ويطنب في مدحه. وقيل: إنه رمى بكتبه في البحر، وقال: نِعم الدليل كنت، والاشتغال بالدليل بعد الوصول محال. مات يوم الأربعاء لثلاث ليال بقين من جمادى الآخرة، سنة 246 (¬1). 55 - سلمة بن شبيب النيسابوري (ت 246 هـ) سلمة بن شبيب النيسابوري، أبو عبد الرحمن الحجري المسمعي، نزيل مكة مستملي أبي عبد الرحمن المقرئ، أحد الأئمة المكثرين والرحالة الجوالين. روى عن: أبي داود الطيالسي، وحماد بن أسامة، وعبد الرزاق. وروى عنه: مسلم في "صحيحه"، وأصحاب السنن، وبقي بن مخلد، وأبو زرعة الرازي. قال أبو حاتم الرازي وصالح بن محمد البغدادي: صدوق. وقال النسائي: ما علمنا به بأسا. وقال أحمد بن سيار المروزي: كان من أهل نيسابور، ورحل إلى مكة، وكان مستملي المقرئ، صاحب سنة وجماعة، رحل في الحديث وجالس الناس وكتب الكثير، ومات بمكة. ذكره الخلال فقال: رفيع القدر حدث عنه شيوخنا الأجلة، وكان عنده عن عبد الرزاق، والشيوخ الكبار، وكان سلمة قريبا من مهنى، وإسحاق بن منصور. مات سنة سبع وأربعين ومائتين. وقيل: سنة ست وأربعين في أكله فالوذج (¬2). 56 - العباس بن عبد العظيم العنبري (ت 246 هـ) العباس بن عبد العظيم بن إسماعيل بن توبة العنبري، أبو الفضل البصري الحافظ. روى عن: بشر الحافي، وأبي داود الطيالسي، وأبي عاصم النبيل، ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 2/ 47، "طبقات الحنابلة" 1/ 190، "تهذيب الكمال" 1/ 369، "سير أعلام النبلاء" 12/ 85. (¬2) "الجرح والتعديل" 4/ 164، "طبقات الحنابلة" 1/ 447، "تهذيب الكمال" 11/ 284، "سير أعلام النبلاء" 12/ 256.

57 - عبد الخالق بن منصور النيسابوري (ت 246 هـ)

وابن مهدي، وعبد الرزاق، وعلي بن المديني، ويحيى القطان، ويزيد بن هارون. وروى عنه: مسلم، وأصحاب السنن، والبخاري تعليقا، وأبو بكر الأثرم، وبقي بن مخلد، وعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، وأبو حاتم الرازي، وابن خزيمة. قال أبو حاتم: صدوق. وقال النسائي: ثقة مأمون. وقال معاوية بن عبد الكريم الزيادي: أدركت البصرة والناس يقولون: ما بالبصرة أعقل من أبي الوليد، وبعده أبو بكر ابن خلاد، ويقولون: أعقل أهل البصرة بعد أبي بكر عباس بن عبد العظيم. مات سنة ست وأربعين ومائتين (¬1). 57 - عبد الخالق بن منصور النيسابوري (ت 246 هـ) أبو عبد الرحمن القشيري النيسابوري. روى عن: أبي النضر هاشم بن القاسم، وأبي نعيم الفضل. وروى عنه: هلال بن العلاء، وسعيد بن هاشم، ومحمد بن الحسن بن قتيبة. وآخر من روى عنه الحسين بن محمد بن داود مأمون القيسي. قدم مصر وحدث بها، وبها توفي سنة ست وأربعين ومائتين، قال الذهبي: لا أعلم فيه جرحا (¬2). 58 - محمد بن المصفى الحمصي (ت 246 هـ) محمد بن مصفى بن بهلول القرشي، أبو عبد اللَّه الحمصي. روى عن: بقية بن الوليد، وحفص بن عمر العدني، وسفيان بن عيينة. وروى عنه: أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وأبو حاتم الرازي. قال أبو حاتم: صدوق. وقال النسائي: صالح. وقال صالح بن محمد البغدادي: كان مخلطا، وأرجو أن يكون صادقا، وقد حدث بأحاديث مناكير. ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 6/ 216، "تاريخ بغداد" 12/ 137، "طبقات الحنابلة" 2/ 153، "تهذيب الكمال" 14/ 222، "سير أعلام النبلاء" 12/ 302. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 105، "تاريخ دمشق" 34/ 102، "تاريخ الإسلام" 18/ 323.

59 - عبد الصمد بن سليمان بن أبي مطر، عبدوس (ت بعد 246 هـ)

مات في ذي الحجة سنة ست وأربعين ومائتين (¬1). 59 - عبد الصمد بن سليمان بن أبي مطر، عبدوس (ت بعد 246 هـ) عبد الصمد بن سليمان بن أبي مطر العتكي، أبو بكر البلخي الأعرج الحافظ، لقبه عبدوس. روى عن: إبراهيم بن موسى الرازي، والحكم بن المبارك، وزكريا بن يحيى البلخي اللؤلؤي، وسليمان بن حرب، وأبي نعيم الفضل. وروى عنه: الترمذي، وأبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الوراق، وابن خزيمة. قدم نيسابور وحدث بها في رجب سنة ست وأربعين ومائتين. وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات" وقال: كان ممن يتعاطى الحفظ (¬2). 60 - سفيان بن وكيع بن الجراح (ت 247 هـ) سفيان بن وكيع بن الجراح بن مليح، أبو محمد الرؤاسي الكوفي. كان من أوعية العلم على لينٍ لحقه. يروي عن: أبيه، وعن جرير بن عبد الحميد، وعبد السلام بن حرب. وروى عنه: الترمذي، وابن ماجه، ومحمد بن جرير، ويحيى بن صاعد. قال البخاري: يتكلمون فيه لأشياء لقنوه إياها. وقال ابن أبي حاتم: أشار عليه أبي أن يغير وراقه، فإنه أفسد حديثه، وقال له: لا تحدث إلا من أصولك، فقال: سأفعل، ثم تمادى وحدث بأحاديث أدخلت عليه. توفي في ربيع الآخر سنة سبع وأربعين ومائتين (¬3). 61 - هارون بن سفيان بن راشد المستملي (ت 247 هـ) أبو سفيان المستملي، المعروف بمكحلة. ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 8/ 104، "طبقات الحنابلة" 2/ 371، "تهذيب الكمال" 26/ 465، "سير أعلام النبلاء" 12/ 94. (¬2) "الثقات" 8/ 415، "طبقات الحنابلة" 2/ 102، "تهذيب الكمال" 18/ 96. (¬3) "الجرح والتعديل" 4/ 231، "طبقات الحنابلة" 1/ 452، "تهذيب الكمال" 11/ 200، "سير أعلام النبلاء" 12/ 152.

62 - أحمد بن صالح، أبو جعفر المصري (ت 248 هـ)

حدث عن: محمد بن حرب الخولاني، وبقية بن الوليد، ويعلى بن الأشدق. وروى عنه: إبراهيم بن موسى الجوزي، وعبد اللَّه بن إسحاق المدائني، وأبو القاسم البغوي. قال هارون المستملي: قال لي أبو نعيم: يا هارون اطلب لنفسك صناعة غير الحديث، فكأنك بالحديث قد صار على مزبلة. وقال الخلال: رجل قديم مشهور ومعروف، عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل كثيرة، مات ولم يحدث بها، وأخرج ابنه سفيان بخط أبيه عن أبي عبد اللَّه مسائل صالحة، وذكر أنه يخرج الباقي أيضًا. مات ببغدإد في شعبان سنة سبع وأربعين ومائتين (1). 62 - أحمد بن صالح، أبو جعفر المصري (ت 248 هـ) يعرف بابن الطبري، كان أبوه من أهل طبرستان من الجند. سمع ابن وهب، وعيينة بن خالد، وعبد اللَّه بن نافع، وإسماعيل بن أبي أويس. روى عنه: البخاري، وأبو داود، وعثمان بن سعيد الدارمي. وكان أحد حفاظ الأثر عالمًا بعلل الحديث بصيرا باختلافه، ورد بغداد، وجالس بها الحفاظ، ثم رجع إلى مصر فأقام بها، وانتشر عند أهلها علمه. قال البخاري: أحمد بن صالح ثقة صدوق، ما رأيت أحدًا يتكلم فيه بحجة، كان أحمد بن حنبل، وعلي، وابن نمير، وغيرهم يثبتون أحمد بن صالح، كان يحيى يقول: سلوا أحمد فإنه أثبت. وقال أبو زرعة الدمشقي: سألني أحمد بن حنبل قديما من بمصر؟ قلت: بها أحمد بن صالح، فسر بذلك، ودعا له. وتوفي يوم الإثنين لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة 248 بمصر (¬2). ¬

_ (¬2) "تاريخ بغداد" 14/ 24، "طبقات الحنابلة" 2/ 511. "الجرح والتعديل" 2/ 56، "تاريخ بغداد" 4/ 195، "طبقات الحنابلة" 1/ 112، "تهذيب الكمال" 1/ 340، "سير أعلام النبلاء" 12/ 160.

63 - مهنى بن يحيى الشامي، أبو عبد الله السلمي (ت 248 هـ)

63 - مهنَّى بن يحيى الشامي، أبو عبد اللَّه السلمي (ت 248 هـ) روى عن: بقية بن الوليد، وسمرة بن ربيعة، ومكي بن إبراهيم، ويزيد بن هارون، وعبد الرزاق، وبشر. وروى عنه: حمدان الوراق، وإبراهيم النيسابوري، وعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، وسهل التستري. قال الخلال: من كبار أصحاب أبي عبد اللَّه. روى عن أبي عبد اللَّه من المسائل ما فخر به، وكان أبو عبد اللَّه يكرمه ويعرف له حق الصحبة، ورحل معه إلى عبد الرزاق، وصحبه إلى أن مات، ومسائله أكثر من أن تحد من كثرتها، وكتب عنه عبد اللَّه بن أحمد مسائل كثيرة بضعة عشر جزءًا مسائل جيادًا عن أبيه، لم تكن عند عبد اللَّه عن أبيه ولا عند غيره، وكان عبد اللَّه يرفع قدره ويذكره كثيرًا، وحدث عنه بأشياء كثيرة عن أبيه وغيره. قال عبد اللَّه بن أحمد، عن أبيه قال: مهنى كان معنا تلك السنة -يعني عند عبد الرزاق- وكنت أرى مهنى يسأل أبي حتى يضجره ويكرر عليه جدًّا حتى ربما قام وضجر، وكنت أشبهه بابن جريج حين كان يسأل عطاء. قال مهنى: لزمت أبا عبد اللَّه ثلاثًا وأربعين سنة، واتفقنا عند عبد الرزاق، ورأيته بمكة عند سفيان بن عيينة سنة ثمان وتسعين (¬1). 64 - طيب بن إسماعيل، أبو حمدون المقرئ (ت بعد 248 هـ) الطيب بن إسماعيل بن إبراهيم بن أبي التراب، أبو محمد الذهلي، يعرف بأبي حمدون الفصاص واللآل والثقاب، أحد القراء المشهورين، كان صالحا زاهدا، روى حروف القرآن عن علي بن حمزة الكسائي، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي حدث عن: المسيب بن شريك، وسفيان بن عيينة، وشعيب بن حرب. وروى عنه: إسحاق بن إبراهيم بن سنين الختلي، وسليمان بن يحيى الضبي، وأبو العباس بن مسروق الطوسي، والحسن بن الحسين الصواف. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 13/ 266، "طبقات الحنابلة" 2/ 432.

65 - إبراهيم بن سعيد الجوهري (ت 249 هـ)

قال ابن المنادي: أبو حمدون الطيب من الخيار الزهاد والمشهورين بالقرآن، كان يقصد المواضع التي ليس فيها أحد يقرئ الناس، فيقرئهم، حتى إذا حفظوا انتقل إلى قوم آخرين بهذا النعت، وكان يلتقط المنبوذ كثيرا (¬1). 65 - إبراهيم بن سعيد الجوهري (ت 249 هـ) أبو إسحاق بن أبي عثمان البغدادي، طبري الأصل. روى عن: أحمد بن إسحاق الحضرمي، وإسماعيل بن أبي أويس، وابن عيينة. وروى عنه: مسلم، وأصحاب السنن، وأبو حاتم الرازي، وموسى بن هارون. سأل موسى بن هارون الإمام أحمد عنه، فقال: كثير الكتاب، كتب فأكثر، فاستأذنه في الكتابة عنه، فأذن له. وقال أبو حاتم: كان يُذكر بالصدق. وقال النسائي: ثقة. وقال عبد اللَّه بن جعفر بن خاقان السلمي: سألت إبراهيم بن سعيد الجوهري عن حديث لأبي بكر الصديق فقال لجاريته: أخرجي لي الجزء الثالث والعشرين من مسند أبي بكر. فقلت له: لا يصح لأبي بكر خمسون حديثا، من أين ثلاثة وعشرون جزءًا؟ فقال: كل حديث لا يكون عندي من مائة وجه فأنا فيه يتيم. قال ابن قانع: مات سنة تسع وأربعين ومائتين. وقيل: مات بعد الخمسين ومائتين، كان ببغداد، ثم سكن عين زربة مرابطا، ومات بها (¬2). مؤلفاته: - " المسند": قال الخطيب البغدادي (¬3): كان مكثرا ثقة ثبتا، صنف "المسند". وذكره له أيضًا ابن مفلح في "المقصد الأرشد" 1/ 224. 66 - الحسن بن الصباح البزار (ت 249 هـ) الحسن بن الصباح بن محمد البزار، أبو علي الواسطي، البغدادي. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 9/ 360، "طبقات الحنابلة" 1/ 475، "تاريخ الإسلام" 17/ 205. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 239. (¬3) "تاريخ بغداد" 6/ 93.

67 - رجاء بن أبي رجاء، أبو محمد المروزي (ت 249 هـ)

روى عن: سفيان بن عيينة، ومعن بن عيسى، وأبي معاوية الضرير، وروح بن عبادة، وجعفر بن عون، وحجاج بن محمد الأعور، ووكيع بن الجراح. وروى عنه: البخاري، وأبو داود، والترمذي، وإبراهيم الحربي، وعبد اللَّه بن الإمام أحمد، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وآخر من روى عنه القاضي المحاملي. سئل الإمام أحمد عنه فقال: ثقة صاحب سنة. وقال أبو حاتم: صدوق، وكان له جلالة ببغداد، وكان الإمام أحمد يرفع من قدره، ويجله. مات يوم الإثنين لثمان خلت من ربيع الآخر سنة تسع أربعين ومائتين (¬1). مؤلفاته: - " مسائل الإمام أحمد" ذكرها أبو بكر الخلال فقال: كان أبو عبد اللَّه يقدمه ويكرمه ويأنس به، روى عن أبي عبد اللَّه مسائل كثيرة لم تقع إلينا كلها، ومات ولم يخرجها، إلا أن الميموني يذكر في مسائله عن أبي عبد اللَّه: قال الحسن لأبي عبد اللَّه، واحتج عليه الحسن. - "السنن" ذكره له ابن كثير في "البداية والنهاية" 11/ 4. - "العمل بذات الحلق" ذكره له البغدادي في "هدية العارفين" 1/ 266. - "الكره" ذكره له البغدادي في "هدية العارفين" 1/ 266. 67 - رجاء بن أبي رجاء، أبو محمد المروزي (ت 249 هـ) وقيل: السمرقندي، واسم أبي رجاء مرجا بن رافع سكن بغداد، وحدث بها. روى عن: النضر بن شميل، وعلي بن الحسن بن شقيق، وأبي نعيم الفضل. وروى عنه: أبو داود، وابن ماجه، ويحيى بن صاعد. قال الخطيب: كان ثقة ثبتا إماما في علم الحديث، وحفظه، والمعرفة به. وقال ابن أبي حاتم: سمع منه أبي بالري، وبدمشق، وسئل عنه فقال: ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 3/ 19، "تاريخ بغداد" 7/ 330، "طبقات الحنابلة" 1/ 355، "تهذيب الكمال" 6/ 191، "سير أعلام النبلاء" 12/ 192.

68 - علي بن الجهم بن بدر السامي (ت 249 هـ)

صدوق. وقال الدارقطني: حافظ ثقة. مات ببغداد غرة جمادى الأولى سنة تسع وأربعين ومائتين (¬1). 68 - علي بن الجهم بن بدر السامي (ت 249 هـ) الشاعر، من ناقلة خراسان، له ديوان شعر مشهور، وكان جيد الشعر، عالما بفنونه، وله اختصاص بجعفر المتوكل، وكان متدينا فاضلا. قال أحمد بن حمدون: ورد على المستعين في شعبان سنة تسع وأربعين ومائتين كتاب صاحب البريد بحلب أن علي بن الجهم خرج من حلب متوجها إلى الغزو، فقاتل قتالا شديدا، ولحقه الناس وهو جريح بآخر رمق فكان مما قال: أسال بالصبح سيل يا أخوتي بدجيل أم زيد في الليل ليل وأين مني دجيل وكان منزله ببغداد في شارع الدجيل، ووُجدتْ معه رقعة حين نزعت ثيابه بعد موته فيها: يا رحمتا للغريب في البلد النـ ... ـازح ماذا بنفسه صنعا فارق أحبابه فما انتفعوا ... بالعيش من بعده ولا انتفعا (¬2). 69 - محمود بن غيلان، أبو أحمد المروزي (ت 249 هـ) محمود بن غيلان العدوي مولاهم، نزيل بغداد. روى عن: أبي عاصم النبيل، وابن عيينة، وعبد الرزاق، وأبي نعيم الفضل. وروى عنه: البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة. ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 3/ 503، "تاريخ بغداد" 8/ 410، "طبقات الحنابلة" 1/ 416، "تهذيب الكمال" 9/ 168، "سير أعلام النبلاء" 12/ 98. (¬2) "تاريخ بغداد" 11/ 367، "طبقات الحنابلة" 2/ 123.

70 - عبدوس بن مالك، أبو محمد العطار (ت 250 هـ)

قال الإمام أحمد: أعرفه بالحديث، صاحب سنة، قد حبس بسبب القرآن. وقال النسائي: ثقة. وقال محمد بن إسحاق السراج: رأيت إسحاق بن راهويه واقفا على رأس محمود بن غيلان على دابته، وهو يحدثنا. مات في رمضان سنة تسع وثلاثين ومئتين. وقيل: خرج إلى الحج سنة ست وأربعين، ثم انصرف إلى مرو، وتوفي لعشر بقين من ذي القعدة سنة تسع وأربعين ومائتين (¬1). 70 - عبدوس بن مالك، أبو محمد العطار (ت 250 هـ) ذكره الخلال فقال: كانت له عند أبي عبد اللَّه منزله في هدايا، وغير ذلك، وله به أنس شديد، وكان يقدمه، وله أخبار يطول شرحها. روى عن: الإمام أحمد، ويحيى بن معين، وشبابة بن سوار. حدث عنه: أحمد بن سعد، أبو إبراهيم الزهري، وعبد اللَّه بن أحمد (¬2). مؤلفاته: 1 - " مسائل الإمام أحمد" قال الخلال: وقد روى عن أبي عبد اللَّه مسائل لم يروها غيره، ولم تقع إلينا كلها. مات ولم تخرج عنه، ووقع إلينا منها شيء أخرجه أبو عبد اللَّه في جماع أبواب السنة ما لو رحل رجل إلى الصين في طلبها لكان قليلا، أخرجه أبو عبد اللَّه، ودفعه إليه (¬3). 2 - "السنة" وهي رسالة في العقيدة ذكرها ابن أبي يعلى في "الطبقات" 2/ 166 وما بعدها، ولها مخطوط بالظاهرية مجموع 68 (من 9 أ - 15 ب سماع 529 هـ). 71 - محمد بن داود المصيصي (ت 250 هـ) محمد بن داود بن صبيح، أبو جعفر المصيصي، حدث بالرملة وغيرها. ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 8/ 291، "تاريخ بغداد" 13/ 89، "طبقات الحنابلة" 2/ 425، "تهذيب الكمال" 27/ 305، "سير أعلام النبلاء" 12/ 223. (¬2) "تاريخ بغداد" 11/ 115، "طبقات الحنابلة" 2/ 166. (¬3) "طبقات الحنابلة" 2/ 166.

72 - محمود بن خداش، أبو محمد الطالقاني (ت 250 هـ)

روى عن: حجاج بن منهال، وحرمي بن حفص، وسريج بن النعما. وروى عنه: أبو داود، والنسائي، وأبو بكر الأثرم، وأبو عروبة الحراني. قال أبو داود: كان محمد بن داود بن صبيح يتفقد الرجال، ولم يكتب عن أبي كريب؛ لحال المحنة، وما رأيت رجلا قط أعقل من محمد بن داود. وقال النسائي: لا بأس به (¬1). مؤلفاته: " مسائل الإمام أحمد": قال أبو بكر الخلال: كان من خواص أبي عبد اللَّه ورؤسائهم، وكان أبو عبد اللَّه يكرمه ويحدثه بأشياء لا يحدث بها غيره. وعنه عن أبي عبد اللَّه مسائل كثيرة مصنفة على نحو مسائل الأثرم، ولكن لم يدخل فيها حديثا، وسمعتها من الحسين بن الحسن الوراق بطرسوس عن محمد بن داود، وقد حدث عنه أبو بكر الأثرم في "مسائله" (¬2). 72 - محمود بن خداش، أبو محمد الطالقاني (ت 250 هـ) روى عن: سفيان بن عيينة، وابن المبارك، ووكيع بن الجراح، وهشيم. وروى عنه: الترمذي، والنسائي في "مسند علي"، وابن ماجه، وأبو يعلى الموصلي، وبقي بن مخلد. قال يحيى بن معين: ثقة لا بأس به. وقال أبو الفتح الأزدي: هو من أهل الصدق والثقة. مات سنة خمسين ومائتين، وهو ابن تسعين سنة. (¬3) 73 - محمد بن علي بن الحسن بن شقيق (ت 250 هـ) محمد بن علي بن الحسن بن شقيق بن دينار بن شعيب، العبدي مولاهم، أبو ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 297، "تهذيب الكمال" 25/ 175. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 297. (¬3) "الجرح والتعديل" 8/ 291، "طبقات الحنابلة" 2/ 418، "تهذيب الكمال" 27/ 298، "سير أعلام النبلاء" 12/ 179.

74 - عبد الوهاب بن عبد الحكم الوراق (ت 251 هـ)

عبد اللَّه بن أبي عبد الرحمن المروزي الشقيقي المطوعي، قدم بغداد. روى عن: أبي أسامة حماد بن أسامة، وعلي بن حفص، وأبي نعيم الفضل. وروى عنه: الترمذي، والنسائي، والبخاري، ومسلم في غير الصحيحين. وثقه محمد بن عبد اللَّه الحضرمي، وداود بن يحيى، والنسائي. مات لثلاث بقين من المحرم سنة خمسين ومائتين، سقط من السطح، فمات. وقيل: لأربع بقين من ربيع الآخرة سنة إحدى وخمسين (¬1). 74 - عبد الوهاب بن عبد الحكم الوراق (ت 251 هـ) عبد الوهاب بن عبد الحكم بن نافع الوراق، ويقال: ابن الحكم بن نافع، أبو الحسن الوراق، نسائي الأصل. روى عن: أنس بن عياض، ومعاذ بن معاذ العنبري، ويحيى بن سعيد الأموي، ويزيد بن هارون. وروى عنه: ابنه الحسن، وأبو داود السجستاني، وابنه عبد اللَّه، والترمذي، والنسائي، وابن أبي الدنيا، وأبو القاسم البغوي. قال الخطيب: كان ثقة، صالحا ورعا زاهدا. وذكره أبو الحسين بن المنادي فقال: كان من الصالحين العقلاء. وقال ابنه الحسن: ما رأيت أبي ضاحكا قط إلا متبسما، وما رأيته مازحا قط. وقال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: عبد الوهاب الوراق رجل صالح، مثله يوفق لإصابة الحق. واختلف في وفاة عبد الوهاب فقيل: سنة خمسين ومائتين، وقيل: في ذي القعدة سنة إحدى وخمسين ومائتين، وهو أثبت، وصلى عليه الأمير الموفق بن المتوكل على اللَّه، ودفن بباب البردان (¬2). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 8/ 28، "تاريخ بغداد" 3/ 55، "طبقات الحنابلة" 2/ 328، "تهذيب الكمال" 26/ 134. (¬2) "الجرح والتعديل" 6/ 74، "تاريخ بغداد" 11/ 25، "طبقات الحنابلة" 2/ 85، "تهذيب الكمال" 18/ 497، "سير أعلام النبلاء" 12/ 323.

75 - إسحاق بن منصور الكوسج (251 هـ)

75 - إسحاق بن منصور الكوسج (251 هـ) إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج، أبو يعقوب التميمي المروزي، ولد بمرو، ودخل إلى العراق، والحجاز، والشام. سمع: سفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي. وروى عنه: البخاري، ومسلم في الصحيحين، وأصحاب السنن سوى أبي داود، وإبراهيم بن إسحاق الحربي، وعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل. قال مسلم: ثقة مأمون، أحد الأئمة من أصحاب الحديث. قال الخطيب البغدادي: كان فقيها عالما، وهو الذي دوَّن عن الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه المسائل في الفقه. استوطن نيسابور، وبها كانت وفاته يوم الخميس، ودفن يوم الجمعة لعشر بقين من جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين ومائتين، ودفن إلى جنب إسحاق ابن راهويه، ومحمد بن رافع، وصلى عليه محمد بن طاهر (¬1). مؤلفاته: 1 - " مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه": دوّن في هذا الكتاب الأجوبة الفقهية التي سمعها من الإمام أحمد ومن إسحاق بن راهويه، وقد دونها في حياة الإمام وصار يمليها على الناس بخراسان، فبلغ الإمامَ أحمد ذلك، فأنكره وأشهد على رجوعه عنها كلها، فلما بلغ إسحاقَ بنَ منصور أن الإمام أحمد رجع عن تلك المسائل التي علقها عنه، جمع تلك المسائل كلها في جراب، وحملها على ظهره، وخرج راجلًا إلى بغداد، وهي على ظهره، وعرض خطوط أحمد عليه في كل مسألة استفتاه فيها، فأقرّ له بها ثانيًا، وأعجب أحمد بذلك من شأنه (¬2). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 2/ 234، "تاريخ بغداد" 6/ 362، "طبقات الحنابلة" 1/ 303، "تهذيب الكمال" 2/ 474، "سير أعلام النبلاء" 12/ 258. (¬2) "مناقب الإمام أحمد" (ص 251)، "طبقات الحنابلة" 1/ 114، "السير" 12/ 259.

76 - حميد بن زنجويه الأزدي (ت 251 هـ)

وانتشرت هذه القصة في صفوف الحنابلة، إلا أن بعضًا منهم لم يبلغه أن الإمام أحمد أقرَّ ابن منصور ثانية وأجازه بها، فصار يُليِّن القول في تلك المسائل وفي الثقة بها، فنبه الحسن بن حامد (ت 403 هـ) إلى هذا الغلط في مقدمة كتابه الكبير المسمى بـ "الجامع"، فقال: (وقد رأيت بعض من يزعم أنه منتسب إلى الفقه يُليّن القول في كتاب إسحاق بن منصور، ويقول: إنه يقال: إن أبا عبد اللَّه رجع عنه، وهذا قول من لا ثقة له بالمذهب، إذ لا أعلم أن أحدًا من أصحابنا قال بما ذكره ولا أشار إليه) (¬1). وقد طُبع بتحقيقنا في مجلدين، نشر دار الهجرة ط 1 (1425 هـ/ 2004 م). وطبعته عمادة البحث العلمي، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، في تسعة مجلدات ط 1 (1425 هـ/ 2004 م)، ثم دار الفاروق في ثلاثة مجلدات. 2 - "الصلاة" ذكره له السمعاني في "الأنساب" 11/ 169. 3 - "المسند" ذكره له ابن الأثير في "الكامل" 5/ 330، والكتاني في "الرسالة المستطرفة" ص 68. 4 - "مسائل في الجرح والتعديل" ذكرها له ابن حجر في "تهذيب التهذيب" 1/ 250. 76 - حميد بن زنجويه الأزدي (ت 251 هـ) حميد بن مخلد بن قتيبة بن عبد اللَّه الأزدي، أبو أحمد بن زنجويه النسائي الحافظ، وزنجويه لقب لأبيه مخلد، كثير الحديث قديم الرحلة فيه إلى العراق، والحجاز، ومصر، وغير ذلك. روى عن: النضر بن شميل، ويزيد بن هارون، وأبي نعيم الفضل. وروى عنه: أبو داود، والنسائي، وإبراهيم الحربي، ومحمد بن يوسف الفريابي، وعبد اللَّه بن الإمام أحمد، ويحيى بن صاعد، والقاضي المحاملي، ¬

_ (¬1) "الطبقات" 2/ 174.

77 - محمد بن سهل بن عسكر (ت 251 هـ)

وعامة الخراسانيين، وقدم بغداد، وحدث بها. وثقه النسائي، وقال الخطيب البغدادي: كان ثقة ثبتا حجة. مات بمصر سنة إحدى وخمسين ومائتين. وقيل: سنة سبع وأربعين، وقيل: ثمان وأربعين (¬1). مؤلفاته: 1 - " الأموال": وهو مطبوع بتحقيق د. شاكر فياض، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ط 1، 1406 هـ/ 1986 م. 2 - "الترغيب والترهيب" ذكره له البغدادي في "هدية العارفين" 1/ 339، والذهبي في "السير" 12/ 20. 3 - "فضائل الأعمال" ذكره له البغدادي في "هدية العارفين" 1/ 339، والكتاني في "الرسالة المستطرفة" ص 57. 4 - "الآداب النبوية" ذكره له ابن العماد في "شذرات الذهب" 2/ 124. 77 - محمد بن سهل بن عسكر (ت 251 هـ) محمد بن سهل بن عسكر بن عمارة بن دويد. ويقال: ابن عسكر بن مستور، التميمي مولاهم، أبو بكر البخاري. سكن بغداد. روى عن: آدم بن أبي إياس، والحكم بن نافع، وأبي عاصم النبيل، وعبد الرزاق. وروى عنه: مسلم، والترمذي، والنسائي، وإبراهيم الحربي. قال النسائي وابن عدي: ثقة. سكن بغداد، ومات بها ليلة الثلاثاء لسبع بقين من شعبان سنة 251 (¬2). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 3/ 223، "تاريخ بغداد" 8/ 160، "طبقات الحنابلة" 1/ 401، "تهذيب الكمال" 7/ 392، "سير أعلام النبلاء" 12/ 19. (¬2) "الجرح والتعديل" 7/ 277، "تاريخ بغداد" 5/ 313، "طبقات الحنابلة" 2/ 303، "تهذيب الكمال" 25/ 325.

78 - هارون بن سفيان بن بشر (ت 251 هـ)

78 - هارون بن سفيان بن بشر (ت 251 هـ) أبو سفيان، مستملي يزيد بن هارون، يعرف بالديك، حدث عن يزيد بن هارون، ومعاذ بن فضالة، وأبي نعيم الفضل، وابن أبي الدنيا. مات ببغداد سنة إحدى وخمسين ومائتين (¬1). 79 - عمرو بن معمر، أبو عثمان (ت بعد 251 هـ تقريبا) أبو عثمان العمركي. سمع: أبا النضر هاشم بن القاسم، ويعلى بن عبيد، ويحيى بن إسحاق السيلحيني، وعبيد اللَّه بن موسى، ومسلم بن إبراهيم. وروى عنه: هاشم بن القاسم الهاشمي، وأحمد بن عبد اللَّه الوكيل، والقاضي المحاملي. قال الخطيب البغدادي: كان ثقة (¬2). 80 - إسحاق بن بهلول الأنباري (ت 252 هـ) إسحاق بن بهلول بن حسان، الحافظ، أبو يعقوب التنوخي الأنباري. مولده بالأنبار في سنة أربع وستين ومائة. سمع أباه، وابن عيينة، وأبا معاوية الضرير، ويحيى القطان، وابن علية. حدث عنه: إبراهيم الحربي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وجعفر الفريابي، ويحيى بن محمد بن صاعد، ويوسف بن يعقوب بن إسحاق الأزرق حفيده. كان أحد أوعية العلم، له الإسناد الحسن، خرج أجزاءً فعرضها على أحمد، وكانت مسائل جيادًا، يعرض على أحمد الأقاويل، ويجيبه أحمد على مذهبه. وكان قد سمى كتابه "كتاب الاختلاف"، فقال له أحمد: سمه "كتاب السعة". قال ابن أبي حاتم: صدوق. وقال الخطيب: صنَّف كتابا في القراءات، وصنَّف "المسند"، وصنَّف كتابا في الفقه، وله مذاهب اختارها، وكان ثقة. وقال ابن صاعد: حدث ببغداد من حفظه بأكثر من خمسين. ألف حديث. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 14/ 25، "طبقات الحنابلة" 2/ 512. (¬2) "تاريخ بغداد" 12/ 220، "طبقات الحنابلة" 2/ 178.

81 - زياد بن أيوب، أبو هاشم دلويه (ت 252 هـ)

مات بالأنبار في ذي الحجة في سنة 252، وقد قارب التسعين (¬1). 81 - زياد بن أيوب، أبو هاشم دِلُّوْيَه (ت 252 هـ) زياد بن أيوب بن زياد، أبو هاشم البغدادي طوسي الأصل، يعرف بدلويه. روى عن: هشيم بن بشير، وأبي بكر بن عياش، ويزيد بن هارون. وروى عنه: البخاري، وأصحاب السنن ما عدا ابن ماجه، وأبو حاتم الرازي، وابن خزيمة. قال أحمد: اكتبوا عنه فإنه شعبة الصغير. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال النسائي: ليس به بأس. كان مولده سنة ست وستين ومائة، ومات في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين ومائتين (¬2). 82 - يعقوب بن إبراهيم الدورقي (ت 252 هـ) يعقوب بن إبراهيم بن كثير بن زيد بن أفلح بن منصور بن مزاحم العبدي القيسي مولى عبد القيس، أبو يوسف الدورقي. روى عن: إسماعيل بن علية، والدراوردي، وأبي عاصم النبيل، وابن عيينة. وروى عنه: أخوه أحمد، والبخاري، ومسلم، وأصحاب السنن، وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان. قال أبو حاتم: صدوق، وقال النسائي: ثقة. وقال الخطيب البغدادي: كان ثقة، حافظا متقنا، صنف "المسند". ولد سنة ست وستين ومائة، ومات سنة اثنتين وخمسين ومائتين (¬3). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 2/ 214، "تاريخ بغداد" 6/ 366، "طبقات الحنابلة" 1/ 293، "سير أعلام النبلاء" 12/ 489. (¬2) "الجرح والتعديل" 3/ 525، "تاريخ بغداد" 8/ 479، "طبقات الحنابلة" 1/ 419، "تهذيب الكمال" 9/ 432، "سير أعلام النبلاء" 12/ 120. (¬3) "الجرح والتعديل" 9/ 202، "تاريخ بغداد" 14/ 277، "طبقات الحنابلة" 2/ 552، "تهذيب الكمال" 32/ 311، "سير أعلام النبلاء" 12/ 141.

83 - أحمد بن سعيد، أبو جعفر الدارمي (ت 253 هـ)

83 - أحمد بن سعيد، أبو جعفر الدارمي (ت 253 هـ) أحمد بن سعيد بن صخر بن سليمان، أبو جعفر الدارمي السرخسي. ولد سنة نيف وثمانين ومائة. وسمع النضر بن شميل، وجعفر بن عون، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وأحمد بن إسحاق الحضرمي، وأبا عاصم النبيل، وحبان بن هلال، ووهب بن جرير، وعلي بن الحسين بن واقد. وأكثر التطواف، وتوسع في العلم، وبعد صيته. حدث عنه: الجماعة الستة سوى النسائي، وروى الترمذي أيضا عن رجل عنه، وأحمد بن سلمة، وأبو العباس السراج، وابن خزيمة. كان عالما بالرجال والعلل والتاريخ. قال الإمام أحمد: ما قدم علينا خراساني أفقه بدنًا من أحمد بن سعيد. أقدمه أمير خراسان عبد اللَّه بن طاهر إلى نيسابور ليحدث بها، فأقام بها مليا، ثم ولي قضاء سرخس، ثم رد إلى نيسابور، وبها مات سنة 253 (¬1). 84 - إسحاق بن حنبل الشيباني (ت 253 هـ) إسحاق بن حنبل بن هلال بن أسد، أبو يعقوب الشيباني عم الإمام أحمد. سمع يزيد بن هارون، والحسين بن محمد المروذي. وروى عنه ابنه حنبل، ومحمد بن يوسف الجوهري. قال الخطيب البغدادي: كان ثقة. قال حنبل: مات أبي، إسحاق بن حنبل، سنة ثلاث وخمسين ومائتين، وولد سنة إحدى وستين ومائة، وكان بينه وبين أبي عبد اللَّه أقل من ثلاث سنين هذا في أول السنة، وهذا في آخرها، وكانا يخضبان بالحناء، وكان ملازما في أكثر أوقاته مجلس أحمد، ونقل عنه أشياء كثيرة (¬2). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 2/ 53، "تاريخ بغداد" 4/ 166، "طبقات الحنابلة" 1/ 103، "تهذيب الكمال" 1/ 314، "سير أعلام النبلاء" 12/ 233. (¬2) "تاريخ بغداد" 6/ 369، "طبقات الحنابلة" 1/ 298.

85 - علي بن شعيب الطوسي (ت 253 هـ)

85 - علي بن شعيب الطوسي (ت 253 هـ) علي بن شعيب بن عدي بن همام، أبو الحسن السمسار، طوسي الأصل. روى عن: هشيم بن بشير، وابن عيينة، والحسين بن إسماعيل المحاملي. قال الخطيب البغدادي: كان ثقة. مات يوم الثلاثاء لثمان عشرة خلت من شوال سنة ثلاث وخمسين ومائتين (¬1). 86 - يوسف بن موسى بن راشد بن بلال القطان (ت 252 هـ) أبو يعقوب الكوفي، المعروف بالرازي، سكن الري، ثم انتقل إلى بغداد فسكنها، ومات بها، وقيل: إن أصله من الأهواز، ومتجره بالري. روى عن: سفيان بن عيينة، وابن وهب المصري، وأبي نعيم الفضل، ووكيع. وروى عنه: البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي في "مسند علي"، وابن ماجه، وابن أبي الدنيا، وأبو حاتم الرازي. قال ابن معين وأبو حاتم: صدوق. وقال النسائي: لا بأس به. مات يوم السبت بعد العصر لسبع عشرة خلت من صفر سنة 253 (¬2). 87 - محمد بن منصور الطوسي (ت 254 هـ) محمد بن منصور بن داود بن إبراهيم الطوسي، أبو جعفر العابد، نزيل بغداد. روى عن: ابن علية، وابن عيينة، ومعاذ بن معاذ العنبري. وروى عنه: أبو داود، والنسائي، وأبو بكر المروذي، والحسين المحاملي. قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن محمد بن منصور الطوسي. قال: لا أعلم إلا خيرا، صاحب صلاة. قلت له: كان يختلف معك إلى عفان؟ قال: وقبل ذلك. وقال النسائي: ثقة. وفي موضع آخر: لا بأس به. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 11/ 435. (¬2) "الجرح والتعديل" 9/ 231، "تاريخ بغداد" 14/ 304، "طبقات الحنابلة" 2/ 567، "تهذيب الكمال" 32/ 465، "سير أعلام النبلاء" 12/ 221.

88 - إسماعيل بن يوسف، أبو علي الديلمي (ت 255 هـ)

وقال الخلال: روى عن أحمد أشياء لم يروها غيره، وكان يجالس لصلاحه معروفا وغيره. مات ببغداد يوم الجمعة لست بقين من شوال سنة أربع وخمسين ومائتين، وله ثمان وثمانون سنة، وكان لا يخضب. وقيل: سنة ست وخمسين (¬1). 88 - إسماعيل بن يوسف، أبو علي الديلمي (ت 255 هـ) أحد العباد الورعين، والزهاد المتقللين مع بصره بالحديث، وحفظه له، وتمهره في علمه، جالس الإمام أحمد، ونقل عنه، وعمن بعده من الحفاظ، وذاكرهم، وحدث عن مجاهد بن موسى. وروى عنه الحسن بن عبد الوهاب بن أبي العنبر، والعباس بن يوسف الشكلي. قال ابن المنادي: كان من خيار الناس، وذكر لي أنه كان يحفظ أربعين ألف حديث، وكان يعبر إلى الجانب الشرقي قاصدا محمد بن أشكاب الحافظ فيذاكره بالمسند، وكان من أشهر الناس بالزهد، والورع، والتمسك بالصون. وقال الخطيب: حدثني بعض شيوخنا أنه كان حافظا للحديث، كثير السماع، وأنه كان يذاكر بتسعين ألف حديث. وقال الدارقطني: إسماعيل الديلمي بغدادي زاهد، ورع فاضل ثقة (¬2). 89 - الفضل بن سهل الأعرج (ت 255 هـ) الفضل بن سهل بن إبراهيم الأعرج، أبو العباس البغدادي الرام. روى عن: إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي، والحسن بن موسى الأشيب، وأبي عاصم النبيل، وعلي بن المديني، وبزيد بن هارون. وروى عنه: البخاري، ومسلم، وأصحاب السنن ما عدا ابن ماجه، والحسين ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 8/ 94، "تاريخ بغداد" 3/ 247، "طبقات الحنابلة" 2/ 354، "تهذيب الكمال" 26/ 499، "سير أعلام النبلاء" 12/ 212. (¬2) "تاريخ بغداد" 6/ 274، "طبقات الحنابلة" 1/ 281.

90 - محمد بن عبد الرحيم، صاعقة (ت 255 هـ)

المحاملي، وعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، وأبو القاسم البغوي، وأبو حاتم الرازي. قال أحمد بن الحسين الصوفي: كان أحد الدواهي. قال الخطيب البغدادي: يعني في الذكاء والمعرفة، وجودة الأحاديث، واللَّه أعلم. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال النسائي: ثقة. مات ببغداد يوم الاثنين لسبع وعشرين مضين من صفر سنة خمس وخمسين ومائتين، وله نيف وسبعون سنة (¬1). 90 - محمد بن عبد الرحيم، صاعقة (ت 255 هـ) محمد بن عبد الرحيم بن أبي زهير القرشي العدوي، أبو يحيى البزاز البغدادي، المعروف بصاعقة، مولى آل عمر بن الخطاب، فارسي الأصل، سكن بغداد، وكان أحد الحفاظ المتقنين. روى عن: حفص بن عمر الحوضي، وروح بن عبادة، وأبي عاصم النبيل. وروى عنه: البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، والحسين المحاملي، وعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، وأبو بكر عبد اللَّه بن أبي داود. قال أبو حاتم: صدوق. وقال عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، والنسائي: ثقة. وقال ابن صاعد: الثقة الأمين. وقال الخطيب: كان متقنا ضابطا عالما حافظا. قال أبو بكر الخلال: عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل حسان لم يجئ بها غيره. وقيل: إنما سمي صاعقة لجودة حفظه. وقيل -وهو المشهور: إنما لقب بهذا؛ لأنه كان كلما قدم بلدة للقاء شيخ، إذا به قد مات بالقرب. ولد سنة 185، ومات في شعبان سنة 255 (¬2). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 7/ 63، "تاريخ بغداد" 12/ 364، "طبقات الحنابلة" 2/ 193، "تهذيب الكمال" 23/ 223، "سير أعلام النبلاء" 12/ 209. (¬2) "الجرح والتعديل" 8/ 9، "تاريخ بغداد" 2/ 363، "طبقات الحنابلة" 2/ 322، "تهذيب الكمال" 26/ 5، "سير أعلام النبلاء" 12/ 295.

91 - علي بن سعيد، أبو الحسن النسوي (ت 256 هـ)

91 - علي بن سعيد، أبو الحسن النسوي (ت 256 هـ) علي بن سعيد بن جرير بن ذكوان النسائي، أبو الحسن نزيل نيسابور، محدث مشهور، صاحب رحلة. روى عن: أبي اليمان الحكم بن نافع، وسعيد بن أبي مريم، والأصمعي، ويزيد بن هارون، وأبي عاصم النبيل، وأبي عبد الرحمن المقرئ. وروى عنه: النسائي، وابن ماجه في "التفسير"، وإبراهيم بن أبي طالب، وأحمد بن سلمة النيسابوري، وابنه محمد بن علي بن سعيد. قال النسائي: صدوق. وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات" وقال: كان متقنا، من جلساء أحمد بن حنبل. وقال الحاكم: محدث عصره، كتب بالحجاز والشام والعراقين وخراسان. وذكره أبو بكر الخلال فقال: كبير القدر، صاحب حديث، كان يناظر أبا عبد اللَّه مناظرة شافية، روى عن أبي عبد اللَّه جزأين مسائل وقد كنتُ تعبتُ فيها، سمعتُ بعضها بنزول (¬1). 92 - عبد اللَّه بن محمد بن المهاجر، أبو محمد فوران (ت 256 هـ) روى عن: شعيب بن حرب، ووكيع، وأبي معاوية. وروى عنه: عبد اللَّه بن الإمام أحمد، وأبو القاسم البغوي، ويحيى بن صاعد. قال الدارقطني: فوران نبيل جليل كان أحمد يجله. قال الخلال: كان من أصحاب أبي عبد اللَّه الذين يقدمهم، ويأنس بهم، ويخلو معهم، ويستقرض منهم، ومات أبو عبد اللَّه، وله عنده خمسون دينارا أوصى أبو عبد اللَّه أن تعطى من غلته، فلم يأخذها فوران بعد موته، وأحله منها. وقيل لفوران: أنت لم تجمع من هذه المسائل عن أبي عبد اللَّه؟ فقال: هذا الجزء، ثم جعل يقول: أبو عبد اللَّه أهيب، وأجل في صدري من أن أسأله، وإنما ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 6/ 189، "الثقات" لابن حبان 8/ 474، "طبقات الحنابلة" 2/ 126، "تهذيب الكمال" 20/ 447.

93 - محمد بن إبراهيم، مربع الأنماطي (ت 256 هـ)

هذه المسائل بلوى. مات في نصف رجب من سنة ست وخمسين ومائتين (¬1). 93 - محمد بن إبراهيم، مربع الأنماطي (ت 256 هـ) محمد بن إبراهيم، أبو جعفر الأنماطي، المعروف بمربع، صاحب يحيى بن معين، كان أحد الحفاظ الفهماء. حدث عن: أبي سلمة التبوذكي، وأبي حذيفة النهدي، وأبي الوليد الطيالسي، وأبي بكر بن أبي الأسود، وأحمد بن يونس. وروى عنه: محمد التمتام، وقاسم بن زكريا المطرز، ويحيى بن صاعد. مات سنة ست وخمسين ومائتين (¬2). 94 - محمد بن إسماعيل البخاري (ت 256 هـ) محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بذدزبة، وقيل: بردزبة، وقيل: ابن الأحنف الجعفي مولاهم، أبو عبد اللَّه بن أبي الحسن البخاري الحافظ صاحب "الجامع الصحيح"، وغيره من التصانيف الكثيرة. أمير المؤمنين في الحديث، والمعول على كتابه بين أهل الإسلام، رحل في طلب الحديث إلى سائر محدثي الأمصار، وكتب بخراسان ومدن العراق كلها، وبالحجاز والشام ومصر. قال محمد بن أبي حاتم الوراق: قلت لأبي عبد اللَّه محمد بن إسماعيل البخاري: كيف كان بدأ أمرك في طلب الحديث؟ قال: ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكُتَّاب. قلت: وكم أتى عليك إذ ذاك؟ فقال: عشر سنين أو أقل، ثم خرجت من الكُتَّاب بعد العشر، فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره، وقال يوما فيما كان يقرأ للناس: سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم. فقلت له: يا أبا فلان، إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم. فانتهرني. فقلت له: ارجع إلى الأصل، إن كان عندك. فدخل ونظر فيه، ثم خرج، فقال لي: كيف هو يا غلام؟ فقلت: هو ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 5/ 164، "تاريخ بغداد" 10/ 79، "طبقات الحنابلة" 2/ 42. (¬2) تاريخ بغداد" 1/ 388، "طبقات الحنابلة" 2/ 230.

95 - ميمون بن الأصيغ النصيبي (ت 256 هـ)

الزبير بن عدي عن إبراهيم. فأخذ القلم مني، وأحكم كتابه، وقال: صدقت. فقال له بعض أصحابه: ابن كم كنت إذ رددت عليه؟ فقال: ابن إحدى عشرة، فلما طعنت في ست عشرة سنة حفظت كتب ابن المبارك ووكيع، وعرفت كلام هؤلاء، ثم خرجت مع أمي وأخي أحمد إلى مكة، فلما حججت، رجع أخي، وتخلفت بها في طلب الحديث، فلما طعنت في ثماني عشرة جعلت أصنف فضائل الصحابة والتابعين وأقاويلهم، وذلك أيام عبيد اللَّه ابن موسى، وصنفت كتاب "التاريخ" إذ ذاك عند قبر الرسول صلى اللَّه عليه وسلم في الليالي المقمرة، وقلَّ اسم في "التاريخ" إلا وله عندي قصة، إلا أني كرهت تطويل الكتاب. قال الحسن بن الحسين البزار: رأيت محمد بن إسماعيل شيخا نحيف الجسم ليس بالطويل ولا بالقصير، ولد يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة، وتوفي ليلة السبت عند صلاة العشاء ليلة الفطر، ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر يوم السبت غرة شوال سنة ست وخمسين ومائتين، عاش اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يومًا (¬1). 95 - ميمون بن الأصيغ النصيبي (ت 256 هـ) ميمون بن الأصبغ بن الفرات أبو جعفر النصيبي. روى عن: أبي عاصم النبيل، وعبد اللَّه بن مسلمة القعنبي، ويزيد بن هارون. وروى عنه: أبو حاتم الرازي، وموسى بن محمد الشامي، وأبو سلمة البلدي. ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: مات سنة ست وخمسين ومائتين (¬2). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 7/ 191، "تاريخ بغداد" 2/ 4، "طبقات الحنابلة" 2/ 242، "تهذيب الكمال" 24/ 430، "سير أعلام النبلاء" 12/ 391، وانظر ترجمته الوافية في مقدمة "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" بتحقيقنا. (¬2) "الجرح والتعديل" 8/ 240، "الثقات" لابن حبان 9/ 174، "طبقات الحنابلة" 2/ 407، 493، "تهذيب الكمال" 29/ 200.

96 - إبراهيم بن يعقوب، أبو إسحاق الجوزجاني (ت 256 هـ)

96 - إبراهيم بن يعقوب، أبو إسحاق الجوزجاني (ت 256 هـ) إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السعدي، أبو إسحاق الجوزجاني سكن دمشق. روى عن: حفص بن عمر الحوضي، وزيد بن الحباب، وأبي عاصم النبيل. وروى عنه: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازي. قال الخلال: إبراهيم بن يعقوب جليل جدا، كان أحمد بن حنبل يكاتبه ويكرمه إكراما شديدا، وقد حدثنا عنه الشيوخ المتقدمون، وعنده عن أبي عبد اللَّه جزءان مسائل. وقال النسائي: ثقة. وقال الدارقطني: أقام بمكة مدة، وبالبصرة مدة، وبالرملة مدة، وكان من الحفاظ المصنفين، والمخرجين الثقات. وقال ابن عدي: كان يكاتبه أحمد بن حنبل فيتقوى بكتابه ويقرأه على المنبر. وقال أبو سعيد بن يونس: قدم مصر سنة خمس وأربعين ومائتين، كُتِبَ عنه. وكانت وفاته بدمشق سنة ست وخمسين ومائتين. وقيل: مات يوم الجمعة مستهل ذي القعدة سنة تسع وخمسين ومائتين (¬1). 97 - الحسن بن عرفة (ت 257 هـ) هو الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي، أبو علي البغدادي، المؤدب. روى عن: ابن علية، وروح بن عبادة، وابن مهدي، وأبيه عرفة بن يزيد. وروى عنه: الترمذي، وابن ماجه، وأبو يعلى الموصلي، وعبد اللَّه بن أحمد. وثقه يحيى بن معين، وفي رواية قال: ليس به بأس. وقال أبو حاتم. صدوق. وقال النسائي: لا بأس به. سئل الحسن: كم تعد من السنين؟ فقال: مائة سنة وعشر سنين، لم يبلغ أحد من أهل العلم هذا السن غيري. مات سنة سبع وخمسين ومائتين بسامراء (¬2). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 2/ 148، "طبقات الحنابلة" 1/ 257، "تهذيب الكمال" 2/ 244. (¬2) "الجرح والتعديل" 3/ 31، "تاريخ بغداد" 7/ 394، "طبقات الحنابلة" 1/ 376، "تهذيب الكمال" 6/ 201، "سير أعلام النبلاء" 11/ 547.

98 - الحسن بن عبد العزيز الجروي (ت 257 هـ)

98 - الحسن بن عبد العزيز الجروي (ت 257 هـ) الحسن بن عبد العزيز بن الوزير بن ضابئ، أبو علي الجذامي، ويعرف بالجروي من أهل مصر، قدم بغداد، وحدث بها. روى عن: يحيى بن حسان، وبشر بن بكر، وعبد اللَّه بن يحيى البرلسي. وروى عنه: إبراهيم الحربي، وابن أبي الدنيا، وابن صاعد. ذكره أبو بكر الخلال فقال: له مسائل لم يجئ بها غيره. سئل عنه أبو حاتم، فقال: ثقة. وقال الدارقطني: لم ير مثله فضلا وزهدا. وقال الخطيب: كان من أهل الدين والفضل، مذكورا بالورع والثقة، موصوفا بالعبادة. ومن جملة كلامه قال: من لم يردعه القرآن والموت، فلو تناطحت الجبال بين يديه لم يرتدع. مات ببغداد في رجب، سنة سبع وخمسين ومائتين (¬1). 99 - محمد بن عبد اللَّه بن إسماعيل بن أبي الثلج (ت 257 هـ) أبو بكر، ويقال: أبو عبد اللَّه البغدادي، رازي الأصل. روى عن: روح بن عبادة، وأبي عاصم النبيل، ويزيد بن هارون، وعفان بن مسلم. وروى عنه: البخاري، والترمذي، وابن خزيمة، وابن أبي داود. قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي في سنة أربع وخمسين ومائتين، وهو صدوق. مات سنة سبع وخمسين ومائتين (¬2). 100 - أحمد بن الفرات، أبو مسعود الضبي (ت 258 هـ) أحمد بن الفرات بن خالد الضبي أبو مسعود الرازي الأصبهاني. روى عن: يزيد بن هارون، وأبي اليمان، وأبي داود الطيالسي، وعبد الرزاق. ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 3/ 24، "تاريخ بغداد" 7/ 337، "طبقات الحنابلة" 1/ 359، "تهذيب الكمال" 6/ 196، "سير أعلام النبلاء" 12/ 333. (¬2) "الجرح والتعديل" 7/ 294، "تاريخ بغداد" 5/ 425، "تهذيب الكمال" 25/ 449.

101 - حبيش بن مبشر (ت 258 هـ)

روى عنه: أبو داود، وجعفر بن محمد الفريابي، ومحمد بن يحيى بن منده. وقال أبو مسعود الرازي: روى عنه عبد الرزاق، ورحل إليه أبو داود السجستاني، وذكره أحمد بن حنبل بالحفظ، وإظهار السنة بأصبهان. وقال ابن الأصفر: جالست أحمد، وابن أبي شيبة، وعليا، ونعيما -وذكر عدة- فما رأيت رجلا أحفظ لما ليس عنده من أبي مسعود. مات في شعبان سنة 258 هـ، وصلى عليه إبراهيم بن أحمد الخطابي (¬1). 101 - حبيش بن مبشر (ت 258 هـ) حبيش بن مبشر بن أحمد بن محمد الثقفي الفقيه، أبو عبد اللَّه الطوسي الأصل، نزيل بغداد، وهو أخو جعفر بن مبشر المتكلم. روى عن: يونس بن محمد المؤدب، ووهب بن جرير، وابن المديني. وروى عنه: ابن ماجه، ومحمد بن محمد الباغندي، ومحمد بن مخلد الدوري. وثقه ابن حبان، والدارقطني. وقال الخطيب البغدادي: كان فاضلا، يعد من عقلاء البغداديين. مات يوم السبت، لتسع خلون من رمضان، سنة ثمان وخمسين ومائتين (¬2). 102 - حميد بن الربيع، أبو الحسن اللخمي (ت 258 هـ) حميد بن الربيع بن حميد بن مالك بن سحيم، أبو الحسن اللخمي الكوفي الخزاز. قدم بغداد، وحدث بها عن هشيم بن بشير، وابن عيينة، وعبد اللَّه بن إدريس الأودي. وروى عنه: محمد بن محمد الباغندي، والحسين المحاملي، وإبراهيم بن حماد القاضي، ومحمد بن مخلد. وسئل البرقاني عنه فقال: كان أبو الحسن الدارقطني يحسن القول فيه، وأنا ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 2/ 67، "تاريخ بغداد" 4/ 343، "طبقات الحنابلة" 1/ 129، "تهذيب الكمال" 1/ 422، "سير أعلام النبلاء" 12/ 480. (¬2) "تاريخ بغداد" 8/ 272، "طبقات الحنابلة" 1/ 392، "تهذيب الكمال" 5/ 415.

103 - زهير بن محمد بن قمير بن شعبة المروزي (ت 258 هـ)

أقول: إنه ليس بحجة؛ لأني رأيت عامة شيوخنا يقولون: هو ذاهب الحديث. ونقل السلمي عن الدارقطني أنه قال: تكلم فيه يحيى بن معين، وقد حمل الحديث عنه الأئمة، ورووا عنه، ومن تكلم فيه لم يتكلم فيه بحجة. وقال عبد اللَّه بن أحمد: كان أبي يحسن القول في حميد الخزاز، وقال: كان يطلب معنا الحديث. مات بسر من رأى سنة ثمان وخمسين ومائتين (¬1). 103 - زهير بن محمد بن قمير بن شعبة المروزي (ت 258 هـ) أبو محمد المروزي، ويقال: أبو عبد الرحمن. نزيل بغداد. وهو زهير بن أبي زهير، كما ذكره ابن الجوزي في "تلقيح فهوم أهل الأثر". روى عن: إبراهيم بن مهدي، وإسماعيل بن أبان الوراق، وعبد الرزاق. روى عنه: ابن ماجه، والحسين المحاملي، وعبد اللَّه بن أحمد، وأبيه محمد. قال محمد بن إسحاق الثقفي: ثقة مأمون. وقال ابن المنادي: من أفاضل الناس، وقد كتب الناس عنه حديثا كثيرا. قال عبد الرحمن القزاز: كان ثقة صادقا ورعا زاهدا، وانتقل في آخر عمره عن بغداد إلى طرسوس فرابط بها إلى أن مات. وقال عبد اللَّه بن محمد البغوي: ما رأيت بعد أحمد بن حنبل أفضل من زهير بن قمير. وقال ابن أبي حاتم: أدركته، ولم أكتب عنه، وكان صدوقا. مات بالثغر، سنة ثمان وخمسين ومائتين (¬2). 104 - محمد بن يحيى الذهلي (ت 258 هـ) محمد بن يحيى بن عبد اللَّه بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذهلي، أبو عبد اللَّه النيسابوري. روى عن: ابن راهويه، وسعيد بن منصور، وأبي عاصم النبيل. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 8/ 162، "طبقات الحنابلة" 1/ 399. (¬2) "الجرح والتعديل" 3/ 591، "تاريخ بغداد" 8/ 484، "طبقات الحنابلة" 1/ 425، "تلقيح فهوم أهل الأثر" ص 378، "تهذيب الكمال" 9/ 411، "السير" 12/ 360.

105 - محمد بن عبد الملك، أبو بكر بن زنجويه (ت 258 هـ)

روى عنه: البخاري، وأصحاب السنن، وأبو حاتم، وابن خزيمة. قال صالح بن محمد: لما خرجت من الري، قلت لفضلك (¬1): عمن أكتب بنيسابور؟ قال: إذا قدمت نيسابور، فانظر إلى شيخ بهي حسن الوجه، حسن الثياب، راكب حمارا، وهو محمد بن يحيى، فاكتب عنه، فإنه من قرنه إلى قدمه فائدة. قال: فلما قدمت نيسابور استقبلني محمد بن يحيى فعرفته بهذه الصفة. وقال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي بالري، وهو ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين سئل أبي عنه فقال: ثقة. وقال النسائي: ثقة مأمون. وقال ابن أبي داود: كان أمير المؤمنين في الحديث. وقال الخطيب: كان أحد الأئمة العارفين، والحفاظ المتقنين، والثقات المأمونين، صنف حديث الزهري، وجوده، وقدم بغداد، وجالس شيوخها، وحدث بها، وكان أحمد يثني عليه، وينشر فضله. مات سنة ثمان وخمسين ومائتين (¬2). 105 - محمد بن عبد الملك، أبو بكر بن زنجويه (ت 258 هـ) البغدادي، أبو بكر الغزال، جار أحمد بن حنبل وصاحبه. روى عن: أسد بن موسى، وأبي اليمان الحكم بن نافع، وعبد الرزاق. وروى عنه: أصحاب السنن، وإبراهيم بن إسحاق الحربي، وأبو يعلى الموصلي، وعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، وابن أبي الدنيا، وابن أبي حاتم. قال النسائي: ثقة. وقال ابن أبي حاتم: صدوق. مات في جمادى الآخرة سنة ثمان وخمسين ومائتين (¬3). ¬

_ (¬1) فَضْلَك الصائغ، أبو بكر الفضل بن العباس الرازي صاحب التصانيف ت 270 هـ. (¬2) "الجرح والتعديل" 8/ 125، "تاريخ بغداد" 3/ 415، "طبقات الحنابلة" 2/ 380، "تهذيب الكمال" 26/ 617، "سير أعلام النبلاء" 12/ 273. (¬3) "الجرح والتعديل" 8/ 5، "تاريخ بغداد" 2/ 345، "طبقات الحنابلة" 2/ 324، "تهذيب الكمال" 26/ 17، "سير أعلام النبلاء" 12/ 346.

106 - إسحاق بن إبراهيم البغوي (ت 259 هـ)

106 - إسحاق بن إبراهيم البغوي (ت 259 هـ) إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن منيع، أبو يعقوب البغوي، الملقب بلؤلؤ، ابن عم أحمد بن منيع. روى عن: ابن علية، ومحمد بن ربيعة الكلابي، ووكيع بن الجراج، وحسين ابن محمد المروذي، ونقل عن الإمام أحمد أشياء، وسأله عن مسائل. وروى عنه: البخاري، وابن أبي داود، وابن أبي حاتم، وابن أبي الدنيا. قال ابن أبي حاتم: سمعت منه ببغداد، وهو صدوق ثقة. وقال الدارقطني: ثقة مأمون. وقال محمد بن مخلد: مات في شعبان سنة تسع وخمسين ومائتين (¬1). 107 - أيوب بن إسحاق بن سافري (ت 259 هـ) أيوب بن إسحاق بن إبراهيم، أبو سليمان بن سافري، وهو أخو يحيى بن إسحاق، انتقل إلى الرملة فسكنها، وحدث بها، وبمصر عن محمد بن عبد اللَّه الأنصاري، وخالد بن مخلد القطواني، وموسى بن داود الضبي. قال الخطيب البغدادي: روى عنه جماعة من الغرباء. وقال الخلال: رجل جليل عظيم القدر لم أسمع أنا منه شيئا حدثني عنه محمد بن أبي هارون، عن أبي عبد اللَّه بمسائل كثيرة صالحة، فيها شيء لم يروه عن أبي عبد اللَّه غيره. وقال ابن أبي حاتم: كتبنا عنه بالرملة، وذكرته لأبي فعرفه، وقال: كان صدوقا. وذكره أبو سعيد بن يونس فقال: قدم مصر، وحدث بها، وكان أخباريا، يقال: إنه بغدادي، ويقال: مروزي سكن بغداد، وقدم إلى دمشق فأقام بها، وكان قدومه إلى مصر من دمشق، وكانت في خُلُقه زعارة (¬2). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 1/ 289. (¬2) قال ابن منظور: في خُلُقه زَعارَّة بتشديد الراء، مثل حَمارَّة الصَّيْف، وزَعَارَة بالتخفيف عن اللحياني: أي شراسة وسوء خُلُق. والزّعْرُور السيئ الخُلُق. "لسان العرب" مادة [زعر].

108 - حجاج بن يوسف، ابن الشاعر (ت 259 هـ)

توفي بدمشق سنة تسع وخمسين ومائتين، وقيل: توفي يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة ستين ومائتين (¬1). 108 - حجاج بن يوسف، ابن الشاعر (ت 259 هـ) حجاج بن يوسف بن حجاج الثقفي، أبو محمد البغدادي، يعرف بابن الشاعر، كان أبوه شاعرا صحب أبا نواس وأخذ عنه. روى عن: عبد الرزاق، وأبي نعيم الفضل، وأبي داود الطيالسي. وروى عنه: مسلم، وأبو داود، وأبو يعلى، وابن أبي حاتم، والحسين المحاملي وهو آخر من روى عنه. قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه، وهو ثقة من الحفاظ ممن يحسن الحديث، وسئل أبي عنه فقال: صدوق. وقال النسائي: بغدادي ثقة. وقال أيضا: جئت إلى أحمد بن حنبل، فسألته أن يحدثني في سنة ثلاث ومائتين، فأبى أن يحدثني، فخرجت إلى عبد الرزاق، ثم رجعت في سنة أربع وقد حدث واستوى الناس عليه، وكان لأحمد في هذا اليوم أربعون سنة. وقال الآجري: قلت لأبي داود: أيما أحب إليك الرمادي أو حجاج بن الشاعر؛ فقال: حجاج خير من مائة مثل الرمادي. مات لعشر بقين من رجب سنة تسع وخمسين ومائتين (¬2). 109 - الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، أبو علي البغدادي (ت 259 هـ). روى عن: ابن عيينة، وابن عليه، ويزيد بن هارون. وروى عن الشافعي كتابه القديم. وروى عنه: البخاري، وأصحاب السنن، وابن خزيمة. وثقه النسائي، وابن حبان. وذكره ابن المنادي فقال: أحد الثقات. مات بالجانب الغربي من مدينة السلام، يوم الإثنين في شهر ربيع الآخر، سنة ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 7/ 9، "طبقات الحنابلة" 1/ 312. (¬2) "الجرح والتعديل" 3/ 168، "تاريخ بغداد" 8/ 240، "طبقات الحنابلة" 1/ 396، "تهذيب الكمال" 5/ 466، "سير أعلام النبلاء" 12/ 301.

110 - أحمد بن حبان، أبو جعفر القطيعي (بعد 259 هـ)

تسع وخمسين ومائتين. وقيل: في رمضان سنة ستين ومائتين (¬1). 110 - أحمد بن حبان، أبو جعفر القطيعي (بعد 259 هـ) يعرف بشامط، حدث عن أسود بن عامر شاذان، ويحيى بن إسحاق السيلحيني، روى عنه: محمد بن مخلد، وذكر أنه كتب عنه في مجلس عباس الدوري سنة تسع وخمسين ومائتين (¬2). 111 - جعفر بن محمد بن هذيل الوفي (ت 260 هـ) أبو عبد اللَّه القناد، ابن بنت أبي أسامة حماد بن أسامة. روى عن: عبد الحميد بن بيان السكري، عمرو بن حماد القناد، وأبي نعيم الفضل. وروى عنه: النسائي، وأحمد بن سلام، وعلي بن العباس البجلي. وثقه النسائي. وذكره أبو بكر الخلال، ومدحه، وقال: عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل صالحة. مات في جمادى الأولى سنة ستين ومائتين (¬3). 112 - صالح بن زياد السوسي (ت 261 هـ) صالح بن زياد بن عبد اللَّه بن إسماعيل بن إبراهيم بن الجارود بن مسرح، أبو شعيب الرستبي، السوسي، الرقي. الإمام المقرئ. جود القرآن على يحيى اليزيدي، وأحكم عليه حرف أبي عمرو. تلا عليه طائفة، منهم: أبو عمران موسى بن جرير، وعلي بن الحسين، وأبو عثمان النحوي، وأبو الحارث محمد ابن أحمد الرقيون. وأخذ عنه الحروف أبو عبد الرحمن النسائي، وجعفر بن سليمان الخراسانيان. سمع: سفيان بن عيينة، وعبد اللَّه بن نمير، وأسباط بن محمد، وجماعة. ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 3/ 36، "تاريخ بغداد" 7/ 407، "طبقات الحنابلة" 1/ 369، "تهذيب الكمال" 6/ 310، "سير أعلام النبلاء" 12/ 262. (¬2) "تاريخ بغداد" 4/ 123، "طبقات الحنابلة" 1/ 86. (¬3) "طبقات الحنابلة" 1/ 341، "تهذيب الكمال" 5/ 101، "السير" 14/ 106.

113 - أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي (ت 261 هـ)

وحدث عنه: أبو بكر بن أبي عاصم، وأبو عروبة الحراني. كان صاحب سنة، دعا له الإمام لما بلغه أن ختنه تكلم في القرآن، فقام أبو شعيب عليه ليفارق بنته. قال أبو حاتم: صدوق. مات في أول سنة إحدى وستين ومائتين، وقد قارب التسعين (¬1). 113 - أحمد بن عبد اللَّه بن صالح العجلي (ت 261 هـ) أحمد بن عبد اللَّه بن صالح بن مسلم أبو الحسن العجلي، صاحب كتاب "معرفة الثقات". كوفي الأصل نشأ ببغداد، وسمع بها وبالكوفة وبالبصرة. وحدث بها عن شبابة ابن سوار، ومحمد بن جعفر غندر، وأبي داود الحفري، وأبي عامر العقدي، ومحمد ويعلى ابني عبيد الطنافسي. وروى عنه ابنه أبو مسلم صالح، وذكر أنه سمع منه في سنة سبع وخمسين ومائتين. وكان دينا صالحا انتقل إلى بلد المغرب وسكن أطرابلس، وانتشر حديثه هناك. قال الوليد بن بكر الأندلسي: كان أبو الحسن أحمد بن عبد اللَّه بن صالح الكوفي من أئمة أصحاب الحديث الحفاظ المتقنين من ذوي الورع والزهد. وقال أبو الحسن اللؤلؤى: سمعت مشايخنا بهذا المغرب يقولون: لم يكن لأبي الحسن أحمد بن عبد اللَّه بن صالح بن مسلم العجلي الكوفي ببلادنا شبيه ولا نظير له في زمانه في معرفته بالحديث وإتقانه وزهده. وقال عباس الدوري: إنا كنا نعده مثل أحمد بن حنبل ويحيى بن معين. وسئل عنه يحيى بن معين، فقال: هو ثقة بن ثقة بن ثقة. قال الوليد بن بكر الأندلسي: وإنما قال فيه يحيى بن معين بهذه التزكية؛ لأنه عرفه بالعراق قبل خروج أحمد بن عبد اللَّه إلى المغرب، وكان نظيره في الحفظ إلا أنه دونه في السن، وكان خروجه إلى المغرب أيام محنة أحمد بن حنبل. ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 4/ 404، "تاريخ بغداد"، "طبقات الحنابلة" 1/ 468، "تهذيب الكمال"، "سير أعلام النبلاء" 12/ 380.

114 - عبد الرحمن، أبو الفضل المتطبب (ت 261 هـ)

والعجلي أقدم في طلب الحديث وأعلى إسنادًا، وأجل عند أهل المغرب في القديم والحديث ورعًا وزهدًا من البخاري، وهو كثير الحديث خرج من الكوفة والعراق بعد أن تفقه في الحديث، ثم نزل أطرابلس المغرب. وحديثه وتصانيفه وأخباره بالمغرب، وحديثه عزيز بمصر والشام والعراق؛ لبعد المسافة، وتوفي بأطرابلس، وقبره هناك على الساحل، وقبر ابنه صالح إلى جنبه. قال صالح بن أحمد: سمعت أبي أحمد يقول: طلبت الحديث سنة سبع وتسعين ومائة، وكان مولدي بالكوفة سنة اثنتين وثمانين ومائة. قال صالح: ومات أبي بعد الستين والمائتين. وقال أبو سعيد بن يونس المصري: إنه مات في سنة إحدى وستين (¬1). 114 - عبد الرحمن، أبو الفضل المتطبب (ت 261 هـ) وقيل: أبو عبد اللَّه البغدادي. وهو طبيب الإمام أحمد وبشر الحافي، حكى عنهما. ويروي عنه عثمان بن عبدويه الحربي. قال أبو بكر الخلال: كان عنده مسائل حسان عن أبي عبد اللَّه، وكان يأنس به أحمد بن حنبل وبشر بن الحارث، ويختلف إليهما. وقال إبراهيم بن الحارث العبادي: ذكر أبو عبد اللَّه عبد الرحمن المتطبب، فأثنى عليه خيرا. وقال أبو العباس محمد بن أحمد بن الصلت: سمعت عبد الرحمن المتطبب يعرف بطبيب السنة (¬2). 115 - مسلم بن الحجاج النيسابوري (ت 261 هـ) مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري، أبو الحسين النيسابوري الحافظ صاحب "الصحيح". قال مسلم: صنفت هذا "المسند الصحيح" من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 4/ 214، "السير" 12/ 505، "شذرات الذهب" 2/ 141. (¬2) "تاريخ بغداد" 10/ 276، "طبقات الحنابلة" 2/ 79.

116 - سعدان بن يزيد، أبو محمد البغدادي البزاز (ت 262 هـ)

رحل إلى العراق والحجاز والشام ومصر. وقدم بغداد غير مرة وحدث بها، وآخر قدومه بغداد كان في سنة تسع وخمسين ومائتين. قال أحمد بن سلمة: رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما. وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه بالري، وكان ثقة من الحفاظ، له معرفة بالحديث، سئل أبي عنه، فقال: صدوق. وقال محمد بن بشار: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالري، ومسلم بنيسابور، وعبد اللَّه الدارمي بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل ببخارى. وذكره إسحاق بن راهويه، فقال بالفارسية كلاما، معناه: أي رجل كان هذا. وقال أبو عبد الرحمن السلمي: رأيت شيخا حسن الوجه والثياب، عليه رداء حسن، وعمامة قد أرخاها بين كتفيه. فقيل: هذا مسلم. فتقدم أصحاب السلطان، فقالوا: قد أمر أمير المؤمنين أن يكون مسلم بن الحجاج إمام المسلمين، فقدموه في الجامع، فكبر، وصلى بالناس. مات عشية يوم الأحد، ودفن يوم الإثنين لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين (¬1). 116 - سعدان بن يزيد، أبو محمد البغدادي البزاز (ت 262 هـ) نزيل سر من رأى. سمع: ابن علية، وإسحاق الأزرق، ويزيد بن هارون. وروى عنه: ابن صاعد، وابن مخلد، وأبو العباس الأثرم، والخرائطي. قال أبو حاتم: صدوق. مات في رجب سنة اثنين وستين ومائتين (¬2). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 8/ 182، "تاريخ بغداد" 13/ 100، "طبقات الحنابلة" 2/ 413، "تهذيب الكمال" 27/ 499، "سير أعلام النبلاء" 12/ 557. (¬2) "الجرح والتعديل" 4/ 290، "تاريخ بغداد" 9/ 204، "طبقات الحنابلة" 1/ 454، "سير أعلام النبلاء" 12/ 358.

117 - محمد بن محمد بن أبي الورد (ت 262 هـ)

117 - محمد بن محمد بن أبي الورد (ت 262 هـ) محمد بن محمد بن أبي الورد عيسى بن عبد الرحمن بن عبد الصمد، أبو الحسن الزاهد، مولى سعيد بن العاص، المعروف بحبشي؛ لسمرته. صحب بشر بن الحارث، وغيره من الزهاد، وكان حسن الطريقة، مشهورا بالفضل، معروفا بالعبادة، حدث عنه عبد اللَّه بن محمد البغوي، ومن بعده. قال الدارقطني: يعد في الزهاد، له أحاديث وحكايات. وقال ابن المنادي: ما زال مشهورا بالورع والزهد، والفضل، والانكماش في العبادة، حتى فارق الدنيا. مات في رجب سنة ثلاث وستين ومائتين. وقيل: سنة اثنتين وستين (¬1). 118 - يعقوب بن شيبة، أبو يوسف السدوسي (ت 262 هـ) يعقوب بن شيبة بن الصلت بن عصفور، أبو يوسف السدوسي البصري، ثم البغدادي. صاحب "المسند الكبير"، قال الذهبي: العديم النظير المعلل، الذي تم من مسانيده نحو من ثلاثين مجلدا، ولو كمل لجاء في مائة مجلد. يخرج العالي والنازل، ويذكر أولا سيرة الصحابي مستوفاة، ثم يذكر ما رواه، ويوضح علل الأحاديث، ويتكلم على الرجال، ويجرح ويعدل، بكلام مفيد عذب شاف، بحيث إن الناظر في "مسنده" لا يمل منه، ولكن قل من روى عنه. سمع علي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وروح بن عبادة، ووهب بن جرير. وحدث عنه: حفيده محمد بن أحمد بن يعقوب، ويوسف بن يعقوب الأزرق. وثقه الخطيب البغدادي، وغيره. قال الخطيب: حدثني الأزهري قال: بلغني أنه كان في منزل يعقوب بن شيبة أربعون لحافا، أعدها لمن كان عنده من الوراقين الذين يبيضون له "المسند". قال: ولزمه على ما خرج منه عشرة آلاف دينار. مات في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وستين ومائتين (¬2). ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 3/ 201، "طبقات الحنابلة" 2/ 353. (¬2) "تاريخ بغداد" 14/ 281، "طبقات الحنابلة" 2/ 557، "السير" 12/ 476.

119 - عبيد الله بن يحيى بن خاقان (ت 263 هـ)

119 - عبيد اللَّه بن يحيى بن خاقان (ت 263 هـ) الوزير الكبير، عبيد اللَّه بن يحيى بن خاقان أبو الحسن التركي، ثم البغدادي. وزر للمتوكل، وللمعتمد، وجرت له أمور، وقد نفاه المستعين إلى برقة، ثم قدم بغداد بعد خمس سنين، ثم وزر سنة ست وخمسين. ذكر محرز الكاتب أن عبيد اللَّه مرض، فعاده عمه الفتح، وقال: إن أمير المؤمنين يسأل عن علتك؛ فقال: عليل من مكانين ... وفي هذين لي شغل من الأسقام والدين ... وحسبي شغل هذين فوصله المتوكل بألف ألف. وروى الصولي أن المتوكل قال: قد مللت عرض الشيوخ، فابغوني حدثا. ثم طلب عبيد اللَّه، فلما خاطبه، أعجبته حركته، فأمره أن يكتب، فأعجبه خطه، فقال عمه الفتح: والذي كتب أحسن. قال: وما كتب؟ قال: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]، وقد تفاءلت بذلك. فولاه العرض، وحظي عند المتوكل. وكان سمحا جوادا. وقيل: لم يكن له حظ من الصناعة، فأُيِّد بأعوان وكفاةٍ. وكان واسع الحيلة. ونفاه المعتز، فلما ولي المعتمد طلبه، وخلع عليه، فأدبته النكبة، وتهذب كثيرا. وله أخبار في الحلم والسخاء. مات وعليه ستمائة ألف دينار، مع كثرة ضياعه. قيل: صدمه خادمه رشيق في لعب الصوالجة، فسقط، ثم مات ليومه سنة ثلاث وستين ومائتين (¬1). 120 - هشام بن منصور، أبو سعيد (ت 263 هـ) هشام بن منصور بن شبيب بن حبيب بن مالك، أبو سعيد السكسكي، ويعرف باليخامري. وكان ضريرا. حدث عن: كثير بن هشام الكلابي، ويعقوب بن محمد الزهري، وأحمد بن ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 64، "سير أعلام النبلاء" 13/ 9.

121 - معاوية بن صالح، أبو عبيد الله (ت 263 هـ)

سلمان الباهلي. وروى عنه: هيثم بن خلف الدوري، وأحمد بن محمد بن إسماعيل، ومحمد بن مخلد العطار. ذكره الخلال فيمن روى عن الإمام أحمد. مات سنة ثلاث وستين ومائتين (¬1). 121 - معاوية بن صالح، أبو عبيد اللَّه (ت 263 هـ) معاوية بن صالح بن أبي عبيد اللَّه معاوية بن عبيد اللَّه بن يسار الأشعري مولاهم، أبو عبيد اللَّه الدمشقي الحافظ. صاحب كتاب "التاريخ في معرفة أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم"، و"معرفة الضعفاء"، و"الثقات". وكان جده أبو عبيد اللَّه وزير المهدي وكاتبه. روى عن: يحيى بن معين، وأبي خيثمة زهير، وأبي نعيم الفضل، ومحمد بن بشار بندار. وروى عنه: النسائي، وأبو حاتم الرازي، وأبو زرعة الدمشقي. قال النسائي: لا بأس به. وقال أبو سعيد بن يونس: قدم مصر، وكتب بها، وكتب عنه. كانت وفاته بدمشق سنة ثلاث وستين ومائتين. وقيل: سنة اثنتين وستين (¬2). 122 - خطاب بن بشر البغدادي (ت 264 هـ) خطاب بن بشر بن مطر، أبو عمر البغدادي المذكر، وهو أخو محمد بن بشر، وكان الأكبر. حدث عن عبد الصمد بن النعمان، ومن بعده. روى عنه أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي، ومحمد بن مخلد الدوري، وذكر أنه مات في المحرم سنة أربع وستين ومائتين. وقال الخلال: كان رجلا صالحا يقص على الناس، وقد سمعت منه حديثا، وكنت إذا سمعت كلامه كأنه نذير قوم، وأحسب أنه كان آخر القصاص الذين يفرح ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 14/ 48، "طبقات الحنابلة" 2/ 507. (¬2) "الجرح والتعديل" 8/ 383، "طبقات الحنابلة" 2/ 490، "تهذيب الكمال" 28/ 194، "سير أعلام النبلاء" 13/ 23.

123 - عبيد الله بن عبد الكريم، أبو زرعة الرازي (ت 264 هـ)

بهم، ويعتد بقولهم، وكان عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل حسان صالحة (¬1). 123 - عبيد اللَّه بن عبد الكريم، أبو زرعة الرازي (ت 264 هـ) عبيد اللَّه بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ القرشي المخزومي، مولى عباس بن مطرف. أحد الأئمة المشهورين، والحفاظ المتقنين. روى عن: حرملة بن يحيى التجيبي، وأبي خيثمة زهير، وأبي عاصم النبيل. روى عنه: مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. قال عبد اللَّه بن أحمد: لما قدم أبو زرعة نزل عند أبي، فكان كثير المذاكرة له، سمعت أبي يوما يقول: ما صليت غير الفرض، استأثرت بمذاكرة أبي زرعة على نوافلي. وقال: سمعت أبي يقول: ما جاوز الجسر أحفظ من أبي زرعة الرازي. وقال أبو بكر الخلال: أبو زرعة، وأبو حاتم خال أبي زرعة إمامان في الحديث، رويا عن أبي عبد اللَّه مسائل كثيرة، وقعت إلينا متفرقة كلها غرائب، وكانا عالمين بأحمد بن حنبل يحفظان حديثه كله. وقال أبو زرعة: كتبت عن رجلين مائتي ألف حديث عن إبراهيم الفراء مائة ألف، وعن ابن أبي شيبة مائة ألف حديث. قال أبو بكر بن أبي شيبة: ما رأيت أحدا أحفظ من أبي زرعة الرازي. وقال إسحاق بن راهويه: كل حديث لا يعرفه أبو زرعة الرازي ليس له أصل. وقال أبو حاتم الرازي: أبو زرعة إمام. وقال الخطيب: كان إماما ربانيا حافظا متقنا مكثرا صادقا، قدم بغداد غير مرة، وجالس أحمد بن حنبل وذاكره. وسئل أبو زرعة عن مولده فقال: ولدت سنة مائتين. ومات بالري آخر يوم من ذي الحجة سنة أربع وستين ومائتين (¬2). ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 8/ 406، "طبقات الحنابلة" 1/ 406. (¬2) "الجرح والتعديل" 5/ 324، "تاريخ بغداد" 10/ 326، "طبقات الحنابلة" 2/ 53، "تهذيب الكمال" 19/ 89، "سير أعلام النبلاء" 13/ 65.

124 - محمد بن علي بن داود، أبو بكر الحافظ (ت 264 هـ)

124 - محمد بن علي بن داود، أبو بكر الحافظ (ت 264 هـ) محمد بن علي بن داود بن عبد اللَّه أبو بكر البغدادي، نزيل مصر، ويعرف بابن أخت غزال. حدث عن: سعيد بن داود، وأحمد بن عبد الملك الحراني، ويحيى بن معين. وعنه: أبو جعفر الطحاوي، وعلي بن أحمد الصيقلا. قال أبو سعيد بن يونس: كان يحفظ الحديث ويفهم، وكان ثقة، حسن الحديث. مات في قرية من أسفل أرض مصر في شهر ربيع الأول سنة 264 (¬1). 125 - إبراهيم بن عبد اللَّه بن أبي شيبة (ت 265 هـ) إبراهيم بن عبد اللَّه بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي، أبو شيبة بن أبي بكر بن أبي شيبة الكوفي. روى عن: خالد بن مخلد القطواني، وحفص بن غياث، ومنجاب بن الحارث. وروى عنه: النسائي في "عمل اليوم والليلة"، وابن ماجه، وأبو بكر عبد اللَّه ابن أبي داود، وأبو حاتم الرازي، وأبو عوانة الإسفراييني الحافظ. قال أبو حاتم: صدوق. مات بالكوفة في رمضان سنة 265 (¬2). 126 - إبراهيم بن هانئ، أبو إسحاق النيسابوري (ت 265 هـ) أبو إسحاق الأرغياني الفقيه، نزيل بغداد. ولد بعد الثمانين ومائة، وارتحل إلى الشام والعراق ومصر والحجاز. سمع من: محمد ويعلى ابني عبيد، وعبيد اللَّه بن موسى، وأصبغ بن الفرج. وحدث عنه: أبو القاسم البغوي، وابن صاعد، وأبو نعيم بن عدي، وابن مخلد، والمحاملي، وأبو سعيد بن الأعرابي، وابن أبي حاتم. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 3/ 59، "طبقات الحنابلة" 2/ 331، "سير أعلام النبلاء" 13/ 338. (¬2) "الجرح والتعديل" 2/ 110، "طبقات الحنابلة" 1/ 245، "تهذيب الكمال" 2/ 128، "سير أعلام النبلاء" 11/ 281.

127 - أحمد بن منصور، أبو بكر الرمادي (ت 265 هـ)

نقل عن الإمام أحمد مسائل كثيرة، وكان ورعا صالحا صبورا على الفقر. قال ابنه إسحاق: كان أحمد بن حنبل مختفيا هاهنا عندنا في الدار، فقال لي: ليس أطيق ما يطيق أبوك، يعني من العبادة، وكان أحمد قد اختفى عنده في أيام الواثق ثلاثة أيام، ثم رجع إلى منزله. قال ابن أبي حاتم: ثقة صدوق. وقال الحاكم: ثقة مأمون. وكان أحمد يغشاه، ويحترمه، ويجله. وقال عنه: ثقة. وقال الدارقطني: ثقة فاضل. وقال الذهبي: كان من كبار تلامذة أحمد في الفقه والفضل. مات في يوم الأربعاء لأربع خلون من ربيع الآخر سنة خمس وستين ومائتين، ولما حضرته الوفاة جعل يقول لابنه: يا إسحاق ارفع الستر مرتين. قال: يا أبت الستر مرفوع. قال: أنا عطشان، فجاء ابنه بماء، فقال: غابت الشمس قال: لا. فرده، ثم قال: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61)} [الصافات: 61]، ثم خرجت روحه (¬1). 127 - أحمد بن منصور، أبو بكر الرمادي (ت 265 هـ) هو أحمد بن منصور بن سيار بن معارك الرمادي البغدادي. سمع من: عبد الرزاق بن همام، وأبي داود الطيالسي، وأبي عاصم النبيل وغيرهم كثير بالحجاز واليمن والعراق والشام ومصر. وكان من أوعية العلم، صنف "المسند الكبير". وروى عنه: ابن ماجه، وابن أبي الدنيا، وأبو عوانة، وابن أبي حاتم. وثقه أبو حاتم، والدارقطني. مات لأربع بقين من ربيع الآخر، سنة خمس وستين ومائتين، وقد استكمل ثلاثا وثمانين سنة (¬2). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 2/ 144، "تاريخ بغداد" 6/ 104، "طبقات الحنابلة" 1/ 252، "سير أعلام النبلاء" 13/ 17. (¬2) "الجرح والتعديل" 2/ 78، "تاريخ بغداد" 5/ 151، "طبقات الحنابلة" 1/ 186، "تهذيب الكمال" 1/ 492، "سير أعلام النبلاء" 12/ 389.

128 - علي بن حرب الطائي (ت 265 هـ)

128 - علي بن حرب الطائي (ت 265 هـ) علي بن حرب بن محمد بن حرب بن حيان بن مازن بن الغضوبة الطائي، أبو الحسن الموصلي، جده مازن بن الغضوبة له صحبة، وفد على النبي صلى اللَّه عليه وسلم وأسلم، وكان علي أحد من رحل في طلب الحديث إلى العراق والحجاز. روى عن: أبيه حرب بن محمد الطائي، وروح بن عبادة، وابن عيينة. وروى عنه: النسائي، وابن محمد بن أبي الدنيا، والحسين المحاملي، وابن حفيده محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب الطائي، وابن أبي حاتم الرازي. قال النسائي: صالح. وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، وسئل أبي عنه فقال: صدوق. وقال الدارقطني: ثقة. وقال أبو زكريا الأزدي صاحب "تاريخ الموصل": رحل مع أبيه فسمع، وصنف حديثه، وأخرج "المسند"، وكان عالما بأخبار العرب وأنسابها وأيامها، أديبا شاعرا، وفد على المعتز بسر من رأى سنة أربع وخمسين ومائتين، فكتب المعتز عنه بخطه. ولد بأذربيجان في شعبان سنة خمس وسبعين ومائة، وتوفي في شوال سنة خمس وستين ومائتين، وصلى عليه أخوه معاوية بن حرب (¬1). 129 - علي بن موفق، أبو الحسن العابد (ت 265 هـ) حدث عن منصور بن عمار، وأحمد بن أبي الحواري. وروى عنه أحمد بن مسروق الطوسي، وعباس بن يوسف الشكلي، وجعفر بن عبد اللَّه بن مجاشع. قال الخطيب البغدادي: وهو عزيز الحديث، وكان ثقة. وقال الحسين بن المنادي في "تاريخه": مات في سنة خمس وستين ومائتين بمدينتنا، وكان من الزاهدين المذكورين. (¬2) ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 6/ 183، "تاريخ بغداد" 11/ 418، "طبقات الحنابلة" 2/ 124، "تهذيب الكمال" 20/ 361، "سير أعلام النبلاء" 12/ 251. (¬2) "تاريخ بغداد" 12/ 110، "طبقات الحنابلة" 2/ 143.

130 - يحيى بن زكريا بن يحيى، أبو زكريا الأحول (ت 265 هـ)

130 - يحيى بن زكريا بن يحيى، أبو زكريا الأحول (ت 265 هـ) سمع من: أبي نعيم الفضل، وعفان بن مسلم، وقتيبة بن سعيد. وروى عنه محمد بن مخلد. مات سنة خمس وستين ومائتين (¬1). 131 - صالح ابن الإمام أحمد (ت 266 هـ) صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد، أبو الفضل، أكبر أولاد الإمام أحمد. سمع: أباه، وعلي بن الوليد الطيالسي، وعلي بن المديني. وروى عنه: ابنه زهير، وأبو القاسم البغوي، ويحيى بن صاعد، وابن أبي حاتم، وأبو الحسين بن بشار، وأبو بكر الخلال، وأبو الحسين بن المنادي. قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه بأصبهان، وهو صدوق ثقة. وقال الخلال: سمع من أبيه مسائل كثيرة، وكان الناس يكتبون إليه من خراسان، ومن المواضع يسأل لهم أباه عن المسائل، فوقعت إليه مسائل جياد، وكان أبو عبد اللَّه يحبه، ويكرمه، وكان معيلا بلي بالعيال على حداثته، وكان أبو عبد اللَّه يدعو له، وكان سخيا يطول ذكر سخائه أن يرسم في كتاب. تولى القضاء بطرسوس، ثم بأصبهان. ومات بها، ودفن إلى قرب قبر حممة الدوسي صاحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في شهر رمضان سنة ست وستين ومائتين، وله ثلاث وستون سنة، وله أولاد منهم زهير، وأحمد (¬2). مؤلفاته: 1 - " مسائل الإمام أحمد": وطُبعت بدراسة وتحقيق وتعليق الدكتور فضل الرحمن دين محمد، وصدرت منه الطبعة الأولى سنة (1408 هـ/ 1988 م) بالدار ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 14/ 217، "طبقات الحنابلة" 2/ 545. (¬2) "الجرح والتعديل" 4/ 394، "تاريخ بغداد" 9/ 317، "طبقات الحنابلة" 1/ 462، "سير أعلام النبلاء" 12/ 529.

132 - محمد بن عبد الملك الدقيقي (ت 266 هـ)

العلمية بدلهي (الهند). وطبعت طبعة أخرى بتحقيق الشيخ: طارق عوض اللَّه، نشر دار الوطن، ط 1 (1420 هـ/ 1999 م). 2 - "سيرة الإمام أحمد": وطبعت بتحقيق د. فؤاد عبد المنعم أحمد، نشر دار السلف، ط 3 (1415 هـ/ 1995 م). 132 - محمد بن عبد الملك الدقيقي (ت 266 هـ) محمد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الواسطي، أبو جعفر الدقيقي. روى عن: إبراهيم بن المنذر الحزامي، والخليل بن عمر بن إبراهيم العبدي، وروح بن عبادة، وسليمان بن حرب، وأبي عاصم النبيل، وأبي الوليد الطيالسي. وروى عنه: أبو داود، وابن ماجه، وإبراهيم بن إسحاق الحربي، ونفطويه. قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي بواسط، وسئل أبي عنه فقال: صدوق. وقال أبو داود: لم يكن بمحكم العقل. وقال محمد بن عبد اللَّه الحضرمي: كان ثقة. وقال الدارقطني: ثقة. مات يوم الثلاثاء بعد العصر لست بقين من شوال سنة ست وستين ومائتين. ودفن يوم الأربعاء من الغد بالكناس، وله إحدى وثمانون سنة (¬1). 133 - علي بن زكريا أبو الحسن القطيعي التمار (ت 267 هـ) حدث عن: شيبان بن فروخ، وأبي مالك كثير بن يحيى، وخليفة بن خياط. وروى عنه: أبو أحمد محمد بن محمد بن المطرز، ومحمد بن خلف وكيع، ومحمد بن مخلد. قال الدارقطني: حدثنا محمد بن مخلد حدثنا أبو الحسن علي بن زكريا التمار بغدادي ثقة. مات سنة سبع وستين ومائتين في طريق مكة (¬2). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 8/ 5، "تاريخ بغداد" 2/ 346، "طبقات الحنابلة" 2/ 326، "تهذيب الكمال" 26/ 24، "سير أعلام النبلاء" 12/ 582. (¬2) "تاريخ بغداد" 11/ 427، "طبقات الحنابلة" 2/ 121.

134 - محمد بن حماد، أبو بكر المقرئ (ت 267 هـ)

134 - محمد بن حماد، أبو بكر المقرئ (ت 267 هـ) محمد بن حماد بن بكر بن حماد، أبو بكر المقرئ، صاحب خلف بن هشام. سمع: يزيد بن هارون، وعبد اللَّه بن بكر السهمي، وسليمان بن حرب، وخلف بن هشام. وروى عنه: القاضي وكيع، ومحمد بن أحمد بن أبي الثلج، وأحمد بن محمد بن شاهين، ومحمد بن مخلد العطار. قال الخطيب: كان أحد القراء المجودين ومن عباد اللَّه الصالحين. وذكره الخلال فقال: كان جميل الوجه في وجهه النور، عالما بالقرآن وأسبابه، وكان أحمد يصلي خلفه في شهر رمضان وغيره، نقل عن أبي عبد اللَّه مسائل جماعة، لم يجئ بها أحد غيره. وقال أبو الحسين بن المنادي في كتاب "أفراح القراء": كان أحد القراء الصالحين الذين لزموا الاستقامة على الخير وضبط الحروف. مات بالجانب الغربي من مدينة السلام يوم الجمعة لأربع خلون من ربيع الآخر سنة سبع وستين ومائتين، ودفن بعد العصر في مقابر التبانين (¬1). 135 - يحيى بن محمد بن يحيى الذهلي (ت 267 هـ) يحيى بن محمد بن يحيى بن عبد اللَّه بن خالد بن فارس الذهلي، أبو زكريا النيسابوري. روى عن: ابن راهويه، ومسدد، وسليمان بن حرب. روى عنه: ابن ماجه، وابن خزيمة، ووالده محمد بن يحيى الذهلي. قال ابن أبي حاتم: سمعت منه، وهو صدوق. قال إبراهيم بن محمد المزكي: كان له موضع من العلم والحديث. قتله أحمد بن عبد اللَّه الخجستاني سلطان نيسابور، سنة نيف وستين ومائتين (¬2). ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 2/ 270، "طبقات الحنابلة" 2/ 288. (¬2) "الجرح والتعديل" 9/ 186، "تاريخ بغداد" 14/ 217، "طبقات الحنابلة" 2/ 538، "تهذيب الكمال" 31/ 528، "سير أعلام النبلاء" 12/ 285.

136 - الحسن بن ثواب التغلبي (ت 268 هـ)

136 - الحسن بن ثواب التغلبي (ت 268 هـ) أبو علي المخرمي، سمع يزيد بن هارون، وإبراهيم بن حمزة المدني، وعمار ابن عثمان الحلبي. وروى عنه: عبد اللَّه بن محمد بن إسحاق المروزي، وجعفر بن عبد اللَّه بن مجاشع، وإسماعيل الصفار. قال الدارقطني: بغدادي ثقة. وقال الخلال: شيخ كبير، جليل القدر، وكان له بأبي عبد اللَّه أنس شديد. قال لي: كنت إذا دخلت إلى أبي عبد اللَّه يقول لي: إني أفشي إليك ما لا أفشيه إلى ولدي، ولا إلى غيرهم، فأقول له: لك عندي ما قال العباس لابنه عبد اللَّه: إن عمر بن الخطاب يكرمك، ويقدمك، فلا تفشين له سرا. فإن أمت فقد ذهب، وإن أعش فلن أحدث بها عنك يا أبا عبد اللَّه. فيفشي إليه أشياء كثيرة، وكان عنده عن أبي عبد اللَّه جزء كبير فيه مسائل كبار، لم يجئ بها غيره مشبعة يحتج عليه بقول المدنيين والكوفيين. مات في جمادى الأولى يوم الجمعة سنة ثمان وستين ومائتين (¬1). 137 - محمد بن إبراهيم، أبو حمزة الصوفي (ت 269 هـ) كان يتكلم في جامع الرصافة، ثم انتقل إلى جامع المدينة، وكان عالما بالقراءات، جالس الإمام أحمد، واستفاد منه أشياء، وجالس بشر بن الحارث، وأبا نصر التمار، وسَريًّا السقطي. وسافر مع أبي تراب النخشبي. وحكى عنه محمد بن علي الكتاني، وخير النساج وغيرهما. قال الذهبي: ولأبي حمزة انحراف وشطح، له تأويل. مات سنة تسع وستين ومائتين، يوم الجمعة، ودفن بباب الكوفة. وكان صاحب ليل، مقدما في علم القرآن، وخاصة في قراءة أبي عمرو، وحملها عنه جماعة. وهو أول من تكلم في صفاء الذكر، وجمع الهم والمحبة، والشوق، والقرب ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 7/ 291، "طبقات الحنابلة" 1/ 352.

138 - إسماعيل بن عبد الله، أبو النضر العجلي (ت 270 هـ)

والأنس على رؤوس الناس، وهو مولى لعيسى بن أبان القاضي، وكان أحمد بن حنبل يقول له: يا صوفي! ما تقول في هذه المسألة؟ (¬1). 138 - إسماعيل بن عبد اللَّه، أبو النضر العجلي (ت 270 هـ) إسماعيل بن عبد اللَّه بن ميمون بن عبد الحميد بن أبي الرجال، أبو النضر العجلي، مروزي الأصل، وهو ابن أخي نوح بن ميمون المضروب. سمع عبيد اللَّه بن موسى العبسي، وعبد الرحمن بن قيس الزعفراني، والإمام أحمد، ونقل عنه مسائل كثيرة. روى عنه محمد بن خلف الدوري، ومحمد بن جعفر المطيري، وأبو الحسن ابن المنادي. قال النسائي: مروزي، ليس به بأس. مات ليلة الاثنين، ودفن يوم الاثنين لثلاث وعشرين خلت من شعبان سنة سبعين ومائتين، وقد بلغ أربعا وثمانين سنة (¬2). 139 - إبراهيم بن عبد اللَّه بن الجنيد الختلي (ت 270 هـ) أبو إسحاق الرقائقي، المعروف بالختلي، بغدادي سكن سُرَّ من رأى، وحدث بها عن أبي سلمة التبوذكي، وسليمان بن حرب، وعمرو بن مرزوق، وعنده عن يحيى بن معين سؤالات كثيرة الفائدة تدل على فهمه. روى عنه: أبو العباس بن مسروق الطوسي، ومحمد بن القاسم، ومحمد بن هارون العسكري، وأحمد بن إسماعيل الأدمي. وثقه الخطيب، وقال: له كتب في الزهد والرقائق. وقال الذهبي: له جموع وتواليف، ورحلة واسعة، بقي إلى قرب سنة سبعين ومائتين (¬3). ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 1/ 390، "طبقات الحنابلة" 2/ 234، "سير أعلام النبلاء" 13/ 165. (¬2) "تاريخ بغداد" 6/ 282، "طبقات الحنابلة" 1/ 276. (¬3) "تاريخ بغداد" 6/ 120، "طبقات الحنابلة" 1/ 246، "سير أعلام النبلاء" 12/ 631.

140 - الفضل بن عبد الصمد، أبو يحيى الأصفهاني (بعد 270 هـ)

140 - الفضل بن عبد الصمد، أبو يحيى الأصفهاني (بعد 270 هـ) أبو يحيى، الفضل بن عبد الصمد بن الفضل بن الوليد بن عبد اللَّه بن فروخ القرشي، الأصفهاني. روى عن هدبة بن خالد القيس (ت 235 هـ) وغيره. قال الخلال: رجل جليل، لزم طرسوس إلى أن مات في الأسر، قدمت طرسوس سنة سبعين، أو إحدى وسبعين، وكان أسيرا في بلاد الروم، ثم قدمت بغداد، فأخبرت أنه فودي، ثم أسر أيضا فمات أسيرا في آخر الأسرين، وكان له جلالة عندهم بطرسوس، مقدما فيهم، وعنده جزء مسائل عن أبي عبد اللَّه (¬1). 141 - علي بن سهل، أبو الحسن النسائي (ت 270 هـ) علي بن سهل بن المغيرة البزاز، أبو الحسن البغدادي، المعروف بالعفاني، نسائي الأصل. روى عن: عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، وعثمان بن أبي شيبة، وعفان بن مسلم وأكثر عنه حتى نسب إليه. وروى عنه: إسماعيل بن محمد الصفار، وموسى ابن هارون الحافظ، ويحيى بن محمد بن صاعد. قال ابن أبي حاتم: كتبنا بعض حديثه، ولم يقض لنا السماع منه، وهو صدوق. وقال الدارقطني: كان ثقة. مات في صفر سنة سبعين ومائتين، وقيل: إحدى وسبعين (¬2). 142 - عمر بن مدرك، أبو حفص القاص (ت 270 هـ) عمر بن مدرك، أبو حفص القاص الرازي، ويقال: البلخي. قال الخطيب: وأراه بلخيا سكن الري، وقدم بغداد، وحدث بها عن مكي بن إبراهيم، وعصام بن يوسف البلخيين، والقعنبي، وسعيد بن منصور. وروى عنه: موسى بن هارون الحافظ، ومحمد بن محمد الباغندي، وأبو ذر ¬

_ (¬1) "تاريخ أصبهان" 2/ 121، "طبقات الحنابلة" 2/ 196. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 129.

143 - محمد بن إسحاق بن جعفر الصاغاني (ت 270 هـ)

القاسم بن داود الكاتب، ومحمد بن مخلد، وأبو علي الصفار. قال يحيى بن معين: أبو حفص الرازي كذاب. وقال أبو حاتم الرازي: سمعت أبا حفص القاص يقول في قصصه: حدثنا أبو المغيرة ولم يدركه. وقال أبو يحيى جعفر بن محمد الزعفراني: سمعت أبا حفص عمر بن مدرك القاص يقول في قصصه في دار مقاتل: حدثنا أبو إسحاق الطالقاني، حدثنا ابن المبارك، عن عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا. .، في قصة طويلة. فكتبته، ثم أتيته من الغد فدفعته إليه. فقال: من يروي هذا؟ ما أحسنه! ما طن على أذني ممن يفيدني. فاستحييت أن أقول له: أنت حدثتنيه أمس. مات سنة سبعين (¬1). 143 - محمد بن إسحاق بن جعفر الصاغاني (ت 270 هـ) ويقال: محمد بن إسحاق بن محمد، أبو بكر الصاغاني، نزيل بغداد، خراساني الأصل. روى عن: يعلى بن عبيد الطنافسي، ويزيد بن هارون، وروح ابن عبادة. وروى عنه: مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن خزيمة. قال الخطيب: أحد الأثبات المتقنين مع صلابة في الدين، واشتهار بالسنة، واتساع في الرواية، ورحل في طلب العلم، وكتب عن أهل بغداد والبصرة والكوفة والمدينة ومكة والشام ومصر. وقال ابن أبي حاتم: سمعت منه مع أبي، وهو ثبت صدوق. وقال ابن خراش: ثقة. وقال الدارقطني: كان ثقة وفوق الثقة. وقال أبو مزاحم الخاقاني: كان الصاغاني يشبه يحيى بن معين في وقته. مات يوم الخميس لسبع خلون من صفر سنة سبعين ومائتين (¬2). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 6/ 136، "تاريخ بغداد" 11/ 211، "طبقات الحنابلة" 2/ 110. (¬2) "الجرح والتعديل" 7/ 195، "تاريخ بغداد" 1/ 240، "طبقات الحنابلة" 2/ 237، "تهذيب الكمال" 24/ 396، "سير أعلام النبلاء" 12/ 592.

144 - محمد بن مسلم، ابن وارة (ت 270 هـ)

144 - محمد بن مسلم، ابن وارة (ت 270 هـ) محمد بن مسلم بن عثمان بن عبد اللَّه، أبو عبد اللَّه الرازي، ابن وارة الحافظ. روى عن: أبي عاصم النبيل، والأصمعي، وأبي نعيم الفضل. وروى عنه: النسائي، وابن أبي داود، وابن أبي حاتم، والبخاري في غير "الصحيح". قال النسائي: ثقة صاحب حديث. وقال ابن أبي حاتم: سمعت منه، وهو صدوق ثقة، وجدت في كتب أبي زرعة قد كتب عنه، ورأيت أبا زرعة يبجله ويكرمه. وقال أبو جعفر الطحاوي: ثلاثة من علماء الزمان بالحديث اتفقوا بالري، لم يكن في الأرض في وقتهم أمثالهم، فذكر أبا زرعة، ومحمد بن مسلم بن وارة، وأبا حاتم الرازي. وقال الذهبي: وكان يضرب به المثل في الحفظ، على حمق فيه وتيه. مات في شهر رمضان سنة سبعين ومائتين (¬1). 145 - أحمد بن هاشم بن الحكم بن مروان الأنطاكي (بعد 271 هـ) قال الخلال: شيخ جليل متيقظ رفيع القدر سمعنا منه حديثا كثيرًا، ونقل عن أحمد مسائل حسانا سمعناها في سنة سبعين، أو إحدى وسبعين (¬2). 146 - أحمد بن سعد بن إبراهيم الزهري (ت 273 هـ) أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف أبو إبراهيم الزهري العوفي البغدادي. ولد سنة ثمان وتسعين ومائة، ولم يلحق أخذ العلم عن أبيه، ولا عن عمه يعقوب بن إبراهيم. سمع من: عفان، وعلي بن الجعد، ويحيى بن بكير، وعلي بن بحر القطان. روى عنه: ابن صاعد، وأبو عبد اللَّه المحاملي، وأبو عوانة في "صحيحه" في ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 8/ 79، "تاريخ بغداد" 3/ 256، "طبقات الحنابلة" 2/ 369، "تهذيب الكمال" 26/ 444، "سير أعلام النبلاء" 13/ 28. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 206.

147 - العباس بن محمد الدوري (ت 271 هـ)

مواضع، وآخر من روى عنه: إسماعيل الصفار. قال الخلال: كانت عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل حسانا، وذكره أبو الحسين ابن المنادي في جملة من روى عن أحمد، وكان مذكورا بالعلم، والفضل موصوفا بالصلاح، والزهد من أهل بيت كلهم علماء محدثون، قال ابن صاعد: كان ثقة. وتوفي في المحرم سنة ثلاث وسبعين ومائتين، وقد بلغ خمسا وسبعين سنة، ودفن في مقبرة التبانين (¬1). 147 - العباس بن محمد الدوري (ت 271 هـ) العباس بن محمد بن حاتم بن واقد الدوري، أبو الفضل البغدادي، مولى بني هاشم، خوارزمي الأصل. روى عن: أبي عاصم النبيل، وابن معين، وأبي نعيم الفضل. روى عنه: أصحاب السنن، والحسين المحاملي، وعبد اللَّه بن أحمد، وابن أبي حاتم، وأبو عبيد الآجري، ومحمد بن مخلد الدوري. قال ابن أبي حاتم: سمعت منه مع أبي، وهو صدوق، سئل أبي عنه فقال: صدوق. وقال النسائي: ثقة. وقال أبو العباس الأصم: لم أر في مشايخي أحسن حديثا من عباس الدوري. وقال عنه يحيى بن معين: صديقنا وصاحبنا. مات يوم الثلاثاء بالعشي لخمس عشرة خلت من صفر سنة إحدى وسبعين ومائتين. وقيل: يوم الأربعاء لست عشرة خلت من صفر، وقد بلغ ثمانيا وثمانين سنة (¬2). ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 4/ 181، "طبقات الحنابلة" 1/ 106، "سير أعلام النبلاء" 13/ 117. (¬2) "الجرح والتعديل" 6/ 216، "تاريخ بغداد" 12/ 144، "طبقات الحنابلة" 2/ 156، "تهذيب الكمال" 14/ 245، "سير أعلام النبلاء" 12/ 522.

148 - عيسى بن جعفر، أبو موسى الوراق (ت 272 هـ)

148 - عيسى بن جعفر، أبو موسى الوراق (ت 272 هـ) روى عن: شبابة بن سوار، وشجاع بن الوليد، وأبي الوليد الطيالسي. وروى عنه: يحيى بن صاعد، والقاضي المحاملي، وأبو الحسين بن المنادي وقال: كان أبو موسى عيسى بن جعفر الوراق من أفاضل الناس، وشجعان المجاهدين مع ورع، وعقل، ومعرفة، وحديث كثير عال، وصدق، وفضل. مات يوم السبت في النصف من جمادى الآخرة سنة اثنتين وسبعين ومائتين (¬1). 149 - علي بن عثمان النفيلي (ت 272 هـ) علي بن عثمان بن محمد بن سعيد بن عبد اللَّه بن عثمان بن نفيل النفيلي، أبو محمد الحراني. روى عن: خالد بن مخلد القطواني، وعبد اللَّه بن صالح، وأبي نعيم الفضل. وروى عنه: النسائي، وأبو عوانة الإسفراييني، ويعقوب بن سفيان الفارسي. قال النسائي: ثقة. وقال في موضع آخر: صالح لا بأس به. مات سنة اثنتين وسبعين ومائتين (¬2). 150 - محمد بن عبيد اللَّه بن يزيد، أبو جعفر بن المنادي (ت 272 هـ) روى عن: شجاع بن الوليد، وحفص بن غياث، ويزيد بن هارون. وروى عنه: البخاري، وأبو داود، وأبو القاسم البغوي، وابن ابنه أبو الحسين، وإسماعيل الصفار. وقال ابن أبي حاتم سمعت منه مع أبي، وسئل أبي عنه؛ فقال: صدوق. وسئل عنه عبد اللَّه بن أحمد، ومحمد بن عبدوس. فقالا: ثقة. مات ليلة الثلاثاء في السحر ودفن يوم الثلاثاء لست بقين من شهر رمضان سنة اثنتين وسبعين ومائتين، وصام اثنتين وتسعين رمضانا، واثني عشر يومًا من الشهر ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 11/ 168، "طبقات الحنابلة" 2/ 180، "السير" 13/ 144. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 140، "تهذيب الكمال" 21/ 67، "السير" 13/ 142.

151 - محمد بن علي حمدان الوراق (ت 272 هـ)

الذي مات فيه، وله حينئذ مائة سنة وسنة واحدة وأربعة أشهر واثني عشر يومًا وليلة. وكان أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل أكبر منه بسبع سنين (¬1). 151 - محمد بن علي حمدان الوراق (ت 272 هـ) محمد بن علي بن عبد اللَّه بن مهران بن أيوب، أبو جعفر الوراق الجرجاني الأصل، البغدادي المنشأ، يعرف بحمدان. روى عن: عبيد اللَّه بن موسى، وأبي نعيم، وقبيصة، ومعاوية بن عمرو، وعفان. وروى عنه: يحيى بن صاعد، ومحمد بن مخلد، وإسماعيل الصفار. قال الخطيب: كان فاضلا حافظا، ثقة عارفا. وقال الدارقطني: ثقة. وقال ابن شاهين: كان من نبلاء أصحاب أحمد. قال الخلال: رفيع القدر، كان عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل حسان، سمعت منه حديثا، وسمعت مسائله بنزول. مات في المحرم سنة اثنتين وسبعين ومائتين، ودفن بمقبرة الإمام أحمد (¬2). 152 - محمد بن عوف، أبو جعفر الحمصي (ت 373 هـ) محمد بن عوف بن سفيان الطائي أبو جعفر -ويقال: أبو عبد اللَّه- الحمصي الحافظ. روى عن: آدم بن أبي إياس، وأبي اليمان الحكم بن نافع، وأبي مسهر. وروى عنه: أبو داود، والنسائي في "مسند علي"، وأبو بكر الخلال، وابن أبي حاتم الرازي، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان. قال أبو حاتم: صدوق. وقال النسائي: ثقة. وقال الخلال: حافظ إمام في زمانه، معروف بالتقدم في العلم والمعرفة على أصحابه، سمع من أبي المغيرة ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 8/ 3، "تاريخ بغداد" 2/ 326، "طبقات الحنابلة" 2/ 315، "تهذيب الكمال" 26/ 50، "سير أعلام النبلاء" 12/ 555. (¬2) "تاريخ بغداد" 3/ 61، "طبقات الحنابلة" 2/ 334، "سير أعلام النبلاء" 13/ 49.

153 - أحمد بن محمد بن هانئ الأثرم (ت 273 هـ)

وأهل الشام والعراق، وكان أحمد يعرف له ذلك، ويقبل منه، ويسأله عن الرجال من أهل بلده. وكانت عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل صالحة في العلل وغيرها، ويغرب فيها أيضًا بأشياء لم يجئ بها غيره. مات سنة اثنتين وسبعين ومائتين بحمص (¬1). 153 - أحمد بن محمد بن هانئ الأثرم (ت 273 هـ) أبو بكر الطائي، ويقال: الكلبي الإسكافي، جليل القدر حافظ إمام، صنف "السنن"، و"علل الحديث". سمع حرمي بن حفص، وعفان بن مسلم، وأبا بكر بن أبي شيبة، وعبد اللَّه بن مسلم القعنبي، نقل عن الإمام أحمد مسائل كثيرة، وصنفها، ورتبها أبوابا. حدث عنه النسائي في "السنن"، وموسى بن هارون، ويحيى بن صاعد. قال الخلال: جليل القدر حافظ، وكان عاصم بن علي بن عاصم لما قدم بغداد طلب رجلا يخرج له فوائد يمليها، فلم نجد له في ذلك الوقت غير أبي بكر الأثرم، فكأنه لما رآه لم يقع منه بموقع لحداثة سنه، فقال له: أخرج كتبك فجعل يقول له: هذا الحديث خطأ، وهذا الحديث كذا، وهذا غلط، وأشياء نحو هذا، فسر عاصم به، وأملاه قريبا من خمسين مجلسا، فعُرضتْ على أحمد بن حنبل، فقال: هذه أحاديث صحاح. وكان يعرف الحديث، ويحفظه، ويعلم العلوم والأبواب والمسند، فلما صحب أحمد بن حنبل ترك ذلك، فأقبل على مذهب أبي عبد اللَّه. قال الأثرم: كنت أحفظ -يعني الفقه، والاختلاف- فلما صحبت أحمد تركت ذلك كله. وقال الخلال: وأخبرني أبو بكر بن صدقة قال: سمعت أبا القاسم بن الجيلي قال: قدم رجل فقال: أريد رجلا يكتب لي من كتاب الصلاة ما ليس في كتب ابن ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 8/ 52، "طبقات الحنابلة" 2/ 337، "تهذيب الكمال" 26/ 236، "سير أعلام النبلاء" 12/ 613.

154 - حنبل بن إسحاق الشيباني (ت 273 هـ)

أبي شيبة، فقالوا له: ليس لك إلا أبو بكر الأثرم. قال: فوجهوا إليه ورقا فكتب ستمائة ورقة من كتاب الصلاة، فنظرنا فإذا ليس في كتاب ابن أبي شيبة منه شيء. وقال الذهبي: مات بمدينة إسكاف في حدود الستين ومائتين قبلها أو بعدها (¬1). مؤلفاته: - " مسائل الإمام أحمد" أو "سنن الأثرم": وذكر الذهبي كتاب "السنن" (¬2) وقال: (وقع لنا جزء من البيوع من سننه) (¬3). قال الشيخ بكر أبو زيد: فهو رحمه اللَّه تعالى يذكر فقه الإمام أحمد ومذهبه في أجوبته، ومنزلته من السنن، فجمع بهذا بين الدليل وفقه الدليل، ولهذا تجده مرجعًا للمحدث والفقيه. ومن نظر في "المغني" رأى اعتماده له في الأمرين، وهذه التسمية -أي: السنن في الفقه- من ألطف ما رأيت في أسماء الكتب، فرحمه اللَّه تعالى (¬4). وطبع من الكتاب جزء منه في الطهارة. 154 - حنبل بن إسحاق الشيباني (ت 273 هـ) حنبل بن إسحاق بن حنبل بن هلال بن أسد، أبو علي الشيباني، ابن عم الإمام أحمد. سمع: أبا نعيم الفضل بن دكين، وعفان بن مسلم، والحميدي، وعلي بن الجعد، وسليمان بن حرب، وأبو الوليد الطيالسي. وحدث عنه: عبد اللَّه بن محمد البغوي، ويحيى بن صاعد، وأبو بكر الخلال. ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 2/ 72، "تاريخ بغداد" 5/ 110، "طبقات الحنابلة" 1/ 162، "تهذيب الكمال" 1/ 476، "سير أعلام النبلاء" 12/ 623. (¬2) "السير" 12/ 624. (¬3) "السير" 12/ 627. (¬4) "المدخل المفصل" ص 2/ 627.

155 - الفتح بن أبي الفتح، شخرف (ت 273 هـ)

قال الخطيب: كان ثقة ثبتا. وسئل الدارقطني عنه فقال: كان صدوقا. مات حنبل بواسط في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين ومائتين (¬1). مؤلفاته: قال أبو بكر الخلال: قد جاء حنبل عن الإمام أحمد بمسائل أجاد فيها الرواية، وأغرب بغير شيء، وإذا نظرت في مسائله شبهتها في حسنها وإشباعها وجودتها بمسائل الأثرم، وكان حنبل رجلا فقيرا، خرج إلى عكبرا فقرأ مسائله عليهم، وخرج أيضا إلى واسط، فلقيته بواسط فسمعت منه مسائل يسيرة، ثم سمعت مسائله بعكبرا من أصحابنا العكبريين عنه. قال الذهبي: وقع لي "جزء حنبل"، وجزء فيه الرابع من "الفتن" لحنبل، وكتاب "المحنة" لحنبل، وله تاريخ مفيد رأيته، وعلقت منه. 1 - أما عن مسائله عن الإمام أحمد، فلا نعلم عن مخطوطاته شيئًا. 2 - "ذكر محنة الإمام أحمد": مطبوع بتحقيق د. محمد نغش، (1379 هـ). 3 - "الفتن" مطبوع بتحقيق: د. عامر حسن صبري، دار البشائر (1419 هـ). 4 - "جزء حنبل": وهو مطبوع مع "الفتن" بتحقيق: د. عامر حسن صبري، نشر دار البشائر (1419 هـ/ 1998 م). وطبع أيضًا بتحقيق: هشام محمد، نشر مكتبة الرشد ط 1 (1419 هـ/ 1998 م). 155 - الفتح بن أبي الفتح، شخرف (ت 273 هـ) الفتح بن أبي الفتح شخرف بن داود بن مزاحم، أبو نصر الكشي. كان أحد العباد السائحين، ثم سكن بغداد، وحدث بها عن رجاء بن مرجا المروذي كتاب "السنن"، وعن أبي شرحبيل عيسى بن خالد الحمصي، وجعفر ابن عبد الواحد الهاشمي، والجارود بن سنان الترمذي. وروى عنه: أبو بكر ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 3/ 320، "تاريخ بغداد" 8/ 286، "طبقات الحنابلة" 1/ 383، "سير أعلام النبلاء" 13/ 51.

156 - محمد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسي (ت 273 هـ)

النجاد، وأبو محمد البربهاري، وأبو عمرو بن السماك. وصحب الإمام أحمد، وجالسه، وسأله عن أشياء كثيرة. قال الإمام أحمد: ما أخرجت خراسان مثل الفتح بن شخرف. وقال الخطيب البغدادي: كان قليل المسانيد، كثير الحكايات. وقال أبو محمد الجريري: قال لي فتح بن شخرف: من إعجابى بكل شيء جيد، عندي قلم كتبت به أربعين سنة، كنت أكتب به بالنهار، وأكتب به بالليل، وكانت دارنا واسعة، فكنت أكتب في القمر حتى يرتفع، وأقعد على سلم في دارنا أرتقي عليه مرقاة مرقاة حتى ينتهي السلم، فإذا تشعث رأس القلم قططته، وهو عندي، فأخرج لي أنبوبة صفر، وأخرج القلم منها فأرانيه. مات يوم الثلاثاء النصف من شوال سنة ثلاث وسبعين ومائتين، وصلى عليه بدر المغازلي (¬1). 156 - محمد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسي (ت 273 هـ) محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سالم الخزاعي، أبو أمية الثغري الطرسوسي، بغدادي الأصل، سكن طرسوس فقيل له: الطرسوسي. روى عن: عمر بن يونس اليمامي، وأبي عاصم النبيل، والفضل بن دكين. وروى عنه: النسائي، وأبو حاتم الرازي، والحسين المحاملي. قال أبو داود: ثقة. قال الخلال: رجل رفيع القدر جدا، سمعنا منه حديثا كثيرًا، وكان إمامًا في الحديث في زمانه متقدما، وكان عنده مسائل صالحة عن أبي عبد اللَّه، وغرائب سمعتها منه ومن قوم عنه. وقال الحاكم: صدوق كثير الوهم. توفي بطرسوس في شهر رمضان، سنة ثلاث وسبعين ومائتين (¬2). ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 12/ 384، "طبقات الحنابلة" 2/ 201. (¬2) "تاريخ بغداد" 1/ 394، "طبقات الحنابلة" 2/ 228، "تهذيب الكمال" 24/ 327، "سير أعلام النبلاء" 13/ 91.

157 - أحمد بن عثمان، كرنيب (ت 273 هـ)

157 - أحمد بن عثمان، كرنيب (ت 273 هـ) أحمد بن عثمان بن سعيد بن أبي يحيى أبو بكر الأحول، المعروف بكرنيب. سمع: علي بن بحر القطان، ومحمد بن داود الحداني، وكثير بن يحيى. وروى عنه: محمد بن مخلد، ومحمد بن جعفر المطيري. قال بن المنادي فقال: كان أحد الحفاظ للحديث. وقال الخطيب البغدادي: كان ثقة حافظا. مات سنة ثلاث وسبعين ومائتين (¬1). 158 - محمد بن أحمد بن واصل، أبو العباس المقرئ (ت 273 هـ) سمع أباه، ومحمد بن صالح الخياط، ومحمد بن سعدان النحوي، وخلف ابن هشام البزار المقرئ. وروى عنه أبو مزاحم الخاقاني، وأبو الحسن بن شنبوذ. وذكره أبو بكر الخلال فقال: عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل حسان. مات في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين ومائتين (¬2). 159 - عبد الملك بن عبد الحميد الميموني (ت 274 هـ) عبد الملك بن عبد الحميد بن عبد الحميد بن ميمون بن مهران الجزري الرقي، أبو الحسن الميموني. روى عن: أبيه عبد الحميد، وإسحاق الأزرق، وعبد اللَّه القعنبي. وروى عنه: النسائي ووثقه، وأبو عوانة الإسفراييني، وأبو حاتم الرازي. وقال الخلال: الإمام، في أصحاب أحمد، جليل القدر، كان سنه يوم مات دون المائة، فقيه البدن، كان أحمد يكرمه، ويفعل معه ما لا يفعله مع أحدٍ غيره. قال لي: صحبت أبا عبد اللَّه على الملازمة من سنة خمس ومائتين إلى سنة سبع وعشرين، وكنت بعد ذلك أخرج، وأقدم عليه الوقت بعد الوقت، وكان ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 4/ 297، "طبقات الحنابلة" 1/ 124. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 197، 2/ 222.

أبو عبد اللَّه يضرب لي مثل ابن جريج في عطاء من كثرة ما أسأله، ويقول لي: ما أصنع بأحد ما أصنع بك. وكان أبو عبد اللَّه يسأله عن أخباره، ومعاشه، ويحثه على إصلاح معيشته، ويعتني به عناية شديدة، وقدمت عليه ثلاث مرات، وسمعته يقول: ولدت سنة إحدى وثمانين ومائتين. قال الميموني: سألت أبا عبد اللَّه عن مسائل فكتبتها فقال: أيش تكتب يا أبا الجسن؟ فلولا الحياء منك ما تركتك تكتبها، وإنه علي لشديد، والحديث أحب إلي منها. مات في شهر ربيع الأول، سنة أربع وسبعين ومائتين (¬1). مؤلفاته: " مسائل الإمام أحمد": قال الخلال: عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل في ستة عشر جزءا منها جزأين كبيرين بخط جليل، مائة ورقة إن شاء اللَّه أو نحو ذلك، لم يسمعه منه أحد غيري فيما علمت، من مسائل لم يشركه فيها أحد، كبار جياد تجوز الحد في عظمها وقدرها وجلالتها (¬2). وقد جمع فيها بين فقه الإمام أحمد والأوزاعي، قال شيخ الإسلام ابن تيميه: وقد كان الميموني من أعلام الرَّقّة، فقيه البدن، يرجع إليه الناس فيما يعرض لهم من الوقائع والنوازل، وقد كان فقه الإمام الأوزاعي قد دخل من الشام إلى الرقة قبل ذلك، فكأنَّ الميموني أراد أن يجمع بين المعرفة بفقه الإمام الأوزاعي وفقه الإمام أحمد، فكان يعرض عليه مسائل الأوزاعي وأصحابه ليجيبه فيها (¬3)، ولعل هذا هو السبب في حرص الميموني على تدوين "مسائل الإمام أحمد" في أثناء حياته، وقد ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 5/ 358، "طبقات الحنابلة" 2/ 92، "تهذيب الكمال" 18/ 334، "سير أعلام النبلاء" 13/ 89. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 93. (¬3) "مجموع الفتاوى" 34/ 114.

160 - هيذام بن قتيبة (ت 274 هـ)

أنكره عليه الإمام، لكن الميموني راجعه في ذلك حتى أقنعه. قال أبو بكر الخلال: وفي "مسائل الميموني" شيء كثير يقول فيها: قرأت على أبي عبد اللَّه كذا وكذا، فأملى علي كذا -يعني الجواب. 160 - هيذام بن قتيبة (ت 274 هـ) يعرف بالمروذي، روى عن: سليمان بن حرب، وعاصم بن عدي، وأبا بلال الأشعري. وروى عنه: عبد اللَّه بن محمد بن أبي سعيد، وعبد اللَّه بن محمد بن إسحاق المروزي، وأبو بكر النجاد، ومحمد التاريخي. قال الخطيب: كان ثقة عابدا. وقال الدارقطني: لا بأس به. مات يوم الخميس لسبع خلون من ربيع الآخر سنة أربع وسبعين ومائتين (¬1). 161 - أحمد بن حرب بن مسمع (ت 275 هـ) أحمد بن حرب بن مسمع بن مالك، أبو جعفر المعدل. سمع سلم بن إبراهيم، وعفان بن مسلم، وأبا الوليد الطيالسي، ومسددا. روى عنه محمد بن مخلد، وعلى بن محمد بن عبيد الحافظ، ومحمد بن عمرو الرزاز، وعبد اللَّه بن إسحاق البغوي، وأحمد بن كامل القاضي. وكان حسن الحديث ثبتا في الرواية، قال محمد بن العباس بن نجيح البزار: حدثنا أحمد بن حرب بن مسمع ثقة ثقة، وقال الدارقطني: كان أحمد بن حرب المعدل ثقة، قال محمد بن العباس: قرئ على ابن المنادي -وأنا أسمع- قال: ومات بمدينتنا أبو جعفر أحمد بن حرب بن مسمع البزار صاحب القعنبي فجأة لثلاث بقين من شعبان سنة خمس وسبعين ومائتين، وكان من قراء القرآن، وأحد الشهود الذين رغبوا في آخر أعمارهم عن الشهادة (¬2). ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 14/ 96، "طبقات الحنابلة" 2/ 510. (¬2) "تاريخ بغداد" 4/ 119، "طبقات الحنابلة" 1/ 85.

162 - أحمد بن ملاعب المخرمي (ت 275 هـ)

162 - أحمد بن ملاعب المخرمي (ت 275 هـ) أحمد بن ملاعب بن حبان، أبو الفضل الحافظ المخرمي. سمع عفان بن مسلم، والفضل بن دكين وعمر بن حفص بن غياث. وروى عنه: موسى بن هارون، ويحيى بن صاعد، وأحمد بن سليمان النجاد. وثقه عبد اللَّه بن أحمد والدارقطني، وموسى بن هارون وابن خراش. ولد يوم الاثنين لسبع خلون من ذي القعدة، سنة إحدى وتسعين ومائة. ومات في جمادى الأولى سنة خمس وسبعين ومائتين. وكان من أحفظ الناس للحديث إلى أن مات على ذلك (¬1). 163 - أحمد بن محمد، أبو بكر المروذي (ت 275 هـ) أحمد بن محمد بن الحجاج بن عبد العزيز أبو بكر المروذي، كانت أمه مروذية، وأبوه خوارزميا. حدث عن: عثمان بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد اللَّه بن نمير، وهارون بن معروف. وروى عنه: أبو بكر الخلال، ومحمد بن مخلد العطار، وعبد اللَّه الخرقي. كان إماما في السنة، شديد الاتباع، له جلالة عجيبة ببغداد، وهو المقدم من أصحاب أحمد لورعه، وفضله، وكان الإمام أحمد يأنس به، وينبسط إليه، وهو الذي تولى إغماضه لما مات، وغسله، وقد روى عنه مسائل كثيرة. قال أبو بكر بن صدقة: ما علمت أحدا أذب عن دين اللَّه من المروذي. وقال إسحاق بن داود: لا أعلم أحدا أقوم بأمر الإسلام من أبي بكر المروذي. ولد في حدود المائتين، ومات في جمادى الأولى سنة 275 (¬2). - من مؤلفاته: 2 - " مسائل الإمام أحمد": ذكرها الخلال في "أصحاب الإمام أحمد"، ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 5/ 168، "طبقات الحنابلة" 1/ 193، "سير أعلام النبلاء" 13/ 42. (¬2) "تاريخ بغداد" 4/ 423، "طبقات الحنابلة" 1/ 137، "سير أعلام النبلاء" 13/ 173.

164 - إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري (ت 275 هـ)

وقال: (روى عن أبي عبد اللَّه مسائل مشبعة كثيرة، وأغرب على أصحابه في دقَاْق المسائل وفي الورع) (¬1)، وأخرج ابن أبي يعلى نماذج من تلك المسائل في ترجمته من "الطبقات". 2 - "الأدب": ذكره ابن مفلح في "الآداب الشرعية" 3/ 450. 3 - "الورع": مطبوع بتحقيق: سمير الزهيري، مكتبة المعارف ط 1 (1416 هـ) 164 - إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري (ت 275 هـ) أبو يعقوب النيسابوري. ولد غرة شهر رمضان سنة ثمان عشرة ومائتين، وخدم الإمام أحمد وهو ابن تسع سنين. حدث عنه: أبو بكر بن زياد النيسابوري، ومحمد بن أبي هارون الوراق، وعبد اللَّه بن سليمان الفامي. قال الخلال: كان أخا دين، وورع، نقل عن الإمام أحمد مسائل كثيرة. وقال الذهبي: كان من العلماء العاملين. مات ببغداد سنة خمس وسبعين ومائتين (¬2). - من مؤلفاته: - " مسائل الإمام أحمد": مطبوع بتحقيق زهير الشاويش، نشر المكتب الإسلامي ط 1 (1400 هـ/ 1980 م). 165 - عبد الرحمن بن يحيى بن خاقان (ت 275 هـ تقريبا) عبد الرحمن بن يحيى بن خاقان بن موسى، أبو علي، عم أبي مزاحم موسى ابن عبيد اللَّه. روى عنه أبو مزاحم عن الإمام أحمد مسائل. قال أبو مزاحم موسى بن عبيد اللَّه: كان عمي عبد الرحمن بن يحيى كثير الجماع، وكان قد رزق من ¬

_ (¬1) "السير" 13/ 175. (¬2) "تاريخ بغداد" 6/ 376، "طبقات الحنابلة" 1/ 284، "سير أعلام النبلاء" 13/ 19.

166 - عبد الله بن بشر الطالقاني (ت 275 هـ)

الولد لصلبه مائة وستة، وكان قد أنحله كثرة الجماع (¬1). 166 - عبد اللَّه بن بشر الطالقاني (ت 275 هـ) عبد اللَّه بن بشر بن عميرة بن الصدي بن حميل بن شرحبيل بن ثعلبة بن عكابة ابن صعب، أبو محمد الطالقاني البكري من بكر بن وائل. رحل إلى دمشق ومصر وغيرهما، وسمع من: أحمد بن أبي الحواري، وموسى بن عامر، ومحمد بن هاشم البعلبكي، وعلي بن حجر. وروى عنه: أحمد بن المبارك المستملي، وأبو بكر بن النضر الجارودي، وإبراهيم بن علي الذهلي، وأبو عبد اللَّه محمد بن يعقوب. قال أبو عبد اللَّه الحاكم: عبد اللَّه بن بشر أبو محمد الطالقاني سكن نيسابور، وبها مات، وهو صاحب حديث مجود عن الشاميين. وقال محمد بن صالح بن هانئ: سمعت عبد اللَّه بن بشر الطالقاني يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، وبكلامه خلق الخلق وكون الأشياء، وليس من الخلاق العليم شيء مخلوق، ومن زعم أن كلامه مخلوق فقد زعم أن في اللَّه شيئا مخلوقا، فتعالى اللَّه عن هذا، ولقد جاء هذا القول شيئا نكرا وافترى عظيما. قال محمد بن يعقوب: سمعت عبد اللَّه بن بشر الطالقاني يقول: أرجو أن يأتيني أمر اللَّه والمحبرة بين يدي، ولم يفارقني القلم والمحبرة. قال: وكان عبد اللَّه بن بشر يحضر المجالس، ويكتب يسمع، ويكتب بخطه إلى أن مات. توفي عبد اللَّه الطالقاني في رجب سنة خمس وسبعين ومائتين (¬2). 167 - علي بن الحسن الهِسَنْجاني (ت 275 هـ) علي بن الحسن الرازي، أخو عبد اللَّه بن الحسن. محدث جليل، روى عن الإمام أحمد "التاريخ". ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 10/ 278، "طبقات الحنابلة" 2/ 78. (¬2) "الجرح والتعديل" 5/ 14، "طبقات الحنابلة" 2/ 21، "تاريخ دمشق" 27/ 165.

168 - علي بن الحسن الهسنجاني (ت 275 هـ)

سمع: هشام بن عمار، وسعيد بن أبي مريم، ويحيى بن بكير، ونعيم بن حماد، وأبا الوليد الطيالسي، ويحيى بن معين، وعبد اللَّه بن عمر مشكدانة. وروى عنه: ابن أبي حاتم، وأبو بكر محمد بن قارن بن العباس بن بهرام الرازيان، وأبو قريش محمد بن جمعة الحافظ، وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب. قال ابن أبي حاتم: كتبنا عنه، وهو ثقة صدوق. مات سنة 275 (¬1). 168 - علي بن الحسن الهِسَنْجاني (ت 275 هـ) علي بن الحسن الرازي، أخو عبد اللَّه بن الحسن. محدث جليل، روى عن الإمام أحمد "التاريخ". سمع: هشام بن عمار، وسعيد بن أبي مريم، ويحيى بن بكير. وروى عنه: ابن أبي حاتم، وأبو بكر محمد بن قارن بن العباس بن بهرام الرازيان، وأبو قريش محمد بن جمعة الحافظ، وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب. قال ابن أبي حاتم: كتبنا عنه، وهو ثقة صدوق. مات سنة 275 (¬2). 169 - سليمان بن الأشعث، أبو داود السجستاني (ت 275 هـ) سليمان بن الأشعت بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو بن عمران، أبو داود الأزدي السجستاني، صاحب "السنن"، الإمام، رحل وطوف، وجمع وصنف. سمع منه الإمام أحمد حديثا واحدا، وسكن البصرة، وقدم بغداد غير مرة، وروى كتابه "السنن" بها، ونقله عنه أهلها، ويقال: إنه صنفه قديما، وعرضه على الإمام أحمد فأجازه، واستحسنه. وروي أن "سنن أبي داود" قرئت على ابن الأعرابي فأشار إلى النسخة، وهي بين يديه، وقال: لو أن رجلا لم يكن عنده من العلم إلا المصحف الذي فيه كتاب اللَّه عز وجل، ثم هذا الكتاب لم يحتج معهما إلى شيء من العلم بتة. ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 6/ 181، "طبقات الحنابلة" 2/ 121، "تاريخ دمشق" 41/ 343. (¬2) "الجرح والتعديل" 6/ 181، "طبقات الحنابلة" 2/ 121، "تاريخ دمشق" 41/ 343.

170 - أحمد بن يحيى، أبو جعفر الحلواني (ت 276 هـ)

قال الذهبي: كان أبو داود مع إمامته في الحديث وفنونه، من كبار الفقهاء، فكتابه يدل على ذلك، وهو من نجباء أصحاب الإمام أحمد، لازم مجلسه مدة، وسأله عن دقاق المسائل في الفروع والأصول، وكان على مذهب السلف في اتباع السنة والتسليم لها، وترك الخوض في مضائق الكلام. ويروى أن عبد اللَّه بن مسعود كان يشبه بالنبي صلى اللَّه عليه وسلم في هديه ودله، وكان علقمة يشبه بعبد اللَّه في ذلك، وكان إبراهيم النخعي يشبه بعلقمة في ذلك، وكان منصور يشبه بإبراهيم، وكان سفيان الثوري يشبه بمنصور، وكان وكيع يشبه بسفيان، وكان أحمد يشبه بوكيع، وكان أبو داود يشبه بأحمد. ولد أبو داود سنة ثنتين ومائتين، ومات يوم الجمعة السادس عشر من شوال سنة خمس وسبعين ومائتين، وقيل: إنه توفي بالبصرة (¬1). - من مؤلفاته: - " مسائل الإمام أحمد": طُبع بالقاهرة سنة (1353 هـ/ 1934 م)، ثم صُور ببيروت بدار المعرفة بتقديم محمد رشيد رضا. وطبع طبعة أخرى بتحقيق: طارف عوض اللَّه، نشر مكتبة ابن تيمية، ط 1 (1420 هـ - 1999 م) - "سؤالات أبي داود": مطبوع بتحقيق ودراسة د. زياد محمد منصور، نشر مكتبة العلوم والحكم، ط 1 (1414 هـ - 1994 م). - "السنن": وهو مطبوع بتحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر. 170 - أحمد بن يحيى، أبو جعفر الحلواني (ت 276 هـ) ذكره أبو بكر الخلال في جملة الأصحاب. مات في جمادى الأولى سنة ست وسبعين ومائتين، وسنه خمس وتسعون سنة، ودفن في الشونيزية كما في "الأوراق" للصولي (¬2). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 4/ 101، "تاريخ بغداد" 9/ 55، "طبقات الحنابلة" 1/ 427، "تهذيب الكمال" 11/ 355، "سير أعلام النبلاء" 13/ 203. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 208.

171 - عبد الملك بن محمد، أبو قلابة الرقاشي (ت 276 هـ)

171 - عبد الملك بن محمد، أبو قلابة الرقاشي (ت 276 هـ) عبد الملك بن محمد بن عبد اللَّه بن محمد بن عبد الملك بن مسلم، أبو قلابة الرقاشي البصري، الضرير الحافظ، وكان يكنى أبا محمد أيضا، فغلب عليه أبو قلابة. روى عن: يزيد بن هارون، وأبو داود الطيالسي، وروح بن عبادة. وروى عنه: ابن ماجه، وأبو بكر النجاد، وابن السماك، وابن خزيمة. قال الخطيب: كان من أهل البصرة، فانتقل عنها، وسكن بغداد، وحدث بها إلى حين وفاته، وكان مذكورا بالصلاح والخير، وكان سمح الوجه. وقال أبو داود: رجل صدوق أمين مأمون، كتبت عنه بالبصرة. وقال الدارقطني: صدوق، كثير الخطأ من الأسانيد والمتون، كان يحدث من حفظه، فكثرت الأوهام منه. وقال ابن جرير: ما رأيت أحفظ من أبي قلابة. وحكي أنه كان يصلي في اليوم أربع مائة ركعة. وقال ابن خزيمة: حدثنا أبو قلابة بالبصرة قبل أن يختلط ويخرج إلى بغداد. ولد سنة تسعين ومائة، ومات يوم السبت بالعشي، ودفن يوم الأحد لتسع بقين من شوال سنة لست وسبعين ومائتين، وصُلي عليه في المصلى العتيق، ودفن خارج باب السلامة (¬1). 172 - محمد بن عبدك القزاز (ت 276 هـ) محمد بن عبدك بن سالم القزاز. كان ينزل بالكرخ. روى عن: حجاج بن محمد الأعور، وروح بن عبادة، وهوذة بن خليفة. وروى عنه: محمد بن عمرو الرزاز، وعبد اللَّه بن سليمان الفامي. قال الخطيب البغدادي: كان ثقة. ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 5/ 369، "تاريخ بغداد" 10/ 425، "طبقات الحنابلة" 2/ 98، "تهذيب الكمال" 18/ 401، "سير أعلام النبلاء" 13/ 177.

173 - محمد بن يوسف بن الطباع (ت 376 هـ)

مات لثمان خلون من شوال سنة ست وسبعين ومائتين (¬1). 173 - محمد بن يوسف بن الطباع (ت 376 هـ) محمد بن يوسف بن عيسى بن الطباع أبو بكر، وقيل: أبو العباس. روى عن: يزيد بن هارون، وأبي نعيم الفضل، والقاضي المحاملي. قال الدارقطني: صدوق. وقال الخطيب: كان ثقة، يسكن سر من رأى، وحدث ببغداد. مات بسر من رأى لأيام خلت من المحرم، سنة ست وسبعين ومائتين (¬2). 174 - جعفر بن محمد بن المنادي (ت 277 هـ) جعفر بن محمد بن عبيد اللَّه بن يزيد، ابن المنادي. سمع عاصم بن علي، وعلي بن بحر بن بري، ووهب بن بقية، وأبا بكر، وعثمان ابني أبي شيبة، ولوينا. وروى عنه ابنه أبو الحسين، وكان ثقة. قال ابنه: توفي أبي يوم السبت بين الظهر والعصر، ودفن يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة سبع وسبعين ومائتين، وكتب الناس عنه في حياة جدي، وبعد ذلك (¬3). 175 - محمد بن أحمد بن المثنى، أبو جعفر (ت 277 هـ) محمد بن أحمد بن أبي المثنى يحيى بن عيسى بن هلال، الحافظ، أبو جعفر التميمي الموصلي، نسيب أبي يعلى الموصلي، وخاله. ولد سنة نيف وثمانين ومائة. سمع: أبا بكر السكوني، وعبد الوهاب بن عطاء، وأخاه يعلى بن عبيد. وحدث عنه: ابن أخته أبو يعلى، ومحمد بن العباس بياع الطعام، ويزيد بن محمد بن إياس الحافظ. قال ابن إياس: كان من أهل الفضل والفقه، ومن آدب من ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 2/ 384، "طبقات الحنابلة" 2/ 346. (¬2) "تاريخ بغداد" 3/ 394، "طبقات الحنابلة" 2/ 377. (¬3) "تاريخ بغداد" 7/ 183، "طبقات الحنابلة" 1/ 339.

176 - محمد بن إدريس، أبو حاتم الرازي (ت 277 هـ)

رأينا من المحدثين. كان أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين يكرمونه. توفي في شوال سنة سبع وسبعين ومائتين (¬1). 176 - محمد بن إدريس، أبو حاتم الرازي (ت 277 هـ) محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران أبو حاتم الحنظلي الرازي. روى عن: هوذة بن خليفة، وأبي خيثمة، ويحيى بن معين. وروى عنه: أبو داود، والنسائي، وابن ماجه في "التفسير"، ويونس بن عبد الأعلى، والربيع بن سليمان المصريان. قال الخطيب: كان أول كتبه الحديث سنة تسع ومائتين، كان أحد الأئمة الحفاظ الأثبات، مشهور بالعلم، مذكور بالفضل. وقال الخلال: إمام في الحديث، روى عن أحمد مسائل كثيرة، وقعت إلينا متفرقة، كلها غرائب. وقال أبو حاتم: أول سنة خرجت في طلب الحديث أقمت سنين، أحسب ما مشيت على قدميَّ زيادة على ألف فرسخ، فلم أزل أحصي حتى لما زاد على ألف فرسخ تركته. وقال ابن أبي حاتم: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: أبو زرعة وأبو حاتم إماما خراسان، ودعا لهما، وقال: بقاؤهما صلاح للمسلمين. وقال الذهبي: كان من بحور العلم، طوَّف البلاد، وبرع في المتن والإسناد، وجمع وصنف، وجرَّح وعدَّل، وصحَّح وعلَّل. مات بالري في شعبان سنة سبع وسبعين ومائتين (¬2). 177 - مضر بن محمد الأسدي (ت 277 هـ) مضر بن محمد بن خالد بن الوليد بن مضر، أبو محمد الأسدي القاضي. ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 221، "سير أعلام النبلاء" 13/ 139. (¬2) "الجرح والتعديل" 7/ 204، "تاريخ بغداد" 2/ 73، "طبقات الحنابلة" 2/ 270، "تهذيب الكمال" 24/ 381، "سير أعلام النبلاء" 13/ 247.

178 - يعقوب بن سفيان، أبو يوسف الفسوي (ت 277 هـ)

روى عن: يحيى بن معين، وبسر بن هلال البصري، وإبراهيم بن الحجاج الشامي. وروى عنه: يحيى بن صاعد، وأبو بكر بن مجاهد، ومحمد بن مخلد. قال الدارقطني: هو ثقة. ولي قضاء واسط، وكان راوية لحروف القراءات. مات سنة سبع وسبعين ومائتين (¬1). 178 - يعقوب بن سفيان، أبو يوسف الفسوي (ت 277 هـ) يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي، أبو يوسف بن أبي معاوية الفسوي، صاحب التصانيف المشهورة. قال الذهبي: له تاريخ كبير، جم الفوائد، و"مشيخته" في مجلد، رويناها. قال يعقوب: كتبت عن ألف شيخ وكسر، كلهم ثقات. قال النسائي: لا بأس به. وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: كان ممن جمع وصنف وأكثر، مع الورع والنسك والصلابة في السنة. وقال الحاكم: إمام أهل الحديث بفارس، قدم نيسابور، وأقام بها سنين. وقال ابن أبي حاتم: قال لي أبي: ما فاتك من المشايخ، فاجعل بينك وبينهم يعقوب بن سفيان، فإنك لا تجد مثله. مات بالبصرة، سنة سبع وسبعين ومائتين (¬2). 179 - عبد الكريم بن الهيثم الديرعاقولي (ت 278 هـ) عبد الكريم بن الهيثم بن زياد بن عمران أبو يحيى القطان، من أهل دير العاقول. سافر إلى بغداد، وواسط، والبصرة، والكوفة، والشام، ومصر، وسمع مسلم بن إبراهيم الأزدي، وسليمان بن حرب، وأبا نعيم الفضل. وحدث عنه: موسى بن هارون، ويحيى بن صاعد، وأبو سهل بن زياد. ذكره أبو بكر الخلال فقال: جليل كبير، عنده جزءان صغيران مسائل حسان ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 13/ 268، "طبقات الحنابلة" 2/ 476، "تاريخ دمشق" 58/ 286. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 557، "تهذيب الكمال" 32/ 324، "السير" 13/ 180.

180 - نعيم بن ناعم، أبو حاتم الأزدي (ت 278 هـ)

مشبعة، وأخبرني أنه قال: كنت مع أحمد فجعلت أتأخر عنه في الصف إجلالا له، فوضع يده على يدي فقدمني إلى الصف. وقال أحمد بن الكامل القاضي: كتبنا عنه، وكان ثقة مأمونا. وقال الخطيب البغدادي: كان ثقة ثبتا. مات بدير العاقول في شعبان سنة ثمان وسبعين ومائتين (¬1). 180 - نعيم بن ناعم، أبو حاتم الأزدي (ت 278 هـ) ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: من أهل سمرقند، يروي عن ابن أبي شيبة، وأهل العراق، وعلي بن حجر، وأهل خراسان. روى عنه أهل بلده. مستقيم الحديث، من أهل الورع والفضل والوقوف عن الشبهات. مات ليلة الجمعة غرة المحرم بسمرقند سنة ثمان وسبعين ومائتين، وصلى عليه يعلى بن حمزة، وكان على الشرط بها (¬2). 181 - أحمد بن أبي خيثمة (ت 279 هـ) أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب بن شداد أبو بكر، نسائي الأصل. صاحب "التاريخ الكبير". سمع أباه، وأبا نعيم، ومحمد بن سابق، وعفان بن مسلم، والفضل بن دكين. روى عنه: ابنه محمد بن أحمد الحافظ، وأبو القاسم البغوي، ويحيى بن صاعد، وأبو الحسين بن المنادي. وهو من أولاد الحفاظ، فكان أبوه يُسمعه وهو حدث، فيدرك به مثل يزيد بن هارون وأقرانه، وهو أوسع دائرة من أبيه. قال الخطيب: كان ثقة عالما متقنا حافظا بصيرا بأيام الناس، راوية للأدب، أخذ علم الحديث عن الإمام أحمد، ويحيى بن معين، وعلم النسب عن مصعب الزبيري، وأيام الناس عن أبي الحسن المدائني، والأدب عن محمد بن سلام ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 11/ 78، "طبقات الحنابلة" 2/ 100، "سير أعلام النبلاء" 13/ 335. (¬2) "الثقات" لابن حبان 9/ 219، "طبقات الحنابلة" 2/ 496.

182 - جعفر بن محمد بن شاكر، أبو محمد الصائغ (ت 279 هـ)

الجمحي. وله كتاب "التاريخ" الذي أحسن تصنيفه، وأكثر فائدته، فلا أعرف أغزر فوائد منه. وذكره الدارقطني فقال: ثقة مأمون، ومات في جمادى الأولى سنة تسع وسبعين ومائتين، وقد كان بلغ أربعا وتسعين سنة. وخلف أحمدُ ابنه الحافظ الإمام المحقق أبا عبد اللَّه (¬1). 182 - جعفر بن محمد بن شاكر، أبو محمد الصائغ (ت 279 هـ) سمع: محمد بن سابق، وعفان بن مسلم الصفار، وأبي نعيم الفضل. وروى عنه: عبد اللَّه بن أحمد، وموسى بن هارون، والحسين المحاملي. قال ابن المنادي: كان ذا فضل وعبادة وزهد، وانتفع به خلق كثير في الحديث. قال الخلال: رجل جليل حدث عن يزيد بن هارون روى عن الإمام أحمد مسائل كثيرة. وقال الخطيب: كان عابدا زاهدا ثقة صادقا متقنا ضابطا. قال ابن المنادي: توفي يوم الأحد يوم الرؤوس، لإحدى عشرة خلت من ذي الحجة سنة تسع وسبعين ومائتين، ودفن في مقابر باب الكوفة، وصلينا عليه في الشارع الكبير، وكان من الصالحين، أكثر الناس عنه لثقته وصلاحه، بلغ تسعين سنة غير أشهر يسيرة (¬2). 183 - أحمد بن محمد، أبو العباس البرتي (ت 280 هـ) أحمد بن محمد بن عيسى بن الأزهر أبو العباس البرتي، ولي القضاء ببغداد بالجانب الغربي، وبالشرقية، وهو الكرخ في أيام المعتمد على اللَّه، لما مات أبو هشام الرفاعي سنة تسع وأربعين ومائتين، ثم نقل من قضاء الغربي، ومن الشرقية ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 2/ 52، "تاريخ بغداد" 4/ 162، "طبقات الحنابلة" 1/ 96، "سير أعلام النبلاء" 11/ 492. (¬2) "تاريخ بغداد" 7/ 185، "طبقات الحنابلة" 1/ 337، "تهذيب الكمال" 5/ 103، "سير أعلام النبلاء" 13/ 197.

184 - تميم بن محمد الطوسي (بعد 280 هـ)

إلى الجانب الشرقي، وقبل ذلك كان يتقلد قضاء واسط. حدث عن: أبي الوليد الطيالسي، والفضل بن دكين، ويحيى الحماني. وروى عنه: عبد اللَّه بن محمد البغوي، ويحيى بن صاعد، والقاضي المحاملي. أخذ الفقه عن أبي سليمان الجوزجاني صاحب محمد بن الحسن، وكتب الحديث، وصنف "المسند". كان من خيار المسلمين، دينا عفيفا على مذهب أهل العراق، نقل عن الإمام أحمد مسائل كثيرة. قال الخطيب: كان ثقة ثبتا حجة، يُذكر بالصلاح والعبادة. مات ليلة السبت في ذي الحجة، لتسع عشرة ليلة سنة ثمانين (¬1). 184 - تميم بن محمد الطوسي (بعد 280 هـ) تميم بن محمد بن طمغاج، أبو عبد الرحمن الطوسي. سمع من: شيبان بن فروخ، وهدبة بن خالد، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن حجر، والحارث بن مسكين، وطبقتهم بخراسان والحجاز ومصر والشام والعراق. حدث عنه: علي بن حمشاذ، وأبو عبد اللَّه بن الأخرم. قال الحاكم: هو محدث ثقة مصنف، جمع "المسند الكبير". قال الذهبي: ولعله توفي في حدود الثمانين، أو التسعين ومائتين (¬2). 185 - حرب بن إسماعيل الكرماني (ت 280 هـ) حرب بن إسماعيل بن خلف الحنظلي الكرماني أبو محمد، وقيل: أبو عبد اللَّه. سمع من: أبي بكر الحميدي، وسعيد بن منصور، وإسحاق بن راهويه. وروى عنه: القاسم بن محمد الكرماني، وعبد اللَّه النهاوندي، وأبو حاتم الرازي، والخلال. قال الخلال: رجل جليل، حثَّني أبو بكر المروذي على الخروج إليه، وقال ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 5/ 61، "طبقات الحنابلة" 1/ 159، "سير أعلام النبلاء" 13/ 407. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 330، "سير أعلام النبلاء" 13/ 496.

186 - عثمان بن سعيد، أبو سعيد الدارمي (ت 280 هـ)

لي: نزل هاهنا عندي في غرفة لما قدم على أبي عبد اللَّه، وكان يكتب لي بخطه مسائل سمعها من أبي عبد اللَّه، وكتب لي إليه أبو بكر المروذي كتابا وعلامات كان حرب يعرفها، فقدمت بكتابه إليه فسر به، وأظهره لأهل بلده، وأكرمني، وسمعت منه هذه المسائل، وكان رجلا كبيرا، عنده عن أبي الوليد، وسليمان بن حرب، وغيرهما، وكان سنه أكبر من ذلك، ولكنه قال لي: كنت أتصوف قديما فلم أتقدم في السماع، وقال لي: هذه المسائل حفظتها قبل أن أقدم إلى أبي عبد اللَّه، وقبل أن أقدم إلى إسحاق بن راهويه، وقال لي: هي أربعة آلاف عن أبي عبد اللَّه، وإسحاق بن راهويه، وكان رجلا فقيه البلد، وكان السلطان قد جعله على أمر الحكم، وغيره في البلد. قال الذهبي: "مسائل حرب" من أنفس كتب الحنابلة، وهو كبير في مجلدين. مات في سنة ثمانين ومائتين (¬1). - من مؤلفاته: - " مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه" نشر آخرها مكتبة الرشد ط 1 (1425 هـ - 2004 م)، وهي غير كاملة تبدأ من النكاح. وقد قام د. الوليد آل فريان بتحقيق أجزاء في الطهارة والصلاة وجدها منها، نشرتها دار ابن الأثير (1431 هـ - 2010 م)، وقد وضعنا ملحقًا في نهاية "الجامع" لما وصلنا منها زيادة عن المطبوع، وهي الآن تحقق كاملة في رسائل جامعية بالمملكة السعودية. 186 - عثمان بن سعيد، أبو سعيد الدارمي (ت 280 هـ) عثمان بن سعيد بن خالد بن سعيد الحافظ، أبو سعيد التميمي، الدارمي، السجستاني، صاحب "المسند الكبير" والتصانيف. ولد قبل المائتين بيسير، وطوف الأقاليم في طلب الحديث. وصنف كتابا في "الرد على بشر المريسي"، وكتابا في "الرد على الجهمية". وأخذ علم الحديث ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 3/ 253، "طبقات الحنابلة" 1/ 388، "السير" 13/ 244.

187 - محمد بن إسماعيل الترمذي (ت 280 هـ)

وعلله عن علي ويحيى وأحمد، وكان لهجا بالسنة، بصيرا بالمناظرة. سمع: سليمان بن حرب، وأحمد بن حنبل، وابن معين، وعلي بن المديني. وحدث عنه: مؤمل بن الحسين، ومحمد بن يوسف الهروي، وأحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي، وخلق كثير من أهل هراة، وأهل نيسابور. قال أبو الفضل القراب: ما رأينا مثل عثمان بن سعيد، ولا رأى عثمان مثل نفسه، أخذ الأدب عن ابن الأعرابي، والفقه عن أبي يعقوب البويطي، والحديث عن ابن معين وابن المديني، وتقدم في هذه العلوم. قال الذهبي: كان جذعا في أعين المبتدعة، وهو الذي قام على محمد بن كرام، وطرده عن هراة، فيما قيل. مات في ذي الحجة سنة ثمانين ومائتين (¬1). 187 - محمد بن إسماعيل الترمذي (ت 280 هـ) محمد بن إسماعيل بن يوسف السلمي، أبو إسماعيل الترمذي، نزيل بغداد. روى عن: أبي نعيم الفضل، والحسن بن سوار، وإسحاق بن محمد الفروي. وروى عنه: الترمذي، والنسائي، وابن أبي الدنيا، وموسى بن هارون. قال الخطيب: كان فهما متقنا، مشهورا بمذهب السنة، وسكن بغداد وحدث بها. وذكره أبو بكر الخلال فقال: صاحبنا وقد سمعنا منه حديثا كثيرًا، وكان عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل صالحة حسان، وفيها ما أغرب به على أصحاب أبي عبد اللَّه، وهو رجل معروف ثقة، كثير العلم يتفقه. مات في شهر رمضان سنة ثمانين ومائتين ودفن عند قبر أحمد بن حنبل (¬2). 188 - هلال بن العلاء الباهلي (ت 280 هـ) هلال بن العلاء بن هلال بن عمر بن هلال بن أبي عطية الباهلي، أبو عمر ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 6/ 153، "طبقات الحنابلة" 2/ 113، "السير" 13/ 319. (¬2) "الجرح والتعديل" 7/ 190، "تاريخ بغداد" 2/ 42، "طبقات الحنابلة" 2/ 260، "تهذيب الكمال" 24/ 489، "سير أعلام النبلاء" 13/ 242.

189 - عبد الله بن محمد، ابن أبي الدنيا (ت 281 هـ)

الرقي. روى عن: عبد اللَّه بن مسلمة القعنبي، وعلي بن المديني، وأبيه العلاء ابن هلال الباهلي، وأبي الوليد الطيالسي. وروى عنه: النسائي، وإبراهيم بن إسحاق الحربي، وأبو القاسم الطبراني، وأبو حاتم الرازي. قال أبو حاتم: صدوق. وقال النسائي: صالح. وقال في موضع آخر: ليس به بأس، روى أحاديث منكرة عن أبيه، فلا أدري الريب منه أو من أبيه. مات بالرقة سنة ثمانين ومائتين، ودفن يوم الجمعة (¬1). 189 - عبد اللَّه بن محمد، ابن أبي الدنيا (ت 281 هـ) عبد اللَّه بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس، أبو بكر القرشي، مولى بني أمية، المعروف بابن أبي الدنيا صاحب الكتب المصنفة. روى عن: أبي داود السجستاني، وأبي عبيد القاسم بن سلام، وابن سعد. وروى عنه: ابن ماجه في "التفسير"، والحارث بن أبي أسامة، وأبو بكر النجاد. قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، وسئل أبي عنه، فقال: بغدادي صدوق. وقال صالح بن محمد: صدوق، وكان يختلف معنا، إلا أنه كان يسمع من إنسان يقال له: محمد بن إسحاق بلخي، وكان يضع للكلام إسنادا، وكان كذابا يروي أحاديث من ذات نفسه مناكير. وقال إبراهيم الحربي: رحم اللَّه أبا بكر بن أبي الدنيا، كنا نمضي إلى عفان نسمع منه، فنرى ابن أبي الدنيا جالسا مع محمد بن الحسين البرجلاني خلف شريجة بقال يكتب عنه، ويدع عفان. وقال إسماعيل بن إسحاق القاضي يوم مات ابن أبي الدنيا: رحم اللَّه أبا بكر مات معه علم كثير. ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 9/ 79، "طبقات الحنابلة" 2/ 508، "تهذيب الكمال" 30/ 346، "سير أعلام النبلاء" 13/ 309.

190 - عبد الرحمن بن عمرو، أبو زرعة الدمشقي (ت 281 هـ)

من مصنفاته: "الفرج بعد الشدة"، و"التوبة"، و"الصمت"، و"الشكر"، و"العيال"، و"ذم الدنيا"، و"قضاء الحوائج"، وغيرها كثير. ولد سنة ثمان ومائتين. ومات في جمادى الأولى، سنة إحدى وثمانين ومائتين، وصلى عليه يوسف بن يعقوب في الشونيزية، ودفن فيها (¬1). 190 - عبد الرحمن بن عمرو، أبو زرعة الدمشقي (ت 281 هـ) عبد الرحمن بن عمرو بن عبد اللَّه بن صفوان بن عمرو النصري، أبو زرعة الدمشقي الحافظ شيخ الشام في وقته. روى عن: أبي نعيم الفضل، وعفان بن مسلم، وابن معين. وروى عنه: أبو داود، وأبو جعفر الطحاوي، وأبو القاسم الطبراني، وأبو العباس الأصم، وغيرهم كثير بالشام والعراق والحجاز. جمع وصنف، وذاكر الحفاظ، وتقدم على أقرانه، لمعرفته وعلو سنده. قال ابن أبي حاتم: كان أبو زرعة الدمشقي رفيق أبي، وكتبت عنه أنا وأبي، وكان ثقة صدوقا. وقال الخلال: إمام في زمانه، رفيع القدر، حافظ عالم بالحديث والرجال، وصنف من حديث الشام ما لم يصنفه أحد. وجمع كتابا لنفسه في "التاريخ وعلل الرجال" سمعناه منه، وسمعنا منه حديثا كثيرا، وكان عالما بأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وسمع منهما سماعا كثيرا، وسمع من أبي عبد اللَّه خاصة مسائل مشبعة محكمة سمعتها منه، وقال لي: اكتب اسمك على الجزء، فكتبت اسمي بخطي على ظهر جزء المسائل، واسم أبي، ومن لي ببغداد. قال الذهبي: ووقع لي جزء من مسائله سمعته من ابن الطيوري. ولأبي زرعة "تاريخ" مفيد في مجلد، ولما قدم أهل الري إلى دمشق، أعجبهم علم أبي زرعة، ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 5/ 163، "تاريخ بغداد" 10/ 89، "طبقات الحنابلة" 2/ 36، "تهذيب الكمال" 16/ 72، "سير أعلام النبلاء" 13/ 397.

191 - عثمان بن خرزاذ الأنطاكي (ت 281 هـ)

فكنوا صاحبهم الحافظ عبيد اللَّه بن عبد الكريم بكنيته. مات سنة إحدى وثمانين ومائتين، وغلط من قال: سنة ثمانين (¬1). 191 - عثمان بن خرزاذ الأنطاكي (ت 281 هـ) عثمان بن عبد اللَّه بن محمد بن خرزاذ البصري، نزيل أنطاكيه، أصله من طبرستان. روى عن: أحمد بن سعيد الدارمي، وأبي خيثمة زهير بن حرب، وسعيد بن منصور، وسليمان بن حرب، وابن أبي شيبة، وأبي الوليد الطيالسي. وروى عنه: النسائي، وأبو القاسم الطبراني، وأبو حاتم الرازي، وأبو عوانة الإسفراييني. قال ابن أبي حاتم: كان رفيق أبي في كتابة الحديث في بعض بلدان الجزيرة والشام، وهو صدوق، أدركته ولم أسمع منه. وقال ابن منده: كان أحد الحفاظ. وقال الحاكم: ثقة مأمون. قال الخلال: جليل القدر، وكان عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل سمعناها منه يغرب فيها. توفي بأنطاكية في ذي الحجة سنة إحدى وثمانين ومائتين. وقيل: في المحرم سنة اثنتين وثمانين (¬2). 192 - وَرِيْزَة بن محمد الحمصي (ت 281 هـ) وريزة بن محمد بن وريزة، أبو هاشم الشيباني الحمصي، الغساني، الأخباري. قدم دمشق وأطرابلس، وحمص. روى عن: أبيه محمد بن وريزة، ويعقوب، وأحمد ابني إبراهيم الدورقيين. وروى عنه: الضحاك بن يزيد السكسكي، وأبو الميمون بن راشد، وأحمد بن عبد اللَّه بن نصر بن هلال، وأبو يعقوب الأذرعي. ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 5/ 267، "طبقات الحنابلة" 2/ 73، "تهذيب الكمال" 17/ 301، "سير أعلام النبلاء" 13/ 311. (¬2) "الجرح والتعديل" 6/ 149، "طبقات الحنابلة" 2/ 114، "تهذيب الكمال" 19/ 417، "سير أعلام النبلاء" 13/ 378.

193 - أحمد بن سهل، أبو حامد الإسفرائيني (ت قبل 282 هـ)

مات سنة إحدى وثمانين ومائتين (¬1). 193 - أحمد بن سهل، أبو حامد الإسفرائيني (ت قبل 282 هـ) روى عن: خلف بن عبد العزيز، وعلي بن حجر، وإسحاق بن راهويه. قال ابن أبي حاتم: سمعت منه بالري مع أبي، وهو صدوق (¬2). 194 - أحمد بن أبي بدر، أبو بكر المغازلي (ت 282 هـ) أحمد بن أبي بدر المنذر بن بدر بن النضر أبو بكر المغازلي الشيخ الصالح البغدادي، كان ثقة، ويعد من الأولياء العازفين عن الدنيا لقبه بدر. حدث عن: معاوية بن عمرو الأزدي، وغيره. وعنه: النجاد، وأحمد بن يوسف العطار، وأبو بكر الشافعي. قال الخلال: كان أبو عبد اللَّه يكرمه، ويقدمه، وعنده عن أبي عبد اللَّه جزء حديث، وقع له فيه مسائل أيضا، وسمعتها منه، وسمعت منه حديثا، وكنت إذا رأيت منزله، ورأيت قعوده شهدت له بالصلاح، والصبر على الفقر، وكان أحمد يخرج الشيء فيقول: أين بدر؟ ثم يقول: هذه من بابتك -يعني أحاديث الزهد- ونحو ذلك فكان الإمام أحمد يتعجب منه، ويقول: من مثل بدر قد ملك لسانه. وقال أبو محمد الجريري كنت يوما عند بدر المغازلي، وقد باعت زوجته دارًا لها بثلاثين دينارًا فقال لها بدر: نفرق هذه الدنانير في إخواننا، ونأكل رزق يوم بيوم، فأجابته إلى ذلك، وقالت: تزهد أنت، ونرغب نحن! هذا ما لا يكون. مات لست خلون من جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانين ومائتين (¬3). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 501، "تاريخ دمشق" 63/ 29، "تاريخ الإسلام" 21/ 321، "الوافي بالوفيات" 27/ 443. (¬2) "الجرح والتعديل" 2/ 54، "طبقات الحنابلة" 1/ 108، "تاريخ الإسلام " 21/ 60. (¬3) "تاريخ بغداد" 7/ 103، "طبقات الحنابلة" 1/ 188، "سير أعلام النبلاء" 13/ 490.

195 - جعفر بن محمد النسائي، أبو محمد الشقراني (ت 282 هـ)

195 - جعفر بن محمد النسائي، أبو محمد الشقراني (ت 282 هـ) جعفر بن محمد النسائي الشعراني، ذكره أبو محمد الخلال، فقال: رفيع القدر، ثقة جليل، ورع، أمار بالمعروف، نهاء عن المنكر. قتل بمكة في شيء من هذا الأمر والنهي، وكان أبو عبد اللَّه يكرمه، ويقدمه، ويأنس به، ويعرف له حقه، روى عن أبي عبد اللَّه أجزاء صالحة، ومسائل كثيرة (¬1). 196 - جعفر بن محمد بن أبي عثمان، أبو الفضل الطيالسي (ت 282 هـ) سمع عفان بن مسلم، وإسحاق بن محمد الفروي، وسليمان بن حرب. وروى عنه يحيى بن صاعد، ومحمد بن مخلد، وأبو بكر النجاد. قال الخطيب البغدادي: كان ثقة ثبتا، صعب الأخذ، حسن اللفظ. وقال أبو الحسين بن المنادي: كان مشهورا بالإتقان، والحفظ، والصدق. مات ليلة الجمعة، ودفن يوم الجمعة النصف من شهر رمضان سنة 282 (¬2). 197 - الفضل بن محمد الشعراني (ت 282 هـ) الفضل بن محمد بن المسيب بن موسى بن زهير بن يزيد بن كيسان بن الملك باذان، وباذان صاحب اليمن، الذي أسلم بكتاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، أبو محمد الخراساني النيسابوري الشعراني. عُرِف بذلك لكونه كان يرسل شعره، وهو من قرية ريوذ من معاملة بيهق. روى عن: سعيد بن أبي مريم، وسليمان بن حرب، وقالون، وابن معين. وروى عنه: ابن خزيمة، والمؤمل بن الحسن، وعلي بن حمشاذ. كان أديبا فقيها، عالما عابدا، كثير الرحلة في طلب الحديث، فهما، عارفا بالرجال، تفرد برواية كتب لم يروها أحد بعده: "التاريخ الكبير" عن أحمد، و"التفسير" عن سنيد، و"القراءات" عن خلف، و"التنبيه" عن يحيى بن أكثم، ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 1/ 336. (¬2) "تاريخ بغداد" 7/ 188، "طبقات الحنابلة" 1/ 334، "سير أعلام النبلاء" 13/ 346.

198 - إبراهيم بن إسحاق الثقفي السراج (ت 283 هـ)

و"المغازي " عن إبراهيم الحزامي، و"الفتن" عن نعيم بن حماد. قال ابن أبي حاتم: تكلموا فيه. وقال ابن الأخرم: صدوق غال في التشيع. وقال الحاكم: لم أر خلافا بين الأئمة الذين سمعوا منه في ثقته وصدقه. مات في المحرم سنة اثنتين وثمانين (¬1). 198 - إبراهيم بن إسحاق الثقفي السراج (ت 283 هـ) إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران بن عبد اللَّه، أبو إسحاق النيسابوري. سمع: يحيى بن يحيى التميمي، ويزيد بن صالح الفراء، وابن راهويه. وروى عنه: يحيى بن محمد بن صاعد، ومحمد بن مخلد، وابن المنادي. نزل بغداد، وأقام بها إلى حين وفاته، وكان الإمام أحمد يحضره، ويفطر عنده، وينبسط في منزله، وهو أكبر إخوته، وقال الدارقطني: كان ثقة. مات لعشر خلت من صفر سنة ثلاث وثمانين ومائتين (¬2). 199 - جعفر بن محمد الوراق البلخي (ت 283 هـ) جعفر بن محمد بن علي، أبو القاسم الوراق ثم المؤدب البلخي، سكن بغداد، وحدث بها عن سهل بن عثمان العسكري، ومحمد بن حميد الرازي، وحضر مجلس الإمام أحمد، وسمع منه أشياء. مات في شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين ومائتين (¬3). 200 - يحيى بن المختار النيسابوري (ت 283 هـ) يحيى بن المختار بن منصور بن إسماعيل، أبو زكريا النيسابوري. سكن بغداد، وحدث بها عن: سليمان بن سلمة الحمصي، والحسن بن محمد ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 7/ 69، "الإكمال" لابن ماكولا 4/ 571، "سير أعلام النبلاء" 13/ 317، "المنهج الأحمد" 1/ 298. (¬2) "تاريخ بغداد" 6/ 26، "طبقات الحنابلة" 1/ 216، "سير أعلام النبلاء" 13/ 489. (¬3) "تاريخ بغداد" 7/ 190، "طبقات الحنابلة" 1/ 340.

201 - جعفر بن محمد بن هاشم، أبو الفضل المؤدب (ت قبل 284 هـ)

الشامي، وعيسى الرملي، والقاسم بن محمد، ومحمد بن مكي المروزيين. وروى عنه: محمد بن مخلد، وأبو الحسين بن المنادي، وأبو بكر الشافعي. قال الخلال: شيخ ثقة، كبير السن، سمع معنا الحديث، وكان عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل كلها غرائب سمعتها منه. وقال الخطيب البغدادي: كان صدوقًا. مات في صفر سنة ثلاث وثمانين ومائتين (¬1). 201 - جعفر بن محمد بن هاشم، أبو الفضل المؤدب (ت قبل 284 هـ) أحدث عن عفان بن مسلم، وروى عنه عبد الصمد الطستي. نقل عن الإمام أحمد أشياء (¬2). 202 - محمد بن ماهان النيسابوري (ت 284 هـ) جليل القدر له مسائل حسان، منها قال: سألت أحمد سنة تسع وعشرين ومائتين، عن المرأة إذا كانت ظالمة لزوجها أيؤخذ منها الولد؟ قال: ابن كم الولد؟ قلت: ابن ثلاث سنين. قال: لا يؤخذ منها الولد. ولد سنة ثلاث وعشرين ومائتين، ومات في جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين ومائتين (¬3). 203 - إسحاق بن الحسن الحربي (ت 284 هـ) إسحاق بن الحسن بن ميمون بن سعد، أبو يعقوب البغدادي الحربي. سمع عفان بن مسلم، وهوذة بن خليفة، والقعنبي، وأبا نعيم. وروى عنه: أبو بكر النجاد، ومحمد بن مخلد، وابن قانع. وثقه عبد اللَّه بن أحمد، والدارقطني. وسئل عنه إبراهيم الحربي فقال: هو ينبغي أن يُسأل عنا، وقال مرة: لو أن الكذب حلال ما كذب إسحاق. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 14/ 224، "طبقات الحنابلة" 2/ 539. (¬2) "تاريخ بغداد" 7/ 189، "طبقات الحنابلة" 1/ 333، "سير أعلام النبلاء" 14/ 108. (¬3) "طبقات الحنابلة" 2/ 361.

204 - إسماعيل بن قتيبة (ت 284 هـ)

وذكره أبو بكر الخلال فقال: نقل عن الإمام أحمد مسائل حسانا. قال الذهبي: كان من العلماء السادة، مات في شوال سنة أربع وثمانين ومائتين، وقد جاوز التسعين (¬1). 204 - إسماعيل بن قتيبة (ت 284 هـ) إسماعيل بن قتيبة بن عبد الرحمن، أبو يعقوب السلمي النيسابوري. سمع: يحيى بن يحيى، وسعد بن يزيد الفراء، ويزيد بن صالح الفراء. وحدث عنه: إبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة، وأبو العباس السراج. قال الحاكم: إسماعيل بن قتيبة البُشْتَنِقَاني، قرأ على ابن أبي شيبة المصنفات كلها، وهي أجل رواية عندنا لابن أبي شيبة. وقال أبو بكر بن إسحاق: أول من اختلفت إليه في سماع الحديث إسماعيل بن قتيبة، وذلك سنة ثمانين، وكان الإنسان إذا رآه يذكر السلف؛ لسمته وزهده وورعه، كنا نختلف إلى بشتنقان، فيخرج، فيقعد على حصباء النهر، والكتاب بيده، فيحدثنا وهو يبكي، وإذا قال: حدثنا لحيى بن يحيى، يقول: رحم اللَّه أبا زكريا. قال ابن هانئ: توفي ابن قتيبة في رجب، سنة أربع وثمانين ومائتين، وشهدت جنازته (¬2). 205 - إبراهيم بن إسحاق الحربي (ت 285 هـ) إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشير بن عبد اللَّه بن ديسم، أبو إسحاق الحربي. ولد سنة ثمان وتسعين ومائة. وسمع أبا نعيم الفضل بن دكين، وعفان ابن مسلم، وعبد اللَّه بن صالح العجلي. وروى عنه: محمد بن مخلد العطار، وأبو بكر بن الأنباري، وأبو بكر النجاد، وأبو عمر الزاهد. وكان إماما في العلم، رأسا في الزاهد، عارفا بالفقه، بصيرا بالأحكام، ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 6/ 382، "طبقات الحنابلة" 1/ 300، "سير أعلام النبلاء" 13/ 410. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 280، "سير أعلام النبلاء" 13/ 344.

حافظا للحديث، وصنف كتبا كثيرة منها "غريب الحديث"، و"دلائل النبوة"، و"كتاب الحمام"، و"سجود القرآن"، و"ذم الغيبة"، و"النهي عن الكذب"، و"المناسك"، وغير ذلك. قال ثعلب: ما فقدت إبراهيم الحربي من مجلس نحو أو لغة خمسين سنة. وقال إبراهيم الحربي: ما أخذت على علم قط أجرًّا، إلا مرةً واحدةً، فإني وقفت على باب بقال فوزنت له قيراطا إلا فلسا، فسألني عن مسألة، فأجبته، فقال للغلام: أعطه بقيراط، ولا تنقصه شيئا، فزادني فلسا. وقال محمد بن صالح القاضي: لا نعلم أن بغداد أخرجت مثل إبراهيم الحربي في الأدب، والحديث، والفقه، والزهد. وذكر أبو عبد الرحمن السلمي أنه سأل الدارقطني عنه فقال: كان إمامًا، وكان يقاس بأحمد بن حنبل في علمه، وزهده، وورعه. وقال الدارقطني: إمام مصنف، عالم بكل شيء، بارع في كل علم، صدوق. وقال إسماعيل الخطمي: مات أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي يوم الاثنين لتسع بقين من ذي الحجة، ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من ذي الحجة سنة خمس وثمانين ومائتين، وصلى عليه يوسف بن يعقوب القاضي في شارع باب الأنبار، وكان الجمع كثيرا جدًّا، وكان يوما في عقب مطر، ووحل، ودفن في بيته رحمه اللَّه (¬1). - من مؤلفاته: 1 - " مسائل الإمام أحمد": ذكرها ابن أبي يعلى في "الطبقات" 1/ 219 وساق منها مجموعة لا بأس بها في ترجمته. وذكرها المرداوي أيضًا في آخر "الإنصاف" 30/ 400، ووصفها بأنها "مسائل كثيرة جدًّا حِسانًا جيادًا". 2 - "التيمم": ذكره ابن النديم في "الفهرست" (ص 287) والبغدادي في ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 6/ 27، "طبقات الحنابلة" 1/ 218، "سير أعلام النبلاء" 13/ 356.

"الهدية" 1/ 4. 3 - "مناسك الحج": ذكره ياقوت في "معجم الأدباء" 1/ 128 والعليمي في "المنهج الأحمد" 1/ 303، والبغدادي في "الهدية" 1/ 4. وقد طُبع بعنوان "المناسك وأماكن طرق الحج ومعالم الجزيرة"، حققه حَمَد الجاسر، وصدر عن مطبعة المثنى سنة (1389 هـ/ 1969 م). وشكك الدكتور العايد في نسبة القطعة المطبوعة من الكتاب إلى إبراهيم الحربي، فقال: "وقد نشر حَمَد الجاسر كتابًا وجده مخرومًا، فركب عليه هذا الاسم وأخرجه منسوبًا للحربي، وأنا على وَجَل من هذه النسبة، ولم يستقم لها عندي أمر، وفي قراءتي و"فتح الباري" وجدت نصّين وطلبتهما في هذا الكتاب فلم يَقَعَا لي". وذكر النصين. ثم قال: "ثم إن ما ذكره الشيخ حَمَد الجاسر أدلة يشترك فيها الحربي وغيره، ولا تكفي لإثبات هذه التسمية، وهذه النسبة" (¬1). 4 - "الفرائض": ذكره ابن رجب في "القواعد"، والمرداوي في "الإنصاف" 7/ 381. 5 - "الهدية والسنة فيها": ذكره ياقوت في "معجم الأدباء" 1/ 128، والبغدادي في "الهدية" 1/ 4. 6 - "الأدب": ذكره ابن النديم في "الفهرست" (ص 287)، والبغدادي في "الهدية" 1/ 4 وكحالة في "معجم المؤلفين" 1/ 14. قال د. عبد اللَّه التركي: وطُبع لإبراهيم الحربي كتاب بعنوان "إكرام الضيف"، صدر عن مطبعة المنار بالقاهرة سنة (1349 هـ/ 1930 م)، والذي يبدو لي أن هذا المطبوع هو جزء من كتاب "الأدب"، بقرينة أن أحدًا ممن ترجمه لم يذكر له كتابًا بهذا الاسم فيما علمتُ (¬2). ¬

_ (¬1) مقدمة تحقيق "غريب الحديث" (ص 47 - 48). (¬2) "المذهب الحنبلي " 2/ 18.

206 - زكريا بن يحيى، أبو يحيى الناقد (ت 285 هـ)

7 - "الحمام وآدابه": ذكره ياقوت في "معجم الأدباء" 1/ 128 والعليمي في "المنهج الأحمد" 1/ 303 والبغدادي في "الهدية" 1/ 4. 206 - زكريا بن يحيى، أبو يحيى الناقد (ت 285 هـ) زكريا بن يحيى بن عبد الملك بن مروان بن عبد اللَّه، أبو يحيى الناقد البغدادي روى عن: خالد بن خداش، وفضيل بن عبد الوهاب، وعبد اللَّه بن أبي زياد. وروى عنه: الخلال، وعبيد اللَّه بن عبد الرحمن السكري، ومحمد ابن مخلد. قال الخلال: الورع الصالح، كان عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل صالحة، سمعتها منه، وكان مقدما في زمانه، وكان عبد الوهاب الوراق يكرمه، ويوجه به في حوائجه، ومهمات أموره. وذكره الدارقطني فقال: ثقة فاضل. وقال محمد بن جعفر بن سام: لو قيل لأبي يحيى الناقد: غدا تموت. ما ازداد في عمله. وقال الخطيب: كان أحد العباد المجتهدين، ومن أثبات المحدثين. مات ليلة الجمعة، ودفن يوم الجمعة لثمان بقين من شهر ربيع الآخر، سنة خمس وثمانين ومائتين (¬1). 207 - محمد بن بشر بن مطر، أبو بكر (ت 285 هـ) أخو خطاب بن بشر، نقل عن الإمام أحمد مسائل سمعها منه أبو بكر الخلال. روى عن: عاصم بن علي، وأحمد بن حاتم الطويل، ومحمد بن عبد اللَّه بن نمير، ويحيى بن يوسف الزمي، وشيبان بن فروخ، وطبقتهم. وروى عنه: موسى بن هارون، ويحيى بن صاعد، وأبو بكر الشافعي. قال إبراهيم الحربي: صدوق لا يكذب. مات في شهر رمضان سنة خمس وثمانين ومائتين (¬2). ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 8/ 461، "طبقات الحنابلة" 1/ 423. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 276.

208 - إسماعيل بن إسحاق، أبو بكر السراج الثقفي (ت 286 هـ)

208 - إسماعيل بن إسحاق، أبو بكر السراج الثقفي (ت 286 هـ) إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران أبو بكر السراج النيسابوري، مولى ثقيف. سمع يحيى بن يحيى التميمي، وعمرو بن زرارة، وإسحاق بن راهويه. روى عنه أخوه محمد، وأبو سهل بن زياد القطان، وابن قانع. ولد ببغداد، ومات بها، وحدث بها، وكان له اختصاص بالإمام أحمد. قال الدارقطني: ثقة، سكن بغداد. واختلف في سنة وفاته، فقيل: سنة ست وثمانين ومائتين، وقال ابن قانع: مات في جمادى الأولى من سنة ثلاث وتسعين ومائتين (¬1). 209 - إسماعيل بن بكر السكري (ت 286 هـ تقريبا) إسماعيل بن بكر بن إسماعيل، أبو علي السكري. حدث عن: عمرو بن مرزوق، وخلف بن هشام، وأبي الربيع الزهراني. روى عنه: إسماعيل بن علي الخطبي، وأبو علي بن الصواف، وعبد اللَّه بن إبراهيم بن ماسي. قال الخطيب: كان صدوقا. وقال أبو عبد الرحمن السلمي: بغدادي، كان من أقران الجنيد، صحب أبا تراب النخشبي، وحُكِي عن أبي تراب أنه قال: إسماعيل السكري درة لا يزيده مرور الأيام إلا نورا (¬2). 210 - محمد بن يونس الكديمي (ت 286 هـ) محمد بن يونس بن موسى بن سليمان بن عبيد بن ربيعة بن كديم القرشي السلمي الكديمي، أبو العباس البصري، وكان ابن امرأة روح بن عبادة. روى عن: روح بن عبادة، وأبي عاصم النبيل، وعبد اللَّه بن الزبير الحميدي، والأصمعي، وأبي نعيم الفضل، وأبي عبيدة معمر بن المثنى، والطيالسي. وروى عنه: أحمد بن جعفر القطيعي، والحسين المحاملي، وابن أبي الدنيا. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 6/ 293، "طبقات الحنابلة" 1/ 268. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 266.

211 - مقاتل بن صالح الأنماطي (ت 286 هـ)

سئل عنه أبو الأحوص محمد بن الهيثم، فقال: تسألوني عنه وهو أكبر مني وأكثر علما، ما علمت إلا خيرا. وقال ابن المنادي: كتبنا عنه، والناس عندنا أحياء بعد السبعين بقليل، ثم بلغنا كلام أبي داود السجستاني فيه، فتركناه، ورمينا بالذي سمعنا منه. وقال الدارقطني: كان الكديمي يتهم بوضع الحديث. وروي عنه أنه قال: ألا من رماني بالكفر والزندقة، فهو من قبلي في حل، ألا من رماني بالكذب في حديث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فإني خصمه بين يدي اللَّه يوم القيامة. ولد سنة ثلاث وثمانين ومائة. ومات يوم الخميس للنصف من جمادي الآخرة سنة ست وثمانين ومائتين، ودفن يوم الجمعة قبل الصلاة (¬1). 211 - مقاتل بن صالح الأنماطي (ت 286 هـ) مقاتل بن صالح بن راشد، أبو الحسن الأنماطي. أحد الثقات المستورين. حدث عن إسحاق بن منصور الكوسج. روى كتاب أبي يعقوب الكوسج، وغير ذلك. مات يوم السبت غرة رجب سنة ست وثمانين (¬2). 212 - إدريس بن جعفر العطار (ت 287 هـ) إدريس بن جعفر بن يزيد بن خالد بن أبان بن شيرويه، أبو محمد العطار. حدث عن أبي بدر شجاع بن الوليد، ويزيد بن هارون، وروح بن عبادة. وروى عنه: أبو عمرو بن السماك، وإسماعيل بن علي الخطبي، وجعفر بن محمد المؤدب. ذكره الدارقطني فقال: متروك. وقال الخطبي: حدثني إدريس بن جعفر، وسألته عن سنه، فقال: مائة وست سنين. مات سنة سبع وثمانين ومائتين (¬3). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 8/ 122، "تاريخ بغداد" 3/ 435، "طبقات الحنابلة" 2/ 379، "تهذيب الكمال" 27/ 66، "سير أعلام النبلاء" 13/ 302. (¬2) "تاريخ بغداد" 13/ 170، "طبقات الحنابلة" 2/ 492. (¬3) "تاريخ بغداد" 7/ 13، "طبقات الحنابلة" 1/ 309.

213 - يعقوب بن يوسف المطوعي (ت 287 هـ)

213 - يعقوب بن يوسف المطوعي (ت 287 هـ) يعقوب بن يوسف بن أيوب، أبو بكر المطوعي. سمع أحمد بن حميل المروزي، وابن أبي شيبة، ومنصور بن أبي مزاحم، وابن المديني. وروى عنه أبو بكر النجاد، وأبو بكر الشافعي، وجعفر الخلدي. قال جعفر الخلدي: سمعت أبا بكر المطوعي يقول: كان وردي في شبيبتي في كل يوم وليلة أقرأ فيه {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} إحدى وثلاثين ألف مرة -أو إحدى وأربعين ألف مرة- شك جعفر. قال الدارقطني: ثقة فاضل مأمون. وقال الخلال: كانت له مسائل صالحة حسان. مات يوم الخميس لتسع ليال خلون من رجب سنة سبع وثمانين ومائتين، ودفن بباب البردان (¬1). 214 - بشر بن موسى الأسدي (ت 288 هـ) بشر بن موسى بن صالح بن شيخ بن عميرة بن حبان بن سراقة بن مرثد بن حميري أبو علي الأسدي البغدادي، وكان آباؤه من أهل الفضل والنبل. سمع من: روح بن عبادة حديثا واحدا، ومن حفص بن عمر العدني حديثا واحدا، وسمع الكثير من هوذة بن خليفة، والحسن بن موسى الأشيب. وروى عنه: يحيى بن صاعد، ومحمد بن مخلد، وإسماعيل الصفار. قال الخلال: جليل مشهور قديم السماع، عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل صالحة، وكان أبو عبد اللَّه يكرمه، وكتب له إلى الحميدي إلى مكة، فكتب عنه المسائل، وحديثا كثيرا. قال الدارقطني: ثقة نبيل. وقال الخطيب البغدادي: كان ثقة أمينا عاقلا ركينا. ولد سنة تسعين ومائة، وقيل: بل في أول سنة إحدى وتسعين. ومات يوم ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 14/ 289، "طبقات الحنابلة" 2/ 559.

215 - معاذ بن المثنى العنبري (ت 288 هـ)

السبت لأربع بقين من ربيع الأول سنة ثمان وثمانين ومائتين، وصلى عليه محمد بن هارون الهاشمي (¬1). 215 - معاذ بن المثنى العنبري (ت 288 هـ) معاذ بن المثنى بن معاذ بن معاذ بن نصر بن حسان، أبو المثنى العنبري البصري. سكن بغداد، وحدث بها عن محمد بن كثير العبدي، ومسدد، والقعنبي. وروى عنه: أبو بكر الشافعي، وجعفر المؤدب، والطبراني. قال الخطيب البغدادي: كان ثقة. مات يوم الإثنين لليلتين بقيتا من ربيع الأول سنة ثمان وثمانين ومائتين. عن ثمانين سنة، وصلى عليه محمد بن هارون العباسي، ودفن في مقبرة باب الكوفة إلى جنب الكديمي (¬2). 216 - علي بن عبد الصمد الطيالسي (ت 289 هـ) علي بن عبد الصمد، أبو الحسن الطيالسي البغدادي علان، ويلقب أيضا: ماغَمَّه، وماغَمَّها. حدث عن: مسروق بن المرزبان، وأبي معمر الهذلي، وعبيد اللَّه القواريري، وخالد بن يوسف السمتي، ومحمد بن يزيد الرؤاسي. وروى عنه: محمد بن عبد الملك التاريخي، وأحمد بن كامل، وابن قانع. قال الخلال: كان يسكن قطيعة الربيع، وكان عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل صالحة. وقال الخطيب: ثقة. وقال أحمد بن كامل: كثير الحديث، قليل المروءة. مات يوم الاثنين لثلاث مضين من شعبان سنة تسع وثمانين ومائتين (¬3). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 2/ 367، "تاريخ بغداد" 7/ 86، "طبقات الحنابلة" 1/ 326، "سير أعلام النبلاء" 13/ 352. (¬2) "تاريخ بغداد" 13/ 136، "طبقات الحنابلة" 2/ 417، "السير" 13/ 527. (¬3) "تاريخ بغداد" 12/ 28، "طبقات الحنابلة" 2/ 138، "سير أعلام النبلاء" 13/ 429.

217 - محمد بن موسى النهرتيري (ت 289 هـ)

217 - محمد بن موسى النهرتيري (ت 289 هـ) محمد بن موسى بن أبي موسى، أبو عبد اللَّه البغدادي، المعروف بالنهرتيري. روى عن: محمد بن بشار العبدي، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي. وروى عنه: ابن صاعد، ومحمد بن مخلد، وأبو الحسين بن المنادي. قال الدارقطني: شيخ لأهل بغداد جليل. وقال الخطيب البغدادي: كان ثقة فاضلا جليلا، ذا قدر كبير، ومحل عظيم. وقال الخلال: رجل معروف جليل مقرئ، وهو صاحب ابن سعدان، وكان ينزل الحربية، كان عنده عن أبي عبد اللَّه جزء مسائل كبار جياد، فسألته عنها. فقال: قدم رجل من خراسان ومعه مسائل، فأملى أبو عبد اللَّه الجواب، وكتبناها نحن من الخراساني. مات ببغداد سنة تسع وثمانين ومائتين (¬1). 218 - محمد بن موسى بن مُشَيش البغدادي (ت 289 هـ) ذكره أبو بكر الخلال فقال: كان يستملي لأبي عبد اللَّه، وكان من كبار أصحابه. روى عن أبي عبد اللَّه مسائل مشبعة جيادا.، وكان جاره، وكان يقدمه ويعرف حقه (¬2). 219 - صدقة بن موسى بن تميم بن ربيعة بن ضمرة (ت بعد 289 هـ) أبو العباس، مولى آل علي بن أبي طالب. روى عن: أبي نعيم الفضل، وأبي سعيد الأصمعي، وأبي الوليد الطيالسي. وروى عنه: أحمد بن عبد اللَّه بن نصر الذارع. وكان الذارع غير ثقة. قال الخطيب البغدادي: قد روى عنه الذارع أحاديث منكرة، والحمل فيها عندي على الذارع واللَّه أعلم (¬3). ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 3/ 241، "طبقات الحنابلة" 2/ 367. (¬2) "تاريخ بغداد" 3/ 240، "طبقات الحنابلة" 2/ 365. (¬3) "طبقات الحنابلة" 1/ 380، "سير أعلام النبلاء" 14/ 57.

220 - الحسين بن إسحاق بن إبراهيم التستري (ت 290 هـ)

220 - الحسين بن إسحاق بن إبراهيم التستري (ت 290 هـ) سمع هشام بن عمار، وسعيد بن منصور، ويحيى الحماني، وشيبان. حدث عنه: ابنه علي، وسهل بن عبد اللَّه التستري الصغير، وأبو جعفر العقيلي، وأبو القاسم الطبراني، وأكثر عنه. وكان من الحفاظ الرحالة. أرخ أبو الشيخ وفاته في سنة تسعين ومائتين. وذكره الخلال فقال: شيخ جليل سمعت منه سنة خمس وسبعين وقت خروجي إلى كرمان، وكان عنده عن أبي عبد اللَّه جزء مسائل كبار، وكان رجلا مقدما رأيت موسى بن إسحاق القاضي يكرمه ويقدمه (¬1). 221 - أحمد بن علي بن مسلم الأبار، أبو العباس النخشبي (ت 290 هـ) سكن بغداد، وحدث بها عن مسدد، وعبد اللَّه بن محمد بن أسماء، وأمية بن بسطام، وجالس الإمام أحمد، وسأله عن أشياء. وحدث عنه: يحيى بن صاعد، وأبو بكر النجاد، وأبو بكر القطيعي. سئل الدارقطني عنه فقال: ثقة. وقال الخطيب: كان ثقةً حافظًا متقنًا، حسنَ المذهب. قال الذهبي: له تاريخ مفيد رأيته. مات يوم الأربعاء النصف من شعبان سنة تسعين ومائتين، وسنه نيف وثمانين سنة (¬2). 222 - عبد اللَّه بن الإمام أحمد (ت 290 هـ) عبد اللَّه بن أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، أبو عبد الرحمن البغدادي. روى عن: أبيه، ويحيى بن معين، وأبي بكر، وعثمان ابني أبي شبيبة، وأبي ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 9/ 333، "طبقات الحنابلة" 1/ 472. (¬2) "تاريخ بغداد" 4/ 306، "طبقات الحنابلة" 1/ 127، "سير أعلام النبلاء" 13/ 443.

خيثمة زهير بن حرب، وسويد بن سعيد، ومحمد بن جعفر الوركاني، وسلمة بن شبيب، في خلق كثير من أمثال هؤلاء. وروى عنه: النسائي، وأبو القاسم البغوي، والحسين المحاملي، وأبو بكر النجاد، وأبو الحسين بن المنادي، ومحمد بن مخلد، وأبو القاسم الطبراني. كان يلي القضاء بطريق خراسان في خلافة المكتفي. قال الخطيب البغدادي: كان ثبتا فهما ثقة. وقال الخلال: كان عبد اللَّه رجلا صالحا، صادق اللهجة، كثير الحياء، وقع له عن أبيه مسائل جياد كثيرة، يغرب منها بأشياء كثيرة في الأحكام، فأما "العلل" فقد جود عنه، وجاء عنه بما لم يجئ به غيره. وقال أبو بكر المروذي: لما حلف أبو عبد اللَّه ألا يحدث، التفت إلى عبد اللَّه ابنه فقال: وإن كان هذا يحب من الحديث ما يحب. وقال حرب الكرماني: خرج أبو عبد اللَّه ليقرأ علي كتاب "الأشربة"، فجاء عبد اللَّه ابنه فقال: أليس وعدتني أن تقرأ علي؟ وهو إذ ذاك غلام، فجعل أبو عبد اللَّه يصبره، فبكى عبد اللَّه، فقال لي أبو عبد اللَّه: اصبر لي حتى أدخل أقرأ عليه، فدخل أبو عبد اللَّه فقرأ عليه وخرج. قال ابن المنادي: كان صالح قليل الكتاب عن أبيه، فأما عبد اللَّه فلم يكن في الدنيا أحد روى عن أبيه أكثر منه؛ لأنه سمع "المسند" وهو ثلاثون ألفا، و"التفسير" وهو مائة ألف وعشرون ألفا سمع منها ثمانين ألفا، والباقي وجادة، وسمع "الناسخ والمنسوخ"، و"التاريخ"، و"حديث شعبة"، و"المقدم والمؤخر في كتاب اللَّه"، و"جوابات القرآن"، و"المناسك الكبير"، و"الصغير"، وغير ذلك من التصانيف، وحديث الشيوخ، وما زلنا نرى الأكابر من شيوخنا يشهدون له. بمعرفة الرجال، وعلل الحديث، والأسماء، والكنى، والمواظبة على طلب الحديث، ويذكرون عن أسلافهم الإقرار له بذلك حتى إن بعضهم أسرف في تقريظه إياه بالمعرفة، وزيادة السماع للحديث عن أبيه، وكان فيما بلغني يكره

ذلك وما أشبهه، فقال يوما فيما بلغني: كان أبي رحمه اللَّه يعرف ألف ألف حديث. يرد بذلك على قول المسرفين الذين يفضلونه في السماع على أبيه. وقال عبد اللَّه: كل شيء أقول: قال أبي، فقد سمعته مرتين، وثلاثا، وأقله مرة. قال الذهبي: ولعبد اللَّه كتاب "الرد على الجهمية" في مجلد، وله كتاب "الجمل"، وكان صينا دينا صادقا، صاحب حديث واتباع وبصر بالرجال، لم يدخل في غير الحديث، وله زيادات كثيرة في "مسند" والده واضحة عن عوالي شيوخه. ولد سنة ثلاث عشرة ومائتين، ومات في يوم الأحد، ودفن في آخر النهار لتسع بقين من جمادى الآخرة سنة تسعين ومائتين، ودفن في مقابر باب التبن، وصلى عليه ابن أخيه زهير بن صالح، وكان الجمع كثيرا فوق المقدار، وكان سنه يوم مات سبع وسبعون سنة. قيل له، وقد أوصى أن يدفن بالقطيعة بباب التبن: لم قلت ذاك؟ فقال: قد صح عندي أن بالقطيعة نبيا مدفونا، وأن أكون في جوار نبي، أحب إلي من أكون في جوار أبي (¬1). - من مؤلفاته: - " مسائل الإمام أحمد": ولها طبعتان: الأولى: بتحقيق الأستاذ زهير الشاويش، صدرت عن المكتب الإسلامي سنة (1401 هـ/ 1981 م). الثانية؛ بتحقيق د. علي المهنا، وصدرت الطبعة الأولى عام (1406 هـ/ 1986 م)، وطُبع في مطبعة المدني بمصر، ونشرته مكتبة الدار بالمدينة المنورة. - "زيادات فضائل الصحابة" وهو مطبوع مع "فضائل الصحابة". - "زيادات العِلل ومعرفة الرجال" وهي مطبوعة مع "العلل". ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 5/ 7، "تاريخ بغداد" 9/ 375، "طبقات الحنابلة" 2/ 5، "تهذيب الكمال" 14/ 285، "سير أعلام النبلاء" 13/ 516.

223 - محمد بن العباس المؤدب (ت 290 هـ)

- "زيادات السنة" وهي مطبوعة مع "السنة". - "زيادات الزهد" وهي مطبوعة مع الزهد. - "زيادات المسند" مطبوع مع المسند. - "مسند الأنصار": ذكره سزكين في "تاريخ التراث العربي" 1/ 3/ 232 وأشار بأنه مخطوط الظاهرية حديث 336، القسم الأخير من ج 6 - 11 من 24 أ - 130 أفي القرن السابع الهجري. - "مسند أهل البيت": ذكره له الزركلي في "الأعلام"، وقال: في مجموع قديم بالتيمورية. - "الجمل": ذكره له الذهبي في "السير" 13/ 523. - "ثلاثيات مسند الإمام أحمد": ذكره سزكين في "تاريخ التراث العربي" 1/ 3/ 233. 223 - محمد بن العباس المؤدب (ت 290 هـ) أبو عبد اللَّه الطويل مولى بني هاشم، يعرف بلحية الليف. روى عن: هوذة بن خليفة، وشريح بن النعمان، وعفان بن مسلم. وروى عنه: أحمد بن سلمان النجاد، وأبو بكر الشافعي، وابن قانع. قال الخطيب البغدادي: كان ثقة. مات يوم الجمعة لثلاث عشرة بقين من شهر ربيع الأول سنة تسعين ومائتين (¬1). 224 - إبراهيم بن محمد بن الحارث بن ميمون الأصبهاني (ت 291 هـ) المديني الهلالي، أبْرَجَة، أبو إسحاق الأصبهاني. يعرف بابن نائلة، وهي أُمُّه. قال السمعاني: أحد الثقات. حدث عن أهل بلده، والبصريين مثل: محمد بن المغيرة الأصبهاني، وعبيد ابن عبيدة، ومحمد بن المنهال، وسعيد بن منصور، وعمار بن هارون. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 3/ 112، "طبقات الحنابلة" 2/ 348.

225 - أحمد بن يحيى، أبو العباس ثعلب (ت 291 هـ)

وروى عنه: أبو الشيخ بن حيان، وأحمد بن محمد بن عاصم الأصبهاني، وأبو بكر البرذعي، ومحمد بن يحيى بن منده، والطبراني. توفي سنة إحدى وتسعين ومائتين (¬1). 225 - أحمد بن يحيى، أبو العباس ثعلب (ت 291 هـ) أحمد بن يحيى بن يزيد الشيباني مولاهم البغدادي، إمام النحو. ولد سنة مائتين، وكان يقول: ابتدأت بالنظر وأنا ابن ثماني عشرة سنة، ولما بلغت خمسا وعشرين سنة، ما بقي علي فسألة للفراء، وسمعت من القواريري مائة ألف حديث. سمع من: إبراهيم بن المنذر، وابن الأعرابي، والزبير بن بكار. وعنه: نفطويه، والأخفش الصغير، وابن الأنباري، وابن مقسم الذي روى عنه "أماليه". قال الخطيب: ثقة حجة، دَيِّن صالح، مشهور بالحفظ. وقيل: كان لا يتفاصح في خطابه. قال المبرد: أعلم الكوفيين ثعلب. فذكر له الفراء، فقال: لا يعشره. قال القفطي: كان يكرر علي كتب الكسائي والفراء، ولا يدري مذهب البصريين، ولا كان مستخرطا للقياس. وقيل: كان ثعلب يبخل، وخلف ستة آلاف دينار. وله: "الفصيح"، و"اختلاف النحويين"، و"كتاب القراءات"، و"معاني القرآن"، وأشياء. عُمِّر، وأصم، صدمته دابة فوقع في حفرة، ومات منها في جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين ومائتين (¬2). 226 - محمد بن إبراهيم بن سعيد البوشنجي (ت 291 هـ) محمد بن إبراهيم بن سعيد بن عبد الرحمن بن موسى، أبو عبد اللَّه البوشنجي. ¬

_ (¬1) "فتح الباب في الكنى والألقاب" لابن منده ص 51 (252)، "ذكر أخبار أصبهان" 1/ 188، "طبقات الحنابلة" 1/ 249، "الأنساب" للسمعاني 13/ 20، "تاريخ الإسلام" للذهبي 22/ 100، "تبصير المنتبه" لابن حجر 1/ 4. (¬2) "تاريخ بغداد" 5/ 204، "طبقات الحنابلة" 1/ 210، "سير أعلام النبلاء" 14/ 5.

227 - محمد بن حبيب، أبو عبد الله البزار (ت 291 هـ)

روى عن: إسماعيل بن أبي أويس، وعبد اللَّه بن محمد بن أسماء، ومسدد. وروى عنه: أحمد بن إسحاق بن أيوب، وأسد بن حمدويه النسفي، ودعلج. قال أحمد بن محمد بن يونس البزاز: كان فقيه البدن، صحيح اللسان، كتب عن أهل الشام وعن أهل مصر والكوفة والبصرة، كتب بمصر الحديث مع أبي زرعة الرازي، وبالشام مع أحمد بن سيار. قال أبو الحسين بن المظفر: محمد بن إبراهيم صاحب حديث فاره كيس. مات يوم الخميس غرة المحرم سنة إحدى وتسعين ومائتين، ودفن من الغد يوم الجمعة في مقبرة الحيرة، وصلى عليه ابن خزيمة في ميدان هانئ بعد الصلاة (¬1). 227 - محمد بن حبيب، أبو عبد اللَّه البزار (ت 291 هـ) روى عن شجاع بن مخلد، وروى عنه الحسن بن أبي العنبر، وغيره. قال الخلال: عنده عن أبي عبد اللَّه جزء مسائل حسان، ولم أكن عرفته قديما، فذكرها لي أبو الطيب المؤدب، فسمعتها منه عن محمد بن حبيب، وكانت عند أبي محمد بن أبي العنبر أيضًا عن محمد بن حبيب، وهو رجل معروف جليل من أصحاب أبي عبد اللَّه. وقال ابن المنادي: كتب، ولكنه كان يمتنع أن يحدث، مشهور بالستر. مات سنة إحدى وتسعين ومائتين (¬2). 228 - أحمد بن علي بن سعيد، أبو بكر المروزي (ت 292 هـ) أصله من مرو، وقيل: أصله بغدادي، ولي قضاء حمص، ونزلها فحدث بها، ثم تولى القضاء بدمشق، نيابة عن أبي زرعة محمد بن عثمان الثقفي. روى عن: أحمد بن منيع، وأبي خيثمة زهير بن حرب، ويعقوب الدورقي. روى عنه: النسائي فأكثر، ومحمد بن سهل التنوخي، وموسى بن عبد الرحمن ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 7/ 187، "طبقات الحنابلة" 2/ 225، "تهذيب الكمال" 24/ 308، "سير أعلام النبلاء" 13/ 581. (¬2) "تاريخ بغداد" 2/ 278، "طبقات الحنابلة" 2/ 291.

229 - إدريس بن عبد الكريم المقرئ (ت 292 هـ)

البيروتي. قال النسائي: ثقة. وفي موضع آخر: لا بأس به. مات سنة اثنتين وتسعين ومائتين، يوم الأربعاء، ودفن يوم الخميس بعد العصر لخمس عشرة ليلة خلت من ذي الحجة. وصَلَّى عليه في مصلى العيد أبو حفص عمر ابن الحسن، وهو يومئذ القاضي بدمشق، وكبر عليه خمسًا، فسُئل عن تكبيره خمسًا. فقال: لفضل العلم (¬1). 229 - إدريس بن عبد الكريم المقرئ (ت 292 هـ) أبو الحسن الحداد المقرئ، صاحب خلف بن هشام. سمع خلفا، وعاصم بن علي، وداود بن عمر الضبي، ومصعب الزبيري، وأبا الربيع الزهراني، وابن معين. وروى عنه: أبو بكر بن الأنباري، وابن المنادي، وأبو بكر النجاد. وقال حمزة السهمي: سألت الدارقطني عن إدريس بن عبد الكريم الحداد فقال: ثقة، وفوق الثقة بدرجة. وذكر الدارقطني أنه ولد سنة تسع وتسعين ومائة. قال ابن المنادي: مات بالجانب الغربي من مدينتنا يوم الأضحى، وهو يوم السبت سنة اثنتين وتسعين ومائتين. وكتب الناس عنه لثقته، وصلاحه (¬2). 230 - يحيى بن أبي نصر، أبو سعد الهروي (ت 292 هـ) واسم أبي نصر منصور بن الحسن بن منصور. سمع من: حبان بن موسى، وسويد بن نصر، وابن راهويه، وعلي بن حجر، وعلي بن المديني. وروى عنه من أهل بلده، وقدم بغداد فحدث بها، فروى عنه من أهلها: أبو عمرو بن السماك، وعبد الصمد الطستي، وإسماعيل الخطبي، وأبو بكر الشافعي. قال الخطيب: كان ثقةً حافظًا صالحًا زاهدًا. وقال الذهبي: كان عجبا في التأله والعبادة، حتى قيل: إنه لم ير مثل نفسه، رحمة اللَّه عليه. وله كتاب "أحكام القرآن" قال الرهاوي: لم يسبق إلى مثلها، وكتاب "شرف ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 4/ 304، "طبقات الحنابلة" 1/ 126، "تهذيب الكمال" 1/ 407. (¬2) "تاريخ بغداد" 7/ 14، ""طبقات الحنابلة" 1/ 310، وفيها توفي سنة 287.

231 - أحمد بن حفص السعدي (ت 293 هـ)

النبوة"، وكتاب "الإيمان". وله أحفاد وأسباط علماء أكابر. مات بهراة في ذي الحجة، سنة اثنتين وتسعين ومائتين (¬1). 231 - أحمد بن حفص السعدي (ت 293 هـ) أحمد بن حفص بن عمر بن حاتم بن النجم بن ماهان السعدي، أبو محمد الجرجاني، يعرف بحمدان، شيخ ابن عدي. روى عن: علي بن الجعد، وسويد بن سعيد، ومحمد بن عبد اللَّه بن نمير. قال ابن عدي: تردد إلى العراق مرارا كثيرة، وكتب فأكثر، حدث بأحاديث مناكير لم يتابع عليها، وهو عندي ممن لا يتعمد الكذب، وهو ممن يشتبه عليه فيحدث من حفظه فيغلط. وقال أبو بكر الإسماعيلي: كان يعرف الحديث، صدوقا، وكان ممرورا (¬2) وقال الذهبي: واه ليس بشيء. مات في سنة ثلاث أو أربع وتسعين ومائتين (¬3). 232 - أحمد بن العباس بن الأشرس، أبو العباس (ت 293 هـ) وقيل: أبو جعفر، سمع أبا إبراهيم الترجماني، وخالد بن سالم، ومحمد بن قدامة الجوهري. روى عنه محمد بن جعفر المطيري، وأبو عمرو بن السماك. قال الخطيب: كان حافظا ثقة. ومات فجأة يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من ذي الحجة سنة 293 (¬4). 233 - أحمد بن محمد بن عبد اللَّه صدقة (ت 293 هـ) أبو بكر الحافظ، نقل عن الإمام أحمد مسائل كثيرة. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 14/ 225، "طبقات الحنابلة" 2/ 544، "السير" 13/ 570. (¬2) الممرور هو الذي يصيبه الخلط من المرة فيخلط. يشير إلى أنه كان أحيانا يغيب عقله. (¬3) "الكامل" لابن عدي 1/ 328، "تاريخ جرجان" ص 37، "طبقات الحنابلة" 1/ 88، "ميزان الاعتدال" 1/ 94، "لسان الميزان" 1/ 244. (¬4) "تاريخ بغداد" 4/ 327، "طبقات الحنابلة" 1/ 128.

234 - عمر بن حفص، أبو بكر السدوسي (ت 293 هـ)

سمع محمد بن مسكين اليمامي، وبسطام بن الفضل، ومحمد بن حرب النشائي. وروى عنه: أبو بكر الخلال، وأبو الحسين بن المنادي، وابن قانع. قال الدارقطني: ثقة ثقة. وقال ابن المنادي في كتاب "أفواج القراء": كان من الحذق والضبط على نهاية ترضى بين أهل الحديث كأبي القاسم بن الجبلي ونظرائه. مات لأيام خلت من المحرم سنة ثلاث وتسعين ومائتين، صُلي عليه بالكناس، وحضر أبو محمد بن أبي العنبر جنازته والصلاة عليه، وهو ممن كتب الناس عنه في آخر عمره (¬1). 234 - عمر بن حفص، أبو بكر السدوسي (ت 293 هـ) عمر بن حفص بن عمر بن يزيد بن غالب بن عبد الرحمن بن ربيعة بن سليم بن جبلة بن قيس بن عمرو بن سدوس بن شيبان بن ذهل. سمع: عاصم بن علي، وكامل بن طلحة، وأبا بلال الأشعري. وروى عنه: محمد بن صاعد، وأبو عمرو بن السماك، وجعفر الخلدي، وأبو بكر الشافعي، وحبيب القزاز. وثقه الخطيب. مات في صفر سنة ثلاث وتسعين (¬2). 235 - محمد بن عبدوس السراج (ت 293 هـ) محمد بن عبدوس بن كامل السراج، أبو أحمد السلمي البغدادي، صديق عبد اللَّه بن أحمد، وقيل: أسم أبيه: عبد الجبار، ولقبه: عبدوس. سمع: علي بن الجعد، وأحمد بن جناب، وأبا بكر ابن أبي شيبة. وروى عنه: جعفر الخلدي، وأبو بكر النجاد، ودعلج، والطبراني، وآخرون. قال ابن المنادي: كان من المعدودين في الحفظ، وحسن المعرفة بالحديث، أكثر الناس عنه لثقته وضبطه، وكان كالأخ لعبد اللَّه بن أحمد. مات في آخر رجب، أو أول شعبان، سنة ثلاث وتسعين ومائتين (¬3). ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 5/ 40، "طبقات الحنابلة" 1/ 155، "سير أعلام النبلاء" 14/ 83. (¬2) "تاريخ بغداد" 11/ 216، "طبقات الحنابلة" 2/ 106. (¬3) "تاريخ بغداد" 2/ 380، "طبقات الحنابلة" 2/ 344، "سير أعلام النبلاء" 13/ 531.

236 - محمد بن إسحاق بن إبراهيم ابن راهويه (ت 294 هـ)

236 - محمد بن إسحاق بن إبراهيم ابن راهويه (ت 294 هـ) محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم، أبو الحسن المروزي، ابن راهويه الحنظلي. ولد بمرو، ونشأ بنيسابور، وكتب ببلاد خراسان وبالعراق والحجاز والشام ومصر. سمع: أباه إسحاق بن راهويه، وعلي بن حجر، وعلي بن المديني. وحدث ببغداد، فروى عنه من أهلها: محمد بن مخلد الدوري، وإسماعيل الخطبي، وابن قانع، وابن المنادي. قال الخطيب: كان عالما بالفقه، جميل الطريقة، مستقيم الحديث. مات مرجعه من الحج سنة أربع وتسعين ومائتين، قتلته القرامطة، وقد قارب الثمانين (¬1). 237 - موسى بن هارون الحمال (ت 294 هـ) أبو عمران البزاز، جار الإمام أحمد. صنف الكتب، واشتهر اسمه. وكان كثير الحج، فكان يقيم ببغداد سنة، ويحج ويجاور سنة. سمع من: علي بن الجعد، ويحيى الحماني، وخلف بن هشام، وابن معين. وروى عنه: أبو سهل بن زياد، ودعلج السجزي، وأبو بكر الشافعي. قال الصبغي: ما رأينا في حفاظ الحديث أهيب ولا أورع من موسى بن هارون. وقال الحافظ عبد الغني بن سعيد: أحسن الناس كلاما على حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- علي بن المديني في زمانه، وموسى بن هارون في وقته، والدارقطني في وقته. وقال الخطيب: ثقة حافظ. مات يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من شعبان سنة أربع وتسعين ومائتين، وله نيف وثمانون سنة، ودفن إلى جنب قبر أحمد (¬2). ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 7/ 196، "تاريخ بغداد" 1/ 244، "طبقات الحنابلة" 2/ 236، "سير أعلام النبلاء" 13/ 544. (¬2) "تاريخ بغداد" 13/ 50، "طبقات الحنابلة" 2/ 404، "سير أعلام النبلاء" 12/ 166.

238 - أحمد بن بشر الطيالسي (ت 295 هـ)

238 - أحمد بن بشر الطيالسي (ت 295 هـ) أحمد بن بشر بن سعد بن أيوب الطيالسي. سمع يحيى بن معين، وسليمان بن أيوب، وعبيد اللَّه بن معاذ العنبري. روى عنه علي بن إبراهيم بن حماد القاضي، وأحمد بن جعفر بن سلم الختلي، وغيرهما. قال أحمد بن كامل: مات في شوال سنة خمس وتسعين ومائتين، وكان قليل العلم بالحديث محمقا، ولم يطعن عليه في السماع (¬1). 239 - علي بن أحمد، أبو غالب الأزدي (ت 295 هـ) علي بن أحمد بن النضر بن عبد اللَّه بن مصعب، أبو غالب الأزدي، ابن بنت معاوية بن عمرو. سمع سعيد بن سليمان الواسطي، وعبيد اللَّه بن محمد بن عائشة، وعاصم بن علي، وعلي بن المديني. وروى عنه: جعفر بن محمد الخلدي، وأبو بكر الشافعي، وابن قانع. كان يسكن بالجانب الغربي من بغداد. وضعفه الدارقطني. وقال الخطيب البغدادي: لم يغير شيبه، ولا أعلمه ذُم في الحديث. مات يوم الثلاثاء لعشر خلت من رجب، سنة خمس وتسعين ومائتين ببغداد. وكان قبل ذلك ينزل بسر من رأى (¬2). 240 - هارون بن عيسى، أبو حامد الخياط (ت 296 هـ) روى عنه محمد بن مخلد قال: حدثنا هارون بن عيسى أبو حامد الخياط قال: سئل أحمد وأنا شاهد عن رجل حلف بالطلاق ثلاثًا ألا يتزوج ما دامت أمه في الأحياء. قال: إن كان قد تزوج آمره أن يطلق، وإن كان لم يتزوج لم آمره أن يتزوج ما دامت أمه في الأحياء. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 4/ 54، "طبقات الحنابلة" 1/ 49. (¬2) "تاريخ بغداد" 11/ 316، "طبقات الحنابلة" 2/ 117.

241 - إبراهيم بن هاشم البغوي (ت 297 هـ)

مات يوم الخميس لثلاث عشرة بقين من جمادى الأولى سنة ست وتسعين ومائتين (¬1). 241 - إبراهيم بن هاشم البغوي (ت 297 هـ) إبراهيم بن هاشم بن الحسين بن هاشم أبو إسحاق البيع، المعروف بالبغوي. سمع أمية بن بسطام، وأبا الربيع الزهراني، وعلي بن الجعد. وروى عنه أبو بكر النجاد، وعبد الباقي بن قانع، وإسماعيل بن علي الخطبي. وثقه الدارقطني، وقال الخطبي: مات يوم الخميس سلخ جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين ومائتين. قال الخطيب البغدادي: وكان مولده سنة سبع ومائتين (¬2). 242 - أحمد بن عبد الرحمن بن أبي عوف البزوري (ت 297 هـ) أحمد بن عبد الرحمن بن مرزوق بن عطية أبو عبد اللَّه بن أبي عوف البزوري المعدل. سمع: سويد بن سعيد، ومحمود بن غيلان، ومحمد بن سليمان لوينًا. روى عنه: محمد بن مخلد، وأبو بكر الشافعي، وأبو علي بن الصواف. كان ثقة نبيلا رفيعا جليلا، له منزلة من السلطان، ومودة في أنفس العوام، وحال من الدنيا واسعة، وطريق في الخير محمودة. قال إبراهيم الحربي: أحد عجائب الدنيا، وقال: ابن أبي عوف عفيف اللسان عفيف الفرج عفيف الكف، وذكره الدارقطني فقال: ثقة هو وأبوه، وعمه. كان مولده في سنة أربع عشرة ومائتين، ومات يوم الاثنين لليلتين بقيتا من شوال سنة سبع وتسعين ومائتين (¬3). 243 - الجنيد بن محمد الخراز (ت 298 هـ) شيخ الصوفية، الجنيد بن محمد بن الجنيد، أبو القاسم الخراز، القواريري. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 14/ 28، "طبقات الحنابلة" 2/ 518. (¬2) "تاريخ بغداد" 6/ 203، "طبقات الحنابلة" 1/ 254. (¬3) "تاريخ بغداد" 4/ 245، "طبقات الحنابلة" 1/ 121، "سير أعلام النبلاء" 12/ 531.

244 - عبد الرحمن بن مهدي (ت 298 هـ)

وقيل: كان أبوه قواريريا، وكان هو خرازا، وأصله من نهاوند إلا أن مولده ومنشأه ببغداد، وسمع بها الحديث، ولقي العلماء، واشتهر منهم بصحبة الحارث المحاسبي، وسري السقطي، ثم اشتغل بالعبادة، وأسند الحديث عن الحسن بن عرفة، ونقل عن الإمام أحمد أشياء. قال محمد بن المنادي: مات الجنيد ليلة النيروز، ودفن من الغد، وكان ذلك في سنة ثمان وتسعين ومائتين (¬1). 244 - عبد الرحمن بن مهدي (ت 298 هـ) عبد الرحمن بن مهدي بن حسان بن عبد الرحمن العنبري، أبو سعيد البصري اللؤلؤي. روى عن أحمد رواية واحدة قال: كان أحمد بن حنبل عندي فقال: ناظرنا فيما يخالفكم فيه وكيع، أو فيما خالف وكيع فيه الناس، فإذا كلامه في نيف وستين حرفا. سمع: الثوري، ومالكا، وشعبة، والحمادين. وروى عنه ابن المبارك، وابن معين، وعلي بن المديني، وابن راهويه. وهو بصري قدم بغداد. قال الشافعي: لا أعرف له نظيرا في هذا الشأن. وقال الأثرم: سمعت أحمد يقول: إذا حدث عبد الرحمن بن مهدي عن رجل فهو حجة. مولده سنة خمس وثلاثين ومائة، ومات سنة ثمان وتسعين ومائة، وهو ابن ثلاث وستين سنة (¬2). 245 - محمد بن عبد اللَّه بن سليمان الحضرمي، مُطَيَّن (ت 297 هـ) أبو جعفر الحضرمي، أحد الحفاظ والأذكياء الأيقاظ، صنف المسانيد. قال الخلال: سمعنا منه أحاديث ومسائل عن أبي عبد اللَّه حسانًا جيادًا. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 7/ 241، "طبقات الحنابلة" 1/ 343، "سير أعلام النبلاء" 14/ 66. (¬2) "الجرح والتعديل" 5/ 288، "تاريخ بغداد" 10/ 240، "طبقات الحنابلة" 2/ 76، "تهذيب الكمال" 17/ 430، "سير أعلام النبلاء" 9/ 192.

246 - محمد بن نصر بن منصور الصائغ (ت 297 هـ)

رأى أبا نعيم الملائي، وسمع أحمد بن يونس، ويحيى بن بشر الحريري، ويحيى الحماني، وبني أبي شيبة. وحدث عنه: أبو بكر النجاد، وأبو بكر الإسماعيلي، وعلي البكائي، والطبراني، وابن عقدة. قيل له: لم لقبت بهذا؟ قال: كنت صبيا ألعب مع الصبيان، وكنت أطولهم، فنسبح ونخوض، فيطينون ظهري، فبصر بي يوما أبو نعيم فقال لي: يا مطين، لم لا تحضر مجلس العلم! ؟ فلما طلبت الحديث مات أبو نعيم، وكتبت عن أكثر من خمسمائة شيخ. قال ابن أبي دارم: كتبت بأصبعي عن مطين مائة ألف حديث. وقال الدارقطني: ثقة جبل. وقال الذهبي: صنف "المسند"، "المسند"، و"التاريخ"، وكان متقنا. وقال الخليلي: ثقة حافظ. عاش خمسا وتسعين سنة. توفي في ربيع الآخر، سنة سبع وتسعين ومائتين (¬1). 246 - محمد بن نصر بن منصور الصائغ (ت 297 هـ) محمد بن نصر بن منصور بن عبد الرحمن بن هشام بن عبد اللَّه، أبو جعفر الصائغ. سمع: إسماعيل بن أبى أويس، وأبا مصعب الزهري، وإبراهيم بن حمزة الزبيري. وروى عنه: أبو الحسين بن المنادي، وأحمد بن كامل القاضي، وأحمد بن عثمان بن الآدمي، وإسماعيل الخطبي، وعبد الباقي بن قانع. قال الدارقطني: صدوق فاضل ناسك. مات ليلة السبت لسبع خلون من شهر رمضان سنة سبع وتسعين ومائتين (¬2). 247 - الحسن بن علي القطان (ت 298 هـ) الحسن بن علي بن محمد بن بحر بن بري القطان، من أهل خوزستان الأهواز، ذكره أبو بكر الخلال فقال: شيخ جليل سمع من أحمد مسائل صالحة ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 309، "سير أعلام النبلاء" 14/ 41. (¬2) "تاريخ بغداد" 3/ 318، "طبقات الحنابلة" 2/ 376.

248 - أحمد بن نصر، أبو حامد الخفاف (ت 299 هـ)

حسانا مشبعة، وكان أحمد يكرمه، سمعت منه (¬1). 248 - أحمد بن نصر، أبو حامد الخفاف (ت 299 هـ) ذكره أبو بكر الخلال فقال: كان عنده جزء فيه مسائل حسان أغرب فيها، منها قال: سئل أحمد عن القبور مرتفعة أحب إليك أو مسنمة قال: مسنمة مثل قبور أُحُد، مسنمة حثى (¬2). 249 - العباس بن محمد الجوهري (ت 299 هـ) العباس بن محمد بن عيسى الجوهري، روى عن: يحيى بن أيوب المقابري، وداود بن رشيد، وشريح بن يونس. وروى عنه: يحيى بن محمد المصري، وأبو بكر الشافعي، وسليمان الطبراني. قال ابن أبي يعلى: كان ثقة. مات سنة تسع وتسعين ومائتين (¬3). 250 - أحمد بن محمد، أبو العباس البراثي (ت 200 هـ) أحمد بن محمد بن خالد بن يزيد بن غزوان أبو العباس البراثي. سمع: علي بن الجعد، وعبد اللَّه بن عون الخراز، وكامل بن طلحة. وروى عنه: إسماعيل الخطبي، وحبيب القزاز، ومخلد بن جعفر. قال الدارقطني: ثقة مأمون. وقال أبو العباس البراثي: لما مات أبي كنت صبيا فجاء الناس عزوني، وأكثروا، وجاءني فيمن جاءني بشر بن الحارث فقال: لي يا بني إن أباك كان رجلا صالحا، وأرجو أن تكون خلفا منه بر والدتك، ولا تعقها، ولا تخالفها، يا بني والزم السوق؛ فإنها من العافية، ولا تصحب من لا خير فيه. توفي سنة ثلاثمائة، وقيل: سنة اثنتين وثلاثمائة في المحرم (¬4). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 1/ 365. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 204. (¬3) "طبقات الحنابلة" 2/ 164. (¬4) "تاريخ بغداد" 5/ 3، "طبقات الحنابلة" 1/ 153، "سير أعلام النبلاء" 14/ 92.

251 - محمد بن عبد الرحمن، أبو عبد الله الشامي (ت 301 هـ)

251 - محمد بن عبد الرحمن، أبو عبد اللَّه الشامي (ت 301 هـ) روى عن: أحمد بن يونس اليربوعي، وإبراهيم بن محمد الشافعي، وإسماعيل بن أبي أويس. وروى عنه: ابن حبان، وهو من كبار شيوخه، وبشر بن محمد المزني، والعباس بن الفضل، وسائر أهل هراة. مات سنة إحدى وثلاثمائة (¬1). 252 - محمد بن يحيى بن منده الأصبهاني (ت 301 هـ) محمد بن يحيى بن منده إبراهيم بن الوليد بن سندة، العبدي مولاهم، أبو عبد اللَّه الأصبهاني، جد صاحب التصانيف الحافظ أبي عبد اللَّه محمد بن إسحاق بن محمد. روى عن: إسماعيل بن موسى السدي، ومحمد بن سليمان لوين، وهناد بن السري، ومحمد بن بشار، وطبقتهم بالكوفة والبصرة وأصبهان. وروى عنه: القاضي أبو أحمد العسال، وأبو القاسم الطبراني، وأبو الشيخ. قال أبو الشيخ: هو أستاذ شيوخنا وإمامهم، أدرك سهل بن عثمان. ولد في حدود العشرين ومائتين في حياة جدهم منده. ومات في رجب سنة إحدى وثلاثمائة (¬2). 253 - محمد بن الحسن بن بدينا (ت 303 هـ) محمد بن الحسن بن هارون بن بدينا، أبو جعفر الموصلي، سكن بغداد. روى عن: أحمد بن عبدة الضبي، وأبي همام السكوني. وروى عنه: الخلال، وصاحبه عبد العزيز، وإسماعيل الخطبي، والقطيعي. سئل عنه الدارقطني فقال: لا بأس به ما علمت إلا خيرًا. توفي لسبع بقين في شوال سنة ثلاث وثلاثمائة (¬3). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 321، "الأنساب" 7/ 32، "تذكرة الحفاظ" 2/ 697. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 385، "سير أعلام النبلاء" 14/ 188. (¬3) "تاريخ بغداد" 2/ 191، "طبقات الحنابلة" 2/ 280.

254 - أحمد بن محمد بن خالد البوراني (ت 304 هـ)

254 - أحمد بن محمد بن خالد البوراني (ت 304 هـ) أحمد بن محمد بن خالد بن شيرزاذ أبو بكر المعروف بالبورانني قاضي تكريت. حدث عن أبي عمار المروذي، وأحمد بن منيع، ومحمد بن سليمان لوين. روى عنه ابن مالك القطيعي، وسماه أحمد، وروى عنه محمد بن المظفر، ومحمد بن يزيد بن مروان، وغيرهما فسموه محمدًا. قال أحمد بن محمد بن الفرج: سمعت البوراني القاضي يقول: لأن أخر من السماء إلى الأرض أحب إلي من أزول عن مذهب أحمد بن حنبل، قال: وسمعته يقول: الحق ما كان المروذي عليه. وقال الدارقطني: لا بأس به، ولكنه يحدث عن شيوخ ضعفاء. مات يوم الأحد لثمان خلون من صفر سنة أربع وثلاثمائة (¬1). 255 - يوسف بن الحسين الرازي (ت 304 هـ) يوسف بن الحسين بن علي، أبو يعقوب الرازي. من مشايخ الصوفية كان كثير الأسفار. صحب ذا النون المصري، وأبا تراب النخشبي، وأبا سعيد الخراز. ورد بغداد وسمع منه بها أبو بكر النجاد. وروى عنه: أبو أحمد العسال، وأبو بكر النقاش، ومحمد بن أحمد بن شاذان. قال السلمي: كان مع علمه وتمام حاله، هجره أهل الري، وتكلموا فيه بالقبائح، خصوصا الزهاد. مات سنة أربع وثلاثمائة (¬2). 256 - إسماعيل بن إسحاق، أبو محمد الرقي (ت 305 هـ) إسماعيل بن إسحاق بن الحصين بن بنت معمر بن سليمان أبو محمد الرقي، سكن بغداد، وحدث بها عن عبد اللَّه بن معاوية الجمحي، وحكيم بن سيف الرقي. روى عنه: محمد بن العباس بن نجيح الحافظ، ومحمد بن المظفر. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 1/ 295، 5/ 4، "طبقات الحنابلة" 1/ 151. (¬2) "تاريخ بغداد" 14/ 314، "طبقات الحنابلة" 2/ 561، "السير" 14/ 248.

257 - الفضل بن الحباب، أبو خليفة الجمحي (ت 305 هـ)

واختلف في موته فقيل: سنة خمس وثلاثمائة، في يوم ثلاثاء في ذي القعدة، وقيل: سنة ست وثلاثمائة. (¬1) 257 - الفضل بن الحباب، أبو خليفة الجمحي (ت 305 هـ) واسم الحباب: عمرو بن محمد بن شعيب، الجمحي البصري الأعمى. ولد في سنة ست ومائتين، وعني بهذا الشأن منذ صغره، فسمع في سنة عشرين ومائتين، ولقي الأعلام، وكتب علما جما. روى عن: القعنبي، ومسلم بن إبرا هيم، وسليمان بن حرب، ومسدد، وعلي ابن المديني. ولقد كتب حتى روى عن أبي القاسم الطبراني تلميذه. وحدث عنه: أبو عوانة، وأبو بكر الصولي، وأبو حاتم بن حبان، وأبو القاسم الطبراني، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر الإسماعيلي. قال الذهبي: وكان ثقة صادقا مأمونا، أديبا فصيحا مفوها، رحل إليه من الآفاق، وعاش مائة عام سوى أشهر. توفي في شهر ربيع الآخر، أو في الذي يليه، سنة خمس وثلاثمائة بالبصرة (¬2). 258 - أحمد بن الحسن الصوفي (ت 306 هـ) أحمد بن الحسن بن عبد الجبار بن راشد أبو عبد اللَّه البغدادي الصوفي الكبير، ولد في حدود سنة عشر ومائتين. وسمع في سنة سبع وعشرين ومائتين من علي بن الجعد، وابن معين، والهيثم بن خارجة، وأبي نصر التمار. حدث عنه: أبو الشيخ بن حيان، وأبو حاتم بن حبان، وأبو بكر الإسماعيلي. مات يوم الجمعة لخمس بقين من رجب سنة ست وثلاثمائة، وثقة الدارقطني، والخطيب، وكان صاحب حديث، وإتقان (¬3). ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 6/ 295، "طبقات الحنابلة" 1/ 271. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 185، "سير أعلام النبلاء" 14/ 7. (¬3) "تاريخ بغداد" 4/ 82، "طبقات الحنابلة" 1/ 74، "سير أعلام النبلاء" 14/ 152.

259 - محمد بن صالح بن ذريح العكبري (ت 306 هـ)

259 - محمد بن صالح بن ذريح العكبري (ت 306 هـ) أبو جعفر البغدادي. سمع: جبارة بن المغلس، وعثمان بن أبي شيبة، وأبا مصعب الزهري، وأبا ثور الكلبي، وطبقتهم. وحدث عنه: إسحاق النعالي، وأبو بكر الإسماعيلي، ومحمد بن المظفر، وأبو حفص بن الزيات. وكان صاحب حديث ورحلة. وثقوه، واحتجوا به. مات سنة سبع وثلاثمائة. وقيل: توفي سنة ثمان. وقيل: سنة ست (¬1). 260 - أحمد بن محمد بن عميرة، أبو الحسن (ت 307 هـ) أحمد بن محمد بن عبد اللَّه بن صالح بن شيخ بن عميرة أبو الحسن الأسدي، قريب بشر بن موسى. حدث عن العباس بن الفرج الرياشي، ومحمد بن سليمان لوين. روى عن الإمام أحمد حديثا واحدا. وروى عنه: أبو بكر بن الأنباري، ومحمد بن يحيى الصولي، ومحمد بن المظفر. سئل عنه الدارقطني فقال: ثقة. مات في جمادى الأولى لثلاثة عشر يوما بقين منه، سنة سبع وثلاثمائة (¬2). 261 - عبد اللَّه بن العباس الطيالسي (ت 308 هـ) عبد اللَّه بن العباس بن عبيد اللَّه، أبو محمد الطيالسي. سمع: عبد اللَّه بن معاوية الجمحي، وبشر بن معاذ، ونصر بن علي الجهضمي. وروى عنه: محمد بن مخلد، وابن قانع، وأبو بكر الآجري. قال الخطيب البغدادي: كان ثقة. مات في ذي القعدة، وقيل: في ذي الحجة سنة ثمان وثلاثمائة (¬3). 262 - هارون بن عبد الرحمن، أبو موسى العكبري (ت 311 هـ) روى عن: أبي موسى محمد بن المثنى، وسعدان بن نصر، وغيرهما. وروى ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 5/ 361، "سير أعلام النبلاء" 14/ 259. (¬2) "تاريخ بغداد" 5/ 42، "طبقات الحنابلة" 1/ 157. (¬3) "تاريخ بغداد" 10/ 36، "طبقات الحنابلة" 2/ 27.

263 - محمد بن المسيب (ت 315 هـ)

عنه: يحيى بن محمد بن سهل العكبري، وأبو بكر بن بخيت الدقاق. نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سألت أحمد لما قدم عكبرا في خان مليح. قلت: يا أبا عبد اللَّه القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود. قال: منه بدأ علمه، وإليه يعود حكمه (¬1). 263 - محمد بن المسيب (ت 315 هـ) روى عن الإمام أحمد أشياء، ولعله محمد بن المسيب الأرغياني، كما رجحه البردي في "تسهيل السابلة". وهو محمد بن المسيب بن إسحاق بن إدريس النيسابوري، أبو عبد اللَّه الأرغياني. روى عن: محمد بن يسار، وإسحاق بن شاهين، ويونس بن عبد الأعلى. وروى عنه: ابن خزيمة، وأبو عبد اللَّه بن الأخرم، وأبو أحمد الحاكم. كان من العباد المجتهدين، قال: ما أعلم منبرا من منابر المسلمين بقي علي لم أدخله لسماع الحديث. وكان يمشي في مصر وفي كمه مائة ألف حديثا، يحمل معه مائة جزء، في كل جزء ألف حديث معدودة. مات سنة خمس عشرة وثلاثمائة (¬2). 264 - عبد اللَّه بن محمد، أبو القاسم البغوي (ت 317 هـ) عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان بن سابور، أبو القاسم ابن بنت أحمد بن منيع، بغوي الأصل، ولد ببغداد. سمع: علي بن الجعد، وخلف بن هشام، وابن المديني، ويحيى بن معين. حدث عنه: يحيى بن صاعد، وابن قانع، وأبو عمر بن حيويه، والدارقطني. صنف المعجمين الكبير، والصغير، وحدث عن داود بن رشيد الذي حدث عنه الإمام أحمد، وروى عن الإمام أحمد كتاب "الأشربة"، وجزءا من الحديث، وكان يقدم ذلك الجزء على كل ما سمعه تشرفا لأحمد. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 14/ 31، "طبقات الحنابلة" 2/ 517. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 364، "تهذيب التهذيب" 3/ 701، "تسهيل السابلة" 1/ 343.

265 - الفضل بن أحمد بن منصور بن ذيال، أبو العباس الزبيدي (ت 317 هـ)

قيل لابن أبي حاتم: يدخل أبو القاسم البغوي في الصحيح؟ قال: نعم. وقال الدارقطني: ثقة جليل، إمام من الأئمة، ثبت، أقل المشايخ حظًّا. مات ليلة الفطر من سنة سبع عشرة وثلاثمائة، ودفن بمقبرة باب التبن التي دفن بها عبد اللَّه بن الإمام أحمد، وقد استكمل مائة سنة وبضع سنين، وشهرا واحدا (¬1). 265 - الفضل بن أحمد بن منصور بن ذيال، أبو العباس الزبيدي (ت 317 هـ) البغدادي المقرئ. سمع أحمد بن حنبل، وعبد الأعلى بن حماد، وزياد بن أيوب. روى عنه: أبو الفتح القواس، وابن معروف القاضي، ومحمد بن جعفر النجار، والدارقطني وقال: هو ثقة مأمون (¬2). ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 10/ 111، "طبقات الحنابلة" 2/ 30، "سير أعلام النبلاء" 14/ 440. (¬2) "تاريخ بغداد" 12/ 377، "طبقات الحنابلة" 2/ 184، "السير" 14/ 528.

* الرواة الذين رووا المسائل عن الإمام أحمد ولم يذكر لهم تاريخ وفاة

* الرواة الذين رووا المسائل عن الإمام أحمد ولم يذكر لهم تاريخ وفاة * أولا: الرجال 266 - إبراهيم بن الحكم القصار حدث عن عبيد اللَّه بن عمر القواريري، وروى عنه محمد بن مخلد. نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سئل أحمد عن الإيمان مخلوق أم لا قال: أما ما كان من مسموع فهو غير مخلوق، وأما ما كان من عمل الجوارح فهو مخلوق (¬1). 267 - إبراهيم بن زياد بن إبراهيم، أبو إسحاق الصائغ بغدادي قدم البصرة، سمع سفيان بن عيينة، وإسماعيل بن علية، وأبا أسامة. وروى عنه: أبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، ويحيى بن محمد بن صاعد. قال أبو زرعة الرازي: كان حجاج بن الشاعر يحسن القول فيه والثناء عليه. قال أبو حاتم: قال ابن الشاعر: ما نشأ في أصحابنا مثله. وسئل عنه أبو الثلج فقال: صدوق (¬2). 268 - إبراهيم بن يونس بن محمد بن مسلم، حرمي المؤدب البغدادي نزيل طرسوس، يعرف بحرمي. روى عن: أبي عاصم النبيل، وأبي يزيد يحيى بن أيوب الواسطي، ومالك بن إسماعيل النهدي. وروى عنه: النسائي، ومحمد بن جميع، وأحمد بن أبي موسى الأنطاكي. قال النسائي: صدوق (¬3). 269 - أحمد بن بشر بن سعيد الكندي البغدادي قال أبو بكر الخلال: حدثنا أحمد بن بشر بن سعيد الكندي قال سألت أبا ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 6/ 56 وفيه: (ابن حكيم)، "طبقات الحنابلة" 1/ 238. (¬2) "الجرح والتعديل" 2/ 100، "تاريخ بغداد" 6/ 79، "طبقات الحنابلة" 1/ 244. (¬3) "طبقات الحنابلة" 1/ 403، "تهذيب الكمال" 2/ 256.

270 - أحمد بن جعفر الاصطخري

عبد اللَّه أحمد بن حنبل قلت رجل قرأ القرآن، وحفطه، وهو يكتب الحديث يختلف إلى المسجد، ويقرأ، ويقرئ، ويفوته الحديث أن يطلبه فإن طلب الحديث فاته المسجد، وإن قصد المسجد فاته طلب الحديث فما تأمره؟ قال: بذا، وبذا فأعدت عليه القول مرارا كل ذلك يجيبني جوابا، واحدا بذا، وبذا (¬1). 270 - أحمد بن جعفر الاصطخري أحمد بن جعفر بن يعقوب بن عبد اللَّه، أبو العباس الفارسي الأصطخري روى عن الإمام أحمد أشياء منها ما رواه عن الإمام أحمد قال: هذه مذاهب أهل العلم، وأصحاب الأثر، وأهل السنة المتمسكين بعروقها المعروفين بها المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم إلى يومنا هذا، . . فكان قولهم: إن الإيمان قول، وعمل، ونية، وتمسك بالسنة (¬2). 271 - إبراهيم بن الحارث بن مصعب بن الوليد بن بن عبادة بن الصامت أبو إسحاق العبادي من أهل طرسوس. حدث عن علي بن المديني، وعبد الرحمن بن عفان الصوفي. روى عنه: أحمد بن محمد بن أبي موسى الأنطاكي، وأبو بكر بن أبي داود السجستاني، وقال ابن أبي داود: كان إبراهيم بن الحارث العبادي بغداديا، كتبنا عنه بطرسوس. قال الخلال: كان من كبار أصحاب أبي عبد اللَّه، روى عنه الأثرم وحرب، وجماعة من الشيوخ المتقدمين، وكان أحمد يعظمه، ويرفع قدره، ويحتمله في أشياء لا يحتمل فيها غيره، يبسطه في الكلام بحضرته، ويتوقف أبو عبد اللَّه عن الجواب في الشيء، فيجيب بحضرة أبي عبد اللَّه، فيعجب أبو عبد اللَّه ويقول: جزاك اللَّه خيرا يا أبا إسحاق. وعنده عن أبي عبد اللَّه أربعة أجزاء مسائل (¬3). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 1/ 50. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 54. (¬3) "تاريخ بغداد" 6/ 55، "طبقات الحنابلة" 1/ 238.

272 - أحمد بن محمد، أبو الحارث الصائغ

272 - أحمد بن محمد، أبو الحارث الصائغ قال الخلال: كان أبو عبد اللَّه يأنس به، وكان يقدمه، ويكرمه، وكان عنده بموضع جليل، وروى عن أبي عبد اللَّه مسائل كثيرة جدا بضعة عشر جزءًا، وَجوَّد الرواية عن أبي عبد اللَّه (¬1). 273 - أحمد بن الحسين بن حسان (¬2) من أهل سُرَّ من رأى، صحب الإمام أحمد، وروى عنه مسائل حفظت عنه. قال أبو بكر الخلال: هذا رجل جليل، روى عن أبى عبد اللَّه جزءًا من مسائل حسان جدًّا، وقد كان قدم بغداد، وحدثهم بجزء، واحد منها، ورأيتها عند أبى بكر الدوري، وهو رجل ثقة مشهور (¬3). 274 - أحمد بن الخصيب بن عبد الرحمن ذكره أبو بكر الخلال فقال: مشهور بطرسوس كان له حلقة فقه، ورئيس قومه، نقل عن الإمام أحمد مسائل جيادا (¬4). 275 - أحمد بن خليل القومسي أحمد بن الخليل بن حرب بن عبد اللَّه بن سوار بن سابق القرشي النوفلي أبو عبد اللَّه القومسي، مولى بني نوفل بن الحارث. روى عن: جعفر بن جسر بن فرقد، وخالد بن مخلد القطواني، وعبد اللَّه بن مسلمة القعنبي، والأصمعي، وعبيد اللَّه بن موسى العبسي. روى عنه: عمر بن عبد اللَّه بن الحسن، ومحمد بن الحسن بن الفرج، ويحيى ابن عبد الأعظم القزويني المعروف بيحيى بن عبدك. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 5/ 128، "طبقات الحنابلة" 1/ 177. (¬2) في "تاريخ بغداد" 4/ 80: أحمد بن الحسن. (¬3) "تاريخ بغداد" 4/ 80، "طبقات الحنابلة" 1/ 80. (¬4) "طبقات الحنابلة" 1/ 93.

276 - أحمد بن عبد الله بن حنبل الشيباني

ضعفه أبو زرعة الرازي، ونسبه أبو حاتم إلى الكذب، وذكره أبو بكر الخلال فقال: رفيع القدر سمع من أبي عبد اللَّه مسائل أغرب فيها على أصحابه (¬1). 276 - أحمد بن عبد اللَّه بن حنبل الشيباني ابن عم الإمام أحمد، جالس الإمام أحمد، وسمع منه أشياء، وحدث عن محمد بن الصباح الدولابي روى عنه عبد اللَّه بن الإمام أحمد، وغيره (¬2). 277 - أحمد بن القاسم صاحب أبي عبيد القاسم بن سلام، حدث عن أبي عبيد، وعن الإمام أحمد بمسائل كثيرة، كان من أهل العلم والفضل. سمع منه أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم بن الجبلي الحافظ. وحدث عنه عبد اللَّه بن إبراهيم بن الجبلي، وأبو يحيى زكريا بن الفرج البزاز، وغيرهما (¬3). 278 - أحمد بن محمد بن عبد ربه، أبو الحارث المروذي روى عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا عرف الرجل بالكذب فيما بينه وبين الناس، ولا يتوقى في منطقه، فكيف يؤتمن هذا على ما أستتر فيما بينه وبين اللَّه تعالى! ! مثل هذا لا يكون إماما، ولا يصلى خلفه (¬4). 279 - أحمد بن محمد بن عبد الحميد بن شاكر أبو عبد اللَّه الكوفي الجعفي، أصله من الكوفة إلا أنه سكن بغداد. سمع من: عبد اللَّه بن بكر السهمي، وهوذة بن خليفة، والواقدي. وروى عنه: محمد بن أحمد الحكيمي، وعبد الصمد بن علي الطستي، وأحمد بن كامل القاضي، وأبو بكر الشافعي، وأحمد بن خزيمة. ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 2/ 50، "طبقات الحنابلة" 1/ 91، "تهذيب الكمال" 1/ 305، "سير أعلام النبلاء" 11/ 532. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 120. (¬3) "تاريخ بغداد" 4/ 349، "طبقات الحنابلة" 1/ 135. (¬4) "طبقات الحنابلة" 1/ 179.

280 - أحمد بن محمد بن مطر أبو العباس

قال الدارقطني: صالح الحديث. وقال ابن طاهر: حدث عن الثقات بالأباطيل (¬1). 280 - أحمد بن محمد بن مطر أبو العباس ذكره أبو بكر الخلال فقال: عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل سمعتها منه، وكان فيها غرائب. وقال الخطابي: كان ثقة. سمع أحمد بن عيسى المصري، ومحمد بن حميد الرازي، وغيرهما. وروى عنه: أبو عمرو بن السماك، وأحمد بن سلمان النجاد، وأبو بكر الخلال، وغيرهم (¬2). 281 - أحمد بن محمد بن يزيد الوراق ويعرف بالإيتاخي من أهل سُرَّ مَن رأى، قدم بغداد، وروى عن الإمام أحمد، ويحيى بن معين، وغيرهما. قال الدارقطني: ليس بالقوي. وذكره أبو بكر الخلال فقال: ثقة كان عنده عن أحمد مسائل (¬3). 282 - أحمد بن المكين الأنطاكي ذكره الخلال فقال: عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل سمعتها منه في قدمتي الثانية إلى الثغور، وكان رجلا كما يجب إن شاء اللَّه (¬4). 283 - إسحاق بن الجراح الأذني جليل القدر، حدث عن يزيد بن هارون، وجعفر بن عون، وعبد العزيز بن أبان القرشي. وروى عنه: أبو داود، وأبو عوانة يعقوب الإسفراييني. ذكره أبو بكر الخلال فقال: نقل عن أحمد أشياء كثيرة (¬5). ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 5/ 54، "طبقات الحنابلة" 1/ 159، "تاريخ الإسلام" للذهبي 20/ 281. (¬2) "تاريخ بغداد" 5/ 98، "طبقات الحنابلة" 1/ 180. (¬3) "طبقات الحنابلة" 1/ 183. (¬4) "طبقات الحنابلة" 1/ 192. (¬5) "طبقات الحنابلة" 1/ 299، "تهذيب الكمال" 2/ 416.

284 - إسماعيل بن عمر السجزي

284 - إسماعيل بن عمر السجزي قال الخلال: جليل مقدم، عالم بصير بالحديث والعلم، سمع من أبي عبد اللَّه مسائل صالحة حسانا مشبعة لم يجئ بها أحد، وأغرب على أصحاب أبي عبد اللَّه (¬1). 285 - أعين بن زيد الشوبي روى عن أبي ثور، وإبراهيم بن المنذر. وروى عنه علي بن الحسين بن الجنيد. وابن أبي حاتم في كتاب "الرد على الجهمية"، وقال: سمعت منه، وهو صدوق (¬2). 286 - بديل بن محمد بن أسد الخشي كان حافظا، وكان اسمه بدلا فصغروه بُديل (¬3). 287 - بكر بن محمد النسائي، أبو أحمد النسائي الأصل، البغدادي المنشأ، قال أبو بكر الخلال: كان أبو عبد اللَّه يقدمه، ويكرمه، وعنده مسائل كثيرة سمعها من أبي عبد اللَّه (¬4). 288 - جعفر بن أحمد بن أبي قايماز الأذني وقيل: نيماز الفقيه الأذني، ذكره أبو بكر الخلال فقال: حافظ كثير الحديث سمعت منه مسائل وحديثا، وكان ضرير البصر، وكان عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل غرائب كلها سمعتها منه (¬5). 289 - جهم العكبري صحب الإمام أحمد، وبشرا الحافي. قال: أتيت يوما أحمد بن حنبل فدخلت عليه، وهو متشح، فوقع أحد عطفي إزاره عن منكبه، فنظرت إلى موضع الضرب ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 1/ 278. (¬2) "الجرح والتعديل" 2/ 325، "طبقات الحنابلة" 1/ 317. (¬3) "المؤتلف والمختلف" للدارقطني 1/ 50، "الإكمال" لابن ماكولا 2/ 220، "طبقات الحنابلة" 1/ 324. (¬4) "طبقات الحنابلة" 1/ 318. (¬5) "طبقات الحنابلة" 1/ 331.

290 - حبيش بن سندي

فدمعت عيني، ففطن أحمد، فرد الثوب إلى منكبه (¬1). 290 - حبيش بن سندي حدث عن عبيد اللَّه بن محمد العيشي، وروى عنه محمد بن مخلد. ذكره أبو بكر الخلال فقال: من كبار أصحاب أبي عبد اللَّه ينزل القطيعة، وبلغني أنه كتب عن أبي عبد اللَّه نحوا من عشرين ألف حديث، وكان رجلا جليل القدر جدا، وعنده عن أبي عبد اللَّه جزءان مسائل مشبعة حسان جدا، يغرب فيها على أصحاب أبي عبد اللَّه، فمضيت إليه، فأبى أن يحدثني بها، وقال: أنا لا أحدث بهذه المسائل وأبو بكر المروذي حي، وكان يكرم أبا بكر المروذي، وكان بيني وبينه كلام كثير، ومضيت من عنده على أن أسأل أبا بكر المروذي يسأله أن يقرأها علي، فشغلت، فتوفي ولم أسمعها، فوجدتها بعد ذلك عند محمد بن هارون الوراق فسمعتها، وهو رجل ما شئت يا لك من رجل، جليل القدر، كثير العلم، مقدم عندهم في القطيعة (¬2). 291 - الحسن بن إسماعيل بن الربعي روى عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: قال لي أحمد بن حنبل إمام أهل السنة: أجمع تسعون رجلا من التابعين، وأئمة المسلمين، وأئمة السلف، وفقهاء الأمصار على أن السّنَّةَ التي توفي عليها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أولها الرضا بقضاء اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والتسليم لأمره، والصبر على حكمه، والأخذ بما أمر اللَّه به، والانتهاء عما نهى اللَّه عنه، والإيمان بالقدر خيره وشره (¬3). 292 - الحسن بن علي بن الحسن بن علي أبو علي الإسكافي ذكره أبو بكر الخلال فقال: جليل القدر، عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل صالحة ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 1/ 346. (¬2) "تاريخ بغداد" 8/ 272، "طبقات الحنابلة" 1/ 390. (¬3) "طبقات الحنابلة" 1/ 349.

293 - الحسن بن القاسم

حسان كبار، أغرب فيها على أصحابه (¬1). 293 - الحسن بن القاسم جار الإمام أحمد، كان يحضر في مجالسه، ويستفيد من مسائله. حدث عن مسلم بن إبراهيم، وروى عنه أبو شعيب عبد اللَّه بن الحسن الحراني (¬2). 294 - الحسن بن محمد الأنماطي البغدادي قال الخلال: نقل عن الإمام أحمد مسائل صالحة. قال: وأخبرني أنه جاء إلى أبي عبد اللَّه يوما، وقد انصرف من صلاة العصر، فإذا نحن بثلاثة مشايخ من أهل خراسان قد وقفوا له بالباب، فقالوا: يا أبا عبد اللَّه نسألك عن مسألة قال: قد قلت اليوم: لا أجيب في مسألة، ولكن ترجعون، فأجيبكم إن شاء اللَّه (¬3). 295 - حمدان بن ذي النون بن مخلد بن عبد الوهاب البلخي يروي عن مكي بن إبراهيم. وعنه محمد بن محمد بن يحيى. قال ابن حبان في "الثقات": مستقيم الحديث يغرب. أحد من شاهد الإمام أحمد فيما ذكره أبو ذر الهروي. قال: ما رأت عيني مثل أحمد بن حنبل في ورعه، وحفظه لسانه (¬4). 296 - سليمان بن داود، أبو داود الخفاف روى عن: يحيى بن يحيى، وابن راهويه. وذكره ابن حبان في "الثقات" (¬5). 297 - سندي أبو بكر الخواتيمي البغدادي قال الخلال: هو من جوار أبي الحارث مع أبي عبد اللَّه، فكان داخلا مع أبي عبد اللَّه ومع أولاده في حياة أبي عبد اللَّه، سمع من أبي عبد اللَّه مسائل صالحة، ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 1/ 364. (¬2) "تاريخ بغداد" 7/ 405، "طبقات الحنابلة" 1/ 367. (¬3) "طبقات الحنابلة" 1/ 371. (¬4) "الثقات" لابن حبان 8/ 220، "طبقات الحنابلة" 1/ 405. (¬5) "الثقات" لابن حبان 8/ 282، "فتح الباب في الكنى والألقاب" لابن منده ص 306، "طبقات الحنابلة" 2/ 573.

298 - طلحة بن عبيد الله البغدادي

قال: رأيت أبا عبد اللَّه قام له رجل من موضعه فأبى أن يقعد فيه، وقال للرجل: ارجع إلى موضعك فرجع الرجل إلى موضعه، وقعد أبو عبد اللَّه بين يديه (¬1). 298 - طلحة بن عبيد اللَّه البغدادي بغدادي الأصل، من ساكني مصر، حدث عن الإمام أحمد قال: وافق ركوبي ركوب أحمد في السفينة، فكان يطيل السكوت، فإذا تكلم قال: اللهم أمتنا على الإسلام والسنة (¬2). 299 - طاهر بن محمد بن الحسين التميمي الحلبي قال أبو بكر الخلال: جليل عظيم القدر، سمعت أبا بكر بن صدقة يذكره بذكر جميل، ويرفع قدره، وسمع منه أصحابنا الذين سمعنا منهم، وكلهم يذكره بالحفظ والجلالة، وكان عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل صالحة فيها غرائب حدثنا عنه محمد ابن القاسم الأذني (¬3). 300 - العباس بن عبد اللَّه بن العباس يعرف بالنخشبي حدث بمصر عن أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين. سمع منه أبو سعيد بن يونس المصري. قال أبو سعيد بن يونس: يعد في البغداديين، قدم مصر روى مناكير، وقد كتبت عنه (¬4). 301 - العباس بن محمد بن موسى الخلال بغدادي. ذكره أبو بكر الخلال فقال: كان من أصحاب أبي عبد اللَّه الأولين الذين كان أبو عبد اللَّه يعتد بهم، وكان رجلا له قدر وعلم، وصعب علي طلب مسائله، ثم وقعت إلي بعلو، ويقول في مسائله: قبل الحبس، وبعده (¬5). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 1/ 455. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 477. (¬3) "طبقات الحنابلة" 1/ 477. (¬4) "تاريخ بغداد" 12/ 149، "طبقات الحنابلة" 2/ 152. (¬5) "طبقات الحنابلة" 2/ 163.

302 - عبد الله بن محمد بن الفضل الصيداوي

302 - عبد اللَّه بن محمد بن الفضل الصيداوي حدث عن محمد بن صالح الهاشمي مولاهم، روى عنه أبو حاتم الرازي، نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: قال لي أحمد: إذا سلم الرجل على المبتدع فهو يحبه (¬1). 303 - عبد الرحمن بن زاذان بن يزيد بن مخلد، أبو عيسى الرازي. روى عن الإمام أحمد. قال: كنت في المدينة بباب خراسان، وقد صلينا ونحن قعود، وأحمد بن حنبل حاضر فسمعته يقول: اللهم من كان على هوى أو على رأي، وهو يظن أنه على الحق، وليس هو على الحق، فرده إلى الحق حتى لا يضل به من هذه الأمة أحد. سُئل عن مولده فقال: سنة إحدى وعشرين ومائتين (¬2). 304 - عبد الصمد بن محمد بن مقاتل العباداني روى عن أبيه، وبشر بن الحارث. قال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي بعبادان، وروى عنه. وقال: سئل أبي عنه، فقال: صدوق (¬3). 305 - عبيد اللَّه بن أحمد الحلبي عبيد اللَّه بن أحمد بن عبيد اللَّه ابن أخي الإمام الحلبي أبو عبد الرحمن. قال الخلال: رجل جليل جدا، كبير القدر، سمع عبيد اللَّه بن عمرو الرقي، ولا أدري هو أكبر من أحمد بن حنبل أم لا، إلا أن شيوخنا الكبار حدثونا عنه. سمع من أحمد "التاريخ" سنة أربعة عشر، وكانت عنده مسائل كبار جدا غرب بها على أصحاب أحمد، لم أكتبها عن غيره، سمعتها من رجل بطرسوس عنه (¬4). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 47، "تاريخ دمشق" 32/ 363. (¬2) "تاريخ بغداد" 10/ 287، "طبقات الحنابلة" 2/ 70. (¬3) "الجرح والتعديل" 6/ 52، "طبقات الحنابلة" 2/ 104. (¬4) "طبقات الحنابلة" 2/ 49.

306 - عبيد الله بن محمد الفقيه المروزي

306 - عبيد اللَّه بن محمد الفقيه المروزي مروزي الأصل، رقي البلد. قال الخلال: رجل حافظ للفقه، بصير باختلاف الفقهاء، جليل القدر، عالم بأحمد بن حنبل، عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل كبار لم يشركه فيها أحد، سمعت منه منها في أول خرجتي إلى الشام، وفي الخرجة الثانية بعد لقاء الميموني، وذكر لي أن عنده شيئا صالحا، فلما رجعت إلى بغداد خرجت إليه قاصدا إلى الرقة لا لحاجة غيره، فأخرج إلي نحوا من عشر مسائل أيضا، وذكر أنه لا يقدر على الباقي فكتبتها عنه، ورجعت إلى بغداد، إلا أنها مسائل كبار جدا (¬1). 307 - علي بن الفرات الأصبهاني روى عن محمد بن سليمان لوين، ومحمد بن عبيد بن حساب، وأبي مصعب المديني، وأحمد بن حنبل. قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه بالري، وهو صدوق (¬2). 308 - عمر بن عبد العزيز الضرير جليس بشر بن الحارث. حدث عنه بشر بن موسى الأسدي. قال: سمعت بشر ابن الحارث يقول: حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن حبيب بن أبي عمر قال: إذا ختم الرجل القرآن؛ قبَّل الملَك بين عينيه. قال: فحدثت به أبا عبد اللَّه، فاستحسنه، وقال: لعل هذا من مخبآت سفيان (¬3). 309 - عيسى بن فيروز، أبو موسى الأنباري روى عن: عبد الأعلى بن حماد. وروى عنه علي بن محمد بن سعيد الموصلي. قال الخطيب البغدادي: والموصلي ليس بثقة. سمع من الإمام أحمد أشياء، منها قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: الإيمان ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 63. (¬2) "الجرح والتعديل" 6/ 201، "طبقات الحنابلة" 2/ 141. (¬3) "تاريخ بغداد" 11/ 207، "طبقات الحنابلة" 2/ 109.

310 - الفضل بن زياد، أبو العباس القطان

قول وعمل (¬1). 310 - الفضل بن زياد، أبو العباس القطان قال الخلال: كان من المتقدمين عند أبي عبد اللَّه، وكان أبو عبد اللَّه يعرف قدره، ويكرمه، وكان يصلي بأبي عبد اللَّه فوقع له عن أبي عبد اللَّه مسائل كثيرة جياد، وحدث عن جماعة منهم يعقوب بن سفيان الفسوي، والحسن بن أبي العنبر، وأحمد الأدمي، وجعفر الصندلي، وأحمد بن عطاء في آخرين (¬2). 311 - مثنى بن جامع، أبو الحسن الأنباري روى عن: سعيد بن سليمان الواسطي، ومحمد بن الصباح الدولابي، وشريح ابن يونس. وروى عنه: أحمد بن محمد بن الهيثم الدوري، ويوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول، وغيرهما. قال الخلال: كان ورعًا، جليل القدر عند بشر بن الحارث وعند عبد الوهاب الوراق. يقال: إنه كان مستجاب الدعوة، وكان مذهبه أن يهجر ويباين أهل البدع، وكان أبو عبد اللَّه يعرف قدره وحقه، ونقل عنه مسائل حسانًا. وقال الخطيب البغدادي: كان ثقة صالحا دينا، مشهورا بالسنة (¬3). 312 - محمد بن أحمد المَرْورُّوذِي ذكره أبو بكر الخلال فقال: روى عن أبي عبد اللَّه مسائل لم تقع إلى غيره، ثقة من أهل مرو الروذ، سمعت عنه من رجل ثقة من أهل أصبهان، وذكره بجميل (¬4). 313 - محمد بن إسماعيل، أبو بكر الطبراني سكن المصيصة، روى عن عبد اللَّه بن محمد بن أسماء، وأبي علي ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 11/ 172، "طبقات الحنابلة" 2/ 182. (¬2) "تاريخ بغداد" 12/ 363، "طبقات الحنابلة" 2/ 188. (¬3) "تاريخ بغداد" 13/ 173، "طبقات الحنابلة" 2/ 410. (¬4) "طبقات الحنابلة" 2/ 224.

314 - محمد بن بندار السباك

عبد الرحمن بن بكر الخلال، وأبي مروان عبد الملك بن حبيب البزاز المصيصي. وروى عنه النسائي، وقال: ثقة، حسن الأخذ للحديث (¬1). 314 - محمد بن بندار السباك أبو بكر الجرجاني، روى عن الإمام أحمد، ذكره ابن حبان في "الثقات" (¬2). 315 - محمد بن روح العكبري روى عن يحيى بن هاشم السمسار. وروى عنه عثمان بن إسماعيل السكري. قال الدارقطني: كان صديقًا لأحمد بن حنبل، كان أحمد إذا خرج إلى عكبراء ينزل عليه (¬3). 316 - محمد بن عبد العزيز، أبو عبد اللَّه البيوردي ذكره أبو بكر الخلال فقال: جليل روى عن أبي عبد اللَّه مسائل صالحة حسانا، أغرب فيها، مقدم عندهم (¬4). 317 - محمد بن عمران، أبو جعفر الخياط كان إمام مسجد في مربعة الخرسي، وكان من خيار الناس، نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سمعت أحمد في منزله يقول: بلغني عن أخي منصور بن عمار أنه كان يقول: اللهم قد أحاطت بنا الشدائد، وأنت ذخر لها، فلا تعذبنا وأنت على العفو قادر (¬5). 318 - محمد بن أبي عبد اللَّه الهمداني يعرف بمنويه، قال الخلال: جمع مسائل أحمد وغيرها سبعين جزءًا (¬6). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 574، "تهذيب الكمال" 24/ 492. (¬2) "الثقات" لابن حبان 9/ 138، "طبقات الحنابلة" 2/ 277. (¬3) "تاريخ بغداد" 5/ 277، "طبقات الحنابلة" 2/ 301. (¬4) "طبقات الحنابلة" 2/ 320. (¬5) "طبقات الحنابلة" 2/ 345. (¬6) "طبقات الحنابلة" 2/ 396.

319 - محمد بن النقيب بن أبي حرب الجرجرائي

319 - محمد بن النقيب بن أبي حرب الجرجرائي قال الخلال: ورع يعالج الصبر، جليل القدر، كان أحمد يكاتبه، ويعرف قدره، ويسأل عن أخباره، عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل مشبعة، كنت سمعتها منه (¬1). 320 - محمد بن ياسين بن بشر بن أبي طاهر البلدي قال أبو بكر الخلال: سمعته يقول: سألت أبا عبد اللَّه عن النظر في الرأي. فقال: عليك بالسنة. فقلت له: يا أبا عبد اللَّه صاحب حديث ينظر في الرأي إنما يريد أن يعرف رأي من خالفه. فقال: عليك بالسنة (¬2). 321 - محمد بن يحيى الكحال، أبو جعفر البغدادي المتطبب. قال أبو بكر الخلال: كانت عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل كثيرة حسان مشبعة، وكان من كبار أصحاب أبي عبد اللَّه، وكان يقدمه ويكرمه (¬3). 322 - محمد بن يزيد الطرسوسي، أبو بكر المستملي قال الخلال: انحدر مع أبي عبد اللَّه من طرسوس أيام المأمون، وكان المروذي يذكر له ذلك، ويشكره، ويقول: مرضت، فكان يحملني على ظهره، وعنده عن أبي عبد اللَّه مسائل حسان وقعت إلينا متفرقة. وقال ابن عدي: يسرق الحديث، ويزيد فيه ويضع (¬4). 323 - محمود بن خالد، أبو أحمد الخانقيني قال ابن أبي حاتم: روى عن محمد بن سلام الجمحي، وعبيد اللَّه القواريري. كتبت عنه، وكان صدوقا (¬5). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 395. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 283. (¬3) "طبقات الحنابلة" 2/ 284. (¬4) "الكامل" لابن عدي 7/ 539، "طبقات الحنابلة" 2/ 391. (¬5) "الجرح والتعديل" 8/ 291، "طبقات الحنابلة" 2/ 420.

324 - المنذر بن شاذان الرازي، أبو عمرو التمار

324 - المنذر بن شاذان الرازي، أبو عمرو التمار روى عن يعلى بن عبيد، وخالد بن مخلد القطواني، وزكريا بن عدي، ومعلى ابن منصور الرازي، وأحمد بن إسحاق الحضرمي. قال ابن أبي حاتم: كتبنا عنه، وهو صدوق. سئل أبي عنه، فقال: لا بأس به. ذكره أبو بكر الخلال فقال: كان عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل صالحة كلها غرائب، وهو رجل معروف مشهور (¬1). 325 - موسى بن سعيد بن النعمان بن بسام الثغري، الدنداني أبو بكر الطرسوسي، المعروف بالدنداني. روى عن: إبراهيم بن أبي الليث، وأبي عمر حفص بن عمر الحوضي، وأبي اليمان الحكم بن نافع، وابن أبي شيبة، وعبد اللَّه بن مسلمة القعنبي، ومسدد. وروى عنه: النسائي، وعبد اللَّه بن محمد الحامض، وأبو عوانة الإسفراييني. قال النسائي: لا بأس به. وقال الخلال: سمعنا منه. . ثقة، رفيع القدر، من أهل الثغر، كانت عنده مسائل حسان، سمعتها من رجل بطرسوس عنه (¬2). 326 - موسى بن عيسى الجصاص البغدادي ذكره الخلال فقال: ورع متخل زاهد، سمع يحيى القطان وابن مهدي، ونحوهما. وكان لا يحدث إلا بمسائل أبي عبد اللَّه وشيء سمعه من أبي سليمان الداراني في الزهد والورع، وكانت عنده مسائل كثيرة عن أبي عبد اللَّه، فحدثني بشيء صالح منها الحسن بن أحمد الوراق، وقال: إن الباقي ضاع مني، فمضيت إلى الحربية إلى منزل ابنته، قلنا: لعلنا نجد الأصول، وحرصنا على ذلك، فلم نقدر منها على شيء. وقد حدث عنه بشيء من المسائل أبو بكر المطوعي، وأبو بكر بن حماد. قال الخطيب: من متقدمي أصحاب أحمد بن ¬

_ (¬1) "الجرح والتعديل" 8/ 244، "طبقات الحنابلة" 2/ 432. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 398، "تهذيب الكمال" 29/ 70.

327 - نعيم بن طريف الضبي

حنبل، وهو رجل رفيع القدر جدًّا (¬1). 327 - نعيم بن طريف الضبي نعيم بن طريف بن معروف بن عمرو بن حُزَابة بن نعيم بن عمرو بن مالك الضبي. يروي عن أبيه. وروى عنه موسى بن سهل الرملي. نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال عن أحمد في تفسير حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يزال اللَّه يغرس في هذا الدين غرسًا". قال: هم أصحاب الحديث (¬2). 328 - يحيى بن يزداد أبو الصقر الوراق وراق الإمام أحمد. قال الخلال: كان مع أبي عبد اللَّه بالعسكر، وعنده جزء مسائل حسان في الحمى، والمساقاة، والمزارعة، والصيد، واللقطة (¬3). 329 - يحيى بن خاقان كان ينفذه المتوكل إلى الإمام أحمد كثيرًا، ويسأله عن أشياء. قال المروذي: قال لي أبو عبد اللَّه: قد جاءني يحيى بن خاقان ومعه شُوَي، فجعل يقلله أبو عبد اللَّه، قلت له: قالوا: إنه ألف دينار، قال: هكذا قال، قال: فرددتها عليه، فبلغ الباب، ثم رجع فقال: إن جاءك أحد من أصحابك بشيء تقبله؟ قلت: لا (¬4). 330 - يحيى بن زكريا بن عيسى المروزي، أبو زكريا المعروف بالسني. روى عن: شيبان بن فروخ، وسعيد بن سليمان الواسطي، وقتيبة بن سعيد، وإسحاق بن راهويه. قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، وهو صدوق ثقة. وقال الخلال: عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل حسان، أخبرنا بها الحسن بن الحسين بطرسوس عنه عن أحمد (¬5). ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 13/ 42، "طبقات الحنابلة" 2/ 403. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 497، "تهذيب الكمال" 29/ 76، "لسان الميزان" 3/ 620. (¬3) "طبقات الحنابلة" 2/ 542. (¬4) "طبقات الحنابلة" 2/ 524. (¬5) "الجرح والتعديل" 9/ 145، "طبقات الحنابلة" 2/ 524.

331 - يعقوب بن إسحاق بن بختان أبو يوسف

331 - يعقوب بن إسحاق بن بختان أبو يوسف روى عن مسلم بن إبراهيم، والإمام أحمد. وروى عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، وجعفر الصندلي، وأحمد بن محمد بن أبي شيبة. قال الخطيب: كان أحد الصالحين الثقات. وقال ابن أبي الدنيا: كان من خيار المسلمين. وقال الخلال: كان جار أبي عبد اللَّه وصديقه، وروى عن أبي عبد اللَّه مسائل صالحة كثيرة لم يروها غيره في الورع، ومسائل صالحة في السلطان (¬1). 332 - يعقوب بن العباس الهاشمي قال الخلال: عنده عن أبي عبد اللَّه مسائل صالحة حسان مشبعة، وقد كنت سألت ابنه هارون غير مرة، وكان يعدني، ثم خرجت إلى طرسوس، فسمعتها من الحسن بن صالح العطار عنه عن أبيه، وقدمت وقد مات هارون (¬2). 333 - يعقوب بن موسى بن الفيرزان، ابن أخي معروف الكرخي أبو يوسف. حكى عن عمه معروف حكايات رواها عنه إسحاق بن إبراهيم الختلي، وأحمد بن محمد ابن مسروق الطوسي (¬3). 334 - يوسف بن بكر بن عبد الرحمن، أبو القاسم التميمي بغدادي؛ سكن حمص وتولى قضاءها، وحدث بها عن: علي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وأسود بن عامر. وروى عنه: يحيى بن صاعد، وعباس الشكلي، وعلي بن سراج المصري. قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه بحمص. وقال البرقاني: رأيت بخط الدارقطني مكتوبا: يوسف بن بكر ليس بالقوي (¬4). 335 - يوسف بن موسى العطار الحربي كان ينزل في مربعة الخرسي، روى عن الإمام أحمد مسائل كثيرة. حدث عنه ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 14/ 280، "طبقات الحنابلة" 2/ 554. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 559. (¬3) "تاريخ بغداد" 14/ 276، "طبقات الحنابلة" 2/ 560. (¬4) "الجرح والتعديل" 9/ 219، "تاريخ بغداد" 14/ 305، "طبقات الحنابلة" 2/ 565.

* ثانيا: الكنى

أبو بكر الخلال، وأثنى عليه ثناءً حسنًا، وقال: كان يوسف هذا يهوديا أسلم على يدي أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل وهو حدث، فحسن إسلامه، ولزم العلم، وأكثر من الكتاب، ورحل في طلب العلم، وسمع من قوم أجلة، ولزم أبا عبد اللَّه حتى كان ربما يتبرم به من كثرة لزومه (¬1). * ثانيا: الكنى 336 - أبو السري الملقب سمع يحيى بن معين. وروى عنه محمد بن مخلد الدوري (¬2). 337 - أبو عبد اللَّه السلمي حدث عن ضمرة بن ربيعة، وأبي داود الطيالسي، وإبراهيم بن عيينة. وروى عنه عبد اللَّه بن أحمد (¬3). * ثالثا: النساء 338 - حُسن جارية الإمام أحمد اشتراها الإمام أحمد بعد موت زوجته أم ابنه عبد اللَّه، ولدت منه: أم علي واسمها زينب، ثم ولدت الحسن والحسين تؤمًا وماتا بالقرب من ولادتهما، ثم ولدت أيضا الحسن ومحمدًا فعاشا حتى صارا من السن إلى نحو الأربعين سنة، ثم ولدت بعدهما سعيدا. قال حنبل: وُلد سعيد قبل موت أحمد بنحو من خمسين يومًا (¬4). 339 - خديجة، أم محمد كانت تغشى أبا عبد اللَّه، وتسمع منه. حدثت عن: يزيد بن هارون، وإسحاق ابن يوسف الأزرق، وأبي النضر هاشم بن القاسم. وروى عنها عبد اللَّه بن أحمد. ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 14/ 308، "طبقات الحنابلة" 2/ 566. (¬2) "تاريخ بغداد" 14/ 422، "طبقات الحنابلة" 2/ 566. (¬3) "طبقات الحنابلة" 2/ 576. (¬4) "طبقات الحنابلة" 2/ 585.

340 - ريحانة بنت عم الإمام أحمد

قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثتني خديجة أم محمد سنة ست وعشرين ومائتين، وكانت تجيء إلى أبي وتسمع منه ويحدثها (¬1). 340 - ريحانة بنت عم الإمام أحمد زوجته وأم ابنه عبد اللَّه، لم يولد له منها غيره. وكانت بعين واحدة. روى خطاب بن بشر أنها قالت لأحمد بعد ما دخلت عليه بأيام: هل تنكر مني شيئًا؟ فقال: لا إلا هذا النعل الذي تلبسينه لم يكن على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. قال: فباعته، واشترت مقطوعا فكانت تلبسه (¬2). 341 - عباسة بنت الفضل زوجة الإمام أحمد، وأم ابنه صالح، كان أحمد يثني عليها، وسمعت منه أشياء، وماتت في حياته. قال زهير بن صالح بن أحمد: تزوج جدي أم أبي عباسة بنت الفضل، وهي من العرب من الربض، ولم يولد له منها غير أبي، ثم توفيت، وقال أحمد: أقامت أم صالح معي عشرين سنة فما اختلفت أنا وهي في كلمة (¬3). 342 - مخة بنت الحارث أخت بشر، وكان له أختان غيرها إحداهما مضغة، والأخرى زبدة، وكان الثلاث أخوات مذكورات بالعبادة والورع، وأكبرهن مضغة وهي أكبر من بشر. ولها قصة ذكرناها في كتاب الزهد والأدب (¬4). ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 14/ 435، "طبقات الحنابلة" 2/ 580. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 584، "المناقب" لابن الجوزي ص 374. (¬3) "تاريخ بغداد" 14/ 428، "طبقات الحنابلة" 2/ 583، "المناقب" لابن الجوزي ص 373، "سير أعلام النبلاء" 11/ 185. (¬4) "تاريخ بغداد" 14/ 436، "طبقات الحنابلة" 2/ 581. وانظر قصتها في المجلد العشرين من "الجامع".

* الرواة الذين لم نجد لهم ترجمة إلا ذكر بعض مروياتهم

* الرواة الذين لم نجد لهم ترجمة إلا ذكر بعض مروياتهم 343 - إبراهيم بن أبان الموصلي عنده عن الإمام أحمد مسائل، منها قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وجاءه رجل فقال: إني سمعت أبا ثور يقول: إن اللَّه خلق آدم على صورة نفسه. فأطرق طويلا، ثم ضرب بيده على وجهه، ثم قال: هذا كلام سوء (¬1). 344 - إبراهيم بن جابر المروزي نقل عن الإمام أحمد قال: كنا نجالس أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل رحمهُ اللَّه، فنذكر الحديث، ونحفظه، ونتقنه، فإذا أردنا أن نكتبه، قال: الكتاب أحفظ (¬2). 345 - إبراهيم بن جعفر نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قلت لأحمد: الرجل يبلغني عنه صلاح فأذهب أصلي خلفه. قال لي أحمد: انظر ما هو أصلح لقلبك فافعله (¬3). 346 - إبراهيم بن سعيد الأطروش روى عن الإمام أحمد أشياء منها قال: سألت أحمد بن حنبل عن قتل الجهمية. فقال: أرى قتل الدعاة منهم (¬4). 347 - إبراهيم بن عبد اللَّه بن مهران الدينوري نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سئل أبو عبد اللَّه عن صدقة الفطر متى تعطى؟ قال: قبل أن يخرج إلى الصلاة. قيل له: فإن خرج؟ قال: كان ابن عمر يعطي قبل ذلك بيوم أو يومين (¬5). 348 - إبراهيم بن محمد بن الحسن نقل عن الإمام أشياء، منها قال: حضرت أحمد بن حنبل، وقد أدخل على ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 1/ 236. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 236. (¬3) "طبقات الحنابلة" 1/ 247. (¬4) "طبقات الحنابلة" 1/ 243. (¬5) "طبقات الحنابلة" 1/ 246.

349 - إبراهيم بن موسى بن آزر

الخليفة، وعنده ابن أبي دؤاد، وأبو عبد الرحمن أحمد بن يحيى الشافعي، فأجلس بين يدي الخليفة فقال لأبي عبد الرحمن: أي شيء تحفظ عن الشافعي في المسح؟ قال ابن أبي دؤاد: انظروا رجلا هو ذا يقدم لضرب العنق يناظر في الفقه (¬1). 349 - إبراهيم بن موسى بن آزر روى عنه ابنه إسحاق بن إبراهيم. ونقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: حضرت أحمد بن حنبل، وسأله رجل عما جرى بين علي ومعاوية، فأعرض عنه (¬2). 350 - أحمد بن إبراهيم الكوفي نقل عن الإمام أحمد أشياء منها قال: إن دعا في الصلاة بحوائجه أرجو (¬3). 351 - أحمد بن أبي بكر بن حماد المقرئ نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سألت أبا عبد اللَّه عن حسين الكرابيسي. فقال: جهمي (¬4). 352 - أحمد بن الربيع بن دينار نقل عن الإمام أحمد أشياء منها قال: قال أحمد: بلغني أن الكوسج يروى عني مسائل بخراسان اشهدوا أني قد رجعت عن ذلك كله (¬5). 353 - أحمد بن زرارة المقرئ، أبو العباس روى عن الإمام أحمد قال: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل يقول: من لم يربع بعلي بن أبي طالب في الخلافة فلا تكلموه، ولا تناكحوه (¬6). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 1/ 249. (¬2) "تاريخ بغداد" 6/ 44، "طبقات الحنابلة" 1/ 250. (¬3) "طبقات الحنابلة" 1/ 47. (¬4) "طبقات الحنابلة" 1/ 88. (¬5) "طبقات الحنابلة" 1/ 94. وقد رُوي أنه رضي بها لما عرضها عليه الكوسج بعد ذلك، وإنما قال ذلك لمَّا بلغه أنَّ الكوسج يأخذ عليها أجرًا. انظر مقدمة تحقيقنا لمسائل الكوسج - نشر دار الهجرة. وكذلك ما سيأتي هنا في ترجمته المفصلة. (¬6) "طبقات الحنابلة" 1/ 99.

354 - أحمد بن سعد الجوهري

354 - أحمد بن سعد الجوهري روى عن الإمام أحمد أشياء، منها: قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما أحد على أهل الإسلام أضر من الجهمية، ما يريدون إلا إبطال القرآن، وأحاديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). 355 - أحمد بن سعيد، أبو العباس اللحياني نقل عن الإمام أحمد أشياء منها قال: سألت أحمد عن النسب بأي شيء يثبت؟ قال: بإقرار الرجل أنه ابنه أو يُهَنَّأُ به فلا يُنكر، أو يُولد على فراشه (¬2). 356 - أحمد بن شاذان بن خالد الهمذاني روى عن الإمام أشياء، منها قال: سمعت أحمد يقول: من قال: لفظه بالقرآن مخلوق، فهو جهمي مخلد في النار خالدا فيها. ثم قال: وهذا شرك باللَّه العظيم (¬3). 357 - أحمد بن شاكر نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إذا لم يرفع -يعني يديه في الصلاة- فهو ناقص الصلاة (¬4). 358 - أحمد بن الشهيد نقل عن الإمام أحمد أشياء منها قال: عزاني أحمد بن حنبل فقال: آجرنا اللَّه، وإياك في هذا الرجل (¬5). 359 - أحمد بن صالح بن الإمام أحمد نقل عن جده الإمام أحمد، قال محمد بن أحمد بن صالح بن حنبل: حدثنا أبي أحمد بن صالح، حدثنا جدي أحمد بن حنبل، حدثنا روح بن عبادة، عن مالك ابن أنس، عن سفيان الثوري، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عائشة قالت: كنت ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 1/ 107. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 100. (¬3) "طبقات الحنابلة" 1/ 109. (¬4) "طبقات الحنابلة" 1/ 111. (¬5) "طبقات الحنابلة" 1/ 112.

360 - أحمد بن الصباح الكندي

أغتسل أنا، ورسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من إناء، واحد (¬1). 360 - أحمد بن الصباح الكندي نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها ما نقله الخلال في كتاب "السنة" قال: أخبرني أحمد بن الصباح الكندي بالقلزم قال: سألت أحمد بن حنبل كم بيننا، وبين عرش ربنا؟ قال: دعوة مسلم يجيب اللَّه دعوته (¬2). 361 - أحمد بن عمر بن هارون أبو سعيد البخاري حدث عن الإمام أحمد، فيما ذكره أحمد المؤرخ بإسناده عنه قال: كنت عند أحمد بن حنبل فناوله رجل مصري كتابًا، وقال له: يا أبا عبد اللَّه هذه أحاديثك أرويها عنك فنظر في الكتاب، وقال له: إن كان عني فاروه (¬3). 362 - أحمد بن القاسم الطوسي حكى عن الإمام أحمد أشياء، منها أنه كان إذا نظر إلى نصراني غمض عينيه، فقيل له في ذلك. فقال: لا أقدر أنظر إلى من افترى على اللَّه، وكذب عليه (¬4). 363 - أحمد بن محمد بن يحيى الكحال نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الأسير يخرج من بلاد الروم، ومعه علج، فيقول العلج: أنا خرجت به، ويقول الأسير: أنا خرجت به. قال: أولى أن يقبل قول المسلم (¬5). 364 - أحمد بن محمود الساوي ذكره أبو بكر الخلال في الأصحاب. قال: قال أحمد بن محمود الساوي: رأيت أبا عبد اللَّه جاء يعزي أبا طالب فوقف بباب المسجد فقال: عظم اللَّه ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 4/ 203، "طبقات الحنابلة" 1/ 119. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 120. (¬3) "طبقات الحنابلة" 1/ 124. (¬4) "طبقات الحنابلة" 1/ 136. (¬5) "طبقات الحنابلة" 1/ 182.

365 - أحمد بن المستنير

أجركم، وأحسن عزاءكم، ثم جلس، ولم يقصد أحدا منهم (¬1). 365 - أحمد بن المستنير حدث عن الإمام بأشياء، منها: سئل أحمد: لو أن رجلا كَتب كُتب وكيع، كان يتفقه بها. قال: لا. قال: فلو كتب كُتب ابن المبارك كان يتفقه بها. قال: نعم (¬2). 366 - أحمد بن المصفى الحمصي نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: رحل أحمد بن حنبل إلى الشام لزيارة محمد بن يوسف الفريابي فنزل عندنا بحمص فأقام أياما يُقرأ عليه، ثم ورد الخبر بموت الفريابي فضاق صدره وحزن لذلك (¬3). 367 - أحمد بن هشام نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سألت أحمد عن رجل أصاب ثوبه بول فنسي فصلى فيه. فقال: يعيد الصلاة من قليل البول وكثيره (¬4). 368 - أحمد بن يحيى بن حيان الرقي قال: سئل أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل، وأنا حاضر ما معنى، وضع اليمين على الشمال في الصلاة؟ فقال: ذل بين يدي عز. قال أبو الحسن المصري: لم يصح عندي في العلم أحسن من هذا (¬5). 369 - أحمد بن يزيد الوراق نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها: قال: سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن الهمز الشديد. فقال: لا يعجبني الهمز الشديد (¬6). 370 - إسحاق بن بنان نقل عن الإمام أحمد أشياء منها قال: قال أحمد: سمعته يقول -يعني بشرا: ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 1/ 188. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 185. (¬3) "طبقات الحنابلة" 1/ 195. (¬4) "طبقات الحنابلة" 1/ 207. (¬5) "طبقات الحنابلة" 1/ 212. (¬6) "طبقات الحنابلة" 1/ 213.

371 - إسحاق بن حسان الكوفي

قال إبراهيم بن أدهم: ما صدق اللَّهَ عبدٌ أحب الشهرة (¬1). 371 - إسحاق بن حسان الكوفي قال: ماتت أهلي، وتركت ولدا، فكتبت إلى أحمد بن حنبل أشاوره في التزوج، فكتب إلي تزوج ببكر، واحرص على ألا يكون لها أم (¬2). 372 - إسحاق بن حية، أبو يعقوب الأعمش ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن أحمد. قال: سئل أحمد عن الزكاة تخرج من بلد إلى بلد قال: لا (¬3). 373 - إسماعيل ابن أخت ابن المبارك جالس الإمام أحمد، وسأله فيما حدث المروذي قال: سمعت إسماعيل بن أخت ابن المبارك يكلمه في الدخول على الخليفة. فقال له أبو عبد اللَّه: قد قال خالك -يعني ابن المبارك: لا تأتهم فإن أتيتهم فاصدقهم، فأنا أخاف ألا أصدقهم (¬4). 374 - إسماعيل بن العلاء قال: دعاني الكَلْوذاني رزق اللَّه بن موسى فقدم إلينا طعاما كثيرا، وكان في القوم أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو خيثمة، وجماعة، فقدم لوزينج أنفق عليها ثمانين درهما. فقال أبو خيثمة: هذا إسراف. فقال أحمد: لا، لو أن الدنيا جمعت حتى تكون في مقدار لقمة، ثم أخذها امرؤ مسلم فوضعها في فم أخيه المسلم لما كان مسرفا (¬5). 375 - جعفر الأنماطي قال: حضرت أبا عبد اللَّه يوما، وهو يقرأ علينا فجاء رجل إلى رجل معه نسخة ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 1/ 293. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 302. (¬3) "طبقات الحنابلة" 1/ 301. (¬4) "طبقات الحنابلة" 1/ 280. (¬5) "طبقات الحنابلة" 1/ 279.

376 - جعفر بن أحمد بن شاكر

فقال: أسمعُ معك؟ قال: لا، وإن سمعت لم أعطك. فسمع أحمد كلامه فأطبق الكتاب، وطأطأ رأسه، وسكت، حتى ظن الرجل المانع أنه إنما فعل ذلك لكلامه. فقال له: تعال اسمع معي. قال له: على أني إن سمعت معك تعطيني. قال: نعم، أعطيك. فلما سمع أحمد قوله فتح الكتاب، وقرأ (¬1). 376 - جعفر بن أحمد بن شاكر روى عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سمعت أبا عبد اللَّه وسأله رجل: ما تقول في رجل حلف على غريم له ألا يفارقه حتى يستوفي حقه ما عليه، فإن أعطاه به ضمينا أو رهنا، هل يخرجه ذلك من يمينه؟ فقال أبو عبد اللَّه: لا يخرجه (¬2). 377 - جعفر بن محمد بن معبد المؤدب سأل الإمام أحمد عن أشياء، منها قال: رأيت أحمد يصلي بعد الجمعة ست ركعات، ويفصل في كل ركعتين (¬3). 378 - الحسن بن أحمد بن أبي الليث الرازي صحب الإمام أحمد، قال: دفعت إلى أحمد بن حنبل رقعة من الحسن بن الصباح فيها مسألة يسأل عنها فقال: كيف تركت أبا علي فقلت: قد أخذته ريح في ظهره، وقد أحنته فقال: عافاه اللَّه بقاؤه صالح لهذه الأمة (¬4). 379 - الحسن بن أيوب البغدادي روى عنه الحسن بن علي بن نصر الطوسي، روى عن الإمام أحمد أشياء قال: قيل له: أحياك اللَّه يا أبا عبد اللَّه على الإسلام، قال: والسنة (¬5). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 1/ 342. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 332. (¬3) "طبقات الحنابلة" 1/ 331. (¬4) "طبقات الحنابلة" 1/ 348، 368. (¬5) "تاريخ بغداد" 7/ 287، "طبقات الحنابلة" 1/ 351.

380 - الحسن بن الحسين

380 - الحسن بن الحسين نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها في المذي يصيب الثوب يغسل، ليس في القلب منه شيء (¬1). 381 - الحسن بن زياد نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: قلت لمحمد بن عبدة: كان أبوك عبدة نازلا عندي ببغداد، فجاءه أحمد بن حنبل، وأهل الحلقة يسلمون عليه بقدومه. فقال أبو سعيد الحداد لعبدة: يكون أحد يدخل في عمل السلطان يسلم من الدماء؟ فقال عبدة: لا. فقال أحمد: ينبغي أن تكتب كلام أبي محمد (¬2). 382 - الحسن بن محمد بن الحارث السجستاني قال: قلت لأبي عبد اللَّه: التخلي أعجب إليك. فقال: التخلي على علم (¬3). 383 - الحسن بن منصور الجصاص ذكره أبو بكر الخلال فيمن روى عن الإمام أحمد، قال: قلت: لأحمد بن حنبل إلى متى يكتب الرجل؟ قال: حتى يموت (¬4). 384 - الحسن بن الهيثم البزاز ذكره أبو بكر الخلال فقال: أخبرنا الحسن بن الهيثم البزاز قال: قلت: لأحمد بن حنبل إني أطلب العلم، وإن أمي تمنعني من ذلك تريد مني أن أشتغل بالتجارة. قال لي: دَارِها، وأرضِها، ولا تدع الطلب (¬5). 385 - الحسن بن الوضاح، أبو محمد المؤدب حدث عن الإمام أحمد قال: حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن أبي سهل، عن سعيد بن المسيب قال: ما أذن المؤذن منذ ثلاثين ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 1/ 352. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 354. (¬3) "طبقات الحنابلة" 1/ 371. (¬4) "طبقات الحنابلة" 1/ 375. (¬5) "طبقات الحنابلة" 1/ 375.

386 - الحسين بن إسحاق، أبو علي الخرقي

سنة إلا، وأنا في المسجد (¬1). 386 - الحسين بن إسحاق، أبو علي الخرقي سأل الإمام أحمد عن أشياء، منها قال: سألته -يعني أحمد بن حنبل- عن المسح على العمامة. فقال: لا بأس، ولكن إذا خلعها خلع وضوءه مثل الخفين (¬2). 387 - الحسين بن بشار المخرمي قال الخلال: أخبرني الحسين بن بشار المخرمي قال: سألت أحمد بن حنبل عن مسألة في الطلاق فقال: إن فعل حنث. فقلت: يا أبا عبد اللَّه اكتب لي بخطك، فكتب لي في ظهر الرقعة: قال أبو عبد اللَّه: إن فعل حنث (¬3). 388 - حمدويه بن شداد نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سمعت أحمد بن حنبل، وذكروا عنده أبا ثور، فقال: لا تؤذوني بمجالسته (¬4). 389 - خشنام بن سعد نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سألت أحمد قلت: نكتب الحديث عمن يأخذ الدراهم على الحديث؛ قال: لا تكتب عنه (¬5). 390 - دلان أبو الفضل الرازي قال: سلمت على أحمد بن حنبل فلم يرد عليَّ السلام، وكانت عليَّ جبة سوداء (¬6). 391 - سعيد بن أبي سعد، أبو نصر الأرطائي قال: سمعت أحمد، وسئل عن الصلاة خلف المبتدعة؛ فقال: أما الجهمية ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 1/ 378. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 379. (¬3) "طبقات الحنابلة" 1/ 381. (¬4) "طبقات الحنابلة" 1/ 403. (¬5) "طبقات الحنابلة" 1/ 407. (¬6) "طبقات الحنابلة" 1/ 415.

392 - سعيد بن محمد الرفاء

فلا، وأما الرافضة الذين يردون الحديث فلا (¬1). 392 - سعيد بن محمد الرفاء قال: سألت أبا عبد اللَّه عن أمر مكة. فقال: دخلت صلحا. فقلت: وأي شيء في ذلك؟ فقال: حديث الزهري (¬2). 393 - سليمان بن سافري الواسطي قال: كنت في مجلس أحمد، فقال له رجل: يا أبا عبد اللَّه رأيت يزيد بن هارون في النوم، فقلت: له ما فعل اللَّه بك؟ قال: غفر لي، ورحمني، وعاتبني (¬3). 394 - سليمان بن عبد اللَّه، أبو مقاتل حدث عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: هاهنا رجل خلقه اللَّه لهذا الشأن يظهر الكذابين -يعني يحيى بن معين (¬4). 395 - سليمان بن عبد اللَّه السجزي نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها المحنة (¬5). 396 - سليمان القصير قال: قلت لأحمد: يا أبا عبد اللَّه أيش تقول في رجل ليس عنده شيء، وله قرابة عندهم وليمة، ترى أن يقترض ويهدي لهم؟ قال: نعم (¬6). 397 - سليمان بن المعافى بن سليمان الحراني حدث عن الإمام أحمد، قال: حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا يحيى بن سعيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي أنه قال لجابر الجعفي: لا تموت حتى تأتيهم بالكذب. قال: فما مات حتى أتاهم بالكذب عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬7). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 1/ 445. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 446. (¬3) "طبقات الحنابلة" 1/ 433. (¬4) "طبقات الحنابلة" 1/ 452. (¬5) "طبقات الحنابلة" 1/ 437. (¬6) "طبقات الحنابلة" 1/ 443. (¬7) "طبقات الحنابلة" 1/ 434.

398 - شاهين بن السميدع

398 - شاهين بن السميدع أبو سلمة العبدي، نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: الواقفة أشر من الجهمية، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر (¬1). 399 - صالح بن أحمد الحلبي ذكره أبو بكر الخلال في "أخلاق أحمد" فقال: أخبرنا صالح بن أحمد الحلبي قال: سمعت أحمد بن حنبل يجهر بآمين في الصلاة يمد بها صوته خلف الإمام (¬2). 400 - صالح بن علي الحلبي نقل عن الإمام أشياء، منها قال: سئل أي التسليمتين أرفع؟ قال: الأولى (¬3). 401 - صالح بن موسى بن حيدرة، أبو الوجيه ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن أحمد، قال أبو الوجيه: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ومن يفلت من التصحيف لا يفلت أحد منه (¬4). 402 - صغدي بن الموفق، أبو ميمون السراج ذكره أبو بكر الخلال، وأبو أحمد المؤرخ فيمن روى عن الإمام أحمد. من ذلك قال: حدثنا أحمد، حدثنا عبد الرزاق قال: قدم علينا سفيان الثوري صنعاء، وطبخت له قدر سكباج، فأكل، ثم أتيته بزبيب الطائف، فأكل، ثم قال: يا عبد الرزاق اعلف الحمار وكُدَّه، ثم قام يصلي حتى الصباح (¬5). 403 - طاهر بن محمد بن نزار، أبو الطيب أحد الأصحاب قال: حدثنا أحمد بن حنبل في السجن، والقيد في رجله قال: حدثني بعض أصحابنا عن الأشجعي عن سفيان في قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: 3] قال: وصفناه (¬6). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 1/ 459. (¬2) "طبقات الحنابلة" 1/ 467. (¬3) "طبقات الحنابلة" 1/ 470. (¬4) "طبقات الحنابلة" 1/ 472. (¬5) "طبقات الحنابلة" 1/ 473. (¬6) "طبقات الحنابلة" 1/ 476.

404 - طالب بن حرة الأذني

404 - طالب بن حرة الأذني قال أبو بكر الخلال: أخبرنا طالب بن حرة الأذني قال: حضرت أحمد بن حنبل فقال: علامة المريد قطيعة كل خليط لا يريد ما تريد (¬1). 405 - العباس بن أحمد اليمامي المستملي من طرسوس، ممن نقل عن الإمام أحمد، قال: سئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يسمع النفير، وتقام الصلاة. قال: يصلي ويخفف. قال له: الرجل يخفف الركوع، والسجود. قال: لا، ولكن يقرأ سورا صغارا، ويتم الركوع، والسجود (¬2). 406 - العباس بن مشكويه الهمذاني نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها: خبر المحنة (¬3). 407 - عبد اللَّه بن جعفر، أبو بكر روى عن الإمام أحمد أشياء، منها: سئل أحمد عن الرجل يكتب الحديث فيكثر. قال: ينبغي أن يكثر العمل به على قدر زيادته في الطلب (¬4). 408 - عبد اللَّه بن يزيد العكبري نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سمعت رجلا يسأل أحمد بن حنبل فقال: ما تقول في القراءة بالألحان؟ فقال أبو عبد اللَّه: ما اسمك؟ فقال: محمد. قال: فيسرك أن يقال لك: يا موحمد، ممدودا (¬5). 409 - عبد السلام نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: قلت لأبي عبد اللَّه: إن بطرسوس رجلا قد سمع رأي عبد اللَّه بن المبارك يفتي به. قال: هذا من ضيق علم الرجل، يقلد دينه رجلا لا يكون واسعا في العلم (¬6). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 1/ 477. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 151. (¬3) "طبقات الحنابلة" 2/ 164. (¬4) "طبقات الحنابلة" 2/ 22. (¬5) "طبقات الحنابلة" 2/ 49. (¬6) "طبقات الحنابلة" 2/ 102.

410 - عبد الصمد بن الفضل

410 - عبد الصمد بن الفضل قال: سئل أحمد بن حنبل عن تفسير الكلبي. فقال: من أوله إلى آخره كذب (¬1). 411 - عبد الصمد بن يحيى قال: قال لي شاذان: اذهب إلى أبي عبد اللَّه فقل: ترى لي أن أحدث بحديث قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال: "رأيت ربي عز وجل في صورة شاب" (¬2) قال: فأتيت أبا عبد اللَّه فقلت له. فقال لي: قل له يحدث به، قد حدث به العلماء (¬3). 412 - عبدوس بن عبد الواحد، أبو السري روى عن الإمام أحمد أشياء، منها: قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت: رجل حج من الديوان أترى له أن يعيد؟ قال: نعم (¬4). 413 - عثمان بن أحمد الموصلي صحب الإمام أحمد، قال: كان أبو عبد اللَّه في جنازة، فلما انتهى إلى القبر. رأى رجلا يقرأ على قبر فقال: أقيموه، وقائم إلى جنبه محمد بن قدامة الجوهري، فقال له: يا أبا عبد اللَّه كيف مبشر بن إسماعيل عندك؟ فقال: ثقة. فقال: فإنه حدثنا عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج قال: قال لي أبي: إذا أنا مت فوضعتني في لحدي فسو قبري، واقعد عند قبري، واقرأ فاتحة سورة البقرة، وخاتمتها، فإني رأيت عمر يفعل ذلك. فقال أبو عبد اللَّه: ابعثوا إلى ذلك فردوه (¬5). 414 - عثمان بن الحارثي النخاس قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أفضل التابعين سعيد بن المسيب. فقال له رجل: فعلقمة، والأسود؟ فقال: سعيد بن المسيب، وعلقمة، والأسود (¬6). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 105. (¬2) انظر تخريجه في مسائل العقيدة. (¬3) "طبقات الحنابلة" 2/ 103. (¬4) "طبقات الحنابلة" 2/ 165. (¬5) "طبقات الحنابلة" 2/ 115. (¬6) "طبقات الحنابلة" 2/ 116.

415 - عقبة بن مكرم

415 - عِقبة بن مكرم روى عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سألت أبا عبد اللَّه قلت: هؤلاء الذين يأكلون قليلا، ويقللون مطعمهم. فقال: ما يعجبني، سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: فعل قوم هكذا فقطعهم عن الفرض (¬1). 416 - علي بن أبي خالد قال: قلت لأحمد: إن هذا الشيخ -لشيخ حضر معنا- هو جاري، وقد نهيته عن رجل، ويحب أن يسمع قولك فيه، حارث المحاسبي كنت رأيتني معه منذ سنين كثيرة، فقلتَ لي: لا تجالسه، ولا تكلمه. فلم أكلمه حتى الساعة، وهذا الشيخ يجالسه فما تقول فيه؟ فرأيت أحمد قد احمر لونه، وانتفخت أوداجه وعيناه، ثم جعل ينتفض ويقول: ذاك فعل اللَّه به وفعل، ليس يعرف ذاك إلا من خبره (¬2). 417 - علي بن أبي صبح السواق حكى عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: كنا في وليمة، فجاء أحمد بن حنبل، فلما دخل نظر إلى كرسي في الدار عليه صورة، فخرج، فلحقه صاحب المنزل، فنفض يده في وجهه، وقال: زي المجوس! زي المجوس! وخرج (¬3). 418 - علي بن أحمد الأنماطي نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سئل أحمد بن حنبل ما يقول الرجل بين التكبيرتين في العيدين؟ قال: يقول: سبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إلا اللَّه، ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 176. وقال البردي في "تسهيل السابلة" 1/ 293: في الطبقة اثنان اسم كل منهما عقبة بن مكرم، أحدهما: أبو عبد الملك البصري الحافظ العمي، يروي عن غندر وطبقته، وهو ثبت حجة، توفي سنة ثلاث وأربعين ومائتين. والثاني: هو الضبي الكوفي، روى عن ابن عيينة ويونس بن بكير، ولم تقع له الرواية في الكتب الستة، وتوفي سنة أربع وثلاثين ومائتين، وكان صدوقا. ولعل المذكور هو الأخير، واللَّه أعلم. وانظر "تهذيب التهذيب" 3/ 127. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 325. (¬3) "طبقات الحنابلة" 2/ 150.

419 - علي بن الحسن المصري

واللَّه أكبر، اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، واغفر لنا، وارحمنا (¬1). 419 - علي بن الحسن المصري نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سألت أحمد عن العود، والطنبور، والطبل يراه الرجل مكشوفا. قال: يكسره (¬2). 420 - علي بن الحسن بن زياد قال: كان أبي صديقا لأحمد بن حنبل فركبه الدَّين فوجه بي إلى أحمد بن حنبل، فقال: قل له يا أبا عبد اللَّه قد ركبني الدين، فترى لي أن اعمل مع هؤلاء بقدر ما أقضي ديني؟ قال: فقال لي: قل له: لا، يموت بدَينه، ولا يعمل معهم، قل له: يلقى اللَّه عز وجل، ولا يعمل معهم (¬3). 421 - علي بن الخواص نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سألت أحمد قلت: ختنٌ لي، زوج أختي، يشرب من هذا المسكر أفرق بينهما؟ قال: اللَّه المستعان (¬4). 422 - علي بن شوكر ذكره أبو محمد الخلال من جملة الأصحاب. قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كان عمرو بن الأزهر يضع الحديث (¬5). 423 - علي بن عبد اللَّه الطيالسي نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: مسحت يدي على أحمد بن حنبل، ثم مسحت يدي على بدني، وهو ينظر، فغضب غضبا شديدا، وجعل ينفض نفسه، ويقول: عمن أخذتم هذا! ؟ وأنكره إنكارا شديدا (¬6). 424 - علي بن عبد الصمد المكي قال أبو بكر الخلال: أخبرني أنه قال لأحمد في مجلس سمع فيه الحديث: ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 117. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 122. (¬3) "طبقات الحنابلة" 2/ 123. (¬4) "طبقات الحنابلة" 2/ 150. (¬5) "طبقات الحنابلة" 2/ 130. (¬6) "طبقات الحنابلة" 2/ 137.

425 - علي بن محمد القرشي

وأنا لا أنظر في النسخة. فقال: لو نظرت في الكتاب كان أطيب لنفسك (¬1). 425 - علي بن محمد القرشي نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها خبر المحنة (¬2). 426 - علي بن محمد المصري قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يؤكل الطعام لثلاث؛ مع الإخوان بالسرور، ومع الفقراء بالإيثار، ومع أبناء الدنيا بالمروءة (¬3). 427 - علي بن المكري المعبراني روى عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: كنت في مسجد أبي عبد اللَّه، فأنفذ إليه المتوكل يعلمه أن له جارية بها صرع، وسأله أن يدعو اللَّه لها بالعافية، فأخرج له أحمد نعل خشب، فدفعه إلى صاحب له، وقال له: تمضي إلى دار أمير المؤمنين، وتجلس عند رأس الجارية، وتقول له: يقول لك أحمد: أيما أحب إليك تخرج من هذه الجارية أو أصفع الآخر بهذه النعل؟ فمضى إليه، وقال له مثل ما قال أحمد، فقال المارد على لسان الجارية: السمع والطاعة، لو أمرنا أحمد ألا نقيم في العراق ما أقمنا به، إنه أطاع اللَّه، ومن أطاع اللَّه أطاعه كل شيء (¬4). 428 - عمر بن بكار القافلاني نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إن لم يكن أصحاب الحديث الأبدال، فمن! ؟ (¬5). 429 - عمر بن سليمان، أبو حفص المؤدب صحب الإمام أحمد، وروى عنه أشياء، منها قال: صليت مع أحمد بن حنبل في شهر رمضان التراويح، وكان يصلي به ابن عمير، فلما أوتر رفع يديه إلى ثدييه، ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 139. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 142. (¬3) "طبقات الحنابلة" 2/ 141. (¬4) "طبقات الحنابلة" 2/ 147. (¬5) "طبقات الحنابلة" 2/ 111.

430 - عمر بن صالح البغدادي

وما سمعنا من دعائه شيئا، ولا من أحد ممن كان في المسجد (¬1). 430 - عمر بن صالح البغدادي ذكره أبو بكر الخلال من جملة الأصحاب، وقال أخبرني أن أحمد بن حنبل قال: يأتي على المؤمن زمان إن استطاع أن يكون حلسا فليفعل. قلت: ما الحلس؟ قال: قطعة مسح في البيت ملقى (¬2). 431 - الفرج بن الصباح البرزاطي نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها: قال: سألت أحمد عن الرجل يزوج ابنه، ويضمن الصداق، فيموت الأب قال: يخرج -يعني الصداق- من ماله، ثم يرجع الورثة على هذا -يعني الابن في نصيبه (¬3). 432 - الفضل بن عبد اللَّه الحميري قال: سألت أحمد عن رجال خراسان. فقال: أما إسحاق بن راهويه فلم ير مثله، وأما الحسين بن عيسى البسطامي فثقة، وأما إسماعيل بن سعيد الشالنجي ففقيه عالم، وأما أبو عبد اللَّه القطان فبصير بالعربية والنحو (¬4). 433 - الفضل بن مضر نقل عن الإمام أشياء، منها قال: سئل أحمد، وأنا حاضر متى يجوز للحاكم أن يقبل شهادة الرجل؟ فقال: إذا كان يحسن يتحمل الشهادة يحسن يؤديها (¬5). 434 - الفضل بن مهران أبو العباس من جملة الأصحاب، قال: سألت أحمد قلت: إن عندنا قوما يجتمعون فيدعون، ويقرؤون القرآن، ويذكرون اللَّه فما ترى فيهم؟ فقال: يقرأ في المصحف، ويذكر اللَّه في نفسه، ويطلب حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬6). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 109. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 107. (¬3) "طبقات الحنابلة" 2/ 200. (¬4) "طبقات الحنابلة" 2/ 195. (¬5) "طبقات الحنابلة" 2/ 198. (¬6) "طبقات الحنابلة" 2/ 199.

435 - الفضل بن نوح

435 - الفضل بن نوح قال: قلت لأحمد: أريد الخروج إلى الثغر، وإني أسأل عن هذين الرجلين عن الكرابيسي، وأبي ثور. فقال: احذرهما (¬1). 436 - القاسم بن عبد اللَّه البغدادي قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وقد سأله رجل عن زيادته، ونقصانه -يعني الإيمان- فقال: يزيد حتى يبلغ أعلى السماوات السبع، وينقص حتى يصير إلى أسفل السافلين السبع (¬2). 437 - القاسم بن الفرغاني قال: سئل أحمد بن حنبل عن رجل له بسامرا دين يخرج يقتضيه؟ قال: لا. قلنا: فكيف يصنع؟ قال: يوكل رجلا مِن ثَمَّ فيقتضي دينه (¬3). 438 - القاسم بن محمد المروزي قال: ثنا أحمد، ثنا عبد اللَّه بن محمد بن أبي شيبة، حدثنا حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: لم يكن بين الحسن والحسين إلا الحمل (¬4). 439 - المبارك بن سليمان نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سئل أحمد عن قوم من المشركين بيننا وبينهم كتاب ألا يغزونا ولا نغزوهم، ولا يقتلوا لنا تاجرا ولا نقتل لهم، ويعطونا على ذلك الرهائن، ثم إنهم نكثوا وقتلوا، فما تقول في الرهائن؟ قال: ليس عليهم شيء (¬5). 440 - محمد بن أبان، أبو بكر حدث عن الإمام أحمد بأشياء، منها قال: كنت وأحمد بن حنبل وإسحاق عند ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 200. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 209. (¬3) "طبقات الحنابلة" 2/ 210. (¬4) "طبقات الحنابلة" 2/ 207. (¬5) "طبقات الحنابلة" 2/ 292.

441 - محمد بن إبراهيم، أبو الفضل السمرقندي

عبد الرزاق، وكان إذا استفهمه واحد منا، قال: أنا لا أحدثكم. فيسأل أحمد حتى يستفهمه، فيجيبنا احتشامًا لأحمد (¬1). 441 - محمد بن إبراهيم، أبو الفضل السمرقندي قال: كنت عند أحمد بن حنبل فذكر عبد اللَّه بن عبد الرحمن، فقال: هو ذاك السيد، ثم قال أحمد: عُرض علي الكفر فلم أقبل، وعُرض عليه الدنيا فلم يقبل (¬2). 442 - محمد بن إبراهيم القيسي قال: قلت لأحمد: يحكى عن ابن المبارك قيل له: كيف نعرف ربنا عز وجل؟ قال: في السماء السابعة على عرشه. فقال أحمد: هكذا هو عندنا (¬3). 443 - محمد بن إبراهيم الماستوي قال: سمعت أحمد يقول: كتبت في كتاب الحيض تسع سنين حتى فهمته (¬4). 444 - محمد بن أحمد بن علي بن رزين نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: رأيت ابنا للعلاء بن عبد الجبار عند سفيان، وكان كيسا (¬5). 445 - محمد بن جعفر القطيعي قال: دخلت على أحمد بن حنبل أنا وأبي، وكان أحمد يأنس بأبي، فتحدثا، فأطالا الحديث. قال أحمد لأبي: تغدَّ اليوم عندي. فأجابه، فقدَّم كشكية وقلية. فجعلت آكل وفيَّ انقباض لموضع أحمد. فقال لي: كلْ ولا تحتشم (¬6). 446 - محمد بن حبيب الأندَرَابي نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها رسالة في السنة، فقال: سمعت أحمد بن ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 274. (¬2) "تاريخ بغداد" 10/ 31، "طبقات الحنابلة" 2/ 232. (¬3) "طبقات الحنابلة" 2/ 233. (¬4) "طبقات الحنابلة" 2/ 233. (¬5) "طبقات الحنابلة" 2/ 221. (¬6) "طبقات الحنابلة" 2/ 280.

447 - محمد بن حسنويه صاحب الأدم

حنبل يقول: صفة المؤمن من أهل السنة والجماعة من يشهد ألا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له؛ وأن محمدا عبده ورسوله، وأقر بجميع ما أتت به الأنبياء والرسل، وعقد عليه على ما أظهر (¬1). 447 - محمد بن حسنويه صاحب الأدم نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: حضرت أبا عبد اللَّه، وجاءه رجل من أهل خراسان فقال: يا أبا عبد اللَّه قصدتك من خراسان أسألك عن مسألة. قال له: سل. قال: متى يجد العبد طعم الراحة؟ قال: عند أول قدم يضعها في الجنة (¬2). 448 - محمد بن حمدان العطار، أبو عبد اللَّه البغدادي قال: سئل أبو عبد اللَّه، وأنا أسمع متى يجب على العبد الصلاة من قعود؟ قال: إذا أخذ جميع ما يملكه فوضعه في كوة في جدار وقعد تحته، وجاء ليأخذه، لم يكن معه من الاستطاعة ما يقوم يتناوله (¬3). 449 - محمد بن زهير، أبو جعفر قال: أتيت أبا عبد اللَّه في شيء أسأله عنه فأتاه رجل فسأله عن شيء أو كلمه في شيء، فقال له: جزاك اللَّه عن الإسلام خيرا. فغضب أبو عبد اللَّه وقال له: من أنا حتى يجزيني اللَّه عن الإسلام خيرًا، بل جزى اللَّه الإسلام عني خيرًا (¬4). 450 - محمد بن سعيد بن صبيح قال: حضرت أبا عبد اللَّه على طعام فجاءوا بأرز. فقال أبو عبد اللَّه: الأرز إن أكل في أول الطعام أشبع، فإن أكل في آخر الطعام هضم (¬5). 451 - محمد بن شداد، أبو جعفر الصغدي قال: سمعت أحمد بن حنبل وتذاكرنا أمر القرآن فقال: هو من حيث تصرف غير مخلوق، واللفظ بالقرآن من قال: هو مخلوق، فهذا قول جهم (¬6). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 293. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 290. (¬3) "طبقات الحنابلة" 2/ 286. (¬4) "طبقات الحنابلة" 2/ 303. (¬5) "طبقات الحنابلة" 2/ 305. (¬6) "طبقات الحنابلة" 2/ 304.

452 - محمد بن أبي صالح المكي

452 - محمد بن أبي صالح المكي قال: لما أردت الخروج إلى بغداد، قال لي حسين بن حسن أو حسن بن حسين صاحب ابن المبارك: إذا قدمت بغداد فالق أحمد بن حنبل، واقرأ عليه مني السلام، وقل له: على دين، فترى لي أن أقدم إلى بغداد؟ قال: فقلت لأحمد. فقال: عليه السلام، وقل له: لأن تلقى اللَّه وعليك دين أحب إلي من أن تقدم بغداد (¬1). 453 - محمد بن طارق البغدادي قال: كنت جالسا إلى جنب أحمد بن حنبل فقلت: يا أبا عبد اللَّه أستمد من محبرتك. فنظر إلي وقال: لم يبلغ ورعي ورعك هذا (¬2). 454 - محمد بن عبد اللَّه، أبو جعفر الدينوري قال: سألت أحمد عن الصلاة في جلود الثعالب. فقال: لا يعجبني (¬3). 455 - محمد بن عبد الرحمن، أبو بكر الصيرفي روى عن الإمام أحمد مسائل منها: قال: قال لي أحمد بن حنبل: كان يحيى ابن سعيد لا يعيد حديث شعبة عن هشام ولا حديث شعبة عن قتادة، وكان إذا سمع الحديث عن واحد منهم لم يعده عن الآخر (¬4). 456 - محمد بن علي، أبو جعفر الجوزجاني قال: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يوم الجمعة يقدر على الدخول داخل المسجد يصلي في الرحبة. قال: إذا كان ذلك من علة من الحر، أرجو ألا يضره (¬5). 457 - محمد بن غسان العلائي قال: حدثنا أحمد، حدثنا عبد الرزاق قال: سمعت معمرا يقول: سمعت إبراهيم بن الوليد يسأل الزهري وعرض عليه كتابا من علم، فقال: آخذ هذا ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 397. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 306. (¬3) "طبقات الحنابلة" 2/ 314. (¬4) "طبقات الحنابلة" 2/ 321. (¬5) "طبقات الحنابلة" 2/ 330.

458 - محمد بن هارون الجمال

عنك يا أبا بكر؟ قال: نعم، فمن يحدثكموه غيري! ؟ (¬1). 458 - محمد بن هارون الجمال نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: قال أحمد: السواد كله خراج، والمقاسمة لم تكن، إنما هي شيء أحدث (¬2). 459 - محمد بن هبيرة البغوي أحد الأصحاب. قال: سألت أحمد أليس أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونهيه واحد؟ قال: نعم، إلا أن نهيه أشد (¬3). 460 - محمد بن الهيثم المقرئ قال: سألت أحمد ما تكره من قراءة حمزة؟ قال: الكسر والإدغام (¬4). 461 - محمد بن يونس السرخسي نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها مقدمة في صفة المؤمن من أهل السنة والجماعة (¬5). 462 - مرار بن أحمد، أبو أحمد حدث عن الإمام أحمد بأشياء، منها قال: سمعت أحمد يقول: الحميدي عندنا إمام، وإسحاق بن راهويه عندنا إمام (¬6). 463 - موسى بن عيسى الموصلي قال: قال أحمد في مشرك قذف مسلما: يضرب (¬7). 464 - موسى بن معمر، أبو عمران قال: سألت أحمد بن حنبل عن مسألة. فقال: من أين أنت؟ فقلت: من خراسان. فقال: كتبت عن إسحاق بن راهويه؟ عليك بإسحاق وابن نمير (¬8). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 347. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 376. (¬3) "طبقات الحنابلة" 2/ 373. (¬4) "طبقات الحنابلة" 2/ 373. (¬5) "طبقات الحنابلة" 2/ 392. (¬6) "طبقات الحنابلة" 2/ 490. (¬7) "طبقات الحنابلة" 2/ 403. (¬8) "طبقات الحنابلة" 2/ 406.

465 - هارون أبو جعفر الأنطاكي

465 - هارون أبو جعفر الأنطاكي قال: كان أحمد بن حنبل ربما أخرج إلي من أحاديث السلطان. قال: فيقول لي: يا أبا جعفر هذه خيط رقبتي، فانظر كيف -يعني لا تشهرها (¬1). 466 - هارون بن يعقوب الهاشمي قال: سمعت أبي سأل أبا عبد اللَّه عن القراءة بالألحان. قال: هو بدعة ومحدثة. قلت: تكرهه يا أبا عبد اللَّه؟ قال: نعم، إلا ما كان من طبع، كما كان أبو موسى الأشعري، فأما من تعلَّمه فألحان مكروهة (¬2). 467 - ياسين بن سهل، أبو القاسم القلاس ذكره الخلال في جملة الأصحاب. قال: حدثنا أحمد، عن أبي نعيم قال: ذُكر الحسن بن صالح عند الثوري فقال: ذاك رجل يرى السيف على هذه الأمة (¬3). 468 - يحيى بن سعيد نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل الذي لا يحسن العربية يدعو في الصلاة بالفارسية. قال: لا. (¬4). 469 - يحيى بن نعيم قال: لما أخرج أبو عبد اللَّه إلى المعتصم يوم ضرب، قال له العون الموكل به: ادع على ظالمك. قال: ليس بصابر من دعا على ظالم. (¬5). 470 - يحيى بن هلال الوراق صحب الإمام أحمد، وسأله عن أشياء، قال: جئت إلى أحمد بن حنبل فأخرج إلي أربعة دراهم أو خمسة دراهم، وقال لي: هذا جميع ما أملك (¬6). 471 - يعقوب بن يوسف، أبو السري الحربي نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: قال أبو عبد اللَّه: وأي شيء أحسن من ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 519. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 513. (¬3) "طبقات الحنابلة" 2/ 571. (¬4) "طبقات الحنابلة" 2/ 525. (¬5) "طبقات الحنابلة" 2/ 541. (¬6) "طبقات الحنابلة" 2/ 542.

472 - اليمان بن عباد البصري

أن يجتمع الناس فيصلوا يذكروا ما أنعم اللَّه عليهم، كما قالت الأنصار (¬1). 472 - اليمان بن عباد البصري قال: دخلت على أحمد بن حنبل وقد أذن المؤذن، فقلت: يا أبا عبد اللَّه صليتم؟ فقال: لا (¬2). 473 - أبو بكر بن عنبر الخراساني سكن بغداد، قال: تبعت أحمد بن حنبل يوم الجمعة إلى مسجد الجامع، فقام عند قبة الشعراء يركع، والأبواب مفتحة، فكان يتطوع ركعتين ركعتين، فمر بين يديه سائل، فمنعه منعًا شديدًا، وأراد السائل أن يمر بين يديه، فقمنا إليه فنحيناه (¬3). 474 - أبو ثابت الحطاب قال: قلت لأحمد: رجل أجازه إسحاق بن إبراهيم بألف درهم. قال: لا تسمين أحدًا. فقلت: رجل أجازه السلطان بألف درهم، وآخر عامل السلطان بألف درهم، فربح عليه ألف درهم، أيهما أحب إليك؟ قال: كلاهما أكرهه، إلا أن الذي أجازه أحب إلي من الذي عامله (¬4). 475 - أبو ثابت المشرف قال: سألت أحمد عن هذه الأحاديث -يعني أحاديث الآيات وحديث أم أيمن، إن دلوًا من السماء دلي إليها. وما كان من نحو هذه الأحاديث- صحاح، أو كما قال (¬5). 476 - أبو داود الكاذي نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: كنت عند أبي عبد اللَّه، فجاءه رجل فقال له: يا أبا عبد اللَّه أغسل ثوبي؟ فقال له: أما للناس فلا (¬6). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 560. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 568. (¬3) "تاريخ بغداد" 14/ 387، "طبقات الحنابلة" 2/ 575. (¬4) "طبقات الحنابلة" 2/ 574. (¬5) "طبقات الحنابلة" 2/ 578. (¬6) "طبقات الحنابلة" 2/ 572.

477 - أبو عبد الله بن أبي هشام

477 - أبو عبد اللَّه بن أبي هشام نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: كنت يومًا عند أحمد، فذكروا الكتاب ودقة ذهنهم. فقال: إنما هو التوفيق (¬1). 478 - أبو عبد اللَّه النوفلي روى عن الإمام أحمد، قال: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد يقول: إذا روينا عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في الحلال والحرام، شددنا في الأسانيد، وإذا روينا عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكمًا ولا يرفعه، تساهلنا في الأسانيد (¬2). 479 - أبو عمران الصوفي قال: رأى أحمد بن حنبل أصحاب الحديث، وقد خرجوا من عند محدث والمحابر بأيديهم. فقال أحمد: إن لم يكن هؤلاء الناس، فلا أدري من الناس (¬3). 480 - أبو محمد ابن أخي عبيد بن شريك البزار نقل عن الإمام أحمد أشياء، منها قال: سألت أحمد وذكرت له شيئًا من أمر العدول. فقال: ينبغي للعدل أن يكون فيه ست خصال: فقيهًا، عالمًا، زاهدًا، ورعًا، عفيفًا، بصيرًا بما يأتي، بصيرًا بما يذر (¬4). 481 - ميمونة بنت الأقرع المتعبدة قال المروذي: ذكر لأبي عبد اللَّه ميمونة بنت الأقرع المتعبدة؛ فترحم أبو عبد اللَّه عليها، وقال: قد جاءتني وكتبت لها شيئًا في غسل الميت (¬5). ¬

_ (¬1) "طبقات الحنابلة" 2/ 575. (¬2) "طبقات الحنابلة" 2/ 577. ولعله أحمد بن الخليل القومسي، انظر "تسهيل السابلة" 1/ 393. (¬3) "طبقات الحنابلة" 2/ 578. (¬4) "طبقات الحنابلة" 2/ 574. (¬5) "طبقات الحنابلة" 2/ 579.

* هل الإمام أحمد محدث فقط؟ أم محدث وفقيه؟

* هل الإمام أحمد محدث فقط؟ أم محدث وفقيه؟ لما صنف ابن جرير الطبري كتابه "اختلاف الفقهاء" لم يذكر فيه الإمام أحمد، فقيل له في ذلك، فقال: لم يكن فقيهًا، وإنما كان محدثًا. (¬1) ¬

_ (¬1) قال ياقوت الحموي في "معجم الأدباء" 18/ 57 - 59 عن الإمام ابن جرير الطبري: وقصده الحنابلة فسألوه عن أحمد بن حنبل في الجامع يوم الجمعة، وعن حديث الجلوسِ على العرش، فقال: أَمَّا أحمدُ بن حنبلٍ فلا يُعَدّ خِلافُهُ. فَقالُوا لهُ: فَقَدْ ذَكرَهُ العُلماءُ في الاخْتِلافِ، فَقالَ: ما رأيتُهُ رُوِيَ عَنْهُ، وما رأَيْتُ لَهُ أَصْحابًا يُعَوَّلُ عليْهِم، وأَمَّا حَديِثُ الجُلُوسِ عَلَى العَرْشِ فَمُحالٌ. ثُمَّ أَنْشَدَ: سُبْحانَ مَنْ لَيْسَ لَهُ أَنِيسُ ... ولا لَهُ فِي عَرْشِهِ جَليِسُ فلمّا سَمِعَ ذَلِكَ الحنابلهُ مِنْهُ وأَصْحابُ الحَدْيثِ وثَبُوا ورمَوْهُ بِمَحابِرهِمْ وقِيلَ كانَتْ أُلُوفًا، فقام أبُو جعفرٍ بِنفْسِهِ ودخل دارَهُ، فَرَمَوْا داره بِالحِجارة حَتَّى صار على بابِهِ كالتَّلِّ العَظيم، وركبَ نازُوكُ صاحِبُ الشُّرطَةِ في عشراتٍ ألوفٍ مِنَ الجُنْدِ يمنَعُ عَنْهُ العامَّةَ، ووقَفَ عَلَى بابِهِ يَوْمًا إِلَى اللَّيْل، وأَمَرَ بِرَفْعِ الحِجارَةِ عَنْهُ. وكانَ قَد كَتَبَ عَلَى بابِهِ: سُبْحانَ مَنْ لَيْسَ لَهُ أَنِيسُ ... ولا لَهُ فِي عَرْشِهِ جَليِسُ فَأَمَرَ نازُوكُ بِمحْوِ ذَلِكَ. وكتبَ مَكانَهُ بَعضُ أَصْحابِ الحَديْثِ: لأَحْمَدَ مَنْزِلٌ لا شَكَّ عالٍ ... إِذا وافَى إِلَى الرَّحْمَنِ وافِدْ فَيُدْنيِهِ ويُقعِدُهُ كرَيمًا ... عَلَى رَغْم لَهُمْ فيِ أَنْفِ حاسِدْ عَلَى عَرْشٍ يُغَلِّلُهُ بِطيبٍ ... عَلَى الأَكْبَادِ مِنْ باغٍ وعانِدْ لَهُ هذا المْقامُ الفَرْدُ حَقًّا ... كَذاكَ رَواه لَيْثٌ عَنْ مُجاهِدْ فَخَلا في دارِهِ وعَمِلَ كِتابَهُ المْشْهُورَ في الاعْتِذارِ إِلَيْهِمْ، وذَكَرَ مَذْهَبَهُ واعتْقِادَهُ وجرَّحَ مَنْ ظَنَّ فِيهِ غيْر ذلِك، وقَرَأَ الكتابَ عَلَيْهِم وفَضَّلَ أَحْمدَ بْن حنْبلٍ، وذَكَرَ مَذْهَبَهُ وتَصْوِيبَ اعْتِقادِهِ ولم يزلْ في ذِكْرِهِ إِلَى أَنْ ماتَ، ولم يُخْرجْ كِتابَهُ في الاختِلاف حتَّى مات فوجدُوهُ مدفُونًا فِي التُّرَابِ فأخْرجُوهُ ونسخوهُ. أَعْني اخْتِلافَ الفْقُهاءِ. ويظهر لنا من هذه القصة أنَّ الطبري رحمه اللَّه كان بينه وبين الحنابلة شيء في هذه =

* وهذه بعض شهادات بعض معاصريه،

ونحا نحو فعل ابن جرير هذا فريق من العلماء، مثل الطحاوي، والغزالي، وغيرهما. ولعل سبب ذلك أن الإمام أحمد لم يُؤثر عنه كتاب واحد في الفقه في عصر انتشر فيه التدوين في شتى العلوم، وإنما أُثر عنه "المسند"، الذي صار للناس إمامًا، ولا يناقض ذلك أن له اختيارات في الفقه، ومسائل رواها عنه أتباعه، إذ العبرة بغلبة المنهاج. إلا أن الصواب في ذلك أن الإمام أحمد كان محدثًا وفقيهًا، غلبت عليه نزعته إلى الحديث، وإن كان لم يترك مؤلفًا في الفقه، فقد أفرغ حصيلته في الفقه في صدور تلاميذه الذين عنوا بجمع أقواله، وفتاويه، وما ذلك إلا لشدة كراهته للتصنيف في غير الحديث. ومثله في ذلك مثل الإمام مالك، فلم يترك إلا "الموطأ" وهو كتاب حديث أكثر منه كتاب فقه، وأما "المدونة" فقد جُمعت بعده، ولم ينكر أحد فقه مالك، ولا تقدمه بالاجتهاد، وما روي من مسائل عن الإمام أحمد أكثر مما رُوي عن الإمام مالك، رحمهما اللَّه. كما أنَّ هذا القول -أعني: أنَّ الإمام أحمد لم يكن فقيهًا- يدخل فيه بعض التعصب المذهبي من مروجيه، فتناقلوه عن ابن جرير وكأنه قولٌ مسلَّمٌ به، وتفنيد ذلك يطول، ونكتفي بهذه الأقوال: * وهذه بعض شهادات بعض مُعاصريه، وسيأتي في ترجمته المفصلة المزيد: قال الربيع بن سليمان: قال لنا الشافعي: أحمد إمام في ثمان خصال: إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمام في اللغة، إمام في القرآن، إمام في الفقر، إمام في الزهد، إمام في الورع، إمام في السنة. "طبقات الحنابلة" 1/ 10، ¬

_ = الفترة، وظهر ذلك في مقولته عن فقه الإمام أحمد، ولم يُنقل عنه غيرها، كما يتضح أن كتاب "اختلاف الفقهاء" كان قد انتهى من تصنيفه وقتها، أما ما يتعلق بموضوع الجلوس العرش فقد نقل القول الآخر ووافقه في "تفسيره"، والموضوع مُفصل في قسم العقيدة من "الجامع".

قال حَرْمَلة بن يحيى: سمعت الشافعي يقول: خرجت من بغداد وما خلفت بها أحدًا أورع ولا أتقى ولا أفقه -وأظنه قال: ولا أعلم- من أَحمد بن حنبل. "تاريخ بغداد" 4/ 419، "تاريخ دمشق" 5/ 272، "السير" 11/ 195، "طبقات الشافعية" 2/ 27، قلتُ: وقد كان الإمام أحمد وقتها شابًّا. قال محمد بن عثمان بن سلم: سمعت أبا عبد اللَّه محمد بن نصر المروزي، وقلت له: لقيت أبا عبد اللَّه أَحمد بن حنبل؟ فقال: صرت إلى داره مرارًا واجتمعت معه وسأَلته عن مسائل. فقيل له: كان أَحمد أكثر حديثا أَمْ إسحاق بن راهَوَيْه؟ فقال: أَحمد، فقلت له: فأَحمد كان أضبط أَمْ إسحاق؟ فقال: أَحمد، فقلت له: أكان أَحمد أفقه أَمْ إسحاق؟ فقال: أَحمد. فقيل له: كان أَحمد أورع أَمْ إسحاق؟ فقال: أي شيءٍ تقول، أَحمد فاق أهل زمانه. "المناقب" لابن الجوزي ص 178، "سير أعلام النبلاء" 11/ 202 قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زُرْعة يقول: لم أزل أسمع الناس يذكرون أحمد بن حنبل بخير ويقدمونه على يحيى بن معين وأبي خيثمة، غير أنه لم يكن من ذكره ما صار بعد أن امتحن فلما امتحن، ارتفع ذكره في الآفاق. وسمعت أبا زرعة يقول: ما رأيت أحدا أجمع من أحمد بن حنبل. قيل له: إسحاق بن راهويه. فقال: أحمد بن حنبل أكبر من إسحاق بن راهويه وأفقه، وقد رأيت الشيوخ فما رأيت أحدًا أكمل منه، اجتمع فيه زهد وفضل وفقه وأشياء كثيرة. "الجرح والتعديل" 1/ 294، "حلية الأولياء" 9/ 168، "تاريخ دمشق" 5/ 292، "السير" 11/ 198 قال عبد الوهاب الوراق: ما رأَيت مثل أَحمد بن حنبل. قالوا له: وأي شيءٍ بان لك من فضله وعلمه على سائر من رأَيت؟ قال:

رجل سئل عن ستين ألف مسأَلة فأَجاب فيها بأَن قال: حدثنا وأخبرنا. "طبقات الحنابلة" 1/ 13، "المناقب" ص 185، "المقصد الأرشد" 1/ 66، "المنهج الأحمد" 1/ 85 قال عبد اللَّه: حضر قوم من أصحاب الحديث في مجلس أَبي عاصم الضحاك بن مخلد. فقال: أَلا تتفقهون؟ وليس فيكم فقيه، وجعل يذمهم. فقالوا: فينا رجل. فقال: من هو؟ فقالوا الساعة يجيءُ، فلما جاءَ أَبي، قالوا: قد جاءَ، فنظر إليه فقال له: تقدم. فقال: أكره أن أَتخطى الناس. فقال أَبو عاصم: هذا من فقهه، وسعوا له، فوسعوا فدخل، فأَجلسه بين يديه، فأَلقى عليه مسأَلة فأَجاب، فأَلقى ثانية فأَجاب، وثالثة فأَجاب، ومسائل فأَجاب. فقال أَبو عاصم: هذا من دواب البحر، ليس هذا من دواب البر، أو: من دواب البر، ليس من دواب البحر. "حلية الأولياء" 9/ 165، "تاريخ دمشق" 5/ 297، "المناقب" ص 104، "تهذيب الكمال" 1/ 458 وقال ابن ماكولا: كان أعلم الناس بمذاهب الصحابة والتابعين. يقول الأستاذ أبو زهرة: ومهما يكن حكم العلماء على أحمد من حيث كونه فقيهًا، فإن بين أيدينا مجموعة فقهية تنسب إليه، وروايات مختلفة ومتحدة ذات سند مرفوع تُحكى عنه، وقد تلقاها العلماء بالقبول، وإن كان بعضهم منذ القدم قد أثار حولها غبارًا، وإن لم يحجبها، ولم يطمسها، فإن العين عند الدراسة تواجهه في كشف الحقيقة من ورائه. اهـ. قلت: وهذا كتابُنا -على ما فيه من نقص مما لم تصل إليه أيدينا أو فُقد- يحوي آلاف المسائل المروية عنه، أكثرها في الفقه.

* الحياة السياسية في عصر الإمام أحمد

* الحياة السياسية في عصر الإمام أحمد ولد الإمام أحمد في أواخر خلافة المهدي بن المنصور، الذي تولى الخلافة بعد أبيه المنصور، سنة ثمان وخمسين ومائة، إلى أن مات سنة تسع وستين ومائة، فتولى الخلافة ابنه موسى الهادي، وكان أبوه قد عزم قبل موته على تقديم أخيه الرشيد عليه في ولاية العهد، فلم يتفق له ذلك حتى مات المهدي، وكان الهادي إذ ذاك بجرجان، فهمَّ بعض الدولة على تقديم الرشيد عليه والمبايعة له، وكان الرشيد حاضرًا ببغداد، فأسرع الهادي السير من جرجان إلى بغداد حين بلغه الخبر، فدخل بغداد، وأخذ البيعة منهم. وفي سنة سبعين ومائة توفي الهادي، وولي الرشيد، واستمرت خلافة هارون الرشيد إلى أن مات سنة ثلاث وتسعين ومائة، فتولي بعده ابنه محمد الأمين، وقد وقع خلاف ووحشة بينه وبين أخيه عبد اللَّه المأمون، حتى كتب له المأمون بالسمع والطاعة. وفي سنة أربع وتسعين عهد الأمين بالخلافة لابنه موسى، وخلع المأمون، فتنكر له المأمون، وحشد كل منهما الجيوش، وتألف الرعايا، ووقع بينهما حرب شديدة، حتى آل الأمر إلى خلع الأمين، وتولية المأمون، وذلك في السنة السادسة والتسعين، ثم في سنة ثمان وتسعين قُتل الأمين. وفي سنة إحدى ومائتين بايع المأمون لعلي الرضى بولاية العهد من بعده، فنقم عليه أهل بغداد، وبايعوا لإبراهيم بن المهدي بالخلافة، فلما مات علي الرضى سنة ثلاث ومائتين، خلع أهل بغداد إبراهيم بن المهدي ورجعوا إلى المأمون بالسمع والطاعة. والمأمون أول مَن بدأ المحنة مع الإمام أحمد. وفي سنة ثمان عشرة ومائتين توفي المأمون، وتولي أخوه المعتصم باللَّه أبو إسحاق محمد بن هارون الرشيد، وفي عهده كان فتح عمورية. واستمرت محنة الإمام مع المعتصم أيضًا، والذي قال له: لولا أني

* المحنة

وجدتك في يد مَنْ كان قبلي ما عرضتُ لك. لكن حاشية المعتصم وبطانته لازالوا به حتى امتحنه وحبسه حتى طال به الأذى، إلا إنه في النهاية أمر بتخليته. وفي سنة سبع وعشرين توفي المعتصم، وبويع لابنه الواثق أبي جعفر هارون.، وقد استمر على القول بخلق القرآن، إلا أنه لم يتعرض بالأذى للإمام أحمد الذي توارى عن الناس في معظم خلافة الواثق. وقد ذُكر رجوع الواثق عن هذه المقالة في أواخر حياته، كما سيأتي تفصيله. وفي سنة اثنتين وثلاثين مات الواثق، وبويع لأخيه المتوكل على اللَّه جعفر ابن المعتصم، واستمرت خلافته إلى سنة سبع وأربعين، حيث قتل على يد ابنه المنتصر، وفي أثناء خلافة المتوكل كانت وفاة الإمام أحمد. * المحنة: لم يزل الناس على قانون السلف، وقولهم إن القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، حتى نبغت المعتزلة فقالت بخلق القرآن، وكانت تستر ذلك، وكان القانون محفوظًا في زمن الرشيد، فلما بلغ الرشيد أن بشرًا يزعم أن القرآن مخلوق، قال: عليَّ إن أظفرني اللَّه به، لأقتلنه قتلةً ما قتلتها أحدًا قط. فكان بشر متواريًا أيام الرشيد نحوًا من عشرين سنة، حتى مات الرشيد. فلما توفي الرشيد كان الأمر كذلك في زمن الأمين، فلما ولي المأمون خالطه قوم من المعتزلة فحسنوا له القول بخلق القرآن، وكان يتردد في حمل الناس على ذلك، ويراقب بقايا الأشياخ، ثم قوي عزمه على ذلك فحمل الناس عليه، فكان من أمر المحنة ما كان حتى أراد اللَّه لها أن تنكشف على يد المتوكل. وسيأتي بسط الكلام في المحنة في ترجمته المفصلة، وفي كتاب العقيدة. * مناقبه: مناقب الإمام أحمد جمة، يضيق المقام عن ذكرها، حتى أُفردت لها المصنفات، منها ما روي في زهده وورعه، وحسن أخلاقه، وهيبته، وكرمه

* مصنفاته

وجوده، وما ورد من ثناء مشايخه، وأقرانه عليه، وسيأتي تفصيل ذلك في ترجمته، إن شاء اللَّه. * مصنفاته: كان الإمام أحمد يكره وضع الكتب التي تشتمل على التفريع والرأي، ويحب التمسك بالأثر، وكان يكره أن يُكتب شيء من رأيه أو فتواه، ولو رأى ذلك لكانت له تصانيف كثيرة. إلا أنه ورد عنه رضاه بذلك، كما سيأتي في ترجمته المفصلة. يقول ابن الجوزي: وكان ينهى الناس عن كتابة كلامه، فنظر اللَّه تعالى إلى حسن قصده، فُنقلت ألفاظه وحُفظت، فقلَّ أن تقع مسألة إلا وله فيها نص من الفروع والأصول، وربما عدمت في تلك المسألة نصوص الفقهاء الذين صنفوا وجمعوا. اهـ. ومن مصنفات الإمام أحمد، والآثار التي نقلت عنه: "العلل ومعرفة الرجال"، و"فضائل الصحابة"، و"الزهد"، و"رسالة في الصلاة"، و"الأشربة"، و"الرد على الجهمية والزنادقة"، و"عقيدة أهل السنة"، و"المسند"، و"الورع"، و"الأسماء والكنى"، و"الفرائض"، و"الإيمان"، و"طاعة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-"، و"التفسير"، و"الناسخ والمنسوخ"، و"التاريخ"، و"حديث شعبة"، و"المقدم والمؤخر في القرآن"، و"جوابات القرآن"، و"المناسك الكبير"، و"المناسك الصغير"، "حديث الشيوخ"، و"نفي التشبيه"، و"الإمامة". وإن كان بعض هذِه المصنفات قد شُكَّ في صحة نسبتها إلى الإمام أحمد. هذا بالإضافة إلى ما دوَّنه عنه كبار تلامذته من مسائل، مثل: عبد اللَّه، وصالح، وأبي داود، وابن هانئ، والمروذي، والميموني، وحرب الكرماني، والكوسج، والأثرم، وغيرهم ممن تقدم تفصيلهم. وقد حاول الخلال جمعها في مصنف واحد باسم "الجامع".

* مرضه ووفاته

* مرضه ووفاته: لما كان أول ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ومائتين، حُمَّ الإمام أحمد ليلة الأربعاء، وبات وهو محموم، يتنفس تنفسًا شديدًا، وكان ابنه صالح يمرضه إذا اعتلَّ، وكان يختلف إليه غير متطبب. وكثر الناس على بابه، فجعلوا يدخلون عليه أفواجًا، حتى تمتلئ الدار، فيسألونه، ويدعون له، ويخرجون، ويدخل فوج، وكثر الناس، وامتلأ الشارع، وأُغلق باب الزقاق، فكان الناس في الشوارع والمساجد، حتى تعطل بعض الباعة، وكان الرجل إذا أراد أن يدخل عليه، ربما دخل من بعض الدور، وربما تسلق، وجاء أصحاب الأخبار، فقعدوا على الأبواب. فلما كان قبل وفاته بيوم أو يومين، قال: ادعوا لي الصبيان، بلسان ثقيل. فجعلوا ينضمون إليه، وجعل يشمهم ويمسح رءوسهم، وعينه تدمع، وكان يبول دمًا عبيطًا. ولم يئن إلا في الليلة التي توفي فيها، ولم يزل يصلي قائمًا، يمسكه ابنه صالح، فيركع ويسجد، ويرفعه في ركوعه. واجتمعت عليه الأوجاع، ولم يزل عقله ثابتًا. واشتدت علته يوم الخميس، فلما كانت ليلة الجمعة، ثقل، وقُبض لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول، لساعتين من النهار. فصاح الناس، وعلت الأصوات بالبكاء، حتى كأن الدنيا قد ارتجت، وامتلأت السكك والشوارع. وغُسِّل، وكُفِّن في ثلاث لفائف، وأخرجت الجنازة بعد منصرفي الناس من الجمعة. وصلى عليه ابن طاهر نائب بغداد. ولم يعلم الناس بذلك، فلما كان في الغد علموا، فجعلوا يجيئون، ويصلون على القبر، ومكث الناس ما شاء اللَّه، يأتون، فيصلون على القبر. وحُزر عدد من شهد جنازته، فإذا هو نحو من ألفِ ألفٍ.

تعريف بالكتب التي ترجمت للإمام أحمد

تعريف بالكتب التي ترجمت للإمام أحمد القسم الأول: الكتب التي أفردت الإمام أحمد بالترجمة: * " سيرة الإمام أحمد بن حنبل" لابنه أبي الفضل صالح (ت 266 هـ). مطبوع في جزأين في مجلد لطيف، بتحقيق الدكتور فؤاد عبد المنعم أحمد، نشرته دار الدعوة بالإسكندرية سنة (1404 هـ). ونشر أيضًا بدار السلف بالرياض سنة (1415 هـ). ذكر فيه مولد الإمام أحمد، وبداية طلبه للحديث، وذكر أخبارًا عن زهده، ثم ذكر المحنة وأطال في ذكرها، ثم انقضاء المحنة، وما كان بين الإمام أحمد والمتوكل، ثم ذكر مرضه ووفاته، وما كان في غسله والصلاة عليه. ويعد هذا الكتاب من أقدم وأوثق الأخبار التي كتبت عن الإمام أحمد؛ لأنها صادرة من معاصر قريب له، مشهود له بالضبط والعدل والأمانة. وقد كان لهذا الكتاب أثره الكبير في كل الترجمات والدراسات عن الإمام أحمد، وقد نُقلت كثير من نصوصه بها (¬1). * " محنة أحمد بن حنبل" لصالح أيضًا. ذكرها الذهبي في "السير" 11/ 264. وذكر بكر أبو زيد في "المدخل المفصل" 1/ 427 أنه مطبوع، ولم نقف عليه، وانظر: "معجم مصنفات الحنابلة" 1/ 106. * " ذِكر محنة الإمام أحمد بن حنبل" لأبي عبد اللَّه حنبل بن إسحاق (ت 273 هـ). مطبوع في مجلد، بالقاهرة سنة (1397 هـ) دراسة وتحقيق د. محمد نغش. اقتصر فيه على أخبار المحنة، ثم ذكر خبر وفاة الإمام أحمد مختصرًا. فذكر المحنة منذ بدايتها يوم أن ورد كتاب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم بحمل الإمام ¬

_ (¬1) انظر مقدمة تحقيق "السيرة" ص 19.

* "المحنة"، للمروذي (ت 275 هـ)

أحمد، ومحمد بن نوح، إلى أن انتهت على يد المتوكل. قال حنبل (ص 84 - 85): ثم ولي جعفر المتوكل فلما ولي انكشف ذلك عن المسلمين، وأظهر اللَّه السنة، وفرَّج عن الناس. اهـ. وروى حنبل أخبار المحنة إما عن الإمام أحمد، أو عن أبيه إسحاق. وروى كثيرًا من الأحاديث عن الإمام أحمد، وغيره. * " المحنة"، للمروذي (ت 275 هـ) ذكره ابن أبي يعلى في "جزء فيه المسائل التي حلف عليها أحمد" (ص 80). * " أخلاق أحمد" للخلال (ت 311 هـ). ذكره ابن أبي يعلى في "الطبقات" 3/ 24، وابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 34/ 112، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 11/ 185، 331 ونقل منه بعض الأخبار، وقال: وهو مجلد .. وذكر الخلال حكايات في عقل أحمد وحياته في المكتب، وورعه في الصغر. اهـ. وهو مفقود مثل كتابه "الجامع". * " فضائل أحمد" لابن أبي حاتم (ت 327 هـ) ذكره ابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" 3/ 104، وبكر أبو زيد في "المدخل المفصل" 1/ 428. * " فضائل أحمد" لأبي الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي (ت 336 هـ). ذكره السعدي في "الجوهر المحصل" ص 155، وبكر أبو زيد في "المدخل المفصل" 1/ 428. * " مناقب الإمام أحمد" لسليمان بن أحمد الطبراني (ت 360 هـ). ذكره الذهبي في "سير الأعلام" 16/ 128، وانظر "المدخل المفصل" 1/ 428، و"معجم مصنفات الحنابلة" 1/ 360. * " فضائل أحمد بن حنبل" لأبي حفص عمر بن شاهين البغدادي (ت 385 هـ). ذكره الخطيب في "تاريخ بغداد" 2/ 334، والسمعاني في "الأنساب"

* "مناقب الإمام أحمد" لأبي بكر البيهقي (ت 458 هـ).

11/ 73. وذكره بكر أبو زيد في "المدخل المفصل" 1/ 428 باسم "أخبار أحمد". * " مناقب الإمام أحمد" لأبي بكر البيهقي (ت 458 هـ). في مجلد واحد، كما ذكره الذهبي في "السير" 18/ 166، و"تذهيب التهذيب" 1/ 194، ونقل ابن كثير في "البداية والنهاية" 10/ 775 قطعة كبيرة منه. وانظر "تاريخ التراث العربي" لسزكين 1/ 3/ 217، و"المدخل المفصل" 1/ 428. * " فضائل أحمد" للقاضي أبي يعلى (ت 459 هـ). ذكره ابن أبي يعلى في "الطبقات" 3/ 384، والذهبي في "السير" 18/ 91، وبكر أبو زيد في "المدخل المفصل" 1/ 428. * " مناقب الإمام أحمد" للخطيب البغدادي (ت 463 هـ). ذكره الخطيب في آخر ترجمة الإمام أحمد في "تاريخه" 4/ 423 حيث قال: قد ذكرنا مناقب أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل مستقصاة في كتاب أفردناه لها. وانظر "المدخل المفصل" 1/ 428. * " بعض فضائل أحمد وترجيح مذهبه" للشريف أبي جعفر بن أبي موسى (ت 470 هـ). ذكره ابن رجب في "ذيل الطبقات" 1/ 33، ويوسف بن عبد الهادي في "معجم الكتب" (ص 68)، وبكر أبو زيد في "المدخل المفصل" 1/ 428. * " مناقب الإمام أحمد" لأبي علي البناء البغدادي (ت 471 هـ). ذكره ابن رجب في "ذيل الطبقات" 1/ 78، ويوسف بن عبد الهادي في "معجم الكتب" (ص 69)، وبكر أبو زيد في "المدخل المفصل" 1/ 428، وقال: قال عنه في مقدمة كتابه "المقنع في شرح الخرقي": وقد أفردت لمناقبه، وفضائله، وطبقات أصحابه أحد عشر جزءًا. * " المنامات المرئية لإمام أحمد" لأبي علي البناء البغدادي. في جزء واحد، كما ذكره ابن رجب في "ذيل الطبقات" 1/ 77، ويوسف بن

* "ثناء أحمد على الشافعي وثناء الشافعي على أحمد" لأبي علي البناء البغدادي.

عبد الهادي في "معجم الكتب" ص 69، وانظر "المدخل المفصل" 1/ 428. * " ثناء أحمد على الشافعي وثناء الشافعي على أحمد" لأبي علي البناء البغدادي. ذكره ابن رجب في "ذيل الطبقات" 1/ 78، وبكر أبو زيد في "المدخل المفصل" 1/ 428. * " شيوخ الإمام أحمد وتراجمهم" للإبراهيمي الحافط (ت 476 هـ). ذكره بكر أبو زيد في "المدخل المفصل" 1/ 428. * " مناقب الإمام أحمد" لأبي عبد اللَّه السدوسي. ذكره ابن تيمية في "بيان الدليل في إبطال التحليل" (ص 129)، وبكر أبو زيد في "المدخل المفصل" 1/ 428. * " مناقب الإمام أحمد" لأبي إسماعيل الهروي (ت 481 هـ). ذكره ابن رجب في "ذيل الطبقات" 1/ 118، وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (18/ 510): وقد جمع هذا سيرةً للإمام أحمد في مجلد. اهـ. فلعله يقصد هذا الكتاب. وانظر "المدخل المفصل" 1/ 429. * " فضائل أحمد بن حنبل" لعبد اللَّه بن يوسف الجرجاني (ت 489 هـ). ذكره السبكي في "طبقات الشافعية" 5/ 94، وذكره بكر أبو زيد في "المدخل المفصل" 1/ 429 باسم "مناقب الإمام أحمد". * " مناقب الإمام أحمد" ليحيى بن منده (ت 511 هـ). ذكره ابن رجب في "ذيل الطبقات" 1/ 295، وقال: في مجلد كبير، وفيه فوائد حسنة. * " المجرد في فضائل الإمام أحمد"، لابن أبي يعلى (ت 527 هـ). ذكره في كتابه "الطبقات"، قال في آخر ترجمة الإمام أحمد (ص 42): ومن أراد أن ينظر في فضائله، فلينظر في كتابنا "المجرد في فضائله".

* "فضائل الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل" لأبي عبد الله الحسن ابن أحمد الأسدي.

* " فضائل الإمام أبي عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل" لأبي عبد اللَّه الحسن ابن أحمد الأسدي. ذكره ابن رجب في "ذيل الطبقات" 1/ 296، في أثناء ترجمة يحيى بن عبد الوهاب بن منده، وذكره بكر أبو زيد فىِ "المدخل المفصل" 1/ 429، وقال: ولم أقف له على ترجمة. * " مناقب الإمام أحمد" لمحمد بن ناصر السلامي (ت 550 هـ). في مجلد، كما ذكره ابن رجب في "ذيل الطبقات" 2/ 58، وانظر "المدخل المفصل" 1/ 429 (¬1). * " مناقب الإمام أحمد" لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي (ت 597 هـ). طبع طبعته الأولى في مكتبة الخانجي، بعناية محمد أمين الخانجي، وقد أعيد طبعه بطريق التصوير عن طبعة الخانجي، ثم أعيد نشره سنة (1399 هـ)، بتحقيق الدكتور عبد اللَّه عبد المحسن التركي، والدكتور علي محمد عمر. ذكر ابن الجوزي في المقدمة الباعث على تأليفه الكتاب، يقول (ص 26 - 27): فالعلم والعمل بحمد اللَّه في أمتنا فاشٍ كثير، غير أني بحثت عن نائلي مرتبة الكمال في الأمرين -أعني العلم والعمل- من التابعين ومن بعدهم، فلم أجد من تم له الأمران على الغاية التي لا يخدش وجه كمالها نوع نقص، سوى ثلاثة أشخاص: الحسن البصري، وسفيان الثوري، وأحمد ابن حنبل. وقد جمعت كتابًا يحوي مناقب الحسن، وكتابًا يجمع فضائل سفيان، ثم رأيت أحمد بن حنبل أولى بذلك منهما؛ لأنه جمع من العلوم ما لم يجمعا، وحمل من الصبر على إقامة الحق ما لم يحملا، وإني رأيت جماعة قد جمعوا مناقبه، فمنهم من قصر فيما نقل، ومنهم من لم يرتب ما حصل، فرأيت أن أصرف ¬

_ (¬1) وقد نسبه في "المدخل المفصل" لأبي منصور السلامي محمد بن ناصر البغدادي. والصواب أن كنيته أبو الفضل، أما أبو منصور فهي كنية أبيه ناصر بن محمد.

بعض زمني إلى تهذيب كتاب يشتمل على مناقبه وآدابه؛ ليعرف المقتدي قدر من اقتدى به. اهـ. وقد قسمه ابن الجوزي إلى مائة باب، أفرد منها ثلاثة عشر بابًا في ذكر المحنة، وسبعة عشر بابًا في ذكر أخبار تتعلق بمرضه وموته، ثم ختمه بثلاثة أبواب في سبب اختيار مذهبه، وفي فضل أصحابه وأتباعه، وفي ذكر أعيان أصحابه وأتباعه من زمانه إلى زمن ابن الجوزي وقسمهم إلى تسع طبقات. وروى ابن الجوزي أخباره عن جمع من شيوخه، منهم: عبد الملك بن أبي القاسم الكرخي، ومحمد بن أبي منصور، وإسماعيل بن أحمد السمرقندي، وعبد الرحمن بن محمد القزاز، وهبة اللَّه بن محمد بن الحصين، وغيرهم كثير. ويؤخذ على ابن الجوزي إيراده بعض الأمور المخالفة لمنهج أهل السنة، والقصص الواهية، والتي تبعه عليها من صنف بعده في مناقب الإمام أحمد. يقول الدكتور عبد اللَّه التركي في مقدمة التحقيق (ص 22 - 23): إن كتب المناقب غالبًا ما يبالغ فيها مؤلفوها في المديح والثناء والإطراء، وذكر القصص التي هي إلى الخيال أقرب منها إلى الحقيقة. ونصيب "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي لا تقل عن غيرها في ذلك، وبخاصة عند الكلام على موت أحمد رحمه اللَّه، وما صاحب أو تبع وفاته، وما حدث عند قبره، والمنامات التي رآها أحمد، أو رئيت له. وقد علق الدكتور التركي على مثل هذِه المسائل، فقال في التعليق على الباب الخامس عشر فيما يذكر من إنفاذ إلياس إلى الإمام أحمد السلامَ. (ص 186)، قال: في هذا الباب والأبواب التي تليه مغالاة وأوهام، الإمام أحمد رحمه اللَّه في غنى عنها، وسياق هذِه الأخبار كهذه القصة، وما جاء في الباب السادس عشر عن الخضر وغير ذلك مما يؤخذ على المؤلف رحمه اللَّه. . وواضح أن هذِه القصص والحكايات لا تستند إلى نص، وليست مما يحكم فيه بالعقل .. اهـ. ومن ذلك أيضًا الباب السابع عشر في ثناء غرباء العباد والأولياء عليه،

* "مختصر مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي.

والثامن عشر في ذكر تبرك الأولياء به وزيارتهم له، والرابع والتسعون، والخامس والتسعون في فضيلة زيارة قبره، ومجاورته. وغير ذلك من الروايات الواهية في المحنة، وخبر موته رحمه اللَّه (¬1). * " مختصر مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي. مطبوع بتحقيق عبد الرحمن بن عبيد بن عبد المحسن، ونشرته مطابع الإشعاع بالرياض، ويقع في (352) صفحة، انظر "معجم مصنفات ابن الجوزي" د/ ناصر السلامة (ص 100)، و"المدخل المفصل" 1/ 429. * " تقريب الطريق الأبعد في فضائل مقبرة أحمد" لابن الجوزي. ذكره الذهبي في "تاريخ الإسلام" 42/ 290، وابن رجب في "ذيل الطبقات" 2/ 495، وذكره الذهبي في "سير الأعلام" 21/ 369 باسم "فضل مقبرة أحمد". * " محنة الإمام أحمد بن محمد بن حنبل"، لتقي الدين عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي (ت 600 هـ). يقع في ثلاثة أجزاء، مطبوع في مجلد بتحقيق الدكتور عبد اللَّه عبد المحسن التركي. نشر دار هجر - مصر، الطبعة الأولى سنة (1450 هـ). جمع المقدسي فيه أخبار المحنة بشكل خاص، دون التطرق إلى ذكر مناقب الإمام وفقهه، وعلمه وزهده وغير ذلك. وافتتحه بسرد بعض أقوال الأئمة والعلماء في الإمام أحمد كالشافعي، وابن المديني، وأبي زرعة الرازي، وغيرهم. ثم ذكر المحنة من أول ما دعا إليها المأمون، إلى أن رفعها اللَّه في عهد المتوكل، ثم ذكر وفاة الإمام أحمد، وما رثي به من الشعر، وبعض المنامات التي رؤيت له. وتضمن كتابه أيضًا بعض القصص الواهية، مثل خبر سقوط السراويل (ص 108 - 109)، وخبر إسلام عشرين ألفًا من اليهود والنصارى والمجوس يوم ¬

_ (¬1) وقد أعرضنا عن ذكر مثل هذِه الأباطيل في ترجمة الإمام أحمد من هذِه المسائل، إلا القليل مما ذكرناه مع نقل أقوال العلماء عليه، مثل الحافظ الذهبي.

* "قصيدة في مدح الإمام أحمد" ليحيى الصرصري (ت 656 هـ).

مات الإمام أحمد (ص 212). وقد روى المقدسي أخباره في هذا الكتاب عن أكثر من عشرين شيخًا من مشايخه منهم: ابن الجوزي، وأبو الطاهر السلفي، وأبو طالب المبارك ابن علي الصيرفي، وأبو عبد اللَّه محمد بن حمد الأرتاحي، وأبو بكر أحمد ابن أبي نعيم بن أبي علي، وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن البطي، وأبو العز عبد المغيث بن زهير الحربي البغدادي، وغيرهم كثير. * " قصيدة في مدح الإمام أحمد" ليحيى الصرصري (ت 656 هـ). ذكرها ابن رجب في "ذيل الطبقات" 4/ 34، وقال: وله قصيدة طويلة لامية في مدح الإمام أحمد وأصحابه. اهـ. وذكرها أيضًا السعدي في "الجوهر المحصل" ص 150، وقال: بدأ فيها بتنزيه اللَّه عز وجل، ثم بمدح الأنبياء صلوات اللَّه عليهم أجمعين، ثم الصحابة رضوان اللَّه عليهم، ثم ذكر جماعة من الأئمة المجتهدين، ثم جماعة من أصحاب الإمام أحمد ومتبعيه إلى زمن الناظم، وهي طويلة، عدة أبياتها خمسمائة وسبعة وخمسون بيتًا. اهـ. ثم ذكر عدة أبيات، منها: ألذ وأحلى من شمولٍ وشمألِ ... وأليق من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ ثناءٌ على الرحمن من نثر ناظم ... مجيدٍ على عِقد الإمام ابن حنبلِ أجاب على ستين ألف قضيةٍ ... بأخبرنا لا من صحائفَ نقلِ وكان إمامًا في كتابٍ وسنةٍ ... وعلمٍ وزهدٍ كاملٍ وتوكلِ إمامٌ عظيمٌ كان له حجةً ... على نفي تشبيه ودحضِ معطلِ * " فصل في امتحان الإمام أحمد بن حنبل مع أمير المؤمنين، وقد سأله عن القرآن أمخلوق أو منزل" لأبي طاهر إبراهيم بن أحمد بن يوسف القرشي. كتبه قبل سنة (669 هـ)، كما ذكره سزكين في "تاريخ التراث" 1/ 3/ 217، وبكر أبو زيد في "المدخل المفصل" 1/ 430.

* مجمل الرغائب فيما للإمام أحمد من المناقب" لزكي الدين عبد الله بن محمد الخزرجي (ت 681 هـ).

* مجمل الرغائب فيما للإمام أحمد من المناقب" لزكي الدّين عبد اللَّه بن محمد الخزرجي (ت 681 هـ). مطبوع في مجلد بتحقيق إياد عبد اللطيف إبراهيم القيسي. نشر دار ابن حزم، بيروت، الطبعة الأولى سنة (1427 هـ). والكتاب عبارة عن تهذيب لمناقب ابن الجوزي، كتبه الخزرجي بناءً على طلب أحد أصدقائه، حيث قال في مقدمة كتابه (ص 42 - 49): سألني الأخ في اللَّه الواد فيه، أبو عبد اللَّه محمد بن أبي العباس أحمد بن معين التكريتي أن أذكر من كلام الإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي في "مناقبه" زبد كتابه، وأن أقتصر من جميعه على الخالص من لبه، والمحض من لبابه، وشرط أن يكون هذا المختصر جامعًا لجميع فصوله وسائر أبوابه، وألا أحذف إلا الحشو، وما جرى مجراه مما لا اعتداد لنا به، وأن أكون في ذلك كالمستخرج من الورد ماءه، بدقة نظره من لطيف حجابه، أو المنتضي سيفًا يوم الروع من باطن قرابه، فاستخرت اللَّه تعالى وأجبته إلى ما قصد من ذلك ورأى به، طالبًا بذلك وجه اللَّه تعالى، رغبة في حسن ثوابه، وخيفة من أليم عقابه .. اهـ. ثم يبين المصنف منهجه في كتابه فيقول: اعلم وفقك اللَّه تعالى أن الإمام أبا الفرج رحمه اللَّه قد جعل كتابه مشتملا على مائة باب في ذكر مناقبه، فلما تأملت تلك الأبواب المائة وجدتها تنقسم قسمين: القسم الأول: فيما ليس من كسبه، من ذكر مولده وأصله ونسبه. والقسم الثاني: فيما هو من كسبه. لكن صاحب الأصل لم يفرد أحد هذين القسمين عن أبواب الآخر .. اهـ. ثم قال: والذي أعتمده في اختصاري فهرسة تلك الأبواب، أن أذكر الباب أيًّا كان، فإن كان كسبيًّا نظرت إلى ما بعده، فإن كان كسبيًّا مثله وكان في معناه، نظرت أيضًا إلى ما بعد الآخر، وهلم جرًّا، فإن كان الجميع في معنى الأول، جعلنا الجميع بابًا واحدًا، فإذا لقينا بعد ذلك بابًا كسبيًّا ليس في معنى ما قبله نظرنا

* "قصيدة في مدح الإمام أحمد" لسليمان الطوفي (ت 716 هـ).

فيه، كما نظرنا فيما قبله، وإن كان غير كسبي سقناه ذلك المساق. اهـ. فاستخلص من ذلك ثلاثين بابًا. ثم قال: فهذِه الثلاثون بابًا مشتمل على تلك المائة، واعلم أن صاحب الأصل قد حافظ على إيراد الإسناد في كل ما أورده، لكن رأينا حذفه للاختصار، مع أننا لا ننكر فائدة إيراده .. اهـ. ثم قال: ورأينا أن ننقل حكايات مناقبه بالمعنى، فإن ذلك أولى لوجهين: أحدهما: الاختصار. والثاني: أنه أوقع في النفس وأسهل. اهـ. ولم يخلُ اختصاره هذا من ذكر بعض الأباطيل، مثل خبر إلياس والخضر (ص 116)، وخبر سقوط السراويل أثناء الضرب في المحنة (ص 257 - 258). * " قصيدة في مدح الإمام أحمد" لسليمان الطوفي (ت 716 هـ). وهي قصيدة طويلة. كما قال ابن رجب في "ذيل الطبقات" 4/ 409، والعليمي في "المنهج الأحمد" 5/ 7، وبكر أبو زيد في "المدخل المفصل" 1/ 430. وذكر العليمي منها بيتين: ألذُّ من الصوتِ الرخيمِ إذا شدا ... وأحسنُ من وجهِ الحبيبِ إذا بدا ثناءٌ على الحبرِ الإمامِ ابن حنبلِ ... إمامِ التُّقى محيي الشريعةِ أحمدا * " مناقب الإمام أحمد" لابن رجب الحنبلي (ت 795 هـ). ذكره يوسف بن عبد الهادي في "الجوهر المنضد" ص 51، وبكر أبو زيد في "المدخل المفصل" 1/ 430. * " مناقب الإمام أحمد" لابن الدواليبي (ت 862 هـ). ذكره السواس في فهرس دار الكتب الظاهرية، كما في "معجم مصنفات الحنابلة" 4/ 349. * " الجوهر المحصل فى مناقب الإمام أحمد بن حنبل" لمحمد بن محمد السعدي (ت 900 هـ). مطبوع في مجلد بتحقيق الدكتور عبد اللَّه عبد المحسن التركي. نشر دار هجر

* "مناقب الإمام أحمد" ليوسف بن عبد الهادي (ت 909 هـ).

مضر. الطبعة الأولى سنة (1407 هـ). ذكره إسماعيل البغدادي في "إيضاح المكنون" (1/ 384) وقال: فرغ منها سنة ثمانين وثمانمائة. وعن سبب تأليف الكتاب، يقول أبو بكر السعدي في مقدمته (ص 3): لما تفضل اللَّه عز وجل علي بالتحديث بمسند إمامنا أحمد، وكان ختام قراءته في اليوم السابع من ذي الحجة الحرام سنة ست وثمانين وثمانمائة، أحببت أن أجمع نبذة يسيرة من مناقبه ومآثره، والتعريف ببعض أحواله ومفاخره، إذ الإحاطة بجميعها متعذر. اهـ. ثم قال عن كتابه هذا (ص 3 - 4): فلما فرغ القارئ من ختم "المسند" الشريف، شرع في قراءة هذِه المناقب، وكان المجلس مشحونًا بأعيان كل مذهب من مشايخ الإسلام وغيرهم، فحصل لجميع مَن حضر مِن الخشوع والبكاء ما لا مزيد عليه، فسبحان من رفع قدره واجتباه، وثبته على القيام بالحق واصطفاه. اهـ. وقسم المصنف كتابه إلى سبعة عشر فصلًا، تتناول حياة الإمام أحمد من ذكر مولده، ونشأته، وما تعرض له من المحنة، وذكر مرضه وموته، كما عقد فصولًا في ذكر أخلاقه، وزهده، وورعه، وطلبه للعلم، وثناء مشايخه وأقرانه عليه، ثم ختم كتابه بذكر ما قيل فيه من المديح، والمراثي. وقد اعتمد المصنف على عدة مصنفات ذكرها ضمن كتابه منها: "المناقب" لابن الجوزي، و"مجمع الأحباب" للشريف الواسطي، و"المناقب" للبيهقي، و"حلية الأولياء" لأبي نعيم، وغيرها. واشتمل كتابه كذلك على بعض الواهيات، مثل: التبرك بآثار الإمام أحمد (ص 53، 57)، وخبر سقوط السراويل أثناء الضرب (ص 54، 88 - 90). * " مناقب الإمام أحمد" ليوسف بن عبد الهادي (ت 909 هـ). وضمنه طبقات أتباعه، ذكره ابن حميد النجدي في "السحب الوابلة" 3/ 1168، والكتاني في "فهرس الفهارس" 2/ 1142. وانظر "معجم مصنفات

* "عقد اللآلي والزبرجد في ترجمة الإمام الجليل أحمد" للعجلوني (ت 1162 هـ)

الحنابلة" 5/ 116. * " عقد اللآلي والزبرجد في ترجمة الإمام الجليل أحمد" للعجلوني (ت 1162 هـ) للعجلوني كتاب في مناقب أئمة الفقه الأربعة، وقد أعطى اسمًا لكل واحد، وقد نشرت دار البشائر كتاب "عقد اللآلي" مفردًا. * " مختصر مناقب الإمام أحمد لابن الجوزى" لابن سلوم التميمي (1246 هـ). ذكره ابن حميد في "السحب الوابلة" 3/ 1011، وانظر "معجم مصنفات الحنابلة" 6/ 96. * " مختصر ترجمة الإمام أحمد لابن الجوزي" تأليف أبي البركات نعمان خير الدين الآلوسي (1317 هـ). ذكره بكر أبو زيد في "المدخل المفصل" 1/ 430. * " مختصر مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي" لعبد المحسن بن عبيد آل عبيد (ت 1364 هـ). ذكره الزركلي في "الأعلام" 4/ 151 باسم "تهذيب مناقب الإمام أحمد"، وانظر "معجم مصنفات الحنابلة" 6/ 348. * " أحمد بن حنبل: حياته وعصره -آراؤه وفقهه" لأبي زهرة (ت 1394 هـ). مطبوع في القاهرة سنة (1947 م). افتتح المصنف الكتاب بتمهيد، تناول فيه بعض المسائل، منها: منزلة الإمام أحمد في عصره، وكلام العلماء حول كونه محدثًا لا فقيهًا، وترجيح خلاف ذلك، وأشار إلى خواص الفقه الحنبلي، وقواعده وأصوله. والكتاب -كما يتضح من عنوانه- ينقسم إلى قسمين: القسم الأول في الحديث عن حياته وعصره. والقسم الثاني في الحديث عن آرائه وفقهه. وتناول في القسم الأول الحديث عن: مولده ونسبه، وتربيته، ونجابته واستقامته، واتجاهه إلى الحديث، ورحلاته في طلب الحديث، وجلوسه

للتحديث والفتوى، وعدم انشغاله بغير علم السلف من حديث وفتوى. ثم تحدث عن المحنة، فتناولها من ثلاث نقاط: أسبابها، وأدوارها، ونتائجها. ثم تحدث عن معيشة أحمد، فتكلم عن فقره، وشدة عسرته أحيانًا، وخصوصًا في السفر، ورفضه الولاية، وعطاء الخلفاء مع شدة حاجته. ثم تكلم عن علم الإمام أحمد، وثناء العلماء عليه، ومكونات علمه، وجمعها في أربعة عوامل: العامل الأول صفاته، وتتمثل في قوة حفظه، وسرعة تفهمه، وصبره، وقوة احتماله، ونزاهته، وإخلاصه، وهيبته مع حسن عشرته، ولين معاملته. والعامل الثاني شيوخه، واقتصر فيه على دراسة شيوخه الذين أثروا فيه، وهما اثنان: هشيم بن بشير، والشافعي. ثم ذكر شخصيتين تأثر بهما الإمام أحمد من خلال مروياتهم: سفيان الثوري، وابن المبارك. والعامل الثالث حياته الشخصية ودراساته الخاصة. والعامل الرابع العصر والبيئة التي اكتنفته. ثم تحدث عن الفرق الإسلامية: الشيعة، والخوارج، والقدرية، والجهمية، والمرجئة. وعلاقة الإمام أحمد بها. وأما القسم الثاني في آرائه وفقهه، فتناول فيه آراء الإمام أحمد حول بعض مسائل العقيدة: الإيمان، مرتكب الكبيرة، القدر وأفعال الإنسان، الصفات ومسألة خلق القرآن، ورؤية اللَّه يوم القيامة. وآراءه في السياسة، يقول الشيخ أبو زهرة (ص 166): وفي شأن الخلافة والخليفة، وممن يُختار؟ وكيف يُختار؟ كان رجلًا واقعيًّا يتجنب الفتن، ويجتهد في أن يكون شمل المسلمين ملتئمًا. ويؤثر الطاعة لإمام متغلب -ولو كان ظالمًا- على الخروج عنى الجماعة. اهـ. ثم فصَّل القول في رأيه في الصحابة، وترتيب درجاتهم. وفي اختيار الخليفة، وطاعته وعدم الخروج عليه.

* "أحمد بن حنبل بين محنة الدين ومحنة الدنيا" لأحمد عبد الجواد الدومي.

ثم تكلم عن حديث الإمام أحمد وفقهه، فقال (ص 177 - 178): هذا هو الغرض المقصود من دراستنا، وقد ذكرنا عرضًا آراءه في السياسة، وحول العقائد؛ لأنه قد اضطر تحت سلطان الفكر في عصره، وملابسات الزمان، والمجادلات التي أثارها المعتزلة، ومِن ورائهم الخلفاء، أن يتكلم فيها، وكان مع كلامه يتجنب الخوض مع أصحاب الأهواء. . أما في الفقه والحديث، فذلك هو مقامه، وما نصب نفسه له، واتجهت مواهبه كلها له. . لذلك يحق لنا أن نقول: إن أحمد إمام في الحديث، ومن طريق هذِه الإمامة في الحديث والآثار كانت إمامته في الفقه. اهـ. ثم تناول "المسند" بالحديث، قال (ص 183): هو خلاصة ما تلقاه أحمد من الأحاديث، ودونها بإسنادها، ولذلك ابتدأ جمعه من وقت أن ابتدأ يتلقى الحديث. اهـ. وتحدث عن رواية عبد اللَّه للمسند، وأنه هو الذي رتبه الترتيب الموجود عليه الآن، ثم تحدث عن جهود العلماء في ترتيب "المسند"، وعن درجة أحاديثه، وأنه حوى الصحيح والضعيف، وعن اختلاف العلماء في وجود أحاديث موضوعة في "المسند". قال (ص 192): وخلاصة القول أن بعض العلماء يقول: إن "مسند أحمد" ليس فيه موضوع برواية أحمد، وبعضهم يقول: إن "مسند أحمد" فيه الموضوع بروايته، والعِلْيَة من العلماء متفقون على أن فيه الضعيف. اهـ. ثم تكلم عن فقه الإمام أحمد، وكيف انتقل هذا الفقه، وعن نقلته من أصحاب الإمام، وعن السمات العامة للفقه الحنبلي، والقواعد العامة التي وضعها بعض علمائه، وعن أصول المذهب الحنبلي، ثم ختم الكتاب بالحديث عن نمو المذهب الحنبلي، وانتشاره. * " أحمد بن حنبل بين محنة الدِّين ومحنة الدنيا" لأحمد عبد الجواد الدومي. ذكره بكر أبو زيد في "المدخل المفصل" 1/ 431، وقال: وهو من الكتب المؤثرة الماتعة.

* "الإمام أحمد بن حنبل" لمصطفى الشكعة.

* " الإمام أحمد بن حنبل" لمصطفى الشكعة. * " أحمد بن حنبل ومنهجه الاجتهادي" لمحمد سلام مدكور. * " ابن حنبل من أعلام القرن الثالث الهجري" لأحمد عبد الباقي. ذكر هذِه الكتب بكر أبو زيد في "المدخل المفصل" 1/ 431. * أحمد بن حنبل إمام أهل السنة" للأستاذ عبد الغني الدقر. نشر دار القلم بدمشق، ضمن سلسلة أعلام المسلمين، رقم (17)، الطبعة الرابعة سنة 1420 هـ/ 1999 م. يقع الكتاب في 320 صفحة من القطع الصغير. وذكر في المقدمة أن ممن أفرد بالتصنيف في مناقب الإمام أحمد: * أبو إسماعيل الأنصاري * شيخ الإسلام الهروي ولم أقف على الكتابين. * " الإمام أحمد بن حنبل محتسبًا" لعبد اللَّه سعد الغامدي. رسالة ماجستير بجامعة الإمام محمد بن سعود، كلية الدعوة والإعلام، قسم الدعوة والاحتساب سنة 1406 هـ. انظر "دليل الرسائل الجامعية في المملكة العربية السعودية" ص 75. و"المدخل المفصل" 1/ 431. * " أحمد بن حنبل والمحنة" للمستشرق الأمريكي ولتر ملفيل باتون " (Walter Melville Patton) " ترجمه الأستاذ عبد العزيز عبد الحق. ونشرته دار الهلال في القاهرة. قال الأستاذ عبد العزيز في مقدمة الترجمة (ص 5): وهو عبارة عن أطروحة افتتاحية تقدم بها صاحبها لنيل درجة العالمية (الدكتوراه) من كلية الفلسفة بجامعة هيدلبرج بألمانيا، ونشرتها مطبعة إ. ج. بريل، بليدن سنة (1897 م). وأما عن المصادر التي اعتمد عليها باتون في رسالته، فقد ذكر منها في مقدمته ثلاث مخطوطات: لـ "حلية الأولياء" لأبي نعيم، و"طبقات الشافعية" للسبكي، و"مناقب أحمد بن حنبل" للمقريزي.

يقول باتون (ص 43 - 44): وقد استقيت الكثير من مادة بحثي من "الحلية"؛ لأنه أوسعهما مادة، وأكثرهما تفصيلًا، وأجلاهما بيانًا للحقائق المتعلقة بسيرة الإمام أحمد، كما أنه أقدم المصادر الثلاثة السابقة. وتزودنا ترجمة السبكي لأحمد بمادة غزيرة تتعلق بالدور الذي قام به أحمد في المحنة، ولكنها لم تبسط القول في ترجمة الإمام في الأعوام السابقة للمحنة أو التالية لها. أما بحث المقريزي، فإني أكاد أتيقن أنه جزء من كتابه الكبير "المقفى". . وترجمة المقريزي لأحمد تفوق ترجمة أبي نعيم، إذا راعينا أحكام التأليف، وجودة الإنتاج الأدبي. . ولكنها لا تجدي كثيرًا الباحث الذي يسعى لجمع المادة التاريخية. . غير أن "الحلية" لسعة مادتها، وكثرة رواياتها المتعلقة بنواحٍ فرعية صغيرة في سيرة أحمد، تزوده بمادة أغزر وبيان أوفى، وتفصيل أدق عما جاء في كتابة المقريزي. اهـ. وعلق الأستاذ عبد العزيز على كتاب المقريزي قال (ص 266): ولم أجد هذِه الترجمة في المخطوطة المصورة بدار الكتب بالقاهرة؛ لأنها صورت عن قطعة أخرى من "المقفى" محفوظة في المكتبة الأهلية بباريس. اهـ. وهناك مصادر أخرى اعتمد عليها باتون ذكرها في هوامش الرسالة، وقد جمعها الأستاذ عبد العزيز في خاتمة الترجمة (ص 266 - 272) منها: "تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي، و"النجوم الزاهرة" لابن تغري بردي، و"تاريخ الطبري"، و"مروج الذهب" للمسعودي، وغيرها. واعتمد أيضًا على بعض الدراسات الحديثة لبعض المستشرقين، مثل: "دراسات إسلامية"، و"مواد جديدة في مؤلفات الحديث عند المسلمين"، و"الظاهرية فقهها وتاريخها" كلها لجولدتسيهر، و"المنازعات الاعتقادية" لهوتسما، وغيرها. ويذكر بانون منهجه في التأليف (ص 44) يقول: وقد اتجهت محاولتي إلى الانتفاع بهذِه المواد التاريخية التي جمعتها، بحيث جعلت كل رواية من الروايات مكملة لغيرها، معززة لها. ومع ذلك فقد ألفت بين هذِه النتف

المتناثرة، ودأبت على أن يوحي مجموعها بقصة متسقة متماسكة، قد اضطردت وقائعها، وتكاملت أجزاؤها. اهـ. وقسم المؤلف كتابه إلى خمسة فصول رئيسية، وكل فصل مقسم إلى عدة فقرات فرعية. ولم يُعَنْوِن الفصول الخمسة، واكتفى بعَنْوَنة الفقرات داخل كل فصل. وقد قام المترجم بعَنْوَنة الفصول للإرشاد إلى ما تشتمل عليه. فسماها: الأول نشأة أحمد بن حنبل وطلبه للعلم، والثاني تاريخ المحنة، والثالث أحمد بن حنبل والمتوكل، والرابع صفة أحمد بن حنبل، والخامس آراء أحمد بن حنبل. وعن منهج الترجمة يقول الأستاذ عبد العزيز في المقدمة (ص 29 - 30): وقد توخيت الدقة في ترجمتها، وحافظت على عبارة المؤلف، فلم أحاول صوغها في قالب النصوص العربية التي أوردها، حتى يتسنى للقارئ أن يوازن بين فكرة المؤلف وعباراته، ونظائرها في تلك النصوص. ولكني اضطررت إلى حذف عدة فقرات يسيرة في الفصل الثاني والخامس، تمس السنة الإسلامية، رأيت في إثباتها ما يجرح مشاعر المسلمين، فليعذرني القارئ عما لم أرد به إخلالًا بواجب الأمانة في النقل، ولكني وجدت أن المؤلف في هذِه الفقرة التي حذفتها، لم يستطع أن يكون موضوعيًّا في دراسته كما يقضي بذلك منهج البحث العلمي، كما أنه لم يتثبت في دراسته للسنة الإسلامية. هذا وقد أتيح لي في النصوص العربية التي أوردها المؤلف نقلًا عن مخطوطات ليدن الخاصة بـ "تاريخ بغداد"، و"حلية الأولياء"، و"طبقات الشافعية"، أن أعارضها بما طبع منها في مصر نقلًا عن مخطوطات أخرى، وأشرت إلى مواضع الاختلاف وأثبت ما رأيته صوابًا. كما حققت كتب المأمون التي أوردها الطبري، وراجعتها أيضًا على ترجمة باتون لها، وآثرت إثبات النصوص العربية في صلب كلام المؤلف، بدلًا من إحالتها إلى الهوامش، كما هو الحال في الأصل. وحين وجدت هذِه النصوص تستغرق من الصفحات، ما تفقد معه صلتها بما يتلو من كلام المؤلف، عمدت إلى تقسيمها إلى فقر، أدرج منها ما يتفق

* "المحنة: بحث في جدلية: الديني والسياسي في الإسلام" تأليف: فهمي جدعان.

موضوعه مع بحث الكاتب، دون أن أغفل منها شيئًا، بل أثبت نصوصًا عربية أخرى اكتفى المؤلف بالإشارة إليها دون إيرادها، زيادة في فائدة القارئ. . وقد أردت أن ألحق به ثلاث مقالات وثيقة الصلة بهذا الكتاب. . ولكني وجدت أن هذِه اللواحق تزيد في حجم الكتاب، وتشتت ذهن القارئ، فآثرت أن أفرد لهذِه الحواشي والدراسات كتابًا مستقلًا، واكتفيت بما ذيلت به صفحات الكتاب من تعليقات يسيرة، راعيت فيها الإيجاز، واقتصرت فيها على ما يوضح فكرة المؤلف أو يكملها، ووضعت لها علامات خاصة ليميز القارئ بينها وبين الأصل. اهـ. ويؤخذ على المصنف عدة مآخذ، ذكرها المترجم في المقدمة (ص 9 - 28)، منها: 1 - أنه لم يستفد فائدة كاملة من المصادر العربية التي رجع إليها. 2 - أنه اكتفى في إشارته لـ "مسند أحمد" بالإشارة إلى بحث جولدتسيهر، مما يدل على أنه لم يكلف نفسه عناء الرجوع إليه. 3 - أنه اعتمد على بعض كتب الطبقات دون أن يحدد مدى توثيقه لها، كما أنه كان الأولى به أن يرجع أولًا إلى الكتب المؤلفة في طبقات الحنابلة. 4 - أنه لم يوفق إلى الاطلاع على بعض المؤلفات العربية القريبة العهد من تاريخ المحنة مثل "مسائل أبي داود"، و"ذكر المحنة" لحنبل. وإن كانت هذِه المآخذ لا تغمط ما بذل في هذِه الرسالة من جهد في إعدادها، يقول المترجم (ص 29): وليس من الإنصاف أن ننتقد رسالة مضى على ظهورها أكثر من ستين عامًا ظهرت خلالها بحوث ودراسات مختلفة، ونشرت مخطوطات ومصادر كثيرة. ولكنها كانت عند ظهورها أجود ما وصل إليه البحث العلمي في ذلك الموضوع آنذاك. * " المحنة: بحث في جدليَّةِ: الديني والسياسي في الإسلام" تأليف: فهمي جدعان. ذكره بكر أبو زيد في "المدخل المفصل" 1/ 431، وقال: طبع في الأردن عام (1989 م)،

* "أحمد بن حنبل حياته وفقهه" لعبد العزيز محمد عزام.

لكنه كتاب لا يفرح به؛ لما فيه من شطح في الرأي، وتعسف في الاستنتاج، وتأثُّر بنفس الاستشراق، فإلى اللَّه الشكوى من الخوض فيما لا يُحْسِنُهُ المرء. * " أحمد بن حنبل حياته وفقهه" لعبد العزيز محمد عزام. وهي عبارة عن رسالة تقدم بها عبد العزيز عزام لنيل درجة العالمية (الدكتوراه) في الشريعة الإسلامية، من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر. سنة (1392 هـ). ويقول الدكتور عزام عن الباعث على اختياره هذِه الرسالة: . . وكان مما دفعني لاختيار الإمام أحمد بن حنبل بالذات عدة عوامل، كان من أهمها أن المذهب الحنبلي قد رماه الخلف والسلف بالتعصب والجمود حتى التصق هذا الوصف بكل من انتسب إلى المذهب من قريب أو من بعيد، فأردت أن أسبر غور هذِه التهمة، وما إذا كانت حقيقةً أم وهمًا؟ حقًّا أم باطلًا؟ والواقع أنه سيتضح من خلال الرسالة في مجموعها أن الفقه الحنبلي هو الفقه السلفي الذي يعود بالناظر فيه مباشرة إلى مصادر الإسلام الأولى، إلا أن الإمام أحمد كان لا يحيد قيد شعرة عن متابعة خطو النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في كل ما يعرض له من جليل الأمر ودقيقه، فكان فقهه يتميز عن فقه سائر المذاهب السلفية الأخرى، بأنه كان أشدها حربًا على البدع الدخيلة في الإسلام. اهـ. والرسالة تبدأ بتمهيد عن حركة الفقه إلى عصر الإمام أحمد، ثم تنقسم إلى بابين: الباب الأول في حياته، ويشمل ستة فصول: الفصل الأول في مولده ونسبه ونشأته. والفصل الثاني في المحنة. والفصل الثالث في زهده، ورفضه لهدايا السلطان. والفصل الرابع في مكونات علمه، والتي أجملها في ثلاثة عوامل: العامل الأول: صفاته الذاتية واستعداده الفطري، والتي تتمثل في خمسة صفات: قوة الحافظة، والصبر وقوة الاحتمال، والنزاهة المطلقة، والإخلاص، والهيبة. والعامل الثاني: أساتذته،

واقتصر فيه على ذكر الشيوخ البارزين للإمام أحمد، مثل هشيم بن بشير، والشافعي، والثوري، وابن المبارك. والعامل الثالث: الحركة العلمية في عصره. ثم تحدث عن اختلاف العلماء حول هل يعتبر أحمد فقيهًا، أم محدثًا فقط؟ فقال (ص 154): ولنا في ذلك رأي مقتضاه أن الإمام أحمد كان محدثًا وفقيهًا، غلبت عليه نزعته إلى الحديث، فبها كانت شهرته. . اهـ. ثم أفرد الفصل الخامس للحديث عن "مسند الإمام أحمد"، وتناوله بالحديث من عدة نقاط: دوافع الإمام أحمد إلى تدوين "المسند"، وطريقته في جمع "المسند"، وزيادة عبد اللَّه على "المسند"، وروايته له من غير ترتيب على الأبواب بل يورد أحاديث كل صحابي على حدة غير مرتبة، وعن جهود العلماء في ترتيب "المسند"، ودرجة أحاديث "المسند"، وهل فيه أحاديث موضوعة، أو ضعيفة؟ ثم تحدث عن شروح "المسند"، وأنه على الرغم من جلالته، وجلالة الإمام أحمد، إلا أنه لم يحظ بما حظيت به كتب السنة الأخرى من شروح، وأرجع ذلك إلى أمور، منها: كونه مرتبًا على أحاديث الصحابة، ولضخامته وعزة وجوده. (ص 150). والفصل السادس في موقف الإمام أحمد من الفرق الإسلامية، والفرق التي ورد ذكرها على لسان الإمام أحمد هي: المعتزلة، والقدرية، والجهمية، والمرجئة. فعرَّف بها، ثم بين رأي الإمام أحمد فيها، فقال (ص 168): وقد كان الإمام أحمد لا يرى لنفسه ولا لغيره أن يخوض معهم، ولا يرد عليهم فيما يذهبون إليه، لأنهم في مرائهم وجدالهم لا يطلبون الحق، ولا يهتدون إليه، ومن ثم فلا ينبغي لأحد أن يفسح لهم المجال في الكلام. اهـ. ثم ختم الفصل بالحديث عن وفاة الإمام أحمد. والقسم الثاني من الرسالة، أو الباب الثاني في آرائه وفقهه، ويشمل أربعة فصول: الأول في آرائه في العقيدة والسياسة. والثاني في تلاميذه وأثرهم في فقهه.

* "أحمد بن حنبل إمام أهل السنة" لعبد الحليم الجندي.

والثالث في أصول مذهبه. والرابع في اقتران العقد والشرط. وهو فصل عقده المصنف ليثبت به مدى ما يتسم به الفقه الحنبلي من المرونة والسعة، والسماحة والرفق، وأنه براء مما نسب إليه من التشدد والجمود. ومن أكثر المصادر التي اعتمد عليها المصنف في رسالته "ابن حنبل حياته وعصره، آراؤه وفقهه" لأبي زهرة، حتى يرى أنه اقتبس منه كثيرًا من الموضوعات. ومن المصادر الأخرى التي اعتمد عليها المصنف: "سيرة أحمد" لصالح، و"مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي، و"أحمد بن حنبل إمام أهل السنة" لعبد الحليم الجندي، و"أحمد بن حنبل والمحنة" لباتون. * " أحمد بن حنبل إمام أهل السنة" لعبد الحليم الجندي. نشر دار المعارف، مصر. لهذا الكتاب طابع متميز، يختلف عن غيره من الكتب التي ترجمت للإمام أحمد، فهو يتحدث عن الإمام أحمد بطريقة أدبية، أكثر من كونها سردًا لحقائق تاريخية. والكتاب ينقسم إلى ستة أبواب، وكل باب ينقسم إلى فصلين. الباب الأولى: من قمة إلى قمة. تحدث في الفصل الأول منه عن نشأة الإمام أحمد، وفي الفصل الثاني عن بداية طلبه للعلم. الباب الثاني: إمام الزاهدين. تحدث في الفصل الأول منه عن زهد الإمام أحمد، وعمله بالحديث. وفي الفصل الثاني عن عمله وتكسبه، وتنزهه عن السؤال، وعن أموال السلطان. الباب الثالث: إمام أهل السنة. تحدث في الفصل الأول منه عن "المسند"، وفي الثاني عن مذهبه الفقهي. الباب الرابع: فقه الحرية وفقهاؤها. تحدث في الفصل الأول منه عن بعض أصول المذهب الحنبلي، وفي الثاني عن بعض رجال المذهب، بادئًا بتلاميذ الإمام أحمد، ثم ذكر بعض العلماء البارزين في المذهب، مثل ابن قدامة، وابن عقيل، وعبد القادر الجيلاني، وابن تيمية، ثم ختمهم بالحديث عن محمد

* "أحمد بن حنبل السيرة والمذهب" لسعدي أبو جيب.

بن عبد الوهاب. الباب الخامس: الامتحان. في الفصل الأول تكلم عن خلق القرآن، ورأي المعتزلة، وأهل السنة. ثم في الفصل الثاني تكلم عن محنة الإمام أحمد. الباب السادس: حكم التاريخ. ويعرض في الفصل الأول منه بعض ما لاقى الخلفاء العباسيين الذين اشتركوا في المحنة من سوء الخاتمة. وقد استخدم المصنف في هذا الفصل بعض الألفاظ المخالفة لطريقة أهل السنة، مثل قوله: (عدل السماء)، (غضبات السماء)، (تملي له السماء حتى إذا أخذته لم تفلته)، (لكن السماء قيضته لحماية المسلمين). وما للسماء أن تفعل شيئًا من هذا، إنما هي خلق من خلق اللَّه. وأمثال هذه الكلمات كثيرة عند الذين يكتبون في أمور الدين بأسلوب أدبي بقصد إمتاع القارئ والتأثير عليه، كما في بعض كتابات العقاد، وسيد قطب، وغالبًا لا يقصدون ولا يعتقدون ما كتبوا حرفيًّا، وإنما هي مسألة انغماس في الكنايات والصور التي يرونها من البيان والبديع، ولو رُوجعوا فيما كتبوا وتبين لهم الحق لرجعوا، واللَّه تعالى أعلم بحالهم. ولا يعني حُسن الظن بهم التغاضي عن بيان ما في كلامهم من خلل؛ بل هو واجب عند التعرض لكتاباتهم. ثم في الفصل الثاني تحدث عن وفاة الإمام أحمد، وتأثيرها في عامة الناس. * " أحمد بن حنبل السيرة والمذهب" لسعدي أبو جيب. نشر دار ابن كثير، بيروت، الطبعة الأولى سنة (1418 هـ). الكتاب ينقسم إلى قسمين: القسم الأول الحديث عن سيرة الإمام أحمد، والقسم الثاني الحديث عن مذهبه. والذي يعنينا بالحديث هنا القسم الأول، وقد قسمه المصنف إلى خمسة أقسام رئيسية: السيرة الذاتية، العالم الإمام، آثار الإمام، عصر الإمام، الشخصية. 1 - السيرة الذاتية، وتكلم فيها عن الإمام أحمد كإنسان، فتحدث عن اسمه وشهرته، وأسرته، وصفة معيشته، ووفاته. وتكلم عنه كطالب علم، فذكر بداية طلبه

للعلم، ورحلاته في طلب العلم، وأهم شيوخه. ثم تكلم عنه كشيخ حتى شُدت إليه الرحال. 2 - العالم الإمام، فذكر إمامته في الحديث، ويشهد لذلك "مسنده". وإمامته في الفقه، ويرد فيه على من زعم أن الإمام أحمد محدث وليس بفقيه. وإمامته في اللغة، والقرآن، والسنة. ثم تكلم عن عقيدة الإمام أحمد، ومسألة خلق القرآن. 3 - آثار الإمام، وقسمها إلى قسمين: المطبوع، وذكر فيه أربعة عشر كتابًا. والمخطوط، وذكر فيه خمسة وعشرين مخطوطةً. وإن لم يخل بعض هذِه الكتب من شك في صحة نسبتها إلى الإمام أحمد. ثم تحدث عن "المسند" بشيء من الإسهاب. 4 - عصر الإمام، تحدث فيه عن الدولة العباسية، حيث العصر الذي عاش فيه الإمام أحمد، ففي خلافة المهدي كانت الولادة، وفي عهد المتوكل كانت الوفاة. ثم تحدث عن المحنة، في أيام المأمون، ثم المعتصم، وذكر فيها أربع روايات: رواية صالح، وأحمد بن الفرج، ورواية سليمان السجزي، ورواية الجاحظ المنشورة على هامش طبعة "الكامل" للمبرد، الصادرة سنة (1323 هـ). وقارن المصنف بين هذِه الروايات، ورجح منها رواية صالح؛ لقوة سندها، وما تحمله من أمانة النقل لأقوال الخصوم. ثم رواية أحمد بن الفرج، مع التردد حول خبر تجمهر الناس حول قصر المعتصم، واضطراره للإفراج عن الإمام أحمد. وردَّ المصنف رواية السجزي، وقال (ص 208): إنك إن قارنت بين رواية ابن الفرج، ورواية السجزي، وكل منهما شاهد عيان لما جرى، مالت نفسك إلى تصديق الأولى والإعراض عن الأخرى. اهـ. وردَّ أيضًا رواية الجاحظ، وقال (ص 208 - 209): مما يلحظ عليها أنها لم تستند إلى شاهد عيان، مع كثرة المعتزلة، ومن والاهم في ذلك المجلس، وقرب العهد منه .. وحسب هذِه الرواية الاعتزالية من جرح أنها مناقضة تناقضًا فاضحًا مع ما استقر في كتب التراث الإسلامي من جهر الإمام بالإنكار على من قال بهذِه

* "من أنا حتى أكتب عن أحمد" للدكتور إسلام المازني.

المسألة بكل صراحة وقوة، وما نعرفه من شخصية الإمام القوية في الحق، الثابتة عليه. اهـ. ثم تحدث عن المحنة أيام الواثق، وما كان أيام المتوكل. ثم طرح سؤالين هامين حول المحنة، لِمَ كانت هذِه المحنة؟ ومن المسئول عنها؟ 5 - الشخصية، تحدث فيها عن عبادته، وخُلُقه، وورعه، وزهده. ومن المصادر التي اعتمد عليها المصنف: "أحمد بن حنبل حياته وعصره" لأبي زهرة، و"أحمد بن حنبل والمحنة" لباتون، و"تاريخ الإسلام" للذهبي، و"تاريخ بغداد"، و"طبقات الحنابلة"، و"المناقب" لابن الجوزي، وغيرها. * " من أنا حتى أكتب عن أحمد" للدكتور إسلام المازني. وهي رسالة صغيرة ترجم فيها للإمام أحمد، تناول فيها بعض الموضوعات المختصرة بطريقة أدبية رائعة، قال في المقدمة: تحلى أحمد بطهر الوجدان وحب الخير، فلم يكْرَه سوى الباطل والمبطلين، فكانت حياته قصة وعبْرة تروي كفاح إنسان حمل في أعماق صدره طهر حب ربه. . اهـ. وهناك كتابات أخرى ترجمت للإمام أحمد نذكرها على عجالة: * فوائد وشواهد من محنة الإمام أحمد. إبراهيم بن عبد اللَّه الغامدي دار القاسم - الرياض - 1421 هـ * ملحق لمجلة "المسلمون" المصرية منذ نحو ستين سنة وهو في نحو خمسين صفحة، وظني أنها بقلم الأستاذ سيد قطب رحمه اللَّه. * ترجمة في أحد الأعداد الأولى لمجلة البحوث الإسلامية. للشيخ عبد اللَّه بن عقيل.

القسم الثاني: الكتب التي ترجمت للإمام أحمد ضمن تراجم أخرى

القسم الثاني: الكتب التي ترجمت للإمام أحمد ضمن تراجم أخرى: - " الطبقات الكبرى" لابن سعد (ت 230 هـ). وردت فيه ترجمة للإمام أحمد (7/ 354 - 355)، ولاشك أنها ليست من تصنيف ابن سعد. يقول الدكتور زياد منصور: ومن الجدير بالذكر الإشارة إلى بعض التراجم الموجودة في "طبقات ابن سعد"، والتي تواريخ وفيات أصحابها بعد وفاة المؤلف. . لاشك أن مثل هذِه التراجم التي وردت في كتاب "الطبقات الكبرى" ليست من تصنيف المؤلف، خاصة عندما نجد فيه ترجمة للمؤلف نفسه قد وردت في الكتاب. . اهـ (¬1). - " التاريخ الكبير " للبخاري (ت 256 هـ). ومنهج البخاري فيه أن يترجم للرواة مرتبين على حروف المعجم، وترجم للإمام أحمد ترجمة مختصرة (2/ 5)، مثل سائر التراجم، ذكر نسبه، وسنة وفاته، وشيخين من شيوخه: إبراهيم بن سعد، وابن عيينة. - " التاريخ الأوسط" للبخاري. طُبع باسم "التاريخ الصغير" تحقيق محمود زايد، ثم طُبع على الصواب بتحقيق محمد اللحيدان، نشر دار الصميعي. ومنهج البخاري في هذا الكتاب أن يترجم للرواة مرتبين حسب سنة الوفاة، وقد ترجم للإمام أحمد ترجمة مختصرة (2/ 375 ط. زايد. 2/ 263 - 264 ط. اللحيدان)، اقتصر فيها على ذكر نسبه، وسنة وفاته، ولم يتعرض فيها لذكر شيء من المحنة سوى قوله: لما ضرب أحمد كنا بالبصرة، فسمعت أبا الوليد يقول: لو كان هذا في بني إسرائيل، كان أحدوثة. ¬

_ (¬1) "الطبقات الكبرى" القسم المتمم لتابعي أهل المدينة - ص 59 - 60.

- "معرفة الثقات" للعجلي (ت 261 هـ).

- " معرفة الثقات" للعجلي (ت 261 هـ). جمع فيه أسماء الثقات، يذكر فيه اسم الراوي، ونسبته، ودرجة توثيقه، وأحيانًا يضيف بعض الأخبار الأخرى. وقد رتبه السبكي، والهيثمي على حروف المعجم. وترجم للإمام أحمد (1/ 194 - 197) وقال فيه: ثقة، ثبت في الحديث، نزه النفس، فقيه في الحديث، متبع يتبع الآثار، صاحب سنة وخير. اهـ. ثم ذكر شيئًا من خبر المحنة. - " المعرفة والتاريخ" ليعقوب بن سفيان الفسوي (ت 277 هـ). ترجم فيه لبعض الرواة مرتبًا على سنة الوفاة، فترجم للإمام أحمد في سنة إحدى وأربعين ومائتين (1/ 212)، ترجمة مختصرة جدًّا، لم يذكر فيها إلا تاريخ وفاته، وأنه سار رسول من الكرخ إلى نيسابور ثمانية أيام نعاه. - " تاريخ الرسل والملوك" لابن جرير الطبري (ت 310 هـ). ويسمى أيضًا "تاريخ الأمم والملوك"، ويعرف بـ "تاريخ الطبري"، وهو أوفى عمل تاريخي بين مصنفات العرب. جمع فيه الطبري أحداث التاريخ منذ بدء الخلق إلى سنة اثنتين وثلاثمائة. وأغفل الطبري ترجمة كثير من الأعلام، وإنما اكتفى بسرد الأحداث (¬1)، ¬

_ (¬1) وقد أشار إلى هذا في مقدمته (1/ 6) حيث قال: وأنا ذاكر في كتابي هذا من ملوك كل زمان من لدن ابتدأ ربنا جل جلاله خلق خلقه إلى حال فنائهم من انتهى إلينا خبره. . من رسول له مرسل أو ملك مسلط أو خليفة مستخلف. . مقرونًا ذكر كل من أنا ذاكره منهم في كتابي هذا بذكر زمانه وجمل ما كان من حوادث الأمور في عصره وأيامه إذ كان الاستقصاء في ذلك يقصر عنه العمر وتطول به الكتب. اهـ. ولعل ذلك لأنه قد أفرد تراجم الرواة والأعلام في ذيل التاريخ، يقول (1/ 7): ثم أنا مُتبع آخر ذلك كله إن شاء اللَّه وأيد منه بعون وقوة ذكر صحابة نبينا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وأسمائهم وكناهم ومبالغ أنسابهم ومبالغ أعمارهم ووقت وفاة كل إنسان منهم =

- "الكنى والأسماء" للدولابي (ت 310 هـ).

وعلى هذا الأساس، لم يفرد فيه ترجمة للإمام أحمد، ولا ذكره فيمن مات سنة إحدى وأربعين ومائتين، وإنما اقتصر على ذكره في مواضع قليلة أثناء حديثه عن بداية المحنة في أحداث سنة ثمان عشرة ومائتين، فذكره فيمن أحضرهم إسحاق بن إبراهيم؛ ليقرأ عليهم كتاب المأمون. قال (8/ 639): ثم عاد إلى أحمد بن حنبل فقال له: ما تقول في القرآن؟ قال: هو كلام اللَّه. قال: أمخلوق هو؟ قال: هو كلام اللَّه، لا أزيد عليها. فامتحنه بما في الرقعة فلما أتى على {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]. قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. اهـ. وقال (8/ 644): فأجاب القوم كلهم حين أعاد القول عليهم إلى أن القرآن مخلوق إلا أربعة نفر، منهم أحمد بن حنبل وسجادة والقواريري ومحمد بن نوح المضروب. فأمر بهم إسحاق بن إبراهيم، فشدوا في الحديد، فلما كان من الغد دعا بهم جميعًا يساقون في الحديد، فأعاد عليهم المحنة، فأجابه سجادة إلى أن القرآن مخلوق، فأمر بإطلاق قيده وخلى سبيله، وأصر الآخرون على قولهم، فلما كان من بعد الغد عاودهم أيضًا، فأعاد عليهم القول، فأجاب القواريري إلى أن القرآن مخلوق، فأمر بإطلاق قيده، وخلى سبيله، وأصر أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح على قولهما، ولم يرجعا، فشدا جميعًا في الحديد، ووجها إلى طرسوس. اهـ. - " الكنى والأسماء" للدولابي (ت 310 هـ). ابتدأه بذكر اسم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وكنيته، ثم المعروفين بالكنى من أصحاب ¬

_ = والموضع الذي كانت به وفاته، ثم متبعهم ذكر من كان بعدهم من التابعين لهم بإحسان على نحو ما شرطنا من ذكرهم، ثم ملحق بهم ذكر من كان بعدهم من الخلف لهم كذلك، وزائد في أمورهم للإبانة عمن خمدت منهم روايته وتقبلت أخباره، ومن رفضت منهم روايته ونبذت أخباره، ومن وهن منهم نقله وضعُف خبره، وما السبب الذي من أجله نبذ منهم خبره، والعلة التي من أجلها وهن من وهن منهم نقله. اهـ. وهذا الذيل مفقود، انظر مقدمة "ذيول تاريخ الطبري" ص 6 - 7.

- "مقدمة الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (ت 327 هـ).

النبي صلى اللَّه عليه وسلم، ثم كنى المعروفين بالاسم منهم، ثم كنى التابعين. وكل قسم من هذِه الأقسام مرتب على الحروف. فذكر الإمام أحمد فيمن كنيته أبو عبد اللَّه (2/ 84)، ولم يذكر عنه شيئًا سوى اسمه. - " مقدمة الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (ت 327 هـ). وقد ترجم فيها لبعض أئمة الحديث، ومنهم الإمام أحمد (ص 292 - 313)، ترجمة مطولة، تناول فيها: ما ذكر من علمه وفقهه، وما ذكر من إمامته لأهل زمانه، وتعظيم العلماء له، ومعرفته بعلل الحديث، وزهده وورعه، وتحدث عن المحنة باختصار، وما رُوئي له من الرؤيا، وأخيرًا وفاته، وما رُثي به. وقد روى ابن أبي حاتم أخباره عن أبيه، وأبي زرعة، وصالح بن أحمد، وغيرهم. - " الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم. وهو تراجم للرواة مرتبة على حروف المعجم، باعتبار الحرف الأول فقط، وترجم للإمام أحمد (2/ 68 - 70)، واقتصر في ترجمته على ذكر ثناء العلماء عليه. - " المحن" لمحمد بن أحمد بن تميم التيمي (ت 333 هـ) تناول موضوع المحن كما جاء في السنة وأقوال الصحابة والتابعين، ثم يعرضُ لما نزل بالصحابة والزهاد والفقهاء والعباد والقادة والولاة والمحدثين والقراء من محن، ويتناول بالتفصيل محنة القول بخلق القرآن، وما نزل بالإمام أحمد والفقهاء الذين لم يقولوا بخلق القرآن (ص 433 - 448). - " الثقات" لابن حبان (ت 354 هـ). ترجم فيه للرواة الموثقين عنده، مرتبين على الطبقات، فذكر الإمام أحمد فيمَن روى عن أتباع التابعين (8/ 18 - 19). قال عنه: وكان حافظًا متقنا ورعًا فقيهًا، لازمًا للورع الخفي، مواظبًا على العبادة الدائمة، به أغاث اللَّه جل وعلا أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذاك أنه ثبت في المحنة وبذل نفسه للَّه عز وجل، حتى ضُرب بالسياط للقتل، فعصمه اللَّه عن الكفر، وجعله علمًا يُقتدى به وملجأً يلتجأ إليه. اهـ.

- "أسامي من روى عنهم محمد بن إسماعيل البخاري من مشايخه الذين ذكرهم في جامعه الصحيح" لابن عدي (ت 365 هـ).

- " أسامي من روى عنهم محمد بن إسماعيل البخاري من مشايخه الذين ذكرهم في جامعه الصحيح" لابن عدي (ت 365 هـ). ترجم فيه لما يقرب من ثلاثمائة شيخ من شيوخ البخاري، وترجم للإمام أحمد في ثاني ترجمة فيمَن اسمه أحمد (ص 70)، ترجمة مختصرة، كما في أغلب تراجم الكتاب، اقتصر فيها على ذكر اسمه، وقوله: مروزي الأصل، ولد ببغداد، ومات بها. اهـ. - " تاريخ مولد العلماء ووفياتهم" لمحمد بن زبر الربعي الدمشقي (ت 379 هـ). يبدأ من السنة الأولى من الهجرة، إلى سنة سبع وخمسين وثلاثمائة، يذكر في كل سنة مَن مات، ومَن وُلد من الأعلام، وأحيانًا يذكر بعض الحوادث المهمة. فذكر مولد الإمام أحمد في سنة أربع وستين ومائة (1/ 381) من رواية ابن أبي خيثمة، واختلف في وفاته، فذكرها في سنة إحدى وأربعين ومائتين (2/ 529) من رواية عباس الدوري، وفي سنة اثنتين وأربعين ومائتين (2/ 531) من رواية أبي أمية. - " الفهرست" لمحمد النديم (ت 380 هـ). جمع فيه المصنف كتب جميع الأمم، من العرب والعجم، الموجود منها بلغة العرب، وأخبار مصنفيها، وقسمه إلى عشر مقالات، وكل مقالة إلى عدة فنون، فذكر الإمام أحمد في الفن السادس، من المقالة السادسة، في أخبار فقهاء أصحاب الحديث والمحدثين وأسماء كتبهم (ص 285). وذكر له من المصنفات: "العلل"، "التفسير"، "الناسخ والمنسوخ"، "الزهد"، "المسائل"، "الفضائل"، "الفرائض"، "المناسك"، "الإيمان"، "الأشربة"، "طاعة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-"، "الرد على الجهمية"، "المسند". - " ذكر أسماء التابعين ومن بعدهم ممن صحت روايته عن الثقات عند البخاري ومسلم" للدارقطني (ت 385 هـ). ذكر فيه أسماء التابعين فمن بعدهم إلى شيوخ صاحبي الصحيحين على

- "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" لأبي نعيم الأصبهاني (ت 430 هـ).

حروف المعجم، ويكتفي بذكر اسم الراوي فقط، وأحيانًا يذكر بعض شيوخه، أو من رووا عنه. وهو ينقسم إلى قسمين: القسم الأول في رجال البخاري، والقسم الثاني في رجال مسلم. وقد ذكر الإمام أحمد في القسم الأول (1/ 66)، وفي القسم الثاني (2/ 13). - " حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" لأبي نعيم الأصبهاني (ت 430 هـ). ذكر أبو نعيم سبب تأليفه الكتاب، وأنه استجابة لسؤال بعض أصدقائه أن يصنف كتابًا يتضمن أسامي جماعة من المتصوفة، وبيان أحوالهم. وقد رتبه أبو نعيم على الطبقات، بادئًا بالخلفاء الأربعة، ثم باقي العشرة، ثم جماعة من الصحابة، ثم أهل الصفة، ثم الصحابيات، ثم الطبقة الأولى من التابعين .. وهكذا. وقد يروي بعض الأخبار الضعيفة أو الموضوعة، دون أن يبين ضعفها (¬1). وقد ترجم للإمام أحمد ترجمة مطولة (9/ 161 - 233)، ابتدأ بذكر نسبه ومولده ووفاته، ثم ذِكر جلالته عند العلماء، ونبالته عند المحدثين والفقهاء، ثم تحدث عن المحنة، وابتدأها برواية صالح ابن الإمام أحمد، وذكر أنها أصح الروايات، ثم ذكر رواية أحمد بن الفرج، وهي رواية ضعيفة، كما قال الذهبي (¬2). ثم ذكر ما جرى للإمام أحمد مع المتوكل، ثم ذكر وصيته، وختم الترجمة برواية مجموعة من غرائب حديث الإمام أحمد. ¬

_ (¬1) وهذا مما أنكره عليه ابن الجوزي في "صفة الصفوة"، وذكر أمورًا أخرى، منها إعادة الأخبار في أكثر من ترجمة، والإطالة في ذكر الأحاديث المرفوعة التي يرويها المترجم له، والسجع البارد، وإضافة التصوف إلى كبار السادات كالخلفاء الأربعة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وليس عندهم خبر من التصوف، وذكر أشياء عن الصوفية لا يجوز فعلها. وأمور أخرى، انظر "صفة الصفوة" 1/ 6 - 13. (¬2) قال الذهبي في "السير" 11/ 255 - 256: وهذِه الحكاية لا تصح، وقد ساق صاحب "الحلية" من الخرافات، السمجة هنا ما يُستحيى من ذكره. اهـ.

- "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم (ت 456 هـ).

- " جمهرة أنساب العرب" لابن حزم (ت 456 هـ). قال ابن حزم عن منهجه في الكتاب (ص 6): فجمعنا في كتابنا هذا تواشج أرحام قبائل الغرب، وتفر بعضها من بعض، وذكرنا من أعيان كل قبيلة مقدارًا يكون من وقف عليه خارجًا من الجهل بالأنساب. . اهـ. وترجم للإمام أحمد (ص 319) في بني شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة ابن صعب. قال: الفقيه الجليل أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد اللَّه بن حيان بن عبد اللَّه بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان ابن ذهل بن ثعلبة. وابناه: عبد اللَّه، قاضي حمص. وصالح، قاضي الثغر. وابن ابنه: زهير بن صالح، محدث. وابن أخيه: محمد بن أحمد بن صالح، محدث. اهـ. - " تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي (ت 463 هـ). ويسمى أيضًا "تاريخ مدينة السلام"، قال الخطيب في المقدمة (1/ 3): هذا كتاب "تاريخ مدينة السلام" وخبر بنائها، وذكر كبراء نزالها، وذكروا رديها، وتسمية علمائها. اهـ. فالكتاب عبارة عن قسمين: القسم الأول في الحديث عن مدينة بغداد، وبنائها. ثم القسم الثاني -وهو القسم الأكبر- تراجم لأهل بغداد، ومن وردها، ابتدأهم بذكر من وردها من الصحابة، ثم ذكر التابعين، ومن بعدهم، مرتبين على حروف المعجم، بادئًا بمن اسمه محمد. وقد ترجم للإمام أحمد (4/ 412 - 423)، فذكر نسبه، وشيوخه، ومن رووا عنه، ونقل كثيرًا من الروايات في ثناء العلماء عليه، ثم تكلم عن وفاته، وما حدث في جنازته، ولم يتعرض لذكر المحنة، ولعل ذلك لما ذكره في آخر الترجمة (4/ 423) قال: قد ذكرنا مناقب أبي عبد اللَّه بن حنبل مستقصاة في كتاب أفردناه لهذا، فلذلك اقتصرنا في هذا الكتاب على ما أوردناه منها. - " التعديل والتجريح لمن خرَّج عنه البخاري في الجامع الصحيح" للباجي (ت 474 هـ).

- "طبقات الفقهاء" لأبي إسحاق الشيرازي (ت 476 هـ).

هو تراجم لرواة "صحيح البخاري" مرتبة على حروف المعجم. ترجم فيه للإمام أحمد (1/ 299 - 300)، ترجمة مختصرة، ركز فيها على ثناء بعض العلماء عليه. - " طبقات الفقهاء" لأبي إسحاق الشيرازي (ت 476 هـ). ترجم للإمام أحمد في فقهاء بغداد (ص 101) ترجمة مختصرة في حوالي خمسة أسطر. - " الجمع بين رجال الصحيحين" لابن القيسراني (ت 507 هـ). ترجم فيه لرجال الصحيحين مرتبين على حروف المعجم، يبدأ أولًا بمن اتفقا عليه، ثم بمن انفرد به البخاري، ثم بمن انفرد به مسلم. فترجم للإمام أحمد فيمَن اتفقا عليه (1/ 5)، قال: روى عنه مسلم بغير واسطة بينهما. وروى البخاري عن أحمد بن الحسن الترمذي عنه حديثًا واحدًا في آخر المغازي، في مسند بريدة، قوله: أنه غزا مع النبي صلى اللَّه عليه وسلم ستة عشرة غزوة (¬1). وقال في كتاب الصدقات: حدثنا محمد بن عبد اللَّه الأنصاري، ثنا أبي، ثنا ثمامة. . الحديث. ثم قال عقيبه: وزادني أحمد بن حنبل عن محمد بن عبد اللَّه الأنصاري (¬2). وقال في كتاب النكاح: قال لنا أحمد بن حنبل رحمه اللَّه (¬3). لم يقل: حدثنا ولا أخبرنا. وهو حديث الثوري، عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: حرم من النسب سبع .. الحديث. - " طبقات الحنابلة" لابن أبي يعلى (ت 526 هـ). وقسَّمهم إلى ست طبقات، رتب الطبقتين الأولى والثانية على حروف المعجم، وما بعدهما من الطبقات على تقديم العمر والوفاة. وافتتح الكتاب بترجمة الإمام أحمد (1/ 8 - 42)، تكلم فيها عن نسبه، ثم ¬

_ (¬1) البخاري (4473). (¬2) البخاري (5879). (¬3) البخاري (5105).

- "سير السلف الصالحين" لأبي القاسم الأصبهاني قوام السنة (ت 535 هـ).

فصَّل القول في قول الشافعي: أحمد إمام في ثمان خصال. ثم أضاف إليها ثمان خصال أخرى. - " سير السلف الصالحين" لأبي القاسم الأصبهاني قوام السنة (ت 535 هـ). وقد ترجم للإمام أحمد في طبقة تبع الأتباع (3/ 1053 - 1069)، فذكر اسمه ونسبه، وثناء العلماء عليه، وبعض ما ورد في زهده وورعه، وسيرته وأخلاقه، ومولده ووفاته، وأشار إلى المحنة، ولم يفصِّل القول فيها. - " الأنساب" للسمعاني (ت 562 هـ). يقول عن منهجه في الكتاب (1/ 4): وكنت أكتب الحكايات والجرح والتعديل بأسانيدها، ثم حذفت الأسانيد؛ لكيلا يطول، وملت إلى الاختصار، وأوردت النسبة على حروف المعجم، وراعيت فيها الحرف الثاني والثالث إلى آخر الحروف. . وأذكر نسب الرجل الذي أذكره في الترجمة، وسيرته، وما قال الناس فيه، وإسناده، وأذكر شيوخه، ومن حدث عنهم، ومن روى عنه، ومولده، ووفاته. اهـ. وترجم للإمام أحمد في نسبة الحنبلي (4/ 280 - 281)، تحدث فيها عن نسبه، ورحلاته في طلب العلم، وما تعرض له من المحنة، ووفاته. - " تاريخ مدينة دمشق" لابن عساكر (ت 571 هـ). قال ابن عساكر (1/ 4 - 5): وهو كتاب مشتمل على ذِكر مَن حلها من أماثل البرية، أو اجتاز بها، أو بأعمالها من ذوي الفضل، والمزيد من أنبيائها وهداتها وخلفائها وولاتها وفقهائها وقضاتها وعلمائها ودُرَّاتها وقرائها ونحاتها وشعرائها ورواتها من أمنائها وأبنائها وضعفائها وثقاتها، وذكر ما لهم من ثناء ومدح، وإثبات ما فيهم من هجاء وقدح، وبعض ما وقع إليَّ من رواياتهم، وتعريف ما عرفت من مواليدهم ووفاتهم، وبدأت بذكر من اسمه منهم أحمد، ثم ذكرتهم بعد ذلك على ترتيب الحروف. . اهـ.

- "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (ت 597 هـ).

وترجم للإمام أحمد (5/ 252 - 341)، فذكر اسمه، ونسبه، ومن روى عنهم، ومن رووا عنه، ومولده، ورحلاته في طلب الحديث، وبعض الروايات في ثناء العلماء عليه، وما اتصف به الإمام أحمد من الزهد والورع، ثم تحدث عن وفاته، وبعض المنامات التي رؤيت له. ومما يلاحظ على ترجمة ابن عساكر، أن أغلب الروايات يرويها من طريق الخطيب البغدادي. ويلاحظ أنه لم يستوعب المحنة بالحديث، بل أشار إليها إشارات بسيطة. قال الذهبي في "تاريخ الإسلام": قلت: أنا أتعجب من الحافظ أبي القاسم كيف لم يسق المحنة ولا شيئًا منها في "تاريخ دمشق" مع فرط استقصائه، ومع صحة أسانيدها، ولعل له نيةً في تركها (¬1). اهـ. - " المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (ت 597 هـ). ذكر فيه حوادث التاريخ، منذ بدء الخلق إلى سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وتحدث عن بداية المحنة مع المأمون في حوادث سنة ثمان عشرة ومائتين (11/ 15 - 24)، ثم امتحانه على يد المعتصم في حوادث سنة تسع عشرة ومائتين (11/ 44 - 42)، وذكر رواية ميمون بن الأصبغ، وقد قال عنها الذهبي في "السير": هذِه حكاية منكرة (¬2). ثم ترجم للإمام أحمد فيمن توفي سنة إحدى وأربعين ومائتين (11/ 286 - 289)، وذكر شيئًا من مناقبه، ثم قال: اقتصرنا هاهنا على هذِه النبذة؛ لأني قد جمعت فضائله في كتاب كبير جعلته مائة باب. - " صفة الصفوة" لابن الجوزي. يقول ابن الجوزي عن سبب تصنيفه للكتاب، ومنهجه فيه (1/ 5 - 13): أما بعد، فإنك أيها الطالب الصادق والمريد المحقق، لما نظرت في كتاب "حلية الأولياء" لأبي نعيم الأصبهاني أعجبك ذكر الصالحين والأخيار، ورأيته ¬

_ (¬1) "تاريخ الإسلام" 18/ 116. (¬2) "سير أعلام النبلاء" 11/ 255.

دواء لأدواء النفس، إلا أنك شكوت من إطالته بالأحاديث المسندة التي لا تليق به، وبكلام عن بعض المذكورين كثير قليل الفائدة، وسألتني أن أختصره لك، وأنتقي محاسنه. . وقد حداني جدك أيها المريد في طلب أخبار الصالحين وأحوالهم، أن أجمع لك كتابًا يغنيك عنه، ويحصل لك المقصود منه ويزيد عليه بذكر جماعة لم يذكرهم، وأخبار لم ينقلها، وجماعة ولدوا بعد وفاته، وينقص عنه بترك جماعة قد ذكرهم لم ينقل عنهم كبير شيء، وحكايات قد ذكرها، فبعضها لا ينبغي التشاغل به، وبعضها لا يليق بالكتاب. اهـ. وافتتحه بذكر النبي صلى اللَّه عليه وسلم، ثم الصحابة، ثم التابعين، ومن بعدهم على طبقاتهم في بلدانهم. فترجم للإمام أحمد في ذكر المصطفين من أهل بغداد (2/ 221 - 234)، ذكر نسبه، وبعض ما روي في مناقبه، وقال (2/ 223): وقد ذكرنا هذِه الأطراف وأمثالها في كتاب "فضائل الإمام أحمد" بأسانيدها فكرهنا الإعادة هاهنا. اهـ. وتكلم عن المحنة باختصار، وذكر فيها أيضًا رواية ميمون بن الأصبغ المنكرة. وقال (2/ 232): وإنما اقتصرنا على هذا اليسير من أخبار الإمام أحمد -رضي اللَّه عنه-؛ لأنَّا قد أفردنا لمناقبه وفضائله كتابًا كبيرًا يستوفيها، فكرهنا الإعادة في التصانيف، وذكرنا في ذلك الكتاب أسماء الأشياخ الذين لقيهم، وروى عنهم. اهـ. ثم تحدث عن مرضه، ووفاته، وما رؤي له من المنامات. - "أعمار الأعيان" لابن الجوزي. ذكر فيه أعمار كثير من الأنبياء، والصالحين، والعلماء، والشعراء، وغيرهم من الأعيان، ابتدأه بمقدمة ذكر فيها فضيلة طول العمر في الخير، ثم قسَّم الكتاب إلى عقود، عقد العشرة فما زاد، عقد العشرين، عقد الثلاثين. إلى أن وصل إلى عقد الثلاثة آلاف وما زاد. فذكر الإمام أحمد في عقد السبعين وما زاد (ص 56). - "التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد" لابن نقطة البغدادي (ت 629 هـ).

- "اللباب في تهذيب الأنساب" لابن الأثير (ت 630 هـ).

هو تراجم لرواة الكتب الستة، مع بعض السنن، والمسانيد الأخرى، مثل "الموطأ"، و"سنن الدارقطني"، و"البيهقي"، وغيرها. وترجم للإمام أحمد (ص 158 - 164)، قال: إمام السنة، والصابر في المحنة. ثم ذكر بعض شيوخه، وذكر نسبه كاملًا، وثناء بعض العلماء عليه، ولم يتعرض لذكر شيء من المحنة. - "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (ت 630 هـ). هو كتاب تاريخ جامع لأخبار ملوك الشرق والغرب، والحوادث، والكائنات، منذ بدء الخلق إلى سنة (628 هـ). وهو عبارة عن تهذيب لـ "تاريخ الطبري"، مع إضافة بعض الروايات من مصادر أخرى. وذكر بداية المحنة مع المأمون في حوادث سنة ثماني عشرة ومائتين (6/ 427 - 423)، ثم مع المعتصم سنة تسع عشرة ومائتين مختصرًا (6/ 445)، ثم ترجم للإمام أحمد في حوادث سنة إحدى وأربعين ومائتين (7/ 80)، في حدود سطر واحد فقط. - " اللباب في تهذيب الأنساب" لابن الأثير (ت 630 هـ). وهو تهذيب لكتاب "الأنساب" للسمعاني، وترجم فيه أيضًا للإمام أحمد في نسبة الحنبلي (1/ 395)، مختصرًا ترجمة السمعاني. - " المغني في الإنباء عن غريب المهذب والأسماء" لابن باطيش (ت 655 هـ). وقد وضعه على كتاب "المهذب" للشيرازي، وهو ينقسم إلى قسمين، القسم الأول: في بيان الغريب، والثاني: في بيان الأسماء، وهو ينقسم إلى مقدمة، وثلاثة أبواب. المقدمة تحدث فيها عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، نسبه، وشيئًا من سيرته، ثم العشرة المبشرين بالجنة. والباب الأول في الأسماء. والثاني فيمن ذكر بكنيته، أو لقبه، أو نسبه. والثالث في الأسماء المبهمة وتعيين بعضها. فترجم للإمام أحمد في الباب الأول من القسم الثاني (2/ 47 - 48)، ذكر

- "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (ت 676 هـ).

اسمه، ونسبه، ومولده، ووفاته. وختم الترجمة بقوله: وقد ذكرت طرفًا من أخباره في الطبقات. - "غاية الاختصار في مناقب الأربعة أئمة الأمصار" لشعلة الموصلي (ت 656 هـ). ذكره حاجي خليفة في "كشف الظنون" 2/ 1189 - 1190، ونقل عنه قال: جمعته من كتب الناقلين أهل الأثر، ورتبت ذكرهم على ترتيب الأقدم فالأقدم، لا على منزلة الأعلم فالأعلم، إذ يحتاج ذلك إلى من هو أعلى منهم منزلة؛ ليعلم الأعلم منهم. اهـ. وذكره ابن رجب في "ذيل طبقات الحنابلة" 4/ 18، والعليمي في "المنهج الأحمد" 4/ 271، باسم "فضائل الأئمة الأربعة". وانظر "معجم مصنفات الحنابلة" 3/ 183. - "مختصر تاريخ دمشق" لأبي شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (ت 665 هـ). ذكره الذهبي في آخر ترجمة الإمام أحمد في "التذهيب" (1/ 194) قال: ترجمته في "تاريخ دمشق" ولم يستوعبها، فذيل عليه، وطولها أبو شامة في "مختصر التاريخ". - " تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (ت 676 هـ). يعتني بستة كتب من كتب المذهب الشافعي: "مختصر المزني"، و"المهذب"، و"التنبيه" وكلاهما للشيرازي، و"الوسيط"، و"الوجيز" وكلاهما للغزالي، و"روضة الطالبين" للنووي. وهو ينقسم إلى قسمين: القسم الأول في الأسماء، ويشمل جميع الأسماء الواردة في هذِه الكتب الستة، من الرجال، والنساء، والملائكة، والجن. والقسم الثاني في اللغات، والألفاظ الفقهية الموجودة في هذِه الكتب الستة. وقد ترجم للإمام أحمد في قسم الأسماء (1/ 110 - 112)، قال: تكرر في

- "وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان" لابن خلكان (ت 681 هـ).

"المهذب"، و"الوسيط"، و"الروضة". ثم ذكر نسبه، وبعض شيوخه، وبعض من رووا عنه، ثم نقل بعض الروايات في مناقبه، ثم تحدث عن وفاته. ولم يتعرض لذكر المحنة، ولعل ذلك لما أشار إليه، أن مقصوده في هذا الكتاب الإشارة إلى أطراف المقاصد. - " وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان" لابن خلكان (ت 681 هـ). ذكر جمعا كبيرًا من الأعلام مرتبين على حروف المعجم. وترجم للإمام أحمد (1/ 63 - 65)، فذكر نسبه، ونشأته، وتحدث عن المحنة باختصار، ثم تحدث عن وفاته، وما حدث في جنازته، وختم الترجمة بالحديث عن أولاده: عبد اللَّه، وصالح. - " مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر" لابن منظور المصري (ت 711 هـ). حذف فيه سند الروايات، فلم يُبق منه إلا على جزء يسير منه أحيانًا، وأما الروايات، فأحيانًا يحذف المتعدد منها، وأحيانًا يجمع بينها في رواية واحدة. وعلى هذا النهج اختصر المصنف ترجمة الإمام أحمد (1/ 240 - 257). - " بهجة الأسرار ومعدن الأنوار في مناقب السادة الأخيار من المشايخ الأبرار" لعلي بن يوسف اللخمي (ت 713 هـ). ذكره حاجي خليفة في "كشف الظنون" (1/ 256 - 257)، ذكر فيه أعيان المشايخ وأفعالهم وأقوالهم، أولهم عبد القادر الجيلاني، وآخرهم الإمام أحمد بن حنبل. ألفه في حدود سنة ستين وستمائة، وجعله على أحد وأربعين فصلًا، والأول في مناقب عبد القادر الجيلاني، وهو طويل جدًّا ينتصف الكتاب به. قال ابن الوردي في "تاريخه": فيه أمور لا تصح، ومبالغات في شأن الشيخ عبد القادر لا تليق إلا بالربوبية. وهو مطبوع في القاهرة (1304 هـ)، وعلى هامشه كتاب "فتوح الغيب" للجيلاني. انظر "اكتفاء القنوع بما هو مطبوع" ص 193.

- "السلوك في طبقات العلماء والملوك" لمحمد بن يوسف الكندي (ت قبل 732 هـ).

- " السلوك في طبقات العلماء والملوك" لمحمد بن يوسف الكندي (ت قبل 732 هـ). ترجم فيه المصنف لبعض علماء، وملوك اليمن. يقول في المقدمة (1/ 62): ثم عرض لي أن متى عرض مع ذكر أحد من العلماء ذكر أحد من الأعيان، ذكرت من حاله ما لاق، ثم أضفت إلى ذلك طرفًا من أخبار الملوك، وجعلته مختصرًا، أريد بذلك جعل الكتاب جامعًا لذكر الفريقين، ورؤساء الدارين. . اهـ. واستفتحه بسيرة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وترجم للإمام أحمد في أثناء ترجمة عبد الرزاق الصنعاني (1/ 131 - 132)، قال: وممن أخذ عنه وقصده إلى صنعاء جماعة منهم أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل. . اهـ. تكلم عن مولده ونسبه، ثم ذكر بعض الأخبار في رحلته إلى عبد الرزاق، ثم تكلم عن المحنة باختصار، ثم تحدث عن وفاته. - " المختصر في أخبار البشر" لأبي الفداء إسماعيل بن علي (ت 732 هـ). ويعرف بـ "تاريخ أبي الفداء"، ذكر فيه أحداث التاريخ مختصرةً من "الكامل" لابن الأثير، وغيره. بداية من ذكر آدم عليه السلام، إلى أحداث سنة تسع وسبعمائة. وأتمه ابن الوردي إلى سنة تسع وأربعين وسبعمائة -كما سيأتي ذكره في "تاريخ ابن الوردي". تحدث فيه عن بداية المحنة في أحداث سنة (218 هـ)، وما تعرض له الإمام أحمد من التعذيب والجلد أيام المعتصم سنة (219 هـ)، ثم ترجم للإمام أحمد في حوادث سنة (241 هـ) ترجمةً مختصرةً، ذكر نسبه، وبعض من روى عنه، وما اتسم به من فضائل. - " تهذيب الكمال في أسماء الرجال" للمزي (ت 742 هـ). هو تهذيب لكتاب "الكمال في أسماء الرجال" للحافظ عبد الغني المقدسي، الذي صنفه في معرفة أحوال رواة الكتب الستة. أضاف إليه المزي أسماء رجال المصنفات الأخرى لأصحاب الكتب الستة،

- "طبقات علماء الحديث" لمحمد بن أحمد بن عبد الهادي الصالحي (ت 744 هـ).

ورتب الجميع على ترتيب حروف المعجم، إلا أنه ابتدأ في حرف الألف بمن اسمه أحمد، وفي حرف الميم بمن اسمه محمد. وترجم للإمام أحمد ترجمة مطولة (1/ 437 - 470)، ذكر فيها من روى عنهم، ومن رووا عنه، وذكر عدة روايات في مناقب الإمام أحمد، ولم يطل الكلام عن المحنة، وإنما أشار إليها ببعض الروايات، ثم ختم الترجمة بالحديث عن وفاته، وما كان في جنازته، وما رؤي له من المنامات. - " طبقات علماء الحديث" لمحمد بن أحمد بن عبد الهادي الصالحي (ت 744 هـ). جمع فيه تراجم جملة من الحفاظ من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم، مرتبين على الطبقات. ابتدأه بالخلفاء الأربعة، ثم باقي الصحابة، ثم التابعين، وهكذا. وترجم للإمام أحمد (2/ 81 - 83) ترجمة مختصرة، ذكر نسبه، ومولده، وبعض من سمع منهم، وبعض من رووا عنه، وشيئًا مما ورد في مناقبه، ووفاته، ولم يتحدث عن المحنة. - " مناقب الأئمة الأربعة" لمحمد بن أحمد بن عبد الهادي الصالحي. ترجم للإمام أحمد (ص 127 - 161)، فذكر بعض شيوخه، وبعض من رووا عنه، وما ورد من ثناء العلماء عليه، ومرضه، ووفاته، وما حدث في جنازته، والصلاة عليه، وبعض ما رؤي له من المنامات، ولم يتعرض لذكر المحنة. - " تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام" للذهبي (ت 748 هـ). قال الذهبي في المقدمة (ص 22): أما بعد فهذا كتاب نافع -إن شاء اللَّه- جمعته، وتعبت عليه، واستخرجته من عدة تصانيف، يعرف به الإنسان مهم ما مضى من التاريخ من أول تاريخ الإسلام إلى عصرنا هذا، من وفيات الكبار من الخلفاء والقراء والزهاد والفقهاء والمحدثين والعلماء والسلاطين والوزراء والنحاة والشعراء، ومعرفة طبقاتهم وأوقاتهم وشيوخهم وبعض أخبارهم،

بأخصر عبارة وألخص لفظ، وما تم من الفتوحات المشهورة والملاحم المذكورة والعجائب المسطورة، من غير تطويل ولا استيعاب، ولكن أذكر المشهورين ومن يشبههم، وأترك المجهولين. ومن يشبههم، وأشير إلى الوقائع الكبار. . اهـ. ثم ذكر المصادر التي اعتمد عليها، ومنها "الدلائل" للبيهقي، و"السيرة" لابن إسحاق، و"الطبقات" لابن سعد، وغيرها كثير، وابتدأ الكتاب بذكر المغازي، ثم السيرة النبوية، ثم عهد الخلفاء الراشدين، وهكذا إلى سنة سبعمائة. وجعل كل عشر سنين طبقةً، يذكر الأحداث الواردة في كل سنة، ثم يتكلم عن بعض من تُوفي في هذِه الطبقة من الأعلام. وتحدث عن بداية المحنة سنة ثمان عشرة ومائتين (15/ 20 - 25)، وفي سنة عشرين ومائتين (15/ 32) قال: وفي رمضانها كانت محنة الإمام أحمد، وضرب بالسياط، ولم يُجب. اهـ. وترجم للإمام أحمد في رجال الطبقة الخامسة والعشرين (18/ 61 - 144) ترجمة مطولة، تكلم أولًا عن نسبه، ثم قسمها إلى فصول: فصل في إقباله على العلم واشتغاله وحفظه، وفصل في آدابه، وفصل في قوله في أصول الدين، تناول فيه عقيدته، وقوله في بعض الفرق مثل: الجهمية، واللفظية، والواقفة، والرافضة. وفصل في سيرته، وفصل في زوجاته وأولاده. ثم تحدث عن المحنة، وأطال في ذكرها، فتناولها من بدايتها على يد المأمون، إلى أن كشفها اللَّه أيام المتوكل. ثم تحدث عن مرضه، ووفاته، وما حدث أثناء جنازته. وختم الترجمة بذكر بعض من صنف في مناقبه، قال (18/ 144): وقد جمع مناقب أبي عبد اللَّه غير واحد، منهم أبو بكر البيهقي في مجلد، ومنهم أبو إسماعيل الأنصاري في مجيلد، ومنهم أبو الفرج بن الجوزي في مجلد. اهـ. ومما يتميز به الذهبي في ترجمته، نقده لبعض الروايات الضعيفة، فذكر رواية أحمد بن الفرج، وفيها قصة نزول السراويل أثناء الضرب، فحرك الإمام أحمد

شفتيه، ودعا اللَّه عز وجل، فعادت السراويل كما كانت. وعقب عليها بقوله (18/ 112): هذِه حكاية لا تصح، ولقد ساق فيها أبو نعيم الحافظ من الخرافات والكذب ما يُستحى مِن ذِكره. وأضعف منها ما رواه أبو نعيم في "الحلية". . قال علي بن محمد القرشي: لما قدم أحمد ليضرب، وجُرِّد وبقي في سراويله، فبينا هو يضرب انحل سراويله، فجعل يحرك شفتيه بشيء، فرأيت يدين خرجتا من تحته وهو يُضرب، فشدتا السراويل .. قلت: هذِه مكذوبة، ذكرتها للمعرفة، ذكرها البيهقي، وما جسر على تضعيفها. ثم روى بعدها حكاية في المحنة، عن أبي مسعود البجلي إجازة، عن ابن جهضم، وهو كذوب، عن النجاد، عن ابن أبي العوام الرياحي، فيها من الركاكة والخرط ما لا يروج إلا على الجهال. وفيها أن مئزره اضطرب، فحرك شفتيه، فما استتم الدعاء حتى رأيت كفًّا من ذهب قد خرج من تحت مئزره بقدرة اللَّه، فصاحت العامة. اهـ. وذكر أيضًا رواية ابن أبي حاتم قال: حدثني أبو بكر محمد بن العباس المكي: سمعت الوركاني جار أحمد بن حنبل يقول: يوم مات أحمد بن حنبل وقع المأتم والنوح في أربعة أصناف: المسلمين واليهود والنصارى والمجوس. وأسلم يوم مات عشرون ألفًا من اليهود والنصارى والمجوس. وفي لفظ عن ابن أبي حاتم: عشرة آلاف. ثم عقب عليها بقوله (18/ 143): وهي حكاية منكرة لا أعلم رواها أحدٌ إلا هذا الوركاني، ولا عنه إلا محمد بن العباس، تفرد بها إن أبي حاتم، والعقل يحيل أن يقع مثل هذا الحادث في بغداد ولا يرويه جماعة تتوفر هممهم، ودواعيهم على نقل ما هو دون ذلك بكثير. وكيف يقع مثل هذا الأمر الكبير ولا يذكره المروذي، ولا صالح بن أحمد، ولا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل الذين حكوا من أخبار أبي عبد اللَّه جزيئات كثيرة لا حاجة إلى ذكرها! فواللَّه لو أسلم يوم موته عشرة أنفس لكان

- "سير أعلام النبلاء" للذهبي (ت 748 هـ).

عظيمًا، ولكان ينبغي أن يرويه نحو من عشرة أنفس. وقد تركت كثيرًا من الحكايات، إما لضعفها، وإما لعدم الحاجة إليها، وإما لطولها. ثم انكشف لي كذب الحكاية بأن أبا زرعة قال: كان الوركاني، يعني محمد بن جعفر، جار أحمد بن حنبل وكان يرضاه. وقال ابن سعد، وعبد اللَّه بن أحمد، وموسى بن هارون، مات الوركاني في رمضان سنة ثمان وعشرين ومائتين. فظهر لك بهذا أنه مات قبل أحمد بدهر، وكيف يحكي يوم جنازة أحمد رحمه اللَّه. اهـ. - " سير أعلام النبلاء" للذهبي (ت 748 هـ). هو موسوعة تجمع تراجم لأعلام من جميع العالم الإسلامي، مرتبةً على الطبقات، شملت كل فئات الناس، من ملوك، ومحدثين، وفقهاء، ونحاة، وزهاد. ابتدأه بالسيرة النبوية، وسيرة الخلفاء، ولكنه لم يكتبهما، وإنما أحال على كتابه "تاريخ الإسلام" (¬1). وترجم للإمام أحمد (11/ 177 - 358) ترجمة مطولة، تناول فيها: نسبه ونشأته. شيوخه. صفته. رحلته وحفظه. فضله وتألُّهه وشمائله. سيرته. كرمه. تركه للجهات جملة. المحنة. حال الإمام في دولة المتوكل. تواضعه. جهاده. معيشته. مصنفاته. زوجاته. وصيته. مرضه. المنامات. الرواية عنه. وأهم ما يتميز به أسلوب الذهبي هو نقده للروايات، فلا يكتفي بسرد الروايات، وإنما يعلق عليها بما يراه صوابًا، كما سبق الإشارة إليه في الكلام عن "تاريخ الإسلام". ¬

_ (¬1) قال الدكتور بشار عواد: فقد جاء في طرة المجلد الثالث من نسخة أحمد الثالث الأولى تعليق بخطه كُتب على الجهة اليسرى نصه: في المجلد الأول والثاني سير النبي صلى اللَّه عليه وسلم والخلفاء الأربعة تُكتب من "تاريخ الإسلام". اهـ. انظر مقدمة "سير أعلام النبلاء" السيرة النبوية 1/ 6.

- "تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال" للذهبي.

- " تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال" للذهبي. اختصر فيه "تهذيب الكمال" للمزي، يقول الذهبي في المقدمة (1/ 106): فالتمس مني بعض الأخلاء اختصاره، والإتيان بالأهم فالأهم .. فاختصرته مثبتًا لذلك، تاركًا للتطويل، آتيًا بزيادات قليلة. اهـ. وترجم فيه للإمام أحمد (1/ 185 - 195)، وقال في آخر الترجمة (1/ 194): ترجمة أحمد في "التهذيب" في أربع عشرة ورقة، وهذا مختصرها، وقد سقت ترجمته ومحنته وشمائله في "تاريخ الإسلام" في أربعين ورقة. اهـ. - " الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة" للذهبي. وهو مختصر من "تهذيب الكمال"، اقتصر فيه على من له رواية في الكتب الستة فقط. وطريقته في الترجمة، أن يذكر اسم الراوي، وبعض شيوخه، وبعض تلاميذه، ودرجته من حيث الجرح والتعديل، وسنة وفاته، ثم يرمز لمن أخرج له من أصحاب الكتب الستة. وعلى هذا النهج ترجم للإمام أحمد (1/ 202)، وقال: وترجمته في مجلد. - " تذكرة الحفاظ" للذهبي. ذكر فيه الذهبي جملة من حملة العلم النبوي، ومن يرجع إلى اجتهادهم في التوثيق والتضعيف، وقسمهم إلى أربعة عشر طبقة. ذكر الإمام أحمد في الطبقة الثامنة (2/ 431 - 432)، فترجم له ترجمةً مختصرةً، ذكر مولده، وبعض شيوخه، وبعض من رووا عنه، وشيئًا من ثناء العلماء عليه، ووفاته. - " العبر في خبر من غبر" للذهبي. يقول الذهبي عن منهجه في الكتاب (1/ 3): وبعد فهذا تاريخ مختصر على السنوات أذكر فيه ما قدر لي من أشهر الحوادث والوفيات، مما يتعين على الذكي حفظه، ويتحتم على العالم إحضاره. اهـ. وتحدث عن بداية المحنة (1/ 293 - 294) وعن المحنة في عهد المعتصم (1/ 296)،

- "المعين في طبقات المحدثين" للذهبي.

ثم ترجم للإمام أحمد (1/ 342) ترجمة مختصرة، ذكر نسبه، وبعض صفاته الخِلقية، والخُلقية، ثم ذكر بعض المصنفات المفردة في مناقبه. - " المعين في طبقات المحدثين" للذهبي. ذكر فيه أسماء الرواة مرتبين على الطبقات، ابتدأه بذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم الخلفاء الأربعة، ثم العشرة المبشرين بالجنة، ثم باقي الصحابة على حروف المعجم، ثم نساء الصحابة، ثم طبقات التابعين، فترجم للإمام أحمد في الطبقة الثالثة من التابعين، في طبقة ابن المديني وأحمد، وذكر معهما في طبقتهما مائة وبضعة وستين راويًا، وهو في ترجمته لا يذكر إلا اسم الراوي فقط. - " المقتنى في سرد الكنى" للذهبي. يذكر فيه الكنية، ومن تسمى بها، وابتدأه بمن كنيته أبو القاسم، ثم باقي الكنى على الحروف. فذكر الإمام أحمد (1/ 359) فيمن كنيته أبو عبد اللَّه، وقال: الإمام. - " معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد" للذهبي. ذكر فيه الإمام أحمد (ص 62)، وقال: ثبتٌ حجةٌ، لينه بعض الناس في إبراهيم بن سعد، فلم يَلتَفِت إلى تليينه أحد، فمن يسلم من الكلام بعد أحمد؟ ! - " تاريخ ابن الوردي" لابن الوردي (ت 749 هـ). وهو تتمة لـ "تاريخ أبي الفداء"، قال في المقدمة (1/ 1 - 2): إني رأيت "المختصر في أخبار البشر" تأليف مولانا السلطان الملك المؤيد من الكتب التي لا يقع مثلها، ولا يسع جهلها .. فاختصرته في نحو ثلثيه اختصارًا زاده حسنًا، وذللت صعابه، وأودعته شيئًا من نظمي ونثري، وحذفت منه ما حذفه أسلم، وقلت في أول ما زدته: قلت، وفي آخره: واللَّه أعلم، وسأذيله إن شاء اللَّه تعالى من سنة تسع وسبعمائة التي وقف المؤلف عليها إلى هذِه السنة المباركة التي صرنا إليها وسميته: "تتمة المختصر في أخبار البشر". اهـ. ومما زاده في ترجمة الإمام أحمد رواية أنه أسلم يوم موته عشرون ألفًا من النصارى واليهود والمجوس، وقد تقدم أنها منكرة.

- "إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال" لمغلطاي (ت 762 هـ).

- " إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال" لمغلطاي (ت 762 هـ). قال في المقدمة (1/ 3 - 5): رأيت أن أذكر في هذا الكتاب ما يصلح أن يكون إكمالا لـ "تهذيب الكمال". . وشرطي ألا أذكر كلمة من كلام الشيخ إلا اسم الرجل وبعض نسبه، ثم آتي بلفظة قال، أو ما في معناها من هناك، وثم الزيادة إلى آخره، وإن كان في كلامه شيء مما لا يُعَرى منه البشر، ذكرت لفظه، وقلت: فيه نظر، وبينته بالدلائل. اهـ. وترجم فيه للإمام أحمد ترجمة مطولة (1/ 114 - 139)، ذكر فيها أسماء شيوخه، ومن روى عنهم، وشيئًا من ثناء العلماء عليه. - " الوافي بالوفيات" للصفدي (ت 764 هـ). هو تراجم للرواة، ابتدأها بسيرة النبي صلى اللَّه عليه وسلم، ثم بمن اسمه محمد، بادئًا بمن اسم أبيه محمد، ثم باقي الرواة على حرف المعجم. وترجم للإمام أحمد (6/ 363 - 369)، ذكر نسبه، ومولده، وبعض شيوخه، ومن رووا عنه، وتكلم عن المحنة، منذ بدايتها على يد المأمون، حتى انقضت أيام المتوكل، ثم تكلم عن وفاته، وذكر رواية الوركاني أنه أسلم يوم موت أحمد عشرون ألفًا من اليهود، والنصارى، والمجوس. وقال: وهي حكاية منكرة. ثم ختم الترجمة بذكر بعض الكتب التي صُنفت في ترجمة الإمام أحمد. - " مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان" لليافعي (ت 768 هـ). ذكر فيه حوادث التاريخ مختصرة، ووفيات بعض المشهورين والأعلام، بداية من السنة الأولى من الهجرة إلى سنة خمسين وسبعمائة. فتحدث عن المحنة في حوادث سنتي ثمان عشرة وتسع عشرة ومائتين (2/ 79، 77). وترجم للإمام أحمد فيمن توفي سنة إحدى وأربعين ومائتين (2/ 132 - 134)، ومما ذكره في ترجمته رواية الوركاني أنه أسلم يوم وفاة الإمام أحمد عشرون ألفًا من اليهود والنصارى والمجوس. وعلق عليها بقوله: فإن صح ذلك، فإسلامهم يحتمل سببين: أحدهما أن يكون ذلك لكثرة من رأوا من

- "طبقات الشافعية الكبرى" لتاج الدين السبكي (ت 771 هـ).

الخلائق مجتمعين على فضله وتعظيمه والصلاة عليه والأسف على فراقه. والثاني أن يكون بعضهم رأى آية. - " طبقات الشافعية الكبرى" لتاج الدين السبكي (ت 771 هـ). يقول السبكي عن سبب تصنيفه الكتاب، ومنهجه فيه (1/ 343 - 345): وها نحن نخوض بحار المقصود الأعظم، ونجري في كل طبقة على حروف المعجم، ونأتي بترتيبٍ، أشرح فيه الاختيار الحسن والجم، ونقضي لمن اسمه محمد أو أحمد بالتقديم، ونُمضي ذلك -وإن كان الترتيب يقضي لمن اسمه إبراهيم؛ إجلالًا لهذين الاسمين الشريفين. اهـ. وقد قسمهم إلى سبع طبقات، وترجم للإمام أحمد في الطبقة الأولى في الذين جالسوا الشافعي (2/ 27 - 63). تحدث فيها عن نسبه، ومناقبه، وبعض شيوخه، ومن رووا عنه، وتحدث عن "المسند"، وعن زهده وورعه، وعن مرضه، ووفاته، وما حدث في جنازته. ثم تحدث عن المحنة، وأطال القول فيها، وأغلب أخبارها من رواية صالح، وقد ذكر فيها شيئًا من رواية ميمون بن الأصبغ المنكرة. ثم ختم الترجمة بذكر مناظرة بين الشافعي والإمام أحمد في تارك الصلاة (¬1)، وبعض الروايات التي رواها الإمام أحمد عن الشافعي. - " البداية والنهاية" لابن كثير (ت 774 هـ). القسم الأول من الكتاب ذكر فيه أحداث التاريخ منذ بدء الخليقة، إلى سنة سبع وستين وسبعمائة. وأما القسم الثاني فذكر فيه الفتن، وأهوال يوم القيامة، وهو مطبوع بمفرده منفصلًا عن القسم الأول. وقد ذكر أول المحنة في أحداث سنة ثمان عشرة ومائتين (10/ 714 - 717). ثم ترجم للإمام أحمد في أحداث سنة إحدى وأربعين ومائتين (10/ 775 - ¬

_ (¬1) قال الألباني: الحكاية لا تثبت، وقد أشار إلى ذلك السبكي رحمه اللَّه بتصديره إياها بقوله: حُكي. فهي منقطعة. "السلسلة الصحيحة" 7/ 148.

- "غاية النهاية في طبقات القراء" لمحمد بن الجزري (ت 833 هـ).

794)، ولم يذكر ابن كثير من المصادر التي اعتمد عليها في الترجمة إلا "مناقب أحمد" للبيهقي، عن شيخه الحاكم. وقد أكثر من النقل عنه. ومن الموضوعات الرئيسية التي تناولتها الترجمة: ورع الإمام أحمد وتقشفه وزهده، المحنة، فناء الأئمة عليه، ما كان من أمر الإمام أحمد بعد المحنة، وفاة الإمام أحمد، ما رئي له من المنامات. - " غاية النهاية في طبقات القراء" لمحمد بن الجزري (ت 833 هـ). هو ترجمة لمجموعة من القراء، مرتبين على حروف المعجم، اختصر فيه المصنف كتابه "نهاية الدرايات في أسماء رجال القراءات". وترجم للإمام أحمد (1/ 112)، ومما ذكره فيما يختص بقراءته، قال: أخذ القراءة عرضًا فيما ذكره أبو القاسم الهذلي عن يحيى بن آدم، وعبيد بن عقيل، وإسماعيل بن جعفر، وعبد الرحمن بن قلوقا. وعندي أنه إنما روى الحروف، روى القراءة عنه عرضًا ابنه عبد اللَّه، ذكر ذلك الهذلي في "كامله"، وذكر له في كتابه "الكامل" اختيارًا في القراءة، إلا أنه ذكره من طريق عبد اللَّه بن مالك عن عبد اللَّه بن أحمد، وعبد اللَّه هذا لا نعرفه، فإن يكن أحمد بن جعفر بن مالك، فإنه معروف بالرواية عنه لا بالقراءة. اهـ. - " التبيان لبديعة البيان" لابن ناصر الدمشقي (ت 842 هـ). هو شرح لمنظومة "بديعة البيان عن موت الأعيان"، وهي منظومة نظمها ابن ناصر الدمشقي نظم فيها وفيات بعض حفاظ الحديث، مرتبة على الطبقات، إلى خمس وعشرين طبقة، يقول فيها: وهذِه منظومة تنبيها ... ذكرت موت الحافظين فيها ولا تظن أنني نظمت ... جميعهم بل جُلَّهم ذكرت على الطباق موتهم مرتب ... تاريخه من هجرة فيحسب ويرمز إلى وفاة المترجم عن طريق أوائل الكلمات المذكورة في البيت على حساب الجُمَّل، يقول:

- "طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة (ت 851 هـ).

وفاتهم مدرجة في الوصف ... مرموزة بأول من حرف على حساب جُمَّل تلوح ... غير أناس موتهم صريح ومنهجه في الشرح أن يذكر بيت أو أكثر، ثم يشرع في بيان معاني مفرداته، مستشهدًا بالقرآن الكريم، والسنة النبوية، وأشعار العرب، ثم يوضح الترجمة بذكر اسم الراوي، ونسبه، وكنيته، وبعض شيوخه، ومن رووا عنه، وشيئًا من مناقبه. ومما يلاحظ عليه في شرحه التزامه السجع. وقد ذكر الإمامَ أحمدَ في الطبقة الثامنة قال: وأحمد بن حنبل ذا الجامع ... حسنويه ذا المروزي الرابع وترجم له في الشرح (1/ 378) ترجمة مختصرة. - " طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة (ت 851 هـ). جمع فيه المشهورين من الشافعية، ورتبهم على تسع وعشرين طبقة، الطبقة الأولى في الآخذين عن الإمام الشافعي، والثانية فيمن كان من الأصحاب إلى الثلاثمائة، وبعد ذلك يذكر كل عشرين سنة طبقة، ورتب كل طبقة على حروف المعجم. اهـ. وترجم للإمام أحمد في الطبقة الأولى (1/ 56 - 58)، ترجمة مختصرة. ومما قاله عنه: أخذ الفقه عن جماعة، أجلهم الإمام الشافعي، صحبه مدة مقامه ببغداد في الرحلة الثانية، وسلك مسلكه، ونهج منهجه، وقال: كل مسألة ليس عندي فيها دليل، فأنا أقول فيها بقول الشافعي. اهـ. وذكر بعض من صنف في ترجمته، ثم ذكر مولده، ووفاته. ولم يذكر شيئًا عن المحنة. - " تهذيب التهذيب" لابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ). اختصر فيه كتابَ "تهذيب الكمال" للمزي، يقول عن منهجه في الاختصار (1/ 9): فاستخرت اللَّه تعالى في اختصار "التهذيب" على طريقة أرجو اللَّه أن تكون مستقيمة، وهو أنني أقتصر على ما يفيد الجرح والتعديل خاصة. . اهـ. وعلى هذِه الطريقة جاءت ترجمة الإمام أحمد (1/ 43 - 44)، وقد أضاف ابن

- "تقريب التهذيب" لابن حجر.

حجر بعض الروايات التي لم يذكرها المزي، وقال: لم يسق المؤلف قصة المحنة وقد استوفاها ابن الجوزي في "مناقبه" في مجلد، وقبله شيخ الإسلام الهروي، وترجمته في "تاريخ بغداد" مستوفاة. اهـ. - " تقريب التهذيب" لابن حجر. لما فرغ من تهذيب "تهذيب الكمال في أسماء الرجال". . حكم على كل شخص منهم بحكم يشمل أصح ما قيل فيه، بحيث لا تزيد كل ترجمة على سطر واحد غالبًا، يجمع اسم الرجل واسم أبيه وجده، ومنتهى أشهر نسبته ونسبه، وكنيته ولقبه، مع ضبط ما يشكل من ذلك بالحروف، ثم صفته التي يختص بها من جرح أو تعديل، ثم التعريف بعصر كل راو منهم، بحيث يكون قائمًا مقام ما حذفته من ذكر شيوخه والرواة عنه، إلا من لا يؤمن لبسه، . . اهـ. وترجم للإمام أحمد (ص 84)، فقال عن مرتبته: أحد الأئمة، ثقة حافظ فقيه حجة. وعن طبقته قال: هو رأس الطبقة العاشرة. ويعني بها: كبار الآخذين عن تبع الأتباع، ممن لم يلق التابعين، كما ذكره في المقدمة. - " مغاني الأخيار في شرح أسامي رجال "معاني الآثار" للإمام أبي جعفر الطحاوي" لبدر الدين العبني (ت 855 هـ). ترجم فيه لرجال "شرح معاني الآثار" مرتبين على حروف المعجم. وترجم للإمام أحمد (1/ 29 - 32)، فذكر نسبه، ونشأته، والبلاد التي ارتحل إليها، وبعض مشايخه، ومن رووا عنه، وبعض ما روي في مناقبه، وعبادته، ووفاته، وجنازته، وبعض ما رؤي له من المنامات. - " النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة" لابن تغري بردي (ت 874 هـ). جمع فيه تاريخ مصر مرتبًا على السنين، بداية من فتح مصر سنة (20 هـ) على يد عمرو بن العاص إلى أثناء حوادث سنة (872 هـ)، ويذكر في كل سنة ما وقع من الحوادث المهمة، ومن توفي من الأعلام، ويشير في آخر كل سنة إلى زيادة النيل ونقصانه. بدأ بذكر المحنة في أحداث سنة ثمان عشرة ومائتين، قال (2/ 221):

- "المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد" لبرهان الدين بن مفلح (ت 884 هـ).

والإمام أحمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه- هو أعظم من قام في إظهار السنة، وثبته اللَّه على ذلك، ولولاه لفسدت عقائد جماعة كثيرة، وقد تداولته الخلفاء بالعقوبة على القول بخلق القرآن، وهو يمتنع من ذلك أشد امتناع، ويأتي بالأدلة القاطعة، إلى أن خلصه اللَّه منهم وهو على كلمة الحق. اهـ. وأشار إليها أيضًا في حوادث سنة تسع عشرة ومائتين في عهد المعتصم. ثم ترجم للإمام أحمد فيمن توفي سنة إحدى وأربعين ومائتين (2/ 304 - 306)، فذكر نسبه، وبعض من روى عنه، ورووا عنه، وبعض ما روي من ثناء العلماء عليه، ووفاته. قال (2/ 305): وفضل الإمام أحمد أشهر من أن يذكر، ولو لم يكن من فضله ودينه إلا قيامه في السنة وثباته في المحنة، لكفاه ذلك شرفًا. اهـ. - " المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد" لبرهان الدين بن مفلح (ت 884 هـ). ترجم لأصحاب الإمام أحمد مرتبين على الحروف، وابتدأه بترجمة الإمام أحمد (1/ 64 - 70)، وهو بمثابة اختصار لما في "طبقات الحنابلة" لابن أبي يعلى، وقد سبق التعريف به. - " طبقات الحفاظ" للسيوطي (ت 911 هـ). قسمهم إلى أربع وعشرين طبقة، ترجم للإمام أحمد في الطبقة الثامنة، ترجمةً مختصرةً، ذكر فيها نسبه، وطلبه للعلم، والبلاد التي ارتحل إليها، وبعض مشايخه، وثناء بعض العلماء عليه. - " المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد" لعبد الرحمن العُليمي (ت 928 هـ). ترجم فيه لأصحاب الإمام أحمد، مرتبين على الطبقات والوفيات. وابتدأه بترجمة للإمام أحمد (1/ 69 - 128). ذكر فيها شيئًا من مناقبه، ثم تحدث عن نسبه، ومولده، وطلبه للعلم، ثم تعرض بالتفصيل لقول الشافعي: أحمد إمام

- "الدر المنضد في ذكر أصحاب الإمام أحمد" لعبد الرحمن العليمي.

ثمان خصال. ثم تكلم عن بعض ما اتسم به من قوة الفهم، والحفظ، وغزارة العلم، ثم تحدث عن مصنفاته، وثناء العلماء عليه، وما ذكر عن هيبته، وحسن أخلاقه، وما ذكر عن كراماته. ثم فصَّل القول في المحنة، وذكر فيها عدة روايات، منها رواية ميمون بن الأصبغ، وفيها خبر سقوط السراويل أثناء الضرب، وهي رواية منكرة. ثم تحدث عن مرض الإمام أحمد، ووفاته، ووصيته، وما رؤي له من المنامات، وما قيل فيه من الأشعار، والمراثي. - " الدر المنضد في ذكر أصحاب الإمام أحمد" لعبد الرحمن العُليمي. هو تراجم مختصرة لأصحاب الإمام أحمد، ورجال المذهب الحنبلي، مرتبًا على الطبقات والوفيات. ابتدأه بنبذة مختصرة عن سيرة الإمام أحمد (1/ 44 - 51). تحدث فيها عن نسبه، وقول الشافعي: أحمد إمام في ثمان خصال. ولم يتعرض للمحنة مكتفيًا بما ذكره في كتابه الآخر "المنهج الأحمد"، ثم ذكر بعض صفاته، ومصنفاته، وختم الكلام بالحديث عن وفاته. - " خلاصة تذهيب تهذيب الكَمال في أسماء الرجال" لأحمد بن عبد اللَّه الخزرجي (ت بعد 923). هو مختصر من "تذهيب التهذيب" للذهبي، مع بعض الزيادات. ترجم فيه للإمام أحمد ترجمة مختصرة (ص 11 - 12)، وقال: وقد أفردت ترجمته بالتصنيف. - " طبقات المفسرين" لمحمد بن علي الداودي (ت 945 هـ). لم يذكر المصنف مقدمة يبين فيها منهجه في الكتاب، وهو تراجم مختصرة لأعلام المفسرين على حروف المعجم، وترجم فيه للإمام أحمد (1/ 71 - 72)، فذكر نسبه، ومولده، وذكر بعض مصنفاته نقلًا عن ابن الجوزي من "المناقب" الباب السابع والعشرين في ذكر مصنفاته. ولم يذكر شيئًا عن المحنة. - " شذرات الذهب في أخبار من ذهب" لابن العماد الحنبلي (ت 1089 هـ). يقول ابن العماد (1/ 8): وبعد فهذِه نبذة جمعتها تذكرة لي ولمن تذكر وعبرة

- "النعت الأكمل لأصحاب الإمام أحمد بن حنبل" لمحمد العامري (ت 1213 هـ).

لمن تأمل فيها وتبصر، من أخبار من تقدم من الأماثل وغبر، وصار لمن بعده مثلًا سائرًا وحديثًا يذكر، جمعتها من أعيان الكتب وكتب الأعيان، ممن كان له القدم الراسخ في هذا الشأن. . ورتبته على السنين من هجرة سيد الأولين والآخرين. اهـ. وهو يبدأ من أحداث السنة الأولى من الهجرة، حتى سنة ألف منها، يذكر أهم الأحداث باختصار، ويترجم ترجمة مختصرة لبعض مَن مات مِن الأعلام. وقد ترجم للإمام أحمد (2/ 96 - 98)، فيمن توفي في سنة إحدى وأربعين ومائتين، ذكر فيها نسبه، وبعض من سمع منهم، ومن رووا عنه، وشيئًا مما ورد في مناقبه، ووفاته. وذكر من المصادر التي اختصر منها. الترجمة: "العبر في خبر من غبر"، "الكمال" لعبد الغني المقدسي، "تاريخ ابن الأهدل". ولم يتحدث عن المحنة، وقد سبق له الإشارة إليها في أحداث سنتي ثماني عشرة، وتسعة عشرة ومائتين (2/ 39، 45). - " النعت الأكمل لأصحاب الإمام أحمد بن حنبل" لمحمد العامري (ت 1213 هـ). ترجم فيه لأصحاب الإمام أحمد، من سنة إحدى وتسعمائة، إلى سنة سبع ومائتين وألف. فهو يعتبر ذيلًا لكتاب "المنهج الأحمد". وابتدأ الكتاب بترجمة الإمام أحمد (ص 31 - 51)، تكلم فيها عن: نسبه، ومناقبه، وولادته، وشيوخه، ومن رووا عنه، و"مسنده"، وزهده، ووفاته، ثم ختم الترجمة بالحديث عن المحنة، وأطال القول فيها. وقد أورد فيها قصة سقوط سراويل الإمام أحمد أثناء ضربه، كما أوردها كثيرٌ ممن تكلم في المحنة، وقد سبق أنها قصةٌ منكرةٌ لا تصح. - " أبجد العلوم" لصديق بن حسن القنوجي (ت 1307 هـ). ينقسم إلى ثلاثة أجزاء: الأول يسمى بالوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم، والثاني يسمى بالسحاب المركوم المسطر بأنواع الفنون وأصناف العلوم، والثالث

- "الحطة في ذكر الصحاح الستة" للقنوجي.

يسمى بالرحيق المختوم من تراجم أئمة العلوم. وفي هذا الجزء الثالث ترجم للإمام أحمد ضمن علماء الفقه (3/ 124)، ذكر مولده، ووفاته، ورحلاته، وبعض من سمع منه، وشيئًا مما ورد في مناقبه. وقال: ذكرت له ترجمة كافية في كتابي "الحطة"، و"إتحاف النبلاء". - " الحطة في ذكر الصحاح الستة" للقنوجي. ينقسم إلى خمسة أبواب، الأول في معرفة علم الحديث ومبدأ جمعه وتدوينه، والثاني في فروع علم الحديث والكتب المصنفة فيها، والثالث في طبقات كتب الحديث وأنواع ضبطه وتحمله، والرابع في ذكر الأمهات الست وشروحها، والخامس في تراجم أصحاب الكتب الست، والإمام مالك، وأحمد. فترجم للإمام أحمد في الفصل الثامن من الباب الخامس (ص 462 - 470)، فذكر نسبه ونشأته، ورحلاته في طلب الحديث، وبعض من سمع منهم، وبعض ما روي في مناقبه، ثم تحدث عن المحنة باختصار، ثم ذكر الأصول التي بنى عليها فتواه، وأهم مصنفاته. - " الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة" للكتاني (ت 1345 هـ). ذكر المصنف مجموعة من الكتب المتعلقة بعلم الحديث والسنة، مع تراجم مختصرة لبعض أصحاب هذِه الكتب، ابتدأها بالكتب الستة، ثم كتب الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب، وذكر منها "مسند الإمام أحمد"، وترجم للإمام أحمد ترجمة مختصرة (ص 14 - 16)، كان أغلب الحديث فيها عن "مسنده". - " مختصر طبقات الحنابلة" لمحمد جميل ابن شطي (ت 1379 هـ). اختصر فيه "المنهج الأحمد" للعليمي، و"ذيله" لمحمد الغزي، ثم زاد عليهما تراجم لبعض المتأخرين. واختصر فيه ترجمة الإمام أحمد (ص 7 - 17)، فمن النقاط التي تحدث فيها: قوة فهمه وغزارة علمه، مصنفاته، بعض ما أنشده من الشعر له ولغيره، هيئته

- "الأعلام" لخير الدين الزركلي (ت 1396 هـ).

ووصفه، وحسن أخلاقه وعشرته، محنته، وفاته، ما قيل فيه من الأشعار والمراثي. - " الأعلام" لخير الدين الزركلي (ت 1396 هـ). وهو قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين. ترجم للإمام أحمد (1/ 203) ترجمة مختصرة، عرَّف به، ثم ذكر بعض مصنفاته، وخبر المحنة مختصرًا، ووفاته، وبعض المصنفات في سيرته. - " معجم المؤلفين" لعمر رضا كحالة (ت 1408 هـ). هو معجم لمصنفي الكتب العربية، من عرب وعجم، منذ بدء تدوين الكتب العربية حتى عصر المصنف. وترجم للإمام أحمد (1/ 261 - 262)، ذكر اسمه، ونسبه، ومولده، ووفاته، وبعض مصنفاته، ثم ختم الترجمة بذكر مصادر ترجمته المطبوعة، والمخطوطة. - " اكتفاء القنوع بما هو مطبوع من أشهر التآليف العربية في المطابع الشرقية والعربية" لأدورد فنديك. ينقسم إلى مقدمة، وأربعة أبواب، الباب الأول في اعتناء الإفرنج باللغة العربية، والثاني في الآداب العربية مدة زهوها، أي إلى ما بعد سقوط بغداد بقليل، والثالث في زمن الخفضة بعد النهضة، والرابع في زمن اليقظة بعد الخفضة. ويعد الباب الثاني أكبر الأبواب، وهو ينقسم إلى خمسة فصول: الأول في الشعر أيام الجاهلية، والثاني في الشراء المخضرمون، والثالث في الآداب المسطرة الحقيقية، والرابع في أشهر شعراء بني أمية، والخامس -وهو أكبرها- في ذكر أشهر الكتب المطبوعة في زمن النهضة، فيذكر العلم من العلوم، وأشهر المصنفات فيه، مع تراجم لبعض المصنفين. وترجم للإمام أحمد في فروع الفقه على مذهب الحنبلية (ص 158) ترجمة مختصرة، ذكر مولده، ووفاته، وأشهر مشايخه، وتلاميذه، وذكر من أشهر تآليفه: "المسند"، و"مجموعة حكم وأمثال في قمع الشهوات" لم تطبع. - " مقدمة تحقيق مسند الإمام أحمد" للشيخ أحمد شاكر، كتب فيها ترجمة

- "الوجيز في تاريخ الإسلام والمسلمين" للدكتور أمير عبد العزيز.

وافية للإمام أحمد. - " الوجيز في تاريخ الإسلام والمسلمين" للدكتور أمير عبد العزيز. أستاذ الفقه المقارن بجامعة النجاح الوطنية بنابلس فلسطين. عرض فيه للتاريخ الإسلامي باختصار، بادئًا بالسيرة النبوية، إلى أحوال المسلمين في بعض الدول المعاصرة. وتحدث عن بداية المحنة في خلافة المأمون (ص 571 - 574)، ثم ترجم للإمام أحمد في السنة التي توفي فيها في خلافة المتوكل (ص 583 - 585) ترجمةً مختصرةً، فذكر نسبه، وبعض ما اتسم به من حسن الخلق، ثم تكلم عن محنته، ثم مرضه ووفاته، ثم ختم الكلام بذكر وصيته. - " معجم المعاجم والمشيخات والفهارس والبرامج والأثبات" ليوسف عبد الرحمن المرعشلي. جمع فيه الأجزاء التي يجمع فيها المحدث أسماء شيوخه ومروياته عنهم، وذكرها حسب الترتيب الزمني لوفيات أصحابها، بدءا من القرن الأول، إلى القرن الخامس عشر الهجري. فترجم للإمام أحمد في القرن الثالث (1/ 150 - 151)، وذكر من الكتب المفردة بذكر شيوخه في "المسند": "معجم شيوخ الإمام أحمد في المسند" للدكتور عامر حسن صبري. قال: كما توجد شيوخه في الكتب المفردة في ترجمته، ومناقبه. ثم ذكر بعض الكتب المفردة في عوالي حديثه، مثل "ثلاثيات أحمد بن حنبل" رواية ابنه عبد اللَّه.

ترجمة الإمام أحمد -رضي الله عنه- من خلال مروياته

ترجمة الإمام أحمد -رضي اللَّه عنه- من خلال مروياته 1 - باب في ذكر نسبه قال البخاري: أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال أبو عبد اللَّه الشيباني -سكن بغداد، مات سنة إحدى وأربعين ومائتين- الذهلي من ربيعة. "التاريخ الكبير" 2/ 5 قال صالح: وجدت في بعض كتب أبي نسبه: أحمد بن محمد بن حنبل ابن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد اللَّه بن حَيَّان بن عبد اللَّه بن أنس بن عوف ابن قاسط بن مازن بن شَيْبَان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنْب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة ابن نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أدد بن الهُمَيْسع بن النبت بن قيذار بن إسماعيل بن إبراهيم صلى اللَّه عليه وسلم. [قال صالح: رأى أبي هذا النسب في كتاب لي فقال لي: وما تصنع بهذا؟ ولم ينكر النسب] (¬1). "السيرة" لصالح ص 30 قال عبد اللَّه: ثنا أَبي أَحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس ابن عبد اللَّه بن حَيّان بن عبد اللَّه بن أَنس بن عوف بن قاسط بن مازن ابن شَيْبان ابن ذُهْل بن ثعلبة بن عُكَابَةَ بن صَعْب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن ¬

_ (¬1) من "الكامل" لابن عدي 1/ 212، "البداية والنهاية" 10/ 775.

هِنْب بن أَفْصى بن دُعْمِيّ بن جَدِيلة بن أَسَد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ابن أَد بن أُدَد بن الهُمَيْسع بن حمل بن النَّبْت بن قَيْذار بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه السلام. "حلية الأولياء" 9/ 162، "تاريخ بغداد" 4/ 414، "طبقات الحنابلة" 1/ 8، "المناقب" لابن الجوزي ص 38، "تهذيب الكمال" 1/ 443، "السير"، 11/ 178، "المنهج الأحمد" 1/ 70 قال العباس بن محمد الدوري: كان أَحمد رجلًا من العرب من بني ذهل ابن شيبان. "تاريخ بغداد" 4/ 413، "تاريخ دمشق" 5/ 254، "المناقب" لابن الجوزي ص 39، "تهذيب الكمال" 1/ 442 قال عبد اللَّه بن أَبي داود: أَحمد بن حنبل من بني مازن بن ذهل ابن شيبان (¬1) بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ابن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار أخي مضر بن نزار، وكان في ربيعة رجلان لم يكن في زمانهما مثلهما، لم يكن في زمن قتادة مثل قتادة، ولم يكن في زمان أحمد بن حنبل مثله. "تاريخ بغداد" 4/ 413، "طبقات الحنابلة" 1/ 9، "تاريخ دمشق"، 5/ 254، 255، "المناقب" لابن الجوزي ص 40، "تهذيب الكمال" 1/ 442، "المقصد الأرشد" 1/ 65 قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه وجاءَه رجل فقال: يا أَبا عبد اللَّه أَملِ عليّ نسبك؟ قال: قم إِلى عمي حتى يملي عليك نسبي. قال عصمة: أَملى علينا حنبل فقال: أَحمد بن محمد بن حنبل بن هلال ¬

_ (¬1) قال الخطيب البغدادي: وقول عباس الدوري وأبي بكر بن أبي داود أن أحمد من بني ذهل بن شيبان غلط، إنما كان من بني شيبان بن ذهل بن ثعلبة، وذهل بن ثعلبة هذا هو عم ذهل بن شيبان، حدثني من أثق به من العلماء بالنسب قال: مازن بن ذهل بن ثعلبة الحصن هو: ابن عكابة بن صعب بن علي، وقد ساق عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل نسب أبيه إلى شيبان بن ذهل بن ثعلبة كما ذكرناه. اهـ.

ابن أَسد بن إِدريس بن عبد اللَّه بن حيان بن عبد اللَّه بن أَنس بن عوف بن قاسط ابن مازن بن شيبان بن ذُهْل بن ثعلبة بن عُكَابَةَ بن صَعْب بن عليّ بن بكر بن وائل بن قاسط بن هِنْب بن أَفْصى بن دُعْمِيّ بن جَدِيلة بن أَسَد بن ربيعة بن نزار. وقال الفضل بن زياد: ثنا أَحمد بن محمد بن حنبل. .، فذكره إِلى آخره. وزاد فقال: نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أُدَد بن الهميسع بن مليح بن النَّبْت ابن قَيْذار بن إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام. "المناقب" لابن الجوزي ص 38 - 39 قال عبد اللَّه بن عطاء: قد اجتمع أَحمد بن حنبل والنبي صلى اللَّه عليه وسلم في نِزار؛ لأن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مضري، من ولد مُضر بن نزار، وكل قريش من مضر. وأَحمد بن حنبل ربعي من ولد ربيعة بن نزار، وهو أَخو مضر بن نزار، وولد فزار أربعة: مضر بن نزار، وربيعة بن نزار، وإياد بن نزار، وأَنمار بن نزار. ومن هؤلاء الأربعة تشعبت بطون العرب كلها. "المناقب" لابن الجوزي ص 42 قال الأصمعي: أَبو عبد اللَّه أَحمد بن حنبل من ذهل، وكان أبوه قائدًا. "المناقب" لابن الجوزي ص 42 قال عبد اللَّه بن الرومي: كنت كثيرًا ما أرى أبا عبد اللَّه أَحمد بن حنبل وهو بالبصرة يأتي مسجد بني مازن فيصلي فيه. فقلت له: يا أَبا عبد اللَّه إني أَراك كثيرًا ما تصلي في هذا المسجد؛ فقال: إنه مسجد آبائي. "المناقب" لابن الجوزي ص 42 قال إبراهيم الحربي: أنا أحب بني شيبان من أجل أحمد بن حنبل. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 29

2 - باب في مولده ونشأته

2 - باب في مولده ونشأته قال البخاري: قال أحمد: حملت من مرو وأمي بي حامل. "التاريخ الصغير" 2/ 375 قال العجلي: أَحمد بن محمد بن حنبل يكنى أَبا عبد اللَّه، سدوسي من أَنفسهم، بصري من أَهل خراسان، ولد ببغداد ونشأَ بها، ثقة ثَبْت في الحديث، نزه النفس، فقيه في الحديث، متبع يتبع الآثار، صاحب سنة وخير. "معرفة الثقات" 1/ 194 قال صالح: سمعت أَبي يقول: ولدت في سنة أَربع وستين ومائة في أَولها في ربيع الأَول، وجيء بي حملًا من مَرْوَ. وتوفي أَبوه محمد بن حنبل وله ثلاثون سنة فوليته أُمه. "السيرة" لصالح ص 29 قال صالح: قال أبي: وكان قد ثقبت أذني أمي رحمة اللَّه عليها تصير فيها حبتا لؤلؤ، فلما ترعرعت، نزعتهما، فكانت عندها، فدفعتها إلي فبعتها بنحو ثلاثين درهمًا. "السيرة" لصالح ص 30 قال صالح: توفي أبي رحمه اللَّه في يوم الجمعة لثلاث (¬1) عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ومائتين، فكان سنه من يوم ولد إلى أن توفي سبعة وسبعين رحمة اللَّه عليه. "السيرة" لصالح ص 30 قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: حملت بي أمي بخراسان. "مسائل ابن هانئ" (2109) قال المروذي: مولد أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل سنة أربع وستين ومائة. "الورع" للمروذي ص 95 ¬

_ (¬1) في "المناقب": لاثنتي.

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: ولدت في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة. "العلل" رواية عبد اللَّه (5178) قال ابن أبي حاتم: أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد أبو عبد اللَّه الشيباني، خطتهم بمرو، يعد في البغداديين، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك، ويقولان كتبنا عنه، ورويا عنه. "الجرح والتعديل" 2/ 68 قال أَبو زُرْعَة: أَحمد بن حنبل أَصله بصري، وخطته بمرو. "تاريخ بغداد" 4/ 415، "تاريخ دمشق" 5/ 262، "المناقب" ص 36، "سير أعلام النبلاء" 11/ 183 قال محمد بن حاتم: أَحمد بن محمد بن حنبل أَصله من مَرْوَ، حمل من مَرْوَ وأُمه به حامل، وجده حنبل بن هلال ولي سرخس، وكان من أَبناءِ الدعوة. "تاريخ بغداد" 4/ 415، "تاريخ دمشق" 5/ 259، "المناقب" ص 37، "سير أعلام النبلاء" 11/ 184 قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ولدت في سنة أربع وستين ومائة في أولها في ربيع. "تاريخ دمشق" 5/ 258 قال ابن أبي خيثمة: ولد أحمد في شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين ومائة. "تاريخ دمشق" 5/ 259، "سير أعلام النبلاء" 11/ 179 قال مسلم بن الحجاج: أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل، أصله مروزي ولد ببغداد. "تاريخ دمشق" 5/ 261 قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ولدت سنة أَربع وستين ومائة. "المناقب" لابن الجوزي ص 35، "تهذيب الكمال" 1/ 445 قال عبد اللَّه: سمعت أَبي يقول: قَدِمَتْ بي أَمي حاملًا من خراسان وولدت سنة أَربع وستين ومائة. "المناقب" لابن الجوزي ص 35 قال المرُّوذي: قال أبو عبد اللَّه: قدم بي من خراسان وأَنا حمل، وولدت هاهنا، ولم أَرَ جدي ولا أَبي. "المناقب" لابن الجوزي ص 36

قال أَبو نصر بن كردي: دجلة العوراءِ خلف منزل أَحمد بن حنبل. "المناقب" لابن الجوزي ص 43 قال المرُّوذي: قال لي أَبو عفيف -وذكر أبا عبد اللَّه أَحمد بن حنبل- فقال: كان في الكتاب معنا وهو غليم نعرف فضله، وكان الخليفة بالرقة فيكتب الناس إِلى منازلهم الكتب فيبعث نساؤهم إِلى المعلم: ابعث إلينا بأَحمد بن حنبل ليكتب لهم جواب كتبهم، فيبعثه فكان يجيء إليهن مطأَطئ الرأَس فيكتب جواب كتبهن، فربما أَملين عليه الشيء من المنكر فلا يكتبه لهن. "المناقب" لابن الجوزي ص 43، "الجوهر المحصل" ص 7 قال المرُّوذي: قال لي أَبو سراج بن خزيمة: كنا مع أَبي عبد اللَّه في الكتاب فكان النساء يبعثن إِلى المعلم ابعث إلينا بابن حنبل ليكتب جواب كتبهم، فكان إذا دخل إليهن لا يرفع رأَسه ينظر إليهن. قال أَبو سراج: فقال أبي وذكره -فجعل يعجب من أَدبه وحسن طريقته- فقال لنا ذات يوم: أَنا أنفق على ولدي وأَجيئهم بالمؤدبين على أَن يتأدبوا فما أَراهم يفلحون، وهذا أَحمد بن حنبل غلام يتيم، انظر كيف يخرج؟ وجعل يعجب. قال المروذي: وقال لي أَبو عبد اللَّه: كنت وأَنا غليم أختلف إِلى الكتّاب، ثم اختلفت إِلى الديوان وأَنا ابن أَربع عشرة سنة. "المناقب" لابن الجوزي ص 43، "سير أعلام النبلاء" 11/ 185 قال الخلال: ثنا محمد بن علي قال: حدثني أَبو المنبه جارنا: قال: أول شيءٍ عرف من أَحمد بن حنبل، أَن عمه كتب في جواب كتاب بعث به السلطان، فدفعه إِلى أَحمد بن حنبل يدفعه إِلى الرسول، فلم يدفعه أَحمد إليه، ووضعه في طاق في منزلهم، وطلب الرسول الجواب، فقال عمه: قد وجهت به إليك. ثم قال لأَحمد: أين الكتاب الذي أمرتك أَن تدفعه إِلى

الرسول على الباب؟ فقال له: كان عليه قباء، وهو ذا الكتاب في الطاق. "المناقب" لابن الجوزي ص 44 قال المَرُّوذي: أخبرت عن العباس بن عبيد اللَّه قال: قال لي داود بن بسطام: أبطأت عليّ أخبار بغداد فوجهت إِلى عم أَبي عبد اللَّه بن حنبل، لم تصل إلينا الأخبار اليوم! وكنت أُريد أَن أحررها وأوصلها إلى الخليفة؛ فقال: قد بعثت بها مع أَحمد ابن أخي. قال: فبعث عمه فأحضر أبا عبد اللَّه وهو غلام؛ فقال: أَليس بعثت معك الأَخبار؟ قال: نعم! قال: فلأَي شيءٍ لم توصلها؟ قال: أَنا كنت أرفع تلك الأخبار! رميت بها في الماءِ. قال: فجعل ابن بسطام يسترجع ويقول: هذا غلام يتورع فكيف نحن. "المناقب" لابن الجوزي ص 44 قال المرُّوذي: وحدثني حَرَمِي بن يونس المؤدب قال: سمعت أَبي يقول: رأيت أَحمد بن حنبل في أَيام هُشَيم وله قدر. وقال المَرُّوذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: مات هشيم ولي عشرون سنة. "المناقب" لابن الجوزي ص 45، "سير أعلام النبلاء" 11/ 186، 231 قال أبو داود: سمعت يعقوب الدورقي يقول: سمعت أحمد يقول: ولدت في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة. "سير أعلام النبلاء" 11/ 179 قال المروذي: سمعت مجاهد بن موسى يقول: رأيت أحمد، وهو حدث، وما في وجهه طاقة، وهو يذكر. "سير أعلام النبلاء" 11/ 231

3 - باب في صفته وسمته

3 - باب في صفته وسمته قال عبد اللَّه: خضب أبي [رأسه ولحيته بالحناء] (¬1) وهو ابن ثلاث وستين، فقال له عمه: قد عجلت يا أبا عبد اللَّه، فقال: هذا سن النبي صلى اللَّه عليه وسلم. "العلل" رواية عبد اللَّه (1214)، (1226)، (1598) قال الميموني: قال أَبو عبيد القاسم بن سلام: جالست أبا يوسف القاضي ومحمد بن الحسن، وأكثر علمي أنه قال: ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي فما هِبْتُ أحدًا في مسأَلة ما هِبْت أبا عبد اللَّه أَحمد بن حنبل، وقد دخلت على أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل السجن، فسألني رجل عن مسألة، فما أجبته من هيبته. "حلية الأولياء" 9/ 166، "تاريخ دمشق" 5/ 284، "المناقب" لابن الجوزي ص 152، "سير أعلام النبلاء" 11/ 311، "الجوهر المحصل" ص 37، "المنهج الأحمد" 1/ 89 قال أبو جعفر بن ذَرِيح العُكْبَري: رأيت أحمد بن حنبل وكان شيخًا مخضوبًا طُوالًا أسمر شديد السمرة. "حلية الأولياء" 9/ 176، "المناقب" لابن الجوزي ص 269، "تهذيب الكمال" 1/ 445، "سير أعلام النبلاء" 11/ 184، "الجوهر المحصل" ص 16 قال أبو داود: رأيت أحمد بن حنبل رجلًا حسن الوجه، ربعة من الرجال، يخضب بالحناء خضابًا ليس بالقاني، في لحيته شعرات سود، ورأيت ثيابه غلاظًا إلا أنها بيض، ورأيته معتمًا وعليه إزار. "تاريخ بغداد" 4/ 416، "تاريخ دمشق" 5/ 260، "المناقب" لابن الجوزي ص 269 قال أبو داود: لم يكن أحمد بن حنبل يخوض في شيءٍ مما يخوض فيه ¬

_ (¬1) من "حلية الأولياء" 9/ 162، "المناقب" لابن الجوزي ص 269.

الناس من أمر الدنيا، فإذا ذكر العلم تكلم. "المناقب" لابن الجوزي ص 269 قال المَرُّوذي: رأيت أبا عبد اللَّه إذا كان في البيت كان عامة جلوسه متربعًا خاشعًا، فإذا كان برًّا لم يكن يتبين منه شدة خشوع كما كان داخلًا، وكنت أَدخل عليه والجزءُ في يده يقرأ فإذا قعدت أطبقه ووضعه بين يديه. "المناقب" لابن الجوزي ص 270، "سير أعلام النبلاء" 11/ 185 قال خطاب بن بشر: كنت قاعدًا في مسجد أبي عبد اللَّه مع أبي بكر المرُّوذي نتذاكر، فسمع أبو بكر صوت الباب قد فتح، فوثبت فإذا أبو عبد اللَّه قد فتح الباب وأخرج رأسه فقال لأبي بكر: انظر حسن -بني له صغير- إلى أين دخل؟ فقلت في نفسي: أقلق الشيخ حتى أزعجه، وذلك نصف النهار في الصيف فدخل أبو بكر في بعض دور الحاكة فأخرجه وأخبره بمكاني، فقال لي: ادخل فدخلت إلى الدهليز وهو جالس على التراب وخضابه قد نصل، وأُصول الشعر يبين بياضه، وعليه إزار كرابيس صغير وسخ، وقميص غليظ قد أصاب عاتقه التراب، والعرق قد بان على مستدير عاتقه، فسألته عن الورع والاكتساب، فرأيته قد أظهر الاغتمام وبان عليه في وجهه حين سألته عن ذلك إزراء على نفسه، واغتمامًا بأمره، حتى شق عليّ، فقلت لرجل كان معي حين خرجنا: ما أراه ينتفع بنفسه أيامًا. "المناقب" لابن الجوزي ص 270 قال الحسن بن إسماعيل: سمعت أبي يقول: كان يجتمع في مجلس أحمد زهاء على خمسة آلاف أو يزيدون، أقل من خمسمائة يكتبون، والباقون يتعلمون منه حسن الأدب وحسن السمت. "المناقب" لابن الجوزي ص 271، "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 164، "سير أعلام النبلاء" 11/ 316، "المنهج الأحمد" 1/ 95 قال أبو بكر المطوعي: اختلفت إلى أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل، ثنتي

عشرة سنة وهو يقرأ "المسند" على أولاده، فما كتبت منه حديثًا واحدًا، إنما كنت أنظر إلى هديه، وأخلاقه، وآدابه. "المناقب" لابن الجوزي ص 271، "سير أعلام النبلاء" 11/ 316، "المنهج الأحمد" 1/ 95 قال محمد بن إبراهيم البُوشَنْجِيّ: ما رأيت أحمد بن حنبل جالسًا إلا القُرْفُصاء إلا أن يكن في الصلاة، وهذِه الجلسة التي تحكيها قَيْلَةُ في حديثها: إني رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جالسًا جلسة المتخشع، القرفصاء (¬1). وكان أحمد يتيمم في جلوسه هذِه الجلسة وهي أولى الجلسات بالخشوع (¬2). "المناقب" لابن الجوزي ص 271 قال محمد بن يونس الجمال: ثنا حميد بن عبد الرحمن الرُّؤَاسِيّ قال: كان يقال: لم يكن من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أشبه هَدْيًا، ولا سمتًا ودَلًّا من عبد اللَّه بن مسعود، وكان أشبه الناس بعبد اللَّه بن مسعود علقمة، وكان أشبه الناس بعلقمة إبراهيم النَّخَعِيّ، وكان أشبه الناس بإبراهيم النخعي منصور بن المعتمر، وكان أشبه الناس بمنصور بن المعتمر سفيان الثوري، وكان أشبه الناس بسفيان الثوري وكيع بن الجراح. قال محمد بن يونس: وكان أشبه الناس بوكيع بن الجراح أحمد بن حنبل. "المناقب" لابن الجوزي ص 272، "سير أعلام النبلاء" 11/ 316، "الجوهر المحصل" ص 17 قال الحسن بن الربيع: ما شبهت أحمد بن حنبل إلا بابن المبارك في سمته وهديه. "المناقب" لابن الجوزي ص 272، "تهذيب الكمال" 1/ 451، "سير أعلام النبلاء" 91/ 196 ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (3070)، (4847)، والترمذي (2814)، والبخاري في "الأدب المفرد" (1178)، وحسنه الألباني في تعليقه على "الأدب المفرد". (¬2) قال ابن الجوزي: والقرفصاء أن يجلس الرجل على إليتيه رافعا ركبتيه إلى صدره مفضيا بأَخْمَص قدميه إلى الأرض -وربما احتبى بيده- ولا جلسةَ أخشع منها.

قال محمد بن مسلم: كنا نهاب أن نرد أحمد بن حنبل في الشيء أو نحاجه في شيء من الأشياء. "المناقب" لابن الجوزي ص 273 قال المروذي: قال الحسن بن أحمد -والي الجسر- وكان في جوارنا: دخلت على إسحاق بن إبراهيم وفلان -ذكر السلاطين- ما رأيت أهيب من أحمد بن حنبل، صرت إليه أكلمه في شيء فوقعت عليَّ الرعدة حين رأيته من هيبته. قال المروذي: ولقد طرقه الكلبي صاحب خبر السِّرّ ليلًا فمن هيبته لم يقرعوا عليه بابه ودقوا باب عمه. قال أبو عبد اللَّه: سمعت الدق فخرجت إليهم. "المناقب" لابن الجوزي ص 273، "سير أعلام النبلاء" 11/ 317، "المنهج الأحمد" 1/ 95 قال جعفر الوراق: قال لي عبدوس: رآني أبو عبد اللَّه يومًا وأنا أضحك، فأنا أستحييه إلى اليوم. "المناقب" لابن الجوزي ص 273، "المنهج الأحمد" 1/ 96 قال ابن مكرم الصفار: سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول: جالست أبا يوسف ومحمد بن الحسن ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي فما هبت أحدًا منهم ما هبت أحمد بن حنبل، ولقد دخلت عليه في السجن لأسلم عليه فسألني رجل عن مسألة فلم أجبه هيبة له. قال ابن مكرم: فحدثت بهذا الحديث يعقوب بن شيبة فقال لي: لعله فرق أن يغلط بحضرته. "المناقب" لابن الجوزي ص 274 قال الميموني: ما أعلم أني رأيتُ أَحدًا أَنْظفَ ثوبًا ولا أشدَّ تعاهدًا لنفسه في شاربه وشعر رأسه وشعر بدنه، ولا أنقى ثوبًا وشدةَ بياضٍ، من أحمد بن حنبل. "المناقب" لابن الجوزي ص 275، "سير أعلام النبلاء" 11/ 208، 317، "الجوهر المحصل" ص 17، "المنهج الأحمد" 1/ 92 قال المرُّوذي: كان أبو عبد اللَّه لا يدخل الحمام، وكان إذا احتاج إلى

النورة تنوّر في البيت، وأصلحت له غيرَ مرة النورة، واشتريتُ له جلدًا لِيَدِه فكان يُدخل يده فيه وينور نفسه. "المناقب". لابن الجوزي ص 275، "سير أعلام النبلاء" 11/ 213 قال الخلال: أخبرني محمد بن أحمد الصايغ قال: سمعت أبا العباس يقول: ضربت لأبي عبد اللَّه نورة ونوّرته، فلما بلغ عانته وليها هو. "المناقب" لابن الجوزي ص 275 قال العباس بن الوليد النحوي: رأيت أحمد بن حنبل رجلًا حسن الوجه، ربعة من الرجال، يخضب بالحناء خضابا ليس بالقاني، في لحيته شعرات سود، ورأيت ثيابه غلاظًا إلا أنها بيض، ورأيته معتمًا وعليه إزار. "تهذيب الكمال" 1/ 445، "سير أعلام النبلاء" 11/ 184، "الجوهر المحصل" ص 16

4 - باب في حسن أخلاقه

4 - باب في حسن أخلاقه قال صالح: كان أبي إذا أراد الوضوء للصلاة، لم يدع أحدًا يستقي له الماء، كان هو يستقي بيده. "السيرة" لصالح ص 35 قال علي بن المَدِيني: قال لي أحمد بن حنبل: إني لأحب أن أصحبك إلى مكة، وما يمنعني من ذاك إلا أني أخاف أن أَمَلَّك أو تَملَّني. قال: فلما ودعته قلت له: يا أبا عبد اللَّه، توصيني بشيءٍ؟ قال: نعم أَلْزِمِ التقوى قلبك، وانصب الآخرة أمامك. "حلية الأولياء" 9/ 173، "المناقب" لابن الجوزي ص 276 قال ابن هانئ: كنت عند أحمد بن حنبل، فقال له رجل: يا أبا عبد اللَّه قد اغتبتك فاجعلني في حل؛ قال: أنت في حل إن لم تعد. فقلت له: تجعله في حل وقد اغتابك! قال: ألم ترني اشترطت عليه. "حلية الأولياء" 9/ 174، "المناقب" لابن الجوزي ص 285 قال أبو حفص عمر بن صالح الطرسوسي: وقع من يد أبي عبد اللَّه أحمد ابن حنبل مقراض في البئر، فجاء ساكن له فأخرجه، فلما أن أخرجه ناوله أبو عبد اللَّه مقدار نصف درهم أو أكثر، فقال: المقراض يساوي قيراطًا لا آخذ شيئًا، فلما أن كان بعد أيام قال له: كم عليك من كرى الحانوت؟ قال كرى ثلاثة أشهر، وكراؤه في كل شهر ثلاثة دراهم، فضرب على حسابه، وقال: أنت في حل. "حلية الأولياء" 9/ 179، "تاريخ دمشق" 5/ 303، "المناقب" ص 305، "سير أعلام النبلاء" 11/ 219 قال عبد اللَّه: حدثني أبو معمر القطيعي قال: لما حضرنا في دار السلطان أيام المحنة، وكان أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل قد أحضر، فلما رأى الناس يجيئون انتفخت أوداجه واحمرت عيناه وذهب ذلك اللين الذي كان فيه.

قلت: إنه قد غضب للَّه. قال أبو معمر: فلما رأيت ما به قلت: يا أبا عبد اللَّه أبشر، وقد حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان، عن الوليد بن عبد اللَّه بن جميع، عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن بن عوف قال: كان من أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم من إذا أريد على شيء من دينه رأيت حماليق عينيه في رأسه تدور كأنه مجنون. "حلية الأولياء" 9/ 194، "المناقب" لابن الجوزي ص 388، "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 76، "سير أعلام النبلاء" 11/ 238، "المنهج الأحمد" 1/ 101 قال يحيى بن معين: ما رأيت خيرًا من أحمد بن حنبل قط، ما افتخر علينا قط بالعربية ولا ذكرها. "تاريخ بغداد" 4/ 414، "تاريخ دمشق" 5/ 257، "تهذيب الكمال" 1/ 444، "الجوهر المحصل" ص 5 قال يحيى بن معين: ما سمعت أحمد بن حنبل يقول: أنا من العرب، قط. "تاريخ دمشق" 5/ 258، "تهذيب الكمال" 1/ 444 قال رجاء بن السندي: قلت لأحمد بن حنبل، وقد عقد شراك نعله شبه التصليب: يا أبا عبد اللَّه إن هذا يكره، قال: فدعا بالسكين فقطعه، وما قال لي كيف، ولا لم. "تاريخ دمشق" 5/ 302 قال المروذي: قلت لأَبي عبد اللَّه: إن رجلًا قال لي: إنه من بلاد الترك إلى هاهنا يدعون لك فكيف تؤدي شكر ما أنعم اللَّه عليك وما بث لك في الناس؟ فقال: أسأل اللَّه أن لا يجعلنا مرائين. "المناقب" لابن الجوزي ص 196 - 197، "سير أعلام النبلاء" 11/ 312 قال المروذي: ثنا محمد بن الحسن البخاري قال: سمعت محمد بن إبراهيم البُوشَنْجِي قال: ما رأيت أحدًا في عصر أحمد ممن رأيت أجمع منه ديانة وصيانة وملكًا لنفسه، وطلقًا لها وفقهًا وعلمًا، وأدب نفس، وكرم خلق، وثبات قلب، وكرم مجالسة، وأبعد من التماوت. "المناقب" لابن الجوزي ص 276، "الجوهر المحصل" ص 16

قال حنبل: رأيت أبا عبد اللَّه أحمد إذا أراد القيام قال لجلسائه: إذا شئتم. "المناقب" لابن الجوزي ص 277، "سير أعلام النبلاء" 11/ 213 قال أبو الحسين بن المنادي: سمعت جدي يقول: كان أحمد من أحيا الناس وأكرمهم نفسًا وأحسنهم عشرة وأدبًا كثير الإطراق والغض، معرضًا عن القبيح واللغو، لا يسمع منه إلا المذاكرة بالحديث، وذكر الصالحين والزهاد في وقار وسكون ولفظ حسن، وإذا لقيه إنسان بشَّ به وأقبل عليه، وكان يتواضع للشيوخ تواضعًا شديدًا، وكانوا يكرمونه ويعظمونه، وكان يفعل بيحيى بن مَعين ما لم أره يفعل بغيره من التواضع والتبجيل، وكان يحيى أكبر منه بنحو سبع سنين. "المناقب" لابن الجوزي ص 277، "سير أعلام النبلاء" 11/ 317، "المنهج الأحمد" 1/ 96 قال عبد اللَّه: كان أبي إذا دخل من المسجد إلى البيت، يضرب برجله قبل أن يدخل الدار حتى يسمعوا صوت نعله، وربما تنحنح ليعلم من في الدار بدخوله. "المناقب" لابن الجوزي ص 277، "سير أعلام النبلاء" 11/ 318 قال مُهَنا: رأيت أبا عبد اللَّه غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث ولا أربع ولا خمس، رأيته كثيرا يُقَبِّل وجهُه ورأسُه وخدُّه ولا يقول شيئًا، ولا يمتنع من ذلك، ورأيت سليمان بن داود الهاشمي يقبل جبهته ورأسه، ورأيته لا يمتنع من ذلك ولا يكرهه، ورأيت يعقوب بن إبراهيم بن سعد يقبل جبهته ووجهه. "المناقب" لابن الجوزي ص 278، "سير أعلام النبلاء" 11/ 318 قال الخلال: قلت لزهير بن صالح بن أحمد: هل رأيت جدك؟ قال: نعم، وكان لي نحوًا من ثمان سنين، ومات وقد دخلت في عشر سنين. فقلت له: هل تذكر من أخلاقه شيئًا؟ قال: كنا ندخل إليه في كل يوم جمعة أنا وأخواتي، وكان بيننا وبينه باب مفتوح، فكان يكتب لكل واحد مِنَّا حبتين حبتين من فضة في رقعة

إلى فَامِيِّ (¬1) يعامله فنأخذ منه الحبتين ونأخذ للأخوات، وكان ربما مررتُ به وهو قاعد في الشمس وظهره مكشوف وأثر الضرب بيّن في ظهره، وكان لي أخ أصغر مني اسمه عليّ ويكنى أبا حفص، فأراد أبي أن يختنه فاتخذ له طعامًا كثيرًا ودعا قومًا، فلما أراد أن يختنه وجّه إلى جدي فدعاه، قال أبي: قال لي: بلغني ما قد أحدثته لهذا الأمر، وقد بلغني أنك قد أسرفت، فابدأ بالفقراء والضعفاء فأطعمهم، فلما أن كان من الغدِ وحضر الحجام وحضر أهلنا، دخل أبي إلى جدي فأعلمه أن الحجام قد جاء، فجاء جدي معه حتى جلس في الموضع الذي فيه الصبي، وخُتن وهو جالس فأخرج صرَيرَةً فدفعها إلى الحجام، وصرَيْرَة إلى الصبي، وقام فدخل منزله، فنظر الحجام إلى الصريرة فإذا فيها درهم واحد، ونظرنا إلى صرة الصبي فإذا فيها درهم، وكنا قد رفعنا كثيرًا ما قد افترش، وكان الصبي على منصة مرتفعة على شيءٍ من الثياب المصبغة، فلم ينكر من ذلك شيئًا، قال: فقدم علينا من خراسان ابن خالةِ جدّي فنزل على أبي، وكان يكنى بأبي أحمد، فلما كان يوم من الأيام وقد صلينا المغرب، قال لي أبي: خذ بيد أبي أحمد فامض به إلى جدك، فدخلت على جدي وهو قائم يصلي بعد المغرب فجلست، فلما فرغ من ركوعه قال لي: جاء أبو أحمد؟ قلت: نعم. قال: قل له يدخل. فقمت إلى أبي أحمد فدخل معي فجلس، فصاح بامرأة كانت تخدمه مَسْبِيَّة من سَكَانه، فجاءت بطبق خِلَافٍ وعليه خبز وبقل وخَلّ ومَلح، ثم جاءت بغضارة من هذِه الغلاظ فوضعتها بين أيدينا، وإذا فيها مصليّة فيها لحم وسلق كثير، فجعلنا نأكل وهو يأكل. ¬

_ (¬1) الفامي: هو بائع الفوم وهو الزَّرع أو الحِنْطة، وأزْدُ الشَّراة يُسمون السُّنْبُل فُومًا، الواحدة فُومة، وقال بعضهم: الفُومُ الحمّص. "لسان العرب" مادة [فوم].

معنا، ويسأل أبا أحمد عمن بقي من أهلهم بخراسان في خلال ما يأكل، وكان ربما استعجم الشيء على أبي أحمد بالعربية فيكلمه جدي بالفارسية، وكان في خلال ذلك ونحن نأكل يضع القطعة اللحم بين يدي أبي أحمد، ثم رَفَع الغضارة بيده فوضعها ناحية، ثم أخذ طبقا إلى جنبه فوضعه بين أيدينا على الطبق، فإذا فيه تمر برني وجوز مكسّر، وجعل يأكل ونأكل وفي خلال ذلك يناول أبا أحمد، ثم غسلنا أيدينا كل واحد منا يغسل يده لنفسه. "المناقب" لابن الجوزي ص 278، "سير أعلام النبلاء" 11/ 217 قال عبدوس العطار: وجهت بابني مع الجارية يسلم على أبي عبد اللَّه، فرحب به وأجلسه في حجره وساءَله، وأرسل فاتخذ له خبيصًا فجاءَ به فوضعه بين يديه وجعل يبسطه، وقال للجارية: كلي معه. ثم قام إلى بعض الفامِيِّين فجاءَ وفي ثوبه لوز وسكر، وأخرج منديلًا فشده فيه، ثم دفعه إلى الخادم وقال للصبي: اقرأ على أبي محمد السلام. "المناقب" لابن الجوزي ص 280، "سير أعلام النبلاء" 11/ 318 قال المروذي: رأيت أبا عبد اللَّه قد ألقى لختَّان درهمين في الطست. "المناقب" لابن الجوزي ص 280، "سير أعلام النبلاء" 11/ 213 قال الميموني: كثيرا ما كنت أسأل أبا عبد اللَّه عن الشيءِ، فيقول: لبيك. "المناقب" لابن الجوزي ص 280، "سير أعلام النبلاء" 11/ 218 قال المرُّوذي: كان أبو عبد اللَّه لا يجهل، وإن جُهِل عليه احتمل وحلم، ويقول: يكفي اللَّه. ولم يكن بالحقود ولا العجول، ولقد وقع بين عمه وجيرانه منازعة، فكانوا يجيئون إلى أبي عبد اللَّه فلا يظهر لهم ميله مع عمه، ولا يغضب لعمه، ويتلقاهم بما يعرفون من الكرامة، وكان كثير التواضع يحب الفقراء، لم أر الفقير في مجلس أعز منه في مجلسه، مائلًا إليهم مقصرًا عن أهل الدنيا، تعلوه السكينة والوقار، إذا جلس في مجلسه بعد العصر

للفتيا لا يتكلم حتى يُسأل، وإذا خرج إلى مسجده لم يتصدر، يقعد حيث انتهى به المجلس، وكان لا يمد قدمه في المجلس ويكرم جليسه، وكان حسن الخلق دائم البشر لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ، وكان يحب في اللَّه ويبغض في اللَّه، وكان إذا أحب رجلًا أحب له ما يحب لنفسه، وكره له ما يكره لنفسه، ولم يمنعه حبه إياه أن يأخذ على يديه ويكفه عن ظلم أو إثم أو مكروه إن كان منه، وكان إذا بلغه عن شخص صلاح أو زهد أو قيام بحق أو اتباع للأمر سأل عنه وأحب أن يجري بينه وبينه معرفة، وأحب أن يعرف أحواله، وكان رجلًا فطنًا إذا كان شيء لا يرضاه اضطرب لذلك، يغضب للَّه ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها، فإذا كان في أمر من الدين اشتد له غضبه حتى كأنه ليس هو، لا تأخذه في اللَّه لومة لائم، وكان حسن الجوار يؤذى فيصبر ويحتمل الأذى من الجار، ولقد أخبرني بعض جيرانه، ممن بينه وبينه حائط قال: كان لي برج فيه حمام، وكان يشرف على أبي عبد اللَّه، فكنت أصعد وأنا غلام أشرف عليه، فمكث على ذلك صابرًا لا ينهاني، فبينا أنا يومًا إذ صعد عمي فنظر إلى البرج مشرفًا على أبي عبد اللَّه فقال: ويحك، أما تستحي أن تؤذِي أبا عبد اللَّه؟ قلت له: فإنه لم يقل لي شيئًا. قال: فلست أبرح حتى تهب لي هذِه الطيور، فما برح حتى وهبتها له فذبحها وهدم البرج. "المناقب" لابن الجوزي ص 280، "سير أعلام النبلاء" 11/ 218، 220 قال هارون بن سفيان المستملي: جئت إلى أحمد بن حنبل حين أراد أن يفرق الدراهم التي جاءَته من المتوكل قال: فأعطاني مائتي درهم، فقلت: لا تكفيني. قال: ليس هاهنا شيء غيرها، ولكني أعمل بك شيئًا، أعطيك ثلاثمائة درهم تفرقها. قال: فلما أخذتها قلت: يا أبا عبد اللَّه، ليس واللَّه أعطي أحدًا منها شيئًا،

فتبسم. "المناقب" لابن الجوزي ص 281، "سير أعلام النبلاء" 11/ 221، "المنهج الأحمد" 1/ 97 قال عبد اللَّه: سئل أبي: لم لا تصحب الناس؟ قال: لوحشة الفراق. "المناقب" لابن الجوزي ص 282، "سير أعلام النبلاء" 11/ 318 قال إبراهيم الحربي: كان يأتي العرس والإملاك والختان، يجيب ويأكل، وسمعت أحمد بن حنبل يقول لأحمد بن حفص الوكيعي: يا أبا عبد الرحمن، إني لأحبك، حدثنا يحيى، عن ثَوْر، عن حبيب بن عبيد، عن المقدام، قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه" (¬1). "المناقب" لابن الجوزي ص 282، "سير أعلام النبلاء" 11/ 226، 319، "المنهج الأحمد" 1/ 97 قال هارون بن عبد اللَّه الحمال: جاءني أحمد بن حنبل بالليل فدق الباب عليّ، فقلت: من هذا؟ فقال: أنا أحمد، فبادرت إليه فمساني ومسيته، قلت: حاجة يا أبا عبد اللَّه؟ قال: نعم، شغلت اليوم قلبي. قلت: بماذا يا أبا عبد اللَّه؟ قال: جزت عليك وأنت قاعد تحدث الناس في الفيء والناس في الشمس بأيديهم الأقلام والدفاتر، لا تفعل مرة أخرى، إذا قعدت فاقعد مع الناس. "المناقب" لابن الجوزي ص 283 قال محمد بن داود المصِّيصي: كنا عند أحمد بن حنبل وهم يذكرون الحديث، فذكر محمد بن يحيى النيسابوري حديثا فيه ضعف، فقال له أحمد بن حنبل: لا تذكر مثل هذا الحديث. فكأن محمد بن يحيى دخله خجلة، فقال له أحمد: إنما قلت هذا إجلالًا لك يا أبا عبد اللَّه. "المناقب" لابن الجوزي ص 283 قال ابن هانئ: كنا عند أبي عبد اللَّه في منزله ومعنا المرُّوذي ومُهنَأ بن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 130، وأبو داود (5124)، والترمذي (2392)، والبخاري في "الأدب المفرد" (542). كلهم من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن ثور به. وصححه الألباني في "الصحيحة" (417).

يحيى الشامي، فدقَّ الباب وقال: المرُّوذي هاهنا؟ وكان المرُّوذي كره أن يعلم موضعه، فوضع مُهَنَّأُ بن يحيى أُصبعه في راحته وقال: ليس المرُّوذي هاهنا، وما يصنع المرُّوذي هاهنا؟ فضحك أحمد ولم ينكر ذلك. "المناقب" لابن الجوزى ص 284، "سير أعلام النبلاء" 11/ 319، "المنهج الأحمد" 1/ 97 قال أبو علي الحسين بن عبد اللَّه الخرقي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أحللت المعتصم من ضربي. "المناقب" لابن الجوزي ص 285 قال محمد بن إبراهيم الصرام: ثنا إبراهيم بن إسحاق: أن المتوكل أخذ العلوي الذي سعى بأبي عبد اللَّه إلى السلطان وأرسله إلى أبي عبد اللَّه ليقول فيه مقالة للسلطان، فعفا عنه وقال: لعله يكون له صبيان يحزنهم قتله. "المناقب" لابن الجوزي ص 285 قال حنبل: صليت بأبي عبد اللَّه العصر، فصلى معنا رجل يقال له: محمد ابن سعيد الختلي، فقال لأبي عبد اللَّه: يا أبا عبد اللَّه، نهيت عن زيد ابن خلف أن يُكلم؟ فقال أبو عبد اللَّه: كتب إليّ أهل الثغر يسألونني عن أمره فأخبرتهم بمذهبه وبما أحدث، وأمرتهم أن يُجالسوه. فاندفع الختلي على أبي عبد اللَّه فقال: واللَّه لأردنك إلى محبسك، ولأَدقَّنَّ أَضلاعك ضلعًا ضلعًا. .، في كلام كثير، فقال لي أبو عبد اللَّه: لا تكلمه ولا تجبه بشيءٍ، فما رد عليه أحد منا كلمة، فأخذ أبو عبد اللَّه نعليه وقام فدخل وقال: مر السكان أن لا يكلموه ولا يردوا عليه شيئًا، فما زال يصيح، ثم خرج، فصار على حِسْبَة العسكر ومات بالعسكر. "المناقب" لابن الجوزي ص 286، "سير أعلام النبلاء" 11/ 221 قال المروذي: سمعت أبا بكر بن حماد المقرئ قال: حدثني أبو ثابت الخطاب، قال: حدثني بلال الآجري قال: صحبت أبا عبد اللَّه ونحن راجعون من الجامع فذكرت أبا حنيفة، فقال بيده هكذا ونفضها، فقلت:

كان بول أبي حنيفة أكثر من ملء الأرض مثلك، فنظر إليّ ثم قال: سلام عليكم. فلما كان في السحر بكَّرتُ إليه فقلتُ: يا أبا عبد اللَّه، إن الذي كان مني كان على غير تعمُّد، فأنا أحب أن تجعلني في حل؛ فقال: ما زالت قدماي من مكانهما حتى جعلتك في حل. "المناقب" لابن الجوزي ص 286 قال إبراهيم الحربي: كان أحمد بن حنبل كأنه رجل قد وفِّق للأدب، وسُدِّد بالحلم، ومُلِيءَ بالعلم، أتاه رجل يومًا فقال له: عندك كتاب زندقة؟ فسكت ساعة ثم قال له: إنما يحرز المؤمن قبره. وقال له رجل: يقولون: إنك لم تسمع من إبراهيم بن سعد، فسكت. وكنا يومًا عند داود بن عمرو فقال له داود: يا أبا عبد اللَّه كيف أكلك؟ كيف نومك؟ كيف جماعك؟ فقال له أحمد: ليس أنا بحصور ولا روحاني، ولم يزده على ذلك. "المناقب" ص 287، "الآداب الشرعية" 2/ 8، "الجوهر المحصل" ص 17. قال عبد اللَّه: قال أبو سعيد بن أبي حنيفة المؤدب: كنت آتي أباك فربما أعطاني الشيء وقال: أعطيتك نصف ما عندنا، فجئت يومًا فأطلت القعود، فخرج ومعه أربعة أرغفة فقال: يا أبا سعيد هذا نصف ما عندنا. فقلت: يا أبا عبد اللَّه هذِه الأرغفة أحب إلي من أربعة آلاف من غيرك. "المناقب" لابن الجوزي ص 305، "سير أعلام النبلاء" 11/ 218 قال يحيى بن هلال الوراق: جئت إلى محمد بن عبد اللَّه بن نمير فشكوت إليه، فأخرج إلي أربعة دراهم أو خمسة دراهم، وقال: هذا نصف ما أملك. وجئت مرة إلى أبي عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل فأخرج إليَّ أربعة دراهم وقال: هذِه جميع ما أملك. "المناقب" لابن الجوزي ص 306 قال هارون المستملي: لقيت أحمد فقلت: ما عندنا شيء، فأعطاني خمسة دراهم وقال: ما عندنا غيرها. "المناقب" ص 306، "سير أعلام النبلاء" 11/ 219

قال المروذي: رأيت أبا عبد اللَّه قد وهب لرجل قميصه، كان أبو عبد اللَّه ربما واسى من قوته، وجاءَه أبو سعيد الضرير فشكى إليه فقال له: يا أبا سعيد، ما عندنا إلا هذا الجذع. فجيء بحمال يحمله. قال: فأخذت الجذع فبعته بتسعة دراهم ودانقين، وكان أبو عبد اللَّه شديد الحياء، كريم الأخلاق، يعجبه السخاء. "المناقب" لابن الجوزي ص 306، "سير أعلام النبلاء" 19/ 219 قال المروذي: حدثني أبو محمد النسائي جعفر بن محمد قال: قال لي أبو عبد اللَّه -يوم عيد: ادخل، فدخلت فإذا مائدة وقصعة على الخوان وعليها عراق وقدر إلى جانبه، فقال لي: كُلْ، فلما رأى ما بي قال: إن الحسن كان يقول: واللَّه لتأكلن، وكان ابن سيرين يقول: إنما وضع الطعام ليؤكل، وكان إبراهيم بن أدهم يبيع ثيابه وينفقها على أصحابه، وكانت الدنيا أهون عليه من ذاك، وأومأ إلى جذع مطروح، فانبسطت وأكلت. "المناقب" لابن الجوزي ص 306 قال علي بن يحيى: صليت الجمعة إلى جنب أحمد بن حنبل، فلما سلم الإمام قام سائل يسأل الناس، فأخرج أحمد قطعة فدفعها إليه، فقال له رجل: ناولني قطعتك ولك بها درهم، فما زال يزيده حتى بلغ خمسين درهمًا، فقال له السائل: لا أعطيك إني لأرجو فيها ما ترجو. "المناقب" لابن الجوزي ص 307 قال المروذي: كنت مع أبي عبد اللَّه في طريق العسكر، فنزلنا منزلنا فأخرجت رغيفًا ووضعت بين يديه كوز ماء، فإذا بكلب قد جاءَ فقام بحذائه، وجعل يحرك ذنبه، فألقى إليه لقمة، وجعل يأكل ويلقي إليه لقمة، فخفت أن يضر بقوته، فقمت فصحت به؛ لأُنحيه من بين يديه، فنظرت إلى أبي عبد اللَّه قد احمرَّ وتغير من الحياء وقال: دعه، فإنَّ ابن عباس

قال: لها أنفس سُوء (¬1). "المناقب" لابن الجوزي ص 307 قال صالح: أن رجلا أَهدى إلى أبيه فاكهة فبعث إليه ثوبًا. "المناقب" لابن الجوزي ص 308 قال المروذي: رأيت أبا عبد اللَّه وقد أهدى إليه إنسان ماءَ زمزم فأرسل إليه سويقًا وسكرًا، وأمرني أن أشتري لإنسان هدية بقريب من خمسة دراهم وقال: اذهب إلى صبيانه فإنه قد وهب لسعيد شيئًا. "المناقب" ص 308 قال ابن هانئ: أهدى جوين -جار لأبي عبد اللَّه- إلى أبي عبد اللَّه شيئًا من جوز وزبيب وتين في قصعة ما يساوي ثلاثة دراهم أو أقل، فأعطاني أبو عبد اللَّه دينارًا وقال: اذهب فاشتر بعشرة دراهم سكرًا وبسبعة دراهم تمرًا، واذهب به إليه في الليل. ففعلت. "المناقب" لابن الجوزي ص 308 قال ابن هانئ: قال أبي: قدم رجل من سَمَرْقَنْد وكتب له عبد اللَّه بن عبد الرحمن إلى عبد اللَّه فجعل له مجلسًا، فأهدى يومًا إلى أبي عبد اللَّه ثوبًا، فأعطاه أبو عبد اللَّه لأبي فقال: اذهب به إلى السوق فقوّمه، قال أبي: فذهبت إلى قطيعة البيع فقومته نيفًا وعشرين درهمًا، فرجعت فقلت له، فحجبه أبو عبد اللَّه حتى اشترى له ثوبين ومقنعتين، أو ثوبًا ومقنعة، وبعث به إليه، ثم أذن له فحدثه. "المناقب" لابن الجوزي ص 309 قال حنبل: كان لأبي عبد اللَّه صديق يقال له: محفوظ، خرج معه إلى عبد الرزاق، وكان بينهما مودة، فما شعرت يومًا إلا ورسوله قد جاء معه خلال برني، فدخلت إلى أبي عبد اللَّه فقلت له، فقبله، ثم بعث إليه أبو عبد اللَّه بثوب، فجاء فقال: يا أبا عبد اللَّه عَمَمْتَني، فقال: وأنت عَمَمْتَني أيضًا فيما بعثت به إلينا. "المناقب" لابن الجوزي ص 309 ¬

_ (¬1) لم أجده.

قال أبو داود: أشبه عطف أحمد بن حنبل وسمته وحسن خلقه وحفظه جوارحه بالأنبياء عليهم السلام. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 154 قال أحمد بن سنان: بُعث إلى أحمد بن حنبل حيث كان عندنا أيام يزيد جوز ونبق كثير، فقبل، وقال لي: كل هذا. "سير أعلام النبلاء" 11/ 210 قال ابن وارة: أتيت أحمد، فأخرج إلي قدحًا فيه سويق، وقال: اشربه. "سير أعلام النبلاء" 11/ 302 قال عبد اللَّه بن محمد الوراق: كنت في مجلس أحمد بن حنبل، فقال: من أين أقبلتم؟ قلنا: من مجلس أبي كريب؛ فقال: اكتبوا عنه، فإنه شيخ صالح. فقلنا: إنه يطعن عليك؛ قال: فأي، شيء حيلتي، شيخ صالح قد بلي بي. "سير أعلام النبلاء" 11/ 317 قال الميموني: كان أبو عبد اللَّه حسن الخلق، دائم البشر، يحتمل الأذى من الجار. "سير أعلام النبلاء" 11/ 318 قال المروذي: كان أبو عبد اللَّه لا يدع المشورة إذا كان في أمر، حتى إن كان ليشاور من هو دونه، وكان إذا أشار عليه من يثق به، أو أشار عليه من لا يتهمه من أهل النسك من غير أن يشاوره، قبل مشورته، وكان إذا شاوره الرجل اجتهد له رأيه وأشار عليه بما يرى من صلاح. "الآداب الشرعية" 1/ 342

5 - باب في زهده وورعه

5 - باب في زهده وورعه قال صالح: وكان ربما خرج إلى البقال، يشتري الحزمة من الحطب والشيء فيحمله. "السيرة" لصالح ص 35 قال صالح: وولد لي مولود فأهدى لي صديق شيئًا، ثم أتى على ذلك أشهر، وأراد الخروج إلى البصرة، فقال لي: تكلم أبا عبد اللَّه يكتب لي إلى المشايخ بالبصرة. فقال: لولا أنه أهدى إليك، كتبت له، لست أكتب له. وأهدى إليه رجل وُلدَ له مولود خوانَ فالوذج، فأهدى إليه سكرًا بدراهم صالحة. وأكل يومًا في منزلي، فأخذ لقمة فناولها الخادم. وكان قديمًا قبل أن نأخذ من السلطان يأكل عندنا، وربما وجهنا بالشيء فيأكل منه. ودخل يومًا إلى منزلي، وقد غيرنا سقفًا لنا، فدعاني ثم أملى علي حديث الأحنف بن قيس، قال: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن يونس، عن الحسن قال: قدم الأحنف بن قيس من سفر، وقد غير أسقف بيته حمر وشقاشق وخضروها، فقالوا له: أما ترى إلى سقف بيتك؟ فقال: معذرة إليكم، إني لم أره، لا أدخله حتى تغيروه. واعتللت من عيني ليلة فلم يزل عندي، فقلت: اللهم إني أسألك الصبر؛ فقال: سل اللَّه العافية، فإن الصبر إنما يكون مع البلاء. وكان كتب إلى إسحاق بن راهويه، فكتب إلي إسحاق: إن الأمير عبد اللَّه ابن طاهر وجه إلي، ودخلت عليه، وفي يدي كتاب أبي عبد اللَّه فقال: ما هذا الكتاب؟ فقلت: كتاب أحمد بن حنبل، فقال: هاته، فأخذه فقرأه. وقال: إني لأحبه، وأحب حمزة بن الهيصم البوشنجي، لأنهما لم يختلطا بأمر السلطان، ثم قال: لست آمنك على هذا الكتاب وأخذه، فوضعه تحت مصلات، فقرأت

كتاب إسحاق على أبي فأمسك عن الكتاب إليه. وكان يتنور في البيت إلا أنه قال لي يومًا، وكان يوما شتويًا: أريد أدخل الحمام بعد المغرب، فقل لصاحب الحمام. فقلت لصاحب الحمام، فلما كان المغرب، فقال: ابعث إليه أني قد ضربت عن الدخول، وتنور في البيت. واشتريت جارية فشكت إليه أهلي، فقال: كنت أكره لهم الدنيا، وكان ربما بلغني عنكما الشيء. فقالت له: يا عم، ومن يكره الدنيا غيرك؟ ! فقال لها: فشأنك إذن. "السيرة" لصالح ص 40 - 42 قال صالح: دخلت يوما على أبي أيام الواثق، واللَّه يعلم في أي حالة نحن، وقد خرج لصلاة العصر، وكان له لبد يجلس عليه قد أتى عليه سنون كثيرة حتى قد بلي، فإذا تحته كتاب كاغد، وإذا فيه: بلغني يا أبا عبد اللَّه ما أنت فيه من الضيق، وما عليك من الدين، وقد وجهتُ إليك بأربعة آلاف درهم على يدي فلان لتقضي بها دينك، وتوسع على عيالك، وما هي من صدقة ولا زكاة، وإنما هو شيء ورثته من أبي، فقرأت الكتاب، ووضعته، فلما دخل قلت له: يا أَبَت، ما هذا الكتاب؟ فاحمر وجهه، وقال: رَفَعْتُهُ منك. ثم قال: تذهب بجوابه؟ فكتب إلى الرجل: وصل كتابك إليّ ونحن في عافية، فأما الدَّيْنُ فإنه لرجل لا يُرهقنا، وأما عيالنا فهم في نعمة اللَّه والحمد للَّه، فذهبتُ بالكتاب إلى الرجل الذي كان أَوصل كتاب الرجل، فقال: ويحك، لو أن أبا عبد اللَّه قبل هذا الشيء ورمى به مثلا في دجلة كان مأجورًا؛ لأن هذا الرجل لا يفوت له معروف، فلما كان بعد حين ورد كتاب الرجل بمثل ذلك، فرد عليه الجواب بمثل ما رد، فلما مضت سنة أو أقل أو أكثر ذكرناها، فقال: لو كنا قبلناها كانت قد ذهبت (¬1). ¬

_ (¬1) ذكرها ابن كثير في "البداية والنهاية" 10/ 778 من رواية عبد اللَّه.

قال صالح: وشهدت ابن الجروي أخا الحسن وقد جاءه بعد المغرب فقال: أنا رجل مشهور، وقد أتيتك في هذا الوقت وعندي شيء قد أعددته لك فأحب أن تقبله وهو ميراث، فلم يزل به، فلما أكثر عليه قام ودخل. قال صالح: فأخبرت عن الحسن قال: قال لي أخي لما رأيته: كلما ألححت عليه ازداد بُعدًا، قلت: أخبروه كم هي، قال: قلت: يا أبا عبد اللَّه، هي ثلاثة آلاف دينار. فقام وتركني. قال صالح: قال لي يومًا أنا إذا لم تكن عندي [قطعة] أفرح. وقال له أبو محمد فُوران: عندي خف أبعث به إليك؟ فسكت، فلما عاد إليه أبو محمد قال: يا أبا محمد، لا تبعث بالخف فقد شغل قلبي علي. ووجه رجل من الصين بكاغد صيني إلى جماعة من المحدثين فيهم يحيى وغيره، ووجه بقمطر إلى أبي فردّه. وقال أبي: جاءني ابن يحيى بن يحيى، وما أخرجت خراسان بعد ابن المبارك رجل يشبه يحيى بن يحيى، فجاءني ابنه فقال: إن أبي أوصى بمبطنة له لك وقال: يذكرني بها. فقلت: جئني بها: فجاء برزمة ثياب، فقلت له: اذهب رحمك اللَّه -يعني ولم يقبلها. وقلت لأبي: بلغني أن أحمد بن الدورقي أعطي ألف دينار فقال: أي بني {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 131]. ذكر يومًا عنده رجل فقال: يا بني الفائز من فاز غدًا، ولم يكن لأحد عنده تبعة. وذكرت له ابن أبي شيبة وعبد الأعلى النَّرْسي ومن قدم به إلى العسكر من المحدثين؛ فقال: إنما كانت أيامًا قلائل ثم تلاحقوا، وما تخولوا منها بكثير شيءٍ. وجئت يومًا إلى المنزل فقيل لي: قد وجه أبوك أمس في طلبك. فقلت: وجهت في طلبي. فقال: جائني أمس رجل كنت أحب أن تراه، بينما أنا قاعد

في نحر (*) الظهيرة، إذا برجل يسلم بالباب، فكأن قلبي ارتاح له، فقمت ففتحت الباب، فإذا أنا برجل عليه فروة وعلى أم رأسه خرقة ما تحت فروه قميص، ولا معه ركوة ولا جراب، ولا عكاز، قد لوحته الشمس. فقلت: ادخل. فدخل للدهليز. فقلت: من أين أقبلت؟ قال: من ناحية المشرق، أريد بعض هذِه السواحل، ولولا مكانك ما دخلت هذا البلد إلا أني نويت السلام عليك. قلت: على هذِه الحال؟ قال: نعم، ثم قال لي: ما الزهد في الدنيا؟ قلت: قصر الأمل. قال: فجعلت أعجب منه، فقلت في نفسي: وما عندي ذهب ولا فضة، فدخلت البيت، فأخذت أربعة أرغفة، فخرجت إليه، فقلت: ما عندي ذهب ولا فضة، وإنما هذا من قوتي. قال: أو يسركِ يا أبا عبد اللَّه أن أقبل ذلك؟ قال: قلت: نعم. قال: فأخذها، فوضعها تحت حضنه، وقال: أرجو أن تكفيني زادًا إلى الرقة، أستودعك اللَّه، قال: فلم أزل قائمًا أنظر إليه إلى أن خرج من الزقاق، وكان يذكره كثيرا. قال صالح: وكنت أسمع أبي كثيرًا يقول: اللَّهم سلِّم سلِّم. وكان أبي: إذا دعا له رجل، يقول: ليس يحرز المؤمن إلا حفرته، الأعمال بخواتيمها. وكان رجل يختلف مع خلف المخرمي إلى عفان يقال له: أحمد بن الحكم العطار، فختن بعض ولده، فدعا أبي وأبا خثيمة وجماعة من أصحاب الحديث، وطلب إلى أبي أن يحضر، فمضوا، ومضى أبي بعدهم وأنا معه، فلما دخل أجلس في بيت ومعه جماعة من أصحاب الحديث، فمن كان يختلف معه إلى عفان، فكان فيهم رجل يكنى بأبي بكر، يعرف بالأحول، فقال: يا أبا عبد اللَّه: هاهنا آنية من فضة، والتفت فإذا كرسي،

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: نص المؤلفون في الملاحق على تصويبها إلى ((نحو الظهيرة))، والمثبت هو الصواب والتصويب في الملحق غلط، فإنها صحيحة لا إشكال فيها، وهي هكذا في المراجع التي أوردت الخبر، والله أعلم

فقام وخرج وتبعه من كان في البيت. وسأل من كان في الدار عن خروجه فأخبر، واتبعته معهم جماعة، وأخبر الرجل فخرج إلى أبي، فحلف أنه ما علم بذلك، ولا أمر به، فجعل يطلب إليه فأبى. وجاء عفان فقال له الرجل: يا أبا عثمان، اطلب إلى أبي عبد اللَّه أن يرجع فكلمه عفان، فأبى أن يرجع، فنزل بالرجل أمر عظيم (¬1). "السيرة" لصالح ص 43 - 47 قال صالح: [لما قدم أبي من عند المتوكل] (¬2) ومكث قليلا، قال لي: يا صالح، قلت: لبيك، قال: أحب أن تدع هذا الرزق فلا تأخذه ولا توكل فيه أحدًا، فقد علمت أنكم إنما تأخذونه بسببي. فسكتُّ. فقال: ما لك؟ فقلت: أكره أن أعطيك شيئًا بلساني وأخالف إلى غيره فأكون قد كذبتك ونافقتك وليس في القوم أكثر عيالًا مني ولا أعذر، وقد كنت أشكو إليك فتقول: أمرك منعقد بأمري، ولعل اللَّه أن يحل عني هذِه العقدة، ثم قلت: وقد كنت تدعو لي فأرجو أن يكون اللَّه عز وجل قد استجاب لك، قال: ولا تفعل؟ قلت: لا! قال: قم فعل اللَّه بك وفعل، فأمر بسدّ الباب بيني وبينه، فتلقاني عبد اللَّه فسألني فأخبرته. فقال: ما أقول؟ قلت: ذاك إليك، فقال له مثل ما قال لي، فقال: لا أفعل، فكان منه إليه نحو ما كان منه إلي، فلقينا عمه فقال: لو أردتم أن تقولوا له، وما علمه إذا أخذتم شيئًا، فدخل عليه فقال: يا أبا عبد اللَّه، لست آخذ شيئًا من هذا، فقال: الحمد للَّه، وهجرنا وسدَّ الأبواب بيننا وبينه، وتحامى منزلنا أن يدخل منه إلى منزله شيء، فلما مضى نحو من شهرين كتب لنا بشيء فجيء به إلينا، فأول من ¬

_ (¬1) وانظر: "حلية الأولياء" لأبي نعيم 9/ 178 - 179، "المناقب" لابن الجوزي ص 299 - 300، "سير أعلام النبلاء" 11/ 208 - 209. (¬2) في "السيرة": فما انحدر إلى بغداد. والمثبت من "المناقب" لابن الجوزي ص 465.

جاء عمه فأخذ، فأخبر فجاء إلى الباب الذي كان سده بيني وبينه وقد كان فتح الصبيان كوة، فقال: ادعوا لي صالحًا، فجاءَ الرسول وقلت له: لست أجيء، فوجه إليّ لم لا تجيء؟ فقلت: قل له هذا الرزق يرتزقه جماعة كثيرة، وإنما أنا واحد منهم وليس فيهم أعذر مني، وإذا كان توبيخ خُصصْتُ به أنا! فمضى، فلما نادى عمه بالأذان خرج، فلما خرج، قيل لي: إنه قد خرج إلى المسجد، فجئت حتى صرت في موضع أسمع فيه كلامه، فلما فرغ من الصلاة التفت إلى عمه. ثم قال له: نافقتني وكذبتني وكان غيرك أعذر منك، زعمت أنك لا تأخذ من هذا شيئًا ثم أخذته وأنت تستغل مائتي درهم وعمدت إلى طريق المسلمين تستغله، إنما أنا أشفق أن تطوق يوم القيامة بسبع أرضين، أخذت هذا الشيء بغير حقه، فقال: قد تصدقت، قال: تصدقت بنصف درهم، ثم هجره وترك الصلاة في المسجد، وخرج إلى مسجد خارج يصلي فيه. قال صالح: ثم كُتب لنا بشيء فبلغه، فجاء إلى الكوة التي في الباب فقال: يا صالح انظر ما كان للحسن علي فاذهب به إلى فُوران حتى يتصدق به في الموضع الذي أخذ منه. فقلت: ما علم فوران من أي موضع أخذ هذا؟ فقال: افعل ما أقول لك، فوجهت بما كان أصابهما إلى فوران، وكان إذا بلغه أنا قبضنا شيئًا طوى تلك الليلة فلم يفطر، ثم مكث أشهرًا لا أدخل عليه، ثم فتح الصبيان الباب ودخلوا غير أنه لا يدخل إليه من منزلي شيء. ثم وجهت إليه: يا أَبَت قد طال هذا الأمر، اشتقت إليك، فسكت فدخلت فأكببت عليه وقلت له: يا أَبَت تدخل على نفسك هذا الغم؟ فقال: يا بني ما لا أملكه. ثم مكثنا مدة لم نأخذ شيئًا، ثم كُتب لنا بشيءٍ فقبضناها، فلما بلغه هجرنا أشهرًا، فكلمه فُوران ووجَّه إليَّ فدخلت فقال

له: يا أبا عبد اللَّه، صالح وحبك له، فقال: يا أبا محمد واللَّه لقد كان أعز الخلق عليَّ وأي شيءٍ أردت له إلا ما أردت لنفسي، فقلت له: يا أَبَت ومن رأيت أنت أو من لقيت قوي على ما قويت أنت عليه؟ قال: وتحتج عليَّ. قال صالح: ثم كتب أبي رحمه اللَّه إلى يحيى بن خاقان، يسأله ويعزم عليه أن لا يعيننا على شيء من أرزاقنا ولا يتكلم فيه، فبلغني فوجهت إلى القيم لنا وهو أبو غالب ابن بنت معاوية بن عمرو، وقد كنت قلت له: يا أبت إنه يكبر عليك وقد عزمت إذا حدث أمر أخبرتك به، فلما وصل رسوله بالكتاب إلى يحيى أخذه من صاحب الخبر، فأخذت نسخته ووصلت إلى المتوكل. فقال لعبد اللَّه: كم من شهر لولد أحمد بن حنبل؟ فقال: عشرة أشهر. قال: تحمل الساعة إليهم أربعين ألف درهم من بيت المال صحاحًا ولا يعلم بها، فقال يحيى للقيم: أنا أكتب إلى صالح وأعلمه. فورد علي كتابه، فوجهت إلى أبي أعلمه، فقال الذي أخبره: أنه سكت قليلا وضرب بذقنه ساعة ثم رفع رأسه؛ فقال: ما حيلتي إذا أردت أمرًا، وأراد اللَّه عز وجل أمرًا. "السيرة" لصالح ص 107 - 110 قال الميموني: سُئل أحمد بن حنبل: حدثنا بحديث عبد القيس عن القطيعاء؛ فقال: سلوا بعض أصحاب الغريب، فإني أكره أن أتكلم في قول رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بالظن فأخطيء. "العدل" رواية المروذي وغيره (413) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: اليوم الذي لا يكون عندي فيه قطعة أفرح. "مسائل ابن هانئ" (2010) قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه- وذكر أخلاق الورعين- فقال: أسأل اللَّه أن لا يمقتنا، أين نحن من هؤلاء! ؟ "الورع" للمروذي (1) قال المروذي: وقيل لأبي عبد اللَّه: هل للورع حد يعرف؟ فتبسم، وقال:

ما أعرفه. "الورع" للمروذي (2) قال المروذي: قال أبو عبد اللَّه: كأنك بالموت وقد فرق بيننا، ما أعدل بالفقر شيئا، أنا أفرح إذا لم يكن عندي شيء، إني لأتمنى الموت صباحًا ومساءً، أخاف أن أفتن في الدنيا. "الورع" للمروذي (7) قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أنفقت على هذا المخرج خمسة وستين درهمًا بدين، وإنما لي فيه ربع الكراء. قلت: فلم لا تدع عبد اللَّه ينفق عليه؟ قال: كرهت أن يفسد علي الدراهم. "الورع" للمروذي (148) قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول لشجاع بن مخلد: يا أبا الفضل، إنما هو طعام دون طعام، ولباس دون لباس، وإنها أيام قلائل. "الورع" للمروذي (245) قال المرّوذي: ذكرت لأبي عبد اللَّه الفضل وعريه، وفتح الموصلي وعريه وصبره، فتغرغرت عينه، وقال: رحمهم اللَّه، كان يقال: عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة. "الورع" للمروذي (267) قال المرّوذي: وقال لي أبو عبد اللَّه يوما: إني لأفرح إذا لم يكن عندي شيء، وجاءه ابنه الصغير بعقب هذا الكلام فطلب منه، فقال: ليس عند أبيك قطعة، ولا عندي شيء. "الورع" للمروذي (280) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: قد تفكرت في هذِه الآية {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 131] ثم قال: تفكرت في رزقهم، وأشار نحو العسكر، وقال: رزق يوم فيوم خير، وقال أبو عبد اللَّه يومًا: أخاف أن أفتن بالدنيا كم بقي من عمري، الذي مضى أكثر، لي اليوم ست وسبعون سنة ما تلبست لهم بشيء، وعامة أصحابي قد كتبوا أنفسهم في الغارمين، أنا في كل نعيم. "الورع" للمروذي (408)

قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: ما أكثر الداعين لك! فتغرغرت عينه وقال: أخاف أن يكون هذا استدراجًا، وقال: قال محمد بن واسع: لو أن للذنوب ريحًا ما جلس إليَّ منكم أحد، وقال: حدثنا يونس بن عبيد قال: دخلنا على محمد بن واسع نعوده، فقال: وما يغني عني ما يقول الناس إذا أخذ بيدي ورجلي وألقيت في النار. "الورع" للمروذي (491) - (493) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إن بعض المحدثين قال لي: أبو عبد اللَّه لم يزهد في الدراهم وحدها، قد زهد في الناس. فقال أبو عبد اللَّه: ومن أنا حتى أزهد في الناس؟ الناس يريدون يزهدون فيَّ. وقال أبو عبد اللَّه: أسأل اللَّه أن يجعلنا خيرًا مما يظنون، ويغفر لنا ما لا يعلمون. "الورع" للمروذي (494) قال المرّوذي: ذكرت لأبي عبد اللَّه رجلًا من المحدثين، فقال: إنما أنكرت عليه أن ليس زيه زي النساك. "الورع" للمروذي (562) قال المرّوذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أنا منذ أكثر من سبعين سنة في كل نعيم، وقال: ما قل من الدنيا أقل للحساب. قلت له: إن رجلًا قال: إن أحمد بن حنبل وبشر بن الحارث ليسا عندي زهادا، أحمد له خبز يأكله، وبشر له دراهم تجيئه من خراسان، فتبسم أبو عبد اللَّه وقال: أمن الزهاد أنا! "الورع" للمروذي (623) قال المرُّوذي: قال لي أبو عبد اللَّه: قد جاء يحيى بن خاقان ومعه شُوَي، فجعل يقلله أبو عبد اللَّه ويقلله. قلت له: قالوا: إنها ألف دينار. قال: هكذا قال، وقال: فرددتها عليه، فبلغ الباب، ثم رجع، فقال: إن جاءك أحد من أصحابك بشيءٍ تقبله؟ قلت: لا، قال: إنما أُريد أن أخبر الخليفة بهذا.

قلت لأبي عبد اللَّه: أي شيءٍ كان عليك لو أخذتها فقسمتها؟ فكلح وجهه، وقال: إذا أنا قسمتها، أي شيءٍ كنت أريد؟ أكون له قهرمانا! "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" للمروذي (204) قال عبد اللَّه: كان هاهنا شيخ قال: رأيت على يد أبي عبد اللَّه جَرَبًا، فجئت بدواء فقلت: ضع هذا عليه، فأخذه فرده، فقلت له: لم رددته؟ فقال: أنتم [تسمعون مني] (¬1). "الزهد" رواية عبد اللَّه ص 345 قال أحمد بن سنان الواسطي: بلغني أن أحمد بن حنبل رهن نعله عند خباز على طعام أخذه منه عند خروجه من اليمن، وأكرى نفسه من ناس من الحمالين عند خروجه وعرض عليه عبد الرزاق دراهم صالحة فلم يقبلها منه. "الجرح والتعديل" 1/ 301، "حلية الأولياء" 9/ 175، "تاريخ دمشق" 5/ 303، "المناقب" لابن الجوزي ص 292، "سير أعلام النبلاء" 11/ 206 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول -وذكر الدنيا- فقال: قليلها يجزئ وكثيرها لا يجزئ. وذكر عنده الفقر، فقال: الفقر مع الخير. وسمعته يقول: وددت أني نجوت من هذا الأمر كفافا لا عليّ ولا لي. "الجرح والتعديل" 1/ 305، "حلية الأولياء" 9/ 184، "المناقب" لابن الجوزي ص 354، 256، "سير أعلام النبلاء" 11/ 208، 227 قال عبيد القاري: دخل عم أحمد بن حنبل على أحمد بن حنبل ويده تحت خده، فقال له: يا ابن أخي أي شيءٍ هذا الغم؟ أي شيءٍ هذا الحزن؟ فرفع أحمد رأسه فقال: يا عم طوبى لمن أخمل اللَّه عز وجل ذكره. "الجرح والتعديل" 1/ 306، "طبقات الحنابلة" 1/ 27، "تاريخ دمشق" 5/ 309، "المناقب" لابن الجوزي ص 352، "سير أعلام النبلاء" 11/ 207 قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: كان أحمد بن حنبل إذا رأيته تعلم ¬

_ (¬1) بياض في "الزهد"، والمثبت من "المناقب" لابن الجوزي ص 334.

أنه لا يُظهر النسك، رأيت عليه نعلا لا يشبه نعل القراء، له رأس كبير معقف، وشراك مسبل كأنه اشتري له من السوق، ورأيت عليه إزارًا وجبة برد مخطط آسماجوني. قال ابن أبي حاتم: أراد بهذا واللَّه أعلم ترك التزين بزي القرَّاء، وإزالته عن نفسه ما يشتهر به. "الجرح والتعديل" 1/ 306 قال الحسين بن الحسن الرازي: حضرت أحمد بن حنبل وجاءه فيج بكتاب، أظنه من البسطامي، فوضعه ولم يقرأه وقال: ما عندنا شيء نعطيك إلا -أستغفر اللَّه- الخبز إن رضيت به. "الجرح والتعديل" 1/ 307 قال عبد اللَّه: ما رأيت أبي حدث من حفظه من غير كتاب إلا بأقل من مائة حديث. "حلية الأولياء" 9/ 165، "المناقب" ص 328، "سير أعلام النبلاء" 11/ 213 قال سليمان بن داود الشاذكوني: علي بن المديني يتشبَّه بأحمد بن حنبل! أيهات، ما أشبه السّكُّ باللّكِّ (¬1)، لقد حضرت من ورعه شيئًا بمكة (¬2) أنه رهَنَ سَطْلا عند فامِيّ فأخذ منه شيئًا يتقوته، فجاء فأعطاه فكاكه، فأخرج إليه سَطْلين فقال: انظر أيهما سطلك فخذه، فقال: لا أدري، أنت في حل منه ومما أعطيتك في حل، ولم يأخذه. قال سليمان: فقلت للفامي: أخرجت سطلين إلى رجل من أهل الورع، والسطول تتشابه حتى شك في سطله. فقال الفامِيّ: واللَّه إنه لسَطْلُه، وإنما أردت أن أمتحنه فيه. "حلية الأولياء" 9/ 169، "تاريخ دمشق" 5/ 301، "المناقب" ص 328، "السير" 11/ 203، "البداية والنهاية" 10/ 778، "الجوهر المحصل"، ص 48، "المنهج الأحمد"، 1/ 79 ¬

_ (¬1) السُّكُّ ضرب من الطيب يُرَكَّبُ من مِسْك ورَامَكٍ عربيٌّ، واللَّكُّ صِبْغ أحمر يصبغ به جلودُ المِعْزى للخِفات وغيرها، واللُّك بالضم ثُفْلُه. "لسان العرب" مادة [سكك]، [لكك]. (¬2) في "تاريخ دمشق"، "البداية والنهاية": باليمن.

قال إسحاق بن راهويه: لما خرج أحمد بن حنبل إلى عبد الرزاق انقطعت به النفقة، فأكرى نفسه من بعض الحمالين إلى أن وافى صنعاءَ، وقد كان أصحابه عرضوا عليه المواساة فلم يقبل من أحد شيئًا. "حلية الأولياء" 9/ 174، "المناقب" لابن الجوزي ص 291، "سير أعلام النبلاء" 11/ 214 قال عبد اللَّه: كتب إلي الفتح بن شُخْرُف بخط يده أنه سمع عبد بن حميد يقول: سمعت عبد الرزاق يقول: قدم علينا أحمد بن حنبل هاهنا، فأقام سنتين إلا شيئًا، فقلت له: يا أبا عبد اللَّه، خذ هذا الشيء فانتفع به، فإن أرضنا ليست بأرض متجر ولا مكسب، وأرانا عبد الرزاق كفَّه ومَدَّها فيها دنانير. فقال أحمد: أنا بخير. ولم يقبل مني. "حلية الأولياء" 9/ 174، "المناقب". لابن الجوزي ص 291، "تهذيب الكمال" 9/ 459 قال عبد اللَّه: حدثني إسماعيل بن أبي الحارث قال: كان عندنا شيخ مروزي، فجاء إليه أحمد بن حنبل ثم خرج، فقلت له: في أي شيءٍ جاءك أبو عبد اللَّه؟ فقال: هو لي صديق وبيني وبينه أُنس، وتلكأ أن يخبرنا فألححنا عليه، فقال: كان استقرض مني مائتي درهم أو ثلاثمائة درهم، فجاءني بها، فقلت: يا أبا عبد اللَّه، ما دفعتها وأنا أنوي أن آخذها منك. فقال: وأنا ما أخذتها إلا وأنا أنوي أن أردها إليك. "حلية الأولياء" 9/ 175، "المناقب" لابن الجوزي ص 297، "سير أعلام النبلاء" 11/ 214 قال محمد بن موسى بن حماد البربري: حُمل إلى الحسن بن عبد العزيز الجَرَوي ميراثه من مصر مائة ألف دينار، فحمل على أحمد ابن حنبل ثلاثة أكياس، في كل كيس ألف دنيار، فقال: يا أبا عبد اللَّه، هذِه من ميراث حلال خذها فاستعن بها على عائلتك. قال: لا حاجة لي فيها، فأنا في كفاية. فردها ولم يقبل منها شيئًا. "حلية الأولياء" 9/ 175، "تاريخ دمشق" 5/ 305، "المناقب" ص 299، "تهذيب الكمال" 1/ 460، "سير أعلام النبلاء" 11/ 214، "المنهج الأحمد" 1/ 77.

قال أبو جعفر أحمد بن محمد التُّسْتَري: كان غلام يختلف إلى أحمد ابن حنبل، فناوله يومًا درهمين فقال: اشتر بها كاغدًا، فخرج الغلام فاشترى له وجعل في جوف الكاغد خمسمائة دينار وشده وأوصله إلى بيت أحمد، فسأل أحمدُ أهلَ بيته: أحمل شيء من البياض؟ فقالوا: نعم، فوضع بين يديه، فلما أن فتحه تناثرت الدنانير، فردها في مكانها وسأل عن الغلام حتى دل عليه، فوضعه بين يديه، فتبعه الغلام وهو يقول: الكاغد اشتريته بدراهمك خذه، فأبى أن يأخذ الكاغد أيضا. "حلية الأولياء" 9/ 176، "تاريخ دمشق" 5/ 305، "المناقب" ص 303، "الجوهر المحصل" ص 49 قال أبو جعفر بن ذريح العُكْبَري: طلبت أحمد بن حنبل في سنة ست وثلاثين ومائتين لأسأله عن مسألة، فسألت عنه فقالوا: إنه خرج يصلى خارجًا، فجلست له على باب الدرب حتى جاء، فقمت فسلمت عليه فرد عليّ السلام، فدخل الزقاق وأنا أماشيه، فلما بلغنا آخر الدرب إذا باب يفرج فدفعه وصار خلفه وقال: اذهب عافاك اللَّه، فالتفت فإذا مسجد على الباب وشيخ مخضوب قائم يصلي بالناس، فجلست حتى سلم الإمام، فخرج رجل فقلت: هذا الإمام من هو؟ قالوا: إسحاق عم أحمد بن حنبل. قلت: فما له لا يصلي خلفه؟ فقال: ليس يكلم ذا ولا ابنيه لأنهم أخذوا جائزة السلطان. "حلية الأولياء" 9/ 176، "المناقب"، لابن الجوزي ص 466 قال إبراهيم بن مَتَّه السَّمَرْقَنْدي: سألت أبا محمد عبد اللَّه بن عبد الرحمن عن أحمد بن حنبل، قلت: هو إمام؟ قال: إي واللَّه، أحمد بن حنبل صبر على الفقر سبعين سنة. "حلية الأولياء" 9/ 176، "تاريخ دمشق" 5/ 288، "المناقب" ص 310، "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 125 قال عبد اللَّه: قلت لأبي: بلغني أن عبد الرزاق عرض عليك دنانير؟

قال: نعم، وأعطاني يزيد بن هارون خمس مائة درهم -أظن- فلم أقبل، وأعطى يحيى بن معين، وأبا مسلم، فأخذا منه. "حلية الأولياء" 9/ 177، "المناقب" لابن الجوزي ص 293، "سير أعلام النبلاء" 11/ 193 قال حمدان بن سنان الواسطي: قدم علينا أحمد بن حنبل ومعه جماعة، فنفدت نفقاتهم فبررتهم فأخذوا، وجاءني أحمد بن حنبل بفروة فقال: قل لمن يبيع هذِه ويجيئني بثمنها، فأتسع به، قال: فأخذت صرة دراهم فمضيت بها إليه فردها، فقالت امرأتي: هذا رجل صالح لعله لم يرضها فأضعفها، فأضعفتها فلم يقبل، وأخذ الفروة مني وخرج. "حلية الأولياء" 9/ 177، "تاريخ دمشق" 5/ 301، "المناقب" لابن الجوزي ص 293 قال أحمد بن محمد التُّسْتَري: ذكروا أن أحمد بن حنبل أتى عليه ثلاثة أيام ما كان طعم فيها، فبعث إلى صديق له فاستقرض شيئًا من الدقيق فعرفوا في البيت شدة حاجته إلى الطعام، فخبزوا له بالعجلة، فلما وضع بين يديه قال: كيف خبزتم هذا بسرعة؟ فقيل له: كان التنور في بيت صالح مسجورًا فخبزنا بالعجلة فقال: ارفعوا ولم يأكل، وأمر بسد بابه إلى دار صالح. "حلية الأولياء" 9/ 177، "تاريخ دمشق" 5/ 302، "المناقب" ص 330، "سير أعلام النبلاء" 11/ 214، "المنهج الأحمد" 1/ 80 قال عبد اللَّه: حدثني علي بن الجهم بن بدر قال: كان لنا جار، فأخرج لنا كتابا فقال: أتعرفون هذا الخط؟ قلنا: نعم، هذا خط أحمد بن حنبل كيف كتب لك؟ قال: كنا بمكة مقيمين عند سفيان بن عُيَينة، ففقدنا أحمد بن حنبل أيامًا لم نره، ثم جئنا إليه لنسأل عنه، فقال لنا أهل الدار التي هو فيها: هو في ذلك البيت، فجئنا إليه والباب مردود عليه وإذا عليه خلقان، فقلنا له: يا أبا عبد اللَّه، ما خبرك لم نرك منذ أيام؟ فقال: سرقت ثيابي.

فقلت له: معي دنانير، فإن شئت خذ قرضا وإن شئت صلة، فأبى أن يفعل، فقلت: تكتب لي بأُجرة؟ قال: نعم، فأخرجت دينارًا فأبى أن يأخذه، وقال: اشتر لي ثوبا واقطعه نصفين، فأومَأ إلى أنه يأتزر بنصف ويرتدي بالنصف الآخر، وقال: جئني ببقيته، ففعلت وجئت بورق فكتب لي فهذا خطه. "حلية الأولياء" 9/ 177، "تاريخ دمشق" 5/ 302، "المناقب"، لابن الجوزي ص 295 قال القاضي إسماعيل بن إسحاق: سمعت نصر بن علي يقول: أحمد بن حنبل أمره بالآخرة كان أفضل؛ لأنه أتته الدنيا فدفعها عنه. "حلية الأولياء" 9/ 180 قال يحيى بن مَعِين: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، صحبناه خمسين سنة ما افتخر علينا بشيءٍ مما كان فيه من الصلاح والخير. "الحلية" 9/ 181، "تاريخ دمشق" 5/ 281، "المناقب" ص 344، "السير" 11/ 196، 214 قال إسحاق بن موسى الأنصاري: دفع المأمون إليَّ مالا وقال: اقسمه على أصحاب الحديث فإن فيهم ضعفاء، فما بقي منهم أحد إلا أخذ، إلا أحمد بن حنبل، فإنه أبى. "حلية الأولياء" 9/ 181، "تاريخ دمشق" 5/ 305، "المناقب" ص 326، "تهذيب الكمال" 1/ 460 قال جعفر بن محمد بن يعقوب: جاء رسول من دار أحمد بن حنبل إليه يذكر له أن أبا عبد الرحمن عليل واشتهى الزبد، فناول رجلًا من أصحابه قطعة وقال: اشتر له بها زبدًا، فجاء به على ورق سلق، فلما أن نظر إليه قال: من أين هذا الورق؟ فقال: أخذته من عند البقال. فقال: استأذنته في ذلك؟ قال: لا، قال: رده. "حلية الأولياء" 9/ 181، "تاريخ دمشق" 5/ 308، "المناقب" لابن الجوزي ص 333 قال أبو حفص عمر بن صالح الطرسوسي: ذهبت أنا ويحيى الجَلَّاء -

وكان يقال: إنه من الأبدال- إلى أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل فسألته وكان إلى جنبه فُوران وزهير وهارون الحمَّال، فقلت: رحمك اللَّه يا أبا عبد اللَّه بم تلين القلوب؟ فنظر إلى أصحابه فغمزهم بعينه، ثم أطرق ساعة ثم رفع رأسه فقال: يا بني بأكل الحلال. فمررت كما أنا إلى أبي نصر بشر بن الحارث فقلت له: يا أبا نصر، بمَ تَلينُ القلوب؟ فقال: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]. فقلت: إني جئت من عند أبي عبد اللَّه. فقال: هيه أي شيءٍ قال لك أبو عبد اللَّه؟ قلت: قال: بأكل الحلال. قال: جاء بالأصل، جاء بالأصل. فمررت إلى عبد الوهاب الوراق، فقلت: يا أبا الحسن، بمَ تلين القلوب؟ قال: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}. قلت: فإني جئت من عند أبي عبد اللَّه، فاحمرت وجنتاه من الفرح وقال لي: أيّ شيءٍ قال أبو عبد اللَّه؟ فقلت: قال: بأكل الحلال. فقال: جاءَك بالجوهر، جاءك بالجوهر، الأصل كما قال، الأصل كما قال. "حلية الأولياء" 9/ 182، "المناقب" ص 255 قال عبد اللَّه: كان أبي أصبر الناس على الوحدة، وبشر رحمه اللَّه فيما كان فيه لم يكن يصبر على الوحدة، فكان يخرج إلى ذا ساعة، وإلى ذا ساعة. "حلية الأولياء" 9/ 183، "تاريخ دمشق" 5/ 298، "المناقب" ص 350، "تهذيب الكمال" 1/ 458، "سير أعلام النبلاء" 11/ 211 قال عبد اللَّه: كنت جالسا عند أبي رحمه اللَّه يوما فنظر إلى رجلي وهما لينتان ليس فيهما شقاق، فقال لي: ما هذان الرجلان؟ لم لا تمشي حافيا حتى تصير رجلاك خشنتين؟ قال عبد اللَّه: وخرج إلى طرسوس ماشيا على قدميه. قال عبد اللَّه: كان أبي أصبر الناس على الوحدة، لم يره أحد إلا في مسجد، أو حضور جنازة، أو عيادة مريض، وكان يكره المشي في الأسواق. "حلية الأولياء" 9/ 184، "تاريخ دمشق" 5/ 298، "المناقب" ص 350، 314، "المنهج الأحمد" 1/ 95

قال أبو علي عيسى بن محمد الجريحي: ثنا أحمد بن يحيى ثعلب النحوي قال: كنت أحب أن أرى أحمد بن حنبل فدخلت عليه فقال لي: فيم تنظر؟ فقلت: في النحو والعربية. والشعر فأنشدني أحمد بن حنبل رحمة اللَّه تعالى عليه: إذا ما خلوتَ الدهر يوما فلا تقل ... خلوتُ ولكن قُل عليَّ رقيب ولا تحسبن اللَّه يخلف ما مضى ... وأن الذي يخفى عليه يغيب لهونا عن الأيام حتى تتابعت ... ذنوب على آثارهن ذنوب فيا ليت أن يغفر اللَّه ما مضى ... ويأذن لي في توبة فأتوب إذا ما مضى القرن الذي أنت فيهم ... وخلفت في قرن فأنت غريب "حلية الأولياء" 9/ 220، "المناقب" ص 265، "الجوهر المحصل" ص 146، "المنهج الأحمد" 1/ 93 قال محمد بن سختويه البردعي: سمعت أبا عمير بن النحاس عيسى بن محمد بن عيسى -وذكر عنده أحمد بن حنبل فقال: رحمه اللَّه عن الدنيا ما كان أصبره، وبالماضين ما كان أشبهه، وبالصالحين ما كان ألحقه، عرضت له الدنيا فأباها، والبدع فنفاها. "طبقات الحنابلة" 1/ 23، "تاريخ دمشق" 5/ 291، "البداية والنهاية" 10/ 286 قال ابن هانئ: قال لي أبو عبد اللَّه: بكر يوما حتى تعارضني بشيء من الزهد، فبكرت إليه وقلت لأم ولده: أعطني حصيرًا ومخدة فبسطته في الدهليز. فخرج أبو عبد اللَّه ومعه الكتب والمحبرة، فنظر إلى الحصير والمخدة فقال: ما هذا؟ فقلت: لتجلس عليه. فقال: ارفعه، الزهد لا يحسن إلا بالزهد، فرفعته وجلس على التراب. "طبقات الحنابلة" 1/ 23، "المناقب" لابن الجوزي ص 312، "سير أعلام النبلاء" 11/ 325، "المقصد الأرشد" 1/ 68، "المنهج الأحمد" 1/ 77 قال الخلال: وأخبرني محمد بن علي السمسار قال: كانت لأم عبد اللَّه بن

أحمد دار معنا في الدرب يأخذ منها درهما بحق ميراثه، فاحتاجت إلى نفقة فأصلحها ابنه عبد اللَّه، فترك أبو عبد اللَّه الدرهم الذي كان يأخذه وقال: قد أفسده علي (¬1). "طبقات الحنابلة" 1/ 24، "المناقب" ص 332، "المقصد الأرشد" 1/ 68 قال حنبل: وكان ربما استعار الشيء من منزلنا ومنزل ولده، فلما صار إلينا من مال السلطان ما صار، امتنع من ذلك حتى لقد وصف له في علته قرعة تشوى ويؤخذ ماؤها، فلما جاءوا بالقرعة قال بعض من حضر: اجعلوها في تنور صالح فإنهم قد خبزوا. فقال بيده لا، وأبى أن يوجه بها إلى منزل صالح. قال حنبل: ومثل هذا كثير. "طبقات الحنابلة" 1/ 24، "السير" 11/ 272، "المقصد الأرشد" 1/ 68 قال المرُّوذي: كان أبو عبد اللَّه إذا ذكر الموت، خنقته العبرة، وقال: سمحت أبا عبد اللَّه يقول: الخوف يمنعني من أكل الطعام والشراب فما اشتهيه، فإذا ذكرت الموت وإن علي كل شيء. "طبقات الحنابلة" 1/ 27، "تاريخ دمشق" 5/ 324، "المناقب"، لابن الجوزي ص 355، "سير أعلام النبلاء"، 11/ 215، 305، "المقصد الأرشد" 1/ 68 قال إسماعيل بن حرب: أحصي ما ردَّ أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل حين جيء به إلى العسكر فإذا هو سبعون ألفًا. "طبقات الحنابلة" 1/ 27، "المناقب" ص 300 قال محمد بن عبيد اللَّه المنادي: قال لي أحمد بن حنبل: أنا أذرع هذِه الدار التي أسكنها وأخرج الزكاة عنها في كل سنة، أذهب في ذلك إلى قول عمر بن الخطاب في أرض السواد. "طبقات الحنابلة" 1/ 27، "المناقب" لابن الجوزي ص 327، "سير أعلام النبلاء" 11/ 319 ¬

_ (¬1) قال صاحب "الطبقات": إنما تورع مِنْ أخذِ حقه من الأجرة؛ خشية أن يكون ابنه أنفق على الدار مما يصل إليه من مال الخليفة، فاعتذروا للحاجة، فهجرهم شهرًا لأخذ العطاء. "الطبقات" 1/ 24.

قال أحمد بن القاسم الطوسي: كان أحمد بن حنبل إذا نظر إلى نصراني غمض عينيه، فقيل له في ذلك؛ فقال: لا أقدر انظر إلى من افترى على اللَّه وكذب عليه. "طبقات الحنابلة" 1/ 27، "المناقب" لابن الجوزي ص 328 قال عارم بن الفضل: كان أحمد بن حنبل هاهنا عندنا بالبصرة فجاءني بمعضدة له، أو قال: صرة فيها دراهم، فكان كل قليل يجيءُ فيأخذ منها، فقلت له: يا أبا عبد اللَّه بلغني أنك رجل من العرب، فمن أي العرب أنت؟ فقال لي: يا أبا النعمان نحن قوم مساكين. فكان كلما جاء أعدت عليه فيقول لي هذا الكلام، ولا يخبرني حتى خرج من البصرة. "تاريخ دمشق" 5/ 258، "المناقب" لابن الجوزي ص 345، "تهذيب الكمال" 1/ 445، "سير أعلام النبلاء" 11/ 187، "الجوهر المحصل" ص 5 قال عبد الرزاق: وأما أحمد بن حنبل فما رأيت أفقه منه ولا أورع. "تاريخ دمشق" 5/ 270، "المناقب" لابن الجوزي ص 96، "تهذيب الكمال" 1/ 450 "سير أعلام النبلاء" 11/ 195، "طبقات الشافعية" 2/ 28، "الجوهر المحصل" ص 30 قال المُزَنيّ: قال الشافعي: لما دخلت على هارون الرشيد قلت له بعد المخاطبة: إني خلفت اليمن ضائعة تحتاج إلى حاكم. فقال: انظر رجلًا ممن يجلس إليك حتى نوليه قضاءَها، فلما رجع الشافعي إلى مجلسه، ورأى أحمد بن حنبل من أمثلهم أقبل عليه فقال: إني كلمت أمير المؤمنين أن يولي قاضيًا باليمن، وأنه أمرني أن أختار رجلًا ممن يختلف إلي، وإني قد اخترتك فتهيأ حتى أدخلك على أمير المؤمنين يوليك قضاء اليمن، فأقبل عليه أحمد وقال: إنما جئت إليك لأقتبس منك العلم، تأمرني أن أدخل لهم في القضاء؟ ووبخه، فاستحيا الشافعي (¬1). "تاريخ دمشق"، 5/ 274، "المناقب" ص 339، "سير أعلام النبلاء" 11/ 224، "البداية والنهاية" 10/ 778، "الجوهر المحصل" ص 50 ¬

_ (¬1) قال الذهبي في "السير": إسناده مظلم.

قال قتيبة بن سعيد: لا يضم إلى أحمد بن حنبل أحد ولولا أحمد لمات الورع ما أعظم منه أحمد بن حنبل على جميع المسلمين، وما أحق على كل مسلم أن يستغفر له. "تاريخ دمشق" 6/ 276 - 277 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول ليحيى بن معين: يا أبا زكريا، بلغني أنك تقول: ثنا إسماعيل ابن عُلَيّة. فقال يحيى: نعم أقول هكذا. قال أحمد: فلا تقله، قل إسماعيل بن إبراهيم، فإنه بلغني أنه يكره أن ينسب إلى أُمه. قال يحيى لأبي: قد قبلنا منك يا معلم الخير (¬1). "تاريخ دمشق" 5/ 281، "المناقب" لابن الجوزي ص 336 قال أبو داود: كانت مجالسة أحمد بن حنبل مجالسة الآخرة، لا يذكر فيها شيء من أمر الدنيا، ما رأيت أحمد بن حنبل يذكر الدنيا قط. "تاريخ دمشق" 5/ 291، "المناقب" لابن الجوزي ص 310، 277، "سير أعلام النبلاء" 11/ 199، "البداية والنهاية" 10/ 779، "المنهج الأحمد" 1/ 96 قال محمد بن سعيد الترمذي: قدم صديق لنا من خراسان فقال: إني أبضعت بضاعة ونويت أن أجعل ربحها لأحمد بن حنبل، والربح عشرة آلاف درهم، فاحملها إليه. قال: قلت: حتى أذهب إليه فأنظر كيف الأمر عنده، فذهبت إليه فسلمت عليه وقلت له: فلان فإذا هو عارف به، فقلت له: إنه أبضع بضاعة وجعل ربحها لك وهي عشرة آلاف درهم. فقال: جزاه اللَّه عن العناء خيرًا، نحن في غِنًى وسعة، فأبى أن يأخذها رحمه اللَّه. "تاريخ دمشق" 5/ 304، "المناقب" ص 298، "تهذيب الكمال" 1/ 459، "السير" 11/ 212 ¬

_ (¬1) قال ابن الجوزي: وقد نسبت جماعة إلى أمهاتهم، وغلب ذلك عليهم، والورع ترك ما يكرهه المنسوب. "المناقب" ص 336.

قال يعقوب بن إسحاق: سمعت أحمد بن حنبل -وسئل عن التوكل- فقال: هو قطع الاستشراف باليأس من الخلق. قيل له: فما الحجة فيه؟ قال: قصة الخليل لما وضع في المنجنيق مع جبريل حين قال له: أمّا إليك فلا. فقال له: فَسَل من لك إليه الحاجة. قال: أحب الأمرين إليّ أحبهما إليه. "تاريخ دمشق" 5/ 308، "المناقب" لابن الجوزي ص 257 قال أحمد بن يحيى ثعلب: دخلت على أحمد بن حنبل فرأيت رجلًا تهمه نفسه لا يحب أن تكثر عليه، كأن النيران قد سعرت بين يديه. "تاريخ دمشق" 5/ 309 قال إسحاق بن راهويه: سمعت الأمير عبد اللَّه بن طاهر يقول: أحب يحيى بن يحيى وأحمد بن حنبل، وإن كانا لا يقربان السلطان ليس لخلاف منهما، ولكن لجورهم. "تاريخ دمشق" 5/ 310 قال أَحمد بن سنان: قدم علينا أَحمد بن حنبل مع جماعة من البغداديين إلى يزيد بن هارون، واستقرضوني كلهم وردوا، إلا أَحمد بن حنبل لم يستقرضني، أعطاني فروة له فبعتها بسبعة دراهم. "المناقب" لابن الجوزي ص 55 قال إسماعيل الديلمي: كنت في البيت عند أَحمد بن حنبل، فإِذا نحن بداق يدق الباب فخرجت إليه، فإِذا أَنا بفتى عليه أَطمار شعر، قال: فقلت: ما حاجتك؟ قال: أريد أَحمد بن حنبل، قال: فدخلت إليه فقلت: يا أبا عبد اللَّه، بالباب شاب عليه أَطمار شعر يطلبك، فخرج إليه فسلم عليه، فقال له الفتى: يا أبا عبد اللَّه، ما الزهد في الدنيا؟ فقال له أَحمد: ثنا سفيان، عن الزُّهري: أَن الزهد في الدنيا قصر الأَمل. فقال له: يا أَبا عبد اللَّه صفه لي، وكان الفتى قائما في الشمس والفيء بين

يديه. فقال: هو أن لا تبلغ من الشمس إلى الفيء، ثم ذهب ليولي، فقال له أَحمد: قِفْ، فدخل فأَخرج له صرة فدفعها إليه. فقال: يا أَبا عبد اللَّه من لا يبلغ من الشمس إلى الفيء أي شيءٍ يعمل بهذِه؟ ثم تركه وولى. "المناقب" لابن الجوزي ص 194 قال المروذي: وقلت لأَبي عبد اللَّه: إن رجلًا قدم من طرسوس فقال لي: إنَّا كنَّا في بلاد الروم في الغزو إِذا هدأَ الليلُ رفعوا أصواتهم بالدعاءِ: ادعوا لأَبي عبد اللَّه، وكنا نمد المنجنيق ونرمي عنه، ولقد رُمي عنه بحجر والعِلْج على الحصن متترس بدرقة، فذهب برأَسه وبالدَّرَقة. فتغيَّر وجهه، وقال: ليته لا يكون استدراجا، ثم قال: ترى هذا استدارجا؟ قلت له: كلا. "المناقب" لابن الجوزي ص 196، "سير أعلام النبلاء" 11/ 210 قال محمد بن نصر العابد: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كل شيءٍ من الخير بادر فيه. قال: وشاورته في الخروج إلى الثغر؛ فقال: بادر بادر. "المناقب" لابن الجوزي ص 255 قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: يا نفس انصبي وإلا فستحزني. "المناقب" لابن الجوزي ص 256 قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل يقول: ما أعدل بفضل الفقر شيئًا، تدري إذا سأَلك أهلك حاجة لا تقدر عليها أي شيءٍ لك من الأجر! "المناقب" لابن الجوزي ص 257، "سير أعلام النبلاء" 11/ 216 قال الميموني، أن أبا عبد اللَّه قال له: يا أبا الحسن كم يعيش أحدنا؟ خمسين سنة، ستين سنة، كأنك بنا. "المناقب" لابن الجوزي ص 257 قال أحمد بن محمد الوراق: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما شبهت الشباب إلا بشيءٍ كان في كمي فسقط. "المناقب" لابن الجوزي ص 257، "سير أعلام النبلاء" 11/ 305

قال عبد اللَّه: سئل أحمد عن الفتوّة؛ فقال: ترك ما تهوى لما تخشى. "المناقب" لابن الجوزي ص 258 قال محمد بن نصر: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كل شيءٍ من الخير تهتم به، فبادِرْ قبل أن يُحَال بينك وبينه. "المناقب" لابن الجوزي ص 258 قال عبد الصمد بن سليمان بن أبي مطر: بت عند أحمد بن حنبل فوضع لي ماء، فلما أصبح وجدني لم أستعمله فقال: صاحب حديث لا يكون له وِرْد في الليل؟ قلت: أنا مسافر. قال: وإن كنت مسافرًا! ! حَجَّ مسروق فما نام إلا ساجدًا. "المناقب" لابن الجوزي ص 259، "المنهج الأحمد" 1/ 86 قال أبو عصمة بن عصام البيهقي: بت ليلة عند أحمد بن حنبل فجاء بالماء فوضعه، فلما أصبح نظر إلى الماء فإذا هو كما كان، فقال: سبحان اللَّه! ! رجل يطلب العلم لا يكون له وِرْد من الليل. "المناقب" لابن الجوزي ص 259، "سير أعلام النبلاء" 11/ 298 قال علي بن المَدِينيّ: ودعت أحمد بن حنبل فقلت له: توصيني بشيءٍ؟ قال: نعم، اجعل التقوى زادك، وانصب الآخرة أمامك. "المناقب" لابن الجوزي ص 259، "سير أعلام النبلاء" 11/ 301، "المنهج الأحمد" 1/ 86 قال يحيى الجَلَّاء: سمعت أحمد بن حنبل يقول: عزيز عليَّ أن تُذِيب الدنيا أكباد رجال وعت صدورهم القرآن. "المناقب" لابن الجوزي ص 259 قال عبد اللَّه قلت لأبي يومًا أوصني يا أَبة؛ فقال: يا بني انو الخير، فإنك لا تزال بخير ما نويت الخير. "المناقب" لابن الجوزي ص 260 قال المرُّوذي: سمعت أحمد بن حنبل، وسئل بم بلغ القوم حتى مُدحوا؟ قال: بالصدق. "المناقب" لابن الجوزي ص 260 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: ليس يبقى من لا يدري ما يبقى. "المناقب" لابن الجوزي ص 260

عن علي بن خَشْرَم أنه سمع أحمد بن حنبل يقول: تَفْنَى اللَّذَاذَةُ ممن نال صَفْوَتَهَا ... من الحرام، ويَبْقَى الإِثمُ والعارُ تبقى عواقبُ سوء من مَغَبَّتِهَا ... لَا خَيْرَ في لَذَّةٍ من بعدها النَّارُ "المناقب" لابن الجوزي ص 266، "الجوهر المحصل" ص 147، "المنهج الأحمد" 1/ 94 قال محمد بن إبراهيم الأنماطي: كنت عند أحمد بن حنبل وبين يديه محبرة، فذكر أبو عبد اللَّه حديثًا فاستأذنته في أن أكتب من محبرته، فقال لي: أكتب يا هذا، فهذا ورع مظلم. "المناقب" لابن الجوزي ص 282 قال أحمد بن منصور الرَّمَادِي: سمعت بحرًا البقال يقول وكان عندنا في قرية عبد الرزاق- وذكر أحمد بن حنبل، فقال: ما فعل؟ فقلت له: وما يدريك من أحمد؟ فقال: كان عندنا هاهنا فلما خرج أصحابه تخلف من بعدهم فمرَّ بي فقال: يا بحر، لك عندي درهم خذ هذِه النعل، فإن بعثت إليك من صنعاء بالدرهم، وإلا فالنعل بالدرهم، أَرضيت؟ قلت: نعم، ومضى، فأخبرت همام -ابن أُخت عبد الرزاق- فقال: ويحك، لأي شيء أخذت النعل منه. "المناقب" لابن الجوزي ص 292 قال الرَّمَادِيّ: سمعت عبد الرزاق -وذكر أحمد بن حنبل- فدمعت عيناه وقال: قدم وبلغني أن نفقته نفدت، فأخذت عشرة دنانير وأقمته خلف الباب وما معي ومعه أحد وقلت: إنه لا يجتمع عندنا الدنانير، وقد وجدت عند النساء عشرة دنانير فخذها فأرجو أن لا تنفقها حتى يتهيأ عندنا شيء. فتبسم وقال لي: يا أبا بكر، لو قبلت شيئًا من الناس قبلت منك. ولم يقبل. "المناقب" لابن الجوزي ص 293، "سير أعلام النبلاء" 11/ 192، 229، "الجوهر المحصل" ص 49 قال إسحاق بن إبراهيم بن حسان الفقيه: حدثني رجل كان رفيقا لأبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل بواسط على باب يزيد بن هارون، فجاءَه أبو

عبد اللَّه بجبة يبيعها في شدة البرد، قال: فلم أزل به حتى صرفته عن بيعها، صرت إلى يزيد بن هارون فقلت: يا أبا خالد، إن أحمد بن حنبل جاءَني بجبته لأبيعها له في هذا البرد، فقال لجاريته: زني مائة درهم وهاتيها، فدفعها إليَّ وقال: ادفعها إليه، فجئت بها إليه فقلت: هذِه بعثها أبو خالد. فقال: إني لمحتاج إليها، وإني لابن سبيل، ولكن لا أحب أن أعود نفسي هذا، ردّها عليه فرددتها إليه، فدفع إلي جبته فبعتها له. "المناقب" لابن الجوزي ص 294 قال صالح: جاءتني حُسن فقالت: يا مولاي قد جاء رجل بتِلِّيسَةٍ (¬1) فيها فاكهة يابسة وهذا الكتاب، قال صالح: فقمت فقرأت الكتاب فإذا فيه: يا أبا عبد اللَّه أبضعت لك بضاعة إلى سمرقند فوقع فيها كذا وكذا، ورددتها فوقع فيها كذا وكذا، وقد بعثت بها إليك أربعة آلاف درهم وفاكهة أنا لقطتها من بستاني، ورثته عن أبي وأبي عن أبيه، قال: فجمعت الصبيان فلما دخل دخلنا عليه وقلت له: يا أَبَهْ، ما ترِقُّ لي من أكل الزكاة؟ ثم كشفت عن رأس الصبية وبكيت. فقال: من أين علمتَ؟ دعني حتى أستخير اللَّه الليلة. قال: فلما كان من الغد، قال: قد استخرت اللَّه الليلة، فعزم لي أن لا آخذها، وفتح التَّلِّيسَةَ وفرقها على الصبيان، وكان عنده ثوب عشاري فبعث به إليه ورد المال. قال صالح: فبلغني أن الرجل اتخذه كفنا. "المناقب" لابن الجوزي ص 294، "سير أعلام النبلاء" 11/ 230 قال أحمد بن محمد بن حماد المقرئ، عن علي بن الجهم أنه رأى بيد رجل من أهل الربض كتابا بخط أبي عبد اللَّه قال: فقلت له: من أين لك دفتر أحمد بن حنبل؟ فقال لي: يا أبا الحسن وتعرف خطه؟ ¬

_ (¬1) التِّلِّيسَة: وعاء يُسَوى من الخوص شبه قَفْعَة. "لسان العرب" مادة [تلس].

قلت: نعم. فقال: ليس هذا دفتر أحمد بن حنبل ولكنه دفتري بخطه. فقلت له: وكيف صار هذا هكذا؟ فقال لي: كنا عند ابن عيينة سنة من السنين ولم يكن من أهل الربض تلك السنة مقيما على ابن عيينة غيري وغيره، ففقدته أياما فسألت عنه فدللت على موضعه، فجئت فإذا هو في شبيه بكهف في جياد على بابه قفص، فقلت: سلام عليكم. فقال لي: وعليكم السلام. فقلت: أدخل؟ فقال: لا. ثم قال: ادخل، فدخلت وإذا عليه قطعة لبد خلق، فقلت: لم حجبتني؟ قال: حتى استترت. فقلت له: ما شأنك؟ فقال: سُرقَتْ ثيابي. فبادرت إلى منزلي فجئتُ بصرّة فيها مائة درهم، فعرضتها عليه فامتنع، وسألته أن يقبلها قرضا فأبى عليّ، حتى بلغت عشرين درهما، كل ذلك، يَأبَى عليّ، فقمت موليا وقلت: ما يحل لك أن تقتل نفسك وأنا أعرض عليك فلا تقبل! فقال لي: ارجع، فرجعت، فقال لي: أليس قد سمعت معي من ابن عيينة سماعًا كثيرًا؟ فقلت: بلى، فقال: تحب أن أنسخه لك؟ قلت: نعم، فقال لي: اشتر ورقا وجئني به، فكتب بدراهم ذكر مبلغها، فاكتسى منها ثوبين باثني عشر درهما، وأخذ الباقي نفقة. "المناقب"، لابن الجوزي ص 296، "سير أعلام النبلاء" 11/ 191 قال المروذي: سمعت أبا بكر بن حماد المُقرئ يقول: سمعت أبا ثابت الخطاب يقول: قال ابن الجَرَويّ: ذهبت إلى أحمد بن حنبل فقلت: هذِه ألف فى ينار اشتر بها غلة للصبيان، فأبَى أن يقبلها، قال: وكان يُكرمني، فلما قلت له ذلك، قال: أحب إذا كانت لك حاجة لا تجيء، فإن أردت أن تسألني عن شيء فأرسل إليّ، فحرمت نفسي. "المناقب" لابن الجوزي ص 300

قال صالح: كنت عند أبي يومًا فدعاني النساء فقلن: قل لأبيك ليس عندنا دقيق -أو قال: خبز- فقلت له، فقال: الساعة، ثم أبطأ عليهم فعادوني فقلت له، فقال: الساعة، فبينا نحن كذلك إذا برجل يدق الباب فخرجتا إليه، فإذا رجل خراساني يشبه الفيج على كتفه عصا فيها جراب، فقلت له: ما حاجتك؟ فقال: حاجتي إلى أحمد بن حنبل، فدخلت فأخبرته. فقال: عُدْ إليه فقل له: فيم قصدت؟ في مسأَلة، في حديث؟ فقال: ما قصدت في مسأَلة ولا حديث. فقلت له. فقال: أدخله، فدخل الرجل فوضع العصا والجراب، ثم قال له: أنت أحمد بن محمد بن حنبل؟ قال: نعم. قال: أنا رجل من أهل خراسان، مرض جارٌ لي فعدته، فقلت له: هل لك من حاجة؟ فقال: هذِه خمسة آلاف درهم تأخذها وتوصلها إلى أحمد بن حنبل بعد وفاتي، فقد قصدتك بها من خراسان. فقال له: بيننا وبين هذا الرجل قرابة؟ قال: لا. قال: فبيننا وبينه رحم؟ قال: لا. قال: فبيننا وبينه نعمة يربها؟ قال: لا. قال: ضُمَّها رحمك اللَّه. فرادَّه، فَخَشَّنَ له أبي، فحمل المال وانصرف. فلما كان بعد مدة كان جالسا بين الكتب فنظر فيها فرفع رأسه فقال: تدري يا صالح منذ كم كان الخراساني عندنا؟ قلت: لا، قال: اليوم أحد وستون يومًا، هل جعتم فيها أو فقدتم شيئًا! "المناقب" لابن الجوزي ص 300 قال عبد اللَّه: سمعت فُوران يقول: مرض أبو عبد اللَّه فعاده الناس -يعني: قبل المائتين- وعاده علي بن الجعد فجعل عند رأس أبي عبد اللَّه صُرّة. فقلت له: إن عليا قد جعل عند رأسك هذِه الصرة.

فقال: كما رأيته فاذهب فردها إليه. قال: فذهبت فرددتها. "المناقب" لابن الجوزي ص 301، "سير أعلام النبلاء" 11/ 230 قال محمد بن موسى: سمعت ابن نَيْزَك يقول: كنت أتبع أحمد ويحيى يمضون إلى سعدويه أو قال غيره، فاتخذ لهم -أراه قال: سعدويه قدَّم- طعامًا، فلما فطن أحمد بذلك قال: قد قرب وقت الصلاة وخرج فما جسر واحد منهم أن يكلمه، فجاء إلى سقاية فيها جب ماء، فأخرج فتيتا معه في خرقة، وأخذ كوزًا من الجب وجعل يستفه ويشرب عليه الماء، وصلى الظهر، ثم جاء فاستأذن ودخل، وقد طعموا وصلوا، فقعد يكتب. "المناقب" لابن الجوزي ص 302 قال المرُّوذي: سمعت حميد بن الربيع الكوفي يقول: قال أبو عبد اللَّه يومًا لأصحاب الحديث: من منكم منزله في الكرخ؟ فقال له فتى: أنا يا أبا عبد اللَّه. فقال له: تلبث فإن لنا حاجة، فأخرج أبو عبد اللَّه دراهم وقال: اشتر لنا بهذِه ورقًا حتى تجيءَ به معك إذا جئت. قال: فاشترى الفتى ورقا، وحشى في دسوت الورق دنانير وجاء به إلى أبي عبد اللَّه فأعطاه، وانقطع الفتى من المجيء، ففتح أبو عبد اللَّه الورق فجعلت الدنانير تتناثر، فجمعها وجعل يقول لأصحاب الحديث: من منكم يعرف الفتى الذي اشترى لي ورقًا؟ فقال له رجل: أنا أعرف منزله. قال: فتلبث هاهنا فإن لي حاجة، وحمل أبو عبد اللَّه الدنانير ومضى معه، فلما صار إلى قطيعة الربيع إذا الفتى قاعد، فقال له الرجل: هذا صاحبك يا أبا عبد اللَّه، فقال له أبو عبد اللَّه: انصرف أنت. ثم جاء فسلم ووضع الدنانير في حجره وانصرف. "المناقب" لابن الجوزي ص 303 قال المرُّوذي: أخبرت أن أبا بكر المستملي لما قدم بأبي عبد اللَّه من

الثغر خرج معه يخدمه قال: فنزلنا في بعض المنازل، فإذا بعض إخوانه قد أرسل إليه بمائة دينار وقال: تنفقها يا أبا عبد اللَّه في سفرك، فردها، فقال له: يا أبا عبد اللَّه أنا معيل ورجل من أهل الثغر فدعني آخذها. قال: ويحك، إن عطيتهم أول مرة ليست مثل الثانية، فدعنا نكن في عزَّ. فردها ولم يقبلها. "المناقب" لابن الجوزي ص 304 قال عبد اللَّه: دق علينا الباب ليلة دقًّا خفيفًا، ففتحت، فإذا إنسان قد وضع خوانًا كبيرًا عليه منديل أبيض وقال: خذ هذا ومَرّ مبادرًا، وكانت مائدة كبيرة، فأدخلتها فوضعتها قدام أبي فقال: أي شيء هذا؟ من منزل أبي محمد -يعني: فُوران؟ قلت: لا، قال: من أين؟ من جاء به؟ قلت: وضعه ومَرَّ، وإذا طعام سري فيه جامات حلواء، قد أنفق عليه دراهم كثيرة، فسكت ساعة يفكر، ثم قال: ابعث منه إلى منزل عمك، وصبيان صالح، وأَومأَ إلى الجارية والصبيان، وخذ أنت، قال عبد اللَّه: ثم علمت بعد من أين جاء. وكان قوم يهدون إليه فلا يصيب منه شيئًا، وكان عبدوس العطار ربما وجه إلينا بالشيء فلا يذوق منه. "المناقب" لابن الجوزي ص 304 قال أبو حفص عمر بن سليمان المؤدب: صليت مع أحمد بن حنبل التراويح وكان يصلي به ابن عمير (¬1)، فلما أوتر رفع يديه إلى ثدييه، وما سمعنا من دعائه شيئًا ولا ممن كان في المسجد، وكان فيه سراج على الدرجة لم يكن فيه قنديل ولا حصير ولا خلوق. "المناقب" لابن الجوزي ص 310، "سير أعلام النبلاء" 11/ 324 قال عبد اللَّه: حدثني أبو جعفر القطان -ويعرف بابن أبي القدور- قال: ¬

_ (¬1) في "السير": وكان يصلي بدار عمه.

كان أيام الغلاء يجيئني أبو عبد اللَّه بغزل ويستره أبيعه، فكنت ربما بعته بدرهم ونصف، وربما بعته بدرهمين فتخلف يومًا فلما جاء قلت: يا أبا عبد اللَّه لم تجئ أمس؟ فقال: أم صالح اعتلت، ودفع إلي غزلا فبعته بأربعة دراهم، فجئت بها فأنكر ذلك، وقال: لعلك زدت فيه من عندك؟ قلت: لا، ما زدت فيه من عندي كان غزلا دقيقًا. "المناقب" لابن الجوزي ص 311 قال المروذي: رأيت أحمد بن عيسى المصري ومعه قوم من المحدثين دخلوا على أبي عبد اللَّه ونحن بالعسكر، فقال له أحمد بن عيسى: ما هذا الغم يا أبا عبد اللَّه؟ الإسلام حنيفية سمحة، بيت واسع. فنظر إليهم وكان مضطجعًا، فلما خرجوا، قال لي: انظر إلى هؤلاء ما أريد أن يدخل علي منهم أحد. "المناقب" لابن الجوزي ص 312، "سير أعلام النبلاء" 11/ 324 قال السري بن محمد، خال ولد صالح: جاء أحمد بن صالح يوضئ أبا عبد اللَّه يوما وقد بل أبو عبد اللَّه خرقة فألقاها على رأسه، فقال له أحمد بن صالح: يا جدي أنت محموم؟ قال أبو عبد اللَّه: وأنى لي بالحمى. "المناقب" لابن الجوزي ص 313 قال يوسف بن الضحاك: حدثني ابن جبلة قال: كنت على باب أحمد ابن حنبل والباب مجاف وأم ولده تكلمه وتقول له: أنا معك في ضيق، منزل صالح يأكلون ويفعلون ويفعلون، وهو يقول: قولي خيرا، وخرج الصبي معه فبكى فقال له: أي شيء تريد؟ فقال: زبيب، قال: اذهب فخذ من البقال بحبة. "المناقب" لابن الجوزي ص 313، "سير أعلام النبلاء" 11/ 325 قال ابن هانئ: قال لي أبو عبد اللَّه عند رجوعه تذهب إلى صاحب الحمام فتقول له حتى يخلي الحمام، فصرت إلى الحمامي فقلت له، فأخلاه له، فأتيت أبا عبد اللَّه فأخبرته بأنه قد أخلى الحمام، فقال أبو عبد اللَّه: هذِه خمسون سنة لم أدخل الحمام، يجوز أيضا أن لا أدخل الساعة،

قل له يطلقه للناس، فأتيت الحمامي فأطلقه للناس. "المناقب" لابن الجوزي ص 313 قال أبو ذر أحمد بن محمد البَاغَنْديّ: ثنا الدُّوري، قال: كتب لي أحمد ابن حنبل إلى قوم من المحدثين بالبصرة، فكتب لي في كتابه: وهذا ممن يطلب الحديث. "المناقب" لابن الجوزي ص 326 قال محمد بن إبراهيم: بلغني أن أحمد بن حنبل حضره قوم من أهل الحديث من إخوانه، فاشترى لهم بما كان عنده وأطعمهم، وأنه صبر على مقدار ربع سويق -وهو الكيلجة- خمسة عشر يوما بمعسكر المتوكل، يعتصم بذلك حتى أتته النفقة من بغداد، ولا يذوق من مائدة المتوكل. "المناقب" لابن الجوزي ص 326 قال فُوران: كنا عند أحمد بن حنبل قبل أن يموت بليلتين، وكان ثَمّ غلامٌ أسود لأبي يوسف -يعني: عمه- اشتراه من هذا المال، فذهب يُرَوِّحُ أحمد فنهاه. "المناقب" لابن الجوزي ص 327 قال عبد اللَّه: دخل عليّ أبي رحمه اللَّه في مرضي يعودني، فقلت: يا أبت عندنا شيء قد بقي مما كان يبرنا به المتوكل، أفأحج منه؟ قال: نعم، قلت: فإذا كان هذا عندك هكذا فلِمَ لَمْ تأخذ؟ قال: يا بني ليس هو عندي حرام، ولكني تنزهت عنه. "المناقب" لابن الجوزي ص 327، 469، "سير أعلام النبلاء" 11/ 326 قال إبراهيم بن جابر المروزي: كنا نجالس أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل فنذكر الحديث ونحفظه ونتقنه، فإذا أردنا أن نكتبه قال: الكتاب أحفظ، قال: فيثب وثبة ويجيء بالكتاب. "المناقب" ص 328، "تهذيب الأسماء" 1/ 111 قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في مرضه الذي مات فيه لأم ولده: ومن قال لك أن تخبزي ثَمَّ شيئًا؟ وقد كانت خبزت مرة غير تلك،

فقال لها: ومن يأكله؟ فلم يأكل منه شيئًا -يعني: بيت صالح ولده. "المناقب" لابن الجوزي ص 330 قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه وقال لي ونحن في موضع: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [إبراهيم: 45]، ثم قال: قد سكنَّا، قال: أو نحن فيها؟ "المناقب" لابن الجوزي ص 331 قال ابن هانئ: بعثني أبو عبد اللَّه مرة بقطع ثلاثة، أو أربعة، فقال: اشتر بهذِه أبزارًا للقدر، ودفع إلي قطعة أخرى على حدة فقال: اشتر بهذِه أيضًا أبزارا ولا تخلطه، فاختلط، فجئت به فأخبرته أنه اختلط، فقال لي: رده وخذ القطع. فرددته وأخذت القطع، فطرحها في دراهم الجاربة لما اشتبه عليه. "المناقب" لابن الجوزي ص 331 قال ابن هانئ: أعطاني أبو عبد اللَّه يومًا قطعة فقال: اشتر لي بهذِه القطعة باقلاء وماءَه، وأعطتني أيضا حسن أم ولده قطعة فقالت: اشتر لي بهذِه القطعة أيضا باقلاء، فقال: اشتر للصبيان زيتًا وباقلاء، ففضل حبة أو حبتان من قطع الصبيان، فقلت لصاحب الباقلاء: أعطني به زيتًا فصببته على الباقلاء الذي أخذته لأبي عبد اللَّه، فلما جئت به وضعته بين يديه، فنظر أثر الزيت فقال لي: ما هذا؟ فقلت: فضل من قطع الصبيان حبة فصببت لك بها زيتًا. فقال: ارفع يا أحمق ومن أمرك بهذا؟ متى تعقل. ولم يأكله. "المناقب" لابن الجوزي ص 331 قال محمد بن علي السمسار: سمعت أبا عبد اللَّه يقول لإسحاق بن إبراهيم النيسابوري: خذ من أم علي -يعني: ابنة أبي عبد اللَّه- ما تعطيك، فدخل وخرج ومعه دجاجة، فخرجنا جميعا، فقلت لإسحاق: ما قالت لك؟ قال: قالت: أبي يريد أن يحتجم وليس معه شيء، فقال لي: أعط إسحاق الدجاجة يبيعها فإني محتاج إلى الحجامة، فصرنا بها إلى السوق

فأُعطي بها درهما ودانقين فلم يبعها وردها، فلما صرنا إلى القنطرة فإذا عبد اللَّه جالس في دكان ابن بختان، فدعا إسحاق وقال: أي شيء هذِه؟ لمن هذِه؟ فقلت: أعطتني أم علي أبيعها. فقال: كم أعطيت بها؟ قال: درهما ودانقين. فقال: بعنيها بدرهم ونصف. فأعطاه درهما ونصف وأخذها منه، فلما صار على أبي عبد اللَّه قالت أم علي: بكم بعتها؟ قال: بدرهم ونصف، فقالت: بس! ! فقال لها: أعطوني في السوق درهما ودانقين. فقال أبو عبد اللَّه: يا إسحاق ممن بعتها؟ قلت له: من عبد اللَّه. فأخذ الثمن من أم علي وصاح علي وقال: مُر، رُدَّها، فخرج إسحاق يعدو حتى جاء إلى عبد اللَّه فقال له: ردها، فقد صاح علي أبوك. قال: ولما قلت له؟ فردها. قال إسحاق: فقال لي أبو عبد اللَّه: مُرّ بها إلى السوق ولا تَمُرّ على عبد اللَّه، فبعتها من غريب بدرهم وثلث ثم جئت إلى أبي عبد اللَّه فقال: لعلك دفعتها إلى عبد اللَّه؟ قلت: لا، بعتها من رجل غريب. "المناقب" لابن الجوزي ص 331 قال محمد بن عياش: أرسلني أبو عبد اللَّه فاشتريت له سمنا بقطعة، فجئت به على ورقة بقل، فأخذ السمن وأعطاني الورقة وقال: ردها. "المناقب" لابن الجوزي ص 333 قال محمد بن عبيد اللَّه المنادي: حدثني الصحنائي قال: أعطاني أحمد ابن حنبل قطعة أشتري له بها باقلاء على خبز مثرود، فجئته بباقلاء كثيرة فقال لي: هذا كثير؟ فقلت له: كان باقلانيان يبيعان. مضارة رخيصا. فقال لي: رده عليه، وادفع إليه الخبز والباقلاء، ودع القطعة عليه وتعال، ففعلت. "المناقب" لابن الجوزي ص 333

قال إبراهيم الهروي: كنا على باب هشيم فأتاه رجل بكتاب شفاعة، فأذن له فدخلنا مع صاحب الشفاعة، وأحمد بن حنبل على الباب، وهو حدث له أقل من عشرين سنة، فقلنا له: يا أبا عبد اللَّه ادخل. قال: لم يُؤْذَن لي. "المناقب" لابن الجوزي ص 334 قال المروذي: سقف لأبي عبد اللَّه سطح الحاكة، وجعل مسيل الماء إلى الطريق، فبات تلك الليلة، فلما أصبح قال: ادعو لي النجار يحول الميزاب إلى الدار فدعوته له فحوله. "المناقب" لابن الجوزي ص 335 قال إبراهيم الحربي: لزمت أحمد بن حنبل سنتين، فكان إذا خرج يحدثنا يخرج معه محبرة مجلدة بجلد أحمر وقَلمًا، فإذا مر به سَقط أو خطأ في كتابه أصلحه بقلمه من محبرته، يتورع أن يأخذ من محبرة أحدنا شيئًا، وكنا نقول لأحمد في الشيء يحفظه فيقول: لا، إلا من كتاب. "المناقب" ص 335 قال إبراهيم الحربي: ما خرج إلينا أحمد بن حنبل رحمه اللَّه قط إلا ومعه محبرة وقلم يتورع أن يأخذ منا مُدّة (¬1) فيصلح بها سينا أو شكلة. "المناقب" لابن الجوزي ص 335 قال سلمة بن شبيب: سألت أحمد بن حنبل عن محمد بن معاوية النيسابوري فقال لي: نعم الرجل يحيى بن يحيى (¬2). "المناقب" ص 336 قال أبو فروة يزيد بن محمد الرُّهاوي: لقيت أبا عبد اللَّه أحمد بن محمد ابن حنبل ببغداد، فقال لي فيما يقول: ما فعل الرجل الذي عندكم بحران الجوهري عنده علم؟ فقلت له: ما أعرف بحران جوهريا يكتب عنه. ¬

_ (¬1) المُدَّة: اسم ما اسْتَمْدَدْتَ به من المِدادِ على القلم. "اللسان" مادة [مدد]. (¬2) قال ابن الجوزي: إنما ورى عن ذكر هذا المذموم بذاك الممدوح، فإن محمد بن معاوية معدود في الكذابين، وقد قدح فيه في رواية أخرى عنه، لكنه كان يجتنب القدح في أوقات. "المناقب" ص 336.

فقال: بلى صاحب أبي معبد حفص بن غيلان. قلت: ما أعرفه. قال: يغفر اللَّه لك، له بنون. قلت: لعلك تريد البومة؟ قال: إياه أعني، اكتب عنه فإنه ثقة (¬1). "المناقب" لابن الجوزي ص 337 قال إبراهيم الحَرْبي: أوصى أحمد أن يكفر عنه يمين واحدة وقال: أظن أني حنثت فيها. "المناقب" لابن الجوزي ص 337 قال المرُّوذي: سألت أحمد بن حنبل ما لا أحصي عن أشياء، فيقول فيها: لا أدري. "المناقب" لابن الجوزي ص 338 قال محمد بن عبيد اليمامي (¬2): سمعت أحمد بن حنبل يقول: ربما مكثت في المسألة ثلاث سنين قبل أن أعتقد فيها شيئًا. "المناقب" لابن الجوزي ص 338 قال أبو بكر الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يستفتى فيكثر أن يقول: لا أدري، وذلك فيما قد عرف الأقاويل فيه، وذلك أنه يسأل عن اختياره فيذكر الاختلاف، ومعنى قوله: ما أدري، أي ما أختار من ذلك، وربما سمعته يقول: لا أدري ثم يذكر فيها أقاويل. "المناقب"، لابن الجوزي ص 338 قال المروذي: كنت مع أبي عبد اللَّه بالعسكر في قصر إيتاخ، فأشرت إلى شيءٍ على الجدار قد نصب، فقال لي: لا تنظر إليه. قلت: فقد نظرت إليه. قال: فلا تفعل لا تنظر إليه. "المناقب" لابن الجوزي ص 338 قال أبو بكر الأثرم: أُخبرتُ أن الشافعي قال لأبي عبد اللَّه: إن أمير المؤمنين -يعني: محمدًا- سألني أن ألتمس له قاضيا لليمن، وأنت تحب ¬

_ (¬1) قال ابن الجوزي: هذا الرجل اسمه محمد بن سليمان بن أبي داود ولقب بالبومة، فتورع الإمام أحمد عن ذكر لقبه. "المناقب" ص 337. (¬2) لم أجده في أصحاب الإمام، ولعله: عبد اللَّه بن محمد، أبو محمد اليمامي. [قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: أثبت هذا الهامش من ملحق الاستدراكات جـ 21 ص 247]

الخروج إلى عبد الرزاق، فقد نلت حاجتك تقضي بالحق، وتنال من عبد الرزاق ما تريد. فقال أبو عبد اللَّه للشافعي: يا أبا عبد اللَّه، إن سمعت منك هذا ثانية لم ترني عندك. فظننت أنه كان لأبي عبد اللَّه في ذلك الوقت ثلاثون، أو سبع وعشرون سنة. "المناقب" ص 340، "سير أعلام النبلاء" 11/ 224، "الجوهر المحصل" ص 51 قال عبيد اللَّه بن محمد البلخي: إن الشافعي رحمه اللَّه كان كثيرا عند محمد بن زبيدة، فذكر له يوما اغتمامه برجل كامل أمين يصلح للقضاء صاحب سنة. فقال: قد وجدت رجلًا من حاله كذا وكذا صاحب سنة، كامل فقيه صاحب حديث، فقال: من هو؟ فذكر أحمد بن حنبل، قال: فلقيه أحمد وبلغه ما قال؛ فقال للشافعي: احمل هذا واعفني وإلا خرجت من البلد فذهبت. "المناقب" لابن الجوزي ص 340، "سير أعلام النبلاء" 11/ 224 قال أحمد بن سعيد الرِّباطيّ: قدمت على أحمد بن حنبل، فجعل لا يرفع رأسه إليَّ، فقلت: يا أبا عبد اللَّه، إنه يكتب عني بخراسان، وإن عاملتني بهذِه المعاملة رموا حديثي. قال لي: يا أحمد، هل بُدّ يوم القيامة أن يقول: أين عبد اللَّه بن طاهر وأتباعة؟ فانظر أين تكون أنت منه؟ "المناقب" لابن الجوزي ص 341، "سير أعلام النبلاء" 11/ 225، "الجوهر المحصل" ص 51 قال محمد بن طارق البغدادي: كنت جالسًا إلى جنب أحمد بن حنبل، فقلت: يا أبا عبد اللَّه، أستمد من محبرتك؟ فنظر إلي وقال: لم يبلغ ورعي ورعك هذا. وتبسم. "المناقب" لابن الجوزي ص 344، "سير أعلام النبلاء" 11/ 225 قال صالح: كان أبي ربما أخذ القدوم وخرج إلى دار السكان يعمل الشيء بيده. "المناقب" لابن الجوزي ص 345

قال إسماعيل بن إسحاق الثقفي: قلت لأبي عبد اللَّه أول ما رأيته: يا أبا عبد اللَّه ائذن لي أقبل رأسك، فقال: لم أبلغ أنا ذاك. "المناقب" لابن الجوزي ص 345 قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يقال له في وجهه: أَحْيَيْتَ السُّنَّة؟ قال: هذا فساد لقلب الرجل. "المناقب" لابن الجوزي ص 345، "سير أعلام النبلاء" 11/ 225 قال محمد بن موسى بن أبي موسى: رأيت أبا عبد اللَّه وقد قال له خراساني: الحمد للَّه الذي رأيتك. فقال له: اقعد أي شيء ذا؟ من أنا؟ "المناقب" لابن الجوزي ص 345، "سير أعلام النبلاء" 11/ 225 قال أحمد بن الحسين بن حسان: دخلنا علي أبي عبد اللَّه فقال له شيخ من أهل خراسان: يا أبا عبد اللَّه، اللَّه اللَّه! فإن الناس يحتاجون إليك، قد ذهب الناس، فإن كان الحديث لا يمكن فمسائل، فإن الناس مضطرون إليك. فقال أبو عبد اللَّه: إليَّ أنا؟ واغتم من قوله، وتنفس صعداء، ورأيت في وجهه أثر الغم. وقيل لأبي عبد اللَّه: جزاك اللَّه عن الإسلام خيرًا. فقال: لا، بل جزى اللَّه الإسلام عني خيرًا، ثم قال: ومن أنا؟ وما أنا؟ "المناقب" لابن الجوزي ص 345، "سير أعلام النبلاء" 11/ 225، "الآداب الشرعية" 3/ 438 قال محمد بن أحمد بن واصل: سمعت أبا عبد اللَّه غير مرة يقول: من أنا حتى تجيئون إليَّ؟ من أنا حتى تجيئون إليَّ؟ اذهبوا اطلبوا الحديث. "المناقب" لابن الجوزي ص 346 قال خطاب بن بشر: قال أبو عثمان الشافعي لأبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل: لا يزال الناس بخير ما منَّ اللَّه عليهم ببقائك، وكلام من هذا النحو كثير. فقال له: لا تقل هذا يا أبا عثمان، لا تقل هذا يا أبا عثمان، ومن

أنا في الناس! قال خطاب: وسألته عن شيءٍ من الورع، فرأيته قد أظهر الاغتمام وتبين عليه في وجهه، إزراءً على نفسه، واغتمامًا بأمره، حتى شق عليَّ، فقلت لرجل كان معي حين خرجنا: ما أراه ينتفع بنفسه أيامًا، جددنا عليه غمًّا. "المناقب" ص 346، "السير" 11/ 225، "الآداب الشرعية" 3/ 437 "الجوهر المحصل" ص 17 قال عبد اللَّه: رأيت أبي إذا جاءه الشيخ والحدث من قريش أو غيرهم من الأشراف، لا يخرج من باب المسجد حتى يخرجهم، فيكونوا هم يتقدمون، ثم يخرج بعدهم. "المناقب" لابن الجوزي ص 347 قال أحمد بن علي الأبار: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل -وسأله رجل- حلفت بيمين ما أرى أي شيءٍ هي؟ فقال: ليت أنك إذا دريتَ دربتُ أنا. "المناقب" لابن الجوزي ص 347، "سير أعلام النبلاء" 11/ 226 قال فتح بن نوح: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أشتهي ما لا يكون، أشتهي مكانا لا يكون فيه أحد من الناس. "المناقب" ص 350، "السير" 11/ 226 قال المرُّوذي: قال لي أبو عبد اللَّه: ما أبالي أن لا يراني أحد ولا أراه، وإن كنت لأشتهي أن أرى عبد الوهاب. "المناقب" لابن الجوزي ص 351، "سير أعلام النبلاء" 11/ 305 قال الميموني: قال ابن حنبل: رأيت الخلوة أروح لقلبي. "المناقب" لابن الجوزي ص 351، "سير أعلام النبلاء" 11/ 226 قال الفضل بن عبد الصمد الأصبهاني: حضرت باب أبي عبد اللَّه، فاستأذنت عليه، فجاء ابنه عبد اللَّه فدخل، فقال له رجل: تعلم أبا عبد اللَّه أن فلانا مات وجنازته تحمل؟ فأخبره عبد اللَّه، ثم خرج فقال للرجل: أخبرته وترحم عليه ودعا له، إنه يكره أن يعلم الناس بخروجه فيكثروا عليه. "المناقب" لابن الجوزي ص 351

قال أحمد بن محمد المُسَيِّبي: قلت لأبي عبد اللَّه: إني أحب أن آتيك فأسلم عليك، ولكني أخاف أن يكره الرجل (¬1)، فقال: إنا لنكره ذلك. "المناقب" لابن الجوزي ص 351 قال المرُّوذي: ذكرت لأبي عبد اللَّه عبد الوهاب على أن يلتقيا. فقال: أليس قد كره بعضهم اللقاء؟ وقال: يتزين لي وأتزين له، كفى بالعزلة علما، الفقيه الذي يخاف اللَّه. وقال: لقد استرحت، ما جاءني الفرج إلا منذ حلفت أن لا أحدث، وليتنا نترك، الطريق ما كان عليه بشر بن الحارث. وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: أريد النزول بمكة ألقي نفسي في شعب من تلك الشعاب حتى لا أعرف. وقال: قال لي أبو عبد اللَّه: قل لعبد الوهاب: اخمل ذكرك، فإني قد بليت بالشهرة، إني أتمنى الموت صباحا ومساء. وسمعته يقول: لو وجدت السبيل إلى الخروج لم أقم في هذِه المدينة، ولخرجت منها حتى لا أذكر عند هؤلاء ولا يذكروني. "المناقب" لابن الجوزي ص 351 - 353، "سير أعلام النبلاء" 11/ 216، 226، 305 قال إسحاق بن إبراهيم بن يونس: رأيت أحمد بن حنبل وقد صلى الغداة، فدخل منزله، وقال: لا تتبعوني مرة أخرى. وكان يمشي وحده متواضعًا. "المناقب" لابن الجوزي ص 353، "الآداب الشرعية" 2/ 8 قال محمد بن الحسن بن هارون: رأيت أبا عبد اللَّه إذا مشى في الطريق يكره أن يتبعه أحد. "المناقب" لابن الجوزي ص 353، "سير أعلام النبلاء" 11/ 226 قال عبد اللَّه: كان أبي إذا خرج يوم الجمعة لا يدع أحدًا يتبعه، وربما ¬

_ (¬1) في نسخة: أن تكره الرحل.

وقف حتى ينصرف الذي يتبعه. "المناقب" لابن الجوزي ص 353 قال ابن هانئ: رأيت أحمد بن حنبل يمشي وحده متواضعا. "المناقب" لابن الجوزي ص 353 قال المرُّوذي: أدخلت إبراهيم الحصري على أبي عبد اللَّه -وكان رجلًا صالحا- فقال: إن أمي رأت لك كذا وكذا، وذكرت الجنة. فقال: يا أخي، إن سهل بن سلامة كان الناس يخبرونه بمثل هذا، وخرج سهل إلى سفك الدماء، وقال: الرؤيا تسر المؤمن ولا تغره. "المناقب"، لابن الجوزي ص 355، "سير أعلام النبلاء" 11/ 227، "الآداب الشرعية" 3/ 436 قال المرُّوذي: سمعت أبا حازم يقول: كنت عند أبي عبد اللَّه فأتاه رجل شيخ فقال: يا أبا عبد اللَّه، مررت بقوم فذكروك فقالوا: أحمد بن حنبل من خير الناس، فما اكترث لذلك. "المناقب" لابن الجوزي ص 355 قال المرُّوذي: وأراد أبو عبد اللَّه أن يبول في مرضه الذي مات فيه فدعا بطست فجئت به، فبال دما عبيطًا، فأريته عبد الرحمن المتطبب فقال: هذا رجل قد فتت الغم -أو قال الحزن- جوفه. "المناقب" لابن الجوزي ص 355 قال المرُّوذي: دخلت على أحمد يوما فقلت: كيف أصبحت؟ فقال: كيف أصبح من ربه يطالبه بأداء الفرض، ونبيه يطالبه بأداء السنة، والملكان يطالبانه بتصحيح العمل، ونفسه تطالبه بهواها، وإبليس يطالبه بالفحشاء، وملك الموت يطالبه بقبض روحه، وعياله يطالبونه بالنفقة؟ "المناقب" لابن الجوزي ص 355، "سير أعلام النبلاء" 11/ 227 قال المرُّوذي: دخلت موضعًا وأبو عبد اللَّه متوكئ عليَّ، فاستقبلتنا امرأة بيدها طنبور مكشوف، فتناولته منها فكسرته وجعلت أدوسه، وأبو عبد اللَّه واقف منكس الرأس إلى الأرض، فلم يقل شيئًا، وانتشر أمر الطنبور. فقال أبو عبد اللَّه: ما علمت بهذا، ولا علمت أنك كسرت طنبورًا

بحضرتي إلى الساعة. "المناقب" لابن الجوزي ص 356، "سير أعلام النبلاء" 11/ 227 قال محمد بن إبراهيم البُوشَنْجيُّ: حكي لنا عن المتوكل أنه قال: إن أحمد ليمنعنا من برِّ ولده. وذلك أنه كان وجه إلى ولده وإلى ولد ولده وإلى عمه بمال عظيم فأخذوه دون علم أحمد، فلما بلغه ذلك أنكر عليهم وتقدم إليهم برده، وقال لهم: لم تأخذوه والثغور معطلة غير مشحونة، والفيء غير مقسوم بين أهله؟ فاعتلوا بخروج ذلك المال من أيديهم في ديونهم وما كان عليهم، ثم وجه المتوكل مالا آخر وقال: ليُعْطَ ولده من غير علم أحمد فأخذوه، فبلغ ذلك أحمد فجمعهم، وقال لهم: احتججتم في المال الأول بذهابه عنكم وبديونكم فردوه، فأنا شهدت وقد سد بابا كان بينه وبين صالح ابنه، وترك مسجده ومؤذنه عمه وإمامه ابن عمير، وداره لزيقة المسجد، وهجرهم من أجل ذلك المال، وأنا رأيته يخرج من زقاقه ومن دربه إلى الشارع، ويدخل دربًا آخر فيه مسجد يقال له: مسجد سدرة، يصلي فيه الجماعة، ثم لما أشخص إلى العسكر أيام المتوكل، أحضر دار الخلافة ليحدث فيها ولد المتوكل المعتز والمنتصر والمؤيد، وهم ولاة العهود، فجعل يتمارض، وإذا سئل قال: لا أحفظ وكتبي عني غائبة حتى أعفي، ووقَّع المتوكل في بعض ما وقَّع: أعفينا أحمد مما يكره، ولقد جاءته تحفة رطب من قبل المتوكل مختومة فما طعم منها، وبلغني أنه احتج في ذلك اليوم وقال: إن أمير المؤمنين قد أعفاني مما أكره، فإذا جاءه شيء قال: هذا مما أكره، فيُعفى، فكانت هذِه حاله. "المناقب" لابن الجوزي ص 468 قال محمد بن يوسف الجوهري: دخلت علي أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل في الحبس، وعنده أبو سعيد الحداد، فقال له: كيف تجدك؟ فقال: بخير في عافية والحمد للَّه. فقال له أبو سعيد: حممت البارحة؟

قال: إذا قلت لك: أنا في عافية. فحسبك، لا تخرجني إلى ما أكره. "المناقب" لابن الجوزي ص 488 قال أبو إسحاق الجوزجاني: كان أحمد بن حنبل يصلي بعبد الرزاق، فسها، فسأل عنه عبد الرزاق، فأخبر أنه لم يأكل منذ ثلاثة أيام شيئا. "سير أعلام النبلاء" 11/ 193 قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كنت في أزري من اليمن إلى مكة. قلت: اكتريت نفسك من الجمالين؟ قال: قد اكتريت لكتبي. ولم يقل: لا. "سير أعلام النبلاء" 11/ 194 قال المروذي: رأيت أبا عبد اللَّه، وجاءه بعض قرابته فأعطاه درهمين. وأتاه رجل فبعث إلى البقال، فأعطاه نصف درهم. "سير أعلام النبلاء" 11/ 218 قال يحيى بن هلال: جئت أحمد فأعطاني أربعة دراهم. "سير أعلام النبلاء" 11/ 218 قال عبد اللَّه: ما رأيت أبي دخل الحمام قط. "سير أعلام النبلاء" 11/ 222 قال حنبل: قيل لأبي عبد اللَّه لما ضرب وبرئ، وكانت يده وجعة مما علق، وكانت تضرب عليه، فذكروا له الحمام، وألحوا عليه، فقال: يا أبا يوسف، كلم صاحب الحمام يخليه لي، ففعل ثم امتنع، وقال: ما أريد أن أدخل الحمام. "سير أعلام النبلاء" 11/ 222 قال إدريس الحداد: كان أحمد بن حنبل إذا ضاق به الأمر آجر نفسه من الحاكة، فسوى لهم، فلما كان أيام المحنة، وصرف إلى بيته، حمل إليه مال، فرده وهو محتاج إلى رغيف، فجعل عمه إسحاق يحسب ما يرد، فإذا هو نحو خمس مائة ألف. قال: فقال: يا عم، لو طلبناه لم يأتنا، وإنما أتانا لما تركناه. "سير أعلام النبلاء" 11/ 300

قال إسماعيل بن العلاء: دعاني رزق اللَّه بن الكلوذاني، فقدم إلينا طعاما كثيرا، وفينا أحمد، وابن معين، وأبو خيثمة، فقُدمتْ لوزينج أنفق عليها ثمانين درهما. فقال أبو خيثمة: هذا إسراف. فقال أحمد بن حنبل: لو أن الدنيا في مقدار لقمة، ثم أخذها مسلم، فوضعها في فم أخيه لما كان مسرفا. فقال له يحيى: صدقت (¬1). "سير أعلام النبلاء" 11/ 303 قال هيدام بن قتيبة المروذي: أخبرت أن خراسانيا جاء إلى أبي عبد اللَّه وعنده قوم جلوس فقال: يا أبا عبد اللَّه أنت عندنا بخراسان مثل الشمس، فتغير أبو عبد اللَّه وكره ما قال، وأظهر الكراهة، وقام فدخل. "الآداب الشرعية" 3/ 438 قال إبراهيم الحربي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إن أحببت أن يدوم اللَّه لك على ما تحب فدم له على ما يحب. "البداية والنهاية" 10/ 780 وقال إبراهيم: قال رجل لأحمد: هذا العلم تعلمته للَّه؟ فقال له أحمد: هذا شرط شديد ولكن حُبِّبَ إليَّ شيء فجمعتُه. وفي رواية أنه قال: أما للَّه فعزيز، ولكن حبب إليَّ شيء فجمعته. "البداية والنهاية" 10/ 780 ¬

_ (¬1) قال الذهبي في "السير": وهذِه حكاية منكرة.

6 - فصل في ماله ومعاشه

باب في ماله ومطعمه وملبسه 6 - فصل في ماله ومعاشه قال المروذي: وأخبرته عن رجل أنه قال: لو أن أبا عبد اللَّه ترك الغلة، وكان يبضع له صديق، كان أعجب إليّ. فقال أبو عبد اللَّه: هذِه طُعمة سوء -أو قال: رديئة- من تعود هذا لم يصبر عنه، ثم قال: هذا أعجب إلي من غيره -يعني: الغلة- ثم قال لي: أنت تعلم أن هذِه الغلة لا تقيمنا، وإنما آخذها على الاضطرار. "الورع" للمروذي (153) قال عبد اللَّه: حدثني أحمد بن محمد بن بلال: قال: سمعت علي بن المديني يقول: دخلت منزل أحمد بن حنبل، فما شبهت بيته إلا بما وصف من بيت سُوَيدْ بن غَفلة من زهده وتواضعه. "حلية الأولياء" 9/ 174، "المناقب" لابن الجوزي ص 315 قال أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي: قال لي إسحاق بن راهويه: أخبرك عن أبي عبد اللَّه بشيء، كنت أنا وهو باليمن عند عبد الرزاق، وكنت أنا فوق في الغرفة وهو أسفل، وكنت إذا جئت لموضع اشتريت جارية، فنزلت يوما، فقلت: يا أبا عبد اللَّه نحن فوق وأنت أسفل ربما تحركنا إن رأيت أن تكون فوق ونحن أسفل. فقال: لا، ذاك أرفق بي، وأنا يسرني ما أنتم فيه. فاطلعت على أن نفقته فنيت فعرضت عليه، فأبى. قلت: يا أبا عبد اللَّه إن شئت قرض، وإن شئت صلة، فأبى. فنظرت فإذا هو ينسج التكك ويبيع وينفق. "تاريخ دمشق" 5/ 304، "سير أعلام النبلاء" 11/ 193 قال أحمد بن جعفر بن المنادي: حدثني جدي محمد بن عبيد اللَّه قال: قال لي أحمد بن حنبل: أَنا أَذْرَعُ هذِه الدار التي أسكنها وأخرج

الزكاة عنها في كل سنة، أذهب في ذلك إلى قول عمر بن الخطاب في أرض السواد. "المناقب" لابن الجوزي ص 288 قال أحمد بن جعفر: وسأل رجل أحمد بن حنبل عن العقار الذي كان يستغله ويسكن دارًا منه كيف سبيله عنده؛ فقال له: هذا شيء قد ورثته عن أبي، فإن جاءني أحد فصحح أنه له، خرجت عنه ودفعته إليه. "المناقب" لابن الجوزي ص 288 قال محمد بن ياسين البلدي: كنت جالسًا مع أبي عبد اللَّه فجاءه بعض سكانه بدرهم ونصف، فلما وقع في يده تركني وقام فدخل إلى منزله، ورأيت السرور في وجهه، فظننت أنه كان قد أعده لحاجة مهمة. "المناقب" لابن الجوزي ص 289 قال المرُّوذي: حدثني أبو جعفر الطرسوسي قال: حدثني الذي نزل عليه أبو عبد اللَّه قال: لما نزل عليّ خرج في اللقاط فجاء وقد لقط شيئًا يسيرًا، فقلت له: قد أكلت أكثر مما قد لقطت؟ فقال: رأيت أمرًا استحييت منه، رأيتهم يلقطون فيقوم الرجل على أربع، وكنت أزحف إذا لقطت. "المناقب" لابن الجوزي ص 289، "سير أعلام النبلاء" 11/ 320 قال المروذي: قال لي أبو عبد اللَّه: خرجت إلى الثغرِ على قدمي فالتقطنا، وقد رأيت قومًا يفسدون مزارع الناس، لا ينبغي لأحد أن يدخل مزرعة رجل إلا بإذنه. وقال لي أبو عبد اللَّه: قد خرجت إلى طرسوس على قدمي وقد كنا نخرج في اللقاط. "المناقب" لابن الجوزي ص 290، "سير أعلام النبلاء" 11/ 320 قال الميموني: كان منزل أبي عبد اللَّه منزلا ضيقًا صغيرًا، وكان ينام في الحر في أسفله، وقال لي عمه: ربما قلت له، فلا يفعل ولا ينام فوق. وقد رأيت موضع مضجعه وفيه شاذكونة وبرذعة قد غلب

عليها الوسخ. "المناقب" لابن الجوزي ص 316، "سير أعلام النبلاء" 11/ 325 قال حسن بن سيار: دخلت إلى أحمد بن حنبل وأنا صبي مع أستاذي يجصص له بيتًا، فقال له أحمد: جَصِّصهْ باليد ولا تمسحه بالمالَج (¬1)، ثم فرشناه بالطوابيق، فلما فرغنا استحسنه وقال: هذا نظيف يصلي عليه الرجل، وليس فيه بارية ولا حصير، ودفع إليَّ كفَّ تمر. "المناقب" لابن الجوزي ص 316 قال الحسن بن محمد بن الحارث: دخلت دار أحمد فرأيت في بهوه حصيرًا خلقًا ومسورة (¬2) وكتبه مطروحة حواليه، وحب خزف. "المناقب" لابن الجوزي ص 316، "سير أعلام النبلاء" 11/ 326 قال الميموني: كان لأبي عبد اللَّه طاق في منزله، فرأيته قد علق عليه مسحًا. "المناقب" لابن الجوزي ص 316 قال أبو داود: رأيت لباب دار أبي عبد اللَّه سترًا خلقًا ملبدًا، ورأيت بقربه شيئًا نحوًا مما تعلق به الأداوي في الأسفار، عليه عدة قلال. "المناقب" لابن الجوزي ص 316 قال محمد بن موسى: كان باب أبي عبد اللَّه بابًا كبيرًا من لبن، ثم جئت بعد وعلى الباب ستر شعر. "المناقب" لابن الجوزي ص 317 قال محمد بن موسى، أنه سمع إبراهيم الزُّهْرِيّ يقول: إن أبا عبد اللَّه قال له في كلام قال: وجعل يعزيني ويقول: ترى بابنا هذا، إنما بنيته بالدين. "المناقب" لابن الجوزي ص 317 قال أحمد بن الحسن: دخلت على أبي عبد اللَّه غير مرة وهو متربع بين ¬

_ (¬1) المالَجُ: الذي يُطَيَّن به، فارسي مُعَرَّبٌ. "لسان العرب" مادة [ملج]. (¬2) المِسْوَرَةُ: مُتَّكَأٌ من أَدَمٍ، سميت مِسْوَرَةً؛ لعلوها وارتفاعها. "لسان العرب" مادة [سور].

7 - فصل في مطعمه

يديه كانون من طين، وله ثلاث قوائم فيه جمر، وتحته لبيد له. "المناقب" لابن الجوزي ص 317 قال بشر بن الحارث: فُضل عَلَيَّ أحمد بن حنبل بثلاث: بطلب الحلال لنفسه ولغيره، وأنا أطلبه لنفسي فقط، ولاتساعه في النكاح، وضيقي عنه، ولأنه نصب إمامًا للعامة. "إحياء علوم الدين" 2/ 30، "الجوهر المحصل" ص 38 7 - فصل في مطعمه قال صالح: وكان ربما أخبز له، فيصير له في فخارة عدس وشحم. وربما قال: صيروا فيه، ثم أتى شهرين، فكان إذا أراد أن يأكل يجيء إلى الصبيان بقصعة من ذاك العدس، فيصوت ببعضهم فيدفعه إليهم فيضحكون ولا يأكلونه. وكان كثيرًا ما يأتدم بالخل، وربما رأيته يأكل الكسر، فينفض الغبار عنها، ثم يصيرها في قصعة، ويصب عليها الماء حتى تلين، ثم يأكله بالملح. وما رأيته قط اشترى رمانًا ولا سفرجلًا ولا شيئًا من الفاكهة، إلا أن يشتري بطيخة فيأكلها بالخبز أو عنبًا أو تمرًا، فأما غير ذلك فما رأيته وما اشتراه، وكنا ربما اشترينا الشيء فنستره عنه حتى لا يراه، فيوبخنا على ذلك. وقال لي: إن كانت والدتك في الغلاء تغزل غزلا دقيقا، فتبيع الأستار بدرهمين أقل أو أكثر، فكان ذلك قوتنا. "السيرة" لصالح ص 41 قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: قد وجدت البرد في أطرافي، ما أراه إلا من إدامي أكل الخل والملح. "الورع" للمروذي (149) قال حنبل: لما مرض أبو عبد اللَّه وصف له عبد الرحمن دهن اللوز، فأبى أن يشربه، وقال: الشيرج. فلما اشتدت علته جعل له اللوز، فلما

علم به نحاه ولم يشربه. "طبقات الحنابلة" 1/ 24، "المناقب" لابن الجوزي ص 319 قال المروذي، عن إسحاق بن إبراهيم النيسابوري (¬1): قال لي الأمير: إذا جاءوا بإفطاره فأرنيه، قال: فجاؤوا برغيفين خبز وخبازة، فأريته الأمير فقال: هذا لا يجيبنا إذا كان هذا يقنعه. "المناقب" لابن الجوزي ص 318، "سير أعلام النبلاء" 11/ 326 قال أبو السري: كنا يومًا مع أبي عبد اللَّه عند أبي بكر الأحول في ختان ابنه، وكنت مع أبي عبد اللَّه على المائدة، فأكل حتى جاءوا بالفالوذج فامتنع، فقال له أبو بكر: يا أبا عبد اللَّه. فكأنه يسأله أن يأكل. فقال: هو أرفع الطعام. ثم أكل لقمة لم يزد عليها. "المناقب" لابن الجوزي ص 319، "سير أعلام النبلاء" 11/ 219 قال الحسن بن خلف الصايغ: جاءني المروذي في علة أبي عبد اللَّه فقال: أبو عبد اللَّه عليل، فذهبنا بالمتطبب فدخلنا عليه، فقال: ما حالك؟ قال: احتجمت أمس، قال: وما أكلت؟ قال: خبزًا وكامخًا. قال: يا أبا عبد اللَّه، تحتجم وتأكل خبزًا وكامخًا؟ قال: فما آكل؟ "المناقب" لابن الجوزي ص 319 قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول في أيام العيد: اشتروا لنا أمس باقلاء، فأي شيء كان به من الجودة. "المناقب" لابن الجوزي ص 319، "سير أعلام النبلاء" 11/ 326 قال ابن هانئ: كان أبو عبد اللَّه لا يطرح في قدر فلفلًا ولا ثومًا. قال: وتعشيت مرة أنا وهو وقرابة له، فجعلنا نتكلم وهو يأكل ويمسح يده عند كل لقمة بالمنديل، وجعل يقول عند كل لقمة: الحمد للَّه. ثم قال ¬

_ (¬1) في "المناقب": قال لي النيسابوري صاحب إسحاق بن إبراهيم.

8 - فصل في ملبسه

لي: أَكْلٌ وَحَمْدٌ خيرٌ مِنْ أَكْل وصَمْتٍ. "المناقب" لابن الجوزي ص 320 قال صالح: اعتل أبي فتعالج، وكان يشتري له في الشتاء العروق -أُصول الشوك- وتوقد له وتصير في كانون ضيق فيصطلي به. "المناقب" لابن الجوزي ص 321 قال يعقوب بن يوسف المطوعي: كان أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل لا يأكل الخبيص بملعقة، كان يضع الخبيص في كفه ويستفه سفًّا، وكان يأكل خبز الرقاق، فقلت: كيف علمت؟ قال: كنت على بابه وقد خبز صالح ابنه في بيته فجاء سائل فوقف على الباب يسأل، فأخرجوا إليه كسرة رقاق، فعلمت أن أحمد كان يأكل الرقاق، لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تطعموهم مما لا تأكلون" (¬1). "المناقب" لابن الجوزي ص 321 قال أحمد بن الحسن الترمذي: رأيت أبا عبد اللَّه يشتري الخبز من السوق، ويحمله في الزنبيل، ورأيته يشتري الباقلاء غير مرة، ويجعله في خرقة، فيحمله آخذا بيد عبد اللَّه ابنه. "سير أعلام النبلاء" 11/ 310 8 - فصل في ملبسه قال المروذي: استعمل لأبي عبد اللَّه خف، فجئته به فبات عنده ليلة، فلما أصبح قال لي: قد تفكرت في أمر هذا الخف -أراه قال: عامة الليل- قد شغل علي قلبي قد عزم لي أن لا ألبسه كم ترى بقي! الذي مضى أكثر مما بقي. فدفع إلي خفًّا له خلقًا فقال: اضرب على هذا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 105، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (1758)، والطبراني في "الأوسط" 5/ 212 - 213 (5116) من حديث عائشة رضي اللَّه عنها، وحسنه الألباني في "الصحيحة" (2426).

الموضع رقاعا، وسدد خروقه. ثم قال: تدري منذ كم هذا الخف عندي؟ نحوًا من ست عشرة سنة، وإنما صار إلي وهو لبيس، وهذا قد شغل علي قلبي -يعني: الجديد- فلو كان لي مقطوعًا كان كثيرًا. "الورع" للمروذي (284) قال المروذي: قطعت لأبي عبد اللَّه جبة، وصيرت زيقها (¬1) دقيقًا، فقلت لأبي عبد اللَّه: هل أدركت أحدًا من المشيخة كان له زيق عريض؟ قال: لا. "الورع" للمروذي (556) قال المروذي: قال لي أبو عبد اللَّه: قل للخياط يصير عرى القميص غلاظًا، فإنه ربما صيروه دقاقًا فينقطع سريعًا، وكان إذا قطع الثوب ربما أمرني أن أشتري خيوطًا، وأعطيها للخياط حتى يخيط بها. "الورع" للمروذي (559) قال الحسين بن الحسن الرازي: رأيت أنا على أحمد بن حنبل كبلا -يعني: الفرو الغليظ. "الجرح والتعديل" 1/ 307 قال أبو داود: كنت أرى إزار أبي عبد اللَّه محلولة. ورأيت عليه من النعال ومن الخفاف غير زوج، فما رأيت فيه مخضرا ولا شيئًا له قبالان. وقال: رأيت على أبي عبد اللَّه نعلين حمراوين لهما قبال واحد. "طبقات الحنابلة" 1/ 430، "المناقب" لابن الجوزي ص 323، "سير أعلام النبلاء" 11/ 220 قال الميموني: كانت ثياب أحمد بن حنبل بين الثوبين، تساوي ملحفته خمسة عشر درهما، وكان ثوبه يؤخذ بالدينار ونحوه، لم تكن له رقة تنكر، ولا غلظ ينكر، وكانت ملحفته مهذبة. "المناقب" لابن الجوزي ص 322، "سير أعلام النبلاء" 11/ 208 قال حمدان بن علي: إن أبا عبد اللَّه لم يكن لباسه بذاك، إلا أنه قطن ¬

_ (¬1) الزِّيقُ: ما كُفَّ من جانب الجيب، وزِيقُ القَميص ما أحاط بالعُنُق. "اللسان" مادة [زيق].

نظيف، وكان بأَخَرَة في لباسه أجود لما كان يستعين بالغلة لما استغنى ولده عنها. "المناقب" لابن الجوزي ص 322، "سير أعلام النبلاء" 11/ 220 قال الفضل بن زياد: رأيت على أبي عبد اللَّه في الشتاء قميصين وجبة ملونة بينهما، وربما لبس قميصًا وفروًا ثقيلًا، وربما رأيت عليه في البرد الشديد الفرو فوق الجبة ورأيت عليه عمامة فوق القلنسوة وكساء ثقيلًا، فسمعت أبا عمران الوَرْكاني يقول له يومًا: هذا اللباس كله؟ فضحك ثم قال: يا أبا عمران، أنا رقيق في البرد، وربما لبس القلنسوة بغير عمامة. "المناقب" لابن الجوزي ص 322، "سير أعلام النبلاء" 11/ 220 قال جعفر بن محمد: رأيت على أبي عبد اللَّه جبة برد معقدة، وقلنسوة وعمامة، وكان في الشتاء أحيانًا يلبس الفرو، وأحيانًا الجبة، وربما جمعهما. "المناقب" لابن الجوزي ص 323 قال جعفر بن محمد بن مغيرة: رأيت على أبي عبد اللَّه في الصيف قميصًا وسراويل ورداء، وربما لبس قميصًا ورداء، واتشح بالرداء، وكان كثيرا ما يتشح فوق القميص. "المناقب" لابن الجوزي ص 323 قال حنبل: رأيت أبا عبد اللَّه يلبس سراويل فيشده فوق السرة، ويرتدي بقميصه. "المناقب" لابن الجوزي ص 323 قال الميموني: رأيت أبا عبد اللَّه عليه إزار متشح به، وعليه إزار آخر ارتدى به، وعنده جماعة من المحدثين وغيرهم، وما رأيت أبا عبد اللَّه عليه طيلسان قط، ولا رداء، إنما هو إزار صغير، ظننته سداسيًا وسألت ابن عمه فقال: سداسي. "المناقب" ص 323، "سير أعلام النبلاء" 11/ 220 قال الميموني: رأيت أبا عبد اللَّه يومًا صائفًا عليه قميص مشدود الإزار، وما رأيته قط مرخي الكمين -يعني: في المشي. "المناقب" لابن الجوزي ص 323 قال صالح: كانت لأبي قلنسوة وقد خاطها بيده فيها قطن، فإذا قام بالليل

لبسها. "المناقب" لابن الجوزي ص 324 قال أحمد بن الحسين بن حسان: رأيت قلنسوة لأبي عبد اللَّه مرقعة فيها برد وبياض مروي. "المناقب" لابن الجوزي ص 324 قال حميد بن زنجويه: رأيت على أحمد بن حنبل جبة خضراء فيها رقعة بيضاء من صوف. وقال حمدان بن علي: رأيت على أبي عبد اللَّه جبة وعليها رقعة بغير لونها. "المناقب" لابن الجوزي ص 324 قال المروذي: أراد أبو عبد اللَّه أن يرقع قميصه فلم يكن عنده رقعة، فقال: أرقعه من إزاري، فقطعنا من إزاره فرقعناه، ولقد احتاج غير مرة إلى خرق فكان يقطع من إزاره، وأعطاني خفًّا له لأَرمّه قد لبسه سبع عشرة سنة، فإذا خمسة مواضع، أو ستة مواضع الخرز فيه من برا. "المناقب" لابن الجوزي ص 324 قال جعفر بن محمد بن معبد: رأيت نعل أبي عبد اللَّه صفراء. "المناقب" لابن الجوزي ص 324 قال أحمد بن أصرم المُزّنِيُّ: رأيت سراويل أبي عبد اللَّه فوق كعبيه. "المناقب" لابن الجوزي ص 325 قال المروذي: رأيت على أبي عبد اللَّه كساء مربعًا، فكان إذا أراد أن يصلي ربما وضع أطرافه تحت قدميه. "المناقب" لابن الجوزي ص 325 قال الميموني: ما رأيت عمامة أبي عبد اللَّه قط إلا تحت ذقنه، ورأيته يكره غير ذلك. "سير أعلام النبلاء" 11/ 298

9 - باب في تعبده ودعائه

9 - باب في تعبده ودعائه قال صالح: سمعت أبي يقول: حججت خمس حجج: ثلاثة راجلا، أنفقتُ في إحدى هذِه الحجج ثلاثين درهمًا. "السيرة" لصالح ص 33 قال صالح: كان أبي لا يدع أحدًا يستقي له الماء لوضوئه إلا هو، وكان إذا خرجت الدلو ملأى، قال: الحمد للَّه. قلت: يا أبي أي شيءٍ الفائدة في هذا؟ فقال: يا بني أما سمعت اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} [الملك: 30]. "السيرة" لصالح ص 35، "المناقب" لابن الجوزي ص 357 قال صالح: كانت لأبي قلنسوة قد خاطها بيده فيها قطن، فإذا قام من الليل لبسها، وكنت أسمع أبي كثيرا يتلو سورة الكهف، وكنت ربما اعتللت فيأخذ قدحًا فيه ماء فيقرأ فيه، ثم يقول لي: اشرب منه واغسل وجهك ويديك. "السيرة" لصالح ص 35، "المناقب" لابن الجوزي ص 359 قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أول سنة حججت سنة سبع وثمانين ومائة. "مسائل ابن هانى" (2064) قال المروذي: قال لي أبو عبد اللَّه: قد كفى بعض الناس من مكة إلى هاهنا أربعة عشر درهمًا. قلت: من يا أبا عبد اللَّه؟ قال: أنا. "الورع" للمروذي (407) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: حججت خمس حجج منها ثنتين راكبا وثلاثة ماشيا، أو ثنتين ماشيا وثلاثة راكبا، فضللت الطريق في حجة وكنت ماشيا فجعلت أقول: يا عباد اللَّه دلونا على الطريق، فلم أزل أقول ذلك حتى وقعت على الطريق، أو كما قال أبي. "المسائل" رواية عبد اللَّه (912) قال عبد اللَّه: ورأيت أبي يأخذ شعرة من شعر النبي صلى اللَّه عليه وسلم فيضعها على فيه يقبلها، وأحسب أني قد رأيته يضعها على رأسه أو عينه، فغمسها في الماء ثم

شربه يستشفي به، ورأيته قد أخذ قصعة النبي صلى اللَّه عليه وسلم بعث بها إليه أبو يعقوب بن سليمان بن جعفر فغسلها في جب الماء ثم شرب فيها، ورأيته غير مرة يشرب من ماء زمزم يستشفي به ويمسح به يديه ووجهه. "المسائل" رواية عبد اللَّه (1623) قال الميموني: ما رأيت مصليا قط أحسن صلاة من أحمد بن حنبل، تكبيره ورفع رأسه وسجوده وقعوده بين السجدتين وتشهده وتسليمه، حتى كنت أرى فيه ما يحكي عن علي -يعني: ابن يحيى بن خلاد- ويسترخي كل عضو منه ويرجع إلى مكانه، وكان إذا رفع يديه في التكبير حاذى بهما منكبيه وقرب إبهاميه من أذنيه، وما رأيت أحدا أشد اتباعا لأحاديث السنن منه، يضعها مواضعها. "الجرح والتعديل" 1/ 307، "المنهج الأحمد" 1/ 92 قال عبد اللَّه: كان أبي يصلي في كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة، فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته، فكان يصلي في كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة، وقد كان قرب من الثمانين، وكان يقرأ في كل يوما سُبْعًا، يختم في كل سبعة أيام، وكانت له ختم في كل سبع ليالٍ سوى صلاة النهار، ربما سمعت أبي في السحر يدعو لأقوام بأسمائهم، وكان يكثر الدعاء ويخفيه، ويصلي بين العشاءين فإذا صلى عشاء الآخرة، ركع ركعات صالحة، ثم يوتر وينام نومة خفيفة، ثم يقوم إلى الصباح يصلي ويدعو، وكانت قراءته لينة، ربما لم أفهم بعضها، وكان يصوم ويدمن، ثم يفطر ما شاء اللَّه ولا يترك صوم الاثنين والخميس وأيام البيض، فلما رجع من العسكر، أدمن الصوم إلى أن مات. "حلية الأولياء" 9/ 181، "تاريخ دمشق" 5/ 300، "المناقب" ص 357، "تهذب الكمال" 1/ 458، "سير أعلام النبلاء" 11/ 212، 214، 223 قال عبد اللَّه: كان أبي يقرأ القرآن في كل أسبوع ختمتين، إحداهما بالليل والأخرى بالنهار، وقد خَتَمَ القُرآنَ في لَيْلَةٍ بمكَّة مصليًا به. "طبقات الحنابلة" 1/ 20، "المقصد الأرشد" 1/ 67

قال عبد الرزاق: كان أحمد بن حنبل إذا صلى يذكرني شمائل السلف. "تاريخ دمشق" 5/ 270 قال عبد اللَّه: كان أبي لا يفتر عن الركعات بين العشائين ولا بعدها في ورده من صلاة الليل، وكان يسر القرآن وربما جهر به. "تاريخ دمشق" 5/ 300 قال عبد الرحمن بن زاذان الرزاز: صلينا وأبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل حاضر، فسمعته يقول: اللهم من كان على هوى أو على رأي وهو يظن أنه على الحق، وليس هو على الحق، فرده إلى الحق، حتى لا يضل من هذِه الأمة أحد، اللهم لا تشغل قلوبنا بما تكفلت لنا به، ولا تجعلنا في رزقك خَوَلًا لغيرك، ولا تمنعنا خير ما عندك بشر ما عندنا، ولا ترانا حيث نهيتنا، ولا تفقدنا من حيث أمرتنا، أعزنا ولا تذلنا، أعزنا بالطاعة ولا تذلنا بالمعاصي. وجاء إليه رجل فقال له شيئًا لم أفهمه، فقال له: اصبر فإن النصر مع الصبر. ثم قال: سمعت عفان بن مسلم يقول: أنا همام، عن ثابت، عن أنس، عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "النصرُ مع الصبر، والفرجُ مع الكرب، وإنَّ مع العُسْرِ يُسْرًا، إنَّ مع العُسْرِ يُسْرًا" (¬1) "تاريخ بغداد" 10/ 287، "تاريخ دمشق" 5/ 320، "المناقب" ص 365، "تهذيب الكمال" 1/ 464، "المنهج الأحمد" 1/ 99 قال طلحة بن عبيد اللَّه البغدادي، وكان يسكن مصر: وافق ركوبي ركوب أحمد بن حنبل في السفينة، كان يطيل السكوت، فإذا تكلم قال: اللهم أمتنا على الإسلام والسُّنَّة. "تاريخ دمشق" 5/ 323، "المناقب" لابن الجوزي ص 368 قال العباس بن حمزة: سمعت أحمد بن حنبل يقول: سبحانك ¬

_ (¬1) صححه الألباني في "الصحيحة" (2382)، وله شاهد من حديث ابن عباس رواه الإمام أحمد 1/ 307.

ما أغفل هذا الخلق عما أمامهم الخائف منهم مقصر والراجي منهم متوان. "تاريخ دمشق" 5/ 324 قال المروذي: خرجت مع أبي عبد اللَّه إلى المسجد، فلما دخل قام ليركع، فرأيته وقد أخرج يده من كمه وقال هكذا -وأومأ بأصبعيه يحركهما- فلما قضى الصلاة، قلت: يا أبا عبد اللَّه، رأيتك تومئ بأُصبعيك وأنت تصلي؟ قال: إن الشيطان أتاني فقال: ما غسلت رجليك، قلت: بشاهدين عدلين. "المناقب" لابن الجوزي ص 230 قال المرُّوذي: كنت مع أبي عبد اللَّه نحوًا من أربعة أشهر بالعسكر، ولا يدع قيام الليل وقراءات النهار، فما علمت بختمة ختمها، وكان يُسرُّ ذلك. "المناقب" لابن الجوزي ص 253 قال الميموني: قال لي القاضي محمد بن محمد بن إدريس الشافعي: قال لي أحمد بن حنبل: أبوك أحد الستة الذين أدعو لهم سحرًا. "المناقب" "لابن الجوزي ص 358، "سير أعلام النبلاء" 11/ 227 قال يوسف بن الحسن: سألني أحمد بن حنبل عن شيوخ الري وقال: أي شيءٍ خبر أَبي زُرْعة حفظه اللَّه؟ فقلت: خير، فقال: خمسة أدعو لهم في دُبرُ كل صلاة: أَبواي، والشافعي، وأبو زُرْعة. وآخر ذهب عني اسمه. "المناقب" لابن الجوزي ص 358 قال هلال بن العلاء: خرج الشافعي ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل إلى مكة، فلما أن صاروا بمكة نزلوا في موضع، فأما الشافعي فإنه استلقى، ويحيى بن مَعِين أيضا استلقى، وأحمد بن حنبل قائم يصلي، فلما اصبحوا قال الشافعي: لقد عملت للمسلمين مائتي مسألة، وقيل ليحيى بن مَعِين: أي شيء عملت؟ قال: نفيت عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مائتي كذاب. وقيل لأحمد بن حنبل: فأنت؟

قال: صليت ركعات ختمت فيها القرآن. "المناقب" لابن الجوزي ص 358 قال جعفر بن أبي هاشم: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ختمت القرآن في يوم، فعددت موضع الصبر فإذا هو نيف وتسعون. "المناقب" ص 359 قال أبو بكر محمد بن أبي عبد اللَّه: ثنا إبراهيم بن هانئ -وكان أبو عبد اللَّه حيث توارى من السلطان توارى عنده- فحكى أنه لم يَرَ أحدًا أقوى على الزهد والعبادة وجهد النفس من أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل، قال: كان يصوم النهار ويعجل الإفطار، ثم يصلي بعد العشاء الآخرة ركعات، ثم ينام نومة خفيفة ثم يقوم فيتطهر ولا يزال يصلي حتى يطلع الفجر، ثم يوتر بركعة. وكان هذا دأبه طوال مقامه عندي، ما رأيته فَتَرَ ليلةً واحدة، وكنت لا أقوى معه على العبادة، وما رأيته مفطرًا إلا يومًا واحدًا أفطر واحتجم. "المناقب" لابن الجوزي ص 359، "سير أعلام النبلاء" 11/ 227 قال إبراهيم بن شماس: كنت أعرف أحمد بن حنبل وهو غلام، وهو يحيي الليل. "المناقب" لابن الجوزي ص 360، "سير أعلام النبلاء" 11/ 228 قال عبد اللَّه: رأيت أبي لما كبر وأَسَنَّ، اجتهد في قراءة القرآن وكثرة الصلاة بين الظهر والعصر، فإذا دخلت عليه انفتل من الصلاة، وربما تكلم وربما سكت، فإذا رأيت ذلك خرجت فيعود لصلاته، ورأيته وهو مختف أكثر ذلك يقرأ القرآن. "المناقب" لابن الجوزي ص 360 قال أبو النصر إسماعيل بن عبد اللَّه العجلي: أتيت أبا عبد اللَّه آخر ما رأيته، فخرج فقعد في دهليز، فقلت: يا أبا عبد اللَّه كنت أراك تقف عن أشياء في الفقه بان لك فيها قولٌ؟ فقال: يا أبا النصر هذا زمان مبادرة، هذا زمان من عمل، وأخذ في نحو هذا من الكلام إلى أن قمنا. "المناقب" لابن الجوزي ص 360

قال جعفر بن أحمد المؤدب: رأيت بشر بن الحارث يصلي بعد الجمعة أربعا، لا يفصل بينهن بسلام ورأيت أحمد بن حنبل يصلي بعد الجمعة ست ركعات، ويفصل في كل ركعتين. "المناقب" لابن الجوزي ص 360 قال أبو بكر بن عنبر الخراساني: تبعت أحمد بن حنبل يوم الجمعة إلى مسجد الجامع، فقام عند قبة الشعراء يركع، وكان يتطوع ركعتين ركعتين، فمر بين يديه سائل فمنعه منعًا شديدًا، فأراد السائل أن يمر بين يديه فقمنا إلى السائل فنحيناه. "المناقب" لابن الجوزي ص 361 قال عبد اللَّه: لما قدم أبو زُرْعة نزل عند أبي، فكان كثير المذاكرة له، فسمعت أبي يوما يقول: ما صليت اليوم غير الفرض، استأثرت بمذاكرة أبي زرعة على نوافلي. "المناقب" ص 361، "سير أعلام النبلاء" 228/ 11 قال عبد اللَّه: كنت أسمع أبي كثيرًا يقول في دبر صلاته: اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك، فصن وجهي عن المسألة لغيرك. فقلت له: أسمعك تكثر من هذا الدعاء، فعندك فيه أثر؟ قال: فقال لي: نعم، كنت أسمع وكيع بن الجراح كثيرًا يقول هذا في سجوده، فسألته كما سألتني فقال: كنت أسمع سفيان الثوري يقول هذا كثيرًا في سجوده، فسألته فقال: كنت أسمع منصور بن المعتمر يقوله. "المناقب" لابن الجوزي ص 365 قال محمد بن يعقوب الصفار: كنا عند أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل فقلنا: ادع اللَّه لنا. فقال: اللهم إنك تعلم أنا نعلم أنك لنا على أكثر مما نحب، فاجعلنا لك على ما تحب، قال: ثم سكت ساعة فقيل: يا أبا عبد اللَّه، زدنا. فقال: اللهم إنا نسألك بالقدرة التي قلت للسموات والأرض {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] اللهم وفقنا لمرضاتَك، اللهم إنا نعوذ بك من الفقر إلا إليك، ونعوذ بك من الذل إلا لك، اللهم لا تكثر علينا فنطغى، ولا تقلل علينا فننسى، وهب لنا من رحمتك وسعة من رزقك ما يكون بلاغنا

لنا، وغنى من فضلك (¬1). "المناقب" ص 366، "سير أعلام النبلاء" 11/ 229، "البداية والنهاية" 10/ 779، "المنهج الأحمد" 1/ 98 قال سندي الخواتيمي: دخلت على أحمد بعد أن ضرب وقد أخرج من دار الخليفة، فرأيته مكبوبًا على وجهه في منزله وهو يدعو، فسمعته يقول: يا شاكر ما يصنع، اصنع بي ما تشكرني عليه. "المناقب" لابن الجوزي ص 367 قال المرُّوذي: اجتمع جماعة إلى أحمد فقالوا له: ادع. فقال: اللهم لا تطالبنا بوفاء الشكر فيما أنعمت به علينا. "المناقب" لابن الجوزي ص 367 قال محمد بن يعقوب الصفار: كان أحمد يدعو في دُبُر كل صلاة: اللهم إني أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة، والنجاة من النار، ولا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة إلا قضيتها. "المناقب" لابن الجوزي ص 367 قال القاسم بن الحسين الوراق: أراد رجل الخروج إلى طرسوس، فقال لأحمد: زودني دعوة فإني أُريد الخروج. فقال له: قل: يا دليل الحيارى، دلني على طريق الصادقين، واجعلني من عبادك الصالحين، قال: فخرج الرجل فأصابته شدة وانقطع عن أصحابه، فدعا يهذا الدعاء، فلحق أصحابه، فجاء إلى أحمد فأخبره بذلك، فقال له أحمد: اكتمها علي. "شرح أصول الاعتقاد" للالكائي 9/ 271 (212)، "المناقب" لابن الجوزي ص 367، "الجوهر المحصل" ص 53 قال المروذي: رأيت أبا عبد اللَّه يقوم لورده قريبا من نصف الليل حتى ¬

_ (¬1) قال الذهبي في "السير": رواتها أئمة إلى الصفار، ولا أعرفه، وهي منكرة.

يقارب السحر، ورأيته يركع فيما بين المغرب والعشاء. "سير أعلام النبلاء" 11/ 223 قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: حججت على قدمي حجتين، وكفاني إلى مكة أربعة عشر درهما. "سير أعلام النبلاء" 11/ 223 قال ابن الجزري: أحمد بن محمد حنبل أحد أعلام الأمة وأزهد الأئمة، أخذ القراءة عرضًا فيما ذكره أبو القاسم الهذلي عن يحيى بن آدم وعبيد بن عقيل وإسماعيل بن جعفر وعبد الرحمن بن قلوقا، وعندي أنه إنما روى الحروف، روى القراءة عنه عرضًا ابنه عبد اللَّه، ذكر ذلك الهذلي في "كامله"، وذكره له في كتابه "الكامل" اختيارًا في القراءة إلا أنه ذكره من طريق عبد اللَّه بن مالك عن عبد اللَّه بن أحمد، وعبد اللَّه هذا لا نعرفه، فإن يكن أحمد بن جعفر بن مالك فإنه معروف بالرواية عنه لا بالقراءة. "غاية النهاية فى طبقات القراء" 1/ 112

10 - باب في كراماته

10 - باب في كراماته قال عبد اللَّه: رأيت أبي حرَّجَ على النمل أن يخرج من داره، ثم رأيت النمل قد خرجْنَ بعد ذلك اليوم نملًا كبارًا سودًا، فلم أرهن بعد ذلك. "المسائل" رواية عبد اللَّه (1621) قال العباس بن محمد الدوري: حدثني علي بن أبي فزارة -جار لنا- قال: كانت أمي مقعدة نحو عشرين سنة، فقالت لي يوما: اذهب إلى أحمد بن حنبل فسله أن يدعو اللَّه، فسرت إليه فدققت عليه الباب وهو في دهليزه، فلم يفتح لي وقال: من هذا؟ فقلت: أنا رجل من أهل ذاك الجانب سألتني أمي وهي زمنة مقعدة أن أسألك أن تدعو اللَّه لها، فسمعت كلامه كلام رجل مغضب، فقال: نحن أحوج إلى أن تدعو اللَّه لنا. فوليت منصرفا، فخرجت عجوز من داره، فقالت: أنت الذي كلمت أبا عبد اللَّه؟ فقلت: نعم، قالت: قد تركته يدعو اللَّه لها، قال: فجئت من فوري إلى البيت فدققت الباب فخرجت على رجليها تمشي حتى فتحت الباب، فقالت: قد وهب اللَّه لي العافية. "حلية الأولياء" 9/ 186، "تاريخ دمشق" 5/ 299، "المناقب" ص 370، "المحنة" لعبد الغني ص 60، "السير" 11/ 211، "الجوهر المحصل" ص 52، "المنهج الأحمد" 1/ 100 قال المروذي: قدم رجل من الزهاد، فأَدخلته على أَبي عبد اللَّه وعليه فروة خلق، وعلى رأسه خريقة، وهو حاف في برد شديد، فسلم عليه، فقال له: يا أبا عبد اللَّه، قد جئت من موضع بعيد، وما أردت إلا السلام عليك، وأُريدُ عَبادان (¬1)، وأُريد إِنْ أَنا رجعت أَن أَمُرَّ بك وأَسلمَ عليك. فقال له أَبو عبد اللَّه: إِن قُدِّر، فقام الرجل فسلم وأبو عبد اللَّه قاعد. قال المرُّوذي: ما رأَيت أَحدًا قط قام من عند أَبي عبد اللَّه حتى يقوم أَبو ¬

_ (¬1) بلدة تقع جنوب البصرة، وهي تتبع إيران الآن.

عبد اللَّه إِلا هذا الرجل، فقال لي أَبو عبد اللَّه: ما ترى، ما أَشْبَهه بالأَبدال؟ أَو قال: إِني لأَذكر به الأَبدال (¬1)! فأَخرج إِليه أَبو عبد اللَّه أَربعة أَرغفة مشطورة بكامخ وقال: لو كان عندنا لواسيناك. "المناقب" ص 193، "السير" 11/ 210 قال أَبو يعلى الموصلي: سمعت أَحمد بن حنبل يقول: خرجت في وجه الصبح فإِذا أَنا برجل مسبل منديله على وجهه، فناولني رقعة، فلما أَضاءَ الصبح قرأتها فإِذا فيها مكتوب: عش موسرا إن شئت أو معسرا ... لا بد في الدنيا من الغم وكلما زادك من نعمة ... زاد الذي زادك في الهم إِني رأَيت الناس في دهرنا ... لا يطلبون العلم للعلم إلا مباهاة لأصحابهم ... وعدَّة للخصم والظلم قال: فظننت أَن محمد بن يحيى الذهلي ناولني، ولقيته، فقلتُ له: الرقعة التي ناولتني؟ فقال لي: ما رأَيتك وما ناولتك رقعة، فعلمت أنها عظة لي. "المناقب" لابن الجوزي ص 194 - 195 قال محمد بن علي السمسار: رأيت أبا عبد اللَّه جاء بالليل إلى منزل صالح، وابن صالح تسيل الدماء من منخريه، وقد جمع له الطب وهم يعالجونه بالفتل وغيرها والدم يغلبهم. فقال له أبو عبد اللَّه: أي شيءٍ حالك يا بني؟ قال: يا جدي هو ذا أموت، ادع اللَّه لي. ¬

_ (¬1) جميع هذِه الألفاظ: لفظ الغوث والقطب والأوتاد والنجباء وغيرها لم ينقل أحد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بإسناد معروف أنه تكلم بشيء منها، ولا أصحابه، ولكن لفظ الأبدال تكلم به بعض السلف، ويروى فيه حديث ضعيف. "منهاج السنة النبوية" 1/ 94. وقال ابن القيم في "المنار المنيف" (307): أحاديث الأبدال والأقطاب والأغواث والنقباء والنجباء والأوتاد كلها باطلة على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

فقال له: ليس عليك بأس، ثم جعل يحرك يده كأنه يدعو له فانقطع الدم، وقد كانوا يئسوا منه لأنه كان يرعف دائما. "المناقب" لابن الجوزي ص 369 قال ابن هانئ: حدثني فلان النساج -ساكن لأبي عبد اللَّه- قال: كنت أشتكي فكنت أئن بالليل، فخرج أبو عبد اللَّه في جوف الليل فقال: من هذا عندكم يشتكي؟ فقيل له: فلان، فدعا له، وقال: اللهم اشفه، ودخل، فكأنه كان نارًا صُبَّ عليه ماء. "المناقب" لابن الجوزي ص 371 قال علي بن سعيد الرازي: صرنا مع أحمد بن حنبل إلى باب المتوكل فلما أدخلوه من باب الخاصة قال لنا أحمد: انصرفوا عافاكم اللَّه، فما مرض منا أحد منذ ذلك اليوم. "المناقب" ص 372، "سير أعلام النبلاء" 11/ 301 قال يحيى الجلاء: كنا بعَبَّادان فأصابتنا زلزلة، فقال بعض من كان بعَبَّادان -يعني: من الزهاد- انظروا ما أحدث أهل بغداد، فكان اليوم الذي ضرب فيه أحمد بن حنبل. "المحنة" لعبد الغنى المقدسي ص 123 قال الخضر بن داود: أخبرني أبو بكر النحامي قال: لما كان في تلك الغداة التي ضرب فيها أحمد بن حنبل زلزلنا ونحن بعبادان. "طبقات الشافعية" 2/ 37 قال علي بن المكري المعبراني: كنت في مسجد أبي عبد اللَّه، فأنفذ إليه المتوكل يعلمه أن له جارية بها صرع، وسأله أن يدعو اللَّه لها بالعافية، فأخرج له أحمد نعل خشب، فدفعه إلى صاحب له، وقال له: تمضي إلى دار أمير المؤمنين، وتجلس عند رأس الجارية، وتقول له: يقول لك أحمد: أيما أحب إليك تخرج من هذه الجارية أو أصفع الآخر بهذه النعل؟ فمضى إليه، وقال له مثل ما قال أحمد، فقال المارد على لسان الجارية: السمع والطاعة، لو أمرنا أحمد ألا نقيم في العراق ما أقمنا به، إنه أطاع اللَّه، ومن أطاع اللَّه أطاعه كل شيء. "طبقات الحنابلة" 2/ 147

11 - فصل في زوجاته

باب في زوجاته وسراريه وأولاده 11 - فصل في زوجاته قال المرُّوذي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما تزوجت إلا بعد الأربعين. "المناقب" لابن الجوزي ص 373، "سير أعلام النبلاء" 11/ 187 قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: تزوجت وأنا ابن أربعين سنة، فرزق اللَّه خيرا كثيرا. "سير أعلام النبلاء" 11/ 185 الزوجة الأولى: قال زهير بن صالح: تزوج جدي رحمه اللَّه أم أبي، عباسة بنت الفضل من العرب من الربض، ولم يولد له منها غير أبي، ثم توفيت. "تاريخ بغداد" 14/ 438، "طبقات الحنابلة" 2/ 583، "المناقب" لابن الجوزي ص 373، "سير أعلام النبلاء" 11/ 185، 322 قال المرُّوذي: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل يقول: أقامت معي أم صالح (¬1) ثلاثين سنة فما اختلفت أنا وهي في كلمة. "تاريخ بغداد" 14/ 438، "المناقب" لابن الجوزي ص 373 الزوجة الثانية: قال الخلال: ثنا أحمد بن محمد بن خالد البَرَاثي قال: أخبرني أحمد ابن عبثر قال: لما ماتت أم صالح قال أحمد لامرأة عندهم: اذهبي إلى فلانة ابنة ¬

_ (¬1) هكذا في المصدرين، والصواب أنها أم عبد اللَّه؛ لأن الإمام أحمد لم يتزوج إلا بعد الأربعين بأم صالح، وأنجب منها صالح (203 هـ)، ولم يتزوج بأخرى حتى ماتت، فتزوج بأم عبد اللَّه وأنجب منها عبد اللَّه (213 هـ)، ومات الإمام أحمد (241 هـ). فعلى ذلك يكون مكث مع أم صالح عشر سنوات فقط، ومع أم عبد اللَّه حوالي ثماني وعشرين سنة.

عمي فاخطبيها لي من نفسها، قالت: فأتيتها فأجابته، فلما رجعت قال: كانت أختها تسمع كلامك؟ قال: وكانت بعين واحدة، فقالت له: نعم. قال: فاذهبي فاخطبي تلك التي بعين واحدة، فأتتها فأجابته، وهي أم عبد اللَّه ابنه، فأقام معها سبعا، ثم قالت له: كيف رأيت يا ابن عمي؟ أنكرتَ شيئًا؟ قال: لا، إلا أن نعلك هذِه تَصِرُّ. قال الخلال: وأحفظ أن خطاب بن بشر قال: قالت امرأة لأحمد بعد ما دخلت عليه بأيام: هل تنكر مني شيئًا؟ قال: لا، إلا هذا النعل الذي تلبسينه، لم يكن على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. قال: فباعته واشترت مقطوعًا، فكانت تلبسه. قال الخلال: وهي هذِه المرأة، يعني أم عبد اللَّه. "طبقات الحنابلة" 2/ 584، "المناقب" لابن الجوزي ص 374 قال زهير بن صالح: لما ماتت عباسة أم صالح، تزوج جدي بعدها امرأة من العرب يقال لها: ريحانة، فولدت له عمي عبد اللَّه، لم يولد له منها غيره. "المناقب" لابن الجوزي ص 374، "سير أعلام النبلاء" 11/ 185، 332 قال محمد بن بحر: ثنا عمي قال: لما اجتمعنا لتزويج أبي عبد اللَّه بأخت محمد بن ريحان قال له أبوها: يا أبا عبد اللَّه إنها ووضع أصبعه على عينه -يعني: أنها بفرد عين. فقال له أبو عبد اللَّه: قد علمت. "المناقب" لابن الجوزي ص 374 قال الخلال: سمعت المرُّوذي يقول: سمعت أبا عبد اللَّه -وذكر أهله فترحم عليها- وقال: مكثنا عشرين سنة ما اختلفنا في كلمة. قال الخلال: وهي هذِه المرأة -يعني: أم عبد اللَّه. "المناقب" لابن الجوزي ص 375، "سير أعلام النبلاء" 11/ 332

12 - فصل في سراريه

12 - فصل في سراريه قال محمد بن علي بن بحر: سمعت حُسْنَ أم ولد أبي عبد اللَّه تقول: قلت لمولاي: يا موالي، أصرف فَرد خلخالي؟ قال: وتطيب نفسكِ؟ قلت: نعم. قال: الحمد للَّه الذي وفقك لهذا. قالت: فأعطيته أبا الحسن بن صالح فباعه بثمانية دنانير ونصف، وفرَّقها وقتَ حملي، فلما ولدت حسنًا أعطى مولاتي كرَّامة درهما -وهي امرأة كبيرة كانت تخدمهم- وقال: اذهبي إلى ابن شجاع -جار لنا قصاب- يشتري لك بهذا رأسًا، فاشترى لنا رأسًا وجاءَت به فأكلنا، فقال لي: يا حسنُ، ما أملك غيرَ هذا الدرهم، ومالكِ عندي غير هذا اليوم، قالت: وكان إذا لم يكن عند مولاي شيء فَرِح يومَه ذلك، قالت: ودخل مولاي يوما فقال: أُريد أحتجم اليوم، وليس معي شيء، فجئت إلى جَرَّة لي فيها قريب مِنْ مَنِّ غزل، فأخرجته فبعثت به إلى بعض الحاكة فباعه بأربعة دراهم فاشتريت لحما بنصف درهم، وأعطى الحاجم درهما، واشتريتُ طيبًا بدرهم، ولما خرج مولاي إلى سُرَّ مَنْ رأى (¬1) كنت قد غزلتُ غزلًا ليّنًا، وعملتُ ثوبًا حسنًا، فلما قدم أخرجت إليه ذلك الثوب الحسن، وكنت قد أعطيت كراه خمسة عشر درهما من الغلة، فلما نظر إليه قال: ما أُريده. قلت: يا مولاي عندي غير هذا من قطن غيره، فدفعمت الثوب إلى فُوران ¬

_ (¬1) سر من رأى: مدينة كانت بين بغداد وتكريت على شرقي دجلة، وقد خربت، وفيها لغات: سامراء، وسامرا. قال الزجاجي: قالوا: كان اسمها قديما ساميرا، سميت بسامير بن نوح كان ينزلها؛ لأن أباه أقطعه إياها، فلما استحدثها المعتصم سماها سر من رأى. قال أبو عثمان المازني: قال لي الواثق: كيف ينسب رجل إلى سر من رأى؟ فقلت: سري يا أمير المؤمنين انسب إلى أول الحرفين، كما قالوا في النسب إلى تأبط شرا تأبطي. "معجم البلدان" 3/ 215، 173.

فباعه باثنين وأربعين درهما، واشتريت منه قطنا فغزلته ثوبا كبيرًا، فلما أعلمته قال: لا تقطعيه دَعِيه. فكان كفنه، كُفِّن فيه، وأخرجتُ الغليظ فقطَعه. قالت: وخبزت يومًا لمولاي وهو في مرضه الذي توفي فيه، فقال: أين خبزتيه؟ قلت: في بيت عبد اللَّه. قال: ارفعيه، ولم يأكل منه. "طبقات الحنابلة" 2/ 585، "المناقب" لابن الجوزي ص 376، "سير أعلام النبلاء" 11/ 332 قال أبو الحسين بن المنادي: استأذن أحمد زوجته في أن يتسرى طلبا للاتباع فأذنت له، فاشترى جارية بثمن يسير وسماها ريحانة؛ استنانا برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "المناقب" لابن الجوزي ص 229 قال أبو يوسف بن بختان: لما أمرنا أبو عبد اللَّه أن نشتري له الجارية، مضيت أنا وفُوران، فتبعني أبو عبد اللَّه، فقال لي: يا أبا يوسف يكون لها لحم. "المناقب" لابن الجوزي ص 376، "سير أعلام النبلاء" 11/ 332 قال زهير بن صالح: لما توفيت أم عبد اللَّه اشترى حُسْنَ، فولدت منه أم علي -واسمها زينب- ثم ولدت الحسنَ والحسين توأمًا، وماتا بالقرب من ولادتهما، ثم ولدت الحسن ومحمدًا فعاشا حتى صارا من السن إلى نحو الأربعين سنة، ثم ولدت بعدهما سعيدًا. "المناقب" لابن الجوزي ص 376، "سير أعلام النبلاء" 11/ 185، 332

13 - فصل في ذكر أولاده

13 - فصل في ذكر أولاده قال المروذي: دخلت على أبي عبد اللَّه فرأَيت امرأة تمشط صبية له، فقلت للماشطة بعد: وصلتِ رأسها بقرامل؟ [فقالت: لم تتركني الصبية قالت: إن أبي نهاني] (¬1) وقالت: يغضب. "الورع" للمروذي (597) قال محمد بن عبد اللَّه الشافعي: لما مات سعيد بن أَحمد بن حنبل، جاء إبراهيم الحربي إلى عبد اللَّه بن أَحمد، فقام إليه عبد اللَّه. "المناقب" لابن الجوزي ص 182، "سير أعلام النبلاء" 11/ 204 قال صالح: جعل أبي يعتذر إليَّ من حسن وسعيد، ويقول: كل ما أخذ اللَّه تعالى ميثاقه فلا بد أن يخرج إلى الدنيا. "المناقب" لابن الجوزي ص 379 قال عبد اللَّه: ولد لأبي مولود فأعطاني عبد الأعلى رقعة يهنيه، فرمى بالرقعة أبي، وقال: ليس هذا كتاب عالم ولا محدث، هذا كتاب كاتب. "المناقب" لابن الجوزي ص 379 قال أبو محمد فُوران: كنت أصحب أحمد بن حنبل ويأنس إلي، ومني يستقرض، فإذا جاءَه مولود بالليل وأنا لا أعلم يجيءُ في السحر، فيقعد على باب داري لا يدق الباب، وأنا لا أعلم به حتى أخرج إليه إلى الصلاة، فيقوم إليَّ فيصحبني، فأقول له: في أي شيء جئت يا أبا عبد اللَّه الساعة؟ ¬

_ (¬1) في "الورع": لِمَ لَمْ تتركي الصبية، وقد قالت: إن أبي نهاني، والمثبت من "المناقب" لابن الجوزي ص 384.

فيقول: قد جاءَنا مولود، فيمضي هو، وأُصلي أنا الغداة وأخرج إلى القنطرة أو باب التبن، فآخذ ما يصلح للنساءِ وأبعث به إليه. "المناقب" لابن الجوزي ص 379 قال إسحاق بن إبراهيم: رأيت أبا عبد اللَّه يضرب ابنته على اللحن وبيتهرها. "المناقب" لابن الجوزي ص 384 قال أحمد بن يعقوب: حدثتني فاطمة بنت أحمد بن حنبل قالت: وقع الحريق في بيت أخي صالح، فدخلوا فإذا ثوب كان لأبي قد أكلت النار ما حوله وهو سليم. "المناقب" لابن الجوزي ص 384، "سير أعلام النبلاء" 11/ 230

14 - باب في بداية طلبه للعلم ورحلاته فيه

14 - باب في بداية طلبه للعلم ورحلاته فيه قال صالح: قال أبي: طلبت الحديث وأنا ابن ست عشرة سنة، ومات هشيم، وأنا ابن عشرين سنة، وأنا أحفظ ما سمعت منه، ولقد جاء إنسان إلى باب ابن علية ومعه كتب هشيم فجعل يلقيها علي، وأنا أقول: هذا إسناده كذا، فجاء المعيطي، وكان يحفظ، فقلت له: أجبه فيها، فبقي، وأعرف من حديثه ما لم أسمع. وخرجت إلى الكوفة -سنة مات فيها هشيم- سنة ثلاث وثمانين ومائة، وهي أول سنة سافرت فيها، وقدم عيسى بن يونس الكوفة بعدي بأيام سنة ثلاث وثمانين، ولم يحج بعدها، وأول خرجة خرجتها إلى البصرة سنة ست وثمانين. قلت له: أي سنة خرجت إلى سفيان بن عُيَيْنَةَ؟ قال: في سنة سبع وثمانين قدمناها، وقد مات الفضيل بن عياض، وهي أول سنة حججت، وسنة إحدى وتسعين، سنة حج الوليد بن مسلم، وفي سنة ست وتسعين، وأقمت سنة سبع وتسعين، وخرجت سنة ثمان وتسعين، وأقمت سنة تسع وتسعين عند عبد الرزاق. وجاءنا موت سفيان، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي سنة ثمان وتسعين. قال أبي: ولو كان عندي خمسون درهما كنت قد خرجت إلى جرير بن عبد الحميد إلى الري، فخرج بعض أصحابنا، ولم يمكني الخروج، لأنه لم يكن عندي. قال أبي: وخرجت إلى الكوفة، فكنت في بيت تحت رأسي لبنة، فحممت، فرجعت إلى أمي رحمها اللَّه، ولم أكن استأذنتها. وقال: وحججت خمس حجج: ثلاثة راجلا، أنفقت في إحدى هذِه الحجج ثلاثين درهما. قال: وأول سماعي من هشيم سنة تسع وسبعين،

وكان ابن المبارك قدم في هذِه السنة، وهي آخر قدمة قدمها، وذهبت إلى مجلسه، فقالوا: قد خرج إلى طرسوس، وتوفي سنة إحدى وثمانين. قال: وكتبت عن هشيم سنة تسع وسبعين إلا أني لم أعتمد بعض سماعي، ولزمناه سنة ثمانين وإحدى وثمانين، وثنتين، وثلاث، ومات في سنة ثلاث وثمانين، فكتبنا عنه كتاب الحج نحو من ألف حديث، وبعض التفسير، والقضاء، وكتبا صغارا. قلت: يكون ثلاثة آلاف؟ قال: أكثرهم. قال أبي: صليت خلف إبراهيم بن سعد غير مرة، فكان يسلم واحدة، ورآني يوما، وأنا أكتب في الألواح، فقال: تكتب! "السيرة" لصالح ص 31 - 34 قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: دخلت البصرة أول دخلة سنة ست وثمانين، والمرة الثانية سنة أربع وتسعين، والثالثة سنة مائتين، لم أدخلها بعد المائتين. "مسائل ابن هانئ" (2054) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: دخلت أول سنة البصرة، فلم يكن يمكننا السماع من يحيى بن سعيد، فسمعت منه أربعمائة حديث، ولم يمكننا الكتابة، وهذا في سنة ست وثمانين ومائة، ثم دخلت سنة أربع وتسعين، فأمكننا من النسخ والسماع، وأقعدني عنده. "مسائل ابن هانئ" (2057) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: دخلت البصرة سنة ست وثمانين، بعد موت هشيم، ودخلت الكوفة، ثم البصرة. "مسائل ابن هانئ" (2116) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: طلبت الحديث سنة تسع وسبعين، وفيها مات حماد بن زيد، وكنا على باب هشيم حتى قالوا: مات حماد بن زيد، ودخلها إسماعيل ابن علية سنة تسع وسبعين، وكان ولي صدقات البصرة، وحدثهم ثلث السنة "المصنف" بكتاب الجنائز،

والأشربة، وكتاب آخر ذكره، ثم قال: لم نسمع نحن من هذا "المصنف" شيئًا. "مسائل ابن هانئ" (2118) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: أول سنة سمعت من غندر سنة ست وثمانين. "مسائل ابن هانئ" (2244) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: أول قدمة قدمنا الكوفة سنة ثلاث وثمانين سنة مات هشيم في شعبان، وخرجنا إلى الكوفة في شوال أنا وعمرو الأعرابي ونحن نمشي، فلما قدمنا الكوفة ذهبنا إلى وكيع. "العلل" رواية عبد اللَّه (37)، (616)، (2394) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: دخلت البصرة في أول رجب سنة ست وثمانين ومائة، ومات معتمر في سنة سبع وثمانين في أولها، ودخلت الثانية سنة تسعين، ودخلت الثالثة في سنة أربع وتسعين، وخرجت في سنة خمس وتسعين أقمت على يحيى بن سعيد ستة أشهر، ودخلت سنة مائتين، ولم أدخلها بعد ذلك، وقدمت البصرة سنة أربع وتسعين وقد مات غندر، بلغني أن غندر مات سنة ثلاث وتسعين، والثقفي عبد الوهاب وابن أبي عدي سنة أربع وتسعين. "العلل" رواية عبد اللَّه (118)، (5772) قال عبد اللَّه: ولد أبي رحمه اللَّه سنة أربع وستين، وأول شيء طلب الحديث في سنة تسع وسبعين، في السنة التي مات فيها مالك وحماد بن زيد. "العلل" رواية عبد اللَّه (1217) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: أول سنة حججت سنة سبع وثمانين، كنت أمشي ولم يقدر دخول المدينة -يعني: تلك السنة- وكانت معي أطراف لأبي علقمة الفروي، فلم يقدر أن أسمع منه شيئا. "العلل" رواية عبد اللَّه (1338) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: شق على يحيى بن سعيد يوم خرجت من

البصرة -يعني: اغتم بخروجه من عنده- قال: وسأل يحيى بن سعيد عني وأنا بواسط مقيم على يزيد بن هارون، فقالوا: هو بواسط. فقال: أيش يصنع بواسط؟ فقالوا: عند يزيد بن هارون. فقال: وأيش يصنع عند يزيد بن هارون؟ ! أو كما قال أبي. "العلل" رواية عبد اللَّه (2339) قال عبد اللَّه: قال أبي: مات مالك بن أنس سنة تسع وسبعين، وحماد ابن زيد سنة تسع وسبعين، وهي السنة التي طلبت فيها الحديث. قال أبي: ولي يومئذ ست عشرة سنة، انصرفنا من عند هشيم في آخر كتاب الجنائز قالوا: مات حماد بن زيد. ومات هشيم سنة ثلاث وثمانين، وخرجت إلى الكوفة بعد موته في سنة ثلاث وثمانين. وسمعت من عبد السلام بن حرب ومطلب بن زياد وعمر بن عبيد وابن إدريس وحفص ومشيخة أيضًا. "العلل" رواية عبد اللَّه (4646)، (4647) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي هذا الكلام فأقر به وبعضه سمعته من أبي سماعا، قال: أول سنة قدمت البصرة في أول رجب سنة ست وثمانين وحج معتمر فيها ورجع فمات بعدما قدم بيسير في سنة سبع، واعتقل لسان بشر بن المفضل قبل أن نخرج، ومات في سنة ست وثمانين ومائة، ومات زياد بن الربيع قبل أن نخرج، وخرجنا في رمضان في سنة ست وثمانين ومائة. وقدمت السنة الثانية في سنة تسعين أقمنا على غندر، وكنا نختلف إلى عبد الرحمن وإلى ابن أبي عدي، وقد مات ابن سواء وأبو عبد الصمد ومرحوم. وقدمت في السنة الثالثة في سنة أربع وتسعين في ذي القعدة فأقمت على يحيى بن سعيد إلى سنة خمس، فأقمت بقية ذي القعدة وذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وشهر ربيع الآخر. وخرجت في جمادى الأولى في آخرها، وقد مات محمد بن جعفر غندر وابن أبي عدي

والثقفي قبل أن أقدم، فأخبرت أن محمد بن جعفر مات سنة ثلاث وتسعين، ومات ابن أبي عدي وعبد الوهاب الثقفي سنة أربع وتسعين قبل أن أقدم. وقدمت في السنة الرابعة سنة مائتين فأقمنا على أبي داود وكان يحدث مجالس، ثم تحولنا إلى عبد الصمد، وكنا نختلف أيضا إلى البرساني، وقد سمعت منه قبل ذلك في سنة أربع وتسعين ما أردت من حديث ابن جريج، وكنت أختلف إلى عبد الرحمن وبهز وأنا مقيم على يحيى بن سعيد، وكنت أختلف إلى عثمان بن عمر سنة مائتين، وجاءنا موت سفيان بن عيينة ونحن عند عبد الرزاق في سنة ثمان وتسعين، ومات يحيى بن سعيد وعبد الرحمن ونحن عند عبد الرزاق سنة ثمان وتسعين. "العلل" رواية عبد اللَّه (5902) - (5906) قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده أول مرة قدمت مكة سنة تسع وثمانين، والثانية سنة إحدى وتسعين، والثالثة سنة ست وتسعين. "العلل" رواية عبد اللَّه (6019) قال زياد بن أيوب: سمعت أَحمد بن حنبل يقول: طلبت الحديث سنة تسع وسبعين ومائة، وأَتيت مجلس ابن المبارك وقد قام وقدم علينا سنة تسمع وسبعين ومائة. "حلية الأولياء" 9/ 163، "المناقب" لابن الجوزي ص 47 قال يعقوب بن إسحاق بن أَبي إسرائيل: خرج أَبي وأَحمد بن حنبل في البحر في طلب العلم فكسر بهما، فوقعا في جزيرة فقرآ على صخرة مكتوبًا: غدا يتبين الغني والفقير إذا انصرف المنصرفون من بين يدي اللَّه وإما إلى جنة وإما إلى نار. "حلية الأولياء" 9/ 175، "المناقب" لابن الجوزي ص 53 قال عبد اللَّه: نزلنا بمكة دارًا وكان فيها شيخ يكنى بأبي بكر بن سماعة -وكان من أهل مكة- قال: نزل علينا أبو عبد اللَّه في هذِه الدار وأَنا غلام. فقالت لي أمي: الزم هذا الرجل فاخدمه فإنه رجل صالح، فكنت أَخدمه.

وكان يخرج يطلب الحديث فسرق متاعه وقماشه، فجاءَ. فقالت له أُمي: دخل عليك السراق فسرقوا قماشك. فقال: ما فعلت الأَلواح. فقالت له أُمي: في الطاق. وما سأَل عن شيءٍ غيرها. "حلية الأولياء" 9/ 179، "تاريخ دمشق" 5/ 303، "المناقب" ص 56، "تهذيب الكمال" 1/ 459 قال عبد اللَّه: حدثني أَحمد بن إبراهيم الدَّوْرَقي قال: لما قدم أَحمد بن حنبل مكة من عند عبد الرزاق رأَيت به شحوبا، وقد تبين عليه أثر النصب والتعب فقلت: يا أَبا عبد اللَّه لقد شققت على نفسك في خروجك إلى عبد الرزاق! فقال: ما أهون المشقة فيما استفدنا من عبد الرزاق، كتبنا عنه حديث الزّهْري، عن سالم، عن عبد اللَّه، عن أَبيه. وحديث الزهري، عن سعيد بن المسيَّب، عن أَبي هريرة. "حلية الأولياء" 9/ 184، "المناقب" لابن الجوزي ص 57، "سير أعلام النبلاء" 11/ 215 قال عبد اللَّه: خرج أبي إلى طرسوس ماشيا، وخرج إلى اليمن ماشيا، وقال أبي: ما كتبنا عن عبد الرزاق من حفظه شيئًا إلا المجلس الأول، وذلك أَنا دخلنا بالليل فوجدناه في موضع جالسًا فأملى علينا سبعين حديثًا، ثم التفت إلى القوم فقال: لولا هذا ما حدثتكم -يعني: أَبي. "حلية الأولياء" 9/ 184، "المناقب" ص 56، "تهذيب الكمال" 1/ 458، "السير" 11/ 215 قال أَبو بكر الأَثرم: أخبرني بعض من كان يطلب الحديث مع أَبي عبد اللَّه أَحمد بن حنبل. قال: ما زال أَبو عبد اللَّه بائنا من أصحابه. قال: ولقد فقدته يومًا عند إسماعيل ابن عُلَيّة فدخل وهو ابن أَقل من ثلاثين سنة، فما بقي في البيت أَحد إلا وسع له، وقال: هاهنا هاهنا. "تاريخ دمشق" 5/ 176، "المناقب" لابن الجوزي ص 45، "تهذيب الكمال" 1/ 448 قال حنبل: قال أَبو عبد اللَّه: طلبت الحديث في مجلس هشيم سنة تسع وسبعين ومائة، وأَنا ابن ست عشرة سنة، وهي أول سنة طلبت الحديث فجاءَنا

رجل فقال: مات حماد بن زيد، ومات مالك بن أنس في تلك السنة. وكنا عند عبد الرزاق باليمن، فجاءَنا موت سفيان بن عُيَيْنَة، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد سنة ثمان وتسعين ومائة. قال أبو عبد اللَّه: ذهبت لأسمع من ابن المبارك فلم أدركه وكان قدم فخرج إلى الثغر فلم أسمعه. وسمعت من سليمان بن حرب بالبصرة سنة أربع وتسعين، ومن أَبي النعمان عارم في تلك السنة، ومن أَبي عُمر الحَوْصْيّ أيضًا. "تاريخ دمشق" 5/ 264، "المناقب" ص 46، "تهذيب الكمال" 1/ 445، "سير أعلام النبلاء" 11/ 179، "طبقات الشافعي" 2/ 29 قال عبد اللَّه: قلت لأبي: ما لك لم ترحل إلى جرير كما رحل أصحابك لعلك كرهته؟ فقال: واللَّه يا بني ما كرهته وبودي أني رحلت إليه إنه كان إماما في الرواية. قلت: فما كان السبب؟ فقال: لو كان معي ثلاثون درهما لرحلت. فقلت: ثلاثون درهما! فقال: لقد حججت في أقل من ثلاثين درهما. "تاريخ دمشق" 5/ 266، "تهذيب الكمال" 1/ 448 قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: حججت سنة سبع وثمانين وقد مات فضيل بن عياض قبل ذلك، قال: ورأيت ابن وهب بمكة ولم أكتب عنه. "تاريخ دمشق" 5/ 266، "تهذيب الكمال" 1/ 446 قال صالح: عزم أَبي على الخروج إلى مكة يقضي حجة الإسلام، ورافق يحيى بن مَعِين قد رآه وعرفه فخرج عبد الرزاق لما قضى طوافه فصلى خلف المقام ركعتين ثم جلس، فقضينا طوافنا وجئنا فصلينا خلف المقام ركعتين، فقام يحيى بن معين فجاءَ إلى عبد الرزاق فسلم عليه. وقال له: هذا أَحمد بن حنبل أخوك. فقال: حياه اللَّه وثبته، فإنه يبلغني عنه كل جميل. قال: نجيء إليك غدًا إن شاء اللَّه حتى نسمع ونكتب. قال: وقام عبد الرزاق فانصرف. فقال أبي ليحيى بن مَعِين: لم أَخذت على الشيخ موعدًا؟

قال: لنسمع منه. قد أَربحك اللَّه مسيرة شهر ورجوع شهر والنفقة. فقال أبي: ما كان اللَّه يراني وقد نويت نية لي أفسدها بما تقول، نمضى فنسمع منه. فمضى حتى سمع منه بصنعاء. "تاريخ دمشق" 5/ 266، "المناقب" لابن الجوزي ص 54 قال ابن رافع: رأيت أحمد بن حنبل بمكة بعد رجوعه من اليمن وقد تشققت رجلاه وأبلغ إليه التعب، فقلت له: يا أبا عبد اللَّه ما أخلقني أن لا أرحل بعدها في حديث، قال: ثم بلغني أنه صار إلى أبي اليمان بعد اليمن. "تاريخ دمشق" 5/ 267 قال يعقوب بن شيبة: سمعت أَحمد بن حنبل يقول: أول من كتبت عنه الحديث أَبو يوسف. "المناقب" لابن الجوزي ص 46 قال علي بن الحسن الهِسِنْجانِي: قال أَحمد بن حنبل: طلبت الحديث سنة تسع وسبعين ومائة. "المناقب" لابن الجوزي ص 47 قال عبد الصمد بن محمد العَبَّاداني: سمعت أَحمد بن حنبل يقول: دخلت عبادان سنة ست وثمانين في العشر الأواخر من رجب، وكنت رحلت إِلى المعتمر تلك السنة، وكان بها رجل يتكلم. قلت له: هَدَّاب؟ قال: نعم! وكان بها أَبو الربيع وكتبت عنه. "المناقب" ص 50 قال عبد اللَّه: سمعت أَبي يقول: كنت ربما أردت البكور في الحديث فتأخذ أُمي بثيابي وتقول: حتى يؤذن الناس، أو حتى يصبحوا، وكنت ربما بكرت إِلى مجلس أَبي بكر بن عياش وغيره. "المناقب" لابن الجوزي ص 50، "سير أعلام النبلاء" 11/ 306 قال إبراهيم بن هاشم: لما قدم جرير بن عبد الحميد -يعني: بغداد- نزل على بني المسيب، فلما عبر إِلى الجانب الشرقي جاءَ المد. فقلت لأَحمد بن حنبل: تعبر؟ فقال: أُمي لا تدعني، فعبرت أَنا فلزمته. "المناقب" ص 51

قال عبد اللَّه: خرج أَبي إلى طرسوس ماشيا على قدميه، ورابط بها، وغزا، ثم قال أبي: رأيت العلم بها يموت. "المناقب" لابن الجوزي ص 52، "سير أعلام النبلاء" 11/ 311 قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قدم علينا عبد الرحمن بن مهدي سنة ثمانين وأبو بكر هاهنا -يعني: ابن عياش- وقد خضب، وهو ابن خمس وأربعين سنة وكنت أَراه في المسجد الجامع، ثم قدم بغداد فأتيناه ولزمناه وكتبت عنه هاهنا نحوًا من ستمائة، سبعمائة، وكان في سنة ثمانين يختلف إلى أَبي بكر بن عياش. "المناقب" لابن الجوزي ص 52 قال أحمد بن منيع: مر أَحمد بن حنبل جائيًا من الكوفة، وبيده خريطة فيها كتب، فأَخذت بيده فقلت: مرة إِلى الكوفة، ومرة إِلى البصرة، إِلى متى! إذا كتب الرجل ثلاثين ألف حديث لم يكفه؟ فسكت. ثم قلت: ستين ألف، فسكت. فقلت: مائة ألف. فقال: حينئذ يعرف شيئًا. قال أَحمد بن منيع: فنظرنا فإذا أَحمد كتب ثلاثمائة ألف عن بَهْز بن أَسد وعفان، وأَظنه قال: وروح بن عبادة. "المناقب" لابن الجوزي ص 52 قال عبد اللَّه: قال أبي: ذهبت إِلى إبراهيم بن عقيل وكان عسرًا لا يوصل إليه، فأقمت على بابه باليمن يومًا أَو يومين حتى وصلت إليه. فحدثني بحديثين وكان عنده أحاديث وهب عن جابر فلم أَقدر أَن أَسمعها من عسره، ولم يحدثنا بها إسماعيل بن عبد الكريم، لأنه كان حيا، فلم أسمعها من أَحد. "المناقب" لابن الجوزي ص 53 قال خُشْنَام بن سعد: قلت لأَحمد بن حنبل: أَكان يحيى بن يحيى إماما؟ قال: كان يحيى بن يحيى عندي إماما، ولو كانت عندي نفقة لرحلت إلى يحيى بن يحيى. "المناقب" لابن الجوزي ص 53

قال عبد اللَّه: سمعت أَبي يقول: فاتني مالك، فأَخلف اللَّه علي سفيان ابن عُيَيْنة، وفاتني حماد بن زيد، فأَخلف اللَّه عَلَيَّ إسماعيل ابن عُلَيَّة. "المناقب" لابن الجوزي ص 54 قال أبو بكر بن الخلال (¬1): سمعت (¬2) أَحمد بن حنبل يقول: كنت أحفظ القرآن فلما طلبت الحديث اشتغلت، فقلت: متى، فسأَلت اللَّه عز وجل أن يمنَّ عليَّ بحفظه، ولم أقل: في عافية، فما حفظته إلا في السجن والقيود، فإذا سألت اللَّه حاجة فتقول: في عافية. "المناقب" لابن الجوزي ص 57 قال أحمد بن الحكم: وافى أحمد بن حنبل الكوفة لطلب الحديث، فلَزَم وكيع بن الجراح وسمع منه سماعًا كثيرًا. "المناقب" ص 284 قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: مات هشيم ولي عشرون سنة، فخرجت أنا والأعرابي -رفيق كان لأبي عبد اللَّه- قال: فخرجنا مشاة، فوصلنا الكوفة -يعني: في سنة ثلاث وثمانين، فأتينا أبا معاوية، وعنده الخلق، فأعطى الأعرابي حجة بستين درهما، فخرج وتركني في بيت وحدي، فاستوحشت، وليس معي إلا جراب فيه كتبي، كنت أضعه فوق لبنة، وأضع رأسي عليه، وكنت أذاكر وكيعا بحديث الثوري، وذكر مرة شيئًا، فقال: هذا عند هشيم؟ فقلت: لا. وكان ربما ذكر العشر أحاديث. فأحفظها، فإذا قام، قالوا لي، فأمليها عليهم. "سير أعلام النبلاء" 11/ 186 قال علي بن سهل: رأيت يحيى بن معين عند عفان، ومعه أحمد بن حنبل، فقال: ليس هنا اليوم حديث. فقال يحيى: ترد أحمد بن حنبل، وقد جاءك! ¬

_ (¬1) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ورد في ملحق التصويبات بآخر الكتاب ما نصه: هو العباس بن محمد بن موسى الخلال (¬2) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هنا بالمطبوع هامش نص المؤلفون (في ملحق التصويبات جـ 21 ص 247) على حذفه، وإضافة السابق بدلا منه والهامش الذي طلبوا حذفه هو: " لم يثبت للخلال سماع من الإمام أحمد، وبالرجوع إلى المطبوع تبين أن هذه الرواية سقطت من ثلاث نسخ، ولم تثبت إلا من نسخة واحدة، فلعل هناك سقطا بين الخلال والإمام قد يكون المروذي، واللَّه أعلم".

فقال: الباب مقفل، والجارية ليست هنا. قال يحيى: أنا أفتح، فتكلم على القفل بشيء، ففتحه. فقال عفان: أفشاش أيضا! وحدثهم. "سير أعلام النبلاء" 11/ 191 قال المروذي: قلت لأحمد: أكان أغمي عليك، أو غشي عليك عند ابن عيينة؟ قال: نعم، في دهليزه زحمني الناس، فأغمي علي. "سير أعلام النبلاء" 11/ 191 قال عباس الدوري: سمعت أحمد يقول: أول ما طلبت اختلفت إلى أبي يوسف القاضي. "سير أعلام النبلاء" 11/ 306 قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ما خرجت إلى الشام إلا بعد ما ولد لي صالح، أظن كان ابن ست سنين حين خرجت. قلت: ما أظن خرجت بعدها؟ قال: لا. قلت: فكم أقمت باليمن؟ قال: ذهابي ومجيئي عشرة أشهر خرجنا من مكة في صفر، ووافينا الموسم. قلت: كتبت عن هشام بن يوسف؟ قال: لا، مات قبلنا. "سير أعلام النبلاء" 11/ 306 قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل: لِمَ لَمْ تسمع من إبراهيم بن سعد كثيرا، وقد نزل في جوارك بدار عمارة؟ فقال: حضرنا مجلسه مرة فحدثنا، فلما كان المجلس الثاني، رأى شبابا تقدموا بين يدي الشيوخ، فغضب، وقال: واللَّه لا حدثت سنة. فمات ولم يحدث. "سير أعلام النبلاء" 11/ 317 قال ابن أبي حاتم، عن أبيه، عن حرملة: سمعت الشافعي قال: وعدني أحمد بن حنبل أن يقدم علي مصر، فلم يقدم. قال ابن أبي حاتم: يشبه أن تكون خفة ذات اليد منعته أن يفي بالعِدَة. "البداية والنهاية" 10/ 776

15 - باب في إقباله على العلم واحترامه للعلماء

15 - باب في إقباله على العلم واحترامه للعلماء قال ابن أبي حاتم: نا أبي قال: سمعت الحسن بن الربيع يقول: أتاني أحمد بن حنبل فسألني عن أحاديث، وذكر حديثين فقال: هذا مما سألني أحمد عنه. قال ابن أبي حاتم: يتبجح بذلك. "الجرح والتعديل" 1/ 298 قال صالح: رأى رجل مع أَبي محبرة، فقال له: يا أبا عبد اللَّه أنت قد بلغت هذا المبلغ، وأنت إِمام المسلمين. فقال: مع المحبرة إلى المقبرة. "المناقب" لابن الجوزي ص 55 قال البغَوي: سمعت أبا عبد اللَّه أَحمد بن حنبل يقول: أَنا أَطلب العلم إلى أن أَدخل القبر. وقال محمد بن إسماعيل الصايغ: كنت أَصوغ مع أَبي ببغداد، فمر بنا أَحمد بن حنبل وهو يعدو ونعلاه في يده، فأَخذ أَبي هكذا بمجامع ثوبه، فقال: يا أبا عبد اللَّه أَلا تستحي إِلى متى تعدو مع هؤلاء الصبيان؟ قال: إلى الموت. "المناقب" لابن الجوزي ص 56 قال عمرو الناقد: كنا عند وكيع، وجاء أَحمد بن حنبل فقعد وجعل يصف من تواضعه بين يديه، قال عمرو: فقلت: يا أبا عبد اللَّه، إن الشيخ يُكرِمك فمالك لا تتكلم؟ قال: وإن كان يكرمني فينبغي لي أن أجله. "المناقب" لابن الجوزي ص 82 قال مُهَنَّأ: رأيت أَحمد بن حنبل قدام سفيان وقدامه عبد الرزاق، فقلت: تراهم يدرون من عندهم أي من فضله؟ "المناقب" لابن الجوزي ص 82 قال قتيبة بن سعيد: قدمت بغداد وما كانت لي همَّة إلا أن ألقى أَحمد ابن حنبل، فإذا هو قد جاءني مع يحيى بن معين، فتذاكرنا فقام أَحمد بن حنبل

وجلس بين يدي وقال: أمل عليَّ هذا، ثم تذاكرنا، فقام أيضًا وجلس بين يدي، فقلت: يا أبا عبد اللَّه اجلس مكانك. فقال: لا تشتغل بي، إنما أريد أن آخذ العلم على وجهه. "المناقب" لابن الجوزي ص 82 قال إسحاق الشهيد: كنت أرى يحيى القطان يصلي العصر، ثم يستند إلى أصل منارة مسجد، فيقف بين يديه علي بن المديني، والشاذكوني، وعمرو بن علي، وأَحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وغيرهم، يستمعون الحديث وهم قيام على أرجلهم، إلى أن تحين صلاة المغرب، لا يقول لأحد منهم اجلس، ولا يجلسون هيبة وإعظامًا. "المناقب" لابن الجوزي ص 83 قال خلف: جاءني أَحمد بن حنبل يسمع حديث أَبي عوانة، فاجتهدت أن أرفعه فأبى، وقال: لا أجلس إلا بين يديك، أُمِرْنا أن نتواضع لمن نتعلم منه. "المناقب" لابن الجوزي ص 83، "الجوهر المحصل" ص 23، "المنهج الأحمد" 1/ 97 قال أَحمد الدَّوْرَقيُّ: سمعت أَحمد بن حنبل يقول: نحن كتبنا الحديث من ستة وجوه وسبعة وجوه، لم نضبطه، كيف يضبطه من كتبه من وجه واحد! أو نحو هذا الكلام. "المناقب" ص 84، "شرح علل الترمذي" لابن رجب 1/ 210 قال صالح: سمعت أَبي يقول: كتبت بخطي ألف ألف حديث، سوى ما كُتب لي. "المناقب" لابن الجوزي ص 84، "شرح علل الترمذي" لابن رجب 1/ 210 قال محمد بن إبراهيم البُوشَنْجيُّ: رأيت أحمد بن حنبل وهو يملي علينا، فسأله رجل من أهل مَرْوَ، يكنى أبا يعقوب عن حديث، فأمر ابنه عبد اللَّه وقال له: أخرج إليَّ كتاب الفوائد، فأخرجه، فجعل يطلبه فلم يجد الحديث، فقام بنفسه ونزل عن ظهر مسجده، ودخل منزله، فلم يلبث كثير لبث حتى عاد إلينا

وعلى يده عدد أجزاء من الكتب، فقعد يطلب فيها الحديث فطال عليه، فقال له السائل: قد تعبت يا أبا عبد اللَّه، فدعه. فقال: لا، الحاجة لنا. فأرينا أنه دخل البيت فنظر إلى كل جزء يتوهم ذلك الحديث فيه، فأخرج تلك الأجزاء لئلا يرى أنه قد استثقله وكره أن يحتبس في المنزل لطلب ذلك الحديث. "المناقب" لابن الجوزي ص 246 قال المروذي: رأيت أبا العلاء الخادم قد جاء إلى أبي عبد اللَّه، وكان شيخًا مشمرًا يشبه القراء متواضعًا، فاستأذن على أبي عبد اللَّه، فخرج إليه وإذا في المسجد رجل غريب عليه أطمار ومعه محبرة، فلما قعد أبو عبد اللَّه حانت منه التفاتة فرأى الرجل، فقال لأبي العلاء: لا يشتد عليك الحر، فقام. ثم جعل أبو عبد اللَّه يلاحظ الرجل، فلما لم يسأله، قال له أبو عبد اللَّه: ألك حاجة؟ قال: تعلمني مما علمك اللَّه، فقام فدخل إلى منزله فأخرج كتبا وقال له: آدنه، فجعل يملي عليه، ثم يقول للرجل: اقرأ ما كتبت. "المناقب" لابن الجوزي ص 247 قال أحمد بن سعيد الرباطي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أخذنا هذا العلم بالذل، فلا ندفعه إلا بالذل. "سير أعلام النبلاء" 11/ 231 قال المروذي: قال أحمد: كنت أبكر في الحديث، لم يكن لي فيه تلك النية في بعض ما كنت فيه. "سير أعلام النبلاء" 11/ 306

16 - باب في غزارة علمه وقوة فهمه

16 - باب في غزارة علمه وقوة فهمه قال عبد اللَّه: قال أبي: مات هشيم وأنا ابن عشرين سنة، فكنت أحفظ من حديثه ما سمعته منه وما لم أسمع. فقلت له: كيف حفظت ما لم تسمع؟ فقال: كنت أسمع أصحابنا يتذاكرون. "العلل" رواية عبد اللَّه (2151) قال إسحاق بن راهويه: كنت أجالس بالعراق أَحمد بن حنبل، ويحيى ابن مَعِين، وأصحابنا، فكنا نتذاكر الحديث من طريق وطريقين وثلاثة، فيقول يحيى بن معين من بينهم: وطريق كذا، فأقول: أليس هذا صح بإجماع منا؟ فيقولون: نعم. فأقول: ما مراده؟ ما تفسيره؟ ما فقهه؟ فيقفون كلهم إلا أَحمد بن حنبل، فإنه يتكلم بكلام له قوي. "الجرح والتعديل" 1/ 293، "تاريخ بغداد" 4/ 419، "تاريخ دمشق" 5/ 295، "المناقب" ص 90، "تهذيب الكمال" 1/ 457، "سير أعلام النبلاء" 11/ 188، "الجوهر المحصل" ص 36 قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: اختيار أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم أحب إلي من قول الشافعي، ما أعرف في أصحابنا أسود الرأس أفقه من أحمد بن حنبل. فقيل له: فإسحاق؟ قال: حسبك بأبي يعقوب فقيهًا. "الجرح والتعديل" 1/ 294، "تاريخ دمشق"، 5/ 293، "سير أعلام النبلاء"، 11/ 205، "البداية والنهاية" 10/ 787 قال سعيد بن عمرو البردعي لأَبي زُرْعَة: يا أبا زُرْعَة، أنت أحفظ أم أَحمد ابن حنبل؟ قال: بل أَحمد بن حنبل. قلت: وكيف علمت ذلك؟ قال: وجدت كتب أَحمد بن حنبل ليس في أوائل الأجزاء ترجمة أسماء المحدثين الذين سمع منهم، فكان يحفظ كل جزء ممن سمعه، وأَنا لا أقدر على هذا. "الجرح والتعديل" 1/ 296، "المناقب" ص 86، "السير" 11/ 187، "المنهج الأحمد" 1/ 84

قال أبو حاتم: رأيت في كتب إبراهيم بن موسى إلى أحمد بن حنبل يسأله فى مسألة. "الجرح والتعديل" 1/ 299 قال ابن أبي حاتم: سمعت هارون بن إسحاق الهمداني وذكر له خطأ في إسناد حديث -فقال: هذا كلام أحمد بن حنبل وعلي ابن المديني. "الجرح والتعديل" 1/ 301 قال أبو حاتم: كان أحمد بن حنبل بارع الفهم لمعرفة الحديث بصحيحه وسقيمه، وتعلم الشافعي أشياء من معرفة الحديث منه، وكان الشافعي يقول لأحمد: حديث كذا وكذا قوي الإسناد محفوظ؟ فإذا قال أحمد: نعم، جعله أصلا وبنى عليه. "الجرح والتعديل" 1/ 302 قال محمد بن يونس: سمعت أبا عاصم وذكر الفقه فقال: ليس ثمة -يعني: ببغداد- إلا ذلك الرجل -يعني: أَحمد بن حنبل- ما جاءَنا من ثم أَحدٌ مثله يُحسِن الفقه، فذكر له علي بن المديني، فقال بيده ونفضها. "حلية الأولياء" 9/ 167، "تاريخ بغداد" 4/ 419، "تاريخ دمشق" 5/ 270، "المناقب" ص 90، "تهذيب الكمال" 1/ 450، "المنهج الأحمد" 1/ 83 قال أَحمد بن سعيد الدارمي: ما رأيت أسود الرأس أحفظ لحديث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ولا أعلم بفقهه ومعانيه، من أَبي عبد اللَّه أَحمد بن حنبل. "تاريخ بغداد" 4/ 419، "تاريخ دمشق" 5/ 290، "المناقب" لابن الجوزي ص 90، "تهذيب الكمال" 1/ 456، "المنهج الأحمد" 1/ 83 قال عبد اللَّه: سمعت أبا زُرْعَة يقول: كان أَحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث. فقيل له: وما يدريك؟ قال: ذاكرته فأخذت عليه الأبواب. "تاريخ بغداد" 4/ 419، "طبقات الحنابلة" 1/ 14، "تاريخ دمشق" 5/ 295، "المناقب" ص 85، "تهذيب الكمال" 1/ 457، "طبقات علماء الحديث" 2/ 82، "السير" 11/ 187، "الوافي بالوفيات" 6/ 364، "طبقات الشافعية" 2/ 27، "المقصد الأرشد" 1/ 66، "المنهج الأحمد" 1/ 84

قال إبراهيم الحربي: أدركت ثلاثة لن يُرى مثلهم، يعجز النساء أن يلدن مثلهم، رأيت أبا عبيد القاسم بن سلام ما مثله إلا بجبل نفخ فيه روح، ورأيت بشر بن الحارث فما شبهته إلا برجل عجن من قرنه إلى قدمه عقلًا، ورأيت أَحمد بن حنبل فرأَيت كأن اللَّه جمع له علم الأَولين والآخرين من كل صنف، يقول ما شاءَ ويمسك ما شاءَ. "طبقات الحنابلة" 1/ 14، "المناقب" ص 89، 183، "تهذيب الأسماء واللغات" 1/ 110، "طبقات علماء الحديث" 2/ 82، "سير أعلام النبلاء" 11/ 187، "طبقات الشافعية" 2/ 28، "الجوهر المحصل" ص 44، "المنهج الأحمد" 1/ 83 قال المروذي: كان أبو عبد اللَّه لا يلحن في الكلام، ولما نوظر بين يدي الخليفة كان يقول: كيف أقول ما لم يقل؟ ! "طبقات الحنابلة" 1/ 16، "المناقب" ص 605، "المقصد الأرشد" 1/ 66، "المنهج الأحمد" 1/ 75 قال محمد بن حبيب: قال أحمد: كتبت من العربية أكثر مما كتب أبو عمرو بن العلاء. "طبقات الحنابلة" 1/ 16، "المقصد الأرشد" 1/ 67 قال علي بن المديني: عهدي بأصحابنا وأحفظهم أحمد بن حنبل، فلما احتاج أن يحدث فلا يكاد يحدث إلا من كتاب. "تاريخ دمشق" 5/ 279 قال علي بن المديني: إذا ابتليت بشيء فأفتاني أحمد بن حنبل لم أبالي إذا لقيت ربي كيف كان. "تاريخ دمشق" 5/ 279، "البداية والنهاية" 10/ 786، "الجوهر المحصل" ص 36 قال أبو شعيب الحراني: سمعت علي بن المديني يقول: قال سيدي أحمد بن حنبل: لا تحدث إلا من كتاب. "تاريخ دمشق" 5/ 280، "تهذيب الأسماء" 1/ 111 قال يحيى بن معين: كان في أحمد بن حنبل خصال ما رأيتها في عالم قط، كان محدثا، وكان حافظا، وكان عالما، وكان ورعا، وكان زاهدا،

وكان عاقلا. "تاريخ دمشق" 5/ 280، "البداية والنهاية" 10/ 787 قال أبو بكر الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يقول في مسألة: كلمت فيها يحيى بن آدم فقلت كذا، فبقي متحيرا. "تاريخ دمشق" 5/ 286 قال أبو عبيد: أفقههم في الحديث أحمد بن حنبل، وأعرفهم بمعرفة الرجال وخطأ الحديث يحيى بن معين. "تاريخ دمشق" 5/ 286 قال صالح بن محمد: أعلم من أدركت بالحديث وعلله ابن المديني علي، وأفقههم في الحديث أحمد بن حنبل، وأمهرهم بالحديث سليمان الشاذكوني. "تاريخ دمشق" 5/ 294، "سير أعلام النبلاء" 11/ 199 قال حمدان بن سهل: ما رأيت أعلم من أحمد بن حنبل. "تاريخ دمشق" 5/ 298 قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه أَحمد بن حنبل يقول: حفظت كل شيء سمعته من هشيم، وهشيم حي قبل موته. "المناقب" لابن الجوزي ص 86، "طبقات علماء الحديث" 2/ 82، "الوافي بالوفيات" 6/ 364 قال أَحمد بن محمد بن سليمان التُّسْتَريّ: قيل لأَبي زُرْعَة: من رأيت من المشايخ المحدثين أحفظ؟ قال: أَحمد بن حنبل، حُزِرَت كتبه في اليوم الذي مات فيه فبلغت اثني عشر حملًا وعدلًا، ما كان على ظهر كتاب منها: حديث فلان، ولا في بطنه: حدثنا فلان، وكل ذلك كان يحفظه من ظهر قلبه. "المناقب" ص 86، "تهذيب الأسماء" 1/ 111، "السير" للذهبي 11/ 188، "الوافي بالوفيات" 6/ 364، "طبقات الشافعية" 2/ 27، "الجوهر المحصل" ص 42، "المنهج الأحمد" 1/ 84 قال أبو زُرْعَة: أتيت أَحمد بن حنبل فقلت: أخرج إليَّ حديث سفيان، فأخرج إليَّ أجزاء كلها سفيان، سفيان، ليس على حديث منها: حدثنا فلان.

فظننت أنها عن رجل واحد، فجعلت أنتخب، فلما قرأَ عليَّ جعل يقول في الأحاديث: ثنا وكيع، ويحيى، وثنا فلان. قال: فعجبت من ذلك. قال أبو زُرْعَة: فجهدت في عمري أن أقدر على شيء من هذا فلم أقدر. "المناقب" ص 87، "سير أعلام النبلاء" 11/ 188، "شرح علل الترمذي" لابن رجب 1/ 209 قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كنت أذاكر وكيعًا بحديث الثوري، فكان إذا صلى عشاءَ الآخرة خرج من المسجد إلى منزله، فكنت أذاكره فربما ذكر تسعة أحاديث أو العشرة فأحفظها، فإذا دخل قال لي أصحاب الحديث: أمل علينا، فأملها عليهم فيكتبونها. "المناقب" لابن الجوزي ص 87، "سير أعلام النبلاء" 11/ 186 قال قُتَيبة بن سعيد: كان وكيع إذا صلى العَتَمَة ينصرف معه أَحمد بن حنبل، فيقف على الباب فيذاكره وكيع، فأخذ وكيع ليلة بعِضَادَتي الباب، ثم قال: يا أبا عبد اللَّه، أُريد أن أُلقِي عليك حديث سفيان، قال: هات، فقال: تحفظ عن سفيان عن سَلَمة بن كُهَيل كذا وكذا؟ فيقول أَحمد: نعم، حدثنا يحيى، فيقول: سلمة كذا وكذا. فيقول: ثنا عبد الرحمن، فيقول سفيان عن سلمة كذا وكذا. فيقول: أنت حدثتنا، حتى يفرغ من سلمة. ثم يقول أَحمد: فتحفظ عن سلمة كذا وكذا؟ فيقول وكيع: لا، فلا يزال يلقي عليه ويقول وكيع: لا؟ ثم يأخذ في حديث شيخ شيخ، قال: فلم يزل قائمًا حتى جاءت الجارية فقالت: قد طلع الكوكب، أو قالت: الزُّهَرة. "المناقب" لابن الجوزي ص 87، "طبقات الشافعية" 2/ 28، "الجوهر المحصل" ص 42 قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان وكيع يحدث بأحاديث بإسناد واحد كأنه قد حفظها، فكنت أَتَحفَّظُ منها عشرة، خمسة عشر، أتحفظها بالليل. "المناقب" لابن الجوزي ص 88

قال عبد اللَّه: قال لي أَبي: خذ أي كتاب شئت من كتب وكيع من المصنف، فإن شئت أن تسألني عن الكلام حتى أخبرك بالإسناد، وإن شئت بالإسناد حتى أخبرك أَنا بالكلام. "المناقب" ص 88، "سير أعلام النبلاء" 11/ 186، "طبقات الشافعية" 2/ 28، "الجوهر المحصل" ص 43 قال أبو القاسم بن الجَبُّلي: أكثر الناس يظنون أن أَحمد إنما كان أكثر ذكره لموضع المحنة، وليس هو كذاك، كان أَحمد بن حنبل إذا سئل عن المسألة كأَن علم الدنيا بين عينيه. "المناقب" ص 89، "طبقات الشافعية" 2/ 28 قال الخلال: ثنا أَحمد بن محمد بن عبد الحميد الكوفي قال: سمعت يحيى بن مَعِين وسأله رجل عن مسألة سكنى في دكان؛ فقال: ليس هذا بابتنا، هذا بابة أحمد بن حنبل. قال الخلال: وكان أحمد قد كتب كتب الرأي وحفظها، ثم لم يلتفت إليها، كان إذا تكلم في الفقه تكلم كلام رجل قد انتقد العلوم، فتكلم عن معرفة. قال حُبيش بن مبشر وعدة من الفقهاء: نحن نناظر ونعترض في مناظرتنا على الناس كلهم، فإذا جاء أَحمد فليس لنا إلا السكوت. "المناقب" لابن الجوزي ص 91، "سير أعلام النبلاء" 11/ 188 قال ابن عقيل: ولقد كانت نوادر أَحمد نوادر بالغ في الفهم إلى أقصى طبقة، فمن ذلك أن أبا عبيد قصده، فقام من مجلسه، فقال: يا أبا عبد اللَّه، أليس قد رُوي: "المرءُ أحق بمجلسه"؟ (¬1) فقال: بلى، يجلس ويُجِلس فيه من أحب. فما يكون على هذا الفهم مزيد مع سرعة التأويل. قال: ومن هذا فقهه واختياراته يحسن بالمنصف أن يغض منه في هذا العلم؟ وما ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 263، ومسلم (2179) من حديث أبي هريرة بلفظ: "إذا قام الرجل من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به".

يقصد هذا إلى مبتدع، قد تمزق فؤاده من خمول كلمته، وانتشار علم أَحمد، حتى إن أكثر العلماء يقولون: أصلي أصل أَحمد، وفرعي فرع فلان، فحسبك بمن يرضى به في الأصول قدوة. "المناقب" لابن الجوزي ص 93 قال عبد اللَّه: لقنني أبي أحمد بن حنبل القرآن كله باختياره. "المناقب" لابن الجوزي ص 599 قال الأثرم: حدثني بعض من كان مع أبي عبد اللَّه، أنهم كانوا يجتمعون عند يحيى بن آدم، فيتشاغلون عن الحديث بمناظرة أحمد يحيى بن آدم، ويرتفع الصوت بينهما، وكان يحيى بن آدم واحد أهل زمانه في الفقه. "سير أعلام النبلاء" 11/ 189 قال عمرو بن العباس: سمعت عبد الرحمن بن مهدي، ذكر أصحاب الحديث، فقال: أعلمهم بحديث الثوري أحمد بن حنبل. "سير أعلام النبلاء" 11/ 189 قال أبو عبيد: إني لأتدين بذكر أحمد، ما رأيت رجلًا أعلم بالسنة منه. "سير أعلام النبلاء" 11/ 196 قال عبد اللَّه: كتب أبي عن أبي يوسف ومحمد الكتب، وكان يحفظها، فقال لي مهنا: كنت أسأله، فيقول: ليس ذا في كتبهم، فأرجع إليهم، فيقولون: صاحبك أعلم منا بالكتب. "سير أعلام النبلاء" 11/ 306 وقال ابن حبان: سمعت على بن أحمد الجرجاني بحلب يقول: سمعت حنبل بن إسحاق يقول: سمعت عمي أحمد بن حنبل يقول: أحفظنا للطوالات الشاذكوني، وأعرفنا بالرجال يحيى بن معين، وأعلمنا بالعلل علي بن المديني. وكأنه أومأ إلى نفسه أنه أفقههم. "شرح علل الترمذي" لابن رجب 9/ 215

17 - فصل في بداية جلوسه للتحديث والفتوى

باب في جلوسه للتحديث والفتوى 17 - فصل في بداية جلوسه للتحديث والفتوى قال أبو حاتم الرازي: أتيت أحمد بن حنبل في أول ما التقيت معه سنة ثلاث عشرة ومائتين، فإذا قد أخرج معه إلى الصلاة كتاب الأشربة وكتاب الإيمان، فصلى ولم يسأله أحد، فرده إلى بيته، وأتيته يوما آخر فإذا قد أخرج الكتابين، فظننت أنه يحتسب في إخراج ذلك لأن كتاب الإيمان أصل الدين، وكتاب الأشربة صرف الناس عن الشر، فإن أصل كل شر من السكر. "الجرح والتعديل" 1/ 303 قال نوح بن حبيب القومسي: رأيت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل في مسجد الخيف في سنة ثمان وتسعين ومائة، مستندا إلى المنارة، وجاءَه أصحاب الحديث وهو مستند، فجعل يعلمهم الفقه والحديث، ويفتي لنا في المناسك. "حلية الأولياء" 9/ 164، "تاريخ دمشق" 5/ 296، "المناقب" لابن الجوزي ص 243، "تهذيب الكمال" 1/ 458، "سير أعلام النبلاء" 11/ 191 قال نوح بن حبيب القومسي: رأيت أحمد بن حنبل في مسجد الخيف سنة ثمان وتسعين وابن عُيَينة حي وهو يفتي فتيا واسعة، فوقفت عليه ولم أكن عرفته قبل ذلك، فقلت لرجل من هذا؟ قال: أنت غريب؟ قلت: نعم، قال: هذا أحمد بن حنبل، فانتظرته حتى تفرَّق الناس، ثم أخذت بيده فسلمت عليه، فجرت بيني وبينه المعرفة من ذلك الوقت. "طبقات الحنابلة" 2/ 496، "المناقب" لابن الجوزي ص 243، "سير أعلام النبلاء" 11/ 309 قال حجاج بن الشاعر: جئت إلى أحمد بن حنبل فسألته أن يحدثني في سنة ثلاث ومائتين فأبى أن يحدثني، فخرجت إلى عبد الرزاق، ثم رجعت في

سنة أربع وقد حدث أحمد واستوى الناس عليه، وكان لأحمد في هذا اليوم أربعون سنة. "المناقب" لابن الجوزي ص 244 قال محمد بن عبد الرحمن الصيرفي: كنت مع أحمد بن حنبل على بابه فذكر حديثا لعبد الرزاق فقلت: يا أبا عبد اللَّه، أَمله علي، فقال لي: يا أبا جعفر أي شيءٍ تصنع به؟ عبد الرزاق حي. فقلت: أتصدقني؟ قال: نعم. فقلت: أنا أحلف لك مع قولي إن حدثتني به ثم خرجت من بابك فرأيت عبد الرزاق على باب زقاقك لم أسأله عنه. "المناقب" لابن الجوزي ص 244 قال حمدان بن علي الوراق: ذهبنا إلى أحمد بن حنبل سنة ثلاث عشرة فسألناه أن يحدثنا؛ فقال: تسمعون مني ومثل أبي عاصم في الحياة! اخرجوا إليه. "المناقب" لابن الجوزي ص 245 قال محمد بن عبد الرحمن الصيرفي: أتيت أحمد بن حنبل أنا وعبد اللَّه ابن سعيد الجمال، وذاك في آخر سنة مائتين، فقال أبو عبد اللَّه للجمال: يا أبا محمد، إن أقواما يسألوني أن أحدث، فهل ترى ذاك؟ فسكت. فقلت: أنا أجيبك. قال: تكلم. قلت: أرى لك إن كنت تشتهي أن تحدث، فلا تحدث، وإن كنت تشتهي أن لا تحدث فحدث. فكأنه استحسنه. "سير أعلام النبلاء" 11/ 309

18 - فصل في نهيه أن يكتب كلامه وما ورد من إذنه بذلك

18 - فصل في نهيه أن يكتب كلامه وما ورد من إذنه بذلك قال حنبل: رأيت أبا عبد اللَّه يكره أن يكتب شيء من رأيه أو فتواه. "المناقب" لابن الجوزي ص 251 قال المروذي: رأيت رجلًا خراسانيا قد جاء إلى أبي عبد اللَّه فأعطاه جزءًا، فنظر فيه أبو عبد اللَّه فإذا فيه كلام لأبي عبد اللَّه، فغضب فرمى الكتاب من يده. "المناقب" لابن الجوزي ص 251 قال أبو محمد البُرْجِي: قال أحمد بن حنبل: القلانس من السماء تنزل على رؤوس قوم يقولون برؤوسهم هكذا وهكذا (¬1). "المناقب" لابن الجوزي ص 252 قال أحمد بن الربيع بن دينار: قال أحمد بن حنبل: بلغني أن إسحاق الكَوْسَج يروي عني مسائل بخراسان، اشهدوا أني قد رجعت عن ذلك كله. قال أبو نعيم بن عدي الحافظ: قلتُ لصالح بن أحمد بن حنبل: عندنا شيخ يروي حكاية عن أبي عبد اللَّه أنه قال: قد رجعت عما رواه إسحاق الكوسج عني؟ وذكرتُ له هذه الحكاية، فقال لي صالح: إني قلتُ لأبي: بلغني أنَّ إسحاق بن منصور روى بخراسان هذه المسائل التي سألك عنها ويأخذ عليها الدراهم، فغضب أبي من ذلك واغتم مما أعلمته، فقال: ¬

_ (¬1) قال ابن الجوزي: ومعنى الكلام أنهم لا يريدون الرئاسة وهي تقع عليهم، ويحتمل أنه يريد أنهم يطأطئون رؤوسهم تواضعا، وكذا كان أحمد -رضي اللَّه عنه- ينهى عن كتب كلامه تواضعا وقدَّر اللَّه أن دُوِّن ورُتِّب وشاع. "المناقب" ص 252.

تسألوني عن المسائل ثم تحدثون بها وتأخذون عليها! وأنكر إنكارًا شديدًا. قال صالح: فقلتُ له: إن أبا نعيم الفضل بن دكين كان يأخذ على الحديث؟ فقال: لو علمتُ هذا ما رويتُ عنه شيئًا. قال صالح: ثم إن إسحاق بن منصور قدم بعد ذلك بغداد فصار إلى أبي فأعلمته أنه على الباب، فأذن له ولم يتكلم معه بشيء من ذلك. قال أبو الوليد حسان بن محمد: سمعت مشايخنا يذكرون أن إسحاقَ بنَ منصور بلغه أن الإمام أحمد رجع عن تلك المسائل التي علقها عنه، فجمع تلك المسائل كلها في جراب، وحملها على ظهره، وخرج راجلًا إلى بغداد، وهي على ظهره، وعرض خطوط أحمد عليه في كل مسألة استفتاه فيها، فأقرّ له بها ثانيًا، وأعجب أحمد بذلك من شأنه (¬1). "تاريخ بغداد" 6/ 362، "المناقب" لابن الجوزي ص 251، "طبقات الحنابلة" 1/ 306. ¬

_ (¬1) انتشرت قصة رجوع الإمام أحمد عن مسائل الكوسج في صفوف الحنابلة، إلا أن بعضًا منهم لم يبلغه أن الإمام أحمد أقرَّ ابن منصور ثانية وأجازه بها، فصار يُليِّن القول في تلك المسائل وفي الثقة بها، فنبه الحسن بن حامد (ت 403 هـ) إلى هذا الغلط في مقدمة كتابه الكبير المسمى بـ "الجامع"، فقال: (وقد رأيت بعض من يزعم أنه منتسب إلى الفقه يُليِّن القول في كتاب إسحاق بن منصور، ويقول: إنه يقال: إن أبا عبد اللَّه رجع عنه، وهذا قول من لا ثقة له بالمذهب، إذ لا أعلم أن أحدًا من أصحابنا قال بما ذكره ولا أشار إليه).

19 - فصل في مصنفاته

19 - فصل في مصنفاته قال حنبل: جمعنا أحمد بن حنبل أنا وصالح وعبد اللَّه وقرأ علينا "المسند" وما سمعه منه غيرنا، وقال لنا: هذا كتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة ألف وخمسين ألفًا، فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فارجعوا إليه، فإن وجدتموه فيه، وإلا فليس بحجة (¬1). "خصائص المسند" 1/ 21، "المناقب" ص 248، "الجوهر المحصل" ص 60، "المنهج الأحمد" 1/ 85 قال عبد اللَّه: قلت لأبي رحمه اللَّه تعالى: لم كرهت وضع الكتب، وقد عملت "المسند"؟ فقال: عملت هذا الكتاب إماما، إذا اختلف الناس في سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رجع إليه. "خصائص المسند" 1/ 22 قال عبد اللَّه: كتب أبي عشرة آلاف ألف حديث، ولم يكتب سوادًا في بياضٍ إلا قد حفظه. "خصائص المسند" 1/ 22 قال عبد اللَّه: خرج أبي "المسند" من سبعمائة ألف حديث. "خصائص المسند" 1/ 22، "المصعد الأحمد" 1/ 31 قال عبد اللَّه: قال لي أبي: احتفظ بهذا "المسند" فإنه سيكون للناس إمامًا. "المناقب" لابن الجوزي ص 248، "الجوهر المحصل" ص 60، "المنهج الأحمد" 1/ 85 قالَ أبو الحسين بنُ المُنادِيْ: صنَّف أحمد في التَّفسير وهو مائة ألف وعشرون ألفًا -يعني: حَديثًا (¬2) - و"النَّاسخ والمَنسوخ"، و"المقدَّمُ والمؤخَّر في كتاب اللَّه تعالى". "المقصد الأرشد" 1/ 70 ¬

_ (¬1) قال الذهبي في "السير" 11/ 329: في الصحيحين أحاديث قليلة، ليست في "المسند"، لكن قد يقال: لا ترد على قوله، فإن المسلمين ما اختلفوا فيها، ثم ما يلزم من هذا القول أن ما وجد فيه أن يكون حجة، ففيه جملة من الأحاديث الضعيفة مما يسوغ نقلها، ولا يجب الاحتجاج بها. (¬2) قال الذهبي 11/ 328: فتفسيره المذكور شيء لا وجود له، ولو وجد، لاجتهد =

20 - فصل في ثناء مشايخه وأقرانه عليه

باب في ثناء العلماء عليه 20 - فصل في ثناء مشايخه وأقرانه عليه قال البخاري: ضُرب أَحمد بن حنبل وكنت بالبصرة فجاءَ الخبر، فقال أبو الوليد [الطيالسي]: لو كان هذا في بني إسرائيل لكان أحدوثة. "التاريخ الصغير" 2/ 375، "تاريخ دمشق" 5/ 314، "المناقب" ص 100 قال صالح: جاء رجل من مدينة أبي جعفر -شيخ- فقال: يا أبا إسحاق حدثني. قال: كيف أحدثك وهذا هاهنا! قال أبي: وكنت حاضره. "مسائل صالح" (703) قال الحارث بن العباس: قلت لأَبي مسهر: هل تعرف أَحدًا يحفظ على هذِه الأُمة أَمر دينها؟ قال: لا أعلمه إلا شاب في ناحية المشرق -يعني: أَحمد ابن حنبل. "السيرة"، ص 68، "الجرح والتعديل" 1/ 292، "تاريخ دمشق" 5/ 283، "المناقب" ص 114، "تهذيب الكمال" 1/ 454، "السير" 11/ 195، "طبقات الشافعية" 2/ 29، "الجوهر المحصل" ص 25 قال حنبل: بلغني أن أبا العلاء الأهتم قال: ما رأيت رجلًا كان أشجع قلبًا من أحمد. "ذكر المحنة" لحنبل ص 59 قال المروذي: سمعت العباس يقول: سمعت إبراهيم بن شماس يقول: كنا عند عبد الرحمن بن مهدي فطلع أحمد، فقال: من أَراد أَن ينظر إلى ما بين كتفي الثوري فلينظر إلى هذا، وأشار إلى أحمد بن حنبل رحمه اللَّه. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" للمروذي (265) قال عبد اللَّه: كل شيء في كتب الشافعي: حدثني الثقة، عن هشيم ¬

_ = الفضلاء في تحصيله، ولاشتهر، ثم لو ألف تفسيرًا، لما كان يكون أزيد من عشرة آلاف أثر، ولاقتضى أن يكون في خمس مجلدات. فهذا تفسير ابن جرير الذي جمع فيه فأوعى، لا يبلغ عشرين ألفًا، وما ذكر تفسير أحمد أحد سوى أبي الحسين ابن المنادي.

وغيره، هو أبي (¬1). "العلل" رواية عبد اللَّه (1082) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق أحاديث في المهدي، فلما فرغ منها التفت إليهم فقال: لولا هذا -أو لولاه يعنيني- ما حدثتكم بها. "العلل" رواية عبد اللَّه (4628) قال عبد اللَّه: قال ابن أبي شيبة: قدمنا بغداد منذ أكثر من أربعين سنة إلى ابن علية، فما كان أحد يقوم في وجوهنا -يعني: في حفظ الأبواب- إلا أبو هذا. قال عبد اللَّه: يعنيني، فقال له رجل: فيحيى بن معين؟ قال: فيه مؤتة شديدة. "العلل" رواية عبد اللَّه (4783) قال أَحمد بن سنان القطان، عن عبد الرحمن بن مهدي، أنه رأى أَحمد ابن حنبل أقبل إليه أو قام من عنده، فقال: هذا أعلم الناس بحديث سفيان الثوري. "الجرح والتعديل" 1/ 292، "حلية الأولياء" 9/ 164، "تاريخ دمشق" 5/ 269، "المناقب" ص 101، "تهذيب الكمال" 1/ 450 قال أبو عبيد القاسم بن سلام: انتهى العلم -يعني: علم الحديث- إلى ¬

_ (¬1) قال السبكي: وقد كنت أنا لما قرأت "مسند الشافعي" على شيخنا أبي عبد اللَّه الحافظ، سألته في كل مكان من تلك، فكان بعضها يتعين أن يكون مراده به يحيى ابن حسان، كما قيل إنه المقصود به دائما، وبعضها يتعين أنه يريد به إبراهيم بن أبي يحيى، وبعضها يتردد، وذلك معلق عندي فى مجموع مما علقته عن شيخنا رحمه اللَّه، وأكثرها لا يمكن أنه يريد به أحمد بن حنبل مثل قوله: أخبرنا الثقة، عن أبي إسحاق، فلا يمكن أن يريد به أحمد، بل إما إبراهيم بن سعد أو غيره. ومثل قوله: أخبرنا الثقة، عن ابن شهاب، يحتمل مالكا وابن سعد وسفيان بن عيينة، ولا ثالث لهم في أشياخ الشافعي. ومثل قوله: الثقة، عن معمر، فهو إما هشام بن يوسف الصغاني أو عبد الرزاق. ومثل قوله: الثقة من أصحابنا، عن هشام بن حسان. قال شيخنا أبو عبد اللَّه محمد بن أحمد الحافظ: لعله يحيى القطان. ومثل قوله: الثقة، عن زكريا بن إسحاق، عن يحيى بن عبد اللَّه. قال لي محمد بن أحمد الحافظ: إنه يحيى بن حسان التنيسي، ومثل مواضع أخر تركتها اختصارا. "طبقات الشافعية الكبرى" 2/ 30.

أربعة: أَحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن مَعِين، وأَبي بكر بن أَبي شيبة، وكان أَحمد أفقههم فيه. "الجرح والتعديل" 1/ 93، "تاريخ دمشق" 5/ 285، "المناقب" ص 151، "تهذيب الكمال" 1/ 454، "طبقات علماء الحديث" 2/ 83، "السيرة" 11/ 196 قال عبد اللَّه بن أَحمد بن شَبُّويَه: سمعت قتيبة يقول: لو أَدرك أَحمد بن حنبل عصر الثوري، ومالك، والأوزاعي، والليث بن سعد لكان هو المقدم. قلت لقتيبة: تضم أَحمد إلى التابعين؟ قال: إلى كبار التابعين. "الجرح والتعديل" 1/ 293، "تاريخ دمشق" 5/ 275، "المناقب" لابن الجوزي ص 112، "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 157، "سير أعلام النبلاء" 11/ 195 قال أَحمد بن سَلَمة النيسابوري: ذكرت لقتيبة بن سعيد، يحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهويه، وأَحمد بن حنبل، فقال: أَحمد بن حنبل أكبر ممن سميتهم كلهم. "الجرح والتعديل" 1/ 293، "المناقب" لابن الجوزي ص 112 قال أبو ثور إبراهيم بن خالد: أَحمد بن حنبل أعلم أو أفقه من الثوري. "الجرح والتعديل" 1/ 293، "طبقات الحنابلة" 1/ 15، "المناقب" لابن الجوزي ص 165، "طبقات علماء الحديث" 3/ 83، "سير أعلام النبلاء" 11/ 197، "المقصد الأرشد" 1/ 66 قال ابن أَبي حاتم: سمعت محمد بن مسلم بن وارة -وسئل عن علي بن المَدِيني ويحيى بن مَعِين أيهما كان أحفظ؟ - قال: كان علي أسرد وأتقن، ويحيى أفهم بصحيح الحديث وسقيمه، وأجمعهما أَبو عبد اللَّه أَحمد بن حنبل، كان صاحب فقه وصاحب حفظ وصاحب معرفة. "الجرح والتعديل" 1/ 294، "المناقب" لابن الجوزي ص 170، "سير أعلام النبلاء" 11/ 199 قال ابن أَبي حاتم: سألت أَبي عن علي بن المَدِينيّ وأَحمد بن حنبل، أيهما كان أحفظ؟ قال: كانا في الحفظ متقاربَيْن، وكان أَحمد أفقه. قال: وسمعت أَبي يقول: إذا رأيتم الرجل يحبُّ أَحمد بن حنبل فاعلم أنه صاحب سُنَّة. وسمعت أَبي يقول: رأيت قتيبة بن سعيد بمكة يجيءُ ويذهب ولا يكتب عنه، فقلت لأصحاب الحديث: كيف تَغْفلون عن قتيبة وقد رأَيتُ أَحمد

ابن حنبل في مجلسه؟ فلما سمعوا مني أَخذوا نحوه وكتبوا عنه. "الجرح والتعديل" 1/ 308، 299، 294، "تاريخ دمشق" 5/ 293، "المناقب" ص 163، "تهذيب الأسماء" 1/ 111، "تهذيب الكمال" 1/ 456، "السير" 11/ 198، "الجوهر المحصل" ص 44 قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زُرْعة يقول: لم أزل أسمع الناس يذكرون أحمد بن حنبل بخير ويقدمونه على يحيى بن معين وأبي خيثمة، غير أنه لم يكن من ذكره ما صار بعد أن امتحن، فلما امتحن ارتفع ذكره في الآفاق. وسمعت أبا زرعة يقول: ما رأيت أحدًا أجمع من أحمد بن حنبل. قيل له: إسحاق بن راهويه. فقال: أحمد بن حنبل أكبر من إسحاق بن راهويه وأفقه، وقد رأيت الشيوخ فما رأيت أحدًا أكمل منه، اجتمع فيه زهد وفضل وفقه وأشياء كثيرة. "الجرح والتعديل" 1/ 294، " حلية الأولياء" 9/ 168، "تاريخ دمشق" 5/ 292، "المناقب" لابن الجوزي ص 162، "سير أعلام النبلاء" 11/ 198 قال علي بن المديني: ليس في أصحابنا أحفظ من أَبي عبد اللَّه أَحمد بن حنبل، وبلغني أنه لا يحدث إلا من كتاب ولنا فيه أُسوة حسنة. "الجرح والتعديل" 1/ 295، "حلية الأولياء" 9/ 165، "تاريخ دمشق" 5/ 279، "المناقب" ص 148، 328، "تهذيب الكمال" 1/ 452، "سير أعلام النبلاء" 11/ 200، "الجوهر المحصل" ص 36 قال قتيبة بن سعيد: أحمد بن حنبل إمام الدنيا. "الجرح والتعديل" 1/ 295، "سير أعلام النبلاء" 11/ 195، "طبقات الشافعية" 2/ 29 قال أبو جعفر النفيلي: كان أَحمد بن حنبل من أعلام الدين. "الجرح والتعديل" 1/ 295، "حلية الأولياء" 9/ 169، "تاريخ دمشق" 5/ 282، "المناقب" ص 170، "تهذيب الكمال" 1/ 453، "سير أعلام النبلاء" 11/ 197، 201 قال محمد بن يحيى النيسابوري: إمامنا أَحمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه-. "الجرح والتعديل" 1/ 295، "تاريخ دمشق" 5/ 290، "المناقب" لابن الجوزي ص 166 قال الهيثم بن جميل: إن لكل زمان رجلًا يكون حجة على الخلق، وإن فضيل بن عياض حجة أهل زمانه، وأظن إن عاش هذا الفتى أحمد بن حنبل

سيكون حجة على أهل زمانه. "الجرح والتعديل" 1/ 295، "حلية الأولياء" 9/ 167، 172، "تاريخ دمشق" 5/ 283، 284، "والمناقب" ص 108، "المحنة" لعبد الغني ص 161، "تهذيب الكمال" 1/ 454، "سير أعلام النبلاء" 11/ 195، "والجوهر المحصل" ص 33 قال الحسن بن محمد بن الصباح: قال الشافعي: ما رأيت رجلين أعقل من أَحمد بن حنبل، وسليمان بن داود الهاشمي. "الجرح والتعديل" 1/ 296، "تاريخ دمشق" 5/ 271، "المناقب" ص 146، "سير أَعلام النبلاء" 11/ 195، "الجوهر المحصل" ص 34، "المنهج الأحمد" 1/ 87 قال عمرو بن محمد الناقد: إذا وافقني أَحمد بن حنبل على حديث فلا أُبالي من خالفني. "الجرح والتعديل" 1/ 296، "المناقب" لابن الجوزي ص 169، "سير أعلام النبلاء" 11/ 198، "الجوهر المحصل" ص 37، "المنهج الأحمد 1/ 90 قال أَحمد بن سنان: ما رأيت يزيد بن هارون لأحد أشد تعظيما منه لأَحمد ابن حنبل، ولا رأيته أكرم أحدًا إكرامه لأَحمد بن حنبل، وكان يقعده إلى جنبه إذا حدثنا، وكان يوقر أَحمد بن حنبل ولا يمازحه، ومرض أَحمد بن حنبل، فركب إليه يزيد بن هارون وعاده. "الجرح والتعديل" 1/ 297، "تاريخ دمشق" 5/ 269، "المناقب" ص 95، "تهذيب الكمال" 1/ 450، "سير أعلام النبلاء" 11/ 194 قال إبراهيم بن يعقوب الجُوزَجاني: سمعت أَبا اليمان يقول: كنت أَشبه أَحمد بن حنبل بأَرطأَة بن المنذر. "الجرح" 1/ 297، "المناقب" ص 106، "السير" 11/ 195 قال أَبو حاتم الرازي: كان الحسن بن محمد بن الصباح إذا بلغه أن إنسانا ذكر أَحمد بن حنبل؛ جمع المشايخ وأتاه، وقال: استعدى عليه. "الجرح والتعديل" 1/ 297، "المناقب" لابن الجوزي ص 171 قال أَبو حاتم الرازي: كان أَبو عُمَير بن النَّحاس الرَّمْلي من عُبَّاد المسلمين فدخلت يوما عليه فقال لي: كتبت عن أَحمد بن حنبل شيئًا؟ قلت: نعم! قال: فأَمْلِ عليَّ. فأمليت عليه ما حفظت من حديث أَحمد ابن حنبل ثم سأَلني فقرأت عليه. "الجرح والتعديل" 1/ 297، "المناقب" ص 173، "السير" 11/ 198

قال ابن أَبي حاتم: ثنا محمد بن مسلم قال: انصرفت من عند الهيثم بن جميل أُريد محمد بن المبارك الصوري، فأتاني نعي أَبي المغيرة عبد القدوس ابن الحجاج وقيل لي: صلى عليه أَحمد بن حنبل. قال ابن أبي حاتم: كان علماء حمص متوافرين في ذلك الزمان، فقدموا أَحمد ابن حنبل وهو شاب لجلالته عندهم. "الجرح والتعديل" 1/ 297، "المناقب" لابن الجوزي ص 180 قال يحيى بن مَعِين: أَراد الناس أن أكون مثل أَحمد بن حنبل، لا واللَّه! لا أكون مثل أَحمد أَبدًا. "الجرح والتعديل" 1/ 297، "الكامل" لابن عدي 1/ 211، "المناقب" ص 154، "طبقات علماء الحديث" 2/ 83، "سير أعلام النبلاء" 11/ 197، "المنهج الأحمد" 1/ 84 قال الميموني: قال لي أحمد بن يونس بالكوفة: أبلغ أحمد بن حنبل السلام. "الجرح والتعديل" 1/ 299 قال الحسين بن الحسن الرازي: حضرت بمصر عند بقال، فأحسن إلينا، ثم جرى بيننا وبينه الحديث، فسألني عن أحمد بن حنبل؛ فقلت: كتبت عنه، فلم يأخذ ما أعطيته وقال: لا آخذ ثمن المتاع ممن يعرف أحمد بن حنبل أو رآه. "الجرح والتعديل" 1/ 307، "المنهج الأحمد" 1/ 92 قال قتيبة بن سعيد: إِذا رأَيت الرجل يحب أَحمد بن حنبل فاعلم أنه صاحب سنة وجماعة. "الجرح والتعديل" 1/ 308، "المناقب" ص 111، "المنهج الأحمد" 1/ 92 قال قتيبة بن سعيد: إذا رأَيت الرجل يحب أَحمد بن حنبل، فاعلم أنه على الطريق. "الجرح والتعديل" 1/ 308، "المناقب" لابن الجوزي ص 111 قال عبد الملك بن أبي عبد الرحمن: سمعت أحمد بن يونس روى الحديث: "في الجنة قصور لا يدخلها إلا نبي أو صديق أو محكم نفسه" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه بنحوه ابن أبي شيبة 7/ 63 (34023)، والبيهقي في "الشعب" 5/ 412 (7107) من قول كعب الأحبار كما ذكره ابن الجوزي عقب الرواية.

فقيل لأحمد بن يونس: من المحكم في نفسه؟ قال: أحمد ابن حنبل المحكم. "الجرح والتعديل" 1/ 310، "المناقب" ص 418، "المحنة" ص 129 قال عبد اللَّه بن محمد بن فضيل الأَسدي: لما حُمِلَ أَحمد بن حنبل ليُضْرَب جاءوا إلى بشر بن الحارث. فقالوا له: قد حمل أَحمد وحملت السياط، وقد وجب عليك أن تتكلم. فقال: تريدون مني مقام الأنبياء؟ ليس ذا عندي. حفظ اللَّه أَحمد بن حنبل من بين يديه ومن خلفه. "الجرح والتعديل" 1/ 310، "طبقات الحنابلة" 1/ 28، "المناقب" ص 158، "المحنة" لعبد الغنى ص 119، "سير أعلام النبلاء" 11/ 254، "المنهج الأحمد" 1/ 106 قال إبراهيم بن الحارث: قيل لبِشْر بن الحارث حين ضُرِب أَحمد بن حنبل: يا أبا نصر، لو أنك خرجت فقلت: إني على قول أَحمد بن حنبل. فقال بشر: أتريدون أن أقوم مقام الأنبياء؟ إن أَحمد بن حنبل قام مقام الأنبياء. "الجرح" 1/ 310، "الحلية" 9/ 170، "تاريخ دمشق" 5/ 318، "المناقب" ص 157، "المحنة" ص 120 قال حَرْمَلة بن يحيى: سمعت الشافعي يقول: خرجت من بغداد وما خلفت بها أحدًا أورع ولا أتقى ولا أفقه -وأظنه قال: ولا أعلم- من أَحمد بن حنبل. "الكامل" لابن عدي 1/ 210، "تاريخ بغداد" 4/ 419، "طبقات الحنابلة" 1/ 40، "تاريخ دمشق" 5/ 272، "المناقب" ص 145، "تهذيب الكمال" 1/ 451، "طبقات علماء الحديث" 2/ 83، "السير" 11/ 195، "طبقات الشافعية" 2/ 27، "البداية والنهاية" 10/ 786، "الجوهر المحصل" ص 34، "المنهج الأحمد" 1/ 84 قال إسماعيل بن خليل (¬1): لو كان أَحمد بن حنبل في بني إسرائيل لكان آية. "الكامل" لابن عدي 1/ 211، "حلية الأولياء" 9/ 166، "تاريخ بغداد" 4/ 418، "تاريخ دمشق"، 5/ 289، "المناقب" ص 177، "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 32، "تهذيب الكمال" 1/ 455، "سير أعلام النبلاء" 11/ 202، "البداية والنهاية" 10/ 786 ¬

_ (¬1) في "حلية الأولياء": سعيد بن الخليل الخزاز.

قال يحيى بن مَعِين: واللَّه ما نَقْوى على ما يقوى عليه أَحمد ولا على طريقة أَحمد. "الكامل" لابن عدي 1/ 211، "الحلية" 9/ 168، "طبقات الحنابلة" 1/ 30، "تاريخ دمشق" 5/ 281، "المناقب" ص 154، "تهذيب الكمال" 1/ 453، "البداية والنهاية" 10/ 787، "الجوهر المحصل" ص 36 قال عبد اللَّه بن أَحمد بن شَبُّويَه: سمعت قتيبة يقول: لولا الثوري لمات الورع، ولولا أَحمد بن حنبل لأَحدثوا في الدين. قلت لقتيبة: تضم أَحمد إلى أحد التابعين؟ فقال: إلى كبار التابعين. "الكامل" 1/ 211، "الحلية" 9/ 168، "تاريخ بغداد" 4/ 417، "طبقات الحنابلة" 1/ 35، "تاريخ دمشق" 5/ 275، "المناقب" ص 912، "تهذيب الكمال" 1/ 451، "السير" 11/ 195، "طبقات الشافعية" 2/ 28 قال هلال بن العلاء الرقي: مَنَّ اللَّه على هذِه الأُمة بأَربعة، ولولاهم لهلك الناس: مَنّ اللَّه عليهم بالشافعي، حتى بين المجمل من المفسر، والخاص من العام، والناسخ من المنسوخ، ولولاه لهلك الناس. ومَنَّ اللَّه عليهم بأحمد بن حنبل حتى صبر في المحنة والضرب، فنظر غيره إليه فصبر، ولم يقولوا بخلق القرآن، ولولاه لهلك الناس. ومَنَّ اللَّه عليهم بيحيى بن معين حتى بين الضعفاء من الثقات، ولولاه لهلك الناس. ومَنَّ اللَّه عليهم بأبي عبيد حتى فسر غريب حديث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ولولاه لهلك الناس. "الكامل" لابن عدي 1/ 212، "تاريخ دمشق" 5/ 318، "المناقب" ص 167، "المحنة" لعبد الغني ص 30، "تهذيب الكمال" 1/ 463، "البداية والنهاية" 10/ 787، "الجوهر المحصل" ص 40 قال أبو زُرْعَة: ما رأَيت مثل أَحمد بن حنبل في فنون العلم، وما قام أحد مثل ما قام أَحمد به. "حلية الأولياء" 9/ 164، 171، "تاريخ دمشق" 5/ 292، "المناقب" ص 162 قال عبد اللَّه بن محمد بن عبد الكريم: سمعت أبا زُرْعَة يقول: ما رأت عيني مثل أَحمد بن حنبل. فقلت له: في العلم؟ فقال: في العلم والزهد والفقه والمعرفة وكل خير، ما رأت عيناي مثله. "حلية الأولياء" 9/ 164، "المناقب" ص 162، "الجوهر المحصل" ص 42، "المنهج الأحمد" 1/ 89

قال علي بن المَدِيني: أَحمد بن حنبل سيدنا. "حلية الأولياء" 9/ 165، 171، "تاريخ بغداد" 4/ 417، "طبقات الحنابلة" 1/ 36، "المناقب" ص 147، "المنهج الأحمد" 1/ 88 قال يحيى بن سعيد القطان: ما قدم علي مثل هذين الرجلين: أَحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعِين. "الحلية" 9/ 165، "المناقب" ص 103، "تهذيب الكمال" 1/ 449 قال عبد اللَّه: حضر قوم من أصحاب الحديث في مجلس أَبي عاصم الضحاك بن مخلد. فقال: أَلا تتفقهون؟ وليس فيكم فقيه، وجعل يذمهم. فقالوا: فينا رجل. فقال: من هو؟ فقالوا الساعة يجيءُ، فلما جاءَ أَبي، قالوا: قد جاءَ، فنظر إليه فقال له: تقدم. فقال: أكره أن أَتخطى الناس. فقال أَبو عاصم: هذا من فقهه، وسعوا له، فوسعوا فدخل، فأَجلسه بين يديه، فأَلقى عليه مسأَلة فأَجاب، فأَلقى ثانية فأَجاب، وثالثة فأَجاب، ومسائل فأَجاب. فقال أَبو عاصم: هذا من دواب البحر، ليس هذا من دواب البر، أو: من دواب البر، ليس من دواب البحر. "حلية الأولياء" 9/ 165، "تاريخ دمشق" 5/ 297، "المناقب" ص 104، "تهذيب الكمال" 1/ 458، "الجوهر المحصل" ص 31 قال قتيبة بن سعيد: لو أَدرك أَحمد بن حنبل عصر الثوري، ومالك، والأَوزاعي، والليث بن سعد، لكان هو المقدم. "حلية الأولياء" 9/ 166، 168، "تاريخ دمشق" 5/ 276، "المناقب" ص 112، "المنهج الأحمد" 1/ 88 قال أبو العباس أحمد بن إبراهيم الصوفي: قال لي رجل من أهل العلم -وكان حبرا فاضلا يكنى بأبي جعفر- في العشية التي دفنا فيها أبا عبد اللَّه: تدري من دفنا اليوم؟ قلت: من؟ قال: سادس خمسة. قلت: من؟ قال: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن عبد العزيز، وأحمد بن حنبل. قال أبو العباس: فاستحسنت ذلك منه، وعنى بذلك أن كل واحد في زمانه. وقال أبو العباس: من دون أحمد كلهم في ميزان أحمد، كما أن الناس

من دون أبي بكر في ميزان أبي بكر الصديق. "حلية الأولياء" 9/ 166، "تاريخ دمشق" 5/ 309، "المحنة" ص 18، "البداية والنهاية" 10/ 793 قال عبد اللَّه: كتب إلي الفتح بن شُخْرُف بخط يده. قال: ذُكِرَ أَبو عبد اللَّه أَحمد بن حنبل عند الحارث بن أَسد. قال الفتح: فقلت للحارث: سمعت عبد الرزاق يقول: سمعت سفيان بن عيينة يقول: علماء الأزمنة ثلاثة: ابن عباس في زمانه، والشَّعبي في زمانه، والثوري في زمانه. قال الفتح: فقلت أَنا للحارث: وأَحمد بن حنبل في زمانه، فقال لي الحارث: أَحمد بن حنبل نزل به ما لم ينزل بسفيان الثوري والأوزاعي. "حلية الأولياء" 9/ 167، "تاريخ دمشق" 5/ 310، "المناقب" لابن الجوزي ص 161 قال عبد اللَّه: حدثني يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد قال: قال لي نصر بن علي: كان أَحمد بن حنبل أفضل أهل زمانه. "حلية الأولياء" 9/ 167، "تاريخ بغداد" 4/ 417، "تاريخ دمشق" 5/ 287، "المناقب" ص 168، "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 161، "تهذيب الكمال" 1/ 455، "سير أعلام النبلاء" 11/ 197 قال يحيى بن سعيد القطان: ما قدم عليَّ مثل أَحمد بن حنبل. "حلية الأولياء" 9/ 167، "المناقب" لابن الجوزي ص 103 قال أبو يحيى الناقد: كنا عند إبراهيم بن عَرْعَرَة فذكروا علي بن عاصم. فقال رجل: أَحمد بن حنبل يضعفه. فقال رجل: وما يضره من ذلك إذا كان ثقة. فقال إبراهيم بن عرعرة: واللَّه لو تكلم أَحمد بن حنبل في علقمة والأسود لضرهما. "حلية الأولياء" 9/ 168، "المناقب" ص 177، "السير" 11/ 202 قال خلف بن سالم: كنا في مجلس يزيد بن هارون فمزح يزيد مع مستمليه، فتنحنح أحمد بن حنبل، فضرب يزيد بيده على جبينه وقال: ألا أعلمتموني أن أَحمد هاهنا حتى لا أمزح. "حلية الأولياء" 9/ 169، "تاريخ دمشق" 5/ 269، "المناقب" ص 95، "الجوهر المحصل" ص 28

قال أحمد بن يزيد الطحان خادم عبد الرحمن بن مهدي: قال لي عبد الرحمن: بعثت إليك فلم توجد؟ قلت: غدوت مع أحمد بن حنبل في حاجة له. قال: أحسنت، ما نظرت إلى هذا الرجل إلا تذكرت به سفيان الثوري. "حلية الأولياء" 9/ 169، "تاريخ دمشق" 5/ 269، "طبقات الشافعية" 2/ 28 قال محمد بن الحسين الأنماطي: كنا في مجلس فيه يحيى بن مَعِين وأَبو خيثمة زهير بن حرب وجماعة من كبار العلماء، فجعلوا يثنون على أَحمد بن حنبل ويذكرون فضائله، فقال رجل: لا تكثروا، بعضَ هذا القول. فقال يحيى بن مَعِين: وكثرة الثناء على أَحمد بن حنبل تُستنكر، ولو جلسنا مجلسنا بالثناء عليه ما ذكرنا فضائله بكمالها. "حلية الأولياء" 9/ 169، "تاريخ بغداد" 4/ 421، "طبقات الحنابلة" 1/ 41، "تاريخ دمشق" 5/ 280، "المناقب" ص 155، "تهذيب الكمال" 1/ ص 453، "سير أعلام النبلاء" 11/ 196 قال علي بن خَشْرَم: سمعت بِشر بن الحارث وسئل عن أَحمد بن حنبل؛ فقال: أَنا أُسأَل عن أَحمد! إن ابن حنبل أُدْخِل الكير فخرج ذهبًا أحمر. قال علي: فبلغ أحمد قول بِشر، فقال: الحمد للَّه الذي رضَّى بشرًا بما صنعنا. "حلية الأولياء"، 9/ 170، "طبقات الحنابلة" 1/ 29، "تاريخ دمشق" 5/ 286، "المناقب" ص 156، "المحنة" ص 129، "تهذيب الكمال" 1/ 454، "السير" 11/ 179، "البداية والنهاية" 10/ 786، "المقصد الأرشد" 1/ 69، "الجوهر المحصل" ص 39، "المنهج الأحمد" 1/ 106 قال إسحاق بن راهويه: ما رأى الشافعي مثل أحمد بن حنبل. "الحلية" 9/ 170، "تاريخ دمشق" 5/ 277، "المناقب" ص 602، "تهذيب الكمال" 1/ 452، "السير" 11/ 196 قال زهير بن حرب: ما رأَيت مثل أَحمد بن حنبل أشد قلبا منه أن يكون قام ذلك المقام، ويرى ما يمر به من الضرب والقتل، قال: وما قام أحد مثل ما قام أَحمد امتحن كذا سنة وطلب، وما ثبت أحد على ما ثبت عليه. "حلية الأولياء" 9/ 171، "تاريخ دمشق" 5/ 319، "المناقب" ص 155، "سير أعلام النبلاء" 11/ 197

قال إسحاق بن راهَوَيْه: لولا أَحمد بن حنبل وبَذْلُ نفسه لما بذلها له لَذَهب الإسلامُ. "حلية الأولياء" 9/ 171، "طبقات الحنابلة" 1/ 29، "المناقب" ص 156، "تهذيب الكمال" 1/ 452، "السير" 11/ 196، "المقصد الأرشد" 1/ 69، "المنهج الأحمد" 1/ 81 قال إدريس بن عبد الكريم المقرئ: رأيت علماءنا مثل الهيثم بن خارجة، ومصعب الزبيري، ويحيى بن مَعِين، وأَبي بكر بن أَبي شَيْبَة، وعثمان بن أَبي شيبة، وعبد الأَعلى بن حماد النَّرْسِي، ومحمد بن عبد الملك بن أَبي الشوارب، وعلي بن المدَيني، وعبيد اللَّه بن عمر القواريري، وأَبي خيثمة زهير بن حرب، وأَبي مَعْمَر القَطِيعي، ومحمد ابن جعفر الوَرْكَاني، وأَحمد بن محمد بن أيوب صاحب المغازي، ومحمد بن بكار بن الريان، وعمرو بن محمد الناقد، ويحيى بن أيوب المَقَابِري العابد، وشريح بن يونس، وخلف بن هشام البزار، وأَبي الربيع الزهراني، فيمن لا أحصيهم من أهل العلم والفقه يعظمون أَحمد بن حنبل ويجلونه ويوقرونه ويبجلونه ويقصدونه للسلام عليه. "حلية الأولياء" 9/ 171، "تاريخ بغداد" 4/ 416، "تاريخ دمشق" 5/ 294، "المناقب" ص 179، "تهذيب الكمال" 1/ 456، "السير" 11/ 204 قال شجاع بن مخلد: كنت عند أَبي الوليد الطَّيالِسي فورد عليه كتاب أَحمد بن حنبل، فسمعته يقول: ما بالمصرين -يعني: البصرة والكوفة- أَحد أَحب إِليَّ من أَحمد بن حنبل، ولا أَرفع قدرا في نفسي منه. "حلية الأولياء" 9/ 171، "تاريخ دمشق" 5/ 274، "المناقب" لابن الجوزي ص 100، "تهذيب الكمال" 1/ 451، "سير أعلام النبلاء" 11/ 190، "الجوهر المحصل" ص 31، "المنهج الأحمد" 1/ 87 قال أَحمد بن منصور: قال لي أَبو عاصم النبيل لما ودعته: أَقْرِئ الرجل الصالح أَحمد بن حنبل السلام. "حلية الأولياء" 9/ 172، "المناقب" ص 106 قال محمد بن يعقوب الكَرَابيسي: لما قدم أَحمد بن حنبل البصرة، ساء

ابن الشَّاذَكُوني مكانه، فكأَنه ذكره عند يحيى بن سعيد القطان. فقال له يحيى بن سعيد: حتى أَراه، فلما رأى أَحمد بن حنبل، قال له: وَيْلَكَ يا سليمان، أَما اتقيت اللَّه! تذكر حَبْرًا من أَحبار هذِه الأُمة؟ "حلية الأولياء" 9/ 172، "تاريخ دمشق" 5/ 268، "المناقب" ص 103، "تهذيب الكمال" 1/ 449 قال الحسين الكرابيسي: مثل الذين يذكرون أحمد بن حنبل مثل قوم يجيئون إلى أبي قبيس (¬1) يريدون أن يهدموه بنعالهم. "حلية الأولياء" 9/ 172، "المناقب" ص 598، سير أعلام النبلاء" 11/ 204، "المنهج الأحمد" 1/ 90 قال يوسف بن مسلم: حدث هيثم بن جميل بحديث عن هشيم فَوَهِم فيه. فقيل له: خالفوك في هذا. فقال: من خالفني؟ قالوا: أَحمد بن حنبل. قال: وددت أنه نقص من عمري فزاد في عمر أَحمد بن حنبل. "حلية الأولياء" 9/ 173، "تاريخ دمشق" 5/ 284، "المناقب" ص 108، "تهذيب الأسماء" 1/ 111، "الجوهر المحصل" ص 44 قال محمد بن مصعب العابد: لسوط ضُرِبه أَحمد بن حنبل في اللهِ أكبر من أيام بشر بن الحارث (¬2). "حلية الأولياء" 9/ 173، "تاريخ دمشق" 5/ 319، "المناقب" ص 171، "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 141، "سير أعلام النبلاء" 11/ 201 قال القاسم بن نصر: مَرَّ المرُّوذِي بحجاج بن الشاعر فقام إليه، وقال: سلام عليك يا خادم الصديقين. "حلية الأولياء" 9/ 173، "المناقب" لابن الجوزي ص 176 قال المروذي: سمعت نوح بن حبيب القومسي يقول: إِن امرأَتين مجوسيتين وقع بينهما اختلاف في ميراث، فاحتكما إلى عالم، فقضى ¬

_ (¬1) أبو قبيس: اسم الجبل المشرف على مكة وجهه إلى قعيقعان ومكة بينهما، أبو قبيس من شرقيها، وقعيقعان من غربيها. "معجم البلدان" 1/ 85. (¬2) قال الذهبي في "السير": بشر عظيم القدر كأحمد، ولا ندري وزن الأعمال، إنما اللَّه يعلم ذلك.

على إحداهن، فقالت: إن كنت قضيت بقضاء أَحمد بن حنبل قبلت، وإلا لم أرضَ؟ فقال: نعم بقضاء أَحمد بن حنبل، فقبلت. "حلية الأولياء" 9/ 173، "المناقب" لابن الجوزي ص 197 قال أحمد بن القاسم بن مساور: كنا عند يحيى بن معين وعنده مصعب الزبيري، فذكر رجل أحمد بن حنبل فأطراه وزاد. فقال له رجل: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: 171] فقال يحيى بن معين: وكأنَّ مدح أبي عبد اللَّه غلُّوًا! ذِكْر أبي عبد اللَّه من مجلس الذكر، وصاح يحيى بالرجل. "حلية الأولياء" 9/ 173، "تاريخ دمشق" 5/ 281 قال عبد اللَّه: حدثني عثمان بن يحيى القرقساني قال: كنا عند سفيان ابن عيينة، وكان في مجلسه زحمة شديدة فغشي على أحمد بن حنبل وكان أصابه حر الزحمة، فقال رجل من أهل المجلس -يقال له: زكريا، وكان يخدم سفيان ويحمله إلى المجلس- فقال لسفيان: تُحدّث وقد مات خير الناس أحمد بن حنبل! فقال: هات ماء، فأخرج من منزل سفيان كوز ماء، فقال: صبوه على أحمد، فلما أحس ببرودة الماء كشف عن وجهه واتق الماء بيده وأفاق، وقطع سفيان الحديث وقام. "حلية الأولياء" 9/ 185 قال عَبْد بن حميد: كنا في مسجد وأصحاب الحديث يتذاكرون، وأَحمد يومئذ شاب إلا أنه المنظور إليه من بينهم، فجاء أبو سعيد -شيخ عندنا بلخي- فدنا من أبي عبد اللَّه، فسأله عن شيء، فأجابه، فقلب الشيخ عليه الكلام، وكان أحمد قليل الكلام فلا يرد إلا أنه قال بيده اليمنى هكذا -أي: تنح- ففطن بعض أصحابه أنه سأله عما لا يعنيه، فأقبل أحمد على أبي سعيد البلخي فقال: يا هذا إنما مجلسنا مجلس مذاكرة حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-

وحديث أصحابه، فأما الذي تريد أنت فعليك بابن أبي دؤاد. "حلية الأولياء" 9/ 185، "المناقب" لابن الجوزي ص 180 قال إسحاق بن راهويه: أحمد بن حنبل حجة بين اللَّه وبين عبيده في أرضه. "تاريخ بغداد" 4/ 417، "طبقات الحنابلة" 1/ 36، "تاريخ دمشق"، 5/ 277، "السير" 11/ 196، "طبقات الشافعية" 2/ 29، "البداية والنهاية" 10/ 786 قال المروذي: سمعت خضرًا بطرسُوس يقول: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: أَحمد بن حنبل إمامنا. "تاريخ بغداد" 4/ 417، "تاريخ دمشق" 5/ 271، "المناقب" لابن الجوزي ص 107 قال قتيبة بن سعيد: أَحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه إماما الدنيا. "تاريخ بغداد" 4/ 417، "تاريخ دمشق" 5/ 276، "المناقب" لابن الجوزي ص 111 قال المَرُّوذي: حضرت أبا ثور -وقد سئل عن مسألة- فقال: قال أَبو عبد اللَّه أَحمد بن حنبل شيخنا وإمامنا فيها كذا وكذا. "تاريخ بغداد" 4/ 417، "تاريخ دمشق" 5/ 282، "المناقب" لابن الجوزي ص 164، "تهذيب الكمال" 1/ 453، "سير أعلام النبلاء" 11/ 197، "طبقات الشافعية" 2/ 29 قال علي بن شعيب الطوسي: كان أَحمد بن حنبل عندنا المثل الذي قال فيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كائن في أمتي ما كان في بني إسرائيل، حتى إن المنشار ليوضع على مفرق رأسه ما يصرفه ذلك عن دينه" (¬1). ولولا أن أبا عبد اللَّه أَحمد بن حنبل قام بهذا الشأن لكان عارًا علينا إلى يوم القيامة، أن قوما سبكوا فلم يخرج منهم أحد. "تاريخ بغداد" 4/ 418، "طبقات الحنابلة" 1/ 36، "تاريخ دمشق" 5/ 288، "المناقب" ص 178، "المحنة" لعبد الغني ص 32، "تهذيب الكمال" 1/ 455، "سير أعلام النبلاء" 11/ 202، "الجوهر المحصل" ص 40، "المنهج الأحمد" 1/ 107 ¬

_ (¬1) رواه البخاري (3612) من حديث خباب بن الأرت بلفظ "كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين".

قال علي بن المَديني: إن اللَّه أَعزَّ هذا الدين برجلين ليس لهما ثالث، أَبو بكر الصديق يوم الردة، وأَحمد بن حنبل يوم المحنة. وقد كان لأَبي بكر الصديق أَصحاب وأَعوان، وأَحمد ليس له أعوان ولا أَصحاب. "تاريخ بغداد" 4/ 418، "طبقات الحنابلة" 1/ 28، "تاريخ دمشق" 5/ 278، "المحنة" ص 31، "المناقب" ص 149، 150، "طبقات علماء الحديث" 2/ 83، "سير أعلام النبلاء" 11/ 196، "المقصد الأرشد" 1/ 69، "المنهج الأحمد" 1/ 106 قال الميموني: قال علي بن المديني: يا ميموني ما قام أحد في الإسلام ما قام به أحمد بن حنبل. فتعجبت من هذا عجبا شديدا وأبو بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- قد قام في الردة وأمر الإسلام ما قام به، وأتيت أبا عبيد القاسم بن سلام فتعجبت إليه من قول علي. فقال لي أبو عبيد مجيبا: إذًا يخصمك. قلت: بأي شيء أبا عبيد، وذكرت له أبا بكر؟ قال: إن أبا بكر -رضي اللَّه عنه- وجد أنصارا وأعوانا وإن أحمد بن حنبل لم يجد ناصرا، وأقبل أبو عبيد يطري أبا عبد اللَّه، ويقول: لست أعلم في الإسلام مثله. "تاريخ بغداد" 8/ 414، "طبقات الحنابلة" 1/ 36، "تاريخ دمشق" 5/ 278، "المناقب" ص 149، "المحنة" ص 31، "تهذيب الكمال" 1/ 452، "البداية والنهاية" 10/ 786 قال أبو بكر الصاغاني: أول ما تبينت من إسحاق بن أبي إسرائيل أن اللَّه يضعه أني سمعته يقول: هاهنا قوم قد اختضبوا يدعون أنهم سمعوا من إبراهيم بن سعد -يعرض بأحمد بن حنبل- قال الصاغاني: فكان ذاك أن اللَّه وضعه ورفع أبا عبد اللَّه. "تاريخ بغداد" 4/ 420 قال سفيان بن وكيع: أَحمد بن حنبل محنة، من عاب عندنا أَحمد بن حنبل فهو فاسق. "تاريخ بغداد" 4/ 420، "المناقب" لابن الجوزي ص 166 قال الربيع بن سليمان: قال لنا الشافعي: أحمد إمام في ثمان خصال: إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمام في اللغة، إمام في القرآن، إمام في

الفقر، إمام في الزهد، إمام في الورع، إمام في السنة. "طبقات الحنابلة" 1/ 10، "المقصد الأرشد" 1/ 65، "الجوهر المحصل" ص 34، "المنهج الأحمد" 1/ 74 قال العباس بن محمد: سمعت أَبا عاصم النبيل يقول -وذكر عنده أَحمد بن حنبل- فقال: قد رأَيته، ثم التفت فقال: من تعدون اليوم في الحديث ببغداد؟ فقالوا له: يحيى بن مَعِين، وأَحمد بن حنبل، وأَبو خيثمة، والمعيطي، والسويدي، ونحوهم من أصحاب الحديث. فقال: من تعدون بالبصرة عندنا؟ قلنا: علي بن المديني، وابن الشاذكوني، وابن عرعرة، وابن أبي خدُّويه، ونحوهم. قال: فمن تعدون بالكوفة؟ قلنا ابنا أَبي شيبة، وابن نمير، ونحوهم. فقال أَبو عاصم وتنفس: هاه هاه هاه، ما من هؤلاء أحد إلا وقد جاءَنا وقد رأَيناه، فما رأَينا في القوم مثل ذلك الفتى، أَحمد بن حنبل. قال العباس: يقول لنا هذا الكلام قبل أَن يمتحن أَحمد بن حنبل. "طبقات الحنابلة" 1/ 10 - 12، "المناقب" لابن الجوزي ص 105، "سير أعلام النبلاء" 11/ 190، "المقصد الأرشد" 1/ 65، "المنهج الأحمد" 1/ 74 قال أبو عبيد القاسم بن سلام: انتهى العلم إلى أربعة، إلى أَحمد بن حنبل وهو أفقههم فيه، وإلى ابن أَبي شَيْبَة وهو أَحفظهم له، وإلى علي بن المَدِيني، وهو أعلمهم به، وإلى يحيى بن مَعِين وهو أكتبهم له. "طبقات الحنابلة" 1/ 12، "المناقب" لابن الجوزي ص 151، "سير أعلام النبلاء" 11/ 200، "المقصد الأرشد" 1/ 65، "الجوهر المحصل" ص 37، "المنهج الأحمد" 1/ 74 قال أَبو بكر الأَثْرَم: كنا عند أَبي عبيد وأَنا أَناظر رجلًا عنده، فقال لي الرجل: من قال بهذِه المسأَلة؟ فقلت: من ليس في شرق ولا غرب مثله. قال: من؟ قلت: أَحمد بن حنبل.

قال أَبو عبيد: صدق من ليس في شرق ولا غرب مثله، ما رأيت رجلًا أعلم بالسنة منه. "طبقات الحنابلة" 1/ 15، "تاريخ دمشق" 5/ 286، "المناقب" ص 152، "تهذيب الكمال" 1/ 454، "السير" 11/ 205، "المقصد الأرشد" 1/ 66، "الجوهر المحصل" ص 37، "المنهج الأحمد" 1/ 89 قال يحيي بن آدم: أحمد بن حنبل إمامنا. "طبقات الحنابلة" 1/ 36، 15، "تهذيب الكمال" 1/ 451، "السير" 11/ 189، "المقصد الأرشد" 1/ 66 قال الربيع بن سليمان: قال الشافعي: من أبغض أحمد بن حنبل فهو كافر. فقلت: تطلق عليه اسم الكفر؟ ! فقال: نعم من أبغض أحمد بن حنيل عاند السنة، ومن عاند السنة قصد الصحابة، ومن قصد الصحابة أبغض النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومن أبغض النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كفر باللَّه العظيم. "طبقات الحنابلة" 1/ 29، "المقصد الأرشد" 1/ 69، "المنهج الأحمد" 1/ 80 قال زكريا بن يحيى الساجي: أحمد بن حنبل أفضل عندي من مالك والأوزاعي والثوري والشافعي، وذلك أن لهؤلاء نظراء، وأحمد بن حنبل فلا نظير له. "طبقات الحنابلة" 1/ 39 قال أَبو عبيد القاسم بن سلام: زرت أَحمد بن حنبل في بيته فأجلسني في صَدْرِ دَارِهِ وجلس دوني. فقلت: يا أبا عبد اللَّه، أليس يُقال: صاحب البيت أَحق بصدر بيته؟ فقال: نعم! ويُقْعِدُ من يريد. قال: فقلت في نفسي: خُذْ إليك يا أَبا عبيد فائدة. قال: ثم قلت له: يا أبا عبد اللَّه لوكنت آتيك على نحو ما تستحق لأَتيتك كل يوم. فقال: لا تقل، إن لي إخوانا لا ألقاهم إلا في كل سنة مرة، أَنا أَوثق بمودتهم ممن أَلقى كل يوم. قال قلت: هذِه أُخرى يا أَبا عبيد. فلما أردت القيام قام معي. فقلت: لا تفعل يا أبا عبد اللَّه.

قال الشعبي: من تمام زيارة الزائر أن تمشي معه إلى باب الدار وتأخذ بركابه. قال: قلت: يا أبا عبيد هذِه ثالثة. قال: فمشى معي إلى باب الدار وأخذ بركابي. "طبقات الحنابلة" 2/ 211، "المناقب" ص 152، "الجوهر المحصل" ص 38 قال محمد بن إبراهيم البُوشَنْجي -وذكر أَحمد بن حنبل- فقال: هو عندي أفضل وأفقه من سفيان الثوري، وذلك أن سفيان لم يمتحن من الشدة والبلوى بمثل ما امتحن به أَحمد، ولا عِلْم سفيان ومن تقدم من فقهاء الأَمصار كعِلْم أَحمد بن حنبل؛ لأنه كان أجمع لها، وأَبصر بمتقنهم وغالِطهم وصدوقهم وكذوبهم منه. ولقد بلغني عن بشر بن الحارث أنه قال: قام أَحمد مقام الأنبياء، وأَحمد عندنا امتحن بالسراءِ والضراءِ، وتداوله أربعة خلفاء، بعضهم بالضراء، وبعضهم بالسراء، فكان فيها مستعصمًا باللَّه عز وجل. تداوله المأمون والمعتصم والواثق بعضهم بالضرب والحبس، وبعضهم بالإخافة والترهيب، فما كان في هذِه الحال إِلا سليم الدين غير تارك له من أجل ضرب ولا حبس. ثم امتحن أيام المتوكل بالتكريم والتعظيم، وبسطت الدنيا عليه فما ركن إليها، ولا انتقل عن حالته الأُولى رغبة في الدنيا ولا رغبة في الذكر، فهذِه الحالات لم يمتحن بمثلها سفيان. ولقد حكي لنا عن المتوكل أَنه قال: إن أَحمد ليمنعنا من بر ولده. "طبقات الحنابلة" 2/ 227، "المناقب" ص 174، 603، "السير" 11/ 202، "المنهج الأحمد" 1/ 90 قال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: أحمد وهو رجل صالح ليس هو صاحب شر. "تاريخ دمشق" 5/ 259

قال الأثرم (¬1): أخبرني عبد اللَّه بن المبارك -شيخ سمع منه قديما، وليس بالخراساني- قال: كنت عند إسماعيل ابن عُلَيّة، فتكلم إنسان، فضحك بعضنا، وثَمَّ أحمد بن حنبل، قال: فأتينا إسماعيل فوجدناه غضبان. فقال: أتضحكون وعندي أَحمد بن حنبل؟ "تاريخ دمشق" 5/ 267، "المناقب" لابن الجوزي ص 96، "تهذيب الكمال" 1/ 448، "سير أعلام النبلاء" 11/ 194، "الجوهر المحصل" ص 30 قال إبراهيم بن شماس: سمعت وكيع بن الجراح وحفص بن غياث يقولان: ما قدم الكوفة مثل ذلك الفتى. يعنيان: أحمد بن حنبل. "تاريخ دمشق" 5/ 268، "المناقب" ص 99، 100، "تهذيب الكمال" 1/ 449، "السير" 11/ 189 قال عبد اللَّه: ثنا عبيد اللَّه بن عمر القواريري قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما قدم علينا مثل هذين: أحمد ويحيى بن معين. وما قدم عليَّ من بغداد أحب إليَّ من أَحمد بن حنبل. "تاريخ دمشق" 5/ 268، "المناقب" ص 104، "سير أعلام النبلاء" 11/ 189، "البداية والنهاية" 10/ 786، "الجوهر المحصل" ص 31 قال محمد بن مُشْكان: قال عبد الرزاق: ما قدم علينا أحد كان يشبه أَحمد بن حنبل. "تاريخ دمشق" 5/ 270، "المناقب" لابن الجوزي ص 97 قال المزني: سمعت الشافعي يقول لي: ثلاثة من العلماء من عجائب الزمان: عربي لا يعرب كلمة وهو أَبو ثور، وأعجمي لا يخطئ في كلمة وهو الحسن الزعفراني، وصغير كلما قال شيئًا صدقه الكبار وهو أَحمد ابن حنبل. "تاريخ دمشق" 5/ 271، "المناقب" ص 145، "سير أعلام النبلاء" 11/ 195، "الوافي بالوفيات" 6/ 364، "المنهج الأحمد" 1/ 88 ¬

_ (¬1) في "المناقب" من رواية المروذي.

قال محمد بن يونس: سمعت أبا الوليد الطيالسي يقول: كنت حاضرا أحمد بن حنبل رحمه اللَّه تعالى، وقد اجتمع عنده شيوخ أهل البصرة مالك ابن عبد الواحد، وعلي بن المديني، ويحيى بن سعيد، فأقبل أبو الوليد على علي فقال: يا أبا الحسن لقد قام أحمد بن حنبل مقاما عرف اللَّه عز وجل، وكان يحيى بن سعيد به معجبا. "تاريخ دمشق" 5/ 274 قال أحمد بن سلمة النيسابوري: ذكرت لقتيبة بن سعيد يحيى بن يحيى وإسحاق بن راهوية وأحمد بن حنبل؛ فقال: أحمد بن حنبل أكثر ممن سميتهم كلهم. "تاريخ دمشق" 5/ 276 قال قتيبة بن سعيد: يموت أَحمد بن حنبل وتظهر البدع، وقال: إن أحمد ابن حنبل قام في الأمة مقام النبوة. "تاريخ دمشق" 5/ 277، "المناقب" ص 113، "البداية والنهاية" 10/ 786، "الجوهو المحصل" ص 41، "المنهج الأحمد" 1/ 88 قال أبو داود: سمعت العباس بن عبد العظيم العنبري يقول: رأيت ثلاثة جعلتهم حجة لي فيما بيني وبين اللَّه تعالى: أحمد بن حنبل وزيد بن المبارك الصنعاني وصدقة بن الفضل. "تاريخ دمشق" 5/ 277، "تهذيب الكمال" 1/ 451 قال علي بن المديني: اتخذت أَحمد بن حنبل إمامًا فيما بيني وبين اللَّه، ومن يَقْوى على ما يقوى عليه أَبو عبد اللَّه. "تاريخ دمشق" 5/ 279، "المناقب" ص 147، "البداية والنهاية" 10/ 787، "الجوهر المحصل" ص 36 قال أبو عبد اللَّه البَيْنُوني: قلت لبشر بن الحارث: ألا صنعت كما صنع أَحمد بن حنبل! فقال: تريد مني مرتبة الأنبياء أو مرتبة النبوة! لا يقوى بدني على هذا، حفظ اللَّه أَحمد من بين يديه ومن خلفه، ومن فوقه ومن تحته، وعن يمينه وعن شماله. "تاريخ دمشق" 5/ 287، "المناقب" ص 158، "تهذيب الكمال" 9/ 455 "المقصد الأرشد" 1/ 69 قال الحميدي: ما دمت بالحجاز وأَحمد بالعراق، وإسحاق بخراسان،

لا يغلبنا أحد. "تاريخ دمشق" 5/ 288، "المناقب" ص 146، "سير أعلام النبلاء" 11/ 199 قال محمد بن يحيى الذُّهْلي: قد جعلت أَحمد بن حنبل إماما فيما بيني وبين اللَّه تعالى. "تاريخ دمشق" 5/ 290، "المناقب" ص 165، "السير" 11/ 198، "البداية والنهاية" 10/ 787 قال حجاج بن الشاعر: ما رأيت أفضل من أحمد، وما كنت أحب أن أقتل في سبيل اللَّه، ولم أصلِّ على أَحمد بن حنبل، بلغ واللَّه في الإمامة أكبر من مبلغ سفيان ومالك. "تاريخ دمشق" 5/ 290، "المناقب" ص 175، "السير" 11/ 198، "البداية والنهاية" 10/ 793 قال حجاج بن الشاعر: ما رأَت عيناي روحا في جسد أفضل من أَحمد ابن حنبل. "تاريخ دمشق" 5/ 290، "المناقب" ص 176، "تهذيب الكمال" 1/ 456، "المنهج الأحمد" 1/ 91 قال محمد بن محمد بن رجاء: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، ولا رأيت من رأى مثله. "تارخ دمشق" 5/ 291، "السير" 11/ 198، "البداية والنهاية" 1/ 787 قال أبو داود: أحمد بن حنبل مقدم على كل من حمل بيده قلما ومحبرة -يعني في عصره. "تاريخ دمشق" 5/ 291، "البداية والنهاية" 10/ 787 قال محمد بن إبراهيم البوشنجي: نا أحمد بن حنبل؛ فإن ذكره يملأ الغم ويذرف العين. "تاريخ دمشق" 5/ 292 قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن أحمد بن حنبل فقال: هو إمام وحجة. "تاريخ دمشق" 5/ 293 قال المُزَني: أَحمد بن حنبل يوم المحنة، وأَبو بكر يوم الرِّدَّة، وعمر يوم السقيفة، وعثمان يوم الدار، وعلي يوم صفين. "تاريخ دمشق" 5/ 309 "المناقب" ص 164، "السير" 11/ 201، "طبقات الشافعية" 2/ 27، "البداية والنهاية" 10/ 786، "المقصد الأرشد" 1/ 69، "الجوهر المحصل" ص 641 "المنهج الأحمد" 1/ 106

قال علي بن المديني -وذكر أَحمد بن حنبل- فقال: هو عندي أفضل من سعيد بن جبير في زمانه، لأَن سعيدًا كان له نظراء، وإن هذا ليس له نظير. "تاريخ دمشق" 5/ 315، "المناقب" لابن الجوزي ص 148، "سير أعلام النبلاء" 11/ 196 قال هلال بن العلاء: ثنتان لو لم يكونا في الناس لاحتاج الناس إليهما؛ محنة أحمد بن حنبل لولاه لصار الناس جهمية، ومحمد بن إدريس الشافعي فإنه فتح للناس الأقفال. "تاريخ دمشق" 5/ 318، "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 56 قال أبو العباس النسائي: كان أحمد بن حنبل إذا جاء إلى المحدث استأذن لأصحاب الحديث حتى يسمعوا بسببه. "المناقب" لابن الجوزي ص 94 قال المروذي: قلت لأَبي عبد اللَّه: أي شيء كان سبب يزيد بن هارون حين عادك؟ قال: كنت بواسط وكنت أجلس بالقرب منه إذا حدث، فكان يعرفني، فقال يومًا: ثنا يحيى بن سعيد قال: سمعت سالم بن عبد اللَّه يقول. فقلت له: ليس في هذا: سمعت، وإنما هو: إن سالمًا. فدخل فأخرج الكتاب، فإذا هو: إنَّ سالمًا، فقال: من رد عليَّ؟ فقالوا: أَحمد بن حنبل. فقال: صيروه كما قال. فكان إذا جلس يقول: يا ابن حنبل، ادن هاهنا. قال: وجاءني فعادني، وكان بي عرق مديني، ولم أكن في دارنا هذِه، كان فيها أعمامي، فخرجت عنهم وتركت الدار، وكانت دارنا خارج. "المناقب" لابن الجوزي ص 95، "سير أعلام النبلاء" 11/ 194 قال المروذي: حدثني أبو بكر بن أَبي عون ومحمد بن هشام قالا: رأينا إسماعيل ابن علية إذا أُقيمت الصلاة، قال: هاهنا أَحمد بن حنبل، قولوا له: يتقدم. "المناقب" لابن الجوزي ص 96، "سير أعلام النبلاء" 11/ 194، "المنهج الأحمد" 9/ 96 قال محمد بن أبان: كنت وأَحمد وإسحاق عند عبد الرزاق، فكان إذا استفهمه واحد منا قال: أَنا لا أحدثكم، إنما أُحَدِّث هؤلاء الثلاثة، أَحمد وإسحاق وابن أَبان. "المناقب" لابن الجوزي ص 97

قال الحسن بن محمد الخلال: قال عبد الرزاق: رحل إلينا من العراق أربعة من رؤساء الحديث، الشَّاذَكُوني وكان أحفظهم للحديث، وابن المديني وكان أعرفهم باختلافه، ويحيى بن مَعين وكان أعلمهم بالرجال، وأَحمد بن حنبل وكان أجمعهم لذلك كله. "المناقب" لابن الجوزي ص 97، "الجوهر المحصل" ص 30، "المنهج الأحمد" 1/ 87 قال علي بن هاشم: قال عبد الرزاق: كتب عني ثلاثة ما أبالي ألا يكتب عني غيرهم، ابن الشاذكوني من أحفظ الناس، ويحيى بن معين من أعرف الناس بالرجال، وأحمد بن حنبل من أزهد الناس. "المناقب" لابن الجوزي ص 98 قال المروذي: حدثني ابن عسكر قال: سمعت عبد الرزاق يقول: إن يعش هذا الرجل يكن خلفا من العلماء -يعني: أبا عبد اللَّه. "المناقب" لابن الجوزي ص 98، "سير أعلام النبلاء" 11/ 193 قال محمد بن عبد العزيز الباوردي: سمعت عبد الرزاق يقول: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل. "المناقب" لابن الجوزي ص 98 قال أبو بكر بن زنجويه: قلت لعبد الرزاق: أَنا جار لأَحمد بن حنبل، فقال: إذن أزورك. "المناقب" لابن الجوزي ص 98 قال المرُّوذي: حدثني الأَعين قال: سمعت ابن شماس يقول: سأَلت وكيعًا عن خارجة بن مصعب يحدثنا عنه فقال: لست أَحدث عنه، نهاني أَحمد بن حنبل أَن أحدث عنه. "المناقب" ص 99، "سير أعلام النبلاء" 11/ 188 قال أَبو العوام البزاز: كنا عند أَبي الوليد، وأَبو الوليد منبسط. فقالوا: قد جاءَ أَحمد بن حنبل، فتحرك له أبو الوليد، وسكت حتى جلس، فسأَله أَحمد فحدثه، أراه قال: وأَقبل عليه، فلما قام، قال أبو العوام: قلت -يعني في نفسه: نحن شيوخ، فلما جاءَ هذا تحرك له أَبو الوليد. "المناقب" ص 100

قال أَبو بكر بن سماعة: كنا عند ابن أَبي عمر العَدَني بمكة، فجعلنا نذكر أَحمد بن حنبل وهو ساكت، فلما أَكثرنا قال ابن أَبي عمر: من مضى من الناس كانوا أَعرف بحق أَحمد بن حنبل منكم، جاءَ أَحمد إِلى حُسَيْن الجُعْفي ومعه كتاب كأَنه يقول شفاعة ليحدثه، فقال له: يا أَحمد، لا تجعل فيما بيني وبينك منعما، فليس تحمل علي بأَحد إِلا وأَنت أكبر منه. "المناقب" لابن الجوزي ص 101، "سير أعلام النبلاء" 11/ 189 قال عبد الرحمن بن مهدي: ما نظرت إلى أَحمد بن حنبل إلا تذكرت به سفيان الثوري. "المناقب" لابن الجوزي ص 102 قال عبد الرحمن بن مهدي: كاد هذا الغلام أَن يكون إِمامًا في بطن أُمه -يعني: أَحمد بن حنبل. "المناقب" لابن الجوزي ص 102، "الجوهر المحصل" ص 8، "والمنهج الأحمد" 1/ 87 قال علي بن المديني: جاءَ يحيى وأَحمد وخلف إِلى يحيى بن سعيد القطان فقال: يا علي، من هذا؟ قلت: يحيى ين مَعين. قال: فمن هذا؟ قلت: خلف. قال: فمن هذا؟ قلت: أَحمد بن حنبل. قال: إِن كان منهم أَحد فهذا. "المناقب" لابن الجوزي ص 104 قال أَبو عاصم النبيل: جاءَ أَحمد بن حنبل إِلينا، فسمعت الناس يقولون: جاءَ ابن حنبل، جاءَ ابن حنبل، فقلت: يا هذا، أَما تنصفنا، قدمت بلدنا فلم تعرفنا نفسك فنكرمك، ونأَتي من حقك ما أَنت له أَهل. فقال: يا أَبا عاصم، إِنك لتفعل، وإِنك لتحمل على نفسك وتحدث. قال: فرأَيت له حياء وصدقًا ما أَخلقه، سيبلغ ما بلغ رجل. "المناقب" لابن الجوزي ص 105 قال محمد بن أَبي حماد: سمعت رجلًا يقول لمحمد بن الهيثم: قال لي

سليمان بن حرب: سل أَحمد بن حنبل ما يقول في هذِه المسأَلة، فإنه عندنا إِمام. "المناقب" لابن الجوزي ص 107، "سير أعلام النبلاء" 11/ 190 قال عيسى بن عفان الصفار: كانوا يجيئون يسمعون من أَبي، يحيى بن مَعِين، وأَبو خيثمة، ومن ذكر معهم، وجاءَ أَحمد بن حنبل فسمع من أَبي ثم خرج، فقال لي أَبي: هذا سوى أُولئك -يعني: من فضله. "المناقب" لابن الجوزي ص 107 قال المروذي: سمعت أَسدا الخشاب يقول: سمعت الهيثم بن جميل يقول: أَسأَل اللَّه أن يزيد في عمر أَحمد بن حنبل وأَن ينقص من عمري. ثم قال لرجل: قل لي لم قلت؛ هذا خليق أن ينتفع به المسلمون. "المناقب" لابن الجوزي ص 108 قال محمد بن عبد اللَّه بن منصور المَرْوَزِي: سمعت قتيبة بن سعيد يقول: خير أَهل زماننا ابن المبارك ثم هذا الشاب. فقال له أَبو بكر الرازي: ومن الشاب يا أَبا رجاءِ؟ قال: ابن حنبل. قال: تقول شاب وهو شيخ أَهل العراق. قال: لقيته وهو شاب. "المناقب" لابن الجوزي ص 110، "سير أعلام النبلاء" 11/ 195، "طبقات الشافعية" 2/ 28 قال أبو داود: سمعت قتيبة يقول: إذا رأيت الرجل يحب أَحمد بن حنبل فاعلم أنه صاحب سُنَّة. "المناقب" لابن الجوزي ص 111، "سير أعلام النبلاء" 11/ 195، "طبقات الشافعية" 2/ 28 قال محمد بن ياسين البلدي: سمعت ابن أَبي أويس -وقد قال عنده بعض أصحاب الحديث: ذهب أصحاب الحديث؛ فقال ابن أَبي أُويس: أبقى اللَّه أَحمد بن حنبل، فلم يذهب أصحاب الحديث. "المناقب" لابن الجوزي ص 147، "سير أعلام النبلاء" 11/ 200، "المنهج الأحمد" 1/ 88 قال إبراهيم بن إسماعيل: قدم علينا علي بن المدِيني، فاجتمعنا عنده

فسألناه الحديث. فقال: إن سيدي أَحمد بن حنبل، أمرني أن لا أحدِّث إلا من كتاب. "المناقب" لابن الجوزي ص 147، "سير أعلام النبلاء" 11/ 200 قال علي بن المديني: لأَن أَسأَل أَحمد بن حنبل عن مسأَلة، أحب إلي من أن أسأل أَبا عاصم وعبد اللَّه بن داود، العلم ليس هو بالسن. "المناقب" لابن الجوزي ص 148 قال علي بن المديني -وذكر عنده أَحمد بن حنبل- فقال: حفظ اللَّه أبا عبد اللَّه، أَبو عبد اللَّه اليوم حجة اللَّه على خلقه. "المناقب" ص 149، "المحنة" ص 161، "سير أعلام النبلاء" 11/ 200، "المنهج الأحمد" 1/ 88 قال علي بن عبد اللَّه بن جعفر: أعرف أبا عبد اللَّه منذ خمسين سنة يزداد خيرًا. "المناقب" لابن الجوزي ص 150 قال أبو عبيد القاسم بن سلام: أَحمد بن حنبل إمامنا، إني لأتزين بذكره. "المناقب" ص 152، "الجوهر المحصل" ص 37، "المنهج الأحمد" 1/ 89 قال يحيى بن مَعِين: ما رأَيت أَحدًا يحدث للَّه إلا ثلاثة: يعلى بن عبيد، والقَعْنَبي، وأَحمد بن حنبل. "المناقب" لابن الجوزي ص 154، "سير أعلام النبلاء" 11/ 197 قال يحيى بن مَعِين: ثقات الناس أو أَصحاب الحديث أربعة: وكيع، ويعلى بن عبيد، والقَعْنَبي، وأَحمد بن حنبل. "المناقب" لابن الجوزي ص 154 قال إسحاق بن راهويه -وذكر أَحمد بن حنبل- فقال: لا يُدْرَك فضله. "المناقب" لابن الجوزي ص 156 قال أبو نصر التمار: لما ضرب أَحمد بن حنبل أَيام المحنة دخل عليَّ بِشْر فقال: يا أَبا نصر، إن هذا الرجل قام اليوم بأَمر عجز عنه الخلق، وأرجو أن يكون ممن نفعه اللَّه بالعلم. "المناقب" لابن الجوزي ص 157 قال محمد بن الشاه: سُئِل بِشْرُ بن الحارث عن أَحمد بن حنبل بعد

المحنة؛ فقال: إمام من أئمة المسلمين. "المناقب" لابن الجوزي ص 157 قال عبد اللَّه: قيل لبشر بن الحارث: لو تكلمت أيام ضرب أحمد ابن حنبل! فقال بشر: تأمرون أن أقوم مقام الأنبياء، إن أَحمد بن حنبل قام مقام الأنبياء. "المناقب" ص 158، "سير أعلام النبلاء" 11/ 197، "الجوهر المحصل" ص 39 قال حنبل، عن أَبي الهيثم العابد قال: كنت عند بشر بن الحارث فجاءَه رجل فقال: قد ضُرب أَحمد بن حنبل إلى الساعة سبعة عشر سوطا. قال: فمد بشر رجله وجعل ينظر إلى ساقيه، ويقول: ما أَقبح هذا الساق أن لا يكون القيد فيه نصرة لهذا الرجل. قال حنبل: وحدثني بعض مشيختنا -وكان من العابدين- قال: أتيت بشر بن الحارث لما أخذوا أَحمد بن حنبل، فقلت: قم بنا ننصر هذا الرجل؛ فقال لي: هذا مقام النبيين لا أَستطيع أَقومه. "المناقب" لابن الجوزي ص 159، "المنهج الأحمد" 1/ 107 قال إبراهيم بن هانئ: صليت مع بشر بن الحارث فجعلت أَرفع للصلاة. قال: فلما سلم الإمام قال: يا أبا إسحاق العجب منك ومن صاحبك أَبي عبد اللَّه أَحمد بن حنبل، ترفعون في الصلاة. ثنا هشيم بن مغيرة عن إبراهيم: أنه كان يأَمر بإرسال اليدين في الصلاة، قال: فرجعت إلى أَحمد فقلت له: يا أبا عبد اللَّه، أَبو نصر يقول، وذكرت ما حدث به. فقال أَبو عبد اللَّه: سبعة عشر من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رفعوا، ثم قرأ {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: 63] ثم قال: الرفع زين الصلاة. قال: فرجعت إلى بشر فأَخبرته. فقال: ومن أَنا من أَبي عبد اللَّه، ومن أَنا من أبي عبد اللَّه، ذلك أعلم مني، ذلك أعلم مني. "المناقب" لابن الجوزي ص 159 قال محمد بن جعفر: حدثني إبراهيم بن أَخي الجهم العكبري، عن عمه

جهم -وكان جهم هذا يغشى أبا عبد اللَّه وبشر بن الحارث- قال: أتيت يوما أَحمد بن حنبل فدخلت عليه وهو متشح، فوقع أحد عطفي إزاره عن منكبه، فنظرت إلى موضع الضرب أَحسبه قال: فدمعت عيني، ففطن فرد الثوب إلى منكبه، قال: ثم صرت إلى بشر بن الحارث فحدثته الحديث، قال: فقال لي: ويحك إن أَحمد بن حنبل طار بحظها وغنائها في الإسلام. قال محمد بن جعفر: فحدثت به أبا بكر المروذي فاستحسنه وكتبه عني. "المناقب" لابن الجوزي ص 160 قال إبراهيم الحربي: سمعت بشر بن الحارث يقول: سمعت المعافى ابن عمران يقول: سئل سفيان الثوري عن الفتوة، فقال: الفتوة العقل والحياء، ورأسها الحفاظ، وزينتها الحلم والأدب، وشرفها العلم والورع، وحليتها المحافظة على الصلوات، وبر الوالدين، وصلة الرحم، وبذل المعروف، وحفظ الجار، وترك التكبر، ولزوم الجماعة، والوقار، وغض الطرف عن المحارم، وبذل السلام، وبر الفتيان العقلاء الذين عقلوا عن اللَّه تعالى أَمره ونهيه، وصدق الحديث، واجتناب الحلف والأيمان، وإظهار الموت وإطلاق الوجه، وإكرام الجليس، والإنصات للحديث، وكتمان السر، وستر العيوب، وأداء الأمانة، وترك الخيانة، والوفاء بالعهد، والصمت في المجالس من غير عيٍّ، والتواضع من غير حاجة، وإجلال الكبير، والرفق بالصغير، والرأفة والرحمة للمسلمين، والصبر عن البلاءِ، والشكر عن الرخاء، وكمال الفتوة الخشية للَّه. فينبغي للفتى أن تكون فيه هذِه الخصال. فإذا كان كذلك كان فتى بحقه. قال بشر بن الحارث: وكذلك كان أَحمد بن حنبل؛ لأنه قد جمع هذِه الخصال كلها، وكان يلبس إزارًا مفتولا. "المناقب" لابن الجوزي ص 160 قال المرُّوذِي: دخلت على ذي النون السجن ونحن بالعسكر. فقال لي:

أي شيءٍ حال سيدنا -يعني: أَحمد بن حنبل. "المناقب" لابن الجوزي ص 161، "سير أعلام النبلاء" 11/ 197 قال الحسن بن أَحمد بن الليث: سمعت أَحمد بن حنبل يقول -وذكر له إنسان فقال: بالري رجل يحدث يقال له: أَبو زُرْعَة، نكتب عنه؟ فقال أَحمد مجيبا له كالمنكر عليه: أَبو زُرْعَة أَبو زُرْعَة استودعه اللَّه، حفظه اللَّه، أعلى اللَّه كعبه، نصره اللَّه على أَعدائه. مع دعاء كثير دعا له. فذكرت ذلك لأَبي زُرْعَة بعد قدومي عليه، فقال: ما وقعت بعد في بلية إلا ذكرت هذا الدعاء، فقلت: يخلصني اللَّه ويسلمني منهم، وأنجو بعد دعاء أَحمد لي. "المناقب" لابن الجوزي ص 162 قال أبو حاتم الرازي: إذا رأَيت الرجل يحب أَحمد بن حنبل، فاعلم أنه صاحب سُنَّة، وهو المحنة بيننا وبين أهل البدع. "المناقب" لابن الجوزي ص 163، "المنهج الأحمد" 1/ 92 قال الربيع بن سليمان: كتب إليَّ البُوَيْطي من بغداد من السجن: إني لأرجو أَن يجري اللَّه أَجر كل ممتنع في هذِه المسأَلة لسيدنا الذي ببغداد -أَحمد بن حنبل. "المناقب" لابن الجوزي ص 164 قال أبو ثور: لو أَن رجلًا قال: أَحمد بن حنبل من أهل الجنة، ما عُنِّف على ذلك. وذلك أنه لو قصد رجل خراسان ونواحيها لقالوا: أَحمد ابن حنبل رجل صالح. وكذلك لو قصد الشام ونواحيها لقالوا: أَحمد بن حنبل رجل صالح. وكذلك لو قصد العراق ونواحيها لقالوا: أَحمد بن حنبل رجل صالح. فهذا إجماع، ولو عنف هذا على قوله بطل الإجماع. "المناقب" لابن الجوزي ص 160 قال أَحمد بن صالح المصري: ما رأيت بالعراق مثل هذين الرجلين: أَحمد بن حنبل ببغداد، ومحمد بن عبد اللَّه بن نمير بالكوفة، رجلين

جامعين لم أَر مثلهما بالعراق. "المناقب" ص 166، "سير أعلام النبلاء" 99/ 209 قال أبو بكر بن زَنْجُويه: قدمت مصر فأَتيت أَحمد بن صالح فسأَلني من أين أَنت؟ قلت: من بغداد. قال: أَين منزلك من منزل أَحمد بن حنبل؟ قلت: أَنا من أصحابه. قال: تكتب لي موضع منزلك، فإني أُريد أن أوافي العراق حتى تجمع بيني وبين أَحمد بن حنبل. فكتبت له فوافى إِلى عفان، فجمعت بينه وبين أَحمد. فتذاكرا، فذكر أَحمد بن حنبل حديثًا. فقال له: سألتك باللَّه إلا أمليته عليَّ. فقال أَحمد بن صالح: لو لم أستفد بالعراق إلا هذا الحديث كان كثيرًا، ثمّ ودَّعه وخرج. "المناقب" لابن الجوزي ص 167 قال أَحمد بن شعيب النَّسائي: لم يكن في عصر أَحمد بن حنبل مثل هؤلاء الأربعة: علي بن المَدِيني، ويحيى بن مَعِين، وأَحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه. وأعلم هؤلاء الأربعة بالحديث وعلله علي بن المَدِيني، وأعلمهم بالرجال وأكثرهم حديثا يحيى بن مَعِين، وأحفظهم للحديث والفقه إسحاق بن راهَوَيْه، إلا أن أَحمد بن حنبل كان عندي أعلم بعلل الحديث من إسحاق، وجمع أَحمد المعرفة والفقه والورع والزهد والصبر. "المناقب" ص 168، "سير أعلام النبلاء" 1/ 199 قال أبو مَعْمَر القطيعي: ما رأيت منذ خمسين سنة، مثل أَحمد بن حنبل مذ كان غلاما إنما كان يتزيد. "المناقب" لابن الجوزي ص 169 قال أَحمد بن الحجاج: لم تَرَ عيني مثل أَحمد بن حنبل قط، ولو كان في زمن ابن المبارك كنا نؤثره عليه. "المناقب" لابن الجوزي ص 169 قال محمد بن مِهْران الجمَّال -وذكر أَحمد بن حنبل- فقال: ما بقي غيره، إِني لأُدِيرُ قلبي نحو مكة والمدينة فيرجع إليه، وأُديره نحو البصرة

والكوفة فيرجع إليه، وأُديره نحو الشام والجزيرة فيرجع إليه، وأدِيره نحو خراسان فيرجع إليه. "المناقب" ص 169، "سير أعلام النبلاء" 11/ 198 قال محمد بن مسلم بن وَارَة: أَحمد بن صالح بمصر، وأَحمد بن حنبل ببغداد، والنُّفَيْلي بحران، ومحمد بن عبد اللَّه بن نمير بالكوفة، هؤلاء أركان الدين. "المناقب" ص 170، "سير أعلام النبلاء" 11/ 201 قال الحسن بن الصباح البزار: أَحمد بن حنبل شيخنا وسيدنا. "المناقب" لابن الجوزي ص 171 قال عبد اللَّه بن إسحاق النُّهاوَندي: سمعت يعقوب بن سفيان يقول: كتبت عن ألف شيخ، حُجَّتي فميا بيني وبين اللَّه رجلان. قلت: يا أبا سفيان، من حجتك، وقد كتبت عن الأنصاري وحبان بن هلال والأَجلة؟ قال: حجتي أَحمد بن حنبل، وأَحمد بن صالح المصري. "المناقب" لابن الجوزي ص 172، "سير أعلام النبلاء" 11/ 202 قال محمد بن يحيى الأَزدى: إنا نقول بقول أَبي عبد اللَّه أَحمد بن حنبل، وإنه إمامنا، وهو بقية المؤمنين، ولا نخالفه، وقد رضينا به إمامًا، فيه خلف من العلماء، ونتبرأ ممن خالفه، فليس يخالفه إلا مخذول مبتدع. "المناقب" لابن الجوزي ص 172، "المنهج الأحمد" 1/ 90 قال أبو همام الوليد بن شجاع: ما رأَيت مثل أَحمد بن حنبل، ولا رأى أحدٌ مثله. "المناقب" لابن الجوزي ص 173 قال أبو عُمَير عيسى بن محمد -وذكر أَحمد بن حنبل- قال: رحمه اللَّه، عن الدنيا ما كان أَصبره، وبالماضين ما كان أشبهه، وبالصالحين ما كان أَبصره، أتت له الدنيا فأَباها، والبدع فنفاها، واختصه اللَّه سبحانه بنصرة دينه، والقيام بحفظ سنته، ورضيه لإقامة حجته ونصر كلامه حين عجز عنه الناس. "المناقب" ص 173، "السير" 11/ 198، "البداية والنهاية" 10/ 786، "الجوهر" ص 39، "المنهج الأحمد" 1/ 77

قال محمد بن إبراهيم البُوشَنْجي: ما رأَيت أَجمع في كل شيءٍ من أَحمد ابن حنبل ولا أَعقل. "المناقب" لابن الجوزي ص 174، "سير أعلام النبلاء" 11/ 199 قال حجاج بن الشاعر: مَنَّ اللَّه على هذِه الأُمة بأَحمد بن حنبل، ثبت في القرآن، ولولاه لهلك الناس. "المناقب" لابن الجوزي ص 175، "المنهج الأحمد" 1/ 91 قال حجاج بن الشاعر: قبَّلت يوما بين عيني أَحمد بن حنبل، وقلت: يا أبا عبد اللَّه، بلغك اللَّه مبلغ سفيان ومالك، ولم أظنَّ في نفسي أنِّي بقَّيت غايةً، فبلغ واللَّهِ في الإِمامة أكثر من مبلغهما. "المناقب" لابن الجوزي ص 176 قال حجاج بن الشاعر: كنت أكون عند أَحمد بن حنبل فأنصرف بالليل، فأَذكره، في الطريق فأَبكي، وقال: فيجيئني البكاء شوقًا إليه. "المناقب" لابن الجوزي ص 176 قال محمد بن عثمان بن سلم: سمعت أبا عبد اللَّه محمد بن نصر المروزي، وقلت له: لقيت أبا عبد اللَّه أَحمد بن حنبل؟ فقال: صرت إلى داره مرارًا واجتمعت معه وسأَلته عن مسائل. فقيل له: كان أَحمد أكثر حديثا أَمْ إسحاق بن راهَوَيْه؟ فقال: أَحمد، فقلت له: فأَحمد كان أضبط أَمْ إسحاق؟ فقال: أَحمد، فقلت له: أكان أَحمد أفقه أَمْ إسحاق؟ فقال: أَحمد. فقيل له: كان أَحمد أورع أَمْ إسحاق؟ فقال: أي شيءٍ تقول، أَحمد فاق أهل زمانه. "المناقب" لابن الجوزي ص 178، "سير أعلام النبلاء" 11/ 202 قال أبو عمير الطالقاني: سمعتهم يقولون: أَحمد بن حنبل قرَّة عين الإسلام. "المناقب" لابن الجوزي ص 179 قال المروذي: سمعت محمد بن شداد يقول: كنا على باب إسماعيل ابن عُلَيَّة جماعة، منهم أسود بن سالم، وجماعة من أصحاب الثوري، إذ طلع

أَحمد بن حنبل فجاءَ وسلم، فسألوه عن مسأَلة فأجاب، فلما ولى، أَجمع القوم أنه ما يأتي باب إسماعيل ابن عُلَيَّة رجل أفضل منه. "المناقب" لابن الجوزي ص 180 قال أَحمد بن علي الأَبّار: سرنا في نهر بلخ أَياما وفنى زادنا، فخرجت إلى نحو بُخَارى أَشتري طعاما فإِذا رجل أشقر أَحمر فقال: يا فتيان من أَين أنتم؟ قلنا: من أهل بغداد، قال: فما فعل أَحمد بن حنبل؟ قلنا: تركناه في الحياة، فرفع رأسه يقول: اللهم. يدعو له، فقلت لرفيقي: بقي لك شيء؟ هذا أقصى عمل الإسلام، هذا موضع التُّرك. "المناقب" لابن الجوزي ص 196 قال أَحمد بن الحسين بن حسان: سمعت رجلًا من خراسان يقول: عندنا بخراسان يَرَوْن أَن أَحمد بن حنبل لا يُشبه البَشَر، يظنون أَنه من الملائكة! ! قال أَحمد بن الحسين: وقال لي رجل كان في ثغر: نحن نقول: نظرة من أَحمد بن حنبل خير -أو قال: تعدل عندنا بعبادة سنة (¬1). "المناقب" لابن الجوزي ص 197، "سير أعلام النبلاء" 11/ 211 قال المروذي: سمعت علي بن الجهم يقول: كنت ناشئًا شابًا، فرأَيت الناس يمرون أفواجًا، فسأَلت. فقالوا: هاهنا رجل رأى أَحمد بن حنبل، فقلت له: أَرأَيت أَحمد بن حنبل؟ فقال: صليت في مسجده. "المناقب" لابن الجوزي ص 197 قال المَرُّوذي: رأَيت بعض النصارى المتطببين قد خرج من عند أَبي عبد اللَّه ومعه بعض القسيسين -أو الرهبان- فسمعت المتطبب يقول: إنه سأَلني أن يجيءَ معي حتى ينظر إلى أَبي عبد اللَّه. ¬

_ (¬1) قال الذهبي في "السير": هذا غلو لا ينبغي، لكن الباعث له حب ولي اللَّه في اللَّه.

قال المرُّوذي: وأَدخلتُ نصرانيا على أَبي عبد اللَّه يعالجه، فقال: يا أبا عبد اللَّه، إني أشتهي أن أراك منذ سنين، وليس بقاؤك صلاح أهل الإسلام وحدهم، بل هو للخلق جميعا، وليس من أَصحابنا أحد إلا وقد رضي بك. قال المرُّوذي: فقلت لأَبي عبد اللَّه: إِني لأرجو أَن يكون يُدعَى لك في جميع الأمصار. فقال: يا أبا بكر، إذا عَرَف الرجل نفسَه فما ينفعه كلام الناس. "والمناقب" لابن الجوزي ص 198، "سير علام النبلاء" 11/ 211 قال إسحاق بن راهَوَيْه: دخلت على عبد اللَّه بن طاهر، فقال لي: ما رأيت أعجب من هؤلاء المرجئة، يقول أحدهم: إيماني كإيمان جبريل، واللَّه ما أستجيز أن أَقول: إيماني كإيمان يحيى بن يحيى، ولا كإيمان أَحمد بن حنبل. "المناقب" لابن الجوزي ص 198 قال محمد بن يحيى: ما رأَيت برا أَنفق من أَحمد بن حنبل، كنت أسمع منه بالغداة وأملي بالعشي. "المناقب" لابن الجوزي ص 199 قال عبد اللَّه: سمعت أَبي يقول: لما قدمْتُ صنعاءَ اليمن أَنا ويحيى بن مَعِين في وقت صلاة العصر، فسأَلنا عن منزل عبد الرزاق، فقيل: إنه بقرية يقال لها الرَّمادَة، فمضيتُ لشهوتي للقائه، وتخلف يحيى بن مَعِين، وبينها وبين صنعاءَ قريبٌ، حتى إِذا سألت عن منزله قيل: هذا منزله، فلما ذهبت أَدُقُّ البابَ قال لي بقال تجاه داره: لا تدقَّ فإن الشيخ مَهُوب، فجلستُ حتى إذا كان قبل صلاة المغرب خرج لصلاة المغرب، فوثَبْتُ إليه وفي يدي أَحاديثُ قد انتقيتها، فقلت له: سلام عليكم، تحدثني بهذِه رحمك اللَّه؟ فإنني رجل غريب. فقال لي: من أنت؟ فقلت: أَنا أَحمد بن حنبل، قال: فتقاصر ورجع

وضَمَّنِي إليه، وقال: باللَّه أنت أَبو عبد اللَّه؟ ثم أخذ الأَحاديث، فلم يزل يقرؤها حتى أشكل عليه الظلام، فقال للبقال: هلمَّ المصباح حتى خرج وقتُ المغرب -وكان يؤخرها. قال عبد اللَّه: فكان أَبي إذا ذكر أنه نُوِّه باسمه عند عبد الرزَّاق؛ بكى. "المناقب" لابن الجوزي ص 199، "سير أعلام النبلاء" 11/ 192 قال المروذي: سمعت أبا العباس الخطاب يقول: كتبت رقاعا والناس يومئذ متوافرون، أسود بن سلام، وبشر بن الحارث، وأَحمد بن حنبل، وذكر جماعة. وكتبت اسم كل رجل في رقعة، وصليت ركعتين ودعوت اللَّه أن يخرج لي رجلًا أقتدي به وخلطت الرقاع وجعلتها تحت شيءٍ، ثم ضربت بيدي فخرج أَحمد بن حنبل فبقيت أعجب. ثم صليت ركعتين، ذكرت اللَّه وخلطت الرقاع فخرج أَحمد بن حنبل حتى فعلت الثالثة كذلك (¬1). "المناقب" لابن الجوزي ص 200 قال سهل بن عبد اللَّه: كان أحمد بن حنبل سهما من سهام اللَّه، أهلك اللَّه به أهل الزيغ والضلالة. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 30 قال جعفر بن عبد الواحد: ذاكرت المهتدي بشيء فقلت: به كان أحمد ابن حنبل يقول، ولكنه كان يخالَف -كأني أومأت إلى من مضى من آبائه- قال: فقال لي المهتدي: رحم اللَّه أحمد بن حنبل، واللَّه لو جاز لي أن أتبرأ من أبي لتبرأت منه. قال: ثم قال: تكلم بالحق وقُل به، فإن الرجل ليتكلم بالحق فينبل في عيني. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 106 ¬

_ (¬1) قال صالح البُرَدِي: هذِه القصة في جوازها نظر، إذ هي إلى الطيرة أو الميسر أقرب. "تسهيل السابلة" 1/ 38.

قال بشر بن الحارث: ما أظن حياة أحمد إلا أمانًا لأهل الأرض، وخاصة أهل بغداد، فإذا مر أحمد استوت الأقدام. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 121 قال سيار الضرير: لقد قام هذا الرجل -يعني: أحمد بن حنبل- مقام النبيين والصديقين. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 122 قال أبو بكر الأثرم: كان أصحابنا يرون مقام أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل في المحنة، كمقام أبي بكر الصديق في الرّدة. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 137 قال أبو زرعة: إني لأجد لدعاء أحمد في نفسي بركة وخيرًا، وإن كنت منه بعيدًا. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 139 قال علي بن أحمد بن جعفر: حضر رجل مجلس أبي خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، فذكر أبا عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل رحمه اللَّه، فقال أبو خليفة: على أبي عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل رضوان اللَّه، فهو إمامنا، ومن نقتدي به، ونقول بقوله، الداعي للعلم، المتقن لروايته، الصادق في حكايته، القيم بدين اللَّه، المبين عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، إمام المسلمين، والناصح لإخوانه من المؤمنين. فقال له الرجل: يا أبا خليفة ما تقول في قوله: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق؟ قال: صدق واللَّه في مقالته، وقمع كل بدعي بمعرفته، قوله الصواب، ومذهبه السداد، هو المأمون على كل الأحوال، والمقتدى به في جميع الأفعال. فقال له الرجل: يا أبا خليفة فمن قال: القرآن مخلوق؟ قال: ذلك رجل مبتاع، العنه ديانةً، واهجره تقربًا إلى اللَّه عز وجل، بذلك قام أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه- مقامًا لم يقمه أحد من المتقدمين

ولا المتأخرين، فجزاه اللَّه عن الإسلام وعن أهله أفضل الجزاء. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 140 قال المروذي: قال لي عباس العنبري: واللَّه لمخالفتي ليونس وابن عون، أسهل عليَّ من خلافي أحمد بن حنبل، ثم قال: إن عبد الرحمن ابن عوف قال: بلينا بفتنة الضراء فصبرنا، وبلينا بفتنة السراء فلم نصبر، وأبو عبد اللَّه بلي بالفتنتين جميعًا فصبر. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 142 قال أبو همام السكوني: ما رأى أحمد مثل نفسه. "طبقات علماء الحديث" 2/ 83، "سير أعلام النبلاء" 11/ 305 قال أبو بكر بن أبي شيبة: لا يقال لأحمد بن حنبل: من أين قلت؟ "سير أعلام النبلاء" 11/ 186 قال أبو إسماعيل الترمذي، يذكر عن ابن نمير قال: كنت عند وكيع، فجاءه رجل، أو قال: جماعة من أصحاب أبي حنيفة، فقالوا له: هاهنا رجل بغدادي يتكلم في بعض الكوفيين، فلم يعرفه وكيع، فبينا نحن إذ طلع أحمد بن حنبل، فقالوا: هذا هو، فقال وكيع: هاهنا يا أبا عبد اللَّه، فأفرجوا له، فجعلوا يذكرون عن أبي عبد اللَّه الذي ينكرون. وجعل أبو عبد اللَّه يحتج بالأحاديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. فقالوا لوكيع: هذا بحضرتك ترى ما يقول؟ فقال: رجل يقول: قال رسول اللَّه، أيش أقول له؟ ثم قال: ليس القول إلا كما قلت يا أبا عبد اللَّه، فقال القوم لوكيع: خدعك واللَّه البغدادي. "سير أعلام النبلاء" 11/ 187 قال المروذي: سمعت محمد بن يحيى القطان يقول: رأيت أبي مكرما لأحمد بن حنبل، لقد بذل له كتبه، أو قال: حديثه. "سير أعلام النبلاء" 11/ 189 قال المروذي: سمعت جعفر بن ميمون بن الأصبغ، سمعت أبي يقول: كنا عند يزيد بن هارون، وكان عنده المعيطي، وأبو خيثمة، وأحمد، وكانت

في يزيد رحمه اللَّه مداعبة، فذاكره المعيطي بشيء، فقال له يزيد: فقدتك، فتنحنح أحمد، فالتفت إليه، فقال: من ذا؟ قالوا: أحمد بن حنبل، فقال: ألا أعلمتموني أنه هاهنا؟ قال المروذي: فسمعت بعض الواسطيين يقول: ما رأيت يزيد بن هارون ترك المزاح لأحد إلا لأحمد بن حنبل. "سير أعلام النبلاء" 11/ 194 قال عبد اللَّه: رأيت كثيرا من العلماء والفقهاء والمحدثين، وبني هاشم وقريش والأنصار، يقبلون أبي، بعضهم يده، وبعضهم رأسه، ويعظمونه تعظيما لم أرهم يفعلون ذلك بأحد من الفقهاء غيره. ولم أره يشتهي ذلك. ورأيت الهيثم بن خارجة، والقواريري، وأبا معمر، وعلي بن المديني، وبشارا الخفاف، وعبد اللَّه بن عون الخراز، وابن أبي الشوارب، وإبراهيم الهروي، ومحمد بن بكار، ويحيى بن أيوب، وسريج بن يونس، وأبا خيثمة، ويحيى بن معين، وابن أبي شيبة، وعبد الأعلى النرسي، وخلف ابن هشام، وجماعة لا أحصيهم، يعظمونه ويوقرونه. "السير" 11/ 304 قال عبد اللَّه: قال أبي: شهدت إبراهيم بن سعد وجاءه رجل من مدينة أبي جعفر، فقال: يا أبا إسحاق حدثني، فقال: كيف أحدثك وهذا هاهنا؟ يعنيني -فاستحييت، فقمت. "سير أعلام النبلاء" 11/ 308 قال حرملة: سمعت الشافعي يقول عند قدومه إلى مصر من العراق: ما خلفت بالعراق أحدًا يشبه أحمد بن حنبل. "المنهج الأحمد" 1/ 73

21 - فصل في ثناء أتباعه عليه

21 - فصل في ثناء أتباعه عليه قال البغوي: حدثنا أبو الربيع الزهراني، أخبرنا حماد بن زيد، أخبرنا بقية بن الوليد، حدثنا معان بن رفاعة، عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري. قال: وحدثني زياد بن أيوب، حدثنا مبشر، عن معان، عن إبراهيم بن عبد الرحمن قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم: "يرث هذا العلم -وقال مبشر: يحمل هذا العلم- مِنْ كلِّ خلف عُدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين" (¬1). قال البغوي: وكان أحمد بن حنبل منهم. "الكامل" لابن عدي 1/ 211 قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل إمام الدنيا. "الكامل" لابن عدي 1/ 211، "تاريخ دمشق" 5/ 295 قال أَبو داود: لقيت مائتين من مشايخ العلم فما رأَيت مثل أَحمد بن حنبل، لم يكن يخوض في شيءٍ مما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا، فإذا ذكر العلم تكلم. "حلية الأولياء" 9/ 164، "تارخ دمشق" 5/ 291، "المناقب" ص 181، "الجوهر المحصل" ص 42، "المنهج الأحمد" 1/ 96 قال مُهَنَّا: ما رأَيت أحدا أجمع لكل خير من أَحمد بن حنبل، "وقد رأَيت سفيان بن عُيَيْنةَ ووكيعًا وعبد الرزاق وبقية بن الوليد وضُمرة بن ربيعة، وكثيرًا من العلماءِ فما رأَيت مثل أَحمد بن حنبل في علمه وفقهه وزهده وورعه. "حلية الأولياء" 9/ 165، 174، "تاريخ دمشق" 5/ 283، "المناقب" ص 185، "تهذيب الكمال" 1/ 453، "سير أعلام النبلاء" 11/ 191 ¬

_ (¬1) رواه العقيلي في "الضعفاء" 4/ 256 من طريق إسماعيل بن عياش، عن معان به، ورواه الخطيب في "شرف أصحاب الحديث" (50) من طريق أبي الربيع الزهراني به، ونقل عن مهنا أنه قال للإمام أحمد: كأنه كلام موضوع. فقال: لا، هو صحيح، وقال: سمعته من غير واحد، حدثني به مسكين، إلا أنه يقول: معان، عن القاسم ابن عبد الرحمن. وقال: معان بن رفاعة، لا بأس به.

قال إبراهيم الحربي: أَنا أقول سعيد بن المسيب في زمانه، وسفيان الثوري في زمانه، وأَحمد بن حنبل في زمانه. "الحلية" 9/ 166، "تاريخ بغداد" 4/ 416، "تاريخ دمشق" 5/ 292، "المناقب" ص 182، "السير" 11/ 203، "المقصد الأرشد" 1/ 69 قال عبد الوهاب الوراق: لما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فردوه إلى عالمه" (¬1)، رددناه إلى أَحمد بن حنبل وكان أعلم أهل زمانه. "تاريخ بغداد" 4/ 418، "طبقات الحنابلة" 1/ 39، "تاريخ دمشق" 5/ 288، "المناقب" ص 184، "سير أعلام النبلاء" 11/ 199، المقصد الأرشد" 1/ 69، "المنهج الأحمد" 1/ 92 قال الخلال: خرج أبو بكر المروذي إلى الغزو فشيعوه إلى سامراء، فجعل يردهم فلا يرجعون. قال: فحُزِروا فإذا هم بسامراء -سوى من رجع- نحو خمسين ألفا، فقيل له: يا أبا بكر احمد اللَّه، فهذا علم قد نشر لك، فبكى وقال: ليس هذا العلم لي، إنما هو لأبي عبد اللَّه أحمد. "تاريخ بغداد" 4/ 424، "سير أعلام النبلاء" 13/ 174 قال عبد الوهاب الوراق: أَبو عبد اللَّه إمامنا وهو من الراسخين في العلم، إذا وقفت غدا بين يدي اللَّه فسأَلني بمن اقتديت؟ أقول: بأَحمد. وأي شيءٍ ذهب على أَبي عبد اللَّه من أمر الإسلام وقد بُليَّ عشرين سنة في هذا الأمر. "طبقات الحنابلة" 1/ 29، "المناقب" ص 184، "سير أعلام النبلاء" 11/ 304، "المنهج الأحمد" 1/ 83 قال عبد الوهاب الوراق: ما رأَيت مثل أَحمد بن حنبل. قالوا له: وأي شيءٍ بان لك من فضله وعلمه على سائر من رأَيت؟ قال: رجل سئل عن ستين ألف مسأَلة فأَجاب فيها بأَن قال: حدثنا وأخبرنا. "طبقات الحنابلة" 1/ 13، "المناقب" ص 185، "المقصد الأرشد" 1/ 66، "المنهج الأحمد" 1/ 85 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في "المسند" 2/ 181، 185، وابن ماجة (85)، من حديث عبد اللَّه بن عمرو.

قال أَبو داود: إذا رأَيت الرجل يحب أَحمد بن حنبل فاعلم أنه صاحب سنة. "المناقب" لابن الجوزي ص 181 قال إبراهيم الحربي: انتهى علم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم -ما رواه أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة وأهل الشام- إلى أربعة، انتهى إلى: أَحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعِين، وزهير بن حرب، وأَبي بكر بن أبي شَيْبة، وكان أَحمد أفقه القوم. "المناقب" لابن الجوزي ص 182 قال محمد بن عبد اللَّه الشافعي: لما مات سعيد بن أَحمد بن حنبل، جاء إبراهيم الحربي إلى عبد اللَّه بن أَحمد فقام إليه عبد اللَّه، فقال: تقوم إليَّ! فقال: لم لا أَقوم إليك! واللَّه لو رآك أَبي لقام إليك. فقال إبراهيم: واللَّه لو رأى ابن عيينة أَباك لقام إليه. "المناقب" لابن الجوزي ص 182، "سير أعلام النبلاء" 11/ 204 قال إبراهيم الحربي: يقول الناس أَحمد بن حنبل بالتوهم، واللَّه ما أَجد لأحد من التابعين عليه مزية ولا أعرف أحدًا يقدر قدره، ولا يعرف لأَحد من الإِسلام محله. ولقد صحبته عشرين سنة صيفا وشتاءً، وحرًّا وبردًا، وليلًا ونهارًا، فما لقيته لقاة في يوم إلا وهو زائد عليه بالأمس، ولقد كان يقدم أَئمة الإسلام والعلماء من كل بلد، وإمام كل مصر، فهُم بجلالتهم ما دام الرجل منهم خارجًا من المسجد، فإذا دخل المسجد صار غلامًا متعلمًا. "المناقب" لابن الجوزي ص 182، "الجوهر المحصل" ص 44 قال أبو داود: وما رأت عيني مثل أحمد بالعراق، ولا بالشام، ولا في الحجاز، ولا في غيرها، وكان يخيل إليَّ أن أحمد بن حنبل من أوتاد الأرض في أفعاله، ومقامه في وقته مقام الأنبياء في زمانهم. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 154

22 - فصل ما قيل فيه من الأشعار

22 - فصل ما قيل فيه من الأشعار قال أبو جعفر محمد بن بدينا الموصلي: أنشدني ابن أعين (¬1) في أحمد ابن حنبل: أضحى ابن حنبل محنة مأمونة ... وبحب أحمد يعرف المتنسك وإذا رأيت لأحمد متنقصا ... فاعلم بأن ستوره ستهتك "تاريخ بغداد" 4/ 420، "المناقب" لابن الجوزي ص 597، "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 155، "سير أَعلام النبلاء" 11/ 299، "طبقات الشافعية" 2/ 33، "المنهج الأحمد" 1/ 926 قال محمد بن أَبي بشر: أتيت أَحمد بن حنبل في مسأَلة. فقال: ائت أبا عبيد فإن له بيانا لا تسمعه من غيره، فأتيت أبا عبيد فسأَلته فشفاني جوابه وأخبرته بقول أَحمد. فقال: يا ابن أَخي، ذاك رجل من عمال اللَّه، نشر اللَّه رداءَ عمله في الدنيا، وذخر له عنده الزلفى، أَما تراه محببًا أَلوفا مألوفا، ما رأَت عيناي بأَرض العراق رجلًا اجتمعت فيه خصال هي فيه، فبارك اللَّه فيما أعطاه من الحلم والعلم والفهم ثم قال: وإنه لكما قال مطريه: يزينك إمَّا غاب عنك فإن دنا ... رأيت له وجها يسرك مقبلا يعلم هذا الخلق ما شذ عنهم ... من الأدب المجهول كهفا ومعقلا ويحسن في ذات الإِله إِذا رأى ... مضيما لأهل الحق لا يسأَم البلا وإخوانه الأدنون كل موفق ... بصير بأَمر اللَّه يسمو إلى العلا "المناقب" لابن الجوزي ص 153، "سير أعلام النبلاء" 11/ 200 قال أبو شعيب الحراني: كنا مع أبي عبيد القاسم بن سلام بباب المعتصم ¬

_ (¬1) في "السير" نقل عن الطبراني قال: أنشدنا محمد بن موسى بن حماد لمحمد بن عبد اللَّه بن طاهر فذكره. وفي "المنهج الأحمد" قال: ومما ينسب للشافعي.

وأحمد بن حنبل يُضرب، قال: فجعل أبو عبيد يقول: أيضرب سيدنا! لا صبر، أيضرب سيدنا! لا صبر. قال أبو شعيب فقلت: ضربوا ابن حنبل بالسياط بظلمهم ... بغيا فثبت بالثبات الأنور قال الموفق حين مُدد بينهم ... مد الأديم مع الصعيد القرقر إني أموت ولا أبوء بفجرةٍ ... تُصلي بوائقُها محلَّ المفتري "المناقب" لابن الجوزي ص 416، "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 107 قال إبراهيم بن إسحاق الأنصاري: أنشدني عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، لأبي سعيد اليخامري، في أبي عبد اللَّه رحمه اللَّه: فأنت أبا عبد الإله مسدَّد ... بتسديد ذي العرش الرفيع الدعائِم لك الفضل في الدنيا على علمائنا ... وزهادنا يا ابن القروم (¬1) الأكارم وقولك مقبول ورأيك فاضل ... وأمرك محمود القوى والعزائم وكل امرئٍ وثقته في حديثه ... شددت له أركانه بدعائم حللت من الإسلام والبر والتقى ... بمرتبة لا تُرْتَقى بسلالم حويت بحور العلم من كل بلدة ... ففزَت بغنم من جزيل الغنائم "المناقب" لابن الجوزي ص 516، "الجوهر المحصل" ص 148 قال إبراهيم بن إسحاق الغَسِيلي: أخذت هذِه القصيدة من أبي بكر المرُّوذي، وذكر أن إسماعيل بن فلان الترمذي قالها، وأنشدها في أحمد ابن حنبل وهو في سجن المحنة: تبارك من لا يعلم الغيب غيره ... ومن لم يزل يُثْنَى عليه ويذكرُ علا في السموات العلا فوق عرشه ... إلى خلقه في البر والبحر ينظرُ سميع بصير لا يشك مدبّر ... ومن دونه عبد ذليل مدبَّرُ ¬

_ (¬1) القَرْم من الرجال: السيد المعظم.

يدا ربنا مبسوطتان كلاهما ... تسحان والأيدي من الخلق تقترُ إذا فيه فكَّرنا استحالت عقولنا ... فأُبْنَا حيارى واضمحل التفكرُ وإن نقر المخلوق عن علم ذاته ... وعن كيف كان الأمر ضل المنقر ولو وصف الناس البعوضة وحدها ... بعلمهم لم يحكموها وقصروا فكيف بمن لا يقدر الخلق قدره ... ومن هو لا يبلى ولا يتغير نهينا عن التفتيش والبحث رحمة ... لنا وطريق البحث يُردى ويخسر وقالوا لنا قولوا ولا تتعمقوا ... بذلك أوصانا النبي المعزَّر فقلنا وقلدنا ولم نأت بدعة ... وفي البدعة الخسران والحق أنور ولم نر كالتسليم حرزًا وموئلا ... لمن كان يرجو أن يثاب ويحذر شهدنا بأن اللَّه لا رب غيره ... وأحمد مبعوث إلى الخلق منذر وأن كتاب اللَّه فينا كلامه ... وإن شك فيه الملحدون وأنكروا شهدنا بأن اللَّه كلم عبده ... ولم يك غير اللَّه عنه يُعَبَّر غداة رأى نارًا فقال لأهله ... سآتي بنار أو عن النار أخبر فناداه يا موسى أنا اللَّه لا تخف ... وأرسله بالحق يدعو وينذر وقال انطلق إني سميع لكل ما ... يجيئ به فرعون ذو الكفر مبصر وكلمه أيضًا على الطور ربه ... وقرب والتوراة في اللوح تسطر وكلمه أيضًا على الطور ربه ... وإسناده الروح الأمين المطهر وإنَّ وليَّ اللَّه في دار خلده ... إلى ربه ذي الكبرياء سينظر ولم نر في أهل الخصومات كلها ... زكينًا ولاذا خشية يتوقر ولم يحمد اللهُ الجدالَ وأهلَه ... ومن دينه تشديقه والتقعر وكلُّ كلاميِّ قليل خشوعه ... له بِيعٌ فيه وسوق ومتجر

تفرغ قوم للجدال وأغفلوا ... طريق التقى حتى غلا المتهور وقاسوا بآراءٍ ضعافٍ وفرطوا ... ورأى الذي لا يتبع الحق أبتر جزى اللَّه رب الناس عنا ابن حنبل ... وصاحبه خيرًا إذا الناس أحضروا سميُّ نبي اللَّه أعني محمدًا ... فقل في ابن نوح والمقالةُ تقصر سقى اللَّه قبرًا حله ما ثوى به ... من الغيث وسميا يروح ويبكر هما صبرا للحق عند امتحانهم ... وقاما بنصر اللَّه والسيف يقطر وأربعة جاءُوا من الشام سادة ... عليهم كبول بالحديد تسمر دُعُوا فأبوا إلا اعتصاما بدينهم ... فأجلوا عن الأهلين طرًّا وسيروا إلى البلد المشحون من كل فتنة ... وفي السجن كالسراق ألقوا وصيروا فما زادهم إلا هدى وتمسكا ... بدينهم واللَّه بالخلق أبصر إذا مُيِّز الأشياخُ يومًا وحُصِّلوا ... فأحمدُ من بين المشايخ جَوْهَرُ رقيقٌ أدِيمُ الوجه حُلْوٌ مهذَّبُ ... إلى كل ذي تقوى وقورٌ موقَّرُ أبيٌّ إذا ما خاف ضيمٌ مؤمَّر ... ومُرٌّ إذا ما خاشَنُوه مُذَكِّرُ لعمرك ما يهوى لأحمد نكبةً ... من الناس إلا ناقص العقل مُعْوِرُ هو المحنةُ اليومَ الذي يُبْتَلَى به ... فيعتبر السُّنِّيُّ فينا ويُسْبَرُ شَجًى في حلوق الملحدين وقرة ... لأعين أهل النسك عفٌّ مشمِّر فقا أعين المراق فعلُ ابن حنبل ... وأخرس من يبغي العيوب ويحقر جرى سابقًا في حلْبة الصدق والتقى ... كما سبق الطّرْف الجَوَادُ المضَمَّرُ وَبلَّد عَنْ إدراكه كلّ كَوْدَنٍ ... قَطُوف إذا ما حاول السبق يعثر إذا افتخر الأقوامُ يومًا بسيِّد ... ففيه لنا -والحمد للَّه- مفخَرُ فقل للأُلى يَشْنَوْنَه لصلاحه ... وصحته واللَّه بالعذر يعذِر جُعِلتم فداءً أجمعين لنعله ... فإنكم منها أذل وأحقر

أريحانَةَ القُرّاء تَبْغُون عَثْرَةً ... وكلكم من جيفة الكلب أقذر فيا أيها الساعي ليُدِركَ شأوَه ... رويدك عن إدراكه ستقصِّر تمسك بالعلم الذي كان قَدْ وَعَى ... ولم يُلْهِهِ عنه الخَبِيصُ المزَعْفَرُ ولا بغلة هِمْلاَجَة مغربية ... ولا حُلَّة تُطْوى مرارًا وتُنْشَرُ ولا منزل بالساج والكِلسِ متقن ... ينقَّش فيه جِصُّه ويصوّرُ ولا أمة بَرّاقةُ الجِيدِ بضَّةٌ ... بمنطقها تُصْبِي الحليم وتَسْحَر حَمى نفسه الدنيا وقد سَنَحَت له ... فمنزلُه إلا من القُوتِ مُقْفِرُ فإن يك في الدنيا مُقِلاًّ فإنه ... من الأدب المحمود والعلم مُكْثِرُ وقل للألئ حادُوا معًا عن طريقه ... ولم يمكثوا حتى أجابوا وغيروا فلا تأمنوا عُقْبَى الذي قد أتيتُمُ ... فإن الذي جئتم ضلال مزوَّر فيا علماء السوءِ أين عقولكم ... وأين الحديث المسند المتحبر ألا إنني أرجو النجاة ببعضكم ... وكل امريءٍ يشني الضلال يؤجر تأسى بكم قوم كثير فأصبحوا ... لكم ولهم في كل مصر معيِّر ويا تسعة كانوا كتسعة صالح ... نبي الهدى إذ ناقة اللهِ تعقر نكصتم على الأعقاب حين امتحنتم ... ولم يكُ فيكمُ لذلك منكر كتبتم بأيديكم حتوف نفوسكم ... فيا سوءتا مما يخط المقدر وأشمتم أعداء دين محمد ... ولم تضرب الأعناق منكم وتنشر فسبحان من يُعصى فيعفو ويغفر ... ويظهر إحسان المسيء ويستر "المناقب" ص 517 - 520، "المحنة" ص 203 - 208، "الجوهر المحصل" ص 148، "المنهج الأحمد" 1/ 125 قال إبراهيم بن إسحاق الغَسِيلي: أنشدني الهيضم بن أحمد لأبيه يرثي أحمد بن حنبل: يا ناعيَ العلم بيوم أحمدا ... نعيت بحرًا كان يجري مُزبدَا ومكرمات وتقى وسؤددا ... صلابة في دينه تجردا

إذا غدا قلت الربيع قد غدا ... يا أحمد الخير الذي تحمَّدا أشبهت سفيان الذي تعبَّدا ... ومسعرًا دانيته ومعضدا أشبهتهم قناعة ومهتدى ... وعفة بنتَ بها ومقتدى وكنت في هذا وذاك أوحدا ... سُميتَ في هذا وذاك المفردا قد زلزلت أرض العراق كمدا ... والشام حزنا والحجاز أرعدا يا أحمد بن حنبل لا تبعدا ... شيَّدت للدين بناء مرفدا إذ كنت في الدِّين له مشيدا ... ولم ترد قصرًا بها ممردا ولا حصانا كالعقاب أجردا ... ولا إماء كالسعالى نُهَّدا ألبسن ريطا وحلين عسجدا ... فقمن يشبهن غصونا ميدا إن المنيات توافي الموعدا ... تنزل بالنازل دنياه الردى وحظه منها الذي تزوَّدا قال: وأنشدني الهيضم لأبيه: لتبك عيون مسبلات بوبلها ... على زينة الدنيا وعالم ألها قليل عليه فاستقلا بكاكما ... على مستقل بالخطوب مقلها إمام لأهل العلم تفري مطيهم ... إليه الفلا بين السديس وبزلها فبان بيوم كان مقدار يومه ... وصار إلى دار البلى ومحلها فتلك المطايا قد أُرحْنَ من السَّرى ... ومِن شدَّ اتساع الرحال وحلها لمهلك ثاو كان مأوى رحالهم ... إذا ما أنيخت كل عيس برحلها ليرو رميم تحت ردم من الثرى ... تصوب عليه البارقات بهطلها ستحدث أحداث يقال لمثلها ... ألا مثله في مثلها عند مثلها قال: وأنشدني الهيضم لأبيه: للزاهدين مع الدموع دموعُ ... والعابدين لهم عليك خشوعُ يبكون فقدك والجفون شفاؤها ... هَمَلاَنُها ورقادها ممنوعُ

يا أحمد الحبر الذي وارى الثرى ... وبه الشتات من الجميع جميعُ أروى محلتَكَ السماءُ وجادها ... دِيَمُ الخريف وصَيِّفٌ وربيعُ "المناقب" لابن الجوزي ص 520 - 522، "الجوهر المحصل" ص 149، "المنهج الأحمد" 1/ 126 قال أحمد بن المبارك: سمعت علي بن حجر يقول -ونعى إليه أحمد بن حنبل رجل يقال له إبراهيم- فقال علي بن حجر: نعى لي إبراهيم أورع عالم ... سمعت به من معدم ومُخَوَّل إماما على قصد السبيل وسنة ... النبي أمين اللَّه آخر مرسل فقلت وفاض الدمع مني بأربع ... على النحر فيضا كالجمان المفصل سلام عديد القطر والنجم والثرى ... على أحمد البر التقي ابن حنبل ألا فتأهب للمنايا فإنما الـ ... ـبقاء قليل بعده لك أيْ علي "المناقب" لابن الجوزي ص 522 قال عبد السلام بن علي: أنشدنا أبو مُزاحم الخاقاني: جزى اللَّه ابن حنبل التقيَّا ... عن الإسلام إحسانًا هنيَّا فقد أعطاه إذ صبر احتسابا ... على الأسواط إيمانا قويَّا هو الورع الذي امتحنوه قدما ... فألفوه عليما لا غبيا وجاءَ بصادق الآثار حتى أقام ... بذلك الدِّين الرضيا حبا المتوكل السني بدْءًا ... وعودًا أحمد المال السنيا فآثر أحمد الإقلال زهدا ... على الدنيا وكان بها سخيا فأحمد جامع ورعا وزهدا ... وعلمًا نافعًا حبرا تقيا وأحمد كان للفتوى إماما ... رضًا للمسلمين معًا وقيَّا وأحمد محنة للناس طرا ... نَمِيز به المعوج والسويا "المناقب" لابن الجوزي ص 523، "الجوهر المحصل" ص 149 قال عبد السلام بن علي: أنشدنا أبو مُزاحم الخاقاني:

لقد صار في الآفاق أحمد محنة ... وأمر الورى فيها فليس بمُشْكلِ ترى ذا الهوى جهلا لأحمد مُبغضا ... وتعرف ذا التقوى بحُبِّ ابن حنبل "المناقب" لابن الجوزي ص 523، "المنهج الأحمد" 1/ 126 قال أبو بكر محمد بن هارون بن حميد المُجَدَّر: لما دفنا أحمد بن حنبل نشدنا ابن الخبازة فيه: ومن أَفْضَت الدنيا إليه فعافَهَا ... وقال: هبلتِ، الدينُ أنبل متكلي ومن رام إبليسُ استمالةَ قلبه ... فألفاه كالقِدْح الذي لم يُمَيَّل ومن لم يزل في سنة اللَّه صابرًا ... على الضرب والأنكال والسجن مُذْ بُلي كأني أرى الجلاد يثني سياطه ... على بدن بالٍ من الصوم مُنْحَل وأعضاؤه تجري الدماء كأنها ... عيون إذا ما الصوت منكبه عَلي وقد وهنت من شدة الضرب نفسه ... وحسَّ دَبِيبَ الموت في كل مَفْصِل وقال له الجهال يا مُبْتَلَى أجِبْ ... فإنك إن تأب الإجابة تقتل فقال على البرّ الرحيم توكلي ... أعوذ بربي من مقالة مبطل ويا مَنْ يُعَافِي من يشاءُ ويبتلي ... أغثني بصبر منك غير مؤجَّل وإن كنت في ذا الحال قدَّرْتَ مِيتَتي ... أَمِتْني سليمَ الدِّين غيرَ مبدِّل فما حَجَبَ البرُّ الرحيم سؤالَه ... لقد خصَّه منه بصبرٍ معجل فعاش حميدًا ثم مات مفردا ... به أحدٌ من دهره لم يمثل فبُورك مولودًا وبورك ناشئًا ... وبورك كهلًا من أمينٍ معَدَّل وبُورك مقبوضا وبورك ملحدًا ... وبورك مبعوثا إلى خير منزل أرجِّي له الحسنى بإظهاره التُّقَى ... وما يشَإِ العلامُ بالسر يفعل وبَعْدُ فإنَّ السنة اليوم أصبحَتْ ... معززة حتى كأن لم تذلل تصول وتسطو إذا أقيم منارها ... وحُطَّ مَنار الإفك والزودر من عَل وولى أخو الإبداع في الدِّين هاربا ... إلى النار يهوى مدبرًا غير مقبلِ

شَفَى اللَّه منه بالخليفة جعفر ... خليفتنا ذي السنة المتوكل وجامع أهل الدّين بعد تشتُّت ... وفارى رءُوسَ المارقين بمقصَل أطال لنا ربُّ العباد بقاءه ... سليما من الأهواء غيرَ مبدِّل وبوأه بالنصر للدين جنةً ... يجاور في روضاتها خيرَ مُرسَل "المناقب" لابن الجوزي ص 523 - 525، "المنهج الأحمد" 1/ 123 قال محمد بن ناصر: أنشدنا جعفر بن أحمد السراج لنفسه في الإمام أحمد: سقى اللَّه قبرًا فيه ابن حنبلٍ ... من الغيث وَسْمِيًّا على إِثرِهِ ولي على أن دمعي فيه ريُّ عظامه ... إذا فاض، ما لم يَبْلَ منها وما بَلِي فللَّهِ ربّ الناس مذهب أحمد ... فإنَّ عليه ما حَيِيتُ مُعَوَّلي دَعَوْه إلى خَلْق القُرَان كما دَعَوْا ... سواه فلم يَسْمَعْ ولم يتأَوَّلِ ولا رده ضربُ السياط وسَجْنُه ... عن السنة الغراءِ والمذهب الجَلِي ولما يزدهم والسياطُ تَنُوشُه ... فشَلَّتْ يمينُ الضارب المتبتل على قوله: القرآن -وليشهد الورى- ... كلامُك يا رب الورى كيفما تُلي فمن مُبْلِّغ أصحابَه أنني به ... أفاخر أهل العلم في كل محفل وألقى به الزهادَ كلَّ مطلِّقٍ ... من الخوف دنياه طلاقَ التبتُّلِ مناقبه إن لم تكن عالمًا بها ... فكشف طروس القوم عنهن واسأَل لقد عاش في الدنيا حميدًا موفقًا ... وصار إلى الأُخرى إلى خير منزل وإني لراجٍ أن يكون شفيعَ مَنْ ... تولاه من شيخ ومن مُتَكَهَّلِ ومن حَدَثٍ قد نَوَّرَ اللَّه قلبَه ... إذا سألوا عن أصله قال: حَنْبَلِي "المناقب" لابن الجوزي ص 525، "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 208، "المنهج الأحمد" 1/ 123 قال عبد الملك بن أبي القاسم الكَرُوخِي: أنشدنا أبو إسماعيل عبد اللَّه بن محمد الأنصاري في مدح أحمد بن حنبل:

وإمامِي القوَّامُ للَّه الذي ... دَفَنُوا حميدَ الشأن في بَغْدَانَ جَمَعَ التُّقَى والزهد في دنياهم ... والعلم بعد طهارة الأردانِ خَصِمُ النبي وصَيْرَفيُّ حديثه ... ومفلِّق أعرافها بمعانِ حَبْرُ العراق، ومحنةٌ لذوي الهوى ... يدري ببغضته ذَوُو الأضغانِ عَرَفَ الهدى فاجتاب ثوبي نُصْرة ... وسخا بمهجت على عِرْفان عُرضَتْ له الدنيا فأعرض سالمًا ... عنها كفعل الراهب الخُمْصانِ هانت عليه نفسُه في دينه ... ففدى الإمامُ الدينَ بالجثمان للَّه ما لَقِيَ ابن حنبل صابرًا ... عزمًا وينصره بلا أعوانِ أنا حنبليٌّ ما حييتُ فإن أَمُتْ ... فوصيتي ذا كم إلى إخوانِي "المناقب" لابن الجوزي ص 526 قال يحيى بن محمد العنبري: أنشدنا أبو عبد اللَّه البوسندي في أحمد بن حنبل: إنَّ ابن حنبلَ إن سألتَ إمامُنَا ... وبه الأئمةُ في الأنامِ تمسَّكوا حَذْوَ الشراكِ على الشراكِ وإنَّما ... يحذو المثالَ مثالُهُ المستمسكُ خلف النبيَّ محمدًا بعدَ الأُلي ... خَلَفوا الخلائفَ بعدهُ واستهلكوا "البداية والنهاية" 10/ 787 قال جمال الدين الصرصري: ألذُّ وأحلى من شَمُولٍ وشمألِ ... وأليقُ من ذكرى حبيبٍ ومنزل وأطيبُ من مِسْكٍ تَضَوَّعَ نَشْرُه ... ونَدَّ وكافورٍ ومن عَرْفِ مَنْدِل وَأحسنُ من روضٍ تفتَّقَ نَوْرُه ... على حَافتي ماءِ الغديرِ المُسَلسَل ثناءٌ على الرحمنِ من نثرِ ناظمٍ ... مجيدٍ على عِقدِ الإمام ابن حنبل حَوى أَلْفَ أَلْفٍ مِنْ أَحَادِيثَ أُسْنِدَتْ ... وَأَثْبَتَهَا حِفْظًا بِقَلْبٍ مُحَصّلِ أَجَابَ عَلَى سِتِّينَ أَلْفَ قَضِيَّةٍ ... بِأَخْبَرِنَا لا مِنْ صَحَائِفِ نُقَّلِ

وَكَانَ إمَامًا فِي الأحَادِيثِ حُجَّةً ... لِنَقْدٍ صَحِيحٍ ثَابِتٍ وَمُعَلَّلِ وَكَانَ إمَامًا فِي كِتَابٍ وَسُنَّةٍ ... وَعِلْمٍ وَزُهْدٍ كَامِلٍ وَتَوَكُّلِ فَمَنْهَجُهُ فِي الحَقِّ أَقْوَمُ مَنْهَجٍ ... وَمَوْرِدُهُ فِي الشَّرْعِ أَعْذَبُ مَنْهَلِ فَقَدْ كَانَ كَالصّدِّيقِ فِي يَوْمِ رِدَّةٍ ... وَعُثْمَانَ يَوْمَ الدَّارِ فِي الصَّبْرِ إذْ بُلِي وَفِي الضَّرْبِ فانحلَّتْ سَرَاوِيلُهُ دَعَا ... فَمَا فَارَقَتْ حَقْوَيْ مُحِقٍّ مُسَرْوَلِ وَمِنْ وَرَعٍ قَدْ كَانَ يَطْوِي ثَمَانِيًا ... مُوَاصَلَةً فِي عَسْكَرِ المُتَوَكِّلِ هُوَ العَلَمُ المَشْهُورُ لَمْ يَطْوِ ذِكْرَهُ ... مَمَات بَلْ اسْتَعْلَى عَلَى كُلِّ مُعْتَلِ إمَامٌ عَظِيمٌ كَانَ للَّه حُجَّةً ... عَلَى نَفْيِ تَشْبِيهٍ وَدَحْضِ مُعَطِّلِ وصلَّى عليه ألفُ ألفِ مُوَحِدٍ ... وستُّ مِئي ألفٍ فأعظِمْ وأكْمِلِ فقد بانَ بعدَ الموتِ للناسِ فضْلهُ ... كما كان حيًّا فضلُه ظاهرٌ جَلي أقرَّ لهُ بالفضلِ أعيانُ وقْتِه ... وأثنوا عليهِ بالثناءِ المُبَجَّلِ أبو حاتمٍ وابنُ المديني والرِّضا ... أبو زُرْعةَ الرازيُّ كَنزُ المحوَّل ولابنِ معينٍ فيهِ أَزْكَى شهادةٍ ... وشُكْرُ ابن سَلام له، اسمعْ وسجِّل وأثنى عليه الشافعيُّ بأنَّهُ ... إمامٌ جليل في ثمانية مَلي حديثٍ وقُرآنٍ وفِقْهٍ وسُنَّةٍ ... وفقرٍ وزُهدٍ للرجالِ مُجَمِّلِ وفي ورع شافٍ وفي اللغةِ التي ... بها نَزَلَ القرآنُ خيرُ مُنَزَّلِ جزاه عن الإسلامِ خيرًا إلهُهُ ... جزاءَ محامٍ ناصرٍ مُتَكَفِّلِ "الجوهر المحصل" ص 150

23 - باب في تمسكه بالسنة والأثر

23 - باب في تمسكه بالسنة والأثر قال محمد بن هارون المخرمي: إذا رأيت الرجل يقع في أحمد بن حنبل فاعلم أنه مبتدع. "الجرح والتعديل" 1/ 308، "تاريخ دمشق" 5/ 294، "تهذيب الكمال" 1/ 457 قال أحمد بن إبراهيم الدورقي: من سمعتموه يذكر أحمد بن حنبل بسوء فاتهموه على الإسلام. "تاريخ بغداد" 4/ 420، "طبقات الحنابلة" 1/ 40، "تاريخ دمشق" 5/ 321، "المناقب" ص 596، "المحنة" ص 156، "تهذيب الكمال" 1/ 457، "المنهج الأحمد" 1/ 93 قال أبو الحسن الطرخاباذي الهمداني: أحمد بن حنبل محنة به يعرف المسلم من الزنديق. "تاريخ بغداد" 4/ 420، "تاريخ دمشق" 5/ 322، "المحنة" ص 150، "تهذيب الكمال" 1/ 457 قال قتيبة بن سعيد: أحمد بن حنبل إمامنا، من لم يرض به فهو مبتدع. "طبقات الحنابلة" 1/ 32، "المنهج الأحمد" 1/ 82 قال أبو داود: قلت لأبي عبد اللَّه: أرى رجلًا من السنة مع رجل من أهل البدع، أَترك كلامه؟ قال: لا، أو تُعْلِمه أن الذي رأيته معه صاحب بدعة، فإن ترك كلامه، وإلا فألحقه به. قال ابن مسعود: المرء بخدنه (¬1). "طبقات الحنابلة" 1/ 429، "المناقب" لابن الجوزي ص 236 قال سفيان بن وكيع: أحمد عندنا محنة، من عاب أحمد عندنا فهو فاسق. "تاريخ دمشق" 5/ 322، "المحنة" ص 157، "طبقات الشافعية" 2/ 33 قال الحسن بن أيوب البغدادي: قيل لأبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل: أحياك اللَّه يا أبا عبد اللَّه على الإسلام. قال: والسنة. "تاريخ دمشق" 5/ 323، "المناقب" لابن الجوزي ص 229 ¬

_ (¬1) لم أجده.

قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم يوم الجنائز (¬1). "تاريخ دمشق" 5/ 332، "المناقب" ص 505، "تهذيب الكمال" 1/ 467، "سير أعلام النبلاء" 11/ 340، "الوافي بالوفيات" 6/ 368، "البداية والنهاية" 10/ 793 قال أبو الحسين بن المنادي: استأذن أحمد زوجته في أن يتسرى طلبا للاتباع فأذنت له، فاشترى جارية بثمن يسير وسماها ريحانة؛ استنانا برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "المناقب" لابن الجوزي ص 229 قال الميموني: ما رأَت عيني أفضل من أحمد بن حنبل، وما رأيت أحدًا من المحدثين أشد تعظيما لحرمات اللَّه عز وجل وسنة نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا صحت عنده ولا أشد اتباعا منه. "المناقب" لابن الجوزي ص 229، "المنهج الأحمد" 1/ 93 قال الميموني: قال لي أحمد بن حنبل: يا أبا الحسن، إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام. "المناقب" لابن الجوزي ص 231، "سير أعلام النبلاء" 11/ 296 قال عبد الرحمن الطبيب: اعتل أحمد بن حنبل وبشر بن الحارث، فكنت أدخل على بشر فأقول: كيف تجدك؟ فيحمد اللَّه ثم يخبرني فيقول: أحمد اللَّه إليك أجد كذا وكذا. وأدخل على أبي عبد اللَّه أحمد ابن حنبل فأقول: كيف تجدك يا أبا عبد اللَّه؟ فيقول: بخير، فقلت له يوما: إن أخاك بشرا عليل وأسأله عن حاله فيبدأ ¬

_ (¬1) قال ابن كثير: وقد صدق اللَّه قول أحمد في هذا، فإنه كان إمام السنة في زمانه، وعيون مخالفيه أحمد بن أبي دؤاد وهو قاضي قضاة الدنيا لم يحتفل أحد بموته، ولم يلتفت إليه، ولما مات ما شيعه إلا قليل من أعوان السلطان. وكذلك الحارث بن أسد المحاسبي مع زهده وورعه ومحاسبته نفسه في خطراته وحركاته، لم يصل عليه إلا ثلاثة أو أربعة من الناس. وكذلك بشر بن غياث المريسي لم يصل عليه إلا طائفة يسيرة جدًّا، فلله الأمر من قبل ومن بعد.

بحمد اللَّه ثم يخبرني، فقال لي: سله عمن أخذ هذا؟ فقلت له: إني أهاب أن أسأله. فقال: قل له: قال لك أخوك أبو عبد اللَّه: عمن أخذت هذا؟ قال: دخلت إليه فعرفته ما قال، فقال لي: أبو عبد اللَّه لا يريد الشيء إلا بإسناده، عن ابن عَون، عن ابن سيرين: إذا حمد اللَّه العبد قبل الشكوى لم تكن شكوى، وإنما أقول لك: أجد كذا؛ أعرّف قدرة اللَّه فيَّ. قال: فخرجت من عنده فمضيت إلى أبي عبد اللَّه فعرفته ما قال، فكنت بعد ذلك إذا دخلت إليه يقول: أحمد اللَّه إليك، ثم يذكر ما يجده. "المناقب" لابن الجوزي ص 231 قال المروذي: قال لي أحمد: ما كتبت حديثا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا وقد عملت به، حتى مر بي في الحديث أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- احتجم وأعطى أبا طيبة دينارًا، فأعطيت الحجام دينارًا حين احتجمت. "المناقب" لابن الجوزي ص 232، "سير أعلام النبلاء" 11/ 213، 296 قال أبو يعقوب إسحاق بن حبَّة الأعمش: سمعت أحمد بن حنبل سئل عن الوساوس والخطرات؛ فقال: ما تكلم فيها الصحابة ولا التابعون. "المناقب" لابن الجوزي ص 232 قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: من مات على الإسلام والسُّنَّة مات على خير؟ فقال لي: اسكت، من مات على الإسلام والسُّنَّة مات على الخير كله. "المناقب" لابن الجوزي ص 234، "سير أعلام النبلاء" 11/ 296 قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من رد حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو على شفا هلكة. "المناقب" لابن الجوزي ص 235، "سير أعلام النبلاء" 11/ 297 قال الحسن بن ثواب: قال لي أحمد بن حنبل: ما أعلم الناس في زمان أحوج منهم إلى طلب الحديث من هذا الزمان، قلت: ولم؟ قال: ظهرت بدع، فمن لم يكن عنده حديث وقع فيها. "المناقب" ص 237

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي قال: قبور أهل السنة من الفسَّاق روضة من رياض الجنة، وقبور أهل البدع من الزهاد حفرة من حفر النَّار. "المناقب" لابن الجوزي ص 239 قال علي بن عبد الصمد الطيالسي: مسحت يدي على أحمد بن حنبل، ثم مسحت يدي على بدني وهو ينظر، فغضب غضبًا شديدًا، وجعل ينفض يده ويقول: عمن أخذتم هذا؟ وأنكره إنكارًا شديدًا. "المناقب" لابن الجوزي ص 346، "سير أعلام النبلاء" 11/ 225 قال ابن أبي دؤاد: ما رأيت أحدًا أشد قلبًا من هذا، يعني: أحمد، جعلنا نكلمه، وجعل الخليفة يكلمه، يسميه مرة ويكنيه مرة، وهو يقول: يا أمير المؤمنين، أوجدني شيئًا من كتاب اللَّه أو سنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى أجيبك إليه. "والمحنة" لعبد الغني المقدسي ص 106، "سير أعلام النبلاء" 11/ 295 قال أحمد بن شهاب الإسفراييني: سمعت أحمد بن حنبل، وسئل عمن نكتب في طريقنا؟ فقال: عليكم بهناد، وبسفيان بن وكيع، وبمكة ابن أبي عمر، وإياكم أن تكتبوا -يعني: عن أحد من أصحاب الأهواء، قليلا ولا كثيرا، عليكم بأصحاب الآثار والسنن. "سير أعلام النبلاء" 11/ 231 قال عبد اللَّه: كتب إلي الفتح بن شخرف أنه سمع موسى بن حزام الترمذي يقول: كنت أختلف إلى أبي سليمان الجوزجاني في كتب محمد، فاستقبلني أحمد بن حنبل، فقال: إلى أين؟ قلت: إلى أبي سليمان. فقال: العجب منكم! تركتم إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: يزيد، عن حميد، عن أنس، وأقبلتم على ثلاثة إلى أبي حنيفة رحمه اللَّه: أبو سليمان، عن محمد، عن أبي يوسف، عنه! قال: فانحدرت إلى يزيد بن هارون. "سير أعلام النبلاء" 11/ 231

24 - فصل ابتداء المحنة مع المأمون

باب في المحنة 24 - فصل ابتداء المحنة مع المأمون قال العجلي: دخلت على أحمد بن حنبل و [محمد بن نوح] (¬1) وهما محبوسان بصور، فسألت محمد بن نوح كيف كان تقييده -يعني: أحمد، وأحمد قريب منا يسمع؟ قال: لما امتحن أحمد جمع له كل جهمي ببغداد، فقال بعضهم: إنه مُشَبِّه. وقال إسحاق بن إبراهيم والي بغداد: أليس تقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} قال: بلى {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}. قالوا: شَبَّه. قال: أي شيء أردت بهذا؟ قال: ما أردت به شيئًا، قلت كما قال القرآن. فسألوه عن حديث جامع بن شداد: "وكتب في الذكر" (¬2) قال: كان محمد بن عبيد يخطئ فيه، قال: إن كان محمد بن عبيد يقول: "وخلق في الذكر" (¬3) ثم تركه. وسألوه عن حديث مجاهد: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23]، وحديث آخر عن مجاهد (¬4). ¬

_ (¬1) في "ثقات العجلي": أحمد بن نوح، والصواب ما أثبتناه. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 431 - 432، والبخاري (3191) من طريق جامع بن شداد، عن صفوان بن محرز، عن عمران بن حصين مرفوعًا. (¬3) رواه بهذا اللفظ الطبراني 18/ 203 (499) وقال: هذا الحرف كان محمد بن عبيد يخطئ فيه، وينهاه أحمد بن حنبل أن يحدث به. (¬4) يعني قول مجاهد: تنتظر الثواب من ربها، وروي أيضًا عن منصور، عن مجاهد قال: كان أناس يقولون في حديث: "فيرون ربهم"، فقلت لمجاهد: إن ناسا يقولون =

قال: قد اختلط بأخرة. قال له إسحاق بن إبراهيم: أليس زعمت أنك لا تحسن الكلام! أراك قائما بحجتك، فطرح القيد في رجله (¬1). "معرفة الثقات" 1/ 195 - 197 قال صالح: سمعت أبي يقول: لما أدخلنا على إسحاق بن إبراهيم للمحنة، فقرئ عليه كتاب الذي كان إلى طرسوس، فكان فيما قرئ علينا: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]، {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 102]. فقال أبي: فقلت: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]. فقال بعض من حضر: سله ما أراد بقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}؟ قال أبي: فقلت: هو كما قال تبارك وتعالى. قال صالح: ثم امتحن القوم، فوجه بمن امتنع إلى الحبس، فأجاب القوم جميعا غير أربعة: أبي رحمه اللَّه، ومحمد بن نوح، وعبيد اللَّه بن عمر القواريري، والحسن بن حماد سجادة. ثم أجاب عبيد اللَّه بن عمر، والحسن بن حماد، وبقي أبي، ومحمد بن نوح في الحبس، فمكثا أيامًا في الحبس، ثم ورد كتاب من طرسوس بحملهما، فحمل أبي ومحمد ابن نوح -رحمة اللَّه عليهما- مقيدين زميلين. أخرجا من بغداد فصرنا معهما إلى الأنبار. فسأل أبو بكر الأحول أبي، فقال له: يا أبا عبد اللَّه، إن عرضت على السيف تجيب؟ فقال: لا ¬

_ = إنه يُرى، قال: يَرى ولا يراه شيء. انظر: "تفسير الطبري" 12/ 343 - 344. (¬1) في "تاريخ دمشق" 5/ 314، "تهذيب الكمال" 1/ 462: فطرح القيد، وخلي عنه.

قال أبي: فانطلق بنا حتى دخلنا في الرحبة، فلما دخلنا منها وذلك في جوف الليل، وخرجنا من الرحبة عرض لنا رجل فقال: أيكم أحمد بن حنبل؟ فقيل له: هذا، فسلم على أبي ثم قال: يا هذا، ما عليك أن تقتل هاهنا، وتدخل الجنة هاهنا: ثم سلم وانصرف. فقلت: من هذا؟ فقيل: هذا رجل من ربيعة العرب، يعمل الشعر في البادية، يقال له: جابر بن عامر. فلما صرنا إلى أذنة، ورحلنا منها، وذلك في جوف الليل، فتح لنا بابها، لقينا رجل ونحن خارجون من الباب وهو داخل فقال: البشرى فقد مات الرجل، قال أبي: وكنت أدعو اللَّه أني لا أراه. قال صالح: فصار أبي ومحمد بن نوح إلى طرسوس، وجاء نعي المأمون في البذَنْدُون، فردا في أقيادهما إلى الرقة، وأخرجا من الرقة في سفينة مع قوم محبسين، فلما صارا بعانة، توفي محمد بن نوح، وتقدم أبي فصلى عليه، ثم صار إلى بغداد وهو مقيد، فمكث بالياسرية أياما، ثم صُير إلى الحبس في دار اكتريت عند دار عمارة. ثم نقل بعد ذلك إلى حبس العامة في درب الموصلية، فمكث في السجن منذ أُخذ وحُمل إلى [أن] (¬1) ضُرب وخُلي عنه، ثمانية وعشرين شهرا. قال أبي: فكنت أصلي بهم، وأنا مقيد. وكنت أرى فوران يحمل له في دورق ماء باردا فيذهب به إلى السجن. "السيرة" لصالح ص 48 - 50 قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه، وذكر الذين حملوا إلى الرقة إلى المأمون وأجابوا، وهم سبعة، فذكرهم، فقال هو: لا، لو كانوا صبروا وقاموا للَّه عز وجل لكان الأمر قد انقطع، وحذرهم الرجل -يعنى: المأمون- ولكن لما أجابوا ¬

_ (¬1) في "السيرة": بغداد، والمثبت من "المناقب" لابن الجوزي ص 407.

وهم عين البلد اجترأ على غيرهم. فكان أبو عبد اللَّه إذا ذكرهم يغتم لذلك، فيقول: هم أول من ثلم هذِه الثلمة، وأفسد هذا الأمر. قال حنبل: ثم خرجت إلى الكوفة إلى أبي نعيم، فحدثني أبي قال: ورد كتاب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم يأمره بإحضار أبي عبد اللَّه أحمد، وعبيد اللَّه بن عمر القواريري، والحسن بن حماد المعروف بسجادة، ومحمد بن نوح بأن يمتحنهم فوجه إليهم إسحاق بن إبراهيم عند أبي نعيم الفضل، فأخبرني أبو نعيم بقصة أبي عبد اللَّه، وأنه قد أخذوا من حضر للمحنة، فقدمت بعد ذلك، وقد أخرج أبو عبد اللَّه ولم أحضر خروجه إلى الرقة، وأخبرني أبي بعد قدومي من الكوفة، أن أبا عبد اللَّه أتاه رسول صاحب الربع عند غروب الشمس، فذهب به. قال أبي: وذهبت معه فقال له صاحب الربع: إذا كان غدا فاحضر دار الأمير. قال أبي: لما انصرفنا من عنده قلت لأبي عبد اللَّه: لو تواريت. قال: كيف أتوارى؟ إن تواريت لم آمن عليك وعلى ولدي وولدك والجيران، ويلقى الناس بسببي المكروه، ولكني أنظر ما يكون. فلما كان من الغد حضر أبو عبد اللَّه وهؤلاء المسمون معه، فأدخلوا إلى إسحاق فامتحنهم، فأبى أبو عبد اللَّه والقوم أن يجيبوا، وأجاب بعضهم: علي بن الجعد، وأبو معمر إسماعيل وغيرهم أجابوا فأطلقوا، والذين لم يجيبوا أمر بحبسهم جميعا. قال: فسمعت أبا عبد اللَّه يقول: بعدما خرج من الحبس، قال: لما دخلنا على إسحاق بن إبراهيم قرأ علينا كتاب المأمون الذي كتب به إلى إسحاق تسمية رجل رجل، بنسبه ولقبه، وكان فيه: أما أحمد فذاك الصبي، وأما ابن نوح فذاك ما له ولهذا عليه بالغيبة، وأما فلان فالآكل أموال اليتامى،

وأما فلان فكذا، وفلالن كذا، يسمي رجلًا رجلًا. قال أبو عبد اللَّه: وكان في الكتاب، أقرأ عليهم: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}. قال أبو عبد اللَّه: فقلت: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]. فقال لي إسحاق: ما أردت بهذا؟ قلت: كتاب، لم أزد في كتابه شيئا، كما وصف نفسه تبارك وتعالى. ثم امتحن القواريري، فأبى أن يجيبه وامتنع، فأمر بحبسه وتقييده، وسجادة أيضا كذلك. فلما كان بعد ذلك بيوم أو يومين جاء بهما فأجاباه فخلا عنهما، فكان أبو عبد اللَّه بعد ذلك يقول: أليس قد حبسنا؟ أليس قد ضربنا قال اللَّه: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106]، ثم قال: القيد كره، والحبس كره، والضرب كره، فأما إذا لم ينل بمكروه فلا عذر له. قال حنبل: قال أبي: ثم ورد كتاب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم: أن احمل إلي أحمد بن محمد بن حنبل، ومحمد بن نوح، فأخرجنا جميعا على بعير، ومحمد بن نوح -زميل أبي عبد اللَّه- فبلغني أن رجلًا سأل أبا عبد اللَّه، قال: يا أبا عبد اللَّه، إن عرضت على السيف تجيب؟ قال: لا أجيب. فقال: فسمعت أبا عبد اللَّه بعد ذلك يقول: لما وصلنا إلى الرحبة، وذلك في السحر، ونحن في خارج الرحبة، إذ سأل عني وتقدم إلى محمد بن نوح فقال له: ذاك أحمد بن حنبل، فدنا مني وسلم علي بكلام شدد به عزمي، ثم قال لي: يا أحمد، أو يا هذا، وما عليك أن تقتل هاهنا وتدخل الجنة هاهنا؟ ثم سلم وذهب. فجعلت أنظر إليه في أثرة، حتى غاب، فسألت عن أمره، فقيل لي: رجل من العرب من ربيعة، مسكنه البادية، متخل عن الدنيا، يعمل الصوف.

وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: ما رأيت أحدا على حداثة سنه، وقلة علمه، أقوم بأمر اللَّه من محمد بن نوح، وإني لأرجو أن يكون اللَّه قد ختم له بخير، قال لي ذات يوم وأنا معه خلوين: يا أبا عبد اللَّه، اللَّه اللَّه اللَّه، إنك لست مثلي ولست مثلك، إنْ اللَّهُ ابتلاني فأجبت فلا تقتاس بي، فإنك لمست مثلي أنت رجل يقتدى بك، وقد مد هذا الخلق أعناقهم إليك؛ لما يكون فيك، فاتق اللَّه واثبت لأمر اللَّه، أو نحو من هذا الكلام، قال أبو عبد اللَّه: فعجبت من تقويته لي وموعظته إياي، ثم قال أبو عبد اللَّه: انظر بما ختم له، فلم يزل ابن نوح كذلك، ومرض حتى صار إلى بعض الطريق فمات، فصليت عليه، ودفنته أظنه قال: بعانة. قال أبو عبد اللَّه: وكنت أدعو اللَّه ألا يريني وجهه -يعنى: المأمون- وذلك أنه بلغني أنه كان يقول: لئن وقعت عيني على أحمد لأقطعنه إربا إربا. قال أبو عبد اللَّه: فكنت أدعو اللَّه ألا يريني وجهه. قال: فلما دخلنا طرطوس أقمنا أيامًا، فإذا رجل قد دخل علينا، فقال لي: يا أبا عبد اللَّه، قد -مات الرجل -يعني: المأمون. فحمدت اللَّه وظننت أنه الفرج، إذا رجل قد دخل، فقال: إنه قد صار مع أبي إسحاق المعتصم رجل يقال له: ابن أبي دؤاد وقد أمر بإحضاركم إلى بغداد، فجاءني أمر آخر وحمدت اللَّه على ذلك وظننت أنا قد استرحنا، حتى قيل لنا: انحدروا إلى بغداد. قال أبو عبد اللَّه: فصيرت في سفينة من الرقة ومعي أسرى لهم، فكنت في أمر عظيم من الأذى. فقدم أبو عبد اللَّه إلى بغداد، وذلك في شهر رمضان وهو مريض فحبس في دار عمارة، وكان مقيدًا فحبس في ذلك الحبس قليلا، ثم تحول إلى سجن العامة في التغيير، فمكث في السجن نيفًا وثلاثين شهرا، فكنا نأتيه إلى السجن أنا وأبي وأصحاب أبي عبد اللَّه، فأكثر ذلك ندخل عليه حينا وحينا لم يأذن لنا السجان، فسأله أبي أن يحدثني ويقرأ علي وقال له: أنت

هاهنا فارغ، فأجابه، فقرأ علي في السجن كتاب الإرجاء وغيره، فرأيت أبا عبد اللَّه يصلي بأهل الحبس. وهو محبوس معهم وعليه القيد، وكان قيدًا واسعًا. فكان في وقت الصلاة والوضوء والنوم، يخرج إحدى الحلقتين من إحدى رجليه ويشدها على ساقه، فإذا صلى ردها في رجله، وكان ذلك بغير علم من إسحاق بن إبراهيم. فقلت له في الحبس: يا عم، أراك تصلي بأهل الحبس! قال: ألا تراني وما أصنع؟ يعنى: في إخراج القيدين إحدى رجليه. قلت: بلى. ثم ذكر أبو عبد اللَّه حُجْرًا وأصحابه، فقال: أليس كانوا مقيدين؟ أليس كانوا يصلون جماعة على الضرورة؟ (¬1) لا بأس بذلك. قال أبو عبد اللَّه: وإن كان فيهم مطلق ورضوه صلى بهم. قلت: فالذي في رجله القيد، لا يمكنه أن يقعد في الصلاة على ما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعلى آله في الركعة الآخرة، يمنعه القيد ذلك. قال أبو عبد اللَّه: كيف ما تيسر وأطاق، إلا أني أنا أطيق ذلك، لأني أخرجه من رجلي. ثم قال: فكرت في أمرنا، فرأيت مثلنا، في هذا الأمر مثل حجر وأصحابه لما أخرجوا وقيدوا، فكأنا كنا في مثال أمرهم، ثم قال أبو عبد اللَّه: أولئك أنكروا شيئا، ونحن دعينا إلى الكفر باللَّه، فالحمد للَّه على معونته وإحسانه، وسبحان اللَّه لهذا الأمر الذي أبلى منه العباد. "ذكر المحنة" لحنبل ص 34 - 41 ¬

_ (¬1) قصة حجر بن عدي وأصحابه انظرها في "طبقات ابن سعد" 6/ 217 - 220، "أسد الغابة" 1/ 385 - 386، "المستدرك" للحاكم 3/ 470، "الاستيعاب" 1/ 390، "تاريخ الإسلام" للذهبي 4/ 194.

قال محمد بن إبراهيم البُوشنْجي: أخذ أحمد أيام المأمون ليحمل إلى المأمون ببلاد الروم، فبلغ أحمد الرقة، ومات المأمون بالبذندون قبل أن يلقاه أحمد، وذلك في سنة ثمان عشرة ومائتين. "المناقب" لابن الجوزي ص 394 قال صالح: سمعت أبا عبد اللَّه السلال يقول: دخلت على أبي عبد اللَّه لما قدم من طرسوس وهو عليل شديد العلة، ومحمد بن نوح عليل، فسلمت على أبي عبد اللَّه ففتح عينيه فنظر إلي، ثم غمضهما، ثم فتحهما، فقال: صليتم الظهر؟ فقلت: لا، فغمض عينيه فقال: أرجو أن يكون قد جاء أحد الفرجين. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 55 قال الفضل بن زياد: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أول يوم امتحنه إسحاق، لما خرج من عنده، وذلك في جمادى الآخرة سنة ثمان عشرة ومائتين، فقعد في مسجده، فقال له جماعة: أخبرنا بمن أجاب. فكأنه ثقل عليه، فكلموه أيضًا. قال: فلم يجب أحد من أصحابنا، والحمد للَّه. ثم ذكر من أجاب ومن واتاهم على أكثر ما أرادوا، فقال: هو مجعول محدث، وامتحنهم مرة مرة، وامتحنني مرتين مرتين، فقال لي: ما تقول في القرآن؟ قلت: كلام اللَّه غير مخلوق. فأقامني وأجلسني في ناحية، ثم سألهم، ثم ردني ثانية، فسألني وأخذني في التشبيه. فقلت: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، فقال لي: وما السميع البصير؟ فقلت: هكذا قال تعالى. "سير أعلام النبلاء" 11/ 239

25 - فصل المحنة أيام المعتصم

25 - فصل المحنة أيام المعتصم قال صالح: قال أبي رحمه اللَّه: لما كان في شهر رمضان ليلة تسع عشرة خلت منه، حولت من السجن إلى دار إسحاق بن إبراهيم، وأنا مقيد بقيد واحد، يوجه إلي كل يوم رجلين سماهما أبي. -قال صالح: وهما أحمد ابن رباح، وأبو شعيب الحجام- يكلماني ويناظراني، فإذا أرادا الانصراف، دعي بقيد فقيدت فمكثت على هذا الحال ثلاثة أيام، وصار في رجلي أربعة أقياد. فقال لي أحدهما في بعض الأيام في كلام دار، وسألته عن علم اللَّه؟ فقال: علم اللَّه مخلوق. قلت: يا كافر، كفرت. فقال لي الرسول الذي كان يحضر معهم من قبل إسحاق: هذا رسول أمير المؤمنين. فقلت: إن هذا قد كفر، وكان صاحبه الذي يجيء معه خارج، فلما دخل قلت: إن هذا زعم أن علم اللَّه مخلوق، فنظر إليه كالمنكر عليه، ثم انصرف. قال أبي: فلما كان الليلة الرابعة بعد عشاء الآخرة وجه -يعني: المعتصم- ببغا إلى إسحاق، يأمره بحملي، فأدخلت على إسحاق، فقال لي: يا أحمد، إنها واللَّه نفسك، إنه قد حلف أن لا يقتلك بالسيف، وأن يضربك ضربا بعد ضرب، وأن يلقيك في موضع لا ترى فيه الشمس، أليس قال اللَّه تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: 3] أفيكون مجعولا إلا مخلوقا؟ فقلت: فقد قال اللَّه تعالى: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: 5] أفخلقهم؟ فقال: اذهبوا به. قال أبي: فأنزلت إلى شاطئ دجلة، فأحدرت إلى الموضع المعروف بباب البستان، ومعي بغا الكبير ورسول من قبل إسحاق. فقال بغا لمحمد الحارس بالفارسية: ما تريدون من هذا؟ قال: يريدون

منه أن يقول: القرآن مخلوق. فقال: ما أعرف شيئًا من هذا إلا قول: لا إله إلا اللَّه، وأن محمدا رسول اللَّه، وقرابة أمير المؤمنين من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال أبي: فلما صرنا وما معي أحد يمسكني، فجعلت أكاد أخرّ على وجهي حتى انتهى بي إلى الدار فأدخلتُ ثم خرج بي إلى حجرة، فصيرت في بيت منها، وأغلق علي الباب، وأقعد عليه رجل، وذلك في جوف الليل، وليس في البيت سراج، فاحتجت إلى الوضوء، فمددت يدي أطلب شيئًا، فإذا بإناء فيه ماء وطست، فتهيأت للصلاة، وقمت أصلي. فلما أصبحت جائني الرسول، فأخذ بيدي فأدخلني الدار، وإذا هو جالس، وابن أبي دؤاد حاضر، وقد جمع أصحابه، والدار غاصة بأهلها. فلما دنوت منه سلمت، فقال: ادنه. ادنه. فلم يزل يدنيني حتى قربت منه. ثم قال لي: اجلس، فجلست. وقد أثقلتني الأقياد، فلما مكثت هنيهة، قلت: تأذن في الكلام؟ قال: تكلم. قلت: إلى ما دعا إليه رسوله؟ قال: إلى شهادة أن لا إله إلا اللَّه. فقلت: فأنا أشهد أن لا إله إلا اللَّه، ثم قلت: إن جدك ابن عباس حكى أن وفد عبد القيس لما قدموا على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أمرهم بالإيمان باللَّه تعالى. فقال: "أتدرون ما الإيمان؟ " قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: "شهادة أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمد رسول اللَّه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تعطوا الخمس من المغنم" (¬1). قال صالح: قال أبي: فقال لي عند ذلك: لولا أني وجدتك في يد من كان قبلي ما عرضت لك، ثم التفت إلى عبد الرحمن بن إسحاق فقال له: يا عبد الرحمن، ألم آمرك أن ترفع المحنة؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 228، والبخاري (53)، ومسلم (17).

قال أبي: فقلت في نفسي: اللَّه أكبر، إن في هذا لفرجا للمسلمين. قال: ثم قال: ناظروه، وكلموه. ثم قال: يا عبد الرحمن كلمه، فقال لي عبد الرحمن: ما تقول في القرآن؟ قلت: ما تقول في علم اللَّه؟ قال: فسكت. قال أبي: فجعل يكلمني هذا وهذا، فأرد على هذا، ثم أقول: يا أمير المؤمنين، أعطني شيئًا من كتاب اللَّه أو سنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- أقول به، فيقول لي ابن أبي دؤاد: وأنت لا تقول إلا كما في كتاب اللَّه أو سنة رسوله! فقلت له: تأولتَ تأويلا، فأنت أعلم، وما تأولتُ ما يحبس عليه، ويقيد عليه. فقال ابن أبي دؤاد: فهو واللَّه يا أمير المؤمنين، ضال مضل مبتدع يا أمير المؤمنين، وهؤلاء قضاتك والفقهاء فسلهم. قال: فيقول لهم: ما تقولون؟ فيقولون: يا أمير المؤمنين، هو ضال مضل مبتدع. قال: فلا يزالون يكلموني، وجعل صوتي يعلو على أصواتهم، فقال لي إنسان منهم: قال اللَّه تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] فيكون محدثًا إلا مخلوقًا؟ قلت له: قال اللَّه تعالى: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} فالذكر هو القرآن، وتلك ليس فيها ألف ولام. فجعل ابن سماعة لا يفهم ما أقول، فجعل يقول لهم: ما يقول؟ فقالوا: إنه يقول كذا وكذا. قال: فقال لي إنسان منهم حديث خباب: يا هَنَتاه، تقربْ إلى اللَّه بما استَطَعْتَ، فَإنَّكَ لَنْ تَتَقَرَّبْ إلَيْه بشَيءٍ أحَبَّ إلَيْه منْ كَلامه (¬1). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 6/ 136 (35089)، والآجري في "الشريعة" ص 69 (148)، والحاكم 2/ 441 وصححه، عن خباب موقوفا.

فقلت: نعم هكذا هو. قال: فجعل ابن أبي دؤاد ينظر إليه، ويلحظه متغيظا عليه. قال أبي: وقال بعضهم: أليس قال: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 102]؟ قال: قلت: قد قال: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الأحقاف: 25] فدمرت إلا ما أراد اللَّه. وقال: فقال لي بعضهم فيما يقول، وذكر حديث عمران بن حصين: "إنَّ اللَّه تبَارَكَ وَتَعَالَى كَتَبَ الذِّكر" فقال: "إنَّ اللَّه خَلَقَ الذِّكْرَ". فقلت: هذا خطأ، حدثنا غير واحد: "كتَبَ الذِّكْر". قال أبي: فكان إذا انقطع الرجل منهم اعترض ابن أبي دؤاد يتكلم، فلما قارب الزوال، قال لهم: قوموا، ثم حبس عبد الرحمن بن إسحاق، فخلا بي وبعبد الرحمن، فجعل يقول لي: أما كنت تعرف صالحا الرشيدي؟ كان مؤدبي، وكان في هذا الموضع جالسا، وأشار إلى ناحية من الدار، فتكلم وذكر القرآن، فخالفني، فأمرت به فسحب ووطئ. قال أبي: ثم جعل يقول لي: ما أعرفك، ألم تكن تأتينا؟ فقال له عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين، أعرفه منذ ثلاثين سنة، يرى طاعتك والحج والجهاد معك، وهو ملازم لمنزله. قال: فجعل يقول: واللَّه إنه لفقيه، وإنه لعالم، ومما يسرني أن يكون مثله معي، يرد عني أهل الملل، ولئن أجابني إلى شيء له فيه أدنى فرج لأطلقن عنه بيدي، ولأوطئن عقبه، ولأركبن إليه بجندي، ثم التفت إلي فيقول: ويحك يا أحمد ما تقول؟ فأقول: يا أمير المؤمنين: أعطوني شيئًا من كتاب اللَّه أو سنة رسوله صلى اللَّه عليه وسلم. فلما طال بنا المجلس ضجر، فقام، فرددت إلى الموضع الذي كنت فيه. ثم وجه إلي برجلين سماهما وهما، صاحب الشافعي، وغسان، من أصحاب ابن أبي دؤاد، يناظراني فيقيمان معي، حتى إذا حضر الإفطار وجه إلينا بمائدة

عليها طعام، فجعلا يأكلان، وجعلت أتعلل حتى رفع المائدة، وأقاما إلى غد، وفي خلال ذلك يجيء ابن أبي دؤاد فيقول لي: يا أحمد يقول لك أمير المؤمنين: ما تقول؟ فأقول له: أعطوني شيئًا من كتاب اللَّه أو سنة رسوله حتى أقول له. فقال لي ابن أبي دؤاد: واللَّه لقد كتب اسمك في السبعة، فمحوته، ولقد ساءني أخذهم إياك، وإنه واللَّه ليس هو السيف، إنه ضرب بعد ضرب، ثم يقول لي: ما تقول؟ فأرد عليه نحوا مما رددت عليه، ثم يأتي رسوله، فيقول: أين أحمد بن عمار أخو الرجل الذي أنزلت في حجرته، فيذهب ثم يعود، فيقول: يقول لك أمير المؤمنين: ما تقول؟ فأرد عليه نحوا مما رددت على ابن أبي دؤاد، فلا يزال رسله تأتي. قال أحمد بن عمار -وهو يختلف فيما بيني وبينه- ويقول: يقول لك أمير المؤمنين: أجبني حتى أجيء فأطلق عنك بيدي. قال: فلما كان في اليوم الثاني أدخلت عليه، فقال: ناظروه، كلموه. قال: فجعلوا يتكلمون. هذا من هاهنا، وهذا من هاهنا، فأرد على هذا وهذا، فإذا جاؤوا بشيء من الكلام مما ليس في كتاب اللَّه ولا سنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا فيه خبر ولا أثر، قلت: ما أدري ما هذا؟ فيقولون: يا أمير المؤمنين، إذا توجهت له الحجة علينا ثبت (¬1)، وإذا كلمناه بشيء يقول: لا أدري ما هذا. فيقول: ناظروه، ثم يقول: يا أحمد، إني عليك شفيق. ¬

_ (¬1) في "السيرة": توجهت عليه الحجة علينا وثب. والمثبت من "المناقب" لابن الجوزي ص 403. وانظر: "حلية الأولياء" 9/ 200.

فقال رجل منهم: أراك تذكر الحديث وتنتحله. فقلت له: ما تقول في قول اللَّه تعالى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} [النساء: 11]؟ فقال: خص اللَّه بها المؤمنين. فقلت له: ما تقول: إن كان قاتلا أو كان عبدًا أو يهوديًا أو نصرانيًا؟ قال أبي: وإنما احتججت عليه بهذا، لأنهم كانوا يحتجون علي بظاهر القرآن، ولقوله: أراك تنتحل الحديث. وكان إذا انقطع الرجل منهم اعترض ابن أبي دؤاد، فيقول: يا أمير المؤمنين، واللَّه لئن أجابك لهو أحب إلي من مائة ألف دينار، ومائة ألف دينار، فيعيد ما شاء اللَّه من ذلك، ثم أمرهم بعد ذلك بالقيام، وخلا بي وبعبد الرحمن، فيدور بيننا كلام كثير، وفي خلال ذلك يقول لي: تدعو أحمد بن أبي دؤاد، فأقول: ذلك إليك. فيوجه إليه فيجيء فيتكلم، فلما طال بنا المجلس قام، ورددت إلى الموضع الذي كنت فيه، وجاءني الرجلان اللذان كانا عندي بالأمس، فجعلا يتكلمان، فدار بيننا كلام كثير. فلما كان وقت الإفطار جيء بطعام على نحو مما أتى به في أول ليلة فأفطرا، وتعللت، وجعلت رسله تأتي أحمد بن عمار فيمضي إليه، ويأتيني برسالته على نحو مما كان أول ليلة، وجاءني ابن أبي دؤاد، فقال: إنه قد حلف أن يضربك ضربا بعد ضرب، وأن يحبسك في موضع لا ترى فيه الشمس. فقلت له: فما أصنع؟ حتى إذا كدت أن أصبح، قلت: لخليق أن يحدث من أمري في هذا اليوم شيء، وقد كنت أخرجت تكتي من سراويلي، فشددت بها الأقياد أحملها بها إذا توجهت إليهم، فقلت لبعض من كان مع الموكلين ارتد لي خيطا، فجاءني بخيط، فشددت بها الأقياد، وأعدت التكة في

السراويل، ولبسته كراهية أن يحدث شيئًا من أمري فأتعرى. فلما كان في اليوم الثالث أدخلت عليه والقوم حضور، فجعلت أدخل من دار، وقوم معهم السيوف، وقوم معهم السياط، وغير ذلك من الزي والسلاح، وقد حشرت الدار الجند، ولم يكن في اليومين الماضيين كثير أحد من هؤلاء، حتى إذا صرت إليه، قال: ناظروه، كلموه. فعادوا بمثل مناظرتهم. ودار بيننا كلام كثير، حتى إذا كان في الوقت الذي يخلو فيه فجاءني، ثم اجتمعوا فشاورهم ثم نحاهم، ودعاني فخلا بي وبعبد الرحمن، فقال لي: ويحك يا أحمد، أنا عليك واللَّه شفيق، وإني لأشفق عليك مثل شفقتي على هارون ابني، فأجبني. فقلت: يا أمير المؤمنين، أعطوني شيئًا من كتاب اللَّه، أو سنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-. فلما ضجر وطال المجلس، قال لي: عليك لعنة اللَّه، لقد كنت طمعت فيك، خذوه واسحبوه. قال: فأخذْتُ وسُحبتُ، ثم خُلعت، ثم قال: العُقَابَين والسياط، فجيء بالعقابين والسياط. قال أبي: وقد كان صار إلي شعرة أو شعرتان من شعر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فصررتهما كم قميصي، فنظر إسحاق بن إبراهيم إلى الصرة في كم قميصي. فوجه إلي: ما هذا مصر؟ أرني كمك. فقلت: شعر من شعر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وسعى بعض القوم إلى القميص ليحرقه في وقت ما أقمت بين العقابين. فقال لهم -يعني: المعتصم: لا تحرقوه، انزعوه عنه. قال أبي: ظننت أنه درئ عن القميص الحرق بسبب الشعر الذي كان فيه، ثم صيِّرتُ بين العقابين، وشدت يدي، وجيء بكرسي فجلس عليه، وابن أبي دؤاد قائم على رأسه، والناس أجمعون قيام من حضر فقال لي إنسان ممن

شدني: خذ ناتئ الخشبتين بيدك وشد عليهما، فلم أفهم ما قال: فتخالعت يداي لما شدت، ولم أمسك الخشبتين. قال صالح: ولم يزل أبي رحمة اللَّه عليه يتوجع منهما إلى أن توفي. ثم قال للجلادين: تقدموا، فنظر إلى السياط، فقال: ائتوا بغيرها، ثم قال لهم: تقدموا. فقال لأحدهم: ادنه، أوجع، قطع اللَّه يدك. فتقدم فضربني سوطين، ثم تنحى، ثم قال لآخر: ادنه، أوجع، شد قطع اللَّه يدك! ثم تقدم فضربني سوطين، ثم تنحى. فلم يزل يدعو واحدا بعد واحد، يضربني سوطين ويتنحى، ثم قام حتى جاءني، وهم محدقون بي. فقال: ويحك يا أحمد، تقتل نفسك! ؟ ويحك، أجبني حتى أطلق عنك بيدي. فجعل بعضهم يقول لي: ويلك، إمامك على رأسك قائم. قال: فجعل عجيف ينخسني بقائم سيفه، ويقول: تريد أن تغلب هؤلاء كلهم؟ ! وجعل إسحاق بن إبراهيم يقول: ويحك، الخليفة على رأسك قائم! ثم يقول بعضهم: يا أمير المؤمنين، دمه في عنقي. قال: ثم رجع فجلس على الكرسي، ثم قال للجلاد: ادنه، شد، قطع اللَّه يدك. ثم لم يزل يدعو بجلاد بعد جلاد فيضربني بسوطين ويتنحى، وهو يقول: شد، قطع اللَّه يدك. ثم قام إلى الثانية فجعل يقول: يا أحمد أجبني، فجعل عبد الرحمن بن إسحاق يقول: من صنع بنفسه من أصحابك في هذا الأمر ما صنعت؟ هذا يحيى بن معين، وهذا أبو خيثمة، وابن أبي إسرائيل. وجعل يعدد علي من أجاب. قال: وجعل وهو يقول: ويحك، أجبني. فجعلت أقول نحو ما كنت أقول لهم. فرجع فجلس، ثم جعل يقول للجلاد: شد، قطع اللَّه يدك! قال أبي: فذهب عقلي، فما عقلت إلا وأنا في حجرة مطلق عني الأقياد، فقال لي إنسان ممن حضر: إنا أكببناك على وجهك، وطرحنا على ظهرك

بارية، ودسناك. فقلت: ما شعرت بذاك. قال: فجاؤوني بسويق، فقالوا: اشرب. فقلت: لا أفطر. فجيء به إلى دار إسحاق بن إبراهيم. قال أبي: فنودي بصلاة الظهر، فصلينا الظهر. وقال ابن سماعة: صليت والدم يسيل من ضربك! فقلت: به صلى عمر، وجرحه يثغب دما. فسكت. ثم خلي عنه فصار إلى المنزل، ووجه إليه الرجل من السجن ممن يبصر الضرب والجراحات يعالج منه، فنظر إليه فقال: قال لنا: واللَّه لقد رأيت منه ضرب السيوط، ما رأيت ضربا أشد من هذا، لقد جر عليه من خلفه، ومن قدامه، ثم أدخل ميلا في بعض تلك الجراحات، فقال: لم ينقب، فجعل يأتيه فيعالجه، وقد كان أصاب وجهه غير ضربة. ثم مكث يعالجه ما شاء اللَّه، ثم قال له: إن هذا شيء أريد أن أقطعه، فجاء بحديدة، فجعل يعلق اللحم بها، ويقطعه بسكين معه، وهو صابر، يحمد اللَّه لذلك، فبرأ منه، ولم يزل يتوجع من مواضع منه، وكان أثر الضرب بينا في ظهره إلى أن توفي رحمة اللَّه عليه. سمعت أبي يقول: واللَّه لقد أعطيت المجهود من نفسي، ولوَددتُ أني أبو من هذا الأمر كفافًا لا علي ولا لي. قال صالح: أخبرني أحد الرجَلين اللذين كانا معه، وقد كان هذا الرجل صاحب حديث قد سمع ونظر ثم جاءني بعد، فقال: يا ابن أخي، رحمة اللَّه على أبي عبد اللَّه، واللَّه ما رأيت أحدا -يعني: يشبهه- لقد جعلت أقول له في وقت ما يوجه إلينا الطعام: يا أبا عبد اللَّه، أنت صائم، وأنت في موضع تقية، ولقد عطش فقال لصاحب الشراب: ناولني، فناوله قدحا فيه ماء ثلج، فأخذه فنظر إليه هنيهة ثم رده عليه. قال: فجعلت أعجب من صبره، على الجوع

والعطش، وما هو فيه من الهول. قال صالح: وقد كنت ألتمس وأحتال أن أوصل إليه طعاما أو رغيفا، أو رغيفين في هذِه الأيام، فلم أقدر على ذلك. وأخبرني رجل حضره قال: تفقدته في هذِه الأيام الثلاثة، وهم يناظرونه، ويكلمونه فما لحن، ولا ظننت أن يكون أحد في مثل شجاعته وشدة قلبه. قال صالح: دخلت على أبي -رحمة اللَّه عليه- يوما، وقلت له: بلغني أن رجلًا جاء إلى فضل الأنماطي، فقال: اجعلني في حل إذ لم أقم بنصرتك. فقال فضل: لا جعلت أحدًا في حل. فتبسم أبي وسكت، فلما كان بعد أيام قال: مررت بهذه الآية: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40] فنظرت في تفسيرها، فإذا هو ما حدثني به هاشم بن القاسم قال: حدثنا المبارك قال: حدثني من سمع الحسن يقول: إذا جثت الأمم بين يدي اللَّه تبارك وتعالى يوم القيامة نودوا: ليقم من أجره على اللَّه، فلا يقوم إلا من عفا في الدينا. قال أبي: فجعلت الميت في حل من ضربه إياي، ثم جعل يقول: وما على رجل ألا يعذب اللَّه بسببه أحدًا. "السيرة" لصالح ص 51 - 65 قال حنبل: فلما طال حبس أبي عبد اللَّه، وكان أبي، إسحاق بن حنبل، يختلف في أمره، ويكلم القواد وأصحاب السلطان في أمره، رجاء أن يطلق ويخلى له السبيل. فلما طال ذلك، ولم يره يتم أتى على إسحاق بن إبراهيم فدخل عليه، فقال له: أيها الأمير، إن بيننا وبين الأمير حرمًا، في حرمة منها ما يرعاها الأمير جوار بمرو، وكان والدي حنبل مع جدك الحسين بن مصعب. قال: قد بلغنى ذلك. قال: فقلت: فإن رأى الأمير أن يرعى لنا ذلك ويحفظه، وقلت له:

الأمير على ما يحبس ابن أخي لم يجحد التنزيل، وإنما اختلفوا في التأويل، فاستحل منه ما استحل من الحبس الطويل، يا أيها الأمير، اجمع له الفقهاء والعلماء. قال أبي: ولم أذكر له أهل الحديث والآثار. قال: فقال لي إسحاق: وترضى؟ قلت: نعم أيها الأمير، فمن فلحت حجته كان أغلب. قال أبي: فقال لي ابن أبي ربعي: ماذا صنعت؟ تجمع على ابن أخيك المخالفين له، فيثبتون عليه الحجة وممن يريد ابن أبى دؤاد من أهل الكلام والخلاف؟ وهلا شاورتني في ذلك؟ قلت له: قد كان الذي كان. قال أبي: ولما ذكرت لإسحاق بن إبراهيم ما بينا وبينه من الحرمة المتقدمة، قال لحاجبه محمد البخاري: يا بخاري، اذهب معه إلى ابن أخيه، فلا يكلم ابن أخيه بشيء إلا أخبرتني به. فقال أبي: فدخلت على أبي عبد اللَّه ومعي حاجبه، فقلت له: يا أبا عبد اللَّه، قد أجاب أصحابك، وقد أعذرت فيما بينك وبين اللَّه، وقد أجاب أصحابك والقوم، وبقيت أنت في الحبس والضيق. فقال لي: يا عم، إذا أجاب العالم تقية والجاهل يجهل، فمتى يتبين الحق؟ قال أبي: فأمسكت عنه. فلما كان بعد أيام من لقاء أبي لإسحاق بن إبراهيم، وكلامه إياه، لقي إسحاق المعتصم فأخبره بقول ألي وما كلمه به، فغدونا بعد ذلك إلى الحبس وأردنا الدخول على أبي عبد اللَّه، على ما كنا نختلف، وكان في دارنا رجل يقال له: هارون، يختلف إلى أبي عبد اللَّه بطعامه من المنزل ويقضي حوائجه ويخدمه، فقيل لنا: قد حول الليلة أبو عبد اللَّه إلى دار إسحاق بن إبراهيم. فذهبت أنا وأبي وأصحابنا إلى دار إسحاق،

فأردنا الدخول على أبي عبد اللَّه والوصول إليه، فحيل بينا وبين ذلك، وجاء هارون بإفطار أبي عبد اللَّه وذلك في رمضان في خمس بقين من شهر رمضان سنة تسع عشرة ومائتين. فدفع هارون إفطار أبي عبد اللَّه إلى بعض الأعوان؛ ليوصله إلى أبي عبد اللَّه، فبعث إسحاق فأخذ الزنبيل الذي فيه إفطاره، فنظر إليه فإذا فيه رغيفان وشيء من قثاء وملح، فعجب إسحاق من ذلك. فلما كان الغد من اليوم الذي حول فيه أبو عبد اللَّه إلى دار إسحاق، ونحن عند باب إسحاق، إذ جاء أبو شعيب بن الحجام ومحمد بن رباح، فدخلا على أبي عبد اللَّه في دار إسحاق، ومعهما صورة السموات والأرض وغير ذلك. قال أبو عبد اللَّه: فسألاني عن شيء ما أدري ما هو، قال أبو عبد اللَّه: فلما سألني ابن الحجام وابن رباح، قلت: ما أدري ما هذا، وما أعرف ما هذا. قال: ثم قلت لابن الحجام في كلام بيني وبينه: ويحك بعد طلبك العلم والحديث، صرت إلى هذا! وسألته عن علم اللَّه ما هو؟ فقال: علم اللَّه مخلوق. فقلت له: كفرت باللَّه العظيم يا كافر. فقال لي رسول إسحاق وكان معه: هذا رسول أمير المؤمنين. فقلت له: إن هذا كفر باللَّه. فقلت لصاحبه ابن رباح الذي جاء معه: إن هذا -أعني ابن الحجام- قد كفر، زعم أن علم اللَّه مخلوق. فنظر إليه، وأنكر علي مقالته، وقال: ويحك، ماذا قلت؟ ثم انصرفنا، قال حنبل: فبلغني ما روي عن أبي شعيب بن الحجام، وأنه قال لما خرج من عند أبي عبد اللَّه قال: ما رأيت لهذا نظيرا، فعجبت من هذا الذي هو فيه، وعظته لي وتوبيخه إياي. وقال أبو عبد اللَّه: قال لي إسحاق، لما دخلت عليه في السجن:

يا أحمد، لو أجبت أمير المؤمنين إلى ما دعاك إليه. قال: فكلمته بكلام، فقال لي: يا أحمد، إني عليك مُشفق، وإن بيننا وبينك حرمة، وقد تألى لئن لم تجبه ليقتلنك. فقلت له: ما عندي في هذا الأمر إلا الأمر الأول. فقال لي إسحاق حينئذ، وأمرني، فحملت في زورق إلى دار أبي إسحاق. قال: وكانت في سراويلي تكة، فلما حولوني من السجن، زادوا في قيودي وثقلت علي القيود ولم أقدر أن أمشي فيها، أخرجت التكة من السراويل وشددت بها قيودي، ثم لففت السراويل لفًّا بغير تكة ولا خيط، فمضى بي إلى دار أبي إسحاق المعتصم، ومعي بغا، ورسول إسحاق بن إبراهيم، فلما صرت إلى دار أبي إسحاق، ثم أخرجت من الزورق وحملت على دابة والأقياد علي، وما معي أحد يمسكني فظننت أني سأخرُّ على وجهي إلى الأرض من ثقل القيود، وسلم اللَّه حتى انتهيت إلى الدار. فأدخلت إلى الدار في جوف الليل وأغلق علي، وأقعد علي رجلان، وليس في البيت سراج، فقمت أصلي ولا أعرف القبلة، فصليت، فلما أصبحت فإذا أنا على القبلة. قال أبو عبد اللَّه: فلما أدخلت من الغد إلى أبي إسحاق، وهو قاعد وابن أبى دؤاد حاضر، فلما نظر إلي أبو إسحاق فسمعته يقول لهم وقد قربت منهم: أليس زعمتم لي أنه حدث؟ أليس هذا شيخ مكتهل؟ فلا أدري ما احتج به الخبيث عليه، لم أفهمه، وفي الدار كثير من الناس، فلما دنوت سلمت. فقال لي: ادنه، فلم يزل يدنيني، حتى قربت منه، ثم قال: اجلس، فجلست، وقد أثقلني الحديد والأقياد، فلما مكثت ساعة، قلت له: يا أمير المؤمنين، تأذن لي في الكلام؟ قال: تكلم.

قلت له: إلى ما دعا إليه ابن عمك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: إلى شهادة ألا إله إلا اللَّه. قلت: فأنا أشهد ألا إله إلا اللَّه. ثم قلت له: إن جدك ابن عباس يحكي أن وفد عبد القيس لما قدموا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أمرهم بالإيمان باللَّه. فذكرت الحديث كله، وقلت: يا أمير المؤمنين، فإلى ما أدعى وهذِه شهادتي وإخلاصي للَّه بالتوحيد! يا أمير المؤمنين، دعوة بعد دعوة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-! قال: فسكت، وتكلم ابن أبي دؤاد بكلام لم أفهمه، وذلك أني لم أكن أتفقد كلامه، ولا ألتفت إلى ذلك منه. قال أبو عبد اللَّه: ثم قال لي أبو إسحاق: لولا أنك كنت في يدي من كان قبلي، لما عرضت لك، ثم قال لعبد الرحمن بن إسحاق: ألم آمرك أن ترفع المحنة؟ قال أبو عبد اللَّه: فقلت في نفسي: اللَّه أكبر، إن في هذا الأمر لفرجا للمسلمين. ثم قال: ناظروه وكلموه، يا عبد الرحمن، كلمه. فقال عبد الرحمن: ما تقول في القرآن؟ فلم أجبه. ثم قال ابن أبي دؤاد لعبد الرحمن: كلمه. فسألني عبد الرحمن، فقال لي: ما تقول في القرآن؟ فقال لي أبو إسحاق: أجبه. فقلت له: ما تقول في العلم؟ فسكت. فقلت لعبد الرحمن: القرآن من علم اللَّه، ومن زعم أن علم اللَّه مخلوق فقد كفر باللَّه. قال: فسكت عبد الرحمن، فلم يرد علي شيئًا. فقالوا بينهم: يا أمير المؤمنين، أكفرنا وأكفرك. فلم يلتفت إلى ذلك منهم. قال أبو عبد اللَّه: فقال لي عبد الرحمن: كان اللَّه ولا قرآن. قلت له: فكان اللَّه ولا علم؟ فأمسك. ولو زعم أن اللَّه كان ولا علم لكفر باللَّه. ثم قال أبو عبد اللَّه: لم يزل اللَّه عالما متكلما، نعبد اللَّه لصفاته غير

محدودة ولا معلومة إلا بما وصف به نفسه، ونرد القرآن إلى عالمه تبارك وتعالى، إلى اللَّه فهو أعلم به، منه بدأ وإليه يعود. قال أبو عبد اللَّه: وجعلوا يتكلمون من هاهنا ومن هاهنا، فأقول: يا أمير المؤمنين، ما أعطوني شيئا من كتاب اللَّه، ولا سنة رسول اللَّه فأقول به. قال: فقال ابن أبي دؤاد: وأنت لا تقول إلا ما في كتاب اللَّه أو سنة رسوله! فقلت له: وهل يقوم الإسلام إلا بالكتاب والسنة؟ ثم قلت له: تأولت تأويلا تدعو الناس إليه فأنت أعلم وما تأولت، وتَحبس عليه وتَقتل عليه! فقال ابن أبى دؤاد: هو واللَّه يا أمير المؤمنين ضال مضل مبتدع، وهؤلاء قضاتك والفقهاء فسلهم. فقال لهم: ما تقولون؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين، هو ضال مضل مبتدع، فلم يزالوا يكلموني، وجعل صوتي يعلو على أصواتهم إلى أن قال لي عبد الرحمن بن إسحاق: قال اللَّه عز وجل: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] أفيكون محدث إلا مخلوقا؟ فقلت له: قال اللَّه عز وجل: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} [ص: 1] فالذكر هو القرآن، وتلك ليس فيها ألف ولا لام؟ قال: وكان ابن سماعة لا يفهم ما أقول، فقال: ما يقول؟ قالوا: إنه يقول: كذا وكذا. وقال لي إنسان منهم: حديث خباب: يا هناه، تقرب إلى اللَّه بما استطعت، فإنك لن تقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه. قلت: نعم، هو هكذا. قال أبو عبد اللَّه: فجعل ابن أبى دؤاد ينظر إليه، ويلحظه متلظيا مغضبا عليه. قال أبو عبد اللَّه: واحتج علي بعضهم، فذكرت ابن عرعرة في حديث:

"إن اللَّه عز وجل كتب الذكر" فقال المحتج علي: إن اللَّه خلق الذكر. فقلت: حدثناه غير واحد: "إن اللَّه عز وجل كتب الذكر". قال أبو عبد اللَّه: وما كان في القوم أرأف بي ولا أرحم من أبى إسحاق، فأما الباقون فأرادوا قتلي، وشاركوا فيه لو أطاعهم أو أجابهم إلى ذلك. قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان القوم إذا انقطعوا عن الحجة، عرض ابن أبى دؤاد، فتكلم، فلما كان في اليوم الثاني من آخر النهار، قال لهم أبو إسحاق: انصرفوا. واحتبس عبد الرحمن بن إسحاق، فخلا بي وبعبد الرحمن، وقال أبو عبد اللَّه: واحتج أبو إسحاق علي بصالح الرشيدي، وكان مؤدبه، وكان صالح صاحب سنة، فقال لي أبو إسحاق: كان صالح في هذا الموضع جالسًا، وأشار إلى موضع من الدار، وتكلم بكلام في القرآن، فأمرت به فسحب ووطئ. قال أبو عبد اللَّه: فقال له عبد الرحمن بن إسحاق: يا أمير المؤمنين، أنا وأحمد هذا، منذ ثلاثين سنة، نبدي طاعتكم والحج معكم والجهاد معكم، ولعله يجيب بعد ليلته. فقال أبو إسحاق: واللَّه إنه لفقيه، واللَّه إنه لعالم، ولوددت أنه معي يصلح من شأني، فإن أجابني إلى ما أريد لأطلقن عنه. ثم قال لي: يا أحمد ويحك، لقد غمني أمرك ولقد أسهرت ليلي، ولولا أنك كنت في يدي من كان قبلي، ما عرضت لك، ولا امتحنت أحدًا بعدك، ولو أنه وراء حائطي هذا. ثم التفت إلي وقال: ويحك يا أحمد ما تقول؟ فأقول له: يا أمير المؤمنين، ما أعطوني شيئا من كتاب اللَّه ولا سنة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فلما طال ذلك قام، فرددت إلى الموضع الذي كنت فيه، ووجه الرجلين الشافعي وغسان، فكانا معي فلما حضر الإفطار جيء بالطعام، فأكلا ولم آكل إلا تعللا، ولم آكل إلا الشيء الذي أقيم به رمقي من التلف، وجعلته عندي

بمنزلة المضطر. فقال له أبو بكر بن عبيد اللَّه: يا أبا عبد اللَّه، فلم تخافهم على نفسك في مثل هذا؟ قال: الأمر الذي كنت فيه أعظم، فلم يلتفتوا إلى هذا مني، أعانني اللَّه على ذلك. قال حنبل: فبينا نحن في ليلة خمس وعشرين من شهر رمضان في مسجدنا نصلى التراويح، إذا رسول إسحاق بن إبراهيم قد وافانا، فأخذ أبي وحمله على دابة، وذهبنا معه والناس يصلون التراويح، فذهبنا معه إلى دار إسحاق، فمضوا به إلى دار أبي إسحاق في المحرم، فبتنا تلك الليلة وفى صبيحتها ضُرب أبو عبد اللَّه، فقال لي: إني لما أصبحت أتاني ابن حماد بن دنقش وهو صاحب أبي إسحاق، فقال لي: إن أمير المؤمنين يقرئك السلام، ويقول لك: ابن أخيك إذا كانت له حجة انساب عليهم، فإذا كانت الحجة عليه، قال: لست بصاحب كلام إنما أنا صاحب أثر، فكلمه فليجبني. قال أبي: فصرت إلى أبي عبد اللَّه، فقلت: يا أبا عبد اللَّه، قد عرف الأمر، وقد أبليت عذرا فيما بينك وبين ربك وأنت أعلم، قال أبى: فسكت أبو عبد اللَّه، فلم يرد علي شيئا، وجاء ابن أبي دؤاد، فدخل علينا، وقد كان غسان قال لأبي إسحاق: يا أمير المؤمنين، إن أحمد من بلادي، يعني من مرو، فإن رأيت أن تأذن لي حتى أكلمه وأناظره، فأذن له، فكان غسان والشافعي الأعمى يكلمانه، وجاء ابن أبي دؤاد، فجلس، فقال: يا أحمد، إني عليك مشفق، ولقد غمني حيث وجدت اسمك مع هؤلاء، فأجبني. فقال له أبو عبد اللَّه: علام أجبيكم؟ لا أمر من كتاب اللَّه وسنة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-

قال له ابن أبي دؤاد: وأنت لا تقول إلا بما كان عن رسول اللَّه وفي كتاب اللَّه! يا أحمد، واللَّه ما هو القتل بالسيف، يا أحمد، إنما هو ضرب بعد ضرب، ثم قام ابن أبي دؤاد، فالتفت إلي، فقال لي: كلمه. فقلت له: تنح حتى أكلمه، إنه واللَّه ليس السيف، الأمر أدهى من ذلك. فقام وأمر به فأخرج، وذلك في اليوم الثالث من مناظرته، فقال لي أبي: فخرجت، مع أبي عبد اللَّه، فلما صرنا في الدار، قلت لابن أبي دؤاد: مر البواب ألا يعرض لي، فالتفت ابن أبي دؤاد إلى ابن دنقش، فقال: هذا مالكم وله؟ هذا محبوس، هذا ماله ولهذا الأمر. ثم التفت أبو عبد اللَّه إلي، فقال لي: يا عمي، أين تذهب؟ انتظر حتى ننظر ما يكون من أمري. فقلت له: وأين أذهب؟ أنا هاهنا قاعد، يقول: وإنما أردت ألا يكون علي سبيل، وأراد أبو عبد اللَّه يقول: لعله القتل، فأكون بالحضرة فأحمله، لأنه أُعلم أنهم أجمعوا على قتله. قال أبي: فجلست عند الستر، وجاء عبد الرحمن فجلس إلى جنبي، وأدخل أبو عبد اللَّه، فقال عبد الرحمن: سألني أمير المؤمنين أمس، فقال: عمه -يعني: عم أبي عبد اللَّه- في أي الرجال هو؟ قلت: يا أمير المؤمنين، من أدبه زهيبته كذا وكذا، وهم يا أمير المؤمنين أهل بيت لهم قدر وقديم، فإن سألك أمير المؤمنين عن شيء فلا تخالفه. قال أبي: فورد علي أمر أنساني أمر ابن أخي، وصرت، أفكر في أمري وما قد بليت، ففرج اللَّه ولم أدخل عليه، وجاء النوفلي فجلس، فقال لأصحاب ابن أبي دؤاد: هذا الجاهل -يعني: أبا عبد اللَّه- يقول: العلم، وما العلم والقرآن! قال أبي: فسكت، فلم أجب أحدا منهم.

قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لما احتج علي عبد الرحمن بابن عرعرة واليمامي، قطعني، فسكت. فقال برغوث: يا أمير المؤمنين، كافر حلال الدم اضرب عنقه، ودمه في عنقي. وقال شعيب كذلك أيضا. فقلت: أعلا دمي، فلم يلتفت إلى قولهما. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه أيضا يقول: أما برغوث وشعيب فإنهما تعللا قتلي، وقالا له: يا أمير المؤمنين، اضرب عنقه ودمه في أعناقنا، ولم يكن في القوم أشد تكفيرا ولا أخبث منهما، وأما ابن سماعة فجعل يكلمني بكلام رقيق، وقال له ابن سماعة: يا أمير المؤمنين إنه في أهل بيت شرف، ولهم قديم، ولعله يصير إلى الذي يحبه أمير المؤمنين. فكأنه رق عند ذلك. وكان أبو إسحاق ألين علي، قال لي: أنا عليك شفيق، لقد أسهرت ليلي، كيف بليت بك؟ ويحك، أتق اللَّه في نفسك وفي دمك. قال أبو عبد اللَّه: وكان إذا كلمني ابن أبي دؤاد لم أجبه ولم ألتفت إلى كلامه، وإذا كلمني أبو إسحاق ألنت له القول والكلام، فلم يكن لهم علي حجة. فقال لي أبو إسحاق في اليوم الثالث: أجبني يا أحمد إلى ما أدعوك إليه، قد بلغني أنك تحب الرياسة. وذلك لما أوغروا قلبه علي وأعطوه العشوة، ثم قال لي: إن أجبتني إلى ما يكون فيه خلاص لك، أطلقت عنك ولآتينك في حشمي وموالي، ولأطأن بساطك ولأنوهن باسمك يا أحمد، اللَّه اللَّه في نفسك. قلت له: يا أمير المؤمنين، هذا القرآن، وأحاديث الرسول صلى اللَّه عليه وسلم، وأخباره فما وضح علي من حجة صرت إليها. قال: فيتكلم هذا ويتكلم هذا، وهم جماعة كبيرة، فأرد على هذا وأكلم هذا، فإذا تكلم بشيء من الكلام مما ليس في كتاب اللَّه ولا سنة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-

ولا عندي خبر، قلت: ما أدري ما هذا؟ ما أعرف هذا، فيقولون: يا أمير المؤمنين، إذا توجهت له الحجة علينا وثب علينا، وإذا كانت عليه قال: لا أدري ما هذا. قال أبو عبد اللَّه: وكان أبو إسحاق لا يعلم ولا يعرف ويظن أن القول قولهم ولا يدري فيقول: يا أحمد، اتق اللَّه في نفسك، إني عليك مشفق. قال حنبل: ست أبا عبد اللَّه يقول: قال له ابن أبي دؤاد -يعنى لأبي إسحاق- لما انقطع أصحابه: واللَّه الذي لا إله إلا هو، يا أمير المؤمنين، لئن أجابك لهو أحب إليَّ من مائة ألف، ومائة ألف عدد مرارا كثيرة، وكان شعيب وبرغوث أشدهما لإباحة دمي، وكان عبد الرحمن ألينهم قولًا. قال أبو عبد اللَّه: وقد كنت في اليوم الذي حدث من أمري ما حدث -يعني: اليوم الثالث جاءني ابن أبي دؤاد فقال: يا أحمد، إنه قد حلف أن يضربك ضربًا شديدًا، وأن يحبسك في أضيق الحبوس، فكلمت رجلا، فطلب لي خيطا، فجعلته في تكتي، وخشيت أن تتفلت السراويل، لما لم يكن فيه تكة، ولما أدخلت عليه في اليوم الثالث، وعنده ابن أبي دؤاد وأصحابه، قال: ناظروه وكلموه، فدار بيننا كلام كثير. قال: واحتجوا علي يومئذ، فقالوا: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} (¬1). فقلت له: يا أمير المؤمنين {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ}، هذا يا أمير المؤمنين ينصرف على غير القرآن، وليست فيه ألف ولا لام، {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} فهذا هو القرآن يا أمير المؤمنين، ليس عندهم تمييز لهذا ولا بيان، فعلام تدعوني إليه؟ لا من كتاب اللَّه ولا من سنة نبيه، تأويل ¬

_ (¬1) هكذا هنا، والصواب أنهم احتجوا بقوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} كما سبق.

تأولوه، ورأي رأوه، وقد نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن جدال في القرآن، وقال: "المراء في القرآن كفر" (¬1). ولست صاحب مراء ولا كلام، وإنما أنا صاحب آثار وأخبار، فاللَّه اللَّه في أمري، فارجع إلى اللَّه، فوالله لو رأيت أمرًا وضح لي وتبينته، لصرت إليه. فأمسك، وكان أمره قد لان، لما سمع كلامي ومحاورتي عرف فلم يترك، وكان أحلمهم وأوقرهم وأشدهم عليَّ تحننا، إلا أنهم لم يتركوه، واكتنفه إسحاق وابن أبي دؤاد، فقالا له: ليس هو من التدبير تخليته هكذا، يا أمير المؤمنين ابل فيه عذرا، يا أمير المؤمنين هذا يناوئ خليفتين، هذا هلاك العامة، وقال له الخبيث: يا أمير المؤمنين إنه ضال مضل، وتكلم أهل البصرة المعتزلة فقالوا: يا أمير المؤمنين، كافر، يا أمير المؤمنين إنه ضال مضل، وقال له إسحاق: ليس من تدبير الخلافة تخليته هكذا، يغلب خليفتين؟ فعند ذلك اشتد علي وغلظ وعزم على ضربي، وكان من أمره ما كان. قال حنبل: سمعت ابن عمي عبد اللَّه بن حنبل قال: قلت لأبي عبد اللَّه، في الحبس إلي أي شيء دعيتم؟ قال: دعينا إلى الكفر باللَّه. قال أبو عبد اللَّه: حتى إذا كان ذاك وانقطع ابن أبي دؤاد، وأصحابه، نحاني وخلا بي وبعبد الرحمن، فقال: يا أحمد، إني عليك مشفق، فأجبني، واللَّه لوددت أني لم أكن عرفتك. يا أحمد، اللَّه اللَّه في دمك ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 503، وأبو داود (4603) من طريق أحمد. وصححه ابن حبان 4/ 324 (1464)، والحاكم 2/ 223، ورواه البيهقي في "الشعب" 2/ 416 (2255)، كلهم من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، مرفوعا. وصححه الألباني في "المشكاة" (236)، و"الترغيب" (143).

ونفسك، إني لأشفق عليك كشفقي على هارون ابني، فأجبني. قلت: يا أمير المؤمنين، ما أعطوني شيئا من كتاب اللَّه ولا سنة رسول اللَّه. فلما كان في آخر ذلك. قال لي: لعنك اللَّه، لقد طمعت فيك أن تجيبني. ثم قال: خذوه خلعوه واسحبوه. قال: فأخذت ثم خلعت، ثم قال: العقابين والأسياط، فجيء بعقابين وأسياط. قال أبو عبد اللَّه: وأنا انظر، وكان معي شعر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطانيه ابن الفضل بن الربيع، وكان في صرة من قميص. فقال: انزعوا عنه قيمصه ولا تحرقوه، ثم قال: ما هذا في ثوبه؟ فقالوا لي: ما هذا في ثوبك؟ قلت: هذا شعر من شعر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: صُيرت بين العقابين فقلت: يا أمير المؤمنين: اللَّه اللَّه، إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد ألا إله إلا اللَّه، وأني رسول اللَّه، إلا بإحدى ثلاث" (¬1) وتلوت الحديث، وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللَّه، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم" (¬2). فبم تستحل دمي ولم آتِ شيئا من هذا يا أمير المؤمنين، اللَّه اللَّه، لا يكفي اللَّه وبيني وبينك مطالبة يا أمير المؤمنين، اذكر وقوفك بين يدي اللَّه كوقوفي بين يديك، يا أمير المؤمنين راقب اللَّه، فكأنه أمسك ولم يترك. فقال ابن أبي دؤاد وخاف أن يكون منه عطف أو رأفة: يا أمير المؤمنين، إنه ضال مضل كافر باللَّه. ¬

_ (¬1) رواه أحمد 1/ 382، والبخاري (6878)، ومسلم (1676) من حديث ابن مسعود. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 11، 2/ 502، والبخاري (2946)، ومسلم (21) من حديث أبي هريرة.

قلت: يا أمير المؤمنين، اتق اللَّه في دمي ونفسي. فقال: هذا كافر. فأمرني حينئذ فأقمت بين العقابين وجيء بكرسي فوضع له، فجلس عليه وابن أبى دؤاد وأصحابه قيام على رأسه، فقال لي إنسان: خذ الخشبتين بيدك وشد عليهما فلم أفهم منه ذلك، فتخلعت يداي، ثم قال أبو إسحاق للجلادين: أروني سياطكم فنظر، فقال: ائتوني بغيرها فأتوه بغيرها، ثم قال لهم: تقدموا. وقال لهم: ادنوا واحدا واحدا، ثم قال: أوجع قطع اللَّه يدك، فتقدم فضربني سوطين، ثم تأخر، ثم قال لآخر: ادنو شد، قطع اللَّه يدك، فضربني سوطين، ثم جاء آخر، فلم يزل كذلك فأغمي علي لما ضربني أسواطا، فلم أعقل حتى أرخى عني، فجاء فوقف وهم محدقين به، فقال: يا أحمد، ويلك تقتل نفسك، ويحكك أجبني، أطلق عنك، وقال لي بعضهم: ويلك أمير المؤمنين قائم، ويلك إمامك على رأسك قائم، يعجني عجيف بقائمة سيفه، فقال لي: يريد يغلب هؤلاء كلهم. وجعل إسحاق بن إبراهيم يقول لي: ويلك الخليفة على رأسك قائم، وهذا يقول: يا أمير المؤمنين، دمه في عنقي. ثم يرجع فيجلس على الكرسي ثم يقول للجلاد: ادنه، أوجع، قطع اللَّه يدك، ولم يزل يدعو واحدا وحدا حتى يضربني سوطين سوطين، ويتنحى وهو يقول: شد، قطع اللَّه يدك، أوجع. قال: ثم قام إليَّ الثالثة وما أعقل، فجعل يقول: يا أحمد أجبني، قال: وجعل عبد الرحمن يقول لي: أصحابك يحيى وفلان وفلان، أليس قد أجابوا، قال للجلاد: أوجع، وذهب عقلي، فما عقلت واسترخيت. فلما أحس أني ميت، كأنه أرعبه ذلك، فأمر بتخليتي حينئذ، وأنا على ذلك لا أعقل، فما عقلت إلا وأنا في حجرة مطلق عني الأقياد. قال أبو عبد اللَّه: ذهب عقلي مرارا، فإذا رفع عني الضرب رجعت

إلي نفسي، وإذا استرخيت وسقطت رفع عني الضرب. أصابني ذلك مرارا لا أعقل. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: وكان ابن أبي دؤاد قبل أن أضرب يختلف إلي فأخذه القلق وهو ذاهب إلى أبي إسحاق، وجاء إلي بالوعيد والتهديد، وحاجبه ابن دنقش أيضا يأتيني برسالة أبي إسحاق يقول لك كذا، فلما لم يروا الأمر يصير إلى الذي أرادوا عزموا على أن ينالوني بما نالوني به، فقال له أبو بكر بن عبيد: يا أبا عبد اللَّه، فكيف رأيته هو -يعني: أبا إسحاق- قال: رأيته في الشمس قاعدا بغير ظلة يطلب ويتكلم، فربما لم أعقل وربما عقلت، فإذا عاد الضرب، ذهب عقلي فلا أدري، فيرفع عني الضرب، فسمعته يقول لابن أبي دؤاد: لقد ارتبكت في أمر هذا الرجل. فقال له: يا أمير المؤمنين، إنه واللَّه كافر مشرك، قد أشرك من غير وجه، فلا يزال به، حتى يصرفه عما يريد، وقد أراد تخليتي بغير ضرب، فلم يدعه هو ولا إسحاق بن إبراهيم، وعزم حينئذ على ضربي. قال حنبل: وبلغني عن النوفلي قال: قال أبو إسحاق لابن أبي دؤاد، بعد ما ضرب أحمد وهو يسأله كم ضرب الرجل؟ فقال له ابن أبي دؤاد: نيف وثلاثين، ثلاثة أو أربعة وثلاثين سوطًا. قال لي أبو عبد اللَّه: وقال لي إنسان ممن كان هنالك: ثم ألقينا على صدرك بارية وأكببناك على وجهك ودسناك، قال أبو عبد اللَّه: وما عقلت بهذا كل، وأمر بإطلاقي، فلم أعلم حتى أخرج القيد من رجلي. "ذكر المحنة" لحنبل ص 41 - 58 قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لما حُملتُ إلى الدار مكثت يومين لم أطعم، فلما ضُربت جاءوني بسويق، فلم أشرب وأتممت

صومي، قال لي أبو عبد اللَّه: قد كنت أمكث في السجن يومين لا أشرب الماء. "الورع" للمروذي (272)، (273) قال عبد اللَّه بن محمد بن الفضل الأسدي: كنا عند ابن عائشة -يعني: عبيد اللَّه بن محمد القرشي- فساره إنسان بخبر أحمد بن حنبل أنه قد حمل إلى الضرب، وسأله إنسان حديثا وهو على هذِه الحالة فقال: رويدك حتى تنظري عم تنجلي ... عماية هذا العارض المتألق "الجرح والتعديل" 1/ 311 قال إبراهيم بن محمد بن الحسن: أدخل أحمد بن حنبل على الخليفة وعنده ابن أبي دُؤاد وأبو عبد الرحمن الشافعي، فأجلس بين يدي الخليفة، وكانوا هوَّلوا عليه، وقد كانوا ضربوا عنق رجلين، فنظر أحمد إلى أبي عبد الرحمن الشافعي فقال: أي شيء تحفظ عن الشافعي في المسح؟ فقال ابن أبي دُؤاد: انظروا رجلًا هو ذا يقدم به لضرب العنق يناظر في الفقه. "حلية الأولياء" 9/ 186، "المناقب" لابن الجوزي ص 399 قال عبد اللَّه: كتب إلي الفتح بن شُخْرُف بخط يديه قال: قال ابن حطيط -رجل قد سماه من أهل الفضل من أهل خراسان- حبس أحمد بن حنبل وبعض أصحابه في المحنة في دار قبل أن يضرب. قال أحمد بن حنبل: فلما كان الليل نام من كان معي من أصحابي وأنا متفكر في أمري، قال: فإذا أن برجل طويل يتخطى الناس حتى دنا مني. فقال: أنت أحمد بن حنبل؟ فسكتُّ، فقالها ثانية، فسكتُّ، فقالها ثالثة: أنت أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل؟ فقلت: نعم. قال: اصبر ولك الجنة. قال أحمد: فلما مسني حَرُّ السوط ذكرت قول الرجل. "حلية الأولياء" 9/ 193، "المناقب" لابن الجوزي ص 404 قال أبو غالب ابن بنت معاوية: ضرب أحمد بن حنبل بالسياط في اللَّه

فقام مقام الصديقين، في العشر الأواخر من رمضان سنة عشرين ومائتين. ومات سنة إحدى وأربعين. "تاريخ بغداد" 4/ 421، "المناقب" ص 419، "تاريخ دمشق" 5/ 326 قال أبو بكر السهروردي بمكة قال: رأيت أبا ذر بسهرورد، وقد قدم مع واليها وكان منقطعا بالبرص -يعني: وكان ممن ضرب أحمد بن حنبل بين يدي المعتصم. قال: دعينا في تلك الليلة ونحن خمسون ومائة جلاد، فلما أمرنا بضربه كنا نغدو حتى نضربه، ونمر ثم يجيء الآخر على أثره ثم يضرب. "تاريخ دمشق" 5/ 313، "تهذيب الكمال" 1/ 461، "طبقات الشافعية" 2/ 37 قال محمد بن إبراهيم البُوشَنْجِي: ذكروا أن المعتصم رق في أمر أحمد لما علق في العقابين، ورأى ثبوته وتصميمه وصلابته في أمره، حتى أغراه ابن أبي دؤاد. وقال له: إن تركته قيل: إنك تركت مذهب المأمون وسخطتَ قوله، فهاجه ذلك على ضربه. "المناقب" ص 405، "سير أعلام النبلاء" 11/ 251 قال محمد بن إبراهيم البُوشَنْجي: قدم المعتصم من بلاد الروم بغداد في شهر رمضان سنة ثمان عشرة، فامتحن فيها أحمد وضرب بين يديه. فحدثني من أثق به من أصحابنا عن محمد بن إبراهيم بن مصعب -وهو يومئذ على الشرط للمعتصم، خليفة إسحاق بن إبراهيم- أنه قال: ما رأيت أحدًا لم يداخل السلطان ولا خالط الملوك أثبت قلبًا من أحمد يومئذ، ما نحن في عينه إلا كأمثال الذباب. "المناقب" ص 408، "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 154، "سير أعلام النبلاء" 11/ 240 قال داود بن عرفه: حدثنا ميمون بن الأصبغ قال: كنت ببغداد، فسمعت ضجة، فقلت: ما هذا؟ فقالوا: أحمد بن حنبل يُمْتَحَن. فأتيت منزلي فأخذت مالًا له خطر، فذهبت به إلى من يدخلني إلى المجلس، فأدخلوني، فإذا بالسيوف قد جُرِّدت، وبالرماح قد رُكزت، وبالتراس قد نصبت، وبالسياط

قد طرحت، فألبسوني قباء أسود ومِنْطَقَة وسيفًا، ووقفوني حيث أسمع الكلام، فأتى أمير المؤمنين فجلس على كرسي، وأُتي بأحمد بن حنبل، فقال له: وقرابتي من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأضربنك بالسياط، أو تقول كما أقول، ثم التفت إلى جلاد فقال: خذه إليك، فأخذه. فلما ضرب سوطًا قال: بسم اللَّه. فلما ضرب الثاني قال: لا حول ولا قوة إلا باللَّه. فلما ضرب الثالث قال: الكلام كلام اللَّه غير مخلوق. فلما ضرب الرابع قال: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: 51] فضربه تسعة وعشرين سوطًا، وكانت تكة أحمد حاشية ثوب، فانقطعت، فنزل السراويل إلى عانته، فقلت: الساعةَ ينهتك، فرمى أحمد طرفه نحو السماءِ وحرَّك شفتيه، فما كان بأسرع من أن ارتقى السراويل ولم ينزل، قال ميمون: فدخلت إليه بعد سبعة أيام فقلت: يا أبا عبد اللَّه رأيتك يوم ضربوك قد انحل سراويلك فرفعتَ طرفك نحو السماء، ورأيتك تحرك شفتيك فأي شيء قلت؟ قال: قلت: اللهم إني أسألك باسمك الذي ملأت به العرش، إن كنت تعلم أني على الصواب فلا تهتك لي سترًا (¬1). "المناقب" ص 409، "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 73 - 76، "سير أعلام النبلاء" 11/ 254، "الجوهر المحصل" ص 688 "المنهج الأحمد" 1/ 105 قال يحيى بن نعيم: لما أخرج أحمد بن حنبل إلى المعتصم يوم ضرب، قال له العون الموكل به: ادع على ظالمك. فقال: ليس بصابر من دعا على ظالم. "المناقب" لابن الجوزي ص 414 ¬

_ (¬1) قال الذهبي في "السير": هذِه حكاية منكرة، أخاف أن يكون داود وضعها.

قال البَغَويّ: رأيت أحمد بن حنبل داخلا إلى جامع المدينة وعليه كساء أخضر، وبيده نعلاه، حاسر الرأس، فرأيت شيخًا آدم طوالا، أبيض اللحية، وكان على دكة المنارة قوم من أصحاب السلطان، فنزلوا واستقبلوه، وقبلوا رأسه ويده، وقالوا له: ادع على من ظلمك. فقال: ليس بصابر من دعا على ظالم. "المناقب" لابن الجوزي ص 414 قال عبد اللَّه: قال لي أبي: يا بني لقد أعطيتُ المجهودَ من نفسي -يعني: في المحنة. قال: وكتب أهل المطامير إلى أحمد بن حنبل: إن رجعت عن مقالتك ارتددنا عن الإسلام. "المناقب" لابن الجوزي ص 419، "المحنة" لعبد الغني المقدسى ص 152، "المنهج الأحمد" 1/ 107 قال جعفر بن أبي هاشم: مكث أحمد بن حنبل في السجن سنة سبع عشرة وثماني عشرة وتسع عشرة، وأخرج في رمضان. "المناقب" لابن الجوزي ص 419 قال عبد الرحمن بن محمد الحنفي: سمعت أبي يقول: كنت في الدار وقت أدخل أحمد بن حنبل وغيره من العلماء، فلما أن مد أحمد ليضرب بالسوط، دنا منه رجل وقال له: يا أبا عبد اللَّه، أنا رسول خالد الحداد من الحبس يقول لك: اثبت على ما أنت عليه، وإياك أن تجزع من الضرب، واصبر فإني ضربت ألف حد في الشيطان، وأنت تضرب في اللَّه. "تهذيب الكمال" 1/ 461

26 - فصل في خروجه من دار المعتصم

26 - فصل في خروجه من دار المعتصم قال حنبل: قال أبو عبد اللَّه: وقال له ابن أبي دؤاد، بعد ما ضربت وأمر بتخليتي: يا أمير المؤمنين، احبسه فإنه فتنة، يا أمير المؤمنين، احبسه فإنه فتنة، يا أمير المؤمنين، إنه ضال مضل، وإن أخليته فتنت به الناس. فقال: يا إسحاق أطلقه. وقام أبو إسحاق فدخل وما عقلت إلا بالقيد وقد نزع من رجلي. وقام أبو إسحاق من مجلسه ذلك، فلم يجد بدًّا من أن يخلي عني، ولولا ذلك كان قد حبسني، وجاءوني بسويق، فقالوا لي: اشرب، فأبيت، فقلت: لا أفطر. قال حنبل: وبلغني أن أبا عبد اللَّه قال: لي ولهم موقف بين يدي اللَّه عز وجل، فكتب بها إليه، فقال: يخلى سبيله الساعة. قال حنبل: وأخبرني أبي: قال لي بعض من حضر يومئذ: وكان أحمد في دهره مثل صاحب بني إسرائيل في دهره، كان هؤلاء يحتجون عليه، وهؤلاء يحتجون عليه فيحتج على هؤلاء، ويحتج على هؤلاء بقلب ثابت وفهم، ليس ثَمَّ شيء ينكر. وقال لهم أبو إسحاق: ليس هذا كما وصفتم لي، وذاك من قدره عنده، وقللوه وصغروه عنده، فلما شاهده ورأى ما عنده عرف له فضله. ولما أمر أبو إسحاق بتخلية أبا عبد اللَّه خلع عليه مبطنةً وقيمصًا وطيلسانًا وخفًّا وقلنسوة، فبينا نحن على باب أبي إسحاق في الدهليز، والناس في ذلك الوقت مجتمعين في الميدان وفي الدروب وغيرها، وأغلقت الأسواق واجتمع الناس فنحن كذلك إذ خرج أبو عبد اللَّه على دابة من دار أبي إسحاق، وقد ألبس تلك الثياب، وابن أبي دؤاد عن يمينه وإسحاق بن إبراهيم عن يساره، فلما صار في دهليز أبي إسحاق قبل أن يخرج إلى الطريق، قال لهم ابن أبي دؤاد: اكشفوا رأسه فكشفوه، وذهبوا يأخذون به ناحية الميدان

نحو طريق الجسر، فقال لهم إسحاق: خذوا به هاهنا، يريد دجلة، فذهبت به إلى الزورق فحمل إلى دار إسحاق، ومع غسان والشافعي، فأتي به دار إسحاق، فأقامه عنده إلى أن صليت الظهر، وبعث إلى أبي وإلى جيراننا ومشايخ المجالس، فجمعوا وأدخلوا عليه، فقال لهم: هذا أحمد بن حنبل، إن كان فيكم من يعرفه وإلا فليعرف، وجاء ابن سماعة فدخل. فقال ابن سماعة: هذا أحمد بن حنبل، فإن أمير المؤمنين ناظره في أمر، وقد خلى سبيله، وها هو ذا، فأخرج على دابة لإسحاق بن إبراهيم عند غروب الشمس، فصار إلى منزله ومعه السلطان، فلما صار إلى الباب سمعت عياشًا صاحب الجسر لما رأى أبا عبد اللَّه قد أقيل، فقال عياش لصاحب إسحاق والناس قيام: تازية تازية -يعني: عربي عربي- فدخل أبو عبد اللَّه، ودخلت معه من باب الزقاق، وهو منحنٍ على الضربة التي كانت قد أجافت، ولم تنقب بحمد اللَّه، وكان عليه أن ينحني، فلما صار إلى باب الدار، وذهب لينزل فاحتضنته، ولم أعلم، فوقعت يدي على موضع الضربة، فصاح وآلمه ذلك ولم أعلم فنحيت يدي، فنزل متوكئًا علي، وأغلق الباب ودخلنا معه، ورمى أبو عبد اللَّه بنفسه على وجهه، ولا يقدر يتحرك هكذا ولا هكذا إلا بجهد، وخلع ما كان خلع عليه فأمر به فبيع وأخذ ثمنه فتصدق به. وكان أبو إسحاق أمر إسحاق بن إبراهيم ألا يقطع عنه خبره، وذلك أنه تركه فيما حكي لنا عند الإياس منه، وبلغنا أن أبا إسحاق ندم بجد ذلك وأسقط في يده حتى صلح، وكان صاحب خبر إسحاق بن إبراهيم يأتينا في كل يوم، يتعرف خبره حتى صح وبرأ بعد العلاج، وخرج للصلاة والحمد للَّه رب العالمين وبقيت يده وإبهاماه متخلعتين يضربان عليه، إذا أصابه البرد حتى يسخن له الماء، وأصاب سوط من الضرب في خاصرته، وظنوا أنها قد

نقبت، فسلمه اللَّه من ذلك ورزقه العافية. قال حنبل: جاء رجل من أهل السجن يقال له: أبو الصبح ممن يبصر الضرب والجراحات، فقال: قد رأيت من ضرب الضرب العظيم، ما رأيت ضربا مثل هذا ولا أشد، فهذا ضرب التلف. ولقد جر عليه الجلادون، قطع اللَّه أيديهم، من قدامه ومن خلفه، وإنما أريد قتله، ثم سبره بالميل مخافة أن تكون نقبت، فلم تكن نقبت. قال: ورأيت أبا عبد اللَّه وقد أصابت أذنه ضربة فقطعت الجلد، فأنتنت أذنه، فأصابت وجهه غير ضربة مما كان يضطرب. وقال أبو عبد اللَّه: وقال لي بعضهم: يا أبا عبد اللَّه لا تتحرك وانتصب. قال حنبل: ولما أردنا علاجه خفنا أن يدس ابن أبي دؤاد إلى المعالج فيلقي في دوائه سمًّا يقتله، فعملنا الدواء والمرهم في منزلنا وكان في برينة عندنا، فكان إذا جاء المعالج ليعالجه منها، فإذا فرغ رفعناها، وكان في ضربه شيء من اللحم قد مات فقطعه بسكين، فلم يزل أثر الضرب في ظهره، وكان إذا أصابه البرد ضرب عليه، وإذا آذاه الدم، بعث إلى الحجام في أي وقت فيخرج الدم حتى يسكن عنه ضربان كتفه، وكان يسخن له الماء ليصب عليها. قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه بعد هذا يقول: ظننت أني قد أعطيت من نفسي المجهود، واللَّه أعلم. قال حنبل: حضرت أبا عبد اللَّه وإياه رجل وهو في مسجدنا، وكان الرجل حسن الهيبة كأنه كان مع السلطان، فجلس حتى انصرف من كان عند أبي عبد اللَّه ثم دنا منه، فرفعه أبو عبد اللَّه، لما رأى من هيبته، فقال له: يا أبا عبد اللَّه اجعلني في حل. فقال: ماذا؟ قال: كنت حاضرا يوم ضربت، وما أعنت ولا تكلمت على ضربك، إلا أني حضرت ذلك. فأطرق أبو عبد اللَّه، ثم رفع رأسه إليه فقال:

أحدث للَّه عز وجل ولا تعد إلى مثل ذلك الموقف. فقال له: يا أبا عبد اللَّه، أنا تائب إلى اللَّه عز وجل السلطان. قال له أبو عبد اللَّه: فأنت في حل، وكل من ذكرني إلا مبتدع. وقال أبو عبد اللَّه: وقد جعلت أبا إسحاق في حل، ورأيت اللَّه عز وجل يقول: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22]. وأمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أبا بكر بالعفو في قصة مسطح (¬1). قال أبو عبد اللَّه: العفو أفضل، وما ينفعك أن يعذب أخوك المسلم في سبيلك، ولكن تعفو أو تصفح عنه، فيغفر اللَّه لك، كما وعدك. قال أبو عبد اللَّه: وقد قال اللَّه عز وجل: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40]. "ذكر المحنة" لحنبل ص 57 - 65 قال المروذي: قال لي أبو عبد اللَّه: قد سألني إسحاق بن إبراهيم أن أجعل أبا إسحاق في حل، قال: قلت له: قد كنت جعلته في حل، ثم قال أبو عبد اللَّه: تفكرت في الحديث: "إذا كان يوم القيامة نادى مناد لا يقم إلا من عفا" (¬2). وذكرت قول الشَّعْبي: إن تعف عنه مرة يكن لك من الأجر مرتين. "الورع" للمروذي (265) قال مُهَنَّا: رأيت يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري حين أخرج أحمد من الحبس وهو يقبل جبهة أحمد ووجهه، ورأيت سليمان بن داود الهاشمي يقبل جبهة أحمد ورأسه. "حلية الأولياء" 9/ 172، "تاريخ دمشق" 5/ 319، "المناقب" ص 420 ¬

_ (¬1) رواه أحمد 6/ 59، والبخاري (2661)، ومسلم (2775) من حديث عائشة - رضي اللَّه عنها -. (¬2) رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" 11/ 198 - 199 من حديث ابن عباس، ورواه أيضا الخطيب في "تاريخ بغداد" 6/ 145، والبيهقي في "شعب الإيمان" 6/ 44 (7451) من حديث عمران بن حصين. وذكرهما الألباني في "الضعيفة" (2583) وقال عن الحديث الأول: موضوع، وقال عن الثاني: إسناده ضعيف.

قال ميمون بن الأصبغ: أخرج أحمد بن حنبل بعد أن اجتمع الناس على الباب وضجوا حتى خاف السلطان فخرج. "المناقب" ص 420، "الجوهر المحصل" ص 92 قال الحسن بن عبد العزيز الجروي: قلت للحارث بن مسكين: إن هذا الرجل -أعني: أحمد بن حنبل- قد ضرب، فاذهب بنا إليه، فذهبت أنا وهو فدخلنا عليه، فحدثنا حدثان ضربه. فقال لنا: ضربت فسقطت وسمعت ذاك -يعني: ابن أبي دُؤاد- يقول: يا أمير المؤمنين هو واللَّه ضال مضل. فقال له الحارث: أخبرني يوسف بن عمر ابن يزيد، عن مالك بن أنس: أن الزهري سعى به حتى ضُرب بالسياط، فقيل لمالك بعد ذلك: إن الزهري قد أقيم للناس وعلقت كتبه في عنقه، فقال مالك: قد ضُرب سعيد بن المسَّيب بالسياط وحلق رأسه ولحيته، وضُرب أبو الزناد بالسياط، وضُرب محمد بن المنكدر وأصحاب له في حمام بالسياط، قال: وقال عمر بن عبد العزيز: لا تغبطوا أحدًا لم يصبه في هذا الأمر أذى، قال: وما ذكر مالك نفسه، فأعجب أحمد بقول الحارث. "المناقب" ص 421، "سير أعلام النبلاء" 11/ 295 قال فُوران: وجَّه إليَّ أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل في الليل فدعاني، فقال لي: كيف أخبرتني عن فَضْل الأنماطي. قال: قلت: يا أبا عبد اللَّه، قال لي فضل: لا أجعل في حل من أمر بضربي حتى أقول القرآن مخلوق، ولا من تولى الضرب، ولا من سَرَّه ممن حضر وغاب من الجهميَّة. قال لي أحمد بن حنبل: لكني جعلت المعتصم ومن تولى ضربي ومن غاب ومن حضر، وقلت: لا يعذب فيَّ أحد. وذكرت حديثين يرويان عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه عز وجل ينشئ قصورًا فيرفع الناس رؤوسهم فيقولون: لمن

هذِه القصور ما أحسنها؟ فيقال: لمن أعطى ثمنها، قيل: وما ثمنها؟ ، قال: من عفا عن أخيه المسلم" (¬1)، و"يأمر اللَّه عز وجل بعقد لواء فينادي مناد ليقم تحت هذا اللواء إلى الجنة من له عند اللَّه عهد. فيقال: بيِّن بيِّن من هو؟ قال: من عفا عن أخيه المسلم" (¬2). "المناقب" لابن الجوزي ص 425 قال عبد اللَّه: قرأت على أبي، روح، عن أشعث، عن الحسن: إن للَّه عز وجل بابا في الجنة لا يدخله إلا من عفا عن مظلمة. فقال لي: يا بني ما خرجت من دار أبي إسحاق حتى أحللته ومن معه إلا رجلين، ابن أبي دؤاد وعبد الرحمن بن إسحاق فإنهما طلبا دمي، وأنا أهون على اللَّه عز وجل أن يعذب فيَّ أحدًا، أشهدك أنهما في حِلّ. "المناقب"ص 426 قال أبو حاتم: أتيت أحمد بن حنبل بغدما ضرب بثلاث سنين أو نحوها. فقلت له: ذهب عنك أثر الضرب، فأخرج يده اليسرى على كوعه اليمنى وقال: هذا -كأنه يقول خلع- وأنه يجد منها ألَم ذلك. "المناقب" ص 427، "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 131، "سير أعلام النبلاء" 11/ 258 قال أبو الحسين بن المنادي: حدثني جدي قال: لقيت أبا عبد اللَّه بعد ما انكشف ذلك البلاء، فرأيت بين يديه مجمرة فيها جمر يضع خرقة ملفوفة في يديه فيسخنها بالنار، ثم يجعلها على جنبه من الضرب الذي كان ضرب، فالتفت إليَّ فقال: يا أبا جعفر ما كان في القوم أرأف بي من المعتصم. "المناقب" ص 427، "سير أعلام النبلاء" 11/ 264 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي الدنيا في "حسن الظن باللَّه" (117) والحاكم 4/ 576 من طريق عباد ابن شيبة، عن سعيد بن أنس، عن أنس. وقال: صحيح الإسناد. ورواه الخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 342 من طريق زياد بن ميمون، عن أنس. وقال الألباني في "ضعيف الترغيب" (1469): ضعيف جدًا. (¬2) لم أجده.

قال محمد بن إبراهيم البُوشَنْجي: في سنة سبع وعشرين ومائتين حدث أحمد بن حنبل ببغداد ظاهرًا جهرة، وذلك حين مات المعتصم، بلغنا انبساطه في الحديث ونحن بالكوفة، فرجعت إليه فأدركته في رجب من هذِه السنة وهو يحدث، ثم قطع الحديث لثلاث بقين من شعبان من غير منع من السلطان، ولكن كتب الحسن بن علي بن الجعد -وهو يومئذ قاض ببغداد- إلى ابن أبي دُؤاد: أن أحمد قد انبسط في الحديث. فبلغ ذلك أحمد فأمسك عن الحديث من غير أن يمنع. "المناقب" لابن الجوزي ص 428، "سير أعلام النبلاء" 11/ 265 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: واللَّه لو علمت أني أتخلص منهم بهذا المقدار، كان الأمر غير ذا، ولكن قدرت أن لحمي يقرض بالمقاريض حبة حبة. "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 123

27 - فصل المحنة أيام الواثق

27 - فصل المحنة أيام الواثق قال حنبل: لم يزل أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه- بعد أن أطلقه المعتصم، وانقضاء أمر المحنة، وبرأ من ضربه، يحضر الجمعة والجماعة ويفتي ويحدث أصحابه حتى مات أبو إسحاق، وولي هارون ابنه وهو الذي يدعى الواثق فأظهر ما أظهر من المحنة والميل إلى ابن أبي دؤاد وأصحابه، فلما اشتد الأمر على أهل بغداد، وأظهر القضاة المحنة، وفرق بين الأنماطي وامرأته، وبين أبي صالح وامرأته. وكان أبو عبد اللَّه يأتي الجمعة في أيام الواثق، وكان يصلي بنا رجل من ولد عيسى بن جعفر، فقيل لأبي عبد اللَّه: إنه يقول هذا القول، فكان أبو عبد اللَّه يعيد الصلاة، ثم ولي آخر له لقب، فكان يعيد إلى أن ولي المتوكل، فرفع هذا الكلام، فكان لا يعيد بعد ذلك، فكنت ربما ذهبت معه في يوم الجمعة، أمشي وراءه، فكان يتخلل الدروب حتى لا يعرف، فيمضي، فيصلي وينصرف. فلما أظهر الواثق هذِه المقالة، وضرب عليها وحبس جاء نفر إلى أبي عبد اللَّه من فقهاء أهل بغداد، فيهم بكر بن عبد اللَّه، وإبراهيم بن علي المطبخي، وفضل بن عاصم، وغيرهم، فأتوا أبا عبد اللَّه وسألوا أن يدخلوا عليه، فاستأذنت لهم، فأذن لهم فدخلوا عليه، فقالوا له: يا أبا عبد اللَّه إن هذا الأمر قد فشا وتفاقم، وهذا الرجل يفعل ويفعل وقد أظهر ما أظهر، ونحن نخافه على أكثر من هذا وذكروا له ابن أبي دؤاد على أن يأمر المعلمين بتعليم الصبيان في الكتاب مع القرآن كذا وكذا. فقال لهم أبو عبد اللَّه: وماذا تريدون؟ قالوا: أتيناك نشاورك فيما نريد. قال لهم: فيما تريدون؟

قالوا: لا نرضى بإمرته ولا بسلطانه. فناظرهم أبو عبد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ساعة، حتى قال لهم -وأنا حاضرهم: أرأيتم إن لم يبق لكم هذا الأمر، أليس قد صرتم من ذلك إلى المكروه؟ عليكم بالنكرة بقلوبكم، ولا تخلعوا يدا من طاعة، ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ولا دماء المسلمين معكم، انظروا في عاقبة أمركم ولا تعجلوا، واصبروا حتى يستريح بر، ويستراح من فاجر، ودار بينهم في ذلك كلام كثير لم أحفظه، واحتج عليهم أبو عبد اللَّه بهذا. فقال له بعضهم: إنا نخاف على أولادنا إذا ظهر هذا لم يعرفوا غيره ويُمحَى الإسلام ويدرس. فقال لهم أبو عبد اللَّه: كلا إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ناصر دينه، وإن هذا الأمر له رب ينصره، وإن الإسلام عزيز منيع. فخرجوا من عند أبي عبد اللَّه، ولم يجبهم إلى شيء، مما عزموا عليه أكثر من النهي عن ذلك، والاحتجاج عليهم بالسمع والطاعة، حتى يفرج اللَّه عن الأمة، فلم يقبلوا منه. فلما خرجوا، قال لي بعضهم: امضِ معنا إلى منزل فلان، رجل سموه حتى نوعده لأمر نريده، فذكرت ذلك لأبي، فقال لي أبي: لا تذهب، واعتل عليهم، فإني لا آمن أن يغمسوك معهم، فيكون لأبي عبد اللَّه في ذلك ذكر، فاعتللت عليهم، ولم أمض معهم. فلما انصرفوا دخلت أنا وأبي على أبي عبد اللَّه، فقال أبو عبد اللَّه لأبي: يا أبا يوسف هؤلاء قوم أشرب قلوبهم ما يخرج منها فيما أحسب فنسأل اللَّه السلامة، ما لنا ولهذه الأمة، وما أحب لأحد أن يفعل هذا. فقلت له: يا أبا عبد اللَّه، وهذا عندك صواب؟ قال: لا، هذا خلاف الآثار التي أمرنا فيها بالصبر، ثم قال أبو عبد اللَّه:

قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن حرمك فاصبر، وإن وليت أمره فاصبر" (¬1)، وقال عبد اللَّه ابن مسعود كذا، وذكر أبو عبد اللَّه كلاما لم أحفظه. قال حنبل: فمضى القوم، فكان من أمرهم أنهم لم يحمدوا، ولم ينالوا ما أرادوا، واختفوا من السلطان، وهربوا، وأخذ بعضهم فحبس، ومات في الحبس. فبينا نحن في أيام الواثق، في تلك الشدة، وما نزل بالناس منه إذ جاء يعقوب بن بحر، في جوف الليل برسالة إسحاق بن براهيم إلى أبي عبد اللَّه، فقال له: يقول لك الأمير إسحاق بن إبراهيم إن أمير المؤمنين قد ذكرك. فلا يجتمعن إليك، ولا يأتينك أحد، ولا تساكني بأرض ولا مدينة أنا فيها، فاذهب حيث شئت من أرض اللَّه. فاختفى أبو عبد اللَّه بقية حياة الواثق وولايته، وكانت تلك النائبة وتلك الفتنة. وقتل أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي، فلم يزل أبو عبد اللَّه مختفيا، في غير منزله في القرب، يعني بمنزل أبي محمد فوران، ثم عاد منزله بعد أشهر أو سنة لما طفا خبره، فلم يزل مختفيًا في البيت لا يخرج إلى الصلاة ولا إلى غيرها، حتى هلك الواثق (¬2). "ذكر المحنة" لحنبل ص 65 - 73 ¬

_ (¬1) رواه بنحوه ابن أبي شيبة 6/ 548 (33700)، والبيهقي 8/ 159 عن عمر موقوفًا. (¬2) قد ذُكر رجوع الواثق عن هذِه المقالة في أواخر حياته على يد شيخ اسمه أبو عبد الرحمن عبد اللَّه بن محمد بن إسحاق الأذرمي، شيخ أبي داود وأبي حاتم الرازي، كما قال الخطيب في "تاريخ بغداد" 10/ 74 وكان ذلك في مناظرة تمت بينه وبين ابن أبي دؤاد بحضرة الواثق، وقد علا فيها الشيخ، وذكرها الآجري في "الشريعة" ص 80 - 83 (177)، ونذكرها بتمامها لأهميتها في هذا المقام، قال الآجري: حدثنا أبو عبد اللَّه بن إدريس القزويني قال: حدثنا أحمد بن الممتنع بن عبد اللَّه القرشي التيمي قال: حدثنا أبو الفضل صالح بن علي بن يعقوب بن منصور الهاشمي -وكان من وجوه بني هاشم، وأهل الجلالة، والسبق منهم- قال: حضرت =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = المهتدي باللَّه أمير المؤمنين رحمة اللَّه تعالى عليه، وقد جلس ينظر في أمور المسلمين في دار العامة، فنظرت إلى قصص الناس، تقرأ عليه من أولها إلى آخرها، فيأمر بالتوقيع فيها وإنشاء الكتب لأصحابها، ويختم ويرفع إلى صاحبه بين يديه، فسرني ذلك، وجعلت انظر إليه، فرفع رأسه ونظر إلي، فغضضت عنه حتى كان ذلك مني ومنه مرارًا ثلاثًا، إذا نظر إليَّ غضضت، وإذا اشتغل نظرت، فقال لي: يا صالح. فقلث: لبيك يا أمير المؤمنين، وقمت قائمًا، فقال: في نفسك مني شيء تحب أن تقوله؟ أو قال: تريد أن تقوله، فقلت: نعم يا سيدي، يا أمير المؤمنين. قال لي: عد إلى موضعك. فعدت، وعاد في النظر، حتى إذا قام قال للحاجب: لا يبرح صالح. فانصرف الناس ثم أذن لي، وقد أهمتني نفسي، فدخلت فدعوت له، فقال لي: اجلس. فجلست، فقال: يا صالح، تقول لي ما دار في نفسك، أو أقول أنا ما دار في نفسي أنه دار في نفسك. قلت: يا أمير المؤمنين، ما تعزم عليه، وما تأمر به. فقال: أقول: كأني بك وقد استحسنت ما رأيت منا، فقلتَ: أيُّ خليفة خليفتنا إن لم يكن يقول: القرآن مخلوق! فورد على قلبي أمر عظيم وأهمتني نفسي، ثم قلت: يا نفس، هل تموتين إلا مرة؟ وهل تموتين قبل أجلك؟ وهل يجوز الكذب في جد أو هزل؟ فقلت: واللَّه يا أمير المؤمنين، وما دار في نفسي إلا ما قلت. فأطرق مليًا، ثم قال لي: ويحك، اسمع مني ما أقول، فواللَّه لتسمعن الحق. فسرّي عني، وقلت: يا سيدي وما أولى بقول الحق منك؟ وأنت أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين، وابن عم سيد المرسلين، من الأولين والآخرين. فقال لي: ما زلت أقول: إن القرآن مخلوق صدرًا من خلافة الواثق، حتى أقدم علينا أحمد بن أبي دؤاد شيخا من أهل الشام من أهل أذَنَة، فأدخل الشيخ على الواثق مقيدًا، وهو حَبَل الوجه، تام القامة، حسن الشيبة، فرأيت الواثق قد استحيى منه، ورَقَّ له، فما زال يدنيه ويقربه، حتى قرب منه، فسلم الشيخ فأحسن السلام، ودعا فأبلغ الدعاء، وأوجز، فقال له الواثق: اجلس. ثم قال له: يا شيخ، ناظِر ابن أبي دؤاد على ما يناظرك عليه.=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قال الشيخ: يا أمير المؤمنين، ابن أبي دؤاد يقل ويضيق، أو يضعف عن المناظرة. فغضب الواثق، وعاد مكان إكرامه له غضبًا عليه، فقال: أبو عبد اللَّه بن أبي دؤاد يضيق أو يقل ويضعف عن مناظرتك أنت؟ ! فقال له الشيخ: هَوِّنْ عليك يا أمير المؤمنين ما بك، وائذن لي في مناظرته. فقال الواثق: ما دعوتك إلا للمناظرة. فقال الشيخ: يا أحمد بن أبي دؤاد، إلى ما دعوت الناس ودعوتني إليه؟ فقال: إلى أن تقول. القرآن مخلوق؛ لأن كل شيء دون اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مخلوق. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، إن رأيت أن تحفظ عليَّ ما أقول، وعليه ما يقول. قال: أفعل. فقال الشيخ: يا أحمد، أخبرني عن مقالتك هذِه، أواجبةٌ داخلة فى عقد الدين، فلا يكون الدين كاملًا حتى يقال فيه ما قلت؟ قال: نعم. قال الشيخ: يا أحمد، أخبرني عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين بعثه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إلى عباده، هل أسر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئًا مما أمره اللَّه عَزَّ وَجَلَّ به في دينه؟ قال: لا. قال الشيخ: فدعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الأمة إلى مقالتك هذِه؟ فسكت ابن أبي دؤاد، فقال الشيخ: تكلم. فسكت. فالتفت الشيخ إلى الواثق، فقال: يا أمير المؤمنين، واحدة. فقال الواثق: واحدة. فقال الشيخ: يا أحمد، أخبرني عن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ حين أنزل القرآن على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] كان اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الصادق في إكمال دينه، أم أنت الصادق في نقصانه، فلا يكون الدين كاملًا حتى يقال فيه بمقالتك هذِه؟ فسكت ابن أبي دؤاد، فقال الشيخ: أجب يا أحمد، فلم يجبه. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، اثنتان. فقال الواثق: اثنتان. فقال الشيخ: أخبرني عن مقالتك هذِه، أعلمها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أم جهلها؟ فقال ابن أبي دؤاد: علمها. قال الشيخ: فدعا الناس إليها؟ فسكت ابن أبي دؤاد فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، ثلاث. فقال الواثق: ثلاث. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = فقال الشيخ: يا أحمد، فاتسع لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا علمها كما زعمت، ولم يطالب أمته بها؟ قال: نعم. قال الشيخ: واتسع لأبي بكر الصديق لكن وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي ابن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- فقال ابن أبي دؤاد: نعم. فأعرض الشيخ عنه، وأقبل على الواثق، فقال يا أمير المؤمنين، قد قدمت لك القول أن أحمد يضيق أو يقل أو يضعف عن المناظرة، يا أمير المؤمنين، إن لم يتسع لك من الإمساك عن هذِه المقالة ما اتسع لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي فلا وسع اللَّه على من لم يتسع له ما اتسع لهم من ذلك. فقال الواثق: نعم، إن لم يتسع لنا من الإمساك عن هذِه المقالة ما اتسع لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي -رضي اللَّه عنه- فلا وسع اللَّه علينا، اقطعوا قيد الشيخ. فلما قطعوه ضرب الشيخ بيده على القيد ليأخذه، فجذبه الجلاد عليه، فقال الواثق: دع الشيخ ليأخذه. فأخذه الشيخ فوضعه في كمه، فقال الواثق: لم جابذت عليه؟ فقال الشيخ: لأني نويت أن أتقدم إلى من أوصي إليه إذا مت: أن يجعله بيني وبين كفني، حتى أخاصم هذا الظالم عند اللَّه يوم القيامة، وأقول: يا رب، سل عبدك هذا، لم قيدني وروع أهلي وولدي وإخواني بلا حق أوجب ذلك علي؟ وبكى الشيخ، وبكى الواثق، فبكينا، ثم سأله الواثق أن يجعله في حل وسعة مما قال. فقال الشيخ: واللَّه يا أمير المؤمنين، لقد جعلتك في حل وسعة من أول يوم إكرامًا لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ كنت رجلًا من أهله. فقال الواثق: لي إليك حاجة. فقال الشيخ: إن كانت ممكنة فعلت. فقال الواثق: تقيم قبلنا، فينتفع بك فتياننا. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، إنَّ ردك إياي إلى الموضع الذي أخرجني منه هذا الظالم، انفع لك من مقامي عندك، وأخبرك بما في ذلك: أصير إلى أهلي وولدي فأكف دعاءهم عليك، فقد خلفتهم على ذلك. فقال له الواثق: فتقبل منا ما تستعين بها على دهرك. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، لا تحل لي، أنا عنها غني، وذو مرة سوي. =

قال إبراهيم بن هانئ: اختفى عندي أحمد بن حنبل ثلاثة أيام، ثم قال: اطلب لي موضعا حتى أتحول إليه. قلت: لا آمن عليك يا أبا عبد اللَّه. قال: إذا فعلت أفدتك، فطلبت له موضعا، فلما خرج قال لي: اختفى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الغار ثلاثة أيام ثم تحول (¬1)، وليس ينبغي أن نتبع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الرخاء ونتركه في الشدة. "حلية الأولياء" 9/ 180، " طبقات الحنابلة" 1/ 252، "المناقب" لابن الجوزي ص 430، "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 167، "سير أعلام النبلاء" 11/ 264، "المنهج الأحمد" 1/ 110 قال أبو زرعة: قلت لأحمد بن حنبل: كيف تخلصت من سيف المعتصم وسوط الواثق؟ فقال: لو وضع الصدق على جراح لبرئ. "تاريخ دمشق" 5/ 320، 321، "المناقب" ص 430، "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 143 ¬

_ = قال: فتسأل حاجتك. قال: أو تقضيها يا أمير المؤمنين. قال: نعم. قال: تخلي سبيلي إلى الثغر الساعة، وتأذن لي. قال: أذنت لك. فسلم عليه الشيخ وخرج. قال صالح: قال المهتدي باللَّه رحمة اللَّه تعالى عليه: رجعت عن هذِه المقالة منذ ذلك اليوم، وأظن الواثق باللَّه كان قد رجع عنها من ذلك الوقت. (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 198، والبخاري (3905) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-. ولفظ أحمد ليس فيه موضع الشاهد.

28 - فصل: قصته مع المتوكل

28 - فصل: قصته مع المتوكل قال صالح: وجه المتوكل إلى أبي إسحاقَ بنَ إبراهيم (¬1) يأمره بحمل أبي إلى العسكر. فوجه إسحاق إلي أبي، فقال: إن أمير المؤمنين قد كتب إلي يأمرني بإشخاصك إليه، فتأهب لذلك. قال أبي: فقال لي إسحاق بن إبراهيم: اجعلني في حل. فقلت: قد جعلتك وكل من حضر في حل. قال أبي: فقال لي إسحاق: أسألك عن القرآن مسألة مسترشد لا مسألة امتحان، وليكن ذلك عندك مستورًا، ما تقول في القرآن؟ قال أبي: فقلت: القرآن كلام اللَّه ليس بمخلوق. قال: فقل لي: من أين قلت غير مخلوق؟ قال أبي: فقلت له: قال اللَّه تبارك وتعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] ففرق بين الخلق والأمر. فقال إسحاق: الأمر مخلوق؟ فقال أبي: فقلت له: يا إسحاق، إن اللَّه يخلق خلقا (¬2). فقال أبي: فقال لي: وعمن تحكي، أنه ليس بمخلوق؟ قال: فقلت: جعفر بن محمد قال: ليس بخالق ولا مخلوق. قال: فسكت. قال أبي: فلما كانت الليلة الثانية، وجه إليَّ: ما تقول في الخروج؟ قال: فقلت: ذلك إليك. فقال: الذي حكيت هو عن محمد بن الحنفية؟ ¬

_ (¬1) الأمير على شُرْط بغداد. (¬2) في "المناقب" ص 441: يا سبحان اللَّه أمخلوق يخلق مخلوقا.

فقلت: لا، حكيت عن جعفر بن محمد، عن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب. قال: فسكت. قال صالح: ثم أخرج أبي حتى إذا صرنا بموضع يقال له: بصرى، بات أبي في مسجد، ونحن معه، فلما كان في جوف الليل، جاءه النيسابوري، فقال: يقول لك الأمير ارجع. فقلت له: يا أبه، أرجو أن يكون فيه خيرا. فقال: لم أزل الليلة أدعو اللَّه. "السيرة" لصالح ص 83 - 85 قال أبو علي حنبل: ثم ولي جعفر المتوكل، فلما ولي انكشف ذلك عن المسلمين وأظهر اللَّه السنة، وفرج عن الناس، فكان أبو عبد اللَّه يحدثنا، ويحدث أصحابه، في أول أيام المتوكل، وسمعته يقول: ما كان الناس إلى الحديث والعلم أحوج منهم في زماننا هذا، ثم إن المتوكل ذكره، وكتب إلى إسحاق بن إبراهيم في إخراجه إليه، فجاء رسول إسحاق بن إبراهيم إلى أبي عبد اللَّه بالحضور، فمضى أبو عبد اللَّه عند صلاة العصر، وجئنا معه، فدخل عليه، وجلسنا بالباب، فلما خرج أبو عبد اللَّه، رجعنا معه، فقال له أبي، وسأله عما دعي له. فقال أبو عبد اللَّه: قرأ علي كتاب جعفر، يأمرني بالخروج إلى العسكر. قال أبو عبد اللَّه: وقال لي إسحاق بن إبراهيم: ما تقول في القرآن؟ فقلت: إن أمير المؤمنين، قد نهى عن هذا. فقال: لا تعلم أحدا بما جرى بيني وبينك في هذا. فقلت لإسحاق: مسألة مسترشد أو مسألة متعنت؟ قال: بل مسألة مسترشد. فقلت له: القرآن كلام اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وليس بمخلوق على كل الجهات، وقد

نهى أمير المؤمنين عن هذا. وخرج إسحاق إلى العسكر، وقدّم ابنه محمد خليفة ببغداد، ولم يكن عند أبي عبد اللَّه ما يتحمل به وينفقه. فقال لي أبي -وكنت في تلك الأيام أختلف إلى السوق: إن عمك ليس عنده ما يتحمل به وينفقه وكانت عندي مائة درهم، فأتيت بها إليه فذهب بها إلى أبي عبد اللَّه. فقال له: يا أبا عبد اللَّه: هذِه الدراهم من عند أبي عليّ فتحمل بها، فأخذها أبو عبد اللَّه وأصلح بها ما احتاج، واكترى منه، وخرج ولم يلق محمد بن إسحاق -أي: ابن إبراهيم- أبيه بالعسكر، فحقدها إسحاق عليه [أي: على الإمام أحمد] مع ما قد تقدم منه، فيما كان جرى بينهما، في مسألته إياه عن القرآن، فقال إسحاق بن إبراهيم للمتوكل: يا أمير المؤمنين، إن أحمد بن حنبل خرج من بغداد، ولم يأت محمدا مولاك، ولم يسلم عليه. فقال المتوكل: يُرَدُّ ولو وطأ بساطي. وكان أبو عبد اللَّه قد بلغ بصرى، فوجه إليه رسولًا وقد بات ببصرى يأمره بالرجوع، فرجع أبو عبد اللَّه، وامتنع من الحديث إلا لولده ولنا، وربما قرأ في منزلنا. "ذكر المحنة" لحنبل ص 8 - 864

29 - فصل اتهامه بأنه يخفي بعض العلوليين

29 - فصل اتهامه بأنه يخفي بعض العلوليين قال صالح: لما تُوفي إسحاق بن إبراهيم وابنه محمد، وولي عبد اللَّه بن إسحاق (¬1) كتب المتوكل إليه، أن وجه إلى أحمد بن حنبل: إن عندك طلبة أمير المؤمنين، فوجهه بحاجبه مظفر، وحضر صاحب البريد، وكان يعرف بابن الكلبي، وكتب إليه أيضًا. قال مظفر: يقول لك الأمير: قد كتب إلي أمير المؤمنين: إن عندك طلبته؟ وقال له ابن الكلبي: مثل ذلك. وكان قد نام الناس، فدق الباب، وكان على أبي إزار، ففتح لهم الباب، وقعدوا على بابه، ومعهم شيء، فلما قُرئ عليه الكتاب. فقال لهم أبي: ما أعرف هذا، وإني لأرى طاعته في العسر واليسر، والمنشط والمكره والأثرة، وإني لآسف عن تخلفي عن الصلاة جماعة، وعن حضور الجمعة ودعوة المسلمين. قال صالح: وقد كان إسحاق بن إبراهيم وجه إلى أبي: الزم بيتك، ولا تخرج إلى جمعة ولا جماعة! وإلا نزل بك ما نزل بك في أيام أبي إسحاق. قال ابن الكلبي: قد أمرني أمير المؤمنين أن أحلفك ما عندك طلبته، فتحلف. قال: إن استحلفني حلفت، فأحلفه باللَّه وبالطلاق: أن ما عندك طلبة أمير المؤمنين، وكأنهم أومَئُوا إلى أن عنده علويًّا. ثم قال له: أريد أن أفتش منزلك؟ قال صالح: وكنت حاضرا، فقال: ومنزل ابنك. فقام مظفر وابن الكلبي، وامرأتان معهما، فدخلا ففتشا البيت، ثم فتشتا ¬

_ (¬1) في "السيرة": وولي ابنه محمد بن عبد اللَّه بن إسحاق، والمثبت من "حلية الأولياء" لأبي نعيم 9/ 206، وانظر: "المناقب" لابن الجوزي ص 441.

المرأتان النساء، ثم دخلوا إلى منزلي ففتشوا الحريم ثم خرجوا. فلما كان بعد يومين ورد كتاب علي بن الجهم: إن أمير المؤمنين قد صح عنده براءتك مما قذفت به. "السيرة" لصالح ص 89 - 91 قال حنبل: إن رافعا رفع إلى المتوكل على أبي عبد اللَّه أن أحمد بن حنبل قد ربض علويا في منزله، وأنه يريد أن يخرجه ويبايع له، وكان الذي دسه رجل من أهل بغداد، وكان الرافع من أهل الجبل، ولم يكن عند أبي عبد اللَّه ولا عندنا من ذلك علم، وعلمنا بذلك بعد. فبتنا نحن ذات ليلة نيام، وذلك في الصيف، ونحن فوق السطوح سمعنا الجلبة، ورأينا النيران في دار أبي عبد اللَّه، فقال لي أبي: ما هذا في دار أبي عبد اللَّه؟ فقلت: ما أدري، وأشرفت من السطح، فإذا النيران والشمع، فنزلنا سريعا، فبلغنا رسول مظفر إلى أبي وإلينا. فجئنا فدخلت فسألنا عن الخبر. فقال أبو عبد اللَّه: ما علمت أنا نائم إذا الباب يدق، فقلت: من هذا؟ قال: أنا. قلت: من أنت؟ قال: أنا، افتح، فنزلت فعجبت، فهجموا علي ودخلوا. وكان أبو عبد اللَّه قاعدا في الدار في إزاء فراشه، ومظفر وابن الكلبي صاحب الخبر، وجماعة معه، فقرأ صاحب الخبر كتاب المتوكل: ورد على أمير المؤمنين أن عندك علويًّا ربضته لتبايع له، وتظهره، في كلام طويل وكلام كثير. فلما فرغ ابن الكلبي من قراءة الكتاب، وأبو عبد اللَّه يسمع، قال له مظفر: ما تقول؟ وما ترد؟ فقال أبو عبد اللَّه: ما أعرف من هذا شيئا، وإني لأرى له السمع والطاعة في عسري ويسري، ومنشطي ومكرهي وآثرة علي، وإني لأدعو اللَّه له بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار، في كلام كثير غير هذا قاله أبو عبد اللَّه.

فقال مظفر لصاحب الخبر: اكتب ما سمعت. فقال صاحب الخبر: ما أكتب من هذا. فقال له مظفر: فأنا أكتب ما سمعت وأرفعه إلى صاحبي إسحاق بن إبراهيم. وقال أبو عبد اللَّه لمظفر فيما يقول: ما خلعت يدا من طاعة، وإني لأرى له الطاعة، في كل أحوالي، في عسري ومنشطي ومكرهي. ففتشوا منزل أبي عبد اللَّه، والبيوت والغرف والسطوح، وفتشوا تابوت الكتب وكان معهم نساء ومناخيس، فجعلوا ينخسون بها الأرض، ونزل النساء إلى منزلنا ومنزل صالح، ففتشوا النساء والمنازل، فلم يروا شيئا، ولم يحسوا بشيء {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا} [الأحزاب: 25] وكتب بذلك إلى المتوكل، فوقع منه موقعا حسنا، وعلم أن أبا عبد اللَّه مكذوب عليه عنده. وكان الذي دس من رفع إلى أبي عبد اللَّه، رجل من أهل البدع والخلاف، ولم يمت حتى بين اللَّه أمره للمسلمين، وهو ابن الثلجي. "ذكر المحنة" لحنبل ص 75 قال أبو جعفر بن ذريح العُكْبَري: طلبت أحمد بن حنبل في سنة ست وثلاثين ومائتين لأسأله عن مسألة، فسألت عنه فقالوا: خرج يصلي، فجلست حتى جاء فسلمت عليه فرد عليَّ السلام، فدخل الزقاق وأنا أماشيه، فلما بلغنا آخر الدرب إذا بابٌ يفرج، فدفعه وصار خلفه. وقال: اذهب عافاك اللَّه! فثنيت عليه. فقال: اذهب عافاك اللَّه، فخرج رجل، فسألته عن تخلفه عن كلامي. فقال: ادعي عليه عند السلطان أن عنده علويا، فجاء محمد بن نصر فأحاط بالمحلة ففتشت فلم يوجد فيها شيء مما ذكر، فأحجم عن كلام العامة. "المناقب" لابن الجوزي ص 443

قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قد جاءني أبو علي يحيى بن خاقان فقال لي: إن كتابًا جاءَه فيه أن أمير المؤمنين يُقْرِئك السلام ويقول لك: لو سَلِمَ أحدٌ من الناس سلمت أنت، هاهنا رجل قد وقع عليك وهو في أيدينا محبوس، رفع عليك أن عَلويًّا قد توجه من قبل خراسان، وقد بعثت برجل من أصحابك يتلقاه وهو ذا محبوس، فإن شئت ضربته وإن شئت حبسته، وإن شئت بعثت به إليك. قال: فقلت له: ما أعرف مما قال شيئًا، أرى أن تطلقوه ولا تعرضوا له. فقلت لأبي عبد اللَّه: سفك اللَّه دمه قد أشاط بدمائكم. فقال: ما أراد إلا استئصالنا، ولكن قلتُ: لعل له والدة أو أخوات أو بنات أرى أن تخلوا سبيله ولا تعرضوا له. "المناقب" ص 443 - 444، "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 182، "الجوهر المحصل" ص 104 قال إبراهيم بن إسحاق: أن المتوكل أخذ العلوي الذي سعى بأبي عبد اللَّه إلى السلطان، فأرسله إلى أبي عبد اللَّه ليقول فيه مقاله للسلطان، فعفا عنه، وقال: لعله يكون له صبيان يحزنهم قتله. "المناقب" لابن الجوزي ص 444

30 - فصل: خروجه إلى العسكر بعد انقضاء هذه التهمة

30 - فصل: خروجه إلى العسكر بعد انقضاء هذِه التهمة قال الكوسج: قلت لأحمد: أَوَ يَسَعُك أن لا تحدِّث؟ قال: لم لا يسعني، أنا قد حدَّثت. "مسائل الكوسج" (338) قال صالح: فلما كان بعد يومين ورد كتاب علي بن الجهم: إن أمير المؤمنين قد صح عنده براءتك مما قذفت به، وقد كان أهل البدع قد مدُّوا أعينهم، فالحمد للَّه الذي لم يشمتهم بك، وقد وجه إليك أمير المؤمنين بيعقوب المعروف بقوصرة، ومعه جائزة، ويأمرك بالخروج، فاللَّه اللَّه، أن تستعفي أو ترد المال. "السيرة" لصالح ص 91 قال صالح: ثم ورد من الغد يعقوب قَوْصَرَة، فدخل إلى أبي فقال له: يا أبا عبد اللَّه، أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام، يقول: قد صح عندنا نقاء ساحتك، وقد أحببت أن أسر بقربك، وأتبرك بدعائك، وقد وجهت إليك عشرة آلاف درهم معونة على سفرك، وأخرج بَدْرَة فيها صرة نحو مئتي دينار، والباقي دراهم صحاح، فلم ينظر إليها، ثم شدها يعقوب، وقال له: أعود غدا حتى انظر ما تعزم عليه، وقال له: يا أبا عبد اللَّه، الحمد للَّه الذي لم يشمت بك أهل البدع. وانصرف. فجئت بإجانة خضراء أكبها على البدرة، فلما كان عند المغرب، قال: يا صالح، خذ هذِه الصرة عندك، فصيرتها عند رأسي فوق البيت، فلما كان سحرا، إذ هو ينادي: يا صالح، فقمت، فصعدت إليه. فقال: يا صالح ما نمتُ ليلتي هذِه؟ فقلت له: يا أبه لم؟ فجعل يبكي. وقال: سلمت من هؤلاء حتى إذا كان في آخر عمري بُليتُ بهم، قد عزمت على أن تفرق هذا الشيء إذا أصبحت. فقلت: ذلك إليك. فلما أصبح جاءه الحسن بن البزار، فقال: يا صالح، جئني بميزان،

وجهوا إلى أبناء المهاجرين والأنصار، ثم قال: وجه إلى فلان حتى يفرق في ناحيته، وإلى فلان، فلم يزل حتى فرقها كلها، ونفض الكيس، ونحن في حالة اللَّه بها عليم، فجاءني ابن لي فقال له: يا أبه أعطني درهما، فنظر إلي، فأخرجت قطعة أعطيته. فكتب صاحب البريد: إنه تصدق بالدراهم من يومه حتى تصدق بالكيس. قال علي بن الجهم: فقلت: يا أمير المؤمنين، قد تصدق بها، وعلم الناس أنه قد قبل منك، ما يصنع أحمد بالمال؟ وإنما قوته رغيف! قال: فقال لي: صدقت يا علي. "السيرة" لصالح ص 92 - 93 قال صالح: ثم أخرج أبي رحمه اللَّه ليلا، ومعنا حراس معهم النفاطات، فلما أصبح وأضاء الفجر، قال لي: يا صالح أمعك دراهم؟ قلت: نعم. قال: أعطهم، فأعطيتهم درهمًا درهمًا. فلما أصبحنا جعل يعقوب يسير معه، فقال له: يا أبا عبد اللَّه، ابن الثلجي، بلغني أنه كان يذكرك. فقال له: يا أبا يوسف، سَل اللَّه العافية. فقال له: يا أبا عبد اللَّه، أريد أن أؤدي عنك فيه رسالة إلى أمير المؤمنين، فسكت. فقال له: إن عبد اللَّه بن إسحاق أخبرني أن الوَابصِي قال له: إني أشهد عليه أنه قال: إن أحمد يعبدُ ماني! ! فقال: يا أبا يوسف، يكفي اللَّه. فغضب يعقوب، فالتفت إليَّ، فقال: ما رأيت أعجب مما نحن فيه، أسأله أن يطلق لي كلمة أخبر أمير المؤمنين، فلا يفعل! قال صالح: وقصر أبي الصلاة في خروجه إلى العسكر، وقال: تقصر الصلاة في أربعة برد، وهي ستة عشر فرسخا، فصليت يوما به العصر،

فقال لي: طولت بنا العصر، تقرأ في الركعة مقدار خمس عشرة آية، وكنت أصلي به في العسكر. قال صالح: فلما صرنا بين الحائطين قال لنا يعقوب: أقيموا، ثم وجه إلى المتوكل بما عمل، فدخلنا العسكر، وأبي منكس الرأس ورأسه مغطى، فقال له يعقوب: اكشف رأسك يا أبا عبد اللَّه فكشفه، ثم جاء وصيف يريد الدار، فلما نظر إلى الناس وجمعهم قال: ما هؤلاء؟ قالوا: أحمد بن حنبل. فوجه إليه بعدما جاز بيحيى بن هَرْثَمة، فقال: يُقرئك الأمير السلام، ويقول: الحمد للَّه الذي لم يشمت بك أهل البدع، قد علمت ما كان من حال ابن أبي دؤاد، فينبغي أن تتكلم بما يجب للَّه، ومضى يحيى. "السيرة" لصالح ص 94 - 95 قال صالح: أنزل أبي دار إيتاخ، فجاء علي بن الجهم، فقال: قد أمر لكم أمير المؤمنين بعشرة آلاف مكان التي فرقها، وأمر أن لا يعلم شيخكم بذلك فيغتم، ثم جاءه محمد بن معاوية، فقال: إن أمير المؤمنين يكثر ذكرك، ويقول: تقيم هاهنا تُحَدِّث. فقال: أنا ضعيف، ثم وضع أصبعه على بعض أسنانه، فقال: إن بعض أسناني يتحرك، وما أخبرت بذلك ولدي. ثم وجه إليه، فقال: ما تقول في بهيمتين انتطحتا، فعقرت إحداهما الأخرى، فسقطت فذبحت؟ فقال: إن كان أطرف بعينه أو مَصَع بذنبه، وسال دمه، يؤكل. قال صالح: ثم صار إليه يحيى بن خاقان، فقال: يا أبا عبد اللَّه، قد أمر أمير المؤمنين أن أصير إليك لتركب إلى أبي عبد اللَّه. ثم قال لي: أمرني أن أقطع له سوادًا وطيلسانًا وقلنسوةً، فأي قلنسوة يلبس؟ فقلت له: ما رأيته لبس قلنسوة قط.

فقال له: إن أمير المؤمنين قد أمر أن يُصَيَّر لَك مرتبةً في أعلى المراتب، ويصير أبو عبد اللَّه في حجرك، ثم قال: قد أمرني أمير المؤمنين أن يُجْرى عليكم، وعلى قراباتك أربعة آلاف درهم، تفرقها عليهم. ثم أعاد يحيى من الغد. فقال: يا أبا عبد اللَّه، تركب؟ قال: ذاك إليكم. فقال: أستخير اللَّه، فلبس إزاره وخُفَّيه، وقد كان خفه قد أتى عنده نحو من خمس عشرة سنة، قد رقع برقاع عدة، فأشار يحيى إلى أن يلبس قلنسوة. فقال: كيف يدخل عليه حاسرا؟ ! ويحيى قائم، فطلبنا له دابة يركبها، فقال يحيى يصلي، فجلس على التراب، وقال: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: 55]، ثم ركب بغل بعض التجار، فمضينا معه حتى دخل دار المعتز، فأجلس في بيت الدهليز، ثم جاء يحيى فأخذ بيده حتى أدخله، ورفع لنا الستر ونحن ننظر. وكان المعتز قاعدًا على دكان في الدار، وكان قد تقدم يحيى إليه، فقال: لا تمد يدك إليه، فلما صعد الدكان قعد. فقال له يحيى: يا أبا عبد اللَّه، إن أمير المؤمنين جاء ليأنس بقربك، يصير أبا عبد اللَّه في حجرك. فأخبرني بعض الخدم أن المتوكل كان قاعدًا وراء ستر، فلما دخل الدار قال لأمه: يا أماه، قد أنارت الدار. ثم جاء خادم بمنديل، فأخذ يحيى المنديل، وأخرج منه مبطنة فيها قميص، فأدخل يده في جيب القميص والمبطنة، ثم أخذ بيد أبي فأقامه، ثم أدخل القميص والمبطنة في رأسه، ثم أدخل يده اليمنى وكذلك اليسار، وهو لا يحرك يده، تم أخذ قلنسوة فوضعها على رأسه، وألبسه طيلسانا ولحفه به، ولم يجيئوا بخف فبقي الخف عليه، ثم انصرف، وكانوا قد تحدثوا أنه لا يخلع عليه السواد، فلما صار إلى الدار نزع الثياب عنه، ثم جعل يبكي، ثم قال: سلمت من هؤلاء منذ ستين سنة، حتى إذا كان آخر عمري، بُليت بهم، ما أحسبني

سلمت من دخولي على هذا الغلام، فكيف بمن يجب علي نصحه، من وقت تقع عيني عليه إلى أن أخرج من عنده؟ ثم قال: يا صالح، وجه بهذِه الثياب إلى بغداد تباع، ويتصدق بثمنها، ولا يشتري أحد منكم منها شيئًا. قال صالح: فوجهت بها إلى يعقوب بن بختان، فباعها، وفرق ثمنها، وبقيت عندي القلنسوة. ثم أخبرناه أن الدار التي هو فيها كانت لإيتاخ. فقال: اكتب رقعة إلى محمد بن الجراح ليُعفى لي من هذِه الدار. فكتبنا رقعة، فأمر المتوكل أن يُعفى منها، ووجه إلى قوم ليخرجوا من منازلهم، فسأل أن يعفى من ذلك، واكتريت له دار بمائتي درهم، فصار إليها. وأجرى لنا مائدة وثلج، وضرب الخيش فلما رأى الخيش والطبرى، نحى نفسه عن ذلك الموضع، وألقى نفسه على مضربة له، واشتكت عينه وبرئت. قال: ألا تعجب، كانت عيني تشتكي فمكثت حينا حتى تبرأ، ثم قد برئت في سرعة، وجعل يواصل، يفطر في كل ثلاث على تمر وسويق، فمكث بذلك خمس عشرة، يفطر في كل ثلاث، ثم جعل بعد ذلك يفطر ليلة وليلة، لا يفطر إلا على رغيف، وكان إذا جيء بالمائدة توضع في الدهليز لكي لا يراها، فيأكل من حضر، وكان إذا أجهده الحر بلَّ خرقة، فيضعها على صدره، وفي كل يوم يوجه المتوكل إليه بابن ماسَوَيْه، فينظر إليه، ويقول له: يا أبا عبد اللَّه، أنا أميل إليك وإلى أصحابك، وما بك علة إلا الضعف وقلة الدد (¬1)، إنا أمرنا عبادنا بأكل دهن الخل، فإنه يلين، وجعل يجيئه بالشيء ليشربه، فيصبه. وقطع له يحيى: دراعة، وطيلسانًا سوادًا. وجعل يعقوب وغياث يصيران ¬

_ (¬1) الدد: اللهو واللعب. "لسان العرب" مادة [ددن]، [ددا].

إليه، فيقولان له: يقول لك أمير المؤمنين، ما تقول في ابن أبي دؤاد في ماله؟ فلا يجيب في ذلك. وجعل يعقوب وغياث يخبرانه بما يحدث من أمر ابن أبي دؤاد في كل يوم. ثم انحدر ابن أبي دؤاد إلى بغداد، فأشهد عليه ببيع ضياعه، وكان ربما صار إليه يحيى بن خاقان وهو يصلي، فيجلس في الدهليز حتى يفرغ. ويجيء علي بن الجهم فينزع سيفه وقلنسوته ويدخل عليه. وأمر المتوكل أن يشتري لنا دارًا. فقال: يا صالح. قلت: لبيك. قال: لئن أقررت لهم بشراء دار لتكونن القطيعة بيني وبينكم، إنما يريدون أن يصيروا هذا البلد لي مأوى ومسكنا. فلم يزل يدفع شراء الدار حتى اندفع، وصار إلي صاحب المنزل فقال: أعطيك كلَّ شهر ثلاثة آلاف مكان المائدة؟ فقلت: لا أفعل. وجعلت رسل المتوكل تأتيه يسألونه عن خبره، فيصيرون إليه، ويقولون له: هو ضعيف، وفي خلال ذلك يقولون: يا أبا عبد اللَّه لابد من أن يراك، فيسكت، فإذا خرجوا قال: ألا تعجب من قولهم: لابد من أن يراك، وما عليهم من أن يراني؟ وكان في هذِه الدار حجرة صغيرة فيها بيتان، فقال: أدخلوني تلك الحجرة ولا تسرجوا سراجا، فأدخلناه إليها فجاءه يعقوب، فقال: يا أبا عبد اللَّه، أمير المؤمنين مشتاق إليك، ويقول: انظر إلى اليوم الذي تصير إليه فيه أي يوم هو حتى أعرفه؟ فقال: ذاك إليكم. فقال: يوم الأربعاء يوم خال. وخرج يعقوب، فلما كان الغد، جاء فقال: البشرى يا أبا عبد اللَّه، أمير المؤمنين، يقرأ عليك السلام، ويقول: قد أعفيتك من لبس السواد، والركوب إلي وإلى ولاة العهود، وإلى الدار، فإن شئت فالبس القطن، وإن شئت فالبس الصوف، فجعل يحمد اللَّه على ذلك. وقال له يعقوب: إن لي ابنا، وأنا معجب، وله في قلبي موقع، فأحب أن

تحدثه بأحاديث، فسكت. فلما خرج، قال: أتراه لا يرى ما أنا فيه! قال صالح: كان أبي يختم من جمعة إلى جمعة، فإذا ختم دعا، فيدعو ونؤمن على دعائه، فلما كان غداة الجمعة، وجه إليَّ وإلى أخي عبد اللَّه، فلما أن ختم، جعل يدعو ونؤمن على دعائه، فلما فرغ جعل يقول: أستخير اللَّه مرارًا. فجعلت أقول: ما تريد؟ ثم قال: إني أعطي اللَّه عهدًا، إن العهد كان مسئولًا، وقد قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] أني لا أحدث حديثًا تاما أبدًا حتى ألقى اللَّه، ولا أستثني منكم أحدًا، فخرجنا، وجاء علي بن الجهم، فقلنا له، فقال: إنا للَّه وإنا إليه راجعون. فأخبر المتوكل بذلك. وقال: إنما يريدون أن أحدث، فيكون هذا البلد حبسي، وإنما كان سبب الذين أقاموا بهذا البلد لما أعطوا فقبلوا، وأمروا فحدثوا. وكان يخبرونه، فيتوجع لذلك، وجعل يقول: واللَّه لقد تمنيت الموت في الأمر الذي كان، وإني لأتمنى الموت في هذا وذاك، إن هذا فتنة الدنيا، وكان ذاك فتنة الدين، ثم جعل يضم أصابع يده، ويقول: لو كانت نفسي في يدي لأرسلتها، ثم يفتح أصابعه. وكان المتوكل يوجه إليه في كل وقت يسأل عن حاله، وكان في خلال ذلك يؤمر لنا بالمال، فيقول: يوصل إليهم ولا يعلم شيخهم فيغتم، ما يريد منهم؟ إن كان هؤلاء يريدون الدنيا فلم يمنعهم؟ وقالوا للمتوكل: إنه كان لا يأكل من طعامك، ولا يجلس على فرشك، ويحرم الذي تشرب. فقال لهم: لو نشر لي المعتصم [وقال لي فيه شيئًا] (¬1) لم أقبل منه. "السيرة" لصالح ص 96 - 102 ¬

_ (¬1) من "المناقب" لابن الجوزي ص 452.

قال صالح: ثم إني انحدرت إلى بغداد، وخلفت عبد اللَّه عنده، فإذا عبد اللَّه قد قدم وجاءَ بثيابي التي كانت عنده. فقلت: ما جاء بك؟ قال: قال لي: انحدر وقل لصالح: لا تخرج فأنتم كنتم آفتي، واللَّه لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أخرجت منكم واحدًا معي، ولولا مكانكم لمن كانت توضع هذِه المائدة؟ ولمن كان يفرش هذا الفرش، ويجري هذا الإجراء؟ قال صالح: فكتبت إليه أعلمه بما قال لي عبد اللَّه، فكتب إلي بخطه: بسم اللَّه الرحمن الرحيم أحسن اللَّه عاقبتك ودفع عنك كل مكروه ومحذور، الذي حملني على الكتاب إليك والذي قلتُ لعبد اللَّه: لا يأتيني أحد وربما ينقطع ذكري ويَخْمُد، فإنكم إذا كنتم هاهنا فشا ذكري، وكان يجتمع إليك قوم ينقلون أخبارنا، ولم يكن إلا خير، واعلم يا بني إن أقمتَ فلم تأت أنت ولا أخوك فهو رضائي، فلا تجعل في نفسك إلا خيرًا، والسلام عليك ورحمة اللَّه وبركاته. قال صالح: ثم ورد إلي كتاب آخر يذكر فيه: بسم اللَّه الرحيم، أحسن اللَّه عاقبتك، ودفع عنك السوءَ برحمته، كتابي إليك وأنا في نعمة من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ متظاهرة، أسأله تمامها والعون على أداء شكرها، قد انفكَّت عنا عقدة، إنما كان حبس من كان هاهنا لما أعطوا فقبلوا، وأجري عليهم فصاروا في الحد الذي صاروا إليه، وحدثوا ودخلوا عليهم، فهذِه كانت قيودهم، فنسأل اللَّه أن يعيذنا من شرهم ويخلصنا، فقد كان ينبغي لكم لو قربتموني بأموالكم وأهاليكم فهان ذلك عليكم للذي أنا فيه، فلا يكبر عليك ما أكتب به إليكم، فالزموا بيوتكم فلعل اللَّه تعالى أن يخلصني، والسلام عليكم ورحمة اللَّه. ثم ورد عليَّ غير كتاب إليَّ بخطه بنحو من هذا. فلما خرجنا من العسكر

رُفِعَت المائدة والفرش، وكلُّ ما كان أقيم لنا. "السيرة" لصالح ص 102 - 104 قال صالح: ثم سأَل أبي أن يُحَوَّل من الدار التي اكتريت له، فاكترى هو دارًا وتحوَّل إليها، فسأل المتوكل عنه، فقيل: إنه عليل. فقال: كنت أحب أن يكون في قربي وقد أذنت له، يا عبيد اللَّه احمل إليه ألف دينار ينفقها، وقال لسعيد: تهيئ له حراقة (¬1) ينحدر فيها. فجاءَه علي بن الجهم في جوف الليل، فأخبره، ثم جاء عبيد اللَّه ومعه ألف دينار. فقال: إن أمير المؤمنين قد أذن لك، وقد أمر لك بهذِه الألف دينار. فقال: قد أعفاني أمير المؤمنين مما أكره فردها. وقال: أنا رقيق على البرد، والبر أرفق بي. فكتب إلى محمد بن عبد اللَّه في بره وتعاهده، فقدم علينا بين الظهر والعصر. "السيرة" لصالح ص 106 - 107 قال حنبل: فلما كان بعد أيام من هذِه الفتنة التي رفع على أبي عبد اللَّه في ذكر العلوي، بينا نحن جلوس بباب الدار وقت انتصاف النهار، إذا يعقوب -المعروف بقوصرة، وكان أحد حجاب المتوكل- قد أقبل، فاستأذن على أبي عبد اللَّه، فدخل ودخل أبي وأنا معه، ومع بعض غلمانه بدرة على بغل، فدخل إلى أبي عبد اللَّه ومعه كتاب المتوكل، فقرأه على أبي عبد اللَّه: إنه صح عند أمير المؤمنين براءتك مما رفع عليك عند أمير المؤمنين، وقد وجه إليك هذا المال لتستعين به على حاجتك. فأبى أبو عبد اللَّه أن يقبله، وقال: مالي إليه حاجة، وكلام نحو هذا. فقال له يعقوب: يا أبا عبد اللَّه، اقبل من أمير المؤمنين ما أمرك به، فإن هذا أخير لك عنده. وقال له أبي: يا أبا عبد اللَّه، أفعل ولا ترده، فإنك إن ¬

_ (¬1) سفينة فيها مرامي نيران يُرمى بها العدو.

رددته خفت أن يظن بك الرجل سوءًا، فاقبله، واصرفه فيما أحببت. فحينئذ قبلها، فلما خرج يعقوب، قال لي أبو عبد اللَّه: يا أبا علي، قلت: لبيك. قال: ارفع هذِه الإجانة وكانت في هذِه الدار إجانة موضوعة، فرفعتها. فقال: ضعها تحتها، فوضعتها تختها. وخرجنا من عند أبي عبد اللَّه، وترك المال تحت الإجانة بقية يومه وليلته. فلما كان من الليل، إذا أم ولد لأبي عبد اللَّه تدق علينا الحائط الذي بينا وبينه، فقلت لها: مالك؟ فقالت: مولاي يدعو عمه، فأعلمت أبي، فخرجنا جميعًا، فدخلنا عليه، وذلك في جوف الليل. فقال: يا عم، ما أخذني النوم هذِه الليلة. فقال له أبي: ولم؟ قال: لهذا المال الذي عندي. وجعل يتوجع لأخذه، وجعل أبي يسكنه ويكلمه ويسهل عليه، وقال له: حتى تصبح وترى فيه رأيك، فإن هذا ليل، والناس في منازلهم، فإذا أصبحت -إن شاء اللَّه- نظرت ما تصنع، فأمسك وخرجنا. فلما كان في السحر، وجه إلى عبدوس بن مالك، وحسن بن البزاز، فحضرا وحضر جماعة فيهم هارون الجمال، وأحمد بن منيع، وابن الدورقي وغيرهم، وحضرت أنا وأبي وصالح وعبد اللَّه ومن حضر، فجعلنا نكتب من يذكرونه من أهل الستر والصلاح ببغداد والكوفة وغيرهما، ووجه منها إلى سعيد الأشج، وإلى أبي كريب، وإلى من ذكر من أهل العلم وأهل الستر، ممن يعلم أنه محتاج، ففرقها كلها ما بين الخمسين إلى المائة والمائتين، فما بقي في الكيس درهم واحد. ثم أمر بالكيس فتصدق به على مسكين. فلما كان بعد ذلك مات إسحاق بن إبراهيم ومات ابنه محمد، وولي بغداد عبد اللَّه بن إسحاق. فجاء رسول عبد اللَّه بن إسحاق إلى أبي عبد اللَّه،

فذهب إليه، فقرأ عليه كتاب المتوكل، وقال له: يأمرك بالخروج. فقال أبو عبد اللَّه: أنا شيخ ضعيف وأنا عليل. فقال: اكتب بذلك إلى أمير المؤمنين. فكتب عبد اللَّه بن إسحاق بما رد عليه أبو عبد اللَّه. فورد جواب الكتاب أن أمير المؤمنين يأمره بالخروج. فوجه عبد اللَّه ابن إسحاق برابطة وجنود، فباتت على بابنا أيامًا وليالي، حتى تهيأ أبو عبد اللَّه للخروج، فخرج أبو عبد اللَّه، وخرج صالح وعبد اللَّه، وأبي زميله، فلما صرنا نحو باب الشماسية، قال لي: ارجع فليس في أهلنا رجل، تكون أنت، فرجعت. "ذكر المحنة" لحنبل ص 91 - 102 قال المروذي: قال لي أبو عبد اللَّه ونحن بالعسكر: ألا تعجب! كان قوتي فيما مضى أربعة أرغفة، أو نحو من أربعة أرغفة، وقد ذهبت عني شهوة الطعام فما أشتهيه، قد كنت في السجن آكل، وذاك عندي زيادة في إيماني، وهذا نقصان، أخاف أن أُفتن بالدنيا، لقد تفكرت البارحة فقلت: هذِه محنتان، امتحنت بالدين، وهذِه محنة بالدنيا. وقال لنا أبو عبد اللَّه ونحن يوما بالعسكر: لي اليوم ثمان منذ لم آكل شيئًا ولم أشرب إلا أقل من ربع سويق، وكان يمكث ثلاثا لا يطعم وأنا معه، فإذا كان ليلة الرابعة أضع بين يديه قدر نصف ربع سويق، فربما شربه وربما ترك بعضه، فمكث نحوا من خمسة عشرة يوما أو أربعة عشر يوما لم يطعم إلا أقل من ربعين سويقا، وكان إذا ورد عليه أمر يغمه لم يفطر وواصل إلا شربة ماء. وانتبهت ليلة -وقد كان واصل- فإذا هو قاعد، فقال: هو ذا يدار بي من الجوع، أطعمني شيئا، فجئته بأقل من رغيف، فأكل، ثم قال: لولا أني أخاف العون على نفسي ما أكلت، وكان يقوم من فراشه إلى المخرج، فكان يقعد يستريح من الضعف والجوع والوصال، حتى إن كنت لأبل الخرقة فألقيها على وجهه فيرجع إليه نفسه، حتى أوصى من الضعف من

غير مرض. ثم كُلم أبو عبد اللَّه في أمره، وفي الحمل على نفسه بالضر. فقيل له: لو أمرت بقدر تطبخ لك؛ لترجع إليك نفسك، وتقوى على الصلاة؟ فقال: الطبيخ طعام المبطانين. "الورع" للمروذي (274)، (275) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: أيش حجتك في ترك الخروج إلى الصلاة ونحن بالعسكر؟ قال: حجتي الحسن وإبراهيم التيمي تخوفا أن يفتنهم الحجاج، وأنا أخاف أن يفتنني هذا بدنياه -يعني: الخليفة. "الورع" للمروذي (278) قال المروذي: سمعت إسحاق بن حنبل ونحن بالعسكر يناشد أبا عبد اللَّه ويسأله الدخول على الخليفة ليأمره وينهاه، وقال له: إنه يقبل منك، هذا إسحاق بن راهويه يدخل على ابن طاهر فيأمره وينهاه. فقال له أبو عبد اللَّه: تحتج عليَّ إسحاق! فأنا غير راض بفعاله، ما له في رؤيتي خير، ولا لي في رؤيته خير. وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: يجب عليَّ إذا رأيته -يعني: الخليفة- أن آمره وأنهاه. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" للمروذي (1)، (2) قال المرُّوذي: سمعت زهير بن محمد يقول: أنا أول من تلقى أبا عبد اللَّه في دار إسحاق، قبل أن يخرج من الحراقة. قال: فخرج وعليه الكساء الذي خلع عليه، قال: فسقط فجعل يجره وما سواه عليه. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" للمروذي (200) قال عبد اللَّه: مكث أبي بالعسكر عند الخليفة ستة عشر يومًا، ما ذاق شيئًا إلا مقدار ربع سويق، في كل ليلة كان يشرب شربة ماء، وفي كل ثلاث ليال يستف حفنة من السويق، فرجع إلى البيت ولم ترجع إليه نفسه إلا بعد ستة أشهر، ورأيت مأْقَيْه قد دخلا في حَدَقيه. "حلية الأولياء" 9/ 179، "تاريخ دمشق" 5/ 301، "المناقب" ص 455، "سير أعلام النبلاء" 11/ 334، "البداية والنهاية" 10/ 778، 790

قال حنبل: وأخبرني أبي -يعني: إسحاق عم أحمد- قال: لما وصلنا العسكر أنزلنا السلطان دارًا لإيتاخ، ولم يعلم أبو عبد اللَّه، فسأل بعد ذلك: لمن هذِه الدار؟ فقالوا: هذِه دار لإيتاخ. فقال: حولوني واكتروا لي دارًا. قالوا: هذِه دار أنزلكها أمير المؤمنين. فقال: لا أبيت هاهنا. فاكترينا له دارًا غيرها وتحول عنها، وكانت تأتينا في كل يوم مائدة أمر بها المتوكل فيها ألوان الطعام والفاكهة والثلج وغير ذلك، فما نظر إليها أبو عبد اللَّه ولا ذاق منها شيئًا، وكانت نفقة المائدة في كل يوم مائة وعشرين درهمًا، فما نظر إليها أبو عبد اللَّه، ودامت العلة بأبي عبد اللَّه وضعف ضعفًا شديدًا، وكان يواصل فمكث ثمانية أيام مواصلًا لا يأكل ولا يشرب، فلما كان في اليوم الثامن كاد أن يطفأ، فقلت: يا أبا عبد اللَّه ابن الزبير كان يواصل سبعة أيام وهذا لك اليوم ثمانية أيام. فقال: إني مطيق. قلت: بحقي عليك. فقال: إذ حلفتني بحقك فإني أفعل، فأتيته بسويق فشرب. وأجرى المتوكل على ولده وأهله أربعة آلاف درهم في كل شهر، فبعث إليه أبو عبد اللَّه: إنهم في كفاية، فبعث إليه المتوكل: إنما هذا لولدك مالك ولهذا! ؟ فقال له أحمد: يا عم ما بقي من أعمارنا، كأنك بالأمر قد نزل بنا، فاللَّه اللَّه، فإن أولادنا إنما يريدون يتأكلون بنا، وإنما هي أيام قلائل، لو كشف للعبد عما قد حجب عنه لعرف ما هو عليه من خير أو شر، صبر قليل وثواب طويل إنما هذِه فتنة. فلما طالت علة أحمد كان المتوكل يبعث بابن ماسويه المتطبب فيصف له الأدوية فلا يتعالج، فدخل ابن ماسويه على المتوكل، فقال له المتوكل:

ويحك، ابن حنبل ما نجح فيه الدواء. فقال له: يا أمير المؤمنين إن أحمد بن حنبل ليست به علة في بدنه، إنما هذا من قلة الطعام وكثرة الصيام والعبادة، فسكت المتوكل. وبلغ أم المتوكل خبر أبي عبد اللَّه، فقالت لابنها: أشتهي أن أرى هذا الرجل، فوجه المتوكل إلى أبي عبد اللَّه، يسأله أن يدخل على ابنه المعتز ويدعو له ويسلم عليه، ويجعله في حجره. فامتنع، ثم أجاب رجاء أن يطلق، وينحدر إلى بغداد، فوجه إليه المتوكل خلعة، وأتوه بدابة يركبها إلى المعتز، فامتنع، وكانت عليه ميثرة نمور، فقدم إليه بغل لتاجر، فركبه، وجلس المتوكل مع أمه في مجلس من المكان، وعلى المجلس ستر رقيق. فدخل أبو عبد اللَّه على المعتز، ونظر إليه المتوكل وأمه، فلما رأته، قالت: يا بني، اللَّه اللَّه في هذا الرجل، فليس هذا ممن يريد ما عندكم، ولا المصلحة أن تحبسه عن منزله، فائذن له ليذهب، فدخل أبو عبد اللَّه على المعتز، فقال: السلام عليكم، وجلس، ولم يسلم عليه بالإمرة. فسمعت أبا عبد اللَّه بعد يقول: لما دخلت عليه، وجلست، قال مؤدبه: أصلح اللَّه الأمير، هذا هو الذي أمره أمير المؤمنين يؤدبك ويعلمك. فقال الصبي: إن علمني شيئًا؟ تعلمته. قال أبو عبد اللَّه: فعجبت من ذكائه وجوابه على صغره، وكان صغيرا. ودامت علة أبي عبد اللَّه، وبلغ المتوكل ما هو فيه، وكلمه يحيى بن خاقان أيضا، وأخبره أنه رجل لا يريد الدنيا، فأذن له في الانصراف، فجاء عبيد اللَّه بن يحيى وقت العصر، فقال: إن أمير المؤمنين قد أذن لك، وأمر أن يفرش لك حراقة تنحدر فيها. فقال أبو عبد اللَّه: اطلبوا لي زورقا أنحدر الساعة، فطلبوا له زورقا،

فانحدر لوقته. قال حنبل: فما علمنا بقدومه حتى قيل: إنه قد وافى، فاستقبلته بناحية القطيعة، وقد خرج من الزورق، فمشيت معه، فقال لي: تقدم لا يراك الناس فيعرفوني، فتقدمته. قال: فلما وصل، ألقى نفسه على قفاه من التعب والعياء. "طبقات الحنابلة" 1/ 25 - 26، "سير أعلام النبلاء" 11/ 269 - 272، "المنهج الأحمد" 1/ 78 قال أبو الحسين بن المنادي: امتنع أحمد من الحديث قبل أن يموت عثمان بثمان سنين أقل أو أكثر، وذلك أن المتوكل وجه إليه -فيما بلغنا- يقرأ عليه السلام ويجعل المعتز في حجره ويعلمه العلم، فقال للرسول: اقرأ على أمير المؤمنين السلام وأعلمه أن عليَّ يمينا مقفلة أني لا أتم حديثا حتى أموت. وقد كان أمير المؤمنين أعفاني مما أكره، وهذا مما أكره فقام الرسول من عنده. "طبقات الحنابلة" 1/ 27، "المناقب" ص 458، "الجوهر المحصل" ص 109 قال المرُّوذي: سمعت يعقوب -رسول الخليفة- يقول لأبي عبد اللَّه: يجيئك ابني بين المغرب والعشاء فتحدثه بحديث واحد أو حديثين. فقال: لا، لا يجيء، فلما خرج سمعته يقول: ترى لو بلغ أنفه طرف السماء حدثته، أنا أحدث! حتى يوضع الحبل في عنقي. "المناقب" ص 451 قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أنا منذ كذا وكذا أستخير اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أن أحلف أن لا أحدِّث، وقال: قد تركنا الحديث وليس يتركونا. "المناقب" لابن الجوزي ص 452 قال المرُّوذي: كان أبو عبد اللَّه بالعسكر يقول: انظر هل تجد لي ماء الباقلاء؟ فكنت ربما بللت خبزه بالماء فيأكله بالملح، ومنذ دخلنا العسكر إلى أن خرجنا ما ذاق طبيخًا ولا دسمًا. "المناقب" لابن الجوزي ص 455، "سير أعلام النبلاء" 11/ 280

قال أبو داود: كتب المتوكل إلى خليفته أن يحمل أحمد إليه، فحمل إليه، فلما قدم أحمد أمر أن يفرغ له قصر ويبسط له فيه ويجري على مائدته كل يوم كذا وكذا، وأراد أن يسمع ولده الحديث فأبى أحمد ولم يجلس على بساطه، ولم ينظر إلى مائدته وكان صائما، فإذا كان عند الإفطار أمر رفيقه الذي معه أن يشتري له ماء الباقلاء فيفطر عليه، فبقي أياما على هذِه الحال، وكان علي بن الجهم من أهل السنة حسن الرأي في أحمد، فكلم أمير المؤمنين فيه وقال: هذا رجل زاهد لا ينتفع به، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن له؟ ففعل. ورجع أحمد إلى منزله. "المناقب" لابن الجوزي ص 457، "الجوهر المحصل" ص 47 قال عبد اللَّه: سمعت أبي سنة سبع وثلاثين ومائتين يقول: قد استخرت اللَّه أن لا أحدث حديثا على تمامه أبدا، ثم قال: إن اللَّه يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، وإني أعاهد اللَّه أن لا أحدث بحديث على تمامه أبدا، ثم قال: ولا لك، وإن كنت تشتهي. فقلت له بعد ذلك بأشهر: أليس يروى عن شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد اللَّه بن الحارث، عن ابن عباس قال: العهد يمين؟ قال: نعم. ثم سكت، فظننت أنه سيكفر. فلما كان بعد أيام، قلت له في ذلك، فلم ينشط للكفارة، ثم لم أسمعه يحدث بحديث على تمامه. "سير أعلام النبلاء" 11/ 309 - 310 قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه في العسكر، يقول لولده: قال اللَّه تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} أتدرون ما العقود؟ إنما هو العهود، وإني أعاهد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، ثم قال: واللَّه، واللَّه، واللَّه، وعلي عهد اللَّه وميثاقه ألا حدثت بحديث لقريب ولا لبعيد حديثا تاما، حتى ألقى اللَّه، ثم التفت إلى ولده، وقال: وإن كان هذا يشتهي منه ما يشتهي، ثم بلغه عن رجل من

31 - فصل في عودته من العسكر

الدولة وهو ابن أكثم، أنه قال: قد أردت أن يأمره الخليفة أن يكفر عن يمينه، ويحدث. فسمعت أبا عبد اللَّه يقول لرجل من قبل صاحب الكلام: لو ضربت ظهري بالسياط، ما حدثت. "سير أعلام النبلاء" 11/ 310 31 - فصل في عودته من العسكر قال صالح: وجاء رسول المتوكل إلى أبي يقول: لو سلم أحد من الناس سلمت، رفع رجل إلى وقت كذا أن عَلويا قدم من خراسان، وأنك وجهت إليه بمن يلقاه، وقد حبست الرجل وأردت ضربه وكرهت أن تغتم، فمر فيه. فقال: هذا باطل، تخلي سبيله. قال: وكان رسول المتوكل يأتي أبي يبلغه السلام ويسأله عن حاله فنسر نحن بذلك، وتأخذه نفضة حتى ندثره. ويقول: واللَّه لو أن نفسي في يدي لأرسلتها، ويضم أصابعه ويفتحها. "السيرة" لصالح ص 111 قال صالح: وقدم المتوكل فنزل الشماسية يريد المدائن. فقال أبي: يا صالح أحب ألا تذهب اليوم ولا تنبه علي. فلما كان بعد يوم، وأنا قاعد خارجًا وكان يومًا مطيرًا إذا يحيى بن خاقان قد جاء والمطر عليه في موكب عظيم فقال: سبحان اللَّه لم تصل إلينا حتى تبلغ أمير المؤمنين عن شيخك حتى وجَّه بي. ثم نزل خارج الزقاق فجهدت به أن يدخل على الدابة فلم يفعل، فجعل يخوض في المطر، فلما صار إلى الباب نزع جرموقه، وكان على خفه ودخل، وأبي في الزاوية قاعد عليه كساء مرقع وعمامة، والستر الذي على باب البيت قطعة خيش، فسلم عليه وقبل جبهته وسأله عن حاله. وقال: أمير المؤمنين يقرئك السلام ويقول: كيف أنت في نفسك، وكيف حالك؟ قد أنست بقربك، ويسألك أن تدعو له.

فقال: ما يأتي علي يوم إلا وأنا أدعو اللَّه عَزَّ وَجَلَّ له. ثم قال: قد وجه معي ألف دينار تفرقها على أهل الحاجة. فقال له: يا أبا زكريا أنا في البيت منقطع عن الناس، وقد أعفاني من كل أكرهه. فقال: يا أبا عبد اللَّه الخلفاء لا يتحملون هذا. فقال: يا أبا زكريا تلطف في ذلك. فدعا له ثم قام، فلما صار إلى الدار رجع وقال: أهكذا كنت لو وجه إليك بعض إخوانك تفعل؟ قال: نعم. فلما صرنا إلى الدهليز قال: أمرني أمير المؤمنين أن أدفعها إليك تفرقها. فقلت: تكون عندك إلى أن تمضي هذِه الأيام. "السيرة" لصالح ص 118 - 119 قال صالح: وقد كان وجه محمد بن عبد اللَّه بن طاهر إلى أبي في وقت قدومه بالعسكر: أحبُّ أن تصير إليَّ وتعلمني الذي تعزم عليه حتى لا يكون عندي أحد. فوجَّه إليه: أنا رجل لم أخالط السلطان، وقد أعفاني أمير المؤمنين مما أكره، وهذا مما أكره، فجهد أن يصير إليه، فأبى. "السيرة" لصالح ص 120 قال صالح: وكان أبي قد أدمن الصوم لما قدم، وجعل لا يأكل الدسم، وكان قبل ذلك يشتري له شحم بدرهم فيأكل منه شهرا، فترك أكل الشحم، وأدام الصوم والعمل، وتوهمت أنه قد كان جعل على نفسه ذلك إن سلم. وكان قد حمل أبي إلى المتوكل سنة سبع وثلاثين ومائتين ثم مكث إلى سنة إحدى وأربعين، وقلَّ يوم يمضي إلا ورسول المتوكل يأتيه. "السيرة" لصالح ص 121 قال حنبل (¬1): سمعت أبا عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-، وذكر المحنة، فقال: رأيت في ¬

_ (¬1) وفي "طبقات الحنابلة" 3/ 123 من رواية عبد اللَّه.

المنام علي بن عاصم [قبل أن يؤذن لي بالانحدار، يعني من العسكر أيام المتوكل بليلتين فسألته عن شيء نسيته] (¬1) فأولها: علي علوًا، وعاصم عصمة من اللَّه، والحمد للَّه على ذلك. "ذكر المحنة" لحنبل ص 34 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لقد تمنيت الموت وهذا أمر أشد علي من ذلك، ذاك فتنة الدين الضرب والحبس كنت أحتمله في نفسي، وهذِه فتنة الدنيا. أو كما قال. "حلية الأولياء" 9/ 184، "المناقب" ص 460، "السير" 11/ 215 قال صالح: وكتب إلي إسحاق بن راهويه إني دخلت على طاهر بن عبد اللَّه فقال: يا أبا يعقوب كتب إلي محمد أنه وجه إلى أحمد ليصير إليه فلم يأته. فقلت: أصلح اللَّه الأمير، إن أحمد قد حلف أن لا يحدث فلعله كره أن يصير إليه فيسأله أن يحدثه. فقال: ما تقول؟ قال: فقلت: نعم. قال صالح: فأخبرت أبي بذلك، فسكت. "المناقب" لابن الجوزي ص 463 قال عبد اللَّه: لما أطلق أبي من المحنة خشي أن يجيءَ إليه إسحاق ابن راهويه. فرحل بي إليه، فلما بلغ الريَّ دخل إلى مسجد فجاءه مطر كأفواه القرب فلما كانت العتمة قالوا له: اخرج من المسجد فإنا نريد أن نغلقه. فقال لهم: هذا مسجد اللَّه وأنا عبد اللَّه. فقيل له: أيما أحب إليك أن تخرج أو تجرَّ برجْلك؟ قال أحمد: فقلت: سلاما. فخرجت من المسجد والمطر والرعد والبرق فلا أدري أين أضع رجلي ولا أين أتوجه، فإذا رجل قد خرج من داره فقال ¬

_ (¬1) من "الآداب الشرعية" 3/ 433.

لي: يا هذا، أين تمر في هذا الوقت؟ فقلت: لا أدري أين أمر؟ فقال لي: ادخل! فأدخلني دارًا، ونزع ثيابي وأعطوني ثيابا جافة، وتطهرت للصلاة، فدخلت إلى بيت فيه كانون فحم ولبود ومائدة منصوبة. فقيل لي: كُلْ، فأكلت معهم فقال لي: من أين أنت؟ قلت: أنا من بغداد. فقال لي: تعرف رجلًا يقال له: أحمد بن حنبل؟ فقلت: أنا أحمد بن حنبل. فقال لي: وأنا إسحاق بن راهويه (¬1). "المناقب" لابن الجوزي ص 464 قال إبراهيم بن أبي طالب: دخلت على أحمد بن حنبل بعد المحنة غير مرة، وذاكرته رجاء أن آخذ عنه حديثا، إلى أن قلت: يا أبا عبد اللَّه، حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "امرؤ القيس قائد الشعراء إلى النار" (¬2). فقال: قيل: عن الزهري، عن أبي سلمة. فقلت: من عن الزهري؟ قال: أبو الجهم. فقلت: من رواه عن أبي الجهم؟ فسكت، فلما عاودته فيه. قال: اللهم سلم. "سير أعلام النبلاء" 11/ 260 ¬

_ (¬1) قال الذهبي في "السير" 11/ 321: حكاية موضوعة، لم يستحي ابن الجوزي من إيرادها. (¬2) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 9/ 235 من طريق هشيم، عن أبي الجهم به، وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (1251).

32 - فصل في مرض موته

باب في مرضه وموته 32 - فصل في مرض موته قال صالح: وكان أبي قد أدمن الصوم لما قدم، وجعل لا يأكل الدسم، وكان قبل ذلك يشتري له شحم بدرهم فيأكل منه شهرا، فترك أكل الشحم، وأدام الصوم والعمل، وتوهمت أنه قد كان جعل على نفسه ذلك إن سلم. وكان قد حمل أبي إلى المتوكل سنة سبع وثلاثين ومائتين ثم مكث إلى سنة إحدى وأربعين، وكان قل يوم يمضي إلا ورسول المتوكل يأتيه، فلما كان في أول يوم من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ومائتين حُمَّ أبي ليلة الأربعاء فدخلت عليه يوم الأربعاء وهو محموم يتنفس نفسًا شديدًا، وكنت قد عرفت علتَه، وكنت أُمَرِّضه إذا اعتلَّ، فقلت له: يا أَبَهْ على ما أفطرتَ البارحة؟ قال: على ماءِ باقلاء، ثم أراد القيام فقال: خذ بيدي، فأخذت بيده، فلما صار إلى الخلاء ضعفت رجلاه حتى توكأَ عليَّ. وكان يختلف إليه غيرُ متطبب، كلهم مسلمون، فوصف له متطبب -يقال له عبد الرحمن- قرعةً تُشوى ويُسقى ماءها -وهذا يوم الثلاثاء وتوفي يوم الجمعة- فقال: يا صالح. قلت: لبيك. قال: لا تُشوى في منزلك ولا في منزل عبد اللَّه أخيك. وصار الفتح بن سهل إلى الباب ليعوده، فحجبته، وأتى علي بن الجعد فحجبته، وكثر الناس فقلت: يا أَبَهْ، قد كثر الناس. قال: فأي شيءٍ ترى؟ قلت: تأذن لهم فيدعون لك. قال: أستخير اللَّه. فجعلوا يدخلون عليه أفواجًا حتى تمتلئ الدار، فيسألونه ويدعون له، ثم

يخرجون، ويدخل فوج آخر. وكثر الناس، وامتلأَ الشارع، وأغلقنا باب الزقاق. وجاء رجل من جيراننا قد خضب، فدخل عليه، فقال أبي: إني لأرى الرجل يحيي شيئًا من السنة فأَفْرَحُ به، فدخل فجعل يدعو له، فجعل يقول له: ولجميع المسلمين. وجاء رجل فقال: تلطف لي بالإذن عليه، فإني قد حضرتُ ضربه يوم الدار، وأُريد أن أستحله، فقلت له، فأمسك، فلم أزل به حتى قال: أدخله. فادخلته، فقام بين يديه وجعل يبكي، وقال: يا أبا عبد اللَّه، أنا كنتُ ممن حضر ضربَك يوم الدار، وقد أتيتك، فإن أحببتَ القصاص فأنا بين يديك، وإن رأيتَ أن تحلني فعلتَ. فقال: على أن لا تعود لمثل ذلك. قال: نعم. قال: إني جعلتك في حل، فخرج يبكي، وبكى من حضر من الناس، وكان له في خُرَيقةٍ قُطيعات، فإذا أراد الشيء أعطينا من يشتري له. فقال لي يوم الثلاثاء وأنا عنده: انظر في خُرَيْقتي شيء، فنظرت فإذا فيها درهم، فقال: وجِّه فاقْتَضِ بعضَ السكان. فوجهت فأعطيت شيئًا. فقال: وجِّه فاشتر تمرًا وكفِّر عني كفارةَ يمين. فوجهتُ فاشتريت وكفرت عنه كفارة يمين وبقي ثلاثة دراهم، أو نحو ذلك، فأخبرته. فقال: الحمد للَّه! وقال: اقرأ علي الوصية، فقرأتها عليه، فأقرها. قال صالح: لم يزل أبي يصلي في مرضه قائمًا أمسكه فيركع ويسجد، وأرفعه في ركوعه وسجوده، ودخل عليه مجاهد بن موسى فقال: يا أبا عبد اللَّه، قد جاءتك البشرى، هذا الخلق يشهدون لك. ما تبالي لو وردت على اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الساعة، وجعل يقبل يده ويبكي، وجعل يقول:

أوصني يا أبا عبد اللَّه، فأشار إلى لسانه. ودخل سوار القاضي فجعل يبشره ويخبره بالرخص وذكر له عن معتمر، أنه قال: قال أبي عند موته حدِّثني بالرخص (¬1)، واجتمعت عليه أوجاع الحصر وغير ذلك ولم يزل عقله ثابتا، وهو في خلال ذلك يقول: كم اليوم في الشهر؟ فأخبره. وكنت أنام بالليل إلى جنبه، فإذا أراد حاجة حركني فأناولُه، وقال لي: جئني بالكتاب الذي فيه حديث ابن إدريس، عن ليث، عن طاوس، أنه كان يكره الأنين (¬2)، فقرأته عليه فلم يئن إلا في الليلة التي توفي فيها. "السيرة" لصالح ص 121 - 123 قال المروذي: سمعت فتح بن أبي الفتح يقول لأبي عبد اللَّه في مرضه الذي مات فيه: ادع اللَّه أن يحسن الخلافة علينا بعدك، وقال له: من نسأل بعدك؟ فقال: سل عبد الوهاب. "الورع" للمروذي (4) قال أحمد بن محمد بن عمر: سئل عبد اللَّه بن أحمد: عقل أبوك عند المعاينة؟ فقال: نعم، كنا نوصيه فكان يشير بيده. فقال صالح: أيش يقول؟ فقلت: هو ذا يقول: خللوا أصابعي. فخللنا أصابعه، ثم ترك الإشارة، فمات من ساعته. "حلية الأولياء" 9/ 183، "المناقب" ص 495، "السير" 11/ 342، "الجوهر المحصل" ص 127 قال عبد اللَّه: قال لي أبي في مرضه الذي توفي فيه: أخرج كتاب عبد اللَّه ابن إدريس، فأخرجت الكتاب. فقال: أخرج أحاديث ليث بن أبي سليم، فأخرجت أحاديث ليث. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي الدنيا في "حسن الظن باللَّه" (29)، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 31، والبيهقي في "الشعب" 2/ 7 (1008). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 7/ 213 (35401) عن عبد اللَّه بن إدريس به.

فقال: اقرأ علي حديث ليث، قال: قلت لطلحة: إن طاوسا كان يكره الأنين في المرض، فما سُمِع له أدين حتى مات رحمه اللَّه، فقرأت الحديث على أبي، فما سُمع أبي يئن في مرضه ذلك إلى أن توفي، رحمه اللَّه. "حلية الأولياء" 9/ 183، "تاريخ دمشق" 5/ 325، "المناقب" ص 494، "سير أعلام النبلاء" 11/ 341، "الجوهر المحصل" ص 126 قال عبد اللَّه: لما حضرت أبي الوفَاةُ جلستُ عنده وبيدي الخِرْقَة لأَشُدَّ بها لحييه، فجعل يغرق ثم يفيق ثم يفتح عينيه ويقول بيده هكذا: لا بَعْدُ، لا بَعْدُ، لا بَعْدُ، ثلاث مرات، ففعل هذا مرة وثانية، فلما كان في الثالثة قلت له: يا أبت أي شيءٍ هذا؟ قد لهجت به في هذا الوقت، تغرق حتى نقول: قد قَضيْتَ، ثم تعود فتقول: لا بَعْدُ، لا بَعْدُ. فقال لي: يا بني ما تدري؟ فقلت: لا. فقال: إبليس لعنه اللَّه قائم حذائي عاضٌّ على أنامله يقول لي: يا أحمد، فُتَّني، وأنا أقول له: لا بَعْدُ، حتى أموت (¬1). "شرح أصول الاعتقاد" للالكائي 7/ 1293 (2284)، "حلية الأولياء" 9/ 183، "تاريخ دمشق" 5/ 325، 324، "المناقب" ص 494، "المحنة" ص 128، "سير أعلام النبلاء" 11/ 341، "البداية والنهاية" 10/ 792، "الجوهر المحصل" ص 127، "المنهج الأحمد" 1/ 114 قال المروذي: مرض أبو عبد اللَّه ليلة الأربعاء لليلتين خلتا من شهر ربيع الأولط سنة إحدى وأربعين ومائتين، ومرض تسعة أيام، فلما اشتدت علته وتسامع الناس أقبلوا لعيادته فكثروا، ولزموا الباب الليل والنهار يبيتون، وسمع السلطان بكثرة الناس، فوكل السلطان ببابه وبباب الزقاق الرابطةَ وأصحاب الأخبار. ¬

_ (¬1) قال الذهبي في "السير": هذِه حكاية غريبة، تفرد بها ابن علم، فاللَّه أعلم. وفي "تاريخ دمشق" و"البداية والنهاية" نفس الخبر أيضًا من رواية صالح.

وكان أبو عبد اللَّه ربما أذن للناس فيدخلون أفواجًا أفواخا يسلمون عليه، فيرد عليهم بيده. فلما جاءت الرابطةُ مُنع الناس من ذلك وأغلق باب الزقاق، فكان الناس في الشوارع والمساجد، حتى تعطل بعض الباعة، وحيل بينهم وبين البيع والشراءِ، وكان الرجل إذا أراد أن يدخل عليه ربما أدخل من بعض الدور وطرر الحاكة، وربما تسلق، وجاء أصحاب الأخبار فقعدوا على الباب من قبل إبراهيم بن عطاء، وكان ابن عطاء يتعاهده بالغداة والعشي، وربما لم يجتمعا، وأصحاب الأخبار من قبل ابن طاهر يسألون عن خبره. وقال أبو عبد اللَّه: جاءني حاجبُ ابن طاهر فقال: إن الأمير يقرئك السلام، وهو يشتهي أن يراك. قال: فقلت له: هذا مما أكرهُ، وأميرُ المؤمنين قد أعفاني مما أكره. وجاء حاجب ابن طاهر بالليل فسأل من يختلف إليه من المتطببين؟ وأصحاب الأخبار يكتبون بخبره إلى العسكر، والبُرُد تختلف كل يوم، وجاء بنو هاشم فدخلوا عليه، وجعلوا يبكون عليه، وجاء قوم من القضاة وغيرهم فلم يؤذن لهم، وجاء غلام لأبي يوسف عمه ليروحه فأشار إليه بيده ألا يفعل لأنه كان اشتراه من الشيء الذي يكره. وقال: لا تبرح قد تغيرت. فقلت: لا أبرح. فكان إذا أراد الشيء مما يتعالج أخرج خريقة فيها قطيعات فيعطيني منها فأشتري له، وكان قد كتب وصيته بالعسكر، وأشهدنا عليه، فبلغني أنه قال: اقرءُوها، فقرئت عليه، ثم أمر بكفارة يمين، فاشترينا له تمرًا فبقي عليه منه دانق ونصف أو أرجح، فلما جئت قال: ما صنعتم؟ قلت: أخذنا التمر، وقد بعثنا به، فأشار برأسه إلى السماء وجعل يحمد اللَّه. وجاء عبد الوهاب، فلما استأذنوا له، قال أبو عبد اللَّه: عزَّ عليَّ بمجيئه

في الحرِّ، فلما دخل عليه أكب عليه فأخذ بيده، فلم تزل يده في يده حتى قام. ودخل عليه جماعة فيهم شيخ مخضوب، فنظر إليه، فقال: إني لأسر أن أرى الشيخ قد خضب، أو نحو هذا من الكلام. وقال له رجل ممن دخل عليه: أعطاك اللَّه ما كنت تريده لأهل الإسلام. فقال: استجاب اللَّه لك. وجعلوا يخصونه بالدعاء، فجعل يقول: قولوا: ولجميع المسلمين. وربما دخل عليه الرجل الذي في قلبه منه شيء، فإذا رآه غمض عينه كالمعرض، وربما سلم عليه الرجل منهم، فلا يرد عليه. ودخل عليه شيخ فكلمه. وقال: أذكر وقوفك بين يدي اللَّه. فشهق أبو عبد اللَّه، وسالت الدموع على خديه، فلما كان قبيل وفاته بيوم أو يومين قال: ادعوا الصبيان، بلسان ثقيل، يعني الصغار، فجعلوا ينضمون إليه وجعل يشمهم ويمسح بيده على رؤوسهم، وعينه تدمع. فقال له رجل: لا تغتم لهم يا أبا عبد اللَّه، فأشار بيده، فظننا أن معناه: أني لم أُرد هذا المعنى. وكان يصلي قاعدًا، ويصلي وهو مضطجع، لا يكاد يفتر، ويرفع يديه في إيماء الركوع، وأدخلت الطست تحته فرأيت بوله دمًا عبيطًا ليس فيه بول، فقلت للطبيب. فقال: هذا الرجل قد فتت الحزن والغم جوفه. واشتدت به العلة يوم الخميس ووضأته، فقال: خلل الأصابع، فلما كانت ليلة الجمعة ثقل، فظننت أنه قد قبض، وأردنا أن نمدده، فجعل يقبض قدميه وهو موجه، وجعلنا نلقنه فنقول: لا إله إلا اللَّه، ونردد ذلك عليه، وهو يهلل، وتوجه إلى القبلة واستقبلها بقدميه، فلما كان يوم الجمعة اجتمع الناس حتى ملئوا السكك والشوارع، فلما كان صدر النهار قبض رحمه اللَّه، فصاح الناس، وعلت الأصوات بالبكاء، حتى كأن الدنيا

33 - فصل في تاريخ موته ومبلغ سنه

قد ارتَجَّت، وقعد الناس فخفنا أن ندع الجمعة فأشرفت عليهم فأخبرتهم: أنا نخرجه بعد صلاة الجمعة. "المناقب" ص 490 - 493، "سير أعلام النبلاء" 11/ 227، 336، "طبقات الشافعية" 2/ 34، "الجوهر المحصل" ص 128، "المنهج الأحمد" 1/ 114 قال حنبل: أعطى بعض ولد الفضل بن الربيع أبا عبد اللَّه وهو في الحبس ثلاث شعرات. فقال: هذا من شعر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأوصى أبو عبد اللَّه عند موته أن يجعل على كل عين شعرة، وشعرة على لسانه، ففعل به ذلك عند موته. "المناقب" لابن الجوزي ص 493، "سير أعلام النبلاء" 11/ 337 قال صالح: جعل أبي يحرك لسانه إلى أن توفي. "المناقب" لابن الجوزي ص 495، "سير أعلام النبلاء" 11/ 342 33 - فصل في تاريخ موته ومبلغ سنه قال البخاري: مات أحمد بن محمد بن حنبل سنة إحدى وأربعين ومائتين، يوم الجمعة لاثنتي عشرة خلت من ربيع الآخر (¬1). "التاريخ الكبير" 2/ 5، "التاريخ الصغير" 2/ 345 قال صالح: توفي أبي رحمه اللَّه في يوم الجمعة لاثنتي (¬2) عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول لساعتين من النهار أو أكثر أو أقل، من سنة إحدى وأربعين ومائتين، فكان سنه من يوم ولد إلى أن توفي سبعة وسبعين رحمة اللَّه عليه. "السيرة" لصالح ص 30 قال المرُّوذي: مولد أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل سنة أربع وستين ومائة، وتوفي سنة إحدى وأربعين ومائتين ببغداد يوم الجمعة [لاثنتي عشرة ليلة خلت ¬

_ (¬1) هكذا في "التاريخ الصغير"، ولم يذكر اسم الشهر في "التاريخ الكبير"، ونقل الذهبي في "السير" 11/ 337 عن البخاري أنه مات في ربيع الأول. (¬2) في "السيرة": لثلاث. والمثبت من "المناقب".

من شهر ربيع الأول، وأخرجت جنازته بعد منصرف الناس من جمعتهم.] (¬1) فكان سنه يوم مات سبعا وسبعين سنة. "الورع" للمروذي ص 95 قال يعقوب بن سفيان: وماتَ أبو عبدِ اللهِ أحمدُ بن حنبلٍ في شهر ربيعٍ الآخرِ يوم الجمعة، وسار رسولٌ من الكرخِ إلى نيسابور ثمانية أيام ينعاه. "المعرفة والتاريخ" 1/ 212 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: استكملت سبعًا وسبعين، ودخلت في ثمان وسبعين. فحُمَّ من ليلته، ومات يوم العاشر يوم الجمعة رحمه اللَّه. "العلل" رواية عبد اللَّه (1815) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: ولدت في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة. ومات في [يوم الجمعة ضحوة، ودفناه بعد العصر لاثنتي عشرة ليلة خلت من] (¬2) شهر ربيع الآخر (¬3) سنة إحدى وأربعين ومائتين، وهو في ثمان وسبعين سنة. "العلل" رواية عبد اللَّه (5178) قال حنبل: مات أبو عبد اللَّه في يوم الجمعة في شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ومائتين، وهو ابن سبع وسبعين سنة. "تاريخ بغداد" 4/ 422، "تاريخ دمشق" 5/ 327، "المناقب" ص 496، "تهذيب الكمال" 1/ 465 قال محمد بن عبد اللَّه الحضرمي مطين: مات أحمد بن حنبل لاثنتي عشرة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ومائتين. "تاريخ بغداد" 4/ 422، "تاريخ دمشق" 5/ 327، "المناقب" ص 496، "تهذيب الكمال" 1/ 465، "السير" 11/ 337 قال نصر بن القاسم الفرائضي: مات أحمد بن حنبل يوم الجمعة لثلاث ¬

_ (¬1) من "المناقب" لابن الجوزي ص 497، "سير أعلام النبلاء" 11/ 337. (¬2) من "حلية الأولياء" 9/ 162، "تاريخ دمشق" 5/ 328، "المناقب" لابن الجوزي ص 496، "تهذيب الكمال" 1/ 466، "سير أعلام النبلاء" 11/ 337. (¬3) في "المناقب" و"السير": الأول.

عشرة بقين من ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين ومائتين. "تاريخ بغداد" 4/ 422، "تاريخ دمشق" 8/ 328، "تهذيب الكمال" 1/ 466 قال الفضل بن زياد: توفي أبو عبد اللَّه يوم الجمعة ضحوة لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين ومائتين، وقد أتى له سبع وسبعون سنة. "تاريخ بغداد" 4/ 422، "تاريخ دمشق" 5/ 329، تهذيب الكمال" 1/ 465 قال ابن أبي خيثمة: ولد أحمد في شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين ومائة، ومات في رجب يوم الجمعة سنة إحدى وأربعين ومائتين، صلى عليه محمد بن عبد اللَّه بن طاهر أمير بغداد، ودفن بباب حرب. "تاريخ دمشق" 5/ 259 قال علي بن أحمد بن النضر، أبو غالب ابن ابنة معاوية: نا أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، وولد سنة أربع وستين ومائة، وضرب السياط في اللَّه فقام مقام الصديقين في عشر الأواخر من شهر رمضان سنة عشرين ومائتين، ومات سنة إحدى وأربعين. "تاريخ بغداد" 4/ 421، "المناقب" لابن الجوزي ص 419، "تاريخ دمشق" 5/ 326 قال عباس الدوري: توفي أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل ببغداد يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ومائتين، ومات وله سبع وسبعون سنة وأيام. "تاريخ دمشق" 5/ 327، 330، 329، "تهذيب الكمال" 1/ 465، "سير أعلام النبلاء" 11/ 337 قال البغوي: مات أحمد بن حنبل سنة إحدى وأربعين ومائتين. "تاريخ دمشق" 5/ 328 قال أبو الحسن أحمد بن عمران الأشناني: مات أحمد بن حنبل في ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين ومائتين. "تاريخ دمشق" 5/ 329، "تهذيب الكمال" 1/ 466 قال عبد اللَّه بن جعفر: نا يعقوب قال: مات أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد

34 - فصل في غسله والصلاة عليه ودفنه

ابن حنبل في شهر ربيع الآخر يوم الجمعة سنة إحدى وأربعين ومائتين. "تاريخ دمشق" 5/ 330 قال عبد الباقي بن قانع: أن أحمد بن محمد بن حنبل مات في شهر ربيع الآخر (¬1) سنة إحدى وأربعين ومائتين. "تاريخ دمشق" 5/ 330 قال أحمد بن داود الأحْمَسِي: مات أحمد بن حنبل في سنة إحدى وأربعين ومائتين يوم الجمعة مع طلوع الشمس ورفعنا جنازته مع العصر، ودفناه مع غروب الشمس. "المناقب" لابن الجوزي ص 497 قال محمد بن إبراهيم البُوشَنْجِي: مات أحمد بن حنبل سنة إحدى وأربعين ومائتين. "المناقب" لابن الجوزي ص 498 قال صالح: توفي أبي وله سبع وسبعون سنة. "المناقب" لابن الجوزي ص 498 قال عبد الرحمن بن زاذان: مات أحمد بن حنبل في سنة إحدى وأربعين ومائتين. "تهذيب الكمال" 1/ 465 34 - فصل في غسله والصلاة عليه ودفنه قال صالح: لما توفي أبي واجتمع الناس في الشوارع، وجهت إليهم أعلمهم بوفاته، وأني أخرجه بعد العصر، ووجَّه ابن طاهر بحاجبه مظفَّر ومعه غلامان معهما مناديل فيها ثياب وطيب، فقالوا: الأمير يُقْرِئك السلام ويقول: قد فعلتُ ما لو كان أميرُ المؤمنين حاضرَه كان يفعل ذلك له. فقلت له: أَقْرِئه السلام وقل له: إن أمير المؤمنين قد أعفاه في حياته مما كان يكره، ولا أحب أن أُتْبِعَه بعد موته بما كان يكرهه في حياته. ¬

_ (¬1) قال الذهبي في "السير" 11/ 337: غلط ابن قانع حيث يقول: ربيع الآخر.

فعاد وقال: يكون شعارَه ولا يكون دثاره، فأعدت عليه مثل ذلك. وقد كان غَزَلت له الجارية ثوبًا عُشاريا قُوِّم ثمانية وعشرين درهمًا ليَقْطع منه قميصين، فقطعنا له لفافتين، وأخذنا من فوران لفافة أخرى فأدرجناه في ثلاث لفائف، واشترينا حَنُوطًا، وقد كان بعض أصحابنا من العطارين سألني أن يوجه بحنوط فلم أفعل، وصب في جُبٍّ لنا ماء، فقلت: قولوا لأبي محمد يشتري رواية ويصب الماءَ في الجُبِّ الذي كان يشرب منه، فإنه كان يكره أن يدخل من منازلنا إليه بشيء، وفُرغ من غسله وكفنَّاه، وحضر نحو من مائة من بني هاشم ونحن نكفِّنه، وجعلوا يقبلون جبهته حين رفعناه على السرير. "السيرة" لصالح ص 124 قال صالح: لما توفى أبي وجَّه إليَّ ابن طاهر من يصلي عليه؟ قلت: أنا. فلما صرنا إلى الصحراء إذا ابن طاهر واقف. فخطا إلينا خطوات، وعزانا، ووُضع السرير. فلما انتظرت هُنَيهةً تقدمتُ وجعلتُ أسوِّي الناس، فجاءني ابن طالوت ومحمد بن نصر فقبض هذا على يدي وهذا على يدي، وقالوا: الأمير! فمانعتهم، فنَحياني فصلى، ولم يعلم الناسُ بذلك، فلما كان الغد علم الناسُ فجعلوا يجيئون ويصلون عليه على القبر، ومكث الناس ما شاء اللَّه يأتون فيصلون على القبر. "السيرة" لصالح ص 125 قال أحمد بن سنان: بعث ابن طاهر حين مات أحمد بن حنبل بصينيتين عظيمتين عليهما كفنه وحنوطه، فأبى صالح أن يقبلها، وقال: إن أبا عبد اللَّه قد أعد كفنه -فرد صالح ما بعث به ابن طاهر، قال: فرد ابن طاهر مرة أخرى وقال: إني أكره أن يجد أمير المؤمنين علي، فقال له صالح: إن أمير المؤمنين أعفى أبا عبد اللَّه مما يكره، وهذا مما يكره، فلست أقبله. فرده صالح. "الجرح والتعديل" 1/ 301، "سير أعلام النبلاء" 11/ 206.

قال أبو زُرْعَة: بلغني أن المتوكل أمر أن يُمْسَح الموضعُ الذي وقف عليه الناس، حيث صُلِّي على أحمد بن حنبل، فبلغ مقام ألف ألف وخمسمائة ألف. "الجرح والتعديل" 1/ 312، "المناقب" ص 505، "السير" 11/ 340، "طبقات الشافعية" 2/ 35، "البداية والنهاية" 10/ 793، "الجوهر المحصل" ص 130 قال محمد بن عباس المكي: سمعت الوركاني (¬1) يقول: أسلم يوم مات أحمد بن حنبل عشرة آلاف من اليهود والنصارى والمجوس. وقال: يوم مات أحمد بن حنبل وقع المأتم والنوح في أربعة أصناف من الناس المسلمين واليهود والنصارى والمجوس. "الجرح والتعديل" 1/ 313، "حلية الأولياء" 9/ 180، "طبقات الحنابلة" 1/ 34، "تاريخ بغداد" 4/ 422، "تاريخ دمشق" 5/ 333، "المناقب" ص 510، "المحنة" لعبد الغني المقدسي ص 212، "تهذيب الكمال" 1/ 468، "سير أعلام النبلاء" 11/ 342، 793، "الوافي بالوفيات" 6/ 368، "طبقات الشافعية" 2/ 35، "المقصد الأرشد" 1/ 70، "الجوهر المحصل" ص 131 قال عبد اللَّه: توفي أبي يوم الجمعة ضحوة، ودفناه بعد العصر، وصلى عليه محمَّد بن عبد اللَّه بن طاهر، غَلبَنَا على الصلاة عليه، وقد كنا صلينا عليه نحن والهاشميون داخل الدار. "حلية الأولياء" 9/ 162، "تاريخ دمشق" 5/ 328، "المناقب" لابن الجوزي ص 501، "تهذيب الكمال" 1/ 466، "سير أعلام النبلاء" 11/ 338، "الجوهر المحصل" ص 129 قال أحمد بن علي الأبار: سمعت محمد بن يحيى النيسابوري حين بلغه ¬

_ (¬1) قال الذهبي: هذِه حكاية منكرة، تفرد بنقلها هذا المكي عن هذا الوركاني، ولا يعرف، وماذا بالوركاني المشهور محمد بن جعفر الذي مات قبل أحمد بن حنبل بثلاث عشرة سنة. ثم العادة والعقل تحيل وقوع مثل هذا. وهو إسلام ألوف من الناس لموت ولي للَّه، ولا ينقل ذلك إلا مجهول لا يعرف. فلو وقع ذلك، لاشتهر ولتواتر؛ لتوفر الهمم، والدواعي على نقل مثله. بل لو أسلم لموته مائة نفس، لقضي من ذلك العجب. فما ظنك؟ !

وفاة أحمد بن حنبل يقول: ينبغي لكل أهل دار ببغداد أن يقيموا على أحمد بن حنبل النياحة في دورهم (¬1). "حلية الأولياء" 9/ 170، "سير أعلام النبلاء" 11/ 203 قال محمد بن خُشْنَام بن سعد: أخبرني الفتح بن الحجاج -أو غيره- قال: بعث أمير المؤمنين عشرين حازرًا ليحزروا كَمْ صَلى على أحمد بن حنبل، فحزروا ألف ألف وثلاثمائة ألف سوى من كان في السفن. "حلية الأولياء" 9/ 180 "المناقب" ص 504، "السير" 11/ 340، "طبقات الشافعية" 2/ 35 قال بُنَان بن أحمد بن أبي خالد القصباني: حضرت الصلاة على جنازة أحمد يوم الجمعة سنة إحدى وأربعين ومائتين، وكان الإمام عليه محمد بن عبد اللَّه بن طاهر، فأخرجت جنازة أحمد بن محمد بن حنبل فوضعت في صحراء أبي قيراط، وكان الناس خلفه إلى عمارة سوق الرقيق، فلما انقضت الصلاة قال محمد بن عبد اللَّه بن طاهر: انظروا كم صلى عليه ورائي؟ قال: فنظروا، فكانوا ثمانمائة ألف رجل وستين ألف امرأة، ونظروا من صلى في مسجد الرصافة العصر، فكانوا نيفا وعشرين ألف رجل. "تاريخ بغداد" 4/ 422، "تاريخ دمشق" 5/ 331، 334، "المناقب" لابن الجوزي ص 503، "تهذيب الكمال" 1/ 466، "سير أعلام النبلاء" 11/ 339 قال أبو بكر بن الرواس: سمعت عبد الوهاب الورَّاق يقول: ما بلغنا أنه كان للمسلمين جمع أكثر منهم على جنازة أحمد بن حنبل إلا جنازة كانت في بني إسرائيل. قال أبو بكر: فحدثت أبا جعفر بن فروخ صاحب التفسير بقول عبد الوهاب. فقال: صدق عبد الوهاب هذِه جنازة كانت في بني إسرائيل. "تاريخ بغداد" 4/ 422، "طبقات الحنابلة" 1/ 34، "تاريخ دمشق" 5/ 332، "المناقب" لابن الجوزي ص 504، "المقصد الأرشد" 9/ 70، "المنهج الأحمد" 1/ 115 ¬

_ (¬1) قال الذهبي في "السير": تكلم الذهلي بمقتضى الحزن لا بمقتضى الشرع.

قال فتح بن الحجاج: سمعت في دار الأمير أبي محمد عبد اللَّه بن طاهر أن الأمير بعث عشرين رجلًا فحزروا كم صلى على أحمد بن حنبل قال: فحزروا، فبلغ ألف ألف وثمانين ألفا سوى من كان في السفن في الماء. "تاريخ دمشق" 5/ 332، "تهذيب الكمال" 1/ 467، "سير أعلام النبلاء" 11/ 340 قال المروذي: لما أردت غسله جاء بنو هاشم فاجتمعوا في الدار خلقًا كثيرًا، فأدخلناه البيت وأرخينا الستر وجللته بثوب حتى فرغنا من أمره، ولم يحضره أحد من الغرباء ونحن نغسله. فلما فرغنا من غسله وأردنا أن نكفنه، غلبنا عليه بنو هاشم، وجعلوا يبكون عليه ويأتون بأولادهم فيبكونهم عليه ويقبلونه، فوضعناه على سريره وشددناه بالعمائم. وأرسل ابن طاهر بأكفان فرددتها. وقال عمه للرسول: هو لم يدع غلامي يروحه. وقال له رجل: قد أوصى أن يكفن في ثيابه. فكفناه فى ثوب كان له مَرَوي، أراد أن يقطعه فزدنا فيه وصيَّرناه ثلاث لفائف (¬1). "المناقب" لابن الجوزي ص 500، "المنهج الأحمد" 1/ 115 قال الهيثم بن خلف: دفنا أحمد بن حنبل يوم الجمعة بعد العصر سنة إحدى وأربعين وما رأيت جمعًا قط أكثر من ذلك. "المناقب" لابن الجوزي ص 503 قال الخلال: سمعت ابن أبي صالح القنطري يقول: شهدت الموسم أربعين عاما، ما رأيت جمعًا قط مثل هذا. "المناقب" لابن الجوزي ص 503، "سير أعلام النبلاء" 11/ 342 قال عبد الوهاب الورَّاق: ما بلغنا أن جمعًا كان في الجاهلية والإسلام مثله، حتى بلغنا أن الموضع مُسح وحُزر على التصحيح، فإذا هو نحو من ألف ألفٍ، وحزَرنا على السور نحوًا من ستين ألف امرأة. ¬

_ (¬1) ذكر الذهبي في "السير" 11/ 342 نحوها من رواية صالح.

وفتح الناس أبوابَ المنازل في الشوارع والدروب، ينادون من أراد الوضوء، وكثر ما اشترى الناس من الماء فسقوه. "المناقب" لابن الجوزي ص 503، "سير أعلام النبلاء" 11/ 339، "الوافي بالوفيات" 6/ 368، "البداية والنهاية" 10/ 793، "الجوهر المحصل" ص 129 قال موسى بن هارون: يقال إن أحمد بن حنبل لما مات مُسِحَت الأمكنة المبسوطة التي وقف الناس عليها للصلاة عليه، فحُزِر مقادير الناس بالمساحة على التقدير ستمائة ألف وأكثر، سوى ما كان في الأطراف والحوالي والسطوح والمواضع المتفرقة، أكثر من ألف ألف. "المناقب" ص 504، "السير" 11/ 339، "طبقات الشافعية" 2/ 35 قال أحمد بن الحسن المَقَانِعي: قال أبي: كنت ببغداد وأنا في بستان لصديق لي -وأنا وحدي- فإذا بشيخ وشاب وعليهما طمران من شعر فسلمت عليهما. وقلت لهما: أراكما من غير هذا البلد. قالا: نعم نحن من جبل اللكام حضرنا جنازة أحمد بن حنبل، وما بقي أحد من الأولياء إلا شاهد هذا المكان. "المناقب" لابن الجوزي ص 505، "المنهج الأحمد" 1/ 116 قال محمد بن إبراهيم البُوشَنْجِي: صلوا على أحمد بن حنبل في المصلى، وظهر اللعن على الكَرَابيسي. فأخبر بذلك المتوكل فقال: من الكرابيسي؟ فقيل: إنه رجل أحدث قولا لم يتقدمه أحد فأمره بلزوم بيته حتى مات. "المناقب" لابن الجوزي ص 506 قال جعفر بن محمد النَّسَوِي: شهدت جنازة أحمد بن حنبل وفيها بشر كثير، والكرابيسي يلعن لعنًا كثيرًا بأصوات عالية، والمريسي أيضا. "المناقب" لابن الجوزي ص 506 قال المروذي: سمعت علي بن مهرويه يقول: سمعت خالتي -وهي امرأة

حارث المُحَاسِبي- قالت: ما صلوا ببغداد في مسجد العصر يوم مات أحمد ابن حنبل إلا في مسجد حارث. "المناقب" لابن الجوزي ص 507، "سير أعلام النبلاء" 11/ 342 قال أبو الحسن التميمي، عن أبيه، عن جده، أنه حضر جنازة أحمد بن حنبل، قال: فمكثت طول الأسبوع رجاء أن أصل إلى قبره فلم أصل من ازدحام الناس عليه، فلما كان بعد أسبوع وصلت إلى القبر. "المناقب" لابن الجوزي ص 508، "المنهج الأحمد" 1/ 116 قال علي بن حريث: ما من أهل بيت لم يدخل عليهم الحزن يوم موت أحمد بن حنبل إلا بيت سوء. "المناقب" لابن الجوزي ص 511 قال أبو القاسم البغوي أن ابن طاهر أمر أن يحزر الخلق الذين في جنازة أحمد، فاتفقوا على سبع مائة ألف نفس. "سير أعلام النبلاء" 11/ 340 قال أبو همام السكوني: حضرت جنازة شريك، وجنازة أبي بكر بن عياش، ورأيت حضور الناس، فما رأيت جمعا قط مثل هذا -يعني: جنازة أبي عبد اللَّه. "سير أعلام النبلاء" 11/ 340 قال أحمد بن داود الأحمسي: رفعنا جنازة أحمد مع العصر، ودفناه مع الغروب. "سير أعلام النبلاء" 11/ 342 قال عبد الوهاب الوراق: أظهر الناس في جنازة أحمد بن حنبل السنة والطعن على أهل البدع، فسر اللَّه المسلمين بذلك على ما عندهم من المصيبة لما رأوا من العز وعلو الإسلام، وكبت أهل الزيغ. "سير أعلام النبلاء" 11/ 342، "الجوهر المحصل" ص 130 قال علي بن الجهم: لما قدمت من عمان، أرسينا إلى جزيرة، وقوم جاءوا من العراق، إنما نستعذب الماء. قال: فسمعت صيحة وتكبيرا

وصياحا. قلت: ما هذا؟ قال: فقال: قد مات خير البغداديين -يعنون: عالمهم أحمد بن حنبل. "سير أعلام النبلاء" 11/ 353 قال محمد بن حصين: بلغني أن أحمد بن حنبل لما مات فوصل الخبر إلى الشاش (¬1)، سعى بعضهم إلى بعض، فقال: قوموا حتى نصلي على أحمد ابن حنبل كما صلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على النجاشي، فخرجوا إلى المصلى، فصفوا، فصلوا عليه. "سير أعلام النبلاء" 11/ 354 ¬

_ (¬1) الشاش: بلدة تقع وراء نهر سيحون، متاخمة لبلاد الترك. "معجم البلدان" 3/ 308.

35 - فصل في وصيته وتركته

35 - فصل في وصيته وتركته روى صالح عن أبيه أنه أوصى وصِيَّةً: بسم اللَّه الرحمن، هذا ما أوصى به أحمد بن محمد بن حنبل، أوصى أنه يشهد أن لا إله اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأوصى من أطاعه من أهله وقرابته أن يعبدوا اللَّه في العابدين، ويحمدوه في الحامدين، وأن ينصحوا لجماعة المسلمين، وأُوصي أني قد رضيت باللَّه ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى اللَّه عليه وسلم ثبيًّا، وأُوصي أن لعبد اللَّه بن محمد المعروف بفُوران عليَّ نحو خمسين دينارًا، وهو مصدَّق فيما قال، فيُقْضَى ما له عليَّ من غلة الدار إن شاءَ اللَّه، فإذا استوفى أُعطي ولد صالحٍ وعبد اللَّه ابني أحمد بن محمد بن حنبل كل ذكر وأُنثى عشرة دراهم، بعد وفاء ما علي لأبي محمد. شهد أبو يوسف، وصالح وعبد اللَّه ابنا أحمد بن محمد بن حنبل. "السيرة" لصالح ص 105 قال صالح: كان له في خُرَيقة قُطيعاتٌ فإذا أراد الشيء أعطينا من يشتري له، فقال لي يوم الثلاثاء وأنا عنده: انظر في خُرَيْقتي شيء، فنظرت فإذا فيها درهم. فقال: وجِّه فاقْتَضِ بعضَ السكان، وقال: اقرأ عليَّ الوصية، فقرأتها عليه، فأقرها. "السيرة" لصالح ص 122 - 123 قال ابن هانئ: مات أحمد بن حنبل وما خلف إلا ست قطع، أو سبعًا، كانت في خرقة كان يمسح بها وجهه قدر دانق ونصف، ومات وعليه دين خمسة وأربعون دينارًا، أوصى بها إلى فوران. "مسائل ابن هانئ" (2010)

قال المروذي: وجعل يضعف -يعني: أبا عبد اللَّه- من الجوع والوصال، حتى إن كنت لأَبلُّ الخرقة، فألقيها على وجهه، فترجع إليه نفسه، حتى أوصى من الضعف من غير مرض، فسمعته وهو يوصي ونحن بالعسكر يقول -وأشهدنا عليها: هذا ما أوصى به أحمد بن محمد بن حنبل، أوصى: أنه يشهد ألا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون، وأوصى لمن أطاعه من أهله وقرابته أن يحمدوا اللَّه في الحامدين، وأن ينصحوا لجماعة المسلمين، وإني رضيت باللَّه ربا وبالإسلام دينًا [وبمحمد صلى اللَّه عليه وسلم نبيًّا] (¬1) وأوصى أن عليه خمسين دينارًا -يعني: لأبي عبد اللَّه فوران- يعطى من الغلة حتى يستوفى. "الورع" للمروذي (275) قال عبد اللَّه، وذكر موت أبيه، قال: ترك أقل من درهم قطعات. وقال: كفروا بها عني يمينًا أظن أني قد حنثت. "الزهد" رواية عبد اللَّه ص 234 قال عبد اللَّه: أوصى أبي هذِه: هذا ما أوصى به أحمد بن محمد بن حنبل، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا اللَّه، إلى أن قال: وأوصي أن علي لفوران نحوا من خمسين دينارا، وهو مصدق فيما قال، فيقضى من غلة الدار، فإذا استوفى، أعطي ولد عبد اللَّه وصالح، كل ذكر وأنثى عشرة دراهم. شهد أبو يوسف، وعبد اللَّه وصالح ابنا أحمد. "سير أعلام النبلاء" 11/ 281 ¬

_ (¬1) من "المناقب" لابن الجوزي ص 455.

أخطاء طباعية واستدراكات

أخطاء طباعية واستدراكات لوحظ الأخطاء الآتية في "الجامع لعلوم الإمام" بعد الطباعة (*) المجلد الثاني صـ 288 / س 1: "نحر" تعدل: "نحو". صـ 319 / س 15: "بالعكسر" تعدل: "بالعسكر". صـ 319: "محمد بن عبيد اللَّه اليمامي" يوضع عليها هامش: لم أجده في أصحاب الإمام، ولعله: عبد اللَّه بن محمد، أبو محمد اليمامي. صـ 363 / س 4: يحذف هامش واحد من على سمعت ويوضع هامش على الخلال: هو العباس بن محمد بن موسى الخلال. صـ 395 / س 20: "إسحاق بن أبى" تعديل: "إسحاق بن أبي". صـ 531 / س 10: "ماله على" تعدل: "ما له علي".

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وقد تم استدراكها في مواطنها من هذه النسخة الإلكترونية

§1/1