الجامع لعلوم الإمام أحمد - الأدب والزهد

أحمد بن حنبل

مدونة الحنابلة (1) الجامع لعلوم الإمام أحمد تأليف خالد الرباط - سيد عزت عيد (بمشاركة الباحثين بدار الفلاح) «قسم الأدب والزهد» [المجلد العشرون]

جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة لدار الْفَلاح وَلَا يجوز نشر هَذَا الْكتاب بِأَيّ صِيغَة أَو تَصْوِيره PDF إِلَّا بِإِذن خطي من صَاحب الدَّار الْأُسْتَاذ/ خَالِد الرِّبَاط الطبعة الأولى 1430 هـ - 2009 م رقم الْإِيدَاع بدار الْكتب 19194/ 2009 دَار الْفَلاح للبحث العلمي وَتَحْقِيق التراث 18 شَارِع أحمس - حَيّ الجامعة - الفيوم ت: 01000059200 [email protected]

الْجَامِعُ لِعُلوْم الإِمَامِ أَحْمد [20]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كتاب الأدب والزهد

باب آداب اللسان

باب آداب اللسان 1 - اسْتِحْبَابُ حِفْظِ اللسان وقِلّة الكلام قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، أخبرنا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عاصِمٍ قال: قال رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا"، وقال غندر: "إثمًا أَن يُحَدِّثَ بِكُلِّ ما سَمِعَ" (¬1). "الزهد" ص 59 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه قال -يعني: لقمان: الصمت حكمة، وقليلٌ فاعله. "الزهد" ص 132 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أخبرنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: رأيت أبا بكر -رضي اللَّه عنه- آخذًا بلسانه، يقول: هذا أوردني الموارد. "الزهد" ص 135 - 136 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا مسكين، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عمن أخبره، عن أبي الدرداء أنه قال لامرأة طليقة اللسان: لو كنت خرساء كان خيرًا لك. "الزهد" ص 175 ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (4992) عن حفص بن عمر، عن شعبة به. ورواه مسلم (5) وأبو داود (4992) من طريق علي بن حفص، عن شعبة، عن خبيب، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة مرفوعًا. وقال أبو داود: ولم يسنده إلا هذا الشيخ، يعني علي بن حفص المدائني ورواه مسلم (5) من طريق معاذ العنبري وابن مهدي عن شعبة به موصولا. وقال المنذري في "المختصر" 7/ 281: وأخرجه مسلم في المقدمة مسندا ومرسلا، وعند بعض رواة مسلم كلاهما مسند، وقال الدارقطني: والصواب مرسل.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن شمر بن عطية، عن سلمان رحمه اللَّه قال: أكثر الناس ذنوبًا أكثرهم كلامًا في معصية اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 188 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، حدثنا سفيان، عن يزيد بن حيان التيمي، عن عيسى بن عقبة قال: قال عبد اللَّه: والذي لا إله إلا هو ما على ظهر الأرض شيء أحق لطول سجن من لسان. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، ووكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللَّه قال: بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع. "الزهد" ص 202 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن الحسن ابن أبي جعفر، عن أبي الصهباء، عن سعيد بن جبير قال: رأيت ابن عباس آخذًا بلسانه، وهو يقول باللسان: قل خيرا تغنم، أو اصمت تسلم، قبل أن تندم. وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الوهاب، عن سعيد الجريري، عن رجل قال: رأيت ابن عباس آخذًا بثمرة لسانه، وهو يقول: ويحك! قل خيرا تغنم، واسكت عن شر تسلم، قال: فقال له رجل: يا ابن عباس ما لي أراك آخذًا بثمرة لسانك، تقول كذا وكذا؟ قال: بلغني أن العبد يوم القيامة ليس هو على شيء أَحْنَقَ منه على لسانه. "الزهد" ص 236

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو كامل، حدثنا حماد بن زيد، عن أبي الصهباء، عن سعيد بن جبير، عن أبي سعيد الخدري قال: إذا أصبح الرجل فإن أعضاءه تكفر اللسان، تقول: اتق اللَّه فينا؛ فإنك إن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا. "الزهد" ص 243 - 244 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عفان، حدثنا حماد، حدثنا شيخ من بني تميم قال: قال الأحنف بن قيس: إنه ليمنعني كثيرًا من الكلام مخافة الجواب. "الزهد" ص 286 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا أبو الأشهب، عن الحسن قال: كانوا يقولون: لسان الحكيم وراء قلبه، فإذا أراد أن يقول رجع إلى قلبه، فإن كان له قال، وإن كان عليه أمسك، وإن الجاهل قلبه في طرف لسانه لا يرجع إلى قلبه، ما جرى على لسانه تكلم به، قال أبو الأشهب: كانوا يقولون: ما عقل دينه من لم يحفظ لسانه. "الزهد" ص 331 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن بعض البصريين، عن الحسن رحمه اللَّه قال: رحم اللَّه عبدًا قال فغنم، أو سكت فسلم. "الزهد" ص 338 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو الأشهب، عن الحسن قال: كنا في قوم يخزنون ألسنتهم وينشرون أوراقهم ثم بقينا في قوم يخزنون أوراقهم ويبذلون ألسنتهم. "الزهد" ص 348

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان قال: قال عمر بن عبد العزيز: من لم يَعُدَّ كلامه من عمله كثرت ذنوبه. "الزهد" ص 362 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا حماد بن سلمة، عن رجاء أبي المقدام، عن حميد قال: قال عمر بن عبد العزيز: إني لأدع كثيرا من الكلام مخافة المباهاة. "الزهد" ص 365 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا الأسود بن عامر، حدثنا أبو بكر، عن عمرو بن ميمون قال: قدم أبو قِلابة على عمر بن عبد العزيز، فقال له: حدِّث يا أبا قلابة، قال: واللَّه إني أكره كثيرًا من الحديث، وكثيرًا من السكوت. "الزهد" ص 368 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، حدثنا أبو الأشهب قال: ذكروا عن مورق العجلي قال: ما أدرك عندي مال زكاة قط، وقد طلبت إلى ربي تبارك وتعالى حاجةً منذ عشرين سنةً فما أعطانيها، ولا يئست منها. قالوا: وما هي؟ قال: طلبت إليه ألا أتكلم إلا فيما يعنيني. "الزهد" ص 369 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا حفص، عن المعلى بن زياد القردوسي قال: قال مورق العجلي: أَمْرٌ أنا في طلبه منذ عشرين سنةً، فلم أقدر عليه، ولست بتارك طلبه أبدا. قالوا: وما هو يا أبا المعتمر؟ قال: الصمت عما لا يعنيني. "الزهد" ص 376 قال المروذي: أُخبرنا أن مجاهد بن موسى دخل على أحمد يعوده،

2 - التحري في الحديث

فقال له: أوصني يا أبا عبد اللَّه؛ فأشار أبو عبد اللَّه إلى لسانه. "طبقات الحنابلة" 2/ 494 2 - التحري في الحديث قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هارون، عن ضمرة، عن ابن شوذب قال: قال عامر: ما آسى على شيء فارقته بالعراق، إلا على ظمأ الهواجر، ومجالسة أقوام يتحرون الحديث. "الزهد" ص 275 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو عبيدة، عن هشام، عن مورق العجلي، قال: ما تكلمت بشيء في الغضب فندمت عليه في الرضا. "الزهد" ص 371 قال عبد اللَّه، حدثني أبي، حدثنا وكيع، وعبد الرحمن، عن سفيان، عن نسير بن ذعلوق، عن إبراهيم التيمي، قال: حدثني من صحب الربيع بن خثيم عشرين سنة قال: فما سمعت منه كلمة تعاب. "الزهد" ص 406 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يعلى، وبكر بن ماعز، عن الربيع بن خثيم قال: إن للحديث ضوءا كضوء النهار تعرفه، وظلمة كظلمة الليل تنكره. "الزهد" ص 407

3 - فصل فيما يكره وما يباح من الكلام

3 - فصل فيما يكره وما يباح من الكلام قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكره أَنْ يقولَ الرجل: ما شئتَ؟ قال: كان عثمان -رضي اللَّه عنه- كرهه (¬1)، وإن قال: إن شئتَ أحسن. قال إسحاق: نَهيُهُما واحد إلا أنه يبدأ: ما شاء اللَّه عز وجل، ثم شئتَ. "مسائل الكوسج" (3491) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يكره للرجلِ أَنْ يقولَ للرجل: فداكَ أبي وأُمِّي؟ قال: يكره أن يقولَ: جعلني اللَّه تعالى فداك ولا بأس أن يقول: فداك أبي وأمي. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3497) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكره زعموا أو زعم فلان؟ قال: أما زعموا فهو مكروه، قال: بئس مطية الرجل زعموا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3511) قال صالح: حدثنا أبي، قال: حدثنا هشيم، عن منصور، عن ابن سيرين أنه كان يكره أن يقول: شيعت فلانًا. وقال: إِنما يشيع الميت. "مسائل صالح" (821) ¬

_ (¬1) روى عبد الرزاق 11/ 27 (19809) عن أبي الحلال العتكي قال: انطلقت إلى عثمان فكلمته في حاجة فقال لي حين كلمته: ما شئت. ثم قال: بل اللَّه أملك، بل اللَّه أملك.

قال أبو الفضل صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا هشيم، عن ابن عون، عن ابن سيرين: أنه كان يكره أن يقول أكثر شيء. "مسائل صالح" (823) قال أبو داود: سمعت أحمد غير مرةٍ يقول: زعموا. "مسائل أبي داود" (1825)

4 - ذم الكذب وصوره

فصل في الكذب 4 - ذم الكذب وصوره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو هلال، حدثنا حميد بن هلال، عن أبي غالب يونس بن جبير، عن أنس قال: قال لي أبو موسى: جهزني يا أنس، وقال للناس: إني خارج إلى ثلاث. فلما جاء الوقت قال: يا أنس فرغت؟ قال: قلت: بقي كذا وكذا. قال: إني خارج. فقلت: لو أقمت حتى يفرغ منه. قال: إني أكره أن أكذب أهلي فيكذبوني، وأخونهم فيخونوني. "الزهد" ص 247 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد اللَّه بن العيزار، عن الحسن قال: الكذب جماع النفاق. "الزهد" ص 339 قال المروذي: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: يَجِيئُونَنِي بِالطَّعامِ، فَإِنْ قُلْتُ: لا آكُلُهُ، ثُمَّ أَكَلْت؟ قال: هذا كَذِبٌ لا يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ. "الآداب الشرعية" 1/ 41، "الفروع" 6/ 563 قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن رجل أحب أن يملي على آخر كتابًا؛ يكتب له فيه كذبًا. فقال: لا يكتب له الكذب. "الآداب الشرعية" 1/ 61، "الفروع" 6/ 563 قال مهنا: سألته: يُطمعه أن يعطيه شيئًا، وينوي ألا يفعل؟ قال: لا. "الفروع" 4/ 497

5 - بم يعرف الكذابون؟

5 - بم يُعرف الكذابون؟ قال عَبْدُ اللَّهِ: سَمِعْتُ هارُونَ المُسْتَمْلِيَّ يَقُولُ لِأَبِي: بِمَ تَعْرِفُ الكَذّابِينَ؟ قال: بِالْمَواعِيدِ، أَوْ بِخُلْفِ المَواعِيدِ. "الفروع" 6/ 562، "الآداب الشرعية" 1/ 53 6 - أكذب الناس قال الفضل بن زياد: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أكذب الناس السؤّال والقُصّاص. "طبقات الحنابلة" 2/ 193 7 - ما رخص الكذب فيه قال إسحاق بن منصور: قولُه رخص في الكذب في ثلاث؟ قال: وما بأسَ به على ما قيلَ في الحديثِ. قال إسحاق: كما جاء، وليس بكذبٍ إذا اتبع ما جاءَ. "مسائل الكوسج" (3314) قال أَبُو طالِبٍ: قال أبو عبد اللَّه: لا بَأْسَ أَنْ يَكْذِبَ لَهُمْ لِيَنْجُوَ -يَعْنِي: الأَسِيرَ- وقال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْحَرْبُ خدْعَةٌ" (¬1). روى حَنْبَلٍ عنه أنه قال: الكَذِبُ لا يَصْلُحُ مِنْهُ جدٌّ وَلا هَزْلٌ. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 312، والبخاري (3028)، ومسلم (1740) من حديث أبي هريرة.

8 - في المعاريض مندوحة عن الكذب

قُلْتُ لَهُ: فَقَوْلُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إلّا أَنْ يَكُونَ يُصالِحُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ لِامْرَأَتِهِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ رِضاها؟ " (¬1). قال: لا بَأْسَ بِهِ، فَأَمّا ابْتِداءُ الكَذِبِ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. "الآداب الشرعية" 1/ 47 8 - في المعاريض مندوحة عن الكذب قال ابن هانئ: كنا عند أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه- في منزله ومعنا المروذي ومهنا بن يحيى الشامي، فدق داق الباب، وقال: المروذي ههنا؟ فكأن المروذي كره أن يعلم موضعه، فوضع مهنا بن يحيى أصبعيه في راحته وقال: ليس المروذي ههنا. فضحك أحمد ولم ينكر عليه ذلك. "الأذكياء" ص 128، "المناقب" ص 284، "المغني" 13/ 499 قال الفضل بن زياد: سَأَلْت أحمدَ عَنِ الرَّجُلِ يُعارِضُ في كَلامِهِ يَسْأَلُنِي عَنِ الشَّيْءِ أَكْرَهُ أَنْ أُخْبِرَهُ بِهِ. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 403، ومسلم (5605) من حديث أم كلثوم بنت عقبة أنها سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرًا أو يقول خيرًا" وقالت: لم أسمعه يرخِّص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: في الحرب، والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها. . . إلخ. هذا لفظ أحمد وفي مسلم جعل قولها من كلام الزهري، فتبين أنه مدرج في الحديث وليس مرفوعًا. ورواه البخاري (2692) مقتصرًا على قوله: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرًا أو يقول خيرًا".

قال: إذا لَمْ يَكُنْ يَمِينًا فَلا بَأْسَ، فِي المَعارِيضِ مَنْدُوحَةٌ عَنِ الكَذِب (¬1). "الفتاوى الكبرى" 3/ 182، "أعلام الموقعين" 3/ 236 قال مُثَنَّى الأنباري لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: كَيْفَ الحَدِيثُ الذِي جاءَ فِي المَعارِيضِ فِي الكَلامِ؟ ¬

_ (¬1) هذا لفظ حديث روي مرفوعًا وموقوفًا: أما المرفوع فرواه: ابن عدي في "الكامل" 3/ 567، وأبو الشيخ في "الأمثال في الحديث النبوي" (231)، والقضاعي في "مسند الشهاب" 2/ 119 - 120 (1011)، والبيهقي 10/ 199 من طريق داود بن الزبرقان عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن عمران بن حصين به. قال ابن عدي: وهذا يرفعه عن سعيد بن أبي عروبة داود بن الزبرقان وغيره أوقفه. وقال البيهقي: تفرد برفعه داود بن الزبرقان. ثم قال: روي من وجه آخر ضعيف عن علي مرفوعًا. وأما الموقوف فرواه: ابن أبي شيبة 5/ 283 (26087)، وهنا وفي "الزهد" ص 2/ 636 (1378)، والبخاري في "الأدب المفرد" (857، 885) وبوب به في "الصحيح" كتاب الأدب، والطبراني 18/ 106 (201)، والبيهقي 10/ 199، وفي "الشعب" 4/ 203 (4794) عن عمران. قال البيهقي: هذا هو الصحيح موقوفًا. وقال الهيثمي في "المجمع" 8/ 130: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وقال العجلوني في "كشف الخفاء" (712): أخرجه البيهقي في "الشعب" والطبراني في "الكبير" والطبراني في "التهذيب" بسند رجال ثقات، ورواه ابن السني بسند جيد "عمل اليوم والليلة" (327) من طريق الطبري عن عمران مرفوعًا. وصحح الألباني الموقوف في تحقيقه "للأدب المفرد". ورواه ابن أبي شيبة 5/ 283 (26086)، والبيهقي 10/ 199 من طريق سليمان التيمي عن أبي عثمان، عن عمر موقوفًا بنحوه. وصححه البيهقي، وكذا الألباني في "الضعيفة" (1094) وضعّف المرفوع.

قال: المَعارِيضُ لا تَكُونُ فِي الشِّراءِ والْبَيْعِ، وَتَصْلُحُ بَيْنَ النّاسِ، فَلَعَلَّ ظاهِرُهُ أَنَّ المَعارِيضَ فِيما اسْتَثْنَى الشَّرْعُ مِن الكَذِبِ، وَلا تَجُوزُ المَعارِيضُ فِي غَيْرِها. "أعلام الموقعين" 3/ 235، "الآداب الشرعية" 1/ 40 سَأَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الحَكَمِ عَنِ الرَّجُلِ يَحْلِفُ فَيَقُولُ: هُوَ اللَّهُ لا أَزِيدُكَ، يُوهِمُ الذِي يَشْرِي مِنْهُ؟ قال: هذا عِنْدِي يَحْنَثُ؛ إنَّما المَعارِيضُ فِي الرَّجُلِ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ، فَأَمّا فِي الشِّراءِ، والْبَيْعِ لا تَكُونُ مَعارِيضَ. قُلْتُ: أَوْ يَقُولُ: هذِه الدَّراهِمُ فِي المَساكِينِ إنْ زِدْتُكَ؟ قال: هُوَ عِنْدِي يَحْنَثُ. قال أَبُو طالِبٍ: إنَّهُ سَأَلَ أبا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الرَّجُلِ يُعارِضُ فِي كَلام الرَّجُلِ يَسْأَلُنِي عَنِ الشَّيْءِ أَكْرَهُ أَنْ أُخْبِرَهُ بِهِ؟ قال: إذا لَمْ يَكُنْ يَمِينٌ فَلا بَأْسَ، فِي المَعارِيضِ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الكَذِبِ. وَهُوَ إذا احْتاجَ إلَى الخِطابِ، فَأَمّا الابْتِداءُ بِذَلِكَ فَهُوَ أَشَدُّ. "الآداب الشرعية" 1/ 41 قال المَرُّوذِيُّ: جاءَ مُهَنّا إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَمَعَهُ أَحادِيثُ فَقال: يا أبا عَبْدِ اللَّهِ مَعِي هذِه وَأُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فَحَدَّثَني بِها. قال: متى تريد تخَرُجُ؟ قال: الساعة أخرج فحدثه بها وخرج، فَلَمّا كاد مَنَ الغَدِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ جاءَ إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ. قال لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَلَيْسَ قُلْتَ: السّاعَةَ أَخْرُجُ؟ قال: قُلْتُ: أَخْرُجُ مِنْ بَغْدادَ؟ إنَّما قُلْتُ لَكَ: أَخْرُجُ مِنْ زُقاقِكَ. "الآداب الشرعية" 1/ 41

9 - ما كره من الغيبة

فصل في الغيبة 9 - ما كره من الغيبة قال المروذي: ذكرتُ لأبي عبد اللَّه رجلًا، فقال: في نفسي شغل عن ذكر الناس. قال المروذي: وذُكر له رجل، فقال: ما أعلم إلا خيرًا. قيل له: قولك فيه خلاف قوله فيك، فتبسم، وقال: ما أعلم إلا خيرًا، هو أعلم وما يقول، تريد أن أقول ما لا أعلم! وقال: رحم اللَّه سالمًا، زحمت راحلته راحلة رجل فقال الرجل لسالم: أراك شيخ سوء. قال: ما أبعدت (¬1). عن سفيان، عن سليمان، عن أبي رزين، قال: جاء رجل إلى فضيل بن بزوان، فقال: إن فلانًا يقع فيك. فقال: لأغيظن من أمره، يغفر اللَّه لي وله. قيل له: من أمره؟ قال: الشيطان. حدثنا جبير بن عبد اللَّه، قال: شهدت وهب بن منبه، وجاءه رجل، فقال: إن فلانًا يقع فيك. فقال وهب: أما وجد الشيطان أحدًا يستخف به غيرك؛ قال: فما كان بأسرع من أن جاء الرجل، فرفع مجلسه، وأكرمه. "الورع" (617 - 620) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، حدثنا الحارث بن عمير، عن رجل من أهل البصرة قال: قيل ¬

_ (¬1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 20/ 65.

10 - الفرق بين الغيبة والبهتان

للأحنف: مالك لا تمس الحصا؟ قال: ما في مسه أجر، ولا في تركه وزر، مع أني فيَّ خَلتّان: لا أغتاب جليسي إذا قام من عندي، ولا أدخل في أمر قوم لم يدخلوني معهم. "الزهد" ص (286) 10 - الفرق بين الغيبة والبهتان قال أبو الفضل صالح: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت عباسًا الجُرَيْرِيَّ، يحدَّث عمن سمع ابن عمر يقول: إذا قلت للرجل ما ليس فيه، فهي فرية، فإذا قلت ما فيه فهي غيبة. "مسائل صالح" (786) قال مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الكَحّالُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الغِيبَةُ أَنْ تَقُولَ فِي الرَّجُلِ ما فِيهِ؟ قال: نَعَمْ. قال: وَإِنْ قال ما لَيْسَ فِيهِ فهذا بَهْتٌ. "الآداب الشرعية" 1/ 35 11 - متى تباح الغيبة؟ قال إسحاق بن منصور: قلت: إذا علم من الرجل الفجور أيخبر به الناس؟ قال: لا، بل يستر عليه إلا أن يكون داعية. قال إسحاق: لا، بل عند الحاجة في تعديل أو تزويج أو ما أشبهه فليخبر به؛ لأنه ليس بغيبة حينئذ. "مسائل الكوسج" (3523)

قال حرب: سمعت أحمد يقول: الرجل إذا كان فيحب بدعة، يظهر ذلك أو معلنًا بفسقه فليست له غيبة. وقال حرب: سألت إسحاق عن غيبة أهل البدع؟ قال: ليست لهم حرمة، وذكر عن ابن المبارك قال: ليس لهم غيبة، ولكن أكره أن يعوِّد الرجل لسانه، وكذلك أهل الشرك، وذكر عن ابن سيرين كراهيته. وقال: سألت إسحاق عن غيبة السلطان الجائر؟ قال: لا يكون فيهم إلا ما يكره للإنسان أن يعوِّد لسانه. وقال سألت إسحاق عن غيبة أهل الشرك؟ قال: ليس أكرهه، ولكن أكره أن يعوِّد لسانه. وقال: سألت إسحاق عن لعن أهل البدع؟ قال: يستوجبون اللعنة. "مسائل حرب" ص 317 - 319 قال أَبُو طالِبٍ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الرَّجُلِ يَسْأَلُ الرَّجُلَ، يَخْطُبُ إلَيْهِ، فَيَسْأَلُ عَنْهُ، فَيَكُونُ رَجُلَ سَوْءٍ، فَيُخْبِرُهُ مِثْلَ ما أَخْبَرَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حِينَ قال لِفاطِمَةَ: "مُعاوِيَةُ عائِلٌ، وَأَبُو جَهْمٍ عَصاهُ عَلَى عاتِقِهِ" (¬1) يَكُونُ غِيبَةً إنْ أَخْبَرَهُ؟ قال: المُسْتَشارُ مُؤْتَمَن، يُخْبِرُهُ بِما فِيهِ، وَهُوَ أَظْهَرُ، ولكن يَقُولُ: ما أَرْضاهُ لَك، وَنَحْوُ هذا حَسَنٌ. وعَنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (¬2) أَنَّهُ سَأَلَ أبا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَعْنَى الغِيبَةِ يَعْنِي: فِي النَّصِيحَةِ؟ قال: إذا لَمْ تُرِدْ عَيْبَ الرَّجُلِ. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 412، ومسلم (1840) من حديث فاطمة بنت قيس. (¬2) في مطبوع "الآداب الشرعية" بعده: -رضي اللَّه عنه-. وهو وهم من الناسخ والمحقق على السواء، وهو الحسن بن علي بن الحسن بن علي الإسكافي أبو علي، ذكره أبو يعلى في "الطبقات" (167) ولم يذكر أنه ينتسب لعلي -رضي اللَّه عنه-. وقد ذكر هذِه المسألة عنه.

وَقال فِي رِوايَةِ الفَضْلِ بْنِ زِيادٍ فِي رَجُلٍ صاحِبِ قَيْناتٍ وَمَعازِفَ، يُؤْذِي أَهْلَ المَسْجِدِ: إذا ذَكَرَ ما فِيهِ لا يَضُرُّ، لِأَنَّهُ قَدْ أَعْلَنَ؛ لا يَضُرُّهُ إذا حَدَّثَ النّاسَ عَنْهُ. قال محمد بْنُ يَحْيَى الكَحّالُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الغِيبَةُ أَنْ يَقُولَ فِي الرَّجُلِ ما فِيهِ؟ قال: نَعَمْ. قُلْت: حَدِيث بَهْزٍ؟ (¬1) قال: لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ. "الآداب الشرعية" 1/ 261 - 262 ¬

_ (¬1) رواه الطبراني 19/ 418 (1011)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 379 - 380 في ترجمة العلاء بن بشر العبشمي، والقضاعي في "الشهاب" 3/ 202 (1185)، والبيهقي في "الشعب" 7/ 109 (9665)، من طرق عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده معاوية بن حيدة مرفوعًا: "ليس لفاسق غيبة". ورواه ابن عدي في "الكامل" 2/ 430 في ترجمة الجارود بن يزيد، والبيهقي في "الشعب" 7/ 109 (9666)، وابن الجوزي في "العلل" 2/ 292 (1300) من طرق عدة بلفظ: "أترعوون عن ذكر الفاجر؟ ! أذكروا بما فيه يحذره الناس". قال الحاكم كما في "الشعب": هذا حديث غير صحيح، ولا معتمد. وقال البيهقي: ليس بشيء. وقال ابن الجوزي: الخبر في أصله باطل، وهذِه الطرق كلها بواطيل لا أصول لها.

باب آداب النظر

باب آداب النظر 12 - التحذير من النظر إلى ما يحرم، أو يكره النظر إليه قال المروذي: سمعتُ أبا عبد اللَّه في قوله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19] قال: هو الرجل يكون في القوم، فتمر به المرأةُ، فيلحقها بصره. "الورع" 368 قال المروذي: أخبرني أبو عبد اللَّه مناولة: قال: أنبأنا الأعمش، عن إِبراهيم قال: كان الربيعُ بن خُثيم يزور علقمة، وكان في الحي جماعة، والطريق في المسجد، فدخل المسجد نساءٌ، فلم يطرف إليهن الربيع حتى خرجن. عن مالك بن دينار قال: كان رجل في بني إسرائيل يعظ الناس، فإذا ابنه قد نظر إلى امرأةٍ -أو قال: غمزها- فقال: مهلًا يا بنيَّ! قال: فأوحى اللَّه إليه: ما كان عقوبتك إلا أن قلت: مهلًا يا بني؟ ! لا أخرجتُ من صلبك صدِّيقًا. أو كلامًا ذا معناه إن شاء اللَّه. "الورع" (369 - 370) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قال: حَدَّثَنا هشيم قال: حدثنا محمد بن قيس، عن مولى لقريش، عن الشعبي قال: ليس من المروءة النظر في مرآة الحجّام. وقال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: حديث غريب. "العلل" رواية عبد اللَّه (2228)

13 - حكم نظر الفجأة

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا هشام بن الغاز بن ربيعة الجرشي، عن عبادة بن نسي، عن قيس بن الحارث قال: قال سلمان: لأن أموت ثم أنشر، ثم أموت، ثم أنشر، ثم أموت ثم أنشر، أحب إليّ من أن أرى عورة مسلم أو يراها مني. "الزهد" ص 192 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا معتمر، عن إسحاق بن سويد، عن العلاء بن زياد قال: لا تتبع بصرك رداء المرأة؛ فإن النظر يجعل شهوة في القلب. "الزهد" ص 311 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هشام، حدثنا ابن المبارك، عن الحسن قال: ربَّ نظرةٍ أوقعتْ في قلبِ صاحبها شهوة، ورُبَّ شهوةٍ أورثتْ صاحبها حزنًا طويلًا. "الزهد" ص 345 قال المَرُّوذِيُّ: كُنْت مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بِالْعَسْكَرِ، فِي قَصْرِ إتْياخَ، فَأَشَرْت إلَى شَيْءٍ عَلَى الجِدارِ قَدْ نصِبَ. فَقال لِي: لا تَنْظُرْ إلَيْهِ. قُلْت: فَقَدْ نَظَرْتُ إلَيْهِ. قال لِي: فَلا تَفْعَلْ، لا تَنْظُرْ إلَيْهِ. "الآداب الشرعية" 3/ 490 13 - حكم نظر الفجأة قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل تاب وقال: لو ضرب ظهري بالسياط ما دخلت في معصية، غير أنه لا يدع النظر؟

فقال: أي توبة هذِه؟ ! قال جرير: سألت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن نظر الفجأة، فأمرني أن أصرف بصري (¬1). "الورع" (366) قال المروذي: أخبرني أبو عبد اللَّه مناولة: عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْ نَظْرَةِ الفَجْأَةِ؟ فَقال: "اصْرِفْ بَصَرَكَ". وعن عتبة بن غزوان الرَّقاشي قال: قال لي أبو موسى الأشعري: ما لي أرى عينيك نافرةً؟ فقلت: إني التفت التفاتةً، فإذا جارية منكشفة لبعض الحبش، فلحظتها لحظةً، فصككتها صكة إِلى ما ترى. فقال له أبو موسى: استغفر ربك؛ فإنك قد ظلمتَ عينيك، لك أول نظرة، وعليك ما بعدها (¬2). "الورع" (377 - 378) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم، حدثنا ابن المبارك، عن الحسن، كانوا يقولون: ابن آدم، النظرة الأولى تعذر فيها، فما بال الآخرة! ! "الزهد" ص 345 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 358، ومسلم (2159). (¬2) عتبة بن غزوان لا يعرف كما قاله الذهبي والحافظ، وإن ترجمه ابن حبان في "الثقات" 5/ 251، وأورد له هذ القصة هناك، وأسندها المزي في "تهذيب الكمال" 19/ 319 وفيه الجيش بدل: الحبش، وهو تحريف.

14 - لا تنظر المرأة إلى الرجل كما لا ينظر الرجل إلى المرأة

14 - لا تنظر المرأة إلى الرجل كما لا ينظر الرجل إلى المرأة قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن حديث نبهان، عن أم سلمة، دخل ابن أم مكتوم فأشار النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقلنا: إنه أعمى، قال: "أفعمياوان أنتما لا تبصرانه". قلت: هذا لا ينبغي للمرأة أن تنظر إلى الرجل، كما أن الرجل لا ينبغي له أن ينظر إلى المرأة؟ قال: نعم. "مسائل ابن هانئ" (1838)، (1994) نقل بكر بن محمد عن أبيه قال: ذكر له -أي للإمام أحمد- حديث أم سلمة: "إذا كان لمكاتب إحداكن ما يؤدي، فاحتجبن (¬1) منه"، فقال: هذا لأزواج النبي خاصة. "الروايتين والوجهين" 2/ 77 قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: كان حديث نبهان لأزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 289، وأبو داود (3928)، والترمذي (1261)، وابن ماجه (2520)، والنسائي في "الكبرى" 5/ 389 (9228) قال الترمذي: حديث حسن صحيح. لكن الحديث ضعفه الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (549)، و"الإرواء" (1769) لضعف نبهان وجهالته، وأن عمل أمهات المؤمنين على خلاف هذا الحديث، وقد صحح الألباني في "الإرواء" 6/ 183 ما رواه البيهقي 7/ 95 من طريق سليمان بن يسار عن عائشة قال: استأذنت عليها فقالت: من هذا؟ فقلت: سليمان. قالت: كم بقي عليك من مكاتبتك؟ قلت: عشر أواق. قالت: ادخل فإنك عبد ما بقي عليك درهم.

15 - كراهة دخول الحمام لأجل النظر

خاصةً (¬1)، وحديث فاطمة (¬2) لسائر الناس؟ قال: نعم. "الروايتين والوجهين" 2/ 77، "المغني" 9/ 507، "الفروع" 5/ 154 15 - كراهة دخول الحمام لأجل النظر قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ أحمدُ عَن دخولِ الحمام؟ قال: إنْ قدرْتَ على أن لا ترى عورةَ مسلمٍ، ولا يرى عورتكَ، فادْخلْ. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 296، وأبو داود (4112)، والترمذي (2778)، قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وصححه ابن حبان 12/ 387 (5575) أيضًا. وقال النووي في "شرح مسلم" 10/ 97: لا يلتفت إلى قدح من قدح فيه بغير حجة معتمدة. وقال الحافظ في "الفتح" 9/ 337: هو حديث أخرجه أصحاب السنن من رواية الزهري عن نبهان مولى أم سلمة عنه، وإسناده قوي، وأكثر ما عُلل به انفراد الزهري بالرواية من نبهان، وليست بعلة فادحة، فإن ما يعرفه الزهري، ويصفه بأنه كاتب أم سلمة، ولم يجرحه أحد، لا ترد روايته. أهـ. قلت: وعلى الرغم من تصحيح الترمذي وابن حبان والنووي والحافظ واحتجاج أحمد بهذا الحديث إلى أن الألباني ضعف في "الإرواء" (1806) بنبهان مولى أم سلمة فهو مجهول كما سبق؛ ولأن الحديث مخالفًا: حديث فاطمة بنت قيس وسيأتي تخريجه، وحديث عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يسترني بردائه وأنا انظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد. رواه البخاري (454)، ومسلم (892). (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 373، ومسلم (1480).

قال إسحاق: كما قال، فإنْ دخلَ، وهو مستترٌ، مع غيرِ مستترين، فهو مكروه، فإنِ ابْتلي، فدخلَ، فليغمض، حَتَّى لا يرى عوراتهم. "مسائل الكوسج" (3304) قال أبو الفضل صالح: كان أبي يتنور في البيت إلا أنه قال لي يومًا: أريد أن أدخل الحمام بعد المغرب -وكان يومًا شتويًا- قل لصاحب الحمام، فقلت له: فلما كان المغرب. قال: ابعث إليه، فقل له أني قد صرفت عن الدخول. وتنور في البيت. "سيرة الإمام أحمد" رواية ابنه صالح ص 42 قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه، وامرأة تسأله عن دخول الحمام للنساء، فقال لها: إذا كان من حيض، أو نفاس، أو مرض، فلا بأس به، إذا غضت بصرها عن الناس في الحمام. "مسائل ابن هانئ" (1837) قال ابن هانئ: حدثني أحمد، نا حَجّاجٌ بن محمد، عن شَرِيكٍ، عَنْ سِماكٍ، عَنْ عروة، عَنِ ابن عَبّاسٍ أَنْ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَمَرَ عَلِيًّا عليه السلام (¬1) فَوَضَعَ لَهُ غُسْلًا، وأَعْطاهُ ثَوْبًا، وقال: "اسْتُرْنِي وَوَلِّنِي ظَهْرَكَ" (¬2). "مسائل ابن هانئ" (2392) ¬

_ (¬1) إن استعمال هذا اللفظ وأمثاله هو على خلاف ما اصطلح عليه العلماء من جعل -صلى اللَّه عليه وسلم- للنبي، و (عليه السلام) للأنبياء، و (رضى اللَّه عنه) للصحابي، و (رحمه اللَّهُ) لغيرهم، وأكثر ما يخالف الناس ذلك بسبب التعصب. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 317 بإسناده ومتنه لكن فيه (عكرمة) بدل (عروة) ولعله تحريف وقع للناسخ. والطبراني 11/ 291 (11773) عن عبد اللَّه بن أحمد، عن أبيه به. قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 269: رواه أحمد والطبراني في "الكبير" ورجاله رجال الصحيح. لكن ضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (808).

16 - البائع تأتيه المرأة تشتري فيرى كفها ونحو ذلك؟

قال عَبْدَ اللَّهِ: ما رَأَيْت أَبِي دَخَلَ الحَمّامَ قَطُّ. "الآداب الشرعية" 3/ 327 16 - البائع تأتيه المرأة تشتري فيرى كفها ونحو ذلك؟ قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل قال: قيل لأحمد: الرجل يكون في السوق، يبيع ويشتري، فتأتيه المرأة تشتري منه، فيرى كفها ونحو ذلك؟ فكره ذلك، وقال: كل شيء من المرأة عورة. قيل له: فالوجه؟ قال: إذا كانت شابة تُشتهى، فإني أكره ذلك، وإن كانت عجوزًا رجوت. "أحكام النساء" (9) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي، والحسن بن عبد الوهاب، أن محمد بن أبي حرب حدثهم، قال: قلت لأبي عبد اللَّه: البيِّع تأتيه المرأة، فينظر إلى كفها ووجهها؟ قال: إن كانت عجوزًا، وإن كانت ممن تحركه يغض طرفه. وقال: كل شيء من المرأة عورة، حتى ظفرها. "أحكام النساء" (14) 17 - ماذا ينظر الرجل من محارمه قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل: ينظر إلى الأرملة اليتيمة تكون عنده؟

قال: لا ينظر نظر شهوة إلى ذي رحم -أو قال: محرم- وغيرها، ولا بأس بالنظر إلى الوجه إذا لم يكن من شهوة. "أحكام النساء" (12) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي، قال: حدثنا أبو بكر الأثرم قال: سألت أبا عبد اللَّه. وقال: وأخبرني الحسين بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن داود: أن أبا عبد اللَّه سُئل عن الرجل ينظر إلى شعر امرأة أبيه، وامرأة ابنه، وأم امرأته، فقال: هذا في القرآن {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: 31] إلا لكذا، وكذا. زاد محمد: فرخص أن ينظر إلى شعورهن. قلت له: فينظر إلى ساق امرأة أبيه وصدرها؟ قال: لا، ما يعجبني، ثم قال: أنا أكره أن ينظر من أمه وأخته إلى مثل ذلك، وإلى كل شيء لشهوة، قال محمد: منها الشهوة. زاد الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: فينظر إلى شعر أم امرأته؟ فذكر حديث سعيد بن جبير، قال: فتلا عليَّ الآية، ثم قال: لا أراها فيهن، ثم قال: إسماعيل كان يشوش في هذا، قال مرة: قال: لا أرها فيهن، وقال مرة: لا أراها فيهم. قلت له: فابنة امرأته، أينظر إلى شعرها؟ فذهب إلى أنها لا تبدي ذلك إلا لمن في هذِه الآية. قال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن سندي الخواتيمي حدثهم، قال: سئل أبو عبد اللَّه وأخبرني محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم، أن أباه حدثه، قال حدثني أحمد بن القاسم وأخبرني زكريا بن الفرج، وروى أحمد بن

القاسم: أن أبا عبد اللَّه سُئل عن الرجل ينظر إلى شعر حميته، فقال: أليس يقول سعيد بن جبير، وقرأ الآية: {فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ} [النور: 60]، ثم قال سعيد: لا أراها فيهم. وقال: وقد بلغني عن عكرمة أنه سئل عن العم لِمَ لَمْ يُذكر مع من ذُكر من القرابة -الأب والأخ ومن سواه؟ قال: أرى ذلك من أجل ألا يصفَها لابنه من طريق النكاح. وقال سندي: لِمَ لَمْ يذكر فيمن يرى الزينة؟ قال: يُقال: إنه من قبل ولده، يصفها لولده من طريق النكاح. قال أبو عبد اللَّه: وإنما هو تأويل من عكرمة. "أحكام النساء" (27 - 31) قال الخلال: قال عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: أملى عليَّ أبي: قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: 31]. "أحكام النساء" (33) قال أبو طالب: قال أحمد: ساعة يعقد عقدة النكاح تحرم عليه أم امرأته، فله أن يرى شعرها ومحاسنها، ليست مثل التي يزني بها، لا يحل له أبدا أن ينظر إلى شعرها، ولا إلى شيء من جسدها وهي حرام عليه. "الشرح الكبير" 20/ 37

18 - هل ينظر إلى عورة صبيه ووالديه

18 - هل ينظر إلى عورة صبيه ووالديه قال الخلال: أخبرنا محمد بن علي، قال: حدثنا مهنا: أنه سأل أبا عبد اللَّه، قال: قلت: ولا بأس أن ينظر إلى عورة الصبي؟ وذكرت له أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان ينظر إلى ذكر ابنه (¬1). قال: نعم. "أحكام النساء" (84) قال الخلال: أخبرني محمد بن موسى، قال: حدثنا جعفر قال: سمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن الرجل ينور (¬2) والديه، قال: لا. "أحكام النساء" (90) ¬

_ (¬1) روى الطبراني 3/ 51 (2658)، 12/ 108 (12615) وابن عدي في "الكامل" 7/ 175 من طريق قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس قال: رأيتُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فرج ما بين فخذي الحسين، وقبل زبيبته. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 186: إسناده حسن. قال الحافظ في "التلخيص" 1/ 127: قابوس ضعفه النسائي. وروى الخطيب في "تاريخ بغداد" 3/ 290، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 14/ 224 من طريقه عن جابر -رضي اللَّه عنه- قال: رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يفحج بين فخذي الحسين وبقبل زبيبته. . الحديث. قال الخطيب بعده: هذا الحديث موضوع إسنادًا ومتنًا. وأورده الشوكاني في "الفوائد المجموعة" (107) وذكر كلام الخطيب. وروى البيهقي 1/ 137 عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أعن أبيه، قال: كنا عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فجاء الحسن فأقبل يتمرغ عليه فروع عن قميصه وقبل زبيبته. قال البيهقي: فهذا إسناد غير قوي. وضعفه الألباني أيضا في "الإرواء" (1811). (¬2) قال ابن سيده: "انتار الرجل، وتنوِّر: تطلى بالنورة"، والنُّورة من الحجر الذي يُحرق ويُحلق به شعر العانة، وانظر "لسان العرب" (4573).

19 - لا ينظر إلى الغلام الأمرد

19 - لا ينظر إلى الغلام الأمرد قال الخلال: أخبرني العباس بن محمد بن أحمد بن عبد الكريم قال: حدثني عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، قال: سمعت إبراهيم النيسابوري، قال: سمعت يحي بن معين -بمصر- يقول: ما طمع غلام أمرد بصحبتي قط، ولا لأحمد بن حنبل. "أحكام النساء" (3) قال الخلال: حدثنا أبو بكر المروذي قال: سمعت الأعين، يقول: قدم علينا إنسان من أصحابنا من خُراسان، ومعه غلام ابن أختٍ له وضيء -أو قال: جميل- فمضينا إلى أبي عبد اللَّه، فسلَّم عليه وحدَّثه، فلما قام خلا بالرجل، فقال له: من هذا الغلام؟ قال: ابن أختي، قال: أحبُّ إذا جئتني لا يكون معك، والذي أرى لك أن لا يمشي معك في الطريق. "أحكام النساء" (4) قال الجنيد بْنُ مُحَمَّدٍ: جاءَ رَجُل إلَى أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ مَعَهُ غُلامٌ أَمْرَدُ حَسَنُ الوَجْهِ، فَقال لَهُ: مَنْ هذا الفَتَى؟ فَقال الرَّجُلُ: ابني، فَقال: لا تَجِئْ بِهِ مَعَك مَرَّةً أُخْرى، فَلامَهُ بَعْضُ أَصْحابِهِ فِي ذَلِكَ. فقال أحمد: عَلَى هذا رَأَيْنا أَشْياخَنا، وَبِهِ أَخْبَرُونا عَنْ أَسْلافِهِمْ. "مجموع الفتاوى" 15/ 376 20 - النظر إلى المملوكة قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل ينظر إلى المملوكة؟ قال: إذا خاف الفتنة لم ينظر، كم نظرة قد ألقت في قلب صاحبها البلابل.

21 - النظر إلى المملوكة وقد سرى العتق فيها

وقد سئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن نظر الفجأة؟ فقال: "اصْرِفْ بَصَرَكَ" (¬1)؛ قال اللَّه تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ} [غافر: 19] "الورع" (367) 21 - النظر إلى المملوكة وقد سرى العتق فيها قال عبد اللَّه: سئل أبي وأنا أسمع عن: جارية بين رجلين أو ثلاثة، فأعتق أحدهم، فلها أن تكشف رأسها بين أيديهم؟ قال: لا؛ قد عتق منها ما عتق. قال: على ما قال ابن عمر؟ قال أبي: لأنه دخلت فيه حرية. "مسائل عبد اللَّه" (1422) 22 - ينظر من أراد شراء الأمة إليها قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام، قال: حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا بأس أن يقلِّب الرجل الجارية -إذا أراد الشرى- من فوق الثوب، لأن الأمة لا حرمة لها، ويكشف الذراعين والساقين، يقلِّبُ إذا أراد الشرى. وقال حنبل في موضع آخر: قال: لا بأس ينظر إلى يديها وساقيها إذا أراد الشرى، ولا يجرد البدن، إلا النساء، ويكشف الرأس، يقلِّب ما وراء الثياب. "أحكام النساء" (99) ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه، وهو عند الإمام أحمد 4/ 361، ومسلم (2159) من حديث جرير ابن عبد اللَّه البجلي.

23 - نظر الذمية إلى المسلمة، والمسلمة إلى الذمية

23 - نظر الذمية إلى المسلمة، والمسلمة إلى الذمية قال ابن هانئ: سألته عن المسلمة تكشف رأسها عند نساء أهل الذمة؟ قال: لا يحل لها أن تكشف رأسها؛ لأن اللَّه عز وجل يقول: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: 31]. "مسائل ابن هانئ" (985)، (1839) قال الخلال: أخبرني جعفر بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم، قال: سُئل أبو عبد اللَّه في الذميّة ينظر إلى شعرها أو بعض جسدها؟ قال: لا، وكرهه. "أحكام أهل الملل" 2/ 455 (1084) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم قال: إن أبا عبد اللَّه قيل له: فقوله: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} قال: قد ذهب بعض الناس إلى أنها لا تضع خمارها عند اليهودية والنصرانية؛ لأنها ليست من نسائهن، وأما أنا فأذهب إلى أنه لا تنظر اليهودية ولا النصرانية، ومن ليس من نسائها إلى الفرج، ولا تقبلها حين تلد، فأما الشعر، فلا بأس، أو قال: أرجو ألا يكون به بأس. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 456 (1085)، "أحكام النساء" (34) قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا بن يحيى قالا: حدثنا أبو طالب: أن أبا عبد اللَّه قال: نساء أهل الكتاب لا ينظرن إلى شعورهن -يعني: إلى شعور المسلمات- قد قال ذلك مكحول، وذكر غير واحد. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 456 (1085)، "أحكام النساء" (36)

24 - نظر الطفل وغير أولي الإربة من الرجال إلى النساء

قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد قال: حدثنا بكر بن محمد: سألت أبا عبد اللَّه عن المرأة تموت، فلا يجدون إلا يهودية أو نصرانية تغسلها؟ فقال: يعلِّمونها، ثم قال: لا يعجبني أن تطَّلع على عورة المسلمة، ثم كأنه (. .) (¬1) عنها. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 458 (1093)، "أحكام النساء" (44) 24 - نظر الطفل وغير أولي الإربة من الرجال إلى النساء قال عبد اللَّه: سألت أبي عن {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} [النور: 31]؟ قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، وأسود بن عامر، عن أبي إسحاق، عمن حدثه، عن ابن عباس في قوله: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} الذي لا يستحي منه النساء (¬2). "مسائل عبد اللَّه" (1225) قال الخلال: أخبرنا عبد اللَّه قال: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل قال: حدثنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: الذي لا إرب له في النساء مثل فلان (¬3). وقال: وأخبرنا عبد اللَّه قال: حدثنا أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا مسعر، عن عون، عن عكرمة، قال: الذي لا يقوم زبه (¬4). ¬

_ (¬1) كذا في المطبوع من "أحكام النساء" وبهامشها: سقط من الأصل، ولعلها "خُلِج" - أي: "شُغِل". (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 3 (17184)، والطبري 9/ 309 (25998). (¬3) رواه ابن أبي شيبة 4/ 3 (17180)، والطبري في "تفسيره" 9/ 308 (25997). (¬4) رواه ابن أبي شيبة 4/ 4 (17185)، والطبري 9/ 309 (26007).

وقال بكر بن خنيس: الذي لا يقوم ذكره. وقال: أخبرنا زكريا بن يحيى، وأحمد بن محمد بن مطر، أن أبا طالب حدثهم، أنه قال: سألت أبا عبد اللَّه: متى تُغطي المرأة رأسها من الغلام؟ قال: إذا بلغ عشر سنين، ضُرب على الصلاة، وعَقِل، فتغطي رأسها إذا بلغ عشر سنين. "أحكام النساء" (74 - 76) قال الخلال: أخبرني عصمة بن عصام، قال: حدثنا حنبل قال: حضرت أبا عبد اللَّه بعث إلى حجّامٍ يُقال له: أيوب، وكان غلامًا ابن عشر سنين، أو إحدى عشرة: حجم أهل أبي عبد اللَّه -أم عبد اللَّه- فقلت للحجّام بعد ما خرج، قال: حجمت أهل أبي عبد اللَّه، وكتب له أبو عبد اللَّه رقعة بخطه يعطيه أجره، قال حنبل: قلت لأبي عبد اللَّه: أما تكره هذا يحجم النساء؟ قال: هذا غلام لم يبلغ، قال: كان أبو طيبة يحجم نساء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو غلام (¬1). قلت له: فالعبد الحجّام إذا بلغ يحجم المرأة؟ قال: لا. قال: ولا أرى أبا طيبة إلا أنه لم يبلغ مبلغ الرجال، وكان عبدًا. "أحكام النساء" (83) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 350، ومسلم (2206) من حديث جابر.

25 - نظر العبد والخصي إلى النساء

25 - نظر العبد والخصي إلى النساء قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: العبدُ يرى شعرَ مولاتِه؟ قال: لا. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3324) قال ابن هانئ: وسُئل عن المملوك يحج بمولاته؟ قال: لا يعجبني أن يسافر بها. قلت: ينظر إلى وجهها وكفيها؟ قال: لا ينظر إلى وجهها وكفيها. "مسائل ابن هانئ" (1842) قال ابن هانئ: وسئل عن الخصي: أيجوز أن ينظر إلى شعر المرأة؟ قال: لا ينظر إليها، إذا كان مثله قد بلغ الحلم. "مسائل ابن هانئ" (1845) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: الخادم الخصي ينظر إلى شعر مولاته؟ قال: لا. "الورع" (382) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لا ينظر العبد إلى شعر مولاته، وكرهه. "مسائل عبد اللَّه" (1224) قال الخلال: أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي أنه قال لأبي عبد اللَّه: العبد ينظر إلى شعر مولاته قال: نعم، ولا تتحين له، ولا تريه ذلك عن عمد، إلا أن يكون أمر فجأة، ثم تختمر، ويرى وجهها وعينها. "أحكام النساء" (20)

قال الخلال: أخبرني محمد بن جعفر، قال: حدثنا أبو الحارث: أنه سأل أبا عبد اللَّه عن امرأة لها مملوك، وهو غلام مدرك، يحل له أن ينظر إلى شعرها؟ قال: لا. وقال: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم، قال: سألت أبا عبد اللَّه عن مملوك الرجل يدخل على امرأته، أو يراها؟ قال: لا. قلت: فمملوكها؟ قال: لا، هو رجل. ولم يرخص فيه. وقال: أخبرني محمد بن الحسن بن (هارون) (¬1) قال: سألت أبا عبد اللَّه: أينظر العبد إلى شعر مولاته؟ قال: لا ينظر إلى شعر مولاته، واحتج بحديث سعيد بن المسيب (¬2). وقال: أخبرني محمد بن الحسين، أن الفضل بن زياد حدثهم، قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الخصي ينظر إلى شعر المرأة؟ قال: لا. "أحكام النساء" (46 - 49) قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني أنه قال لأبي عبد اللَّه: العبد ينظر إلى شعر مولاته؟ قال: لا. قال: فالمكاتب؟ قال: المكاتب أشد. "أحكام النساء" (51) ¬

_ (¬1) في المطبوع من "أحكام النساء": (هلال)، والتصويب من "العدة في أصول الفقه" 4/ 1157. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 11 (17264) من طريق يونس بن أبي إسحاق، عن طارق، عن سعيد بن المسيب قال: لا تغرنكم هذِه الآية {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}: إنما عني بها الإماء، ولم يُعن بها العبيد.

قال الخلال: وأخبرنا محمد بن علي، قال: حدثنا محمد بن موسى بن مشيش: أن أبا عبد اللَّه: سُئل عن العبد ينظر إلى شعر مولاته؟ قال: لا. قيل: فالمكاتب؟ قال: المكاتب أشد. وقال: أخبرني محمد بن علي، حدثنا صالح: أنه سأل أباه عن المرأة تأكل مع غلامها، أو غير ذي محرم؟ قال: لا، يُكره. قلت: إن مالكًا يقول: تأكل المرأة مع غلامها، فتعجب من ذلك. "أحكام النساء" (53 - 54) قال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد، قال: قرأت على أبي عبد اللَّه: العبد ينظر إلى شعر سيدته؟ قال: هو موضع فيه شنعة، ابن عباس يسهل فيه (¬1)، وابن المسيب يقول: لا تغرنكم هذِه الآية: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} إنما يعني: الإماء، قلت: يا أبا عبد اللَّه تحتاج في الإماء إلى تنزيل -وما تكلم الناس في أن الأمة تنظر إلى شعر سيدها، وأن على الأمة من شعر سيدتها أو يديها شيئًا؟ قال لي: فينظر العبد إلى جسدها؟ ! قلت: الجسد لم يتكلم الناس فيه، والشعر واليد لعله شيء لا يضبط، وهو ملكها، يراها في كل وقت، وأظنه قال في هذا الموضع: هي مسألة فيها شنعة، إلا أني فارقته على أن الكراهية فيه أن ينظر العبد إلى شعر سيدته. وقال: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: حدثني أبي قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار، عن بجالة التميمي: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] في القراءة الأولى: ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 11 (17264).

إلا الذين لم يبلغوا الحلم مما ملكت أيمانكم. "أحكام النساء" (56 - 57) قال الخلال: أخبرني عبد اللَّه بن أحمد: قال أبي: وروي عن ابن عباس أنه قال: لا بأس أن ينظر العبد إلى شعر مولاته -فكأنه تأول: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: 31]- وقال سعيد بن المسيب: لا تغرنكم هذِه الآية التي في سورة النور: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ}، إنما عنى بها الإماء لا ينبغي للمرأة أن ينظر عبدها إلى جبينها، ولا إلى قرطها، ولا إلى شعرها، ولا إلى شيء من محاسنها. وقال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو قتيبة -سَلْم بن قتيبة- قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن طارق، عن سعيد بن المسيب. . بهذا الحديث. قال أبي: وبلغني عن ابن مهدي، عن حسين بن عربي، عن يونس بن إسحاق. . هذا الحديث. قال أبي: حدثناه يحيى بن سعيد، عن سفيان، قال: حدثني أبو حصين، عن أبي عبد الرحمن السلمي، في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النور: 58] إنما عنى بها النساء (¬1). وقال: أخبرني عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا هشيم، عن يونس، عن الحسن، قال: كان يكره أن ينظر العبد إلى شعر مولاته (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 9/ 345 (26185). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 11 (17269).

وقال: أخبرنا عبد اللَّه قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد وطاوس: أنهما كرها أن ينظر العبد إلى شعر مولاته (¬1)، وكان طاوس يكره أن ينظر إلى شعر ابنته أو أخته (¬2). "أحكام النساء" (59 - 62) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي، قال: حدثنا الأثرم قال: سألت أبا عبد اللَّه عن العبد ينظر إلى شعر مولاته؟ فقال: لا ينظر إلى شعر مولاته، وذكر حديث سعيد بن المسيب، قلت له: فما قوله {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: 31] قال: يقول: من النساء. قيل لأبي عبد اللَّه: الخصي ينظر إلى شعر مولاته؟ قال: لا. قيل: الخصي وغير الخصي عندك في هذا سواء؟ قال: نعم، وجعل يستعظم ما يستجيز بعض الناس من إدخال الخصيان على نسائهم. وذكرت لأبي عبد اللَّه حديث ابن عباس: لا بأس أن ينظر إلى شعر مولاته. فقال: ابن عباس كان له تأويل في القرآن كثير، ثم قال: وهذا من أي وجه هو؟ قلت له: السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس، فقال: نعم. قلت: أفليس هذا إسناد؟ قال: ليس به بأس. وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر، أن أبا طالب حدثهم: أنه سأل أبا عبد اللَّه: يرى العبد شعر مولاته؟ قال: لا. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 11 (17266). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 12 (17272).

قلت: حديث ابن عباس، شريك يقول: عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس، قال: لا بأس أن يرى العبد شعر مولاته. قال: لم يرو هذا غير السدي، وكان ابن عباس يتأول هذِه الآية في النور: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} قرأ إلى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ}، وقال ابن المسيب: لا تغرنكم هذِه الآية في سورة النور، لا ينظر العبد إلى شعر مولاته. وقال أبو عبد اللَّه: وهو رجل ينظر إليها على حال لا ينبغي أن ينظر، فهذا أعجب إليَّ، ولم يُسمع إليَّ حديث السدي عن أبي مالك، عن ابن عباس، فأما التابعون فغير واحد (¬1) نهى عنه. وقال: أخبرني محمد بن علي الوراق، أن حمدان بن علي الورّاق حدثهم: أن أبا عبد اللَّه قيل له: فالخادم يرى شعر سيدته؟ فرأيته يكرهه، ورأيته يكره شراء الخصيان ودخولهم على النساء. "أحكام النساء" (65 - 67) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 11 (17264).

باب آداب الطعام والشراب

باب آداب الطعام والشراب فصل في آداب تناول الطعام 26 - ليس في الطعام إسراف قال أبو الفضل صالح: قلت: قول الحسن: ليس في الطعام إسراف (¬1). قال: يقول: إن أكثر منه فليس فيه إسراف. "مسائل صالح" (283) 27 - كيف يؤكل الطعام مع الآخرين؟ قال ابن الجوزي: أخبرنا المحمدان: ابن عبد الملك، وابن ناصر، قالا: أنا أحمد بن الحسن المعدل، قال: أنا أبو الحسين محمد بن الحسن الأهوازي، قال: سمعت علي بن محمد البصري. وأخبرنا ابن ناصر، قال: أنا المبارك بن عبد الجبار، قال: أنا إبراهيم بن عمر، قال: ثنا أبو عبد اللَّه ابن بطَّة، قال: حدثني عبد اللَّه بن جعفر، قالا: سمعنا أبا يوسف -يعقوب بن إسحاق، يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يؤكل الطعام بثلاث: مع الإخوان بالسرور، ومع الفقراء بالإيثار، ومع أبناء الدنيا بالمروءة. "المناقب" ص (261) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 331 (26596).

28 - استحباب غسل اليدين قبل الأكل وبعده

28 - استحباب غسل اليدين قبل الأكل وبعده قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل: إذا أكل اللحم والمرق، هل يغسل فمه ويديه؟ قال: إن غسل فحسن، وإن لم يغسل فلا بأس. "مسائل ابن هانئ" (1744) قال المروذي: رأيت أبا عبد اللَّه يغسل يديه قبل الأكل وبعده؛ وإن كان على وضوء. "المغني" 10/ 211 قال مهنا: وذكرت الحديث لأحمد -يعني: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بَرَكةُ الطَّعامِ الوُضُوءُ قَبْلَهُ والْوُضُوءُ بَعْدَهُ" (¬1). فقال: ما حدَّث بهذا إلا قيس بن الربيع، وهو منكر الحديث. قلت: بلغني عن يحيى بن سعيد قال: كان سفيان يكره غسل اليد عند الطعام، لم كره سفيان ذلك؟ قال: لأنه من زي العجم. "المغني" 13/ 355 29 - الأكل على السفر قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا معاذ بن هشام، حدثنا أبي، عن يونس، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: ما أكل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على خوان، ولا في كسرجة، ولا خبز له مرقق. قال: قلت لقتادة: فعلام كانوا يأكلون؟ قال: على السفر (¬2). "الزهد" ص 14 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 441، وأبو داود (3761)، والترمذي (1846) من حديث سلمان -رضي اللَّه عنه-. قال الترمذي: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث قيس بن الربيع، وقيس بن الربيع يضعف الحديث. وقال الألباني في "الإرواء" (1964): ضعيف. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 130، والبخاري (5415).

30 - الإناء يؤكل فيه ثم تغسل فيه اليد

30 - الإناء يؤكل فيه ثم تغسل فيه اليد قال محمد بن يحيى الكحال: قلت لأبي عبد اللَّه: الإناء يؤكل فيه، ثم تغسل فيه اليد؟ قال: لا بأس. وقيل لأبي عبد اللَّه: ما تقول في غسل اليد بالنخالة؟ فقال: لا بأس به. "المغني" 10/ 218 31 - استحباب الحمد مع الأكل قال ابن هانئ: وقال إسحاق؛ وتعشيت مرة أنا وأبو عبد اللَّه وقرابة له، فجعلنا نتكلم، وهو يأكل، وجعل يمسح عند كل لقمة يده بالمنديل، وربما مسحها بالمنديل عند كل لقمة، وجعل يقول عند كل لقمة: الحمد للَّه، وبسم اللَّه. ثم قال لي: أكل وحمد، خير من أكل وصمت. "مسائل ابن هانئ" (1751) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الحديث الذي جاء: "أجر الطاعم الشاكر كأجر الصائم" (¬1) هل يؤخذ به؟ قال: إذا أكل وشرب يشكر اللَّه، ويحمده على ما رزقه. "مسائل ابن هانئ" (2024) ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 283، والترمذي (2486)، وابن ماجه (1764) من حديث أبي هريرة. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وصححه ابن خزيمة 3/ 197 (1898)، وابن حبان 2/ 16 (315)، والحاكم 4/ 136. وعلقه البخاري في كتاب: الأطعمة، باب: الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر. وصححه الألباني في "الصحيحة" (655).

32 - استحباب الأكل باليد لا بالملعقة

32 - استحباب الأكل باليد لا بالملعقة روى مُهَنّا عنه قال: السُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ بِيَدِهِ، وَأَلّا يَأْكُل بِمِلْعَقَةٍ ولا غَيْرِها، ومَنْ أَكَلَ بِمِلْعَقَةٍ أو غَيْرِها أَخَلَّ بِالْمُسْتَحَبِّ وَجازَ. "الآداب الشرعية" 3/ 205 33 - استحباب الأكل بثلاثة أصابع قال مثنى بن جامع: سألت أبا عبد اللَّه عن الأكل بالأصابع كلها؟ فذهب إلى ثلاث أصابع، فذكرت له الحديث الذي يُروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يأكل بكفه كلها (¬1). فلم يصححه، ولم ير إلا ثلاث أصابع. "المغني" 10/ 214 34 - كراهة استعمال الطعام قال مهنا: قلت: بلغني عن يحيى بن سعيد قال: كان سفيان يكره أن ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 134 (24455) عن معن بن عيسى، عن محمد بن عبد اللَّه ابن أخى الزهري، عن أخته، عن الزهري مرسلًا. ورواه العقيلي 4/ 90 ترجمة محمد بن عبد اللَّه بن مسلم ابن أخي الزهري من طريقه عن امرأته أم الحجاج بنت محمد بن مسلم، عن أبيها مرسلًا. وقال: لم يتابع ابن أخي الزهري عليه أحدٌ. ورواه ابن الجوزي في "الموضوعات" 3/ 194 (1416) من الطريق السالف. وحكم الألباني عليه بالوضع وذلك لجهالة امرأة ابن أخي الزهري ومخالفته للصحيح الثابت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يأكل بثلاث أصابع، ولإرساله. انظر "الصحيحة" (1202). قلت: الحديث الصحيح المخالف له رواه مسلم (2032) من حديث كعب بن مالك.

35 - لا يطرح الفلفل والثوم في الطعام

يكون تحت القصعة رغيف. لِمَ كرهه سفيان؟ قال: كره أن يستعمل الطعام. قلت: تكرهه أنت؟ قال: نعم. "المغني" 13/ 355 35 - لا يُطَرح الفلفل والثوم في الطعام قال ابن هانئ: كان أبو عبد اللَّه لا يطرح في قدر فلفلًا ولا ثومًا. "مسائل ابن هانئ" (1748) قال ابن هانئ: وبعثني مرة بثلاث قطع أو أربعة فقال: اشتر بهذِه أبزار (¬1) القدر. ودفع إلى قطعة أخرى على حدة فقال: اشتر بهذا أبزار ولا تخلطه، فاختلط فجئت به إليه وأخبرته أنه اختلط، فقال لي: رُده وخذ القطع، فرددته وأخذت القطع، فأخذها كلها فطرحها في دراهم الجارية، لمّا أن اشتبه عليه. "مسائل ابن هانئ" (1749) 36 - جواز تفتيش التمر روى أبو بَكْرِ بْنُ حَمّادٍ وعبدُ الكَريمِ بنُ الهيثمِ عنه قال: لا أعلمُ بتفْتيشِ التَّمْرِ إذا كانَ فِيهِ الدُّودُ بأْسًا. قال أبو بَكْرِ بنُ حَمّادٍ: رَأَيْتُ أَحمدَ يأكلُ التَّمْرَ وَيأخُذُ النَّوى على ظَهْرِ إصْبَعَيْهِ السَّبّابَةِ والْوُسْطَى، ورأيْتُهُ يَكْرَهُ أَنْ يَجعلَ النَّوى مَعَ التَّمْرِ فِي شَيْءٍ واحِدٍ. "الآداب الشرعية" 3/ 217 ¬

_ (¬1) البزر: ما يطيب به الطعام: كالفلفل.

37 - تخليل الأسنان بعد الطعام

37 - تخليل الأسنان بعد الطعام قال في رواية عبد اللَّه: عن ابن عمر: ترك الخلال يوهن الأسنان (¬1). "الفروع" 5/ 302 38 - يكره أن يأكل متكئًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكره الأكلَ متكئًا؟ قال: أليس قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا آكله متكئًا" (¬2). قال إسحاق: تركُه فضيلةٌ، فإِنْ فعلَه مترفقًا فلا بأس. "مسائل الكوسج" (3329) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم، عن يزيد بن أبي زياد، عن رجل حدثه عن ابن عباس أنه أكل وهو متكئ. سمعت أبي يقول: لم يسمعه هشيم من يزيد بن أبي زيادة. "العلل" رواية عبد اللَّه (2262) قال المروذي: وقيل لأبي عبد اللَّه: يكره الأكل متكئا؟ قال: أليس قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا آكُلُ مُتَّكِئًا". "المغني" 13/ 355 ¬

_ (¬1) رواه الطبراني 12/ 265 (13065) بلفظ: إن أفَضْل الطعام الذي يبقى بين الأضراس يوهن الأضراس. قال الهيثمي 5/ 30: ورجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في "الإرواء" (1974). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 308، والبخاري (5398) من حديث أبي جحيفة.

39 - استحباب غسل اللحم بعد شرائه

فصل في أحكام اللحوم 39 - استحباب غسل اللحم بعد شرائه قال أبو الحارث: سألته عن اللحم يشترى من القصاب؟ قال: يغسل. "الفروع" 1/ 101 40 - جواز طبخ اللحم بالعنب قال أبو داود: سمعت أحمد سُئلَ عن اللحم يطبخ بالعنب؟ قال: لا بأس به. "مسائل أبي داود" (1652) 41 - جواز قطع اللحم بالسكين قال مهنا: سألت أحمد عن حديث أبي معشر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي اللَّه عنها-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تقطعوا اللحمَ بالسكين فإنَّ ذلك مِنْ فِعْلِ الأعاجم، وانْهَشُوهُ نهشًا، فإنَّه أهنأُ وأمْرَأْ" (¬1)، فقال: ليس بصحيح ولا يعرف هذا، وحديث عمرو بن أمية خلاف هذا، وحديث ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (3778)، والبيهقي في "الشُّعب" 5/ 91. قال أبو داود: وليس هو بالقوي. وقال البيهقي: تفرد به أبو معشر المدني وليس بالقوي. وقال المنذري في "المختصر" 5/ 304 (3630): في إسناده أبو معشر السدي المدني، واسمه نجيح، وكان يحيى بن سعيد القطان لا يحدث عنه، ويستضعفه، وقال أبو عبد الرحمن النسائي: أبو معشر له أحاديث مناكير منها هذا.

42 - كراهة الإكثار من أكل اللحوم

المغيرة -يعني: حديث عمرو بن أمية: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يحتز من لحم الشاه (¬1) - وبحديث المغيرة: لما أضافه بِجَنْبٍ فشوي، ثم أخذ الشفرة فجعل يحزُّ (¬2). "المغني" 13/ 375، "زاد المعاد" 4/ 304 42 - كراهة الإكثار من أكل اللحوم روى المَيْمُونِيُّ عَنْ أحمد قال: عن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- قال: إِيّاكُمْ واللَّحْمَ، فإِنَّ لَهُ ضراوَةً كَضراوَةِ الخَمْرِ (¬3). "الآداب الشرعية" 3/ 415، "الفروع" 5/ 578 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 139، والبخاري (2923)، ومسلم (355). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 252، وأبو داود (188). وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (183). (¬3) رواه مالك ص 582، وروى البيهقي في "الشعب" 5/ 34 (5671) منه قال: إياكم والخمرين: اللحم والنبيذ، فإنهما مفسدة للمال حرقة للدين.

43 - يكره أن تطعم البهائم الخبز

فصل في أحكام الخبز 43 - يكره أن تُطعم البهائم الخبز قال حرب: قلتُ لإسحاقَ: الرجل يطعم البهيمة الخبز؟ قال: عند الضرورة، وإذا أُمرت بذلك فلا بأس، فأما أن تتخذ طعام البهيمة ذلك فلا خير فيه. "مسائل حرب" ص 303 44 - كبس الخبز في الماء قال المَرُّوذِيُّ: كنتُ أكبسُ لأبي عبدِ اللَّهِ الخُبزَ في القَدَحِ وأصبُّ عليهِ الماءَ، فكانَ يأكلُهُ، ويشربُ ماءَ الخبزِ. قال: هُوَ يُقَوِّي. "الفروع" 3/ 63 45 - كراهة الخبز الكبير قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه: قلت: تكره الخبز الكبار؟ قال: نعم، أكرهه، ليس فيه بركة، إنما البركة في الصغار. وقال: مرهم أن لا يخبزوا كبارًا. "المغني" 13/ 354، "العدة" 5/ 1633، "المسودة" 2/ 772، "الفروع" 6/ 302

46 - النهي عن النفخ في الشراب، والشرب من فم السقاء

فصل مكروهات الشرب 46 - النهي عن النفخ في الشراب، والشرب من فم السقاء قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الشربُ من فم السقاءِ أو الإداوة؟ قال: هذا مكروه. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1337، 3331) قال ابن هانئ: عرضت على أبي عبد اللَّه من حديث أبي همام، عن ابن وهب قال: أخبرني قُرة بن عبد الرحمن، عن ابن شهاب، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، عن أبي سعيد الخدري، أنه قال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن ينفخ في الشراب، ونهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يشرب من ثُلمة في القدح (¬1). قال لي أبو عبد اللَّه: حديثا أبي سعيد منكران. "مسائل ابن هانئ" (1788) 47 - النهي عن الشرب قائمًا قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الشربُ قائمًا؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 80، وأبو داود (3722). قال المنذري في "المختصر" 5/ 284 (3576): في إسناده قرة بن عبد الرحمن بن حيويل المصري أخرج له مسلم مقرونًا بعمرو بن الحارث وغيره، وقال الإمام أحمد: منكر الحديث جدًّا، وقال يحيى بن معين: ضعّيف، وتكلم فيه غيرهما. وقال الألباني في "الصحيحة" (388): هذا إسناد حسن.

48 - النهي عن اختناث الأسقية

قال: أرجو ألا يكونَ به بأسٌ. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1330) قال أبو داود: قلت لأحمد: الشرب قائمًا؟ قال: قد روي ذا وذا -يعني: النهي والرخصة (¬1) - وقد روي أن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شربوا -يعني: قيامًا (¬2) - فأرجو ألا يكون به بأس، وإن توقى ذلك الرجل لم يكن به بأس. "مسائل أبي داود" (1667) 48 - النهي عن اختناث الأسقية قال ابن هانئ: وسئل عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه نهى عن اختناث (¬3) الأسقية (¬4). قال: يثنيها. وضم أبو عبد اللَّه بيده ومدّها إلى صدره. "مسائل ابن هانئ" (2032) ¬

_ (¬1) روى النهي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الإمام أحمد 3/ 54، ومسلم (2025) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-. وروى الرخصة عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- الإمام أحمد 1/ 249، والبخاري (1637)، ومسلم (2027) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-. (¬2) روى الإمام أحمد 1/ 101، والبخاري (5615، 5616) ذلك عن علي -رضي اللَّه عنه-. وروى الإمام أحمد أيضًا 2/ 12 عن ابن عمر قال: قد كنا على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نشرب قيامًا ونأكل ونحن نسعى وصححه ابن الجارود (867)، وابن حبان (5243). (¬3) في الأصل (احتناب) والصحيح ما أثبت، كما في مصادر التخريج. (¬4) رواه الإمام أحمد 3/ 6، والبخاري (5625)، ومسلم (2023) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-.

باب آداب الاستئذان والزيارة والضيافة

باب آداب الاستئذان والزيارة والضيافة 49 - استحباب الاستئذان على كل حال قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الأعلى، أنبأني الجريري، عن أبي السليل، قال: سألت صلة بن أَشْيمَ عن الرجل يستأذن على والديه؟ قال: نعم. "الزهد" ص 268 قال عَبْدُ اللَّهِ: دقَ أبي البابَ فَقِيلَ: مَنْ هذا؟ قال: أبُو عَبْدِ اللَّهِ. قال مُهَنّا: سَألت أحمدَ عن الرجلِ يَدْخُلُ إلى مَنْزِلِهِ يَنْبَغِى لَهُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ؟ قال: يُحَرِّكُ نَعْلَهُ إذا دَخَلَ. قال المَيْمُونِيُّ: سَأَلَت أبا عَبْدِ اللَّهِ يَسْتَأْذِنُ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ -أَعْنِي: زَوْجَتَهُ؟ قال: ما أَكْرَهُ ذَلِكَ، إِن اسْتَأْذِنَ ما يَضُرُّهُ! قُلْت: زَوْجَتُهُ وَهُوَ يَراها فِي جَمِيعِ حالاتِها. فَسَكَتَ عَنِّي. "الآداب الشرعية" 1/ 424 قال عبد اللَّه: كان أبي إذا أتى البيت من المسجد، ضرب برجله، حتى يسمعوا صوت نعله، وربما تنحنح؛ ليعلموا به. "سير أعلام النبلاء" 11/ 318 50 - الاستئذان ثلاثًا، والرفق في الطرق قال المَيْمُونِيُّ: إنَّ أبا عَبْدِ اللَّهِ دَقَّتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ دَقًّا فِيهِ بَعْضُ العُنْفِ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: ذا دَقُّ الشُّرَطِ. "الآداب الشرعية" 1/ 73

51 - جواز جعل الإذن رفع الحجاب

قال عَلِيُّ بن سَعيدٍ: سَأَلْت أبا عبدِ اللَّهِ عَنْ الاستِئْذانِ، فَقال: إذا اسْتَأْذَنَ ثَلاثًا. "الآداب الشرعية" 1/ 419 51 - جواز جعل الإذن رفع الحجاب قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: في حديث عبد اللَّه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال له: "أَذِنْتُ لَكَ أَنْ تَرْفَعَ الحِجابَ وَتَسْتمَعَ سِوادِي حَتَّى أَنْهاكَ" (¬1). تفسيره: ستري، قالها لنا عبد اللَّه كلها: سوادي برفع السين. "مسائل عبد اللَّه" (1611) 52 - كراهية قول (أنا) عند الاستئذان قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قال جابِر: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقال: "مَنْ هذا؟ " قُلْتُ: أَنا. قال: "أَنا أَنا" (¬2). قال: هو بمنزلة دق الباب حتى يقول: أنا فلان. قال إسحاق: إنما يعني: كراهية إن لم يسم من يعرف حتى يقول: أنا فلان. "مسائل الكوسج" (3500) قال المَرُّوذِيُّ: قال أبو عبد اللَّه: ما أَكْثَرَ ما يُلْقَى مِنْ النّاسِ، يَدُقُّونَ البابَ، فَيَقُولُونَ: أَنا أَنا، أَلا يقُولُ: أَنا فُلانٌ؟ "الآداب الشرعية" 1/ 424 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 404، ومسلم (2169). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 298، والبخاري (6250)، ومسلم (2155).

53 - هل يستأذن في حوانيت السوق؟

53 - هل يُستأذن في حوانيت السوق؟ قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يستأذن في حوانيت السوق؟ قال: نعم يستأذن، إلَّا أنه يسهل فيه إذا فتح بابه وجُلس للتجارة. "مسائل ابن هانئ" (2005) 54 - كراهة دخول الأسواق قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي قال: قال سلمان رحمه اللَّه: لا تكن أول داخل السوق، وآخر خارج منها، فإن بها معرج الشيطان، ومركز رايته. قال يحيى: معركة الشيطان. "الزهد" ص 188 55 - وضع العالم محبرته بين يديه وجواز استمداد الرجل منها دون استئذان قال الخطيب البغدادي: حدثني الحسن بن أبي طالب قال: نبأنا محمد بن عبد اللَّه بن المطلب قال: نبأنا الحسن بن محمد بن شعبة قال: حدثني محمد بن إبراهيم الأنماطي مربع قال: كنت عند أحمد بن حنبل وبين يديه محبرة، فذكر أبو عبد اللَّه حديثًا، فاستأذنته بأن أكتبه من محبرته، فقال لي: أكتب يا هذا، فهذا ورع مظلم. "تاريخ بغداد" 1/ 388

56 - من آداب الزائر والمزور

فصل في آداب الزيارة 56 - من آداب الزائر والمزور قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قوله: "لا يُؤم الرجل في أهله، ولا يُجلَس على تكرمته إلَّا بإذنه" (¬1). قال: أرجو أنْ يكونَ الاستثناء على كله، وأما التكرمة فلا بأسَ إذا أذن له. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (244) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو كامل، حدثنا حماد، عن شعيب، عن أبي العالية، قال: إذا دخلت على قوم فألقوا إليك فاجلس بحيث ألقي لك الوسادة، فإن القوم أعلم ببيتهم. "الزهد" ص 367 قال القاسم بن سلام: زرت أحمد بن حنبل، فلما دخلت عليه بيته، قام فاعتنقني وأجلسني في صدر مجلسه، فقلت: يا أبا عبد اللَّه، أليس يقال: صاحب البيت -أو المجلس- أحق بصدر بيته أو مجلسه؟ قال: نعم، يقعد ويُقعد من يريد. قال: قلت في نفسي: خذ إليك أبا عبيد فائدة، ثم قلت: يا أبا عبد اللَّه، لو كنت آتيك على حق ما تستحق، لآتيتك كل يوم. فقال: لا تقل ذلك، فإن لي إخوانًا، ما ألقاهم في كل سنة إلَّا مرة، أنا أوثق في مودتهم ممن ألقى كل يوم. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 118، ومسلم (673) من حديث أبي مسعود الأنصاري.

57 - حكم الضيافة

قلت: هذِه أخرى يا أبا عبيد، فلما أردت القيام قام معي، قلت: لا تفعل يا أبا عبد اللَّه. فقال: قال الشعبي: من تمام زيارة الزائر يُمشى معه إلى باب الدار ويؤخذ بركابه، قال: قلت: يا أبا عبد اللَّه من عن الشعبي؟ قال: ابن أبي زائدة، عن مجالد، عن الشعبي. قال: قلت: يا أبا عبيد هذِه ثالثة. "طبقات الحنابلة" 2/ 271 قال المروذي: رأيته جاء إليه مولى ابن المبارك، فألقى له مخدة وأكرمه، وكان إذا دخل عليه من يكرم عليه يأخذ المخدة من تحته فيلقيها له، وقال: كان أبو عبد اللَّه من أشد الناس إعظامًا لإخوانه ومن هو أسن منه، لقد جاءه أبو همام راكبًا على حمار، فأخذ له أبو عبد اللَّه بالركاب، ورأيته فعل هذا بمن هو أسن منه من الشيوخ. "الآداب الشرعية" 1/ 443 57 - حكم الضيافة قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن الضيافة، أي شيء تذهب فيها؟ قال: هي مؤكدة، وكأنها على أهل الطرق، والقرى الذين يمر بهم الناس أوكد، فأما مثلنا الآن، فكأنه ليس مثل أولئك. "المغني" 13/ 354

58 - مدة جائزة الضيف

58 - مدة جائزة الضيف قال إسحاق بن منصور: قلت: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "جائزته يوم وليلة" (¬1) -يعني الضيف- قال أحمد: كأنه أوكد من ذلك. قال إسحاق: نقول: إذا لم يستضف، فأقام عنده وهو يريد المضي فله حبس يوم وليلة تلك جائزته، كأنه وصله بها. "مسائل الكوسج" (3307) قال ابن هانئ: ورأيت أبا عبد اللَّه يخرج يومًا إلى رجل خبزًا، فقلت له: من هذا؟ قال: هذا قرابة لفلان -رجل قد سماه، وهو قرابته أيضًا- ثم أخرج إليه الليلة الثانية، تم أمرني أن اشترى له الثالثة. ثم قال: قل له: ارتحل عنا، فقد أضفناك ثلاثة أيام، وما لك عندنا أكثر من هذا. "مسائل ابن هانئ" (1971) نقل الشالنجي عنه: إذا بعثوا في السبيل يضيفهم من مروا به ثلاثة أيام، فإن أبوا أخذوا منهم بمثل ذلك. "الفروع" 6/ 308 59 - لا يكرمه بما يشق عليه قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو كامل، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا شعيب بن الحبحاب قال: جاءنا أبو العالية يوما إلى منزلنا فأردنا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 31، والبخاري (6135)، ومسلم (48) كتاب اللقطة: باب الضيافة ونحوها من حديث أبي شريح.

60 - جواز الأكل من بيوت الأهل والأصدقاء بعد إذنهم

أن نتكلف له فقال: أطعمونا من طعام البيت ولا تتكلفوا. "الزهد" ص 367 قال صالِحُ بْنُ عِمْرانَ: دَعا رَجُلٌ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، فَقال: تَرى أَنْ تَعْصِيَنِي بَعْدَ الإِجابَةِ؟ قال: لا. فَذَهَبَ الرَّجُلُ فَأَقْعَدَ مَعَ أَحْمَدَ مَنْ لَمْ يَشْتَهِ أَحْمَدُ أَنْ يَقْعُدَ معه، فَقال أَحْمَدُ عِنْدَ ذَلِكَ: رَحِمَ اللَّهُ ابن سِيرِينَ فَإِنَّهُ قال: لا تُكْرِمْ أَخاكَ بِما يَشُقُّ عَلَيْهِ، ولكن هذا أَخِي أَكْرَمَنِي بِما يَشُقُّ عَلَيَّ. "الآداب الشرعية" 1/ 211 60 - جواز الأكل من بيوت الأهل والأصدقاء بعد إذنهم قال ابن القاسِمِ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى المَرِيضِ حَرَجٌ} إلَى قَوْلِهِ: {أَو صَدِيقِكم} [النور: 61]. فَقال: إذا أُذِنَ لَك فَلا بَأْسَ؛ لِأَنَّ هؤلاء كانُوا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَأْكُلُوا، فَرَخَّصَ لَهُمْ. وَقال أَحْمَدُ بْنُ النَّضْرِ: سُئِلَ أَحْمَدُ: أَيَأْكُلُ الرَّجُلُ مِنْ بُيُوتِ أَهْلِهِ، بَيْتِ عَفَهِ، أَوْ خالِهِ، أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلٍ، بِغَيْرِ إذْنِهِمْ؟ قال: لا يَأْكُلُ إلّا بِإِذْنِهِمْ "الآداب الشرعية" 3/ 157 61 - استحباب تكسير الخبز للضيف قال المَرُّوذِيُّ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إنَّ أبا مَعْمَرٍ قال: إنَّ أبا أُسامَةَ قَدَّمَ إلَيْهِمْ خُبْزًا فَكَسَّرَهُ، قال: هذا لِئَلّا يَعْرِفُوا كَمْ يَأْكُلُونَ. "الآداب الشرعية" 3/ 205

62 - استحباب مباسطة الضيفان على الطعام

62 - استحباب مباسطة الضِّيفان على الطعام قال محمد بن جعفر القطيعي: قال أحمد لأبي: تغدَّ اليوم عندي. قال: فأجابه، قال: فقدم كشكية وقلية. قال: فجعلت آكل وفيَّ انقباض لموضع أحمد، قال: فقال لي: كل ولا تحتشم (¬1). قال: فجعلت آكل -قالها ثلاثًا أو مرتين- ثم قال: في الثالثة يا بني، كل ولا تحتشم؛ فإنّ الطعامَ أهونُ مما يحلَف عليه. "طبقات الحنابلة" 2/ 280 قال جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَوْمَ عِيدٍ: خُذْ عَلَيْكَ رِداءَكَ وادْخُلْ. قال: فَدَخَلْتُ، فَإِذا مائِدَةٌ وَقَصْعَة على خِوالب عَلَيْها عِراقٌ، وَقَدْ زالَ ¬

_ (¬1) قال ابن مفلح: قال أبو جعفر النحاس فيما يحتاج إليه الكُتَّاب، في باب الاصطلاح المحدث الذي باستعماله خطأ، وقال: واستعملوا احتّشَمَ بمعنى استحى، ولا نعرف أحتشم بمعنى استحى ولا نعرف احتشم إلَّا بمعنى غضب، وقال الجوهريُ في "الصحاح" عن أبي زيد: حشمت الرجل وأحشمته بمعنى، وهو أن يجلس إليك فتوذيه وتغضبه. وقال ابن الأعرابي: حشمته أخجلته، وأحشمته أغضبته، والاسم الحِشمة وهو الاستحياء والغضب أيضًا. وقال الأصمعي: الحشمة إنما هي بمعنى الغضب لا بمعنى الاستحياء، واحتشمه واحتشم منه بمعنى، ورجل حشيم، أي: محتشم، وحَشَمُ الرجل خدمه ومن يغضب له، سموا بذلك؛ لأنهم يغضبون له، ذكر ذلك الجوهري. وقال ابن برِّي: قد جاء الحشمة بمعنى الحياء. قال أبو زيد: الإبةَ: الحياء، يقال: أوأبْتُهُ فاتَّأب أي: احتشم. وقال ابن عباس: لكل داخل دهشة، ولكل طاعم حشمة، فابدءوه باليمين، وقال للمنقبض عن الطعام: ما الذي حشمك؟ انتهى كلامه. وإنما ذكرت هذا لئلا ينسب بعض من يقف على استعمال الإمام أحمد -رضي اللَّه عنه- ذلك إلى ما لا ينبغي، واللَّه أعلم. "الآداب الشرعية" 3/ 195 - 196.

63 - كراهة زيارة القوم وقت طعامهم

جانِبُهُ، فقال لِي: كُلْ (¬1). فَلَمّا رَأى ما نَزَلَ بِي قال: إنَّ الحَسَنَ كانَ يَقُولُ: واللَّه لَتأْكُلَنَّ. وكانَ ابن سِيرِينَ يَقُولُ: إنَّما وُضِعَ الطَّعامُ لِيُؤْكَلَ. وَكانَ إبْراهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ يَبِيعُ ثِيابَهُ وَيُنْفِقُها على أَصْحابِهِ، وكانَتِ الدُّنْيا أَهْوَنَ عَلَيْهِ مَنْ ذاكَ. وَأَوْمأَ إلَى جِذْعٍ مَطْرُوحٍ، قال: فانْبَسَطْت فَأَكَلْتُ، فقال: لَتَأْكُلَنَّ هذِه. "الآداب الشرعية" 3/ 195 - 196 63 - كراهة زيارة القوم وقت طعامهم قال المروذي: سألتُ أبا عبد اللَّه: عن طعامِ الفجأة؟ فقال لي بعد ما سألتُه: ما ظننتُ أن فيه حديثًا، ثُمَّ ذَكَر عن إبراهيم: فيه كراهية (¬2). وأظن أنَّ أبا عبد اللَّه قال: هو الرجلُ ينتظر القومَ حتَّى يوضعَ طعامُهم، فيجيء. "الورع" (261) ¬

_ (¬1) يعني: لما رأى ما أصابه من الحياء طفق يحدثه بما كان يقوله علماء التابعين لضيوفهم. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 4/ 372 (21121).

باب آداب الجلوس

باب آداب الجلوس 64 - استحباب الجلوس إلى القبلة قال أبو داود: دخلت على أبي عبد اللَّه منزله، مالا أحصيه، وهو مستقبل القبلة. "مسائل أبي داود" (1813) 65 - كراهة الجلوس بين الظل والشمس قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكره أَنْ يَجْلِسَ الرجلُ بين الظلِّ والشَّمسِ؟ قال: هذا مكروه، أليس قد نهي عن ذا؟ قال إسحاق: قَدْ صَحَّ النهي فيه عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، ولكن لو ابتدأ فجلس فيه أهون. "مسائل الكوسج" (3488) 66 - كراهة الجلوس وسط الحلقة قال أَبُو داوُد: رَأَيْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ -رضي اللَّه عنه- إذا كانَ في الحَلَقَةِ، فَجاءَ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 413 - 414 عن رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ورواه أيضًا 2/ 383 وأبو داود (4821) والحاكم 4/ 271 من حديث أبي هريرة بنحوه. قال الحاكم -متعقبًا حديث أبي هريرة: صحيح الإسناد. وقال الهيثمي 8/ 60: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. والحديثان صححهما الألباني في "الصحيحة" (3110).

67 - كراهة الجلوس مكان الآخر

رَجُلٌ فَقَعَدَ خَلْفَهُ، يَتَأَخَّرُ، يَعْنِي يَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ وَسَطَ الحَلَقَةِ، لِما جاءَ عَنْ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "الآداب الشرعية" 1/ 430 67 - كراهة الجلوس مكان الآخر قال سندي: رأيت أبا عبد اللَّه قام له رجل من موضع، فأبى أن يقعد فيه، وقال للرجل: ارجع إلى موضعك، فرجع إلى موضعه، وقعد أبو عبد اللَّه بين يديه "طبقات الحنابلة" 1/ 456 68 - الاستئذان عند القيام من المجلس قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: إذا جلسَ قومٌ إلى رجلٍ، يستأذنهم إذا أراد أنْ يقومَ؟ قال: قد فعلَ ذَلِكَ قوم، ما أحسنه! قال إسحاق: كما قال، وينبغي للعالمِ إذا جلسوا إليه، فأرادَ القيامَ أن يستأذنهم. "مسائل الكوسج" (3297) قال أبو داود: ورأيت أحمد كنا نقعد إليه كثيرًا فيقوم ولا يستأذنا، وربما استأذنا. "مسائل أبي داود" (1812) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 384، وأبو داود (4826)، والترمذي (2753) من حديث حذيفة -رضي اللَّه عنه-. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (638) وقال: إسناده ضعيف.

69 - كفارة المجلس عند القيام منه

قال المَرُّوذِيُّ: كُنّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ إذا أَرادَ أَنْ يَقُومَ كانَ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، فَكُنْت رُبَّما غَمَزْت بَعْضَ أَصْحابِنا فَأَقُولُ: قُمْ، فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَقُومَ. "الآداب الشرعية" 1/ 445 69 - كفارة المجلس عند القيام منه قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه مرارًا يقول -إذا قام من المجلس: سبحانك اللهم وبحمدك، حتَّى أرى شفتيه تتحركان، فلا أَفهم بقية كلامه، كأنه يذهب إلى ما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في كفارة المجلس (¬1). "طبقات الحنابلة" 1/ 175 70 - استحباب مجالسة الصالحين قال عبد اللَّه: حدثنا أبي حدثنا عبد الرحمن، عن مهدي، عن غَيْلان، عن مطرف قال: جليس الصالح خير من الوَحْدة، والوَحْدة خير من جليس السوء. "الزهد" ص 296 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 369، وأبو داود (4858)، والترمذي (3433)، من حديث أبي هريرة. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (6192). وللحديث شاهد من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- رواه الإمام أحمد 6/ 77، والنسائي 3/ 71 - 72. قال الحافظ في "الفتح" 13/ 545: سنده قوي وصححه الألباني في "الصحيحة" (3164). وانظر: "عجالة الراغب المتمني في تخريج عمل اليوم والليلة" لابن السني (448).

باب آداب المشي والسفر

باب آداب المشي والسفر 71 - كراهة السفر لأرض الفتن قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إِن رجلًا يُخرج عيالَه إِلى مصر؛ لرخص السعر؟ قال: يخرج. فلما كان بعدُ قال لي: إن كان الرجل لم يخرجْ، فقُلْ له: لا أرى أن تتجاوز بالذريةِ اليوم؛ قد كان ذُكر لي أن ثمّ حركة في ناحية المغرب، أخاف أن يكون قد جاء ما قال الأوزاعيُّ: إذا رأيتُم الرايات السود من قِبل المشرقِ، والرايات الصُّفر من قِبل المغرب، فبطنُ الأرض يومئذ خيرٌ للمؤمن. "الورع" (426) 72 - حكم السياحة للتعمد قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يسيح يتعبد أحب إليك، أو المقام في الأمصار؟ قال: ما السياحة من الإسلام في شيء، ولا من فعل النبيين ولا الصالحين. "مسائل ابن هانئ" (1962) قال محمد بن موسى الخياط: سألتُ أحمدَ: ما تقول في السياحة يا أبا عبد اللَّه؟ قال: لا، التزويج ولزوم المساجد. "أحكام النساء" للخلال (109)، "الآداب الشرعية" 1/ 460 73 - استحباب التفاؤل وكراهية الطيرة عند السفر قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ في حديثٍ: "أَقِرُّوا الطَّيرَ عَلَى

مَكِناتِها" (¬1) قال: كان أحدُهم -يعني: أهل الجاهلية- يريدُ الأمر فيثيرُ الطيرَ -يعني: يتفاءل إن جاء عن يمينه كذا، وإن جاء عن يساره قال: كذا- فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَقِرُّوا الطَّيْرَ" أي: على مكناتها -أي: إنها لا تضركم. "مسائل أبو داود" (1836) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الفرخ يؤخذ من عشه يجوز؟ قال: حديث: "أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِناتِها"، قال بعضهم: كانت العرب إذا أراد أحدهم أن يخرج نفر الطير، فإن أخذ -يعني: في طريق أخذ منه- كأنه من الطيرة. وقد قال بعضهم: لا، بل هو "أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِناتِها": أن لا تؤخذ من أوطانها. "مسائل عبد اللَّه" (1614) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 381، وأبو داود (2835)، والشافعي في "السنن" 2/ 62 (410)، والحميدي 2/ 340 (355) وصححه ابن حبان 13/ 495، والحاكم 4/ 237 كلهم من طريق سفيان بن عيينة، عن عبيد اللَّه بن أبي يزيد، عن أبيه، عن سباع بن ثابت، عن أم كرز الكعبية مرفوعًا. قلت: وقد خولف سفيان في هذا الحديث فرواه غيره بإسقاط أبي يزيد ودون ذكر الشاهد -والحديث في العقيقة- وقد روى الإمام أحمد غير هذا الحديث ثم قال: سفيان يهم في هذِه الأحاديث، عبيد اللَّه سمعها من سباع بن ثابت. اهـ. وقال أبو داود -أيضًا: حديث سفيان خطأ. انظر: "تحفة الأشراف" 13/ 99 (18347)، وكذلك أعله الذهبي في "الميزان" (3576). وقال الألباني في "الضعيفة" (5862): بالجملة الحديث فيه علتان: الاضطراب، والجهالة. ثم أخذ في بسط القول. تنبيه: أشار ناشر "الضعيفة" إلى أن الألباني صحح الحديث في مواضع أخر، ثم قال: التخريج هنا -أي: "الضعيفة"- متأخر عن تخريجه هناك -أي: في مواضع التصحيح- فصوب التضعيف، ودلل لذلك. قلت: انظر: "الإرواء" 4/ 391.

74 - استحباب الصحبة عند السفر

74 - استحباب الصحبة عند السفر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكره أنْ يسافرَ الرجلُ وحده؟ قال: إنِّي أخبرك أكرهه، وأكره أن يبيت وحده في البيتِ. قال إسحاق: كما قال سواء. "مسائل الكوسج" (3333) قال أبو الفضل صالح: وقال في الرجل يسير وحده قال: مع الجماعة أحب إليَّ. وقال: قال القاسم بن محمد: بعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يزيد إلى رجل. "مسائل صالح" (934) قال جعفر بن محمد النسائي: وَسَأَلْت أَحْمَدَ عَن الرَّجُلِ يُسافِرُ وَحْدَهُ؟ قال: لا يُعْجبُنِي. "الآداب الشرعية" 1/ 457 75 - استحباب المشرب وحدانا في غير السفر قال ابن هانئ: وسمعته يقول قال أبو سنان وجاءه رجلان فقال: تفرقا؛ فإنكما إذا كنتما جميعًا تحدثتما، وإذا كنتما وحدانًا ذكرتما اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. قال أبو عبد اللَّه: رواه وكيع عن أبي سنان. "مسائل ابن هانئ" (1995) 76 - متى تحتحب الصبية وتسافر مع ذي محرم قال ابن هانئ: سألته عن الجارية متى يجب عليها ألا تسافر إلَّا مع ذي محرم؟ قال أبو عبد اللَّه: إذا كانت بنت تسع. "مسائل ابن هانئ" (1843) قال ابن هانئ: قال أبو عبد اللَّه: إذا كانت الصبية تُشتهى فلا تخرج

77 - من يجوز أن يكون محرما للنساء في السفر

إِلَّا مع محرم منها، (أترى) (¬1) أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يجامع عائشة ويغتسل، ولا تغتسل؟ ! قال أبو عبد اللَّه: وبعض الناس يقول في هذا قولًا شنيعًا، ولم يسم الرجل. "مسائل ابن هانئ" (1844) 77 - من يجوز أن يكون محرمًا للنساء في السفر قال ابن هانئ: وسئل أحمد عن الرجل يسافر بأم امرأته؟ قال: أما الأم فأرجو إن لم يقربها، ويضع لها سُلَّمًا تصعد عليه، وإذا لم يقربها، فلا بأس. قيل له: فالأخت؟ قال: لا يعجبني أن يخرج بها. "مسائل ابن هانئ" (1027) قال ابن هانئ: المملوك يحج بمولاته؟ قال: لا يعجبني أن يسافر بها. "مسائل ابن هانئ" (1842) قال المروذي: ورأيت امرأةً جاءت إلى أبي عبد اللَّه، فقالت: إني أريد أن أخرجَ إِلى بيت المقدس، ومعي ابنان لي، وقد أدركا. قال: حججتِ؟ قالت: نعم. قال: فاخرجي. "الورع" (425) ¬

_ (¬1) في المطبوع من "مسائل ابن هانئ" (ألا ترى) وهو خطأ يوهم أن الإمام أحمد يشير إلى ورود هذا عن عائشة مع إقرار النبي بذلك. والمثبت هو الصواب حيث أنه قال ذلك على الإنكار لهذا الفعل؛ لأن النصوص التي رواها هو وغيره تثبت أنها كانت تغتسل، وقد وردت المسألة في "المغني" 1/ 338، "الشرح الكبير" 1/ 235 على الوجه الذي ذكرناه، واللَّه أعلم.

78 - هل يكون المشرك، محرما للمسلمة في السفر؟

78 - هل يكون المشرك، محرمًا للمسلمة في السفر؟ قال الخلال: أخبرنا محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو الحارث قال: قيل لأبي عبد اللَّه: المجوسي محرم لأمه وهي مسلمة؟ قال: لا. وقال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن امرأة مسلمة لها ابن مجوسي وهي تريد سفرًا يكون لها محرمًا يسافر بها؟ قال: لا يلي هذا نكاح أمه، كيف يكون لها محرمًا وهو لا يؤمن عليها. وقال: قرأت على علي بن الحسين بن سليمان عن مهنا قال: سألت أحمد عن مجوسيّ أسلصت ابنته وهي تريد تخرج إلى مكة وليس معها محرم، يسافر معها أبوها؟ قال: لا يؤمن عليها. وقال: أخبرنا محمد بن علي بن بحر قال: حدثنا مهنا قال: سألت أبا عبد اللَّه عن رجل مجوسي وله أبنة مجوسية أسلمت، وهي تريد الحج، وليس لها محرم إلَّا أبوها، تحج مع أبيها؟ قال: لا يؤمن عليها. قال: وسألت أحمد عن المجوسيّ تسلم ابنته وهو مجوسيّ يفرق بينه وبينها؟ قال: نعم إن كان يتقى منه. فقلت له: وأي شيء يتقى منه؟ قال: يجامعها. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 229 (422 - 423) قال الخلال: وسأله محمد بن علي عن اليهودي أو النصراني إذا أسلمت ابنته، يسافر معها؟ قال: لا يسافر معها. ثم قال لي أحمد بن حنبل: ليس هو بمحرم. وقال محمد بن علي في موضع آخر، وعلي بن الحسن: لا يسافر معها؟ قال: نعم.

79 - الوصية للمسافر والغازي والدعاء له

قال أبو بكر: وهو الصواب. "أحكام أهل الملل" للخلال 1/ 231 (430) 79 - الوصية للمسافر والغازي والدعاء له قال أبو الفضل صالح: قلت: المرأة تقول لأبيها: اللَّه خليفتي عليك؟ قال: لو استودعته اللَّه كان أعجب إليَّ، فأما خليفتي، فما أدري. "مسائل صالح" (1358) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا الوليد، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، حدثنا ربيعة بن زيد أن أبا الدرداء كان يقول: اعمل عملًا صالحًا قبل الغزو فإنما تقاتلون الناس بأعمالكم. "الزهد" ص 169 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثني المثنى بن عوف، حدثني أبو عبد اللَّه -يعني: الجسري- أن رجلا انطلق إلى أبي الدرداء فسلم عليه فقال: أوصني فإني غاز، فقال له: اتق اللَّه كأنك تراه حتَّى تلقاه، وعُدَّ نفسك في الأموات، ولا تعدها في الأحياء، وإياك ودعوةَ المظلوم. "الزهد" ص 176 قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي: حدثنا أبو معاوية الغلابي قال: قال رجل لهشام أخي ذي الرمة وأراد السفر إلى مكة فقال له: وصيتك بتقوى اللَّه عز وجل، وصل الصلاة لوقتها، فإنك مصليها لا محالة فصلها وهي تنفعك، وإياك أن تكون كلب رفقتك، فإن لكل رفقة كلبًا ينبح دونهم، فإن كان خيرًا شكروه، وإن كان عارًا تقلده دونهم، فإياك أن تكون كلب رفقتك. "الزهد" ص 441

80 - توديع المسافر

قال عَبْدُ اللَّهِ: أَوْصِنِي يا أَبَتِ، فقال؟ يا بُنَيَّ انْوِ الخَيْرَ؛ فَإِنَّكَ لا تَزالُ بِخَيْرٍ ما نَوَيْتَ الخَيْرَ. "الآداب الشرعية" 1/ 133 قال عيسى بْنُ جَعْفَرٍ: وَدَّعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ حِينَ أَرَدْت الخُرُوجَ إلَى بابِلَ، فقال: لا جَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَ العَهْدِ مِنّا ومِنْك. "الآداب الشرعية" 1/ 148 قال علِيُّ بْنُ المَدِينِيِّ: قال لي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إنِّي لَأُحِبُّ أَنْ أَصْحَبَكَ إلى مكّةَ، فَما يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ إِلَّا أَنِّي أَخافُ أن أَمَلَّكَ أَوْ تمَلَّنِي، فَلَمّا ودَّعْتُهُ قُلْت: يا أبا عَبْدِ اللَّهِ، تُوصِينِي بِشَيءٍ؟ قال: أَلْزِمْ التَّقْوى قَلْبَكَ، واجْعَلْ الآخِرَةَ أمامَكَ. "الآداب الشرعية" 2/ 190 80 - توديع المسافر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: شَيَّعَ عليٌّ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في غزوة تبوك ولم يَتَلَقَّه (¬1)؟ قال أحمد: إنما يشيع الرجل إذا خرج ولم يتلقه. الناس اليوم على ذَلِكَ. قال إسحاق: كلاهما سنةٌ. "مسائل الكوسج" (3253) قال صالح: حدثنا أبي قال: حدثنا هشيم، عن منصور، عن ابن سيرين ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 170 من حديث سعد بن أبي وقاص وصححه الألباني في "الإرواء" (1188) وقد أخرجه البخاري (3706) ومسلم (2404) دون ذكر التشييع.

81 - ركوب المحامل

أنه كان يكره أن يقول: شيَّعت فلانًا. وقال: إنما يُشَيَّع الميت. "مسائل صالح" (821) قال مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ مَنْصُورٍ الصّائِغُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَقَدْ شَيَّعْتُهُ وَهُوَ يَخْرُجُ إلَى المُتَوَكِّلِ، فَلَمّا رَكِبَ الجَمَلَ التَفَتَ إلَيْنا، فقال: انْصَرِفُوا مَأْجُورِينَ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالَى. "الآداب الشرعية" 1/ 62 81 - ركوب المحامل قال أبو الفضل صالح: وسئل عن المحامل، فقال: قد ركبها العلماء، ورخص فيها. "مسائل صالح" (677) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سفيان قال: أول ما اتخذت المحامل زمن الحجاج، شيعت أمي خرجت حاجة، فما رأيت في القادسية محملًا، إنما الناس على الرحال. قال سفيان: كان يقال: حج الأبرار على الرحال. "الزهد" ص 31 قال الفضل بن زياد لأحمد: لِمَ كُرِهَ الركوب في المحمل في الشق الأيمن؟ قال: لموضع البصاق. "الفروع" 3/ 368 82 - كراهة السير الشديد إذا أثقل قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكره السير الشديد؟ قال: أما في الأمر الذي يحدث فإنه لشديد على الدابة.

83 - من آداب الطريق

قال إسحاق: هو واسع إذا احتمل أو لم يثقله، وهذا فيه سنة ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- سار مسيرة ثلاث في يوم حين حزبه أمر (¬1). "مسائل الكوسج" (3495) قال ابن هانئ: قرأت على أبي عبد اللَّه: محمد بن جعفر قال: حدثنا عوف، عن الحسن قال: بلغني أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، كان يقول: "شر السير الحقحقة" (¬2). قلت لأبي عبد اللَّه: ما يعني: بالحقحقة؟ قال: السير الشديد المُعْنف. "مسائل ابن هانئ" (204) 83 - من آداب الطريق قال ابن هانئ: ورأيت أبا عبد اللَّه: إذا لقي امرأتين في الطريق، وكان طريقه بينهما، وقف لم يمر حتَّى تجوزا. "مسائل ابن هانئ" (1970) 84 - النهي عن أن يكون الرجل راكبًا يمشي معه الرجل قال البغوي: حَدّثنا أحمد، ثنا علي بن ثابت، قال: حدثني أبو ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 51، والبخاري (1805)، ومسلم (703). (¬2) لم أقف عليه بهذا الإسناد، ولكن رواه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" 6/ 3170 (7296) والبيهقي في "الشعب" 2/ 403 (3887) من حديث معبد الجهني عن بعض أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وذكره الألباني في "الضعيفة" (3940) وقال: موضوع.

85 - المشي في الساحات الخربة وأملاك الناس

المهاجر الرقي، عن ميمون بن مهران قال: كان المهاجرون إذا رأوا رجلًا راكبًا يمشي معه الرجال قالوا: قاتله اللَّه جبارًا. "مسائل البغوي" (5) 85 - المشي في الساحات الخَربة وأملاك الناس قال ابن هانئ: وسمعته يقول: كان وكيع يمشي في ساحة خربة، فلما علم أنها لقوم لم يمش فيها، وكان يتخطاها ولا يمشي فيها. "مسائل ابن هانئ" (2006) 86 - جواز المناهدة في السفر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد -رضي اللَّه عنه-: النهد في السفرِ؟ قال: ما زال الناسُ يتناهدون. قال إسحاق: سنةٌ مسنونةٌ (¬1)، وهو أحبُّ إليَّ مِن أَنْ يدعوَ كل يومٍ واحدًا من أصحابه؛ لما لا يخلو ذَلِكَ مِنَ المباهاةِ والتباري، وقد نهى النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عنه (¬2). "مسائل الكوسج" (3302) ¬

_ (¬1) روى البيهقي 5/ 258 وفي "الأدب" (813) من حديث ابن عباس قال لي: نزلت {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ} عزلوا أموالهم عن أموال اليتامى، فجعل الطعام يفسد واللحم ينتن، فشكوا ذلك لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فأنزل اللَّه تبارك وتعالى: {قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} قال: "تُخَالِطُوهُمْ". (¬2) رواه أبو داود (3754) والحاكم 4/ 128 - 129 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. والبيهقي 7/ 274. وصححه الألباني في "الصحيحة" (626) وقال: أخرجه أبو داود وغيره بإسناد رجاله ثقات.

87 - استقبال القادمين من الحج والجهاد بالدعاء

قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل قيل له: يتناهد في الطعام فيتصدق منه؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. وقال: ليس به بأس، لم يزل الناس يفعلون ذلك. "مسائل أبي داود" (919) قال ابن هانئ: سألته عن القوم يصطحبون، فيخرج كل رجل عشرة دراهم، فيأكلون جميعًا؟ قال: لا بأس بالتنهد؛ قد تناهد الصالحون. "مسائل ابن هانئ" (1766) قال حرب: سألت إسحاق عن المُلازَقَةِ، قلت: القوم يجتمعون فيخرج هذا درهمًا وهذا درهمًا حتَّى يجمعوا دراهم ثم يشترون بها شيئًا ويأكلون؟ قال: لا بأس بها في السفر، إنما هي رخص في السفر. "مسائل حرب" ص 336 87 - استقبال القادمين من الحج والجهاد بالدعاء قال أبو داود: قلتُ لأحمد: المتسرعُ يقدمُ فيسلمُ عليه الرجل؟ قال: ما يعجبني أن يخطأ إليه. قلت لأحمد: يعجبك الذي قال: الحمد للَّه الذي سلمك، ولا تقل: آجرك اللَّه؟ قال: كيف يقولُ سلمك؟ ! ومن أين سلمهُ؟ ! "مسائل أبي داود" (1616)

88 - كراهة إتيان النساء ليلا عند القدوم من السفر

روى الفضل بن زياد عنه: ما سمعنا أن يُدعى للغازي إذا قفل، وأما الحاج فسمعنا عن ابن عمر (¬1) وأبي قلابة (¬2)، وأن الناس ليدعون. وقال ابن أصرم: سمعته يقول لرجل: تقبل اللَّه حجك، وزكى عملك، ورزقنا وإياك العود إلى بيته الحرام. "الفروع" 6/ 993 - 194 88 - كراهة إتيان النساء ليلًا عند القدوم من السفر نقل أبو بكر بن محمد بن صدقة وسئل عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تَأْتُوا النِّساءَ طُرُوقًا" (¬3). قال: نعم يؤذيهن. "بدائع الفوائد" 4/ 69 ¬

_ (¬1) الإمام أحمد 2/ 105، والبخاري (6385)، ومسلم (1344). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 428 (15807). (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 299، والبخاري (5243)، ومسلم (715) من حديث جابر -رضي اللَّه عنه-.

باب آداب النوم

باب آداب النوم 89 - ما يستحب أن يقال عند النوم قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن عمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد اللَّه قال: ما من رجل ينام لا يذكر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إلَّا بال الشيطان في أذنه، وايم اللَّه لقد فعل بصاحبكم الليلة -يعني: نفسه. "الزهد" ص 199 قال جَعْفَرُ بن محمد النسائي: سَمِعْتُ أبا عَبْدِ اللَّهِ، وَقِيلَ لَهُ: يُسْتَحَبُّ أَلّا يَنامَ حَتَّى يَقْرَأَ {الم (1) تَنْزِيِلُ} السجدة {تَبَارَكَ}؟ قال: يُسْتَحَبُّ. "الآداب الشرعية" 3/ 243 90 - أوقات يستحب فيها النوم قال عَبْدُ اللَّهِ: كانَ أَبِي يَنامُ نِصفَ النَّهارِ شِتاءً كانَ أَوْ صَيْفًا، لا يَدَعُها، وَيَأْخُذُنِي بِها، وَيَقُولُ: قال عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ -رضي اللَّه عنه-: قِيلُوا، فَإِنَّ الشَّياطِينَ لا تَقِيلُ. "الآداب الشرعية" 3/ 146 91 - أوقات يكره فيها النوم قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: يكره للرجل أن ينام بعد العصر، يخاف على عقله. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (307) 92 - أوضاع يكره النوم عليها قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكره للمرأةِ أن تستلقيَ على قفاها؟

93 - في أماكن يكره فيها النوم

فقال: إي واللَّه، يروى عن عمر بن عبد العزيز -رضي اللَّه عنه- أنه كرهه (¬1). قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3490) قال مهنا: سألت أبا عبد اللَّه عن المرأة تنام على قفاها؟ فقال: يكره لها ذلك. قلت: فإذا ماتت فكيف يضعونها في غسلها؟ ، فقال: إنما كره لها أن تنام على قفاها في حياتها، وليس ذلك في الموت. "بدائع الفوائد" 4/ 104 قال المَرُّوذِيّ: سَأَلْتُ أبا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الرَّجُلِ يَسْتَلْقِي عَلَى قَفاهُ، وَيَضَعُ إحْدى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرى؟ قال: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، قَدْ رُوِيَ. "الآداب الشرعية" 3/ 401 93 - في أماكن يكره فيها النوم قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكره أنْ يسافرَ الرجلُ وحده؟ قال: إنِّي أخبرك: أكرهه، وأكره أن يبيت وحده في البيتِ. قال إسحاق: كما قال، سواء. "مسائل الكوسج" (3333) قال عَبْدُ اللَّه: سَمِعْت أَبِي، يَقُولُ: لا يُسافِرُ الرَّجُلُ وَحْدَهُ، وَلا يَبِيتُ الرَّجُلُ في بَيْتٍ وَحْدَهُ. قال جَعْفَرٌ بن محمد النسائي: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ الرَّجُلِ يَبِيتُ وَحْدَهُ؟ قال: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَوَقَّى ذَلِكَ. روى الحَسَن بْنِ عَلِيِّ بْنِ الحَسَنِ عنه قال: ما أُحِبُّ ذَلِكَ -يَعْنِي: مسألة أن يسافر الرجل وحده أو يبيت وحده- إلّا أَنْ يُضْطَرَّ مُضْطَرٌّ. "الآداب الشرعية" 1/ 457 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 4/ 35 (17507).

94 - جواز تعبير الرؤيا

قات مهنا: قلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: ما تَقُولُ في الرَّجُل يَنَامُ عَلَى سَطْحٍ لَيْسَ بِمُحَجَّرٍ؟ قال: مَكرُوهٌ، وَيُجَزئهُ الذِّراعُ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحلِ. "الآداب الشرعية" 3/ 245 94 - جواز تعبير الرؤيا قال حرب: قلت لأحمد: يا أبا عبد اللَّه، الرجل يعبر الرؤيا؟ قال: وما بأس بذلك. فرخص فيه، وقال: إنه ينزع من القرآن. وحسنه، وذكر أن أبا بكر، وابن المسيب، وابن سيرين كانوا يفعلون ذلك. قال أحمد: وقد كان عندكم بكرمان رجل عالم بهذا. قلت: نعم، وفسرت له حاله، فجعل يعجب من علمه. وقال: لا بأس بالعبارة. وسألت إسحاق: عن الرجل ينظر في عبارة الرؤيا فرخص فيه. ثم قال: أخبرنا المرجَّى بن وداعة، قال: حدثنا غالب القطان قال: قلت لمحمد بن سيرين: إنك تحسن من العبارة على ما يجبن عنه فقهاؤنا، قال: يا ابن أخ، ما أنفس عليك أن تعلم مثل ما أعلم، إنما هو شيء فآخذه من القرآن، وليس كل ما نقول كما نقول، إذا رأيت الماء فهو فتنة، وإذا رأيت السفينة فهي نجاة، وإذا رأيت اللؤلؤ فهو القرآن، وإذا رأيتَ النَّارَ فهي ثائرة، وإذا رأيتَ الخشبَ فهو نِفاق، وإذا رأيتَ العقد فهو حكمة، وإذا رأيت التاج فهو ملك، وإذا رأيت الحرب فهو الطاعون، والكسوة كلها تعجبنا وأحبها إلينا البياض، وإذا رأيت الصعود فهو هم. "مسائل حرب" ص 342

باب أدب الخطاب والمراسلات

باب أدب الخطاب والمراسلات 95 - كيف يصوغ كتابه قال صالح: وسئل، وأنا شاهد: يكتب لأبي فلان؟ قال: يكتب: إلى أبي فلان أحب إليَّ. "مسائل صالح" (30) قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم، عن منصور، عن ابن سيرين، عن بعض ولد العلاء، قال: كان العلاء بن الحضرمي عاملًا للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكان إذا كتب إليه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بدأ بنفسه (¬1). "مسائل صالح" (841) قال حرب: قلت لأحمد: كيف يجب أن يكتب الرجل في صدر الكتاب؟ فسهل في ذلك، وقال: الأمر فيه واسع. قال: قلت لأحمد: فكيف يُكتب في عنوان الكتاب؟ قال: يُكتب: إلى أبي فلان، ولا يكتب: لأبي فلان، ليس له معنى إذا كُتب: لأبي فلان. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 339، وأبو داود (5134)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 2/ 163 (892)، والبزار كما في "كشف الأستار" 2/ 444 (2070) والطبراني 18/ 98 (175). والبيهقي 10/ 129، والحاكم في "المستدرك" 4/ 273. وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 98: رواه البزار من رواية ابن العلاء الحضرمي، عن أبيه، ولم يسمه والظاهر أن ابن العلاء له صحبة، وبقية رجاله رجال الصحيح.

قلت: فإن كتب: إلى أبي فلان حفظه اللَّه، ونحو ذلك؟ فسهَّل في ذلك ولم يحيى به بأسًا. قلت: فإن كتب: إلى أبي فلان في سطر، وكتب تحته: فلان بن فلان؟ فلم يعرف هذا كيف هو. قال حرب: سألت إسحاق، قلت: كيف أحب إليك أن يكتب عنوان الكتاب؟ قال: يكتب: من فلان إلى فلان، فإن كان الأب والابن فإنه يبدأ بالأب. ورأيت أبا يعقوب يكتب كثيرًا: إلى أبي فلان. "مسائل حرب" ص 319 - 322 قال ابن الجوزي: أخبرنا أبو منصور القزاز، قال: أنا أحمد بن علي بن ثابت، قال: أنا علي بن محمد المعدل، قال: أنا دَعْلَج، قال: ثنا أبو الفضل جعفر بن محمد بن الحسين، قال: سمعت أبا جعفر أحمد بن سعيد الدارمي، يقول: كتب إليَّ أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل: لأبي جعفر أكرمه اللَّه، من أحمد بن حنبل. قال ابن الجوزي: أخبرنا محمد بن أبي منصور، قال: أنبأنا أبو القاسم بن البسرى، عن أبي عبد اللَّه بن بطة، قال: أنا أبو بكر الآجُرّي، قال: أنا أبو نصر بن كردي، قال: أنا أبو بكر المروذي، قال: كان أبو عبد اللَّه يكتب عنوان الكتاب: إلى أبي فلان، وقال: هو أصوب من أن يكتب: لأبي فلان. قال ابن الجوزي: أخبرنا عبد الملك بن أبي القاسم، قال: أنا عبد اللَّه بن محمد الأنصاري، قال: أنا محمد بن أحمد الحافظ، قال: ثنا القاسم بن محمد بن محمود، قال: ثنا أبو غياث الطالقاني، قال: سمعت سعيد بن يعقوب، يقول: كتب إليَّ أحمد بن حنبل:

96 - ذكر الدعاء في الكتب (حفظه الله - أبقاه الله)

بسم اللَّه الرحمن الرحيم، من أحمد بن محمد، إلى سعيد بن يعقوب، أما بعد: فإن الدنيا داء، والسلطان داء، والعالم طبيب، فإذا رأيت الطبيب يَجُرُّ الداء إلى نفسه فاحذره، والسلام عليك. "المناقب" ص 267، "الآداب الشرعية" 1/ 363 قال ابن الجوزي: أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أنا عمر بن عبيد اللَّه البقال، قال: أنا أبو الحسين بن بِشْران، قال: أنا عثمان بن أحمد الدقاق، قال: ثنا حنبل، قال: كانت كتب أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل التي يكتب بها: إلى فلان من فلان، فسألته عن ذلك؟ فقال: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كتب إلى كسرى وقيصر (¬1)، وكتب كل ما كتب على ذلك، وأصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعمر -رضي اللَّه عنه- كتب إلى عتبة بن فرقد (¬2)، وهذا الذي يكتب اليوم لفلان محدث، لا أعرفه، قلت: فالرجل يبدأ بنفسه؟ قال: أما الأب فلا أحب أن يقدمه باسمه، ولا يبدأ ولد باسمه على والده الكبير السن كذلك يوقره به، وغير ذلك فلا بأس. "المناقب" ص 268، "الآداب الشرعية" 1/ 364 96 - ذكر الدعاء في الكتب (حفظه اللَّه - أبقاه اللَّه) قال أبو داود: رأيتُ أحمد كتب إلى عليِّ بن عبد اللَّه وأبي بكر بن أبي شيبة، فرأيته بدأ بهما على ظهر الكتاب، كتب: إلى أبي الحسن علي بن عبد اللَّه من أحمد بن محمد بن حنبل، وكتب: إلى أبي بكر -ولم يذكر ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 133، ومسلم (1774) من حديث أنس. (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 163 (7332)، وابن أبي شيبة 2/ 319 (9457)، والبيهقي 4/ 213.

97 - ختم الخطاب

حفظه اللَّه ولا أبقاهُ اللَّه، ولا شيء من الدعاء، من أحمد بن محمد بن حنبل. "مسائل أبي داود" (1827) قال ابن هانئ: وجئت أبا عبد اللَّه بكتاب من خراسان، فإذا عنوانه: لأبي عبد اللَّه أبقاه اللَّه. فأنكره وقال: أيش هذا (¬1)؟ "مسائل ابن هانئ" (2004) 97 - ختم الخطاب قال أبو داود: سمعت أحمد، يقول: ما لي خاتم أكاد أختم كتابًا. ورأيت أحمد يكتب مرارًا ولا يختم كتابه. "مسائل أبي داود" (1689) قال حرب: سُئلَ إسحاق عن ختم الكتاب؟ فقال: نعم. "مسائل حرب" ص 319 - 322 98 - ما ينبغي أن تحويه الكتب قال أبو داود: كتب معي أحمدُ كتابًا إلى رجل، فأمرني الرجلُ فقرأته، فكان فيه كلُّ مُهم من أمر الآخرة والدنيا. "مسائل أبي داود" (1826) 99 - كيف يكتب إلى أهْلِ الكتاب؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: كيف نكتبُ إلى أهلِ الكتابِ؟ قال: لا أدري كيف أقول الساعة. عاودته بعد ذَلِكَ فسكت. ¬

_ (¬1) ذكر ابن القيم في "بدائع الفوائد" 4/ 59 هذِه الرواية عن الفضل بن زياد.

قُلْتُ: حديثُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حين كتبَ إلى قيصر؟ قال: عَمَّن هو؟ قُلْتُ: من حديثِ الزهريِّ؟ (¬1). قال: نعم، يكتبُ: السلامُ على مَنِ اتَّبعَ الهدى. قول ضعيف. قال إسحاق: السُّنةُ في ذَلِكَ أن لا يبدأَ به إذا كتبَ إليه، ولا يكون في الكتابِ إليه إلَّا ما كان مِنْ أمر الدُّنيا، وإذا سَلَّم في الكتابِ إليه يقول: والسَّلامُ على مَنِ اتبعَ الهدى. ولا يزيد على ذَلِكَ. "مسائل الكوسج" (3299) قال الخلال: أخبرني الحسن بن الحسين، قال: حدثنا إبراهيم بن الحارث. وأخبرني محمد بن علي، قال: حدثنا الأثرم، والمعنى واحد، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن الكافر يكتَب إليه كتاب فيه ذكر اللَّه تعالى، وهو يمسّه بيده؟ فقال: إنما كره أن يتناول المصحف، فأما الكتب فقد كتب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المشركين بذكر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وتلا عليهم في كتبه القرآن. "أحكام أهل الملل" 2/ 466 (1124) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا بن يحيى قالا: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه: كيف أكتب إلى اليهودي والنصراني: سلام عليك، أو سلام على من اتبع؟ قال: سلام على من اتبع الهدى، يذله. وقال: اخبرني محمد بن علي قال: حدثنا الأثرم: أن أبا عبد اللَّه قيل له: يكتب إلى النصراني: أبقاك اللَّه، وحفظك، وفقك؟ قال: لا. "أحكام أهل الملل" 2/ 467 (1128 - 1129) ¬

_ (¬1) رواه أحمد 1/ 262 - 263، والبخاري (7)، ومسلم (1773) من حديث ابن عباس.

باب التسمية والتكني

باب التسمية والتكني 100 - تكني من ليس له ولد قال أبو الفضل صالح: حدثني أبي قال: حَدَّثَنا سعيد بن خثيم قال: حَدَّثَنا معمر بن خثيم الهلالي، عن أبي جعفر محمد بن علي، قال: قال لي أبو جعفر: يا معمر، ما تكنى؟ قال: قلت: ما اكتنيت، وما لي من ولد ولا امرأة ولا جارية. قال: وما يمنعك من ذلك؟ قال: قلت: أما إن أبي يجهد على أن يزوجني أو يبتاع لي جارية، فأستحي من ذلك. قال: فما يمنعك أن تكتني؟ قال: قلت: حديث بلغني عن علي -رضي اللَّه عنه-. قال: وما هو؟ قلت: بلغنا أن عليًّا -رضي اللَّه عنه- قال: من اكتنى وليس له ولد فهو أبو جعر (¬1). فقال أبو جعفر: ليس هذا من حديث على. إنا لنكني أولادنا في صغرهم مخافة الشرار يلحق بهم، أنا أكنيك. قال: قلت: أقبل. قال: أنت أبو محمد. "مسائل صالح" (594) ¬

_ (¬1) لم أقف عليه عن علي، لكن قال الحافظ في "الفتح" 10/ 582: أخرج سعيد بن منصور من طريق فضيل بن عمرو قلت لإبراهيم: إني أكنى أبا النضر، وليس لي ولد وأسمع الناس يقولون: من أكتنى وليس له ولد فهو أبو جعر.

101 - التكني بأبي القاسم أو بأبي محمد أو أبي عيسى

101 - التكني بأبي القاسم أو بأبي محمد أو أبي عيسى قال إسحاق بن منصورْ قُلْتُ: تكره أن يكنّى بأبي القاسم أو بأبي عيسى؟ قال: عمر -رضي اللَّه عنه- عنه كره أبا عيسى (¬1)، وأما إذا لم يكن اسمه محمدًا فهو أهون، وهو يثقل عليَّ -يعني: أن يكنى بأبي القاسم. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3493) قال أبو الفضل صالح: قلت: رجل يكتني بأبي القاسم؟ قال: قد رخص بعض الناس في ذلك، والذي يعجبنا ألا يفعل، وروى بعض الناس: "ولا تجمعوا بين اسمي وكنيتي" (¬2). "مسائل صالح" (1331) نقل حنبل عنه: لا يكني ولده بأبي القاسم؟ لأنه يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نهى عنه. "بدائع الفوائد" 4/ 104، "الفروع" 3/ 566، "المبدع" 3/ 304 سأله علي بن سعيد عن الحديث: "تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي" (¬3) هو أن يجمع ببن اسمه وكنيته أو يفرد أحدهما، فقال: آخر الحديث: "تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي". "بدائع الفوائد" 4/ 104 ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (4963) من حديث أسلم مولى عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 433 بلفظه، والترمذي (2841)، والبخاري في "الأدب المفرد" (836) بنحوه من حديث أبي هريرة، وصححه ابن حبان 13/ 132 (9814). وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وكذا قال الألباني. (¬3) رواه أحمد 2/ 248، والبخاري (110)، ومسلم (2134) من حديث أبي هريرة.

102 - تكنية المرأة والصبي

قال عثمان بن سعيد الدارمي: رأيت أحمد بن حنبل يذهب إلى كراهية الاكتناء بأبي القاسم. "سير أعلام النبلاء" 11/ 299 102 - تكنية المرأة والصبي قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكتني المرأة؟ قال: عائشةُ -رضي اللَّه عنها- كناها النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أم عبد اللَّه. قال إسحاق: حسن كما قال. "مسائل الكوسج" (3494) قال أبو الفضل صالح: حدثني أبي، قال: حَدَّثَنا أبو حفص، قال: حَدَّثَنا هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألا تكتنين؟ قلت: بمن أكتنى؟ قال: اكتني بابنك عبد اللَّه" (¬1) -يعني: ابن الزبير. قال: فكانت تكنى بأم عبد اللَّه. "مسائل صالح" (857) قال حرب: قلت: فالصبي يكنى؟ قال: نعم، أليس قد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبا عُمَيْرٍ ما فَعَلَ النُّغَيْرُ" (¬2). "مسائل حرب" ص 316 روى حَنْبَلٌ عنه: لا بأْسَ أَنْ يُكْنَى الصَّبِيُّ، قال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِأَبِي عُمَيْرٍ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 433 بهذا الإسناد، والدولابي في "الكنى" 1/ 327 من طريق عبد اللَّه عنه، ورواه ابن ماجة (3739)، والبخاري في "الأدب المفرد" (850) بنحوه. قال الألباني في تعليقه على "الأدب": حسن صحيح. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 119، والبخاري (6129)، ومسلم (2150) من حديث أنس.

103 - تكنية المشرك

وَكانَ صَغِيرًا: "يا أبا عُمَيْرٍ، ما فَعَلَ النُّغَيْرُ". "بدائع الفوائد" 4/ 104، "الآداب الشرعية" 3/ 152 103 - تكنية المشرك قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكره أن يكنى المشرك؟ قال: أليسَ قَدْ قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين دخلَ على سعدِ بن زرارة. فقال له: "أما ترى ما يقولُ أبو الحباب" (¬1). قال إسحاق: ليس في هذا بيان، ولكن له أن يكنيه إذا كان يعرض عليه الإسلام أو يكون سبب آخر، وإن كانت حاجة للدنيا فَكَنَّيْتَهُ فلا بأس. "مسائل الكوسج" (3492) قال ابن هانئ: ورأيت أبا عبد اللَّه: كنى نصرانيًّا طبيبًا، فقال: يا أبا إسحاق. ثم أخرج إليّ فيه بابًا. "مسائل ابن هانئ" (1981) قال ابن هانئ: قرأت عليه: سفيان قال: حَدَّثَنا أيوب، عن يحيى بن أبي كثير قال: قال الفرافصة لعمر: يا أمير المؤمنين -وهو نصراني- إنكم تأكلون ذبيحة لا نأكلها، قال: وما ذاك يا أبا حسان؟ فذكر الحديث. وأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لقى أسقف نجران فقال: "يا أبا الحارث أسلم" (¬2). "مسائل ابن هانئ" (1982)، (1983) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 203، والبخاري (4566)، ومسلم (1798)، من حديث أسامة بن زيد. (¬2) رواه عبد الرزاق 10/ 316 (19220)، وابن أبي شيبة 7/ 427 (37009) عن قتادة مرسلًا.

قال حرب: سألتُ أحمدَ قلتُ: أهل الذمة يكنون؟ قال: نعم، لا بأس به، وذكر أن عمر قد كنى. "مسائل حرب" ص 316 قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن أبا الحارث حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه: أكني الذميّ؟ قال: نعم قد روي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لأسقف نجران: "أسلم أبا الحارث". وقال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى، قالا: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد اللَّه: يكني الرجل أهل الذمّة؟ قال: قد كنى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أسقفَّ نجران، وعمر -رضي اللَّه عنه- قال: يا أبا حسان. إن كنى أرجو لا بأس به. وقال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد: هل يصلح يكنى اليهودي والنصراني؟ فحدثنا أحمد عن ابن عيينة، عن أيوب، عن يحيى بن أبي كثير: أن عمر بن الخطاب قال لنصراني: يا أبا حسان، أسلم تسلم. "أحكام أهل الملل" 2/ 464 - 465 (1119 - 1121)

104 - المكروه من الكنى والأسماء

104 - المكروه من الكنى والأسماء قال حرب: قلتُ لإسحاق: فالرجل يقول للمشرك: إنه رجل عاقل؟ قال: لا ينبغي أن يقال؛ لأنه ليست لهم عقول. "مسائل حرب" ص 317 قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: سألت أبا عمرو الشيباني عن قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أخنع اسم عند اللَّه يوم القيامة: رجل تسمى بملك الأملاك" (¬1)، فقال: أوضع اسم. "مسائل عبد اللَّه" (1601) 105 - فيمن له لقب لا يُعرف إلَّا به، وهو لا يكرهه قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل عن الرجل يكون له اللقب لا يعرف إلَّا به ولا يكرهه؟ قال: أليس يقال: سليمان الأعمش وحميد الطويل؟ ! كأنه لا يرى به بأسًا. سألت أحمد عنه مرة أخرى فرخص فيه. قال أحمد: كان يكره أن يقول: الأعمش، قال الفضيل، زعموا كان يقول: سليمان. "مسائل أبي داود" (1829) قال الأثرم: وسمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن الرجل يعرف بلقبه؟ فقال: إذا لم يعرف به معه شيء، الأعمش إنما يعرفه الناس هكذا، فسهل في مثل هذا إذ قد شُهر به. "سؤالات الأثرم" (12) ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 244، والبخاري (6206)، ومسلم (2143) من حديث أبي هريرة.

باب حسن الخلق

باب حُسْن الخُلق 106 - الحث على حسن الخلق قال إسحاق بن منصور: سألت أحمد عن حسن الخلق؟ قال: أن لا يغضب ولا يحتد. قيل: المعاملة بين الناس في الشراء والبيع؟ فلم ير ذلك. قال إسحاق: هو بسط الوجه، وأن لا يغضب، وما أشبه ذلك. "مسائل الكوسج" (3346) نقل المروذي عنه: عن محمد بن معيقيب، عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تدرون على من حُرِّمت النار؟ " قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: "على الهين اللين السهل القريب" (¬1). "الورع" (303) قال عبد اللَّه: أخبرنا أبي، أخبرنا أبو معاوية، أخبرنا هشام بن عروة، عن أبيه قال: مكتوب في الحكمة: بُنَيَّ، لتكن كلمتك طيبة، وليكن وجهك بسيطًا، تكن أحب إلى الناس ممن يعطيهم العطاء، وقال: مكتوب في الحكمة، أو في التوراة: الرفق رأس الحكمة، وقال: مكتوب في ¬

_ (¬1) رواه ابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 128 - 129، والطبراني 20/ 353 (832) وفي "الأوسط" 8/ 219 (8452)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" 5/ 2590 (6242). قال الهيثمي 4/ 75: وفيه أبو أمية بن يعلى، وهو ضعيف. وللحديث شواهد يتقوى بها منها حديث ابن مسعود رواه الإمام أحمد 1/ 215، والترمذي (2488) وقال: حديث حسن غريب. وحديث جابر رواه أبو يعلى 3/ 379 (1853)، والطبراني في "الصغير" 1/ 72 (89)، وحديث أنس رواه الطبراني في "الأوسط" 8/ 156 (8256). وبالجملة فالحديث صحيح بمجموع شواهده كما قال الألباني في "الصحيحة" (938).

التوراة: كما ترحمون ترحمون، وكما تزرعون تحصدون، وقال: مكتوب في الحكمة: أحب خليلك، وخليل أبيك. "الزهد" ص 65 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هيثم بن خارجة، أخبرنا ابن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن شريح بن عبيد، عن ميسرة قال: قال المسيح عَلَيْهِ الْسَّلَامْ: إن أحببتم أن تكونوا أصفياء للَّه عَزَّ وَجَلَّ، ونور بني آدم من خلقه، فاعفوا عمن ظلمكم، وعودوا من لا يعودكم، وأحسنوا إلى من لا يحسن إليكم، وأقرضوا من لا يجزيكم. "الزهد" ص 118 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، وحدثنا عبد الملك بن عمرو، وعبد الصمد -المعنى واحد، قالا: أخبرنا عبد الجليل، عن شهر، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قالت: بات أبو الدرداء الليلة يصلي، فجعل يبكي، ويقول: اللهم أحسنت خَلْقي فأحسن خُلُقي، حتَّى أصبح، فقلت: يا أبا الدرداء ما كان دعاؤك منذ الليلة إلَّا في حسن الخلق، قال: يا أم الدرداء إن العبد المسلم يحسن خلقه حتَّى يدخله حسن خلقه الجنّة، ويسوء خلقه حتَّى يدخله سوء خلقه النار، وإن العبد المسلم ليغفر له، وهو نائم، قال: قلت: وكيف ذاك يا أبا الدرداء؟ قال: يقوم أخوه من الليل، فيتهجد، فيدعو اللَّه؟ فيستجيب له ويدعو لأبيه، فيستجيب له. "الزهد" ص 174 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية الغلابي، حدثني رجل من بني تميم، قال الأحنف: لا مروءة لكذاب، ولا راحة لحسود، ولا خُلَّة لبخيل، ولا سؤدد لسيئ الخلق، ولا إخاء لملول. "الزهد" ص 289 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يونس، حدثنا شيبان، عن قتادة قال: حدث خليد بن عبد اللَّه العصري قال: تلقى المؤمن عقيفًا سئولًا، وتلقاه

عزيزًا ذليلًا، وتلقاه غنيًا فقيرًا، قال: تلقاه عفيفًا عن الناس، سئولًا إلى ربه، وتلقاه ذليلًا لربه عزيزًا في نفسه، وتلقاه غنيًا عن الناس فقيرًا إلى ربه، قال قتادة: تلك أخلاق المؤمنين، وهو أحسن الناس معرفة، وأهونه مئونة. "الزهد" ص 291 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سفيان بن عيينة قال: سئل الحسن عن الأبرار قال: الذين لا يؤذون الذر. "الزهد" ص 457 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حجاج بن محمد الأعور، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول قال: المؤمنون هينون آمنون مثل الجمل الأنف، إن قدته انقاد، وإن أنخته على صحرة استناخ. "الزهد" ص 463 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حسين، حدثنا المسعودي، عن داود ابن يزيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أكثر ما يلج به الإنسان النار الأجوفان: الفرج والفم، وأكثر ما يلج به الإنسان الجنّة: تقوى اللَّه وحسن الخلق" (¬1). "الزهد" ص 474 - 475 قال المروذي: كان أبو عبد اللَّه لا يَجهل، وإن جُهل عليه احتمل وحلم ويقول: يكفيني اللَّه، ولم يكن بالحقود، ولا العجول، ولقد وقع بين عمه وجيرانه منازعة، فكانوا يجيئون إلى أبي عبد اللَّه، فلا يُظهر لهم ميله إلى عمه، ولا يغضب لعمه ويلقاهم بما يعرفونه من الكرامة، وكان أبو عبد اللَّه ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 291 والترمذي (2004) وابن ماجه (4246) والبخاري في "الأدب المفرد" (294) وصححه الحاكم 4/ 324. قال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب. وقال الألباني في "صحيح الترمذي" (1630): حسن الإسناد.

107 - خلق الحلم

كثير التواضع يحب الفقراء، لم أر الفقير في مجلس أحد أعز منه في مجلسه، مائل إليهم، مُقْصِرٌ عن أهل الدنيا، تعلوه السكينة والوقار، وإذا جلس في مجلسه بعد العصر لا يتكلم حتَّى يُسأل، وإذا خرج إلى مجلسه لم يتصدر، يقعد حيث انتهى به المجلس. وصحبته في السفر والحضر، وكان حسن الخلق، دائم البشر، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، وكان يحب في اللَّه ويبغض في اللَّه، وكان إذا أحب رجلًا أحب له ما يحب لنفسه، وكره له ما يكره لنفسه، ولم يمنعه حبه له أن يأخذ على يديه ويكفه عن ظلم أو إثم أو مكروه إن كان منه، وكان إذا بلغه عن رجل صلاح أو زهد أو اتباع الأثر سأل عنه، وأحب أن يجري بينه وبينه معرفة، وكان رجلًا وطيئًا إذا كان حديث لا يرضاه اضطرب لذلك، وتبين التغير في وجهه غضبًا للَّه، ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها، فإذا كان في أمر من الدين اشتد غضبه له. وكان أبو عبد اللَّه حسن الجوار، يؤذى فيصبر، ويحتمل الأذى من الجيران. "الآداب الشرعية" 2/ 7 107 - خُلُق الحلم قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن الأعمش، أخبرنا أو سمعت أبا صالح، عن رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: قال رجل للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أخبرني بعمل يدخلني الجنّة، وأقلل لعلي أعقله. قال: "لا تغضب" (¬1). "الزهد" ص 59 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 362 والبخاري (6116) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا ابن آتش، حدثنا منذر، عن وهب أن إبليس -لعنه اللَّه- جاء إلى سائح فأراده، فلم يستطع منه شيئًا، فقال له: إني أريد أن أصادقك. قال له السائح: ليس لي بصداقتك حاجة. قال: بلى؛ تسألني عما شئت أخبرك. قال: نعم. قال: بم تفتنون الناس؟ قال: إننا ننظر إلى أهل العجل منهم والحدة، فنلعب بهم؛ كما تلعب الصبيان بالأكرة. "الزهد" ص 128 قال عبد اللَّه، حدثني أبي، حدثنا أبو أسامة، عن سعيد بن برد قال: سمعت بردًا، عن سليمان بن موسى قال: ما جمع شيء إلى شيء أزين من علم إلى حلم. "الزهد" ص 264 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عفان، حدثنا عَرْعَرة بن البرند، حدثنا ابن عون، عن الحسن قال: قال الأحنف بن قيس: إني لست بحليم ولكني أتحلم. "الزهد" ص 286 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا أبو الأشهب، عن الحسن، في قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63] قال: حلماء لا يجهلون، وإن جُهل عليهم غفروا. "الزهد" ص 338 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن مصعب قال: سمعت مخلدًا يقول: أن أبا السوار العدوي أقبل عليه رجل بالأذى، فسكت، حتَّى إذا بلغ منزله أو دخل قال: حسبك إن شئت. "الزهد" ص 384

108 - خلق العفو

108 - خُلق العفو قال أبو الفضل صالح: دخلت على أبي يوفا فقلت: بلغني أن رجلًا جاء إلى فضل الأنماطي، فقال له: اجعلني في حل إذا لم أقم بنصرتك فقال فضل: لا جعلت أحدًا في حل، فتبسم أبي وسكت. فلما كان بعد أيام قال لي: مررت بهذِه الآية {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40]، فنظرت في تفسيرها، فإذا هو ما حدثني به هاشم بن القاسم، حدثني المبارك، حدثني من سمع الحسن يقول: إذا جئت الأمم بين يدي رب العالمين يوم القيامة، ونودوا: ليقم من أجره على اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، فلا يقوم إلَّا من عفا في الدنيا. قال أبي: فجعلت الميت في حل من ضربه إياي، ثم جعل يقول: وما على رجل ألا يعذب اللَّه تعالى بسببه أحدًا. "سيرة الإمام" برواية ابنه صالح 64 - 65 قال عبد اللَّه: قال أبي: حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن أبي عبد اللَّه الجدلي قال: قلت لعائشة رحمها اللَّه: كيف كان خلق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في أهله؟ قالت: كان أحسن الناس خلقا؛ لم يكن فاحشا، ولا متفحشا، ولا صَخَّابًا بالأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح. "الزهد" ص 9 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا إسماعيل -يعني: العبدي، عن أبي المتوكل أن أبا هريرة كانت له زنجية، فدعمتهم بعملها، فرفع عليها السوط يوما فقال: لولا القصاص لأغشيتك به، ولكن سأبيعك ممن يوفيني ثمنك، اذهبي فأنت للَّه عَزَّ وَجَلَّ. "الزهد" ص 221

109 - خلق الرحمة

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، وقال الأشهب، عن الحسن قال: كانوا يقولون: أفضل أخلاق المؤمنين العفو. "الزهد" ص 349 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا مروان بن شجاع -أبو عمرو- حدثني إبراهيم بن أبي عبلة العقيلي، من أيل بيت المقدس قال: غضب عمر بن عبد العزيز يوما على رجل غضبًا شديدًا فبعث إليه، فأتى به، فجرده ومده في الحبال، ثم دعا بالسياط حتَّى إذا قلنا هو ضاربه قال: خلوا سبيله، أما أني لولا أني غضبان لسؤته قال: وتلا هذِه الآية: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}. "الزهد" ص 364 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو أحمد، حدثنا رزام بن سعيد، عن أبيه قال: جاء الربيع بن خثيم إلى مسجدنا فربط بغلته ودخل المسجد يصلي فانحلت البغلة فَذُهب بها، فخرج، فسألنا، فقلنا: ما ندري. فقلنا له: أما تدعو عليه، فقال: ذروه لعله يتوب، فيتوب اللَّه عليه، ويستقبل العمل. "الزهد" ص 409 قال مهنا: سألت أحمد عن رجل ظلمني وتعدى علي، ووقع في شيء عند السلطان: أعين عليه عند السلطان؟ قال: لا، بل اشفع فيه إن قدرت. قلت: سرقني في المكيال والميزان، أدس إليه من يوقفه على السرقة؟ قال: إن وقع في شيء فقدرت أن تشفع له فاشفع له. "الآداب الشرعية" 2/ 191 109 - خُلُق الرحمة قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سفيان بن عيينة قال: كان يحيى

110 - خلق الأمانة

وعيسى عليهما السلام يأتيان القرية، فيسأل عيسى عليه السلام عن شرار أهلها، ويسأل يحيى عن خيار أهلها، فيقال له: لم تنزل على شرار الناس؟ قال: إنما أنا طبيب أداوي المرضى. "الزهد" ص 86 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة قال: قال عبد اللَّه: ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء. "الزهد" ص 199 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي راشد، عن أبي صالح الحنفي قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ رحيمٌ، لا يضعُ رحمتَه إلَّا على رحيم، ولا يدخلُ الجنّةَ إلَّا رحيما" قالوا: يا رسول اللَّه، إنا لنرحم أموالنا وأهلينا قال: ليس بذلك ولكن ما قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128] (¬1). "الزهد" ص 471 110 - خُلُق الأمانة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قولُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أدِّ إلى من ائتمنك" (¬2) قال: لا تأخذ إذا وقع له في يديك مالًا. قال: إذا كان غصب منه مالًا. ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 6/ 524 (17528)، وابن مردويه في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" 4/ 529. وقد ضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (1610). (¬2) رواه أبو داود (3535)، والترمذي (1264)، والدارمي 3/ 1692 (2639) وصححه الحاكم 2/ 46 قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وقال الألباني في "الصحيحة" (423): والحديث حسن، وله شواهد ترقيه إلى درجة الصحة أهـ بتصرف.

111 - خلق الكرم

قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3339) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا أبو معاوية، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه قال: مكتوب في الحكمة: لا تخن الخائن؛ خيانته تكفيه. "الزهد" ص 132 111 - خُلُق الكرم قال عبد اللَّه: قال أبي: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللَّه قال: ما سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن شيء قط، فقال: لا (¬1). "الزهد" ص 10 قال حبيش بن مبشر: قعدت مع أحمد بن حنبل ويحيى بن معين والناس متوافرون، فأجمعوا أنهم لا يعرفون رجلًا صالحًا بخيلًا. "طبقات الحنابلة" 1/ 392 112 - خلق الإحسان قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أخبرنا هشيم، أنبأنا مغيرة، عن الشعبي، قال: كان عيسى ابن مريم عليه السلام يقول: إن الإحسان ليس أن تحسن إلى من أحسن إليك، إنما تلك مكافأة بالمعروف، ولكن الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك. "الزهد" ص 74 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 307، والبخاري (6034)، ومسلم (2311).

باب معاملة الوالدين وبرهما

باب معاملة الوالدين وبرهما 113 - بر الوالدين ومنزلته قال صالح: قال أبي: وبلغني أن عامر بن عبد اللَّه بن الزبير قال: ما سألت اللَّه حاجة بعد موت أبي -إلَّا لأبي- إلَّا بعد سنة (¬1). "مسائل صالح" (700) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثني ابن آتش، أخبرنا منذر، عن وهب بن منبه، أن موسى سأل ربه عَزَّ وَجَلَّ فقال: يا رب، تأمرني؟ قال: بأن لا تشرك بي شيئًا قال: وبمه؟ قال: وبر والدتك. قال: وبمه؟ قال: وبر والدتك. قال: وبمه؟ قال: وبر والدتك، قال وهب: إن البر بالوالد يزيد في العمر، والبر بالوالدة يثبت الأجل. "الزهد" ص 84 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق قال: سمعت عمرو بن ميمون يقول: رأى موسى عليه السلام رجلا عند العرش، فغبطه بمكانه، فسأل عنه، فقالوا: نخبرك بعمله، لا يحسد الناس على ما آتاهم اللَّه من فضله، ولا يمشي بالنميمة، ولا يعق والديه، قال: أي رب، ومن يعق والديه؟ قال: يستسب لهما حتَّى يسبا. "الزهد" ص 85 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سعيد بن عامر، حدثنا عبد اللَّه بن المبارك، قال: قال محمد بن المنكدر: بتُّ أغمز رجل أمي، وبات ¬

_ (¬1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 28/ 243 أنه قال: مات أبي فما سألت اللَّه حولًا إلَّا العفو عنه.

عمر يصلي، وما يسرني أن ليلتي بليلته. "الزهد" ص 108 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا جعفر بن سليمان، عن هشام بن حسان، عن حفصة بنت سيرين، قالت: كان محمد إذا دخل على أمه لم يكلمها بلسانه كله تحشمًا لها. "الزهد" ص 372 قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي: حدثنا أبو معاوية الغلابي، حدثني سهل بن أسلم العدوي قال: عزاني عوف الأعرابي في أبي، قال: فقال لي: اعلم أن بعد هذا التفريق اجتماعًا، فإن استطعت أن تلق أباك وأنت لا تستحيي منه فافعل، إن كان له وصية فأنفذها، أو أمانة فأدها، أو دين فاقضه، أو رحم فصلها، واعلم أن بعد ذلك الاجتماع تفرقا ثم اجتماع لا تفرق بعده، أو تفرق لا اجتماع بعده. "الزهد" ص 376 قال الميموني: قلت لأبي عبد اللَّه، كان الشافعي يقول: بر الوالدين فرض؟ قال: لا أدري. قلت: فمالِك؟ قال: ولا أدري. قلت: فتعلم أن أحدًا قال: فرض؟ قال: لا أعلمه. قلت: ما تقول أنت فرض؟ قال: فرض! هكذا! ولكن أقول: واجب ما لم يكن معصية. ثم قال أبو عبد اللَّه: قال اللَّه تبارك وتعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: 23] {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14]. "العدة في أصول الفقه" 2/ 377، 4/ 1336، "المسودة" 1/ 165، "الآداب الشرعية" 1/ 462

114 - يستأذن الوالدان في طلب العلم؟

قال الميموني: قال لي: حديث ابن مسعود: سألت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-أي العمل أفضل؟ قال: "الصلاة لأول وقتها، وبر الوالدين" (¬1)، ويقول في الجهاد: "الزمها فإن الجنّة عند رجلها" (¬2)، ويقول: "ارجع فأضحكهما من حيث أبكيتهما" (¬3). قلت: فيه تغليظ من كتابٍ وسنة؟ قال: نعم. "الآداب الشرعية" 1/ 462 قال المروذي: قال أحمد: بر الوالدين كفارة للكبائر. "الآداب الشرعية" 1/ 463، "معونة أولي النهى 4/ 344 114 - يُستأذن الوالدان في طلب العلم؟ سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن: الرجل يستأذن والديه في الخروج في طلب الحديث، وفيما ينفعه؟ قال: إن كان في طلب علم فلا أرى به بأسًا، إن لم يستأمرهما في طلب العلم، وما ينفعه. "مسائل ابن هانئ" (1910) قال ابن هانئ: سألته عن: الرجل يكون له أبوان موسران يريد أن يطلب الحديث، فلا يأذنون له في طلب الحديث؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 409 - 410، والبخاري (537)، ومسلم (85). (¬2) رواه أحمد 3/ 430، والنسائي 6/ 11، وابن ماجة (2781)، من حديث معاوية بن جاهمة وصححه الحاكم 4/ 151، وكذا الألباني في "صحيح ابن ماجه (2241). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 160، وأبو داود (2528)، والنسائي في "الكبرى" 5/ 213 (8696، 8697)، وابن ماجة (2872) من حديث عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنهما-. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (2281). وهو في البخاري (3004)، مسلم (5972) دون موضع الشاهد.

115 - يستأذن الوالدان في الخروج للجهاد

قال: يطلب منه بقدر ما ينفعه. "مسائل ابن هانئ" (1932) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن رجل له والدة، يستأذنها أن يرحل يطلب العلم؟ فقال: إن كان جاهلًا، لا يدري كيف يطلق ولا يصلي، فطلب العلم أوجب، وإن كان عرف، فالمقام عليها أحب إلي. قلت: فإن كان يرى المنكر فلا يقدر أن يغيره؟ قال: يستأذنها، فإن أذنت له خرج. "الورع" (182) 115 - يُستأذن الوالدان في الخروج للجهاد قال أبو داود: سمعت أحمد سأله رجل، قال: أريد أن أخرج إلى الثغر في تجارة، ولي والدة، فتأذن لي في الغزو؟ فقال: انظر سرورها فيما هو؟ قال: هي تأذن لي. قال: إن أذنت من غير أن يكون في قلبها لطخ، وإلا فلا تَغْزُ. "مسائل أبو داود" (1511) قال المروذي: وأدخلت على أبي عبد اللَّه رجلًا -وهو حطاب- فقال: إن لي إخوة، وكسبهم من الشبهة، فربما طبخت أمُّنا، وتسألنا أن نجتمع، ونأكل. فقال له: هذا موضع بِشر (¬1)، لو كان حيّا كان موضعًا تسأله، أسأل اللَّه ألا يمقتنا، ولكن تأتي أبا الحسن عبد الوهاب (¬2)، فتسأله. ¬

_ (¬1) أي: بشر بن الحارث رحمه اللَّه. (¬2) هو: عبد الوهاب بن عبد الحكم صاحب الإمام أحمد.

116 - حدود الطاعة للوالدين

فقال له الرجل: فتخبرني بما في العلم. قال: قد روي عن الحسن: إذا استأذن والدته في الجهاد، فأذنت له، وعلم أن هواها في المقام، فليقم. "الورع" (181) قال أبو نعيم: سألت أحمد بن حنبل قلت: النفير يجيء، أيخرج الرجل من غير أن يأذن له أبواه؟ قال: إذا صح عنده أنهم قد جاءوا يخرج فيغيث المسلمين. "طبقات الحنابلة" 2/ 496 روى عنه أبو الحارث في الرجل يغزو وله والدةُ، قال: إذا أذنت له، وكان له من يقوم بأمرها. "الآداب الشرعية" 1/ 462 116 - حدود الطاعة للوالدين قال أبو داود: سمعت أحمد سُئلَ يطيع الرجل والديه أن يتخذ لهما المسكر، ويقول: هو عندي حلال؟ قال: لا يفعل؟ المسكر حرام. "مسائل أبي داود" (1656) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: الرجل يُهدى لأمه الشيء، وهو شبهة، فتعزم على ابنها أن يأكل، وهو يعلم أنه كسب يخالطه شبهة؟ فقال: إذا علم أنه حرام بعينه، فلا يأكل منه. "مسائل ابن هانئ" (1747) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: هل للوالدين طاعة في الشبهة؟ فقال: في مثل الأكل؟ فقلت: نعم. قال: ما أحب أن يقيم معهما عليها، وما أحب أن يعصيهما، يداريهما، ولا ينبغي للرجل أن يقيم

على الشبهة مع والديه لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من ترك الشبهة فقد أستبرأ لدينه وعرضه" (¬1)، ولكن يداري بالشيء بعد الشيء، فأنا أن يقيم معهما عليها فلا. "الورع" (168) قال المروذي: وسألت أبا عبد اللَّه عن الرجل، له والدان يسألانه أن يأكل معهما -أعني: من الشبهة؟ فقال: يداريهما. قلت: فإن لم يطعهما، عليه فيه شيء؟ قال: ما أحب أن يعصيهما، يداريهما. عن عطية السعدي -وكانت له صحبة- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به البأس" (¬2). عن عباس بن خليد قال: قال أبو الدرداء: أن إتمام التقوى، أن يتقي اللَّه العبد في مثقال ذرة، حتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حرامًا، يكون حجابًا بينه وبين الحرام، فإن اللَّه عز وجل قد بين للعباد الذي مصيرهم إليه. "الورع" (169 - 171) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 270، رواه البخاري (52) ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير -رضي اللَّه عنهما-. (¬2) رواه الترمذي (2451)، ابن ماجه (4215)، وعبد بن حميد في "المنتخب" (483) من طرق عن أبي عقبل الثقفي عن عبد اللَّه بن يزيد عن ربيعة بن يزيد وعطية بن قيس عن عطية السعدي به. قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وصححه الحاكم 4/ 319 فقال: صحيح الإسناد. قلت: عبد اللَّه بن يزيد الدمشقي قال الحافظ في "التقريب" (3714): ضعيف. أهـ. وبه ضعَّف الألباني الحديث فقال في "غاية المرام" (178) متعجبًا من تصحيح الحاكم: وهذا عجب منه خاصة، فإن عبد اللَّه بن يزيد -وهو الدمشقي- لم يوثقه أحد، بل قال الجوزجاني: روى عنه ابن عقيل أحاديث منكرة.

قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إن عيسى الفتاح قال: سألت يشر بن الحارث، هل للوالدين طاعة في الشبهة؟ قال: لا. فقال أبو عبد اللَّه: هذا سديد. وحدثني ميمون الغزّال قال: سألت بشر بن الحارث، فقال: لا تدخلني بينك وبين والدتك. "الورع" (172 - 173) قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه -وسأله رجل- فقال: والدتي ترسل إليها بعض النساء بالقصر بالشيء، فتريدني على أكله؟ قال: دارها. قال: أنها تحرج عليَّ. قال: دارها. ارفق بها. قال: أتوقاه. فأعجبه أن يكون يتوقى. قال أبو عبد اللَّه: أمر النساء أسهل من الشبهة. "الورع" (180) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن قريب لي، أكره ناحيته، يسألني أن أشتري له ثوبًا أو أسلم له غزلًا؟ فقال: لا تعنه ولا تشتري له، إلا أن تأمرك والدتك، فإن أمرتك فهو أسهل، لعلها أن تغضب. "الورع" (183) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه: عن الرجل يبعث به أبوه يتَّزن له دنانير من دار قد رهنها، والمرتهن يسكنها؟ قال: لا يعينه على ما لا يحل له، لا يذهب له. "الورع" (185) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يأمره والده أن يشتري له الثوب، أو الحاجة بالدراهم يكرهها؟ فكَرِهه. "الورع" (244) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يكونُ في بيتٍ فيه دِيباج،

يدعو ابنه لشيء؟ قال: لا يدخل عليه ولا يجلس معه. "الورع" (452) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل له والدٌ بين يديه مسكر، فيدعو ولده، ترى له أن يجيبه؟ قال: لا، لا يدخل عليه. "الورع" (457) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه: عن الرجل -يكون له الأخُ يشرب المسكر- ترسله والدته، يدعوه لها من الموضع الذي كان هو فيه، ترى أن يذهب؟ قال: نعم. لا يدعه يتزيّد، ولكن لا يدخل، يقوم خارجًا. "الورع" (506) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يعامل بالربا، يرسله والده يتقاضى له، ترى أن يذهب؟ قال: لا ينبغي له. "الورع" (507) قال المروذي: سمعت رجلًا من أهل حمص يقول لأبي عبد اللَّه: إني قد غبت عن أبي -وله كروم- ويسألني أن أعينه على بيع العصير؟ فقال: إن علمت أنه يعمله خمرًا فلا تعنه. "الورع" (536) قال علي بن الحسن المصري: سألته عن رجل يكون له والد يكون جالسًا في بيت مفروش بالديباج، يدعوه ليدخل عليه؟ قال: لا يدخل عليه، قلت: يأبى عليه والده إلا أن يدخل؟ قال: يقلب البساط من تحت رجليه ويدخل. "طبقات الحنابلة" 2/ 122، "الآداب الشرعية" 1/ 461 قال أبو موسى هارون بن عبد اللَّه السمسار: مرض شاب، فوصف له

117 - إذا أمراه بترك صوم أو صلاة النفل؟

الترفق -دواء يصب عليه من هذا المسكر- فامتنع الشاب أن يشرب وكانت له معرفة، فحلف عليه أبوه، وقال: أمه طالق ثلاثًا إن لم يشربه. قال أبو موسى: فجاءوني، فأتيت أبا عبد اللَّه أسأله عن هذِه المسألة، فسألته؟ فالتفت إليَّ مغضبًا، ثم قال: تريد مني أن أرخص له في شرب الحرام؟ لا يشربه. "طبقات الحنابلة" 2/ 517 روى أبو الحارث عنه: في رجل تسأله أمه أن "يشترى لها مِلْحَفة للخروج. قال: إن كان خروجها في باب من أبواب البر كعيادة مريض أو جار أو قرابة لأمر واجب لا بأس، وإن كان غير ذلك، فلا يعينها على الخروج. وروى جعفر بن محمد النسائي: قيل له: إن أمرني أبي بإتيان السلطان، له عليَّ طاعة. قال: لا. "الآداب الشرعية" 1/ 464 117 - إذا أمراه بترك صوم أَو صلاة النفل؟ نقل عنه أبو الحارث في رجل يصوم التطوع، فسأله أبواه أو أحدهما أن يفطر؟ قال: يُروى عن الحسن أنه قال: يفطر، وله أجر البر وأجر الصوم إذا أفطر. "الآداب الشرعية" 1/ 460 روى عنه هارون بن عبد اللَّه: في غلام يصوم وأبواه ينهيانه. قال: ما يعجبني أن يصوم إذا نهياه، لا أحب أن ينهياه -يعني: عن التطوع. "الآداب الشرعية" 1/ 460، "الفروع" 2/ 311 قال يوسف بن موسى: قلت: إذا أمره أبواه ألا يصلي إلا المكتوبة؟

118 - إذا أمراه بالتزوج؟

قال: يداريهما، ويصلي. وروى عنه أبو بكر بن حماد المقرئ في الرجل يأمره والده بأن يؤخر الصلاة ليصلي به، قال: يؤخرها. وروى أبو طالب عنه في الرجل ينهاه أبوه عن الصلاة في جماعة، قال: ليس له طاعة في الفرض. "الآداب الشرعية" 1/ 461 118 - إذا أمراه بالتزوج؟ قال صالح: قال أبي: إن كان له أبوان يأمرانه بالتزويج أمرته أن يتزوج، إذا كان شابًّا يخاف على نفسه العنت أمرته أن يتزوج. "مسائل صالح" (142)، وذكرها أبو داود عن أبى عبد اللَّه في "مسائله" (1124) روى جعفر عنه في الذي يحلف بالطلاق أنه لا يتزوج أبدًا؟ قال: إن أمره أبوه تزوج. "الآداب الشرعية" 1/ 475 119 - إذا أمراه بطلاق امرأته؟ قال سندي: سأل رجل أبا عبد اللَّه فقال: إن أبي يأمرني أن أطلق امرأتي؟ قال: لا تطلقها. قال أليس عمر أمر أبنه عبد اللَّه أن يطلق امرأته (¬1)؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 20 وأبو داود (5138)، والترمذي في (1189)، وابن ماجه (2088) من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (950)، و"صحيح ابن ماجه" (1698).

120 - إذا منعاه من الزواج؟

قال: حتى يكون أبوك مثل عمر -رضي اللَّه عنه-. "طبقات الحنابلة" 1/ 456، "الآداب الشرعية" 1/ 475 وروى محمد بن موسى عنه: أنه لا يطلق لأمر أمه، فإن أمره الأب بالطلاق طلق، إذا كان عدلا. "الآداب الشرعية" 1/ 475 وروى بكر بن محمد عن أبيه، عن أحمد: إذا أمرته أمه بالطلاق، لا يعجبني أن يطلق؛ لأن حديث ابن عمر في الأب. "الآداب الشرعية" 1/ 477 120 - إذا منعاه من الزواج؟ روى المروذي عن أبي عبد اللَّه قال: إذا كان الرجل يخاف على نفسه، ووالداه يمنعانه من التزوج فليس لهم ذلك. قال له رجل: لي جارية وأمي تسألني أن أبيعها؟ قال: لا تبعها. قال: إنها تقول: لا أرضى عنك أو تبيعها؟ قال: إن خفت على نفسك فليس لها ذلك. "الآداب الشرعية" 1/ 476 121 - أمر الوالدين بالمعروف ونهيهما عن المنكر قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل له والدة تسيء الصلاة والوضوء؟ قال: يأمرها ويعلمها. قال: تأبى أن يعلمها، تقول: أنا أكبر منك، تعلمني؟ قال: فترى له أن يهجرها، أو يضربها على ذلك؟

قال: لا، ولكن يعلمها، ويقول لها وجعل يأمره أن يأمرها بالرفق. "مسائل أبي داود" (1803) قال ابن هانئ: وسألته عن: رجل له أبوان ولهما كَرْم، وهما يعصران عنبه، ويجعلانه خمرًا، فيبيعانه، أفيأكل من مالهما؟ قال: يأمرهم وينهاهم، فإن لم يقبلا منه، يخرج، لا يأوي معهم. "مسائل ابن هانئ" (1768) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه: وسئل عن رجل له أب مُربٍ، ويرسله يتقاضى له، ترى أن يفعل؟ قال: لا، ولكن يقول له: لا أذهب حتى تتوب. "الورع" (184) قال حرب: قلت لإسحاق: الرجل يأمر أباه بالمعروف وينهاه عن المنكر؟ قال: في رفق، عظه، ولا تفعله على رءوس الناس. "مسائل حرب" ص 348 روى يوسف بن موسى عنه قال: يأمر أبويه بالمعروف وينهاهما عن المنكر. وروى حنبل عنه قال: إذا رأى أباه على أمر يكرهه، يكلمه بغير عنف ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام، ليس الأب كالأجنبي. وروى يعقوب بن يوسف عنه قال: إذا كان أبواه يبيعان الخمر لم يأكل من طعامهما، ويخرج عنهما. "الآداب الشرعية" 1/ 476

باب معاملة الأولاد

باب معاملة الأولاد 122 - تربية الأولاد وتأديبهم قال عبد اللَّه، حدثنا أبي، أخبرنا عبد الصمد، حدثني عبد اللَّه بن بكر المزني قال: سمعت أبي يحدث، عن لقمان قال: ضرب الوالد لولده كالسماد للزرع. "الزهد" ص 121 قال الأثرم: سُئل أحمد عن ضرب المعلم الصبيان؟ قال: على قدر ذنوبهم، ويتوقى بجهده الضرب، وإذا كان صغيرًا لا يعقل فلا يضربه. "المغني" 8/ 116، "الآداب الشرعية" 1/ 477 قال الشالنجي: سألت أحمد عما يجوز فيه ضرب الولد؟ قال: الولد يضرب على الأدب. وقال حنبل: إن أبا عبد اللَّه قال: اليتيم يؤدب ويضرب ضربًا خفيفًا. "الآداب الشرعية" 1/ 477 123 - تعليمهم القرآن قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يكونُ للرجلِ ساعة يقرأُ فيها أحبُّ إليكَ، أو يعلم ابنه القرآنَ، أو يقرأ؟ قال: إذا عَلَّمه يرسخ القرآن فيه. كَأنَّه اختارَ التعليمَ على القراءةِ. "مسائل الكوسج" (3375) 124 - ضربهم على الصلاة، والتفريق بينهم في المضاجع قال الخلال: أخبرني منصور بن الوليد، أن جعفر بن محمد حدثهم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن الغلام إذا بلغ عشر سنين، قال: يُفرق

125 - يستحب أن يستأذن الصبي إذا بلغ

بينهم في المضاجع، ويُضرب على الصلاة. وقال: أخبرني جعفر بن محمد، أن يعقوب بن بختان حدثهم: أن أبا عبد اللَّه سئل عن الصبي متى يؤمر بالصلاة؟ قال: يؤمر بالصلاة لسيع، ويُضرب عليها لعشر، ويُفرق بينهم في المضاجع. وقال: أخبرني محمد بن علي، قال: حدثنا مهنا، قال: وقال أحمد: ويؤمر الغلام بالصلاة لسبع، ويُضرب عليها لعشر، ويُفرق بينهم في المضاجع لعشر. وقال: أخبرني عبد اللَّه بن محمد بن عبد الحميد، قال: حدثنا بكر بن محمد، قال: سئل أبو عبد اللَّه: في كم يؤمر الصبي بالصلاة؟ فذكر الجواب، قال: ويُفرق بينهم في المضاجع لعشر، الغلام عن الغلام، والجاريه عن الجارية، قال: لأنه يهيج لعشر. "أحكام النساء" للخلال (78 - 82) قال الشالنجي: وسألت أحمد: هل يضرب الصبي على الصلاة؟ قال: إذا بلغ عشرًا. "الآداب الشرعية" 1/ 477 125 - يستحب أن يستأذن الصبي إذا بلغ قال الخلال: وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد أنه قال لأبي عبد اللَّه في الغلام، سن عشر؟ قال: تضربه على الصلاة لعشر. قلت: يُفرق بينهم في المضاجع لعشر؟ قال: نعم، إذا ضربوا على الصلاة، فُرَّق بينهم في المضاجع. قلت: وإذا كان رجلًا، أستأذن؟ قال: إني لأجما أن يستأذن، وما أكره ذاك. "أحكام النساء" (77)

باب معاملة المملوك

باب معاملة المملوك 126 - الحث على حسن المعاملة والرفق به قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِلَ عن قوله: "لا يدخل الجنة سيئ الملكة". قال: أن يسيء إلى مملوكه. "مسائل أبو داود" (1831) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن بكر، حدثنا علي بن مسعدة، قال: سمعت عبد اللَّه بن الرومي يقول: كان عثمان رحمه اللَّه إذا قام من الليل يأخذ وضوءه، قال: فقال له أهله: ألا تأمر الخدم يعطونك وضوءك؟ قال: لا إن النوم لهم يستريحون فيه. "الزهد" ص 158 127 - فيما يؤدب المملوك؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يَضربُ الرجلُ رقيقَه؟ قال: إي واللَّه، يؤدَّبُهم على تركِ الصَّلاةِ وعلى المعصيةِ، ولا يجاوز فوقَ عشر جلدات، ويعفو عنه، فيما بينه وبينه، قال إسحاقُ: أجادَ. "مسائل الكوسج" (2429) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل عن المملوك فيما يؤدب؟ قال: في صلاف، وفي فرائضه، وإذا حمل ما يطيق. قيل لأحمد: فضرب -يعني: مملوكته- على هذا فاستباعت وهو يكسوها مما يلبس ويطعمها مما يأكل؟

128 - حق المملوك والمملوكة

قال: لا تباع. قيل لأحمد: وإن أكثرت من ذلك -يعني: أن تستبيع؟ قال: لا تباع إلا أن تحتاج إلى زوج، فتقول: زوجني. "مسائل أبو داود" (1830) نقل حرب عنه: لا يضربه إلا في ذنب بعد عفوه عنه مرةً أو مرتين، ولا يضربه شديدًا. ونقل حنبل عنه: لا يضربه إلا في ذنب عظيم، لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- "إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها" (¬1). "الفروع" 5/ 606 128 - حق المملوك والمملوكة قال عبد اللَّه: سألت أبي: ما حق المملوك؟ قال: يشبعه ويكسوه ولا يكلفه ما لا يطيق. فقال: إذا بلغ المملوك يزوجه، فإن أبى تركه. "مسائل عبد اللَّه" (1229) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 375، والبخاري (2152)، ومسلم (1703) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

129 - باب صلة الأرحام

129 - باب صلة الأرحام قال المروذي: أدخلت على أبي عبد اللَّه رجلًا قدم من الثغر، فقال: لي قرابة بالمراغة، فترى لي أن ارجع إلى الثغر، أو ترى أن أذهب، فأسلم على قرابتي، وإنما جئت قاصدًا لأسألك؟ فقال له أبو عبد اللَّه: قد روي: "صلوا أرحامكم ولو بالسلام" (¬1)، استخر اللَّه، واذهب فسلم عليهم. "الآداب الشرعية" 1/ 477 قال مثنى بن جامع: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل يكون له القرابة من النساء، فلا يقومون بين يديه، فأيش يجب عليه من برهم؟ وفي كم ينبغي أن يأتيهم؟ قال: اللطف والسلام. وقال الفضل بن عبد الصمد لأبي عبد اللَّه: رجل له إخوة وأخوات بأرض غصب، ترى أن يزورهم؟ قال: نعم، ويزورهم ويراودهم على الخروج منها، فإن أجابوا إلى ذلك وإلا لم يقم معهم، ولا يدع زيارتهم. "الآداب الشرعية" 1/ 478 ¬

_ (¬1) روى البزار كما في "كشف الأستار" (1877) عن ابن عباس مرفوعًا "بلُّوا أرحامكم ولو بالسلام". قال الهيثمي 8/ 152، فيه يزيد بن عبد اللَّه بن البراء الغنوي وهو ضعيف. وروى الطبراني كما في "المجمع" 8/ 152 عن أبي الطفيل مرفوعًا: "صلوا أرحامكم بالسلام" قال الهيثمي: رواه الطبراني، وفيه راو لم يسم. وروى ابن عدي في "الكامل" 7/ 348 عن ابن عمر مرفوعًا، ترجمة محمد بن عبد الملك الأنصاري. وروى البيهقي في "شعب الإيمان" 6/ 226 (7972) عن سويد بن عامر مرفوعًا كحديث ابن عباس، لكنه مرسل. قال: ومعناه: صلوا أرحامكم فكأنه جعل وصل الرحم كتسكين [في المطبوع:

باب معاملة الجار

باب معاملة الجار 130 - حد الجوار قال ابن هانئ وسئل عن: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الجوار؟ قال: أربعين دارًا يمنة، وشرة، وقدام، وخلف (¬1). "مسائل ابن هانئ" (2014) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل: أوصى أن يفرق من ثلثه في جيرانه فما حد الجوار عندك؟ فقال: حد الجوار ثلاثون دارًا حول دارك، وأشار بيده وأدارها، ورواه الأوزاعي، عن الزهري، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هذا من حديث الوليد بن مسلم. "مسائل عبد اللَّه" (1393) ¬

_ = لتسكين] الحرارة بالماء، قاله الحليمي حكاية عن غيره. وروى بعده عن أنس بن مالك مثله. وصححه الألباني في الصحيحة (1777). (¬1) رواه أبو يعلى 10/ 385 (5982)، وابن حبان في "الضعفاء" 2/ 150 من حديث قال العراقي في "تخريج الإحياء" 200/ 522 (2021): ضعيف. قال الهيثمي في "المجمع" 8/ 168: رواه أبو يعلى عن شيخه محمد بن جامع العطار، وهو ضعيف. والحديث ضعفه الألباني في "الضعيفة" (276) وقال في (277): أخرج أبو داود في "المراسيل" [350] عن الزهري مرسلا مرفوعًا وفيه قيل للزهري: وكيف أربعون دارًا؟ قال: أربعون عن يمينه وشماره وخلفه ويديه. ورجاله ثقات فهو صحيح عند من يحتج بالمرسل، فكل ما جاء تحديده عن -صلى اللَّه عليه وسلم- بأربعين ضعيف لا يصح، فالظاهر أن الصواب تحديده بالعرف؟ بتصرف. قلت: روى مسلم (46) من حديث أبي هريرة بلفظ: "لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه"

131 - التحذير من جار السوء

131 - التحذير من جار السوء قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا إسماعيل، عن يونس، عن الحسن، قال: قال لقمان لابنه: يا بني، حملت الجندل والحديد، فلم أجد أثقل من جار السوء. "الزهد" ص 130 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، أنبأنا يونس، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المؤمنُ مَنْ أمِنَه النّاسُ، ألا إن المهاجر مَنْ هَجَرَ السوءَ، ألا إن المسلمَ مَنْ سَلمَ مِنْهُ جاره، والذي نفْسي بيده لا يدخلُ الجنةَ رجلٌ لا يأمنُ جارُه بوائقَه" (¬1). "الزهد" ص 471 132 - حقوق الجار قال أبو داود: ذكرتُ لأحمد حديث النبيِّ: "إذا طبختَ قدرًا فأكثر ماءه وأهد لجيرانك" (¬2) قيلَ: أحذنا يكونُ في دار السبيل فيطبخُ القدر، ومعه في الدار ثلاثون أو أربعون نفسًا، كيف يعطيهم؟ ¬

_ (¬1) رواه مرسلًا عن الحسن بهذا الإسناد الحسنُ بنُ الحسين بن حرب المروزي في "البر والصلة" ص 131 (260)، والإمام أحمد 3/ 154 عن عفان عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد ويونس وحميد، عن الحسن به، ورواه موصولا الإمام أحمد 3/ 154، وأبو يعلى 7/ 199 (4187) من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد ويونس بن عبيد وحميد عن أنس به وصححه ابن حبان 2/ 164 (510)، والحاكم 1/ 11. قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 54: رجاله رجال الصحيح إلا علي بن زيد، وقد شاركه فيه حميد ويونس بن عبيد. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 149، ومسلم (2625) من حديث أبي ذر.

قال: يبدأُ بنفسه؛ قال: النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ" (¬1) فإن فضل فضلٌ أعطاهُ. قلتُ: يعطي الأقرب إليه؟ قال: نعم، وكيف يمكنهُ يعطيهم كلَّهم؟ ! قلت لأحمد: لعلَّ الذي هو جاره يتهاونُ بذلك القدر وليس له عندهُ موقعٌ؟ فرأيتُ أنَّه رآهُ واسعًا ألا يبعث إليه. "مسائل أبي داود" (1835) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا القواريري، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن أبيه، عن عباية بن رفاعة، عن عمر -رضي اللَّه عنه- قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا يشبع الرجل دون جاره" (¬2). "الزهد" ص 147 ¬

_ (¬1) هذا عجز حديث رواه الإمام أحمد 2/ 476، والبخاري (1428) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول". واللفظ للإمام أحمد. ورواه أيضًا الإمام أحمد 3/ 403، والبخاري (1427)، ومسلم (1034) من حديث حكيم بن حزام -رضي اللَّه عنه-. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 54، والحاكم 4/ 167 وسكت عنه، قال الذهبي في "المختصر" قلت: سنده جيد. وروى البخاري في "الأدب المفرد" (112)، وأبو يعلى 5/ 92 (2699)، والحاكم 4/ 167 وصححه عن ابن عباس مرفوعًا: "ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه". قال الألباني: صحيح، وانظر "الصحيحة" (149).

133 - استحباب السترة لمن يشرف على جاره لأجل النظر

133 - استحباب السترة لمن يشرف على جاره لأجل النظر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: رجل أشرفَ على جارِه، على من السترةِ؟ قال: على مَنْ يُشرف. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3341) روى عنه محمد بن يحيى الكحال في الذي يكون أعلى من جاره، قال: يستر على نفسه. "الأحكام السلطانية" ص 304 134 - إن كان الجار صاحب بدعة أو معصية؟ روى إسماعيل بن إسحاق الثقفي النيسابوري أن أبا عبد اللَّه سئل عن رجلٍ له جارٌ رافِضي، يُسلِّم عليه؟ قال: لا، وإذا سلَّم عليه لا يرد عليه. "طبقات الحنابلة" 1/ 178، "الآداب الشرعية" 1/ 255 قال الأثرم: قُلْتُ لِأبي عَبْدِ اللَّهِ: كانَ لِي جارٌ يَشْرَبُ المُسْكِرَ، أُسَلِّمُ عَلَيْهِ؟ فَسَكَتَ، وَقَدْ قال لي فِي بَعْضِ هذا الكَلامِ: لا تُسَلِّمْ عَلَيْهِ ولا تُجالِسْهُ. "الآداب الشرعية" 1/ 273

باب معاملة الإخوان

باب معاملة الإخوان 135 - فضل الإخوة في اللَّه قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا إسحاق بن عيسى قال: سمعت سليمان بن المغيرة، يحدث عن ثابت، عن مطرف بن عبد اللَّه، قال: لقاء إخواني أحب إليَّ من لقاء أهلي؛ أهلي يقولون: يا أبي، يا أبي، وإخواني يدعون اللَّه لي بدعوة، أرجو فيها الخير. "الزهد" ص 296 قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا سفيان بن عيينة قال: قال لي أيوب: إنه ليبلغني موت الرجل من إخواني، فكأنما سقط عضو من أعضائي. "العلل" (93) قال عبد اللَّه بن محمد البغوي: سمعت الإمام أحمد بن حنبل يقول: إذا مات أصدقاء الرجل ذَلَّ. "مسائل البغوي" (106) قال عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: سئل أبي، لم لا تصحب الناس، قال: لوحشة الفراق. "المناقب" ص 213، "سير أعلام النبلاء" 11/ 31، "الآداب الشرعية" 2/ 167 136 - من هو الخليل؟ قال يحيى بن أكثم: ذكرت لأحمد يومًا بعض إخواننا وتغيره علينا، فأنشأ أبو عبد اللَّه يقول: وليس خليلي بالملول ولا الذي ... إذا غبت عنه باعني بخليل

137 - فضيلة الحب في الله

ولكن خليلي من يدوم وصاله ... ويحفظ سري عند كل خليل "الآداب الشرعية" 2/ 227 137 - فضيلة الحب في اللَّه قال أبو الفضل صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بَلْج، عن عمرو بن ميمون، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ أَحَبَّ أنْ يجد طَعْمَ الإيمانِ فليحب المرءَ لا يحبه إلا للَّه" (¬1). "مسائل صالح" (785) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 298 بهذا الإسناد، وزاد: هاشم، عن شعبة، عن يحيى بن أبي سليم، عن عمرو بن ميمون به. ورواه إسحاق بن راهويه 1/ 281 (253) عن النضر بن شميل، والحاكم 1/ 3 - 4 من طريق عاصم بن علي، و 4/ 168 من طريق آدم بن أبي إياس، والبيهقي في "الشعب" 6/ 482 (8988) من طريق روح بن عبادة، أربعتهم -النضر، وعاصم، وآدم، وروح- عن شعبة، عن أبي بلج به. قال الحاكم: هذا حديث لم يخرج في الصحيحين، وقد احتجا جميعًا بعمرو بن ميمون عن أبي هريرة، واحتج مسلم بأبي بلج هو حديث صحيح لا يحفظ له علة ورواه البزار كما في "كشف الأستار" (63) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة -في المطبوع سعيد وهو تحريف واضح- عن أبي بلج به. ومن طريق يزيد، عن شعبة، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن عمرو به. وقال: لا نعلم أحدًا رواه عن شعبة عن أشعث إلا يزيد، ولم يتابع عليه، والصواب عندي حديث أبي بلج، عن عمرو، عن أبي هريرة ا. هـ. قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 90: رواه أحمد والبزار، ورجاله ثقات. وقال الألباني في "الصحيحة" (2300): إسناده حسن.

قال المروزي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: وسئل عن الحب في اللَّه، فقال: هو ألا تحب لطمع دنيا. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (373) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حجاج بن محمد اليزيدي، أنبأنا شَريك، عن أبي سنان، عن عبد اللَّه بن أبي الهذيل، عن عمار بن ياسر أن أصحابه كانوا ينتظرونه فلما خرج، قالوا: ما أبطأك عنّا أيها الأمير، قال: أما إني سوف أحدثكم: إنَّ أخًا لكم ممن كان قبلكم؛ وهو موسى عليه السلام قال: يارب، حدثني بأحب الناس إليك. قال: ولم؟ قال: لأحبه بحبك إياه. قال: عبد في أقصى الأرض -أو في طرف الأرض- سمع به عبد آخر في أقصى الأرض -أو في طرف الأرض- لا يعرفه فإن أصابته مصيبة فكأنما أصابته، وإن شاكته شوكة فكأنما شاكته، لا يحبه إلا لي، فذلك أحب خلقي إليَّ. قال: يارب، خلقتَ خلقًا تدخلهم النار وتعذبهم؟ فأوحى اللَّه عز وجل إليه: كلهم خلقي، ثم قال: ازرع زرعًا. فزرعه، فقال: أسقه فسقاه، ثم قال له: قم عليه. فقام عليه أو ما شاء اللَّه من ذلك فحصده ورفعه، فقال: ما فعل زرعك يا موسى؟ قال: فرغتُ منه، ورفعتُه. قال: ما تركتَ منه شيئا؟ قال: ما لا خير فيه أو: ما لا حاجة لي فيه، قال: كذلك أنا؛ لا أعذب إلا من لا خير فيه، أو: ما لا حاجة لي فيه. "الزهد" ص 110 - 111 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن غَيْلان بن جرير، قال: سمعت مطرفًا، يقول: ما تحابَّ قوم قط في اللَّه عز وجل إلا كان أفضلهما أشدهما حبًا لصاحبه، فذكرت ذلك

للحسن، فقال: صدق. "الزهد" ص 292 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أسود بن عامر، حدثنا حماد، عن ثابت، عن مسلم بن يسار، قال: ما من شيء من عملي إلا وأنا أخاف أن يكون قد دخله شيء أفسده، إلا الحب في اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 306 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو داود، حدثنا عمران، عن قتادة، عن مسلم بن يسار قال: مرضت مرضة فلم أجد شيئًا أوثق في نفسي من قوم كنت أحبهم لا أحبهم إلا للَّه عز وجل. "الزهد" ص 311 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سفيان قال: قال رجل لمسروق: إني أحبك في اللَّه، قال: إنك أحببت اللَّه فأحببت من يحب اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 420 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا مؤمل، حدثنا سفيان، عن أبي الجحّاف، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، قال: ما تحابَّ رجلان في اللَّه عز وجل إلا كان أفضلهما أشدهما حبًا لصاحبه. "الزهد" ص 455 قال: أبو بكر أحمد بن محمد بن الحجاج: سمعت أبا عبد اللَّه -ولقيه رجل كان داهية في شيء- فقال أبو عبد اللَّه: لو صححت ما خفت أحدًا، قال: وسمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن الحب في اللَّه، فقال: ألا يحبَّه لطمع دنيا. "المناقب" ص 254

138 - يستحب له أن يخبره بأنه يحبه

138 - يستحب له أن يخبره بأنه يحبه قال إبراهيم بن إسحاق الحربي: وسمعت أحمد بن حنبل، يقول لأحمد بن حفص الوكيعي: يا أبا عبد الرحمن إني لأحبك. حدثنا يحيى، عن ثَوْر، عن حبيب بن عبيد، عن المقدام قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه" (¬1). "المناقب" ص 283، "سير أعلام النبلاء" 11/ 319 139 - لا يُغالى في الحب والبغض قال أبو الفضل صالح: وسألته عن حديث ابن عباس: "إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو" (¬2)؟ قال أبي: لا تغلو في كل شيء حتى الحب والبغض. "مسائل صالح" (204) قال الفضل بن زياد: كتبت إلى أبي عبد اللَّه أسأله عن حديث ابن عباس: "إياكم والغلو" (¬3) ما معنى الغلو؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام 4/ 130، وأبو داود (5124)، والترمذي (2392)، والنسائي في "الكبرى" 6/ 59 (10034). قال الترمذي: حديث المقدام حديث حسن صحيح غريب. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (1950)، و"الصحيحة" (417). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 147، والنسائي 5/ 268 - 269، وابن ماجه (3029)، وصححه ابن خزيمة 4/ 274 (2867)، وابن حبان 9/ 183 (3871)، والحاكم 1/ 466، وكذا الألباني في "صحيح ابن ماجه" (2455)، و"الصحيحة" (1283). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 147، من طريق ابن لهيعة، عن كعب بن علقمة، عن أبي كثير مولى عقبة بن عامر، عن عقبة بن عامر مرفوعًا: "من ستر مؤمنًا كان كمن أحيا موءودة من قبرها".

140 - الشوق إليهم والتسلي بهم

فأتاني الجواب: يغلو في كل شيء في الحب والبغض. "بدائع الفوائد" 4/ 56 140 - الشوق إليهم والتسلي بهم قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا معتمر بن سليمان، عن عمار المعولي، عن الحسن، أن عمر رحمه اللَّه كان يذكر الأخ من إخوانه بالليل، فيقول: ما أطولها من ليلة! فإذا صلى الغداة غدا إليه، فإذا لقيه التزمه، أو اعتنقه. "الزهد" ص 152 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أسود بن عامر، حدثنا جرير بن حازم قال: كنا عند الحسن، فقال ابنه: خففوا عن الشيخ، فإنه لم يطعم، وقد انتصف النهار، فانتهره الحسن، وقال: مه! دعهم، فواللَّه إن كان الرجل من المسلمين ليزور أخاه، فيتحدثان، ويذكران ربهما حتى يمنعه قائلته. "الزهد" ص 343 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، قال: سمعتُ مالكًا يقول: كم من رجل يحب أن يلقى أخاه وأن يزوره، فيمنعه من ذلك الشغل أو الأمر يعرض، عسى اللَّه أن يجمع بينهما في دار لا فرقة ¬

_ = ورواه أبو داود (4892) من طريق إبراهيم بن نشيط، عن كعب بن علقمة، عن أبي الهيثم، عن عقبة بن عامر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة". ورواه (4891) من طريق إبراهيم بن نشيط بمعناه فأدخل دخينا بن أبي الهيثم وعقبة. ورواه النسائي في "الكبرى" 4/ 307 - 308 من طرق عن إبراهيم بن نشيط به. والحديث ضعفه الألباني في "الضعيفة" (1265).

141 - كسوتهم والإغداق عليهم

فيها، ثم يقول مالك: وأنا أسأل اللَّه أن يجمع بيننا وبينكم في ظل طوبى ومستراح العابدين. "الزهد" ص 388 141 - كسوتهم والإغداق عليهم قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني عفان، حدثنا جعفر بن سليمان، قال: حدثنا بعض أصحابنا، قال: كان مُورق العجلي يَتَّجِر، فيصيب المال، فلا يأتي عليه جمعة وعنده منها شيء، كان يلقى الأخ فيعطيه أربعمائة، خمسمائة، ثلاثمائة، فيقول: ضعها لنا عندك حتى نحتاج إليها، ثم يلقاه بعد فيقول: شأنك بها ويقول الآخر: لا حاجة لي فيها، فيقول: أما واللَّه ما نحن بآخذيها أبدًا، فشأنك بها. "الزهد" ص 380 - 381 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو الربيع الواسطي، قال: سمعت حفص بن غياث، قال: دخل سفيان الثوري على مجمع التيمي، قال: فإذا في إزار سفيان خرق، قال: فأخذ أربعة دراهم، فناول سفيان، فقال: اشتر إزارًا. قال سفيان: لا احتاج إليها. قال مجمع: صدقت أنت لا تحتاج، ولكن أنا احتاج. قال: فأخذها، فاشترى بها إزارًا، قال: فكان سفيان يقول: كساني مجمع جزاه اللَّه خيرًا. وقال سفيان: ليس شيء من عملي أرجو أن لا يشوبه شيء كحبي مجمعًا التيميَّ. "الزهد" ص 455

142 - إطعامهم أطيب الطعام

142 - إطعامهم أطيب الطعام قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي، حدثني أبو معاوية، حدثني رجل من أهل البصرة قال: كان للحسن بيت إذا فتح بابه فهو إذنه، فمن جاءه من أصحابه فرأى الباب مفتوحًا دخل، قال: فجاء رجل فرأى الباب مفتوحًا، فدخل، فنظر، فلم ير الحسن في البيت، قال: فنظر إلى سل تحت سريره، فجره إليه فإذا فيه طعام، فأقبل يأكل منه، قال: وأقبل الحسن من مخرج له، فلما رأى ما يصنع الرجل قام ينظر إليه، ثم جعلت عينه تدمع، وجعل يبكي، فقال له الرجل: ما يبكيك يا أبا سعيد؟ قال: ذكرتني أخلاق قوم مضوا. "الزهد" ص 379 - 380 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو أسامة، حدثني بدر بن جليل الأسدي، حدثني إسماعيل بن سعيد، قال: دخلت على حَيَّةَ العرني، فقدّم إليّ دقة ورطبة -يعني: القداح- فقال: كُلْ، فلو كان في البيت شيء أطيب من هذا لأطعمتك، ثم قال: كان عليٌّ عليه السلام يقول: إذا دخل عليك أخوك المسلم فأطعمه من أطيب ما في بيتك، فإن كان صائمًا فارهنه. "الزهد" ص 467 قال ابن الجوزي: أخبرنا محمد بن ناصر، قال: أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد، قال: أنا هلال بن محمد الحفار، قال: ثنا الخلدي، وأنبأنا هبة اللَّه بن أحمد الحريري، قال: نبأنا محمد بن علي بن الفتح، قال: قرئَ على أبي الحسن الدارقطني، حدثنا جعفر بن نصير، ثنا أبو الفضل بن العباس بن يوسف السائح، قال: حدثني عمي محمد بن إسماعيل بن العلاء، قال: حدثني أبي، قال: دعاني رزق اللَّه

143 - خدمتهم

الكلْواذيّ، فقدم إلينا طعامًا كثيرًا، وكان في القوم أحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعِين، وأبو خيثمة وجماعة، فقدّم لَوْزِينَجًا أنفق عليه ثمانين درهما، فقال أبو خيثمة: هذا إسراف، فقال أحمد بن حنبل: لا، لو أن الدنيا جمُعت حتى تكون في مقدار لقمة، ثم أخذها امرؤ مسلم، فوضعها في فم أخيه المسلم لما كان مسرفًا، فقال له يحيى: صدقت يا أبا عبد اللَّه. "المناقب" ص 262 143 - خدمتهم قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سليمان بن داود، أنبأنا شعبة، عن عبد اللَّه بن عمران الفريعي، قال: سمعت مجاهدًا، يقول: صحبت ابن عمر رحمه اللَّه وأنا أريد أن أخدمه، فكان يخدمني أكثر. "الزهد" ص 241 144 - تمريضهم والانحباس عن السفر من أجلهم قال ابن هانئ: وسأله رجل من الحاج عن رجل منهم حبس، وأرادوا أن يخرجوا ويتركوه؟ فقال لهم أبو عبد اللَّه: أقيموا عليه لعلكم تستخرجونه. "مسائل ابن هانئ" (1974) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني عبد الرزاق، أنبأنا معمر، أن طاوسًا أقام على رفيق له مرض حتى فاته الحج، وقال: مرة عن رجل. "الزهد" ص 450

145 - حفظ أسرارهم

قال المَرُّوذِيُّ: سَمِعْت أبا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَدْ كُنْتُ رافَقْتُ يَحْيَى وَنَحْنُ بِالْكُوفَةِ، فَمَرِضَ، قال: فَتَرَكْتُ سَماعِي، وَرَجَعْتُ مَعَهُ إلَى بَغْدادَ، قال: فشْكَرَ لِي ذَلِكَ. "الآداب الشرعية" 2/ 191 145 - حفظ أسرارهم قال الحسن بن ثواب: كنت إذا دخلت إلى أبي عبد اللَّه يقول لي: إني أفشي إليك ما لا أفشيه إلى ولدي ولا إلى غيرهم. فأقول له: لك عندي ما قال العباس لابنه عبد اللَّه: إن عمر بن الخطاب يكرمك ويقدِّمك، فلا تفشينَّ له سرًّا. فإن أمت فقد ذهب، وإن أعش فلن أحدث بها عنك يا أبا عبد اللَّه، فيفشي إليه أشياء كثيرة. "طبقات الحنابلة" 1/ 353 146 - قضاء حوائج أهليهم عند تغيبهم قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن هشام، عن الحسن قال: أدركت أقوامًا إن كان الرجل ليخلف أخاه في أهله أربعين عامًا. "الزهد" ص 320 147 - حب الخير لهم قال ابن الجوزي: أخبرنا محمد بن أبي منصور: قال: أنا عبد القادر بن محمد، قال: أنبأنا إبراهيم بن عرم، قال: أَنبأَنا عبد العزيز بن جعفر، قال:

148 - النصح لهم

أَنا أبو بكر الخلال، قال: حدثنا محمد بن أَحمد الصائغ، قال: سمعت أبا العباس النسائي يقول: كان أَحمد بن حنبل إذا جاء إلى المحدث أستأذن لأصحاب الحديث حتى يسمعوا بسببه. "المناقب" ص 94 148 - النصح لهم قال ابن هانئ: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: سمعت ابن السماك يقول: كتبت على رجل: إن استطعت أن لا تكون لغير اللَّه عبدًا -ما استطعت من العبودية بدًّا- فافعل. "مسائل ابن هانئ" (1976) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا مالك قال: بلغنا أن سليمان بن داود قال لابنه: يا بني، امش وراء الأسد والأسود، ولا تمش وراء امرأة. "الزهد" ص 52 قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي: حدثنا أبو معاوية الغلابي، حدثني سعيد بن عامر، عن عوف الأعرابي، أنه كان يقول لجلسائه: أما واللَّه ما نُعلِّمكم من جهالة، ولكنا نذكركم بعض ما تعرفون لعل اللَّه أن ينفعكم به. "الزهد" ص 376 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني الوليد قال: سمعت الأوزاعيَّ يقول: سمعت بلال بن سعد يقول: أخ لك لقيك ذكَّرك حظك من اللَّه خير لك من أخ كلما لقيك وضع في فيك دينارًا. "الزهد" ص 461

149 - شكر أهل المعروف

قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه قال: وليس على المسلم نصح الذميّ، وعليه نصح المسلم؛ قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "والنُّصح لكلِّ مسلمٍ وأنْ ينصحَ لجماعةِ المسلمين وعامتهم" (¬1). "أحكام أهل الملل" 2/ 455 (1081)، "العدة في أصول الفقه" 2/ 451 149 - شكر أهل المعروف قال مثنى بن جامع: إنه سمع أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل يذكر عن وهب بن منبه: ترك المكافأة من التطفيف. وروى حنبل عنه في رجل له على رجل معروف وأيادٍ، قال: ما أحسن أن يخبر بفعاله به ليشكره الناس ويدعو له، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ لا يشكر الناس لا يشكر اللَّه عز وجل" (¬2) واللَّه تبارك وتعالى يحب أن يشكر ويحمد، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أحب الشكر (¬3) "الآداب الشرعية" 1/ 332. ¬

_ (¬1) لم أقف عليه بهذا اللفظ، لكن روى الإمام أحمد 4/ 357، والبخاري (57)، ومسلم (56) من حديث جرير بن عبد اللَّه البجلي قال: بايعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على النصح لكل مسلم. وروى الإمام أحمد 4/ 102، ومسلم (55) من حديث تميم بن أوس الداري أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الدين النصيحة" قلنا لمن؟ قال: "للَّه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 32، والترمذي (1955)، وأبو يعلى 2/ 365 (1122) من حديث أبي سعيد الخدري، قال الترمذي: هذا حديث حسن. وقال الألباني في "صحيح الترمذي" (1593): صحيح لغيره. وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه الإمام أحمد 2/ 258، وأبو داود (4811)، والترمذي (1954)، وقد صححه الألباني في "الصحيحة" (416). (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 251، والبخاري (4836)، ومسلم (2819) من حديث المغيرة بن شعبة.

150 - إكرام كريم القوم وإنزال الناس منازلهم

150 - إكرام كريم القوم وإنزال الناس منازلهم قال أبو داود: رأيت أحمد جاءه ابن لمصعب الزبيري، فأراد أحمد أن يخرج من المسجد فقال لابن مصحب: تقدم، فأبى وحلف ابن مصعب، فتقدم أبو عبد اللَّه بين يديه في المشى. "مسائل أبي داود" (1824) قال الحسن بن الليث الرازي: قِيْلَ لأحمد: يحبك بشر -يعنون بشر بن الحارث- فقال: لا تعنوا الشيخ، نحنُ أحق أن نذهب إليه. قيل له: نجيء به؟ قال: لا، أكره أنْ يجاءَ به إلى أو أذهب إليه فيتصنع لي وأتصنع له، فنهلك. "طبقات الحنابلة" 1/ 369 قال الحسن بن منصور: كنت مع يحيى بن يحيى وإسحاق بن راهويه يوما نعود مريضًا، فلما حازينا الباب تأخر إسحاق. وقال ليحيى: تقدم أنت قال: يا أبا زكريا أنت أكبر مني. قال: نعم، أنا أكبر منك وأنت أعلم، فتقدم إسحاق. "الآداب الشرعية" 3/ 249 قال المَرُّوذِيُّ: سُئِلَ أَبو عبدِ اللَّهِ عن قَوْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا جاءَكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ" (¬1) قال: نَعَمْ، هَكَذا يُرْوى. ¬

_ (¬1) رواه ابن ماجه (3712)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 426 ترجمة سعيد بن مسلمة، والبيهقي 8/ 168 قال البوصيري في "زوائد ابن ماجه" (1231): هذا إسناد ضعيف لضعف سعيد بن مسلمة وله شاهد من حديث أبي هريرة رواه البزار في "مسنده" 14/ 342 (8027) والطبراني في "معجمه الأوسط" 5/ 316 (5416). وقال ابن عدي في ترجمة سعيد بن مسلمة: أرجو أنه ممن لا يترك حديثه ويحتمل في رواياته فإنها مقاربة.

قُلْت: يا أبا عبدِ اللَّهِ، الرَّجُلُ السُّوءُ والرَّجُلُ الصّالِحُ في هذا واحِدٌ؟ قال: لا. قُلْتُ: فَإِنْ كانَ رَجُلَ سُوءٍ يُكْرِمُهُ؟ قال: لا. وَرَأَيْت أبا عبد اللَّهِ وَقَدْ حَضرَ غلامٌ مِنْ بَنِي هاشِمٍ وَمَعَهُ إبْراهِيمُ سبلانُ (¬1)، فرأَيتُه قدَّمَ الغُلامَ. وَرَأَيتُ رجلًا مِنْ وَلَدِ الزُّبَيْرِ في المسجِدِ، فرأَيْت أبا عبدِ اللَّهِ قد قَدَّمَهُ فِي الخُرُوجِ مِنْ المسجِدِ، وكانَ حَديثَ السِّنِّ، فَجَعَلَ الفَتَى يَمْتَنِعُ، وَجَعَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يأبي حَتَّى قَدَّمَهُ. "الآداب الشرعية" 1/ 442 قال عَبْدُ اللَّهِ: رَأَيْت أَبي إذا جاءَ الشَّيْخُ والْحَدَثُ مِنْ قُرَيْشٍ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الأَشْرافِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ بابِ المسجدِ حَتَّى يُخْرِجَهُمْ، فَيَكُونُوا هُمْ يَتَقَدَّمُونَهُ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ بَعْدِهِمْ. "الآداب الشرعية" 1/ 443 قال عبدُ المَلِكِ بنُ عبدِ الحَميدِ: رأيتُ أبا عَبْدِ اللَّهِ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْ عَمِّهِ، فَرُبَّما تَقَدَّمَ فَيَكُونُ أَمامَهُ. قال عَبْدُ اللَّهِ: قال أبي: ما كانَ أَعْقَلَ بِشْرَ بْنِ المُفَضَّلِ! كانَ بِشْرٌ أَسَنَّ مِنْ مُعاذِ بْنِ مُعاذٍ، وَكانَ بِشْرُ لا يَخْرُجُ مِنْ المسجِدِ حَتَّى يَخْرُجَ مُعاذٌ؛ إكْرامًا مِنْهُ لِمُعاذٍ. "الآداب الشرعية" 3/ 249 ¬

_ = وصححه الألباني في "الصحيحة" (1205) وقال: روي من حديث جرير بن عبد اللَّه البجلي وجابر بن عبد اللَّه وأبي هريرة وابن عباس ومعاذ بن جبل. . وغيرهم، وبالجملة فلم أجد في هذه الطرق كلها ما يمكن الحكم عليه بالحسن فضلًا عن الصحة، غير أن بعض طرقه ليس شديد الضعف، فيمكن تقوية الحديث بها دون ما اشتد ضعفه منها، لا سيما وقد صحح بعضها الحاكم [في "المستدرك" 4/ 291 - 292] والعراقي [في "تخريج الإحياء" (2341)] اهـ بتصرف. (¬1) هو إبراهيم بن زياد، أبو إسحاق البغدادي، ت 228 هـ.

151 - معاملتهم بما يحب أن يعاملوك به

151 - معاملتهم بما يحب أن يعاملوك به قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا صالح المري، حدثنا أبو عمران الجوني، عن أبي الجلد، أن موسى سأل ربه عز وجل، قال: أي رب، أنزل على آية محكمة؛ أسير بها في عبادك، قال: فأوحى اللَّه إليه: أن يا موسى أن أذهب، فما أحببت أن يأتيه عبادي إليك فأته إليهم. "الزهد" ص 85 قال عبد اللَّه، حدثنا أبي، حدثنا هاشم بن القاسم، أخبرنا المبارك، عن الحسن، قال: سأل موسى -صلى اللَّه عليه وسلم- جُمّاعًا، فأوحى اللَّه إليه: انظر الذي تحب يصاحبك به الناس، فصاحب به الناس. "الزهد" ص 109 152 - قبول العذر وحسن الظن بالمسلمين قال أبو الفضل صالح: حدثني أبي، قال: حدثني يحيى بن سعيد الأموي، عن الأعمش، عن أبي وائل، قال: قال عبد اللَّه: لا يزال المسروق يسيء الظن حتى يكون أعظم إثمًا من السارق. "مسائل صالح" (1231) قال ابن هانئ: كنت مع أبي عبد اللَّه في المسجد الجامع فصلينا، ثم رجعنا فقعد فاستراح، وأنا معه، فجاء رجل كأنه محموم فقال: يا أبا عبد اللَّه: إني كنت شارب مسكر، فتكلمت فيك بشيء، فاجعلني في حِلٍّ. فقال أبو عبد اللَّه: أنت في حِل إنْ لم تعد.

قال: قلت له: يا أبا عبد اللَّه: لم قلت له؟ لعله يعود. قال: ألم تر إلى ما قلت له: إن لم تعد؟ فقد اشترطت عليه. ثم قال: ما أحسن الشرط! إذا أراد أن يعود فلا يعود إن كان له دين. "مسائل ابن هانئ" (1961) قال ابن هانئ: وسألته عن الحديث الذي جاء: إذا بلغك شيء عن أخيك فاحمله على أحسنه حتى لا تجد له محملًا (¬1). ما يعني به؟ قال أبو عبد اللَّه: يقول: تعذره، تقول: لعله كذا، لعله كذا. "مسائل ابن هانئ" (2025) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن ليث، عن طاوس، عن أبي هريرة، قال: إياكم والظن، فإنه من أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تنافسوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد اللَّه إخوانًا، كما أمركم اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 223 قال عبد اللَّه، حدثنا أبي: حدثنا عبد الوهاب، عن إسحاق، عن مطرف، أنه قال: المعاذر مفاجر والمعاتب مُغاضب. "الزهد" ص 296 قال المروذي: سمعت رجلًا يقول لأبي عبد اللَّه: اجعلني في حل، قال: من أي شيء؟ قال: كنت أذكرك -أي: أتكلم فيك- فقال له: ولم أردت أن تذكرني؟ فجعل يعترف بالخطأ، فقال له أبو عبد اللَّه: على ألا تعود إلى هذا. قال له نعم. قال: قم، ثم التفت إلى وهو يبتسم، فقال: لا أعلم أنني ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي الدنيا في "مداراة الناس" (39) عن عمر بن عبد العزيز.

153 - متى يحمد سوء الظن؟

شددت على أحد إلا على رجل جاءني فدق على الباب، وقال: اجعلني في حل فإني كنت أذكرك، ولم أردت أن تذكرني؟ -أي: هذا الرجل- كأنه أراد منهما التوبة وأن لا يعود. "الآداب الشرعية" 1/ 102 قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إن أبا موسى هارون بن عبد اللَّه قد جاء إلى رجل شتمه لعله يعتذر إليه، فلم يخرج إليه، وشق الباب في وجهه، فعجب، وقال: سبحان اللَّه، أما أنه قد بغى عليه، سينُصر عليه، ثم قال: رجل نقل قدمه ويجيء إليه يعتذر لا يخرج! "الآداب الشرعية" 1/ 319 153 - متى يحمد سوء الظن؟ قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عفان وسريج قالا: حدثنا مهدي قال سريج: عن غيلان، عن مطرف أنه كان يقول: احترسوا من الناس بسوء الظن. "الزهد" ص 297 154 - الستر على المسيء قال ابن هانئ: وسألته عن: "من ستر على أخيه عورة، فكأنما أحيا موءودة"؟ قال: كان أهل الجاهلية يقتلون البنات، ويستحيون الرجال، فهذا معناه. "مسائل ابن هانئ" (2016) قال الفضل بن زياد: قلت لأحمد: إذا علم من الرجل الفجور أيخبر به الناس؟ قال: لا، بل يستر عليه إلا أن يكون داعية. "بدائع الفوائد" 4/ 66

155 - الزجر بالهجران لأهل المعاصي والبدع

قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: اطَّلعنا من رجل على فجور، وهو يتقدم يصلي بالناس، أخرج من خلفه؟ قال: اخرج من خلفه خروجًا لا تفحش عليه. "الآداب الشرعية" 1/ 252 155 - الزجر بالهجران لأهل المعاصي والبدع قال حنبل: قال أحمد: إذا علم أنه مقيم على معصية، وهو يعلم بذلك، لم يأثم إن هو جفاه حتى يرجع، وإلا كيف يتبين للرجل ما هو عليه إذا لم ير منكرًا ولا جفوة من صديق؟ وقال المروذي: يكون في سقف البيت الذهب، يُجانب صاحبه؟ قال: يُجفى صاحبه. "الآداب الشرعية" 1/ 247 روى حنبل عنه: ليس لمن يسكر، ويقارف شيئًا من الفواحش حرمة ولا صلة، إذا كان معلنًا بذلك مكاشفًا. "الآداب الشرعية" 1/ 252 156 - عدم الهجران فوق ثلاث قال الخلال: قال البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا أبو فروة الجهني، قال: تكلم. وقال مرة: رأيت ابن أبي ليلى وعبد اللَّه بن يسار تكلما في السُّكر، فقال أحدهما: حرام، وقال الآخر: ليس هو حرام، فاهتجرا ثلاثًا ثم تكلما. "الأشربة" للخلال (136)

157 - فضل السلام

فصل في حق المسلم على أخيه المسلم أولًا: السلام وأدابه 157 - فضل السلام قال صالح: قال أبي: وابن الأشجعي أعطانا كتاب أبيه، عن سفيان، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن جده، قال: قلت: يا رسول اللَّه، دلني على عمل يدخلني الجنة. فقال: "إن من موجبات الجنة والمغفرة بذل السلام وحسن الكلام" (¬1). "مسائل صالح" (710) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم وأبو المنذر، قالا: حدثنا جرير، عن راشد بن سعد، أن أبا الدرداء كان يقول: ما أهدى إلى أخي هدية أحب إليَّ من السلام، ولا بلغني عنه خبر أعجب إليَّ من موته. "الزهد" ص 174 158 - حكم إلقاء السلام ورده قال ابن حَمْدانَ العَطّارُ: سُئِلَ أبو عبدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ -رضي اللَّه عنه- عَنْ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 212 (25323)، والبخاري في "خلق أفعال العباد" ص 191، و"الأدب المفرد" (811)، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (301)، وابن حبان 2/ 243 (490)، والحاكم 1/ 23، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 514 من طريق يزيد بن المقدام بن شريح بن هانئ عن المقدام عن أبيه عن هانئ. قال الحاكم: حديث مستقيم وليس له علة قادحة. وصححه الألباني في "الصحيحة" (1939).

159 - السلام على المخنث

رَجُلٍ مَرَّ بِجَماعَةٍ، فَسَلَّمَ عَليهِمْ، فَلَمْ يَرُدُّوا عليه السلام، فقال: يُسْرعُ فِي خُطاهُ؛ لا تَلْحَقهُ اللَّعْنَةُ مع القَوْمِ. وَقِيلَ: بَلْ سُنَّةٌ. "الآداب الشرعية" 1/ 356 قال المَرُّوذِيُّ: رَأَيْتُ أبا عَبْدِ اللَّهِ إذا خرج عليْنا سَلَّمَ، وَإِذا أرادَ أَنْ يَقُومَ سَلَّمَ. "الآداب الشرعية" 1/ 362 قال المَرُّوذِيُّ: إنَّ أبا عَبْدِ اللَّهِ لَمّا اشْتَدَّ بِهِ المَرَضُ كانَ رُبَّما أَذِنَ لِلنّاسِ فَيَدْخُلُونَ عَلَيْهِ أَفْواجًا، فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، فَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ بِيَدِهِ. "الآداب الشرعية" 1/ 403 159 - السلام على المخنث قال أبو داود: قلتُ لأحمدَ: أسلمُ على المخنثِ؟ قالَ: لا أدرِي، السلامُ اسمٌ من أسماءِ اللَّهِ. "مسائل أبي داود" (1806) 160 - حكم إلقاء السلام بين المتخاصمين قال الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل: إذا سلم عليه هل يجزئه من ذلك سلامة؟ قال: ينظر إلى ما كان عليه قبل المصارمة، فلا يخرجه من الهجران إلا بالعودة إلى ما كان عليه، ولا يخرجه من الهجرة إلا سلام ليس معه إعراض ولا إدبار. "الاستذكار" 22/ 150 روى الفضلُ بْنُ زِيادٍ عنه وَقَدْ سألهُ رجل عَنْ ابنةِ عَمٍّ لَهُ تَنالُ مِنْهُ وَتَظْلِمُهُ وَتَشْتُمُهُ وَتَقْذِفُهُ، فقال: سَلِّمْ عليها إذا لَقِيتها، اقْطَعِ المُصارَمَةَ، المُصارَمَةُ شَدِيدَةٌ. "الآداب الشرعية" 1/ 256

قال محمد بْن حَبِيبٍ: وقد سُئِلَ عَنْ الرجل لا يُكَلِّمُ الرجلَ: أَيُجزِّئُهُ السَّلامَ مِنْ الصَّرْم، فقال: أَتَخَوَّفُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُما يَصُدُّ أَحَدُهُما عَنْ صاحِبِهِ، وقد كانا مُتآنِسَيْنِ يَلْقَى أَحَدُهُما صاحِبَهُ بِالْبِشْرِ، إلّا أَنْ يَتَخَوَّفَ مِنْهُ نِفاقًا. قال الأَثْرَمُ: سمِعْتُ أبا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ عَنِ السَّلامِ يَقْطَعُ الهِجْرانَ؟ فقال: قَدْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَقَدْ صَدَّ عَنْهُ، ثُمَّ قال أبو عبد اللَّه: النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "يَلْتَقِيانِ فَيَصُدُّ هذب وَيَصُدُّ هذا" (¬1) فَإِدْا كانَ قَدْ عَوَّدَهُ أَنْ يُكَلِّمَهُ، وَأَنْ يُصافِحَهُ، ثُمَّ قال: إلّا أَنَّهُ ما كانَ مِنْ هِجْرانٍ فِي شَيءٍ يُخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ الكُفْرُ فَهُوَ جائِزٌ. ثُمَّ قال أبو عبد اللَّه: النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: فِي قِصةِ كَعْبِ ابْنِ مالِكٍ حِين خافَ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَدْرِ ما يَقُولُ فِيهِمْ: "لا تُكَلِّمُوهُمْ" (¬2) قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: عُمَرُ قال فِي صبِيغٍ: لا تُجالِسُوهُ (¬3). قال: المُجالَسَةُ الآنَ غَيْرُ الكَلامِ. "الآداب الشرعية" 1/ 273 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 416، والبخاري (6077)، ومسلم (2560)، من حديث أبي أيوب الأنصاري. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 456 - 459، والبخاري (4418)، ومسلم (2769) مطولًا. (¬3) رواه عبد الرزاق 11/ 426 (20906) مختصرًا، والدارمي 1/ 254 (150)، ورواه البزار 1/ 423 - 424 (299) مطولًا، وفيه حديث مرفوع إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في تفسير سورة الذاريات. وذكر ابن كثير في "تفسيره" 13/ 207 - 208 طريق البزار وقال: هذا ضعيف رفعه، وأقرب ما فيه أنه موقوف على عمر -رضي اللَّه عنه-. اهـ. وقال أيضًا الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 113: رواه البزار وفيه أبو بكر بن أبي سبرة، وهو متروك.

161 - السلام على أهل البدع والعصاة

161 - السلام على أهل البدع والعصاة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: الرجلُ يمر على قوم يلعبونَ بالنردِ، أو بالشطرنج، يُسلِّمُ عليهم؟ قال: ما هؤلاء بأهلٍ أن يسلم عليهم. قال إسحاق: لا، بَلْ إنْ كان يريدُ أنْ يبينَ لهم ما هم فيه سَلَّم، ثم أمر ونهى، وإن لم يردْ ذَلِكَ فلا، ولا كرامة. "مسائل الكوسج" (3318) قال أبو داود: قلت لأحمدَ: لنا أقارب بخراسانَ يرونَ الإرجاءَ فنكتبُ إلى خراسانَ نقرئهم السلام؟ قالَ: سبحان اللَّه لم لا تقرئهم؟ ! وقال أيضا: قلتُ لأحمدَ: نكلمُهم؟ قالَ: نعم، إلّا أنْ يكون داعيًا ويخاصمُ فيهِ. "مسائل أبي داود" (1785) قال أبو داود: قلتُ لأحمدَ: أمرُّ بالقومِ يتقاذفونَ، أسلمُ عليهم؟ قال: هؤلاء قومٌ سفهاءُ، والسلامُ اسمٌ من أسماءِ اللَّهِ. "مسائل أبي داود" (1805) قال عبد اللَّه بن محمد بن الفضل الصيداوي: قال لي أحمد: إذا سلم الرجل على المبتدع فهو يحبه؟ قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشو السلام بينكم" (¬1). "طبقات الحنابلة" 2/ 47، "الآداب الشرعية" 1/ 251 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 391، ومسلم (54) من حديث أبي هريرة.

162 - السلام على أهل الذمة ومصافحتهم

162 - السلام على أهل الذمة ومصافحتهم قال إسحاق بن منصور: قلتُ: مصافحةُ اليهودي والنَّصراني والمجوسي؟ قال: أتوقاه (¬1). قلتُ: الجُنُب والحائض؟ قال: لا بأس بِهِ. قال إسحاق: كما قال؛ لأنَّ في مصافحةِ غيرِ أهلِ الملَّةِ تعظيمًا، وقد أُمِرْنا بِتَذْليلهِم إلا أنْ تكونَ حاجة أو أردت أنْ تدعوه إلى الإسلام وَما أشبه ذَلِكَ مِنْ أمْرِ الآخرةِ كالسلامِ، ليسَ لَكَ أنْ تَبْدَأهُ؛ لِما فِيهِ تعظيم وتشبيه بتحيةِ المسلم، فإذا كانَتْ حاجة إليه فَلَكَ أن تَبْدَأهُ بالسَّلامِ، ومعنى قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تبدؤهم بالسلام" (¬2)؛ لما خاف أنْ يدَّعوا ذَلِكَ أمانًا، وكان قد غدا إلى اليهود. "مسائل الكوسج" (54) قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ سئلَ: هلْ يَبتدئُ الذميَّ بالسلامِ إذا كانتْ لهُ إليهِ حاجةٌ؟ قالَ: لا يعجبني. "مسائل أبي داود" (1804) قال ابن هانئ: وسألته عن النصارى يكونون على ظهر الطريق، أنبدؤهم بالسلام؟ قال: لا تبدؤهم بالسلام، ولا يزادون على: وعليكم. "مسائل ابن هانئ" (1984) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لا يبدأ أحد أهل الذمة بالسلام. "مسائل ابن هانئ" (1985) قال حرب: قلتُ لإسحاقَ: مسلم قال لنصراني: مرحبًا وأهلًا؟ ¬

_ (¬1) ذكرها الخلال عن الكوسج، وصالح "أحكام أهل الملل" 2/ 463 - 464 (1115). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 346، ومسلم (2167) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

163 - السلام على المسلمين وفيهم الذمي

قال: بئس ما صنع، لا ينبغي أن يحيّا بتحية الإسلام ولا يكنى. "مسائل حرب" ص 317 قال الخلال: قرأت على الحسين بن عبد اللَّه النعيمي، عن الحسين بن الحسن قال: حدثنا أبو داود السجستاني قال: قلت لأبي عبد اللَّه: تكره أن يقول الرجلُ للذميّ يبدأ: كيف أصبحت أو كيف أنت أو كيف حالك، أو نحو هذا؟ قال: نعم أكرهه، هذا عندي أكبر من السلام. السلام للَّه تبارك وتعالى. وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ولا تبدءوهم بالسلام". "أحكام أهل الملل" 2/ 460 (1101) قال الخلال أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث قال: قال أبو عبد اللَّه قال: إذا لقيته في طريق فلا توسعّ له. "أحكام أهل الملل" للخلال 2/ 460 (1103) قال الخلال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار قال: حدثنا العباس بن محمد بن موسى الخلال قال: وقال أبو عبد اللَّه في مصافحة الذميّ: أكره مصافحته. قال: وفيه اختلاف. وقال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: سألت أبي مصافحة الذميّ والمجوسي؟ قال: قد سهل فيه قوم، ولا يعجبني أن يصافحه. "أحكام أهل الملل" 2/ 463 (1113 - 1114) 163 - السلام على المسلمين وفيهم الذمي نقل يعقوب بن بختان أنه سأل أبا عبد اللَّه: نعامل اليهود والنصارى،

164 - ما يفعل إذا رأى نصرانيا؟

فنأتيهم في منازلهم، وعندهم قوم مسلمون، أفنسلم عليهم؟ قال: نعم، تنوي السلام على المسلمين. "أحكام أهل الملل" 2/ 462 (1109) ونقل أبو الحارث أنه سأل أبا عبد اللَّه قال: فإذا مررت بقوم جلوس، ومعهم نصراني، أسلم عليهم؟ قال: سلم عليهم، ولا تنويه معهم. "أحكام أهل الملل" 2/ 466 (1108) 164 - ما يفعل إذا رأى نصرانيًّا؟ قال أحمد بن القاسم الطوسي: كان أحمد إذا نظر إلى نصراني غمض عينيه، فقيل له في ذلك؛ فقال: لا أقدر انظر إلى من افترى على اللَّه وكذب عليه. "طبقات الحنابلة" 1/ 136، "الآداب الشرعية" 1/ 391 165 - هل يسلم على قرابته الذميين؟ قال الخلال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن حسان، قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن رجل له قرابة ذميّ؟ قال: لا يبدؤهم بالسلام، يقول: إنه أندرايم -يعني بالفارسية. وقال: أخبرني إسماعيل بن إسحاق الثقفي، قال: سُئل أبو عبد اللَّه عن رجل له قرابات من أهل الذمّة فيدخل عليهم فيسلم؟ قال: لا، يقول: أندرايم، ولا يبدؤهم بالسلام. "أحكام أهل الملل" 2/ 462 - 463 (1111) قال علي بن عبد الصمد الطيالسي: سُئل أحمد عن رجل مسلم يدخل على أهل الذمة من قرابته؟

166 - إذا سلم على ذمي وهو لا يعلم أنه ذمي؟

قال: لا يبدؤهم بالسلام ويقول: أندرايم. قالها أبو عبد اللَّه بالفارسية. وأندرايم: أدخل. "أحكام أهل الملل" 2/ 463 (1110 - 1112) 166 - إذا سلم على ذمي وهو لا يعلم أنه ذمي؟ قال ابن هانئ: رأيت أبا عبد اللَّه: مر على الذمي، فسلم عليه، ولم يعلم أنه ذمي (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1980) 167 - حكم أداء السلام إذا تحمله؟ قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي، قال: أنبأنا أيوب، عن أبي قِلابة -هذا لفظ إسماعيل- أن رجلا دخل على سلمان وهو يعجن، قال: ما هذا؟ قال: بعثنا الخادم في عمل -أو قال: في صنعة- فكرهنا أن نجمع عليه عملين -أو قال: صنعتين- ثم قال: فلان يقرئك السلام، قال: متى قدمت؟ قال: منذ كذا وكذا، قال: أما إنك لو لم تؤدها كانت أمانة لم تؤدها. "الزهد" ص 194 قال يوسُفُ بْنُ أَبي مُوسَى: قِيلَ لِأبي عَبْدِ اللَّهِ: إنَّ فُلانًا يُقْرِئُكَ السَّلامَ، قال: سَلَّمَ اللَّهُ عَليكَ وَعَلَيْهِ. "الآداب الشرعية" 1/ 393 ¬

_ (¬1) ذكرها الخلال في "أحكام أهل الملل" 2/ 459 (1099)، وفيها فقلت له، فقال: لم أعلم.

168 - صفة السلام

168 - صفة السلام قال ابن هانئ: سئل عن حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حَذْف السَّلامِ سُنَّةٌ" (¬1)، قال أبو عبد اللَّه: هذا شيء رواه قرة، وهو ضعيف. وحذف السلام: أن يجيء الرجل إلى القوم، فيقول: السلام عليكم، ومد بها أبو عبد اللَّه صوته شديدًا، ولكن ليقل: السلام عليكم، وخفف أبو عبد اللَّه صوته، قال: يقول هكذا. "مسائل ابن هانئ" (2033) قال ابن هانئ: وقرأت على أبي عبد اللَّه الوليد: قال: حدثنا الأوزاعي، عن قرة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 532، وأبو داود (1004)، من طريقه عن محمد بن يوسف الغريابي عن الأوزاعي به. قال أبو داود: سمعت أبا عمير عيسى بن يونس الفاخوري الرملي قال: لما رجع الفريابي من مكة ترك رفع هذا الحديث، وقال: نهاه أحمد بن حنبل عن رفعه. قال المنذري 1/ 460 (966): وفي إسناده قرة بن عبد الرحمن بن حيويل المصري، قال الإمام أحمد بن حنبل: قرة بن عبد الرحمن صاحب الزهري منكر الحديث جدًّا. قلت: وبه ضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (180). ورواه الترمذي (297) موقوفًا من طريق عبد اللَّه بن المبارك وهقل بن زياد، عن الأوزاعي، عن قرة بن عبد الرحمن، عن الزهري به. وقال: أي: الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وهو الذي يستحبه أهل العلم. وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (2385): لا يصح موقوفًا ولا مرفوعًا كما ذكره أبو داود، من أجل أنه في حالَيه من رواية قرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل الذي يقال له: كاسر المد -وهو ضعيف، ولم يخرج له مسلم محتجًّا به بل مقرونًا بغيره. ا. هـ. وانظر "ضعيف أبي داود" (180).

169 - قوله كيف أمسيت، وكيف أصبحت بدلا من السلام

"حَذْفُ السَّلامِ سُنَّةٌ ". "مسائل ابن هانئ" (2034) قال حُبَيْشُ بْن سِنْدِيٍّ: وَسُئِلَ عَنْ تَمامِ السَّلامِ: فقال: وَبَرَكاتُهُ. "الآداب الشرعية" 1/ 359 169 - قوله كيف أمسيت، وكيف أصبحت بدلًا من السلام قال الإِمامُ أَحمدُ -رضي اللَّه عنه- لِصَدَقَةَ وَهم فِي جنازَةٍ: يا أبا مُحَمَّدٍ، كَيْفَ أَمْسَيْتَ؟ فقال لَهُ: مَسّاكَ اللَّهُ بِالْخَيْرِ. قال لِلْمَرُّوذِيِّ: وَقْتَ السَّحَرِ: كَيْفَ أَصبحتَ يا أبا بَكْرٍ؟ وَقال: إنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يَقُولُونَ إذا مَضَى مِنْ اللَّيْلِ -يُرِيدُ بَعْدَ النَّوْمِ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ فَقال لَهُ المَرُّوذِيِّ: صَبَّحَكَ اللَّهُ بِخَيْرٍ يا أبا عَبْدِ اللَّهِ. "الآداب الشرعية" 1/ 403

170 - حكم مصافحة الرجال بعضهم بعضا

170 - حكم مصافحة الرجال بعضهم بعضًا قال الفضل بن زياد: صافحت أبا عبد اللَّه كثيرًا، فصافحني، وابتدأني بالمصافحة غير مرة، ورأيته يصافح الناس كثيرًا. "بدائع الفوائد" 4/ 57، "الآداب الشرعية" 2/ 246 قال إبْراهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الجَوْهَرِيُّ: دَخَلْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَمَدَدْتُ يَدِي إلَيْهِ فَصافَحَنِي، فَلَمّا خَرَجْتُ قال: ما أَحْسَنَ أَدَبَ هذا الفَتَى! لَوْ أنْكَبَّ عَلَيْنا كُنّا نَحْتاجُ أَنْ نَقُومَ. "الآداب الشرعية" 2/ 246 171 - هل يجوز القيام للعناق، وقيام أحد لأحد؟ قال ابن هانئ: خرج أبو عبد اللَّه على قوم في المسجد فقاموا له، فقال: لا تقوموا لأحد، فإنه مكروه. "مسائل ابن هانئ" (1979) قال ابن هانئ: وقيل له: ما معنى الحديث: "لا يقوم أحد لأحد؟ " (¬1)، فقال: إذا كان على جهة الدنيا، مثل ما روى معاوية ¬

_ (¬1) لم أقف عليه بهذا اللفظ، لكن وجدت ما يدل على كراهة القيام من الجالسين للقادم أو الداخل عليهم وهو حديث معاوية -وسيأتي تخريجه- وحديث أنس بن مالك ولفظه: ما كان في الدنيا شخص أحب إليهم من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فكانوا إذا رأوه لم يقوموا له. أخرجه الإمام أحمد 3/ 134 والترمذي (2754)، والبخاري في "الأدب المفرد" (946)، وأبو يعلى 6/ 417 - 418 (3784). قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه اهـ. وصححه الألباني في "الصحيحة" (358) وقال: إسناده صحيح على شرط مسلم.

فلا يعجبني (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1997) قال ابن هانئ: وقيل له: يقدم الرجل حاجًّا فيأتيه الناس، وفيهم المشايخ، أيقوم لهم؟ قال: قد قام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لجعفر (¬2) -وفي المعانقة احتج بحديث أبي ذر: ¬

_ (¬1) رواه أحمد 4/ 91، وأبو داود (5229)، والترمذي (2755) والبخاري في "الأدب المفرد" (977) بلفظ: "من أحب أن يتمثل له الناس قيامًا فليتبوأ مقعده من النار". قال الترمذي: هذا حديث حسن. اهـ. وصححه الألباني في "الصحيحة" (357) وقال -متعقبًا قول الترمذي-: بل إسناده صحيح، رجال إسناده ثقات رجال الشيخين، فلا وجه للاقتصار على تحسينه. (¬2) رويت قصة قيام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لجعفر بن أبي طالب بطرق وألفاظ مختلفة أولها حديث جعفر بن أبي طالب رواه البزار 4/ 159 (1328) والطبراني 2/ 110 (1478) قال البزار: وهذا الحديث لا نعلم روى عن جعفر متصلًا إلا من حديث أسد بن عمرو عن مجالد بهذا السند. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 419: رواه البزار وفيه أسد بن عمرو ومجالد بن سعيد وثقهما غير واحد وضعفهما جماعة وبقية رجاله ثقات. ثانيها: حديث ابن أبي جحيفة عن أبيه: رواه الطبراني 2/ 108 (1470) وفي "الأوسط" 2/ 287 (2003) وفي "الصغير" 1/ 40 (30) قال الهيثمي 9/ 272: رواه الطبراني في الثلاثة، وفي رجال "الكبير" أنس بن سالم ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. ثالثها: حديث جابر بن عبد اللَّه رواه الطبراني في "الأوسط" 6/ 334 (6559) وقال: لم يرو هذا الحديث عن سفيان بن عيينة إلا مكي بن عبد اللَّه الرعيني. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 272: رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه: مكي بن عبد اللَّه الرعيني وهذا من مناكيره. قال الهيثمي في "المجمع" رابعها: مرسل الشعبي. رواه أبو داود (5220)، والطبراني 2/ 108 (1469). رواه الطبراني مرسلًا ورجاله رجال الصحيح. وقد ذكر التبريزي حديث جعفر بن أبي طالب ومرسل الشعبي في "المشكاة" (4686، 4687) وعلق عليهما الألباني قائلًا: إسناداهما ضعيفان.

أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عانقه (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1998) قال ابن هانئ: وسألته عن: الرجل يقوم يلقى الرجل أيعانقه؟ قال: نعم، قد فعله أبو الدرداء (¬2). "مسائل ابن هانئ" (1998) قال حرب: سُئلَ أحمد عن الرجل يقدم من سفر فيأتيه إخوانه فيقوم لهم ويسلم عليهم ويعانقهم؟ قال: أرجو ألا يكون به بأس، ثم قال أحمد: استقبل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جعفرًا فالتزمه. قيل: الأجلح عن الشعبي (¬3)؟ قال: نعم. قِيل: فحديث روي عن مخلد بن يزيد، عن مسعر، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه في هذا؟ فانكره. وقال: مخلد -أي: لم يكن بالحافظ- كتبت عنه بمكة. وقال: وسالتُ إسحاقَ عن الرجل يقوم للرجل إذا قدم من سفر؟ قال: لا بأس، ولم يكرهه البتة. "مسائل حرب" ص 314 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 162، وأبو داود (5214) والبخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 409 وقال: مرسل. وقال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 8/ 82: رجل من عنزة مجهول. وضعفه الألباني في "ضعيف الترغيب والترهيب" (1630) وقال في "المشكاة" (4683): إسناده ضعيف. (¬2) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 281 (6909) عن أم الدرداء قالت: قدم علينا سلمان، فقال: أين أخي؟ قلت: في المسجد. فأتاه فلما رآه اعتنقه. (¬3) تقدم تخريجه قريبًا.

قال عبد اللَّه: لما مات سعيد بن أحمد بن حنبل جاء إبراهيم الحربي إلى عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، فقام إليه عبد اللَّه، فقال: تقوم إليّ؟ فقال عبد اللَّه: لم لا أقوم؟ ! واللَّه لو رآك أبي لقام إليك، فقال الحربي: واللَّه لو رأى ابن عينية أباك لقام إليه. "طبقات الحنابلة" 1/ 225 - 226 قال محمد بن أحمد بن المثنى: أتيت أحمد بن حنبل، فجلست على بابه أنتظر خروجه، فلما خرج قمت إليه، فقال لي: أما علمت أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أحب أن يتمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار"، فقلت له: إنما قمت إليك، ولم أقم لك، فاستحسن ذاك. "طبقات الحنابلة" 2/ 222 قال محمد بن سهل بن عسكر: كنت عند أحمد بن حنبل، فدخل محمد بن يحيى، فقام إليه أحمد، وتعجب منه الناس، ثم قال لبنيه وأصحابه: اذهبوا إلى أبي عبد اللَّه، فاكتبوا عنه. "سير أعلام النبلاء" 11/ 298 قال الحَسَنُ بْنُ محمَّدِ بنِ الحارثِ: إنَّهُ سألَ أبا عبدِ اللَّهِ عَنْ القيامِ فِي السَّلامِ؟ فَكأَنَّهُ كَرِهَهُ إذا لَمْ يَقْدَمْ مِنْ سَفَرٍ أَنْ يَقُومَ كذا إلَى الرَّجُلِ فَيُعانِقُهُ. قلتُ لِأبي عبد اللَّه: إذا قامَ -يعني: الرجلَ- حتَّى يُجِلَّهُ لِكِبَرِهِ فَأَقُولُ لَهُ: إمّا أَنْ تَقْعُدَ، وَإِمّا أَنْ تقُومَ؟ فقال: إذا كانَ لِكِبَرِهِ أَوْ لِكَذا. "الآداب الشرعية" 1/ 435 نقل مُثَنَّى بن جامع أنَّهُ سَأَلَ أبا عَبْدِ اللَّهِ: ما تَقُولُ فِي المُعانَقَةِ؟ وَهَلْ يَقُومُ أَحَدٌ لِأَحَدٍ فِي السَّلامِ إذا رَآهُ؟ قال: لا يَقُومُ أَحَدٌ لِأَحَدٍ، وَأَمّا إذا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَلا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا إذا

172 - حكم تقبيل الرجل يد الرجل ورأسه

كانَ عَلَى التَّدَيُّنِ يُحِبُّهُ فِي اللَّهِ -أَرْجُو- لِحَدِيثِ جَعْفَرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- اعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ (¬1). "الآداب الشرعية" 1/ 436 172 - حكم تقبيل الرجل يد الرجل ورأسه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: جاءه رجلٌ غريب، فأخذَ بيدِه، وعانقه، وقَبَّلَ رأسَه، فلم أره أنكره. "مسائل الكوسج" (3387) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يقبلُ الرجلُ يدَ الرجلِ؟ قال: على الإخاءِ. قال إسحاق: نعم، هو سنة، إذا كان على وجه الحبِّ في اللَّهِ عز وجل، وعلى غير ذَلِكَ بدعة. "مسائل الكوسج" (3517) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عنَ قبلة اليد، فقال: إن كان على طريق التدين فلا بأس، قد قبَّل أبو عبيدة يدَ عمرَ بن الخطاب -رضي اللَّه عنهما- (¬2). وإن كان على طريق الدنيا فلا، إلا رجلًا يُخاف سيفُه أو سوطه. قال المروذي: وكرهها على طريق الدنيا. ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) رواه عبد الرزاق في "الأمالي" في آثار الصحابة (118) عن الثوري، عن زياد بن فياض، عن تميم بن سلمة قال: لما قدم عمر الشام استقبله أبو عبيدة بن الجراح فقبل يده، ثم خلوا يبكيان قال: فكان تميم يقول: تقبيل اليد سنة، ورواه ابن أبي شيبة 5/ 293 (26199) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 476 من طريق سفيان الثوري، ورواه البيهقي 7/ 101 من طريق عبد الرزاق.

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن عُمر أنه قبَّل يد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). عن علي بن ثابت قال: سمعت سفيان الثوري يقول: لا بأس بها للإمام العادل، وأكرهها على دنُيا. عن عبد الرحيم بن العباس السامي قال: قال سليمان بن حرب: تقبيلُ يد الرجل السجدةُ الصغرى. عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: أخبرني عبد اللَّه بن عمر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث سريةً فحاصوا حيصةً. قال عبد اللَّه: فكنت فيمن حاص. . فذكر الحديث. قال: فأخذنا يدَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقبلناها. "الورع" (476 - 481) قال المروذي: وقال لي أبو عبد اللَّه: قال لي سعيد الحاجب: ألا تُقبل يد ولي عهد المسلمين؟ قال: فقبلتُ بيدي يدَ ولي عهد المسلمين. قال: فقلت بيدي هكذا، ولم يفعل. "الورع" (482) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 23 عن محمد بن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى به، ورواه ابن أبي شيبة 5/ 293 (26196) عن محمد بن فضيل به ومن طريقه ابن ماجه (3704) وضعفه الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (857)، ورواه الإمام أحمد 2/ 70 أبو داود (2647)، (5223). مطولًا وفي آخره: فأتيناه حتى قبلنا يده. من طريق زهير عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى به. ورواه أبو داود (2647 - 5223). ورواه الترمذي (1716) من طريق سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ابن عمر مطولًا، دون موضع الشاهد وهو تقبيل اليد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي زياد. والحديث ضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (455)، و"الإرواء" (1203).

قال حرب: قلتُ لإسحاقَ فقبلة اليد وغير ذلك؟ قال: إذا كان في ذات اللَّه فلا بأس، وكرهه إذا كان تعظيمًا. وقال حرب: حدثنا إسحاق قال: ثنا بقية بن الوليد، عن معاذ بن رفاعة، عن ابن نزار، قال: قبلة اليد إحدى السجدتين -يعني أنه كرهه. "مسائل حرب" ص 314 قال مُهَنّا: رأيت أبا عبد اللَّه غير مرةٍ ولا مرتين ولا ثلاث ولا أربع ولا خمس، رأيته كثيرًا يُقبِّل وجهه ورأسه وخده، ولا يقول شيئًا، ولا يمتنع من ذاك، ورأيت سليمان بن داود الهاشمي يقبل جبهته ورأسه، ورأيته لا يمتنع من ذلك ولا يكرهه، ورأيت يعقوب بن إبراهيم بن سعد يقبل جبهته ووجهه. "المناقب" 278، "الآداب الشرعية" 2/ 247 قال عبدُ اللَّهِ: رأيتُ كثيرًا مِنَ العُلماءِ والفُقهاءِ والمُحَدِّثينَ وَبَنِي هاشِمٍ وَقُرَيْشٍ والْأَنْصارِ يُقَبِّلُونَهُ -يَعْنِي: أَباهُ- بَعْضُهُمْ يَدَه، وَبَعْضهُمْ رَأْسَهُ، وَيُعَظِّمُونَهُ تَعْظِيمًا لَمْ أَرَهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِأَحَدٍ مِنَ الفُقَهاءِ غَيْرِهُ، لَمْ أَرَهُ يَشْتَهِي أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ. "الآداب الشرعية" 2/ 247 قال إسْماعِيلُ بْنُ إِسْحاقَ أبو بكر السَّرّاجُ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَوَّلَ ما رَأَيْته: يا أبا عبدِ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي أَنْ أُقَبِّلَ رَأْسَك. قال: لَمْ أَبْلُغْ أَنا ذاكَ. قال إسماعيلُ بنُ إسحاق الثَّقَفِيُّ: سألت أبا عبد اللَّه قُلت: تَرى أَنْ يُقَبِّلَ الرَّجُلُ رَأْسَ الرَّجُلِ أَوْ يَدَهُ؟ قال: نَعَمْ. "الآداب الشرعية" 2/ 248

173 - حكم مصافحة النساء والتسليم عليهن

173 - حكم مصافحة النساء والتسليم عليهن قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكره مصافحةَ النساءِ؟ قال: أكرهه. قال إسحاق: كما قال، عجوزًا كانت أو غير عجوز، إنَّما بايعهنَّ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وعلى يده الثوب (¬1). "مسائل الكوسج" (3278) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: التسليمُ على النساءِ؟ قال: إذا كانت عجوزًا فلا بأسَ به. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3512) قال حرب: قلت لأحمد: فالرجل يسلم على النساء؟ قال: إن كُن شوابًا فأراد أن يستنطقهن فلا، وكرهه، وإن كن عجائز فلا بأس. "مسائل حرب" ص 317 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قال: حدثنا هشيم، قال: إما المغيرة، وإما الحسن بن عبيد اللَّه، عن إبراهيم لم ير بأسًا بمصافحة المرأة التي قد خلت ¬

_ (¬1) روى عبد الرزاق 6/ 9 (9832) عن إبراهيم قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصافح النساء وعلى يده ثوب. وروى أبو داود في "المراسيل" (373) عن الشعبي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين أتى بايع النساء أتي ببرد قطريَّ فوضعه على يده فقال: "إني لا أصافح النساء". وروي الإمام أحمد 6/ 153 والبخاري (4891)، ومسلم (1866) من حديث عائشة في مبايعته -صلى اللَّه عليه وسلم- قالت: لا واللَّه، ما مست يده -صلى اللَّه عليه وسلم- يد امرأة قط في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله: "قد بايعتك على ذلك".

من وراء الثوب. سمعت أبي يقول: لم يسمعه هشيم من مغيرة ولا من الحسن بن عبيد اللَّه. "العلل" (2229) قال أبو الفضل صالِحٌ: سَأَلْتُ أَبِي: يُسَلَّمُ عَلَى المَرْأَةِ؟ قال: أَمّا الكَبِيرَةُ فَلا بَأْسَ، وَأَمّا الشَّابَّةُ فَلا تُسْتَنْطَقُ. "الآداب الشرعية" 1/ 352 قال مُحَمَّدُ بْنِ مِهْرانَ: إنَّ أبا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُصافِحُ المَرْأَةَ؟ قال: لا، وَشَدَّدَ فِيهِ جِدًّا. قُلْت: فَيُصافِحُها بِثَوْبِهِ؟ قال: لا. قال رَجُلٌ: فَإِنْ كانَ ذا مَحْرَمٍ؟ قال: لا. قُلْت: ابنتُهُ؟ قال: إذا كانتِ ابنتَهُ فَلا بَأْسَ. "الآداب الشرعية" 2/ 246

174 - تقبيل الرجل ذات محرم منه

174 - تقبيل الرجل ذات محرم منه قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يقبّلُ الرجلُ ذات مَحْرمٍ منه؟ قال: إذا قدمَ مِن سفر، أو لم يخف على نفسِه، فذكر حديث خالد بن الوليد -رضي اللَّه عنه- (¬1). قال إسحاق: كما قال، وقد فعلَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين قدمَ من الغزو فقبَّلَ فاطمةَ عليها السلام (¬2)، ولكن لا يفعله على الفم أبدًا، الجبهة والرأس. "مسائل الكوسج" (3276) قال بَكرُ بْنُ مُحَمَّدٍ النسائي: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبي عَبْدِ اللَّهِ، وَسُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُقَبِّلُ أُخْتَهُ؟ قال: قد قَبَّلَ خالِدُ بْنُ الوَلِيدِ أُخْتَهُ. "الآداب الشرعية" 2/ 256 175 - تقبيل الصغيرة وحملها روى الأثرم عن أحمد قال: في الرجل يأخذ الصغيرة، فيضعها في حجره، ويقبلها: فإن كان يجد شهوة فلا، وإن كان لغير شهوة فلا بأس. "الشرح الكبير" 20/ 67 ¬

_ (¬1) روى ابن أبي شيبة 4/ 48 (17648) عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن خالد بن الوليد استشار أخته في شيء فأشارت فقبَّل رأسها. (¬2) رواه ابن خزيمة كما في "إتحاف المهرة" 14/ 42 (17411)، والحاكم 3/ 155 من حديث أبي ثعلبة الخشني. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وروى ابن أبي شيبة 4/ 48 (17646) عن عكرمة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا قدم من مغازيه قبَّل فاطمة.

176 - ما يسن أن يقول عند العطاس، وما يقال له

ثانيًا: تشميت العاطس وآداب ذلك 176 - ما يسن أن يقول عند العطاس، وما يقال له قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا عطس الرجل ما يقول؟ قال: يحمد اللَّه، ويقال له: يرحمك اللَّه، ويقول: يهديكم اللَّه ويصلح بالكم. "مسائل أبو داود" (1811) قال ابن هانئ: وسألته: إذا عطس الرجل، فشمت، يقول: يهديكم اللَّه ويصلح بالكم. قال: يقول هو: يهديكم اللَّه ويصلح بالكم. "مسائل ابن هانئ" (1992) قال عبد اللَّه: عطست عند عبد اللَّه بن أبي شيبة، أو عطس عنده رجل وأنا عنده بالكوفة سنة ثلاثين ومائتين، فحمدت اللَّه، أو حمد اللَّه الرجل، فقال: يرحمك اللَّه. فقلت: يهديكم اللَّه، أو قال له رجل: يهديكم اللَّه ويصلح بالكم. فقال ابن أبي شيبة: قال إبراهيم: أول من أحدث هذا الخوارج -يعني: قوله: يهديكم اللَّه ويصلح بالكم- فقدمت فحدثت بذلك أبي، فقال: سبحان اللَّه! وقال: سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كيف يكون الخوارج تحدثه؟ ! ما أعجبَ هذا؟ أو كما قال أبي. وَعطَسْتُ أنا عند أبي غير مرة، فحمدت اللَّه، فرد عليّ: رحمك اللَّه. فقلت له: يهديكم اللَّه ويصلح بالكم. حدثني أبي، قال: نا محمد بن جعفر وحجاج، قالا: نا شُعْبَةُ، عن

محمد بْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَخِيهِ عِيسَى، عن أبيه، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إِذا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الحَمْدُ للَّه عَلَى كُلِّ حالٍ، وَلْيَقُلْ الذِي يَرُدُّ عَلَيْهِ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وَلْيَقُلْ هُوَ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بالَكُمْ" (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (159) قال حرب: عطست عند أحمد بن حنبل، فقال: يرحمك اللَّه. فقلت: يغفر اللَّه لكم، فلم يغير عليّ، ثم عطست ثانية، فقال: يرحمك اللَّه. فقلت: يهديكم اللَّه ويصلح بالكم. قلت له: ما تختار في هذا يا أبا عبد اللَّه؟ قال: إذا عطس، فقل: يرحمك اللَّه، ولتجب بقول: يهديكم اللَّه ويصلح بالكم. قال: وهذا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من وجوه، وجعل ينكر قول إبراهيم أنه قال: إنما أحدث هذا الخوارج، ويتعجب من ذلك. وقال: الخوارج مارقة. وسألتُ إسحاق قلت: كيف أحب إليك إن تشمت العاطس؟ قال: يقال له: يرحمنا اللَّه وإياك. ويقول هو: يغفر اللَّه لنا ولكم. وعطس أبو يعقوب يومًا، فقلت: يرحمك اللَّه. فقال: يغفر اللَّه لنا ولكم. حدثنا إسحاق، قال: أنا أبو عامر، قال: حَدَّثَنا أَبُو مَعْشَرٍ المدني، عَنْ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 419، والترمذي (2741)، والطيالسي (592)، والنسائي في "الكبرى" 6/ 61 - 62 (10041)، وصححه الحاكم 4/ 266. قال النسائي: محمد ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ليس بالقوي في الحديث، سيء الحفظ، وهو أحد الفقهاء. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (687)، وانظر "الإرواء" (780). وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة رواه البخاري (6224).

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يحيى، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عائِشَةَ، قالتْ: عَطَسَ رَجُلٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: ماذا أَقُولُ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: "قُلْ الحَمْدُ للَّه". قالوا: ماذا نَقُولُ لَهُ؟ قال: "قُولُوا: يَرْحَمُكَ اللَّهُ". قال: فماذا أَقُولُ لَهُمْ؟ قال: "قُلْ لَهُمْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصلِحُ بالَكُمْ" (¬1). "مسائل حرب" ص 315 قال أبو طالب: قلت: هؤلاء إذا قلنا لهم: يهديكم اللَّه ويصلح بالكم، قالوا: إنما يقال هذا لليهود أليس بقرآن {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] قلت: أليس دعاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ أهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ" (¬2)، قال: بلى. "بدائع الفوائد" 4/ 57 روى أَبو طالِبٍ: قال أحمد: التَّشْمِيتُ: يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بالَكُمْ. "الآداب الشرعية" 2/ 319، "معونة أولي النهى" 3/ 140 ¬

_ (¬1) رواه إسحاق بن راهوية في "مسنده" 2/ 430 - 431 (994). والإمام أحمد 6/ 79، وأبو يعلى في "مسنده" 8/ 359 (4946) والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 301. قال الهيثمي في "المجمع" 8/ 57: رواه أحمد، وأبو يعلى، وفيه أبو معشر -نجيح- وهو لين الحديث، وبقية رجاله ثقات. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 199، أبو داود (1425)، والترمذي (464)، والنسائي 3/ 248، وابن ماجه (1178) من حديث الحسن بن علي -رضي اللَّه عنهما-. قال الترمذي: هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ولا نعرف عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في القنوت في الوتر أحسن من هذا. وقال النووي في "الخلاصة" 1/ 455: إسناده صحيح. وقال الألباني في "الإرواء" (429): صحيح.

177 - استحباب التشميت ثلاثا

قال المَرُّوذِيُّ: إنَّ رَجُلًا عَطَسَ عِنْد أَبِي عَبْد اللَّه، فَلَمْ يَحْمَد اللَّهَ، فانْتَظَرَهُ أَنْ يَحْمَد اللَّهَ، فَيُشَمِّتهُ، فَلَمّا أَرادَ أَنْ يَقُومَ، قال لَهُ أَبُو عَبْد للَّه: كَيْف تَقُولُ إذا عَطَسْتَ؟ قال: أَقُولُ الحَمْدُ للَّه، فقال لَهُ أَبُو عَبْد اللَّه: يَرْحَمُكَ اللَّهُ. "الآداب الشرعية" 2/ 328 177 - استحباب التشميت ثلاثًا قال أبو الفضل صالح: وسألته عن الرجل يشمت العاطس في مجلسه ثلاثًا؟ قال: أكثر ما قيل فيه: ثلاث. "مسائل صالح" (209) قال مُهَنّا لِأَحْمَدَ: أَيُّ شَيْءٍ مَذْهَبُكَ في العاطِسِ، يُشَمَّتُ إلَى ثَلاثٍ مِرارًا؟ قال: أذهب إلَى قَوْلِ عَمْرِو بْنِ العاصِ. قُلْتُ: منْ ذَكَرَهُ؟ قال: هُشَيْمٌ، أخبرنا المُغِيرَةُ، عنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ العاصِ قال: العاطِسُ بِمَنْزِلَةِ الخاطِبِ، يُشَمَّتُ إلَى ثَلاثٍ مرارًا، فَما زادَ فَهُوَ داءٌ في الرَأْسِ. "الآداب الشرعية" 2/ 326

178 - استحباب خمر الوجه وخفض الصوت عند العطس

178 - استحباب خمر الوجه وخفض الصوت عند العطس قال ابن هانئ: وسمعته يقول: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا عطسَ خَمّرَ وجهه، وخفَّض من صوته (¬1). "مسائل ابن هانئ" (1991) 179 - هل يشمتُ غير المسلم؟ قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد اللَّه يُسأل عن العطاس، ما يقال له؟ قال: يقال له يرحمك اللَّه، ويرد عليه: يهديكم اللَّه ويصلح بالكم. قلت: فحديث حكيم بن الديلمي، كيف؟ قال: ذاك غير هذا. إنما كانت اليهود تَعاَطسْ عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجاء أن يقول: يرحمكم اللَّه، فقال: "يَهدِيكُمُ اللَّهُ" (¬2). قلت: يا أبا عبد اللَّه ولو عطس يهودي، قلت له: يهديكم اللَّه؟ ، فأطرق، ثم قال: أي شيء يقال لليهودي؟ ! "أحكام أهل الملل" 2/ 165 (1123) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 439، وأبو داود (5029)، والترمذي (2745)، وصححه الحاكم 4/ 264 من حديث أبي هريرة. قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (4755). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 400، وأبو داود (5038) والترمذي (2739) والبخاري في "الأدب المفرد" (940) وصححه الحاكم 4/ 268 حديث أبي موسى قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "الإرواء" (1277).

180 - هل يسن تشميت المرأة؟

180 - هل يسنُ تشميت المرأة؟ قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يشمت المرأة إذا عطست؟ قال: إن أراد أن يستنطقها ليسمع كلامها فلا؛ لأن الكلام فتنة، وإن لم يرد ذلك فلا بأس أن يشمتهن. "مسائل حرب" ص 315 قال أَبُو طالِبٍ: سَأَلَت أبا عَبْدِ اللَّهِ: يُشَمِّتُ الرَّجُلُ المَرْأَةَ إذا عَطَسَتْ؟ قال: نَعَمْ، قَدْ شَمَّتَ أَبُو مُوسَى امْرَأَتَهُ. قُلْتُ: فَإِنْ كانَتْ امْرَأَةً تَمُرُّ أَوْ جالِسَةً فَعَطَسَتْ، أُشَمِّتُها؟ قال: نَعَمْ. قال ابن الجَوْزِيِّ: وَقَدْ رُوّيْنا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ كانَ عِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ العُبّادِ فَعَطَسَتْ امْرَأَةُ أَحْمَدَ، فَقال لَها العابِدُ: يَرْحَمُكِ اللَّهُ. فَقال أَحْمَد رَحِمَهُ اللَّهُ: عابِدٌ جاهِلٌ. "الآداب الشرعية" 2/ 325

181 - استحباب عيادة المريض والتخفيف في عيادته

ثالثًا: عيادة المريض وآداب ذلك 181 - استحباب عيادة المريض والتخفيف في عيادته قال أبو الفضل صالح: قال أبي: يُحْكَى عن الأوزاعي، قال: دخلنا على ابن سيرين فعدناه من قيام. "مسائل صالح" (844) 182 - عيادة أهل الذمة قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه- سئل عن عيادة اليهودي والنصراني؟ قال: إن كان يريد يدعوه إلى الإسلام، فنعم. "مسائل أبي داود" (920) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: الرجل يكون له جار نصراني، فإذا مرض يعوده؟ قال: يجيء إلى الباب، ويعتذر إليهم، ولا يعجبني أن يصافح أهل الذمة. "مسائل ابن هانئ" (927) قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: بلغني أن أبا عبد اللَّه سئل عن رجل. . وأخبرنا محمد بن علي، قال: حدثنا أبو بكر الأثرم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن الرجل له قرابة نصراني يعوده؟ قال: نعم. قيل له: نصراني؟ قال: أرجو ألا يضيق لعبادة. قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه مرةً أخرى: يعود الرجل اليهودي والنصراني؟ قال: أليس عاد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بجالة اليهودي، ودعاه إلى الإسلام (¬1)؟ ! ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 175، والبخاري (1356) من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-.

وقال: أخبرني يزيد بن عبد اللَّه الأصبهاني قال: حدثنا أبو مسعود الأصبهاني قال: سألت أحمد بن حنبل عن عيادة القرابة والجار النصراني؟ قال: نعم. وقال: أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم قال: سمعت أحمد سئل عن الرجل المسلم يعود أحدًا من المشركين؟ قال: إن كان يرى أنه إذا عاده، يعرض عليه الإسلام، يقبل منه، فليعده؛ كما عاد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الغلام اليهودي، فعرض عليه الإسلام. "أحكام أهل الملل" 1/ 291 - 292 (600 - 602) قال الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل المسلم يعود الكافر؟ قال: إذا كان يرتجوه فلا بأس به. قلت له: (فاتركوه) (¬1) يقبل منه؟ قال: تعرض عليه الإسلام. قلت له: وترى إذا عاده أن يدعوه للإسلام؟ قال: نعم. "أحكام أهل الملل" 1/ 292 (604) قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسن بن هارون قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الرجل يعود اليهودي والنصراني؟ قال: نعم. وقال: أخبرنا محمد بن موسى البزار أن جعفر بن محمد حدثهم قال: سئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يعود شَريكًا له يهودي أو نصراني؟ قال: لا كرامة. "أحكام أهل الملل" 1/ 292 (607) ¬

_ (¬1) في هذا الموضع من المطبوع تعليق من المحقق دلالة على وجود إشكال بالأصول.

183 - وقت عيادة المريض

183 - وقت عيادة المريض قال الأَثرَمُ: قِيلَ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فُلانٌ مَرِيضٌ، وَكانَ عِنْدَ ارْتِفاعِ النَّهارِ في الصَّيْفِ؟ فقال: لَيْسَ هذا وَقْتَ عِيادَةٍ. "الآداب الشرعية" 2/ 189 قال المَرُّوذِيُّ: عُدْت مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَرِيضًا بِاللَّيْلِ، وَكانَ في شَهْرِ رَمَضانَ، ثُمَّ قال لِي: في شَهْرِ رَمَضانَ يُعادُ بِاللَّيْلِ. "الآداب الشرعية" 2/ 190 184 - الدعاء للمريض قال عبد اللَّه: حدثني أبي، قال: سمعت هشيمًا، يقول: ادعوا اللَّه لأخينا عَبّاد بن العَوّام، أراه كان مريضًا. "العلل" رواية عبد اللَّه (2432) 185 - كراهية الشكوى من المرض قال صالح: قال أبي: بلغني أن عروة بن الزبير قطعت رجله، فيقول: لئن كنت أبليت، فطالما عافيت، إن كنت أخذت، فطالما أعطيت (¬1). "مسائل صالح" (699) قال صالح: قال أبي في مرضه: جئني بالكتاب الذي فيه حديث ابن إدريس، عن ليث، عن طاوس أنه كان يكره الأنين (¬2)، فقرأته عليه، فلم يئن إلا في الليلة التي توفي فيها. "سيرة الإمام أحمد" رواية ابنه صالح ص 123 ¬

_ (¬1) رواه أبو نعيم في "الحلية" 2/ 179. (¬2) رواه ابن الجعد في "مسنده" (2727)، وابن أبي شيبة 7/ 213 (35401).

قال حرب: سمعت إسحاق، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، قال: دخلت على حبيب بن أبي ثابت في مرضه، وهو يقول: آه آه -يعني: يئن في مرضه. "مسائل حرب" ص 303 قال عبد الرحمن المتطبب -يعرف بطبيب السنة- يقول: دخلت على أحمد بن حنبل أعوده، فقلت: كيف تجدك؟ فقال: أحمد اللَّه إليك، أنا بعين اللَّه، ثم دخلت على بشر بن الحارث فقلت: كيف تجدك؟ فقال: أحمد اللَّه إليك، أجد كذا أجد كذا، فقلت: أما تخشى أن يكون هذا شكوى؟ فقال: حدثنا المعافى بن عمران، عن سفيان بن سعيد، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود، قالا: سمعنا عبد اللَّه بن مسعود يقول: قال: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كان الشكر قبل الشكوى فليس بشاك" (¬1)، فدخلت على أحمد بن حنبل، فحدثته، فكان إذا سألته، قال: أحمد اللَّه إليك، أجد كذا وكذا. "طبقات الحنابلة" 2/ 81 قال عبد اللَّه: إن أخت بشر بن الحارث قالت للإمام أحمد: يا أبا عبد اللَّه، أنين المريض شكوى؟ قال: أرجو ألا يكون شكوى، ولكنه اشتكى إلى اللَّه. "الآداب الشرعية" 2/ 174 ¬

_ (¬1) لم أقف عليه، لكن أورده ابن مفلح في "الآداب الشرعية" 2/ 173 وقال: وأظن أنا أبا الحسين في "الطبقات" نقل هذا من كتاب الخلال وهذا الخبر السابق متفق عليه. قلت لم أقف عليه في الصحيحين. واللَّه أعلم.

186 - كراهة تمني الموت

186 - كراهة تمني الموت قال أبو الفضل صالح: سمعت أبي، يقول: قال القاسم بن مخيمرة لأم ولد له: كنت أتمنى الموت، حتى إذا جاءني كرهته. "مسائل صالح" (1310) قال أبو الفضل صالح: قال أبي: بلغ عطاء أن يوسف بن ماهك يتمنى الموت، فكره ذلك له، وعابه. "مسائل صالح" (1311) قال أبو الفضل صالح: قال أبي: ويقال: إنه ما تمنى أحد من الأنبياء الموت إلا يوسف، فإنه قال: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101]. "مسائل صالح" (1313) قال صالح: قال أبي: واللَّه لقد تمنيت الموت في الأمر الذي كان، وإني لأتمنى الموت في هذا وذاك، إن كان فتنة الدنيا، وكان ذاك فتنة الدين. "سيرة الإمام أحمد" رواية صالح ص 101 نقل المروذي عنه: قال: أنا أتمنى الموت صباح مساء؛ أخاف أن أفتن في الدنيا. "الورع" (16) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا كثير بن زيد، عن سلمة بن أبي يزيد قال: سمعت جابرا قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تَمَنَّوا المَوْتَ؛ فَإِنَّ هَوْلَ المَطْلَعِ شَدِيد، وإِنَّ مِنْ السَّعادَةِ أَنْ يَطُولَ عُمْرُه، وَيَرْزُقَهُ اللَّهُ الإنابَةَ" (¬1). "الزهد" ص 29 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 332، وعبد بن حميد 3/ 81 (1153)، والبزار كما في "كشف الأستار" 4/ 78، 152 (3240)، (3422)، وابن عدي في "الكامل" 7/ 206، والحاكم 4/ 240، والبيهقي في "الشعب" 7/ 362 (10589). قال =

187 - الحث على العزلة والبعد عن الاختلاط

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حجاج بن محمد الأعور، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: هذا يوسف بن ماهك يتمنى الموت، فقال: فعاب ذلك، وقال: ما يدريه على ما هو منه؟ ! "الزهد" ص 442 فصل في العزلة والاختلاط 187 - الحث على العزلة والبعد عن الاختلاط قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد قال: قال عيسى عليه السلام: طوبى لمن خزن لسانه، ووسعه بيته، وبكى من ذكر خطيئته. وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا إسحاق بن يوسف، عن سفيان، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد قال: قال عيسى عليه السلام: طوبى لمن خزن لسانه، ووسعه بيته، وبكى من ذكر خطيئته. "الزهد" ص 73 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا المسعودي، عن القاسم قال: قال عبد اللَّه لابنه: يا بني ليسعك بيتك، واملك عليك لسانك، وابك من ذكر خطيئتك. "الزهد" ص 195 ¬

_ = الحاكم: إسناده صحيح ولم يخرجاه. قال المنذري كما في "ضعيف الترغيب والترهيب" (1963): رواه أحمد بإسناد حسن والبيهقي. قال الألباني: كذا قال، وتبعه الهيثمي 10/ 203 وفي إسناده ضعيف واضطراب، وبيانه في "الضعيفة" (4979). ا. هـ وقال الهيثمي: رواه أحمد والبزار، وإسناده حسن وقال في 10/ 334: رواه أحمد والبزار، وإسنادهما جيد.

188 - ذكر من كره العزلة

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا مؤمل، حدثنا سفيان -شيخ من قريش يقال له: الوليد بن المغيرة- قال: قال لي سعيد بن المسيب: عليك بالعزلة؛ فإنها عبادة، وعليك بالشواء الحرم -قال أبي: يعني: أطرافها- فإن كانت حسنة كانت في الحرم، وإن كانت سيئة كانت في الحل؛ فإنه بلغني أن أهل مكة أو ساكن مكة لن يهلكوا حتى يكون الحرم عندهم بمنزلة الحل. "الزهد" ص 49 188 - ذكر من كره العزلة قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل، عن أيوب قال: نبئت أن مطرفًا كان يقول: لأنا أحوج إلى الجماعة من الأرملة، إني إذا كنت في الجماعة عرفت ذنبي. "الزهد" ص 301 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني إبراهيم بن خالد، أخبرني عمر بن عبد الرحمن قال: ذكروا عند وهب عبادة بني إسرائيل وسياحتهم، قال: فقال وهب رحمه اللَّه: من خالط الناس فورع وصبر على أذاهم كان أفضل عندي. "الزهد" ص 445 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، حدثنا عبد الرحمن بن جبير بن نفير وغيره أن أبا مسلم الخولاني شكا إليه رجل ما يلقى من تأذيه بالناس، فقال أبو مسلم: إنك إن تناقد الناس ناقدوك، وإن تتركهم لا يتركوك، وإن تفر منهم يدركوك. قال: فما أصنع؟ قال: هم غرضك ليوم فقرك، وخذ شيئًا من لا شيء. "الزهد" ص 468

189 - فضل العزلة

189 - فضل العزلة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ: قوله: خذوا بحظكم من العزلة (¬1) ما يعني به؟ قال: يقولُ: تَفَرَّغوا للعبادة؛ لأنَّ العزلةَ هي سببُ التفرغِ للعبادةِ، ألا ترى إلى قولِ أبي الدرداء -رضي اللَّه عنه-: نِعم صومعة المسلم بيته؛ يكف فيها سمعه وبصره (¬2)! "مسائل الكوسج" (3352) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن إسماعيل بن أمية قال: قال عمر رحمة اللَّه عليه: إن في العزلة الراحة من (خلالي) (¬3) السوء. "الزهد" ص 149 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن ثور، عن سليمان بن عامر، عن أبي الدرداء قال: نعم صومعة الرجل بيته، يكف فيها بصره ولسانه، وإيّاكم والسوقَ؛ فإنها تلهي وتلغي. "الزهد" ص 168 ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 4/ 161، وابن أبي عاصم في "الزهد" ص (84)، وابن حبان في "روضة العقلاء ونزهة الفضلاء" ص 101، والخطابي في "العزلة" ص 22، وابن عبد البر في "التمهيد" 17/ 445 - 446 كلهم من طريق شعبة، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم قال: قال عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: خذوا بحظكم من العزلة. (¬2) رواه ابن المبارك في "الزهد" ص (14)، وابن أبي شيبة 7/ 129 (34584) وهناد ابن السري في "الزهد" ص 2/ 582 (1235)، وابن أبي عاصم في "الزهد" ص (80)، والبيهقي في "الزهد الكبير" (128)، وابن عبد البر في "التمهيد" 17/ 442. (¬3) في "المصنف" لابن أبي شيبة 7/ 117 (34466): خلطاء.

190 - حكم السياحة للتعبد

190 - حكم السياحة للتعبد قال ابن هانئ: وسئل عن الرجل يسيح يتعبد أحب إليك، أو المقام في الأمصار؟ قال: ما السياحة من الإسلام في شيء، ولا من فعل النبيين ولا الصالحين. "مسائل ابن هانئ" (1962) قال محمد بن موسى الخياط: سألت أحمد ما تقول في السياحة يا أبا عبد اللَّه؟ قال: لا، التزويج ولزوم المساجد. "أحكام النساء" للخلال (109)، "الآداب الشرعية" 1/ 460

باب معاملة الحيوان والطير والنبات

باب معاملة الحيوان والطير والنبات 191 - استحباب الرفق بالحيوان وعدم تعذيبه قال أبو داود: سمعت أحمد سُئلَ عن السمكة تلقى في النار، وهي حية؟ قال: لا. "مسائل أبي داود" (1647) قال ابن هانئ: وسُئلَ عن رجل يصيد السمك بالخراطين؟ قال: هذا تعذيب للخراطين، لا أرى أن يصيد به. "مسائل ابن هانئ" (1799) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: سأل وكيع الجمّال في حَجته: ما شيء أشد على الجمل؟ فقال: ينام عليه الرجل. قال: فحج وكيع ذاهبًا وجائيًا، وما نام على الجمل. "مسائل ابن هانئ" (2007) قال حرب: قلتُ لإسحاقَ بن إبراهيم: الرجل يأخذ المرعراء من ظهر الشاه بالمشط وهو يشتد عليها؟ قال: يأثمون شديدًا. "مسائل حرب" ص 325 نقل حنبل عنه: يقاد إلى المذبح قودًا رفيقًا، وتوارى السكين، ولا تظهر إلا عند الذبح، أمر بذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). "العدة في أصول الفقه" 1/ 249، "المسودة" 1/ 101 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 123، ومسلم (1955) من حديث شداد بن أوس.

192 - كراهة التحريش بين الدواب

قال علي بن سعد: سألت أحمد عن تشميس القز، يموت الدود فيه؟ قال: ولم يفعل ذلك؟ قلت: يجف القز، وإن تركه كان في ذلك ضرر كثير، قال: إذا لم يجدوا منه بدا، ولم يريدوا بذلك أن يعذبوا بالشمس، فليس به بأس. "الآداب الشرعية" 3/ 353 192 - كراهة التحريش بين الدواب قال إسحاق بن منصور: قلت: يكره التحريش بين الدواب؟ قال: سبحان اللَّه، إي لعمري. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3503) 193 - وسم الغنم وخصاء الدواب قال إسحاق بن منصور: قلت: تكره إخصاء الدواب؟ قال: إي لعمري، هي نماء الخلق. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2765) قال ابن هانئ: وسئل عن الغنم توسم؟ قال: توسم، ولا يعمل في اللحم، يعني: يَجُزُّ الصوفَ. "مسائل ابن هانئ" (1990) قال حرب: سئل أحمد بن حنبل عن إخصاء الدواب والغنم، فكرهه للسمن وغير ذلك، إلا أن يخاف عضاضه. "مسائل حرب" ص 324

194 - كراهة نزو الحمار على الفرس

نقل البرتي القاضي عنه، وقد سئل عن خصاء الخيل والدواب؟ فكرهه، إلا من عِضاض. "الأحكام السلطانية" ص 307، "الآداب الشرعية" 3/ 130 194 - كراهة نزو الحمار على الفرس قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ سُئِلَ: يُنْزى حمارٌ على فرسٍ؟ قال: يكرهُ. "مسائل أبي داود" (1505) 195 - حذف الخيل قال أبو داود: قلت لأحمد: حذف الخيل؟ قال: إن كان أبهى -أجود- له. قلت: إنه ينفعه في الشتاء وهو أجود لركضه؟ فكأنه سهل فيه، وقال أيضًا مع ذلك: ولكن لم يزل الناس يكرهون حذف الخيل. "مسائل أبي داود" (1506) قال أبو داود: وسُئِلَ عن حذف البراذين، فقال: البراذين من الخيل. "مسائل أبي داود" (1507) 196 - استخدام بقر الحرث في غير الحرث قال حرب: قلتُ لإسحاقَ: بقر الحرث هل يكره أن يستعمل في غير الحرث؟ قال: لا بأس في استعمالها في غير الحرث. "مسائل حرب" ص 326

197 - قتل الكلب الأسود البهيم

197 - قتل الكلب الأسود البهيم قال إسحاق بن منصور: قلت: تقتل الكلاب؟ قال: يقتل الأسود البهيم. قال إسحاق: هذا لابد منه، وأرى الكلاب كلها، إذا لم تكن لحراسةٍ أو لزرع أو غنم أن تقتل. "مسائل الكوسج" (3332) قال أبو الفضل صالح: حدثني أبي قال: حدثني وكيع، عن أبي سفيان بن العلاء، قال: سمعت الحسن يحدث أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا كل أسود بهيم" قال: فقال له رجل: يا أبا سعيد، ممن سمعت هذا؟ فقال: حدثنيه -ثم حلف- عبد اللَّه بن مغفل، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- منذ كذا وكذا، ولقد حَدَّثَنا في ذلك المجلس، كأنه أراد غير هذا الحديث أيضًا (¬1). "مسائل صالح" (636) قال موسى بن سعيد الدَّنداني: قال أبو عبد اللَّه: في الكلب ست خصال: ثمنه، وسؤره، وأمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بقتلها، وتقطع الصلاة، ويقتل الكلب الأسود البهيم، إن كان لصاحب ماشية فلا بأس بقتله. "الطبقات" 2/ 399، "معونة أولي النهى" 11/ 171 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 85، وأبو داود (2845)، والترمذي (1486) والنسائي 7/ 185، وابن ماجه (3205). قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وكذا قال البغوي في "شرح السنة" 11/ 211. وذكره الألباني في "صحيح أبي داود" (2535) وقال: حديث صحيح.

198 - هل يجوز قتل الخنزير؟

198 - هل يجوز قتل الخنزير؟ قال أبو طالب: قال أحمد: إذا أسلم وله خمر أو خنازير، يصب الخمر، وتسرح الخنازير، قد حرما عليه، وإن قتلها فلا بأس. "الآداب الشرعية" 3/ 346، "معونة أولي النهى" 11/ 171 199 - قتل دواب البيوت قال الفضل بن زياد: قال أحمد: الإيذان في حق غير ذي الطفيتين. قال الميموني: سئل أبو عبد اللَّه عن قتل دواب البيوت، قال: لا يقتل منهن إلا ذو الطفيتين والأبتر. وذو الطفيتين: خطان في ظهره، ثم ذكر حديث أبي لبابة (¬1). قيل لأبي عبد اللَّه: فما تقتل من الحيات؟ قال: نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن قتل دواب البيوت إلا ذي الطفيتين والأبتر. فقلنا له: إنه ربما كان في البيوت منهن شيء الهائل منهن غلظًا وطولًا حتى يفزعن، فقال: إذا كان هذا فأرجو ألا يكون في قتله أيُّ حرجٍ. قال المروذي: سئل أبو عبد اللَّه عن الحية تظهر؟ قال: تؤذن ثلاثة. قلت: ثلاثة أيام، أو ثلاث مرار؟ قال: ثلاث مرارٍ، إلا أن يكون ذو الطفيتين، وهي التي عليها خطان، والأبتر هو الذي كأنه مقطوع الذنب، يقتل ولا يؤذن. قال المروذي: وكنت أحفر بئرًا بين يدي أبي عبد اللَّه، فخرجت حية ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 430، والبخاري (3297، 3298) ومسلم (2233).

200 - حرق كور الزنابير وقتل النمل

حمراء، فقلت: يا أبا عبد اللَّه، أقتلها؟ فنظر، فقال لي: لا تعرض لها دعها. "الآداب الشرعية" 3/ 347، 348 200 - حرق كور الزنابير وقتل النمل قال إسحاق بن منصور: قلت لإسحاق: يُدخن للزنابير؟ قال: إذا خُشي أذاهم فلا بأس، هو أحب إليَّ من تحريقه، والنمل إذا آذاه يقتله. "مسائل الكوسج" (2724) قال حرب: سألت إسحاق عن كور الزنابير تُحرق بالنار؟ قال: كل شيء يحرق بالنار: عقرب أو حية، فكل هذا مكروه. وقال قلتُ لإسحاقَ أيضًا: كور الزنابير تحرق بالنار؟ فكرهه، وكذلك غيره. "مسائل حرب" ص 327 قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث العنبري، قال: حدثنا أبو عبد اللَّه الكواز: حدثتني حبيبة مولاة الأحنف: أنها رأت الأحنف بن قيس رحمه اللَّه، ورآها تقتل نملة، قال: لا تقتليها، ثم دعا بكرسي، فجلس عليه، ثم قال: إني أحرج عليكن إلا خرجتن من داري، فإنني أكره أن تُقْتَلن في داري، قالت: فخرجن فما رئي منهن بعد ذلك اليوم واحدة. "مسائل عبد اللَّه" (1620) قال عبد اللَّه بن أحمد: رأيت أبي فعل مثل ذلك، حرَّج على النمل،

201 - كراهة سقي الدواب الخمر

وأكثر علمي أنه جلس على كرسي يجلس عليه يتوضأ، ثم رأيت النمل قد خرجن بعد ذلك، نمل كبار سود فلم أرهن بعد ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (1621) قال المروذي: قلت: يدخن الزنابير؟ قال: إذا خشي أذاهم فلا بأس، هو أحب إليّ من تحريقه، والنمل إذا آذاه يقتله. "الآداب الشرعية" 3/ 353 201 - كراهة سقي الدواب الخمر قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: تكرهُ أن تُسقى الدوابُ الخمرَ؟ قال: أكرهه، وأن يداوى الدبر والجرح. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (2877). قال عبد اللَّه: قرأت على أبي، وقال أبي: اروه عن عبدة بن سليمان الكلابي. قال: حدثنا عبيد اللَّه، عن نافع، أن ابن عمر كان ينهى أن تسقى البهائم الخمر (¬1). "مسائل عبد اللَّه" (1570). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 37 (23485)، والبيهقي في "الشعب" 5/ 18 (5621).

202 - جواز تسمية البهائم والطيور

202 - جواز تسمية البهائم والطيور قال حرب: قلتُ لإسحاقَ: البهيمة والطير يكون في الدار فيسميها باسم يدعوه بها؟ قال: كلما كان المسمى بأسامي سموها به في ما مضى فلا بأس. "مسائل حرب" ص 328 203 - اتخاذ الحمام للتربية قال حرب: سمعت أحمد، يقول: لا بأس أن يتخذ الرجل في منزله الطيور والحمامات المقصوصة؛ ليستأنس إليها، فإن تلهى بها، فإني أكرهه. وقال: قلت لأحمد: فإن اتخذ قطيعًا من الحمام يطير؟ فكره ذلك كراهية شديدة، ولم يرخص فيه إذا كان يطير، وذلك أنها تأكل من أموال الناس وزروعهم. وقال: سُئلَ إسحاق عن الرجل يتخذ الكندوج للحمام؟ فأملى: أما ما سألت عنه من بناء بروج الحمام التّي تتخذ في القرى، وتضر أهل القرى، وغيرهم، فإن كان رجلًا زرع في القرية كما يزرعون، فارجو ألا يكون به بأس، فإن لم يكن له في القرية شيء، فلا. قال: وأما في الدور، فإني أكرهها أيضًا؛ بحال ما تختلط حمامه بحمام غيره فتفرخ، ولا يدري فراخها، فإن اتخذها ولم يستيقن بالاختلاط بحمام غيره فلا بأس. وقال: حدثنا إسحاق قال: ثنا بقية بن الوليد، عن الوليد بن كامل البجلي، عن نصر بن علقمة، قال: سُئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الرجل يتخذ

الحمام في القرية، قال: "إن كان يزرع كما يزرعون، وإلا فلا" (¬1). وقال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: رأيت أبا بلخ وكان جارًا لنا، وكان يتخذ الحمام. "مسائل حرب" ص 330 - 331 قال المروذي: وأظن أني سمعته يقول في الحمام الذي يرعى في الصحراء اكره أكل فراخها، وكره أن ترعى في الصحراء، وقال: تأكل طعام الناس. "الآداب الشرعية" 3/ 340 ¬

_ (¬1) لم أقف على من أخرجه، لكن في سنده بقية بن الوليد، قال عنه أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وهو أحب إلىَّ من إسماعيل بن عياش، وقال في موضع آخر: سألت أبا مسهر عن حديث بقية، فقال: احذر أحاديث بقية وكن منها على تقية فإنها غير نقية. وقال عنه ابن المبارك: كان صدوقًا ولكن يكتب عمن أقبل وأدبر، وقال ابن حجر: صدوق كثير التدليس عن الضعفاء. انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" 4/ 192. وفي سنده أيضًا الوليد بن كامل البجلي. قال عنه البخاري: عنده عجائب، وقال أبو حاتم: شيخ وقال ابن حجر: لين الحديث. انظر ترجمته في "التاريخ الكبير" 8/ 152، "تهذيب الكمال" 31/ 70. وفي سنده أيضًا: نصر بن علقمة قال عنه عثمان بن سعيد الدارمي عن رحيم: ثقة وقال ابن حجر: مقبول. انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" 29/ 353، قلت: وفي الباب عن أنس رواه ابن حبان في "المجروحين"2/ 38 من طريق الجوازبي، قال: حدثنا أبي ومحمي، قالا: حدثنا عبد اللَّه بن أبي علاج في نسخة كتبناها عن يونس، عن الزهري، عن أنس، قال: سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الرجل يتخذ الحمام في القرية، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . الحديث. قال ابن حبان عقبة: أحاديث يونس التي رواها كلها موضوعة، لا أصول لها البتة.

204 - النهي عن اتخاذ الطير غرضا

قال مهنا: سألت أبا عبد اللَّه عن بروج الحمام التي تكون بالشام؟ فكرهها وقال: تأكل زروع الناس. فقلت له: وإنما كرهتها لأجل أنها تأكل زروع الناس؟ فقال: أكرهها أيضا؛ لأنه قد أمر بقتل الحمام. فقلت له: تقتل؟ قال: تذبح. وقال الحسين بن محمد: سألت أبا عبد اللَّه عن الحمام المقصوص. قال: عثمان أمر بقتل الحمام والكلاب. قلت: المقاصيص هي أهون عندك من الطيارة؟ قال: نعم. "الآداب الشرعية" 3/ 340 204 - النهي عن اتخاذ الطير غرضًا قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا يحيى، قال: كان شعبة يضعف حديث أبي بشر، عن مجاهد. وقال: حديث الطير أن ابن عمر رأى قومًا نصبوا طيرًا يرمونه (¬1). قال شعبة: هذا الحديث حديث المنهال، وحدث به أبو الربيع السمان، عن أبي بشر، فأنكره شعبة، قال له هشيم: أنا سمعته من بشر، أيش تنكر عليه؟ ! "مسائل صالح" (907) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 13 والبخاري (5515)، ومسلم (1958).

205 - قطع السدر والنخل وغيره من الشجر

205 - قطع السدر والنخل وغيره من الشجر قال إسحاق بن منصور: قلت: قطع السدر؟ قال: إني أحب أن أتوقاه. قلت: الحديث (¬1) في الحرم، أو الحرم وغير الحرم؟ قال: الحرم وغير الحرم. "مسائل الكوسج" (2486) قال ابن هانئ: وسألته عن السدرة تكون في الدار، فتؤذي، أتقطع؟ قال: لا تقطع من أصلها، ولا بأس أن تقطع شاخاتها. "مسائل ابن هانئ" (1989) قال حرب: سُئلَ أحمد عن قطع السدر؟ فكرهه كراهة شديدة، وذهب إلى حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال أحمد: قلَّ إنسانٌ فَعَلَه إلا رأى ما يكرهه في الدنيا -يعني: قطع السدر. وقال: سُئلَ أحمد عن رجل في داره نخلة، قد ضيقت عليه؟ قال: يقطعها إنما كره السدر. وذكر حديث ابن جريج، عن ابن حبشي. وقال: سألت إسحاق عن قطع الشجر المثمر؟ قال: إذا كان لعلة فلا بأس، فإنهم ربما قطعوا الخوخ ليعود أصله ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (5239)، والنسائي في "الكبرى" 5/ 182 (8611) والطحاوي في "مشكل الآثار" 7/ 428 (2979)، والطبراني في "الأوسط" 3/ 50 (2441) والضياء في "المختارة" 9/ 237 (215)، والبيهقي 6/ 139 من حديث عبد اللَّه بن حبشي بلفظ "من قطع سدرة صوب اللَّه رأسه في النار" وذكره الهيثمي في "المجمع" 4/ 69 وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" ورجاله ثقات. وصححه الألباني في "الصحيحة" (614).

206 - تخويف الشجر وتلقيح النخل

أيضًا. قلت: فقطعه لغير علة باعه من النجارين؟ فكرهه. قلت: فإن كان في الشتاء وليس عليها ثمرة أتكرهها؟ قال: شديدًا، إنه وإن لم يكن أيام الثمرة فأصلها مثبت. "مسائل حرب" ص 332 - 333 روى أبو طالب: أنه سأل أحمد عن قطع النخل؛ فقال: لا بأس، لم نسمع في قطع النخل شيئًا. قيل له: فالنبق؟ قال: ليس فيه حديث صحيح، وما يعجبني قطعه. قلت له: إذا لم يكن فيه حديث صحيح، فلم لا يعجبك؟ قال: لأنه على كل حال قد جاء فيه كراهة، والنخل لم يجئ فيه شيء. "المسودة" 2/ 875 206 - تخويف الشجر وتلقيح النخل قال حرب: قلتُ لإسحاقَ: الرجل يكون له الثمرة، الشجر: الكمثرى أو التفاح أو غير ذلك فربما لم يحمل فيضع المنشار في أصله؛ يزعم أن يخوفه؛ ليحمل، فيحمل تلك السنة ما تقول في ذلك؟ قال: إن كان ذلك شيئًا قد جُرَّبَ فلا بأس، ولم يكرهه. قلت: فإن فعلوا بالشجر سوى النخل شبه التلقيح؟ قال: كل شيء يراد به منفعته فلا بأس. "مسائل حرب" ص 334

ثانيا: شجرة كتاب الزهد باب ما جاء في المحاسبة والمراقبة * لزوم المحاسبة * محاسبة النفس * الانشغال بالنفس وإصلاحها * المجاهدة * معاتبة النفس وتوبيخها * المبادرة بطاعة اللَّه واجتناب محارمه والمسارعة إلى الخيرات * القصد في الطاعة * المداومة على الطاعة * فضل طاعة اللَّه عز وجل * شؤم المعصية * الحذر من صغار الذنوب باب ما جاء في مكفرات الذنوب * 1 - الاستغفار والتوبة * فضل التوبة * لزوم المبادرة إلى التوبة من شروط التوبة * أ- الإقلاع عن الذنب في الحال * ب- الندم على ما سلف من القبائح * أجناس ما يتاب منه * كيفية التوبة من حقوق العباد * 2 - الحسنات الماحيات * 3 - سكرات الموت باب ما جاء في الصبر * فضل الصبر فصل: ما جاء في أنواع الصبر * أولًا: الصبر على الطاعة * أحوال الصبر على الطاعة * لا ينبغي ترك الطاعات خوفًا من الرياء * ما جاء في الثناء الحسن وذكر من كره المدح * ثانيًا: الصبر عن المعاصي * ثالثًا: الصبر على ما لا يدخل تحت الاختيار (المصائب/ البلاء. .) فصل: ما جاء في آداب الصبر * 1 - سكون الجوارح واللسان * 2 - عدم الشكوى باب ما جاء في الشكر * الحث على الشكر * أيهما أفضل: الشكر مع العافية، أم الصبر مع البلاء؟ * ما جاء في كيفية الشكر

* 1 - إظهار الرضى عن اللَّه عز وجل * 2 - الحمد * 3 - ذكر النعيم باب ما جاء في الخوف والرجاء * ما جاء في البكاء من خشية اللَّه * ما جاء في الإشفاق باب الزهد والفقر * فضيلة الزهد * حقيقة الزهد * لا عيش إلا عيش الآخرة * لا تنال الآخرة إلا بالزهاده في الدنيا * كن في الدنيا كأنك غريب * طول الأمل * ذكر الموت * الحذر من فتنة الدنيا أو الاغترار بها * ما جاء في أن فتنة الدنيا في المال، وذم المال * نعم المال الصالح للعبد الصالح * ما جاء أن اللَّه يحمي عبده المؤمن من الدنيا وفتنتها * القناعة * الغنى غنى النفس * الزهد في الفضول وما زاد على المسكة والبلاغ من القوت، واغتنام التفرغ إلى عمارة الوقت وحسم الجأش والتحلي بحلى الأنبياء والصديقين * فضل الصبر على الجوع والفقر، وذم الشبع * فضل الفقراء على الأغنياء باب ما جاء في الورع * حقيقة الورع * فضل الورع ومنزلته * الحث على ألا يطعم إلا طيبًا * الأمر بالوقوف عند الشبهة * ترك بعض الحلال مخافة الحرام * جواز الانتفاع بما فيه شبهه عند الضرورة * حقيقة الشبهة وما جاء أن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات * هل المكروهات تقع تحت حد الشبهات؟ * من أكل طعامًا فبان فيه شبهة فقاءه * من كره الأكل أو الشرب من الصدقة * السراج أو النار أو الحطب لمن تكره ناحيته يستضاء به أو يخبز أو يطبخ * من كره أن يشم رائحة الطيب والبخور لمن تكره ناحيته * توبة من اختلط ماله بحرام باب ما جاء في المحبة * بيان علامات محبة اللَّه للعبد * 1 - الابتلاء في الدنيا لتمحيصه من ذنوبه حتى يلقى اللَّه وما عليه خطيئة * 2 - حسن التدبير له

* من أسباب محبة اللَّه لعبده * كيفية معرفة العبد قدر محبة اللَّه له * بيان علامات محبة العبد للَّه عز وجل * 1 - محبة لقاء اللَّه * 2 - الحرص على رضا اللَّه عز وجل * 3 - الإكثار من ذكر اللَّه والتنعم بمناجاته * 4 - أن يكون شفيقًا على عباد اللَّه رحيمًا بهم، شديدًا على أعدائه * أثر إقبال العبد على اللَّه عز وجل فصل ما جاء في الذكر * حقيقة الذكر * فضيلة الذكر * فضيلة مجالس الذكر ومجالسة الصالحين * فضيلة ذكر الصالحين * الحث على الذكر جماعة وفرادى وعلى كل حال * الحث على مجالسة الصالحين ما جاء في آداب الذكر * 1 - أن يكون الذاكر على طهارة * 2 - الخشوع والطمأنينة ما جاء في أذكار الأحوال * ما يقول عند هبوب الريح * عند سماع صوت الرعد * عند الفزع باب ما جاء في الدعاء * الحث على الدعاء والمسألة * منزلة الدعاء فصل: ما يستحب من الدعاء، وما يكره فصل: ما جاء في شروط الدعاء وآدابه * 1 - طاعة اللَّه وترك معصيته * 2 - أن يكون الداعي متوسلًا إليه سبحانه بتوحيده وأسمائه وصفاته والعمل الصالح * 3 - أن يظهر الداعي الافتقار والمسكنة بين يدي اللَّه سبحانه، وفي حال شريفه من حضور القلب والرجاء والإقبال على اللَّه * 4 - الجزم وعزم المسألة وأن يدعو موقنًا بالإجابة * 5 - غير مستعجل، ولا مستبطئ الإجابة، ولا قانط * 6 - غير معتد في الدعاء * 7 - أن يكون الدعاء بصوت منخفض خفي * 8 - الإكثار من الدعاء في حال الرخاء * هل يمسح بيده على وجهه بعد الدعاء؟

* هل يجوز الاجتماع للدعاء؟ * هل يجوز الدعاء لأهل الذمة؟ فصل: ما جاء في أسباب إجابة الدعاء * 1 - تقديم العمل الصالح * 2 - اغتنام الأحوال الصالحة * 3 - اغتنام الأوقات الفاضلة فصل: ما جاء في موانع إجابة الدعاء * 1 - الوقوع في شيء من محارم اللَّه * 2 - أن يكون الداعي ضعيفًا في نفسه * باب ما جاء في الحياء * باب ما جاء في التواضع وذم الكبر والعجب * باب ما جاء في التوكل * باب ما جاء في اليقين * باب ما جاء في الحزن * باب ما جاء في التفكر * باب ما جاء في الحكمة * باب ما جاء في أخبار أهل الزهد والورع: * من له اسمان من الأنبياء * هل الخضر وإلياس معمران؟ * زهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأخباره * ما جاء في زهد آدم * نوح * ما جاء في زهد إبراهيم * أيوب (عليهم السلام) *موسى * حزقيل * داود * سليمان * لقمان * عيسى* يحيى (عليهم السلام) * أبو بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- * عمر -رضي اللَّه عنه- * عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- * علي -رضي اللَّه عنه- * أبي عبيدة بن الجراح -رضي اللَّه عنه- * سعد بن أبي وقاص * الزبير بن العوام -رضي اللَّه عنه- * عثمان بن مظعون -رضي اللَّه عنه- * عبد اللَّه بن رواحة -رضي اللَّه عنه- * سالم مولى حذيفة -رضي اللَّه عنه- * معاذ بن جبل -رضي اللَّه عنه- * عتبة بن غزوان -رضي اللَّه عنه- * عمرو بن عتبة وأخباره -رضي اللَّه عنه- * سعيد بن عامر -رضي اللَّه عنه- * أبو ذر -رضي اللَّه عنه- * عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- * أبو الدرداء -رضي اللَّه عنه- * أبو طلحة -رضي اللَّه عنه- * سلمان -رضي اللَّه عنه- * عمار بن ياسر -رضي اللَّه عنه- * تميم الداري -رضي اللَّه عنه- * كعب بن مالك -رضي اللَّه عنه- * أبو موسى -رضي اللَّه عنه- * محمد بن مسلمة * عثمان بن أبي العاص -رضي اللَّه عنه- * عمران بن حصين -رضي اللَّه عنه- * أبو هريرة -رضي اللَّه عنه- * عائشة -رضي اللَّه عنها- وأخبارها * عبد اللَّه بن عامر -رضي اللَّه عنه- * عبد اللَّه بن عتبة -رضي اللَّه عنه- * المسور بن مخرمة -رضي اللَّه عنه- * عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنه- * عدي بن حاتم -رضي اللَّه عنه- * عبد اللَّه بن يزيد الخطمي* عبد اللَّه بن الزبير -رضي اللَّه عنهما- * عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنه- * أبو أمامة -رضي اللَّه عنه- * سهل بن سعد -رضي اللَّه عنه- * أويس القرني * هرم بن حيان العبدي * عامر بن القيس (عبد اللَّه) * الربيع بن خثيم

* سويد بن شعبة * مسروق بن الأجدع * أبو مسلم الخولاني * صلة بن أشيم * علقمة بن قيس * الأحنف بن قيس * صفوان بن محرز * عمرو بن ميمون * الأسود بن يزيد الجوشي * يزيد بن شريك * زياد بن حدير * أبو البختري الطائي * أبو وائل شقيق بن سلمة * ميمون بن أبي شبيب * معاذة العدوية * مطرف بن عبد اللَّه * سالم بن عبد اللَّه * عبد اللَّه بن أبي الهذيل * إبراهيم التيمي * عروة بن الزبير * سعيد بن المسيب * العنبس بن عقبة * العلاء بن زياد * سعيد بن جبير * إبراهيم النخعي * أبو تميمة * عبد الرحمن بن الأسود * عبد اللَّه بن محيريز * غزوان الرقاشي * سليمان بن عبد الملك * مسلم بن يسار * أبو حازم * عمر بن عبد العزيز * الشعبي * يزيد بن مرثد * أبو رجاء العطاردي * الضحاك بن عبد الرحمن * خليد العصري * طاوس بن كيسان * بكر بن عبد اللَّه المزني * سعيد بن أبي الحسن * الحسن البصري * محمد بن سيرين * وهب بن منبه * عطاء بن رباح * محمد بن واسع * ثابت البناني * بلال بن سعد * محمد بن المنكدر * مالك بن دينار * عبد اللَّه بن غالب * عطاء الخراساني * ابن جريج * محمد بن النضر * عبد اللَّه بن عون * الأسود بن كلثوم * وهيب بن الورد * مالك بن مغول * عبد اللَّه بن المبارك * أيوب بن وائل * أيوب بن النجار * يزيد بن زريع * يحيى بن يمان * أبو الخلال * عيسى بن يونس * يوسف بن أسباط * سفيان بن عينية * شعيب بن حرب * أبو داود الحفري * محمد بن أدريس * محمد بن عبد اللَّه بن إدريس * مخة أخت بشر بن الحارث * بشر بن الحارث الحافي * عطاء بن محمد الحراني * محمد بن الضحاك

باب ما جاء في المحاسبة والمراقبة

باب ما جاء في المحاسبة والمراقبة 207 - لزوم المحاسبة قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عفان، حدثنا جرير بن حازم قال: سمعت الحسن قال: حضر باب عمر بن الخطاب سهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، وأبو سفيان بن حرب، ونفر من قريش من تلك الرءوس، وصهيب، وبلال، وتلك الموالي الذين شهدوا بدرًا، فخرج إذن عمر فأذن لهم، وترك هؤلاء، فقال أبو سفيان: لم أر كاليوم قط، يأذن لهؤلاء العبيد ويتركنا على بابه ولا يلتفت إلينا! قال: فقال سهيل بن عمرو -وكان رجلا عاقلًا- أيها القوم، إني واللَّه لقد أرى الذي في وجوهكم، إن كنتم غضُابا فاغضبوا على أنفسكم، دعي القوم ودعيتم، فأسرعوا وأبطأتم، فكيف بكم إذا دعوا ليوم القيامة وتركتم، أما واللَّه لما سبقوكم إليه من الفضل مما لا ترون أشد عليكم فوتا من بابكم هذا الذي ننافسهم عليه، قال: ونفض ثوبه وانطلق، قال الحسن: وصدق واللَّه سهيل لا يجعل اللَّه عبدًا أسرع إليه كعبدٍ أبطأ عنه. "الزهد" ص 142 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة قال: قال أبو الدرداء: البر لا يبلى، والإثم لا ينسى، والديان لا ينام، فكن كما شئت؛ كما تدين تدان. "الزهد" ص 176

208 - محاسبة النفس

قال عبد اللَّه، حدثنا أبي، حدثني سيار، حدثني جعفر قال: سمعت مالكا، وتلا هذه الآية {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: 28] يقول مالك: تعال ده شتت هو ربح العشرة ستة. "الزهد" ص 387 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى، عن سفيان، حدثني سليمان، عن مسروق قال: ما خطا رجل خطوة إلا كتبت له حسنة أو سيئة. "الزهد" ص 419 208 - محاسبة النفس قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج قال: قال عمر رحمه اللَّه: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، فإن أهون عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم وتزنوا للعرض الأكبر يوم تعرضون لا تخفى منكم خافية. "الزهد" ص 149 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن مسلم، عن مسروق قال: إن المرء لحقيق أن يكون له مجالس يخلو فيها فيذكر فيها ذنوبه فيستغفر منها. "الزهد" ص 419

209 - الانشغال بالنفس وإصلاحها

209 - الانشغال بالنفس وإصلاحها قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثني عبد اللَّه بن بحير قال: سمعت وهب بن منبه يقول: إن موسى قال لبني إسرائيل: ائتوني بخيركم رجلا. فأتوه برجل، فقال: أنت خير بني إسرائيل؟ قال: كذلك يزعمون. قال: اذهب فأتني بشرهم، قال: فذهب، فجاء وليس معه أحد، فقال: جئتني بشرهم؟ قال: أنا ما أعلم مِنْ أحدٍ منهم ما أعلم من نفسي، قال: أنت خيرهم. "الزهد" ص 94 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا هاشم بن القاسم، حدثنا المبارك بن سعيد، وقد رأيت المبارك، حدثنا محمد بن سوقة قال: قال عيسى ابن مريم: دع الناس، فليكونوا منك في راحة، ولتكن نفسك منك في شغل؛ دعهم فلا تلتمس محامدهم، ولا تكسب مذامهم، وعليك بما وكلت به. "الزهد" ص 116 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثني كثير، حدثنا جعفر، حدثنا يزيد بن الأصم قال: سمعت أبا هريرة يقول: يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه، وينسى الجذع أو الجذل في عينه. "الزهد" ص 222 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك فاذكر عيوب نفسك. "الزهد" ص 236

210 - المجاهدة

210 - المجاهدة قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد القدوس بن ثور، حدثنا أبو بكر بن الفضيل بن المؤتمن، حدثنا عقبة بن خالد العبدي قال: قال الحسن: إن القلوب تموت وتحيا فإذا هي ماتت فاحملوها على الفرائض، فإذا حييت فأدبوها في التطوع. "الزهد" ص 198 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو عقيل، حدثنا يزيد -يعني: ابن عبد اللَّه بن الشخير- أنَّ رجلًا أتى تميمًا الداري فقال: كيفَ صلاتك بالليل؟ فغضب غَضَبًا شديدًا فقال: واللَّه لركعة أُصليها في جوف الليل في السر أحب إليّ من أن أصلي الليل كله ثم أقصه على الناس، فغضب السائلُ عند ذلك فقال: يا أصحاب رسول اللَّه، اللَّه أعلم بكم؛ إن سألناكم عنفتمونا، وإن لم نسألكم جفوتمونا! فأقبل تميم عند ذلك على الرجل فقال: أرأيتَ إنْ كنتَ مؤمنًا قويًّا وأنا مؤمن ضعيف أكنت ساطيًا على بقوتك فتقطعني؟ ! أرأيت إن كنتَ مؤمنًا ضعيفًا وأنا مؤمن قوي كنتُ ساطيًا عليك بقوتي فأقطعك؟ ! ولكن خذ من نفسك لدينك، ومن دينك لنفسك حتى تستقيم لك على عبادة ترضاها. "الزهد" ص 248 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد اللَّه بن ثور، حدثنا أبو بكر بن المفضل بن المؤتمن، حدثنا عقبة بن خالد العبدي قال: قال الحسن: إن القلوب تموت وتحيا، فإذا هي ماتت فاحملوها على الفرائض، فإذا هي أحييت فأدبوها بالتطوع. "الزهد" ص 326 - 327

211 - معاتبة النفس وتوبيخها

211 - معاتبة النفس وتوبيخها قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة قال: قال أبو الدرداء رحمه اللَّه: إنك لا تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوهًا، وإنك لا تفقه كل الفقه حتى تمقت الناس في جنب اللَّه، ثم ترجع إلى نفسك فتكون لها أشد مقتًا منك للناس. "الزهد" ص 167 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، عن قرة بن خالد، سمعت الحسن، في قوله عز وجل: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: 2] قال: إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه يقول: ما أردت بكلمتي، يقول: ما أردت بأكلتي، ما أردت بحديث نفسي، فلا تراه إلا يعاتبها، وإن الفاجر يمضي قدمًا فلا يعاتب نفسه. "الزهد" ص 343 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، عن عفان، حدثنا مهدي بن ميمون، حدثنا عبد الحميد -صاحب الزيادي، عن ابن منبه قال: كان قبلكم رجل تعبد زمانًا ثم طلب إلى اللَّه عز وجل حاجة، وصام سبعين سبتا يأكل كل سبت إحدى عشرة تمرة، قال: فطلب إلى اللَّه حاجة فلم يعطها، قال: فأقبل على نفسه، فقال: أيتها النفس من قبلك أتيت، لو كان عندك خير لأعطيت حاجتك ولكن ليس عندك خير. فنزل إليه ساعتئذ ملك فقال: يا ابن آدم ساعتك هذِه التي أزريت فيها على نفسك خير من عبادتك كلها التي مضت، وقد أعطاك اللَّه حاجتك التي سألت. "الزهد" ص 448

212 - المبادرة بطاعة الله واجتناب محارمه والمسارعة إلى الخيرات

212 - المبادرة بطاعة اللَّه واجتناب محارمه والمسارعة إلى الخيرات قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، عن مالك -يعني: ابن دينار- قال: قال لقمان لابنه: يا بني، اتخذ طاعة اللَّه تجارة تأتك الأرباح من غير بضاعة. "الزهد" ص 64 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا الحسن بن الربيع قال: سمعت ابن المبارك، يذكر أنه سأل محمد بن النضر الحارثي بواسط عن الصوم في السفر، فقال: إنما هي المبادرة. "الزهد" ص 108 قال عبد اللَّه، حدثني أبي، حدثني إبراهيم بن خالد قال: حدثني عمر ابن عبد الرحمن أنه سمع وهب بن منبه يقول: إن امرأة من بني إسرائيل مرت بماء فاغتسلَتْ، ثم قامتْ تصلي، فمكثت ستين سنة أو سبعين سنة لم تنصرف، ولم تطعم، ولم تشرب، حتى زكت، فانصرفت، فقيل لها: كيف كنتِ؟ قالت: كنتُ أصبح فأقول لا أمسي، وأمسي فأقول لا أصبح. "الزهد" ص 124 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو المغيرة، أخبرنا بعض المشيخة، أن سليمان بن عبد الملك دخل مسجد دمشق، فرأى نقشًا في حجر، فقال: ما هذا؟ فقالوا: ما نعرفه. فقيل: يا أمير المؤمنين، ابعث إلى وهب بن منبه؛ فإنه يقرأ الكتب كلها فبعث إليه، فعرف الكتاب وقرأه، فإذا فيه: ابن آدم، لو رأيت ما بقي من أجلك، لزهدت في طول ما ترجو من

أملك، وإنما تلقى ندمك، وقد زلت قدمك؛ فأسلمك الحبيب، وودعك القريب، فلا أنت إلى أهلك عائد، ولا في عملك زائد، فاعمل ليوم القيامة، قبل الحسرة والندامة. "الزهد" ص 125 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، وعبد الرحمن قالا: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث قال: قال عمر -رضي اللَّه عنه-: التؤدة في كل شيء خير، إلا ما كان من أمر الآخرة. "الزهد" ص 148 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، عن عائشة رحمها اللَّه: أقلوا الذنوب؛ فإنكم لن تلقوا اللَّه عز وجل بشيء أفضل من قلة الذنوب. "الزهد" ص 206 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني زيد بن يحيى، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى قال: قال، معاذ بن جبل رحمه اللَّه: اعملوا ما شئتم أن تعملوه، فلن تؤجروا حتى تعملوا. "الزهد" ص 226 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، حدثنا شعبة، عن قتادة قال: كان العلاء بن زياد يقول: لينزل أحدكم نفسه أنه قد حضره الموت فاستقال ربه فأقاله، فليعمل بطاعة اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 312 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية قال: اعمل بالطاعة، وأحب عليها من عمل

بها، واجتنب المعصية وعاد عليها من عمل بها، فإن شاء اللَّه عذب أهل معصيته وإن شاء غفر لهم. "الزهد" ص 367 قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي: حدثنا أبو معاوية الغلابي، حدثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن، عن أبي خيرة قال: دخلنا على بكر بن عبد اللَّه نعوده، فوافقناه وقد قام لحاجته، قال: فجلسنا في البيت، فأقبل إلينا يهادى بين رجلين، فسلم ثم نظر في وجوهنا فقال: رحم اللَّه عبدًا أعطي قوة فعمل بها في طاعة اللَّه، أو قصر به ضعف فكف عن محارم اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 370 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يونس، حدثنا حماد بن زيد، عن يزيد السني قال: قال رجل لمورق: يا أبا المعتمر، أشكو إليك نفسي إني لا أستطيع أن أصلي، ولا أستطيع أن أصوم قال: بئس ما تثني على نفسك، أما إذا ضعفت عن الخير فاضعف عن الشر؛ فإني لأفرح بالنومة أنامها. "الزهد" ص 381 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا جرير، عن خالد بن معدان: إذا فتح لأحدكم باب الخير فليسرع إليه؛ فإنه لا يدري متى يغلق عنه. "الزهد" ص 460 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا معمر بن سليمان الرقي، حدثنا أبو المهاجر -اسمه سالم، عن مكحول الدمشقي قال: أرق الناس قلوبا أقلهم ذنوبًا. "الزهد" ص 463 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أسود بن عامر، حدثني شريك، عن عبيد اللَّه بن الوليد، عن عبد اللَّه بن عبيد بن عمير، عن أبيه، قال رسول اللَّه

-صلى اللَّه عليه وسلم-: "تجد المؤمن يجتهد فيما يطيق متلهفًا على ما لا يطيق" (¬1). "الزهد" ص 470 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يعمر، حدثنا عبد اللَّه، أنبأنا أبو بكر ابن أبي مريم الغساني، حدثني حكيم بن عمير أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من فتح له باب من الخير فلينتهزه فإنه لا يدري متى يغلق" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني إسحاق، أنبأنا عبد اللَّه، أنبأنا أبو بكر بن أبي مريم، عن ضمرة بن حبيب، عن شداد بن أوس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْكَيِّسُ مَنْ دانَ نَفْسَهُ وعَمِلَ لِما بَعْدَ المَوْتِ، والْعاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَواها وتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ عز وجل" (¬3). "الزهد" ص 472 ¬

_ (¬1) لم أقف عليه، لكن ذكره الألباني في "الضعيفة" (2119) وقال: وهذا مع إرساله ضعيف، فإن عبيد اللَّه بن الوليد -وهو الوصافي- ضعيف، وشريك -وهو ابن عبد اللَّه القاضي- سيئ الحفظ. (¬2) رواه عبد اللَّه بن المبارك في "الزهد" (117)، والقضاعي في "مسند الشهاب" 1/ 268 (435) وفيه أبو بكر بن أبي مريم ضعفه يحيى بن معين، وأبو زرعة الرازي، وأبو حاتم انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" 33/ 108. (¬3) رواه الإمام أحمد 4/ 124، والترمذي (2459)، وابن ماجه (4260) وهو في "الزهد" لابن المبارك ص 55 (171). قال الترمذي: هذا حديث حسن. ا. هـ وضعفه الألباني في "الضعيفة" (9/ 53).

213 - القصد في الطاعة

213 - القصد في الطاعة قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن مالك بن الحارث، وعن عمارة، كلاهما عن عبد الرحمن بن يزيد قال: قال عبد اللَّه: الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة (¬1). "الزهد" ص 198 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا عاصم بن أبي قزعة، حدثنا غيلان بن جرير، عن عسعس بن سلامة أنه كان يقول: عليكم بالغدو والرواح مع حظ من الدلجة مع الاستقامة. "الزهد" ص 313 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حسين، حدثنا أبو معشر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ أحدًا منكم لا يُنجيه عمله" قالوا: ولا أنت يا رسول اللَّه؟ قال: "ولا أنا إلا أنْ يتغمدني اللَّهُ برحمتِهِ، ولكن اغدوا وروحوا وشيئا من الدلجة، القصد القصد تبلغون" (¬2). "الزهد" ص 475 ¬

_ (¬1) رواه الدارمي 1/ 296 (223)، والحاكم 1/ 103 من طريق الأعمش به، ورواه الطبراني 10/ 208 - 209 (10488) من طريق العلاء بن المسيب، عن أبيه أو عن خيثمة، عن ابن مسعود. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 514، والبخاري (6463)، ومسلم (1816).

214 - المداومة على الطاعة

214 - المداومة على الطاعة قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة قال: سألت عائشة -رضي اللَّه عنها-: كيف كانت صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قالت: وأيّكم يستطيع ما كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يستطيع؟ كان عمله ديمة (¬1). "الزهد" ص 8 قال عبد اللَّه: أخبرنا أبي، أخبرنا ابن فضيل، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح قال: سألت عائشة، وأم سلمة -رضي اللَّه عنهما-: أي العمل كان أحب إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قالتا: ما دام، وإن قل (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا (هِشام ابن حسان) (¬3)، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- دَخَلَ عَلَيْها، وعِنْدَها فلانة لامْرَأَةٍ فَذَكَرَتْ مِنْ صَلاتِها قال: "مَهْ عَلَيْكُم بِما تُطِيقُون؛ فَواللَّهِ لا يَمَل اللَّهُ عز وجل حَتَّى تَمَلُّوا، وإن أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيهِ ما داوَمَ عَلَيْهِ صاحِبُهُ" (¬4). "الزهد" ص 24 - 25 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 43، ورواه البخاري (6466)، ومسلم (783) من طرق عن جرير به. (¬2) رواه أبو يعلى في "المسند" 8/ 54 (4573) عن محمد بن عبد اللَّه بن نمير، عن محمد بن فضيل به. ورواه البخاري (5861) ومسلم (782) من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة مرفوعًا: "إن أحب الأعمال إلى اللَّه ما دام وإن قل". (¬3) هكذا في "الزهد" والصواب: هشام بن عروة، كما في مصادر التخريج. (¬4) رواه الإمام أحمد 6/ 51، ورواه البخاري (43) ومسلم (785) من طريق يحيى بن سعيد به.

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا مسكين، حدثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير قال: قال سليمان بن داود عليه السلام لابنه: أي بني، ما أقبح الخطيئة مع المسكنة، وأقبح الضلالة بعد الهدى، وأقبح كذا وكذا، وأقبح من ذلك رجل كان عابدًا فترك عبادة ربه. "الزهد" ص 53 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن زياد أبي عمر، عن الحسن قال: قد علم كل مؤمن أنه موكل به ملكان يحفظان عليه قوله وعمله فهو يتعاهدهما، لا يمنعه جد الليل جد النهار، ولا جد النهار جد الليل. "الزهد" ص 331 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، سمعت الحسن يقول: أبي قوم المداومة، واللَّه ما المؤمن الذي يعمل شهرًا أو شهرين أو عامًا أو عامين، لا واللَّه، ما جعل اللَّه لعمل المؤمن أجلًا دون الموت. "الزهد" ص 332 - 333 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر قال: سمعت مالكًا، يقول: يا هؤلاء، فجاركم كثير صغار وكبار، فرحم اللَّه رجلًا لزم القول الطيب والعمل الصالح والمداومة. "الزهد" ص 387

215 - فضل طاعة الله عز وجل

215 - فضل طاعة اللَّه عز وجل قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا إسماعيل، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة قال: وإنَّ العملَ الصالحَ يرفعُ صاحبه إذا عثر، وإذا صرع وجد متكأً. "الزهد" ص 44 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة قال: قال عيسى ابن مريم عليه السلام: طوبى للمؤمن، ثم طوبى له، كيف يحفظ اللَّه عز وجل ولده من بعده. "الزهد" ص 72 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا عمران أبو الهذيل، حدثنا وهب بن منبه قال: بلغنا أن اللَّه تبارك وتعالى يقول: كفى بي لعبدي مالًا، إذا كان عبدي في طاعتي أعطيته قبل أن يسألني، وأستجيب له قبل أن يدعوني، وأنا أعلم بما يرفق به منه. "الزهد" ص 121 قال عبد اللَّه، حدثني أبي، أخبرنا إسحاق بن سليمان، حدثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس قال: وفي الحكمة: أن العمل الصالح يرفع ربه إذا عثر. "الزهد" ص 131 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هيثم -هو ابن خارجة- أخبرنا إسماعيل بن عياش، عن عبد الرحمن بن عدي البهراني، عن يزيد بن ميسرة قال إن اللَّه عز وجل يقول: أيها الشاب التارك شهوته لي، المبتذل شبابه من أجلي، أنت عندي كبعض ملائكتي. "الزهد" ص 132

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، كتب أبو الدرداء إلى سلمة بن مخلد: أما بعد، فإن العبد إذا عمل بطاعة اللَّه أحبه اللَّه، وإذا أحبه اللَّه حببه في خلقه، وإذا عمل بمعصية اللَّه أبغضه اللَّه، فإذا أبغضه بغضه إلى خلقه. "الزهد" ص 168 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا سلام قال: سمعت الحسن يقول: إذا نام العبد ساجدًا؛ باهى اللَّه به الملائكة يقول: انظروا إلى عبدي يعبدني وروحه عندي وهو ساجد. "الزهد" ص 342 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو كامل، حدثنا حماد بن سلمة، وحماد بن زيد وأخوه سعيد بن زيد، كلهم عن أبي التياح، عن مورق العجلي قال: المتمسك بطاعة اللَّه إذا جنب الناس عنها كالكار بعد الفار. "الزهد" ص 371 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا المستلم، عن مرزوق أبي عبد اللَّه الحمصي، عن يزيد بن ميسرة، وقد أدرك أبا ذر قال: أيما غلام نشأ على عبادة اللَّه حتى يقبض عليها كان له أجر تسعة وسبعين صِدِّيقًا. "الزهد" ص 397 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، عن الأعمش قال: قال لي شقيق: يا سليمان، واللَّه لو أطعنا اللَّه عز وجل ما عصانا. "الزهد" ص 428 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو يحيى الحماني، حدثنا

الأعمش، عن شمر قال: أخذ بيدي أبو عبد الرحمن فقال لي: كيف قوتك على الصلاة؟ قال: فذكرت من الضعف ما شاء اللَّه أن أذكر، قال أبو عبد الرحمن: كنت أنا مثلك أصلي العشاء ثم أقوم أصلي، فأنا حين أصلي الفجر أنشط مني أول ما بدأت. "الزهد" ص 438 - 439 قال عبد اللَّه: حدثني أي، حدثنا حجاج، وأبو النضر، حدثنا محمد بن طلحة، عن محمد بن جحادة، عن وهب بن منبه قال: من يتعبد يزدد قوة، ومن يكسل يزدد فترة. "الزهد" ص 447 قال عبد اللَّه: حدثني أبي حدثنا القاسم بن مالك، حدثنا ليث، عن مجاهد قال: إن العبد إذا أقبل على اللَّه عز وجل أقبل اللَّه بقلوب المؤمنين إليه. "الزهد" ص 452 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هشيم، أنبأنا العوام، عمن حدثه، عن أبي مسلم الخولاني أنه كان يقول: إياكم وظنون المؤمنين؛ فإن اللَّه عز وجل يجعل الحق في قلوبهم وعلى ألسنتهم. "الزهد" ص 470

216 - شؤم المعصية

216 - شؤم المعصية قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، قال: حدثني شريح بن عبيد، عن يزيد بن ميسرة وهو ابن حلبس قال: قال الحواريون: يا مسيح اللَّه، انظر إلى بيت اللَّه، ما أحسنه. قال: آمين آمين، بحق أقول لكم: لا يترك اللَّه من هذا المسجد حجرًا قائمًا على حجر إلا أهلكه بذنوب أهله؛ إنَّ اللَّه لا يصنع بالذهب ولا بالفضة ولا بهذِه الحجارة شيئًا، إنَّ أحب إلى اللَّه منها القلوب الصالحة، بها يعمر اللَّه الأرض، وبها يخرب الأرض إذا كانت على غير ذلك. "الزهد" ص 119 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا ابن آتش، حدثنا منذر، عن وهب قال: كان سائح بعث معه ملك، وأُمِرَ الملك أن يصنع كيفما صنع السائح، قال: فدخلا في واد، فإذا بجيفة، فقال السائح على أنفه بثوبه من ريح الجيفة، وصنع الملك مثلما صنع السائح، فقال له السائح: لم فعلت هذا؟ قال: أمِرتُ أن أصنعَ كما تصنع. فقال له السائح: أما وجدتَ ريحا كما وجدتُ أنا؟ قال الملك: لا، ليس يؤذينا شيء إلا ريح الكافر. "الزهد" ص 127 - 128 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا صفوان بن عمرو، حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه. قال الوليد: وحدثني ثور، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير قال: لما فتحت قبرس وفرق بين أهلها، فبكي بعضهم إلى بعض، رأيت أبا الدرداء جالسا وحده يبكي فقلت: يا أبا الدرداء، ما يبكيك في يوم

أعز اللَّه فيه الإسلام وأهله؟ قال: ويحك يا جبير، ما أهون الخلق على اللَّه إذا هم تركوا أمره، بينا هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك، تركوا أمر اللَّه عز وجل، فصاروا إلى ما ترى. وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سفيان قال: قال أبو الدرداء: ليحذر امرؤ أن تمقته قلوب المؤمنين من حيث لا يعلم. "الزهد" ص 176 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن، والحسن بن سعد، قال عبد اللَّه: إني لأحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة يعملها. "الزهد" ص 195 - 196 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سليمان بن داود، حدثنا شعبة، عن سيار قال: سمعت الشعبي يقول: قال عبد اللَّه في خطبته: وإن المحروب من حرب دينه. "الزهد" ص 201 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا زكريا، عن عامر قال: كتبت عائشة إلى معاوية: أما بعد، فإن العبد إذا عمل بمعصية اللَّه عاد حامده من الناس ذاما. "الزهد" ص 206 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن فضيل، عن عاصم قال: ما سمعت الحسن يتمثل بشعر قبل هذا: ليس من مات فاستراح بميت ... إنما الميت ميت الأحياء

217 - الحذر من صغار الذنوب

ثم يقول: صدق واللَّه إنه يكون حي الجسد ميت القلب. "الزهد" ص 342 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني سيار، حدثنا جعفر، قال: سمعت مالكًا يقول: ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب. "الزهد" ص 388 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني سيار، حدثني جعفر قال: وسمعت مالكًا يقول: إن للَّه تبارك وتعالى عقوبات في القلوب والأبدان، وضنكًا في المعيشة، وسخطًا في الرزق، ووهنًا في العبادة. "الزهد" ص 388 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر قال: سمعت مالك بن دينار يقول: ما سقطت أمة من عين اللَّه إلا حرر أكبادها بالجوع. "الزهد" ص 393 217 - الحذر من صغار الذنوب قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو، حدثنا سعيد بن مسلم بن بانك قال: سمعت عامر بن عبد اللَّه بن الزبير، حدثني عوف بن الحارث بن الطفيل أن عائشة أخبرته أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: "يا عائِشَةُ، إِيّاكِ ومُحَقِّراتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّ لَها مِنْ اللَّهِ طالِبًا" (¬1). "الزهد" ص 20 - 21 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 151، ورواه الإمام أحمد أيضا 6/ 70، وابن ماجه (4243) من طرق عن سعيد بن مسلم به. وصححه الألباني في "الصحيحة" (513).

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أخبرنا أبو داوُدَ، حدّثنا عِمْرانُ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ أَبِي عِياض، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إِيّاكُمْ ومُحَقَّراتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّهُن يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ" وإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ضَرَبَ لَهُنَّ مَثَلًا كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلاةٍ، فَحَضَرَ صَنِيعُ القَوْمِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ فَيَجِيءُ بِالْعُودِ، والرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ، حَتَّى جَمَعُوا سَوادًا، وأَجَّجُوا نارًا، وأَنْضجُوا ما قَذَفُوا فِيها (¬1). "الزهد" ص 21 قال عبد اللَّه، حدثنا أبي، حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا عباد بن راشد، عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري رحمه اللَّه قال: إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر، كنا نعدها على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الموبقات. "الزهد" ص 243 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 402 - 403، ورواه الطيالسي في "مسنده" 1/ 316 (400)، وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 189: رجاله رجال الصحيح غير عمران بن داور القطان، وقد وثق.

باب ما جاء في مكفرات الذنوب

باب ما جاء في مكفرات الذنوب (¬1) 218 - 1 - الاستغفار والتوبة قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت يحيى بن أبي سليم -وهو أبو بلج- يحدث عن عمرو بن ميمون، عن عبد اللَّه بن عمرو أنه قال: لو أن العباد لم يذنبوا؛ لخلق اللَّه خلقا يذنبون، ثم يغفر لهم، إنه هو الغفور الرحيم (¬2). "مسائل صالح" (874) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يونس، حدثنا شيبان، عن قتادة، حدثنا الحسن، عن أبي بن كعب عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن آدم عليه السلام كان رجلا طوالا؛ كأنه نخلة سحوق، كثير شعر الرأس، فلما وقع بما وقع به بدت له عورته، وكان لا يراها قبل ذلك فانطلق هاربا، فأخذت برأسه ¬

_ (¬1) أوردنا هنا ثلاث من مكفرات الذنوب هم: 1 - الاستغفار والتوبة. 2 - الحسنات الماحيات. 3 - سكرات الموت. وهناك رابع من مكفرات الذنوب وهو الابتلاء في الدنيا وقد أوردناه في باب محبة اللَّه للعبد فانظره هناك. (¬2) رواه البزار في "مسنده" 6/ 420 (2449) عن محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر به. وقال البزار: لم يسنده محمد بن جعفر، وأسنده يحيى بن كثير وشبابة بن سوار. ورواه البزار (2450)، والطبراني في "الأوسط" 2/ 123 (1454)، والحاكم 4/ 246 كلهم من طريق يحيى بن كثير، عن شعبة به مرفوعًا. وصححه الألباني في "الصحيحة" (967)

شجرة من شجر الجنة، فقال لها: أرسليني قالت: لست مرسلتك قال: فناداه ربه عز وجل: أمني تفر؟ قال: أي رب لا؛ أستحييك، قال: فناداه: وإن المؤمن يستحيي ربه عز وجل من الذنب إذا وقع به، ثم يعلم بحمد اللَّه أين المخرج؛ يعلم أن المخرج في الاستغفار، والتوبة إلى اللَّه عز وجل" (¬1). "الزهد" ص 63 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا هاشم، أخبرنا صالح، عن أبي عمران الجوني، عن أبي الجلد أن اللَّه تبارك وتعالى أوحى إلى داود عليه السلام: يا داود، أنذر عبادي الصديقين؛ فلا يعجبن بأنفسهم، ولا يتكلن على أعمالهم؛ فإنه ليس أحد من عبادي أنصبه للحساب، وأقيم عليه عدلي إلا عذبته من غير أن أظلمه، وبشر الخطائين أنه لا يتعاظمني ذنب أن أغفره وأتجاوز عنه. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 9/ 374 من طريق قتادة، عن الحسن، عن أبي مرفوعًا، وقال ابن كثير: منقطع بين الحسن وأبي بن كعب، فلم يسمعه منه، وفي رفعه نظر اهـ. ورواه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 31 من طريق قتادة، عن الحسن، عن عُتي، عن أُبي مرفوعًا. ورواه الحاكم 2/ 543 - 544 من طريق قتادة به موقوفًا، وصحح إسناده. ورواه عبد الرزاق 3/ 400 (6086) عن ابن جريج قال: حُدثت عن أبي فذكره مرفوعًا. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" 1/ 109 لابن إسحاق في "المبتدأ"، وابن سعد، وأحمد، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في "التوبة"، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه، والبيهقي في "البعث والنشور" عن أُبي مرفوعًا. .

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا هاشم، أخبرنا صالح، عن أبي عمران الجوني، عن أبي الجلد أن داود النبي عليه السلام أمر مناديا فنادى: الصلاة جامعة. فخرج الناس، وهم يرون أنه سيكون منه يومئذ موعظة وتأديب ودعاء، فلما وافى مكانه قال: اللهم اغفر لنا وانصرف، فاستقبل آخر الناس أوائلهم؛ قالوا: ما لكم؟ قالوا: إن نبي اللَّه عليه السلام إنما دعا بدعوة واحدة ثم انصرف، قالوا: سبحان اللَّه، كنا نرجو أن يكون هذا اليوم يوم عبادة ودعاء وموعظة وتأديب، فما دعا إلا بدعوة واحدة، قالوا: فأوحى اللَّه إليه أن أبلغ عني قومك؛ فإنهم قد استقلوا دعاءك، إني من اغفر له أصلح له أمر آخرته ودنياه. "الزهد" ص 92 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الوهاب الخفاف، أنبأنا سعد، عن قتادة، قال الخفاف: وسمعت موسى الأسواري أيضا قال: أوحى اللَّه تبارك وتعالى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام: إن كل بني آدم خطاءون، وخير الخطائين التوابون. "الزهد" ص 121 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد، حدثنا منذر، عن وهب: أن سائحًا وردءًا له، كان يأتيهما طعامهما في كل ثلاثة أيام مرة، فإذا هما لم يأتهما طعام لأحدهما، فقال الكبير لرِدْئه: لقد أحدث أحدُنا حدثًا مَنع رزقَه؛ فتذكر ما صنعتَ، قال الرِدء: ما صنعت شيئًا، ثم ذكر الرِدْءُ فقال بلى، قد جاء مسكين سائل إلى الباب، فأجفت الباب في وجهه، فقال الكبير: من ثَمَّ أُتينا، فاستغفر اللَّه عز وجل، فجاءهما رزقهما بعد كما كان يأتيهما. "الزهد" ص 149

219 - فضل التوبة

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا مؤمل، حدثنا سفيان، عن جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصم قال: سمع عمر بن الخطاب رجلًا يقول: أستغفر اللَّه وأتوب إليه، فقال عمر: ويحك أتبعها أختها: فاغفر لي وتب عليَّ. "الزهد" ص 151 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا مالك بن مغول قال: سمعت أبا يحيى يقول: شكوت إلى مجاهد الذنوب، قال: أين أنت من الممحاة؟ يعني: من الاستغفار. "الزهد" ص 455 219 - فضل التوبة قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا مسعر، عن عون بن عبد اللَّه قال: قال عمر رحمه اللَّه: جالسوا التوابين فإنهم أرق شيء أفئدة. "الزهد" ص 149 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أنبأنا أبو الأشهب، عن أبي المنهال قال: ما جاور عبد في قبره من جار خير من استغفار كثير. "الزهد" ص 396 220 - لزوم المبادرة إلى التوبة قال عبد اللَّه: وحدثني أبي، حدثنا جرير، عن برد، عن سليمان بن موسى قال: قال أبو الدرداء: كفى بك آثما ألا تزال محاربًا، وكفي بك ظالمًا أن لا تزال مخاصمًا، وكفي بك كاذبًا أن لا تزال محدثًا إلا حديثا في ذات اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 172

221 - أ- الإقلاع عن الذنب في الحال

من شروط التوبة 221 - أ- الإقلاع عن الذنب في الحال قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك قال: ما من ذنب إلا وأنا أعرف توبته، قال: قيل يا أبا عبد الرحمن وما توبته؟ قال: أن تتركه ثم لا تعود إليه. "الزهد" ص 250 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا إسرائيل، عن سعيد بن مسروق، عن المنذر الثوري، عن الربيع بن خثيم قال: كان إذا جاءه الرجل قال: يا عبد اللَّه اتق اللَّه فيما علمتَ، وما استؤثر به عليك فكله إلى عالمه، لأنا في العمل أخوف مني عليكم في الخطأ، وما خياركم اليوم بخيره، ولكنه أخير من آخر شر منه، لا يتبعون الخير حق اتباعه، ولا يفرون من الشر حق فراره، ما كل ما نزل على محمد أدركتم، ولا كل ما تقرءون تدرون ما هو، ثم يقول: السرائر السرائر التي تخفى على الناس، وهي عند اللَّه بواد، التمسوا دواءهن، ثم يقول: وما دواؤهن؟ يتوب ثم لا يعود. "الزهد" ص 406 - 407 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني النضر بن إسماعيل، حدثنا عبد الملك الأصبهاني، عمن حدثه، عن الربيع بن خثيم، أنه قال لأصحابه أتدرون ما الداء؟ وما الدواء؟ وما الشفاء؟ قالوا: لا. قال: الداء الذنوب، والدواء الاستغفار، والشفاء أن تتوب فلا تعود. "الزهد" ص 407

222 - ب - الندم على ما سلف من القبائح

222 - ب - الندم على ما سلف من القبائح قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن محمد، حدثنا مروان، حدثنا أيوب الفلسطيني قال: مكتوب في مزامير داود عليه السلام: تدري لمن اغفر من عبادي؟ قال: لمن يارب؟ قال: للذي إذا أذنب ذنبًا ارتعدت لذلك مفاصله؛ ذاك الذي آمر ملائكتي أن لا تكتب عليه ذلك الذنب. "الزهد" ص 92 - 93 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثني يزيد، أنبأنا هشام بن حسان، عن الحسن قال: إن الرجل يذنب الذنب فما ينساه، وما يزال متخوفًا منه حتى يدخل الجنة. "الزهد" ص 338 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حسين بن محمد، حدثنا المبارك، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن العبد ليذنب الذنب فيدخله اللَّه به الجنة" قالوا: يا رسول اللَّه، وكيف يدخله الجنة؟ قال: "يكون نصب عينه فارا تائبا حتى يدخله ذنبه الجنة" (¬1). "الزهد" ص 474 ¬

_ (¬1) رواه ابن المبارك في "الزهد" (162) عن المبارك بن فضالة به. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (2031).

223 - أجناس ما يتاب منه

223 - أجناس ما يتاب منه قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن جعفر، أخبرنا عوف، عن خالد بن ثابت الربعي، أنه قال: بلغني أنه كان في بني إسرائيل رجل شاب قد قرأ الكتاب وعلمه علمًا، وكان مغمورًا فيهم، وأنه طلب بعلمه وقراءته الشرف والمال، وأنه ابتدع بدعا أدرك الشرف والمال في الدنيا، ولبث كذلك حتى بلغ سنًّا، وأنه بينما هو نائم ليلة على فراشه، إذ تفكر في نفسه، فقال: هب هؤلاء الناس لا يعلمون ما ابتدعت، أليس اللَّه عز وجل قد علم ما ابتدعت، وقد اقترب الأجل، فلو أني تبت؟ قال: فبلغ في اجتهاده في التوبة أن عمد فخرق ترقوته، وجعل فيها سلسلة، ثم أوثقها إلى آسية من أواسي المسجد، وقال: لا أبرح مكاني هذا حتى ينزل اللَّه في توبة، أو أموت موت الدنيا، قال: وكان لا يستنكر الوحي في بني إسرائيل، فأوحى اللَّه عز وجل في شأنه إلى نبي من أنبيائهم: إنك لو كنت أصبت ذنبًا بيني وبينك لتبت عليك، بالغًا ما بلغ، ولكن كيف من أضللت من عبادي فماتوا فأدخلتهم جهنم؟ فلا أتوب عليك. قال عوف: حسبته أنه يقال: اسمه: بربريا. "الزهد" ص 123 قال الخلال: وأخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر، أن أبا الحارث حدثهم قال: سألت أبا عبد اللَّه، قلتُ: ما تقول فيمن قتل مؤمنا متعمدًا، هل تجب له النار؟ قال: دعها. وأخبرنا محمد بن أبي هارون، أن أبا الصقر الورّاق حدثهم أنه سأل أبا عبد اللَّه: هل تعرف شيئًا من الذنوب ليس له توبة؟ قال: أتخوف أنْ يكون القتلُ. "أحكام النساء" (94 - 95)

قال المروذي: سُئل أحمد عما ورد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه احتجز التوبة عن صاحب بدعة" (¬1)، وحجب التوبة، أيش معناه؟ فقال أحمد: لا يوفق ولا ييسر صاحب بدعة لتوبة، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما قرأ هذِه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: 159]، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هم أهل الأهواء والبدع: ليست لهم توبة" (¬2). "بدائع الفوائد" 4/ 39 قال المَرُّوذِيَّ: قال أحمد في الرَّجُلِ يُشْهَدُ عَلَيْهِ بِالْبِدْعَةِ فَيَجْحَدُ: لَيْسَتْ لَهُ تَوْبَةٌ، إنَّما التَّوْبَةُ لِمَنْ اعْتَرَفَ، فَأَمّا مَنْ جَحَدَ فَلا تَوْبَةَ لَهُ. وَقال: وإذا تابَ المُبْتَدِعُ يُؤَجَّلُ سَنَةً حَتَّى تَصحَّ تَوْبَتُهُ، واحْتَجَّ بِحَدِيثِ إبْراهيمَ التَّيْمِيّ أَنَّ القَوْمَ نازَلُوهُ فِي صَبِيغٍ بَعْدَ سَنَةٍ، فقال: جالِسُوهُ وكُونُوا مِنْهُ عَلَى حَذَرٍ. "الآداب الشرعية"1/ 137, "معونة أولي النهى" 11/ 89 ¬

_ (¬1) رواه الطبراني في "الأوسط" 4/ 281 (4202)، والبيهقي في "الشعب" 5/ 449 (7238) من حديث أنس. وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 189: رواه الطبراني في "الأوسط" ورجاله رجال الصحيح، غير هارون بن موسى الفروي وهو ثقة. وصححه الألباني في "الصحيحة" (1620). (¬2) رواه ابن أبي عاصم في "السنة" (4)، والطبراني في "الصغير" 1/ 338 (560)، والبيهقي في "الشعب" 5/ 449 (7239) كلهم من طريق بقية، عن شعبة، عن مجالد، عن الشعبي، عن شريح، عن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لعائشة. . فذكره. وقال الهيثمي في "المجمع" 1/ 188: فيه بقية ومجالد بن سعيد.

224 - كيفية التوبة من حقوق العباد

224 - كيفية التوبة من حقوق العباد: قال الخلال: أخبرني محمد بن علي، قال: حدثنا مهنا قال: وسألتُ أبا عبد اللَّه قلت: رجل قذف رجلًا ثُمَّ تاب، ينبغي له أن يجيء إليه فيقول: قذفتك؟ قال: لا، هذا يستغفر اللَّه. "أحكام النساء" (93) 225 - 2 - الحسنات الماحيات قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أَبُو مُعاوَيةَ، حدثنا الأَعْمَشُ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنِ أَشْياخِهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رضي اللَّه عنه- قال: قُلْتُ: يا رَسُولَ, اللَّهِ، أَوْصِنِي، قال: "إِذا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَأَتْبِعْها حَسَنَةً تَمْحُها" قال: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أَمِنْ الحَسَناتِ لاإله إِلّا اللَّهُ؟ قال: "هِيَ أَفْضلُ الحَسَناتِ" (¬1). "الزهد" ص 35 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، عن هاشم بن القاسم، حدثنا جرير، عن أبي الحسن بن خالد، عن أبي عبيدة بن الجراح أنه كان يسير في العسكر ويقول: ألا رب مبيض لثيابه مدنس لدينه، ألا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين، ألا بادروا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات، فلو أن أحدكم أخطأ ما بينه وبين السماء والأرض ثم عمل حسنة لعلت فوق ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد بلفظه 5/ 169، وبنحوه الترمذي (1987)، والدارمي 4/ 1837 - 1838 (2833)، والحاكم 1/ 54 وصححه على شرط الشيخين. وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي" (1618).

226 - 3 - سكرات الموت تكفير للسيئات

سيئاته حتى تقهرهن. "الزهد" ص 230 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن عاصم بن كليب، عن فضيل بن زيد الرقاشي -وكان غزا مع عمر -رضي اللَّه عنه- سبع غزوات- قال: لا يلهينك الناس عن ذات نفسك، فإن الأمر يخلص إليك دونهم، ولا تقطع النهار بكيت وكيت، فإنه محفوظ عليك ما قلت، ولم تر شيئا أحسن طلبا ولا أسرع إدراكا من حسنة حديثة لذنب قديم. "الزهد" ص 312 - 313 226 - 3 - سكرات الموت تكفير للسيئات قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، أخبرنا الربيع بن سعد الجعفي، سمعه من عبد الرحمن بن سابط، عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، فإنه كانت فيهم الأعاجيب" ثم أنشأ يحدث -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "خرجت طائفة من بني إسرائيل حتى أتوا مقبرة لهم من مقابرهم، فقالوا: لو صلينا ركعتين ودعونا اللَّه عز وجل أن يخرج لنا رجلا ممن قد مات، نسأله عن الموت؟ قال: ففعلوا فبينما هم كذلك إذ أطلع رجل رأسه من قبر من تلك المقابر، خلاسي (¬1) بين عينيه أثر السجود، فقال: يا هؤلاء، ما أردتم إلى؟ فقد مت منذ مائة سنة، فما سكنت عني حرارة الموت، حتى كان الآن، فادعوا اللَّه عز وجل لي يعيدني كما كنت" (¬2). "الزهد" ص 23 ¬

_ (¬1) بين أبيض وأسود. "النهاية" 2/ 140. (¬2) رواه ابن أبي شيبة في "المسند" كما في "المطالب العالية" 5/ 197 (774) عن =

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا الوليد بن مسلم أبو العباس الدمشقي بمكة، عن الأوزاعي، عن عمر بن عبد العزيز قال: ما أحب أن تهون على سكرات الموت، إنه آخر ما يكفر به عن المرء المسلم. "الزهد" ص 362 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا ابن المبارك، عن الحسن أنه ذكر الوجع فقال: أما واللَّه ما هي بأسر أيام المسلم أيام قورب له فيها من أجله، وذكر فيها ما نسي من معاده، فكفر بها عنه خطاياه. "الزهد" ص 338 ¬

_ = وكيع به، ورواه عبد بن حميد في "المنتخب" (1154) عن ابن أبي شيبة به. وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" 5/ 319 (26477) دون ذكر القصة. ورواه البزار كما في "كشف الأستار" (192) من طريق عبد اللَّه بن نمير، عن الربيع به. دون ذكر القصة. ورواه ابن أبي داود في "البعث" (5) عن أيوب الوزان، عن مروان، عن الربيع به، ذكر القصة فقط وقال: لم أفهم من أيوب عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه ابن منيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية" 5/ 200 (774) عن مروان بن معاوية، عن الربيع عن ابن سابط مرسلًا فذكر أوله، ثم ذكر القصة عن جابر موقوفة. وجاء في (الربيع بن حسان الجعفي) خطأ والصواب: الربيع بن سعد الجعفي. وعزاه البوصيري في "الإتحاف" 2/ 430 لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبي يعلى الموصلي، قال: بسند رجاله ثقات.

باب ما جاء في الصبر

باب ما جاء في الصبر 227 - فضل الصبر قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا معاوية، حدثنا الأعمش، عن مجاهد قال: قال عمر: وجدنا خير عيشنا بالصبر. "الزهد" ص 146 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، عن سعيد، عن قتادة قال: كان مطرف بن عبد اللَّه بن الشخير يقول: إن أحب عباد اللَّه إلى اللَّه الشكور الصابر الذي إذا ابتلي صبر، وإذا أُعطي شكر. "الزهد" ص 294

228 - أحوال الصبر على الطاعة

فصل: ما جاء في أنواع الصبر أولًا: الصبر على الطاعة 228 - أحوال الصبر على الطاعة 1 - قبل العبادة (تصحيح النية والإخلاص للَّه تعالي): قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا ليث، عن عثمان، أبي العالية قال: قال لي أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا أبا العالية، لا تعمل لغير اللَّه عز وجل فيكلك اللَّه عز وجل إلى من عملت له. "الزهد" ص 56 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا أبو الأشهب، عن محمد بن واسع قال: كان لقمان عليه السلام يقول لابنه: يا بني، اتق اللَّه، ولا تُرِ الناس أنك تخشى اللَّه عز وجل؛ ليكرموك بذلك، وقلبك فاجر. "الزهد" ص 64 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا شعبة، عن قتادة قال: إن في التوراة مكتوبًا: يا ابن آدم، تذكرني بلسانك وتنساني، وتدعو إلى وتفر مني، وأرزقك وتعبد غيري. "الزهد" ص 132 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن حماد بن زيد، عن عثمان رحمة اللَّه عليه: ما من عامل يعمل عملًا إلا كساه اللَّه رِداء عمله. "الزهد" ص 157 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن

حبيب، عن نافع بن جبير، أن سلمان رحمه اللَّه أتى بيت علجة أو مشركة يلتمس مكانًا يصلي فيه، فقالت: ابتغ قلبًا طاهرًا، وصلِّ حيث شئت. فقال سلمان رحمه اللَّه: فقهت. "الزهد" ص 188 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عمرو بن أيوب، أنبأنا جعفر، عن ميمون قال: حذيفة وسلمان نزلا على نبطية، فلما حضرت الصلاة قالا: ههنا مكان طاهر نصلي فيه، قالت: طهِّر قلبك. قال أحدهما للآخر: خذها كلمة حكم من قلب كافر. "الزهد" ص 189 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن مهدي -يعني: ابن ميمون- عن غيلان -يعني: ابن جرير- عن مطرف قال: صلاح قلب بصلاح عمل وصلاح عمل بصلاح نية. "الزهد" ص 292 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو عبيدة عبد المؤمن قال: سمعت الحسن يقول: النية أبلغ من العمل. "الزهد" ص 341 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا علي بن ثابت، حدثنا جعفر بن برقان، قال: كتبَ عمر بن عبد العزيز إلى سالم بن عمر: أما بعد، فإن اللَّه عز وجل ابتلاني بما ابتلاني به من هذا الأمر عن غير مشورة ولا طلب له، ولكن كان ما قدر اللَّه عز وجل، فأسأل اللَّه الذي ابتلاني بما ابتلاني أن يعينني عليه، فإذا جاءك كتابي هذا فابحث إليَّ بكتب عمر بن الخطاب وقضائه وسيرته في أهل الذمة، فإني متبع أثره وسائر بسيرته إن أعانني اللَّه على ذلك والسلام.

فكتب إليه سالم: جاءني كتابك تذكر أنَّ اللَّه عز وجل ابتلاك بما ابتلاك به من هذا الأمر من غير طلب ولا مشورة كان منك، ولكن ما كان قدر اللَّه أن يبتليك، فأسأل اللَّه الذي ابتلاك بما ابتلاك به أن يعينك عليه؛ فإنك لستَ في زمان عمر وليس عندك رجال عمر، فإنْ نويتَ الحق وأردتَه أعانك اللَّهُ عليه، وأتاح لك عمالا، وأتاك بهم مِنْ حيث لا تحتسب، فإن عون اللَّه على قدر النية، فمن تمت نيته في الخير تم عون اللَّه له، ومن قصرت نيته قصر من العون بقدر ما قصر منه والسلام. "الزهد" ص 366 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني سيار، حدثنا جعفر، حدثنا مالك بن دينار، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما من عبد يخطب خطبة إلا اللَّه عز وجل سائله عنها ما أراد بها" (¬1). فقال جعفر: كان مالك إذا حدثنا بهذا الحديث بكى حتى ينقطع، ثم يقول: يحسبون أن عيني تقر بكلامي، وأنا أعلم أن اللَّه سائلي يوم القيامة: ما أردت به؟ "الزهد" ص 391 قال ابن الجوزي: قرأت على أبي الفضل بن أبي منصور، عن أبي القاسم بن البُسْري، عن أبي عبد اللَّه بن بطة قال: أنا أبو بكر الآجري قال: أنا أبو نصر بن كردي قال: أنا أبو بكر المرُّوذي قال: ¬

_ (¬1) رواه البيهقي في "الشعب" 2/ 287 (1787) من طريق عبد اللَّه بن أحمد به. ورواه ابن أبي الدنيا في "الصمت" (510)، و"ذم الكذب" (46) عن سيار به. وقال المنذري كما في "ضعيف الترغيب" (102): رواه ابن أبي الدنيا، والبيهقي مرسلًا بإسناد جيد أ. هـ. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (2122).

2 - في نفس العبادة: (الخشوع)

سمعت رجلا يقول لأبي عبد اللَّه: وذكر له الصدق والإخلاص، فقال أبو عبد اللَّه: بهذا ارتفع القوم. "المناقب" ص 203 2 - في نفس العبادة: (الخشوع): قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا أبو الأشهب، عن محمد بن واسع قال: قال لقمان لابنه: يا بني، لا تري الناس أنك تخشى اللَّه، وقلبك فاجر. "الزهد" ص 130 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا محمد بن خالد الضبي، عن محمد بن سعد الأنصاري، عن أبي الدرداء قال: استعيذوا باللَّه من خشوع النفاق، قيل له: وما خشوع النفاق؟ قال: أن يرى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع. "الزهد" ص 186 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثني أبو عبد اللَّه الفلسطيني، عن عبد العزيز أخي حذيفة، عن حذيفة قال: أول ما تفقدون من دينكم الخشوع، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة. "الزهد" ص 224 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هاشم، حدثنا ابن المبارك، عن الحسن قال: ابن آدم، أي دينك يعز عليك إذا هانتْ عليك صلواتك، وإذا هانتْ عليك صلواتك فهي على اللَّه أهون. "الزهد" ص 345 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسحاق وأنبأنا أيضا عن ضمرة بن

3 - بعد العبادة

حبيب أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أول شيء يرفع من هذِه الأمة الأمانة والخشوع حتى لا تكاد ترى خاشعًا" (¬1). "الزهد" ص 472 3 - بَعد العبادة (الصبر عن إفشائها والتظاهر بها لأجل الرياء والسمعة، وذكر ما جاء في الحث على إخفاء العبادة وخمول الذكر وذم الجاه والرياء): قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن من أمتي من لو أتى باب أحدكم فسأله دينارًا لم يعطه إياه، ولو سأله درهمًا لم يعطه إياه، ولو سأله فلسًا لم يعطه إياه، ولو سأل اللَّه الجنَّةَ لأعطاها إياه، ولو سأله الدنيا لم يعطها إياه، وما يمنعها إياه لهوانه عليه؛ ذو طمرين، لا يؤبه له، لو يقسم على اللَّه عز وجل لأبره" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا معاوية بن عمر، حدثنا زائدة، عن الأعمش قال: سمعتهم يذكرونه عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ¬

_ (¬1) رواه ابن المبارك في "الزهد" ص 56 (172). (¬2) رواه هكذا مرسلًا هناد في "الزهد" 1/ 323 (587)، وابن أبي الدنيا في "التواضع والخمول" (1) عن إسحاق بن إسماعيل كلاهما -هناد وإسحاق- عن أبي معاوية به. ورواه موصولًا الطبراني في "الأوسط" 7/ 298 (7548) من محمد بن إبراهيم العسال عن سهل بن عثمان عن أبي معاوية به عن ثوبان. قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 264: رواه الطبراني في "الأوسط" ورجاله رجال الصحيح. وقال العراقي في "المغني" (3369) ورواه الطبراني في "الأوسط" من حديث ثوبان بإسناد صحيح.

"ألا أنبئكم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضاعف ذي طمرين، لو يقسم على اللَّه لأبره" (¬1). "الزهد" ص 18 - 19 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا عبد العزيز بن مسلم، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أُبي بن كعب، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "بَشِّرْ هذِه الأُمَّةَ بِالسَّناءِ، والنَّصرِ، والتَّمْكِينِ، فَمَنْ عَمِلَ منهمْ عَملَ الآخِرَةِ لِلدُّنْيا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الآخِرَةِ نَصِيب" (¬2). "الزهد" ص 42 قال عبد اللَّه: أخبرنا أبي، أخبرنا وكيع، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن عبد اللَّه بن أبي زكريا قال: بلغني أن الرجل إذا راءى بشيء من عمله أحبط ما كان قبل ذلك. "الزهد" ص 56 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 145 من طريق ابن لهيعة عن أبي النصر وعن أنس وفيه، ذكر أهل النار وصفتهم. ورواه أبو يعلى 7/ 66 (3987) من طريق علي بن زيد بن جدعان عن أنس به وزاد: "منهم البراء بن مالك" قال الهيثمي في "المجمع" 3/ 264: رواه الإمام أحمد وفيه ابن لهيعة، وحديثه يعتضد. قلت: وللحديث شاهد رواه البخاري (4918)، ومسلم (2853) وهو في "المسند" 4/ 306 من حديث حارثة بن وهب الخزاعي قال: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كلُّ ضعيفط متضعف لو أقسم على اللَّه لأبره، ألا أخبركم بأهل النار؟ كل غتُل جواظ مستكبر". (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 134، وابن أبي عاصم في "الزهد" (168)، والشاشي في "مسنده" 3/ 368 من طرق عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أُبيّ به وصححه ابن حبان 2/ 132 (405)، والحاكم 8/ 314، والضياء في "المختارة" 3/ 358 (1152) قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 220: رواه الإمام أحمد وابنه من طرق ورجال أحمد رجال الصحيح. أ. هـ، وقال الألباني في "أحكام الجنائز" ص 70: إسناد عبد اللَّه صحيح على شرط البخاري.

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا مسعر، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل قال: سمعت جندبًا يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن يُسَمِّعْ يُسَمِّعْ اللَّهُ بهِ ومَنْ يراءِ يُراءِ اللَّهُ بِهِ" (¬1). وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا مسعر، عن عمرو بن مرة، عن رجل قال: سمعت عبد اللَّه بن عمرو يحدث عبد اللَّه بن عمر قال: من سَّمع الناس بعمله سمَّع اللَّه به سامع خلقه، وحقره، وصغره، قال: فبكى ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-. وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، عن ابن أبي خالد، عن قيس قال: قال عمر -رضي اللَّه عنه-: من سَّمع سَّمع اللَّه به. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، قال وكيع: حدثنا مسعر، عن شيخ لم يكن يسميه قال: سمعت جابرًا، وابن عمر يقولان: قال أحدهما: كان في كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ترسل أو ترسيل. قال: فقال الآخر: ما قام رجل بخطبة يرائي بها، إلا كان في سخط اللَّه عز وجل حتى يسكت. وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سليمان بن حيان، عَنْ أُسامَةَ، عَنْ سَعِيدٍ بن أبي سعيد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: قال رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كمْ مِنْ صائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيامِهِ إِلّا الجُوعُ، وكمْ مِنْ قائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيامِهِ إِلّا السَّهَرُ" (¬2). وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ قال: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 313، والبخاري (6499)، ومسلم (2987). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 441، وابن ماجه (1690)، والنسائي في "الكبرى" (3250). قال البوصيري في "زوائد ابن ماجه" (248): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. وقال الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1371): حسن صحيح.

سَمِعْتُ العَلاءَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عز وجل- قال: "أَنا خَيْرُ الشركاءِ، فَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا فَأَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي، فَأَنا بَرِيءٌ مِنْهُ، وهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ" (¬1). "الزهد" ص 57 - 58 قال عبد اللَّه، حدثنا أبي، حدثنا إسحاق بن يوسف، عن سفيان، عن منصور، عن هلال بن يسار قال: كان عيسى ابن مريم عليه السلام يقول: إذا تصدق أحدكم بيمينه فليخفها عن شماله، وإذا صلى فليدن عليه ستر بابه؛ فإن اللَّه عز وجل يقسم الثناء، كما يقسم الرزق. "الزهد" ص 72 - 73 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا سفيان، عن أبيه، عن إبراهيم التيمي، أن عيسى عليه السلام قال: اجعلوا كنوزكم في السماء؛ فإن قلب المرء عند كنزه. وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف قال: كان عيسى عليه السلام يقول: إذا كان صوم أحدكم فليدهن لحيته، وليمسح شفتيه؛ حتى يخرج إلى الناس يقولون: ليس بصائم. "الزهد" ص 74 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن إسماعيل، حدثنا قيس قال: سمعت الزبير يقول: من أستطاع أن تكون له خبيئة من عمل صالح فليفعل. "الزهد" ص 179 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 301، ومسلم (2985).

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن أبي حصين، عن يحيى، عن مسروق قال: قال عبد اللَّه: إذا أصبحتم صيامًا فأصبحوا متدهنين. "الزهد" ص 197 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا الجريري، عن بعض أشياخه قال: كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غزاة بسجستان، فاشتد عليهم القتال والطلب بقلعة سجستان، وفيهم رجل قال: وكان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يجلسون حِلقًا حِلقًا، فتقوم طائفة فيقاتلون ثم يجيئون، ثم تقوم طائفة أخرى فيقاتلون ثم يجيئون، قال: فقال بعضهم لبعض: هل ترون في هذا الرجل النعت الذي قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: فقال هذا لهذا: نعم، وهذا لهذا: نعم، حتى اجتمعوا على ذلك، فقالوا: أيها الرجل إنه قد اشتد علينا القتال والطلب لهذِه القلعة، وإنا نرى فيك النعت الذي قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأقسم على ربك تبارك وتعالي أن يفتح علينا، قال: فخرج من قولهم، وقال: إني إنسان مسكين ضعيف ليست لي من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صحبة، إنما صحبتكم أرجو بركتكم وأتعلم منكم، قال: فأعادوا عليه، فجزع من ذلك، قال: فقالوا له: إنا نسألك بحق الصحبة لما أقسمت على ربك عز وجل أن يفتح علينا، قال: أقسمت عليك يارب لما فتحت علينا وجعلتني أول مقتول. قال: ففتح اللَّه عليهم وكان أول مقتول. "الزهد" ص 251 - 252 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن سالم بن أبي حفصة قال: كان ابن أبي نعم يحرم من السنة إلى السنة، قال: ويقول

في تلبيته: لبيك لو كان رياء لاضمحل لبيك. "الزهد" ص 255 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي حيان، عن أبي الزنباع قال: كان شاب يمشي مع الأحنف بن قيس، فمر بمنزله، فعرض عليه الشاب فقال: يا ابن أخي لعلك من العارضين. قال: يا أبا بحر، وما العارضون؟ قال: الذين يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، يا ابن أخي، إذا عرض لك الحق فاقصد والهُ عما سوى ذلك. "الزهد" ص 287 - 288 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا حماد بن زيد، عن الجريري قال: سمع مطرف رجلًا يقول: أستغفر اللَّه وأتوب إليه. قال: فلعلك لا تفعل. "الزهد" ص 393 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو أحمد، حدثنا سفيان، عن يونس، عن الحسن قال: إن كان الرجل ليكون فقيها جالسا مع القوم فيرى بعض القوم أن به عيا وما به من عي إلا كراهية أن يشتهر. وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن يونس، عن الحسن قال: لقد أدركت أقوامًا إنْ كان الرجل ليجلس مع القوم يرون أنه عيي، وما به عي؛ إنه لفقيه. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا إسماعيل، حدثنا يونس قال: قال الحسن رحمه اللَّه: أدركت أقواما ما كان أحدهم يستطيع أن يسر عملًا فيعلنه، قد علموا أن أحرز العملين من الشيطان عمل السر، وأن أحدهم ليكون عنده الزُّوَّرُ، وأنه ليصلي خلف الوجه ما يعلم به زُوَّرُه.

وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا حماد بن زيد، عن يونس، عن الحسن قال: سمعته يقول: إن كان الرجل ليجلس المجلس فتجيئه عبرته فيردها، فإذا خشي أن تسبقه قام. "الزهد" ص 320 - 321 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، حدثنا السري بن يحيى، حدثنا عبد الكريم بن رشيد قال: كنت في حلقة الحسن، فجعل رجل يبكي وارتفع صوته، فقال الحسن: إن الشيطان ليبكي هذا الآن. "الزهد" ص 334 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، حدثنا عوف، عن الحسن قال: يا ابن آدم، إن لك قولًا وعملا وسرًا وعلانية، وعملك أولى بك من قولك، وسرك أولي بك من علانيتك. "الزهد" ص 343 قال عبد اللَّه: قرأت عليه: حدثنا عفان، عن حماد، حدثنا ثابت، عن عقبة بن عبد الغافر قال: دعوة سرًا أفضل من سبعين علانية، وإذا عمل العبد عملًا حسنًا في العلانية وعمل في السر مثله قال اللَّه عز وجل: هذا عبدي حقًا. "الزهد" ص 377 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، عن الأعمش قال: كنت عند إبراهيم وهو يقرأ في المصحف، فاستأذن عليه رجل فغطاه وقال: لا يراني هذا أني أقرأ فيه كل ساعة. "الزهد" ص 437

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا الخفاف، أنبأنا عثمان أبو سلمة، عن عمران القصير قال: بلغني أن في جهنم واديًا تستعيذ منه جهنم كل يوم أربعمائة مرة؛ مخافة أن يرسل عليها فيأكلها، أعد ذلك الوادي للمرائين من القراء. "الزهد" ص 452 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد اللَّه بن يزيد، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثنا عياش بن عياش، عن إبراهيم الدمشقي، عن أبي إدريس الخولاني قال: من تعلم صرف الحديث ليستكفئ به قلوب الناس لم يرح رائحة الجنة. وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثني خالد بن الحارث قال: بلغني عن إبراهيم بن أدهم قال: لم يصدق اللَّه عز وجل من أحب الشهرة. "الزهد" ص 456 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا الوليد قال: سمعت الأوزاعي يقول: سمعت بلال بن سعد يقول: لا تكن ولي اللَّه في العلانية، وعدوه في السر. "الزهد" ص 461 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا الحسن بن محمد، وهاشم بن القاسم قالا: حدثنا المبارك، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألا أنبئكم بأهل الجنة؟ " قالوا: بلى يا رسول اللَّه، قال: "كل ضعيف مستضعف ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على اللَّه لأبره" (¬1). "الزهد" ص 473 ¬

_ (¬1) لم أقف عليه مرسلًا، لكن روى البيهفي في "الشعب" 7/ 332 (10486) عن الحسن، عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن ملوك أهل الجنة كل أشعث أغبر ذي طمرين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم". . الحديث. =

قال ابن الجوزي: أخبرنا عبد الملك بن أبي القاسم قال: أنا عبد اللَّه ابن محمد الأنصاري قال: أنا محمد بن محمد بن عبد اللَّه قال: أنا محمد ابن أحمد بن محمد قال: ثنا علي بن الحسن بن أَحْيدَ البلخي قال: سمعت علي بن الفضل يقول: سمعت أبا سعيد البردعي يقول: سمعت أبا السماك يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إظهار المحبرة من الرياء. وقال ابن الجوزي: أخبرنا محمد بن أبي منصور، قال: أخبرنا عبد القادر بن محمد، قال: أنبأنا إبراهيم بن عمر، قال: أنبأنا عبد العزيز بن جعفر، قال: ثنا أحمد بن محمد الخلال، قال: أنا أبو بكر المرُّوذي، قال: كنت مع أبي عبد اللَّه نحوًا من أربعة أشهر بالعسكر، ولا يدع قيام الليل وقراءات النهار، فما علمت بختمة ختمها، وكان يُسرُّ ذلك. "المناقب" ص 253 ¬

_ = قلت: نقل ابن أبي حاتم عن أهل العلم أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة شيئًا، بل قال يونس بن عبيد: ولا رآه قط. انظر "المراسيل" ص 34 - 36. وروى أيضا 7/ 333 (10488) عن معاذ بن جبل مرفوعًا: "ألا أخبركم عن ملوك أهل الجنة، كل ضعيف مستضعف ذو طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على اللَّه لأبره". وللحديث شاهد رواه الإمام أحمد 4/ 306، والبخاري (4918)، ومسلم (2853) من حديث حارثة بن وهب الجهني مرفوعًا ولفظه: "ألا أخبركم بأهل الجنة كلُّ ضعيف متضعف لو أقسم على اللَّه لأبره، ألا أخبركم. بأهل النار؟ كل عتو جواظ مستكبر".

229 - لا ينبغي ترك الطاعات خوفا من الرياء

229 - لا ينبغي ترك الطاعات خوفًا من الرياء قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا حسين بن محمد، عن عربي، عن رجل لا أعلمه إلا سعيدًا الأزرق، عن محمد بن واسع قال: رأى أويس رجلا يصلي يقوم ويقعد قال: ما لك؟ قال: أقوم فيجيء الشيطان فيقول: إنك ترائي فاجلس، ثم تنازعني نفسي إلى الصلاة فأقوم، ثم يقول: إنك ترائي فاجلس، فقال: لو خلوت كنت تصلي هذِه الصلاة؟ قال: نعم. قال: صل فلست ترائي. "الزهد" ص 412 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن خيثمة، عن الحارث بن قيس الجعفي قال: إذا كنت في أمر الآخرة فتمكث، وإذا كنت في أمر الدنيا فتوخ، وإذا هممت بخير فلا تؤخره، وإذا أتاك الشيطان وأنت تصلي فقال: إنك ترائي؛ فزدها طولًا. "الزهد" ص 430 230 - ما جاء في الثناء الحسن وذكر من كره المدح قال إسحاق بن منصور: قلت: إن رجلًا قال: يا رسول اللَّه، إني أعمل العمل أسره فيطلع عليه فيعجبني (¬1)؟ ¬

_ (¬1) يشير إلى حديث رواه الترمذي (2384)، وابن ماجه (4226) عن سعيد بن سنان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي صالح، عن أبي هريرة أن رجلا قال: يا رسول اللَّه، إن الرجل يعمل العمل ويسره، فإذا أطلع عليه سره، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "له أجران، أجر السر، وأجر العلانية" قال الترمذي: حديث غريب، قد روى الأعمش وغيره عن حبيب بن أبي ثابت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا. وقال الألباني في "الضعيفة" (4344): ضعيف.

قال: لما أسر العمل فأظهر اللَّه، فأظهر اللَّه عز وجل له الثناء الحسن فأعجبه، فلم يعب ذلك أن الرجل يعجبه أن يقال فيه الخير. قال إسحاق: كلما اطلع عليه فأعجبه، فإذا كان ذلك منه ليقتدي به الناس وليُذكر بخير؛ صار له أجر سره وأجر ما نوى من اقتداء الناس به وذكهم إياه بخير. "مسائل الكوسج" (305) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: حدثنا سليمان بن داود قال: حدثنا شعبة قال: حدثني قيس بن مسلم قال: سمعت طارق بن شهاب يحدث عن عبد اللَّه قال: إن الرجل ليخرج من بيته ومعه دينه، فيلقى الرجل له إليه الحاجة فيقول: إنك لزيت وزيت يثني، وعسى أن لا يخلى من حاجته بشيء، فيرجع وقد أسخط اللَّه عليه، وما معه من دينه شيء. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (212) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو هلال، حدثنا عقبة بن أبي ثبيت، عن أبي الجوزاء قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألا أنبئكم بأهل الجنة والنار: أهل الجنة من ملئت مسامعه من الثناء الحسن، وأهل النار من ملئت مسامعه من الثناء السيئ وهو يسمع" (¬1). "الزهد" ص 19 ¬

_ (¬1) رواه ابن المبارك في "الزهد" (455) من طريق محمد بن سليم أبي هلال عن عقبة به ورواه الإمام أحمد 3/ 416، وابن ماجه (4221)، وابن حبان 16/ 392 (7384). من طريق نافع بن عمر الجمحي عن أمية بن صفوان عن أبي بكر بن أبي زهير الثقفي عن أبيه قال: خطبنا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "توشكون أن تعرفوا أهل الجنة من أهل النار" قال رجل من الناس: بم يا رسول اللَّه؟ قال: "بالثناء السيئ والثناء الحسن". قال البوصيري في "زوائد ابن ماجه" (1435): إسناد طريق ابن ماجه صحيح رجاله =

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد اللَّه بن نمير، حدثنا عبيد اللَّه، عن زيد بن أسلم، عن أبي، عن عمر قال: المدح الذبح. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سليمان بن داود، حدثنا شعبة، عن سليمان التيمي، سمع أبا عثمان النهدي قال: قال عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: الثناء غنيمة العابدين. "الزهد" ص 147 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا المبارك، عن بكر بن عبد اللَّه المزني، عن عدي بن أرطاة، عن رجل من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من صدر هذِه الأمة، وكان له فضل أنه كان إذا أثني عليه أو مدح فسمع قال: اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واغفر لي ما لا يعلمون. "الزهد" ص 254 قال عبدُ اللَّهِ: جاءَ رجلٌ إلى أبي فذَكرَ أنّهُ كانَ عندَ بِشْرٍ فَذَكَرُوهُ فَأَثْنَى عَلَيْهِ بِشْرٌ، وقال: لا يَنْسَى اللَّهُ لِأحمدَ صنِيعَهُ، ثَبَتَ وثَبَتْنا، ولَوْلاهُ لهَلَكْنا. قال عَبْدُ اللَّهِ: ووَجْهُ أَبِي يَتَهَللُ، فَقُلْت: يا أَبَتِ أَلَيْسَ تَكْرَهُ المَدْحَ فِي الوَجْهِ؟ فَقال: يا بُنَيَّ إنَّما ذُكِرْت عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ عِبادِ اللَّهِ الصّالِحِينَ، وما كانَ مِنِّي فَحَمِدَ صنِيعِي، وقَدْ قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ المُؤْمِنِ" (¬1). ¬

_ = ثقات. وقال ابن حجر في "الإصابة" 4/ 77: سنده حسن غريب وحسنه أيضا الألباني في "صحيح ابن ماجه" (3400) (¬1) رواه أبو داود (4918)، وابن وهب في "الجامع في الحديث" (237)، والبخاري في "الأدب المفرد" (239). قال العراقي في "تخريج الإحياء" (1824): أبو داود من حديث أبي هريرة بإسناد حسن. وقال الألباني في "السلسلة الصحيحة" (926): وهذا إسناد حسن.

231 - ثانيا: الصبر على المعاصي

قال المَرُّوذِي: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: لا يَزال الرَّجُلُ يُقالُ لَهُ فِي وجْهِهِ: أَحْيَيْت السُّنَّةَ؟ قال: هذا فَساد لِقَلْبِ الرجُلِ. "الآداب الشرعية" 3/ 437 231 - ثانيًا: الصبر على المعاصي قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثنا أمية بن شبل، عن عبد اللَّه بن وهب، لا أعلمه إلا ذكره عن أبيه -شك أبو محمد: إن عابدًا من بني إسرائيل كان في صومعة يتعبد، فإذا نفر من الغواة قالوا: لو أنا استنزلناه بشيء. فذهبوا إلى امرأة بغي، فقالوا لها: تعرضي له، قال: فجاءته في ليلة مظلمة مطيرة، فقالت: يا عبد اللَّه، آوني إليك وهو قائم يصلي، ومصباحه ثاقب، فلم يلتفت إليها، فقالت: يا عبد اللَّه، الظلمة والغيمث، آوني إليك، قال: فلم تزل به حتى أدخلها إليه، فاضطجعت، وهو قائم يصلي، فجعلت تتقلب، وتريه محاسن خلقها، حتى دعته نفسه إليها، فقال: لا واللَّه، حتى انظر كيف صبرك على النار. فدنا من المصباح فوضع إصبعا من أصابعه فيه، حتى احترقت، قال: ثم رجع إلى مصلاه، فدعته نفسه أيضا، فعاد إلى المصباح، فوضع إصبعه أيضا حتى احترقت، قال: ثم رجع إلى مصلاه، فدعته نفسه أيضا، فلم يرعه وهو يعود إلى المصباح حتى احترقت أصابعه، وهي تنظر إليه، فصعقت فماتت، قال: فلما أصبحوا، غدوا لينظروا ما صنعت، قال: فإذا هي ميتة، قال: فقالوا: يا عدو اللَّه، يا مرائي، وقعتَ عليها، ثم قتلتَها. قال: فذهبوا به إلى ملكهم، وشهدوا

232 - ثالثا: الصبر على ما لا يدخل تحت الاختيار (المصائب، البلاء. .)

عليه، فأمر بقتله قال: دعوني حتى أصلي ركعتين، قال: فصلى ثم دعا؛ فقال: أي رب، إني أعلم أنك لم تكن لتؤاخذني بما لم أكن أفعل، ولكن أسألك أن لا أكون عارًا على القراء بعدي، قال: فرد اللَّه عز وجل عليها نفسها، فقالت: انظروا إلى يده، ثم عادت ميتة. "الزهد" ص 125 - 126 232 - ثالثًا: الصبر على ما لا يدخل تحت الاختيار (المصائب، البلاء. .) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثني عمر بن عبد الرحمن أنه سمع وهب بن منبه يقول: قال عيسى ابن مريم للحواريين: بحق أقول لكم، -وكان عيسى كثيرا ما يقول: بحق أقول لكم- إن أشدكم حبًّا للدنيا أشدكم جزعًا على المصيبة. "الزهد" ص 78 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن بشر، وحدثنا مسعر، حدثنا أبو حصين قال: قال أبو الدرداء: إذا جاءك أمر لا كفاء لك به فاصبر وانتظر الفرج من اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 173 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا ابن أبي عدي، عن ابن عون قال: كان الحسن يقول: واللَّه لتصبرن أو لتهلكن، هو واللَّه الشديد الهلكة. "الزهد" ص 243 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبيد اللَّه بن محمد، حدثنا عثمان بن عبد الحميد بن لاحق قال: سمعت أبي يحدث عن مسلم بن يسار قال: قدمت البحرين فنزلت على امرأة لها بنون، ولها مال، ولها رقيق، قال: وكانت كثيرة الكآبة، فلما أردنا الخروج سلمت عليها، قال: فقلت: هل

لك من حاجة؟ قالت: حاجتنا إن قدمت هذا البلد أن تنزل عندنا، فقال: فغبت عنها حينا ثم قدمت، قال: فانتهيت إلى السكة فلم أر أحدا، وانتهيت إلى بابها فلم أر أحدًا فاستأذنت عليها، فسمعت ضحكها، قال: فدخلت فإذا عندها إنسانة فقالت: إني أراك مستنكرًا ما ترى. قلتُ: أجل، قد رأيت بابك وإنه لآهل، قالت: لما توجهت من عندنا جعلنا لا نوجه شيئًا بحرًا إلا غرق، ولا برًا إلا عطب، ومات بنوها ومات رقيقها، قال: قلتُ: الكآبة يومئذ، والسرور اليوم؟ قالت: كنت إذ ذاك أرى أنه لا خير لي عند ربي تبارك وتعالى، فلما رزئت في مالي وولدي لي رجوت، قال مسلم: فلقيت عبد اللَّه بن عمر فحدثته الحديث فقال: ما سبق نبي اللَّه أيوب عليه السلام هذِه إلا حبوًا؛ لقد انشقت خميصتي هذِه فأرسلت بها ترفأ فلم يجئ رفؤها كما أحب، فغمني ذلك. "الزهد" ص 314 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا عبد اللَّه بن بكر -يعني: المزني، عن الحسن قال: إن هذا الحق جهد الناس وحال بينهم وبين شهواتهم، وإنما صبر على هذا الحق من عرف فضله ورجا عاقبته، إن من الناس ناسًا قرءوا القرآن لا يعملون سيئة، وإنما أحق الناس بهذا القرآن من أتبعه بعمله وإن كان لا يقرؤه، إنك لتعرف الناس ما كانوا في عافية، فإذا نزل بلاء صار الناس إلى حقائقهم، صار المؤمن إلى إيمانه والمنافق إلى نفاقه. "الزهد" ص 350

233 - 1 - سكون الجوارح واللسان

فصل: ما جاء في آداب الصبر 233 - 1 - سكون الجوارح واللسان قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا بهز بن أسد، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا ثابت قال: مات عبد اللَّه بن مطرف، وكان قد زهد في الدنيا حتى استعمل، فخرج مطرف على قومه في ثياب حسنة وقد ادهن فغضبوا، قالوا: يموت عبد اللَّه ثم يخرج في ثياب مثل هذِه مدهنا! قال مطرف: فأستكين لها، وقد وعدني ربي تبارك وتعالى عليها ثلاث خصال كل خصلة منها أحب إليّ من الدنيا كلها، قال اللَّه عز وجل: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 156 - 157] فأستكين لها بعد هذا، قال ثابت: وقال مطرف: ما شيء أعطيته في الآخرة قدر كوز من ماء إلا وددت أنه أخذ مني في الدنيا. "الزهد" ص 300 234 - 2 - عدم الشكوى قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا مؤمل، حدثنا سفيان، عن حبيب قال: مر رجل على يعقوب نبي اللَّه عليه السلام وقد سقط حاجباه على عينيه، وقد رفعهما بخرقة، فقال: يا نبي اللَّه، ما بلغ بك ما أرى؟ قال: طول الزمان، وكثرة الأحزان. فأوحى اللَّه إليه: يا يعقوب، تشكوني؟ ! قال: ربِّ، خطيئة فاغفرها. "الزهد" ص 106

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد اللَّه بن يزيد المقرئ، حدثنا كهمس، عن عوف، عن رجل قال: قال أبو الدرداء: ثلاث من ملاك أمر ابن آدم: ألا تشكو مصيبتك، ولا تحدث بوجعك، ولا تزكي نفسك بلسانك. "الزهد" ص 177 - 178

باب ما جاء في الشكر

باب ما جاء في الشكر 235 - الحث على الشكر قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو هلال، حدثنا بكر قال: لما عرض على آدم عليه السلام ذريته فرأى فضل بعضهم على بعض قال: يارب، فهلا سويت بينهم؟ قال: يا آدم، إني أحببت أن أشكر. "الزهد" ص 61 قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي: حدثنا أبو معاوية الغلابي، حدثني رجل من أهل الجزيرة من قيس قال: مكتوب في الحكمة: اشكر لمن أنعم عليك، وأنعم على من شكرك. "الزهد" ص 440 236 - أيهما أفضل: الشكر مع العافية، أم الصبر مع البلاء؟ قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عفان، حدثنا مهدي قال: سمعت غيلان يذكر عن مطرف قال: لأن أعافى فأشكر أحب إليّ من أن أبتلى فأصبر، قال مطرف: نظرت في الشكر والعافية فإذا فيهما خير الدنيا والآخرة. "الزهد" ص 440

237 - 1 - إظهار الرضا عن الله عز وجل

ما جاء في كيفية الشكر 237 - 1 - إظهار الرضا عن اللَّه عز وجل قال صالح: قال أبي: بلغني أن عروة بن الزبير قطعت رجله وكان يدعو فيقول: لئن كنت أبليت فطالما عافيت، وإِن كنت أخذتَ فطالما أبقيت. "مسائل صالح" (299) قال صالح: إملاء حدثني أبي، قال: حدثنا يحيى بن عبد الملك قال: حدثنا زمعة بن صالح، قال: كتب إِلي أبي حازم بعض بني أمية يعزم عليه إلا رفع إِليه حوائجه، فكتب إِليه: أما بعد؛ فقد جاءني كتابك تعرض عليّ إلا رفعت إليك حوائجي، وهيهات رفعت حوائجي إِلى مولاي، فما أعطاني منها قنعت، وما أمسك على منها قنعت. "مسائل صالح" (883) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو هلال، عن خالد بن رباح، عن الحسن قال: إن المؤمن إذا طلب حاجة إن تيسرت قبلها بميسور اللَّه عز وجل عليها وحمد اللَّه عليها، وإن لم تتيسر تركها ولم يتبعها نفسه. "الزهد" ص 341 - 342 قال ابن الجوزي: أخبرنا ابن ناصر قال: أنا الحسن بن أحمد آذنا، قال: ثنا محمد بن أحمد، قال: ثنا عبد اللَّه بن محمد، قال: ثنا محمد بن حفص، قال: ثنا أبو بكر المرُّوذي، قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إن لكل شيءٍ كرما، وكرم القلب الرضا عن اللَّه عز وجل. "المناقب" 261

238 - 2 - الحمد

238 - 2 - الحمد قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن الحديث الذي جاء: "أجر الطاعم الشاكر كأجر الصائم" (¬1) يوخذ به؟ قال: إذا أكل وشرب يشكر اللَّه ويحمده على ما رزقه. "مسائل ابن هانئ" (2024) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا عاصم الأحول، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: قال رجل: الحمد للَّه كثيرًا. قال: فأعظمها الملك أن يكتبها حتى راجع فيها ربه عز وجل، قال: اكتبها كما قال عبدي كثيرًا. "الزهد" ص 189 239 - 3 - ذكر النعيم قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أنا منذ أكثر من سبعين سنة في كل نعيم، وقال: ما قل من الدنيا أقل للحساب. قلت له: إن رجلًا قال: إن أحمد بن حنبل وبشر بن الحارث ليس هم عندي زهادًا؛ أحمد له خبز يأكله، وبشر له دراهم تجيئه من خراسان. فتبسم أبو عبد اللَّه، وقال: أمن الزهاد أنا؟ ! "الورع" (623) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 343، وابن ماجه (1765) من حديث سنان بن سنة. وقال البوصيري في "الزوائد" (598): إسناده صحيح، رجاله موثوقون وصححه الألباني في "الصحيحة" (655). وله شاهد من حديث أبي هريرة رواه الإمام أحمد 2/ 283، والترمذي (2486) وقال: حسن غريب.

قال المروذي: قرأت على أبي عبد اللَّه: عن أبي المغيرة، أنبأنا جرير، عن راشد قال: قيل له: ما النعيم؟ قال: طيب النفس. قيل له: فما الغني؟ قال: صحة الجسد. "الورع" (624) قال المروذي: قرئ على أي عبد اللَّه: عن الحسن بن موسى ويونس بن محمد، عن جابر بن عبد اللَّه قال: أتاني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكر وعمر فأطعمتهم رطبًا وأسقيتهم من الماء، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هذا من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة" (¬1). "الورع" (625) قال المروذي: قرئ على أبي عبد اللَّه: عن ابن نجيح، عن مجاهد: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8] قال: عن كل شيء من لذة الدنيا. "الورع" (626) قال المروذي: قرئ على أبي عبد اللَّه: عن بكير بن عقيق، عن سعيد بن جبير أنه أُتي بشربة عسل فقال: هذا من النعيم الذي تسألون عنه. "الورع" (627) قال المروذي: قرئ على أبي عبد اللَّه: عن قتادة، عن مطرف بن عبد اللَّه، عن أبيه قال: انتهيت إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يقرأ: " {أَلْهَاكُمُ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 338 عن حسن بن موسى، عن عماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن جابر به. وأبو يعلى 3/ 326 (1790)، وابن حبان 8/ 201 (3411)، وابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 343 جميعًا من طريق عمار بن أبي عمار عنه به، ورواه النسائي 6/ 246 مطولًا. قال ابن عبد البر: وقد روي هذا الحديث عن أبي بكر وعمر وأبي الهيثم بن التيهان وأم سلمة بأسانيد صالحة ومعان متقاربة.

التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [التكاثر: 1 - 2]، يقول ابن آدم: مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو تصدقت فأبقيت، أو لبست فأبليت" (¬1). "الورع" (628) قال المروذي: قرئ على أبي عبد اللَّه وأنا أسمع: أنبأنا معمر، عن قتادة في قوله: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} قالوا: نحن أكثر من بني فلان، وبنو فلان أكثر من بني فلان. فألهاهم ذلك حتى ماتوا ضلالا. "الورع" (629) قال المروذي: قرئ على أبي عبد اللَّه وأنا أسمع: عن عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن قتادة في قوله: {عِلْمَ الْيَقِينِ} كنا نحدث أنه الموت. "الورع" (630) قال المروذي: قرئ على أبي عبد اللَّه: عن عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة في قوله {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8] قال: إن اللَّه تبارك وتعالى سائل كل ذي نعمة فيما أنعم عليه. قال معمر: وكان الحسن وقتادة يقولان: ثلاث لا يسأل عنهن ابن آدم، وما خلاهن ففيه المسألة والحساب، إلا ما شاء اللَّه: كسوة يواري بها سوأته، وكسرة يشد بها صلبه، وبيت يكنه من الحر والبرد (¬2). "الورع" (631 - 632) قال المروذي: قرئ على أبي عبد اللَّه: عن قتادة ويونس في تفسير شيبان، عن قتادة: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [التكاثر: 1 - 2] قال: كانوا يقولون: نحن أكثر من بني فلان، ونحن أعز من بني فلان، ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 24، ومسلم (2958) من حديث عبد اللَّه بن الشخير. (¬2) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 320 (3694).

وكل يوم يتساقطون إلى الأرض -قال يونس: يتساقطون إلى الآخرة- واللَّه ما زالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور (¬1)، وفي {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} [التكاثر: 5] قال: كنا نحدث أن اليقين أن يعلم أن اللَّه باعثه من بعد الموت (¬2)، وفي قوله: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8] أن اللَّه سائل كل عبد عما كان استودعه من نعمته وحقه (¬3)، قال يونس: عما استودعه من نعمه وحقه. عن بكير بن عتيق قال: أتيت سعيد بن جبير بقدح فيه شربة فشربه ثم قال: لتسألن عن هذا. قلت: لم؟ قال: إني شربته فاستلذذته (¬4). عن الحسن قال: لما نزلت هذِه الآية {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قالوا: يا رسول اللَّه! أي نعيم نسأل عنه، وسيوفنا على عواتقنا، والأرض كلها لنا حرب، يصبح أحدنا بغير غداء، ويمسي بغير عشاء؟ قال: "عنى بذلك قوم يكونون بعدكم، أنتم خير منهم، يغدى على ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 320 (3691)، وابن جرير 12/ 678 (37869)، وابن أبي حاتم 10/ 3460 (19456)، وعبد بن حميد وابن المنذر كما في "الدر المنثور" 6/ 659. (¬2) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 320 (3692)، وابن جرير 12/ 680 (37877)، وابن أبي حاتم 10/ 3460 (19459)، والفريابي، وابن أبي شيبة وابن المنذر كما في "الدر المنثور" 6/ 660. (¬3) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 320 (3693) وابن جرير 12/ 683 (37907)، وابن أبي حاتم 10/ 3460 (19459)، وعبد بن حميد، وابن المنذر كما في "الدر المنثور" 6/ 660. (¬4) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 444، وابن أبي شيبة 7/ 207 (35333) والطبري 12/ 683 (37904).

أحدهم بجفنة، ويراح عليه بجفنة، ويغدو في حلة، ويروح في حلة، ويسرون بيوتهم كما تستر الكعبة، ويفشو فيهم السمن" (¬1). عن عمران بن حصين، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "خَيْرُ أُمَّتِي القَرْنُ الذِي بُعِثْتُ فِيهِمْ ثُمَّ الذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَنْشَأُ قَوْم يَشْهَدُونَ ولا يُسْتَشْهَدُونَ، ويحلفون ولا يستحلفون، ويَخُونُونَ ولا يُؤْتَمَنُونَ، ويَفْشُو فِيهِمْ السِّمَنُ" (¬2). عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يقول اللَّه تبارك وتعالى يوم القيامة: ابن آدم! ألم أحملك على الإبل والخيل، وأزوجك النساء، وجعلتك تربع وترأس! فيقول: فأنى شكر ذلك" (¬3). "الورع" (635 - 639) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو سعيد، حدثنا سليمان -يعني: ابن بلال- عن عمرو بن أبي عمرو، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إِنَّ اللَّهَ عز وجل ليَحْمِي عبْدَهُ المُؤْمن مِن الدُّنْيا وهُوَ يَحْمِيهِ كَما تَحْمُونَ مَرِيضَكُمْ مِنْ الطَّعامِ والشَّرابِ تَخافُونَهُ عَلَيْهِ" (¬4). ¬

_ (¬1) رواه أبو يعلى 1/ 513 (6635). قال الهيثمي في "المجمع" 7/ 142 رواه أبو يعلى وفيه أشعث بن براز ولم أعرفه. قلت: نقل الحافظ "لسان الميزان" 1/ 752 عن البخاري أنه منكر الحديث، وعن النسائي متروك الحديث. ا. هـ. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 4926، والبخاري (2561)، ومسلم (2535). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 492، ومسلم (2968/ 16). (¬4) رواه الإمام أحمد 5/ 427، والترمذي (2036) من حديث محمود بن لبيد ورواه الترمذي (2036) من حديث محمود بن لبيد عن قتادة بن النعمان قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (1659)

وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة قال: سمعت قتادة، يحدث، عن مطرف، عن أبيه قال: انتهيت إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يقول: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1] قال: "يَقولُ ابن آدَمَ: مالِي مالِي ومالَكَ مِنْ مالِكَ إِلّا ما أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ" (¬1). وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد اللَّه بن يزيد، حدثنا حيوة، أخبرني أبو هانئ أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يقول: إنه سمع عبد اللَّه بن عمرو، وسأله رجل فقال: ألسنا من فقراء المهاجرين؟ فقال له عبد اللَّه: ألك امرأة تأوي إليها؟ قال: نعم. قال: ألك مسكن تسكنه؟ قال: نعم. قال: فلست من فقراء المهاجرين. "الزهد" ص 17 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا حريث بن السائب قال: سمعت الحسن يقول: حدثني حمران بن أبان، عن عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كُلّ شَيْءٍ سِوى ظِلِّ بَيْتٍ، وجِلْفِ الخُبْزِ، وثَوْب يوارِي عَوْرَتَة، والْماءِ، فَما فَضَلَ عَنْ هذا فَلَيْسَ لِابْنِ آدَمَ فِيهِ حَقٌّ" (¬2). "الزهد" ص 29 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 24، ومسلم (2958). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 62، والترمذي (2341) قال الترمذي: حديث صحيح. وصححه أيضًا الحاكم 4/ 312، والضياء في "المختارة" 1/ 456 (331) لكن قال الإمام أحمد كما في "المنتخب من العلل" لابن قدامة ص 42 عندما سئل عن حريث بن السائب: ما كان به بأس، إلا أنه روى حديثًا منكرًا عن عثمان عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وليس هو عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عفان، حدثنا يزيد بن إبراهيم، أنبأنا يوسف ابن أخت ابن سيرين، عن أبي قلابة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في قوله عز وجل: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8] قال: "ناس من أمتي يعقدون السمن والعسل بالنقي فيأكَلونه" (¬1). "الزهد" ص 39 - 40 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا عطاء بن السائب، عن عامر قال: أكل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكر وعمر رضوان اللَّه عليهما لحما، وخبز شعيرٍ ورطبًا وماءً باردًا، فقال: "هذا وربكما لمن النعيم" (¬2). "الزهد" ص 41 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو سعيد، حدثنا أبو عوانة، حدثنا عمر -يعني: ابن أبي سلمة- عن أبيه سمعه منه يقول: انطلق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في نفر من أصحابه إلى أبي الهيثم بن التيهان -وهو مالك بن التيهان- فدخل على امرأته فقال: "أين أبو الهيثم" قالت: ذهب يستعذب لنا. فبينما هم كذلك إذ جاء، فقال لامرأته: ويحك، ما صنعت لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئًا؟ قالت: لا. قال: قومي. فعمدت إلى شعير لها، فطحنته، وقام إلى غنم له، فذبح لهم شاة، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ¬

_ = وقال ابن الجوزي في "العلل" 2/ 314: هذا حديث لا يصح عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (1063). (¬1) رواه ابن أبي الدنيا في "إصلاح المال" (362)، وعزاه الشوكاني في "فتح القدير" 5/ 697 إلى أحمد في "الزهد" وابن مردويه. وقال: وهذا مرسل. (¬2) لم أقف عليه مرسلًا، لكن روى مسلم (2038) من حديث أبي هريرة نحوه.

"لا تَذْبحن ذاتَ در" فطبخ لهم، وقدمه بين أيديهم، فأكلوا، ثم تناول شنًّا أو دلوًا فشرب ومن معه، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لتُسألنّ عن هذِه الشربة" (¬1). "الزهد" ص 42 قال عبد اللَّه: أخبرنا أبي، أخبرنا هاشم، أخبرنا صالح، عن أبي عمران الجوني، عن أبي الجلد قال: قال موسى: إلهي، كيف أشكرك وأصغر نعمة وضعتها عندي من نعمك لا يجازي بها عملي كله؟ قال: فأوحى اللَّه إليه أن يا موسى، الآن شكرتني. "الزهد" ص 85 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن شمر بن عطية، عن مغيرة بن سعد بن الأخرم، عن أبيه، عن عبد اللَّه قال: واللَّه الذي لا إله غيره ما يضر عبدًا يصبح على الإسلام ويمسي عليه ما أصابه من الدنيا. "الزهد" ص 199 قال أبو داود: نا أحمد بن حنبل قال: نا أبو المغيرة قال: نا صفوان، عن شريح بن عبيد، أن أبا الدرداء قال: كم من نعمة للَّه في عرق ساكن. "الزهد" لأبي داود (244) ¬

_ (¬1) رواه هكذا مرسلًا: البيهقي في "الشعب" 4/ 146 (4606) من طريق سعيد بن منصور، عن هشيم، عن عمر، عن أبيه أبي سلمة بن عبد الرحمن بنحوه وفيه أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- التقى بأبي بكر وعمر، وفي آخره زيادة، ورواه موصولا عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، الطبرى في "تفسيره" 12/ 681 (37893، 37894) ورواه ابن عبد البر 24/ 343: من طريق عبد الملك بن عمير عنه وقال: وقد روى هذا الحديث عن أبي بكر وعمر وأبي الهيثم بن التيهان وأم سلمة بأسانيد صالحة ومعان متقاربة.

قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي: حدثنا أبو معاوية الغلابي، حدثنا سعيد بن عامر قال: قدم الجريري من سفر، فأتاه إخوانه يسلمون عليه، فجعل يخبرهم بما أبلاه اللَّه في سفره مما يحب، وصرف عنه مما يكره، وتكلم في ذلك وأحسن وأبلغ، وقال: إنه كان يقال: إن من الشكر تعداد النعم. "الزهد" ص 440 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا بكير بن عتيق قال: أتيت سعيد بن جبير بقدح فيه شربة عسل فشربه، ثم قال: واللَّه لا تسكن عني هذِه. قلت: لمه؟ قال: إني شربته واستلذذت به. "الزهد" ص 444 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية الغلابي قال: قال إبراهيم بن أدهم: لا تجعلن بينك وبين اللَّه منعمًا، واعدُد النعم منهم عليك مغرمًا. "الزهد" ص 456 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حسين، حدثنا المبارك، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثلاثٌ ليس على ابنِ آدم فيها حساب: ثوبٌ يواري به عورته، وطعامٌ يقيم صلبه، وبيت يسكنه، فما كان فوق ذلك فعليه فيه حساب" (¬1). "الزهد" ص 473 ¬

_ (¬1) رواه علي بن الجعد في "مسنده" (3208).

240 - باب ما جاء في الخوف والرجاء

240 - باب ما جاء في الخوف والرجاء قال ابن هانئ: وقال لي أبو عبد اللَّه: ينبغي للمؤمن أن يكون رجاؤه وخوفه واحدًا. "مسائل ابن هانئ" (1972) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: سمعت ابن السماك -وكان رجلًا صالحًا، وكان من أفاضل من أدركنا من المذكرين- يقول: كتب إليّ رجل: إن الرجاء حبل في القلب، قيد في الرجل، فاحلل الحبل من قلبك ينحل القيد من رجلك. "مسائل ابن هانئ" (1975) وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي قال: سمعت محمد بن السماك يقول: كتبت إلى صديق لي: أن الرجاء حبل في قلبك، قيد في رجلك، فأخرج الرجاء من قلبك تحل القيد من رجلك. "العلل" رواية عبد اللَّه (783) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، أخبرني عمر بن عبد الرحمن قال: سمعت وهب بن منبه يقول: قال داود عليه السلام: رب، لا صبر لي على حر شمسك، فكيف صبري على حر نارك؟ رب، لا صبر لي على صوت رحمتك -يعني: الرعد- فكيف صبري على صوت عذابك؟ "الزهد" ص 90 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، ومحمد بن جعفر، حدثنا عوف، عن خالد -قال محمد: خالد بن ثابت الربعي- قال: وجدت فاتحة الزبور الذي يقال له: زبور داودعليه السلام: إن رأس الحكمة خشية الرب عز وجل. "الزهد" ص 92

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا المسعودي، عن عون قال: قال لقمان لابنه: يا بني، إن المؤمن لذو قلبين: قلب يرجو به، وقلب يخاف به. "الزهد" ص 130 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هشام بن عبد الملك، حدثنا أبو عوانة، عن الأسود بن ميسرة، عن زحر بن ربيعة قال: قال عبد اللَّه: والذي نفس عبد اللَّه بيده، ما في الأرض من نفس تعلم جنب عذاب اللَّه كيف شدته ترقى عين تلك النفس -التي قد علمت- حتى تعلم أصابها عذاب اللَّه أو نجت منه، وما في الأرض نفس تعلم جنب رحمة اللَّه كيف سعتها إلا استبشرت ورجت أن تصيبها الرحمة. "الزهد" ص 203 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا إسماعيل، عن سعيد الجريري، عن غنيم بن قيس قال: قال أبو موسى: مثل هذا القليب مثل ريشة بفلاة تقلبها الرياح ظهرها لبطنها. "الزهد" ص 248 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن حماد، عن ثابت، عن مطرف قال: لو وزن رجاء المؤمن وخوفه ما رَجَح أحدهما صاحبه. "الزهد" ص 293 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا شجاع بن الوليد، حدثنا سفيان بن سعيد، عن الحسن قال: إن المؤمن لا يصبح إلا خائفا، ولا يصلحه إلا ذاك؛ لأنه بين ذنبين: ذنب مضى لا يدري كيف يصنع اللَّه فيه، وآجل -أو قال: آخر- لا يدري ما كتب عليه فيه. "الزهد" ص 340

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عبد اللَّه، حدثنا سفيان، عن رجل، عن الحسن قال: إنَّ المؤمن أحسن الظن فأحسن العمل، وإنَّ المنافق أساء الظن فأساء العمل، وقال: ما بسط اللَّه الدنيا لأحد إلا اغتر، ولا زويت عنه إلا نظر. "الزهد" ص 348 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا مسعر، عن علي بن الأقمر، عن أبي الأحوص قال: إن كان الرجل ليطرق الفسطاط طروقًا يسمع لأهله دويًا كدوي النحل، ما بال هؤلاء يأمنون، ما كان أولئك يخافون؟ ! "الزهد" ص 418 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حسين بن علي الجعفي، عن فضيل ابن عياض قال: مر سعيد بن جبير بوهب بن منبه، قال لصاحبه: لو دخلنا عليه. قال: فدخل عليه فشكا إليه من الشدة ما لقي من الحجاج ومن تطريده إياه، قال: فقال وهب بن منبه: إن أولياء اللَّه إذا سُلِك بهم طريق الشدة رجوا، وإن سُلِك بهم طريق الرخاء خافوا. "الزهد" ص 447 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو نعيم، حدثنا إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم، عن الحارث بن قيس الجعفي قال: إذا كان لأحدكم حاجة من أمر الدنيا فعليه بالتوبة، فإذا كان لأحدكم حاجة من أمر الآخرة فعليه بالرجاء. "الزهد" ص 455 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حسين، حدثنا ابن سليمان النميري،

عن محمد بن مطرف، عن أبي حازم، عن سعيد بن المسيب قال: ما سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صوت السماء إلا رؤي ذلك في وجهه، حتى إذا أمطرت فرج عنه، فقيل له: ما هذا الذي نرى في وجهك يا رسول اللَّه؟ قال: "إني لا أدري أمرت برحمة أو لعذاب" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حسين بن محمد، حدثنا فضيل بن سليمان، عن محمد بن مطرف، حدثني الثقة أن شابًّا من الأنصار دخل خوف النار قلبه فجلس في البيت، فأتاه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في البيت فقام إليه فاعتنقه وشهق شهقة خرجت نفسه، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "جهزوا صاحبكم فلذ خوف النار كبده" (¬2). "الزهد" ص 474 ¬

_ (¬1) لم أجده، وروى النسائي في "الكبرى" 6/ 227 (10752) من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا رأى المطر قال: "اللهم اجعله صيب رحمة. . " وروى البخاري (1032) من حديث عائشة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا رأى المطر قال: "صيبًا نافعًا" وروى الإمام أحمد 6/ 137 من حديث عائشة: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا رأى ناشئًا احمر وجهه، فإذا مطرت قال: "أللهم صيبًا هنيئًا". ورواه أيضًا أبو داود (5099)، وابن ماجه (3889) بنحوه. (¬2) رواه ابن المبارك في "الزهد" برواية نعيم بن حماد ص 92 (320) عن محمد بن مطرف به. ورواه الحاكم 2/ 494 ومن طريقه البيهقي في "الشعب" 1/ 530 (936) من طريق ابن المبارك عن محمد بن مطرف، عن أبي حازم قال: أظنه عن سهل بن سعد. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بأن فيه محمد بن إسحاق بن حمزة وأبوه، لا يدرى من هما، والخبر شبه موضوع أ. هـ وضعفه الألباني في "الضعيفة" (5300).

241 - ما جاء في البكاء من خشية الله

241 - ما جاء في البكاء من خشية اللَّه قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثنا رباح بن يزيد، حدثني أبو الجراح، عن رجل من أصحابهم يقال له خازم أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نزل عليه جبريل عليه السلام وعنده رجل يبكي، فقال: "من هذا؟ قال: فلان، قال جبريل: إنا نزن أعمال بني آدم كلها إلا البكاء؛ فإن اللَّه عز وجل يطفئ بالدمعة بحورًا من نار جهنم". "الزهد" ص 35 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا غسان بن الربيع، حدثنا عامر بن يساف، عن مالك بن دينار قال: دخل بنو إسرائيل مسجدًا لهم يوم عيد، فقام فتى شاب على باب المسجد من خارج، فجعل يبكي، ويرفع صوته بالبكاء ويذري على نفسه، ويقول: ليس مثلي يدخل معكم؛ أنا صاحب كذا، أنا صاحب كذا. فأصبح مكتوبًا على لسان نبي من أنبيائهم: إن فلانًا من الصديقين، لذلك الفتى. "الزهد" ص 125 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا مسعر، عن أبي عون الثقفي، عن عرفجة السلمي قال: قال أبو بكر -رضي اللَّه عنه-: ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا. "الزهد" ص 135 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا مسعر والمسعودي، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن عيسى بن طلحة، عن أبي هريرة قال: لن يلج النار من بكى من خشية اللَّه عز وجل حتى يعود اللبن

في الضرع (¬1). "الزهد" ص 222 - 223 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا إسحاق بن عثمان أبو يعقوب، حدثنا أبو أيوب قال: كان رجل يقص في هذا المسجد يقال له: الأسود بن سريع، فسمع أبو موسى أصواتهم، فقام ليأتيهم فانقطع شسعه، فاسترجع فقال: ما انقطع شسعي إلا بذنب. فأعطاه رجل شسعا فقال: حملك اللَّه ووصلك كما حملت أخاك. فأتاهم فقال: أبكوا، فإن أهل النار يبكون ولا يرحم بكاؤهم، فابكوا اليوم فإن بكاءكم اليوم يرحم. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا عوف، عن قسامة بن زهير قال: خطبنا أبو موسى بالبصرة فقال: يا أيها الناس ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا؛ فإن أهل النار يبكون الدموع حتى تنقطع، ثم يبكون الدماء حتى لو أرسلت فيها السفن لجرت. "الزهد" ص 246 - 247 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، حدثنا الحجاج بن الأسود، عن معاوية بن قرة قال: من يدلني على رجل بكاء بالليل بسام بالنهار. "الزهد" ص 352 - 396 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني عمر بن أيوب، حدثنا مغيرة -يعني: ابن زياد، عن مكحول قال: عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية اللَّه، وعين باتت من وراء المسلمين. "الزهد" ص 463 ¬

_ (¬1) روي أيضًا مرفوعًا، فرواه الإمام أحمد 2/ 505، والترمذي (1633)، والنسائي 6/ 12 من طريق المسعودي به مرفوعًا. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

242 - ما جاء في الإشفاق

242 - ما جاء في الإشفاق قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا إسماعيل بن صالح بن رستم، عن حميد بن هلال قال: قال مطرف بن الشخير: تعجبون أنتم ممن هلك، وأعجب أنا ممن نجا، إن ابن آدم أول زكمة خلق منها من ضعف، وجعلت الدنيا شهوات، وأحضرت الأنفس الشح، وابتلي بالسراء والضراء، فإن كانت سراء كان بلاء، وإن كان ضراء كانت بلاء، ويوكل به عدو يراه من حيث لا يراه، قال: ثم يقبل على القوم فيقول: واللَّه لو أن أحدكم طلب صيدا فجعل يراه من حيث لا يراه لأوشك أن يظفر به. وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن عبيد بن عمير قال: ما المجتهد الآن إلا كاللاعب فيما مضى. "الزهد" ص 454

باب الزهد والفقر

باب الزهد والفقر 243 - فضيلة الزهد قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا الهيثم بن جميل، حدثنا محمد، عن إبراهيم بن ميسرة، عن عمرو بن شعيب، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلاح أول هذِه الأمة بالزهد واليقين، ويهلك آخرها بالبخل والأمل" (¬1). "الزهد" ص 17 244 - حقيقة الزهد قال عبد اللَّه: حدثنا أبى، حدثنا زيد بن يحيى الدمشقي، حدثنا خالد بن صبيح، حدثنا يونس بن حلبس قال: قال أبو مسلم الخولاني: ليس الزهادة في الدنيا بتحريم الحلال، ولا إضاعة المال، إنما الزهادة في الدنيا أن تكون بما في يدي اللَّه أوثق مما في يديك، وإذا أصبت بمصيبة كنت أشد رجاء لأجرها وذخرها من أنها لو بقيت لك. "الزهد" ص 25 قال أبو طالب: سُئل أحمد -وأنا شاهد: ما الزهد في الدنيا؟ قال: قصر الأمل والإياس مما في أيدي الناس. ¬

_ (¬1) رواه الطبراني في "الأوسط" 7/ 332 (7650)، والبيهقي في "الشعب" 7/ 345 (10526). قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 286: رواه الطبراني في "الأوسط" ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم. وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (3845).

245 - لا عيش إلا عيش الآخرة

وقال القاضي أبو يعلى: وذكر أبو القاسم القشيري في كتاب "الرسالة إلى الصوفية": وقال أحمد بن حنبل: الزهد على ثلاثة أوجه: ترك الحرام وهو زهد العوام، والثاني: ترك الفضول من الحلال، وهو زهد الخواص، والثالث: ترك ما يشغل العبد عن اللَّه عز وجل، وهو زهد العارفين (¬1). "الآداب الشرعية" 2/ 230 - 231 245 - لا عيش إلا عيش الآخرة قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكِيعٌ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قال: قال رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نِعْمَتانِ مَغْبُونٌ فِيهِما كَثِيرٌ مِنْ النّاسِ الفَراغُ، والصِّحَّةُ" (¬2). وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، ووكيع -المعنى واحد- قالا: حدثنا الأعمش، عن المسيب بن رافع قال: قال: إني لأبغض الرجل أن أراه فارغًا، ليس في شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة. "الزهد" ص 199 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو عبيدة الحداد، عن المغيرة بن سلم، عن سعيد بن مسروق قال: قدمت الدهاقين الكوفة على عهد ابن مسعود، فجعلوا يتعجبون من صحتهم وحسن ألوانهم، فقال ابن مسعود: وما تعجبون؟ ! تلقون المؤمن أصح شيء قلبًا وأمرض شيء ¬

_ (¬1) انظر تعليق ابن القيم في "مدارج السالكين" 2/ 12، وفيه دلالة على أن الإمام أحمد في هذا العلم بالمحل الأعلى، كما شهد له الشافعي بالإمامة في الزهد. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 344، ورواه البخاري (6412) عن مكي بن إبراهيم، عن عبد اللَّه بن سعيد بن أبي هند به.

جسمًا، وتلقون الفاجر والمنافق أصح شيء جسمًا وأمرضه قلبًا، واللَّه لو صحت أجسامكم ومرضت قلوبكم لكنتم أهون على اللَّه من الجعلان. "الزهد" ص 203 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا ثابت، عن مطرف بن عبد اللَّه كان يقول: أفسد الموت على أهل النعيم نعيمهم، فاطلبوا نعيمًا لا موت فيه، قال: واللَّه لئن كان مجلسنا هذا فيما سبق لنا من اللَّه في الكتاب السابق لنعم ما سبق لنا، ولئن كان اللَّه أعطاناه فيما قسم لنا لنعم ما قسم لنا. "الزهد" ص 292 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هاشم، حدثنا أبو سعيد، عن القاسم قال: قال الحسن: لو لم يكن لنا ذنوب نخاف على أنفسنا منها إلا حبنا الدنيا لخشينا على أنفسنا منها، إن اللَّه عز وجل يقول: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 67] أريدوا ما أراد اللَّه عز وجل. وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم، حدثنا ابن المبارك، عن الحسن قال: إذا رأيت الناس يتنافسون في الدنيا فنافسهم في الآخرة؛ فإنها تذهب دنياهم وتبقى الآخرة. "الزهد" ص 345 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هارون، حدثنا ضمرة، عن ابن شوذب، قال: سمعت فرقدًا يقول: إنكم لبستم ثياب الفراغ قبل العمل، ألم تروا إلى العامل إذا عمل كيف يلبس أدنى ثيابه، فإذا فرغ اغتسل ولبس ثوبين نقيين، وأنتم لبستم ثياب الفراغ قبل العمل. "الزهد" ص 396

246 - لا تنال الآخرة إلا بالزهادة في الدنيا

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، سمعت الوليد بن مسلم يقول: سمعت الأوزاعي يقول: سمعت بلال بن سعد يقول: واللَّه لكفى به ذنبا أن اللَّه عز وجل يزهدنا في الدنيا، ونحن نرغب فيها؛ فزاهدكم راغب، وعالمكم جاهل، وعابدكم مقصر. "الزهد" ص 461 246 - لا تنال الآخرة إلا بالزهادة في الدنيا قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا الهيثم بن جميل، حدثنا محمد -يعني: ابن مسلم، عن إبراهيم -يعني: ابن ميسرة، عن طاوس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الزهد في الدنيا يريح القلب والبدن، وإن الرغبة في الدنيا تطيل الهم والحزن" (¬1). "الزهد" ص 16 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، حدثنا عوف، عن الحسن قال: بلغثي أن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن العبد إن كان همه الآخرة كف اللَّه عليه ضيعته، وجعل غناه في قلبه، وإن كان همه الدنيا أفشى اللَّه عليه ضيعته، وجعل فقره بين عينيه؛ فلا يمسي إلا فقيرًا، ولا يصبح إلا فقيرًا" (¬2). "الزهد" ص 43 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي الدنيا في "ذم الدنيا" (131)، والبيهقي في "الشعب" 7/ 347 (10536) من طريق عن الهيثم بن خالد عن الهيثم بن جميل به. قا الألباني في "ضعيف الجامع" (3195): ضعيف جدًّا. وانظر "الضعيفة" (1291). (¬2) عزاه السيوطي للإمام أحمد، وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (1499).

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا شعبة، حدثني عمر بن سليمان -من ولد عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-. عن عبد الرحمن بن أبان ابن عثمان، عن أبيه أن زيد بن ثابت خرج من عند مروان نحوًا من نصف النهار فقلنا: ما بعث إليه هذِه الساعة إلا لشيء سأله عنه، فقمت إليه فسألته فقال: أجل سألنا عن أشياء سمعتها من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "نضر اللَّه امرأ سَمِعَ مِنّا حديثًا فحفظه حتى يبلغه غيره، فإنه رُبَّ حامل فقهٍ ليس بفقيه، وربَّ حامل فقه إلى مَنْ هو أفقه منه. ثلاث خصال لا يغل عليهنَّ قلبُ مسلمٍ أبدًا: إخلاصُ العملِ للَّه عز وجل، ومُناصحَةُ ولاةِ الأمرِ، ولزومُ الجَماعَةِ، فإنَّ دعوتَهم تحيط من ورائهم" وقال: "مَنْ كانَ هَمُّهُ الآخِرَةَ جَمَعَ اللَّهُ شَمْلَهُ، وجَعَلَ غِنْاهُ فِي قَلْبِهِ، وأَتَتْهُ الدُّنْيا وهِيَ راغِمَةٌ، ومَنْ كانتْ همته ونِيَّتُهُ للدُّنْيا فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، ولَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيا إِلّا ما كُتِبَ لَهُ" وسَأَلَنا عَنْ الصَّلاةِ الوُسْطَى، وهِيَ الظُّهْرُ (¬1). "الزهد" ص 42 - 43 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 183، وابن ماجه (4105)، وابن أبي عاصم في "الزهد" (163)، والدارمي 1/ 302 - 303، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" 1/ 175 من طرق عن شعبة به. ورواه الطبراني في "الأوسط" 7/ 201 - 202 (7271) من طريق محمد بن عجلان، عن أبيه، عن زيد بن ثابت به. قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 246: روى ابن ماجه بعضه، رواه الطبراني في "الأوسط" وقال الحافظ في "موافقة الخبر الخبر" 1/ 368: هذا حديث صحيح. وقال البوصيري في "زوائده" (1381): قلت: له شاهد من حديث أبي هريرة رواه الترمذي وابن ماجه، وإسناد حديث زيد صحيح، رجال ثقات أهـ. وصححه الألباني في "الصحيحة" (404)

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن الزبير، حدثنا عمران -يعني ابن زائدة بن نشيط- عن أبيه، عن أبي خالد -يعني: الوالبي- عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قال اللَّه عز وجل: ابن آدم، تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى، وأسد فقرك، وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا، ولم أسد فقرك" (¬1). "الزهد" ص 46 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هاشم، حدثنا صالح، عن أبي عمران الجوني، عن أبي الجلد أن عيسى ابن مريم عليه السلام قال للحواريين: الحق أقول لكم: ما الدنيا تريدون ولا الآخرة. قالوا: يا رسول اللَّه، فسر لنا هذا الأمر، فإنا قد كنا نرى أنا نريد إحداهما! قال: لو أردتم الدنيا لأطعتم رب الدنيا الذي مفاتيح خزائنها بيده فأعطاكم، ولو أردتم الآخرة أطعتم رب الآخرة الذي يملكها فأعطاكموها، ولكن لا هذِه تريدون ولا تلك. "الزهد" ص 73 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أخبرنا غوث بن جابر قال: سمعت محمد بن داود، عن أبيه، عن وهب قال: قال الحواريون: يا عيسى، من أولياء اللَّه عز وجل الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؟ قال عيسى ابن مريم: الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها، والذين نظروا إلى آجل الدنيا حين نظر الناس إلى عاجلها، فأماتوا منها ما يخشون أن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 358، والترمذي (2466)، وابن ماجه (4107) قال الترمذي: حسن غريب. وصححه ابن حبان 2/ 119 (393)، والحاكم 2/ 423، وكذا الألباني في "الصحيحة" (1359).

يميتهم، وتركوا ما علموا أن سيتركهم؛ فصار استكثارهم منها استقلالًا، وذكرهم إياها فواتًا، وفرحهم بما أصابوا منها حزنًا؛ فما عارضهم من نائلها رفضوه، وما عارضهم من رفعتها بغير الحق وضعوه، وخلقت الدنيا عندهم، فليسوا يجددونها، وخربت بينهم فليسوا يعمرونها، وماتت في صدورهم فليسوا يحيونها، يهدمونها فيبنون بها آخرتهم، ويبيعونها فيشترون بها ما يبقى لهم، ورفضوها فكانوا فيها هم الفرحين، ونظروا إلى أهلها صرعى قد خلت فيهم المثلات، وأحيوا ذكر الموت، وأماتوا ذكر الحياة، يحبون اللَّه، ويحبون ذكره، ويستضيئون بنوره، ويضيئون به، لهم خبر عجيب، وعندهم الخبر العجيب، بهم قام الكتاب، وبه قاموا، وبهم نطق الكتاب، وبه نطقوا، وبهم علم الكتاب، وبه علموا، وليسوا يرون نائلًا مع ما نالوا، ولا أمانًا دون ما يرجون، ولا خوفًا دون ما يحذرون. "الزهد" ص 78 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أخبرنا محمد بن عبد اللَّه بن الزبير، عن سفيان، عن أبي سنان قال: يقول اللَّه عز وجل: يا دنيا، مري على المؤمن فيصبر عليك، ولا تحلولي له فتفتنيه، ابن آدم، تفرغ لعبادتي أملأ قلبك غنى، وأسد فاقتك، وإلا تفعل ملأته شغلًا، ولم أسد فاقتك. "الزهد" ص 123 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال أبو الدرداء: كنت تاجرًا في الجاهلية فلما جاء الإسلام أخذت التجارة والعبادة، فلم يجتمعا لي، فأقبلت على العبادة وتركت التجارة. "الزهد" ص 172

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا محمد بن عمرو، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: قال أبو واقد الليثي: تابعنا الأعمال فلم نجد شيئًا أبلغ في طلب الآخرة من زهادة في الدنيا. "الزهد" ص 249 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان قال: كتب عمر رحمه اللَّه إلى أبى موسى: إنك لم تنل عمل الآخرة بشيء أفضل من الزهد في الدنيا، وإياك ومذاق الأخلاق ودناءتها. "الزهد" ص 252 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا مالك بن مغول قال: قال الحسن رحمه اللَّه: غدا كل امرئ فيما يهمه، ومن هم بشيء أكثر من ذكره، إنه لا عاجلة لمن لا آخرة له، ومن آثر دنياه على آخرته فلا دنيا له ولا آخرة، ومن أحسن القول وأساء الفعل كان [. . .] (¬1). "الزهد" ص 317 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا شجاع بن الوليد، حدثنا يزيد بن توبة، عن الحسن قال: من عرف ربه تبارك وتعالى أحبه، ومن أبصر الدنيا زهد فيها، والمؤمن لا يلهو حتى يغفل، وإذا فكر حزن. "الزهد" ص 340 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا موسى بن هلال، حدثنا هشام، صاحب الدستوائي، عن رجل، عن الحسن قال: أتاه رجل فسأله عن مسألة، فأفتاه الحسن، قال: فقال الرجل: يا أبا سعيد، من الفقيه؟ قال: الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة، البصير بدينه، المجتهد في العبادة، هذا الفقيه. ¬

_ (¬1) في هامش "الزهد": بياض بالأصل.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا الحسن بن موسى قال: سمعت أبا عبيد عبد المؤمن بن عبيد اللَّه، عن الحسن: ربَّ دائب مطيع يملخ في الباطل (¬1) يدأب لغير ما خلق له، وربَّ مغرور له أصحاب سوء. "الزهد" ص 341 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر قال: سمعت مالكا يقول: بقدر ما تحزن للدنيا كذلك يخرج هم الآخرة من قلبك، وبقدر ما تحزن للآخرة كذلك يخرج هم الدنيا من قلبك. "الزهد" ص 387 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا خالد بن حيان أبو يزيد، حدثنا جعفر قالْ بلغني عن وهب بن منبه قال: أعون الأخلاق على الدين الزهادة في الدنيا، وأوشكها ردًّا اتباع الهوى، ومن اتباع الهوى الرغبة في الدنيا، ومِنَ الرغبة في الدنيا حب المال والشرف، ومِنْ حب المال والشرف استحلال المحارم بغضب اللَّه عز وجل، وغضب اللَّه الذى الذي لا دواء له إلا رضوان اللَّه عز وجل، ورضوان اللَّه لا يضر معه داء، فمن يرد أن يرضي ربه يسخط نفسه، ومن لا يسخط نفسه لا يرضي ربه، وإن كان الإنسان كلما كره من دينه شيئًا تركه أوشك ألا يبقى معه من دينه شيء. الزهد" ص 445 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن فضل قال: سمعت ابن شبرمة يتمثل بهذا البيت: حتى متى أنت في دنياك مشتغل ... وعامل اللَّه عن دنياه مشغول "الزهد" ص 463 ¬

_ (¬1) أي يتلهى بالباطل ويلج فيه.

247 - كن في الدنيا كأنك غريب

قال عبد اللَّه: حدثني أبي: سمعت سفيان يقول: ما ازداد رجل علمًا فازداد من الدنيا قربًا إلا ازداد من اللَّه بُعدًا. "الآداب الشرعية" 2/ 232 247 - كن في الدنيا كأنك غريب قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا المسعودي، عن عمرو بن مرة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما لِي وللدُّنْيا؟ إِنَّما مَثَلِي ومَثَلُ الدُّنْيا كَمَثَلِ راكِبٍ قال فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ فِي يَوْمٍ صائِفٍ، ثُمَّ راحَ وتَرَكَها" (¬1). "الزهد" ص (13). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: أخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بثوبي أو ببعض جسدي فقال: "يا عَبْدَ اللَّهِ، كُنْ فِي الدُّنْيا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ كَأَنَّكَ عابِرُ سَبِيلٍ، وعُدَّ نَفْسَكَ مِنْ أَهْلِ القُبُورِ" (¬2). قال مجاهد: وقال لي عبد اللَّه: يا مجاهد، إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح، وخذ من ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 441، وابن أبي شيبة 7/ 97 (34292)، وأبو يعلى 8/ 416 (4998) من طريق وكيع بهذا الإسناد. ورواه الترمذي (2377) من طريق زيد بن حباب، وابن ماجه (4109) من طريق أبي داود الطيالسي -قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الحاكم 4/ 310، وصححه الألباني في "الصحيحة" (438). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 41، والترمذي (2333)، وابن ماجه (4114). ورواه البخاري (6416) دون قوله: "وعُدَّ نفسك من أهل القبور".

حياتك قبل موتك، ومن صحتك قبل سقمك؛ فإنك لا تدري يا عبد اللَّه ما اسمك غدا (¬1)؟ "الزهد" ص 15 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن إسحاق، أخبرني سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول قال: قال عيسى ابن مريم: يا معشر الحواريين، أيكم يستطيع أن يبني على موج البحر دارًا؟ قالوا: يا روح اللَّه، ومن يقدر على ذلك؟ قال: إياكم والدنيا فلا تتخذوها قرارًا. "الزهد" ص 76 قال عبد اللَّه: أخبرنا أبي، حدثنا هيثم بن خارجة، أنبأنا ابن علاق، عن زرعة، عن إبراهيم قال: كان عيسى ابن مريم عليه السلام: لحق أقول لكم: كما لا يستطيع أحدكم أن يبني على موج البحر دارا؛ كذلكم الدنيا لا تتخذوها قرارًا. "الزهد" ص 118 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا عبد اللَّه -يعني: ابن جعفر- عن إسماعيل بن محمد أن أبا بكر -رضي اللَّه عنه- قسم قسما سوى فيه بين الناس، فقال له عمر -رضي اللَّه عنه-: يا خليفة رسول اللَّه، تسوي بين أصحاب [بدر] (¬2) وسواهم من الناس؟ فقال أبو بكر: إنما الدنيا بلاغ، وخير البلاغ أوسطه، وإنما فضلهم في أجورهم. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا موسى بن هلال، حدثنا هشام بن ¬

_ (¬1) وأما قول مجاهد هذا فعند الترمذي (2333)، وابن أبي شيبة 7/ 97 (34293)، والبيهقي 3/ 516. (¬2) من "كنز العمال" 3/ 714 (8543).

حسان، عن الحسن قال: دخل سلمان على أبي بكر، وهو يكيد بنفسه، فقال: يا خليفة رسول اللَّه أوصني، فقال له أبو بكر: إن اللَّه عز وجل فاتح عليكم الدنيا، فلا تأخذوا منها إلا بلاغكم، وإن من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة اللَّه عز وجل، فلا تخفرن اللَّه عز وجل في ذمته؛ فيكبك في النار على وجهك. "الزهد" ص 137 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو عبيدة، حدثنا قرة بن خالد، عن الضحاك قال: قال ابن مسعود: ما أحد أصبح في الدنيا إلا وهو ضيف، وما له عارية، والضيف مرتحل، والعارية مردودة. "الزهد" ص 204 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو كعب عبد ربه، صاحب الجريري قال: سمعت الحسن يقول: إن المؤمن في الدنيا غريب، لا يجزع من ذلها، ولا ينافس أهلها في عزها، الناس منه في راحة ونفسه منه في شغل، فطوبى لعبد كسب طيبًا، وقدم الفضل ليوم فقره وفاقته، وجَّهوا هذا الفضل حيث وجَّهه اللَّه، ولا تلقوها ههنا فيما يضركم. "الزهد" ص 333 - 334 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا الوليد قال: قال عبد الرحمن بن يزيد بن تميم: سمعت بلال بن سعد يقول: يا أهل الخلود ويا أهل البقاء، إنكم لم تخلقوا للفناء، وإنما تنتقلون من دار إلى دار، كما نقلتم من الأصلاب إلى الأرحام، ومن الأرحام إلى الدنيا، ومن الدنيا إلى القبور، ومن القبور إلى الموقف، ومن الموقف إلى الخلود. "الزهد" ص 461

248 - طول الأمل

248 - طول الأمل قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى، حدثنا سفيان، عن معاوية بن إسحاق، عن سعيد بن جبير قال: ما كان آدم عليه السلام في الجنة إلا مقدار ما بين الظهر والعصر. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا هشام بن حسان، عن الحسن قال: كان آدم عليه السلام قبل أن يصيب الخطيئة أجله بين عينيه، وأمله خلف ظهره، فلما أصاب الخطيئة فحول، فجعل أمله بين عينيه، وأجله خلف ظهره. "الزهد" ص 62 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع قال: قال ابن أبي خالد، عن زبيدة قال: قال علي عليه السلام، وقال وكيع: وحدثنا يزيد بن زياد بن أبي الجعد، عن مهاجر العامري، عن علي عليه السلام قال: إن أخوف ما أخاف عليكم اثنتين: طول الأمل واتباع الهوى، فأما طول الأمل فينسي الآخرة، وأما إتباع الهوى فيصد عن الحق، ألا وإن الدنيا قد ولت مدبرة والآخرة مقبلة، ولكل واحد منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا؛ فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل. "الزهد" ص 162 - 163 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، حدثنا عوف، عن أبي السليل قال: قال أبو هريرة: ما صدقتكم أنفسكم؛ تأملون ما لا تبلغون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتبنون ما لا تسكنون. "الزهد" ص 221

249 - ذكر الموت

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم، حدثنا ابن المبارك، عن الحسن قال: إياكم -رحمكم اللَّه- وهذِه الأماني فإنه لم يُعطَ أحد بالأمنية خيرا في الدنيا ولا في الآخرة "الزهد" ص 346 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان، حدثني أبي، عن يعلى، عن الربيع بن خثيم، عن عبد اللَّه بن مسعود، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه خطَّ خطًّا مربعًا، وخطَّ خطوطًا وسط الخط المربع، وخطوطًا إلى الخط الذي وسط الخط المربع، وخطَّ خطًّا خارجًا، قال: "أتدرونَ ما هذا؟ " قالوا: اللَّه ورسوله أعلم، قال: "الإنسانُ الخط الأوسط، وهذِه الخطوط التي إلى جنبه الأعراضُ تنهشه مِنْ كلِّ مكان، إن أخطأه هذا أصابه هذا، والخطُّ المربع الأجل المحيط، والخطُّ الخارج الأمل" (¬1). "الزهد" ص 397 249 - ذكر الموت قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد بن هارون، عن محمد بن إبراهيم -يعني: والد أبي بكر بن أبي شيبة- عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أكثروا من ذكر هاذم اللذات" (¬2). "الزهد" ص 23 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 385، والبخاري (6417). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 293، ورواه النسائي 4/ 4 من طريق ابن المبارك، عن يزيد به. ورواه الترمذي (2307)، وابن ماجه (4258)، والنسائي 4/ 4 من طريق الفضل بن موسى، عن محمد بن عمرو به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سفيان قال: أثني على رجل عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "كيف ذكره للموت؟ " قالوا: ما هو كذلك، قال: "ما هو إذًا كما تقولون" (¬1). "الزهد" ص 24 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا جعفر، أخبرنا ثابت قال: لما مات موسى بن عمران عليه السلام جالت الملائكة في السماوات يقولون: مات موسى فأي نفس لا تموت. "الزهد" ص 94 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هشيم، عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق قال: إذا بلغ أحدكم أربعين سنة فليأخذ حذره من اللَّه سبحانه. "الزهد" ص 120 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يونس بن عبد الصمد بن معقل ابن وهب بن منبه قال: أخبرني عبد اللَّه بن بحير القاص قال: قال وهب -يعني: ابن منبه-: قال بعض أحبار بني إسرائيل: أصبحت مثل الخصلة في أثر القاطف، ومثل السنبلة في أثر الصارم؛ فكم عسى أن أتقي. "الزهد" ص 128 قال عبد اللَّه، حدثني أبي، حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن الزبير، حدثنا سفيان قال: قال أبو الدرداء: إن من أكثر ذكر الموت قل حسده وبغيه. "الزهد" ص 177 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 7/ 100 (34317) من طريق علقمة بن مرثد، عن ابن سابط مرسلًا.

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سفيان، حدثنا عبد الرحمن بن حميد، سمعه من شيخ من بني عبس: أبصر عبد اللَّه رجلًا يضحك في جنازة، فقال: تضحك في جنازة، لا أكلمك أبدًا. "الزهد" ص 201 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثني عبيد اللَّه بن عمر، حدثنا حماد، حدثنا أيوب قال: كنت مع أبي قلابة في جنازة فسمعنا صوت قاص قد ارتفع صوت أصحابه، فقال أبو قلابة: إن كانوا ليعظمون الموت بالسكينة! "الزهد" ص 368 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني وكيع، عن سفيان، عن محمد بن سوقة، عن إبراهيم قال: كانت تكون فيهم الجنازة فيظلون الأيام محزونين يعرف ذلك فيهم. وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن حسين، عن الأعمش قال: إن كنا لنشهد الجنازة فما ندري من نعزي من حزن القوم. "الزهد" ص 437. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا شعيب بن حرب، حدثنا سفيان، عن رجل، عن سعيد بن جبير قال: لو فارق ذكر الموت قلبي خشيت أن يفسد على قلبي. "الزهد" ص 444 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني حجاج، عن المسعودي، عن ابن عتبة، عن رجاء بن حيوة قال: ما أكثر رجل ذكر الموت إلا ترك الفرح والحسد. "الزهد" ص 466 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا علي، أنبأنا عبد اللَّه، أنبأنا مالك بن مغول قال: بلغنا أن رجلا أثني عليه عند رسول اللَّه فقال: "كيف ذكره

250 - ذم الدنيا وهوانها

للموت؟ " قالوا: ما سمعناه يذكره -أو يكثر ذكره-، قال: "كيف تركه لما يشتهي؟ " قالوا: إنه ليصيب من الدنيا، قال: "إنه ليس صاحبكم هناك" (¬1). وأيضا قال: قيل للربيع بن أبي راشد: ألا تجلس؟ فقال: إن ذكر الموت إذا فارق قلبي ساعة فسد عليَّ قلبي. قال مالك: ولم أر رجلا أظهر حزنا منه (¬2). "الزهد" ص 474 250 - ذم الدنيا وهوانها قال ابن هانئ: وقال لي أبو عبد اللَّه: يا أبا إسحاق، ما أهون الدنيا على اللَّه! مسائل ابن هانئ (1987) قال ابن هانئ: وقال أبو عبد اللَّه -وأنا أخرج من داره- قال الحسن: أهينوا الدنيا، فواللَّه لأهنأ ما تكون حين تهان (¬3). مسائل ابن هانئ (1987) قال ابن هانئ: وقال الحسن: واللَّه ما نبالي شرَّقتْ أو غرَّبتْ (¬4). مسائل ابن هانئ (1988) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن زهير، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الدَّنْيا سِجْنُ المُؤمِنِ وجَنَّةُ ¬

_ (¬1) رواه ابن المبارك في "الزهد" ص 90 (265). (¬2) رواه ابن المبارك في "الزهد" ص 90 (266). (¬3) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 344، وابن أبي شيبة 7/ 203 (35296). (¬4) رواه أبو نعيم في "الحلية" 6/ 272.

الكافِرِ" (¬1). وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن محمد بن المنكدر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان للَّه عز وجل" (¬2). "الزهد" ص 37 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن أبي عدي، عن حميد، عن أنس قال: كانت ناقة لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تسمى العضباء، وكانت لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود فسبقها، فشق ذلك على المسلمين، فلما رأى ما في وجوههم قالوا: يا رسول اللَّه، سبقت العضباء فقال: "إِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عز وجل أَن لا يَرْفعَ شَيْئا مِنْ الدُّنْيا إِلّا وضَعَهُ" (¬3). "الزهد" ص 48 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب، حدثنا أبو بكر -يعني: ابن عياش- عن إدريس بن وهب بن منبه، حدثني أبي قال: كان لسليمان بن داود عليه السلام ألف بيت؛ أعلاها قوارير، وأسفلها حديد، فركب الريح يوما فمر بحراث، فنظر إليه الحراث فقال: لقد ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 485، ومسلم (2956). (¬2) رواه أبو داود في "المراسيل" (502)، ورواه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" 2/ 312 (1331). عن محمد بن المنكدر عن أبيه. وقال: هذا الحديث مرسل، كذلك رواه مهران، وقد رواه أبو عامر العقدي، عن الثوري، عن ابن المنكدر، عن جابر. قال الدارقطني: وكلا الطريقين غير محفوظ ا. هـ. قلت: وهذِه الطريق رواها أبو نعيم في "الحلية" 7/ 90، والبيهقي في "شعب الإيمان" 7/ 341 (10512). قال أبو نعيم: غريب عن الثوري، تفرد به أبو عامر العقدي. قال الألباني في "الصحيحة" 6/ 705: وعلى التسليم به هو شاهد حسن مسندًا ومرسلًا. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 103، والبخاري (2872).

أوتي آل داود مُلكًا عظيمًا. فحملت الريح كلامه، فألقته في أذن سليمان عليه السلام، قال: فنزل حتى أتى الحراث، فقال: إني سمعتُ قولك، وإنما مشيت إليك لئلا تتمنى ما لا تقدر عليه، لتسبيحة واحدة يقبلها اللَّه عز وجل خير مما أوتي آل داود. فقال الحراث: أذهب اللَّه همك، كما أذهبت همي. "الزهد" ص 51 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو الأشهب، عق الحسن قال: مر عمر على مزبلة؛ فاحتبس عندها، فكأنه شق على أصحابه وتأذوا بها فقال لهم: هذِه دنياكم التي تحرصون عليها. "الزهد" ص 147 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا الوليد قال: وقال الضحاك بن عبد الرحمن بن أبي حوشب: سمعت بلال بن سعد يقول: قال أبو الدرداء: واللَّه لو كانت الدنيا تزن عند اللَّه جناح ذبابة ما سقى فرعون منها شربة ماء. "الزهد" ص 169 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هشيم، عن يزيد بن أبي زياد، عن أبي جحيفة قال: قال عبد اللَّه: ذهب صفو الدنيا وبقي كدرها، فالموت اليوم جُنَّة لكل مسلم. "الزهد" ص 197 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد اللَّه بن نمير، عن مالك بن مغول قال: قال عبد اللَّه: الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له. "الزهد" ص 200 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثني إسرائيل، عن أبي

إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللَّه: مع كل فرحة ترحة، وما ملئ بيت حبرة إلا ملئ عبرة. "الزهد" ص 203 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا أبو معاوية -يعني: شيبان- عن هلال -يعني: الوزان- عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي مسعود الأنصاري، أنه ذكر الدنيا فقال: ألزقوها بأكبادكم، فواللَّه ما تصلون إلى الآخرة منها بدينار ولا درهم، ولتتركنها على ظهر الأرض وفي بطنها كما تركها من قبلكم، تشاجروا عليها تشاجركم الآن، وتخادعوا عليها تخادعكم، ولتهلكنَّ دينكم ودنياكم. "الزهد" ص 235 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا مالك، عن أبي حصين، عن مجاهد قال: كنت أمشي مع ابن عمر فمر على خربة، فقال: قل: يا خربة، ما فعل أهلك؟ فقلت: يا خربة ما فعل أهلك؟ قال ابن عمر: ذهبوا وبقيت أعمالهم. "الزهد" ص 239 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة، عن خليد العصري، عن غزوان الرقاشي: قوله عز وجل: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق: 35]، قال: ما يسرني لحظي من المزيد الدنيا جميعًا. "الزهد" ص 254 - 255 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا هشام، عن الحسن قال: أدركتُ أقوامًا كانوا لا يفرحون بشيء من الدنيا أوتوه، ولا يأسون على شيء منها فاتهم. "الزهد" ص 322 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، حدثنا سلام بن مسكين، عن

الحسن قال: أهينوا هذِه الدنيا. "الزهد" ص 344 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن بشر، حدثني مسعر، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر قال: كان مسروق يركب كل جمعة بغلة له ويحملني خلفه، ثم يأتي كناسة بالجيزة قديمة فيجعل عليها بغلته ثم يقول: الدنيا تحتنا. "الزهد" ص 420 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثني هارون بن معروف، حدثنا ضمرة، عن هشام قال: قال سعيد بن جبير: الدنيا جمعة من جمع الآخرة. "الزهد" ص 444 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد، في قوله عز وجل {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32] قال: ليس الغرض الدنيا. "الزهد" ص 457 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا كثير بن هشام، حدثنا جعفر بن برقان، قال صالح بن مسمار: ولنعمة اللَّه علينا فيما زوى عنا من الدنيا أفضل من نعمته علينا فيما بسط علينا منها. "الزهد" ص 466 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثني هاشم، حدثنا المبارك، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده ما تعدل الدنيا عند اللَّه تبارك وتعالى جِدْيًا من الغنم" (¬1). "الزهد" ص 475. ¬

_ (¬1) لم أقف عليه، لكن عزاه صاحب "كنز العمال" 3/ 212 لهناد، ولم أجده في "زهده".

251 - الحذر من فتنة الدنيا أو الاغترار بها

251 - الحذر من فتنة الدنيا أو الاغترار بها قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: أخبرت عن مالك بن دينار قال: مررت براهب في صومعة، فناديته، فأشرف علي، فكلمني وكلمته، وكان فيما قال لي: إن استطعت أن تجعل بينك وبين الدنيا حائطًا من حديد فافعل. "الورع" (271) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا سفيان بن سعيد، عن الزبير بن عدي، عن مصعب بن سعد، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "احذروا الدنيا فإنها خضرة حلوة" (¬1). "الزهد" ص 18 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن يزيد -يعني: ابن أبي زياد، عن زيد بن وهب، عن أبي ذر قال: جاء رجل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: يا رسول اللَّه أكلتنا الضبع. فقال: "غَيْرُ ذَلِكَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ؛ أَنْ تُصَبَّ عَلَيْكُمْ الدُّنْيا صَبًّا، فَلَيْتَ أُمَّتِي لا يَلْبَسُونَ الذَّهَبَ" فقلت لزيد بن وهب: ما الضبع؟ قال: السِنَة (¬2). "الزهد" ص 37 ¬

_ (¬1) قال الألباني في "الصحيحة" (911): وهذا وإسناد صحيح لولا أنه مرسل لكن له شاهد موصول بلفظ: "إن الدنيا خضرة حلوة، وإن اللَّه عز وجل مستخلفكم فيها؛ لينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقو النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء". أخرجه الإمام أحمد في "المسند" 3/ 22، ومسلم (2742) من حديث أبي سعيد. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 178، وابن أبي شيبة 7/ 106 (34374)، وابن أبي عاصم في "الزهد" (175)، والبزار في "مسنده" 9/ 396 (3984)، والطبراني في "الأوسط" 4/ 198 (3964).

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أخبرنا عَبْدُ الصَّمَدِ، حدثنا المُسْتَمِرُّ بْنُ الرَّيّانِ الإِيادِيُّ، حدثنا أَبُو نَضْرَةَ العَبْدِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذَكَرَ الدُّنْيا فَقال: "إِنَّ الدُّنْيا خَضِرَةٌ خلْوَةٌ فاتَّقُوها، واتَّقُوا النِّساءَ" (¬1). "الزهد" ص 49 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا مسكين بن بكير، أنبأنا سفيان، عمن أخبره، أن لقمان الحكيم قال لابنه: أي بني، إن الدنيا بحر عميق، قد غرق فيه ناس كثير، فاجعل سفينتك فيها تقوى اللَّه عز وجل، وحشوها الإيمان باللَّه عز وجل، وشراعها التوكل على اللَّه لعلك تنجو، ولا أراك ناجيا. "الزهد" ص 130 قال عبد اللَّه، حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا شيخ من بني تميم يقال له: أبو هزار قال: قالت لي أم الدرداء: أبا هزار، ألا أحدثك ما يقول الميت على سريره؟ قال: قلت: بلى، قالت: فإنه ينادي: يا أهلاه ويا جيراناه، ويا حملة سريراه، لا تغرنكم الدنيا كما غرتني، ولا تلعبن بكم كما لعبت بي، فإن أهلي لم يحملوا عني من وزري شيئا، ولو حاطون اليوم عند اللَّه لحجوني. قالت أم الدرداء: ¬

_ = قال المنذري كما في "ضعيف الترغيب والترهيب" (1894): رواه الإمام أحمد والبزار ورواة أحمد رواة الصحيح. وقال الهيثمي في "المجمع" 5/ 147: رواه الإمام أحمد والبزار والطبراني في "الأوسط" ورجال أحمد رجال الصحيح. وضعفه الألباني في "ضعيف الترغيب" بيزيد بن أبي زياد فقال: كذا قال -يعني المنذري- وفيه يزيد بن أبي زياد الهاشمي مولاهم، لم يخرج له مسلم إلا مقرونًا كما صرح بذلك المؤلف في آخر الكتاب، ثم هو إلى ذلك ضعيف كما في "التقريب". (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 19، 22، 40، 46، ومسلم (2742).

الدنيا أسحر لقلب العبد من هاروت وماروت، وما آثرها عبد قط إلا أصرعت خده. "الزهد" ص 206 - 207 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو عبد الصمد العمي، حدثنا حوشب، عن الحسن، أنه قال: واللَّه ما أصبح اليوم رجل يطيع امرأته إلا أكبه اللَّه في النار على وجهه. "الزهد" ص 341 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر قال: سمعت مالكًا يقول: اتقوا السحارة؛ فإنها تسحر قلوب العلماء. "الزهد" ص 380 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حسين، حدثنا محمد بن مطرف، عن هلال بن يساف الفزاري، عن عطاء بن يسار، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أتتني الدنيا خضرة حلوة ورفعتْ رأسها وتزينتْ لي، فقلتُ: إني لا أريدك، فقالت: إن انفلتَّ مني لم ينفلتْ مني غيرك" (¬1). "الزهد" ص 476 ¬

_ (¬1) لم أقف عليه.

252 - ما جاء في أن فتنة الدنيا في المال، وذم المال

252 - ما جاء في أن فتنة الدنيا في المال، وذم المال قال ابن هانئ: وسمعت أبا عبد اللَّه وذكر الأعين (¬1)، فقال لي: خلف مالًا؟ قلت: نعم. قال: قال ابن عمر، أو قيل لابن عمر: إن فلانًا ترك مالًا. فقال ابن عمر: لكنها لا تتركه، وهو يحاسب عليها (¬2). "مسائل ابن هانئ" (2072) قال المروذي: ودفع إليّ أبو عبد اللَّه هذِه الأحاديث في الورع وغيرها، فقلت أرويها عنك؟ فأجازها. حدثنا جعفر، قال: سمعتُ سميطًا يقول في كلامه: أبناء الدنيا يرضعونها لا ينفطمون في رضاعها. قال: سمعت سميطًا يقول: إن الدينار والدرهم أزمة المنافقين بها ينقادون إلى السوءات (¬3). "الورع" (234). قال عبد اللَّه، حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا شعبة، عن سليمان يعني: ابن عبد الرحمن النخعي، عن عبد اللَّه بن أبي الهذيل، حدثنا صاحب لي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "تَبًّا لِلذَّهَبِ والْفِضَّةِ" قال عمر: ¬

_ (¬1) هو أبو بكر محمد بن أبي عتاب الحسن بن طريف البغدادي، أحد الأثبات، روى عنه مسلم، وقال أحمد لما بلغه موته: إني لأغبطه، مات وما يعرف غير الحديث، كانت وفاته في جمادى الآخرة سنة 245 هـ كما في "تذكرة الحفاظ"، و"تهذيب التهذيب". (¬2) رواه ابن أبي شيبة 7/ 135 (34635)، والبيهقي في "شعب الإيمان" 7/ 384 - 385 (10678). (¬3) في هامش المطبوع: "بهامش الأصل لعلها الشهوات". وسيتكرر نحوه بعد صفحتين.

يا رسول اللَّه، قولك: "تَبًّا لِلذَّهَبِ والْفِضَّةِ" فما تأمرنا، أو ما نصنع؟ قال: "لسانًا ذاكرًا، وقلبًا شاكرًا، وزوجةً تعين على الآخرة" (¬1). "الزهد" ص 29 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن إسرائيل، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان قال: لما أنزلت {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34] قال: كنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في بعض أسفاره، فقال بعض أصحابه: قد أنزل في الذهب والفضة ما أنزل، فلو أنا علمنا أي المال خير اتخذناه؟ قال: قال: "أفضله لسانٌ ذاكرٌ، وقلبٌ شاكرٌ، وزوجةٌ مؤمنةٌ تعينه على الإيمان" (¬2). "الزهد" ص 34 - 35 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سفيان، حدثنا الأعمش، عن شمر، عن مغيرة بن سعد بن الأخرم، عن أبيه، عن عبد اللَّه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تَتَّخِذُوا الضَّيْعَةَ فَتَرْغَبُوا فِي الدُّنْيا" (¬3). "الزهد" ص 37 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 66 والنسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 11/ 176. ورواه البيهقي في "الشعب" 1/ 419 (490) من طريق مسلم بن عطية، عن ابن أبي الهذيل، عن صاحب له، عن عمر به. وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (2907). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 378، والترمذي (3094)، وابن ماجه (1856) من طرق عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان به. قال الترمذي: هذا حديث حسن. سألت محمد بن إسياعيل قلت له: سالم بن أبي الجعد سمع من ثوبان؟ فقال: لا. والحديث صححه الألباني في "الصحيحة" (2176). (¬3) رواه الإمام أحمد 1/ 377، والترمذي (2328). قال الترمذي: حديث حسن. =

قال عبد اللَّه: في كتاب أبي: حدثنا أبو معاوية، حدثني رجل، عن بشر بن منصور، قال: قال شميط (¬1) رحمه اللَّه: إن هذِه الدنانير، والدراهم أزمة المنافقين؛ يقادون بها إلى السوءات. "الزهد" ص 47 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد، أخبرنا هشام، عن الحسن قال: واللَّه لقد أدركتُ أقوامًا لو شاء أحدُهم أن يأخذ هذا المال من حله أخذه، فيقال لهم: ألا تأتون نصيبكم من هذا المال فتأخذونه حلالًا؟ فيقولون: لا، إنا نخشى أن يكون أخذه فسادًا لقلوبنا. "الزهد" ص 48 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا همام، حدثنا قتادة قال: قال سليمان النبي عليه السلام: عجبًا لتاجرٍ كيف يخلص؟ يحلف بالنهار، وينام بالليل. "الزهد" ص 52 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سفيان، عن أبي شيبان، عن أبي الهذيل -إن شاء اللَّه- قال: لقي عيسى يحيى عليه السلام فقال: أوصني. قال: لا تغضب. قال: لا أستطيع. قال: لا تَقْتَنِ مالا، قال: أما هذا لعله. "الزهد" ص 75 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عمر بن سعد أبو داود الحفري، عن سفيان قال: كان عيسى ابن مريم عليه السلام يقول: حب الدنيا أصل كل خطيئة، ¬

_ = وصححه ابن حبان 2/ 487 (710)، وقال الحاكم 4/ 322: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه وعزاه العراقي في "المغني" 2/ 892 إلى الترمذي والحاكم وقال: صحح إسناده من حديث ابن مسعود بلفظ "فترغبوا" وصححه الألباني في "الصحيحة" (12) وقال: حسنه الترمذي، وأقره النووي في "الرياض"، والمزي في ترجمة (سعد). . (¬1) كذا بالمطبوع، وتقدم أنه: سميط.

والمال فيه داء كثير، قالوا: وما داؤه؟ قال: لا يسلم صاحبه من الفخر والخيلاء. قالوا: فإن سلم؟ قال: يشغله إصلاحه عن ذكر اللَّه تعالى. "الزهد" ص 117 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي قال: سمعت منصور بن زاذان يحدث عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى، أنه قال: إن هذا الدرهم والدينار أهلكا مَنْ كان قبلكم، وإني ما أراهما إلا مهلكيكم. "الزهد" ص 247 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي قال: سمعت حميد بن هلال يحدث عن العلاء بن زياد قال: رأيتُ الناس في النوم يتبعون شيئا فتبعته، فإذا عجوز كبيرة دهماء عوراء، عليها من كل حلة وزينة فقلت: ما أنت؟ فقالتْ: أنا الدنيا. قلتُ: أسأل اللَّه أن يبغضك إليَّ. قالت: نعم، إن أبغضت الدرهم. "الزهد" ص 312 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثني أبو عبد الصمد العمي، عن مالك قال: دخلت على جار في مرضه فقال: جبلين من نار، جبلين من نار، قال مالك: حدثت أنه كان له قفيزان، أحدهما زائد، والآخر ناقص. "الزهد" ص 394 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا شجاع بن الوليد بن عمرو بن قيس، عن الوليد بن قيس قال: من كثر ماله كثر تعبه، ومن كثر تعبه كثرت شياطينه، ومن كثرت شياطينه اشتد حسابه. "الزهد" ص 457 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا ابن عياش، حدثني شرحبيل بن مسلم، عن جبير بن نفير، عن أبي مسلم الخولاني

253 - نعم المال الصالح للعبد الصالح

أنه سمعه يقول: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما أوحى اللَّه إلى أن أجمع المال وأكن من التاجرين، ولكن أَوحى إلى أن: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} " (¬1) [الحجر: 98 - 99]. "الزهد" ص 468 253 - نعم المال الصالح للعبد الصالح قال ابن هانئ: وسمعتُ أبا عبد اللَّه يقول: قليل المال تصلحه فيبقى ... ولا يبقى الكثير مع الفساد "مسائل ابن هانئ" (1977). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، حدثنا عوف، عن الحسن قال: باع أرضًا بسبعمائة ألف -يعني: طلحة بن عبيد اللَّه- فبات ذلك المال عنده ليلة، فبات أرِقًا من مخافة ذلك المال حتى أصبح ففرقه. "الزهد" ص 181 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا خالد بن حيان، حدثنا عيسى بني كثير، عن ميمون بن مهران قال: أتت ابن عمر اثنان وعشرون ألف دينار في مجلس، فلم يقم حتى فرقها. "الزهد" ص 239 ¬

_ (¬1) رواه أبو الشيخ في "أخلاق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-" 4/ 184 (853) ومن طريق البغوي في "شرح السنة" 14/ 237 (4036) من طريق يحيى الأزدي والهيثم بن خارجة، عن إسماعيل به. وفيهما: عن أبي مسلم عن جبير بن نفير مرسلًا. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 203 عن أبي مسلم الخولاني مرسلًا، وعزاه لسعيد بن منصور وابن المنذر والحاكم في "التاريخ" وابن مردويه والديلمي. وانظر "حلية الأولياء" 2/ 131.

254 - ما جاء أن الله يحمي عبده المؤمن من الدنيا وفتنتها

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع قال: سمعت الأعمش، عن تميم، عن عروة، عن عائشة رحمها اللَّه، قال: رأيتُها تقسم سبعين ألفًا وهي ترقع درعها. "الزهد" ص 206 254 - ما جاء أن اللَّه يحمي عبده المؤمن من الدنيا وفتنتها قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو سعيد، حدثنا سليمان -يعني: ابن بلال- عن عمرو بن أبي عمرو، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَيَحْمِي عَبْدَهُ المُؤْمِنَ مِنْ الدُّنْيا وهُوَ يَحْمِيهِ كما تَحْمُونَ مَرِيضَكُمْ مِنْ الطَّعامِ والشَّرابِ تَخافُونَهُ عَلَيْهِ" (¬1). "الزهد" ص 17 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن غيلان، حدثنا رشدين بن سعد، عن حرملة بن عمران التجيبي، عن عقبة بن مسلم، عن عقبة بن عامر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا رأيتَ اللَّه عز وجل يعطي العبدَ مِنَ الدنيا على معاصيه ما يحب فإنه استدراج" ثم تلا قول اللَّه عز وجل: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44] (¬2). "الزهد" ص 18 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 427، والترمذي (2036) من حديث محمود بن لبيد، عن قتادة بن النعمان. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (1659) (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 145، والطبري في "تفسيره" 5/ 193 (13243)، والطبراني =

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا هشام بن حسان قال: سمعت الحسن يقول: واللَّه ما أحد من الناس بسط اللَّه عز وجل له دنيا فلم يخف أن يكون قد مكر به فيها، إلا كان قد نقص علمه وعجز رأيه، وما أمسكها اللَّه عز وجل عن عبد، فلم يظن أنه قد خير له فيها إلا كان قد نقص علمه وعجز رأيه. "الزهد" ص 49 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو الأشهب، عن الحسن قال: ولا أعلمه إلا رفعه قال: "إذا أراد اللَّه بعبدٍ خيرًا جعل غناهُ في قلبه، وكفَّ عليه ضيعته، وإذا أرادَ اللَّه بعبدٍ شرًّا جعل فقره بين عينيه وأَفشى عليه ضيعته" (¬1). "الزهد" ص 348 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حسين، حدثنا المبارك، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أراد اللَّه بعبد خيرًا كفَّ عليه ضيعته وجعل ¬

_ = 17/ 330 (913)، وفي "الأوسط" 9/ 110 (9272)، والبيهقي في "الشعب" 4/ 128 (4545) من طرق عن حرملة بن عمران، عن عقبة بن مسلم، عن عقبة بن عامر به قال العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" 2/ 1037 (3772): رواه الإمام أحمد والطبراني والبيهقي في "الشعب" بسند حسن. وصححه الألباني في "الصحيحة" (913). (¬1) لم أقف عليه عن الحسن مرسلًا لكن ذكره الألباني في "الصحيحة" 7/ 159 وقال: سنده صحيح عنه. ورواه ابن حبان 14/ 100 - 101 (6217)، والديلمي كما في "الفردوس الخطاب" 1/ 243 (940)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 61/ 134 - 135، وابن كثير في "البداية والنهاية" 1/ 291 من طريق عمرو بن الحارث أن أبا السمح حدثه عن ابن حجيرة عن أبي هريرة بنحوه مطولا. وصححه الألباني في "الصحيحة" (3350).

255 - القناعة

غناه في قلبه، وإذا أراد اللَّه بعبد شرًّا بثَّ عليه ضيعته وجعل فاقته بين عينيه" (¬1). "الزهد" ص 475 255 - القناعة قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أَبُو مُعاوِيَةِ، حدثنا الأَعْمَش، عَنْ أَبي صالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: قال رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، ولا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ؛ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ" (¬2). "الزهد" ص 25 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، ووكيع، عن هشام، عن أبيه قال: قال عمر في خطبته: تعلمن أن الطمع فقر، وأن الإياس غنى، وأن الرجل إذا أيس من شيء استغنى عنه. "الزهد" ص 146 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن موسى، عن الحسن قال: قال أبو الدرداء: يا بُني لا تتبع بصرَك كل ما ترى في الناس، فإنه من يتبع بصره كل ما يرى في الناس، يطل تحزنه ولا يشف غيظه، ومَنْ لا يعرف نعمة اللَّه إلا في مطعمه أو مشربه فقد قل علمه، وحضر عذابه، ومَنْ لا يكن غنيًا مِنْ الدنيا فلا دنيا له (¬3). "الزهد" ص 166 ¬

_ (¬1) لم أقف عليه، لكن ذكره الألباني في "الصحيحة" 7/ 1059 وقال: أخرجه الإمام أحمد في "كتاب الزهد" بسند صحيح. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 254، ورواه مسلم (2963) من طريق أبي معاوية به. (¬3) رواه بن أبي شيبة مختصرًا 7/ 236 (35624).

256 - الغنى غنى النفس

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو الأشهب، عن الحسن قال: كان أبو الدرداء يقول: من يتبع نفسه كل ما يرى في الناس، يطل حزنه، ولا يشف غيظه. "الزهد" ص 177 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد اللَّه بن إدريس، أنبأنا حصين، عن بكر بن عبد اللَّه المزني قال: لا يكون تقيا حتى يكون نقي الطمع نقي الغضب. "الزهد" ص 369 256 - الغنى غنى النفس قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن جعفر بن برقان، عن يزيد الأصم، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَيْسَ الغِنَى عَنْ كثْرَةِ العَرَضِ، إِنَّما الغِنَى غِنَى النَّفْسِ" (¬1). "الزهد" ص 25 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة يبلغ به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس الغنى عن كثرة العرضِ، إنَّما الغنى غنى النَّفْسِ" (¬2). "الزهد" ص 475 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 443، والبخاري (6446)، ومسلم (1052). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 443، والبخاري (6446)، ومسلم (1052).

257 - الزهد في الفضول وما زاد على المسكة والبلاغ من القوت، واغتنام التفرغ إلى عمارة الوقت وحسم الجأش والتحلي بحلى الأنبياء والصديقين

257 - الزهد في الفضول وما زاد على المسكة والبلاغ من القوت، واغتنام التفرغ إلى عمارة الوقت وحسم الجأش والتحلي بحلى الأنبياء والصديقين قال أبو الفضل صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا هشيم، عن يونس، عن الحسن، قال: ما عال رجل مع اقتصاد. "مسائل صالح" (830). قال المروذي: قال أبو عبد اللَّه: كان عمران القصير يقول لجلسائه: ألا حرُّ كريم يصبر أيامًا قلائل! وقال وهيب: ألا حرُّ كريمٌ يغضب على الدنيا فيخربها. سمعتُ عبد الواحد القنطري يقول: قال وكيع: نظرتُ في زادي فلم يصح لي، ونظرتُ في ثوبي إجرامي فلم يصح لي، فما على رجل أن يخلع ثيابه، ويقوم في الماء حتى يرزقه اللَّه. وسمعتُ قرابة بشر بن الحارث يقول: قدم بشر بن الحارث من عبادان ليلًا -أو قال: من سفر- وهو متزر بحصير. سمعتُ بعض أصحابنا يقول: قال بشر: لا تأس هذا أويس عري حتى قعد في قوصرة. سمعتُ عبد الواحد القنطري يقول: عيرتْ بنو إسرائيل عيسى بن مريم عليه السلام بالفقر، فقال: يا مساكين من الغنى أتيتم هل رأيتم أحدًا عصى اللَّه في طلب الفقر؟ ! قيل لبشر بن الحارث: لو اتخذت في مقطوعك لفاقة -أو قال: بيتًا- وذكر له الندى والبرد، فقال: لهذا البرد نهاية وينقطع؟ قالوا: نعم.

قال: فالأمر قريب. "الورع" (239 - 244). قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول لشجاع بن مخلد: يا أبا الفضل! إنما هو طعام دون طعام، ولباس دون لباس، وإنها أيام قلائل. قال: سمعت مخلد بن حسين وذكر إنسانًا استسقى من منزل أبي السوار ماء، فقالت امرأته: ما في الجب قطرة، أو ما عندنا قطرة من ماء، قال: فذهب إلى عكر الجب أو ما في أسفله، قال: فجاء فصب على رأسها، وقال: يا أمَّ السوآت، كم هاهنا من قطرة. "الورع" (245 - 246). قال المروذي: وقال لي أبو عبد اللَّه: قد كفى بعض الناس من مكة إلى ههنا أربعة عشرة درهمًا. قلتُ: من يا أبا عبد اللَّه؟ قال: أنا. "الورع" (407). قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: قد تفكرت في هذِه الآية: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 131] ثم قال: تفكرت في رزقهم -وأشار نحو العسكر- وقال: رزق يوم بيوم خير. "الورع" (408). قال المروذي: قلتُ لأبي عبد اللَّه: أيش تفسير: "خير الرزق ما يكفي" (¬1)؟ قال: هو قوت يوم بيوم، ولا يهتم لرزق غد. "الورع" (410) ¬

_ (¬1) هذا حديث مرفوع رواه أحمد 1/ 172، وابن أبي شيبة 7/ 105 (34366)، وعبد ابن حميد في "المنتخب" 1/ 176 (137)، وأبو يعلى 2/ 81 (731)، وابن حبان 3/ 91 (809)، والبيهقي في "الشعب" 1/ 406 - 407 من حديث سعد بن أبي وقاص. قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 81: فيه محمد بن عبد الرحمن بن لبيبة، وقد وثقه ابن حبان وقال: روى عن سعد بن أبي وقاص. قلت: وضعفه ابن معين

قال المروذي: أنبأنا أبو عبد اللَّه: عن أبي عوانة، عن عاصم قال: كان لأبي وائل بيت من قصب يكون هو وفرسه فيه، فإذا غزا نقضه وتصدق بقصبه، وإذا رجع أنشأ بناءه. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: عن عبد اللَّه بن عمرو قال: مر علينا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ونحن نصلح خصًّا لنا وهى فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما أَرى الأَمْرَ إَلّا أَعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ" أو كلاما ذا معناه (¬1). "الورع" (633 - 634) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يونس، حدثنا بقية، عن السري بن ينعم، عن مريح بن مسروق، عن معاذ بن جبل أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له لما بعثه إلى اليمن: "إِيّاكَ والتَّنَعُّمَ فَإِنَّ عِبادَ اللَّهِ لَيْسُوا بِالْمُتَنَعِّمِينَ" (¬2). "الزهد" ص 11 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثني فضيل -يعني: ابن غزوان- عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: رأيتُ سبعين من أهل الصفة يصلون في ثوب، فمنهم من يبلغ ركبتيه، ومنهم من هو أسفل من ¬

_ = وبقية رجالهما رجال الصحيح أ. هـ وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (2887)، و"ضعيف الترغيب" (1060، 1873) (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 161، وأبو داود (5235)، والترمذي (2335) وابن ماجه (4160)، وابن أبي شيبة 7/ 97 (34294) قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (3356)، و"صحيح الترمذي" (1904). (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 243، والطبراني في "مسند الشاميين" 2/ 307 (1395) وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 155، والبيهقي 5/ 156. قال المنذري كما في "صحيح الترغيب والترهيب" (2146): رواه الإمام أحمد والبيهقي ورواة أحمد ثقات. وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 250: رواه الإمام أحمد ورجاله ثقات. وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب". .

ذلك، فإذا ركع أحدهم قبض عليه مخافة أن تبدو عورته. وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ رْزقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا" (¬1). "الزهد" ص 13 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هشيم، عن يونس، عن الحسن -رضي اللَّه عنه- قال: ما رفعت مائدة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعليها طعام قط (¬2). وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد اللَّه بن يزيد، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثنا شرحبيل بن شريك، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ ورُزِقَ كَفافًا وقَنَّعَة اللَّهُ بما آتاهُ" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد اللَّه بن يزيد وهو المقرئ، حدثنا حيوة، أخبرني أبو هانئ أن أبا علي -يعني: الجنبي- أخبره أنه سمع فضالة ابن عبيد يقول: أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "طوبى لمن هدي إلى الإسلام، وكان عيشه كفافًا وقنع" (¬4). "الزهد" ص 14 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 446، والبخاري (6460)، ومسلم (1055). (¬2) لم أقف عليه عن الحسن مرسلًا، لكن رواه الطبراني في "الأوسط" 1/ 273 (891)، والبزار كما في "كشف الأستار" 4/ 258 (3668) من حديث عائشة. قال المنذري كما في "صحيح الترغيب والترهيب" (3269): رواه الطبراني بإسناد حسن. وقال الألباني: صحيح لغيره. (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 168، ومسلم (1054/ 125). (¬4) رواه الإمام أحمد 6/ 19، والترمذي (2349) قال الترمذي: هذا حديث صحيح،

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا أسامة بن زيد، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة، عن سعد بن مالك قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خير الرزق ما يكفي، وخير الذكر الخفي" (¬1). "الزهد" ص 16 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أَبُو مُعاوِيةَ، حدثنا الأَعْمَش، عَنْ أَبِي السَّفَرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قال: مَرَّ عَلَيْنا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ونَحْنُ نصلح خُصًّا، فَقال: "ما هذا؟ " قال: فَقُلْنا: خصنا وهَى فَنَحْنُ نُصْلِحُهُ. قال فقال: "ما أَرى الأَمْرَ إِلّا أَعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ" (¬2). "الزهد" ص 37 - 38 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الوهاب في تفسير سعيد، عن قتادة قال: لقد ذكر لنا أن الرجل كان يعصب على بطنه الحجر؛ ليقيم به صلبه من الجوع، وكان الرجل يتخذ الحفيرة في الشتاء ما له دثار غيرها. ¬

_ = وصححه ابن حبان 2/ 480 (705)، والحاكم 1/ 34 - 35، وكذا الألباني في "الصحيحة" (1506). (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 172، وابن أبي شيبة 7/ 105 (34366)، وعبد بن حميد في "المنتخب" 1/ 176 (137)، وأبو يعلى 2/ 81 (731)، وابن حبان 3/ 91 (809)، والبيهقي في "الشعب" 1/ 406 - 407. قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 81: رواه الإمام أحمد وأبو يعلى، وفيه: محمد بن عبد الرحمن بن لبية وقد وثقه ابن حبان وقال: روى عن سعد بن أبي وقاص. قلت: وضعفه ابن معين، وبقية رجالهما رجال الصحيح ا. هـ. وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (2887)، و"ضعيف الترغيب" (1060)، (1873). (¬2) رواه أحمد 1/ 161، وأبو داود (5236)، والترمذي (2335)، وابن ماجه (4160). قال الترمذي: حسن صحيح، وأبو السفر اسمه سعيد بن محمد، ويقال: ابن أحمد الثوري. وصححه ابن حبان 7/ 262 (2996). قال الحافظ في "الفتح" 11/ 93: صححه الترمذي وابن حبان. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (5526).

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو أحمد، حدثنا فطر بن عبد اللَّه بن أبي الهذيل قال: سمعت بعض أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: لقد كنا نبعر كما تبعر الإبل من الجهد. "الزهد" ص 41 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة قال: قال سليمان بن داود عليه السلام: جربنا العيش، لينه وشديده، فوجدناه يكفي منه أدناه. "الزهد" ص 51 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا ابن عياش إسماعيل الحمصي، عن عبد اللَّه بن دينار البهراني قال: قال عيسى ابن مريم عليه السلام للحواريين: عليكم بخبز الشعير، واخرجوا من الدنيا سالمين آمنين، بحق أقول لكم: إن حلاوة الدنيا مرارة الآخرة، وإن مرارة في الدنيا حلاوة في الآخرة، وإن عباد اللَّه ليسوا بالمتنعمين، بحق أقول لكم: إن شركم عملا عالم يحب الدنيا، فيؤثرها على عمله، إنه لو يستطيع جعل الناس كلهم في عمله مثله. "الزهد" ص 119 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا خلف بن الوليد، أخبرنا ابن عياش، عن صدقة بن عبد اللَّه الزبيدي، وغيره عن المهاجر بن حبيب: أن المسيح عيسى ابن مريم -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: يا معشر الحواريين، لا تطلبوا الدنيا بهلكة أنفسكم، واطلبوا أنفسكم بترك ما فيها، عراة جئتم، وعراة تذهبون، ولا تطلبوا رزق ما في غد، كفى اليوم بما فيه، وغدا يدخل بشغله، واسألوا اللَّه أن يجعل رزقكم يوما بيوم. "الزهد" ص 120 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثني عمر بن عبد الرحمن، أنه سمع وهب بن منبه يقول: إن عالمًا من علماء بني إسرائيل جاء

إلى عالم فوقه في العلم فقال: ما آكل؟ فقال: ما تطفئ به جوعك، قال: فما ألبس؟ قال: ما تواري به سوأتك -أو قال: لباس المسيح عليه السلام، شكَّ إبراهيم أبو محمد- قال: فما أبني؟ قال: ما يكنك من الشمس، وما يسترك من الريح، قال: فكم أضحك؟ قال: ما يسفر منه وجهك، قال: فكم أبكي؟ قال: لا تمل أن تبكي من خشية اللَّه عز وجل، فقال: فما أظهر من عملي؟ قال: ما يقتدي به الحريص، ولا يصدق عليك قول الناس، قال: فما أستر من عملي؟ قال: ما يظن أنك لا تعمل حسنة. "الزهد" ص 124 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سفيان، عن ابن أبي خالد قال: قال عمر رحمه اللَّه: كونوا أوعية الكتاب، وينابيع العلم، وسلوا اللَّه رزق يوم بيوم، ولا يضركم أن لا يكثر لكم. "الزهد" ص 149 قال عبد اللَّه: قرأتُ على أبي هذا الحديث: حدثنا محمد بن جعفر المدائني، أنبأنا عباد بن العوام، عن سفيان بن حسين، أخبرني أبو الحكم -يعني: سيارًا- عن أبي وائل، عن ابن مسعود قال: ما مِنْ أحد من الناس يوم القيامة إلا وهو يتمنى أنه كان يأكل في الدنيا قوتًا، وما يضر أحدكم على أي حال أصبح وأمسى من الدنيا إلا أن تكون في النفس حزازة. "الزهد" ص 194 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة قال: دخل عبد اللَّه على مجمع بن حارثة يعوده، فرأى في بيته أبنية وسوادا -يعني: المتاع- فقال: خفف؛ فإن الناس يوشك أن يكونوا أهلًا -يعني: يرجعون إلى الإبل. "الزهد" ص 199 - 200

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا كثير، حدثنا جعفر، حدثنا يزيد بن الأصم قال: سمعت أبا هريرة يقول: المكثرون في النار إلا من قال هكذا وهكذا، وأشار بكفيه من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، ثم قال: وقليل ما هم، قال يزيد: إن لم أكن سمعته من أبي هريرة -وأشار بإصبعيه إلى أذنيه- وإلا فصمتا. "الزهد" ص 222 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد القدوس بن بكر، عن محمد بن النضر الحارثي، يرفعه إلى معاذ بن جبل رحمه اللَّه قال: ثلاث من فعلهن فقد تعرض للمقت: الضحك من غير عَجَب، والنوم من غير سهر، والأكل من غير جوع. "الزهد" ص 228 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حفص بن غياث، حدثنا هشام، عن أبيه قال: قال حكيم بن حزام: اسقوني ماءً. قالوا: قد شربتَ. قال: فلا إذًا. وقال ابن الزبير: أطعموني تمرًا. قالوا: قد أكلتَ. قال: فلا إذا. "الزهد" ص 250 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو عبيدة الحلبي، عن حيوة، عن يزيد ابن أبي حبيب، في قول اللَّه عز وجل: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان: 67] قال: أولئك أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، كانوا لا يأكلون طعاما يلتمسون به تنعمًا، ولا يلبسون ثيابًا يلتمسون جمالًا، وكانت قلوبهم على قلبٍ واحد. "الزهد" ص 254 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا صفوان بن عيسى، حدثنا هشام، قال: سمعتُ الحسن يقول: واللَّه لقد أدركتُ أقواما ما طوي لأحد منهم ثوب قط، ولا أمر في أهله بصنعة طعام قط، ولا جعل بينه وبين الأرض شيئا قط، وإن كان أحدهم ليقول: لوددتُ أني أكلتُ أكلة فتصير في

جوفي مثل الآجرة. وكان يقول: بلغنا أن الآجرة تبقى في الماء ثلاثمائة سنة. "الزهد" ص 318 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا عبد الواحد بن زيد، عن الحسن قال: لقد أدركت أقوامًا إن كان الرجل منهم ليأتي عليه سبعون سنة ما اشتهى على أهله شهوة طعام، ولقد أدركتُ أقوامًا يأتي على أحدهم سبعون سنة ما توسَّد وسادة، وإن كان أحدهم ليأكل الأكلة يريد أنها حجر في بطنه. "الزهد" ص 319 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، حدثنا هشام، عن الحسن قال: واللَّه لقد أدركتُ أقواما ما طوي لأحدهم ثوب قط، ولا جعل بينهم ولا بين الأرض شيئا قط، ولا أمر في بيته بصنعة طعام قط، إن كان أحدهم ليأكل فما عدا أن يقارب شبعه يمسك، وقال الحسن: واللَّه لأن ينبذ طعامًا للكلب خير من أن يأكل فوق شبعه. "الزهد" ص 320 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا حوشب، عن الحسن قال: سألته، فقلت: يا أبا سعيد، رجل آتاه اللَّه مالا فهو يحج منه، ويصل منه، أله أن يتنعم فيه؟ فقال الحسن: لا لو كانت الدنيا له ما كان له إلا الكفاف، ويقدم فضل ذلك ليوم فقره وفاقته، إنما كان المتمسك من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن أخذ عنهم من التابعين كانوا يكرهون أن يتخذوا العقر والأموال في الدنيا ليركنوا إليها ولتشتد ظهورهم، فكانوا ما آتاهم اللَّه من رزق أخذوا منه الكفاف، وقدموا فضل ذلك ليوم فقرهم وفاقتهم، ثم حوائجهم بعد في أمر دينهم ودنياهم فيما بينهم وبين اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 331 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا الهيثم قال: سمعتُ أبي يقول: قال

الحسن لأصحابه: يا ابن آدم إلى متى، يا أهلاه غدوني، يا أهلاه عشوني، يوشك واللَّه يغدى بك، يوشك واللَّه يراح بك، أما هو إلا أكلًا وبلعًا وشرطًا شرطًا أحمق إنما تجمع مالك لامرأة تذهب به إلى زوجها، أو رجل يذهب به إلى زوجته فإن استطعت أن تكون أخسر الثلاثة نصيبًا فافعل. قال: وسمعتُ الحسن: يقول ابن آدم: مالي مالي. هل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو أعطيت فأمضيت؟ ! "الزهد" ص 334 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا هشام، عن الحسن قال: قيل له: يا أبا سعيد، ألا تغسل قميصك؟ قال: فقال: ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك. وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، أنبأنا علي بن ثابت، حدثني رجل من أهل خراسان، عن الحسن قال: ابن آدم إنما أنت أيام، وكلما ذهب يومٌ ذهب بعضك. "الزهد" ص 339 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا أبو عبيد الناجي قال: دخلنا على الحسن نعوده في مرضه فقال: مرحبًا بكم وأهلا بكم، حياكم اللَّه بالسلام، وأحلنا وإياكم دار السلام، هذِه علانية حسنة إن صبرتم وصدقتم، وأقسم لا يكونن حظكم من هذا الخبر رحمكم اللَّه أن تسمعوه بهذِه الأذن فيخرج من هذِه الأذن، فإنه من رأى محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- فقد رأى غاديًا رائحًا لم يضع لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة، ولكن رفع له علم فشمر إليه، الوحا الوحا (¬1)، ثم النجا النجا، ¬

_ (¬1) أي الإسراع الإسراع، أو العجلة العجلة.

علامَ تعرجون؟ ! أتيتم ورب الكعبة كأنكم والأمر معًا. "الزهد" ص 340 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم، حدثنا ابن المبارك، عن الحسن قال: نعمت الدار كانت الدنيا للمؤمن؛ وذلك أنه عمل قليلًا وأخذ زاده منها إلى الجنة، وبئست الدار كانت للكافر والمنافق وذلك أنه تمتع ليالي وكان زاده منها إلى النار. "الزهد" ص 346 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، حدثنا هشام، عن الحسن قال: واللَّه، لقد أدركت أقواما وصحبت طوائف منهم ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا أقبل ولا يتأسفون على شيء منها أدبر، ولهِيَ كانت أهون في أعينهم من هذا التراب، كان أحدهم يعيش خمسين سنة لم يُطوَ له ثوب قط، ولا نُصِب له قدر، ولا جعل بينه وبين الأرض شيئا، ولا أمر في بيته بصنعة طعام قط، فإذا كان الليل فقيام على أطرافهم يفترشون وجوههم تجري دموعهم على خدودهم يناجون ربهم في فكاك رقابهم كانوا إذا عملوا الحسنة دأبوا في شكرها، وسألوا اللَّه أن يقبلها، وإذا عملوا السيئة أحزنتهم، وسألوا اللَّه أن يغفرها، فما زالوا كذلك على ذلك، فواللَّه ما سلموا من الذنوب ولا نجوا إلا بالمغفرة، وإنكم أصبحتم في أجل منقوص، والعمل محفوظ، والموت واللَّه في رقابكم، والنار بين أيديكم، فتوقعوا قضاء اللَّه عز وجل في كلِّ يوم وليلة. "الزهد" ص 347 قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي: حدثنا أبو معاوية الغلابي، حدثني رجل من قريش قال: أقبل يونس بن عبيد من جنازة فناداه الحسن من ورائه: أبا عبد اللَّه، أبا عبد اللَّه، فالتفت إليه فقال: إن كنت تبادر إلى أهل تحبهم ويحبونك لا تنزل فيهم إلا قليلًا. "الزهد" ص 379

258 - فضل الصبر على الجوع والفقر، وذم الشبع

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، أخبرنا عمر بن عبد الرحمن قال: سمعت وهب بن منبه يقول: إن عابدًا من بني إسرائيل تعبد وساح، حتَّى كان مع الوحش، وحتى عما شعره، فكان يغطي فرجه، فمات إنسان ليس له وارث غيره، فكرهوا أن يعرضوا لماله حتَّى يعلموه، فجعلوا يقعدون له، فإذا نظر إليهم يفر منهم، فقال إنسان: تجعلون لي شيئًا، آتيكم بخبره فجعلوا له شيئًا، فقعد له، فلما رآه استقبله، وألقى ثيابه، فلما نظر إليه، وقف، وغض بصره، فقال له: ائذن لي أن منك. فقال: ادنه. قال: فلان مات، وترك مالًا, ولم يترك وارثًا غيرك، فكرهوا أن يعرضوا المال حتَّى يعلموك. قال: كم له منذ مات؟ قال: كذا وكذا. قال: فكم لي منذ فارقتكم؟ قال: كذا وكذا. قال: فإنِّي قد مت قبله بكذا وكذا، فولى عنه وتركه. "الزهد" ص 516 258 - فضل الصبر على الجوع والفقر، وذم الشبع قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أعوذ بك من الفقر" (¬1). كيف هذا وفي الفقر ما فيه من الفضل؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 305، وأبو داود (1544)، والنسائي 8/ 261، والبخاري في "الأدب المفرد" (678)، وابن حبان 3/ 305 (1030)، والطبراني في "الدعاء" 3/ 1426 (1341) والحاكم 1/ 540 - 541، والبيهقي 7/ 12 من طرق عن حماد ابن سلمة، عن إسحاق بن عبد اللَّه، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللهم إنِّي أعوذ بك من الفقر، والقلة، والذلة وأعوذ بك أن أَظلِمَ أو أُظلَمَ". قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه.

فقال: إنما استعاذ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من فقر القلب (¬1). "سؤالات الأثرم" (22) قال المروذي: وقال أبو عبد اللَّه: كأنك بالموت وقد فرق بيننا، ما أعدل بالفقر شيئًا، أنا أفرح إذا لم يكن عندي شيء، إنِّي لأتمنى الموت صباحًا ومساءً؛ أخاف أن أفتن في الدنيا. "الورع" (16) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: أنا أفرح إذا لم يكن عندي شيء، وقال: ما أعدل بالفقر شيئًا. "الورع" (152) قال المروذي: ذكرت لأبي عبد اللَّه: رجلًا صبورًا على الفقر في إطمار، فكان يسألني عنه، ويقول: اذهب حتَّى تأتيني بخبره، سبحان اللَّه الصبر على الفقر! ما أعدل بالصبر على الفقر شيئًا، تدري الصبر على الفقر أي شيء هو؟ وقال: كم بين من يُعْطى من الدنيا ليفتتن إلى آخر تُزوى عنه. ¬

_ = قال الألباني في "صحيح أبي داود" (1381): هذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فهو من رجال مسلم. وانظر: "الإرواء" (860). وروى الإمام أحمد 6/ 57، والبخاري (6368)، ومسلم (589/ 49) من حديث عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يدعو بهؤلاء الدعوات. . . وفيه "ومن شر فتنة الفقر". (¬1) هذا التفسير إنما أخذه الإمام أحمد من حديث أبي ذر مرفوعًا: "يَا أبا ذر، أترى كثرة المال هو الغنى؟ " قلت: نعم يَا رسول اللَّه. قال: "فترى قلة المال هو الفقر؟ " قلت: نعم، يَا رسول اللَّه. قال: "إنما الغنى عنى القلب والفقر فقر القلب. . " الحديث بطوله. رواه النسائي كما في "تحفة الأشراف" 9/ 157 مختصرًا، وابن حبان 2/ 460 (685)، والطبراني في "مسند الشاميين" 3/ 174 (2020)، والحاكم 4/ 327، والبيهقي في "الشعب" 7/ 290 (10344). قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه. وصححه الألباني في "الصحيحة" (3350).

وقال المروذي: ذكرت لأبي عبد اللَّه: الفضل وعريه، وفتح الموصلي وعريه وصبره؛ فتغرغرت عينه وقال: رحمهم اللَّه، كان يقال: عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة. "الورع" (266 - 267) قال المروذي: وقال لي أبو عبد اللَّه يومًا: إنِّي لأفرح إذا لم يكن عندي شيء. وجاءه ابنه الصغير بعقب هذا الكلام، فطلب منه، فقال: ليس عند أبيك قطعة، ولا عندي شيء. "الورع" (280) قال المروذي: قلتُ لأبي عبد اللَّه؛ أحمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه-: إن أصحاب التقلل يقولون: ليس شيء أفضل من القلة والجوع، وإذا عود الرجل نفسه ألا يأكل إلَّا في كلِّ يومين أو ثلاثة آجر له، وهو بمنزلة من تعود صيام الدهر؟ قال: إنما يجوز هذا لمن كان وحده، فأما من كان معيلًا فكيف يقوى؟ لقد أفطرت أمس، ودعتني نفسي إلى أن أفطر اليوم، ما أعدل بالفقر شيئًا. إنِّي لأذكر أولئك الفتيان أصحاب الصلاة. ثم قال: إذا شبعوا مِنَ الخبز والتَّمر فأيش يريدون؟ وجعل يعظم أمر الجوع والفقر. "الورع" (321) قال المروذي: قلتُ لأبي عبد اللَّه: يؤجر الرجل في ترك الشهوات؟ قال: وكيف لا يؤجر، وابن عمر يقول: ما شبعتُ منذ أربعة أشهر (¬1)؟ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 237، وابن أبي الدنيا في "الجوع" (59)، والطبري في "تهذيب الآثار" 2/ 719 (1039)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 300.

قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: لا يجد الرجل من قلبه رقة وهو يشبع؟ قال: ما أرى. وقال معاذ الخلال وغيره من أصحابنا: كان محمد بن الحسين يزن قوته. عن ابن سيرين قال: قال رجل لابن عمر: ألا أجيئك بجوارش؟ قال: وأي شيء هو؟ قال: شيء يهضم الطعام إذا أكلته! قال: ما شبعت منذ أربعة أشهر، فليس ذاك أني لا أقدر عليه، ولكن أدركتُ أقوامًا، يجوعون أكثر مما يشبعون (¬1). حدثنا عاصم بن عمر بن حمزة بن عبد اللَّه بن عمر قال: كنت جالسًا مع أبي، فمر رجلٌ، فقال: أخبرني ما قلتَ لعبد اللَّه بن عمر، يوم رأيتَك تكلمه بالجرف؟ قال: قلتُ: يَا أبا عبد الرحمن رقت مضغتك، وكبر سنك، وجلساؤك لا يعرفون لك حقك، ولا شرفك، فلو أمرت أهلك أن يجعلوا لك شيئًا؛ يلطفوك إذا رجعت إليهم! قال: ويحك، واللَّه ما شبعتُ منذ إحدى عشرة سنة، ولا اثنتي عشرة سنة، ولا ثلاث عشرة سنة، ولا أربع عشرة سنة، مرة واحدة، فكيف بي، وإنما بقي منه كظمئ الحمار. عن النعمان بن بشير قال: سمعت عمر بن الخطاب -وذكر ما أصاب الناس من الدنيا- فقال: لقد رأيتُ نبيكم -صلى اللَّه عليه وسلم- يلتوي؛ ما يجد دقلًا يملأ به بطنه (¬2). أخبرني يحيى بن جابر قال: سمعتُ المقدام يقول: سمعتُ رسول اللَّه ¬

_ (¬1) انظر تخريج الحديث السابق. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 50، ومسلم (2978/ 36).

-صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ما ملَأَ آدَمِيٌّ وِعاءً، شرًّا مِنْ بَطْنٍ، حَسْب ابن آدَمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كانَ لا مَحالةَ، فَثُلُثٌ لِطَعامِ، وثُلُثٌ لِشَرابِ، وثُلُثٌ لِنَفَسِهِ" (¬1). عن عروة، عن عائشة قالت: والذي بعث محمدًا بالحق، ما رأى منخلًا, ولا أكل خبزًا منخولًا منذ بعثه اللَّه إلى أن قبض. قلت: كيف كنتم تأكلون الشعير؟ قالت: كنا نقول: أُف أُف. حدثنا ابن لهيعة؛ أن بكر بن سوادة أخبره؛ أن حنشًا حدثه؛ أن أم أيمن غربلت دقيقًا؛ لتصنع لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رغيفًا، فمر بها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "ما هذا؟ " قالت: طعام صنعته في أرضنا، وأحببتُ أن أصنع لك رغيفًا، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رُدِّيه، ثم اعجنيه" (¬2). "الورع" (322 - 329) قال المروذي: قرأت على أبي عبد اللَّه: أحمد بن الحجاج قال: حدثني مسلمة بن عبد الملك قال: دخلتُ على عمر بن عبد العزيز بعد الفجر -في بيت كان يخلو فيه، فلا يدخل عليه أحد- فجاءته جارية بطبقٍ عليه تمر صيحاني -وكان يعجبه التمر- فرفع بكفه منه، فقال: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 132، والترمذي (2380)، والنسائي في "الكبرى" 4/ 177 (6769) من هذِه الطريق. ورواه ابن ماجه (3349) من طريق محمد بن حرب، عن أمه، عن أمها أنها سمعت المقدام من الحديث. وصححه الحاكم 4/ 331 - 332. وحسنه الحافظ في "الفتح" 9/ 528، وصححه الألباني في "الإرواء" (1983). (¬2) رواه ابن ماجه (3336)، ونعيم بن حماد في زوائده على "الزهد" لابن المبارك (1999)، وابن أبي الدنيا في "الجوع" (174)، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 67 - 68، وحسن إسناده البوصيري في "الزوائد" (1096)، والألباني في "صحيح ابن ماجه" (2696).

يَا مسلمة! أترى لو أن رجلًا أكل هذا، ثم شرب عليه من الماء أكان يجزيه إلى الليل؟ قلت: لا أدري. قال: فرفع أكثر منه. فقال: هذا؟ قلت: نعم يَا أمير المؤمنين، كان كافيه دون هذا، حتَّى لا يبالي أن لا يذوق طعامًا غيره. فقال: فعلَام يدخل النار! قال مسلمة: فما وقعت مني موعظة ما وقعت هذِه. حدثني محمد بن إدريس البزار قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: ما ينبغي للرجل أن يشبع اليوم من الحلال؛ لأنه إذا شبع من الحلال، دعته نفسه إلى الحرام، فكيف من هذِه الأقذار؟ ! سمعتُ بعض أصحابنا -وهو: أبو حفص؛ ابن أخت بشر- قال: سمعت بشرًا يقول: ما شبعت منذ خمسين سنة. سمعتُ أبا نصر التمار يقول: قال لي بشر بن الحارث: إنِّي لأشتهي هذا الباذنجان منذ عشرين سنة. حدثنا عباد بن راشد، عن الحسن قال: قيل لسمرة: إن ابنك قد بشم الليلة. فقال: لو مات ما صليت عليه. عن عمرو بن الأسود العنسي؛ أنه كان يدع كثيرًا من الشبع؛ مخافة الأشر. "الورع" (330 - 353) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا الفضل، عن الحسن: قال لقمان لابنه: يا بني، لا تأكل شبعًا فوق شبع، فإنك إن تُلْقِه بنَبْذِه للكلب خير لك من ذلك. "الزهد" ص 97

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الملك بن عمير، حدثنا عباد، عن الحسن قال: قيل لسمرة: إن ابنك لم ينم الليلة. قال: أبشمًا (¬1)؟ قيل: بشمًا، قال: لو مات لم أصل عليه. "الزهد" ص 248 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا مهدي، عن محمد بن سيرين قال: أعرس ابن أخت لنا فصنع طعامًا؛ فقال ابن سيرين: كان الرجل من أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- يمكث أيامًا لا يأكل، فإذا وجد جلدة اجتزأ بها، فإن لم يجد عصب على بطنه حجرًا. "الزهد" ص 375 قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: حدثنا عفان، حدثنا حماد، عن ثابت أن عسعسًا كان يقول: تعال فلنجعل يومنا طرسًا: يعني: الطرس الذي لا يأكل ولا يشرب. "الزهد" ص 379 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هاشم، حدثنا المبارك، عن الحسن قال: أتى رجل عمر -رضي اللَّه عنه- وهو ينهج قد ركبه اللحم، قال: ما هذا؟ قال: بركة اللَّه يَا أمير المؤمنين قال: كذبت، بل هو عذاب اللَّه، وهو يقول: هاه هاه. "الزهد" ص 477 قال ابن الجوزي: أَخبرنا محمد بن أَبي منصور، قال: أَنبأَنا الحسن بن أَحمد بن البنا، قال: الحسن بن محمد الخلال، قال: ثنا أبو بكر أَحمد بن محمد بن غالب، قال: قرأتُ على أَبي بكر محمد بن أَحمد بن جعفر بن يزيد بن خالد الفامي، حدثنا محمد بن العباس المُسْتَمْليّ، قال: حدثنا ¬

_ (¬1) كلمة تعني: التخمة. انظر "لسان العرب" 1/ 290.

259 - فضل الفقراء على الأغنياء

أبو بكر المَرُّوذي، قال سمعتُ أَحمد بن حنبل، يقول: ما أعدل بالفقر شيئًا، أتدري الصبر على الفقر أي شيء هو؟ قد رأيتُ قومًا صالحين: لقد رأيتُ عبد اللَّه بن إدريس وعليه جبة لبود، وقد أتى عليه السنون والدهور، ولقد رأيتُ أبا داود الحفري وعليه جبة مخرقة، قد خرج القطن منها، يصلي بين المغرب والعشاء وهو يترجَّح من الجوع، ورأيتُ أيوب بن النجار بمكة وقد خرج مما كان فيه ومعه رشاء يستقي به في مكة وقد خرج من كل ما يملكه، وكان من العابدين، وكان في دنيا فتركها في يدي يحيى القطان، وقد رأيتُ ابن بجالة العابد وكنتُ أسمع صوت خفه في الطواف بالليل، ولقد كان في المسجد رجل يقال له: العَرَفي، يقوم من أول الليل إلى الصباح يبكي. قال: فاشتهيتُ النظر إليه، فإذا هو شاب مصفر، ولقد رأيتُ حسينًا الجُعْفيّ، وكان يُشَبّه بالراهب، ما رأيتُ بالكوفة أفضل من حُسيْن الجُعْفِيّ، وسعيد بن عامر بالبصرة. "المناقب" 81 259 - فضل الفقراء على الأغنياء قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكِيعٌ، ووافقه زائدة، حدثنا الأَعْمَشُ، عن سُلَيْمانَ بْنِ مُسْهِرٍ، عن خَرَشَةَ بْنِ الحُرِّ، عن أَبِي ذَرٍّ -رضي اللَّه عنه- قال: قال لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَا أبا ذَرٍّ انْظُرْ أَرْفَعَ رَجُلٍ في المَسْجِدِ" قال: فَنَظَرْتُ فَإِذا رَجُلٌ عَلَيْهِ حُلَّةٌ، قال: قُلْتُ: هذا، قال: "انْظُرْ أَوْضَعَ رَجُلٍ في المَسْجِدِ" قال: فَنَظَرْتُ فَإذا رَجُلٌ عَلَيْهِ أَخْلاقٌ، قال: فقُلْتُ: هذا، فقال: فَقال رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَهذا خير عِنْدَ اللَّهِ عز وجل يَوْمَ القِيامَةِ مِنْ

مِلْءِ الأَرْض مِنْ مِثْلِ هذا" (¬1). "الزهد" ص 36 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثني علي بن علي قال: سمعت الحسن يقول: بلغنا أنَّ فقراءَ المسلمين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين عامًا، والآخرون جثاء على ركبهم، فيأتيهم ربهم عز وجل فيقول: أنتم كنتم حكام الناس، وولاة أمورهم، فعندكم حاجتي وطلبتي، قال: فقال الحسن: فثم واللَّه حساب شديد، إلَّا ما يسر اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 46 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد اللَّه بن يزيد -يعني: المقرئ- حدثنا حيوة، أخبرني أبو هانئ أن أبا على حدثه أنه سمع فضالة بن عبيد يقول: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا صلى بالناس غير رجال من مقامهم في الصلاة؛ لما بهم من الخصاصة وهم أصحاب الصفة حتَّى يقول الأعراب: إن هؤلاء مجانين، فإذا قضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الصلاة انصرف إليهم فقال: "لَوْ تعْلَمونَ ما لَكُمْ عِنْدَ اللَّه عز وجل لأَحْبَبْتُمْ لَوْ أَنَّكُمْ تَزْدادُونَ حاجَةً وفاقَةً" (¬2) قال فضالة: وأنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يومئذ. "الزهد" ص 46 - 47 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سَيّارٌ، حدثنا جَعْفَرٌ، حدثنا المُعَلَّى بن زِيادٍ، حدثنا العَلاءُ بْنُ بَشِيرٍ المُزَنِيُّ -وَكانَ واللَّه ما عَلِمْتُ شُجاعًا عِنْدَ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 157، وابن أبي شيبة 7/ 99 (34306)، وصححه ابن حبان 2/ 456 (681). قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 258: رواه الإمام أحمد بأسانيد، ورجالها رجال الصحيح. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 18 - 19، والترمذي (2368) قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان 2/ 502 (724)، وكذا الألباني في "الصحيحة" (2169).

اللِّقاءِ، بَكّاءً عِنْدَ الذِّكْرِ- عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النّاجِيِّ، عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قال: كُنْتُ في حَلْقَةٍ مِنْ الأَنْصارِ، وإِنَّ بَغضَنا لَيَسْتَتِرُ بِبَعْضٍ مِنْ العُرْيِ، وقارِئٌ لَنا يَقْرَأُ عَلَيْنا، فَنَحْنُ نَسْمَعُ إلى كِتابِ اللَّهِ عز وجل؛ إِذ وقَفَ عَلَيْنا رَسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وقَعَدَ فِينا، لِيَعُدَّ نَفسَهُ مَعَهُمْ، فَكَفَّ القارِئُ، فَقال: "ما كُنْتُمْ تَقُولُونَ؟ " قال: قُلْنا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كانَ قارِئٌ لَنا يَقرَأُ عَلَيْنا كِتابَ اللَّهِ عز وجل، فَقال رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِيَدِهِ وحَلَّقَ بِها يُومِئُ إِلَيْهمْ أَن تَحَلَّقُوا، فاسْتَدارَتِ الحَلْقَةُ، قال: فَما رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَرَفَ مِنهُمْ أَحَدًا غَيْرِي، قال: فَقال: "أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ الصَّعالِيكِ تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ قَبْلَ الأَغْنِياءِ بِنِصْفِ يَوْمٍ، وذَلِكَ خَمْسُمِائَةِ عامٍ" (¬1). "الزهد" ص 47 - 48 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الوهَّاب، عن سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل على أهل الصفة وكان يجتمع بها فقراء المسلمين وكانوا يرقعون ثيابهم بآدم، ولا يجدون رقاعا، فقال: "أنتم اليوم خير، أو يوم يغدو أحدكم في حلة، ويروح في أخرى، وتغدو عليه جفنة، ويراح عليه بأخرى، ويستر بيته كما تستر الكعبة؟ " قالوا: لا، بل نحن يومئذ خير فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا، بل أنتم اليوم خير" (¬2). "الزهد" ص 48 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 63، وأبو داود (3666). قال المنذري في "مختصره" 5/ 256: في إسناده المعلى بن زياد أبو الحسن، وفيه مقال. وضعف الحديث الألباني في "ضعيف الجامع" (40) (¬2) رواه الطبري في "تفسيره" 11/ 288 (31280)، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 12 لعبد بن حميد.

قال عبد اللَّه، حدثنا أبي، حدثنا يزيد، حدثنا أبو الأشهب، حدثني سعيد بن أيمن مولى كعب بن (سور) (¬1) قال: بينما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يحدث أصحابه، إذ جاء رجل من الفقراء، فجلس إلى جنب رجل من الأغنياء، فكأنه قبض من ثيابه عنه، فتغير رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أخشيت يَا فلان أن يعدو غناك عليه، وأن يعدو فقره عليك؟ " قال: يَا رسول اللَّه، وشر الغنى؟ قال: "نعم، إن غناك يدعوك إلى النار، وإن فقره يدعوه إلى الجنة" فقال: فما ينجيني منه؟ قال: "تواسيه" قال: إذًا أفعل، فقال الآخر: لا إرب لي فيه قال: "فاستغفر، وادع لأخيك" (¬2). "الزهد" ص 49 قال عبد اللَّه، حدثنا أبي، حدثنا رجل -هو علي بن عبد اللَّه- حدثني يونس بن سليمان الصنعاني، حدثني إبراهيم بن عمر بن كيسان، عن أبيه، عن عمر بن أبي زيد، عن وهب بن منبه، أنه قال: إن عيسى ابن مريم قال: بحق أقول لكم، إن أكناف السماء لخالية من الأغنياء، ولدخول جمل في سم الخياط أيسر من دخول غني الجنة. "الزهد" ص 117 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو الأشهب، عن الحسن أن رجلا قال لعثمان بن أبي العاص: يَا أهل الأموال، ¬

_ (¬1) في المطبوع من "الزهد" سوار والمثبت هو الصواب انظر ترجمة سعيد بن أيمن. (¬2) لم أقف عليه، لكن عزاه ابن القيم في "عدة الصابرين" ص 325 للإمام أحمد في "الزهد" وسكت عنه. قلت: وهو مرسل، سعيد بن أيمن تابعي يروي عن أنس وعائشة -رضي اللَّه عنهما- وعنه أبو الأشهب وحماد وحزم البصري. انظر "التاريخ الكبير" للبخاري 3/ 455 (1515)، و"الثقات" لابن حبان 4/ 277 (2887)

تنفقون وتتصدقون وتحجون، وإنكم لتغبطونا بها. فقال: واللَّه لدرهم يأخذه أحدكم من جهد فيضعه في حق، خير من عشرة آلاف يأخذها أحدنا فيضا من فيض. "الزهد" ص 253 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثنا رباح، عن جعفر بن محمد، عن التيمي، عن وهب بن منبه قال: دخول الجمل في سم الخياط أيسر من دخول الأغنياء الجنة. "الزهد" ص 446 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حُسَيْنٌ، حَدثنا (دويد عن سَلْم بن بَشِير) (¬1)، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ، قال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْتَقَى مُؤْمِنانِ عَلَى بابِ الجَنَّةِ: مُؤْمِنٌ غَنِيٌّ ومُؤْمِنٌ فَقِيرٌ كانا في الدُّنْيا، فَأُدْخِلَ الفَقِيرُ الجَنَّةَ، وحُبِسَ الغَنِيُّ ما شاءَ اللَّهُ أَنْ يُحْبَسَ ثُمَّ أُدْخِلَ الجَنَّةَ فَلَقِيَهُ الفَقِيرُ، فقال: أَيْ أَخِي، ماذا حَبَسَكَ؟ واللَّه لَقَدْ احْتُبِسْت حَتَّى خِفْتُ عَلَيْكَ، فَيَقُولُ: أَيْ أَخِي، إِنِّي حُبِسْتُ بَعْدَكَ مَحْبِسًا فَظِيعًا كَرِيهًا وما وصَلْتُ إِلَيْكَ حَتَّى سالَ مِنِّي العَرَقُ ما لَوْ ورَدَهُ أَلْفُ بَعِيرٍ كُلُّها آكلَةُ حَمْضٍ لَصَدَرَتْ عَنْها رِواءً" (¬2). "الزهد" ص 473 - 474 ¬

_ (¬1) في المطبوع من "الزهد": (ذويد عبد سليم بن بشر) والمثبت هو الصواب كما في "المسند"، و"الإكمال" للحسيني 1/ 275 (236). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 304. قال المندري كما في "صحيح الترغيب" (1852): رواه الإمام أحمد بإسناد جيد قوي. وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 263: رواه الإِمام أحمد، وفيه دويد غير منسوب فإن كان هو الذي روى عنه سفيان، فقد ذكره العجلي في كتاب "الثقات" وإن كان غيره لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح غير سلم بن بشير وهو ثقة. وقال الألباني في "الضعيفة" (6779): منكر.

باب ما جاء في الورع

باب ما جاء في الورع 260 - حقيقة الورع قال المروذي: قيل لأبي عبد اللَّه: هل للورع حد يُعرف؟ فتبسم، وقال: ما أعرفه. "الورع" (3) نقل المروذي عنه: عن عبد الوهَّاب، قال هشام: قال حسان بن أبي سنان: ما زاولتُ شيئًا أيسر من الورع. قال: قيل له: لأي شيء؟ قال: إذا رابني شيء تركته. "الورع" (224) نقل المروذي عنه: عن يونس بن عبيد قال: إنك لتعرف ورع الرجل في كلامه إذا تكلم. قال: قال يونس بن عبيد: ما أهم رجلًا كسبه حتَّى أهمه أين يضع درهمه. "الورع" (233) قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده: حدثنا أبو معاوية الغلابي، حدثني رجل، عن بشر بن منصور قال: إن الإيمان عفيف عن المطاعم، والمطامع، عفيف عن المحارم. "الزهد" ص 47 261 - فضل الورع ومنزلته قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا إبراهيم بن خالد، حدثني عمر بن عبيد، أنه سمع وهب بن منبه يقول: إن اللَّه عز وجل فتح السماوات لحزقيل حتَّى نظر إلى العرش -أو كما قال- فقال حزقيل: سبحانك! ما أعظمك يَا رب! فقال اللَّه: إن السماوات والأرض لم تطق أن تحملني، وضقن من أن تسعني، ووسعني قلب المؤمن الوارع اللين. "الزهد" ص 103

قال عبد اللَّه: وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده: حدثنا هاشم بن القاسم أبو النضر، حدثنا أبو عقيل الثقفي عبد اللَّه بن عقيل، عن يحيى بن سعيد الأنصاري عمن حدثه، عن عمر بن الخطاب رحمه اللَّه قال: إن الدين ليس بالطنطنة من آخر الليل، ولكن الدين الورع. "الزهد" ص 155 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا فياض بن محمد، حدثنا بعض أصحابنا يكنى: أبا أيوب قال: دخل الحسن المسجد ومعه فرقد، فقعد إلى جنب حلقة يتكلمون فنصت لحديثهم، قال: ثم أقبل على فرقد فقال: يا فرقد، واللَّه ما هؤلاء إلَّا قوم ملوا العبادة، ووجدوا الكلام أهون عليهم من العمل، وقيل ورعهم فتكلموا. "الزهد" ص 232 قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده: حدثني هاشم بن القاسم أبو النضر، أنبأنا أبو عقيل -يعني: الثقفي- عن عبد اللَّه بن عقيل، عن ابن أبي خالد -يعني: إسماعيل- عن أبي السفر، عن عائشة رحمها اللَّه قالت: إن الناس قد ضيعوا أعظم دينهم: الورع. "الزهد" ص 252 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: كان مطرف يقول: فضل العلم أحب إلى اللَّه من فضل العبادة، وخير دينكم الورع. وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: وكان مطرف بن عبد اللَّه يقول: إنك لتلقى الرجلين أحدهما أكثر صلاةً وصومًا وصدقةً والآخر أفضل منه بونًا بعيدًا. قيل له: كيف ذاك؟ قال: يكون أحدهما أشدهما ورعًا للَّه عز وجل عن محارمه. "الزهد" ص 294

262 - الحب على ألا يطعم إلا طيبا

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حسن بن موسى، حدثنا يحيى بن دينار، حدثنا معاوية بن قرة قال: أتينا الحسن فسألناه: أي العبادة أشد؟ قال: فقال قائل منا: أشد العبادة الجهاد في سبيل اللَّه، وقال قائل: أشد العبادة الصلاة، وقال قائل: أشد العبادة الزكاة، وقال قائل: الصيام. قال: فقلت بيني وبين نفسي: لأكلمنه. قال: قلت: يَا أبا سعيد، إنِّي لم أجد من العبادة أشد من الورع، فقال: لا أبا لك، فهل ينتفع بشيء من هذا إلَّا بالورع. قال: فقال الحسن: إنِّي لم أجد من العبادة شيئًا أشد من الصلاة في جوف هذا الليل. "الزهد" ص 317 262 - الحب على ألا يطعم إلَّا طيبًا قال المروذي: قال أبو عبد اللَّه: قال بشر بن الحارث: سمعتُ المعافى بن عمران يقول: كان عشرة فيمَنْ مضى من أهل العلم ينظرون في الحلال النظر الشديد، لا يدخلون بطونهم إلا ما يعرفون من الحلال، وإلا استفوا التراب، ثم عد: بشر وإبراهيم بن أدهم. وسليمان الخواص، وعلي بن الفضيل. وأبو معاوية الأسود، ويوسف بن أسباط، ووهيب بن الورد، وحذيفة -شيخ من أهل حران- وداود الطائي، فعد عشرة كانوا لا يدخلون بطونهم إلَّا ما يعرفون من الحلال، وإلا استفوا التراب. "الورع" (36) ونقل المروذي عنه: عن أم عبد اللَّه -أخت شداد بن أوس- أنها بعثت إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بقدح لبن عند فطره، وذاك في طول النهار وشدة الحر، فرد

إليها رسولها: "أنى لك هذا اللبن؟ " قالت: من شاة. قال: "وكيف وصلت إليك؟ " فقالت: اشتريتها من مالي فشرب. فلما كان من الغد، أتت أم عبد اللَّه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: يَا رسول اللَّه! بعثت إليك بهذا اللبن؛ مرثية لك من طول النهار وشدة الحر، ورددت إليّ الرسول! فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بذلك أُمِرتْ الرسلُ قبلي؛ أن لا يأكلوا إلَّا طيبًا, ولا يعملوا إلَّا صالحًا" (¬1). عن مالك الأحمري، عن حُذيفة، أنه سمع منه أن بائع الخمر كشاربها، ألا إن مقتني الخنازير كآكلها، تعاهدوا أرقاءكم، وانظروا من أين تجيئون بضرائبهم؛ فإنَّه لا يدخل الجنة لحم نبت من سُحت. "الورع" (314 - 315) قال المروذي: قرأتُ على أبي عبد اللَّه: حسين الأشقر، عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم قال: لما ولي وائل القضاء قال أبو وائل: يَا بركة، إن جاء وائل بشيء فلا تطعميني منه شيئًا يجيء به. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (173) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثني فضيل بن غزوان، عن أبي الفرات، عن مالك الأحمر، عن حذيفة، سمعته منه قال: بائع الخمر كشاربها، ألا إن مقتني الخنازير كآكلها، تعاهدوا أرقاءكم، فانظروا من أين ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 476، والطبراني 25/ 174 - 175 (428)، والحاكم 4/ 125 - 126 من طريق أبي بكر بن أبي مريم، عن ضمرة بن حبيب، عن أم عبد اللَّه. وصحح الحاكم إسناده، وقال الذهبي: ابن أبي مريم واهٍ، وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 521: وفيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف.

يجيئون بضرائبهم (¬1)، فإنَّه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت. "الزهد" ص 224 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا الهيثم بن خارجة، حدثنا المعافى بن عمران الموصلي الأزدي، عن أبي بكر بن عبد اللَّه بن أبي مريم، عن ضمرة بن حبيب، عن أم عبد اللَّه أخت شداد بن أوس أنها بعثت إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بقدح لبن عند فطره، وذلك في طول النهار وشدة الحر، فرد إليها رسولها "أنى لك هذا اللبن؟ " فقالت: لبن من شاة لي، فرد إليها رسولها "أنى لك هذِه اللبن؟ " قالت: اشتريتها من مالي، فشرب، فلما كان من الغد أتت أم عبد اللَّه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: يَا رسول اللَّه بعثت إليك بذلك اللبن مرثية لك من طول النهار وشدة الحر فرددت إلى فيه الرسول، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أُمِرَتْ الرسلُ قبلي أن لا تأكلَ إلَّا طيبًا ولا تعمل إلَّا صالحًا" (¬2). "الزهد" ص 476 وذكرَ المَرُّوذِيُّ له قَوْلَ الفُضيْلِ: كُلْ ما لَمْ تعْلَمْ أَنَّهُ حَرامٌ بِعَيْنِهِ. فقال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وما يُدْرِيهِ أَيَّهُا الحَرامُ؟ "الآداب الشرعية" (1/ 472) ¬

_ (¬1) الضَّريبة: الطبيعة، يقال: إنه لكريم الضرائب؛ أي الخصال. "العين" 7/ 32. (¬2) انظر ما سبق، ابن أبي مريم: ضعيف. أما قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بذلك أمرت الرسل قبلي ألا تأكل إلَّا طيبًا ولا تعمل إلَّا صالحًا" فثابت بنص القرآن في قوله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51] وشاهده من السنه ما رواه الإمام أحمد 2/ 328، ومسلم (1015) من حديث أبي هريرة: ". . إن اللَّه طيب لا يقبل إلا طيبًا وإن اللَّه أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين"، ثم ذكر الآية السالفة، وبعدها قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172].

263 - الأمر بالوقوف عند الشبهة

263 - الأمر بالوقوف عند الشبهة قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ: تفسير: "الحلالُ بيّن، والحرامُ بيّن"؟ قال: أمّا ما جاء عَنِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الحلالُ بيّن، والحرامُ بيّن"، نقول: ما أحلَّ اللَّهُ عز وجل في كتابِه، وأحله الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فذلك بيّن، لا يجوز إلَّا التمسك به، وكذلك الحرام بيّن في كتابِ اللَّهِ سبحانه وتعالى وبين الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- إرادة اللَّه سبحانه وتعالى في ذَلِكَ؛ كي ينتهيَ النَّاسُ عنه، وبيْن الحلالِ والحرام أمور مُشتبهةٌ تخفى على أهل العلمِ، فلا يدرون أيتقدمون عليها، أم يتأخرون عنها؛ لما لا يجدون في القرآنِ أو سنة رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بيانَ حلالها مِنْ حرامها، فالوقوف عند ذَلِكَ خير من التقحم عليها، وهي أمور مشكلة. مِنْ ههنا ذكر في غيرِ حديثٍ عَنِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه -رضي اللَّه عنهم-: أن الرجل ينبغي له أن يكونَ بينه وبين الحرامِ سترًا مِنَ الحلالِ، حَتَّى يكونَ قد استبرأ لدينِه وعرضه، فإنَّه إذا استوعبَ الحلال كله أفضى إلى الحرامِ، وقد ضرب النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لذلك مثلًا، فقال: المتقدمُ على الشُبهةِ كالرّاعي حولَ الحمى، يوشكُ أنْ يواقع الحمى. وكذلك قال عمرُ بنُ الخَطَّاب -رضي اللَّه عنه-: دعوا الربا والريبة (¬1). لمّا خاف إذا تناولت الريبة وقعت في الربا وأنت لا تعلم. وكذلك أخبرني عيسى بنُ يونس، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 36، وابن ماجه (2276) قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 3/ 35: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1846). وفي الباب عن ابن عباس رواه البخاري (4544).

كثير قال: كان ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- إذا كان أمرانِ أَخَذَ بأوثقِهما، فإن اختلفوا عليه سكت (¬1). فالاحتياطُ للمسلم الوقوف عند الشبهات؛ نحو هذِه العيبات التي احتال النّاس فيها، أو الصيرف حين يُدخِلون بين الدنانير فضة أو بين الدراهم ذهبًا، لِيُحَللوا الحرامَ، والحيلُ لا تحلُّ حرامًا, ولا تحرِّمُ حلالًا، وكذلك كل ما أشبه ذَلِكَ مِنْ نحو المسكر، والأشربةِ الخبيثة وما أشبهه مما تركنا فلم نصف فهو كما وصفنا، وإنما الشبهات هي نحو من المسائل التى وصفنا يشتبهن على أهلِ العلمِ بالكتاب والسنة لما انقطع العلم فيها بأعيانها، ويحتاجون أن يشبهوا ذَلِكَ بالأصولِ الثابتة فلا يجدون إلى ذَلِكَ سبيلًا. "مسائل الكوسج" (3361) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه: عن الشبهة يشتري الرجل منها الثوب؛ يتجمل به؟ فقال: كيف؟ وإنما أمر الرجل بالوقوف عندها. وكأنه كره ذلك. "الورع" (167) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن قال: سمعت شعبة قال: سمعت أبا سفيان يقول: كان عمر يقول: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. "الزهد" ص 240 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا مسافر الجصاص، قال: كان إبراهيم يدعو يقول: اللهمَّ اعصمني بكتابك وسنة نبيك محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- من اختلاف في الحق، ومن اتباع الهوى بغير هدى ¬

_ (¬1) "تاريخ بغداد" 8/ 296.

264 - ترك بعض الحلال مخافة الحرام

منك، ومن سبيل الضلال ومن شبهات الأمور، ومن الزيغ واللبس والخصومات. "الزهد" ص 436 264 - ترك بعض الحلال مخافة الحرام قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: سمعت ابن عيينة يقول: لا يصيب عبد حقيقة الإيمان, حتَّى يجعل بينه وبين الحرام حاجزًا من الحلال، وحتى يدع الإثم وما تشابه منه. "الورع" (439) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا صفوان، عن هشام قال: سمعت الحسن يقول: واللَّه لقد أدركت أقواما وإن كان أحدهم ليرث المال العظيم، قال: وإنه واللَّه، لمجهود شديد الجهد. قال: فيقول لأخيه: يَا أخي، إنِّي قد علمت أن ذا ميراث، وهو حلال، ولكني أخاف أن يفسد عليّ قلبي وعملي، فهو لك لا حاجة لي فيه. قال: فلا يرزأ منه شيئًا أبدًا. قال: وهو واللَّه مجهود شديد الجهد. قال: وسمعت الحسن يقول: واللَّه أدركتُ أقوامًا كانوا فيما أحلَّ اللَّه لهم أزهد منكم فيما حرَّم عليكم، ولقد كانوا أشفق من حسناتهم أن لا تقبل منهم منكم أن تؤاخذوا بسيئاتكم. "الزهد" ص 318 - 319 265 - جواز الانتفاع بما فيه شبهة عند الضرورة والحاجة قال المروذي: وسئل أبو عبد اللَّه: عن رجل كان في أمور قد تنزه عنها، إلَّا جارية كانت مملوكة، ومسكن هو في بيت منه، ولا يرى أن

266 - حقيقة الشبهة وما جاء أن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات

يتوضأ للصلاة من البئر؟ قال أبو عبد اللَّه: هذا على حكم الاضطرار، كأنه سهل. "الورع" (440) قال المروذي: قلتُ لأبي عبد اللَّه: الرجل يُبعث إليه بالشيء قد تنزَّه عنه، ترى إذا احتاجَ أن يرهنها عند بعض التجار، ويأخذ الشيء الذي يتقوته؟ فقال أبو عبد اللَّه: أخاف أن يكون التاجر ينفق الدنانير. قيل لأبي عبد اللَّه: وإنه لا ينفقها. قال: إن كان لا ينفقها فليس بهذا بأس. "الورع" (441) 266 - حقيقة الشبهة وما جاء أن الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات قال صالح: وسألته عن حديث النعمان بن بشير "من اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه". قال: الشبهة: هي منزلة بين الحلال والحرام، فإذا استبرأ لدينه لم يقع فيها. "مسائل صالح" (205) قال المروذي: سأَلتُ أبا عبد اللَّه، عن الشبهة؟ فقال لي: وتعرف الشبهة؟ قلت: نعم، هو الشيء الذي لا يقال: إنه حلال، ولا يقال: إنه حرام. فقال أبو عبد اللَّه: هو الشيء بين الحلال والحرام. "الورع" (166) قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: . . سمعت أبا ثعلبة الخشني يقول: قلت يَا رسول اللَّه، أخبرني ما يحل لي وما يحرم عليّ. قال:

267 - هل المكروهات تقع تحت حد الشبهات؟

فصعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- البصر فيَّ وصوب، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْبِرُّ ما سَكَنَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، واطْمَأَنَّ إِلَيْهِ القَلْبُ، والْإِثْمُ ما لَمْ تَسْكُنْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، ولَمْ يَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ القَلْبُ، وإِنْ أَفْتاكَ المُفْتُونَ" (¬1). "الورع" (157) قال المروذي: وسألت أبا عبد اللَّه مرة أخرى: عن الشبهة؟ فقال: حتَّى تعرف الشبهة! ثم قال: قال عبد اللَّه: الإثم حواز القلوب. "الورع" (174) قال الفضل بن زياد: كتبت إلى أبي عبد اللَّه أسأله عن حديث النعمان ابن بشير: "من اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه" ما الشبهات؟ فأتاني الجواب: هي منزلة بين الحلال والحرام، إذا استبرأ لدينه لم يقع فيها. "بدائع الفوائد" 4/ 60 267 - هل المكروهات تقع تحت حد الشبهات؟ قال إسحاق بن منصور: سُئِلَ إسْحاقُ عن المكروهاتِ، من وقف عليها أَنَّها حرام؟ قال: ليسَ لما وصَفتَ حدّ يعرف ينتهى إليه لا يجاوزه، ولكن مَعْنى المكروهاتِ إلى التَّحريمِ أقربُ، وفيها قال ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما- وغيرُهُ: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 194، والطبراني 22/ 219 (585) قال المنذري كما في "صحيح الترغيب والترهيب" (1735): رواه الإمام أحمد بإسناد جيد. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 175 - 176 رواه الإمام أحمد والطبراني، وفي الصحيح طرف من أوله ورجاله ثقات. وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب". قلت: وللحديث شاهد رواه مسلم (2553) من حديث النعمان بن سمعان الأنصاري أنه سأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن البر والإثم، فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس".

268 - من أكل طعاما فبان فيه شبهة فقاءه

يعجبنا أنْ يكونَ بيننا وبينَ الحرامِ سترٌ مِنَ الحلالِ (¬1). ما يدلّ أنَّ المكروهاتِ صارَ في حدِّ الشبهاتِ، وقدْ صحَّ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّ: "مَنْ اتَّقَى الشبهاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضهِ" (¬2). "مسائل الكوسج" (2302) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أسود بن عامر، حدثنا حماد، عن ثابت، عن مسلم بن يسار قال: ما أدري ما حسب إيمان عبد لا يدع شيئًا يكرهه اللَّه عز وجل؟ "الزهد" ص 306 268 - من أكل طعامًا فبان فيه شبهة فقاءه قال المروذي: سأَلتُ أبا عبد اللَّه عن شيء من أمر الورع فاحتج بحديث أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- في القيء، عن قيس قال: كان لأبي بكر رضوان اللَّه عليه غلامٌ، فكان إذا جاء بغلته لم يأكلْ حتَّى يسأله, قال: فنسي ليلة فأكل ولم يسأله, ثم سأله فأخبره أنه من شيء يكرهه، فأدخل يده في فيه فتقيأ حتَّى لم يترك شيئًا (¬3). قال المروذي عن أبي عبد اللَّه مناولة، عن محمد بن سيرين قال: لم أر ¬

_ (¬1) رواه أبو داود في "الزهد" (320) من طريق عبد اللَّه بن مسلمة، من مالك أنه بلغه أن عبد اللَّه بن عمر قال: إنِّي لأحب أن أجعل بيني وبين الحرام. ورواه أَيضًا ابن حزم في "المحلى" 8/ 477 من طريق وكيع عن سفيان الثوري عن بعض أصحابه عن ابن عمر. وذكره ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" 1/ 209. (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 267، والبخاري (52)، ومسلم (1599)، من حديث النعمان بن بشير -رضي اللَّه عنه-. (¬3) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 136 عن محمد بن فضيل، عن إسماعيل، عن قيس، ورواه البخاري (3842) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- بنحوه.

أحدًا استقاء من طعام غير أبي بكر، فإنَّه أتي له بطعام فأكل، ثم قيل له جاء به ابن النعيمان، قال: فأطعمتموني كهانة ابن النعيمان؟ ! ثم استقاء هذا أو نحوه (¬1). قال المروذي: عن أبي عبد اللَّه مناولة، عن أبي سعيد الخدري أنَّهم خرجوا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في سفر فنزلوا رفقًا، رفقة مع فلان، ورفقه مع فلان. قال فنزلت في رفقة أبي بكر فكان معنا أعرابي من أهل البادية، فنزلنا بأهل بيت من الأعراب وفيهم امرأة حامل، فقال لها الأعرابي: أيسرك أنْ تلدي غلامًا، إن أعطيتِني شاة ولدتِ غلامًا، فأعطتْه شاة وسجع لها أساجيع، قال: فذبح الشاة، فلما جنس القوم يأكلون قال: أتدرون من أين هذِه الشاة؟ فأخبرهم، فرأيتُ أبا بكر يتقيأ (¬2). عن محمد بن المنكدر أن أبا بكر -رضي اللَّه عنه- شرب لبنا، فأخبر أنه من الصدقة فتقيأ. "الورع" (307 - 310) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: أُخْبِرتُ أنَّ بشر بن الحارث، أرسل أخوه بتمر من الأبلة، وكان على شيء. فانتقت أمه تمرة من التمر الذي كان يفرقه -يعني: على أهل بيته- فلما دخل بشر، قالت له أمه: بحقي عليك -أو بحق ثديي- لما أكلت هذِه التمرة. فأكلها، وصعد إلى فوق. وصعدت خلفه. فإذا هو يتقيأ. فقال أبو عبد اللَّه: قد روي عن أبي بكر نحو هذا. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص 137 عن إسماعيل، عن عوف، عن ابن سيرين. ومعمر في "جامعه" 11/ 209 (20346) عن أيوب، عن ابن سيرين. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 51 من طريق الأسود بن قيس، عن نبيح، عن أبي سعيد. قال الهيثمي في "المجمع" 4/ 92: رجاله ثقات ..

أنبأنا إبراهيم بن سلمة قال: كان أبو سلمة بن مسلم يتغذى يومًا وعلى الخوان بقول حسان. فكان يأكل منها، فقال: ما رأيتُ بقولًا أرطب ولا أطيب من هذا، من أين هذا؟ قالوا: من حائط فلان؛ سماه، فقام من الخوان، فاستقاء حتَّى رمي به. عن فاطمة ابنة عبد الملك، قالت: اشتهى عمر بن عبد العزيز يومًا عسلًا، فلم يكن عندنا، فوجهنا رجلًا على دابة من دواب البريد إلى بعلبك بدينار، فأتى بعسل. فقالت: إنك ذكرت عسلًا، وعندنا عسل. فهل لك فيه؟ قالت: فأتيناه به فشرب، ثم قال: من أين لكم هذا العسل؟ قالت وجهنا رجلًا على دابة من دواب البريد، بدينار إلى بعلبك، فاشترى لنا عسلًا، فأرسل إلى الرجل فقال: انطلق بهذا العسل إلى السوق فبعه، واردد إلينا رأس مالنا، وانظر إلى الفضل، فاجعله في علف دواب البريد، ولو كان ينفع المسلمين قيء لتقيأت. "الورع" (311 - 313) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا محمد بن فضيل، عن إسماعيل، عن قيس قال: كان لأبي بكر غلام، فكان إذا جاء بِغلته، لم يأكل من غلته حتَّى يسأله, فإن كان شيئًا مما يحب أكل، وإن كان شيئًا يكره لم يأكل، قال: فنسي ليلة، فأكل ولم يسأله, ثم سأله فأخبره أنه من شيء كرهه، فأدخل يده فتقيأ حتَّى لم يترك شيئًا. "الزهد" ص 136 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا إسماعيل، عن عوف، عن محمد بن سيرين قال: لم أعلم أحدًا استقاء من طعام أكله غير أبي بكر، فإنَّه أتي بطعام فأكله، ثم قيل له: جاء به ابن النعمان، فقال: فأطعمتموني كهانة ابن النعمان! ثم استقاء هذا أو نحوه. "الزهد" ص 137

269 - من كره الأكل أو الشرب من الصدقة

269 - من كره الأكل أو الشرب من الصدقة قال ابن هانئ: وسئل عن رجل وجد تمرة ألقاها طير أيأكلها؟ قال: لا يأكلها. "مسائل ابن هانئ" (1769) قال المروذي: وسمعت رجلًا من بني هاشم -وهو: ابن الكردية- يقول لأبي عبد اللَّه: ما تقول في صدقة الماء، ترى الشرب منه؟ قال: أحب أن يُتوقى؛ فإنِّي لا آمن أن يكون من الزكاة، وذكر حديث أبي رافع، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من قال: "لا تحل الصدقة لبني هاشم، ولا مواليهم". عن أبي رافع، أنه استأذن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يخرج مع ساع بعثه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مصدقًا، قال "لا، أجلس يَا أبا رافع، فإنَّه لا ينبغي لنا أن نأكل من الصدقة". "الورع" (435 - 436) قال المروذي: قيل لأبي عبد اللَّه: الرجل يجد التمرة، قد ألقاها العصفور؟ قال: لا يتعرض لها، قد تعار النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الليل في التمرة؛ مخافة أن تكون من الصدقة. حدثنا أبو هريرة، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنِّي لأنقلب إلى أهلي، فأجد التمرة ساقطة على فراشي -أو: في فراشي- فأرفعها لأكلها، ثم أخشى أن تكون من الصدقة، فألقيها". "الورع" (437 - 438) 270 - السراج أو النار أو الحطب لمن تكره ناحيته يستضاء به أو يخبز أو يطبخ قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: يحضر يوم الجمعة يوم بارد، ترى

أن يسخن الماء من الموضع الذي أكره؟ قال: لا، ترك الغسل أعجب إليّ من هذا. "الورع" (147) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا قال لي: قل لأبي عبد اللَّه: ما تقول في النفاطة لمن يكره ناحيته، ينقطع شسعي أستضيء به؟ قال: لا. وذكر أبو عبد اللَّه عثمان بن زائدة. وذكرتُ له قصة النار أن غُلامه أخذ له نارًا من قومٍ يكرههم عثمانُ فطفاه. فقال أبو عبد اللَّه: هذا أشد من أمر عثمان. وقال: عثمان إنما أخذ له من حطبه، فالنفاطة أشد، ثم قال أبو عبد اللَّه: قد قال عثمان بن زائدة لسفيان: من نسأل بعدك؟ فقال: سلوا زائدة. حدثني عباس العنبري قال: سمعت أبا الوليد يقول: كنت مع عثمان بن زائدة بالري، فانطفأ مصباحه، فذهب غلامه فأخذ له نارًا من قوم، فقال له عثمان: من أين هذا؟ قال: من موضع -سماه- قال: فطفأه عثمان، وقال: لا نستضيء بنارهم. سمعت عباسًا العنبري يقول: قال لي بشر بن الحارث: انظر أن تكتب إليّ بأخلاق عثمان بن زائدة. قلت لأبي عبد اللَّه: تنور سجر بحطب أكرهه، فخبز فيه، فجئت أنا بعد فسجرته بحطب آخر، أخبز فيه؟ فقال: لا. أليس قد أحمى بحطبهم؟ ! وكرهه. قلت لأبي عبد اللَّه: ما تقول في قدر طبخت بنار يكره حطبها، أو سميت له الحطب. قال: لا. وكرهه. قلت: وهكذا الخبز اذا اختبز؟ قال: نعم. "الورع" (339 - 343)

271 - من كره أن يشم رائحة الطيب والبخور لمن تكره ناحيته

271 - من كره أن يشم رائحة الطيب والبخور لمن تكره ناحيته قال المروذي: وقلت لأبي عبد اللَّه: إني أكون في مسجد في شهر رمضان، فيجاء بالعود من الموضع الذي يكره؟ فقال: وهل يراد من العود إلا رائحته! إن خفي خروجك فاخرج. عن عبد اللَّه بن راشد -صاحب الطيب- قال: أتيت عمر بن عبد العزيز بالطيب الذي كان يصنع للخلفاء من بيت المال، فأمسك على أنفه، وقال: إنما ينتفع بريحه. قلتُ لأبي عبد اللَّه: أرويه عنك؟ فأجازه. أبو سعيد مولى بني هاشم قال: حدثنا إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقَّاص قال: قدم على عمر -رضي اللَّه عنه- مسك وعنبر من البحرين. فقال عمر: واللَّه لوددت أني أجد امرأة حسنة الوزن تزن لي هذا الطيب حتَّى أفرقه بين المسلمين. فقالت له امرأته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل: أنا جيدة الوزن، فهلم أزن لك. قال: لا. قالت: ولِمَ؟ قال: إني أخشى أن تأخذيه هكذا، وأدخل أصابعه في صدغيه، وتمسحين عنقك، فأصيب فضلًا عن المسلمين. حدثنا عبد اللَّه بن معاذ العنبري، حدثني نعيم، عن العطارة قالت: كان عمر يدفع إلى امرأته طيبًا من طيب المسلمين. قالت: فتبيعه امرأته، قالت: فبايعتني، فجعلت تقوم، وتزيد، وتنقص، وتكسره بأسنانها، فيعلق بإصبعها شيء منه. فقالت به هكذا بإصبعها في فيها، ثم مسحت به على خمارها. قالت: فدخل عمر، فقال: ما هذِه الريح؟ فأخبرته الذى كان.

272 - توبة من اختلط ماله بحرام

فقال: طيب المسلمين تأخذينه أنت، فتتطيبين به! قالت: فانتزع الخمار من رأسها، وأخذ جزءًا من الماء، فجعل يصب الماء على الخمار، ثم يدلكه في التراب، ثم يشمه، ثم يصب عليه الماء، ثم يدلكه في التراب، ثم يشمه، ففعل ذلك ما شاء اللَّه. فقالت العطارة: ثم أتيتها مرة أخرى، فلما وزنت لي علق بإصبعها منه شيء، فعمدت فأدخلت إصبعها في فيها، ثم مسحت بإصبعها التراب. قالت: فقلت: ما هكذا صنعت أول مرة! قالت: أو ما علمت ما لقيت منه، لقيت منه كذا! ! لقيت منه كذا! ! "الورع" (140 - 143) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن أبي سلمة- حدثنا إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص قال: قدم على عمر مسك وعنبر من البحرين، فقال عمر: واللَّه، لوددت أني وجدت امرأة حسنة الوزن تزن لي هذا الطيب حتَّى أقسمه بين المسلمين. فقالت له امرأته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل: أنا جيدة الوزن، فهلم أزن لك. قال: لا، قالت: لم؟ قال: إني أخشى أن تأخذيه فتجعليه هكذا -أدخل أصابعه في صدغيه- وتمسحين به عنقك فأصيب فضلا على المسلمين. "الزهد" ص 148 272 - توبة من اختلط ماله بحرام قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه: عن الرجل يكون معه ثلاثة دراهم، منها درهم حرام لا يعرفه؟ قال: لا يأكل منه شيئًا حتَّى يعرفه، واحتج أبو عبد اللَّه بحديث عدي

ابن حاتم أنه سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: إني أرسل كلبي فأجد معه كلبًا آخر، فقال: "لا تأكل حتَّى تعلم أن كلبك قتله" (¬1). قلت له: فإن كانت دراهم كثيرة؟ فقال: إذا كانت دراهم كثيرة، فهو أعجب إليَّ، إذا كانت ثلاثين أو نحوها، وفيها درهم حرام أخرج الدرهم. قلت له: إن بشرًا قال: يخرج درهمًا من الثلاثة. فقال: بشر بن الوليد؟ قلت: لا، بشر بن الحارث. قال: ما ظننته إلَّا قول بشر بن الوليد؛ هذا قول أصحاب الرأي. "الورع" (175) قال المروذي: وذكرت لأبي عبد اللَّه، عن بعض الناس أنه قال: إذا كان الشيء المستهلك مثل الدهن والزيت، والذي لا يوصل إليه بعينه، أعطى العوض؟ قال: نعم. هكذا هو. "الورع" (176) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: كيف توبة الرجل إذا اكتسب مالًا من غير جهته؟ قال: يخرج ما في يديه. "الورع" (186) قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه: عن الرجل يتعامل بالمكحلة المزيقة، ويذم إذا اشترى، ويمدح إذا باع، ثم نظر في مكسبه؟ قال: يتصدق منه، حتَّى لا يشك. قلت: فتوقت فيه شيئًا؟ قال: يتصدق حتَّى لا يكون في قلبه منه شيء. "الورع" (187) قال المروذي: قلتُ لأبي عبد اللَّه: جاءنا كتاب من طرطوس، فيه أن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 256، والبخاري (5475)، ومسلم (1929) بنحوه.

قومًا خرجوا في نتف الأسل، فطحن لهم على رحا، فتبينوا بعد أنَّ الرحا فيه شيء يكرهونه؛ غصب، فتصدق بعضهم بنصيبه، وأبى بعضهم. وقال: لست آمر فيه ولا أنهى. شيء لا أرضى به، آكله ولا أتصدق به. فعجب أبو عبد اللَّه، وقال: إذا تصدق به فأيش بقي! وكان مذهب أبي عبد اللَّه أن يتصدق به إذا كان شيء يكرهونه. "الورع" (366) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: يُحكى عن فُضيل أن غُلامه جاءه بدرهمين. فقال: ما عملت في دار فُلان؟ فذكر من تكره ناحيتُه. قال: فرمى بها بين الحجارة، وقال: لا يتقرب إلى اللَّه إلَّا بالطيب، فعجب أبو عبد اللَّه، وقال: رحمه اللَّه. وذهب أبو عبد اللَّه في مثل هذا الموضع إلى أن يتصدق به، كأنه عنده أحوط. قلت لأبي عبد اللَّه: إن أبا معاوية الأسود قال للفضيل: فضل معي شيء -يعني: من الوجه الذي لا يرضاه- قال: أَنْتَ خُذه، واقعد في جلبة -يعني: زورقا- واقذفه في جوف البحر. فتبسم أبو عبد اللَّه، وقال: في هذا الموضع: يعجبني أن يتصدق به. وقال: إذا تصدق به فأي شيء بقي؟ "الورع" (442) نقل عنه أبو طالب: فيمن خلط زيتًا حرامًا بمباح، أعجب إليَّ أن يتصدق به، هذا غير الدراهم. "الفروع" 4/ 377

باب ما جاء في المحبة

باب ما جاء في المحبة بيان علامات محبة اللَّه للعبد 273 - 1 - الابتلاء في الدنيا لتمحيصه من ذنوبه حتى يلقى اللَّه وما عليه خطيئة قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا قران، عن أبي بشر الحلبي، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ساعات الأذى يذهبن ساعات الخطايا" (¬1). "مسائل صالح" (832) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا عبد الرزاق، أنبأنا منذر بن النعمان قال: سمعت وهب بن منبه يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّه عز وجل إِذا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ" (¬2). "الزهد" ص 68 حدثنا عبد اللَّه، حدثني أبي، حدثنا وكِيعٌ، عن سُفْيان، عَنْ عاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قال: "الْأَنْبِياءُ، ثُمَّ الصّالِحُونَ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فالْأَمْثَلُ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي الدنيا في "الفرج بعد الشدة" (12) عن أحمد بن سعد، عن قران به. ومن طريقه البيهقي في "الشعب" 7/ 182 (9926). وقال الألباني في "الضعيفة" (3680): وهذا مع إرساله، فأبو بشر الحلبي لم أعرفه، وسائر رجاله ثقات. (¬2) لم أجده من هذا الطريق، ورواه الترمذي (2396) وابن ماجه (4031) من طريق الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعد بن سنان، عن أنس مرفوعًا. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وحسنه أَيضًا الألباني في "الصحيحة" (146).

مِنْ النّاسِ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كانَ في دِينِهِ صَلابَةٌ زِيدَ في بَلائِهِ، وإِن كانَ في دِينِهِ رِقَّةٌ خُفِّفَت عَنْهُ، ولا يَزالُ البَلاءُ في العَبدِ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ لَيْسَ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ" (¬1). قال عبد اللَّه: أخبرنا أبي، أخبرنا عوف بن جابر قال: سمعت عبد اللَّه، عن صفوان -يعني: ابن الكلبي- وابنة بنت وهب يذكر عن أبيه، عن وهب قال: إن البلاء للمؤمن كالشكال للدابة. "الزهد" ص 69 - 70 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثنا منذر الأفطس قال: سمعت وهب بن منبه يقول: في كتب الحواريين: إذا سلك بك سبيل أهل البلاء، فاعلم أنه سلك بك سبيل الأنبياء والصالحين، وإذا سلك بك سبيل أهل الرخاء، فاعلم أنه سلك بك سبيل غير سبيلهم، وخلف بك عن طريقهم. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا إسماعيل بن يونس، عن الحسن أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "واللَّه، لا يعذب اللَّه عز وجل حبيبه، ولكن قد يبتليه في الدنيا" (¬2). "الزهد" ص 71 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عَبْدُ الرَّزّاقِ، أَنبأنا مَعْمَرٌ، عَنْ زيدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قال: وضَعَ رَجُلٌ يَدَهُ على النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقال: ما أُطِيقُ أَنْ أَضَعَ يَدِي عَلَيْكَ مِنْ شِدَّةِ حُمّاكَ، فَقال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنّا مَعْشَرَ ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 172، ورواه الترمذي (2398)، وابن ماجه (4023) من طريق حماد بن زيد، عن عاصم به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "الصحيحة" (143). (¬2) لم أجده، وعزاه له العجلوني في "كشف الخفاء" 1/ 344 (1096).

الأَنْبِياءِ يُضاعَفُ لَنا البَلاءُ، كما يُضاعَفُ لَنا الأَجْرُ، إِنْ كانَ النَّبِيُّ مِنْ الأَنْبِياءِ يُبْتَلَى بِالْقُمَّلِ حَتَّى يَقْتُلَهُ، وإِنْ كانَ النَّبِيُّ مِنْ الأَنْبِياءِ لَيُبْتَلَى بِالْفَقْرِ حَتَّى يَأْخُذَ العَباءَةَ فَيَحبو بها، وإِنْ كانُوا لَيَفْرَحُونَ بِالْبَلاءِ كما تَفْرَحُونَ بِالرَّخاءِ" (¬1). "الزهد" ص 77 - 78 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا ابن آتش، حدثنا منذر، عن وهب قال: كان سائح وردء له، قال السائح لردئه: ادخل القرية فاشتر لي كفنًا، فإني الساعة -يعني ميتًا- وعجل. فدخل الردء، فإذا بعظيم من عظماء القرية قد توفي، فاحتشد الناس في قبرانه، فأغلقوا حوانيتهم، فلم يقدر الردء على ما يشتري، حتَّى رجع الناس فاشترى كفنا وخناطا، فرجع إلى صاحبه! فإذا به قد توفي وأكل السبع وجهه، فجعل يتلهف ويتحسر؛ قال: أما فلان الجبار فكفن وحنط ودفن، وأما فلان فأكل وجهه! فقيل: أما فلان الجبار فإنَّه لم يكن له إلَّا حسنة واحدة، فأحب اللَّه عز وجل أن يخرجه من الدنيا وليس له في الآخرة نصيب، وأما فلان السائح فإنَّه قد كان عمل عُمَيلا فأخرجه اللَّه من الدنيا وهو لا يجد ألم ذلك. "الزهد" ص 127 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا عبد الرحمن، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن مسلم بن يسار، عن أبي بكر الصديق قال إن المسلم ليؤجر في كل شيء حتَّى في النكبة، وانقطاع شسعه، والبضاعة ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 94، ومعمر في الجامع 11/ 310 (20626). ورواه ابن ماجه (4024)، والحاكم 4/ 307 من طريق زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، وصححه الحاكم على شرط مسلم، وقال البوصيري في "الزوائد" ص 9/ 5 (1347): إسناد صحيح، رجاله ثقات. وصححه الألباني في "الصحيحة" (144).

تكون في كمه، فيفتقد بها، فيفزع لها، فيجدها في ضبته. "الزهد" ص 136 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن خازم أبو معاوية قال: حدثني من سمع الأعمش يذكر عن سالم قال: رأى أبو الدَّرداء رحمه اللَّه رجلًا فعجب من جَلَده، فقال: أما حممت قط؟ قال: لا، فقال: أما صدعت قط؟ فقال: لا. فقال أبو الدَّرداء: بؤسًا لهذا يموت بخطيئته. "الزهد" ص 172 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو قطن، حدثنا أبو الأشهب، عن الحسن قال: إن الرجل كان يشاك الشوكة، يقول: إنِّي لأعلم أنكِ بذنب وما ظلمني ربي عز وجل. "الزهد" ص 344 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبيد اللَّه بن محمد، أنبأنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن بكر بن عبد اللَّه قال: إن اللَّه ليجرع عبده المرارة لما يريده به من صلاح عاقبته، قال بكر: أما رأيتم المرأة توجر ولدها الصبر -أو قال: الحضض- تريد به عافيته. "الزهد" ص 369 قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي: حدثنا أبو معاوية الغلابي، قال صالح المري وأتى عبد اللَّه بن الحسن يعزيه على أمه، قال: إن كانت هذِه المصيبة قد أحدثت لك عظة في نفسك فهي نعمة عليك، وإلا فاعلم أن مصيبتك في نفسك أعظم. "الزهد" ص 376 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا أبو هلال الراسبي، عن عبد اللَّه بن بريدة، عن كعب قال: ما كرم عبد على اللَّه عز وجل إلَّا ازداد البلاء عليه شدة. "الزهد" ص 396

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن طلحة بن مصرف، عن الحارث بن عميرة، عن مسروق قال: ليودن أهل البلاء يوم القيامة أن جلودهم قرضت بالمقاريض. وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا مالك قال: سمعت طلحة قال: قال مسروق: يود أهل البلاء في الدنيا إذا أثيبوا على بلائهم يوم القيامة، حتَّى إن أحدهم يتمنى لو أن جلده كان قرض في الدنيا بالمقاريض. "الزهد" ص 421 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عوف بن جابر قال: سمعت عبد اللَّه بن صفوان -وأمه ابنة وهب- يذكر عن أبيه، عن وهب قال: إن البلاء للمؤمن كالشكال للدابة. "الزهد" ص 447 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حسين بن محمد، عن الفضيل بن سليمان، عن محمد بن مطرف، عن أبي حازم، عن عمر بن الخطاب أنه قال دخلت على نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو موعوك، فوضعت يدي فوق ثوبه فوجدت حرها من فوق الثوب، وقلت: يَا نبي اللَّه، ما رأيت أحدًا تأخذه الحمى أشد من أخذها إياك؟ قال: "كذلك يضاعف لنا الأجر، إن أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الصالحون وإن كان من الأنبياء لمن يبتلى بالفقر حتَّى يتدرع بالعباءة من الفقر، وإن كان منهم من يسلط عليه القمل حتَّى يقتله" (¬1). "الزهد" ص 474 ¬

_ (¬1) لم أجده من حديث عمر، وقد سبق بنحوه من حديث أبي سعيد.

274 - 2 - حسن التدبير له

274 - 2 - حسن التدبير له قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا عبد العزيز بن مسلم، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب قال: من أصبح وأكبر همه غير اللَّه عز وجل فليس من اللَّه. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا العمري، عن عبد الوهاب بن بخت، عن سليمان بن حبيب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ كان همُّهُ همًّا واحدًا كفاهُ اللَّه همَّه، ومَنْ كان هَمُّهُ بكلٍّ وادٍ لم يُبال اللَّه عز وجل بأيها هلك" (¬1). "الزهد" ص 42 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا علي بن عياش، حدثنا محمد بن مطرف، حدثنا أبو حازم، عن عون بن عبد اللَّه، عن ابن مسعود قال: إنما مثل ابن آدم كالشيء الملقى بين يدي اللَّه عز وجل وبين الشيطان، فإن كان للَّه فيه حاجة حازه من الشيطان، وإن لم يكن للَّه فيه حاجة خلى بينه وبين الشيطان. "الزهد" ص 194 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو سعيد، مولى بني هاشم، حدثنا الصلت بن طريف المعولي، حدثنا غيلان بن جرير، عن مطرف قال: وجدت هذا الإنسان ملقى بين اللَّه وبين الشيطان، فإن يعلم اللَّه في قلبه خيرا يجبذه إليه، وإن لا يعلم فيه خيرًا وكله إلى نفسه، ومن وكله إلى نفسه فقد هلك. "الزهد" ص 296 ¬

_ (¬1) رواه هناد في "الزهد" 2/ 355 (668).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا الأسود بن عامر، حدثنا حماد، عن حبيب، عن ابن سيرين قال: إذا أراد اللَّه بعبد خيرًا جعل له واعظًا من قلبه يأمره وينهاه. "الزهد" ص 372 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن ابن عون، عن محمد قال: كان يقال: إن الرجل إذا أراد الخير كان له زاجرًا من اللَّه يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر. "الزهد" ص 375 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن جعفر قال: سمعت مالك بن دينار يقول: إن صدور المؤمنين تغلي بأعمال البر، وإن صدور الفجار تغلي بأعمال الفجور، واللَّه تعالى يرى همومكم رحمكم اللَّه. "الزهد" ص 391 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس قال: من جعل همومه هما واحدا كفاه اللَّه همومه، ومن كان له في كل واد هم لم يبال اللَّه في أيها هلك. "الزهد" ص 456 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هاشم، -يعني: ابن القاسم- حدثنا المبارك، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِذا أَرادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ" قالُوا: يَا نبي اللَّه وكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ؟ قال: "يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صالِحٍ قَبْلَ مَوْتِهِ ثم يقبضه عليه" (¬1). "الزهد" ص 475 ¬

_ (¬1) لم أقف عليه من هذا الطريق ورواه الإمام أحمد 3/ 106 والترمذي (2142) من حديث أنس، وصححه. ورواه الإمام أحمد 5/ 224 من حديث عمرو بن الحمق.

275 - من أسباب محبة الله لعبده

275 - من أسباب محبة اللَّه لعبده قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثني عبد اللَّه ابن بحير قال: سمعت وهب بن منبه يقول: قال موسى عليه السلام: أيْ رب، أيُّ عبادك أحب إليك؟ قال: من أذكر برؤيته. قال: رب، أي عبادك أحب إليك؟ قال: الذين يعودون المرضى، ويعزون الثكلى، ويشيعون الهلكى. "الزهد" ص 94 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم، حدثنا المبارك، عن الحسن، عن أبي الدرداء: إن شئتم لأحدثنكم: من أحب عباد اللَّه إلى اللَّه الذين يحببون اللَّه إلى عبادة، ويعملون في الأرض نصحًا، وإن شئتم لأقسمن لكم: إن أحب عباد اللَّه إلى اللَّه لرعاء الشمس والقمر. "الزهد" ص 177 276 - كيفية معرفة العبد قدر محبة اللَّه له قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عفان، حدثنا مهدي قال: سمعت غيلان يحدث عن مطرف قال: سمعته يقول: من أحب أن يعلم ما له عند اللَّه فلينظر ما للَّه عنده. "الزهد" ص 297 بيان علامات محبة العبد للَّه عز وجل 277 - 1 - محبة لقاء اللَّه قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا عمر بن

278 - 2 - الحرص على رضا الله عز وجل

نبهان، عن قتادة أن خليدًا العصري جاء يوم الجمعة فأخذ بعضادتي الباب ثم قال: يَا إخوتاه، هل منكم أحد لا يحب أن يلقى حبيبه؟ ألا فأحبوا ربكم عز وجل، وسيروا إليه سيرًا كريمًا. "الزهد" ص 290 278 - 2 - الحرص على رضا اللَّه عز وجل قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا بكار قال: سمعت وهبا يقول: إن الرب تبارك وتعالى قال في بعض ما يقول لبني إسرائيل: إنِّي إذا أُطعِت رضيت، وإذا رضيت باركت، وليس لبركتي نهاية، وإني إذا عصيت غضبت، وإذا غضبت لعنت، ولعنتي تبلغ السابع من الولد. "الزهد" ص 69 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا الهيثم بن حميد، حدثنا محمد بن مسلم، أخبرنا عثمان بن عبد اللَّه بن أوس، عن سليمان بن هرمز، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: إن أحب شيء إلى اللَّه عز وجل الغرباء، قال: قيل: وما الغرباء؟ قال: الفرارون بدينهم، يجمعون إلى عيسى عليه السلام يوم القيامة. "الزهد" ص 98 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن واقد بن محمد بن زيد، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم، عن عائشة رحمها اللَّه قالت: من أسخط الناس برضا اللَّه كفاه الناس، ومن أرضى الناس بسخط اللَّه وكله اللَّه إلى الناس. "الزهد" ص 250 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر قال: سمعت محمد بن واسع يقول: كنت في حلقة فيها مطرف بن عبد اللَّه بن

279 - 3 - الإكثار من ذكر الله والتنعم بمناجاته

الشخير, وسعيد بن أبي الحسن وفلان وفلان، فقال سعيد: اللهم ارض عنا، قال: يقول مطرف: اللهم إن لم ترض عنا فاعف عنا. "الزهد" ص 294 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا بهز، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا محمد بن واسع قال: كنت في حلقة فيها الحسن ومطرف وفلان وفلان فتكلم سعيد بن أبي الحسن، حتَّى إذا قضى كلامه دعا، فقال في دعائه: اللهم ارض عنا ثلاثًا، قال: يقول مطرف: اللهم إن لم ترض عنا فاعف عنا. قال: فأبكاهم مطرف. "الزهد" ص 300 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني حسين بن علي، عن عمر بن ذر قال: لقيني ربيع بن أبي راشد فأخذ بيدي، فتنحى بي فقال: يا أبا ذر، من سأل اللَّه عز وجل رضاه فقد سأله أمرًا عظيمًا. "الزهد" ص 460 279 - 3 - الإكثار من ذكر اللَّه والتنعم بمناجاته قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني الوليد بن مسلم، عن أبي جابر، أن أبا الدرداء، كان يقول إذا سمع المتهجدين بالقرآن يقول: يأبى النواحين على أنفسهم قبل يوم القيامة وتندى قلوبهم بذكر اللَّه أو لذكر اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 169 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا ابن المبارك، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير قال: سمع كعب قراءة رجل ودعاءه ونحو هذا، فاستمع إليه، ثم مضى وقال: واهًا للنواحين على أنفسهم قبل يوم القيامة. "الزهد" ص 253

280 - 4 - أن يكون شفيقا على عباد الله رحيما بهم، شديدا على أعدائه

280 - 4 - أن يكون شفيقًا على عباد اللَّه رحيمًا بهم، شديدًا على أعدائه قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا بكار قال: سمعت وهبا يحدث أن بني إسرائيل أصابتهم عقوبة وشدة، فقالوا لنبي لهم: وددنا أنا نعلم ما الذي يرضي ربنا عز وجل فنتبعه، فأوحى اللَّه عز وجل إليه: إن قومك يقولون: ودوا لو يعلمون ما الذي يرضيني فيتبعونه، أخبرهم إن أرادوا رضاي فليرضوا المساكين؛ فإنهم إذا أرضوهم رضيت، وإذا أسخطوهم سخطت. "الزهد" ص 69 قال عبد اللَّه: أخبرنا أبي، أخبرنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا حبيب -أبو محمد- عن رجل، عن وهب بن منبه قال: أوحى اللَّه عز وجل إلى عيسى عليه السلام: يا عيسى، إني قد وهبت لك حب المساكين ورحمتهم، تحبهم ويحبونك، ويرضون بك إمامًا وقائدًا، وترضى بهم صَحابةً وتبعًا، وهما خلقان، اعلم أنه من لقيني بهما، لقيني بأزكى الأعمال وأحبها إليَّ. "الزهد" ص 75 قال عبد اللَّه: أخبرنا أبي، أخبرنا يزيد، أنبأنا أبو معشر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال: جاء رجل إلى عيسى ابن مريم فقال: يا معلم الخير، علمني شيئًا تعلمه وأجهله، وينفعني ولا يضرك، قال: ما هو؟ قال: كيف يكون العبد تقيًا للَّه عز وجل حقًا؟ قال: بيسير من الأمر؛ تحب اللَّه حقًا من قلبك، وتعمل له بكدودك وقوتك ما استطعت، وترحم بني جنسك برحمتك نفسك، قال: يَا معلم الخير، ومن بنو جنسي؟ قال:

ولد آدم كلهم، وما لا تحب أن يؤتى إليك، فلا تأته إلى غيرك؛ فأنت تقي للَّه حقًا. "الزهد" ص 77 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثني عبد اللَّه بن أبي عاصم أنه سمع وهب بن منبه يقول: إن اللَّه تبارك وتعالى أوحى إلى موسى عليه السلام: إن قومك يبنون لي البيوت، ويقربون لي القربان، وإني لا أسكن البيوت، ولا آكل اللحم، ولكن آية بيني وبينهم: أن يعدلوا بين الغني والمسكين، والآية بيني وبينهم: إذا أرضوا المساكين فقد رضيت، وإذا أسخطوهم سخطت. "الزهد" ص 94 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا أبو المنهال الطائي قال: رأيت علي بن الحسين يناول المسكين بيده. "الزهد" ص 208 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا عقبة المحبر، حدثني محمد بن عباد أن ابن عمر كان إذا أراد أن يتصدق قال: أدخلوا عليّ السودان فإنهم ضعفاء الناس. "الزهد" ص 239 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حجاج، قال صالح المري قال: سمعت الحسن قال: يَا أيها المتصدق على المسكين ترحمه، ارحم الذي ظلمت. "الزهد" ص 344

281 - أثر إقبال العبد على الله عز وجل

281 - أثر إقبال العبد على اللَّه عز وجل قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثنا عمر بن عبد الرحمن قال: سمعت وهب بن منبه يقول: إن عيسى ابن مريم عليه السلام كان واقفًا على قبر ومعه الحواريون -أو قال: في نفر من أصحابه- قال: وصاحب القبر يدلى فيه، قال: فذكروا من ظلمة القبر ووحشته وضيقه، قال: فقال عيسى عليه السلام: قد كنتم فيما هو أضيق منه في أرحام أمهاتكم، فإذا أحب اللَّه عز وجل أن يوسع وسع. "الزهد" ص 71 - 72 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حسين في تفسير شيبان، عن قتادة قال: وذكر لنا أن هرم بن حيان كان يقول: ما أقبل عبد بقلبه إلى اللَّه عز وجل إلَّا أقبل اللَّه بقلوب المُؤمنين إليه حتَّى يرزقه مودتهم ورحمتهم. "الزهد" ص 283

282 - حقيقة الذكر

فصل ما جاء في الذكر 282 - حقيقة الذكر قال ابن هانئ: قلت: ما معنى: "من أطاع اللَّه، فقد ذكر اللَّه، وإن قلَّت صلاته وصيامه؟ ". قال: يقول: يطيعه فيما أمره به. قلت ما معنى: "مَنْ عصَى اللَّه فقد نسي اللَّه وإنْ كثرت صلاته وصيامه" (¬1). قال: يقول: ليس كمن يقتل النفس ويسرق ويزني. "مسائل ابن هانئ" (2017)، (2018) 283 - فضيلة الذكر قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عطاء بن السائب قال: سمعت أبا عبد اللَّه الجدلي قال: أوحى اللَّه عز وجل إلى داود: يا داود، أحبني وأحب من يحبني، وحبب إلى عبادي، قال: يا رب، كيف هذا؟ أحبك وأحب من يحبك، فكيف أحببك إلى عبادك؟ قال: تذكرني؛ فلا تذكر إلَّا حسنًا. "الزهد" ص 91 ¬

_ (¬1) رواه الطبراني 22/ 154 (413) من طريق الهيثم بن جماز، عن الحارث بن حسان، عن زاذان، عن واقد مولى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مرفوعًا. وقال الهيثمي في "المجمع" 2/ 258: وفيه الهيثم بن جماز وهو متروك. ورواه ابن المبارك في "الزهد" ص برواية نعيم بن حماد ص 17 (70) عن خالد بن أبي عمران مرسلًا. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (4553).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا عبد الرزاق، حدثنا سفيان، عن الأعمش، قال: قال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: أوحى اللَّه عز وجل إلى داود: قل للظَلَمة: لا يذكروني؛ فإنِّي حقًا على أن أذكر من ذكرني، وإن ذكري إياهم أن ألعنهم. "الزهد" ص 92 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار قال: قال موسى عليه السلام: يَا رب، من أهلك الذين تظلهم في ظل عرشك؟ قال: هم البرية أيديهم، الطاهرة قلوبهم، الذين يتحابون بجلالي، الذين إذا ذكرت ذكروا بي، وإذا ذكروا ذكرت بذكرهم، الذي يسبغون الوضوء في المكاره، وينيبون إلى ذكري كما تنيب النسور إلى وكورها، ويكلفون بحبي كما يكلف الصبي بحب الناس، ويغضبون لمحارمي إذا استحلت كما يغضب النمر إذا حزب. "الزهد" ص 95 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا شجاع بن الوليد، عن ليث بن عرار، عن محمد بن جحادة قال: أوحى اللَّه عز وجل إلى داود عليه السلام: انْهَ الظالمين عن ذكري، وعن قعود في مساجدي؛ فإني جعلت على نفسي -أو آليت على نفسي- أن من ذكرني ذكرته، وإن الظالم إذا ذكرني لعنته. "الزهد" ص 99 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا الحسن بن الربيع، حدثني أبو الأحوص، عن محمد بن النضر الحارثي قال: أوحى اللَّه عز وجل إلى موسى بن عمران: كن يقظانًا، مرتادًا لنفسك أخدانًا، فكل خدن لا يواتيك على مسرتي فهو لك عدو، وهو يقسي قلبك، وكن من

الذاكرين؛ لكي تستوجب الأجر، وتستكمل المزيد. "الزهد" ص 108 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: قال موسى عليه السلام: يا رب، أي عبادك أحب إليك؟ قال: أكثرهم لي ذكرًا. قال: رب، فأي عبادك أغنى؟ قال: الراضي بما أعطيته. قال: رب، أي عبادك أحكم؟ قال: الذي يحكم على نفسه بما يحكم على الناس. "الزهد" ص 110 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أنبأنا أبو معاوية، أخبرنا الأعمش، عن مالك بن الحارث قال: يقول اللَّه تعالى: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته فوق ما أعطي السائلين. "الزهد" ص 123 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا خالد بن حيان أبو يزيد الرقي، حدثنا جعفر، عن ميمون بن مهران قال: أتي أبو بكر بغراب وافر الجناحين، فقلبه، ثم قال: ما صيد من صيد، ولا عضدت من شجرة إلَّا بما ضيعت من التسبيح. "الزهد" ص 136 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا يزيد بن عبد العزيز، عن الأعمش قال: قال عمر -رضي اللَّه عنه-: عليكم بذكر اللَّه فإنَّه شفاء، وإياكم وذكر الناس فإنَّه داء. "الزهد" ص 151

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا معاوية ابن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن أبي الدرداء، رحمه اللَّه قال: إن الذين ألسنتهم رطبة بذكر اللَّه يدخل أحدهم الجنةَ وهو يضحك. "الزهد" ص 169 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا شعبة، عن عمران القصير قال: سمعت أبا رجاء، يقول: قال أبو الدرداء: لأن أكبر مائة مرة أحب إليّ من أن أتصدق بمائة دينار. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد قال: قيل لأبي الدرداء: إن أبا سعد بن منبه أعتق مائة محرر، فقال: إن مائة محرر من مال رجل لكثير، وإن شئت أنبأتك بما هو أفضل من ذلك، إيمان ملزوم بالليل والنهار، ولا يزال لسانك رطبًا من ذكر اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 170 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا حصين، عن مجاهد، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: ما اجتمع ملأ يذكرون اللَّه إلَّا ذكرهم اللَّه في ملأ أعز منهم وأكرم، وما تفرق قوم لم يذكروا اللَّه عز وجل في مجلسهم إلَّا كان حسرةً عليهم يوم القيامة. "الزهد" ص 187 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حجاج، حدثنا حريز بن عثمان، عن المشيخة، عن أبي بحرية، عن معاذ بن جبل قال: ما عمل آدمي عملًا أنجى له من عذاب اللَّه من ذكر اللَّه، قالوا: يَا أبا عبد الرحمن ولا الجهاد في سبيل

اللَّه عز وجل، قال: ولا إلى أن يضرب بسيفه حتَّى ينقطع؛ لأن اللَّه عز وجل يقول في كتابه {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: 45]. "الزهد" ص 229 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال: كنا عند سعد فسكت سكتة، فقال: إنه قد قلت في سكتتي هذِه خيرًا مما يسقي الفرات والنيل. قيل له: وما قلت؟ قال: قلت: سبحان اللَّه والحمد للَّه ولا إله إلَّا اللَّه واللَّه أكبر. "الزهد" ص 232 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن إسحاق قال: أخبرني مهدي بن ميمون، عن الحجاج بن فرافصة، عن حسان بن أبي سنان قال: ذاكر اللَّه في الغافلين كالمقاتل مع المدبرين. وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا أبو الهلال قال: مثل ذاكر اللَّه في السوق كمثل شجرة خضراء بين شجر ميت. "الزهد" ص 396 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا الأسود، عن أبي نوفل قال: قال عبيد بن عمير: إن بخلتم بالمال أن تنفقوه، وجبنتم عن العدو أن تقاتلوه، وأعظمكم الليل أن تساهروه، فاستكثروا من قول: سبحان اللَّه وبحمده؛ فوالذي نفسي بيده هذا أوجه عند اللَّه من جبلي ذهب وفضة. "الزهد" ص 454

284 - فضيلة مجالس الذكر ومجالسة الصالحين

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حسين بن محمد، حدثنا المبارك، عن الحسن قال: سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أي العمل خير؟ قال: "تموت يوم تموت ولسانك رطب من ذكر اللَّه عز وجل" (¬1). "الزهد" ص 476 284 - فضيلة مجالس الذكر ومجالسة الصالحين قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا سيار، حدثنا جعفر، أخبرنا بِسطام، عن سلمة العوذي، عن معاوية بن قرة قال: قال لقمان لابنه: يا بني، جالس الصالحين من عباد اللَّه؛ فإنك تصيب من محاسنهم خيرًا, ولعله أن يكون آخر ذلك أن تنزل عليهم الرحمة، فتصيبك معهم، يا بني، لا تجالس الأشرار؛ فإنك لا تصيب من مجالستهم خيرًا, ولعله أن يكون في آخر ذلك أن تنزل عليهم عقوبة، فتصيبك معهم. "الزهد" ص 131 ¬

_ (¬1) رواه ابن المبارك في "الزهد" ص (1141)، وابن أبي الدنيا في "إصلاح المال" (206). وله شاهد رواه البزار 4/ 3 (3059) "كشف الأستار"، وابن حبان 3/ 99 (818)، والطبراني 2/ 106 (208)، والبيهقي في "الشعب" 1/ 393 (516) من طرق عن جبير بن نفير، عن مالك بن يخامر، عن معاذ قال: سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أي الأعمال أحب إلى اللَّه؟ قال: "أن تموت ولسانك رطب من ذكر اللَّه". قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 74: رواه الطبراني بأسانيد، وفي هذِه الطريق خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك، وضعفه جماعة، ووثقه أبو زرعة الدمشقي وغيره، وبقية رجاله ثقات. ورواه البزار من غير طريقه إلَّا أنه قال: "أخبرني بأفضل الأعمال وأقربه إلى اللَّه". وإسناده حسن. ا. هـ. وحسنه الحافظ في "نتائج الأفكار" 1/ 94 - 95. وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (1492).

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن عمرو بن ميمون، عن ابن مسعود رحمه اللَّه قال: إن الشيطان أطاف بأهل مجلس ذكر ليفتنهم، فلم يستطع أن يفرق بينهم، فأتى على حلقة يذكرون الدنيا، فأغرى بينهم حتى اقتتلوا، فقام أهل الذكر فحجزوا بينهم فتفرقوا. "الزهد" ص 196 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سليمان بن داود، حدثنا أبان، عن قتادة، عن رفيع، عن سهل بن حنظلة العبشمي قال: ما اجتمع قوم يذكرون اللَّه عز وجل إلا ناداهم مناد: قوموا مغفورا لكم، قد بدلت سيئاتكم حسنات. "الزهد" ص 254 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا حماد بن زيد، عن المعلى بن زياد قال: قال رجل للحسن: يا أبا سعيد، أشكو إليك قسوة قلبي. قال: ادنه من الذكرى، أي: ممن يذكر. "الزهد" ص 326 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو الأشهب، عن الحسن قال: بينما قوم يذكرون اللَّه عز وجل إذ أتاهم رجل فجلس إليهم فنزلت الرحمة ثم ارتفعت، فقالوا: يا رب، فيهم عبدك فلان. فقال: غشوهم رحمتي، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم. "الزهد" ص 348 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني عبد اللَّه بن الحارث، حدثني ثور ابن يزيد، عن خالد بن معدان قال: إن للَّه تبارك وتعالى في الأرض آنية، وأحب آنية اللَّه إليه ما رق منها وصفا، وآنية اللَّه في الأرض قلوب عباده الصالحين. "الزهد" ص 460

285 - فضيلة ذكر الصالحين

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا الأسود بن عامر، عن جرير بن حازم، عن الحسن أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا جلس القوم يذكرون اللَّه عز وجل قال اللَّه لملائكته: إني قد غفرتُ لهم، فجللوهم بالرحمة، قالت الملائكة: يا ربنا، إن فيهم فلانًا، قال: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم" (¬1). "الزهد" ص 472 285 - فضيلة ذكر الصالحين قال أبو داود: سمعت أحمد قال: سمعت ابن عيينة يقول: تنزل الرحمة عند ذكر الصالحين. "مسائل أبي داود" (1828) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد بن الحباب، أنبأنا جعفر قال: سمعت مالك بن دينار يقول: إذا ذكر الصالحون فتفالى ثم تفالى. "الزهد" ص 391 286 - الحث على الذكر جماعة وفرادى وعلى كل حال قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، قال عَبْدُ الرَّحْمَنِ: عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما قَعَدَ قَوْمٌ مَقْعَدًا ¬

_ (¬1) لم أجده من هذا الطريق، والحديث رواه بنحوه الإمام أحمد 2/ 251 والبخاري (6408) ومسلم (2689) من حديث أبي هريرة.

لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ عز وجل فيه، ويُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، إِلّا كانَ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً يَوْمَ القِيامَةِ، وإِنْ دَخَلُوا الجَنَّةَ لِلثَّوابِ" (¬1). "الزهد" ص 35 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، أخبرنا معاوية -يعني: ابن صالح- عن عمرو بن قيس قال: سمعت عبد اللَّه بن بسر يقول: جاء أعرابيان إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال أحدهما: يا رسول اللَّه، أي الناس خير؟ قال: "مَنْ طالَ عُمُرُهُ، وحَسُنَ عَمَلُهُ"، وقال الآخر: يا رسول اللَّه، إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأمرني بأمر أتشبث به. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَزالُ لِسانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ" (¬2). "الزهد" ص 45 قال عبد اللَّه: أخبرنا أبي، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، حدثني عبد الصمد أنه سمع وهب بن منبه يقول: قال المسيح: أكثروا ذكر اللَّه عز وجل وحمده وتقديسه وأطيعوه؛ فإنما يكفي أحدكم من الدعاء إذا كان اللَّه عز وجل راضيًا عنه أن يقول: اللهم اغفر لي خطيئتي، وأصلح لي معيشتي، وعافني من المكاره، يا إلهي. "الزهد" ص 72 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 463، ورواه ابن حبان 2/ 352 (591)، (592) من طريق ابن مهدي به، ورواه الطبراني في "الدعاء" 3/ 1663 (1926) من طريق الربيع بن بدر، عن الأعمش به. وصححه الألباني في "الصحيحة" (76). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 190، ورواه الترمذي (2329)، وابن ماجه (3793)، والحاكم 1/ 495 من طريق معاوية بن صالح به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. اهـ، وصحح إسناده الحاكم، وصححه أيضًا الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" (3060).

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، عن كعب قال: قال موسى -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا رب، أقريب أنت فأناجيك، أو بعيد فأناديك؟ قال: يا موسى، أنا جليس من ذكرني قال: يا رب، فإنا نكون من الحال على حال نجلك ونعظمك أن نذكرك. قال: وما هي؟ قال: الجنابة والغائط. قال: يا موسى، اذكرني على كل حال. "الزهد" ص 86 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا جرير، عن منصور، عن سالم، عن مسروق قال: ما دام قلب الرجل يذكر اللَّه عز وجل فهو في الصلاة وإن كان في السوق. "الزهد" ص 418 قال عبد اللَّه: قال أبي: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا يعقوب بن عبد اللَّه، عن حفص بن حميد قال: كان زياد يقول لنا: سلوا اللَّه فإنه يغضب على من لم يسأله، وكان الرجل يأتي زياد بن حدير فيقول: إني أريد رستاق كذا وكذا. فيقول: اقطع طريقك بذكر اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 442 قال أبو السري الحربي: قال أبو عبد اللَّه: وأي شيء أحسن من أن يجتمع الناس يصلون، ويذكرون ما أنعم اللَّه به عليهم، كما قالت الأنصار (¬1)؟ "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 303 ¬

_ (¬1) قال ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 303 - 304، وهذِه إشارة إلى ما رواه الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل أنبأنا أيوب عن محمد بن سيرين قال: نبئت أن الأنصار قبل قدوم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينة. قالوا: لو نظرنا يوما فاجتمعنا فيه =

287 - الحث على مجالسة الصالحين

287 - الحث على مجالسة الصالحين قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر أبو غالب قال: بلغنا أن هذا الكلام في وصية عيسى ابن مريم عليه السلام: يا معشر الحواريين، تحببوا إلى اللَّه عز وجل ببغض أهل المعاصي، وتقربوا إليه بالمقت لهم، والتمسوا رضاه بسخطهم. قالوا: يا نبي اللَّه، فمن نجالس؟ قال: جالسوا من يزيد في أعمالكم منطقه، ومن تذكركم باللَّه رؤيته، ويزهدكم في دنياكم عمله. "الزهد" ص 71 قال عبد اللَّه، أخبرني أبي، أخبرنا عبد الصمد، حدثنا ثابت -يعني: أبا يزيد- أخبرنا عاصم قال: قال أبو زيد: أراه فضيل بن زيد، عن قيس بن عباد: إن داود كان يدعو يقول: يا ماراه -أي: يا رباه- أسألك جليسًا إذا ذكرتك أعانني، وإذا نسيتك ذكرني، يا ماراه، أعوذ بك من جليس إذا ذكرتك لم يُعِنِّي، وإذا نسيتك لم يذكرني، يا ماراه، إذا مررت بقوم يذكرونك، فأردت أن أجاوزهم، فاكسر رجلي التي تليهم؛ حتى أجلس، فأذكرك معهم. "الزهد" ص 111 ¬

_ = فذكرنا هذا الأمر الذي أنعم اللَّه به علينا فقالوا: يوم السبت. ثم قالوا لا نجامع اليهود في يومهم. قالوا: فيوم الأحد. قالوا لا نجامع النصارى في يومهم. قالوا: فيوم العروبة وكانوا يسمون يوم الجمعة يوم العروبة. فاجتمعوا في بيت أبي أمامة أسعد ابن زرارة، فذبحت لهم شاة فكفتهم.

288 - 1 - أن يكون الذاكر على طهارة

ما جاء في آداب الذكر 288 - 1 - أن يكون الذاكر على طهارة قال عبد اللَّه: حدثني أبي، ثنا علي بن ثابت، حدثني أبو الأشهب، عن الحسن قال: كانوا يستحبون أن يذكروا اللَّه على طهارة. "الزهد" ص 315 289 - 2 - الخشوع والطمأنينة قال عبد اللَّه: أخبرني أبي، حدثنا هاشم، حدثنا صالح المري، عن أبي عمران الجوني، عن أبي الجلد أن اللَّه عز وجل أوحى إلى موسى عليه السلام: إذا ذكرتني فاذكرني وأنت تنتفض أعضاؤك، وكن عند ذكري خاشعًا مطمئنًا، فإذا ذكرتني فاجعل لسانك من وراء قلبك، وإذا قمت بين يدي فقم مقام العبد الحقير الذليل، وذم نفسك؛ فهي أولى بالذم، وناجني حين تناجيني بقلب وجل، ولسان صادق. "الزهد" ص 65 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أسود بن عامر، أنبأنا الربيع، عن أبيه قال: قال الربيع: إن العبد إذا شاء ذكر ربه عز وجل وهو ضام شفتيه. "الزهد" ص 410 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا جرير، عن مغيرة قال: كان إبراهيم التيمي يذكر في منزل أبي وائل، فكان أبو وائل ينتفض انتفاض الطير. "الزهد" ص 428 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا جرير، عن منصور، عن هلال بن أبي عبيدة قال: ما دام قلب الرجل يذكر اللَّه فهو في صلاة وإن كان في السوق، وإن حرك شفتيه فهو أعظم. "الزهد" ص 457

290 - ما يقول عند هبوب الريح

ما جاء في أذكار الأحوال 290 - ما يقول عند هبوب الريح قال أبو الفضل صالح: حدثنا أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا حبيب سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أُبي بن كعب قال: لا تسبوا الريح، ولكان قولوا: اللهم إنا نسألك من خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت له، ونعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به. "مسائل صالح" (472) قال أبو الفضل صالح: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، قال: حدثني ثابت بن قيس، أن أبا هريرة قال: أخذت الناس ريح بطريق مكة وعمر بن الخطاب حاج، فاشتدت عليهم، فقال عمر لمن حوله: من يحدثنا عن الريح، فلم يرجعوا إليه شيئا، فبلغني الذي سأل عنه عمر -رضي اللَّه عنه- من ذلك، فاستحثثت راحلتي حتى أدركته، فقلت له: يا أمير المؤمنين، أخبرت أنك سألت عن الريح، وإني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "الريح تأتي بالرحمة، وتأتي بالعذابِ، فإذا رأيتموها فلا تسبوها، واسألوا اللَّه خيرها، واستعيذوا باللَّه مِنْ شرِّها" (¬1). "مسائل صالح" (474) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 268، وأبو داود (5097)، وابن ماجه (3727)، والبخاري في "الأدب المفرد" (720). وصححه ابن حبان 3/ 288 (1057)، والحاكم 4/ 285، وكذا الألباني في تعليقه على "الأدب".

291 - ما يقول عند سماع صوت الرعد

قال صالح: حدثني أبي قال: حدثنا زياد بن عبد اللَّه البكاء -قال أبي: كتبنا عنه في حياة هشيم، كان قد سمع المغازي من محمد بن إسحاق- قال: حدثنا منصور -يعني: ابن المعتمر- عن مجاهد قال: هاجت ريح على عهد عبد اللَّه بن عباس، فسبها الناس. فقال ابن عباس: لا تسبوها، فإنها تجيء بالعذاب والرحمة، ولكن قولوا: اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابًا، اللهم لا تجعل الريح علينا عذابًا. "مسائل صالح" (479) 291 - ما يقول عند سماع صوت الرعد قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا مالك، عن عامر بن عبد اللَّه بن الزبير أن ابن الزبير -رضي اللَّه عنه- كان إذا سمع الرعد لها عن حديثه، ثم قال: سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، ثم يقول: إن هذا وعيد لأهل الأرض شديد. "الزهد" ص 249 292 - ما يقول عند الفزع قال عبد اللَّه: هذا كتاب كتبه إلى أبي بخطه للفزع ونسخته أنا منه: بسم اللَّه الرحمن الرحيم: أعوذ بكلمات اللَّه التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر بها ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلا طارقًا يطرق بخير يا رحمن.

ثم كتب أيضًا: بسم اللَّه الرحمن الرحيم: أعوذ بكلمات اللَّه التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضلت. . وذكر شيئا درس من الرقعة، وسمعته يقول للفزع: تبدد أعداء اللَّه وعز جار اللَّه، وأظنه قال: وذل عدو اللَّه، قال أبو عبد الرحمن عبد اللَّه: قال أبي: وبعض هذا الكلام عن أبي النضر. "الزهد" ص 244

باب ما جاء في الدعاء

باب ما جاء في الدعاء 293 - الحث على الدعاء والمسألة قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا سليمان -يعني: التيمي- عن أبي عثمان، عن سلمان -رضي اللَّه عنه- قال: لما خلق اللَّه عز وجل آدم عليه السلام قال: واحدة لي، وواحدة لك، وواحدة بيني وبينك؛ فأما التي لي: تعبدني ولا تشرك بي شيئا، وأما التي لك فما عملت من شيء جزيتك به وأنا اغفر، وأنا غفور رحيم، وأما التي بيني وبينك: منك المسألة والدعاء، وعليّ الإجابة والعطاء (¬1). "الزهد" ص 61 قال عبد اللَّه: وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده، حدثني هاشم أبو النضر، حدثنا أبو سعيد المؤدب، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رحمها اللَّه قالت: سلوا ربكم حتى الشسع، فإنه إن لم ييسره واللَّه لم ييسر. "الزهد" ص 252 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد اللَّه، حدثني عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا مالك بن أنس قال: رأى عروة رجلا يصلي فخفف، فدعاه فقال: أما كان لك إلى ربك حاجة؟ إني لأسأل اللَّه عز وجل في صلاتي حتى أسأله الملح. "الزهد" ص 444 ¬

_ (¬1) رواه البزار 6/ 490 (2523) وعنه الطبراني 6/ 253 (6137) من طريق علي بن عاصم، عن سليمان التيمي به مرفوعًا. وقال الهيثمي في "المجمع" 1/ 51: في إسناده حميد بن الربيع، وثقه غير واحد لكنه مدلس، وفيه ضعف. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (4152).

294 - منزلة الدعاء

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبيد بن عمير قال: لا يزال للَّه عز وجل في العبد حاجة ما كانت للعبد إليه حاجة. "الزهد" ص 454 قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده: حُدثت عن بعض ولد إسماعيل بن عبد اللَّه عن أبيه، ومحمد بن شعيب أيضًا أن أبا مسلم الخولاني كان يدعو في النافلة: اللهم ارزق أبا مسلم طبيخًا، اللهم ازرق أبا مسلم طبيخًا، اللهم ازرق أبا مسلم زيتًا، اللهم ارزق أبا مسلم حطبًا، ويسأل فيها كل ما يريده. "الزهد" ص 469 294 - منزلة الدعاء قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا ثابت البناني قال: تَعَبَّدَ رجل سبعين سنة، قال: فكان في دعائه: رب اجزني بعملي، قال: فمات فأدخل الجنة، فكان بها سبعين عاما، فلما وفت قيل له: اخرج فقد استوفيت عملك فقلب أمره؛ أي شيء كان في الدنيا أوثق في نفسه؟ فلم يجد شيئا أوثق في نفسه من دعاء اللَّه عز وجل، والرغبة إليه، فأقبل يقول في دعائه: يا رب، سمعتك وأنا في الدنيا وأنت تقيل العثرات، فأقل اليوم عثرتي فترك في الجنة. "الزهد" ص 121 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الوهاب، عن إسحاق، عن مطرف قال: تذكرت ما جماع الخير فإذا الخير كثير الصوم والصلاة، وإذا هو في يد اللَّه عز وجل، وإذا أنت لا تقدر على ما في يد اللَّه عز وجل إلا أن تسأله فيعطيك، فإذا جماع الخير الدعاء. "الزهد" ص 295

295 - فصل: ما يستحب من الدعاء، وما يكره

295 - فصل: ما يستحب من الدعاء، وما يكره قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: سفيان يقول: يُكره أن يقول: أمتع اللَّه بك. قال أحمد: ما أدري ما هذا. قال إسحاق: كما قال مكروه. "مسائل الكوسج" (3289) قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يكره للرجلِ أَنْ يقولَ للرجل: فداكَ أبي وأُمِّي؟ قال: يكره أن يقولَ: جعلني اللَّه تعالى فداك. ولا بأس أن يقول: فداك أبي وأمي. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (3497) قال ابن هانئ: قيل له: يروى عن طاوس أنه قال: اللهم أمتعني المال والولد، فقال: قد روي هذا ولكن الغنى من العافية. "مسائل ابن هانئ" (2000) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الوهاب، عن إسحاق، عن مطرف أنه كان يكره أن يقول: اللهم لا تنسني ذكرك، ولا تؤمني مكرك، ولكن يقول: اللهم لا تنسني ذكرك، وأعوذ بك أن آمن مكرك حتى تكون أنت تؤمني. "الزهد" ص 295 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا همام، عن قتادة،

عن العلاء بن زياد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما من دعوة أحب إلى اللَّه عز وجل من عبده أن يسأله المعافاة في الدنيا والآخرة" (¬1). "الزهد" ص 312 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن سفيان قال: سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رجلا يقول: بارك اللَّه لنا في الموت، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وفي الحياة" (¬2). "الزهد" ص 455 قال عَبْدُ اللَّهِ: رَأَيْتُ أبي إذا دُعِيَ لَهُ بِالْبَقاءِ يَكْرَهُهُ، فيَقُولُ: هذا شَيْءٌ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ. "الآداب الشرعية" 1/ 409 قال بِشْرُ بْنُ مُوسَى: سألَ رَجُلٌ وأنا أَسْمَعُ لِأبي عبد اللَّهِ فَقال: جُعِلْتُ فِداءكَ، فقال: لا تَقُلْ هَكَذا، فَإِنَّ هذا مَكْرُوهٌ. "الآداب الشرعية" 1/ 415 ¬

_ (¬1) رواه الطبراني 20/ 165 (346) من طريق عمران القطان، عن قتادة، عن العلاء بن زياد، عن معاذ بن جبل مرفوعًا. (¬2) لم أقف عليه.

296 - 1 - طاعة الله وترك معصيته

فصل: ما جاء في شروط الدعاء وآدابه 296 - 1 - طاعة اللَّه وترك معصيته قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا مالك -يعني: ابن مغول- قال: سمعت أبا يوسف الحسن بن يزيد، عن هارون قال: حدثني ابن عم حنظلة أن اللَّه عز وجل أوحى إلى موسى عليه السلام: إن قومك زينوا مساجدهم، وأخربوا قلوبهم، وتسمنوا كما تسمن الخنازير ليوم ذبحها، وإني نظرت إليهم فقلبتهم؛ فلا أستجيب لهم، ولا أعطيهم مسألتهم. "الزهد" ص 109 قال عبد اللَّه: أخبرني أبي، حدثنا حجاج، أخبرنا جرير بن حازم، عن وهب قال: بلغني أن نبي اللَّه موسى عليه السلام مر برجلٍ يدعو ويتضرع، فقال: يا رب ارحمه، فأوحى اللَّه إليه: لو دعاني حتى تنقطع قواه ما استجبت له؛ حتى ينظر في حقي عليه. "الزهد" ص 111 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا جعفر، حدثنا الجريري، عن أبي العلاء أن رجلا قال لعامر بن عبد قيس: استغفر لي، استغفر لي. قال: إنك لتسأل من قد عجز عن نفسه، ولكن أطع اللَّه، ثم ادعه يستجب لك. "الزهد" ص 273 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن سماك بن الفضل قال: سمعت وهبًا يقول: الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر. "الزهد" ص 445

297 - 2 - أن يكون الداعي متوسلا إليه سبحانه بتوحيده وأسمائه وصفاته والعمل الصالح

297 - 2 - أن يكون الداعي متوسلًا إليه سبحانه بتوحيده وأسمائه وصفاته والعمل الصالح قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هاشم، حدثنا صالح، عن أبي عمران الجوني، عن أبي المجلد قال: إن العذاب لما هبط على قوم يونس عليه السلام فجعل يحوم على رءوسهم مثل قطع الليل المظلم، فمشى ذوو العقول منهم إلى شيخ من بقية علمائهم، فقالوا: إنا قد نزل بنا ما ترى، فعلمنا دعاء ندعو به، عسى اللَّه عز وجل أن يرفع عنا عقوبته، قال: فقولوا: يا حي حين لا حي، ويا حي محيي الموتى، ويا حي لا إله إلا أنت. قال: فكشف اللَّه عز وجل عنهم. "الزهد" ص 44 - 45 قال عبد اللَّه، حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا مسعر، عن زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي قال: خرج سليمان بن داود عليهما السلام بالناس يستسقي، فمر على نملة مستلقية على قفاها، رافعة قوائمها في السماء وهي تقول: اللهم إنا خلق من خلقك، ليس بنا غنى عن رزقك؛ فإما أن تسقينا، وإما أن تهلكنا، فقال سليمان للناس: ارجعوا، فقد سقيتم بدعوة غيركم. "الزهد" ص 110 298 - أن يظهر الداعي الافتقار والمسكنة بين يدي اللَّه سبحانه، وفي حال شريفة من حضور القلب والرجاء والإقبال على اللَّه قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا صالح المري، أخبرنا أبو عمران الجوني، عن أبي الجلد قال: أوحى اللَّه عز وجل إلى

299 - 4 - الجزم وعزم المسألة وأن يدعو موقنا بالإجابة

موسى عليه السلام أن يا موسى إذا دعوتني فاجعل لسانك من وراء قلبك، وكن عند ذكري خاشعًا مطمئنًا، وإذا قمت بين يدي فقم مقام الحقير الذليل، وذم نفسك؛ فهي أولى بالذم، وناجني حين تناجيني بقلب وجل، ولسان صادق. "الزهد" ص 109 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن الحسن، أخبرنا جعفر، عن مالك بن دينار قال: بلغني أنه قيل لبني إسرائيل: تدعون بألسنتكم وقلوبكم بعيدة مني، باطل ما ترهبون. "الزهد" ص 124 - 125 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، عن عبد اللَّه بن واقد، عن أم عبد اللَّه، عن أبيها خالد أنه قال: من دعاء الإجابة، أو قال: من أراد دعاء الإجابة إذا سجد قلب يديه ثم دعا. "الزهد" ص 460 299 - 4 - الجزم وعزم المسألة وأن يدعو موقنًا بالإجابة: قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: حدثنا ابن مهدي، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يعلى، عن الربيع قال: ما أحب مناشدة العبد ربه عز وجل بقوله: رب قضيت على نفسك الرحمة، قضيت على نفسك كذا، يستبطئ، وما رأيت أحدًا يقول: رب قد أديت ما على فأدِّ ما عليك. "الزهد" ص 407 300 - 5 - غير مستعجل ولا مستبطئ الإجابة ولا قانط قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا عَبْدُ الصَّمدِ، حدثنا أبو هِلالٍ،

301 - 6 - غير معتد في الدعاء

عَنْ قَتادَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يَزاكُ العَبْدُ بِخَيْرٍ ما لَمْ يَسْتَعْجِلْ" قالُوا: وكَيْفَ يَسْتَعْجِلُ، قال: "يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ رَبِّي عز وجل فَلَمْ يَسْتَجبْ لِي" (¬1). "الزهد" ص 59 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد، حدثنا حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن وهب بن منبه قال: كان الرجل من بني إسرائيل إذا تعبد أربعين سنة أوحي إليه، فعبد رجل لغير رشدة (¬2) أربعين سنة فلم يوح إليه، فقال: يا رب، ما ذنبي فيما صنع أبواي؟ فلم يزل يدعو حتى أوحي إليه. "الزهد" ص 60 301 - 6 - غير معتد في الدعاء قال أبو الفضل: سألت أبي عن الاعتداء في الدعاء، فقال: يدعو بدعاءٍ معروفٍ. "مسائل صالح" (65) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 210، ورواه أبو يعلى 5/ 248 (2865)، والطبراني في "الأوسط" 3/ 65 (2497)، وابن عدي في "الكامل" 7/ 438 من طريق أبي هلال الراسبي عن قتادة به. وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 147: فيه أبو هلال الراسبي وهو ثقة وفيه خلاف، وبقية رجال أحمد، وأبي يعلى رجال الصحيح. اهـ. ورواه البزار في "مسنده" 13/ 201 (6666) من طريق الربيع بن صبيح، عن الحسن، عن أنس. وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة رواه البخاري (6340)، ومسلم (2735) بلفظ: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي". (¬2) أي: ابن زنا.

302 - 7 - أن يكون الدعاء بصوت منخفض خفي

302 - 7 - أن يكون الدعاء بصوت منخفض خفي قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ينبغي أن يسر دعاءه؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]، قال: هذا في الدعاء. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: وكان يكرهون أن يرفعوا أصواتهم بالدعاء. "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 309 303 - 8 - الإكثار من الدعاء في حال الرخاء قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن -هو ابن مهدي- حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الدرداء، رحمه اللَّه قال: ادع اللَّه يوم سرائك، لعله يستجيب لك يوم ضرائك. "الزهد" ص 168 304 - هل يمسح بيده على وجهه بعد الدعاء؟ قال ابن هانئ: وحضرت أبا عبد اللَّه وإذا عنده رجل، فقال له أبو عبد اللَّه: ادع بدعوات، فابتدأ الرجل يدعو، وجعل أبو عبد اللَّه يشير بالسباحة ويؤمن، فلما فرغ من الدعاء، مسح الرجل يده على وجهه، ولم يمسح أبو عبد اللَّه على وجهه. "مسائل ابن هانئ" (2002) 305 - هل يجوز الاجتماع للدعاء؟ قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: يكره أن يجتمع القوم يدعون اللَّه سبحانه وتعالى ويرفعون أيديهم؟

قال: ما أكرهه للإخوان إذا لم يجتمعوا على عمد إلا أن يكثروا. قال إسحاق: كما قال، وإنما معنى: أن لا يكثروا يقول: أن لا يتخذوها عادة حَتَّى يعرفوا به. "مسائل الكوسج" (3499) قال مُهَنّا: سألتُ أبا عبد اللَّهِ عَنْ الرّجُلِ يَجْلِسُ إلى القَوْمِ، فَيَدْعُو هذا ويَدْعُو هذا، ويَقولونَ لَهُ: ادْعُ أَنْتَ، فقال: لا أَدْرِي ما هذا؟ "الآداب الشرعية" 2/ 103 قال أبو العَبّاسِ الفضلُ بنُ مِهْرانَ: سألتُ يَحْيى بْن مَعِينٍ وأحمدَ بْنَ حنبلٍ، قُلْتُ: إنَّ عِنْدَنا قَوْمًا يَجْتَمِعونَ فَيَدْعونَ ويَقرءونَ القُرآنَ ويذكرونَ اللَّهَ تَعالَى فما تَرى فِيهِمْ؟ قال: فأمّا يحيى بن معينٍ، فَقال: يَقرأُ فِي المُصْحَفِ، ويَدْعُو بَعْدَ صَلاةٍ، ويذكرُ اللَّهَ في نفسِهِ. قُلْتُ: فَأخٌ لي يفعلُ هذا؟ قال: انْهَهُ. قُلْتُ: لا يقبلُ؟ قال: عِظْهُ. قلتُ: لا يقبلُ، أَهْجُرُهُ؟ قال: نَعَمْ. ثُمَّ أَتَيْتُ أَحْمَدَ، وحَكَيْتُ لَهُ نَحْوَ هذا الكَلامِ، فقال لِي أَحْمَدُ أَيْضًا: يَقْرَأُ فِي المُصْحَفِ، ويَذْكُرُ اللَّهَ تَعالَى فِي نَفْسِهِ، ويطلب حَدِيث رَسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قُلْتُ: فَأَنْهاهُ؟ قال: نَعَمْ. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ. قال: بلى إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالَى فَإِنَّ هذا مُحْدَثٌ: الاجْتِماعُ والَّذِي تَصِفُ. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَهْجُرُهُ؟ فَتَبَسَّمَ وسَكَتَ. سَأَلَه المَرُّوذِيُّ عَنْ القَوْمِ يَجْتَمِعونَ فَيَقْرَأُ قارِئٌ ويَدْعونَ حَتَّى يُصْبِحوا؟

306 - هل يجوز الدعاء لأهل الذمة؟

قال: أَرْجُو أَنْ لا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ. قال المَرُّوذِيُّ: قال لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: كُنْت أُصَلِّي فَرَأَيْت إلَى جَنْبِي رَجُلًا عَلَيْهِ كِساءٌ، ومَعَهُ نَفْسانِ يَدْعُوَنِ، فَدَنَوْت فَدَعَوْت مَعَهُمْ، فَلَمّا قُمْت رَأَيْت جَماعَةً يَدْعُونَ، فَأَرَدْت أَنْ أَعْدِلَ إلَيْهِمْ، ولَوْلا مَخافَةُ الشُّهْرَةِ لَقَعَدْت مَعَهُمْ. "الآداب الشرعية" 2/ 104 306 - هل يجوز الدعاء لأهل الذمة؟ قال إبراهيم الحربي: سئل أحمد عن المسلم يقول للنصراني: أكرمك اللَّه. قال: نعم ينوي بها الإسلام. "سير أعلام النبلاء" 11/ 32، "الآداب الشرعية" 1/ 391

307 - 1 - تقديم العمل الصالح

فصل: ما جاء في أسباب إجابة الدعاء 307 - 1 - تقديم العمل الصالح قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن -هو ابن مهدي- حدثنا عبد الرحمن بن فضالة، عن بكير بن عبد اللَّه، عن أبي ذر رحمه اللَّه، قال: يكفي من الدعاء مع البر ما يكفي الطعام من الملح. "الزهد" ص 182 308 - 2 - اغتنام الأحوال الصالحة قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا عباد، عن الوليد قال: سمعت خالدا الحذاء قال: كان عيسى ابن مريم إذا سرح رسله؛ يحيون الموتى قال: فكان يقول لهم: قولوا كذا، قولوا كذا، فإذا وجدتم قشعريرة ودمعة، فادعوا عند ذلك. "الزهد" ص 77 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد أن رجلًا من أهل الكوفة وشى بعمار رحمه اللَّه تعالى إلى عمر بن الخطاب قال: فقال له عمار: إن كنت كاذبًا فأكثر اللَّه مالك وولدك وجعلك موطأ العقبين. "الزهد" 148، 219 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عفان، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا سعيد الجريري قال: لما سير عامر بن عبد اللَّه، قال: شيعه إخوانه، قال: فكان بظهر المربد. قال: إني داع فأمنوا. قالوا: هات فقد كنا نستبطئ هذا منك، قال: اللهم من وشى بي وكذب علي، وأخرجني من مصري، وفرق بيني وبين إخواني، اللهم فأكثر ماله وولده، وأصح

309 - 3 - اغتنام الأوقات الفاضلة

جسمه وأطل عمره. "الزهد" ص 278 309 - 3 - اغتنام الأوقات الفاضلة قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، أخبرنا جعفر، حدثنا الجريري قال: بلغنا أن داود عليه السلام سأل جبريل فقال: يا جبريل، أي الليل أفضل؟ قال: يا داود ما أدري، إلا أن العرش يهتز من السحر. "الزهد" ص 89 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا الوليد بن مسلم قال: سمعت يزيد بن أبي مريم قال: سمعت أبا إدريس الخولاني يقول: قال معاذ بن جبل رحمه اللَّه: إنك مجالس قوما لا محالة يخوضون في الحديث، فإذا رأيتهم غفلوا فارغب إلى ربك عز وجل عند ذلك رغبات، قال الوليد: فذكرت لعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، فقال: نعم حدثني أبو طلحة حكيم بن دينار أنهم كانوا يقولون: آية الدعاء المستجاب: إذا رأيت الناس غفلوا، فارغب إلى ربك عز وجل عند ذلك رغبات. "الزهد" ص 229 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا الحسن بن موسى، وعبد الصمد قالا: حدثنا نوح بن قيس، حدثنا محمد بن نافع قال: أقبلنا مع هرم بن حيان من خراسان، حتى إذا كنا في بعض الطريق تمثلت ليلة سحر ببيت من الشعر، قال: فرفع هرم على السوط فجلدني جلدة على الظهر التويت منها، قال لي: أفي هذِه الساعة التي ينزل فيها الرحمن، ويستجاب فيها الدعاء تتمثل بالشعر؟ ! وقال عبد الصمد: الساعة التي يستجاب فيها الدعاء وتنزل فيها الرحمة. "الزهد" ص 283 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو علي تميلة، عن ابن أبي رواد

310 - 1 - الوقوع في شيء من محارم الله

قال: كان طاوس وأصحاب له إذا صلوا العصر استقبلوا القبلة، ولم يكلموا أحدا وابتهلوا في الدعاء. "الزهد" ص 451 فصل: ما جاء في موانع إجابة الدعاء 310 - 1 - الوقوع في شيء من محارم اللَّه قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هارون بن معروف، حدثنا ضمرة، عن ابن شوذب، عن مالك بن دينار قال: استعان ابن رجل على العشارين، قال: فأتاهم فشفعوه، وقالوا له: يا أبا يحيى لو دعوت بدعوة، قال: ولهم كوز عليه جلد مختوم يجعلون فيه نفقتهم، قال: فقال: ارفعوا أيديكم، قال: ثم أخذ مالك الكوز تحت إبطه ثم قال: لا واللَّه لا يستجيب لنا ما دام هذا الكوز معنا. "الزهد" ص 393 311 - 2 - أن يكون الداعي ضعيفًا في نفسه قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن مالك قال: كان الربيع بن خثيم يأتي علقمة يوم الجمعة، فيتحدث إليه، فأتاه ذات يوم فقال: ألا تعجب: دخل على رجل من أهل الكتاب فقال: ألا ترى إلى كثرة دعاء الناس وقلة الإجابة لهم؟ وهل يدرون مم ذلك؟ وما ذاك إلا أن اللَّه عز وجل لا يقبل إلا الفاضل من الدعاء، فقال عبد الرحمن بن يزيد -وكان جالسًا معهم- لئن قال ذاك لقد قال عبد اللَّه: إن اللَّه لا يسمع من مسمَّع، ولا من مراء، ولا من لاعب، ولا من داع إلا داع دعاء ثبتًا من قلبه. "الزهد" ص 200

312 - باب ما جاء في الحياء

312 - باب ما جاء في الحياء قال أبو داود: سمعتُ أحمد بن حنبل سئل عن تفسير حديث أبي مسعود: "إِذا لَمْ تَسْتَحْي: فاصْنَعْ ما شِئْتَ" (¬1) قال: تفسيره: إذا لم يستحي الإنسانُ يصنعُ كلَّ شيءٍ، ليس تفسيره: فاصنع ما شئت. سمعت أحمد قيل له: إن فلانًا فسره: إذا لم تستح فاصنع ما شئت من الصلاة والخير؟ قال: إذا نُزع الحياء من الإنسان نُزع منه الخيرُ. "مسائل أبي داود" (1833) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حجاج، حدثنا ليث، حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير عن سعيد بن يزيد أنه سمعه يقول: إن رجلا قال لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أوصني، قال: "أوصيك أن تستحي اللَّه عز وجل، كما تستحي رجلا صالحا من قومك" (¬2). "الزهد" ص 59 قال عبد اللَّه، حدثنا أبي، حدثنا سفيان قال: قيل للقمان عليه السلام: أي الناس شر؟ قال: الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئًا. "الزهد" ص 65 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 121، والبخاري (3483). (¬2) رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" ص 110، والطبراني 6/ 69 - 70 (5539)، والبيهقي في "شعب الإيمان" 6/ 145 - 146 (7738). وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 284: ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم. وقال الألباني في "السلسلة الصحيحة" (741): وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات، على خلاف في صحبة سعيد بن زيد وهو ابن الأزور، وقد أثبتها له أبو الخير هذا كما في بعض طرق هذا الحديث.

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا مالك بن دينار قال: أوحى اللَّه إلى عيسى عليه السلام أن يا عيسى، عظ نفسك، فإن اتعظت فعظ الناس، وإلا فاستحي مني. "الزهد" ص 71 - 72 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا هشام، عن الحسن قال: لقد أدركت أقواما وصحبت طوائف منهم، ما سألوا اللَّه عز وجل الجنة قط حياء من اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 319 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد اللَّه بن إدريس، أنبأنا حصين، عن بكر بن عبد اللَّه قال: البذاء من الجفاء، والجفاء في النار، والحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة. "الزهد" ص 369 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا هشام، عن أبيه قال: إذا جعل أحدكم للَّه عز وجل شيئا فلا يجعل له ما يستحي أن يجعله لكريمه؛ فإن اللَّه عز وجل أكرم الكرماء وأحق مَنْ اختير له. "الزهد" ص 444 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عمرو بن سليمان أبو الربيع، حدثنا مسلم أبو عبد اللَّه الديلمي، عن ليث، عن مجاهد قال: من لم يستح من الحلال خفت مؤنته وأراح نفسه وقل كبره. "الزهد" ص 452 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا إسرائيل، عن زياد بن فياض قال: حدثني من سمع عبيد اللَّه بن عمير يقول: آثروا الحياء من اللَّه تعالى على الحياء من الناس. "الزهد" ص 454

313 - باب ما جاء في التواضع وذم الكبر والعجب

313 - باب ما جاء في التواضع وذم الكبر والعجب قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حجاج، حدثنا شريك، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد اللَّه بن شداد، رفع الحديث قال: "من لبس الصوف، واعتقل الشاة، وركب الحمار، وأجاب دعوة الرجل الدون أو العبد لم يكتب عليه من الكبر شيء" (¬1). "الزهد" ص 20 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا علي بن ثابت، حدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أوصى نوح عليه السلام ابنه" فذكر نحو حديث يزيد عن ابن المجبر قال: "وأما اللتان ¬

_ (¬1) لم أقف عليه من حديث عبد اللَّه بن شداد، لكن روى ابن عدي في "الكامل" 6/ 56 عن عمر بن يزيد، عن عطاء، عن أبي هريرة مرفوعًا: "كان يلبس الصوف، ويجلس على الأرض، ويأكل عليها ويركب الحمار، ويعتقل الشاة ويحلبها ويجيب دعوة المملوك" ويقول: "لو دعيت إلى كراع لأجبت". قال ابن عدي: حديث غير محفوظ وعمر بن يزيد منكر الحديث. وروى أبو الشيخ في "أخلاق النبي" ص 17، والحاكم 1/ 61 عن أبي موسى قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يركب الحمار، ويلبس الصوف، ويعتقل، ويأتي مداعاة الضعيف. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشبخين. ووافقه الألباني في "الصحيحة" 5/ 159. وروى ابن أبي الدنيا في "التواضع والخمول" (219) عن جابر قال: قال معاذ -رضي اللَّه عنه-: يا رسول اللَّه، من الكبر أن يكون لأحدنا الثياب يلبسها، والدابة يركبها، والطعام يجمع عليه أصحابه؟ قال: "لا، ولكن الكبر أن تسفه الحق، وتغمض المؤمن، وسأنبئكم بخلال من كن فيه فليس بمتكبر: اعتقال الشاة، ولبس الصوف، وركوب الحمار، ومجالسة الفقراء والمؤمنين وأن كل أحدكم مع عياله". وللحديث شواهد أُخر انظرها في "الصحيحة" (1225).

أنهاك عنهما فالكبر والشرك" فقال عبد اللَّه بن عمرو: يا رسول اللَّه، الكبر أن يكون لي حلة حسنة ألبسها؟ قال: "لا، إن اللَّه جميل يحب الجمال" قال: فالكبر أن يكون لي دابة صالحة أركبها؟ قال: "لا" قال: فالكبر أن يكون لي أصحاب يتبعونني، وأطعمهم؟ قال: "لا" قال: فبم الكبر، يا رسول اللَّه؟ قال: "أن تسفه الحق وتغمص" قال علي: قلت لهشام: ما تغمص؟ قال: تعيبه (¬1). "الزهد" ص 68 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا محمد بن الحسن بن أنس، حدثنا منذر، عن وهب أن رجلا سائحًا عبَد اللَّهَ سبعين سنة، ثم خرج يومًا، يقلل عمله، وشكا إلى اللَّه عز وجل بثه، واعترف بذنبه، فأتاه آت من اللَّه عز وجل فقال: إن مجلسك هذا أحب إلى اللَّه عز وجل من عملك فيما مضى من عمرك. "الزهد" ص 69 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا كثير بن هشام، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا يَزِيدَ بْنَ الأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إِنَّ اللَّهَ عز وجل لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وأَمْوالِكُمْ، ولكن إنما يَنْظُرُ إِلَى أَعْمالِكُمْ وقُلُوبِكُمْ" (¬2). "الزهد" ص 72 قال عبد اللَّه: أخبرنا أبي، حدثنا هاشم، حدثنا الفرج بن فضالة، عن أبي راشد، عن يزيد بن ميسرة قال: قال عيسى ابن مريم عليه السلام: ما لي لا أرى فيكم أفضل العبادة؟ قالوا: وما أفضل العبادة يا روح اللَّه؟ قال: ¬

_ (¬1) لم أجده، وروى نحوه أحمد 1/ 399، ومسلم (91) من حديث ابن مسعود. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 284 - 285، ومسلم (2564).

التواضع للَّه عز وجل؟ "الزهد" ص 73 - 74 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد اللَّه قال: كانت الأنبياء يحلبون الشاة، ويركبون الحمر، ويلبسون الصوف. "الزهد" ص 78 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، عن عمران القصير قال: قال موسى بن عمران: أي رب، أين أبغيك؟ قال: ابغني عند المنكسرة قلوبهم إني أدنو منهم كل يوم باعًا، ولولا ذلك لانهدموا. "الزهد" ص 95 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، أخبرنا مهدي، حدثنا عبد الحميد صاحب الزيادي، عن ابن منبه قال: نبئت أنه كان فيمن قبلكم رجل تعبد زمانا، ثم طلب إلى اللَّه عز وجل حاجة، وصام للَّه سبعين سبتا؛ يأكل كل سبت إحدى عشرة تمرة يطلب حاجته إلى اللَّه، فلم يعطها، فلما مضى ذلك ولم يعطها أقبل على نفسه، فقال: من قبلك أتيت، لو كان فيك خير أعطيت حاجتك، ولكان ليس فيك خير فنزل إليه ملك من ساعته، فقال: يا ابن آدم، إن ساعتك هذِه التي ازريت على نفسك فيها خير من عبادتك، قد أعطاك اللَّه حاجتك. "الزهد" ص 122 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد اللَّه بن يزيد، حدثنا حيوة، أخبرني حجاج بن شداد، أن أبا صالح الغفاري أخبره، أن رجلا أتى عمر بن الخطاب رحمه اللَّه فقال: إن قومي قدموني فصليت بهم ثم أمروني أن أقص عليهم، ففعلت، فقال له عمر رحمه اللَّه: صل بهم ولا تقص عليهم، فتردد إلى عمر ثلاث مرات أو أربعًا، فقال له عمر:

لا تقص؛ فإني أخاف عليك أن ترفع نفسك فيضعك اللَّه قبضة. "الزهد" ص 152 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، وأبو معاوية الضرير قال: حدثنا الأعمش، عن أبي ظبيان. قال أبو معاوية: عن جرير، وقال وكيع: حدثنا جرير، قال: قال لي سلمان: يا جرير تواضع للَّه؛ فإن من تواضع للَّه عز وجل الدنيا يرفعه اللَّه عز وجل يوم القيامة. "الزهد" ص 188 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا المسعودي، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه قال: من تواضع للَّه تخشعًا رفعه اللَّه يوم القيامة، ومن تطاول تعظمًا وضعه اللَّه يوم القيامة. "الزهد" ص 195 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا إسرائيل، عن سعيد بن مسروق، عن المسيب بن رافع، حدثني أبو إياس البجلي قال: سمعت عبد اللَّه بن مسعود يقول: من تطاول تعظمًا (¬1) خفضه اللَّه عز وجل، ومن تواضع للَّه تخشعا رفعه اللَّه عز وجل، وإن للملك لمة وللشيطان لمة، فلمة الملك إبعاد بالخير وتصديق بالحق، فإذا رأيتم ذلك فاحمدوا اللَّه عز وجل، ولمة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالحق، فإذا رأيتم ذلك فتعوذوا باللَّه عز وجل. "الزهد" ص 196 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا مسعر، عن شعبة، عن أبي بردة، عن أمه، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة رحمها اللَّه قالت: إنكم تفعلون أفضل العبادة التواضع. "الزهد" ص 206 ¬

_ (¬1) في المطبوع: تنظيمًا.

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا محمد -يعني: ابن طلحة- عن الهجنع بن قيس قال: قال الأحنف بن قيس: ما أحب أن لي بنصيبي من الذل حمر النعم. "الزهد" ص 289 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم، حدثنا المبارك، عن عبد اللَّه ابن مسلم بن يسار، عن أبيه قال: إذا لبست ثوبًا وظننت أنك في ذلك الثوب أفضل مما في غيره فبئس الثوب هو لك. "الزهد" ص 303 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا موسى بن هلال، حدثنا هشام بن حسان قال: ذكروا التواضع عند الحسن وهو ساكت، حتى إذا أكثروا عليه قال لهم: أراكم قد أكثرتم الكلام في التواضع. قالوا: أي شيء التواضع يا أبا سعيد؟ قال: يخرج من بيته فلا يلقى مسلمًا إلا ظن أنه خير منه. "الزهد" ص 340 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، وحدثنا أبو الأشهب، عن الحسن قال: يا ابن آدم، كيف تتكبر وأنت خرجت من سبيل البول مرتين. "الزهد" ص 349 - 350 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن مالك قال: قال عمر بن عبد العزيز لرجل: من سيد قومك؟ قال: أنا، قال: لو كنت كذلك لم تقله. "الزهد" ص 364 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا همام، حدثنا قتادة، أن مورقا قال: ما وجدت للمؤمن مثلًا إلا رجلًا في البحر على خشبة فهو يدعو يا رب يا رب لعله أن ينجيه. "الزهد" ص 371

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا الجريري قال: قيل لرجل من أهل الكوفة: أصالحون أنتم؟ قال: ما أدري ما الصالحون؟ ولكن بخير. "الزهد" ص 438 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثني محمد بن مسلم، عن عثمان بن عبد اللَّه بن أوس، عن عمرو بن أوس قال: المخبتون الذين لا يظلمون، وإذا ظلموا لم ينتصروا. "الزهد" ص 456 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هشيم، أنبأنا منصور بن زاذان، عن مجاهد -قال: قلت لأبي: سمعه من مجاهد؟ قال: مرسل له- قال: ما من بني آدم أحد إلا وملك آخذ بناصيته، فإن تكبر وضعه اللَّه عز وجل، وملك آخذ بحكمته، فإن تواضع رفعه. "الزهد" ص 457 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم، حدثنا المبارك، عن الحسن أن رجلا من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من أفاضلهم عير رجلا بأمه، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يسمع، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده ما أنت بأفضل ممن ترى من أحمر ولا أسود إلا أت تفضلهم بالتقوى" (¬1). "الزهد" ص 475 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 198، وأبو يعلى 7/ 224 (4223)، والبيهقي في "الشعب" 2/ 119 (1348)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 14/ 314 - 315 (7638). قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 303: رواه الإمام أحمد وإسناده حسن. والحديث ضعفه الألباني في: "ضعيف الجامع" (1219).

314 - باب ما جاء في التوكل

314 - باب ما جاء في التوكل قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه، وذكر عن ابن عيينة، فقال: اهتمامك لرزق غد، يكتب عليك خطيئة. ثم قال: ومن يقوى على هذا! "الورع" (281) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا مَرْوانُ بْنُ مُعاوِيَةَ الفزاري، أنبأنا هِلالُ بْنُ سُوَيْدٍ -أَبُو المُعَلَّى- قال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مالِكٍ وهُوَ يَقُولُ: أُهْدِيَتْ لِلنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثَلاثَةُ طَوائِرَ، فَأَطْعَمَ خادِمَهُ طائِرًا، فَلَمّا كانَ مِنْ الغَدِ أَتَتْهُ بِهِ، فَقال لَها رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَلَمْ أَنْهَكِ أَنْ تَرْفَعِي شَيْئًا لغد؟ فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يَأْتِي برزْقِ كُلِّ غَدٍ" (¬1). "الزهد" ص 14 ¬

_ (¬1) رواه ابن الأعرابي في "المعجم" 1/ 82 (120) من طريق زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق به. قال الألباني في "الصحيحة" (2661): فهو إسناد مرسل صحيح إن كان أبو إسحاق حفظه. ورواه البزار في "مسنده" 4/ 204 (1366) موصولا من حديث بلال ورواه أيضًا الطبراني 1/ 359 (1098). قال البزار: وهذا الحديث قد رواه غير محمد بن الحسن، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسروق أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل على بلال. . ولم يسنده إلا محمد بن الحسن، وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 241: في رواية الطبراني الأولى والبزار محمد بن الحسن، وفي الثانية طلحة بن زيد القرشي وكلاهما ضعيف. وقال الألباني في "السلسلة الصحيحة" الرقم السابق: روي من حديث أبي هريرة، وبلال بن رباح، وعبد اللَّه بن مسعود وعائشة، فالحديث صحيح بمجموع طرقه. ا. هـ بتصرف.

حدّثنا وكِيعٌ، حدّثنا إِسْرائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحاقَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَنْفِقْ بِلالُ، ولا تَخْشَ مِن ذِي العَرْشِ إِقلالا" قال أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَرَّةً أُخْرى: "وَلا تَخَفْ مِنْ ذِي العَرْشِ" (¬1). "الزهد" ص 15 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد اللَّه بن يزيد، حدثنا حيوة، أخبرني بكر بن عمرو، أنه سمع عبد اللَّه بن هبيرة يقول: إنه سمع أبا تميم الجيشاني يقول: إنه سمع عمر بن الخطاب يقول: إنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو أنكم توكلون على اللَّه حق توكله لرزقَكم كما يرزق الطير؛ تغدو خماصًا وتروح بطانًا". "الزهد" ص 25 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أخبرنا محمد بن فضيل، أخبرنا ضرار -وهو أبو سنان- عن سعيد بن جبير، قال: التوكل على اللَّه عز وجل جماع الإيمان. "السنة" لعبد اللَّه 1/ 361 (796)، "الزهد" ص 26 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم، حدثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس قال: أوحى اللَّه عز وجل إلى نبي من الأنبياء عليهم السلام: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 30، والترمذي (2344)، وابن المبارك (4164) وصححه ابن حبان 2/ 509 (730)، والحاكم 4/ 318. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الألباني في "الصحيحة" (310): صحيح على شرط مسلم، فإن رجاله رجال الشيخين، غير ابن هبيرة وأبي تميم، فمن رجال مسلم وحده. (1) رواه الإمام أحمد 1/ 30، وعبد بن حميد (10)، وأبو يعلى (247)، وابن حبان (730)، والحاكم 4/ 318، وأبو نعيم في "الحلية" 10/ 69.

ما بال قومك يلبسون مسوك الضأن، ويتشبهون بالرهبان؟ كلامهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمرُّ من الصبر، أبي يغترون؟ ! أم إياي يخادعون؟ ! وعزتي لأتركن العالم منهم حيران، ليس مني من تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له؛ من آمن بي فليتوكل علي، ومن لم يؤمن بي فليتبع غيري. "الزهد" ص 68 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا ابن آتش، حدثنا منذر، عن وهب قال: يقول الرب تبارك وتعالى: إذا توكل عليَّ عبدي، لو كادته السماوات والأرض جعلت له من بين ذلك المخرج. "الزهد" ص 69 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل، حدثنا ابن عون، عن محمد: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل على بلال رحمه اللَّه فرأى عنده صبرا من تمر، فقال له: "ما هذا؟ " قال: هذا تمر ادخرته. قال: "أفما تخاف أن يكون له بخار في نار جهنم؟ أنفق بلال، ولا تخش من ذي العرش إقلالا". "الزهد" ص 98 قال عبد اللَّه، حدثني أبي، حدثنا محمد بن الحسن بن آتش، حدثنا منذر، عن وهب: إن سائحًا وردءًا له -يعني: تابعا يتبعه- مرا بأسد وهو رابض على الطريق يلتمس الفريس، فجعل الردء يحدث السائح يقول: الأسد الأسد، وجعل السائح لا يلتفت إليه، حتى مرا بالأسد، فقام الأسد فتنحى عن الطريق، فلما جاوزا قال الردء لكبيره: ألم أكن أحذرك الأسد؟ قال السائح: أوظننت أني أخاف شيئا دون اللَّه عز وجل؟ لئن تختلف الأسنة فيَّ أحب إليَّ من أن يعلم اللَّه عز وجل أني أخاف شيئا دونه. "الزهد" ص 126

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أسود بن عامر، وعفان قالا: حدثنا حماد: قال عفان في حديثه: أنبأنا ثابت أن عامر بن عبد قيس قال لابني عم له: فوَّضا أمركما إلى اللَّه عز وجل تستريحا. "الزهد" ص 221 قال يعقوب بن بختان: سمعت أحمد -وسئل عن التوكل- فقال: هو قطع الاستشراف بالإياس من الخلق، فقيل له: ما الحجة؟ فقال: إبراهيم لما وضع في المنجنيق ثم طرح إلى النار فاعترضه جبريل عليه السلام فقال: يا إبراهيم ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا. فقال له: سل من لك إليه حاجة. فقال: أحب الأمرين إليه أحبهما إليّ. "طبقات الحنابلة" 2/ 556، "الآداب الشرعية" 3/ 269

315 - باب ما جاء في اليقين

315 - باب ما جاء في اليقين قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا بهز، حدثنا أبو هلال، حدثنا بكر بن عبد اللَّه قال: فقد الحواريون نبيهم -صلى اللَّه عليه وسلم- فخرجوا يطلبونه، قال: فوجدوه يمشي على الماء، فقال بعضهم: يا نبي اللَّه، أنمشي إليك؟ قال: نعم، قال: فوضح رجله، ثم ذهب يضع الأخرى، فانغمس، فقال: هات يدك يا قصير الإيمان، لو أن لابن آدم مثقال حبة أو ذرة من اليقين إذا لمشى على الماء. "الزهد" ص 74 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عارم بن الفضل، حدثنا معتمر، عن أبيه، عن الحضرمي، أنه ذكر له أن عيسى قيل له: كيف نمشي على الماء؟ قال: باليقين. قال: فقيل له: فإنا نوقن، قال: أرأيتم الحجارة والمدر والذهب، سواء عندكم؟ قالوا: لا. قال: أظنه قال: فإن ذلك عندي سواء. "الزهد" ص 77 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هشام بن عبد الملك، أخبرنا أبو عوانة، عن طارق، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- قال: إني لأرجو لكم أن يتمم اللَّه لكم هذا الأمر يا معشر العرب، حتى إن الرجل منكم ليدعو بخبزته من الحنطة، فإن شاء قال لأهله: أيدموا بسمن، وإن شاء قال: أيدموا بزيت. "الزهد" ص 137

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا أبو سعيد الكندي، عمن أخبره عن أبي الدرداء أنه قال: يا حبذا نوم الأكياس وإفطارهم، كيف يغبنون سهر الحمقى وصيامهم، ولمثقال ذرة من صاحب تقوى ويقين أعظم وأفضل وأرجح من أمثال الجبال عبادة من المغترين. "الزهد" ص 171 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أسود بن عامر، حدثنا الحسن بن صالح، قال بعض أصحابنا يذكر عن مطرف بن الشخير أنه قال: كان مما منّ اللَّه عز وجل على العباد أنه جعل مع هذا اليقين غفلة، ولو جعل معه خشية لم ينتفعوا بشيء. "الزهد" ص 299 - 300 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أسود بن عامر، حدثنا جرير قال: قال الحسن: صدق اللَّه ورسوله باليقين طلبت الجنة، وباليقين هرب من النار، وباليقين أديت الفرائض، وباليقين صبر على الحق وفي معافاة اللَّه خير كثير قد واللَّه رأيتهم يتفاوتون في العافية فإذا نزل البلاء تساووا. "الزهد" ص 343

316 - باب ما جاء في الحزن

316 - باب ما جاء في الحزن قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، أنبأنا يونس قال: قال الحسن: إن المؤمن واللَّه ما يصبح إلا حزينا، ولا يمسي إلا حزينا، قال يونس: فكان الحسن لا تكاد تلقاه إلا وكأنه رجل قد أصيب بمصيبة. "الزهد" ص 65 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس قال: قيل لأبي موسى: إن غزوان لا يضحك، قال: فقال: يا غزوان لم لا تضحك؟ فقال: هه هه، وما أصنع بهذا. "الزهد" ص 256 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أسود بن عامر، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن الحسن قال: ضحك المؤمن إنما هو غفلة منه. "الزهد" ص 340 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن رجل -لم يسمه- عن الحسن قال: ما عبد اللَّه عز وجل بمثل الحزن. "الزهد" ص 346

317 - باب ما جاء في التفكر

317 - باب ما جاء في التفكر قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني وكيع، عن مالك بن مغول، والمسعودي، عن عون قال: سئلت أم الدرداء: ما كان أفضل عمل أبي الدرداء؟ قالت: التفكر والاعتبار. "الزهد" ص 168 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء قال: تفكر ساعة خير من قيام ليلة. "الزهد" ص 173 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن فضيل، عن العلاء بن المسيب، عن الحسن قال: تفكر ساعة خير من قيام ليلة. "الزهد" ص 332 نقل مثنى بن جامع عنه في رجل أكل فشبع وأكثر الصلاة والصيام، ورجل أقل الأكل فقلَّت نوافله وكان أكثر فكرة، أيهما أفضل؟ فذكر ما جاء في الفكر: تفكر ساعة خير من قيام الليلة، قال: فرأيت هذِه عنده أكثر -يعني: التفكر. "تقرير القواعد" 1/ 134 - 135

318 - باب ما جاء في الحكمة

318 - باب ما جاء في الحكمة قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا زهير، عن شريك بن عبد اللَّه، عن عطاء بن يسار، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث معاذًا إلى اليمن، فقال: يا رسول اللَّه، أوصني. قال: "عليك بتقوى اللَّه ما استطعت، واذكر اللَّه عز وجل عند كل حجر وشجر، وإذا عملت سيئة فأحدث عندها توبة، السر بالسر، والعلانية بالعلانية" (¬1). "الزهد" ص 35 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن مصعب، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير قال: قال سليمان بن داود عليه السلام لابنه: يا بني، لا تكثر الغيرة على أهلك؛ فترمى بالسوء من أجلك وإن كانت بريئة، يا بني، إن من الحياء ضعفا، ومنه وقار اللَّه عز وجل، يا بني، إن أحببت أن تغيظ عدوك فلا ترفع العصا عن ابنك، يا بني كما يدخل الوتد بين الحجرين، وكما تدخل الحية بين الجحرين فكذلك تدخل الخطيئة بين البيعين. وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عارم، حدثنا معتمر قال: سمعت ¬

_ (¬1) رواه الطبراني 20/ 159 (331) عن عطاء بن يسار عن معاذ قال: قلت: يا رسول اللَّه أوصني. فقال: "عليك بتقوى اللَّه. . ". . الحديث. وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 74: رواه الطبراني، وإسناده حسن. وقال الألباني في "الصحيحة" (3320): أخرجه الإمام أحمد في "الزهد"، والطبراني في "الكبير" من طرق عن شريك بن عبد اللَّه، عن عطاء بن يسار. . . فذكره ثم قال: قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين على ضعف في حفظ شريك بن عبد اللَّه. قال الذهبي: صدوق. وزاد الحافظ: يخطئ. قلت: لكنه مرسل؛ فإن عطاء لم يدرك معاذًا. ا. هـ بتصرف، ثم أورد له شواهد صحح بها الحديث فانظرها.

أبي يقول: حدثنا بكر بن عبد اللَّه أن داود قال لسليمان عليهما السلام: أي شيء أبرد؟ وأي شيء أحلى؟ وأي شيء أقرب؟ وأي شيء أبعد؟ وأي شيء أقل؟ وأي شيء أكثر؟ وأي شيء آنس، وأي شيء أوحش؟ قال: أحلى شيء روح اللَّه بين عباده، وأبرد شيء عفو اللَّه عز وجل عن عباده، وعفو العباد بعضهم عن بعض، وآنس شيء الروح تكون في الجسد، وأوحش شيء الجسد تنزع منه الروح، وأقل شيء اليقين، وأكثر شيء الشك، وأقرب شيء الآخرة من الدنيا، وأبعد شيء الدنيا من الآخرة -أو كما قال. "الزهد" ص 52 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هاشم، أخبرنا صالح، عن أبي عمران الجوني، عن أبي الجلد: أن عيسى ابن مريم عليه السلام أوصى الحواريين: لا تكثروا الكلام بغير ذكر اللَّه عز وجل فتقسو قلوبكم، وإن القاسي قلبه بعيد من اللَّه عز وجل ولكان لا يعلم، ولا تنظروا إلى ذنوب الناس كأنكم أرباب، ولكنكم انظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد، والناس رجلان: معافى ومبتلى، فارحموا أهل البلاء في بليتهم، واحمدوا اللَّه على العافية. وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي ثمامة الصائدي قال: قال الحواريون لعيسى ابن مريم: ما المخلص للَّه عز وجل؟ قال: الذي يعمل للَّه عز وجل، لا يحب أن يحمده الناس عليه، قالوا: فما الناصح للَّه؟ قال: الذي يبدأ بحق اللَّه؛ فيؤثر حق اللَّه على حق الناس، وإذا عرض له أمران: أمر دنيا، وأمر آخرة، يبدأ بأمر الآخرة، ويتفرغ لأمر الدنيا بعد. قال سفيان: حدثني به منصور عنه، ثم لقيته فسألته. "الزهد" ص 73

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد اللَّه بن يزيد، حدثنا إبراهيم بن الوليد العبدي -أبو إسحاق قال: بلغني أن عيسى ابن مريم قال: الدهر يدور على ثلاثة أيام: أمس خلا وعظت به، واليوم زادُك فيه، وغدا لا تدري ما لك فيه، والأمور تدور على ثلاثة: أمر بان لك رشده فاتبعه، وأمر بان لك غيه فاجتنبه، وأمر أشكل عليك فكله إلى اللَّه. "الزهد" ص 76 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق قال: سمعت وهبا يقول: قال الخضر لموسى حين لقيه: يا موسى بن عمران، انزع عن اللجاجة، ولا تمش في غير حاجة، ولا تضحك من غير عجب، والزم بيتك، وابك على خطيئتك. "الزهد" ص 79 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد اللَّه بن يزيد، حدثنا حرملة، حدثني كعب بن علقمة قال: إن موسى نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما خرج هاربا من فرعون قال: يا رب، أوصني، قال: أوصيك أن لا تعدل بي شيئا أبدا إلا اخترتني عليه، فإني لا أرحم ولا أزكي من لم يكن كذلك، قال: وبما يا رب؟ قال: بأمك؛ فإنها حملتك وهنا على وهن، قال: ثم ماذا يا رب؟ قال: ثم بأبيك قال: ثم بماذا؟ قال: ثم أن تحب للناس ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكره لها، قال: ثم بماذا يا رب؟ قال: ثم إن أوليتك شيئا من أمر عبادي، فلا تعنَّهم إليك في حوائجهم؛ فإنك إنما تعني روحي، فإني مبصر، ومستمع، مشهد، ومستشهد. "الزهد" ص 87 قال عبد اللَّه: أخبرني أبي، حدثنا يزيد، حدثنا أبو أمية بن فضالة قال: سمعت محمد بن واسع يقول: قال أبو ذر: أوصاني خليلي بسبع: أن انظر

إلى من هو أسفل مني، ولا انظر إلى من هو فوقي، وأن أحب المساكين، وأدنو منهم، وأن أقول بالحق، وإن كان مُرًّا، وأن لا أسأل أحدًا شيئًا، وأن أصل رحمي وإن أدبرت، وأن لا أخاف في اللَّه لومة لائم، وأن أكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا باللَّه (¬1). "الزهد" ص 97 - 98 قال عبد اللَّه: حدثني أبي أخبرنا غوث بن جابر قال: سمعت عبد اللَّه ابن صفوان يذكر عن أبيه، عن وهب بن منبه قال: إني وجدت في التوراة أربعة أسطر متواليات؛ إحداهن: من قرأ كتاب اللَّه عز وجل وظن أن لن يغفر له فهو من المستهزئين بآيات اللَّه، ومن شكا مصيبته فإنما شكا ربه، والثالث: من حزن على ما في يدي غيره فقد سخط قضاء ربه، الرابع: من تضعضع لغني ذهب ثلثا دينه. "الزهد" ص 108 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا مسكين بن بكير، أنبأنا سفيان، عن رجل من أهل صنعاء، عن وهب بن منبَّه أن رجلا جاء إلى راهب من الرهبان فقال: يا راهب، كيف ذكرك للموت؟ قال: ما أرفع قدمًا، ولا أضع قدما إلا رأيت أني قد مت، قال: فكيف دأب نشاطك في ذات اللَّه عز وجل؟ قال: ما كنت أرى أن أحدا سمع بالجنة والنار يأتي عليه ساعة لا يصلي فيها، قال الرجل: إني لأقوم في صلاتي، فأبكي حتى ينبت البقل من دموع عيني -أو: كاد ينبت البقل من دموع عيني- قال له ¬

_ (¬1) رواه الحارث بن أبي أسامة كما في "بغية الباحث" للهيثمي (466) عن يزيد به. ورواه الإمام أحمد 5/ 159 من طريق سلام أبي المنذر، وابن حبان في "صحيحه" 2/ 194 (449) من طريق الأسود بن شيبان كلاهما عن محمد بن واسع، عن عبد اللَّه بن الصامت، عن أبي ذر. وصححه الألباني في "الصحيحة" (2166).

الراهب: إنك إن تضحك وأنت معترف للَّه عز وجل بخطئك خير لك من أن تبكي وأنت مدل بعملك؛ فإن صلاة المدل لا تصعد فوقه، قال: أوصني قال: أوصيك بالزهد في الدنيا، وأن لا تنازعها أهلها، وأن تكون كالنحلة؛ إن أكلت أكلت طيبًا، وإن وضعت وضعت طيبًا، وإن وقعت على عود لم تضره ولم تكسره، أوصيك بالنصح للَّه عز وجل؛ نصح الكلب لأهله، فإنهم يجيعونه ويطردونه، ويأبى إلا أن يحفظهم وينصحهم. "الزهد" ص 122 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يونس، أخبرنا صالح، عن أبي عمران الجوني، عن أبي الجلد قال: قرأت في الحكمة: من كان له من نفسه واعظ، كان له من اللَّه حافظ، ومن أنصف الناس من نفسه، زاده اللَّه بذلك عزًا، والذل في طاعة اللَّه أقرب من التعزز بالمعصية. وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أخبرنا هارون بن معروف، أخبرنا ضمرة، عن السدي بن يحيى قال: قال لقمان لابنه: أي بني، إن الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك. وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا أيوب، عن كتاب ابن قِلابة، عن لقمان أنه قيل له: أي الناس أعلم؟ قال: من ازداد من علم الناس إلى علمه قال: فأي الناس أغنى؟ قال: الذي يرضى بما أوتي، قال: فأي الناس خير؟ قال: المؤمن الغني، قال القوم: من المال؟ ! قال: لا، بل من العلم؛ فإن احتاجوا إليه وجدوا عنده علما، وإن لم يحتج له أغنى نفسه. وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم -يعني: ابن القاسم- حدثنا شعبة، عن سيار أبي الحكم قال: قيل للقمان: ما حكمتك؟ قال: لا أسأل

عما كفيت، ولا أتكلف ما لا يعنيني. وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هشيم، أخبرنا ابن عياش، عن عبد اللَّه بن دينار: إن لقمان قال لابنه: يا بني، أنزل نفسك -يعني: من مولاك- منزلة لا حاجة له بك، ولا بد لك منه، يا بني، كن كمن لا يبتغي محمدة الناس يكتب مذمتهم؛ فنفسه منه في عناء، والناس منه في راحة. وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثني أبو حبيب السلمي قال: قرأت في الحكمة: أنصت للسائل حتى ينقضي كلامه، ثم اردد عليه برحمة، وكن لليتيم كالأب الرحيم، وكن للمظلوم ناصرا، لعلك تكون خليفة اللَّه في أرضه. "الزهد" ص 130 - 131 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أخبرنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن عبد الرزاق أبي عثمان -شيخ من أهل البصرة أن لقمان قال لابنه: يا بني، لا ترغب في ود الجاهل؛ فيرى أنك ترضى عمله، ولا تتهاون بمقت الحكيم؛ فيزهد فيك. "الزهد" ص 132 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم، حدثنا حريز، عن عبد الرحمن بن أبي عوف قال: قال أبو الدرداء: الريب من الكفر، والنوح عمل الجاهلية، والشعر مزامير إبليس، والغلول جمر من جهنم، والخمر جُمّاع كل إثم، والشباب شعبة من الجنون، والنساء حبالة الشيطان، والكبر شر من الشر، وشر المآكل مال اليتيم، وشر المكاسب الربا، والسعيد من وعظ بغيره، والشقي من شقي في بطن أمه. "الزهد" ص 175

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو الأشهب، عن الحسن، عن أبي الدرداء قال: إنما أخشى عليكم زلة عالم، وجدال المنافق بالقرآن، والقرآن حق، وعلى القرآن منار كمنار الطريق، ومن لم يكن غنيًا من الدنيا فلا دنيا له. "الزهد" ص 177 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا ابن مهدي، عن معاوية، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء قال: لولا ثلاث صلح الناس: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب كل ذي رأي برأيه. "الزهد" 169 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: لو يعلم الناس عون اللَّه للضعيف ما غالوا بالظهر. قال: إن اللَّه عز وجل يستحيي من العبد يبسط إليه يديه يسأله فيهما خيرًا فيردهما خائبين. قال له: لو بات رجل يطاعن الأقران، وبات آخر يذكر اللَّه عز وجل، رأيت أن ذاكر اللَّه وذاكر القرآن أفضل. قال: ما من رجل يتوضأ، فيحسن الوضوء، ثم يأتي المسجد فلا يأتيه إلا لعبادة، إلا كان زائرا للَّه عز وجل، وحق على اللَّه كرامة الزائر. "الزهد" ص 189 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سليمان، أنبأنا زياد -مولى لقريش- عن معاوية بن قرة قال: قال معاذ رحمه اللَّه لابنه: يا بني، إذا صليت صلاة فصل صلاة مودع؛ لا تظن أنك تعود إليها أبدا، واعلم يا بني أن المؤمن يموت بين حسنتين: حسنة قدمها، وحسنة أخرها. "الزهد" ص 225

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا جعفر بن سليمان أن حميدًا الأعرج حدثه، عن عكرمة بن خالد قال: قال سعد لابنه: يا بني إياك أن تلقى بعدي أحدا هو أنصح لك مني، إذا أردت أن تصلي فأحسن الوضوء، وصل صلاة ترى أنك لا تصلي بعدها أبدا، وإياك والطمع؛ فإنه حاضر الفقر، وعليك بالإياس فإنه الغنى، وإياك وما يعتذر منه من القول والعمل، وافعل ما بدا لك. "الزهد" ص 227 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا حماد بن سلمة، عن جعفر الخطمي، أن جده عمير بن حبيب أوصى بنيه وكانت له صحبة فقال: يا بني، إياكم ومجالسة السفهاء، فإن مجالستهم داء، إنه من يحلم عن السفيه ليس ينظر بحلمه، ومن لا يفر بقليل ما يأتي به السفيه يفر بالكبير، ومن يصبر على ما يكره يدرك ما يحب، وإذا أراد أحدكم أن يأمر الناس بالمعروف وينهاهم عن المنكر، فليوطن نفسه على الصبر على الأذى، وليوقن بالثواب من اللَّه، فإنه من يثق بالثواب من اللَّه لا يجد مس الأذى. "الزهد" ص 232 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن عبد اللَّه، حدثنا سالم المرادي، عن الحسن، عن جندب قال لأصحابه: اتلوا القرآن على ما كان بكم من جهد وفاقة، فإن عرض -يعني: بلاء- فابذل مالك دون دينك، فإن تخوفت فابذل دمك دون دينك، فإن المحروب من حرب دينه، وإن المسلوب من سلب دينه، فإنه لا فقر بعد الجنة، ولا غنى بعد النار، النار لا يستغني فقيرها، ولا يفك أسيرها. وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا بهز بن أسد، حدثنا شعبة، حدثنا

قتادة، قال: سمعت يونس بن جبير، قال: شيعنا جندب بن عبد اللَّه فلما بلغنا حصن المكاتب قلنا له: أوصنا، قال: أوصيكم بتقوى اللَّه والقرآن؛ فإنه نور الليل المظلم وهدى النهار؛ فاعملوا به على ما كان من جهد وفاقة، وإن عرض بلاء فقدم مالك دون نفسك، فإن تجاوز البلاء فقدم مالك ونفسك دون دينك، فإن المحروب من حرب دينه، والمسلوب من سلب دينه، إنه لا غنى بعد النار، ولا فاقة بعد الجنة، وإن النار لا يفك أسيرها، ولا يستغني فقيرها. "الزهد" ص 251 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا أبو سعيد، حدثنا القاسم بن فائد، عن الحسن قال: ابن آدم، دينك دينك فإنما هو لحمك ودمك، فإن يسلم لك دينك يسلم لك جسمك ودمك، وإن تكن الأخرى فنعوذ باللَّه، فإنها نار ولا تطفأ، وجسد لا يبلى ونفس لا تموت. "الزهد" ص 344 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو الأشهب، عن الحسن قال: ابن آدم تبصر القذى في عين أخيك وتدع الجذل معترضا في عينك، وقال: إن للخير أهلا وللشر أهلا، من ترك شيئا كفيه. قال: أحب العباد إلى اللَّه الذين يحببون اللَّه إلى عباده ويعملون في الأرض نصحًا وقال: يُحشَر الأمراء والأغنياء فيقال لهم: إنكم كنتم حكام المسلمين وأهل الغنى، قِبَلكم طلبتي. "الزهد" ص 348 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن قال: سمعت مالكًا قال: قال عطاء بن يسار: دينكم دينكم، لا أوصيكم بدنياكم، أنتم عليها حراص، وأنتم بها مستوصون. "الزهد" ص 384

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرت عن مالك بن دينار قال: مررت براهب في صومعته، فناديته فأشرف عليّ فكلمني وكلمته قال: فقال لي فيما يقول: إن استطعت أن تجعل فيما بينك وبين الشهوات حائطا من حديد فافعل، وإياك وكل جليس لا تستفيد منه خيرًا فلا تجالسه قريبًا كان أو بعيدًا. "الزهد" ص 393 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عمر بن أيوب، حدثنا جعفر بن برقان، عن ابن منبه قال: طوبى لمن نظر في عيبه عن عيب غيره، طوبى لمن تواضع للَّه من غير مسكنة، ورحم أهل الذل والمسكنة، وتصدق بمال جمع من غير معصية، وجالس أهل العلم والحلم والحكمة، ووسعته السنة، ولم يتعدَّها إلى البدعة. "الزهد" ص 445 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، حدثني عبد الصمد بن مَعْقِل، أنه سمع وهب بن منبه خطب الناس على المنبر فقال: احفظوا مثي ثلاثًا: إياكم وهوى متبعًا وقرين سوء وإعجاب المرء برأيه. "الزهد" ص 447 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، حدثني عبد الصمد، أنه سمع وهبًا قال لرجل من جلسائه: ألا أعلمك طبًّا لا يتعايا الأطباء فيه، وفقها لا يتعايا الفقهاء فيه، وحلما لا يتعايا الحلماء فيه؟ قالوا: بلى يا أبا عبد اللَّه، قال: أما الطب الذي لا يتعايا الأطباء فيه فلا تأكل طعاما إلا سميت اللَّه عز وجل على أوله وحمدته على آخره، وأما الفقه الذي لا يتعايا الفقهاء فيه فإن سئلت عن شيء عندك فيه علم وإلا فقل

لا أدري، وأما الحلم الذي لا يتعايا الحلماء فيه فأكثر الصمت إلا أن تسأل عن شيء. "الزهد" ص 448 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا حريز بن عثمان، حدثنا سليمان بن سمير قال: سمعت كثير بن مرة يقول: لا تُحدَّث الحكمة عند السفهاء فيكذبوك، ولا تحدث الباطل عند الحكماء فيمقتوك، ولا تمنع العلم أهله فتأثم، ولا تحدثه غير أهله فتجهَّل، إن عليك في علمك حقَّا، كما عليك في مالك حقًّا. "الزهد" ص 462 قال ابن الجوزي: وبلغنا عن أبي بكر المرُّوذي قال: دخلت على أحمد يومًا، فقلت: كيف أصبحت؟ فقال: كيف أصبح من ربه يطالبه بأداء الفرض، ونبيه يطالبه بأداء السنة، والملكان يطالبانه بتصحيح العمل، ونفسه تطالبه بهواها، وإبليس يطالبه بالفحشاء، وملك الموت يطالبه بقبض روحه، وعياله يطالبونه بالنفقة؟ ! "المناقب" ص 354

باب ما جاء في أخبار أهل الزهد والورع

باب ما جاء في أخبار أهل الزهد والورع 319 - من له اسمان من الأنبياء قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده، قال: سمعنا أن سِتّة من الأنبياء لهم في القرآن (اسمان) (¬1): محمد وأحمد، إبراهيم وإبراهام، ويعقوب: إسرائيل، ويونس: ذو النون، والياس: الياسين، وعيسى: المسيح. "العلل" برواية عبد اللَّه (5783) 320 - هل الخضر وإلياس معمران؟ سأل إبراهِيمُ الحَرْبِيُّ أَحمدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ تَعْمِيرِ الخَضِرِ وإِلْياسَ، وإِنَّهُما باقِيانِ يَرَيانِ ويُرْوى عَنْهُما، فقال الإِمامُ أَحْمَدُ: مَنْ أَحالَ عَلَى غائِبٍ لَمْ يُنْصِفْ مِنْهُ؛ وما أَلْقَى هذا إلّا شيْطانٌ. "مجموع الفتاوى" 4/ 337 ¬

_ (¬1) في المطبوع من "العلل": (اسمين)، ولا أعرف لها وجهًا على النصب، واللَّه أعلم.

321 - ما جاء في زهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخباره

321 - ما جاء في زهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأخباره قال حرب: سمعت أحمد يقول في حديث أنس إن رجلًا قال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا خير البرية. قال: "ذاك أبي إبراهيم" (¬1) قال: قد روي غير هذا أنه قال: "أَنا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ" (¬2) وقال اللَّه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] وذهب فيه إلى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أراد به التواضع. "مسائل حرب" ص 322 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة -رضي اللَّه عنهما- قالت: اشترى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من يهودي طعامًا بنسيئة، وأعطاه درعًا له رهنا (¬3). وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن شقيق، عن مسروق، عن عائشة قالت: ما ترك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دينارًا، ولا درهمًا، ولا شاةً، ولا بعيرًا، ولا أوصى بشيء (¬4). وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا ¬

_ (¬1) رواه أحمد 3/ 178، 184، ومسلم (2369) من طريق المختار بن فلفل، عن أنس. (¬2) رواه الترمذي (3692)، وابن حبان 15/ 324 (6899) من طريق عبد اللَّه بن نافع، عن عاصم بن عمر، عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر مرفوعًا. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وعاصم بن عمر ليس بالحافظ عند أهل الحديث. ورواه الحاكم 2/ 465 من طريق عبد اللَّه بن نافع، عن عاصم بن عمر، عن أبي بكر بن سالم، عن سالم، عن ابن عمر. وقال: صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بقوله: عبد اللَّه ضعيف. اهـ وضعفه الألباني في "الضعيفة" (2949). (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 42، والبخاري (2096)، ومسلم (1603). (¬4) رواه الإمام أحمد 6/ 46، ومسلم (1635/ 18).

ثابت، حدثنا هلال -يعني: ابن خباب- عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ومات رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وما ترك دينارًا، ولا درهمًا، ولا عبدًا، ولا وليدةً، وترك درعه رهنًا عند يهودي بثلاثين صاعًا من طعام (¬1). "الزهد" ص 9 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبان، حدثنا قتادة، عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذات يوم: "والذي نفس محمد بيده، ما أمسى في آل محمد صاعٌ من حب، ولا صاع من تمر" وإنهم يومئذ لتسعة أبيات، له يومئذ تسع نسوة (¬2). وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي يحيى مولى جعدة بن هبيرة، عن أبي هريرة قال: ما رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عاب طعامًا قط؛ كان إذا اشتهاه أكله، وإذا لم يشتهه سكت (¬3). وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبان، حدثنا قتادة، عن أنس أن يهوديا دعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى خبز شعير وإهالة سنخة، فأجابه (¬4). وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح بن عبادة من كتابه، حدثنا بسطام بن مسلم قال: سمعت معاوية بن قرة قال: قال لي أبي: لقد ¬

_ (¬1) رواه أحمد 1/ 300، وعبد بن حميد (596)، والبزار كما في "كشف الأستار" 4/ 265 (3682)، وأبو يعلى 5/ 84 (2684)، والطبري في "تهذيب الآثار" 1/ 238 من طريق هلال بن خباب، عن عكرمة، به، قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 326: رواه البزار بإسناد حسن. وفي 3/ 122: رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله موثقون. (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 238، و (البخاري) (2069). (¬3) رواه الإمام أحمد 2/ 427، والبخاري (3563)، ومسلم (2064). (¬4) رواه الإمام أحمد 3/ 211، والبخاري (2092)، ومسلم (2041).

عمرنا كذا مع نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم-، وما لنا طعام إلا الأسودان، فقال: وهل تدري ما الأسودان؟ قال: لا، قال: التمر والماء (¬1). وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، حدثنا هشام -يعني: ابن حسان- عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي اللَّه عنهما- قالت: واللَّه لقد كان يأتي على آل محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- الشهر ما يختبز فيه، قال: قلت: يا أم المؤمنين، فما كان يأكل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقالت: كان لنا جيران من الأنصار جزاهم اللَّه خيرًا كان لهم شيء من لبن يهدون منه إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2). "الزهد" ص 10 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي، حدثنا عبدة بن أيمن، عن عطاء بن أبي رباح قال: دخل رجل على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو متكئ على وسادة، وبين يديه طبق عليه رغيف، قال: فوضع الرغيف على الأرض ونحّى الوسادة، فقال: "إنما أنا عبد، آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح قال: دعي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى طعام، فلما فرغ -وقال مرة: فلما أكل- ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 19، وابن سعد في "الطبقات" 1/ 407، والحارث بن أبي أسامة كما في "بغية الباحث" (1121)، والبزار كما في "كشف الأستار" 4/ 263 (3680)، والطبراني 19/ 25 (51)، والحاكم 10/ 321. قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 321: رواه أحمد والبزار والطبراني في "الأوسط" و"الكبير" ورجال أحمد رجال الصحيح غير بسطام بن مسلم، وهو ثقة. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 108، والبخاري (6458)، ومسلم (6972). (¬3) لم أجده من هذا الطريق، وقال الألباني في "الصحيحة" (544): رجاله ثقات غير عبدة بن أيمن فلم أعرفه.

حمد اللَّه، ثم قال: "ما ملأت بطني بطعام سخن منذ كذا وكذا" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن جرير بن حازم قال: سمعت الحسن يقول: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا أُتي بطعام أمر به فأُلقي على الأرض، وقال: "إنما أنا عبد، آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد" (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد اللَّه بن يزيد، حدثنا حيوة، أنبأنا عمر بن مالك الشرعبي، أن أبا صخر حدثه، عن يزيد بن عبد اللَّه بن ¬

_ (¬1) لم أقف عليه مرسلًا، لكن رواه ابن ماجه (4150)، والبيهقي 3/ 429 موصولا عن أبي صالح، عن أبي هريرة. قال العراقي في "تخريج الإحياء" 1/ 645: رواه البيهقي من حديث أبي هريرة بإسناد صحيح. وقال البوصيري في "الزوائد" (1401): هذا إسناد حسن، سويد مختلف فيه. وحسن إسناده الحافظ في "الفتح" 11/ 293. وصحح إسناده السخاوي في "المقاصد الحسنة" ص 29. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (5555) بسويد بن سعيد. (¬2) لم أجده من هذا الطريق، وقال الألباني في "الصحيحة" (544): مرسل صحيح اهـ. ورواه هناد في "الزهد" (799)، والمروذي في زوائده على "الزهد" لابن المبارك (995) من طريق إسماعيل بن مسلم، عن الحسن مرسلًا. ورواه البزار في "المسند" (5752) من طريق حفص بن عمار الطلحي، عن مبارك بن فضالة، عن عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا. وقال البزار: لا نعلمه يروى عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بإسناد متصل عنه إلا من هذا الوجه. وقال الهيثمي في "المجمع" 9/ 21: حفص بن عمار لم أعرفه وبقية رجاله وثقوا. اهـ. ورواه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 381، وأبو يعلى 8/ 318 (4920) من طريق أبي معشر، عن سعيد المقبري، عن عائشة، وحسن الهيثمي إسناده في "المجمع" 9/ 19. وضعفه العراقي في "تخريج الإحياء" 1/ 644 (2410) حديثي ابن عمر وعائشة. وانظر: "الضعيفة" (2045). وروى الإمام أحمد 4/ 308، 309، والبخاري (5399) من حديث أبي جحيفة مرفوعًا: "لا آكل متكئًا".

قسيط قال: أتي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بسويق من سويق اللوز، فلما خيض قال: "ما هذا؟ " قالوا: سويق اللوز، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أخروه عني، هذا شراب المترفين" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا موسى المعلم، عن بديل العقيلي قال: كان كم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى الرسغ (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو كامل، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى على العلاء بن الحضرمي قميصا قطريا طويل الكمين، فدعا بشفرة، فقطعه من أطراف أصابعه (¬3). "الزهد" ص 11 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا رَوْحٌ، حدثنا سَعِيدُ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ الحَسَنِ، عَنْ عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَن رسول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا أَرْكَبُ الأُرْجُوانَ، ولا أَلْبَسُ القَمِيصَ المُكَفَّفَ بِالْحَرِيرِ" قال: وأومأ الحسن إلى جيب قميصه وقال: "ألا وطيب الرجال ريح لا لون له، ألا وطيب ¬

_ (¬1) رواه نعيم بن حماد في زوائده على "الزهد" لابن المبارك (200)، وابن سعد في "الطبقات" 1/ 457. (¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 458، والنسائي في "الكبرى" 5/ 482 (9667) وهو مرسل، بديل العقيلي هو بديل بن ميسرة تابعي صغير، جل روايته عن التابعين، روى عن صفية بنت شيبة، وأنس، وعنه: شعبة وحماد بن زيد وخلق، ثقة، مات سنة ثلاثين ومائة. (¬3) رواه ابن سعد في "الطبقات" 4/ 361، وهو مرسل أيضًا، علي بن زيد هو ابن جدعان أبو الحسن القرشي ثم التيمي، قال ابن سعد: كثير الحديث، وفيه ضعف ولا يحتج به، وقال أحمد: ليس بالقوى. وقال يحيى بن معين: ليس بذاك القوي. انظر ترجمته من "التهذيب" 20/ 434 (4070).

النساء لون لا ريح له" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هشام بن سعيد، حدثنا محمد بن مهاجر، حدثني أخي عمرو بن مهاجر قال: كان لعمر بن عبد العزيز -رضي اللَّه عنه- بيت يخلو فيه، في ذلك البيت ما ترك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإذا سرير مرمول بشريط، وقعب يشرب فيه الماء، وجرة مكسورة الرأس يجعل فيها الشيء، ووسادة من أدم محشوة بليف، وقطيفة غبراء كأنها من هذِه القطف الجرمقانية؛ فيها من وسخ شعر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم يقول: يا قريش، هذا تراث من أكرمكم اللَّه عز وجل به وأعزكم، يخرج من الدنيا على ما ترون. "الزهد" ص 12 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو عبد الصمد العمي، حدثنا مالك ابن دينار، عن الحسن أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يشبع من الخبز واللحم إلا على ضفف، قال مالك: لم أدر ما الضفف، فسألت أعرابيًا فقال: عربية والإله؛ يجتمع القوم على الطعام فيتناولونه تناولا (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 442، وأبو داود (4048)، والحاكم 4/ 191. قال الحاكم: هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه، فإن مشائخنا وإن اختلفوا في سماع الحسن عن عمران بن حصين فإن أكثرهم على أنه سمع منه. وقال أبو حاتم الرازي كما في "الجرح والتعديل" 3/ 41 (177): لم يصح له سماع عن عمران بن حصين. وقال الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 4/ 205: تكلموا في سماع الحسن من عمران. وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 2/ 400: الحسن لا يصح له سماع من عمران، فهو منقطع. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7167). (¬2) لم أجده عن الحسن، لكن رواه الترمذي في "الشمائل" (73) عن مالك بن دينار قال: ما شبع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من خبز قط ولا لحم إلا على ضفف. قال مالك: سألت رجلًا من أهل البادية: ما الضفف؟ فقال: أن يتناول مع الناس. قال الألباني في "مختصر الشمائل" (109): إسناده مرسل صحيح.

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ثابت أبو سلمة الدوسي، عن سالم بن عبد اللَّه قال: كان من دعاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللهم ارزقني عينين هطالتين، يبكيان بذروف الدموع، ويشفيان من خشيتك قبل أن تكون الدموع دمًا، والأضراس جمرًا" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر بن سليمان قال: سمعت ثابتا يقول: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا أصابت أهله خصاصة نادى أهله: "يا أهلاه صلوا صلوا" (¬2). "الزهد" ص 15 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا الثوري، عن رجل من أهل المدينة، عن سالم، عن ابن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول في دعائه: "اللهم واقية كواقية الوليد" (¬3) يعني: المولود. "الزهد" ص 16 ¬

_ (¬1) رواه الحسين المروزي في زوائده على "الزهد" لابن المبارك (480) عن الوليد بن مسلم به مرسلًا، ووصله الطبراني في "الدعاء" (1457)، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 196 - 197، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 11/ 121 كلهم من طريق الوليد، عن أبي سلمة ثابت، عن سالم، عن ابن عمر مرفوعًا. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (2905) وقال: الصواب أنه مرسل. (¬2) رواه ابن أبي حاتم كما في "تفسير ابن كثير" 9/ 385، والبيهقي في "الشعب" 3/ 155 (3185) من طريق سيار، به، وضعفه الألباني في "الضعيفة" (2760). (¬3) رواه أبو يعلى في "مسنده" 9/ 396 - 397 (5527)، والطبراني في "الدعاء" 3/ 1475 (1447) من طريق سفيان، عن رجل، عن سالم، عن ابن عمر. وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 295 - 291: رواه أبو يعلى، وفيه راوٍ لم يسم، وبقية رجاله ثقات. اهـ ورواه ابن أبي عاصم في "السنة" (371)، وابن عدي في "الكامل" 1/ 486 من طريق إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سالم به. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (686).

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا المسعودي، عن عمرو بن مرة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه قال: نام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على حصير أثر في جنبه، فقلنا: يا رسول اللَّه، ألا آذنتنا فنبسط تحتك ألين منه؟ فقال: "ما لِي وللدُّنْيا؟ إنما مَثَلِي ومَثَلُ الدُّنْيا إِلّا كَراكِبٍ سارَ فِي يَوْمٍ صائِفٍ، فقال تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ راحَ وتَرَكَها" (¬1). "الزهد" ص 18 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو سعيد، حدثنا زائدة، حدثنا عطاء، عن أبيه، عن علي -رضي اللَّه عنه- قال: جهز رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فاطمة رضوان اللَّه عليها في خميل، وقربة، ووسادة من أدم، وحشوها ليف (¬2). قال عبد اللَّه: حدثنا عبيد اللَّه بن عمر، حدثنا حماد بن زيد، عن هشام، عن الحسن أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان فراشه عباءة، ووسادة مرقعة حشوها ليف (¬3). "الزهد" ص 19 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 391، والترمذي (2377)، وابن ماجه (4109) قال الترمذي حديث حسن صحيح. وصححه الحاكم 4/ 310، وقال البغوي في "شرح السنة" 14/ 236: حسن صحيح. وصححه الألباني في "الصحيحة" (348). (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 84، 93، والنسائي 6/ 135 من طريق زائدة عن عطاء به. قال الألباني في "ضعيف النسائي" (220): ضعيف الإسناد. ورواه ابن ماجه (4152) من طريق محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن أبيه، عن علي أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أتى عليًّا وفاطمة وهما في خميل لهما -والخميل: القطيفة البيضاء من الصوف- قد كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جهزهما بها ووسادة محشوة إذخرًا وقربة. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (3349). (¬3) لم أقف عليه، وفي الصحيح عن ابن عباس في حديث طويل: قال عمر: فدخلت عليه، فإذا هو مضطجع على رمال حصير ليس بينه وبينه فِراش قد أثر الرمال بجنبه، متكئ على وسادة من أدم حشوها ليف. .، رواه البخاري (2468)، ومسلم (1479).

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، وأبو سعيد -المعنى واحد- قالا: حدثنا ثابت، حدثنا هلال، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل عليه عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- وهو على حصير قد أثر في جنبه، فقال: يا نبي اللَّه، لو اتخذت فراشا أوثر من هذا، فقال: "ما لِي وللدُّنْيا؟ ما مَثَلِي ومَثَلُ الدُّنْيا إِلّا كراكِبٍ سارَ فِي يَوْمٍ صائِفٍ، فاسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ساعَةً مِنْ نَهارٍ، ثُمَّ راحَ وتَرَكها" (¬1). "الزهد" ص 19 - 20 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا هشام بن حسان، عن الحسن قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي في مروط نسائه، وكان مرطهن أكسية من صوف لها أعلام من صوف أثمان ستة دراهم أو سبعة (¬2). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، أخبرني إسماعيل بن أمية، أن عائشة -رضي اللَّه عنها- صنعت للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فراشين فأبى أن يضطجع إلا على واحد (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 301، وعبد بن حميد 1/ 520 (597)، والبزار كما في "كشف الأستار" 4/ 257 (3666)، وابن حبان 14/ 165 (6352)، والطبراني 11/ 327 (11898)، والحاكم 4/ 309 - 310، والبيهقي في "شعب الإيمان" 2/ 166 (1450). قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه. وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 326: رواه أحمد والطبراني والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح غير هلال بن خباب، وهو ثقة. اهـ وصححه الألباني في "الصحيحة" (439). (¬2) رواه البيهقي في "الشعب" من طريق المطلب عنها بمعناه. (¬3) لم أقف عليه.

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا إسماعيل بن محمد، حدثنا عباد -يعني: ابن عباد- حدثنا مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: دخلت على امرأةٌ من الأنصار فرأت فراش رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عباءة مثنية، فرجعت إلى منزلها، فبعثت إلى بفراش حشوه الصوف، فدخل على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "ما هذا؟ " فقلت: فلانة الأنصارية دخلت على فرأت فراشك، فبعثت إلى بهذا، فقال: "رديه" فلم أرده، وأعجبني أن يكون في بيتي، حتى قال لي ذلك ثلاث مرات، فقال: "يا عائشة، رديه، فواللَّه لو شئت لأجرى اللَّه معي جبال الذهب والفضة" فرددته (¬1). "الزهد" ص 20 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا قدامة العامري، عن جسرة بنت دجاجة، عن أبي ذر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه ردد هذِه الآية حتى أصبح: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (¬2) [المائدة: 118]. ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 465، والطبراني في "الأوسط" 6/ 141 (6029)، والبيهقي في "شعب الإيمان" 2/ 173 (1468) من طرق عن مجالد بن سعيد به، وروى أبو يعلى 8/ 318 (4920)، والبغوي في "شرح السنة" 13/ 247 (3683) من طريق محمد بن بكار عن أبي معشر عن سعيد عن عائشة قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا عائشة، لو شئت لسارت معي جبال الذهب؛ جائني ملك إن حجزته لتساوي الكعبة. . " الحديث. قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 19: رواه أبو يعلى، وإسناده حسن. (¬2) رواه الإمام أحمد 5/ 156 عن وكيع به، ورواه أحمد 5/ 170، 177، والنسائي 2/ 177، وابن ماجه (1350) من طريق يحيى بن سعيد، عن قدامة به. وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 1/ 159: إسناد صحيح، رجاله ثقات وحسنه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1110).

قال عبد اللَّه: أخبرني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي حتى ترم قدماه، فقيل له: يا رسول اللَّه، إن اللَّه عز وجل قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال: "أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟ " (¬1). "الزهد" ص 24 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا حمزة الزيات، عن حمران بن أعين، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قرأ: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا} [المزمل: 12 - 13] فصعق (¬2). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا أبو عميس، عن أبي طلحة الأسدي قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَوْ تَعْلَمُونَ ما أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ولَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا" (¬3). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن زكريا، حدثنا سعيد ¬

_ (¬1) لم أجده من هذا الطريق ورواه ابن ماجه (1420) من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، ورواه أحمد 4/ 251، والبخاري (1130)، ومسلم (2819) من حديث المغيرة بن شعبة، ورواه أحمد 6/ 115، والبخاري (4837)، ومسلم (2820) من حديث عائشة. (¬2) رواه هناد في "الزهد" (267) عن وكيع به. ورواه ابن عدي في "الكامل" 3/ 367، ومن طريقه البيهقي في "الشعب" 1/ 522 (917) من طريق الحسن بن شبيب، عن أبي يوسف، عن حمزة الزيات، عن حمران، عن أبي حرب بن أبي الأسود مرفوعًا. وقال ابن عدي: رُوي هذا الحديث عن أبي يوسف، ولم يُذكر أبو حرب في الإسناد اهـ قال البيهقي: وهو مع ذكره فيه مرسل. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 180، ورواه البخاري (4621)، ومسلم (2359) من طريق شعبة، عن موسى بن أنس، عن أنس.

ابن أبي عروبة، حدثنا أبو يزيد المدني، أن عكرمة، حدثهم قال: لما زوَّج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فاطمة -رضي اللَّه عنها- كان ما جهزت به سرير مشرط، ووسادة من أدم، حشوها ليف، وثور من أقط، قال: وجاءوا ببطحاء، فنثروها في البيت (¬1). "الزهد" ص 36 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي سنان، عن عبد اللَّه بن الحارث أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حج على رحل قال: فاهتز به، فقال: "لبيك، إن العيش عيش الآخرة" (¬2). "الزهد" ص 37 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، وأبو سعيد، قالا: أخبرنا ثابت -يعني ابن يزيد- حدثنا هلال، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يبيت الليالي المتتابعة طاويًا وأهله لا يجدون غداءً ولا عشاءً، وكان عامة خبزهم الشعير، قال أبو سعيد: وكان عامة طعامهم الشعير (¬3). "الزهد" 38 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا بهز، حدثنا سليمان بن المغيرة، وإسماعيل ابن علية، قال: حدثني سليمان، عن حميد بن هلال قال: قالت عائشة -رضي اللَّه عنهما-: أرسل إلينا أبو بكر بقائمة شاة ليلًا، فأمسكت له، وقطع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أو قالت: أمسك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقطعت. قال: ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 8/ 23 - 24. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 7/ 103 (34352). (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 373 - 374 والترمذي (2360)، وابن ماجه (3347)، قال ابن طاهر في "ذخيرة الحفاظ" 3/ 1772 رواه هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس، وهلال وثقوه.

يقول الذي يحدثه هذا: على غير مصباح، قال: قالت عائشة -رضي اللَّه عنها-: إنه ليأتي على آل محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- الشهر ما يختبزون خبزًا، ولا يطبخون قدرًا. قال حميد: فذكرت ذلك لصفوان بن محمد فقال: لا بل شهرين (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب قال: سمعت النعمان -يعني: ابن بشير- يخطب، قال: ذكر عمر ما أصاب الناس من الدنيا، فقال: لقد رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يظل اليوم يتلوى، ما يجد دقلًا يملأ بطنه (¬2). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد يحدث عن الأسود، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- أنها قالت: ما شبع آل محمد [من] (¬3) خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬4). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حجاج، أخبرنا (جرير) (¬5)، حدثني ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 94، وإسحاق بن راهويه 3/ 966 (1682)، وابن سعد 1/ 405، والطبراني في "الأوسط" 8/ 360 (8872) من طرق عن حميد به. قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 321: رواه أحمد، والطبراني في "الأوسط" وزاد فقلت: يا أم المؤمنين على مصباح؟ قالت: لو كان عندنا دهن مصباح لأكلناه. ورجال أحمد رجال الصحيح. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 24، ومسلم (2978). (¬3) ساقطة من مطبوع "الزهد". (¬4) رواه الإمام أحمد 6/ 98، ومسلم (2970/ 22) بسنده ومتنه، والبخاري (5416) من طريق إبراهيم عن الأسود عنها قالت: ما شبع آل محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- منذ قدم المدينة من طعام البر ثلاث ليال تباعًا حتى قبض. (¬5) في "المسند" 5/ 253: (حريز)، وكذلك في بقية مصادر التخريج.

سليم بن عامر، عن أبي أمامة قال: ما كان يفضل من أهل بيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خبز الشعير (¬1). "الزهد" ص 39 قال عبد اللَّه: أخبرني أبي، حدثنا عَبْدُ الصَّمَدِ، حدّثنا (عَمارة أبو هاشم) (¬2) صاحِبُ (الزَّعْفَرانِيِّ) (¬3)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ أَنَّ فاطِمَةَ ناوَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كسرة مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ فَقال: "هذا أَوَّلُ طَعامٍ أَكَلَهُ أَبُوكِ مِنْ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ" (¬4). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا حماد بن سلمة، عن ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 253 وزاد بن سليم بن عامر وأبي أمامة أبا غالب. والترمذي (2359) وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (3270). (¬2) في المطبوع من "الزهد": (عمارة بن هشام)، والمثبت من مصادر التخريج، وهو ابن عمارة. . (¬3) كذا في المطبوع من "الزهد"، وفي "المسند": "الزعفران" ط. الرسالة، وبهامشه: في (م): (الزعفراني). (¬4) رواه الإمام أحمد 3/ 213 بإسناده ومتنه، ورواه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 400 والطبراني 1/ 258 (750)، والعقيلي في "الضعفاء" 3/ 324، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي" 4/ 144 (832) من طريق عمار أبي هاشم، عن محمد بن عبد اللَّه صاحب أنس به. إلا أنه وقع عند أبي الشيخ محمد بن سيرين بدلا من محمد بن عبد اللَّه. قال الألباني في "الضعيفة": وهذا خطأ فاحش -يعني: محمد بن سيرين بدلا من محمد بن عبد اللَّه- أظنه تحرف على الطابع أو الناسخ، والصواب محمد الراسبي كما تقدم عن "تاريخ البخاري" 1/ 128 وهو عنده من هذِه الطريق. ا. هـ. قال المنذري كما في "ضعيف الترغيب" (1899): رواه أحمد والطبراني .. ورواتهما ثقات. وقال الهيثمي في "الزوائد" 10/ 311: رواه أحمد والطبراني ورجالهما وقد ضعف الحديث الألباني في "الضعيفة" (4873).

علي بن زيد، عن أبي عثمان النهدي، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الذِينَ إِذا أَحْسَنُوا اسْتَبْشَرُوا، وإِذا أَساءُوا اسْتَغْفَرُوا" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى، عن شعبة، عن عمرو بن مرة قال: سمعت أبا بردة قال: سمعت الأغر -رجلا من جهينة يحدث ابن عمر أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "يا أَيُّها النّاسُ، تُوبُوا إِلَى ربكم، فَإِنّي أَتُوبُ فِي اليَوْم إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ" (¬2). "الزهد" ص 50 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا كهمس بن الحسن، حدثنا أبو السليل، عن أبي ذر -رضي اللَّه عنه- قال: جعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتلو هذِه الآية: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] حتى فرغ من الآية، ثم قال: "يا أبا ذَرٍّ، لَوْ أَنَّ النّاسَ كُلَّهُمْ أَخَذُوا بِها لَكَفَتْهُمْ" قال: فجعل يتلوها عليّ ويرددها حتى نعست (¬3). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدّثنا عَفّانُ، حدّثنا ثابِتٌ، حدّثنا هِلالُ بْنُ خَبّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- التَفَتَ إِلَى أُحُدٍ فَقال: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 129، وابن ماجه (3820)، والطيالسي 3/ 122 (1637)، وأبو يعلى 7/ 446 (4472)، والبيهقي في "الشعب" 5/ 372 (6996)، وضعفه الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه" (835). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 211، ومسلم (2702)، وابن حبان 3/ 209 (929)، والنسائي في "الكبرى" 6/ 116 (10286). (¬3) رواه الإمام أحمد 5/ 178، ورواه ابن ماجه (4220) من طريق المعتمر بن سليمان، عن كهمس به. وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 4/ 241: هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أنه منقطع. اهـ وضعفه الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (926).

"والَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، ما يَسُرُّنِي أَنَّ أُحُدًا يُحَوَّلُ لِآلِ مُحَمَّدٍ ذَهَبًا؛ أُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَمُوتُ يَوْمَ أَمُوتُ، أَدَعُ مِنْهُ دِينارَيْنِ؛ إِلّا دِينارَيْنِ أُعِدُّهُما لِدَيْنٍ إِنْ كانَ" قال: فَماتَ وما تَرَكَ دِينارًا، ولا دِرْهَمًا، ولا عَبْدًا، ولا ولِيدَةً، وتَرَكَ دِرْعَهُ مَرْهُونَةً عِنْدَ يَهُودِيٍّ؛ عَلَى ثَلاثِينَ صاعًا مِنْ شَعِيرٍ (¬1). "الزهد" ص 58 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يعمر بن بشر، حدثنا عبد اللَّه بن المبارك، أنبأنا الحجاج بن فرافصة، عن عقيل، عن ابن شهاب أن عائشة رحمة اللَّه عليها قالت: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعمل عمل البيت وأكثر ما يعمل الخياطة (¬2). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا علي بن إسحاق، أنبأنا عبد اللَّه، أنبأنا معمر، عن يحيى، عن المختار، عن الحسن قال: إن رسول اللَّه ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 300، والحارث بن أبي أسامة كما في "بغية الباحث" (295)، والبزار كما في "كشف الأستار" 4/ 265 (3682)، وأبو يعلى 5/ 84 (2684)، والطبري في "تهذيب الآثار" 1/ 238 (12)، والطبراني 11/ 327 (11899) قال المنذري كما في "صحيح الترغيب" (933): رواه أحمد وأبو يعلى، وإسناد أحمد قوي. قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 326: رواه البزار وإسناده حسن. وقال في 3/ 123: رواه أحمد وأبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح غير هلال بن خباب، وهو ثقة. وقال الشيخ أحمد شاكر 4/ 255: صحيح الإسناد. وصححه الألباني في "صحيح الترغيب". (¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 366 من طريق ابن المبارك، عن الحجاج بن الفرافصة، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عائشة. وقال الألباني في "الضعيفة" (4282): هذا إسناد منقطع ضعيف، ابن شهاب لم يدرك عائشة، والحجاج بن فرافصة ضعيف.

-صلى اللَّه عليه وسلم- لا واللَّه ما كان تغلق دونه الأبواب، ولا يقوم دونه الحجاب، ولا يغدى عليه بالجفان، ولا يراح عليه بها، ولكنه كان بارزا من أراد أن يلقى نبي اللَّه لقيه، وكان يجلس بالأرض، ويوضع طعامه بالأرض، ويلبس الغليظ، ويركب الحمار، ويردف عبده ويلعق واللَّه يده -صلى اللَّه عليه وسلم-. "الزهد" ص 471 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن إسحاق، أنبأنا الحارث بن عمير، عن حوشب أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يدعو: "اللهم إني أعوذ بك من دنيا تمنع خير العمل، وأعوذ بك من حياة تمنع خير الممات" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا الحسين بن محمد، حدثنا ذويد، عن حسين، عن عبد الرحمن، والحجاج بن الأسود قال: جاع الحسن والحسين عليهما السلام، فبعثوا في تسعة بيوت من أبيات رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فما وجدوا فيهن رَطْبًا ولا يابسًا. "الزهد" ص 472 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا الحسين بن محمد، حدثنا عويد، يقال له: العابد، عن ابن سهل، عن سليمان بن رومان مولى عروة، عن عروة، عن عائشة -رحمة اللَّه عليها- أنها قالت: والذي بعث محمدًا بالحق ما رأى منخلًا، ولا أكل خبزًا منخولًا منذ بعثه اللَّه إلى أن قبض، قلت: كيف كنتم تأكلون الشعير؟ قالت: كنا نقول: أف أف (¬2). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي الدنيا في "قصر الأمل" (46) عن أبي بلال الأشعري، عن جابر بن سليمان، عن أبي عمير المكي، عن حوشب. قال العراقي في "تخريج الإحياء" 2/ 1205 (4361): في إسناده ضعف وجهالة، ولا أدري من حوشب. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 71، قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 312، ورواه أحمد، وفيه سليمان بن رومان، ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا. وقال الحافظ في "تعجيل المنفعة" 1/ 610 (415): سليمان بن رومان عبد مولاه عروة بن الزبير، وعنه =

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حسين، حدثنا أبو معشر، عن سعيد، عن أبي هريرة أنه مر بدار ابن الأخنس وهم يأكلون الثريد والشواء، فقالوا: اجلس يا أبا هريرة. فقال: ما تأكلون؟ قالوا: نأكل الثريد والشواء، فقال: لقد طعمتم بعد أبي القاسم -صلى اللَّه عليه وسلم-. وبكى، ثم قال: كان يمر بآل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هلال وهلال لا يوقد في شيء من بيوتهم النار، ولا يخبز ولا يطبخ. قالوا: بأي شيء كانوا يعيشون؟ قال: الأسودان التمر والماء، وكان له جيران من الأنصار- جزاهم اللَّه خيرًا - لهم منائح يرسلون إليهم بشيء من لبنهم (¬1). "الزهد" ص 473 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حسين بن محمد، حدثنا أبو المليح، عن ميمون قال: لم يصب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من نعم الدنيا إلا النساء والطيب (¬2). "الزهد" ص 476 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا المُبارَكُ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ قال: دَخَلْتُ على رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهُوَ عَلَى سَرِيرٍ مُضْطَجِعٌ مُرْمَلٍ بِشَرِيطٍ، وتَحْتَ رَأْسِهِ وسادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُها لِيفٌ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ غير واحد مِنْ أَصحابِهِ، ودَخَلَ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه- فانْحَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ¬

_ = أبو سهل، لا يُدرى من هما. اهـ، وله شاهد من حديث سهل بن سعد قال: ما رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منخلًا من حين ابتعثه اللَّه حتى قبضه. قال أبو حازم: كيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول؟ قال: كنا نطحنه وننفضه فيطير ما طار، وما بقي ثريناه فأكلناه. رواه البخاري (5410، 5411). (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 404 - 405، والبزار 2/ 442 (8536). قال الهيثمي 10/ 314: رواه أحمد وإسناده حسن، ورواه البزار كذلك وله شاهد رواه الإمام أحمد 6/ 182، والبخاري (6459)، ومسلم (2972) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-. (¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 398.

322 - ما جاء زهد آدم عليه السلام وأخباره

-صلى اللَّه عليه وسلم- انْحِرافَةً، فَلَمْ يَرَ عُمَرُ بَيْنَ جَنْبِهِ وبَيْنَ الشَّرِيطِ ثَوْبًا، قَدْ أَثَّرَ الشَّرِيطُ بِجَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَبَكَى عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-، فَقال لَهُ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما يُبْكِيكَ يا عُمَرُ؟ " قال: واللَّه ما أبكي إِلّا أَنْ أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّكَ أَكْرَمُ عَلى اللَّهِ مِنْ كِسْرى وقَيْصَرَ وهُما يَعيثانِ فِي الدُّنْيا فِيما يَعيثانِ فِيهِ، وأَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ بِالْمَكانِ الذِي أَرى، قال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أما تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمْ الدُّنْيا ولَنا الآخِرَةُ" فقال عُمَرُ: بَلَى. قال: "فَإِنَّهُ كَذَلكَ" (¬1). "الزهد" ص 476 - 477 322 - ما جاء زهد آدم عليه السلام وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أنبأنا حسين بن محمد، حدثنا المسعودي، عن علقمة بن مرثد قال: لو بكى أهل الأرض جميعا ما عدل دموع داود عليه السلام حين أصاب الخطيئة، ولو أن دموع أهل الأرض، ودموع داود عليه السلام جميعا ما عدل دموع آدم عليه السلام حين أهبط من الجنة. "الزهد" ص 61 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، أخبرنا هشام، عن الحسن قال: لبث آدم عليه السلام في الجنة ساعة من نهار؛ تلك الساعة ثلاثون ومائة سنة من أيام الدنيا (¬2). "الزهد" ص 61 - 62 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 139 - 140، والبخاري في "الأدب المفرد" (1183)، وأبو يعلى 5/ 67 (2782) من طرق عن المبارك بن فضالة به. وصححه ابن حبان 14/ 376 (6362). وقال الذهبي في "الميزان" 3/ 351: إسناد صالح. وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 326: رواه أحمد وأبو يعلى، ورجال أحمد رجال الصحيح غير مبارك بن فضالة وقد وثقه جماعة، وضعفه جماعة. وصححه الألباني في تعليقه على "الأدب المفرد" وقال: حسن صحيح. (¬2) رواه محمد بن نصر المروذي في "تعظيم قدر الصلاة" 1/ 478 (506)، وأبو نعيم

323 - ما جاء في زهد نوح عليه السلام وأخباره

323 - ما جاء في زهد نوح عليه السلام وأخباره قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده: حدثنا غوث بن جابر قال: سمعت أبا الهذيل عمران بن عبد الرحمن بن هربذ يقول: سمعت وهبًا يقول: إن نوحًا مكث ينجر السفينة مائة سنة وهم يضحكون به قال: فلما تمت المائة ركب فيها. "العلل" رواية عبد اللَّه (4766) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن عبيد اللَّه بن عمير قال: كان قوم نوح يضربونه حتى يغشى عليه، فإذا أفاق قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن مجاهد، عن عبيد اللَّه بن عمير قال: إن كان الرجل من قوم نوح ليلقاه فيخنقه حتى يخر مغشيا عليه قال: فيفيق حين يفيق وهو يقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. "الزهد" ص 66 324 - ما جاء في زهد إبراهيم عليه السلام وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، أخبرنا جعفر، حدثنا أبو عمران، عن عبد اللَّه بن رباح الأنصاري، عن كعب قال: إن إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال: يا رب، إنه ليحزنني أن لا أرى أحدا في ¬

_ = في "الحلية" 6/ 272، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" 1/ 105 للفريابي وعبد ابن حميد وابن المنذر.

الأرض يعبدك غيري فأنزل اللَّه عز وجل إليه ملائكة يصلون معه. "الزهد" ص 100 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سليمان -يعني: التيمي- عن أبي عثمان قال: أرسل على إبراهيم أسدان قد جوعا، (فلحساه) (¬1)، وسجدا له. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن عبد اللَّه بن فلفل، رجل من آل أبي ليلى، عن علي -رضي اللَّه عنه- في قوله تبارك وتعالى: {يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69] قال: لولا أنه قال {وَسَلَامًا} لقتله بردها. "الزهد" ص 101 قال عبد اللَّه، حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، أخبرنا أبو هلال، وحدثنا عبد اللَّه، حدثنا شيبان، أخبرنا أبو هلال، حدثنا بكر قال: لما ألقي إبراهيم -صلى اللَّه عليه وسلم- في النار، جأرت عامة الخليقة إلى ربها؛ فقالوا: يا رب، خليلك يلقى في النار، فأذن لنا نطفئ عنه. قال: هو خليلي، ليس لي في الأرض خليل غيره، وأنا ربه، ليس له رب غيري، فإن استغاث بكم فأغيثوه، وإلا فدعوه. قال: فجاء ملك القطر، فقال: يا رب، خليلك يلقى في النار، فأذن لي أن أطفئ عنه بالقطر. فقال: هو خليلي؛ ليس في الأرض خليل غيره، وأنا ربه، ليس له رب غيري، فإن استغاثك فأغثه، وإلا فدعه، فلما ألقي في النار، دعا ربه بدعاء، نسيه أبو هلال، قال: فقال اللَّه عز وجل: {يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69] قال: فبردت يومئذ على أهل المشرق والمغرب، ¬

_ (¬1) في المطبوع من "الزهد" (فلحسانه)، ولعل المثبت الصواب.

325 - ما جاء في زهد أيوب عليه السلام وأخباره

فلم ينضج منها كراع (¬1). "الزهد" ص 101 - 102 325 - ما جاء في زهد أيوب عليه السلام وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا هشام، عن الحسن قال: ما كان بقي من أيوب إلا عيناه وقلبه ولسانه؟ فكانت الدواب تختلف في جسده، قال: ومكث في الكناسة سبع سنين وأيامًا -أو قال: وأشهرًا، قال يزيد: أنا أشك. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد، أخبرنا جرير بن حازم قال: سمعت عبد اللَّه بن عبيد بن عمير يقول: كان لأيوب عليه السلام أخوان، فأتياه ذات يوم، فوجدا ريحا، فقالا: لو كان اللَّه عز وجل علم من أيوب خيرا ما بلغ به كل هذا. قال: فما سمع شيئا كان أشد عليه من ذلك، فقال: اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة شبعان وأنا أعلم مكان جائع، فصدقني قال: فصدق وهما يسمعان، ثم قال: اللهم، إن كنت تعلم أني لم ألبس قميصا قط وأنا أعلم مكان عار فصدقني. قال: فصدق وهما يسمعان، قال: ثم خر ساجدا، ثم قال: اللهم لا أرفع رأسي حتى يكشف ما بي؛ فكشف اللَّه عز وجل ما به، وقال يزيد مرة أخرى: لو كان لأيوب عند اللَّه عز وجل خير ما بلغ به كل هذا. "الزهد" ص 54 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا غوث بن جابر قال: سمعت ¬

_ (¬1) رواه الدينوري في "المجالسة" 1/ 371 (63) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 6/ 183، وابن الجوزي في "التبصرة" 1/ 121 من طريق أبي هلال وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 580 لعبد بن حميد.

عقيلا يذكر، قال: سمعت وهب بن منبه سئل: ما كان شريعة أيوب عليه السلام؟ قال: التوحيد، وصلاح ذات البين، وإذا أراد أحدهم حاجة إلى اللَّه عز وجل خرَّ ساجدًا ثم طلب حاجته. قيل: فما كان ماله؟ ، قال: كان له ثلاثة آلاف فدان، مع كل فدان عبد، ومع كل عبد وليدة، ومع كل وليدة أتان وأربع عشرة ألف شاة، ولم يبت له ضيف وراء بابه، ولم يأكل طعاما إلا ومعه مسكين. "الزهد" ص 54 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرزاق، عن عمران قال: سمعت وهبا يقول: أصاب أيوب البلاء سبع سنين. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سليمان بن حرب، أنبأنا حماد بن سلمة، عن أبي عمران الجوني، عن نوف البكالي قال: مر نفر من بني إسرائيل بأيوب عليه السلام فقالوا: ما أصابه ما أصابه إلا بذنب عظيم أصابه قال: فسمعها أيوب عليه السلام فعند ذلك قال: {مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83] قال: وكان قبل ذلك لا يدعو. "الزهد" ص 55 - 56 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو هلال، حدثنا بكر قال: لما عفا اللَّه عز وجل عن أيوب عليه السلام أمطر عليه جرادا من ذهب، قال: فجعل يلتقط، قال: فنودي: يا أيوب ألم أغنك؟ ألم تشبع؟ قال: يا رب، ومن يشبع من فضلك؟ "الزهد" ص 56 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي أبزى قال: قال داود نبي اللَّه عليه السلام: كان أيوب أصبر الناس، وأحلم الناس، وأكظمهم للغيظ. "الزهد" ص 106

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عفان، حدثنا المبارك بن فضالة قال: سمعت الحسن يقول: كان أيوب عليه السلام كلما أصابته مصيبة قال: اللهم أنت أخذت، وأنت أعطيت، مهما تبقي نفسي، أحمدك على حسن بلائك. "الزهد" ص 112 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو المغيرة، أخبرنا صفوان، أخبرنا عبد الرحمن بن جبير، قال: لما ابتلي أيوب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بماله وولده وجسده طرح في المزبلة، جعلت امرأته تخرج تكسب عليه ما تطعمه، فحسده الشيطان ذلك، وكان يأتي أصحاب الخبز والشواء الذين كانوا يتصدقون عليها، فيقول: اطردوا هذِه المرأة التي تغشاكم؛ فإنها تعالج صاحبها، وتلمسه بيدها، فالناس يقتذرون طعامكم من أجلها؛ إنها تأتيكم وتغشاكم. فجعلوا لا يدنونها منهم؛ ويقولون: تباعدي عنا، ونحن نطعمك، ولا تقربينا، فأخبرت أيوب بذلك، فحمد اللَّه عز وجل على ذلك، فكان يلقاها إذا خرجت كالمتحزن بما لقي أيوب؛ فيقول: نج صاحبك. وأبى إلا ما أبى، فواللَّه لو تكلم بكلمة واحدة، لكشف عنه كل ضر، ولرجع إليه ماله وولده، فتجيء فتخبر أيوب عليه السلام بذلك، فيقول لها: لقيك عدو اللَّه؛ فلقنك هذا الكلام، لما أعطانا اللَّه عز وجل المال والولد آمنا به، وإذا قبض الذي له نكفر به؟ ! لئن أقامني اللَّه عز وجل من مرضي هذا، لأجلدنك مائة جلدة، قال: فلذلك قال اللَّه عز وجل: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص: 44] يعني بالضغث: القبضة من المكانس. "الزهد " ص 913

326 - ما جاء في زهد موسى عليه السلام وأخباره

326 - ما جاء في زهد موسى عليه السلام وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد قال: حج البيت سبعون نبيا، منهم موسى بن عمران عليه السلام، عليه عباءتان قطوانيتان، قال: وفيهم يونس عليه السلام، يقول: لبيك كاشف الكرب لبيك. "الزهد" ص 44 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد، حدثنا الجريري، عن عبد اللَّه ابن شقيق، عن كعب الأحبار أن موسى عليه السلام كان يقول في دعائه: اللهم لين قلبي بالتوبة، ولا تجعل قلبي قاسيًا كالحجر. "الزهد" ص 85 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة أن نبي اللَّه موسى عليه السلام قال: أي رب، أي شيء وضعت في الأرض أقل؟ قال: العدل أقل ما وضعت في الأرض. "الزهد" ص 86 قال عبد اللَّه، حدثني أبي، أخبرنا قران بن تمام، عن عثمان بن الأسود، عن عطاء قال: طاف موسى بالبيت، وبين الصفا والمروة، وهو يقول: اللهم لبيك. فأجابه ربه تبارك وتعالى: لبيك يا موسى، ها أنا ذا لديك. وعليه جبة قطوانية. وقال قران مرةً: وهو في عباءة قطوانية. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا شيبان، حدثنا جعفر، عن عمران أبي الهذيل أنه سمع وهب بن منبه يقول: بلغنا أن اللَّه تبارك وتعالى قال لموسى عليه السلام: يا موسى، وعزتي وجلالي، لو أن النفس التي قتلت أقرت لي طرفة عين أني لها خالق أو رازق، لأذقتك فيها طعم العذاب، وإنما عفوت عنك أمرها أنها لم تقر لي طرفة عين أني لها خالق أو رازق. "الزهد" ص 94 - 95

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم بن معقل بن منبه، أخبرنا عبد الصمد بن معقل قال: سمعت وهب بن منبه قال: لما رأى موسى عليه السلام النار انطلق يسير حتى وقف منها قريبا، فإذا هو بنار عظيمة تفور من فرع شجرة خضراء، شديدة الخضرة؛ لا تزداد النار فيما يرى إلا عظمًا وتضرمًا، ولا تزداد الشجرة على شدة الحريق إلا خضرةً وحسنًا، فوقف ينظر؛ لا يدري على ما يضع أمرها؟ ! إلا أنه قد ظن أنها شجرة تحترق، وأوقد إليها موقد نالها فاحترقت، فإنه إنما يمنع النار شدة خضرتها، وكثرة مائها، وكثافة ورقها، وعظم جذعها، فوضع أمرها على هذا، فوقف وهو يطمع أن يسقط منها شيء يقتبسه، فلما طال ذلك عليه، أهوى إليها بضغث في يده؛ وهو يريد أن يقتبس من لهبها، فلما فعل ذلك موسى مالت نحوه؛ كأنها تريده، فاستأخر عنها وهاب، ثم عاد فطاف بها، فلم تزل تطمعه ويطمع فيها، ولم يكن شيء بأوشك من خمودها، فاشتد عند ذلك عجبه، وفكر موسى في أمرها، وقال: هي نار ممتنعة، لا يقتبس منها، ولكنها تتضرم في جوف شجرة فلا تحرقها، ثم خمودها على قدر عظمها في أوشك من طرفة عين، فلما رأى ذلك موسى قال: إن لهذِه النار لشأنا، ثم وضع أمرها على أنها مأمورة، أو مصنوعة، لا يدري من أمرها، ولا بم أمرت؟ ولا من صنعها، ولا لم صنعت؟ فوقف متحيرًا، لا يدري أيرجع أم يقيم؟ فبينما هو على ذلك إذ رمى طرفه نحو فرعها، فإذا هو أشد ما كان خضرة، وإذا الخضرة ساطعة في السماء ينظر إليه، يغشى الظلام، ثم لم تزل الخضرة تنور وتصفر وتبيض، حتى صارت نورًا ساطعًا، عمودًا بين السماء والأرض عليه مثل شعاع الشمس تكل دونه الأبصار؛ كلما نظر إليه يكاد يخطف

بصره، فعند ذلك اشتد خوفه وحزنه، فرد يده على عينيه، ولصق بالأرض، وسمع الخفق والوجس، إلا أنه يسمع حينئذ شيئًا لم يسمع السامعون بمثله عظمًا، فلما بلغ موسى الكرب، واشتد عليه الهول، وكاد أن يخالط في عقله في شدة الخوف لما يسمع ويرى نودي من الشجرة؛ فقيل: يا موسى فأجاب سريعًا، وما يدري من دعاه؟ وما كان سرعة إجابته إلا استئناسًا بالأنس، فقال: لبيك، مرارًا إني أسمع صوتك، وأوجس وجسك، ولا أرى مكانك، فأين أنت؟ فقال: أنا فوقك ومعك وأمامك وأقرب إليك منك. فلما سمع هذا موسى علم أنه لا ينبغي ذلك إلا لربه جل وعز، فأيقن به، فقال: كذلك أنت يا إلهي، فكلامك أسمع أم رسولك؟ قال عز وجل: بل أنا الذي أكلمك، فادن مني. فجمع موسى يديه في العصا، ثم تحامل، حتى استقل قائمًا، فرعدت فرائصه، حتى اختلفت واضطربت رجلاه، وانقطع لسانه، وانكسر قلبه، ولم يبق منه عظم يحمل آخر، فهو بمنزلة الميت إلا أن روح الحياة تجري فيه، ثم زحف على ذلك، وهو مرعوب، حتى وقف قريبًا من الشجرة التي نودي منها، قال له الرب تبارك وتعالى: إليّ، ما تلك بيمينك يا موسى، قال: هي عصاي. قال: وما تصنع بها -ولا أحد أعلم بذلك منه- قال موسى عليه السلام: {أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} [طه: 18] وكان لموسى في العصما مآرب؛ كانت لها شعبتان ومحجن تحت الشعبتين، قال له الرب تبارك وتعالى: ألقها يا موسى. فظن موسى أنه يقول: ارفضها. فألقاها على وجه الرفض، ثم حانت منه نظرة، فإذا بأعظم ثعبان نظر إليه الناظرون، يدب يلتمس كأنه يبتغي شيئا يريد أخذه، يمر بالصخرة مثل الخلفة من الإبل، فيقتلعها، ويطعن بأنياب من

أنيابه في أصل الشجرة العظيمة، فتجتثها، عيناه توقدان نارا، وقد عاد المحجن عرفًا فيه شعر مثل النيازك، وعاد الشعبتان فما مثل القليب الواسع، وفيه أضراس وأنياب لهما صريف، فلما عاين ذلك موسى {وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ} فذهب حتى أمعن، فرأى أنه قد أعجز الحية، ثم ذكر ربه، فوقف استحياء منه، ثم نودي: يا موسى إليَّ ارجع حيث كنت، فرجع وهو شديد الخوف، فقال: خذها بيمينك {خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى} [طه: 21] وعلى موسى حينئذ مدرعة من صوف، قد خلها بخلال من عيدان، فلما أمره بأخذها، ثنى طرف المدرعة على يده، فقال له ملك: أورأيت يا موسى لو أذن لنا اللَّه عز وجل لما تحاذر، أكانت المدرعة تغنى عنك شيئا؟ قال: لا، ولكني ضعيف، ومن ضَعْفٍ خُلِقْتُ. فكشف عن يده، ثم وضعها فِي فِيّ الحية، حتى سمع حس الأضراس والأنياب، ثم قبض، فإذا هي عصاه التي عهدها، وإذا يده في الموضع الذي كان يضعها إذا توكأ بين الشعبتين، فقال له اللَّه عز وجل: ادن. فلم يزل يدنيه، حتى أسند ظهره بجذع الشجرة، فاستقر، وذهب عنه الرعدة، وجمع يديه في العصا، وخضع برأسه وعنقه، ثم قال له: إني قد أقمتك اليوم مقامًا لا ينبغي لبشر بعدك أن يقوم مقامك؛ أدنيتك وقربتك حتى سمعت كلامي، وكنت بأقرب الأمكنة مني، فانطلق برسالتي، فإنك بعيني وسمعي، وإن معك يدي ونصري، وإني قد ألبستك جُنَّة من سلطاني، تستكمل بها القوة في أمري، فأنت جند عظيم من جنودي، بعثتك إلى خلق ضعيف من خلقي، بطر نعمتي، وأمن مكري، وغرته الدنيا عني، حتى جحد حقي، وأنكر ربوبيتي، وعبد دوني، وزعم أنه لا يعرفني، وإني أقسم بعزتي، لولا العذر والحجة

اللذان وضعت بيني وبين خلقي لبطشت به بطشة جبار، يغضب لغضبه السماوات والأرض والجبال والبحار؛ فإن أمرت السماء حصبته، وإن أمرت الأرض ابتلعته، وإن أمرت الجبال دمرته، وإن أمرت البحار غرقته، ولكنه هان عليَّ، وسقط من عيني، ووسعه حلمي، واستغنيت بما عندي، وحق لي، إني أنا الغني؛ لا غني غيري، فبلِّغْه رسالاتي، وادْعُه إلى عبادتي وتوحيدي، وإخلاص اسمي، وذكره بأيامي، وحذِّرْه نقمتي وبأسي، وأخبره أنه لا يقوم شيء لغضبي، وقل له فيما بين ذلك {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44] وأخبره أنِّي إلى العفو والمغفرة أسرع مني إلى الغضب والعقوبة، ولا يرُوعَنَّك ما ألبسته من لباس الدنيا؛ فإن ناصيته بيدي، ليس يطرف، ولا ينطق، ولا يتنفس إلا بإذني، قل له: أجب ربك؛ فإنه واسع المغفرة، وإنه قد أمهلك أربعمائة سنة، وفي كلها أنت مبارز لمحاربته، تشبه وتمثل به، وتصد عباده عن سبيله، وهو يمطر عليك السماء، وينبت لك الأرض، لم تسقم، ولم تهرم، ولم تفتقر، ولم تُغْلَب، ولو شاء أن يعجل ذلك لك، أو يَسْلُبَكَه فعل، ولكنه ذو أناة وحلم عظيم، وجاهده بنفسك وأخيك، وأنتما محتسبان لجهاده، فإني لو شئت أن آتيه بجنود لا قبل له بها لفعلت، ولكن ليعلم هذا العبد الضعيف، الذي قد أعجبته نفسه وجموعه أن الفئة القليلة -ولا قليل مني- تغلب الفئة الكثيرة بإذني، ولا يعجبكما زينته، ولا ما متع به، ولا تمدان إلى ذلك أعينكما؛ فإنها زهرة الحياة الدنيا، وزينة المترفين، وإني لو شئت أن أزينكما من الدنيا بزينة يعلم فرعون حين ينظر إليها أن مقدرته تعجز عن مثل ما أوتيتما فعلت، ولكني أرغب بكما عن ذلك، وأزويه عنكما، وكذلك

أفعل بأوليائي، وقديما ما خِرْتُ لهم في ذلك، فإني لأذودهم عن نعيمها ورخائها كما يذود الراعي الشفيق إبله عن مراتع الهلكة، وإني لأجنبهم سلوتها وعيشها كما يجنب الراعي الشفيق إبله عن مبارك الغرة، وما ذلك لهوانهم عليَّ؛ ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالما موفورا، لم تَكْلِمْه الدنيا، ولم يطفه الهوى، واعلم أنه لم يتزين لي العباد بزينة هي أبلغ من الزهد في الدنيا؛ فإنها زينة المتقين عليهم منها لباس، يعرفون به من السكينة والخشوع {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: 29] أولئك أوليائي حقًّا، فإذا لقيتهم فاخفض لهم جناحك، وذلل لهم قلبك ولسانك، واعلم أنه من أهان لي وليا أو أخافه فقد بارزني بالمحاربة وبادأني، وعرض بنفسه ودعاني إليها، فأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي، أيظن الذي يحاربني أن يقوم لي؟ ! أو يظن الذي يغازيني أن يعجزني؟ أو يظن الذي يبارزني أن يسبقني أو يفوتني؟ وكيف وأنا الثائر لهم في الدنيا والآخرة؛ لا أَكِل نصرتهم إلى غيري؟ ! قال: فأقبل موسى عليه السلام إلى فرعون في مدينة قد جعل حولها الأسد في غيضة قد غرسها، فالأسد فيها مع سياسها، إذا أشلتها (¬1) على أحدٍ أكلته، وللمدينة أربعة أبواب في الغيضة، فأقبل موسى عليه السلام من الطريق الأعظم الذي يراه فرعون، فلما رأته الأُسد صاحت صياح الثعالب فأنكر ذلك الساسة، وفرقوا من فرعون، وأقبل موسى حتى انتهى إلى الباب الذي فيه فرعون، فقرعه بعصاه، وعليه جبة صوف وسراويل، فلما رآه البواب، عجب من جرأته، فتركه، ولم يأذن له، وقال: هل تدري باب ¬

_ (¬1) أي: أطلقتها.

من أنت تضرب؟ إنما تضرب باب سيدك. قال: أنا وأنت وفرعون عبيد لربي تبارك وتعالى، فأنا ناصره، فأعلمه البواب السابق، فأخبر البواب الذي يليه والبوابين، حتى بلغ ذلك أدناهم، ودونه سبعين حاجبًا، كل حاجب منهم تحت يديه من الجنود ما شاء اللَّه، كأعظم أمير اليوم إمارة، حتى خلص الخبر إلى فرعون، فقال: أدخلوه عليَّ. فأدخل، فلما أتاه قال له فرعون: أعرفك؟ قال: نعم. قال: {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا} [الشعراء: 18] فرد عليه موسى الذي ذكر اللَّه عز وجل، قال فرعون: خذوه، فبادأهم موسى، فألقى عصاه {فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ} فحملت على الناس، فانهزموا منها، فمات منهم خمسة وعشرون ألفا؛ قتل بعضهم بعضا، وقام فرعون منهزما، حتى دخل البيت، فقال لموسى: اجعل بيننا وبينك أجلا ننظر فيه. فقال له موسى: لم أؤمر بذلك؛ وإنما أمرت بمناجزتك، وإن أنت لم تخرج إليَّ دخلت إليك، فأوحى اللَّه عز وجل إلى موسى أن اجعل بينك وبينه أجلا، وقل له أن يجعله هو، ثم قال فرعون: اجعله لي أربعين يوما ففعل، وكان فرعون لا يأتي الخلاء إلا في أربعين يوما مرة، فاختلف ذلك اليوم أربعين مرة، قال: وخرج موسى عليه السلام من المدينة، فلما مر بالأسد مصعت بأذنابها، وسارت مع موسى تشيعه، ولا تهيجه، ولا أحدا من بني إسرائيل. "الزهد" ص 79 - 84 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن الأعمش، عن مجاهد قال: حج البيت سبعون نبيا؛ منهم موسى بن عمران عليه السلام عليه عباءتان قطوانيتان، فكان يلبي والجبال تجاوبه. "الزهد" ص 110

327 - ما جاء في زهد حزقيل عليه السلام وأخباره

327 - ما جاء في زهد حزقيل عليه السلام وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن عبد السلام حدثني عبد الصمد بن معقل، حدثني وهب بن منبه أن حزقيل، كان فيمن سبى بختنصر مع دانيال ببيت المقدس، فزعم حزقيل أنه كان نائمًا على شاطئ الفرات، فأتاه ملك، وهو نائم، فأخذ برأسه، فاحتمله حتى وضعه في خزانة بيت المقدس، قال: فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا السماوات منفرجات دون العرش، قال: فبدا لي العرش ومن حوله، فنظرت إليهم من تلك الفرجة، فإذا العرش إذ نظرت إليه مظلا على السماوات والأرض، وإذا نظرت إلى السماوات والأرض رأيتهن معلقات ببطن العرش، وإذا الحملة أربعة من الملائكة، لكل ملك منهم أربعة وجوه: وجه إنسان، ووجه نسر، ووجه أسد، ووجه ثور، فلما أعجبني ذلك منهم، نظرت إلى أقدامهم، فإذا هم في تخوم الأرض، على عجل تدور لها أعين، قال: وإذا ملك قائم بين يدي العرش له ستة أجنحة، لها لون كلون فرع، فلم يزل ذلك مقامه منذ خلق اللَّه عز وجل الخلق إلى أن تقوم الساعة، فإذا هو جبريل، قال: وإذا ملك أسفل من ذلك، أعظم شيء رأيته من الخلق، قال: فإذا هو ميكائيل، وهو خليفة على ملائكة السماء، وإذا ملائكة يطوفون بالعرش، منذ خلق اللَّه عز وجل الخلق إلى أن تقوم الساعة؛ يقولون: قدوس، قدوس، ربنا اللَّه الذي ملأت عظمته السماوات والأرض، وإذا ملائكة أسفل من ذلك، لكل ملك منهم ستة أجنحة؛ جناحان يستر بهما وجهه من النور، وجناحان يغطي بهما جسده، وجناحان يطير بهما، وإذا هم الملائكة المقربون، قال: وإذا ملائكة

أسفل من ذلك؛ منهم الساجد، ومنهم القائم، لم يزالوا كذلك منذ خلق اللَّه الخلق إلى أن تقوم الساعة، قال: وإذا ملائكة أسفل من ذلك؛ سجود منذ خلق اللَّه الخلق، إلى أن ينفخ في الصور، رفعوا رءوسهم، فإذا نظروا إلى العرش قالوا: سبحانك، ما كنا نقدرك حق قدرك. ثم رأيت العرش تدلى من تلك الفرجة، فكان قدرها، ثم أفضى بي إلى ما بين السماء والأرض، وكان ملء ما بينهما، ثم دخل من باب الرحمة فكان قدره، ثم أفضى بي إلى المسجد، فكان قدره، ثم وقع على الصخرة، فكان قدرها، قال: يا ابن آدم، قال: فصعقت، وسمعت صوتا لم أسمع مثله قط، قال: فذهبت أقدر ذلك الصوت، فإذا قدره كعسكر اجتمعوا، فاجلبوا بصوت واحد وكيفية اجتمعت، فتدافعت ولقي بعضها بعضا، أو هو أعظم من ذلك، قال حزقيل: فلما صعقت قال: أنعشوه؛ فإنه ضعيف، خُلِقَ من ضَعْف، ثم قال: أذهب إلى قومك فأنت طليعتي عليهم؛ كطليعة الجيش، من دعوته منهم فأجابك واهتدى بهداك، فلك مثل أجره، ومن غفلت عنه حتى يموت ضلالا، فعليك مثل وزره، لا يخفف ذلك من أوزارهم شيئا، قال: ثم عرج بالعرش واحتملت، حتى رددت إلى شاطئ الفرات، فبينا أنا نائم على شاطئ الفرات، إذ أتاني ملك فأخذ برأسي، فاحتملني، حتى أدخلني جنب بيت المقدس، فإذا أنا بحوض ماء، لا يجوز قدمي، قال: ثم أفضيت منه إلى الجنة، فإذا شجرها على شطوط أنهارها، وإذا هو شجر لا يتناثر ورقه، ولا يفنى ثمره، وإذا فيه الطلع، والغض، والينيع، والقطيف، قال: قلت: فما لباسها؟ قال: هو ثياب كنبات الجوز؛ ينفلق عن أي لون شاء صاحبه. قلت: ما أزواجها؟ قال: فعرضن عليَّ، فذهبت لأقيس حسن وجوههن، فإذا هن

لو جمع الشمس والقمر، كان وجه إحداهن أضوأ منهما، وإذا لحم إحداهن لا يواري عظمها، وإذا عظمها لا يواري مخها، وإذا هي إذا نام عنها صاحبها استيقظ وهي بكر، قال: فعجبتُ من ذلك، قال حزقيل: فقيل لي: أتعجب من هذا؟ قال: قلت: وما لي لا أعجب؟ ! قال: فإنه من أكل من هذِه الثمار التي رأيت خُلد، ومن تزوج من هذِه الأزواج انقطع عنه الهم والحزن، قال: ثم أخذ برأسي، فردني إلى حيث كنت، قال حزقيل: فبينا أنا نائم على شاطئ الفرات، إذ أتاني ملك، فأخذ برأسي، فاحتملني، حتى وضعني في بقاع من الأرض، قد كانت معركة، وإذا فيه عشرة آلاف قتيل، قد بدَّدت الطير والسباع لحومهم، وفرقت بين أوصالهم، ثم قال لي: إن قوما يزعمون أنه من مات منهم، أو قتل فقد انفلت مني، وذهبت عنه قدرتي، فادعهم، قال حزقيل: فدعوتهم، فإذا كل عظم قد أقبل إلى مفصله الذي منه انقطع؛ ما الرجل بصاحبه بأعرف من العظم بمفصله الذي فارقه، حتى أمّ بعضها بعضا، ثم نبت عليها اللحم، ثم نبتت العروق، ثم انبسطت الجلود، وأنا انظر إلى ذلك، ثم قال: ادع لي أرواحهم، قال حزقيل: فدعوتها، قال: فإذا كل روح قد أقبل إلى جسده الذي فارق، قال: فلما جلسوا، قال: سلهم فيم كنتم؟ قالوا: إنا لما متنا وفارقتنا الحياة لفينا ملكًا يقال له: ميكائيل، فقال: هلموا أعمالكم، وخذوا أجوركم، كذلك سنتنا فيكم، وفيمن كان قبلكم، وفيمن هو كائن بعدكم. قال: فنظر في أعمالنا، فوجدونا نعبد الأوثان، فسلط الدود على أجسادنا وجعلت الأرواح تألمه، وسلط الغم على أرواحنا، وجعلت أجسادنا تألمه، فلم نزل كذلك نعذب حتى دعوتنا. ثم احتملني فردني حيث كنت. "الزهد" ص 104 - 106

328 - ما جاء في زهد داود عليه السلام وأخباره

328 - ما جاء في زهد داود عليه السلام وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ابن جابر، عن إسماعيل بن عبد اللَّه بن أبي المهاجر أن داود النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يعاتب في كثرة البكاء، فيقول: ذروني أبكي قبل يوم البكاء؛ قبل تحريق العظام، واشتعال اللحى، قبل أن يؤمر بي ملائكة غلاظ شداد، لا يعصون اللَّه ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون. "الزهد" ص 88 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا عبد الرحمن، حدثنا الربيع بن صبيح، عن الحسن قال: قال نبي اللَّه داود عليه السلام: إلهي، لو أن لكل شعرة مني لسانين، يسبحان الليل والنهار، والدهر كله، ما قضيت حق نعمة. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا جابر بن زيد، عن المغيرة بن عيينة قال: قال داود عليه السلام: يا رب، هل بات أحد من خلقك الليلة أطول ذكرا لك مني؟ فأوحى اللَّه عز وجل إليه: نعم، الضفدع، وأنزل اللَّه عليه: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13] قال: يا رب، كيف أطيق شكرك وأنت الذي تنعم علي، ثم ترزقني على النعمة، ثم تزيدني نعمة نعمة؛ فالنعم منك يا رب، والشكر منك، فكيف أطيق شكرك يا رب؟ قال: الآن عرفتني يا داود حق معرفتي. "الزهد" ص 88 - 89 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، أخبرنا جعفر، حدثنا مالك قال: قال داود عليه السلام: اللهم اجعل حبك أحب إليّ من نفسي وسمعي وبصري وأهلي، ومن الماء البارد. "الزهد" ص 89

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، أخبرني عمر بن عبد الرحمن قال: سمعت وهب بن منبه يقول: إن داود عليه السلام لما أصاب الذنب لم يطعم طعاما قط إلا ممن وجد بدموع عينيه، ولم يشرب شرابا إلا ممزوجا بدموع عينيه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، أخبرني عمر بن عبد الرحمن قال: سمعت وهب بن منبه يقول: قال داود عليه السلام: رب، لا صبر لي على حر شمسك، فكيف صبري على حر نارك؟ ! رب، لا صبر لي على صوت رحمتك -يعني: الرعد- فكيف صبري على صوت عذابك؟ ! قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، أخبرني عمر بن عبد الرحمن بن درية قال: بلغني أنه كان من دعاء داود عليه السلام: اللهم لا تفقرني فأنسى، ولا تغنني فأطغى. "الزهد" ص 90 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا صالح، عن أبي عمران الجوني، عن أبي الجلد، عن مسلمة أن داود النبي عليه السلام قال: إلهي، كيف لي أن أشكرك، وأنا لا أصل إلى شكرك إلا بنعمتك؟ فأوحى اللَّه إليه: يا داود، ألست تعلم أن الذي بك من النعم مني؟ قال: بلى، أي رب، قال: فإني أرضى بذلك منك شكرا. "الزهد" ص 91 - 92 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا يزيد بن هارون، أنبأنا الجريري، عن أبي السليل قال: كان داود النبي عليه السلام يدخل المسجد، فينظر أغمض حلقة من بني إسرائيل فيجلس إليهم، ثم يقول: مسكين بين ظهراني مساكين. "الزهد" ص 92

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه قال: كان داود عليه السلام يصنع القفة من الخوص، وهو على المنبر، ثم يبعث بها إلى السوق فيبيعها، ثم يأكل ثمنها. "الزهد" ص 93 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو أحمد، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبزى قال: كان داود نبي اللَّه عليه السلام أصبر الناس، وأحلمهم، وأكظمهم للغيظ. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا أبو المغيرة، حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال: قال داود النبي عليه السلام: رب، كيف أسعى لك في الأرض بالنصيحة؟ قال: تكثر ذكري، وتحب من أحبني من أبيف وأسود، وتحكم للناس، كما تحكم لنفسك، وتجتنب فراش الغيبة. "الزهد" ص 106 قال عبد اللَّه، أخبرني أبي، أخبرنا عبد الصمد، حدثنا ثابت -يعني: أبا يزيد- أخبرنا عاصم قال: قال أبو زيد: أراه فضيل بن زيد، عن قيس بن عباد: إن داود كان يدعو؛ يقول: يا ماراه -أي: يا رباه- أسألك جليس إذا ذكرتك أعانني، وإذا نسيتك ذكرني، يا ماراه، أعوذ بك من جليس إذا ذكرتك لم يعني، وإذا نسيتك لم يذكرني، يا ماراه، إذا مررت بقوم يذكرونك، فأردت أن أجاوزهم، فاكسر رجلي التي تليهم؛ حتى أجلس، فأذكرك معهم. قال عبد اللَّه، حدثني أبي، أخبرنا هاشم بن القاسم، حدثنا أبو سعيد المؤدب، عن رجل قد سماه، قال: نسيت اسمه: إن داود النبي عليه السلام قال: اللهم لا تجعلني مصححًا فتانًا؛ فأبطر معيشتي، وأكفر نعمتك. "الزهد" ص 111

329 - ما جاء في زهد سليمان عليه السلام وأخباره

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أخبرنا عفان، حدثنا المبارك بن فضالة قال: سمعت الحسن يقول: كان داود النبي عليه السلام يقول: اللهم لا مرضًا يضنيني، ولا صحة تنسيني، ولكن بين ذلك. "الزهد" ص 112 329 - ما جاء في زهد سليمان عليه السلام وأخباره وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا إبراهيم بن خالد قال: حدثني عمر بن عبد الرحمن، عن وهب قال: لما حضرت داود الوفاة استخلف سليمان، قال: وملك سليمان أربعين سنة. "العلل" رواية عبد اللَّه (2109) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح قال: قال سليمان بن داود عليه السلام: أوتينا ما أوتي الناس وما لم يؤتوا، وعلمنا ما علم الناس وما لم يعلموا، فلم نجد شيئا أفضل من ثلاث كلمات: الحلم في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، وخشية اللَّه في السر والعلانية. "الزهد" ص 36 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا ابن نمير، حدثنا الأعمش، عن خيثمة قال: أتى ملك الموت سليمان عليه السلام وكان له صديقًا، فقال له سليمان: ما لك تأتي أهل البيت فتقبضهم جميعًا، وتدع أهل البيت إلى جنبهم لا تقبض منهم أحدا؟ قال: ما أنا بأعلم بما أقبض منك؟ إنما أكون تحت العرش، فيلقى إليَّ صكاك فيها أسماء. "الزهد" ص 53 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هارون بن معروف، أخبرنا ضمرة،

330 - ما جاء في زهد لقمان عليه السلام وأخباره

عن ابن عطاء، عن أبيه قال: كان سليمان عليه السلام يعمل الخوص بيده، ويأكل خبز الشعير بالنوى، ويطعم بني إسرائيل الجولذي. "الزهد" ص 115 330 - ما جاء في زهد لقمان عليه السلام وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حكام الرازي، عن سعيد الزبيدي، عن مجاهد قال: كان لقمان الحكيم عليه السلام عبدا حبشيا، غليظ الشفتين، مصفح القدمين، قاض على بني إسرائيل. "الزهد" ص 64 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، ويزيد بن هارون، أنبأنا أبو الأشهب، عن خالد الربعي قال: كان لقمان عبدا حبشيا نجارا، فقال له سيده: اذبح لي شاة، فذبح له شاة، فقال له: ائتني بأطيب مضغتين فيها، فأتاه باللسان والقلب، فقال: أما كان فيها شيء أطيب من هذين؟ قال: لا. فسكت عنه، ثم قال له: اذبح شاة؛ فذبح له شاة، فقال له: ألق أخبثهما مضغتين. فرمى باللسان والقلب، فقال: أمرتك أن تأتيني بأطيبهما مضغتين، فأتيتني باللسان والقلب؟ ! وأمرتك أن تلقي أخبثهما مضغتين، فألقيت اللسان والقلب؟ ! فقال: إنه ليس شيء بأطيب منهما إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خبثا. "الزهد" ص 65

331 - جاء في زهد عيسى عليه السلام وأخباره

331 - جاء في زهد عيسى عليه السلام وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت قال: قيل لعيسى ابن مريم عليه السلام: يا رسول اللَّه، لو أتخذت حمارًا تركبه لحاجتك؟ قال: أنا أكرم على اللَّه من أن يجعل لي شيئا يشغلني به. "الزهد" ص 73 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أخبرنا عوف بن جابر قال: سمعت أبا الهذيل يقول: سمعت راهبًا يقول: إن إبليس قال لعيسى عليه السلام حين وضعه على بيت المقدس، فقال: زعمت أنك تحيي الموتى، فإن كنت كذلك فادع اللَّه أن يرد هذا الجبل خبزًا. فقال له عيسى عليه السلام: أَوَكُلُّ الناس يعيشون من الخبز؟ ! فقال له إبليس: فإن كنت كما تقول فثب من هذا المكان فإن الملائكة ستلقاك، قال: إن ربي عز وجل أمرني أن لا أجرب بنفسي، فلا أدري هل يسلمني أم لا؟ "الزهد" ص 74 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سفيان قال: كان عيسى عليه السلام إذا ذكر الساعة صاح كما تصيح المرأة. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هاشم، حدثنا أبو جعفر، عن مغيرة، عن الشعبي قال: كان عيسى عليه السلام إذا ذكرت عنده الساعة صاح، وقال: لا ينبغي لابن مريم أن تذكر عنده الساعة فيسكت. قال عبد اللَّه، أخبرنا أبي، حدثنا سفيان، عن ابن جدعان، وأسنده قال: مر عيسى ملبيًا: لبيك عبدك، وابن أمتك، وابنة عبدك، ومن قبل ذلك سبعون نبيًا خاطمي إبلهم بالليف حتى صلوا في مسجد الخيف. "الزهد" ص 75

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هيثم بن خارجة، أنبأنا الجراح بن مليح من أهل حمص، عن الأحموسي -يعني: عمر بن عمرو- قال الهيثم- فقيل: من اليمن عن ابن عمر، وقال: بلغنا أن عيسى ابن مريم عليه السلام كان يقول: بحق أقول لكم: إن أكل خبز البر، وشرب الماء العذب، ونوما على المزابل مع الكلاب كثير لمن يريد أن يرث الفردوس. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا أبو هلال، حدثنا قتادة: قال عيسى ابن مريم: سلوني؛ فإن قلبي لين، وإني صغير في نفسي. "الزهد" ص 76 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو هلال، حدثنا قتادة قال: قال عيسى ابن مريم: سلوني، فإني لين القلب، صغير عند نفسي. "الزهد" ص 77 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أخبرنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت قال: انطلق عيسى عليه السلام يزور أخًا له، فاستقبله إنسان، فقال: إن أخاك قد مات فرجع، فسمع بنات أخيه برجوعه عنهن، فأتينه، فقلن: يا رسول اللَّه، رجوعك عنا أشد علينا من موت أبينا، قال: فانطلقن، فأريني قبره. فانطلقن حتى أرينه قبره، قال: وصوت به، فخرج وهو أشيب، فقال: ألست فلانًا؟ قال: بلى، قال: فماذا الذي أرى بك؟ قال: سمعت صوتك فحسبته الصيحة. قال: وامرأته ترى ما صنع وتسمع، قالت: طوبى لبطن لبثت فيه، وثديين رضعتهما. قال عيسى: طوبى لمن علمه اللَّه عز وجل كتابه، ثم لم يمت جبارًا. "الزهد" ص 116 - 117

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا هيثم بن خارجة، أخبرنا ابن علاق، عن سعيد بن عبد العزيز، عن أشياخه أن عيسى عليه السلام مر بعقبة أفيق، ومعه رجل من حوارييه، فاعترضهم رجل، فمنعهم الطريق، وقال: لا أترككما تجوزان حتى ألطم كل واحد مثكما لطمة فأداراه، فأبى إلا ذلك، فقال عيسى: أما خدي فالطمه. قال: فلطمه، فخلى سبيله، وقال للحواري: لا أدعك تجوز حتى ألطمك. فتمنع، فلما رأى عيسى ذلك أعطاه خده الآخر، فلطمه، فخلى سبيلهما، فقال عيسى عليه السلام: اللهم إن كان هذا لك رضى فبلغني رضاك، وإن كان سخطا فإنك أولى بالغيرة. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أخبرنا أبو المغيرة، حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال: قال المسيح ابن مريم عليه السلام: ليس كما أريد، ولكن كما تريد، وليس كما أشاء، ولكن كما تشاء. "الزهد" ص 118 - 119 قال عبد اللَّه: حدثنا أي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال: بلغني أنه ما من كلمة كانت تقال لعيسى ابن مريم عليه السلام أحب إليه من أن يقال: كان هذا المسكين. "الزهد" ص 119 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عتاب بن زياد، أنبأنا عبد اللَّه -وهو ابن المبارك- أنبأنا معمر، عن جعفر بن برقان قال: كان عيسى ابن مريم عليه السلام يقول: اللهم إني أصبحت لا أملك ما أرجو، ولا أستطيع دفع ما أحاذر، وأصبح الأمر بيد غيري، وأصبحت مرتهنًا بعملي، ولا فقير أفقر مني. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن

332 - ما جاء في زهد يحيى عليه السلام وأخباره

جعفر الخوري أن عيسى ابن مريم -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: اللهم إني أصبحت لا أستطيع دفع ما أكره، ولا أملك نفع ما أرجو، وأصبح الأمر بيد غيري، وأصبحت مرتهنا بعملي، فلا فقير أفقر مني، لا تشمت بي عدوي، ولا تسؤ بي صديقي، ولا تجعل مصيبتي في ديني، ولا تسلط عليّ من لا يرحمني. "الزهد" ص 120 332 - ما جاء في زهد يحيى عليه السلام وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسين قال: إن يحيى وعيسى عليهما السلام التقيا، فقال له عيسى: استغفر لي؛ أنت خير مني. فقال له يحيى: استغفر لي، أنت خير مني. قال له عيسى: أنت خير مني، سلمت على نفسي، وسلم اللَّه عليك فعرف اللَّه عز وجل فضلهما. "الزهد" ص 96 - 97 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سفيان، عن أبي سنان، عن أبي الهذيل قال: أتي عيسى عليه السلام برجل قد زنا، فأمرهم برجمه، وقال لهم: لا يرجمه رجل عمل عمله، فألقوا الحجارة من أيديهم، إلا يحيى بن زكريا عليهما السلام. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا عبد الرزاق، حدثنا عبد الصمد بن معقل قال: سمعت وهب بن منبه يقول: نادى مناد من السماء أن يحيى بن زكريا سيد من ولدت النساء، وأن جورجيس سيد الشهداء. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن يحيى بن

جعدة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لم يهم يحيى بن زكريا بخطيئة، ولا حاك في صدره امرأة" (¬1). "الزهد" ص 97 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا هيثم بن حارثة، أخبرنا إسماعيل بن عياش، عن سليمان بن سليم، عن يحيى بن جابر، عن يزيد بن ميسرة قال: كان طعام يحيى بن زكريا عليهما السلام الجراد وقلوب الشجر، وكان يقول: من أنعم منك يا يحيى، طعامك الجراد، وقلوب الشجر! "الزهد" ص 103 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أخبرنا إبراهيم بن خالد، أخبرنا رباح، أخبرنا أبو عبد الرحمن الخراساني قال -يعني: عبد اللَّه بن المبارك- عن مالك بن أنس، عن حميد الأعرج، عن مجاهد قال: كان طعام يحيى بن زكريا عليه السلام العشب، وإن كان ليبكي من خشية اللَّه عز وجل ما لو كان القار على عينيه لخرقه، ولقد كانت الدموع اتخذت مجرى في وجهه. "الزهد" ص 114 ¬

_ (¬1) رواه مرسلًا عن يحيى بن جعدة ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 64/ 191 من طريق أبي الموجه محمد بن عمرو بن إبراهيم بن غزاون عن صدقة بن الفضل عنه به وقد روي موصولا عن ابن عباس وابن عمرو أو عن أبيه وأبي هريرة ومرسلًا عن الحسن. وانظر: "الصحيحة" (2984).

333 - ما جاء في زهد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وأخباره

333 - ما جاء في زهد أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، وأبو معاوية -المعنى واحد- قالا: حدثنا الأعمش، عن سليمان بن ميسرة، عن طارق بن شهاب، عن رافع بن أبي رافع الطائي قال: رافقت أبا بكر في غزوة ذات السلاسل، وعليه كساء له فدكي يخله عليه إذا ركب، ونلبسه أنا وهو إذا نزلنا. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر قال: سمعت أبا عمران الجوني، قال أبو بكر الصديق -رضي اللَّه عنه-: وددت أني شعرة في جنب عبد مؤمن. "الزهد" ص 135 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد اللَّه اليمني مولى الزبير بن العوام قال: لما احتضر أبو بكر -رضي اللَّه عنه- تمثلت عائشة -رضي اللَّه عنها- بهذا البيت: أعاذل ما يغني الحذار عن الفتى ... إذا حشرجت يومًا وضاق بها الصدر فقال أبو بكر -رضي اللَّه عنه-: ليس كذلك يا بنية ولكن قولي: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق: 19] فقال: انظروا ثوبيَّ هذين فاغسلوهما، ثم كفنوني فيهما، فإن الحي أحوج إلى الجديد من الميت. "الزهد" ص 136 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن بشر، حدثنا عبد اللَّه بن عمر، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: إن أبا بكر -رضي اللَّه عنه- حين حضرته الوفاة قال لعائشة: إني لا أعلم في آل أبي بكر من هذا المال شيئًا إلا هذِه اللقحة وهذا الغلام الصقيل كان يعمل سيوف

المسلمين ويخدمنا، فإذا مت فادفعيه إلى عمر -رضي اللَّه عنه-. فلما بعثت به إلى عمر قال: يرحم اللَّه أبا بكر لقد أتعب من بعده. "الزهد" ص 137 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا روح، أخبرنا هشام، عن الحسن قال: قال أبو بكر: واللَّه لوددت أني كنت هذِه الشجرة تؤكل وتعضد. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، حدثنا ابن عون، عن عمير بن إسحاق قال: رئي أبو بكر وعلى منكبه عباءة، فقال رجل: وأومأ ابن عون بيده كأنه يقول: هاتها. فقال: إليك عني، لا تغرني أنت ولا ابن الخطاب من عيالي. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، حدثنا هشام بن أبي عبد اللَّه، عن قتادة قال: بلغني أن أبا بكر قال: وددت أني خضرة تأكلني الدواب. "الزهد" ص 139 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سليمان بن داود، حدثنا شعبة، عن أبي بكر بن حفص قال: ذكر لي أن أبا بكر كان يصوم الصيف ويفطر الشتاء. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن مالك بن مغول، عن أبي السفر قال: مرض أبو بكر فعادوه، فقالوا: ألا ندعو لك الطبيب؟ فقال: قد رآني الطبيب. قالوا: فأي شيء قال لك؟ قال: قال: إني فعال لما أريد. "الزهد" ص 140 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حماد بن أسامة، حدثنا هشام، عن أبيه أن أبا بكر حين استخلف ألقى كل درهم له ودينار في بيت مال المسلمين، وقال: كنت أتجر فيه وألتمس به، فلما وليت شغلوني عن التجارة والطلب فيه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا عتبة، حدثني

334 - ما جاء في زهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وأخباره

أبو ضمرة -يعني: ابن حبيب بن صهيب- قال: حضرت الوفاة ابنًا لأبي بكر فجعل يلحظ إلى وسادة، فلما توفي قالوا لأبي بكر: رأينا ابنك يلحظ إلى وسادة فرفعوا عن الوسادة فوجدوا تحتها خمسة دنانير أو ستة، قال: فضرب أبو بكر بيده على الأخرى يرجع بقوله: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} يا فلان، ما أحسب جلدك يتسع لها. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حماد، أنبأنا ثابت أن أبا بكر، كان يتمثل بهذا البيت: لا تزال تنعى ميتًا حتى تكونه ... وقد يرجو الفتى الرجا يموت دونه "الزهد" ص 140 - 141 334 - ما جاء في زهد عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- وأخباره قال أبو داود: نا أحمد بن حنبل، قال: نا هشيم، قال: أنا يحيى بن سعيد، عن عبد اللَّه بن عامر بن ربيعة، قال: حججت مع عمر، فما رأيته ضرب فسطاطًا حتى رجع، قلت: كيف يصنع؟ قال كان يستظل بالنطع والكساء. "الزهد" لأبي داود (70) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حرمي بن عمارة، حدثني الحسن بن أبي جعفر، حدثنا عمارة بن أبي حفص، عن أبي مجلز؛ أن معاوية بن أبي سفيان قال: إن الدنيا لم ترد أبا بكر ولم يُرِدْها، وأرادت ابن الخطاب ولم يُرِدْها. "الزهد" ص 140 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد اللَّه بن عياش، حدثنا محمد بن مطرف، حدثنا زيد بن أسلم، عن أبيه قال: كان لعمر فرس واحد، قال:

يا أسلم، كم تعلف الفرس كل يوم؟ قال: فرقا من شعير، فقال: لو صرفناه إلى بيت من المسلمين فبعثنا به إلى النقيع. فبعث به إلى النقيع وصرف علفه إلى بيت من المسلمين. "الزهد" ص 144 قال عبد اللَّه، حدثني أبي، حدثنا حماد بن أسامة، أنبأنا هشام، عن أبيه، عن عاصم بن عمر بن الخطاب قال: أرسل إلى عمر يرفأ، فأتيته وهو في مصلاه عند الفجر أو عند الظهر فقال: ما كنت أرى أن هذا المال يحل لي قبل أن أليه إلا بحقه، وما كان أحرم على منذ وليته فعاد أمانتي، وقد أنفقت عليك شهرًا من مال اللَّه عز وجل، ولست بزائدك، ولكني معينك (بثمر) (1) مالي في العالية، (فاجدده) (¬1)، ثم ائت رجلًا من قومك من تجارهم فقم إلى جنبه، فإذا اشترى شيئًا فاستشركه وأنفق على أهلك. "الزهد" ص 144 - 145 قال عبد اللَّه: قرأت على أبي هذا الحديث: حدثنا روح بن عبادة، حدثنا مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن أبيه: قيل لعمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: إن في الظَّهر ناقة عمياء. فقال عمر: ندفعها إلى أهل بيت ينتفعون بها. قال: قلت: وهي عمياء؟ قال: يقطرونها بالإبل. قلت: فكيف تأكل من الأرض؟ قال: أمن نعم الجزية أم من نعم الصدقة؟ قلت: لا بل من نعم الجزية. قال عمر: أردتم -واللَّه- أكلها. قلت: إن عليها وسم الجزية. قال: فأمر بها عمر فأتي بها فنحرت، وكان عنده صحاف تسع، فلا تكون فاكهة ولا طريفة إلا جعل منها في تلك الصحاف، فبعث بها إلى أزواج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويكون الذي يبعث به إلى حفصة من آخر ذلك، فإن كان ¬

_ (¬1) المثبت من "كنز العمال" 12/ 656 (35998) وفي المطبوع (بثمن) (فاجرده).

فيه نقصان كان في حظ حفصة -رضي اللَّه عنها- وعنهم أجمعين، قال: فجعل في تلك الصحاف من لحم تلك الجزور فبعث بها إلى أزواج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأمر بما بقي من اللحم فصُنع ودعا عليه المهاجرين والأنصار. "الزهد" ص 145 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو الأشهب، عن الحسن، أن عمر كان يقول: اللهم، اجعل عملي صالحا، واجعله لك خالصا، ولا تجعل لأحد فيه شيئًا. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو خلدة، حدثنا أبو العالية قال: أكثر ما كنت أسمع من عمر بن الخطاب: اللهم عافنا واعف عنا. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد اللَّه بن الوليد، حدثنا سفيان، قال: حدثني عاصم بن عبد اللَّه، عن أبان بن عثمان، عن عثمان بن عفان رحمه اللَّه قال: إني لشاهد عمر بن الخطاب رحمه اللَّه حين مات وهو يقول: ويلي وويل أمي إن لم يغفر لي. ثلاثًا، ثم قضى وما بينهما كلام. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حماد بن أسامة، حدثنا هشام عن أبيه قال: حدثني صاحب أيلة أو أذرعات قال: لما قدم عمر الشام بعث إلى بقميصه؛ لأرقعه له وأغسله، وكان قد تجوب عن مقعده قميص شقائق، فغسلته، ثم رقعته، وخطت له قميصًا قبطريًا فبعثت بهما إليه، فلما أتي بهما عمر -رضي اللَّه عنه- مس القبطري فقال: هذا ألين، ثم رمى به وأخذ قميصه قال: هذا أنشفهما للعرق. "الزهد" ص 147 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا موسى، حدثنا حزم قال: سمعت الحسن بن أبي الحسن يقول: تزوج عثمان بن أبي العاص امرأة من نساء

عمر بن الخطاب، فقال: واللَّه، ما نكحتها رغبة في مال ولا ولد، ولكني أحببت أن تخبرني عن ليل عمر، فسألتها، فقال: كيف كان صلاة عمر بالليل؟ قالت: كان يصلي صلاة العشاء، ثم يأمرنا أن نضع عند رأسه تورًا فيه ماء فيتعار من الليل، فيضع يده في الماء فيمسح وجهه ويديه، ثم يذكر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ حتَّى يغفي، ثم يتعار حتَّى تأتي الساعة التي يقوم فيها. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو قطن، حدثنا شعبة، عن أبي مسلمة، عن أبي نضرة قال: قال عمر -رضي اللَّه عنه- لأبي موسى الأشعري: شوقنا إلى ربنا، قال: فقرأ، فقالوا: الصلاة. فقال عمر -رضي اللَّه عنه-: أولسنا في الصلاة؟ ! "الزهد" ص 148. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا حوشب، عن الحسن، أن عمر أتي بشربة عسل فذاقها، فإذا ماء وعسل، فقال: اعزلوا عني حسابها، اعزلوا عني مؤنتها. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا هشام، عن الحسن، أن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- كان يمر بالآية في ورده فتخنقه فيبقى في البيت أيامًا يعاد يحسبونه مريضًا. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هشيم، أنبأنا مجالد، عن الشعبي، عن ابن عمر قال: أوصاني عمر بن الخطاب فقال: إذا وضعتني في لحدي فأفض بخدي إلى الأرض، حتَّى لا يكون بين خدي وبين الأرض شيء. "الزهد" ص 149 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا مطلب بن زياد، عن عبد اللَّه بن عيسى قال: كان في وجه عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- خطان أسودان من البكاء. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، عن عاصم الأحول، عن

أبي عثمان النهدي قال: لما قدم عتبة أذربيجان أتي بالخبيص، فأمر بسفطين عظيمين فصنعا له من الخبيص، ثم حمل على بعير فسرح بهما إلى عمر -رضي اللَّه عنه-، فلما قدم على عمر ذاقه، فوجده شيئًا حلوًا، فقال: كل المسلمين يشبع من هذا في رحله؟ قال: لا. قال: فلا حاجة لنا فيه، فأطبقهما وردهما عليه، ثم كتب إليه: أما بعد، فليس من كد أبيك ولا من كد أمك، فأشبع المسلمين مما تشبع منه في رحلك، قال: وإياكم وزي الأعاجم ونعيمها وعليكم بالمعدية. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد، حدثنا محمد بن مطرف، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: أصاب الناس سنة غلا فيها السمن، وكان عمر يأكل الزيت، فيقرقر بطنه، فيقول: قرقر ما شئت، فواللَّه، لا تأكل السمن حتَّى يأكله الناس، ثم قال: أكسر عني حره بالنار. فكنت أطبخه له فيأكله. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا أبو إسحاق الشيباني، عن بشير بن عمرو قال: لما قدم عمر رحمه اللَّه الشام قال: أتي ببرذون فركبه قال: فهزه فنزل عنه، ثم قال: قبَّح اللَّه من علمك هذا. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو سعيد، حدثنا زائدة، حدثنا الأعمش، عن زيد بن وهب، عن حذيفة قال: أقبلت فإذا الناس بين أيديهم القصاع، فدعاني عمر، فأتيته، فدعا بخبز غليظ وزيت، قال: قلت له: أمنعتني أن آكل من الخبز واللحم ودعوتني على هذا؟ قال: أنا دعوتك على (طعام) (¬1) فأما هذا فطعام المسلمين. "الزهد" ص 150 ¬

_ (¬1) كذا بالمطبوع، ولعل الصواب (طعامي).

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا مؤمل، حدثنا سفيان، عن الجريري، عن أبي عثمان قال: أخبرني من رأى عمر رحمه اللَّه يرمي الجمرة وعليه إزار مرقوع برقعة من أديم. "الزهد" ص 151 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد اللَّه بن يزيد، حدثنا موسى بن علي قال: سمعت أبي يقول: حدثني معاوية بن خديج، قال: بعثني عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- بفتح الإسكندرية، فقدمت المدينة في الظهيرة، فأنخت راحلتي بباب المسجد، ثم دخلت المسجد إذ خرجت جارية من منزل عمر فرأتني ساحبًا على ثياب السفر فانصرفت، فقالت: أجب أمير المؤمنين، فذكر الحديث، قال: يا جارية، هل من طعام؟ فأتت بخبز وزيت، قال: كُلْ. فأكلت على حياء قال: كُلْ فإن المسافر يحب الطعام. ثم قال: يا جارية، هل من تمر؟ فأتتني بتمر في طبق، قال: كُلْ. فأكلتُ على حياء، ثم قال: ماذا قلت يا معاوية حين أتيت المسجد؟ قال قلت: إن أمير المؤمنين قائل، قال: بئس ما قلت -أو بئس ما ظننت- لئن نمتُ النهار لأضيعن الرعية، ولئن نمتُ الليل لأضيعن نفسي، فكيف بالنوم مع هذين يا معاوية! "الزهد" ص 152 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: قال عمر رحمه اللَّه: لا ينخل لي دقيق، رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يأكل غير منخول (¬1). "الزهد" ص 152 - 153 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا يونس، ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 393 - 394.

عن الحسن قال: دخل عمر على ابنه عبد اللَّه بن عمر وإذا عندهم لحم فقال: ما هذا اللحم؟ فقال: اشتهيته، قال: أو كلما اشتهيت شيئًا أكلته؟ كفى بالمرء سرفًا أن يأكل كل ما أشتهاه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حفص بن غياث، عن حنش بن الحارث قال: كان عمر بن الخطاب رحمه اللَّه لا يكاد يعيب طعامًا، فقال غلامه يرفأ -أو أسلم-: لأجعلنه حتَّى يعيبه. فجعل لبنًا حامضًا ثم قربه إليه، قال: فأخذ منه فقطب ثم قال: ما أطيب هذا من رزق اللَّه عَزَّ وَجَلَّ! قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حفص بن غياث قال: سمعت الأعمش، عن بعض أصحابه قال: مر جابر بن عبد اللَّه معلقا لحمًا على عمر -رضي اللَّه عنه- فقال: ما هذا يا جابر؟ قال: هذا لحم اشتريته اشتهيته، قال: أوكلما اشتهيت شيئًا اشتريته؟ أما تخشى أن تكون من أهل هذِه الآية {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف: 20]. "الزهد" ص 153 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثني أبو زكريا بن مازن الذهلي قال: حدثني أبو مازن، أنه رأى عمر بن الخطاب، وكان أخي قتل مع الجارود، فبعثنا القتلى إلى عمر فرأيت على عمر -رضي اللَّه عنه- إزارًا مرقوعًا، فعددتها فإذا فيها (اثنتا عشرة) (¬1) رقعة. "الزهد" ص 153 - 154 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد، حدثنا حماد بن سلمة، عن الجريري، عن أبي عثمان النهدي، أن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- رأى على عتبة بن فرقد قميصًا طويل الكم، فدعا بشفرة ليقطعه من أطراف ¬

_ (¬1) في "الزهد": (اثنا عشر) والصحيح المثبت واللَّه أعلم.

أصابعه، فقال عتبة: يا أمير المؤمنين، إني أستحيي أن يقطع كمي، أنا أقطعه، فتركه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا بهز، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا مالك بن دينار، حدثنا الحسن قال: خطب الناس عمر بن الخطاب رحمه اللَّه وهو خليفة وعليه إزار فيه ثنتا عشرة رقعة. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هشيم، أنبأنا منصور، عن قتادة، أن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- أبطأ على الناس يوم الجمعة ثم خرج فاعتذر إليهم في احتباسه وقال: إنما حبسني غسل ثوبي هذا، كان يغسل ولم يكن لي ثوب غيره. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عبد، عن مسعر، عن سماك الحنفي قال: سمعت ابن عباس يقول: قلت لعمر رحمه اللَّه: مصر اللَّه بك الأمصار، وفتح بك الفتوح، وفعل بك وفعل، قال: وددت أني أنجو لا أجر ولا وزر. "الزهد" ص 154 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد، عن مصعب بن سعد، قال: قالت حفصة بنت عمر: يا أمير المؤمنين، لو لبست ثوبًا هو ألين من ثوبك، وأكلت طعامًا هو أطيب من طعامك، فقد وسع اللَّه عَزَّ وَجَلَّ من الرزق، وأكثر من الخير، قال: إني سأخصمك إلى نفسك، أما تذكرين ما كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يلقى من شدة العيش، فما زال يذكرها حتَّى أبكاها، فقال لها: إن قلت لك ذاك، إني واللَّه لئن استطعت لأشاركنهما بمثل عيشهما الشديد لعلي أدرك معهما عيشهما الرخي. "الزهد" ص 154 - 155

335 - ما جاء في زهد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وأخباره

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن مجاهد قال: لما قدم عمر الشام، صنع له دهقان طعاما ولأصحابه، ثم جاء يدعوهم، فقال عمر للناس: من شاء منكم فليجبه، وقال له: ابعث إلى برغيفين ولون واحد من طعامك. قال: ففعل، فأتاه الطعام وهو يمرن بعيرًا له ببعر وقطران فدلك يده بالتراب، ثم نفضها وأكل. "الزهد" ص 155 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا علي بن ثابت، عن عبد اللَّه -يعني: ابن يزيد بن السائب- قال: ركب عمر بن الخطاب دابة فرآها تروث شعيرًا، فقال: يأكل هكذا والمسلمون يموتون هزلًا، لا أركبها حتَّى يحيا الناس. "الزهد" ص 156 335 - ما جاء في زهد عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو جميع، حدثنا الحسن قال: وذكر عثمان، وشدة حيائه فقال: إن كان ليكون في البيت والباب عليه مغلق، فما يضع عنه الثوب ليفيض عليه الماء؛ يمنعه الحياء أن يقيم صلبه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا حماد بن سلمة، عن رجاء أبي المقدام، عن حميد بن نعيم، أن عمر وعثمان -رضي اللَّه عنهما- دعيا إلى طعام فلما خرجا قال عثمان لعمر: قد شهدنا طعاما لوددنا أن لم نشهده، قال: لم، قال: إني أخاف أن يكون صنع مباهاة. قال أبو عبد الرحمن: رجاء هذا هو: رجاء بن أبي سلمة. "الزهد" ص 157 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن سلمة الحراني، عن أبي

عبد اللَّه، عن فرات بن سليمان، عن ميمون بن مهران قال: أخبرني الهمداني أنه رأى عثمان بن عفان رحمة اللَّه عليه على بغلة وخلفه عليها غلامه نائل وهو خليفة. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا عاصم، عن ابن سيرين قال: قالت امرأة عثمان حين قتل: لقد قتلتموه وإنه ليحيى الليل كله بالقرآن في ركعة. قال عبد اللَّه، حدثني أبي، حدثنا إسحاق بن سليمان، حدثنا أبو جعفر، عن يونس، عن الحسن، وقال فياض عن جعفر بن برقان، عن الهمداني، في حديثه قال: رأيت عثمان نائما في المسجد في ملحفة، ليس حوله أحد، وهو أمير المؤمنين. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد اللَّه بن عيسى أبو خلف الخزاز، حدثنا يونس بن عبيد، أن الحسن سئل عن القائلين في المسجد، قال: رأيت عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- يقيل في المسجد وهو يومئذ خليفة، قال: ويقوم وأثر الحصباء في جنبه، قال: فيقول: هذا أمير المؤمنين، هذا أمير المؤمنين. "الزهد" ص 158 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن بكر، حدثنا علي بن مسعدة قال: سمعت عبد اللَّه الرومي قال: بلغني أن عثمان -رضي اللَّه عنه- قال: لو أني بين الجنة والنار لا أدري إلى أيهما يؤمر بي لاخترت أن أكون رمادا قبل أن أعلم إلى أيهما أصير. "الزهد" ص 160 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حماد بن خالد، حدثنا الزبير بن عبد اللَّه، عن جدة له يقال لها: زهيمة. قالت: كان عثمان -رضي اللَّه عنه- يصوم

336 - ما جاء في زهد علي -رضي الله عنه- وأخباره

النهار، ويقوم الليل إلَّا هجعة من أوله. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا بكر بن عيسى أبو بشر الراسبي، حدثنا أبو عوانة، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان، أن غلام المغيرة بن شعبة تزوج، فأرسل إلى عثمان وهو أمير المؤمنين، فلما جاء قال: أما إني صائم غير أني أحببت أن أجيب الدعوة، وأدعو بالبركة. "الزهد" ص 161 336 - ما جاء في زهد علي -رضي اللَّه عنه- وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، قال وكيع: عن ابن أبي خالد، عن الشعبي قال: قال علي -رضي اللَّه عنه-: ما كان لنا إلَّا إهاب كبش ننام على ناحيته، وتعجن فاطمة -رضي اللَّه عنها- على ناحيته. "الزهد" ص 36 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا مختار بن نافع، عن أبي مطر قال: رأيت عليًّا -رضي اللَّه عنه- متزرًا بإزارٍ مترديًا برداءٍ، ومعه الدرة، كأنه أعرابي بدوي حتَّى بلغ سوق الكرابيس، فقال في قميص بثلاثة دراهم، فلما عرفه لم يشتر منه شيئًا، فأتى آخر فلما عرفه لم يشتر منه شيئًا، فأتى غلامًا حدثًا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم، ثم جاء أبو الغلام فأخبره فأخذ أبوه درهمًا ثم جاء به، فقال: هذا الدرهم يا أمير المؤمنين. فقال: ما شأن هذا الدرهم؟ قال: كان ثمن القميص درهمين، فقال: باعني رضاي وأخذ رضاه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا مسعر، عن أبي بحر، عن شيخ لهم قال: رأيت على عليٍّ -رضي اللَّه عنه- إزارًا غليظًا، قال: اشتريته بخمسة

دراهم فمن أربحني درهمًا بعته، قال: ورأيت معه دراهم مصرورة، فقال: هذِه بقية نفقتنا من ينبع. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن أبي حيان، حدثني مجمع أن عليًّا -رضي اللَّه عنه- كان يأمر ببيت المال فيكنس، ثم ينضح، ثم يصلي فيه؛ رجاء أن يشهد له يوم القيامة أنه لم يحبس فيه المال عن المسلمين. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو المنذر إسماعيل بن عمر، حدثنا سفيان، عن سعيد بن عبيد، عن علي بن ربيعة أن عليًّا -رضي اللَّه عنه- كان له امرأتان، كان إذا كان يوم هذِه اشترى لحما بنصف درهم، وإذا كان يوم هذِه اشترى لحمًا بنصف درهم. "الزهد" ص 163 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، وحدثنا حسين بن محمد، حدثنا شريك، عن أبي المغيرة -وهو عثمان بن أبي زرعة- عن زيد بن وهب قال: قدم على علي رحمه اللَّه وفد من أهل البصرة، منهم رجل من رءوس الخوارج يقال له: الجعد بن بعجة، فخطب الناس، فحمد اللَّه وأثنى عليه وقال: يا علي، اتق اللَّه، فإنك ميت، وقد علمت سبيل المحسن -يعني: بالمحسن عمر -رضي اللَّه عنه- ثم قال: إنك ميت. فقال علي عليه السلام: لا والذي نفسي بيده بل مقتولا قتلا، ضربة على هذا تخضب هذِه، قضاء مقضي وعهد معهود، وقد خاب من افترى. ثم عاتبه في لبوسه، فقال: ما يمنعك أن تلبس؟ قال: ما لك وللبوسي، إن لبوسي هذا أبعد من الكبر، وأجدر أن يقتدي بي المسلم. "الزهد" ص 165 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي

337 - ما جاء في زهد أبي عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه- وأخباره

إسحاق، عن عمرو بن حبشي قال: خطبنا الحسن بن علي عليهما السلام بعد قتل علي عليه السلام فقال: لقد فارقكم رجل أمين، ما سبقه الأولون بعلم، ولا أدركه الآخرون، إن كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليبعثه ويعطيه الراية فلا ينصرف حتَّى يفتح له، وما ترك من صفراء ولا بيضاء إلَّا سبعمائة درهم من عطائه، كان يرصدها لخادم أهله. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حجاج، حدثنا شريك، عن عاصم بن كليب، عن محمد بن كعب القرظي، عن علي عليه السلام قال: لقد رأيتني مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وإني لأربط الحجر على بطني من الجوع، وإن صدقتي اليوم لأربعون ألفا (¬1). "الزهد" ص 166 337 - ما جاء في زهد أبي عبيدة بن الجراح -رضي اللَّه عنه- وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، حدثنا هشام بن أبي عبد اللَّه، عن قتادة، وقال أبو عبيدة: وددت أني كبش، فذبحني أهلي، فأكلوا لحمي، وحسوا مرقي. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن هشام، عن أبيه، قال: قدم عمر رحمة اللَّه عليه الشام فتلقاه عظماء أهل الأرض وأمراء الأجناد. فقال عمر: أين أخي؟ قالوا: من؟ قال: أبو عبيدة. قالوا: أتاك الآن. قال: فجاء على ناقة مخطومة بحبل فسلَّم عليه وسأله، ثم قال للناس: انصرفوا. فسار حتَّى أتى منزله فنزل عليه فلم ير في بيته إلَّا سيفه وترسه ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 159.

338 - ما جاء في زهد سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- وأخباره

ورمحه. فقال له عمر: لو اتخذت متاعًا أو شيئًا. فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين إن هذا سيبلغنا المقيل. "الزهد" ص 230 338 - ما جاء في زهد سعد بن أبي وقاص -رضي اللَّه عنه- وأخباره قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بلج، قال: سمعت مصعب بن سعد، أن سعدًا كاتب غلامًا له، فأراد منه شيئًا، فقال: ما عندي ما أعطيك. وعمد إِلى دنانير، فجعلها (¬1) في نعله، فدعا سعد عليه، فسرقت نعلاه. "مسائل صالح" (748) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، عن ابن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت سعدًا -رضي اللَّه عنه- يقول: إني لأول رجل من العرب رمى بسهم في سبيل اللَّه، ولقد رأيتنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وما لنا طعام إلَّا السمر وورق الحبلة، حتى إن كان أحدنا ليضع كما تضع العنز، ما له خلط. "الزهد" ص 40 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حجاج، حدثنا ليث، حدثني عقيل، عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص لما حضره الموت دعا بخلق جبة له صوف، فقال: كفنوني فيها، فإني كنت لقيت المشركين فيها يوم بدر وهي علي، وإنما كنت أخبئها لهذا. "الزهد" ص 232 ¬

_ (¬1) في "مصنف" ابن أبي شيبة 6/ 375: فخصفها.

339 - ما جاء في زهد الزبير بن العوام -رضي الله عنه-

339 - ما جاء في زهد الزبير بن العوام -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا ابن أبي خالد، عن البهي، عن عروة، عن عائشة رحمها اللَّه قال: قالت: إن كان أبوك من الذين استجابوا للَّه وللرسول من بعد ما أصابهم القرح {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 172] "الزهد" ص 179 - 180 340 - ما جاء في زهد عثمان بن مظعون -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار بن حاتم، حدثنا جعفر، حدثنا أيوب، عن عبد ربه بن سعيد المدني أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل على عثمان بن مظعون وهو في الموت، فأكبَّ عليه يقبله ويقول: "رحمك اللَّه يا عثمان، ما أصبت من الدنيا ولا أصابت منك" (¬1). "الزهد" ص 17 341 - ما جاء في زهد عبد اللَّه بن رواحة -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، عن ابن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن عبد اللَّه بن رواحة أنه بكى فبكت امرأته فقال: ما يبكيك؟ قالت: رأيتك بكيت فبكيت لبكائك. قال: إني أنبئت أني وارد، ولم أنبأ أني صادر. "الزهد" ص 249 ¬

_ (¬1) رواه أبو نعيم في (الحلية) 1/ 155.

342 - ما جاء في زهد سالم مولى حذيفة -رضي الله عنه-

342 - ما جاء في زهد سالم مولى حذيفة -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، حدثنا هشام بن أبي عبد اللَّه، عن قتادة قال: قال سالم مولى أبي حذيفة: وددت أني بمنزلة أصحاب الأعراف. "الزهد" ص 249 343 - ما جاء في زهد معاذ بن جبل -رضي اللَّه عنه- وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا جرير، عن ليث، عن طاوس قال: قدم معاذ أرضنا، قال: وقيل له: لو أمرت فنجمع من هذا الصخر والخشب فنبني لك مسجدًا. قال: إني أخاف أن أكلف حمله يوم القيامة على ظهري. "الزهد" ص 225 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا شجاع بن الوليد، عن عمرو بن قيس، عمن حدثه، عن معاذ -رحمه اللَّه تعالى- لما أن حضره الموت قال: انظروا أصبحنا؟ فأتي فقيل: لم تصبح. قال: انظروا أصبحنا؟ فأتي فقيل: لم تصبح، حتَّى أتي في بعض ذلك، فقيل له: قد أصبحت. قال: أعوذ باللَّه من ليلة صباحها إلى النار، مرحبًا بالموت، مرحبًا زائرًا مغيبًا حبيبًا جاء على فاقة، اللهم إني قد كنت أخافك، فأنا اليوم أرجوك، اللهم إن كنت تعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لكري الأنهار، ولا لغرس الشجر، ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر. "الزهد" ص 226 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا ابن نمير، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن طارق بن عبد الرحمن قال: وقع الطاعون بالشام، فاستعر

344 - ما جاء في زهد عتبة بن غزوان

فيها، فقال الناس: ما هذا إلا الطوفان إلَّا أنه ليس ماء، فبلغ معاذ بن جبل رحمه اللَّه، فقام خطيبا فقال: إنه قد بلغني ما تقولون، إنما هذِه رحمة من ربكم عَزَّ وَجَلَّ، ودعوة نبيكم -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكفت الصالحين قبلكم، ولكن خافوا ما هو أشد من ذلك: أن يغدو الرجل منكم إلى منزله لا يدري أمؤمن هو أو منافق، وخافوا إمارة الصبيان. "الزهد" ص 228 344 - ما جاء في زهد عتبة بن غزوان قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا قرة بن خالد، عن حميد بن هلال العدوي، عن خالد بن عمير رجل منهم قال: سمعت عتبة بن غزوان يقول: لقد رأيتني سابع سبعة مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وما لنا طعام إلَّا ورق الحبلة، حتَّى قرحت أشداقنا. "الزهد" ص 40 345 - ما جاء في زهد عمرو بن عتبة بن فرقد -رضي اللَّه عنه- وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، قال: سمعت الأعمش يحدث عن إبراهيم، عن علقمة، قال: خرجنا ومعنا مسروق وعمرو بن عتبة ومعضد غازين، فلما بلغنا ماء سيدان، وأميرنا عتبة بن فرقد، قال لنا ابنه عمرو بن عتبة: إنكم إن نزلتم عليه صنع لكم نُزُلَنا، ولعله أن يظلم فيه أحدا، ولكن إن شئتم قِلنا في ظل هذِه الشجرة، وأكلنا من كسرنا، ثم رجعنا. ففعلنا، فلما قدمنا الأرض قطع عمرو بن عتبة جبة بيضاء فلبسها فقال: واللَّه إن تحدر الدم على هذِه لحسن، فرُمِيَ، فرأيت الدم يتحادر على المكان الذي وضع يده عليه،

فمات، وغدونا في غداة باردة، فأعطيت معضدا بردي فاعتجر به، وقال ابن الدورقي: فاعتم به، فرمي فقال: واللَّه إنها لصغيرة وإن اللَّه ليبارك في الصغيرة، فمات منها، فكان علقمة يلبس ذلك البرد ويقول: إنه ليزيده إلى حبا أن أرى فيه دم معضد. "الزهد" ص 422 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد اللَّه بن ربيعة قال: قال عتبة بن فرقد لعبد اللَّه بن ربيعة: يا عبد اللَّه، ألا تعينني على ابن أخيك يعينني على ما أنا فيه من عملي؟ فقال عبد اللَّه: يا عمرو، أطع أباك. فنظر إلى معضد وهو جالس معهم، فقال له: لا تطعهم واسجد واقترب -ولم لم يسجد الأعمش- قال عمرو: يا أبت، إنما أنا عبد أعمل في فكاك رقبتي. قال: فبكى عتبة ثم قال: يا بني، إني لأحبك حبين حبًّا للَّه عَزَّ وَجَلَّ، وحب الوالد ولده. قال عمرو: يا أبت، إنك قد كنت أتيتني بمال قد بلغ سبعين ألفا، فإن كنت سائلي عنه فهو ذا فخذه، وإلا فدعني فأمضيه. قال: فأمضاها حتَّى ما بقي منها درهم. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هشيم، حدثنا منصور، عن سيرين أن عتبة بن فرقد قد عرض على ابنه عمرو التزويج قال: فأبى، قال: فانطلق إلى عثمان فشكا إليه ذلك، فكتب عثمان إلى عمرو بن عتبة أن يقدم عليه، فقال عثمان: ما يمنعك من التزويج وقد تزوج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكر وعمر وعندنا منهن ما عندنا؟ قال: فقال له عمرو: يا أمير المؤمنين، ومن له مثل عمل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومثل عمل أبي بكر وعمر ومثل عملك؟ فلما قالها قال: انطلق، فإن شت فتزوج، وإن شئت فلا تتزوج. "الزهد" ص 422 - 423

346 - ما جاء في زهد سعيد بن عامر -رضي الله عنه- وأخباره

346 - ما جاء في زهد سعيد بن عامر -رضي اللَّه عنه- وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا مالك بن دينار، قال: لما أتى عمر -رضي اللَّه عنه- الشام طاف بكورها، قال: فنزل بحضرة حمص، فأمر أن يكتبوا له فقراءهم، قال: فرفع إليه الكتاب، فإذا فيه سعيد بن عامر بن جذيم أميرها، فقال: من سعيد بن عامر؟ قالوا: أميرنا. قال: أميركم؟ قالوا: نعم. قال: فعجب عمر، ثم قال: كيف يكون أميركم فقيرا؟ أين عطاؤه؟ فأين رزقه؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين لا يمسك شيئًا، قال: فبكى عمر -رضي اللَّه عنه-، ثم عمد إلى ألف دينار، فصرها، ثم بعث بها إليه، وقال: أقرئه مني السلام وقل له: بعث بهذِه إليك أمير المؤمنين تستعين بها على حاجتك. قال: فجاء بها إليه الرسول، فنظر فإذا هي دنانير، فجعل يسترجع، قال: فقالت له امرأته: ما شأنك يا فلان؟ أمات أمير المؤمنين؟ قال: بل أعظم من ذلك. فقالت: فظهر من آية؟ قال: بل أعظم من ذلك. قالت: فأمر من أمر الساعة؟ قال: بل أعظم من ذلك. قالت: فما شأنك؟ قال: الدنيا أتتني، الفتنة دخلت عليّ. قالت: فاصنع فيها ما شئت. قال: عندك عون؟ قالت: نعم. قال: فأخذ بُعَّة له فصر الدنانير فيها صرًّا، ثم جعلها في مخلاة، ثم اعترض جيشا من جيوش المسلمين، فأمضاها كلها، فقالت له امرأته؟ رحمك اللَّه، لو كنت حبست منها شيئًا نستعين به؟ قال: فقال لها: إني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لَوْ اطَّلَعَتْ امْرَأَةٌ مِنْ نِساءِ أَهْلِ الجَنَّةِ إِلَى الأَرْضِ مَلَأَت الأرضَ رِيح مسك" (¬1) وإني واللَّه ما كنت لأختارك عليهن. فسكتت. "الزهد" ص 231 ¬

_ (¬1) رواه مطولا ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 21/ 148، وابن الأثير في "أسد الغابة" =

347 - ما جاء في زهد أبي ذر -رضي الله عنه- وأخباره

347 - ما جاء في زهد أبي ذر -رضي اللَّه عنه- وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن عمار الدهني، عن أبي شعبة قال: مر قوم بأبي ذر بالرَّبَذة، فعرضوا عليه النفقة، فقال: عندنا أعنز نحتلبها، وأحمر ننقل عليها، ومحرر يخدمنا، وفضل عباءة، إني أخاف الحساب فيها. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا أبي، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن أبي ذر قال: وددت أني كنت شجرة أعضد، ووددت أني لم أخلق. "الزهد" ص 182 حدثنا عبد اللَّه، حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا عبد اللَّه بن بجير، ¬

_ = 2/ 394 من طريق عبد اللَّه بن نوح، عن مالك بن دينار عن شهر بن حوشب قال: لما قدم عمر حمص أمرهم أن يكتبوا له فقراءهم. . الحديث. ورواه مختصرا ابن المبارك في "الزهد" (226)، والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" 4/ 199 (3528)، والطبراني 6/ 59 (5512)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 384 عن سيار بن حاتم عن جعفر بن سليمان والحارث بن نبهان، عن مالك بن دينار عن شهر بن حوشب، عن سعيد بن عامر. .، الحديث قال المنذري كما في "ضعيف الترغيب والترهيب" (2221): رواه الطبراني والبزار، وإسناده حسن في المتابعات. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 124: رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات وله طرق في صفة الجنة. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (4347) وقال: إسناده ضعيف، شهر بن حوشب ضعيف لسوء حفظه، وسيار بن حاتم فيه ضعف، قال الحافظ في "التقريب" [2714]: صدوق له أوهام اهـ. قلت: وللحديث شاهد من حديث أنس رواه الإمام أحمد 3/ 157 والبخاري (6568) بلفظ "لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحًا".

حدثنا ثابت أن أبا ذر مر بأبي الدرداء وهو يبني بناء له، فقال له: قد حملت الصخر على عواتق الرجال. فقال له: إنما هو بيت أبنيه. فقال له أبو ذر مثل ذلك، فقال: يا أخي، لعلك وجدت على من ذلك؟ فقال: لو مررت بك وأنت في عذرة أهلك كان أحب إلى مما رأيتك فيه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا همام، عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن، عن عبد اللَّه بن الصامت قال: كنت مع أبي ذر رحمه اللَّه وقد خرج عطاؤه ومعه جارية له، فجعل يقضي حوائجه، قال: ففضل معه -قال: أحسبه قال: سبع، فأمرها أن تشتري بها فلوسًا، فقلت: يا أبا ذر، لو ادخرته لحاجة تنوبك، ولضيف يأتيك. فقال: إن خليلي -صلى اللَّه عليه وسلم - عهد إلى: "أَيُّما ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أُوكِيَ عَلَيْهِ فَهُوَ جَمْرٌ عَلَى صاحِبِهِ يوم القيامة حَتَّى يُفْرِغَهُ إفراغًا في سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ" (¬1). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا محمد بن عمرو، عن أبي بكر بن المنكدر قال: بعث حبيب بن أبي سلمة إلى أبي ذر وهو أمير الشام بثلاثمائة دينار، قال: استعن بها على حاجتك، فقال أبو ذر رحمه اللَّه: ارجع بها إليه، أما وجد أحدًا أغر باللَّه منا؟ ما لنا إلَّا ظل نتوارى به، وثلة من غنم ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 175 - 176، وابن سعد في "الطبقات" 4/ 229 والبزار 9/ 359 (3926) والطبراني 2/ 151 (1634). قال المنذري، كما في "صحيح الترغيب والترهيب" (929): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 15/ 245: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة" 7/ 436 (7270): رواه أبو بكر بن أبي شيبة وأحمد بن حنبل بسند صحيح، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (929).

تروح علينا، ومولاة لنا تصدقت علينا بخدمتها، ثم أنا أتخوف الفضل. "الزهد" ص 183 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد، حدثنا محمد بن عمرو قال: سمعت عراك بن مالك يقول: قال أبو ذر رحمه اللَّه: إني لأقربكم مجلسًا من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم القيامة، وذلك أني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن أقربكم مني مجلسًا يوم الى قيامة من خرج من الدنيا كهيئة ما تركته فيها"، وأنه واللَّه ما منكم من أحد إلَّا وقد تشبث منها بشيء غيري (¬1). "الزهد" ص 183 - 184 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا جرير، عن ليث، عن شهر قال: قال أبو ذر رحمه اللَّه: من لبس مشهورًا من الثياب، أو ركب مشهورًا من الدواب، أعرض عَزَّ وَجَلَّ عنه، وإن كان كريمًا عليه مادام عليه. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 165، وابن أبي شيبة 6/ 395 (32258)، وابن سعد في "الطبقات" 4/ 228 - 229، والطبراني 2/ 49 (1627) وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 161 - 162 قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/ 327: رواه أحمد، ورجاله ثقات إلَّا أن عراك بن مالك لم يسمع من أبي ذر فيما أحسب. وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة" 7/ 310 (6924): رواه أحمد بن منيع وأحمد بن حنبل بلفظ واحد، ورواتهما ثقات. وقال ابن حجر في "الإصابة" 4/ 63: رجاله ثقات إلَّا أن عراك بن مالك عن أبي ذر منقطع، وقد أخرج أبو يعلى معناه من وجه آخر عن أبي ذر متصلا لكن مسنده ضعيف. اهـ. وذكره الألباني في "الضعيفة" 6/ 545 (2974) وقال: وإسناده حسن لولا أنه منقطع بين عراك وأبي ذر، فقد ذكروا أنه لم يسمع من عائشة وهي متأخرة الوفاة عن أبي ذر بنحو خمس وعشرين سنة، فقد توفيت سنة سبع وخمسين، ومات أبو ذر سنة اثنتين وثلاثين.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، حدثني سليمان، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر رحمه اللَّه قال: ذو الدرهمين أشد حسابًا من ذي الدرهم. حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا همام بن يحيى، حدثنا قتادة، عن شهر بن حوشب، أن معاوية رحمه اللَّه كتب إلى عثمان -رضي اللَّه عنه-: إن كان لك في الشام حاجة فأرجع إليك أبا ذر. فقال أبو الدرداء: لو أن أبا ذر ضرب ظهري، وقطع يدي ما وجدت عليه، وقد سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ما أظلت الخضراء ولا أقلَّت الغبراء لذي لهجة أصدق من أبي ذر، ومن سره أن ينظر إلى أدنى الناس زهدًا في الدنيا فلينظر إلى أبي ذر" فقدم على عثمان، فقال له عثمان -رضي اللَّه عنه-: يا أبا ذر، أقم عندنا تغدو عليكم اللقاح وتروح. فقال: لا حاجة لي فيها. وقال: إن الرَّبَذة كانت لي منزلا، فأْذَنْ لي أن آتيها. فأذِنَ له (¬1). ¬

_ (¬1) لم أقف عليه بهذا الإسناد، لكن روى الإمام أحمد 5/ 197 من طريق أبي النضر، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم أنه زار أبا الدرداء بحمص. . الحديث. قال الذهبي في التلخيص 3/ 344: سنده جيد. وللحديث شاهد من حديث عبد اللَّه بن عمرو رواه الإمام 2/ 163، والترمذي (3801) وابن ماجة (156) مختصرا. قال الترمذي: حديث حسن. وقال المناوي في "التيسير شرح الجامع الصغير" 2/ 663: إسناده جيد. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (127). قلت: روى البخاري (1406) قصة شكوى معاوية إلى عثمان -رضي اللَّه عنه- وخروج أبي ذر للربذة من طريق علي، عن هشيم، عن حصين، عن زيد بن وصب، دون ذكر الحديث المرفوع.

348 - ما جاء في زهد عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- وأخباره

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر رحمه اللَّه قال: قيل: ألا تتخذ ضيعة كما اتخذ فلان وفلان؟ قال: ما أصنع بأن أكون أميرًا؟ وإن ما يكفيني في كل يوم شربة ماء أو لبن، وفي الجمعة قفيز من قمح. "الزهد" ص 184 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني سفيان، قال: لم يعلم أحد أشد تشبها بعيسى ابن مريم من أبي ذر. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، حدثنا عوف قال: بلغني أن أم ذر عاتبت أبا ذر في معيشتهما، فقال لها: يا أم ذر، إن بين أيدينا عقبة كئودًا، وإن المخفَّ فيها أهون من المثقل. "الزهد" ص 185 348 - ما جاء في زهد عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا المسعودي، عن علي بن بذيمة، عن قيس بن حبشر قال: قال عبد اللَّه: حبذا المكروهان: الموت والفقر، وايم اللَّه إن هو إلَّا الغنى أو الفقر، وما أبالي بأيهما ابتليت؛ إن كان الغنى فيه للعطف، وإن كان الفقر إن فيه للصبر. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا مالك بن مغول، عن أبي صالح، عن الضحاك بن مزاحم قال: قال عبد اللَّه: وددت أني كنت طيرًا في منكبي ريش. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا مالك بن مغول، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قال رجل عند عبد اللَّه: ليتني من أصحاب اليمين. قال عبد اللَّه: ليتني إذا مت لم أبعث. "الزهد" ص 195

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا شعبة، حدثنا سيار قال: سمعت أبا وائل يقول: سمعت عبد اللَّه يقول: وددت أن اللَّه غفر لي ذنبًا من ذنوبي، أو خطيئة من خطاياي، وأني لا أعرف لي نسبًا. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا إسماعيل، حدثنا يونس، عن حميد بن هلال قال: قال ابن مسعود: لوددت أني تخلقت عن روثة حمار لا أنسب إلا إليها، ويقال: عبد اللَّه بن روثة، وأني أعلم أن اللَّه تبارك وتعالى غفر لي ذنبًا واحدًا. "الزهد" ص 196 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا جرير، عن منصور قال: كان عبد اللَّه بن مسعود إذا قام في الصلاة كأنه ثوب ملقى. "الزهد" ص 197 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن مجالد، أخبرني عامر، عن مسروق قال: قال رجل عند عبد اللَّه: ما أحب أن أكون من أصحاب اليمين، أكون من المقربين أحب إليّ، فقال: لكن ههنا رجل ود أنه إذا مات لم يبعث. يعني: نفسه. "الزهد" ص 198 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن عمرو، عن الحارث بن الأزمع قال: قال المغيرة بن شعبة يعجب من قول عبد اللَّه: أمس خير من اليوم، واليوم خير من غد، وغد خير من بعد الغد، وكذلك إلى يوم القيامة، ونحن العام أخصب منا عام أول. فذكر لمسروق، فقال مسروق: عبد اللَّه أعلم منه، إن عبد اللَّه اعتبر بالآخرة، وإن المغيرة اعتبر بالدنيا. "الزهد" ص 199 - 200 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا الأسود بن عامر، حدثنا الحسن، عن أبي حيان قال: سمعت أن ابن مسعود مر على هؤلاء الذين ينفخون في

الكير فوقع. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا المسعودي، عن أبي يحيى، عن القاسم، أن ابن مسعود كان يقول في دعائه: خائفًا مستجيرًا بائسًا مستغفرًا راغبًا راهبًا. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، حدثنا هشام بن أبي عبد اللَّه، عن قتادة، قال ابن مسعود: لو أني بين الجنة والنار، فخيرت بين قبول عملي وبين أن لا أكون شيئًا لاخترت أن لا أكون شيئًا. "الزهد" ص 200 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد اللَّه بن يزيد، حدثنا سعيد، حدثنا عبد اللَّه بن الوليد، قال: سمعت عبد الرحمن بن حجيرة يحدث عن أبيه، عن ابن مسعود أنه كان يقول إذا قعد -يعني يقول- إنكم في ممر الليل والنهار، في آجال منتقصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، فمن يزرع خيرًا يوشك أن يحصد رغبة، ومن زرع شرًّا فيوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع مثل الذي زرع، لا يسبق بطيء بحظه، ولا يدرك حريص ما لم يقدر له، فمن أعطي خيرًا فاللَّه أعطاه، ومن وقي شرًّا فاللَّه وقاه، المتقون سادة، والفقهاء قادة، ومجالسهم قلادة. "الزهد" ص 201 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سليمان بن حيان أبو خالد، حدثنا الأعمش، عن شمر بن عطية، عن مغيرة بن سعد بن الأخرم قال: مر عبد اللَّه على الحدادين، فبصر بحديدة قد أحميت فبكى. "الزهد" ص 203

349 - ما جاء في زهد أبي الدرداء -رضي الله عنه- وأخباره

349 - ما جاء في زهد أبي الدرداء -رضي اللَّه عنه- وأخباره قال عبد اللَّه: قرأت على أبي هذا الحديث: حدثنا أبو العلاء الحسين بن سوار، حدثنا الليث، عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن عوف بن مالك، أنه رأى في المنام قبة من أدم ومرجًا أخضر، وحول القبة غنمًّا ربوضًا تجتر وتبعر العجوة، قال: قلت: لمن هذِه القبة؟ قيل: لعبد الرحمن بن عوف، قال: فانتظرنا حتَّى خرج. قال: فقال: يا عوف، هذا الذي أعطانا اللَّه بالقرآن ولو أشرفت على هذا البناء لرأيت ما لم تر عينك، ولم تسمع أذنك، ولم يخطر على قلبك، أعده اللَّه لأبي الدرداء، لأنه كان يدفع الدنيا بالراحتين والنحر. "الزهد" ص 167 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، وأبو معاوية قالا: حدثنا الأعمش، عن عبد اللَّه بن مرة قال: قال أبو الدرداء: اعبدوا اللَّه كأنكم ترونه، وعدوا أنفسكم في الموتى، واعلموا أن قليلًا يغنيكم خير من كثير يلهيكم، واعلموا أن البر لا يبلى وأن الإثم لا ينسى. "الزهد" ص 168 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا يونس، عن الحسن قال: قال أبو الدرداء: لولا ثلاث لأحببت أن أكون في بطن الأرض لا على ظهرها، لولا إخوان لي يأتوني ينتقون طيب الكلام كما ينتقى طيب التمر، أو أعفر وجهي ساجدا للَّه عَزَّ وَجَلَّ، أو غدوة أو روحة في سبيل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. "الزهد" ص 168 - 169 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال قال: قال أبو الدرداء إن أخوف ما أخاف

إذا لقيت ربي تبارك وتعالى أن يقول لي: قد علمت، فماذا عملت فيما علمت؟ "الزهد" ص 170 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا عبد اللَّه بن بجير، حدثني أبو عبد ربه قال: قال أبو الدرداء: ما يسرني أن أقوم على الدرج من باب المسجد، فاشتري وأبيع، فأصيب كل يوم ثلاثمائة دينار، أشهد الصلاة كلها في المسجد، ما أقول: إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لم يحل البيع ويحرم الربا ولكني أحب أن أكون من الذين {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37]. "الزهد" ص 170 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حجاج، حدثني شعبة، ووهب قال: حدثنا شعبة -المعني واحد- عن أبي إياس، عن أبي الدرداء قال: ثلاث يكرههن الناس وأحبهن: الفقر والمرض والموت. "الزهد" ص 171 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا فياض بن محمد اليربوعي، عن جعفر -يعني: ابن برقان- عن ميمون بن أبي جرير، عن ميمون بن مهران، عن أم الدرداء قالت: لقد رأيت أبا الدرداء ينفخ النار تحت قدرنا هذِه حتَّى تسيل دموع عينيه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن خازم أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن أم الدرداء قالت: دخل عليّ أبو الدرداء يومًا مغضبًا، قالت: فقلت: ما لك؟ فقال: واللَّه ما أعرف فيهم شيئًا من أمر محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- إلَّا أنهم يصلون جميعًا. "الزهد" ص 172 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن غيلان، عن بشير، عن يعلى بن الوليد، عن أبي الدرداء قال: قيل: ما

تحب لمن تحب؟ قال: الموت. قالوا: فإنْ لم يمت؟ قال: يقل ماله وولده. "الزهد" ص 173 قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: وحدثنا عبد الملك بن عمرو، قال: حدثنا إسماعيل بن مسلم العبدي، عن أبي المتوكل الناجي، أن أبا الدرداء كانت له وليدة فلطمها ابنه يوما لطمة، فأقعده لها، فقال: اقتصي. فقالت: قد عفوتُ. فقال: إن كنتِ قد عفوت فاذهبي فادعي من ههنا من حرام فأشهديهم أنك قد عفوت، فذهبت فدعتهم فأشهدتهم أنها قد عفت، فقال: اذهبي فأنت للَّه، وليت آل أبي الدرداء يفتلتون كفافا. "الزهد" ص 174 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا مسكين بن بكير، أنبأنا ثابت بن عجلان، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: كان لأبي الدرداء نوى من نوى العجوة حسبت عشرًا أو نحوها في كيس، وكان إذا صلى الغداة أقعى على فراشه، فأخذ الكيس فأخرجهن واحدة واحدة، يسبح بهن فإذا نفدن أعادهن واحدة واحدة، كل ذلك يسبح بهن قال: حتَّى تأتيه أم الدرداء فتقول: يا أبا الدرداء إن غداءك قد حضر فربما قال: ارفعوه فإني صائم. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا ثابت قال: خطب يزيد بن معاوية إلى أبي الدرداء ابنته فردَّه، فقال رجل من جلساء يزيد: أصلحك اللَّه، تأذن لي أن أتزوجها؟ قال: أعزب، ويلك. قال: تأذن لي، أصلحك اللَّه؟ قال: نعم. فخطبها فأنكحها أبو الدرداء الرجلَ، قال: فسار ذلك في الناس أن يزيد خطب إلى أبي الدرداء فردَّه، وخطب إليه رجل من ضعفاء المسلمين فأنكحه. قال: فقال

أبو الدرداء: إني نظرتُ للدرداء، ما ظنكم بالدرداء إذا قامت على رأسها الخصيان، ونظرت إلى بيوت يلتمع فيها بصرها، أين دينها منها يومئذ؟ ! "الزهد" ص 175 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا معمر بن سليمان الرقي، حدثني فرات بن سليمان أن أبا الدرداء كان يقول: ويل لكل جماع فاغر فاه كأنه مجنون، يرى ما عند الناس، ولا يرى ما عنده، لو يستطيع لوصل الليل بالنهار، ويله من حساب غليظ، وعذاب شديد! قال: وكان يقول: أحب الموت ويكرهونه، وأحب السقم ويكرهونه، وأحب الفقر ويكرهونه، أمَّلوا بعيدًا، وجمعوا كثيرًا، وبنوا شديدًا، فأصبح أملهم غرورًا، وأصبح جمعهم بورًا، وأصبح بيوتهم قبورًا. "الزهد" ص 171 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني محمد بن جعفر، أنبأنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن شيخ، عن أبي الدرداء قال: أحب الفقر تواضعًا لربي عَزَّ وَجَلَّ، وأحب الموت اشتياقًا إلى ربي عَزَّ وَجَلَّ، وأحب المرض تكفيرًا لخطاياي. "الزهد" ص 187 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد بن حسان، حدثنا السري بن يحيى، عن مالك بن دينار أن سلمان كتب إلى أبي الدرداء رحمهما اللَّه: إنه بلغني عنك أنك أجلست طبيبًا تداوي الناس، فانظر أن تقتل مسلمًا؟ فتجب لك النار. "الزهد" ص 193

350 - ما جاء في زهد أبي طلحة -رضي الله عنه-

350 - ما جاء في زهد أبي طلحة -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا حماد، عن ثابت، عن أنس أن أبا طلحة سرد الصوم بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أربعين عامًا. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا حميد، عن ثابت، عن أنس أن أبا طلحة كان يكثر الصوم على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فما أفطر بعده حتَّى لقي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إلَّا من مرض أو في سفر. "الزهد" ص 250 351 - ما جاء في زهد سلمان -رضي اللَّه عنه- وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هشيم، عن منصور، عن الحسن، قيل: لما احتضر سلمان رحمه اللَّه بكى، فقيل له: ما يبكيك وأنت صاحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: ما أبكي أسفًا على الدنيا، ولا رغبة فيها، ولكن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عهد إلينا عهدًا فتركناه؛ عهد إلينا أن تكون بلغة أحدنا كزاد الراكب. قال: ثم نظر فيما ترك، فإذا قيمة ما ترك بضع وعشرون درهمًا، أو: بضع وثلاثون درهمًا. "الزهد" ص 37 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري قال: صحب سلمان -رضي اللَّه عنه- رجل من بني عبس ليتعلم منه، قال: وكان لا يستطيع أن يفضله في عمله؛ إن عجن خبز، وإن سقى الركاب هيأ العلف للدواب، قال: حتَّى انتهى إلى دجلة، وهي تطفح قال: قال له سلمان: انزل فاشرب. قال له: ازدد. فازداد، قال: كم تراك نقصت منها؟ قال: فقال: ما عسى أن ينقص من هذِه. قال: فقال سلمان: فكذلك العلم، تأخذ منه ولا تنقصه

-قال مرة: ولا ينقص- فعليك بما ينفعك. قال: فعبرنا إلى نهر دن، فإذا الأكداس عليه من الحنطة، والشعير، فقال: يا إخا بني عبس، أما ترى الذي فتح خزائن هذِه علينا كان يراها ومحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- حي؟ قال: قلت: بلى. قال: فوالذي لا إله غيره، لقد كنا نمسي ونصبح، وما فينا قفيز من قمح. قال: ثم سار حتَّى انتهى إلى جلولاء، فذكر ما فتح اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عليهم فيها من الذهب والفضة، فقال: يا أخا بني عبس، أما ترى الذي فتح هذِه علينا كان يراها ومحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- حي؟ قال: قلت: بلى قال: فوالذي لا إله غيره، لقد كانوا يمسون ويصبحون وما فيهم دينار ولا درهم. "الزهد" ص 38 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا هشام، حدثنا الحسن قال: كان عطاء سلمان رحمه اللَّه خمسة آلاف درهم، وكان أميرًا على زهاء ثلاثين ألفًا من المسلمين، وكان يخطب الناس في عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها، فإذا خرج عطاؤه أمضاه، ويأكل من سفيف يديه. "الزهد" ص 188 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن أشياخه قال: دخل سعد على سلمان يعوده قال: فبكى سلمان، فقال له سعد: يا أبا عبد اللَّه ما يبكيك؟ توفي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو عنك راض، وترد عليه الحوض، وتلقى أصحابك، قال: فقال سلمان: أما إني لم أبك جزعًا من الموت ولا حرصًا على الدنيا، ولكن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عهد إلينا قال: لتكن بلغة أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب وحولي هذِه الأساود، قال: وإن ما حوله إنجانة وجفنة ومطهرة،

352 - ما جاء في زهد عمار بن ياسر

فقال سعد: يا أبا عبد اللَّه أعهد إلينا عهدا نأخذ به بعدك، فقال: يا سعد اذكر اللَّه عند همك إذا هممت، وعند يدك إذا قسمت، وعند حكمك إذا حكمت. "الزهد" ص 190 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا يزيد بن عبد العزيز، عن الأعمش قال: سمعتهم يذكرون أن حذيفة قال لسلمان: يا أبا عبد اللَّه، ألا تبني لك بيتًا؟ قال: فكره ذلك، قال: فقال: رويدك حتَّى أخبرك أني أبني لك بيتا إذا اضطجعت فيه كان رأسك من هذا الجانب، ورجلاك من الجانب الآخر، وإذا قمت أصاب رأسك، فقال سلمان: كأنك في نفسي. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا كثير بن هشام، حدثنا جعفر قال: بلغنا أن سلمان الفارسي رحمه اللَّه كان يقول: أضحكني ثلاث وأبكاني ثلاث: ضحكت من مؤمل الدنيا والموت يطلبه، وغافل لا يغفل عنه، وضاحك ملء فيه لا يدري أمسخط ربه أو مرضيه، وأبكاني ثلاث: فراق الأحبة محمد وحزبه، وهول المطلع عند غمرات الموت، والوقوف بين يدي رب العالمين حين لا أدري إلى النار انصرف أم إلى الجنة. "الزهد" ص 193 352 - ما جاء في زهد عمار بن ياسر قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثني سيار، حدثنا جعفر، حدثنا يونس بن عبيد، عن رجل، عن عمار بن ياسر أنه قال: كفى بالموت واعظًا، وكفى باليقين غنى، وكفى بالعبادة شغلًا. "الزهد" ص 219

353 - ما جاء في زهد تميم الداري -رضي الله عنه-

353 - ما جاء في زهد تميم الداري -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا محمد بن راشد، عن جعفر بن عمرو قال: كنا فئة من أبناء أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قلنا: إن آباءنا قد سبقونا بالهجرة وصحبة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فهلموا نجتهد في العبادة لعلنا ندرك فضائلهم منهم -أو كما قال- قال عبد اللَّه بن الزبير، ومحمد بن أبي حذيفة، ومحمد بن أبي بكر، ومحمد بن طلحة، ومحمد بن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث قال: فاجتهدنا في العبادة بالليل والنهار وأدركنا تميما الداري شيخا فما قمنا له، ولا قعدنا في طول الصلاة. "الزهد" ص 248 - 249 354 - ما جاء في زهد كعب بن مالك -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يعلى، حدثنا الأعمش، عن شمر بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن كعب قال: لوددت أني كبش أهلي، فأخذوني فذبحوني فأكلوا وأطعموا أضيفتهم. "الزهد" ص 253 355 - ما جاء في زهد أبي موسى -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: كنا مع أبي موسى رحمه اللَّه في مسير له، فسمع الناس يتحدثون، فسمع فصاحة فقال لي: يا أنس، هلم فلنذكر ربنا عَزَّ وَجَلَّ، فإن هؤلاء يكاد أحدهم أن يفري الأديم بلسانه. قال: يا أنس، ما بطأ بالناس عن الآخرة، وما ثبرهم عنها؟

356 - ما جاء في زهد محمد بن مسلمة -رضي الله عنه-

قال: قلت: الشهوات والشيطان، قال: لا واللَّه، ولكن عجلت لهم الدنيا، وأخرت الآخرة، ولو عاينوا ما عدلوا ولا ميلوا. "الزهد" ص 247 حدثنا عبد اللَّه، حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أبي مجلز قال: قال أبو موسى رحمه اللَّه: إني لأغتسل في البيت المظلم فما أقيم صلبي آخذا ثوبي حياءً من ربي عَزَّ وَجَلَّ. "الزهد" ص 247 356 - ما جاء في زهد محمد بن مسلمة -رضي اللَّه عنه- قال صالح: أملى علي أبي، فقرأته عليه: قال: حدثنا إسماعيل قال: أخبرنا أبو حيان، عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج قال: بلغ عمر أن سعدًا اتخذ بابًا، ثم انقطع الصويت، فبعث إلى محمد بن مسلمة، فأتاه، فقال: انطلق فحرق باب سعد الذي اتخذه، ثم خذه بيدك، فأخرجه إلى الناس، فقل: ههنا فاقعد للناس. فبعث غلامه به مكانه إلى أهله، فأمره أن يأتيه براحلتين وزاد من أهله، وانطلق يمشي قبل الكوفة، في طريق الكوفة، حتى أدركه غلامه بسويق وعجوة من عجوة المدينة، فسار حتَّى قدم جبانة الكوفة، فرأى نبطيًا يدخل الكوفة بقصب له على حمار له يبيعه، فابتاعه منه، واشترط عليه أن يلقيه عند باب الأمير، فجاء حتى ألقاه عند باب الأمير، وأورى زنده، فأتى سعد، فأخبر، فقيل له: إن رجلًا أسود، طويلًا، عظيمًا، بين إزار ورداء، عليه عمامة خرقانية على غير قلنسية. فقال: ذاك محمد بن مسلمة، دعوه حتَّى يبلغ حاجته، لا يعرض له إنسان بشيء، فحرق الباب حتَّى صار فحمًا، ثم خرج إليه

357 - ما جاء في زهد عثمان بن أبي العاص -رضي الله عنه-

سعد فسأله، ثم حلّفه باللَّه الذي لا إله غيره؟ ما تكلم بالكلمة التي بلغت أمير المؤمنين، ولقد بلغه كاذب، ثم عرض عليه المنزل ليدخل، فأبى وانصرف مكانه راجعًا، واتبعه سعد بزاد، فرده مع رسوله، وقال له: ارجع بطعامك إلى صاحبك، فإن له عيالًا، وإن معنا فضلة من زاد، فرجع هو وغلامه، حتَّى انقضى زادهما وأرملا أياما حتَّى أكلا من الشجر، ثم كان أول من أدركا من الإنس امرأة في غنم، فقام محمد يصلي، وانطلق الغلام إلى الغنم حتَّى بايع صاحبة الغنم بشاة صغيرة من غنمها بعصابة كانت عليه، فصرعها يريد أن يذبحها، ومحمد قائم يصلي، فأشار إليه، أن لا يذبحها، فانصرف، فسأله عن حديثها، فحدثه، فقال: ارجع بالشاة، فإن كان في الغنم صاحبها فبايعه، أو سلم بيع الأمة فأقبل بها، وإن كانت إنما هي راعية غنم فردها وأقبل، فإن الجوع خير من مأكل السوء، فأقبل فإذا هي راعية، فأقبل بعصابته ورد الشاة، ثم سار حتَّى قدم على عمر، فحدثه بما لقي في الطريق من الجوع، والذي اتبعه به سعد فرده إليه. فقال عمر: فما منعك أن تقبل منه؟ قال: أنت يا أمير المؤمنين. قال: وأنا قد رأيت فكان ذاك؟ ! "مسائل صالح" (592) 357 - ما جاء في زهد عثمان بن أبي العاص -رضي اللَّه عنه- قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا مصعب بن سلام، حدثنا عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عثمان بن أبي العاص أنه قال: لولا الجمعة والجماعة لبنيت في أعلى داري هذِه بيتًا، فلم أخرج منه حتَّى أخرج إلى قبري. "الزهد" ص 190

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو هلال، حدثنا قتادة، عن مطرف قال: استأذنت على عثمان بن أبي العاص فجلستُ ساعة، ثم أذِن فدخلتُ، فقال: ساعة للدنيا وساعة للآخرة واللَّه أعلم أي ذلك يغلب علينا. قال: قلت: ذهبتم بالدنيا والآخرة. فقال: لدرهم يصيبه أحدكم من جهد، فيضعه في حق أفضل من عشرة آلاف ينفقهما أحدنا فيفضًا من فيض. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سفيان قال: كان الحسن رحمه اللَّه يقول: ما رأينا أفضل منه -يعني: عثمان بن أبي العاص. "الزهد" ص 252 قال عبد اللَّه: قال قرأت على أبي هذا الحديث: حدثنا محمد بن جعفر، حدثني أبزى، حدثنا مبارك، عن الحسن أن عثمان بن أبي العاص كان في جنازة فخلص إلى قبر خاسف، وثم رجل من أهله، فقال: تعالَ يا فلان، فلما جاء قال: اطلع إلى بيتك، قال: أراه بيتًا ضيقًا يابسًا مظلمًا، ليس فيه طعام ولا شراب ولا زوجة، قال: فإنه واللَّه بيتك، قال: واللَّه صدقت، أما واللَّه لو قد رجعت نقلت من ذاك في هذا. "الزهد" ص 253 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حسين بن محمد، حدثنا المبارك، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه كان في جنازة فجلس إلى قبر خاسف وثم رجل من أهله، فقال: يا فلان. فلما جاء قال: اطلع إلى هنا. قال: ففعل، قال: أراه بيتا ضيقًا يابسًا مظلمًا، ليس فيه طعام ولا شراب ولا زوجة. قال: فإنه واللَّه بيتك. قال: صدقت، أما واللَّه لو رجعت إلى القبر ليقلب من ذلك في هذا فلا تفعل. "الزهد" ص 477

358 - ما جاء في زهد عمران بن حصين -رضي الله عنه- وأخباره

358 - ما جاء في زهد عمران بن حصين -رضي اللَّه عنه- وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي قال: سمعت حميد بن هلال يحدث عن مطرف: قلت لعمران بن الحصين -رضي اللَّه عنه-: إنه ليمنعني من عيادتك ما أرى ما من حالك قال: لا تفعل، فإن أحبه إلى أحبه للَّه عَزَّ وَجَلَّ. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وهب، حدثنا أبي قال: سمعت حميد بن هلال يحدث عن مطرف قال: قال عمران بن حصين رحمه اللَّه: أشعرت أنه كان يسلم علي، فلما اكتويت انقطع التسليم، فقلت له: من قبل رأسك كان يأتيك التسليم أم من قبل رجليك؟ فقال: لا، بل من قبل رأسي. قلت: فإني لا أدري أن تموت حتَّى يعود ذلك، فلما كان بعد قال: أشعرت أن التسليم عاد لي، ثم لم يلبث إلَّا يسيرا حتَّى مات. "الزهد" ص 186 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، حدثنا هشام بن أبي عبد اللَّه، عن قتادة قال: قال عمران بن حصين رحمه اللَّه: وددت أني رماد تذروني الرياح. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سفيان قال: كان الحسن يقول: ما سكن البصرة مثله -يعني: عمران بن حصين. "الزهد" ص 186 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا حاجب بن عمرو، حدثنا الحكم بن الأعرج، أن عمران بن حصين قال: ما مسست فرجي بيميني منذ بايعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "الزهد" ص 186 - 187.

359 - ما جاء في زهد أبي هريرة -رضي الله عنه- وأخباره

359 - ما جاء في زهد أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، حدثنا هشام، عن محمد قال: كنا عند أبي هريرة، وعليه ثوبان ممشقان، فتمخط فيهما، وقال: بخ بخ، أبو هريرة يتمخط في الكتان، لقد رأيتني فيما بين منبر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وحجرة عائشة -رضي اللَّه عنها- أخر مغشيًا علي، فيجيء الجائي فيقعد على صدري، فأقول: إنه ليس بي ذاك؟ إنما هو الجوع. "الزهد" ص 40 - 41 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا محمد بن راشد، عن مكحول، عن رجل، عن أبي هريرة قال: ما جلست إلى أحدٍ أكثر استغفارًا من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال الرجل: وما جلست إلى أحد أكثر استغفارًا من أبي هريرة رحمه اللَّه (¬1). "الزهد" ص 50 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن كلثوم -إمام مسجد بني قشير- عن الفضل الرقاشي، عن محمد بن المنكدر، عن أبي هريرة قال: كأني انظر إلينا صادرين عن الحوض للحساب، فيبلغ الرجل الرجل، فيقول: أشربت يا فلان؟ فيقول: لا واعطشاه. "الزهد" ص 192 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا حماد بن سلمة، عن العباس بن روح الجريري، عن أبي عثمان النهدي أن أبا هريرة رحمه اللَّه كان يقوم ثلث الليل، وتقوم امرأته ثلث الليل، ويقوم ابنه ثلث الليل، إذا نام هذا قام هذا. ¬

_ (¬1) ذكره القرطبي في "تفسيره" 6/ 210، وابن القيم في "شفاء العليل" 1/ 117.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني عبد الرزاق قال سمعت الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال: قيل لأبي هريرة ألا تركب فتلقى فلانًا، قال: إني أكره أن أركب مركبًا لا أكون فيه ضامنًا على اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا إسماعيل -يعني: العبدي- عن أبي المتوكل؛ أن أبا هريرة كانت له زنجية فدعتهم بعملها فرفع عليها السوط يومًا، فقال: لولا القصاص لأغشيتك به، ولكن سأبيعك ممن يوفيني ثمنك، اذهبي فأنت للَّه عَزَّ وَجَلَّ. "الزهد" ص 221 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا إسماعيل، عن أبي المتوكل، عن أبي هريرة قال: أعطاني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئًا من تمر، فجعلته في مكتل لنا، فعلقناه في سقف البيت، فلم نزل نأكل حتَّى كان منه آخره أصابه أهل الشام حيث أغاروا بالمدينة (¬1). قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الملك، حدثنا إسماعيل، عن أبي المتوكل أن أبا هريرة وأصحابه كانوا إذا صاموا قعدوا في السحر؛ قالوا: نطهر سيئاتنا. "الزهد" ص 222 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هارون بن معروف، عن ضمرة، عن ابن شوذب قال: لما حضرته الوفاة بكى، فقيل له: يا أبا هريرة ما يبكيك؟ قال: بعد المفازة، وقلة الزاد، وعقبة كئود، المهبط منها إلى الجنة أو النار. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو سعيد، حدثنا إسحاق بن عثمان ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 324، وإسحاق بن راهويه 1/ 126 (46) وصححه الألباني في "الصحيحة" (3162) وقال: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم.

360 - ما جاء في زهد عائشة -رضي الله عنها- وأخبارها

الكلابي قال: سمعت أبا أيوب -وهو عبد اللَّه بن أبي سليمان مولى عثمان بن عفان- يقول: كان لأبي هريرة في مخدعه مسجد، وفي بيته مسجد، وفي حجرته مسجد، وفي داره مسجد، وعلى باب داره مسجد، إذا دخل صلى فيها جميعًا، وإذا خرج صلى فيها جميعًا. "الزهد" ص 223 360 - ما جاء في زهد عائشة -رضي اللَّه عنها- وأخبارها حدثنا عبد اللَّه، حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى قال: حدثني من سمع عائشة رحمها اللَّه {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27] تقول: رب منّ علي، وقني عذاب السموم. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، حدثنا من سمع عائشة تقرأ: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} فتبكي حتى تبل خمارها. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، عن هشام، عن أبيه قال: قالت عائشة رحمها اللَّه: وددت أني كنت نسيًا منسيًا. "الزهد" ص 205 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا أسامة بن زيد، عن إسحاق مولى زائدة، عن عائشة رحمها اللَّه قالت: وددت أني شجرة أعضد، وددت أني لم أخلق. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حجاج، حدثنا شعبة، عن حماد، عن إبراهيم، عن عائشة أنها مرت بشجرة فقالت: يا ليتني كنت ورقة من ورق هذِه الشجرة. "الزهد" ص 206

361 - ما جاء في زهد عبد الله بن عامر -رضي الله عنه- وأخباره

361 - ما جاء في زهد عبد اللَّه بن عامر -رضي اللَّه عنه- وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا عمرو بن ميمون، عن أبيه قال: لما مرض عبد اللَّه بن عامر مرضه الذي توفي فيه أرسل إلى أناس من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيهم عبد اللَّه بن عمر، فقال لهم: قد نزل بي ما قد ترون، ولا أرى إلَّا أني لمأْتيّ، فما ظنكم بي؟ فقالوا: قد كنت تعطي السائل، وتصل الرحم، وحفرت الآبار بالفلوات لابن السبيل، وبنيت الحوض بعرفة يشرع فيه حاج بيت اللَّه فما نشك لك في النجاة. وعينه إلى عبد اللَّه بن عمر، وعبد اللَّه بن عمر ساكت، فلما أبطأ عليه بالكلام، قال له: يا أبا عبد الرحمن مالك لا تتكلم؟ قال: إذا طابت المكسبة زكت النفقة، وسترد فتعلم "الزهد" ص 238 - 239 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن تميم بن سلمة، عن ابن عمر: ذكروا له من أمر ابن عامر فقال: إن الخبيث لا يكفر الخبيث. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن جعفر، عن ميمون، عن ابن عمر قال: إذا طاب المكسب زكت النفقة. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، عن أسامة، عن نافع، عن ابن عمر قال: وإنفاقه خير من إمساكه. "الزهد" ص 240 362 - ما جاء في زهد عبد اللَّه بن عتبة -رضي اللَّه عنه- وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا مسعر، عن معن بن عبد الرحمن، عن عون بن عبد اللَّه، عن عبيد بن عبد اللَّه بن عتبة قال:

363 - ما جاء في زهد المسور بن مخرمة -رضي الله عنه- وأخباره

كان عبد اللَّه رحمه اللَّه إذا هدأت العيون قام، فسمعتُ له دويًا كدوي النحل. "الزهد" ص 195 363 - ما جاء في زهد المسور بن مخرمة -رضي اللَّه عنه- وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا عبد اللَّه بن جعفر، حدثتنا أم بكر، قالت: احتكر المسور طعامًا كثيرًا، فرأى سحابًا من الخريف فكرهه، فقال: ألا أراني قد كرهت ما ينفع المسلمين، من جاءني وليته كما أخذته. فبلغ ذلك عمر رحمه اللَّه، فقال: أما للمسور أخذ. فأتى عمر، فقال: يا أمير المؤمنين إني احتكرتُ طعامًا كثيرًا فرأيت سحابًا قد نشأ، فكرهته، فتأليت أني لا أربح فيه شيئًا. فقال عمر: جزاك اللَّه خيرًا. "الزهد" ص 254 364 - ما جاء في زهد عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنهما- أخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا إسماعيل، أخبرني صالح بن رستم، عن عبد اللَّه بن أبي مليكة قال: صحبت ابن عباس من المدينة إلى مكة، ومن مكة إلى المدينة، فكان يصلي ركعتين، وكان يقوم شطر الليل، يكثر واللَّه في ذلكم التسبيح. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الوهاب عن سعيد الجريري عن رجل قال رأيت ابن عباس آخذًا بثمرة لسانه وهو يقول: ويحك قل خيرًا تغنم، واسكت عن شر تسلم. قال: فقال له رجل: يا ابن عباس مالي أراك آخذًا بثمرة لسانك تقول كذا وكذا، قال: بلغني أن العبد يوم

365 - ما جاء في زهد عدي بن حاتم

القيامة ليس هو على شيء أحنق منه على لسانه. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا بكر بن عيسى الراسبي، حدثنا أبو عوانة، حدثنا أبو حمزة قال: رأيت ابن عباس قميصه متقلصًا فوق الكعب، والكم يبلغ أصول الأصابع يغطي ظهر الكف. "الزهد" ص 236 365 - ما جاء في زهد عدي بن حاتم قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، حدثنا رجل من جعفي، عن عدي بن حاتم قال: ما جاء وقت الصلاة إلَّا وأنا إليها بالأشواق، وما في خل وقت صلاة قط إلَّا وأنا لها مستعد. "الزهد" ص 250 366 - ما جاء في زهد عبد اللَّه بن يزيد الخطمي وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أنبأنا أبو جعفر الخطمي، عن محمد بن كعب القرظي قال: دعي عبد اللَّه بن يزيد الخطمي إلى طعام فلما جاء رأى البيت منجدًا فقعد خارجًا وبكى، قالوا: ما يبكيك؟ قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا شيع جيشًا فبلغ عقبة الوداع قال: "أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكُمْ وأَمانتَكُمْ وخَواتِيمَ أَعْمالِكُمْ" فرأى رجلًا ذات يوم قد رقع بردة له بقطعة فرو قال: فاستقبل مطلع الشمس، وقال بيده -وصف حماد ببطن الكفين ومد بيده: "تطالعت عليكم الدنيا، تطالعت عليكم الدنيا" أي: أقبلت، حتَّى ظننا أن تقع علينا، ثم قال: "أنتم اليوم خير، أما إذا غدت عليكم قصعة وراحت أخرى، ويغدو أحدكم في حلة

367 - ما جاء في زهد عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- أخباره

ويروح في أخرى، وتستر بيوتكم كما تستر الكعبة" قال عبد اللَّه: أفلا أبكي وقد بقيت حتَّى رأيتكم تسترون بيوتكم كما تستر الكعبة (¬1). "الزهد" ص 245 - 246 367 - ما جاء في زهد عبد اللَّه بن الزبير -رضي اللَّه عنهما- أخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا يزيد بن إبراهيم، وهو التستري، عن عمرو بن دينار، قال: رأيت ابن الزبير رحمه اللَّه يصلي في الحِجْر خافضا بصره، فجاءه حَجَرٌ قدامه فذهب ببعض ثوبه فما انفتل. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا النضر بن شميل، حدثنا سليمان الأعمش، عن يحيى بن وثاب، أن ابن الزبير، كان يسجد حتَّى تنزل العصافير على ظهره لا تحسبه إلَّا جذم حائط. "الزهد" ص 49 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" 5/ 115 (4345)، و"المطالب العالية" 13/ 405 (3207) عن عفان به. وقال البوصيري: هذا إسناد رواته ثقات اهـ. ورواه النسائي في "الكبرى" 5/ 135 (10341)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (554)، والحاكم 2/ 97 - 98، والبيهقي 7/ 272 من طرق عن عفان به. ورواه أبو داود (2601) من طريق يحيى بن إسحاق، عن حماد بن سلمة به. وحسن إسناده الحافظ في "المطالب العالية" 13/ 450. والحديث روي مطولًا ومختصرًا، وصححه النووي في "الرياض" (716)، والألباني في "الصحيحة" (15، (1605).

368 - ما جاء في زهد عبد الله بن عمر

368 - ما جاء في زهد عبد اللَّه بن عمر قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هشيم، أنبأنا منصور، عن ابن سيرين، أن رجلًا قال لابن عمر: أجعل لك جوارش؟ قال: وأي شيء الجوارش؟ قال: شيء إذا كظك الطعام فأصبت منه سهل عليك. قال: فقال ابن عمر: ما شبعت من طعام منذ أربعة أشهر، وما ذاك أن لا أكون له واجدًا، ولكني عهدت قومًا يشبعون مرة ويجوعون مرة. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا سفيان بن حسين، عن الحسين أن ابن عمر، كان إذا تغدى أو تعشى دعا من حوله من اليتامى، فتغدى ذات يوم، فأرسل إلى يتيم فلم يجده، وكانت له سويقة محلاة يشربها بعد غدائه، فجاء اليتيم وقد فرغوا من الغداء وبيده السويقة ليشربها فناولها إياه وقال: خذها فما أراك غبنت. "الزهد" ص 237 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا مستلم بن سعيد الثقفي، عن حُبيب بن عبد الرحمن، عن نافع أن ابن عمر اشتهى عنبًا وهو مريض، فاشتريتُ له عنقودًا بدرهم، فجئتُ به فوضعتُه في يده، فجاء سائل فقام على الباب فسأل، فقال ابن عمر: ادفعه إليه. قال: قلت: كُل منه، ذقه. قال: لا، ادفعه إليه. قال: فدفعتُه إليه، ثم اشتريتُه منه بدرهم، فجئتُ به إليه فوضعتُه في يده، فعاد السائل، فقال ابن عمر: ادفعه إليه. قلتُ: ذقه، كُل منه. قال: ادفعه إليه. قال: فدفعتُه إليه ثم اشتريتُه منه بدرهم، فجئتُ به إليه فوضعتُه في يده، فعاد السائل، فقال لي: ادفعه إليه. قال: قلتُ: كُل منه، ذقه. قال: ادفعه إليه. قال: فدفعتُه إليه وقلت: ويحك ما تستحيي في الثالثة أو الرابعة -ولا

أعلمه قال إلَّا في الرابعة، شك يزيد- قال: فاشتريته منه بدرهم، فذهبت فجئت به إليه فأكله. "الزهد" ص 237 - 238 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد اللَّه بن نمير قال: سمعت عاصما الأحول، عمن ذكره قال: كان ابن عمر إذا رآه إنسان ظن أن به شيئًا من اتباعه آثار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال: أتي بشيء يقال له: الكبل، فقال: ما نصنع بهذا؟ قال: إنه يمريك، قال: إنه يمر بي الشهر ما أشبع إلَّا الشبعة والشبعتين. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن شمر ابن عطية، عن يحيى بن وثاب، قال: قال ابن عمر: يا غلام، أنضج العصيدة تذهب حرارة الزيت، فإن أقوامًا تعجلوا طيباتهم في الحياة الدنيا. "الزهد" ص 239 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن الزبير، حدثنا سفيان، عن ليث، عن طاوس قال: ما رأيت رجلًا أورع من ابن عمر، ولا رأيتُ رجلا أعلم من ابن عباس. قال: وكان طاوس يعد الحديث حرفًا حرفًا. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الأعلى، عن برد، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان لا يعجبه شيء من ماله إلَّا خرج عنه للَّه عَزَّ وَجَلَّ، قال: وكان زمان يتصدق في المجلس بثلاثين ألفا، قال: وأعطاه ابن عامر مرتين ثلاثين ألفا، قال نافع: إني أخاف أن تفتنني دراهم ابن عامر، اذهب فأنت حر، قال: وكان لا يد من للحم شهرًا إلَّا مسافرًا أو في رمضان، قال: وكان يمكث الشهر لا يذوق فيه مزعة لحم.

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، عن هشام الدستوائي، عن القاسم بن أبي بزة، حدثني من سمع ابن عمر، قرأ {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]، حتَّى بلغ {يَوْمَ يَقُومُ الْنَّاسُ لِرَبِّ الْعَالِمينَ} [المطففين: 6] فبكى حتَّى خر، وامتنع عن قراءة ما بعده. "الزهد" ص 240 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو المنذر إسماعيل بن عمر، حدثنا البراء بن سليمان، قال: سمعت نافعا مولى ابن عمر يقول: ما قرأ ابن عمر هاتين الآيتين قط من آخر سورة البقرة إلَّا بكى {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} إلى آخر الآية، ثم يقول: إن هذا لإحصاء شديد. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني بهز، حدثني جعفر بن سليمان، حدثني أسماء بن عبيد، عن نافع قال: كان ابن عمر يقرأ في صلاته فيمر بالآية فيها ذكر الجنة فيقف ويسأل اللَّه الجنة، قال: ويدعو ويبكي، قال: ويمر بالآية فيها ذكر النار، فيقف فيدعو ويستجير باللَّه عَزَّ وَجَلَّ. "الزهد" ص 241 قال عبد اللَّه: حدننا أبي، حدثنا مؤمل، حدثنا سفيان، عن جعفر بن برقان قال: أخبرني من رأى ابن عمر وجاء ابن له فقال: يا أبت اكسني إزارًا. قال: يا بني نكس إزارك وإياك أن تكون من الذين يجعلون ما رزقهم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في بطونهم وعلى ظهورهم. "الزهد" ص 242 قال عبد اللَّه: حدثني أي، حدثنا موسى بن داود قال: سمعت مالك بن أنس قال: حدثت أن ابن عمر نزل الجحفة، فقال ابن عامر لخبازه: اذهب بطعامك إلى ابن عمر، قال: فجاء بصحفة، فقال ابن عمر: ضعها، ثم جاء

369 - ما جاء في زهد أبي أمامة

بأخرى وأراد أن يرفع الأولى، فقال ابن عمر: ما لك؟ قال: أريد أن أرفعها، قال: دعها، صب عليها هذِه، قال: وكان كلما جاء بصحفة صبها على الأخرى، قال: فذهب العبد إلى ابن عامر فقال: هذا كوفي أعرابي. قال ابن عامر: هذا سيدك ابن عمر. "الزهد" ص 243 369 - ما جاء في زهد أبي أمامة قال عبد اللَّه: أخبرني أبي، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، قال: سمعت يعلى بن حكيم يحدث عن سليمان بن أبي عبد اللَّه قال: كان أبو أمامة صاحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أحقب زاده خلفه على رحله، قال: سمعت ابن عمر يقول: من سره أن ينظر إلى رجل حاج فلينظر إلى أبي أمامة -رضي اللَّه عنه-، فقلنا له: أوما نحن حُجّاج؟ ، فقال: إنكم لتزعمون أنكم حجاج. "الزهد" ص 49 370 - ما جاء في زهد سهل بن سعد قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن الزبير، حدثنا سفيان، عن رجل، عن أبي حازم، قال: كان سهل بن سعد يقول: إني فيكم غريب، فيقول له: لم؟ فيقول: ذهب أصحابي والذي كنت أعرف، وبقيت فيكم غريبًا. "الزهد" ص 244

371 - ما جاء في زهد أويس القرني وأخباره

371 - ما جاء في زهد أويس القرني وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا عبد اللَّه بن الأشعث بن سوار، عن محارب بن دثار قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن من أمتي من لا يستطيع أن يأتي مسجده أو مصلاه من العرى، يحجزه إيمانه أن يسأل الناس، منهم أويس القرني وفرات بن حيان العجلي" (¬1). "الزهد" ص 19 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، وعبيد اللَّه بن ميسرة بن القواريري قالا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان، عن قيس بن يسير بن عمرو، عن أبيه قال: كسوتُ أويسًا القرني ثوبين من العري. "الزهد" ص 411 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا سليمان -يعني: ابن المغيرة- حدثني سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن أسير بن جابر قال: كان يحدث بالكوفة فيحدثنا، فإذا فرغ من حديثه قال: تفرقوا، ويبقى رهطه فيهم رجل يتكلم بكلام لا أسمع أحدًا يتكلم كلامه فأحببته، فقدمته، فقلتُ لأصحابي: هل تعرفون رجلًا كان يجالسنا كذا وكذا؟ فقال رجل من القوم: نعم أنا أعرفه، ذاك أويس القرني. قال: فتعلم منزله؟ قال: نعم. قال: فانطلقت معه حتَّى ضربت، فخرج إلى، قال: قلت: يا أخي ما يحبسك عنا؟ قال: العري. وكان أصحابه يسخرون به ويؤذونه، قال: قلت: خذ هذا البرد فالبسه. قال: لا تفعل ¬

_ (¬1) رواه أبو نعيم في "الحلية" 2/ 84 من طريق عبد اللَّه بن أحمد.

فإنهم إذًا يؤذونني إن رأوه على. فلم أزل به حتَّى لبسه فخرج عليهم، فقالوا: من ترون خدع عن برده هذا؟ قال: فجاء فوضعه، قال: أترى؟ قال أسير: فأتيتُ المجلس فقلت: ما تريدون من هذا الرجل؟ قد آذيتموه، الرجل يعرى مرة ويكسى مرة. قال: فأخذتهم بلساني أخذًا شديدًا. قال: فقضى أن أهل الكوفة وفدوا إلى عمر -رضي اللَّه عنه-، فوفد رجل ممن كان يسخر به. قال عمر: هل ههنا أحد من القرنيين؟ قال: فجاء ذلك الرجل، قال: فقال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد قال: "إِنَّ رَجُلًا يَأْتِيكُمْ مِنْ اليَمَنِ يُقالُ لَهُ: أُوَيْسٌ. لَا يَدَعُ بِالْيَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ، قَدْ كَانَ بِهِ بَياضٌ فَدَعا اللَّهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ إِلّا. مَوْضِعَ الدِّينارِ -أَوْ الدِّرْهَمِ- فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ" قال: فقدم علينا، قال: قلت: من أين؟ قال من اليمن. قال: قلت: ما اسمك؟ قال: أويس. قال: فمن تركت باليمن؟ قال: أمّا لي. قال: أكان بك بياض فدعوت اللَّه فأذهبه عنك؟ قال: نعم. قال: استغفر لي. قال: أويستغفر مثلي لمثلك يا أمير المؤمنين؟ ! قال: فاستغفر له، قال: قلت: أنت يا أخي لا تفارقني. قال: فأملس مني. قال: فأنبئت أنه قدم عليكم الكوفة. قال: فجعل ذلك الرجل الذي يسخر به يحقره، قال: يقول: ما هذا فينا ولا نعرفه. فقال عمر: بلى. فقال الرجل: إنه رجل -كأنه يضع شأنه- فقال: فينا يا أمير المؤمنين رجل يقال له: أويس. نسخر به. قال: أدرك ولا أراك تدرك. قأل: فأقبل ذلك الرجل حتَّى دخل عليه قبل أن يأتي أهله، فقال له أويس: ما هذِه بعادتك، فما بدا لك؟ قال: سمعت عمر يقول فيك كذا، فاستغفر لي يا أويس. قال: لا أفعل حتَّى تجعل لي عليك أن لا تسخر بي فيما بعد، وأن لا تذكر الذي سمعته من عمر إلى أحد. قال: فاستغفر له. قال أسير: فأتيته فدخلت عليه ليلة فقلت: يا أخي

372 - ما جاء في زهد هرم بن حيان العبدي وأخباره

أراك تغيب ونحن لا نشعر. قال: ما كان في هذا ما أتبلغ به في الناس، وما يجزى كل عبد إلَّا بعمله. قال: ثم أملس منهم فذهب (¬1). "الزهد" ص 411 - 412 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حسين، حدثنا حماد بن سلمة، عن يونس، عن الحسن، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ليخرجنَّ من النارِ بشفاعة رجلٍ ما هو نبي أكثرُ من ربيعة ومضر" (¬2)، قال الحسن: وكانوا يرونه أنه عثمان -رضي اللَّه عنه-، أو أويس القرني -رضي اللَّه عنه-. "الزهد" ص 412 - 413 372 - ما جاء في زهد هرم بن حيان العبدي وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، عن مطر الوراق قال: بات هرم العبدي عند حممة صاحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: فبات حممة يبكي ليلته كلها حتَّى أصبح، فلما أصبح قال له هرم: يا حممة، ما أبكاك؟ قال: ذكرت ليلة صبيحتها تبعثر القبور فيخرج من فيها. قال: وبات حممة عند هرم فبات ليلته يبكي حتَّى أصبح فسأله حين أصبح: ما الذي أبكاك؟ قال: ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 38 من طريق حماد بن سلمة، عن سعيد الجريري به، ورواه مسلم (2542) عن زهير بن حرب، عن هاشم بن القاسم به. (¬2) لم أقف عليه بهذا الإسناد، لكن ذكره الألباني في "الصحيحة" (2178) وقال: أخرجه عبد اللَّه في "زوائد الزهد" بسند صحيح عن الحسن البصري. اهـ بتصرف. ورواه الحاكم 3/ 405 من طريق أحمد بن عبد اللَّه بن يونس عن أبي بكر بن عياش عن هشام، عن الحسن مرسلًا بلفظ "يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة ومضر"، قال هشام فأخبرني حوشب عن الحسن أنه أويس القرني. والحديث رواه الإمام أحمد 5/ 257، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 11/ 208 موصولا من حديث أبي أمامة. قال الألباني عنه في "الصحيحة": وهذا إسناد حسن.

ذكرت ليلة صبيحتها تناثر نجوم السماء فأبكاني ذلك. قال: وكانا يصطحبان أحيانا بالنهار فيأتيان سوق الريحان فيسألان اللَّه الجنة ويدعوان، ثم يأتيان الحدادين فيتعوذان من النار، ثم يتفرقان إلى منازلهما. "الزهد" ص 282 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، قال: سمعت حميد بن هلال قال: خرج هرم بن حيان وعبد اللَّه بن عامر حاجين، فبينما هما يسيران إذ رفعت لراحلتهما صليانة، فابتدرتها راحلتهما فأكلتها إحداهما، فقال هرم لابن عامر: أيسرك أنك هذِه الصليانة أكلتْك هذِه الدابةُ فذهبتَ؟ قال: لا واللَّه، أرجو رحمة اللَّه وأرجو وأرجو، فقال هرم: لكني واللَّه لوددتُ أني هذِه الصليانة، أكلتني هذِه الدابةُ فذهبتُ فلم أكن شيئًا. وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، حدثنا هشام، عن الحسن قال: خرج هرم بن حيان وعبد اللَّه بن عامر يريدان أرض الحجاز، قال: فبينما هما يسيران على راحلتيهما إذ مرا على مكان فيه كلأ وحلي ونصي، قال: فجعلت راحلتاهما يخالجان ذلك الشجر، فقال ابن حيان: يا ابن عامر، أيسرك أنك شجرة من هذِه الشجر، أكلتك هذِه الراحلة فقذفتك بعرا فاتخذت جلة؟ قال: لا واللَّه؛ لما أرجو من رحمة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أحب إليّ من ذلك، فقال هرم بن حيان: ولكني واللَّه لوددت أني شجرة من هذا الشجر، أكلتني هذِه الناقة فقذفتني بعرا فاتخذت جلة، ولم أكابد الحساب يوم القيامة؟ إما إلى جنة وإما إلى نار، ويحك يا ابن عامر، إني أخاف الداهية الكبرى. قال الحسن: كان واللَّه أفقههما وأعلمهما باللَّه عَزَّ وَجَلَّ. "الزهد" ص 284 - 285

373 - ما جاء في زهد عامر بن عبد قيس (عبد الله) وأخباره

قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: حدثنا محمد بن مصعب قال: سمعت مخلدا ذكر عن هشام، عن الحسن أن هرما مات في غزاة في يوم صائف، فلما فرغ من دفنه جاءت سحابة حتى كانت حيال القبر فرشت القبر حتى تروى، ولم تجاوز القبر منها قطرة، ثم عادت عودها على بدئها. "الزهد" ص 285 373 - ما جاء في زهد عامر بن عبد قيس (عبد اللَّه) وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا مالك قال: قالت فلانة لعامر بن عبد قيس: ما لي أرى الناس ينامون ولا أراك تنام؟ فقال: يا بنية إن جهنم لا تدع أباك ينام. "الزهد" ص 268 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا حوشب، عن الحسن قال: قال عامر بن عبد قيس: ما أبالي شممت مسككم هذا، أو شممت روثة، أو رأيت امرأة، أو رأيت جدارًا. "الزهد" ص 269 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا حوشب، عن الحسن قال: لما بعث معاوية إلى عبد اللَّه بن عامر أن انظر عامر بن عبد القيس. فأحسن إذنه وأكرمه، وأمره أن يخطب إلى من شاء، فأمهر عنه من بيت المال قال: فأرسل إليه أنّ أمير المؤمنين قد كتبَ إليَّ أن أحسن إذنك وأكرمك. قال: يقول عامر: فلان أحوج إلى ذلك مني -قال: يعني رجلًا كان قد أطال الاختلاف إليهم لا يؤذن له- وأمرني أن آمرك أن تخطب إلى من شئت، وأمهر عنك من بيت المال. قال: أنا في الخطبة دائب. قال: إلى مَنْ؟ قال: إلى من يقبل الفلقة والتمرة. قال: ثم أقبل على جلسائه فقال: إني سائلكم فأخبروني: هل منكم من أحد إلا لأهله من قلبه شعبة؟ قالوا:

اللهم لا -أي: بلى- قال: فهل منكم من أحد إلا لولده من قلبه شعبة؟ قالوا: اللهم لا -أي: بلى- قال: فوالذي نفسي بيده لأنَّ تختلف الأسنة في جوانحي أحب إليّ من أن أكون هكذا، أما واللَّه لأجعلن الهمَّ همًّا واحدًا، قال الحسن: ففعل. "الزهد" ص 269 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، حدثنا سعيد، عن قتادة، أن عامر بن عبد قيس لما حُضر قال: ما آسى على شيء إلا على قيام الشتاء وظمأ الهواجر. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن فضيل، عن العلاء بن سالم، حدثني من صحب عامر بن عبد قيس أربعة أشهر قال: فما رأيته نام بليل ولا نهار حتى فارقته، وكان له رغيفان قد جعل عليهما ودكًا، فيتسحر بواحد ويفطر بآخر، وكان إذا أصبح علمنا القرآن، حتى إذا أمكنته الصلاة قام فصلى، فلا يزال يصلي حتى العصر، قال: ثم يعلمنا القرآن، فإذا صلى المغرب قال: فهي ليلته حتى يصبح. "الزهد" ص 270 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، حدثنا عون، عن محمد قال: قيل عند عبد اللَّه بن عامر: إن عامر بن عبد قيس العنبري لا يأكل اللحم، ولا يأكل السمن، ولا يقرب النساء، ولا يمس جلده جلد أحد، ولا يقرب المساجد، ويزعم أنه خير من إبراهيم. فدخل معقل بن يسار على عبد اللَّه بن عامر وقد تحدثوا عنده بهذا، وكان معقل خليلًا لعامر بن عبد قيس، فقال عبد اللَّه بن عامر لمعقل بن يسار: ألا ترى ما يقول هؤلاء لخليلك؟ قال: وما يقولون؟ قال: يقولون: كذا. ويقولون: كذا؛ للذي قالوا، فما كلمهم معقل حتى خرج فركب دابته، فأتى عامرًا وهو في داره، فإذا هو قاعد في

مسجده وعليه برنس، فجاء فجلس إليه، فقال له معقل: أتيتك من عند هؤلاء، وإنهم حدثوني عنك حديثًا -قال: حسبت أنه قال: فأفزعني- فقال عامر: وما حدثوك؟ قال: يزعمون أنك تفعل كذا وتفعل كذا؛ للذي ذكروا. قال: فما كلمه عامر بكلمة حتى أخرج يده من برنسه، فقبض على يده ثم قال: أما قولهم: لا يأكل اللحم؛ فإنهم يشترون العلج من السبي الذي لا يفقه الإِسلام فيذبح، وأنا إذا اشتهيت اللحم أرسلنا إلى شاة فذبحناها، وأما قولهم: لا يأكل السمن فإنى آكل السمن الذي يجيء من أرض العرب، وأما الذي يجيء من أرض العجم؛ فإني لا أدري ما يخالطه، فذلك الذي يحملني على تركه، وأما قولهم: لا يقرب النساء فواللَّه ما بي إليهن من نشاط، وما عندي مال، فبأي شيء أغر امرأة مسلمة ما أجيء بها إليّ، وأما قولهم: لا يقرب المساجد، فإني في مسجدي هذا فإذا كان يوم الجمعة ذهبت فصليت في جماعة المسلمين، ثم رجعت إليّ مسجدي هذا، وقولهم: يزعم أنه خير من إبراهيم؛ فإني لا أشعر أن أحدًا يتجرأ أن يقول هذا. "الزهد" ص 270 - 271 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عمرو بن عاصم الكلابي، قال الصباح بن أبي عبيدة العنبري: حدثني شيخ منا قال: صحبتُ عامر بن عبد قيس في سفر، فلما عرس القوم قام فأصلح من متاعه ثم دخل غيضة، قال: فصلى وجلستُ خلفه، فلما كان من آخر الليل -أو في السحر- قال: اللهم إني سألتك ثلاثًا فأعطيتني اثنتين ومنعتني واحدة، اللهم فأعطنيها حتى أعبدك كما أحب -أو كما أريد- قال: فلما برق الفجر التفت فرآني، فقال: فإنك منذ الليلة ههنا، وإنك لتراعيني. قال:

وأقبل على فشقد لسانه، قال: قلت: دع هذا، فواللَّه لتخبرني بهذِه الثلاث أو لأخبرن بما صنعت. قال: فاكتم علي، قال: فجعلتُ له عليَّ أن لا أخبر بها أحدًا حتى يموت، قال: سألتُ اللَّه أن يُذهب حبَّ النساء من قلبي فواللَّه ما أبالي امرأة رأيتُ أو حائطًا، وسألتُ أن لا أخاف شيئًا غيره، وسألتُه أن يذهب عني النوم حتى أعبده في الليل والنهار كما أشاء فمنعنيها. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثني حبيب بن أبي العنبري، حدثني سلمة بن آدم ابن أخي عامر: صنعت ابنة أخي عامر له قرصًا بلبن، قالت: فأتيته به ليفطر عليه. قالت: فإذا سائل يقول: من يطعم الكبد الجائعة؟ قال: يا ابنة أخي، أليس هذا لي وأصنع به ما شئت؟ قالت: بلى. فأعطاه للسائل، قال: فتضررت الجارية. قال: قال: هاتي هاتي. قال: فجاءت بتمر وفلق (¬1) فأكل وشرب عليه من الماء. قال: ثم قال: يا ابنة أخي إنما هذا البطن وعاء وما حشوتيه من شيء احتشى، ويبقى لك ذخر ما قدمت. "الزهد" ص 271 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثني عبد الملك ابن معن النهشلي، حدثني نصر بن حسان العنبري جد معاذ بن حصين بن الحسن جد عبد اللَّه بن الحسن قال: قدمتُ الشام فسألتُ عن عامر، فقيل لي: إنه يأوي إلى عجوز ههنا، قال: فسألتُها عنه. قال: فقالت: هو في سفح ذلك الجبل ليله ونهاره، فإن كان لك به حاجة فتحره عند فطره. قال: فأتيتُه فسلمتُ عليه، فردَّ علي، وسألني مسائل رجل عهده ¬

_ (¬1) ما يبقى من اللبن في أسفل القدح.

بالأمس، ولم يسألني عن أحدٍ من أهله وعشيرته، ولم يسمني العشاء. قال: قلت: يا عامر، رأيت منك عجبًا. قال: وما هو؟ قال: قلت قد غبت عن أهلك وعشيرتك من حيث تعلم، فلم تسألني عمن مات منهم ومن عاش، وقد علمت مكاني منهم، وسألتني مساءلة رجل عهدك به بالأمس ولم تسمني العشاء؟ ! قال: أما قولك في مساءلتي إياك؛ فقد رأيتك صالحًا فعمَّ أسألك؟ ! وأما عشيرتي وأهلي فما أسأل عنهم، فمن مات منهم فقد مات، ومن لم يمت فسيموت، وأما قولك: فإني لم أسمك العشاء؛ فقد عهدتك تأكل طعام الأمراء، وطعامي فيه خشونة، ولم أظن أن بك حاجة إليه. "الزهد" ص 271 - 272 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا مالك بن مغول قال: سمعت أبا صخرة يقول: قيل لعامر: رضيت في شرفك وحسبك بيتك هذا، وهذا لباسك؟ قال: إن اللَّه عز وجل جعل قرة عين عامر في هذا. قال عبد اللَّه: قرأت على أبي هذا الحديث: حدثنا محمد بن مصعب قال: سمعت مخلدا ذكر عن هشام، عن الحسن، أن عامرًا دخل مسجدًا فسمع قومًا يذكرون الغموم التي يلقونها في معاشهم، فقال عامر: صدقتموني واللَّه عن أنفسكم، أما واللَّه لئن استطعت لأجعلن الهم همًّا واحدًا. قال الحسن: ففعل رحمه اللَّه. "الزهد" ص 272 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حسين بن محمد، حدثنا خلف بن خليفة الأشجعي، حدثنا إسحاق البصري، عن عنبسة الخواص قال: لما قدم عبد اللَّه بن عامر أميرًا على البصرة، قال: يا أهل البصرة، اكتبوا لي من كل خمسة رجلًا من القراء أشاورهم في أمري، وأطلعهم على

سري، وأستعين بهم على ما ولاني اللَّه عز وجل، قال: فكتب له زياد بن مطر العدوي، وكان قد بلى حتى ذهب بصره، وكتب له غزوان من بني رقاش، وكان قد حلف أن لا يضحك حتى يعلم حيث يصيره اللَّه عز وجل، قال: قال الحسن: واللَّه ما ضحك حتى لحق باللَّه، وكتب له جابر بن أشتر من غطفان -قال عبد اللَّه: قال أبي: غير حسين قال: أشتر بن جابر- وكتب له عامر بن عبد قيس العنبري، وكتب له النعمان بن شوال العبدي، فلما دخلوا عليه قال: أنتم القراء قد أمرت لكم بألفين ألفين وكذا وكذا جريب. فأجابه النعمان بن شوال -وكان من أسن القوم، وخلوه والجواب، وكان قد ولوه أمرهم- فقال له: أيها الأمير، ألنا خاصة أم لأهل البصرة عامة؟ قال: بل لكم خاصة، ولا يسع هذا المال أهل البصرة. قال: فتقول ما نقول صدقة، فإن كان صدقة فلا يدخل لنا بطونا، ولا يعلو لنا جلودًا، وإنما يأخذ العامل ثمن عمله، وإنما نعمل لربنا عز وجل فلا حاجة لنا فيما عندك، فقال له ابن عامر: ألا أراك طعانًا، اخرج من عندي. قال: أما إنك ما عهدتني للأمراء زوارا. قال: ثم أقبل إلى عامر، فقال: قد أمرت لك بألفين وكذا وكذا جريبًا. قال: انظر المكاتبين الذين هم على أبواب المسجد هم أفقر إليها مني. قال: إني قد أمرت أن لا تحجب لي عن باب. قال: عليك بسعيد بن قرحى هو أغشى للأمراء مني. قال: انظر أي امرأة شئت بالبصرة أزوجكها. ولم يكن تزوج قط، قال: أيها الأمير، أرأيت الرجل إذا كان له امرأة وولد يشغل ذلك قلبه؟ قال: نعم، قال: فلا حاجة لي فيه، أجعل الهمَّ همًّا واحدًا حتى ألقى ربي عز وجل. "الزهد" ص 272 - 273 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثني ابن كوا بن

جميع الهندي، حدثني عمارة بن عبد اللَّه العنبري، وابنه، وثابت أبو الفضل قالوا: ما رأينا عامر بن عبد قيس متطوعًا في مسجدهم قط، قال: وكان آخر من يدخل المسجد وأول من يخرج منه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الجبار بن محمد الخطابي، حدثنا عبد الأعلى عن هشام، عن الحسن قال: سمعهم عامر بن عبد قيس، وما يذكرون من ذكر الضيعة في الصلاة، قال: تجدونه؟ قال: قالوا: نعم. قال: واللَّه لئن تختلف الأسنة في جوفي أحب إلى أن يكون هذا في صلاتي. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو عقيل بشير بن عقبة، حدثنا يزيد -يعني: ابن عبد اللَّه بن الشخير- قال: كنا نأتي عامر بن عبد اللَّه وهو يصلي في مسجده، فإذا رآنا تجوز في صلاته، ثم انصرف، فقال لنا: ما تريدون؟ وكان يكره أن يروه يصلي. "الزهد" ص 273 - 274 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو الوليد خلف بن الوليد، حدثنا عباد بن عباد، عن يونس بن عبيد، عن الحسن قال: كان عامر بن عبد قيس إذا صلى الصبح تنحى في ناحية المسجد فقال: من أقرئه؟ قال: فيأتي قوم فيقرئهم حتى إذا طلعت الشمس وأمكنت الصلاة قام يصلي إلى أن ينتصف النهار، ثم يرجع إلى منزله فيقيل، ثم يرجع إلى المسجد إذا زالت الشمس فيصلي حتى يصلي الظهر، ثم يصلي حتى يصلي العصر، فإذا صلى العصر تنحى في ناحية المسجد ثم يقول: من أقرئه؟ قال: فيأتيه قوم فيقرئهم، حتى إذا غربت الشمس صلى المغرب، ثم يصلي حتى يصلي العشاء الآخرة، ثم يرجع إلى منزله فيتناول أحد

رغيفيه فيأكل، ثم يضطجع هجعة خفيفة، ثم يقوم، فإذا كان السحر تناول رغيفه الآخر فيأكله، ثم يشرب عليه شربة من ماء، ثم يخرج إلى المسجد، قال خلف: وحدثني بعض أصحابنا قال: كان منصور بن زاذان يفعل هذا كله، ويفضل بخاصة لا يبيت كل ليلة حتى تبل عمامته بدموعه ثم يضعها. "الزهد" ص 274 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، حدثنا هشام، عن الحسن أن عامر بن عبد قيس قال: إني وجدت عيش الناس في أربع: في النساء والطعام واللباس والنوم، فأما اللباس فواللَّه ما أبالي ما واريت به عورتي، وأما النساء فواللَّه ما أبالي امرأة رأيت أو جدارًا، وأما النوم والطعام فقد غلباني إلا أن أصيب منهما، فواللَّه لأضرن بها جهدي، قال الحسن: فأضر واللَّه بهما جهده حتى مات رحمه اللَّه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، عن عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن محمد بن واسع، عن أبي العلاء بن عبد اللَّه بن الشخير، أخبرني ابن أخي عامر بن عبد قيس أن عامرًا كان يأخذ عطاءه، فيجعله في طرف ردائه فلا يلقاه أحد من المساكين يسأله إلا أعطاه، فإذا دخل على أهله رمى بهم إليهم، فيعدونها فيجدونها سواء كما أعطيها. "الزهد" ص 274 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا معاذ، حدثنا ابن عون، عن محمد قال: كتب أبو موسى الأشعري إلى عامر بن عبد قيس العنبري: من عبد اللَّه إلى عامر بن عبد اللَّه الذي كان يدعى عبد قيس، أما بعد فإني عهدتك على أمر وبلغني أنك تغيرت، فإن كنت على ما عهدتك فاتق اللَّه ودم، وإن كنت تغيرت فاتق اللَّه وعد. "الزهد" ص 275

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني يحيى بن سعيد، عن أشعث، عن الحسن، بعث بعامر بن عبد قيس إلى الشام، فقال: الحمد للَّه الذي حشرني راكبًا. وقال عبد اللَّه: قال أبي: فبلغني أن عامر بن عبد قيس كان إذا أصبح قال: اللهم إن هؤلاء يغدون ويروحون، ولكلٍ حاجة، وإن حاجة عامر أن تغفر له. وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا همام، حدثنا قتادة قال: إن الملائكة تفرح بالشتاء للمؤمن، يقصر النهار فيصومه، ويطول الليل فيقومه، وبلغنا أن عامرًا لما حُضر جعل يبكي، فقالوا: ما يبكيك يا عامر؟ قال: ما أبكي جزعًا من الموت، ولا حرصًا على الدنيا، ولكني أبكي على ظمأ الهواجر وقيام الشتاء. "الزهد" ص 275 - 276 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبيد اللَّه بن محمد التيمي قال: سمعت عقبة بن فضالة، يحدث عن شيخ -أحسبه قال: سكين الهجري- قال: كان عامر بن عبد اللَّه إذا مر بالفواكه قال: مقطوعة ممنوعة. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبيد اللَّه بن محمد، حدثني شيخ يكنى: أبا زكريا مولى للقرشيين، عن بعض مشايخه قال: كانت ابنة عم لعامر يقال لها: عبدة ترى ما يصنع بنفسه، فتعالج له الثريد، فتأتيه به فيخرج إلى أيتام الحي فيدعوهم، فتقول: إنما عملتها لك بيدي لتأكلها، فيقول: أليس إنما أردت أن تنفعيني؟ قال: وكان يقول لها: يا عُبَيِّدة تعزي بالقرآن عن الدنيا؛ فإنَّه من لم يتعز بالقرآن عن الدنيا تقطعت نفسه على الدنيا حسرات. "الزهد" ص 276

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبيد اللَّه بن محمد قال: سمعت سعيد ابن عامر يقول: قيل لعامر: لو انحدرت إلى البصرة، فقال: واللَّه إنه للبلد الذي أحبه، قال: هاجرت إليه وتعلمت به القرآن، ولكنها رحلة هوى، وما آسى من العراق إلا على هواجرها، وإخواني منهم الأسود بن كلثوم. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عفان، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا بعض مشيختنا قال: قال عامر بن عبد اللَّه: إنما أجدني آسف على البصرة لأربع خصال: تجاوب مؤذنيها، وظمأ الهواجر؛ ولأن بها إخواني؛ ولأن بها وطني. "الزهد" ص 277 قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: حدثنا محمد بن مصعب قال: سمعت مخلد بن حسين، ذكر عن هشام أن جارية بن قدامة جاء إلى عامر وهو يصلي فاستأذن على باب البيت، فسبَّح عامر ودخل جارية، فجلس فلم ير في البيت إلا قلة من ماء، وعامر عليه برنس وهو قائم يصلي، فقضى عامر الصلاة، فقال له جارية: يا عامر، أرضيت من الدنيا بما أرى؟ لقد رضيت فيها بالقليل، فقال: أنت واللَّه وأصحابك الذين رضيتم منهما بالقليل، ثم نهض إلى صلاته. "الزهد" ص 278 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عفان، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا مالك بن دينار قال: حدثني من رأى عامر بن عبد قيس: دعا بزيت فصبه على يده -كذا وصف جعفر- مسح إحداهما على الأخرى ثم قال: {تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ} [المؤمنون: 20] قال: فدهن رأسه ولحيته. "الزهد" ص 278

374 - ما جاء في زهد الربيع بن خثيم وأخباره

374 - ما جاء في زهد الربيع بن خثيم وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن فضيل، عن أبيه، عن سعيد بن مسروق قال: قال عبد اللَّه بن مسعود للربيع بن خثيم: واللَّه لو رآك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأحبك. "الزهد" ص 404 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا ابن فضيل، عن عبد الرحمن بن عجلان، عن نسير أبي طعمة قال: صلى الربيع بن خثيم فقرأ بآية حتى أصبح: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الجاثية: 21]، فجعل يركع ويسجد حتى أصبح. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا ابن فضيل، حدثني أبي، عن سعيد بن مسروق، عن ربيع بن خثيم قال: كان يأتي عبد اللَّه بن مسعود فإذا دخل قال: بشر المحسنين. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا ابن فضيل، حدثنا أبو حيان، عن أبيه قال: ما سمعت الربيع بن خثيم ذكر شيئًا من أمر الدنيا، إلا أني سمعته مرة يقول: كم لكم مسجدًا؟ قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن سرية الربيع أن الربيع كان يتصدق بالرغيف، ويقول: إني أستحي أن يكون في صدقتي كسرٌ. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا مفضل بن يونس قال: ذكر عند الربيع بن خثيم رجل فقال: ما أنا عن نفسي براض، فأتفرغ من ذمها إلى ذم الناس! إن الناس خافوا اللَّه في ذنوب العباد وأمنوا على ذنوبهم!

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني عبد الرحمن، عن سفيان، عن أم عبد اللَّه -سرية الربيع- قالت: لما حضر الربيع بكت ابنته فقال: يا بنية لا تبكي، ولكن قولي: يا بشراي، اليوم يلقى أبي الخير. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن نسير قال: ما رأيت الربيع متطوعًا في مسجد الحي قط إلا مرة، قال: وقال رجل للربيع: أوص لي بمصحف، فنظر إلى ابن له صغير فقال: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب: 6]. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن نسير، أن الربيع بن خثيم كان إذا أتوه يقول: أعوذ باللَّه من شركم. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر قال: قالت ابنة الربيع بن خثيم: يا أبتاه، الناس ينامون ولا أراك تنام. قال: يا بنية إن أباك يخاف السيئات. "الزهد" ص 405 - 406 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا النضر بن إسماعيل، أنبأنا سليمان الأعمش قال: مر الربيع بن خثيم في الحدادين، قال: فنظر إلى كير، قال: وصعق، قال الأعمش: فمررت بالحدادين لأتشبه به فلم يكن عندي خير. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبيه، عن الربيع بن خثيم قال: ما غائب ينتظره المؤمن خيرًا له من الموت. "الزهد" ص 407 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن عبد الواحد -يعني: ابن زياد- عن عبد اللَّه بن الربيع بن خثيم، عن أبي عبيدة قال: كان إذا أتى

عبد اللَّه لم يكن عليه إذن لأحد حتى يفرغ كل واحد منهما من صاحبه، وكان يقول: لو رآك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأحبك، وما رأيتك إلا ذكرت المخبتين. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن منذر قال: كان الربيع بن خثيم يكنس الحش بنفسه، فقيل له: إنك تكفى هذا، قال: إني أحب أن آخذ بنصيبي من المهنة. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا جرير، حدثنا مغيرة قال: أصاب الربيع بن خثيم الفالج، فكان يحمل إلى الصلاة. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا جرير، عن أبي حيان، عن أبيه قال: أصاب الربيع الفالج فكان يحمل إلى الصلاة، فقيل له: إنه قد رخص لك. قال: قد علمت، ولكني اسمع النداء بالفلاح. "الزهد" ص 208 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا ابن حياته، حدثني أبي، قال: كان الربيع بعد ما سقط شقة يهادي بين رجلين إلى مسجد قومه، وكان أصحاب عبد اللَّه يقولون: يا أبا يزيد قد رخص لك، لو صليت في بيتك؟ فيقول: أنه كما تقولون، ولكني سمعته ينادي حي على الفلاح، فمن سمعه منكم فليجبه ولو زحفًا، ولو حبوًا. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى، عن أبي حيان، حدثنا أبي، عن الربيع بن خثيم قال: لا تُشْعِروا بموتي أحدًا، وسلوني إلى ربي سَلًّا. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو أحمد، حدثنا رزام بن سعيد، عن أبيه قال: جاء الربيع بن خثيم إلى مسجدنا فربط بغلته ودخل المسجد يصلي، فانحلت البغلة فذهب بها، فخرج فسألنا فقلنا: ما ندري. فقلنا له: أما تدعو عليه؟ فقال: ذروه لعله يتوب، فيتوب اللَّه عليه ويستقبل العمل. "الزهد" ص 409

375 - ما جاء في زهد سويد بن شعبة وأخباره

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا طلق بن غنام، حدثنا كامل بن العلاء، عن منذر الثوري، عن الربيع بن خثيم، أنه قال لأهله: اصنعوا لي طعامًا، فإني أريد أن أدعو فقراء من أصحابي، فصنعوا له طعامًا، فأتى المسجد فجمع فقراء من الزَّمْنى، فأتى بهم فأطعمهم ذلك الطعام، قال: فقال له أهله: هؤلاء أصحابك؟ قال: نعم هؤلاء أصحابي. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا إسرائيل، عن سعيد بن مسروق، عن منذر الثوري، قال: كان الربيع إذا سجد في الرعد قال: بل طوعًا يا رباه. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حسين بن علي، عن محمد، رجل من أسلم من المبكرين إلى المسجد قال: كان الربيع بن خثيم إذا سجد فكأنه ثوب مطروح، فتجيء العصافير فتقع عليه. "الزهد" ص 410 375 - ما جاء في زهد سويد بن شعبة وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي حيان، عن أبيه قال: دخلوا على سويد بن شعبة وقد صار على فراشه كأنه فرخ، وامرأته تناديه أهلي فداؤك، ما نطعمك؟ ما نسقيك؟ قال: فأجابها بصوت -يعني: خفي- دبرت الحراقف (¬1)، وطالت الضجعة، وما أحب أن اللَّه عز وجل نقصني منه قلامة ظفر. "الزهد" ص 429 ¬

_ (¬1) الحراقف والحرقفتان مجتمع رأس الفخذ ورأس الورك حيث يلتقيان، وهو قول يقال للمريض إذا طالت ضجعته. "لسان العرب" مادة [حرقف].

376 - ما جاء في زهد مسروق بن الأجدع وأخباره

376 - ما جاء في زهد مسروق بن الأجدع وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: حج مسروق فما نام إلا ساجدًا على وجهه. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن سعيد بن جبير، قال مسروق: ما من الدنيا شيء آسى عليه إلا السجود للَّه عز وجل. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير قال: لقيني مسروق فقال: يا أبا سعيد، ما من شيء يرغب فيه إلا أن نعفر وجوهنا في هذا التراب. "الزهد" ص 418 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن الأعمش، عن عبد اللَّه بن مرة، عن مسروق قال: ما أكون أوثق مني بالرزق حتى يقول الخادم: ليس عندنا قفيز ولا درهم. "الزهد" ص 419 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن وائل بن داود، حدثني خفاف بن أبي سريعة، عن مسروق قال: ما أغبط شيئًا بشيء كمؤمن في لحده قد أمن العذاب، واستراح من الدنيا. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هشيم عن مجالد، عن الشعبي عن مسروق قال: إذا بلغ أحدكم أربعين سنة فليأخذ حذره من اللَّه سبحانه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي وائل قال: كنت مع مسروق وهو على السلسلة أميرًا، فما رأيت رجلًا أعف من مسروق، ما كان يصيب إلا الماء من دجلة. "الزهد" ص 420

377 - ما جاء في زهد أبي مسلم الخولاني وأخباره

377 - ما جاء في زهد أبي مسلم الخولاني وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا سليمان، عن حميد بن هلال، أو غيره أن أبا مسلم الخولاني مر بدجلة -وهي ترمى بالخشب من مدها- فمشى على الماء، ثم التفت إلى أصحابه فقال: هل تفقدون من متاعكم شيئًا فتدعوا اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 458 قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده: حُدثت عن محمد بن شعيب -يعني: ابن شابور، وعمرو بن واقد وغيرهما، عن بعض مشيخة أهل دمشق أن أبا مسلم الخولاني كان بأرض الروم، قال: فبعث الوالي سرية، ووقت لهم وقتًا، قال: فأبطئوا عن الوقت فأهم أبا مسلم إبطاؤهم، فبينا هو يتوضأ على شاطئ نهر وهو يحدث نفسه بأمرهم إذ وقع غراب على شجرة، فقال: يا أبا مسلم، أهممت بأمر السرية؟ فقال: أجل، فقال: لا تهتم؛ فإنهم قد غنموا وسلموا، وهم عندك في وقت كذا وكذا، فقال له أبو مسلم: من أنت يرحمك اللَّه؟ فقال: أنا أرتيائيل مفرح قلوب المؤمنين، قال: فجاء القوم في الوقت الذي ذكره على ما ذكره. "الزهد" ص 468 قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده: حُدثت عن محمد بن شعيب، عن بعض مشيخة أهل دمشق قال: أقبلنا من أرض الروم قفالا، فلما أن خرجنا من حمص متوجهين إلى دمشق مررنا بالمعبر الذي يلي حمص منها على نحو من أربعة أميال في آخر الليل، فلما سمع الراهب الذي في الصومعة اطلع إلينا، فقال: ما أنتم يا قوم؟ فقلنا: أناس من أهل دمشق أقبلنا من أرض الروم. فقال: هل تعرفون أبا مسلم الخولاني؟ فقلنا: نعم. قال: فإذا رأيتموه فأقرئوه السلام، وأعلموه أنا نجده في

الكتاب رفيق عيسى ابن مريم -صلى اللَّه عليه وسلم-، أما إنكم إن كنتم تعرفونه لا تجدونه حيًا، قال: فلما أشرفنا على الغوطة بلغنا موته -رضي اللَّه عنه-. "الزهد" ص 468 - 469 قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده: حُدثت عن محمد بن شعيب، وسعيد بن عبد العزيز قال: قحط الناس على عهد معاوية رحمه اللَّه، فخرج يستسقي بهم، فلما نظروا إلى المصلى قال معاوية لأبي مسلم: ترى ما داخل الناس، فادع اللَّه. قال: فقال: أفعل على تقصيري، فقام وعليه برنس فكشف البرنس عن رأسه، ثم رفع يديه فقال: اللهم إنا بك نستمطر، وقد جئت بذنوبي إليك فلا تخيبني، قال: فما انصرفوا حتى سقوا، قال: فقال أبو مسلم: اللهم إن معاوية أقامني مقام سمعة، فإن كان عندك لي خير فاقبضني إليك، قال: وكان ذلك يوم الخميس فمات أبو مسلم رحمه اللَّه يوم الخميس المقبل. قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي بخط يده، حدثت عن بعض ولد إسماعيل بن عبد اللَّه، عن أبيه ومحمد بن شعيب أيضًا، أن أبا مسلم الخولاني كان يدعو في النافلة: اللهم ارزق أبا مسلم طبيخًا، اللهم ارزق أبا مسلم زيتًا، اللهم ارزق أبا مسلم حطبًا، ويسأل فيها كل ما يريده. "الزهد" ص 469 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا المغيرة، حدثنا ابن عياش، حدثني شرحبيل بن مسلم قال: كان أبو مسلم الخولاني إذا أتى خربة وقف عليها، ثم قال: يا خربة أين أهلك؟ ذهبوا وبقيت أعمالهم، انقطعت الشهوة وبقيت الخطيئة، ابن آدم، ترك الخطيئة أهون من طلب التوبة. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا الحكم بن نافع، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم الخولاني أن رجلين لقيا أبا مسلم الخولاني

378 - ما جاء في زهد صلة بن أشيم وأخباره

في منزله فقال بعض أهله: هو في المسجد، فوجداه يركع فانتظرا انصرافه وأحصيا ركوعه، فأحصى أحدهما أنه ركع ثلاثمائة، والآخر أربعمائة قبل أن ينصرف، فقالا: يا أبا مسلم كنا قاعدين خلفك ننتظرك، فقال: أما إني لو علمت مكانكما لانصرفت إليكما، ما كان لكما أن تحصيا علي صلاتي، وأقسم لكما أن كثرة السجود خير ليوم القيامة. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو زكريا يحيى بن إسحاق، حدثنا ابن لهيعة، عن عبد اللَّه بن هبيرة، عن كعب قال: حكيم هذِه الأمة أبو مسلم الخولاني. "الزهد" ص 470 378 - ما جاء في زهد صلة بن أشيم وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا هشام، عن الحسن قال: مات أخ لي فخرجنا في جنازته، فلما مد الثوب على القبر جاء صلة بن أشيم حتى رفع الثوب ثم قال: يا فلان: فإنْ تَنْجُ مِنْها تَنْجُ مِنْ ذِي عَظِيمَةٍ ... وإلّا فإنّي لا إخالُكَ ناجِيا "الزهد" ص 257 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أنبأنا ثابت البناني أن صلة بن أشيم كان في مغزى له ومعه ابن له، فقال: أي بني تقدم فقاتل حتى أحتسبك، فحمل فقاتل حتى قتل رحمه اللَّه، ثم تقدم فقتل فاجتمعت النساء عند امرأته معاذة العدوية فقالت: مرحبا إن كنتن جئتن لتهنيني فمرحبًا، وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن. "الزهد" ص 257 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل، أنبأنا يونس، عن الحسن

قال: قال أبو الصهباء صلة بن أشيم: طلبت الدنيا من مظان حلالها، فجعلت لا أصيب فيها إلا قوتًا، أما أنا فلا أعيل فيه، وأما هو فلا يجاوزني، فلما رأيت ذلك قلت: أي نفس، جعل رزقك كفافًا فأربعي، فربعت ولم تكد. "الزهد" ص 257 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا عوف، عن أبي السليل قال: حدثه ابن أشيم قال: كنت أسير على دابة بهذِه الأهواز إذ جعت جوعا شديدا فلم أجد أحدا يبيعني طعاما، وجعلت أتحرج أن أصيب من أحد من الطريق شيئا، قال: فبينا أنا أسير -قال: حسب أنه قال: أدعو ربي عز وجل وأستطعمه- إذ سمعت وجبة خلفي، فالتفت فإذا أنا بمنديل أبيض، فنزلت عن دابتي فأخذت الثوب، فإذا فيه دَوْخَلَّة (¬1) من رطب، قال: فأخذته وركبت دابتي وأكلت منه حتى شبعت، وأدركني المساء فنزلت إلى راهب في دير له فحدثته الحديث، فاستطعمني من الرطب فأطعمته رطبات، قال: ثم إني مررت على ذلك الراهب فإذا نخلات حسان جمال قال: إنهن لمن رطباتك التي أطعمتني، وجاء بالثوب إلى أهله فكانت امرأته تريه الناس. "الزهد" ص 257 - 258 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن مصعب قال: سمعت مخالد بن حسين قال: قال هشام: قالت حفصة: حدثتني معاذة قالت: ما زال ذلك المنديل بين أيدينا حتى قتل صلة رحمه اللَّه ففقدنا المنديل. "الزهد" ص 268 ¬

_ (¬1) سفيفة من خُوص يوضع فيها التمر.

379 - ما جاء في زهد علقمة بن قيس وأخباره

379 - ما جاء في زهد علقمة بن قيس وأخباره قال صالح: حدثني أبي، حدثنا قُرّان، عن الأعمش، عن إبراهيم أن علقمة لم يكن يخطب إِلى من هو فوقه، ويخطب إِلى من هو أسفل منه. "مسائل صالح" (827) قال صالح: حدثني أبي، حدثنا قُرّان، عن الأعمش، عن إبراهيم أن أبا بردة كتب وفدًا -قال قُرّان: وكان قاضيًا- فكتب علقمة فيهم، فأرسل إليه علقمة: أن امحوني. "مسائل صالح" (828) 380 - ما جاء في زهد الأحنف بن قيس وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل، أنبأنا يونس، أخبرني مولى الأحنف بن قيس قال: كان الأحنف قلما خلا إلا دعا بالمصحف. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الواحد أبو عبيدة الحداد، حدثنا عبد اللَّه بن عون، عن جبير بن حبيب أن الأحنف بلغه رجلان أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دعا له (¬1). فسجد. "الزهد" ص 286 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا عبد اللَّه بن بكر المزني، عن مروان الأصفر قال: كان الأحنف بن قيس ¬

_ (¬1) حديث دعاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للأحنف بن قيس رواه الإمام أحمد 5/ 372، والبخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 50، والطبراني 8/ 28 (7285)، والحاكم 3/ 614 من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن الحسن، عن الأحنف، عن رجل من بني ليث -وفي "المسند": من بني سليم- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اللهم اغفر للأحنف". وضعفه الألباني في "الضعيفة" (6319).

381 - ما جاء في زهد صفوان بن محرز وأخباره

يقول: اللهم إن تعذبني فأنا أهل ذاك، وإن تغفر لي فأنت أهل ذاك. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني محمد بن عبد الملك بن زنجويه، حدثنا عبد المتعال بن طالب، حدثنا عبد اللَّه بن وهب، عن يحيى بن أيوب، عن عبيد اللَّه بن زحر، عن سعيد بن مسعود قال: قيل للأحنف بن قيس -وكان سيد قومه: ألا نضرب عليك سرادقًا أبدًا؟ قال: ما سمعت بالسرادق إلا في النار، واللَّه لا يُضرَب على سرادق أبدًا، قال: فما كان بيته إلا خصًّا من قصب حتى لقي اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 287 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هارون بن معروف، حدثنا ضمرة، عن ابن شوذب قال: قال الأحنف بن قيس: عرضت نفسي على القرآن فلم أجد نفسي بشيء أشبه مني بهذِه الآية {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 102]. "الزهد" ص 288 381 - ما جاء في زهد صفوان بن محرز وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا ثابت قال: أخذ عبد اللَّه بن زياد ابن أخي صفوان بن محرز المازني، قال: فتحمل عليه الناس فلم يبق أحد إلا كلمه فيه، فلم ير لحاجته نجاحًا، قال: فبات ليلته في مصلاه وهو يصلي، فرقد في صلاته، فلما رقد أتاه آتٍ في منامه، فقال له: يا صفوان قُم فاطلب حاجتك من قبل وجهها. فقال: أفعل، فقام فتوضأ من الماء وصلى ودعا، قال: فنبه ابن زياد لحاجة صفوان، قال: فجاء الحرس والشرطة بالنيران، وفتحت أبواب السجون حتى استخرج ابن أخي صفوان، فجيء به إلى ابن زياد، فقال: أنت ابن أخي صفوان؟ قال: نعم. فأرسله،

382 - ما جاء في زهد عمرو بن ميمون وأخباره

قال: فما شعر صفوان حتى ضرب عليه الباب، فقال: من ذا؟ قال: أنا فلان، نبه الأمير في بعض الليل فجاءت الحرس والشرطة وجيء بالنيران وفتحت أبواب السجون فجيء بي فخلي -أعني بعد كفالة. "الزهد" ص 313 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا مؤمل بن إسماعيل، حدثنا ثابت قال: انطلقت أنا والحسن إلى صفوان بن محرز نعوده، فإذا هو في خص من قصب مائل، فخرج إلينا ابنه فقال: إن به بطنًا شديدًا لا تقدرون أن تدخلوا عليه. فقال الحسن: إن أباك إن يؤخذ من لحمه ودمه فيكفر عنه خطاياه خير له من أن يموت جميعًا فيأكله التراب -أو قال: فتأكله الأرض- ولا يؤجر في ذاك. "الزهد" ص 313 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عفان، حدثنا حماد، عن صفوان بن محرز؛ أنه كان له خص فيه جذع، فانكسر الجذع، فقيل له: ألا تصلحه، فقال: دعوه أنا أموت غدًا. "الزهد" ص 313 - 314 382 - ما جاء في زهد عمرو بن ميمون وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: وحج عمرو بن ميمون ستين من بين حجة وعمرة (¬1). "الزهد" ص 417 383 - ما جاء في زهد الأسود بن يزيد الجوشي وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن شعبة، عن أبي ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 7/ 168 (34933).

384 - ما جاء في زهد يزيد بن شريك وأخباره

إسحاق قال: حج الأسود ثمانين من بين حجة وعمرة. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا معمر بن سليمان -وهو الرقي- حدثنا عبد اللَّه بن بشر أن علقمة بن قيس، والأسود بن يزيد حجا، فكان الأسود صاحب عبادة، فصام يوما فراح الناس بالهجير وقد تربد وجهه، فأتاه علقمة فضرب على فخذه فقال: ألا تتقي اللَّه يا أبا عمر في هذا الجسد، علام تعذب هذا الجسد؟ فقال الأسود: يا أبا شبل، الجد الجد. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو أحمد، حدثنا حسن، عن علي بن مدرك قال: قال علقمة للأسود: لم تعذب هذا الجسد وهو يصوم؟ ! قال: الراحة أريد له. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حجاج، وحدثنا محمد بن طلحة، عن عبد الرحمن بن ثردان أبي قيس الأودي قال: كان الأسود بن يزيد يجهد نفسه في الصوم والعبادة حتى يضمر جسده ويصفر، قال: وكان علقمة يقول: ويحك لم تعذب هذا الجسد؟ فيقول: إن الأمر جد، إن الأمر جد. "الزهد" ص 417 384 - ما جاء في زهد يزيد بن شريك وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه يزيد بن شريك أنه اشترى رقيقا بأربعة آلاف من البصرة فبنوا له داره، قال: ثم باعهم بربح أربعة آلاف. قال: فقلت له: يا أبت، لو عدت إلى البصرة فاشتريت مثل هؤلاء فربحت فيهم! قال: يا بني، لم تقول لي هذا؟ ! فواللَّه ما فرحت بها حين أصبتها، ولا حدثت نفسي أن أعود فأصيب مثلها. "الزهد" ص 430

385 - ما جاء في زهد زياد بن حدير وأخباره

385 - ما جاء في زهد زياد بن حدير وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا مالك ابن مغول، عن أبي ضمرة، عن زياد بن حدير قال: لوددت أني في حَيْر (¬1) من حديد معي فيه ما يصلحني، لا أكلم الناس ولا يكلموني حتى ألقى اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 442 386 - ما جاء في زهد أبي البختري الطائي وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا مسكين، أنبأنا سفيان، عمن أخبره، عن أبي البختري الطائي قال: لأن أكون في قوم أتعلم منهم أحب إليّ من أن أكون في قوم أعلمهم. "الزهد" ص 430 387 - ما جاء في زهد أبي وائل شقيق بن سلمة وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن جعفر، غندر، عن شعبة، عن أبي معشر، عن إبراهيم قال: ما من قرية إلا وفيها من يدفع عن أهلها به، وإني لأرجو أن يكون أبو وائل منهم. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن أبي عوانة، عن عاصم أن أبا وائل كان له خص قصب، فكان يكون فيه هو وفرسه، فإذا غزا نقضه وتصدق به، فإذا رجع أنشأ بناءه. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حجاج، حدثنا المسعودي، عن ¬

_ (¬1) شبه الحظيرة أو الحمى.

388 - ما جاء في زهد ميمون بن أبي شبيب وأخباره

عاصم، عن أبي وائل أنه كان إذا خرج من العشاء الآخرة وضع جبهته ساجدًا ثم قال: اللهم إن تعف عني تعف عني طولا منك، وإن تعذبني تعذبني غير ظالم ولا مسبوق. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثني معروف بن واصل قال: رأيت إبراهيم التيمي يقص، وعنده أبو وائل وهو يبكي. "الزهد" ص 427 - 428 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا أبو بكر، عن عاصم قال: كان زر أكبر من أبي وائل، فكانا إذا جلسا جميعا لم يحدث أبو وائل مع زر، قال: وكنت أسمع أبا وائل وهو خال في بيته يقول في سجوده: ربِّ اغفر لي، ربِّ اعف عني فإنك إن تعفُ عني تعفُ عني طولا من قبلك، وإن تعذبني تعذبني غير ظالم ولا مسبوق. ثم ينشج كأشد نشيج ثكلى سمعتها، ولو أعطي على أن يراه أحد يبكي، أي: ما فعل. "الزهد" ص 430 - 431 388 - ما جاء في زهد ميمون بن أبي شبيب وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حسين بن علي، عن الحسن بن الحر، عن ميمون بن أبي شبيب، قال: أردت الجمعة زمن الحجاج، قال: فتهيأت للذهاب، قال: ثم قلت: أين أذهب أصلي خلف هذا؟ فقلت مرة: أذهب. وقلت مرة: لا أذهب. قال: فأجمع رأيي على الذهاب. قال: فناداني مناد من جانب البيت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]، قال: فذهبت. قال: وجلست مرة أكتب كتابا. قال: فعرض لي شيء إن أنا كتبته زين كتابي

389 - ما جاء في زهد معاذة العدوية وأخبارها

كنت قد كذبت، وإن أنا تركته كان في كتابي بعض القبح، وكنت قد صدقت. قال: فقلت مرة: أكتبه. ومرة: لا أكتبه. قال: فأجمع رأيي على تركه فتركته. قال: فناداني من جانب البيت: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27]. "الزهد" ص 421 - 422 389 - ما جاء في زهد معاذة العدوية وأخبارها قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا أبي، قال: كانت معاذة العدوية إذا جاء النهار قالت: هذا يومي الذي أموت فيه. فما تنام حتى تمسي، وإذا جاء الليل قالت: هذا ليلي الذي أموت فيه. فلا تنام حتى تصبح، وإذا جاء البرد لبست الثياب الرقاق حتى يمنعها البرد من النوم. "الزهد" ص 257 390 - ما جاء في زهد مطرف بن عبد اللَّه بن الشخير وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا المعلى بن زياد الفردوسي قال: كان أخو مطرف بن عبد اللَّه عنده فأفاضوا في ذكر الجنة، فقال مطرف: لا أدري ما تقولون حال ذكر النار بيني وبين الجنة. "الزهد" ص 292 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا أبو هلال، عن ثابت قال: كنا جلوسا على باب أنس، فقال لي مطرف: لقد حال خوف -أو ذكر- النار بيني وبين أن أسأل اللَّه الجنة. قال: وثَمَّ رجل من أهل المدينة يقال له: عتبة. قال: فقال عتبة: ما ابتغى اللَّه هذا من عباده.

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن مهدي بن ميمون، عن غيلان، عن مطرف قال: لو شاء اللَّه أن يميتنا من خشيته لكنا أحق بذلك، وقد علمت أن ربي عز وجل يرضى مني بدون ذلك، قال: كان يلبس المطارف ويركب الخيل فإذا أفضيت إليه لقرة عين. "الزهد" ص 293 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أنبأنا ثابت قال: سمعت مطرفًا، يقول: ما مررت بأهل مجلس فسمعت أحدًا يثني على خيرًا قال: إلا، فأخذ ذلك في. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا أبو الأشهب، عن رجل، عن مطرف قال: لأنَّ أبيت نائمًا وأصبح نادمًا أحب إليّ من أن أبيت قائمًا وأصبح معجبًا. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن إسحاق -يعني: ابن سويد، عن مطرف قال: لو قد وقفت بين الجنة والنار ونوديت: يا مطرف، أيسرك أن نخبرك في أيتهما أنت؛ لكان أن أكون رمادًا هامدًا أحب إليّ من أن أخبر في أيهما أنا. "الزهد" ص 295 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا سليمان بن المغيرة قال: كان مطرف إذا دخل بيته سبحت معه آنية بيته. "الزهد" ص 296 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا بهز، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا محمد بن واسع قال: كنت في حلقة فيها الحسن ومطرف وفلان وفلان فتكلم سعيد بن أبي الحسن حتى إذا قضى كلامه دعا فقال في دعائه: اللهم ارض عنا ثلاثًا. قال: يقول مطرف: اللهم إن لم ترض عنا فاعف عنا. قال: فأبكاهم مطرف. "الزهد" ص 300

391 - ما جاء في زهد سالم بن عبد الله وأخباره

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، عن أبيه، عن يزيد بن أبي العلاء قال: كان يلبس القطعة ثمنها مائة أو أكثر، ثم يجيء يوم الجمعة في كمه كسر من خبز، يتصدق بها على المساكين. "الزهد" ص 301 391 - ما جاء في زهد سالم بن عبد اللَّه وأخباره قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: حدثنا خلف، حدثنا ابن الوليد قال: حدثنا هشيم، أنبأنا الفضل بن عطية قال: جلست إلى سالم بن عبد اللَّه، فقومت ثيابه ونعليه ثلاثة عشر درهمًا أو خمسة عشر درهمًا. "الزهد" ص 377 392 - ما جاء في زهد عبد اللَّه بن أبي الهذيل وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا مالك بن أبي فروة قال: كنا نجالس عبد اللَّه بن أبي الهذيل، فإن جاء إنسان فألقى حديثا من حديث الناس قال: يا عبد اللَّه، ليس لهذا جلسنا. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عفان، حدثنا أبو عوانة، عن أبي سنان قال: شكا عبد اللَّه بن أبي الهذيل يوما ذنوبه، فقال له رجل: يا أبا المغيرة أو لست التقي؟ قال: اللهم إن عبدك هذا أراد أن يتقرب إليك؛ فإني أشهد على مقته. "الزهد" ص 436

393 - ما جاء في زهد إبراهيم التيمي وأخباره

393 - ما جاء في زهد إبراهيم التيمي وأخباره نقل المروذي عن الإمام أحمد: حدثنا مفضل، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، قال: ربما أتى عليَّ الشهر ما أزيد فيه على الشربة من الماء هكذا عند الفطر. قال: قلت له: شهر؟ قال: نعم، وشهران (¬1). "الورع" (277) 394 - ما جاء في زهد عروة بن الزبير وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه قال: كان يقول: ما أحسن صنع اللَّه عز وجل إلى، أخذ مني واحدة وترك لي ثلاثة، وكان قطع رجله من أكلة خرجت من الركبة، قال: وكان يقول: وايمنك، لئن كنت ابتليت لقد عافيت، ولأن أخذت لقد أبقيت. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا مالك بن أنس قال: رأى عروة رجلًا يصلي فخفف فدعاه فقال: أما كان لك إلى ربك حاجة، إني لأسال اللَّه عز وجل في صلاتي حتى أسأله الملح. "الزهد" ص 444 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن هشام بن عروة قال: صام أبي أربعين سنة أو ثلاثين سنة ما أفطر إلا يوم فطر أو نحر، ولقد قبض وإنه لصائم. "الزهد" ص 445 ¬

_ (¬1) في المطبوع: شهرين.

395 - ما جاء في زهد سعيد بن المسيب وأخباره

395 - ما جاء في زهد سعيد بن المسيب وأخباره قال صالح: وقال أبي: جاء علي بن حسين وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام إلى باب طارق -والٍ كان بالمدينة- فوقفا بالباب، فسمعاه يقول: واللَّه لأضربن الذي فيه عينا سعيد بن المسيب. فأتياه، فقال علي بن حسين: إنا مررنا بباب طارق، فسمعناه يقول كذا وكذا. قال: فتقولا ماذا؟ قالا: تخرج من المدينة. فقال: أمن مدينة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- طائعًا غير مكره؟ ! قالا: فتختفي بالبيت. قال: والمنادي ينادي: حي على الصلاة، حي على الفلاح! قالا: فتتنحى عن الكوة التي يصلي إلى جنبها. فقال: واللَّه لا أحدث لما جئتماني له شيئًا. قال أبي: صحت نيته فسلم. قال أبي: وما قبل منهما. "مسائل صالح" (1312) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا سلام، حدثنا عمران أن سعيد بن المسيب لم تفته صلاة في جمع أربعين سنة، ولم ينظر في أقفيتهم، ولم يلقوه خارجين من المسجد. "الزهد" ص 458 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن أبي سهل -وهو عثمان بن حكيم- قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عفان، حدثنا سلام بن مسكين، حدثنا عمران بن عبد اللَّه بن طلحة قال: أرى نفس سعيد بن المسيب كانت أهون عليه في ذات اللَّه من نفس ذبابة. "الزهد" ص 459

396 - ما جاء في زهد العنبس بن عقبة وأخباره

396 - ما جاء في زهد العنبس بن عقبة وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن يزيد بن حيان، عن العنبس بن عقبة قال: كان يسجد حتى تقع العصافير على ظهره، قال: فكأنه جذم حائط. "الزهد" ص 429 397 - ما جاء في زهد العلاء بن زياد وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر قال: سمعت مالك بن دينار يسأل هشام بن زياد العدوي عن هذا الحديث، فحدثنا به يومئذ قال: تَجَهَز رجلٌ من أهل الشام وهو يريد الحج، فنام فأتاه آتٍ في منامه، فقال له: ائتِ العراق، ثم ائتِ البصرة، ثم ائت بني عدي، فأت بها العلاء بن زياد؛ فإنَّه رجل أفصم الثنية بسام، فبشره بالجنة. قال: فقال: رؤيا ليست بشيء. قال: حتى إذا كانت الليلة الثانية رقد، فأتاه آتٍ فقال له: ألا تأتي العراق ثم تأتي البصرة. . فذكر مثل ذلك، حتى إذا كانت الليلة الثالثة جاءه بوعيدٍ، فقال: ألا تأتي العراق، ثم تأتي البصرة، ثم تأتي بني عدي فتلقى العلاء بن زياد، رجل ربعة، أفصم الشفة، بسام، فبشره بالجنة. قال: فأصبح وأخذ جهازه إلى العراق، فلما خرج من البيوت إذا الذي أتاه في منامه يسير بين يديه يراه ما سار، فإذا نزل فقده، فلم يره حتى دخل الكوفة ثم فقده. قال: فتجهز من الكوفة، فخرج فرآه يسير بين يديه حتى قدم البصرة، فأتى بني عدي فدخل دار العلاء بن زياد فوقف الرجل على باب العلاء فسلم. قال هشام: فخرجت إليه، فقال لي: أنت العلاء بن زياد؟ قال: قلت: لا.

وقلت: انزل رحمك اللَّه، فضع رحلك، وضع متاعك. قال: لا، أين العلاء بن زياد؟ قال: قلت: هو في المسجد. قال: وكان العلاء يجلس في المسجد يدعو بدعوات ويتحدث. قال هشام: فأتيت العلاء فخفف من حديثه وصلى ركعتين ثم جاء، فلما رآه العلاء تبسم فبدت ثنيته، فقال: هذا واللَّه صاحبي. قال: فقال العلاء: هلا حططت رحل الرجل، ألا أنزلته؟ قال: قد قلت له فأبى. فقال العلاء: انزل رحمك اللَّه. قال: فقال: أخلني. قال: فدخل العلاء منزله، وقال: يا أسماء تحولي إلى البيت الآخر فتحولت، ودخل الرجل فبشره برؤياه، ثم خرج فركب. قال: وقام العلاء فأغلق بابه فبكى ثلاثة أيام -أو قال: سبعة أيام- لا يذوق فيها طعاما ولا شرابا، ولا يفتح بابه، قال هشام: فسمعته يقول في خلال بكائه: أنا أنا. قال: فكنا نهابه أن نفتح بابه، وخشيت أن يموت فأتيت الحسن -رحمه اللَّه- فذكرت ذلك له، قلت: لا أراه إلا ميتًا لا يأكل ولا يشرب، باكيًا، فجاء الحسن حتى ضرب عليه وقال: افتح يا أخي، فلما سمع كلام الحسن قام ففتح، وبه من الضر شيء اللَّه به عليم، فكلمه الحسن، ثم قال: رحمك اللَّه ومن أهل الجنة إن شاء اللَّه، أفقاتل نفسك أنت؟ ! قال هشام: حدثنا العلاء لي وللحسن بالرؤيا، وقال: لا تخبروا بها ما كنت حيًّا. "الزهد" ص 309 - 310 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن مصعب -يعني: هذا- قال: سمعت مخلد بن الحسين، ذكر أن العلاء بن زياد، قال له رجل: ويحك، رأيتك كأنك في الجنة. قال: أما وجد الشيطان أحدًا يسخر به غيري وغيرك. "الزهد" ص 311 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر قال: دخل علينا

398 - ما جاء في زهد سعيد بن جبير وأخباره

هشام بن زياد العدوي أخو العلاء بن زياد، فقال مالك بن دينار له: حدثهم حديث أخيك. قال: نعم، كان أخي العلاء بن زياد يحيى كل ليلة جمعة، فجاء ذات ليلة فقال لامرأته أسماء: يا أسماء، إني أجد الليلة فترة، فإذا مضى كذا وكذا من الليل فأيقظيني، قال: فلما جاءت الساعة انتبه فزعًا، فقال: إنه أتاني آت فأخذ بمقدم رأسي، قال: يا ابن زياد، قم فاذكر اللَّه عز وجل يذكرك. قال هشام: فواللَّه ما زلن تلك الشعرات قيامًا في مقدم وجهه ما صحب الدنيا وبعد موته، ولقد غسلناه وإنهن لقيام وما سكنَّ. "الزهد" ص 311 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا همام، عن قتادة، عن العلاء بن زياد أنه قال: إنما نحن قوم وضعنا أنفسنا في النار، فإن شاء اللَّه أن يخرجنا منها أخرجنا. "الزهد" ص 312 398 - ما جاء في زهد سعيد بن جبير وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد اللَّه، حدثنا مسلم بن قتيبة، حدثنا الأصبغ، عن القاسم: كان سعيد بن جبير يبكي حتى عمش. قال عبد اللَّه: حدثني أبي: حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا عبد الملك بن أبي سليمان عن سعيد بن جبير: أنه كان يختم القرآن في كل ليلتين. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا أصبغ بن زيد، حدثنا القاسم بن أبي أيوب قال: سمعت سعيد بن جبير يردد هذِه الآية في الصلاة بضعا وعشرين مرة: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة: 281]. "الزهد" ص 443

399 - ما جاء في زهد إبراهيم النخعي وأخباره

399 - ما جاء في زهد إبراهيم النخعي وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا روح، حدثنا سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم قال: إني لأسأل عن الشيء ما أعلمه فما يمنعني أن أقول: اللَّه أعلم؛ إلا مخافة أن يروا أني أعلم. وقال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، عن محمد بن سوقة، حدثني رجل يقال له: عمران، قال: دخلت على إبراهيم أعوده فبكى. قال: فقلت له: ما يبكيك يا أبا عمران؟ قال: أنتظر ملك الموت عليه السلام، ما أدري بأي شيء يبشرني بالجنة أو بالنار. وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثني حسين بن علي، عن محمد بن سوقة، قال: زعموا أن إبراهيم النخعي كان يقول: كنا إذا حضرنا جنازة أو سمعنا الميت عُرِف ذلك فينا أياما؛ لأنا قد عرفنا أنه قد نزل به أمر صيره إلى الجنة أو إلى النار، قال: فإنكم في جنائزكم تحدثون بأحاديث دنياكم! "الزهد" ص 437 - 438 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو يحيى الحماني، عن الأعمش أن إبراهيم بزق عن يمينه، فقال: أستغفر اللَّه. "الزهد" ص 444 قال ابن بطة: حدثنا إسحاق الكاذي، حدثنا عبد اللَّه بن الإمام أحمد، حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا مالك ابن مغول، عن زبيد قال: سألت إبراهيم عن مسألة فقال: ما وجدت من بلدك من تسأله غيري؟ "إبطال الحيل" ص 124

400 - ما جاء في زهد أبي تميمة وأخباره

400 - ما جاء في زهد أبي تميمة وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن أبي عدي، عن ابن عون، عن بكر، قيل لأبي تميمة: كيف أنت يا أبا تميمة؟ قال: أنا بين نعمتين: بين ذنب مستور ولا يشعر به هؤلاء الناس، وبين شيء قلت جرى على ألسنة هؤلاء الناس رفعوني إليه واللَّه ما بلغته ولا قريبًا. "الزهد" ص 314 401 - ما جاء في زهد عبد الرحمن بن الأسود وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا النضر بن إسماعيل، عمن أخبره قال: كان عبد الرحمن بن الأسود يصلي كل يوم سبعمائة ركعة، قال: وكانوا يقولون: إنه أقل أهل بيته اجتهادا، قال: ولقد بلغني أنه صار عظما وجلدا وقال: كانوا يسمون آل الأسود من أهل الجنة. "الزهد" ص 430 402 - ما جاء في زهد عبد اللَّه بن محيريز وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا رجاء بن أبي سلمة قال: نبئت أن ابن محيريز دخل على رجل من البزازين يشتري شيئًا، فقال له رجل: أتعرف هذا؟ هذا ابن محيريز، فقام فقال: إنما جئنا لنشتري بدراهمنا ليس بديننا. "الزهد" ص 456 403 - ما جاء في زهد غزوان الرقاشي وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار بن حاتم، حدثنا جعفر، حدثنا المعلى بن زياد، قال: قال غزوان: للَّه تبارك وتعالى ألا يراني اللَّه ضاحكا

404 - ما جاء في زهد سليمان بن عبد الملك وأخباره

حتى أعلم أي الدارين داري؟ قال: قال الحسن: فعزم ففعل، فما رئي ضاحكا حتى لحق باللَّه عز وجل. "الزهد" ص 255 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبيد اللَّه بن محمد، حدثني يحيى بن أبي كثير العنبري، عن بعض أشياخه قال: كانت أم غزوان تلقى الجيش إذا أقبل فتقول: هل لكم بغزوان من علم؟ فيقولون: ذلك سيد الجيش. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبيد اللَّه بن محمد قال: سمعت ابن عامر يقول: كانت لغزوان أم، وكانت ترى شغله بالقرآن فتقول: يا هذا الذي قد شغلك ما ترى فيه؟ قال: فيقول: أرى فيه موعودًا حسنًا ووعيدًا شديدًا. قال: فتقول له: هل ترى فيه أنيقًا أضللناها عام كذا وكذا؟ قال: فيقول: أرى فيه موعودًا حسنًا ووعيدًا شديدًا. "الزهد" ص 256 404 - ما جاء في زهد سليمان بن عبد الملك وأخباره قال عبد اللَّه: وجدت في كتاب أبي: حدثنا أبو معاوية الغلابي، حدثني رجل أن رجلًا نادى سليمان بن عبد الملك وهو جالس على المنبر، فقال: يا سليمان، اتق اللَّه واذكر يوم الأذان. قال: فنزل عن المنبر مغضبًا ودعا بالرجل، فقال: أنا سليمان فما يوم الأذان؟ فقال الرجل: {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [الأعراف: 44] قال: وما مظلمتك؟ قال: وكيلك قد غلبني على أرضي، قال: فأمر بالكتاب أن أعطه أرضه وأرضي مع أرضه. "الزهد" ص 440 - 441

405 - ما جاء في زهد مسلم بن يسار وأخباره

405 - ما جاء في زهد مسلم بن يسار وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا معتمر، قال: بلغني أن مسلما كان يقول لأهله: إذا كانت لكم حاجة فتكلموا وأنا أصلي. "الزهد" ص 304 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا معتمر، عن مبارك، عن عبد اللَّه بن مسلم، عن أبيه قال: إني لأصلي في نعلي، وخلعهما أهون علي، وما أطلب بذلك إلا السنة. "الزهد" ص 305 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد اللَّه وأحمد بن إبراهيم قالا: حدثنا زيد بن الحباب، أخبرني عبد الحميد بن عبد اللَّه بن مسلم بن يسار، عن أبيه قال: كان مسلم إذا دخل المنزل سكت أهل البيت فلا يسمع لهم كلام، وإذا قام يصلي تكلموا وضحكوا. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا زيد، عن بعض البصريين أن مسلما كان يصلي في المسجد، قال: فوقع بعض المسجد، ففزع بعض أهل المسجد، قال: ومسلم في بعض المسجد ما تحرك. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو قطن، وهاشم، حدثنا مبارك، عن عبد اللَّه بن مسلم بن يسار، عن أبيه قال: إني أكره أن يراني اللَّه عز وجل أصلي له قاعدًا من غير مرض. "الزهد" ص 308 406 - ما جاء في زهد أبي حازم وأخباره قال صالح: إملاء حدثني أبي، قال: حدثنا يحيى بن عبد الملك قال: حدثنا زمعة بن صالح قال: كتب إِلى أبي حازم بعض بني أمية يعزم عليه

407 - ما جاء في زهد عمر بن عبد العزيز وأخباره

ألا رفع إِليه حوائجه، فكتب إِليه: أما بعد؛ فقد جاءني كتابك تعرض عليّ ألا رفعت إليك حوائجي، وهيهات رفعت حوائجي إِلى مولاي، فما أعطاني منها قنعت، وما أمسك على منها قنعت. "مسائل صالح" (883) 407 - ما جاء في زهد عمر بن عبد العزيز وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي عبد الملك، قال سفيان: حدثني عنه حسين الجعفي، فسألته قال: سمعت عمر بن عبد العزيز، يقول: اللهم زد في إحسان محسنهم، وراجع بمسيئهم إلى التوبة، وحط من وراءهم بالرحمة. "الزهد" ص 354 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وهب، حدثنا أبي قال: سمعت المغيرة بن حكيم قال: قالت فاطمة بنت عبد الملك امرأة عمر بن عبد العزيز: يا مغيرة، إنى أعلم أنه قد يكون من الناس من هو أكثر صلاة وصومًا من عمر، فإما أن أكون رأيت رجلًا أشد فرقًا من ربه عز وجل من عمر فإني لم أره، كان إذا صلى العشاء الآخرة ألقى نفسه في مسجده فيدعو ويبكي حتى تغلبه عينه، ثم ينتبه فيدعو ويبكي حتى تغلبه عينه، فهو كذلك حتى يصبح. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا جرير بن حازم، حدثنا زياد بن أبي زياد قال: أرسلني ابن عياش بن أبي ربيعة إلى عمر بن عبد العزيز في حوائج له، فدخلتُ عليه وعنده كاتب يكتب فقلت: السلام عليكم، فقال: وعليكم السلام. ثم انتهيت، فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة اللَّه. فقال: يا ابن أبي زياد، إنا لسنا ننكر

الأولى التي قلت، والكاتب يقرأ عليه مظالم جاءت من البصرة، فقال لي: اجلس فجلست على أسكفة الباب وهو يقرأ عليه وعمر يتنفس الصعداء، فلما فرغ أخرج من كان في البيت حتى وصيفا كان فيه، ثم قام يمشي إلى حتى جلس بين يدي، ووضع يديه على ركبتي، ثم قال: يا ابن أبي زياد، استدفأت في مدرعتك هذِه -قال: وعلي مدرعة من صوف- واسترحت مما نحن فيه؟ ! ثم سألني عن صلحاء أهل المدينة رجالهم ونسائهم، فما ترك منهم أحدًا إلا سألني عنه، وسألني عن أمور كان أمر بها بالمدينة فأخبرته، ثم قال: يا ابن أبي زياد، أما ترى ما وقعت فيه؟ ! قال: قلت: أبشر يا أمير المؤمنين، إني لأرجو لك خيرا. قال: هيهات هيهات. ثم بكى حتى جعلت أرثي له، قال: قلت: يا أمير المؤمنين، بعض ما تصنع؛ فإني أرجو لك خيرا. قال: هيهات هيهات، أَشْتِم ولا أُشْتَم، وأَضْرِب ولا أُضْرَب، وأؤذِي ولا أؤذَى. قال: ثم بكى حتى جعلت أرثي له، فأقمت حتى قضى حوائجي، وكتب إلى مولاي يسأله أن يبيعني منه، ثم أخرج من تحت فراشه عشرين دينارًا، فقال: استعن بهذِه، فإنَّه لو كان لك في الفيء حق أعطيناك إنما أنت عبد. فأبيت أن آخذها فقال: إنما هي من نفقتي. فلم يزل بي حتى أخذتها، وكتب إلى مولاي يسأله أن يبيعني منه، فأبى، وأعتقني. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا زيد بن الحباب، حدثني عياش بن عقبة قال: بلغني أن عمر بن عبد العزيز كان يكثر أن يقول: اللهم سلم سلم. "الزهد" ص 363 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا معمر بن سليمان الرقي، حدثنا فرات بن سليمان، عن ميمون بن مهران، أن عبد الملك بن عبد العزيز

قال له: يا أبة، ما يمنعك أن تمضي لما تريد من العدل، فواللَّه ما كنت أبالي ولو غلت بي وبك القدور في ذلك. قال: يا بني إنما أنا أروض الناس رياضة الصعب، إنى لا أريد أن أحيي الأمر من العدل، فأوخره حتى أخرج معه طمعًا من طمع الدنيا، فينفروا من هذِه ويسكنوا لهذِه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا معمر -يعني: ابن سليمان الرقي- قال: قال ميمون بن مهران: ما رأيت ثلاثة في بيتٍ خيرًا من عمر بن عبد العزيز وابنه عبد الملك ومولاه مزاحم. "الزهد" ص 364 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن زياد بن أبي حسان أنه شهد عمر بن عبد العزيز حين دفن ابنه عبد الملك قال: لما دفنه وسوى عليه التراب، وسووا قبره بالأرض ووضعوا عنده خشبتين من زيتون إحداهما عند رأسه والأخرى عند رجليه، ثم جعل قبره بينه وبين القبلة فاستوى قائما وأحاط به الناس، فقال: رحمك اللَّه يا بني فقد كنت برا بأبيك، واللَّه ما زلت منذ وهبك اللَّه لي مسرورا بك، ولا واللَّه ما كنت قط أشد بك ولا أرجى لحظي من اللَّه تعالى فيك منذ وضعتك في هذا المنزل الذي صيرك اللَّه إليه، فرحمك اللَّه وغفر لك ذنبك وجزاك بأحسن عملك، ورحم كل شافع يشفع لك بخير من شاهد أو غائب، رضينا بقضاء اللَّه وسلمنا لأمره، والحمد للَّه رب العالمين. ثم انصرف. "الزهد" ص 364 - 365 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا أبو يعقوب -هو إسحاق بن عثمان الكلابي- حدثني رجاء بن حيوة، قال: كان عمر بن عبد العزيز من أعطر الناس، وألبس الناس، وأخيلهم مشية، فلما استخلف قوَّمُوا ثيابه اثني عشر درهمًا من ثياب مصر: كميته

408 - ما جاء في زهد الشعبي وأخباره

وعمامته وقميصه وقباءه وقرطقه وخفيه ورداءه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو كامل، حدثنا حماد، عن حميد قال: لما استخلف عمر بن عبد العزيز بكى، وقال: يا أبا قلابة، هل تخشى عليَّ؟ قلت: كيف حبك الدرهم؟ قال: لا أحبه. قال: لا تخف إن اللَّه عز وجل سيعينك. "الزهد" ص 365 408 - ما جاء في زهد الشعبي وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حجاج، أنبأنا فضيل بن مرزوق، قال: سمعتُ فراسًا المكتب يقول لأبي إسحاق: سمعت الشعبي يقول: وددتُ أني نجوت كفافًا. "الزهد" ص 436 409 - ما جاء في زهد يزيد بن مرثد وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد، حدثنا ابن جابر قال: قلت ليزيد بن مرثد: ما لي أرى عينيك لا تجف؟ قال: وما مسألتك عنه؟ قلت: عسى اللَّه أن ينفعني به. قال: يا أخي، إن اللَّه عز وجل قد توعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في النار، واللَّه لو لم يتوعدني أن يسجنني إلا في الحمام لكنت حَرِيًّا أن لا تجف لي عين. قال: فقلت له: فهكذا أنت في خلواتك؟ قال: وما مسألتك عنه؟ قلت: عسى اللَّه أن ينفعني به. فقال: واللَّه إن ذلك ليعرض لي حين أسكن إلى أهلي فيحول بيني وبين ما أريد، وإنه ليوضع الطعام بين يدي فيعرض لي فيحول بيني وبين أكله حتى تبكي امرأتي، ويبكي

410 - ما جاء في زهد أبي رجاء العطاردي وأخباره

صبياننا ما يدرون ما أبكانا، وربما أضجر ذلك امرأتي فتقول: يا ويحها، ما خصت به من طول الحزن معك في الحياة الدنيا، ما تقر لي معك عين. "الزهد" ص 458 410 - ما جاء في زهد أبي رجاء العطاردي وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أزهر بن سعد، أنبأنا ابن عوف، قال: سمعت أبا رجاء، قال: ما آسى على شيء أخلفه بعدي، إلا أني كنتُ أُعفر وجهي كل يوم وليلة في التراب خمس مرات لربي عز وجل. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبو الأشهب، قال: كان أبو رجاء يختم بنا في قيام رمضان في كل عشرة أيام. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يونس هو ابن محمد، حدثنا حماد، عن أيوب، قال: قال: أبو رجاء أذل من قعود إبل. "الزهد" ص 383 411 - ما جاء في زهد الضحاك بن عبد الرحمن بن عزرم وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو اليمان، حدثنا صفوان بن عمرو، عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عزرم؛ أنه كان إذا فرغ من خطبته يوم الجمعة وأراد أن يهبط عن المنبر، قال: اللَّه اللَّه في يتاماكم، اللَّه اللَّه في أراملكم؛ اللَّه اللَّه فيمن لا أحد له إلا اللَّه. "الزهد" ص 462

412 - ما جاء في زهد خليد العصري وأخباره

412 - ما جاء في زهد خليد العصري وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا ثابت قال: كان خليد العصري يصلي الغداة في نادي قومه، ثم يذكر اللَّه حتى تطلع الشمس، ثم يأمر ببيته فيقام وتلقى له وسادتان ثم يغلق بابه، فيقول: مرحبا بملائكة ربي، أما واللَّه لأشهدنكم اليوم من نفسي خيرا، خذوا بسم اللَّه: سبحان اللَّه والحمد للَّه، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر. ولا يزال كذلك حتى تغلبه عيناه أو يخرج إلى الصلاة. "الزهد" ص 290 - 291 413 - ما جاء في زهد طاوس بن كيسان وأخباره قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول وذكر أصحاب عبد اللَّه فقال: كانوا متعبدين لا يأتون السلطان. وذكر طاوسًا فقال: كان شديدًا عليهم، (لقد افتعل ابنه كتابًا على لسانه إلى عمر بن عبد العزيز، فأعطاه ثلاثمائة دينار، فبلغ طاوسًا، فباع ضيعته فأرسل بها إلى عمر، فأريد طاوسٌ أن يدخل على ابنه فأبى، أو قال: ما دخل إلا في وقت الموت) (¬1). "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (113)، (222) قال المروذي: وقال لي أبو عبد اللَّه: كتبته عن عبد الرزاق، عن رجل سماه، عن طاوس أن ابنه افتعل على لسانه كتابا إلى عمر بن عبد العزيز، فذكر القصة. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (114) ¬

_ (¬1) هذا الجزء ذكره "المروذي" في "الورع" (319)، وزاد فيها وقال: طاوس كاسمه.

قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرني أبي، قال: كان طاوس يصلي في غداة باردة مغيمة، فمر به محمد بن يوسف -أو أيوب بن يحيى- في موكبه، وهو ساجد، فأمر بساج -أو طيلسان- مرتفع فطرح عليه، فرفع فلم يرفع رأسه حتى فرغ من حاجته، فلما سلم نظر إذا الساج عليه، قال: فانتفض ولم ينظر إليه، ومضى إلى منزله. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (201)، ورواه عبد اللَّه عن أبيه في "الزهد" ص 450 قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يذكر عن عفان قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب قال: سأل رجل طاوسًا عن شيء فقال: تريد أن تجعل في عنقي حبلًا ثم يطاف بي. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (217) قال عبد اللَّه: قرأت على أبي: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا النعمان بن الزبير الصنعاني أن محمد بن يوسف، أو أيوب بن يحيى بعث إلى طاوس سبعمائة دينار أو خمسمائة دينار، وقال للرسول: إنه إن أخذها منك فإن الأمير سيكسوك ويحسن إليك. قال: فخرج بها حتى قدم بها على طاوس، فقال: يا طاوس، نفقة بعث بها إليك الأمير. فقال: ما لي حاجة بها. فأراده على قبضها، فأبى أن يفعل طاوس، فرمى بها من كوة البيت، ثم ذهب. فقال لهم: قد أخذها. فلبثوا حينًا، ثم بلغهم عن طاوس شيئًا يكرهونه، فقال: ابعثوا إليه فليبعث إلينا مالنا، فجاءه الرسول، فقال: المال الذي بعث به إليك الأمير. فقال: ما قبضت منه شيئًا. فرجع الرسول فأخبرهم فعرفوا أنه صادق، فقيل: انظروا الرجل الذي ذهب بها فابعثوا إليه. فقال: الذي جئتك به يا أبا عبد الرحمن.

فقال: هل قبضت منك شيئًا؟ قال: لا. قال: فهل تدري حيث وضعته؟ قال: نعم، في تلك الكوة. قال: فانظر حيث وضعته. قال: فمد يده فإذا هو بالصرة، وقد بنت عليها العنكبوت، قال: فأخذها فذهب بها إليهم. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني معمر بن سليمان الرقي، حدثنا عبد اللَّه بن بشر؛ أن طاوسا اليماني كان له طريقان إلى المسجد: طريقٌ في السوق، وطريقٌ آخر، فكان يأخذ في هذا يوما وفي هذا يوما، فإذا مرَّ في السوق ورأى تلك الرؤوس المشوية لم يتعش تلك الليلة. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حماد الخياط، عن سفيان، عن سعيد، عن طاوس أنه كان يقول: اللهم امنعني المال والولد. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن رجل، عن طاوس أنه كان يقول في دعائه: اللهم ارزقني الإيمان والعمل، وامنعني المال والولد. "الزهد" ص 449 - 450 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا داود بن إبراهيم أن الأسد حبس الناس ليلة في طريق، فدق الناس بعضهم بعضا، فلما كان في السحر ذهب عنهم، فنزل الناس يمينا وشمالا فألقوا أنفسهم فناموا، وقام طاوس يصلي، فقال رجل لطاوس: فإنك قد نصبت منذ الليلة. فقال طاوس: ومَنْ ينام في السحر. "الزهد" ص 451

414 - ما جاء في زهد بكر بن عبد الله المزني وأخباره

414 - ما جاء في زهد بكر بن عبد اللَّه المزني وأخباره قال عبد اللَّه: قال وجدت في كتاب أبي: حدثنا معاوية الغلابي، حدثني رجل من قريش، عن عبد الرحمن بن زياد، عن أبيه، أنه اشتكى فكتب إلى بكر بن عبد اللَّه وكان جاره: أن ادع اللَّه لي. فكتب إليه بكر: إنه أتاني كتابك تسألني أن أدعو اللَّه لك، وحق لعبد عمل ذنبًا لا عذر له فيه وخاف موتًا لابد له منه أن يكون مشفقًا، وسأدعو لك، ولست أرجو أن يستجاب لي بقوة في عملي ولا براءة من ذنب. "الزهد" ص 369 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا المبارك قال: سمعت بكر بن عبد اللَّه المزني يدعو بهذا الدعاء ولا يدعه: اللهم افتح لنا من خزائن رحمتك، لا تعذبنا بعدها أبدًا في الدنيا والآخرة، ومن فضلك الواسع رزقًا حلالًا طيبًا، ولا تفقرنا بعده إلى أحد سواك أبدًا، تزيدنا لك بها شكرا، وإليك فاقة وفقرًا، وبك عمن سواك غنى وتعففًا. "الزهد" ص 383 415 - ما جاء في زهد سعيد بن أبي الحسن وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو سعيد حماد بن مسعدة، عن ابن عون، قال سعيد بن أبي الحسن يتكلم كذا يدعو، فكان في آخر دعائه يقول: اللهم اجعل لنا في الموت راحة وروحًا ومعافاة. "الزهد" ص 350

416 - ما جاء في زهد الحسن البصري وأخباره

416 - ما جاء في زهد الحسن البصري وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد اللَّه، أنبأنا سلام بن أبي مطيع، عن ثابت قال: كان الحسن في مجلس، فقيل لأبي العلاء يزيد بن الشخير: تكلم. قال: أو هناك أنا؟ ثم ذكر الكلام ومؤنته وتبعته، قال ثابت: فأعجبني. قال: ثم تكلم الحسن فقال: أينا هناك؟ لود الشيطان أنكم أخذتموها عنه، فلم يأمر أحد بخير ولم ينه أحد عن شر. "الزهد" ص 300 - 301 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا مالك بن مغول، عن حميد قال: بينما الحسن في يوم من رجب في المسجد وهو يمص ماء ويمجه تنفس تنفسا شديدا، ثم بكى حتى رعدت منكباه ثم قال: لو أن بالقلوب حياة، لو أن بالقلوب صلاحا لأبكيتكم من ليلة صبيحتها يوم القيامة، إن ليلة تمخض عن صبيحة يوم القيامة ما سمع الخلائق بيوم قط أكثر فيه عورة بادية ولا عين باكية من يوم القيامة. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا مالك، عن عون بن جحادة، عن الحسن قال: ذهبت المعارف وبقيت المناكر، ومن بقي من المسلمين فهو مغموم. "الزهد" ص 316 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا علي بن جعفر، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن يونس بن عبيد قال: ما رأيت أطول حزنا من الحسن، وكان يقول: نضحك، ولعل اللَّه قد اطلع على أعمالنا فقال: لا أقبل منكم شيئًا. "الزهد" ص 326 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عفان، حدثنا مهدي، حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن أبي يعقوب، عن مرزوق العجلي قال: قال لي أبو قتادة

العدوي: الزم هذا الشيخ وخذ عنه -يعني: الحسن- فواللَّه ما رأيت رجلا أشبه أدبا بعمر بن الخطاب منه. "الزهد" ص 327 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا مالك بن دينار قال: لقيني معبد الجهني وأنا على ظهر وهو على ظهر، قال: فقال: يا مالك، إني قد طفت الأمصار ورأيت الناس فلم أر مثل الحسن بن أبي الحسن، يا ليتنا كنا أطعناه، يا ليتنا كنا أطعناه. "الزهد" ص 342 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد اللَّه بن محمد، حدثنا سعيد بن عامر، أن الحسن لما جلس يحدث؛ أهدي له فرده، وقال: إن من جلس هذا المجلس، ثم قبل فليس له عند اللَّه خلاق -أو قال: فليس له خلاق. "الزهد" ص 345 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يونس، حدثنا صالح، عن خليد، عن صالح بن حسان قال: أمسى الحسن صائما فجئناه بطعام عند إفطاره قال: فلما قرب إليه قال: عرضت له هذِه الآية: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا} [المزمل: 12 - 13] قال: فقلصت يده عنه، فقال: ارفعوه. فرفعناه، قال: فأصبح صائما، فلما أراد أن يفطر ذكر الآية ففعل ذلك أيضا، فلما كان اليوم الثالث انطلق ابنه إلى ثابت البناني ويحيى البكاء وأناس من أصحاب الحسن فقال: أدركوا أبي، فإنَّه لم يذق طعاما منذ ثلاثة أيام، كلما قربنا إليه ذكر هذِه الآية: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا} فقرأها، قال: فأتوه فلم يزالوا به حتى أسقوه شربة من سويق. "الزهد" ص 346 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يونس بن عبيد قال: شهدت الحسن فسمعته حين ثقل وهو يقول: إنا للَّه وإنا إليه راجعون. قال: حتى فرغ قال:

417 - ما جاء في زهد محمد بن سيرين وأخباره

فانكب عليه ابنه عبد اللَّه وقال: يا أبت، مالك تسترجع فقد أفزعتنا فهل رأيت شيئا؟ فقال: يا بني، استرجعت على نفسي أني لم أصب بمثلها قط. "الزهد" ص 346 - 347 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سفيان، عن بعض البصريين، عن الحسن، أنهم مشوا خلفه فالتفت إليهم فقال: رحمكم اللَّه، ما ينبغي هذا من مؤمن ضعيف. "الزهد" ص 347 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو الأشهب قال: سمعت الحسن يدعو بهذا الدعاء: اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها. "الزهد" ص 349 417 - ما جاء في زهد محمد بن سيرين وأخباره قال المروذي: ودفع إليّ أبو عبد اللَّه هذِه الأحاديث في الورع وغيرها، فقلت أرويها عنك؟ فأجازها. حدثنا هشام بن حسان، عن العلاء بن زياد قال: كان يقول: لو كنت متمنيًا لتمنيت فقه الحسن، وورع ابن سيرين، وصواب مطرف، وصلاة مسلم بن يسار. أبو هلال، عن بكر بن عبد اللَّه قال: من سره أن ينظر إلى أعلم رجل أدركناه في زمانه، فلينظر إلى الحسن، فما أدركنا أعلم منه، ومن سره أن ينظر إلى أروع رجل أدركناه في زمانه، فلينظر إلى ابن سيرين؛ فإنَّه ليدع بعض الحلال تأثمًا. عن عاصم، عن مورق قال: ما رأيت رجلًا أفقه في ورعه، ولا أورع في فقهه من محمد.

قال: وقال أبو قلابة، اصرفوه كيف شئتم، فلتجدنه رجلًا. عن هشام قال: كان أنس بن مالك أوصى أن يغسله محمد بن سيرين فلما مات أبي محمد بن سيرين، فقيل له ذلك، فقال: أنا محبوس في السجن! قالوا: قد لستأذنا الأمير فأذن لك، قال: إن الأمير لم يحبسني، إنما حبسني الذي له عليّ الحق. "الورع" (226 - 229). ونقل المروذي عنه: حدثنا هشام، عن محمد قال: كان مما يقال للرجل إذا أراد أن يسافر في التجارة: اتق اللَّه! واطلب ما قدر لك من الحلال، فإنك إن طلبته من غير ذلك، لم تصب أكثر مما قدر لك. عن ابن عون قال: كان محمد يكره أن يشتري بهذِه الدنانير المحدثة، والدراهم التي عليها اسم اللَّه. "الورع" (231 - 232). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا معتمر بن سليمان التيمي، عن هشام قال: كان ابن سيرين يحيي الليل في رمضان. "الزهد" ص 373 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا موسى بن هلال قال: سمعت هشام بن حسان، يذكر قال: كان ابن سيرين إذا دعي إلى وليمة أو إلى عرس دخل منزله فيقول: اسقوني شربة سويق. فيقال له: يا أبا بكر، أنت تذهب إلى العرس تشرب سويقًا. فكان يقول: إنى أكره أن أجعل جد جوعي على طعام الناس. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سفيان، عن ابن زهير قال: كان ابن سيرين إذا ذكر الموت مات كل عضو له على حدته. "الزهد" ص 374 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، عن هشام أن أنس بن مالك أوصى أن يغسله ابن سيرين، فلما مات أتي

418 - ما جاء في زهد وهب بن منبة وأخباره

محمد فقيل له ذلك، فقال: أنا محبوس في السجن. قالوا: فإنا قد استأذنا الأمير فأذن لك، قال: إن الأمير لم يحبسني، وإنما حبسني الذي له الحق علي. قال: فأتي الذي له الحق فأذن له، فخرج فغسله وكفنه بخمسة أثواب إحداهن العمامة، وطلاه بالمسك من قرنه إلى قدمه. "الزهد" ص 375 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا مؤمل، حدثنا حماد، عن هشام قال: كان محمد إذا مشى لم يلتفت خلفه، قال هشام: فغدوتُ في عيد ليخرج فأتبعه فأنظر ما يصنع في طريقه وفي مصلاه، قال: فكأنه فطن فاحتبس عن الوقت الذي كان يخرج فيه. قال: واحتبست ليخرج، فلما أبطأت عليه خرج، قال: فلما مضى تبعته، قال: فالتفت فرآني، فقال: لو كنت لصا لكنت رجل سوء، إني لو علمت أن هذا يصلح لي ولك ما باليت. "الزهد" ص 376 418 - ما جاء في زهد وهب بن منبة وأخباره وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا إبراهيم بن خالد قال: حدثني عمي عمر بن عبيد، عن سماك بن الفضل قال: سمعت وهب بن منبه يقول: ما أحد من الناس تمنى في يوم أن خُلُقه لي بخُلُقي وأني لأتفقد أخلاقي، فما أجد منها شيئًا يعجبني. "العلل" رواية عبد اللَّه (2113) وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق، عن عمران وهو أبو الهذيل قال: سمعت وهبًا يقول: أصاب أيوب البلاء سبع سنين، ولبث يوسف في السجن سبع سنين وعذب بختنصر حول السباع سبع سنين. "العلل" رواية عبد اللَّه (2159)

419 - ما جاء في زهد عطاء بن رباح وأخباره

419 - ما جاء في زهد عطاء بن رباح وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: كان عطاء بعدما كبر وضعف يقوم إلى الصلاة، فيقرأ مائتي آية من البقرة وهو قائم، ما يزول منه شيء ولا يتحرك. "الزهد" ص 451 420 - ما جاء في زهد محمد بن واسع وأخباره قال المروذي: قال أحمد: حدثنا يونس بن عبيد قال: دخلنا على محمد بن واسع نعوده، فقال: وما يغني عني ما يقول الناس إذا أخذ بيدي ورجلي، وألقيت في النار! "الورع" (493). قال المروذي: حدثنا أبو عبد اللَّه قال: بلغني أن محمد بن واسع كان يقول: لو كان للذنوب ريح ما استطاع أحد منكم أن يدنو مني. "الورع" (495). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا ابن سليمان قال: قعد مالك ومحمد بن واسع، قال مالك: ما هو إلا طاعة اللَّه أو النار، قال: فقال له محمد بن واسع: لا أقول ما قلت، ما هو إلا رحمة اللَّه أو النار. قال: فقال مالك: أشهد أنك من قراء اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 393 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني معاوية الغلابي قال: ذكر حوشب عند مالك بن دينار قال: سمعت مناديًا ينادي: أيها الناس، الرحيل الرحيل. فما رأيت أحدا قام غير محمد بن واسع. قال: فبكى مالك حتى سقط أو كاد يسقط. "الزهد" ص 395

421 - ما جاء في زهد ثابت البناني وأخباره

421 - ما جاء في زهد ثابت البناني وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حسن بن موسى، حدثنا أبو هلال، عن غالب القطان، عن بكر بن عبد اللَّه قال: من سره أن ينظر إلى أعلم رجل أدركناه في زمانه فلينظر إلى الحسن، فما أدركنا أعلم منه، ومن سره أن ينظر إلى أورع رجل أدركناه في زمانه فلينظر إلى ابن سيرين؛ إنه ليدع بعض الحلال تأثمًا، ومن سره أن ينظر إلى أعبد رجل أدركناه في زمانه فلينظر إلى ثابت البناني، فما أدركنا الذي هو أعبد منه تراه في يوم؛ إنه ليظل اليوم المَعْمَعاني الطويل ما بين طرفيه صائما يروح ما بين جبهته وقدمه، ومن سره أن ينظر إلى أحفظ رجل أدركناه في زمانه وأجدر أن يؤدي الحديث كما سمعه، فلينظر إلى قتادة. "الزهد" ص 374 - 375 422 - ما جاء في زهد بلال بن سعد وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا الوليد بن جابر، قال: سمعت بلال بن سعد يقول: لما احتضر أبي سعدٌ قال: يا بني، أين بنوك؟ قال: فأمرت أهلي فألبستهم قمصا بيضا، ثم أدنيتهم منه فقبلهم وشمهم، ثم قال: اللهم إني أعيذهم بك من الكفر، وضلالة العمى، ومن النساء، والفقر إلى بني آدم. "الزهد" ص 461 423 - ما جاء في زهد محمد بن المنكدر وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا إسماعيل بن محمد أبو إبراهيم

424 - ما جاء في زهد مالك بن دينار وأخباره

المعقب، حدثنا يوسف بن الماجشون، أخبرني محمد بن المنكدر قال: دخلت على جابر بن عبد اللَّه وهو يموت، فقلت له: أقرئ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مني السلام. "الزهد" ص 21 424 - ما جاء في زهد مالك بن دينار وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار بن حاتم العنزي أبو سلمة، حدثنا جعفر قال: سمعت مالك بن دينار قرأ هذِه الآية {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر: 21] فبكى، وقال: أقسم لكم لا يؤمن عبد بهذا القرآن إلا صدع قلبه. "الزهد" ص 386 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، قال: سمعت مالك بن دينار، وقيل له: يا أبا يحيى لو لينت كلامك كثرت غاشيتك وأصحابك. فقال: أينقطع مائدتي؟ أينكسر خراجي؟ أبناء لا جاء اللَّه بهم. "الزهد" ص 286 - 287 قال عبد اللَّه: بإسناده قال: سمعت مالكًا يقول: واللَّه لو استطعت ألا أنام لم أنم مخافة أن ينزل عذاب وأنا نائم، واللَّه لو وجدت أعوانًا فرقتهم في منار الدنيا ينادون: أيها الناس النار النار. "الزهد" ص 387 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني سيار، حدثنا جعفر، قال: سمعت مالكًا يقول: لو أعلم أن قلبي يصلح على كناسة لذهبت حتى أجلس عليها. "الزهد" ص 388 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر قال: سمعت

مالكًا -يعني: ابن دينار- وكان محزون الصوت، يضع رأسه في محرابه ثم يقول: إله مالك، قد علمت ساكن النار من ساكن الجنة فأي الرجلين مالك؟ ثم يبكي. قال: وسمعت مالكًا يقول: إن اللَّه عز وجل يقول: إني أريد أن أعذب عبادي، فإذا نظرت إلى جلساء القرآن، وعمار المساجد، وولدان الإسلام سكن غضبي، يقول: صرفت عذابي. وسمعت مالكًا يقول: إن الصديقين إذا قرئ عليهم القرآن طربت قلوبهم إلى الآخرة. "الزهد" ص 389 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر قال: سمعت مالكًا يقول: وددت أن اللَّه عز وجل أذن لي يوم القيامة إذا وقفت بين يديه أن أسجد سجدة، فأعلم أنه قد رضي عني، ثم يقول: يا مالك بن دينار كن ترابًا. قال: وسمعت مالكًا يقول: لو كان لأحد أن يتمنى لتمنيت أن يكون لي يوم القيامة خص من قصب وأنجو من النار وأروى من الماء. "الزهد" ص 390 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا عباد بن الوليد القرشي البصري قال: قال مالك بن دينار: لولا أن يقول الناس: جن مالك للبست المسوح، ووضحت الرماد على رأسي، أنادي في الناس: من رآني فلا يعصين اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 391 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا رجل، من صنعاء قال: رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في منامي فقلت: يا رسول اللَّه أين بدلاء أمتك؟ فأومأ بيده نحو الشام، فقلت: أوما بالعراق منهم أحد؟

قال: بلى محمد بن واسع، وحسان بن أبي سنان، ومالك بن دينار الذي يمشي في الناس بمثل زهد أبي ذر في زمانه. قال جعفر: ولو كان مالك في بني إسرائيل كان ينبغي أن يتحدث بحديثه. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، قال: سمعت مالك بن دينار يقول في دعائه: اللهم أقبل بقلوبنا إليك حتى نعرفك حسنًا، وحتى نرعى عهدك حسنًا، وحتى نحفظ وصيتك حسنًا، اللهم سومنا سيما الإيمان، وألبسنا لباس التقوى، اللهم نتوب إليك قبل الممات، ونلقي بالسلام قبل اللزام، اللهم انظر إلينا منك نظرة تجمع لنا بها الخير كله، خير الدنيا وخير الآخرة. ثم يقف مالك عن كلامه فيقول: أتحسبون أني أعني خير الدنيا الدينار والدرهم؟ إنما أعني العمل الصالح حتى ألقاك يوم ألقاك وأنت عني راض، رغبة ورهبة إليك، يا إله السماء وإله الأرض. قال: ثم يبكي بكاءً خفيفا، فنبكي معه رحمه اللَّه. "الزهد" ص 392 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، قال: كانت الغيوم تجيء وتذهب ولا تمطر، فيقول مالك: أنتم تستبطئون المطر، وأنا أستبطئ الحجارة، إن لم تمطر حجارة فنحن بخير. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا المغيرة ابن حبيب قال: تعاهدت مالكا ذات ليلة، فجئت وقد لبست وطيفة في ليالي الشتاء، قال: فطرحت نفسي على باب البيت، قال: فدخل مالك فاستقبل القبلة وأخذ بلحيته، وجعل يقول: يا رب، إذا جمعت الأولين والآخرين فحرم شيبة مالك على النار. "الزهد" ص 393

425 - ما جاء في زهد عبد الله بن غالب وأخباره

425 - ما جاء في زهد عبد اللَّه بن غالب وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا مالك بن دينار قال: سمعت عبد اللَّه بن غالب الحذاء يقول في دعائه: اللهم إنا نشكو إليك سفه أحلامنا، ونقص علمنا، واقتراب آجالنا، وذهاب الصالحين منا، قال مالك: وكان يوجد من قبره ريح المسك، فانطلقت فأخذت منه في جرابي، فلم أزل أشم منه ريح المسك. "الزهد" ص 302 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هارون، حدثنا ضمرة، عن السري بن يحيى، قال: قال عبد اللَّه بن غالب: لقد ذهب الطاعون الجارف ببني وما شبعت من حديثهم، أما النهار فكما ترون -قال: وكان يصلي فيما بين الظهر والعصر، وما بين المغرب والعشاء يسبح تسبيحا كثيرا دائما- وأما الليل فأقول: الحقوا بأمكم. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا سلام بن مسكين، قال: لقي الحسنُ عبدَ اللَّه بن غالب، قال: فقال له الحسن: لو رفقت. قال: فقال: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19] فقام ثم خرّ فسجد. قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سليمان، حدثنا قريش بن حيان العجلي، عن مالك بن دينار، قال: مررنا بعبد اللَّه بن غالب في يوم فطر فأخرج سكرًا، فأعطى كل رجل منا سكرةً فأكلها، ثم غدونا. "الزهد" ص 303

426 - ما جاء في زهد عطاء الخراساني وأخباره

426 - ما جاء في زهد عطاء الخراساني وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثني الوليد بن مسلم، حدثنا ابن جابر قال: كنا نغازي مع عطاء الخراساني، وكان يحيي الليل صلاة، فإذا ذهب من الليل ثلثه أو نصفه نادى وهو في فسطاطه نداء يسمعنا: يا عبد الرحمن بن يزيد، ويا يزيد بن يزيد، يا هشام بن الغاز، ويا فلان بن فلان قوموا فتوضئوا وصلوا، قيام هذا الليل وصيام هذا النهار أيسر من شراب الصديد ومقطعات الحديد، الوحاء ثم الوحاء، ثم يقبل على صلاته. "الزهد" ص 457 - 458 427 - ما جاء في زهد ابن جريج وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرزاق قال: أهل مكة يقولون: أخذ ابن جريج الصلاة من عطاء، وأخذها عطاء من ابن الزبير، وأخذها ابن الزبير من أبي بكر -رضي اللَّه عنه-، وأخذها أبو بكر من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال عبد الرزاق: ما رأيت أحدًا أحسن صلاة من ابن جريج. "الزهد" ص 233 428 - ما جاء في زهد محمد بن النضر وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أخبرنا حسن بن الربيع، حدثني عبثر أبو زبيد قال: اختفى عندي محمد بن النضر أربعين يومًا، فما رأيته نائمًا؛ ليلًا ولا نهارًا. "الزهد" ص 108

429 - ما جاء في زهد عبد الله بن عون وأخباره

429 - ما جاء في زهد عبد اللَّه بن عون وأخباره قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه وذكر ابن عون، فقال: كان لا يكري دوره من المسلمين. قلت: لأي علة؟ قال: لئلا يروعهم. قال: وكان لابن عون جمل يستقي الماء؛ فإذا غلام ابن عون قد ضرب الجمل، فذهب بعينه، فجاء الغلام وقد أرعب، فظن أنهم قد شكوه، فلما رآه قد أرعب قال: اذهب فأنت حر لوجه اللَّه. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (364)، "الورع" (269) 430 - ما جاء في زهد الأسود بن كلثوم وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ابن علية، أخبرني سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال قال: كان منا رجل -يقال له: الأسود بن كلثوم- وكان إذا مشى لا يجاوز بصره قدمه، وكان يمر وفي الجدر يومئذ قصر بالنسوة، ولعل إحداهن تكون واضعة -يعني: ثوبها أو خمارها- فإذا رأينه راعهن، ثم يقلن: كلا، إنه أسود بن كلثوم. فلما قرب غازيًا، قال: اللهم إن نفسي هذِه تزعم في الرخاء أنها تحب لقاءك، فإن كانت صادقة فارزقها ذلك وإن كانت كارهة، قال إسماعيل: فاحملها عليه، وقال مرة: فارزقها ذلك وإن كرهت، وأطعم لحمي سباعا وطيرًا، فانطلق في جبل فدخلوا حائطًا، فنذر بهم العدو، فجاءوا فأخذوا بثلمة في الحائط، فنزل الأسود عن فرس فضربها حتى غارت فخرجت، وأتى الماء ثم توضأ وصلى، قال: يقول العجم: هكذا استسلام العرب إذا استسلموا. ثم تقدم فقاتل حتى قتل رحمه اللَّه، قال: فمر عظم الجيش

431 - ما جاء في زهد وهيب بن الورد وأخباره

بعد ذلك بذلك الحائط، فقيل لأخيه: لو دخلت فنظرت ما بقي من عظام أخيك ولحمه، قال: لا، دعا أخي بدعاء فأستجيب له، فلست أعرض في شيء من ذلك. "الزهد" ص 256 431 - ما جاء في زهد وهيب بن الورد وأخباره نقل المروذي عنه: قال: سمعت ابن المبارك يقول: ما جلست إلى أحد كان أنفع لي من مجالسة وهيب، وكان لا يأكل من الفواكه، وإذا انقضت السنة وذهبت الفواكه، يكشف عن بطنه، وينظر إليها ويقول: يا وهيب! ما أرى بك بأسًا، ما أرى تركك للفواكه ضرك شيئًا. سمعت أبا عبد اللَّه يقول، وذكر وهيب بن الورد، فقال: قد كلمه ابن المبارك فيما يجيء من مصر، وإنما أراد ابن المبارك أن يسهل عليه، ولم يدر أنه يشدد عليه، وكان لا يأكل مما يجيء من مصر إلا الزيت. قال: سمعت محمد بن حبيس -خادم وُهيب- يقول: كلم إبراهيم بن أدهم وهيبًا فيما يجيء من مصر. قال: فحال الناس بين إبراهيم وبين وهيب من أن يسمع كلامه، قال أبو بكر بن خلاد: فقيل لابن حبيس: لو سمع كلامه أيش ترى كان يصنع؟ قال: كان -واللَّه- لا يأكل إلا زبيب الطائف، يقتصر عليه حتى يلقى اللَّه عز وجل. "الورع" (316 - 318) 432 - ما جاء في زهد مالك بن مغول وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد اللَّه بن إدريس قال: سمعت مالكًا -يعني: ابن مغول- قال: سئل مرة ما بقي من صلاتك؟ وكان قد كبر، قال:

433 - ما جاء في زهد عبد الله بن المبارك وأخباره

الشطر خمسون ومائتا ركعة. "الزهد" ص 418 433 - ما جاء في زهد عبد اللَّه بن المبارك وأخباره قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان عندي مولى لابن المبارك، فذكر عن ابن المبارك، قال: الأمر ما كان عليه داود الطائي. قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه، وذكر ورع ابن المبارك؛ فقال: إنما رفعه اللَّه بمثل هذا. "الورع" (21 - 22) قال المروذي: وذكر أبو عبد اللَّه يومًا ابن المبارك؛ فقال: ما رفعه اللَّه إلا بخشية كانت له، ما أخرجت خراسان مثل ابن المبارك، ولا بعد ابن المبارك مثل يحيى بن يحيى. قال المروذي: سمعت سلمة بن سليمان المروزي، يقرأ علينا كتاب عبد اللَّه. فقالوا له: قلُ: ابن المبارك. فقال سلمة: إذا قيل بمكة: عبد اللَّه، فهو ابن عباس. وإذا قيل بالمدينة: عبد اللَّه، فهو ابن عمر. وإذا قيل بالكوفة: عبد اللَّه، فهو ابن المبارك. قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان أبو تميلة يقول: هذا الشعر في ابن المبارك: كنت فخرًا لمرو فصـ ... ــــارت مرو كسائر البلدان هذا معنى ما نظمه أبو تميلة، إلا لفظه. "الورع" (393 - 395) قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: قد قيل لابن المبارك: كيف يُعرف العالم الصادق؟ فقال: الذي يزهد في الدنيا، ويُقبل على أمر آخرته.

فقال أبو عبد اللَّه: نعم، هكذا يريد أن يكون. "الورع" (400) قال المروذي: وحدثنا القاسم بنُ محمد قال: سمعتُ إسحاق بن راهويه يقول: كنت صاحب رأي، فلما أردتُ أن أخرج إلى الحج، عمدتُ إلى كُتب عبد اللَّه بن المبارك، واستخرجتُ منها ما يوافق رأي أبي حنيفة من الأحاديث، فبلغت نحوًا من ثلاثمائة حديث. فقلت: أسأل عنها مشايخ عبد اللَّه، الذين هم بالحجاز والعراق، وأنا أظن أن ليس يجترئ أحد أن يخالف أبا حنيفة، فلما قدمت البصرة، جلستُ إلى عبد الرحمن بن مهدي، فقال لي: من أين أنت؟ فقلت: من أهل مرو. قال: فترحم على ابن المبارك، وكان شديد الحبّ له. فقال: هل معك مرثية رثي بها عبد اللَّه؟ فقلت: نعم. فأنشدته قول أبي تُميلة يحيى بن واضح الأنصاري: طرق الناعيان إذ نبهاني ... بقطيع من قادح الحدثان قلت للناعيات: من تنعيان؟ ... قالا: أبا عبد ربِنّا الرحمان فأثار الذي أتاني حزنًا ... وفؤاد المصاب ذو أحزان ثم فاضت عيناي وجدًا وشجوًا ... بدموع تحادر الهطلان

فلئن كانت القلوب تبكي ... لقلوب الثقات من إخوان قد تبكيه بالدماء وفي الأجـ ... ـــواف لذع كحرقة النيران لتقيٍّ مضى فريدًا حميدًا ... مالَهُ في الرجالِ إن عُدَّ ثان يا خليلي يا ابن المبارك عبد اللـ ... ـــهَ خليتنا لهذا الزمان حين ودعتنا فأصبحت محمو ... دًا حليف الحنوط والأكفان قدس اللَّه مضجعًا أنت فيه ... وتلقاك فيه بالرضوان أرض هيت فازت بك الدهر إذ ... صرت غريبًا بها عن الإخوان لا قريب بها ولا مؤنس يؤ ... نس إلا التُّقى مع الإيمان ولمرو قد كنت فخرًا فصارت ... أرض مرو كسائر البلدان أوحَشَتْ بعدكم مجالس علمٍ ... حين غاب الريس اللهفان لهف نفسي عليك لهفًا بك الدْ ... هر وفجعًا لفاجع لهفان

يا قريع القراء والسابق الأ ... وَل يوم الرهان عند الرهان ومقيم الصلاة والقائم الـ ... ـــلَيل إذ نام راهب الرهبان ومؤاتي الزكاة والصدقات الـ ... ـدهر في السر منك والإعلان صائم في هواجر الصيف يومًا ... قد يضر الصيام بالضمّان دائبًا في الجهاد والحج والعمـ ... ــــرة يتلو منزَّل القرآن دائمًا لا يمله يطلب الفوْ ... ز وليس المُجِدُّ كالمتوان عين فابكيه حين غاب بواكيـ ... ــــــه بهاطل وساكب السيلان إن ذكرناك ساعة قط إلا ... هاج حزني وضاق عني مكاني ولعمري لئن جزعت على فقـ ... ــــدك إني لموجع ذو استكان خافق القلب ذاهب الذهن عبـ ... ــــد اللَّهِ أهذي كالواله الحيران أتلوى مثل السليم لديغ الرْ ... قش قد مس جلده النابان

بدلًا كنت من أخي العلم سفيا ... ن ويوم الوداع من سفيان كنت للسر موضعًا ليس يخشى ... منك إظهار سره الكتمان وبرأي النعمان كنت بصيرًا ... حين تبغى مقايس النعمان قال: فما زال ابن مهدي يبكي، وأنا أنشده حتى إذا ما قلت: وبرأي النعمان كنت بصيرًا. قال لي: اسكت، قد أفسدت القصيدة. قلت: إن بعد هذا أبياتًا حسانًا. فقال: دعها، تذكر رواية عبد اللَّه عن أبي حنيفة في مناقبه؟ ! ما تُعرف له زلة بأرض العراق، إلا روايته عن أبي حنيفة، ولوددتُ أنه لم يرو عنه، وأني كنت أفتدي ذلك بعظم مالي. فقلت: يا أبا سعيد! لم تحمل على أبي حنيفة كل هذا! لأجل هذا القول: إنه كان يتكلم بالرأي، فقد كان مالك بن أنس، والأوزاعي، وسفيان يتكلمون بالرأي! فقال: تقرن أبا حنيفة إلى هؤلاء! ما أشبه أبا حنيفة في العلم إلا بناقة شاردة فاردة ترعى في واد خصب، والإبل كُلها في واد آخر. قال إسحاق: ثم نظرتُ بعد، فإذا الناس في أمر أبي حنيفة على خلاف ما كنا عليه بخراسان. "الورع" (401)

434 - ما جاء في زهد أيوب بن وائل الراسبي وأخباره

434 - ما جاء في زهد أيوب بن وائل الراسبي وأخباره قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرت عن سيار، حدثنا مرجى بن وادع قال: قال لي أيوب بن وائل الراسبي: يا مرجى، لا تهتم للدنيا واهتم للآخرة، فإن رجلا من أصحابك أصابته حاجة شديدة، فخرج ذات ليلة فدلي عليه من السماء كيس دراهم، فسقط على كتفه فهو ينفق منه زمانا، وربما انقلب على الفراش فيوجع جنبه. "الزهد" ص 336 - 337 435 - ما جاء في زهد أيوب بن النجار وأخباره قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه، وذكر ورع أيوب بن النجار فقال: قد كان خرج من ماله كله، قد رأيته بمكة، ومعه رشاء يستقي به من بئر زمزم. قلت لأبي عبد اللَّه: قد قال قادم الديلمي: قيل لإبراهيم بن أدهم: ألا تشرب من زمزم؟ فقال: لو وجدت رشاء أو دلوا لاستقيت. وقيل لوهيب بن الورد: ألا تشرب من زمزم؟ فقال: بأي دلو؟ قال أبو عبد اللَّه: ما ظننت أن وهيبًا قال هذا، ولا ظننت أن أحدًا نظر هذا غير أيوب بن النجار. "الورع" (6) 436 - ما جاء في زهد يزيد بن زريع وأخباره قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه، وذكر ورع يزيد بن زريع؛ فقال: قد تنزه عن ميراث أبيه (¬1). سمعت عبد الوهاب يقول: سمعت أبا سليمان الأشقر -وكفاك بأبي ¬

_ (¬1) في المطبوع: كان أبوه واليًا على الأبلة -بلدة بالعراق.

437 - ما جاء في زهد داود بن يحيى بن يمان وأخباره

سليمان- قال: قد تنزه يزيد بن زريع عن خمسمائة ألف من ميراث أبيه، فلم يأخذه. "الورع" (11 - 12) 437 - ما جاء في زهد داود بن يحيى بن يمان وأخباره قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قدم داود بن يحيى بن يمان، وأيش كان؟ ! ما كان أنسكه! "الورع" (35) 438 - ما جاء في زهد أبي الخلال وأخباره قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبيد اللَّه بن ثور، حدثتني أمي عن عمتها العيناء قالت: كان أبو الخلال فوق غرفة فيأتي بعض أبوابها، فيشرف على شق من ناحية الحي فينادي: يا فلان، ثم يقبل على الشق الآخر فينادي: يا فلان يا فلان، ثم يقبل على الشق الآخر فيقول مثله، حتى يأتي على الأركان الأربعة، قالت: ثم يقول: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم: 98] ثم يقبل على صلاته يوم مات وهو ابن عشرين ومائة سنة. "الزهد" ص 314 - 315 439 - ما جاء في زهد عيسى بن يونس وأخباره قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه، وذكر ورع عيسى بن يونس؛ فقال: قدم، فرفع في حصن منقوب، فأمروا له بمائة ألف -أو قال: بمال- فلم يقبل. وتدري ابن كم كان عيسى؟ ! كأنه أراد به كأنه كان حدثًا. "الورع" (24)

440 - ما جاء في زهد يوسف بن أسباط وأخباره

440 - ما جاء في زهد يوسف بن أسباط وأخباره قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه قال: وذكر له رجل ورع يوسف بن أسباط؛ أنه كان ينزل فيما أقطعوا بطرسوس، فلما تبايعوا اعتزل يوسف بن أسباط، وكره مبايعتهم، فاستحسن أبو عبد اللَّه فعل يوسف رحمه اللَّه، وكره أبو عبد اللَّه البيع، ولم ير بأسًا أن يستولي. "الورع" (25) ونقل المروذي عنه: سمعت شعيب بن حرب يقول: وقيل له: يوسف بن أسباط من أين كان يأكل؟ فقال شعيب: البر عشرة أجزاء؛ تسعة في طلب الحلال، يوسف أحكم التسعة. وسمع علي بن شعيب يقول: لما فارق شعيبٌ يوسف بن أسباط زوده طعامًا، فقال شعيبٌ لابنه: طعام يوسف بقوه لي، وكلوا أنتم طعامنا. "الورع" (28 - 29) 441 - ما جاء في زهد سفيان بن عينية وأخباره قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: تعرف سعيد بن عبد الغفار؟ قال: لم أره، وقد بلغني خبره. قلت: حكى سعيد أن ابن عيينة أعطاه درهمين يشتري له من جدة سمكًا، فلقيه ابن أخي نافع بن محرز، أو غيره، فقال له: تعرف موضعًا أشتري لسفيان سمكًا بدرهمين؟ فقال له: يا أبا سعيد، وتحمل لسفيان بضاعة! ! فتبسم أبو عبد اللَّه، وقال: رحمه اللَّه. قال أبو عبد اللَّه: اجتمعوا على سفيان، فقالوا له: لو أخبرتنا جمعنا لك. فقال لهم: وجدتم مقالًا فقولوا. "الورع" (23)

442 - ما جاء في زهد شعيب بن حرب وأخباره

442 - ما جاء في زهد شعيب بن حرب وأخباره قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه، وذكر ورع شعيب بن حرب؛ فقال: لقد دقق! ليس لك أن تُطين الحائط من خارج؛ لئلا يخرج في الطريق. سمعت ابن حرب يقول: ما احتملوا لأحد ما احتملوا لوهيب، وكان يشرب بدلوه. "الورع" (8) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: سمعت شعيب بن حرب يقول: سألت سفيان، قلت: قرابة لي مع هؤلاء آخذ منه مالًا مضاربة؟ فقال: ما أحب أن تكون لهم قهرمانًا. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (262) 443 - ما جاء في زهد أبي داود الحفري وأخباره قال المروذي: وقال لي أبو عبد اللَّه يومًا: قد رأينا قومًا صالحين، وذكر ابن إدريس، وأبا داود الحفري، وحسينًا الجعفي، وسعيد بن عامر، فأما حسين فكان يشبه بالراهب، ما رأيت أفضل من حسين الجعفي بالكوفة، وسعيد بن عامر بالبصرة. قال: ورأيت أبا داود الحفري، وعليه جبة خلقة، قد خرج القطن منها -بين المغرب والعشاء- يُصلي بترجيح من الجوع. وذكر عنده سليمان وصبره على الفقر. "الزهد" ص 402 444 - ما جاء في زهد محمد بن أدريس وأخباره نقل المروذي عن الإمام أحمد: وسمعت علي بن شعيب يقول: لما قدم شعيب بن حرب على يوسف بن أسباط رأى عنده شابا يكلم

445 - ما جاء في زهد محمد بن عبد الله بن إدريس وأخباره

يوسف، ويغتاظ له، قال: ويرفع صوته. فقال شعيب: ترفع صوتك! فقال له يوسف: يا أبا صالح! إنه محمد بن إدريس إنه يدري من أين يأكل -قال أبو عبد اللَّه: كان محمد بن إدريس رجلًا من الثغر- قال شعيب: بأبي أنت وأمي نذرت إذا رأيتك أن أحدثك. قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه، وذكر محمد بن إدريس الذي كان بالثغر؛ فقال: كان ذلك أرجلهم، ذاك كان يأكل من الأسل -يعني: من نتفه. ثم قال أبو عبد اللَّه: أبو يوسف الغسولي قد خلف ابن إدريس، يريد بذلك: الورع. "الورع" (30 - 31) 445 - ما جاء في زهد محمد بن عبد اللَّه بن إدريس وأخباره قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان محمد بن عبد اللَّه بن إدريس يؤمُّنا، وكان منقبضًا، يصلي ثم يدخل. قلت له: أجيز ابن إدريس؟ فقال له: إما أن تختارني، وإما أن تختار المال. فرد المال. فقال: أما الذي كان؛ فإنه بعث إليه بمال يفرقه، فرده ولم يقبله. قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان محمد أفضل من أبيه؛ عبد اللَّه بن إدريس. سمعت عبد الوهاب يقول: كان ابن إدريس يجري على ابنه محمد وعلى زوجته عشرة في كل شهر من قطيعة عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-. قال المروذي: قال: وقدم من الحج وأصحاب الحديث عند أبيه، فقالوا له: الحديث، إن حدثتنا وإلا شكوناك إلى محمد! فقال: أنا أحدثكم، ولا تشكوني إليه. "الورع" (46 - 49)

446 - ما جاء في زهد مخة أخت بشر بن الحارث وأخبارها

446 - ما جاء في زهد مخة أخت بشر بن الحارث وأخبارها قال عبد اللَّه بن أحمد: كنت مع أبي في يوم من الأيام في المنزل، فدق داقٌّ الباب، قال أبي لي: اخرج فانظر من بالباب؟ قال: فخرجت فإذا امرأة قالت لي؟ استأذن لي على أبي عبد اللَّه. قال: فاستأذنته؛ فقال: أدخلها. قال: فدخلت، فسلمت عليه، وقالت له: يا أبا عبد اللَّه أنا امرأة أغزل بالليل في السراج، فربما طفئ السراج، فأغزل في القمر فعلي أن أبين غزل القمر من غزل السراج؟ قال: فقال لها: إن كان عندك بينهما فرق فعليك أن تبينى ذلك. قال: قالت له: يا أبا عبد اللَّه أنين المريض شكوى؟ قال: أرجوا ألا يكون شكوى، ولكنه اشتكاء إلى اللَّه. قال: فودعته وخرجت. قال: فقال لي: يا بني ما سمعت قط إنسانًا سأل عن مثل هذا؟ ! اتبع هذِه المرأة فانظر أين تدخل. قال: فاتبعتها، فإذا قد دخلت إلى بيت بشر بن الحارث، وإذا هي أخته. قال: فرجعت فقلت له؛ فقال: محال أن تكون مثل هذِه إلا أخت بشر. "تاريخ بغداد" 14/ 436 - 437، "بحر الدم" (1284). وقال عبد اللَّه: جاءت مخة أخت بشر إلى أبي، فقالت له: إني امرأة رأس مالي دانقين، أشتري القطن، فأردنه، فأبيعه بنصف، فأتقوت بدانق من الجمعة إلى الجمعة، فمر ابن طاهر الطائف، ومعه مشعل، فوقف يكلم أصحاب المصالح، فاستغنمت ضوء المشعل، فغزلت طاقات، ثم غاب عني المشعل، فعلمت أن للَّه فيَّ مطالبة، فخلصني خلصك اللَّه.

447 - ما جاء في زهد بشر بن الحارث الحافي وأخباره

فقال لها: تخرجين الدانقين، ثم تبقين بلا رأس مال حتى يعوضك اللَّه خيرًا. قال عبد اللَّه: فقلت لأبي: يا أبه، لو قلت لها: لو أخرجت الغزل الذي أدركت فيه الطاقات! فقال: يا بني سؤالها لا يحتمل التأويل. ثم قال: من هذِه؟ قلت: مخة أخت بشر بن الحارث. فقال: من ههنا أتيت. "تاريخ بغداد" 14/ 437، "بحر الدم" (1284) 447 - ما جاء في زهد بشر بن الحارث الحافي وأخباره قال أبو بكر المروذي: قال أبو عبد اللَّه: وسمعت أبا صالح بن مشكان يقول: قال لي جعفر بن أبي خالد: أقرئ بشر بن الحارث مني السلام، قال: فقال لي: قل له: إنك ثقيل فتخفف -يعني: من الذنوب. قال أبو بكر: قلت لأبي عبد اللَّه: أرويه عنك، فأجازه. "الورع" (43) قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه وذكر بشر بن الحارث؛ فقال: لقد كان فيه أُنس، وما كلمته قط. "الورع" (235) قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: وذكر بشر بن الحارث؛ فقال: رحمه اللَّه، لقد كان فيه أُنس، وذكر له شيء من أمر الورع. قال: فقال: يُسأل عن مثل هذا بشر لو كان حيا كان موضعًا لهذا، هذا موضع بشر، وأنا لا ينبغي لي أن أتكلم في هذا. "الورع" (268) قال المروذي: وقال لي أبو عبد اللَّه: بشر بن الحارث كان يأكل من غلة بغداد؟

448 - ما جاء في زهد عطاء بن محمد الحراني وأخباره

قلت: لا، هو كان ينكر على من يأكل. فقال: إنما قوي بشر؛ لأنه كان وحده، لم يكن له عيال، ليس من كان معيلًا كمن كان وحده، لو كان إليّ ما باليت ما أكلت. "الورع" (311 - 320) 448 - ما جاء في زهد عطاء بن محمد الحراني وأخباره قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه، وذكر ورع عطاء بن محمد الحراني، فذكر من ورعه، قال: كان إذا قدم مكة حمل معه أحمال طعام، وقال: لا أنافس أهل مكة في سعرهم. وكان يتأول هذِه الآية: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} [الحج: 25]. قال أبو عبد اللَّه: ما بلغني عن أحد أنه نظر في هذا غير هذا. "الورع" (5) 449 - ما جاء في زهد محمد بن الضحاك وأخباره قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول، وذكر محمد بن الضحاك صاحب بشر بن الحارث؛ فقال: كان أبوه الضحاك شيخًا سليمًا، قد كتب عن إسرائيل، وكان يعلم بني محمد، وكان إذا ذهب حمل إداوة فيها ماء. ثم قال أبو عبد اللَّه: هو يأخذ منهم، ولا يرى أن يشرب من مائهم، وجعل يعجب من سلامته. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (230)

جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة لدار الْفَلاح وَلَا يجوز نشر هَذَا الْكتاب بِأَيّ صِيغَة أَو تَصْوِيره PDF إِلَّا بِإِذن خطي من صَاحب الدَّار الْأُسْتَاذ/ خَالِد الرِّبَاط الطبعة الأولى 1430 هـ - 2009 م رقم الْإِيدَاع بدار الْكتب 19194/ 2009 دَار الْفَلاح للبحث العلمي وَتَحْقِيق التراث 18 شَارِع أحمس - حَيّ الجامعة - الفيوم ت: 01000059200 [email protected]

الْجَامِعُ لِعُلوْم الإِمَامِ أَحْمد [21]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أخطاء طباعية واستدراكات

أخطاء طباعية واستدراكات لوحظ الأخطاء الآتية في "الجامع لعلوم الإمام" بعد الطباعة (*)

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وقد تم استدراكها في مواطنها من هذه النسخة الإلكترونية

المجلد العشرون

المجلد العشرون صـ 20/ س 8: "قال الفضل" تعدل: "قال الفضل بن زياد". صـ 31/ س 6: يوضع نقطتين: بعد قلت، وتحذف بعد هذا. صـ 74/ س 8: "إلي" تعدل: "إلى". صـ 94/ س 11: يزال سمك الخط من على: "قلت: بمن أكتني". صـ 114/ س 18: "قال: على" تعدل: "قال علي". صـ 136/ س 12: تحذف الفصلة بعد أريد. صـ 149/ س 9: "خرسان" تعدل: "خراسان". صـ 152/ س 4: "سال" تعدل: "سأل". صـ 157/ س 3: "حاجا" تعدل: "حاجًّا". صـ 170/ س 6: يزال التشكيل من على ش يشمت. صـ 172/ س الأخير: "بجاله" تعدل: "بجالة". صـ 187/ س 13: "أروه" تعدل: "اروه". صـ 219/ س 17: "وردئًا" تعدل: "وردءًا". صـ 223 / س 6: "سنا" تعدل: "سنًّا".

صـ 235/ س 6: ينقل التشكيل من على س سمع إلى ميمها. صـ 242/ س الرابع: "مالك" تعدل: "ما لك". صـ 394: التخريج الموجود في هامش 1، 2 للحديث: "لو أنكم تتوكلون على اللَّه. . "، أما الحديث: "أنفق بلال. . . " لم يخرج. صـ 374/ س 7: "وفى الحياة" تعدل: "وفي الحياة". صـ 547/ س 15: "نادي لسليمان" تعدل: "نادى سليمان"

§1/1