الجامع لعلوم الإمام أحمد - أصول الفقه

أحمد بن حنبل

جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة لدار الْفَلاح وَلَا يجوز نشر هَذَا الْكتاب بِأَيّ صِيغَة أَو تَصْوِيره PDF إِلَّا بِإِذن خطي من صَاحب الدَّار الْأُسْتَاذ/ خَالِد الرِّبَاط الطبعة الأولى 1430 هـ - 2009 م رقم الْإِيدَاع بدار الْكتب 19194/ 2009 دَار الْفَلاح للبحث العلمي وَتَحْقِيق التراث 18 شَارِع أحمس - حَيّ الجامعة - الفيوم ت: 01000059200 [email protected]

الْجَامِعُ لِعُلوْم الإِمَامِ أَحْمد [5]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الجامع لعلوم الإمام أحمد جمع وإعداد وتصنيف خالد الرباط سيد عزت عيد. . . وائل إمام عبد الفتاح محمد أحمد عبد التواب. . . محمد عبد الفتاح علي أحمد محمود عبد المجيد. . . إبراهيم النحاس خرج أحاديثه هاني رمضان هاشم. . . أحمد فوزي إبراهيم. . . أحمد روبي عبد العظيم أحمد عويس جنيدي. . . ربيع محمد عوض اللَّه. . . شعبان محمد جنيدي شارك في المقابلات خالد مصطفى توفيق - عصام حمدي - رجب شعبان محمد شارك في جمع المادة العلمية والأعمال المساندة سامح محمد عيد. . . شريف محمد عبد اللطيف. . . خالد حشيش. . . أحمد يحيى ساعدي علي يوسف محمد. . . عادل حمدي إبراهيم. . . مصطفى ربيع عبد الفتاح. . . علي صبحي عويس محمد سعد هيبة. . . حسام عبد الفتاح حمزة. . . أحمد محمد مصطفى. . . محمد زكريا يوسف عادل غريني. . . ياسر عبد التواب عويس. . . أحمد رمضان. . . يحيى حسن بكر سيد قطب محمود. . . حسام كمال توفيق. . . عبد اللَّه فؤاد الحمراني. . . مصطفى عبد الحميد عادل أحمد التلاوي. . . ماجد عويس القرني. . . محمود محمد حمزة. . . أحمد محمد منير محمود محمد بيومي. . . محمود محمد عوض اللَّه. . . مصطفى محمد جمعة. . . محمد علي عبد الحافظ شارك في الإشراف الإداري د. جمعة فتحي عبد الحليم - أحمد عبد اللَّه محمد علي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بين يدي قسم الفقه هذا القسم من أهم مقاصد هذه الموسوعة، فهو بمثابة كتاب الفقه الحنبلي الأول، ونظرًا لأن أقوال الإمام أحمد بمثابة فتاوى في أغلبها فتجدها متفرعة ولو اتبعنا تقسيمها على حالها لكانت فروعًا ومسائل كثيرة جدًّا، لذلك راعينا عند تقسيم المسائل جمع عدة روايات تحت المسألة الواحدة وقد يحتاج ذلك إلى صيغة عامة لعنوان المسألة. وبالرغم من محاولتنا الالتزام بالترتيب الفقهي عند الحنابلة، إلا أننا قدمنا الترتيب الفقهي المنطقي العام بما يوافق تسلسل المسائل في الكتاب الواحد؛ ليسهل الوصول للمسألة بصرف النظر عن مذهب الباحث، كما أن هذه الطريقة تيسر إدراج ما يظهر من أقوال ليست هنا دون الإخلال بالترتيب أو ترقيم المسائل، كما يسهل إتمام أي قول فقدنا بعضه رغمًا عنا. وراعينا قدر الإمكان الحفاظ على ألفاظ واصطلاحات المذهب عند تسمية المسائل، كذلك ترتيبنا للمسائل داخل أبوابها وكتبها. أما ما يتعلق بالمصادر فهي مع مقدمات الموسوعة، وكما أوضحنا في مقدمة الموسوعة فإنَّ هذا القسم -كغيره من باقي الأقسام- له ترقيم مستقل يبدأ من المجلد الخامس حتى المجلد الثالث عشر، وهذه

المجلدات التسعة ترقيم المسائل فيها من (1) إلى (3262) وقد أضفنا في هذا القسم أقساما أخرى قد لا تكون منه لكنها أقرب إليه؛ وذلك لصغر حجمها، فلم نرد أن نجعلها قسما مستقلا، بل جعلناها كتبا من ضمن قسم الفقه، وهي: كتاب العلم - وهو أول كتاب في قسم الفقه كتاب أصول الفقه - وهو ثاني كتاب في قسم الفقه كتاب علوم القرآن والتفسير - وهو آخر كتاب في قسم الفقه ومما ينبغي الإشارة إليه في هذا السياق أننا وضعنا (كتاب معاني الأحاديث والآثار) مع قسم الحديث، وقد يكون فيه شيء يسير له صلة بالفقه. واللَّه نسأل التوفيق والقبول وصلى اللَّه على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

المجلد الأول من (قسم الفقه) 1 - كتاب العلم. 2 - كتاب أصول الفقه. 3 - كتاب الطهارة. 4 - أول كتاب الصلاة.

كتاب العلم

كتاب العلم 1 - بيان فضل العلم ومنزلته والتحذير من الجهل قال صالح: قال له إنسان: التعليم أحب إليك أو المسألة؟ قال: التعليم أحب إلي من المسألة. "مسائل صالح" (431) قال صالح: رجل له ولد يُعلَّم بلا مشارطة، وهو يسأل والده الخروج إلى الثغر، فتكره خروجه؟ قال: لا يخرج، فالتعليم أحب إلي من المسألة. "مسائل صالح" (1090) قال ابن هانئ: قيل له: يطلب الرجل الحديث بقدر ما يظن أنه قد انتفع به؟ قال: العلم لا يعدله شيء. "مسائل ابن هانئ" (1931) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن بشر بن منصور، عن ثور بن يزيد، وقال غير عبد الرحمن: عن عبد العزيز بن ظبيان قال: قال المسيح عليه السلام: من تعلم وعمل وعلم، فذاك يسمى أو يدعى عظيمًا في ملكوت السماء. "الزهد" ص 76 - 77 قال عبد اللَّه: أخبرني أبي، أخبرنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا عبد الجليل، عن أبي عبد السلام، عن كعب -يعني: كعب الأحبار- قال: أوحى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إلى موسى أن عَلِّم الخير وتعلمه؛ فإنه منور لمعلم

الخير ومتعلمه في قبورهم حتى لا يستوحشوا لمكانهم. "الزهد" ص 86 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا معاوية، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء قال: العالم والمتعلم في الأجر سواء ولا خير فيما سواهما. "الزهد" ص 169 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا شجاع -يعني: صاحب السابري قال: سمعت معاوية بن قرة يقول: قال أبو الدرداء: اطلبوا العلم فإن لم تطلبوه فأحبوا أهله، فإن لم تحبوهم فلا تبغضوهم. "الزهد" ص 110 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم، حدثنا حريز، عن عبد الرحمن ابن أبي عوف، عن عبد الرحمن بن منصور الفزاري، عن أبي الدرداء أنه قال: ما من رجل يغدو إلى المسجد بخير يتعلمه أو يُعلمه إلا كتب اللَّه له أجر المجاهد، ولا ينقلب إلا غانمًا. "الزهد" ص 174 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن أبي عوانة، عن الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن أبي عبيدة، عن عبد اللَّه قال: من يرد اللَّه به خيرًا يفقهه في الدين. "الزهد" ص 198 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن عبد اللَّه، حدثنا سفيان، عن عمر بن عبد العزيز قال: من عمل بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح. "الزهد" ص 366

2 - منزلة العلماء

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن عبيد بن عمير قال: من يرد اللَّه به خيرًا يفقهه في الدين ويلهمه رشده. "الزهد" ص 454 قال أبو الحارث: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: إنما العلم مواهب يؤتيه اللَّه من أحب من خلقه، وليس يناله أحد بالحسب، ولو كان لعلة الحسب لكان أولى الناس به أهل بيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "طبقات الحنابلة" 1/ 28 نقل عنه أبو داود: العلم: تعلمه وتعليمه أفضل من الجهاد وغيره. "الفروع" 1/ 523 - 524، "الإنصاف" 4/ 100 - 101 ونقل المروذي ويوسف بن موسى، في رجل أراد أن يصوم تطوعًا فأفطر لطلب العلم، فقال: إذا احتاج إلى طلب العلم فهو أحب إلي. "الفروع" 1/ 527 2 - منزلة العلماء قال صالح: حدثني أبي، قال: حدثنا يحيى بن عبد الملك بن حميد ابن أبي غنية، قال: حدثنا زمعة بن صالح، قال: قال الزهري لسليمان بن هشام: ألا تسأل أبا حازم ما قال في العلماء؟ قال: يا أبا حازم ما قلت في العلماء؟ قال: وما عسيت أن أقول في العلماء إِلا خيرًا، إِني أدركت العلماء وقد استغنوا بعلمهم عن أهل الدنيا، ولم يستغن أهل الدنيا بدنياهم عن علمهم فلما رأى ذلك هذا وأصحابه تعلموا العلم، فلم يستغنوا به،

واستغنى أهل الدنيا بدنياهم عن علمهم، فلما رأوا ذلك قذفوا بعلمهم إِلى أهل الدنيا، ولم ينلهم أهل الدنيا من دنياهم شيئًا. إن هذا وأصحابه ليسوا علماء إِنما هم رواة. قال الزهري: إِنه لجاري بيت ببيت، وما علمت أن هذا عنده. قال: صدق، أما أني لو كنت غنيًّا عرفتني، قال: فقال له سليمان: ما المخرج مما نحن فيه؟ قال: تمضي ما في يديك بما أمرت به، وتكف عما نهيت عنه. فقال: سبحان اللَّه ومن يطيق هذا؟ قال: من طلب الجنة وفر من النار. وما هذا فيما يطلب ويفر منه. "مسائل صالح" (884) قال المروذي: قال أبو عبد اللَّه: العالم يقتدى به، ليس العالم مثل الجاهل. "الورع" (63) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري، عن سلمان رحمه اللَّه قال: لا يزال الناس بخير ما بقي الأول حتى يتعلم الآخر، فإذا ذهب الأول قبل أن يتعلم الآخر فذاك حين هلكوا. "الزهد" ص 189 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو عبيدة، حدثنا هشام، عن الحسن قال: كانوا يقولون: موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار. "الزهد" ص 321

3 - الحث على طلب العلم والرحلة إليه

3 - الحث على طلب العلم والرحلة إليه قال صالح: سمعت أبي يقول: بلغني أن شعبة أقام على الحكم بن عتيبة ثمانية عشر شهرًا حتى باع جذوع بيته. "مسائل صالح" (872) قال عبد اللَّه: سألت أبي عمن طلب العلم، ترى له أن يلزم رجلًا عنده علم فيكتب عنه، أو ترى له أن يرحل إلى المواضع التي فيها العلم فيسمع منهم؟ قال: يرحل، يكتب عن كل من الكوفيين، والبصريين، وأهل المدينة، ومكة، والشام، يشام الناس، يسمع منهم. "مسائل عبد اللَّه" (1588) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو ابن عمرو أبو الزعراء، عن عمه أبي الأحوص قال: قال عبد اللَّه: إن أحدًا لا يولد عالمًا، وإنما العلم بالتعلم. "الزهد" ص 203 قال حرب: حدثنا أحمد قال: حدثنا أبو قطن قال: ثنا أبو خُلدة، عن أبي العالية قال: كنا نسمع الرواية عن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالبصرة فلم نرض حتى ركبنا إلى المدينة فسمعناها من أفواههم. "مسائل حرب" ص 483 قال صالح: عزم أبي على الخروج إلى مكة ليقضي حجة الإسلام، ورافق يحيى بن معين فقال: نمضي إن شاء اللَّه فنقضي حَجَّتنَا، ونمضي إلى عبد الرزاق إلى صنعاء نسمع منه، وكان يحيى بن معين يعرفُ عبد الرزاق، وقد سمع منه، فوردنا مكة وطفنا طواف الورود، فإذا

عبد الرزاق في الطواف يطوف، فطاف وخرج إلى المقام فصلى ركعتين، وجلس فتممنا طوافنا أنا وأحمد، وجئنا وعبد الرزاق جالس عند المقام، فقلت لأحمد: هذا عبد الرزاق، قد أربحك اللَّه مسيرة شهر ذاهبًا وجائيًا والنفقة. فقال: ما كان اللَّه يراني، وقد نويت له نية أفسدُها ولا أدعُها. "طبقات الحنابلة" 1/ 465 قال الحسن بن ثواب: قال لي أحمد بن حنبل: ما أعلم الناس في زمان أَحوج منهم إلى طلب الحديث من هذا الزمان. قلت: ولم؟ قال: ظهرت بدع، فمن لم يكن عنده حديث وقع فيها. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص 236 - 239 قال أبو بكر بن زنجويه: قدمت مصر فأتيت أحمد بن صالح، فسألني من أين أنت؟ قلت: من بغداد. قال: أين منزلك من منزل أحمد بن حنبل؟ فقلت: أنا من أصحابه. قال: تكتب لي موضع منزلك، فإني أريد أوافي العراق، حتى تجمع بيننا. فكتبت له. فوافى أحمد بن صالح سنة اثنتي عشرة ومائتين إلى عفان. فسأل عني فلقيني، فقال: الموعد الذي بيني وبينك، فذهبت به إلى أحمد بن حنبل، واستأذنت له، فقلت: أحمد بن صالح بالباب. فأذن له، فقام إليه، ورحب به وقربه، ثم قال له: بلغني أنك جمعت حديث الزهري، فتعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فجعلا يتذاكران ولا يغرب أحدهما على الآخر، حتى فرغا، فما رأيت أحسن من مذاكرتهما. ثم

قال أحمد بن حنبل: تعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أولاد الصحابة. فجعلا يتذاكران ولا يغرب أحدهما على الآخر، إلى أن قال لأحمد بن صالح: عند الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "ما يسرُّني أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ، وأَنَّ لِي حِلْفَ المُطَيَّبِينَ" (¬1). فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: أنت الأستاذ، وتذكر مثل هذا؟ ! فجعل أحمد يبتسم، ويقول: رواه عن الزهري رجل مقبول أو صالح: عبد الرحمن بن إسحاق. فقال: من رواه عن عبد الرحمن؟ فقال: حدثنا ثقتان إسماعيل بن علية، وبشر بن المفضل، فقال أحمد بن صالح: سألتك باللَّه إلا أمليته علي. فقال أحمد: من الكتاب. فقام، ودخل فأخرج الكتاب وأملى عليه، فقال أحمد بن صالح: لو لم أستفد بالعراق إلا هذا الحديث لكان كثيرًا، ثم ودعه وخرج. "سير أعلام النبلاء" 12/ 169 - 170 قال بقي بن مخلد: أتيت العراق وقد منع أحمد بن حنبل من الحديث، فسألته أن يحدثني وكان بيني وبينه خلة، فكان يحدثني بالحديث في زي السؤال ونحن خلوة حتى اجتمع لي عنه نحو من ثلاث مائة. "سير أعلام النبلاء" 13/ 292 - 294 ¬

(¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 190، 193، والبخاري في "الأدب المفرد" 567، وأبو يعلى في "مسنده" 2/ 157 (844)، وابن حبان 10/ 216 (4373)، والحاكم 2/ 220 وقال: صحيح الإسناد. وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" (1655، 1676): إسناده صحيح. كما صححه الألباني في "الصحيحة" (1900).

4 - هل يشترط إذن الوالدين في الخروج لطلب العلم؟

4 - هل يشترط إذن الوالدين في الخروج لطلب العلم؟ قال المروذي: وسمعت أبا عبد اللَّه، وسئل عن رجل له والدة، يستأذنها أن يرحل يطلب العلم؟ فقال: إن كان جاهلًا، لا يدري كيف يطلق ولا يصلي، فطلب العلم أوجب، وإن كان عرف، فالمقام عليها، أحب إلي. "الورع" (182) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه وسئل عن الرجل يستأذن والديه في الخروج في طلب الحديث، وفيما ينفعه؟ قال: إن كان في طلب علم فلا أرى به بأسًا إن لم يستأمرهما في طلب العلم، وما ينفعه. "مسائل ابن هانئ" (1910) قال ابن هانئ: وسألته عن الرجل يكون له أبوان موسران يريد أن يطلب الحديث، فلا يأذنون له في طلب الحديث؟ قال: يطلب منه بقدر ما ينفعه. "مسائل ابن هانئ" (1932) 5 - الواجب عليه طلبه من العلم قال إسحاق: قلت لأحمد: من قال: تذاكرُ العلم بعض ليلة أحب إليَّ من إحيائها؟ قال: العلمُ الذي ينتفعُ به الناس في أمر دينهم. قلت: في الوضوء، والصلاة والصوم والحج، والطلاق، ونحو هذا؟ قال: نعم. قال إسحاق: كما قال.

قال إسحاق: "طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ" (¬1) لم يصح الخبر فيه إلا أن معناه قائم، يلزمُه طلبُ علم ما يحتاجُ إليه من وضوئه، وصلاته، وزكاته إن كان له مالٌ، وكذلك الحج وغيره، وإنَّما معنى الواجب أنَّها إذا وقعت فلا طاعة للأبوين في ذلك، وأمَّا من خرج يبتغي علمًا فلا بدَّ له من الخروج بإذن الأبوين؛ لأنه فضيلة ما لم تحل به البلية، والنوافل لا تُبتغى إلا بإذن الآباء. "مسائل الكوسج" (3272) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يجب عليه طلب العلم؟ فقال: أي ما يقيم به الصلاة، وأمر دينه من الصوم والزكاة، وذكر شرائع الإسلام، وقال: ينبغي له أن يتعلم ذلك. "مسائل عبد اللَّه" (1589) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا النضر بن شميل، عن بعض البصريين قال قال مالك بن دينار: من طلب العلم لنفسه فالقليل منه يكفي، ومن طلب العلم لحوائج الناس فحوائج الناس كثيرة. "الزهد" ص 390 قال الشالنجي: قال أبو عبد اللَّه: الذي يجب على الإنسان من تعليم القرآن والعلم ما لابد منه في صلاته وإقامة دينه، وأقل ما يجب على الرجل من تعليم القرآن فاتحة الكتاب وسورتان. "طبقات الحنابلة" 1/ 275، "الآداب الشرعية" 2/ 34، "الفروع" 1/ 525 ¬

_ (¬1) روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن جماعة من الصحابة منهم: أنس بن مالك، وعبد اللَّه بن مسعود، وأبو سعيد الخدري، وابن عباس، وعلي بن أبي طالب، والحسين بن علي، وابن عمر، وجابر بن عبد اللَّه. وانظر الحديث بطرقه وشواهده في "جامع بيان العلم" لابن عبد البر 1/ 23 - 49.

6 - كيفية مذاكرة العلم

قال مهنا: سألته عن مسألة: فغضب، وقال: خذ ويحك فيما ينتفع به، وإياك وهذِه المسائل المحدثة وخذ فيما فيه حديث. "معونة أولي النهى" 11/ 291 6 - كيفية مذاكرة العلم قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو الجهم عبد القدوس بن بكر، عن محمد بن النضر الحارثي قال: كان يقال: أول العلم الإنصات له، ثم الاستماع له، ثم حفظه، ثم العمل به، ثم بثه. "الزهد" ص 441 7 - استحباب ترديد العلم لتفهمه قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: عليكم بالتفهم مرتين. يعني في الفقه. "مسائل عبد اللَّه" (1257) قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع قال: حدثني مالك بن أنس قال: لقيت ابن شهاب يومًا في موضع الجنائز وهو على بغلةٍ له، فسألته عن حديث فيه طول، فحدثني به قال: فأخذت بلجام بغلته، فلم أحفظه. قلت: يا أبا بكر، أعِدْهُ علي. فأبى.

8 - النهي عن التكلف في المسألة

فقلت: أما كنت تُحب أن يُعاد عليك الحديث؟ فأعاده عليّ فحفظِتُه. "العلل" (1586) 8 - النهي عن التكلف في المسألة قال المروذي: سألت أبا عبد اللَّه عن شيء، قال: لا تبحث عما لا تعلم فهو خير. "الآداب الشرعية" 3/ 270 سأل المروذي أحمد عن شيء من أمر العدل، فقال: لا تسأل عن هذا فإنك لا تدركه. "معونة أولي النهى" 11/ 292 9 - جواز كتم بعض العلم عن غير أهله قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمدَ: أيسعك أن لا تحدث؟ قالَ: لم يسعني، أنا قد حدثت. "مسائل الكوسج" (3388) قال ابن هانئ: قلت: إن أصحاب الحديث فيهم قوم ما ينبغي لمحدث أن يحدثهم؟ فقال لي: الحديث لا يئول إلا إلى خير. "مسائل ابن هانئ" (1113). قال ابن هانئ: دخلت يومًا على أبي عبد اللَّه، وعنده مثنَّى ومعه كتابه، فلما رآني خبأه.

فقال له أبو عبد اللَّه: أبو يعقوب ليس ممن يخبأ منه. "مسائل ابن هانئ" (2009) وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا غسان بن الربيع قال: حدثنا أبو إسرائيل، عن عبد الملك بن عمير قال: كان يقال: نكد الحديث الكذب، وآفته النسيان، وإضاعته أن تحدث به من ليس له بأهل. "العلل" رواية عبد اللَّه (935). قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن الزبير، ويحيى ابن آدم، حدثنا سفيان قال: كان عيسى ابن مريم عليه السلام يقول إنما أحدثكم لتعلموا، ولم أحدثكم لتعجبوا. قال يحيى: ولست أحدثكم. "الزهد" ص 119 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب، عن أبي قلابة قال: لا تحدث الحديث من لا يعرفه، يضره ولا ينفعه (¬1). "الزهد" ص 368 قال إسحاق بن إبراهيم -يعني: المعروف بلؤلؤ: حضر مجلس أبي عبد اللَّه كبش الزنادقة، فقلت له: أي عدو اللَّه، أنت في مجلس أبي عبد اللَّه ما تصنع؟ فسمعني أحمد، فقال: ما لك؟ فقلت: هذا عدو اللَّه كبش الزنادقة قد حضر المجلس؛ فقال: من أمركم بهذا؟ عمن أخذتم هذا؟ دعوا الناس يأخذون العلم وينصرفون لعل اللَّه ينفعهم به. "الآداب الشرعية" 2/ 8 - 9 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 230 (25520).

10 - تواضع العالم للطلاب

10 - تواضع العالم للطلاب قال الخطيب البغدادي: أخبرني عبد الغفار بن محمد بن جعفر المؤدب، حدثنا عمر بن أحمد الواعظ، حدثنا أحمد بن محمد بن الفضل أبو العباس المؤذن جارنا قال: سمعت هارون بن عبد اللَّه الحمال يقول جاءني أحمد بن حنبل بالليل فدق الباب عليَّ فقلت: من هذا؟ فقال: أنا أحمد، فبادرت أن خرجت إليه فمساني ومسيته. قلت: حاجة يا أبا عبد اللَّه؟ قال: شغلت اليوم قلبي. قلت: بماذا يا أبا عبد اللَّه؟ قال: جزت عليك اليوم وأنت قاعد تحدث الناس في الفيء، والناس في الشمس بأيديهم الأقلام والدفاتر، لا تفعل مرة أخرى إذا قعدت فاقعد مع الناس. "تاريخ بغداد" 14/ 22

باب: الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها طالب العلم

باب: الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها طالب العلم 11 - النية في طلب العلم قال ابن خيثمة: حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الرزاق، قال: نا معمر، قال: إن كان الرجل ليعلم العلم لغير اللَّه فيأبى العلم حتى يكون للَّه. "تاريخ ابن خيثمة" 1/ 327 (1204) ونقل مهنا: طلب العلم أفضل الأعمال لمن صحت نيته. قيل: فأي شيء تصحيح النية؟ قال: ينوي بتواضع، وينفي عنه الجهل. "الفروع" 1/ 523 - 524، "الإنصاف" 4/ 100 - 101 12 - ينبغي أن يتعلم العلم للعمل قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو عبد الصمد، حدثنا مالك بن دينار قال: وجدت في بعض الحكمة: لا خير لك في أن تعلم ما لم تعلم ولما تعمل بما قد علمت، قال: مثل ذلك مثل رجل احتطب حطبًا، فحزم حزمة، ثم ذهب يحملها، فعجز عنها، فضم إليها أخرى. "الزهد" ص 65 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا هشام الدستوائي قال: إن في حكمة عيسى ابن مريم عليه السلام: تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل، ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بالعمل، ويحكم علماء السوء، الأجر تأخذون، والعمل تضيعون،

توشكون أن تخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبور وضيقها، واللَّه نهاكم عن المعاصي، كما أمركم بالصوم والصلاة، فكيف يكون من أهل العلم من دنياه آثر عنده من آخرته، وهو في الدنيا أفضل رغبة؟ كيف يكون من أهل العلم من مسيره إلى آخرته، وهو مقبل على دنياه؟ وما يضره أشهى إليه مما ينفعه؟ ! كيف يكون من أهل العلم من سخط رزقه، واحتقر منزلته، وهو يعلم أن ذلك من علم اللَّه وقدرته؟ ! كيف يكون من أهل العلم من آتهم اللَّه سبحانه في إصابته؟ ! كيف يكون من أهل العلم من طلب الكلام ليحدث به، ولم يطلبه ليعمل به؟ ! . "الزهد" ص 66 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا بكار قال: سمعت وهبا يحدث أن الرب قال لعلماء بني إسرائيل: تفقهون لغير الدين، وتعلمون لغير العمل، وتبتغون الدنيا بعمل الآخرة، تلبسون مسوك الضأن، وتخفون أنفس الذئاب، وتنقون القذاء من شرابكم، وتبتلعون أمثال الجبال من المحارم، وتثقلون الدين على الناس أمثال الجبال، ولا تعينوهم برفع الخناصر، تبيضون الثياب، وتطيلون الصلاة، تنتقصون بذلك مال اليتيم والأرملة، فبعزتي حلفت لأضربنكم بفتنة يضل فيها رأي ذي الرأي، وحكمة الحكيم. "الزهد" ص 69 قال عبد اللَّه: أخبرنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا سلام قال: سمعت يزيد -يعني: الضبي- يقول: قالت امرأة لعيسى عليه السلام وهو يصنع مما قد أعطي وسخر له: طوبى لبطن حملتك، وطوبى لثدي أرضعتك. فقال عيسى، وأقبل عليها: طوبى لمن قرأ كتاب اللَّه واتبع ما فيه.

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، أخبرنا معاوية بن عمرو، أخبرنا زائدة، عن الأعمش، عن خيثمة قال: مرت امرأة على عيسى عليه السلام، فقالت: طوبى لثدي أرضعك، وحجر حملك. قال عيسى: طوبى لمن قرأ القرآن، ثم عمل بما فيه. "الزهد" ص 75 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد اللَّه بن يزيد قال: سمعت زيادا أبا عمر يقول: بلغني أن عيسى ابن مريم قال: إنه ليس بنافعك أن تعلم ما لم تعلم، ولما تعمل بما قد علمت؛ إن كثرة العلم لا تزيد إلا كبرًا إذا لم يعمل به. "الزهد" ص 76 حدثنا عبد اللَّه، حدثني أبي، حدثنا سفيان: قال عيسى ابن مريم عليه السلام للقراء: يا ملح الأرض، لا تفسدوا، فإن الشيء إذا فسد إنما يصلحه الملح، وإن الملح إذا فسد لم يصلحه شيء. "الزهد" ص 111 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا أبو الربيع، حدثنا أبو الأشهب، عن محمد بن واسع قال: قال لقمان لابنه: لا تتعلم ما لم تعلم حتى تعمل بما تعلم. "الزهد" ص 121 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا عمر بن السعدي، عن أوفى بن دلهم العدوي قال: بلغني عن علي -رضي اللَّه عنه- أنه قال: تعلموا العلم تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، فإنه سيأتي من بعدكم زمان ينكر الحق فيه تسعة أعشارهم، لا ينجو فيه إلا كل نؤمة، أولئك أئمة الهدى

ومصابيح العلم. "الزهد" ص 162 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، عن جعفر، عن ميمون قال: قال أبو الدرداء: ويل للذي لا يعلم مرة، وويل للذي يعلم، ثم لا يعمل سبع مرات. "الزهد" ص 176 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا عبد العزيز بن مسلم، حدثني الحصين، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي الدرداء قال: ما لي أرى علماءكم يذهبون، وأرى جهالكم لا يتعلمون؟ تعلموا العلم قبل أن يرفع، فإن رفع العلم ذهاب العلماء، ما لي أراكم تحرصون على ما قد تكفل لكم به، وتضيعون ما وكلتم به؛ لأنا أعلم بشراركم من البيطار بالخيل؛ هم الذين لا يأتون الصلاة إلا دبرًا، ولا يسمعون القرآن إلا هجرًا. "الزهد" ص 180 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يزيد، حدثنا المسعودي، عن القاسم ابن عبد الرحمن قال: قال عبد اللَّه: كفى بخشية اللَّه علمًا، وكفى بالاغترار جهلًا. "الزهد" ص 197 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، عن مسعر، عن معن قال: قال عبد اللَّه: إن استطعت أن تكون أنت المحدث، وإذا سمعت اللَّه يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 104] فارعها سمعك؛ فإنه خير يأمر به، أو شر ينهى عنه.

وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا قرة، عن عون ابن عبد اللَّه بن عتبة قال: قال عبد اللَّه: ليس العلم بكثرة الرواية، ولكن العلم الخشية. وقال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا معاوية بن صالح، عن عدي بن عدي قال: قال عبد اللَّه بن مسعود: ويل لمن لا يعلم، ولو شاء اللَّه لعلمه، وويل لمن يعلم ولا يعمل سبع مرات. "الزهد" ص 198 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن عمران بن أبي الجعد، ومسعر، عن معن بن عبد الرحمن قال: قال عبد اللَّه: إن الناس قد أحسنوا القول كلهم، فمن وافق قوله فعله فذاك الذي أصاب حظه، ومن خالف قوله فعله فإنما يوبخ نفسه. قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا حجاج، حدثنا المسعودي، عن القاسم، وغيره، عن عبد اللَّه أنه كان يقول: قولوا الخير تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، ولا تكونوا عجلًا مذايع بذرًا. "الزهد" ص 200 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثني حجاج بن محمد قال: سمعت جرير ابن حازم، عن وهب المكي أن رجلا شابًا كان سأل أم الدرداء، قال: فأكثر، قال: فقالت له أم الدرداء: أتعمل بكل ما تسأل عنه؟ قال: فقال: لا. قال: فقالت: فما ازديادك من حجة اللَّه عليك. "الزهد" ص 219

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا الجريري، عن أبي السوار أنهم أتوا جنديا في قراء أهل البصرة، فقال: أرى هديًا حسنًا وسمتًا حسنًا، فإياكم وهذِه الأهواء، ثم قال: مثل الذي يعلم الناس ولا يعمل كمثال السراج يضيء للناس ويحرق نفسه. "الزهد" ص 251 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، حدثنا هشام، عن الحسن: قد كان الرجل يسمع بالباب من أبواب العلم فيتعلمه ويعمل به، فيكون خيرا له من الدنيا وما فيها لو كانت له فوضعها في آخرة. "الزهد" ص 320 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا سيار، حدثنا جعفر قال: سمعت مالكا، يقول: إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا. قال: وسمعت مالكا يقول: إنك إذا طلبت العلم لتعمل به سرك العلم، وإذا طلبته لغير العمل لم يزدك إلا فخرًا. "الزهد" ص 390 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا فياض بن محمد، عن جعفر، عن صالح بن مسمار البصري قال: قلت لصاحب: انطلق بنا إلى الحسن فسمع من حديثه، قال: قد سمعنا فانطلق بنا فلنعمل. "الزهد" ص 396 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن، قال سفيان، عن الأعمش، عن عبد اللَّه بن مرة، عن مسروق قال: بحسب الرجل من

العلم أن يخشى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وبحسب الرجل من الجهل أن يعجب بعلمه. "الزهد" ص 419 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا ابن حفص، أنبأنا سفيان الثوري، عن ابن أبي خالد، عن الشعبي قال: يشرف أهل الجنة في الجنة على قوم في النار فيقولون: ما لكم في النار، وإنما كنا نعمل بما تعلمونا؟ فيقولون: إنا كنا نعلمكم ولا نعمل به. "الزهد" ص 442 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا الخفاف، عن عثمان أبي سلمة، عن منصور بن زاذان قال: نبئت أن بعض من يلقى في النار يتأذى أهل النار بريحه، فيقال له: ويلك ما كنت تعمل؟ ! أما يكفينا ما نحن فيه من الشر حتى ابتلينا بك وبنتن ريحك؟ ! فيقول: كنت عالما فلم أنتفع بعلمي. "الزهد" ص 451 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا حسين بن علي، عن ليث بن أبي سليم قال: كان مجاهد يقول: الفقيه من يخاف اللَّه عز وجل. "الزهد" ص 452 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم، حدثنا جرير، عن حبيب بن عبيد الرحبي قال: تعلموا العلم واعقلوه وانتفعوا به، ولا تعلموه لتجملوا به؛ فإنه يوشك إن طال بكم عمر أن يتجمل ذو العلم بعلمه، كما يتجمل ذو البزة ببزته. "الزهد" ص 463 قال ابن بطة: حدثنا أبو عمر حمزة بن القاسم -خطيب جامع المنصور- حدثنا حنبل بن إسحاق، حدثنا أبو عبد اللَّه، حدثنا سفيان بن

عيينة قال: سمعت أيوب يقول: سمعت الحسن يقول: ما رأيت فقيهًا قط يداري ولا يماري، إنما يفشي حكمته، فإن قبلت حمد اللَّه، وإن ردت حمد اللَّه (¬1). قال: وسمعت الحسن يقول: ما رأيت فقيها قط. وإنما الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة الدائب على العبادة، المتمسك بالسنة. "إبطال الحيل" ص 65 - 66 (17) قال ابن بطة: حدثنا أبو عبد اللَّه بن مخلد، حدثنا أبو بكر المروذي، حدثنا حبان بن موسى قال: سئل عبد اللَّه بن المبارك: هل للعلماء علامة يعرفون بها؟ قال: علامة العالم من عمل بعلمه، واستقل كثير العلم والعمل من نفسه، ورغب في علم غيره، وقبل الحق من كل من أتاه به، وأخذ العلم حيث وجده، فهذِه علامة العالم وصفته. قال المروذي: فذكرت ذلك لأبي عبد اللَّه؛ فقال: هكذا هو. وقال ابن بطة: حدثنا ابن مخلد، حدثنا المروذي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: قيل لابن المبارك: كيف يعرف العالم الصادق؟ فقال: الذي يزهد في الدنيا ويعقل أمر آخرته. فقال: نعم، كذا يريد أن يكون. "إبطال الحيل" ص 75 (31، 32) ¬

_ (¬1) أخرجه ابن المبارك في "الزهد" 8، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" 92، والآجري في "أخلاق العلماء" 121.

13 - أثر العلم إن لم تصحبه التقوى

13 - أثر العلم إن لم تصحبه التقوى قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: كتبت عن سيار، عن جعفر، عن ثابت، عن أنس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يعفى عن الأميين قبل أن يعفى عن العلماء؟ " (¬1)، قال: نعم. "الورع" (70) قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثنا رباح بن يزيد، عن عبد الملك بن حنيف قال: سمعت وهب بن منبه يقول: إن للعلم طغيانًا كطغيان المال. "الزهد" ص 445 قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: سمعت سفيان يقول: ما ازداد رجل علمًا فازداد من الدنيا قربًا، إلا ازداد من اللَّه بُعدًا. "طبقات الحنابلة" 3/ 27 14 - ما ينبغي أن يكون عليه من الأخلاق قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا العلاء بن عبد الكريم، عن بعض أصحابه قال: قال عمر رحمه اللَّه: تعلموا العلم وتعلموا للعلم السكينة والحلم، وتواضعوا لمن تعلمون، وليتواضع لكم من تعلمون، ولا تكونوا من جبابرة العلماء، ولا يقم علمكم مع جهلكم. "الزهد" ص 149 ¬

_ (¬1) رواه أبو نعيم في "الحلية" 2/ 331، 9/ 222، والخطيب في "اقتضاء العلم العمل" ص 54 (81) من طريق عبد اللَّه بن أحمد عن أبيه بهذا الإسناد. وضعفه الألباني في "الضعيفة" (3154)، "ضعيف الجامع" (1741). فقال في "الضعيفة": منكر.

قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، حدثنا هشام، عن الحسن قال: قد كان الرجل يطلب العلم، فلا يلبث أن يرى ذلك في تخشعه وهديه وفي لسانه وبصره وبره. "الزهد" ص 319، 347 قال ابن بطة: حدثنا أبو الحسين إسحاق بن أحمد الكاذي، حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا عفان، حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال: ينبغي للعالم أن يضع التراب على رأسه تواضعا للَّه عَزَّ وَجَلَّ (¬1). "إبطال الحيل" ص 79 (36) قال أبو موسى المديني: ذكر علي بن الحسين بن جدي، قال: قرأت بخط أبي حفص عمر بن عبد اللَّه العكبري، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عبيد اللَّه ابن محمد، قال: سمعت أبا بكر أحمد بن سلمان يقول: سمعت أبا بكر يعقوب بن يوسف المطوعي يقول: جلست إلى أبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل ثلاث عشرة سنة، وهو يقرأ "المسند" على أولاده، ما كتبت منه حرفًا واحدًا، وإنما كنت أكتب آدابه وأخلاقه وأتحفظها. وقال عبيد اللَّه: قال لي أبو بكر بن أيوب: سمعت يعقوب يقول: كنت أختلف إلى أحمد ثلاث عشرة سنة، لا أكتب عنه، وهو يقرأ المسند، إنما كنت انظر إلى هديه أتأدب به. "خصائص المسند" المطبوع مع "المسند" تحقيق أحمد شاكر 1/ 25 ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة 14/ 51، والآجري في "أخلاق حملة القرآن" 60، وفي "أخلاق العلماء" 131، والبيهقي في "الشعب" 2/ 300، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" 2/ 113.

15 - إجلال العلماء وتعظيم مكانتهم

ذكر أبو بكر عبد العزيز بن جعفر، أن أحمد بن حنبل قال لولديه: اكتبا مَنْ سَلَّم علينا ممن حج، فإذا قدم سلمنا عليه. قال ابن عقيل: هذا محمول منه على صيانة العلم لا على الكبر. "المناقب" ص 264 قال ابن الجوزي: أنبأنا يحيى بن الحسن بن البنا، قال: أنبأنا أبو يعلى محمد بن الحسين، قال: أنا أبو الحسن علي بن محمد الحنائي، قال: أنا أبو محمد الطرسوسي، قال: ثنا أبو العباس البردعي، قال: سمعت الحسن بن إسماعيل، يقول: سمعت أبي يقول: كان يجتمع في مجلس أحمد زهاء على خمسة آلاف أو يزيدون، أقل من خمسمائة يكتبون، والباقون يتعلمون منه حسن الأدب وحسن السمت. "المناقب" ص 271 15 - إجلال العلماء وتعظيم مكانتهم قال صالح: جاء رجل من مدينة أبي جعفر -شيخ- فقال: يا أبا إسحاق حدثني؟ قال: كيف أحدثك وهذا هاهنا. قال أبي: وكنت حاضره. "مسائل صالح" (703) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا أبو معاوية، أخبرنا الأعمش، عن خيثمة قال: كان عيسى عليه السلام يصنع الطعام لأصحابه، ثم يدعوهم، فيقوم عليهم، ثم يقول: هكذا فاصنعوا بالقراء. "الزهد" ص 77

قال إسحاق الشهيد: كنت أرى يحيى القطان يصلي العصر، ثم يستند إلى أصل منارة مسجد، فيقف بين يديه علي بن المديني، والشاذكوني، وعمرو بن علي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وغيرهم، يستمعون الحديث وهم قيام على أرجلهم، إلى أن تحين صلاة المغرب، لا يقول لأحد منهم اجلس ولا يجلسون هيبة وإعظامًا. "المناقب" لابن الجوزي ص 82، 83 قال ابن الجوزي: أخبرنا محمد بن أبي منصور، قال: حدثنا عبد القادر بن محمد، قال: أنبأنا إبراهيم بن عمر، قال: أنبأنا عبد العزيز ابن جعفر، قال: أنا أبو بكر الخلال، قال: أخبرني محمد بن العباس، قال: حدثني الحسن بن عبد الوهاب، قال: حدثني إسماعيل الديلمي، عن عمرو الناقد، قال: كنا عند وكيع، وجاء أحمد بن حنبل فقعد وجعل يصف من تواضعه بين يديه، قال عمرو فقلت: يا أبا عبد اللَّه، إن الشيخ يكرمك فمالك لا تتكلم؟ قال: وإن كان يكرمني فينبغي لي أن أجله. "المناقب" ص 82 قال ابن الجوزي: أخبرنا المبارك بن أحمد، قال: أنا عبد اللَّه بن أحمد السمرقندي، قال: أنا أحمد بن علي، قال: أنا محمد بن أحمد ابن رزق، قال: أنا محمد بن محسن بن زياد، قال: أبا إدريس بن عبد الكريم، قال: قال خلف: جاءني أحمد بن حنبل يسمع حديث أبي عوانة، فاجتهدت أن أرفعه فأبى، وقال: لا أجلس إلا بين يديك، أمرْنا أن نتواضع لمن نتعلم منه. "المناقب" ص 82

قال ابن الجوزي: أخبرنا عبد الملك بن أبي القاسم، قال: أنا عبد اللَّه ابن محمد الأنصاري، قال: أنا إسحاق بن إبراهيم المعدّل، قال: أنا خالي أحمد بن إبراهيم، قال: ثنا يعقوب بن إسحاق، قال: سمعت أبا ذر أحمد ابن عبد اللَّه بن مالك الترمذي، قال: سمعت أحمد بن الأزهر البلخي، قال: سمعت قتيبة بن سعيد، يقول: قدمت بغداد وما كانت لي همة إلا أن ألقى أحمد بن حنبل، فإذا هو قد جاءني مع يحيى بن معين، فتذاكرنا، فقام أحمد بن حنبل وجلس بين يدي وقال: أمل علي هذا، ثم تذاكرنا، فقام أيضًا وجلس بين يدي، فقلت: يا أبا عبد اللَّه اجلس مكانك، فقال: لا تشتغل بي، إنما أريد أن آخذ العلم على وجهه. "المناقب" ص 82 - 83 قال ابن الجوزي: أخبرنا محمد لن أبي منصور، قال: أنا عبد القادر ابن محمد، قال: أنا إبراهيم بن عمر البرمكي، قال: ثنا علي بن مردك، قال: ثنا أبو محمد بن أبي حاتم، قال: سمعت محمد بن مسلم، يقول: كنا نهاب أن نرد أحمد بن حنبل في الشيء أو نحاجه في شيء من الأشياء. يعني لجلالته ولهيبة الإسلام الذي رزقه. "المناقب" ص 273 قال ابن الجوزي: أخبرنا محمد بن ناصر، قال: أنا عبد القادر بن محمد، قال: أنبأنا أبو إسحاق البرمكي، قال: أنبأنا عبد العزيز بن جعفر، قال: ثنا أبو بكر أحمد بن محمد الخلال قال: أخبرني محمد ابن الحسين، قال: ثنا أبو بكر المرُّوذي، قال: قال الحسن بن أحمد -والي الجسر- وكان في جوارنا: دخلت على إسحاق بن إبراهيم وفلان -ذكر السلاطين- ما رأيت أهيب من أحمد بن حنبل، صرت إليه أكلمه

في شيء فوقعت علي الرعدة حين رأيته من هيبته. وقال الخلال: وأخبرني محمد بن موسى، قال: قال جعفر الوراق قال لي عبدوس: رآني أبو عبد اللَّه يومًا وأنا أضحك، فأنا أستحييه إلى اليوم. "المناقب" ص 273 قَالَ صَالِحٌ: مَشَى أَبِي مَعَ بَغْلَةِ الشَّافِعِيِّ فَبَعَثَ إلَيْهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا رَضِيتُ إلَّا أَنْ تَمْشِيَ مَعَ بَغْلَةِ الشَّافِعِيِّ، فَقَالَ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا لَوْ مَشَيْت مِنْ الجَانِبِ الآخَرِ كَانَ أَنْفَعَ لَك. "طرح التثريب في شرح التقريب" 1/ 96 قال ابن ماجه: جاء يحيى بن معين إلى أحمد بن حنبل، فبينا هو عنده؛ إذ مر الشافعي على بغلته فوثب أحمد يسلم عليه، وتبعه فأبطأ ويحيى جالس، فلما جاء قال يحيى: يا أبا عبد اللَّه كم هذا؟ فقال: دع عنك هذا إن أردت الفقه؛ فالزم ذنب البغلة. "سير أعلام النبلاء" 10/ 86 قال محمد بن رافع: كنت مع أحمد بن حنبل وإسحاق عند عبد الرزاق، فجاءنا يوم الفطر فخرجنا مع عبد الرزاق إلى المصلى، ومعنا ناس كثير، فلما رجعنا من المصلَّى، دعانا عبد الرزاق إلى الغداء، فجعلنا نتغدى معه، فقال لأحمد وإسحاق: رأيت اليوم منكما شيئًا عجبًا، لم تكبَّرا! ! قالا: يا أبا بكر، نحن ننظر إليك هل تكبر فنكبر، فلما رأيناك لم تكبر أمسكنا. قال: وأنا كنت أنظر إليكما. هل تكبران فأكبر. "سير أعلام النبلاء" 12/ 216

16 - صيانة كتب العلم

16 - صيانة كتب العلم قَالَ نُعَيْمِ بْنِ نَاعِم: سَألت أحمد: أَيَضَعُ الرَّجُلُ الكُتُبَ تَحْتَ رَاسِهِ؟ قَالَ: أَيُّ كُتُبٍ؟ قلْت: كُتُبَ الحَدِيثِ. قَالَ: إذَا خَافَ أَنْ تُسْرَقَ فَلَا بَأسَ، وَأَمَّا أَنْ يَتَّخِذَها وِسَادَةً فَلَا. "طبقات الحنابلة" 2/ 496، "الآداب الشرعية" 2/ 274

كتاب أصول الفقه

كتاب أصول الفقه باب مقدمات في أصول الفقه 17 - هل العقل غريزة أم اكتساب؟ قال إبراهيم الحربي: قال أحمد: العقل غريزة (¬1)، والحكمة فطنة، والعلم سماع، والرغبة في الدنيا هوى، والزهد فيها عفاف. "العدة" 1/ 85 - 86، "التمهيد في أصول الفقه" 1/ 44، "المسودة" 2/ 978 18 - محل العقل نقل الفضل بن زياد عنه: وقد سأله رجل عن العقل أين منتهاه من البدن، قال: العقل في الرأس، أما سمعت إلى قولهم: وافر الدماغ والعقل. واحتج بأن الرأس إذا ضرب زال العقل؛ ولأن الناس يقولون: فلان خفيف الرأس، وخفيف الدماغ. ويريدون به العقل. "العدة" 1/ 89، "المسودة" 2/ 982 قال ابن شاهين: قال أحمد: محله الرأس. "التمهيد في أصول الفقه" 1/ 48 ¬

_ (¬1) قال القاضي أبو يعلى: ومعنى قوله: (غريزة) أنه خلق للَّه تعالى ابتداءً وليس باكتساب للعبد. "العدة في أصول الفقه" 1/ 86.

19 - تعريف الدال والدليل والمبين والمستدل

19 - تعريف الدال والدليل والمبين والمستدل قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: قواعد الإسلام أربع: دال ودليل ومبين ومستدل، فالدال: اللَّه تعالى، والدليل: القرآن، والمبين: الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال اللَّه تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] والمستدل: أولو الألباب، وأولو العلم الذين يجمع المسلمون على هدايتهم، ولا يقبل الاستدلال إلا ممن كانت هذِه صفته. "العدة" 1/ 134 - 135

باب: الأوامر

باب: الأوامر 20 - هل تشترط إرادة الآمر المأمور به؟ نقل حنبل عنه: أمر اللَّه العباد بالطاعة، وكتب عليهم المعصية؛ لإثبات الحجة عليهم، وكتب اللَّه على آدم أنه يصيب الخطيئة قبل أن يخلقه. "العدة في أصول الفقه" 1/ 215 21 - هل المندوب إليه مأمور به؟ قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: آمين أمر من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أمن القارئ فأمنوا" (¬1)، فهذا أمر من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، والأمر أوكد من الفعل. "مسائل ابن هانئ" (217) نقل عن الميموني: إذا زنت الأمة الرابعة، كان عليه أن يبيعها، وإلا كان تاركًا للأمر. ونقل عند حنبل: يقاد المذبوح قودًا رقيقًا، وتوارى السكين ولا تظهر إلا عند الذبح، أمر بذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "العدة في أصول الفقه" 1/ 249 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 238، والبخاري (6402)

22 - ما يحمل عليه لفظ الأمر المطلق المجرد عن القرائن

22 - ما يحمل عليه لفظ الأمر المطلق المجرد عن القرائن قال في رواية أبي الحارث: إذا ثبت الخبر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وجب العمل به. "العدة" 1/ 224، "المسودة" 1/ 68 وسأل الميموني أحمد عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذَا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فانتهوا" (¬1) فقال: الأمر أسهل من النهي. ونقل علي بن سعيد عنه: ما أمر الني -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو عندي أسهل مما نهى عنه. "الروايتين والوجهين/ المسائل الأصولية" ص 39، 40، "العدة" 1/ 228، "التمهيد في أصول الفقه" 1/ 147، "المسودة" 1/ 84 وقال أحمد في رواية صالح وعبد اللَّه في قوله تعالى: {وَإذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 10]، فقال: أكثر ما سمعنا إن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل. كأنهم ذهبوا إلى أنه ليس بواجب، وليس هما على ظاهرهما. "العدة" 1/ 256، "المسودة" 1/ 105 - 106 23 - هل يقتضي الأمر المطلق التكرار؟ نقل عنه صالح في كتاب "طاعة الرسول": قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} فإن ظاهرها يدل على أنه إذا قام فعليه ما وصف، فلما كان يوم الفتح صلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بوضوء واحد. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 258، والبخاري (7288)، ومسلم (1337) من حديث أبي هريرة.

24 - هل يقتضي الأمر المطلق الفورية؟

وقال في رواية يعقوب بن بختان وقد سأله عن العبد إذا أذن له سيده كم يتزوج، قال: واحدة، فإن أراد أن يتزوج أخرى استأذنه. وقال أيضًا: إذا خيَّر زوجته لم يكن لها أن تطلق نفسها إلَّا طلقه: "الروايتين والوجهين" المسائل الأصولية ص 41، "العدة" 1/ 264، 272 24 - هل يقتضي الأمر المطلق الفورية؟ قال في رواية الأثرم وقد سُئل عن قضاء رمضان يفرق، فقال: نعم؟ قال اللَّه تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَر}. "العدة في أصول الفقه" 1/ 283 25 - إذا ورد الأمر بأشياء على طريق التخيير، هل الواجب واحد، أم الجميع؟ قال البغوي: سمعت أحمد يقول: كل شيء في القرآن (أو، أو) فهو تخيير. "البغوي" (21) 26 - هل هناك فرقًا بين الفرض والواجب؟ قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل عن المضمضة والاستنشاق فريضة؟ قال: لا أقول فريضة إلَّا ما في الكتاب. "مسائل أبي داود" (37) قال ابن هانئ: وسُئل عن المضمضة، والاستنشاق؟

27 - الأمر للنبي -صلى الله عليه وسلم- أمر لأمته؟

قال: سنة فعلها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فمن تركها أعاد الوضوء والصلاة. "مسائل ابن هانئ" 83 ونقل الميموني وقد سأله هل تقول برّ الوالدين فرض؟ قال: لا، ولكن أقول: واجب، ما لم يكن معصية. "الروايتين والوجهين" المسائل الأصولية ص 42 قال أبو إسحاق بن شاقلا: قال أبو عبد اللَّه: لا أقول فرضًا إلَّا في كتاب اللَّه. "العدة" 2/ 378، "المسودة" 1/ 165 27 - الأمر للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر لأمته؟ قال الإمام أحمد في رواية أبي طالب في رجل قال: إن أكلت هذا الطعام فهو عَلَيَّ حرام، فإن أكله عليه كفارة يمين، حديث عائشة وحفصة، لما قالتا للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: نشم منك رائحة مغافير، قال: "لا، بل شربت عسلًا، ولن أعود إليه". فأنزل اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ}. وقال أيضًا فيمن حَرَّم أمته: عليه كفارة. واحتج بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: حرم مارية القبطية، فأنزل اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ}. وقال في رواية الأثرم: لا يتطوع قبل صلاة العيد ولا بعدها. وذكر الحديث. يعني: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يصل قبلها ولا بعدها. وقال في رواية محمد بن موسى وقد سُئل عن قوم ينهون عن رفع اليدين في الصلاة، فقال: لا ينهاك إلا مبتدع، فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك. "العدة في أصول الفقه" 1/ 320 - 323

28 - أفعال النبي -صلى الله عليه وسلم- لها دليل

28 - أفعال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لها دليل قال حنبل: قال أحمد: لا يصلى على قبر بعد شهر، على ما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على قبر أم سعد بعد شهر. "العدة في أصول الفقه" 2/ 478 29 - أفعال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هل هي على الوجوب؟ قال أبو الفضل صالح: وسألته عما يُروى من فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- له خاص، ما هو يكون مثل النوم والصفي وما في معناه من الفعال مما لم يفعله غيره؟ قال: مثل ما أبيح له من النساء، مات عن تسع وتزوج أربع عشرة، وقال: "تَنَامُ عَيْنِي وَلَا يَنَامُ قَلْبِي" (¬1)، وكان يصطفي من المغنم. "مسائل صالح" (219) قال ابن هانئ: وسألته عن الاضطجاع، فقال: ما فعله إلا مرة، يروى عن أبي هريرة، عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وليس هو أمرًا من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما فعله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل ابن هانئ" (526) قال أحمد في رواية إسحاق بن إبراهيم: الأمر من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سوى الفعل؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد يفعل الشيء على جهة القصد، وقد يفعل الشيء هو له خاص، وأمره بالشيء للمسلمين. "الروايتين والوجهين" المسائل الأصولية ص 62، "العدة" 1/ 216، "التمهيد في أصول الفقه" 2/ 318 "المسودة" 1/ 196 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 36، والبخاري (3569)، ومسلم (738) من حديث عائشة.

30 - العبيد يدخلون في الخطاب المطلق

قال الأثرم: وقيل له: أليس ينبغي أن يستعمل بأن يقول كما يقول المؤذن؟ قال: ويجعل هذا واجبًا، إنما روي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا سمع المؤذن، قال كما يقول، فهو فضل، ليس على أنه واجب. "العدة في أصول الفقه" 3/ 737 قال محمد بن هبيرة البغوي: قلت له: أليس أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- واحدًا؟ قال: نعم، إلا أن منه أشد. قلت له: ففعله؟ قال: فعله ليس عليك بواجب، وذلك أنه كان يقوم حتى ترم قدماه، ويفعل أفعالًا لا تجب عليك. "العدة في أصول الفقه" 3/ 749 30 - العبيد يدخلون في الخطاب المطلق قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لأحمد: إيلاء العبدِ؟ قال: نعم، عليه إيلاء، وإيلاؤه أربعةُ أشهرٍ. قال الإمام أحمد: إنما قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226)} [البقرة: 226] ولم يذكرِ العبيدَ، ولا اليهودَ، ولا النصَارى. قال إسحاق: إيلاء العبدِ إنما هو شهرانِ؛ لأنَّ كلَّ أَمرِهِ في الطلاق والعِدَّةِ: على النصف. "مسائل الكوسج" (921) قال الإمام أحمد في رواية إسماعيل بن سعيد: تجوز شهادة المملوك

31 - دخول النساء في عموم الذكور

إذا كان عدلًا؛ لأن اللَّه تعالى يقول: {مِمَّن تَرضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}. وقال: {وَأَشهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}. وقال في رواية الميموني وقد سأله عن المملوكين أو المملوك وتحته حرة يلاعنها، فقال: كل زوجين يتلاعنان؛ على ظاهر الآن. "العدة في أصول الفقه" 2/ 348 - 349 31 - دخول النساء في عموم الذكور قال الإمام أحمد في رواية المروذي في قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "من بَّدل دينه فاقتلوه"، قال: على الرجال والنساء. "العدة في أصول الفقه" 2/ 351 - 352 32 - دخول الكفار في الأمر المطلق قال الإمام أحمد في رواية أبي طالب في اليهودية والنصرانية تلاعن المسلم: قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزوَجَهُمْ} فهي من الأزواج وهي بمنزلة المسلمة المحصنة. "العدة في أصول الفقه" 2/ 358 - 359 33 - تعلق الأمر بالمعدوم قال أحمد في رواية حنبل: لم يزل اللَّه يأمر بما شاء ويحكم. "العدة فى أصول الفقه" 2/ 386

34 - الأمر من الله تعالى بما يعلم أن المأمور لا يفعله

34 - الأَمر من اللَّه تعالى بما يعلم أن المأمور لا يفعله قال أحمد في رواية حنبل: علم اللَّه تعالى أن آدم سيأكل من الشجرة التي نهاه عنها قبل أن يخلقه. "العدة" 1/ 395

35 - باب النواهي ما يدل عليه النهي

35 - باب النواهي ما يدل عليه النهي قال عبد اللَّه: قال أبي: ما نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عنه، فمنه أشياء حرام، مثل نهيه أن تنكح المرأة على عمتها وعلى خالتها (¬1)، ونهى عن جلود السباع أن تفترش (¬2)، فهذا حرام، ومنه أشياء نهى عنها نهي أدب. "مسائل عبد اللَّه" (1223) 36 - إطلاق النهي يقتضي الفساد قال أبو طالب: وقد سئل عن بيع الباقلاء قبل أن تحمل وهو ورد، فقال: نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، هذا بيع فاسد. "العدة في أصول الفقه" 2/ 433 ¬

_ (¬1) رواه البخاري (5108) عن جابر بن عبد اللَّه. ورواه أيضًا (5109، 5111)، ومسلم (1408) عن أبي هريرة. (¬2) رواه الترمذي (1771)، والطبراني 1/ 191 - 192 (508)، والبيهقي من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي المليح، عن أبيه. وصححه ابن الجارود في "المنتقى" (875).

باب دليل الخطاب

باب دليل الخطاب 37 - حجية دليل الخطاب قال ابن هانئ: سألته عن المسلمة تكشف رأسها عند نساء أهل الذمة؟ قال: لا يحل لها أن تكشف رأسها، لأن اللَّه سلةَ يقول: {أَوْ نِسَائِهِنَّ}. "مسائل ابن هانئ" (985)، (1839) وقال الإمام أحمد في رواية محمد بن العباس وقد سأله عن الرضاع، فقال: عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان"، فأرى الثلاثة تحرم. وقال رحمه اللَّه في رواية حنبل وقد سُئل عن الأكل من منزل المجوسي، فقال: ما كان من صيد أو ذبيحة فلا، قال اللَّه تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ}، وهؤلاء ليسوا أهل كتاب. ونقل عنه أيضًا: ليس على المسلم نصح الذمي؛ قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "والنصح لكل مسلم". ونقل عنه أيضًا: يقتل السبع والذئب والغراب ونحوها، ولا كفارة عليه؛ لأن اللَّه تعالى قال: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}. ونقل عنه أيضًا: قول إبراهيم -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبيه: {يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ}، فثبت أن اللَّه يسمع ويبصر. "العدة في أصول الفقه" 9/ 449 - 453

38 - إذا علق الشارع الحكم على صفة في جنس دل على نفي ما عدا الجنس المعلق فيه

38 - إذا علق الشارع الحكم على صفة في جنس دل على نفي ما عدا الجنس المعلق فيه قال الإمام أحمد في رواية الميموني وقد سُئل عن التيمم بالسهلاة، فقال: كيف يتيمم بهذِه الأشياء، ليست بصعيد، ولكن يتيمم ويعيد جميع ذلك؛ لأن اسم الصعيد لا يتناوله، والآية تضمنت التيمم بما يسمى صعيدًا بقوله: {صَعِيدًا} فدل على أن غيره لا يجوز: التيمم به. وقال في رواية الميموني أيضًا: لا يتوضأ بماء الورد، هذا ليس بماء، وإنما يخرج من الورد. "العدة في أصول الفقه" 2/ 465 - 466 39 - مفهوم الخطاب قال إسماعيل بن سعيد: قال أحمد: لا شفعة لذمي. واحتج بقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا لقيتموهم في طريق فألجئوهم إلى أضيقه"، فإذا كان ليس لهم في الطريق حق فالشفعة أحرى أن لا يكون لهم فيها حق. وقال الفضل بن زياد: وقد سُئل عن رهن المصحف عند أهل الذمة، فقال: لا، نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو. "العدة في أصول الفقه" 2/ 480 - 481

باب العموم والخصوص

باب العموم والخصوص 40 - إذا ورد لفظ العموم الدال بمجرده على استغراق الجنس، فهل يجب العمل بموجبه واعتقاد عمومه في الحال قبل البحث عن دليل يخصه أم لا؟ قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الآية إذا جاءت عامة مثل قوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]. فقلت له: إن قوما يقولون: لو أنه لم يجئ فيها خبر عن الرسول صلى اللَّه عليه وسلم لوقفنا عندها، فلم يقطعها حتى بين جل وعز، وتخير لنا فيها وتخير الرسول فيها. قال أبي: قال اللَّه تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11] فكنا نقف عند الولد، لا نورثه حتى ينزل اللَّه تعالى: أن لا يرث قاتل ولا عبد ولا مشرك، فلما عبرت السنة معنى الكتاب، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يرث مسلم كافرًا، ولا كافرًا مسلمًا" (¬1)، وقال: "لَا يَرِثُ القَاتِلُ" (¬2)، لم يعلم الناس اختلفوا في أن العبد لا يرث، وإنما قال ¬

_ (¬1) رواه أحمد 5/ 200، والبخاري (6764)، ومسلم (1614) عن أسامة بن زيد. (¬2) رواه الترمذي (2109)، وابن ماجه (2645، 2735)، والطبراني في "الأوسط" 8/ 298 (8690)، والدارقطني 4/ 96، والبيهقي 6/ 220، وابن الجوزي في "التحقيق" 2/ 241 (1658) من طريق الليث بن سعد، عن إسحاق بن عبد اللَّه الغراوي، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، مرفوعًا به. قال الترمذي: حديث لا يصح، لا يعرف إلا من هذا الوجه، وإسحاق بن عبد اللَّه قد تركه بعض أهل الحديث منهم أحمد بن حنبل. =

41 - إذا كان أول الآية عاما وآخرها خاصا، هل يحمل كل واحد منهما على ما ورد؟

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ" (¬1)، فكان مال العبد، إنما هو لسيده، وليس له فيه ملك. "مسائل عبد اللَّه" (1544) 41 - إذا كان أول الآية عامًّا وآخرها خاصًّا، هل يحمل كل واحد منهما على ما ورد؟ قال أحمد رحمه اللَّه في رواية المروذي في قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7] قال: أول الآية يدل على أن علمه معهم. وقال في سورة أخرى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ من عِلْمِهِ} [البقرة: 255]. وقال أحمد في رواية أبي طالب: يأخذون بأول الآية ويدعون آخرها. "العدة" 2/ 614 42 - إذا جاء ما يحتمل العموم والخصوص من القرآن يرجع إلى السنة قال صالح: سئل أبي عن الآية إذا جاءت تحتمل أن تكون عامة، وتحتمل أن تكون خاصة؟ فقال: إذا كان للآية ظهر (¬2) ينظر فأعلمت السنة، فهو الدليل على ¬

_ = قال البيهقي: إسحاق لا يحتج به. وقال ابن الجوزي: إسحاق متروك. (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 9، والبخاري (2204)، ومسلم (1543) عن ابن عمر. (¬2) هكذا في المطبوع من "مسائل صالح"، وفي "مسائل عبد اللَّه" (1600): ظاهر -كما ستأتي.

ظاهرها، ومنه قول اللَّه تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11] فلو كانت على ظاهرها لزم من قال بالظاهر أن يورث كل من وقع عليه اسم ولد، وإن كان قاتلًا أو يهوديًّا أو نصرانيًّا أو مجوسيًّا أو عبدا، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ، وَلَا الكَافِرُ المُسْلِمَ" (¬1) كان ذلك معنى الآية، فإذا لم يكن عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شيء مشروع يخبر فيه عن خصوص ينظر على ما عمل أصحابه به، فيكون ذلك معنى الآية، فإذا اختلفوا ينظر إلى أي القولين أشبه بقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فيكون العمل عليه. "مسائل صالح" (519)، ونقلها عبد اللَّه عن أبيه في "مسائله" (1600) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الآية إذا كانت عامة؟ فقال: تفسيرها بالسنة، بالحديث، إذا كانت الآية ظاهرة، فينظر ما جاءت به السنة هي دليل على ظاهر الآية مثل قوله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11] فلو كانت الآية على ظاهرها ورث كل من وقع عليه اسم ولد، فلما جاءت السنة أن لا يرث مسلم كافرًا ولا كافر مسلما (1)، وأنه لا يرث قاتل، ولا عبد مكاتب هي دليل على ما أراد اللَّه من ذلك. قلت لأبي: إن كانت مبهمة؟ فقال: والمبهمات ثلاث، قوله: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} [النساء: 23]، وقوله {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22]. فهذِه مبهمات، إذا تزوج الرجل المرأة حرمت عليه أمها، وحرمت على أبيه، وعلى ابنه، وإن لم يكن دخل بها. "مسائل عبد اللَّه" (1290) ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الآية إذا جاءت، تحتمل العموم والخصوص؟ فقال: قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] ما كان في الجاهلية، فظاهرها يحتمل أن يكون أبوه، وجده، وجد أبيه. وقال بعض الناس: وكذلك أبو أمه لا يتزوج امرأته. وقوله: {مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22] ما تزوج الرجل لم يحل لابنه أن يتزوجها، وإن لم يدخل بها الأب. حدثني أبي قال: نا حسين بن محمد، قال: نا شريك، عن جابر، عن أبي جعفر قال: أقام علي بن أبي طالب كعب بن عجرة بين السماطين، أو قال: بين الصفين قال: حدث بما سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تحل ابنة الأخ ولا ابنة الأخت من الرضاعة أن تنكح" (¬1). قال أبي: وكذا أقول أنا أيضًا لا يحل. "مسائل عبد اللَّه" (1239) قال فيما كتب به إلى أبي عبد الرحيم الجوزجاني: فأما من تأوله على ظاهره -يعني: القرآن- بلا دلالة من رسول اللَّه، ولا أحد من الصحابة، فهو تأويل أهل البدع؛ لأن الآية قد تكون خاصة، ويكون حكمها حكمًا عامًا، ويكون ظاهرها في العموم، وإنما قصدت لشيء بعينه، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المعبر عن كتاب اللَّه تعالى وما أراد، وأصحابه أعلم بذلك منا، ¬

_ (¬1) رواه البغوي في "مسند ابن الجعد" (2239)، والطبراني 19 (340). قال الهيثمي في "المجمع" 4/ 261: فيه جابر الجعفي، وهو ضعيف وقد وثق.

43 - تخصيص عام السنة بخاص القرآن

لمشاهدتهم الأمر، وما أريد بذلك. "الروايتين والوجهين" المسائل الأصولية ص 47، 60، "العدة" 2/ 526 - 527، "التمهيد في أصول الفقه" 2/ 105 - 106، "المسودة" 1/ 95 43 - تخصيص عام السنة بخاص القرآن قال عبد اللَّه: وذكر قصة أبي جندل فقال: ذلك صلح على أن يردوا من جاءهم مسلمًا أن يروه إليهم، فقد رَدَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الرجال، ومنع أن ترد النساء، ونزلت فيهن: {فَإِنْ عَلِتُمُوهُنَّ مُؤمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكُفَّارِ} [الممتحنة: 10]. 44 - تخصيص العموم بأفعال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في رواية صالح: قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} ولما ورث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ابنتي سعد بن الربيع الثلثين، دل على أن الآية إنما قصدت الاثنين فما فوق. وقال أيضًا: قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} فلما قالت عائشة وميمونة: كانت إذا حاضت انفردت، ودخلت مع رسول اللَّه في شعاره. .، دلَّ على أنه أراد الجماع. "العدة في أصول الفقه" 2/ 573 - 574

45 - تخصيص العموم بقول الصحابي إذا لم يظهر خلافه، وكذلك تفسير الآية المحتملة

45 - تخصيص العموم بقول الصحابي إذا لم يظهر خلافه، وكذلك تفسير الآية المحتملة قال في رواية صالح وأبي الحارث في الآية إذا جاءت تحتمل أن تكون عامة، وتحتمل أن تكون خاصة، نظرت ما عملت عليه السنة، فإن لم يكن فعن الصحابة، وإن كانوا على قولين، أخذ بأشبه القولين بكتاب اللَّه تعالى. "العدة فى أصول الفقه" 2/ 579 وقال في رواية أبي طالب في العبد: يتسرى. فقيل له: فمن احتج بقوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} فأي ملك للعبد؟ فقال: القرآن أنزل على أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهم يعلمون فيما أنزل، وقالوا: يتسرى العبد. "العدة في أصول الفقه" 2/ 588 46 - إن ترك الراوي لفظ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعمل بخلافه، هل يجب العمل به؟ قال الأثرم: قال أحمد: نحن نعطي كما أعطى -يعني النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولكن صاحبه لا يأكله، يطعمه الرقيق، ويعلفه الناضح .. وقول ابن عباس: لو كان حراما لم يعطه، فهذا تأويل من ابن عباس. ونقل عنه حرب: لا يصح الحديث عن عائشة؛ لأنها زوجت بنات أختها، والحديث عنها. ونقل المروذي عنه: لا يصح الحديث لأنها عملت بخلافه.

47 - العموم إذا دخله التخصيص فهو حقيقة فيما بقى ويستدل به فيما خلا المخصوص

وقال في رواية الحسن بن محمد بن الحارث وقد سُئل عن حديث الزهري، فقال: الزهري يقول هذا. "العدة في أصول الفقه" 2/ 589 - 591 47 - العموم إذا دخله التخصيص فهو حقيقة فيما بقى ويستدل به فيما خلا المخصوص نقل عنه حنبل وابنه صالح: قال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الصلاة بعد العصر وبعد الصبح، والنهي من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جملة، وقال: "من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلّها إذا ذكرها" وقال: "من أدرك من صلاة العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها" فكان هذا مخصوصًا من جملة نهيه عن الصلاة بعد العصر، يستعمل كل خبر منها على وجهه، ولا يضرب أحدهما بالآخر، فلهذا وجه لا يبتدأ بصلاة بعد العصر متطوعًا بها، ولو أدرك صلاة فائتة صلاها بعد العصر، لقوله صلى اللَّه عليه وسلم: "من نام عن صلاة أو نسيها". "العدة في أصول الفقه" 2/ 537 - 538 48 - تخصيص العموم بالقياس قال بكر بن محمد النسائي: قال أحمد: إذا قذفها بعد الثلاث وله منها ولد، يريد نفيه، يلاعن. فقيل له: أليس اللَّه تعالى يقول: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} وهذِه ليست بزوجة؟ !

49 - اللفظ العام هل يجوز تخصيصه بعادة المكلفين؟

فاحتج بأن الرجل يطلق ثلاثًا وهو مريض فترثه؛ لأنه فار من الميراث، وهذا فار من الولد. وقال في رواية الأثرم في المرأة: تنفى بغير محرم. فقيل له: فالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم"، فقال: هذا أمر قد لزمها، يُسافَر بها، فهم يقولون: لو وجب عليها حق، والقاضي على أيام رفعت إلى القاضي، ولو أصابت حدًا في البادية، جيء بها، حتى يقام عليها. "العدة في أصول الفقه" 2/ 559 - 560 49 - اللفظ العام هل يجوز تخصيصه بعادة المكلفين؟ قال مهنا: قال أحمد في حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن يعلى بن حكيم، عن سليمان بن أبي عبد اللَّه قال: أدركت أبناء المهاجرين والأنصار فكانوا يعمون، ولا يجعلونها تحت الخيل: هو معروف، ولكن الناس على غير هذا، أهل الشارع خاصة لا يعمون إلَّا نجب الخيل. "العدة في أصول الفقه" 2/ 594 - 595 50 - إذا ورد الجواب من صاحب الشرع بناءً على سؤال سائل، وكان الجواب عامًّا ولم يخص، فيحمل الجواب على عمومه قال علي بن سعيد: وقد سُئل عن الوضوء من ماء البحر، فقال: لا بأس به وذكر حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هو الطهور ماؤه، الحلال ميتته". "العدة في أصول الفقه" 2/ 607

51 - إذا ورد الجواب من صاحب الشرع بناء على سؤال سائل، وقد ورد الجواب على سبب لم يجز خروج السبب من الخطاب

51 - إذا ورد الجواب من صاحب الشرع بناءً على سؤال سائل، وقد ورد الجواب على سبب لم يجز خروج السبب من الخطاب قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: إن فلانًا قال: قراءة فاتحة الكتاب -يعني: خلف الإمام- مخصوص من قوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ}، فقال: عمن يقول هذا؟ ! أجمع الناس أن هذِه الآية في الصلاة. "مسائل أبي داود" (223) 52 - التوفيق بين الأحاديث إذا كان ظاهرها التعارض بين العام والخاص والمطلق والمقيد قال صالح: قال أبي: سألت عبد الرحمن بن مهدي عما يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه كان إذا بعث بالهدي لم يمسك عن شيء يمسك عنه المحرم؟ (¬1) وعن قوله: "إذا دخل العشر وأَورد أن يضحي فلا يأخذ ولا من بشره؟ " (¬2) فلم يجبني عبد الرحمن بشيء وسكت. فسألت يحيى ابن سعيد؛ فقال: لهذا وجه ولهذا وجه. قال: ولهذا أمثال وأشباه في السنن: نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حكيمًا أن يبيع ما ليس عنده (¬3). وأذن في ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 171، والبخاري (1969)، ومسلم (1321) من حديث عائشة. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 289، ومسلم (1977) عن أم سلمة. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 402، وأبو داود (3503)، والترمذي (1232)، والنسائي 7/ 289، وابن ماجه (2187)، والبيهقي 5/ 317 عن حكيم بن حزام. =

السلم (¬1)، والسلم: بيع مضمون إلى أجل، فلو رد أحد الحديثين الآخر فيقول: قد نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن بيع ما ليس عندك؛ والسلم: بيع ما ليس عندك فهو مردود لم يجز ذلك، ويعطى هذا وجهه، وذاك، فيجوز السلم، ولا يجوز أن يبيع ما ليس عنده. ونهى عن الصلاة بعد العصر وقال: "من أدرك من صلاة العصر ركعة فقد أدركها" (¬2)، فلهذا وجه، ولهذا، لا يبتدئ صلاة بعد العصر متطوعًا، فإذا أدرك ركعة من عصر يومه فقد أدرك، وكذلك لو ذكر صلاة عصر فاتته صلاها بعدما يصلي العصر؛ لقوله: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها" (¬3)، وقوله: "من باع شاة مصراة فصاحبها بالخيار، إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها وصاعًا من تمر" (¬4)، وقوله: "الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ" (¬5)، فلهذا وجه، ولهذا وجه، إذا اشترى الشاة أو الناقة المصراة، فحلبها، فإن أراد ردها ورد معهما صاعًا من تمر، وإذا اشترى عبدًا فاستغله ثم وجد به عيبًا؛ كان له الغلة بالضمان، فلهذا وجه، ولهذا وجه، ومنه قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لفاطمة ابنة أبي حبيش إذ سألته فقالت: إني أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال: ¬

_ = وصححه الألباني في "الإرواء" (1292). (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 217، والبخاري (2239)، ومسلم (1604) عن ابن عباس. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 87، ومسلم (609) عن عائشة. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 100، والبخاري (597)، ومسلم (684) عن أنس بن مالك. (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 483، والبخاري (2151)، ومسلم (1524) من حديث أبي هريرة. (¬5) رواه الإمام أحمد 6/ 49، وأبو داود (3508)، والترمذي (1285)، والنسائي 7/ 254 - 255، وابن ماجه (2243) عن عائشة. وحسنه الألباني في "الإرواء" (1315).

"إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيضَةِ فَإِذَا أَقبَلَتْ الحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصلِّي" (¬1)، وقال للتي لها أيام معلومة: "اجلسي قدر ما تحبسك حيضتك" (¬2)، وقال لحمنة إذ قالت: إن دمي يثج، فقال لها: "تحيضي في علم اللَّه ست أو سبع" (¬3)، لأنها وصفت من دمها ما لم تصف فاطمة، فحكم لكل واحدة منهما بحكم، فلهذه ما قال لها، ولهذه ما قال لها. ولا تُضرب الأحاديث بعضها ببعض، يُعطى كل حديث وجهه. "مسائل صالح" (669) قال عبد اللَّه: قال أحمد: أذهب إلى الحديثين جميعًا ولا أرد أحدهما بالآخر. "مسائل عبد اللَّه" (47) قال الخلال: أخبرني عبد الملك قال: وقال أبو عبد اللَّه: حديث أنس: لم يأن لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يخضب (¬4) وغيره يقول: قد خضب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬5). ¬

_ (¬1) رواه أحمد 6/ 420، والبخاري (306)، ومسلم (333) عن عائشة. (¬2) رواه الإمام أحمد 6/ 222، ومسلم (334) عن عائشة. (¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 381 - 382، وأبو داود (287)، والترمذي (128)، وابن ماجه (287)، والحاكم 1/ 172 - 173، والبيهقي 1/ 338 عن حمنة بنت جحش. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. ونقل في "العلل الكبير" 1/ 187 تحسين البخاري للحديث وقول أحمد هو حديث صحيح. وحسنه الألباني في "الإرواء" (188). (¬4) رواه الإمام أحمد 3/ 108، والبخاري (3550)، ومسلم (2341). (¬5) رواه الإمام أحمد 2/ 17، والبخاري (166)، ومسلم (1187).

قال: الذي شهد على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لي بمنزله من لم يشهد. "الترجل" للخلال (111) قال أحمد في رواية يعقوب بن بختان في الخبرين يجيئان عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- متضادين: لكل خبر وجهه. وقال في رواية المروذي: لا تضرب الأخبار بعضها ببعض، لكل خبر وجهه، مثل: من اشترى شاة مصراة، فليرد معها صاعًا من تمر، وذكر قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْخَرَاجُ بِالضَّمَان"، وذكر مع السلم أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: نهى حكيم ابن حزام عن بيع ما ليس عنده. وقال رحمه اللَّه في رواية أبي طالب: حديث أم سلمة: "من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره وأظفاره" (¬1)، وحديث عائشة عام، وحديث أم سلمة مخصوص، فهو آكد، لأنه قد خُصَّ من العام: إذا أراد أن يضحي أمسك، وإذا بعث لم يمسك، هذا على وجهه، وهذا على وجهه. "العدة في أصول الفقه" 2/ 615 - 616 ¬

_ (¬1) رواه مسلم (1977) من حديث أم سلمة وقد تقدم.

53 - إذا تعارض آيتان أو خبران أحدهما عام والآخر خاص، والخاص موافق للعام، أو أحدهما والآخر مقيد، فهل يقضي بالعام على الخاص، والمطلق على المقيد؟

53 - إذا تعارض آيتان أو خبران أحدهما عام والآخر خاص، والخاص موافق للعام، أو أحدهما والآخر مقيد، فهل يقضي بالعام على الخاص، والمطلق على المقيد؟ حالات ذلك: أ - إذا كان الخبر مختلفًا فإنه لا يبنى المطلق على المقيد ولا العام على الخاص: قال إسحاق بن منصور: قلت: رجل تظاهر فأخذ في الصوم فجامع بالليل، يستقبل؟ قال أحمد: يستقبل. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1632) قال إسحاق بن منصور: قلت: قال: فإن أطعم فجامع يطعم، ليس هذا من نحو هذا. يعني: الصوم. قال أحمد: يقضي. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (1264) ب- إذا كان الخبر واحدًا، والسبب مختلفًا، لكن قُيد في موضعين بقيدين مختلفين، وأطلق في الثالث، ولهذا المطلق مثلان مُقيدان مختلفان، فإنما يحمل المطلق على إطلاقه، ولا شيء على واحد منهما. مثاله: الصوم في التمتع وقضاء رمضان متفرقًا وفي الكفارة قيل بالتتابع للدليل في ذلك: قال الإمام أحمد في رواية صالح: إن لم يكن فصيام ثلاثة أيام متتابعة في قراءة ابن مسعود. "العدة فى أصول الفقه" 2/ 637

54 - أقل الجمع ثلاثة

ج- إذا كان الجنس واحدًا والسبب مختلفًا ففيه روايتين: 1 - يبني المطلق على المقيد من طريق اللغة: قال أبو طالب: قال أحمد: أصب إلى أن يعتق في الظهار مثله أي: رقبه مؤمنة مثل كفارة القتل. "العدة في أصول الفقه" 2/ 638 2 - لا يبني المطلق على المقيد، ويُحمل المطلق على إطلاقه: قال أبو الحارث: قال أحمد: التيمم ضربة للوجه والكفين. فقيل له: أليس التيمم بدلًا من الوضوء، والوضوء إلى المرفقين، فقال: إنما قال اللَّه تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} ولم يقل: إلى المرفقين، وقال في الوضوء: {إِلَى الْمَرَافِقِ}، وقال: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} فمن أين تقطع يد السارق؟ من الكف. "العدة في أصول الفقه" 2/ 638 - 639 54 - أقل الجمع ثلاثة نقل عنه حنبل في رجل وصَّى أن يكفر عنه، فقال: أقل ما يكفر ثلاثة أيمان. "العدة في أصول الفقه" 2/ 649 وقال في رواية صالح: {فَإن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} فيلزمه أن لا يحجب بالأخوين؛ لأنه قال: {فَإن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} والإخوة ثلاثة. "العدة في أصول الفقه" 2/ 650

55 - ألفاظ الجمع إذا لم يدخلها الألف واللام تحمل على أقل الجمع، وقد تحمل على العموم واستغراق الجنس

55 - ألفاظ الجمع إذا لم يدخلها الألف واللام تحمل على أقل الجمع، وقد تُحمل على العموم واستغراق الجنس نقل عنه أبو طالب: إذا قال ما أحله اللَّه على حرام، يعني به الطلاق، قال: إنه يكون ثلاثًا، وإذا قال: أعني به طلاقًا، فهذِه واحدة؛ لأن طلاقًا غير الطلاق. وقال صالح: وسألته عن لبس الحرير، فقال: لا: إنما هو للإناث، يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحرير والذهب: "هذان حرامان على ذكور أمتي". "العدة في أصول الفقه" 2/ 523، 524

باب الاستثناء

باب الاستثناء 56 - الاستثناء يصح إذا اتصل بالكلام، فهل إذا انقطع يعمل؟ قال أبو طالب: قال أحمد: إذا حلف باللَّه، وسكت قليلًا، ثم قال: إن اللَّه، فله استثناؤه، لأنه يكفر. ونقل المروذي عنه: إذا كان بالقرب ولم يختلط كلامه بغيره. ونقل أبو النضر وأبو طالب ما يدل على أنه لا يصح إذا فصل. "العدة في أصول الفقه" 2/ 661 57 - الاستثناء إذا تعقب جملًا عطف بعضها على بعض، وصلح أن يعود إلى كل واحد منها لو انفرد؛ فإنه يعود إلى جميع ما تقدم ذكره قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: قوله: "ولا يؤم الرجل في أهله يجلس على تكرمته إلَّا بإذنه" (¬1). قال: أرجو أنْ يكونَ الاستثناء على كله، وأما التكرمة، فلا بأسَ إذا له. قال إسحاق: كما قال. "مسائل الكوسج" (244) ¬

_ (¬1) رواه أحمد 4/ 118، 121، ومسلم (673)، وأبو داود (582)، والترمذي (235)، والنسائي 2/ 76، وابن ماجه (980) من حديث أبي مسعود الأنصاري البدري -رضي اللَّه عنه- ..

باب النسخ

باب النسخ 58 - النسخ في الشريعة عقلًا وشرعًا قال أحمد في رواية صالح، وأبي الحارث: قوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِن آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] أن ذلك لجواز النسخ، وأن اللَّه تعالى أخبر أنه إذا شاء نسخ من كتابه ما أحب. "العدة" 3/ 769 59 - مما يعلم به النسخ: 1 - النطق: قال أحمد في رواية الحسن بن على بن الحسن الإسكافي، وقد سُئل: هل في الحديث ناسخ ومنسوخ؟ فقال: نعم، مثل لحوم الأضاحي (¬1) وما أشبهه. "العدة" 3/ 830 2 - أن يرد خبران متعارضان، ويعلم أن أحدهما يغير الآخر: قال عبد اللَّه: قال أبي: تستعمل الأخبار حتى تأتي دلالة بأن الخبر قبل الخبر، فيكون الأخير أولى أن يؤخذ به. "مسائل عبد اللَّه" (47) ¬

_ (¬1) روي فيها أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن تؤكل بعد ثلاثةِ أيام ثم رخص لهم في الأكل بعد ثلاث. روى ذلك الإمام أحمد 3/ 388، والبخاري (1719) من حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما-. وفي الباب عن بريدة، وابن عمر، وأبي سعيد، وعلي.

60 - هل يجوز نسخ القرآن بالسنة؟

60 - هل يجوز نسخ القرآن بالسنة؟ قال الإمام أحمد في رواية الفضل بن زياد وأبي الحارث، وقد سُئل: هل تنسخ السنة القرآن، فقال: لا ينسخ القرآن إلَّا قرآنًا يجيء بعده، والسنة تفسر القرآن. "العدة في أصول الفقه" 3/ 788 61 - هل يجوز نسخ السنة بالقرآن؟ قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل أسر أخذ منه الكفار عهد اللَّه أن يرجع إليهم، قال: فيه اختلاف. قلت لأبي: حديث أبي جندل، فقال: ذلك صلح على أن يردوا من جاءهم مسلمًا أن يرده إليهم، فقد رد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الرجال ومنع أن تُرد النساء، ونزلت فيهن: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] ثم تلا: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا}، ثم قال: فيه اختلاف بين الناس. فقال: أما عطاء فقال: يفي لهم. "مسائل عبد اللَّه" (939) 62 - متى يؤخذ بقول الصحابي في إثبات النسخ، وهل يؤخذ بقول التابعي في ذلك؟ قال صالح: هذا ما خرَّجه أبي في الحبس فقال في أوله: بعث نبيه، وأنزل عليه كتابه، وجعل رسوله الدال على ما أراد من باطنه وظاهره، وخاصه وعامه، وناسخه ومنسوخه.

ثم ذكر بعد ذلك بأوراق قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240] فمن دلَّ على أنها منسوخة غيرهم. وذكر بعد ذلك بأوراق قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: 184] قال ابن عباس: الفدية ولا قضاء عليه (¬1). وقال علقمة (¬2) وعبيدة (¬3): نسختها الآية التي بعدها {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]. ثم قال: لا يصير إلى قوله. "العدة" 3/ 835 - 836، "التمهيد في أصول الفقه" 2/ 368 ¬

_ (¬1) رواه البخاري (4505) بمعناه. (¬2) رواه عنه عبد الرزاق 4/ 222 (7578) وابن جرير في "تفسيره" 2/ 139 (2748). (¬3) رواه ابن جرير في "تفسيره" 2/ 140 (2757).

باب ما جاء في أدلة الأحكام

باب ما جاء في أدلة الأحكام أولًا: القرآن الكريم 63 - المحكم والمتشابه قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: كيف للرجل أن يعرف المتشابه من المحكم؟ قال: المتشابه: الذي يكون في موضعٍ كذا، وفي موضعٍ كذا، مختلف. والمحكم: الذي ليس فيه اختلاف. "مسائل ابن هانئ" (9917) قال أحمد بن أبي عبدة: كنت عند أبي زرعة فسألته عن مسائل، وكان فيما سألته عن المتشابه، فقال لي: ما يقول فيها صاحبك؟ يعني: أحمد بن حنبل. قلت: يذهب إلى حديث عبد اللَّه بن مسعود: الإثم حواز القلوب (¬1)، فقال: سبحان اللَّه ما أشبه أحمد بن حنبل إلا بالبازي ينقض على الصيد من فوقه. "طبقات الحنابلة" 1/ 294 ¬

_ (¬1) رواه الطبراني 9/ 149 - 150 (8748 - 8749)، والبيهقي في "الشعب" 5/ 458 (7277) قال الهيثمي في "المجمع الزوائد" 1/ 176، رواه الطبراني كله بأسانيد رجالها ثقات. ورواه البيهقي في "الشعب" 4/ 367 (5434) عن عبد اللَّه مرفوعًا. وصححه الألباني في "الصحيحة" (2613).

ثانيا: السنة النبوية

ثانيًا: السنة النبوية 64 - مكانة السنة من الكتاب قال أبو داود: سمعتُ أحمد سئل عن حديث: "السُّنَّةُ قَاضِيَةٌ عَلَى الكِتَابِ" (¬1) ما تفسيره؟ قال: أجبن أن أقول فيه، ولكن السنة تفسر القرآن، ولا ينسخ القرآن إلا القرآن. "مسائل أبي داود" (1788) قال عبد اللَّه: سألت أبي قلت: ما تقول في السنة تقضي على الكتاب؟ قال: هذا. قال ذلك قوم منهم، مكحول، والزهري. قلت: فما تقول أنت؟ قال: أقول السنة تدل على معنى الكتاب. "مسائل عبد اللَّه" (1586) قال زهير بن صالح: قرأ علي أبي صالح وابن أحمد هذا الكتاب وقال: هذا كتاب عمله أبي في مجلسه، ردا على من احتج بظاهر القرآن، وترك ما فسره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ودل على معناه، وما يلزم من اتباعه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه رحمة اللَّه عليهم. قال أبو عبد اللَّه: إن اللَّه جل ثناؤه، وتقدست أسماؤه بعث محمدًا نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)} [الصف: 9] وأنزل عليه كتابه الهدى ¬

_ (¬1) رواه الدرامي 1/ 474 (607)، وابن بطة في "الإبانة" 1/ 253 (88)، وابن عبد البر في "الجامع" (2353).

والنور لمن اتبعه، وجعل رسوله صلى اللَّه عليه وسلم الدال على معنى ما أراد من ظاهره وباطنه، وخاصه وعامه، وناسخه ومنسوخه، وما قصد له الكتاب. فكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هو المعبر عن كتاب اللَّه، الدال على معانيه، شاهده في ذلك أصحابه، من ارتضاه اللَّه لنبيه واصطفاه له، ونقلوا ذلك عنه، فكانوا هم أعلم الناس برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبما أخبر عن معنى ما أراد اللَّه من ذلك بمشاهدتهم ما قصد له الكتاب، فكانوا هم المعبرين عن ذلك بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال جابر بن عبد اللَّه: ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بين أظهرنا عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا (¬1)، فقال قوم: بل نستعمل الظاهر. وتركوا الاستدلال برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يقبلوا أخبار أصحابه، وقال ابن عباس للخوارج: أتيتكم من عند أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المهاجرين والأنصار، ومن عند ابن عم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وصهره، وعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بتأويله منكم، وليس فيكم منهم أحد. وذكر تمام الكتاب بطوله. "طبقات الحنابلة" 3/ 122 - 123 روى الميموني عنه: لما قيل له: ها هنا قوم يقولون: ما كان في القرآن أخذنا به. ففي القرآن تحريم الحمر الأهلية؟ ! والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ" (¬2) وما علمهم بما أوتي؟ ! . "العدة" 1/ 346، "المسودة" 2/ 913 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 3/ 320، ومسلم (1218). (¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 134، وأبو داود (4604)، والطبراني 20 (670)، وفي "مسند الشاميين" 2/ 137 (1061)، والدارقطني 4/ 287، والبيهقي في "السنن" 9/ 332، وفي "الدلائل" 6/ 549 عن المقدام بن معد يكرب. =

65 - رد حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والحكم فيمن رده

قال أحمد في رواية حنبل وغيره: السنة مفسرة للقرآن، ومبينة له. وقال أحمد في رواية محمد بن أشرس: إذا كان الحديث صحيحًا معه ظاهر القرآن، وحديثان مجردان في ضد ذلك، فالحديثان أحب إليَّ إذا صحا. "الروايتين والوجهين" المسائل الأصولية ص 47، "العدة" 2/ 569، "المسودة" 1/ 290 - 291 قال أبو الحارث: قال أحمد: السنة تفسر القرآن وتبينه، والسنة تعرف الكتاب. "العدة" 3/ 1041 65 - ردُّ حديث رسول اللِّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والحكم فيمن رده نقل عنه الحسن بن ثواب: حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يردّه إلا مثله. "الروايتين والوجهين مسائل أصولية" ص 44 قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: من ردَّ حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو على شفا هلكةٍ. "شرح أصول الاعتقاد" 3/ 477 - 478، "الطبقات" 3/ 28 قال القاضي أبو الحسين بن القاضي أبي يعلى: قرأت في كتاب جعفر: محمد بن أحمد بن صالح بن أحمد بن حنبل قال قرأت على أبي صالح بن أحمد هذا الكتاب فقال: هذا كتاب عمله أبي في مجلسه ردًّا على من احتج بظاهر القرآن وترك ما فسره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وما يلزم اتباعه. "اجتماع الجيوش الإسلامية" لابن القيم ص 99 ¬

_ = قال الألباني في "الحديث حجة بنفسه" ص 32: سنده صحيح.

66 - خبر الواحد والعمل به

66 - خبر الواحد والعمل به نقل عنه إسماعيل بن سعيد في ردَّ عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه حديث فاطمة بنت قيس لما روت أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يجعل لها سكنًا ولا نفقة. وقال: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة (¬1). أجاب عنه أحمد فقال: كان ذلك منه على وجه احتياط، وقد كان يقبل من غير واحد قوله وحده. "العدة" 2/ 554 قال أحمد في رواية أبي الحارث: إذا كان الخبر عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صحيحًا ونقله الثقات، فهو سنة، ويجب العمل به على من عقله وبلغه، ولا يلتفت إلى غيره من رأي ولا قياس. وقال في موضع آخر: إذا جاء خبر الواحد، وكان إسناده صحيحًا وجب العمل به، ثم قال: أليس قصة القبلة حين حولت، أتاهم الخبر وهم يصلون، فتحولوا نحو الكعبة (¬2)، وخبر الخمر أهراقوها (¬3) ولم ينتظروا غيره؟ وقال أحمد في رواية الفضل بن زياد: خبر الواحد صحيح إذا كان إسناده صحيحًا، وذكر قصة القبلة حين حولت، وقصة الخمر لما حرمت. وقال أيضًا رحمه اللَّه في رواية إبراهيم بن الحارث: إن قومًا دفعوا خبر الواحد بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يقبل قول ذي اليدين (¬4) حتى سأل غيره. وليس ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 6/ 412، ومسلم (1480/ 46). (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 113، والبخاري (403)، ومسلم (526) عن عبد اللَّه بن عمر. (¬3) رواه الإمام أحمد 3/ 227، والبخاري (2464)، ومسلم (1980) عن أنس بن مالك. (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 342، والبخاري (1227)، ومسلم (573) من حديث أبي هريرة.

هذا حجة، ذو اليدين جاء إلى يقين النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يزيله، فلم يقبل منه، وهذا جاءه خبر لم يكن عنده خلافه فلم يقبله. وقال في رواية الميموني: من الناس من يحتج في رد خبر الواحد بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يقنع بقول ذي اليدين، وليس هذا شبيه ذاك، ذو اليدين أخبر بخلاف يقينه، ونحن ليس عندنا علم نرده، وإنما هو علم يأتينا به. ونحو هذا قال في رواية أحمد بن الحسن الترمذي. "العدة" 3/ 859 - 860 وقال أحمد في رواية يوسف بن موسى في الخبر الواحد: نستعمله إذا صح الخبر، ولم يخالفه غيره. وقال أحمد في رواية أبي الحارث: إذا جاء الحديث الصحيح الإسناد، يقال: هو سنة، إذا لم يكن له شيء يدفعه أو يخالفه. وقال أحمد في رواية عبد اللَّه: يقال له: سنة، إذا لم يكن له مضاد يخالفه، ولم يكن شيء يدفعه. "العدة" 3/ 197 قال الميموني: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: بتحريم لبن الفحل ويذهب إليه. قلت له: أبو القعيس هو لبن الفحل؟ قال: هو لبن الفحل. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يكلم رجلًا وأرسله إلى [. . .] (¬1)، فقال له: قل له: أنت تذهب إلى خبر الواحد وتحتج به، وترد لبن الفحل وهو عن رسول اللَّه وأصحابه؟ ! فقال الرجل: ليس نرده يا أبا عبد اللَّه إلا من كلام القاسم فيه. ¬

_ (¬1) بياض بالأصل.

67 - خبر الواحد ظني الثبوت

قال أبو عبد اللَّه: وكذا إذا صح الخبر عن رسول اللَّه وتكلم فيه القاسم ومن أشبهه تركناه! "التوضيح" 24/ 293 67 - خبر الواحد ظني الثبوت روى الأثرم عن أبي حفص عمر بن بدر قال: الأقراء الذي يذهب إليه أحمد بن حنبل رحمه اللَّه: أنه إذا طعنت في الحيضة الثالثة، فقد برئ منها وبرئت منه. وقال: إذا جاء الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بإسنادٍ صحيح، فيه حكم أو فرض، عملت بالحكم والفرض، وأدنتُ اللَّه تعالى به، ولا أشهد أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال ذلك. "العدة" 3/ 898، "التمهيد في صول الفقه" 3/ 78، "المسودة" 1/ 484 - 485، 487 قال القاضي أبو يعلى: ورأيت في كتاب "الرسالة" لأحمد رحمه اللَّه رواية أبي العباس حمد بن جعفر بن يعقوب الفارسي عنه بخط أحمد بن سعيد الشيخي وسماعه، فقال: ولا نشهد على أحد من أهل القبلة أنه في النار لذنب عمله ولا لكبيرة أتاها إلا أن يكون ذلك في حديث، كما جاء على ما روى، نصدقه ونعلم أنه كما جاء ولا ننص الشهادة، ولا نشهد على أحد أنه في الجنة بصالح عمله ولا بخبر أتاه إلا أن يكون في ذلك حديث، كما جاء، على ما روي ولا ننص الشهادة. ونقل أبو بكر المروزي قال: قلت لأبي عبد اللَّه: ها هنا إنسان يقول: إن الخبر يوجب عملًا. فعابه، وقال: ما أدري ما هذا؟ ! "العدة فى أصول الفقه" 3/ 898 - 899

68 - الخبر المرسل حجة ويجب العمل به؟

وقال أحمد في رواية حنبل في أحاديث الرؤية: نؤمن بها، ونعلم أنها حق. "العدة في أصول الفقه" 3/ 900 68 - الخبر المرسل حجة ويجب العمل به؟ قال ابن هانئ: قلت لأبي عبد اللَّه: حديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسل برجال ثبت أحب إليك، أو حديث عن الصحابة أو عن التابعين متصل برجال ثبت؟ قال أبو عبد اللَّه: عن الصحابة أعجب إليّ. "مسائل ابن هانئ" (1914) قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: آخذ بحديث ابن جريج عن ابن أبي مليكه وعمرو بن دينار عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في العبد الآبق إذا جيء به خارجًا من الحرم: دينار. "مسائل عبد اللَّه" (1150) قال أحمد رحمه اللَّه في رواية الأثرم: إذا قال الرجل من التابعين: حدثني رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يسمه، فالحديث صحيح. قيل له: فإن قال: يرفع الحديث فهو عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: فأي شيء؟ ! ونقل الميموني: كان يعجب أبو عبد اللَّه رضي اللَّه عنه من يكتب الإسناد ويدع المنقطع، وقال: ربما كان المنقطع أقوى إسنادًا، قد يكون الإسناد متصلًا، وهو ضعيف، فيكون المنقطع أقوى إسنادًا منه، وهو يوقفه، وقد كتبه على أنه متصل. وقال أحمد في رواية الفضل بن زياد: مرسلات سعيد بن المسيب أصح المرسلات، ومرسلات إبراهيم لا بأس بها، وليس في المرسلات

أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح، فإنهما يأخذان عن كلٍّ. "العدة" 3/ 906 - 907 قال مهنا: سألت أحمد عن حديث ثوبان: "أطيعوا قريشًا ما استقاموا لكم"، قال: ليس بصحيح، سالم بن أبي الجعد لم يلق ثوبان. "العدة في أصول الفقه" 3/ 909 قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: إذا قال رجل من التابعين: حدثني رجل من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فالحديث صحيح؟ قال: نعم، وقال أيضًا: لو قال نفسان من التابعين أشهدنا نفسان من الصحابة على شهادتهما لم يجز حتى يعيناهما، وفي الخبر يجوز عند الجميع. "العدة" 3/ 913، "المسودة" 1/ 515 قال الميموني: قال أحمد: ربما كان المنقطع أقوى إسنادًا من المتصل. "العدة في أصول الفقه" 3/ 918 قال أبو طالب قلت لأحمد: سعيد بن المسيب عن عمر حجة؟ قال: هو عندنا حجة، قد رأى عمر وسمع منه، وإذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يقبل؟ ! ونقل مهنا عن أحمد: أنه ذكر حديث إبراهيم بن محمد بن طلحة قال: قال عمر: لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء. قال فقلت له: هذا مرسل عن عمر؟ قال: نعم، ولكن إبراهيم بن محمد بن طلحة كبير. "شرح علل الترمذي" لابن رجب 1/ 310، 311

69 - العمل بالحديث الضعيف

69 - العمل بالحديث الضعيف قال ابن هانئ: قال أبو عبد اللَّه: قال أبو بكر بن عياش: قال الأحوص ابن حكيم: هذِه الأحاديث التي يوقفها الناس ليس بشيء، الحديث كله عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل ابن هانئ" (2160) قال مهنا: قال أحمد: الناس كلهم أكفاء إلا الحائك والحجام والكساح. فقيل له: تأخذ بحديث "كل الناس أكفاء إلا حائكًا أو حجامًا" (¬1) وأنت تضعفه؟ ! فقال: إنما نضعف إسناده، لكن العمل عليه. وقال أحمد في رواية ابن مشيش، وقد سأله: عمن تحل له الصدقة، وإلى أي شيء يذهب في هذا؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن حبان في "المجروحين" 2/ 124، وابن عدي في "الكامل" 6/ 172 - 173، والبيهقي في "السنن" 7/ 135، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" 2/ 128 (1017) من طريق عمران بن أبي الفضل عن نافع، عن ابن عمر، مرفوعًا، به. قال ابن عدي: حديث منكر بهذا لا الإسناد. وقال ابن حبان: عمران بن أبي الفضل كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات على قلة روايته، لا يحل كتابة حديثه: إلا على سبيل التعجب. وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 19/ 165: حديث منكر موضوع. وتابعه ابن جريح، فيما رواه ابن عدي في "الكامل" 6/ 357. ورواه البيهقي 7/ 134 من طريق ابن جريح عن عبد اللَّه بن أبي مليكة، عن ابن عمر. قال ابن عبد البر 19/ 165: لا يصح أيضًا عن ابن جريج. قال أبو حاتم كما في "العلل" 1/ 412: حديث كذب لا أصل له. وضعفه ابن الملقن في "البدر المنير" 7/ 583. وذكره الألباني في "الإرواء" (1869) وقال: موضوع.

فقال: إلى حديث حكيم بن جبير. فقلت: وحكيم بن جبير ثبت عندك في الحديث؟ قال: ليس هو عندي ثبتًا في الحديث. وقال مهنا: سألت أحمد رحمه اللَّه عن حديث معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أن غيلان أسلم وعنده عشرة (¬1) نسوة، قال: ليس بصحيح، والعمل عليه، كان عبد الرزاق يقول: عن معمر عن الزهري مرسلًا (¬2). وقال أيضًا في رواية ابن القاسم في ابن لهيعة: ما كان حديثه بذلك، وما أكتب حديثه إلا للاعتبار والاستدلال، أنا قد أكتب حديث الرجل كأني أستدل به مع حديث غيره يشده، لا أنه حجة إذا انفرد. وقال أحمد في رواية المروذي: كنت لا أكتب حديثه -يعني: جابر الجعفي- ثم كتبته أعتبر به. فقال له مهنا: لم تكتب عن أبي بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف؟ قال: أعرفه. "العدة" 3/ 938 - 944، "المسودة" 1/ 541 - 545، 547 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 44، 83، 103، 104، والترمذي (1128)، وابن ماجه (1953)، وابن حبان 9/ 463 - 466 (4156 - 4158)، والدراقطني 3/ 269 - 275، والحاكم 2/ 192 - 193، والبيهقي 7/ 149 من طريق معمر، به. قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" (4609، 4631، 5027، 5558): إسناده صحيح. (¬2) رواه عبد الرزاق فى "المصنف" 7/ 162 (12621). والحديث صححه بطرقه الألباني في "الإرواء" (1883)، وانظر "البدر المنير" 7/ 602.

وقال في رواية الأثرم: رأيت أبا عبد اللَّه إذا كان الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اللَّه عليه وسلم في إسناده شيء يأخذ به إذا لم يجئ خلافه أثبت، مثل حديث عمرو بن شعيب، وإبراهيم الهجري، وربما أخذ بالمرسل إذا لم يجئ خلافه. قال النوفلي: سمعت أحمد رحمه اللَّه يقول: إذا روينا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في فضائل الأعمال وما لا يرفع حكمًا، فلا نصعب. "المسودة" 1/ 540 - 541، "شرح علل الترمذي" لابن رجب 1/ 313 وقال عبد اللَّه بن أحمد: قلت لأبي: ما تقول في حديث ربعي بن حراش عن حذيفة؟ قال: الذي يرويه عبد العزيز بن أبي رواد؟ قلت: نعم. قال: لا، الأحاديث بخلافه، وقد رواه الحفاظ عن ربعي عن رجل لم يسموه. قلت: فقد ذكرته في المسند؟ قال: قصدت في المسند المشهور، وتركت الناس تحت ستر اللَّه، ولو أردت أن أفصل ما صح عندي لم أروه من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء، ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث لست أخالف ما ضعف من الحديث إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه. "المسودة" 1/ 545 - 546 وقال أحمد في رواية أبي طالب: ليس في السدر حديث صحيح، وما يُعجبني قطعه؛ لأنه على حال قد جاء فيه كراهة. "المسودة" 1/ 547 وقال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ما حديث ابن لهيعة بحجة، إلّا أنِّي كنت كثيرًا ما أكتب حديث الرجل لأعرفه ويقوي بعضه بعضًا.

وقال مهنا: سمعته يقول لرجل عنده في حديث رجل متروك، قال له الرجل: قد رميت بحديثه ما أدري أين هو. قال له أبو عبد اللَّه: ولِمَ؟ كيف لم تَدَعْها حتى تنظر فيها وتعتبر بها. "المسودة" 1/ 574

ثالثا الإجماع

ثالثًا الإجماع 70 - حجية الإجماع قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: ما يدعي الرجل فيه الإجماع، هذا الكذب، من ادعى الإجماع فهو كذب. لعل الناس قد اختلفوا. هذا دعوى بشر المريسي والأصم، ولكن يقول: لا يعلم، الناس يختلفون، أو لم يبلغه ذلك، ولم ينته إليه فيقول: لا يعلم، الناس اختلفوا. "مسائل عبد اللَّه" (1587) قال الإمام أحمد في رواية عبد اللَّه، وأبي الحارث، وقد سُئل: في الصحابة إذا اختلفوا لم يخرج من أقاويلهم، أرأيت إن أجمعوا، له أن يخرج من أقاويلهم؟ قال: هذا قول خبيث، قول أهل البدع، لا ينبغي أن يخرج من أقاويل الصحابة إذا اختلفوا. ونقل المروذي عنه أنه قال: كيف يجوز للرجل أن يقول: أجمعوا، إذا سمعتهم يقولون: أجمعوا فاتهمهم، لو قال: إني لم أعلم لهم مخالفًا جاز. ونقل أبو طالب أنه قال: هذا كذب، ما علمه أن الناس مجمعون؟ ! ولكن يقول: لا أعلم فيه اختلافًا، فهو أحسن من قوله: إجماع الناس. ونقل أبو الحارث: لا ينبغي لأحد أن يدعي الإجماع، لعل الناس اختلفوا. ونقل الحسن بن ثواب عنه أنه كان يأخذ بالإجماع، فقال: أذهب في التكبير من غداة يوم عرفة إلى آخر أيام الشعراء، فقيل له: إلى أي شيء تذهب؟

71 - انقراض العصر معتبر في صحة الإجماع واستقراره

قال: بالإجماع، عمر وعلي وعبد اللَّه بن مسعود، وعبد اللَّه بن عباس (¬1). "العدة" 4/ 1059 - 1063، "المسودة" 1/ 616 - 617 71 - انقراض العصر معتبر في صحة الإجماع واستقراره قال أحمد في رواية عبد اللَّه: الحجة على من زعم أنه إذا كان أمرًا مجمعًا عليه، ثم افترقوا، ما نقف على ما أجمعوا عليه حتى يكون إجماعًا. إن أم الولد كان حكمها حكم الأمة بإجماع، ثم أعتقهن عمر، وخالفه علي بعد موته (¬2)، ورأى أن تسترق، فكان الإجماع في الأصل أنها أمة. وحد الخمر: ضرب أبو بكر أربعين، ثم ضرب عمر ثمانين، وضرب عليُّ في خلافة عثمان أربعين، وكملها عمر ثمانين، وكلّ سنة (¬3). والحجة عليه في الإجماع في الضرب أربعين، ثم عمر خالفه، فزاد أربعين، ثم ضرب علي أربعين. "العدة" 4/ 1095 - 1096، "التمهيد في أصول الفقه" 3/ 346، "المسودة" 62/ 28 - 629 ¬

_ (¬1) روى هذِه الآثار ابن أبي شيبة 1/ 488 - 489 (5630، 5632، 5634)، والحاكم 1/ 299 - 300، والبيهقي 3/ 314، وذكرها الألباني في "الإرواء" 3/ 125 وصححها. (¬2) رواه عبد الرزاق 7/ 290 (13221 - 13224)، وابن أبي شيبة 4/ 414 (21583، 21584)، والبيهقي 10/ 348. (¬3) رواه عبد الرزاق 7/ 379 (13540 - 13545)، وابن أبي شيبة 5/ 499 (28398).

إذا اختلف الصحابة على قولين، ثم أجمع التابعون على أحد القولين، هل يرتفع الخلاف ولا يجوز الرجوع إلى القول الآخر والأخذ به؟ قال أحمد في رواية يوسف بن موسى: ما اختلف فيه علي وزيد ينظر أشبهه بالكتاب والسنة، يختار. ونقل المروذي عنه: إذا اختلف الصحابة ينظر إلى أقرب القولين إلى الكتاب والسنة. ونقل أبو الحارث: ينظر إلى أقرب الأقوال وأشبهها بالكتاب والسنة. "العدة" 4/ 1105، "التمهيد في أصول الفقه" 3/ 280 "المسودة" 2/ 632 قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عمن احتج بقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم" (¬1)، فقال: لا يصح هذا الحديث. "المسودة" 2/ 633 ¬

_ (¬1) رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" 2/ 925، وابن حزم في "الإحكام" 6/ 82 من حديث جابر. قال ابن عبد البر: هذا إسناد لا تقوم به حجة، لأن الحارث بن غصين مجهول. وقال ابن حزم: هذِه رواية ساقطة، أبو سفيان ضعيف، الحارث بن غصين هذا هو أبو وهب الثقفي، وسلام بن سليمان بروي الأحاديث الموضوعة، وهذا منها بلا شك. وقال الألباني في "الضعيفة" (58): موضوع.

72 - إذا اختلف الصحابة في المسألة، لا يأخذ بقول بعضهم من غير دلالة على صحة قول الصحابي

72 - إذا اختلف الصحابة في المسألة، لا يأخذ بقول بعضهم من غير دلالة على صحة قول الصحابي قال ابن هانئ: قيل لأحمد: ويكون الرجل في قرية فيسأل عن الشيء الذي فيه اختلاف؟ قال: يفتي بما وافق الكتاب والسنة، يفتي به، وما لم يوافق الكتاب والسنة أمسك عنه. قيل له: أفتخاف عليه؟ قال: لا. "مسائل ابن هانئ" (1922) قال أحمد في رواية المروذي: إذا اختلف أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يجز للرجل أن يأخذ بقول بعضهم على غير اختيار، ينظر أقرب القول إلى الكتاب والسنة. "العدة" 4/ 1208 73 - إذا اختلف الصحابة على قولين، هل يجوز إحداث قول ثالث؟ قال صالح: قرأت على أبي: أن بعض من يقول: إذا اختلف أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فلي أن أقول غير أقاويلهم، ويحتج بحديث يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر في الأضراس: في كل ضرس جمل، وفي الأسنان خمس خمس، وفي الأضراس بعير بعير. وقضى معاوية في السن خمس، وفي الأضراس واحد. قال سعيد: لو كنت أنا لجعلت في الأضراس بعيرين بعيرين، وفي الأسنان خمس خمس، فخالف ابن

المسيب عمر ومعاوية (¬1). فقال أبي: إذا احتج بحديث سعيد بن المسيب فقد احتج بقول رجل من التابعين على أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وهو لا يرى في قول التابعين حجة. ثم قال أبي: إذا قال: لي أن أخرج من أقاويلهم إذا اختلفوا كما خرج سعيد بن المسيب، وقال: لو كنت أنا لقضيت خلافهم. يقال له: تأخذ بقول التابعين؟ فإن قال: نعم. يقال له: تركت قول أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأخذت بقول التابعين، فإذا كان لك أن تترك قولهم إذا اختلفوا، كذلك أيضًا تترك قولهم إذا اجتمعوا، لأنك إذا اختلفوا لم تأخذ بقول واحد منهم، وحيث تقول ذلك، فكذلك إذا اجتمعوا، أن لا تأخذ بقولهم. "مسائل صالح" (587) نقل علي بن سعيد قال: سألت أحمد عمن زعم أنه لا يجوز الخروج من قول الخلفاء إلى من بعدهم، لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين عضوًا عليها بالنواجذ" فقال ما أبعد هذا القول أن يكون كذا. "الروايتين والوجهين" المسائل الأصولية ص 53 قال أحمد في رواية عبد اللَّه وأبي الحارث: يلزم من قال: يخرج من أقاويلهم إذا اختلفوا، أن يخرج من أقوالهم إذا أجمعوا. وقال في رواية الأثرم: إذا اختلف أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يختار من أقاويلهم، ولا يخرج عن قولهم إلى من بعدهم. "العدة" 4/ 1113، "التمهيد في أصول الفقه" 3/ 310 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 347 (17507)، وابن أبي شيبة 4/ 367 (26972)، وابن حزم في "المحلى" 10/ 413.

74 - إذا خالف الواحد أو الاثنان الجماعة لم يكن إجماعا

74 - إذا خالف الواحد أو الاثنان الجماعة لم يكن إجماعًا قال في رواية ابن القاسم في المريض يطلق، وذكر قول زيد، فقال: زيد وحده، هذا عن أربعة من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- علي بن أبي طالب، وابن عباس، وزيد، وابن عمر (¬1). وقال في رواية الميموني في فسخ الحج: أحد عشر رجلًا من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يروون ما يروون، أين يقع بلال بن الحارث منهم (¬2). "العدة" 4/ 1117 - 1118 75 - الاعتبار في الإجماع بقول أهل العلم، ولا يعتبر بخلاف العامة: قال أحمد في رواية ابن القاسم، وقد ذكر له عن شريح وابن سيرين ¬

_ (¬1) رواه عن علي بن أبي طالب أن المطلقة في مرض الموت ترث، مالك في "الموطأ" ص 354 (43)، وابن حزم في "المحلى" 10/ 220. ورواه ابن حزم 10/ 220 عن ابن عمر، وقال: هكذا في كتابي عن محمد بن سعيد: ابن عمر، ولا أراه إلا وهمًا، وإنما هو عمر واللَّه أعلم. ورواه عن عمر عبد الرزاق 7/ 64 (12201)، وسعيد بن منصور 2/ 42 (1960 - 1962). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 469، وأبو داود (1808)، والنسائي 5/ 179، وابن ماجه (2984). قال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 2/ 331: والحارث هو ابن بلال بن الحارث، وهو شبه المجهول. وقال ابن القيم في "زاد المعاد" 2/ 192: لا يصح عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال الألباني في "ضعيف أبي داود" (315): إسناده ضعيف.

76 - من كان منتسبا إلى العلم، هل يعتد بخلافه؟

فقال: هؤلاء لا يكونون حجة على من كان مثلهم من التابعين، فكيف على من قبلهم من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اللَّه عليه وسلم؟ ! "العدة" 4/ 1133 76 - من كان منتسبًا إلى العلم، هل يُعتد بخلافه؟ قال أحمد رحمه اللَّه في رواية أبي الحارث: لا يجوز الاختيار إلا لرجل عالم بالكتاب والسنة ممن إذا ورد عليه أمر نظر الأمور وشبهها بالكتاب والسنة. "العدة" 3/ 1136، "المسودة" 2/ 643 77 - هل يعتبر في صحة انعقاد الإجماع بأهل الضلال والفسق؟ قال أحمد في رواية بكر بن محمد عن أبيه: لا يشهد عندي رجل ليس هو عندي بعدل، وكيف أجوز حكمه؟ ! يعني: الجهمي. "العدة" 3/ 1139 78 - أهل المدينة وغيرها في الإجماع سواء؟ قال أحمد في رواية أبي داود: لا يُعجبني رأي مالك ولا رأي أحد. "مسائل أبي داود" (1778) وقال في رواية مهنا: لا ينبغي لرجل أن يضع كتابًا على أهل المدينة في بعض أقاويلهم التي يذهبون إليها، ويأخذون بها عن عمر والصحابة والتابعين. "العدة" 4/ 1142

رابعا القياس

رابعًا القياس 79 - هل يجوز التعبد بالقياس عقلًا وشرعًا؟ قال أحمد في رواية بكر بن محمد عن أبيه: لا يستغني أحد عن القياس، وعلى الحاكم والإمام يَرِدُ عليه الأمر أن يجمع له الناس، ويقيس، ويشبَّه، كما كتب عمر إلى شُريح أن قس الأمور (¬1). وقال في رواية الميموني: يجتنب المتكلم في الفقه هذين الأصلين: المجمل والقياس. وقال في رواية أبي الحارث: ما تصنع بالرأي والقياس وفي الحديث ما يغنيك عنه. "الروايتين والوجهين" المسائل الأصولية ص 65، "العدة" 4/ 1280 - 1282، "التمهيد في أصول الفقه" 3/ 365 - 368، "المسودة" 2/ 717 وقال في رواية الميموني: سألت الشافعي عن القياس فقال: عند الضرورة، وأعجبه ذلك. "العدة" 4/ 1336، "المسودة" 2/ 710، "سير أعلام النبلاء" 10/ 77 وقال الخلال: ثنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل يُنكر على أصحاب القياس، ويتكلم فيه بكلام شديد. "أعلام الموقعين" 1/ 257 ¬

_ (¬1) لم أقف عليه بهذا اللفظ لكن روى النسائي 8/ 231، والدارمي 1/ 264 (169) من طريق الشعبي عن شريح أنه كتب على عمر يسأله فكتب إليه أن: اقضِ بكتاب اللَّه فإن لم يكن في كتاب اللَّه فبسنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فإن لم يكن في كتاب اللَّه ولا في سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يقض به الصالحون فإن شئت فتقدَّم، وإن شئت فتأخر، ولا أرى التأخر إلا خيرًا لك والسلام عليكم.

80 - معنى القياس

80 - معنى القياس قال أحمد في رواية أحمد بن الحسين بن حسان: القياس أن يقاس الشيء على الشيء إذا كان مثله في كل أحواله، فأما إذا أشبهه في حال وخالفه في حال، فأردت أن تقيس عليه، فهذا خطأ، قد خالفه في بعض أحواله ووافقه في بعض، فإذا كان مثله في كل أحواله فأقبلت به وأدبرت به، فليس في نفسي منه شيء. "العدة" 4/ 1326، "التمهيد في أصول الفقه" 4/ 5، "المسودة" 2/ 717، "أعلام الموقعين" 1/ 269 وقال في رواية أحمد بن الحسين في موضع آخر: إنما القياس أن يقيس الرجل على أصل، فأما أن يجيء إلى أصل فيهدمه فلا. "العدة" 4/ 1336 قال في رواية الأثرم: إنما يقاس الشيء على الشيء إذا كان مثله في كل أحواله، فأما إذا شبهته به فأشبهه في حال وخالفه في حال، فأردت أن تقيس عليه فقد أخطأت، قد يوافقه في بعض أحواله ويخالفه في بعض، فإذا خالفه في بعض أحواله فليس هو مثله. "العدة" 5/ 1436 وسأله مهنا: هل يقيس بالرأي، فقال: لا، هو أن يسمع الرجل الحديث فيقيس عليه. "الروايتين والوجهين مسائل أصولية" ص 68، "المسودة" 2/ 761 81 - التعليل بالاسم قال أحمد في رواية الميموني: يجوز التوضؤ بماء الباقلاء والحمص؛ لأنه ماء، إنما أضفته إلى شيء لم يفسده.

82 - إثبات الأسماء بالقياس

وقال في موضع آخر في نصراني محصن أسلم ثم زنى بعد إسلامه: يرجم بذلك الإحصان؛ لأنه زانٍ، أرجمُه بإحصانه. "العدة" 4/ 1340 82 - إثبات الأسماء بالقياس قال الأثرم: وقد ذكر له حديث: "الخمر ما خامر العقل" أي شيء يعني به؟ قال: ما غيَّر العقل. قيل له: كل نبيذ غيَّر العقل فهو خمر؟ قال: نعم. "العدة في أصول الفقه" 4/ 1347 83 - ضوابط رد الفرع إلى الأصل قال أحمد بن الحسين بن حسان: قال أحمد: إنما يقاس الشيء على الشيء إذا كان مثله في كل أحواله، فأما إذا أشبهه في حال وخالفه في حال فلا. وفي لفظ آخر: إذا أقبل به وأدبر فكان مثله في كل أحواله، فهذا ليس في نفسي منه شيء. "العدة في أصول الفقه" 4/ 1354، 5/ 1432 وقال في رواية الأثرم: إنما يقاس الشيء على الشيء إذا كان مثله في كل أحواله، فأما إذا شبَّهته به فأشبهه في حال وخالفه في حال فأردت أن تقيس عليه فقد أخطأت، قد يوافقه في بعض أحواله ويخالفه في بعض، فإذا خالفه في بعض أحواله فليس هو مثله. "العدة في أصول الفقه" 5/ 1436

84 - الطرد شرط في صحة العلة

ونقل أحمد بن الحسين بن حسان: لا ينبغي أن يشبه الشيء بالشيء إلا رجل عالم كبير، يعرف كيف يشبه الشيء بالشيء. ونقل أبو الحارث: لا يجوز الاختيار إلا لعالم بالكتاب والسنة، مميز فيختار الأقرب والأشبه بهما فيعمل به. "الفروع" 5/ 426 84 - الطرد شرط في صحة العلة قال أحمد في رواية ابن القاسم وسندي: رطل حديد برطلين، لا يجوز؛ قياسًا على الذهب والفضة. "العدة في أصول الفقه" 4/ 1395 85 - القياس على ما ثبت بالقياس وقال في رواية المروذي: لا يجوز بيع أرض السواد، ويجوز شراؤها كالمصاحف. "الورع" (155) قال أحمد في رواية الأثرم، وإبراهيم بن الحارث: لا بأس بدفع الثوب إلى من يعمله بالثلث والربع، كالمزارعة. "العدة" 4/ 1362

86 - إثبات الحدود والكفارات والمقدرات والأبدال بالقياس

86 - إثبات الحدود والكفارات والمقدرات والأبدال بالقياس قال أحمد في رواية الميموني فيمن سرق من الذهب أقل من ربع دينار: أقطعه. قيل: ولم؟ قال: لأنه لو سرق عروضًا قوَّمتُها بالدراهم، كذلك إذا سرق ذهبًا أقل من ربع دينار قوَّمته بالدراهم. ونقل الميموني عنه في النصراني إذا زنا وهو محصن: يُرجم. قيل: لم؟ قال: لأنه زانٍ بعد إحصانه. ونقل جعفر بن محمد النسائي عنه في يهودي مرَّ بمؤذن وهو يؤذن فقال: كذبت، قال: يقتل؛ لأنه شتم. "العدة في أصول الفقه" 4/ 1409 - 1410 87 - البيان عن نسبة المذهب إليه من حيث القياس قال أبو علي بن الصواف: ثنا أبو عبد الرحمن، قال: كان أبو بكر الأثرم يخلف إلى أبي عبد اللَّه، ويخلف العبادي من ولد عبادة بن الصامت، وكان العبادي يسأل، والأثرم يكتب خلفه، فقال أبو عبد اللَّه: هذا كان مع حِلفٍ على الإمرة، فقال له: قد رجع عن ذلك. وكان أبو بكر الأعين يسأل الأثرم، فأخذ بعض المسائل التي كان يدونها الأثرم عن أبي عبد اللَّه فدفعها إلى صالح، فعرضها على أبي عبد اللَّه وكان فيها مسائل في الحيض، فقال: إي هذا من كلامي وهذا ليس من كلامي! فقيل للأثرم: فقال: إنما أقيسه على قوله. "تهذيب الأجوبة" 1/ 383 - 385

خامسا: الاستحسان

خامسًا: الاستحسان 88 - حكم الأخذ به قال في رواية الميموني: أستحسن أن يتيمم لكل صلاة، ولكن القياس أنه بمنزلة الماء حتى يُحْدِث، أو يَجدَ الماء. وقال في رواية المروذي: يجوز شرى أرض السواد، ولا يجوز بيعها، فقيل له: كيف يشتري ممن لا يملك؟ فقال: القياس كما تقول، ولكن هو استحسان، واحتج بأن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رخصوا في شرى المصاحف، وكرهوا بيعها (¬1). "الورع" (155) وقال في رواية بكر بن محمد فيمن غصب أرضًا فزرعها: الزرع لرب الأرض وعليه النفقة، وليس هذا بشيء يوافق القياس، أستحسنُ أن يدفع إليه نفقته. "العدة" 5/ 1604، "التمهيد في أصول الفقه" 4/ 87 - 88، "المسودة" 2/ 834 ونقل أبو طالب عن أحمد رحمه اللَّه أنه قال: أصحاب أبي حنيفة إذا قالوا شيئًا خلاف القياس، قالوا: نستحسنُ هذا وندع القياس، فيدعون الذي يزعمون أنه الحق بالاستحسان، وأنا أذهبُ إلى كل حديث جاء، ولا أقيس عليه. "العدة" 5/ 1604، "المسودة" 2/ 835، "بدائع الفوائد" 4/ 106 ¬

_ (¬1) روى عبد الرزاق 8/ 115 (14534)، والبيهقي 6/ 16 عن عبد اللَّه بن شقيق العقيلي قال: كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يكرهون بيع المصاحف. =

سادسا: شرع من قبلنا

سادسًا: شرع من قبلنا 89 - هل كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- متعبدًا بشرع من قبلنا قبل البعثة؟ قال حنبل: قال أحمد: من زعم أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان على دين قومه، فهو قول سوء، أليس كان لا يأكل ما ذبح على النصب؟ ! "العدة" 3/ 765 90 - شرع من قبلنا هل هو شريعة لنا؟ قال في رواية أبي طالب فيمن حلفت بنحر ولدها، عليها كبش، تذبحه وتتصدق بلحمه، قال اللَّه تعالى: {وَفَدَينَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}. وقال في رواية أبي الحارث والأثرم وحنبل والفضل بن زياد وعبد الصمد وقد سُئل عن القرعة، فقال: في كتاب اللَّه في موضعين: قال اللَّه تعالى: {إِذ يُلْقُونَ أَقلَامَهُمْ}، وقال تعالى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ المدْحَضِينَ}. وقال في رواية أبي طالب وصالح في قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}، فلما قال (¬1) رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يقتل مؤمن بكافر". قيل له: أليس قد قال اللَّه تعالى: {النَّفسَ بِالنَّفْسِ}؟ ! ¬

_ = وقد روي في ذلك عن ابن عمر وابن عباس انظر "مصنف ابن أبي شيبة" 4/ 292 - 293، و"مصنف عبد الرزاق" 8/ 112 (14521، 14522)، "مسند ابن الجعد" (2245) و"البيهقي" 6/ 16. (¬1) هكذا في المطبوع، ولا يستقيم المعنى، ولعلها (وقال).

قال: ليس هذا موضعه، على بن أبي طالب يحكي ما في الصحيفة (لا يقتل مؤمن بكافر)، وعن عثمان ومعاوية: (لم يقتلوا مؤمنًا بكافر). وقال في رواية أبي طالب في موضع آخر: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} كتبت على اليهود، وقال: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} أي: في التوراة، ولنا {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} [البقرة: 178]. "العدة في أصول الفقه" 3/ 753 - 756

سابعا: قول الصحابي

سابعًا: قول الصحابي 91 - التابعي إذا أدرك عصر الصحابة، وهو من أهل الاجتهاد، هل يعتد بخلافه؟ قال أحمد في رواية أبي الحارث، وقد سأله: إلى أي شيء ذهبت في ترك الصلاة بين التراويح؟ فقال: ضرب عليها عقبةُ بن عامر، ونهى عنها عبادة بن الصامت (¬1). فقيل له: يروى عن سعيد والحسن: أنهما كانا يريان الصلاة بين التراويح (¬2)، فقال: أقول لك: أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتقول: التابعين! وسأله أيضًا عن عدد قتلوا رجلًا، قال: يقادون به، يروى عن عمر (¬3) وعلى (¬4). فقيل له: يروى عن بعض التابعين: أنه لا يقتل اثنان بواحد (¬5). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 169 (7729). (¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 266 (7750)، وابن أبي شيبة 2/ 169 (7727) عن الحسن. (¬3) روى البخاري (6896) بلفظ: وقال لي ابن بشار، حدثنا يحيى بن عبيد اللَّه عن نافع عن ابن عمر أن غلاما قتل غيله، فقال عمر: لو اشترك فيها أهل صنعاء لقتلهم. (¬4) رواه ابن أبي شيبة 5/ 428 (27687). (¬5) رواه ابن أبي شيبة 5/ 429 (27691، 27693) عن حبيب بن أبي ثابت ومحمد بن سيرين.

92 - الإجماع السكوتي

فقال: ما يصنع بالتابعين؟ ! نقل أيضًا أبو عبد اللَّه القواريري: قال: سمعت أحمد يذاكر رجلًا فقال له الرجل: قال عطاء، فأخذ أحمد نعله وقال: أقول لك: قال ابن عمر، وتقول: قال عطاء، من عطاء؟ ! ومن أبوه؟ ! وظاهر هذا أنه لا يعد خلافًا على الصحابة. "الروايتين والوجهين" المسائل الأصولية ص 55، "العدة" 4/ 1153 - 1157 قال الأثرم: قلت له: السُّدى عن ابن مالك عن ابن عباس؟ فقال لي: نعم. قلت: أليس هو إسنادًا؟ ! فقال: ليس به بأس. وقال في رواية أبي طالب: لم أسمع إلَّا حديث السُّدَّي، والتابعون غير واحد، فيرجح قول التابعين لكثرتهم لا لضعفه. "العدة" 4/ 1159 92 - الإجماع السكوتي قال في رواية محمد بن عبيد اللَّه بن المنادي: أجمع أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على هذا المصحف. "العدة" 4/ 1170 - 1171

93 - إذا قال بعض الصحابة قولا، ولم يظهر في الباقين، ولم يعرف له مخالف، فإن كان على القياس هل يجب المصير إليه؟

93 - إذا قال بعض الصحابة قولًا، ولم يظهر في الباقين، ولم يُعرف له مخالف، فإن كان على القياس هل يجب المصير إليه؟ قال أحمد في رواية الأثرم: ربما كان الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في إسناده شيء، فيؤخذ به إذا لم يجئ خلافه أثبت منه، مثل: حديث عمرو بن شعيب، وإبراهيم الهجري، وربما أخذ بالمرسل إذا لم يجئ خلافه. وقال في رواية أبي طالب: ليس في النبق حديث صحيح ما يُعجبني قطعه؛ لأنه على حال قد جاء فيه كراهة. "العدة" 4/ 1178 - 1181 94 - إذا لم يكن مع قول الصحابي قياس، هل يجب المصير إليه؟ قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: ليس أحد إلا ويؤخذ من رأيه ويترك -يعني: ما خلا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل أبي داود" (1786) وقال في رواية المروذي: أكره شراء أرض الخراج. فقيل له: كيف أشتري في السواد ولا أبيع؟ فقال: الشراء خلاف البيع. فقيل له: كيف أشتري ممن لا يملك؟ فقال: القياس كما تقول، وليس هو قياسًا، وإنما هو استحسان.

واحتج: أن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رخصوا في شراء المصاحف، وكرهوا بيعها (¬1). "الورع" (155) قال أحمد في رواية أبي طالب في أموال المسلمين إذا أخذها الكفار، ثم ظهر عليه المسلمون، فأدركه صاحبه فهو أحق به، وإن أدركه وقد قسم فلاحق له، كذا قال عمر، ولو كان القياس كان له، ولكن كذا قال عمر (¬2). "العدة" 4/ 1181 ونقل أبو طالب في رجل يصوم شهرين من كفارة، فتسحر بعد طلوع الفجر ولا يعلم، ثم علم: يقضى يومًا مكانه، وإن أكل ناسيًا بالنهار، فليس عليه شيء. فقيل: فإذا لم يعلم، فهو كالناسي، فقال: كذا في القياس، ولكن عمر أكل في آخر النهار يظن أنه ليل، قال: اقض يومًا مكانه (¬3). ونقل أبو طالب عنه: لا يجوز هبة المرأة، حتى يأتي عليها في بيت زوجها سنة أو تلد، مثل قول عمر (¬4). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 8/ 112 (14521، 14522)، والبيهقي 6/ 16. (¬2) رواه عبد الرزاق 5/ 195 (9359)، وسعيد بن منصور 2/ 287 - 288 (2799)، وابن أبي شيبة 6/ 510 (33340)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 263 (5284)، والبيهقي 9/ 112. (¬3) رواه عبد الرزاق 4/ 178 (7392، 7393)، ابن أبي شيبة 2/ 287 (9045). (¬4) رواه ابن أبي شيبة 4/ 406 (21491)، ومن طريقه رواه ابن حزم في "المحلى" 8/ 310.

ونقل المروذي عنه: ابن عمر يقول: على قاذف أم الولد الحد (¬1)، وأنا لا أجترئ على ذلك، إنما هي أمة، أحكامها أحكام الإماء. وقال الميموني: قيل: إن قومًا يحتجون في النخل بفعل أبي بكر وقوله: جربته، فقال: هذا فعل ورأي من أبي بكر ليس هذا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ونقل مهنا عنه فيمن ركب دابة، فأصابت إنسانًا، فعلى الراكب الضمان. فقيل له: عليٌّ يقول: إذا قال: الطريق، فأسمع، فلا ضمان (¬2)، فقال: أرأيت إذا قال: الطريق، فكان الذي يقال له أصم. ونقل الميموني عنه، وقد سأله: يمسح على القلنسوة؟ فقال: ليس فيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شيء، وهو قول أبي موسى (¬3)، وأنا أتوقاه. ونقل ابن القاسم عنه: يروى عن ابن عمر من غير وجه -يعني: في حد البلوغ- وهو صحيح (¬4)، ولكن لا أرى هذا يستوي في الغلمان، قد يكون منهم الطويل، وبعضهم أكثر من بعض، ولا ينضبط، والحد عندي في البلوغ الثلاثة. "العدة" 4/ 1182 - 1184 ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 7/ 439 (13799)، وابن أبي شيبة 5/ 485 (28242). (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 395 (27304) بنحوه. (¬3) لم أقف عليه، لكن رواه عبد الرزاق 1/ 190 (745) عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه-. (¬4) رواه الإمام أحمد 2/ 17، والبخاري (2664)، ومسلم (1868) عن ابن عمر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة فلم يجزه، ثم عرضه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة فأجازه.

95 - اتفاق الأئمة الأربعة

95 - اتفاق الأئمة الأربعة قال أحمد في رواية المروذي: إذا اختلف أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يجز للرجل أن يأخذ بقول بعضهم إلا على اختيار، ينظر أقرب القول إلى الكتاب والسنة. وقال في رواية إسماعيل بن سعيد، وقد سأل أحمد رضي اللَّه عنه عمن زعم أنه لا يجوز أن يخرج من قول الخلفاء إلى من بعدهم من الصحابة؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين" (¬1). قال: فناظرني في بعض ما قال الصحابة، ثم رأيته قد قَنِع بهذا القول، وقال: ما أبعد هذا القول أن يكون كذلك. "العدّة" 4/ 1198 96 - قول أحد الأئمة حجة إذا خالفه غيره؟ قال في رواية إسماعيل بن سعيد، وقد سأل أحمد رحمه اللَّه عمن قال: ليس لنا أن نخرج من قول أبي بكر إلى قول عمر، ولا من قول عمر إلى قول عثمان، ولا من قول عثمان إلى قول عليَّ، فتعجب من ذلك، وقلت له: إنني أنكرتُ عليه، وقلت له: إن كان قولهم سنة فبأي قول أخذت أو اخترت من أقاويلهم فلك ذلك، فأعجبه ذلك. ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 126، وأبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (44). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال الحاكم 1/ 96: هذا إسناد صحيح على شرطهما جميعا ولا أعرف له علة. وقال ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" 2/ 1165: حديث ثابت. وصححه الألباني في "الإرواء" (2455).

97 - إذا خالف بعضهم بعضا، هل يقول لمخالفه: إنه مخطئ؟

وقال في رواية ابن القاسم: يروى عن ابن عباس أنه كان يقول: إذا انقطع الدم في الحيضة الثالثة فقد بانت منه (¬1). وهو أصح في النظر. فقيل له: فلم لا تقول به؟ قال: قد قال عمر وعلى، وابن مسعود (¬2)، فأنا أتهيب أن أخالفهم، يعني: باعتبار الغسل. "العدة" 4/ 1202 97 - إذا خالف بعضهم بعضًا، هل يقول لمخالفه: إنه مخطئ؟ قال أحمد في رواية بكر بن محمد: على الرجل أن يجتهد، ولا يقول لمخالفه: إنه مخطئ. "العدة" 4/ 1210 98 - إذا قال التابعي قولًا لا يهتدي إليه القياس فهل يكون حكمه في ذلك حكم الصحابي؟ قال أبو داود: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل: إذا جاء الشيء عن الرجل من التابعين لا يوجد فيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، يلزم الرجل أن يأخذ به؟ قال: لا. "المسودة" 2/ 659 ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 293 (1227)، وابن عبد البر في "التمهيد" 15/ 96 - 97. (¬2) رواه سعيد بن منصور 1/ 292 (1223)، وابن أبي شيبة 4/ 164 (18892) بلفظ: أن أبا بكر وعمر وعثمان وابن مسعود قالوا: هو أحق برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة.

باب الاجتهاد

باب الاجتهاد 99 - اجتهاد الأنبياء عليهم السلام؟ قال الإمام أحمد في رواية عبد اللَّه: {وَمَا ينَطِقُ عَنِ الهوَى} [النجم: 3]، وذكر أنه يجوز لهم أن يجتهدوا فيما يتعلق بمصالح الدنيا وتدبير الحروب. "المسودة" 2/ 110 100 - صفة المستفتي قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل تكون عنده الكتب المصنفة، فيها قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- واختلاف الصحابة والتابعين، وليس للرجل بصر بالحديث الضعيف المتروك، ولا الإسناد القوي من الضعيف، فيجوز أن يعمل بما شاء ويتخيَّر ما أحب منها، فيفتي به ويعمل به؟ قال: لا يعمل حتى يسأل ما يؤخذ به منها، فيكون يعمل على أمر صحيح، يسأل عن ذلك أهل العلم. "مسائل عبد اللَّه" (1584)

101 - الشروط التي يجب توافرها فيمن يتصدى للفتوى

101 - الشروط التي يجب توافرها فيمن يتصدى للفتوى قال الإمام أحمد في رواية ابنه صالح: ينبغي للرجل إذا حمل نفسه على الفتيا أن يكون عالمًا بوجوه القرآن، عالمًا بالأسانيد الصحيحة، عالمًا بالسنن، وإنما جاء خلاف من خالف لقلة معرفتهم بما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقلة معرفتهم بصحيحها من سقيمها. وقال في رواية أبي الحارث: لا يجوز الإفتاء إلا لرجل عالم بالكتاب والسنة. وقال في رواية حنبل: ينبغي لمن أفتى أن يكون عالمًا بقول من تقدم، وإلا فلا يفتي. وقال محمد بن عبد اللَّه بن المنادي: سمعت رجلًا يسأل أحمد. إذا حفظ الرجل مائة ألف حديث يكون فقيهًا؟ قال: لا، قال: فمائتي ألف؟ قال: لا، قال: فثلاثمائة ألف؟ قال: لا. قال: فأربعمائة ألف؟ قال بيده هكذا، وحرك يده. قال أبو الحسين: وسألت جدي محمد بن عبيد اللَّه، قلت: فكم كان يحفظ أحمد بن حنبل؟ قال: أخذ عن ستمائة ألف. قال صالح: قلت لأبي: ما تقول في الرجل يسأل عن الشيء فيجيب بما في الحديث وليس بعالم في الفقه؟ فقال: ينبغي للرجل إذا حمل نفسه على الفتيا أن يكون عالمًا بالسنن عالمًا بوجوه القرآن، عالما بالأسانيد الصحيحة، وذكر الكلام المتقدم. "العدة" 5/ 1595 - 1597، "المسودة" 2/ 925، "أعلام الموقعين" 1/ 44، 45، 46

قال ابن بطة: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن رجاء، حدثنا أبو نصر عصمة بن أبي عصمة، حدثنا العباس بن الحسين القنطري، حدثنا محمد بن الحجاج قال: كتب عني أحمد بن حنبل كلامًا، قال العباس: فأملاه علينا، قال: لا ينبغي للرجل أن ينصَّب نفسه للفتوى حتى يكون فيه خمس خصال: أما أولها: فأن تكون له نية، فإنه إن لم تكن له نية لم يكن عليه نور، ولا على كلامه نور. وأما الثانية: فيكون عليه حلم ووقار وسكينة. وأما الثالثة: فيكون قويًّا على ما هو فيه وعلى معرفته. وأما الرابعة: فالكفاية، وإلا مضغه الناس. والخامسة: معرفة الناس. فأقول أنا -واللَّه العالم: لو أن رجلا عاقلًا أنعم نظره وميز فكره، وسما بطرفه، واستقصى بجهده، طالبا خصلة واحدة في أحد من فقهاء وقتنا والمتصدرين للفتوى أخشى ألا يجدها، واللَّه نسأل صفحا جميلا، وعفوا كثيرًا. "إبطال الحيل" ص 80 - 81 (38)، "العدة" 5/ 1599، "الطبقات" 2/ 108 وقال أبو موسى الوراق: سمعت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل رحمه اللَّه، وذاكره دحيم بالأصول عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال أحمد رحمه اللَّه: أما الأصول التي يدور عليها العلم عن النبي فينبغي أن تكون ألفًا أو ألفًا ومائتين. "العدة" 5/ 1600 قال أبو علي الضرير: قلت لأحمد بن حنبل: كم يكفي الرجل من الحديث حتى يمكنه أن يفتي؟ يكفيه مائة ألف؟ قال: لا.

قلت: مائتا ألف؟ قال: لا. قلت: ثلاثمائة ألف؟ قال: لا. قلت أربعمائة ألف؟ قال: لا. قلت: خمسمائة ألف؟ قال: أرجو. وقال الحسن بن إسماعيل: قيل لأحمد، وأنا أسمع، فذكر مثل ذلك. وقال أحمد بن عبدوس: قال أحمد بن حنبل: من لم يجمع علم الحديث وكثرة طرقه واختلافه لا يحل له الحكم على الحديث، ولا الفتيا به. وقال أحمد بن محمد بن النضر: سئل أحمد بن حنبل عن الرجل يسمع مائة ألف حديث يفتي؟ قال: لا. قلت: فمائتي ألف؟ قال: لا. قلت: فثلاثمائة ألف؟ قال: لعله. وقال أحمد بن منيع: مرّ أحمد بن حنبل جانبًا من الكوفة وبيده خريطة فيها كتب فأخذت بيده، فقلت: مرة إلى الكوفة ومرة إلى البصرة إلى متى؟ إذا كتب الرجل بيده ثلاثين ألف حديث لم يكفه؟ فسكت.

ثم قلت: ستين ألف؟ فسكت. فقلت: مائة ألف؟ فقال: فحينئذ يعرف شيئًا. فنظرنا فإذا أحمد قد كتب ثلاثمائة ألف عن بهز، وأظنه قال: وروح بن عبادة. وقال أحمد بن العباس النسائي: سألت أحمد عن الرجل يكون معه مائة ألف حديث، يُقُال له: صاحب حديث؟ قال: لا. قلت: فعنده مائتا ألف؟ قال: لا. قلت له: ثلاثمائة ألف حديث؟ فقال: بيده كذا، يروح بها يمنة ويسرة، وأومأ اللؤلئي كذا وكذا، يقلب يده. "المسودة" 2/ 922 - 923

102 - التحذير من فتيا من يرغب في المال والشرف من العلماء

102 - التحذير من فتيا من يرغب في المال والشرف من العلماء قال سعيد بن يعقوب: كتب إليَّ أحمد بن حنبل: بسم اللَّه الرحمن الرحيم من أحمد بن محمد إلى سعيد بن يعقوب، أما بعد: فإن الدنيا داء، والسلطان داء، والعالم طبيب، فإذا رأيت الطبيب يجر الداء إلى نفسه فاحذره، والسلام عليك. "المسودة" 2/ 970 نقل عنه المروذي فيمن يسأل عن العلم فربما أهدي له، قال: لا يقبل إلا أن يكافئ، وإن حكما بينهما من يصلح له نفذ حكمه وهو كحاكم الإمام. "الفروع" 6/ 429 103 - الرجل يفتي بغير علم قال ابن النقيب: سمعت أبا عبد اللَّه، وسُئل عن الرجل يُفتي بغير علم، قال: يروى عن أبي موسى قال: يمرُق من دينه (¬1)، وقال أبو عبد اللَّه: يكون عند الرجل سنة عن نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- ويفتي بغيرها، وشدَّد في ذلك. "الطبقات" 2/ 395 ¬

_ (¬1) رواه الدارمي في "سننه" 1/ 274 (180).

104 - التورع عن الفتوى إذا لم يحسنها

104 - التورع عن الفتوى إذا لم يحسنها قال صالح: قال أبي: كان سفيان إذا سئل عن شيء من الحيض أو المناسك يقول: لا حرج، لا حرج. وإذا سئل عن شيء من الطلاق يقول: من يحسن هذا؟ من يحسن هذا؟ "مسائل صالح" (129) قال ابن بطة: حدثنا إسحاق الكاذي، حدثنا عبد اللَّه بن الإمام أحمد، حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا مالك ابن مغول، عن زبيد قال: سألت إبراهيم عن مسألة فقال: ما وجدت من بلدك من تسأله غيري؟ "إبطال الحيل" ص 124 (75) قال ابن بطة: حدثني أبو محمد إسماعيل بن علي الخُطبي قال: حدثنا الكديمي، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا سفيان بن عيينة قال: إن الشعبي إذا ذكر عنده الملتبس من المسائل بالصعاب قال: زبَّاء ذات وبر لا تنقاد ولا تنساق، لو سئل عنها أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- لأعضلت بهم. قال أبو العباس الكديمي: أنبأنيه عن الشعبي قال -أي: الإمام أحمد: حدثنيه علي بن المديني قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن شبرمة عن الشعبي. "إبطال الحيل" ص 125 - 126 (78) قال المروذي: أنكر أبو عبد اللَّه على من يتهجم في المسائل والجوابات، وقال: ليتق اللَّه عبد ولينظر ما يقول، فإنه مسئول، وقال: يتقلد أمرًا عظيمًا، وقال: عرضها لأمر عظيم، إلا أنه قد تجيء ضرورة. ونقل محمد بن أبي طاهر عنه: لست أفتي في الطلاق بشيء. "الفروع" 6/ 429

105 - التوقف عن الفتوى عند تعارض الأدلة

105 - التوقف عن الفتوى عند تعارض الأدلة قال إسحاق بن منصور: قال: إنَّ الذي يفتي الناسَ في كلِّ ما يستفتونه لمجنونٌ. قال أحمد: لا ينبغي له أنْ يجيبَ في كلِّ ما يُستفتى. قال إسحاقُ: كمَا قال، إلا أنْ يكونَ في كلِّ ما يستفتونه السنن، وإنَّما يعني بهذا الجريء على الفتيا بما لم يسند. "مسائل الكوسج" (3293) قال صالح عن أبيه وسألته عن الرجل يكون في القرية، قد روى الحديث؛ وردت عليه مسألة فيها أحاديث مختلفة، كيف له أن يصنع؟ قال: لا يقول فيها شيئًا. "مسائل صالح" (769) قال أبو داود: وما أحصي ما سمعت أحمد يسأل عن كثير مما فيه اختلاف من العلم؛ فيقول: لا أدري. "مسائل أبي داود" (1782) قال أبو داود: عن أحمد سمعته يقول: ما رأيت مثل ابن عيينة في الفتيا، أحسن فتيا منه، كان أهون عليه أن يقول: لا أدري من لا شيء، يقول: من يُحسن، يعني: هذا، يعني: على هذا سل العلماء. "مسائل أبي داود" (1787)

قال ابن هانئ: سألته عمن أفتى بفتيا يُعمل فيها، فإثمها على من أفتاها، على أي وجه؟ يعني: نعيا فيها؟ قال أبو عبد اللَّه: يعني بالبحث لا يدري أيش أصلها، فإثمها عليه. "مسائل ابن هانئ" (1915) قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: الذي جاء في الحديث: "أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ" (¬1)، ما معناه؟ قال أبو عبد اللَّه: يفتي بما لم يسمع. "مسائل ابن هانئ" (1916) قال ابن هانئ: وجاءه رجل يسأله عن شيء. فقال: لا أجيبك في شيء. ثم قال: قال عبد اللَّه: إن كل من يفتي الناس في كل ما يستفتونه لمجنون. قال الأعمش: فذكرت ذلك للحكم، فقال: لو حدثتني به قبل اليوم، لما أفتيت في كثير مما كنت أفتي فيه. "مسائل ابن هانئ" (1920) قال ابن هانئ: قال أبو عبد اللَّه: يكون الرجل في قومه فيسأل عن الشيء فيه اختلاف، قال: يفتي بما وافق الكتاب والسنة، وما لم يوافق الكتاب والسنة أمسك عنه. ¬

_ (¬1) رواه الدارمي في "سننه" 1/ 258 (159) عن عبيد اللَّه بن أبي جعفر. قال العجلوني في "كشف الخفاء" (113): رواه ابن عدي عن عبد اللَّه بن جعفر مرسلًا. ولم أقف عليه في "الكامل" له.

قيل له: أفيجاب عنه؟ قال: لا. "مسائل ابن هانئ" (1922) قال عبد اللَّه: كنت أسمع أبي كثيرا يُسأل عن المسائل، فيقول: لا أدري. وذلك إذا كانت مسألة فيها اختلاف، وكثير مما كان يقول: سل غيري. فإن قيل له: من نسأل؟ يقول: سلوا العلماء، ولا يكاد يسمي رجلا بعينه. "مسائل عبد اللَّه" (1583) قال ابن بطة: حدثنا أبو علي محمد بن أحمد البزار، حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه قال: من أفتى الناس في كل ما يستفتونه فهو مجنون (¬1). "إبطال الحيل" ص 127 (80) قال صالح: قال أبي: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: جاء رجل إلى مالك بن أنس يسأله عن شيء، فقال له مالك: لا أدري. "أخلاق العلماء" 155 قال الصفار: سمعت عبد اللَّه بن أحمد يقول: سمعت أبي يقول: سمعت الشافعي يقول: سمعت مالك بن أنس يقول: سمعت محمد بن عجلان يقول: إذا أخطأ العالم لا أدري أصيبت مقاتله. "أخلاق العلماء للآجري" 155، "بدائع الفوائد" 3/ 234 ¬

_ (¬1) ذكره المصنف في "الإبانة الكبرى" 1/ 418 بلا إسناد، وأخرجه الدارمي 1/ 56، والبيهقي في "المدخل" 432، وابن عبد البر في "الجامع" 523.

106 - إن أفتى العالم بما هو مخالف لما جاء عن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أو التابعين هل يؤخذ بقوله؟

قال صالح: كنت أسمع أبي كثيرًا ما يُسأل عن الشيء فيقول: لا أدري، وربما قال: سل غيري. "المسودة" 2/ 126 قال الأثرم: قول أبي عبد اللَّه: لا أدري يريد لا أدري أي القولين أقدم وأرجح. وإنه ليجيب في المسألة ويذكر فيها أنواعًا من مقالات الصحابة ووجوهًا من الكلام ويقول: لا أدري. "تهذيب الأجوبة" 8/ 728 نقل الميموني عن أبي عبد اللَّه أنه كان يسائله فيقول: لا تكتب، وتعال حتى نتناظر. وربما وقفت المسألة يومًا حتى يُبادئه أبو عبد اللَّه بالجواب. "تهذيب الأجوبة" 1/ 509 106 - إن أفتى العالم بما هو مخالف لما جاء عن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أو التابعين هل يؤخذ بقوله؟ قال إسحاقُ: وأمَّا العالمُ يفتي بالشيء يكون مخالفًا لما جاءَ من أصحابِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أو التابعين بإحسان لما يكون قد عزب عنه معرفة العلم الذي جاء فيه، فإِنَّ على المتعلمين أَنْ يهجروا ذَلِكَ القولَ بعينه من العالم الذي خفي عليه سنته، ولا يدخل على الراد ذَلِكَ نقض ما رد على من هو أعلم منه ليتبع في ذَلِكَ ما أمر؛ لما قال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي اتِّبَاعَ زلة العالِم" (¬1) ثم فسر النجاة من ذَلِكَ ¬

_ (¬1) روى البزار 8/ 314 (3384)، والطبراني 17/ 17 (14)، وابن عدي في "الكامل" =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = 7/ 188 - 189، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 10، والقضاعي في "مسند الشهاب" 2/ 174 (1127) عن كثير بن عبد اللَّه، عن أبيه، عن جده عمرو بن عوف المزني قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إني أخاف على أمتي من ثلاث: من زلة عالم، ومن هوى متبع، ومن حكم جائر" واللفظ للبزار. قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 187: رواه البزار وفيه كثير بن عبد اللَّه بن عوف، وهو متروك، وقد حسن له الترمذي. وقال في 5/ 239: رواه الطبراني، وفيه كثير بن عبد اللَّه المزني، وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات. وقال المنذري: كما في "ضعيف الترغيب والترهيب" (36)، (1334): رواه البزار والطبراني من طريق كثير بن عبد اللَّه، وهو واهٍ، وقد حسنها الترمذي في مواضع -يعني: الطريق- وصححها في موضع، فأُنكِر عليه، واحتج بها ابن خريمة في "صحيحه". وقال الألباني: ضعيف جدًا. وروى ابن الأعرابي في "الزهد" ص 49 (78)، والبيهقي في "الشعب" 7/ 281 (10311) من طريقه عن مجاهد، عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه: "إن أشد ما أتخوف على أمتي ثلاثًا زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، ودنيا تقطع أعناقكم فاتهموها على أنفسكم"، ورواه البيهقي بعده (10312) عن مالك بن إسماعيل، عن عبد اللَّه بن عمرو، به. ثم قال: والأول أصح، واللَّه أعلم. وروى الطبراني 10/ 138 (282)، وفي "الصغير" 2/ 186 (1001) بإسناده، و"الأوسط" 6/ 342 (6575)، وتمام في "الفوائد" 2/ 219 (1576) من طريق عاصم بن علي، عن عبد الحكم بن منصور عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن أخوف ما أخاف على أمتي ثلاث: زلة عالم وجدال منافق بالقرآن ودنيا تفتح عليكم". قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 186: رواه الطبراني في الثلاثة، وفيه عبد الحكيم بن منصور، وهو متروك الحديث. اهـ. وروى الطبراني في "مسند الشاميين" 3/ 264 (2220) عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أخاف على أمتي ثلاثًا: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن والتكذيب بالقدر".=

107 - هل يجوز أن يقال في المسألة الواحدة بقولين في وقت واحد؟

فقال: "أما العلم إذا زل فلا تتبعوا زَلَّتَه" (¬1) فهذا يصدَّق ما وصفنا. ولقد قال ابن المبارك، وجرى ذكر من يسأل الرأي في عصر سفيان فقال: ما رأت عيناي قط أعلم من سفيان، ثم ذكر لابن المبارك مسائل كثيرة قالها سفيان يخالفه، من ذَلِكَ رفع الأيدي في المكتوبات إذا ركع وإذا رفع رأسه، فقال: ما يمنع هؤلاء الذين لا يرفعون إلا الكسل؛ حتى أنه قال يومًا للشيخ: قال أبو محمد -يعني: أبا حنيفة- وذكر أنه من رفع يديه عند الركوع يريد أن يطير، فقال ابن المبارك: إذا كان إذا رفع عند الركوع يطير فإنه في الاستفتاح كذلك، أخبرني بذلك وكيع عنه حتى أنه قال: ما رأيت جوابًا أحسن من جواب ابن المبارك. فلم يمنع عبد اللَّه ما قال في سفيان من أنه أعلم أهل الأرض أن يرد عليه خطأه؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويظن به الظن الحسن أنه قد فاته، وكذلك من اقتدى بابن المبارك يلزمه مثل ما لزمه. "مسائل الكوسج" (3458) 107 - هل يجوز أن يقال في المسألة الواحدة بقولين في وقت واحد؟ قال الخلال: وأبو عبد اللَّه يحتاج من يقلد مذهبه أن يعرفه من رواية جماعة؛ لأنه ربما روى عنه المسألة الواحدة جماعة، حتى يصحح قوله ¬

_ = قال الهيثمي في "المجمع" 7/ 203: رواه الطبراني، وفيه معاوية بن يحيى الصدفي، وهو ضيعف. وقال الألباني في "ضعيف الجامع" (220): ضعيف. (¬1) هذِه الزيادة لم أجدها في طرق الحديث السابقة، وقد ذكرت ألفظها بتمامها.

فيها العشرة ونحوهم؛ لأنه ربما يُسأل عن المسألة الواحدة جماعة حتى يقول: لا أدري وإنما يعني: لا أدري ما أختار ويُسأل عن تلك بعينها فيجيب بالاختلاف لمن قال: لا ونعم، ولا ينفذ له قول. ويُسأل عن تلك المسألة أيضًا في وقت آخر فيحتج لمن قال: لا. ولا ينفذ قوله. ويُسأل عن تلك المسألة أيضًا فيحتج للجميع ويعلق مذهبه. ويُسأل عن تلك المسألة أيضًا في وقت فيجيب بمذهبه من غير احتجاج للمسألة إذا كان قد تعين له الأمر فيها. يُسأل عن تلك أيضًا ويُحتج عليه، ويُسأل عن مذهبه وعن الشيء ذهب إليه فيجيبهم فيصبح مذهبه في تلك المسألة في ذلك الوقت. وفي مسائله رحمه اللَّه مسائل يحتاج الرجل أن يتفهمها ولا يعجل وهو قد قال ربما بقيت في المسألة -ذكر بعضهم عنه عشرين سنة- يعني: حتى يصح له ما يختار فيها -وذكر بعضهم عنه العشر سنين إلى الثلاث سنين. وإنما بينت هذا كله في هذا الموضوع -أعني: لمن يقلد من مذهب أبي عبد اللَّه شيئًا- ألا يعجل وأن يستثبت، ونفعنا اللَّه وإياكم، ونسأله التوفيق؛ فإنه لطيف. فقد كان أبو عبد اللَّه رجلًا لا يذهب إلا في الكتاب والسنة وقول الصحابة والتابعين، وكان يحب السلامة والتثبت فيما يقول ويدفع الجواب، فإذا أجاب لم يجب إلا بما قد صح وثبت عنده. "أحكام أهل الملل" 1/ 213 - 215 (381) نقل أبو زرعة عن أحمد بن حنبل: كنت أتهيبُ أن أقول: لا تبطل صلاة من لم يصلَّ على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم تبينتُ فإذا الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-

واجبة، فمن تركها أعاد الصلاة. وقال فوران: رجع أبو عبد اللَّه عن هذِه المسألة وقال: يُعطى كل واحد منهم نصف صاع، وقال: لا يحكى عن أبي عبد اللَّه. قال القاضي: وهذا ظاهر كلام الخلال وصاحبه أبي بكر عبد العزيز، وأن ذلك رجوع عن الأول، وذكرا ذلك في مواضع من كتبهما. فمن ذلك: ما رواه مهنا عنه أنه كره العقيقة يوم سابعه، فقال: ذلك قول قديم، والعمل على ما رواه حنبل عنه وغيره. ونقل أبو الحارث: إذا لم يجد إلا الثلج مسح به أعضاء الوضوء، ولا يعيد فقال: كان ذلك من أبي عبد اللَّه في ذلك الوقت، والعمل على ما رواه المروذي. فهذا كلام أبي بكر الخلال. وكذلك لصاحبه أبي بكر عبد العزيز في مواضع منها: ما رواه ابن منصور عن أحمد رحمه اللَّه: يستحلف في حد القذف، فقال: قول قديم، والعمل على ما رواه حرب وصالح: لا يمين في شيء من الحدود. ونقل المروذي عن أحمد بن حنبل فيمن قال: يا لوطي: يُسأل عما أراد، فإن قال: إنك من قوم لوط حُدَّ. فهو قول قديم، والعمل على ما رواه مهنا وغيره: أن عليه الحد. "العدة" 5/ 1617 - 1620 قال أبو سفيان المستملي: سألت أحمد عن مسألة فأجابني بجواب خلاف الجواب الأول، فقلت له: أنت مثل أبي حنيفة الذي كان يقول في المسألة الأقاويل، فتغير وجهه، وقال: يا موسى أليس لنا مثل أبي

108 - العامي إذا سأل عالمين، فأفتاه أحدهما بالحظر والآخر بالإباحة، هل يجوز له أن يأخد بقول من أفتاه بالإباحة؟

حنيفة، أبو حنيفة كان يقول بالرأي، وأنا أنظر في الحديث، فإذا رأيت ما هو أحسن أو أقوى أخذت به وتركت الأول. "المسودة" 2/ 941 108 - العامي إذا سأل عالمين، فأفتاه أحدهما بالحظر والآخر بالإباحة، هل يجوز له أن يأخد بقول من أفتاه بالإباحة؟ نقل ابن القاسم الحنبلي أنه قال لأحمد رحمه اللَّه: ربما اشتد علينا الأمر من جهتك فمن نسأل؟ فقال: سلوا عبد الوهاب. ونقل الحسن بن محمد بن الحارث عن أحمد رحمه اللَّه أنه سُئل عن مسألة فقال: سل إسحاق بن راهويه. ونقل أحمد بن محمد البُرَاثي عن أحمد أنه سُئل عن مسألة فقال: سل غيرنا، سل العلماء، سل أبا ثور. "العدة في أصول الفقه" 5/ 1572 قال إسماعيل بن بكر السكري: سألت أبا عبد اللَّه عن فأرة وقعت في إناء فيه ماء السكر؟ فقال: يمكن أن تكون وقعت من السقف، ويمكن أن تكون من الأرض طفرت [و] وقعت فيه، أو يمكن أن تكون أخرجتها من إناءٍ إلى إناء. فقال: اذهب إلى البصريين فإنهم أسهل عليك -أو أرخص عليك، شك إسماعيل. "الطبقات" 1/ 267

109 - لا يجوز تتبع الرخص

قال ابن بشار المخرمي: سألت أحمد بن حنبل عن مسألة في الطلاق فقال: إن فعل حنث. فقلت: يا أبا عبد اللَّه، اكتب لي بخطك. فكتب لي في ظهر الرقعة: قال أبو عبد اللَّه: إن فعل حنث. قلت: يا أبا عبد اللَّه، إن أفتاني إنسان يعني: ألا يحنث؟ فقال لي: تعرف حلقة المدنيين؟ قلت: نعم -قال الحسين بن بشار: وكانت للمدنيين حلقة عندنا في الرصافة في المسجد الجامع- فإن أفتوني يدخل؟ قال: نعم. "الطبقات" 1/ 381 - 382 109 - لا يجوز تتبع الرخص روى عبد اللَّه بن أحمد عن أبيه قال: سمعت يحيى القطان يقول: لو أن رجلًا عمل بكل رخصة: بقول أهل المدينة في السماع -يعني: في الغناء- ويقول أهل الكوفة في المتعة، ويقول أهل مكة في النبيذ؛ لكان فاسقًا. "مسائل عبد اللَّه" (1632) 110 - الحق في أحكام الفروع واحدٌ عند اللَّه تعالى قال الإمام أحمد في رواية بكر بن محمد عن أبيه: إذا اختلفت الرواية عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأخذ رجل بأحد الحديثين، وأخذ آخر بحديث آخر ضده، فالحق عند اللَّه في واحدٍ، وعلى الرجل أن يجتهد، ولا يقول لمخالفه: إنه مخطئ.

111 - لا يحمل المفتي الناس على مذهبه

وقال بعد ذلك: وإذا اختلف أصحاب محمد، فأخذ رجل بقول بعضهم وأخذ آخر عن رجل منهم، فالحق في واحدٍ، وعلى الرجل أن يجتهد ولا يدري أصاب الحق أم أخطأ. وكذلك قال عمر رضي اللَّه عنه: واللَّه ما يدري عمر أصاب الحق أم أخطأ. "العدة" 5/ 1542 - 1435، "التمهيد في أصول الفقه" 4/ 310، "المسودة" 2/ 900 111 - لا يحمل المفتي الناس على مذهبه نقل عنه المروذي: لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه ولا يشدد عليهم. "الآداب الشرعية" 1/ 189

ترجيحات الألفاظ عند التعارض كيفية ترجيح الألفاظ بعضها على بعض

ترجيحات الألفاظ عند التعارض كيفية ترجيح الألفاظ بعضها على بعض: أولًا: ما يرجع إلى الإسناد: 112 - 1 - أن يكون أحد الخبرين أكثر رواة فيجب تقديمه قال أحمد في رواية الأثرم فيما روي عن علي رضي اللَّه عنه في امرأة المفقود: هي امرأته حتى يُعلم أحي أم ميت (¬1). فقال: أبو عوانة تفرد بهذا، لم يتابع عليه. وقال في رواية الميموني، وقد ذكر له حديث بلال بن الحارث في فسخ الحج لنا خاصة (¬2)، قال: لو عرف بلال أن أحد عشر رجلًا من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يروون ما يروون من الفسخ، أين يقع بلال بن الحارث؟ "العدة" 3/ 1019 - 1021، "التمهيد في أصول الفقه" 3/ 202 ¬

_ (¬1) رواه الشافعي في "المسند" 2/ 63 (207)، وسعيد بن منصور 1/ 402 (1757). (¬2) رواه الإمام أحمد 3/ 469، وأبو داود (1808)، والنسائي 5/ 179، وابن ماجه (2984). قال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 2/ 331: والحارث هو ابن بلال بن الحارث، وهو شبه مجهول. وقال ابن القيم في "زاد المعاد" 2/ 192: لا يصلح عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال الألباني في "ضعيف أبي داود" (315): إسناده ضعيف.

113 - 2 - أن يكون أحد الراويين أتقن وأعلم فتكون روايته أولى

113 - 2 - أن يكون أحد الراويين أتقن وأعلم فتكون روايته أولى قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني صالح بن علي النوفلي قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: المثبتون في الحديث أربعة: شعبة وسفيان وزائدة وزهير. وقال في رواية إسماعيل بن سعيد: المشهور بالرواية أولى. "العدة" 3/ 1024 114 - 3 - أن يكون أحدهما مسندًا والآخر مرسلًا، فالمسند أولى قال أبو بكر الأثرم: رأيت أبا عبد اللَّه إذا كان الحديث عن النبي في إسناده شيء يأخذ به، إذا لم يجد خلافه أثبت منه، مثل حديث عمرو بن شعيب، ومثل حديث إبراهيم الهجري، وربما أخذ بالحديث المرسل، إذا لم يجئ خلافه؛ وذلك لأن من الناس من قال: إن المرسل لا يحتج به. "العدة" 3/ 1032

ثانيا: الترجيح الذي يرجع إلى المتن

ثانيًا: الترجيح الذي يرجع إلى المتن: 115 - 1 - أن يكون أحدهما إثباتًا والآخر نفيًا، فيكون الإثبات أولى قال أحمد في رواية الميموني: الذي يقول: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل الكعبة ولم يصل (¬1)، وهذا يقول: صلَّى (¬2) فهذا يشهد أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلَّى. وابن عمر يقول: لم يقنت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬3)، وغيره يقول: قنت (¬4)، فهذِه شهادة عليه أنه قنت. وحديث أنس: لم يأنِ لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يخضب، وغيره يقول: قد خضب، فهذِه شهادة على الخضاب، والذي يشهد على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليس بمنزلة من لم يشهد. "العدة" 3/ 1036 - 1037 116 - 2 - أن يكون أحدهما متأخرًا قال عبد اللَّه: قال أبي: تستعمل الأخبار حتى تأتي دلالة، بأن الخبر قبل الخبر، فيكون الأخير أولى أن يؤخذ به. "مسائل عبد اللَّه" (47)، (310) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 1/ 237، والبخاري (398)، ومسلم (1331) من حديث ابن عباس. (¬2) رواه الإمام أحمد 2/ 113، والبخاري (468)، ومسلم (1329) من حديث ابن عمر. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 2/ 102 (6968)، والبيهقي 2/ 213. (¬4) رواه الإمام أحمد 3/ 113، والبخاري (1001)، ومسلم (677) من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-.

117 - 3 - أن يكون أحدهما حاظرا والآخر مبيحا، فالحاظر أولى

117 - 3 - أن يكون أحدهما حاظرًا والآخر مبيحًا، فالحاظر أولى قال أحمد في رواية إسماعيل بن سعيد في الأمر المختلف فيه عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يعلم ناسخه من منسوخه: نصير في ذلك إلى قول علي: نأخذ بالذي هو أهنأ وأهدى وأبقى (¬1). "العدة" 3/ 1042 ثالثًا: الترجيح الذي يرجع إلى غير الإسناد والمتن 118 - 1 - أن يكون أحدهما موافقًا لطاهر القرآن، أو موافقًا لسنة أخرى نقل محمد بن الأشرس: أن أحمد سُئل عن الحديث إذا كان صحيح الإسناد، ومعه ظاهر القرآن، ثم جاء حديثان صحيحان خلافه، أيما أحب إليك؟ فقال: الحديثان أحب إليَّ إذا صحا. "العدة" 3/ 1048، "المسودة" 1/ 609 ¬

_ (¬1) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 147، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 246 - 247.

119 - 2 - أن يكون أحدهما عمل به الأئمة الأربعة

119 - 2 - أن يكون أحدهما عمل به الأئمة الأربعة: قال عبد اللَّه: قال أبي: روى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "تَوَضئُوا مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ" (¬1)، وروي أنه نهس عظمًا وصلى ولم يتوضأ (¬2)، فنظر إلى أبي بكر وعمر وعثمان وعلي لم يتوضئوا مما مست النار. فقد تكافأت الرواية فيه. "العلل" لعبد اللَّه (228) نقل أبو الحارث عنه في الحديثين المختلفين، وهما جميعًا بإسناد صحيح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: ينظر إلى ما عمل به الأئمة الأربعة، فيعمل به. ونقل الفضل بن زياد في الحديثين بإسناد صحيح: ينظر إلى ما عمل أو ما قال الخلفاء بعده. يعني: أبا بكر وعمر. "العدة" 3/ 1051 - 1052 120 - هل يرجح أحد الخبرين على الآخر بعمل أَهل المدينة؟ قال الإمام أحمد في رواية ابن القاسم: إذا روى أهل المدينة خبرًا ثم عملوا به فهو أصح ما يكون. "المسودة" 1/ 612 ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 265، ومسلم (352) من حديث أبي هريرة. (¬2) رواه الإمام أحمد 1/ 226، والبخاري (207)، ومسلم (354) من حديث ابن عباس ولفظ البخاري ومسلم "أكل كتف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ".

فصل في معنى اللفظ المحتمل من كلام الإمام أحمد

فصل في معنى اللفظ المحتمل من كلام الإمام أحمد (¬1) 121 - جوابه بـ: أخاف نقل صالح عن أبيه: أنها تستعمل في الامتناع، ومنه قوله تعالى: {إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي} [الأنعام: 15] معناه: إنني أمتنع خوفًا من ربي. وقوله تعالى: {فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (14)} [الشعراء: 14]. "العدة" 5/ 1625 122 - جوابه بـ: لا أدري قال الأثرم: قول أبي عبد اللَّه لا أدري يريد: لا أدري أيُّ القولين أقدم وأرجح، وإنه ليجيب في المسألة ويذكر فيها أنواعًا من مقالات الصحابة ووجوها من الكلام ويقول: لا أدري. "تهذيب الأجوبة" 2/ 728 123 - جوابه بـ: أحب ولا أحب نقل صالح عن أبيه: أن هذِه اللفظة، المراد بها الإيجاب. "العدة" 5/ 1628 ¬

_ (¬1) اكتفينا في هذا الفصل بذكر الروايات التي يبين فيها الإمام أحمد بنفسه المراد بلفظه، وقد فصَّل ذلك الحسن بن حامد في كتابه "تهذيب الأجوبة" 2/ 581 - 827، فراجعه.

124 - جوابه بأن هذا يشنع عند الناس

124 - جوابه بأن هذا يشنع عند الناس قال الميموني: قلت: شهادة العبيد في الحدود؟ قال: لا تجوز شهادته، في الحقوق شاهد ويمين، والحدود ليس كذلك. قلت: لم تستوحش من هذا إذا كان علمًا يتبع؟ ! قال: في الحدود كأنه يُشَنَّع، وإنما ذلك لهيب الناس؛ فردها. "تهذيب الأجوبة" 2/ 686

125 - باب في مدح الاتباع وذم التقليد والرأي

125 - باب في مدح الاتباع وذم التقليد والرأي قال إسحاق بن منصور: يُؤجرُ الرجلُ على بغضِ أصحابِ أبي حنيفةَ؟ قال: إي واللَّهِ. "مسائل الكوسج" (3385) قال إسحاق: قال الإمام أحمد: ابْتُلي أَهْلُ خراسَان بأبي حنيفةَ. "مسائل الكوسج" (3440) قال أبو داود: سمعتُ أحمد ذكرتُ لهُ مسألة عن رجل نظر في الرأي وكان رجلًا مستورًا؟ فقال: قل رجل نظر في الرأي إلا قلبه دغل. "مسائل أبي داود" (1777) قال أبو داود: عن أحمد يقول: لا يعجبني رأي مالك ولا رأي أحدٍ. "مسائل أبي داود" (1778) قال أبو داود: سمعت أحمد وقال له رجل: جامع سفيان نعمل به؟ قال: عليك بالآثار "مسائل أبي داود" (1779) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: مالك أتبع من سفيان. "مسائل أبي داود" (1780) قال أبو داود: سمعت أحمد وسأله رجل عن مسألة، فقال: دعنا من هذه المسائل المحدثة. "مسائل أبي داود" (1781)

قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقول: أنا أكره أن يكتب عني رأي. "مسائل أبي داود" (1783) قال أبو داود: قلتُ لأحمدَ: لنا أقارب بخراسان يرون الإرجاء فنكتبُ إلى خراسان نقرئهم السلام؟ قال: سبحان اللَّه؛ لم لا تقرئهم؟ ! قلتُ لأحمدَ: نكلمُهم؟ قال: نعم إلَّا أن يكون داعيًا ويخاصمُ فيه. "مسائل أبي داود" (1785) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: الاتباع: أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعن أصحابه، ثم هو من بعد في التابعين مخير. "مسائل أبي داود" (1789) قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سئل إذا جاء الشيء عن رجل من التابعين لا يوجد فيه عن النبي، يلزم الرجل أن يأخذ به؟ قال: لا؛ ولكن لا يكادُ يجيء الشيء عن التابعين إلا ويوجد فيه عن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يعني: عندي ما يُمثل عليه ذلك الشيء. "مسائل أبي داود" (1790) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: رأى رقبة رجلا، فقال: من أين جئت؟ فقال: من عند أبي حنيفة. فقال: مضغت كلامًا كثيرًا، ورجعت من غير ثقة. "مسائل أبي داود" (1791) قال أبو داود: سمعت أحمد غير مرة يسألُ يقال: لما كان من فعل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي سنة؟

قال: نعم، وقال مرة: لحديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين" (¬1)، فسماها سنة. قيل لأحمد: فعمر بن عبد العزيز؟ قال: لا، أليس هو إمام؟ قال: بلى. قيل له: تقول لمثل قول أُبيٍّ ومعاذ وابن مسعود: سنة؟ قال: ما أدفعه أن أقول، وما يعجبني أن أخالف أحدًا منهم. "مسائل أبي داود" (1792) قال أبو داود: قلت لأحمد: الأوزاعي هو أتبع من مالك؟ قال: لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء، ما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه فخذ به ثم التابعي، بعدُ الرجل فيه مخير. "مسائل أبي داود" (1793) قال أبو داود: قلتُ لأحمد: الرجل يسأل عن المسألة فأدله على إنسان يسأله؟ قال: إذا كان -يعني: الذي أرشد إليه- يتبع ويفتي بالسنة. فقيل لأحمد: إنه يريد الاتباع وليس كل قوله يصيب؟ فقال: ومن يصيب في كل شيء! قلت: يفتي برأي مالك؟ قال: لا تتقلد من مثل هذا بشيء. "مسائل أبي داود" (1819) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 4/ 126، وأبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (42، 43) من حديث العرباض بن سارية. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "الصحيحة" (2735).

قال ابن هانئ: وسئل عن النظر في كتب الرأي؟ فقال: لا تنظر في شيء من الرأي، ولا تجالسهم. "مسائل ابن هانئ" (1919) قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قال عبد الرزاق: كان قضاتنا يقضون بالكتاب، حتى جاء يوسف بن يعقوب. قال: فقال سفيان الثوري: كأني بك قد قيل: أين يوسف بن يعقوب وأين أتباعه؟ ! "مسائل ابن هانئ" (1921) قال ابن هانئ: وسمعته يقول: تركنا أصحاب الرأي، وكان عندهم حديث كثير، فلم نكتب عنهم؛ لأنهم معاندون للحديث، لا يفلح منهم أحد. "مسائل ابن هانئ" (1930) قال المروذي: فقدم علينا القاسم بن محمد بن الحارث، فسألناه عنها، فقال: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: كنت صاحب رأي، فلما أردت الخروج إلى الحج عمدت إلى كتب عبد اللَّه بن المبارك، فاستخرجت منها ما يوافق رأي أبي حنيفة من الأحاديث، فبلغت نحو ثلاثمائة حديث، فقلت: أسأل عنها مشايخ عبد اللَّه الذين هم بالحجاز والعراق، وأنا أظن أنه ليس يجترئ أحد أن يخالف أبا حنيفة. فلما قدمت البصرة، جلست إلى عبد الرحمن بن مهدي، فقال لي: من أين أنت؟ فقلت: من أهل مرو، فترحم على ابن المبارك، وكان شديد الحب له، فقال: هل معك مرثية رثي بها عبد اللَّه؟ قلت: نعم، فأنشدته قول أبي تميلة يحيى بن واضح الأنصاري.

طرق الناعيان إذ نبهاني ... بقطيع من فاجع الحدثان قلت للناعيان من تنعيان ... قالا: أبا عبد ربنا الرحمان فأثار الذي أتاني حَزَني ... وفؤادُ المصاب ذو أحزان ثم فاضت عيناي وجدًا ... بدموع يحادر الهطلان وذكر القصيدة إلى آخرها، قال: فما زال ابن مهدي يبكي، وأنا أنشده، حتى إذا ما قلت: وبرأي النعمان كنت بصيرًا. . . قال لي: اسكت، فقد أفسدت القصيدة، فقلت: إن بعد هذا أبياتا حسانًا، فقال: دعها، أتذكر رواية عبد اللَّه عن أبي حنيفة في مناقبه؟ ! ما نعرف له زلة بأرض العراق إلا روايته عن أبي حنيفة، ولوددت أنه لم يرو عنه، وأني كنت أفتدي ذلك بمعظم مالي. فقلت: يا أبا سعيد، ما تحمل على أبي حنيفة كل هذا، ألِما أنه كان يتكلم بالرأي، فقد كان مالك بن أنس، وسفيان، والأوزاعي يتكلمون بالرأي؟ ! فقال: أتقرن أبا حنيفة إلى هؤلاء! ما أشبه أبا حنيفة في أهل العلم إلا بناقة شاردة فاردة ترعى في واد جدب، والإبل كلها ترعى في واد آخر.

قال إسحاق: ثم نظرت بعد فإذا الناس في أمر أبي حنيفة على خلاف ما كنا عليه بخراسان. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (275) قال المروذي: قرأت على أبي عبد اللَّه: مسكين بن بكير قال: أخبرنا الأوزاعي، عن بلال بن سعد، قال: أدركت الناس وهم يتحاثون على الأعمال: الصلاة، والزكاة، وفعل الخير، والأمر بالمعروف، ونحو هذا وإنهم اليوم يتحاثون على الرأي. "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (279) قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الرجل يريد أن يسأل عن الشيء من أمر دينه مما يبتلئ به من الأيمان في الطلاق وغيره، وفي مصره من أصحاب الرأي، ومن أصحاب الحديث لا يحفظون ولا يعرفون الحديث الضعيف، ولا الإسناد القوي، فلمن يسأل؟ لأصحاب الرأي، أو لهؤلاء؟ أعني: أصحاب الحديث، على ما قد كان من قلة معرفتهم؟ قال: يسأل أصحاب الحديث، لا يسأل أصحاب الرأي؛ ضعيف الحديث خير من رأي أبي حنيفة. "مسائل عبد اللَّه" (1585) قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن حبيب، عن أبي عبد الرحمن قال: قال عبد اللَّه: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم، كل بدعة ضلالة (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الدارمي 1/ 288 (211)، والبيهقي في "الشعب" 2/ 407 (2216) من طريق يعلى بن عبيد، عن الأعمش به. وعزاه الهيثمي في "المجمع" 1/ 181، وقال: ورجاله رجال الصحيح.

قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا -يعني: وكيعا- عن سفيان، عن حبيب، عن عمار بن عمير قال: قال عبد اللَّه: عليكم بالسمت الأول (¬1). "الزهد" ص 202 قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا روح، حدثنا عون، عن الحسن أنه كان يقول: اتهموا رأيكم وأهواءكم على دين اللَّه وانتصحوا كتاب اللَّه على أنفسكم ودينكم. "الزهد" 333 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا سليمان بن حسان، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: لقد أدركت أقواما لو بلغني أن أحدهم توضأ على ظفره لم أعده. "الزهد" 437 قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا مسكين بن بكر، حدثنا الأوزاعي، عن بلال بن سعد قال: أدركت الناس يتحاثون على الأعمال الصالحة: الصلاة والزكاة وفعل الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنتم اليوم تحاثون على الرأي. "الزهد" 460 ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 7/ 270 - 271 (35996)، والدارمي 1/ 294 (219) من طريق سفيان، عن واصل، عن عائذة، عن ابن مسعود بلفظ: فالسمتَ الأولَ، السمتَ الأولَ.

قال أحمد في رواية الميموني: إياك أن تتكلم بكلمة واحدة ليس فيها إمام. "تهذيب الأجوبة" 1/ 307 "المسودة" 2/ 828 قال حرب بن إسماعيل: قلت: الرجل يُفسر إعراب القرآن فيقول: {الحَمْدُ لِلَّهِ} رفع لأنه ابتداء، و {قُل} جزم لأنه أمر، و {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} [التين: 1]، و {وَالنَّازِعَاتِ} [النازعات: 1] قسم. ونحو هذا؟ قال أحمد بن حنبل: إذا كان شيء قد تكلم فيه من قبل رجوت. وقال المروذي: قلت من حلف ألَّا يتكلم فقرأ؟ قال أحمد: دعها. قيل له: إن عبد الوهاب قال: لا يحنث وقد أجاب، فتبسم أبو عبد اللَّه وقال: حاطه عبد الوهاب موضع الفتيا. قيل له: فما اختلف في يمينه؟ قال: أيش الناس يختلفون في الفقه. "تهذيب الأشربة" 1/ 308 - 312 قال الميموني: قال أبو عبد اللَّه: إذا كان الكتاب والسنة فهو الأمر. وقال المروذي: قال أبو عبد اللَّه: نحن نسفِك الدماء بهذِه الأخبار الصحاح، فإذا ثبت الخبر قلنا به. "تهذيب الأجوبة" 1/ 356 قال أحمد في رواية المروذي: يؤخذ العلم بما كان عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن لم يكن، فعن أصحابه، فإن لم يكن، فعن التابعين. "العدة" 2/ 579 - 580 قال أحمد -رضي اللَّه عنه- في رواية أبي الحارث: من قلد الخبر رجوت أن

يسلم، إن شاء اللَّه. "العدة" 4/ 1217، "المسودة" 2/ 850 - 851 وقال أحمد في رواية أبي الحارث: لا تقلد أمرك واحدًا منهم، وعليك بالأثر. وقال أحمد في رواية الفضل بن زياد، قال: يا أبا العباس لا تقلد دينك الرجال، فإنهم لن يسلموا أن يغلطوا. "العدة" 4/ 1229، "التمهيد في أصول الفقه" 4/ 408 "المسودة" 2/ 860 قال أحمد في رواية عبد اللَّه: الحمد للَّه الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم. "العدة" 4/ 1250، "التمهيد في أصول الفقه" 4/ 272 "المسودة" 2/ 883 قال عبد السلام: قلت لأبي عبد اللَّه: إن بطرسوس رجلًا قد سمع رأي عبد اللَّه بن المبارك يُفتي به؟ قال: هذا من ضيق علم الرجل، يقلد دينه رجلًا، لا يكون واسعًا في العلم. "الطبقات" 2/ 102 قال عمرو بن معمر: قال أحمد بن حنبل وعلي بن عبد اللَّه: إذا رأيت الرجل يجتنب أبا حنيفة ورأيه والنظر فيه، ولا يطمئن إليه، ولا إلى من يذهب مذهبهُ ممن يغلو ولا يتخذه إمامًا، فأرجو خيره. "الطبقات" 2/ 179 وقال ابن روح العكبري: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لو أن رجلًا ولي القضاء ثم حكم برأي أبي حنيفة، ثم سُئِلْتُ عنه لرأيتُ أن أرد أحكامه. "الطبقات" 2/ 302

وقال ابن ياسين البلديُّ: سألت أبا عبد اللَّه عن النظر في الرأي؟ فقال: عليك بالسنة. فقلت له: يا أبا عبد اللَّه، صاحب حديث ينظر في الرأي إنما يريد أن يعرف رأي من خالفهُ؟ فقال: عليك بالسنة. "الطبقات" 2/ 383 قال محمد بن يزيد المستملي يقول: سأل رجل أحمد بن حنبل فقال: أكتب كتب الرأي؟ قال: لا تفعل، عليك بالآثار والحديث. فقال له السائل: إن عبد اللَّه بن المبارك قد كتبها؟ فقال له أحمد: ابن المبارك لم ينزل من السماء، إنما أمرنا أن نأخُذ العلم من فوق. "الطبقات" 2/ 392 قال مهنا: سألت أحمد عن رجل مات وترك كتبًا كثيرة من كتب الرأي، وترك عليه دينًا، ترى أن تُباع الكتب؟ قال: لا. قلت: إنَّ عليه دينًا، قال: وإن كان عليه دين. فقلت له: فأيُّ شيء يصنعُ بالكتب؟ قال: تدفن. "طبقات الحنابلة" 2/ 436 قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد اللَّه وسُئل عن الرجل يسأل عن الشيء من المسائل، فيرشدُ صاحبُ المسألة إلى رجل يسألاه عنها، هل عليه شيء في ذلك؟

فقال: إذا كان الرجل متبعا أرشده إليه فلا بأس، قيل له: فيفتى بقول مالك وهؤلاء؟ قال: لا، إلا بسنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وآثاره وما روي عن أصحابه، فإن لم يكن روي عن أصحابه شيء فعن التابعين. حدثنا أبو طالب، أملى عليَّ أبو عبد اللَّه: إنما على الناس اتباعُ الآثار عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومعرفة صحيحها من سقيمها، ثم يتبع إذا لم يكن لها مُخالف، ثم بعد ذلك قول أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الأكابر، وأئمة الهدى يُتبعون على ما قالوا، وأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كذلك لا يُخالفون، إذا لم يكن قول بعضهم لبعض مُخالفا، فإذا اختلفوا، نظر في الكتاب فأي قولهم كان أشبه بالكتاب أخذ به، أو كان أشبه بقول رسول اللَّه أخذ به، فإن لم يأت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا عن أحدٍ من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نظر في قول التابعين. فأي قولهم كان أشبه بالكتاب والسنة أخذ به، وترك ما أحدث الناسُ بعدهم. "الطبقات" 3/ 28 - 629 "المسودة" 2/ 922، "بدائع الفوائد" 4/ 63 - 64 قال حرب: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: يقال: مروان بن الحكم كان عنده قضاء وكان يتبع قضاء عمر. "مجموع الفتاوى" 35/ 342 وقال سلمة بن شبيب: سمعت أحمد يقول: رأي الشافعي ورأي مالك ورأي أبي حنيفة كله عندي رأي، وهو عندي سواء، وإنما الحجة في الآثار. وقال أبو عمر بن عبد البر: أنشدني عبد الرحمن بن يحيى، أنشدنا أبو على الحسن بن الخضر الأسيوطي بمكة، أنشدنا عبد اللَّه بن أحمد

ابن حنبل عن أبيه: دين النبي محمد أثارُ ... نعم المطية للفتى الأخبارُ لا تخدعن عن الحديث وأهلهِ ... فالرأي ليل والحديث نهار ولربما جهل الفتى طرُق الهدى ... والشمس طالعة لها أنوار "أعلام الموقعين" 1/ 79 قال أبو طالب: قيل لأحمد بن حنبل: إن قومًا يدعون الحديث ويذهبون إلى رأي سفيان فقال: أعجب لقوم سمعوا الحديث وعرفوا الإسناد وصحته يدعونه ويذهبون إلى رأي سفيان وغيره، قال اللَّه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} [النور: 63] وتدري ما الفتنة؟ الكفر، قال اللَّه تعالى: {وَالفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ القَتْلِ} [البقرة: 217] يدعون الحديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وتغلبهم أهواؤهم إلى الرأي. "الصارم المسلول" (56 - 57) ونقل أبو جعفر محمد بن على الوراق وسأله رجل عن مسألة، فقال: لا أدري. فردها الرجل عليه، فقال: أكلَّ العلم نحسنه نحن؟ ! قال: فاذهب إلى هؤلاء فاسألهم -يعني: أصحاب الرأي، فقال: لا أنظر إلى من يذهب إلى رأي أهل المدينة. "بدائع الفوائد" 4/ 53

نقل عنه الأثرم: قوم يفتون هكذا يتقلدون قول الرجل لا يبالون بالحديث. ونقل أبو طالب: عجبًا لقوم عرفوا الإسناد وصحته يدعونه ويذهبون إلى رأي سفيان وغيره، قال اللَّه تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: 63]، الفتنة: الكفر. "الفروع" 5/ 423 وقال أحمد في رواية المروذي: إذا سئلت عن مسألة لا أعرف فيها خبرًا قلت فيها بقول الشافعي؛ لأنه إمام عالم من قريش، وقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عالم قريش يملأ الأرض علما" (¬1). "الفروع" 5/ 445، "المبدع" 10/ 38 نقل أبو الحارث: لا تقلد أمرك أحدًا وعليك بالأثر. نقل ابن الحكم: عليه أن يجتهد. "الفروع" 6/ 429 ¬

_ (¬1) رواه الطيالسي في "مسنده" 1/ 245 (307)، وابن أبي عاصم في "السنة" (1522)، والعقيلي في "الضعفاء" 4/ 289، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 295 من حديث عبد اللَّه ابن مسعود مرفوعًا: "لا تُسبُّوا قريشًا فإن عالمها يملأ الأرض علمًا". قال الألباني في "الضعيفة" (398): ضعيف جدًّا.

126 - من هم أصحاب الرأي

126 - من هم أصحاب الرأي قال أبو داود: سمعتُ أحمد يقولُ: قال ابن عيينة: أصحاب الرأي ثلاثة: عثمانُ (¬1) بالبصرة، وربيعة بالمدينة، وأبو حنيفة بالكوفة. "مسائل أبي داود" (1776) نقل أبو داود عنه: مالك أتبع من سفيان. "مسائل أبي داود" (1780) قال ابن هانئ سمعت أبا عبد اللَّه يقول: سمعت ابن عيينة يقول: أبناء سبايا الأمم ثلاثة: ربيعة الرأي بالمدينة، وأبو حنيفة بالكوفة، وعثمان البتي بالبصرة. "مسائل ابن هانئ" (2099) 127 - حكم الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع قال أحمد بن حنبل في رواية يوسف بن موسى: لا يخمس السلب، ما سمعنا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خمَّس السَّلب. ونقل الأثرم وابن بدينا في الحلي يوجد لقطة، قال: إنما جاء الحديث في الدراهم والدنانير. "العدة في أصول الفقه" 4/ 1238 - 1239 قال أحمد بن حنبل في رواية أبي طالب، وقد سأله عن قطع النخل، قال: لا بأس به، لم نسمع في قطع النخل شيئًا. ¬

_ (¬1) عثمان هو ابن مسلم البَتي كان له رأي وفقه وكان من أهل الكوفة، ثم سكن البصرة. انظر "تهذيب الكمال" 19/ 492 (3862)، "سير أعلام النبلاء" 6/ 148 (60).

قيل له: فالنبق، قال: ليس فيه حديث صحيح، وما يُعجبني قطعه. قلت له: إذا لم يكن فيه حديث صحيح فلم لا يعجبك؟ قال: لأنه على كل حال قد جاء فيه كراهة (¬1)، والنخل لم يجئ فيه شيء. "العدة" 4/ 1241، "التمهيد في أصول الفقه" 4/ 269 ¬

_ (¬1) روى أبو داود (5239)، والطبراني في "الأوسط" 3/ 50 (2441)، والبيهقي 6/ 139 من حديث عبد اللَّه بن حبشي مرفوعًا: "من قطع سدرة صوب اللَّه رأسه في النار" وزاد في "الأوسط": يعني من سدر الحرم. وقال: لا يروى عن عبد اللَّه بن حبشي إلا بهذا الإسناد، تفرد به ابن جريج. وقال الهيثمي في "المجمع" 3/ 284: رجاله ثقات. وصححه الألباني في "الصحيحة" (614). وروى الطبراني في "الكبير" 17/ 41 (86) من حديث عمرو بن أوس الثقفي: "من قطع السدر إلا من الزرع بنى اللَّه له بيتًا في النار". وقال الهيثمي في "المجمع" 4/ 69: فيه الحسن بن عنبة، ضعفه ابن قانع.

128 - باب إبطال الحيل

128 - باب إبطال الحيل قال صالح: حدثني أبي قال: الحيل لا نراها: "مسائل صالح" (9179) قال أبو داود: سمعت أحمد ذكر الحيل من أمر أصحاب الرأي، فقال: يحتالون لنقض سنن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. "مسائل أبي داود" (1784) قال عبد اللَّه: قلت لأبي: رجل قال لامرأته: أنت طالق إن لم أطأك في رمضان، فسافر مسيرة أربعة أيام أو ثلاثة ثم وطئها، فقال: لا يعجبني؛ لأنها حيلة، ولا يعجبني الحيلة في هذا ولا في غيره. "مسائل عبد اللَّه" (1230) قال ابن بطة: حدثني أبو حفص عمر بن أحمد بن عبد اللَّه بن شهاب قال: حدثنا أبي، حدثنا أبو بكر الأثرم قال: وقيل لأبي عبد اللَّه في حديث عبد اللَّه بن عمرو: ولا يحل لواحد منهما أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله، يرويه ابن عجلان. قال أبو عبد اللَّه: وفي حديث عبد اللَّه بن عمرو إبطال الحيل. قال أبو عبد اللَّه: ألا ترى أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مسخ قوما قردة باستعمالهم الحيلة في دينهم، والمواربة في دينهم، ومخادعتهم لربهم، مع أنهم أظهروا التمسك وتحريم ما حرمه رب العالمين، مع فساد باطنهم وقبيح مرادهم فقال عَزَّ وَجَلَّ: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} [الأعراف: 163] ذكر لنا -واللَّه أعلم- أن الحيتان كانت تأتيهم يوم السبت كالمخاض آمنة، فلا يعرضون لها، ثم لا يرونها إلى يوم السبت الآخر، فلما طال نظرهم إليها وتأسفهم عليها تشاوروا فيها، فقال

بعضهم لبعض: إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إنما حرمها يوم السبت فاصنعوا لها المصايد يوم الجمعة، فإذا جاء يوم السبت فدخلت فيها فخذوها يوم الأحد، ففعلوا ذلك، وكان ما قص اللَّه عَزَّ وَجَلَّ علينا من خبرهم. "إبطال الحيل" ص 108 - 109 (60) قال ابن بطة: حدثني أبو صالح محمد بن أحمد، حدثنا أبو جعفر محمد بن داود، حدثنا أبو الحارث الصائغ قال: سمعت أبا عبد اللَّه قال: هذِه الحيل التي وضعها هؤلاء، فلان وأصحابه عمدوا إلى السنة، فاحتالوا في نقضها، والشيء الذي قيل لهم: إنه حرام، احتالوا فيه حتى أحلوه، وقالوا: الدهن لا يحل أن يستعمل، ثم قالوا: نحتال له حتى يستعمل، كيف يحل ما حرم اللَّه تعالى؟ ! "إبطال الحيل" ص 110 - 111 (62) "بيان الدليل" 90 وقال الميموني: قلت لأبي عبد اللَّه: من حلف على يمين ثم احتال لإبطالها، هل تجوز تلك الحيلة؟ قال: لا، نحن لا نرى الحيلة. "إبطال الحيل" 110 - 111 (62) قال ابن بطة: حدثني أبو بكر عبد العزيز بن جعفر قال حدثنا أحمد بن محمد بن هارون حدثني عبد اللَّه بن محمد بن عبد الحميد حدثنا بكر بن محمد بن الحكم قال: قال أبو عبد اللَّه: إذا حلف على شيء ثم احتال بحيلة فصار إليها فقد صار إلى ذلك الذي حلف عليه بعينه. قال أبو عبد اللَّه: ما أخبثهم -يعني: أصحاب الحيل. وقال: بلغني عن مالك أو قال: قال مالك: من احتال بحيلة فهو حانث، أو كما قال. "إبطال الحيل" ص 111 - 112 (63)، "بيان الدليل" 60

قال ابن بطة: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد بن رجاء، عن ابن عمر أن موسى بن حمدون قال: حدثنا حنبل بن إسحاق قال: حدثني أبو عبد اللَّه، حدثنا عبد الصمد بن هشام، عن حماد -في الرجل يقول لامرأته: إن دخلت دار فلان فأنت طالق، فطلقها قبل أن تدخل، فبانت ثم خطبها وتزوجها- قال: إن دخلت وقع الطلاق الأول، بمنزلة رجل قال لغلامه: إن ضربتك فأنت، فباعه ثم اشتراه بعد، فضربه؛ فهو حر. قال حنبل: قال أبو عبد اللَّه: هكذا نقول. "إبطال الحيل" ص 120 (71) قال عبد الخالق بن منصور: سمعت أحمد بن حنبل يقول: من كان عنده كتاب "الحيل" في بيته يفتي به فهو كافر بما أنزل اللَّه على محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-. "الطبقات" 2/ 105 - 106، "بيان الدليل" 186 قال موسى بن سعيد: قال أحمد: لا يجوز الشيء من الحيل. "بيان الدليل" 60، "طبقات الحنابلة" 2/ 399 قال جعفر بن محمد: سمعت أبا عبد اللَّه سئل عن رجل قال لامرأته: كل امرأة أتزوجها أو جارية أشتريها للوطء وأنت حية فالجارية حرة والمرأة طالق. قال: إن تزوج لم آمره أن يفارقها، والعتق أخشى أن يلزمه؛ لأنه مخالف للطلاق. قيل له: يهب له رجل جارية؟ قال: هذا طريق الحيلة. وكرهه. "أعلام الموقعين" 1/ 41

أخطاء طباعية واستدراكات

أخطاء طباعية واستدراكات لوحظ الأخطاء الآتية في "الجامع لعلوم الإمام" بعد الطباعة (*)

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وقد تم استدراكها في مواطنها من هذه النسخة الإلكترونية

المجلد الخامس

المجلد الخامس صـ 92 / س 6: "أحمد بن الحسين" تعدل: "أحمد بن الحسن".

§1/1